تدريب الراوي في شرح تقريب النووي
النوع الثامن والثلاثون: المراسيل الخفي إرسالها هو مهم عظيم الفائدة يدرك بالاتساع في الرواية وجمع الطرق مع
المعرفة التامة وللخطيب فيه كتاب وهو ما عرف إرساله لعدم اللقاء أو
السماع ومنه ما يحكم بإرساله لمجيئه من وجه آخر
---------------------------
النوع الثامن والثلاثون:
المراسيل الخفي إرسالها: أي
انقطاعها هو فن مهم عظيم الفائدة يدرك بالاتساع في الرواية وجمع الطرق
للأحاديث مع المعرفة التامة وللخطيب فيه كتاب سماه التفصيل لمبهم
المراسيل وأصل الإرسال ظاهر كرواية الرجل عمن لم يعاصره كرواية القاسم
بن محمد عن ابن مسعود ومالك عن ابن المسيب وخفي وهو المذكور ههنا وهو
ما عرف إرساله لعدم اللقاء لمن روى عنه مع المعاصرة أو لعدم السماع مع
ثبوت اللقاء أو لعدم سماع ذلك الخبر بعينه مع سماع غيره ويعرف ما ذكر
إما بنص بعض الأئمة عليه أو بوجه صحيح كإخباره عن نفسه بذلك في بعض طرق
الحديث ونحو ذلك كحديث رواه ابن ماجه من رواية عمر بن عبد العزيز عن
عقبة بن عامر مرفوعا رحم الله حارس الحرس فإن عمر لم يلق عقبة كما قال
المزي في الأطراف: وكأحاديث أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله ابن مسعود
فقد روى الترمذي أن عمرو بن مرة قال لأبي عبيدة: هل تذكر من عبد الله
شيئا ؟ قال: لا ، ومنه ما يحكم بإرساله لمجيئه من وجه آخر
ج / 2 ص -206-
بزيادة شخص وهذا القسم مع النوع السابق
يعترض بكل واحد منهما على الآخر وقد يجاب بنحو ما تقدم.
--------------------------
بزيادة شخص بينهما كحديث رواه عبد الرزاق عن
سفيان الثوري عن أبي إسحق عن زيد بن يثيع عن حذيفة مرفوعا:
"إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين"
فهو منقطع في موضعين لأنه روي عن عبد الرزاق قال: حدثني النعمان بن أبي
شيبة عن الثوري وروي أيضا عن الثوري عن شريك عن أبي إسحق وهذا القسم مع
النوع السابق وهو المزيد في متصل الأسانيد يعترض بكل منهما على الآخر
لأنه ربما كان الحكم للزائد وربما كان للناقص والزائد وهم وهو يشتبه
على كثير من أهل الحديث ولا يدركه إلا النقاد وقد يجاب بنحو ما تقدم.
النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم وهذا علم كبير عطيم الفائدة فيه يعرف المتصل من
المرسل وفيه كتب كثيرة
--------------------------
النوع التاسع والثلاثون:
معرفة الصحابة رضي الله عنهم هذا
علم كبير جليل عظيم الفائدة وبه يعرف المتصل من المرسل وفيه كتب كثيرة
مؤلفة
ج / 2 ص -207-
ومن أحسنها وأكثرها فوائد الاستيعاب لابن
عبد البر لولا ما شانه بذكر ما شجر بين الصحابة وحكايته عن الأخباربين
وقد جمع الشيخ عز الدين بن الأثير الجزري في الصحابة كتابا حسنا جمع
كتبا كثيرة وضبط وحقق أشياء حسنة
------------------------
ككتاب الصحابة لابن حبان وهو مختصر في مجلد وكتاب
أبي عبد الله بن منده وهو كبير جليل وذيل عليه أبو موسى المديني وكتاب
أبي نعيم الأصبهاني وكتاب العسكري ومن أحسنها وأكثرها فوائد الاستيعاب
لابن عبد البر لولا ما شانه بذكر ما شجر بين الصحابة وحكايته عن
الأخباريين والغالب عليهم الإكثار والتخليط فيما يروونه وذيل عليه ابن
فتحون.
قال المصنف زيادة على ابن الصلاح: وقد جمع الشيخ
أبو الحسن علي ابن محمد بن الأثير الجزري في الصحابة كتابا حسنا سماه
أسد الغابة جمع فيه كتبا كثيرة وهي كتاب ابن منده وأبي موسى وأبي نعيم
وابن عبد البر وزاد من غيرها أسماء في هذا وضبط وحقق أشياء حسنة على ما
فيه من
ج / 2 ص -208-
وقد اختصرته بحمد الله.
فروع:
أحدها:
اختلف في حد الصحابي فالمعروف عند المحدثين أنه كل مسلم
--------------------------
التكرار بحسب الاختلاف في الاسم أو الكنية.
قال المصنف: وقد اختصرته بحمد الله ولم يشتهر هذا
المختصر وقد اختصره الذهبي أيضا في كتاب لطيف سماه: [ التجريد ] ولشيخ
الإسلام في ذلك: الإصابة في تمييز الصحابة كتاب حافل وقد اختصرته ولله
الحمد.
فائدة:
قول المصنف: الأخباريين جمع أخباري عده ابن
هشام من لحن العلماء وقال: الصواب الخبري أي لأن النسبة إلى الجمع ترد
إلى الواحد كما تقرر في علم التصريف تقول في الفرائض فرضي ونكتته: أن
المراد النسبة إلى هذا النوع وخصوصية الجمع ملغاة مع أنها مؤدية إلى
الثقل قال: ومن اللحن أيضا قولهم لا يؤخذ العلم من صحفي بضمتين والصواب
بفتحتين ردا إلى صحيفة ثم فعل بها ما فعل بحنيفة.
فروع:
أحدها: اختلف في حد الصحابي فالمعروف عند
المحدثين أنه كل مسلم
ج / 2 ص -209-
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
--------------------------
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا قال ابن
الصلاح ونقله عن البخاري وغيره وأورد عليه إن كان فاعل الرؤية الرائي
الأعمى كابن أم مكتوم ونحوه فهو صحابي بلا خلاف ولا رؤية له ومن رآه
كافرا ثم أسلم بعد موته كرسول قيصر فلا صحبة له ومن رآه بعد موته صلى
الله عليه وسلم قبل الدفن وقد وقع ذلك لأبي ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي
فإنه لا صحبة له وإن كان فاعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فيه
جميع الأمة فإنه كشف له عنهم ليلة الإسراء وغيرها ورآهم واورد عليه
أيضا من صحبه ثم ارتد كابن خطل ونحوه فالأولى أن يقال من لقي النبي صلى
الله عليه وسلم مسلما ومات على إسلامه إما من ارتد بعده ثم أسلم ومات
مسلما فقال العراقي في دخوله فيهم نظر فقد نص الشافعي وأبو حنيفة على
أن الردة محبطة للعمل قال: والظاهر أنها محبطة للصحبة السابقة كقرة بن
ميسرة والأشعث بن قيس أما من رجع إلى الإسلام في حياته كعبد الله بن
أبي سرح فلا مانع من دخوله في الصحبة وجزم شيخ الإسلام في هذا والذي
قبله ببقاء اسم الصحبة له قال: وهل يشترط لقيه في حال النبوة أو أعم من
ذلك حتى يدخل من رآه قبلها ومات على الحنيفية كزيد بن عمرو بن نفيل وقد
عده ابن منده في الصحابة وكذا لو رآه قبلها ثم أدرك البعثة وأسلم ولم
يره.
