تدريب الراوي في شرح تقريب النووي ج / 2 ص -193-
النوع الخامس والثلاثون: معرفة
المصحف: هو فن جليل وإنما يحققه الحذاق والدارقطني
منهم وله فيه تصنيف مفيد ويكون تصحيف لفظ وبصر في الإسناد والمتن فمن
الإسناد العوام بن مراجم بالراء والجيم صحفه ابن معين فقاله بالزاي
والحاء ومن الثاني حديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم
"احتجر في المسجد" أي اتخذ حجرة من حصير أو نحوه يصلي فيها
صحفه ابن لهيعة فقال: احتجم
----------------
النوع الخامس والثلاثون: معرفة المصحف: هو فن جليل مهم وإنما يحققه الحذاق من الحفاظ والدارقطني منهم وله
فيه تصنيف مفيد وكذلك أبو أحمد العسكري وعن أحمد أنه قال ومن يعرى عن
الخطأ والتصحيف ويكون تصحيف لفظ ويقابله تصحيف المعنى وبصر ومقابله
تصحيف ويكون في الإسناد والمتن فمن التصحيف في الإسناد العوام بن مراجم
بالراء والجيم صحفه ابن معين فقاله مزاحم بالزاي والحاء وعتبة ابن
الندر بالنون المضمومة والمهملة المشددة المفتوحة صحفه ابن جرير الطبري
بالموحدة والمعجمة.
ومن الثاني أي التصحيف في المتن حديث زيد بن ثابت
أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد وهو بالراء اي اتخذ حجرة
من حصير أو نحوه يصلي فيها صحفه ابن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء فقال:
احتجم بالميم
ج / 2 ص -194-
وحديث:
"من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال"
صحفه الصولي فقال: شيئا بالمعجمة، ويكون تصحيف سمع كحديث عن عاصم
الأحول رواه بعضهم فقال: واصل الأحدب ويكون في المعنى كقول محمد بن
المثنى: نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم .
----------------------
وحديث من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال بالسين
المهملة والتاء الفوقية لفظ العدد صحفه الصولي فقال: شيئا بالمعجمة
والتحتية وحديث أبي ذر تعين صانعا بالمهملة والنون صحفه هشام بن عروة
بالمعجمة والتحية وحديث معاوية لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين
يشققون الخطب بالمعجمة صحفه وكيع بفتح المهملة وكذا صحفه ابن شاهين
أيضا فقال: بعض الملاحين قد سمعه فكيف يا قوم والحاجة ماسة وحديث أو
شاة تيعر بالياء التحتية صحفه أبو موسى محمد بن المثنى بالنون وصحف
بعضهم حديث زرغبا تزدد حبا فقال: زرعنا تردد حنا ثم فسره بأن قوما
كانوا لا يؤدون زكاة زروعهم فصارت كلها حناء ويكون تصحيف سمع بأن يكون
الاسم واللقب أو الاسم واسم الأب على وزن اسم آخر ولقبه أو اسم آخر
واسم أبيه وبالحروف مختلفة شكلا ونقطا فيشتبه ذلك كحديث عاصم الأحول
رواه بعضهم فقال واصل الأحدب أو عكسه وحديث خالد بن علقمة رواه شعبة
فقال: مالك بن طلال ويكون التصحيف في المعنى كقول أبي موسى محمد بن
المثنى العنزي الملقب بالزمن أحد شيوخ الأئمة الستة نحن قوم لنا شرف
نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن النبي صلى
الله عليه وسلم صلى إلى عنزة فتوهم أنه صلى
ج / 2 ص -195-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
-----------------------
إلى قبيلتهم وإنما العنزة هنا الحربة تنصب بين
يديه وأعجب من ذلك ما ذكره الحاكم عن أعرابي أنه زعم انه صلى الله عليه
وسلم صلى إلى شاة صحفها عنزة بسكون النون ثم رواه بالمعنى على وهمه
فأخطأ من وجهين:
ومن ذلك أن بعضهم سمع حديث النهي عن التحليق يوم
الجمعة قبل الصلاة قال: ما حلقت رأسي قبل الصلاة منذ أربعين سنة فهم
منه تحليق الناس حلقا.
قال ابن الصلاح: وكثير من التصحيف المنقول عن
الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه.
تنبيه:
قسم شيخ الإسلام هذا النوع إلى قسمين أحدهما ما
غير فيه النقط فهو المصحف والآخر ما غير فيه الشكل مع بقاء الحروف فهو
المحرف.
