سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 4
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 4

(4/)


سير اعلام النبلاء 4

(4/1)


جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة ان تطبع أو تعطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسة رسمية أو افرادا.
الطبعة التاسعة 1413 ه - 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة هاتف: 319039 - 815112 - ص.
ب: 7460 برقيا، بيوشران

(4/2)


سير أعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء الرابع أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه * حقق هذا الجزء شعيب الارنؤوط * مأمون الصاغرجي مؤسسة الرسالة

(4/3)


بسم الله الرحمن الرحيم

(4/4)


1 - المجنون * قيس بن الملوح، وقيل: ابن معاذ، وقيل: اسمه بختري بن الجعد، وقيل غير ذلك.
من بني عامر بن صعصعة.
وقيل: من بني كعب بن سعد.
الذي قتله الحب في ليلى بنت مهدي العامرية.
سمعنا أخباره تأليف ابن المرزبان (1).
وقد أنكر بعضهم ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فما من لم يعلم حجة على من عنده علم، ولا المثبت كالنافي، لكن إذا كان المثبت لشئ شبه خرافة، والنافي ليس غرضه دفع الحق، فهنا النافي مقدم، وهنا تقع المكابرة وتسكب العبرة.
فقيل: إن المجنون علق ليلى علاقة الصبا وكانا يرعيان البهم (2).
ألا تسمع قوله، وما أفحل شعره:
__________
* ترجمته في: الشعر والشعراء 467، الاغاني 2 / 1، المؤتلف والمختلف 188، نشوار المحاضرة 5 / 102، سمط اللآلي 350، تاريخ الاسلام 3 / 64، فوات الوفيات 2 / 136، سرح العيون 195، شرح الشواهد 238، النجوم الزاهرة 1 / 170، تزيين الاسواق 1 / 97، شذرات الذهب 1 / 277، خزانة الادب للبغدادي 2 / 170.
(1) في تاريخ الاسلام للمؤلف: " سمعنا أخباره في جزء ألفه ابن المرزبان " وابن المرزبان مؤرخ، عالم بالادب، له تصانيف كثيرة منها: الشعراء، النساء والغزل.
(2) البهم: جمع بهمة، وهو الصغير من الضأن، الذكر والانثى في ذلك سواء.
(*)

(4/5)


تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة * ولم يبد للاتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا * إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم (1)
وعلقته هي أيضا، ووقع بقلبها.
وهو القائل: أظن هواها تاركي بمضلة * من الارض لا مال لدي ولا أهل ولا أحد أقضي إليه وصيتي * ولا وارث إلا المطية والرحل (2) محا حبها حب الالى كن قبلها * وحلت مكانا لم يكن حل من قبل فاشتد شغفه بها حتى وسوس وتخبل في عقله فقال: إني لاجلس في النادي أحدثهم * فأستفيق وقد غالتني الغول (3) يهوي بقلبي حديث النفس نحوكم * حتى يقول جليسي أنت مخبول (4) قال أبو عبيدة: تزايد به الامر حتى فقد عقله، فكان لا يؤويه رحل ولا يعلوه ثوب إلا مزقه.
ويقال: إن قوم ليلى شكوا المجنون إلى السلطان، فأهدر دمه، وترحل قومها بها.
فجاء وبقي يتمرغ في المحلة، ويقول: أيا حرجات الحي حيث تحملوا * بذي سلم لا جادكن ربيع (5)
__________
(1) في الاصل: بليلى وهو تحريف، والتصويب من الديوان ص 238 ورواية الديوان والشعر والشعراء: " وهي غر صغيرة " وفي رواية أخرى في الاغاني 2 / 12: " وعلقتها غراء ذات ذوائب " الذؤابة مقدم شعر الرأس، والذؤابة من كل شئ أعلاه.
الاتراب: جمع ترب وهو المماثل في السن، وأكثر ما يستعمل في المؤنث.
(2) في الديوان: " أفضي " يقال: وقضيت إلى فلان الامر، أي أنهيته إليه وأبلغته ذلك.
(3) الغول: نوع من الشياطين كانت العرب تزعم أنها تظهر للناس في الفلاة، فتتلون لهم بصور شتى.
وغالتني: أضلتني وأهلكتني.
(4) للبيت رواية أخرى في " بسط سامع المسامر " ص 77 وهي: يغشى بقلبي حديث النفس عندهم * حتى يقول حبيبي أنت مخبول (5) في الديوان ص 190: " حين " بدل " حيث ".
وحرجات: ج حرجة، وهي الغيضة الملتفة الشجر، أو الشجرة بين الاشجار لا تصل إليها الايدي.
وذو سلم: موضع بالحجاز.
(*)

(4/6)


وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى * بلين بلى لم تبلهن ربوع وقيل: إن قومه حجوابه ليزور النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، حتى إذا كان بمنى سمع نداء: يا ليلى، فغشي عليه، وبكى أبوه فأفاق يقول: وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى * فهيج أطراب الفؤاد ولم يدر (1) دعا باسم ليلى غيرها فكأنما * أطار بليلى طائرا كان في صدري (2) وجزعت هي لفراقه وضنيت.
وقيل: إن أباه قيده، فبقي يأكل لحم ذراعيه، ويضرب بنفسه فأطلقه، فهام في الفلاة، فوجد ميتا، فاحتملوه إلى الحي وغسلوه ودفنوه.
وكثر بكاء النساء والشباب عليه.
وقيل: إنه كان يأكل من بقول الارض، وألفته الوحش، وكان يكون بنجد فساح حتى حدود الشام.
وشعره كثير من أرق شئ وأعذبه، وكان في دولة يزيد وابن الزبير.

2 - أبو مسلم الخولاني * (م 4) الداراني، سيد التابعين وزاهد العصر.
__________
(1) رواية الديوان ص 144 والشعر والشعراء ص 163: " فهيج أحزان الفؤاد وما يدري ".
والخيف: موضع في منى، منه سمي مسجد الخيف.
والاطراب: جمع طرب وهو خفة تعتري المرء عند شدة الفرح أو شدة الحزن.
(2) انظر الخبر مفصلا في الاغاني 2 / 21.
* طبقات ابن سعد 7 / 448، طبقات خليفة ت 2888، تاريخ البخاري 5 / 58، المعرفة والتاريخ 2 / 308 و 382، الحلية 2 / 22، الاستيعاب ت 1479، تاريخ ابن عساكر 9 / 12 ب، أسد الغابة 3 / 129، اللباب 1 / 395، تهذيب الكمال ص 170 و 1654 تذكرة الحفاظ 1 / 46، تاريخ الاسلام 3 / 102، فوات الوفيات 1 / 209، البداية والنهاية 8 / 146، الاصابة ت 6302، تهذيب
التهذيب 12 / 235، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 13، شذرات الذهب 1 / 70، تهذيب ابن عساكر 7 / 314.
(*)

(4/7)


اسمه على الاصح: عبد الله بن ثوب، وقيل: اسمه عبد الله بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن ثواب (1).
وقيل: ابن عبيد.
ويقال: اسمه يعقوب بن عوف.
قدم من اليمن.
وقد أسلم في أيام النبي صلى الله عليه وسلم.
فدخل المدينة في خلافة الصديق.
وحدث عن عمر، ومعاذ بن جبل، وأبي عبيدة، وأبي ذرالغفاري، وعبادة بن الصامت.
روى عنه أبو إدريس الخولاني، وأبو العالية الرياحي، وجبير بن نفير، وعطاء بن أبي رباح، وشرحبيل بن مسلم - وما أدركاه - وعطية بن قيس، وأبو قلابة الجرمي، ومحمد بن زياد الالهاني وعمير بن هانئ ويونس بن ميسرة، ولم يلحقوه، لكن أرسلوا عنه.
قال إسماعيل بن عياش: حدثنا شرحبيل بن مسلم، قال: أتى أبو مسلم الخولاني المدينة وقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر.
فحدثنا شرحبيل: أن الاسود (2) تنبأ باليمن، فبعث إلى أبي مسلم، فأتاه بنار عظيمة، ثم إنه ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضره، فقيل للاسود: إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك.
فأمره بالرحيل فقدم المدينة، فأناخ راحلته، ودخل المسجد يصلي، فبصر به عمر رضي الله عنه، فقام
__________
(1) زاد ابن عساكر 9 / 12 ب: ويقال: ابن أثوب، ويقال: ابن مسلم.
وانظر تاريخ الاسلام 3 / 102.
(2) هو الاسود العنسي، واسمه عيهلة وقيل: عبهلة بن كعب بن عوف، من مذحج.
متنبئ مشعوذ من أهل اليمن، أسلم كما أسلمت اليمن، وارتد في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أول من ارتد في الاسلام، ادعى النبوة، وضل به كثير من مذحج حتى اتسع سلطانه.
اغنيل قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر واحد.
ا ه مختصرا، الاعلام 5 / 299.
(*)

(4/8)


إليه، فقال: ممن الرجل ؟ قال: من اليمن.
قال: ما فعل الدي حرقه الكذاب بالنار ؟ قال: ذاك عبد الله بن ثوب.
قال: نشدتك بالله، أنت هو ؟ قال: اللهم نعم.
فاعتنقه عمر وبكى، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق.
فقال: الحمدلله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من صنع به كما صنع بإبراهيم الخليل.
رواه عبد الوهاب بن نجدة، وهو ثقة، عن إسماعيل لكن شرحبيل أرسل الحكاية (1).
ويروي عن مالك بن دينار، أن كعبا رأى أبا مسلم الخولاني، فقال: من هذا ؟ قالوا: أبو مسلم، فقال: هذا حكيم هذه الامة (2).
وروى معمر عن الزهري، قال: كنت عند الوليد بن عبدالملك، فكان يتناول عائشة رضي الله عنها.
فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا أحدثك عن رجل من أهل الشام، كان قد أوتي حكمة ؟ قال: من هو ؟ قلت: أبو مسلم الخولاني، سمع أهل الشام ينالون من عائشة فقال: ألا أخبركم بمثلي ومثل أمكم هذه ؟ كمثل عينين في رأس، تؤذيان صاحبهما، ولا يستطيع أن يعاقبهما إلا بالذي هو خير لهما فسكت.
فقال الزهري: أخبرنيه أبو إدريس الخولاني عن أبي مسلم (3).
قال عثمان بن أبي العاتكة: علق أبو مسلم سوطا في المسجد، فكان يقول: أنا أولى بالسوط من البهائم، فإذا فتر، مشق (4) ساقيه سوطا أو
سوطين.
قال: وكان يقول: لو رأيت الجنة عيانا أو النار عيانا ما كان عندي مستزاد (3).
__________
(1) أورده ابن عساكر في تاريخه 9 / 15 ب مطولا.
(2) ابن عساكر 9 / 16 آ.
(3) ابن عساكر 9 / 16 ب.
(4) مشقه: ضربه بسرعة.
(*)

(4/9)


إسماعيل بن عياش: عن شرحبيل، أن رجلين أتيا أبا مسلم، فلم يجداه في منزله، فأتيا المسجد، فوجداه يركع، فانتظراه، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مئة ركعة (1).
الوليد بن مسلم: أنبأنا عثمان بن أبي العاتكة، أن أبا مسلم الخولاني سمع رجلا يقول: سبق اليوم (2) [ فلان ] فقال: أنا السابق، قالوا: وكيف يا أبا مسلم ؟ قال: أدلجت من داريا، فكنت أول من دخل مسجدكم.
قال أبو بكر بن أبي مريم: عن عطية بن قيس، قال: دخل ناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غاز في أرض الروم، وقد احتفر جورة في فسطاطه (3)، وجعل فيها نطعا وأفرغ فيه الماء وهو يتصلق فيه (4)، فقالوا: ما حملك على الصيام وأنت مسافر ؟ قال: لو حضر قتال لافطرت، ولتهيأت له وتقويت، إن الخيل لا تجري الغايات (5) وهن بدن، إنما تجري وهن ضمر، ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل (6).
وقيل: كان يرفع صوته بالتكبير حتى مع الصبيان ويقول: اذكر الله حتى يرى الجاهل أنه مجنون (7).
__________
(1) زاد ابن عساكر في تاريخه 9 / 17 آ ما نصه: "..والآخر أربع مئة ركعة قبل أن ينصرف، فقالا له: يا أبا مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، فقال: إني لو عرفت مكانكما،
لا نصرفت إليكما أن تحفظا علي صلاتي، وأقسم لكما بالله، إن خير كثرة السجود ليوم القيامة ".
اه.
وانظر تاريخ الاسلام 3 / 104.
(2) ما بين الحاصرتين من تاريخ ابن عساكر.
(3) الفسطاط: البيت من الشعر.
(4) تصلق: تقلب وتلوى على جنبيه.
(5) الغايات: النهايات، وفي الحديث: " أنه صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية.
(6) في الحلية 2 / 127: " بين أيدينا أياما لها نعمل " وانظر تاريخ ابن عساكر 9 / 17 ب وتاريخ الاسلام 3 / 104.
(7) رواية ابن عساكر في التاريخ 9 / 17 ب: " اذكر الله حتى يرى الجاهل أنك مجنون ".
(*)

(4/10)


وروى محمد بن زياد الالهاني، عن أبي مسلم الخولاني، أنه كان إذا غزا أرض الروم، فمروا بنهر فقال: أجيزوا بسم الله، ويمر بين أيديهم، فيمرون بالنهر الغمر، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الركب، فإذا جازوا قال: هل ذهب لكم شئ ؟ [ فمن ذهب له شئ فأنا ضامن له ] فألقى بعضهم مخلاته [ عمدا ].
فلما جاوزوا قال [ الرجل ]: مخلاتي وقعت، قال: اتبعني فاتبعه، فإذا بها معلقة بعود في النهر، قال: خذها (1).
سليمان بن المغيرة: عن حميد الطويل، أن أبا مسلم أتى على دجلة وهي ترمي بالخشب من مدها فذهب (2) عليها، ثم حمدالله وأثنى عليه، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر، ثم لهز (3) دابته، فخاضت الماء، وتبعه الناس حتى قطعوها، ثم قال: هل فقدتم شيئا [ من متاعكم ] فأدعوا الله أن يرده [ علي ] (4) ؟ عنبسة بن عبد الواحد: عن عبدالملك بن عمير، قال: كان أبو مسلم
الخولاني إذا استسقى سقي (5).
وروى بقية عن محمد بن زياد: عن أبي مسلم، أن امرأة خببت عليه (6) امرأته، فدعا عليها، فعميت، فأتته فاعترفت وتابت، فقال: اللهم إن كانت صادقة، فاردد بصرها، فأبصرت (7).
__________
(1) تاريخ ابن عساكر 9 / 18 آ وما بين الحاصرتين منه.
(2) لفظ ابن عساكر: فوقف.
(3) لهز: ضرب بجمع كفه.
(4) تاريخ الاسلام 3 / 104 وما بين الحاصرتين منه.
(5) لفظ ابن عساكر: سقانا.
(6) يقال: خبب فلان على فلان صديقه، إذا أفسده عليه.
والخبر في الحلية 2 / 129 و 130.
وفي ابن عساكر 9 / 19 آ مطولا.
(7) ابن عساكر 9 / 19 آ وتاريخ الاسلام 3 / 105.
(*)

(4/11)


ضمرة بن ربيعة عن بلال بن كعب، أن الصبيان قالوا لابي مسلم الخولاني: ادع الله أن يحبس علينا هذا الظبي فنأخذه.
فدعا الله، فحبسه، فأخذوه (1).
وعن عطاء الخراساني، أن امرأة أبي مسلم قالت: ليس لنا دقيق.
فقال: هل عندك شئ ؟ قالت: درهم بعنا به غزلا.
قال: ابغينيه وهاتي الجراب، فدخل السوق، فأتاه سائل، وألح، فأعطاه الدرهم، وملا الجراب نشارة مع تراب، وأتى وقلبه مرعوب منها، وذهب، ففتحته، فإذا به دقيق حوارى (2).
فعجنت وخبزت، فلما جاء ليلا، وضعته، فقال: من أين هذا ؟ قالت: من الدقيق، فأكل وبكى (3).
أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، أن أبا مسلم استبطأ خبر جيش
كان بأرض الروم، فدخل طائر فوقع، فقال: أنا رتبابيل (4) مسلي الحزن، من صدور المؤمنين، فأخبره خبر الجيش فقال: ما جئت حتى استبطأتك ؟.
قال سعيد بن عبد العزيز، كان أبو مسلم يرتجز يوم صفين (5) ويقول: ما علتي ما علتي * وقد لبست درعتي أموت عند طاعتي (6).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) الدقيق الحوارى: الابيض.
(3) ابن عساكر 9 / 19 ب.
(4) كذا في الاصل، وعند ابن عساكر: اردياليل.
(5) صفين: موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس.
فيه كانت واقعة صفين بين علي رضي الله عنه ومعاوية سنة 37 ه في غرة صفر.
معجم البلدان 3 / 414.
وانظر أخبارها في تاريخ الاسلام 2 / 166 ولنصر بن مزاحم المنقري المتوفى 212 مؤلف مطبوع سماه " وقعة صفين ".
(6) ابن عساكر 9 / 21 آ وتاريخ الاسلام 3 / 105.
(*)

(4/12)


وقيل: إن أبا مسلم قام إلى معاوية، فوعظه، وقال: إياك أن تميل على قبيلة فيذهب حيفك بعدلك (1).
وروى أبو بكر بن أبي مريم: عن عطيه بن قيس، قال: دخل أبو مسلم على معاوية، فقام بين السماطين، فقال: السلام عليك أيها الاجير، فقالوا: مه.
قال: دعوه، فهو أعرف بما يقول، وعليك السلام يا أبا مسلم.
ثم وعظه، وحثه على العدل (2).
وقال شرحبيل بن مسلم: كان الولاة يتيمنون بأبي مسلم، ويؤمرونه على
المقدمات (3).
قال سعيد بن عبد العزيز: مات أبو مسلم بأرض الروم، وكان شتا مع بسر بن أبي أرطاة، فأدركه أجله، فعاده بسر، فقال [ له أبو مسلم ]: يابسر، اعقد لي على من مات في هذه الغزاة، فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم (4).
قال أحمد بن حنبل: حدثنا عن محمد بن شعيب عن بعض المشيخة قال: أقبلنا من أرض الروم فمررنا بالعمير على أربعة أميال من حمص في آخر الليل، فاطلع راهب من صومعة، فقال: هل تعرفون أبا مسلم الخولاني ؟ قلنا: نعم.
قال: إذا أتيتموه، فأقرؤوه السلام، فإنا نجده في الكتب رفيق عيسى ابن مريم، أما إنكم لا تجدونه حيا.
قال: فلما أشرفنا على الغوطة، بلغنا موته.
__________
(1) أورده ابن عساكر 9 / 21 ب مطولا.
(2) تاريخ ابن عساكر 9 / 22 آ.
(3) المصدر السابق 9 / 23 ب.
(4) المصدر السابق وما بين الحاصرتين منه.
(*)

(4/13)


قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر (1): يعني سمعوا ذلك، وكانت وفاته بأرض الروم.
وروى إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن سعيد بن هانئ قال، قال معاوية: إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني، وكريب بن سيف الانصاري.
إسناده صالح.
فعلى هذا يكون أبو مسلم مات قبل معاوية، إلا أن
يكون هذا هو معاوية بن يزيد (2).
وقد قال المفضل بن غسان الغلابي: إن علقمة وأبا مسلم ماتا في سنة اثنتين وستين (3).
فالله أعلم.
وبداريا قبر يزار، يقال: إنه قبر أبي مسلم الخولاني، وذلك محتمل.

3 - القاري * (ع) عبدالرحمن بن عبد القاري المدني.
يقال: له صحبة، وإنما ولد في أيام النبوة.
قال أبو داود: أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير.
قال الزبير بن بكار: عضل والقارة ابنا يثيع (4) بن الهون بن خزيمة بن مدركة.
__________
(1) في تاريخه 9 / 24 آ.
(2) هو معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، تأتي ترجمته في ص 139.
(3) ابن عساكر 9 / 24 آ.
* طبقات ابن سعد 5 / 57، طبقات خليفة ت 2016، تاريخ البخاري 5 / 318، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 261، الاستيعاب ت 1433، أسد الغابة 3 / 307، تهذيب الكمال ص 806، تاريخ الاسلام 3 / 186، العبر 1 / 92، الاصابة ت 6223، تهذيب التهذيب 6 / 223، خلاصة تذهيب الكمال 231، شذرات الذهب 1 / 88.
(4) يثيع: وزان يضرب، وفي الاصل يثيع، والتصويب من الجمهرة والقاموس.
(*)

(4/14)


قلت: روى عن عمر، وأبي طلحة، وأبي أيوب، وغيرهم.
وعنه السائب بن يزيد مع تقدمه، وعروة والاعرج، والزهري وطائفة، وابنه محمد، وثقه ابن معين.
وقال ابن سعد (1): توفي سنة ثمانين بالمدينة.
وله ثمان وسبعون سنة.

4 - عامر بن عبد قيس * القدوة الولي الزاهد أبو عبد الله، ويقال: أبو عمرو التميمي، العنبري، البصري.
روى عن عمر وسلمان.
وعنه: الحسن، ومحمد بن سيرين، وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم، وقلما روى.
قال العجلي: كان ثقة من عباد التابعين، رآه كعب الاحبار فقال: هذا راهب هذه الامة.
وقال أبو عبيد (2) في " القراءات ": كان عامر بن عبد الله الذي يعرف بابن عبد قيس يقرئ الناس.
حدثنا عباد: عن يونس، عن الحسن، أن عامرا كان يقول: من أقرئ ؟ فيأتيه ناس، فيقرئهم [ القرآن ] ثم يقوم فيصلي إلى الظهر، ثم يصلي
__________
(1) في الطبقات 5 / 57.
* طبقات ابن سعد 7 / 103، طبقات خليفة ت 1543، الزهد لاحمد بن حنبل 218، المعرفة والتاريخ 2 / 69، تاريخ البخاري 6 / 445، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 325، البدء والتاريخ 1 / 76، المعارف 438، الحلية 2 / 87، تاريخ ابن عساكر جزء عاصم عايذ 323، أسد الغابة 3 / 88، تاريخ الاسلام 3 / 25، طبقات القراء للجزري ت 1502، الاصابة ت 6284، خلاصة تذهيب الكمال 185، رغبة الآمل للمرصفي 2 / 37.
(2) هو القاسم بن سلام المتوفى 224 ه.
(*)

(4/15)


إلى العصر، ثم يقرئ الناس إلى المغرب، ثم يصلي ما بين العشاءين ثم ينصرف إلى منزله، فيأكل رغيفا، وينام نومة خفيفة، ثم يقوم لصلاته، ثم
يتسحر رغيفا ويخرج (1).
قال بلال بن سعد: وشي بعامر بن عبد قيس إلى زياد، فقالوا: هاهنا رجل قيل له: ما إبراهيم عليه السلام خيرا منك فسكت، وقد ترك النساء.
فكتب فيه إلى عثمان، فكتب إليه: انفه إلى الشام على قتب (2).
فلما جاءه الكتاب، أرسل إلى عامر، فقال: أنت قيل لك: ما إبراهيم خيرا منك فسكت ؟ ! قال: أما والله، ما سكوتي إلا تعجب، ولوددت أني غبار قدميه.
قال: وتركت النساء ؟ قال: والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنه يجئ الولد وتشعب (3) في الدنيا، فأحببت التخلي.
فأجلاه على قتب إلى الشام، فأنزله معاوية معه في الخضراء (4) وبعث إليه بجارية، وأمرها أن تعلمه ما حاله.
فكان يخرج من السحر، فلا تراه إلا بعد العتمة فيبعث معاوية إليه بطعام، فلا يعرض له، ويجئ معه بكسر، فيبلها ويأكل، ثم يقوم إلى أن يسمع النداء فيخرج، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر حاله.
فكتب: اجعله أول داخل وآخر خارج، ومر له بعشرة من الرقيق، وعشرة من الظهر، فأحضره وأخبره.
فقال: إن علي شيطانا قد غلبني، فكيف أجمع علي عشرة.
وكانت له بغلة (5).
__________
(1) تاريخ الاسلام 3 / 26 وما بين الحاصرتين منه.
(2) القتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير.
(3) يقال: شعب الرجل أمره: إذا شتته وفرقه.
(4) الخضراء: هي دار الامارة بدمشق، بناها معاوية بالطوب ثم نقضها وبناها بالحجارة.
وموقعها حذاء سوق الصفارين (سوق القباقبية اليوم) من الجنوب، قبلي الجامع الاموي، ويقال: إنه كان لها باب يفضي إلى المسجد مما يلي المقصورة.
انظر أخبارها في تاريخ ابن عساكر المجلدة الثانية 250.
(5) أورده ابن عساكر (جزء عاصم عايذ) 332 مطولا.
(*)

(4/16)


فروى بلال بن سعد، عمن رآه بأرض الروم عليها، يركبها عقبة، ويحمل المهاجرين عقبة (1) قال بلال: كان إذا فصل غازيا يتوسم من يرافقه، فإذا رأى رفقة تعجبه، اشترط عليهم أن يخدمهم، وأن يؤذن، وأن ينفق عليهم طاقته، رواه ابن المبارك بطوله في " الزهد " له (2).
همام: عن قتادة، قال: كان عامر بن عبد قيس يسأل ربه أن ينزع شهوة النساء من قلبه، فكان لا يبالي أذكرا لقي أم أنثى.
وسأل ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة فلم يقدر عليه.
وقيل: إن ذلك ذهب عنه (3).
وعن أبي الحسين المجاشعي، قال: قيل لعامر بن عبد قيس: أتحدث نفسك في الصلاة ؟ قال: أحدثها بالوقوف بين يدي الله، ومنصرفي.
وعن كعب، أنه رأى بالشام عامر بن عبد قيس، فقال: هذا راهب هذه الامة.
قال أبوعمران الجوني: قيل لعامر بن عبد قيس: إنك تبيت خارجا، أما تخاف الاسد ! ؟ قال: إني لاستحيي من ربي أن أخاف شيئا دونه.
وروى همام عن قتادة مثله (4).
حماد: عن أيوب، عن أبي قلابة، لقي رجل عامر بن عبد قيس، فقال: ما هذا ؟ ألم يقل الله: (وجعلنا لهم أزواجا وذرية) [ الرعد: 38 ] ؟ قال: أفلم يقل الله تعالى: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) [ الذاريات: 56 ] (5).
__________
(1) عقبة: أي نوبة.
(2) وهو في ابن عساكر 332 و 333 (جزء عاصم عايذ).
(3) تاريخ ابن عساكر 345 (جزء عاصم عايذ).
(4) تاريخ ابن عساكر 347 (جزء عاصم عايذ).
(5) تاريخ ابن عساكر ص 361 وتاريخ الاسلام 3 / 27.
(*)

(4/17)


وقيل: كان عامر لا يزال يصلي من طلوع الشمس إلى العصر، فينصرف وقد انتفخت ساقاه فيقول: يا أمارة بالسوء، إنما خلقت للعبادة (1).
وهبط واديا به عابد حبشي، فانفرد يصلي في ناحية، والحبشي في ناحية، أربعين يوما لا يجتمعان إلا في فريضة (2).
محمد بن واسع: عن يزيد بن الشخير، أن عامرا كان يأخذ عطاءه، فيجعله في طرف ثوبه، فلا يلقى مسكينا إلا أعطاه، فإذا دخل بيته، رمى به إليهم، فيعدونها فيجدونها كما أعطيها (3).
جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران، أن عامر بن عبد قيس، بعث إليه أمير البصرة: مالك لا تزوج النساء ؟ قال: ما تركتهن وإني لدائب في الخطبة.
قال: ومالك لا تأكل الجبن (4) ؟ قال: إنا بأرض فيها مجوس، فما شهد مسلمان أن ليس فيه ميتة أكلته (5).
قال: وما يمنعك أن تأتي الامراء ؟ قال: إن لدى أبوابكم طلاب الحاجات، فادعوهم واقضوا حاجاتهم، ودعوا من لا حاجة له إليكم (6).
قال مالك بن دينار: حدثني فلان، أن عامرا مر في الرحبة، وإذا رجل يظلم، فألقى رداءه وقال: لا أرى ذمة الله تخفر وأنا حي، فاستنقذه (7).
ويروى أن سبب إبعاده إلى الشام، كونه أنكر وخلص هذا الذمي.
__________
(1) تاريخ ابن عساكر ص 340 وتاريخ الاسلام 3 / 27.
(2) تاريخ الاسلام 3 / 27.
(3) ابن عساكر ص 356.
(4) في الاصل: الخبز، وهو تصحيف، والتصويب من تاريخ الاسلام 3 / 27 وتاريخ ابن عساكر، وفي كتاب الزهد لاحمد: السمن وكلاهما صحيح.
(5) في الاصل " فأكلته " والصواب ما أثبتناه من تاريخ الاسلام وابن عساكر.
(6) تاريخ ابن عساكر ص 334 وتاريخ الاسلام 3 / 27.
(7) تاريخ الاسلام 3 / 27 و 28 والحلية 2 / 91.
(*)

(4/18)


قال جعفر بن سليمان: حدثنا الجريري قال: لما سير عامر بن عبد الله الذي يقال له: ابن عبد قيس، شيعه إخوانه، وكان بظهر المربد، فقال: إني داع فأمنوا: اللهم من وشى بي، وكذب علي وأخرجني من مصري، وفرق بيني وبين إخواني، فأكثر ماله، وأصح جسمه وأطل عمره (1).
قال الحسن البصري: بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام، فقال: الحمد لله الذي حشرني راكبا.
قال قتادة: لما احتضر عامر بكى، فقيل: ما يبكيك ؟ قال: ما أبكي جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام الليل (2).
وروى عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، أن قبر عامر بن عبد قيس ببيت المقدس.
وقيل: توفي في زمن معاوية.

5 - أويس القرني * هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه.
أبو عمرو، أويس بن عامر ابن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني.
__________
(1) الحلية 2 / 91 وتاريخ ابن عساكر ص 339 وتاريخ الاسلام 3 / 28.
(2) في ابن عساكر ص 368 و 369 بلفظ مخالف وطرق مختلفة وانظر تاريخ الاسلام 3 / 28.
* طبقات ابن سعد 6 / 161، طبقات خليفة ت 1044، تاريخ البخاري 2 / 55، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 326، الحلية 2 / 79، أسد الغابة 1 / 151، تاريخ ابن عساكر 3 / 97 آ، وأخباره مستوعبة فيه، الاصابة ت 500، تهذيب التهذيب 1 / 386، لسان الميزان 1 / 471، شرح المقامات الحريرية 2 / 217، تاريخ الاسلام 2 / 173، مسالك الابصار 1 / 122، خلاصة تذهيب الكمال 41، تاج العروس مادة (أوس)، تهذيب ابن عساكر 3 / 157.
(*)

(4/19)


وقرن بطن من مراد، وفد على عمر وروى قليلا عنه، وعن علي.
روى عنه يسير بن عمرو، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد رب الدمشقي وغيرهم، حكايات يسيرة، ما روى شيئا مسندا ولا تهيأ أن يحكم عليه بلين، وقد كان من أولياء الله المتقين ومن عباده المخلصين.
عفان (م): حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري، عن أبي نضرة عن أسير بن جابر، قال: لما أقبل أهل اليمن، جعل عمر رضي الله عنه يستقرئ الرفاق فيقول: هل فيكم أحد من قرن، فوقع زمام عمر أو زمام أويس فناوله - أو ناول أحدهما الآخر - فعرفه، فقال عمر: ما اسمك ؟ قال: أنا أويس.
قال: هل لك والدة ؟.
قال: نعم.
قال: فهل كان بك من البياض شئ ؟ قال: نعم، فدعوت الله فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لاذكر به ربي.
قال له عمر: استغفر لي.
قال: أنت أحق أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة وكان به بياض، فدعا الله، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته " فاستغفر له، ثم دخل في غمار الناس فلم ندر أين وقع
قال: فقدم الكوفة.
قال: فكنا نجتمع في حلقة، فنذكر الله، فيجلس معنا.
فكان إذا ذكر هو، وقع في قلوبنا، لا يقع حيث غيره.
فذكر الحديث.
هكذا اختصره (1).
(م): حدثنا ابن مثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى عن أسير بن جابر، قال: كان عمر بن الخطاب، إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر ؟ حتى أتى على
__________
(1) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة برقم (2542) مع خلاف في اللفظ والسياق، وأورده المؤلف في تاريخ الاسلام 1 / 230، 231 و 2 / 173، بروايات مختلفة ولفظ مخالف، وأقرب الروايات للنص عند الامام أحمد في مسنده 1 / 38.
(*)

(4/20)


أويس فقال: أنت أويس بن عامر ؟ قال: نعم.
قال: من مراد ثم من قرن ؟ قال: نعم.
[ قال: فكان بك برص، فبرأت منه إلا موضع درهم ؟ قال: نعم ] قال: ألك والدة ؟ قال: نعم.
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة، هو بها بر، لو أقسم على الله لابره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فاستغفر لي.
قال: فاستغفر له.
فقال له عمر: أين تريد ؟ قال: الكوفة.
قال: ألا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال: أكون في غبرات (1) الناس أحب إلي، قال: فلما كان من العام المقبل، حج رجل من أشرافهم، فوافق عمر، فسأله عن أويس، فقال: تركته رث الهيئة (2)، قليل المتاع.
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لابره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فأتى
أويسا " فقال: استغفر لي.
قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح، فاستغفر لي.
قال: استغفر لي.
قال: لقيت عمر ؟ قال: نعم.
قال: فاستغفر له، قال: ففطن له الناس، فانطلق على وجهه، قال أسير: وكسوته بردة.
وكان كل من رآه قال (3) من أين لاويس هذه البردة ؟..(4).
(م): حدثنا محمد بن مثنى، حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن
__________
1) غبرات مفردها غبر، قال أبو عبيدة: الغبرات: البقايا، والمعنى: أراد أن يبقى مع البقايا المتأخرين لا المتقدمين المشهورين.
ولفظ مسلم غبراء " ومعناه قريب منه.
(2) لفظ مسلم: " رث البيت ".
(3) لفظ مسلم: " فكان كلما رآه إنسان قال ".
(4) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رقم (2542) وما بين الحاصرتين منه.
(*)

(4/21)


الجريري، عن أبي نضرة، عن أسير، عن عمر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم " (1).
قال ابن المديني: هذا حديث بصري.
قلت: تفرد به أسير بن جابر.
ويقال: يسير بن عمرو أبو الخباز بصري روى عنه ابنه قيس، وأبو إسحاق الشيباني، وابن سيرين، وأبو عمران الجوني.
قال ابن المديني: أسير بن جابر من أصحاب ابن مسعود.
سمعت سفيان يقول: قدم أسير البصرة، فجعل يحدثهم، فقالوا: هذا هكذا.
فكيف النهر الذي شرب منه - يعنون ابن مسعود - قال علي: وأهل.
البصرة يقولون: أسير بن جابر، وأهل الكوفة يقولون: ابن عمرو.
ويقال: يسير (2) وقال العوام بن حوشب: ولد في مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، ومات سنة خمس
وثمانين.
أبو النضر (م): حدثنا سليمان بن المغيرة [ عن ] (3) أبي نضرة، عن أسير ابن جابر، عن عمر، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " خير التابعين رجل يقال له: أويس، وكان به بياض، فدعا الله، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته.
لا يدع باليمن غير أم له، فمن لقيه منكم فمروه، فليستغفر لكم ".
قال عمر: فقدم علينا رجل فقلت له: من أين أنت ؟ قال: من اليمن.
قلت: ما اسمك ؟ قال: أويس، قلت: فمن تركت باليمن ؟ قال: أما لي.
قلت: أكان بك بياض، فدعوت الله فأذهبه عنك ؟ قال: نعم.
قلت: فاستغفر لي.
قال: أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين ؟ ! قال:
__________
(1) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رقم (2542).
(2) انظر الخلاف حول اسمه في تهذيب التهذيب 11 / 378.
(3) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل.
(*)

(4/22)


فاستغفر لي وقلت له: أنت أخي لا تفارقني.
قال: فانملس مني (1).
فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة.
قال فجعل رجل كان يسخر بأويس بالكوفة ويحقره، يقول: ما هذا منا ولا نعرفه.
قال عمر: بلى إنه رجل كذا وكذا فقال - كأنه يضع شأنه: فينا رجل يا أمير المؤمنين يقال له أويس.
فقال عمر: أدرك فلا أراك تدركه قال: فأقبل ذلك الرجل حتى دخل على أويس، قبل أن يأتي أهله، فقال له أويس: ما هذه عادتك، فما بدا لك ؟ قال: سمعت عمر يقول فيك كذا وكذا، فاستغفر لي، قال: لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد، وأن لا تذكر ما سمعته من عمر لاحد.
قال: نعم، فاستغفر له.
قال أسير: فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة.
قال: فدخلت عليه فقلت: يا أخي ! ألا
أراك العجب ونحن لا نشعر ؟ فقال: ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس، وما يجزى كل عبد إلا بعمله.
قال: وانملس مني فذهب (2).
وبالاسناد إلى أسير بن جابر، قال: كان بالكوفة رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم به ففقدته، فسألت عنه، فقالوا: ذاك أويس.
فاستدللت عليه وأتيته فقلت: ما حبسك عنا ؟ قال: العري - قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه، قلت: هذا برد، فخذه.
قال: لا تفعل، فإنهم إذا يؤذونني.
فلم أزل به حتى لبسه.
فخرج عليهم، فقالوا: من ترون خدع عن هذا البرد ؟ قال: فجاء، فوضعه.
فأتيت فقلت: ما تريدون من هذا الرجل، فقد آذيتموه، الرجل يعرى مرة، ويكتسي أخرى، وآخذتهم بلساني (3)
__________
(1) انملس: أفلت.
(2) لم يرد الحديث عند مسلم بهذا السياق أو اللفظ، ولكنه يقاربه.
(3) لفظ ابن سعد في الطبقات 6 / 162 وابن عساكر في تاريخه 3 / 99 ب: " فأخذتهم بلساني أخذا شديدا ".
(*)

(4/23)


فقضي أن أهل الكوفة وفدوا على عمر، فوفد رجل ممن كان يسخر به، فقال عمر: ما ها هنا (1) رجل من القرنيين ؟ فقام ذلك الرجل، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن رجلا يأتيكم من اليمن، يقال له أويس، لا يدع باليمن غير أم له، قد كان به بياض، فدعا الله، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم، فمن لقيه [ منكم فمروه ] (2) فليستغفر لكم " قال عمر: فقدم علينا ها هنا.
فقلت: ما أنت ؟ قال: أنا أويس.
قلت: من تركت باليمن ؟ قال: أما لي، قلت: هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟ قال: نعم.
قلت: استغفر لي.
قال: يا أمير المؤمنين يستغفر مثلي لمثلك ؟ ! قلت: أنت أخي لا تفارقني.
فانملس
منى، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة.
قال: وجعل الرجل يحقره عما يقول فيه عمر.
فجعل يقول: ماذا فينا، ولا نعرف هذا (3).
قال عمر: بلى، إنه رجل كذا، فجعل يضع (4) من أمره فقال: ذاك رجل عندنا نسخر به، فقال له: أويس ؟ قال: هو هو، أدرك ولا أراك تدرك.
فأقبل الرجل حتى دخل عليه من قبل أن يأتي أهله، فقال أويس: ما كانت هذه عادتك، فما بدا لك ؟ أنشدك الله، قال: لقيت عمر فقال كذا وقال كذا، فاستغفر لي، قال: لا أستغفر لك حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي، ولا تذكر ما سمعت من عمر إلى أحد، قال: لك ذاك، قال: فاستغفر له.
قال أسير: فما لبث أن فشا حديثه بالكوفة، فأتيته فقلت: يا أخي، ألا أراك أنت العجب وكنا لا نشعر، قال: ما كان في هذا ما أتبلغ به إلى الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله.
فلما فشا الحديث هرب فذهب (5).
__________
(1) في طبقات ابن سعد: " هل ها هنا ".
2) ما بين الحاصرتين من طبقات ابن سعد.
3) لفظ ابن سعد في الطبقات: " ما هذا فينا يا أمير المؤمنين وما نعرفه ".
4) في نسخة للمؤلف: " يصف ".
5) الخبر في طبقات ابن سعد 6 / 161 وما بعدها والحلية 2 / 79، 80 وتاريخ الاسلام 2 / 173.
(*)

(4/24)


ورواه أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة، وفي لفظ " أو يستغفر لمثلك " وروى نحوا من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، وزاد فيها: ثم إنه غزا أذربيجان فمات، فتنافس أصحابه في حفر قبره (1).
أخبرنا أبو الفضل، أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا أبو سعد الكنجروذي، أنبأنا أبو عمرو الحيري، حدثنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا مبارك بن فضالة،
حدثني أبو الأصفر، عن صعصعة بن معاوية قال: كان أويس بن عامر رجلا من قرن، وكان من أهل الكوفة، وكان من التابعين، فخرج به وضح، فدعا الله أن يذهبه عنه، فأذهبه الله، قال: دع في جسدي منه ما أذكر به نعمك علي.
فترك له ما يذكر به نعمه عليه.
وكان رجل يلزم المسجد في ناس من أصحابه، وكان ابن عم له يلزم السلطان، يولع به، فإن رآه مع قوم أغنياء، قال: ما هو إلا يستأكلهم، وإن رآه مع قوم فقراء، قال: ما هو إلا يخدعهم، وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيرا، غير أنه إذا مربه، استتر منه مخافة أن يأثم في سببه، وكان عمر يسأل الوفود إذا هم قدموا عليه من الكوفة: هل تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون: لا.
فقدم وفد من أهل الكوفة، فيهم ابن عمه ذاك، فقال: هل تعرفون أويسا ؟ قال ابن عمه: يا أمير المؤمنين، هو ابن عمي، وهو رجل نذل فاسد لم يبلغ ما أن تعرفه أنت.
قال: ويلك هلكت، ويلك هلكت، إذا قدمت فأقره مني السلام ومره فليفد إلي فقدم الكوفة، فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد، فرأى أويسا فلم به فقال: استغفر لي يا ابن عمي.
قال: غفر الله لك يا ابن عم.
قال: وأنت فغفر الله لك يا أويس، أمير المؤمنين يقرئك السلام، قال:
__________
(1) هناك أخبار مختلفة حول موته والمكان الذي دفن فيه ذكرها أبو نعيم في الحلية 2 / 83 وابن عساكر في تاريخه 3 / 110 آوما بعدها (*)

(4/25)


ومن ذكرني لامير المؤمنين ؟ قال: هو ذكرك وأمرني أن أبلغك (1) أن تفد إليه.
قال: سمعا " وطاعة لامير المؤمنين.
فوفد عليه، فقال: أنت أويس بن عامر ؟ قال: نعم.
قال: أنت الذي خرج بك وضح فدعوت الله أن يذهبه عنك فأذهبه، فقلت: اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك علي، فترك لك في جسدك ما تذكر به نعمه عليك ؟ قال: وما أدراك يا أمير المؤمنين ؟ فوالله ما
اطلع على هذا بشر.
قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له: أويس بن عامر، يخرج به وضح، فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه فيقول: " اللهم دع لي في جسدي ما أذكر به نعمتك علي، فيدع له ما يذكر به نعمه عليه، فمن أدركه منكم، فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له " فاستغفر لي يا أويس.
قال: غفر الله لك يا أمير المؤمنين، قال: وأنت غفر الله لك يا أويس بن عامر، قال: فلما سمعوا عمر قال عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال رجل: استغفر لي يا أويس، وقال آخر: استغفر لي يا أويس، فلما كثروا عليه، انساب، فذهب فما رؤي حتى الساعة.
هذا حديث غريب تفرد به مبارك بن فضالة، عن أبي الاصفر، وأبو الاصفر ليس بمعروف (2) معلل بن نفيل: حدثنا محمد بن محصن، عن إبراهيم بن أبي عبلة عن سالم، عن أبيه، عن جده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عمر، إذا رأيت أويسا القرني، فقل له، فليستغفر لك فإنه يشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر، بين كتفيه علامة وضح مثل الدرهم ".
__________
(1) في الاصل: " نبلغك " وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من ابن عساكر وابن حبان.
(2) أورد الخبر ابن حبان بطوله في " المجروحين والضعفاء " 3 / 151 وقال عن أبي الاصفر هذا: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
وأورده ابن عساكر في تاريخه 3 / 100 ب.
(*)

(4/26)


أخرجه الاسماعيلي في مسند عمر.
محمد بن محصن، هو العكاشي تالف (1).
أنبئت عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال: فمن الطبقة الاولى من التابعين سيد العباد، وعلم الاصفياء من
الزهاد، أويس بن عامر القرني، بشرا لنبي صلى الله عليه وسلم به وأوصى به، إلى أن قال في الترجمة: ورواه الضحاك بن مزاحم، عن أبي هريرة بزيادة ألفاظ لم يتابع عليها.
وما رواه أحد سوى مخلد بن يزيد، عن نوفل بن عبد الله عنه.
ومن ألفاظه: فقالوا يا رسول الله، وما أويس ؟ قال: " أشهل، ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الادمة، ضارب بذقنه على صدره، رام ببصره إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن، يبكي على نفسه، ذوطمرين، لا يؤبه له، يتزر بإزار صوف، ورداء صوف، مجهول في أهل الارض، معروف في السماء، لو أقسم على الله لابره، ألا وإن تحت منكبه الايسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة، ويقال لاويس: قف فاشفع، فيشفعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر.
يا عمرو يا علي إذا رأيتماه، فاطلبا إليه يستغفر لكما، يغفر الله لكما ".
فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه.
فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها [ عمر ]، قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس من مراد ؟ فقام شيخ كبير فقال: إنا لا ندري من أويس، ولكن ابن أخ لي [ يقال له أويس ] وهو أخمل ذكرا وأقل مالا وأهون [ أمرا من أن نرفعه إليك و ] إنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات
__________
(1) هو محمد بن إسحاق بن إبراهيم ينسب إلى جده محصن فيقال: محمد بن محصن قال عنه البخاري: منكر الحديث.
وقال ابن معين: كذاب.
وقال الدارقطني: يضع الحديث.
اه " الميزان " للمؤلف 3 / 476 و 4 / 25.
(*)

(4/27)


فذكر اجتماع عمر به وهو يرعى فسأله الاستغفار، وعرض عليه مالا
فأبى.
وهذا سياق منكر، لعله موضوع (1) أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أبو المكارم المعدل، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أو نعيم الحافظ، حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا خالد بن يزيد العمري، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن علقمة بن مرثد، قال: انتهى الزهد إلى ثمانية: عامر بن عبد الله [ بن عبد قيس ] وأويس القرني، وهرم بن حيان، والربيع بن خثيم، ومسروق بن الاجدع، والاسود بن يزيد، وأبي مسلم الخولاني، والحسن بن أبي الحسن (2) وروي عن هرم بن حيان، قال: قدمت الكوفة، فلم يكن لي هم إلا أويس أسأل عنه، فدفعت إليه بشاطئ الفرات، يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت، فإذا رجل آدم، محلوق الرأس، كث اللحية، مهيب المنظر، فسلمت عليه، ومددت إليه يدي لاصافحه، فأبى أن يصافحني، فخنقتني العبرة لما رأيت من حاله، فقلت: السلام عليك يا أويس، كيف أنت يا أخي، قال: وأنت فحياك الله يا هرم، من دلك علي ؟ قلت: الله عزو جل، قال: (سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) [ الاسراء: 108 ] قلت: يرحمك الله، من أين عرفت اسمي، واسم أبي، فوالله ما رأيتك قط، ولا رأيتني ؟ قال: عرفت روحي روحك، حيث كلمت نفسي نفسك، لان الارواح لها أنس كأنس الاجساد (3)، وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله، وإن نأت
__________
(1) الحلية 2 / 81 وما بين الحاصرتين منه.
(2) الحلية 2 / 87 وما بين الحاصرتين منه.
(3) لفظ أبي نعيم في الحلية: أنفس كأنفس الاجساد.
(*)

(4/28)


بهم الدار، وتفرقت بهم المنازل، قلت: حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث أحفظه عنك.
فبكى، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إني لم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله قد رأيت من رآه، عمر وغيره، ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي، لا أحب أن أكون قاصا (1) أو مفتيا.
ثم سأله هرم أن يتلو عليه شيئا من القرآن.
فتلا عليه قوله تعالى: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون، إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم) [ الدخان: 40 - 42 ].
ثم قال: يا هرم بن حيان، مات أبوك ويوشك أن تموت، فإما إلى جنة وإما إلى نار.
ومات آدم وماتت حواء، ومات إبراهيم وموسى ومحمد عليهم السلام، ومات أبو بكر خليفة المسلمين، ومات أخي وصديقي، وصفيي عمر، واعمراه، واعمراه، قال: وذلك في آخر خلافة عمر.
قلت: يرحمك الله، إن عمر لم يمت.
قال: بلى، إن ربي قد نعاه لي، وقد علمت ما قلت، وأنا وأنت غدا في الموتى، ثم دعا بدعوات خفية (2) وذكر القصة، أوردها أبو نعيم في " الحلية " (3)، ولم تصح، وفيها ما ينكر.
عن أصبغ بن زيد، قال: إنما منع أويسا أن يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم بره بأمه (4).
عبدالرحمن بن مهدي: حدثنا عبد الله بن الاشعث بن سوار، عن محارب بن دثار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن من أمتي من لايستطيع أن يأتي
__________
(1) لفظ أبي نعيم في الحلية: قاضيا.
(2) لفظ أبي نعيم في الحلية: خفاف.
(3) 2 / 84 وما بعدها.
(4) الحلية 2 / 87.
(*)

(4/29)


مسجده أو مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل الناس، منهم أويس القرني وفرات بن حيان " (1).
عبد الله بن أحمد: حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، قال: إن كان أويس القرني ليتصدق بثيابه، حتى يجلس عريانا لا يجد ما يروح فيه إلى الجمعة (2).
أبو زرعة الرازي: حدثنا سعيد بن أسد، حدثنا ضمرة عن أصبغ بن زيد، قال: كان أويس إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع، فيركع حتى يصبح، وكان إذا أمسى يقول: هذه ليلة السجود، فيسجد حتى يصبح.
وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب (3).
ثم قال: اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به، ومن مات عريافلا تؤاخذني به (4).
أبو نعيم: حدثنا مخلد بن جعفر، حدثنا ابن جرير، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا زافر بن سليمان، عن شريك عن جابر، عن الشعبي، قال: مر رجل من مراد على أويس القرني فقال: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت أحمد الله عزو جل.
قال: كيف الزمان عليك ؟ قال: كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي، وإن أمسى ظن أنه لا يصبح، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار.
يا أخا مراد، إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحا، وإن علمه بحقوق الله لم يترك له في ماله فضة ولا ذهبا، وإن قيامه لله بالحق لم يترك له صديقا (5)
__________
1) أخرجه أبو نعيم في الحلية 2 / 84، وعبد الله بن الاشعث بن سوار لايعرف، ومحارب ابن دثار تابعي فالحديث منقطع.
2) الحلية 2 / 84.
3) لفظ أبي نعيم في الحلية: الثياب بدل الشراب.
4) الحلية 2 / 87.
5) الحلية 2 / 83.
(*)

(4/30)


شريك عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني ؟ قلنا: نعم، وما تريد منه ؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أويس القرني خير التابعين بإحسان " (1) وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضي الله عنه (2).
رواه عبد الله بن أحمد عن علي بن حكيم الاودي، أنبأنا شريك.
وزاد بعض الثقات فيه عن يزيد، عن ابن أبي ليلى، قال: فوجد في قتلى صفين.
أنبأنا وخبرنا عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن يحيى، حدثني أحمد بن معاوية بن الهذيل، حدثنا محمد بن أبان العنبري، حدثنا عمرو - شيخ كوفي - عن أبي سنان، سمعت حميد بن صالح، سمعت أويسا القرني يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " احفظوني في أصحابي، فإن من أشراط الساعة، أن يلعن آخر هذه الامة أولها، وعند ذلك يقع المقت على الارض وأهلها، فمن أدرك ذلك، فليضع سيفه على عاتقه، ثم ليلق ربه تعالى شهيدا، فمن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه " (3).
هذا حديث منكر جدا، وإسناده مظلم، وأحمد بن معاوية تالف.
ويروى عن علقمة بن مرثد عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر " (4).
__________
1) إسناده ضعيف، لضعف شريك ويزيد بن أبي زياد، وهو في المستدرك 3 / 402.
2) الحلية 2 / 86.
3) الحلية 2 / 87، وهو خبر باطل كما قال المصنف رحمه الله.
4) لم نقف عليه وانظر ما يأتي قريبا، ففيه حديث صحيح بنحوه إلا أن الرجل الذي يشفع مبهم.
(*)

(4/31)


فضيل بن عياض: حدثنا أبو قرة السدوسي (1)، عن سعيد بن المسيب، قال: نادى عمر بمنى على المنبر: يا أهل قرن، فقام مشايخ.
فقال: أفيكم من اسمه أويس ؟ فقال شيخ: يا أمير المؤمنين، ذاك مجنون يسكن القفار، لا يألف ولا يؤلف.
قال: ذاك الذي أعنيه، فإذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي وسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال، فقال: عرفني أمير المؤمنين وشهر باسمي.
اللهم صلى على محمد وعلى آله، السلام على رسول الله.
ثم هام على وجهه، فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا، ثم عاد في أيام علي رضي الله عنه، فاستشهد معه بصفين، فنظروا، فإذا عليه نيف وأربعون جراحة (2).
وروى هشام بن حسان، عن الحسن، قال: يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر.
وروى خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يدخل [ الجنة ] (3) بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم " (4).
قال أبو أحمد بن عدي في " الكامل ": أويس ثقة صدوق، ومالك
__________
1) لم نقف له على ترجمة، وكذا ضبط في الاصل، ولعله أبو قرة الاسدي الذي يروي عن سعيد بن المسيب.
2) تاريخ الاسلام، 2 / 174 و 175.
3) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل.
4) أخرجه الترمذي (2440) في صفة القيامة والدارمي 2 / 328 وابن ماجه 4316 وأحمد 3 / 469، 470، من حديث عبد الله بن جدعاء، وسنده قوي، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 366 من حديث خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر مجمع الزوائد 10 / 381 و 382.
(*)

(4/32)


ينكر أويسا، ثم قال: ولا يجوز أن يشك فيه.
أخبار أويس مستوعبة في تاريخ الحافظ أبي القاسم ابن عساكر (1).
الحاكم في " مستدركه " (2): من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، عن حبان بن علي، عن سعد بن ظريف عن أصبغ بن نباتة: شهدت عليا يوم صفين يقول: من يبايعني على الموت ؟ فبايعه تسعة وتسعون، فقال: أين التمام ؟ فجاء رجل على أطمار صوف، محلوق الرأس، فبايع، فقيل: هذا أويس القرني فما زال يحارب بين يديه حتى قتل.
سنده ضعيف.
أبو الأحوص سلام بن سليم: حدثني فلان، قال: جاء رجل من مراد فقال له أويس: يا أخا مراد، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحا، وإن عرفان المؤمن بحق الله، لم يبق له فضة ولا ذهبا، ولم يبق له صديقا.
وعن عطاء الخراساني ؟ قال: قيل لاويس: أما حججت ؟ فسكت، فأعطوه نفقة وراحلة، فحج.
أبو بكر الاعين: حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا: " يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وتميم " قيل: من هو يا رسول الله ؟ قال: " أويس القرني " هذا حديث منكر تفرد به الاعين (3) وهو ثقة.
__________
1) 3 / 97 آ.
2) 3 / 402 و 403.
3) هو محمد بن أبي عتاب البغدادي، نقل عبد الخالق بن منصور عن ابن معين قوله: ليس هو من أصحاب الحديث.
قال الخطيب: يعني لم يكن بالحافظ للطرق والعلل، وأما الصدق والضبط فلم يكن مدفوعا عنه، وعلة الحديث شيخ الاعين أبو صالح واسمه عبد الله بن صالح وهو ضعيف لكثرة غلطه.
(*)

(4/33)


6 - الاشتر * ملك العرب، مالك بن الحارث النخعي، أحد الاشراف والابطال المذكورين.
حدث عن عمر، وخالد بن الوليد، وفقئت عينه يوم اليرموك.
وكان شهما مطاعا زعرا (1)، ألب على عثمان وقاتله، وكان ذا فصاحة وبلاغة.
شهد صفين (2) مع علي، وتميز يومئذ، وكاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه أصحاب علي لما رأوا مصاحف جند الشام على الاسنة يدعون إلى كتاب الله.
وما أمكنه مخالفة علي، فكف (3) قال عبد الله بن سلمة المرادي: نظر عمر إلى الاشتر، فصعد فيه النظر وصوبه ثم قال: إن للمسلمين من هذا يوما عصيبا.
ولما رجع علي من موقعة صفين، جهز الاشتر واليا على ديار مصر، فمات في الطريق مسموما، فقيل: إن عبدا لعثمان عارضه، فسم له عسلا.
وقد كان علي يتبرم به، لانه كان صعب المراس، فلما بلغه نعيه قال: إنا لله، مالك، وما مالك ! وهل موجود مثل ذلك ؟ لو كان حديدا، لكان قيدا، ولو كان حجرا، لكان صلدا، على مثله فلتبك البواكي (4)
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 213، طبقات خليفة ت 1057، المحبر 234، تاريخ البخاري 7 / 311، والجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 207، الولاة والقضاة 23، المؤتلف والمختلف 28، معجم الشعراء للمرزباني 262، سمط اللآلي 277، شرح الحماسة للتبريزي 1 / 75، تاريخ ابن عساكر 16 / 87 ا، تهذيب الكمال ص 1299، العبر 1 / 45، الاصابة ت 8341، تهذيب التهذيب 10 / 11، النجوم الزاهرة 1 / 102، وما بعدها، خلاصة تذهيب الكمال 366، دائرة المعارف الاسلامية 2 / 210.
1) زعر فلان: ساء خلقه فهو زعر.
والزعارة: الشراسة وسوء الخلق.
2) انظر ص 12 تعليق 5 3) انظر تاريخ الطبري 5 / 48 وما بعدها.
4) ولاة مصر وقضاتها 24 وابن عساكر 16 / 191 آ.
(*)

(4/34)


وقال بعضهم: قال علي: " للمنخرين والفم " (1).
وسر بهلاكه عمرو بن العاص، وقال: إن لله جنودا من عسل.
وقيل: إن ابن الزبير بارز الاشتر، وطالت المحاولة بينهما حتى إن ابن الزبير قال: اقتلوني ومالكا * واقتلوا مالكا معي (2)

7 - ابنه * إبراهيم بن الاشتر النخعي، أحد الابطال والاشراف كأبيه، وكان شيعيا فاضلا، وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد بن أبيه يوم وقعة الخازر (3).
ثم إنه كان من أمراء مصعب بن الزبير، وما علمت له رواية.
قتل مع مصعب في سنة اثنتين وسبعين (4).

8 - يزيد بن معاوية * * ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد، القرشي،
__________
1) من أمثالهم، ويروى: " لليدين وللفم " انظر جمهرة الامثال لابي هلال 2 / 91.
2) وذهب مثلا، يضرب لكل من أراد بصاحبه مكروها وإن ناله منه ضرر.
وفي رواية للطبري 4 / 520 أن قائله عبدالرحمن بن عتاب بن أسيد في وقعة الجمل.
انظر الفاخر للمفضل بن عاصم 160 ورواية الوفيات 7 / 195 والنجوم الزاهرة 1 / 105: اقتلاني ومالكا * واقتلا مالكا معي * تاريخ الاسلام 3 / 129، البداية والنهاية 8 / 323.
3) الخازر: نهر بين إربل والموصل، ثم بين الزاب الاعلى والموصل.
انظر معجم البلدان.
4) في رواية للطبري في تاريخه 6 / 158 أنه كان قتل إبراهيم سنة إحدى وسبعين مع مصعب في قتاله عبدالملك بن مروان.
* * المعارف 351، تاريخ اليعقوبي 2 / 215، مروج الذهب 2 / 567، جمهرة الانساب 103، تاريخ ابن عساكر 18 / 195 آ، الكامل في التاريخ 4 / 126، منهاج السنة 2 / 237، تاريخ الاسلام 3 / 91، العبر 1 / 69، البداية والنهاية 8 / 226، تهذيب التهذيب 11 / 360، لسان الميزان 6 / 293، القلائد الجوهرية 262، تاريخ الخميس 2 / 300، شذرات الذهب 1 / 71، رغبة الآمل 4 / 83 و 5 / 129.
(*)

(4/35)


الاموي، الدمشقي، قد ترجمه ابن عساكر، وهو في تاريخي الكبير (1).
له على هناته حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش.
وفيهم مثل أبي أيوب الانصاري.
عقد له أبوه بولاية العهد من بعده.
فتسلم الملك عند موت أبيه في رجب سنة ستين، وله ثلاث وثلاثون سنة.
فكانت دولته أقل من أربع سنين، ولم يمهله الله على فعله بأهل المدينة (2) لما خلعوه.
فقام بعده ولده نحوا من
أربعين يوما، ومات.
وهو أبو ليلى معاوية.
عاش عشرين سنة (3)، وكان خيرا من أبيه، وبويع ابن الزبير بالحجاز والعراق والمشرق.
ويزيد ممن لانسبه ولانحبه، وله نظراء من خلفاء الدولتين، وكذلك في ملوك النواحي، بل فيهم من هو شر منه (4)، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع وأربعين سنة، والعهد قريب، والصحابة موجودون، كابن عمر الذي كان أولى بالامر منه ومن أبيه وجده.
قيل: إن معاوية تزوج ميسون بنت بحدل الكلبية، فطلقها وهي حامل بيزيد، فرأت كأن قمرا خرج منها.
فقيل: تلدين خليفة.
وكان يزيد - لما هلك أبوه - بناحية حمص، فتلقوه إلى الثنية (5) وهو بين أخواله على بختي (6) ليس عليه عمامة ولا سيف.
وكان ضخما كثير
__________
(1) تاريخ الاسلام 3 / 91.
(2) في وقعة الحرة المشهورة، انظر جوامع السيرة ص 357، 358 لابن حزم.
(3) في " العبر " للمؤلف 1 / 69: عاش إحدى وعشرين سنة، وفي " الكامل " لابن الاثير 4 / 130: ومات وعمره إحدى وعشرون سنة وثمانية عشر يوما.
(4) في الاصل: (منهم) وهو تصحيف.
(5) هي ثنية العقاب بالضم: مشرفة على غوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق إلى حمص.
اه معجم البلدان.
(وتعرف اليوم بطلوع الثنايا).
(6) البختي: جمل طويل العنق.
(*)

(4/36)


الشعر، شديد الادمة، بوجهه أثر جدري.
فقال الناس: هذا الاعرابي الذي ولي أمر الامة ! فدخل على باب توما، وسار إلى باب الصغير، فنزل إلى قبر معاوية، فوقف عليه وصفنا خلفه وكبر أربعا، ثم أتي ببغلة، فأتى الخضراء (1)،
وأتى الناس لصلاة الظهر، فخرج وقد تغسل ولبس ثيابا نقية، فصلى وجلس على المنبر، وخطب وقال: إن أبي كان يغزيكم البحر، ولست حاملكم في البحر، وإنه كان يشتيكم بأرض الروم، فلست أشتي المسلمين في أرض العدو، وكان يخرج العطاء أثلاثا وإني أجمعه لكم.
فافترقوا يثنون عليه.
وعن عمرو بن قيس، سمع يزيد يقول على المنبر: إن الله لا يؤاخذ عامة بخاصة إلا أن يظهر منكر فلا يغير، فيؤاخذ الكل، وقيل: قام إليه ابن همام فقال: أجرك الله يا أمير المؤمنين على الرزية، وبارك لك في العطية، وأعانك على الرعية، فقد رزئت عظيما، وأعطيت جزيلا، فاصبر واشكر، فقد أصبحت ترعى الامة، والله يرعاك.
وعن زياد الحارثي قال: سقاني يزيد شرابا ما ذقت مثله، فقلت: يا أمير المؤمنين لم أسلسل مثل هذا.
قال: هذا رمان حلوان، بعسل أصبهان، بسكر الاهواز، بزبيب الطائف، بماء بردى.
وعن محمد بن أحمد بن مسمع قال: سكر يزيد، فقام يرقص، فسقط على رأسه فانشق وبدا دماغه.
قلت: كان قويا شجاعا، ذا رأي وحزم، وفطنة، وفصاحة وله شعر جيد وكان ناصبيا (2)، فظا، غليظا، جلفا.
يتناول المسكر، ويفعل المنكر.
__________
(1) انظر ص 16 تعليق (4).
(2) من " الناصبية " وهم المنافقون المتدينون ببغضة علي رضي الله عنه، سموا بذلك لانهم نصبوا له وعادوه.
(*)

(4/37)


افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس.
ولم يبارك في عمره.
وخرج عليه غير واحد بعد الحسين.
كأهل المدينة
قاموا (1) لله، وكمرداس بن أدية الحنظلي البصري (2)، ونافع بن الازرق (3)، وطواف بن معلى السدوسي (4)، وابن الزبير بمكة (5).
ابن عون: عن ابن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو، أنه ذكر أبا بكر [ الصديق ] فقال: أصبتم اسمه، ثم قال: عمر الفاروق قرن من حديد، أصبتم اسمه، ابن عفان ذو النورين، قتل مظلوما، معاوية وابنه ملكا الارض المقدسة، والسفاح، وسلام ومنصور وجابر، والمهدي، والامين، وأمير العصب (6) كلهم من بني كعب بن لؤي، كلهم صالح، لا يوجد مثله.
تابعه هشام بن حسان (7).
وروى يعلى بن عطاء، عن عمه، قال: كنت مع عبد الله بن عمرو حين بعثه يزيد إلى ابن الزبير، فسمعته يقول له: إني أجد في الكتب: إنك
__________
(1) انظر ص 36 تعليق (2).
(2) انظر خبر خروجه في: تاريخ الطبري 5 / 313 وتاريخ ابن الاثير 3 / 518 وتاريخ الاسلام 2 / 359.
(3) انظر خبر خروجه الطبري 5 / 565 و 613، وابن الاثير 4 / 143 و 165 و 194، وتاريخ الاسلام 2 / 360.
(4) في الاصل: " معل " وهو تصحيف وما أثبتناه من تاريخ خليفة وتاريخ الاسلام ويقال له: طواف بن غلاق.
انظر خبر خروجه تاريخ خليفة 259 وابن الاثير 3 / 516 وتاريخ الاسلام 2 / 360.
(5) انظر خبر خروجه تاريخ خليفة 251 وما بعدها، وابن الاثير 4 / 129، وتاريخ الاسلام 2 / 360 وما بعدها، والبداية والنهاية 8 / 224 و 238.
(6) في الاصل " الغضب " وهو تصحيف، والتصويب من تهذيب اللغة 2 / 47 للازهري.
(7) الخبر في تاريخ الاسلام 3 / 91 وقد قال المؤلف في نهايته ما نصه: " روى نحوه محمد ابن عثمان بن أبي شيبة عن أبيه، عن أبي سامة، عن الثوري، عن هشام بن حسان، ثنا محمد بن
سيرين.
وله طريق آخر ولم يرفعه أحد " ا ه.
= (*)

(4/38)


ستعنى ونعنى، وتدعي الخلافة ولست بخليفة، وإني أجد الخليفة يزيد.
وعن الحسن، أن المغيرة بن شعبة، أشار على معاوية ببيعة ابنه ففعل.
فقيل له: ما وراءك ؟ قال: وضعت رجل معاوية في غرز غي لا يزال فيه إلى يوم القيامة، قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء أولادهم، ولولا ذلك لكانت شورى.
وروي أن معاوية كان يعطي عبد الله بن جعفر في العام ألف ألف.
فلما وفد على يزيد أعطاه ألفي ألف وقال: والله لا أجمعهما لغيرك (1).
روى الوليد بن مسلم، عن الاوزاعي، عن مكحول، عن أبي عبيدة مرفوعا: " لا يزال أمر أمتي قائما حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له: يزيد " (2).
أخرجه أبو يعلى في " مسنده "، ويرويه صدقة السمين - وليس بحجة - عن هشام، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة مرفوعا.
__________
= وأورده المؤلف في ترجمة عثمان بن عفان 2 / 147 إلى قوله: "..قتل مظلوما.
" وهو الصواب لان عبد الله بن عمرو راوي الخبر لم يدرك السفاح وما بعده.
وأورد فيه أيضا 2 / 143 خبرا بنحوه وبأخصر منه من طريق الجريري،، عن عبد الله بن شقيق، عن الاقرع مؤذن عمر أن عمر دعا الاسقف، فقال: هل تجدونا في كتبكم ؟ قال: نجد صفتكم وأعمالكم، ولا نجد أسماءكم، قال: كيف تجدني ؟ قال: قرن من حديد، قال: وما قرن من حديد ؟ قال: أمير شديد، قال عمر: الله أكبر، قال: فالذي بعدي ؟ قال: رجل صالح يؤثر أقرباءه، قال: يرحم الله ابن عفان فالذي بعده ؟ قال: صدع - وكان حماد بن سلمة يقول: صدأ - من حديد، فقال عمر: وادقراه وادفراه، قال: مهلا يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح، ولكن تكون خلافته في هراقة من الدماء.
ورجاله ثقات إلا أنه
منكر.
(1) لفظ المؤلف في تاريخ الاسلام 3 / 92 هكذا: "..فلما وفد على يزيد أعطاه ألف ألف.
فقال عبد الله له: بأبي أنت وأمي، فأمر له بألف ألف أخرى.
فقال له عبد الله: والله لا أجمعهما لاحد بعدك " ا ه.
(2) الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعن، ثم إن فيه انقطاعا أو اعضالا بين مكحول وأبي عبيدة وطريق أبي يعلى فيه صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف.
وانقطاع بين أبي نعلبة ؟ ؟ وأبي عبيدة فالخبر لا يصح.
(*)

(4/39)


وعن صخر بن جويرية، عن نافع قال: مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى ابن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد فأبى، فقال ابن مطيع: إنه يشرب الخمر، ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب، قال: ما رأيت منه ما تذكر (1) وقد أقمت عنده، فرأيته مواظبا للصلاة، متحريا للخير، يسأل عن الفقه.
قال: ذاك تصنع ورياء.
وروى محمد بن أبي السري العسقلاني، حدثنا يحيى بن عبدالملك ابن أبي غنية، عن نوفل بن أبي الفرات، قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فقال رجل: قال أمير المؤمنين يزيد، فأمر به فضرب عشرين سوطا (2).
توفي يزيد في نصف ربيع الاول سنة أربع وستين.

9 - عبيدة بن عمرو * السلماني، الفقيه المرادي، الكوفي، أحد الاعلام.
وسلمان جدهم.
هو ابن ناجية بن مراد.
أسلم عبيدة في عام فتح مكة بأرض اليمن، ولا صحبة له، وأخذ عن علي وابن مسعود، وغيرهما، وبرع في الفقه، وكان ثبتا في الحديث.
روى عنه إبراهيم النخعي، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وعبد الله بن
__________
(1) في تاريخ الاسلام والبداية 8 / 233 " ما تذكرون ".
(2) تاريخ الاسلام 3 / 94.
* ويقال ابن قيس، مترجم في: طبقات ابن سعد 6 / 93، طبقات خليفة ت 1045، تاريخ البخاري 6 / 82، المعارف 425، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 91، الاستيعاب ت 1754، تاريخ بغداد 11 / 117، طبقات الشيرازي 80، أسد الغابة 3 / 356، اللباب 1 / 552، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 317، تهذيب الكمال ص 902.
903، تاريخ الاسلام 3 / 191، تذكرة الحفاظ 1 / 47، العبر 1 / 79، البداية والنهاية 8 / 328، طبقات القراء / ت 2073، الاصابة ت 6405، تهذيب التهذيب 7 / 84، النجوم الزاهرة 1 / 189، طبقات الحفاظ للسيوطي 14، خلاصة تذهيب الكمال 256، شذرات الذهب 1 / 78، تاج العروس مادة (سلم).
(*)

(4/40)


سلمة المرادي، وأبو إسحاق، ومسلم أبو حسان الاعرج، وآخرون.
قال الشعبي، كان عبيدة يوازي شريحا في القضاء (1).
وقال ابن سيرين: ما رأيت رجلا كان أشد توقيا من عبيدة.
وكان محمد [ ابن سيرين ] مكثرا عنه.
قال أحمد العجلي: كان عبيدة أحد أصحاب عبد الله [ بن مسعود ] الذين يقرئون ويفتون.
وكان أعور.
قرأت على أحمد بن إبراهيم الخطيب عام سبع مئة: أنبأنا أبو الحسن السخاوي، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا المبارك بن عبد الجبار، أنبأنا محمد ابن محمد السواق، أنبأنا عيسى بن حامد الرخجي، حدثنا الهيثم بن خلف، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا معاذ بن معاذ، عن هشام، عن ابن سيرين،
عن عبيدة، قال: صليت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ولم أره (2).
قال أبو عمرو بن الصلاح (3): روينا عن عمرو بن علي الفلاس، أنه قال: أصح الاسانيد ابن سيرين عن عبيدة، عن علي.
قلت: لا تفوق (4) لهذا الاسناد مع قوته على إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، ولا على الزهري، عن سالم، عن أبيه، ثم إن هذين الاسنادين روي بهما أحاديث جمة في الصحاح وليس كذلك الاول، فما في " الصحيحين " لعبيدة عن علي سوى حديث واحد.
__________
(1) انظر ص 102 رقم (3).
(2) في تاريخ الاسلام 3 / 191: " أسلمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وصليت ولم ألقه " وما بين الحاصرتين منه، وانظر طبقات ابن سعد 6 / 93.
(3) في مقدمة ابن الصلاح بتحقيق الطباخ ص 11.
(4) في الاصل: " لا شقوق " وهو تصحيف.
(*)

(4/41)


وعند البخاري حديث آخر موقوف بهذا الاسناد، وانفرد مسلم بحديث آخر سأرويه بعد.
قال أبو أحمد الحاكم: كنية عبيدة، أبو مسلم، وأبو عمرو.
وروى هشام بن حسان، عن محمد، عن عبيدة، قال: اختلف الناس في الاشربة فمالي شراب منذ ثلاثين سنة إلا العسل واللبن والماء.
قال محمد: وقلت لعبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من قبل أنس بن مالك، فقال: لان يكون عندي منه شعرة أحب إلي من كل صفراء وبيضاء على ظهر الارض.
قلت: هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب، وهو أن يؤثر شعرة
نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس.
ومثل هذا يقوله هذا الامام بعد النبي صلى الله عليه وسلم، بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت، أو شسع نعل كان له، أو قلامة ظفر، أو شقفة من إناء شرب فيه.
فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شئ من ذلك عنده، أكنت تعده مبذرا أو سفيها ؟ كلا.
فابذل ما لك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده والسلام عليه عند حجرته في بلده، والتذ بالنظر إلى " أحده " وأحبه، فقد كان نبيك صلى الله عليه وسلم يحبه، وتملا بالحلول في روضته ومقعده، فلن تكون مؤمنا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم.
وقبل حجرا مكرما نزل من الجنة، وضع فمك لاثما مكانا قبله سيد البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحجر ثم قبل محجنه، لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل.
ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.

(4/42)


وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقول نحن إذ فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الارض مسته شفتا نبينا صلى الله عليه وسلم لاثما له.
فإذا فاتك الحج وتلقيت الوفد فالتزم الحاج وقبل فمه وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبله خليلي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن سيرين، قال علي: يا أهل الكوفة، أتعجزون أن تكونوا مثل السلماني والهمداني ؟ - يعني الحارث بن الازمع وليس بالاعور - إنما هما شطرا رجل.
قال حماد بن زيد: وكان عبيدة أعور.
قال ابن سيرين: كان اصحاب عبد الله منهم من يقدم عبيدة، ومنهم من يقدم علقمة، ولا يختلفون أن شريحا آخرهم (1).
قال الثوري: عن النعمان بن قيس، قال: دعا عبيدة بكتبه عند موته فمحاها وقال: أخشى أن تضعوها على غير موضعها (2).
قال عاصم: عن ابن سيرين، جاء قوم إلى عبيدة ليصلح بينهم، فقال: لا أقول حتى تؤمروني.
عبد الواحد بن زياد: حدثنا النعمان بن قيس، حدثني أبي، قلت لعبيدة: بلغني أنك تموت، ثم ترجع قبل يوم القيامة، تحمل راية فيفتح لك فتح (3).
قال: لئن أحياني الله اثنتين، وأماتني اثنتين قبل يوم القيامة، ما أراد بي خيرا.
__________
(1) انظر الخبر أو نحوه ص 56 رقم (4) و 102 رقم (2) من هذا الجزء.
(2) في طبقات ابن سعد 6 / 94: " أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها الخ..".
(3) زاد ابن سعد في الطبقات 6 / 95: " فيفتح لك فتح [ لم يفتح لاحد قبلك ولا يفتح لاحد بعدك ].." (*)

(4/43)


قال أبو حصين: أوصى عبيدة أن يصلي عليه الاسود بن يزيد، فقال الاسود: عجلوا به قبل أن يجئ الكذاب - يعني المختار (1).
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، أنبأنا عبدالمعز بن محمد، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبدالرحمن، أنبأنا محمد ابن أحمد، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا القواريري، حدثنا حماد، عن أيوب عن محمد، عن عبيدة، قال: ذكر علي رضي الله عنه أهل النهروان فقال: فيهم رجل مودن اليد أو مثدن اليد (2) أو مخدج اليد، لولا أن تبطروا، لانبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونه (3) على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
قلت: أنت سمعته منه ؟ قال:
إي ورب الكعبة.
هذا حديث صحيح، رواه ابن علية أيضا عن أيوب السختياني، ورواه ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، أخرجه مسلم وأبو داود (4).
وفي وفاة عبيدة أقوال، أصحها في سنة اثنتين وسبعين.
__________
(1) هو المختار بن أبي عبيد الثقفي، حبسه عبيدالله بن زياد لانحرافه عنه بعد قتله الحسين ثم نفاه.
فعاهد ابن الزبير بمكة ثم تركه.
ودعا إلى إمامة ابن الحنفية وقال: إنه استخلفه فبايعه كثير من الناس.
، فخرج بهم وعظم شأنه وتتبع قتلة الحسين، وهو الذي بعث ابن الاشتر لحرب ابن زياد وقتله.
ولما كان مصعب أمير البصرة نشبت وقائع بينهما فحصر مصعب المختار في قصر الكوفة وقتله سنة 67 ه قال المؤلف في " الميزان ": لا ينبغي أن يروى عنه شئ، لانه ضال مضل كان يزعم أن جبريل عليه السلام ينزل عليه، وهو شر من الحجاج أو مثله.
(2) عند مسلم وأبي داود وابن ماجه وأحمد بلفظ (مثدون) وانفرد أحمد بإحدى رواياته 1 / 83 بلفظ (مثدن) ومخدج اليد، ومودن اليد: أي يده ناقصة الخلق، قصيرة، ومثدن ومثدون اليد: صغير اليد مجتمعها.
(3) كذا في الاصل، وهي عند مسلم وغيره: " يقتلونهم ".
(4) أخرجه مسلم في " صحيحه " (1066) (155) في الزكاة باب التحريض على قتل = (*)

(4/44)


10 - عبدالرحمن بن غنم * (م 4) الاشعري، الفقيه، الامام، شيخ أهل فلسطين.
حدث عن معاذ بن جبل - وتفقه به - وعمر بن الخطاب، وأبي ذر الغفاري، وأبي مالك الاشعري، وأبي الدرداء، وغيرهم.
حدث عنه: ولده محمد، وأبو سلام ممطور، ورجاء بن حيوة، وأبو إدريس الخولاني - مع تقدمه - وشهر بن حوشب، ومكحول، وعبادة بن نسي،
وصفوان بن سليم، وإسماعيل بن عبيدالله.
قال ابن سعد (1): ثقة إن شاء الله.
بعثه عمر إلى الشام يفقه الناس، وكان أبوه صحابيا، هاجر مع أبي موسى.
قال أبو القاسم البغوي: ولد عبدالرحمن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلف في صحبته.
قلت: روى له أحمد بن حنبل في " مسنده " أحاديث، لكنها مرسلة ويحتمل أن يكون له صحبة، فقد ذكر يحيى بن بكير، عن الليث، وابن لهيعة، أن عبدالرحمن صحابي، وقال الترمذي: له رؤية.
__________
= الخوارج، وأبو داود (4763) في السنة، باب قتال الخوارج، وابن ماجه (167) في المقدمة، وأحمد في مسند علي 1 / 83 و 95 و 113 و 121 و 122 و 144 و 155.
* طبقات ابن سعد 7 / 441، طبقات خليفة ت 2883، المعرفة والتاريخ 2 / 309، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 274، الاستيعاب ت 1449، تاريخ ابن عساكر 10 / 73 آ، أسد الغابة 3 / 318، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 302، تهذيب الكمال ص 813، تاريخ الاسلام 3 / 188، تذكرة الحفاظ 1 / 48، العبر 1 / 89، البداية والنهاية 9 / 29، الاصابة ت 6371، تهذيب التهذيب 6 / 250، النجوم الزاهرة 1 / 198، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 30، خلاصة تذهيب الكمال 233، شذرات الذهب 1 / 84.
(1) في الطبقات 7 / 441.
(*)

(4/45)


وأما أبو مسهر فقال: عبدالرحمن بن غنم، هو رأس التابعين، كان بفلسطين.
وقيل: تفقه به عامة التابعين بالشام، وكان صادقا، فاضلا، كبير القدر.
مات هو وجابر بن عبد الله في وقت.
قال الهيثم بن عدي وشباب (1): توفي سنة ثمان وسبعين.

11 - كثير بن مرة * (م 4)
الامام الحجة أبو شجرة الحضرمي، الرهاوي، الشامي، الحمصي، الاعرج.
ويكنى أبا القاسم.
أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن معاذ بن جبل، وعمر بن الخطاب، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعوف بن مالك، وأبي الدرداء، ونعيم ابن همار وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وأبي فاطمة الازدي، وشرحبيل بن السمط، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وعدة.
وعنه: أبو الزاهرية حدير بن كريب، وخالد بن معدان، وصالح بن أبي عريب، ومكحول، وشريح بن عبيد، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، ولقمان ابن عامر، ونصر بن علقمة، وعبد الرحمن بن عائذ، وآخرون.
وروى عنه زيد بن واقد مرسلا، وثقة ابن سعد، وأحمد العجلي، وغيرهما وقال ابن خراش: صدوق.
وقال النسائي: لا بأس به.
أبو صالح: عن الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى كثير بن مرة، وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريا.
قال
__________
(1) هو خليفة بن خياط في تاريخه ص 277.
* طبقات ابن سعد 7 / 448، طبقات خليفة ت 2917، تاريخ البخاري 7 / 208، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 157، تاريخ ابن عساكر 14 / 258 آ، أسد الغابة 4 / 233، الاصابة ت 7485، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 66، تهذيب الكمال ص 1145، تاريخ الاسلام 3 / 204، تذكرة الحفاظ 1 / 49، تهذيب التهذيب 8 / 428، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 15، خلاصة تذهيب الكمال 320.
(*)

(4/46)


الليث: وكان يسمى الجند المقدم.
قال: فكتب إليه أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحاديثهم إلا حديث أبي هريرة، فإنه عندنا.
معاوية بن صالح: عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، قال: دخلت المسجد يوم الجمعة، فمررت بعوف بن مالك الاشجعي وهو باسط رجليه، فضمهما ثم قال: يا كثير أتدري لم بسطت رجلي ؟ بسطتهما رجاء أن يجئ رجل صالح فأجلسه، وإني لارجو أن تكون رجلا صالحا.
هذه مسألة حسنة عن صحابي جليل.
قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم، فمن يكون مع جبير بن نفير، وأبي إدريس الخولاني في طبقتهما ؟ قال: كثير بن مرة.
فذاكرته سنه، ومناظرة أبي الدرداء إياه في القراءة خلف الامام، وقول عوف فيه: إني لارجو أن تكون صالحا فرآه معهما في طبقة.
قال أبو مسهر: بقي كثير إلى خلافة عبدالملك.
قلت: عداده في المخضرمين، ومات مع أبي أمامة الباهلي أو قبله، رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا أكمل بن أبي الازهر، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء، أنبأنا أبو نصر الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد الكلاعي، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل، يوشك أن يفارقك إلينا " أخرجه الترمذي، عن الحسن، فوافقناه بعلو، وإسناده صحيح متصل (1).
__________
(1) أخرجه الترمذي في سننه (1174) (19) في أبواب الرضاع، وابن ماجه (2014) (62) كتاب النكاح باب في المرأة تؤذي زوجها، وأحمد 5 / 242.
(*)

(4/47)


12 - هرم بن حيان * العبدي، ويقال: الازدي، البصري، أحد العابدين.
حدث عن عمر.
روى عنه الحسن البصري، وغيره.
ولي بعض الحروب في أيام عمر وعثمان ببلاد فارس.
قال ابن سعد (1): كان عاملا لعمر، وكان ثقة، له فضل وعبادة.
وقيل: سمي هرما لانه بقي حملا سنتين حتى طلعت أسنانه.
قال أبو القاسم ابن عساكر: قدم هرم دمشق في طلب أويس القرني.
سعدويه، عن يوسف بن عطية، حدثنا المعلى بن زياد، قال: كان هرم يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف نام طالبها ؟ ! وعجبت من النار كيف نام هاربها ؟ ! ثم يقول: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا) (2) [ الاعراف: 97 ].
سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، قيل لهرم بن حيان العبدي: أوص، قال: قد صدقتني نفسي، ومالي ما أوصي [ به ]، ولكن أوصيكم بخواتيم سورة النحل.
هشام: عن الحسن، عن هرم، أنه قيل له: أوصنا فقال: أوصيكم بخواتيم سورة البقرة.
حماد بن سلمة: عن أبي عمران الجوني أن هرم بن حيان أشرف في ليلة قمراء وإذا صاحب حرسه يلعب وكان عاملا لعمر.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 131، طبقات خليفة ت 1581، تاريخ البخاري 8 / 243، المعارف ص 435، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 110، الحلية 2 / 119، الاستيعاب ت 2675، أسد الغابة 5 / 57، تاريخ الاسلام 3 / 211، الاصابة ت 8947، النجوم الزاهرة 1 / 132.
(1) في الطبقات 7 / 131، 132.
(2) زاد أبو نعيم في الحلية 2 / 119: "..ثم يقرأ (والعصر) و (ألهاكم) ثم يرجع إلى أهله.
(*)

(4/48)


جعفر بن سليمان: عن مالك بن دينار، قال: أوقد هرم نارا، فجاء قومه، فسلموا من بعيد، قال: ادنوا.
قالوا: ما نقدر من النار.
قال: فتريدون أن تلقوني في نار أعظم منها.
أبوعمران الجوني، عن هرم بن حيان، قال: إياكم والعالم الفاسق.
فبلغ عمر، فكتب إليه - وأشفق منها: ما العالم الفاسق ؟ فكتب: ما أردت إلا الخير، يكون إمام يتكلم بالعلم، ويعمل بالفسق، ويشبه على الناس، فيضلوا.
الوليد بن هشام القحذمي: عن أبيه، عن جده، أن عثمان بن أبي العاص وجه هرم بن حيان إلى قلعة، فافتتحها عنوة (1).
وقال الحسن البصري: خرج هرم وعبد الله بن عامر بن كريز، فبينما رواحلهما ترى إذ قال هرم: أيسرك أنك كنت هذه الشجرة ؟ قال: لا والله لقد رزقني الله الاسلام، وإني لارجو، قال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة، فأكلتني هذه الناقة ثم بعرتني، فاتخذت جلة (2) ولم أكابد الحساب.
يا ابن أبي عامر، ويحك، إني أخاف الداهية الكبرى.
قال قتادة: كان هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه ودهم.
وعن هشام، عن الحسن، قال: مات هرم بن حيان في يوم حار.
فلما نفضوا أيديهم عن قبره، جاءت سحابة حتى قامت على القبر.
فلم تكن أطول منه، ولا أقصر منه، ورشته حتى روته، ثم انصرفت.
رواها اثنان (3) عن
هشام.
__________
(1) تاريخ خليفة ص 159.
(2) الجلة: البعر الذي لم ينكسر، يستعمل في الوقود.
(3) هما: عبد الواحد بن سليمان البراء، وعمرو بن حمدان أبو النضر، كما في الحلية 2 / 122.
(*)

(4/49)


ضمرة عن السري بن يحيى، عن قتادة، قال: أمطر قبر هرم من يومه، وأنبت العشب.

13 - الاسود بن يزيد * (ع) ابن قيس، الامام، القدوة، أبو عمرو النخعي الكوفي.
وقيل: يكنى أبا عبدالرحمن، وهو أخو عبدالرحمن بن يزيد، ووالد عبدالرحمن بن الاسود، وابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم النخعي.
فهؤلاء أهل بيت من رؤوس العلم والعمل.
وكان الاسود مخضرما، أدرك الجاهلية والاسلام.
وحدث عن معاذ بن جبل، وبلال، وابن مسعود، وعائشة، وحذيفة بن اليمان، وطائفة سواهم.
حدث عنه ابنه عبدالرحمن، وأخوه وإبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق السبيعي، والشعبي، وآخرون.
وهو نظير مسروق في الجلالة والعلم والثقة والسن يضرب بعبادتهما المثل.
قال ابن سعد (1): كان يذكر أنه ذهب بمهر أم علقمة إليها من قيس
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 70، طبقات خليفة ت 1255، تاريخ البخاري 1 / 449، المعارف
ص 432، المعرفة والتاريخ 2 / 559، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 291، الحلية 2 / 102، الاستيعاب ت 53، طبقات الشيرازي 79، أسد الغابة 1 / 88، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 122، تهذيب الكمال ص 113، تاريخ الاسلام 3 / 137، تذكرة الحفاظ 1 / 48، العبر 1 / 86، البداية والنهاية 9 / 12، طبقات القراء / ت 796، الاصابة ت 457، تهذيب التهذيب 1 / 342، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 15، خلاصة تذهيب الكمال 37، شذرات الذهب 1 / 82.
(1) في الطبقات 6 / 70.
(*)

(4/50)


جده، وروى عن الصديق، أنه جرد معه الحج.
وروى عن عمرو علي، وسمع باليمن من معاذ.
قال عبدالرحمن بن الاسود: كان أبي يسجد في برنس طيالسة ويداه فيه، أو في ثيابه.
وقال ابن أبي خالد: رأيت الاسود وعليه عمامة سوداء وقد أرسلها من خلفه، ورأيته أصفر الرأس واللحية.
قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق، قال: حج الاسود ثمانين، من بين حجة وعمرة.
وبه إلى عبد الله بن أحمد، حدثنا عبد الله بن صندل، حدثنا فضيل بن عياض، عن ميمون، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كان الاسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال.
قال ابن عون: سئل الشعبي عن الاسود بن يزيد فقال: كان صواما قواما
حجاجا.
قال إبراهيم: ربما أحرم الاسود من جبانة عرزم (1).
وقال جابر الجعفي، عن عبدالرحمن بن الاسود، قال: ما سمعت الاسود إذا أهل يسمي حجا ولا عمرة قط، يقول: إن الله يعلم نيتي.
قال أبو إسحاق: كان الاسود يقول في تلبيته: لبيك غفار الذنوب.
ومن مناكير موسى بن عمير، تفرد به عن الحكم، عن إبراهيم النخعي،
__________
(1) يستحب الاحرام من المواقيت، وعرزم محلة بالكوفة.
(*)

(4/51)


عن الاسود، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء " (1).
قرأ الاسود على عبد الله بن مسعود.
تلا عليه يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي.
وروى يحيى بن سعيد العطار في زهد الثمانية عن يزيد بن عطاء، عن علقمة بن مرثد قال: كان الاسود يجتهد في العبادة، ويصوم حتى يخضر ويصفر، فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع ؟ فقال: مالي لاأجزع، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لاهمني الحياء منه مما صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحيا منه.
وروى شعبة، عن الحكم، أن الاسود كان يصوم الدهر - هذا صحيح عنه - وكأنه لم يبلغه النهي عن ذلك (2)، أو تأول.
__________
(1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 2 / 104 و 4 / 237 والخطيب في " تاريخ بغداد " 6 / 334.
وموسى بن عمير الذي تفرد به ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " القسم الاول من المجلد الرابع 155 نقلا عن عبدالرحمن عن أبيه قال: [ موسى بن عمير ] أبو هارون ذاهب الحديث كذاب.
وضعفه أبو زرعة، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات.
وذكره الهيثمي في
" المجمع " 3 / 63، 64 وعزاه للطبراني وقال: فيه موسى بن عمير الكوفي متروك.
2) وهو ما أخرجه البخاري 495 في الصوم باب صوم داود عليه السلام، ومسلم 1159 في الصيام باب النهي عن صيام الدهر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا صام من صام الابد، صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله " وقوله: " لاصام من صام الابد " بمعنى الدعاء عليه.
قال أبو بكر بن العربي في العارضة 3 / 299: فيا بؤس من أصابه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأما من قال إنه خبر، فيا بؤس من أخبر عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم، فقد علم أنه لا يكتب له ثواب لوجوب الصدق في خبره صلى الله عليه وسلم، وقد نفى الفضل عنه فكيف يطلب ما نفاه النبي عليه السلام.
وروى عبد الرزاق في المصنف 7371 من حديث ابن عيينة، عن هارون بن سعد، عن أبي عمرو الشيباني قال: كنا عند عمر بن الخطاب فأتي بطعام له، فاعتزل رجل من القوم، فقال: ماله ؟ قال: إنه صائم، قال وما صومه ؟ قال: الدهر.
قال فجعل يقرع رأسه بقناة معه ويقول: كل يا دهر، كل يا دهر.
واسنادة صحيح.
(*)

(4/52)


وروى حماد عن إبراهيم، كان الاسود يصوم حتى يسود لسانه من الحر.
وروى منصور، عن إبراهيم، أن الاسود كان يحرم من بيته.
وقال أشعث بن أبي الشعثاء: رأيت الاسود وعمرو بن ميمون أهلا من الكوفة.
قال ابن أبي خالد: رأيت الاسود وعليه عمامة سوداء، وقال الحسن بن عبيدالله: رأيت الاسود يسجد في برنس طيالسة.
قد نقل العلماء في وفاة الاسود أقوالا، أرجحها سنة خمس وسبعين، والله يرحمه.
قال إبراهيم النخعي: كان الاسود إذا حضرت الصلاة، أناخ بعيره ولو على حجر.

14 علقمة * (ع) فقيه الكوفة وعالمها ومقرئها، الامام، الحافظ، المجود، المجتهد الكبير، أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان ابن كهل (1)، وقيل: ابن كهيل بن بكر بن عوف، ويقال: ابن المنتشر بن النخع، النخعي، الكوفي، الفقيه عم الاسود بن يزيد وأخيه عبدالرحمن، وخال فقيه العراق إبراهيم النخعي.
ولد في أيام الرسالة المحمدية، وعداده في المخضرمين، وهاجر في
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 86، طبقات خليفة ت 1054، تاريخ البخاري 7 / 41، المعارف 431، المعرفة والتاريخ 2 / 552، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 404، الحلية 2 / 98، تاريخ بغداد 12 / 296، طبقات الشيرازي 79، تاريخ ابن عساكر 11 / 404 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 342، تهذيب الكمال ص 957، تاريخ الاسلام 3 / 50، تذكرة الحفاظ 1 / 45، العبر 1 / 66، 67، مرآة الجنان 1 / 137، البداية والنهاية 8 / 217، طبقات القراء / ت 2135، الاصابة ت 6454، تهذيب التهذيب 7 / 276، النجوم الزاهرة 1 / 157، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 12، خلاصة تذهيب الكمال 271، شذرات الذهب 1 / 70.
(1) في جمهرة ابن حزم (سلامان بن كميل) 416.
(*)

(4/53)


طلب العلم والجهاد، ونزل الكوفة، ولازم ابن مسعود حتى رأس في العلم والعمل، وتفقه به العلماء، وبعد صيته.
حدث عن عمر، وعثمان، وعلي، وسلمان، وأبي الدرداء، وخالد بن الوليد، وحذيفة، وخباب، وعائشة، وسعد، وعمار، وأبي مسعود البدري، وأبي موسى، ومعقل بن سنان، وسلمة بن يزيد الجعفي، وشريح بن أرطاة، وقيس بن مروان، وطائفة سواهم.
وجود القرآن على ابن مسعود.
تلا عليه يحيى بن وثاب، وعبيد بن
نضيلة (1) وأبو إسحاق السبيعي.
وتفقه به أئمة: كإبراهيم، والشعبي.
وتصدى للامامة والفتيا بعد علي وابن مسعود.
وكان يشبه بابن مسعود في هديه ودله وسمته.
وكان طلبته يسألونه ويتفقهون به والصحابة متوافرون.
حدث عنه أبو وائل، والشعبي، وعبيد بن نضيلة، وإبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، وأبو الضحى مسلم بن صبيح، وإبراهيم بن سويد النخعي، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وأبو معمر عبد الله بن سخبرة، وسلمة بن كهيل، وابن أخيه عبدالرحمن بن يزيد، وأبو إسحاق السبيعي، وعمارة بن عمير، وأبو قيس عبدالرحمن بن ثروان الاودي، وعبد الرحمن بن عوسجة، والقاسم بن مخيمرة، وقيس بن رومي، ومرة الطيب، وهني بن نويرة، ويحيى بن وثاب، ويزيد بن أوس، ويزيد بن معاوية النخعي لا الاموي، وأبو الرقاد النخعي، والمسيب بن رافع.
ووأرسل عنه أبو الزناد وغيره.
__________
(1) كذا في الاصل، وأسد الغابة 3 / 354، وطبقات ابن سعد 6 / 117.
وأما عند ابن حجر في الاصابة والتهذيب: ابن نضلة.
(*)

(4/54)


روى مغيرة، عن إبراهيم، قال: كنى عبد الله بن مسعود علقمة أبا شبل وكان علقمة عقيما لا يولد له.
الاعمش، عن إبراهيم، قال علقمة: ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس أو رقعة.
قال أحمد بن حنبل: علقمة ثقة، من أهل الخير، وكذا وثقه يحيى بن معين، وسئل عنه وعن عبيدة في عبد الله فلم يخير.
وقال عثمان بن سعيد: علقمة أعلم بعبد الله.
قال ابن المديني: لم يكن أحد من الصحابة له أصحاب حفظوا عنه، وقاموا بقوله في الفقه إلا ثلاثة: زيد بن ثابت، وابن مسعود، وابن عباس، وأعلم الناس بابن مسعود: علقمة، والاسود، وعبيدة، والحارث.
وروى زائدة عن أبي حمزة، قال: قلت لرباح أبي المثنى: أليس قد رأيت عبد الله ؟ قال: بلى وحججت مع عمر ثلاث حجات وأنا رجل.
قال: وكان عبد الله وعلقمة يصفان الناس صفين عند أبواب كندة، فيقرئ عبد الله رجلا، ويقرئ علقمة رجلا، فإذا فرغا، تذاكرا أبواب المناسك، وأبواب الحلال والحرام.
فإذا رأيت علقمة، فلا يضرك أن لا ترى عبد الله، أشبه الناس به سمتا وهديا.
وإذا رأيت إبراهيم النخعي، فلا يضرك أن لا ترى علقمة، أشبه الناس به سمتا.
وهديا.
الاعمش: عن عمارة بن عمير قال: قال لنا أبو معمر: قوموا بنا إلى أشبه الناس بعبد الله هديا ودلا وسمتا، فقمنا معه حتى جلسنا إلى علقمة.
وروى سفيان بن عيينة عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: أخبرني عن أصحاب عبد الله حتى كأني أنظر إليهم، قال: كان علقمة أبطن (1)
__________
(1) يقال: بطن من فلان وبه: إذا صار من خواصه، واستبطن امره: إذا وقف على دخلته، فهو أبطن.
(*)

(4/55)


القوم: به، وكان مسروق قد خلط منه ومن غيره، وكان الربيع بن خثيم (1) أشد القوم اجتهادا، وكان عبيدة يوازي شريحا في العلم والقضاء.
روى إبراهيم، عن علقمة، أنه قدم الشام، فدخل مسجد دمشق، فقال اللهم ارزقني جليسا صالحا، فجاء فجلس إلى أبي الدرداء، فقال له: ممن أنت ؟ قال: من أهل الكوفة، قال: كيف سمعت ابن أم عبد يقرأ (والليل إذا
يغشى) الحديث (2).
وقال الاسود: إني لاذكر ليلة عرس أم علقمة.
وقال شباب (3): شهد علقمة صفين مع علي.
وروى الهيثم بن عدي، عن مجالد، عن الشعبي، قال: كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوفة في أصحاب عبد الله: علقمة، وعبيدة، وشريح، ومسروق.
وروى حفص بن غياث، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: أدركت القوم وهم يقدمون خمسة: من بدأ بالحارث الاعور، ثنى بعبيدة، ومن بدأ بعبيدة، ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث، لاشك فيه، ثم مسروق، ثم شريح، وإن قوما أخسهم شريح، لقوم لهم شأن (4) وروى ابن عون، عن محمد، قال: كان أصحاب عبد الله خمسة كلهم فيه عيب: عبيدة أعور، ومسروق أحدب، وعلقمة أعرج، وشريح كوسج (5)، والحارث أعور.
__________
1) في الاصل (خيثم) وهو تصحيف وما أثبتناه من نص المؤلف في ترجمته ص 258 وتاريخ الاسلام 3 / 15 و 247 و 365 وتهذيب التهذيب 3 / 242.
وهو مصحف في مصادر عدة.
(2) أخرجه البخاري في فتح الباري 8 / 543، باب وما خلق الذكر والانثى ومسلم 828 في صلاة المسافرين وقصرها، باب ما يتعلق بالقراءات.
(3) هو خليفة بن خياط في تاريخ 196.
4) انظر الخبر أو نحوه ص 43 رقم (1) و 102 رقم (2) من هذا الجزء.
(5) الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه: ويقال: النقي الخدين من الشعر.
(*)

(4/56)


وروى منصور عن إبراهيم، قال: كان أصحاب عبد الله الذين يقرئون
الناس القرآن، ويعلمونهم السنة، ويصدر الناس عن رأيهم ستة: علقمة، والاسود، ومسروق، وعبيدة، وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس.
وروى إسرائيل، عن غالب أبي الهذيل، قلت لابراهيم: أعلقمة كان أفضل أو الاسود ؟ قال: علقمة، وقد شهد صفين.
وقال ابن عون: سألت الشعبي عن علقمة والاسود، فقال: كان الاسود صواما قواما، كثير الحج، وكان علقمة مع البطئ ويدرك السريع.
وقال مرة الهمداني: كان علقمة من الربانيين، وكان علقمة عقيما لا يولد له.
وروى عنه إبراهيم، قال: صليت خلف عمر سنتين.
وروى مغيرة عن إبراهيم أن علقمة والاسود كانا يسافران مع أبي بكر وعمر.
قال الشعبي: كان علقمة أبطن (1) القوم بابن مسعود.
الاعمش: عن إبراهيم، عن علقمة، قال: أتي عبد الله بشراب فقال: أعط علقمة، أعط مسروقا، فكلهم قال: إني صائم، فقال: (يخافون يوما تتقب فيه القلوب والابصار) [ النور: 37 ]، وقال إبراهيم: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس.
وقال علقمة: أطيلوا كر (2) الحديث لا يدرس الاعمش: عن شقيق، قال [ كان ] ابن زياد يراني مع مسروق فقال: إذا قدمت فالقني، فأتيت علقمة فقال: إنك لم تصب من دنياهم شيئا إلا أصابوا
__________
(1) انظر ص 55 رقم (1) (2) في الاصل: " اطلبوا كريذ الحديث " وهو تصحيف، وما أثبتناه هو الذي صوبه ابن عساكر في تاريخه من نسخة (ع).
وفي نسخة (س) 11 / 413 ب من حديث سليمان (ذكر الحديث) وكر الحديث مراجعته وتكراره.
(*)

(4/57)


من دينك ما هو أفضل منه، ما أحب أن لي مع ألفي ألفين واني أكرم الجند عليه (1).
وقال إبراهيم: كتب أبو بردة علقمة في الوفد إلى معاوية، فقال له علقمة: امحني امحني.
وقال علقمة: ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس.
قال إبراهيم عن علقمة (2): إنه كان له برذون يراهن عليه.
الاعمش: عن مالك بن الحارث، عن عبدالرحمن بن يزيد، قلنا لعلقمة: لو صليت في المسجد وجلسنا معك فتسأل، قال: أكره أن يقال: هذا علقمة، قالوا: لو دخلت على الامراء، قال: أخاف أن ينتقصوا مني أكثر مما أنتقص منهم.
وروى إبراهيم عن علقمة، قال: كنت رجلا قد أعطاني الله حسن الصوت بالقرآن، وكان ابن مسعود يرسل إلى، فأقرأ عليه، فإذا فرغت من قراءتي قال: زدنا فداك أبي وأمي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن حسن الصوت زينة القرآن " (3).
أبو إسحاق: عن عبدالرحمن بن يزيد، قال عبد الله: ما أقرأ شيئا ولا أعلمه إلا علقمة يقرؤه أو يعلمه، قال زياد بن حدير: يا أبا عبدالرحمن،
__________
1) تاريخ ابن عساكر 11 / 412 ب وما بين الحاصرتين منه (2) في الاصل (إبراهيم) بدل (علقمة) وهو وهم من الناسخ وما أثبتناه من طبقات ابن سعد 6 / 88.
(3) اخرجه ابن سعد في الطبقات 6 / 90 وابن عساكر في تاريخه 11 / 409 ب وفي سنده سعيد بن زربي وهو منكر الحديث.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث البراء بن عازب: " زبنوا القرآن بأصواتكم " أخرجه أحمد 4 / 285 و 304، وأبو داود (1468) والنسائي 2 / 179، 180 وابن ماجه
(1342) والدارمي 2 / 474، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (660) والحاكم.
(*)

(4/58)


والله ما علقمة بأقرئنا، قال: بلى والله، وإن شئت لاخبرنك بما قيل في قومك وقومه.
وروى الاعمش، عن إبراهيم قال: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس، والاسود في ست، وعبد الرحمن بن يزيد في سبع.
جرير بن عبدالحميد، عن قابوس بن أبي ظبيان، قال: قلت لابي.
لاي شئ كنت تأتي علقمة وتدع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أدركت ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألون علقمة ويستفتونه.
شريك: عن أبي إسحاق، عن عبدالرحمن بن يزيد، قال: قيل لابن مسعود: ما علقمة بأقرئنا، قال: بلى والله إنه لاقرؤكم.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا ابن نمير، حدثنا حفص بن غياث عن الاعمش، عن المسيب بن رافع، قال: قيل لعلقمة: لو جلست فأقرأت الناس وحدثتهم، قال: أكره أن يوطأ عقبي (1) وأن يقال: هذا علقمة، فكان يكون في بيته يعلف غنمه ويقت (2) لهم، وكان معه شئ يفرع بينهن إذا تناطحن.
ابن عيينة، عن عمربن سعد، قال: كان الربيع بن خثيم (3) يأتي علقمة فيقول: ما أزور أحدا غيرك أو ما أزور أحدا ما أزورك.
__________
(1) يقال: فلان موطأ العقب، أي كثير الاتباع، والعقب مؤخر القدم.
وفي حديث عمار، أن رجلا وشى به إلى عمر فقال: اللهم إن كذب علي فاجعله موطأ العقب، أي أن يكون سلطانا مقدما فيتبعه الناس ويمشون وراءه.
(2) القت: الفصفصة وهي الرطبة من علف الدواب أو اليابس منه.
(3) انظر ص 56 رقم (1).
(*)

(4/59)


قال إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: إن كان أهل بيت خلقوا للجنة، فهم أهل هذا البيت، علقمة والاسود.
وقال أبو قيس الاودي: رأيت إبراهيم آخذا بالركاب لعلقمة.
الاعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبدالرحمن بن يزيد، قال: قيل لعلقمة: ألا تغشى الامراء، فيعرفون من نسبك ؟ قال: ما يسرني أن لي مع ألفي ألفين، واني أكرم الجند عليه.
فقيل له: ألا تغشى المسجد فتجلس وتفتي الناس ؟ قال: تريدون أن يطأ الناس عقبي ويقولون: هذا علقمة !.
حصين، عن إبراهيم، عن علقمة أنه أوصى، قال: إذا أنا حضرت فأجلسوا عندي من يلقنني: لا إله إلا الله، وأسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تنعوني إلى الناس، فإني أخاف أن يكون ذلك نعيا كنعي الجاهلية (1).
قال بعض الحفاظ، وأحسن: أصح الاسانيد، منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود.
فعلى هذا، أصح ذلك شعبة وسفيان، عن
__________
(1) وأخرج أحمد 5 / 406، والترمذي (986) وابن ماجه (1476) والبيهقي 4 / 74 من حديث حذيفة بن اليمان أنه كان إذا مات له ميت قال: لا تؤذنوا به أحدا، إني أخاف أن يكون نعيا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي.
وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في " المصنف " 4 / 98 وحسنه الحافظ في " الفتح " لكن هذا النهي قيده العلماء بما إذا كان يشبه النعي الذي كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب الدور والاسواق، أما إذا لم يقترن بشئ من ذلك وشبهه فلا حظر فيه، فقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربعا، وأخرج البخاري في الجنائز: باب
الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه.
عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم..وأخرجه أحمد 5 / 299 و 300، 301 من حديث أبي قتادة مطولا، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي، إنهم انطلقوا حتى لقوا العدو، فأصيب زيد شهيدا، فاستغفروا له، فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب، فشد على القوم حتى قتل شهيدا، أشهد له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد، ولم يكن من الامراء، هو أمر نفسه، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه وقال: " اللهم هو سيف من سيوفك فانصره " سنده قوي.
(*)

(4/60)


منصور، وعنهما يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وعنهما علي بن المديني، وعنه أبو عبد الله البخاري، رحمهم الله.
قال الهيثم بن عدي: مات علقمة في خلافة يزيد.
وقال أبو نعيم، وقعنب بن محرر: سنة إحدى وستين.
وقال المدائني، ويحيى بن بكير، وأبو عبيد، وابن معين، وابن سعد، وعدة: مات سنة اثنتين وستين.
ويقال: توفي سنة خمس وستين.
ويقال: سنة ثلاث ولم يصح، وشذ أبو نعيم عبدالرحمن ابن هانئ النخعي فقال: مات سنة اثنتين وسبعين.
وكذا نقل عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير.
وقيل غير ذلك (1).
وقال أبو نعيم النخعي: عاش تسعين سنة.

ومن طبقته:
15 - علقمة بن وقاص * (ع) ابن محصن بن كلدة الليثي، العتواري، المدني، أحد العلماء.
حدث عن عمر، وعائشة، وبلال بن الحارث المزني، وعمرو بن العاص، وابن عمر وطائفة، له أحاديث ليست بالكثيرة، وثقه ابن سعد، والنسائي.
حدث عنه ولداه: عمرو وعبد الله، والزهري، وابن أبي مليكة، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وعمرو بن يحيى المازني، وله دار بالمدينة وعقب.
مات في دولة عبدالملك بن مروان (2) حديثه في الكتب الستة.
__________
(1) انظر أخبار موته تاريخ ابن عساكر 11 / 414 ب وما بعدها.
* طبقات ابن سعد 5 / 60، طبقات خليفة ت 2017، تاريخ البخاري 7 / 40، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 405، الاستيعاب ت 1852، أسد الغابة 4 / 15، تهذيب الكمال ص 958، تاريخ الاسلام 3 / 193، تذكرة الحفاظ 1 / 50، الاصابة ت 6260، تهذيب التهذيب 7 / 280، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 16، خلاصة تذهيب الكمال 271.
(2) الكامل لابن الاثير 4 / 525 ذكره في حوادث سنة ست وثمانين دون تحديد.
(*)

(4/61)


قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا معمر بن عبد الله، حدثنا شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن تقبل رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه ".
قال أبو نعيم: (1): تفرد برفعه معمر هذا.

16 - جنادة * (ع) ابن أبي أمية الازدي، الدوسي، من كبراء التابعين.
حدث عن معاذ بن جبل، وعمر، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وبسر بن أبي أرطاة.
روى عنه ولده سليمان، وبسر بن سعيد، ومجاهد بن جبر، ورجاء بن
حيوة، وعبد الرحمن الصنابحي مع تقدمه، وأبو الخير مرثد اليزني، وعلي بن رباح، وعمير بن هانئ، وعبادة بن نسي، وآخرون.
__________
(1) في حلية الاولياء 2 / 101 وعلقمة الذي في السند هو علقمة بن قيس النخعي لاعلقمة ابن وقاص كما توهم المؤلف.
وذكره الهيثمي في المجمع 3 / 162 ونسبه للطبراني في الكبير والبزار وقال: ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبراني، وله شاهد من حديث ابن عباس عند أبي نعيم في الحلية 6 / 276، وصححه ابن حبان (913) وآخر من حديث ابن عمر عند ابن حبان أيضا (914) وأخرجه أحمد في المسند 2 / 108 إلا أن لفظه عنده: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته ".
* طبقات ابن سعد 7 / 439، طبقات خليفة ت 2905، تاريخ البخاري 2 / 232، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 515، الاستيعاب ت 336، تاريخ ابن عساكر 4 / 15 آو 13 ب، أسد الغابة 1 / 298، وفيه: اسم أبيه كثير، وهو تصحيف، تهذيب الكمال ص 206، تاريخ الاسلام 3 / 146، العبر 1 / 91، البداية والنهاية 1 / 26، الاصابة ت 1201 وفيه نبه ابن حجر على الوهم بينه وبين جنادة الازدي بن مالك، تهذيب التهذيب 2 / 115، النجوم الزاهرة 6 / 181 و 200، خلاصة تذهيب الكمال 64، شذرات الذهب 1 / 88.
(*)

(4/62)


ولابيه أبي أمية صحبة ما (1)، واسمه كبير بموحدة ولي جنادة غزو البحر لمعاوية، وشهد فتح مصر، وقد أدرك الجاهلية والاسلام، وقد قال إبراهيم بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين، وسئل: أجنادة بن أبي أمية الذي روى عنه مجاهد، له صحبة ؟ قال: نعم.
قلت: أهو الذي يروي عن عبادة بن الصامت ؟ قال: هو هو.
وإما ابن سعد (2)، والعجلي، وطائفة، فقالوا: تابعي شامي، وهو الصواب.
وصح له حديث، فيكون مرسلا.
قال ابن يونس: توفي سنة ثمانين.
وقال المدائني: توفي سنة خمس وسبعين، وكذا قال ابن معين.
وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة سبع وسبعين.
وقيل غير ذلك (3) والله أعلم.

17 - مسروق * (ع) ابن الاجدع، الامام، القدوة، العلم، أبو عائشة الوادعي، الهمداني، الكوفي.
وهو مسروق بن الاجدع بن مالك بن أمية بن عبد الله بن مر بن سلمان بن معمر، ويقال: سلامان بن معمر بن الحارث بن سعد بن عبد الله
__________
(1) في العبر للمؤلف 1 / 91 أن له ولابيه صحبة.
2) في الطبقات 7 / 439.
3) انظر طبقات خليفة 2 / 790 وتاريخ ابن عساكر 4 / 17 ب.
* طبقات ابن سعد 6 / 76، طبقات خليفة ت 1066، تاريخ البخاري 8 / 35، المعارف 432، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 396، الحلية 2 / 95، تاريخ بغداد 13 / 232، طبقات الشيرازي 79، تاريخ ابن عساكر 16 / 207 ب، أسد الغابة 4 / 354، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 88، تهذيب الكمال ص 1321 وما بعدها، تاريخ الاسلام 3 / 75، العبر 1 / 68 تذكرة الحفاظ 1 / 46، طبقات القراء / ت 3591، الاصابة ت 8406، تهذيب التهذيب، 1 / 109، النجوم الزاهرة 1 / 161، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 14، خلاصة تذهيب الكمال 374، شذرات الذهب 1 / 71، (*)

(4/63)


ابن وادعة بن عمر بن عامر بن ناشح (1) بن دافع (2) بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان.
قال أبو بكر الخطيب: يقال إنه سرق وهو صغير ثم وجد فسمي مسروقا.
وأسلم أبوه الاجدع.
حدث هو عن أبي بن كعب، وعمر، وعن أبي بكر الصديق - إن صح - وعن أم رومان، ومعاذ بن جبل، وخباب، وعائشة، وابن مسعود، وعثمان (3)، وعلي، وعبد الله بن عمرو، وابن عمرو سبيعة، ومعقل بن سنان، والمغيرة بن شعبة، وزيد حتى إنه روى عن عبيد بن عمير، قاص مكة، وعنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب، وعبد الله بن مرة، وأبو وائل، ويحيى بن الجزار، وأبو الضحى، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وعبيد بن نضيلة، ومكحول الشامي - وما أراه لقيه - وأبو إسحاق، ومحمد بن المنتشر، ومحمد بن نشر الهمداني، وأبو الاحوص الجشمي، وأيوب بن هانئ وعمارة بن عمير، وحبال بن رفيدة، وأنس بن سيرين، وأبو الشعثاء المحاربي، وآخرون.
وعداده في كبار التابعين وفي المخضرمين الذين أسلموا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود: كان أبو الأجدع أفرس فارس باليمن.
قال أبو داود أيضا: ومسروق هو ابن أخت عمرو بن معد يكرب.
__________
(1) في الاصل: ناشج بالمعجمة، وهو تصحيف، والتصويب من جمهرة ابن حزم 394 والاشتقاق 422 وفيه: الناشح: الشارب الذي لم يبلغ ريه.
(2) في الاصل: رافع وهو تصحيف وما اثبتناه من الاكمال 3 / 306 و 4 / 1 وجمهرة ابن حزم 394.
(3) يذكر المؤلف في ص 67 أنه لم يرو عن عثمان شيئا.
(*)

(4/64)


مجالد: عن الشعبي، عن مسروق، قال: لقيت عمر فقال: ما اسمك ؟ فقلت: مسروق بن الاجدع.
قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" الاجدع شيطان " (1) أنت مسروق بن عبدالرحمن.
قال الشعبي: فرأيته في الديوان (2)، مسروق بن عبدالرحمن.
وقال مالك بن مغول: سمعت أبا السفر، عن مرة، قال: ما ولدت همدانية مثل مسروق.
وقال أيوب الطائي، عن الشعبي، قال: ما علمت أن أحدا كان أطلب للعلم في أفق من الآفاق، من مسروق.
وقال منصور عن إبراهيم، قال: كان أصحاب عبد الله الذين يقرئون الناس ويعلمونهم السنة: علقمة، والاسود وعبيدة، ومسروقا، والحارث بن قيس، وعمرو بن شرحبيل.
وروى عبدالملك بن أبجر، عن الشعبي، كان مسروق أعلم بالفتوى من شريح، وكان شريح أعلم بالقضاء من مسروق، وكان شريح يستشير مسروقا، وكان مسروق لا يستشير شريحا.
وروى شعبة عن أبي إسحاق، حج مسروق فلم ينم إلا ساجدا على وجهه حتى رجع، وروى أنس بن سيرين، عن امرأة مسروق قالت: كان مسروق يصلي حتى تورم قدماه، فربما جلست أبكي مما أراه يصنع بنفسه.
المثنى القصير: عن محمد بن المنتشر، عن مسروق، قال: كنت مع أبي موسى أيام الحكمين، فسطاطي إلى جانبه، فأصبح الناس ذات يوم قد
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 31 وأبو داود (4957) في الادب باب تغيير الاسم القبيح، ومجالد: هو ابن سعيد فيه مقال.
وباقي رجاله ثقات.
(2) الديوان: الكتاب الذي يكتب فيه أسماء الجيش ؟ وأهل العطاء والعمال، وهو فارسي معرب، وأول من دون الديوان عمر رضي الله عنه.
(*)

(4/65)


لحقوا بمعاوية، فرفع أبو موسى رفرف فسطاطه وقال: يا مسروق، قلت:
لبيك، قال: إن الامارة ما أتمر فيها، وإن الملك ما غلب عليه بالسيف.
مجالد: عن الشعبي، عن مسروق، قالت عائشة: يا مسروق إنك من ولدي، وإنك لمن أحبهم إلي، فهل لك علم بالمخدج (1).
قال أبو السفر: ما ولدت همدانية مثل مسروق.
وقال الشعبي: لما قدم عبيدالله بن زياد الكوفة، قال: من أفضل الناس ؟ قالوا له: مسروق.
وقال ابن المديني: أنا ما أقدم على مسروق أحدا صلى خلف أبي بكر.
مجالد: عن الشعبي، قال مسروق: لان أفتي يوما بعدل وحق، أحب إلي من أن أغزو سنة.
قال إبراهيم بن محمد بن المنتشر: أهدى خالد بن عبد الله بن أسيد عامل البصرة إلى عمي مسروق ثلاثين ألفا، وهو يومئذ محتاج فلم يقبلها: وقال أبو إسحاق السبيعي: زوج مسروق بنته بالسائب بن الاقرع على عشرة آلاف لنفسه يجعلها في المجاهدين والمساكين.
الاعمش: عن أبي الضحى قال: غاب مسروق عاملا على السلسلة سنتين، ثم قدم، فنظر أهله في خرجه فأصابوا فأسا، فقالوا: غبت ثم جئتنا بفأس بلا عود، قال: إنا لله، استعرناها، نسينا نردها.
قال سعيد بن جبير، قال لي مسروق: ما بقي شئ يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب، وما آسى على شئ إلا السجود لله تعالى.
__________
(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخه 16 / 210 آ، وانظر خبر المخدج في صحيح مسلم (1066) (155) وصفحة 44 من هذا الجزء.
(*)

(4/66)


وقال الكلبي: شلت يد مسروق يوم القادسية، وأصابته آمة (1).
قال وكيع: تخلف عن علي مسروق، والاسود، والربيع بن خثيم (2)
وأبو عبد الرحمن السلمي.
ويقال: شهد صفين، فوعظ وخوف ولم يقاتل، وقيل: شهد قتال الحرورية مع علي، واستغفر الله من تأخره عن علي.
وقيل: إن قبره بالسلسلة بواسط.
قال أحمد بن حنبل، قال ابن عيينة: بقي مسروق بعد علقمة لا يفضل عليه أحد.
وقال يحيى بن معين: مسروق ثقة، لا يسأل عن مثله.
وسأل عثمان بن سعيد يحيى عن مسروق وعروة في عائشة، فلم يخير.
وقال علي بن المديني: ما أقدم على مسروق أحدا من أصحاب عبد الله صلى خلف أبي بكر ولقي عمر وعليا، ولم يرو عن عثمان (3) شيئا.
وقال العجلي: تابعي ثقة، كان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون ويفتون.
وكان يصلي حتى ترم قدماه.
وقال ابن سعد (4): كان ثقة له أحاديث صالحة.
روى سعيد بن عثمان التنوخي الحمصي، حدثنا علي بن الحسن السامي، حدثنا الثوري عن فطر بن خليفة، عن الشعبي، قال: غشي على مسروق في يوم صائف، وكانت عائشة قد تبنته، فسمى بنته عائشة.
وكان
__________
(1) الآمة: الشجة التي بلغت أم الرأس وهي الجلدة التي تجمع الدماغ.
(2) انظر ص 56 رقم (1).
3) سبق للمؤلف أن عد عثمان ممن حدث عنهم علقمة، انظر ص 64 رقم (3).
(4) في الطبقات 6 / 84.
(*)

(4/67)


لا يعصي ابنته شيئا.
قال: فنزلت إليه فقالت: يا أبتاه أفطر واشرب.
قال: ما أردت بي يا بنية ؟ قالت: الرفق، قال: يا بنية إنما طلبت الرفق لنفسي في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة.
قال أبو نعيم: مات سنة اثنتين وستين.
وقال يحيى بن بكير وابن سعد وابن نمير: مات سنة ثلاث وستين.
قال علي بن الجعد: حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، أن مسروقا كان لا يأخذ على القضاء أجرا، ويتأول هذه الآية (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) الآية.
[ التوبة: 111 ].
الاعمش: عن مسلم، عن مسروق، قال: كفى بالمرء علما أن يخشى الله تعالى: وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله.
منصور: عن هلال بن يساف، قال: قال مسروق: من سره أن يعلم علم الاولين والآخرين، وعلم الدنيا والآخرة، فليقرأ سورة الواقعة.
قلت: هذا قاله مسروق على المبالغة، لعظم ما في السورة من جمل أمور الدارين.
ومعنى قوله: فليقرأ الواقعة - أي: يقرأها بتدبر وتفكر وحضور، ولا يكن كمثل الحمار يحمل أسفارا.
عمرو بن مرة: عن الشعبي، قال: كان مسروق إذا قيل له: أبطأت عن علي وعن مشاهده، فيقول: أرأيتم لو أنه حين صف بعضكم لبعض فنزل بينكم ملك فقال: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) [ النساء: 29 ] أكان ذلك حاجزا لكم ؟ قالوا: نعم، قال: فوالله لقد نزل بها ملك كريم على لسان نبيكم، وإنها لمحكمة ما نسخها شئ (1).
قرأت على أبي المعالي، أحمد بن إسحاق بمصر: أخبركم الفتح بن
__________
(1) الخبر في تاريخ ابن عساكر 16 / 215 آ، بروايات مختلفة.
(*)

(4/68)


عبد الله الكاتب، أنبأنا محمد بن عمر القاضي، وأبو غالب محمد بن علي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، قالوا: أنبأنا محمد بن أحمد بن المسلمة، أنبأنا عبيدالله بن عبدالرحمن الزهري، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا الاعمش (ح) قال الفريابي: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الاعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أربع من كن فيه كان منافقا " زاد عثمان: " خالصا " ثم اتفقا " ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " أخرجه مسلم (1) عن أبي بكر به.
قال مجالد، عن الشعبي: إن مسروقا قال: لان أقضي بقضية وفق الحق أحب إلي من رباط سنة في سبيل الله.
أو قال: من غزو سنة.
قال أبو الضحى: سئل مسروق عن بيت شعر فقال: أكره أن أجد في صحيفتي شعرا.
حماد بن أبي سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: صليت خلف أبي بكر.