قال العراقي: ولم ار من تعرض لذلك قال: ويدل على
اعتبار الرؤية بعد النبوة ذكرهم في الصحابة ولده إبراهيم دون من مات
قبلها كالقاسم قال: وهل يشترط في الرائي التمييز حتى لا يدخل من رآه
وهو لا يعقل والأطفال الذين حنكهم ولم يروه بعد التمييز أو لا يشترط لم
يذكروه أيضا إلا أن العلائي
ج / 2 ص -210-
وعن أصحاب الأصول أو بعضهم أنه من طالت
مجالسته على طريق التبع
--------------------------
قال في المراسيل: عبد الله بن الحارث بن نوفل
حنكه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له ولا صحبة له بل ولا رؤية أيضا
وكذا قال في عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري حنكه ودعا له وما تعرف له
رؤية بل هو تابعي وقال في النكت ظاهر كلام الأئمة ابن معين وأبي زرعة
وأبي حاتم وأبي داود وغيرهم اشتراطه فإنهم لم يثبتوا الصحبة لأطفال
حنكهم النبي صلى الله عليه وسلم أو مسح وجوههم أو تفل في أفواههم كمحمد
بن حاطب وعبد الرحمن بن عثمان التميمي وعبيد الله بن معمر ونحوهم قال:
ولا يشترط البلوغ على الصحيح وإلا لخرج من أجمع على عده في الصحابة
كالحسن والحسين وابن الزبير ونحوهم قال: والظاهر اشتراط رؤيته في عالم
الشهادة فلا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة والنبين قال: وقد
استشكل ابن الأثير مؤمنى الجن في الصحابة دون من راه من الملائكة وهم
أولى بالذكر من هؤلاء قال: وليس كما زعم لأن الجن من جملة المكلفين
الذين شملتهم الرسالة والبعثة فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنا بخلاف
الملائكة قال: وإذا نزل عيسى صلى الله عليه وسلم وحكم بشرعه فهل يطلق
عليه اسم الصحبة لأنه ثبت أنه رآه في الأرض الظاهر نعم انتهى وعن أصحاب
الأصول أو بعضهم أنه من طالت مجالسته له على طريق التبع له والأخذ عنه
بخلاف من
ج / 2 ص -211-
وعن سعيد بن المسيب أنه لا يعد صحابيا إلا
من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة
أو غزوتين فإن صح عنه فضعيف فإن مقتضاه أن لا يعد جرير البجلي وشبهه
صحابيا ولا خلاف
---------------------------
وفد عليه وانصرف بلا مصاحبة ولا متابعة قالوا:
وذلك معنى الصحابي لغة ورد بإجماع أهل اللغة على أنه مشتق من الصحبة لا
من قدر منها مخصوص وذلك يطلق على كل من صحب غيره قليلا كان أو كثيرا
يقال صحبت فلانا حولا وشهرا ويوما وساعة وقول المصنف: أو بعضهم من
زيادته لأن كثيرا منهم موافقون لما تقدم نقله عن أهل الحديث وصححه
الآمدي وابن الحاجب وعن بعض أهل الحديث موافقة ما ذكر عن أهل الأصول:
لما رواه ابن سعد بسند جيد في الطبقات عن علي بن محمد عن شعبة عن موسى
السيلاني قال: أتيت أنس بن مالك فقلت له: أنت آخر من بقي من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: قد بقي قوم من الأعراب فأما من أصحابه
فأنا آخر من بقي.
قال العراقي: والجواب أنه أراد إثبات صحبة خاصة
ليست لأولئك وعن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد صحابيا إلا من أقام مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين
ووجهه أن لصحبته صلى الله عليه وسلم شرفا عظيما فلا تنال إلا باجتماع
طويل يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزو المشتمل على السفر الذي
هو قطعة من العذاب والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي يختلف بها
المزاج فإن صح هذا القول عنه فضعيف فإن مقتضاه أن لا يعد جرير بن عبد
الله البجلي وشبهه ممن فقد ما اشترطه كوائل بن حجر صحابيا ولا خلاف
ج / 2 ص -212-
أنهم صحابة.
-------------------------
أنهم صحابة قال العراقي ولا يصح هذا عن ابن
المسيب ففي الإسناد إليه محمد بن عمر الواقدي ضعيف في الحديث وقال وقد
اعترض بأن جريرا أسلم في أول البعثة لما روى الطبراني عنه قال لما بعث
النبي صلى الله عليه وسلم أتيته لأبايعه فقال لأي شيء جئت يا جرير قال
جئت لأسلم على يديك فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول
الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة الحديث قال والجواب
أن الحديث غير صحيح فإنه من رواية الحصين بن عمر الأحمسي وهو منكر
الحديث ولو ثبت فلا دليل فيه لأنه يلزم الفورية في جواب لما بدليل ذكر
الصلاة والزكاة وفرضهما متراخ عن البعثة والصواب ما ثبت عنه أنه قال ما
أسلمت إلا بعد نزول المائدة رواه أبو داود وغيره وفي تاريخ البخاري
الكبير أنه أسلم عام توفي النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال الواقدي
وابن حبان والخطيب وغيرهم
فائدة:
في حد الصحابي قول رابع: أنه من طالت صحبته وروي
عنه قاله الحافظ وخامس: أنه من رآه بالغا حكاه الواقدي وهو شاذ كما
تقدم وسادس: أنه من أدرك زمنه صلى الله عليه وسلم وإن لم يره قاله يحيى
بن عثمان بن صالح المصري وعد من ذلك عبد الله بن مالك الجيشاني أبا
تميم ولم يرحل إلى المدينة إلا في خلافة عمر باتفاق وممن حكى هذا القول
القرافي في شرح التنقيح وكذا من حكم بإسلامه تبعا لأبويه وعليه عمل ابن
عبد البر وابن منده
ج / 2 ص -213-
ثم تعرف صحبته بالتواتر والاستفاضة أو قول
صحابي أو قوله إذا كان عدلا
------------------------
في كتابيهما وشرط الماوردي في الصحابي أن يتخصص
بالرسول ويتخصص به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم تعرف صحبته إما بالتواتر كأبي بكر وعمر وبقية
العشرة في خلق منهم أو الاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر كضمام بن
ثعلبة وعكاشة ابن محصن أو قول صحابي عنه أنه صحابي كحممة بن أبي حممة
الدوسي الذي مات بأصبهان مبطونا فشهد له أبو موسى الأشعري أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم حكم له بالشهادة ذكر ذلك أبو نعيم في تاريخ
أصبهان وروينا قصته في مسند الطيالسي ومعجم الطبراني وزاد شيخ الإسلام
ابن حجر بعد هذا أن يخبر آحاد التابعين بأنه صحابي بناء على قبول
التزكية من واحد وهو الراجح أو قوله هو: أنا صحابي إذا كان عدلا إذا
أمكن ذلك فإن ادعاه بعد مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فإنه لا
يقبل وإن ثبتت عدالته قبل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث
أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لم يبق أحد على ظهر الأرض
يريد انخرام ذلك القرن قال ذلك سنة وفاته صلى الله عليه وسلم وشرط
الأصوليون في قبوله أن
ج / 2 ص -214-
الثاني: الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به.
--------------------------
تعرف معاصرته له وفي أصل المسألة احتمال أنه لا
يصدق لكونه متهما بدعوى رتبة يثبتها لنفسه وبهذا جزم الآمدي ورجحه أبو
الحسن بن القطان.
فائدة:
قال الذهبي في الميزان: رتن الهندي وما أدراك ما
رتن شيخ دجال بلا ريب ظهر بعد الستمائة فادعى الصحبة وهذا جرئ على الله
ورسوله وقد ألفت في أمره جزءا.
الثاني: الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم
بإجماع من يعتد به قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطاً}
الآية، أي عدولا وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
والخطاب فيها للموجودين حينئذ وقال صلى الله عليه وسلم:
"خير الناس قرني" رواه الشيخان قال إمام الحرمين: والسبب في
عدم الفحص عن عدالتهم أنهم حملة الشريعة فلو ثبت توقف في روايتهم
لانحصرت الشريعة على عصره صلى الله عليه وسلم ولما استرسلت سائر
الأعصار وقيل: يجب البحث عن عدالتهم مطلقا وقيل: بعد وقوع الفتن وقالت
المعتزلة: عدول إلا من قاتل عليا وقيل: إذا انفرد وقيل: إلا المقاتل
والمقاتل وهذا كله ليس بصواب إحسانا للظن بهم وحملا لهم في ذلك على
الاجتهاد المأجور فيه كل منهم وقال المازري في شرح البرهان: لسنا
ج / 2 ص -215-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
---------------------------
نعني بقولنا الصحابة عدول كل من رآه صلى الله
عليه وسلم يوما ما أو زاره لماما أو اجتمع به لغرض وانصرف وإنما نعني
به الذين لازموه وعزروه
ج / 2 ص -216-
وأكثرهم حديثا أبو هريرة.