فائدة:
أورد الدارقطني في كتاب التصحيف كل تصحيف وقع
للعلماء حتى في القرآن من ذلك ما رواه عثمان بن أبي شيبة قرأ على
أصحابه في التفسير جعل السفينة في رحل أخيه فقيل له: إنما هو جعل
السقاية فقال: أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم قال: وقرأ عليهم في
التفسير: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل قالها ا ل م يعني كأول
البقرة
ج / 2 ص -196-
النوع السادس والثلاثون: معرفة
مختلف الحديث وحكمه
هذا فن من أهم الأنواع ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف وهو
ان يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهرا فيوفق بينهما أو يرجح أحدهما
وإنما يكمل له الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه والأصوليون الغواصون
على المعاني وصنف فيه الإمام الشافعي ولم يقصد رحمه الله استيفاءه بل
ذكر جملة ينبه بها على طريقه عند صنف فيه ابن قتيبة فأتى بأشياء حسنة
وأشياء غيرحسنة لكون غيرها أقوى وأولى وترك معظم المختلف
----------------------
النوع السادس والثلاثون:
معرفة مختلف الحديث وحكمه: هذا
فن من أهم الأنواع ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف وهو أن
يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهرا فيوفق بينهما أو يرجح أحدهما
فيعمل به دون الآخر وإنما يكمل له الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه
والأصوليون الغواصون على المعاني الدقيقة وصنف فيه الإمام الشافعي وهو
أول من تكلم فيه ولم يقصد رحمه الله استيفاءه ولا إفراده بالتأليف بل
ذكر جملة منه في كتاب الأم ينبه بها على طريقه أي الجمع في ذلك ثم صنف
فيه ابن قتيبة فأتى فيه بأشياء حسنة وأشياء غيرحسنة قصر فيها باعه لكون
غيرها أولى وأقوى منها وترك معظم المختلف ثم صنف في ذلك ابن جرير
والطحاوي كتابه مشكل الآثار وكان ابن خزيمة من أحسن الناس كلاما فيه
حتى قال: لا أعرف حديثين متضادين فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف
بينهما.
ج / 2 ص -197-
ومن جمع ما ذكرنا لا يشكل عليه إلا النادر
في الأحيان والمختلف قسمان: أحدهما: يمكن الجمع بينهما فيتعين ويجب
العمل بهما .
---------------------------
ومن جمع ما ذكرنا من الحديث والفقه والأصول
والغوص على المعاني الدقيقة لا يشكل عليه من ذلك إلا النادر في الأحيان
والمختلف قسمان أحدهما يمكن الجمع بينهما بوجه صحيح فيتعين ولا يصار
إلى التعارض ولا النسخ ويجب العمل بهما ومن أمثلة ذلك في أحاديث
الأحكام حديث إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث وحديث خلق الله الماء
طهورا لا ينجسه إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه فإن الأول ظاهره طهارة
القلتين تغير أم لا والثاني ظاهره طهارة غير المتغير سواء كان قلتين أم
أقل فخص عموم كل منهما بالآخر وفي غيرها حديث لا يورد ممرض على مصح وفر
من المجذوم فرارك من الأسد مع حديث لا عدوى وكلها صحيحة وقد سلك الناس
في الجمع مسالك.
أحدها: أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها لكن الله
تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه وقد يتخلف ذلك
عن سببه كما في غيره من الأسباب وهذا المسلك هو الذي سلكه ابن الصلاح.
الثاني: أن نفي العدوى باق على عمومه والأمر
بالفرار من باب سد الذرائع لئلا يتفق للذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير
الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد
صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة وهذا المسلك هو الذي
اختاره شيخ الإسلام.
ج / 2 ص -198-
والثاني: لا يمكن بوجه فإن علمنا أحدهما ناسخا قدمناه وإلا عملنا بالراجح
كالترجيح بصفات الرواة وكثرتهم في خمسين وجها.
-------------------------
الثالث:
أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى فيكون معنى
قوله لا عدوى أي إلا من الجذام ونحوه فكأنه قال لا يعدي شيء شيئا إلا
فيما تقدم تبييني له أنه يعدي قاله القاضي أبو بكر الباقلاني.
الرابع:
أن الأمر بالفرار رعاية لخاطر المجذوم لأنه إذا رأى الصحيح تعظم مصيبته
وتزداد حسرته ويؤيده حديث لا تديموا النظر إلى المجذومين فإنه محمول
على هذا المعنى وفيه مسالك أخر.