18 - سويد بن غفلة * (ع) ابن عوسجة بن عامر، الامام، القدوة، أبو أميد الجعفي الكوفي.
__________
(1) صحيح مسلم (58) (106) في الايمان، باب بيان خصال المنافق، وأخرجه البخاري 1 / 84 في الايمان باب علامات النفاق.
* طبقات ابن سعد 6 / 68، طبقات خليفة ت 1049، تاريخ البخاري 4 / 142، المعارف 427، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 234، الحلية 4 / 174، الاستيعاب ت 1120، أسد الغابة 2 / 379، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 240 = (*)

(4/69)


قيل: له صحبة، ولم يصح، بل أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع كتابه إليهم، وشهد اليرموك.
وحدث عن أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وبلال، وأبي ذر، وابن مسعود، وطائفة.
روى عنه أبو ليلى الكندي، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وسلمة بن كهيل، وعبدة بن أبي لبابة، وعبد العزيز بن رفيع، وميسرة أبو صالح، وجماعة سواهم.
وقيل: إنه من أقران رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السن، فقال نعيم بن ميسرة: حدثني بعضهم عن سويد بن غفلة: أنا لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدت عام الفيل.
زياد بن خيثمة، عن عامر الشعبي، قال: قال سويد بن غفلة: أنا أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين.
أحمد: حدثنا هشيم، أنبأنا هلال بن خباب، حدثنا ميسرة أبو صالح، عن سويد بن غفلة، قال: أتانا مصدق (1) النبي صلى الله عليه وسلم، فجلست إليه وسمعت عهده.
سفيان بن وكيع، عن يونس بن بكير، عن عمرو بن شمر، عن إبراهيم ابن عبدالاعلى عن سويد بن غفلة، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، أهدب الشعر، مقرون الحاجبين، واضح الثنايا، أحسن شعر وضعه الله على رأس إنسان.
__________
= تاريخ الاسلام 3 / 252، العبر 1 / 93، تذكرة الحفاظ 1 / 50، البداية والنهاية 9 / 37، الاصابة ت 3606، تهذيب التهذيب 4 / 278، النجوم الزاهرة 1 / 203، طبقات الحفاظ ص 17، خلاصة تذهيب الكمال 159، شذرات الذهب 1 / 90.
(1) المصدق: هو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها، وللخبر تتمة في طبقات ابن سعد 6 / 68.
(*)

(4/70)


أخرجه ابن مندة في " معرفة الصحابة " (1).
مبشربن إسماعيل، عن سليمان بن عبد الله بن الزبرقان، عن أسامة ابن أبي عطاء قال: كنت عند النعمان بن بشير، فدخل عليه سويد بن غفلة، فقال له النعمان بن بشير: ألم يبلغني أنك صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة ؟ قال: لا، بل مرارا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نودي بالاذان كأنه لايعرف أحدا من الناس.
هذا حديث ضعيف الاسناد (2) كالذي قبله.
وقد قال زهير بن معاوية: حدثنا الحارث بن مسلم بن الرحيل الجعفي، قال: قدم الرحيل وسويد بن غفلة حين فرغوا من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
محمد بن طلحة بن مصرف: عن عمران بن مسلم، قال: مر رجل من صحابة الحجاج على مؤذن قبيلة جعفى وهو يؤذن، فأتى الحجاج فقال: ألا تعجب من أني سمعت مؤذن الجعفيين يؤذن بالهجير ؟ قال: فأرسل، فجئ به، فقال: ماهذا ؟ قال: ليس لي أمر، إنما سويد بن غفلة الذي أمرني بهذا قال: فأرسل إلى سويد، فجئ به، فقال: ما هذه الصلاة ؟ قال: صليتها مع أبي بكر وعمر وعثمان، فلما ذكر عثمان جلس، وكان مضطجعا، فقال: أصليتها مع عثمان ؟ قال: نعم.
قال: لا تؤمن قومك، وإذا رجعت إليهم، فسب فلانا (4).
قال: نعم، سمع وطاعة.
فلما أدبر، قال الحجاج:
__________
(1) سفيان بن وكيع ضعيف، وعمرو بن شمر، قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي والدار قطني وغيرهما: متروك الحديث، وبعضهم اتهمه.
(2) قال المؤلف في الميزان: أسامة بن عطاء عن سويد بن غفلة لا يصح.
(3) انظر الخبر من طريق آخر في الاصابة ترجمة رحيل 2838.
(4) في تاريخ الاسلام (عليا) بدل (فلانا).
(*)

(4/71)


لقد عهد الشيخ الناس وهم يصلون الصلاة هكذا (1) !.
الخريبي: حدثنا علي بن صالح، قال: بلغ سويد بن غفلة عشرين ومئة سنة، لم ير محتبيا قط، ولا متساندا، وأصاب بكرا، يعني في العام الذي توفي فيه.
وقال عاصم بن كليب: تزوج سويد بن غفلة بكرا وهو ابن مئة وست عشرة سنة.
وعن عمران بن مسلم، قال: كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أعطي فلان وولي فلان قال: حسبي كسرتي وملحي.
عن علي بن المديني قال: دخلت منزل أحمد بن حنبل، فما شبهته إلا بما وصف من بيت سويد بن غفلة، من زهده وتواضعه رحمه الله.
عن ميسرة: عن سويد بن غفلة، قال: صليت مع مصدق النبي صلى الله عليه وسلم لما أتانا.
وروى الوليد بن علي عن أبيه، قال: كان سويد بن غفلة يؤمنا في شهر رمضان في القيام، وقد أتى عليه عشرون ومئة سنة.
قال أبو عبيد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وهارون بن حاتم: مات سويد سنة إحدى وثمانين.
وقال أبو حفص الفلاس: مات سنة اثنتين وثمانين.
وقد ذكره صاحب الحلية مختصرا (2).
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران بنابلس، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة خمس عشرة وست مئة، أنبأنا أبو شجاع محمد بن الحسين المادرائي (3)
__________
(1) الخبر في طبقات ابن سعد 6 / 69 والحلية 4 / 175 مختصرا.
(2) الحلية 4 / 175.
(3) في الاصل: " مادراني " بالنون، وما أثبتناه من " مختصر ابن الدبيثي " للمؤلف.
هذه
النسبة إلى " مادرايا " قرية فوق واسط من أعمال فم الصلح ذكرها ياقوت في " معجم البلدان " بالذال المعجمة وصوبها غير واحد بالدال المهملة، انظر " الاكمال " 1 / 406.
(*)

(4/72)


بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد النرسي، حدثنا محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن سويد بن غفلة، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات لا يشرك بالله شيئا، دخل الجنة " قلت: يا رسول الله، وإن زنى وإن سرق ؟ قال: " وإن زنى وإن سرق " ثلاث مرات.
هذا حديث عال، متصل الاسناد، وهو في " الصحيحين " (1) من طريق زيد بن وهب، وأبي الاسود الدؤلي، عن أبي ذر.
وإنما المحفوظ رواية شعبة وجرير الضبي عن عبد العزيز بن رفيع، عن زيد بن وهب والله أعلم.

19 - أبو تميم الجيشاني * (م - ت - س - ق) من أئمة التابعين بمصر.
واسمه عبد الله بن مالك بن أبي الاسحم، وهو أخو سيف.
ولدا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقدما المدينة زمن عمر.
حدث عن عمر، وعلي، وأبي ذر، ومعاذ بن جبل، وقرأ القرآن على معاذ.
روى عنه عبد الله بن هبيرة، وكعب بن علقمة، ومرثد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وغيرهم.
قال يزيد بن أبي حبيب: كان من أعبد أهل مصر.
__________
(1) أخرجه البخاري في الجنائز واللباس.
ومسلم (153، 154) (94) في كتاب الايمان والترمذي (2646).
* طبقات ابن سعد 7 / 510 طبقات خليفة ت 2838، تاريخ البخاري 5 / 203، المعرفة والتاريخ 2 / 487، 492، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 171، الاستيعاب ت
2879، أسد الغابة 5 / 152، وتهذيب الكمال ص 830 و 1594، تاريخ الاسلام 3 / 207، العبر 1 / 88، الاصابة في قسم الكنى ت 161، تهذيب التهذيب 5 / 379، خلاصة تذهيب الكمال 211، شذرات الذهب 1 / 84.
(*)

(4/73)


المقرئ: حدثنا ابن لهيعة، حدثني ابن هبيرة، سمعت أبا تميم الجيشاني، يقول: أقرأني معاذ القرآن حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن.
(1).
وروى الاعمش، عن إبراهيم قال: قال ابن مسعود: جاء معاذ فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " أقرئه " فأقرأته ماكان معي.
ثم كنت أنا وهو إلى رسول الله يقرئنا.
قال سعيد بن عفير: توفي أبو تميم سنة سبع وسبعين (2).

20 - أبو سالم الجيشاني * (م - د - س) سفيان بن هانئ المصري.
[ روى ] عن أبي ذر، وعلي، وزيد بن خالد.
وعنه ابنه سالم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيدالله بن أبي جعفر وحفيده سعيد بن سالم.
شهد فتح مصر.

21 - مرة الطيب * * (ع) ويقال له أيضا: مرة الخير لعبادته وخيره وعلمه، وهو مرة بن شراحيل الهمداني الكوفي، مخضرم كبير الشأن.
__________
(1) رجاله ثقات، والمقرئ: هو عبد الله بن يزيد، وروايته عن ابن لهيعة صحيحة.
(2) وقيل: سنة ثمان وسبعين، انظر طبقات ابن سعد 7 / 510 وفي تهذيب التهذيب 4 / 122 قال ابن يونس: توفي بالاسكندرية في إمرة عبد العزيز بن مروان.
* تاريخ البخاري 4 / 87، المعرفة والتاريخ 2 / 463، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 219، أسد الغابة 2 / 322، تهذيب الكمال ص 517، و 1613، تاريخ الاسلام
3 / 217، و 318، الاصابة ت 3689، تهذيب التهذيب 4 / 122، خلاصة تذهيب الكمال 146 * * طبقات ابن سعد 6 / 116، طبقات خليفة ت 1071، تاريخ البخاري 8 / 5، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع.
366، الحلية 4 / 161، تهذيب الكمال ص 1316، تاريخ الاسلام 3 / 303، تذكرة الحفاظ 1 / 63، تهذيب التهذيب 10 / 88، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 26، خلاصة تذهيب الكمال 372، طبقات المفسرين للداودي 2 / 317.
(*)

(4/74)


حدث عن أبي بكر الصديق، وعمر، وأبي ذر، وابن مسعود، وأبي موسى الاشعري، وجماعة، حدث عنه أسلم الكوفي، وزبيد اليامي، وحصين بن عبدالرحمن، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين.
وبلغنا عنه أنه سجد لله حتى أكل التراب جبهته.
سفيان بن عيينة: سمعت عطاء بن السائب يقول: رأيت مصلى مرة الهمداني مثل مبرك البعير.
ونقل عطاء أو غيره أن مرة كان يصلي في اليوم والليلة ست مئة.
قلت: ما كان هذا الولي يكاد يتفرغ لنشر العلم، ولهذا لم تكثر روايته، وهل يراد من العلم إلا ثمرته.
مات سنة نيف وثمانين رحمه الله بالكوفة (1).

22 - الحارث بن قيس * (س) الجعفي الكوفي العابد الفقيه، قديم الوفاة، صحب عليا، وابن مسعود وقلما روى.
روى عنه خيثمة بن عبد الرحمن (2) قوله: إذا كنت في الصلاة، فقال
لك الشيطان: إنك ترائي، فزدها طولا.
__________
(1) في طبقات خليفة 1 / 339: مات سنة ست أو سبع وسبعين.
* طبقات ابن سعد 6 / 167، طبقات خليفة ت 1173، تاريخ البخاري 2 / 279، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 86، الحلية 4 / 132، تهذيب الكمال ص 219، تاريخ الاسلام 2 / 215، طبقات القراء لابن الجزري ت 924، تهذيب التهذيب 2 / 154، خلاصة تذهيب الكمال 68.
(2) عبارة المؤلف في تاريخ الاسلام 2 / 215: " ولا يكاد يوجد له حديث مسند، بل روى عنه خيثمة بن عبدالرحمن قال: إذا كنت.
الخ..".
(*)

(4/75)


وحكى عنه يحيى بن هانئ، وأبو داود الاعمى، وكان كبير القدر، ذا عبادة وتأله.
يذكر مع علقمة، والاسود.
توفي زمن معاوية، وصلى عليه أبو موسى الاشعري رضي الله عنه (1).

23 - جبير بن نفير * (م 4) ابن مالك بن عامر، الامام الكبير، أبو عبد الرحمن الحضرمي الحمصي.
أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عن أبي بكر - فيحتمل أنه لقيه - وعن عمر والمقداد، وأبي ذر، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وعائشة، وأبي هريرة، وعدة.
روى عنه ولده عبدالرحمن، ومكحول، وخالد بن معدان، وأبو الزاهرية حدير بن كريب، وربيعة بن يزيد، وشرحبيل بن مسلم، وسليم بن عامر، وآخرون.
روى سليم بن عامر عنه قال: استقبلت الاسلام من أوله، فلم أزل أرى
في الناس صالحا وطالحا (2).
وكان جبير من علماء أهل الشام.
سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثني بشير بن كريب
__________
(1) نقل المؤلف في تاريخ الاسلام 2 / 215 قول ابن المديني: قتل الحارث مع علي.
* طبقات ابن سعد 7 / 440، طبقات خليفة ت 2896، تاريخ البخاري 2 / 223، المعرفة والتاريخ 2 / 307، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 512، الحلية 5 / 133، الاستيعاب ت 314، أسد الغابة 1 / 273، تهذيب الكمال ص 186، تاريخ الاسلام 3 / 145.
، تذكرة الحفاظ 1 / 49، العبر 1 / 91، البداية والنهاية 9 / 33، الاصابة ت 1274، تهذيب التهذيب 2 / 64، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 16، خلاصة تذهيب الكمال 61، شذرات الذهب 1 / 88.
(2) في الاصل: صائحا.
والتصويب من تاريخ الاسلام وطبقات ابن سعد 3 / 145 و 7 / 440.
(*)

(4/76)


الاملوكي، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، قال: دخلت على أبي الدرداء وبين يديه جفنة من لحم فقال: اجلس، فكل، فإن كنيسة في ناحيتنا أهدى لنا أهلها مما ذبحوا لها، فأكلت معه.
فيه: أن ما ذبح لمعبد مباح، إنما يحرم علينا ما ذبح على نصب.
بقية: حدثنا علي بن زبيد الخولاني، عن مرثد بن سمي، عن جبير بن نفير، أن يزيد بن معاوية كتب إلى أبيه، أن جبير بن نفير قد نشر في مصري حديثا، فقد تركوا القرآن، قال: فبعث إلى جبير، فجاء، فقرأ عليه كتاب يزيد، فعرف بعضه وأنكر بعضه، فقال معاوية: لاضربنك ضربا أدعك لمن بعدك نكالا، قال: يا معاوية لا تطغ في، إن الدنيا قد انكسرت عمادها، وانخسفت أوتادها، وأحبها أصحابها، قال: فجاء أبو الدرداء، فأخذ بيد جبير
وقال: لئن كان تكلم به جبير لقد تكلم به أبو الدرداء، ولو شاء جبير أن يخبر أنما سمعه مني، لفعل، ولو ضربتموه، لضربكم الله بقارعة تترك دياركم بلاقع.
هذا خبر منكر لم يكن لجبير ذكر بعد في زمن أبي الدرداء، بل كان شابا يتطلب العلم، وأيضا فكان يزيد في آخر مدة أبي الدرداء طفلا عمره خمس سنين، ولعل (1) قد جرى شئ من ذلك.
وممن روى جبير عنهم مالك بن يخامر السكسكي، وأبو مسلم الخولاني، وأم الدرداء.
وكان هو وكثير بن مرة من أئمة التابعين بحمص وبدمشق، قال بتوثيقهما غير واحد.
قال أبو عبيد وأبو حسان الزيادي: مات جبير بن نفير في سنة خمس
__________
(1) عبارة المؤلف في تاريخ الاسلام 3 / 146: ولعل بعضه قد جرى.
(*)

(4/77)


وسبعين، وأما ابن سعد، وشباب، وعلي بن عبد الله التميمي، فقالوا: توفي سنة ثمانين.

24 - عبدالرحمن بن يزيد * (ع) ابن قيس، الامام الفقيه، أبو بكر النخعي، أخو الاسود بن يزيد، حدث عن عثمان وابن مسعود، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وجماعة.
روى عنه إبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي، وعمارة بن عمير، وجامع بن شداد، ومنصور بن المعتمر، وابنه محمد بن عبدالرحمن، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين، وغيره.
مات بعد الثمانين وقد شاخ.
وقال ابن سعد: روى عن عمر، وعبد الله.
قال إسماعيل بن أبي
خالد عن محمد بن عبدالرحمن، عن أبيه: رأيت عمر مسح على خفيه.
وقال أبو صخرة: رأيت على عبدالرحمن بن يزيد (1) عمامة سوداء.

25 - ابنه: محمد بن عبدالرحمن * * (4) النخعي، يروي عن أبيه، وعن عمه الاسود، وعن عم أبيه علقمة، وعنه زبيد اليامي والحكم، ومنصور، والاعمش والحسن بن عمرو الفقيمي.
وثقه ابن معين وغيره.
وقال أبو زرعة: رفيع القدر من الجلة، وقال حسين الجعفي: كان يقال له: الكيس لتلطفه في العبادة.
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 121، طبقات خليفة ت 1056، تاريخ البخاري 5 / 363، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 299، تهذيب الكمال ص 830، تاريخ الاسلام 3 / 274، تهذيب التهذيب 6 / 299، النجوم الزاهرة 1 / 204، خلاصة تذهيب الكمال 236.
(1) في الاصل: الاسود، والتصيح من الطبقات 6 / 121 و 122.
* * طبقات ابن سعد 6 / 298، تهذيب الكمال ص 1232، تاريخ الاسلام 4 / 51، تهذيب التهذيب 9 / 308، خلاصة تذهيب الكمال 394.
(*)

(4/78)


26 - عمرو بن الاسود * (خ - م) العنسي، ويقال له: عمير بن الاسود، أبو عياض، ويقال: أبو عبد الرحمن الحمصي، نزيل داريا، أدرك الجاهلية والاسلام، وكان من سادة التابعين دينا وورعا.
حدث عن عمر، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأم حرام بنت ملحان الشهيدة، والعرباض بن سارية، وغيرهم.
حدث عنه: مجاهد، وخالد بن معدان، وأبو راشد الحبراني، ويونس ابن سيف.
قال أبو زرعة الدمشقي وأبو الحسن بن سميع: عمرو بن الاسود هو عمير يكنى أبا عياض.
قلت: حديثه في الجهاد من " صحيح البخاري " (1) عمير بن الاسود، وجعلهما ابن سعد اثنين.
بقية: عن صفوان بن عمرو، عن عبدالرحمن بن جبير، قال: حج عمرو بن الاسود، فلما انتهى إلى المدينة، نظر إليه ابن عمرو هو يصلي فسأل عنه، فقيل: شامي يقال له: عمرو بن الاسود، فقال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة ولاهديا ولا خشوعا ولا لبسة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل (2).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 442، تاريخ البخاري 6 / 315، المعرفة والتاريخ 2 / 314 و 348، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 220، الحلية 5 / 155، تاريخ ابن عساكر 13 / 196 آ، أسد الغابة 4 / 84، تهذيب الكمال ص 1030، تاريخ الاسلام 3 / 194، الاصابة ت 6526، تهذيب التهذيب 8 / 4، خلاصة تذهيب الكمال 287.
(1) في كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في قتال الروم 3 / 232.
(2) ابن عساكر 13 / 197 ب.
(*)

(4/79)


عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا بقية، عن أرطاة بن المنذر، حدثني رزيق أبو عبد الله الالهاني، أن عمرو بن الاسود قدم المدينة فرآه ابن عمر يصلي فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلينظر إلى هذا، ثم بعث إليه بقرى وعلف ونفقة، فقبل ذلك ورد النفقة.
أحمد في " مسنده ": حدثنا أبو اليمان، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، وحكيم بن عمير، قالا، قال عمر بن الخطاب: من سره أن
ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلينظر إلى هدي عمرو بن الاسود (1).
إسماعيل بن عياش ومحمد بن حرب، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة وحده عن عمرو بن الاسود: أنه مر على عمر.
إسماعيل بن عياش: حدثني شرحبيل بن مسلم، عن عمرو بن الاسود العنسي، أنه كان يدع كثيرا من الشبع مخافة الاشر.
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق: أنبأنا الفتح بن عبد السلام، أنبأنا أبو غالب محمد بن علي، وأبو الفضل الارموي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، قالوا: أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، أنبأنا عبيدالله ابن عبدالرحمن الزهري، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ؟ ؟، حدثنا إبراهيم بن العلاء الحمصي، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد (2)، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الاسود العنسي، أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك فقال: مخافة أن تنافق يدي.
__________
(1) مسند أحمد 1 / 18 - 19.
(2) كذا الاصل، وهو كذلك في اللباب.
وفي تاريخ الاسلام 3 / 195، وتهذيب الكمال وخلاصة تذهيب الكمال والتهذيب والتقريب: بحير بن سعيد.
(*)

(4/80)


قلت: يمسكها خوفا من أن يخطر بيده في مشيته، فإن ذلك من الخيلاء (1).
توفي في خلافة عبدالملك بن مروان.

27 - أما عمير بن هانئ العنسي * الداراني، فتابعي صغير جليل، ولي الخراج بدمشق لعمر بن عبد العزيز، وقد سار رسولا إلى الحجاج وهو يحاصر ابن الزبير.
وروى عن ابن
عمر، وله ترجمة مطولة في تاريخ دمشق.
قتل، وأتي برأسه إلى مروان الحمار في سنة سبع وعشرين ومئة رحمه الله.

28 - أبو الأسود * * (ع) الدؤلي، ويقال: الديلي.
العلامة الفاضل، قاضي البصرة.
واسمه ظالم بن عمرو على الاشهر (2).
ولد في أيام النبوة.
__________
(1) ربما يكون قول الذهبي هذا مستقى من عبارة ابن عساكر في نهاية الخبر 13 / 198 ب، حيث قال:..يعني كي لا يخطر بها في مشيته فيعجب فيكون نفاقا.
ا ه.
* تاريخ البخاري ت 3236، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 378، الحلية 5 / 157، تاريخ ابن عساكر 13 / 343 ب، تهذيب الكمال ص 1064، تاريخ الاسلام 5 / 119، العبر 1 / 164، تهذيب التهذيب 8 / 149، خلاصة تذهيب الكمال 297، شذرات الذهب 1 / 173.
* * طبقات ابن سعد 7 / 99، طبقات خليفة ت 1515، تاريخ البخاري 6 / 334، المعارف 434، الكنى للدولابي 107، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 503، مراتب النحويين 11، الاغاني 12 / 297، أخبار النحويين البصريين 13، معجم الشعراء للمرزباني 67.
، طبقات النحويين 21، الفهرست لابن النديم 39، سمط اللآلي 66، تاريخ ابن عساكر 8 / 303 آ، نزهة الالباء 1 / 8، معجم الادباء 12 / 34، أسد الغابة 3 / 69، إنباه الرواة 1 / 13، وفيات الاعيان 2 / 535، تهذيب الكمال ص 632، 1580، تاريخ الاسلام 3 / 94، العبر 1 / 77، البداية والنهاية 8 / 312، طبقات القراء لابن الجزري ت 1493، الاصابة ت 4329، و 4333 - كنى ت 88 و 99، تهذيب التهذيب 12 / 10، النجوم الزاهرة 1 / 184، بغية الوعاة 2 / 22، خلاصة تذهيب الكمال 443، خزانة الادب 1 / 136، تهذيب ابن عساكر 7 / 104.
2) يراجع في الخلاف حول اسمه طبقات ابن سعد 7 / 99 وطبقات خليفة ت 1515، ومعجم = (*)

(4/81)


وحدث عن عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي ذر، وعبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وطائفة.
وقال أبو عمرو الداني: قرأ القرآن على عثمان، وعلي.
قرأ عليه ولده أبو حرب ونصر بن عاصم الليثي، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر.
قلت: الصحيح أن حمران هذا إنما قرأ على أبي حرب بن أبي الاسود نعم.
وحدث عنه ابنه، ويحيى بن يعمر، وابن بريدة، وعمر مولى غفرة، وآخرون.
قال أحمد العجلي: ثقة، كان أول من تكلم في النحو.
وقال الواقدي: أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال غيره: قاتل أبو الأسود يوم الجمل مع علي بن أبي طالب، وكان من وجوه الشيعة، ومن أكملهم عقلا ورأيا.
وقد أمره علي رضي الله عنه بوضع شئ في النحو لما سمع اللحن.
قال: فأراه أبو الأسود ما وضع، فقال علي: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، فمن ثم سمي النحو نحوا.
وقيل: إن أبا الاسود أدب عبيدالله ابن الامير زياد ابن أبيه.
ونقل ابن داب أن أبا الاسود وفد على معاوية بعد مقتل علي، فأدنى مجلسه وأعظم جائزته.
قال محمد بن سلام الجمحي (1): أبو الأسود هو أول من وضع باب
__________
(1) = الادباء 2 / 34 واللباب 1 / 429، و 430 وإنباه الرواة 1 / 3 والمزهر 2 / 263 وبغية الوعاة 2 / 22.
(1) في طبقات فحول الشعراء 12.
(*)

(4/82)


الفاعل والمفعول والمضاف، وحرف الرفع والنصب والجر والجزم، فأخذ
ذلك عنه يحيى بن يعمر.
قال أبو عبيدة: أخذ أبو الأسود عن علي العربية.
فسمع قارئا يقرأ (أن الله برئ، من المشركين ورسوله (1)) [ التوبة: 3 ] فقال: ما ظننت أن أمر الناس قد صار إلى هذا، فقال لزياد الامير: ابغني كاتبا لقنا (2) فأتى به فقال له أبو الاسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي، فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت، فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة فاجعل مكان النقطة نقطتين.
فهذا نقط أبي الاسود (3).
وقال المبرد (4): حدثنا المازني قال: السبب الذي وضعت له أبواب النحو أن بنت أبي الاسود قالت له: ما أشد الحر ! فقال: الحصباء بالرمضاء، قالت: إنما تعجبت من شدته.
فقال: أوقد لحن الناس ؟ ! فأخبر بذلك عليا رضي الله عنه فأعطاه أصولا بنى منها، وعمل بعده عليها.
وهو أول من نقط المصاحف، وأخذ عنه النحو عنبسة الفيل، وأخذ عن عنبسة ميمون الاقرن، ثم أخذه عن ميمون عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وأخذه عنه عيسى بن عمر، وأخذه عنه الخليل بن أحمد، وأخذه عنه سيبويه، وأخذه عنه سعيد الاخفش (5).
يعقوب الحضرمي: حدثنا سعيد بن سلم الباهلي، حدثنا أبي، عن
__________
(1) أي: بكسر اللام.
(2) اللقن: سريع الفهم.
(3) الخبر في تاريخ الاسلام 3 / 95، وانظره مفصلا في صبح الاعشى 3 / 160.
(4) انظر الاغاني 12 / 298، وطبقات النحويين 21، وتاريخ الاسلام 3 / 95.
(5) هو الاخفش الاوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي المتوفى 215 ه.
(*)

(4/83)


جدي، عن أبي الاسود قال: دخلت على علي، فرأيته مطرقا، فقلت: فيم تتفكر يا أمير المؤمنين ؟ قال: سمعت ببلدكم لحنا فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية.
فقلت: إن فعلت هذا، أحييتنا.
فأتيته بعد أيام، فألقى إلي صحيفة فيها.
الكلام كله اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل، ثم قال لي: زده وتتبعه، فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه.
عمر بن شبة: حدثنا حيان بن بشر، حدثنا يحيى بن آدم، عن ابي بكر، عن عاصم، قال: جاء أبو الأسود إلى زياد فقال: أرى العرب قد خالطت العجم فتغيرت ألسنتهم، أفتأذن لي أن أضع للعرب كلاما يقيمون به كلامهم ؟ قال: لا، قال: فجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الامير، توفي أبانا وترك بنون.
فقال: ادع لي أبا الاسود.
فدعي فقال: ضع للناس الذي نهيتك عنه.
قال الجاحظ: (1) أبو الأسود مقدم في طبقات الناس، كان معدودا في الفقهاء والشعراء، والمحدثين، والاشراف، والفرسان، والامراء، والدهاة، والنحاة، والحاضري الجواب، والشيعة، والبخلاء، والصلع الاشراف.
ومن تاريخ دمشق (2): أبو الأسود ظالم بن عمرو بن ظالم.
وقيل: جده سفيان.
ويقال: هو عثمان بن عمرو، ويقال: عمرو بن ظالم، وأنه ولي قضاء البصرة زمن علي.
__________
(1) في البيان والتبيين 1 / 324 بلفظ مختلف وانظر الاغاني 12 / 99 ومعجم الادباء 12 / 34 وتاريخ الاسلام 3 / 96 وبغية الوعاة 2 / 22 وخزانة الادب 1 / 136.
(2) لابن عساكر 8 / 303 ب وما بعدها.
(*)

(4/84)


قال الحازمي: أبو الاسود الدولي منسوب إلى دول بن حنيفة بن لجيم.
وقال أبو اليقظان: الدول بضم الدال وسكون الواو من بكر بن وائل.
عددهم كثير، منهم فروة بن نفاثة، صاحب بعض الشام في الجاهلية.
وزعم يونس أن الدول امرأة من كنانة، وهم رهط أبي الاسود وأما بنو عدي بن الدول، فلهم عدد كثير بالحجاز، منهم عمرو بن جندل والد أبي الاسود ظالم، وأمه من بني عبد الدار بن قصي.
وقال ابن حبيب: في عنزة الدول بن سعد مناة.
وفي ضبة الدول بن جل.
قال أبو محمد بن قتيبة (1): الدول في بني حنيفة، والديل (2) في بني عبد القيس.
والدئل بالهمز في كنانة، منهم أبو الأسود الدئلي.
وقال أبو علي الغساني (3): أبو الأسود الدؤلي على زنة العمري - هكذا يقول البصريون - منسوب إلى دؤل حي من كنانة.
وقال عيسى بن عمر، بالكسر على الاصل، وكان جماعة يقولونه: الديلي.
وقال ابن فارس: الدؤلي بضم الدال وفتح الهمزة، قبيلة من كنانة.
قال: والدئل - يعني بكسر الهمزة - في عبدالقيس.
وقال أبو عبد الله البخاري: الديل من بني حنيفة، والدول من كنانة.
وقال محمد بن سلام الجمحي (4): أبو الاسود الدئلي بضم الدال وكسر الهمزة.
وقال المبرد (5): بضم الدال وفتح الهمزة، من الدئل بالكسر وهي دابة، امتنعوا من الكسر لئلا يوالوا بين الكسرات كما قالوا في النمر: النمري.
__________
(1) في " المعارف " 115، وانظر سمط اللآلي 66.
(2) في الاصل بكسر الدال غير مهموز، وعند ابن قتيبة في " المعارف " الدئل بالهمز.
وما أثبتناه
من الاشتقاق 325 وجمهرة أنساب العرب 299 وهو موافق للاصل.
(3) انظر اللباب 1 / 430.
(4) في طبقات فحول الشعراء ص 12.
(5) انظر إنباه الرواة 1 / 14.
(*)

(4/85)


قال ابن حبيب (1): في تغلب الديل وفي عبدالقيس، وفي إياد، وفي الازد.
انتهى ما نقله الحازمي.
فيجئ في أبي الاسود: الدولي، والديلي، والدؤلي، والدئلي.
وقال ابن السيد: الدئل بكسر الهمزة، لا أعلم فيه خلافا.
وقد قال غير واحد: إن ابن ماكولا والحازمي وهما في أن فروة بن نفاثة من الدول، بل هو جذامي.
وجذام والدول لا يجتمعان إلا في سبأ بن يشجب (2).
قال يحيى بن معين: مات أبو الأسود في طاعون الجارف (3) سنة تسع وستين، وهذا هو الصحيح.
وقيل: مات قبيل ذلك.
وعاش خمسا وثمانين سنة.
وأخطأ من قال: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.

29 - الاحنف بن قيس * (ع) ابن معاوية بن حصين، الامير الكبير، العالم النبيل، أبو بحر التميمي، أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) انظر اللسان والتاج مادة (د أ ل).
(3) وقع طاعون الجارف بالبصرة في أول سنة تسع وستين زمن ابن الزبير، فأتى على أهلها إلا قليلا منهم عجزوا عن نقل الموتى لكثرتهم، وسمي بالجارف لانه جرف الناس كالسيل، فقيل: إنه كان يموت في كل يوم سبعون ألفا، وصارت الوحوش تدخل البيوت فتصيب منهم، وقيل: لم
يحضر الجمعة إلا سبعة نفر وامرأة.
اه، مختصرا عن تاريخ الاسلام 2 / 383 والتاج مادة (جرف).
* طبقات ابن سعد 7 / 93، طبقات خليفة ت 1555، تاريخ البخاري 2 / 50، المعارف 423، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 322، أخبار أصبهان 1 / 224، الاستيعاب ت 160، تاريخ ابن عساكر 8 / 210 ب، أسد الغابة 1 / 55، وفيات الاعيان 2 / 499، تهذيب الكمال ص 72، تاريخ الاسلام 3 / 129، العبر 1 / 80، البداية والنهاية 8 / 326، الاصابة ت 429، تهذيب التهذيب 1 / 191، النجوم الزاهرة 1 / 184، خلاصة تذهيب الكمال 44، شذرات الذهب 1 / 78، تهذيب ابن عساكر 7 / 10.
(*)

(4/86)


اسمه ضحاك، وقيل: صخر، وشهر بالاحنف لحنف رجليه، وهو العوج والميل.
كان سيد تميم.
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ووفد على عمر.
حدث عن عمر، وعلي، وأبي ذر، والعباس، وابن مسعود، وعثمان بن عفان وعدة.
وعنه: عمرو بن جاوان، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وطلق ابن حبيب وعبد الله بن عميرة، ويزيد بن الشخير، وخليد العصري، وآخرون.
وهو قليل الرواية.
كان من قواد جيش علي يوم صفين.
قال ابن سعد (1): كان ثقة مأمونا، قليل الحديث وكان صديقا لمصعب ابن الزبير، فوفد عليه إلى الكوفة، فما عنده بالكوفة.
قال سليمان بن أبي شيخ: كان أحنف الرجلين جميعا، ولم يكن له إلا بيضة واحدة، واسمه صخر بن قيس أحد بني سعد.
وأمه باهلية، فكانت ترقصه وتقول: والله لولا حنف برجله * وقلة أخافها من نسله
ما كان في فتيانكم من مثله قال أبو أحمد الحاكم: هو افتتح مرو الروذ (2).
وكان الحسن وابن سيرين في جيشه ذاك.
قلت: هذا فيه نظر.
هما يصغران (3) عن ذلك.
__________
(1) في الطبقات 7 / 93 و 97.
(2) مرو الروذ، مدينة تقع في الجانب الشرقي لنهر مورغاب، وهي تبعد نحوا من مئة وستين ميلا فوق مدينة مرو الكبرى في خراسان اه، بتصرف عن بلدان الخلافة الشرقية 447.
(3) في الاصل: (يصبوان) وهو تحريف، وقد نبه المؤلف لصغرهما لانه عندما فتحت مرو = (*)

(4/87)


حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الاحنف بن قيس، قال: بينا أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان إذ لقيني رجل من بني ليث، فأخذ بيدي، فقال: ألا أبشرك ؟ قلت: بلى.
قال: أما تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الاسلام، فجعلت أخبرهم، وأعرض عليهم، فقلت: إنه يدعو إلى خير وما أسمع إلا حسنا ؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اللهم اغفر للاحنف " فكان الاحنف يقول: فما شئ أرجى عندي من ذلك.
رواه أحمد في " مسنده " (1).
العلاء بن الفضل المنقري: حدثنا العلاء بن جرير، حدثني عمر بن مصعب بن الزبير عن عمه عروة، حدثني الاحنف، أنه قدم على عمر بفتح تستر فقال: قد فتح الله عليكم تستر وهي من أرض البصرة.
فقال رجل من المهاجرين: يا أمير المؤمنين، إن هذا - يعني الاحنف - الذي كف عنا بني مرة حين بعثنا رسول الله في صدقاتهم، وقد كانوا هموا بنا.
قال الاحنف: فحبسني عمر عنده سنة يأتيني في كل يوم وليلة، فلا يأتيه عني إلا ما يحب، ثم
دعاني فقال: يا أحنف هل تدري لم حبستك عندي ؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين.
قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا كل منافق عليم (2)، فخشيت أن تكون منهم، فاحمد الله يا أحنف.
حماد: عن ابن جدعان، عن الحسن، عن الاحنف، قال: احتبسني
__________
= الروذ عام 32 ه كان عمر الحسن أحد عشر عاما، وكانت ولادة ابن سيرين في السنة التالية لفتح المدينة.
(1) مسند أحمد 5 / 372 وعلي بن زيد: هو ابن جدعان ضعيف.
وأخرجه الحاكم في المستدرك 3 / 614.
(2) أخرج أحمد 1 / 22 و 44 من طريق ديلم بن غزوان العبدي، حدثنا ميمون الكردي، عن أبي عثمان النهدي، قال: إني لجالس تحت منبر عمر، وهو يخطب الناس، فقال في خطبته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أخوف ما أخاف على هذه الامة، كل منافق عليم اللسان " وسنده = (*)

(4/88)


عمر عنده حولا، وقال: قد بلوتك وخبرتك فرأيت علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدث، إنما يهلك هذه الامة كل منافق عليم.
قال العجلي: الاحنف بصري ثقة، كان سيد قومه، وكان أعور أحنف، دميما قصيرا كوسجا (1)، له بيضة واحدة، حبسه عمر سنة يختبره فقال: هذا والله السيد.
معمر: عن قتادة، قال: قدم الاحنف فخطب فأعجب عمر منطقه، قال: كنت أخشى أن تكون منافقا عالما، فانحدر إلى مصرك، فإني أرجو أن تكون مؤمنا.
وعن الاحنف قال: كذبت مرة واحدة، سألني عمر عن ثوب: بكم
أخذته، فأسقطت ثلثي الثمن.
يونس بن بكير: حدثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي قال: وفد أبو موسى وفدا من البصرة إلى عمر، منهم الاحنف بن قيس، فتكلم كل رجل في خاصة نفسه، وكان الاحنف في آخر القوم، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين، فإن أهل مصر نزلوا منازل فرعون وأصحابه، وإن أهل الشام نزلوا منازل قيصر وأصحابه، وإن أهل الكوفة نزلوا منازل كسرى، ومصانعه في الانهار والجنان، وفي مثل عين البعير وكالحوار في السلى (2)، تأتيهم ثمارهم قبل أن تبلغ، وإن أهل البصرة نزلوا في أرض سبخة، زعقة،
__________
= قوي، وله شاهد من حديث عمران بن حصين عند ابن حبان (91) وسنده صحيح.
(1) يعني: لا شعر على عارضيه أو نقي الخدين من الشعر.
(2) الحوار: ولد الناقة ساعة وضعه، أو حين يوضع إلى أن يفطم.
والسلى: الجلد الرقيق الذي يخرج منه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه وأراد بعين البعير الخصب.
(*)

(4/89)


نشاشة (1) لا يجف ترابها، ولا ينبت مرعاها، طرفها في بحر أجاج، وطرف في فلاة، لا يأتينا شئ إلا في مثل مرئ (2) النعامة، فارفع خسيستنا وانعش وكيستنا، وزد في عيالنا عيالا، وفي رجالنا رجالا، وصغر درهمنا، وكبر قفيزنا، ومر لنا بنهر نستعذب منه.
فقال عمر: عجزتم أن تكونوا مثل هذا، هذا والله السيد.
قال فما زلت أسمعها بعد.
وفي رواية: في مثل حلقوم النعامة (3).
قال خليفة (4): توجه ابن عامر (5) إلى خراسان، وعلى مقدمته الاحنف، فلقي أهل هراة فهزمهم، فافتتح ابن عامر أبرشهر (6) صلحا - ويقال عنوة - وبعث الاحنف في أربعة آلاف، فتجمعوا له مع طوقان شاه، فاقتتلوا قتالا شديدا، فهزم الله المشركين.
قال ابن سيرين: كان الاحنف يحمل، ويقول: إن على كل رئيس حقا * أن يخضب القناة أو تندقا (7)
__________
(1) سبخة: ذات نز وملح.
ويقال: بئر زعقة إذا كان ماؤها مرا غليظا.
ونشاشة: نزازة، لان السبخة ينز ماؤها فينش ويعود ملحا.
اه تاج.
(2) في الاصل: (سرى) وهو تصحيف، وما أثبتناه من النهاية لابن الاثير وفيه: المرئ: مجرى الطعام، وإنما خص النعام لدقة عنقه.
(3) انظر الخبر في الطبري 4 / 75 وتاريخ ابن عساكر 8 / 214 آ، والفائق للزمخشري 1 / 345.
(4) في تاريخه ص 164.
(5) هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة الاموي الذي افتتح فارس وخراسان وكابل، وهو ابن خال عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال فيه أمير المؤمنين علي: ابن عامر سيد فتيان قريش.
تقدمت ترجمته في الجزء الثالث.
(6) هي نيسابور، ذكرها البحتري في قصيدته التي يرثي بها طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين: فلله قبر في خراسان أدركت * نواحيه أقطار العلى والماثر مقيم بأدنى أبر شهر وطوله * على قصو آفاق البلاد الظواهر (7) تاريخ خليفة 165 وزاد الطبري 4 / 169: إن لنا شيخا بها ملقى * سيف أبي حفص الذي تبقى (*)

(4/90)


وقيل: سار الاحنف إلى بلخ، فصالحوه على أربع مئة ألف، ثم أتى خوارزم، فلم يطقها، فرجع.
وعن ابن إسحاق، أن ابن عامر خرج من خراسان معتمرا قد أحرم
منها، وخلف على خراسان الاحنف، وجمع أهل خراسان جمعا كبيرا، وتجمعوا بمرو، فالتقاهم الاحنف فهزمهم، وكان ذلك الجمع لم يسمع بمثله.
ابن علية: عن أيوب، عن محمد قال: نبئت أن عمر ذكر بني تميم فذمهم، فقام الاحنف فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي، قال: تكلم.
قال: إنك ذكرت بني تميم، فعممتهم بالذم، وإنماهم من الناس، فيهم الصالح والطالح.
فقال: صدقت.
فقام الحتات - وكان يناوئه - فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي فلاتكلم، قال: اجلس، فقد كفاكم سيدكم الاحنف.
روى ابن جدعان، عن الحسن، أن عمر كتب إلى أبي موسى: ائذن للاحنف بن قيس وشاوره واسمع منه.
قتادة عن الحسن قال: ما رأيت شريف قوم كان أفضل من الاحنف.
قال ابن المبارك: قيل للاحنف: بم سودوك ؟ قال: لو عاب الناس الماء لم أشربه.
وقيل: عاشت بنو تميم بحلم الاحنف أربعين سنة.
وفيه قال الشاعر: إذا الابصار أبصرت ابن قيس * ظللن - مهابة منه - خشوعا (1) وقال خالد بن صفوان: كان الاحنف يفر من الشرف، والشرف يتبعه.
وقيل للاحنف: إنك كبير، والصوم يضعفك.
قال: إني أعده لسفر طويل.
وقيل: كانت عامة صلاة الاحنف بالليل، وكان يضع أصبعه على
__________
(1) تاريخ ابن عساكر 215 ب.
(*)

(4/91)


المصباح، ثم يقول: حس (1) ويقول: ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا.
مسلم بن إبراهيم: حدثنا أبو كعب صاحب الحرير، حدثنا أبو الأصفر،
أن الاحنف استعمل على خراسان، فأجنب في ليلة باردة، فلم يوقظ غلمانه وكسر ثلجا واغتسل.
وقال عبد الله بن بكر المزني عن مروان الاصفر (2)، سمع الاحنف يقول: اللهم إن تغفر لي، فأنت أهل ذاك، وإن تعذبني، فأنا أهل ذاك.
قال مغيرة: ذهبت عين الاحنف فقال: ذهبت من أربعين سنة ما شكوتها إلى أحد.
ابن عون: عن الحسن قال: ذكروا عند معاوية شيئا، فتكلموا والاحنف ساكت، فقال: يا أبا بحر، مالك لا تتكلم ؟ قال: أخشى الله إن كذبت، وأخشاكم إن صدقت.
وعن الاحنف: عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر ! قال سليمان التيمي، قال الاحنف: ثلاث في ما أذكرهن إلا لمعتبر، ما أتيت باب السلطان إلا أن أدعى، ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني [ بينهما ]، وما أذكر أحدا بعد أن يقوم من عندي إلا بخير (3).
وعنه: ما نازعني أحد إلا أخذت أمري بأمور، إن كان فوقي، عرفت له، وإن كان دوني رفعت قدري عنه، وإن كان مثلي، تفضلت عليه.
وعنه، قال: لست بحليم ولكني أتحالم (4).
__________
(1) كلمة تقال عند الالم.
(2) في الاصل (الاصغر) وما أثبتناه من التقريب والخلاصة وتاريخ الاسلام 3 / 132.
(3) تاريخ الاسلام 3 / 132 والوفيات 5 / 500 وما بين الحاصرتين منهما.
(4) ذكره ابن عساكر 8 / 218 ب و 219 آ.
(*)

(4/92)


وقيل: إن رجلا خاصم الاحنف، وقال: لئن قلت واحدة، لتسمعن
عشرا.
فقال: لكنك إن قلت عشرا لم تسمع واحدة.
وقيل: إن رجلا قال للاحنف: بم سدت ؟ وأراد أن يعيبه - قال الاحنف: بتركي من مالا يعنيني كما عناك ؟ ؟ من أمري مالا يعنيك.
الاصمعي: عن معتمر بن حيان، عن هشام بن عقبة أخي ذي الرمة، قال: شهدت الاحنف بن قيس وقد جاء إلى قوم في دم، فتكلم فيه، وقال: احتكموا.
قالوا: نحتكم ديتين قال: ذاك لكم.
فلما سكتوا قال: أنا أعطيكم ما سألتم، فاسمعوا: إن الله قضى بدية واحدة، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية واحدة، وإن العرب تعاطى بينها دية واحدة، وأنتم اليوم تطالبون، وأخشى أن تكونوا غدا مطلوبين، فلا ترضى الناس منكم إلا بمثل ما سننتم، قالوا: ردها إلى دية (1).
عن الاحنف: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من دنئ وبر من فاجر، وحليم من أحمق.
وقال: من أسرع إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه مالا يعلمون.
وعنه وسئل: ما المروءة ؟ قال: كتمان السر، والبعد من الشر.
وعنه: الكامل من عدت سقطاته.
وعنه قال: رأس الادب آلة المنطق، لا خير في قول بلا فعل، ولا في منظر بلا مخبر، ولا في مال بلا جود، ولا في صديق بلا وفاء، ولا في فقه بلا ورع، ولا في صدقة إلا بنية، ولا في حياة إلا بصحة وأمن.
__________
(1) انظر وفيات الاعيان 2 / 501.
(*)

(4/93)


وعنه: العتاب مفتاح الثقالى، والعتاب خير من الحقد.
هشام: عن الحسن، قال: رأى الاحنف في يد رجل درهما، فقال: لمن هذا ؟ قال: لي: قال: ليس هو لك حتى تخرجه في أجر أو اكتساب شكر
وتمثل: أنت للمال إذا أمسكته * وإذا أنفقته فالمال لك (1) وقيل: كان الاحنف إذا أتاه رجل وسع له، فإن لم يكن له سعة، أراه كأنه يوسع له.
وعنه قال: جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام، إني أبغض الرجل يكون وصافا لفرجه وبطنه.
وقيل: إنه كلم مصعبا في محبوسين وقال: أصلح الله الامير، إن كانوا حبسوا في باطل، فالعدل يسعهم، وإن كانوا حبسوا في حق، فالعفو يسعهم.
وعنه، قال: لا ينبغي للامير الغضب، لان الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة.
الاصمعي، قال: عبدالملك بن عمير، قال: قدم علينا الاحنف الكوفة مع مصعب، فما رأيت صفة تذم إلا رأيتها فيه، كان ضئيلا، صعل الرأس، متراكب الاسنان، مائل الذقن، ناتئ الوجنة، باخق العين، خفيف العارضين، أحنف الرجلين، فكان إذا تكلم، جلا عن نفسه.
الصعل: صغر الرأس، والبخق: انخساف العين، والحنف: أن تفتل كل رجل على صاحبتها.
__________
(1) تاريخ ابن عساكر 8 / 222 ب.
(*)

(4/94)


وقيل: كان ملتصق الالية، فشق له.
وقال ابن الاعرابي: الاحنف الذي يمشي على ظهر قدمه.
علي بن عاصم: عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين، عن الاحنف، قال: سمعت خطبة أبي بكر وعمر والخلفاء، فما سمعت الكلام من مخلوق
أفخم ولا أحسن من أم المؤمنين عائشة.
وعنه: لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والاعوان، ولا ينفع الوزراء والاعوان إلا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفة.
قيل: كان زياد معظما للاحنف، فلما ولي بعده ابنه عبيدالله تغير أمر الاحنف، وقدم عليه من هو دونه، ثم وفد على معاوية في الاشراف فقال لعبيد الله: أدخلهم علي على قدر مراتبهم.
فأخر الاحنف، فلما رآه معاوية أكرمه لمكان سيادته.
وقال: إلي يا أبا بحر، وأجلسه معه وأعرض عنهم، فأخذوا في شكر عبيدالله بن زياد، وسكت الاحنف.
فقال له: لم لا تتكلم ؟ قال: إن تكلمت خالفتهم.
قال: اشهدوا أني قد عزلت عبيدالله.
فلما خرجوا كان فيهم من يروم الاماره.
ثم أتوا معاوية بعد ثلاث، وذكر كل واحد شخصا، وتنازعوا، فقال معاوية: ما تقول يا أبا بحر ؟ قال: إن وليت (1) أحدا من أهل بيتك لم تجد مثل عبيدالله.
فقال: قد أعدته.
قال: فخلا معاوية بعبيد الله وقال: كيف ضيعت مثل هذا الرجل الذي عزلك وأعادك وهو ساكت ! ؟ فلما رجع عبيدالله جعل الاحنف صاحب سره (2).
عبدالرحمن بن القاسم المصري الفقيه، عن أبي شريح المعافري، عن عبدالرحمن بن عمارة بن عقبة، قال: حضرت جنازة الاحنف بالكوفة،
__________
(1) في الاصل (وليتك) وما أثبتناه من الوفيات وتاريخ الاسلام.
(2) الخبر في تاريخ الاسلام 3 / 133 وانظره مفصلا في الوفيات 2 / 503.
(*)

(4/95)


فكنت فيمن نزل قبره، فلما سويته، رأيته قد فسح له مد بصري، فأخبرت بذلك أصحابي، فلم يروا ما رأيت.
قال أبو عمرو بن العلاء: توفي الاحنف في دار عبيدالله بن أبي
غضنفر، فلما دلي في حفرته، أقبلت بنت لاوس السعدي وهي على راحلتها عجوز، فوقفت عليه، وقالت: من الموافى به حفرته لوقت حمامه ؟ قيل لها: الاحنف بن قيس.
قالت: والله لئن كنتم سبقتمونا إلى الاستمتاع به في حياته لا تسبقونا إلى الثناء عليه بعد وفاته.
ثم قالت: لله درك من مجن في جنن، ومدرج في كفن، وإنا لله وإنا إليه راجعون: نسأل من ابتلانا بموتك، وفجعنا بفقدك أن يوسع لك في قبرك، وأن يغفر لك يوم حشرك.
أيها الناس، إن أولياء الله في بلاده هم شهوده على عباده، وإنا لقائلون حقا، ومثنون صدقا، وهو أهل لحسن الثناء، أما والذي كنت من أجله في عدة، ومن الحياة في مدة، ومن المضمار إلى غاية، ومن الآثار إلى نهاية، الذي رفع عملك عند انقضاء أجلك، لقد عشت مودودا حميدا، ومت سعيدا فقيدا، ولقد كنت عظيم الحلم، فاضل السلم، رفيع العماد، واري الزناد، منيع الحريم، سليم الاديم، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد (1).
قال قرة بن خالد: حدثنا أبو الضحاك أنه أبصر مصعبا يمشي في جنازة الاحنف بغير رداء.
قال الفسوي: مات الاحنف سنة سبع وستين.
وقال غيره: توفي سنة إحدى وسبعين.
وقال جماعة: مات في إمرة مصعب بن الزبير على العراق رحمه الله.
__________
(1) الخبر في تاريخ ابن عساكر 8 / 225 آ، وزاد فيه: "..ولقد كنت في المحافل شريفا وعلى الارامل عطوفا، ومن الناس قريبا، وفيهم غريبا، وإن كنت فيهم مسودا وإلى الخلفاء لموفدا، وإن كانوا لقولك لمستمعين، ولرأيك لمتبعين، رحمنا الله وإياك " اه.
(*)

(4/96)


قلت: قد استقصى الحافظ ابن عساكر ترجمة الاحنف في كراريس (1).
وطولتها - أنا - في تاريخ الاسلام (2).
رحمه الله تعالى.

30 - عاصم بن عمر بن الخطاب * (خ، م، د، ت، س) الفقيه، الشريف، أبو عمرو القرشي العدوي.
ولد في أيام النبوة وحدث عن أبيه.
وأمه هي جميلة بنت ثابت بن أبي الاقلح الانصارية.
وكان طويلا جسيما حتى قيل: كان ذراعه ذراعا ونحوا من شبر.
وكان من نبلاء الرجال، دينا، خيرا، صالحا، وكان بليغا، فصيحا، شاعرا، وهو جد الخليفة عمر بن عبد العزيز لامه.
حدث عنه ولداه: حفص وعبيدالله، وعروة بن الزبير.
قال أبو حاتم (3): لا يروى عنه سوى حديث واحد.
مات سنة سبعين، فرثاه ابن عمر أخوه حيث يقول: فليت المنايا كن خلفن عاصما فعشنا جميعا أو ذهبن بنا معا
__________
(1) المجلد الثامن نسخة (س) من 210 ب - 225 ب.
(2) تاريخ الاسلام 3 / 129 - 133.
* طبقات ابن سعد 5 / 15، طبقات خليفة ت 2003، تاريخ البخاري 6 / 477، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 346، الاستيعاب ت 1311، الكامل لابن الاثير 4 / 308، أسد الغابة 3 / 76، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 255، تهذيب الكمال ص 636، تاريخ الاسلام 3 / 25، العبر 1 / 78، الاصابة ت 6154، تهذيب التهذيب 5 / 52، النجوم الزاهرة 1 / 185، خلاصة تذهيب الكمال 183، شذرات الذهب 1 / 77.
(3) في الجرح والتعديل 3 / 346.
(*)

(4/97)


31 - أسلم * (ع)
الفقيه، الامام أبو زيد، ويقال، أبو خالد القرشي، العدوي، العمري، مولى عمر بن الخطاب.
قيل: هو من سبي عين التمر (1)، وقيل: هو يماني، وقيل: حبشي اشتراه عمر بمكة إذ حج بالناس في العام الذي يلي حجة الوداع، زمن الصديق.
قال الواقدي: سمعت أسامة بن زيد بن أسلم يقول: نحن قوم من الاشعريين ولكنا لا ننكر منة عمر رضي الله عنه.
حدث عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، ومعاذ، وأبي عبيدة بن الجراح، وكعب الاحبار وابن عمر، وطائفة.
حدث عنه: ابنه زيد، والقاسم بن محمد، ونافع مولى ابن عمر، ومسلم بن جندب وآخرون.
قال القاسم بن محمد، عن أسلم، قال: قدمنا الجابية مع عمر، فأتينا بالطلاء وهو مثل عقيد الرب.
قلت: هو الدبس المرمل (2).
حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: اشتراني عمر
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 10، تاريخ البخاري 2 / 23، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 306، تاريخ ابن عساكر 2 / 405 ب، أسد الغابة 1 / 77، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 117، تهذيب الكمال ص 94، تاريخ الاسلام 3 / 138، العبر 1 / 91، تذكرة الحفاظ 1 / 49، الاصابة ت 131 و 449، تهذيب التهذيب 1 / 266، طبقات الحفاظ 16، خلاصة تذهيب الكمال 31، شذرات الذهب 1 / 88.
(1) عين التمر: بلدة قريبة من الانبار غربي الكوفة، افتتحها المسلمون في أيام أبي بكر على يد خالد بن الوليد سنة 12 ه.
(2) المرمل: المعصود.
(*)

(4/98)


سنة اثنتي عشرة، وهي السنة التي قدم فيها بالاشعث بن قيس أسيرا وأنا أنظر إليه في الحديد، يكلم أبا بكر وهو يقول له: فعلت وفعلت.
حتى كان آخر ذلك أسمع الاشعث يقول: يا خليفة رسول الله، استبقني لحربك وزوجني أختك، فمن عليه الصديق، وزوجه أخته أم فروة، فولدت له محمد بن الاشعث.
قال جويرية بن أسماء، عن نافع، قال: حدثني أسلم مولى عمر الحبشي الاسود - والله ما أريد عيبه - بلغني أن بنيه يقولون: إنهم عرب.
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال ابن عمر: يا أبا خالد، إني أرى أمير المؤمنين يلزمك لزوما لا يلزمه أحدا من أصحابك، لا يخرج سفرا إلا وأنت معه، فأخبرني عنه.
قال: لم يكن أولى القوم (1) بالظل، وكان يرحل رواحلنا، ويرحل رحله وحده، ولقد فرغنا ذات ليلة وقد رحل رحالنا، وهو يرحل رحله ويرتجز: لا يأخذ الليل عليك بالهم * وإلبسن له القميص واعتم وكن شريك نافع وأسلم * وإخدم الاقوام حتى تخدم (2) رواه القعنبي عن يعقوب بن حماد، عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه.
زيد بن أسلم، عن أبيه: كان عمر إذا بعثني إلى بعض ولده قال: لا تعلمه لما أبعث إليه مخافة أن يلقنه الشيطان كذبة.
فجاءت امرأة لعبيدالله بن عمر ذات يوم، فقالت: إن أبا عيسى لا ينفق علي ولا يكسوني.
فقال: ويحك ومن أبو عيسى ؟ قالت: ابنك.
قال: وهل لعيسى من أب ؟ فبعثني إليه وقال:
لا تخبره.
فأتيته وعنده ديك ودجاجة هنديان، قلت: أجب أباك.
__________
(1) في الاصل: (بالقوم) وما أثبتناه من تاريخ الاسلام وابن عساكر.
(2) انظر " عيون الاخبار " 1 / 265، ولفظه ولفظ ابن عساكر: " ثم اخدم الاقوام حتى تخدم ".
(*)

(4/99)


قال: وما يريد ؟، قلت: نهاني أن أخبرك.
قال: فإني أعطيك الديك والدجاجة.
قال فاشترطت عليه أن لا يخبر عمر، وأخبرته فأعطانيهما.
فلما جئت إلى عمر، قال: أخبرته ؟ - فوالله ما استطعت أن أقول لا - فقلت: نعم فقال: أرشاك ؟ قلت: نعم، وأخبرته، فقبض على يدي بيساره، وجعل يمصعني بالدرة وأنا أنزو.
فقال: إنك لجليد.
ثم قال: أتكتني بأبي عيسى، وهل لعيسى من أب (1) ؟ قال أبو عبيد: توفي أسلم سنة ثمانين.
وقال ابن سعد (2): مات في خلافة عبدالملك.
وقال أبو زرعة: مدني ثقة.
ويقال: عاش مئة وأربع عشرة سنة ولم يصح ذلك.

32 - شريح القاضي * (س) هو الفقيه أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، قاضي الكوفة.
ويقال: شريح بن شراحيل أو ابن شرحبيل.
ويقال: هومن أولاد الفرس الذين كانوا باليمن.
يقال: له صحبة، ولم يصح، بل هو ممن أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقل من اليمن زمن الصديق.
__________
1) قال ابن عساكر في نهاية الخبر 2 / 408 ب: " الصواب عبيدالله " أي: المخاطب عبيدالله.
(2) في الطبقات 5 / 11.
* طبقات ابن سعد 16 / 131، طبقات خليفة ت 1037، تاريخ البخاري 4 / 228، المعارف 433، المعرفة والتاريخ 2 / 586، وأخباره مستفيضة في " أخبار القضاة " لوكيع 2 / 189 - 402 وترجمته
أيضا في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 332، الحلية 4 / 132، الاستيعاب ت 1172، طبقات الشيرازي 80، تا ريخ ابن عساكر 8 / 19، أسد الغابة 2 / 394، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 243، وفيات الاعبان 2 / 460، تهذيب الكمال 576، تاريخ الاسلام 3 / 160، العبر 1 / 89، تذكره الحفاظ 1 / 55.
البداية والنهاية 9 / 22 و 74، الاصابة ت.
38 80، تهذيب التهذيب 4 / 328، النجوم الزاهرة 1 / 194، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 20، خلاصة تذهيب الكمال 165، شذرات الذهب 1 / 85 (*)

(4/100)


حدث عن عمرو علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر.
وهو نزر الحديث.
حدث عنه: قيس بن أبي حازم، ومرة الطيب، وتميم بن سلمة، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وابن سيرين، وغيرهم.
وثقه يحيى بن معين.
قال أبو إسحاق الشيباني، عن الشعبي، قال: كتب عمر إلى شريح: إذا أتاك أمر في كتاب الله، فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به، فإن لم يكن فيهما، فاقض بما قضى به أئمة الهدى، فإن لم يكن فأنت بالخيار، إن شئت تجتهد رأيك، وإن شئت تؤامرني، ولا أرى مؤامرتك إياي إلا أسلم لك.
صح أن عمر ولاه قضاء الكوفة.
فقيل: أقام على قضائها ستين سنة.
وقد قضى بالبصرة سنة.
وفد زمن معاوية إلى دمشق.
وكان يقال له: قاضي المصرين (1).
قال أحمد بن علي الابار: حدثنا علي بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة ابن شريح القاضي، حدثنا أبي عن أبيه معاوية، عن شريح أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وقال: يا رسول الله، إن لي أهل بيت ذوي عدد باليمن.
قال: " جئ
بهم " فجاء بهم والنبي صلى الله عليه وسلم قد قبض (2).
روى عباس عن يحيى قال: شريح القاضي هو ابن شرحبيل ثقة.
أبو معشر البراء، عن هشام، عن محمد، قلت لشريح: ممن أنت ؟ قال: ممن أنعم الله عليه بالاسلام وعدادي في كندة.
وقيل: إنه إنما خرج من اليمن، لان أمه تزوجت بعد أبيه، فاستحيا من ذلك، فخرج وكان شاعرا قائفا.
__________
(1) انظر الوفيات 2 / 460.
(2) أخرجه ابن عساكر 8 / 19 آ، ب، وابن حجر في الاصابة 3880 ترجمة شريح بن الحارث.
(*)

(4/101)


قال أبو نعيم: حدثتنا أم داود الوابشية، قالت: خاصمت إلى شريح وكان ليس له لحية (1).
روى أشعث، عن ابن سيرين، قال: أدركت الكوفة وبها أربعة ممن يعد بالفقه، فمن بدأ بالحارث، ثنى بعبيدة، ومن بدأ بعبيدة، ثنى بالحارث، ثم علقمة، ثم شريح.
وإن أربعة أخسهم شريح لخيار (2).
وقال الشعبي: كان شريح أعلمهم بالقضاء، وكان عبيدة يوازيه في علم القضاء (3).
قال أبو وائل: كان شريح يقل غشيان ابن مسعود للاستغناء عنه (4).
وقال الشعبي: بعث عمر ابن سور (5) على قضاء البصرة، وبعث شريحا على قضاء الكوفة (6).
مجالد: عن الشعبي، أن عمر رزق شريحا مائة درهم على القضاء.
الثوري: عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، أن عليا جمع الناس
في الرحبة، وقال: إني مفارقكم، فاجتمعوا في الرحبة، فجعلوا يسألونه حتى نفد ما عندهم ولم يبق إلا شريح، فجثا على ركبتيه، وجعل يسأله.
فقال له علي: أذهب فأنت أقضى العرب (7).
__________
(1) طبقات ابن سعد 6 / 132.
(2) انظر الخبر أو نحوه ص 43 رقم (1) و 56 رقم (4) من هذا الجزء.
(3) انظر ص 41 رقم (1).
(4) وفي رواية لابن عساكر 8 / 21 ب " عن أبي وائل ايضا قال: ما رأيت شريحا عند عبد الله قط، قال: وما كان يمنعه أن يأتيه إلا استغناء عنه ".
5) هو كعب بن سور بن بكر الازدي مترجم في " الاصابة " رقم الترجمة (7487) وأخبار القضاة 1 / 274، 283.
(6) تاريخ الطبري 4 / 241.
(7) الحلية 4 / 134، ووفيات الاعيان 2 / 462.
(*)

(4/102)


قال إبراهيم النخعي: كان شريح يقضي بقضاء عبد الله.
أخبرنا عمر بن محمد وجماعة سمعوا ابن اللتي (1)، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا الداودي، أنبأنا ابن حموية (2)، أنبأنا عيسى بن عمر، حدثنا أبو محمد الدارمي، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا إسماعيل عن عامر، قال: جاءت امرأة إلى علي رضي الله عنه تخاصم زوجها طلقها فقالت: قد حضت في شهرين (3) ثلاث حيض.
فقال علي لشريح: اقض بينهما: قال: يا أمير المؤمنين، وأنت هاهنا ؟ قال: اقض بينهما.
قال: إن جاءت من بطانة أهلها من يرضى دينه وأمانته يزعم أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء، وتصلي، جاز لها، وإلا فلا.
قال علي: قالون.
وقالون بلسان الروم:
أحسنت.
جرير: عن مغيرة، قال: عزل ابن الزبير شريحا عن القضاء، فلما ولي الحجاج رده.
الثوري: عن أبي هاشم، أن فقيها جاء إلى شريح فقال: ما الذي أحدثت في القضاء ؟ قال: إن الناس أحدثوا، فأحدثت (4).
قال سفيان عن أبي حصين، قال: قال خصم لشريح: قد علمت من أين أتيت، فقال شريح: لعن الله الراشي والمرتشي والكاذب (5).
وقال ابن سيرين: كان شريح يقول للشاهدين: إنما يقضي على هذا الرجل أنتما، وإني لمتق بكما فاتقيا (6).
__________
(1) هو عبد الله بن عمر بن علي بن زيد بن اللتي البغدادي.
(2) انظر تعليق (1) ص (319).
(3) في أخبار القضاة 2 / 194 وتاريخ ابن عساكر 8 / 23 ب: (شهر).
(4) أخبار القضاة 2 / 318 وطبقات ابن سعد 6 / 133.
(5) طبقات ابن سعد 6 / 135.
(6) لفظ وكيع في أخبار القضاة 2 / 363 " إني لم أدعكما، وإن قمتما لم أمنعكما وإنما يقضي = (*)

(4/103)


واختصم إليه غزالون، فقال بعضهم: إنه سنة بيننا، قال: بل سنتكم بينكم (1).
زهير بن معاوية، حدثنا عطاء بن السائب قال: مر علينا شريح فقلت: رجل جعل داره حبسا على قرابته، قال: فأمر حبيبا، فقال: أسمع الرجل: لا حبس عن فرائض الله.
قال الحسن بن حي، عن ابن أبي ليلى: بلغنا أن عليا رزق شريحا
خمس مئة (2).
قال واصل، مولى أبي عيينة: كان نقش خاتم شريح: الخاتم خير من الظن (3).
قال ابن أبي خالد: رأيت شريحا يقضي، وعليه مطرف خزو برنس، ورأيته معتما قد أرسلها من خلفه (4).
وروى الاعمش عن شريح قال: زعموا، كنية الكذب (5).
وقال منصور: كان شريح إذا أحرم كأنه حية صماء.
تميم بن عطية: سمعت مكحولا يقول: اختلفت إلى شريح أشهرا لم أسأله عن شئ، اكتفي بما أسمعه يقضي به (6).
__________
= الخ.." وانظر طبقات ابن سعد 6 / 136.
(1) طبقات ابن سعد 6 / 136.
(2) أخبار القضاة 2 / 227.
(3) طبقات ابن سعد 6 / 135 و 139.
(4) المصدر السابق 6 / 139.
(5) المصدر السابق 6 / 141، وأخرج أبو داود (4972) وغيره من حديث ابي مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بئس مطية الرجل زعموا " وسنده قابل للتحسين، وفيه ذم النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث ما كان سبيله الظن والتخمين، فأمر بالتثبت في الاخبار، والتوثق لما يحكيه، فلا يروي الخبر حتى يكون معزوا إلى ثبت، ومرويا عن ثقة.
(6) المصدر السابق 6 / 139.
(*)

(4/104)


حجاج بن أبي عثمان، عن ابن سيرين: كان إذا قيل لشريح: كيف اصبحت ؟ قال: أصبحت وشطر الناس علي غضاب.
حماد بن سلمة: حدثنا شعيب بن الحبحاب، عن إبراهيم، قال
شريح: ما شددت لهواتي على خصم، ولالقنت خصما حجة قط (1).
ابن عيينة: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: احتصم إلى شريح في ولد هرة، فقالت امرأة: هو ولد هرتي.
وقالت الاخرى: بل هو ولد هرتي، فقال شريح: ألقها مع هذه، فإن هي قرت ودرت واسبطرت فهي لها، وإن هي هرت وفرت واقشعرت، فليس لها.
وفي رواية: وازبأرت، أي انتفشت، وقوله اسبطرت، أي امتدت للرضاع (2).
ابن عون، عن إبراهيم، قال: أقر رجل عند شريح، ثم ذهب ينكر، فقال: قد شهد عليك ابن أخت خالتك (3).
قال أبو إسحاق السبيعي: خرجت قرحة بإبهام شريح، فقيل: ألا أريتها طبيبا ؟ قال: هو الذي أخرجها.
وعن الشعبي، قال شريح: إني لاصاب بالمصيبة، فأحمد الله عليها أربع مرات، أحمد إذ لم يكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب، وأحمد إذ لم يجعلها في ديني.
قال مغيرة: كان لشريح بيت يخلو فيه يوم الجمعة، لا يدري الناس ما يصنع فيه.
__________
(1) المصدر السابق 6 / 133.
(2) تاريخ ابن عساكر 8 / 25 ب، وانظر أخبار القضاة لوكيع 2 / 393.
(3) طبقات ابن سعد 6 / 135.
(*)

(4/105)


وقال ميمون بن مهران: لبث شريح في الفتنة - يعني فتنة ابن الزبير - تسع سنين لا يخبر، فقيل له: قد سلمت.
قال: كيف بالهوى (1).
وقيل: كان شريح قائفا عائفا، أي: يزجر الطير، ويصيب الحدس (2)، وروي لشريح: رأيت رجالا يضربون نساءهم * فشلت يميني حين أضرب زينبا وزينب شمس والنساء كواكب * إذا طلعت لم تبق منهن كوكبا (3) وعن أشعث، أن شريحا عاش مئة وعشر سنين.
وقال أبو نعيم: عاش مئة وثماني سنين.
وقال هو المدائني والهيثم: توفي سنة ثمان وسبعين (4).
وقال خليفة (5)، وابن نمير: مات سنة ثمانين.
وقيل: إنه استعفى من القضاء قبل موته بسنة.
رحمه الله تعالى (6).
__________
(1) انظر طبقات ابن سعد 6 / 141 وأخبار القضاة 2 / 216 و 218 و 370.
(2) ابن سعد 6 / 132 وأخبار القضاة 2 / 211.
(3) البيتان في العقد 6 / 141 ووفيات الاعيان 2 / 462.
وروى وكيع في أخبار القضاة البيت الاول منهما 2 / 205 وكذا ابن سعد في الطبقات 6 / 143.
وزاد صاحب العقد وابن خلكان بينهما ثالثا وهو قوله: أأضربها من غير ذنب أتت به * فما العدل مني ضرب من ليس مذنبا وذكر ابن عساكر بعدهما في 8 / 30 آ ما نصه: " قال القاضي: وقد أغار شريح في هذا البيت على قول النابغة في مدح النعمان بن المنذر وهو: ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب فإنك شمس والملوك كواكب * إذا طلعت لم يبد منهن كوكب " (4) انظر تاريخ البخاري 4 / 229 وطبقات ابن سعد 6 / 145.
(5) في الطبقات 1 / 330.
(6) انظر أخبار القضاة 2 / 392.
(*)

(4/106)


33 - شريح بن هانئ * (م 4) أبو المقدام الحارثي، المذحجي، الكوفي، الفقيه، الرجل الصالح، صاحب علي رضي الله عنه.
حدث عن أبيه، وعلي، وعمر، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة.
وعنه: ابناه، محمد، والمقدام، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابت ويونس بن أبي اسحاق.
قال أبو المقدام (م): سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت: ائت عليا، فإنه أعلم بذلك، وذكر الحديث (1).
وقد شهد تحكيم الحكمين، ووفد على معاوية شافعا في كثير بن شهاب، فأطلقه له.
فعن مجالد، عن الشعبي، عن زياد بن النضر، أن عليا بعث أبا موسى في أربع مئة عليهم شريح بن هانئ، ومعهم ابن عباس يصلي بهم إلى دومة الجندل (2).
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 128، طبقات خليفة ت 1065، تاريخ البخاري 4 / 228، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 333، الاستيعاب ت 1175، تاريخ ابن عساكر 8 / 33 آ، أسد الغابة 2 / 395، تهذيب الكمال ص 578، تاريخ الاسلام 3 / 162، العبر 1 / 89، تذكرة الحفاظ 1 / 56، البداية والنهاية 9 / 29، الاصابة ت 3972، تهذيب التهذيب 4 / 330، النجوم الزاهرة 1 / 201، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 20، خلاصة تذهيب الكمال 165، شذرات الذهب 1 / 86.
(1) وتمامه: " فأتيت عليا فسألته، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر،
ويوما وليلة للمقيم ".
أخرجه مسلم (276) في الطهارة باب التوقيت في المسح على الخفين.
وهو في المسند 1 / 96 و 100 و 113 و 117 و 118 و 120 و 149، والنسائي 1 / 84 وابن ماجه (552).
2) دومة الجندل: حصن على سبع مراحل من دمشق قرب جبلي طيئ.
(*)

(4/107)


قال سليمان بن أبي شيخ، كان شريح بن هانئ جاهليا إسلاميا، وهو القائل في إمرة الحجاج (1): أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا * قد عشت بين المشركين أعصرا ثمت أدركت النبي المنذرا * وبعده صديقه وعمرا والجمع في صفينهم والنهرا * ويوم مهران ويوم تسترا ويا جميراوات والمشقرا * هيهات ما أطول هذا عمرا (2) قال القاسم بن مخيمرة: ما رأيت حارثيا أفضل من شريح بن هانئ.
وقال يحيى بن معين وغيره: ثقة.
قال أبو حاتم السجستاني: عاش شريح بن هانئ مئة وعشرين سنة.
قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده هانئ أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا الحكم فقال: " لم يكنيك هؤلاء أبا الحكم " ؟ قال: يا رسول الله، إني أحكم بين قوسي في الشئ، فيرضى هؤلاء وهؤلاء.
قال: " هل لك من ولد " ؟ قال: نعم.
قال: " فما اسم أكبرهم ؟ " قال: شريح قال: " فأنت أبو شريح " (3).
تابعه بشار بن موسى الخفاف، عن يزيد بن المقدام، عن أبيه، عن جده، نحوه.
__________
(1) قال هذا الرجز حينما شد على أصحب رتبيل في غزوته مع عبيد الله بن أبي بكرة كما في الطبري 6 / 323 وابن الاثير 4 / 451.
(2) با جميراوات: في الاصل: با خميراوات بالخاء المعجمة وهو تصحيف ورواية الطبري
6 / 323 وابن الاثير 4 / 4 51: " وباجميرات مع المشقرا " وفيهما البيت السادس مكان الخامس.
وصفين والنهر ومهران وتستر وباجميرا والمشقر: أسماء مواضع جرت فيها معارك سميت بها.
(3) اخرجه أبو داود (4955) في الادب باب تغيير الاسم القبيح، والنسائي (5389) في القضاء باب إذا حكموا رجلا فقضى بينهم، وإسناده صحيح.
(*)

(4/108)


قال الاثرم: قيل لابي عبد الله بن حنبل: شريح بن هانئ، صحيح الحديث ؟ قال: نعم، هذا متقدم جدا.
قال خليفة بن خياط (1): وفي سنة ثمان وتسعين ولى الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان، فوجه عبيدالله [ ابنه ] أبا برذعة، فأخذ عليه بالمضيق (2) وقتل شريح بن هانئ وأصاب المسلمين ضيق وجوع شديد فهلك عامة ذلك الجيش.

34 - خرشة بن الحر * (ع) نزل الكوفة، ولاخيه سلامة صحبة، وكان يتيما في حجر عمر.
حدث عن عمر، وأبي ذر الغفاري، وعبد الله بن سلام.
وروى عنه ربعي بن حراش، وأبو زرعة البجلي، والمسيب بن رافع، وسليمان بن مسهر وآخرون.
ثقة باتفاق، توفي سنة أربع وسبعين.

35 - مالك السرايا * * الامير أبو حكيم، مالك بن عبد الله الخثعمي، الفلسطيني.
يقال: له صحبة، ولم يصح.
كان من أبطال الاسلام، قاد جيوش الصوائف أربعين
__________
(1) في تاريخه ص 277.
(2) في الاصل: (المضيق) وما أثبتناه من تاريخ خليفة، وما بين الحاصرثين منه.
* طبقات ابن سعد 6 / 147، طبقات خليفة ت 1009 و 1101، تاريخ البخاري 3 / 213، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 381، الاستيعاب ت 641، أسد الغابة 2 / 109، تهذيب الكمال ص 372، تاريخ الاسلام 3 / 153، العبر 1 / 84، الاصابة ت 2241، تهذيب التهذيب 3 / 138، خلاصة تذهيب الكمال 108.
* * طبقات خليفة ت 729، التاريخ الصغير للبخاري ص 94، الاستيعاب ت 2275، تاريخ ابن عساكر 16 / 109 آ، الكامل لابن الاثير 5 / 576، أسد الغابة 4 / 283، تاريخ الاسلام 2 / 315، الاصابة ت 4647، تعجيل المنفعة 386.
(*)

(4/109)


سنة.
ولما توفي، كسر على قبره فيما قيل أربعون لواء.
وكان ذا حظ من صيام وقيام وجهاد.
توفي في حدود سنة ستين أو بعدها (1).

بقية الطبقة الاولى من كبراء التابعين

36 - ابن الحنفية * وابناه (ع) السيد الامام أبو القاسم وأبو عبد الله، محمد بن الامام علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبدالمطلب، شيبة بن هاشم، عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، القرشي الهاشمي، المدني، أخو الحسن والحسين.
وأمه من سبي اليمامة زمن أبي بكر الصديق، وهي خولة بنت جعفر الحنفية.
فروى الواقدي، حدثني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء قالت: رأيت الحنفية وهي سوداء، مشرطة حسنة الشعر، اشتراها علي بذي المجاز، مقدمه من اليمن، فوهبها لفاطمة فباعتها، فاشتراها مكمل الغفاري فولدت له عونة (2).
__________
(1) ذكر ابن الاثير غزوه أرض الروم في حوادث سنة 146 ه وهو خطأ بين، انظر ترجمته في الكامل 5 / 576.
* طبقات ابن سعد 5 / 91، نسب قريش ص 41، طبقات خليفة ت 1971، تاريخ البخاري 1 / 182، المعارف 210 و 216، المعرفة والتاريخ 1 / 544، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 26، البدء والتاريخ 5 / 75، الحلية 3 / 174، طبقات الشيرازي 62، تاريخ ابن عساكر 15 / 364 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 88، وفيات الاعيان 4 / 169، تهذيب الكمال ص 1245، تاريخ الاسلام 3 / 294، العبر 1 / 93، البداية والنهاية 9 / 38، العقد الثمين 2 / 157، طبقات القراء لابن الجزري ت 3262، تهذيب التهذيب 9 / 354، خلاصة تذهيب الكمال 352، شذرات الذهب 1 / 88، نزهة الجليس 2 / 254.
(2) انظر طبقات ابن سعد 5 / 91.
(*)

(4/110)


وقيل: بل تزوج بها مكمل، فولدت له عونة، وقيل: إن أبا بكر وهبها عليا.
ولد في العام الذي مات فيه أبو بكر.
ورأى عمر، وروى عنه، وعن أبيه، وأبي هريرة، وعثمان، وعمار بن ياسر، ومعاوية، وغيرهم.
حدث عنه بنوه، عبد الله، والحسن، وإبراهيم، وعون، وسالم بن أبي الجعد، ومنذر الثوري، وأبو جعفر الباقر، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعمرو بن دينار، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وعبد الاعلى بن عامر الثعلبي، وآخرون.
ووفد على معاوية، وعبد الملك بن مروان، وكانت الشيعة في زمانه تتغالى فيه، وتدعي إمامته، ولقبوه بالمهدي، ويزعمون أنه لم يمت.
قال أبو عاصم النبيل: صرع محمد بن علي مروان يوم الجمل، وجلس على صدره.
قال: فلما وفد على عبدالملك قال له: أتذكر يوم جلست على صدر مروان ؟ قال: عفوا يا أمير المؤمنين.
قال: أم (1) والله ما ذكرته لك وأنا أريد أن أكافئك، لكن أردت أن تعلم أني قد علمت (2).
الواقدي: حدثنا معاوية بن عبد الله بن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه، قال: لما صار محمد بن علي إلى المدينة، وبنى داره بالبقيع، كتب إلى عبد الملك يستأذنه في الوفود عليه، فأذن له، فوفد عليه في سنة ثمان وسبعين إلى دمشق، فأنزله بقربه.
وكان يدخل على عبدالملك في إذن العامة،
__________
(1) أم: للتقبيح، انظر التاج مادة (أم).
(2) تاريخ الاسلام 3 / 294 وابن عساكر 15 / 364 آ.
(*)

(4/111)


فيسلم مرة ويجلس، ومرة ينصرف.
فلما مضى شهر، كلم عبدالملك خاليا، فذكر قرابته ورحمه، وذكر دينا، فوعده بقضائه، ثم قضاه وقضى جميع حوائجه (1).
قلت: كان مائلا إلى عبد الملك لاحسانه إليه، ولاساءة ابن الزبير إليه.
قال الزبيربن بكار: سمته الشيعة المهدي، فأخبرني عمي مصعب قال، قال كثير عزة: هو المهدي أخبرناه كعب * أخو الاحبار في الحقب الخوالي (2).
فقيل له: ألقيت كعبا ؟ قال: قلته بالتوهم وقال أيضا: ألا إن الائمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء علي والثلاثة من بنيه * هم الاسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا تراه العين حتى * يقود الخيل يقدمها لواء تغيب - لا يرى - عنهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء (3) وقد رواها عمر بن عبيدة لكثير بن كثير السهمي (4).
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في طبقات ابن سعد 5 / 111 وما بعدها.
(2) في ديوانه 1 / 275 وروايته (خبرناه) وكذا المسعودي في مروج الذهب 2 / 101 والاغاني 9 / 16 وهو في " نسب قريش " ص 41 وتاريخ الاسلام 3 / 294.
(3) الديوان 2 / 186 وما بعدها وروايته: " هم أسباطه والاوصياء " و " فسبط سبط إيمان وحلم " و " وسبط لا يذوق الموت حتى " و " يقدمها اللواء ".
والابيات في عيون الاخبار 2 / 144، ومروج الذهب 2 / 101 والاغاني 9 / 14 والملل والنحل 1 / 200 وتاريخ الاسلام 3 / 295.
4) وتروى أيضا للسيد الحميري كما في الاغاني 7 / 246 وكثير هذا شاعر قليل الحديث كان = (*)

(4/112)


قال الزبير (1): كانت شيعة ابن الحنفية يزعمون أنه لم يمت، وفيه يقول السيد الحميري: ألا قل للوصي فدتك نفسي * أطلت بذلك الجبل المقاما أضر بمعشر والوك (2) منا * وسموك الخليفة والاماما وعادوا فيك أهل الارض طرا * مقامك عنهم ستين (3) عاما وما ذاق ابن خولة طعم موت * ولا وارت له أرض عظاما لقد أمسى بمورق شعب رضوى * تراجعه الملائكة الكلاما وإن له به لمقيل صدق * وأندية تحدثه كراما هدانا الله إذ خزتم (4) لامر * به وعليه نلتمس التماما تمام مودة المهدي حتى * تروا راياتنا تترى نظاما
وللسيد الحميري: يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى * وبنا إليه من الصبابة أولق حتى متى، وإلى متى وكم المدى * يابن الوصي وأنت حي ترزق (5)
__________
= يتشيع وثقه أحمد وابن معين وهو القائل حينما ورد كتاب هشام بن عبدالملك إلى المدينة بسب علي رضي الله عنه: لعن الله من يسب عليا * وحسينا من سوقة وإمام انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 5 / 485 ومعجم الشعراء للمرزباني 239 والعقد الثمين 7 / 91 وتهذيب التهذيب 8 / 426 وخلاصة تذهيب الكمال 320.
(1) انظر " نسب قريش " ص 42 والاغاني 9 / 14 وتاريخ الاسلام 3 / 295 والبداية والنهاية 9 / 39 وفي عيون الاخبار 2 / 144 خمسة أبيات من 1 - 5 (2) في الاصل (وأبوك) مصحفة، والتصويب من نسب قريش والاغاني.
(3) كذا في الاصل والاغاني، وفي نسب قريش (عشرين).
(4) في نسب قريش والاغاني (جرتم) بالمعجمة.
(5) البيتان في مروج الذهب 2 / 102 وتاريخ ابن عساكر 15 / 365 آ وتاريخ الاسلام 3 / 295 والثاني منهما في طبقات الشعراء لابن المعتز ص 33 (*)

(4/113)


قال محمد بن سعد: مولده في خلافة أبي بكر (1).
الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: رأيت أم محمد بن الحنفية سندية سوداء، كانت أمة لبني حنيفة، لم تكن منهم وإنما صالحهم خالد على الرقيق، ولم يصالحهم على أنفسهم (2).
وكناه أبو عمر الضرير والبخاري أبا القاسم.
قال فطر بن خليفة، عن منذر، سمع ابن الحنفية يقول: كانت رخصة لعلي، قال: يا رسول الله، إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك ؟ قال: " نعم " (3) وقال يزيد بن هارون: أنبأنا أبو مالك الاشجعي، حدثنا سالم بن أبي الجعد، أنه كان مع محمد بن الحنفية في الشعب، فقلت له [ ذات يوم ]: يا أبا عبد الله (4) - وكناه بها.
النسائي، وأبو أحمد، وروى ابن حميد، حدثنا سلمة الابرش، حدثنا زهير، عن يحيى بن سعيد، قلت لابن المسيب: ابن كم كنت في خلافة عمر ؟ قال: ولدت لسنتين بقيتا من خلافته.
فذكرت ذلك لمحمد بن الحنفية، فقال: ذاك مولدي (5).
__________
(1) تاريخ ابن عساكر 15 / 365 آ.
(2) طبقات ابن سعد 5 / 91.
(3) المصدر السابق وأخرجه أبو داود (4967) في الادب باب في الرخصة في الجمع بينهما والترمذي (2846) في الادب باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته.
إسناده صحيح، وقال الترمذي: حديث صحيح.
(4) تاريخ ابن عساكر 15 / 365 ب وما بين الحاصرتين منه.
(5) المصدر السابق 15 / 366 آ.
(*)

(4/114)


روى الربيع بن منذر الثوري، عن أبيه قال: وقع بين علي وطلحة كلام، فقال طلحة: لجرأتك (1) على رسول الله صلى الله عليه وسلم سميت باسمه وكنيت بكنيته.
وقد نهى أن يجمعهما أحد.
قال: إن الجرئ من اجترأ على الله ورسوله، اذهب يا فلان فادع لي فلانا وفلانا لنفر من قريش، فجاؤوا فقال: بم تشهدون ؟ قالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سيولد لك بعدي غلام، فقد
نحلته اسمي وكنيتي، ولا تحل لاحد من أمتي بعده " (2) رواه ثقتان عن الربيع، وهو مرسل.
زيد بن الحباب: حدثنا الربيع بن منذر، حدثنا أبي، سمعت ابن الحنفية يقول: دخل عمر وأنا عند أختي أم كلثوم، فضمني وقال: ألطفيه بالحلواء (3).
سالم بن أبي حفصة: عن منذر، عن ابن الحنفية، قال: حسن وحسين خير مني، ولقد علما أنه كان يستخليني دونهما، وإني صاحب البغلة الشهباء (4).
قال إبراهيم بن الجنيد: لا نعلم أحدا أسند عن علي أكثر ولا أصح مما أسند ابن الحنفية.
إسرائيل: عن عبدالاعلى، أن محمد بن علي كان يكنى أبا القاسم.
وكان ورعا كثير العلم.
__________
(1) في طبقات ابن سعد: "..فقال طلحة: لا كجرأتك..".
(2) أخرجه ابن سعد في الطبقات 5 / 91، و 92 وابن عساكر 15 / 266 و 367 آ.
والربيع بن منذر مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 470 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
(3) تاريخ ابن عساكر 15 / 367 آ.
(4) المصدر السابق 15 / 367 ب.
(*)

(4/115)


وقال خليفة (1)، قال أبو اليقظان: كانت راية علي رضي الله عنه لما سار من ذي قار مع ابنه محمد.
ابن سعد (2)، حدثنا أبونعبم، حدثنا فطر عن منذر الثوري، قال: كنت عند محمد بن الحنفية فقال: ما أشهد على أحد بالنجاة، ولا أنه من أهل الجنة
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا على أبي، فنظر إليه القوم، فقال: من كان في الناس مثل علي سبق له كذا، سبق له كذا.
أبو شهاب الحناط، عن ليث، عن محمد الازدي، عن ابن الحنفية، قال: أهل بيتين من العرب يتخذهما الناس أندادا من دون الله: نحن، وبنو عمنا هؤلاء، يريد بني أمية (3).
أبو نعيم: حدثنا عبثر أبو زبيد، عن سالم بن أبي حفصة، عن منذر أبي يعلى، عن محمد قال: نحن أهل بيتين من قريش نتخذ من دون الله أندادا، نحن وبنو أمية (4).
أبو نعيم: حدثنا إسماعيل بن مسلم الطائي، عن أبيه قال: كتب عبد الملك: من عبدالملك أمير المؤمنين إلى محمد بن علي، فلما نظر محمد إلى عنوان الكتاب قال: إنا لله، الطلقاء ولعناء رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنابر ! والذي نفسي بيده إنها لامور لم يقر قرارها (5).
قلت: كتب إليه يستميله (6) فلما قتل ابن الزبير واتسق الامر لعبد الملك بايع محمد.
__________
(1) في تاريخه 184.
(2) في الطبقات 5 / 94.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق 5 / 109.
(6) في الاصل: (يستمليه) مصحفة.
(*)

(4/116)


الواقدي، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن أبي عون، قال ابن الحنفية: وفدت على عبدالملك فقضى حوائجي، وودعته، فلما كدت أن أتوارى ناداني: يا أبا القاسم، يا أبا القاسم، فرجعت، فقال: أما إن الله
يعلم أنك يوم تصنع بالشيخ ما تصنع ظالم له - يعني، لما أخذ يوم الدار مروان فدغته (1) بردائه - قال عبدالملك: وأنا أنظر يومئذ ولي ذؤابة (2).
إبراهيم بن بشار: حدثنا ابن عيينة، سمع الزهري يقول: قال رجل لابن الحنفية: ما بال أبيك كان يرمي بك في مرام لا يرمي فيها الحسن والحسين ؟ قال: لانهما كانا خديه وكنت يده، فكان يتوقى بيديه (3) عن خديه.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن كليب، أنبأنا ابن بيان، أنبأنا ابن مخلد، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا ابن عرفة، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن بن عمرو، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية قال: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله من أمره فرجا، أو قال: مخرجا (4).
وعن ابن الحنفية قال: من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر.
وعنه: أن الله جعل الجنة ثمنا لانفسكم فلا تبيعوها بغيرها (5).
وروى الواقدي بإسناده قال: لما جاء نعي معاوية إلى المدينة كان بها الحسين، وابن الحنفية وابن الزبير، وكان ابن عباس بمكة، فخرج الحسين
__________
(1) دغته: خنقه حتى قتله، ويقال بالعين المهملة إذا دفعه دفعا عنيفا ا ه لسان.
ولفظ ابن سعد (دعثه) بالثاء، أي ضرب به الارض.
(2) طبقات ابن سعد 5 / 112.
(3) لفظ ابن عساكر 15 / 368 آ وتاريخ الاسلام 3 / 296 (بيده).
(4) تاريخ ابن عساكر 15 / 368 ب.
(5) المصدر السابق.
(*)

(4/117)


وابن الزبير إلى مكة، وأقام ابن الحنفية، فلما سمع بدنو جيش مسرف زمن الحرة رحل إلى مكة، وأقام مع ابن عباس، فلما مات يزيد بويع ابن الزبير، فدعاهما إلى بيعته، فقالا: لا حتى تجتمع لك البلاد.
فكان مرة يكاشرهما ومرة يلين لهما، ثم غلظ عليهما، ووقع بينهم حتى خافاه، ومعهما النساء والذرية، فأساء جوارهم وحصرهم، وقصد محمدا، فأظهر شتمه وعيبه، وأمرهم وبني هاشم أن يلزموا شعبهم، وجعل عليهم الرقباء، وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لاحرقنكم.
فخافوا.
قال سليم أبو عامر: فرأيت ابن الحنفية محبوسا في زمزم، والناس يمنعون من الدخول عليه، فقلت: والله لادخلن عليه، فقلت: ما بالك وهذا الرجل ؟ قال: دعاني إلى البيعة فقلت: إنما أنا من المسلمين، فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم، فلم يرض بهذا مني، فاذهب إلى ابن عباس فسلم عليه وقل: ما ترى ؟ قال: فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر فقال: من أنت ؟ قلت: أنصاري.
قال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا.
قلت: لا تخف، أنا ممن لك كله، قال: هات، فأخبرته، فقال: قل له: لا تطعه ولا نعمة عين إلا ما قلت، ولا تزده عليه.
فأبلغته.
فهم ابن الحنفية أن يسير إلى الكوفة.
وبلغ ذلك المختار، فثقل عليه قدومه فقال: إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا، فيضربه رجل في السوق بالسيف لا يضره ولا يحيك (1) فيه.
فبلغ ذلك ابن الحنفية فأقام.
فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنت فيه.
فبعث أبا الطفيل إلى شيعتهم، فقال لهم: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء، وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فقطع المختار بعثا إلى مكة، فانتدب معه أربعة آلاف، فعقد لابي عبد الله الجدلي عليهم،
__________
(1) أي لا يعمل فيه.
(*)

(4/118)


وقال له: سر، فإن وجدت بني هاشم في حياة، فكن لهم عضدا وانفذ لما أمروك به، وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم، فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير، ثم لا تدع لآل الزبير شعرا (1) ولا ظفرا.
وقال: يا شرطة الله، لقد أكرمكم الله بهذا المسير، ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر.
وساروا حتى أشرفوا على مكة، فجاء المستغيث: عجلوا فما أراكم تدركونهم.
فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد العوفي حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير، فهرب إلى دار الندوة، ويقال: تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ الله.
قال عطية: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى ساوى الجدر، لو أن نارا تقع فيه مارئي منهم أحد.
فأخرناه عن الابواب وعجل علي ابن عبد الله بن عباس وهو يومئذ رجل، فأسرع في الحطب ليخرج فأدماه.
وأقبل أصحاب ابن الزبير، فكنا صفين، نحن وهم في المسجد نهارنا لا ننصرف إلى صلاة حتى أصبحنا، وقدم الجدلي في الجيش، فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير، فقالا: هذا بلد حرمه الله، ما أحله لاحد إلا لنبيه ساعة، فامنعونا وأجيرونا.
قال: فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها، ما غنمت هذه السرية.
إن السرية تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا.
فخرجوا بهم، فأنزلوهم منى، فأقاموا مدة، ثم خرجوا إلى الطائف، وبها توفي ابن عباس، وصلى عليه محمد، فبقينا معه.
فلما كان الحج، وافى محمد بأصحابه فوقف، ووقف نجدة بن عامر الحنفي في الخوارج ناحية، وحجت بنو أمية على لواء، فوقفوا
بعرفة (2).
__________
(1) كذا في الاصل، وفي الطبقات وابن عساكر (شفرا).
(2) الخبر في طبقات ابن سعد 5 / 100، وهو مطول في ابن عساكر 15 / 369 آ.
(*)

(4/119)


وعن محمد بن جبير أن الذي أقام الحج ابن الزبير.
وحج ابن الحنفية في الخشبية (1) أربعة آلاف نزلوا في الشعب الايسر من منى، فخفت الفتنة، فجئت ابن الحنفية، فقلت: يا أبا القاسم اتق الله، فإنا في مشعر حرام، في بلد حرام، والناس وفد الله، فلا تفسد عليهم حجهم، فقال: والله ما أريد ذلك، ولكني أدفع عن نفسي، وما أطلب هذا الامر إلا أن لا يختلف علي فيه اثنان، فائت ابن الزبير وكلمه، وعليك بنجدة فكلمه.
فجئت ابن الزبير فقال: أنا أرجع ! قد اجتمع علي وبايعني الناس.
وهؤلاء أهل خلاف.
قلت: إن خيرا لك الكف.
قال: أفعل.
ثم جئت نجدة الحروري، فأجده في أصحابه وعكرمة عنده.
فقلت: استأذن لي عليه.
قال: فدخل فلم ينشب (2) أن أذن لي، فدخلت، فعظمت عليه وكلمته، فقال: أما أن أيتدئ أحدا بقتال، فلا.
قلت: إني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك.
ثم جئت شيعة بني أمية، فكلمتهم، فقالوا: لا نقاتل، فلم أر في تلك الالوية أسكن من أصحاب ابن الحنفية.
ووقفت تلك العشية إلى جنبه، فلما غابت الشمس، التفت إلي، فقال: يا أبا سعيد ادفع، فدفعت معه، فكان أول من دفع (3).
قال خليفة (4): في سنة خمس وستين دعا ابن الزبير ابن الحنفية إلى بيعته، فأبى، فحصره في شعب بني هاشم وتوعدهم، حتى بعث المختار أبا عبد الله الجدلي إلى ابن الحنفية في أربعة آلاف سنة ست، فأقاموا معه حتى قتل المختار في رمضان سنة سبع وستين (5).
__________
(1) الخشبية: هم أصحاب المختار بن عبيد الثقفي المتقلب الذي لم يوقف له على مذهب، وانظر في سبب تسميتهم بالخشبية ما نقله شارح القاموس مادة: خشب عن البلاذري في " الانساب ".
(2) أي لم يلبث.
(3) ابن سعد 5 / 103، وابن عساكر 15 / 370 آ.
(4) في تاريخه ص 262.
(5) وقيل غير ذلك، وانظر 123 من هذا الجزء.
(*)

(4/120)


الواقدي (1): حدثني جعفر بن محمد الزبيري، عن عثمان بن عروة، عن أبيه.
وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة وغيره، قالوا: كان المختار أشد شئ على ابن الزبير، وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الامر لابن الحنفية ثم ظلمه، وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعو إليه فيبايعونه سرا، فشك قوم وقالوا: أعطينا هذا عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية وهو بمكة ليس منا ببعيد.
فشخص إليه قوم فأعلموه أمر المختار، فقال: نحن قوم حيث ترون محبوسون (2)، وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن، ولوددت أن الله انتصر لنا بمن يشاء، فاحذروا الكذابين، قال: وكتب المختار كتابا على لسان ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الاشتر وجاءه يستأذن - وقيل: المختار أمين آل محمد ورسولهم - فأذن له ورحب به، فتكلم المختار وكان مفوها، ثم قال: إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت، وقد كتب إليك المهدي كتابا وهؤلاء الشهود عليه (3) فقالوا: نشهد أن هذا كتابه ورأيناه حين دفعه إليه.
فقرأه إبراهيم، ثم قال: أنا أول من يجيب، قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك، فقل ما بدا لك.
ثم كان يركب إليه [ في كل يوم ].
فزرع ذلك في الصدور.
وبلغ ذلك ابن الزبير، فتنكر لابن الحنفية.
وجعل أمر
المختار يغلظ، وتتبع قتلة الحسين، فقتلهم، وجهز ابن الاشتر في عشرين ألفا إلى عبيدالله بن زياد، فظفر بن ابن الاشتر، وبعث برأسه إلى المختار، فبعث به إلى ابن الحنفية وعلي بن الحسين، فدعت بنو هاشم للمختار، وكان ابن الحنفية لا يحب كثيرا مما يأتي به، وكتب المختار
__________
(1) في طبقات ابن سعد 5 / 98.
(2) عبارة ابن سعد محتسبون.
(3) وهم: يزيد بن أنس الاسدي، وأحمر بن شميط البجلي، وعبد الله بن كامل الشاكري، وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة، كما في طبقات ابن سعد.
(*)

(4/121)


إليه: لمحمد المهدي من المختار الطالب بثأر آل محمد (1).
أبو غسان النهدي: حدثنا عمر بن زياد، عن الاسود بن قيس، قال: لقيت رجلا من عنزة فقال: انتهيت إلى ابن الحنفية، فقلت: السلام عليك يا مهدي، قال: وعليك السلام.
قلت: إن لي حاجة.
فلما قام، دخلت معه، فقلت: ما زال بنا الشين في حبكم حتى ضربت عليه الاعناق، وشردنا في البلاد وأوذينا.
ولقد كانت تبلغنا عنك أحاديث من وراء وراء، فأحببت أن أشافهك.
فقال: إياكم وهذه الاحاديث، وعليكم بكتاب الله، فإنه به هدي أولكم، وبه يهدى آخركم، ولئن أوذيتم، لقد أوذي من كان خيرا منكم، ولامر آل محمد أبين من طلوع الشمس (2).
ابن عيينة: حدثنا أبو الجحاف - شيعي - عن رجل [ من أهل البصرة ] قال: أتيت ابن الحنفية حين خرج المختار فقلت: إن هذا خرج عندنا يدعو إليكم، فإن كان عن أمركم، اتبعناه.
قال: سآمرك بما أمرت به ابني هذا، إنا أهل بيت لا نبتز هذه الامة أمرها، ولا نأتيها من غير وجهها، وإن عليا
كان يرى أنه له، ولكن لم يقاتل حتى جرت له بيعة (3).
ابن عيينة: عن ليث، عن منذر الثوري، عن محمد بن علي: سمعت أبا هريرة يقول: لا حرج إلا في دم امرئ مسلم.
فقلت: يطعن على أبيك.
قال: لا، بايعه أولو الامر، فنكث ناكث فقاتله، وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني، ود أني ألحد في الحرم كما ألحد (4).
__________
(1) ونصه: " أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى لم ينتقم من قوم حتى يعذر إليهم، وإن الله قد أهلك الفسقة وأشياع الفسقة، وقد بقيت بقايا أرجو أن يلحق الله آخرهم بأولهم ".
والخبر بطوله في ابن سعد 5 / 99 وما بين الحاصرتين منه.
(2) رواه ابن سعد مطولا 5 / 95 وكذا ابن عساكر 15 / 371 آ.
(3) تاريخ ابن عساكر 15 / 371 ب وما بين الحاصرتين منه.
(4) المصدر السابق وفي رواية أخرى 15 / 372 آ عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه.
(*)

(4/122)


الثوري: عن الحارث الازدي، قال: قال ابن الحنفية: رحم (1) الله امرأ أغنى نفسه، وكف يده، وأمسك لسانه، وجلس في بيته، له ما احتسب، وهو مع من أحب.
ألا إن أعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين.
ألا إن لاهل الحق دولة يأتي بها الله إذا شاء.
فمن أدرك ذلك، كان عندنا في السهم (2) الاعلى، ومن يمت، فما عند الله خير وأبقى (3).
أبو عوانة: حدثنا أبو جمرة (4) قال: كانوا يقولون لابن الحنفية: سلام عليك يا مهدي، فقال: أجل أنا مهدي، أهدي إلى الرشد والخير، اسمي محمد، فقولوا: سلام عليك يا محمد أو يا أبا القاسم (5).
روى الربيع بن منذر الثوري، عن أبيه، قال: قال محمد بن الحنفية: لوددت أني فديت شيعتنا هؤلاء ببعض دمي.
ثم قال: بحديثهم الكذب،
وإذاعتهم السر حتى لو كانت أم أحدهم، لاغرى بها حتى تقتل (6).
قال ابن سعد (7): قتل المختار في سنة ثمان وستين، وفي سنة تسع بعث ابن الزبير أخاه عروة إلى محمد بن الحنفية يقول: إني غير تاركك أبدا حتى تبايعني أو أعيدك في الحبس، وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته.
وأجمع أهل العراق (8) علي، فبايع.
فقال: يا عروة، ما أسرع أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق، وما أغفله عن تعجيل عقوبة الله، ما يشك أخوك في الخلود، ووالله ما بعث المختار داعيا ولا ناصرا (9).
ولهو -
__________
(1) في الاصل (رحمه) وهو تصحيف.
(2) في ابن سعد (السنام).
(3) ابن سعد 5 / 97، وابن عساكر 15 / 372 آ.
(4) هو نصر بن عمران الضبعي.
(5) ابن سعد 5 / 94، وابن عساكر 15 / 372 آ.
(6) ابن عساكر 15 / 372 ب.
(7) في الطبقات 5 / 105.
(8) في ابن سعد وابن عساكر (العراقين).
(9) عبارة ابن سعد وابن عساكر هكذا: " ما يشك أخوك في الخلود، وإلا فقد كان أحمد للمختار ولهديه مني، والله ما بعثت المختار داعيا.
" انظر ابن سعد 5 / 106.
(*)

(4/123)


كان - أشد إليه انقطاعا منه إلينا.
فإن كان كذابا فطالما قربه على كذبه.
وإن كان غير ذلك، فهو أعلم به، وما عندي خلاف ما أقمت في جواره، ولو كان، لخرجت إلى من يدعوني، ولكن ها هنا لاخيك قرن - وكلاهما يقاتلان على الدنيا - عبدالملك، فلكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك، وإني لاحسب [ أن ] جواره خير من جواركم، ولقد كتب إلي يعرض علي ما قبله ويدعوني
إليه.
قال عروة: فما يمنعك ؟ قال: أستخير الله، وذلك أحب إلي من صاحبك.
فقال بعض أصحاب ابن الحنفية: والله لو أطعتنا، لضربنا عنقه، فقال: وعلى ماذا ؟ رجل جاء برسالة من أخيه، وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي سوى إنسان لما قاتلته، فانصرف عروة، وأخبر أخاه، وقال: ما أرى لك أن تعرض له، دعه، فليخرج عنك، فعبد الملك أمامه لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه، وهو فلا يبايعه أبدا حتى يجمع عليه الناس (1).
أبو عوانة: عن أبي جمرة، قال: سرنا مع ابن الحنفية من الطائف إلى أيلة (2) بعد موت ابن عباس، وكان عبدالملك قد كتب له على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه حتى يتفق الناس على رجل واحد، فإذا اصطلحوا على رجل بعهد الله وميثاقه - في كلام طويل - فلما قدم محمد الشام، كتب إليه عبد الملك: إما أن تبايعني، وإما أن تخرج من أرضي - ونحن يومئذ سبعة آلاف - فبعث إليه: على أن تؤمن أصحابي، ففعل، فقام، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: الله ولي الامور كلها وحاكمها، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والذي نفس محمد بيده ليعودن فيهم الامر كما بدأ، الحمد لله الذي حقن دماءكم، وأحرز دينكم، من أحب منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده
__________
(1) ابن سعد 5 / 106 وما بين الحاصرتين منه، وابن عساكر 15 / 372 ب.
(2) أيلة: مدينة على ساحل البحر الاحمر مما يلي الشام، وتسمى اليوم العقبة (*)

(4/124)


آمنا محفوظا فليفعل.
كل ما هو آت قريب، عجلتم بالامر قبل نزوله، والذي نفسي بيده إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمد، ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد، أمر آل محمد مستأخر.
قال، فبقي في تسع مئة، فأحرم بعمرة وقلد هديا.
فلما أردنا أن ندخل الحرم، تلقتنا خيل ابن الزبير،
فمنعتنا أن ندخل، فأرسل إليه محمد: لقد خرجت وما أريد قتالا، ورجعت كذلك، دعنا ندخل، فلنقض نسكنا ثم لنخرج عنك.
فأبى، قال: ومعنا البدن مقلدة فرجعنا إلى المدينة، فكنا بها حتى قدم الحجاج، وقتل ابن الزبير، ثم سار إلى العراق، فلما سار مضينا فقضينا نسكنا، وقد رأيت القمل يتناثر من ابن الحنفية، قال: ثم رجعنا إلى المدينة فمكث ثلاثة أشهر ثم توفي (1).
إسنادها ثابت.
الواقدي: حدثنا موسى بن عبيدة، عن زيد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: وفدت مع أبان على عبدالملك وعنده ابن الحنفية، فدعا عبد الملك بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا بصيقل (2) فنظر فقال: ما رأيت حديدة قط أجود منها، قال عبدالملك: ولا والله ما رأى الناس مثل صاحبها، يا محمد، هب لي هذا السيف.
قال [ محمد ]: أينا أحق به فليأخذه.
قال [ عبد الملك ]: إن كان لك قرابة فلكل قرابة.
فأعطاه محمد إياه ثم قال: يا أمير المؤمنين [ إن ] هذا - وأشار إلى الحجاج - قد استخف بي وآذاني، ولو كانت خمسة دراهم أرسل إلي فيها.
قال: لا إمرة له عليك.
فلما ولى محمد، قال عبدالملك للحجاج: أدركه فسل سخيمته.
فأدركه فقال: إن أمير المؤمنين قد أرسلني اليك لاسل سخيمتك، ولا مرحبا بشئ ساءك، قال: ويحك يا حجاج اتق الله واحذره، ما من صباح إلا ولله في كل عبد من
__________
(1) انظر ابن سعد 5 / 108، وابن عساكر 15 / 373 آ.
(2) الصيقل: شحاذ السيوف وجلاؤها.
(*)

(4/125)


عبادة ثلاث مئة وستون لحظة، إن أخذ، أخذ بمقدرة، وإن عفا، عفا بحلم، فاحذر الله.
فقال: لا تسألني شيئا إلا أعطيتكه، قال: وتفعل ؟ قال: نعم.
قال: صرم الدهر (1).
الثوري: عن مغيرة، عن أبيه أن الحجاج أراد أن يضع رجله على المقام، فزجره ابن الحنفية ونهاه (2).
إسرائيل: حدثنا ثوير قال: رأيت ابن الحنفية يخضب بالحناء والكتم (3).
وعن أبي مالك أنه رأى ابن الحنفية يرمي الجمار على برذون أشهب (4).
وروى الثوري، عن الشيباني: رأيت على ابن الحنفية مطرف خز أصفر بعرفة (5).
وعن رشدين بن كريب: رأيت ابن الحنفية يعتم بعمامة سوداء ويرخيها شبرا أو دونه (5).
وقال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الحنفية عمامة سوداء (6).
وقيل لابن الحنفية: لم تخضب ؟ قال: أتشبب به للنساء (6).
أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، قال: أرسلني أبي إلى محمد بن الحنفية فإذا هو مكحل، مصبوغ اللحية بحمرة، فرجعت فقلت لابي: بعثتني
__________
(1) ابن سعد 5 / 112 وما بين الحاصرتين منه، وانظره مطولا في ابن عساكر 15 / 373 ب.
(2) ابن سعد 5 / 113.
(3) ابن سعد 5 / 114، والكتم: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه، وأصله إذا طبخ بالماء كان منه مداد للكتابة.
(4) ابن سعد 5 / 113.
(5) ابن سعد 5 / 114.
(6) المصدر السابق.
(*)

(4/126)


إلى شيخ مخنث ؟ ! قال: يا ابن اللخناء ذاك محمد بن علي (1).
قال ابن سعد: أنبأنا محمد بن الصلت، حدثنا ربيع بن منذر، عن أبيه قال: كنا مع ابن الحنفية، فأراد أن يتوضأ، فنزع خفيه، ومسح على قدميه (2).
قلت: هذا قد يتعلق به الامامية وبظاهر الآية، لكن غسل الرجلين شرع لازم بينه لنا الرسول - اللهم صل عليه - وقال: " ويل للاعقاب من النار " (3) وعليه عمل الامة ولا اعتبار بمن شذ.
قال رافضي: فأنتم ترون مسح موضع ثلاث شعرات بل شعرة من الرأس يجزئ، والنص فلا يحتمل هذا، ولا يسمى من اقتصر عليه ماسحا لرأسه عرفا، ولا رأينا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا أحدا من أصحابه اجتزأ بذلك ولا جوزه.
فالجواب: أن الباء للتبعيض (4) في قوله " برؤوسكم " وليس هذا الموضع يحتمل تقرير هذه المسألة.
قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان، عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال: لم يبايع أبي الحجاج، [ لما قتل ابن الزبير ] بعث [ الحجاج ] إليه أن قد قتل عدو الله، فقال: إذا بايع الناس بايعت.
قال: والله لاقتلنك.
قال: إن لله في كل يوم ثلاث مئة وستين نظرة (5).
، [ في كل لحظة ثلاث مئة وستون قضية ] فلعله أن يكفيناك [ في قضية من قضاياه ]، وكتب الحجاج فيه إلى عبدالملك بذلك، فأعجب عبدالملك
__________
(1) ابن سعد 5 / 115.
(2) المصدر السابق.
(3) أخرجه البخاري 1 / 170 في العلم، باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، وباب رفع صوته بالعلم، وفي الوضوء باب غسل الرجلين، ومسلم (241) في الطهارة باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(4) الباء للتبعيض قول مرجوح، وقول الحذاق من اللغويين هي للالصاق.
(5) عند ابن سعد: (لحظة) وما بين الحاصرتين في هذا الخبر منه.
(*)

(4/127)


قوله، وكتب بمثلها إلى طاغية [ الروم ] وذلك أن صاحب الروم كتب إلى عبد الملك يتهدده بأنه قد جمع له جموعا كثيرة.
وكتب إلى الحجاج: قد عرفنا أن محمدا ليس عنده خلاف، فارفق به فسيبايعك.
فلما اجتمع الناس على عبد الملك، وبايع له ابن عمر، قال ابن عمر لمحمد: ما بقي شئ فبايع، فكتب بالبيعة إلى عبدالملك وهي: أما بعد، فإني لما رأيت [ الامة ] قد اختلفت، اعتزلتهم.
فلما أفضى الامر إليك، وبايعك الناس، كنت كرجل منهم، فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك، ونحن نحب أن تؤمننا، وتعطينا ميثاقا على الوفاء فإن الغدر لا خير فيه.
فكتب إليه عبدالملك: إنك عندنا محمود، أنت أحب إلينا وأقرب بنا رحما من ابن الزبير، فلك ذمة الله ورسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشئ (1).
قال أبو نعيم الملائي: مات ابن الحنفية سنة ثمانين.
وقال الواقدي: أنبأنا زيد بن السائب، قال: سألت عبد الله بن الحنفية: أين دفن أبوك ؟ قال: بالبقيع، سنة إحدى وثمانين في المحرم، وله خمس وستون سنة.
فجاء أبان بن عثمان والي المدينة ليصلي عليه، فقال أخي: ما ترى ؟ فقال أبان: أنتم أولى بجنازتكم.
فقلنا: تقدم فصل، فتقدم (2).
الواقدي: حدثنا علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، سمعت ابن الحنفية سنة إحدى وثمانين يقول: لي خمس
وستون سنة، جاوزت سن أبي.
فمات تلك السنة (3).
__________
(1) وتتمة كتابه: " بشئ تكرهه، ارجع إلى بلدك واذهب حيث شئت، ولست أدع صلتك وعونك ما حييت " انظر ابن سعد 5 / 110.
(2) ابن سعد 5 / 116.
(3) ابن سعد 5 / 115.
(*)

(4/128)


وفيها أرخه أبو عبيد، وأبو حفص الفلاس.
وانفرد المدائني، فقال: مات سنة ثلاث وثمانين.

37 - ابناه * (ع) عبد الله بن محمد بن الحنفية، الامام أبو هاشم الهاشمي العلوي المدني.
روى عن أبيه حديث تحريم المتعة (1).
روى عنه الزهري، وعمرو بن دينار، وسالم بن أبي الجعد.
قال مصعب بن عبد الله: كان أبو هاشم صاحب الشيعة، فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفع إليه كتبه ومات عنده، وانقرض عقبه، وأمه أم ولد.
قال ابن سعد (2): كان ثقة، قليل الحديث، وكانت الشيعة تنتحله.
ولما احتضر أوصى إلى محمد بن علي وقال: أنت صاحب هذا الامر، وهو في ولدك، وصرف الشيعة إليه، وأعطاه كتبه.
مات في خلافة سليمان.
قال البخاري (3)، قال علي: حدثنا ابن عيينة، حدثنا الزهري قال: كان الحسن أوثقهما، [ و ] كان عبد الله يتبع السبائية (4).
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 327، طبقات خليفة ت 2046، تاريخ البخاري 5 / 187، الجرح
والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 155، تاريخ ابن عساكر صل 66 ب، تهذيب الكمال 838، تاريخ الاسلام 4 / 20، العبر 1 / 116، تذهيب التهذيب 2 / 184 ب، تهذيب التهذيب 6 / 16، خلاصة تذهيب التهذيب 313.
(1) حديث المتعة أخرجه مالك في الموطأ 2 / 542، في النكاح، باب نكاح المتعة، والبخاري 7 / 369 في المغازي باب غزوة خيبر، و 6 / 143، 144، ومسلم (1407) في النكاح باب نكاح المتعة.
(2) في الطبقات 5 / 328.
(3) في تاريخه الكبير 5 / 187.
(4) هم أصحاب عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية التي تقول بألوهية علي ورجعته، وتقول بتناسخ الجزء الالهي في الائمة بعد علي.
انظر الملل والنحل 1 / 174، ولسان الميزان 3 / 289.
(*)

(4/129)


رواه الحميدي عن سفيان، ولفظه: كان يجمع أحاديث السبائية.
وقال العجلي: هما ثقتان.
وحدثنا أبو أسامة أن أحدهما شيعي والآخر مرجئ وعن جويرية بن أسماء أن سليمان بن عبدالملك دس من سقى أبا هاشم سما، وذلك في سنة ثمان وتسعين.
قلت: مات كهلا.
وقيل: إن عبد الله أول من ألف شيئا في الارجاء.