-------------------------
ونصروه قال العلائي وهذا قول غريب يخرج كثيرا من
المشهورين بالصحبة والرواية عن الحكم بالعدالة ن كوائل بن حجر ومالك بن
الحويرث وعثمان ابن أبي العاص وغيرهم ممن وفد عليه صلى الله عليه وسلم
ولم يقم عنده إلا قليلا وانصرف وكذلك من لم يعرف إلا برواية الحديث
الواحد ومن لم يعرف مقدار إقامته من أعراب القبائل والقول بالتعميم هو
الذي صرح به الجمهور وهو المعتبر.
وأكثرهم حديثا أبو هريرة روى خمسة آلاف وثلثمائة
وأربعة وسبعين حديثا اتفق الشيخان منها على ثلثمائة وخمسة وعشرين
وانفرد البخاري بثلاثة
ج / 2 ص -217-
ثم ابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله
وأنس بن مالك وعائشة ،
---------------------------
وتسعين ومسلم بمائة وتسعة وثمانين. وروى عنه أكثر
من ثمانمائة رجل وهو أحفظ الصحابة: قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى
الحديث في دهره أسنده البيهقي في المدخل وكان ابن عمر يترحم عليه في
جنازته ويقول: كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم
رواه ابن سعد وفي الصحيح عنه قال قلت يا رسول الله إني أسمع منك حديثا
كثيرا أنساه قال: أبسط رداءك فبسطته فغرف بيديه ثم قال: ضمه فما نسيت
شيئا بعد وفي المستدرك عن زيد بن ثابت قال: كنت أنا وأبو هريرة وآخر
عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادعوا فدعوت أنا وصاحبي وأمن النبي
صلى الله عليه وسلم ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل ما
سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسى فأمن النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا:
ونحن يا رسول الله كذلك فقال: "سبقكما الغلام الدوسي"
ثم عبد الله ابن عمر روى ألفي حديث وستمائة وثلاثين حديثا وابن عباس
روى ألفا وستمائة وستين حديثا وجابر بن عبد الله روى ألفا وخمسمائة
وأربعين حديثا وأنس بن مالك روى ألفين ومائتين وستا وثمانين حديثا
وعائشة أم المؤمنين روت ألفين ومائتين وعشرة وليس في الصحابة
ج / 2 ص -218-
وأكثرهم فتيا تروي ابن عباس وعن مسروق قال
انتهى علم الصحابة إلى ستة عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وابن مسعود
ثم انتهى علم الستة إلى علي وعبد الله
--------------------------
من يزيد حديثه على هؤلاء إلا ابا سعيد الخدري
فإنه روى ألفا ومائة وسبعين حديثا.
فوائد:
السبب في قلة ما روى عن أبي بكر الصديق رضي الله
تعالى عنه مع تقديمه وسبقه وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم أنه
تقدمت وفاته قبل انتشار الحديث واعتناء الناس بسماعه وتحصيله وحفظه
ذكره المصنف في تهذيبه قال وجملة ما روى له مائة حديث واثنان وأربعون
حديثا.
وأكثرهم فتيا تروي عنه ابن عباس قاله أحمد بن
حنبل وعن مسروق أنه قال انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي بن
كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعودثم انتهى علم الستة إلى علي
وعبد الله بن مسعود وروى الشعبي عنه نحوه أيضا إلا أنه ذكر أبا موسى
الأشعري بدل أبي الدرداء وقد استشكل بأن ابا موسى وزيد بن ثابت تأخرت
وفاتهما عن ابن مسعود وعلي فكيف انتهى علم الستة إلى ابن مسعود وعلي ؟
قال العراقي: وقد يجاب بأن المراد ضما علمهم إلى علمهما وإن تأخرت وفاة
من ذكر قال الشعبي: كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس
بعضهم من بعض وكان علي والأشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا.
ج / 2 ص -219-
ومن الصحابة العبادلة وهم ابن عمر وابن عباس
وابن الزبير وابن عمرو بن العاص وليس ابن مسعود منهم
--------------------------
وكان يقتبس بعضهم من بعض وقال ابن حزم: أكثر
الصحابة فتوى مطلقا سبعة: عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وزيد
بن ثابت وعائشة قال: ويمكن أن يجمع من فتيا كل واحد من هؤلاء مجلد ضخم
قال: ويليهم عشرون: أبو بكر وعثمان وأبو موسى ومعاذ وسعد بن أبي وقاص
وأبو هريرة وأنس وعبد الله بن عمرو بن العاص وسلمان وجابر وأبو سعيد
وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وعمران بن حصين وأبو بكرة وعبادة بن
الصامت ومعاوية وابن الزبير وأم سلمة. قال: ويمكن أن يجمع من فتيا كل
واحد منهم جزء صغير قال: وفي الصحابة نحو من مائة وعشرين نفسا يقلون في
الفتيا جدا لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان والثلاث
كأبي ابن كعب وأبي الدرداء وأبي طلحة والمقداد وسرد الباقين.
ومن الصحابة العبادلة وهم أربعة: عبد الله بن عمر
بن الخطاب و عبد الله بن عباس و عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمرو
بن العاص وليس ابن مسعود منهم قاله أحمد بن حنبل.
قال البيهقي: لأنه تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتى
احتيج إلى علمهم فإذا اجتمعوا على شيء قيل هذا قول
ج / 2 ص -220-
وكذا سائر من يسمي عبد الله وهم نحو مائتين
وعشرين قال أبو زرعة الرازي قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة
ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه.
--------------------------
العبادلة وقيل: هم ثلاثة بإسقاط ابن الزبير وعليه
اقتصر الجوهري في الصحاح وأما ما حكاه المصنف في تهذيبه عنه أنه ذكر
ابن مسعود وأسقط ابن العاص فوهم نعم وقع للرافعي في الديات وللزمخشري
في المفصل أن العبادلة ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وغلطا في ذلك من
حيث الاصطلاح وكذا سائر من يسمى عبد الله من الصحابة لا يطلق عليهم
العبادلة وهم نحو مائتين وعشرين نفسا كذا قال ابن الصلاح أخذا من
الاستيعاب وزاد عليه ابن فتحون جماعة يبلغون بهم نحو ثلثمائة رجل.
قال أبو زرعة الرازي في جواب من قال له: أليس
يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث ؟ ومن قال: ذا
قلقل الله أنيابه هذا قول الزنادقة ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر
ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه فقيل له: هؤلاء أين كانوا وأين
سمعوا قال: أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والأعراب ومن شهد معه حجة
الوداع كل روى وسمع منه بعرفة.
قال العراقي: وهذا القول عن أبي زرعة لم أقف له
على إسناد ولا هو في كتب التواريخ المشهورة وإنما ذكره أبو موسى
المديني في ذيله بغير إسناد قلت أخرجه الخطيب بإسناده قال: حدثني أبو
القاسم الأزهري ثنا عبد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري ثنا أبو
بكر بن عبد العزيز بن جعفر ثنا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال ثنا محمد
بن أحمد بن جامع الرازي سمعت أبا زرعة
ج / 2 ص -221-
واختلف في عدد طبقاتهم وجعلهم الحاكم اثنتي
عشرة طبقة
-------------------------
وقال له رجل: أليس يقال فذكره بلفظه قال العراقي:
وقريب منه ما أسنده المديني عنه قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم
ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة وهذا لا
تحديد فيه وكيف يمكن الاطلاع على تحرير ذلك مع تفرق الصحابة في البلدان
والبوادي والقرى وقد روى البخاري في صحيحه أن كعب بن مالك قال في قصة
تخلفه عن تبوك: وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم
كتاب حافظ بمعنى الديوان قال العراقي: وروى الساجي في المناقب بسند جيد
عن الرافعي قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا
ثلاثون ألفا بالمدينة وثلاثون ألفا في قبائل العرب وغير ذلك قال: ومع
هذا فجميع من صنف في الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف
مع كونهم يذكرون من توفي في حياته صلى الله عليه وسلم ومن عاصره أو
أدركه صغيرا.