و القسم الثاني:
لا يمكن الجمع بينهما بوجه فإن علمنا أحدهما ناسخا بطريقة مما سبق
قدمناه وإلا عملنا بالراجح منهما كالترجيح بصفات الرواة أي كون رواة
أحدهما أتقن وأحفظ ونحو ذلك مما سيذكر وكثرتهم في أحد الحديثين في
خمسين وجها من المرجحات ذكرها الحازمي في كتابه الاعتبار في الناسخ
والمنسوخ ووصلها غيره إلى أكثر من مائة كما استوفى ذلك العراقي في نكته
وقد رأيتها منقسمة إلى سبعة أقسام:
الأول:
الترجيح بحال الراوي وذلك بوجوه: أحدها كثرة الرواة كما ذكر المصنف لأن
احتمال الكذب والوهم على الأكثر أبعد من احتماله على الأقل ثانيها قلة
الوسائط أي علو الإسناد حيث الرجال ثقات لأن احتمال الكذب والوهم فيه
أقل ثالثها فقه الراوي سواء كان الحديث مرويا بالمعنى أو اللفظ لأن
الفقيه إذا سمع ما يمتنع حمله على ظاهره بحث عنه حتى يطلع على
ج / 2 ص -199-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
---------------------------
ما يزول به الإشكال بخلاف العامي رابعها علمه
بالنحو لأن العالم به يتمكن من التحفظ عن مواقع الزلل ما لا يتمكن منه
غيره خامسها علمه باللغة. سادسها حفظه ، بخلاف من يعتمد على كتابه.
سابعها أفضليته في أحد الثلاثة ، بأن يكونا فقيهين أو نحويين أو حافظين
وأحدهما في ذلك أفضل من الآخر ثامنها زيادة ضبطه أي اعتناؤه بالحديث
واهتمامه به تاسعها شهرته لأن الشهرة تمنع الشخص من الكذب كما تمنعه من
ذلك التقوى عاشرها إلى العشرين كونه ورعا أو حسن الاعتقاد مبتدع أو
جليسا لأهل الحديث أو غيرهم من العلماء أو أكثر مجالسة لهم أو ذكرا أو
حرا أو مشهور النسب أولا لبس في اسمه بحيث يشاركه فيه ضعيف وصعب
التمييز بينهما أو له اسم واحد ولذلك أكثر ولم يختلط أو له كتاب يرجع
إليه حادي عشريها أن تثبت عدالته بالإخبار بخلاف من تثبت بالتزكية أو
العمل بروايته أو الرواية عنه إن قلنا بهما ثاني عشريها إلى سابع
عشريها أن يعمل بخبره من زكاه ومعارضه لم يعمل به من زكاه أو يتفق على
عدالته أو يذكر سبب تعديله أو يكثر مزكوه أو يكونوا علماء أو كثيري
الفحص عن أحوال الناس ثامن عشريها أن يكون صاحب القصة كتقديم خبر أم
سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الصوم لمن أصبح جنبا على خبر
الفضل بن العباس في منعه لأنها أعلم منه تاسع عشريها أن يباشر ما رواه
الثلاثون تأخر إسلامه وقيل: عكسه لقوة أصالة المتقدم ومعرفته وقيل: إن
تأخر موته إلى إسلام المتأخر لم يرجح بالتأخير لاحتمال تأخر روايته عنه
وإن تقدم أو علم أن أكثر رواياته متقدمة على رواية المتأخر رجح.
الحادي والثلاثون إلى الأربعين: كونه أحسن سياقا
واستقصاء لحديثه أو أقرب
ج / 2 ص -200-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
------------------------
مكانا أو أكثر ملازمة لشيخه أو سمع من مشايخ بلده
أو مشافها مشاهدا لشيخه حال الأخذ أو لا يجيز الرواية بالمعنى أو
الصحابي من أكابرهم أو علي رضي الله تعالى عنه وهو في الأفضية أو معاذ
وهو في الحلال والحرام أو زيد وهو في الفرائض أو الإسناد حجازي أو
رواته من بلد لا يرضون التدليس.
القسم الثاني:
الترجيح بالتحمل. وذلك بوجوه: أحدها الوقت فيرجح منهم من لم يتحمل
بحديث إلا بعد البلوغ على من كان بعض تحمله قبله أو بعضه بعده لاحتمال
أن يكون هذا مما قبله والمتحمل بعده أقوى لتأهله للضبط ثانيها وثالثها:
أن يتحمل بمحدثنا والآخر عرضا أو عرضا والآخر كتابة او مناولة أو
وجادة.