38 - الحسن * (ع) ابن محمد بن الحنفية، الامام أبو محمد الهاشمي.
كان أجل الاخوين وأفضلهما.
حدث عن أبيه وابن عباس، وجابر، وسلمة بن الاكوع، وأبي سعيد الخدري، وعدة.
روى عنه: الزهري، وعمرو بن دينار، وموسى بن عبيدة، وعدة.
وكان من علماء أهل البيت، وناهيك أن عمرو بن دينار يقول: ما رأيت أحدا أعلم بما اختلف فيه الناس من الحسن بن محمد.
ما كان زهريكم إلا غلاما من غلمانه.
قال خلفية بن خياط (1): مات سنة مئة أو في التي قبلها.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن المرداوي، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبأنا علي بن عبدالرحمن الطوسي، وأنبأنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن أبي القاسم الخطيب بحران، وجماعة، وأنبأنا سنقر بن عبد الله
__________
* طبقان ابن سعد 5 / 328، طبقات خليفة ت 2047، تاريخ البخاري 2 / 305، المعارف 126، المعرفة والتاريخ 1 / 543، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 35، طبقات الفقهاء للشيرازي 63، تاريخ ابن عساكر 4 / 296 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 160، تهذيب الكمال 280، تاريخ الاسلام 3 / 357، العبر 1 / 122، تذهيب التهذيب 1 / 145 آ، البداية والنهاية 9 / 140 و 185، تهذيب التهذيب 2 / 320، النجوم الزاهرة 1 / 227، خلاصة تذهيب التهذيب 81، شذرات الذهب 1 / 121.
(1) في الطبقات 1 / 599.
(*)

(4/130)


بحلب، أنبأنا الموفق عبد اللطيف، وأنجب بن أبي السعادات، وجماعة، قالوا: أنبأنا محمد بن عبدا لباقي، وأنبأنا عبد الكريم بن محمد بن محمد، وأحمد بن عبدالرحمن، ومحمد بن علي، وبيبرس العديمي، ومحمد بن يعقوب القاضي وآخرون قالوا: أنبأنا إبراهيم بن عثمان، أنبأنا محمد بن عبد الباقي، وعلي بن عبدالرحمن بن تاج القراء، قالا: أنبأنا مالك بن أحمد الفراء، أنبأنا أحمد بن محمد بن موسى، حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد، أملانا أبو مصعب الزهري، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب،، عن عبد الله
والحسن ابني محمد بن علي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الانسية (1).
أخرجه البخاري ومسلم من حديث مالك، ومن طريق يونس ومعمر وعبيدالله بن عمر جميعا عن الزهري.

39 - سليم بن عتر * الامام الفقيه قاضي مصر وواعظها وقاصها وعابدها أبو سلمة التجيبي
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ 2 / 542 في النكاح: باب نكاح المتعة، والبخاري 7 / 369 في المغازي، باب غزوة خيبر، و 9 / 143 و 144، ومسلم (1407) في النكاح، باب نكاح المتعة.
ويرى ابن القيم أن حديث علي رضي الله عنه المذكور، قد وهم فيه بعض الرواة، فالذي رواه علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر " فتوهم بعض الرواة أن " يوم خيبر " ظرف لتحريمهما، فرواه: " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعة زمن خيبر، والحمر الاهلية " انظر " زاد المعاد " 2 / 434 و 435.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم تحريم المتعة عام الفتح إلى يوم القيامة كما في صحيح مسلم (1406) (21).
* تاريخ الطبري 4 / 125، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 211، ولاة مصر وقضاتها 303 و 306، تاريخ الاسلام 3 / 156، العبر 1 / 86، النجوم الزاهرة 1 / 194، حسن المحاضرة 1 / 255 و 295، شذرات الذهب 1 / 83 وفيه سليم بن عنزة وهو تصحيف.
(*)

(4/131)


المصري، وكان يدعى الناسك لشدة تألهه.
حضر خطبة عمر بالجابية (1)، وحدث عنه وعن علي، وأبي الدرداء، وحفصة.
وعنه: علي بن رباح، ومشرح بن هاعان، وأبو قبيل، وعقبة بن مسلم، والحسن بن ثوبان، وابن عمه الهيثم بن خالد.
قال الدار قطني: كان سليم بن عتريقص وهو قائم.
قال: وروي عنه أنه كان يختم كل ليلة ثلاث ختمات (2) ويأتي امرأته ويغتسل ثلاث مرات، وأنها قالت بعد موته: رحمك الله، لقد كنت ترضي ربك، وترضي أهلك (3) وعن ابن حجيرة قال: اختصم إلى سليم بن عتر في ميراث.
فقضى بين الورثة، ثم تناكروا فعادوا إليه، فقضى بينهم وكتب كتابا (4) بقضائه، وأشهد فيه شيوخ الجند، فكان أول من سجل بقضائه.
ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد أن سليم بن عتر كان يقرأ القرآن كل ليلة ثلاث مرات.
ضمام بن إسماعيل، عن الحسن بن ثوبان، عن سليم بن عتر، قال:
__________
(1) الجابية: قرية من أعمال دمشق، ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمالي حوران، إذا وقف الانسان في الصنمين واستقبل الشمال ظهرت له، وتظهر من نوى أيضا، وبالقرب منها تل يسمى تل الجابية، وباب الجابية بدمشق، منسوب لهذا الموضع.
معجم البلدان.
(2) لا يعقل ذلك، وربما لا يصح عنه، لانه مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: " لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " رواه ابو داود (1394) والترمذي (2950) بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولم يرخص لعبد الله بن عمرو أن يختم القرآن في أقل من ثلاث أخرجه البخاري 9 / 84، ومسلم (1159)، وانظر تعليق المؤلف ص 325.
(3) انظر " ولاة مصر وقضاتها " 303 و 307 و 308.
(4) في الاصل: (كتابه)، وما أثبتناه من " تاريخ الاسلام " و " قضاة مصر ".
(*)

(4/132)


لما قفلت من البحر تعبدت في غار [ بالاسكندرية ] سبعة أيام لا أكلت ولا شربت (1).
توفي سليم سنة خمس وسبعين.
قال أحمد العجلي: ثقة.

40 - أبو معمر * (ع) عبد الله بن سخبرة الازدي الكوفي.
حدث عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي مسعود، وخباب، والمقداد بن الاسود، وعلقمة، وطائفة.
وروي عن أبي معمر أنه سمع أبا بكر يقول: كفر بالله ادعاء نسب لا يعرف (2).
حدث عنه إبراهيم النخعي، ومجاهد، وعمارة بن عمير التيمي،
__________
(1) تاريخ الاسلام 3 / 157، وما بين الحاصرتين منه.
وزاد أبو عمر الكندي في " ولاة مصر " 307 مانصه: " ولولا أني خشيت أن أضعف لاتممتها عشرا ".
* طبقات ابن سعد 6 / 103، طبقات خليفة ت 1079، تاريخ البخاري 5 / 97، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 68، تهذيب الكمال 687، تاريخ الاسلام 3 / 30، تذهيب التهذيب 2 / 147، ب، تهذيب التهذيب 5 / 231، وانظر 3 / 454 سخبرة، خلاصة تذهيب التهذيب 199.
(2) كانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره، ويصير الولد ينسب إلى الذي يتبناه حتى نزل قوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم) (وما جعل أدعياءكم أبناء كم) فنسب كل منهم إلى أبيه الحقيقي.
قال المناوي: ومناسبة إطلاق الكفر هنا أنه كذب على الله، كأنه يقول: خلقني الله من ماء فلان ولم يخلقني من ماء فلان، والواقع خلافه.
وقول أبي بكر هذا أخرجه أبو بكر المروزي (90) والدارمي 2 / 342 مرفوعا، وفي سنده: السري بن إسماعيل وهو ضعيف وباقي رجاله ثقات.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 1 / 97 عن البزار وأعله بالسري، واخرجه الخطيب في " تاريخه " 3 / 144، وفي سنده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف، وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أحمد (7019) وابن ماجه
(2744) بلفظ " كفر بامرى ادعاء نسب لا يعرفه، أو جحد، وإن دق " وسنده حسن فيتقوى به الحديث.
(*)

(4/133)


وآخرون.
وثقه يحيى بن معين.
وروى الاعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر أنه كان يحدث بالحديث، فيلحن فيه اقتداء بالذي سمع (1).
قيل: ولد أبو معمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن سعد (2): كان ثقة، له أحاديث.
قال أصحابنا: توفي بالكوفة في ولاية عبيد الله بن زياد.
قلت: وذلك في دولة يزيد سنة نيف وستين.

41 - عمربن علي * ابن أبي طالب الهاشمي.
يروي عن أبيه.
وعنه: ابنه محمد.
بقي حتى وفد على الوليد ليوليه صدقة أبيه.
ومولده في أيام عمر.
فعمر سماه باسمه، ونحله غلاما اسمه مورق.
قال العجلي: تابعي ثقة.
قال مصعب الزبيري (3): فلم يعطه الوليد صدقة علي، وقال: لا أدخل على بني فاطمة غيرهم وكانت الصدقة بيد الحسن بن الحسن بن علي - قال: فذهب غضبان، ولم يقبل من الوليد صلة.
ويقال: قتل عمر مع مصعب بن الزبير.
ولا يصح بل ذاك أخوه عبيدالله ابن علي.
__________
1) انظر " الباعث الحثيث " ص 145.
2) في الطبقات 6 / 103.
* طبقات ابن سعد 5 / 117، طبقات خليفة ت 1970، تاريخ البخاري 6 / 179، المعارف 210 و 217، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 124، تاريخ ابن عساكر 13 / 172 ب، تهذيب الكمال ص 1024، تاريخ الاسلام 3 / 54 و 289، تذهيب التهذيب 3 / 90 ب.
تهذيب
التهذيب 7 / 485، خلاصة تذهيب التهذيب 285.
3) في نسب قريش ص 42 و 43 وهو فيه مطول.
(*)

(4/134)


42 - أبو ميسرة * (خ، م، د، س).
عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة الهمداني الكوفي.
حدث عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وغيرهم.
وكان إمام مسجد بني وادعة، من العباد الاولياء حدث عنه: أبو وائل، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وأبو إسحاق، ومحمد بن المنتشر.
قال إسرائيل بن يونس: كان أبو ميسرة إذا أخذ عطاءه تصدق منه، فإذا جاء أهله فعدوه وجدوه سواء، فقال لبني أخيه: ألا تفعلون مثل هذا ؟ فقالوا: لو علمنا أنه لا ينقص لفعلنا.
قال: إني لست أشترط على ربي (1).
أبو معاوية: عن الاعمش، عن شقيق، قال: ما رأيت همدانيا قط أحب إلي أن أكون في مسلاخه من عمرو بن شرحبيل رحمه الله (2).
وروى عاصم عن أبي وائل، قال: ما اشتملت همدانية على مثل أبي ميسرة.
قيل: ولا مسروق ؟ ! قال: ولا مسروق (2).
قال أبو إسحاق: رأيت لابي ميسرة وأصحابه طيالسة لها أزرار طوال من ديباج.
قال: وأوصى أبو ميسرة أن يجعل على لحده طن قصب أو حرادي (3).
وقال: يطيب نفسي أني لا أترك علي دينارا ولا أترك ولدا (4).
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 106، طبقات خليفة ت 1069، تاريخ البخاري 6 / 341، الجرح والتعديل القسم الاول المجلد الثالث 237، الحلية 4 / 141، تهذيب الكمال ص 1040، تاريخ الاسلام 3 / 56، تذهيب التهذيب 3 / 100 آ، غاية النهاية ت 2453، الاصابة ت 6488، تهذيب
التهذيب 8 / 74، خلاصة تذهيب التهذيب 290.
1) ابن سعد 6 / 106.
2) المصدر السابق.
3) الحرادي: جمع حردي وحردية وهي حياصة الحظيرة التي تشد على حائط القصب عرضا.
4) ابن سعد 6 / 107.
(*)

(4/135)


وقال أبو وائل، قال عمرو بن شرحبيل: لا تطيلوا جدثي (1)، فإن المهاجرين كانوا يكرهون ذلك.
قال أبو إسحاق: رأيت أبا جحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذا بقائمة السرير وهو يقول: غفر الله لك يا أبا ميسرة (2).
قال ابن سعد، قالوا: مات في ولاية عبيدالله بن زياد (3).

43 - الجرشي * يزيد بن الاسود الجرشي من سادة التابعين بالشام، يسكن بالغوطة بقرية زبدين (4).
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وله دار بداخل باب شرقي.
قال يونس بن ميسرة، قلت له: يا أبا الاسود كم أتى عليك ؟ قال: أدركت العزى تعبد في قرية قومي (5).
قيل إنه قال: قلت لقومي: اكتبوني في الغزو.
قالوا: قد كبرت.
قال: سبحان الله، اكتبوني فأين سوادي في المسلمين ؟ قالوا: أما إذ فعلت، فأفطر وتقو على العدو، قال: ما كنت أراني أبقى حتى أعاتب في نفسي.
والله لا أشبعها من الطعام، ولا أوطئها من منام حتى تلحق بالله (6).
__________
1) [ يعني القبر ] عن ابن سعد 6 / 108.
2) ابن سعد 6 / 109.
3) المصدر السابق.
* طبقات ابن سعد 7 / 444، تاريخ البخاري 8 / 318، المعرفة والتاريخ 2 / 380، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 250، الاستيعاب ت 2754، تاريخ ابن عساكر 18 / 120 ب، أسد الغابة 5 / 103، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 161، تاريخ الاسلام 3 / 213، البداية والنهاية 8 / 324، الاصابة ت 9393.
4) هي قرية في الغوطة الشرقية شرق دمشق، تقع إلى الجنوب من " الحديثة ".
5) تاريخ البخاري 8 / 318.
6) ابن عساكر 18 / 121 ب.
(*)

(4/136)


وروى صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر قال: خرج معاوية يستسقي، فلما قعد على المنبر، قال: أين يزيد بن الاسود ؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطاهم.
فأمره معاوية، فصعد المنبر، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الاسود، يا يزيد، ارفع يديك إلى الله.
فرفع يديه ورفع الناس فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة كالترس، وهبت ريح، فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم.
سمعها أبو اليمان من صفوان (1).
وقال سعيد بن عبد العزيز وغيره: استسقى الضحاك بن قيس بيزيد بن الاسود فما برحوا حتى سقوا (2).
وروى الحسن بن محمد بن بكار، عن أبي بكر عبد الله بن يزيد قال: حدثني بعض المشيخة أن يزيد بن الاسود الجرشي كان يسير في أرض الروم هو ورجل، فسمع هاتفا يقول: يا يزيد، إنك لمن المقربين، وإن صاحبك لمن العابدين، وما نحن بكاذبين (3).
قال سعيد بن عبد العزيز: إن عبد الملك لما سار إلى مصعب رحل معه يزيد بن الاسود، فلما التقوا قال: اللهم احجز بين هذين الجبلين، وول أحبهما إليك، فظفر عبدالملك (4).
قال ابن عساكر (5): بلغني أنه كان يصلي العشاء الآخرة بمسجد دمشق، ويخرج إلى " زبدين " فتضئ إبهامه اليمنى، فلا يزال يمشي في ضوئها إلى القرية.
وشهده وقت الموت واثلة بن الاسقع.
*
__________
1) انظر ابن سعد 7 / 444 ولفظة: " فما كان أوشك أن ثارت سحابة الخ.
".
2) انظره مطولا في " المعرفة والتاريخ " 2 / 381.
3) ابن عساكر 18 / 121 ب.
4) ابن عساكر 18 / 122 ب.
5) في تاريخه 18 / 120 ب.
(*)

(4/137)


44 - عبيد الله بن أبي بكرة * الثقفي الامير، من أبناء الصحابة.
ولي سجستان.
مولده في سنة أربع عشرة.
وكان جوادا ممدحا شجاعا، كبير القدر.
روى عن أبيه، وعلي، وعنه سعيد بن جمهان، ومحمد بن سيرين، وغيرهما.
وقد ولي قضاء البصرة، وولي إمرة " سجستان " سنة خمسين ثم عزل بعد ثلاث سنين ثم وليها الحجاج.
وقيل: كان ينفق على أهله مئة وستين دارا من جيران داره.
ويعتق في كل عيد مئة مملوك.
وقيل: إن المهلب طلب منه لبن بقر، فبعث إليه بسبع مئة بقرة ورعاتها (1) ووصل ابن مفرغ الشاعر بخمسين ألفا.
وله أخبار في الكرم.
وكان أسود اللون.
قاله أبو جمرة الضبعي.
مات بسجستان سنة تسع وسبعين.

45 - عياض بن عمرو (2) * * (م ق) الاشعري، حدث عن أبي عبيدة، وخالد بن الوليد، وعياض بن غنم
__________
طبقات ابن سعد 7 / 190، طبقات خليفة ت 1643، تاريخ البخاري 5 / 375، المعارف 289، أخبار القضاة 1 / 302، تاريخ ابن عساكر 10 / 374 آ، تاريخ الاسلام 3 / 189، العبر 1 / 90، تعجيل المنفعة 214، النجوم الزاهرة 1 / 202، شذرات الذهب 1 / 87 وفيه " عبد الله " وهو تصحيف 1) انظر ص 412 من هذا الجزء.
* * تاريخ البخاري 7 / 19، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 407، الاستيعاب ت 2013، تاريخ ابن عساكر 13 / 404 آ، أسد الغابة 4 / 164، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 42، تهذيب الكمال ص 1079، تاريخ الاسلام 2 / 310، الاصابة ت 6139، تهذيب التهذيب 8 / 202، خلاصة تذهيب التهذيب 301.
2) في الاصل: (عصرو) وهو تصحيف.
(*)

(4/138)


الاشعري، وطائفة.
وعنه الشعبي وسماك بن حرب، وحصين [ بن عبد الرحمن ] (1) سكن الكوفة.
قال الشعبي: مرعياض بن عمرو في يوم عيد فقال: مالي لا أراهم يقلسون فإنه من السنة (2).
قال هشيم: التقليس، الضرب بالدف (3).
وقال سماك: سمعته يقول: شهدت اليرموك فقتلناهم أربع فراسخ ورأيت أبا عبيدة سابق بفرس عربي (4).

46 - معاوية بن يزيد * ابن معاوية بن أبي سفيان، أبو ليلى الخليفة.
بويع بعهد من أبيه، وكان
شابا دينا، خيرا من أبيه.
وأمه هي بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة.
فولي أربعين يوما، وقيل: ثلاثة أشهر، وقيل: بل ولي عشرين يوما، ومات وله ثلاث وعشرون سنة، وقيل: إحدى وعشرون سنة، وقيل: بل سبع عشرة سنة.
وصلى عليه مروان ودفن إلى جنب قبر أبيه ولم يعقب.
وامتنع أن يعهد بالخلافة إلى أحد.
رحمه الله.
__________
1) ما بين الحاصرتين من " أسد الغابة " و " الاصابة ".
2) أخرجه ابن ماجه (1302) في إقامة الصلاة باب ما جاء في التقليس يوم العيد من طريق شريك عن مغيرة عن عامر، قال: شهد عياض الاشعري عيدا بالانبار فقال: مالي لا أراكم تقلسون كما كان يقلس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البوصيري في " الزوائد ": رجاله ثقات.
3) " قال أبو الجراح: هو استقبال الولاة عند قدومهم المصر بأصناف اللهو..ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه لما قدم الشام لقيه المقلسون بالسيوف والريحان ".
4) الخبر مطول في " ابن عساكر " 13 / 405 آ.
* المعارف 352، تاريخ ابن عساكر 16 / 395 ب، تاريخ الاسلام 3 / 83، العبر 1 / 69، البداية والنهاية 8 / 237، النجوم الزاهرة 1 / 163، تاريخ الخلفاء 211.
(*)

(4/139)


47 - حسان بن النعمان * ابن المنذر الغساني، من ملوك العرب.
ولي المغرب فهذبه وعمره.
وكان بطلا شجاعا، مجاهدا لبيبا، ميمون النقيبة، كبير القدر، وجهه معاوية في سنة سبع وخمسين فصالح البربر، ورتب عليهم الخراج، وانعمرت البلاد.
وله غزوات مشهودة بعد قتل الكاهنة (1).
فلما استخلف الوليد عزله،
وبعث نوابا عوضه، وحرضهم على الغزو.
فقدم حسان على الوليد بأموال عظيمة وتحف، وقال: يا أمير المؤمنين: إنما ذهبت مجاهدا، وما مثلي من يخون.
قال: إني رادك إلى عملك.
فحلف إنه لا يلي شيئا أبدا.
وكان يدعى الشيخ الامين.
وقال أبو سعيد بن يونس: توفي سنة ثمانين، فلعل الذي عزله عبد الملك.

48 - مصعب بن الزبير * * ابن العوام القرشي الاسدي، أمير العراقين، أبو عيسى وأبو عبد الله.
لا رواية له.
__________
* تاريخ ابن عساكر 4 / 199 ب، تاريخ الاسلام 3 / 244، العبر 1 / 92، النجوم الزاهرة 1 / 200، الشذرات 1 / 8، تهذيب ابن عساكر 4 / 149، وانظر ايضا ص 294 من هذا الجزء فقد كرر المصنف ترجمته.
1) هي امرأة ملك البربر، تعرف بالكاهنة، كانت تخبرهم بأشياء من الغيب، ولها سلطان قوي في نفوسهم، هزمت حسان بن النعمان فعززه عبدالملك بالجيوش والاموال حتى استطاع القضاء عليها سنة 74 ه.
انظر " الكامل " لابن الاثير 4 / 370.
* * طبقات ابن سعد 5 / 182، طبقات خليفة ت 2067، تاريخ البخاري 7 / 350، الاخبار الموفقيات 525 وما بعدها، المعارف 224، الاغاني ط الدار 19 / 122، تاريخ بغداد 13 / 105، تاريخ ابن عساكر 16 / 263 آ، تاريخ الاسلام 3 / 208، العبر 1 / 80 و 81، فوات الوفيات 4 / 143 تحقيق د.
إحسان عباس، البداية والنهاية 8 / 317، تعجيل المنفعة 403، النجوم الزاهرة 1 / 187.
(*)

(4/140)


كان فارسا شجاعا، جميلا وسيما، حارب المختار وقتله، وكان سفاكا للدماء.
سار لحربه عبدالملك بن مروان.
وأمه هي الرباب بنت أنيف الكلبية.
وكان يسمى من سخائه آنية النحل (1).
وفيه يقول عبيدالله بن قيس
الرقيات: إنما مصعب شهاب من الله تجلت عن وجهه الظلماء ملكه ملك عزة ليس فيها * جبروت منه ولا كبرياء يتقي الله في الامور وقد أفلح من كان همه الاتقاء (2) قال إسماعيل بن أبي خالد: ما رأيت أميرا قط أحسن من مصعب.
وروى عمربن أبي زائدة، أن الشعبي قال: ما رأيت أميرا قط على منبر أحسن من مصعب.
قال المدائني: كان يحسد على الجمال.
وروى ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر عبد الله، ومصعب، وعروة - بنو الزبير - وابن عمر، فقال: تمنوا، فقال ابن الزبير (3): أتمنى الخلافة، وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين.
فقال ابن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة.
فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له (4).
__________
(1) انظر " ثمار القلوب " ص 508.
2) الابيات في " الشعر والشعراء " ص 450 وروايته: " ملك رحمة.
جبروت يخشى.." و " الكامل " 2 / 269 وروايته: "..ملك قوة.
" و " الاغاني " ط الدار 5 / 79 وروايته: " ليس فيه.." ثم انظر الديوان ص 91 وروايته: " ليس فيه.
جبروت ولا به كبرياء..".
(3) أي: عبد الله.
(4) رواه أبو نعيم في الحلية 2 / 171، وقد أورده ابن قتيبة في " عيون الاخبار " 3 / 258 بغير إسناد وسياق مختلف.
(*)

(4/141)


وكان عبدالملك ودودا لمصعب وصديقا.
قال علي [ بن زيد ] بن جدعان: بلغ مصعبا شئ عن عريف الانصار، فهم به، فأتاه أنس فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " استوصوا بالانصار خيرا، اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " فألقى مصعب نفسه عن السرير وألزق خده بالبساط وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على العين والرأس، وتركه.
أخرجه أحمد (1).
قال مصعب الزبيري: أهديت لمعصب نخلة من ذهب، عثاكلها من صنوف الجوهر قومت بألفي ألف دينار، كانت للفرس، فدفعها إلى عبد الله ابن أبي فروة (2).
قال أبو عاصم النبيل: كان ابن الزبير إذا كتب لاحد بجائزة ألف [ درهم ] (3)، جعلها مصعب مائة ألف.
وقد سئل سالم: أي ابني الزبير أشجع ؟ قال: كلاهما جاء الموت وهو ينظر إليه.
وقيل: تذاكروا الشجعان، فقال عبدالملك: أشجع العرب من ولي العراقين خمس سنين فأصاب ثلاثة آلاف ألف، وتزوج بنت الحسين وبنت طلحة وبنت عبد الله بن عامر، وأمه رباب بنت أنيف (4)، [ الكلبي سيد
__________
1) في مسنده 3 / 240 و 241 من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، وعلي هذا ضعيف، لكن أخرج البخاري في صحيحه 7 / 91، 92 من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال: " أوصيكم بالانصار فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ".
2) الخبر في " ابن عساكر " 16 / 267 آ، وابن أبي فروة هو كاتب مصعب كما في " الموفقيات " ص 531 و " الاغاني " 19 / 125 ط الدار.
3) من تاريخ الاسلام 3 / 109.
4) في الاصل (وبنت رباب بن أنيف) وهو تصحيف ظاهر لان الرباب أمه، وما أثبتناه من = (*)

(4/142)


ضاحية العرب ] وأعطي الامان فأبى ومشى بسيفه حتى قتل.
قال عبدالملك بن عمير: رأيت بقصر الكوفة رأس الحسين الشهيد، ثم رأس ابن زياد، ثم رأس المختار ثم رأس مصعب بين يدي عبدالملك.
قتل مصعب يوم نصف جمادى الاولى سنة اثنتين وسبعين، وله أربعون سنة.
وكان مصعب قد سار ليأخذ الشام.
فقصده عبدالملك، فوقع بينهما ملحمة كبرى بدير الجاثليق بقرب أوانا (1)، وكان قد كاتب عبدالملك جماعة من الوجوه يمنيهم ويعدهم إمرة العراق، وإمرة العجم، فأجابوه إلا إبراهيم بن الاشتر فأتى مصعبا بكتابه وفيه: إن بايعتني وليتك العراق.
وقال: قد كتب إلى أصحابك.
فأطعني واضرب أعناقهم.
قال: إذا تغضب عشائرهم.
قال: فاسجنهم، قال: فإني لفي شغل عن ذلك.
يرحم الله الاحنف، إن كان ليحذر غدر العراقيين.
وقيل: قال لهم قيس بن الهيثم: ويحكم لا تدخلوا أهل الشام عليكم منازلكم.
وأشار ابن الاشتر بقتل زياد بن عمرو، ومالك بن مسمع.
فلما التقى الجمعان، لحقوا بعبد الملك وهرب عتاب بن ورقاء، وخذلوا مصعبا (2).
فقال ابن قيس الرقيات (3):
__________
= " تاريخ بغداد " 13 / 106 وما بين حاصرتين منه، للايضاح.
والخبر في " الاغاني " ط الدار 19 / 131 وفيه (عاصم) بدل (عامر) والصحيح هو عبد الله بن عامر بن كريز.
1) دير الجاثليق: دير قديم رحب الفناء من ناحية مسكن قرب بغداد في غربي دجلة، وهو رأس الحد بين السواد وأرض تكريت.
وأوانا: بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة من نواحي دجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت، وكثيرا ما يذكرها الخلعاء في أشعارهم.
ه.
معجم البلدان.
2) انظر التفاصيل في " الموفقيات " ص 557 وما بعدها، و " الاغاني " ط الدار 19 / 123 وما بعدها.
3) الابيات في " الموفقيات " ص 533 و " الكامل " 1 / 271 و 272 وروايته: " بالطف يوم الطف شيعة " و " الاغاني " ط الدار 9 / 128 وروايته: " تالله لو كانت له " و " لوجد تموه حين يدلج " و " معجم البلدان " مادة (مسكن) وروايته: " حين يعدو لا يعرس بالمضيعة " = (*)

(4/143)


إن الرزية يوم مسكن والمصيبة والفجيعه بابن الحواري الذي لم يعده يوم الوقيعة غدرت به مضر العراق وأمكنت منه ربيعه فأصبت وترك يا ربيع وكنت سامعة مطيعه يا لهف لو كانت له بالدير يوم الدير شيعه أو لم يخونوا عهده أهل العراق بنو اللكيعه لوجدتموه حين يحدر لا يعرس بالمضيعه وجعل مصعب كلما قال لمقدم من جيشه: تقدم لا يطيعه.
فقيل: أخبر عبد الله بن خازم السلمي أمير خراسان بمسير مصعب إلى عبدالملك، فقال: أمعه عمر بن عبيدالله التيمي ؟ قيل: لا، ذاك استعمله على فارس.
قال أفمعه المهلب بن أبي صفرة ؟ قيل: لا، ولاه الموصل.
قال: أمعه عباد بن حصين ؟ قيل: استعمله على البصرة.
فقال: وأنا هنا ثم تمثل: خذيني وجريني ضباع وأبشري * بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره (1) قال الطبري (2): فقال مصعب لابنه عيسى: اركب بمن معك إلى عمك
__________
= و " الديوان " ص 184 وروايته: " لم تعده أهل الوقيعة " و " بالطف يوم الطف " و " حين يغضب لا يعرج بالمضيعة ".
ومسكن: موضع المعركة التي قتل فيها مصعب، والطلف: الموضع الذي قتل فيه الحسين.
انظر " معجم البلدان ".
1) نسب البيت في " الكتاب " 2 / 38 للنابغة الجعدي وروايته: " فقلت لها عيثي جعار وجرري " وكذا في اللسان (جعر) وفي (جرر) (عيشي) بدل (عيثي) و " أمالي الشجري " 2 / 113.
والخبر في " الطبري " 6 / 158 وروايته: " خذيني فجريني جعار وأبشري ".
وأما في " الكامل " 3 / 5 فقد ذكر المبرد أن المخبر والمتمثل بالبيت هو عبد الله بن الزبير.
2) في تاريخه 6 / 158 وما يأتي بين الحاصرتين منه، وهو مفصل فيه وفي " الاغاني " ط الدار 19 / 125 وما بعدها.
(*)

(4/144)


أمير المؤمنين فأخبره بما صنع أهل العراق، ودعني فإني مقتول.
قال: لاأخبر قريشا عنك أبدا ولكن سر إلى البصرة، فهم على الطاعة، [ أو الحق بأمير المؤمنين ] قال: لا تتحدث قريش أنني فررت لخذلان ربيعة، وما السيف بعار [ وما الفرار لي بعادة ولا خلق، ولكن إن أردت أن ترجع فارجع فقاتل.
فرجع فقاتل حتى قتل ].
وبعث إليه عبدالملك مع أخيه محمد: إني - يا ابن العم - أمنتك.
قال: مثلي لا ينصرف عن هذا المقام إلا غالبا أو مغلوبا.
فقيل: أثخنوه بالسهام ثم طعنه زائدة الثقفي - وكان من جنده - وقال: يا لثارات المختار، وقاتل قتلة ابن الاشتر حتى قتل، واستولى عبدالملك على المشرق.

49 - بشر بن مروان * ابن الحكم الاموي أحد الاجواد.
ولي العراقين لاخيه عند مقتل مصعب.
وداره بدمشق عند عقبة الكتان (1).
روى ابن جدعان، عن الحسن، قال: قدم علينا بشر البصرة، وهو أبيض بض، أخو خليفة وابن خليفة.
فأتيته فقال الحاجب: من أنت ؟ قال: حسن البصري، قال: ادخل، وإياك أن تطيل ولا تمله.
فأدخل، فإذا هو على سرير، عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها، ورجل بالسيف واقف على رأسه.
فقال: من أنت ؟ قلت: الحسن [ البصري الفقيه ] فأجلسني ثم قال: ما تقول في زكاة أموالنا ؟ ندفعها إلى السلطان أم إلى الفقراء ؟ قلت: أيهما
__________
* المعارف 355، تاريخ ابن عساكر المجلدة العاشرة بتحقيق الاستاذ محمد أحمد دهمان ص 111 و 3 / 176 ب، تاريخ الاسلام 3 / 141، العبر 1 / 86، البداية والنهاية 9 / 7، النجوم الزاهرة 1 / 191، شذرات الذهب 1 / 83، خزانة الادب 4 / 117، تهذيب ابن عساكر 3 / 251.
1) موضع بدمشق ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 14 / 221 والنعيمي في الدارس 2 / 237.
وقد تصحف في " البداية " إلى " الكتاب " (*)

(4/145)


فعلت أجزأ عنك.
فتبسم وقال: لشئ ما يسود من يسود.
ثم عدت إليه من العشي وإذا هو انحدر من سريره يتململ وحوله الاطباء.
ثم عدت من الغد والناعية تنعاه ودوابه قد جزت نواصيها.
ووقف الفرزدق على قبره ورثاه بأبيات، فما بقي أحد إلا بكى (1).
قال خليفة (2): مات بالبصرة سنة خمس وسبعين وله نيف وأربعون سنة.
وقيل: إنه كتب إلى أخيه: إنك شغلت إحدى يدي بالعراق، وبقيت الاخرى فارغة.
فكتب إليه بولاية الحرمين واليمن.
فما جاءه الكتاب إلا وقد وقعت القرحة في يمينه.
فقيل: اقطعها من المفصل (3) فجزع.
فبلغت المرفق ثم أصبح وقد بلغت الكتف ومات.
فجزع عليه عبدالملك وأمر
الشعراء فرثوه (4).

50 - شبيب بن يزيد * ابن أبي نعيم الشيباني، رأس الخوارج بالجزيرة، وفارس زمانه.
بعث لحربه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحدا بعد واحد، ثم سار إلى الكوفة،
__________
1) الخبر مفصل في " ابن عساكر " المجلدة العاشرة تحقيق دهمان ص 124، وما بين الحاصرتين منه، وفيه قطعة من مرثية الفرزدق، وهي في الديوان 2 / 268 منها: أعيني إلا تسعداني ألمكما * فما بعد بشر من عزاء ولاصبر ألم تر أن الارض دكت جبالها * وأن نجوم الليل بعدك لا تسري فإن لا تكن هند بكته فقد بكت * عليه الثريافي كواكبها الزهر 2) في تاريخه ص 273.
3) لفظ " ابن عساكر ": (من مفصل الكف).
4) انظر " ابن عساكر " المجلدة العاشرة ص 127.
* المعارف 410، تاريخ الطبري 6 / حوادث سنة 76 و 77، مروج الذهب 3 / 346 وما بعدها، جمهرة ابن حزم ص 327، تاريخ ابن الاثير 4 / حوادث سنة 76 و 77، وفيات الاعيان 2 / 454، تاريخ الاسلام 3 / 160، البداية والنهاية 9 / 19، خطط المقريزي 2 / 355، النجوم الزاهرة 1 / 196.
(*)

(4/146)


وحاصر الحجاج، وكانت زوجته غزالة عديمة النظير في الشجاعة.
فعير الحجاج شاعر فقال (1).
أسد علي وفي الحروب نعامة * فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا برزت إلى غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر
وكانت أم شبيب جهيزة (2) تشهد الحروب.
قال رجل: رأيت شبيبا دخل المسجد.
فبقي المسجد يرتج له، وعليه جبة طيالسة.
وهو طويل، أشمط، جعد، آدم (3).
غرق شبيب في القتال بدجيل (4) سنة سبع وسبعين وله إحدى وخمسون سنة.
قيل: حضر عتبان الحروري عند عبدالملك بن مروان فقال: أنت القائل: فإن يك منكم كان مروان وابنه * وعمرو ومنكم هاشم وحبيب فمنا حصين والبطين وقعنب * ومنا أمير المؤمنين شبيب فقال: إنما قلت: " ومنا أمير المؤمنين شبيب " على النداء فأعجبه وأطلقه (5).
__________
1) هو عمران بن حطان كما في " الاغاني " ط الدار 18 / 116 و " شعر الخوارج " 25.
2) هي من سبي سلمان بن ربيعة حين غزا أرض الروم في أيام عثمان، انظر " الطبري " 6 / 282، وبها يضرب المثل: " أحمق من جهيزة " انظر " مجمع الامثال " للميداني 1 / 218، وجمهرة الامثال للعسكري 1 / 393، واللسان (جهز) وتاريخ الاسلام 3 / 160.
(3) وفيات الاعيان 2 / 455.
(4) هو نهر بالاهواز، حفره أردشير بابك أحد ملوك الفرس، وقال حمزة: كان اسمه في أيام الفرس (ديلدا كودك) ومعناه: دجلة الصغيرة فعرب على (دجيل) ومخرجه من أرض أصهان ؟ ؟، ومصبه في بحر فارس قرب عبادان: اه.
معجم البلدان.
(5) الخبر في " وفيات الاعيان " 2 / 456، والبيتان في " معجم المرزباني " 109 وفيه: (سويد) بدل (حصين) ولعله هو الصواب لان سويد بن سليم، والبطين بن قعنب، وقعنب بن سويد كانوا من قادة جند شبيب.
انظر " عيون الاخبار " 2 / 155.
(*)

(4/147)


ولما غرق، قيل لامه فقالت: لما ولدته رأيت كأنه خرج مني شهاب نار، فعلمت أنه لا يطفئه إلا الماء (1).
وكان قد خرج صالح بن مسرح العابد التميمي بدارا (2)، وله أصحاب يفقههم ويقص عليهم، ويذم عثمان وعليا كدأب الخوارج، ويقول: تأهبوا لجهاد الظلمة، ولا تجزعوا من القتل في الله، فالقتل أسهل من الموت، والموت لا بد منه.
فأتاه كتاب شبيب يقول: إنك شيخ المسلمين، ولن نعدل بك أحدا، وقد استجبت لك، والآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين، فيا له غبنا، ويا له فضلا متروكا، جعلنا الله ممن يريد الله بعمله، ثم أقبل هو وأخوه مصاد (3) والمحلل (3) بن وائل، وإبراهيم ابن حجر، والفضل بن عامر الذهلي، إلى صالح، فصاروا مئة وعشرة أنفس، ثم شدوا على خيل لمحمد، بن مروان، فأخذوها وقويت شوكتهم، فسار لحربهم عدي من عدي بن عميرة الكندي، فالتقوا فانهزم عدي، وبعد مديدة توفي صالح من جراحات، سنة ست وتسعين.
عهد إلى شبيب فهزم العساكر، وعظم الخطب، وهجم [ على ] الكوفة وقتل جماعة أعيان، فندب الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي، فالتقوا فقتل زائدة، ودخلت غزالة جامع الكوفة، وصلت وردها وصعدت المنبر، ووفت نذرها، وهزم شبيب جيوش الحجاج مرات، وقتل عدة من الاشراف، وتزلزل له عبد
__________
(1) تاريخ الطبري 6 / 282.
(2) دارا: بلدة في لحف جبل بين نصيبين وماردين، وهي من بلاد الجزيرة، ذات بساتين ومياه جارية، وعندها كان معسكردارا بن دارا الملك ابن قباذ الملك لما لقي الاسكندر المقدوني فقتله الاسكندر وتزوج ابنته وبنى في موضع معسكره هذه المدينة وسماها باسمه.
اه.
معجم البلدان.
(3) في الاصل بالمعجمة، وما أثبتناه من الطبري وابن الاثير.
(*)

(4/148)


الملك، وتحير الحجاج في أمره، وقال: أعياني هذا، وجمع له جيشا كثيفا نحو خمسين ألفا (1).
وعرض شبيب جنده فكانوا ألفا، وقال: يا قوم، إن الله نصركم وأنتم مئة، فأنتم اليوم مئون.
ثم ثبت معه ست مئة، فحمل في مئتين على الميسرة هزمها، ثم قتل مقدم العساكر عتاب بن ورقاء التميمي، فلما رآه شبيب صريعا توجع له، فقال خارجي له: يا أمير المؤمنين تتوجع لكافر ؟، ! ثم نادى شبيب برفع السيف، ودعا إلى طاعته، فبايعوه ثم هربوا في الليل (2).
ثم جاء المدد من الشام، فالتقاه الحجاج بنفسه، فجرى مصاف لم يعهد مثله، وثبت الفريقان، وقتل مصاد أخو شبيب، وزوجته غزالة، ودخل الليل وتقهقر شبيب وهو يخفق رأسه، والطلب في أثره، ثم فتر الطلب عنهم، وساروا إلى الاهواز، فبرز متوليها محمد بن موسى بن طلحة، فبارز شبيبا فقتله شبيب، ومضى إلى كرمان (3) فأقام شهرين ورجع، فالتقاه سفيان بن أبرد الكلبي وحبيب الحكمي على جسر دجيل.
فاقتتلوا حتى دخل الليل، فعبر شبيب على الجسر، فقطع به، فغرق وقيل: بل نفر به فرسه، فألقاه في الماء سنة سبع وسبعين وعليه الحديد فقال: (ذلك تقدير العزيز العليم) [ يس: 38 ] وألقاه دجيل إلى الساحل ميتا، وحمل إلى الحجاج، فشق جوفه وأخرج قلبه، فإذا داخله قلب آخر (4).
__________
(1) انظر التفاصيل في " تاريخ الطبري " 6 / 218 وما بعدها.
(2) انظر الطبري 6 / 262 وما بعدها.
(3) هي ولاية مشهورة، وناحية كبيرة معمورة، ذات بلاد وقرى ومدن واسعة (تقع في القسم
الشرقي من إيران اليوم)..شرقيها مكران والبحر وغربيها أرض فارس وشماليها مفازة خراسان وجنوبيها بحر فارس.
قال ابن الكلبي: سميت بكرمان بن فلوج بن لنطي بن يافث بن نوح عليه السلام، فتحها عثمان بن أبي العاص في عهد عمربن الخطاب رضي الله عنه.
(4) انظر الطبري 6 / 271 وما بعدها و 279 وما بعدها.
وفيه: " فأخرج قلبه فكان مجتمعا صلبا كأنه صخرة ".
(*)

(4/149)


51 - شبث بن ربعي * التميمي اليربوعي، أحد الاشراف والفرسان، كان ممن خرج على علي، وأنكر عليه التحكيم، ثم تاب وأناب.
وحدث عن علي، وحذيفة.
وعنه محمد بن كعب القرظي، وسليمان التيمي، له حديث واحد في سنن أبي داود.
قال الاعمش: شهدت جنازة شبث، فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة، والجمال على حدة، وذكر الاصناف.
قال: ورأيتهم ينوحون عليه ويلتدمون (1).
قلت: كان سيد تميم هو والاحنف.

52 - عبد الله بن صفوان * * (م، س، ق) ابن أمية بن خلف، أبو صفوان الجمحي المكي، من أشراف قريش، لاصحبة له.
يقال: ولد أيام النبوة.
وروى عن أبيه، وعمر، وأبي الدرداء، وحفصة.
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 216، طبقات خليفة ت 1100، تهذيب الكمال ص 569، تاريخ الاسلام 3 / 159 و 254، تذهيب التهذيب 2 / 68 ب، الاصابة ت 3955، تهذيب التهذيب 4 / 303، خلاصة تذهيب التهذيب 168، تاج العروس (شبث).
(1) ابن سعد 6 / 216، والتدام النساء: ضربهن صدورهن ووجوههن في النياحة في المآتم.
* * طبقات خليفة ت 2014، تاريخ البخاري 5 / 118، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 84، الاستيعاب ت 1577، تاريخ ابن عساكر 9 / 218 آ، أسد الغابة 3 / 185، تهذيب الكمال ص 697، تاريخ الاسلام 3 / 176 تذهيب التهذيب 2 / 154 آ، البداية والنهاية 8 / 345، العقد الثمين 5 / 178، الاصابة ت 6177، تهذيب التهذيب 5 / 265، خلاصة تذهيب التهذيب 202، شذرات الذهب 1 / 80.
(*)

(4/150)


وعنه حفيده أمية بن صفوان، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، والزهري، وسالم بن أبي الجعد وله دار بدمشق.
قيل: حج معاوية، فتلقاه ابن صفوان على بعير، فساير معاوية، فقال الشاميون: من هذا الاعرابي ؟ فقدم لمعاوية ألفي شاة (1).
وكان سيد أهل مكة في زمانه لحلمه وسخائه وعقله.
قتل مع ابن الزبير وهو متعلق بالاستار (2).
قال يحيى بن سعيد الانصاري: جاؤوا إلى المدينة برأس ابن صفوان، ورأس ابن الزبير، ورأس عبد الله بن مطيع (2).

53 - قطري بن الفجاءة * الامير أبو نعامة التميمي المازني، البطل المشهور، رأس الخوارج.
خرج زمن ابن الزبير، وهزم الجيوش، واستفحل بلاؤه.
جهز إليه الحجاج جيشا بعد جيش فيكسرهم، وغلب على بلاد فارس، وله وقائع مشهودة، وشجاعة لم يسمع بمثلها، وشعر فصيح سائر.
فله: أقول لها وقد طارت شعاعا * من الابطال ويحك لن تراعي فإنك لو سألت بقاء يوم * على الاجل الذي لك لم تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبرا * فما نيل الخلود بمستطاع
__________
(1) ابن عساكر 9 / 219 ب، والخبر مفصل في تاريخ الاسلام 3 / 176.
(2) ابن عساكر 9 / 221 آ.
* البيان والتبيين 1 / 341، المعارف 411، الاخبار الطوال ص 180، الكامل للمبرد 3 / 355 وما بعدها وانظر الفهارس، المبهج ص 18، سمط اللآلي 590، تاريخ ابن الاثير 4 / 441، وفيات الاعيان 4 / 93، تاريخ الاسلام 3 / 203، شرح الشواهد بهامش الخزانة 2 / 452، النجوم الزاهرة 1 / 197، شذرات الذهب 1 / 86، تاج العروس (قطر).
(*)

(4/151)


ولا ثوب الحياة بثوب عز * فيطوى عن أخي الخنع اليراع سبيل الموت غاية كل حي * وداعيه لاهل الارض داعي ومن لم يعتبط يهرم ويسأم * وتسلمه المنون إلى انقطاع وما للمرء خير في حياة * إذا ما عد من سقط المتاع (1) واسم الفجاءة جعونة بن مازن.
بقي قطري يحارب نيف عشرة سنة، ويسلم عليه بالخلافة، استوفى المبرد (2) في " كامله " أخباره إلى أن سار لحربه سفيان بن الابرد الكلبي، فانتصر عليه وقتله.
وقيل: عثر به الفرس، فانكسرت فخذه بطبرستان، فظفروا به، وحمل رأسه سنة تسع وسبعين إلى الحجاج.
وكان خطيبا بليغا، كبير المحل من أفراد زمانه.

54 - الحارث الاعور * (4) هو العلامة الامام أبو زهير، الحارث بن عبد الله بن كعب بن أسد الهمداني الكوفي صاحب علي وابن مسعود، كان فقيها كثير العلم على لين في حديثه.
حدث عنه الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق
السبيعي، وغيرهم.
__________
(1) الابيات في ديوان الحماسة بشرح التبريزي 1 / 96 وروايته: " ولا ثوب البقاء بثوب عز " و " ومن لم يعتبط يسأم ويهرم " وأمالي المرتضى 1 / 336 وروايته: " أقول لها إذا جشأت حياء " " ما طول الحياة بثوب مجد " و " سبيل الموت منهج كل حي " و " تفض به المنون إلى انقطاع " ووفيات الاعيان 4 / 94 وروايته: "..لا تراعي ".
(2) انظر مصادر الترجمة.
* طبقات ابن سعد 6 / 168، طبقات خليفة ت 1070 و 1075، تاريخ البخاري 2 / 273، المعارف 624، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 78، طبقات الشيرازي 80، تهذيب الكمال ص 216، تاريخ الاسلام 3 / 4، العبر 1 / 73، ميزان الاعتدال 1 / 435 تذهيب التهذيب 1 / 114 آ، غاية النهاية ت 922، تهذيب التهذيب 2 / 145، النجوم الزاهرة 1 / 185، خلاصة تذهيب التهذيب 18، شذرات الذهب 1 / 73.
(*)

(4/152)


وقد جاء أن أبا إسحاق سمع من الحارث أربعة أحاديث، وباقي ذلك مرسل قال أبو بكر بن أبي داود: كان الحارث أفقه الناس، وأحسب الناس.
تعلم الفرائض من علي رضي الله عنه.
قال محمد بن سيرين: أدركت أهل الكوفة وهم يقدمون خمسة: من بدأ بالحارث الاعور، ثنى بعبيدة السلماني، ومن بدأ بعبيدة، ثنى بالحارث، ثم علقمة، ثم مسروق، ثم شريح (1).
قلت: قد كان الحارث من أوعية العلم، ومن الشيعة الاول.
كان يقول: تعلمت القرآن في سنتين، والوحي في ثلاث سنين.
فأما قول الشعبي: الحارث كذاب، فمحمول على أنه عنى بالكذب
الخطأ، لا التعمد، وإلا، فلماذا يروي عنه ويعتقده بتعمد الكذب في الدين.
وكذا قال علي بن المديني وأبو خيثمة: هو كذاب.
وأما يحيى بن معين فقال: هو ثقة.
وقال مرة: ليس به بأس.
وكذا قال الامام النسائي: ليس به بأس.
وقال أيضا: ليس بالقوي، وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
ثم إن النسائي وأرباب السنن احتجوا بالحارث.
وهو ممن عندي وقفة في الاحتجاج به.
قال علباء بن أحمر: خطب علي الناس فقال: يا أهل الكوفة، غلبكم نصف رجل (2).
قال شعبة: لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث.
وروى منصور عن إبراهيم قال: الحارث اتهم.
__________
(1) انظر الخبر ص 43 و 56 و 102 من هذا الجزء.
(2) طبقات ابن سعد 6 / 168.
(*)

(4/153)


وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ما سمع من الحارث - يعني أبا إسحاق - إلا أربعة أحاديث، وسائر ذلك كتاب أخذه.
وروى أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، قال: لم يكن الحارث يصدق عن علي في الحديث.
وقال جرير بن عبدالحميد: كان زيفا.
وقال ابن معين أيضا في رواية ثالثة عنه: ضعيف.
وكذا قال الدار قطني.
وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
وروى يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، ترجيح حديث عاصم بن ضمرة، على حديث الحارث فقال: كنا نعرف فضل حديث عاصم، على حديث الحارث.
قال عثمان الدارمي: لا يتابع يحيى بن معين على قوله في الحارث: إنه
ثقة.
قال حصين عن الشعبي: ما كذب على أحد من هذه الامة، ما كذب على علي.
وروى مفضل بن مهلهل، عن مغيرة، سمع الشعبي يقول: حدثني الحارث الاعور وأشهد أنه أحد الكذابين.
قال بندار: أخذ يحيى بن سعيد وابن مهدي القلم من يدي، فضربا على نحو من أربعين حديثا من حديث الحارث عن علي.
وقال أبو حاتم بن حبان: كان الحارث غاليا في التشيع، واهيا في الحديث، هو الراوي عن علي، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " لاتفتحن على الامام في الصلاة " رواه الفريابي عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عنه (1).
وإنما ذا قول علي.
__________
(1) الضعفاء 1 / 222، وحديث " لاتفتحن " أخرجه أبو داود (908) في الصلاة باب النهي عن التلقين، والحارث ضعيف.
وقال أبو داود: أبو إسحاق سمع من الحارث أربعة أحاديث ليس = (*)

(4/154)


وخرج البخاري في كتاب " الضعفاء " لمحمد بن يعقوب بن عباد، عن محمد بن داود، عن إسماعيل، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنين المريض تسبيحه، وصياحه تهليله، ونومه عبادة، ونفسه صدقة، وتقلبه قتال لعدوه " الحديث.
فهذا حديث منكر جدا.
وما أظن أن إسرائيل حدث بذا.
وقد استوفيت ترجمة الحارث في " ميزان الاعتدال " (1) وأنا متحير فيه.
وتوفي سنة خمس وستين بالكوفة.
أخبرنا محمد بن عبد السلام الشافعي، عن عبدالمعزبن محمد، أنبأنا
تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبدالرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أنبأنا أحمد بن علي، حدثنا عبيدالله بن عمر، حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: " لعن محمد صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وشاهديه، وكاتبه، والواشمة والمستوشمة، والحال والمحلل له، ومانع الصدقة، ونهى عن النوح " (2).
مجالد أيضا لين.
__________
= هذا منها.
وقد روي عن علي رضي الله عنه قوله: إذا استطعمكم الامام فأطعموه يريد إذا تعايا في القراءة فلقنوه وفي الباب عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لابي: " أصليت معنا " ؟ قال: نعم، قال: " فما منعك ".
(1) 1 / 435.
(2) إسناده ضعيف، لكن غالب ألفاظ الحديث جاءت من وجه آخر وكلها صحيحة، فلعن " آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه " أخرجه مسلم (1598) من حديث جابر، ولعن " الواشمة والمستوشمة " متفق عليه من حديث ابن مسعود، ولعن " الحال والمحلل " أخرجه أحمد والدرامي والنسائي والترمذي من حديث ابن مسعود، وإسناده صحيح، والنهي عن النوح ثابت في صحيح.
مسلم (934) من حديث أبي مالك الاشعري.
والحال المحلل له: هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا قيتزوجها رجل آخر بشرط أن يطلقها بعد مواقعته إياها لتحل للزوج الاول.
(*)

(4/155)


55 - الحارث بن سويد * (ع) التيمي الكوفي، إمام ثقة، رفيع المحل.
حدث عن عمر وابن مسعود، وعلي.
يكنى أبا عائشة.
روى عنه إبراهيم التيمي، وأشعث بن أبي الشعثاء، وعمارة بن عمير، وجماعة.
وهو قليل الحديث، قديم الموت، قد ذكره أحمد بن حنبل فعظم
شأنه، ورفع من قدره.
وقال ابن معين: ثقة.
وقال ابن سعد (1): مات في آخر خلاقة ابن الزبير.

56 - عبيد بن عمير * * (ع) ابن قتادة الليثي الجندعي المكي، الواعظ المفسر، ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدث عن أبيه، وعن عمر بن الخطاب، وعلي، وأبي ذر، وعائشة، وأبي موسى الاشعري، وابن عباس، وطائفة
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 167، طبقات خليفة ت 994، و 1020، تاريخ البخاري 2 / 269، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 75، الحلية 4 / 126، تهذيب الكمال 215، تاريخ الاسلام 3 / 150، تذهيب التهذيب 1 / 113، العقد الثمين 4 / 16، الاصابة ت 1920، تهذيب التهذيب 2 / 143، خلاصة تذهيب التهذيب 67.
(1) في الطبقات 6 / 167.
* * طبقات ابن سعد 5 / 463، طبقات خليفة ت 2524، تاريخ البخاري 5 / 455، المعارف 434 وفيه: " كان قاضي مكة " مصحف (قاص) المعرفة والتاريخ 2 / 24، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 409، الحلية 3 / 266، الاستيعاب ت 1736، أسد الغابة 3 / 353، تهذيب الكمال ص 899، تذكرة الحفاظ 1 / 47، تاريخ الاسلام 3 / 190، تذهيب التهذيب 3 / 23 ب، البداية والنهاية 9 / 5 وفيه أيضا صحف لفظ (قاص) إلى (قاضي) العقد الثمين 5 / 543، غاية النهاية ت 2064، الاصابة ت 6242، تهذيب التهذيب 7 / 71، النجوم الزاهرة 1 / 197، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 14 وفيه أيضا تصحف لفظ (قاص) إلى (قاضي)، خلاصة تذهيب التهذيب 255.
(*)

(4/156)


حدث عنه ابنه عبد الله بن عبيد، وعطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة،
وعمرو بن دينار، وعبد العزيز بن رفيع، وأبو الزبير، وجماعة.
وكان من ثقات التابعين وأئمتهم بمكة.
وكان يذكر الناس، فيحضر ابن عمر رضي الله عنهما مجلسه.
روى حماد بن سلمة، عن ثابت، قال: أول من قص عبيد بن عمير على عهد عمربن الخطاب (1).
أبو بكر بن عياش: عن عبدالملك، عن عطاء، قال: دخلت أنا وعبيد ابن عمير على عائشة فقالت له: خفف فإن الذكر ثقيل - تعني إذا وعظت (1).
وقال عبد الواحد بن أيمن: رأيت عبيد بن عمير وله جمة إلى قفاه، ولحيته صفراء.
قلت: هومن خضاب السنة.
توفي قبل ابن عمر (2) بأيام يسيرة.
وقيل: توفي في سنة أربع وسبعين.
وكان ابنه عبد الله من علماء المكيين.
وكان حفيده محمد بن عبد الله المعروف بالمحرم - ضعيفا.
حدث عن عطاء وجماعة.
لحقه داود بن عمرو الضبي.

57 - فابنه * (م 4) عبد الله بن عبيد، يكنى أبا هاشم.
ماروى له البخاري شيئا.
__________
(1) انظر ابن سعد 5 / 463.
(2) في الاصل (عمير) مصحف، وما أثبتناه من تاريخ الاسلام وتاريخ البخاري.
وقد ذكر ابن قتيبة في " المعارف " 434 وفاته فقال " وكان موته قريبا من موت ابن عباس سنة ثمان وستين ".
* طبقات ابن سعد 5 / 474، طبقات خليفة ت 2549، تاريخ البخاري 5 / 143، المعارف 434، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 101، الحلية 3 / 354، تهذيب الكمال = (*)

(4/157)


يروي عن عائشة أيضا، وابن عباس، وابن عمر.
وعنه ابن جريج وجرير بن حازم، والاوزاعي.
وثقه أبو حاتم.
توفي سنة ثلاث عشرة ومئة بمكة.

58 - عمرو بن ميمون * (ع) الاودي المذحجي الكوفي، الامام الحجة، أبو عبد الله.
أدرك الجاهلية، وأسلم في الايام النبوية وقدم الشام مع معاذ بن جبل: ثم سكن الكوفة.
حدث عن عمر، وعلي، وابن مسعود، ومعاذ، وأبي هريرة، وأبي أيوب الانصاري، وطائفة.
روى عنه الشعبي، وأبو إسحاق، وحصين بن عبدالرحمن، وعبدة بن أبي لبابة، ومحمد بن سوقه، وسعيد بن جبير، وآخرون.
أبو إسحاق: عن عمرو بن ميمون، عن معاذ قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير (1).
أحمد في " المسند ": حدثنا الوليد، حدثنا الاوزاعي، عن حسان بن
__________
= ص 708، تاريخ الاسلام 4 / 268، تذهيب التهذيب 2 / 164 آ، العقد الثمين 5 / 205، غاية النهاية ت 1808، تهذيب التهذيب 5 / 308، خلاصة تذهيب التهذيب 205.
* طبقات ابن سعد 6 / 117، طبقات خليفة ت 1050، تاريخ البخاري 6 / 367، المعارف 426، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 258، الحلية 4 / 148، الاستيعاب ت 1959، تاريخ ابن عساكر 13 / 322 آ، أسد الغابة 4 / 134، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 34، تهذيب الكمال ص 1056، تذكرة ؟ ؟ الحفاظ 1 / 61، تاريخ الاسلام 3 / 197، العبر 1 / 85، تذهيب التهذيب 3 / 111 آ، العقد الثمين 6 / 417، غاية النهاية ت 2463، الاصابة ت 6515، تهذيب التهذيب، 8 / 109، النجوم الزاهرة 1 / 195، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 24، خلاصة تذهيب التهذيب 294، شذرات الذهب 1 / 82.
(1) ابن عساكر 13 / 322 آ.
(*)

(4/158)


عطية، حدثني عبدالرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الاودي قال: قدم علينا معاذ اليمن، رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشحر، رافعا صوته بالتكبير، أجش الصوت، فألقيت محبتي عليه، فما فارقته حتى حثوت عليه من التراب.
ثم نظرت في أفقه الناس بعده، فأتيت ابن مسعود.
رواه أبو خيثمة، عن الوليد ابن مسلم.
وقال: فألقيت علي محبته (1).
(خ) نعيم بن حماد: حدثنا هشيم عن أبي بلج، وحصين، عن عمرو بن ميمون، قال: " رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة فرجموها، فرجمتها معهم (2) ".
شبابة: حدثنا عبدالملك بن مسلم، حدثنا عيسى بن حطان، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، قال: كنت في حرث، فرأيت قرودا كثيرة قد اجتمعن، فرأيت قردا وقردة اضطجعا ثم أدخلت القردة يدها تحت عنق القرد واعتنقها وناما، فجاء قرد فغمزها، فنظرت إليه، وانسلت يدها من تحت رأس القرد ثم انطلقت معه غير بعيد، فنكحها وأنا أنظر، ثم رجعت إلى مضجعها.
فذهبت تدخل يدها تحت عنق القرد، فانتبه، فقام إليها، فشم دبرها، قال: فاجتمعت القردة، فجعل يشير إليها فتفرقت القردة، فلم ألبث أن جئ
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في المسند 5 / 231، وأخرجه أبو داود (432) في الصلاة باب إذا أخر الامام الصلاة عن الوقت، وتمامه: " فقال لي: كيف أنت إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير وقتها ؟ " قال، فقلت: ما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال: " صل الصلاة لوقتها واجعل ذلك معهم سبحة ".
والاجش: الذي في صوته جشة وهي شدته مع غنة، والسبحة: ما يصليه المرء نافلة من
الصلوات، ومن ذلك سبحة الضحى.
(2) أخرجه البخاري 7 / 121 في الانبياء، باب أيام الجاهلية، ونعيم بن حماد كثير الخطأ، وهشيم مدلس وقد عنعن.
(*)

(4/159)


بذلك القرد بعينه - أعرفه فانطلقوا بها وبه إلى موضع كثير الرمل، فحفروا لهما حفيرة فجعلوهما فيها، ثم رجموهما حتى قتلوهما (1).
رواه عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن عبدالملك نحوه.
عمرو، وثقه يحيى بن معين وأحمد العجلي.
قال أبو إسحاق: حج عمرو بن ميمون ستين مرة من بين حجة وعمرة وفي رواية، مئة مرة (2).
منصور: عن إبراهيم، قال: لما كبر عمرو بن ميمون، أوتد له في الحائط، فكان إذا سئم من القيام، أمسك به، أو يتعلق بحبل (3).
يونس بن أبي إسحاق: عن أبيه، كان عمرو بن ميمون إذا رئي، ذكر الله (4).
عباد بن العوام: حدثنا عاصم بن كليب، قال: رأيت عمرو بن ميمون، وسويد بن غفلة التقيا، فاعتنقا.
أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: شهدت عمر غداة طعن (5)، فكنت في الصف الثاني.
هشيم: عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، أنه كان لا يتمنى الموت،
__________
(1) عيسى بن حطان لم يوثقه غير ابن حبان، قال ابن عبد البر في " الاستيعاب " في ترجمة عمرو بن ميمون: القصة بطولها تدور على عبدالملك بن مسلم عن عيسى بن حطان، وليسا ممن يحتج بهما.
وهذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنى إلى غير مكلف وإقامة الحدود في
البهائم.
(2) الحلية 4 / 148.
(3) الحلية 4 / 150.
(4) ابن سعد 6 / 118.
(5) في الاصل: (عمرو طعن) وما أثبتناه من الحلية 4 / 151 وله تتمة.
(*)

(4/160)


يقول: إني أصلي في اليوم كذا، وكذا، حتى أرسل إليه يزيد بن أبي مسلم فتعنته، ولقي [ منه ] شدة، فكان يقول: اللهم ألحقني بالاخيار، ولا تخلفني مع الاشرار، واسقني من عذب الانهار (1).
قال الفلاس وغيره: مات سنة خمس وسبعين، وقيل سنة ست.
وقال أبو نعيم وغيره: مات سنة أربع وسبعين.

59 - شقيق بن سلمة * (ع) الامام الكبير شيخ الكوفة، أبو وائل الاسدي أسد خزيمة الكوفي، مخضرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وما رآه.
وحدث عن عمر، وعثمان، وعلي، وعمار، ومعاذ، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وحذيفة، وعائشة، وخباب، وأسامة بن زيد، والاشعث بن قيس، وسلمان بن ربيعة، وسهل بن حنيف، وشيبة بن عثمان، وعمرو بن الحارث المصطلقي، وقيس بن أبي غرزة، وأبي هريرة، وأبي الهياج الاسدي، وخلق سواهم.
ويروي عن أقرانه: كمسروق، وعلقمة، وحمران بن أبان.
وكان من أئمة الدين.
وقيل: إنه روى عن أبي بكر الصديق.
__________
(1) الحلية 4 / 148 وما بين الحاصرتين منه.
* طبقات ابن سعد 6 / 96 و 180، طبقات خليفة ت 1114، تاريخ البخاري 4 / 245، المعارف 449، المعرفة والتاريخ 2 / 574، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 371، الحلية 4 / 101، الاستيعاب ت 1201، تاريخ بغداد 9 / 268، تاريخ ابن عساكر 8 / 53 ب، أسد الغابة 3 / 3، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 247، وفيات الاعيان 2 / 476، تهذيب الكمال ص 586، تذكرة الحفاظ 1 / 56، تاريخ الاسلام 3 / 255، تذهيب التهذيب 2 / 80 ب، غاية النهاية ت 1429، الاصابة 3982، تهذيب التهذيب 4 / 361، النجوم الزاهرة 1 / 201، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 20، خلاصة تذهيب التهذيب 167، تهذيب ابن عساكر 6 / 336.
(*)

(4/161)


حدث عنه: عمرو بن مرة، وحبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة، وواصل الاحدب، وحماد الفقيه، وعبدة بن أبي لبابة، وعاصم بن بهدلة، وأبو حصين، وأبو إسحاق، ونعيم بن أبي هند، ومنصور والاعمش، ومغيرة، وعطاء بن السائب، وزبيد اليامي، وسيار أبو الحكم، ومحمد بن سوقة، والعلاء بن خالد، وأبو هاشم الرماني، وأبو بشر، وخلق كثير.
روى الزبرقان السراج عن أبي وائل قال: إني أذكر وأنا أبن عشر في الجاهلية أرعى غنما أو قال: إبلا لاهلي حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
عاصم بن بهدلة: عن أبي وائل قال: أدركت سبع سنين من سني الجاهلية.
وكيع: عن أبي العنبس، قلت لابي وائل: هل أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم، وأنا غلام أمرد، ولم أره (1).
وروى مغيرة عن أبي وائل، قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته بكبش فقلت: خذ صدقة هذا، قال: ليس في هذا صدقة (1).
وقال الاعمش: قال لي شقيق بن سلمة: يا سليمان (2)، لو رأيتنا ونحن
هراب من خالد بن الوليد يوم بزاخة (3)، فوقعت عن البعير، فكادت تندق
__________
(1) ابن سعد 6 / 96.
(2) في الاصل: (ثنا سليمان) يعنى (حدثنا) وهو تصحيف، وما أثبتناه من المصدر السابق.
(3) بزاخة: ماء لطئ بأرض نجد، وقال أبو عمرو الشيباني: ماء لبني أسد كانت فيه وقعة عظيمة في أيام أبي بكر الصديق مع طليحة بن خويلد الاسدي، وكان قد تنبأ بعد النبي صلى الله عليه وسلم، واجتمع إليه أسد وغطفان، فقوي أمره، فبعث إليه أبو بكر خالد بن الوليد، فقدم خالد أمامه عكاشة ابن محصن الاسدي حليف الانصار، فلقيه ببزاخة ماء لبني أسد فقتل عكاشة، وكان عيينة بن حصن مع طليحة في سبع مئة من بني فزارة، وجاء خالد على الاثر، فلما رأى عيينة = (*)

(4/162)


عنقي.
فلو مت يومئذ كانت النار.
قال: وكنت يومئذ ابن إحدى عشرة سنة، وفي نسخة: ابن إحدى وعشرين سنة وهو أشبه.
قلت: كونه جاء بالكبش ثم هرب من خالد، يؤذن بارتداده، ثم من الله عليه بالاسلام، ألا تراه يقول: لو مت يومئذ، كانت النار، فكانت لله به عناية.
وروى يزيد بن أبي زياد، عن أبي وائل: أنا أكبر من مسروق.
محمد بن فضيل: عن أبيه، عن أبي وائل، أنه تعلم القرآن في شهرين.
وقال عمرو بن مرة: من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود ؟ قال: أبو وائل.
قال الاعمش: قال لي إبراهيم النخعي، عليك بشقيق، فإني أدركت الناس، وهم متوافرون، وإنهم ليعدونه من خيارهم (1).
وروى مغيرة، عن إبراهيم، وذكر عنده أبو وائل، فقال: إني لاحسبه ممن يدفع عنا به.
وعنه قال: أما إنه خير مني (2).
قال عاصم بن أبي النجود: ما سمعت أبا وائل سب إنسانا قط، ولا بهيمة.
قال الثوري: عن أبيه، سمع أبا وائل سئل: أنت أكبر أو الربيع بن خثيم ؟ قال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا (3).
__________
= أن سيوف المسلمين قد استلحمت المشركين قال لطليحة: أما ترى ما يصنع جيش أبي الفضل - يعني خالد بن الوليد - فهل جاءك ذوالنون بشئ ؟ قال: نعم قد جاء ني وقال لي إن لك يوما ستلقاه ليس لك أوله ولكن لك آخره، ورحى كرحاه، وحديثا لا تنساه، فقال: أرى والله أن لك حديثا لا تنساه، يا بني فزارة هذا كذاب ! وولى عسكره فانهزم الناس وظهر المسلمون.
اه.
معجم البلدان.
(1) ابن سعد 6 / 99.
(2) انظر تاريخ بغداد 9 / 270.
(3) ابن سعد 6 / 96.
(*)

(4/163)


وقال عاصم: كان عبد الله إذا رأى أبا وائل قال: التائب، قال، كان أبو وائل يحب عثمان (1).
روى حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة قال: قيل لابي وائل: أيهما أحب إليك، علي أو عثمان ؟ قال: كان علي أحب إلي، ثم صار عثمان أحب إلي من علي.
وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: أبو وائل ثقة، لا يسأل عن مثله.
وقال ابن سعد (2): كان ثقة كثير الحديث.
أبو معاوية، عن الاعمش، قال لي أبو وائل: يا سليمان، ما في أمرائنا هؤلاء واحدة من اثنتين: ما فيهم تقوى أهل الاسلام، ولا عقول أهل
الجاهلية.
عمرو بن عبد الغفار، عن الاعمش، قال لي شقيق: نعم الرب ربنا، لو أطعناه.
ما عصانا.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا معرف بن واصل، قال: كنا عند أبي وائل، فذكروا قرب الله من خلقه، فقال: نعم، يقول الله تعالى: " ابن آدم، ادن مني شبرا أدن منك ذراعا، ادن مني ذراعا، أدن منك باعا، امش إلي، أهرول إليك " (3).
__________
(1) انظر تاريخ بغداد 9 / 270.
(2) في طبقاته 6 / 102.
(3) هو في معنى حديث أبي هريرة الذي خرجه البخاري 13 / 325 و 327 و 328: ومسلم (2675) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عزوجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاهم خير منهم، وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا.
وإن أتاني يمشي أتيته هرولة " وقد استوفى الحافظ ابن حجر شرحه في الفتح فراجعه.
(*)

(4/164)


وبه إلى أبي نعيم، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أبويحيى الرازي، حدثنا هناد، حدثنا عبدة، عن الزبرقان، قال: كنت عبد أبي وائل، فجعلت أسب الحجاج وأذكر مساوئه فقال: لا تسبه، وما يدريك لعله قال: اللهم اغفر لي فغفر له (1).
وبه، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني يوسف
ابن يعقوب الصفار، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم قال: كان أبو وائل إذا صلى في بيته ينشج نشيجا، ولو جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه، ما فعله (2).
قال مغيرة: كان إبراهيم التيمي يذكر في منزل أبي وائل، وكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطير.
قال عاصم بن بهدلة: كان أبو وائل يقول لجاريته، إذا جاء يحيى - يعني ابنه - بشئ، فلا تقبليه، وإذا جاء أصحابي بشئ، فخذيه.
وكان ابنه قاضيا على الكناسة (3).
قال: وكان لابي وائل رحمه الله خص من قصب، يكون فيه هو وفرسه، فإذا غزا، نقضه وتصدق به.
فإذا رجع، أنشأ بناءه (4).
قلت: قد كان هذا السيد رأسا في العلم والعمل.
قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: مات في زمن الحجاج بعد الجماجم.
وقال خليفة (5): مات بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين.
وأما قول
__________
(1) الحلية 4 / 102.
(2) تاريخ بغداد 9 / 270.
(3) الكناسة: محلة بالكوفة.
(4) الحلية 4 / 103.
(5) في طبقاته 1 / 328.
(*)

(4/165)


الواقدي: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، فوهم.
مات في عشر المئة.
قال عاصم بن أبي النجود: قلت لابي وائل: شهدت صفين ؟ قال: نعم، وبئست الصفون كانت.
فقيل له: أيهما أحب إليك، علي أو عثمان ؟ قال: علي، ثم صار عثمان أحب إلي.
عامر بن شقيق عن أبي وائل: استعملني ابن زياد على بيت المال، فأتاني رجل بصك أن أعط صاحب المطبخ ثمان مئة درهم.
فأتيت ابن زياد، فكلمته في الاسراف فقال: ضع المفاتيح واذهب (1).
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، وإسماعيل بن عبدالرحمن، قالا: أنبأنا عبد الله بن قدامة، أنبأنا أبو بكر بن النقور، أنبأنا علي بن محمد العلاف، أنبأنا أبو الحسن الحمامي، حدثنا عثمان بن أحمد، حدثنا محمد بن عبيدالله ابن أبي داود، حدثنا أبو بدر، حدثنا سليمان بن مهران، عن شقيق بن سلمة، قال: قال عبد الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك " (2).

60 - زر بن حبيش * (ع) ابن حباشة بن أوس، الامام القدوة، مقرئ الكوفة مع السلمي، أبو مريم الاسدي الكوفي، ويكنى أيضا أبا مطرف.
أدرك أيام الجاهلية.
__________
(1) ابن عساكر 8 / 60 آ.
(2) وأخرجه أحمد 1 / 387، و 413، و 442، والبخاري 11 / 275 في الرقاق من طرق عن شقيق عن ابن مسعود.
* طبقات ابن سعد 6 / 104، طبقات خليفة ت 983، تاريخ البخاري 3 / 447، المعارف 427، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 622، الحلية 4 / 181، الاستيعاب ت 869، تاريخ ابن عساكر 6 / 207 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 196، تهذيب الكمال ص 429، تذكرة الحفاظ 1 / 54، تاريخ الاسلام 3 / 249، العبر 1 / 95، تذهيب التهذيب 1 / 235، ب، غاية النهاية ت 1290، الاصابة ت 2971، تهذيب = (*)

(4/166)


وحدث عن عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وعثمان، وعلي، وعبد
الله، وعمار، والعباس، وعبد الرحمن بن عوف، وحذيفة بن اليمان، وصفوان بن عسال، وقرأ على ابن مسعود وعلي.
وتصدر للاقراء، فقرأ عليه يحيى بن وثاب، وعاصم بن بهدلة، وأبو إسحاق، والاعمش، وغيرهم.
وحدثوا عنه، هم والمنهال بن عمرو، وعبدة بن أبي لبابة، وعدي بن ثابت، وأبو إسحاق الشيباني، وأبو بردة بن أبي موسى، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون.
قال ابن سعد (1): كان ثقة، كثير الحديث.
وقال عاصم: كان زر من أعرب الناس، كان ابن مسعود يسأله عن العربية (1).
وقال همام: حدثنا عاصم عن زر، قال: وفدت إلى المدينة في خلافة عثمان، وإنما حملني على ذلك الحرص على لقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيت صفوان بن عسال، فقلت له: هل رأيت رسول الله ؟ قال: نعم، وغزوت معه ثنتي عشرة غزوة (2).
شيبان النحوي: عن عاصم، عن زر، قال: خرجت في وفد من أهل الكوفة، وايم الله، إن حرضني على الوفادة إلا لقي أصحاب رسول الله
__________
= التهذيب 3 / 312، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 19، خلاصة تذهيب التهذيب 130، شذرات الذهب 1 / 91، تهذيب ابن عساكر 5 / 377.
(1) في الطبقات 6 / 105.
(2) الحلية 4 / 182.
(*)

(4/167)


صلى الله عليه وسلم، فلما قدمت المدينة، أتيت أبي بن كعب، وعبد الرحمن بن عوف، فكانا
جليسي وصاحبي، فقال أبي: يازر، ما تريد أن تدع من القرآن آية إلا سألتني عنها (1) ؟.
شعبة: عن عاصم، عن زر، قال: كنت بالمدينة في يوم عيد، فإذا عمر رضي الله عنه ضخم أصلع، كأنه على دابة مشرف.
حماد بن زيد: عن عاصم، عن زر، قال: لزمت عبدالرحمن بن عوف وأبيا.
ثم قال عاصم: أدركت أقواما كانوا يتخذون هذا الليل جملا، يلبسون المعصفر، ويشربون نبيذ الجر، لا يرون به بأسا، منهم زر وأبو وائل (2).
قال أبو بكر بن عياش عن عاصم: كان أبو وائل عثمانيا وكان زر بن حبيش علويا، وما رأيت واحدا منهما قط تكلم في صاحبه حتى ماتا.
وكان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إذا جلسا جميعا، لم يحدث أبو وائل مع زر - يعني: يتأدب معه لسنه.
قال إسماعيل بن أبي خالد: رأيت زر بن حبيش وإن لحييه ليضطر بان من الكبر، وقد أتى عليه عشرون ومئة سنة (3).
وعن عاصم قال: ما رأيت أحدا أقرا من زر.
قال أبو عبيد: مات زر سنة إحدى وثمانين.
قال خليفة (4) والفلاس: مات سنة اثنتين وثمانين.
قال إسحاق الكوسج عن يحيى بن معين: زر ثقة.
__________
(1) ابن عساكر 6 / 209 ب.
(2) ابن عساكر 6 / 210 آ.
(3) ابن سعد 6 / 105.
(4) طبقات خليفة 1 / 294.
(*)

(4/168)


وقال لنا الحافظ أبو الحجاج في " تهذيبه " (1): زر بن حبيش بن حباشة ابن أوس بن بلال - وقيل: هلال بدل بلال - ابن سعد بن حبال بن نصر بن غاضرة بن مالك بن ثعلبة بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الاسدي، مخضرم أدرك الجاهلية.
وروى عن..فسمى (2) المذكورين، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي ذر، وعائشة، وعن أبي وائل، وهو من أقرانه.
روى عنه بسرد المذكورين، وإبراهيم النخعي، وحبيب بن أبي ثابت، وزبيد اليامي، وطلحة بن مصرف، وشمر بن عطية، والشعبي، وعبد الرحمن ابن مروزق الدمشقي، وعثمان بن الجهم، وعلقمة بن مرثد، وعيسى بن عاصم الاسدي، وعيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، وأبو رزين مسعود بن مالك.
شيبان: عن عاصم، عن زر، قلت لابي: يا أبا المنذر، اخفض (3) لي جناحك فإنما أتمتع منك تمتعا.
محمد بن طلحة: عن الاعمش قال: أدركت أشياخنا زرا وأبا وائل، فمنهم من عثمان أحب إليه من علي، ومنهم من علي أحب إليه من عثمان.
وكانوا أشد شئ تحابا وتوادا.
قيس بن الربيع: عن عاصم، قال: مر رجل على زر وهو يؤذن، فقال: يا أبا مريم قد كنت أكرمك عن ذا.
قال: إذا لا أكلمك كلمة حتى تلحق بالله.
__________
(1) ص 431.
(2) أي الحافظ المزي صاحب التهذيب وفي الاصل (تسمى) وهو تحريف.
(3) في الاصل: (احفظ) وما أثبتناه من الحلية 4 / 182.
(*)

(4/169)


ابن عيينة: عن إسماعيل، قلت لزر: كم أتى عليك ؟ قال: أنا ابن مئة وعشرين سنة.
وقال هشيم: بلغ زر مئة واثنتين وعشرين سنة.
وقال الهيثم: مات قبل الجماجم.
وقال أبو نعيم: مات ابن سبع وعشرين ومئة.
وروى زكريا بن حكيم الحبطي عن الشعبي: أن زرا كتب إلى عبد الملك بن مروان كتابا يعظه (1).

61 - عبد الله بن أبي الهذيل * (م، ت، س) القدوة العابد الامام، أبو المغيرة العنزي الكوفي.
روى عن أبي بكر، وعمر مرسلا، وعن علي، وعمار، وأبي، وابن مسعود، وخباب، وأبي هريرة، وعدة.
وعنه: واصل الاحدب، وأبو التياح الضبعي، وإسماعيل بن رجاء، وأجلح الكندي، وسلم بن عطية، وعطاء بن السائب، والعوام بن حوشب.
قال النسائي: ثقة.
وقال أبوالتياح: ما رأيته إلا وكأنه مذعور.
وقال العوام: قال ابن أبي الهذيل: إني لاتكلم حتى أخشى الله، وأسكت حتى أخشى الله (2).
وروى الثوري عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال: أدركنا أقواما وإن أحدهم يستحيي من الله في سواد الليل.
قال الثوري: يعني التكشف (2).
__________
(1) انظر الحلية 4 / 184.
* طبقات ابن سعد 6 / 115، طبقات خليفة ت 1134، تاريخ البخاري 5 / 222، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 196، الحلية 4 / 358، تهذيب الكمال ص 751، تاريخ الاسلام 3 / 270، تذهيب التهذيب 2 / 192، ب، غاية النهاية ت 1926، تهذيب التهذيب 6 / 62.
(2) الحلية 4 / 358، 359.
(*)

(4/170)


أنبأنا ابن سلامة، عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا ابن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا عبيدالله بن عائشة، حدثنا حماد عن أبي التياح، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن عمار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تقتلك الفئة الباغية " (1) تابعه عبد الوارث عن أبي التياح.
يعلى بن عبيد: حدثنا الاجلح عن ابن أبي الهذيل، قال: كنت عند عمر، فجئ بشيخ نشوان في رمضان، قال: ويلك، وصبياننا صيام ! فضربه ثمانين.

62 - مالك بن أوس * (ع) ابن الحدثان بن الحارث بن عوف، الفقيه الامام الحجة، أبو سعد - ويقال: أبو سعيد - النصري الحجازي المدني، أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) الحلية 4 / 361 وهو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من الصحابة منهم أبو سعيد الخدري وأم سلمة وهما في الصحيح، وقتادة بن النعمان عند النسائي، وأبو هريرة عند الترمذي وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان، وحذيفة، وأبو أيوب، وأبو رافع، وخزيمة بن ثابت، ومعاوية، وعمرو بن العاص.
قال الحافظ في الفتح 1 / 452، " وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة " وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم.
وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار رضي الله عنهما، ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه.
* طبقات ابن سعد 5 / 56، طبقات خليفة ت 2020، تاريخ البخاري 7 / 305، المعارف 427، المعرفة والتاريخ 1 / 397، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 203، الاستيعاب ت 2253، تاريخ ابن عساكر 16 / 84 ب، أسد الغابة 4 / 372، تهذيب الاسماء
واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 79، تذكرة الحفاظ 1 / 63، تاريخ الاسلام 4 / 49، العبر 1 / 106، تذهيب التهذيب 4 / 16 ب، الاصابة ت 7595، تهذيب التهذيب 10 / 10، النجوم الزاهرة 1 / 190، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 26، خلاصة تذهيب التهذيب 366، شذرات الذهب 1 / 99.
(*)

(4/171)


وحدث عن عمر، وعلي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن ابن عوف، والعباس، وسعد بن أبي وقاص، وطائفة.
حدث عنه الزهري، ومحمد بن المنكدر، وعكرمة بن خالد، وأبو الزبير، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، ومحمد بن عمر بن عطاء، وسلمة بن وردان، وآخرون.
وشهد الجابية وفتح بيت المقدس مع عمر.
قال الزهري: أخبرني مالك بن أوس أن عمر دعاه قال: فدخلت عليه فإذا هو جالس على رمال سرير [ له، ليس بينه وبين الرمال فراش ]، فقال: يا مالك إنه قد قدم من قومك أهل أبيات [ حضروا المدينة ] وقد أمرت لهم برضخ فاقسمه بينهم.
قلت: لو أمرت بذلك غيري، قال: اقسمه أيها المرء (1).
قال البخاري (2): مالك بن أوس قال بعضهم له صحبة، ولا يصح.
قال: وقد ركب الخيل في الجاهلية.
قاله الواقدي.
وروى ابن إسحاق عن محمد بن عمر بن عطاء، عن مالك بن أوس، قال: كنت عريفا في زمن عمر.
وقال ابن خراش وغيره: ثقة.
قلت: كان مذكورا بالبلاغة والفصاحة، وهو قليل الحديث.
قال أبو حفص الفلاس وغير واحد: مات سنة اثنتين وتسعين.
قلت: لعله عاش مئة سنة.
ذكره أبو القاسم ابن عساكر في تاريخه.

63 - عمر بن عبيدالله * ابن معمر، الامير أبو حفص التيمي، من أشراف قريش، كان جوادا
__________
(1) الخبر في " ابن عساكر " 16 / 85 آ وله تتمة، وما بين الحاصرتين منه.
(2) في تاريخه الكبير 7 / 305.
* تاريخ البخاري 6 / 175، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 120، تاريخ = (*)

(4/172)


ممدحا، شجاعا، كبير الشأن، له فتوحات مشهودة، ولي البصرة لابن الزبير.
وحدث عن ابن عمر، وجابر.
وعنه عطاء بن أبي رباح، وابن عون.
وولي إمرة فارس، ثم وفد على عبدالملك.
وتوفي بدمشق.
وكان مراهقا عند مقتل عثمان.
وكان يقال له: أحمر قريش، يضرب بشجاعته المثل.
وقد بعث مرة بألف دينار إلى ابن عمر فقبلها، وقال: وصلته رحم.
وقيل: إنه اشترى مرة جارية بمئة ألف، فتوجعت لفراق سيدها، فقال له: خذها وثمنها.
قال المدائني: توفي سنة اثنتين وثمانين.

64 - أبو عمرو الشيباني * (ع) اسمه سعد بن إياس الكوفي، من بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة.
أدرك الجاهلية وكاد أن يكون صحابيا.
حدث عن علي، وابن مسعود، وحذيفة، وطائفة.
روى عنه منصور، والاعمش، وسليمان التيمي، والوليد بن العيزار، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبو معاوية عمرو بن عبد الله النخعي، وآخرون.
__________
= ابن عساكر 13 / 168 ب، تاريخ الاسلام 3 / 287، البداية والنهاية 9 / 46، تعجيل المنفعة 299، * طبقات ابن سعد 6 / 104، طبقات خليفة ت 1131، تاريخ البخاري 4 / 47، المعارف 426، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 78، الاستيعاب ت 919، أسد الغابة 2 / 270، تهذيب الكمال ص 471، تاريخ الاسلام 4 / 83، تذكرة الحفاظ 1 / 63، العبر 1 / 116، تذهيب التهذيب 2 / 7 ب، غاية النهاية ت 1327، الاصابة ت 3669، تهذيب التهذيب 3 / 468، النجوم الزاهرة 1 / 208، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 26، خلاصة تذهيب التهذيب 134، شذرات الذهب 1 / 113.
(*)

(4/173)


وعاش مئة عام وعشرين عاما، فعنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى إبلا بكاظمة.
قال: وكنت يوم القادسية ابن أربعين سنة (1).
قال عاصم بن أبي النجود: كان أبو عمرو الشيباني يقرئ القرآن في المسجد الاعظم، فقرأت عليه، ثم سألته عن آية، فاتهمني بهوى.
وقال يحيى بن معين: كوفي، ثقة.
قلت: هو من رجال الكتب الستة.
ومات في خلافة الوليد بن عبد الملك فيما أحسب.

65 - المعرور بن سويد * (ع) الامام المعمر أبو أمية الاسدي الكوفي.
حدث عن ابن مسعود، وأبي ذر، وجماعة، وعنه: واصل الاحدب، وسالم بن أبي الجعد، وعاصم بن بهدلة، ومغيرة اليشكري، وسليمان الاعمش.
وثقه يحيى بن معين.
قال أبو حاتم (2): قال الاعمش: رأيته وهو ابن مئة وعشرين سنة، أسود الرأس واللحية.
قلت: توفي سنة بضع وثمانين.

66 - طلحة بن عبد الله * * (خ 4) ابن عوف الزهري، قاضي المدينة زمن يزيد.
__________
(1) ابن سعد 6 / 104.
* طبقات ابن سعد 6 / 118، طبقات خليفة ت 1095، تاريخ البخاري 8 / 39، المعارف 432، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 415، تهذيب الكمال ص 1353، تذكرة الحفاظ 1 / 63، تاريخ الاسلام 3 / 306، تذهيب التهذيب 4 / 54 ب، تهذيب التهذيب 10 / 230، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 25، خلاصة تذهيب التهذيب 397.
(2) في الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 415.
* * طبقات ابن سعد 5 / 160، طبقات خليفة ت 2078، المعارف 235، المعرفة والتاريخ = (*)

(4/174)


حدث عن عمه عبدالرحمن بن عوف، وعثمان، وسعيد بن زيد، وابن عباس، وعنه: سعد بن إبراهيم والزهري، وأبو الزناد، وجماعة.
وكان شريفا، جوادا، حجة إماما يقال له طلحة الندى.
مات سنة تسع وتسعين.

67 - أبو عثمان النهدي * (ع) الامام، الحجة، شيخ الوقت، عبدالرحمن بن مل - وقيل: ابن ملي - ابن عمرو بن عدي البصري.
مخضرم معمر، أدرك الجاهلية والاسلام.
وغزا في خلافة عمر وبعدها غزوات.
وحدث عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وبلال، وسعد ابن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الاشعري، وأسامة بن زيد، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي هريرة،
وابن عباس، وطائفة سواهم.
حدث عنه قتادة، وعاصم الاحول، وحميد الطويل، وسليمان التيمي، وأيوب السختياني، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وعمران بن حدير،
__________
= 1 / 368، أخبار القضاة 1 / 120، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 472، تاريخ ابن عساكر 8 / 266 آ، تهذيب الكمال ص 627، تاريخ الاسلام 4 / 16، تذهيب التهذيب 2 / 104 ب، الاصابة ت 4305، تهذيب التهذيب 5 / 19، خلاصة تذهيب التهذيب 179، شذرات الذهب 1 / 112، تهذيب ابن عساكر 7 / 72.
* طبقات ابن سعد 7 / 97، طبقات خليفة ت 1670، المعارف 426، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 283، الاستيعاب ت 1461، أسد الغابة 3 / 324، تاريخ بغداد 10 / 202، تهذيب الكمال ص 1632، تاريخ الاسلام 4 / 82، تذكرة الحفاظ 1 / 61، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 2 / 228 آ، البداية والنهاية 9 / 15 و 190، الاصابة ت 6379، تهذيب التهذيب 6 / 277، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 25، خلاصة تذهيب التهذيب 235، شذرات الذهب 1 / 118.
(*)

(4/175)


وعلي بن جدعان، وحجاج بن أبي زينب، وخلق.
وشهد وقعة اليرموك، وثقه علي بن المديني، وأبو زرعة، وجماعة.
وقيل: أصله كوفي، وتحول إلى البصرة.
وكانت هجرته من أرض قومه وقت استخلاف عمر.
وكان من سادة العلماء العاملين.
روى حميد الطويل عنه قال: بلغت مئة وثلاثين سنة.
قلت: فعلى هذا هو أكبر من أنس بن مالك ومن سهل بن سعد.
الساعدي، نعم، ومن ابن عباس، وعائشة.
قال الحافظ أبو نصر الكلاباذي: أسلم أبو عثمان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يره، لكنه أدى إلى عماله الزكاة.
قال يزيد بن هارون: حدثنا حجاج بن أبي زينب، سمعت أبا عثمان يقول: كنا في الجاهلية نعبد حجرا، فسمعنا مناديا ينادي: يا أهل الرحال، إن ربكم قد هلك، فالتمسوا ربا.
فخرجنا على كل صعب وذلول، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا مناديا ينادي: إنا قد وجدنا ربكم أو شبهه، فجئنا فإذا حجر فنحرنا عليه الجزر (1).
وروى عاصم الاحول، عن أبي عثمان قال: رأيت يغوث صنما من رصاص يحمل على جمل أجرد، فإذا بلغ واديا، برك فيه، وقالوا: قد رضي لكم ربكم هذا الوادي.
أبو قتيبة: حدثنا أبو حبيب المروزي: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: حججت في الجاهلية حجتين.
عبدالرحيم بن سليمان، عن عاصم الاحول قال: سئل أبو عثمان
__________
(1) ابن سعد 7 / 97.
(*)

(4/176)


النهدي وأنا أسمع: هل أدركت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم، وأديت إليه ثلاث صدقات ولم ألقه.
وغزوت على عهد عمر، وشهدت اليرموك، والقادسية، وجلولاء، وتستر ونهاوند، وأذربيجان، ومهران، ورستم (1).
عبدالقاهر بن السري: عن أبيه، عن جده، قال: كان أبو عثمان من قضاعة، وسكن الكوفة، فلما قتل الحسين، تحول إلى البصرة وقال: لا أسكن بلدا قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وحج ستين مرة ما بين حجة وعمرة، وقال: أتت علي ثلاثون ومئه سنة وما شئ إلا وقد أنكرته، خلا أملي فإنه كما هو (2).
زهير بن محمد بن عاصم: عن أبي عثمان، قال: صحبت سلمان الفارسي ثنتي عشرة سنة.
حماد: عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، قال: أتيت عمر رضي الله عنه بالبشارة يوم نهاوند.
معتمر: عن أبيه، قال: كان أبو عثمان النهدي يصلي حتى يغشى عليه.
وقال معاذ بن معاذ: كانوا يرون أن عبادة سليمان التيمي، من أبي عثمان النهدي أخذها.
أبو عمر الضرير: حدثنا معتمر عن أبيه، قال: إني لاحسب أن أبا عثمان كان لا يصيب دنيا، كان ليله قائما، ونهاره صائما، وإن كان ليصلي حتى يغشي عليه.
عن عاصم الاحول، قال: بلغني أن أبا عثمان النهدي كان يصلي ما بين المغرب والعشاء مئة ركعة.
__________
(1) تاريخ بغداد 10 / 204 وله تتمة.
(2) انظر ابن سعد 7 / 98 وتاريخ بغداد 10 / 204.
(*)

(4/177)


قال أبو حاتم (1): كان ثقة.
وكان عريف قومه.
أبو نعيم: حدثنا أبو طالوت عبد السلام، رأيت أبا عثمان النهدي شرطيا.
قال المدائني وخليفة بن خياط وابن معين: مات سنة مئة.
وشذ أبو حفص الفلاس فقال: مات سنة خمس وتسعين.
وقيل غير ذلك.
يقع حديثه عاليا في جزء الانصاري، وفي الغيلانيات (2) وغير ذلك، والله أعلم.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد بن الفقيه وجماعة إذنا قالوا: أنبأنا عمر ابن محمد، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا ابن غيلان أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا موسى بن سهل، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن حذيفة بن اليمان قال: خرج فتية يتحدثون، فإذا هم بإبل معطلة، فقال بعضهم: كأن أرباب هذه ليسوا معها، فأجابه بعير منها فقال: إن أربابها حشروا ضحى.
وبه، قال أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا يزيد، أنبأنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وقفت على باب الجنة، فإذا أكثر من يدخلها الفقراء، وإن أهل الجد محبوسون " (3).
__________
(1) في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 283 و 284.
(2) الغيلانيات: هي أحد عشر جزءا، تخريج الحافظ الدار قطني من حديث أبي بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم البغدادي (الشافعي البزار)..المتوفى سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
القدر المسموع لابي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار المتوفى سنة أربعين وأربع مئة من أبي بكر المذكور وهي من أعلى الحديث وأحسنه.
الرسالة المستطرفة لمحمد جعفر الكتاني ص 92 و 93 ط الثانية.
(3) وأخرجه البخاري 11 / 361 في الرقاق باب صفة الجنة والنار، ومسلم (2736) في = (*)

(4/178)


68 - أبو الشعثاء * (ع) هو سليم بن أسود المحاربي، الفقيه، الكوفي، صاحب علي.
روى عن علي، وشهد معه مشاهده، وعن حذيفة، وأبي ذر الغفاري، وأبي أيوب الانصاري، وأبي موسى الاشعري، وأبي هريرة، وعائشة، وابن عمر، وطائفة.
حدث عنه ابنه أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو صخرة جامع بن شداد، وإبراهيم بن مهاجر، وحبيب بن أبي ثابت، وغيرهم.
متفق على توثيقه.
وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: لا يسأل عن مثله (1).
قيل: إن أبا الشعثاء المحاربي قتل يوم الزاوية (2) مع ابن الاشعث سنة اثنتين وثمانين.
أما أبو الشعثاء (ع) عالم البصرة فأصغر من هذا وسيأتي (3).

69 - عابس بن ربيعة * * (ع) النخعي.
كوفي مخضرم.
حجة.
__________
= الذكر باب أكثر أهل الجنة الفقراء من طرق عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد.
وأصحاب الجد: أي الغنى، محبوسون: أي ممنوعون من دخول الجنة مع الفقراء من أجل المحاسبة على المال.
* طبقات ابن سعد 6 / 195، طبقات خليفة ت 1099، تاريخ البخاري 4 / 120، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 211، تهذيب الكمال ص 530، تاريخ الاسلام 3 / 318، العبر 1 / 95، تذهيب التهذيب 2 / 43 ب، تهذيب التهذيب 4 / 165، النجوم الزاهرة 1 / 204، خلاصة تذهيب التهذيب 149، شذرات الذهب 1 / 91.
(1) عبارة أبي حاتم في الجرح والتعديل: " هو من التابعين لا يسأل عنه ".
(2) الزاوية: موضع قرب البصرة، كانت به الوقعة المشهورة بين الحجاج وابن الاشعث.
انظر أخبارها في " الطبري " 6 / 342.
(3) انظر ترجمته على ص 481 من هذا الجزء.
* * طبقات ابن سعد 6 / 122، طبقات خليفة ت 1063، تاريخ البخاري 7 / 80، الجرح = (*)

(4/179)


حدث عن علي، وعمر، وعائشة.
حدث عنه ابناه: إبراهيم وعبد الرحمن، وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون.
له أحاديث يسيرة.

70 - سعيد بن وهب * (م ن) الهمداني الخيواني الكوفي.
من كبراء شيعة علي.
حدث عن علي، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وخباب.
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولزم عليا رضي الله عنه حتى كان يقال له القراد، للزومه إياه.
وروى عن سلمان، وابن عمر، والقاضى شريح.
روى عنه: أبو إسحاق، وولده يونس بن أبي إسحاق، وطائفة.
وكان يخضب بالصفرة.
وكان عريف قومه.
وحدث عنه أيضا ابنه عبدالرحمن.
له أحاديث.
وثقه يحيى بن معين.
مات في سنة ست وسبعين.
كذا قلت في " تاريخ الاسلام " (1) وقال ابن سعد (2): مات بالكوفة في خلافة عبدالملك سنة ست وثمانين.
__________
= والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 35، تهذيب الكمال ص 633، تاريخ الاسلام 3 / 259، تذهيب التهذيب 2 / 109 آ، تهذيب التهذيب 5 / 37، خلاصة تذهيب التهذيب 304.
* طبقات ابن سعد 6 / 170، طبقات خليفة ت 1072، تاريخ البخاري 3 / 517، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 69، وأسد الغابة 2 / 316، تهذيب الكمال ص 508، تاريخ الاسلام 3 / 156 و 4 / 7، تذهيب التهذيب 2 / 30 آ، الاصابة ت 3685، تهذيب التهذيب 4 / 95، خلاصة تذهيب التهذيب 143.
(1) 3 / 156.
(2) في الطبقات 6 / 170.
(*)

(4/180)


71 - جميل بن عبد الله * ابن معمر أبو عمرو العذري الشاعر البليغ، صاحب بثينة، وما أحلى استهلاله حيث يقول: ألا أيها النوام ويحكم هبوا * أسائلكم: هل يقتل الرجل الحب (1).
ويحكى عنه تصون ودين وعفة.
يقال: مات سنة اثنتين وثمانين.
وقيل: بل عاش حتى وفد على عمر ابن عبد العزيز، ونظمه في الذروة.
يذكر مع كثير عزة والفرزدق.

72 - القباع * * الامير متولي البصرة لابن الزبير، الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المكي.
لقب بالقباع باسم مكيال وضعه لهم.
حدث عن عمر، وعن عائشة، وأم سلمة، ومعاوية.
وعنه: الزهري.
وعبد الله بن عبيد بن عمير، والوليد بن عطاء، وابن سابط.
__________
* طبقات فحول الشعراء ص 543، الشعر والشعراء ص 346، الاغاني 7 / 77، المؤتلف والمختلف للآمدي 72، شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1 / 169، تاريخ ابن عساكر 4 / 5 آ، وفيات الاعيان 1 / 366، تاريخ الاسلام 3 / 347، البداية والنهاية 9 / 44، حسن المحاضرة 1 / 558، تزيين الاسواق 1 / 38، شذرات الذهب 1 / 91، خزانة الادب تحقيق هارون 1 / 397، تهذيب ابن عساكر 3 / 398 وسيكرر المؤلف ترجمته في ص 385.
(1) الديوان ص 25، والتخريج فيه.
* * طبقات ابن سعد 5 / 28 و 464، طبقات خليفة ت 2001، تاريخ البخاري 2 / 273، المعرفة والتاريخ 1 / 372، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 77، تاريخ ابن عساكر
4 / 54 آ، تهذيب الكمال ص 215، تاريخ الاسلام 3 / 244، تذهيب التهذيب 1 / 114 آ، البداية والنهاية 9 / 43، الاصابة ت 2043، تهذيب التهذيب 2 / 144، خلاصة تذهيب التهذيب 68، تهذيب ابن عساكر 3 / 453.
(*)

(4/181)


روى حاتم بن أبي صغيرة عن أبي قزعة أن عبدالملك قال في الطواف: قاتل الله ابن الزبير يكذب على عائشة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لها: " لولا حدثان قومك بالكفر، لنقضت البيت حتى أزيد فيه الحجر " فقال له الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعتها تقوله.
فقال: لو كنت سمعته قبيل أن أهدمه لتركته على بناء [ ابن ] الزبير (1).
وقال الشعبي: كانت أمه نصرانية، فشيعها أصحاب رسول الله.
وقيل: إنه خرج عليهم، فقال: إن لنا أهل دين غيركم.
فقال معاوية: لقد ساد هذا.
وقيل: كانت حبشية، فكان هو أسود.
وكان خطيبا بليغا دينا (2).

73 - حمران بن أبان * (ع) الفارسي الفقيه، مولى أمير المؤمنين عثمان.
كان من سبي عين التمر (3)، ابتاعه عثمان من المسيب بن نجبة.
حدث عن عثمان، ومعاوية.
وهو قليل الحديث.
روى عنه: عطاء بن
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (1333) (404) في الحج باب نقض الكعبة وبنائها.
وانظر البخاري 3 / 351، 353، و 8 / 129.
(2) انظر ابن سعد 5 / 29.
* طبقات ابن سعد 5 / 283 و 7 / 148.
طبقات خليفة ت 1611 و 1656، تاريخ البخاري 3 / 80، المعارف 435، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 265، تاريخ ابن عساكر 5 / 144 آ، تهذيب الكمال ص 331، تاريخ الاسلام 3 / 152 و 245، تذهيب التهذيب 1 / 175
ب، البداية والنهاية 9 / 12، الاصابة ت 1998،، تهذيب التهذيب 3 / 24، خلاصة تذهيب التهذيب 93، تهذيب ابن عساكر 4 / 438.
(3) عين التمر: بلدة قريبة من الانبار غربي الكوفة، منها يجلب القسب والتمر إلى سائر البلاد، افتتحها المسلمون أيام أبي بكر على يد خالد بن الوليد فسبى نساءها وقتل رجالها، اه.
معجم البلدان.
(*)

(4/182)


يزيد الليثي، وعروة، وزيد بن أسلم، وبيان بن بشر، وبكير بن الاشج، ومعاذ بن عبدالرحمن، وآخرون.
قال صالح بن كيسان: كان ممن سباه خالد من عين التمر.
وقال مصعب الزبيري: إنما هو حمران بن أبا.
فقال بنوه: ابن أبان.
وقال ابن سعد (1): نزل البصرة وادعى ولده أنه من النمر بن قاسط.
قال قتادة: كان حمران يصلي خلف عثمان، فإذا أخطأ فتح عليه.
وعن الزهري أن حمران كان يأذن على عثمان.
وقيل كان كاتب عثمان.
وكان وافر الحرمة عند عبد الملك.
طال عمره وتوفي سنة نيف وثمانين.
وسيأتي أبان ولد عثمان وأخوه عمرو بن عثمان (2).
74 - ابن الاشعث * الامير متولي سجستان، عبدالرحمن محمد بن الاشعث بن قيس الكندي.
بعثه الحجاج على سجستان، فثار هناك، وأقبل في جمع كبير، وقام معه علماء وصلحاء لله تعالى لما انتهك الحجاج من إماتة وقت الصلاة، ولجوره وجبروته.
فقاتله الحجاج، وجرى بينهما عدة مصافات.
وينتصر ابن
__________
(1) في الطبقات 5 / 283.
(2) انظر ترجمتهما في 351 وصفحة 353 من هذا الجزء.
* المعارف 334، تاريخ الطبري 6 / حوادث سنة 80 - 85 ه، تاريخ ابن الاثير 4 / حوادث سنة 80 - 85 ه.
تاريخ الاسلام 3 / 273، العبر 1 / 90 و 97، البداية والنهاية 9 / 53، النجوم الزاهرة 1 / 202، شذرات الذهب 1 / 94.

(4/183)


الاشعث، ودام الحرب أشهرا، وقتل خلق من الفريقين، وفي آخر الامر انهزم جمع ابن الاشعث، وفر هو إلى الملك رتبيل ملتجئا إليه، فقال له علقمة بن عمرو: أخاف عليك، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه، فإذا هو قد بعث بك أو قتلك.
ولكن ها هنا خمس مئة مقاتل قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها ونقاتل حتى نعطى أمانا أو نموت كراما.
فأبى عليه، وأقام الخمس مئة حتى قدم عمارة بن تميم فقاتلوه حتى أمنهم ووفى لهم.
ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل بطلب ابن الاشعث، فبعث به إليه على أن ترك له الحمل (1) سبعة أعوام.
وقيل: إن ابن الاشعث أصابه السل فمات، فقطع رأسه، ونفذ إلى الحجاج.
وقيل: إن الحجاج كتب إلى رتبيل: إني قد بعثت إليك عمارة في ثلاثين ألفا يطلبون ابن الاشعث، فأبى أن يسلمه، وكان مع ابن الاشعث عبيد بن أبي سبيع، فأرسله إلى رتبيل، فخف على رتبيل واختص به، قال لابن الاشعث أخوه القاسم: لا آمن غدر رتبيل، فاقتله يعني عبيدا - فهم به، ففهم ذلك وخاف، فوشي به إلى رتبيل وخوفه من غائلة الحجاج، وهرب سرا إلى عمارة فاستعجل في ابن الاشعث ألف ألف درهم.
فكتب بذلك عمارة إلى الحجاج فكتب: أن أعط عبيدة ورتبيل ما طلبا.
فاشترط أمورا فأعطيها وأرسل إلى ابن الاشعث وإلى ثلاثين من أهل بيته وقد هيأ لهم القيود والاغلال، فقيدهم وبعث بهم إلى عمارة، وسار بهم.
فلما
قرب ابن الاشعث من العراق ألقى نفسه من قصر خراب أنزلوه فوقه فهلك.
فقيل: ألقى نفسه والحر معه الذي هو مقيد معه.
والقيد في رجلي الاثنين فهلكا، وذلك في سنة أربع وثمانين.
__________
(1) كذا الاصل - وهو محتمل - ولعلها (الصلح) فقد جاءت عبارة الطبري 6 / 390 هكذا: " وترك له الصلح الذي كان يأخذه منه سبع سنين " وقد صححها محقق تاريخ الاسلام، ب (الجعل) ولا نراه.
(*)

(4/184)


75 - أعشى همدان * شاعر مفوه شهير، كوفي، وهو أبو المصبح عبدالرحمن بن عبد الله بن الحارث الهمداني.
كان متعبدا فاضلا، ثم عبث بالشعر، وامتدح النعمان بن بشير، فاعتنى به، وجمع له من جيش حمص أربعين إلف دينار.
ثم إن الاعشى خرج مع القراء مع ابن الاشعث، وكان زوج أخت الشعبي، وكان الشعبي زوج أخته.
قتله الحجاج سنة نيف وثمانين.

76 - معبد بن عبد الله * * (ق) ابن عويمر - وقيل: ابن عبد الله ابن عكيم الجهني، نزيل البصرة، وأول من تكلم بالقدر في زمن الصحابة.
حدث عن عمران بن حصين، ومعاوية، وابن عباس، وابن عمر، وحمران بن أبان، وطائفة.
وكان من علماء الوقت على بدعته.
حدث عنه معاوية بن قرة، وزيد بن رفيع، وقتادة، ومالك بن دينار، وعوف الاعرابي، وسعد بن إبراهيم، وآخرون.
__________
* الاكليل، 10 / 58 وفيه: " عبدالرحمن بن الحارث " وكذا في جمهرة ابن حزم 393، الاغاني 5 / 146، المؤتلف والمختلف 14، تاريخ ابن عساكر 9 / 499 ب، تاريخ الاسلام 3 / 242.
* * تاريخ البخاري 7 / 399، تاريخ البخاري الصغير 1 / 204، المعارف 547 و 625، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 280، وفيه: " الصحيح أنه لا ينسب "، المجروحين 3 / 35، 36، تاريخ ابن عساكر 16 / 399 ب، تهذيب الكمال ص 1351، تاريخ الاسلام 3 / 304، العبر 1 / 92، تذهيب التهذيب 4 / 53 ب، الميزان 4 / 141، البداية والنهاية 9 / 34، تهذيب التهذيب 10 / 225، النجوم الزاهرة 1 / 206، خلاصة تذهيب التهذيب 383.
(*)

(4/185)


وقد وثقه يحيى بن معين.
وقال أبو حاتم: صدوق في الحديث.
وقيل: هو ولد صاحب حديث " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " (1) وقيل: هو معبد بن خالد.
وعن عبدالملك بن عمير أن القراء اجتمعوا على معبد الجهني، وكان أحد من شهد الحكمين، وقالوا له: قد طال أمر هذين علي ومعاوية، فلو كلمتهما، قال: لا تعرضوني لامر أنا له كاره، والله ما رأيت كقريش، كأن قلوبهم أقفلت بأقفال الحديد، وأنا صائر إلى ما سألتم.
قال معبد: فلقيت أبا موسى فقلت: انظر ما أنت صانع.
قال: يا معبد غدا ندعو الناس إلى رجل لا يختلف فيه [ اثنان ].
فقلت لنفسي: أما هذا، فقد عزل صاحبه.
ثم لقيت عمرا وقلت: قد وليت أمر الامة، فانظر ما أنت صانع.
فنزع عنانه من يدي ثم قال: إيها تيس جهينة، ما أنت وهذا ؟ ! لست من أهل السر ولا العلانية، والله ما ينفعك الحق ولا يضرك الباطل (2).
قال الجوزجاني: كان قوم يتكلمون في القدر، احتمل الناس حديثهم لما عرفوا من اجتهادهم في الدين والصدق والامانة، ولم يتوهم عليهم
الكذب، وإن بلوا بسوء رأيهم، منهم معبد الجهني، وقتادة، ومعبد رأسهم.
قال محمد بن شعيب: سمعت الاوزاعي يقول: أول من نطق في القدر
__________
(1) أخرجه أصحاب السنن، وهو حديث ضعيف لاضطرا به كما ذكر غير واحد من الائمة، انظر بسط ذلك في " نصب الراية " 1 / 120 ; 122، و " تلخيص الحبير " 1 / 147، 148 ; وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس: " أيما إهاب دبغ فقد طهر ".
(2) الخبر في " ابن عساكر " 16 / 400 آ، ب مطول، وزاد في نهاية الخبر: "..ثم مضى وتركني فأنشأ معبد يقول: إني لقيت أبا موسى فأخبرني * بما أردت وعمرو ضن بالخبر شتان بين أبي موسى وصاحبه * عمرو لعمرك عند الفضل والخطر هذا له غفلة أبدت سريرته * وذاك ذو حذر كالحية الذكر (*)

(4/186)


سوسن بالعراق، كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر، فأخذ عنه معبد.
وأخذ غيلان القدري عن معبد (1).
وقال محمد بن حمير: حدثنا محمد بن زياد الالهاني، قال: كنا في المسجد إذ مر بمعبد الجهني إلى عبدالملك، فقال الناس: هذا هو البلاء.
فقال خالد بن معدان: إن البلاء كل البلاء إذا كانت الائمة منهم (2).
قال مرحوم العطار: حدثنا أبي وعمي، سمعا الحسن يقول: إياكم ومعبدا الجهني فإنه ضال مضل.
قال يونس: أدركت الحسن يعيب قول معبد، ثم تلطف له معبد، فألقى في نفسه ما ألقى.
قال طاووس: احذروا قول معبد، فإنه كان قدريا.
وقال مالك بن دينار: لقيت معبدا بمكة بعد فتنة ابن الاشعث وهو جريح، قد قاتل الحجاج في المواطن كلها (3).
وروى ضمرة، عن صدقة بن يزيد، قال: كان الحجاج يعذب معبدا الجهني بأصناف العذاب ولا يجزع، ثم قتله.
قال خليفة (4): مات قبل التسعين.
وقال سعيد بن عفير: في سنة ثمانين صلب عبدالملك معبدا الجهني بدمشق.
قلت: يكون صلبه ثم أطلقه.