واختلف في عدد طبقاتهم
باعتبار السبق إلى الإسلام أو الهجرة أو شهود المشاهد الفاضلة فجعلهم
ابن سعد خمس طبقات وجعلهم الحاكم اثنتى عشرة طبقة
ج / 2 ص -222-
الثالث: أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما بإجماع أهل
السنة ،
---------------------------
الأولى:
قوم أسلموا بمكة كالخلفاء الأربعة والثانية: أصحاب دار الندوة الثالثة:
مهاجرة الحبشة الرابعة: أصحاب العقبة الأولى الخامسة: أصحاب العقبة
الثانية وأكثرهم من الأنصار السادسة: أول المهاجرين الذين وصلوا إليه
بقباء قبل أن يدخلوا المدينة السابعة: أهل بدر الثامنة: الذين هاجروا
بين بدر والحديبية التاسعة: أهل بيعة الرضوان
العاشرة:
من هاجر بين الحديبية وفتح مكة كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص الحادي
عشرة: مسلمة الفتح الثانية
عشرة:
صبيان وأطفال رأوه يوم الفتح في حجة الوداع وغيرها.
الثالث:
أفضلهم على الإطلاق أبو بكرثم عمر رضي الله عنهما بإجماع أهل السنة
وممن حكى الإجماع على ذلك ابو العباس القرطبي ، قال: ولا مبالاة بأقوال
أهل التشيع ولا أهل البدع وكذلك حكى الشافعي إجماع الصحابة و التابعين
على ذلك رواه عنه البيهقي في الاعتقاد وحكى المازري عن الخطابية تفضيل
عمر وعن الشيعة تفضيل علي وعن الراوندية تفضيل العباس وعن بعضهم
الإمساك عن التفضيل وحكى الخطابي عن بعض مشايخه أنه قال أبو بكر خير
وعلي أفضل وهذا تهافت من القول وحكى القاضي
ج / 2 ص -223-
ثم عثمان ثم علي هذا قول جمهور أهل السنة
وحكى الخطابي عن أهل السنة من الكوفة تقديم علي على عثمان وبه قال أبو
بكر ابن خزيمة قال ابو منصور البغدادي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم
الخلفاء الأربعة ثم تمام العشرة ثم أهل بدر
--------------------------
عياض: أن ابن عبد البر وطائفة ذهبوا إلى أن من
مات منهم في حياته صلى الله عليه وسلم أفضل ممن بقي بعده لقوله صلى
الله عليه وسلم: " أنا شهيد على هؤلاء ".
قال المصنف: وهذا الإطلاق غير مرضي ولا مقبول ثم
عثمان ثم علي هذا قول جمهور أهل السنة وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد
وسفيان الثوري وكافة أهل الحديث والفقه والأشعري والباقلاني وكثير من
المتكلمين. لقول ابن عمر: كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل
بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان رواه البخاري ورواه الطبراني بلفظ أصرح
كما تقدم في نوع المرفوع وحكى الخطابي عن أهل السنة من الكوفة تقديم
علي على عثمان وبه قال: أبو بكر بن خزيمة وهو رواية عن سفيان الثوري
ولكن آخر قوليه ما سبق وحكى عن مالك التوقف بينهما حكاه المازري عن
المدونة وقال القاضي عياض: رجع مالك عن التوقف إلى تفضيل عثمان قال
القرطبي: وهو الأصح إن شاء الله تعالى وتوقف أيضا إمام الحرمين ثم
التفضيل عنده وعند الباقلاني وصاحب المفهم ظني وقال الأشعري: قطعي قال
أبو منصور عبد القاهر التميمي البغدادي: أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم
الخلفاء الأربعة ثم تمام العشرة المشهود لهم بالجنة سعد بن أبي وقاص
وسعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام
وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح ثم أهل بدر وهم ثلثمائة وبضعة
عشر روى ابن ماجه
ج / 2 ص -224-
ثم أحد ثم بيعة الرضوان وممن لهم مزية أهل
العقبتين من الأنصار والسابقون الأولون وهم من صلى إلى القبلتين في قول
ابن المسيب وطائفة وفي قول الشعبي أهل بيعة الرضوان وفي قول محمد بن
كعب وعطاء أهل بدر
------------------------
عن رافع بن خديج قال: جاء جبريل إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال: ما تعدون من شهد بدرا ؟ قال: خيارنا قال: كذلك
عندنا هم خيار الملائكة ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية قال
صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة" صححه الترمذي وممن له مزية أهل العقبتين من الأنصار والسابقون
الأولون من المهاجرين والأنصار وهم من صلى إلى القبلتين في قول سعيد بن
المسيب وطائفة منهم ابن حنيفة وابن سيرين وقتادة وفي قول الشعبي اهل
بيعة الرضوان وفي قول محمد بن كعب القرظي وعطاء بن يسار أهل بدر روى
ذلك سنيد عنهما بسند فيه مجهول وضعيف وسنيد ضعيف أيضا وروى القولين
السابقين عمن ذكر عبد بن حميد في تفسيره وعبد الرزاق وسعيد بن منصور في
سننه بأسانيد صحيحة وروى سنيد بسند صحيح إلى الحسن أنهم من أسلم قبل
الفتح.
فوائد:
الأول:
ورد في أحاديث تفضيل أعيان من الصحابة كل واحد في أمر مخصوص فروى
الترمذي عن أنس مرفوعا أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر
وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل وأفرضهم زيد
بن ثابت وأقرؤهم ابي بن كعب ولكل أمة أمين
ج / 2 ص -225-
الرابع
قيل أولهم إسلاما أبو بكر
--------------------------
وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح وروى
الترمذي حديث: أفرضكم زيد وصححه الحاكم بلفظ افرض أمتي زيد
الثانية:
اختلف في التفضيل بين فاطمة وعائشة على ثلاثة أقوال: ثالثها: الوقف
والأصح تفضيل فاطمة فهي بضعة منه وقد صححه السبكي في الحلبيات وبالغ في
تصحيحه وفي الصحيح في فاطمة: سيدة نساء هذه الأمة وروى النسائي عن
حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هذا ملك من الملائكة
استأذن ربه ليسلم علي وبشرني أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة
وأمهما سيدة نساء أهل الجنة " وفي مسند الحرث ابن أبي أسامة بسند صحيح
لكنه مرسل مريم خير نساء عالمها وفاطمة خير نساء عالمها ورواه الترمذي
موصولا من حديث علي بلفظ خير نسائها مريم وخير نسائها فاطمة قال شيخ
الإسلام والمرسل يفسر المتصل الثالثة أفضل أزواجه صلى الله عليه وسلم
خديجة وعائشة وفي التفضيل بينهما أوجه حكاها المصنف في الروضة ثالثها
الوقف واختار السبكي في الحلبيات تفضيل خديجة ثم عائشة ثم حفصة ثم
الباقيات سواء.
الرابع:
قيل أولهم إسلاما أبو بكر الصديق قاله ابن عباس وحسان والشعبي والنخعي
في آخرين ويدل له ما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة في قصة إسلامه وقوله
للنبي صلى الله عليه وسلم من معك على هذا قال حر وعبد قال ومعه يومئذ
أبو بكر وبلال ممن آمن به.
وروى الحاكم في المستدرك من رواية خالد ين سعيد
قال سئل الشعبي من أول من أسلم فقال أما سمعت قول حسان:
ج / 2 ص -226-
وقيل علي.