القسم الثالث:
الترجيح بكيفية الرواية وذلك بوجوه أحدها تقديم المحكي بلفظه على
والمشكوك فيه على ما عرف أنه مروي بالمعنى ثانيها ما ذكر فيه سبب وروده
على ما لم يذكر فيه لدلالته على اهتمام الراوي به حيث عرف سببه ثالثها
أن لا ينكره راويه ولا يتردد فيه رابعها إلى عاشرها أن تكون ألفاظه
دالة على الاتصال كحدثنا وسمعت أو اتفق على رفعه أو وصله أو لم يختلف
في إسناده أو لم يضطرب لفظه أو روي بالإسناد وعزى ذلك لكتاب معروف أو
عزيز والآخر مشهور.
القسم الرابع:
الترجيح بوقت الورود وذلك بوجوه أحدها وثانيها بتقديم المدني على المكي
والدال على علو عليه الصلاة والسلام على الدال على الضعف كبدأ الإسلام
غريبا عند شهرته فيكون الدال على العلو متأخرا.
ج / 2 ص -201-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
--------------------------
ثالثها:
ترجيح المتضمن للخفيف لدلالته على التأخر لأنه صلى الله عليه وسلم كان
يغلظ في أول أمره زجرا عن عادات الجاهلية ثم مال للتخفيف كذلك قال صاحب
الحاصل والمنهاج ورجح الآمدي وابن الحاجب وغيرهما عكسه وهو تقديم
المتضمن للتغليظ وهو الحق لأنه صلى الله عليه وسلم جاء أولا بالإسلام
فقط ثم شرعت العبادات شيئا فشيئا رابعها ترجيح ما تحمل بعد الإسلام على
ما تحمل قبله أو شك لأنه أظهر تأخرا خامسها وسادسها ترجيح غير المؤرخ
على المؤرخ بتاريخ متقدم وترجيح المؤرخ بمقارب بوفاته صلى الله عليه
وسلم على غير المؤرخ قال الرازي والترجيح بهذه الستة أي إفادتها
للرجحان غير قوية.
القسم الخامس:
الترجيح بلفظ الخبر وذلك بوجوه: أحدها إلى الخامس والثلاثين ترجيح
الخاص على العام والعام الذي لم يخصص على المخصص لضعف دلالته بعد
التخصيص على باقي أفراده والمطلق على ما ورد على سبب والحقيقة على
المجاز والمجاز المشبه للحقيقة على غيره والشرعية على غيرها والعرفية
على اللغوية والمستغنى على الإضمار وما يقل فيه اللبس وما اتفق على
وضعه لمسماه والمومي للعلة والمنطوق ومفهوم الموافقة على المخالفة
والمنصوص على حكمه مع تشبيهه بمحل آخر والمستفاد عمومه من الشرط
والجزاء على النكرة المنفية أو من الجمع المعرف على من وما أو من الكل
وذلك من الجنس المعرف وما خطابه تكليفي على الوضعي وما حكمه معقول
المعنى وما تقدم فيه ذكر العلة أو دل الاشتقاق على حكمه والمقارن
للتهديد وما تهديده أشد والمؤكد بالتكرار والفصيح وما بلغه قريش وما دل
على المعنى المراد بوجهين فأكثر وبغير
ج / 2 ص -202-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
---------------------------
واسطة وما ذكر معه معارضة ككنت نهيتكم عن زيارة
القبور فزوروها والنص والقول وقول قارنه العمل أو تفسير الراوي وما قرن
حكمه بصفة على ما قرن باسم وما فيه زيادة.
القسم السادس:
الترجيح بالحكم وذلك بوجوه: أحدها تقديم الناقل على البراءة الأصلية
على المقرر لها وقيل عكسه ثانيها تقديم الدال على التحريم على الدال
على الإباحة والوجوب ثالثها تقديم الأحوط رابعها تقديم الدال على نفي
الحد.
القسم السابع:
الترجيح بأمر خارجي كتقديم ما وافقه ظاهر القرآن أو سنة أخرى أو ما قبل
الشرع أو القياس أو عمل الأمة أو الخلفاء الراشدين أو معه مرسل آخر أو
منقطع أو لم يشعر بنوع قدح في الصحابة أو له نظير متفق على حكمه أو
اتفق على إخراجه الشيخان فهذه أكثر من مائة مرجح وثم مرجحات أخر لا
تنحصر ومثارها غلبة الظن.
فوائد:
الأولى:
منع بعضهم الترجيح في الأدلة قياسا على البينات وقال إذا تعارضا لزم
التخيير أو الوقف وأجيب بأن مالكا يرى ترجيح البينة على البينة ومن لم
يرد ذلك يقول: البينة مستندة إلى توقيفات تعبدية ولهذا لا تقبل إلا
بلفظ الشهادة.