77 - مطرف بن عبد الله * (ع) ابن الشخير، الامام، القدوة، الحجة، أبو عبد الله الحرشي العامري البصري، أخو يزيد بن عبد الله.
__________
(1) ابن عساكر 16 / 401 آ.
(2) ابن عساكر 16 / 401 ب.
(3) تاريخ البخاري 7 / 399 ولفظ (فتنة) ساقط في سائر مصادر الخبر.
(4) في تاريخه ص 302.
* طبقات ابن سعد 7 / 141، الزهد لاحمد ص 238، طبقات خليفة ت 1570، تاريخ = (*)

(4/187)


حدث عن أبيه رضي الله عنه، وعلي، وعمار، وأبي ذر، وعثمان، وعائشة، وعثمان بن أبي العاص، ومعاوية، وعمران بن حصين، وعبد الله بن مغفل المزني، وغيرهم.
وعن أبي مسلم الجذمي، وحكيم بن قيس بن عاصم المنقري.
وأرسل عن أبي بن كعب.
حدث عنه: الحسن البصري، وأخوه يزيد بن عبد الله، وأبو التياح يزيد ابن حميد، وثابت البناني، وسعيد بن أبي هند، وقتادة، وغيلان بن جرير، ومحمد بن واسع، وأبو نضرة العبدي، ويزيد الرشك، وحميد بن هلال، وسعيد الجريري، وابن أخيه عبد الله بن هانئ بن عبد الله بن الشخير، وعبد
الكريم بن رشيد، وأبو نعامة السعدي، وخلق سواهم.
أنبأنا ابن أبي الخير، عن اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا يوسف النجيرمي (1)، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا حماد ابن سلمة، عن ثابت، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء " (2).
__________
= البخاري 7 / 396، المعارف 436، المعرفة والتاريخ 2 / 80 و 90، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 312، الحلية 2 / 198، ابن عساكر 16 / 282 ب، تهذيب الكمال ص 1336، تاريخ الاسلام 4 / 56، تذكرة الحفاظ 1 / 60، العبر 1 / 113، تذهيب التهذيب 4 / 43 ب، البداية والنهاية 9 / 69 و 140، الاصابة ت 8324، تهذيب التهذيب 10 / 173، النجوم الزاهرة 1 / 214، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 24، خلاصة تذهيب التهذيب 378، شذرات الذهب 1 / 110.
(1) نسبة إلى نجيرم محلة بالبصرة.
اللباب.
(2) وأخرجه الترمذي في الشمائل (351)، وأحمد 4 / 25، 26،، وأبو داود (904) في الصلاة باب البكاء في الصلاة، والنسائي 3 / 13، في السهو باب البكاء في الصلاة، وإسناده قوي وصححه ابن خزيمة وابن حبان رقم (522) والحاكم.
وأزيز المرجل: صوته، يريد غليان جوفه بالبكاء.
(*)

(4/188)


ذكره ابن سعد فقال (1): روى عن أبي بن كعب.
وكان ثقة له فضل وورع وعقل وأدب.
وقال العجلي: كان ثقة لم ينج بالبصرة من فتنة ابن الاشعث إلا هو واين سيرين.
ولم ينج منها بالكوفة إلا خيثمة بن عبدالرحمن، وإبراهيم النخعي.
قال مهدي بن ميمون: حدثنا غيلان بن جرير، أنه كان بينه وبين رجل كلام، فكذب عليه فقال: اللهم إن كان كاذبا فأمته.
فخر ميتا مكانه.
قال فرفع
ذلك إلى زياد فقال: قتلت الرجل.
قال: لا، ولكنها دعوة وافقت أجلا (2).
وعن غيلان أن مطرفا كان يلبس المطارف والبرانس، ويركب الخيل، ويغشى السلطان، ولكنه إذا أفضيت إليه، أفضيت إلى قرة عين (3).
وكان يقول: عقول الناس على قدر زمانهم (4).
وروى قتادة عن مطرف بن عبد الله، قال: فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة.
وخير دينكم الورع (5).
قال يزيد بن عبد الله بن الشخير: مطرف أكبر مني بعشر سنين، وأنا أكبر من الحسن البصري بعشر سنين.
قلت: على هذا يقتضي أن مولد مطرف كان عام " بدر " أو عام " أحد " ويمكن أن يكون سمع من عمر وأبي.
__________
1) في الطبقات 7 / 141، 142.
2) الحلية 2 / 206.
3) ابن سعد 7 / 144، والزهد لاحمد 239 وسيرد في ص (191).
4) ابن سعد 7 / 143.
5) ابن سعد 7 / 142، والزهد لاحمد 240، والحلية 2 / 212.
(*)

(4/189)


قال ابن سعد (1): توفي مطرف في أول ولاية الحجاج.
قلت: بل بقي [ إلى ] (2) أن خرج عبدالرحمن بن محمد بن الاشعث بعد الثمانين.
وأما عمرو بن علي والترمذي، فأرخا موته في سنة خمس وتسعين.
وهذا أشبه.
وفي " الحلية " (3): روى أبو الأشهب، عن رجل، قال مطرف بن عبد الله: لان أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح معجبا.
قلت: لا أفلح والله من زكى نفسه أو أعجبته.
وعن ثابت البناني، عن مطرف قال: لان يسألني الله تعالى يوم القيامة، فيقول: يا مطرف، ألا فعلت.
أحب إلي من أن يقول: لم فعلت (4) ؟.
جرير بن حازم: حدثنا حميد بن هلال قال: قال مطرف بن عبد الله: إنما وجدت العبد ملقى بين ربه وبين الشيطان، فإن استشلاه ربه واستنقذه نجا، وإن تركه والشيطان، ذهب به (5).
جعفر بن سليمان: حدثنا ثابت قال: قال مطرف: لو أخرج قلبي، فجعل في يساري وجئ بالخير، فجعل في يميني، ما استطعت أن أولج قلبي منه شيئا حتى يكون الله يضعه (6).
أبو جعفر الرازي: عن قتادة، عن مطرف قال: إن هذا الموت قد أفسد
__________
(1) في الطبقات 7 / 146.
2) ساقط من الاصل.
3) 2 / 200.
4) المصدر السابق.
5) الحلية 2 / 201 وفي النهاية لابن الاثير (شلا) واستشلاه: استنقذه من الهلكة.
6) الحلية 2 / 201.
(*)

(4/190)


على أهل النعيم نعيمهم.
فاطلبوا نعيما لا موت فيه (1).
حمادبن يزيد: عن داود بن أبي هند، عن مطرف بن عبد الله قال: ليس لاحد أن يصعد فيلقي نفسه من شاهق، ويقول: قدر لي ربي.
ولكن يحذر ويجتهد ويتقي، فإن أصابة شئ، علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له (2).
غيلان بن جرير، عن مطرف قال: لا تقل: فإن الله يقول، ولكن قل:
قال الله تعالى.
وقال: إن الرجل ليكذب مرتين، يقال له: ماهذا ؟ فيقول: لا شئ إلا شئ ليس بشئ (3).
أبو عقيل بشير بن عقبة قال: قلت ليزيد بن الشخير: ما كان مطرف يصنع إذا هاج الناس ؟ قال: يلزم قعر بيته، ولا يقرب لهم جمعة ولا جماعة حتى تنجلي (4).
وقال أيوب: قال مطرف: لان آخذ بالثقة في القعود أحب إلي من أن ألتمس فضل الجهاد بالتغرير (5).
قال غيلان بن جرير: كان مطرف يلبس البرانس والمطارف، ويركب الخيل، ويغشى السلطان، لكن إذا أفضيت إليه، أفضيت إلى قرة عين (6).
قال مسلمة بن إبراهيم: حدثنا أبو طلحة بشر بن كثير، قال: حدثتني
__________
1) الزهد لاحمد 238، والحلية 2 / 204.
2) الحلية 2 / 202.
3) الخبر في الحلية 2 / 203، ولفظه: " فيقول: لا شئ لا شئ، أليس بشئ ؟ ".
4) ابن سعد 7 / 142.
5) ابن سعد 7 / 143.
6) تقدم الخبر على الصفحة 189.
(*)

(4/191)


امرأة مطرف أنه تزوجها على ثلاثين ألفا وبغلة وقطيفة وماشطة.
وروى مهدي ابن ميمون، أن غيلان قال: تزوج مطرف امرأة على عشرين ألفا (1).
قلت: كان مطرف له مال وثروة وبزة جميلة، ووقع في النفوس.
وروى أبو خلدة أن مطرفا كان يخضب بالصفرة.
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم اللبان،
أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا همام، سمعت قتادة يقول: حدثنا مطرف قال: كنا نأتي زيد بن صوحان فكان يقول: يا عباد الله، أكرموا وأجملوا، فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين: الخوف والطمع.
فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا، فنسقوا كلاما من هذا النحو: إن الله ربنا، ومحمد نبينا، والقرآن إمامنا، ومن كان معنا كنا وكنا.
ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا.
قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا، فيقولون: أقررت يا فلان ؟ حتى انتهوا إلي فقالوا: أقررت يا غلام ؟ قلت: لا، قال يعني زيدا: لا تعجلوا على الغلام، ما تقول يا غلام ؟ قلت: إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه، فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه علي.
فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر منهم أحد.
وكانوا زهاء ثلاثين نفسا (2).
قال قتادة فكان مطرف إذا كانت الفتنة نهى عنها وهرب.
وكان الحسن ينهى عنها ولا يبرح.
قال مطرف: ما أشبه الحسن إلا برجل يحذر الناس السيل ويقوم بسننه (3).
__________
(1) ابن سعد 7 / 145.
2) الحلية 2 / 204.
3) ابن سعد 7 / 142 والمصدر السابق.
(*)

(4/192)


وبه، قال أبو نعيم (1): حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، أنبأنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة قال: كان مطرف بن عبد الله وصاحب له سريا في ليلة مظلمة فإذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء، فقال: أما إنه لو حدثنا الناس بهذا، كذبونا.
فقال مطرف، المكذب أكذب يقول: المكذب
بنعمة الله أكذب.
وبه، حدثنا أبو حامد بن جبلة: حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الحسين بن منصور، حدثنا حجاج، عن مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، قال: أقبل مطرف مع ابن أخ له من البادية - وكان يبدو - فبينا هو يسير سمع في طرف سوطه كالتسبيح فقال له ابن أخيه: لو حدثنا الناس بهذا، كذبونا.
فقال: المكذب أكذب الناس (2).
وبه، حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد ابن عبيد بن حساب، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا أبوالتياح قال: كان مطرف بن عبد الله يبدو، فإذا كان ليلة الجمعة، أدلج على فرسه، فربما نور له سوطه، فأدلج ليلة حتى إذا كان عند القبور، هوم (3) على فرسه، قال: فرأيت أهل القبور، صاحب كل قبر جالسا على قبره، فلما رأوني، قالوا: هذا مطرف يأتي الجمعة قلت: أتعلمون عندكم يوم الجمعة ؟ قالوا: نعم، نعلم ما تقول الطير فيه.
قلت: وما تقول الطير ؟ قالوا: تقول: سلام سلام من يوم صالح.
إسنادها صحيح (4).
عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا الحسن بن عمرو الفزاري، عن ثابت
__________
1) في الحلية 2 / 205.
2) المصدر السابق.
3) هوم: هز رأسه من النعاس أو نام نوما خفيفا.
(4) الحلية 2 / 205، وانظر الزهد لاحمد 246.
(*)

(4/193)


البناني ورجل آخر، أنهما دخلا على مطرف وهو مغمى عليه، قال: فسطعت مع ثلاثة أنوار: نور من رأسه، ونور من وسطه، ونور من رجليه، فهالنا ذلك،
فأفاق فقلنا: كيف أنت يا أبا عبد الله ؟ قال: صالح.
فقيل: لقد رأينا شيئا هالنا.
قال: وما هو ؟ قلنا: أنوار سطعت منك.
قال: وقد رأيتم ذلك ؟ قالوا: نعم.
قال: تلك تنزيل السجدة، وهي تسع وعشرون آية، سطع أولها من رأسي ووسطها من وسطي وآخرها من قدمي.
وقد صورت تشفع لي، فهذه ثوابية تحرسني (1).
وعن محمد بن واسع قال: كان مطرف يقول: اللهم ارض عنا، فإن لم ترض عنا فاعف عنا، فإن المولى قد يعفو عن عبده وهو عنه غير راض (2).
وعن مطرف أنه قال لبعض إخوانه: يا أبا فلان إذا كانت لك حاجة، فلا تكلمني واكتبها في رقعة، فإني أكره أن أرى في وجهك ذل السؤال (3).
روى ابو التياح عن يزيد بن عبد الله أن أخاه أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحدا (4).
وكان يزيد أخو مطرف من ثقات التابعين، عاش بعد أخيه عواما.
ابن أبي عروبة: عن قتادة، عن مطرف قال: لقيت عليا رضي الله عنه، فقال لي: يا أبا عبد الله، ما بطأبك ؟ أحب عثمان ؟ ثم قال: لئن قلت ذاك، لقد كان أوصلنا للرحم، وأتقانا للرب.
وقال مهدي بن ميمون: قال مطرف: لقد كاد خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة (5).
__________
1) انظر ابن سعد 7 / 146، وهوفي الحلية 2 / 206، ولفظه: " فهذا ثوبها يحرسني ".
2) الحلية 2 / 207 وانظر الزهد لاحمد 240.
(3) انظر الحلية 2 / 210.
(4) ابن سعد 7 / 145.
(5) الزهد لاحمد 239.
(*)

(4/194)


وقال ابن عيينة: قال مطرف بن عبد الله: ما يسرني أني كذبت كذبة وأن لي الدنيا وما فيها.
وقال أبو نعيم: حدثنا عمارة بن زاذان قال: رأيت على مطرف بن الشخير مطرف خز أخذه بأربعة آلاف درهم.
وقال حميد بن هلال: أتت الحرورية مطرف بن عبد الله يدعونه إلى رأيهم، فقال: يا هؤلاء، لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الاخرى، فإن كان الذي تقولون هدى أتبعتها الاخرى، وإن كان ضلالة، هلكت نفس وبقيت لي نفس، ولكن هي نفس واحدة لاأغرر بها (1).
قال قتادة: قال مطرف: لان أعافي فأشكر أحب إلي من [ أن ] (2) أبتلى فأصبر.
قال سليمان بن المغيرة: كان مطرف إذا دخل بيته، سبحت معه آنية بيته (3).
وقال سليمان بن حرب: كان مطرف مجاب الدعوة، قال لرجل: إن كنت كذبت فأرنا به.
فمات مكانه (4) وقال مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير، قال: حبس السلطان ابن أخي مطرف، فلبس مطرف خلقان ثيابه، وأخذ عكازا وقال: أستكين (5) لربي لعله أن يشفعني في ابن أخي.
قال خليفة بن خياط (6): مات مطرف سنة ست وثمانين.
وقيل في وفاته غير ذلك كما مضي.
__________
1) ابن سعد 7 / 143.
2) ساقط من الاصل، والخبر في " ابن سعد " 7 / 144 والحلية 2 / 200.
(3) الحلية 2 / 205، 206.
(4) انظره مطولا في " ابن عساكر " 16 / 290 آ ولفظه " إن كان كذب علي فأرني به ".
(5) وفي رواية لابن عساكر (أتمسكن) والخبر فيه 16 / 290 ب.
(6) في طبقاته 1 / 467.
(*)

(4/195)


78 - زيد بن وهب * (ع) الامام الحجة، أبو سليمان الجهني الكوفي، مخضرم قديم.
ارتحل إلى القاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته، فقبض صلى الله عليه وسلم وزيد في الطريق على ما بلغنا.
سمع عمر، وعليا، وابن مسعود، وأبا ذر الغفاري، وحذيفة بن اليمان وطائفة.
وقرأ القرآن على ابن مسعود.
حدث عنه: حبيب بن أبي ثابت، وعبد العزيز بن رفيع، وحصين بن عبدالرحمن، وسليمان الاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون.
توفي بعد وقعة الجماجم (1) في حدود سنة ثلاث وثمانين.
قال ابن سعد (2): شهد مع علي مشاهده.
وغزا في أيام عمر أذربيجان وقال الاعمش: رأيته يصفر لحيته.
وثقه ابن سعد.

79 - حفص بن عاصم * * (ع) ابن عمر بن الخطاب القرشي العمري المدني الفقيه.
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 102، طبقات خليفة ت 1149، تاريخ البخاري 3 / 407، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 574، الحلية 4 / 171، الاستيعاب ت 861، أسد الغابة 2 / 243، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 205، تهذيب الكمال ص 458، تاريخ الاسلام 3 / 251 و 369، تذكرة الحفاظ 1 / 62، تذهيب التهذيب 1 / 255، غاية النهاية ت 1309، الاصابة ت 3001، تهذيب التهذيب 3 / 427، النجوم الزاهرة 1 / 201، طبقات الحفاظ
للسيوطي ص 25، خلاصة تذهيب التهذيب 129.
1) دير الجماجم: بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة، وعند هذا الموضع كانت الوقعة بين الحجاج وابن الاشعث التي كسر فيها ابن الاشعث وقتل القراء.
انظر أخبارها في " الطبري " 6 / 357.
(2) في الطبقات 6 / 102، 103.
* * طبقات خليفة ت 2121، تاريخ البخاري 2 / 359، المعارف 188، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 184، تهذيب الكمال ص 303، تاريخ الاسلام 3 / 359، = (*)

(4/196)


حدث عن أبيه وعمه عبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن بحينة، وأبي سعيد بن المعلى، وغيرهم.
روى عنه بنوه: عمر، وعيسى، ورباح، وابن عمه سالم بن عبد الله، وقرابته عمربن محمد بن زيد، وسعد بن إبراهيم، وابن شهاب الزهريان، وخبيب بن عبدالرحمن، وجماعة.
وكان من سروات الرجال.
متفق على الاحتجاج به.
توفي في حدود سنة تسعين.

80 - أيوب القرية * هو أيوب بن يزيد بن قيس بن زرارة النمري الهلالي الاعرابي.
صحب الحجاج، ووفد على الخليفة عبدالملك.
وكان رأسا في البلاغة والبيان واللغة.
ثم إنه خرج على الحجاج مع ابن الاشعث، لان الحجاج نفذه إلى ابن الاشعث إلى سجستان رسولا.
فأمره ابن الاشعث أن يقوم ويسب الحجاج ويخلعه أو ليقتلنه ففعل مكرها.
ثم أسر أيوب.
ولما ضرب الحجاج عنقه ندم.
وذلك في سنة أربع وثمانين.
وله كلام بليغ متداول (1).
__________
= تذهيب التهذيب 1 / 162 ب، البداية والنهاية 9 / 93، تهذيب التهذيب 2 / 402، خلاصة تذهيب التهذيب 87.
* المعارف 404، تاريخ الطبري 6 / 385، تاريخ ابن عساكر 3 / 148 آ، تاريخ ابن الاثير 4 / 498، تهذيب الكمال ص 1133، تاريخ الاسلام 3 / 242، العبر 1 / 97، البداية والنهاية 9 / 52 و 54، النجوم الزاهرة 1 / 207، شذرات الذهب 1 / 93، تهذيب ابن عساكر 3 / 219 وفيه تصحف إلى " أيوب بن زيد " وقد كرر المؤلف ترجمته ص 346.
(1) ومن كلامه ما جاء في " عيون الاخبار " 3 / 69 أن الحجاج قال لايوب: اخطب علي هند بنت أسماء ولا تزد على ثلاث كلمات، فأتاهم فقال: أتيتكم من عند من تعلمون، والامير = (*)

(4/197)


81 - قيس بن أبي حازم * (ع) العالم الثقة الحافظ، أبو عبد الله البجلي الاحمسي، الكوفي واسم أبيه حصين بن عوف.
وقيل: عوف بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش بن هلال.
وفي نسبه اختلاف.
وبجيلة هم بنو أنمار.
أسلم وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقبض نبي الله وقيس في الطريق، ولابيه أبي حازم صحبة.
وقيل: إن لقيس صحبة، ولم يثبت ذلك.
وكان من علماء زمانه.
روى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمار، وابن مسعود، وخالد، والزبير، وخباب، وحذيفة، ومعاذ، وطلحة، وسعد، وسعيد بن زيد: وعائشة، وأبي موسى، وعمرو، ومعاوية، والمغيرة، وبلال، وجرير، وعدي بن عميرة، وعقبة بن عامر، وأبي مسعود عقبة بن عمرو، وخلق.
__________
= يعطيكم ما تسألون، أفتنكحون أم تردون ؟ قالوا: بل أنكحنا وأنعمنا.
ولما أراد الحجاج أن يطلقها أمر ابن القرية أن يأتيها فيطلقها بكلمتين ويمتعها بعشرة آلاف
درهم، فأتاها فقال لها: إن الحجاج يقول لك، كنت فبنت وهذه عشرة آلاف متعة لك.
فقالت: قل له: كنا فما حمدنا، وبنا فما ندمنا، وهذه العشرة آلاف لك ببشارتك إياي بطلاقي " عيون الاخبار 2 / 209.
* طبقات ابن سعد 6 / 67، طبقات خليفة ت 1087، تاريخ البخاري 7 / 145، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 102، الاستيعاب ت 2126، تاريخ بغداد 12 / 452، تاريخ ابن عساكر 14 / 235 آ، أسد الغابة 4 / 211، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 61، تهذيب الكمال ص 1134، تاريخ الاسلام 4 / 46، تذكرة الحفاظ 1 / 57، العبر 1 / 115، تذهيب التهذيب 3 / 162 آ، الاصابة ت 7274 و 7295، تهذيب التهذيب 8 / 386، النجوم الزاهرة 1 / 241، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 22، خلاصة تذهيب التهذيب 317، شذرات الذهب 1 / 112.
(*)

(4/198)


وعنه: أبو إسحاق السبيعي، والمغيرة بن شبيل (1).
وبيان بن بشر، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان الاعمش، ومجالد بن سعيد، وعمر بن أبي زائدة، والحكم بن عتيبة، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان - إن صح - وعيسى بن المسيب البجلي، والمسيب بن رافع، وآخرون.
قال علي بن المديني: روى عن بلال ولم يلقه.
ولم يسمع من أبي الدرداء، ولا سلمان.
وقال سفيان بن عيينة: ما كان بالكوفة أحد أروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيس بن أبي حازم (2).
وقال أبو داود: أجود التابعين إسنادا قيس.
وقد روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبدالرحمن بن عوف (2).
وقال يعقوب بن شيبة: أدرك قيس أبا بكر الصديق، وهو رجل كامل إلى
أن قال: وهو متقن الرواية، وقد تكلم أصحابنا فيه، فمنهم من رفع قدره وعظمه، وجعل الحديث عنه من أصح الاسانيد.
ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير.
والذين أطروه حملوا عنه هذه الاحاديث على أنها عندهم غير مناكير، وقالوا: هي غرائب.
ومنهم من لم يحمل عليه في شئ من الحديث، وحمل عليه في مذهبه، وقالوا: كان يحمل على علي.
والمشهور أنه كان يقدم عثمان.
ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه.
__________
(1) ويقال: شبل.
(2) تاريخ بغداد 12 / 454.
(*)

(4/199)


ومنهم من قال: إنه مع شهرته لم يرو عنه كبير أحد وليس الامر عندنا كما قال هؤلاء.
وأرواهم عنه إسماعيل بن أبي خالد، وكان ثقة ثبتا، وبيان بن بشر، وكان ثقة ثبتا - وذكر جماعة (1).
وقال عبدالرحمن بن خراش: هو كوفي جليل، ليس في التابعين أحد روى عن العشرة إلا قيس بن أبي حازم (2).
وروى معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري، ومن السائب بن يزيد (3).
وروى أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة.
وكذا وثقه غير واحد.
وروى علي بن المديني أن يحيى بن سعيد قال له: قيس بن أبي حازم منكر الحديث، قال: ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير، منها حديث " كلاب الحوأب " (4).
وقال أبو سعيد الاشج: سمعت أبا خالد الأحمر يقول لابن نمير: يا أبا
هشام أما تذكر إسماعيل بن أبي خالد وهو يقول: حدثنا قيس بن أبي حازم،
__________
(1) ابن عساكر 14 / 238 ب.
(2) تاريخ بغداد 12 / 454.
(3) تاريخ بغداد 12 / 455.
(4) الحوأب: موضع بئر بين مكة والبصرة، نبحت كلابه على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عند مقبلها إلى البصرة في وقعة الجمل، وحديثها أخرجه أحمد 6 / 52 و 97 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، قال: لما أقبلت عائشة بغلت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا ؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أني راجعة، وقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عزو جل ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: " كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب " وإسناده صحيح.
(*)

(4/200)


هذه الاسطوانة يعني أنه في الثقة مثل هذه الاسطوانة (1).
وقال يحيى بن أبي غنية: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: كبر قيس حتى جاز المئة بسنين كثيرة حتى خرف، وذهب عقله، قال: فاشتروا له جارية سوداء أعجمية، قال: وجعل في عنقها قلائد من عهن وودع وأجراس من نحاس.
فجعلت معه في منزله، وأغلق عليه باب.
قال: وكنا نطلع إليه من وراء الباب وهو معها.
قال: فيأخذ تلك القلائد بيده فيحركها، ويعجب منها، ويضحك في وجهها.
رواها يحيى بن سليمان الجعفي عن يحيى (2).
روى أحمد بن زهير، عن ابن معين، قال: مات سنة سبع أو ثمان وتسعين.
وقال خليفة وأبو عبيد: مات سنة ثمان وتسعين.
وقال الهيثم بن عدي: مات في آخر خلافة سليمان بن عبدالملك.
وشذ الفلاس فقال: مات سنة أربع وثمانين.
ولاعبرة بما رواه حفص بن سلم السمرقندي - فقد اتهم - عن إسماعيل
ابن أبي خالد، عن قيس قال: دخلت المسجد مع أبي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وأنا ابن سبع أو ثمان سنين.
فهذا لو صح، لكان قيس هذا هو قيس بن عائذ صحابي صغير (3)، فإن قيس بن أبي حازم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لابايعه فجئت وقد قبض.
رواه السري بن إسماعيل عنه (4).
وقيل: كان قيس في جيش خالد بن الوليد، إذ قدم الشام على برية السماوة.
__________
(1) الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 102، وتاريخ بغداد 12 / 454.
(2) تاريخ بغداد 12 / 455.
(3) هو أبو كاهل الاحمسي، مرت ترجمته في الجزء الثالث، وهوفي الاستيعاب ت 3142، وأسد الغابة 4 / 221، والاصابة كنى ت 956.
(4) انظر أسد الغابة 4 / 211 فقد نبه ابن الاثير على ذلك.
(*)

(4/201)


وروى الحكم بن عتيبة عن قيس قال: أمنا خالد باليرموك في ثوب واحد (1).
وروى مجالد عن قيس قال: دخلت على أبي بكر في مرضه وأسماء بنت عميس تروحه، فكأني أنظر إلى وشم في ذراعها، فقال لابي: يا أبا حازم قد أجزت لك فرسك (2).

82 - العلاء بن زياد * (ق) ابن مطر بن شريح، القدوة العابد، أبو نصر العدوي البصري.
أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحدث عن عمران بن حصين، وعياض بن حمار، وأبي هريرة، ومطرف بن الشخير، وغيرهم.
روى عنه الحسن، وأسيد بن عبدالرحمن الخثعمي، وقتادة، ومطر الوراق، وأوفى بن دلهم، وإسحاق بن سويد، وآخرون.
وكان ربانيا تقيا قانتا لله، بكاء من خشية الله.
قال قتادة: كان العلاء بن زياد قد بكى حتى غشي بصره.
وكان إذا
__________
(1) زاد ابن عساكر 14 / 235 ب "..قد خالف بين طرفيه وخلفه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
(2) لفظ ابن عساكر 14 / 237 ب هكذا: " قد أجزت لك فرسيك، قال: وكان وعدني ووعد أبي فرسا ".
* طبقات ابن سعد 7 / 217، الزهد لاحمد 252، طبقات خليفة ت 1633، تاريخ البخاري 6 / 507، المعرفة والتاريخ 2 / 93، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 355، الحلية 2 / 242، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 342، تهذيب الكمال ص 1074، تاريخ الاسلام 4 / 41، تذهيب التهذيب 3 / 123 ب، البداية والنهاية 9 / 26، تهذيب التهذيب 8 / 181، النجوم الزاهرة 1 / 202، خلاصة تذهيب التهذيب 299.
(*)

(4/202)


أراد أن يقرأ أو يتكلم، جهشه البكاء.
وكان أبوه قد بكى حتى عمي.
وقال هشام بن حسان: كان قوت العلاء بن زياد رغيفا كل يوم، وقال أوفى بن دلهم: كان للعلاء بن زياد مال ورقيق، فأعتق بعضهم، وباع بعضهم، وتعبد وبالغ، فكلم في ذلك فقال: إنما أتذلل لله لعلة يرحمني (1).
وعن عبد الواحد بن زيد قال: أتى رجل العلاء بن زياد، فقال: أتاني آت في منامي فقال: ائت العلاء بن زياد، فقل له: لم تبكي، قد غفر لك.
قال: فبكى، وقال: الآن حين لاأهدأ.
وقال سلمة بن سعيد: روي العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة، فمكث ثلاثا لا ترقا له دمعة، ولا يكتحل بنوم، ولا يذوق طعاما.
فأتاه الحسن
فقال: أي أخي، أتقتل نفسك أن بشرت بالجنة ! فازداد بكاء، فلم يفارقه حتى أمسى وكان صائما، فطعم شيئا.
رواها عبيد الله العنسي عن سلمة.
جعفر بن سليمان: سمعت مالك بن دينار وسأل هشام بن زياد العدوي فقال: تجهز رجل من أهل الشام للحج، فأتاه آت في منامه: ائت البصرة، فائت العلاء بن زياد فإنه رجل ربعة، أقصم الثنية بسام، فبشره بالجنة.
فقال: رؤيا ليست بشئ.
فأتاه في الليلة الثانية، ثم في الثالثة وجاءه بوعيد، فأصبح وتجهز إلى العراق، فلما خرج من البيوت إذا الذي أتاه في منامه يسير بين يديه، فإذا نزل فقده.
قال: فجاء فوقف على باب العلاء، فخرجت إليه فقال: أنت العلاء ؟ قلت: لا، انزل رحمك الله، فضع رحلك.
قال: لا، أين العلاء ؟ قلت: في المسجد.
فجاء العلاء، فلما رأى الرجل، تبسم فبدت ثنيته، فقال: هذا والله هو.
فقال العلاء: هلا حططت رحل
__________
(1) انظر الحلية 2 / 243.
(*)

(4/203)


الرجل، ألا أنزلته ! قال: قلت له فأبى.
قال العلاء: انزل ارحمك الله.
قال: أخلني.
فدخل العلاء منزله وقال: يا أسماء تحولي.
فدخل الرجل فبشره برؤياه، ثم خرج فركب، وأغلق العلاء بابه، وبكى ثلاثة أيام، أو قال سبعة لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا.
فسمعته يقول في خلال بكائه: أنا، أنا.
وكنا نهابه أن نفتح بابه.
وخشيت أن يموت، فأتيت الحسن، فذكرت له ذلك، فجاء فدق عليه، ففتح وبه من الضر شئ الله به عليم.
ثم كلم الحسن، فقال: ومن أهل الجنة إن شاء الله، أفقاتل نفسك أنت ؟ قال هشام: فحدثنا العلاء لي وللحسن - بالرؤيا وقال: لا تحدثوا بها ما كنت حيا (1).
قتادة: عن العلاء بن زياد، قال: ما يضرك شهدت على مسلم بكفر أو
قتلته (2).
وقال هشام بن حسان: كان العلاء يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس والحسن فقالا: إن الله لم يأمرك بهذا كله (3).
قال أحمد بن حنبل: أخبرت عن مبارك بن فضالة، عن حميد بن هلال، قال: دخلت مع الحسن على العلاء بن زياد وقد أسله الحزن، وكانت له أخت تندف عليه القطن غدوة وعشية، فقال: كيف أنت يا علاء ؟ قال: واحزناه على الحزن (4).
حميد بن هلال: عن العلاء بن زياد، قال: رأيت الناس في النوم، يتبعون شيئا فتبعته، فإذا عجوز كبيرة هتماء عوراء، عليها من كل حلية
__________
(1) رواها أبو نعيم في الحلية 2 / 245، 246.
(2) المصدر السابق.
(3) الحلية 2 / 243.
(4) الحلية 2 / 242.
(*)

(4/204)


وزينة، فقلت: ما أنت ؟ قالت: أنا الدنيا.
قلت: أسأل الله أن يبغضك إلي، قالت: نعم، إن أبغضت الدراهم (1).
وروى الحارث بن نبهان عن هارون بن رئاب، عن العلاء بنحوه.
جعفر بن سليمان الضبعي: حدثنا هشام بن زياد أخو العلاء، أن العلاء كان يحيي ليلة الجمعة، فنام ليلة جمعة، فأتاه من أخذ بناصيته، فقال: قم يا ابن زياد، فاذكر الله يذكرك.
فقام، فما زالت تلك الشعرات التي أخذها منه قائمة حتى مات (2).
قال البخاري في تفسير " حم، المؤمن " في (لا تقنطوا من رحمة الله)
[ الآية 53 الزمر ]: روى حميد بن هلال، عن العلاء بن زياد، قال: رأيت في النوم الدنيا عجوزا شوهاء هتماء، عليها من كل زينة وحلية، والناس يتبعونها، قلت: ما أنت ؟ قالت: الدنيا.
وذكر الحكاية (3).
ذكر أبو حاتم بن حبان أن العلاء بن زياد توفي في أخرة ولاية الحجاج سنة أربع وتسعين.
قرأت على إسحاق الاسدي: أخبركم يوسف بن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا فاروق وحبيب بن الحسن في جماعة قالوا: أنبأنا أبو مسلم الكشي، حدثنا عمرو
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 93، والحلية 2 / 243، 244.
(2) الحلية 2 / 244.
(3) الذي في صحيح البخاري 8 / 426 في تفسير سورة المؤمن: وكان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس ؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس ! والله عزوجل يقول: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) ويقول: (وإن المسرفين هم أصحاب النار) ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم مبشرا بالجنة لمن أطاعه ومنذرا بالنار لمن عصاه.
(*)

(4/205)


ابن مروزق، أنبأنا عمران القطان، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة " رواه مطر الوراق عن العلاء مثله.
إسناده قوي (1).
فأما " العلاء بن زياد " فشيخ آخر، بصري، يروي عن الحسين، روى عنه حماد بن زيد، روى له النسائي.
وقد جعل شيخنا أبو الحجاج الحافظ الترجمتين واحدة، ولا يستقيم ذلك.

83 - عبد الله بن معقل * (خ، م، د، س) ابن مقرن، الامام أبو الوليد المزني الكوفي.
لابيه صحبة.
حدث عن أبيه، وعن علي، وابن مسعود، وكعب بن عجرة، وجماعة.
وعنه: أبو إسحاق السبيعي، وعبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وأبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني، وآخرون.
ذكره أحمد بن عبد الله العجلي فقال: ثقة من خيار التابعين.
توفي سنة ثمان وثمانين.

84 - عبد الله بن معبد * * (م 4) الزماني، بصري ثقة جليل.
__________
(1) الحلية 2 / 248، وهوفي المسند 2 / 362 من طريق أبي داود الطيالسي عن عمران به.
* طبقات ابن سعد 6 / 175، طبقات خليفة ت 1097، تاريخ البخاري 5 / 195، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 169، تهذيب الكمال ص 746، تذهيب التهذيب 2 / 189 ب، تاريخ الاسلام 3 / 270، الاصابة ت 6643، تهذيب التهذيب 6 / 40، خلاصة تذهيب التهذيب 215.
* * طبقات خليفة 1716 وفيه تصحف (معبد) إلى (معبد) تاريخ البخاري 5 / 198، = (*)

(4/206)


روى عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي قتادة.
حدث عنه ثابت البناني، وقتادة، وغيلان بن جرير، وآخرون.
مات قبل المئة.

85 - أبو العالية * (ع) رفيع بن مهران، الامام المقرئ الحافظ المفسر، أبو العالية الرياحي البصري، أحد الاعلام.
كان مولى لامرأة من بني رياح بن يربوع، ثم من بني
تميم.
أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق، ودخل عليه.
وسمع من عمر، وعلي، وأبي، وأبي ذر، وابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وأبي أيوب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعدة.
وحفظ القرآن وقرأه على أبي بن كعب، وتصدر لافادة العلم، وبعد صيته.
قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء فيما قيل، وماذاك ببعيد فإنه تميمي،
__________
= الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 173، تهذيب الكمال ص 745، تذهيب التهذيب 2 / 189 آ، تاريخ الاسلام 3 / 270، تهذيب التهذيب 6 / 40، خلاصة تذهيب التهذيب 215.
* طبقات ابن سعد 7 / 112، الزهد لاحمد 302، طبقات خليفة ت 1634، تاريخ البخاري 3 / 326، المعارف 454، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 510، الحلية 2 / 217، تاريخ أصبهان 1 / 314، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تاريخ ابن عساكر 6 / 131 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 251، تهذيب الكمال ص 417 و 1625، تذكرة الحفاظ 1 / 58، تاريخ الاسلام 3 / 319 و 4 / 79، العبر 1 / 108، تذهيب التهذيب 1 / 226 ب، و 4 / 219 ب، غاية النهاية ت 1272، الاصابة ت 2740 وكنى ت 838، تهذيب التهذيب 3 / 284، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 22، خلاصة تذهيب التهذيب 119، طبقات المفسرين 1 / 172، شذرات الذهب 1 / 102، تهذيب ابن عساكر 5 / 326.
(*)

(4/207)


وكان معه ببلده.
وأدرك من حياة أبي العالية نيفا وعشرين سنة.
قال أبو عمرو الداني: أخذ أبو العالية القراءة عرضا (1) عن أبي، وزيد، وابن عباس.
ويقال: قرأ على عمر.
روى عنه القراءة عرضا شعيب بن الحبحاب، وآخرون.
قال قتادة: قال أبو العالية: قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعشر سنين (2).
وروى معتمر بن سليمان، وغيره عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أبو العالية: قرأت القرآن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرار (3).
وعن أبي خلدة، عن أبي العالية، قال: كان ابن عباس يرفعني على السرير وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش، فقال ابن عباس: هكذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الاسرة (4).
قلت: هذا كان سريردار الامرة لما كان ابن عباس متوليها لعلي رضي الله عنهما.
قال أبو بكر بن أبي داود: وليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية.
وبعده سعيد بن جبير.
وقد وثق أبا العالية الحافظان أبو زرعة وأبو حاتم.
__________
(1) القراءة على الشيخ حفظا أو من كتاب يسمى عندهم عرضا.
(2) ابن سعد 7 / 113.
(3) ابن عساكر 6 / 134 آ.
(4) ابن عساكر 6 / 135 ب.
(*)

(4/208)


قال خالد أبو المهاجر، عن أبي العالية: كنت بالشام مع أبي ذر.
وقال أبو خلدة خالد بن دينار: سمعت أبا العالية يقول: كنا عبيدا مملوكين، منا من يؤدي الضرائب، ومنا من يخدم أهله، فكنا نختم كل ليلة،
فشق علينا حتى شكا بعضنا إلى بعض.
فلقينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلمونا أن نختم كل جمعة، فصلينا ونمنا ولم يشق علينا (1).
قال أبو خلدة: ذكر الحسن البصري لابي العالية، فقال: رجل مسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأدركنا الخير وتعلمنا قبل أن يولد.
وكنت آتي ابن عباس وهو أمير البصرة فيجلسني على السرير وقريش أسفل.
وروى جرير عن مغيرة قال: كان أشبه أهل البصرة علما بإبراهيم النخعي أبو العالية.
وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لاسمع منه، فأتفقد صلاته، فإن وجدته يحسنها، أقمت عليه، وإن أجده يضيعها، رحلت ولم أسمع منه، وقلت: هو لما سواها أضيع (2).
قال شعيب بن الحبحاب: حابيت أبا العالية في ثوب، فأبى أن يشتري مني الثوب.
قال أبو خلدة: قال أبو العالية: لما كان زمان علي ومعاوية، وإني لشاب القتال أحب إلي من الطعام الطيب، فتجهزت بجهاز حسن حتى أتيتهم، فإذا صفان ما يرى طرفا هما، إذا كبر هؤلاء، كبر هؤلاء، وإذا هلل
__________
1) ابن سعد 7 / 113.
(2) الحلية 2 / 220.
(*)

(4/209)


هؤلاء هلل هؤلاء.
فراجعت نفسي، فقلت: أي الفريقين أنزله كافرا ؟ ومن أكرهني على هذا ؟ قال: فما أمسيت حتى رجعت وتركتهم (1).
قال عاصم الاحول: كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام فتركهم (2).
معمر: عن عاصم، عن أبي العالية، قال: أنتم أكثر صلاة وصياما ممن كان قبلكم، ولكن الكذب قد جرى على ألسنتكم.
زيد بن الحباب: حدثنا خالد بن دينار، عن أبي العالية، قال: تعلمت الكتابة والقرآن فما شعر بي أهلي، ولارئي في ثوبي مداد قط (3).
ابن عيينة: سمعت عاصما الاحول، يحدث عن أبي العالية، قال: تعلموا القرآن، فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وإياكم وهذه الاهواء فإنها (4) توقع العداوة والبغضاء بينكم.
فإنا قد قرأنا القرآن قبل أن يقتل - يعني عثمان - بخمس عشرة سنة.
قال: فحدثت به الحسن، فقال: قد نصحك والله، وصدقك (5).
أبو نعيم: حدثنا أبو خلدة، عن أبي العالية، قال: ما مسست ذكري بيميني منذ ستين أو سبعين سنة (6).
حماد بن سلمة: عن ثابت، أن أبا العالية قال: إني لارجو أن لا يهلك عبد بين نعمتين: نعمة يحمد الله [ عليها ] وذنب يستغفر الله منه (6).
__________
1) ابن سعد 7 / 114.
2) الحلية 2 / 218.
3) الحلية 2 / 217.
4) في الاصل: (فإنكم) وهو تصحيف.
5) الحلية 2 / 218.
6) الحلية 2 / 219.
(*)

(4/210)


وقال أبو خلدة: سمعت أبا العالية يقول: تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإنه أحفظ عليكم، وجبريل كان ينزل به خمس آيات،
خمس آيات (1).
قتيبة: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: أول من أذن بما وراء النهر أبو العالية الرياحي (2).
أبو خلدة، قال: كان أبو العالية إذا دخل عليه أصحابه يرحب بهم ويقرأ (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم) الآية [ الانعام: 54 ] (3).
محمد بن مصعب: عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: إن الله قضى على نفسه أن من آمن به هداه، وتصديق ذلك في كتاب الله: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) [ التغابن: 11 ] ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [ الطلاق 3 ] ومن أقرضه جازاه، وتصديق ذلك في كتاب الله: (من ذاالذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) [ البقرة: 245 ] ومن استجار من عذابه أجاره، وتصديق ذلك في كتاب الله: (واعتصموا بحبل الله جميعا) [ آل عمران: 103 ] والاعتصام الثقة بالله.
ومن دعاه أجابه، وتصديق ذلك في كتاب الله: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) [ البقرة: 186 ] (4).
__________
1) الحلية 2 / 219، 220.
2) الحلية 2 / 221، وما وراء النهر: أطلقه المسلمون العرب على البلدان التي افتتحوها وراء نهر جيحون، من هذه البلدان وأجلها شأنا: الصغد وبخاري وسمرقند وخوارزم وطشقند انظر بلدان الخلافة الشرقية ص 476.
3) الحلية 2 / 221.
4) الخبر في الحلية 2 / 221، 222 وما بين الحاصرتين ساقط من الاصل استدركناه منه.
(*)

(4/211)


ومن مراسيل أبي العالية الذي صح إسناده إليه: الامر بإعادة الوضوء والصلاة على من ضحك في الصلاة.
وبه يقول أبو حنيفة وغيره من أئمة العلم (1).
وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة، سمعت الشافعي يقول: حديث أبي العالية الرياحي قال أبو حاتم - يعني ما يروى في الضحك في الصلاة.
وروى حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، قال: قال أبو العالية: اشترتني امرأة فأرادت أن تعتقني، فقال بنو عمها: تعتقينه فيذهب إلى الكوفة فينقطع.
فأتت لي مكانا في المسجد فقالت: أنت سائبة - تريد لا ولاء لاحد عليك.
قال: فأوصى أبو العالية بماله كله (2).
وقال أبو خلدة، عن أبي العالية، قال: ما تركت من مال فثلثه في سبيل الله، وثلثه في أهل بيت البني صلى الله عليه وسلم، وثلثه في الفقراء.
قلت له: فأين مواليك ؟ قال: السائبة يضع نفسه حيث شاء (3).
همام بن يحيى: حدثنا قتادة، عن أبي العالية، قال: قرأت المحكم بعد وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعشر سنين.
فقد أنعم الله علي بنعمتين لاأدري أيهما أفضل: أن هداني للاسلام، ولم يجعلني حروريا (4).
__________
1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3761)، والدار قطني من طريقه عن معمر، عن قتادة، عن أبي العالية، أن رجلا أعمى تردى في بئر والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في أصحابه، فضحك بعض من كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ضحك منهم أن يعيد الوضوء والصلاة.
وعبد الرزاق فمن فوقه من رجال الصحيحين.
2) طبقات ابن سعد 7 / 112.
3) انظر الخبر مفصلا في " ابن سعد " 7 / 112، 113.
4) ابن سعد 7 / 113، والحرورية نسبة إلى حروراء، قرية من قرى الكوفة، تجمع بها المحكمة الاولى الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بعد تحكيم الحكمين، = (*)

(4/212)


قال أبو خلدة: سمعت أبا العالية يقول: زارني عبد الكريم أبو أمية وعليه ثياب صوف، فقلت له: هذا زي الرهبان، إن المسلمين إذا تزاوروا تجملوا.
وروى حماد بن سلمة، عن عاصم الاحول، أن أبا العالية أوصى مورقا العجلي أن يجعل في قبره جريدتين (1).
وقال مورق: وأوصى بريدة الاسلمي رضي الله عنه أن يوضع في قبره جريدتان (2).
قرأت على إسحاق الاسدي: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن ثابت، عن أبي العالية، قال: ما ترك عيسى ابن مريم - عليه السلام - حين رفع إلا مدرعة صوف وخفي راع وقذافة يقذف بها الطير (3).
قال أبو خلدة: مات أبو العالية في شوال سنة تسعين.
وقال البخاري (4) وغيره: مات سنة ثلاث وتسعين.
وشذ المدائني فوهم وقال: مات سنة ست ومئة.
__________
= فاجتمعوا فيها ورأسهم عبد الله بن الكواء، وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية، وعدة فكفروا عليا وتبرؤوا منه فحاربهم بالنهروان فقتلهم وقتل ذا الثدية.
ومنهم افترقت فرق الخوارج كلها.
انظر " المقالات والفرق " ص 5 و " الملل والنحل " للشهرستاني 1 / 115 وما بعدها.
1) ابن سعد 7 / 117.
2) علقه البخاري 3 / 176 في الجنائز باب الجريدة على القبر، وقد وصله ابن سعد في.
الطبقات 7 / 8 من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الاحول، قال: قال مورق: أوصاني..3) الحلية 2 / 221.
4) في تاريخه الكبير 3 / 326.
(*)

(4/213)


86 - عمران بن حطان * (خ، د، ت) ابن ظبيان، السدوسي البصري، من أعيان العلماء، لكنه من رؤوس الخوارج.
حدث عن عائشة، وأبي موسى الاشعري، وابن عباس.
روى عنه: ابن سيرين، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير.
قال أبو داود: ليس في أهل الاهواء أصح حديثا من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الاعرج.
قال الفرزدق: عمران بن حطان من أشعر الناس، لانه لو أراد أن يقول مثلنا لقال، ولسنا نقدر أن نقول مثل قوله.
حدث سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، قال: تزوج عمران خارجية وقال: سأردها، قال فصرفته إلى مذهبها (1).
فذكر المدائني أنها كانت ذات جمال، وكان دميما فأعجبته يوما فقالت: أنا وأنت في الجنة، لانك أعطيت فشكرت، وابتليت فصبرت.
قال الاصمعي: بلغنا أن عمران بن حطان كان ضيفا لروح بن زنباع، فذكره لعبد الملك، فقال: اعرض عليه أن يأتينا.
فهرب وكتب:
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 155، طبقات خليفة ت 1705، تاريخ البخاري 6 / 413، الكامل
للمبرد 3 / 167، وانظر الفهارس، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 296، الاغاني 16 / 152، تهذيب الكمال ص 1060، تاريخ الاسلام 3 / 284، العبر 1 / 98 تذهيب التهذيب 3 / 113 ب، البداية والنهاية 9 / 52، الاصابة ت 6875، تهذيب التهذيب 8 / 127، النجوم الزاهرة 1 / 216، خلاصة تذهيب التهذيب 295، شذرات الذهب 1 / 95، خزانة الادب بتحقيق هارون 5 / 350.
(1) انظر الاغاني 18 / 115 ط الدار.
(*)

(4/214)


يا روح كم من كريم قد نزلت به * قد ظن ظنك من لخم وغسان حتى إذا خفته زايلت منزله * من بعد ما قيل: عمران بن حطان قد كنت ضيفك حولا ما تروعني * فيه طوارق من إنس ولاجان حتى أردت بي العظمى فأوحشني * ما يوحش الناس من خوف ابن مروان لو كنت مستغفرا يوما لطاغية * كنت المقدم في سر وإعلان لكن أبت لي آيات مفصلة * عقد الولاية في " طه " و " عمران " (1) ومن شعره في مصرع علي رضي الله عنه: يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لاذكره حينا فأحسبه * أوفى البرية عند الله ميزانا أكرم بقوم بطون الطير قبرهم * لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا (2) فبلغ شعره عبدالملك بن مروان، فأدركته حمية لقرابته من علي رضي
__________
(1) الابيات في " الكامل " للمبرد 3 / 170 وروايته: " يا روح كم من أخي مثوى نزلت به " و " فارقت منزله " و " كنت ضيفك.." و " فيه روائع من إنس ومن جان " و ".
العظمى فأدركني ما أدرك الناس.
" و " كنت المقدم في سري وإعلاني " و " آيات مطهرة " و " عند الولاية " وكذا في الاغاني 18 / 112 ط الدار.
(2) الابيات عدا الاخير في الكامل " للمبرد 3 / 169، و " الاغاني " 18 / 111 ط الدار.
وقد رد على عمران بن حطان الفقيه الطبري - كما جاء في نسخة من الكامل للمبرد - فقال: يا ضربة من شقي ما أراد بها * إلا ليهدم من ذي العرش بنيانا إني لاذكره يوما فألعنه * إيها وألعن عمران بن حطانا وقال محمد بن أحمد الطبيب يرد على عمران بن حطان: يا ضربة من غدور صار ضاربها * أشقى البرية عند الله إنسانا إذا تفكرت فيه ظلت ألعنه * وألعن الكلب عمران بن حطانا وللسيد الحميري ولغيره قصائد ردوا فيها على عمران، انظرها في ترجمته في الخزانة.
(*)

(4/215)


الله عنه فنذر دمه ووضع عليه العيون.
فلم تحمله أرض، فاستجار بروح بن زنباع فأقام في ضيافته، فقال: ممن أنت ؟ قال: من الازد.
فبقي عنده سنة فأعجبه إعجابا شديدا، فسمر روح ليلة عند أمير المؤمنين، فتذاكرا شعر عمران هذا.
فلما انصرف روح، تحدث مع عمران بما جرى، فأنشده بقية القصيد، فلما عاد إلى عبدالملك قال: إن في ضيافتي رجلا ما سمعت منه حديثا قط إلا وحدثني به وبأحسن منه، ولقد أنشدني تلك القصيدة كلها.
قال: صفه لي، فوصفه له.
قال: إنك لتصف عمران بن حطان، اعرض عليه أن يلقاني.
قال: فهرب إلى الجزيرة، ثم لحق بعمان فأكرموه.
وعن قتادة، قال: لقيني عمران بن حطان، فقال: يا أعمى، احفظ عني هذه الابيات: حتى متى تسقى النفوس بكأسها * ريب المنون وأنت لاه ترتع أفقد رضيت بأن تعلل بالمنى * وإلى المنية كل يوم تدفع أحلام نوم أو كظل زائل * إن اللبيب بمثلها لا يخدع
فتزودن ليوم فقرك دائبا * واجمع لنفسك لا لغيرك تجمع (1) وبلغنا أن الثوري كان كثيرا ما يتمثل بأبيات عمران هذه: أرى أشقياء الناس لا يسأمونها * على أنهم فيها عراة وجوع أراها وإن كانت تحب فإنها * سحابة صيف عن قليل تقشع كركب قضوا حاجاتهم وترحلوا * طريقهم بادي العلامة مهيع (2) قال عبدا لباقي بن قانع الحافظ: توفي عمران بن حطان سنة أربع وثمانين.
__________
1) الابيات في تاريخ الاسلام 3 / 285 وخزانة الادب بتحقيق هارون 5 / 360، 361.
2) الابيات في تاريخ الاسلام 3 / 286 وخزانة الادب تحقيق عبد السلام هارون 5 / 361 وفيه: " بادي الغيابة مهيع ".
(*)

(4/216)


87 - عباد بن عبد الله * (ع) ابن الزبير بن العوام، الامام الكبير القاضي، أبويحيى القرشي الاسدي.
كان عظيم المنزلة عند والده أمير المؤمنين، فاستعمله على القضاء وغير ذلك.
وكانوا يظنون أن أباه تعهد إليه بالخلافة.
حدث عن أبيه، وجدته أسماء، وخالة أبيه عائشة.
حدث عنه: ابنه يحيى، وابن عمه هشام بن عروة، وابن أبي مليكة، وابن أخيه عبد الواحد بن حمزة، وابن عمه محمد بن جعفر بن الزبير، وآخرون.
وله ترجمة حسنة في " النسب " (1).
ولم أظفر له بوفاة.

88 - سعيد بن المسيب * * (ع) ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن
يقظة، الامام العلم، أبو محمد القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة،
__________
* طبقات خليفة ت 2240، تاريخ البخاري 6 / 32، المعارف 226، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 82، تهذيب الكمال ص 650، تاريخ الاسلام 3 / 260، تذهيب التهذيب 2 / 120 ب، العقد الثمين 5 / 89، تهذيب التهذيب 5 / 98، خلاصة تذهيب التهذيب 186.
(1) " نسب قريش " للزبير بن بكار 1 / 70 تحقيق محمود شاكر.
* * طبقات ابن سعد 5 / 119، طبقات خليفة ت 2096، تاريخ البخاري 3 / 510، المعارف 437، المعرفة والتاريخ 1 / 468، الجرح والتعديل القسم الاول المجلد الثاني 59، الحلية 2 / 161، طبقات الفقهاء للشيرازي 57، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 219، وفيات الاعيان 2 / 375، تهذيب الكمال ص 505، تاريخ الاسلام 4 / 4 و 188، تذكرة الحفاظ 1 / 51، العبر 1 / 110، تذهيب التهذيب 2 / 28 آ، البداية والنهاية 9 / 99، غاية النهاية ت 1354، تهذيب التهذيب 4 / 84، النجوم الزاهرة 1 / 228، طبقات الحفاظ للسيوطي 17، خلاصة تذهيب التهذيب 143، شذرات الذهب 1 / 102.
(*)

(4/217)


وسيد التابعين في زمانه.
ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، وقيل: لاربع مضين منها بالمدينة.
رأى عمر، وسمع عثمان، وعليا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى، وسعدا، وعائشة وأبا هريرة، وابن عباس، ومحمد بن مسلمة، وأم سلمة، وخلقا سواهم.
وقيل: إنه سمع من عمر.
وروى عن أبي بن كعب مرسلا، وبلال كذلك، وسعد بن عبادة كذلك، وأبي ذر وأبي الدرداء كذلك.
وروايته عن علي، وسعد، وعثمان، وأبي موسى، وعائشة، وأم شريك، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس،
وحكيم بن حزام، وعبد الله بن عمرو، وأبيه المسيب، وأبي سعيد في " الصحيحين " وعن حسان بن ثابت، وصفوان بن أمية، ومعمربن عبد الله، ومعاوية، وأم سلمة، في صحيح مسلم.
وروايته عن جبير بن مطعم وجابر، وغيرهما في البخاري.
وروايته عن عمر في السنن الاربعة.
وروى أيضا عن زيد بن ثابت، وسراقة بن مالك، وصهيب، والضحاك بن سفيان، وعبد الرحمن بن عثمان التيمي، وروايته عن عتاب بن أسيد في السنن الاربعة، وهو مرسل.
وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر الصديق وكان زوج بنت أبي هريرة، وأعلم الناس بحديثه.
روى عنه خلق: منهم إدريس بن صبيح، وأسامة بن زيد الليثي، وإسماعيل بن أمية، وبشير (1)، وعبد الرحمن بن حرملة، وعبد الرحمن بن حميد بن عبدالرحمن، وعبد الكريم الجزري، وعبد المجيد بن سهيل، وعبيدالله بن سليمان العبدي، وعثمان بن حكيم، وعطاء الخراساني، وعقبة
__________
(1) هو بشير بن المحرر.
قال المؤلف في الميزان 1 / 329: لايعرف.
ونقله ابن حجر في التهذيب.
(*)

(4/218)


ابن حريث، وعلي بن جدعان، وعلي بن نفيل الحراني، وعمارة بن عبد الله ابن طعمة، وعمرو بن شعيب، وعمرو بن دينار، وعمرو بن مرة، وعمرو بن مسلم الليثي، وغيلان بن جرير، والقاسم بن عاصم، وابنه محمد بن سعيد، وقتادة، ومحمد بن صفوان، ومحمد بن عبدالرحمن بن أبي لبيبة، وأبو جعفر محمد بن علي، ومحمد بن عمرو بن عطاء، والزهري، وابن المنكدر، ومعبد ابن هرمز، ومعمر بن أبي حبيبة، وموسى بن وردان، وميسرة الاشجعي، وميمون بن مهران، وأبو سهيل نافع بن مالك، وأبو معشر نجيح السندي، وهو
عند الترمذي، وهاشم بن هاشم الوقاصي، ويحيى بن سعيد الانصاري، ويزيد بن قسيط، ويزيد بن نعيم بن هزال، ويعقوب بن عبد الله بن الاشج، ويونس بن سيف، وأبو جعفر الخطمي (1)، وأبو قرة الاسدي، من " التهذيب ".
وعنه: الزهري، وقتادة، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الانصاري، وبكير بن الاشج، وداود بن أبي هند، وسعد بن إبراهيم، وعلي بن زيد بن جدعان، وشريك بن أبي نمر، وعبد الرحمن بن حرملة (2)، وبشر كثير.
وكان ممن برز في العلم والعمل، وقع لنا جملة من عالي حديثه.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق القرافي، انبأنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أنبأنا محمد بن عمر الشافعي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد ابن علي بن الداية، قالوا: أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، أنبأنا عبيدالله بن عبدالرحمن الزهري سنة ثمانين وثلاث مئة، أنبأنا جعفر بن
__________
1) في الاصل: " والخطمي " بزيادة الواو وهو خطأ، والتصويب من " التهذيب " 2) سبق ذكره.
(*)

(4/219)


محمد الفريابي، حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، حدثنا حمادبن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى، وزعم أنه مسلم: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان ".
هذا صحيح، عال، فيه دليل على أن هذه الخصال من كبار الذنوب.
أخرجه مسلم (1) عن أبي نصر التمار، عن حماد بن سلمة، فوقع لنا بدلا عاليا مع علوه في نفسه لمسلم ولنا.
فإن أعلى أنواع الابدال أن يكون الحديث من
أعلى حديث صاحب ذلك الكتاب، ويقع لك بإسناد آخر أعلى بدرجة أو أكثر.
والله أعلم.
أخبرنا إسحاق الاسدي، أنبأنا يوسف الآدمي (ح) وأنبأنا أحمد بن سلامة قالا: أنبأنا أبو المكارم الاصبهاني، قال يوسف سماعا، وقال الآخر إجازة: أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن داود المكي، حدثنا حبيب كاتب مالك، حدثنا ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال لي جبريل: ليبك الاسلام على موت عمر " (2).
هذا حديث منكر، وحبيب ليس بثقة، مع أن سعيدا عن أبي منقطع.
عبد العزيز بن المختار، عن علي بن زيد، حدثني سعيد بن المسيب ابن حزن أن جده حزنا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ما اسمك ؟ قال: حزن،
__________
1) برقم (59) (110) في الايمان باب بيان خصال المنافق.
والمراد من النفاق هنا النفاق الفعلي لا الاعتقادي الذي يخرج صاحبه عن الملة.
(*) (2) الحلية 2 / 175.
(*)

(4/220)


قال: بل أنت سهل " قال: يا رسول الله، اسم سماني به أبواي وعرفت به في الناس، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال سعيد: فمازلنا تعرف الحزونة فينا أهل البيت " (1).
هذا حديث مرسل، ومراسيل سعيد محتج بها.
لكن علي بن زيد ليس بالحجة و [ أما ] الحديث فمروي بإسناد صحيح، متصل، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " ما اسمك ؟ قال: حزن.
قال: أنت سهل " فقال لاأغير اسما سمانيه أبي.
قال سعيد: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد (2).
العطاف بن خالد: عن أبي حرملة، عن ابن المسيب قال: ما فاتتني
الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة (3).
سفيان الثوري: عن عثمان بن حكيم، سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
إسناده ثابت (3) حماد بن زيد: حدثنا يزيد بن حازم، أن سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم (4).
مسعر (5): عن سعيد بن إبراهيم، سمع ابن المسيب يقول: ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر مني.
__________
1) ابن سعد 5 / 119.
2) أخرجه البخاري 10 / 473 و 474 في الادب باب اسم الحزن، والحزن: ما غلظ من الارض وهو ضد السهل، واستعمل في الخلق، يقال: فلان حزون، أي في خلقه غلظة وقساوة.
وأبو داود (4965).
(3) الحلية 2 / 162.
(4) الحلية 2 / 163.
5) في الاصل (مسعير) وهو تصحيف، والخبر في ابن سعد 5 / 120.
(*)

(4/221)


أسامة بن زيد: عن نافع، أن ابن عمر ذكر سعيد بن المسيب فقال: هو والله أحد المفتين.
قال أحمد بن حنبل، وغير واحد: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح.
وقال قتادة، ومكحول، والزهري، وآخرون، واللفظ لقتادة: ما رأيت أعلم من سعيد بن المسيب.
قال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أحدا أوسع علما من ابن المسيب.
هو عندي أجل التابعين.
عبدالرحمن بن حرملة: سمعت ابن المسيب يقول: حججت أربعين حجة.
قال يحيى بن سعيد الانصاري: كان سعيد يكثر أن يقول في مجلسه: اللهم سلم سلم (1).
معن: سمعت مالكا يقول، قال ابن المسيب: إن كنت لاسير الايام والليالي في طلب الحديث الواحد (2).
ابن عيينة: عن إبراهيم بن طريف، عن حميد بن يعقوب، سمع سعيد ابن المسيب يقول: سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد سمعها غيري (3).
أبو إسحاق الشيباني: عن بكير بن الاخنس، عن سعيد بن
__________
(1) الحلية 2 / 164.
(2) المعرفة والتاريخ 1 / 468، 469.
(3) ابن سعد 5 / 120.
(*)

(4/222)


المسيب، قال: سمعت عمر على المنبر.
وهو يقول: لا أجد أحدا جامع فلم يغتسل، أنزل أو لم ينزل، إلا عاقبته (1).
ابن عيينة: عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، قال: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر.
وكانت خلافته عشر سنين وأربعة أشهر (2).
الواقدي: حدثني هشام بن سعد، سمعت الزهري وسئل عمن أخذ سعيد بن المسيب علمه ؟ فقال: عن زيد بن ثابت.
وجالس سعدا، وابن عباس، وابن عمر.
ودخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة وأم سلمة.
وسمع
__________
(1) رجاله ثقات، وفيه حجة لمن يقول: إن سعيدا رأى عمر وسمع منه، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب 4 / 87 حديثا وقع له بإسناد صحيح لا مطعن فيه، فيه تصريح سعيد بسماعه من
عمر.
وقد كان الحكم في ابتداء الاسلام أن من جامع فأكسل لا يجب عليه الغسل، فقد أخرج البخاري في صحيحه 1 / 338 عن زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان بن عفان فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن ؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره.
قال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله وأبي بن كعب، أمروه بذلك.
ثم صار منسوخا بإيجاب الغسل وإن لم ينزل.
فقد أخرج أحمد 5 / 115، 116، وأبو داود (214) والترمذي (110) من حديث الزهري، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب قال: الماء من الماء شئ في أول الاسلام ثم ترك ذلك بعد، وأمروا بالغسل إذا مس الختان الختان، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وجاء من طريق أخرى أخرجه أبو داود (215) والدارمي (194) والبيهقي في السنن 1 / 165، 166، من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد، قال: حدثني أبي بن كعب: إن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الاسلام ثم أمر بالاغتسال بعد.
وأخرجه الدار قطني في سننه ص 46، وقال: صحيح، وصححه ابن حبان 228 و 229، وابن خزيمة.
قال البغوي في شرح السنة: وممن بقي على المذهب الاول في إن الاكسال لا يوجب الاغتسال سعد بن أبي وقاص وأبو أيوب الانصاري وأبو سعيد الخدري ورافع بن خديج، وذهب إلى قوله سليمان الاعمش.
(2) ابن سعد 5 / 120.
(*)

(4/223)


من عثمان، وعلي، وصهيب، ومحمد بن مسلمة.
وجل روايته المسندة عن أبي هريرة، كان زوج ابنته.
وسمع من أصحاب عمر، وعثمان، وكان يقال:
ليس أحد أعلم بكل ما قضى به عمر وعثمان منه (1).
وعن قدامة بن موسى، قال: كان ابن المسيب يفتي والصحابة أحياء (1).
وعن محمد بن يحيى بن حبان، قال: كان المقدم في الفتوى في دهره سعيد بن المسيب، ويقال له: فقيه الفقهاء (1).
الواقدي: حدثنا ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: سعيد بن المسيب عالم العلماء (1).
وعن علي بن الحسين، قال: ابن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، وأفقههم في رأيه (2).
جعفر بن برقان: أخبرني ميمون بن مهران، قال: أتيت المدينة فسألت عن أفقه أهلها، فدفعت إلى سعيد بن المسيب (3).
قلت: هذا يقوله ميمون مع لقيه لابي هريرة وابن عباس.
عمر بن الوليد الشني: عن شهاب بن عباد العصري: حججت فأتينا المدينة، فسألنا عن أعلم أهلها فقالوا: سعيد (4).
قلت: عمر ليس بالقوي.
قاله النسائي.
معن بن عيسى، عن مالك، قال: كان عمر بن عبد العزيز لا يقضي
__________
(1) ابن سعد 5 / 121.
(2) ابن سعد 5 / 121، 122.
(3) ابن سعد 5 / 122.
4) ابن سعد 5 / 122.
(*)

(4/224)


بقضية - يعني وهو أمير المدينة - حتى يسأل سعيد بن المسيب، فأرسل إليه
إنسانا يسأله، فدعاه، فجاء فقال عمر له: أخطأ الرسول، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك.
وكان عمر يقول: ما كان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه، وكنت أوتى بما عند سعيد بن المسيب (1).
سلام بن مسكين: حدثني عمران بن عبد الله الخزاعي، قال: سألني سعيد بن المسيب فانتسبت له، فقال: لقد جلس أبوك إلي في خلافة معاوية وسألني.
قال سلام: يقول عمران: والله ما أراه مر على أذنه شئ قط إلا وعاه قلبه - يعني ابن المسيب - وإني أرى أن نفس سعيد كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب (2).
جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران، بلغني أن سعيد بن المسيب بقي أربعين سنة لم يأت المسجد فيجد أهله قد استقبلوه خارجين من الصلاة.
عفان: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد، قلت لسعيد بن المسيب: يزعم قومك أن ما منعك من الحج إلا أنك جعلت لله عليك إذا رأيت الكعبة أن تدعو على ابن مروان.
قال: ما فعلت، وما أصلي صلاة إلا دعوت الله عليهم، وإني قد حججت واعتمرت بضعا وعشرين مرة، وإنما كتبت علي حجة واحدة وعمرة، وإني أرى ناسا من قومك يستدينون ويحجون ويعتمرون ثم يموتون، ولا يقضى عنهم، ولجمعة أحب إلي من حجة أو عمرة تطوعا.
فأخبرت بذلك الحسن، فقال: ما قال شيئا، لو كان كما قال ما حج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اعتمروا (3).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) انظر ابن سعد 5 / 122، والحلية 2 / 164.
(3) ابن سعد 5 / 128.
(*)

(4/225)


فصل في عزة نفسه وصدعه بالحق سلام بن مسكين: حدثنا عمران بن عبد الله، قال: كان لسعيد بن المسيب في بيت المال بضعة وثلاثون ألفا، عطاؤه.
وكان يدعى إليها فيأبى ويقول: لا حاجة لي فيها.
حتى يحكم الله بيني وبين بني مروان (1).
حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد أنه قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك، ولا يحركك، ولا يؤذيك ؟ قال: والله ما أدري، إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد، فصلى صلاة لايتم ركوعها ولا سجودها، فأخذت كفا من حصى فحصبته بها.
زعم أن الحجاج قال: مازلت بعد أحسن الصلاة (2).
في " الطبقات " لابن سعد (3): أنبأنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان، حدثنا ميمون، وأنبأنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبو المليح، عن ميمون ابن مهران، قال: قدم عبدالملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلة، واستيقظ، فقال لحاجبه: انظر، هل في المسجد أحد من حداثنا ؟ فخرج فإذا سعيد بن المسيب في حلقته، فقام حيث ينظر إليه، ثم غمزه وأشار بأصبعه، ثم ولى، فلم يتحرك سعيد، فقال: لا أراه فطن، فجاء ودنا منه، ثم غمزه وقال: ألم ترني أشير إليك ؟ قال: وما حاجتك ؟ قال: أجب أمير المؤمنين.
فقال: إلي أرسلك ؟ قال: لا، ولكن قال: انظر بعض حداثنا فلم أر أحدا أهيأ منك.
قال: اذهب فأعلمه أني لست من حداثه.
فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إلا مجنونا، وذهب فأخبر عبدالملك، فقال: ذاك سعيد بن المسيب فدعه.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) ابن سعد 5 / 129.
(3) 5 / 130.
(*)

(4/226)


سليمان بن حرب: وعمرو بن عاصم، حدثنا سلام بن مسكين، عن عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي، قال: حج عبد الملك بن مروان، فلما قدم المدينة، ووقف على باب المسجد أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلا يدعوه ولا يحركه، فأتاه الرسول وقال: أجب أمير المؤمنين، واقف بالباب يريد أن يكلمك.
فقال: ما لامير المؤمنين إلي حاجة، ومالي إليه حاجة، وإن حاجته لي لغير مقضية، فرجع الرسول، فأخبره فقال: ارجع فقل له: إنما أريد أن أكلمك، ولا تحركه.
فرجع إليه، فقال له: أجب أمير المؤمنين.
فرد عليه مثل ما قال أولا.
فقال: لولا أنه تقدم إلي فيك ما ذهبت إليه إلا برأسك، يرسل إليك أمير المؤمنين يكلمك تقول مثل هذا ! فقال: إن كان يريد أن يصنع بي خيرا، فهو لك، وإن كان يريد غير ذلك فلا أحل حبوتي حتى يقضي ما هو قاض، فأتاه فأخبره، فقال: رحم الله أبا محمد، أبى إلا صلابة (1).
زاد عمرو بن عاصم في حديثه بهذا الاسناد: فلما استخلف الوليد، قدم المدينة، فدخل المسجد، فرأى شيخا قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا ؟ قالوا: سعيد بن المسيب، فلما جلس أرسل إليه، فأتاه الرسول فقال: أجب أمير المؤمنين، فقال: لعلك أخطأت باسمي، أو لعله أرسلك إلى غيري، فرد الرسول، فأخبره، فغضب وهم به، قال: وفي الناس يومئذ تقية، فأقبلوا عليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، فقيه المدينة، وشيخ قريش، وصديق أبيك، لم يطمع ملك قبلك أن يأتيه.
فما زالوا به حتى أضرب عنه (2).
عمران بن عبد الله - من أصحاب سعيد بن المسيب: ما علمت فيه
__________
(1) ابن سعيد 5 / 129.
(2) ابن سعد 5 / 129، 130.
(*)

(4/227)


لينا.
قلت: كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم.
وكان لا يقبل عطاءهم.
قال معن بن عيسى: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، قلت لسعيد بن المسيب: لو تبديت، وذكرت له البادية وعيشها والغنم، فقال: كيف بشهود العتمة (1).
ابن سعد: أنبأنا الوليد بن عطاء بن الاغر المكي، أنبأنا عبدالحميد بن سليمان، عن أبي حازم، سمعت سعيد بن المسيب، يقول: لقد رأيتني ليالي الحرة وما في المسجد أحد غيري، وإن أهل الشام ليدخلون زمرا يقولون: انظرو إلى هذا المجنون.
وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت أذانا في القبر.
ثم تقدمت فأقمت وصليت وما في المسجد أحد غيري (2).
عبدالحميد هذا، ضعيف.
الواقدي: حدثنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: كان سعيد أيام الحرة (3) في المسجد لم يخرج، وكان يصلي معهم
__________
(1) ابن سعد 5 / 131.
(2) ابن سعد 5 / 132.
(3) هي حرة واقم شرقي المدينة المنورة، وفيها كانت الوقعة المشهورة، يقول فيها ابن حزم في كتابه جوامع السيرة ص 357 ما نصه: "..أغزى يزيد الجيوش إلى المدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى مكة حرم الله تعالى.
فقتل بقايا المهاجرين والانصار يوم الحرة، وهي أيضا أكبر مصائب الاسلام وخرومه، لان أفاضل المسلمين وبقية الصحابة، وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا
جهرا ظلما في الحرب وصبرا.
وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت وبالت في الروضة بين القبر والمنبر، ولم تصل جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كان فيه أحد، حاشا سعيد بن المسيب فإنه لم يفارق المسجد، ولولا شهادة عمرو بن عثمان بن عفان، ومروان بن الحكم عند مجرم بن عقبة المري بأنه مجنون لقتله.
وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له، إن شاء باع، وإن شاء أعتق، وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتله.
فضرب عنقه صبرا.
وهتك مسرف أو مجرم الاسلام هتكا، وأنهب المدينة ثلاثا، واستخف (*)

(4/228)


الجمعة ويخرج في الليل.
قال: فكنت إذا حانت الصلاة، أسمع أذانا يخرج من قبل القبر حتى أمن الناس (1).
ذكر محنته: الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، وغيره من أصحابنا، قالوا: استعمل ابن الزبير جابر بن الاسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة [ لابن الزبير ] فقال سعيد بن المسيب: لا، حتى يجتمع الناس.
فضربه ستين سوطا.
فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول: مالنا ولسعيد، دعه (2).
وعن عبد الواحد بن أبي عون، قال: كان جابر بن الاسود عامل ابن الزبير على المدينة قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، فلما ضرب سعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه: والله ما ربعت على كتاب الله، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، وما هي إلا ليال فاصنع ما بدا لك، فسوف يأتيك ما تكره.
فما مكث إلا يسيرا حتى قتل ابن الزبير (3).
الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره أن عبد العزيز بن مروان توفي
__________
= بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدت الايدي إليهم وانتهبت دورهم، وانتقل هؤلاء إلى مكة شرفها الله
تعالى، فحوصرت، ورمي البيت بحجارة المنجنيق، تولى ذلك الحصين بن نمير السكوني في جيوش أهل الشام، وذلك لان مجرم بن عقبة المري مات بعد وقعة الحرة بثلاث ليال، وولي مكانه الحصين بن نمير.
وأخذ الله تعالى يزيد أخذ عزيز مقتدر، فمات بعد الحرة بأقل من ثلاثة أشهر وأزيد من شهرين.
وانصرفت الجيوش عن مكة " اه.
(1) انظر ابن سعد 5 / 132.
(2) ابن سعد 7 / 122، 123 وما بين الحاصرتين منه.
(3) ابن سعد 7 / 123.
(*)

(4/229)


بمصر سنة أربع وثمانين، فعقد عبدالملك لابنيه: الوليد وسليمان بالعهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان، وعامله يومئذ على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي، فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوا، وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما وقال: حتى أنظر، فضربه هشام ستين سوطا، وطاف به في تبان من شعر، حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به قال: أين تكرون بي ؟ قالوا إلى السجن.
فقال: والله لولا أني ظننته الصلب، ما لبست هذا التبان أبدا.
فردوه إلى السجن، فحبسه وكتب إلى عبدالملك يخبره بخلافه.
فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ويقول: سعيد، كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده خلاف (1).
وحدثني أبو بكر بن أبي سبرة، عن المسور بن رفاعة، قال: دخل قبيصة بن ذؤيب على عبدالملك بكتاب هشام بن إسماعيل يذكر أنه ضرب سعيدا وطاف به.
قال قبيصة: يا أمير المؤمنين، يفتات عليك هشام بمثل هذا، والله لا يكون سعيد أبدا أمحل ولا ألج منه حين يضرب، لو لم يبايع
سعيد ما كان يكون منه، وما هو ممن يخاف فتقه، يا أمير المؤمنين اكتب إليه.
فقال عبدالملك: اكتب أنت إليه عنى تخبره برأيي فيه، وما خالفني من ضرب هشام إياه.
فكتب قبيصة بذلك إلى سعيد.
فقال سعيد حين قرأ الكتاب: الله بيني وبين من ظلمني (2).
حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي، قال: دخلت على سعيد بن المسيب السجن فإذا هو قد ذبحت له شاة، فجعل الاهاب على ظهره، ثم جعلوا له بعد ذلك قضبا رطبا، وكان كلما نظر إلى عضديه قال: اللهم انصرني من هشام (2).
__________
(1) ابن سعد 5 / 125، 126.
(2) ابن سعد 5 / 126.
(*)

(4/230)


شيبان بن فروخ: حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي قال: دعي سعيد بن المسيب للوليد وسليمان بعد أبيهما فقال: لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار.
فقيل: ادخل واخرج من الباب الآخر، قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس، قال: فجلده مئة وألبسه المسوح (1).
ضمرة بن ربيعة: حدثنا رجاء بن جميل، قال: قال عبدالرحمن بن عبد القاري لسعيد بن المسيب حين قامت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة: إني مشير عليك بخصال، قال: ما هن ؟ قال: تعتزل مقامك، فإنك تقوم حيث يراك هشام بن إسماعيل، قال: ماكنت لاغير مقاما قمته منذ أربعين سنة.
قال: تخرج معتمرا.
قال: ماكنت لانفق مالي وأجهد بدني في شئ ليس لي فيه نية، قال: فما الثالثة ؟ قال: تبايع، قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي ؟ قال - وكان أعمى - قال رجاء: فدعاه هشام بن
إسماعيل إلى البيعة، فأبى، فكتب فيه إلى عبدالملك.
فكتب إليه عبد الملك: مالك ولسعيد، ما كان علينا منه شئ نكرهه، فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر، وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس.
فدعاه هشام فأبى وقال: لا أبايع لاثنين.
فألبسه تبان شعر، وضربه ثلاثين سوطا، وأوقفه للناس.
فحدثني الايليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة قالوا: علمنا أنه لا يلبس التبان طائعا، قلنا له: يا أبا محمد، إنه القتل، فاستر عورتك، قال: فلبسه، فلما ضرب تبين له أنا خدعناه، قال: يا معجلة أهل أيلة، لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته (2).
وقال هشام بن زيد: رأيت ابن المسيب حين ضرب في تبان شعر.
__________
(1) الحلية 2 / 170.
(2) الحلية 2 / 170، 171.
(*)

(4/231)


يحيى بن غيلان: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، قال: أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس، فقلت لقائدي: أدنني منه فأدناني، فجعلت أسأله خوفا من أن يفوتني، وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون (1).
قال أبو المليح الرقي: حدثني غير واحد أن عبدالملك ضرب سعيد بن المسيب خمسين سوطا، وأقامه بالحرة وألبسه تبان شعر، فقال سعيد: لو علمت أنهم لا يزيدوني على الضرب ما لبسته.
إنما تخوفت من أن يقتلوني، فقلت: تبان أستر من غيره (2).
قبيصة: حدثنا سفيان عن رجل من آل عمر، قال: قلت لسعيد بن المسيب: ادع على بني أمية، قال: اللهم أعز دينك، وأظهر أولياءك، واخز
أعداءك في عافية لامة محمد صلى الله عليه وسلم (3).
أبو عاصم النبيل: عن أبي يونس القوي (4)، قال: دخلت مسجد المدينة، فإذا سعيد بن المسيب جالس وحده، فقلت: ما شأنه ؟ قيل: نهي أن يجالسه أحد (5).
همام: عن قتادة، أن ابن المسيب كان إذا أراد أحد أن يجالسه قال: إنهم قد جلدوني، ومنعوا الناس أن يجالسوني (6) عن أبي عيسى الخراساني، عن ابن المسيب، قال: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم، لكيلا تحبط أعمالكم.
__________
(1) الحلية 2 / 171.
(2) ابن سعد 5 / 127، 128.
(3) ابن سعد 5 / 128.
(4) في الاصل (القوني) بالنون، والتصحيح من التبصير 1115 وتقريب التهذيب.
(5) ابن سعد 5 / 128.
(6) الحلية 2 / 172.
(*)

(4/232)


تزويجه ابنته: أنبئت عن أبي المكارم الشروطي، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا الحسن بن عبد العزيز، قال: كتب إلى ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن عبد الله الكناني أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين (1).
سعيد بن منصور: حدثنا مسلم الزنجي، عن يسار بن عبدالرحمن، عن سعيد بن المسيب أنه زوج ابنة له على درهمين من ابن أخيه (2).
وقال أبو بكر بن أبي داود: كانت بنت سعيد قد خطبها عبدالملك لابنه الوليد، فأبى عليه، فلم يزل يحتال عبدالملك عليه حتى ضربه مئة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء، وألبسه جبة صوف، ثم قال: حدثني أحمد ابن أخي [ عبدالرحمن ] بن وهب، حدثنا عمر بن وهب، عن عطاف بن خالد، عن ابن حرملة، عن ابن أبي وداعة - يعني كثيرا - قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب، ففقدني أياما، فلما جئته قال: أين كنت ؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها، ثم قال: هل استحدثت امرأة ؟ فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة ؟ قال: أنا.
فقلت: وتفعل ؟ قال: نعم، ثم تحمد، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على درهمين - أو قال: ثلاثة - فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين.
فصليت المغرب، ورجعت إلى منزلي، وكنت وحدي صائما، فقدمت عشائي أفطر، وكان خبزا وزيتا، فإذا بابي يقرع، فقلت: من هذا ؟ فقال: سعيد.
فأفكرت في كل من
__________
(1) الحلية 2 / 167.
(2) ابن سعد 5 / 138 (*).

(4/233)


اسمه سعيد إلا ابن المسيب، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فخرجت، فإذا سعيد، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فأتيك ؟ قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك.
فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب، ورد الباب.
فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكي لا
تراه، ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران، فجاؤوني فقالوا: ما شأنك ؟ فأخبرتهم.
ونزلوا إليها، وبلغ أمي، فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثا، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق زوج.
فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب.
ثم أتيته وهو في حلقته، فسلمت، فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض المجلس، فلما لم يبق غيري قال: ما حال ذلك الانسان ؟ قلت: خير يا أبا محمد، على ما يحب الصديق، ويكره العدو.
قال: إن رابك شئ، فالعصا.
فانصرفت إلى منزلي، فوجه إلي بعشرين ألف درهم (1).
قال أبو بكر بن أبي داود: ابن أبي وداعة هو كثير بن المطلب بن أبي وداعة.
قلت: هو سهمي مكي، روى عن أبيه المطلب أحد مسلمة الفتح.
وعنه: ولده جعفر بن كثير، وابن حرملة.
تفرد بالحكاية أحمد بن عبدالرحمن بن وهب.
وعلى ضعفه قد احتج به مسلم (2).
__________
(1) أوردها أبو نعيم في الحلية 2 / 167، 168 (2) وثقه ابن أبي حاتم وغيره، إلا أنه تغير بأخرة.
(*)

(4/234)


قال عمرو بن عاصم، حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا عمران بن عبد الله قال: زوج سعيد بن المسيب بنتا له من شاب من قريش.
فلما أمست، قال لها شدي عليك ثيابك واتبعيني، ففعلت، ثم قال: صلي ركعتين، فصلت، ثم أرسل إلى زوجها فوضع يدها في يده وقال: انطلق بها.
فذهب بها، فلما
رأتها أمه، قالت: من هذه ؟ قال: امرأتي.
قالت: وجهي من وجهك حرام إن أفضيت إليها حتى أصنع بها صالح ما يصنع بنساء قريش.
فأصلحتها ثم بنى بها (1).
ومن معرفته بالتعبير: قال الواقدي: كان سعيد من المسيب من أعبر الناس للرؤيا، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأخذته أسماء عن أبيها، ثم ساق الواقدي عدة منامات، منها (2).
حدثنا موسى بن يعقوب، عن الوليد بن عمرو بن مسافع، عن عمر بن حبيب بن قليع قال: كنت جالسا عند سعيد بن المسيب يوما، وقد ضاقت بي الاشياء، ورهقني دين، فجاءه رجل، فقال: رأيت كأني أخذت عبدالملك ابن مروان، فأضجعته إلى الارض، وبطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد.
قال: ما أنت رأيتها.
قال: بلى.
قال: لا أخبرك أو تخبرني قال: ابن الزبير رآها، وهو بعثني إليك.
قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبدالملك، وخرج من صلب عبدالملك أربعة كلهم يكون خليفة.
قال: فرحلت إلى عبدالملك بالشام فأخبرته، فسر، وسألني عن سعيد وعن حاله فأخبرته.
وأمر بقضاء ديني وأصبت منه خيرا (3).
__________
(1) ابن سعد 5 / 138.
(2) انظر طبقات ابن سعد 5 / 124 وما بعدها.
(3) ابن سعد 5 / 123.
(*)

(4/235)


قال: وحدثني الحكم بن القاسم، عن إسماعيل بن أبي حكيم، قال: قال رجل: رأيت كأن عبدالملك بن مروان يبول في قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أربع
مرار.
فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: إن صدقت رؤياك، قام فيه من صلبه أربعة خلفاء (1).
وأخبرنا عبد السلام بن حفص، عن شريك بن أبي نمر، قلت لسعيد ابن المسيب: رأيت كأن أسناني سقطت في يدي، ثم دفنتها.
فقال: إن صدقت رؤياك، دفنت أسنانك من أهل بيتك (2).
وحدثنا ابن أبي ذئب، عن مسلم الحناط (3)، قال رجل لابن المسيب: رأيت أني أبول في يدي، فقال: اتق الله، فإن تحتك ذات محرم، فنظر، فإذا امرأة بينهما رضاع (2).
وبه، وجاءه آخر فقال: أراني كأني أبول في أصل زيتونة.
فقال: إن تحتك ذات رحم.
فنظر فوجد كذلك (2).
وقال له رجل: إنى رأيت كأن حمامة وقعت على المنارة، فقال: يتزوج الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر (4).
وبه، عن ابن المسيب قال: الكبل في النوم ثبات في الدين.
وقيل له: يا أبا محمد، رأيت كأني في الظل، فقمت إلى الشمس.
فقال: إن صدقت رؤياك، لتخرجن من الاسلام.
قال: يا أبا محمد، إني أراني
__________
(1) المصدر السابق.
(2) ابن سعد 5 / 124.
(3) في المشتبه للمؤلف تعليق (2) ص 253: قال يحيى بن معين: كان مسلم هذا يبيع الخبط والحنطة، وكان خياطا، فقد اجتمع فيه الثلاثة.
وقال ابن حجر في التبصير ص 517: " والاشهر في مسلم بالمهملة والنون ".
(4) ابن سعد 5 / 124.
(*)

(4/236)


أخرجت حتى أدخلت في الشمس، فجلست.
قال: تكره على الكفر.
قال: فأسر وأكره على الكفر، ثم رجع، فكان يخبر بهذا بالمدينة (1).
وحدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن السائب، قال رجل لابن المسيب: إنه رأى كأنه يخوض النار.
قال: لا تموت حتى تركب البحر، وتموت قتيلا.
فركب البحر، وأشفى على الهلكة، وقتل يوم قديد (2).
وحدثنا صالح بن خوات، عن ابن المسيب، قال: آخر الرؤيا أربعون سنة - يعني تأويلها (1).
روى هذا الفصل ابن سعد في " الطبقات " (3) عن الواقدي.
سلام بن مسكين: عن عمران بن عبد الله، قال: رأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوب: (قل هو الله أحد) فاستبشر به، وأهل بيته.
فقصوها على سعيد بن المسيب، فقال: إن صدقت رؤياه فقلما بقي من أجله، فمات بعد أيام.
ومن كلامه: سفيان بن عيينة: عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ما أيس الشيطان من شئ إلا أتاه من قبل النساء (4).
ثم قال لنا سعيد - وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالاخرى: ما شئ أخوف عندي من النساء (5).
__________
(1) ابن سعد 5 / 125.
(2) ابن سعد 5 / 124، 125.
وقديد: موضع بين مكة والمدينة، فيه كانت الوقعة سنة 130 ه بين أهل المدينة وبين أبي حمزة الخارجي فقتل منهم مقتلة عظيمة.
انظر الطبري 7 / 393.
(3) 5 / 123 وما بعدها.
(4) في هامش الاصل (الثناء).
(5) الحلية 2 / 166.
(*)

(4/237)


وقال: ما أصلي صلاة إلا دعوت الله على بني مروان (1).
قتيبة: حدثنا عطاف بن خالد، عن ابن حرملة قال: ما سمعت سعيد ابن المسيب سب أحدا من الائمة، إلا أني سمعته يقول: قاتل الله فلانا (2)، كان أول من غير قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: " الولد للفراش " (3).
سلام بن مسكين: عن عمران بن عبد الله، قال: كان ابن المسيب لا يقبل من أحد شيئا.
العطاف: عن ابن حرملة، قال: قال سعيد: لا تقولوا مصيحف، ولا مسيجد، ما كان لله فهو عظيم حسن جميل (4).
عبدالرحمن بن زياد بن أنعم: حدثني يحيى بن سعيد، سمع ابن المسيب يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله، يعطي منه حقه، ويكف به وجهه عن الناس (5).
__________
(1) الحلية 2 / 167.
(2) ربما يعني معاوية فإنه قد استلحق زياد بن أبيه في سنة أربع وأربعين، ولما بلغ أبا بكرة أن معاوية استلحقه، وأنه رضي بذلك، آلى يمينا ألا يكلمه أبدا وقال: هذا زنى أمه وانتفى من أبيه، ولا والله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط.
انظر الاستيعاب ت 825، والاصابة ت 2981 والعواصم من القواصم ص 235 وما بعدها.
(3) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وعائشة 4 / 250 و 5 / 54 و 12 / 26 و 31، ومسلم (1457) وغيرهما.
وقد قال ابن عبد البر: هو من أصح ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، جاء عن بضعة وعشرين نفسا من الصحابة.
وقال الترمذي عقيب إخراجه من حديث أبي هريرة: وفي الباب عن
عمر وعثمان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وأبي أمامة وعمرو بن خارجة، والبراء، وزيد بن أرقم.
وزاد الحافظ العراقي عليه: معاوية وابن عمر.
وزاد أبو القاسم بن مندة في تذكرته: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، والحسين بن علي، وعبد الله بن حذافة، وسعد بن أبي وقاص، وسودة بنت زمعة.
وزاد عليه الحافظ ابن حجر: ابن عباس، وأبا مسعود البدري، وواثلة بن الاسقع، وزينب بنت جحش.
(4) ابن سعد 5 / 137.
(5) الحلية 2 / 173.
(*)

(4/238)


الثوري: عن يحيى بن سعيد، أن ابن المسيب خلف مئة دينار.
وعن عباد بن يحيى بن سعيد، أن ابن المسيب خلف ألفين أو ثلاثة آلاف.
وعن ابن المسيب، قال: ما تركتها إلا لاصون بها ديني.
وعنه، قال: من استغنى بالله، افتقر الناس إليه (1).
داود بن عبدالرحمن العطار: عن بشر بن عاصم، قال: قلت لسعيد ابن المسيب: يا عم ألا تخرج فتأكل اليوم مع قومك ؟ قال: معاذ الله يا ابن أخي، أدع خمسا وعشرين صلاة خمس صلوات وقد سمعت كعبا (2) يقول:
__________
(1) الحلية 2 / 173.
(2) هو كعب بن ماتع الحميري، يكنى أبا إسحاق، يقال له كعب الاحبار (العلماء)، كان من أحبار اليهود ومن أوسعهم اطلاعا على كتبهم، ولد في اليمن، وكان قد أدرك الجاهلية والاسلام، وتأخر إسلامه إلى سنة اثنتي عشرة في زمن عمر، ثم خرج إلى الشام وأقام بحمص وتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان.
قال المعلمي في " الانوار الكاشفة " ص 99: لكعب ترجمة في تهذيب التهذيب وليس فيها عن أحد من المتقدمين توثيقه، إنما فيها ثناء بعض الصحابة عليه بالعلم، وكان المزي علم عليه
علامة الشيخين مع أنه إنما جرى ذكره في الصحيحين عرضا، لم يسند من طريقه شئ من الحديث فيهما، ولا أعرف له رواية يحتاج إليها أهل العلم.
فأما ما كان يحكيه عن الكتب القديمة فليس بحجة عند أحد من المسلمين، وإن حكاه بعض السلف لمناسبته عنده لما ذكر في القرآن، وليس كل ما نسب إلى كعب في الكتب بثابت عنه، فإن الكذابين من بعده قد نسبوا إليه أشياء كثيرة لم يقلها.
وأخرج البخاري في صحيحه 13 / 281، 282 في كتاب الاعتصام باب لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ: عن حميد بن عبدالرحمن، سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة لما حج في خلافته، وذكر كعب الاحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا نبلو مع ذلك عليه الكذب.
وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، فيه وفي وهب بن منبه: سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الامة من أخبار بني إسرائيل من الاوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ، وقد أغنانا الله بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ، ولله الحمد والمنة.
(*)

(4/239)


وددت أن هذا اللبن عاد قطرانا.
تتبع قريش أذناب الابل في هذه الشعاب، وإن الشيطان مع الشاذ وهو من الاثنين أبعد (1).
العطاف بن خالد: عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب أنه اشتكى عينه، فقالوا: لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة، لوجدت لذلك خفة، قال: فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح (2).
العطاف: عن ابن حرملة، قلت لبرد مولى ابن المسيب: ما صلاة ابن المسيب في بيته ؟ قال: ما أدري، إنه ليصلي صلاة كثيره، إلا أنه يقرأ ب (ص والقرآن ذي الذكر) (3).
وقال عمرو بن عاصم: حدثنا عاصم بن العباس الاسدي، قال: كان
سعيد بن المسيب يذكر ويخوف.
وسمعته يقرأ في الليل على راحلته فيكثر، وسمعته يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يحب أن يسمع الشعر، وكان لا ينشده، ورأيته يمشي حافيا وعليه بت (4)، ورأيته يحفي شاربه شبيها بالحلق، ورأيته يصافح كل من لقيه، وكان يكره كثرة الضحك (5).
سفيان الثوري: عن داود بن أبي هند، عن سعيد، أنه كان يستحب أن يسمي ولده بأسماء الانبياء (5).
حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، أنه كان يصلي التطوع في رحله، وكان يلبس ملاء شرقية (5).
سلام بن مسكين: حدثني عمران بن عبد الله قال: ما أحصي ما رأيت
__________
(1) انظر ابن سعد 5 / 131.
(2) ابن سعد 5 / 132 والحلية 2 / 173.
والعقيق: موضع بناحية المدينة فيه عيون ونخل.
(3) الخبر في الطبقات 5 / 132.
(4) البت: الطيلسان من خز ونحوه.
(5) ابن سعد 5 / 133.
(*)

(4/240)


على سعيد بن المسيب من عدة قمص الهروي (1).
وكان يلبس هذه البرود الغالية البيض.
أبان بن يزيد: حدثنا قتادة، سألت سعيدا عن الصلاة على الطنفسة، فقال: محدث (2).
موسى بن إسماعيل: حدثنا عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب، حدثتني غنيمة جارية سعيد، أنه كان لا يأذن لبنته في لعب العاج، ويرخص لها في الكبر - تعني الطبل (2).
إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا محمد بن هلال، عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما تجارة أعجب إلي من البز، ما لم يقع فيه أيمان (2).
مطرف بن عبد الله: حدثنا مالك، قال: قال برد مولى ابن المسيب لسعيد بن المسيب، ما رأيت أحسن ما يصنع هؤلاء ! قال سعيد: وما يصنعون ؟ قال: يصلي أحدهم الظهر، ثم لا يزال صافا رجليه حتى يصلي العصر.
فقال: ويحك يا برد أما والله [ ما ] هي بالعبادة، إنما العبادة التفكر في أمر الله، والكف عن محارم الله (3).
سلام بن مسكين: حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي، قال: قال سعيد ابن المسيب: ما خفت على نفسي شيئا مخافة النساء، قالوا: يا أبا محمد، إن مثلك لا يريد النساء، ولا تريده النساء، فقال: هو ما أقول لكم.
وكان شيخا كبيرا أعمش (4).
__________
(1) هرى ثوبه: اتخذه هرويا (نسبة إلى هراة) أو صبغه وصفره..قال ابن الاعرابي: ثوب مهرى إذا صبغ بالصبيب وهو ماء ورق السمسم.
والخبر في طبقات ابن سعد 5 / 134.
(2) المصدر السابق.
(3) ابن سعد 5 / 135 وما بين الحاصرتين منه.
(4) ابن سعد 5 / 136.
(*)

(4/241)


الواقدي: أنبأنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال سعيد بن المسيب: قلة العيال أحد اليسرين (1).
حماد بن زيد: حدثنا علي بن زيد، قال: قال لي سعيد بن المسيب: قل لقائدك يقوم، فينظر إلى وجه هذا الرجل [ وإلى جسده ] فقام، وجاء فقال: رأيت وجه زنجي وجسده أبيض.
فقال سعيد: إن هذا سب هؤلاء: طلحة
والزبير وعليا رضي الله عنهم، فنهيته [ فأبي ]، فدعوت الله عليه، قلت: إن كنت كاذبا فسود الله وجهك، فخرجت بوجهه قرحة، فاسود وجهه (2).
مالك: عن يحيى بن سعيد، قال: سئل سعيد بن المسيب عن آية، فقال سعيد: لا أقول في القرآن شيئا (3).
قلت: ولهذا قل ما نقل عنه في التفسير.
ذكر لباسه: قال ابن سعد في الطبقات (4): أخبرنا قبيصة، عن عبيد بن نسطاس، قال: رأيت سعيد بن المسيب يعتم بعمامة سوداء، ثم يرسلها خلفه، ورأيت عليه إزارا وطيلسانا وخفين.
أخبرنا معن، حدثنا محمد بن هلال، أنه رأى سعيد بن المسيب يعتم وعليه قلنسوة لطيفة بعمامة بيضاء، لها علم أحمر يرخيها وراءه شبرا (4).
أخبرنا القعنبي، حدثنا عثيم: رأيت ابن المسيب يلبس في الفطر
__________
(1) المصدر السابق ولفظه (اليسارين).
(2) ابن سعد 5 / 136 وما بين الحاصرتين منه.
(3) ابن سعد 5 / 137.
(4) 5 / 138.
(*)

(4/242)


والاضحى عمامة سوداء، ويلبس عليها برنسا أحمر أرجوانا (1).
أخبرنا عارم، حدثنا حماد، عن شعيب بن الحبحاب: رأيت على سعيد ابن المسيب برنس أرجوان (2).
أخبرنا أبو نعيم، حدثنا خالد بن إلياس: رأيت على سعيد قميصا إلى نصف ساقه، وكماه إلى أطراف أصابعه، ورداء فوق القميص، خمسة أذرع
وشبر (2).
أخبرنا روح، أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن إسماعيل بن عمران، قال: كان سعيد بن المسيب يلبس طيلسانا أزراره ديباج (2).
أخبرنا معن، حدثنا محمد بن هلال، قال: لم أر سعيدا لبس غير البياض (2).
وعن ابن المسيب أنه كان يلبس سراويل (2).
أخبرنا محمد بن عمر، حدثنا أبو معشر، قال: رأيت على سعيد بن المسيب الخز (3).
أخبرنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو (4)، قال: كان ابن المسيب لا يخضب.
أخبرنا خالد بن مخلد، حدثنا محمد بن هلال: رأيت سعيد بن المسيب يصفر لحيته (5).
أخبرنا إسماعيل بن [ عبد الله بن ] أبي أويس، حدثنا أبو الغصن أنه
__________
(1) ابن سعد 5 / 138، 139.
(2) ابن سعد 5 / 139.
(3) ابن سعد 5 / 140.
(4) في الاصل (عمر) وما أثبتناه من ابن سعد 5 / 140 وتهذيب التهذيب.
(5) ابن سعد 5 / 140.
(*)

(4/243)


رأى سعيد بن المسيب أبيض الرأس واللحية (1).
وعن يحيى بن سعيد، أن ابن المسيب كان إذا مر بالمكتب، قال للصبيان: هؤلاء الناس بعدنا (2).
ذكر مرضه ووفاته: قال ابن سعد (3): حدثنا خالد بن مخلد، حدثني سليمان بن بلال، حدثني عبدالرحمن بن حرملة، قال: دخلت على سعيد بن المسيب وهو شديد المرض، وهو يصلي الظهر، وهو مستلق يومئ إيماء، فسمعته يقرأ بالشمس وضحاها.
الثوري: عن ابن حرملة، قال: كنت مع ابن المسيب في جنازة، فقال رجل: استغفروا لها.
فقال: ما يقول راجزهم ! قد حرجت على أهلي أن يرجز معي راجز، وأن يقولوا: مات سعيد بن المسيب، حسبي من يقلبني (4) إلى ربي، وأن يمشوا معي بمجمر، فإن أكن طيبا، فما عند الله أطيب من طيبهم.
معاوية بن صالح: عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: أوصيت أهلي بثلاث: أن لا يتبعني راجز ولا نار، وأن يعجلوا بي، فإن يكن لي عند الله خير، فهو خير مما عندكم (5).
أخبرنا إسماعيل بن [ عبد الله بن ] أبي أويس، حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، قال: اشتد وجع سعيد بن المسيب، فدخل عليه نافع بن جبير يعوده، فأغمي عليه فقال نافع: وجهوه.
ففعلوا، فأفاق
__________
(1) المصدر السابق وما بين الحاصرتين منه.
(2) ابن سعد 5 / 141.
(3) في الطبقات 5 / 141.
(4) في الطبقات 5 / 141: (يقبلني) وفي رواية له: (يبلغني).
(5) ابن سعد 5 / 142.
(*)

(4/244)


فقال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى القبلة، أنافع ؟ قال: نعم.
قال له
سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة والله لا ينفعني توجيهكم فراشي (1).
ابن أبي ذئب: عن أخيه المغيرة، أنه دخل مع أبيه على سعيد وقد أغمي عليه، فوجه إلى القبلة، فلما أفاق، قال: من صنع بي هذا، ألست امرءا مسلما ؟ وجهي إلى الله حيث ما كنت (2).
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني محمد بن قيس الزيات، عن زرعة بن عبدالرحمن، قال سعيد بن المسيب: يا زرعة، إني أشهدك على ابني محمد لا يؤذنن بي أحدا، حسبي أربعة يحملوني إلى ربي (3).
وعن يحيى بن سعيد، قال: لما احتضر سعيد بن المسيب، ترك دنانير، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لاصون بها حسبي وديني (4).
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة، شهدت سعيد بن المسيب يوم مات سنة أربع وتسعين، فرأيت قبره قد رش عليه الماء، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها (5).
وقال الهيثم بن عدي: مات في سنة أربع وتسعين عدة فقهاء، منهم سعيد بن المسيب.
وفيها أرخ وفاة ابن المسيب سعيد بن عفير، وابن نمير، والواقدي.
وما ذكر ابن سعد سواه.
__________
(1) ابن سعد 5 / 142 وما بين الحاصرتين منه.
(2) ابن سعد 5 / 142، 143.
(3) ابن سعد 5 / 143 وزاد: " ولا تتبعني صائحة تقول في ما ليس في ".
(4) المصدر السابق.
(5) ابن سعد 5 / 143.
(*)

(4/245)


وقال أبو نعيم، وعلي بن المديني: توفي سنة ثلاث وتسعين.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا حماد بن خالد الخياط أن سعيد بن المسيب توفي سنة خمس وتسعين.
والاول أصح.
وأما ما قال المدائني وغيره من أنه توفي سنة خمس ومئة فغلط.
وتبعه عليه بعضهم، وهي رواية عن ابن معين.
ومال إليه أبو عبد الله الحاكم، والله أعلم.
آخر الترجمة والحمد لله.

89 - عبدالملك بن مروان * ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الخليفة الفقيه، أبو الوليد الاموي.
ولد سنة ست وعشرين.
سمع عثمان، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وأم سلمة، ومعاوية، وابن عمر، وبريرة، وغيرهم.
ذكرته لغزارة علمه.
حدث عنه عروة، وخالد بن معدان، ورجاء بن حيوة، وإسماعيل بن عبيدالله، والزهري، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، وآخرون.
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 223، طبقات خليفة ت 2061، المحبر 377، تاريخ البخاري 5 / 429، المعارف 355، المعرفة والتاريخ 1 / 563، تاريخ اليعقوبي 3 / 14، مروج الذهب 3 / 292، تاريخ بغداد 10 / 388، طبقات الفقهاء للشيرازي 62، تاريخ ابن عساكر 10 / 252 آ، تاريخ ابن الاثير 4 / 517 وما بعدها، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 309، تهذيب الكمال ص 866، تاريخ الاسلام 3 / 276، العبر 1 / 102، تذهيب التهذيب 2 / 253 ب، ميزان الاعتدال 2 / 664، فوات الوفيات 2 / 402، البداية والنهاية 8 / 260، و 9 / 61، العقد الثمين 5 / 512، تهذيب التهذيب 6 / 422، النجوم الزاهرة 1 / 212، خلاصة تذهيب التهذيب 246، شذرات الذهب 1 / 97.
(*)

(4/246)


تملك بعد أبيه الشام ومصر، ثم حارب ابن الزبير الخليفة، وقتل أخاه مصعبا في وقعة مسكن (1)، واستولى على العراق، وجهز الحجاج لحرب ابن الزبير، فقتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين، واستوسقت الممالك لعبد الملك.
قال ابن سعد: (2) كان قبل الخلافة عابدا ناسكا بالمدينة.
شهد مقتل عثمان وهو ابن عشر، واستعمله معاوية على المدينة.
كذا قال، وإنما استعمل أباه.
وكان أبيض طويلا، مقرون الحاجبين، أعين، مشرف الانف، رقيق الوجه، ليس بالبادن، أبيض الرأس واللحية (3).
عبد الله بن العلاء بن زبر، عن يونس بن ميسرة، عن عبدالملك، أنه قال على المنبر: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم لا يغزو، أو يجهز غازيا، أو يخلفه بخير إلا أصابه الله بقارعة قبل الموت " (4).
قال عبادة بن نسي: قال ابن عمر: إن لمروان ابنا فقيها فسلوه (5).
وقيل: إن أبا هريرة نظر إلى عبدالملك وهو غلام فقال: هذا يملك العرب.
__________
(1) انظر صفحة 144 من هذا الجزء.
(2) في الطبقات 5 / 224، و 234.
(3) تاريخ بغداد 10 / 391.
(4) رجاله ثقات خلا عبدالملك، وأخرجه أبو داود (2503) وابن ماجه (2762) والدارمي 2 / 209، من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبدالرحمن، عن أبي أمامة..وسنده قوي.
(5) المعرفة والتاريخ 1 / 563، تاريخ بغداد 10 / 389.
(*)

(4/247)


جرير بن حازم، عن نافع، قال: لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبدالملك (1).
وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة: سعيد بن المسيب، وعبد الملك، وعروة، وقبيصة بن ذؤيب (2).
وعن ابن عمر: ولد الناس أبناء، وولد مروان أبا.
وعن يحيى بن سعيد الانصاري: أول من صلى بين الظهر والعصر عبدالملك بن مروان وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر.
إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: ما جالست أحدا إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبدالملك، وقيل: إنه تأوه من تنفيذ يزيد جيشه إلى حرب ابن الزبير، فلما ولي الامر، جهز إليه الحجاج الفاسق.
قال ابن عائشة: أفضى الامر إلى عبدالملك والمصحف بين يديه، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك (3).
قلت: اللهم لا تمكر بنا.
قال الاصمعي: قيل لعبد الملك: عجل بك الشيب.
قال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة.
قال مالك: أول من ضرب الدنانير عبدالملك، وكتب عليها القرآن (4).
__________
(1) ابن عساكر 10 / 254 آ، وانظر ابن سعد 5 / 234.
(2) المعرفة والتاريخ 1 / 563.
(3) تاريخ بغداد 10 / 390.
(4) وقال المؤلف في تاريخه 3 / 279: " وقال مصعب بن عبد الله: كتب عبدالملك على الدينار (قل هو الله أحد) وطوقه بطوق فضة وكتب فيه ضرب بمدينة كذا " وكتب في خارج الطوق (محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق).
(*)

(4/248)


وقال يوسف بن الماجشون: كان عبدالملك إذا جلس للحكم قيم على رأسه بالسيوف.
وعن يحيى بن يحيى (1) الغساني، قال: كان عبدالملك كثيرا ما يجلس إلى أم الدردءا في مؤخر مسجد دمشق، فقالت: بلغني أنك شربت الطلاء (2) بعد النسك والعبادة ! فقال: إني والله، والدماء.
وقيل: كان أبخر (3).
قال الشعبي: خطب عبدالملك، فقال: اللهم إن ذنوبي عظام، وهي صغار في جنب عفوك يا كريم، فاغفرها لي (4).
قلت: كان من رجال الدهر ودهاة الرجال، وكان الحجاج من ذنوبه.
توفي في شوال سنة ست وثمانين عن نيف وستين سنة.

90 - عبد العزيز بن مروان * (د) ابن الحكم، أمير مصر، أبو الأصبغ المدني، ولي العهد بعد عبد الملك، عقد له بذلك أبوه، واستقل بملك مصر عشرين سنة وزيادة.
__________
(1) في الاصل: (يحيى بن بحر) وهو تصحيف وما أثبتناه من الميزان للمؤلف، والخبر في ابن عساكر 10 / 262 آ.
(2) الطلاء: ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، وبعض العرب تسمي الخمر به.
(3) له نتن في فمه.
(4) ابن عساكر 10 / 263 آ.
* طبقات ابن سعد 5 / 236، طبقات خليفة ت 2062، تاريخ البخاري 6 / 8، المعارف 355 و 362، ولاة مصر وقضاتها 48، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 393، تاريخ ابن عساكر 10 / 194 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 206، تهذيب الكمال ص 847، تاريخ الاسلام 3 / 274، العبر 1 / 99، تذهيب التهذيب 2 / 243 ب، البداية والنهاية 9 / 57، خطط المقريزي 1 / 209، تهذيب التهذيب 6 / 356، النجوم الزاهرة 1 / 171 وما بعدها، حسن المحاضرة 1 / 260 و 586، خلاصة تذهيب التهذيب 241، شذرات الذهب 1 / 95، خزانة الادب 3 / 583.
(*)

(4/249)


يروي عن أبيه، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وابن الزبير، وله بدمشق دار إلى جانب الجامع، هي السميساطية (1).
روى عنه ابنه عمر بن عبد العزيز، والزهري، وكثير بن مرة، وعلي بن رباح، وابن أبي مليكة، وبحير بن ذاخر (2).
وثقه ابن سعد، والنسائي.
وله في سنن أبي داود حديث.
قال سويد بن قيس: بعثني عبد العزيز بن مروان بألف دينار إلى ابن عمر، فجئته بها ففرقها (3).
قال ابن أبي مليكة: شهدت عبد العزيز عند الموت يقول: يا ليتني لم أكن شيئا، ياليتني كهذا الماء الجاري.
وقيل: قال: هاتوا كفني، أف لك ما أقصر طويلك وأقل كثيرك (4).
وعن حماد بن موسى، قال: لما احتضر عبد العزيز، أتاه البشير يبشره بماله الواصل في العام، فقال: مالك ؟ قال: هذه ثلاث مئة مدي من ذهب.
قال مالي وله، لوددت أنه كان بعراحائلا بنجد (5).
قلت: هذا قول كل ملك كثير الاموال، فهلا يبادر ببذله.
__________
(1) هي خانقاه السميساطية نسبة للسميساطي أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي الحبشي، من أكابر الرؤساء بدمشق المتوفى 423 ه الذي اشتراها حين قدم دمشق.
وسميساط قلعة على الفرات بين قلعة الروم وملطبة.
انظر الدارس 2 / 151.
(2) هو بحير المعافري، ذكر البخاري أنه كان من حرس عبد العزيز بن مروان.
3) ابن عساكر 10 / 197 آ.
4) ابن عساكر 10 / 198 آ.
5) الخبر في ابن عساكر 10 / 198 آولفظه: "..أتى بشير يبشره بماله الذي كان بمصر حين كان عاملا عليها، فقال: مالك، هذه ثلاث مئة مدي من ذهب، قال: مالي وله والله لوددت أنه كان بعرا حائلا ببحر ".
(*)

(4/250)


قال ابن سعد، وسعيد بن عفير، والزيادي، وغيرهم: مات سنة خمس وثمانين.
وقال ابن يونس: قال الليث: مات في جمادى الآخرة سنة ست وثمانين.
قلت: الاول أصح، وقد كان مات قبله ابنه أصبغ بستة عشر يوما فحزن عليه ومرض ومات بحلوان، مدينة صغيرة أنشأها على بريد فق مصر.
وعاش أخوه عبدالملك بعده، فلما جاءه نعيه عقد بولاية العهد لابنيه: الوليد ثم سليمان.

91 -روح بن زنباع * ابن روح بن سلامة، الامير الشريف، أبو زرعة الجذامي الفلسطيني، سيد قومه.
وكان شبه الوزير للخليفة عبدالملك.
روى عن أبيه - وله صحبة - وعن تميم الداري، وعبادة بن الصامت.
وعنه: ابنه روح بن روح، وشرحبيل بن مسلم، وعبادة بن نسي،
وآخرون.
وله دار بدمشق في البزوريين (1)، ولي جند فلسطين ليزيد.
وكان يوم مرج راهط (2) مع مروان.
وقد وهم مسلم، وقال: له صحبة.
وإنما الصحبة لابيه.
__________
* تاريخ البخاري 3 / 307، البيان والتبيين 1 / 358، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 494، الاستيعاب ت 786، تاريخ ابن عساكر 6 / 149 ب، أسد الغابة 2 / 189، تاريخ الاسلام 3 / 248، العبر 1 / 98، البداية والنهاية 9 / 52 و 54، الاصابة ت 2713، تعجيل المنفعة 131، النجوم الزاهرة / 205، شذرات الذهب 1 / 95، تهذيب ابن عساكر 5 / 340.
1) البزوريين: من أسواق دمشق القديمة، يعرف بسوق القمح أيضا، واليوم ب (سوق البزورية) موقعه في الجهة الجنوبية من (الخضراء) انظر تاريخ ابن عساكر المجلدة الثانية ص 142 والمخطط رقم (1).
2) راهط: اسم رجل من قضاعة، ومرج راهط: موضع به كانت الوقعة المشهورة بين = (*)

(4/251)


روى ضمرة، عن شيخ له، قال: كان روح بن زنباع إذا خرج من الحمام، أعتق رقبة.
قال ابن زبر: توفي سنة أربع وثمانين.
قلت: هو صدوق، وما وقع له شئ في الكتب الستة، وحديثه قليل.

92 - ابن أم برثن * (م، د) الامير عبدالرحمن بن آدم البصري، صاحب السقاية، هو عبدالرحمن ابن أم برثن.
لعله ابن ملاعنة.
وآدم هنا.
هو أبونا عليه السلام: وقيل: عبد الرحمن بن برثم، وابن برثن.
وقيل: عبدالرحمن مولى أم برثن.
من جلة التابعين.
روى عن أبي هريرة، وجابر، وعبد الله بن عمرو.
وعنه: أبو العالية الرياحي - وهو من طبقته - وقتادة، وسليمان التيمي، وعوف الاعرابي.
قال المدائني: استعمل عبيدالله بن زياد ابن أم برثن، ثم غضب عليه وغرمه مثة ألف، فخرج إلى يزيد، قال: فنزلت على مرحلة من دمشق،
__________
= مروان بن الحكم وأنصار عبد الله بن الزبير.
وكان مروان قد هم بالمسير إلى المدينة لمبايعة ابن الزبير، فقال له عبيدالله بن زياد: استحييت لك من هذا الفعل إذ أصبحت شيخ قريش المشار إليه وتبايع عبد الله بن الزبير وأنت أولى بهذا الامر منه ! فقال له: لم يفت شئ فبايعه، وبايعه أهل الشام وخالف عليه الضحاك بن قيس الفهري، وصار أهل الشام حزبين: حزب اجتمع إلى الضحاك بمرج راهط بغوطة دمشق، وحزب مع مروان، وكانت الوقعة بينهما، قتل فيها الضحاك واستقام الامر لمروان، انظر معجم البلدان وتاريخ الطبري 5 / 535.
* طبقات خليفة ت 1652، تاريخ البخاري 5 / 254، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 209، تاريخ ابن عساكر 9 / 424 آ، تهذيب الكمال ص 774، تاريخ الاسلام 3 / 270، تذهيب التهذيب 2 / 203 آ، تهذيب التهذيب 6 / 134، خلاصة تذهيب التهذيب 223.
وفيه (برثم).
(*)

(4/252)


وضرب لي خباء وحجرة، فإذا كلب دخل في عنقه طوق من ذهب، فأخذته، وطلع فارس فهبته، وأنزلته، فلم ألبث أن توافت الخيل، فإذا هو يزيد بن معاوية.
فقال لي بعدما صلى: من أنت ؟ فأخبرته، فقال: إن شئت، كتبت لك هنا.
وإن شئت دخلت، [ قلت: بل تكتب لي من مكاني، قال: ] وأمر بأن ترد علي المئة ألف، فرجعت، قال: وأعتق هناك ثلاثين مملوكا، وكان يتأله.
وقال المدائني (1):
رمى عبدا له بسفود فأخطأه، وأصاب ولده فنتر دماغه، فخاف الغلام، فقال: اذهب فأنت حر، فلو قتلتك، لكنت هلكت، لاني كنت متعمدا وأصبت ابني خطأ.
ثم عمي عبدالرحمن بعد، ومرض.
وقيل: كانت أمه تعمل الطيب وتخالط نساء ابن زياد، فالتقطت هذا وربته.
مات في خلافة عبدالملك بن مروان، وهو ثقة.

93 - أبو رجاء العطاردي * (ع) الامام الكبير، شيخ الاسلام، عمران بن ملحان التميمي البصري، من كبار المخضرمين، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد فتح مكة، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
أورده أبو عمر بن عبد البر في كتاب " الاستيعاب " (2).
وقيل: إنه رأى أبا بكر الصديق.
__________
(1) في الاصل: (فقال) لعله تصحيف لان ابن عساكر أورد الخبر متصلا فلم يكرر ذكر المدائني.
ابن عساكر 9 / 424 ب وما بين الحاصرتين منه.
* طبقات ابن سعد 7 / 138، طبقات خليفة ت 1564، تاريخ البخاري 6 / 410، المعارف 427، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 303، الحلية 2 / 304، الاستيعاب ت 1971، أسد الغابة 4 / 136 و 5 / 191، تاريخ الاسلام 4 / 217، تذكرة الحفاظ 1 / 62، العبر 1 / 129، تذهيب التهذيب 3 / 115 ب، الاصابة كنى ت 433، تهذيب التهذيب 8 / 140، النجوم الزاهرة 1 / 243، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 25، خلاصة تذهيب التهذيب 296، شذرات الذهب 1 / 130.
(2) 3 / 1209 ت 1971.
(*)

(4/253)


حدث عن عمر، وعلي، وعمران بن حصين، وعبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب، وأبي موسى الاشعري - وتلقن عليه القرآن، ثم عرضه على
ابن عباس، وهو أسن من ابن عباس.
وكان خيرا تلاءلكتاب الله.
قرأ عليه أبو الأشهب العطاردي وغيره.
وحدث عنه: أيوب، وابن عون، وعوف الاعرابي، وسعيد بن أبي عروبة، وسلم بن زرير، وصخر بن جويرية، ومهدي بن ميمون، وخلق كثير.
قال جرير بن حازم: سمعته يقول: هربنا من النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت له: ما طعم الدم ؟ قال: ؟ حلو (1).
قال الاصمعي: حدثنا أبو عمرو بن العلاء، قلت لابي رجاء: ما تذكر ؟ قال: أذكر قتل بسطام، ثم أنشد: وخر على الالاءة لم يوسد * كأن جبينه سيف صقيل (2) ثم قال الاصمعي: قتل بسطام قبل الاسلام بقليل.
بو سلمة المنقري: حدثنا أبو الحارث الكرماني - [ وكان ] ثقة - قال: سمعت أبا رجاء يقول: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا شاب أمرد، ولم أرناسا كانوا أضل من العرب، كانوا (3) يجيئون بالشاة البيضاء فيعبدونها، فيختلسها الذئب، فيأخذون أخرى مكانها يعبدونها، وإذا رأوا صخرة حسنة، جاؤوا
__________
(1) انظر تفصيل الخبر على صفحة 256.
(2) ابن سعد 7 / 138، والبيت من مرثية لابن عنمة الضبي في مقتل بسطام بن قيس أوردها أبو تمام في حماسته رقم (355) صفحة 1021 بشرح المرزوقي، وهوفي المعارف لابن قتيبة 428 والجمهرة 1 / 189 واللسان والتاج مادة (ألا) وقد تصحف في الاصل لفظ الالاءة إلى (ألاآة).
(3) في الاصل (كان) والخبر في الاستيعاب 3 / 1210، 1211، وما بين الحاصرتين منه.
(*)

(4/254)


بها، وصلوا إليها، فإذا رأوا أحسن منها رموها.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى الابل على أهلي، فلما سمعنا بخروجه، لحقنا بمسيلمة (1).
وقيل: إن اسم أبي رجاء العطاري عمران بن تيم، وبنو عطارد: بطن من تميم، وكان أبو رجاء - فيما قيل - يخضب رأسه دون لحيته.
قال ابن الاعرابي: كان أبو رجاء عابدا، كثير الصلاة وتلاوة القرآن كان يقول: ما آسى على شئ من الدنيا إلا أن أعفر في التراب وجهي كل يوم خمس مرات (2).
قال ابن عبد البر: (3) رجلا فيه غفلة، وله عبادة، عمر عمرا طويلا أزيد من مئة وعشرين سنة.
ذكر الهيثم بن عدي، عن أبي بكر بن عياش، قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء الحسن البصري والفرزدق، فقال الفرزدق: يا أبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم.
فقال الحسن: لست بخير الناس ولست بشرهم لكن ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس ؟ قال: شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده ورسوله، ثم انصرف وقال: ألم تر أن الناس مات كبيرهم * وقد كان قبل البعث بعث محمد ولم يغن عنه عيش سبعين حجة * وستين لما بات غير موسد إلى حفرة غبراء يكره وردها * سوى أنها مثوى وضيع وسيد
__________
(1) في الاصل: سمعنا بمسيلمة، والتصحيح من تاريخ المؤلف والاستيعاب، وقال الحافظ في الاصابة: " وفي صحيح البخاري من طريق: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فررنا إلى بالنار إلى مسيلمة ".
(2) انظر الحلية 2 / 306.
(3) في الاستيعاب 3 / 1211.
(*)

(4/255)


ولو كان طول العمر يخلد واحدا * ويدفع عنه عيب عمر عمرد لكان الذي راحوا به يحملونه * مقيما ولكن ليس حي بمخلد نروح ونغدو والحتوف أمامنا * يضعن بنا حتف الردى كل مرصد (1) أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا المفضل بن غسان، حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، سمعت أبا رجاء يقول: بلغنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونحن على ماء لنا يقال له سند (2)، فانطلقنا نحو الشجرة هاربين بعيالنا، فبينا أنا أسوق القوم، إذ وجدت كراع ظبي، فأخذته فأتيت المرأة، فقلت: هل عندك شعير ؟ فقالت: قد كان في وعاء لنا عام أول شئ من شعير، فما أدري بقي منه شئ أم لا.
فأخذته فنفضته فاستخرجت منه ملء كف من شعير، ورضخته بين حجرين، وألقيته والكراع في برمة لنا، ثم قمت إلى بعير، ففصدته إناء من دم، وأوقدت تحته، ثم أخذ [ ت ] عودا فلبكته به لبكا شديدا حتى أنضجته، ثم أكلنا.
فقال له رجل: وكيف طعم الدم ؟ قال: حلو (3).
محرز بن عون: حدثنا يوسف بن عطية، عن أبيه: دخلت على أبي رجاء فقال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وكان لنا صنم مدور، فحملناه على قتب، وتحولنا ففقدنا الحجر، انسل فوقع في رمل، فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غاب فيه، فاستخرجته، فكان ذلك أول إسلامي، فقلت: إن إلها لم يمتنع من تراب يغيب فيه لاله سوء وإن العنز لتمنع حياها بذنبها.
فكان
__________
(1) الابيات والخبر في الاستيعاب 3 / 1211، وانظر ابن سعد 7 / 140 وطبقات ابن سلام 335 والكامل للمبرد 1 / 119 وصفحة 584 من هذا الجزء.
(2) بلد معروف في البادية وقيل ماء معروف لبني سعد.
معجم البلدان.
(3) الحلية 2 / 305 وما بين الحاصرتين منه.
(*)

(4/256)


ذلك أول إسلامي.
فرجعت إلى المدينة وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم (1).
قال عمارة المعولي: سمعت أبا رجاء يقول: كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ونحلب عليه، فنعبده، وكنا نعمد إلى الحجر الابيض، فنعبده (2).
قال أبو الأشهب: كان أبو رجاء العطاردي يختم بنا في قيام لكل عشرة أيام.
قال ابن عبد البر (3) وغيره: مات أبو رجاء سنة خمس ومئة، وله أزيد من مئة وعشرين سنة.
وقال غير واحد من المؤرخين: مات سنة سبع ومئة.
وقيل: سنة ثمان.