------------------------
إن تذكرت شجوا من أخي ثقة
فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها
بعد النبي وأوفاها بما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده
وأول الناس منهم صدق الرسلا
وروى الطبراني في الكبير عن الشعبي قال: سألت ابن عباس
فذكره.
وروى الترمذي من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال أبو بكر: ألست
أول من أسلم ؟ الحديث وقيل: علي بن أبي طالب رواه الطبراني بسند صحيح
عن ابن عباس وبسند ضعيف عنه مرفوعا ورواه الترمذي عنه من طريق أخرى
موقوفا وروى الطبراني بسند فيه إسماعيل السدي عن أبي ذر وسلمان قالا:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي
ورواه أيضا عن سلمان وروى أحمد في مسنده بسند فيه مجهول وانقطاع عن علي
مرفوعا وروى بسند آخر عنه قال: أنا أول من صلى وروى ذلك أيضا عن زيد بن
أرقم والمقداد بن الأسود وأبي أيوب وأنس ويعلى بن مرة وعفيف الكندي
وخزيمة بن ثابت وخباب بن الأرت وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري.
وروى الحاكم في المستدرك من رواية مسلم الملائي قال: نبئ النبي صلى
الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء وادعى الحاكم إجماع
أهل التاريخ عليه ونوزع في ذلك وقال كعب بن زهير في قصيدة يمدحه فيها
ج / 2 ص -227-
وقيل: زيد وقيل: خديجة وهو الصواب عند جماعة
من المحققين وادعى الثعلبي فيه الإجماع وأن الخلاف فيمن بعدها
---------------------------
إن عليا لميمون نقيبته
بالصالحات من الأعمال مشهور
صهر النبي وخير الناس مفتخرا
فكل من رامه بالفخر مفخور
صلى الطهور مع الأمي أولهم
قبل المعاد ورب الناس مكفور
وقيل: زيد بن حارثة قاله الزهري وقيل خديجة أم المؤمنين قال
المصنف زيادة على ابن الصلاح وهو الصواب عند جماعة من المحققين وروى
ذلك عن ابن عباس والزهري أيضا وهو قول قتادة وابن إسحاق وادعى الثعلبي
فيه الإجماع وأن الخلاف فيمن بعدها ورواه أحمد في مسنده والطبراني عن
ابن عباس.
قال ابن عبد البر: اتفقوا على أن خديجة أول من آمن ثم علي بعدها ثم ذكر
أن الصحيح أن أبا بكر أول من أظهر إسلامه ثم روى عن محمد بن كعب الفرظي
أن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب وأظهر أبو بكر إسلامه ولذلك شبه على
الناس وروى الطبراني في الكبير من رواية محمد بن عبيد الله ابن أبي
رافع عن أبيه عن جده قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم غداة الاثنين
وصلت خديجة يوم الاثنين من آخر النهار وصلى علي يوم الثلاثاء.
وقال ابن إسحاق: أول من آمن خديجة ثم علي ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر
فأظهر إسلامه ودعا إلى الله الراوي بدعائه عثمان بن عفان والزبير ابن
العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله فكان
هؤلاء الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام وذكر عمر بن شبة:
ج / 2 ص -228-
والأورع أن يقال من الرجال الأحرار ابو بكر
ومن الصبيان علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد ومن العبيد بلال
وآخرهم موتا أبو الطفيل مات سنة مائة.
---------------------------
أن خالد بن سعيد بن العاص أسلم قبل علي وقال غيره
أنه أولهم إسلاما وحكى المسعودي قولا أن أولهم خباب بن الأرت وآخر أن
أولهم بلال ونقل الماوردي في اعلام النبوة عن ابن قتيبة أن أول من آمن
أبو بكر بن أسعد الحميري ونقل ابن سبع في الخصائص عن عبد الرحمن بن عوف
أنه قال كنت أولهم إسلاما.
وقال العراقي: ينبغي أن يقال أن أول من آمن من
الرجال ورقة بن نوفل لحديث الصحيحين في بدء الوحي.
قال ابن الصلاح: وتبعه المصنف والأورع أن يقال
أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ومن الصبيان علي ومن النساء
خديجة ومن الموالي زيد ومن العبيد بلال قال البرماوي ويحكى هذا الجمع
عن أبي حنيفة قال ابن خالويه أول امرأة أسلمت بعد خديجة لبابة بنت
الحارث زوجة العباس.
وآخرهم أي الصحابة موتا مطلقا أبو الطفيل عامر بن
واثلة الليثي مات سنة مائة من الهجرة قاله مسلم في صحيحه ورواه الحاكم
في المستدرك عن خليفة بن خياط وقال خليفة في غير رواية الحاكم: أنه
تأخر بعد المائة وقيل: مات سنة اثنتين ومائة قاله مصعب بن عبد الله
الزبيري وجزم ابن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن منده أنه مات سنة سبع
ومائة.
وقال وهب بن جرير بن حازم عن أبيه: كنت بمكة سنة
عشر ومائة فرأيت جنازة فسألت عنها فقالوا: هذا أبو الطفيل. وصحح الذهبي
أنه سنة
ج / 2 ص -229-
وآخرهم قبله أنس.
------------------------
عشر وأما كونه آخر الصحابة موتا مطلقا فجزم به
مسلم ومصعب الزبيري وابن منده والمزي في آخرين.
وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري.
قال العراقي: وما حكاه بعض المتأخرين عن ابن دريد
من أن عكراش بن ذؤيب تأخر بعد ذلك وأنه عاش بعد الجمل مائة سنة فهذا
باطل لا أصل له والذي أوقع ابن دريد في ذلك ابن قتيبة فقد سبقه إلى ذلك
وهو إما باطل أو مؤول بأنه استكمل المائة بعد الجمل لا أنه بقي بعدها
مائة سنة وأما قول جرير بن حازم إن آخرهم موتا سهل بن سعد فالظاهر أنه
أراد بالمدينة وأخذه من قول سهل لو مت لم تسمعوا أحدا يقول: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إنما كان خطابه بهذا لأهل المدينة وآخرهم موتا
قبله أنس بن مالك مات بالبصرة سنة ثلاث وتسعين وقيل: اثنتين وقيل: إحدى
وقيل: تسعين وهو آخر من مات بها.
قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا مات بعده ممن رأى
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل.
ج / 2 ص -230-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
--------------------------
وقال العراقي: بل مات بعده محمود بن الربيع بلا
خلاف في سنة تسع وتسعين وقد رآه وحدث عنه كما في صحيح البخاري وكذا
تأخر بعده عبد الله بن بسر المازني في قول من قال وفاته سنة ست وتسعين.
وآخر الصحابة موتا بالمدينة سهل بن سعد الأنصاري
قاله ابن المديني والواقدي وإبراهيم بن المنذر وابن حبان وابن قانع
وابن منده وادعى ابن سعد نفي الخلاف فيه وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين
وقيل إحدى وتسعين وقال قتادة بل مات بمصر وقال ابن أبي داود
بالإسكندرية.
وقيل: السائب بن يزيد قاله أبو بكر بن أبي داود
وكانت وفاته سنة ثمانين وقيل جابر بن عبد الله قاله قتادة وغيره.
قال العراقي: وهو قول ضعيف لأن السائب مات
بالمدينة بلا خلاف وقد تأخر بعده وقيل: بمكة وكانت وفاته سنة اثنتين
وسبعين وقيل: ثلاث وقيل: أربع وقيل: سبع وقيل: ثمان وقيل: تسع.