الثانية:
إن لم يوجد مرجح لأحد الحديثين توقف على العمل به حتى يظهر.
الثالثة:
التعارض بين الخيرين إنما هو لخلل في الإسناد بالنسبة إلى ظن المجتهد
وأما في نفس الأمر فلا تعارض الرابعة ما سلم من المعارضة فهو محكم
ج / 2 ص -203-
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . .
--------------------------
وقد عقد له الحاكم في علوم الحديث با وعده من الأنواع وكذا شيخ الإسلام
في النخبة قال الحاكم ومن أمثلته حديث إن أشد الناس عذابا يوم القيامة
الذين يشبهون بخلق الله وحديث لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من
غلول وحديث إذا وضع العشاء وأقيمت الفابدؤا بالصلاة صلاة وحديث لا شغار
في الإسلام قال وقد صنف فيه عثمان بن سعيد الدارمي كتابا كبيرا.
النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل
الأسانيد ومثاله ما روى ابن المبارك قال: حدثنا
سفيان عن عبد الرحمن بن يزيد حدثني بسر بن عبيد الله قال: سمعت أبا
إدريس قال: سمعت واثلة يقول: سمعت أبا مرثد يقول: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: "لا تجلسوا على القبور"
فذكر سفيان وأبي إدريس زيادة وهم فالوهم في سفيان ممن دون ابن المبارك
لأن ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن يزيد
-------------------------
النوع السابع والثلاثون:
معرفة المزيد في متصل الأسانيد.
ومثاله: ما روى عبد الله ابن المبارك قال حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن
يزيد حدثني بسر ابن عبيد الله بضم الموحدة وبالمهملة وأبوه مصغره قال
سمعت أبا إدريس الخولاني قال سمعت واثلة ابن الأسقع يقول سمعت أبا مرثد
الغنوي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجلسوا على
القبور ولا تصلوا إليها فذكر سفيان وأبي إدريس في هذا الإسناد زيادة
وهم فالوهم في سفيان ممن دون ابن المبارك لأن ثقات رووه عن ابن المبارك
عن ابن يزيد نفسه
ج / 2 ص -204-
ومنهم من صرح فيه بالإخبار وفي أبي إدريس من
ابن المبارك لأن ثقات رووه عن ابن يزيد فلم يذكروا أبا إدريس ومنهم من
صرح بسماع بسر بن واثلة وصنف الخطيب في هذا كتابا في كثير منه نظر لأن
الخالي عن الزائد إن كان بحرف عن فينبغي أن يجعل منقطعا وإن صرح فيه
بسماع أو إخبار احتمل أن يكون سمعه من رجل عنه ثم سمعه منه إلا أن توجد
قرينة تدل على الوهم ويمكن أن يقال الظاهر ممن له هذا أن يذكر السماعين
فإذا لم
-------------------------
منهم ابن مهدي وحسن بن الربيع وهناد بن السري
وغيرهم ومنهم من صرح فيه بالإخبار بينهما و الوهم في أبي إدريس من ابن
المبارك لأن ثقات رووه عن ابن يزيد عن بسر عن واثلة فلم يذكروا أبا
إدريس منهم علي بن حجر والوليد بن مسلم ونصف بن يونس وغيرهم ومنهم من
صرح بسماع بسر من واثلة وقد حكم الأئمة على ابن المبارك بالوهم في ذلك
كالبخاري وغيره.
وقال أبو حاتم الرازي: وكثيرا ما يحدث بسر عن أبي
إدريس عن واثلة وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه ثم الحديث على الوجهين
عند مسلم والترمذي وصنف الخطيب في هذا النوع كتابا سماه تمييز المزيد
في متصل الأسانيد في كثير منه نظر لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد
إن كان بحرف عن ونحوها مما لا يقتضي الاتصال فينبغي أن يجعل منقطعا
ويعل بالإسناد الذي ذكر فيه الراوي الزائد لأن الزيادة من الثقة مقبولة
وإن صرح فيه بسماع وإخبار أو تحديث احتمل أن يكون سمعه من رجل عنه ثم
سمعه منه اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على الوهم كما ذكر أبو حاتم في
المثال السابق ويمكن أن يقال أيضا الظاهر ممن وقع له هذا أن يذكر
السماعين فإذا لم
ج / 2 ص -205-
يذكرهما حمل على الزيادة.
---------------------------
يذكرهما حمل على الزيادة المذكورة. |