94 - الاسود بن هلال * (خ، م، د، س) أبو سلام المحاربي الكوفي، من كبراء التابعين، أدرك أيام الجاهلية.
وقد حدث عن عمر، ومعاذ، وابن مسعود، وأبي هريرة، وما هو بالمكثر.
حدث عنه: أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو حصين عثمان بن عاصم، وجماعة.
وثقه يحيى بن معين.
توفي سنة أربع وثمانين.
__________
(1) الحلية 2 / 305، 306.
(2) الحلية 2 / 306.
(3) في الاستيعاب 3 / 1211.
* طبقات ابن سعد 6 / 119، طبقات خليفة ت 1004، تاريخ البخاري 1 / 449، الجرح
والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 292، تهذيب الكمال ص 103، تاريخ الاسلام 3 / 242، تذهيب التهذيب 1 / 68 آ، الاصابة ت 459، تهذيب التهذيب 1 / 342، خلاصة تذهيب التهذيب 37.
(*)

(4/257)


95 - الربيع بن خثيم * (خ، م) ابن عائذ، الامام القدوة العابد، أبو يزيد الثوري الكوفي، أحد الاعلام.
أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل عنه.
وروى عن عبد الله بن مسعود، وأبي أيوب الانصاري، وعمرو بن ميمون وهو قليل الرواية إلا أنه كبير الشأن.
حدث عنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، وهلال بن يساف، ومنذر الثوري، وهبيرة بن خزيمة، وآخرون.
وكان يعد من عقلاء الرجال.
روي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على ابن مسعود لم يكن له إذن لاحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه.
فقال له ابن مسعود: يا أبا يزيد، لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين (1).
فهذه منقبة عظيمة للربيع، أخبرني بها إسحاق الاسدي، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا الطبراني، حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا أزهر بن مروان، حدثنا عبد الواحد ابن زياد، حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم، حدثنا أبو عبيدة.
أبو الأحوص: عن سعيد بن مسروق، عن منذر الثوري، قال: كان
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 182، طبقات خليفة ت 992، تاريخ البخاري 3 / 269، المعارف
497، المعرفة والتاريخ 2 / 563، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 459، الحلية 2 / 105، تهذيب الكمال ص 404، تذكرة الحفاظ 1 / 54، تاريخ الاسلام 3 / 15 و 247 و 365: تذهيب التهذيب 1 / 217 آ، البداية والنهاية 8 / 217، غاية النهاية ت 1263، تهذيب التهذيب 3 / 242، خلاصة تذهيب التهذيب 115.
(1) الحلية 2 / 106، وانظر ابن سعد 6 / 182، 183، والمخبتون: هم المطمئنون وقيل: هم المتواضعون الخاشعون لربهم.
(*)

(4/258)


الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال: اتق الله فيما علمت، وما استوثر به عليك، فكله إلى عالمه، لانا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيركم اليوم بخير، ولكنه خير من آخر شر منه، وما تتبعون الخير حق اتباعه، وما تفرون من الشر حق فراره، ولاكل ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم، ولا كل ما تقرؤون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن لله بواد (1)، التمسوا دواءهن، وما دواؤهن إلا أن يتوب ثم لا يعود (2).
روى منصور عن إبراهيم، قال: قال فلان: ما أرى الربيع بن خثيم تكلم بكلام منذ عشرين سنة إلا بكلمة تصعد.
وعن بعضهم، قال: صحبت الربيع عشرين عاما ما سمعت منه كلمة تعاب (3).
وروى الثوري عن رجل، عن أبيه، قال: جالست الربيع بن خثيم سنين، فما سألني عن شئ مما فيه الناس إلا أنه قال لي مرة: أمك حية (4) ؟.
وروى الثوري، عن أبيه قال: كان الربيع بن خثيم إذا قيل له: كيف أصبحتم ؟ قال: ضعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا (5).
وعنه قال: كل ما لايراد به وجه الله يضمحل (6).
وروى الاعمش عن منذر الثوري، أن الربيع أخذ يطعم مصابا
__________
(1) في الاصل (لواد) وهو تصحيف.
(2) الحلية 2 / 108، وانظر ابن سعد 6 / 185.
(3) ابن سعد 6 / 185.
(4) الحلية 2 / 110 وزاد: " وقال مرة: كم لكم مسجدا ؟ ".
(5) ابن سعد 6 / 185.
(6) ابن سعد 6 / 186.
(*)

(4/259)


خبيصا، فقيل له: ما يدريه ما أكل، قال: لكن الله يدري (1) الثوري: عن سرية للربيع، أنه كان يدخل عليه الداخل (2) وفي حجره المصحف فيغطيه.
وعن ابنة للربيع، قالت (3): كنت أقول: يا أبتاه، ألا تنام ؟ ! فيقول: كيف ينام من يخاف البيات.
الثوري: عن أبي حيان، عن أبيه، قال: كان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج، فقيل له: قد رخص لك.
قال: إني أسمع " حي على الصلاة " فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبوا.
وقيل: إنه قال: ما يسرني أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله (4).
قال سفيان الثوري: وقيل له: لو تداويت، قال: ذكرت عادا وثمودا وأصحاب الرس، وقرونا بين ذلك كثيرا، كانت فيهم أوجاع، وكانت لهم أطباء، فما بقي المداوي ولا المداوى إلا وقد فني (5).
قال الشعبي: ما جلس ربيع في مجلس منذ اتزر بإزار، يقول: أخاف أن أرى أمرا، أخاف أن لا أرد السلام، أخاف أن لا أغمض بصري (6).
__________
(1) انظره مفصلا في ابن سعد 6 / 188، 189.
(2) في الاصل: الراجل وما أثبتناه من " المعرفة والتاريخ " والخبر فيه 2 / 570 وانظر الحلية 2 / 107.
(3) في الاصل: (قال) وهو تصحيف، والخبر في " المعرفة والتاريخ " 2 / 570، وانظر الحلية 2 / 114، 115.
(4) ابن سعد 6 / 189، 190 والمعرفة والتاريخ 2 / 571 وانظر الحلية 2 / 113، 115.
والديلم هنا: الاعداء وفي معجم البلدان: الديلم: ماء لبني عبس من أرض اليمامة.
(5) المعرفة والتاريخ 2 / 571، وانظر ابن سعد 6 / 192، والحلية 2 / 106.
(6) المعرفة والتاريخ 2 / 572 ولفظه: (حاملا) بدل (أمرا) وقد أورد الفسوي الخبر مفصلا في الصفحة 569، وانظر الحلية 2 / 116.
(*)

(4/260)


قال نسير بن ذعلوق: ما تطوع الربيع بن خثيم في مسجد الحي إلا مرة (1).
قال الشعبي: حدثنا الربيع وكان من معادن الصدق (2).
وعن منذر، أن الربيع كان إذا أخذ عطاءه، فرقه وترك قدر ما يكفيه (2).
وعن ياسين الزيات قال: جاء ابن الكواء إلى الربيع بن خثيم، فقال: دلني على من هو خير منك.
قال: نعم، من كان منطقه ذكرا، وصمته تفكرا ومسيره تدبرا فهو خير مني (3).
وعن الشعبي، قال: كان الربيع أورع أصحاب عبد الله (4).
أخبرنا أحمد بن أبي الخير في كتابه، عن أحمد بن محمد التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا زائدة، عن منصور، عن هلال بن
يساف، عن الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن امرأة من الانصار، عن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيعجز أحدكم أن يقرأ ليلة بثلث القرآن ؟ فأشفقنا أن يأمرنا بأمر نعجز عنه، قال: فسكتنا.
قالها ثلاث مرات: أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن ؟ فإنه من قرأ: الله الواحد الصمد، فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن " (5).
__________
(1) ابن سعد 6 / 187، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 572 ولفظه: " عن نسير بن ذعلوق عن الربيع بن خثيم قال: ما أرى متطوعا في مسجد الحي قط غير مرة ".
(2) المعرفة والتاريخ 2 / 573.
3) الحلية 2 / 106.
(4) الحلية 2 / 107.
(5) الحلية 2 / 117، وأخرجه أحمد 5 / 418، 419 من طريق عبدالرحمن بن مهدي عن = (*)

(4/261)


ورواه الشعبي عن الربيع بن خثيم، قد تجمع في إسناده خمسة تابعيون.
أخرجه الترمذي والنسائي من طريق زائدة، وحسنه الترمذي، وقد رواه غندر عن شعبة، عن منصور، عن هلال، عن ربيع، فقال: عن عمرو، عن امرأة من الانصار فحذف منه ابن أبي ليلى.
ورواه جرير عن منصور، فحذف منه ابن أبي ليلى والمرأة.
قال سفيان الثوري: عن العلاء بن المسيب، عن أبي يعلى الثوري، قال: كان في بني ثور ثلاثون رجلا، مامنهم رجل دون الربيع بن خثيم (1).
قال ابن عيينة: سمعت مالكا يقول: قال الشعبي: ما رأيت قوما قط أكثر علما، ولا أعظم حلما، ولا أكف عن الدنيا من أصحاب عبد الله.
ولولا ما سبقهم به الصحابة، ما قدمنا عليهم أحدا.
حمادبن زيد: عمن ذكره، عن ابن سيرين قال: ما رأيت قوما سود الرؤوس أفقه من أهل الكوفة من قوم فيهم جرة (2).
قيل: توفي الربيع بن خثيم قبل سنة خمس وستين.

96 - عبدالرحمن بن أبي ليلى * (ع) الامام العلامة الحافظ، أبو عيسى الانصاري الكوفي، الفقيه، ويقال:
__________
= زائدة بن قدامة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الانصار عن أبي أيوب.
ورواه الترمذي (2896) والنسائي 2 / 171، 172، عن محمد بن بشار، ورواه الترمذي وقتيبة كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي به، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، عند أحمد 3 / 8، والبخاري 9 / 53، وأبي داود (1461) والنسائي 2 / 171، وعن أبي هريرة عند مسلم (813) والترمذي (2900) وعن أبي الدرداء عند مسلم (811).
(1) ابن سعد 6 / 190.
(2) الجرة: لغة في (الجرأة) وهي الشجاعة، والخبر في المعرفة والتاريخ 2 / 577.
* طبقات ابن سعد 6 / 109، طبقات خليفة ت 1080، تاريخ البخاري 5 / 368، المعرفة = (*)

(4/262)


أبو محمد، من أبناء الانصار، ولد في خلافة الصديق أو قبل ذلك.
وحدث عن عمر، وعلي، وأبي ذر، وابن مسعود، وبلال، وأبي بن كعب، وصهيب، وقيس بن سعد، والمقداد، وأبي أيوب، ووالده، ومعاذ بن جبل - وما إخاله لقيه، مع كون ذلك في السنن الاربعة.
وقيل بل ولد في وسط خلافة عمر ورآه يتوضا ويمسح على الخفين.
حدث عنه: عمرو بن مرة، والحكم بن عتيبة، وحصين بن عبد الرحمن، وعبد الملك بن عمير، والاعمش، وطائفة سواهم.
وقيل: إنه قرأ القرآن على علي.
قال محمد بن سيرين: جلست إلى عبدالرحمن بن أبي ليلى، وأصحابه يعظمونه كأنه أمير.
وقال ثابت البناني: كنا إذا قعدنا إلى عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال لرجل: اقرأ القرآن، فإنه يدلني على ما تريدون، نزلت هذه الآية في كذا، وهذه الآية في كذا (1).
وروى عطاء بن السائب [ عن ابن أبي ليلى ] (2) قال: أدركت عشرين ومئة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الانصار، إذا سئل أحدهم عن شئ، ود أن أخاه كفاه (3).
__________
= والتاريخ 2 / 617، أخبار القضاة 2 / 406، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 301، الحلية 4 / 350، تاريخ بغداد 10 / 199، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 303، وفيات الاعيان 3 / 126، تهذيب الكمال ص 817، تذكرة الحفاظ 1 / 55، تاريخ الاسلام 3 / 272، العبر 1 / 96، تذهيب التهذيب 2 / 226 آ، غاية النهاية ت 1602، الاصابة ت 5192، تهذيب التهذيب 6 / 260، النجوم الزاهرة 1 / 206، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 19، خلاصة تذهيب التهذيب 234، طبقات المفسرين 1 / 269، شذرات الذهب 1 / 92.
(1) تاريخ البخاري 5 / 368.
(2) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل استدركناه من تاريخ الاسلام وتهذيب بن حجر.
(3) أخرجه ابن سعد في الطبقات 6 / 110 من طريق يزيد بن هارون عن شعبة عن عطاء = (*)

(4/263)


وعن عبد الله بن الحارث، أنه اجتمع بابن أبي ليلى فقال: ما شعرت أن النساء ولدن مثل هذا.
شعبة: عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: صحبت عليا رضي
الله عنه في الحضر والسفر، وأكثر ما يتحدثون عنه باطل (1).
قال الاعمش: رأيت ابن أبي ليلى وقد ضربه الحجاج، وكأن ظهره مسح (2) وهو متكئ على ابنه وهم يقولون: العن الكذابين فيقول: لعن الله الكذابين.
يقول: الله الله، علي بن أبي طالب، عبد الله بن الزبير، المختار ابن أبي عبيد.
قال: وأهل الشام كأنهم حمير لا يدرون ما يقصد، وهو يخرجهم من اللعن (3).
قلت: ثم كان عبدالرحمن من كبار من خرج مع عبدالرحمن بن الاشعث من العلماء والصلحاء.
وكان له وفادة على معاوية ذكرها ولده القاضي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
أخبرنا إسحاق الصفار، حدثنا ابن خليل، حدثنا اللبان، حدثنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، عن الاعمش، قال: كان عبدالرحمن بن أبي ليلى يصلي، فإذا دخل الداخل، نام على فراشه (4).
وبه قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن
__________
= وهذا سند صحيح، فإن شعبة سمع من عطاء قبل الاختلاط.
(1) أخرج ابن سعد 6 / 113 من طريق آخر نحوه.
(2) المسح ؟ ؟: كساء من شعر.
(3) المعرفة والتاريخ 2 / 618، وانظر ابن سعد 6 / 112، 113، والحلية 4 / 351.
(4) الحلية 4 / 351 وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 618.
(*)

(4/264)


عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن مهران، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن
الاعمش، قال: رأيت عبدالرحمن محلوقا على المصطبة وهم يقولون له: العن الكذابين، وكان رجلا ضخما به ربو (1)، فقال: اللهم العن الكذابين، آه [ ثم يسكت ]، علي، وعبد الله بن الزبير، والمختار (2).
اسم والده أبي ليلى: يسار، وقيل: بلال.
وقيل: داود بن أبي أحيحة ابن الجلاح بن الحريش بن جحجبى (3) بن كلفة.
ابن عيينة: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كان لعبد الرحمن ابن أبي ليلى بيت فيه مصاحف يجتمع إليه فيه القراء، قلما تفرقوا إلا عن طعام، فأتيته ومعي تبر، فقال: أتحلي به سيفا ؟ قلت: لا.
قال: فتحلي به مصحفا ؟ قلت: لا.
قال: فلعلك تجعلها أخراصا فإنها تكره (4).
قال ثابت: كان ابن أبي ليلى إذا صلى الصبح نشر المصحف، وقرأ حتى تطلع الشمس (5).
شريك: عن مغيرة، عن الشعبي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: كان رجل من بني إسرائيل يعمل بمسحاة له، فأصاب أباه، فشجه، فقال: لا يصحبني من فعل بأبي ما فعل، فقطع يده، فبلغ ذلك بني إسرائيل، ثم إن ابنة الملك أرادت أن تصلي في بيت المقدس، فقال: من نبعث بها ؟ قالوا: فلان، فبعث إليه، فقال،: أعفني، قال: لا، قال: فأجلني إذا أياما.
قال: فذهب فقطع مذاكيره في حق (6)، ثم جاء به خاتمه
__________
(1) الربو هنا: النفس العالي.
(2) الحلية 4 / 351 وما بين الحاصرتين منه.
(3) في الاصل (جمحبا) مصحف، وما أثبتناه من الاشتقاق وجمهرة ابن حزم والتاج.
واشتقاق جحجبى من الجحجبة وهو التردد في الشئ والمجئ والذهاب.
(4) ابن سعد 6 / 110، 111 والاخراص: جمع خرص، وهو القرط، والدرع.
(5) ابن سعد 6 / 111.
(6) الحق: الوعاء.
(*)

(4/265)


عليه، فقال: هذه وديعتي عندك فاحفظها.
قال: ونزلها (1) الملك منزلا منزلا، انزل يوم كذا وكذا، كذا وكذا، ويوم كذاو كذا، كذا وكذا، فوقت له وقتا، فلما سار، جعلت ابنة الملك لا ترتقع به (2)، فتنزل حيث شاءت، وترتحل متى شاءت، وجعل إنما هو يحرسها وينام عندها، فلما قدم عليه، قالوا له: إنما كان ينام عند ها، فقال له الملك: خالفت ! وأراد قتله، فقال: اردد علي وديعتي، فلما ردها، فتح الحق، وتكشف عن مثل الراحة، ففشا ذلك في بني إسرائيل.
قال: فمات قاض لهم، فقالوا: من نجعل مكانه ؟ قالوا: فلان، فأبى، فلم يزالوا به حتى قال: دعوني حتى أنظر في أمري، فكحل عينيه بشئ حتى ذهب بصره.
قال: ثم جلس على القضاء فقام ليلة فدعا الله، فقال: اللهم إن كان هذا الذي صنعت لك رضى، فاردد علي خلقي أصح ما، كان، فأصبح وقد رد الله عليه بصره ومقلتيه أحسن ما كانتا ويده ومذاكيره (3).
أنبأنا بها أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد - يعني العسال في كتابه - حدثنا موسى بن إسحاق، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا شريك، فذكرها.
وبه: إلى أبي نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو غسان، حدثنا إسرائيل (4)، عن عبدالاعلى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كنت جالسا عند عمر فأتاه راكب فزعم أنه رأى الهلال هلال شوال، فقال: أيها الناس أفطروا، ثم قام إلى عس (5) من ماء
__________
(1) في الحلية: (ونزله).
2) لا ترتقع به، أي: لا تبالي.
(3) الحلية 4 / 352، 353.
(4) هو إسرائيل بن يونس تصحف في الحلية إلى: (إسماعيل) 5) العس: القدح الضخم.
(*)

(4/266)


فتوضأ ومسح على موقين له (1)، ثم صلى المغرب، فقال له الراكب: ما جئتك إلا لاسألك عن هذا، أشيئا رأيت غيرك يفعله ؟ قال: نعم، رأيت خيرا مني وخير الامة، رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك (2).
تفرد به إسرائيل.
روي عن أبي حصين، أن الحجاج استعمل عبدالرحمن بن أبي ليلى على القضاء ثم عزله، ثم ضربه ليسب أبا تراب رضي الله عنه، وكان قد شهد النهروان مع علي.
وقال شعبة بن الحجاج: قدم عبد الله بن شداد بن الهاد، وابن أبي ليلى فاقتحم بهما فرسهما الفرات فذهبا - يعني غرقا (3).
وأما أبو نعيم الملائي فقال: قتل ابن أبي ليلى بوقعة الجماجم، يعني سنة اثنتين وثمانين (4)، وقيل: سنة ثلاث.

97 - أبو عبد الرحمن السلمي * (ع) مقرئ الكوفة، الامام العلم، عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي، من أولاد الصحابة، مولده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) الموق: خف غليظ يلبس فوق الخف.
(2) الحلية 4 / 354 وعبد الاعلى هو ابن عامر الثعلبي الكوفي ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن مهدي والقطان وابن سعد والنسائي.
وقال ابن عدي: يحدث بأشياء لا يتابع عليها.
(3) انظر ابن سعد 6 / 113.
(4) انظر تاريخ بغداد 10 / 201.
* طبقات ابن سعد 6 / 172، طبقات خليفة ت 1102، تاريخ البخاري 5 / 72، المعارف 528، المعرفة والتاريخ 2 / 589، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 37، الحلية 4 / 191، تاريخ بغداد 9 / 430، تهذيب الكمال ص 1628، تذكرة الحفاظ 1 / 55، تاريخ الاسلام 3 / 222، تذهيب التهذيب 2 / 137 آ، البداية والنهاية 9 / 6، العقد الثمين 8 / 66، غاية النهاية ت 1755، تهذيب التهذيب 5 / 183، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 19.
(*)

(4/267)


قرأ القرآن، وجوده، ومهر فيه، وعرض على عثمان فيما بلغنا، وعلى علي، وابن مسعود.
وحدث عن عمر، وعثمان، وطائفة.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا (1) عن عثمان، وعلي، وزيد، وأبي، وابن مسعود.
أخذ عنه القرآن: عاصم بن أبي النجود، ويحيى بن وثاب، وعطاء بن السائب وعبد الله بن عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، ومحمد بن أبي أيوب، والشعبي، وإسماعيل بن أبي خالد، وعرض عليه الحسن والحسين رضي الله عنهما.
وحدث عنه: عاصم، وأبو إسحاق، وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب، وعدد كثير.
روى حسين الجعفي عن محمد بن أبان، عن علقمة بن مرثد، أن أبا عبدالرحمن السلمي تعلم القرآن من عثمان، وعرض على علي.
محمد ليس بحجة.
قال أبو إسحاق: كان أبو عبد الرحمن السلمي يقرئ الناس في المسجد
الاعظم أربعين سنة (2).
وقال سعد بن عبيدة، أقرأ أبو عبد الرحمن في خلافة عثمان، وإلى أن توفي في زمن الحجاج (3).
__________
(1) انظر تعريف القراءة عرضا صفحة 208 رقم (1).
(2) الحلية 2 / 192.
(3) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 590.
(*)

(4/268)


قال شعبة: لم يسمع من عثمان (1)، كذا قال شعبة، ولم يتابع.
وروى أبان العطار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي عبدالرحمن، قال: أخذت القراءة عن علي (2).
وروى منصور عن تميم بن سلمة، أن أبا عبدالرحمن كان إمام المسجد، وكان يحمل في اليوم المطير (3).
حماد بن زيد: (4) عن عطاء بن السائب، أن أبا عبد الرحمن قال: أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الاخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم (5).
عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء: عن أبيه، عن أبي عبدالرحمن السلمي أنه جاء وفي الدار جلال وجزر، فقالوا: بعث بها عمرو بن حريث لانك علمت ابنه القرآن، فقال: رد، إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا (6).
وروى أبو إسحاق السبيعي، عن أبي عبدالرحمن، قال: والدي علمني القرآن، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غزا معه (7).
__________
(1) ابن سعد 6 / 172 والحلية 4 / 193، 194.
وفي قول شعبة نظر، كما قال المؤلف في
تاريخه 3 / 222، فقد أخرج البخاري في صحيحه 9 / 66 في فضائل القرآن باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه من طريق حجاج بن منهال، حدثنا شعبة قال: أخبرني علقمة بن مرثد، سمعت سعد ابن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ".
(2) ابن سعد 6 / 172.
(3) رواية ابن سعد في الطبقات 6 / 172: " يحمل في الطين في اليوم المطير ".
(4) في الاصل (يزيد) وهو تحريف.
(5) زاد ابن سعد 6 / 172: " بل لا يجاوز هاهنا، ووضع يده على الحلق ".
(6) ابن سعد 6 / 173.
(7) له تتمة في ابن سعد 6 / 173.
(*)

(4/269)


وروى سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " (1).
قال أبو عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني هذا المقعد.
قال إسماعيل بن أبي خالد: كان أبو عبد الرحمن السلمي يعلمنا القرآن، خمس آيات، خمس آيات (2).
قال أبو حصين عثمان بن عاصم: كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه، وكان أعمى.
أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن، أنه قرأ على علي.
وعن أبي عبدالرحمن، قال: خرج علينا علي رضي الله عنه وأنا أقرئ.
وروى أبو جناب الكلبي، قال: حدثنا أبو عون الثقفي (3)، قال: كنت أقرأ
على أبي عبدالرحمن، وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يقرأ عليه.
قال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن عبيد الله المقرئ، حدثنا عبد الله بن عبدالرحمن، حدثنا أبي، حدثنا حفص أبو عمر، عن عاصم بن بهدلة، وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب، وعبد الله بن عيسى، أنهم قرؤوا على أبي عبدالرحمن السلمي، وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان عامة القرآن، وكان يسأله عن القرآن، فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس، فعليك بزيد بن ثابت، فإنه يجلس للناس، ويتفرغ لهم، ولست
__________
(1) انظر تخريج الحديث على الصفحة السابقة.
(2) ابن سعد 6 / 172.
(3) هو محمد بن عبيدالله بن سعيد الثقفي، وقد تحرف في الاصل إلى (عوان).
(*)

(4/270)


أخالفه في شئ من القرآن.
قال: وكنت ألقى عليا، فأسأله، فيخبرني ويقول: عليك بزيد، فأقبلت على زيد، فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة مرة.
قلت: ليس إسنادها بالقائم (1).
وروي عن عطاء بن السائب، عن أبي عبدالرحمن، قال: حدثني الذين كانوا يقرئوننا، عثمان، وابن مسعود، وأبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم العشر، فذكر الحديث (2).
أحمد بن أبي خيثمة: حدثنا يحيى بن السري، حدثنا وكيع، عن عطاء ابن السائب، قال: كان رجل يقرأ على أبي عبدالرحمن، فأهدى له قوسا فردها وقال: ألا كان هذا قبل القراءة !.
كذا عندي، وكيع، عن عطاء، ولم يلحقه.
وعن عطاء بن السائب، قال: دخلنا على أبي عبدالرحمن نعوده فذهب
بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربي، وقد صمت له ثمانين رمضانا (3).
قلت: ما أعتقد صام ذلك كله.
وقد كان ثبتا في القراءة، وفي الحديث حديثه مخرج في الكتب الستة.
يقال: توفي سنة أربع وسبعين، وقيل: مات في إمرة بشر بن مروان
__________
(1) لان حفصا وهو ابن سليمان الازدي متروك الحديث مع إمامته في القراءة.
(2) وأخرجه الطبري 1 / 36 من طريق ابن حميد عن جرير عن عطاء عن أبي عبدالرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
وجرير سمع من عطاء بعد الاختلاط، وأخرجه الطبري 1 / 35، من طريق الحسين بن واقد، حدثنا الاعمش عن شقيق عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
ورجاله ثقات.
(3) تاريخ بغداد 9 / 431، وبلفظ مخالف عند ابن سعد 6 / 175، وكذا في المعرفة والتاريخ 2 / 590 والحلية 4 / 192.
(*)

(4/271)


على العراق، وقيل: مات سنة ثلاث وسبعين، وقيل: مات قبل سنة ثمانين، وقيل: مات في أوائل ولاية الحجاج على العراق.
وغلط ابن قانع حيث قال في وفاته إنها سنة خمس ومئة.

98 - أمية بن عبد الله * (س، ق) ابن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس القرشي الاموي، أحد الاشراف، ولي إمرة خراسان لعبد الملك بن مروان.
وحدث عن ابن عمر.
روى عنه عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن المخزومي، والمهلب الامير، وأبو إسحاق السبيعي.
توفي سنة سبع وثمانين.

99 - أبو إدريس الخولاني * * (ع) عائذ الله بن عبد الله، ويقال فيه: عيذ الله بن إدريس بن عائذ بن عبد الله بن عتبة، قاضي دمشق وعالمها وواعظها.
ولد عام الفتح
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 478، تاريخ البخاري 2 / 7، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 301، تاريخ ابن عساكر 3 / 64 آ، تاريخ الاسلام 3 / 242، تذهيب التهذيب 1 / 72 ب، العقد الثمين 3 / 332، الاصابة ت 550، تهذيب التهذيب 1 / 371، خلاصة تذهيب التهذيب 40، تهذيب ابن عساكر 3 / 131.
* * طبقات ابن سعد 7 / 448، طبقات خليفة ت 2900، تاريخ البخاري 7 / 83، المعرفة والتاريخ 2 / 319، أخبار القضاة 3 / 202، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 37، الحلية 5 / 122، الاستيعاب كنى ت 2834، طبقات الفقهاء الشيرازي 74، تاريخ ابن عساكر 8 / 418 ب، أسد الغابة 5 / 134، تهذيب الكمال ص 646 و 1578، تذكرة الحفاظ 1 / 53، تاريخ الاسلام 3 / 215، العبر 1 / 91، تذهيب التهذيب 2 / 118 ب، البداية والنهاية 9 / 34، الاصابة ت 6157، تهذيب التهذيب 5 / 85، النجوم الزاهرة 1 / 201، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 18، خلاصة تذهيب التهذيب 185، شذرات الذهب 1 / 88، تاج العروس (عوذ) تهذيب ابن عساكر 7 / 206.
(*)

(4/272)


وحدث عن أبي ذر، وأبي الدرداء، وحذيفة، وأبي موسى، وشداد بن أوس، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وعوف بن مالك الاشجعي، وعقبة ابن عامر الجهني، والمغيرة بن شعبة، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن حوالة، وأبي مسلم الخولاني، وعدة.
قال أبو عمر بن عبد البر (1): سماعه من معاذ بن جبل صحيح.
وقال أبو داود: سمع أبو إدريس من أبي الدرداء وعبادة.
قلت: حدث عنه أبو سلام الاسود، ومكحول، وابن شهاب وعبد الله ابن عامر اليحصبي، ويحيى بن يحيى الغساني، وعطاء بن أبي مسلم، وأبو قلابة الجرمي، ومحمد بن يزيد الرحبي، ويونس بن ميسرة بن حلبس، ويزيد ابن أبي مريم، وربيعة القصير وآخرون.
وليس هو بالمكثر، لكن له جلالة عجيبة، سئل دحيم عنه وعن جبير، أيهما أعلم ؟ قال: أبو إدريس هو المقدم، ورفع أيضا من شأن جبير بن نفير لاسناده وأحاديثه (2).
قلت: هما كانا مع كثير بن مرة، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الله بن، محيريز الجمحي، وأم الدرداء، علماء الشام في عصرهم في دولة عبدالملك ابن مروان، وقبل ذلك.
قال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو إدريس قد سمع من أبي ذر (3).
يونس، عن ابن شهاب: حدثني أبو إدريس الخولاني، وكان من فقهاء أهل الشام (4).
__________
(1) انظر قوله في الاستيعاب 4 / 1594.
(2) ابن عساكر 8 / 223 ب، 424 آ.
(3) ابن عساكر 8 / 424 آ.
(4) ابن عساكر 8 / 424 آ، ب.
(*)

(4/273)


وروى عبد العزيز بن الوليد بن أبي السائب، عن أبيه، عن مكحول، قال: ما رأيت مثل أبي إدريس الخولاني (1).
وكذلك روى أبو مسهر، عن سعيد، عن مكحول.
وعن سعيد بن عبد العزيز، أنه قال: كان أبو إدريس عالم الشام بعد أبي الدرداء (2).
ابن جوصاء الحافظ: حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا محمد بن حمير، حدثني سعيد بن عبد العزيز، سمعت مكحولا يقول: كانت حلقة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يدرسون جميعا، فإذا بلغوا سجدة بعثوا إلى أبي إدريس الخولاني، فيقرؤها، ثم يسجد، فيسجد أهل المدارس (3).
محمد بن شعيب بن شابور: أخبرني يزيد بن عبيدة، أنه رأى أبا إدريس في زمن عبدالملك بن مروان، وأن حلق المسجد بدمشق يقرؤون القرآن، يدرسون جميعا، وأبو إدريس جالس إلى بعض العمد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة بعثوا إليه يقرأ بها، وأنصتوا له وسجدبهم جميعا، وربما سجد بهم ثنتي عشرة سجدة حتى إذا فرغوا من قراءتهم قام أبو إدريس يقص.
ثم قال يزيد بن عبيدة: ثم إنه قدم القصص بعد ذلك (4).
الوليد بن مسلم: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، قال: كنا نجلس إلى أبي إدريس الخولاني فيحدثنا، فحدث يوما عن بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوعب الغزاة، فقال له رجل من ناحية المجلس:
__________
(1) ابن عساكر 8 / 424 ب وانظر الاستيعاب 4 / 1594 وطبقات الفقهاء للشيرازي 74.
(2) ابن عساكر 8 / 424 ب.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 8 / 425 آ.
(4) ابن عساكر 8 / 424 ب، 425 آ، وتمامه: " وأخروا القراءة ".
(*)

(4/274)


أحضرت هذه الغزوة ؟ فقال: لا، فقال الرجل: قد حضرتها مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ولانت أحفظ لها مني (1).
أبو مسهر: عن سعيد بن عبد العزيز، أن عبدالملك بن مروان عزل بلالا (2) عن القضاء - يعني وولى أبا إدريس (3).
وروى الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، أن عبدالملك عزل أبا إدريس عن القصص، وأقره على القضاء، فقال أبو إدريس: عزلتموني عن رغبتي، وتركتموني في رهبتي (3).
قلت: قد كان القاص في الزمن الاول يكون له صورة عظيمة في العلم والعمل.
قال ابن عيينة: سمعت الزهري يقول: أخبرني أبو إدريس، أنه سمع عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " بايعوني " (4).
قال ابن عيينة: حفظنا من الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، أخبره قال: أدركت أبا الدرداء ووعيت عنه، وعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، ووعيت عنهما، وفاتني معاذ بن جبل (5).
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 8 / 425 آ.
(2) هو بلال بن أبي الدرداء تأتي ترجمته في ص 285.
(3) ابن عساكر 8 / 425 ب.
(4) أخرجه أحمد 5 / 314، والبخاري 12 / 74، من طريق ابن عيينة عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا،..فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارته، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ".
وأخرجه البخاري 1 / 60 و 7 / 243 من طريق شعيب عن الزهري، وأخرجه البخاري 7 / 174
من طريق ابن أخي الزهري عن عمه به.
(5) ابن عساكر 8 / 421 ب.
(*)

(4/275)


قال النسائي وغير واحد: أبو إدريس ثقة.
وقال خليفة بن خياط وابن معين: مات أبو إدريس الخولاني سنة ثمانين.
قلت: فعلى، مولده عام حنين، يكون عمره اثنتين وسبعين سنة، رحمه الله، ولابيه صحبة.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أنبأنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله الدينوري، أنبأنا عمي أبو بكر محمد بن عبد العزيز سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وأنبأنا إسماعيل بن الفراء، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبأنا هبة الله بن هلال، قالا: أنبأنا أبو الحسين عاصم بن الحسن (ح)، وأنبأنا أبو المعالي، أنبأنا القاضي أبو صالح نصر بن عبد الرزاق، (ح)، وأنبأنا أحمد بن عبدالحميد سنة اثنتين وتسعين وست مئة، ومحمد بن بطيخ، وعبد الحميد بن أحمد، وأحمد بن عبدالرحمن، قالوا: أنبأنا عبدالرحمن بن نجم الواعظ، وأنبأنا عبد الخالق بن عبد السلام، وست الاهل بنت الناصح، وخديجة بنت الرضى، قالوا: أنبأنا البهاء عبدالرحمن بن إبراهيم، قالوا: أخبرتنا فخر النساء شهدة بنت أبي نصر (ح) وأنبأنا أبو المعالي الزاهد، أنبأنا أبو الحسن واثلة بن كراز ببغداد، أنبأنا أبو علي أحمد بن محمد الرحبي، قال هو وشهدة: أنبأنا الحسين بن أحمد النعالي، قالا: أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء، حدثنا أحمد ابن إسماعيل، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من توضأ فليستنثر، ومن
استجمر فليوتر ".

(4/276)


هذا حديث صحيح عال، أخرجاه في " الصحيحين " من طرق عن الزهري (1).

100 - أم الدرداء * (ع) السيدة العالمة الفقيهة، هجيمة، وقيل: جهيمة الاوصابية الحميرية الدمشقية، وهي أم الدرداء الصغرى.
روت علما جما عن زوجها أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي، وكعب ابن عاصم الاشعري، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة.
وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء.
وطال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد.
حدث عنها جبير بن نفير، وأبو قلابة الجرمي، وسالم بن أبي الجعد، ورجاء بن حيوة، ويونس بن ميسرة، ومكحول، وعطاء الكيخاراني، وإسماعيل بن عبيدالله بن أبي المهاجر، وزيد بن أسلم، وأبو حازم الاعرج، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعثمان بن حيان المري.
قال أبو مسهر الغساني: أم الدرداء هي هجيمة بنت حيي الوصابية (2)، وأم الدرداء الكبرى هي خيرة بنت أبي حدرد، لها صحبة.
__________
1) أخرجه مالك 1 / 91، والبخاري 1 / 229، 230، ومسلم (237).
والاستجمار: هو استعمال الجمار (الاحجار) في الاستنجاء، ومنه رمي الجمار (الحصى) بمنى.
* المعرفة والتاريخ 2 / 327، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 463، اللباب 1 / 76، تهذيب الكمال ص 1709 تذكرة الحفاظ 1 / 50، تاريخ الاسلام 3 / 316، البعر 1 / 93، تذهيب التهذيب 4 / 277 آ، البداية والنهاية 9 / 47، غاية النهاية ت 3783، تهذيب التهذيب
12 / 465، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 17، خلاصة تذهيب التهذيب 498.
(2) نسبة إلى (وصاب) بطن من حمير كما في " تاج العروس " (وصب) وانظر الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 463.
(*)

(4/277)


قال محمد بن سليمان بن أبي الدرداء: اسم أم الدرداء الفقيهة التي مات عنها أبو الدرداء وخطبها معاوية، هجيمة بنت حي الاوصابية.
وقال ابن جابر وعثمان بن أبي العاتكة: كانت أم الدرداء يتيمة في حجر أبي الدرداء، تختلف معه في برنس، تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حلق القراء تعلم القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء يوما: الحقي بصفوف النساء.
عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية، عن جبير ابن نفير، عن أم الدرداء، أنها قالت لابي الدرداء عند الموت: إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة، قال: فلا تنكحين بعدي.
فخطبها معاوية فأخبرته بالذي كان، فقال: عليك بالصيام.
ورويت من وجه عن لقمان بن عامر، وزاد: وكان لها جمال وحسن.
وروى ميمون بن مهران عنها، قالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي أحدا شيئا، فقلت، إن احتجت ؟ قال: تتبعي الحصادين، فانظري ما يسقط منهم فخذيه فاخبطيه ثم اطحنيه وكليه.
قال مكحول: كانت أم الدرداء فقيهة.
وعن عون بن عبد الله، قال: كنا نأتي أم الدرداء فنذكر الله عندها.
وقال يونس بن ميسرة: كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء، فإذا ضعفن عن القيام، تعلقن بالحبال (1).
وقال عثمان بن حيان: سمعت أم الدرداء تقول: إن أحدهم يقول:
__________
(1) وقد فعلت ذلك إحدى أمهات المؤمنين، فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بحله وقال، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد " كما في البخاري 3 / 30 ومسلم (784).
(*)

(4/278)


اللهم ارزقني، وقد علم أن الله لا يمطر عليه ذهبا ولا دراهم، وإنما يرزق بعضهم من بعض، فمن أعطي شيئا، فليقبل، فإن كان غنيا، فليضعه في ذي الحاجة، وإن كان فقيرا، فليستعن به.
قال إسماعيل بن عبيدالله: كان عبدالملك بن مروان جالسا في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسة، حتى إذا نودي للمغرب قام (1) وقامت تتوكأ على عبدالملك حتى يدخل بها المسجد، فتجلس مع النساء، ويمضي عبدالملك إلى المقام يصلي بالناس.
وعن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كان عبدالملك بن مروان كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق.
وعن عبد ربه بن سليمان، قال: حجت أم الدرداء في سنة إحدى وثمانين.

101 - أبوالبختري * (ع) الطائي، مولاهم، الكوفي الفقيه، أحد العباد، اسمه سعيد بن فيروز.
حدث عن أبي برزة الاسلمي، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وطائفة.
وأرسل عن علي، وابن مسعود.
روى عنه: عمرو بن مرة، وعطاء بن السائب، ويونس بن خباب، ويزيد ابن أبي زياد، وحبيب بن أبي ثابت.
__________
(1) في الاصل (قامت) وهو تصحيف.
* طبقات ابن سعد 6 / 292، طبقات خليفة ت 1107، تاريخ البخاري 3 / 506، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 54، الحلية 4 / 379، تهذيب الكمال ص 502 و 1583، تاريخ الاسلام 3 / 316، العبر 1 / 96، تذهيب التهذيب 2 / 26 آ، تهذيب التهذيب 4 / 72، خلاصة تذهيب التهذيب 142، شذرات الذهب 1 / 92.
(*)

(4/279)


وثقه يحيى بن معين.
وكان مقدم الصالحين القراء الذين قاموا على الحجاج في فتنة ابن الاشعث، فقتل أبوالبختري في وقعة الجماجم سنة اثنين وثمانين (1).
قال حبيب بن أبي ثابت: اجتمعت أنا وسعيد بن جبير وأبو البختري، فكان أبوالبختري أعلمنا وأفقهنا.

102 - زاذان * (م 4) أبو عمر الكندي، مولاهم، الكوفي البزاز الضرير، أحد العلماء الكبار، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد خطبة عمر بالجابية (2).
روى عن عمر، وعلي، وسلمان، وابن مسعود، وعائشة، وحذيفة وجرير البجلي، وابن عمر، والبراء بن عازب، وغيرهم.
حدث عنه أبو صالح السمان، وعمرو بن مرة، وحبيب بن أبي ثابت، والمنهال بن عمرو، وعطاء بن السائب، ومحمد بن جحادة، وآخرون.
وكان ثقة، صادقا، روى جماعة أحاديث.
قال النسائي: ليس به بأس.
وروى إبراهيم بن الجنيد (3)، عن يحيى بن معين: ثقة.
__________
1) انظر ابن سعد 6 / 292.
* طبقات ابن سعد 6 / 178، طبقات خليفة ت 1150، تاريخ البخاري 3 / 437، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 614، الحلية 4 / 199، تاريخ بغداد 8 / 487، تاريخ ابن عساكر 6 / 159 آ، تهذيب الكمال ص 422، تاريخ الاسلام 3 / 248، العبر 1 / 94، تذهيب التهذيب 1 / 230 آ، البداية والنهاية 9 / 47، تهذيب التهذيب 3 / 302، النجوم الزاهرة 1 / 206، خلاصة تذهيب التهذيب 130، شذرات الذهب 1 / 90، تهذيب ابن عساكر 5 / 347.
(2) مر تعريف (الجابية) ص 132 رقم (1).
(3) هو إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد كما في تهذيب ابن حجر.
(*)

(4/280)


وقال شعبة: سألت سهل بن كهيل عنه، فقال: أبوالبختري أحب إلي منه (1).
وقال ابن عدي: أحاديثه لا بأس بها.
وقال شعبة: قلت للحكم: لم لم تحمل عنه ؟ يعني زاذان - قال: كان كثير الكلام (1).
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم.
كذا قال أبو أحمد (2).
وقال ابن عدي: تاب على يد ابن مسعود.
وعن أبي هاشم الرماني، قال: قال زاذان: كنت غلاما حسن الصوت، جيد الضرب بالطنبور، فكنت مع صاحب لي وعندنا نبيذ وأنا أغنيهم، فمر ابن مسعود فدخل فضرب الباطية (3) بددها وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان ما يسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن كنت أنت أنت، ثم مضى.
فقلت لاصحابي: من هذا ؟ قالوا: هذا ابن مسعود، فألقى في نفسي التوبة، فسعيت أبكي، وأخذت بثوبه، فأقبل علي فاعتنقني وبكى وقال: مرحبا بمن أحبه الله، اجلس، ثم دخل
وأخرج لي تمرا (4).
قال زبيد: رأيت زاذان يصلي كأنه جذع (5).
روي أن زاذان قال يوما: إني جائع، فسقط عليه رغيف مث الرحا (6).
وقيل: كان إذا باع ثوبا لم يسم فيه (7).
مات سنة اثنتين وثمانين.
__________
(1) ابن عساكر 6 / 161 ب.
2) ابن عساكر 6 / 160 آ.
(3) الباطية: الناجود، وهو كل إناء يجعل فيه الخمر.
4) أورده ابن عساكر مطولا 6 / 160 آ.
ب.
5) ابن عساكر 6 / 161 آ، وفي رواية له: " كأنه خشبة ".
(6) ابن عساكر 6 / 161 ب.
7) ابن عساكر 6 / 161 ب وفي رواية له: " وكان إذا جاءه الرجل أراه شر الطرفين وسامه سومة واحدة ".
(*)

(4/281)


103 - قبيصة بن ذؤيب * (ع) الامام الكبير، الفقيه، أبو سعيد الخزاعي المدني ثم الدمشقي الوزير.
مولده عام الفتح سنة ثمان، ومات أبوه ذؤيب بن حلحلة صاحب بدن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أيام النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي بقبيصة بعد موت أبيه فيما قيل، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ولم يع هو ذلك.
وروى عن أبي بكر إن صح - وعن عمر، وأبي الدرداء، وبلال، وعبد الرحمن بن عوف، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعدة.
حدث عنه ابنه إسحاق، ومكحول، ورجاء بن حيوة، وأبو الشعثاء جابر
ابن زيد، وأبو قلابة، والزهري، وإسماعيل بن عبيدالله، وهارون بن رئاب، وآخرون.
وكان على الختم والبريد للخليفة عبدالملك، وقد أصيبت عينه يوم الحرة، وله دار معتبرة بباب البريد (1).
وقدكناه محمد بن سعد (2) أبا إسحاق وقال: شهد أبوه الفتح، وكان
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 176 و 7 / 447، طبقات خليفة ت 2916، تاريخ البخاري 7 / 174، المعارف 447، المعرفة والتاريخ 1 / 404 و 557، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 125، الاستيعاب ت 2100، طبقات الفقهاء للشيرازي 62، تاريخ ابن عساكر 14 / 197 آ، أسد الغابة 4 / 191، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 56، تهذيب الكمال 1121، تذكرة الحفاظ 1 / 57، تاريخ الاسلام 3 / 290، العبر 1 / 101، تذهيب التهذيب 3 / 154 آ، البداية والنهاية 8 / 313 و 9 / 73، العقد الثمين 7 / 37، الاصابة ت 7271، تهذيب التهذيب 8 / 346، النجوم الزاهرة 1 / 214، طبقات الحفاظ للسيوطي 21، خلاصة تذهيب التهذيب 314، شذرات الذهب 1 / 97.
(1) باب البريد: اسم لاحد أبواب جامع دمشق من جهة الغرب، به سميت محلة باب البريد وهي من أنزه المواضع (قديما) ودار قبيصة هي في موضع دار الحكم، كما ذكر ابن عساكر في ترجمته.
وانظر معجم البلدان وتاريخ ابن عساكر المجلدة الثانية مخطط (1).
(2) في الطبقات 5 / 176، وانظر 7 / 447، وابن عساكر 14 / 197 ب.
(*)

(4/282)


ينزل بقديد، وكان يقرأ الكتب إذا وردت على الخليفة.
قال: وكان ثقة مأمونا، كثير الحديث، توفي سنة ست أو سبع وثمانين.
قال البخاري (1): سمع قبيصة أبا الدرداء وزيد بن ثابت.
قال أبو الزناد: كان عبدالملك بن مروان رابع أربعة في الفقه والنسك
هو وسعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير (2).
قال محمد بن راشد المكحولي: حدثنا حفص [ بن عمر ] (3) بن نبيه الخزاعي، عن أبيه، أن قبيصة بن ذؤيب كان معلم كتاب (4) - قلت: يعني في مبدإ أمره.
وعن مجالد بن سعيد، قال: كان قبيصة كاتب عبدالملك بن مروان.
وعن مكحول قال: ما رأيت أحدا أعلم من قبيصة.
وعن الشعبي قال: كان قبيصة أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت (5).
ابن لهيعة: عن ابن شهاب، قال: كان قبيصة بن ذؤيب من علماء هذه الامة (6).
قال علي بن المديني وجماعة: توفي سنة ست وثمانين، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وثمانين.

104 - همام بن الحارث * (ع) النخعي الكوفي الفقيه.
__________
(1) في التاريخ الصغير 1 / 203، 204.
(2) تاريخ البخاري 7 / 175، وانظر ابن عساكر 14 / 199 آ.
(3) مترجم في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 177، وما بين الحاصرتين منه.
(4) ابن عساكر 14 / 198 ب.
(5) تاريخ البخاري 7 / 175.
(6) ابن عساكر 14 / 198 ب.
* طبقات ابن سعد 6 / 118، طبقات خليفة ت 1059، تاريخ البخاري 8 / 236، الجرح = (*)

(4/283)


حدث عن عمر، وعمار بن ياسر، والمقداد بن الاسود، وحذيفة بن
اليمان، وجماعة.
وعنه: إبراهيم النخعي، وسليمان بن يسار، ووبرة بن عبدالرحمن.
وثقه يحيى بن معين.
قال ابن سعد (1): توفي زمن الحجاج.
قال ابن الجوزي: كان الناس يتعلمون من هديه وسمته، وكان طويل السهر رحمه الله.
حصين، عن إبراهيم، أن همام بن الحارث كان يدعو: اللهم اشفني من النوم باليسير، وارزقني سهرا في طاعتك.
قال: فكان لا ينام إلا هنيهة وهو قاعد (2).

105 - مرثد بن عبد الله * (ع) الامام، أبو الخير اليزني المصري، عالم الديار المصرية ومفتيها، ويزن بطن من حمير.
حدث بن أبي أيوب الانصاري، وزيد بن ثابت، وأبي بصرة الغفاري
__________
= والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 106، الحلية 4 / 178، تهذيب الكمال ص 1451، تاريخ الاسلام 3 / 212، تذهيب التهديب 4 / 121 ب، تهذيب التهذيب 11 / 66، خلاصة تذهيب التهذيب 411.
(1) في الطبقات 6 / 118.
(2) الحلية 4 / 178، وانظر طبقات ابن سعد 6 / 118.
* طبقات ابن سعد 7 / 511، طبقات خليفه ت 2735، تاريخ البخاري 7 / 416، المعرفة والتاريخ 2 / 491 و 499، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 299، طبقات الفقهاء للشيرازي 78، تهذيب الكمال ص 1315 و 1608، تذكرة الحفاظ 1 / 68، تاريخ الاسلام 3 / 303، العبر 1 / 105، تذهيب التهذيب 4 / 29 آ، تهذيب التهذيب 10 / 82، طبقات الحفاظ
للسيوطي ص 29، حسن المحاضرة 1 / 296، 345، خلاصة تذهيب التهذيب 372.
(*)

(4/284)


وعقبة بن عامر، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله بن عمرو، وجماعة، ولزم عقبة مدة وتفقه به.
حدث عنه جعفر بن ربيعة، وعبد الرحمن بن شماسة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيدالله بن أبي جعفر، وعياش بن عباس القتباني، وجماعة.
قال أبو سعيد بن يونس: كان مفتي أهل مصر في أيامه، وكان عبد العزيز بن مروان - يعني متولي مصر - يحضره مجلسه للفتيا.
قال: وقال ابن عون: توفي أبو الخير سنة تسعين.

106 - بلال بن أبي الدرداء * (د) الانصاري، حدث عن أبيه، وأم الدرداء.
روى عنه خالد بن محمد الثقفي، وحميد بن مسلم، وإبراهيم بن أبي عبلة، وحريز بن عثمان، وأبو بكر بن أبي مريم.
قال أبو مسهر: كان أسن من أم الدرداء الصغرى.
قال البخاري (1): بلال أمير الشام.
وقال سعيد بن عبد العزيز: ولي القضاء بعد النعمان بن بشير، فلما استخلف عبدالملك، عزله بأبي إدريس الخولاني (2).
وقال أبو عبيد: مات سنة ثلاث وتسعين.
__________
* طبقات خليفة ت 2910، تاريخ البخاري 2 / 107، المعرفة والتاريخ 2 / 328، أخبار القضاة 3 / 201، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 397، تاريخ ابن عساكر 3 / 249 ب تهذيب الكمال ص 167، تاريخ الاسلام 3 / 345، العبر 1 / 108، تذهيب التهذيب 1 / 92 آ البداية والنهاية 9 / 93، تهذيب التهذيب 1 / 502، النجوم الزاهرة 1 / 225، خلاصة تذهيب التهذيب
53، شذرات الذهب 1 / 101، تهذيب ابن عساكر 3 / 325.
(1) في تاريخه الكبير 2 / 107.
(2) ابن عساكر 3 / 250 آ.
وانظر 8 / 425 ب، وصفحة 275 من هذا الجزء.
(*)

(4/285)


107 - صفوان بن محرز * (خ - م) المازني البصري، العابد، أحد الاعلام.
حدث عن أبي موسى الاشعري، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام، وابن عمر.
روى عنه جامع بن شداد، وبكر المزني، وقتادة وثابت، ومحمد بن واسع، وعاصم الاحول، وعلي بن زيد بن جدعان، وآخرون.
قال ابن سعد (1): ثقة، له فضل وورع.
وقال غيره: كان واعظا، قانتا لله، قد اتخذ لنفسه سربا (2) يبكي فيه.
عثمان بن مطر، عن هشام، عن الحسن، قال: لقيت أقواما كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم، وصحبت أقواما كان أحدهم يأكل على الارض وينام على الارض، منهم صفوان بن محرز، كان يقول: إذا أويت إلى أهلي وأصبت رغيفا، فجزى الله الدنيا عن أهلها شرا.
والله ما زاد على رغيف حتى مات، كان يظل صائما ويفطر على رغيف، ويصلي حتى يصبح، ثم يأخذ المصحف فيتلو حتى يرتفع النهار، ثم يصلي، ثم ينام إلى الظهر، فكانت تلك نومته حتى فارق الدنيا، ويصلي من الظهر إلى العصر، ويتلو في المصحف إلى أن تصفر الشمس.
تفرد بها عثمان هذا وليس بقوي.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 147، طبقات خليفة ت 1540، تاريخ البخاري 4 / 305، المعارف
458، المعرفة والتاريخ 2 / 84، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 423، الحلية 2 / 213 تاريخ الاسلام 4 / 14، تذكرة الحفاظ 1 / 57، تذهيب التهذيب 2 / 95 ب، الاصابة ت 4150، تهذيب التهذيب 4 / 430، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 21، خلاصة تذهيب التهذيب 174.
(1) في الطبقات 7 / 147.
(2) السرب: حفير - وقيل: بيت تحت الارض (تاج).
(*)

(4/286)


الطبقة الثانية من التابعين

108 - أبو سلمة بن عبدالرحمن * (ع) ابن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة ابن كعب القرشي الزهري، الحافظ، أحد الاعلام بالمدينة.
قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ولد سنة بضع وعشرين.
وحدث عن أبيه بشئ قليل لكونه توفي وهذا صبي، وعن أسامة بن زيد، وعبد الله بن سلام، وأبي أيوب، وعائشة، وأم سلمة، وبنتها زينب، وأم سليم، وأبي هريرة، وأبي أسيد الساعدي، ومعيقيب الدوسي، والمغيرة بن شعبة، وأبي الدرداء ولم يدركه، وعثمان بن عفان، وحسان بن ثابت، وثوبان، وحمزة بن عمرو الاسلمي، وعبادة بن الصامت مرسل، وطلحة بن عبيدالله كذلك، وربيعة بن كعب، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وزيد بن خالد الجهني، ونافع بن عبد الحارث !، وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم عن بسر بن سعيد، وجعفر بن عمرو بن أمية، وعروة، وعطاء بن
يسار، وغيرهم.
ونزل إلى أن روى عن عمر بن عبد العزيز.
كان طلابة للعلم، فقيها، مجتهدا كبير القدر، حجة.
حدث عنه ابنه عمر بن أبي سلمة، وابن أخيه سعد بن إبراهيم، وابن
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 155، المعارف 238، المعرفة والتاريخ 1 / 558، أخبار القضاة 1 / 116، طبقات الفقهاء للشيرازي 61، تاريخ ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 149 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 240 تهذيب الكمال ص 1616، تاريخ الاسلام 4 / 76، تذكرة الحفاظ 1 / 59، العبر 1 / 112، تذهيب التهذيب 4 / 214 ب، البداية والنهاية 9 / 116، تهذيب التهذيب 12 / 115، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 23، خلاصة تذهيب التهذيب 145.
(*)

(4/287)


أخيه عبدالمجيد بن سهيل، وابن أخيه زرارة بن مصعب، وعروة، وعراك بن مالك، والشعبي وسعيد المقبري، وعمرو بن دينار، وعمر بن عبد العزيز، ونافع العمري، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وسلمة بن كهيل، وبكير بن الاشج، وسالم أبو النضر، وأبو الزناد وأبو طوالة، وصفوان بن سليم، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وعبد الله بن أبي لبيد، وشريك بن أبي نمر، وأبو حازم الاعرج وصالح بن محمد بن زائدة، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد، وأخوه عبد ربه بن سعيد، وعثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، ومحمد بن أبي حرملة، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ونوح بن أبي بلال، وخلق كثير.
قال ابن سعد في الطبقة الثانية من المدنيين: (1) كان ثقة، فقيها، كثير الحديث، وأمه تماضر بنت الاصبغ بن عمرو، من أهل دومة الجندل، أدركت حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أول كلبية نكحها قرشي.
وأرضعته أم كلثوم، فعائشة خالته من الرضاعة (2).
وروى الزهري، عن أبي سلمة، قال: لو رفقت بابن عباس، لاستخرجت منه علما كثيرا (3).
قال سعد بن إبراهيم: كان أبو سلمة يخضب بالسواد (4).
شعبة: عن أبي إسحاق، قال: أبو سلمة في زمانه خير من ابن عمر في زمانه (5).
__________
(1) في الطبعة التي قدم لها د.
إحسان عباس من الطبقات، معدود في الطبقة الاولى من تابعي المدينة، انظر طبقات ابن سعد 5 / 155 و 157، ثم انظر 2 / 89 وابن عساكر 9 / 49 آ.
(2) انظر أخبار القضاة 1 / 117.
(3) المعرفة والتاريخ 1 / 559 ولفظه: " لو وقفت " وانظر ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب.
(4) ابن سعد 5 / 156.
(5) ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب.
(*)

(4/288)


وقال أبو زرعة: ثقة، إمام.
وقال مالك: كان عندنا من رجال أهل العلم، اسم أحدهم كنيته، منهم: أبو سلمة.
وقال محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي: قدم علينا البصرة أبو سلمة في إمارة بشر بن مروان، وكان رجلا صبيحا، كأن وجهه دينار هرقلي (1).
قال الزهري: أربعة من قريش وجدتهم بحورا، عروة، وابن المسيب، وأبو سلمة، وعبيدالله بن عبد الله.
قال: وكان أبو سلمة كثيرا ما يخالف ابن عباس، فحرم لذلك منه علما كثيرا.
قاله الزهري (2).
عقيل، عن ابن شهاب: قدمت مصر على عبد العزيز - يعني متوليها -
وأنا أحدث عن سعيد بن المسيب، فقال لي إبراهيم بن قارظ: ما أسمعك تحدث إلا عن سعيد ! فقلت: أجل.
فقال: لقد تركت رجلين من قومك لا أعلم أكثر حديثا منهما، عروة، وأبو سلمة (3).
قال: فلما رجعت إلى المدينة وجدت عروة بحرا لا تكدره الدلاء.
قلت: لا يكثر عن أبي سلمة وهو من عشيرته، ربما كان بينهما شئ، وإلا فما أبو سلمة بدون عروة في سعة العلم.
قال ابن سعد (4): توفي أبو سلمة بالمدينة سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
__________
(1) ابن سعد 5 / 156.
(2) انظر ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب ولفظه: " فكان يماري ابن عباس " وفي رواية أخرى: " وكان أبو سلمة ينازع ابن عباس في المسائل ويماريه ".
(3) ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 150 ب.
(4) في الطبقات 5 / 157.
(*)

(4/289)


وقال الواقدي في وفاته وسنه مالا يتابع عليه فقال: مات سنة أربع ومئة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
وقال الهيثم بن عدي في وفاته كالاول.
قال إسماعيل بن أبي خالد: قدم علينا أبو سلمة زمن بشر بن مروان وكان زوج بنته بمد تمر.
وقال عمرو بن دينار، قال أبو سلمة: أنا أفقه من بال، فقال ابن عباس: في المبارك.
رواها ابن عيينة عنه (1).
ابن لهيعة، عن أبي الاسود، قال: كان أبو سلمة مع قوم، فرأوا قطيعا
من غنم، فقال أبو سلمة: اللهم إن كان في سابق علمك أن أكون خليفة فاسقنا من لبنها، فانتهى إليها فإذا هي تيوس كلها (2).
قال عمرو بن دينار، عن عائشة أنها قالت لابي سلمة وهو حدث: إنما مثلك مثل الفروج يسمع الديكة تصيح فيصيح (3).
وروي عن الشعبي قال: قدم أبو سلمة الكوفة، فكان يمشي بيني وبين رجل، فسئل عن أعلم من بقي، فتمنع ساعة ثم قال: رجل بينكما (4).
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، وجماعة كتابة، أن عمر بن طبرزذ (5) أخبرهم، قال: أنبأنا هبة الله بن الحصين، أنبأنا محمد بن محمد بن
__________
(1) انظر أخبار القضاة 1 / 116 وابن عساكر نسخة (ع) 9 / 151 ب.
(2) المعرفة والتاريخ 1 / 560 وابن عساكر نسخة (ع) 9 / 152 آ.
(3) أورده ابن عساكر مطولا في نسخة (ع) 9 / 151 ب.
(4) المصدر السابق وانظر ابن سعد 5 / 156.
(5) هو المسند الكبير ابو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي المؤدب، ويعرف بابن طبرزذ المتوفى 607 ه والطبرزذ: بذال معجمة هو السكر فارسي معرب.
تأتي ترجمته في المجلد الثالث عشر من الاصل 116 آ.
(*)

(4/290)


غيلان، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله، أنبأنا أحمد بن عبيدالله حدثنا يزيد ابن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي، والمسجد الحرام، والمسجد الاقصى " (1).
أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام الشافعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا أحمد بن عبد الغني، أنبأنا نصر بن البطر (2)، أنبأنا عبد الله بن
عبيدالله، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا حفص الربالي (3)، حدثنا يحيى القطان، عن يحيى بن سعيد، سمعت أبا سلمة بن عبدالرحمن سمعت أبا قتادة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه، فليبزق عن شماله ثلاث مرات، وليستعذ بالله من شرها، فإنها لن تضره " (4).
قال خليفة بن خياط (5): عزل مروان عن المدينة في سنة ثمان وأربعين، ووليها سعيد بن العاص، فاستقضى أبا سلمة بن عبدالرحمن،
__________
(1) سنده حسن، وأخرجه البخاري 3 / 51، ومسلم (1397) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الاقصى " وأخرجه مسلم (827) عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ " لا تشدوا الرحال ".
(2) هو مسند العراق نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر البغدادي البزاز المتوفى 494 ه تأتي ترجمته في المجلد الثاني عشر من الاصل 10 آ.
(3) نسبة إلى ربال جده، وهو حفص بن عمرو بن ربال.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في الموطأ 2 / 957 عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي قتادة، والبخاري 12 / 344 من طريق يحيى بن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وأخرجه مسلم (2261) (2) عن القعنبي، عن سليمان بن بلال.
عن يحيى بن سعيد.
(5) في تاريخه ص 228.
(*)

(4/291)


فلم يزل قاضيا حتى عزل سعيد سنة أربع وخمسين.
سلمة الابرش: حدثنا ابن إسحاق، قال: رأيت أبا سلمة يأتي المكتب، فينطلق بالغلام إلى بيته، فيملي عليه الحديث (1).

109 - إبراهيم بن عبدالرحمن * (خ، م) ابن عوف، الامام الفقيه، أبو إسحاق الزهري العوفي المدني، وقيل: كنيته أبو محمد، أخو أبي سلمة الفقيه وحميد.
حدث عن أبيه، وعن عمر، وعثمان، وعلي، وسعد، وعمار بن ياسر، وجبير بن مطعم، وطائفة.
روى عنه ابناه: سعد بن إبراهيم قاضي المدينة، وصالح بن إبراهيم، وعطاء بن أبي رباح، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغيرهم.
وأمه هي المهاجرة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
وقيل: إنه شهد حصار الدار مع عثمان رضي الله عنه.
وثقه النسائي وغيره.
توفي سنة ست وتسعين عن سن عالية.
ويحتمل أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) ابن عساكر نسخة (ع) 9 / 151 ب، 152 آ.
* طبقات ابن سعد 5 / 55، طبقات خليفة ت 2076، تاريخ البخاري 1 / 295، المعارف 237، المعرفة والتاريخ 1 / 367، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 111، الاستيعاب ت 2، تاريخ ابن عساكر 2 / 230 آ، أسد الغابة 1 / 42، تهذيب الكمال ص 59، تاريخ الاسلام 3 / 335، العبر 1 / 112، تذهيب التهذيب 1 / 38 ب، الاصابة ت 404، تهذيب التهذيب 1 / 139، خلاصة تذهيب التهذيب 19، شذرات الذهب 1 / 111، تهذيب ابن عساكر 2 / 228.
(*)

(4/292)


110 - وحميد بن عبدالرحمن * (ع) الزهري أخوه وشقيقه، وخالهما عثمان، لانه أخو أم كلثوم من الام.
حدث عن أبويه، وعن خاله عثمان، وسعيد بن زيد، وأبي هريرة،
وعبد الله بن عباس، وجماعة.
روى عنه سعد بن إبراهيم القاضي، وابن أبي مليكة، والزهري، وصفوان بن سليم، وقتادة، وآخرون.
وقيل: إنه لحق عمر، ولم يصح ذلك، بل ولد في أيامه.
وكان فقيها، نبيلا، شريفا.
وثقه أبو زرعة الرازي.
مات في سنة خمس وتسعين.
ومن قال: إنه مات في سنة خمس ومئة فقد وهم (1).

111 - حميد بن عبدالرحمن * * (ع) الحميري، شيخ بصري ثقة، عالم.
يروي عن أبي هريرة، وأبي بكرة الثقفي، وابن عمر - موته قريب من موت سميه حميد بن عبدالرحمن الزهري - ويروي أيضا عن سعد بن هشام، وأولاد سعد بن أبي وقاص.
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 153، طبقات خليفة ت 2075، تاريخ البخاري 2 / 345، المعارف 238، المعرفة والتاريخ 1 / 367، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 225، أسد الغابة 2 / 54، تهذيب الكمال ص 339، تاريخ الاسلام 3 / 360، العبر 1 / 113، تذهيب التهذيب 1 / 179 آ، البداية والنهاية 9 / 140، تهذيب التهذيب 3 / 45، خلاصة تذهيب التهذيب 94، شذرات الذهب 1 / 111.
(1) انظر ابن سعد 5 / 155.
* * طبقات ابن سعد 7 / 147، طبقات خليفة ت 1662، تاريخ البخاري 2 / 346، المعرفة والتاريخ 2 / 67، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 225، أخبار أصبهان 1 / 290، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تهذيب الكمال ص 339، تاريخ الاسلام 3 / 246 و 360، تذهيب التهذيب 1 / 179 آ، تهذيب التهذيب 3 / 46، خلاصة تذهيب التهذيب 94.
(*)

(4/293)


حدث عنه: عبد الله بن بريدة، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن المنتشر، وقتادة بن دعامة، وأبو بشر جعفر بن إياس، وداود بن عبد الله الاودي، وجماعة.
قال العجلي: تابعي ثقة، ثم قال: كان ابن سيرين يقول: هو أفقه أهل البصرة، رواه منصور بن زاذان عن محمد (1).
وروى هشام، عن ابن سيرين، قال: كان حميد بن عبدالرحمن أعلم أهل المصرين - يعني الكوفة والبصرة.

112 - حسان أمير المغرب * وأمير العرب، فقيل: إنه حسان بن النعمان بن المنذر الغساني.
حكى عنه أبو قبيل المعافري، وكان بطلا شجاعا غزاء.
افتتح في المغرب بلادا، وكانت له في دمشق دار كبيرة، وقد جهزه معاوية، فصالح البربر وقرر عليهم الخراج، وحكم على المغرب نيفا وعشرين سنة، وهذب الاقليم إلى أن عزله الوليد بن عبدالملك، فقدم بأموال وتحف، وجواهر عظيمة، ثم قال: يا أمير المؤمنين إنما خرجت مجاهدا لله وليس مثلي من يخون، وأحضر خزائن المال.
فقال: ارجع إلى ولايتك، فأبى وحلف: إنه لا يلي لبني أمية أبدا.
وكان يدعى الشيخ الامين، لثقته وجلالته.
وأما أبو سعيد بن يونس، فأرخ موت حسان سنة ثمانين رحمه الله.

113 - الشعبي * * (ع) عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار - وذو كبار: قيل من أقيال
__________
(1) انظر تاريخ البخاري 2 / 346 والمعرفة والتاريخ 2 / 68.
* تقدمت ترجمته ومصادرها على الصفحة 140 من هذا الجزء.
* * طبقات ابن سعد 6 / 246، طبقات خليفة ت 1144، تاريخ البخاري 6 / 450، تاريخ البخاري الصغير 1 / 243، 253، 254، المعارف 449، المعرفة والتاريخ 2 / 592، = (*)

(4/294)


اليمن - الامام، علامة العصر، أبو عمرو الهمداني ثم الشعبي.
ويقال: هو عامر بن عبد الله، وكانت أمه من سبي جلولاء (1).
مولده في إمرة عمر بن الخطاب لست سنين خلت منها.
فهذه رواية وقيل: ولد سنة إحدى وعشرين.
قاله شباب (2).
وكانت جلولاء في سنة سبع عشرة (3).
وروى ابن عيينة عن السري بن إسماعيل، عن الشعبي، قال: ولدت عام جلولاء (4).
فهذه رواية منكرة، وليس السري بمعتمد، قد اتهم.
وعن أحمد بن يونس: ولد الشعبي سنة ثمان وعشرين (5).
__________
= أخبار القضاة 2 / 413، المنتخب من ذيل المذيل للطبري 635، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 322، الاكليل 8 / 145، الحلية 4 / 310، طبقات الشافعية للعبادي 58، تاريخ بغداد 12 / 227، طبقات الفقهاء للشيرازي 81، سمط اللآلي 751، الجمع بين رجال الصحيحين 377، تاريخ ابن عساكر (عاصم عايذ) 138، والاصل (س) 8 / 342 ب، طبقات فقهاء اليمن 70، اللباب 2 / 21، معجم البلدان (شعب)، وفيات الاعيان 3 / 12، تهذيب الكمال ص 642، تاريخ الاسلام 4 / 130، تذكرة الحفاظ 1 / 74، العبر 1 / 127، تذهيب التهذيب 2 / 114 آ، البداية والنهاية 9 / 230، غاية النهاية ت 1500، طبقات المعتزلة 130، 139، تهذيب التهذيب 5 / 65، النجوم الزاهرة 1 / 253، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 32، خلاصة تذهيب التهذيب 184، شذرات الذهب 1 / 126، تهذيب ابن عساكر 7 / 141.
(1) انظر أخبار القضاة 2 / 425 وتاريخ بغداد 12 / 227 وجلولاء: قرية بناحية فارس كانت بها
الوقعة المشهورة التي انتصر فيها المسلمون سنة 16 ه.
وموضعها اليوم في العراق، مرحلة قزرلرباط (أي الرباط الاحمر) سمتها الحكومة العراقية بالسعدية.
انظر معجم البلدان وبلدان الخلافة الشرقية ص 87 ووفيات الاعيان 3 / 16.
وانظر خبر الوقعة في الطبري 4 / 24.
(2) هو خليفة بن خياط في تاريخه ص 149.
(3) في الطبري وابن الاثير ومعجم البلدان سنة 16 ه، وفي تاريخ خليفة: ومعجم ما استعجم سنة 17 كما هنا وقيل: سنة تسع عشرة.
(4) ابن عساكر (عاصم عايذ) 141.
(5) المصدر السابق ص 142.
(*)

(4/295)


ويقاربها رواية حجاج الاعور عن شعبة، قال لي أبو إسحاق: الشعبي أكبر مني بسنة أو سنتين (1).
قلت: وإنما ولد أبو إسحاق بعد سنة اثنتين وثلاثين.
وقال محمد بن سعد (2): هو من حمير، وعداده في همدان.
قلت: رأى عليا رضي الله عنه وصلى خلفه، وسمع من عدة من كبراء الصحابة.
وحدث عن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبي موسى الاشعري، وعدي بن حاتم وأسامة بن زيد، وأبي مسعود البدري، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وعائشة، وجابر بن سمرة، وابن عمر، وعمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عمرو، وجرير بن عبد الله، وابن عباس، وكعب بن عجرة، وعبد الرحمن بن سمرة، وسمرة بن جندب، والنعمان بن بشير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وبريدة بن الحصيب، والحسن بن علي، وحبشي بن جنادة، والاشعث بن قيس الكندي، ووهب بن
خنبش الطائي، وعروة بن مضرس، وجابر بن عبد الله، وعمرو بن حريث، وأبي سريحة الغفاري، وميمونة، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت قيس، وأم هانئ، وأبي جحيفة السوائي، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن يزيد الانصاري، وعبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله بن الزبير، والمقدام بن معد يكرب، وعامر بن شهر، وعروة بن الجعد البارقي، وعوف بن مالك الاشجعي، وعبد الله بن مطيع بن الاسود العدوي، وأنس بن مالك، ومحمد ابن صيفي، وغير هؤلاء الخمسين من الصحابة.
__________
(1) انظر أخبار القضاة 2 / 426.
(2) في الطبقات 6 / 246.
(*)

(4/296)


وحدث عن علقمة، والاسود، والحارث الاعور، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والقاضي شريح وعدة.
روى عنه الحكم، وحماد، وأبو إسحاق، وداود بن أبي هند، وابن عون وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصم الاحول، ومكحول الشامي، ومنصور بن عبدالرحمن الغداني، وعطاء بن السائب، ومغيرة بن مقسم، ومحمد بن سوقة، ومجالد، ويونس بن أبي إسحاق، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وعيسى بن أبي عيسى الحناط (1)، وعبد الله بن عياش المنتوف، وأبو بكر الهذلي، وأمم سواهم.
وقبيلته: من كان منهم بالكوفة قيل: شعبي.
ومن كان بمصر قيل: الاشعوبي.
ومن كان باليمن قيل لهم: آل ذي شعبين، ومن كان بالشام قيل: الشعباني، وأرى قبيلة شعبان نزلت بمرج " كفربطنا " (2) فعرف بهم، وهم جميعا ولد حسان بن عمرو بن شعبين (3).
قال الحاكم أبو عبد الله: فبنو علي بن حسان بن عمرو رهط عامر الشعبي، دخلوا في جمهور همدان.
وكان الشعبي توءما ضئيلا فكان يقول: إني زوحمت في الرحم.
قال: وأقام بالمدينة ثمانية أشهر هاربا من المختار، فسمع من ابن عمر وتعلم الحساب من الحارث الاعور، وكان حافظا وما كتب شيئا قط.
قال ابن سعد (4): أنبأنا عبد الله بن محمد بن مرة الشعباني، حدثني
__________
(1) ثلثه ابن ماكولا تبعا للدار قطني، فإنه قال: وعيسى بن أبي عيسى الحباط والحناط والخياط، وهو يشتهر بالحاء والنون.
انظر المشتبه للمؤلف 252.
(2) من قرى غوطة دمشق (الشرقية) من إقليم داعية، تقع إلى الغرب من قرية " جسرين " انظر معجم البلدان وغوطة دمشق لمحمد كرد علي.
(3) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 145، 146.
(4) في الطبقات 6 / 246.
(*)

(4/297)


أشياخ من شعبان، منهم محمد بن أبي أمية - وكان عالما - أن مطرا أصاب اليمن، فجحف السيل موضعا فأبدى عن أزج (1) عليه باب من حجارة، فكسر الغلق ودخل، فإذا بهو عظيم فيه سرير من ذهب، فإذا عليه رجل شبرناه فإذا طوله اثنا عشر شبرا، وإذا عليه جباب من وشي منسوجة بالذهب، وإلى جنبه محجن من ذهب على رأسه ياقوتة حمراء، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية، له ضفران، وإلى جنبه لوح مكتوب فيه بالحميرية: باسمك اللهم رب حمير أنا حسان بن عمرو القيل (2) إذ لا قيل إلا الله، عشت بأمل، ومت بأجل، أيام وخزهيد (3)، وما وخزهيد ؟ هلك فيه اثنا عشر ألف قيل، فكنت آخرهم قيلا، فأتيت جبل ذي شعبين ليجيرني من الموت فأخفرني.
وإلى جنبه سيف
مكتوب فيه: أنا قيل بي يدرك الثأر.
شعبة، عن منصور بن عبدالرحمن، عن الشعبي، قال: أدركت خمس مئة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (4).
سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، قال: ما رأيت أحدا أعلم من الشعبي (5).
هشيم: أنبأنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي، قال: ما مات ذو قرابة
__________
(1) الازج: بناء مستطيل مقوس السقف.
(2) القيل: الملك من ملوك حمير يتقيل من قبله من ملوكهم (يشبهه) (لسان).
(3) في الاصل: " وخزهيذ " بالذال المعجمة، وما أثبتناه من الاشتقاق والتاج.
وال " وخز ": الطعن النافذ، أو هو الطاعون.
و " هيد " قال ياقوت في معجم البلدان: وأيام هيد أيام موتان كانت في الجاهلية في الدهر الاول، قيل: مات فيها.
اثنا عشر ألفا.
هكذا ذكره العمراني في أسماء الاماكن ولا أدري ما معناه.
اه.
انظر ابن سعد 6 / 246، والاشتقاق 524 وابن عساكر (عاصم عايذ) 144، 145.
(4) التاريخ الصغير للبخاري 1 / 253، 254 وأخبار القضاة 2 / 428.
(5) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 167 وما بعدها.
(*)

(4/298)


لي وعليه دين، إلا وقضيت عنه، ولا ضربت مملوكا لي قط، ولا حللت حبوتي إلى شئ مما ينظر الناس.
أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، قال: ما رأيت أحدا قط كان أفقه من الشعبي.
قلت: ولا شريح ؟ فغضب وقال: إن شريحا لم أنظر أمره (1).
زائدة، عن مجالد، قال: كنت مع إبراهيم في أصحاب الملا، فأقبل الشعبي، فقام إليه إبراهيم، فقال له: يا أعور، لو أن أصحابي أبصروك ! ثم
جاء، فجلس في موضع إبراهيم.
سليمان التيمي، عن أبي مجلز، قال: ما رأيت أحدا أفقه من الشعبي، لا سعيد بن المسيب، ولا طاووس، ولاعطاء، ولا الحسن، ولا ابن سيرين، فقد رأيت كلهم.
عبد الله بن رجاء: حدثنا جرير بن أيوب، قال: سأل رجل الشعبي عن ولد الزنى شر الثلاثة هو (2) ؟ فقال: لو كان كذلك، لرجمت أمه وهو في بطنها ولم تؤخر حتى تلد.
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 170 ولفظه: " لم أبطن أمره ".
(2) يشير إلى الحديث الذي أخرجه أحمد 2 / 311، وأبو داود (3963) والحاكم 2 / 214 من طريق جرير عن سهيل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولد الزنى شر الثلاثة " وسهيل بن أبي صالح ثقة لكنه تغير حفظه بأخرة، وأخرجه الحاكم 2 / 215 من طريق أخرى عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة، وأخرجه الحاكم أيضا من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة قال: بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ولد الزنى شر الثلاثة " فقالت: رحم الله أبا هريرة، أساء سمعا فأساء إصابة، لم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " من يعذرني من فلان " قيل: يارسول الله، مع ما به ولد زنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو شر الثلاثة " والله عزوجل يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
وسلمة بن الفضل مختلف فيه.
وباقي رجاله ثقات وأخرج عبد الرزاق في " المصنف " = (*)

(4/299)


ابن حميد: حدثنا حر، عن مغيرة، قال رجل من الكيسانية (1) عند الشعبي: كانت عائشة من أبغض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إليه.
قال: خالفت سنة نبيك.
على بن القاسم، عن أبي بكر الهذلي، قال لي ابن سيرين: الزم الشعبي، فلقد رأيته يستفتى وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون (2).
قال أبو الحسن المدائني في كتاب الحكمة: قيل للشعبي: من أين لك كل هذا العلم ؟ قال: بنفي الاغتمام، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمام، وبكور كبكور الغراب (3).
قال ابن عيينة: علماء الناس ثلاثة، ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه (4).
قال ابن سعد (5): كان الشعبي ضئيلا نحيفا، ولد هو وأخ له توءما.
__________
= (13860) من طريق معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان إذا قيل لها: هو شر الثلاثة، عابت ذلك، وقالت: ما عليه من وزر أبويه، قال الله: (لاتزر وازرة وزر أخرى) وإسناده صحيح، وأخرجه أيضا (13861) من طريق الثوري عن هشام بن عروة، عن أبيه وأخرج أحمد 6 / 109 عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو أشر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه " وإسناده ضعيف.
وأخرجه البيهقي في سننه 10 / 58 وقال ليس بالقوي، وقد روى مثله بإسناد ضعيف عن ابن عباس، وقال صاحب الاستذكار: قد أنكر ابن عباس على من روى في ولد الزنى أنه شر الثلاثة، وقال: لو كان شر الثلاثة ما استوني بأمه أن ترجم حتى تضعه.
رواه ابن وهب عن معاوية بن صالح، عن علي بن طلحة عن ابن عباس.
(1) الكيسانية هم أتباع كيسان مولى علي رضي الله عنه، وقيل: كيسان لقب المختار الثقفي، والكيسانية فرقة شيعية اعتقدت بإمامها بأنه محيط بالعلوم كلها، ويجمعهم القول بأن الدين طاعة رجل، فحملهم ذلك على تأويل الاركان الشرعية على رجال فعطلوها.
انظر الملل والنحل 1 / 147، والمقالات والفرق 21، والفاطميون في مصر 34، والتاج (كيس).
(2) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 166.
(3) ابن عساكر (عاصم عايذ) 163 ولفظه: " وصبر كصبر الحمار ".
(4) تاريخ بغداد 12 / 227 وانظر أخبار القضاة 2 / 421.
(5) في الطبقات 6 / 247.
(*)

(4/300)


قال أحمد بن عبد الله العجلي: سمع الشعبي من ثمانية وأربعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ولا يكاد يرسل إلا صحيحا.
روى عقيل بن يحيى: حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن منصور الغداني، عن الشعبي، قال: أدركت خمس مئة صحابي أو أكثر يقولون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (1).
وأما عمرو بن مرزوق، فرواه عن شعبة، وفيه: يقولون: علي وطلحة والزبير في الجنة (2).
ابن فضيل، عن ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أجبت أن يعيده علي (3).
هذا سماعنا في " مسند الدارمي ".
أنبأنا مالك بن إسماعيل، أنبأنا ابن فضيل: فكأن الشعبي يخاطبك به وهذا يدل على أنه أمي لاكتب ولاقرأ.
الفسوي في " تاريخه " (4): حدثنا الحميدي حدثنا سفيان، حدثنا ابن شبرمة، سمعت الشعبي يقول: ما سمعت منذ عشرين سنة رجلا يحدث بحديث إلا أنا أعلم به منه، ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجل، لكان به عالما.
نوح بن قيس، عن يونس بن مسلم، عن وادع الراسبي، عن الشعبي
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 155، 156.
(2) المصدر السابق 156.
(3) المصدر السابق 157 وانظر ابن سعد 6 / 249 وتاريخ بغداد 2 / 229.
(4) 3 / 372 وهو في قسم النصوص المقتبسة من المجلد المفقود.
والخبر في تاريخ بغداد 12 / 229 وانظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 158.
(*)

(4/301)


قال: ما أروي شيئا أقل من الشعر، ولو شئت، لانشدتكم شهرا لاأعيد (1).
ورويت عن نوح مرة فقال: عن يونس ووادع.
محمود بن غيلان: سمعت أبا أسامة يقول: كان عمر في زمانه رأس الناس وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وكان بعده الشعبي في زمانه، وكان بعده الثوري في زمانه، ثم كان بعده يحيى بن آدم (2).
شريك، عن عبدالملك بن عمير، قال: مرابن عمر بالشعبي وهو يقرأ المغازي، فقال: كأن هذا كان شاهدا معنا، ولهو أحفظ لهامني وأعلم (3).
أشعب بن سوار، عن ابن سيرين، قال: قدمت الكوفة وللشعبي حلقة عظيمة، والصحابة يومئذ كثير (4).
ابن عيينة، عن داود بن أبي هند، قال: ما جالست أحدا أعلم من الشعبي.
وقال عاصم بن سليمان: ما رأيت أحدا أعلم بحديث أهل الكوفة والبصرة والحجاز والآفاق من الشعبي (4).
أبو معاوية: سمعت الاعمش يقول: قال الشعبي: ألا تعجبون من هذا الاعور ؟ ! يأتيني بالليل فيسألني ويفتي بالنهار - يعني إبراهيم (5).
أبو شهاب، عن الصلت بن بهرام، قال: ما بلغ أحد مبلغ الشعبي، أكثر منه يقول لا أدري (6).
__________
1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 160.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق 164.
(4) الحلية 4 / 310.
(5) المعرفة والتاريخ 2 / 603.
(6) ابن سعد 6 / 250.
(*)

(4/302)


أبو عاصم، عن ابن عون، قال: كان الشعبي إذا جاءه شئ اتقاه، وكان إبراهيم يقول ويقول (1).
جعفر بن عون، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: كان إبراهيم صاحب قياس، والشعبي صاحب آثار (2).
ابن المبارك، عن ابن عون: كان الشعبي منبسطا، وكان إبراهيم منقبضا، فإذا وقعت الفتوى، انقبض الشعبي، وانبسط إبراهيم (2).
وقال سلمة بن كهيل: ما اجتمع الشعبي وإبراهيم إلا سكت إبراهيم.
أبو نعيم: حدثنا أبوالجابية الفراء، قال: قال الشعبي: إنا لسنا بالفقهاء، ولكنا سمعنا الحديث فرويناه، ولكن الفقهاء من إذا علم عمل (3).
مالك بن مغول: سمعت الشعبي يقول: ليتني لم أكن علمت من ذا العلم شيئا (4).
قلت: لانه حجة على العالم، فينبغي أن يعمل به، وينبه الجاهل، فيأمره وينهاه، ولانه مظنة أن لا يخلص فيه، وأن يفتخر به ويماري به، لينال رئاسة ودنيا فانية.
الحميدي: حدثنا سفيان، عن ابن شبرمة، سئل الشعبي عن شئ فلم
يجب فيه، فقال رجل عنده: أبو عمرو يقول فيه كذا وكذا.
فقال: الشعبي:
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 176.
(2) المصدر السابق 177.
(3) المصدر السابق 178 وانظر الحلية 4 / 311.
(4) ابن عساكر (عاصم عايذ) 178.
(*)

(4/303)


هذا في المحيا، فأنت في الممات علي أكذب (1).
قال ابن عائشة: وجه عبدالملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم - يعني رسولا - فلما انصرف من عنده قال: يا شعبي، أتدري ما كتب به إلي ملك الروم ؟ قال: وما كتب به يا أمير المؤمنين ؟ قال: كنت أتعجب لاهل ديانتك، كيف لم يستخلفوا عليهم رسولك.
قلت: يا أمير المؤمنين لانه رآني ولم يرك (2).
أوردها الاصمعي، وفيها قال: يا شعبي، إنما أراد أن يغريني بقتلك.
فبلغ ذلك ملك الروم فقال: لله أبوه، والله ما أردت إلا ذاك (2).
يوسف بن بهلول الحافظ: حدثنا جابر بن نوح، حدثني مجالد [ عن الشعبي ]، قال: لما قدم الحجاج سألني عن أشياء من العلم فوجدني بها عارفا، فجعلني عريفا على قومي الشعبيين ومنكبا (3) على جميع همدان وفرض لي، فلم أزل عنده بأحسن منزلة، حتى كان شأن عبدالرحمن بن الاشعث، فأتاني قراء أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا عمرو، إنك زعيم القراء، فلم يزالوا حتى خرجت معهم، فقمت بين الصفين أذكر الحجاج وأعيبه بأشياء، فبلغني أنه قال: ألا تعجبون من هذا الخبيث ! أما لئن أمكنني الله منه، لاجعلن الدنيا عليه أضيق من مسك جمل (4).
قال: فما لبثنا أن هزمنا، فجئت إلى بيتي، وأغلقت علي، فمكثت تسعة أشهر، فندب الناس لخراسان، فقام قتيبة بن مسلم، فقال: أنا لها، فعقد له على خراسان، فنادى مناديه: من لحق
بعسكر قتيبة فهو آمن، فاشترى مولى لي حمارا، وزودني، ثم خرجت، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة (5)،
__________
(1) المصدر السابق 178، 179.
2) المصدر السابق 199.
(3) قال الليث: منكب القوم رأس العرفاء.
4) المسك: الجلد، ولفظ ابن عساكر حمل) بالمهملة.
5) فرغانة: مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر، متاخمة لبلاد تركستان في زاوية من ناحية = (*)

(4/304)


فجلس ذات يوم وقد برق (1)، فنظرت إليه فقلت: أيها الامير، عندي علم [ ما تريد ] فقال: ومن أنت ؟ قلت: أعيذك ألا تسأل عن ذاك، فعرف أني ممن يخفي نفسه، فدعا بكتاب فقال: اكتب نسخة.
قلت: لا تحتاج إلى ذلك فجعلت أمل عليه وهو ينظر حتى فرغ من كتاب الفتح.
قال: فحملني على بغلة وأرسل إلي بسرق (2) من حرير، وكنت عنده في أحسن منزلة، فإني ليلة أتعشى معه، إذا أنا برسول الحجاج بكتاب فيه: إذا نظرت في كتابي هذا، فإن صاحب كتابك عامر الشعبي، فإن فاتك، قطعت يدك على رجلك وعزلتك.
قال: فالتفت إلي، وقال: ما عرفتك قبل الساعة، فاذهب حيث شئت من الارض، فوالله لاحلفن له بكل يمين، فقلت: أيها الامير إن مثلي لا يخفى.
فقال: أنت أعلم.
قال: فبعثني إليه وقال: إذا وصلتم إلى خضراء واسط فقيدوه، ثم أدخلوه على الحجاج.
فلما دنوت من واسط، استقبلني ابن أبي مسلم، فقال: يا أبا عمرو، إني لاضن بك عن القتل، إذا دخلت على الامير فقل كذا وقل كذا.
فلما أدخلت عليه ورآني قال: لا مرحبا ولا أهلا، جئتني ولست في الشرف من
قومك، ولا عريفا، ففعلت وفعلت، ثم خرجت علي.
وأنا ساكت، فقال: تكلم.
فقلت: أصلح الله الامير، كل ما قلته حق، ولكنا قد اكتحلنا بعدك السهر، وتحلسنا (3) الخوف، ولم نكن مع ذلك بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء، فهذا أوان حقنت لي دمي، واستقبلت بي التوبة.
قال: قد فعلت ذلك (4).
__________
= هيطل من جهة مطلع الشمس على يمين القاصد لبلاد الترك.
اه.
معجم البلدان.
1) برق: تحير.
2) السرق: مفردها سرقة، وهي القطعة من جيد الجرير.
3) انظر الصفحة التالية 306 حاشية (1).
(4) أورد ابن عساكر الخبر مطولا (عاصم عايذ) 208 وما بعدها، وما بين الحاصرتين منه.
(*)

(4/305)


وقال الاصمعي: لما أدخل الشعبي على الحجاج قال: هيه يا شعبي.
فقال: أحزن بنا المنزل، واستحلسنا الخوف (1)، فلم نكن فيما فعلنا بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء.
فقال لله درك (2).
قال ابن سعد (3): قال أصحابنا: كان الشعبي فيمن خرج مع القراء على الحجاج، ثم اختفى زمانا، وكان يكتب إلى يزيد بن أبي مسلم أن يكلم فيه الحجاج.
قلت: خرج القراء، وهم أهل القرآن والصلاح بالعراق على الحجاج لظلمه وتأخيره الصلاة والجمع في الحضر، وكان ذلك مذهبا واهيا لبني أمية كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: " يكون عليكم أمراء يميتون الصلاة " (4).
فخرج على الحجاج عبدالرحمن بن الاشعث بن قيس الكندي، وكان شريفا مطاعا، وجدته أخت الصديق، فالتف (5) على مائة ألف أو يزيدون، وضاقت على الحجاج الدنيا، وكاد أن يزول ملكه، وهزموه مرات، وعاين التلف وهو ثابت
مقدام، إلى أن انتصر وتمزق جمع ابن الاشعث.
وقتل خلق
__________
1) أحزن بنا المنزل: صار ذا حزونة (خشونة) كأن المنزل أركبهم الحزونة حيث نزلوا فيه.
واستحلس فلان الخوف: إذا لم يفارقه الخوف ولم يأمن.
2) ابن عساكر (عاصم عايذ) 211، وانظر الحلية 4 / 325 واللسان (حلس).
3) في الطبقات 6 / 249.
له تتمة.
(4) أخرج مسلم في صحيحه (648) وأبو داود (431) والترمذي (176) وابن ماجه (1256) عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها " ؟ قال: قلت: فما تأمرني ؟ قال: " صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة ".
وأخرج أبو داود (434) من حديث قبيصة بن وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي عليهم، فصلوا معهم ما صلوا القبلة ".
5) التف عليه القوم: اجتمعوا.
فعلى هذا تكون العبارة: " فالتف عليه مئة ألف ".
(*)

(4/306)


كثير من الفريقين.
فكان من ظفر به الحجاج منهم قتله إلا من باء منهم بالكفر على نفسه فيدعه.
سعيد بن عامر، عن حميد بن الاسود، عن عيسى الحناط (1) قال: قال الشعبي: إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان: العقل والنسك، فإن كان عاقلا ولم يكن ناسكا قال: هذا أمر لا يناله إلا النساك فلن أطلبه، وإن كان ناسكا ولم يكن عاقلا قال: هذا أمر لا يناله إلا العقلاء، فلن أطلبه.
يقول الشعبي: فلقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما، لاعقل ولانسك (2).
قلت: أظنه أراد بالعقل الفهم والذكاء.
قال مجالد: قال الشعبي: إسماعيل بن أبي خالد يزدرد العلم ازدرادا.
وقلما روى الاعمش عن الشعبي، فروى حفص عن الاعمش، عن الشعبي، قال: لا بأس بذبيحة الليطة (3).
فقلت للاعمش: يا أبا محمد، ما منعك من إتيان الشعبي ؟ قال: ويحك، كيف كنت آتيه وهو إذا رآني سخر بي ويقول: هذه هيئة عالم ! ما هيئتك إلا هيئة حائك.
وكنت إذا أتيت إبراهيم أكرمني وأدناني.
قال عاصم الاحول: حدثني الشعبي بحديث، فقلت: إن هذا يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: من دونه أحب إلينا إن كان فيه زيادة أو نقصان.
خالد الحذاء، عن حصين، عن عامر، قال: ما كذب على أحد في هذه الامة ما كذب على علي.
ابن عيينة: عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: ما جلست مع قوم مذ
__________
1) انظر التعليق (1) صفحة 297.
2) ابن عساكر (عاصم عايذ) 226.
3) الليطة: قشرة القصب المحددة.
(*)

(4/307)


كذاوكذا، فخاضوا في حديث إلا كنت أعلمهم به.
عبيدالله بن موسى: حدثنا داود بن يزيد، سمعت الشعبي يقول: والله لو أصبت تسعا وتسعين مرة وأخطأت مرة، لاعدوا علي تلك الواحدة (1).
وعن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي قال: كأني بهذا العلم تحول إلى خراسان.
عبد الله بن إدريس، عن عمرو بن خليفة، عن أبي عمرو، عن الشعبي، قال: أصبحت الامة على أربع فرق: محب لعلي مبغض لعثمان، ومحب لعثمان مبغض لعلي، ومحب لهما، ومبغض لهما.
قلت: من أيها
أنت ؟ قال: مبغض لبا غضهما (2).
عبد الله بن إدريس: حدثنا عمي، قال لي الشعبي: أحدثك عن القوم كأنك شهدتهم، كان شريح أعلمهم بالقضاء، وكان عبيدة يوازي شريحا في علم القضاء، وأما علقمة، فانتهى إلى علم عبد الله لم يجاوزه، وأما مسروق، فأخذ عن كل.
وكان الربيع بن خثيم أعلمهم علما، وأورعهم ورعا (3).
قال زكريا بن أبي زائدة: كان الشعبي يمر بأبي صالح (4) فيأخذ بأذنه ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن ! عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا بقية، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثني ربيعة بن يزيد، قال: جلست إلى الشعبي بدمشق في خلافة عبد الملك، فحدث رجل من الصحابة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " اعبدوا
__________
1) انظر الحلية 4 / 320، 321 وقوله: لاعدوا، أي لعدوا.
انظر التاج (عدد).
2) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 182 والحلية 4 / 321.
3) لقد تكرر الخبر في عدة مواضع بسياقات مختلفة، انظر ص 102.
4) هو باذام مولى أم هانئ، ضعفه غير واحد.
(*)

(4/308)


ربكم ولا تشركوا به شيئا، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأطيعوا الامراء، فإن كان خيرا، فلكم، وإن كان شرا فعليهم وأنتم منه برآء " (1) فقال له الشعبي: كذبت.
هكذا رواه الحاكم فقال: حدثنا إبراهيم بن مضارب العمري، حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن مهران، حدثنا عبد الوهاب.
فكأنه أراد بها أخطأت.
قراد: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن طارق بن عبدالرحمن، قال: كنت جالسا على باب الشعبي إذ جاء جرير بن يزيد بن جرير البجلي، فدعا الشعبي له بوسادة، فقلنا له: حولك أشياخ، وجاء هذا الغلام فدعوت له بوسادة ! ؟ قال: نعم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقى لجده وسادة وقال: " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " (2).
شبابة: حدثنا يزيد بن عياض، عن مجالد، قال: كنت أمشي مع قيس الارقب، فمررنا بالشعبي، فقال لي الشعبي: اتق الله لا يشعلك بناره.
فقال قيس: أما والله قد كنت في هذه الدار - كذا قال، ولعله في هذا الرأي - ثم قال له: وما تركته إلا لحب الدنيا.
قال: فقلت: إن كنت كاذبا، فلعنك الله.
قال: فهل تعرف أصحاب علي ؟ قال الشعبي: ماكنت أعرف فقهاء الكوفة إلا أصحاب عبد الله قبل أن يقدم علينا علي، ولقد كان أصحاب عبد الله يسمون قناديل المسجد، أو سرج المصر.
قال قيس: أفلا تعرف أصحاب علي ؟ قال: نعم.
قال: فهل تعرف الحارث الاعور ؟ قال: نعم،
__________
1) رجاله ثقات خلا سعيد بن عبد العزيز فإنه اختلط بأخرة.
2) حديث حسن أخرجه حسن الطبراني عن جرير، وابن عدي والبيهقي وابن خزيمة والبزار، وأخرجه ابن ماجه عن ابن عمر، والبزار عن أبي هريرة، وابن عدي عن معاذ وأبي قتادة، والحاكم عن جابر، والطبراني عن ابن عباس، وابن عساكر عن أنس.
وانظر المقاصد الحسنة.
(*)

(4/309)


لقد تعلمت منه حساب الفرائض فخشيت على نفسي منه الوسواس، فلا أدري ممن تعلمه.
قال: فهل تعرف ابن صبور ؟ قال: نعم، ولم يكن بفقيه، ولم يكن فيه خير.
قال: فهل تعرف صعصعة بن صوحان ؟ قال: كان رجلا خطيبا ولم يكن بفقيه.
قال: فهل تعرف رشيد الهجري ؟ قال الشعبي: نعم،
بينما أنا واقف في الهجريين إذ قال لي رجل: هل لك في رجل علينا يحب أمير المؤمنين ؟ قلت: نعم.
فأدخلني على رشيد فقال: خرجت حاجا، فلما قضيت نسكي، قلت: لو أحدثت عهدا بأمير المؤمنين، فممرت بالمدينة، فأتيت باب علي رضي الله عنه، فقلت لانسان: استأذن لي على سيد المسلمين، فقال: هو نائم، وهو يحسب أني أعني الحسن، قلت: لست أعني الحسن إنما أعني أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين.
قال: أو ليس قد مات ! فبكى.
فقلت: أما والله إنه ليتنفس الآن بنفس حي، ويعترق من الدثار الثقيل.
فقال: أما إذ عرفت سر آل محمد، فادخل عليه، فسلم عليه.
فدخلت على أمير المؤمنين، فسلمت عليه، وأنبأني بأشياء تكون.
قال الشعبي: فقلت لرشيد: إن كنت كاذبا، فلعنك الله، ثم خرجت.
وبلغ الحديث زيادا، فقطع لسانه وصلبه (1) قال شبابة: وحدثنيه غير واحد، عن مجالد، عن الشعبي.
إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن علقمة، قال: أفرط ناس في حب علي كما أفرطت النصارى في حب المسيح.
وروى خالد بن سلمة، عن الشعبي قال: حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة.
__________
1) رشيد الهجري، قال الجوزجاني: كذاب غير ثقة، وقال النسائي: ليس بالقوي وقال البخاري: يتكلمون فيه.
وقال ابن معين: لا يساوي شيئا.
وانظر الخبر في الضعفاء والمجروحين 1 / 298 والميزان للمؤلف 2 / 52.
(*)

(4/310)


مالك بن مغول، عن الشعبي: ما بكيت من زمان إلا بكيت عليه (1).
روى مجالد وغيره، أن رجلا مغفلا لقي الشعبي ومعه امرأة تمشي،
فقال: أيكما الشعبي ؟ قال: هذه (2).
وعن عامر بن يساف (3)، قال: قال لي الشعبي: امض بنا نفر من أصحاب الحديث، فخرجنا، قال: فمر بنا شيخ، فقال له الشعبي: ما صنعتك ؟ قال: رفاء، قال: عندنا دن مكسور ترفوه لنا ؟ قال: إن هيأت لي سلوكا من رمل، رفوته.
فضحك الشعبي حتى استلقى (4).
روى عطاء بن السائب، عن الشعبي قال: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها (5).
عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عبدالرحمن، قال: رأيت الشعبي سلم على نصراني فقال: السلام عليك ورحمة الله.
فقيل له في ذلك فقال: أو ليس في رحمة الله، لولا ذلك، لهلك (6).
روى مجالد عن الشعبي قال: لعن الله أرأيت (7).
قال أبو بكر الهذلي، قال الشعبي: أرأيتم لو قتل الاحنف، وقتل معه صغير، أكانت ديتهما سواء، أم يفضل الاحنف لعقله وحلمه ؟ قلت: بل سواء.
قال: فليس القياس بشئ (7).
__________
1) الحلية 4 / 323.
(2) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 233.
3) هو عامر بن عبد الله بن يساف اليمامي ينسب إلى جده.
4) انظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 234.
5) الحلية 4 / 313.
(6) لا ندري كيف خفي على الشعبي حديث مسلم في الصحيح (2167) من طريق أبي هريرة مرفوعا: " لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام ".
(7) الحلية 4 / 320 وانظر ما قبلها.
(*)

(4/311)


مجالد، عن الشعبي: نعم الشئ الغوغاء، يسدون السيل ويطفئون الحريق، ويشغبون على ولاة السوء (1).
وبلغنا عن الشعبي أنه قال: يا ليتني أنفلت من علمي كفافا لا علي ولا لي (2).
إسحاق الازرق، عن الاعمش، قال: أتى رجل الشعبي، فقال: ما اسم امرأة إبليس ؟ قال: ذاك عرس ما شهدته (3).
ابن عيينة، عن ابن شبرمة، قال: سئل الشعبي عمن نذر أن يطلق امرأته ؟ قال: ليس بشئ قال: فنهيت الشعبي أنا فقال: ردوا علي الرجل: نذرك في عنقك إلى يوم القيامة.
عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: رأيت الشعبي ينشد الشعر في المسجد، ورأيت عليه ملحفة حمراء، وإزارا أصفر (4).
قال ابن شبرمة: استعمل ابن هبيرة الشعبي على القضاء وكلفه أن يسامره فقال: لا أستطيع، فأفردني بأحدهما (5).
قال عاصم الاحول، كان الشعبي أكثر حديثا من الحسن وأسن منه بسنتين.
الهيثم بن عدي: حدثنا مجالد، عن الشعبي.
قال: كره الصالحون
__________
1) الحلية 4 / 324.
2) انظر ابن سعد 6 / 250 وابن عساكر (عاصم عايذ) 175.
ابن عساكر (عاصم عايذ) 232.
4) المعرفة والتاريخ 5 / 593، وانظر ابن سعد 6 / 253.
وفي الاصل سقطت ألف (أصفر).
5) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 593، وأخبار القضاة 2 / 414.
(*)

(4/312)


الاولون الاكثار من الحديث، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما حدثت إلا بما أجمع عليه أهل الحديث.
قلت: الهيثم واه.
وروي عن الشعبي قال: رزق صبيان هذا الزمان من العقل ما نقص من أعمارهم في هذا الزمان.
قال ابن شبرمة: مر الشعبي - وأنا معه - بإنسان وهو يقول: فتن الشعبي لما * رفع الطرف إليها فلما رأى الشعبي، كأنه (1)، ولم يتم البيت، فقال الشعبي: نظر الطرف إليها.
قلت: هذه أبيات مشهورة، عملها رجل تحاكم هو وزوجته إلى الشعبي أيام قضائه (2)، يقول فيها: فتنته ببنان * وبخطي مقلتيها (3) قال للجلواز (4) قدمها وأحضر شاهديها
__________
(1) [ يعني هابه ] زيادة عند ابن عساكر (عاصم عايذ) 223، والخبر أيضا في المعرفة والتاريخ 2 / 594، 595.
2) ذكر وكيع بسنده في " أخبار القضاة " 2 / 416، 417 أن الابيات للبارقي اختصم مع امرأة الخ..وفي خبر آخر نسبها للحكم بن عبدل.
وقد ساق صاحب العقد الخبر والابيات، وأضاف ما نصه: " قال الشعبي: فدخلت على عبدالملك بن مروان، فلما نظر إلي تبسم وقال: فتن الشعبي..ثم قال: ما فعلت بقائل هذه الابيات ؟ قلت: أوجعته ضربا يا أمير المؤمنين بما انتهك من حرمتي في مجلس الحكومة، وبما افترى به علي.
قال: أحسنت ".
انظر العقد الفريد 1 / 73.
3) كذا الاصل، ولعله وهم، فرواية وكيع وصاحب العقد وابن عساكر: " وبخطي حاجبيها "
ولفظ المقلتين جاء في بيت آخر: وبنان كالمدارى * وبحسن مقلتيها 4) في الاصل: (للجواز) وهو تصحيف والجلواز: الشرطي.
(*)

(4/313)


فقضى جورا على الخصم ولم يقض عليها قال ابن شبرمة [ عن الشعبي ]: إذا عظمت الحلقة فإنما هو نجاء أو نداء (1).
قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، وحدثنا محمد بن علي بن محارب، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي (2)، حدثنا يعقوب بن كعب (ح)، قال أبو نعيم.
وحدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا ابن زنجويه، أنبأنا إسماعيل بن عبد الله الرقي (ح) وحدثنا الطبراني، حدثنا أحمد بن المعلى، حدثنا هشام، قالوا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عباد بن موسى، عن الشعبي، قال: أتي بي الحجاج موثقا، فلما انتهيت إلى باب القصر لقيني يزيد بن أبي مسلم فقال: إنا لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة، بؤ للامير بالشرك والنفاق على نفسك فبالحري أن تنجو.
ثم لقيني محمد بن الحجاج فقال لي مثل مقالة يزيد، فلما دخلت عليه قال: وأنت يا شعبي فيمن خرج علينا وكثر ! قلت: أصلح الله الامير، أحزن بنا المنزل، وأجدب الجناب (3)، وضاق المسلك، واكتحلنا السهر، واستحلسنا الخوف، ووقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء.
قال: صدق والله، ما بروا في خروجهم علينا، ولا قووا علينا حيث فجروا.
فأطلقوا عني.
قال: فاحتاج إلى فريضة، فقال: ما تقول في أخت وأم وجد ؟ قلت: اختلف فيها
خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عثمان، وزيد، وابن
__________
1) ما بين الحاصرتين من ابن سعد 6 / 254 والحلية 4 / 323.
ولفظ اللسان والتاج: " بذاء أو نجاء " انظر مادة (نجا) (2) نسبة إلى بوشنج وهي بلد على سبعة فراسخ من هراة.
اه.
أنساب السمعاني.
(3) جناب القوم: ما حولهم، والجدب: المحل نقيض الخصب.
ويقال: فلان خصيب الجناب وجديب الجناب.
(لسان) وانظر حاشية (1) صفحة 306.
(*)

(4/314)


مسعود، وعلي، وابن عباس.
قال: فما قال فيها ابن عباس ؟ إن كان لمنقبا (1).
قلت: جعل الجد أبا وأعطى الام الثلث ولم يعط الاخت شيئا.
قال: فما قال فيها أمير المؤمنين ؟ يعني عثمان - قلت: جعلها أثلاثا.
قال: فما قال فيها زيد ؟ قلت: جعلها من تسعة، فأعطى الام ثلاثا، وأعطى الجد أربعا، وأعطى الاخت سهمين.
قال: فما قال فيها ابن مسعود ؟ قلت: جعلها من ستة، أعطى الاخت ثلاثا، وأعطى الام سهما، وأعطى الجد سهمين.
قال: فما قال فيها أبو تراب ؟ قلت: جعلها من ستة، فأعطى الاخت ثلاثا، والام سهمين، والجد سهما.
قال: مر القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين عثمان، إذ دخل عليه الحاجب فقال: إن بالباب رسلا، قال: ائذن لهم.
فدخلوا عمائمهم على أوساطهم، وسيوفهم على عواتقهم، وكتبهم في أيمانهم، فدخل رجل من بني سليم، يقال له سيابة من عاصم، فقال: من أين أنت ؟ قال: من الشام، قال: كيف أمير المؤمنين، كيف حشمه ؟ قال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب، قال: فانعت لي: قال: أصابتني سحابة بحوران، فوقع قطر صغار وقطر كبار، فكان الكبار لحمة للصغار، فوقع سبط متدارك، وهو السح (2)
الذي سمعت به، فواد سائل وواد نازح (3)، وأرض مقبلة وأرض مدبرة، فأصابتني سحابة بسواء، أو قال: بالقريتين (4) - شك عيسى - فلبدت الدماث،
__________
1) كذا الاصل، ولفظ الحلية " لمتقيا " ولفظ الفسوي " لمفتيا " ونقب عن الاخبار وغيرها: بحث عنها وفتش وأخبر بها.
2) مطر سبط: متدارك سح، أراد بالسبط المطر الواسع الكثير، والسح الصب الكثير أو السيلان من فوق.
3) في الاصل: " تارح " مصحف، وما أثبتناه من الحلية، ولفظ الفسوي: " سائح ".
4) قال ياقوت في " معجم البلدان ": سوى بضم أوله والقصر: اسم ماء لبهراء من ناحية السماوة..ولما احتاج ابن قيس الرقيات إلى مده لضرورة الشعر فتح أوله قياسا فقال: (*)

(4/315)


وأسالت العزاز، وأدحضت التلاع (1)، فصدعت عن الكماة أماكنها.
وأصابتني أيضا سحابة فقاءت العيون بعد الري، وامتلات الاخاذ (2)، وأفعمت (3) الاودية، وجئتك في مثل وجار (4) الضبع.
ثم قال: ائذن.
فدخل رجل من بني أسد، فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: لا، كثر الاعصار، واغبر البلاد، وأكل ما أشرف من الجنبة (5)، فاستيقنا أنه عام سنة.
فقال: بئس المخبر أنت.
ثم قال: ائذن.
فدخل رجل من أهل اليمامة فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: تقنعت (6) الرواد تدعو إلى زيادتها (7)، وسمعت قائلا يقول: هلم أظعنكم إلى محلة تطفا فيها النيران، وتشكى فيها النساء، وتنافس فيها
__________
وسواء وقريتان وعين التمر * خرق يكل فيه البعير والقريتان: قرية كبيرة من أعمال حمص، بينها وبين تدمر مرحلتان.
1) الدماث: السهول، ولبدت الدماث: أي صيرتها لا تسوخ فيها الارجل.
والعزاز:
الارض الصلبة أو المكان الصلب السريع السيل.
وأدحضت التلاع: صيرتها مزلقة.
2) قاءت الارض الكمأة: أخرجتها وأظهرتها.
وفي حديث عائشة تصف عمر: وبعج الارض فقاءت أكلها: أي أظهرت نباتها وخزائنها.
والاخاذ: هو مجتمع الماء، شبيه بالغدير.
3) في الاصل: " أنعمت " مصحفة، وما أثبتناه من " المعرفة والتاريخ " و " الحلية " و " ابن عساكر ".
4) الوجار: سرب الضبع إذا حفر فأمعن.
قال ابن الاثير: قال الخطابي: هو خطأ، وإنما هو " في مثل جار الضبع " يقال: غيث جار الضبع، أي يدخل عليها في وجارها حتى يخرجها منه، قال: ويشهد لذلك أنه جاء في رواية أخرى: " وجئتك في ماء يجر الضبع ويستخرجها من وجارها انظر اللسان (وجر).
5) في الاصل (الجببة)، وما أثبتناه من الحلية وابن عساكر واللسان، والجنبة: وهي رطب الصليان من النبات، وقيل: الجنبة هو ما فوق البقل ودون الشجر، والصليان: نبت له سنمة عظيمة كأنها رأس القصبة، والعرب تسميه خبزة الابل.
6) في الحديث: " تقنع يديك في الدعاء " أي ترفعهما.
7) كذا الاصل، و " الحلية " بالزاي المعجمة، ورواية " المعرفة والتاريخ " وابن عساكر = (*)

(4/316)


المعزى.
قال الشعبي: فلم يدر الحجاج ما قال، فقال: ويحك، إنما تحدث أهل الشام، فأفهمهم فقال: نعم، أصلح الله الامير، أخصب الناس، فكان التمر والسمن والزبد واللبن، فلا توقد نار ليختبز بها، وأما تشكي النساء، فإن المرأة تظل بربق (1) بهمها تمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها، كأنها ليستا معها، وأما تنافس المعزى، فإنها ترعى من أنواع الشجر وألوان الثمر، ونور النبات ما تشبع بطونها، ولا تشبع عيونها، فتبيت وقد امتلات أكراشها، لهامن الكظة جرة (2)، فتبقى الجرة حتى تستنزل بها الدرة.
ثم قال: ائذن.
فدخل رجل من الموالي كان يقال: إنه من أشد الناس في ذلك الزمان (3)، فقال: هل كان وراءك من غيث ؟ قال: نعم، ولكني لا أحسن أقول كما قال هؤلاء.
قال: قل كما تحسن.
قال: أصابتني سحابة بحلوان (4) فلم أزل أطأ في إثرها حتى دخلت على الامير فقال الحجاج: لئن كنت أقصرهم في المطر خطبة، إنك أطولهم بالسيف خطوة (5).
وبه، إلى أبي نعيم، حدثنا أبو حامد بن جبلة، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا محمد بن عباد بن موسى العكلي، حدثنا أبي، أخبرني أبو بكر
__________
= واللسان: " سمعت الرواد تدعو إلى ريادتها " بالراء المهملة، ولعله هو الصواب.
1) الربق والربقة: الحبل والحلقة تشد بها الغنم الصغار لئلا ترضع.
(لسان) ولفظ ابن عساكر: " تربق بهمها وتمخض لبنها ".
2) الكظة: البطنة، والجرة: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه (لسان).
3) زاد ابن عساكر: " قال: من أين ؟ قال من خراسان.
فقال: هل كان..الخ ".
4) حلوان: مدينة عامرة في آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.
انظر معجم البلدان.
5) الخبر في الحلية 4 / 325 وما بعدها، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 598 وما بعدها، وابن عساكر (عاصم عايذ) 215 وما بعدها.
(*)

(4/317)


الهذلي، قال: قال لي الشعبي: ألا أحدثك تحفظه في مجلس واحد، إن كنت حافظا كما حفظت، إنه لما أتي بي الحجاج وأنا مقيد، فخرج إلي يزيد بن أبي مسلم، فقال: إنا لله، فذكر نحوه (1).
علي بن الجعد: أنبأنا شعبة، عن سلمة بن كهيل ومجالد، عن الشعبي، قال: شهدت عليا جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، فكأنهم أنكروا، أو رأى أنهم أنكروا.
فقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها
بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
رواه جماعة، عن الشعبي، وزاد بعضهم: إنها اعترفت بالزنى.
قال إسماعيل بن مجالد، وخليفة، وطائفة: مات الشعبي سنة أربع ومئة.
زاد ابن مجالد: وقد بلغ ثنتين وثمانين سنة (3).
وقال الواقدي: مات سنة خمس ومئة، عن سبع وسبعين سنة (4).
وفيهما أرخه محمد بن عبد الله بن نمير.
وقال الفلاس: في أول سنة ست ومئة.
وقال يحيى: سنة ثلاث ومئة.
والاول أشهر.
ومن كلامه: ابن عيينة، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: إنما سمي هوى لانه يهوي بأصحابه (5).
أبو عوانة، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: لا أدري: نصف العلم (6).
__________
1) الحلية 4 / 327 وانظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 215 وما بعدها.
2) الحلية 4 / 329.
سنده قوي، وأخرجه أحمد 1 / 107 و 140 و 141 و 143 و 153 من طرق عن الشعبي.
3) انظر طبقات خليفة 1 / 363، وتاريخ البخاري 6 / 450، وابن عساكر (عاصم عايذ) 241 وما بعدها.
4) انظر ابن سعد 6 / 255.
5) انظر الحلية 4 / 320.
6) انظر ابن سعد 6 / 250.
(*)

(4/318)


أخبرنا عمر بن محمد الفارسي وجماعة، قالوا: أنبأنا ابن اللتي، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا الداودي، أنبأنا ابن حموية (1)، أنبأنا عيسى بن عمر، حدثنا أبو محمد الدارمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا مالك - هو ابن مغول - قال:
قال الشعبي: ما حدثوك هؤلاء (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم فخذه، وما قالوه برأيهم فألقه في الحش.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد إجازة، أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو طالب بن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن الجهم السمري (3)، حدثنا يعلى ويزيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، أنه سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى الكعبة، فمشى نصف الطريق ثم ركب ؟ قال ابن عباس: إذا كان عاما قابلا، فليركب ما مشى وليمش ما ركب، وينحر بدنة.
114 - عبدالرحمن (4) * (ع) ابن أبي بكرة الثقفي، أخو عبيدالله المذكور (5)، يكنى أبا بجر، وقيل: أبا حاتم.
__________
1) هو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية الحموي السرخسي.
راوي الصحيح، المتوفى 381 ه.
تأتي ترجمته في المجلد 10 / 541 من الاصل الخطي.
2) على لغة " أكلوني البراغيث " وانظر ابن سعد 6 / 251 وابن عساكر (عاصم عايذ) 181 3) نسبة إلى سمر بلد من أعمال كسكر بين واسط والبصرة.
اه.
(أنساب السمعاني).
4) سيكرر المؤلف ترجمته في ص 411.
* طبقات ابن سعد 7 / 190، طبقات خليفة ت 1641، تاريخ البخاري 5 / 260، المعارف 289، تاريخ ابن عساكر 10 / 114 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 295، تهذيب الكمال ص 779، تاريخ الاسلام 4 / 23 و 141، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 2 / 206 آ، الاصابة ت 6678، تهذيب التهذيب 6 / 148، خلاصة تذهيب التهذيب 224، شذرات الذهب 1 / 122.
5) ص 138 من هذا الجزء.
(*)

(4/319)


سمع أباه، وعليا.
وعنه ابن سيرين، وأبو بشر (1)، وخالد الحذاء، وآخرون.
ولد زمن عمر، وكان ثقة، كبير القدر، مقرئا، عالما.
قال شعبة: كان أقرأ أهل البصرة.
وقيل: كان يقول: أنا أنعم الناس، أنا أبو أربعين، وعم أربعين، وخال أربعين، وعمي زياد الامير، وكنت أول مولود بالبصرة (2).
كان جوادا، ممدحا، أعطى إنسانا تسع مئة جاموسة، وقيل: ذاك أخوه (3).
قال المدائني: توفي سنة ست وتسعين.

115 - خيثمة بن عبدالرحمن * (ع) ابن أبي سبرة يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذؤيب بن سلمة بن عمرو بن ذهل (4) بن مران بن جعفي المذحجي، ثم الجعفي الكوفي، الفقيه.
ولابيه ولجده صحبة.
حدث عن أبيه، وعن عائشة، وعبد الله بن عمرو، وعدي بن حاتم، وابن عباس، وابن عمر، وعن سويد بن غفلة، وطائفة.
ولم يلق ابن مسعود.
__________
1) هو ابن وحشية جعفر بن إياس.
2) انظر ابن عساكر 10 / 116 آوقد كرر المؤلف الخبر في ترجمته على ص 412.
3) انظر الخبر في ترجمة أخيه ص 138، وفي ترجمته أيضا ص 412.
* طبقات ابن سعد 6 / 286، طبقات خليفة ت 1138 و 1148، تاريخ البخاري 3 / 215، المعرفة والتاريخ 3 / 141، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 393، الحلية 4 / 113، تهذيب الكمال ص 384، تاريخ الاسلام 3 / 247، تذهيب التهذيب 1 / 203 آ، تهذيب التهذيب
3 / 178، خلاصة تذهيب التهذيب 107.
4) في جمهرة ابن حزم ص 410: " سلمة بن سعد بن عمرو بن ذهل.
الخ ": (*)

(4/320)


حدث عنه عمرو بن مرة، وطلحة بن مصرف، ومنصور بن المعتمر، وإسماعيل بن أبي خالد، والاعمش.
وكان من العلماء العباد، ما نجا من فتنة ابن الاشعث إلا هو وإبراهيم النخعي فيما قيل، وحديثه في دواوين الاسلام.
وكان سخيا، جوادا يركب الخيل ويغزو.
قال شعبة: عن أبي إسحاق، عن خيثمة، قال: لما ولد أبي، سماه جدي عزيزا، ثم ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " سمه عبدالرحمن " (1).
وقيل: ولد للمسيب بالكوفة ابن فاشترى خيثمة له ظئرا، فبعث بها إليه (2).
وقال طلحة بن مصرف: كان خيثمة وإبراهيم أعجب أهل الكوفة إلي (3).
قال شعبة: عن نعيم بن أبي هند، قال: رأيت أبا وائل في جنازة، خيثمة، وهو على حمار وهو يقول: واحزناه، أو كلمة نحوها (4).
وروي عن خيثمة أنه أدرك ثلاثة عشر صحابيا ما منهم من غير شيبه (5).