قال العراقي: وقد تأخر بعد الثلاث محمود بن
الربيع الذي عقل المجة وتوفي بها سنة تسع وتسعين فهو إذا آخر الصحابة
موتا بها وآخرهم بمكة تقدم أنه أبو الطفيل وهو قول ابن المديني وابن
حبان وغيرهما وقيل: جابر بن عبد الله قاله ابن أبي داود والمشهور وفاته
بالمدينة وقيل: ابن عمر قاله قتادة وأبو الشيخ ابن حبان ومات سنة ثلاث
وقيل: أربع وسبعين وآخرهم بالكوفة عبد الله بن أبي أوفى مات سنة ست
وثمانين وقيل: سبع وقيل: ثمان وقال ابن المديني: أبو جحيفة والأول أصح
فإنه مات سنة ثلاث
ج / 2 ص -231-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
---------------------------
و ثمانين وقد اختلف في وفاة عمر بن حريث فقيل سنة
خمس و ثمانين وقيل سنة ثمان وتسعين فإن صح الثاني فهو آخر من مات من
أهل بيعة الرضوان رضي الله عنهم.
وآخرهم بالشام عبد الله بن بسر المازني قاله
خلائق ومات سنة ثمان و ثمانين وقيل ست وتسعين وهو آخر من مات ممن صلى
للقبلتين وقيل آخرهم بالشام أبو أمامة الباهلي قاله الحسن البصري وابن
عيينة والصحيح الأول فوفاته سنة ست و ثمانين وقيل إحدى و ثمانين وحكى
الخليلي في الإرشاد القولين بلا ترجيح.
ثم قال: روى بعض أهل الشام أنه أدرك رجلا بعدهما
يقال له الهدار ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مجهول ا هـ.
وقيل: آخرهم بالشام واثلة بن الأسقع قاله أبو
زكريا بن منده وموته بدمشق وقيل: ببيت المقدس وقيل: بحمص سنة خمس و
ثمانين وقيل: ثلاث وقيل: ست.
وآخرهم بحمص عبد الله بن بسر وآخرهم بالجزيرة
العرس بن عميرة سنان وآخرهم بفلسطين أبو أبي عبد الله بن حرام ربيب
عبادة بن الصامت وقيل: مات بدمشق وقيل: ببيت المقدس.
وآخرهم بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي
مات سنة ست و ثمانين وقيل خمس وقيل سبع وقيل ثمان وقيل تسع قاله
الطحاوي وكانت وفاته بسفط القدور وتعرف الآن بسفط أبي تراب وقيل
باليمامة وقيل إنه شهد بدرا ولا يصح فعلى هذا هو آخر البدريين موتا.
وآخرهم باليمامة الهرماس بن زياد الباهلي سنة
اثنتين ومائة أو مائة أو بعدها
ج / 2 ص -232-
الخامس: لا يعرف أب وابنه شهدا بدرا إلا مرتد وأبوه
--------------------------
وآخرهم ببرقة رويفع بن ثابت الأنصاري وقيل
بأفريقية وقيل بأنطابلس وقيل بالشام ومات سنة ثلاث وستين وقيل: سنة ست
وستين.
وآخرهم بالبادية سلمة بن الأكوع قاله أبو زكريا
بن منده والصحيح أنه مات بالمدينة ومات سنة أربع وسبعين وقيل أربع
وستين وهذا آخر ما ذكره ابن الصلاح.
وآخرهم بخراسان بريدة بن الحصيب وآخرهم بسجستان
العداء بن خالد بن هوذة ذكرهما أبو زكريا بن منده.
قال العراقي وفي بريدة نظر فإن وفاته سنة ثلاث
وسبعين وقد تأخر بعده أبو برزة الأسلمي ومات بها سنة أربع وسبعين.
وآخرهم بأصبهان النابغة الجعدي قاله أبو الشيخ
وأبو نعيم وآخرهم بسمرقند الفضل بن العباس.
الخامس:
لا يعرف أب وابنه شهدا بدرا إلا مرثد وأبوه أبو مرثد بن
ج / 2 ص -233-
ولا سبعة إخوة مهاجرون إلا بنو مقرن وسيأتون
في الإخوة ولا أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم متوالدون إلا عبد
الله بن أسماء بنت ابي بكر بن أبي قحافة وإلا أبو عتيق محمد بن أبي بكر
بن أبي قحافة رضي الله عنهم.
--------------------------
ابن الحصين الغنوي قلت أغرب من هذا ما أخرجه
البغوي في معجم الصحابة قال حدثنا ابن هانئ حدثنا ابن بكير حدثنا الليث
عن يزيد بن أبي حبيب أن ينعقد بن يزيد بن الأخنس السلمي شهد هو وأبوه
وجده بدرا قال ولا نعلم أحدا شهد هو وابنه وابن ابنه بدرا مسلمين إلا
الأخنس.
وقال ابن الجوزي: لا نعرف سبعة إخوة شهدوا بدرا
مسلمين إلا بنو عفراء معاذ ومعوذ وإياس وخالد وغافل وعوف قال ولم
يشهدها مؤمن ابن مؤمنين إلا عمار بن ياسر قال ومن غريب ذلك امرأة لها
أربعة إخوة وعمان شهدوا بدرا اخوان وعن من المسلمين وأخوان وعم من
المشركين وهي أم ابان بنت عتبة بن ربيعة أخواها المسلمان أبو حذيفة بن
عتبة ومصعب بن عمير والعم المسلم معمر بن الحارث وأخواها المشركان
الوليد بن عتبة وأبو عزيز والعم المشرك شيبة بن ربيعة.
ولا يعرف سبعة أخوة صحابة مهاجرون إلا بنو مقرن
وسيأتون في النوع الثالث والأربعين في الإخوة وهناك ذكرهم ابن الصلاح
ويأتي ما عليه من اعتراض فإن أولاد الحارث بن قيس السهمي كلهم صحبوا
وهاجروا وهم سبعة أو تسعة ولا أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم
متوالدون إلا عبد الله بن أسماء بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة وإلا
أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن ابن ابي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم
قال شيخ الإسلام ابن حجر: وقد
ج / 2 ص -234-
. . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . .
--------------------------
ذكروا أن أسامة ولد له في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذا يكون
كذلك إذ حارثة والد زيد صحابي كما جزم به المنذري في مختصر مسلم وحديث
إسلامه في مستدرك الحاكم وكذا زيد وأسامة قال وكذا إياس وابن سلمة بن
عمرو بن الأكوع الأربعة ذكروا في الصحابة وطلحة بن معاوية ابن جاهمة بن
العباس بن مرداس في أمثلة أخرى لا تصح.
فوائد:
ليس في الصحابة من اسمه عبد الرحيم بل ولا من التابعين ولا من اسمه
إسماعيل من وجه يصح إلا واحد بصري روى عنه أبو بكر بن عمارة حديث: لا
يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها أخرجه ابن خزيمة
النوع الأربعون: معرفة التابعين رضي الله عنهم هو وما قبله أصلان عظيمان بهما يعرف المرسل والمتصل
واحدهم تابعي وتابع قيل: هو من صحب الصحابي وقيل من لقيه وهو الأظهر.
---------------------------
النوع الأربعون معرفة
التابعين رضي الله تعالى عنهم هو
وما قبله أصلان عظيمان بهما يعرف المرسل والمتصل واحدهم تابعي وتابع
واختلف في حده قيل أي قال الخطيب هو من صحب صحابيا ولا يكتفى فيه بمجرد
اللقي بخلاف الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم لشرف منزلة النبي صلى
الله عليه وسلم فالاجتماع به يؤثر في النور القلبي أضعاف ما يؤثره
الاجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الأخيار وقيل هو من لقيه وإن لم
يصحبه كما قيل في الصحابي وعليه الحاكم.
قال ابن الصلاح: وهو أقرب قال المصنف وهو الأظهر.
قال العراقي: وعليه عمل الأكثرين من أهل الحديث
فقد ذكره مسلم وابن
ج / 2 ص -235-
قال الحاكم هم خمس عشرة طبقة الأولى من أدرك
العشرة قيس بن أبي حازم وابن المسيب وغيرهما وغلط في ابن المسيب فإنه
ولد في
--------------------------
حبان الأعمش في طبقة التابعين وقال ابن حبان
أخرجاه في هذه الطبقة لأن له لقيا وحفظا رأى أنسا وإن لم يصح له سماع
المسند عنه.
وقال الترمذي: لم يسمع من أحد من الصحابة وعده
أيضا فيهم الحافظ عبد الغني وعد فيهم يحيى بن أبي كثير لكونه لقي أنسا
وموسى بن أبي عائشة لكونه لقي عمرو بن حريث واشترط ابن حبان أن يكون
رآه في سن من يحفظ عنه فإن كان صغيرا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته كخلف
بن خليفة عده من أتباع التابعين وإن رأى عمرو بن حريث لكونه كان صغيرا
قال العراقي وما اختاره ابن حبان له وجه كما اشترط في الصحابي رؤيته
وهو مميز قال وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة و
التابعين بقوله: " طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن رأى من رآني الحديث
فاكتفى فيهما لمجرد الرؤية.
تنبيه:
قال ابن الصلاح: مطلق التابعي مخصوص بالتابع
بإحسان: قال العراقي: إن أراد بالإحسان الإسلام فواضح إلا أن الإحسان
أمر زائد عليه فإن أراد به الكمال في الإسلام والعدالة فلم أر من اشترط
ذلك في حد التابعي بل من صنف في الطبقات أدخل فيهم الثقات وغيرهم ثم
اختلف في طبقات التابعين فجعلهم مسلم ثلاث طبقات وابن سعد أربع طبقات
قال الحاكم هم خمس عشرة طبقة الأولى من أدرك العشرة منهم قيس بن أبي
حازم و سعيد بن المسيب وغيرهما قال كأبي عثمان النهدي وقيس بن عباد
وأبي ساسان حصين ابن المنذر وأبي وائل وأبي رجاء العطاردي وغلط في ابن
المسيب فإنه ولد في
ج / 2 ص -236-
خلافة عمر ولم يسمع أكثر العشرة وقيل لم يصح
سماعه من غير سعد وأما قيس فسمعهم وروى عنهم ولم يشاركه في هذا أحد
وقيل: لم يسمع عبد الرحمن
-------------------------
خلافة عمر فلم يسمع من أبي بكر ولا من عمر على
الصحيح ولم يسمع أيضا أكثر العشرة قال ابن الصلاح وقيل لم يصح سماعه من
أحد منهم غير سعد قال العراقي: كأن ابن الصلاح أخذ هذا من قول قتادة
الذي رواه مسلم في مقدمة صحيحه من رواية همام قال: دخل أبو داود الأعمى
على قتادة فلما قام قالوا: إن هذا يزعم أنه لقي ثمانية عشر بدريا فقال
قتادة: هذا كان سائلا قبل الجارف لا يعرض في شيء من هذا ولا يتكلم فيه
فوالله ما حدثنا الحسن عن بدري مشافهة ولا حدثنا سعيد بن المسيب عن
بدري مشافهة إلا عن سعد بن مالك نعم أثبت أحمد بن حنبل سماعه من عمر
وقال ابن معين: رأى عمر وكان صغيرا وقال أبو حاتم رآه على المنبر ينعى
النعمان بن مقرن قال العراقي: وأما سماعه من عثمان وعلي فإنه ممكن غير
ممتنع لكن لم أر في الصحيح التصريح بسماعه منهما نعم في مسند أحمد من
رواية موسى بن وردان سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت عثمان يقول وهو
يخطب على المنبر كنت أبتاع التمر من بطن الوادي من اليهود فبلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا اشتريت فاكتل الحديث وهو عند
ابن ماجه بلفظ عن دون التصريح بالسماع وفي المسند أيضا بسند جيد قال:
حدثنا الوليد بن مسلم حدثني شعيب أبو شيبة سمعت عطاء الخراساني يقول:
سمعت سعيد ابن المسيب يقول: رأيت عثمان قاعدا في المقاعد فدعا بطعام ما
مسته النار فأكله ثم قام إلى الصلاة الحديث فثبت سماعه من عثمان والله
أعلم وأما قيس فسمعهم وروى عنهم ولم يشاركه في هذا أحد وقيل: لم يسمع
عبد الرحمن بن
ج / 2 ص -237-
ويليهم الذين ولدوا في حياة النبي صلى الله
عليه وسلم من أولاد الصحابة
--------------------------
عوف قاله أبو داود ويليهم أي الطبقة الأولى الذين
ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولاد الصحابة كعبد
الله بن أبي طلحة وأبي امامة: سعد بن سهل بن حنيف وأبي إدريس الخولاني
هكذا قاله ابن الصلاح وقال البلقيني: هذا كلام لا يستقيم لا معنى ولا
نقلا.
أما المعنى:
فكيف يجعل من ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم يلي من ولد
بعده والصواب أن يجعل هذا مقدما وتلك الطبقة تليه.
وأما النقل: فلم يذكر الحاكم ذلك ولكنه عند
المخضرمين قال ومن التابعين بعد المخضرمين طبقة ولدوا في زمانه صلى
الله عليه وسلم ولم يسمعوا منه فذكر أبا أمامة ومحمد بن أبي بكر الصديق
ونحوهما ولم يذكر عبد الله بن أبي طلحة ولا أبا إدريس ثم إن الحاكم لم
يذكر الطبقة الأولى قال: والطبقة الثانية الأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس
ومسروق وأبو سلمة بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وغيرهم والطبقة الثالثة
الشعبي وشريح بن الحرث وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة واقرانهم ثم
قال: وهم خمس عشرة طبقة آخرهم من لقي أنس بن مالك من أهل البصرة وعبد
الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة والسائب عن يزيد من أهل المدينة وعبد
الله بن الحرث بن جزء من أهل الحجاز وأبا أمامة الباهلي من أهل الشام
انتهى فلم يعد من الطبقات سوى الثلاثة الأولى والأخيرة وأما أولاد
الصحابة فلم يذكرهم إلا بعد المخضرمين فقدمه ابن الصلاح والمصنف هنا
فحصل فيه وهم وإلباس.
ج / 2 ص -238-
ومن التابعين المخضرمون واحدهم مخضرم بفتح
الراء وهو الذي أدرك الجاهلية وزمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ولم
يره.
---------------------------
ومن التابعين والمخضرمون واحدهم مخضرم بفتح الراء
وهو الذي أدرك الجاهلية وزمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ولم يره
ولا صحبة له هذا مصطلح أهل الحديث فيه لأنه متردد بين طبقتين لا يدري
من أيهما هو من قولهم لحم مخضرم لا يدري من ذكر هو أو أنثى كما في
المحكم والصحاح وطعام مخضرم ليس بحلو ولا مر حكاه ابن الأعرابي وقيل:
من المخضرمة بمعنى القطع من خضرموا آذان الإبل قطعوها لأنه انقطع عن
الصحابة وإن عاصر لعدم الرؤية أو من قولهم رجل مخضرم ناقص الحسب وقيل:
ليس بكريم النسب وقيل: دعي وقيل: لا يعرف أبواه وقيل ولدته السراري
لكونه ناقص الرتبة عن الصحابة لعدم الرؤية مع إمكانه وسواء أدرك في
الجاهلية نصف عمره أم لا والمراد بإدراكها قال المصنف في شرح مسلم ما
قبل البعثة قال العراقي وفيه نظر والظاهر إدراك قومه أو غيرهم على
الكفر قبل فتح مكة فإن العرب بعده بادروا إلى الإسلام وزال أمر
الجاهلية وخطب صلى الله عليه وسلم في الفتح بإبطال أمرها وقد ذكر مسلم
في المخضرمين بشير بن عمرو وإنما ولد بعد الهجرة أما الخضرم في اصطلاح
أهل اللغة فهو الذي عاش نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإسلام سواء
أدرك الصحابة أم لا فبين الاصطلاحين عموم وخصوص من وجه فحكيم بن حزام
مخضرم باصطلاح اللغة وحكى بعض أهل اللغة: مخضرم بالكسر وحكى ابن خلكان
محضرم بالحاء المهملة والكسر أيضا وحكى العسكري في الأوائل ان المخضرم
من المعاني التي حدثت في الإسلام وسميت بأسماء كانت في الجاهلية لمعان
آخر. ثم ذكر أن
ج / 2 ص -239-
وعدهم مسلم عشرين نفسا وهم أكثر وممن لم
يذكره أبو مسلم الخولاني والأحنف.