116 - سعيد بن جبير * (ع) ابن هشام، الامام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الاسدي الوالبي، مولاهم الكوفي، أحد الاعلام.
__________
1) ابن سعد 6 / 286 وأخرجه أحمد 4 / 178 عن أبي إسحاق عن خيثمة عن أبيه.
2) ابن سعد 6 / 287.
3) انظر ابن سعد 6 / 287.
4) المصدر السابق.
5) المصدر السابق ولفظه: " غير شيئا " وانظر الحلية 4 / 120.
* طبقات ابن سعد 6 / 256، الزهد لاحمد، 370، طبقات خليفة ت 2534، تاريخ = (*)

(4/321)


روى عن ابن عباس فأكثر وجود، وعن عبد الله بن مغفل، وعائشة، وعدي بن حاتم، وأبي موسى الاشعري في سنن النسائي، وأبي هريرة، وأبي مسعود البدري وهو مرسل وعن ابن عمر، وابن الزبير، والضحاك بن قيس، وأنس، وأبي سعيد الخدري.
وروى عن التابعين، مثل أبي عبدالرحمن السلمي.
وكان من كبار العلماء.
قرأ القرآن على ابن عباس.
قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء وطائفة.
وحدث عنه أبو صالح، السمان، وآدم بن سليمان والد يحيى، وأشعث ابن أبي الشعثاء، وأيوب السختياني وبكير بن شهاب، وثابت بن عجلان، وأبو المقدام ثابت بن هرمز، وجعفر بن أبي المغيرة، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وحبيب بن أبي ثابت، وحبيب بن أبي عمرة، وحسان بن أبي الاشرس، وحصين، والحكم، وحماد، وخصيف الجزري، وذر الهمداني، وزيد العمي، وسالم الافطس، وسلمة بن كهيل، وسليمان بن أبي المغيرة، وسليمان الاحول، وسليمان الاعمش، وسماك بن حرب، وأبو سنان ضرار بن مرة، وطارق بن عبدالرحمن، وطلحة بن مصرف، وأبو سنان طلحة بن نافع، وأبو حريز عبد الله بن حسين، وابنه عبد الله بن سعيد، وعبد الله بن عثمان
__________
= البخاري 3 / 461، المعارف 445، المعرفة والتاريخ 1 / 712، أخبار القضاة 2 / 411، الجرح
والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 9، الحلية 272 4، أخبار أصبهان 1 / 324، طبقات الفقهاء للشيرازي 82، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 216، وفيات الاعيان 2 / 371، تهذيب الكمال 480، تاريخ الاسلام 4 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 71، العبر 1 / 112، تذهيب التهذيب 2 / 13 ب، البداية والنهاية 9 / 96 و 98، العقد الثمين 4 / 549، غاية النهاية ت 1340، تهذيب التهذيب 4 / 11، النجوم الزاهرة 1 / 228، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 31، خلاصة تذهيب التهذيب 136، طبقات المفسرين 1 / 181، شذرات الذهب 1 / 108.
(*)

(4/322)


ابن خثيم، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، وعبد الاعلى بن عامر الثعلبي، وعبد الكريم الجزري، وعبد الكريم أبو أمية البصري، وابنه عبدالملك بن سعيد، وعبد الملك بن أبي سليمان، وعبد الملك بن ميسرة، وعثمان بن حكيم، وعثمان بن أبي سليمان، وعثمان بن قيس، وعدي بن ثابت، وعزرة ابن عبدالرحمن، وعطاء بن السائب، وعكرمة بن خالد، وعلي بن بذيمة، وعمار الدهني، وعمرو بن دينار، وعمرو بن سعيد البصري، وعمروبن عمرو المدني، وعمرو بن مرة، وعمرو بن هرم، وفرقد السبخي، وفضيل بن عمرو الفقيمي، والقاسم بن أبي أيوب، والقاسم بن أبي بزة، وكثير بن كثير ابن المطلب، وكلثوم بن جبر، ومالك بن دينار، ومجاهد رفيقه، ومحمد بن سوقة، ومحمد بن أبي محمد، والزهري، ومحمد بن واسع، ومسعود بن مالك، ومسلم البطين، والمغيرة بن النعمان، ومنصور بن حيان، ومنصور بن المعتمر، والمنهال بن عمرو، وموسى بن أبي عائشة، وأبو شهاب الحناط الاكبر موسى بن نافع، وميمون بن مهران، وهشام بن حسان، وهلال بن خباب، ووبرة بن عبدالرحمن، ووهب بن مأنوس، وأبو هبيرة يحيى بن عباد، ويحيى بن ميمون أبو المعلى العطار، ويعلى بن حكيم، ويعلى بن مسلم،
وأبو إسحاق السبيعي، وأبو حصين الاسدي، وأبو الزبير المكي، وأبو الصهباء الكوفي، وأبو عون الثقفي، وأبو هاشم الرماني، وخلق كثير.
روى ضمرة بن ربيعة، عن أصبغ بن زيد، قال: كان لسعيد بن جبير ديك، كان يقوم من الليل بصياحه، فلم يصح ليلة من الليالي حتى أصبح، فلم يصل سعيد تلك الليلة، فشق عليه، فقال: ما له قطع الله صوته ؟ فما سمع له صوت بعد.
فقالت له أمه: يا بني، لا تدع على شئ بعدها (1).
__________
1) الحلية 4 / 274.
(*)

(4/323)


قال أبو الشيخ: قدم سعيد أصبهان زمن الحجاج، وأخذوا عنه (1).
وعن عمر بن حبيب قال: كان سعيد بن جبير بأصبهان لا يحدث، ثم رجع إلى الكوفة فجعل يحدث، فقلنا له في ذلك فقال: انشر بزك حيث تعرف (2).
قال عطاء بن السائب: كان سعيد بن جبير بفارس، وكان يتحزن، يقول: ليس أحد يسألني عن شئ.
وكان يبكينا، ثم عسى أن لا يقوم حتى نضحك.
شعبة، عن القاسم بن أبي أيوب: كان سعيد بن جبير بأصبهان، وكان غلام مجوسي يخدمه، وكان يأتيه بالمصحف في غلافه.
قال القاسم بن أبي أيوب: سمعت سعيدا يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) [ البقرة: 281 ] (3).
أنبأنا أحمد بن أبي الخير، عن اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا سعيد بن أبي الربيع السمان، حدثنا أبو عوانة، عن إسحاق مولى عبد الله بن عمر، عن هلال بن
يساف، قال: دخل سعيد بن جبير الكعبة فقرأ القرآن في ركعة (4).
الحسن بن صالح، عن وقاء بن إياس، قال: كان سعيد بن جبير يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء في شهر رمضان، وكانوا يؤخرون العشاء (5).
__________
1) انظر أخبار أصبهان 1 / 324.
2) انظر أخبار أصبهان 1 / 324.
3) الحلية 4 / 272.
4) الزهد لاحمد 370.
5) إسناده ضعيف لضعف وقاء، وانظر ابن سعد 6 / 259 فقد تصحف فيه إلى (وفاء).
(*)

(4/324)


قلت: هذا خلاف السنة، وقد صح النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث (1).
يزيد: أنبأنا عبدالملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين (2).
يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء ؟ يعني سعيد بن جبير (3).
قال ابن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه (4)، قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الارض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه.
وقال ضرار بن مرة، عن سعيد بن جبير، قال: التوكل على الله جماع الايمان.
وكان يدعو: اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك (5).
أبو عوانة، عن هلال بن خباب، قال: خرجت مع سعيد بن جبير في رجب، فأحرم من الكوفة بعمرة، ثم رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة، وكان يحرم (6) في كل سنة مرتين، مرة للحج، ومرة للعمرة.
__________
1) انظر التعليق (2) ص 132.
2) ابن سعد 6 / 259، والزهد لاحمد 370، والحلية 4 / 273.
3) الحلية 4 / 273، وانظر ابن سعد 6 / 257.
4) في الاصل: " أمه " وهو تصحيف.
والخبر في المعرفة والتاريخ 1 / 712، 713 والحلية 4 / 273.
وانظر ابن سعد 6 / 266.
5) الحلية 4 / 274.
6) كذا الاصل، ولفظ أحمد وأبي نعيم: " يخرج " انظر الزهد 370 والحلية 4 / 275.
(*)

(4/325)


ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: إن الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية، والذكر طاعة الله، فمن أطاع الله، فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن (1).
وروي عن حبيب بن أبي ثابت: قال لي سعيد بن جبير: لان أنشر علمي أحب إلي من أن أذهب به إلى قبري (2).
قال هلال بن خباب: قلت لسعيد بن جبير: ما علامة هلاك الناس ؟ قال: إذا ذهب علماؤهم (3).
وقال عمربن ذر: كتب سعيد بن جبير إلى أبي كتابا أوصاه بتقوى الله
وقال: إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة، فذكر الفرائض والصلوات وما يرزقه الله من ذكره (4).
أحمد: حدثنا معتمر، عن الفضيل بن ميسرة، عن أبي حريز، أن سعيد بن جبير قال: لا تطفئوا سرجكم (5) ليالي العشر.
تعجبه العبادة ويقول: أيقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة (6).
عباد بن العوام: أنبأنا هلال بن خباب: خرجنا مع سعيد بن جبير في
__________
1) الحلية 4 / 276.
2) انظر ابن سعد 6 / 258.
3) الحلية 4 / 276، وانظر ابن سعد 6 / 262.
4) الحلية 4 / 280، وانظر 4 / 276.
5) في نسخة " مصابيحكم ".
6) الحلية 4 / 281.
وكان رحمه الله يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في فضل العبادة في هذه الايام، فقد روى البخاري 2 / 381 و 383 في العيدين باب فضل العمل في أيام التشريق، والترمذي (757) وأبو داود (2438) وابن ماجه (1727) من طرق عن مسلم البطين، عن سعيد = (*)

(4/326)


جنازة، فكان يحدثنا في الطريق ويذكرنا، حتى بلغ، فلما جلس، لم يزل يحدثنا حتى قمنا، فرجعنا، وكان كثير الذكر لله (1).
وعن سعيد، قال: وددت الناس أخذوا ما عندي، فإنه مما يهمني (2).
أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، قال: أتيت سعيد بن جبير بمكة، فقلت: إن هذا الرجل قادم يعني خالد بن عبد الله ولا آمنه عليك، فأطعني واخرج.
فقال: والله لقد فررت حتى استحييت من الله.
قلت: إني لاراك كما سمتك أمك (3) سعيدا.
فقدم خالد مكة، فأرسل إليه فأخذه.
أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا أمية بن شبل، عن عثمان بن بوذويه قال: كنت مع وهب وسعيد بن جبير يوم عرفة بنخيل ابن عامر، فقال له وهب: يا أبا عبد الله، كم لك منذ خفت من الحجاج ؟ قال: خرجت عن امرأتي وهي حامل، فجاءني الذي في بطنها وقد خرج وجهه.
فقال وهب: إن من قبلكم كان إذا أصاب أحدهم بلاء، عده رخاء، وإذا أصابة رخاء، عده بلاء (4).
__________
= ابن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الايام العشر " قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ ".
وصوم يوم عرفة سنة لغير الحاج، لما رواه مسلم (1162) وأبو داود (2425) من حديث أبي قتادة مرفوعا: " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ".
1) الحلية 4 / 280.
2) الحلية 4 / 283.
3) في الاصل: (أمتك) وما أثبتناه من الحلية 4 / 274، 275 وتاريخ الطبري 6 / 488.
وانظر ص 337.
4) الحلية 4 / 289، 290.
(*)

(4/327)


قال سالم بن أبي حفصة لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير قال: أنا سعيد ابن جبير، قال: أنت شقي بن كسير، لاقتلنك.
قال: فإذا أنا كما سمتني أمي، ثم قال: دعوني أصل ركعتين.
قال: وجهوه إلى قبلة النصارى.
قال: (أينما تولوا فثم وجه الله)، وقال: إني أستعيذ منك بما عاذت به مريم.
قال: وما عاذت به ؟ قال: قالت: (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا).
رواها ابن عيينة، عن سالم.
ثم قال ابن عيينة: لم يقتل بعد سعيد إلا رجلا واحدا (1).
وعن عتبة مولى الحجاج، قال: حضرت سعيدا حين أتى به الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول: ألم أفعل بك ؟ ! ألم أفعل بك ؟ ! فيقول: بلى.
قال: فما حملك على ما صنعت من خروجك عينا ؟ قال: بيعة كانت علي - يعني لابن الاشعث - فغضب الحجاج وصفق بيديه، وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى.
وأمر به، فضربت عنقه (2).
وقيل: لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا، لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لاطفه في الاعتذار.
حامد بن يحيى البلخي: حدثنا حفص أبو مقاتل السمرقندي، حدثنا عون بن أبي شداد: بلغني أن الحجاج لما ذكر له سعيد بن جبير أرسل إليه قائدا يسمى المتلمس بن أحوص في عشرين من أهل الشام، فبينما هم يطلبونه إذا هم براهب في صومعته، فسألوه عنه فقال: صفوه لي، فوصفوه فدلهم عليه، فانطلقوا فوجدوه ساجدا يناجي بأعلى صوته، فدنوا وسلموا،
__________
(1) الحلية 4 / 290.
(2) الحلية 4 / 290، وانظر ابن سعد 6 / 265.
(*)

(4/328)


فربع رأسه، فأتم بقية صلاته، ثم رد عليه السلام، فقالوا: إنا رسل الحجاج إليك، فأجبه، قال: ولا بد من الاجابة ؟ قالوا: لابد، فحمد الله وأثنى عليه وقام معهم حتى انتهى إلى دير الراهب، فقال الراهب: يا معشر الفرسان أصبتم صاحبكم ؟ قالوا: نعم.
فقال: اصعدوا، فإن اللبوة والاسد يأويان حول الدير.
ففعلوا وأبى سعيد أن يدخل.
فقالوا: ما نراك إلا وأنت تريد الهرب
منا، قال: لا، ولكن لا أدخل منزل مشرك أبدا، قالوا: فإنا لا ندعك، فإن السباع تقتلك، قال: لاضير، إن معي ربي يصرفها عني ويجعلها حرسا تحرسني، قالوا: فأنت من الانبياء ؟ قال: ما أنا من الانبياء، ولكن عبد من عبيدالله مذنب.
قال الراهب: فليعطني ما أثق به على طمأنينة.
فعرضوا على سعيد أن يعطي الراهب ما يريد، قال، إني أعطي العظيم الذي لا شريك له، لا أبرح مكاني حتى أصبح إن شاء الله.
فرضي الراهب بذلك، فقال لهم: اصعدوا وأوتروا القسي لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح، فإنه كره الدخول في الصومعة لمكانكم.
فلما صعدوا وأوتروا القسي، إذا هم بلبوة قد أقبلت، فلما دنت من سعيد، تحككت به وتمسحت به، ثم ربضت قريبا منه.
وأقبل الاسد يصنع كذلك.
فلما رأى الراهب ذلك وأصبحوا، نزل إليه، فسأله عن شرائع دينه، وسنن رسوله، ففسر له سعيد ذلك كله، فأسلم، وأقبل القوم على سعيد يعتذرون إليه ويقبلون يديه ورجليه، ويأخذون التراب الذي وطئه فيقولون: يا سعيد، حلفنا الحجاج بالطلاق والعتاق، إن نحن رأيناك لا ندعك حتى نشخصك إليه، فمرنا بما شئت، قال: امضوا لامركم، فإني لائذ بخالقي (1) ولا راد لقضائه، فساروا حتى بلغوا واسطا فقال سعيد: قد تحرمت بكم وصحبتكم، ولست أشك أن أجلي قد حضر فدعوني الليلة آخذ أهبة الموت، وأستعد لمنكر ونكير، وأذكر عذاب القبر، فإذا أصبحتم
__________
1) في الاصل " فإني لاند لخالقي " والصواب ما أثبتناه من الحلية.
(*)

(4/329)


فالميعاد بيننا المكان الذي تريدون.
فقال بعضهم: لا تريدون (1) أثرا بعد عين، وقال بعضهم: قد بلغتم أمنكم (2)، واستوجبتم جوائز الامير، فلا تعجزوا عنه.
وقال بعضهم: يعطيكم ما أعطى الراهب،
ويلكم أما لكم عبرة بالاسد ؟ ! ونظروا إلى سعيد قد دمعت عيناه، وشعث رأسه، واغبر لونه، ولم يأكل ولم يشرب ولم يضحك منذ يوم لقوه وصحبوه، فقالوا: يا خير أهل الارض، ليتنا لم نعرفك، ولم نسرح إليك، الويل لنا ويلا طويلا، كيف ابتلينا بك ! اعذرنا عند خالقنا يوم الحشر الاكبر، فإنه القاضي الاكبر، والعدل الذي لا يجور.
قال: ما أعذرني لكم وأرضاني لما سبق من علم الله في.
فلما فرغوا من البكاء والمجاوبة، قال كفيله: أسألك بالله لما زودتنا من دعائك وكلامك، فإنا لن نلقى مثلك أبدا.
ففعل ذلك.
فخلوا سبيله.
فغسل رأسه ومدرعته وكساءه وهم محتفون الليل كله، ينادون بالويل واللهف.
فلما انشق عمود الصبح، جاءهم سعيد فقرع الباب، فنزلوا وبكوا معه، وذهبوا به إلى الحجاج، وآخر معه.
فدخلا، فقال الحجاج: أتيتموني بسعيد بن جبير ؟ قالوا (3): نعم، وعاينا منه العجب.
فصرف بوجهه عنهم.
فقال: أدخلوه علي.
فخرج المتلمس فقال [ لسعيد ] (4) أستودعك الله، وأقرأ عليك السلام.
فأدخل عليه.
فقال: ما اسمك ؟ قال: سعيد بن جبير، قال: أنت شقي بن كسير.
قال: بل أمي كانت أعلم باسمي منك.
قال: شقيت أنت وشقيت أمك.
قال: الغيب يعلمه (5) غيرك.
قال: لابدلنك بالدنيا نارا تلظى.
قال: لو علمت أن ذلك
__________
(1) لفظ الحلية: " لا نريد ".
(2) لفظ الحلية: " أملكم ".
(3) في الاصل: " قالا " وما أثبتناه من الحلية.
(4) من الحلية.
(5) في الاصل: " يعلمك " وما أثبتناه من الحلية.
(*)

(4/330)


بيدك لاتخذتك إلها.
قال: فما قولك في محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نبي الرحمة،
إمام الهدى.
قال: فما قولك في علي، في الجنة هو أم في النار ؟ قال: لو دخلتها، فرأيت أهلها عرفت.
قال: فما قولك في الخلفاء ؟ قال: لست عليهم بوكيل.
قال: فأيهم أعجب إليك ؟ قال: أرضاهم لخالقي.
قال: فأيهم أرضى للخالق ؟ قال: علم ذلك عنده.
قال: أبيت أن تصدقني.
قال: إني لم أحب أن أكذبك.
قال: فما بالك لم تضحك ؟ قال: لم تستو القلوب.
قال: ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والياقوت والزبرجد فجمعه بين يدي سعيد، فقال: إن كنت جمعته لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح، وإلا، ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ولا خير في شئ جمع للدنيا، إلا ما طاب وزكا.
ثم دعا الحجاج بالعود والناي، فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي بكى، فقال الحجاج: ما يبكيك ؟ هو اللهو.
قال: بل هو الحزن، أما النفخ، فذكرني يوم نفخ الصور، وأما العود، فشجرة قطعت من غير حق، وأما الاوتار فأمعاء شاة يبعث بها معك يوم القيامة.
فقال الحجاج: ويلك يا سعيد.
قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار.
قال: اختر أي قتلة تريد أن أقتلك، قال: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة.
قال: فتريد أن أعفو عنك ؟ قال: إن كان العفو، فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولاعذر.
قال: اذهبوا به فاقتلوه.
فلما خرج من الباب، ضحك، فأخبر الحجاج بذلك، فأمر برده، فقال: ما أضحكك ؟ قال: عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك ! فأمر بالنطع فبسط، فقال: اقتلوه.
فقال: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض).
قال: شدوا به لغير القبلة.
قال: (فأينما تولوا فثم وجه الله).
قال: كبوه لوجهه.
قال: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) قال: اذبحوه قال: إني أشهد وأحاج أن لاإله إلا الله وحده لا

(4/331)


شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة.
ثم دعا سعيد الله وقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.
فذبح على النطع.
وبلغنا أن الحجاج عاش بعده خمس عشرة ليلة، وقعت في بطنه الاكلة (1) فدعا بالطبيب لينظر إليه، فنظر إليه، ثم دعا بلحم منتن، فعلقه في خيط ثم أرسله في حلقه، فتركه ساعة ثم استخرجه وقد لزق به من الدم، فعلم أنه ليس بناج.
هذه حكاية منكرة، غير صحيحة.
رواها أبو نعيم في " الحلية " فقال: (2) حدثنا أبي، حدثنا خالي أحمد بن محمد بن يوسف، أخبرني أبو أمية محمد بن إبراهيم كتابة، حدثنا حامد بن يحيى.
هارون الحمال (3): حدثنا محمد بن مسلمة المخزومي، حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن كاتب الحجاج قال مالك - هو أخ لابي سملة الذي كان على بيت المال - قال: كنت أكتب للحجاج وأنا يومئذ غلام يستخفني ويستحسن كتابتي، وأدخل عليه بغير إذن، فدخلت عليه يوما بعدما قتل سعيد ابن جبير وهو في قبة له، لها أربعة أبواب، فدخلت عليه مما يلي ظهره، فسمعته يقول: مالي ولسعيد بن جبير، فخرجت رويدا وعلمت أنه إن علم بي قتلني، فلم ينشب إلا قليلا حتى مات (4).
أبو حذيفة النهدي: حدثنا سفيان، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، قال: دعا سعيد بن جبير حين دعي للقتل (5)، فجعل ابنه يبكي، فقال: ما
__________
(1) الاكلة: كفرحة، داء يقع في العضو فيأتكل منه.
(2) 4 / 291 - 294.
(3) قيل: إنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم.
(أنساب السمعاني).
(4) الحلية 4 / 291.
(5) عباره أبي نعيم: " دعا سعيد بن جبير ابنه.." انظر الحلية 4 / 275.
(*)

(4/332)


يبكيك ؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة ؟ ابن حميد: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد، قال: قحط الناس في زمان ملك من ملوك بني إسرائيل ثلاث سنين، فقال الملك: ليرسلن علينا السماء أو لنؤذينه، قالوا: كيف تقدر على أن تؤذيه، وهو في السماء وأنت في الارض ؟ قال: أقتل أولياءة من أهل الارض فيكون ذلك أذى له.
قال: فأرسل الله عليهم السماء (1).
وروى أصبغ بن زيد، عن القاسم الاعرج، قال: كان سعيد بن جبير يبكي بالليل حتى عمش (2).
وروي عن ابن شهاب، قال: كان سعيد بن جبير يؤمنا، يرجع صوته بالقرآن (3).
وروى الثوري، عن حماد، قال: قال سعيد: قرأت القرآن في ركعتين في الكعبة (4).
جرير الضبي، عن أشعث بن إسحاق، قال: كان يقال: سعيد بن جبير [ جهبذ ] العلماء (5).
ابن عيينة، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير، قال: لدغتني عقرب، فأقسمت علي أمي أن أسترقي، فأعطيت الراقي يدي التي لم تلدغ، وكرهت أن أحنثها (6).
__________
(1) الحلية 4 / 282.
(2) الحلية 4 / 272 وانظر الزهد لاحمد 370.
(3) الحلية 4 / 273، وانظر ابن سعد 6 / 260.
(4) ابن سعد 6 / 256.
(5) سيكرر المؤلف الخبر على ص 341، وما بين الحاصرتين منه.
والجهبذ: النقاد الخبير بغوامض الامور، البارع العارف بطرق النقد، وهو معرب.
(6) الحلية 4 / 275، وحنث الرجل في يمينه إذا لم يبر فيه.
(*)

(4/333)


جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، قال: قال سعيد بن جبير: ما رأيت أرعى لحرمة هذا البيت، ولا أحرص عليه، من أهل البصرة، لقد رأيت جارية ذات ليلة تعلقت بأستار الكعبة تدعو وتضرع وتبكي حتى ماتت.
إسنادها صحيح.
محمد بن حميد الرازي: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال: لما أهبط الله آدم إلى الارض، كان فيها نسر وحوت، لم يكن غيرهما، فلما رأى النسر آدم، وكان يأوي إلى الحوت يبيت عنده، فقال: يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الارض شئ يمشي على رجليه، ويبطش بيديه.
قال: لئن كنت صادقا مالي في البحر منه منجى، ولا لك في البر (1).
وروي عن سعيد بن جبير، قال: لو فارق ذكر الموت قلبي، لخشيت أن يفسد علي قلبي (2).
وعنه، قال: إنما الدنيا جمع (3) من جمع الآخرة.
رواه ضمرة بن ربيعة عن هشام (4)، عنه.
قال ابن فضيل، عن بكير بن عتيق، قال: سقيت سعيد بن جبير شربة من عسل في قدح، [ فشربها ] ثم قال: والله لاسألن عنه، قلت: لم ؟ قال:
شربته وأنا أستلذه (5).
وعن خلف بن خليفة، عن أبيه، قال: شهدت مقتل سعيد، فلما بان
__________
(1) الحلية 4 / 278.
(2) الزهد لاحمد 371 والحلية 4 / 279.
(3) لفظ أحمد وأبي نعيم " جمعة من جمع ".
(4) في الاصل: " هاشم " وما أثبتناه من نص الخبر عند أحمد في " الزهد " 371، والحلية 4 / 279، 280 وسرد المؤلف لرواة سعيد في صدر الترجمة.
(5) الحلية 4 / 281، وما بين الحاصرتين منه.
وانظر الزهد لاحمد 371.
(*)

(4/334)


رأسه قال: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ولم يتم الثالثة (1).
همام بن يحيى، عن محمد بن جحادة، عن أبي معشر، عن سعيد بن جبير، قال: رآني أبو مسعود البدري في يوم عيد ولي ذؤابة، فقال: يا غلام، إنه لا صلاة في مثل هذا اليوم قبل صلاة الامام، فإذا صلى الامام، فصل بعدها ركعتين، وأطل القراءة.
شعبة، عن الاعمش، عن مجاهد قال: قال ابن عباس لسعيد بن جبير: حدث.
قال: أحدث وأنت ها هنا ؟ ! قال: أو ليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد، فإن أصبت فذاك، وإن أخطأت، علمتك (2).
يعقوب القمي، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال: ربما أتيت ابن عباس، فكتبت في صحيفتي حتى أملاها، وكتبت في نعلي حتى أملاها، وكتبت في كفي (3).
قال جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس بعدما عمي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه، يقول: تسألوني وفيكم ابن [ أم ] دهماء ! - يعني سعيد بن
جبير (4).
وقال أيوب السختياني، عن سعيد بن جبير، قال: كنت أسأل ابن عمر في صحيفة، ولو علم بها كانت الفيصل بيني وبينه (5).
__________
(1) الحلية 4 / 291، وانظر ابن سعد 6 / 265، وصفحة 340 رقم (2) من هذا الجزء.
(2) ابن سعد 6 / 256، 257، وانظر وفيات الاعيان 2 / 371.
(3) ابن سعد 6 / 257 وزاد في آخره: "..وربما أتيته فلم أكتب حديثا حتى أرجع، لا يسأله أحد عن شئ ".
(4) ابن سعد 6 / 257 وما بين الحاصرتين منه، وانظر الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 9.
(4) ابن سعد 6 / 257 وما بين الحاصرتين منه، وانظر الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 9.
(5) ابن سعد 6 / 258.
(*)

(4/335)


الثوري، عن أسلم المنقري، عن سعيد بن جبير، قال: سأل رجل ابن عمر عن فريضة، فقال: ائت سعيد بن جبير، فإنه أعلم بالحساب مني، وهو يفرض فيها ما أفرض (1).
عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو شهاب، قال: كان يقص لنا سعيد بن جبير كل يوم مرتين: بعد الفجر وبعد العصر (2).
قيس بن الربيع، عن الصعب بن عثمان، قال: قال سعيد بن جبير: ما مضت علي ليلتان منذ قتل الحسين إلا أقرأ فيهما القرآن، إلا مريضا أو مسافرا (3).
إسرائيل، عن أبي الجحاف، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير،
أنه كان لا يدع أحدا يغتاب عنده (4).
أبو نعيم: حدثنا إسماعيل بن عبدالملك، قال: رأيت سعيد بن جبير يصلي في الطاق، ولا يقنت في الصبح، ويعتم، ويرخي لها طرفا من ورائه شبرا (5).
قلت: الطاق: هو المحراب.
قال هلال بن خباب: [ رأيت سعيد بن جبير ] أهل من الكوفة (6).
قال محمد بن سعد (7): كان الذي قبض على سعيد بن جبير والي مكة خالد بن عبد الله القسري، فبعث بن إلى الحجاج، فأخبرنا يزيد عن عبد
__________
(1) ابن سعد 6 / 258، وانظر أخبار القضاة 2 / 411، والجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 9.
(2) ابن سعد 6 / 259.
(3) ابن سعد 6 / 259، 260.
(4) انظر ابن سعد 6 / 261.
(5) ابن سعد 6 / 262.
(6) المصدر السابق وما بين الحاصرتين منه.
(7) في الطبقات 6 / 264.
(*)

(4/336)


الملك بن أبي سليمان، قال سمع خالد بن عبد الله صوت القيود فقال: ما هذا ؟ قيل: سعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت، فقال: اقطعوا عليهم الطواف.
وأنبأنا عبيدالله بن موسى، أنبأنا الربيع بن أبي صالح، قال: دخلت على سعيد بن جبير حين جئ به إلى الحجاج، فبكى رجل، فقال سعيد: ما
يبكيك ؟ قال: لما أصابك، قال: فلا تبك، كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا: (ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) (1) [ الحديد: 22 ].
حماد بن زيد، عن أيوب: سئل سعيد بن جبير عن الخضاب بالوسمة (2) فكرهه، وقال: يكسو الله العبد النور في وجهه، ثم يطفئه بالسواد (3).
الحسين بن حميد بن الربيع: حدثنا واصل بن عبدالاعلى، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، قال: رأيت سعيدا بمكة فقلت: إن هذا قادم - يعني خالد بن عبد الله - ولست آمنه عليك، قال: والله لقد فررت حتى استحييت من الله (4).
قلت: طال اختفاؤه، فإن قيام القراء على الحجاج كان في سنة اثنتين وثمانين، وما ظفروا بسعيد إلى سنة خمس وتسعين، السنة التي قلع الله فيها الحجاج.
__________
(1) ابن سعد 6 / 264.
(2) الوسمة: شجر له ورق يختضب به.
(3) ابن سعد 6 / 267، وانظر حديث النهي عن الخضاب بالسواد في صفحة 339 وأخرج مسلم في " صحيحه " (2102) من طريق جابر قال: أتي بأبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كأن رأسه ثغامة بيضاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غيروه وجنبوه السواد ".
(4) تقدم الخبر على الصفحة 327، وانظره مفصلا في تاريخ الطبري 6 / 487، 488.
(*)

(4/337)


قال أبو بكر بن عياش: فأخبرني يزيد بن أبي زياد، قال: أتينا سعيدا فإذا هو طيب النفس، وبنته في حجره فبكت، وشيعناه إلى باب الجسر فقال
الحرس له: أعطنا كفيلا فإنا نخاف أن تغرق نفسك، قال: فكنت فيمن كفل به.
قال أبو بكر: فبلغني أن الحجاج قال: ائتوني بسيف عريض (1).
قال سليمان التيمي: كان الشعبي يرى التقية، وكان ابن جبير لا يرى التقية، وكان الحجاج إذا أتي بالرجل - يعني ممن قام عليه - قال له: أكفرت بخروجك علي ؟ فإن قال نعم، خلى سبيله.
فقال لسعيد: أكفرت ؟ قال: لا.
قال: اختر أي قتلة أقتلك.
قال: اختر أنت فإن القصاص أمامك.
أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، قال: قلت لسعيد بن جبير: ما تقول للحجاج ؟ قال: لا أشهد على نفسي بالكفر.
ابن حميد: حدثنا يعقوب القمي عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال: إن في النار لرجلا ينادي قدر ألف عام: يا حنان يا منان، فيقول: يا جبريل أخرج عبدي من النار، قال: فيأتيها فيجدها مطبقة فيرجع فيقول: يا رب (إنها عليهم موصدة) [ الهمزة: 8 ] فيقول: يا جبريل ارجع ففكها فأخرج عبدي من النار، فيفكها، فيخرج مثل الخيال، فيطرحه على ساحل الجنة حتى ينبت الله له شعرا ولحما (2).
إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " كان نبي الله سليمان إذا قام في مصلاه رأى شجرة نابتة بين يديه، فقال لها: ما اسمك ؟ قالت: الخرنوب (3).
قال: لاي شئ أنت (4) ؟ فقالت: لخراب هذا البيت.
فقال:
__________
(1) انظر الحلية 4 / 275.
(2) الحلية 4 / 285.
(3) ويروى بفتح الخاء، ويقال: الخروب: وهو نوعان بري، وشامي، فالاول: ذو أفنان وحمل، وله شوك يرتفع قدر الذراع، وفيه حب صلب زلال بشع، لا يؤكل إلا في الجهد.
والثاني: حلو يؤكل، عريض وأكبر من سابقه.
التاج (خرب).
(4) في الحلية: " أنبت ".
(*)

(4/338)


اللهم عم عليهم (1) موتي حتى يعلم الانس أن الجن لا تعلم الغيب.
قال فنحتها عصا يتوكأ عليها، فأكلتها الارضة فسقطت، فخر، فحزروا أكلها الارضة، فوجدوه حولا، فتبينت الانس أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين (2) - وكان ابن عباس يقرؤها هكذا - فشكرت الجن الارضة، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت (3).
قرأته على إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا إبراهيم بن طهمان.
إسناده حسن.
أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي، ومحمد بن حسين الفوي، قالا: أنبأنا محمد بن عماد، أنبأنا عبد الله بن رفاعة، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا شعيب بن عبد المنهال، حدثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق الرازي، حدثنا أبوالزنباع روح بن الفرج، حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد، كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة " (4).
هذا حديث حسن غريب، أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله الرقي.
__________
(1) في الحلية: " عم على الجن ".
(2) الآية 14 من سورة سبأ: (فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
(3) الحلية 4 / 304 وانظر التاج (خرب) (4) أخرجه النسائي 8 / 138 في الزينة، باب النهي عن الخضاب بالسواد، وأبو داود (4212) في الترجل، باب ما جاء في خضاب السواد، وأحمد 1 / 273، وإسناده قوي.
(*)

(4/339)


قال خلف بن خليفة، عمن حدثه: إن سعيد بن جبير لما ندر (1) رأسه هلل ثلاث مرات يفصح بها (2).
يحيى بن حسان التنيسي (3): حدثنا صالح بن عمر، عن داود بن أبي هند، قال: لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال: ما أراني إلا مقتولا وسأخبركم: إني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة، فكلا صاحبي رزقها، وأنا أنتظرها، قال: فكأنه رأى أن الاجابة عند حلاوة الدعاء (4).
قلت: ولما علم من فضل الشهادة ثبت للقتل ولم يكثرت، ولا عامل عدوه بالتقية المباحة له، رحمه الله تعالى.
أحمد بن داود الحراني، حدثنا عيسى بن يونس، سمعت الاعمش يقول: لما جئ بسعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما، دخلت عليهم السجن، فقلت: جاء بكم شرطي أو جليويز من مكة إلى القتل أفلا كتفتموه وألقيتموه في البرية ؟ ! فقال سعيد: فمن كان يسقيه الماء إذا عطش.
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: حدثنا أبي، سمعت مالكا يقول: حدثني ربيعة عن سعيد بن جبير، وكان سعيد من العباد العلماء، قتله الحجاج، وجده في الكعبة وناسا فيهم طلق بن حبيب، فسار بهم إلى العراق،
فقتلهم عن غير شئ تعلق عليهم به إلا العبادة.
فلما قتل سعيد بن جبير، خرج منه دم كثير حتى راع الحجاج، فدعا طبيبا قال له: ما بال دم هذا
__________
(1) ندر الشئ: سقط.
(2) انظر ص 335 رقم (1).
(3) نسبة إلى جزيرة " تنيس " في بحر مصر، قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط.
(معجم البلدان والانساب).
(4) الحلية 4 / 274.
(*)

(4/340)


كثير ؟ قال: إن أمنتني أخبرتك، فأمنه، قال: قتلته ونفسه معه (1).
عبد السلام بن حرب، عن خصيف، قال: كان أعلمهم بالقرآن مجاهد، وأعلمهم بالحج عطاء، وأعلمهم بالحلال والحرام طاووس، وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبير (2).
أبو أسامة عن الاعمش: حدثني مسعود بن الحكم قال: قال لي علي ابن الحسين: أتجالس سعيد بن جبير ؟ قلت: نعم.
قال: لاحب مجالسته وحديثه.
ثم أشار نحو الكوفة وقال: إن هؤلاء يشيرون إلينا بما ليس عندنا (3).
جرير، عن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء (4).
الاصبغ بن زيد قال: كنت إذا سألت سعيد بن جبير عن حديث، فلم يرد أن يحدثني، قال: كيف تباع الحنطة ؟ محمد بن أحمد بن البراء: حدثنا علي بن المديني، قال: ليس في أصحاب ابن عباس مثل سعيد بن جبير.
قيل: ولا طاووس ؟ قال: ولا طاووس ولا أحد.
وكان قتله في شعبان سنة خمس وتسعين، ومن زعم أنه عاش تسعا وأربعين سنة لم يصنع شيئا، وقد مر قوله (5) لابنه: ما بقاء أبيك بعد سبع
__________
(1) انظر وفيات الاعيان 2 / 374.
(2) انظر طبقات الفقهاء للشيرازي 82، ووفيات الاعيان 2 / 372.
(3) انظر ابن سعد 6 / 258.
(4) الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 10، والحلية 4 / 273، وانظر الخبر ومعنى جهبذ على الصفحة 333 رقم (5).
(5) على الصفحة 333.
(*)

(4/341)


وخمسين.
فعلى هذا يكون مولده في خلافة أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخبرنا يوسف بن أحمد، وعبد الحافظ بن بدران، قالا: أنبأنا موسى ابن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد، أنبأنا علي بن أحمد بن البسري (1)، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرم: " استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك " (2).
وبه، إلى المخلص، حدثنا عبد الله البغوي، حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا يعقوب القمي، حدثنا جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: سلونا فإنكم لن تسألونا عن شئ إلا وقد سألنا عنه، فقال رجل: أفي الجنة غناء ؟ قال: فيها أكمات (3) من مسك، عليهن جوار يحمدن الله عزوجل بأصوات لم تسمع الآذان بمثلها قط.
أخبرنا المسلم بن محمد، وابن أبي عمر كتابة، أن عمر بن محمد أخبرهم، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا محمد بن محمد، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن شداد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن حبيب عن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم " أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا، وسبعين ألفا ".
__________
(1) في الاصل بالياء مصحف، وما أثبتناه من أنساب السمعاني ومشتبه النسبة للمؤلف.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني والبزار والبيهقي.
وقد صححه الحافظ العراقي والهيثمي والسخاوي.
وشوص السواك بضم الشين وفتحها: غسالة السواك أو ما يتفتت منه.
(3) جمع أكمة، وهي التل.
وسند الحديث حسن.
(*)

(4/342)


هذا حديث نظيف الاسناد، منكر اللفظ.
وعبد الله وثقه ابن معين وخرج له مسلم.

117 - الحجاج * أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلا، وكان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا، سفاكا للدماء.
وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة، وتعظيم للقرآن.
قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة، ورميه إياها بالمنجنيق، وإذلاله لاهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الاشعث له، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله.
فنسبه ولا نحبه، بل نبغضه في الله.
فإن ذلك من أوثق عرى الايمان.
وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه.
وأمره إلى الله.
وله توحيد في
الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والامراء.

118 - أبو بردة (1) * * (ع) ابن أبي موسى الاشعري، الامام، الفقيه، الثبت، حارث - ويقال
__________
* تاريخ البخاري 2 / 373، المعارف 395 و 548، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 168، مروج الذهب 3 / 365، البدء والتاريخ 6 / 27، تاريخ ابن عساكر 4 / 105 تاريخ ابن الاثير 4 / 583، تاريخ الاسلام 3 / 349، العبر 1 / 112، سرح العيون 170، البداية والنهاية 9 / 117، تهذيب التهذيب 2 / 210، لسان الميزان 2 / 180، تعجيل المنفعة 87، النجوم الزاهرة 1 / 230 خلاصة تذهيب التهذيب 73، شذرات الذهب 1 / 106، تهذيب ابن عساكر 4 / 51.
(1) سيكرر المؤلف ترجمته في أول المجلد الخامس من الاصل.
* * طبقات ابن سعد 6 / 268، طبقات خليفة ت 1153، تاريخ البخاري 6 / 447، تاريخ البخاري الصغير 1 / 248، المعارف 589، أخبار القضاة 2 / 408، الاكليل 10 / 46، تاريخ = (*)

(4/343)


عامر، ويقال: اسمه كنيته - ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن قيس بن حضار الكوفي الفقيه.
وكان قاضي الكوفة للحجاج، ثم عزله بأخيه أبي بكر.
حدث عن أبيه، وعلي، وعائشة، وأسماء بنت عميس، وعبد الله بن سلام، وحذيفة، ومحمد بن مسلمة، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، والبراء، ومعاوية والاغر المزني، وعدة.
وينزل إلى عروة بن الزبير، والربيع بن خثيم، وزر بن حبيش، وطائفة.
حدث عنه بنوه: سعيد ويوسف والامير بلال، وحفيده بريد بن عبد الله ابن أبي بردة، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وأبو مجلز، وأبو إسحاق السبيعي، ومكحول الشامي، وقتادة، وعمرو بن مرة، وطلحة بن مصرف، وعبد الملك بن عمير، وعدي بن ثابت، وعون بن عبد الله، والنضر بن أنس،
وأبو إسحاق الشيباني، وأبو صخرة جامع بن شداد، وثابت البناني، وأشعث ابن أبي الشعثاء، وحكيم بن الديلم، وحميد بن هلال، وطلحة بن يحيى بن طلحة، وأبو حصين، وفرات بن السائب، وليث بن أبي سليم، وبكير بن عبد الله بن الاشج، ويونس بن أبي إسحاق، وخلق كثير، وكان من أئمة الاجتهاد.
قال ابن سعد (1): كان ثقة، كثير الحديث.
وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة.
__________
= ابن عساكر (عاصم عايذ) 371، وفيات الاعيان 3 / 10، تهذيب الكمال ص 1578، تاريخ الاسلام 4 / 216، تذكرة الحفاظ 1 / 89، العبر 1 / 128، تذهيب التهذيب 4 / 199 آ، البداية والنهاية 9 / 231، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 36، النجوم الزاهرة 1 / 252، شذرات الذهب 1 / 126.
(1) لم نجد هذا القول في ترجمته في المطبوع من الطبقات ط دار صادر.
(*)

(4/344)


أحمد بن عبدالرحمن بن وهب: حدثنا عمي، حدثني عبد الله بن عياش، عن أبيه، أن يزيد بن المهلب لما ولي خراسان قال: دلوني على رجل كامل لخصال الخير، فدل على أبي بردة الاشعري.
فلما جاء، رآه رجلا فائقا، فلما كلمه رأى من مخبرته أفضل من مرآته، فقال: إني وليتك كذا وكذا من عملي، فاستعفاه، فأبى أن يعفيه، فقال: أيها الامير، ألا أخبرك بشئ حدثنيه أبي، إنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: هاته.
قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من تولى عملا وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل بأهل، فليتبوأ مقعده من النار ".
وأنا أشهد أيها الامير أني لست بأهل لما دعوتني إليه.
فقال: ما زدت على أن حرضتنا على نفسك ورغبتنا فيك، فاخرج إلى عهدك فإني غير معفيك.
فخرج ثم أقام فيهم ما شاء الله أن يقيم، فاستأذن في القدوم عليه، فأذن له، فقال: أيها الامير ألا أحدثك بشئ حدثنيه أبي سمعه من
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: قال: " ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله، ما لم يسأل هجرا ".
وأنا سائلك بوجه الله إلا ما أعفيتني أيها الامير من عملك.
فأعفاه.
رواه الروياني في " مسنده " عن أحمد (1).
قال ابن عيينة: سأل عمر بن عبد العزيز أبا بردة بن أبي موسى: كم
__________
(1) رجاله ثقات إلا عبد الله بن عياش، فقد قال أبو حاتم: ليس بالمتين، صدوق يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لهيعة.
وضعفه أبو داود والنسائي، وأخرج له مسلم في الشواهد لا في الاصول.
والخبر بتمامه أورده ابن عساكر في تاريخه (عاصم عايذ) 387 من طريق الروياني.
والحديث الثاني " ملعون من سأل.." رواه الطبراني أيضا من حديث أبي موسى الاشعري، وحسنه الحافظ العراقي، وقال الهيثمي: رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو ثقة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، فإذا ضم هذا السند إلى سند الروياني حدث منهما قوة.
(*)

(4/345)


أتى عليك ؟ قال: أشدان - يعني أربعين وأربعين (1).
ذكر الاختلاف في وفاة أبي بردة: روى الهيثم بن عدي، عن ابن عياش المنتوف (2)، أنه مات سنة ثلاث ومئة.
وقال أبو عبيد، وخليفة، وطائفة: مات سنة أربع ومئة.
وقيل: إنه مات وله بضع وثمانون سنة.
ووهم من قال: مات سنة سبع ومئة.

119 - أيوب بن القرية (3) * وهي أمه، واسم أبيه يزيد (4) بن قيس بن زرارة النمري الهلالي، أعرابي أمي فصيح، مفوه يضرب ببلاغته المثل (5)، وفد على عبدالملك،
وعلى الحجاج، فأعجب بفصاحته، ثم بعثه رسولا إلى ابن الاشعث إلى سجستان، فأمره أن يخلع الحجاج، ويقوم بذلك ويشتمه، فقال: إنما أنا رسول.
فقال: لتفعلن أو لاضربن عنقك، ففعل، فلما انتصر الحجاج جئ بابن القرية فقال: أخبرني عن أهل العراق ؟ قال: أعلم الناس بحق وبباطل.
قال: فأهل الحجاز ؟ قال: أسرع الناس إلى فتنة، وأعجزهم عنها.
قال: فأهل الشام ؟ قال: أطوع شئ لامرائهم.
قال: فأهل مصر ؟
__________
(1) ابن عساكر (عاصم عايذ) 389، وانظر تاريخ البخاري 6 / 448.
(2) واسمه عبد الله، وهو غير ابن عياش القتباني، انظر ميزان الاعتدال 2 / 469، 470 وانظر ابن عساكر (عاصم عايذ) 390.
* سبق للمؤلف أن ترجم له ص 197، فمصادر ترجمته هناك.
(3) القرية من الطير: الحوصلة (الاشتقاق).
(4) انظر وفيات الاعيان 1 / 250 والاشتقاق 335 ففيهما اسم أبيه (زيد).
(5) ذكرنا نتفا من بلاغته في الحاشية (1) ص 197.
(*)

(4/346)


قال: عبيد من علمت.
قال: فأهل الجزيرة ؟ قال: أشجع فرسان وأقتل للاقران.
قال: فأهل اليمن ؟ قال: أهل سمع وطاعة.
ثم سأله عن قبائل العرب، وعن البلدان وهو يجيب.
ثم ضرب عنقه، وندم عليه.
وذلك في سنة أربع وثمانين.
طول أخباره ابن عساكر (1).

120 - الوليد * الخليفة، أبو العباس الوليد بن عبدالملك بن مروان بن الحكم الاموي، الدمشقي الذي أنشأ جامع بني أمية.
بويع بعهد من أبيه، وكان مترفا، دميما، سائل الانف، طويلا أسمر، بوجهه أثر جدري، في عنفقته (2) شيب، يتبختر في مشيه، وكان قليل العلم، نهمته في البناء.
أنشأ أيضا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزخرفه.
ورزق في دولته سعادة.
ففتح بوابة الاندلس، وبلاد الترك، وكان لحنة، وحرص على النحو أشهرا، فما نفع.
وغزا الروم مرات في دولة أبيه.
وحج.
وقيل: كان يختم في كل ثلاث، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة.
وكان يقول: لولا أن الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحدا يفعل ذلك.
__________
(1) انظر مصادر الترجمة ص 197.
* المعارف 359، تاريخ اليعقوبي 3 / 27، الطبري 6 / 495 وما بعدها، مروج الذهب 3 / 365 وما بعدها، عنوان المعارف 15، تاريخ ابن عساكر 17 / 420 آ، تاريخ ابن الاثير 5 / 8 وما بعدها، تاريخ الاسلام 4 / 65، العبر 1 / 114، فوات الوفيات 4 / 254، البداية والنهاية 9 / 70 و 161، العقد الثمين 7 / 389، الذهب المسبوك للمقريزي 29، النجوم الزاهرة 1 / 220 و 234، تاريخ الخلفاء 223، تاريخ الخميس 2 / 311، 314، شذرات الذهب 1 / 111.
(2) العنفقة: شعيرات بين الشفة السفلى والذقن.
(*)

(4/347)


قال ابن أبي عبلة: رحم الله الوليد، وأين مثل الوليد ! افتتح الهند والاندلس، وكان يعطيني قصاع الفضة أقسمها على القراء (1).
وقيل: إنه قرأ على المنبر (يا ليتها) بالضم (2).
وكان فيه عسف وجبروت، وقيام بأمر الخلافة.
وقد فرض للفقهاء والايتام والزمنى والضعفاء، وضبط الامور.
فالله يسامحه.
وقد ساق ابن عساكر أخباره (3).
مات في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وله إحدى وخمسون سنة.
وكان في الخلافة عشر سنين سوى أربعة أشهر، وقبره بباب الصغير.
وقام بعده أخوه سليمان بعهد له من أبيهما عبدالملك.
وقد كان عزم على خلع سليمان من ولاية العهد لولده عبد العزيز، فامتنع عليه عمر بن عبد العزيز وقال: لسليمان بيعة في أعناقنا.
فأخذه الوليد وطين عليه، ثم فتح عليه بعد ثلاث وقد مالت عنقه، وقيل: خنقه بمنديل حتى صاحت أخته أم البنين.
فشكر سليمان لعمر ذلك، وعهد إليه بالخلافة.
وله ترجمة طويلة في تاريخ دمشق، وغير ذلك.

121 - محمد بن سعد * (خ، م، ت، س، ق) ابن أبي وقاص مالك، الامام الثقة، أبو القاسم القرشي، الزهري المدني، أخو عمر بن سعد الامير، وعامر بن سعد، وعائشة بنت سعد.
__________
(1) ابن عساكر 17 / 423 ب.
(2) الخبر في ابن عساكر 17 / 424 آ، وتمامه: " قرأ: (يا ليتها كانت القاضية) وضم التاء، فقال عمر بن عبد العزيز: يا ليتها كانت عليك وأراحتنا منك ".
(3) س 17 / 420 آ.
* طبقات ابن سعد 5 / 167 و 6 / 221، طبقات خليفة ت 2081، تاريخ البخاري 1 / 88، المعارف 244، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 261، تهذيب الكمال 1200، تاريخ الاسلام 3 / 294، العبر 1 / 95، تذهيب التهذيب 3 / 205 ب، تهذيب التهذيب 9 / 183، خلاصه تذهيب التهذيب 337، شذرات الذهب 1 / 91.
(*)

(4/348)


حدث عن أبيه، وعن عثمان بن عفان، وأبي الدرداء، وطائفة.
حدث عنه ابناه: إبراهيم وإسماعيل، وأبو إسحاق السبيعي، ويونس ابن جبير، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة.
روى جملة صالحة من العلم، ثم كان ممن قام على الحجاج مع ابن الاشعث، فأسر يوم دير الجماجم، فقتله الحجاج.
روى له الشيخان، والترمذي، والنسائي، والقزويني.
قيل: إنه انهزم إلى المدائن.
فتجمع إليه ناس كثير، ثم لحق بالبصرة وكان مصرعه في سنة اثنتين وثمانين.

122 - أخوه عامر * (ع) ابن سعد بن أبي وقاص، إمام ثقة، مدني.
سمع أباه، وأسامة بن زيد، وعائشة، وأبا هريرة، وجابر بن سمرة.
وعنه ابنه داود بن عامر، وابنا إخوته، وعمرو بن دينار، والزهري، وموسى بن عقبة، وآخرون.
مات سنة أربع ومئة.

123 - وأخوهما عمر * * (س) ابن سعد، أمير السرية الذين قاتلوا الحسين رضي الله عنه ثم قتله
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 167، طبقات خليفة ت 2079، تاريخ البخاري 6 / 449، المعارف 244، المعرفة والتاريخ 1 / 368، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 321، تهذيب الكمال ص 641، تاريخ الاسلام 4 / 130، العبر 1 / 127، تذهيب التهذيب 2 / 114 آ البداية والنهاية 9 / 230، تهذيب التهذيب 5 / 63 خلاصة تذهيب التهذيب 184، شذرات الذهب 1 / 126.
* * طبقات ابن سعد 5 / 168، طبقات خليفة ت 2080، تاريخ البخاري 6 / 158، المعارف 243، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 111، تاريخ ابن عساكر = (*)

(4/349)


المختار.
وكان ذا شجاعة وإقدام.
روى له النسائي.
قتل هو وولداه صبرا.

124 - وأخوهم عمرو * ابن سعد.
قتل يوم الحرة.

125 - وأخوهم مصعب * * (ع) ابن سعد.
بقي بالكوفة إلى سنة ثلاث ومئة.
خرجوا له في الكتب الستة.

126 - وأخوهم إبراهيم * * * (خ، م) ابن سعد، والد قاضي المدينة، سعد بن إبراهيم.
حديثه في " الصحيحين ".

127 - وأخوهم عمير * * * * قتل أيضا يوم الحرة.
__________
= 13 / 109 آ، تهذيب الكمال ص 1014، تاريخ الاسلام 3 / 52، العبر 1 / 73، تذهيب التهذيب 3 / 84 آ، البداية والنهاية 8 / 273، الاصابة ت 6827، تهذيب التهذيب 7 / 450، خلاصة تذهيب التهذيب 283.
* طبقات ابن سعد 5 / 168، المعارف 106، شذرات الذهب 1 / 74.
* * طبقات ابن سعد 5 / 169 و 6 / 222، طبقات خليفة ت 2082، تاريخ البخاري 7 / 350، المعارف 244، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 303، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 95، تهذيب الكمال ص 1333، تاريخ الاسلام 4 / 204، العبر 1 / 125، تذهيب التهذيب 4 / 41 ب، البداية والنهاية 9 / 229، تهذيب التهذيب 10 / 160، شذرات الذهب 1 / 125، خلاصة تذهيب التهذيب 377.
* * * طبقات ابن سعد 5 / 169، طبقات خليفة ت 2083، تاريخ البخاري 1 / 288، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 101، تهذيب الكمال ص 56، تذهيب التهذيب 1 / 35 ب، تهذيب التهذيب 1 / 123، خلاصة تذهيب التهذيب 17.
* * * * طبقات ابن سعد 5 / 169.
(*)

(4/350)


128 - وإخوتهم: إسماعيل *

129 - ويحيى * *

130 - وعبد الرحمن * * * لهم ذكر.

131 - بشير بن كعب * * * * (خ 4) ابن أبي، الفقيه، أبو أيوب الحميري العدوي البصري، العابد، أحد المخضرمين، قيل: إن أبا عبيدة بن الجراح استعمله على بعض الامور.
حدث عن أبي ذر، وأبي الدرداء، وأبي هريرة.
حدث عنه عبد الله بن بريدة، وقتادة، وطلق بن حبيب، والعلاء بن.
زياد، وثابت البناني، وجماعة.
وثقه النسائي وغيره.
وكان أحد القراء والزهاد، رحمه الله.

132 - أما بشير بن كعب * * * * * العلوي بفتح الموحدة، فهو شاعر، له ذكر، كان في دولة معاوية.

133 - أبان بن عثمان * * * * * * (م 4) ابن عفان، الامام الفقيه، الامير، أبو سعد بن أمير المؤمنين أبي عمرو الاموي، المدني.
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 170.
* * طبقات ابن سعد 5 / 170، طبقات خليفة ت 2086، تاريخ البخاري 8 / 275، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 153.
* * * طبقات ابن سعد 5 / 170.
* * * * طبقات ابن سعد 7 / 223، طبقات خليفة ت 1685، تاريخ البخاري 2 / 132،
المعرفة والتاريخ 2 / 93، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 395، تهذيب الكمال ص 155، تذهيب التهذيب 1 / 86 ب، تاريخ الاسلام 3 / 243، الاصابة ت 822، تهذيب التهذيب 1 / 471، خلاصة تذهيب التهذيب 50، تهذيب ابن عساكر 3 / 274.
* * * * * تاريخ الاسلام 3 / 243.
* * * * * * طبقات ابن سعد 5 / 151، طبقات خليفة ت 2058، تاريخ البخاري 1 / 450 = (*)

(4/351)


سمع أباه، وزيد بن ثابت.
حدث عنه عمرو بن دينار، والزهري، وأبو الزناد، وجماعة.
له أحاديث قليلة، ووفادة على عبدالملك.
قال ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبان: سمعت عثمان يقول: من قال في أول يومه وليلته: " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم " لم يضره ذلك اليوم شئ، أو تلك الليلة.
فلما أصاب أبان الفالج قال: إني والله نسيت هذا الدعاء هذه الليلة ليمضي في أمر الله.
حديث صحيح.
ورواه عن أبان منذر بن عبد الله الحزامي، ومحمد بن كعب القرظي.
أخرجه الترمذي (1).
قال ابن سعد (2): ثقة، له أحاديث عن أبيه.
وكان بن صمم ووضح كثير.
أصابه الفالج في أواخر عمره.
قال خليفة (3): هو أخو عمرو، وأمهما أم عمرو بنت جندب.
قال الواقدي (4): كان ولاية أبان على المدينة سبع سنين.
__________
= المعارف 201، أخبار القضاة 1 / 129، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 295، تاريخ ابن عساكر 2 / 153 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 97، تهذيب
الكمال ص 48، تاريخ الاسلام 3 / 241، العبر 1 / 129، تذهيب التهذيب 1 / 31 آ، البداية والنهاية 9 / 233، تهذيب التهذيب 1 / 97، النجوم الزاهرة 1 / 253، شذرات الذهب 1 / 131، تهذيب ابن عساكر 2 / 134.
(1) (3385) في الدعوات باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى، وقال: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 446 و 474 وابنه عبد الله في زوائده (528) وأبو داود (5088) وابن ماجه (3369) وصححه ابن حبان (2352) والحاكم 1 / 514 ووافقه المؤلف في مختصره.
وانظر ابن سعد 5 / 152، 153.
(2) في الطبقات 5 / 152، 153.
(3) في طبقاته 2 / 601.
(4) انظر ابن سعد 5 / 152.
(*)

(4/352)


وعن أبي الزناد، قال: مات أبان قبل عبدالملك بن مروان.
قال يحيى القطان: فقهاء المدينة عشرة: أبان بن عثمان، وسعيد بن المسيب، وذكر سائرهم.
قال مالك: حدثني عبد الله بن أبي بكر، أن والده أبا بكر بن حزم كان يتعلم من أبان القضاء.
وعن عمرو بن شعيب، قال: ما رأيت أحدا أعلم بحديث ولا فقه، من أبان بن عثمان.
وقال خليفة: إن أبانا توفي سنة خمس ومئة.

134 - أخوه عمرو * (ع) ابن عثمان، قديم الموت.
يروي عن أبيه، وأسامة بن زيد.
وعنه سعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وأبو الزناد، وآخرون.
ثقة، ليس بالمكثر.

135 - مورق * * (ع) العجلي، الامام، أبو المعتمر البصري.
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 150، طبقات خليفة ت 2059، المعارف 199، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 248، تاريخ ابن عساكر 13 / 291 آ، تهذيب الكمال ص 1048، تاريخ الاسلام 3 / 197 و 290، تذهيب التهذيب 3 / 106 آ، تهذيب التهذيب 8 / 78، خلاصة تذهيب التهذيب 291.
* * طبقات ابن سعد 7 / 213، الزهد لاحمد 305، طبقات خليفة ت 1720، تاريخ البخاري 8 / 51، المعارف 470، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 403، الحلية 2 / 234، تهذيب الكمال ص 1384، تاريخ الاسلام 4 / 206، العبر 1 / 122، تذهيب التهذيب 4 / 75 ب، تهذيب التهذيب 10 / 331، خلاصة تذهيب التهذيب 398.
(*)

(4/353)


يروي عن عمر، وأبي ذر، وأبي الدرداء، وطائفة ممن لم يلحق السماع منهم، فذلك مرسل.
وروى عن ابن عمر، وجندب بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، وعدة.
حدث عنه توبة العنبري، وقتادة بن دعامة، وعاصم الاحول، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة.
قال ابن سعد (1): كان ثقة، عابدا، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق.
يوسف بن عطية: حدثنا معلى بن زياد، قال: قال مورق العجلي: ما من أمر يبلغني، أحب إلي من موت أحب أهلي إلي (2).
وقال: تعلمت
الصمت في عشر سنين، وما قلت شيئا قط إذا غضبت، أندم عليه إذا زال غضبي (3).
روى حماد بن زيد، عن جميل (4) بن مرة، قال: كان مورق رحمه الله يجيئنا فيقول: أمسكوا لنا هذه الصرة، فإن احتجتم فأنفقوها.
فيكون آخر عهده بها.
قال جعفر بن سليمان: [ حدثنا بعض أصحابنا، قال ]: كان مورق يتجر فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعة وعنده منه شئ.
وكان يأتي الاخ فيعطيه الاربع مئة والخمس مئة ويقول: ضعها لنا عندك، ثم يلقاه بعد، فيقول: شأنك بها، لا حاجة لي فيها (5).
__________
(1) في الطبقات 7 / 213 و 216.
(2) الحلية 2 / 234،، وانظر ابن سعد 7 / 215.
(3) الحلية 2 / 235، وانظر ابن سعد 7 / 213، 214.
(4) في الاصل: " حميد " مصحف، وما أثبتناه من التهذيب، والخبر في ابن سعد 7 / 215.
(5) ابن سعد 7 / 215، 216، والحلية 2 / 236، وما بين الحاصرتين منهما.
(*)

(4/354)


محمد بن سعد (1): حدثنا يحيى بن خليف، حدثنا هشام بن حسان، عن مورق قال: ما امتلات غضبا قط، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة، فما شفعني فيها، وما سئمت من الدعاء.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا فاروق، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا داود بن شبيب، حدثنا همام، عن قتادة، عن مورق، عن أبي الاحوص، عن ابن (2) مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمسة
وعشرون درجة " (3).

136 - أبو سلام * (م 4) ممطور الحبشي، ثم الدمشقي، الاسود الاعرج، وقيل: إنما قيل له الحبشي نسبة إلى حي من حمير، فالله أعلم.
من جلة العلماء بالشام.
حدث عن حذيفة، وثوبان، وعلي، وأبي ذر، وعمرو بن عبسة، وكثير من ذلك مراسيل كعادة الشاميين يرسلون عن الكبار، وروى أيضا عن أبي
__________
(1) في الطبقات 7 / 214.
(2) في الاصل: " أبي " مصحف.
(3) رجاله ثقات، وهو في الحلية 2 / 237 وأخرجه أحمد 1 / 437.
وفي الباب عن ابن عمر، عند مالك 1 / 129، والبخاري 2 / 109، 110، ومسلم (650) بلفظ " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ".
وعن أبي هريرة عن مالك في الموطأ 1 / 129 والبخاري 2 / 113، ومسلم بلفظ " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا ".
وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري 2 / 112 بلفظ " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ".
وانظر " مجمع الزوائد " 2 / 38، 39.
* تاريخ البخاري 8 / 57، المعرفة والتاريخ 2 / 334، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 431، تاريخ ابن عساكر 17 / 96 ب، تهذيب الكمال ص 1373 و 1619، تاريخ الاسلام 4 / 205، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 4 / 68 ب، تهذيب التهذيب 10 / 296، خلاصة تذهيب التهذيب 398، شذرات الذهب 1 / 124.
(*)

(4/355)


أمامة الباهلي، وعبد الرحمن (1) بن غنم، وأبي أسماء الرحبي، وأبي مالك الاشعري، والنعمان بن بشير، وطائفة.
وقد ذكر أبوب مسهر أن أبا سلام سمع من عبادة بن الصامت ببيت
المقدس.
حدث عنه حفيداه: يزيد ومعاوية ابنا سلام، ومكحول، وعبد الرحمن ابن يزيد، وعبد الله بن العلاء بن زبر، والاوزاعي، وطائفة.
وعمر دهرا.
وثقه أحمد العجلي وغيره.
وقد كان كتب إلى يحيى بن أبي كثير بأحاديث من مروياته.
واستقدمه عمر بن عبد العزيز - في خلافته - إليه على البريد ليشافهه بما سمع من ثوبان في حوض (2) النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:
__________
(1) في الاصل: " عبدالرحيم " مصحف، وما أثبتناه من ؟ ؟ التهذيب.
(2) حديث ثوبان في الحوض أخرجه أحمد 5 / 275 من طريق الحسين بن محمد، حدثنا ابن عياش عن محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم اللخمي قال: بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي سلام الحبشي فحمل إليه على البريد ليسأله عن الحوض فقدم به عليه فسأله فقال: سمعت ثوبان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأكاويبه عدد النجوم، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من هم يا رسول الله ؟ قال: هم الشعث رؤوسا، الدنس ثيابا الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب السدد ".
فقال عمر بن عبد العزيز: لقد نكحت المتنعمات وفتحت لي السدد إلا أن يرحمني الله، والله لا جرم أن لا أدهن رأسي حتى يشعث، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ.
وأخرجه الترمذي (2444) في القيامة باب ما جاء في صفة أواني الحوض، وابن ماجه (4303) في الزهد باب ذكر الحوض من حديث محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم عن ابن سلام، وإسناده صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه المؤلف عليه في " مختصره " وأخرجه مسلم (2301) وأحمد أيضا 5 / 280، 282 من طريق سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إني لبعقر حوضي أذود الناس لاهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم " فسئل عن عرضه فقال: " من مقامي إلى عمان " وسئل عن شرابه فقال: " أشد بياضا من اللبن وأحلى من
العسل، يغت فيه ميزابان يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق ".
(*)

(4/356)


شققت علي.
فاعتذر إليه عمر وأكرمه.
توفي سنة نيف ومئة.
فإن كان الاوزاعي شافهه فهو أكبر شيخ له.

137 - مالك بن أسماء * ابن خارجة الفزاري، من فحول الشعراء، له وفادة على عبدالملك ابن مروان، وكان عاملا على الحيرة للحجاج.
وكان جميلا وسيما.
ومن شعره: ربما قد لقيت أمس كئيبا * أقطع الليل عبرة ونحيبا أيها المشفق الملح حذارا * إن للموت طالبا ورقيبا

138 - أبو الأشعث * * (م 4) الصنعاني، من كبار علماء دمشق، وفي اسمه أقوال، أقواها: شراحيل ابن آدة.
حدث عن عبادة بن الصامت، وثوبان، وشداد بن أوس، وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني، وأوس بن أوس، وطائفة.
حدث عنه أبو قلابة الجرمي، وحسان بن عطية، ويحيى الذماري وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وجماعة.
__________
* الشعر والشعراء 666، الاغاني 16 / 41، معجم المرزباني 266، سمط اللآلي 15، تاريخ ابن عساكر 16 / 81 ب، تاريخ الاسلام 4 / 188، لسان الميزان 5 / 2.
* * طبقات ابن سعد 5 / 536، طبقات خليفة ت 2913، تاريخ البخاري 4 / 255، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 373، تاريخ ابن عساكر 8 / 8 آ، تاريخ الاسلام 3 / 254 و 4 / 71، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 2 / 71 ب، تهذيب التهذيب 4 / 319، خلاصة تذهيب
التهذيب 164، شذرات الذهب 1 / 123، تهذيب ابن عساكر 6 / 296.
(*)

(4/357)


وثقه أحمد بن عبد الله وغيره.
قال محمد بن سعد (1): هو يماني نزل دمشق.
وقال الحافظ ابن عساكر (2): لعله من صنعاء اليمن، فنزل صنعاء دمشق (3).
قلت: توفي بعد المئة.
ولم يخرج له البخاري ولا لابي سلام، لانهما لا يكادان يصرحان باللقاء.
وهو لا يقنع بالمعاصرة (4).
وفي صحيح مسلم عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار: فجاء أبو الأشعث، فقالوا: أبو الأشعث، أبو الاشعث.
فجلس، فقالوا له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت، قال: نعم، غزونا غزاة وعلى الناس معاوية، فغنمنا، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك فقام عبادة بن الصامت فقال: " إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى
__________
(1) في الطبقات 5 / 536.
(2) في تاريخه 8 / 9 ب.
(3) صنعاء اليمن: هي قصبتها وأحسن بلادها، تشبه بدمشق لكثرة فواكهها، وتدفق مياهها، تقع إلى الشمال من عدن، وتبعد عنها ثمانية وستين ميلا.
وصنعاء دمشق: قرية على بابها، دون المزة.
انظر معجم البلدان.
(4) يشترط البخاري رحمه الله في الحديث، الذي يرويه العدل الضابط غير المدلس عن شيخه بلفظ عن، ثبوت ملاقاة الراوي لمن روى عنه ولو مرة واحدة، بينما يكتفي الامام مسلم بالمعاصرة، وقد أنكر على شيخه البخاري في خطبة صحيحه اشتراط اللقي وادعى أنه قول مخترع
لم يسبق قائله إليه، وأن الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالاخبار قديما وحديثا أنه يكفي في ذلك كونهما في عصر واحد.
انظر مقدمة صحيح مسلم 1 / 28، 29.
(*)

(4/358)


عن بيع الذهب بالذهب " (1) الحديث.

139 - ربعي بن حراش * (ع) ابن جحش بن عمرو، الامام القدوة الولي الحافظ الحجة، أبو [ مريم ] (2) الغطفاني ثم العبسي الكوفي المعمر، أخو العبد الصالح مسعود، الذي تكلم بعد الموت.
سمع من عمر بن الخطاب يوم الجابية (3)، وعلي بن أبي طالب، وأبي موسى الاشعري، وأبي مسعود البدري، وحذيفة بن اليمان، وأبي بكرة الثقفي، وعدة.
حدث عنه أبو مالك الاشجعي، ومنصور بن المعتمر، وعبد الملك بن
__________
(1) أخرجه مسلم (1587) في المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا.
وتمامه: " والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى " فرد الناس ما أخذوا فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا فقال: ألا ما بال رجال يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه، فلم نسمعها منه ! فقام عبادة ابن الصامت، فأعاد القصة ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية - أو قال وإن رغم - ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء.
* طبقات ابن سعد 6 / 127، طبقات خليفة ت 1104، تاريخ البخاري 3 / 327، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 509، الحلية 4 / 367 وفيه صحف بالخاء المعجمة، تاريخ بغداد 8 / 433، تاريخ ابن عساكر 6 / 99 ب، أسد الغابة 2 / 162، وفيات الاعيان 2 / 300، تهذيب الكمال ص 402، تاريخ الاسلام 4 / 111، تذكرة الحفاظ 1 / 65، العبر 1 / 121، تذهيب
التهذيب 1 / 215 ب، الاصابة ت 2721، تهذيب التهذيب 3 / 236، النجوم الزاهرة 1 / 253، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 27، خلاصة تذهيب التهذيب 114، شذرات الذهب 1 / 121، تهذيب ابن عساكر 5 / 300.
(2) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل استدركناه من الاصابة وتهذيب الكمال.
(3) انظر تعريف الجابية ص 132 رقم (1).
(*)

(4/359)


عمير، وحصين بن عبدالرحمن، وآخرون.
عمران بن عيينة، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، قال: خطبنا عمر بالجابية (1).
وعن الكلبي (2)، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى حراش بن جحش، فخرق كتابه (3).
قال محمد بن علي السلمي: رأيت ربعي بن حراش مر بعشار، ومعه مال، فوضعه على قربوس سرجه، ثم غطاه ومر (4).
قال الاصمعي: أتى رجل الحجاج فقال: إن ربعي بن حراش زعموا لا يكذب، وقد قدم ولداه عاصيين.
قال: فبعث إليه الحجاج فقال: ما فعل ابناك ؟ قال: هما في البيت والله المستعان.
فقال له الحجاج بن يوسف: هما لك.
وأعجبه صدقه (5).
ورواها الثوري عن منصور، وزاد: قالوا: من ذكرت يا أبا سفيان ؟ قال: ذكرت ربعيا، وتدرون من ربعي ؟ كان ربعي من أشجع، زعم قومه أنه لم يكذب قط (5).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: ربعي ثقة.
وقال ابن خراش: صدوق.
__________
(1) ابن عساكر 6 / 100 آ.
(2) هو محمد بن السائب أبو النضر الكوفي المفسر النسابة، ضعفه غير واحد، وبعضهم اتهمه، وقال الدار قطني وجماعة: متروك.
وقال ابن حبان: لا يحل ذكره في الكتب فكيف الاحتجاج به.
(3) ابن سعد 6 / 127.
(4) ابن عساكر 6 / 101 ب، والقربوس: حنو السرج.
(5) ابن عساكر 6 / 101 ب.
(*)

(4/360)


البرجلاني: حدثنا محمد بن جعفر بن عون، أنبأنا بكر بن محمد العابد، عن الحارث الغنوي، قال: آلى ربعي بن حراش أن لا تفتر أسنانه ضاحكا حتى يعلم أين مصيره.
قال الحارث: فأخبر الذي غسله أنه لم يزل متبسما على سريره ونحن نغسله، حتى فرغنا منه، رحمة الله عليه (1).
قال علي بن المديني: بنو حراش ثلاثة: ربعي، وربيع، ومسعود.
قال منصور بن المعتمر: سعي إلى الحجاج بأنك ضربت البعث على ابني ربعي فعصيا.
فبعث إليه فإذا هو شيخ منحن، فقال: ما فعل ابناك ؟ قال: هما في البيت.
قال: فحمله وكساه وأوصى به خيرا (2).
أخبرنا إسحاق الصفار، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد الغساني، حدثنا علي بن العباس البجلي، حدثنا جعفر بن محمد بن رياح الاشجعي، حدثنا أبي، عن عبيدة، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي، قال: كنا أربعة إخوة، فكان الربيع أكثرنا صلاة وصياما في الهواجر، وإنه توفي، فبينا نحن حوله قد بعثنا من يبتاع له كفنا، إذ كشف الثوب عن وجهه فقال: السلام عليكم، فقال القوم: عليكم السلام يا أخا عيسى، أبعد الموت ؟ ! قال: نعم، إني لقيت ربي بعدكم فلقيت
ربا غير غضبان، واستقبلني بروح وريحان وإستبرق، ألا وإن أبا القاسم ينتظر الصلاة علي فعجلوني.
ثم كان بمنزلة حصاة رمي بها في طست.
فنمي الحديث إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يتكلم رجل من أمتي بعد الموت " (3).
__________
(1) ابن عساكر 6 / 102 آ.
(2) انظر الحلية 4 / 369 وابن عساكر 6 / 101 ب.
(3) الخبر في الحلية 4 / 367، 368، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة زيد بن خارجة ت 844 ورجال إسناده ثقات لكن ليس فيه المرفوع، وهو الاصح فقد رواه عن عبدالملك غير واحد فما رفعه.
(*)

(4/361)


قال أبو نعيم (1): ورواه عن عبدالملك زيد بن أبي أنيسة، وإسماعيل ابن أبي خالد، والثوري، وابن عيينة، وما رفعه سوى عبيدة.
وبه، قال أبو نعيم (1): حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، قال: مات أخ لنا، فسجيناه، فذهبت في التماس كفنه، فرجعت وقد كشف الثوب وهو يقول.
فذكر نحوه، وفيه: وعدت (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يذهب حتى أدركه.
قال: فما شبهت خروج نفسه إلا كحصاة ألقيت في ماء فرسبت.
فذكر ذلك لعائشة، فقالت: قد كنا نتحدث أن رجلا من هذه الامة يتكلم بعد الموت.
قال هارون بن حاتم: حدثونا أن ربعيا توفي سنة إحدى وثمانين.
وقال خليفة (3): بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن المديني، وغيرهما: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز: وقال ابن
نمير: توفي سنة إحدى ومئة.
وقال أبو عبيد: سنة مئة.
وقال المدائني وابن معين: سنة أربع ومئة.

140 - أبو ظبيان * (ع) الجنبي الكوفي، واسمه حصين بن جندب بن عمرو، من علماء الكوفة.
__________
(1) في الحلية 4 / 368.
(2) لفظ أبي نعيم في الحلية: " ووعدني ".
(3) في تاريخه 288.
* طبقات ابن سعد 6 / 224 و 241، طبقات خليفة ت 1152، تاريخ البخاري 3 / 3، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 190، تاريخ ابن عساكر 5 / 73 ب، تهذيب = (*)

(4/362)


يروي عن عمر، وعلي، وحذيفة - والظاهر أن ذلك ليس بمتصل - وروى عن جرير بن عبد الله، وأسامة بن زيد، وابن عباس، وطائفة.
حدث عنه ابنه قابوس، وحصين بن عبدالرحمن، وعطاء بن السائب، وسليمان الاعمش، وجماعة.
وثقه غير واحد.
وهو مجمع على صدقه.
وحديثه في الكتب كلها.
وكان ممن غزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية سنة خمسين.
توفي سنة تسع وثمانين، وقيل: سنة تسعين.

141 - أبو عبيدة * (ع) ابن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي، أخو عبدالرحمن، يقال: اسمه عامر، ولكن لا يرد إلا بالكنية.
روى عن أبيه شيئا، وأرسل عنه أشياء.
وروى عن أبي موسى
الاشعري، وعائشة، وكعب بن عجرة، وجماعة، وعن مسروق وعلقمة.
حدث عنه إبراهيم النخعي، وسالم الافطس، وسعد بن إبراهيم، وخصيف الجزري، وأبو إسحاق الجزري، وأبو إسحاق السبيعي وآخرون.
وثقوه.
توفي في سنة إحدى وثمانين.
__________
= الكمال ص 50 و 1624، تاريخ الاسلام 3 / 319 و 4 / 79، العبر 1 / 105، تذهيب التهذيب 1 / 160 ب، تهذيب التهذيب 2 / 379، خلاصة تذهيب التهذيب 85، شذرات الذهب 1 / 99، تهذيب ابن عساكر 4 / 373.
* طبقات ابن سعد 6 / 210، طبقات خليفة ت 1098، تاريخ البخاري 9 / 51، الحلية 4 / 204، تهذيب الكمال ص 645 و 1623، تاريخ الاسلام 3 / 320، تذهيب التهذيب 2 / 117 آ، تهذيب التهذيب 5 / 75، خلاصة تذهيب التهذيب 185، شذرات الذهب 1 / 90.
(*)

(4/363)


142 - طويس * المدني، أحد من يضرب به المثل في صناعة الغناء.
اسمه أبو عبد المنعم عيسى بن عبد الله، وكان أحول طوالا.
وكان يقال: أشأم من طويس، قيل: لانه ولد يوم وفاه النبي صلى الله عليه وسلم، وفطم يوم موت أبي بكر، وبلغ يوم مقتل عمر، وتزوج يوم مقتل عثمان، وولد له يوم مقتل علي رضي الله عنهم.
مات سنة اثنتين وتسعين.

143 - موسى بن طلحة * * (ع) ابن عبيدالله، الامام القدوة أبو عيسى القرشي التيمي المدني، نزيل الكوفة.
روى عن أبيه، وعن عثمان، وعلي، وأبي ذر، وأبي أيوب، وعائشة.
وأبي هريرة، وغيرهم.
حدث عنه ولده عمران، وحفيده سليمان بن عيسى، وأولاد إخوته معاوية وموسى ابنا إسحاق بن طلحة، وطلحة وإسحاق ابنا يحيى بن طلحة، وسماك بن حرب، وبيان بن بشر، وعبد الملك بن عمير، وعثمان بن عبد الله
__________
* المعارف 322، الاغاني 2 / 170، وفيات الاعيان 3 / 506، تاريخ الاسلام 4 / 16، فوات الوفيات 2 / 137، سرح العيون 380، البداية والنهاية 9 / 84، النجوم الزاهرة 1 / 225، شذرات الذهب 1 / 100.
* * طبقات ابن سعد 5 / 161 و 6 / 211، نسب قريش لمصعب 281، طبقات خليفة ت 1109، تاريخ البخاري 7 / 286، المعارف 233، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 147، الحلية 4 / 371، تاريخ ابن عساكر 17 / 137 ب، تهذيب الكمال ص 1386، تاريخ الاسلام 4 / 206، العبر 1 / 126، تذهيب التهذيب 4 / 79 ب، غايه النهاية 3683، تهذيب التهذيب، 10 / 350، خلاصة تذهيب التهذيب 391، شذرات الذهب 1 / 125.
(*)

(4/364)


ابن موهب، وابناه محمد وعمرو ابنا عثمان، وآخرون.
قال أبو حاتم الرازي (1): هو أفضل ولد طلحة بعد محمد.
قلت: كان محمد هذا أكبر أولاد أبيه، قتل معه يوم الجمل، وكان عابدا نبيلا، ثم أفضلهم موسى صاحب الترجمة، ثم عيسى بن طلحة (2)، ثم يحيى بن طلحة (3)، ثم يعقوب بن طلحة (4)، أحد الاجواد قتل يوم الحرة.
ثم زكريا بن طلحة (5) سبط أبي بكر الصديق، ثم إسحاق بن طلحة (6)، ثم عمران بن طلحة (7)، ولهم أولاد وعقب.
قيل: كان موسى يسمى المهدي.
وثقه أحمد العجلي وغيره.
وروى الاسود بن شيبان، عن خالد بن سمير (8)، قال: لما ظهر المختار الكذاب بالكوفة هرب منه ناس، فقدموا علينا البصرة، فكان منهم
__________
(1) في الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 148.
(2) ترجمته في ص 367.
(3) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 5 / 164، طبقات خليفة ت 1111 و 2095، تاريخ البخاري 8 / 283، المعارف 232، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 160، تاريخ ابن عساكر 18 / 71 ب، تهذيب الكمال ص 1503، تذهيب التهذيب 4 / 157 ب، تهذيب التهذيب 11 / 233، خلاصة تذهيب التهذيب 424.
(4) انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 5 / 165، طبقات خليفة ت 1996، المعارف 232، تاريخ ابن عساكر نسخة باريس 15 آ، العبر 1 / 68، شذرات الذهب 2 / 71.
(5) في الاصل: " زكريا وطلحة " تصحيف.
وانظر ترجمته في طبقات ابن سعد 5 / 166، المعارف 233.
(6) تأتي ترجمته في ص 368.
(7) تأتي ترجمته في ص 370.
(8) هو خالد بن سمير السدوسي البصري، وثقه النسائي وغيره، ووقع في تهذيب التهذيب والخلاصة مصحفا بالشين المعجمة.
انظر الاكمال والتبصير.
(*)

(4/365)


موسى بن طلحة، وكان في زمانه يرون أنه المهدي، فغشيناه، فإذا هو رجل طويل السكوت، شديد الكآبة والحزن، إلى أن رفع رأسه يوما، فقال: والله لان أعلم أنها فتنة لها انقضاء أحب إلي من كذا وكذا، وأعظم الخطر.
فقال رجل: يا أبا محمد وما الذي ترهب أن يكون أعظم من الفتنة ؟ قال: الهرج.
قالوا: وما الهرج ؟ قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثونا: القتل القتل
حتى تقوم الساعة وهم على ذلك (1).
وعن موسى بن طلحة، قال: صحبت عثمان رضي الله عنه ثنتي عشرة سنة.
قال ابن وهب: رأيت موسى بن طلحة يخضب بالسواد (2).
وقال عيسى بن عبدالرحمن: رأيت على موسى بن طلحة برنس خز (3).
روى صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن أبي النجود، قال: فصحاء الناس ثلاثة: موسى بن طلحة التيمي، وقبيصة بن جابر الاسدي، ويحيى بن يعمر (3).
وورد مثل هذا القول، عن عبدالملك بن عمير (4).
مات موسى في آخر سنة ثلاث ومئة.
أخبرنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن محمد التيمي إجازة، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أبو مالك الاشجعي، عن موسى بن
__________
(1) انظر الخبر مطولا عند ابن سعد في الطبقات 5 / 162، وانظر الحلية 4 / 371، 372 (2) ابن سعد 6 / 212.
(3) الحلية 4 / 371.
(4) انظر المصدر السابق.
(*)

(4/366)


طلحة، عن أبي أيوب الانصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " أسلم، وغفار، وجهينة وأشجع، ومن كان من بني كعب موالي دون الناس، والله ورسوله مولاهم " (1).

144 - عيسى بن طلحة * (ع) ابن عبيدالله، أبو محمد القرشي التيمي المدني، أحد الاخوة.
حدث عن أبيه، [ و ] معاوية، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وطائفة.
حدث عنه محمد بن إبراهيم، وطلحة بن يحيى بن طلحة، والزهري، وآخرون.
وكان من الحلماء الاشراف، والعلماء الثقات.
وفد على معاوية.
وعاش إلى حدود سنة مئة.
روى أيوب بن عباية، عن سليمان بن مرباع، قال: دخل رجل إلى عيسى بن طلحة، فأنشد عيسى: يقولون لو عذبت قلبك لارعوى * فقلت: وهل للعاشقين قلوب عدمت فؤادي كيف عذبه الهوى * وما لفؤادي من هواه طبيب فقام الرجل، فأسبل إزاره، ومضى إلى باب الحجرة يتبختر، ثم يرجع، حتى
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في الحلية 4 / 374، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 82.
وصححه المؤلف في مختصره، وأخرجه الحاكم أيضا 2 / 82 من طريق يحيى بن جعفر عن يزيد بن هارون به.
* طبقات ابن سعد 5 / 164، طبقات خليفة ت 1110، 2094، تاريخ البخاري 6 / 385، المعارف 232، المعرفة والتاريخ 1 / 366، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 279، تاريخ ابن عساكر 14 / 7 آ، تهذيب الكمال ص 1083، تاريخ الاسلام 4 / 43، العبر 1 / 120، تذهيب التهذيب 3 / 128 آ، تهذيب التهذيب 8 / 215، خلاصة تذهيب التهذيب 302، شذرات الذهب 1 / 119.
(*)

(4/367)


عاد إلى مجلسه طربا، وقال: أحسنت.
فضحك عيسى وجلساؤه لطرب الرجل (1).

145 - محمد بن طلحة * الملقب بالسجاد لعبادته وتألهه.
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
قتل شابا يوم الجمل (2)، لم يزل به أبوه حتى سار معه.
وأمه هي حمنة بنت جحش.
وسيأتي ابنه إبراهيم.

146 - إسحاق بن طلحة * * حدث عن أبيه، وعائشة.
وعنه ابنه معاوية، وابن أخيه إسحاق بن يحيى.
__________
(1) البيت الاول لبشار بن برد، وهو في ديوانه 1 / 186 من قصيدة يتغزل فيها بسعدى بنت صقر، وأورده صاحب الاغاني في ترجمته 3 / 171، والرواية فيه " لو عزيت ".
والخبر والبيتان في تاريخ ابن عساكر 14 / 8 ب، 9 آ وروايته موافقة للديوان.
* طبقات ابن سعد 5 / 52، نسب قريش لمصعب 281، طبقات خليفة ت 1994، المعارف 231، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 291، مستدرك الحاكم 3 / 374 وما بعدها، الاستيعاب ت 2334، أسد الغابة 4 / 322، العقد الثمين 2 / 36، الاصابة ت 7781، تعجيل المنفعة 366، شذرات الذهب 1 / 43.
(2) في " نسب قريش " لمصعب 281: " وكان طلحة أمره يوم الجمل أن يتقدم باللواء، فتقدم ونثل درعه بين رجليه، وقام عليها، فجعل كلما حمل عليه رجل قال: نشدتك ب " حم " فينصرف الرجل عنه، حتى شد عليه رجل من أسد بن خزيمة، يقال له جرير، فنشده محمد ب " حم " فلم يثنه ذلك.
ففي ذلك يقول الاسدي: وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الاذى فيما ترى العين مسلم ضممت إليه بالسنان قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم
على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لا يتبع الحق يظلم فذكرني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم فمر به علي رضي الله عنه في القتلى فقال: " السجاد ورب الكعبة، هذا الذي قتله بر أبيه ".
* * طبقات ابن سعد 5 / 166، تاريخ البخاري 1 / 393، المعارف 232، أخبار القضاة 1 / 226، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 226، تاريخ ابن عساكر 2 / 381 آ = (*)

(4/368)


وهو ابن خالة معاوية بن أبي سفيان.
وجده، هو عتبة بن ربيعة.
ولاه معاوية خراج خراسان، فمات هناك في سنة ست وخمسين.
أرخه المدائني.

147 - عائشة بنت طلحة * (ع) ابن عبيدالله التيمية، بنت أخت أم المؤمنين عائشة، أم كلثوم بنتي الصديق.
تزوجها ابن خالها عبد الله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، ثم بعده أمير العراق مصعب، فأصدقها مصعب مئة ألف دينار.
قيل: وكانت أجمل نساء زمانها وأرأسهن.
وحديثها مخرج في الصحاح.
ولما قتل مصعب بن الزبير تزوجها عمر بن عبيدالله التيمي، فأصدقها ألف ألف درهم، وفي ذلك يقول الشاعر (1): بضع الفتاة بألف ألف كامل * وتبيت سادات الجيوش جياعا (2) روت عن خالتها عائشة، وعنها حبيب بن أبي عمرة، وابن أخيها طلحة ابن يحيى، وابن أخيها الآخر معاوية بن إسحاق، وابن ابن أخيها موسى عبيدالله بن إسحاق، وفضيل الفقيمي، وآخرون.
وفدت على هشام بن عبدالملك، فاحترمها، ووصلها بجملة كبيرة وثقها يحيى بن معين.
__________
= تهذيب الكمال ص 86، تاريخ الاسلام 2 / 273، تذهيب التهذيب 1 / 56 آ، تهذيب التهذيب 1 / 238، خلاصة تذهيب التهذيب 28، تهذيب ابن عساكر 2 / 444.
* طبقات ابن سعد 8 / 467، المعارف 233، الاغاني 11 / 176 ط دار الكتب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 352، تهذيب الكمال ص 1697، تاريخ الاسلام 4 / 135، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 4 / 267 آ، البداية والنهاية 9 / 302، تهذيب التهذيب 12 / 436، النجوم الزاهرة 1 / 290، خلاصة تذهيب التهذيب 493، شذرات الذهب 1 / 122.
(1) هو أنس بن زنيم الديلي كما في المعارف 233 والاغاني ط الدار 3 / 361 وقبله: أبلغ أمير المؤمنين رسالة * من ناصح لك لا يريد خداعا (2) في الاصل: " جياع " وهو تصحيف والبضع: المهر.
(*)

(4/369)


هشيم: أنبأنا مغيرة، عن إبراهيم أن عائشة بنت طلحة قالت: إن تزوجت مصعبا، فهو عليها كظهر أمها، فتزوجته، فسألت عن ذلك، فأمرت أن تكفر، فأعتقت غلاما لها ثمن ألفين (1)، رواه سعيد في " سننه " (2).
بقيت إلى قريب من سنة عشر ومئة بالمدينة.

148 - عمران بن طلحة * (د، ت، ق) ابن عبيدالله، قديم الوفاة.
حدث عن أبيه، وأمه حمنة، وعلي.
وعنه ابنا أخيه: إبراهيم بن محمد، ومعاوية بن إسحاق، وسعد بن طريف.
قال أحمد العجلي: تابعي ثقة.
وقيل: انقرض عقبه.
ويقال: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

149 - عكرمة * * (خ، م) ابن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، سيد بني مخزوم في
__________
(1) أي بثمن ألفين، ولفظ المؤلف في " تاريخ الاسلام ": " ثمنه ألفان ".
(2) هو سعيد بن منصور المروزي المتوفى 227 ه.
وسننه من مظان المعضل والمنقطع والمرسل.
انظر الرسالة المستطرفة 34.
* طبقات ابن سعد 5 / 166، طبقات خليفة ت 2092، تاريخ البخاري 6 / 416، المعارف 232، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 499، تاريخ ابن عساكر 12 / 339 آ، أسد الغابة 4 / 138، تهذيب الكمال ص 1061، تاريخ الاسلام 3 / 286، تذهيب التهذيب 3 / 114 ب، العقد الثمين 6 / 422، الاصابة ت 6271، تهذيب التهذيب 8 / 133، خلاصة تذهيب التهذيب 295.
* * طبقات ابن سعد 5 / 209، طبقات خليفة ت 2099، تاريخ البخاري 7 / 50، المعرفة والتاريخ 1 / 372، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 10، تهذيب الكمال ص 953، تاريخ الاسلام 4 / 156، تذهيب التهذيب 3 / 48 ب، تهذيب التهذيب 7 / 260، خلاصة تذهيب التهذيب 270.
كرر المؤلف ترجمته في ص 419.
(*)

(4/370)


زمانه، أبو عبد الله، وأخو الفقيه أبي بكر.
سمع أباه، وابن عمرو السهمي، وأم سلمة.
حدث عنه ابناه: عبد الله، ومحمد، والزهري، ويحيى بن محمد بن صيفي.
قال ابن سعد: (1) هو قليل الحديث، ثقة.
قلت: توفي بعد المئة.

150 - أبو الجوزاء * (ع) أوس بن عبد الله الربعي البصري، من كبار العلماء.
حدث عن عائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
روى عنه أبو الأشهب العطاردي، وعمرو بن مالك النكري، وبديل بن
ميسرة، وجماعة.
وكان أحد العباد الذين قاموا على الحجاج.
فقيل: إنه قتل يوم الجماجم.
روى حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك، سمع أبا الجوزاء يقول: ما لعنت شيئا قط، ولا أكلت شيئا ملعونا قط، ولا آذيت أحدا قط (2).
قلت: انظر إلى هذا السيد، واقتد به.
__________
(1) في الطبقات 5 / 209.
* طبقات ابن سعد 7 / 223، طبقات خليفة ت 1668، تاريخ البخاري 2 / 16، المعارف ؟ ؟ 469، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 304، الحلية 3 / 78، تهذيب الكمال ص 117 و 1599، تاريخ الاسلام 3 / 316، العبر 1 / 96، تذهيب التهذيب 1 / 75 آ، تهذيب التهذيب 1 / 383، خلاصة تذهيب التهذيب 41، شذرات الذهب 1 / 93.
(2) الحلية 3 / 78، 79، وانظر ابن سعد 7 / 223 و 224.
(*)

(4/371)


وعنه أنه قال: ما ماريت (1) أحدا قط.
وروى عنه عمرو بن مالك، قال: لان أجالس الخنازير أحب إلي [ من ] أن أجالس أحدا من أهل الاهواء (2).
وكان أبو الجوزاء قويا بالمرة، روى نوح بن قيس، عن سليمان الربعي، قال: كان أبو الجوزاء يواصل أسبوعا، ويقبض على ذراع الشاب فيكاد يحطمها (3).

151 - شهر بن حوشب (4 م مقرونا) أبو سعيد الاشعري الشامي، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الانصارية.
كان من كبار علماء التابعين
حدث عن مولاته أسماء، وعن أبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأم سلمة، وأبي سعيد الخدري، وعدة.
وقرأ القرآن على ابن عباس، ويرسل عن بلال، وأبي ذر، وسلمان، وطائفة.
حدث عنه قتادة، ومعاوية بن قرة، والحكم بن عتيبة، وأبو بشر جعفر
__________
(1) المراء: الجدل.
وفي الاثر: " من ترك المراء وهو محق بنى الله له بيتا في الجنة ".
(2) الحلية 3 / 78 وما بين الحاصرتين منه، وانظر ابن سعد 7 / 224.
(3) الحلية 3 / 79، 80، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن صوم الوصال في الاحاديث الصحيحة.
* طبقات ابن سعد 7 / 449، طبقات خليفة ت 2931، تاريخ البخاري 4 / 258، المعارف 448، المعرفة والتاريخ 2 / 97، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 382، الحلية 6 / 59، ذكر أخبار أصبهان 1 / 343، طبقات الفقهاء للشيرازي 74، تاريخ ابن عساكر 8 / 69 ب، تهذيب الكمال ص 589، تاريخ الاسلام 4 / 12، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 2 / 82 ب، البداية والنهاية 9 / 304 وانظر 176، غاية النهاية ت 1434، تهذيب التهذيب 4 / 369، النجوم الزاهرة 1 / 271،، خلاصه تذهيب التهذيب 169، شذرات الذهب 1 / 119، تهذيب ابن عساكر 6 / 345.
(*)

(4/372)


ابن أبي وحشية، ومقاتل بن حيان، وداود بن أبي هند، وأشعث بن عبد الله الحداني، وأبو بكر الهذلي، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وعبيدالله بن زياد المكي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وعبد الحميد بن بهرام، وخلق سواهم.
أبان بن صمعة قال: قلت لشهر: يا أبا سعيد (1).
وبها كناه مسلم والنسائي.
وعن حنظلة، عن شهر، قال: عرضت القرآن على ابن عباس سبع مرات (2).
وعن ابن أبي نهيك، قال: قرأت القرآن على ابن عباس، وابن عمر وجماعة، فما رأيت أحدا أقرأ من شهر بن حوشب.
رواه البخاري (3) في ترجمة شهر، ثم قال: سمع من أبي هريرة، وأبي سعيد، وأم سلمة، وجندب بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو.
علي بن عياش: حدثنا عبدالحميد بن بهرام، قال: أتى قال شهر بن حوشب ثمانون سنة، ورأيته يعتم بعمامة سوداء، طرفها بين كتفيه، وعمامة أخرى قد أوثق بها وسطه سوداء، ورأيته مخضوبا خضابة سوداء في حمرة.
ووفد على بلال بن مرداس الفزاري بحولايا (4) فأجازه بأربعة آلاف درهم فأخذها.
إسماعيل بن عياش: حدثنا عثمان بن نويرة، قال: دعي شهر بن
__________
(1) ابن عساكر 8 / 70 آ.
(2) ابن عساكر 8 / 70 ب.
(3) ليست هذه الرواية في ترجمة شهر عند البخاري من المطبوع في تاريخه 4 / 258، 259 ولا في التاريخ الصغير وانظر ابن عساكر 8 / 70 ب.
(4) حولايا: قرية كانت بنواحي النهروان خربت الآن اه.
معجم البلدان.
(*)

(4/373)


حوشب إلى وليمة وأنا معه، [ فدخلنا ]، فأصبنا (1) من طعامهم، فلما سمع شهر المزمار، وضع أصبعيه في أذنيه، وخرج.
روى حرب الكرماني، عن أحمد بن حنبل: شهر ثقة، ما أحسن حديثه (2).
وقال حنبل (3): سمعت أبا عبد الله يقول: شهر ليس به بأس.
وقال الترمذي: قال محمد - يعني البخاري: شهر حسن الحديث، وقوى أمره وقال: إنما تكلم فيه ابن عون، ثم إنه روى عن رجل عنه (4).
وقال أحمد العجلي: ثقة.
وروى عباس، عن يحيى بن معين: شهر ثبت (5).
وقال أبو زرعة وغيره: لا بأس به.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال ابن عدي: لا يحتج به، ولا يتدين بحديثه.
وقال أبو حاتم الرازي: ليس هو بدون أبي الزبير المكي، ولا يحتج به.
وروى معاوية بن صالح، وأحمد بن زهير، عن يحيى بن معين: ثقة.
وروى النضر بن شميل، عن عبد الله بن عون، قال: إن شهرا تركوه (6).
__________
(1) في الاصل: " فأطيبنا " وهو تصحيف، وما أثبتناه من تاريخ ابن عساكر 8 / 71 آ، وما بين الحاصرتين منه.
(2) انظر ابن عساكر 8 / 71 آ.
(3) هو حنبل بن إسحاق بن حنبل كما في ابن عساكر 8 / 71 آ.
(4) انظر ابن عساكر 8 / 71 ب.
(5) ابن عساكر 8 / 71 ب.
(6) المعارف 448، وابن عساكر 8 / 73 ب، وزاد ما نصه: " قال أبو داود، قال النضر: تركوه أي طعنوا فيه ".
وفي تهذيب الكمال للمزي: " قال يعقوب بن سفيان: وشهر وإن قال ابن عون تركوه فهو ثقة ".
وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 97، 98.
(*)

(4/374)


وقال صالح بن محمد جزرة: قدم شهر على الحجاج، فحدث بالعراق
ولم يوقف منه على كذب، وكان رجلا يتنسك (1).
وقال: قال أبو حفص الفلاس: كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عن شهر.
وكان عبدالرحمن يحدث عنه.
قلت: يعني الاحتجاج وعدمه.
وروى يحيى بن أبي بكير الكرماني، عنه أبيه، قال: كان شهر بن حوشب على بيت المال، فأخذ خريطة فيها دارهم فقيل فيه: لقد باع شهر دينه بخريطة * فمن يأمن القراء بعدك يا شهر أخذت بها شيئا طفيفا وبعته * من ابن جرير إن هذا هو الغدر (3) قلت (3): إسنادها منقطع، ولعلها وقعت، وتاب منها، أو أخذها متأولا أن له في بيت مال المسلمين حقا، نسأل الله الصفح.
فأما رواية يحيى القطان، عن عباد بن منصور، قال: حججت مع شهر ابن حوشب فسرق عيبتي (4): فما أدري ما أقول.
ومن مليح قول شهر: من ركب مشهورا من الدواب، ولبس مشهورا من الثياب، أعرض الله عنه، وإن كان كريما (5).
__________
(1) ابن عساكر 8 / 72 آ، وتتمة الخبر: " إلا أنه روى أحاديث ينفرد بها لم يشركه فيها غيره مثل حديث البناني عن شهر عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (عمل غير صالح) وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) ولا يبالي ويذكر عنه أحاديث عدة، ثم يقول راوي الخبر: " فشهر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث من القرآن لا يأتي بها غيره " انظر بعض هذه الاحاديث ص 377، 378، من هذا الجزء.
(2) البيتان والخبر في تاريخ ابن عساكر 8 / 72 ب، 73 آ.
وقد أوردهما الطبري في تاريخه 6 / 538، 539، من طريق آخر، وعزا البيتين للقطامي الكلبي، ويقال لسنان بن مكمل النمري.
(3) في الاصل: " قال " تصحيف.
(4) العيبة: الوعاء.
والخبر في ابن عساكر 8 / 72 ب.
(5) ابن عساكر 8 / 71 آ.
(*)

(4/375)


قلت: من فعله ليعز الدين، ويرغم المنافقين، ويتواضع مع ذلك للمؤمنين، ويحمد رب العالمين، فحسن.
ومن فعله بذخا وتيها وفخرا أذله الله وأعرض عنه، فإن عوتب ووعظ فكابر وادعى أنه ليس بمختال ولا تياه فأعرض عنه فإنه أحمق، مغرور بنفسه.
قال أبو بشر الدولابي: شهر لا يشبه حديثه حديث الناس، كأنه مولع بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قاله أبو إسحاق السعدي (1).
الطيالسي: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، قال شعبة: فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته، فقال: حدثني زياد ابن مخراق، فقدمت على زياد، فسألته، فقال: حدثني رجل من بني ليث، عن مجاهد، عن شهر، عن حديث عقبة، عن عمر في الوضوء.
وقال معاذ بن معاذ: سألت ابن عون عن حديث هلال بن أبي زينب، عن شهر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تجف الارض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجتاه " ؟ فقال ابن عون: ما يصنع بشهر، إن شعبة قد ترك شهرا (2).
وقال علي بن حفص المدائني: سألت شعبة عن عبدالحميد بن بهرام ؟ فقال: صدوق إلا أنه يحدث عن شهر (3).
وقال أحمد بن حنبل: عبدالحميد بن بهرام، حديثه مقارب من حديث
__________
(1) ابن عساكر 8 / 74 آ.
(2) ابن عساكر 8 / 73 آ، وأخرجه أحمد 2 / 297 و 427 و 428، وابن ماجه (2798) من
طريق هلال بن أبي زينب، عن شهر، عن أبي هريرة.
وإسناده ضعيف لضعف شهر وجهالة هلال.
(3) ابن عساكر 8 / 74 آ.
(*)

(4/376)


شهر، وكان يحفظها كأنه يقرأ سورة وهي سبعون حديثا (1).
قال سيار بن حاتم: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، قال: لما قتل ابن آدم أخاه، مكث آدم مئة سنة لا يضحك، ثم أنشأ يقول: تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الارض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم * وقل بشاشة الوجه المليح (2) إسحاق بن المنذر شيخ صدوق، قال: حدثنا عبدالحميد بن بهرام، عن شهر، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لكل نبي حرم، وحرمي المدينة " (3).
ثابت البناني، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (إنه عمل غير صالح) (4) [ هود: 46 ].
الحكم بن عتيبة، عن شهر، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر (5).
__________
(1) ابن عساكر 8 / 71 وتمامه: " وهى طوال، وفيها حروف ينبغي أن تضبط، ولكن يقطعونها ".
(2) الحلية 6 / 63، والميزان 2 / 284.
وقد روى الطبري الخبر والبيتين من طريق آخر في تاريخه 1 / 145 وتفسيره 6 / 190، وفيه: برفع " بشاشة " وخفض " الوجه المليح " وفيه على هذا إقواء.
والشعر مفتعل منحول.
(3) أخرجه أبو نعيم في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 343 من طريق عبد الله بن جعفر عن
إسماعيل بن عبد الله، عن إسماعيل بن أبان عن عبدالحميد بن بهرام، عن شهر، عن ابن عباس.
وأخرجه أحمد في " المسند " 1 / 318 من طريق عبدالحميد بن بهرام عن شهر عن ابن عباس، وتمامه عنده: " اللهم إني أحرمها بحرمك أن لا يؤوى فيها محدث، ولا يختلى خلاها، ولا يعضد شوكها، ولا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد ".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه 8 / 70 آ، وذكره الهيثمي في المجمع 3 / 301 ونسبه لاحمد وحسن إسناده.
(4) وأخرجه أحمد 6 / 294 و 322 من طريق ثابت عن شهر.
وهي قراءة الكسائي انظر " الكشف عن وجوه القراءات السبع " 1 / 530 وتفسير القرطبي 9 / 46.
(5) أخرجه أحمد 6 / 309 وأبو داود (3686) من طريق الحكم عن شهر.
(*)

(4/377)


ثابت البناني، عن شهر، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (إن الله يغفر الذنوب جميعا) ولا يبالي (1) [ الزمر: 53 ].
فهذا ما استنكر من حديث شهر في سعة روايته، وما ذاك بالمنكر جدا (2).
يعقوب بن شيبة: شهر ثقة، طعن فيه بعضهم.
وقال يعقوب بن سفيان: شهر وإن تكلم فيه ابن عون، فهو ثقة.
قلت: الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم، والاحتجاج به مترجح.
ذكر الاختلاف في تاريخ موته: قال صاحبه عبدالحميد بن بهرام: توفي سنة مئة.
وتبعه على ذلك المدائني والهيثم بن عدي وخليفة وآخرون.
ويروى أنه توفي سنة ثمان وتسعين.
ولم يصح.
وأما يحيى بن بكير فقال: مات سنة إحدى عشرة ومئة.
فالله أعلم.
وقال الواقدي وكاتبه: سنة اثنتي عشرة.
ويعضده، أن شعبة يقول: أدركت شهر بن حوشب، وتركته عمدا، لم آخذ عنه.
قلت: ومولده في خلافة عثمان رضي الله عنه.
وطلب العلم بعد الخمسين في أيام معاوية.
__________
(1) أخرجه أحمد 6 / 454 والترمذي (3235) وحسنه.
وذكره القرطبي في التفسير 15 / 269 ثم قال: " وفي مصحف ابن مسعود (إن الله يغفر الذنوب جميعا) لمن يشاء.
قال أبو جعفر النحاس: وهاتان القراءتان على التفسير " اه.
وأم سلمة هي أسماء بنت يزيد بن السكن الانصارية.
(2) انظر صفحة 375 حاشية (1).
(*)

(4/378)


152 - عمر بن عبد الله * ابن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة، شاعر قريش في وقته، أبو الخطاب المخزومي.
وكان يتغزل بالثريا العبشمية.
مولده ليلة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1).
وشعره سائر مدون.
غزا البحر، فأحرق العدو سفينته فاحترق في حدود سنة ثلاث وتسعين وما بين رحمه الله.

153 - يحيى بن وثاب * * (م 4) الامام القدوة المقرئ، الفقيه، شيخ القراء، الاسدي الكاهلي، مولاهم، الكوفي، أحد الائمة الاعلام.
قد ذكرته في " طبقات القراء ".
قال أبو نعيم الحافظ: اسم أبيه وثاب بزدويه بن ماهويه، سباه مجاشع ابن مسعود السلمي من قاشان، إذ افتتحها، وكان وثاب من أبناء أشرافها ثم وقع في سهم ابن عباس.
فسماه وثابا.
وتزوج فولد له يحيى، ثم استأذن ابن
عباس في الرجوع إلى قاشان، فأذن له، فدخل هو وابنه يحيى الكوفة، فقال يحيى: يا أبت إني آثرت العلم على المال، فأذن له في المقام.
فأقبل على
__________
* الشعر والشعراء 457، الاغاني 1 / 30، تاريخ ابن عساكر 3 / 120 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 15، وفيان الاعيان 3 / 436، تاريخ الاسلام 4 / 161، سرح العيون 356، البداية والنهاية 9 / 92، العقد الثمين 6 / 311، النجوم الزاهرة 1 / 247، شذرات الذهب 1 / 101، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 2 / 32.
(1) وقد قيل: أي حق رفع، وأي باطل وضع.
* * طبقات ابن سعد 6 / 299، طبقات خليفة ت 1116، تاريخ البخاري 8 / 308، المعارف 529، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 193، ذكر أخبار أصبهان 2 / 356، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 159، تهذيب الكمال ص 1527، تاريخ الاسلام 4 / 209، العبر 1 / 126، تذهيب التهذيب 4 / 168 آ، غاية النهاية ت 3871، تهذيب التهذيب 11 / 294، النجوم الزاهرة 1 / 252، خلاصة تذهيب التهذيب 429، شذرات الذهب 1 / 125.
(*)

(4/379)


القرآن، وتلا على أصحاب علي وابن مسعود، حتى صار أقرأ أهل زمانه.
فأورث وثاب عقبه، فحازوا رئاسة الدارين، لان يحيى فاق نظراءه في القرآن والآثار، وفاق خالد بن وثاب وولداه: أزهر ومخلد، في رئاسة الدنيا والولايات.
واتصلت رئاسة عقبه إلى أيامنا بأصبهان، ولهم الصيت والذكر في الثروة والتناية (1)، والحظ الجسيم من الجلالة والنباهة.
قلت: حدث عن ابن عباس، وابن عمر، وروى مرسلا عن عائشة، وأبي هريرة، وابن مسعود.
وروى أيضا عن ابن الزبير، ومسروق وعلقمة، وزر، والاسود بن يزيد، وعبيدة السلماني، وأبي عمرو الشيباني.
وقال أبو عمرو الداني: أخد يحيى بن وثاب القراءة عرضا عن علقمة، ومسروق، والاسود، والشيباني، والسلمي.
قلت: الثبت أنه قرأ القرآن كله على عبيد بن نضيلة صاحب علقمة، فتحفظ عليه كل يوم آية (2).
قال أبو بكر بن عياش، عن عاصم، قال: تعلم يحيى بن وثاب من عبيد آية آية، وكان - والله - قارئا (3).
قلت: قرأ عليه الاعمش، وطلحة بن مصرف، وأبو حصين، وحمران ابن أعين، وطائفة.
وحدث عنه عاصم، وأبو العميس عتبة المسعودي وأبو إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق الشيباني، وقتادة، وحبيب بن أبي ثابت، والاعمش، وعدة.
قال عطاء بن مسلم: كان الاعمش يقول: حدثني يحيى بن وثاب،
__________
(1) التناية: الفلاحة والزراعة.
(2) انظر ابن سعد 6 / 117 و 342.
(3) ابن سعد 6 / 299.
(*)

(4/380)


وكنت إذا رأيته قد جثا، قلت: هذا وقف للحساب، فيقول: أي رب، أذنبت كذا، فعفوت عني، فلا أعود، وأذنبت كذا، فعفوت عني، فلا أعود.
يحيى بن عيسى الرملي، عن الاعمش، قال: كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، ربما اشتهيت أن أقبل رأسه من حسن قراءته، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد.
حميد بن عبدالرحمن: حدثنا أبي عن الاعمش، كان يحيى إذا قضى صلاته مكث مليا تعرف فيه كآبة الصلاة.
قال أحمد العجلي: هو تابعي ثقة، مقرئ يؤم قومه.
وقد أمر الحجاج أن لا يؤم بالكوفة إلا عربي، واستثنى يحيى بن وثاب.
فصلى بهم يوما، ثم ترك.
قال عبيدالله بن موسى: كان الاعمش يقول: يحيى بن وثاب أقرأ من بال على تراب.
قال يحيى بن آدم: سمعت الحسن بن صالح يقول: قرأ يحيى على علقمة، وقرأ علقمة على ابن مسعود، فأي قراءة أفضل من هذه (1) ! قال مخلد بن خداش: سمعت الاعمش يقول: ما رأيت أحدا بال في التراب، أقرأ من يحيى بن وثاب.
قال الهيثم بن عدي وغيره: مات يحيى بن وثاب سنة ثلاث ومئة.
روى جماعة عن أبي إسحاق، عن يحيى، عن ابن عمر حديث: " من راح إلى الجمعة فليغتسل ".
__________
(1) ابن سعد 6 / 211 وروايته: "..قرأ يحيى على عبيد بن نضيلة، وقرأ عبيد بن نضيلة على علقمة.
" وهو الاشبه بالصواب، وانظر أيضا ابن سعد 6 / 117 و 342.
(*)

(4/381)


هذا حسن نظيف الاسناد (1).

154 - خالد ابن الخليفة يزيد * (د) ابن معاوية بن أبي سفيان، الامام البارع، أبو هاشم القرشي، الاموي الدمشقي، أخو الخليفة معاوية، والفقيه عبدالرحمن.
روى عن أبيه، وعن دحية ولم يلقه.
وعنه رجاء بن حيوة، وعلي بن رباح، والزهري، وأبو الاعيس الخولاني.
قال الزبير بن بكار: كان موصوفا بالعلم، وقول الشعر، وقيل: دار
الحجارة كانت داره، وقد صارت اليوم قيسارية للذهب الممدود.
قال أبو زرعة الدمشقي: هو وأخواه من صالحي القوم (2).
وروى الزهري أن خالدا كان يصوم الاعياد: الجمعة، والسبت، والاحد (2) قلت: أجاز شاعرا بمئة ألف لقوله فيه: سألت الندى والجود حران أنتما * فقالا جميعا.
إننا لعبيد
__________
(1) وأخرجه مالك في الموطأ 1 / 102، والبخاري 2 / 295 من طريق نافع عن ابن عمر بلفظ: " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " وأخرجه مسلم (844) من طريق الليث عن ابن شهاب ونافع عن ابن عمر به.
* تاريخ البخاري 3 / 181، المعارف 352، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 357، فهرست ابن النديم 419، تاريخ ابن عساكر 5 / 288 ب، معجم الادباء 11 / 35 أسد الغابة 2 / 97، وفيات الاعيان 2 / 224، تهذيب الكمال ص 368، تاريخ الاسلام 3 / 246، العبر 1 / 105، تذهيب التهذيب 1 / 194 ب، البداية والنهاية 8 / 236 و 9 / 80، الاصابة ت 2362، تهذيب التهذيب 3 / 128، النجوم الزاهرة 1 / 221، خلاصة تذهيب التهذيب 103، تهذيب ابن عساكر 5 / 119.
(2) انظر ابن عساكر 5 / 289 ب.
(*)

(4/382)


فقلت: فمن مولاكما ؟ فتطاولا * علي وقالا: خالد بن يزيد (1) وقد ذكر خالد للخلافة عند موت أخيه معاوية، فلم يتم ذلك، وغلب على الامر مروان بشرط أن خالدا ولي عهده.
قيل: تهدد عبدالملك بن مروان خالدا وسطا عليه، فقال: أتهددني ويد الله فوقك مانعة، وعطاؤه دونك مبذول (2) ؟
قال الاصمعي: قيل لخالد بن يزيد: ما أقرب شئ قال: الاجل، قيل: فما أبعد شئ ؟ قال: الامل، قيل: فما أرجى شئ ؟ قال: العمل (3) وعنه، قال: إذا كان الرجل لجوجا، مماريا، معجبا برأيه، فقد تمت خسارته (3).
قال ابن خلكان (4): كان خالد يعرف الكيمياء، وصنف فيها ثلاث رسائل.
وهذا لم يصح.
قيل: توفي سنة أربع أو خمس وثمانين.
وقيل: سنة تسعين.

155 - المهلب * (د، ت، س) الامير البطل، قائد الكتائب، أبو سعيد، المهلب بن أبي صفرة ظالم
__________
(1) انظر الخبر والبيتين في " ابن عساكر " 5 / 291 آ.
(2) ابن عساكر 5 / 291 آ.
وانظر الاخبار الموفقيات 467، 468.
(3) ابن عساكر 5 / 291 ب.
(4) في " وفيات الاعيان " 2 / 224.
* طبقات ابن سعد 7 / 129، طبقات خليفة ت 1620، تاريخ البخاري 8 / 25، المعارف 399، تاريخ الطبري 6 / 354،، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 369، تاريخ ابن عساكر 17 / 221 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 117، وفيات الاعيان 5 / 350، تهذيب الكمال ص 1383، تاريخ الاسلام 307، العبر 1 / 95، تذهيب التهذيب 4 / 75 آ، سرح العيون 194، الاصابة ت 8633، تهذيب التهذيب، 10 / 329، النجوم الزاهرة 1 / 206، خلاصة تذهيب التهذيب 389، شذرات الذهب 1 / 90.
(*)

(4/383)


ابن سراق بن صبح بن كندي بن عمرو الازدي العتكي البصري.
ولد عام الفتح، وقيل: بل ذلك أبوه.
حدث المهلب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وسمرة بن جندب، وابن عمر، والبراء بن عازب.
روى عنه سماك بن حرب، وأبو إسحاق، وعمر بن سيف.
قال ابن سعد (1): ارتد قوم المهلب، فقاتلهم عكرمة بن أبي جهل وظفر بهم، فبعث بذراريهم إلى الصديق، فيهم أبو صفرة مراهقا.
ثم نزل البصرة.
وقال خليفة (2): سنة أربع وأربعين غزا المهلب الهند، وولي الجزيرة لابن الزبير، وحارب الخوارج، ثم ولي خراسان.
وقال غير واحد: إن الحجاج بالغ في احترام المهلب، لما دوخ الازارقة.
ولقد قتل منهم في ملحمة، أربعة آلاف وثمان مئة.
وروى الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق، قال: ما رأيت أميرا قط أفضل ولا أسخى ولا أشجع من المهلب، ولا أبعد مما يكره، ولا أقرب مما يحب (3).
قال محمد بن سلام الجمحي: كان بالبصرة أربعة ليس مثلهم: الاحنف في حلمه وعفافه ومنزلته من علي، والحسن في زهده وفصاحته وسخائه ومحله من القلوب، والمهلب بن أبي صفرة، فذكر أمره، وسوار القاضي في عفافه وتحريه للحق (3).
وعن المهلب، قال: يعجبني في الرجل، أن أرى عقله زائدا على لسانه (4).
__________
(1) في الطبقات، انظر 7 / 101، 102.
(2) في تاريخه، انظر 206 و 262.
(3) ابن عساكر 17 / 225 ب.
(4) ابن عساكر 17 / 226 ب، وانظر ما قبلها.
(*)

(4/384)


وروى روح بن قبيصة، عن أبيه، قال المهلب: ما شئ أبقى للملك من العفو، خير مناقب الملك العفو (1).
قلت: ينبغي أن يكون العفو من الملك عن القتل، إلا في الحدود، وأن لا يعفو عن وال ظالم، ولا عن قاض مرتش، بل يعجل بالعزل، ويعاقب المتهم بالسجن، فحلم الملوك محمود إذا ما اتقوا الله، وعملوا بطاعته.
قيل: توفي المهلب غازيا بمرو الروذ (2)، في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين.
وقيل: في سنة ثلاث.
وولي خراسان بعده ابنه يزيد بن المهلب.

156 - جميل بن عبد الله * ابن معمر، أبو عمرو العذري، الشاعر الشهير، صاحب بثينة.
له شعر في الذروة لطافة ورقة وبلاغة.
بقي إلى حدود سنة مئة، وكان معه في زمانه الاخطل، شاعر عبد الملك بن مروان، واسمه غياث بن غوث التغلبي النصراني (3)، مقدم الشعراء، وشاعر وقته جرير بن الخطفى (4)، وشاعر العصر الفرزدق المجاشعي (5)، وشاعر قريش عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي (6)، وكثير عزة (7)، ولد عبدالرحمن بن الاسود الخزاعي المدني
__________
(1) ابن عساكر 17 / 227 آ ولفظه: " خير مناقب الملوك العفو ".
(2) انظر التعريف بمرو الروذ ص 87 حاشية (2).
* طبقات فحول الشعراء 2 / 669، الشعر والشعراء 346، الاغاني 7 / 77، المؤتلف والمختلف 72، تاريخ ابن عساكر 4 / 5 آ، وفيات الاعيان، 1 / 366، تاريخ الاسلام 3 / 347، البداية والنهاية 9 / 44، حسن المحاضرة 1 / 558، شذرات الذهب 1 / 91، خزانة الادب (بتحقيق
هارون) 1 / 397، تهذيب ابن عساكر 3 / 398.
وقد تقدمت ترجمته في ص 181.
(3) ستأتي ترجمته في ص 589 من هذا الجزء.
(4) ستأتي ترجمته في ص 590 من هذا الجزء.
(5) ستأتي ترجمته في ص 590 من هذا الجزء.
(6) مرت ترجمته في ص 379 من هذا الجزء.
(7) انظر ترجمته في المجلد الخامس 45 آ من الاصل.
(*)

(4/385)


وشاعر المدينة عبد الله بن قيس الرقيات (1) الذي يتغزل في كثيرة، والاحوص (2) المدني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الاقلح، وزياد الاعجم (3) أحد البلغاء، وعدي بن زيد يعرف بابن الرقاع الابرص (4)، أما عدي بن زيد (5) الحماد العبادي فقديم نصراني شاعر مفلق.

157 - علي بن الحسين * (ع) ابن الامام علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، السيد الامام، زين العابدين، الهاشمي العلوي، المدني.
يكنى أبا الحسين ويقال: أبو الحسن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله.
وأمه أم ولد، اسمها سلامة سلافة بنت ملك الفرس يزدجرد، وقيل: غزالة.
ولد في سنة ثمان وثلاثين ظنا.
وحدث عن أبيه الحسين الشهيد، وكان معه يوم كائنة كربلاء وله ثلاث وعشرون سنة، وكان يومئذ موعوكا فلم يقاتل، ولا تعرضوا له، بل أحضروه
__________
(1) والمشهور (عبيدالله)، انظر ترجمته في تاريخ الاسلام للمؤلف 3 / 190.
(2) ستأتي ترجمته في ص 593 من هذا الجزء.
(3) ستأتي ترجمته في ص 597 من هذا الجزء.
(4) انظر ترجمته في المجلد الخامس 33 آ من الاصل.
(5) انظر ترجمته في المجلد الخامس 33 آ من الاصل.
* طبقات ابن سعد 5 / 211، طبقات خليفة ت 2044، تاريخ البخاري 6 / 266، المعارف 214، المعرفة والتاريخ 1 / 360 و 544، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 178، الحلية 3 / 133، طبقات الفقهاء للشيرازي 63، تاريخ ابن عساكر 12 / 15 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 343، وفيات الاعيان 3 / 266، تهذيب الكمال ص 965، تاريخ الاسلام 4 / 34، تذكره الحفاظ 1 / 70، العبر 1 / 111، تذهيب التهذيب 3 / 57 آ، البداية والنهاية 9 / 103، غاية النهاية ت 2206، تهذيب التهذيب 7 / 304، النجوم الزاهرة 1 / 229، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 30، خلاصة تذهيب التهذيب 272.
(*)

(4/386)


مع آله إلى دمشق، فأكرمه يزيد، ورده مع آله إلى المدينة، وحدث أيضا عن جده مرسلا، وعن صفية أم المؤمنين، وذلك في " الصحيحين " وعن أبي هريرة، وعائشة وروايته عنها في " مسلم "، وعن أبي رافع، وعمه الحسن، وعبد الله بن عباس، وأم سلمة، والمسور بن مخرمة، وزينب بنت أبي سلمة، وطائفة.
وعن مروان بن الحكم، وعبيدالله بن أبي رافع، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن مرجانة، وذكوان مولى عائشة، وعمرو بن عثمان بن عفان، وليس بالمكثر من الرواية.
حدث عنه أولاده: أبو جعفر محمد، وعمر، وزيد المقتول، وعبد الله، والزهري، وعمرو بن دينار، والحكم بن عتيبة، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، وأبو الزناد، وعلي بن جدعان، ومسلم البطين، وحبيب بن أبي ثابت، وعاصم بن عبيدالله، وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان، وأبوه عمر والقعقاع بن حكيم، وأبو الاسود يتيم عروة، وهشام بن عروة، وأبو الزبير
المكي، وأبو حازم الاعرج، وعبد الله بن مسلم بن هرمز، ومحمد بن الفرات التميمي، والمنهال بن عمرو، وخلق سواهم.
وقد حدث عنه أبو سلمة، وطاووس، وهما من طبقته.
قال ابن سعد (1): هو علي الاصغر، وأما أخوه علي الاكبر، فقتل مع أبيه بكربلاء.
وكان علي بن الحسين ثقة، مأمونا، كثير الحديث عاليا، رفيعا، ورعا.
روى ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما رأيت قرشيا أفضل بن علي بن الحسين (2).
__________
(1) في الطبقات 5 / 211 و 222.
(2) ابن عساكر 12 / 18 آ، والمعرفة والتاريخ 1 / 544.
(*)

(4/387)


وقيل: إن عمر بن سعد قال يوم كربلاء: لا تعرضوا لهذا المريض - يعني عليا (1).
ابن وهب، عن مالك، قال: كان عبيدالله بن عبد الله من العلماء، وكان إذا دخل في صلاته، فقعد إليه إنسان، لم يقبل عليه حتى يفرغ، وإن علي بن الحسين كان من أهل الفضل، وكان يأتيه، فيجلس إليه، فيطول عبيد الله في صلاته، ولا يلتفت إليه، فقيل له: علي وهو ممن هو منه ! فقال: لا بد لمن طلب هذا الامر أن يعنى به (2).
وقال: قال نافع بن جبير لعلي بن الحسين: إنك تجالس أقواما دونا ! قال: آتي من أنتفع بمجالسته في ديني.
قال: وكان نافع يجد في نفسه، وكان علي بن الحسين رجلا له فضل في الدين (3).
ابن سعد، عن علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن هشام بن
عروة، قال: كان علي بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع لا يقرعها، وكان يجالس أسلم مولى عمر، فقيل له: تدع قريشا، وتجالس عبد بني عدي ! فقال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع (4).
وعن عبدالرحمن بن أدرك - [ يقال هو ] أخو علي بن الحسين لامه - قال: كان علي بن الحسين يدخل المسجد، فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد ابن أسلم، فقال له نافع بن جبير: غفر الله لك، أنت سيد الناس، تأتي تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد، فقال علي بن الحسين: العلم يبتغى ويؤتى ويطلب من حيث كان (5).
__________
(1) انظر ابن سعد 5 / 212، وابن عساكر 12 / 17 آ.
(2) ابن عساكر 12 / 17 ب، وانظر ابن سعد 5 / 215، 216، والمعرفة والتاريخ 1 / 545.
(3) ابن عساكر 12 / 17 ب.
(4) ابن سعد 5 / 216 وابن عساكر 12 / 17 ب.
(5) ابن عساكر 12 / 17 ب، وانظر الحلية 3 / 137، 138، والخبر أيضا في تهذيب الكمال وما بين الحاصرتين منه.
(*)

(4/388)


الاعمش، عن مسعود بن مالك، قال لي علي بن الحسين: تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير ؟ قلت: ما حاجتك إليه ؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها، إن الناس يأتوننا بما ليس عندنا (1).
ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث (2).
وروى شعيب، عن الزهري، قال: كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته، وأحسنهم طاعة، وأحبهم إلى مروان، وإلى عبدالملك (3).
معمر، عن الزهري: لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين (4).
وروى عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين.
ابن وهب، عن مالك، قال: لم يكن في أهل البيت مثله، وهو ابن أمة (5).
حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد: سمعت علي بن الحسين - وكان أفضل هاشمي أدركته - يقول: يا أيها الناس، أحبونا حب الاسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا (6).
أبو معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن علي: يا أهل العراق، أحبونا
__________
(1) ابن عساكر 12 / 18 آ، وانظر ابن سعد 5 / 516.
(2) انظر ابن عساكر 12 / 19 ب.
(3) ابن سعد 5 / 215 ولفظه: " من أقصد أهل بيته " وابن عساكر 12 / 18 آ، ب.
(4) الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 179.
(5) ابن عساكر 12 / 19 آ.
(6) ابن سعد 5 / 214 وابن عساكر 12 / 19 آ، وانظر الحلية 3 / 136.
(*)

(4/389)


حب الاسلام، ولا تحبونا ؟ ؟ حب الاصنام، فما زال بنا حبكم حتى صار علينا شينا (1).
قال الاصمعي: لم يكن له عقب - يعني الحسين - إلا من ابنه علي، ولم يكن لعلي بن الحسين ولد إلا من أم عبد الله بنت الحسن وهي ابنة عمه، فقال له مروان: أرى نسل أبيك قد انقطع، فلو اتخذت السراري لعل الله أن يرزقك
منهن، قال: ما عندي ما أشتري، قال: فأنا أقرضك.
فأقرضه مئة ألف، فاتخذ السراري وولد له جماعة من الولد.
ثم أوصى مروان لما احتضر أن لا يؤخذ منه ذلك المال (2).
إسنادها منقطع، ومروان ما احتضر، فإن امرأته غمته تحت وسادة هي وجواريها.
قال أبو بكر بن البرقي (3): نسل الحسين كله من قبل ابنه علي الاصغر، وكان أفضل أهل زمانه.
ويقال: إن قريشا رغبت في أمهات الاولاد بعد الزهد فيهن حين نشأ علي بن الحسين، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله (4).
قال العجلي: علي بن الحسين مدني، تابعي، ثقة.
وقال أبو داود: لم يسمع علي بن الحسين من عائشة، وسمعت أحمد ابن صالح يقول: سنه وسن الزهري واحد.
قلت: وهم ابن صالح، بل علي أسن بكثير من الزهري.
__________
(1) ابن عساكر 12 / 23 آ.
(2) ابن عساكر 12 / 19 آ.
(3) هو الحافظ أحمد بن عبد الله بن البرقي، نسبة إلى " برقة " من قرى قم، كان هو وإخوته يتجرون إليها فعرفوا بها، تأتي ترجمته ضمن ترجمة أخيه محمد بن عبد الله في المجلد التاسع 10 من الاصل.
(4) ابن عساكر 12 / 19 آ، وانظر ص 460 من هذا الجزء.
(*)

(4/390)


وروي عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: أصح الاسانيد كلها: الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (1).
عبد الله بن عمر العمري، عن الزهري، قال: حدثت علي بن الحسين
بحديث، فلما فرغت قال: أحسنت ! هكذا حدثناه، قلت: ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت (2) أعلم به مني، قال: لا تقل ذاك، فليس ما لا يعرف من العلم، إنما العلم ما عرف، وتواطأت عليه الالسن (3).
وقيل: إن رجلا قال لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان، قال: هل رأيت علي بن الحسين ؟ قال: لا، قال: ما رأيت أورع منه (4).
وقال جويرية بن أسماء: ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهما قط (5).
ابن سعد، عن علي بن محمد، عن سعيد بن خالد، عن المقبري، قال: بعث المختار إلى علي بن الحسين بمئة ألف، فكره أن يقبلها، وخاف أن يردها، فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار، بعث يخبر بها عبدالملك، وقال: ابعث من يقبضها.
فأرسل إليه عبدالملك: يا ابن العم، خذها قد طيبتها لك، فقبلها (6).
محمد بن أبي معشر السندي، عن أبي نوح الانصاري، قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار.
فما رفع رأسه حتى طفئت.
فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها
__________
(1) ابن عساكر 12 / 19 ب.
(2) في الاصل: " انه " وهو تصحيف.
(3) انظر ابن عساكر 12 / 19 ب.
(4) الحلية 3 / 141 وابن عساكر 12 / 19 ب.
(5) ابن عساكر 12 / 19 ب.
(6) رواه ابن سعد في الطبقات 5 / 213 مطولا وابن عساكر 12 / 19 ب.
(*)

(4/391)


النار الاخرى (1).
ابن سعد، عن علي بن محمد، عن عبد الله بن أبي سليمان، قال: كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذيه ولا يخطر بها، وإذا قام إلى الصلاة، أخذته رعدة، فقيل له، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي (2) ؟ ! وعنه، أنه كان إذا توضأ اصفر (3).
إبراهيم بن محمد الشافعي، عن سفيان: حج علي بن الحسين، فلما أحرم، اصفر وانتفض ولم يستطع أن يلبي، فقيل: ألا تلبي ؟ قال: أخشى أن أقول: لبيك، فيقول لي: لا لبيك.
فلما لبى، غشي عليه، وسقط من راحلته.
فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه (3).
إسنادها مرسل.
وروى مصعب بن عبد الله، عن مالك: أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يلبي، قالها، فأغمي عليه، وسقط من ناقته، فهشم.
ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات.
وكان يسمى زين العابدين لعبادته (4).
ويروى عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر: كان أبي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، فلما احتضر، بكى، فقلت: يا أبت ما يبكيك ؟ قال: يا بني، إنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب، ولا نبي مرسل، إلا كان لله
__________
(1) ابن عساكر 12 / 19 ب.
(2) ابن سعد 5 / 216، وانظر الحلية 3 / 133.
(3) ابن عساكر 12 / 20 آ.
(4) ابن عساكر 12 / 20 آ.
(*)

(4/392)


فيه المشيئة، إن شاء، عذبه، وإن شاء، غفر له (1).
إسنادها تالف.
عن طاووس: سمعت علي بن الحسين وهو ساجد في الحجر يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك.
قال: فوالله ما دعوت بها في كرب قط إلا كشف عني (2).
حجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر، أن أباه قاسم الله تعالى ماله مرتين.
وقال: إن الله يحب المذنب التواب (3).
ابن عيينة، عن أبي حمزة الثمالي، أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة، ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب (4).
يونس بن بكير، عن [ محمد بن ] إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل (5).
جرير بن عبدالحميد، عن عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين، وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الارامل (6).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 12 / 20 آ، ب.
(3) ابن سعد 5 / 219، وابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر الحلية 3 / 140.
(4) ابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر الحلية 3 / 135، 136.
(5) الحلية 3 / 136، وابن عساكر 12 / 21 آ، وما بين الحاصرتين منهما.
(6) ابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر الحلية 3 / 136.
(*)

(4/393)


وقال شيبة بن نعامة: لما مات علي وجدوه يعول مئة أهل بيت (1).
قلت: لهذا كان يبخل، فإنه ينفق سرا ويظن أهله أنه يجمع الدراهم.
وقال بعضهم: ما فقدنا صدقة السر، حتى توفى علي (2).
وروى واقد بن محمد العمري، عن سعيد بن مرجانة، أنه لما حدث علي بن الحسين بحديث أبي هريرة: " من أعتق نسمة مؤمنة أعتق الله كل عضو منه بعضو منه من النار، حتى فرجه بفرجه " (3) فأعتق علي غلاما له، أعطاه فيه عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم.
وروى حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، قال: دخل علي بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد في مرضه، فجعل محمد يبكي، فقال: ما شأنك ؟ قال: علي دين، قال: وكم هو ؟ قال: بضعة عشر ألف دينار، قال: فهي علي (4).
علي بن موسى الرضا: حدثنا أبي عن أبيه، عن جده، قال علي بن الحسين: إني لاستحيي من الله أن أرى الاخ من إخواني، فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان غدا قيل لي: لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل (5).
قال أبو حازم المدني: ما رأيت هاشميا أفقه من علي بن الحسين، سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
__________
(1) ابن عساكر 12 / 21 آ، وانظر ابن سعد 5 / 222، والحلية 3 / 136.
(2) انظر الحلية 3 / 136، وابن عساكر 12 / 21 آ، ب.
(3) متفق عليه.
(4) الحلية 3 / 141 وابن عساكر 12 / 21 ب، ولفظهما: " خمسة عشر ألف دينار ".
(5) ابن عساكر 12 / 21 ب.
(*)

(4/394)


فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة (1).
رواها ابن أبي حازم عن أبيه.
يحيى بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى أبي فقال: أخبرني عن أبي بكر ؟ قال: عن الصديق تسأل ؟ قال: وتسميه الصديق ؟ ! قال: ثكلتك أمك قد سماه صديقا من هو خير مني، رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمهاجرون، والانصار، فمن لم يسمه صديقا، فلا صدق الله قوله، اذهب فأحب أبا بكر وعمر، وتولهما، فما كان من أمر ففي عنقي (2).
وعنه، أنه أتاه قوم فأثنوا عليه فقال: حسبنا أن نكون من صالحي قومنا.
الزبير في " النسب ": حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحي، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن أبيه، قال قدم قوم من العراق، فجلسوا إلي، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما، ثم ابتركوا في عثمان ابتراكا، فشتمتهم (3).
قال ابن عيينة: قال علي بن الحسين: ما يسرني بنصيبي من الذل، حمر النعم (4).
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبو معمر، حدثنا جرير، عن فضيل بن غزوان،
__________
(1) ابن عساكر 12 / 22 آ.
(2) ابن عساكر 12 / 22 ب.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 12 / 22 ب، وابترك الرجل في عرضه، وعليه: " تنقصه واجتهد
في ذمه.
(4) الحلية 3 / 137 وابن عساكر 12 / 24 ب.
(*)

(4/395)


قال: قال علي بن الحسين: من ضحك ضحكة، مج مجة من علم (1).
وبه، قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن علي بن الجارود، حدثنا أبو سعيد الكندي، حدثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين، قال: إن الجسد إذا لم يمرض أشر، ولاخير في جسد يأشر (2).
وعن علي بن الحسين، قال: فقد الاحبة غربة.
وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح (3) العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي، فإذا عدت، فعد علي (4).
قال زيد بن أسلم، كان من دعاء علي بن الحسين: اللهم لا تكلني إلى نفسي، فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين، فيضيعوني (5).
قال ابن أبي ذئب، عن الزهري: سألت علي بن الحسين عن القرآن فقال: كتاب الله وكلامه (6).
أبو عبيدة، عن ابن إسحاق الشيباني، عن القاسم بن عوف، قال: قال علي بن الحسين: جاءني رجل فقال: جئتك في حاجة، وما جئت حاجا ولا معتمرا، قلت: وماهي ؟ قال: جئت لاسألك متى يبعث علي ؟ فقلت: يبعث - والله يوم القيامة، ثم تهمه نفسه.
__________
(1) الحلية 3 / 134.
(2) الحلية 3 / 134.
(3) لوائح الشئ: ما يبدو منه وتظهر علامته عليه، ولفظ أبي نعيم في الحلية: " لوائع " بالعين
المهملة، ولفظ ابن عساكر: " لوامع ".
4) الحلية 3 / 134، وابن عساكر 12 / 28 آ.
5) ابن عساكر 12 / 20 ب.
6) ابن عساكر 12 / 22 آ.
(*)

(4/396)


أحمد بن عبدالاعلى الشيباني: حدثني أبو يعقوب المدني، قال: كان بين حسن بن حسن وبين ابن عمه علي بن الحسين شئ، فما ترك حسن شيئا إلا قاله، وعلي ساكت، فذهب حسن، فلما كان في الليل، أتاه علي، فخرج، فقال علي: يا ابن عمي إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا، فغفر الله لك، السلام عليك.
قال: فالتزمه حسن، وبكى حتى رثى له (1).
قال أبو نعيم: حدثنا عيسى [ بن ] دينار - ثقة - قال: سألت أبا جعفر عن المختار، فقال: قام أبي على باب الكعبة، فلعن المختار، فقيل له: تلعنه وإنما ذبح فيكم ! قال: إنه كان يكذب على الله وعلى رسوله (2).
وعن الحكم، عن أبي جعفر، قال: إنا لنصلي خلفهم - يعني الاموية - من غير تقية، وأشهد على أبي أنه كان يصلي خلفهم من غير تقية (3).
رواه أبو إسرائيل الملائي عنه.
وروى عمر بن حبيب، عن يحيى بن سعيد، قال: قال علي بن الحسين: والله ما قتل عثمان رحمه الله على وجه الحق (4).
نقل غير واحد، أن علي بن الحسين كان يخضب بالحناء والكتم.
وقيل: كان [ له ] كساء أصفر يلبسه يوم الجمعة (5).
__________
(1) انظر ابن عساكر 12 / 24 آ.
(2) ابن سعد 5 / 213 وابن عساكر 12 / 23 ب.
(3) ابن سعد 5 / 213.
(4) ابن سعد 5 / 216.
(5) انظر ابن سعد 5 / 217.
(*)

(4/397)


وقال عثمان بن حكيم: رأيت على علي بن الحسين كساء خز، وجبة خز (1).
وروى حسين بن زيد بن علي، عن عمه، أن علي بن الحسين كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارا يشتو فيه، ثم يبيعه، ويتصدق بثمنه (2).
وقال محمد بن هلال: رأيت علي بن الحسين يعتم، ويرخي منها خلف ظهره (2).
وقيل: كان يلبس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر ويتلو: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (2) [ الاعراف 31 ].
وقيل: كان علي بن الحسين إذا سار في المدينة على بغلته، لم يقل لاحد: الطريق.
ويقول: هو مشترك ليس لي أن أنحي عنه أحدا.
وكان له جلالة عجيبة، وحق له والله ذلك، فقد كان أهلا للامامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله.
قد اشتهرت قصيدة الفرزدق - وهي سماعنا - أن هشام بن عبدالملك حج قبيل ولايته الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وإذا دنا على بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه إجلالا له، فوجم لها هشام وقال: من هذا ؟ فما أعرفه، فأنشأ الفرزدق يقول: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
__________
(1) ابن سعد 5 / 217.
(2) انظر ابن سعد 5 / 218.
(*)

(4/398)


يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا (1) وهي قصيدة طويلة.
قال: فأمر هشام بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان، وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر أبا فراس.
فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضبا لله ولرسوله.
فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك.
فقبلها.
وقال في هشام: أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينين حولاوين باد عيوبها (2) وكانت أم علي من بنات ملوك الاكاسرة، تزوج بها بعد الحسين رضي الله عنه مولاه زييد، فولدت له عبد الله بن زييد - بياءين - قاله ابن سعد (3).
وقيل: هي عمة أم الخليفة يزيد بن الوليد بن عبدالملك.
قال الواقدي، وأبو عبيد، والبخاري، والفلاس: مات سنة أربع
__________
(1) أورد ابن عساكر الخبر والابيات بروايات مختلفة 12 / 25 ب، 26 آ، وانظر الخبر والابيات في الحلية 3 / 139 والاغاني ط الدار 15 / 326، 327 وفي نسبة الابيات أقوال: أحدها أنها للحزين الكناني في عبد الله بن عبدالملك، الثاني أنها لداود بن سلم في قثم بن العباس، الثالث
أنها للفرزدق، وقد رجح أبو الفرج الاول، انظر الاغاني ط الدار 15 / 325 - 329.
والابيات في ديوان الفرزدق 2 / 848، 849.
(2) البيتان والخبر في ابن عساكر 12 / 26 آ، والاغاني ط الدار 15 / 327 ولفظه: " وعينا له حولاء باد عيوبها " وهما أيضا في الديوان 1 / 51 وروايته: يرددني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب عينا لم تكن لخليفة * مشوهة حولاء باد عيوبها 3) في الطبقات 5 / 211.
(*)

(4/399)


وتسعين.
وروي ذلك عن جعفر الصادق.
وقال يحيى أخو محمد بن عبد الله بن حسن: مات في رابع عشر ربيع الاول ليلة الثلاثاء سنة أربع.
وقال أبو نعيم وشباب: توفي سنة اثنتين وتسعين.
وقال معن بن عيسى: سنة ثلاث.
وقال يحيى بن بكير: سنة خمس وتسعين.
والاول الصحيح (1).
قال أبو جعفر الباقر: عاش أبي ثمانيا وخمسين سنة.
قلت: قبره بالبقيع، ولا بقية للحسين إلا من قبل ابنه زين العابدين.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي (2): أنبأنا محمد بن هبة الله الدينوري ببغداد، أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، أنبأنا عاصم بن الحسن (ح) وأنبأنا أحمد بن عبدالحميد ومحمد بن بطيخ، وأحمد ابن مؤمن، وعبد الحميد بن خولان، قالوا: أنبأنا عبدالرحمن بن نجم الواعظ، وأخبرتنا خديجة بنت عبدالرحمن، أنبأنا البهاء عبدالرحمن قالا: أخبرتنا شهدة (3) الكاتبة، أنبأنا الحسين بن طلحة، قالا: أنبأنا أبو عمر بن
مهدي، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، أنبأنا أحمد بن إسماعيل المدني، حدثنا مالك عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لا يرث المسلم الكافر " (4).
__________
(1) انظر أخبار وفاته في ابن عساكر 12 / 28 ب وما بعدها.
(2) نسبة إلى أبرقوه، ومعناه فوق الجبل، وهو بلد مشهور بأرض فارس.
انظر معجم البلدان وأنساب السمعاني.
(3) تأتي ترجمتها في المجلد الثاني عشر 275 من الاصل.
(4) الحلية 3 / 144، وأخرجه البخاري 12 / 43، ومسلم (1614) كلاهما في الفرائض.
(*)

(4/400)


كذا يقول مالك بن أنس: عمر بن عثمان.
وخالفه عشرة ثقات، فرووه عن ابن شهاب.
فكلهم قال: عن عمرو بن عثمان، وكذلك هو في الصحيحين عمرو.

158 - ابنه أبو جعفر الباقر * (ع) هو السيد الامام، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي، العلوي الفاطمي، المدني، ولد زين العابدين، ولد سنة ست وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة.
أرخ ذلك أحمد بن البرقي.
روى عن جديه: النبي صلى الله عليه وسلم، وعلي رضي الله عنه مرسلا، وعن جديه الحسن والحسين مرسلا أيضا، وعن ابن عباس، وأم سلمة، وعائشة مرسلا، وعن ابن عمر، وجابر، وأبي سعيد، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن المسيب، وأبيه زين العابدين، ومحمد بن الحنفية، وطائفة.
وعن أبي هريرة، وسمرة بن جندب مرسلا أيضا، وليس هو بالمكثر، هو في الرواية كأبيه وابنه جعفر، ثلاثتهم لا يبلغ حديث كل واحد منهم جزءا ضخما، ولكن لهم مسائل وفتاو.
حدث عنه ابنه، وعطاء بن أبي رياح، والاعرج مع تقدمهما، وعمرو ابن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وربيعة الرأي، وليث بن أبي سليم، وابن جريج، وقرة بن خالد، وحجاج بن أرطاة،
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 320، طبقات خليفة ت 2233، تاريخ البخاري 1 / 183، المعارف 215، المعرفة والتاريخ 1 / 360، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 26، ذيل المذيل 641، الحلية 3 / 180، طبقات الفقهاء للشيرازي 64، تاريخ ابن عساكر 15 / 350 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 87، تهذيب الكمال ص 1244 و 1597، تذكرة الحفاظ 1 / 117، العبر 1 / 142 و 148، تاريخ الاسلام 4 / 299، البداية والنهاية 9 / 309، تهذيب التهذيب 9 / 350، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 49، خلاصة تذهيب التهذيب 352، طبقات المفسرين 2 / 537، شذرات الذهب 1 / 149.
(*)

(4/401)


والاعمش، ومخول بن راشد، وحرب بن سريج، والقاسم بن الفضل الحداني، والاوزاعي، وآخرون.
وروايته عن الحسن وعائشة في سنن النسائي، وذلك منقطع.
وروايته عن سمرة في سنن أبي داود، وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد، والشرف، والثقة، والرزانة، وكان أهلا للخلافة.
وهو أحد الائمة الاثني عشر الذين تبجلهم الشيعة الامامية وتقول بعصمتهم وبمعرفتهم بجميع الدين.
فلا عصمة إلا للملائكة والنبيين، وكل أحد يصيب ويخطئ، ويؤخذ من قوله ويترك سوى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم، مؤيد بالوحي.
وشهر أبو جعفر بالباقر، من: بقر العلم، أي شقه فعرف أصله وخفيه.
ولقد كان أبو جعفر إماما، مجتهدا، تاليا لكتاب الله، كبير الشأن، ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه، ولا في الفقه درجه أبي الزناد، وربيعة،
ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب.
فلا نحابيه، ولا نحيف عليه، ونحبه في الله لما تجمع فيه من صفات الكمال.
قال ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة: سألت أبا جعفر وابنه جعفرا عن أبي بكر وعمر، فقلا لي: يا سالم، تولهما وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى (1).
كان سالم فيه تشيع ظاهر، ومع هذا فيبث هذا القول الحق، وإنما يعرف الفضل لاهل الفضل ذو الفضل، وكذلك ناقلها ابن فضيل، شيعي ثقة.
فعثر الله شيعة زماننا ما أغرقهم في الجهل والكذب، فينالون من
__________
1) ابن عساكر 15 / 355 ب، وانظر ابن سعد 5 / 321.
(*)

(4/402)


الشيخين وزيري المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التقية.
وروى إسحاق الازرق، عن بسام الصيرفي، قال: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر، فقال: والله إني لاتولاهما وأستغفر لهما، وما أدركت أحدا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما (1).
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: كنت أنا وأبو جعفر نختلف إلى جابر نكتب عنه في ألواح، وبلغنا أن أبا جعفر كان يصلي في اليوم والليلة مئة وخمسين ركعة.
وقد عده النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة.
واتفق الحفاظ على الاحتجاج بأبي جعفر.
قال القطيعي في فوائده: حدثنا أبو مسلم الكجي، حدثنا أبو عاصم، عن جعفر بن محمد، حدثني أبي قال: قال عمر: ما أدري ما أصنع بالمجوس ! فقام عبدالرحمن بن عوف فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سنوابهم
سنة أهل الكتاب " (2).
هذا مرسل.
قال الزبيربن بكار: كان يقال لمحمد بن علي: باقر العلم، وأمه هي أم عبد الله بنت الحسن بن علي.
وفيه يقول القرظي:
__________
(1) ابن عساكر 15 / 355 ب، وانظر ابن سعد 5 / 321.
(2) أخرجه ابن عساكر 15 / 351 آ وقال في نهايته: " هذا منقطع، محمد لم يدرك عمر " وأخرج مالك في " الموطأ " من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر..، وفي البخاري 6 / 184، 185، من طريق سفيان عن عمرو بن دينار أنه سمع بجالة يقول: لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبدالرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
(*)

(4/403)


يا باقر العلم لاهل التقى * وخير من لبى على الا جبل وقال فيه مالك بن أعين (1): إذا طلب الناس علم القرا * ن كانت قريش عليه عيالا وإن قيل: إبن ابن بنت الرسو * ل نلت بذلك فرعا طوالا تحوم تهلل للمدلجين * جبال تورث علما جبالا (2) ابن عقدة: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي نجيح، حدثنا علي بن حسان القرشي، عن عمه عبدالرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، قال: قال أبي: أجلسني جدي الحسين في حجره، وقال لي: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام (3).
عن أبان بن تغلب، عن محمد بن علي، قال: أتاني جابر بن عبد الله، وأنا في الكتاب.
فقال لي: اكشف عن بطنك، فكشفت، فألصق بطنه
ببطني، ثم قال: أمرني رسول الله أن أقرئك منه السلام (3).
قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن أبان غير المفضل بن صالح أبي جميلة النخاس.
لوين (4): حدثنا أبو يعقوب عبد الله بن يحيى، قال: رأيت على أبي
__________
1) هو مالك بن أعين الجهني ؟ ؟، حجازي، توفي سنة ثمان وأربعين ومئة.
انظر معجم المرزباني 268.
2) الخبر والابيات في ابن عساكر 15 / 351 ب.
ولفظه: " وإن قيل: إني ابن بنت الرسول " و " نجوم تهلل للمدلجين " والابيات أيضا في معجم المرزباني 268 ولفظه: " وإن قيل أين ابن بنت الرسول " و " نجوم تهلل ".
3) ابن عساكر 15 / 352 ب.
4) هو أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب، تأتي ترجمته في المجلد الثامن 133 من الاصل.
لقب بلوين لانه يبيع الدواب فيقول: هذا الفرس لوين.
هذا الفرس.
وانظر تهذيب التهذيب 9 / 198.
(*)

(4/404)


جعفر إزارا أصفر، وكان يصلي كل يوم وليلة خمسين ركعة بالمكتوبة (1).
وعن سلمة بن كهيل، في قوله (لآيات للمتوسمين) [ الحجر: 75 ] قال: كان أبو جعفر منهم (2).
الزبير في " النسب ": حدثني عبدالرحمن بن عبد الله الزهري، قال: حج الخليفة هشام، فدخل الحرم متكئا على يد سالم مولاه، ومحمد بن علي بن الحسين جالس، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا محمد بن علي.
فقال: المفتون به أهل العراق ؟ قال: نعم.
قال: اذهب إليه فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناسل ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم
القيامة ؟ فقال له محمد: يحشر الناس على مثل قرصة النقي (3)، فيها الانهار مفجرة.
فرأى هشام أنه قد ظفر فقال: الله اكبر، اذهب إليه، فقل له: ما أشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ ! ففعل.
فقال: قل له: هم في النار أشغل، ولم يشغلوا أن قالوا: (أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) (4) [ الاعراف: 49 ].
قال المطلب بن زياد: حدثنا ليث بن أبي سليم، قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي وهو يذكر ذنوبه وما يقول الناس فيه، فبكى (5).
وعن أبي جعفر، قال: من دخل قلبه ما في خالص دين الله، شغله عما سواه.
ما الدنيا، وما عسى أن تكون ! هل هو إلا مركب ركبته [ أ ] وثوب لبسته، أو أمرأة أصبتها (6).
__________
(1) الحلية 3 / 182.
(2) ابن عساكر 15 / 353 ب.
(3) قال ابن الاثير: النقي: يعني الخبز الحوارى.
(4) ابن عساكر 15 / 353 ب.
(5) ابن عساكر 15 / 354 آ.
(6) أورده ابن عساكر مطولا، يخاطب أبو جعفر فيه جابر الجعفي 15 / 354 آ.
(*)

(4/405)


أبو نعيم: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن المنهال بن عمرو، عن محمد ابن علي، قال: اذكروا من عظمة الله ما شئتم، ولا تذكرون منه شيئا إلا وهي (1) أعظم منه، واذكروا من النار ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئا إلا وهي أشد منه، واذكروا من الجنة ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئا إلا وهي أفضل (2).
وعن جابر الجعفي، عن محمد بن علي، قال: أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول (3).
قلت: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق هي صاحبة أبي جعفر الباقر، وأم ولده جعفر الصادق.
محمد بن طلحة بن مصرف، عن خلف بن حوشب، عن سالم بن أبي حفصة وكان يترفض، قال: دخلت على أبي جعفر وهو مريض فقال - وأظن قال ذلك من أجلي: اللهم إني أتولى وأحب أبا بكر وعمر، اللهم إن كان في نفسي غير هذا، فلا نالتني شفاعة محمد - يوم القيامة صلى الله عليه وسلم (4).
عيسى بن يونس، عن عبدالملك بن أبي سليمان: قلت لمحمد بن علي: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) [ المائدة: 58 ] قال: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: إنهم يقولون: هو علي.
قال: علي منهم (5).
شبابة: أنبأنا بسام: سمعت أبا جعفر يقول: كان الحسن والحسين
__________
(1) في الاصل: " وهم " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) ابن عساكر 15 / 354 ب.
(3) ابن عساكر 15 / 355 آ.
(4) ابن عساكر 15 / 355 ب.
5) ابن عساكر 15 / 356 ب، 357 آ، وانظر الحلية 3 / 185.
(*)

(4/406)


يصليان خلف مروان يتبادران (1) الصف، وكان الحسين يسب مروان وهو على المنبر حتى ينزل.
أفتقية هذه ؟ ! أبو بكر بن عياش، عن الاعمش، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: يزعمون أني المهدي، وإني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون (2).
قال سفيان الثوري: اشتكى بعض أولاد محمد بن علي، فجزع عليه، ثم أخبر بموته، فسري عنه.
فقيل له في ذلك، فقال: ندعو الله فيما نحب، فإذا وقع ما نكره، لم نخالف الله فيما أحب (3).
قال ابن عيينة: حدثنا جعفر بن محمد: سمعت أبي يقول لعمته فاطمة بنت الحسين: هذه توفي لي ثمانيا وخمسين سنة.
فمات فيها (4).
قال عفان: حدثني معاوية بن عبد الكريم، قال: رأيت على أبي جعفر محمد بن علي جبة خز ومطرف خز (5).
وقال عبيدالله بن [ موسى ]: حدثنا إسماعيل بن عبدالملك، قال: رأيت على أبي جعفر ثوبا معلما، فقلت له، فقال: لا بأس بالاصبعين من العلم بالابريسم في الثوب (6).
وقال عمرو بن موهب: رأيت على أبي جعفر ملحفة حمراء.
__________
(1) في الاصل: سقطت الراء من " يبادران " ولفظ ابن عساكر " يبتدران "، والخبر فيه 15 / 357 آ.
(2) ابن عساكر 15 / 357 آ وتمامه: " ولو أن الناس اجتمعوا على أن يأتيهم العدل من باب لخالفهم القدر حتى يأتي من باب آخر " اه.
(3) ابن عساكر 15 / 358 آ، وانظر الحلية 3 / 187.
(4) ابن سعد 5 / 324 وابن عساكر 15 / 358 آ.
وفي الاصل " ثمان وخمسون " بالرفع.
(5) ابن سعد 5 / 321.
(6) ابن سعد 5 / 322، وما بين الحاصرتين منه، والابريسم: الحرير.
(*)

(4/407)


وروى إسرائيل، عن عبدالاعلى، أنه رأى محمد بن علي يرسل عمامته خلفه، وسألته عن الوسمة فقال: هو خضابنا أهل البيت (1).
أخبرنا إسحاق الصفار، أنبأنا ابن خليل، انبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي المقرئ، حدثنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا علي بن أحمد المصيصي، حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا أبو نعيم، نبأنا بسام الصيرفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن القرآن فقال: كلام الله غير مخلوق (2).
وبه: حدثنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا إبراهيم ابن شريك، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن بكير، عن أبي عبد الله الجعفي، عن عروة بن عبد الله، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف، فقال: لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه.
قلت: وتقول الصديق ؟ فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال: نعم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل الصديق، فلا صدق الله له قولا في الدنيا والآخرة (3).
عن عمر مولى غفرة، عن محمد بن علي، قال: ما دخل قلب امرئ من الكبر شئ إلا نقص من عقله مقدار ذلك (4).
وعن أبي جعفر، قال: الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن، ولا تصيب الذاكر.
وعنه قال: سلاح اللئام قبح الكلام (5).
__________
(1) ابن سعد 5 / 322.
(2) الحلية 3 / 188.
(3) الحلية 3 / 184، 185.
(4) انظر الحلية 3 / 180.
(5) الحلية 3 / 183 ولفظه: " سلام اللئام ".
(*)

(4/408)


مات أبو جعفر سنة أربع عشرة ومئة بالمدينة.
أرخه أبو نعيم وسعيد بن عفير، ومصعب الزبيري.
وقيل: توفي سنة سبع عشرة.
ومن عالي روايته: أنبأنا علي بن أحمد وطائفة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا عبد الوهاب الانماطي، أنبأنا أبو محمد بن هزارمرد (1)، أنبأنا ابن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا القاسم ابن الفضل، عن محمد بن علي، قال: كانت أم سلمة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحج جهاد كل ضعيف " (2).

159 - قرة بن شريك * القيسي، القنسريني، نائب ديار مصر للوليد، ظالم، جبار، عات فاسق.
مات بمصر بعد أن وليها سبعة أعوام.
أنشأ جامع الفسطاط، وكان إذا انصرف منه الصناع، دخله ودعا بالخمور والمطربين، ويقول: لنا الليل ولهم النهار، وكان جائرا عسوفا، همت الخوارج باغتياله فعلم وقتلهم.
وفيه يقول عمر بن عبد العزيز: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان المري بالحجاز، وقرة بمصر.
امتلات الدنيا والله جورا (3).
__________
(1) هو عبد الله بن محمد الصريفيني، تأتي ترجمته في المجلد الحادي عشر 440 من الاصل.
ومعنى هزار مرد: ألف رجل (بالفارسية) وقد ضبطه محقق التاج خطأ بكسر الهاء.
انظر التاج (هزارمرد) (هزر).
(2) وأخرجه ابن ماجه (2902) وأحمد 6 / 294، 303، 314، من طريق القاسم بن الفضل، عن أبي جعفر محمد بن علي عن أم سلمة ورجاله ثقات، لكنه منقطع، وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه عند القضاعي، وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد 2 / 421 والنسائي 5 / 113، 114 يتقوى بهما.
* ولاة مصر وقضاتها 63، تاريخ ابن عساكر 14 / 208 آ، تاريخ الاسلام 4 / 46، العبر
1 / 113، البداية والنهاية 9 / 169، النجوم الزاهرة 1 / 217، حسن المحاضرة 1 / 587، 588، شذرات الذهب 1 / 111.
(3) ابن عساكر 14 / 208 ب.
(*)

(4/409)


وقيل: وصل نعي الحجاج، وقرة في وقت على الوليد.
ولم يصح.
فإن قرة مات في أثناء سنة ست وتسعين (1).

160 - قتيبة بن مسلم * ابن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي، الامير أبو حفص، أحد الابطال والشجعان، ومن ذوي الحزم والدهاء والرأي والغناء، وهو الذي فتح خوارزم وبخاري، وسمرقند، وكانوا قد نقضوا وارتدوا.
ثم إنه افتتح فرغانة، وبلاد الترك في سنة خمس وتسعين.
ولي خراسان عشر سنين، وله رواية عن عمران بن حصين، وأبي سعيد الخدري.
ولما بلغه موت الوليد، نزع الطاعة، فاختلف عليه جيشه، وقام عليه رئيس تميم وكيع بن حسان، وألب عليه، ثم شد عليه في عشرة من فرسان تميم فقتلوه في ذي الحجة سنة ست وتسعين، وعاش ثمانيا وأربعين سنة.
وقد قتل أبوه الامير أبو صالح مع مصعب.
وباهلة قبيلة منحطة بين العرب، قال الشاعر: ولو قيل للكلب يا باهلي * عوى الكلب من لوم هذا النسب (2)
__________
(1) انظر المصدر السابق.
* البيان والتبيين 2 / 132، المعارف 406، الكامل للمبرد 3 / 13، تاريخ الطبري 6 / 506، وما بعدها، معجم المرزباني 212، تاريخ ابن الاثير 5 / 12، وفيات الاعيان 4 / 86، تاريخ الاسلام
4 / 45، العبر 1 / 114، سرح العيون 186، تاريخ ابن خلدون 3 / 59 و 66، النجوم الزاهرة 1 / 233، شذرات الذهب 1 / 112، خزانة الادب 3 / 657، رغبة الآمل 3 / 6 و 6 / 118.
(2) البيت في الكامل للمبرد 3 / 11، وثمار القلوب 119، ووفيات الاعيان 4 / 90.
ونسبه الثعالبي لابي هفان، وقبله: أباهل ينبحني كلبكم * وأسدكم ككلاب العرب (*)

(4/410)


وقال آخر: وما ينفع الاصل من هاشم * إذا كانت النفس من باهله (1) قيل: إن قتيبة قال لهبيرة: أي رجل أنت لولا أن أخوالك من سلول، فلو بادلت بهم، قال: أيها الامير، بادل بهم من شئت، وجنبني باهلة (2).
وقيل لاعرابي: أيسرك أنك باهلي وتدخل الجنة ؟ قال: إي والله، بشرط أن لا يعلم أهل الجنة أني باهلي (3).
ولقي أعرابي آخر فقال: ممن أنت ؟ قال: من باهلة، فرثى له.
فقال: أزيدك: إني لست من أنفسهم، بل من مواليهم، فأخذ الاعرابي يقبل يديه ويقول: ما ابتلاك الله بهذه الرزية إلا وأنت من أهل الجنة (4).
قلت: لم ينل قتيبة أعلى الرتب بالنسب، بل بكمال الحزم والعزم والاقدام، والسعد، وكثرة الفتوحات، ووفور الهيبة، ومن أحفاده الامير سعيد ابن مسلم بن قتيبة الذي ولي إرمينية، والموصل، والسند، وسجستان، وكان فارسا جوادا، له أخبار ومناقب، مات زمن المأمون سنة سبع عشرة ومئتين
.
161 - عبدالرحمن بن أبي بكرة * (ع) نفيع بن الحارث، ويقال: اسم أبيه مسروح، الثقفي، أبو بحر، *
__________
(1) أورده الثعالبي في " ثمار القلوب " 119، و " التمثيل والمحاضرة " 456، ولم يعزه لاحد، وقبله: فخرت فأصلك أصل شريف * ضررت به نفسك الخاملة
(2) وفيات الاعيان 4 / 90.
(3) انظر ثمار القلوب 119، ووفيات الاعيان 4 / 90، 91.
(4) انظر وفيات الاعيان 4 / 90.
* تقدمت ترجمته ومصادرها في ص 319.
(*)

(4/411)


وقيل: أبو حاتم.
ولد في خلافة عمر فكان أول من ولد بالبصرة.
سمع علي بن أبي طالب، وأباه، وعبد الله بن عمرو.
روى عنه محمد بن سيرين، وعبد الملك بن عمير، وأبو بشر، وعلي ابن زيد بن جدعان، وخالد الحذاء، وقتادة، وابن عون، وآخرون.
وله وفادة على معاوية مع أبيه، ثم قدم نوبة أخرى.
قال خليفة وغيره: مولده سنة أربع عشرة.
قلت: وكانت البصرة حينئذ صغيرة جدا، لم يكمل بناؤها.
قال ابن سعد (1): نحروا له جزورا وهم بالخريبة (2)، وأطعم أهل البصرة وكفتهم، وكانوا ثلاث مئة.
قال: وكان ثقة له أحاديث.
قال عبد الواحد بن صفوان: سمعت عبدالرحمن بن أبي بكرة الثقفي يقول: أنا أنعم الناس، أنا أبو أربعين، وعم أربعين، وخال أربعين، أبي أبو بكرة، وعمي زياد، وأنا أول مولود ولد بالبصرة، فنحرت علي جزور (3).
رواه هدبة بن خالد عنه.
روى هشام، عن ابن سيرين، قال: اشتكى رجل، فوصف له لبن الجواميس، فبعث إلى عبدالرحمن بن أبي بكرة أن ابعث إلينا بجاموسة فبعث إليه بتسع مئة جاموسة، فقال: إنما أردت واحدة.
فبعث إليه (4) أن اقبضها كلها.
ورويت هذه الحكاية لاخيه الامير عبيدالله، وذلك أشبه (5).
__________
(1) في الطبقات 7 / 190.
(2) الخريبة: موضع بالبصرة.
(3) تقدم الخبر، انظره في ص 320.
(4) في الاصل: " إليها " تصحيف.
(5) راجع ص 138.
(*)

(4/412)


قال أحمد العجلي: عبدالرحمن ثقة.
وقال المدائني ويحيى بن معين: توفي سنة ست وتسعين، وقيل غير ذلك.

162 - تبيع بن عامر * (س) الحميري، الحبر، ابن امرأة كعب الاحبار.
قرأ الكتب، وأسلم في أيام أبي بكر أو عمر.
وروى عن كعب فأكثر، وعن أبي الدرداء، وعرض القرآن على مجاهد، وكان رفيقه في الغزو.
روى عنه مجاهد، وأبو قبيل المعافري، وعطاء بن أبي رباح، وحكيم ابن عمير، وحيان أبو النضر، وآخرون.
وله سبع كنى ذكرها الحافظ ابن عساكر وهي: أبو عبيدة، وأبو عبيد، وأبو عتبة، وأبو أيمن، وأبو حمير، وأبو غطيف، وأبو عامر.
والاولى (1) أشهرها.
وقال: قرأ القرآن بأرواد (2) جزيرة قريبة من قسطنطينية، ونهى عمرا الاشدق عن خروجه على عبدالملك.
وقال عبد الغني المصري: هو تبيع صاحب الملاحم.
وعن حسين بن شفي، قال: كنا عند عبد الله بن عمرو فأقبل تبيع فقال:
أتاكم أعرف من عليها، ثم قال له: يا تبيع أخبرنا عن الخيرات
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 452، طبقات خليفة ت 2893، تاريخ ابن عساكر 3 / 257 ب تهذيب الكمال ص 168، تاريخ الاسلام 4 / 95، تذهيب التهذيب 1 / 93 ب، الاصابة ت 860، تهذيب التهذيب 1 / 508، خلاصة تذهيب التهذيب 55، تهذيب ابن عساكر 3 / 342.
(1) في الاصل " الاول ".
(2) غزاها المسلمون وفتحوها سنة أربع وخمسين مع جنادة بن أبي أمية في أيام معاوية.
وبها أقرأ مجاهد تبيعا القرآن، ويقال: بل أقرأه القرآن برودس انظر معجم البلدان.
(*)

(4/413)


الثلاث ؟ قال: اللسان الصدوق، وقلب تقي، وامرأة صالحة (1).
الليث، عن رشيد بن كيسان، قال: كنا برودس (2) وأميرنا جنادة بن أبي أمية، فكتب إلينا معاوية: إنه الشتاء فتأهبوا، فقال تبيع ابن امرأة كعب: تقفلون إلى كذا وكذا، فأنكروا، حتى قال له صاحبه: ما يسمونك إلا الكذاب.
قال: فإنه يأتيهم الاذان يوم كذا، ويأتي ريح يومئذ تقلع هذه البنية (3).
فانتشر قوله، وأصبحوا ينتظرون ذلك، فأقبلت ريح أحاطت بالبنية (3) فقلعتها وتصايح الناس، فإذا قارب في البحر فيه الخبر بموت معاوية، وبيعة يزيد.
وأذن لهم في القفول، فأثنوا على تبيع (4).
توفي تبيع عن عمر طويل، سنة إحدى ومئة بالاسكندرية.
خرج له النسائي، وما علمت به بأسا.
وحديثه عزيز.

163 - أبو رافع * (ع) الصائغ، المدني ثم البصري، من أئمة التابعين.
وهو مولى آل عمر.
اسمه نفيع.
ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
حدث عن عمر، وأبي بن كعب، وأبي موسى، وأبي هريرة، وكعب
الاحبار، وجماعة سواهم.
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 3 / 259 آ.
(2) رودس: جزيرة مقابل الاسكندرية على ليلة منها في البحر وهي أول بلاد إفرنجة.
انظر معجم البلدان.
(3) لفظ ابن عساكر: " الثنية ".
(4) أورده ابن عساكر مطولا 3 / 259 ب.
* طبقات ابن سعد 7 / 122، طبقات خليفة ت 2013، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 489، الاستيعاب ت 2947، أسد الغابة 5 / 191، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 230، تهذيب الكمال ص 1427، 1610، تاريخ الاسلام 4 / 74، تذكرة الحفاظ 1 / 65، تذهيب التهذيب 4 / 104 ب، الاصابة - كنى ت 432، تهذيب التهذيب 404.
(*)

(4/414)


روى عن الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني، وثابت، وقتادة وعلي بن زيد بن جدعان، وعطاء بن أبي ميمونة، وخلق سواهم.
وثقه أحمد العجلي وغيره.
وقال أبو حاتم: ليس به بأس.
وقال ثابت البناني: لما أعتق أبو رافع بكى، وقال: كان لي أجران فذهب أحدهما.
قلت: كان من أئمة التابعين الاولين، ومن نظراء أبي العالية وبابته.
توفي سنة نيف وتسعين.

164 - خالد بن مهاجر * (م) ابن سيف الله خالد بن الوليد المخزومي.
حدث عن ابن عباس، وابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي عمرة.
روى عنه الزهري، ومحمد بن أبي يحيى الاسلمي، وإسماعيل بن
رافع، وثور بن يزيد، وكان فاضلا شاعرا، وافر الحرمة.
قال الزبير بن بكار: اتهمه معاوية بأنه دس على عمه عبدالرحمن بن خالد طبيبا سمه.
فقتل معاوية الطبيب، وقيل: بل قتل الطبيب - واسمه ابن أثال - خالد ولد المسموم.
فنابذ خالد بن مهاجر بني أمية وانضم إلى ابن الزبير (1).
خرج له مسلم.
__________
* تاريخ البخاري 3 / 170، المعرفة والتاريخ 1 / 373، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 351، الاغاني 15 / 11، تاريخ ابن عساكر 5 / 263 آ، تهذيب الكمال ص 365، تاريخ الاسلام 3 / 362، تذهيب التهذيب، 1 / 193 آ، تهذيب التهذيب 3 / 120، خلاصة تذهيب التهذيب 103، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 2 / 234، تهذيب ابن عساكر 5 / 94.
(1) انظر الخبر مفصلا في الاغاني ط الدار 16 / وانظر ابن عساكر 5 / 264 آ.
(*)

(4/415)


165 - أبو بكر بن عبدالرحمن * (ع) ابن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، الامام، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة النبوية، أبو عبد الرحمن.
والصحيح أن اسمه كنيته، وهو من سادة بني مخزوم، وهو والد عبد الله، وسلمة، وعبد الملك، وعمر، وأخو عبد الله، وعبد الملك، وعكرمة، ومحمد، ومغيرة، ويحيى، وعائشة، وأم الحارث، وكان ضريرا.
حدث عن أبيه، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود الانصاري، وعائشة، وأم سلمة، وأبي هريرة، ونوفل بن معاوية، ومروان ابن الحكم، وعبد الرحمن بن مطيع، وأبي رافع النبوي، وأسماء بنت عميس، وطائفة.
وعنه ابناه عبد الله وعبد الملك، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز،
والشعبي، وعراك بن مالك، وعمرو بن دينار، والزهري، وعبد ربه بن سعيد، وعكرمة بن خالد، وسمي مولاه، وإبراهيم بن مهاجر، وعبد الله بن كعب الحميري، وعبد الواحد بن أيمن، وابن أخته القاسم بن محمد بن عبد الرحمن، وخلق كثير.
قال الواقدي: اسمه كنيته، وقد أضر، وقد استصغر يوم الجمل فرد هو وعروة.
وكان ثقة، فقيها، عالما سخيا، كثير الحديث (1).
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 207، نسب قريش لمصعب 303، 304، طبقات خليفة ت 2097، تاريخ البخاري 9 / 9، المعارف 282، الحلية 2 / 187، طبقات الفقهاء للشيرازي 59، تاريخ ابن عساكر (باريس) 86 ب، تهذيب الكمال ص 1588، تاريخ الاسلام 4 / 72، تذكرة الحفاظ 1 / 59، العبر 1 / 111، تذهيب التهذيب 4 / 201 ب، البداية والنهاية 9 / 115، تهذيب التهذيب 9 / 295 و 12 / 30، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 24، خلاصة تذهيب التهذيب 444، شذرات الذهب 1 / 104.
(1) ابن سعد 5 / 208.
(*)

(4/416)


قال ابن سعد (1): ولد في خلافة عمر، وكان يقال له: راهب قريش لكثرة صلاته، وكان مكفوفا.
وقال العجلي وغيره: تابعي ثقة.
وقال ابن خراش: هو أحد أئمه المسلمين، هو وإخوته يضرب بهم المثل (2).
قال أبو داود: كان إذا سجد يضع يده في طشت ماء من علة كان يجدها.
وقال الزبير بن بكار: هو أحد فقهاء المدينة السبعة، وكان يسمى
الراهب، وكان من سادات قريش (3).
قال إبراهيم بن المنذر: حدثنا معن، عن ابن أبي الزناد، أن الفقهاء السبعة الذين كان أبو الزناد يذكرهم: سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم، وأبو بكر بن عبدالرحمن، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار (4).
وروى الشعبي عن عمر بن عبدالرحمن (5)، أن أخاه أبا بكر كان يصوم ولا يفطر.
في حديث ذكره (6).
__________
(1) في الطبقات 5 / 207، 208 عن محمد بن عمر الواقدي.
(2) انظر ابن عساكر (باريس) 87 ب.
(3) المصدر السابق 86 ب.
(4) المصدر السابق 87 ب.
(5) في الاصل: " عبد العزيز " وهو تصحيف، وما أثبتناه من ابن عساكر وتهذيب ابن حجر.
(6) الخبر في ابن عساكر (باريس) 88 آ، ب، وتمامه: " فدخل عليه ابنه وهو مفطر فقال: ما شأنك اليوم مفطرا ؟ قال: أصابتني جنابة فلم أغتسل حتى أصبحت، فأفتاني أبو هريرة أن أفطر.
فأرسلوا إلى عائشة يسألونها، فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم تصيبه الجنابة فيغتسل بعدما يصبح ثم يخرج رأسه يقطر، فيصلي بأصحابه ثم يصوم ذلك اليوم ".
(*)

(4/417)


قلت: كان أبو بكر بن عبدالرحمن ممن جمع العلم والعمل والشرف.
وكان ممن خلف أباه في الجلالة.
قال الهيثم بن عدي، وعلي بن عبد الله التميمي، وابن نمير، وابن معين، وأبو عمر الضرير، والفلاس، وأبو عبيد: مات سنة أربع وتسعين.
وروى الواقدي، عن عبد الله بن جعفر المخرمي، قال: صلى أبو بكر
ابن عبدالرحمن العصر، فدخل مغتسله فسقط، فجعل يقول: والله ما أحدثت في صدر نهاري هذا شيئا.
فما علمت أن الشمس غربت حتى مات.
وذلك في سنة أربع [ وتسعين بالمدينة ] (1).
قال الواقدي (2): يقال لها: سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم.
وقيل: مات سنة خمس وتسعين.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي، أنبأنا محمد بن عماد، أنبأنا عبد الله ابن رفاعة، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا أبو محمد بن النحاس، أنبأنا أبو الطاهر المديني، حدثنا يونس بن عبدالاعلى، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث، عن أبي مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن " (3).
__________
(1) ابن سعد 5 / 208، وابن عساكر (باريس) 89 آ، وما بين الحاصرتين منهما.
(2) انظر ابن سعد 5 / 208.
(3) أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 656.
والبخاري 4 / 353، ومسلم (1567) وأبو داود (3481) والترمذي (1276) و (1133) و (2072) وابن ماجه (2159) والنسائي (4670).
وحلوان الكاهن: ما يأخذه المتكهن على كهانته.
وفعل الكهان والتنجيم، والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه العرافون والمشعوذون من استطلاع الغيب، حرام وباطل، لا يجوز لاحد أن يأتي أمثال هؤلاء فيسألهم أو يصدق مقالهم.
فقد أخرج الامام أحمد 2 / 408 و 476 من حديث أبي هريرة مرفوعا " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " إسناده صحيح.
(*)

(4/418)


وبه إلى يونس: حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد (1) عن ابن شهاب، عن أبي بكر أن أبا مسعود عقبة بن عمرو حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" ثلاث هن سحت: ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن ".
وأخرجه أصحاب الامهات الستة من حديث ابن عيينة، ومالك، والليث، عن الزهري (2).
وكان والده عبدالرحمن بن الحارث من كبار التابعين وأشراف قومه.
يوصف بالعقل والفضل.
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وما علمت له صحبة.
له رواية في صحيح البخاري.

166 - وأخوه عكرمة * (خ، م، د، س) ابن عبدالرحمن، ثقة، جليل القدر.
سمع أباه، وأم سلمة، وعبد الله بن عمرو.
وعنه ابناه عبد الله ومحمد، ويحيى بن محمد بن صيفي، وابن شهاب الزهري.
وثقه ابن سعد.
قيل: توفي سنة ثلاث ومئة رحمه الله.

167 - فأما جده الحارث بن هشام * * (ق) أخو أبي جهل، فأسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، وكان خيرا،
__________
(1) في الاصل: " مزيد " وهو تصحيف.
(2) انظر تخريج الحديث السابق.
* طبقات ابن سعد 5 / 209، طبقات خليفة ت 2099، تاريخ البخاري 7 / 50، المعرفة والتاريخ 1 / 372، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 10، تهذيب الكمال ص 953، تاريخ الاسلام 4 / 156، تذهيب التهذيب 3 / 48 ب، تهذيب التهذيب، 7 / 260، خلاصة تذهيب التهذيب 270، وقد تقدمت ترجمته في ص 370.
* * طبقات ابن سعد 5 / 444 و 7 / 404، طبقات خليفة ت 2819، المعارف 281، الجرح = (*)

(4/419)


شريفا، كبير القدر.
وهو الذي أجارته أم هانئ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " قد أجرنا من أجرت " (1).
له رواية في سنن ابن ماجه (2).
أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مئة من الابل.
استشهد بالشام، وتزوج عمر بعده بامرأته فاطمة.
وقال ابن سعد: تزوج عمر بابنته أم حكيم.
مات في طاعون عمواس (3) سنة ثماني عشرة.
ابن المبارك: أنبأنا الاسود بن شيبان، عن أبي نوفل بن أبي عقرب.
قال: خرج الحارث بن هشام فجزع (4) أهل مكة وخرجوا يشيعونه، فوقف
__________
= والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 92، المستدرك 3 / 277 وما بعدها، الاستيعاب ت 440، تاريخ ابن عساكر 4 / 68 ب، أسد الغابة 1 / 420، تهذيب الكمال ص 223، العبر 1 / 22، تذهيب التهذيب 1 / 116 آ، تاريخ الاسلام 2 / 25، البداية والنهاية 7 / 93، العقد الثمين 4 / 32.
الاصابة ت 1504، تهذيب التهذيب 2 / 161، خلاصة تذهيب التهذيب 69، تهذيب ابن عساكر 4 / 8.
(1) أخرجه مالك 1 / 152، والبخاري 6 / 195، 196، ومسلم 1 / 498 (336) (82) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب..وانظر شرح الموطأ للزرقاني 1 / 305، 306 فقد توسع في بيان اسم الذي أجارته.
(2) رقم (1991) في النكاح باب متى يستحب البناء بالنساء من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عبدالملك بن الحارث بن هشام عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم سلمة في شوال وجمعها إليه في شوال.
(3) ويقال عمواس: كورة من فلسطين، بالقرب من بيت المقدس، وقيل: هي ضيعة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس، وفيها كان ابتداء الطاعون في أيام عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، ثم فشا في أرض الشام، فمات فيه خلق كثير من الصحابة وغيرهم، وقيل: مات فيه خمسة وعشرون ألفا من المسلمين.
انظر معجم البلدان.
(4) في الاصل: " فخرج " مصحف، والصواب ما أثبتناه من الاستيعاب وابن عساكر.
(*)

(4/420)


ووقفوا حوله يبكون، فقال: والله ما خرجت رغبة بنفسي عنكم، ولا اختيار بلد على بلدكم، ولكن هذا الامر كان، فخرجت فيه رجال من قريش ما كانوا من ذوي أسنانها، ولا في بيوتها، وأصبحنا - والله - لو أن جبال مكة ذهبا، فأنفقناها في سبيل الله، ما أدركنا يوما من أيامهم، فنلتمس أن نشاركهم في الآخرة، فاتقى الله امرؤ (1).
فتوجه غازيا إلى الشام، واتبعه ثقله، فأصيب شهيدا رضي الله عنه.

168 - عروة * (ع) ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية، الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب، الامام، عالم المدينة، أبو عبد الله القرشي الاسدي، المدني، الفقيه، أحد الفقهاء السبعة.
حدث عن أبيه بشئ يسير لصغره، وعن أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وعن خالته أم المؤمنين عائشة، ولازمها وتفقه بها.
وعن سعيد بن زيد، وعلي بن أبي طالب، وسهل بن أبي حثمة، وسفيان بن عبد الله الثقفي، وجابر، والحسن، والحسين، ومحمد بن مسلمة، وأبي حميد، وأبي
__________
(1) أورده ابن عبد البر في " الاستيعاب " 1 / 303، 304، وابن عساكر 4 / 71 آ.
* طبقات ابن سعد 5 / 178، الزهد لاحمد 371، طبقات خليفة ت 2066، تاريخ البخاري 7 / 31، جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار 262، 283، المعارف 222، المعرفة والتاريخ 1 / 264 و 550، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 395، الحلية 2 / 176
طبقات الفقهاء للشيرازي 58، تاريخ ابن عساكر 11 / 280 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 331، وفيات الاعيان 3 / 255، تهذيب الكمال ص 932، تاريخ الاسلام 4 / 31، تذكرة الحفاظ 1 / 58، العبر 1 / 110، تذهيب التهذيب 3 / 38 ب، البداية والنهاية 9 / 101، غاية النهاية ت 2114، تهذيب التهذيب 7 / 180، النجوم الزاهرة 1 / 228، طبقات الحفاظ للسيوطي 23، خلاصة تذهيب التهذيب 265، شذرات الذهب 1 / 103.
(*)

(4/421)


هريرة وابن عباس، وزيد بن ثابت، وأبي أيوب الانصاري، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن زيد، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله بن عمرو، وأم هانئ بنت أبي طالب، وقيس بن سعد بن عبادة، وحكيم بن حزم، وابن عمر، وخلق سواهم.
وعنه بنوه: يحيى وعثمان وهشام ومحمد، وسليمان بن يسار، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وابن شهاب، وصفوان بن سليم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وأبو الزناد، ومحمد بن المنكدر، وأبو الاسود محمد بن عبدالرحمن وهو يتيم عروة، وصالح بن كيسان، وحفيده عمر بن عبد الله بن عروة، وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وخلق سواهم.
قال خليفة (1): ولد عروة سنة ثلاث وعشرين.
فهذا قول قوي، وقيل: مولده بعد ذلك.
قال مصعب بن عبد الله: ولد لست سنين خلت من خلافة عثمان.
وقال مرة (2): ولد سنة تسع وعشرين.
ويشهد لهذا ما رواه هشام بن عروة عن أبيه قال: أذكر أن أبي الزبير كان ينقزني ويقول: مبارك من ولد الصديق * أبيض من آل أبي عتيق ألذه كما ألذ ريقي (3)
قال الزبير بن بكار: حدثنا محمد بن الضحاك، قال: قال عروة: وقفت وأنا غلام أنظر إلى الذين قد حصروا عثمان رضي الله عنه، وقد مشى
__________
(1) في تاريخه 156 (2) قول مصعب هذا في تاريخ ابن عساكر 11 / 283، وكذا في تاريخ الاسلام للمؤلف.
(3) ابن عساكر 11 / 283 آ.
(*)

(4/422)


أحدهم على الخشبة ليدخل إلى عثمان، فلقيه عليها أخي [ عبد الله بن الزبير ]، فضربه ضربة طاح قتيلا على البلاط، فقلت لصبيان معي: قتله أخي.
فوثب علي الذين حصروا عثمان، فكشفوني، فوجدوني لم أنبت، فخلوني (1).
هذه حكاية منقطعة.
أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: رددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن يوم الجمل، استصغرنا (2).
قال يحيى بن معين: كان عمره يومئذ ثلاث عشرة سنة، فكل هذا مطابق لانه ولد في سنة ثلاث وعشرين.
وقال الزبير: حدثني علي بن صالح، حدثني عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، عن هشام بن عروة عن أبيه، أنه قدم البصرة على ابن عباس وهو عامل عليها، فيقال أنشده: أمت بأرحام إليك قربية * ولا قرب بالارحام ما لم تقرب فقال لعروة: من قال هذا ؟ قال: أبو أحمد بن جحش قال ابن عباس: فهل تدري ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا.
قال: قال له: صدقت، ثم قال لي: ما أقدمك البصرة ؟ قلت: اشتدت الحال، وأبي عبد الله أن يقسم سبع
حجج وتألى حتى يقضي دين الزبير، قال: فأجازني وأعطاني، ثم لحق عروة بمصر، فأقام بها بعد (3).
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 283 ب، وما بين الحاصرتين منه.
وأنبت الغلام: إذا نبتت عانته.
(2) ابن عساكر 11 / 283 ب، وابن سعد 5 / 179.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 290 آ.
والبيت في ابن هشام 1 / 474 برواية مختلفة.
(*)

(4/423)


ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، قال: كنت أتعلق بشعر في ظهر أبي (1).
ويروى عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، قال: كنا في خلافة معاوية، وإلى آخرها، نجتمع في حلقة بالمسجد، بالليل، أنا، ومصعب، وعروة ابنا الزبير، وأبو بكر بن عبدالرحمن وعبد الملك بن مروان، وعبد الرحمن المسور، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وكنا نتفرق بالنهار، فكنت أنا أجالس زيد بن ثابت وهو مترئس بالمدينة في القضاء، والفتوى، والقراءة، والفرائض، في عهد عمر، وعثمان، وعلي.
ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبدالرحمن نجالس أبا هريرة، وكان عروة يغلبنا بدخوله على عائشة (2).
قال هشام، عن أبيه: ما ماتت عائشة حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين (2).
مبارك بن فضالة، عن هشام، عن أبيه، أنه كان يقول لنا ونحن شباب: مالكم لا تعلمون، إن تكونوا (3) صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار قوم، وما خير الشيخ أن يكون شيخا وهو جاهل.
لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج
وأنا أقول: لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته، ولقد كان يبلغني عن الصحابي الحديث فآتيه، فأجده قد قال، فأجلس على بابه، ثم أسأله عنه (4).
__________
(1) انظر ابن عساكر 11 / 284 آ.
(2) ابن عساكر 11 / 284 آ.
(3) في الاصل: " نكون " تصحيف.
(4) أورد بعضها أبو نعيم في الحلية 2 / 177 من طريق الاصمعي عن ابن أبي الزناد عن هشام عن أبيه، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 551 وابن عساكر 11 / 285 ب.
(*)

(4/424)


عثمان بن عبدالحميد اللاحقي: حدثنا أبي قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما أجد أعلم من عروة بن الزبير، وما أعلمه يعلم شيئا أجهله (1).
قال أبو الزناد: فقهاء المدينة أربعة: سعيد، وعروة، وقبيصة، وعبد الملك بن مروان (1).
ابن المديني، عن سفيان، عن الزهري، قال: رأيت عروة بحرا لا تكدره الدلاء (2).
يحيى بن أيوب، عن هشام، قال: والله ما تعلمنا جزءا من ألفي جزء أو ألف جزء من حديث أبي (3).
الاصمعي، عن مالك، عن الزهري، قال: سألت ابن صعير (4) عن شئ من الفقه، فقال: عليك بهذا، وأشار إلى ابن المسيب، فجالسته سبع سنين لا أرى أن عالما غيره، ثم تحولت إلى عروة، ففجرت به ثبج بحر (5).
ابن أبي الزناد: حدثني عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن، قال: دخلت مع أبي المسجد، فرأيت الناس قد اجتمعوا على رجل، فقال أبي:
انظر من هذا، فنظرت فإذا هو عروة، فأخبرته وتعجبت، فقال: يا بني، لا تعجب، لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه (6).
ابن عيينة، عن الزهري، قال: كان عروة يتألف الناس على حديثه (7).
__________
(1) ابن عساكر 11 / 284 آ.
(2) ابن عساكر 11 / 284 ب، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 552.
(3) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 282 آ، وانظر تاريخ البخاري 7 / 32.
(4) هو عبد الله بن ثعلبة بن صعير المازني، شيخ للزهري، وأبوه له صحبة انظر مشتبه النسبة 411.
(5) ابن عساكر 11 / 284 ب.
(6) ابن عساكر 11 / 285 آ.
(7) الحلية 2 / 176، وابن عساكر 11 / 285 ب، وقد كرره المؤلف في ص 431.
(*)

(4/425)


وقال ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، قال: كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله.
معمر، عن هشام، عن أبيه، أنه، أحرق كتبا له، فيها فقه، ثم قال: لوددت لو أني كنت فديتها بأهلي ومالي (1).
ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: ما رأيت أحدا أروى للشعر من عروة.
فقيل له: ما أرواك للشعر ! فقال: ما روايتي ما في رواية عائشة، ما كان ينزل بها شئ إلا أنشدت فيه شعرا (2).
ضمرة، عن ابن شوذب، قال: كان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظرا، ويقوم بن الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، وكان وقع
فيها الآكلة (4) فنشرت، وكان إذا كان أيام الرطب يثلم حائطه، ثم يأذن للناس فيه، فيدخلون يأكلون ويحملون.
الزبير في " النسب ": حدثنا يحيى بن عبدالملك الهديري، عن المغيرة ابن عبدالرحمن بن الحارث بن عبد الله المخزومي، عن أبيه، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، قال: العلم لواحد من ثلاثة: لذي حسب يزينه به، أو ذي دين يسوس به دينه، أو مختبط (5) سلطانا يتحفه بعلمه، ولا أعلم أحدا أشرط لهذه الخلال من عروة، وعمر بن عبد العزيز (6).
__________
(1) ابن عساكر 11 / 286 آ، وانظر ابن سعد 5 / 179، وانظر ص 436 من هذا الجزء.
(2) ابن عساكر 11 / 286 آ.
(3) كذا الاصل، وضبط المعجم الكبير: الاكلة، وهي المرض المسمى ب (الغنغرينا).
وانظر الحلية 2 / 178، 179.
(4) ابن عساكر 11 / 286 ب.
وانظر الحلية 2 / 178 - 180.
(5) الخبط: طلب المعروف، والمختبط: الذي يسألك بلا وسيلة ولا قرابة ولا معرفة.
(6) ابن عساكر 11 / 285 ب، وزاد في نهايته: " كلاهما حسيب دين، من السلطان بارا ".
(*)

(4/426)


أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، قال: لما اتخذ عروة قصره بالعقيق (1) قال له الناس: جفوت مسجد رسول الله ! قال: رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشة في فجاجهم عالية، فكان فيما هنالك - عما هم فيه - عافية (2).
مصعب الزبيري، عن جده، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: بعث إلي معاوية مقدمه المدينة، فكشفني وسألني، واستنشدني، ثم قال لي: أتروي قول جدتك صفية بنت عبدالمطلب:
خالجت آباد الدهور عليهم * وأسماء لم تشعر بذلك أيم فلو كان زبر مشركا لعذرته * ولكنه - قد يزعم الناس - مسلم قلت: نعم، وأروي قولها: ألا أبلغ بني عمي رسولا * ففيم الكيد فينا والامار وسائل في جموع بني علي * إذا كثر التناشد والفخار بأنا لا نقر الضيم فينا * ونحن لمن توسمنا نضار متى نقرع بمروتكم نسؤكم * وتظعن من أماثلكم ديار ويظعن أهل مكة وهي سكن * هم الاخيار إن ذكر الخيار مجازيل العطاء إذا وهبنا * وأيسار إذا حب القتار ونحن الغافرون إذا قدرنا * وفينا عند عدوتنا انتصار وأنا والسوابح يوم جمع * بأيديها وقد سطع الغبار قال: وإنما قالت ذلك في قتل أبي أزيهر، تعير به - أبا سفيان بن حرب،
__________
(1) العقيق: موضع بناحية المدينة، ويقال هما عقيقان: الاكبر وهو مما يلي الحرة، ما بين أرض عروة بن الزبير إلى قصر المراجل، والثاني هو الاصغر، وقد حددهما ياقوت في " معجم البلدان ".
(2) ابن عساكر 11 / 292 آ، ب.
(*)

(4/427)


وكان صهره.
قتله هشام بن الوليد وذكر القصة.
فقال معاوية: حسبك يا ابن أخي، هذه بتلك (1).
ولعروة في قصره بالعقيق: بنيناه فأحسنا بناه * بحمد الله في خير العقيق تراهم ينظرون إليه شزرا * يلوح لهم على وضح الطريق
فساء الكاشحين وكان غيظا * لاعدائي وسر به صديقي يراه كل مختلف وسار * ومعتمد إلى البيت العتيق (2) وقيل: لما فرغ من بنائه وبئاره (3)، دعا جماعة، فطعم الناس، وجعلوا يبركون وينصرفون (4).
الزبير: حدثني محمد بن حسن، عن محمد بن يعقوب بن عتبة، عن عبد الله بن عكرمة، عن عروة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال " يكون في آخر أمتي مسخ وخسف وقذف، وذلك عند ظهور شئ من عمل قوم لوط ".
قال عروة: فبلغني أنه قد ظهر شئ منه.
فتنحيت عنها، وخشيت أن يقع وأنا بها، وبلغني أنه لا يصيب إلا أهل القصبة (5).
قال الزبير: وأخبرني إبراهيم بن حمزة مثله بمثل إسناده.
وبئر عروة مشهور بالعقيق، طيب الماء، وفيه يقول الشاعر: لو يعلم الشيخ غدوي بالسحر * قصدا إلى البئر التي كان حفر
__________
(1) الخبر والابيات في ابن عساكر 11 / 290 آ.
(2) الابيات في ابن عساكر 11 / 292 ب.
(3) بئاره: أي حفر آباره.
(4) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 292 آ.
(5) ضعيف لارساله وجهالة محمد بن يعقوب بن عتبة، وعبد الله بن عكرمه لم يوثقه غير ابن حبان.
(*)

(4/428)


في فتية مثل الدنانير غرر * وقاهم الله النفاق والضجر بين أبي بكر وزيد وعمر * ثم الحواري لهم جد أغر قد شمخ المجد هناك وازمخر * فهم عليها بالعشي والبكر
يسقون من جاء ولا يؤذى بشر * لزاد في الشكر وإن كان شكر قال الزبير: حدثنا عمي مصعب بن عبد الله، قال: كان عبد الله بن الزبير قد باع ماله بالغابة (1) الذي يعرف بالسقاية من معاوية بمئة ألف دينار، ثم قسمها في بني أسد، وتيم، فاشتري مجاح (2) لعروة من ذلك بألوف دنانير.
الزبير: حدثنا مصعب بن عثمان، عن عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، قال: قدم عروة على عبدالملك بن مروان، فأجلسه معه على السرير، فجاء قوم فوقعوا في عبد الله بن الزبير، فخرج عروة وقال للآذن: إن عبد الله أخي، فإذا أردتم أن تقعوا فيه فلا تأذنوا لي عليكم.
فذكروا ذلك لعبد الملك، فقال له عبدالملك: حدثوني بما قلت، وإن أخاك لم نقتله لعداوة، ولكنه طلب أمرا وطلبناه، فقتلناه، وإن أهل الشام من أخلاقهم أن لا يقتلوا رجلا إلا شتموه، فإذا أذنا لاحد قبلك، فقد جاء من يشتمه، فانصرف.
ثم إن عروة قدم على الوليد حين شئفت (3) رجله، فقيل: اقطعها، قال: أكره أن أقطع مني طائفا، فارتفعت إلى الركبة، فقيل له: إنها إن وقعت في ركبتك قتلتك.
فقطعها، فلم يقبض وجهه.
وقيل له قبل أن يقطعها: نسقيك دواء لا تجد لها ألما ؟ فقال: ما يسرني أن هذا الحائط وقاني أذاها.
معمر، عن الزهري، قال: وقعت الآكلة في رجل عروة، فصعدت في
__________
(1) الغابة: موضع قرب المدينة، على بريد منها من ناحية الشام.
انظر معجم البلدان.
(*) (2) مجاح: قال البكري: ماء لبني عبد الله بن الزبير، معروف، أعطاه عروة أخاه، هكذا روى الزبير بن أبي بكر وهكذا ضبط عنه.
معجم ما استعجم 1164.
(3) شئفت رجله: إذا خرجت بها الشأفة، وهي قرحة تخرج في القدم أو في أسفله.
(*)

(4/429)


ساقه، فبعث إليه الوليد، فحمل إليه ودعا الاطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع.
فقطعت فما تضور وجهه (1).
عمرو بن عبد الغفار، حدثنا هشام، أن أباه وقعت في رجله الاكلة، فقيل: ألا ندعو لك طبيبا ؟ قال: إن شئتم، فقالوا: نسقيك شرابا يزول فيه عقلك ؟ فقال: امض لشأنك، ما كنت أظن أن خلقا يشرب ما يزيل عقله حتى لايعرف به (2)، فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سمعنا له حسا فلما قطعها، جعل يقول: لئن أخذت، لقد أبقيت، ولئن ابتليت، لقد عافيت.
وما ترك جزءه بالقرآن تلك الليلة (3).
يعقوب الدورقي (4): حدثنا عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، أن أباه خرج إلى الوليد بن عبدالملك، حتى إذا كان بوادي القرى، وجد في رجله شيئا، فظهرت به قرحة، ثم ترقى به الوجع.
وقدم على الوليد وهوفي محمل، فقال: يا أبا عبد الله اقطعها، قال: دونك.
فدعا له الطبيب، وقال: اشرب المرقد (5)، فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق، فما زاد أن يقول: حس، حس (6)، فقال الوليد: ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا.
وأصيب عروة بابنه محمد في ذلك السفر، ركضته بغلة في إصطبل، فلم يسمع منه في ذلك كلمة.
فلما كان بوادي القرى قال: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) [ الكهف 63 ] اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحدا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف
__________
(1) الحلية 2 / 179 وابن عساكر 11 / 286 ب.
(2) في ابن عساكر: " لايعرف ربه ".
(3) ابن عساكر 11 / 286 ب.
(4) هو يعقوب بن إبراهيم العبدي الدورقي المتوفى سنة 251 تأتى ترجمته في المجلد الثامن 117 من الاصل.
(5) المرقد: شئ يشرب فينوم من يشربه ويرقده.
(6) حس: كلمة تقال عند الالم.
(*)

(4/430)


أربعة، فأخذت طرفا، وأبقيت ثلاثة، ولئن (1) ابتليت، لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت (2).
وعن عبد الله بن عروة، قال: نظر أبي إلى رجله في الطست، فقال: إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم (3).
حمادبن زيد، عن هشام بن عروة، أن أباه كان يسرد الصوم، وأنه قال: يا بني، سلوني، فلقذ تركت حتى كدت أنسى، وإني لاسأل عن الحديث، فيفتح لي حديث يومين (4).
قال الزهري: كان عروة يتألف الناس على حديثه (5).
أبو أسامة، عن هشام، أن أباه مات وهو صائم، وجعلوا يقولون له: أفطر، فلم يفطر (6).
سليمان بن معبد: حدثنا الاصمعي، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر مصعب، وعبد الله، وعروة بنو الزبير، وابن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال عبد الله: أما أنا، فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا، فأتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين، وأما ابن عمر فقال: أتمنى المغفرة.
فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له (7).
__________
(1) في الاصل: " إن ابتليت " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 287 ا، وانظر جمهرة نسب قريش للزبير 283، والمعرفة والتاريخ 1 / 553 والحلية 2 / 179.
(3) ابن عساكر 11 / 287 ب، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 553.
(4) ابن سعد 5 / 179 و 180، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 552.
(5) تقدم الخبر في ص 425 رقم (7).
(6) ابن عساكر 11 / 288 آ.
(7) الحلية 2 / 176 وابن عساكر 11 / 288 ب، وانظره رقم (4) من صفحة 141 من هذا الجزء في ترجمة مصعب (*)

(4/431)


معمر، عن الزهري، قال: كنت آتي عروة، فأجلس ببابه مليا، ولو شئت أن أدخل دخلت، فأرجع وما أدخل إعظاما له (1).
وعن أبي الاسود، عن عروة، قال: خطبت إلى ابن عمر بنته سودة، ونحن في الطواف، فلم يجبني بشئ، فلما دخلت المدينة بعده، مضيت إليه.
فقال: أكنت ذكرت سودة ؟ قلت: نعم.
قال: إنك ذكرتها ونحن في الطواف يتخايل الله بين أعيننا، أفلك فيها حاجة ؟ قلت: أحرص ما كنت، قال: يا غلام، أدع عبد الله بن عبد الله، ونافعا مولى عبد الله، قال: قلت له: وبعض آل الزبير ؟ قال: لا.
قلت: فمولى خبيب ؟ قال: ذاك أبعد.
ثم قال لهما: هذا عروة بن أبي عبد الله، وقد علمتما حاله، وقد خطب إلي سودة، وقد زوجته إياها، بما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وعلى أن يستحلها بما يستحل به مثلها، أقبلت يا عروة ؟ قلت: نعم.
قال: بارك الله لك (2).
قال هشام بن عروة: أقام ابن الزبير بمكة تسع سنين، وعروة معه (3): وقال ابن عيينة: لما قتل ابن الزبير خرج عروة إلى المدينة بالاموال، فاستودعها وسار إلى عبدالملك، فقدم عليه قبل البريد بالخبر، فلما انتهى
إلى الباب قال للبواب: قل لامير المؤمنين: أبو عبد الله بالباب، فقال: من أبو عبد الله ؟ قال: قل له كذا، فدخل فقال: ها هنا رجل عليه أثر السفر، قال: كيت وكيت، فقال: ذاك عروة فائذن له.
فلما رآه زال له عن موضعه، وجعل يسأله: كيف أبو بكر ؟ - يعني عبد الله بن الزبير - فقال: قتل رحمه الله، فنزل عبدالملك عن السرير، فسجد.
فكتب إليه الحجاج: إن عروة قد خرج
__________
(1) ابن عساكر 11 / 288 ب.
(2) ابن عساكر 11 / 289 ب، 290 آ.
(3) ابن عساكر 11 / 290 ب.
(*)

(4/432)


والاموال عنده.
قال: فقال له عبدالملك في ذلك، فقال: ما تدعون الرجل حتى يأخذ سيفه فيموت كريما ! فلما رأى ذلك، كتب إلى الحجاج: أن أعرض عن ذلك (1).
قال ابن خلكان (2): هو الذي حفر بئر عروة بالمدينة، وما بالمدينة أعذب من مائها.
جرير، عن هشام بن عروة، قال: ما سمعت أحدا من أهل الاهواء يذكر أبي بسوء (3).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: عروة بن الزبير تابعي ثقة، رجل صالح، لم يدخل في شئ من الفتن (4).
وقال ابن خراش: ثقة (5).
قال معاوية بن إسحاق، عن عروة، قال: ما بر والده من شد الطرف إليه (5).
عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، قال: سقط أخي محمد وأمه بنت الحكم بن أبي العاص من أعلى سطح في إصطبل الوليد، فضربته الدواب
بقوائمها فقتلته (6).
فأتى عروة رجل يعزيه، فقال: إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها.
قال: بل أعزيك بمحمد ابنك، قال: وما له ؟ فأخبره، فقال: اللهم أخذت عضوا وتركت أعضاء، وأخذت ابنا، وتركت أبناء.
فلما
__________
(1) المعرفة والتاريخ 1 / 554 وابن عساكر 11 / 290 ب.
(2) في وفيات الاعيان 3 / 257.
(3) ابن عساكر 11 / 291 ب.
(4) ابن عساكر 11 / 291 ب، وقد كرره المؤلف في ص 436.
(5) ابن عساكر 11 / 291 ب.
(6) انظر خبر مقتله في جمهرة نسب قريش للزبير 277 و 278.
(*)

(4/433)


قدم المدينة، أتاه ابن المنكدر، فقال: كيف كنت ؟ قال: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) (1) [ الكهف: 63 ].
قال الزبير بن بكار: حدثني غير واحد أن عيسى بن طلحة جاء إلى عروة حين قدم، فقال عروة لبعض بنيه: اكشف لعمك رجلي، ففعل فقال عيسى: إنا والله يا أبا عبد الله ما أعددناك للصراع، ولا للسباق، ولقد أبقى الله منك لنا ما كنا نحتاج إليه، رأيك وعلمك.
فقال: ما عزاني أحد مثلك (2).
قال ابن خلكان (3): كان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة، فقال: والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضائك، وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله.
وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك.
قال الزبير: توفي عروة وهو ابن سبع وستين سنة (4).
وقال ابن المديني، وأبو نعيم، وشباب: مات عروة سنة ثلاث وتسعين.
وقال الهيثم، والواقدي، وأبو عبيد، ويحيى بن معين، والفلاس: سنة أربع وتسعين.
وقال يحيى بن بكير: سنة خمس.
وقيل غير ذلك، ويقال: سنة إحدى ومئة، وليس هذا بشئ.
ذكر شيخنا أبو الحجاج في " تهذيبه ": من شيوخ عروة: أمه أسماء،
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا 11 / 290 ب.
(2) ابن عساكر 11 / 288 آ.
(3) في وفيات الاعيان 3 / 256.
(4) ابن عساكر 11.
294 آ.
(*)

(4/434)


وخالته، وأسماء بنت عميس، وأم حبيبة، وأم سلمة، وأم هانئ، وأم شريك فاطمة بنت قيس، وضباعة بنت الزبير، وبسرة بنت صفوان، وزينب بنت أبي سلمة، وعمرة الانصارية.
ومن الرواة عنه: بكر بن سوادة، وتميم بن سلمة، وجعفر الصادق، وجعفر بن مصعب، وحبيب بن أبي ثابت، وحبيب مولى عروة، وخالد بن أبي عمران قاضي إفريقية، وداود بن مدرك، والزبرقان بن عمرو بن أمية، وزميل مولى عروة، وسعد بن إبراهيم، وسعيد بن خالد الاموي، وسليمان بن عبد الله بن عويمر، وسليمان بن يسار، وشيبة الخضري، وصالح بن حسان، وصالح بن كيسان، وصفوان بن سليم، وعاصم بن عمر، وعبد الله بن إنسان، الطائفي، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، وأبو الزناد، وعبد الله الماجشون،
وابن أبي مليكة، وابنه عبد الله بن عروة، وعبد الله بن نيار، وعبد الله البهي، وعبد الرحمن بن حميد الزهري، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وابنه عثمان، وعثمان بن الوليد، وعراك بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وعلي بن جدعان، وحفيده عمر بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، وعمروبن دينار، وعمران ابن أبي أنس، ومجاهد بن وردان، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وأبو الاسود يتيم عروة، وابنه محمد بن عروة، والزهري، وابن المنكدر، ومخلد بن خفاف، ومسافع بن شيبة، ومسلم بن قرط، ومعاوية بن إسحاق، ومنذر بن المغيرة، وموسى بن عقبة، وهشام ابنه، وهلال الوزان، والوليد بن أبي الوليد، ووهب بن كيسان، ويحيى بن أبي كثير - وقيل لم يسمع منه - ويزيد بن رومان، ويزيد بن خصيفة (1)، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، ويزيد بن أبي يزيد، وأبو بردة بن
__________
(1) هو يزيد بن عبد الله بن خصيفة، ترجمته في المجلد الخامس 205 من الاصل.
(*)

(4/435)


أبي موسى، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وهما من أقرانه، وأبو بكر بن حفص الزهري.
وقد روى رفيقه أبو سلمة أيضا عن عمربن عبد العزيز، عن عروة.
قال ابن سعد (1): كان عروة ثقة، ثبتا، مأمونا، كثير الحديث، فقيها، عالما.
وقال أحمد العجلي: مدني ثقة، رجل صالح، لم يدخل في شئ من الفتن (2).
وروى يوسف بن الماجشون، عن ابن شهاب، قال: كان إذا حدثني عروة، ثم حدثتني عمرة، صدق عندي حديث عمرة حديث عروة، فلما
تبحرتهما إذا عروة بحر لا ينزف (3).
الاصمعي: عن ابن أبي الزناد، قال: قال عروة: كنا نقول: لا نتخذ كتابا مع كتاب الله، فمحوت كتبي، فوالله لوددت أن كتبي عندي، إن كتاب الله قد استمرت مريرته (4).
علي بن المبارك الهنائي، عن هشام بن عروة، أن أباه كان يصوم الدهر إلا يوم الفطر ويوم النحر، ومات وهو صائم (5).
وقال هشام: قال أبي: رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزا طويلا (6)
__________
(1) في الطبقات 5 / 179 عن محمد بن عمر.
(2) سبق للمؤلف أن ذكر الخبر في ص 433.
3) ابن سعد 5 / 181 وتاريخ البخاري 7 / 31 ولفظه: " فلما استخبرتهما ".
(4) الحلية 2 / 176 وابن عساكر 11 / 286 آ واستمرت مريرته: أي قوي واستحكم وانظر.
ص 426.
(5) ابن سعد 5 / 180 وابن عساكر 11 / 288 ب، وانظر الزهد لاحمد 371.
(6) الحلية 2 / 177.
(*)

(4/436)


وقال: ما حدثت أحدا بشئ من العلم قط لا يبلغه عقله إلا كان ضلالة عليه (1).
قال غير واحد: ولد عروة في آخر خلافة عمر، وكان أصغر من أخيه عبد الله بعشرين سنة.
وقيل غير ذلك.
يعقوب الفسوي (2)، عن عيسى بن هلال، عن شريح بن يزيد، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عروة، قال: كنت غلاما، لي ذؤابتان، فقمت أركع ركعتين بعد العصر، فبصر بي عمر ومعه الدرة، فلما
رأيته، فررت منه، فلحقني، فأخذ بذؤابتي، قال: فنهاني، قلت: لا أعود (3).
الاشبه أن هذا جرى لاخيه عبد الله، أو جرى له مع عثمان.

169 - خارجة بن زيد * (ع) ابن ثابت، الفقيه، الامام ابن الامام، وأحد الفقهاء السبعة الاعلام،
__________
(1) المعرفة والتاريخ 1 / 550 وابن عساكر 11 / 286 آ.
(2) في المعرفة والتاريخ 1 / 364، 365.
(3) وأورده ابن عساكر في تاريخه 11 / 283 ب، ولفظه " فأحضر في طلبي حتى تعلق بذؤابتي.
يا أمير المؤمنين لا أعود " وكذا لفظ الفسوي في " المعرفة والتاريخ ".
* طبقات ابن سعد 5 / 262، طبقات خليفة ت 2185، تاريخ البخاري 3 / 204، المعارف 260، المعرفة والتاريخ 1 / 376 و 567، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 374، الحلية 2 / 189، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، تاريخ ابن عساكر 5 / 200 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 172، وفيات الاعيان 2 / 223، تهذيب الكمال، تاريخ الاسلام 3 / 362، تذكرة الحفاظ 1 / 85، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 1 / 184 ب، البداية والنهاية 9 / 187، تهذيب التهذيب 3 / 74، النجوم الزاهرة 1 / 242، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 35، خلاصة تذهيب التهذيب 99، شذرات الذهب 1 / 118، تهذيب ابن عساكر 5 / 27.
(*)

(4/437)


أبو زيد الانصاري، النجاري، المدني، وأجل إخوته، وهم: إسماعيل، وسليمان، ويحيى، وسعد، وجده لامه هو سعد بن الربيع الانصاري، أحد النقباء السادة.
حدث عن أبيه، وعمه يزيد، وأسامة بن زيد، وأمه أم سعد بنت سعد، وأم العلاء الانصارية، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، ولم يكن بالمكثر من
الحديث.
روى عنه ابنه سليمان، وابن أخيه سعيد بن سليمان، وسالم ابو النضر، وأبو الزناد وهو تلميذه في الفقه، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث، وعبد الله بن عمرو بن عثمان، وعثمان بن حكيم الانصاري، ومجالد بن عوف، ومحمد بن عبد الله الديباج، وابن شهاب، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وأبو بكر بن حزم، وآخرون.
وروايته عن عمه مرسلة.
قال موسى بن عقبة: لان عمه قتل زمن الصديق (1).
وروى الواقدي عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كان الفقهاء السبعة الذين يسألون بالمدينة وينتهى إلى قولهم: سعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبدالرحمن، وعروة، والقاسم، وعبيدالله بن عبد الله، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار (2).
وروى الدراوردي عن عبيدالله بن عمر، قال: كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب،
__________
(1) قال البخاري: فإن صح قول موسى بن عقبة أن يزيد بن ثابت قتل أيام اليمامة في عهد أبي بكر، فإن خارجة لم يدرك يزيد أ ه.
انظر التاريخ الصغير 1 / 42.
(2) ابن عساكر 5 / 201 ب.
(*)

(4/438)


وعروة، والقاسم بن محمد، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان، وسليمان بن يسار مولى ميمونة.
وقال مصعب بن الزبير: كان خارجة بن زيد، وطلحة بن عبد الله بن عوف في زمانهما يستفتيان، وينتهي الناس إلى قولهما، ويقسمان المواريث
بين أهلها من الدور والنخيل، والاموال، ويكتبان الوثائق للناس (1).
وروى معن القزاز عن زيد بن السائب، قال: أجاز سليمان بن عبد الملك خارجة بن زيد بمال فقسمه (1).
الواقدي: حدثنا موسى بن نجيح، عن إبراهيم بن يحيى - هو ابن زيد ابن ثابت - أن عمر بن عبد العزيز كتب أن يعطى خارجة بن زيد ما قطع عنه من الديوان، فمشى خارجة إلى أبي بكر بن حزم، فقال: إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة، ولي نظراء، فإن عمهم أمير المؤمنين بهذا، فعلت، وإن هو خصني به، فإني أكره ذلك له.
فكتب عمر: لا يسع المال لذلك، ولو وسعه لفعلت (1).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: خارجة بن زيد مدني، تابعي، ثقة (1).
ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عبد الله بن عبدالرحمن بن أبي عمرة الانصاري، سمعت خارجة بن زيد يقول: رأيتني ونحن غلمان شباب، زمن عثمان، وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه (2).
الواقدي: حدثني إسماعيل بن مصعب، عن إبراهيم بن يحيى بن زيد ابن ثابت، عن خارجة بن زيد بن ثابت، قال: رأيت في المنام كأني بنيت
__________
(1) ابن عساكر 5 / 202 آ.
(2) ابن عساكر 5 / 202 ب، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 567.
(*)

(4/439)


سبعين درجة، فلما فرغت منها، تهورت: وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها.
فمات عنها (1).
الواقدي: حدثنا محمد بن بشر بن حميد، عن أبيه، قال: قال رجاء بن حيوة: يا أمير المؤمنين، قدم قادم الساعة، فأخبرنا أن خارجة بن زيد مات،
فاسترجع عمر وصفق بإحدى يديه على الاخرى وقال: ثلمة والله في الاسلام (2).
قال الفلاس وابن نمير: مات خارجة سنة تسع وتسعين.
وقال الهيثم بن عدي، ويحيى بن بكير، وخليفة، وابن المديني، وعدة: مات سنة مئة.
وقال أبو عبيد: صلى عليه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (3).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن المرداوي، أنبأنا محمد بن خلف، وأنبأنا ابن علون، أنبأنا البهاء عبدالرحمن، قالا: أخبرتنا شهدة الكاتبة، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام، أنبأنا أحمد بن محمد البرقاني: قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب، أخبركم محمد بن عبدالرحمن الشامي، حدثنا خلف بن هشام، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، قال: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود، فما مربي نصف شهر حتى تعلمت، كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم، فإذا كتبوا إليه، قرأت كتابهم له ".
أخرجه البخاري (4) تعليقا، فقال: وقال خارجة عن أبيه.
__________
(1) ابن عساكر 5 / 202 ب، ولفظه: " فمات فيها ".
(2) ابن عساكر 5 / 202 ب.
(3) انظر ابن سعد 5 / 263.
(4) 13 / 161 في الاحكام باب ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحد، بصيغة الجزم.
وهو حديث صحيح أخرجه موصولا أبو داود (3645) والترمذي (2716) وأحمد 5 / 186 من حديث عبد = (*)

(4/440)


ما بعد الرحمن بن أبي الزناد من شرط البخاري، وهو وسط.
ابن وهب: أنبأنا ابن أبي الزناد، عن أبيه: حدثني خارجة بن زيد، قال: قتل رجل من الانصار وهو سكران أنصاريا في عهد معاوية، ولم يكن على ذلك شهادة إلا لطخ وشبهة، فاجتمع رأي الناس على أن يحلف ولاة المقتول، ثم يسلم إليهم فيقتلوه، فركبنا إلى معاوية، فقصصنا عليه القصة، فكتب إلى سعيد بن العاص: إن كان ما ذكرنا له حقا أن يحلفنا على القاتل، ثم يسلمه إلينا، فجئنا بكتاب معاوية إلى سعيد، فقال: أنا منفذ كتاب أمير المؤمنين فاغدوا على بركة الله، فغدونا عليه، فأسلمه إلينا بعد أن حلفنا خمسين يمينا (1).

170 - يحيى بن يعمر * (ع) الفقيه، العلامة، المقرئ، أبو سليمان العدواني البصري، قاضي مرو ويكنى أبا عدي
__________
= الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت، قال: قال زيد بن ثابت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعلمت له كتاب يهود، وقال: " إني والله ما آمن يهود على كتابي " فتعلمته، فلم يمر بي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب له إذا كتب وأقرأ له إذا كتب إليه.
وسنده حسن.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وصححه الحاكم 1 / 75 ووافقه المؤلف.
وأخرجه أحمد 5 / 183 والحاكم 3 / 422 من طريق جرير عن الاعمش عن ثابت بن عبيد، قال: قال زيد بن ثابت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتحسن السريانية ؟ إنها تأتيني كتب " فقلت: لا، قال: " فتعلمها " فتعلمتها في سبعة عشر يوما.
وإسناده صحيح.
(1) ابن عساكر 5 / 201 آ.
* طبقات ابن سعد 7 / 368، طبقات خليفة ت 1649، تاريخ البخاري 8 / 311، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 196، معجم المرزباني 485 وفيه يحيى بن نعيم، طبقات النحويين واللغويين 27، فهرست ابن النديم 47، معجم الادباء 20 / 42، ونزهة الالباء
(بتحقيق السامرائي) 8، وفيات الاعيان 6 / 173، تهذيب الكمال ص 1529، تاريخ الاسلام 4 / 68، تذكرة الحفاظ 1 / 71، تذهيب التهذيب 4 / 171 آ، البداية والنهاية 9 / 73، غاية النهاية ت = (*)

(4/441)


حدث عن أبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر مرسلا، وعن عائشة وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعدة.
وقرأ القرآن على أبي الاسود الدئلي.
حدث عنه عبد الله بن بريدة وهو من طبقته، وقتادة، وعطاء الخراساني، وسليمان التيمي، ويحيى بن عقيل، وإسحاق بن سويد، وآخرون.
وكان من أوعية العلم وحملة الحجة.
قال أبو داود: لم يسمع من عائشة.
وقيل: إنه كان أول من نقط المصاحف، وذلك قبل أن يوجد تشكيل الكتابة بمدة طويلة، وكان ذا لسن وفصاحة، أخذ ذلك عن أبي الاسود.
وكان الحجاج قد نفاه، فأقبل عليه الامير قتيبة بن مسلم وولاه قضاء خراسان، فكان إذا انتقل من بلد إلى بلد، استخلف على القضاء بها، ثم إن قتيبة عزله لما قيل عنه: إنه يشرب المنصف (1).
قال أبو عمرو الداني: روى القراءة عنه عرضا عبد الله بن أبي إسحاق وأبو عمرو بن العلاء.
عمران القطان، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن عبد الله بن فطيمة، عن يحيى بن يعمر، قال: قال عثمان رضي الله عنه: في القرآن لحن ستقيمه العرب بألسنتها (2).
__________
= 3871، تهذيب التهذيب 11 / 350، النجوم الزاهرة 1 / 217، بغية الوعاة 2 / 345، طبقات
الحفاظ للسيوطي ص 30، خلاصة تذهيب التهذيب 429، شذرات الذهب 1 / 175.
(1) المنصف من الشراب: الذي يطبخ حتى يذهب نصفه.
2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن فطيمة.
(*)

(4/442)


قال خليفة بن خياط (1): توفي يحيى بن يعمر قبل التسعين.

171 عمير بن سعيد * (خ، م، د، ق) النخعي الكوفي، شيخ ثقة، فقيه، معمر، من البقايا.
حدث عن ابن مسعود، وعلي، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود، وسعد ابن أبي وقاص، وطائفة.
روى عنه أبو حصين عثمان بن عاصم، والاعمش، وأشعث بن سوار، وحجاج بن أرطاة، وفطر بن خليفة، ومسعر بن كدام، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين.
قال ابن سعد (2): توفي سنة خمس عشرة ومئة.
قلت: لعله جاوز المئة.

172 - يزيد بن أبي كبشة * * (خ) البتلهي (3)، من كبار الامراء، واسم أبيه جبريل بن يسار، عد في التابعين.
__________
1) في تاريخه 302، 303 (*) طبقات ابن سعد 6 / 170، طبقات خليفة ت 1143، تاريخ البخاري 6 / 532، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 376، ذكر أخبار أصبهان 2 / 35، تهذيب الكمال ص 1064، تذهيب التهذيب 3 / 117 آ، تاريخ الاسلام 4 / 287، تهذيب التهذيب 8 / 146، خلاصة تذهيب التهذيب 296.
(2) في الطبقات 6 / 170.
* * تاريخ البخاري 8 / 354، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 286، تاريخ ابن عساكر 18 / 186 آ، تهذيب الكمال ص 1544، تذهيب التهذيب 4 / 179 آ، تهذيب التهذيب 11 / 354، خلاصة تذهيب التهذيب 434.
(3) نسبة إلى " بيت لهيا " أي بيت الالهة.
قرية مشهورة بغوطة دمشق، قيل: إن آزر أبا إبراهيم الخليل كان ينحت بها الاصنام.
انظر معجم البلدان.
(*)

(4/443)


وروى عن أبيه أبي كبشة السكسكي، ومروان بن الحكم.
روى عنه معاوية بن قرة، والحكم، وأبو بشر، وإبراهيم السكسكي.
وكان مقدم السكاسك، وصاحب شرطة عبدالملك، وولي على الغزاة، ثم ولي إمرة العراقين للوليد، فلما استخلف سليمان، ولاه خراج السند، ونزلت رتبته قليلا، فأدركه الاجل بالسند قبل سنة مئة.
وقع لنا روايته في " السهو " في نسخة يحيى بن معين، وورد أنه كان يصوم في السفر، وولي العراقين بعد الحجاج.
وكان كبير الشأن رحمه الله.
وقلما روى.
له ذكر في الصوم، في البخاري.

173 - سليمان بن يسار * (ع) الفقيه، الامام، عالم المدينة ومفتيها، أبو أيوب، وقيل: أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله، المدني، مولى أم المؤمنين ميمونة الهلالية، وأخو عطاء ابن يسار، وعبد الملك وعبد الله.
وقيل: كان سليمان مكاتبا لام سلمة.
ولد في خلافة عثمان.
وحدث عن زيد بن ثابت، وابن عباس، وأبي هريرة، وحسان بن ثابت، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج، وابن عمر، وعائشة، وأم
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 174، طبقات خليفة ت 2131، تاريخ البخاري 4 / 41، المعرفة والتاريخ 1 / 549، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 149، الحلية 2 / 190، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، تاريخ ابن عساكر (أحمد الثالث) صورة رقم 648، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 234، وفيات الاعيان 2 / 399، تهذيب الكمال ص 549، تاريخ الاسلام 4 / 120، تذكرة الحفاظ 1 / 85، العبر 1 / 131، تذهيب التهذيب 2 / 57 آ، البداية والنهاية 9 / 244، غاية النهاية ت 1396، تهذيب التهذيب 4 / 228، النجوم الزاهرة 1 / 252، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 35، خلاصة تذهيب التهذيب 155، شذرات الذهب 1 / 134.
(*)

(4/444)


سلمة، وميمونة، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وحمزة بن عمرو الاسلمي، والمقداد بن الاسود - وذلك في أبي داود والنسائي وابن ماجه - وما أراه لقيه، وسلمة بن صخر البياضي - مرسل - وعبد الله بن حذافة السهمي - مرسل - والفضل بن العباس - مرسل - وأبي سعيد الخدري، والربيع بنت معوذ، وعدد من الصحابة.
ويروي أيضا عن عروة، وكريب، وعراك بن مالك، وأبي مراوح، وعمرة، ومسلم بن السائب، وغيرهم.
وكان من أوعية العلم بحيث إن بعضهم قد فضله على سعيد بن المسيب.
حدث عنه أخوه عطاء، والزهري، وبكير بن الاشج، وعمروبن دينار وعمرو بن ميمون بن مهران، وسالم أبو النضر، وربيعة الرأي، وأبو الاسود يتيم عروة، ويعلى بن حكيم، ويعقوب بن عتبة، وأبو الزناد، وصالح بن كيسان، ومحمد بن عمرو بن عطاء، ومحمد بن يوسف الكندي، ويحيى بن سعيد الانصاري، ويونس بن يوسف، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وعمرو
ابن شعيب، ومحمد بن أبي حرملة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وخثيم ابن عراك، وخلق سواهم.
قال الزهري: كان من العلماء.
وقال أبو الزناد: كان ممن أدركت من فقهاء المدينة وعلمائهم ممن يرضى وينتهى إلى قولهم: سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم، وأبو بكر ابن عبدالرحمن، وخارجة بن زيد، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان ابن يسار، في مشيخة أجلة سواهم من نظرائهم أهل فقه وصلاح وفضل (1).
__________
(1) ابن عساكر (أحمد الثالث) 652.
(*)

(4/445)


قال الحسن بن محمد بن الحنفية: سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيب (1).
الواقدي عن عبد الله بن يزيد الهذلي: سمعت سليمان بن يسار يقول: سعيد بن المسيب بقية الناس.
وسمعت السائل يأتي سعيد بن المسيب.
فيقول: اذهب إلى سليمان بن يسار، فإنه أعلم من بقي اليوم (2).
وقال مالك: كان سليمان بن يسار من علماء الناس بعد سعيد بن المسيب، وكان كثيرا ما يوافق سعيدا، وكان سعيد لا يجترأ عليه (3).
قال مصعب الزبيري، عن مصعب بن عثمان: كان سليمان بن يسار أحسن الناس وجها، فدخلت عليه امرأة، فسامته نفسه، فامتنع عليها، فقالت: إذا أفضحك، فخرج إلى خارج وتركها في منزله وهرب منها.
قال سليمان: فرأيت يوسف عليه السلام وكأني أقول له: أنت يوسف ؟ قال: نعم، أنا يوسف الذي هممت، وأنت سليمان الذي لم تهم (4).
إسناده منقطع.
قال ابن معين: سليمان ثقة.
وقال أبو زرعة: ثقة، مأمون، فاضل عابد.
وقال النسائي: أحد الائمة.
وقال ابن سعد (5): كان ثقة، عالما، رفيعا، فقيها، كثير الحديث، مات سنة سبع ومئة (6).
__________
(1) ابن سعد 5 / 174، والفسوي في " المعرفة والتاريخ " 1 / 549 وزاد: " ولم يقل أفقه ".
(2) ابن عساكر (أحمد الثالث) 655.
(3) المعرفة والتاريخ 1 / 549، وابن عساكر (أحمد الثالث) 655.
(4) الحلية 2 / 190، 191، وابن عساكر (أحمد الثالث) 654.
(5) في الطبقات 5 / 175.
(6) لفظ ابن سعد: " عاليا " وزاد في نهاية الخبر: " وهو ابن ثلاث وسبعين سنة ".
(*)

(4/446)


وكذا أرخه مصعب بن عبد الله، وابن معين، والفلاس، وعلي بن عبد الله التميمي، والبخاري، وطائفة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
قلت: فيكون مولده في أواخر أيام عثمان في سنة أربع وثلاثين.
وقال يحيى بن بكير: توفي سنة تسع.
وهذا وهم، لعله تصحف.
وقال خليفة: مات سنة أربع.
وقال الهيثم بن عدي: سنة مئة.
وهذا شاذ، وأشذ منه رواية البخاري (1): عن هارون بن محمد، عن رجل أنه مات هو وابن المسيب وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبدالرحمن، سنة الفقهاء سنة أربع وتسعين.
أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا ابن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة،
حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا ابن جريج، أخبرني يونس بن يوسف (2)، عن سليمان بن يسار، قال: تفرق الناس عن أبي هريرة، فقال له ناتل أخو أهل الشام: يا أبا هريرة، حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها ؟ قال: قاتلت في سبيلك حتى استشهدت، فقال: كذبت، إنما أردت أن يقال فلان [ جرئ ]، فقد قيل.
فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها ؟ قال: تعلمت العلم وقرأت [ القرآن وعلمته فيك، قال: كذبت، إنما أردت أن يقال فلان عالم، وفلان قارئ، فقد قيل ] فأمر به فسحب على وجهه إلى النار، ورجل آتاه الله من أنواع المال، فأتي به فعرفه نعمه
__________
(1) في التاريخ الصغير 1 / 235.
(2) في الاصل: " سيف " وهو تصحيف، والصواب من الحلية ومصادر التخريج.
(*)

(4/447)


فعرفها، قال: ما عملت فيها ؟ قال: ما تركت من شئ تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك.
فقال: كذبت، إنما أردت أن يقال فلان جواد، فقد قيل.
فأمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ".
هذا حديث صحيح (1).
قال عبدالرحمن بن يزيد بن جابر: قدم علينا سليمان بن يسار دمشق، فدعاه أبي إلى الحمام، وصنع له طعاما (2).
وكان أبوه يسار فارسيا.
وقال الواقدي: ولي سليمان سوق المدينة لاميرها عمر بن عبد العزيز (3).
قال ابن المديني والبخاري ومسلم: يكنى أبا أيوب.
وعن قتادة: قال: قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها بالطلاق، فقيل: سليمان بن يسار (4).
وعن أبي الزناد، قال: كان سليمان بن يسار يصوم الدهر، وكان أخوه عطاء يصوم يوما ويفطر يوما (5).

174 - عطاء بن يسار * (ع) وكان أخوه إماما، فقيها، واعظا، مذكرا، ثبتا، حجة، كبير القدر.
__________
(1) الحلية 2 / 192 وما بين الحاصرتين ساقط من الاصل، استدركناه منه، وأخرجه مسلم في صحيحه (1905) في الامارة باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، وأحمد 2 / 322 من طريق ابن جريج عن يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار، به.
(2) ابن عساكر (أحمد الثالث) 651.
(3) ابن سعد 5 / 175.
(4) ابن عساكر (أحمد الثالث) 655.
(5) ابن عساكر (أحمد الثالث) 654.
* طبقات ابن سعد 5 / 173، طبقات خليفة ت 2132، تاريخ البخاري 6 / 461 = (*)

(4/448)


حدث عن أبي أيوب، وزيد، وعائشة، وأبي هريرة، وأسامة بن زيد وعدة.
روى عنه زيد بن أسلم، وصفوان بن سليم، وعمرو بن دينار، وهلال ابن علي، وشريك بن أبي نمر.
روى عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، أن أبا حازم قال: ما رأيت رجلا كان ألزم لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عطاء بن يسار.
قال أبو داود: سمع عطاء من ابن مسعود.
ويقال: مات سنة ثلاث ومئة، وقيل: مات قبل المئة.
فالله أعلم.

175 - مجاهد بن جبر * (ع) الامام، شيخ القراء والمفسرين، أبو الحجاج المكي، الاسود، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، ويقال: مولى عبد الله بن السائب
__________
= المعارف 459، المعرفة والتاريخ 1 / 564، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 338، تاريخ ابن عساكر 11 / 335 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 335، تهذيب الكمال ص 940، تاريخ الاسلام 4 / 34 و 155، تذكرة الحفاظ 1 / 84، العبر 1 / 125، تذهيب التهذيب 3 / 43 آ، غاية النهاية ت 2122، تهذيب التهذيب 7 / 217، النجوم الزاهرة 1 / 229، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 34، خلاصة تذهيب التهذيب 267، شذرات الذهب 1 / 125.
* طبقات ابن سعد 5 / 466، طبقات خليفة ت 2535، تاريخ البخاري 7 / 411، المعارف 444، المعرفة والتاريخ 1 / 711، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 319، الحلية 3 / 279، طبقات الفقهاء للشيرازي 69، تاريخ ابن عساكر 16 / 125 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 83، تهذيب الكمال ص 1306، تاريخ الاسلام 4 / 190، تذكرة الحفاظ 1 / 86، العبر 1 / 125، تذهيب التهذيب 4 / 22 آ، البداية والنهاية 9 / 224، العقد الثمين 7 / 132، غاية النهاية ت 2659، الاصابة ت 8363، تهذيب التهذيب 10 / 42، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 35، خلاصة تذهيب التهذيب 369، شذرات الذهب 1 / 125.
(*)

(4/449)


القارئ، ويقال: مولى قيس بن الحارث المخزومي روى عن ابن عباس، فأكثر وأطاب، وعنه أخذ القرآن، والتفسير، والفقه، وعن أبي هريرة، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو،
وابن عمر، ورافع بن خديج، وأم كرز، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأم هانئ، وأسيد بن ظهير، وعدة.
تلا عليه جماعة: منهم ابن كثير الداري، وأبو عمرو بن العلاء، وابن محيصن.
وحدث عنه عكرمة، وطاووس، وعطاء، وهم من أقرانه، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، والحكم بن عتيبة، وابن أبي نجيح، ومنصور بن المعتمر، وسليمان الاعمش، وأيوب السختياني، وابن عون، وعمر بن ذر، ومعروف ابن مشكان، وقتادة بن دعامة، والفضل بن ميمون، وإبراهيم بن مهاجر، وحميد الاعرج، وبكير بن الاخنس، والحسن الفقيمي، وخصيف، وسليمان الاحول، وسيف بن سليمان، وعبد الكريم الجزري، وأبو حصين، والعوام ابن حوشب، وفطر بن خليفة، والنضر بن عربي، وخلق كثير.
قال الانصاري: حدثنا الفضل بن ميمون: سمعت مجاهدا يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة (1).
وروى ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس، أقفه عند كل آية، أسأله فيم نزلت، وكيف كانت (2).
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: حدثنا الشافعي، حدثنا
__________
(1) ابن سعد 5 / 466، والحلية 3 / 280 وابن عساكر 16 / 127 آ ولفظهم: " ثلاثين عرضة " (2) الحلية 3 / 279، 280، وابن عساكر 16 / 127 آ.
(*)

(4/450)


إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، قال: قرأت على شبل بن عباد، وقرأ على ابن كثير، وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد، وقرأ مجاهد على ابن عباس (1).
قال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة: مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والضحاك (2).
وقال خصيف: كان مجاهد أعلمهم بالتفسير (3).
وقال قتادة: أعلم من بقي بالتفسير مجاهد.
قال أبو بكر بن عياش: قلت للاعمش: ما بالهم يتقون تفسير مجاهد ؟ قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب (4).
قال ابن المديني: سمع مجاهد من عائشة.
وقال يحيى القطان: لم يسمع منها (5).
قلت: بلى قد سمع منها شيئا يسيرا.
قال ابن جريج: لان أكون سمعت من مجاهد، فأقول: سمعت مجاهدا أحب إلي من أهلي ومالي (6).
قلت: مع أنه قلما سمع من مجاهد حرفين.
وقال يحيى بن معين، وطائفة: مجاهد ثقة.
__________
(1) ابن عساكر 16 / 127 آ.
(2) ابن عساكر 16 / 128 آ، والضحاك هو ابن مزاحم تأتي ترجمته في ص 598.
(3) ابن عساكر 16 / 128 آ.
(4) ابن سعد 5 / 467.
(5) ابن عساكر 16 / 128 آ.
وفي رواية أخرى لابن عساكر: " قال يحيى بن سعيد: كان شعبة ينكر مجاهدا سمع من عائشة ".
(6) ابن عساكر 16 / 128 ب، وروايته: " لان أكون سمعت من محمد بن مجاهد..".
(*)

(4/451)


ويقال: سكن الكوفة بأخرة، وكان كثير الاسفار والتنقل.
قال سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدا يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة: عطاء، ومجاهد، وطاووس (1).
بقية، عن حبيب بن صالح: سمع مجاهدا يقول: استفرغ علمي القرآن (2).
شعبة، عن رجل: سمعت مجاهدا يقول: صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه فكان يخدمني (3).
إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، قال: ربما أخذ ابن عمر لي بالركاب (4).
قال الاعمش: كنت إذا رأيت مجاهدا، ازدريته، متبذلا، كأنه خربندج ضل حماره وهو مغتم (5).
روى الاجلح، عن مجاهد، قال: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نية، ثم رزق الله النية بعد (6).
وقال منصور، عن مجاهد، قال: لا تنوهوا بي في الخلق (7).
__________
(1) ابن عساكر 16 / 129 آ.
(2) المعرفة والتاريخ 1 / 712 وابن عساكر 16 / 128 آ.
(3) ابن عساكر 16 / 129 آ، والحلية 3 / 285، 286، وروايته: " شعبة عن عبيدالله بن عمر عن مجاهد يقول.
" وفي رواية أخرى لابن عساكر " عبيدالله بن عمر، عن مجاهد يقول.
".
(4) ابن عساكر 16 / 129 ب.
(5) ابن عساكر 16 / 129 ب، وانظر ابن سعد 5 / 466، 467، والمعرفة والتاريخ 1 / 711، 712، والحلية 3 / 279، ولفظ أبي نعيم: " خربندة " وهو حارس الحمار أو مؤجره واللفظة فارسية.
(6) المعرفة والتاريخ 1 / 712 وابن عساكر 16 / 129 ب، 130 آ.
(7) ابن عساكر 16 / 130 آ.
(*)

(4/452)


حصين، عن مجاهد: بينا أنا أصلي إذ قام مثل الغلام ذات ليلة، فشددت عليه لآخذه، فوثب فوقع (1) خلف الحائط حتى سمعت وجبته، ثم قال: إنهم يهابونكم كما تهابونهم من أجل ملك سليمان (2).
وروي عن الاعمش، قال: كان مجاهد كأنه حمال، فإذا نطق، خرج من فيه اللؤلؤ.
وقال حميد الاعرج: كان مجاهد رحمه الله يكبر من سورة " والضحى " (3).
قال أبو القاسم ابن عساكر (4): قدم مجاهد على سليمان بن عبد الملك، ثم على عمر بن عبد العزيز، وشهد وفاته.
فروى مروان بن معاوية، عن معروف بن مشكان، عن مجاهد، قال: قال [ لي ] عمر بن عبد العزيز: يا مجاهد ما يقول الناس [ في ] ؟ قلت: يقولون مسحور.
قال: ما أنا بمسحور.
ثم دعا غلاما له فقال: ويحك، ما حملك على أن سقيتني السم ؟ قال: ألف دينار أعطيتها وأن أعتق، قال: هاتها، فجاء بها، فألقاها في بيت المال وقال: اذهب حيث لا يراك أحد (5).
قال محمد بن عبيد، عن الثوري، قال: مجاهد مولى لبني زهرة (6).
وقال أحمد بن حنبل: مجاهد مولى عبد الله بن السائب (7).
وقال الحميدي وغيره: مولى قيس بن السائب (7).
__________
(1) في الاصل " وقع " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) ابن عساكر 16 / 130 آ.
(3) أي عند ختم القرآن.
وانظر ابن عساكر 16 / 127 ب.
(4) في تاريخه 16 / 125 ب.
(5) المصدر السابق، وما بين الحاصرتين منه.
(6) ابن عساكر 16 / 126 آ.
(7) المصدر السابق.
(*)

(4/453)


وقال ابن المديني: كان ابن إسحاق يقول في أحاديث مجاهد كلها: مجاهد بن جبير (1) وهو مولى قيس بن السائب بن أبي السائب، وكان السائب شريك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن سعد (2): مولى قيس.
وقال البخاري ومسلم كقول أحمد.
قال الحافظ عبد الغني المصري (3): للمصريين مجاهد بن جبر آخر، ذكره ابن يونس (4).
قال الاعمش: قال مجاهد: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود، لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن مما سألت (5).
رواه ابن عيينة عنه.
مطر الوراق، عن قتادة، قال: أعلم من بقي بالحلال والحرام الزهري، وأعلم من بقي بالقرآن مجاهد (5).
قال ابن سعد (6): مجاهد ثقة، فقيه، عالم، كثير الحديث.
قال ابن خراش: أحاديث مجاهد عن علي وعائشة، مراسيل.
الثوري، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، قال: ربما أخذ لي ابن عمر بالركاب، وربما أدخل ابن عباس أصابعه في إبطي (7).
يعلى بن عبيد، عن الاعمش، عن مجاهد، قال: ما أدري أي
__________
(1) كذا الاصل، إذ يقال له ابن جبير أيضا كما في صدر ترجمته عند ابن عساكر.
ولفظه في هذا الخبر: " جبر " 16 / 126 ب.
(2) في الطبقات 5 / 466.
(3) هو عبد الغني بن سعيد أبو محمد الازدي المصري، صاحب كتاب المؤتلف، المتوفى سنة 409، تأتي ترجمته في المجلد الحادي عشر 59 ب من الاصل.
(4) ابن عساكر 16 / 127 آ.
(5) ابن عساكر 16 / 128 آ.
(6) في الطبقات 5 / 467.
(7) الحلية 3 / 285.
(*)

(4/454)


النعمتين أعظم، أن هداني للاسلام، أو عافاني من هذه الاهواء (1).
قلت: مثل الرفض والقدر والتجهم.
يحيى بن سليم: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، قال: كنت عند أبي فجاء ولده يعقوب فقال: يا أبتاه، إن لنا أصحابا يزعمون أن إيمان أهل السماء وأهل الارض واحد.
فقال: يا بني، ما هؤلاء بأصحابي، لا يجعل الله من هو منغمس في الخطايا كمن لا ذنب له (2).
وبإسناد حسن، عن مجاهد، قال: كنت في جنازة رجل، فسمعت رجلا يقول لامرأة الميت: لا تسبقيني بنفسك.
قالت: قد سبقت.
قلت: ولمجاهد أقوال وغرائب في العلم والتفسير تستنكر.
وبلغنا أنه ذهب إلى بابل، وطلب من متوليها أن يوقفه على هاروت وماروت.
قال: فبعث معي يهوديا، حتى أتينا تنورا في الارض، فكشف لنا عنهما، فإذا بهما معلقان منكسان، فقلت: آمنت بالذي خلقكما، فاضطربا، فغشي علي وعلى اليهودي، ثم أفقنا بعد حين، فلامني اليهودي وقال: كدت أن تهلكنا (3).
قال أبو عمر الضرير: مات مجاهد سنة مئة.
قلت: هذا قول شاذ، فإن مجاهدا رأى عمر بن عبد العزيز يموت.
وقال أبو نعيم: مات مجاهد وهو ساجد سنة ثنتين ومئة (4).
وكذا أرخه الهيثم بن عدي، والمدائني، وجماعة.
وقال حماد الخياط، وأبو عبيد، وجماعة: مات سنة ثلاث ومئة.
وقال
__________
(1) الحلية 3 / 293 وفيه " علي بن عبيد " مصحف.
وابن عساكر 16 / 130 آ، ب.
(2) ابن عساكر 16 / 130 ب.
(3) ستذكر القصة برواية أخرى على الصفحة التالية.
(4) ابن سعد 5 / 467 وابن عساكر 16 / 130 ب.
(*)

(4/455)


ابن المديني وغيره: سنة أربع ومئة، وجاء عن ابن المديني: سنة ثمان ومئة.
رواه عنه ابنه عبد الله.
وعنه سنة سبع ومئة.
وروى محمد بن عمر الواقدي، عن ابن جريج، قال: بلغ مجاهد ثلاثا وثمانين سنة (1)، وقال يحيى القطان وغيره: مات سنة أربع ومئة.
محمد بن حميد الرازي الحافظ: أنبأنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الاعمش قال: كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، ذهب إلى بئر برهوت (2) بحضرموت، وذهب إلى بابل، عليها وال فقال له مجاهد: تعرض علي هاروت وماروت ؟.
قال: فدعا رجلا من السحرة فقال: اذهب به، فقال اليهودي: بشرط أن لا تدعو الله عندهما، قال: فذهب بي إلى قلعة، فقطع منها حجرا ثم قال: خذ برجلي.
فهوى به حتى انتهى إلى جوبة (3)، فإذا هما معلقان منكسان (4) كالجبلين، فلما رأيتهما قلت: سبحان الله خالقكما، فاضطربا، فكأن الجبال تدكدكت، فغشي علي وعلى اليهودي، ثم أفاق قبلي فقال: أهلكت نفسك وأهلكتني (5).
أخبرنا إسحاق الاسدي، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم، أنبأنا أبو
علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، حدثنا عبد الله بن شيرويه، حدثنا ابن راهويه، حدثنا محمد بن سلمة، والمحاربي، قالا: حدثنا ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت القرآن
__________
(1) ابن سعد 5 / 467.
(2) كذا ضبطها صاحب التاج (برهت)، وهو واد معروف، أو بئر عميقة بحضرموت اليمن، لا يستطاع النزول إلى قعرها، وهو مقر أرواح الكفار، كما حققه ابن ظهيرة في " تاريخ مكة " ويقال: برهوت كعصفور.
وفي حديث علي: " شر بئر في الارض برهوت ".
(3) الجوبة: فجوة أو منفتق من الارض بلا بناء.
(4) في الاصل: " معلقين منكسين ".
(5) انظر الحلية 3 / 288، وإسناده ضعيف لضعف محمد بن حميد.
(*)

(4/456)


على ابن عباس ثلاث غرضات، أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت (1).
وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا يوسف القاضي، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، قال: الرعد ملك يزجر السحاب بصوته (2).
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن هبة الله، أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري، أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا أبو عمر بن مهدي، نبأنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا يعقوب الدورقي، حدثنا مروان بن شجاع، عن خصيف، عن مجاهد، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرتين على المنبر يقول: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة وزنا بوزن (3).