-----------------------
أصله من خضرمت الغلام إذا ختنته والأذن إذا قطعت
طرفها فكأن زمان الجاهلية قطع عليه أو من الإبل المخضرمة وهي التي نتجت
من العراب واليمانية قال وهذا أعجب القولين إلي وعدهم مسلم بن الحجاج
فبلغ بهم عشرين نفسا وهم أبو عمر وسعيد بن إياس الشيباني وسويد بن غفلة
وشريح بن هانئ وبشير بن عمرو بن جابر وعمرو بن ميمون الأزدي والأسود بن
يزيد النخعي والأسود بن هلال المحاربي والمعرور بن سويد وعبد خير بن
يزيد بن عوف الأحمسي ومسعود بن حراش أخوريعي ومالك بن عمير وأبو عثمان
النهدي وأبو رجاء العطاردي وغنيم بن قيس وأبو رافع الصائغ وأبو الحلال
العتكي واسمه ربيعة بن زرارة وخالد بن عمير العدوي وثمامة ابن حزن
القشيري وجبير بن نفير الحضرمي وهم أكثر من ذلك وممن لم يذكره مسلم أبو
مسلم عبد الله بن ثوب بوزن عمر الخولاني والأحنف واسمه الضحاك بن قيس
وعبد الله بن عكيم وعمرو بن عبد الله بن الأصم وأبو أمية الشعباني
وأسلم مولى عمر وأويس القرني وأوسط البجلي وجبير ابن الحرث وجابر
اليماني وشريح بن الحرث القاضي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الرحمن بن
عسيلة الصنابحي وعبد الرحمن بن غنم وعبد الرحمن ابن يربوع وعبيدة بن
عمرو السلماني وعلقمة بن قيس بن أبي حازم وكعب الأحبار ومرة بن شراحيل
ومسروق بن الأجدع وأبو صالح الأنماري قيل وأبو عتبة الخولاني هذا ما
ذكره العراقي ومنهم من لم يذكره الأحنف ابن قيس الأسدي والأجدع بن مالك
الهمداني والد مسروق وأبو رهم أحزاب
ج / 2 ص -240-
ومن أكابر التابعين الفقهاء السبعة ابن
المسيب والقاسم بن محمد عروة وخارجة بن زيد وابو سلمة بن عبد الرحمن
وعبيد الله بن عتبة وسليمان بن يسار وجعل ابن المبارك سالم بن عبد الله
بدل أبي سلمة وجعل ابو الزناد بدلهما ابا بكر بن عبد الرحمن.
وعن أحمد بن حنبل قال أفضل التابعين ابن المسيب
قيل:
---------------------------
بن أسيد السمعي وأرطاة بن سهية وهي أمه وأبوه زفر
بن عبد الله الغطفاني المزني وأرطاة بن كعب الفزاري في خلائق آخرين
ذكرهم شيخ الإسلام ابن حجر في كتاب الإصابة وأرجو أن أفردهم في مؤلف إن
شاء الله تعالى.
ومن أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل
المدينة سعيد بن المسيب القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وعروة بن
الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد
الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار الهلالي أبو أيوب
هكذا عدهم أكثر علماء أهل الحجاز.
وجعل ابن المبارك سالم بن عبد الله بن عمر بدل
أبي سلمة جعل أبو الزناد بدلهما أي سالم وأبي سلمة أبا بكر بن عبد
الرحمن وعدهم ابن المديني اثني عشر ابن المسيب وأبو سلمة والقاسم
وخارجة وأخوه إسماعيل وسالم وحمزة وزيد وعبيد الله وبلال وبنو عبد الله
بن عمر وأبان بن عثمان وقبيصة بن ذؤيب.
وعن أحمد بن حنبل أفضل التابعين سعيد بن المسيب
قيل له:
ج / 2 ص -241-
فعلقمة والأسود فقال هو وهما وعنه: لا أعلم
فيهم مثل أبي عثمان النهدي وقيس وعنه أفضلهم قيس وأبو عثمان وعلقمة
ومسروق.
وقال أبو عبد الله بن خفيف: أهل المدينة يقولون
أفضل التابعين ابن المسيب وأهل الكوفة أويس والبصرة الحسن.
--------------------------
فعلقمة والأسود قال هو وهما وعنه أيضا لا أعلم
فيهم أي التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم وعنه أيضا
أفضلهم قيس وأبو عثمان النهدي وعلقمة ومسروق هؤلاء كانوا فاضلين ومن
علية التابعين.
وقال أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي أهل
المدينة يقولون: أفضل التابعين ابن المسيب وأهل الكوفة يقولون أويس
القرني و أهل البصرة يقولون الحسن البصري واستحسنه ابن الصلاح.
وقال العراقي: الصحيح بل الصواب ما ذهب إليه اهل
الكوفة لما روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول إن خير التابعين رجل يقال له أويس الحديث قال فهذا
قاطع للنزاع قال وأما تفضيل أحمد لابن المسيب وغيره فلعله لم يبلغه
الحديث أو لم يصح عنده أو أراد بالأفضلية في العلم لا الخيرية.
وقال البلقيني: الأحسن أن يقال: الأفضل من حيث
الزهد والورع أويس. ومن حيث حفظ الخبر والأثر سعيد.
ج / 2 ص -242-
وقال ابن أبي داود: سيدتا التابعيات حفصة
بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن وتليهما أم الدرداء وقد عد قوم طبقة في
التابعين ولم يلقوا الصحابة وطبقة وهم صحابة
--------------------------
وقال أحمد: ليس أحد أكثر فتوى في التابعين من
الحسن وعطاء كان عطاء مفتي مكة والحسن مفتي البصرة.
وقال أبو بكر بن أبي داود: سيدتا التابعيات حفصة
بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن وتليهما أم الدرداء الصغرى هجيمة ويقال
جهيمة وليست كهما.
وقال إياس بن معاوية: ما أدركت أحدا أفضله على
حفصة يعني بنت سيرين فقيل له الحسن وابن سيرين فقال أما أنا فما أفضل
عليها أحدا.
وقد عد قوم طبقة في التابعين ولم يلقوا الصحابة
فهم من أتباع التابعين كإبراهيم بن سويد النخعي لم يدرك أحدا من
الصحابة وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه وبكير بن أبي السميط بفتح
السين وكسر الميم لم يصح له عن أنس رواية إنما أسقط قتادة من الوسط
ووقع لقوم عكس ذلك فعدوا طبقة من التابعين في أتباع التابعين لكون
الغالب عليهم روايتهم عنهم: كأبي الزناد عبد الله بن ذكوان لقي ابن عمر
وأنسا و عد من التابعين طبقة وهم صحابة إما غلطا كالنعمان وسويد ابني
مقرن عدهما الحاكم في الأخوة من التابعين وهما صحابيان معروفان أو لكون
ذلك الصحابي من صغار الصحابة يقارب التابعين في كون روايته أو غالبها
عن الصحابة كما عد مسلم من التابعين يوسف بن عبد الله بن سلام ومحمود
بن لبيد ووقع عكس
ج / 2 ص -243-
فليتفطن لذلك.
-----------------------
ذلك فعدوا بعض التابعين من الصحابة وكثيرا ما يقع
ذلك لمن يرسل كما عد محمد بن الربيع الجيزي عبد الرحمن بن غنم الأشعري
ممن دخل مصر من الصحابة وليس منهم على الأصح فليتفطن لذلك وأمثاله.
فوائد:
قال البلقيني: أول التابعين موتا ابو زيد معمر بن
زيد قتل بخراسان وقيل: بأذربيجان سنة ثلاثين وآخرهم موتا خلف بن خليفة
سنة ثمانين ومائة.
تنبيه:
أفرد الحاكم في علوم الحديث نوعا من أنواع الحديث
لأتباع التابعين وسيأتي في الأنواع المزيدة. |