176 - سالم بن عبد الله * (ع) ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الامام الزاهد، الحافظ، مفتي
__________
(1) تقدم الخبر في ص 450 - رقم (2).
(2) الحلية 2 / 284، 285، وأخرجه ابن جرير 1 / 150 من طريق محمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن الحكم عن مجاهد.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه مالك في الموطأ 2 / 632، 633، والبخاري 4 / 317 ومسلم (1584) عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز ".
* طبقات ابن سعد 5 / 195، طبقات خليفة ت 2113، تاريخ البخاري 4 / 115، المعارف 186، المعرفة والتاريخ 1 / 554، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 184، الحلية 2 / 193، طبقات الفقهاء للشيرازي 62، تاريخ ابن عساكر 7 / 12 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 207، وفيات الاعيان 2 / 349، تهذيب الكمال ص 461، تاريخ الاسلام 4 / 115، تذكرة الحفاظ 1 / 82، العبر 1 / 130، تذهيب التهذيب 2 / 2 ب، البداية والنهاية 9 / 234، غاية النهاية ت 1315، تهذيب التهذيب 3 / 436، النجوم الزاهرة 1 / 256، طبقات الحفاظ = (*)

(4/457)


المدينة، أبو عمر، وأبو عبد الله، القرشي، العدوي، المدني، وأمه أم ولد.
مولده في خلافة عثمان.
أخبرنا أحمد بن هبة الله سنة اثنتين وتسعين وست مئة.
أنبأنا أبو روح الهروي، أنبأنا تميم الجرجاني، أنبأنا أبو سعد الاديب، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا عقبة بن أبي الصهباء - وسألت يحيى بن معين عنه فوثقه - عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح، ثم استقبل مطلع الشمس، فقال: " ألا إن الفتن من ها هنا - ثلاث مرات - ومن ثم يطلع قرن الشيطان " (1).
إسناده حسن عال، ولا يقع لنا حديث سالم أعلى من هذا.
حدث عن أبيه فجود وأكثر، وعن عائشة - وذلك في سنن النسائي - وأبي هريرة - وذلك في البخاري ومسلم - وعن زيد بن الخطاب العدوي، وأبي لبابة ابن عبد المنذر - وذلك مرسل - وعن رافع بن خديج، وسفينة، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وسعيد بن المسيب، وامرأة أبيه صفية.
وعنه ابنه أبو بكر، وسالم بن أبي الجعد، وعمرو بن دينار، وعمرو بن دينار القهرمان، ومحمد بن واسع، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي، وأبو بكر بن حزم، والزهري، ومحمد بن أبي حرملة، وكثير بن زيد، وفضيل بن غزوان، وحنظلة بن أبي سفيان، وصالح بن كيسان، وصالح بن محمد بن زائدة أبو واقد، وعاصم بن عبد الله، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبيدالله بن عمر، وعكرمة بن عمار، وابن أخيه عمر بن حمزة، وابن ابن
__________
= للسيوطي ص 33، خلاصة تذهيب التهذيب 131، شذرات الذهب 1 / 133، تهذيب ابن عساكر 6 / 52.
(1) ابن عساكر 7 / 12 ب.
وإسناده حسن كما ذكر المصنف.
(*)

(4/458)


أخيه عمر بن محمد بن زيد، وابن ابن أخيه خالد بن أبي بكر بن عبيدالله، وابن أخيه القاسم بن عبيدالله، وخلق سواهم.
روى علي بن زيد، عن ابن المسيب، قال: قال لي ابن عمر: أتدري لم سميت ابني سالما ؟ قلت: لا.
قال: باسم سالم مولى أبي حذيفة - يعني أحد السابقين (1).
يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، قال: كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به (2).
روى سلمة الابرش، عن ابن إسحاق قال: رأيت سالم بن عبد الله يلبس الصوف، وكان علج الخلق، يعالج بيديه ويعمل (3).
قال يحيى بن بكير: قدم جماعة من المصريين المدينة، فأتوا باب سالم ابن عبد الله، فسمعوا ؟ ؟ رغاء بعير، فبينا هم كذلك خرج عليهم رجل شديد الادمة، متزر بكساء صوف إلى ثندوته، فقالوا له: مولاك داخل ؟ قال: من تريدون ؟ قالوا: سالم.
قال: فلما كلمهم، جاء شئ غير المنظر، قال: من أردتم ؟ قالوا: سالم.
قال: ها أناذا فما جاء بكم ؟ قالوا: أردنا أن نسائلك قال (4): سلوا عما شئتم.
وجلس ويده ملطخة (5) بالدم والقيح الذي أصابه من البعير، فسألوه (6).
قال أشهب، عن مالك، قال: لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين، في الزهد والفضل والعيش منه، كان يلبس الثوب
__________
(1) ابن عساكر 7 / 13 آ.
(2) ابن عساكر 7 / 13 ب، 14 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 15 ب.
(4) في الاصل: " قالوا ".
(5) في الاصل: " ملطخ ".
(6) ابن عساكر 7 / 14 ب، 15 آ.
(*)

(4/459)


بدرهمين، ويشتري الشمال (1) ليحملها.
قال: فقال سليمان بن عبدالملك لسالم ورآه حسن السحنة: أي شئ تأكل ؟ قال: الخبز والزيت، وإذا وجدت اللحم، أكلته.
فقال له عمر (2): أو تشتهيه ؟ قال: إذا لم أشتهه، تركته حتى أشتهيه (3).
وروى أبو المليح الرقي، عن ميمون بن مهران قال: دخلت على
ابن عمر، فقومت كل شئ في بيته، فما وجدته يسوى مئة درهم، ثم دخلت مرة أخرى، فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان، ودخلت على سالم من بعده، فوجدته على مثل حال أبيه (4).
روى زيد بن محمد بن زيد، عن نافع، قال: كان ابن عمر يقبل سالما ويقول: شيخ يقبل شيخا (5).
ابن سعد، عن محمد بن حرب المكي: سمع خالد بن أبي بكر يقول: بلغني أن ابن عمر كان يلام في حب سالم، فكان يقول: يلومونني في سالم وألومهم * وجلدة بين العين والانف سالم (6) قال ابن أبي الزناد: كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الاولاد حتى نشأ فيهم الغر السادة: علي بن الحسين، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، ففاقوا أهل المدينة علما وتقى وعبادة وورعا، فرغب الناس حينئذ في السراري (7).
__________
(1) مفردها: شملة، وهي كساء دون القطيفة يشتمل به.
(2) كذا الاصل وتاريخ ابن عساكر، ويحتمل أن يكون القائل له هو عمر بن عبد العزيز، لانه كان يجلس في مجلس سليمان، وإلا فيكون سقط من الاصل: " يا أبا " فإنها كنية المترجم.
(3) المعرفة والتاريخ 1 / 556 وابن عساكر 7 / 14 آ.
(4) ابن عساكر 7 / 14 آ.
(5) ابن عساكر 7 / 14 آ.
(6) طبقات ابن سعد 5 / 196 وابن عساكر 7 / 14 آ.
(7) ابن عساكر 7 / 14 ب، وقد تقدم الخبر بنحوه في ص 390.
(*)

(4/460)


قال ابن المبارك: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة: ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم، والقاسم، وعروة، وعبيد
الله بن عبد الله، وخارجة بن زيد.
وكانوا إذا جاءتهم مسألة دخلوا فيها جميعا فنظروا فيها، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم، فينظرون فيها فيصدرون.
ابن وهب: حدثنا مالك عن يزيد بن رومان، عن سالم بن عبد الله، أنه كان يخرج إلى السوق في حوائج نفسه.
واشترى شملة، فانتهى بها إلى المسجد، فرمى بها إلى عبدالملك بن عمر بن عبد العزيز، فحبسها عنده ساعة، ثم قال: ألا تبعث من يحملها لك ؟ فقال: بل أنا أحملها.
وحدثني مالك، قال: كان ابن عمر يخرج إلى السوق فيشتري، وكان سالم دهره يشتري في الاسواق، وكان من أفضل أهل زمانه (2).
وروى أبو سعيد الحارثي، عن العتبي، عن أبيه، قال: دخل سالم على سليمان بن عبدالملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، فقال له رجل من أخريات الناس: ما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه، يدخل فيها على أمير المؤمنين ؟ ! قال: وعلى المتكلم ثياب سرية، لها قيمة، فقال له عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك (3).
__________
(1) ابن عساكر 7 / 14 ب، وقد تقدم بنحوه في ص 438، 439.
(2) ابن عساكر 7 / 16 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 16 آ، وزاد في نهايته: " قال القاضي: لقد أحسن عمر في جوابه وأجاد في الذب عن خاله.
وقد أنشدنا ابن دريد في خبر قد ذكرته في غير هذا الموضع لبعض الاعراب: = (*)

(4/461)


قال أحمد بن عبد الله العجلي: سالم بن عبد الله تابعي ثقة (1).
وقال أحمد وابن راهويه: أصح الاسانيد ؟ ؟، الزهري، عن سالم، عن
أبيه.
وروى عباس، عن يحيى بن معين، ؟ ؟ ؟ ؟ سالم والقاسم حديثهما قريب من السواء، وسعيد بن المسيب أيضا قريب منهما، وإبراهيم أعجب إلي مرسلات منهم.
قال عباس: قلت ليحيى.
فسالم أعلم بابن عمر أو نافع ؟ قال: يقولون: إن نافعا لم يحدث حتى مات سالم (2) وقال البخاري: لم يسمع سالم من ؟ ؟ عائشة (3).
وقال النسائي في حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعا " فيما سقت السماء العشر.
" (4) الحديث: ورواه نافع عن ابن عمر قوله، قال: واختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث: هذا أحدها.
والثاني: " من باع عبدا له مال " (5) فقال: سالم عن أبيه مرفوعا.
وقال: نافع عن ابن عمر قوله.
__________
= يغايظونا بقمصان لهم جدد * كأنها لا ترى في السوق قمصانا ليس القميص إذا جددت رقعته * بجاعل رجلا إلا كما كانا " (1) ابن عساكر 7 / 14 ب.
(2) ابن عساكر 7 / 14 آ.
(3) انظر ابن عساكر 7 / 14 ب.
(4) أخرجه البخاري 3 / 274، 276 وأبو داود (1596) والنسائي 5 / 41 وابن ماجه (1817).
ونقل الحافظ في التلخيص 2 / 169 قول أبي زرعة: الصحيح وقفه على ابن عمر، ذكره ابن أبي حاتم عنه في العلل.
وقد رواه مسلم (980) والنسائي 5 / 41، 42، من حديث جابر، ورواه الترمذي (639) وابن ماجه (1816) من حديث أبي هريرة، والنسائي 5 / 42، وابن ماجه (1818) من حديث معاذ.
(5) وتمامه: " فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " أخرجه الشافعي 2 / 160 والبخاري 5 / 37
و 38 في الشرب باب الرجل يكون له حمر أو شرب من حائط أو في نخل.
ومسلم (1543) (80) من = (*)

(4/462)


وقال: سالم عن أبيه مرفوعا: " يخرج نار من قبل اليمن.
" (1) ورواه نافع عن ابن عمر، عن كعب قوله.
قال: ان ؟ ؟ سالم ؟ ؟ أجل من نافع، وأحاديث نافع أولى بالصواب.
وقال ابن سعد (2): كان سالم ثقة، كثير الحديث، عاليا من الرجال ورعا.
قال أبو ضمرة الليثي: حج هشام بن عبدالملك (3) في سالم بن عبد الله، فأعجبته سحنته، فقال: أي شئ تأكل ؟ فقال: الخبز والزيت، قال: فإذا لم تشتهه ؟ قال: أخمره حتى أشتهيه.
فعانه (4) هشام، فمرض ومات، فشهده هشام وأجفل الناس في جنازته (5) فرآهم هشام فقال: إن أهل المدينة لكثير، فضرب عليهم بعثا أخرج فيه جماعة منهم، فلم يرجع منهم أحد.
فتشاءم به أهل المدينة، فقالوا: عان فقيهنا، وعان أهل بلدنا (6).
قال جويرية بن أسماء: حدثنا ؟ ؟ أشعب الطمع، قال: قال لي سالم: لا تسأل أحدا غير الله تعالى.
وقال فطر بن خليفة: رأيت سالم بن عبد الله أبيض الرأس واللحية (7)
__________
= طريق ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر.
وقد رجح مسلم ما رجحه النسائي ورجح البخاري رواية سالم في رفع الحديث كما نقله الترمذي عنه في العلل.
(1) الترمذي (2217).
(2) في الطبقات 5 / 200.
(3) لفظ ابن عساكر: " فجاءه سالم الخ ؟ ؟ ".
(4) عانه: أصابه بالعين.
(5) أجفل القوم: انقلعوا كلهم فمضوا (6) في الاصل: " أعان " والصواب ما أثبتناه ؟ ؟ من ابن عساكر واللسان، والخبر في ابن عساكر 7 / 17 ب، وانظر ابن سعد 5 / 200، 201.
(7) ابن سعد 5 / 197.
(*)

(4/463)


وقال معن بن عيسى: حدثني خالد بن أبي بكر، قال: رأيت على سالم قلنسوة بيضاء، وعمامة بيضاء يسدل منها خلفه أكثر من شبر (1).
قال أيوب السختياني: أتينا (2) سالم بن عبد الله وهو في قميص وجبة قد اتزر فوقها.
قال نافع: كان سالم يركب في عهد ابن عمر بالقطيفة الارجوان.
قال ابن سعد (3): أخبرت عن عبدالرحمن بن مهدي، عن مالك، عن ابن المسيب، قال: أشبه ولد ابن عمر بن سالم.
وقيل: كان سالم يركب حمارا عتيقا زريا، فعمد أولاده فقطعوا ذنبه حتى لا يعود يركبه سالم، فركب وهو أقطش الذنب فعمدوا، فقطعوا أذنه، فركبه ولم يغيره ذلك، ثم جدعوا أذنه الاخرى وهو مع ذلك يركبه تواضعا واطراحا للتكلف (4).
الاصمعي، عن أشعب، قال: دخلت على سالم بن عبد الله فقال: حمل إلينا هريسة وأنا صائم، فاقعد كل، قال: فأمعنت، فقال: ارفق فما بقي يحمل معك، قال: فرجعت، فقالت المرأة: يا مشؤوم بعث عبد الله بن عمرو ابن عثمان يطلبك، وقلت: إنك مريض ! قال: أحسنت، فدخل حماما وتمرج بدهن وصفرة، قال: وعصبت رأسي، وأخذت قصبة أتوكأ عليها وأتيته،
فقال: أشعب ؟ قلت: نعم، جعلت فداك، ما قمت منذ شهرين، قال: وعنده سالم ولم أشعر، فقال: ويحك يا أشعب، وغضب وخرج، فقال عبد
__________
(1) ابن سعد 5 / 197.
(2) لفظ ابن سعد 5 / 197: " أمنا سالم.
".
(3) في الطبقات 5 / 195، 196.
(4) انظر ابن عساكر 7 / 15 ب.
(*)

(4/464)


الله: ما غضب خالي سالم إلا من شئ، فاعترفت له، فضحك هو وجلساؤه.
ووهب لي، فخرجت فإذا أشعب قد لقي سالما فقال: ويحك، ألم تأكل عندي الهريسة ؟ قلت: بلى، فقال: والله لقد شككتني (1).
وحكى الاصمعي، أن أشعب مر في طريق، فعبث به الصبيان فقال: ويحكم، سالم يقسم جوزا أو تمرا، فمروا يعدون، فغدا أشعب معهم، وقال: ما يدريني لعله حق (2).
مات سالم في سنة ست ومئة.
قاله ابن شوذب، وعطاف بن خالد، وضمرة، وأبو نعيم، وعدة.
زاد بعضهم: في ذي القعدة، وقال بعضهم: في ذي الحجة.
فصلى عليه هشام بن عبدالملك بعد انصرافه من الحج.
وقال خليفة، وأبو أمية بن يعلى: سنة سبع ومئة.
وقال الهيثم بن عدي، وأبو عمر الضرير: سنة ثمان.
والاول أصح.
قال الحافظ ابن عساكر (3): قدم سالم الشام وافدا على عبدالملك ببيعة والده له، ثم قدم على الوليد، ثم على عمر بن عبد العزيز.
قال يحيى بن سعيد: قلت لسالم في حديث: أسمعته من ابن عمر ؟ فقال: مرة واحدة ! أكثر من مئة مرة (4).
__________
(1) أورده ابن عساكر مطولا مع خلاف يسير، في ترجمة أشعب 3 / 28 آ.
(2) انظر ابن عساكر 3 / 29 ب.
(3) في تاريخه 7 / 12 آ.
(4) المعرفة والتاريخ 1 / 554، وابن عساكر 7 / 14 آ، ولفظهما: " نعم وأكثر من مئة مرة ".
(*)

(4/465)


قال همام، عن عطاء بن السائب: دفع الحجاج رجلا إلى سالم بن عبد الله ليقتله، فقال للرجل: أمسلم أنت ؟ قال: نعم: قال: فصليت اليوم الصبح ؟ قال: نعم، فرد إلى الحجاج، فرمى بالسيف، وقال: ذكر أنه مسلم، وأنه صلى الصبح، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى الصبح فهو في ذمة الله " (1) فقال: لسنا نقتله على صلاة، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان، فقال: ها هنا من هو أولى بعثمان مني، فبلغ ذلك ابن عمر فقال: مكيس مكيس (2).
قال ابن عيينة: دخل هشام الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال: سلني حاجة، قال، إني أستحيي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرجا قال: الآن فسلني حاجة [ فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ؟ فقال: من حوائج الدنيا ] قال: والله ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها (3).
وكان سالم حسن الخلق، فروي عن إبراهيم بن عقبة، قال: كان سالم إذا خلا، حدثنا حديث الفتيان.
وعن أبي سعد قال: كان سالم غليظا كأنه حمال (4)، وقيل: كان على سمت أبيه في عدم الرفاهية.
حماد بن عيسى الجهني، حدثنا حنظلة، عن سالم، عن أبيه، عن
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (657) من حديث جندب بن عبد الله، وتمامه: " فلا يطلبنكم الله من ذمته بشئ.
فيدركه فيكبه في نار جهنم " وأخرجه الترمذي (2164) من حديث أبي هريرة.
(2) كذا ضبط في الاصل، وفي اللسان والتاج مكيس كمعظم: كيس معروف بالعقل.
والخبر في ابن سعد 5 / 196 وابن عسار 7 / 15 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 16 ب، وما بين الحاصرتين منه.
(4) ابن عساكر 7 / 17 آ، وفيه جمال بالمعجمة.
(*)

(4/466)


عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء، لم يرسلهما حتى يمسح بهما وجهه (1).
تفرد به حماد وفيه لين.

177 - أبو الطفيل * عامر بن واثلة الكناني، قد ذكر (2)، وكان يقول: ولدت عام أحد (3).
وقال سيف بن وهب: دخلت بمكة على أبي الطفيل، فقال لي: أنا ابن تسعين سنة ونصف سنة (4).
وقال جرير بن حازم: رأيت جنازة أبي الطفيل بمكة سنة عشر ومئة (5).
قلت: هو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وفاة.
__________
(1) ابن عساكر 7 / 12 ب، وأخرجه الترمذي (3383) من طريق حماد بن عيسى، وهو مع ضعفه فقد حسنه الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام " بشواهد، منها حديث ابن عباس عند أبي داود (1485).
* طبقات ابن سعد 5 / 457 و 6 / 64، طبقات خليفة ت 176 و 841 و 2519، تاريخ البخاري 6 / 446، المعارف 341، المعرفة والتاريخ 1 / 295 و 359، الجرح والتعديل القسم الاول من
المجلد الثالث 328.
الاغاني 13 / 166، الاستيعاب ت 1344، ابن عساكر 8 / 412 ب، أسد الغابة 3 / 96، تهذيب الكمال 646 و 1623، تاريخ الاسلام 4 / 78، العبر 1 / 118، 136، تذهيب التهذيب 2 / 118 آ، البداية والنهاية 9 / 190، العقد الثمين 5 / 87، الاصابة ت 4436، كنى 676، تهذيب التهذيب 5 / 82، النجوم الزاهرة 1 / 243، خلاصة تذهيب التهذيب 185، شذرات الذهب 1 / 118، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 4 / 41، تهذيب ابن عساكر 7 / 203.
(2) في القسم الاول من المجلد الرابع 114 آ من الاصل.
(3) انظر ابن سعد 6 / 64.
(4) ابن عساكر 8 / 417 آ، وطوله البخاري 6 / 446، 447، وكذا ابن عساكر 414 آ.
(5) ابن عساكر 8 / 418 آ.
(*)

(4/467)


178 - أبو قلابة * (ع) عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر بن ناتل (1) بن مالك، الامام، شيخ الاسلام، أبو قلابة الجرمي البصري، وجرم بطن من الحاف (2) بن قضاعة، قدم الشام وانقطع بداريا، ما علمت متى ولد.
حدث عن ثابت بن الضحاك في الكتب كلها، وعن أنس كذلك، ومالك بن الحويرث كذلك، وعن حذيفة في سنن أبي داود - ولم يلحقه - وسمرة بن جندب في سنن النسائي، وعبد الله بن عباس في سنن الترمذي، وعنبسة بن سعيد بن العاص في البخاري ومسلم، وعن زهدم بن مضرب (3)، وعمه أبي المهلب الجرمي، وأبي الاشعث الصنعاني، وأبي هريرة في سنن النسائي، ومعاذة العدوية، وزينب بنت أم سلمة، وعائشة الكبرى في مسلم والترمذي والنسائي، ومعاوية في أبي داود والنسائي، وعمرو بن سلمة الجرمي في البخاري وسنن النسائي، والنعمان بن بشير في أبي داود والنسائي وابن
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 183، طبقات خليفة ت 1730، تاريخ البخاري 5 / 92، المعارف 446، المعرفة والتاريخ 2 / 65، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 57، تاريخ داريا 60، الحلية 2 / 282، طبقات الفقهاء للشيرازي 89، تاريخ ابن عساكر 9 / 156 آ، تهذيب الكمال ص 685، 1645، تاريخ الاسلام 4 / 221، تذكرة الحفاظ 1 / 88، العبر 1 / 127، تذهيب التهذيب 2 / 146 آ، البداية والنهاية 9 / 231، تهذيب التهذيب 5 / 224، النجوم الزاهرة 1 / 254، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 36، خلاصة تذهيب التهذيب 198، شذرات الذهب 1 / 126، تهذيب ابن عساكر 7 / 429.
(1) كذا ضبط في الاصل وفي جمهرة ابن حزم.
وقد جاء في تاريخ داريا وابن عساكر (نايل).
(2) ويقال الحافي كما في جمهرة ابن حزم.
والحاف من الحفى كما في " الاشتقاق " و " الحاف " مما حذفت العرب ياءه اجتزاء بالكسرة كالعاص بن أمية، وقوله تعالى: (دعوة الداع) " انظر أمالي ابن الشجري 2 / 73.
(3) في تقريب التهذيب " مضرس " وهو تصحيف.
(*)

(4/468)


ماجه، وقبيصة بن ؟ ؟ مخارق في أبي داود والنسائي، وعن خلق سواهم.
وهو يدلس، وكان من أئمة الهدى.
حدث عنه مولاه أبو رجاء سلمان، ويحيى بن أبي كثير، وثابت البناني، وقتادة، وعمران بن حدير، والمثنى بن سعيد، وغيلان بن جرير، وميمون القناد، وأيوب السختياني، وخالد الحذاء، وعاصم الاحوال، وداود بن أبي هند، وحسان بن عطية، وأبو عامر الخزار، وعمرو بن ميمون بن مهران وخلق سواهم.
قال ابن سعد (1): كان ثقة، كثير الحديث، وكان ديوانه بالشام.
وقال علي بن أبي حملة: قدم علينا مسلم بن يسار دمشق، فقلنا له: يا أبا عبد الله، لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك، لجاءنا به، فقال: كيف لو رأيتم عبد الله بن زيد أبا قلابة الجرمي ! قال: فما ذهبت الايام والليالي حتى قدم علينا أبو قلابة (2).
قال القاضي عبد الجبار بن محمد الخولاني في تاريخ داريا (3): مولد أبي قلابة بالبصرة، وقدم [ الشام ] فنزل داريا وسكن بها عند ابن عمه بيهس بن صهيب بن عامل بن ناتل.
روى أشهب، عن مالك، قال: مات ابن المسيب والقاسم ولم يتركوا كتبا، ومات أبو قلابة فبلغني أنه ترك حمل بغل كتبا (4).
وروى أيوب، عن مسلم بن يسار، قال: لو كان أبو قلابة من العجم
__________
(1) في الطبقات 7 / 183.
(2) ابن عساكر 9 / 156 ب وانظر ص 511 من هذا الجزء.
(3) ص 61، وكذا ابن عساكر 9 / 157 آ، وما بين الحاصرتين منهما.
(4) ابن عساكر 9 / 159 ب.
(*)

(4/469)


لكان موبذ موبذان - يعني قاضي القضاة (1) وروى حماد بن زيد، عن أبي خشينة صاحب الزيادي، قال: ذكر أبو قلابة عند ابن سيرين فقال: ذاك أخي حقا (2).
وقال ابن عون: ذكر أيوب لمحمد حديث أبي قلابة فقال: أبو قلابة إن شاء الله ثقة، رجل صالح، ولكن عمن ذكره أبو قلابة (3).
قال حماد: سمعت أيوب ذكر أبا قلابة، فقال: كان والله من الفقهاء ذوي الالباب.
إني وجدت أعلم الناس بالقضاء أشدهم منه فرارا، وأشدهم
منه فرقا، وما أدركت بهذا المصر أعلم بالقضاء من أبي قلابة.
لا أدري ما محمد (4).
ابن علية، عن أيوب، قال: لما مات عبدالرحمن بن أذينة - يعني قاضي البصرة - زمن شريح ذكر أبو قلابة للقضاء، فهرب حتى أتى اليمامة، قال: فلقيته بعد ذلك فقلت له في ذلك، فقال: ما وجدت مثل القاضي العالم إلا مثل رجل وقع في بحر، فما عسى أن يسبح حتى يغرق (5).
وقال خالد الحذاء: كان أبو قلابة إذا حدثنا بثلاثة أحاديث قال: قد أكثرت (6).
__________
(1) ابن سعد 7 / 183، والمعرفة والتاريخ 2 / 65 والحلية 2 / 284.
(2) ابن سعد 7 / 183، 184.
(3) ابن عساكر 9 / 160 آ.
(4) ابن سعد 7 / 183 وزاد: " لو خبر " وفي رواية لابن عساكر 9 / 161 آ: " لو جبر عليه " وفي رواية أخرى 9 / 161 ب زاد في نهاية الخبر: " لا أدري ما محمد بن سيرين، فكان يراد على القضاء فيفر إلى الشام مرة، ويفر إلى اليمامة مرة، فكان إذا قدم البصرة كان كالمستخفي حتى يخرج " وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 67 والحلية 2 / 285.
(5) ابن عساكر 9 / 161 به وانظر ابن سعد 7 / 183 والمعرفة والتاريخ 2 / 65، 66.
(6) ابن سعد 7 / 185 والحلية 2 / 287.
(*)

(4/470)


وقال أحمد بن عبد الله: بصري، تابعي، ثقة.
كان يحمل على علي ولم يرو عنه شيئا، ولم يسمع من ثوبان شيئا (1).
وقال عمرو بن علي: لم يسمع قتادة من أبي قلابة (2).
وقال علي بن المديني: أبو قلابة عربي من جرم، مات بالشام، وأدرك
خلافة عمر بن عبد العزيز، ثم توفي سنة أربع ومئة.
أبو رجاء، عن مولاه أبي قلابة، قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فذكروا القسامة (3)، فحدثته عن أنس بقصة العرنيين (4)، قال: فقال عمر: لن تزالوا بخير مادام فيكم هذا أو مثل هذا (5).
قال ابن المديني: روى أبو قلابة عن سمرة وسمع منه، وروى عن هشام بن عامر ولم يسمع منه.
__________
(1) انظر ابن عساكر 9 / 160 ب.
(2) ابن عساكر 9 / 163 آ.
(3) حديث القسامة أخرجه مسلم (1669) والبخاري 10 / 443.
والقسامة: قال البغوي في " شرح السنة " 10 / 216: صورة قتيل القسامة أن يوجد قتيل وادعى وليه على رجل أو على جماعة وعليهم لوث ظاهر، واللوث ما يغلب على القلب صدق المدعي بأنه وجد فيما بين قوم أعداء لهم لا يخالطهم غيرهم كقتيل خيبر وجد بينهم والعداوة بين الانصار وبين أهل خيبر ظاهرة، أو اجتمع جماعة في بيت أو صحراء وتفرقوا عن قتيل، أو وجد في ناحية قتيل وثم رجل مختضب بدمه أو شهد عدل واحد على أن فلانا قتله أو قاله جماعة من العبيد والنسوان جاؤوا متفرقين بحيث يؤمن تواطؤهم ونحو ذلك من أنواع اللوث فيبدأ بيمين المدعي فيحلف خمسين يمينا ويستحق دعواه، وإن لم يكن هناك لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه كما في سائر الدعاوى.
(4) حديث العرنيين أخرجه البخاري 12 / 98 في المحاربين في فاتحته، باب لم يحسم النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الردة حتى هلكوا، وباب لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا، وباب سمر النبي صلى الله عليه وسلم أعين المحاربين، وفي المغازي باب قصة عكل وعرينة، وفي تفسير سورة المائدة باب إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله..وأخرجه مسلم (1671) في القسامة باب حكم المحاربين من حديث أنس بن مالك.
(5) الحلية 2 / 284، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 65.
(*)

(4/471)


قلت: قد روى عن عمر بن الخطاب ولم يدركه، فكان يرسل كثيرا.
قال أيوب السختياني: رآني أبو قلابة وقد اشتريت تمرا رديئا، فقال: أما علمت أن الله قد نزع من كل ردئ بركته (1).
وقال أبو قلابة: ليس شئ أطيب من الروح، ما انتزع من شئ إلا أنتن (2).
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل، حدثنا اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الاهواء ولا تحادثوهم، فإني لا آمن أن يغمروكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون (3).
وعن أيوب، عن أبي قلابة، قال: إذا حدثت الرجل بالسنة، فقال: دعنا من هذا، وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال (4).
قلت أنا: وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والاحاديث الآحاد، وهات " العقل " فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حل فيه، فإن جبنت منه، فاهرب، وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا الفتح بن عبد السلام، أنبأنا محمد بن عمر القاضي، أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا عبيدالله بن عبدالرحمن،
__________
(1) انظر الحلية 2 / 286 وابن عساكر 9 / 163 آ، والخبر فيهما مطول.
(2) الحلية 2 / 287.
(3) الحلية 2 / 287، وابن سعد 7 / 184 وفيه: " ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم ".
(4) ابن سعد 7 / 184.
(*)

(4/472)


أنبأنا جعفر الفريابي، حدثنا عبيدالله القواريري، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: دخل عمر بن عبد العزيز على أبي قلابة يعوده فقال له: يا أبا قلابة، تشدد لا يشمت بنا المنافقون (1).
روى الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر، قال: قيل لعبد الملك بن مروان: هذا أبو قلابة، قال: ما أقدمه ؟ قالوا: [ متعوذا ] من الحجاج أراده على القضاء، فكتب إلى الحجاج بالوصاة به.
فقال أبو قلابة: لن أخرج من الشام (2).
قال أبو حاتم (3): لا يعرف لابي قلابة تدليس.
قلت: معنى هذا أنه إذا روى شيئا عن عمر أو أبي هريرة مثلا مرسلا لا يدري من الذي حدثه به، بخلاف تدليس الحسن البصري، فإنه كان يأخذ عن كل ضرب، ثم يسقطهم كعلي بن زيد تلميذه.
ويروى أن أبا قلابة عطش وهو صائم فأكرمه الله لما دعا، بأن أظلته سحابة وأمطرت على جسده، فذهب عطشه (4).
قال سلمة بن واصل: مات أبو قلابة رحمه الله بالشام، فأوصى بكتبه لايوب السختياني، فحملت إليه (5).
وقال أيوب: فلما جاءتني الكتب أخبرت ابن سيرين، وقلت له: أحدث منها ؟ قال: نعم، ثم قال: لا آمرك ولا أنهاك (6).
__________
(1) انظر ابن سعد 7 / 185 وكذا في المعرفة والتاريخ 2 / 67 وابن عساكر 9 / 163 آ.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 9 / 156 ب، وما بين الحاصرتين منه.
(3) في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 58.
(4) انظر الخبر مطولا في ابن عساكر 9 / 160 ب.
(5) ابن عساكر 9 / 163 آ، ب.
(6) ابن عساكر 9 / 163 ب، ولفظه: " فأخذت منها " وانظر ابن سعد 7 / 185.
(*)

(4/473)


وقيل: إن أيوب وزن كراء حملها بضعة عشر درهما.
فقال حماد بن زيد: جئ بها في عدل راحلة.
وقد أخبرني عبدالمؤمن - شيخنا - أن أبا قلابة ممن ابتلى في بدنه ودينه، أريد على القضاء، فهرب إلى الشام، فمات بعريش مصر سنة أربع، وقد ذهبت يداه ورجلاه، وبصره، وهو مع ذلك حامد شاكر.
وكذا أرخ موته شباب وأبو عبيد، وقال الواقدي: سنة أربع أو خمس ومئة.
وقال يحيى بن معين: مات سنة ست أو سبع ومئة، وقال الهيثم بن عدي: مات سنة سبع.
أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه، أنبأنا عبد القادر الحافظ، أنبأنا نصر بن سيار (1)، أنبأنا محمود الازدي، أنبأنا عبد الجبار الجراحي، أنبأنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، ألا وإن أمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ".
هذا حديث حسن صحيح (2).
وبه في سنن الترمذي (3) حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا حميد بن عبد
__________
(1) هو نصر بن سيار بن صاعد أبو الفتح الكتاني متوفى سنة 572 ه تأتي ترجمته في المجلد الثاني عشر 275 ب من الاصل.
(2) رجاله ثقات، وسنده قوي، وهو في سنن الترمذي (3791) وأخرجه أحمد 3 / 184 و 281، وابن ماجه (154).
(3) رقم (3790).
(*)

(4/474)


الرحمن، عن داود العطار، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ؟، أرحم ؟ ؟ أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين وأمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ".
هذا حديث غريب، قلت: سفيان ليس بحجة.

179 - عبيدالله بن عبد الله بن عتبة * (ع) الامام، الفقيه، مفتي المدينة وعالمها، وأحد الفقهاء السبعة، أبو عبد الله الهذلي، المدني، الاعمى، وهو أخو المحدث عون.
وجدهما عتبة هو أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
ولد في خلافة عمر أو بعيدها.
وحدث عن عائشة، وأبي هريرة وفاطمة بنت قيس، وأبي واقد الليثي، وزيد بن خالد الجهني، وابن عباس - ولازمه طويلا - وابن عمر، وأبي سعيد، والنعمان بن بشير، وميمونة، وأم سلمة، وأم قيس بنت محصن، ووالده، وطائفة، وعن عمر وعمار بن ياسر، وعثمان بن حنيف، وغيرهم مرسلا.
وعنه أخوه، والزهري، وضمرة بن سعيد المازني، وعراك بن مالك
وموسى بن أبي عائشة، وأبو الزناد، وصالح بن كيسان، وخصيف الجزري،
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 250، طبقات خليفة ت 2087، تاريخ البخاري 5 / 385، المعارف 250، المعرفة والتاريخ 1 / 560، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 319، الحلية 2 / 188، طبقات الفقهاء للشيرازي 60، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 312، وفيات الاعيان 3 / 115، تهذيب الكمال ص 884، تاريخ الاسلام 4 / 30، تذكرة الحفاظ 1 / 74.
العبر 1 / 116، تذهيب التهذيب 2 / 265 ب، تهذيب التهذيب 7 / 23، طبقات الحفاظ للسيوطي 32، خلاصة تذهيب التهذيب 251، شذرات الذهب 1 / 114.
(*)

(4/475)


وسعد بن إبراهيم، وسالم أبو النضر، وطلحة بن يحيى بن طلحة، وعبد المجيد بن سهيل، وأبو بكر بن أبي الجهم العدوي، وآخرون.
قال الواقدي: كان ثقة، عالما، فقيها، كثير الحديث والعلم بالشعر، وقد ذهب بصره (1).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أعمش، وكان أحد فقهاء المدينة ثقة، رجلا صالحا، جامعا للعلم، وهو معلم عمر بن عبد العزيز.
وقال أبو زرعة الرازي: ثقة، مأمون، إمام.
يونس بن محمد المؤدب (2)، عن عمارة (3) بن زيد، عن معمر، عن الزهري، قال: كان أبو سلمة يسأل ابن عباس، وكان يخزن عنه، وكان عبيدالله يلطفه، فكان يعزه عزا (4).
عبد الله بن شبيب، عن يعقوب بن محمد، عن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن الزهري، قال: ما جالست أحدا من العلماء إلا وأرى أني قد أتيت على ما عنده، وقد كنت أختلف إلى عروة بن الزبير حتى ما كنت أسمع منه إلا معادا ما خلا عبيدالله، فإنه لم آته إلا وجدت عنده علما طريفا.
وروى يعقوب بن عبدالرحمن القاري، عنه أبيه، قال: كنت أسمع
__________
(1) ابن سعد 5 / 250.
(2) في الاصل " المؤذن " وهو تصحيف.
(3) كذا الاصل، وفي الطبقات: حماد بن زيد، ويغلب على الظن أن ما في الطبقات هو الصواب.
(4) أي: يتحفه بالقليل، والخبر في ابن سعد 5 / 250.
(*)

(4/476)


عبيدالله بن عبد الله يقول: ما سمعت حديثا قط فأشاء (1) أن أعيه إلا وعيته.
وروى يعقوب هذا، عن الزهري، قال: كان عبيدالله بن عبد الله لا أشاء أن أقع منه على ما لا أجده إلا عنده، إلا وقعت عليه.
محمد بن الحسن - وهو واه - عن مالك، عن ابن شهاب، قال: كنت أخدم عبيدالله بن عبد الله حتى أن كنت أستقي له الماء المالح، وكان يقول لجاريته: من بالباب ؟ فتقول: غلامك الاعمش.
أخبرنا إسحاق الصفار، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان الطبراني، حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا عبدالرحمن ابن المغيرة، عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كتب عبيدالله بن عبد الله بن عتبة إلى عمر بن عبد العزيز: بسم الذي أنزلت من عنده السور * والحمد لله أما بعد يا عمر إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر * فكن على حذر قد ينفع الحذر واصبر على القدر المحتوم وارض به * وإن أتاك بما لا تشتهي القدر فما صفا لامرئ عيش يسر به * إلا سيتبع يوما صفوه كدر (2)
قال الزهري: كان عبيدالله بن عبد الله بحرا من بحور العلم (3).
وقال محمد بن الضحاك الحزامي، قال مالك: كان ابن شهاب يأتي
__________
(1) في الاصل: " حاشا " والصواب ما أثبتناه من المعرفة والتاريخ 1 / 560 وتاريخ الاسلام 4 / 30.
(2) الخبر والابيات في الحلية 2 / 188، 189.
(3) انظر المعرفة والتاريخ 1 / 561.
(*)

(4/477)


عبيدالله بن عبد الله، وكان من العلماء فكان يحدثه ويستقي هو له الماء من البئر، وكان عبيدالله يطول الصلاة، ولا يعجل عنها لاحد، قال: فبلغني أن علي بن الحسين جاءه وهو يصلي، فجلس ينتظره، وطول عليه، فعوتب عبيد الله في ذلك وقيل: يأتيك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحبسه هذا الحبس ! فقال: اللهم غفرا، لا بد لمن طلب هذا الشأن أن يعنى (1).
أخبرنا عبدالمؤمن بن خلف الحافظ.
أنبأنا يوسف بن عبد المعطي، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا نصر بن أحمد، قال: أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد البزار أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، حدثني علي بن حرب، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، حدثه عبيدالله ابن عبد الله، سمع ابن عباس يقول: جئت أنا والفضل على أتان يوم عرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، فمررنا على بعض الصف فنزلنا عنها وتركناها ترتع، ولم يقل لنا النبي صلى الله عليه وسلم شيئا (2).
وبه، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من باب وفي يده غمر فأصابه شئ، فلا يلومن إلا نفسه ".
هذا مرسل قوي الاسناد (3)، فيه الحض على غسل اليد من الزفر.
قال الواقدي ومحمد بن عبد الله بن نمير والترمذي: مات عبيدالله سنة ثمان وتسعين.
(1) انظر الخبر بنحوه في ترجمة علي بن الحسين ص 388 من هذا الجزء.
(2) وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 155، 156 من طريق ابن شهاب الزهري عن عبيدالله ابن عبد الله عن ابن عباس، وهو في البخاري 1 / 472 ومسلم (504).
(3) وهو حديث صحيح أخرجه موصولا أبو داود (3852) والدارمي 2 / 104، وأحمد 2 / 263، 341، 537، وابن ماجه (3297) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شئ، فلا يلومن إلا نفسه " والغمر: الدسم والزهومة من ريح اللحم.
(*)

(4/478)


وقال الهيثم بن عدي، وعلي بن المديني: مات سنة تسع وتسعين.
وقيل غير ذلك.

180 - صالح * (ع) أبو الخليل الضبعي مولاهم، البصري، وهو صالح بن أبي مريم.
روى عن سفينة، وأبي سعيد، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وأبي علقمة.
وعنه مجاهد، وعطاء، وقتادة، وأيوب، وأبو الزبير، ومنصور بن المعتمر، وثقه ابن معين والنسائي.
وروى عن أبي قتادة الانصاري وأبي موسى مرسلا.
بقي إلى حدود المئة.

181 - كريب * * (ع) ابن أبي مسلم، الامام، الحجة، أبورشدين، الهاشمي العباسي،
الحجازي، والد رشدين ومحمد، أدرك عثمان، وأرسل عن الفضل بن عباس.
وحدث عن مولاه ابن عباس، وأم الفضل أمه، وأختها ميمونة، وأسامة
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 237، تاريخ البخاري 4 / 289، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 415، تهذيب الكمال ص 599، تاريخ الاسلام 4 / 14، تذهيب التهذيب 2 / 88 ب، تهذيب التهذيب 4 / 402، خلاصة تذهيب التهذيب 171.
* * طبقات ابن سعد 5 / 293، طبقات خليفة ت 2538، تاريخ البخاري 7 / 231، المعرفة والتاريخ 1 / 417، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 168، تاريخ ابن عساكر 14 / 272 ب، تهذيب الكمال ص 1146، 1611، تاريخ الاسلام 4 / 48، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 3 / 169 ب، البداية والنهاية 9 / 186 تهذيب التهذيب 8 / 433، خلاصة تذهيب التهذيب 322، شذرات الذهب 1 / 114.
(*)

(4/479)


ابن زيد، وأم سلمة، وأم هانئ، وزيد بن ثابت، وابن عمر، والمسور، وطائفة.
وعنه أبو سلمة بن عبدالرحمن مع تقدمه، ومكحول، وسليمان بن يسار، وسلمة بن كهيل، وحبيب بن أبي ثابت، وسالم بن أبي الجعد، ومنصور بن المعتمر، والزهري، وموسى بن عقبة، وبكير بن الاشج، وأخوه يعقوب بن عبد الله، وشريك بن أبي نمر، وأبو صخر حميد بن زياد، ومحمد ابن عبدالرحمن مولى آل طلحة، ومحمد بن أبي حرملة، وخلق سواهم.
قال ابن سعد (1): كان ثقة، حسن الحديث.
وقال يحيى بن معين والنسائي: ثقة.
قال زهير بن معاوية، عن موسى بن عقبة، قال: وضع عندنا كريب حمل
بعير أو عدل بعير من كتب ابن عباس، فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه: ابعث إلي بصحيفة كذا وكذا، فينسخها، ويبعث إليه إحداهما (2).
قال الواقدي والمدائني وخليفة وجماعة: مات سنة ثمان وتسعين.
وروى عنه ولداه محمد ورشدين.

182 - بشير * (ع) ابن نهيك، العالم ؟ ؟، الثقة، أبو الشعثاء البصري.
__________
(1) في الطبقات 5 / 293.
(2) الخبر في ابن سعد 5 / 293.
* طبقات خليفة ت 1597، 1655، تاريخ البخاري 2 / 105، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 379، تهذيب الكمال ص 155، تاريخ الاسلام 3 / 345، تذهيب التهذيب 1 / 86 ب، تهذيب التهذيب 1 / 470، خلاصة تذهيب التهذيب 50.
(*)

(4/480)


عن بشير بن الخصاصية، وأبي هريرة.
وعنه الوليد بن بركة، وأبو مجلز لاحق، والنضر بن أنس، وخالد بن سمير (1)، ويحيى بن سعيد الانصاري.
حديثه في الكتب الستة.
شذ أبو حاتم فقال: لا يحتج به.

183 - سعيد * (ع) ابن عبدالرحمن بن أبزى، من علماء الكوفة وثقاتهم.
يروي عن أبيه.
روى عنه ذر الهمداني، والحكم، وقتادة، وزبيد اليامي، وعطاء بن السائب، وهو مقل.

184 - أبو الشعثاء * * (ع) جابر بن زيد الازدي اليحمدي، مولاهم، البصري، الخوفي، بخاء معجمة (2)، والخوف ناحية من عمان، كان عالم أهل البصرة في زمانه، يعد مع
__________
(1) انظر التعليق رقم (8) ص 365.
* تاريخ البخاري 3 / 494، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 39، تهذيب الكمال ص 497، تاريخ الاسلام 4 / 4، تذهيب التهذيب 2 / 22 ب، تهذيب التهذيب 4 / 54، خلاصة تذهيب التهذيب 140.
* * طبقات ابن سعد 7 / 179، طبقات خليفة ت 1729، تاريخ البخاري 2 / 204، المعارف 453، المعرفة والتاريخ 2 / 12، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 494، الحلية 3 / 85، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 141 والقسم الاول من الجزء الثاني 244، تهذيب الكمال ص 179، 1620 تاريخ الاسلام 4 / 77، تذكرة الحفاظ 1 / 67، العبر 1 / 108، تذهيب التهذيب 1 / 99 آ، البداية والنهاية 9 / 93، غاية النهاية، ت 868، تهذيب التهذيب 2 / 38، النجوم الزاهرة 1 / 252،، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 28، خلاصة تذهيب التهذيب 59، شذرات الذهب 1 / 101.
(2) كذا ضبط في الاصل ونص عليه المؤلف في " مشتبه النسبة " و " تاريخ الاسلام " وتبعه ؟ ؟ = (*)

(4/481)


الحسن وابن سيرين وهو من كبار تلامذة ابن عباس.
حدث عنه عمرو بن دينار، وأيوب السختياني، وقتادة، وآخرون.
روى عطاء عن ابن عباس، قال: لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر ابن زيد لاوسعهم علما عما في كتاب الله (1).
وروي عن ابن عباس أنه قال: تسألوني وفيكم جابر بن زيد (2) !.
وعن عمرو بن دينار، قال: ما رأيت أحدا أعلم من أبي الشعثاء (3).
قال ابن الاعرابي: كانت لابي الشعثاء حلقة بجامع البصرة يفتي فيها قبل الحسن، وكان من المجتهدين في العبادة، وقد كانوا يفضلون الحسن عليه حتى خف الحسن في شأن ابن الاشعث.
قلت: لم يخف، بل خرج مكرها.
قال أيوب: رأيت أبا الشعثاء، وكان لبيبا (4).
وقال قتادة يوم موت أبي الشعثاء: اليوم دفن علم أهل البصرة - أو قال: عالم العراق (5).
وعن إياس بن معاوية، قال: أدركت أهل البصرة، ومفتيهم جابر بن زيد (6).
__________
= ابن حجر في " التبصير " إلا أنه في تهذيب الكمال ومعجم البلدان والقاموس ينسب إلى درب الجوف بالبصرة.
واختلف أيضا في ضبط الخوف التي في عمان، فقيل بالجيم والحاء والخاء، انظر التاج.
(1) ابن سعد 7 / 179، 180 والمعرفة والتاريخ 2 / 12 والحلية 3 / 85.
(2) الحلية 3 / 86.
(3) المصدر السابق والمعرفة والتاريخ 2 / 13 وروايتهما: " ما رأيت أحدا أعلم بالفتيا من أبي الشعثاء ".
(4) انظر ابن سعد 7 / 180 والمعرفة والتاريخ 2 / 12.
(5) انظر الحلية 3 / 86.
(6) انظر ابن سعد 7 / 180 والحلية 3 / 86.
(*)

(4/482)


وعن أبي الشعثاء، قال: لو ابتليت بالقضاء، لركبت راحلتي وهربت (1).
قال أحمد، والفلاس، والبخاري وغيرهم: توفي أبو الشعثاء سنة ثلاث
وتسعين.
وشذ من قال: إنه توفي سنة ثلاث ومئة.
حديثه في الدواوين المعروفة.

185 - الحسن * (س) ابن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، السيد أبي محمد الحسن ابن أمير المؤمنين، أبي الحسن علي بن أبي طالب، الهاشمي، العلوي، المدني، الامام، أبو محمد.
حدث عن أبيه، وعبد الله بن جعفر، وهو قليل الرواية والفتيامع صدقه وجلالته.
حدث عنه ولده عبد الله، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وسهيل بن أبي صالح، والوليد بن كثير، وفضيل بن مرزوق، وإسحاق بن يسار والد محمد، وغيرهم.
ابن عجلان عن سهيل وسعيد مولى المهري، عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ويصلي
__________
(1) انظر الحلية 3 / 86.
* طبقات ابن سعد 5 / 319، نسب قريش لمصعب 46، طبقات خليفة ت 2045، تاريخ البخاري 2 / 289، المعارف 212، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 5، تاريخ ابن، عساكر 4 / 217 آ، تهذيب الكمال ص 255، تاريخ الاسلام 3 / 356، العبر 1 / 196، تذهيب التهذيب 1 / 132 ب، البداية والنهاية 9 / 170، تهذيب التهذيب 2 / 263، خلاصة تذهيب التهذيب 77، تهذيب ابن عساكر 4 / 165.
(*)

(4/483)


عليه، فقال للرجل (1): لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا بيتي
عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيث ما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني " (2).
هذا مرسل، وما استدل حسن في فتواه بطائل من الدلالة، فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلا مسلما، مصليا على نبيه، فيا طوبى له، فقد أحسن الزيارة، وأجمل في التذلل والحب، وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط.
فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشرا، ولكن من زاره - صلوات الله عليه - وأساء أدب الزيارة، أو سجد للقبر أو فعل ما لايشرع، فهذا فعل حسنا وسيئا فيعلم برفق، والله غفور رحيم، فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم، والصياح وتقبيل الجدران، وكثرة البكاء، إلا وهو محب لله ولرسوله، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار، فزيارة قبره من أفضل القرب، وشد الرحال إلى قبور الانبياء والاولياء، لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه: " لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " (3) فشد الرحال إلى نبينا
__________
(1) في الاصل: " فقالوا " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(2) حديث حسن وأخرجه ابن أبي شيبة وابن عساكر 4 / 217 آ، وعبد الرزاق في المصنف (6726) من طريق سهيل بن أبي سهيل ويقويه ما أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي رقم (20) من طريق علي بن الحسين أنه رأى رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ويصنع ذلك ما اشتهره عليه علي بن الحسين، فقال له علي بن حسين: هل لك أن أحدثك حديثا عن أبي ؟ قال نعم، فقال له علي بن الحسين: أخبرني أبي عن جدي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجعلوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي وسلموا حيث ما كنتم فسيبلغني صلاتكم وسلامكم " وفي سنده مستور وباقي رجاله ثقات.
(3) سبق تخريجه في ص 291.
رقم (1).
(*)

(4/484)


صلى الله عليه وسلم مستلزم لشد الرحل إلى مسجده، وذلك مشروع بلا نزاع، إذ لا وصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده، فليبدأ بتحية المسجد، ثم بتحية صاحب المسجد، رزقنا الله وإياكم ذلك آمين (1).
قال الزبير بن بكار: أم حسن بن حسن هذا هي خولة بنت فلان (2).
الفزارية، وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد.
قال: وكان الحسن ولي صدقة علي رضي الله عنه، قال له الحجاج يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة: أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي، فإنه عمك وبقية أهلك، فقال: لا أغير شرط علي، قال: إذا أدخله معك، قال: فسار الحسن إلى عبدالملك بن مروان، فرحب به ووصله، وكتب له كتابا إلى الحجاج لا يجاوزه (3).
زائدة، عن عبدالملك بن عمير، قال: حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى هشام بن إسماعيل متولي المدينة: بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فاستحضره.
قال: فجئ به فقال له علي بن الحسين: يا ابن عم، قل كلمات الفرج: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع، ورب الارض رب العرش الكريم " قال: فخلي عنه (4).
__________
(1) قصد المؤلف رحمه الله بهذا الاستطراد الرد على شيخه ابن تيمية الذي يقول بعدم جواز شد الرحل لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويرى أن على الحاج أن ينوي زيارة المسجد النبوي كما هو مبين في محله.
(2) هي خولة بنت منظور بن زبان بن سيار، كما في " ابن سعد " و " نسب قريش " لمصعب
و " ابن عساكر ".
(3) أورده مصعب الزبيري في " نسب قريش " 46، 47 مطولا، وكذا ابن عساكر 4 / 218 آ، ب.
(4) أورده ابن عساكر 4 / 218 ب مطولا، وأخرجه البخاري 11 / 123 في الدعوات باب = (*)

(4/485)


ورويت من وجه آخر عن عبدالملك بن عمير، لكن قال: كتب الوليد إلى عثمان المري: انظر الحسن بن الحسن، فاجلده مئة، ووقفه للناس يوما، ولا أراني إلا قاتله.
قال: فعلمه علي كلمات الكرب.
فضيل بن مرزوق: سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة: إن قتلك قربة إلى الله، فقال: إنك تمزح، فقال: والله ما هو مني بمزاح (1).
قال مصعب الزبيري (2): كان فضيل بن مرزوق يقول: سمعت الحسن ابن الحسن يقول لرجل من الرافضة: أحبونا، فإن عصينا الله فأبغضونا، فلو كان الله نافعأ أحدا بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طاعة لنفع أباه وأمه (3).
وروى فضيل بن مرزوق، قال: سمعت الحسن يقول: دخل علي المغيرة بن سعيد - يعني الذي أحرق في الزندقة - فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله صلى الله عليه وسلم - وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم لعن أبا بكر وعمر، فقلت: يا عدو الله، أعندي ! ثم خنقته - والله - حتى دلع لسانه (4).
توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين، وقيل في سبع وتسعين.
__________
= الدعاء عند الكرب، ومسلم (2730) في الذكر والدعاء باب دعاء الكرب من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: " لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الارض ورب العرش الكريم ".
(1) ابن عساكر 4 / 219 آ.
(2) في " نسب قريش " 49.
(3) والخبر في " ابن عساكر " 4 / 219 آ، وقد أورده ابن سعد 5 / 319، 320 عن شبابة بن سوار الفزاري عن الفضيل بن مرزوق مطولا.
(4) أورد المؤلف هذه القصة في ترجمته للمغيرة بن سعيد البجلي في " ميزان الاعتدال " 4 / 161، ولكنه عزاها لابنه إبراهيم بن حسن، وفضيل بن مرزوق روى عنهما.
(*)

(4/486)


وقيل: كانت شيعة العراق يمنون الحسن الامارة مع أنه كان يبغضهم ديانة.
وله أخبار طويلة في تاريخ ابن عساكر (1)، وكان يصلح للخلافة.

186 - أخوه زيد * والد أمير المدينة الحسن بن زيد.
روى عن أبيه، وابن عباس.
وعنه ابنه، ويزيد بن عياض بن جعدبة، وأبو معشر نجيح، وعبد الرحمن بن أبي الموال.
ذكره ابن حبان في الثقات.
وقد كتب عمر بن عبد العزيز: إن زيد بن الحسن شريف بني هاشم فأدوا إليه صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: كان يتعجب الناس من عظم خلقته، وكان جوادا ممدحا كبير القدر، عاش سبعين سنة، وللشعراء فيه مدائح.
مات بعد المئة.

187 - عبدالرحمن بن عائذ * * (4)
الازدي الثمالي، الحمصي، من كبار علماء التابعين، وبعضهم يظن
__________
(1) 4 / 217 آ.
* طبقات ابن سعد 5 / 318، تاريخ البخاري 3 / 392، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 560، تاريخ ابن عساكر 6 / 300 ب، تهذيب الكمال ص 454، تاريخ الاسلام 4 / 113، تذهيب التهذيب 1 / 250 ب، تهذيب التهذيب 3 / 406، خلاصة تذهيب التهذيب 127، تهذيب ابن عساكر 5 / 462.
* * طبقات خليفة ت 2927، تاريخ البخاري 5 / 324، المعرفة والتاريخ 2 / 382، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 270، أسد الغابة 3 / 303، تهذيب الكمال ص = (*)

(4/487)


أن له صحبة ولا يصح ذلك.
وكان ثقة، طلابة للعلم.
حدث عن عمر، وعلي، ومعاذ، وأبي ذر، وعمرو بن عبسة، وجماعة.
حدث عنه محفوظ بن علقمة، وراشد بن سعد، وإسماعيل بن أبي خالد، وثور بن يزيد، وصفوان بن عمرو، وسليم بن عامر، ويحيى بن جابر، وآخرون.
قال محمد بن أبي حاتم، وغيره: أحاديثه مراسيل - يعني أنه يرسل عمن لم يلقه كعوائد الشاميين، وإنما اعتنوا بالاسناد لما سكن فيهم الزهري ونحوه.
قيل: إن ابن عائذ كان فيمن خرج مع القراء على الحجاج، فأسر يوم الجماجم (1)، فعفا عنه الحجاج لجلالته.
وثقه النسائي، ولما توفي خلف صحفا وكتبا.
قال بقية: حدثني ثور، قال: كان أهل حمص يأخذون كتب ابن عائذ، فما وجدوا فيها من الاحكام عمدوا بها على باب المسجد، قناعة بها ورضى
بحديثه (2).
قال بقية: وحدثني أرطاة بن المنذر، قال: اقتسم رجال من الجند كتب ابن عائذ بينهم بالميزان لقناعته فيهم (2).
__________
= 799، تاريخ الاسلام 4 / 26، تذهيب التهذيب 2 / 214 ب، الاصابة ت 5147، 6694، تهذيب التهذيب 6 / 203، خلاصة تذهيب التهذيب 229.
(1) انظر تعريف يوم الجماجم في ص 196 رقم (1) و 526 رقم (4).
2) المعرفة والتاريخ 2 / 383.
(*)

(4/488)


هارون الحمال: حدثنا الوليد بن القاسم، حدثنا الاحوص بن حكيم، حدثني أبي، عن عبدالرحمن بن عائذ الثمالي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير لحيته بماء السدر، وكان يأمرنا بالتغيير مخالفة للعجم (1).
قيل: إن الحجاج لما أتي بعبد الرحمن بن عائذ قال له الحجاج: كيف أصبحت ؟ قال: لا كما يريد الله، ولا كما يريد الشيطان، ولا كما أريد، قال: ويحك، ما تقول ؟ قال: نعم، يريد الله أن أكون عابدا زاهدا وما أنا كذلك، ويريد الشيطان أن أكون فاسقا مارقا وما أنا بذاك، وأريد أن أكون مخلى في بيتي، آمنا في أهلي وما أنا بذاك، فقال الحجاج: أدب عراقي، ومولد شامي، وجيراننا إذ كنا بالطائف.
خلوا عنه.

188 - علي بن ربيعة * (ع) أبو المغيرة الوالبي، الكوفي، من العلماء الاثبات.
حدث عن علي، وأسماء بن الحكم، والمغيرة بن شعبة، وابن عمر.
وعنه سعد بن عبيد الطائي، وسلمة بن كهيل، وأبو إسحاق، وعاصم ابن أبي النجود، وإسماعيل بن أبي الصفيرا (2)، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف الاحوص بن حكيم، ثم هو مرسل.
والسدر: شجر النبق، وهو لونان: عبري لا شوك له أصفر مز ينبت على الماء، وضال بري لا يصلح ورقه للغسول ا ه.
(لسان).
* طبقات ابن سعد 6 / 226، طبقات خليفة ت 1118، تاريخ البخاري 6 / 273، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثالث 185، تهذيب الكمال ص 971، تاريخ الاسلام 4 / 39، تذهيب التهذيب 3 / 61 آ، تهذيب التهذيب 7 / 320، خلاصة تذهيب التهذيب 274.
(2) هو إسماعيل بن عبدالملك بن أبي الصفيرا، من رجال الترمذي كما في التبصير 839.
(*)

(4/489)


189 - راشد بن سعد * (4) الحبراني، ويقال المقرائي (1)، الفقيه، محدث حمص.
يروي عن سعد بن أبي وقاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وثوبان، وعتبة ابن عبد السلمي، وأبي أمامة، وأنس وطائفة.
حدث عنه ثور بن يزيد، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، وأبو بكر بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح، وأهل حمص.
وثقه غير واحد، منهم ابن معين، وأبو حاتم، وابن سعد.
وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به.
وقال ابن حزم وحده: هو ضعيف.
فهذا من أقواله المردودة.
وقد قال الدارقطني: لا بأس به، يعتبر به.
وقيل: إنه يروي أيضا عن عوف بن مالك الاشجعي، وإنه شهد صفين مع معاوية، فإن صح هذا - وهو ممكن - فقد عاش نحو التسعين.
قال يحيى بن سعيد: هو أحب إلي من مكحول.
قال ابن سعد وخليفة وأبو عبيد: توفي سنة ثلاث عشرة ومئة.
وقيل: مات سنة ثمان ومئة.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 456، طبقات خليفة ت 2934، تاريخ البخاري 3 / 292، المعرفة والتاريخ 2 / 332، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 483، الحلية 6 / 117، تاريخ ابن عساكر 6 / 88 آ، تهذيب الكمال ص 399، تاريخ الاسلام 4 / 111 و 248، تذهيب التهذيب 1 / 214 آ، البداية والنهاية 9 / 257، تهذيب التهذيب 3 / 225، خلاصة تذهيب التهذيب 113، تهذيب ابن عساكر 5 / 292.
1) كذا ضبط في الاصل، نسبة إلى " مقرى " قرية تحت جبل قاسيون، قال المؤلف في " مشتبه النسبة " 610: والمحدثون يضمونه وهو خطأ.
وانظر معجم البلدان.
(*)

(4/490)


ثور - في سنن أبي داود - عن راشد، عن ثوبان، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين (1).
إسناده قوي، وخرجه الحاكم فقال: على شرط مسلم، فأخطأ: فإن الشيخين ما احتجا براشد، ولا ثور من شرط مسلم.

190 - خلاس * (ع) ابن عمرو الهجري، بصري ثقة، خرجوا له في الصحاح.
حدث عن علي، وعمار، وعائشة وأبي هريرة.
وعنه قتادة، وعوف، وداود بن أبي هند، وآخرون.
وثقه أحمد وغيره.
وإنما روايته عن علي كتاب وقع به.
وقال أحمد: لم يسمع من أبي هريرة.

191 - أبو أسماء الرحبي * * (م 4)
الدمشقي، والرحبة قرية عامرة بظاهر دمشق (2).
قال الحافظ أبو سليمان بن زبر: رحبة دمشق رأيتها عامرة، بينها وبين البلد ميل.
__________
(1) أخرجه أبو داود (146) في الطهارة باب المسح على العمامة، وصححه الحاكم 1 / 169 ووافقه المؤلف، وإسناده صحيح ؟ ؟.
وإعلال أحمد له بعدم سماع راشد بن سعد من ثوبان فيه نظر، فإنهم قالوا: إن راشدا شهد مع معاوية " صفين " وثوبان مات سنة أربع وخمسين، ومات راشد سنة ثمان ومئة.
والتساخين: الخفاف وكل ما تسخن به القدم كالجورب.
* طبقات ابن سعد 7 / 149، أخبار القضاة 2 / 383، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 177، تهذيب الكمال ص 383، تاريخ الاسلام 3 / 364، تذهيب التهذيب 1 / 203 آ، تهذيب التهذيب 3 / 176، خلاصة تذهيب التهذيب 108.
* * طبقات خليفة ت 2886، تاريخ البخاري 9 / 5، تاريخ ابن عساكر 13 / 302 آ، تهذيب الكمال ص 1580، تاريخ الاسلام 4 / 71، تذهيب التهذيب 3 / 109 آ، تهذيب التهذيب 8 / 99، خلاصة تذهيب التهذيب 293.
(*) (2) قد يتوهم القارئ أن أبا أسماء ينسب إلى هذه القرية، والصواب ما ذكره المؤلف في = (*)

(4/491)


حدث عن شداد بن أوس، وثوبان، وأبي هريرة، وأوس بن أوس، وأبي ثعلبة الخشني، ومعاوية، وعن أبي ذر الغفاري.
وروايته عن أبي ذرفي مسلم.
حدث عنه أبو سلام ممطور، وأبو الاشعث الصنعاني، وأبو قلابة الجرمي، وشداد أبو عمار، وربيعة بن يزيد القصير، ويحيى بن الحارث الذماري، وراشد الصنعاني وكان من كبار علماء الشام.
وثقه أحمد العجلي وغيره، ولم يخرج له البخاري.
وفي اسم أبي أسماء اختلاف: فقيل عمرو بن مرثد، وقال أبو الحسن ابن سميع وأبو زرعة النصري: اسمه عمرو بن أسماء.
لم أقع له بوفاة، وهو من كبار التابعين.
أرى أنه مات في خلافة الوليد ابن عبدالملك.

192 - حنش * (م 4) ابن عبد الله بن عمرو بن حنظلة، أبورشدين النسائي الصنعاني.
__________
= " مشتبه النسبة " 311 من أن أبا أسماء ينسب إلى رحبة بن زرعة وهو بطن من حمير، والسمعاني في " الانساب " 249 ب.
وانظر التاج واللسان (رحب).
* طبقات ابن سعد 5 / 536، تاريخ البخاري 3 / 99، المعرفة والتاريخ 2 / 530، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 291، تاريخ ابن عساكر 5 / 179 ب، طبقات فقهاء اليمن 57، تهذيب الكمال ص 343، تاريخ الاسلام 3 / 246 و 361، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 1 / 181 آ، البداية والنهاية 9 / 187، تهذيب التهذيب 3 / 57، شذرات الذهب 1 / 119، تهذيب ابن عساكر 5 / 10.
(*)

(4/492)


[ حدث ] (1) عن فضالة بن عبيد، وأبي هريرة، وابن عباس، ورويفع ابن ثابت، وأبي سعيد.
وعنه ابنه الحارث، وقيس بن الحجاج، وعبد الله بن هبيرة، وخالد بن أبي عمران، وربيعة بن سليم، وعدة.
نزل إفريقية مرابطا، وتوفي سنة مئة.
وثقه العجلي: وأما ابن يونس فقال: كان مع علي، وقدم بعد مقتله مصر، ثم ثار مع ابن الزبير، فظفر به ابن مروان فعفى عنه.
قلت: وهم ابن يونس وابن عساكر (2) في أنه صاحب علي، لان ذاك
حنش بن ربيعة (3) أو ابن المعتمر الكناني الكوفي، يروي عنه الحكم، وإسماعيل بن أبي خالد، وأهل الكوفة، وفيه لين.
مات قبل التسعين.

193 - يزيد بن عبد الله بن الشخير * (ع) أبو العلاء العامري، البصري، أحد الائمة.
حدث عن أبيه وأخيه مطرف بن عبد الله، وعمران بن حصين، وعائشة
__________
(1) ساقط من الاصل.
(2) انظر قول ابن عساكر 5 / 179 ب.
(3) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 6 / 225، طبقات خليفة ت 1092، تاريخ البخاري 3 / 99، الجرح، والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 291، تهذيب الكمال ص 346، تاريخ الاسلام 3 / 246، تذهيب التهذيب 1 / 181 آ، الاصابة ت 2114، تهذيب التهذيب 3 / 58، خلاصة تذهيب التهذيب 96.
* طبقات ابن سعد 7 / 155، طبقات خليفة ت 1700، تاريخ البخاري 8 / 345، المعارف 436، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 274، الحلية 2 / 212 أسد الغابة 5 / 116، تهذيب الكمال ص 1540، تاريخ الاسلام 4 / 212، العبر 1 / 133، تذهيب التهذيب 4 / 177 آ، الاصابة 9445، تهذيب التهذيب 11 / 341، النجوم الزاهرة 1 / 270، شذرات الذهب 1 / 135.
(*)

(4/493)


أم المؤمنين، وعثمان بن أبي العاص، وأبي هريرة، وعياض بن حمار، وعدة.
حدث عنه قتادة، وسعيد الجريري، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وقرة بن خالد، وآخرون.
وكان يقول: أنا أكبر من الحسن البصري بعشر سنين.
قلت: على هذا يكون مولده في خلافة الصديق.
وكان ثقة، فاضلا،
كبير القدر، بلغنا أنه كان يقرأ في المصحف، فربما غشي عليه.
قرأت على إسحاق الاسدي، أنبأنا ابن خليد، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ بإسناد له عن ثابت البناني، قال: كان الحسن في مجلس، فقيل لابي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير: تكلم، فقال: أو هناك أنا، ثم ذكر الكلام ومؤنته (1).
قلت: ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء.
توفي يزيد في سنة ثمان ومئة، وقيل: إنه توفي في سنة إحدى عشرة ومئة.
قال أبو خلدة: رأيت أبا العلاء بن الشخير يصفر لحيته.

194 - عبد الله بن محيريز * (ع) ابن جنادة بن وهب، الامام، الفقيه، القدوة الرباني، أبو محيريز القرشي، الجمحي، المكي.
__________
(1) الحلية 2 / 213.
* طبقات ابن سعد 7 / 447، طبقات خليفة ت 2753، تاريخ البخاري 5 / 193، المعرفة = (*)

(4/494)


حدث عن عبادة بن الصامت، وأبي محذورة المؤذن زوج أمه، ومعاوية ابن أبي سفيان، وأبي سعيد الخدري، والصنابحي (1)، وطائفة.
واسم زوج أمه سمرة، ولا أعلم أحدا ذكر محيريزا في الصحابة، الظاهر أنه من الطلقاء (2).
حدث عن ابن محيريز خالد بن معدان، ومكحول، وحسان بن عطية،
والزهري، وأبو زرعة يحيى السيباني، وإسماعيل بن عبيدالله، وإبراهيم بن أبي عبلة، وآخرون.
وكان من العلماء العاملين، ومن سادة التابعين.
قال الاوزاعي: كان ابن أبي زكريا يقدم فلسطين، فيلقى ابن محيريز، فتتقاصر إليه نفسه لما يرى من فضل ابن محيريز (3).
قال عمرو بن عبدالرحمن بن محيريز: كان جدي يختم في كل جمعة، وربما فرشنا له فلم ينم عليه (4).
وقال رجاء بن حيوة: إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر،
__________
= والتاريخ 2 / 335، 364، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 168، الحلية 5 / 138، الاستيعاب ت 1652، تاريخ ابن عساكر المجلدة 29 (صل) 69 آ، أسد الغابة 3 / 252، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 287، تهذيب الكمال ص 340، تاريخ الاسلام 4 / 21، تذكرة الحفاظ 1 / 64، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 2 / 185 ب، البداية والنهاية 9 / 185، العقد الثمين 5 / 246، الاصابة ت 6633، تهذيب التهذيب 6 / 32، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 27، خلاصة تذهيب التهذيب 214، شذرات الذهب 1 / 116.
(1) هو أبو عبد الله عبدالرحمن عسيلة الصنابحي نسبة إلى صنابح بن زاهر من مراد كما في " اللباب ".
(2) الطلقاء هم كفار قريش الذين جمعهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعيد فتح مكة وقال لهم: " ما تظنون أني فاعل بكم ؟ " فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: " اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
(3) ابن عساكر المجلدة 29 (صل) 70 ب.
(4) المصدر السابق 71 آ.
(*)

(4/495)


فإنا نفخر عليهم بعابدنا ابن محيريز (1).
قال: وكان ابن محيريز صموتا،
معتزلا في بيته (2).
وقيل: كان ابن محيريز من أحرص شئ أن يكتم من نفسه أحسن ما عنده (2).
وقيل: إنه رأى على خالد بن يزيد بن معاوية جبة خز، فقال: أتلبس الخز ؟ قال: إنما ألبس لهؤلاء وأشار إلى الخليفة، فغضب، وقال: ما ينبغي أن يعدل خوفك من الله بأحد من خلقه (3).
وعن الاوزاعي، قال: من كان مقتديا، فليقتد بمثل ابن محيريز، إن الله لم يكن ليضل أمة فيها ابن محيريز (4).
قال يحيى السيباني: قال لنا ابن محيريز: إني أحدثكم، فلا تقولوا: حدثنا ابن محيريز، إني أخشى أن يصرعني ذلك القول مصرعا يسوؤني (5).
وقال عبد الواحد بن موسى: سمعت ابن محيريز يقول: اللهم إني أسألك ذكرا خاملا (5).
وعن رجاء بن حيوة، قال: بقاء ابن محيريز أمان للناس (6).
مات في دولة الوليد:

195 - موسى بن نصير * الامير الكبير، أبو عبد الرحمن اللخمي، متولي إقليم المغرب، وفاتح الاندلس.
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 335.
(2) ابن عساكر المجلدة 29 (صل) 71 آ.
(3) المصدر السابق 71 ب بخلاف يسير.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق 72 آ.
(6) المصدر السابق 73 ب، ولفظه: " بقاء ابن محيريز بين أظهر هؤلاء الناس أمان لهم ".
* تاريخ علماء الاندلس 2 / 18، جذوة المقتبس 317، تاريخ ابن عساكر 17 / 204 ب = (*)

(4/496)


قيل: كان مولى امرأة من لخم، وقيل: ولاؤه لبني أمية.
وكان أعرج مهيبا، ذا رأي وحزم.
يروي عن تميم الداري.
حدث عنه ولده عبد العزيز، ويزيد بن مسروق.
ولي غزو البحر لمعاوية، فغزا قبرس (1)، وبنى هناك حصونا، وقد استعمل على أقصى المغرب مولاه طارقا، فبادر وافتتح الاندلس، ولحقه موسى فتمم فتحها، وجرت له عجائب هائلة، وعمل مع الروم مصافا مشهودا.
ولما هم المسلمون بالهزيمة كشف موسى سرادقه عن بناته وحرمه، وبرز ورفع يديه بالدعاء والتضرع والبكاء، فكسرت بين يديه جفون السيوف، وصدقوا اللقاء، ونزل النصر، وغنموا ما لا يعبر عنه، من ذلك مائدة سليمان عليه السلام من ذهب وجواهر، وقيل: ظفر بستة عشر قمقما (2) عليها ختم سليمان ففتح أربعة ونقب منها واحدا فإذا شيطان يقول: يا نبي الله، لا أعود أفسد في الارض.
ثم نظر فقال: والله ما أرى سليمان ولا ملكه، وذهب، فطمرت البواقي.
وقال الليث: بعث موسى ابنه مروان على الجيش، فأصاب من السبي مئة ألف، وبعث ابن أخيه فسبى أيضا مئة ألف من البربر، ودله رجل على كنز بالاندلس، فنزعوا بابه فسال عليهم من الياقوت والزبرجد ما بهرهم.
قال الليث: إن كانت الطنفسة لتوجد منسوجة بالذهب واللؤلؤ والياقوت لا يستطيع
__________
= بغية الملتمس 442، الحلة السيراء 30، وفيات الاعيان 5 / 318، البيان المغرب 1 / 46، تاريخ الاسلام 4 / 58، العبر 1 / 116، البداية والنهاية 9 / 171، النجوم الزاهرة 1 / 235، نفح الطيب
1 / 229، 283، شذرات الذهب 1 / 112.
(1) قبرس: جزيرة في شرق البحر المتوسط تقع بين الساحل السوري والساحل التركي.
(2) القمقم آنية معروفة من نحاس وغيره، يسخن فيها الماء ويكون ضيق الرأس، معرب (كمكم) ومنه صغير الحجم يعجل فيه ماء الورد.
(*)

(4/497)


اثنان حملها فيقسمانها بالفأس (1).
وقيل: لما دخل موسى إفريقية وجد غالب مدائنها خالية لاختلاف أيدي البربر، وكان القحط، فأمر الناس بالصلاة والصوم والصلاح، وبرز بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات ففرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والضجيج، وبقي إلى الظهر، ثم صلى وخطب، فما ذكر الوليد، فقيل له: ألا تدعو لامير المؤمنين ؟ فقال: هذا مقام لا يدعى فيه إلا لله، فسقوا وأغيثوا.
ولما تمادى في سيره في الاندلس، أتى أرضا تميد بأهلها، فقال عسكره: إلى أين تريد أن تذهب بنا ؟ حسبنا ما بأيدينا، فقال: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية، ثم رجع إلى المغرب وهو راكب على بغله كوكب، وهو يجر الدنيا بين يديه، أمر بالعجل تجر أوقار الذهب والحرير.
واستخلف ابنه بإفريقية.
وأخذ معه مئة من كبراء البربر، ومئة وعشرين من الملوك وأولادهم، فقدم مصر في هيئة ما سمع بمثلها، فوصل العلماء والاشراف، وسار إلى الشام، فبلغه مرض الوليد، وكتب إليه سليمان يأمره بالتوقف، فما سمع منه، فآلى سليمان إن ظفر به ليصلبنه.
وقدم قبل موت الوليد، فأخذ ما لا يحد من النفائس، ووضع باقيه في بيت المال، وقومت المائدة بمئة ألف دينار.
وولي سليمان فأهانه، ووقف في الحر - وكان سمينا - حتى غشي عليه.
وبقي عمر بن عبد العزيز يتألم له، فقال سليمان: يا أبا حفص ما أظن إلا أنني خرجت من يميني.
وضمه يزيد بن المهلب إليه، ثم فدى نفسه ببذل ألف ألف دينار، وقيل
__________
1) انظر الخبر مفصلا في ابن عساكر 17 / 206 آ.
(*)

(4/498)


له: أنت في خلق من مواليك وجندك، أفلا أقمت في مقر عزك، وبعثت بالتقادم، قال: لو أردت، لصار، ولكن آثرت الله ولم أر الخروج.
فقال له يزيد: وكلنا ذاك الرجل - أراد بهذا قدومه على الحجاج.
وقال له سليمان يوما: ما كنت تفزع إليه عند الحرب ؟ قال: الدعاء والصبر، قال: فأي الخيل رأيت أصبر ؟ قال: الشقر، قال: فأي الامم أشد قتالا ؟ قال: هم أكثر من أن أصف، قال: فأخبرني عن الروم، قال: أسد في حصونهم، عقبان على خيولهم، نساء في مراكبهم، إن رأوا فرصة، انتهزوها، وإن رأوا غلبة، فأوعال تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عارا.
قال: فالبربر ؟ قال: هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرا وفروسية، غير أنهم أغدر الناس، قال: فأهل الاندلس ؟ قال: ملوك مترفون، وفرسان لايجبنون، قال: فالفرنج ؟ قال: هناك العدد والجلد، والشدة والبأس، قال: فكيف كانت الحرب بينك وبينهم ؟ قال: أما هذا فوالله ما هزمت لي راية قط، ولابدد لي جمع، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الاربعين إلى أن بلغت الثمانين، ولقد بعثت إلى الوليد بتور (1) زبرجد، كان يجعل فيه اللبن حتى ترى فيه الشعرة البيضاء.
ثم أخذ يعدد ما أصاب من الجوهر والزبرجد حتى تحير سليمان.
وقيل: إن مروان لما قرر ولده عبد العزيز على مصر، جعل عنده موسى
ابن نصير، ثم كان موسى مع بشر بن مروان وزيرا بالعراق.
قال الفسوي: كان ذاحزم وتدبير، افتتح بلادا كثيرة، وولي إفريقية سنة تسع وسبعين.
وقيل: إنه قال مرة: والله لو انقاد الناس لي، لقدتهم حتى أوقفهم على
__________
1) التور: الاناء.
(*)

(4/499)


رومية، ثم ليفتحنها الله على يدي.
وقيل: جلس الوليد على منبره يوم الجمعة، فأتى موسى وقد ألبس ثلاثين من الملوك التيجان، والثياب الفاخرة، ودخل بهم المسجد وأوقفهم تحت المنبر، فحمد الوليد الله وشكره.
وقد حج موسى مع سليمان فمات بالمدينة.
وقال مرة: يا أمير المؤمنين، لقد كانت الالف شاة تباع بمئة درهم، وتباع الناقة بعشرة دراهم، وتمر الناس بالبقر، فلا يلتفتون إليها، ولقد رأيت العلج الشاطر وزوجته وأولاده يباعون بخمسين درهما.
وكان فتح إقليم الاندلس في رمضان سنة اثنتين وتسعين على يد:
196 - طارق * مولى موسى بن نصير، وكان أميرا على طنجة بأقصى المغرب، فبلغه اختلاف الفرنج واقتتالهم، وكاتبه صاحب الجزيرة الخضراء ليمده على عدوه، فبادر طارق، وعدى في جنده، وهزم الفرنج، وافتتح قرطبة وقتل صاحبها لذريق، وكتب بالنصر إلى مولاه، فحسده على الانفراد بهذا الفتح العظيم، وتوعده، وأمره أن لا يتجاوز مكانه، وأسرع موسى بجيوشه، فتلقاه طارق وقال: إنما أنا مولاك، وهذا الفتح لك، فأقام موسى بن نصير بالاندلس
سنتين يغزو ويغنم، وقبض على طارق، وأساء إليه، ثم استخلف على الاندلس ولده عبد العزيز بن موسى، وكان جنده عامتهم من البربر، فيهم شجاعة مفرطة.
إقدام.
__________
* تاريخ الطبري 6 / 468، تاريخ ابن عساكر 8 / 241 ب، بغية الملتمس 11 و 315، تاريخ ابن الاثير 4 / 556، المعجب 9، البيان المغرب 1 / 43، تاريخ الاسلام 4 / 15، نفح الطيب 1 / 229 وما بعدها، تهذيب ابن عساكر 7 / 41.
(*)

(4/500)


وله فتوحات عظيمة جدا بالمغرب، كما كان لقتيبة بن مسلم بالمشرق - في هذا الوقت - فتوحات لم يسمع بمثلها.
وفي هذه المدة وبعدها كانت غزوة القسطنطينية في البر والبحر، ودام الحصار نحوا من سنة، وكان علم الجهاد في أطراف البلاد منشورا، والدين منصورا، والدولة عظيمة، والكلمة واحدة.
قال سعيد بن عبد العزيز: أخبرني رجل أن سليمان هم بالاقامة ببيت المقدس، وقدم عليه موسى بن نصير وأخوه مسلمة، فجاءه الخبر أن الروم طلعوا من ساحل حمص، وسبوا جماعة فيهم امرأة لها ذكر، فغضب سليمان وقال: ما هو إلا هذا، نغزوهم ويغزونا، والله لاغزونهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية أو أموت.
ثم التفت إلى مسلمة وإلى موسى بن نصير، فقال: أشيرا علي، فقال موسى: يا أمير المؤمنين، إن أردت ذلك، فسر سيرة الصحابة فيما فتحوه، كلما فتحوا مدينة اتخذوها دارا، وحازوها للاسلام، فابدأ بالدروب وافتح حصونها حتى تبلغ القسطنطينية، فإنهم سيعطون بأيديهم، فقال لمسلمة: ما تقول أنت ؟ قال: هذا الرأي إن طال عمر إليه، أو كان الذي يأتي على رأيك، وبريد ذلك، خمس عشرة سنة، ولكني أرى أن
تغزي المسلمين برا وبحرا القسطنطينية، فيحاصرونها، فإنهم مادام عليهم البلاء أعطوا الجزية، أو أخذت عنوة، فمتى وقع ذلك، كان ما دونها من الحصون بيدك.
قال: هذا الرأي، فأغزى أهل الشام، والجزيرة في البر، في نحو من عشرين ومئة ألف، وأغزى أهل مصر والمغرب في البحر في ألف مركب، عليهم عمربن هبيرة، وعلى الكل مسلمة بن عبدالملك.
قال الوليد بن مسلم: فأخبرني غير واحد أن سليمان أخرج لهم العطاء، وبين لهم غزوتهم وطولها، ثم قدم دمشق وصلى الجمعة، ثم عاد

(4/501)


إلى المنبر، وأخبرهم بيمينه من حصاره القسطنطينية، فانفروا على بركة الله، وعليكم بتقوى الله، ثم الصبر الصبر.
وسار حتى نزل بدابق (1)، وسار مسلمة وأخذ معه أليون الرومي المرعشي ليدله على الطريق والعوار، وأخذ ميثاقه على المناصحة إلى أن عبروا الخليج، وحاصروا قسطنطينية إلى أن برح بهم الحصار، وعرض أهلها الفدية، فأبى مسلمة إلا أن يفتحها عنوة، قالوا: فابعث إلينا أليون، فإنه منا ويفهم كلامنا، فبعثه، فغدر وقال: إن ملكتموني أمنتم، فملكوه، فخرج وقال: قد أجابوني أن يفتحوها، لكن لا يفتحونها حتى تتنحى عنهم، قال: أخشى غدرك، فحلف له أن يدفع إليه كل ما فيها من سبي ومال.
فانتقل مسلمة ودخل أليون لعنه الله فلبس التاج، وأمر بنقل العلوفات من خارج فملاوا الاهراء (2)، وجاء الصريخ إلى مسلمة، فكبر بالجيش فأدرك شيئا من العلوفات، فغلقوا الابواب دونه، فبعث إلى أليون: يناشده عهده، فأرسل إليه أليون يقول: ملك الروم لا يباع بالوفاء.
ونزل مسلمة بفنائها ثلاثين شهرا حتى أكل الناس في المعسكر الميتة والعذرة من الجوع، هذا وفي وسط المعسكر عرمة حنطة مثل الجبل يغبطون
بها الروم.
فال محمد بن زياد الالهاني: غزونا القسطنطينية، فجعنا حتى هلك ناس كثير، فإن كان الرجل يخرج إلى قضاء الحاجة والآخر ينظر إليه، فإذا قام، أقبل ذاك على رجيعه فأكله، وإن كان الرجل ليذهب إلى الحاجة، فيؤخذ ويذبح ويؤكل، وإن الاهراء من الطعام كالتلال لا نصل إليها نكايد بها أهل القسطنطينية.
فلما استخلف عمربن عبد العزيز، أذن لهم في الترحل عنها.
__________
1) دابق: قرية قرب حلب من أعمال عزاز.
2) مفردها هري: وهو بيت ضخم يجمع فيه طعام السلطان.
(*)

(4/502)


197 - يزيد بن المهلب * ابن أبي صفرة، الامير، أو خالد الازدي.
ولي المشرق بعد أبيه، ثم ولي البصرة لسليمان بن عبدالملك، ثم عزله عمر بن عبد العزيز بعدي بن أرطاة، وطلبه عمر وسجنه (1).
روى عنه ابنه عبدالرحمن، وأبو إسحاق السبيعي.
مولده زمن معاوية سنة ثلاث وخمسنين، وكان الحجاج قد عزله وعذبه، فسأله أن يخفف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مئة ألف درهم.
فقصده الاخطل ومدحه، فأعطاه مئة ألف، فعجب الحجاج من جوده في تلك الحال وعفا عنه.
واعتقله، ثم هرب من حبسه.
وله أخبار في السخاء والشجاعة، وكان الحجاج مزوجا بأخته، وكان يدعو: اللهم إن كان آل المهلب برآء، فلا تسلطني عليهم، ونجهم.
وقيل: هرب يزيد من الحبس، وقصد عبدالملك، فمر بعريب في
البرية، فقال لغلامه: استسقنا منهم لبنا، فسقوه فقال: أعطهم ألفا، قال: إن هؤلاء لا يعرفونك، قال: لكني أعرف نفسي (2).
وقيل: أغرم سليمان بن عبدالملك عمر بن هبيرة الامير ألف ألف درهم، فمشى في جماعة إلى يزيد بن المهلب فأداها عنه، وكان سليمان قد ولاه العراق وخراسان، قال: فودعني عمر بن عبد العزيز وقال: يا يزيد اتق
__________
* المعارف 400، تاريخ اليعقوبي 3 / 52، تاريخ الطبري 6 / 523 وما بعدها، التنبيه والاشراف 277، معجم ما استعجم 950، تاريخ ابن الاثير 5 / 23 وما بعدها، وفيات الاعيان 6 / 278، تاريخ الاسلام 4 / 215، العبر 1 / 125، شذرات الذهب 1 / 124، خزانة الادب 1 / 105، رغبة الآمل 4 / 189.
1) انظر خبر القبض على يزيد بن المهلب في الطبري 6 / 556، وابن الاثير 5 / 48.
2) وفيات الاعيان 6 / 280.
(*)

(4/503)


الله، فإني وضعت الوليد في لحده فإذا هو يرتكض في أكفانه.
قال خليفة (1): فسار يزيد إلى خراسان ثم ردمنها سنة تسع وتسعين، فعزله عمر بعدي بن أرطاة، فدخل ليسلم على عدي، فقبض عليه وجهزه إلى عمر، فسجنه حتى مات عمر.
وحكى المدائني أن يزيد بن المهلب كان يصل نديما له كل يوم بمئة دينار، فلما عزم على السفر، أعطاه ثلاثة آلاف دينار.
قلت: ملوك دهرنا أكرم ! فأولئك كانوا للفاضل والشاعر وهؤلاء يعطون من لا يفهم شيئا ولا فيه نجدة، أكثر من عطاء المتقدمين.
قيل: أمر يزيد بن المهلب بإنفاذ مئة ألف إلى رجل، وكتب إليه: لم أذكرها تمننا، ولم أدع ذكرها تجبرا.
وعنه، قال: من عرف بالصدق، جاز كذبه، ومن عرف بالكذب، لم يجز صدقه.
قال الكلبي: أنشد زياد الاعجم يزيد بن المهلب: وما مات المهلب مذ رأينا * على أعواد منبره يزيدا له كفان: كف ندى وجود * وأخرى تمطر العلق الحديدا فأمر له بألف دينار.
وقيل: إنه حج، فلما حلق رأسه الحلاق، أعطاه ألف درهم، فدهش بها، وقال: أمضي أبشر أمي، قال: أعطوه ألفا أخرى، فقال: امرأتي طالق إن حلقت رأس أحد بعدك، قال: أعطوه ألفين آخرين (2).
قيل: دخل حمزة بن بيض على يزيد في حبسه فأنشده:
__________
1) في تاريخه ص 320.
2) وفيات الاعيان 6 / 280.
(*)

(4/504)


أصبح في قيدك السماح مع ال * حلم وفن الآداب والخطب لا بطر إن تتابعت نعم * وصابر في البلاء محتسب فقال يزيد: ما لنا ولك يا هذا، قال: وجدتك رخيصا، فأجبت أن أسلفك، فقال لخادمه: كم معك من النفقة ؟ قال: نحو عشرة آلاف درهم، قال: ادفعها إليه (1).
غزا يزيد طبرستان، وهزم الاصبهبذ (2) ثم صالحهم على سبع مئة ألف وعلى أربع مئة حمل زعفران.
ثم نكث أهل جرجان فحاصرهم مدة، وافتتحها عنوة، فصلب منهم مسافة فرسخين، وأسر اثني عشر ألفا، ثم ضرب أعناقهم على نهر جرجان حتى دارت الطاحون بدمائهم.
وكان ذا تيه وكبر، رآه مطرف بن الشخير يسحب حلته، فقال له: إن هذه مشية يبغضها الله، قال: أوما تعرفني ؟ ! قال: بلى، أو لك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة (3).
وعنه، قال: الحياة أحب إلي من الموت، وحسن الثناء أحب إلي من الحياة.
وقيل له: ألا تنشئ لك دارا ؟ قال: لا، إن كنت متوليا فدار الامارة، وإن كنت معزولا فالسجن (4).
__________
1) البيتان والخبر في الاغاني ط الدار 12 / 291 بسياق مختلف، وقيل: إنها ليزيد بن الحكم ورواية البيت الاول فيه: أصبح في قيدك السماحة وال * جود وفضل الصلاح والخطب وزاد ثالثا: بززت سبق الجهاد في مهل * وقصرت دون سعيك العرب وذكر الخبر والابيات أيضا بسياق آخر في 16 / 149، 150 (طبعة دار الثقافة) وأما ابن خلكان فقد نسب البيتين للفرزدق، انظر وفيات الاعيان 6 / 300.
2) الاصبهبذ: الامير.
وهو منقول عن الفارسية: (اسبه) جيش، (وبد) رئيس.
3) انظر وفيات الاعيان 6 / 284.
4) وفيات الاعيان 6 / 294.
(*)

(4/505)


قلت: هكذا هو، وإن كان غازيا فالسرج، وإن كان حاجا فالكور (1)، وإن كان ميتا فالقبر، فهل من عامر لدار مقره !.
ثم إن يزيد بن المهلب، لما استخلف يزيد بن عبدالملك غلب على البصرة، وتسمى بالقحطاني، فسار لحربه مسلمة بن عبدالملك، فالتقوا،
فقتل يزيد في صفر سنة اثنتين ومئة.
وقد استوعب ابن عساكر، وابن خلكان أخبار [ يزيد بن ] (2) المهلب بطولها.
قال شعبة بن الحجاج: سمعت الحسن البصري يقول في فتنة يزيد بن المهلب: هذا عدو الله يزيد بن المهلب، كلما نعق بهم ناعق اتبعوه.
وعن أبي بكر الهذلي، أن يزيد قال: أدعوكم إلى سنة عمر بن عبد العزيز، فخطب الحسن، وقال: اللهم اصرع يزيد بن المهلب صرعة تجعله نكالا، يا عجبا لفاسق غير برهة من دهره، ينتهك المحارم، يأكل معهم ما أكلوا، ويقتل من قتلوا، حتى إذا منع شيئا، قال: إني غضبان فاغضبوا، فنصب قصبا عليها خرق، فاتبعه رجرجة ورعاع، يقول: أطلب بسنة عمر، إن من سنة عمر أن توضع رجلاه في القيد، ثم يوضع حيث وضعه عمر (3).
قلت: قتل عن تسع وأربعين سنة، ولقد قاتل قتالا عظيما، وتفللت جموعه، فما زال يحمل بنفسه في الالوف، لا لجهاد، بل شجاعة وحمية، حتى ذاق حمامه.
نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية.
__________
1) الكور: الرحل.
2) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل، فترجمة يزيد عند ابن خلكان تقع في 32 صفحة 6 / 78 - 309، أما عند ابن عساكر في التاريخ فترجمته تقع في القسم المفقود ما بين يزيد بن معاوية ويزيد بن يزيد.
3) انظر وفيات الاعيان 6 / 304.
(*)

(4/506)


198 - حفصة بنت سيرين * (ع) أم الهذيل، الفقيهة، الانصارية.
روت عن أم عطية، وأم الرائح، ومولاها أنس بن مالك، وأبي العالية.
روى عنها أخوها محمد، وقتادة وأيوب، وخالد الحذاء، وابن عون، وهشام بن حسان.
روي عن إياس بن معاوية، قال: ما أدركت أحدا أفضله عليها.
وقال: قرأت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، فذكروا له الحسن وابن سيرين فقال: أما أنا فما أفضل عليها أحدا.
وقال مهدي بن ميمون: مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة أو قضاء حاجة.
قلت: توفيت بعد المئة.

199 - عمرة * * (ع) بنت عبدالرحمن بن سعد بن زرارة بن عدس، الانصارية النجارية المدنية، الفقيهة، تريبة عائشة وتلميذتها، قيل: لابيها صحبة، وجدها سعد من قدماء الصحابة، وهو أخو النقيب الكبير أسعد بن زرارة.
__________
* طبقات ابن سعد 8 / 484، تهذيب الكمال ص 1679، تاريخ الاسلام 4 / 107، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 4 / 258 ب، تهذيب التهذيب 12 / 409، النجوم الزاهرة 1 / 275، خلاصة تذهيب التهذيب 490، شذرات الذهب 1 / 122.
* * طبقات ابن سعد 8 / 480، تهذيب الكمال ص 1697، تاريخ الاسلام 4 / 40، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 4 / 267 ب، تهذيب التهذيب 12 / 438، خلاصة تذهيب التهذيب 494، شذرات الذهب 1 / 114.
(*)

(4/507)


حدثت عن عائشة، وأم سلمة، ورافع بن خديج، وأختها أم هشام بنت حارثة.
حدث عنها ولدها أبو الرجال محمد بن عبدالرحمن، وابناه: حارثة
ومالك، وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم، وابناه: عبد الله، ومحمد والزهري، ويحيى بن سعيد الانصاري، وآخرون.
وكانت عالمة، فقيهة، حجة، كثيرة العلم.
روى أيوب بن سويد، عن يونس، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد أنه قال لي: يا غلام، أراك تحرص على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه ؟ قلت: بلى، قال: عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة، قال: فأتيتها فوجدتها بحرا لا ينزف.
قلت: اختلفوا في وفاتها، فقيل: توفيت سنة ثمان وتسعين.
وقيل: توفيت في سنة ست ومئة.
وحديثها كثير في دواوين الاسلام.

200 - معاذة * (ع) بنت عبد الله، السيدة العالمة، أم الصهباء العدوية البصرية العابدة، زوجة السيد القدوة صلة بن أشيم.
روت عن علي بن أبي طالب، وعائشة، وهشام بن عامر.
حدث عنها أبو قلابة الجرمي، ويزيد الرشك (1)، وعاصم الاحول،
__________
* طبقات ابن سعد 8 / 483، تهذيب الكمال ص 1705، تذهيب التهذيب 4 / 272 ب، تاريخ الاسلام 3 / 304، تهذيب التهذيب 12 / 452، شذرات الذهب 1 / 122، خلاصة تذهيب التهذيب 496.
1) يقال: الرشك هو الكبير اللحية، ويقال: هو الذي يعد على الرماة في السبق.
وقد رجح شارح القاموس الاول وقال: وحقيقة هذه اللفظة: ريشك بزيادة الياء: وريش هو اللحية والكاف للتصغير، أريد به التهويل والتعظيم، ثم عربت بحذف الياء.
انظر التاج (رشك).
(*)

(4/508)


وعمر بن ذر، وإسحاق بن سويد، وأيوب السختياني وآخرون.
وحديثها محتج به في الصحاح، وثقها يحيى بن معين.
بلغنا أنها كانت تحيي الليل عبادة، وتقول: عجبت لعين تنام، وقد علمت طول الرقاد في ظلم القبور.
ولما استشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب، اجتمع النساء عندها، فقالت: مرحبا بكن، إن كنتن جئتن للهناء، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.
وكانت تقول: والله ما أحب البقاء إلا لاتقرب إلى ربي بالوسائل، لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة.
أرخ أبو الفرج بن الجوزي وفاتها في سنة ثلاث وثمانين.
فأما زوجها
201 - صلة بن أشيم * فسيد كبير، لكنه ما روى سوى حديث واحد عن ابن عباس، ومات شهيدا قبل ابن عباس كما قدمنا.

202 - ربيعة بن لقيط * * التجيبي المصري.
روى عن معاوية، وعمرو بن العاص، وابن حوالة.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 134، طبقات خليفة ت 1528، تاريخ البخاري 4 / 321، المعرفة والتاريخ 2 / 77، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 447، الحلية 2 / 237، أسد الغابة 3 / 29، تاريخ الاسلام 3 / 19، البداية والنهاية 9 / 15، الاصابة ت 4132، النجوم الزاهرة 1 / 194.
وقد مرت ترجمته كما أشار المؤلف برقم (333).
* * تاريخ البخاري 3 / 283، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 475، أسد
الغابة 2 / 172، تاريخ الاسلام 3 / 218، و 365، الاصابة ت 2756، تعجيل المنفعة 128، حسن المحاضرة 1 / 267.
(*)

(4/509)


وعنه ابنه إسحاق ويزيد بن أبي حبيب.
وثقه العجلي.
قال يزيد: أخبرني ربيعة بن لقيط، أنه كان مع عمرو بن العاص عام الجماعة، فمطروا دما عبيطا (1)، فلقد رأيتني أنصب الاناء فيمتلئ، وظن الناس أنها الساعة وماجوا، فقام عمرو، فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أيها الناس أصلحوا ما بينكم، ولا يضركم لو اصطدم هذان الجبلان.
ورواه عمرو بن الحارث، عن يزيد، عنه، أنهم كانوا حين قفلوا من العراق، فأمطرت السماء بدجلة دما عبيطا، فقالوا: القيامة وذكر نحوه.

203 - مسلم بن يسار (د، س، ق) القدوة، الفقيه، الزاهد، أبو عبد الله البصري، مولى بني أمية، وقيل: مولى بني تيم من موالي طلحة رضي الله عنه.
روى عن عبادة بن الصامت ولم يلقه، وعن ابن عباس، وابن عمر، وأبيه يسار - فقيل: لابيه صحبة - وعن أبي الاشعث الصنعاني، وغيرهم.
حدث عنه محمد بن سيرين - وهو من طبقته - وقتادة، وثابت البناني، وأيوب السختياني، ومحمد بن واسع، وآخرون.
__________
1) العبيط: الدم الطري.
* طبقات ابن سعد 7 / 186، الزهد لاحمد 248، طبقات خليفة ت 1672، تاريخ البخاري 7 / 275، المعارف 234، المعرفة والتاريخ 2 / 85، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 198، الحلية 2 / 290، طبقات الفقهاء للشيرازي 88، تاريخ ابن عساكر 16 / 243 ب،
تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 93، تهذيب الكمال ص 1329، تاريخ الاسلام 4 / 54 و 203، العبر 1 / 120، تذهيب التهذيب 4 / 38 ب، البداية والنهاية 9 / 186، العقد الثمين 7 / 192 تهذيب التهذيب 10 / 140، خلاصة تذهيب التهذيب 376، شذرات الذهب 1 / 119.
(*)

(4/510)


قال ابن عون: كان لا يفضل عليه أحد في زمانه (1).
وقال ابن سعد (2): كان ثقة، فاضلا، عابدا، ورعا.
وقال علي بن أبي حملة: قدم علينا مسلم بن يسار دمشق، فقالوا له: يا أبا عبد الله، لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك، لاتانا به، فقال: كيف لو رأيتم أبا قلابة (3).
روى هشام، عن قتادة، قال: مسلم بن يسار خامس خمسة من فقهاء البصرة (4).
وروى هشام بن حسان، عن العلاء بن زياد أنه كان يقول: لو كنت متمنيا، لتمنيت فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وصواب مطرف، وصلاة مسلم بن يسار (5).
روى حميد بن الاسود، عن ابن عون، قال: أدركت هذا المسجد وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة مسلم بن يسار (6).
قال ابن عون، عن عبد الله بن مسلم بن يسار: إن أباه كان إذا صلى كأنه ود لا يميل لا هكذا ولا هكذا (7).
__________
1) ابن سعد 7 / 186.
2) في الطبقات 7 / 188.
3) الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 87، وابن عساكر في تاريخه 16 / 244 آ وأضافا:
" فما ذهبت الايام والليالي حتى أتانا الله بأبي قلابة " وانظر الخبر فقد تقدم في ترجمة أبي قلابة ص 469 من هذا الجزء.
4) المعرفة والتاريخ 2 / 88، وابن عساكر 16 / 245 آ.
5) ابن عساكر 16 / 245 ا وانظر صفحة 577 و 602.
6) الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 86، وابن عساكر في تاريخه 16 / 245 آ، وأضافا: " قال: إن في الحلقة من هو أسن منه، غير أنها كانت تنسب إليه ".
7) المعرفة والتاريخ 2 / 85، وابن عساكر 16 / 245 ب.
والود: الوتد.
ثم انظر ابن سعد 7 / 186 والحلية 2 / 291.
(*)

(4/511)


وقال غيلان بن جرير: كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى (1).
وقال ابن شوذب: كان مسلم بن يسار يقول لاهله إذا دخل في في الصلاة: تحدثوا فلست أسمع حديثكم (2).
وروي أنه وقع حريق في داره وأطفئ، فلما ذكر ذلك له قال: ما شعرت (3).
رواها سعيد بن عامر الضبعي، عن معدي بن سليمان.
وقال هشام بن عمار وغيره: حدثنا أيوب بن سويد، حدثنا السري بن يحيى، حدثني أبو عوانة، عن معاوية بن قرة، قال: كان مسلم بن يسار يحج كل سنة ويحجج معه رجالا من إخوانه، تعودوا ذلك، فأبطأ عاما حتى فاتت أيام الحج، فقال لاصحابه: اخرجوا، فقالوا: كيف ؟ قال: لابد أن تخرجوا، ففعلوا استحياء منه، فأصابهم حين جن عليهم الليل إعصار شديد حتى كاد لا يرى بعضهم، بعضا، فأصبحوا وهم ينظرون إلى جبال تهامة، فحمدوا الله، فقال: ما تعجبون من هذا في قدرة الله تعالى (4) !
قال قتادة: قال مسلم بن يسار في الكلام في القدر: هما واديان عميقان، يسلك فيهما الناس، لن يدرك غورهما، فاعمل عمل رجل تعلم أنه لن ينجيك إلا عملك، وتوكل توكل رجل تعلم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك (5).
__________
1) الحلية 2 / 291 وابن عساكر 16 / 245 ب.
وأورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 85 بطريق أخرى.
2) الحلية 2 / 290 وابن عساكر 16 / 246 آ، وانظر ابن سعد 7 / 186.
3) ابن عساكر 16 / 246 آ، وانظر ابن سعد 7 / 186.
4) ابن عساكر 16 / 247 آ.
5) ابن عساكر 16 / 248 ب.
(*)

(4/512)


قال ابن عون: لما وقعت الفتنة زمن ابن الاشعث، خف مسلم فيها، وأبطأ الحسن، فارتفع الحسن، واتضع مسلم.
قلت: إنما يعتبر ذلك في الآخرة، فقد يرتفعان معا.
قال أيوب السختياني: قيل لابن الاشعث: إن أردت أن يقتلوا حولك كما قتلوا يوم الجمل حول حمل عائشة فأخرج معك مسلم بن يسار، فأخرجه مكرها (1).
قال أيوب عن أبي قلابة: قال لي مسلم بن يسار: إني أحمد الله إليك، (أني لم أرم بسهم و) لم أضرب فيها (2) بسيف، قلت له: فكيف بمن رآك بين الصفين فقال: هذا (مسلم بن يسار) لن يقاتل إلا على حق، فقاتل حتى قتل ؟ فبكى والله حتى وددت أن الارض انشقت، فدخلت فيها (3).
قال أيوب السختياني: وفي القراء الذين خرجوا مع ابن الاشعث، لا
أعلم أحدا منهم قتل، إلا رغب له عن مصرعه، أو نجا إلا ندم على ماكان منه (4).
قال سفيان بن عيينة: إن الحسن البصري لما مات مسلم بن يسار قال: وامعلماه (5).
قلت: لمسلم رحمة الله عليه ترجمة حافلة في تاريخ الحافظ ابن عساكر (6).
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 86 وابن عساكر 16 / 248 ب.
(2) الضمير عائد على فتنة ابن الاشعث.
(3) ابن عساكر 16 / 248 ب، وما بين الحاصرتين منه، وانظر ابن سعد 7 / 188.
والمعرفة والتاريخ 2 / 86، 87.
(4) انظر ابن سعد 7 / 188.
(5) ابن عساكر 16 / 249 آ.
(6) 16 / 243 ب.
(*)

(4/513)


قال خليفة بن خياط والفلاس: مات سنة مئة.
وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة إحدى ومئة.

204 - مسلم بن يسار * (د، ت، ق) أبو عثمان المصري الطنبذي - وطنبذ (1) قرية من قرى مصر فكان رضيع الخليفة عبدالملك.
حدث عن أبي هريرة، وابن عمر.
حدث عنه بكر بن عمرو المعافري، وأبو هانئ حميد بن هانئ وعبد الرحمن بن زياد الافريقي، وجماعة.
وهو قليل الحديث، صدوق.
قال الدارقطني: يعتبر به.

205 - ومسلم بن يسار * * (د، ت، س) الجهني، تابعي، روى شيئا عن عمر، وقيل: عن نعيم عن عمر.
روى عنه عبد الحميد بن عبدالرحمن الخطابي.

206 - ومسلم بن يسار * * * الدوسي، له شئ عن مولاه لام سلمة.

______________
* (الهامش) *
* طبقات خليفة ت 2784، تاريخ البخاري 7 / 275، الجرح والتعديل القسم االاول من المجلد الرابع 199، تهذيب الكمال ص 1329، 1631، تاريخ الاسلام 4 / 55 و 203، تذهيب التهذيب 4 / 39 آ، تهذيب التهذيب 10 / 141، حسن المحاضرة 1 / 262، خلاصة تذهيب التهذيب 376، تاج العروس (طنبذ).
(1) كذا الاصل وأنساب السمعاني واللباب وتاج العروس، أما ياقوت فقد ضبطه في معجم البلدان بالفتح وزيادة تاء (طنبذة) وقال: قرية من أعمال البهنسى من صعيد مصر.
* * تاريخ البخاري 7 / 276، تهذيب الكمال ص 1330، تذهيب التهذيب 4 / 39 آ ميزان الاعتدال 4 / 108، تهذيب التهذيب 10 / 142.
* * * الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 199، ميزان الاعتدال 4 / 108.
(*)

(4/514)


207 - زياد بن جبير (1) * (ع) ابن حية الثقفي البصري، عن أبيه وسعد بن أبي وقاص، والمغيرة بن شعبة، وابن عمر.
وعنه ابنا أخيه سعيد ومغيرة ابنا عبيدالله، ويونس بن عبيد، وابن عون، ومبارك بن فضالة، وعدة.
وثقه النسائي.

208 - عياض بن عبد الله * * (ع) ابن سعد بن أبي سرح القرشي، العامري، المصري، ابن أمير مصر حدث عن أبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عمر.
وعنه بكير بن الاشج، وزيد بن أسلم، وسعيد المقبري، وداود بن قيس، وعبيدالله بن عمر، ومحمد بن عجلان، وحديثه في دواوين الاسلام.

209 - زرارة بن أوفى * * * (ع) الامام الكبير، قاضي البصرة، أبو حاجب العامري، البصري، أحد الاعلام.
__________
(1) تكررت ترجمة زياد بن جبير في ص 605.
* طبقات خليفة 1697، تاريخ البخاري 3 / 347، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 526، تهذيب الكمال ص 441، تاريخ الاسلام 4 / 133، تذهيب التهذيب 1 / 242 آ، تهذيب التهذيب 3 / 357، خلاصة تذهيب التهذيب 124.
* * طبقات ابن سعد 5 / 242، تاريخ البخاري 7 / 21، الجرح التعديل القسم الاول من المجلد الثالث 408، تهذيب الكمال ص 1079، تاريخ الاسلام 4 / 178، تذهيب التهذيب 3 / 126 ب، تهذيب التهذيب 8 / 200، خلاصة تذهيب التهذيب 301.
* * * طبقات ابن سعد 7 / 150، طبقات خليفة ت 1571، تاريخ البخاري 3 / 438، أخبار القضاة 1 / 292، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 603، الحلية 2 / 258، = (*)

(4/515)


سمع عمران بن حصين، وأبا هريرة، وابن عباس.
روى عنه أيوب السختياني، وقتادة، وبهز بن حكيم، وعوف الاعرابي، وآخرون.
وثقه النسائي وغيره.
صح أنه قرأ في صلاة الفجر فلما قرأ: (فإذا نقر في الناقور) [ المدثر: 8 ]
خر ميتا.
وكان ذلك في سنة ثلاث وتسعين.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل، أبنأنا أبو المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا معاذ ابن المثنى، حدثنا إبراهيم بن أبي سويد الذارع، حدثنا صالح المري، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس، قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله ؟ فقال: " الحال المرتحل " قال: يا رسول الله، وما الحال المرتحل ؟ قال: " صاحب القرآن، يضرب في أوله حتى يبلغ آخره، وفي آخره حتى يبلغ أوله " (1).
وكذا رواه يعقوب الحضرمي، وزيد بن الحباب، عن صالح، وهو لين.
عتاب بن المثنى القشيري، حدثنا بهز بن حكيم، قال: صلى بنا زرارة في مسجد بني قشير، فقرأ: (فإذا نقر في الناقور) [ المدثر: 8 ] فخر ميتا، فكنت فيمن حمله إلى داره، وقدم الحجاج البصرة وهو يقص في داره (2).
__________
= تهذيب الكمال ص 429، تاريخ الاسلام 3 / 368، العبر 1 / 109، تذهيب التهذيب 1 / 236 آ، البداية والنهاية 9 / 93، تهذيب التهذيب 3 / 322، خلاصة تذهيب التهذيب 121، شذرات الذهب 1 / 102.
(1) الحلية 2 / 260، وإسناده ضعيف لضعف صالح المري.
(2) الحلية 2 / 258، 259.
(*)

(4/516)


210 - صلة بن زفر * (ع) العبسي الكوفي، تابعي كبير، ثقة، فاضل، مخرج له في الكتب كلها.
يروي عن علي، وابن مسعود، وعمار.
حدث عنه شتير بن شكل، وأبو إسحاق، وأيوب السختياني، وما أظنه شافهه، لانه يقال: توفي في زمن مصعب، وولايته على العراق.

211 - يزيد بن الاصم * * (م 4) من جلة التابعين بالرقة، ولابيه صحبة، وهو عمرو، ويقال: عبد عمرو، ويقال عدس بن معاوية، الامام، الحافظ، أبو عوف العامري، البكائي.
حدث عن خالته أم المؤمنين ميمونة، وابن خالته ابن عباس، وعلي ابن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وعائشة، ومعاوية، وعوف بن مالك، وغيرهم.
ولم تصح روايته عن علي، وقد أدركه وكان بالكوفة في خلافته.
حدث عنه ابن أخيه عبد الله بن عبد الله بن الاصم، وميمون بن
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 195، طبقات خليفة ت 1006، تاريخ البخاري 4 / 321، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 446، تاريخ بغداد 9 / 335، تهذيب الكمال ص 613، تاريخ الاسلام 3 / 163، تذهيب التهذيب 2 / 95 ب، تهذيب التهذيب 4 / 437، خلاصة تذهيب التهذيب 176.
* * طبقات ابن سعد 7 / 479، طبقات خليفة ت 3067، تاريخ البخاري 8 / 318، المعرفة والتاريخ 1 / 396، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 252، الحلية 4 / 97، تاريخ ابن عساكر 18 / 124 آ، أسد الغابة 5 / 104، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 161، تهذيب الكمال ص 1532، تاريخ الاسلام 4 / 210، العبر 1 / 126، تذهيب التهذيب 4 / 172 ب، العقد الثمين 7 / 460، الاصابة ت 9381، تهذيب التهذيب 11 / 313، خلاصة تذهيب التهذيب 430.
(*)

(4/517)


مهران، وابن أخيه عبيدالله بن عبد الله، وراشد بن كيسان، وأبو إسحاق
الشيباني، وابن شهاب، وأجلح الكندي، وعلي بن بذيمة، ويزيد بن يزيد ابن جابر على خلاف فيه، وجعفر بن برقان، وليث بن أبي سليم، وأبو جناب الكلبي، وعبد الملك بن عطاء، وآخرون.
وأمه برزة الهلالية (1) أخت أم المؤمنين، وأم الفضل لبابة الكبرى (2)، وعصمة والدة خالد بن الوليد (3).
وكان كثير الحديث، قاله ابن سعد.
وثقه العجلي وأبو زرعة والنسائي وغيرهم.
قال هشام بن الكلبي: سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاصم عبدالرحمن، وكتب له بمائه الذي أسلم عليه ذي القصة (4)، قال: وكان من أصحاب الظلة - يعني أصحاب الصفة (5).
وقال ابن عمار الموصلي: هو ابن أخت ميمونة وهي ربته (6).
قال ابن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني، قال: دخلت مع الشعبي المسجد فقال: هل ترى أحدا من أصحابنا نجلس إليه ؟ ثم نظر فرأى
__________
(1) انظر ترجمتها في طبقات ابن سعد 8 / 280، والاصابة - نساءت 718.
(2) انظر ترجمتها في طبقات ابن سعد 8 / 277، والاصابة - نساءت 1448.
(3) انظر ترجمتها في طبقات ابن سعد 8 / 279، والاصابة - نساءت 943.
(4) ذو قصة: موضع بين زبالة والشقوق، دون الشقوق بميلين، فيه قلب للاعراب يدخلها ماء عذب زلال.
وقال نصر: ذو القصة موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا وهو طريق الربذة، انظر معجم البلدان.
(5) ابن عساكر 18 / 126 آ، وأهل الصفة كانوا أضياف الاسلام، كانوا يبيتون في مسجده صلى الله عليه وسلم، وهي موضع مظلل من المسجد.
(6) ابن عساكر 18 / 126 ب.
(*)

(4/518)


يزيد بن الاصم فقال: هل لك أن نجلس إليه فإن خالته ميمونة، فجلسنا إليه (1).
قال شيخنا في تهذيبه: يقال إن له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال بعض ولد يزيد بن الاصم: إنه مات سنة إحدى ومئة (2).
وقال أبو عبيد وأبو عروبة الحراني: مات سنة ثلاث ومئة.
وروى الواقدي عن سليمان بن عبد الله بن الاصم، أن يزيد بن الاصم مات سنة ثلاث، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
جعفر بن برقان، عن يزيد بن الاصم، عن ميمونة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه (3).

212 - يزيد بن الحكم * ابن أبي العاص الثقفي، البصري، من فصحاء الشعراء.
حدث عن عمه عثمان بن أبي العاص.
روى عنه معاوية بن قرة، وعبد الرحمن بن إسحاق.
وله وفادة على سليمان بن عبدالملك، فوصله بمال جسيم، وكان قد عين لامرة فارس.
ومن شعره: شريت الصبا والجهل بالحلم والتقى * وراجعت عقلي والحليم يراجع
__________
(1) المصدر السابق.
(2) ابن عساكر 18 / 125 ب، وانظر ابن سعد 7 / 479.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (497) (239) وأبو داود (898) والنسائي 2 / 213.
* الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 257، الاغاني ط الدار 12 / 286، سمط اللآلي 238، تاريخ ابن عساكر 21 / 134 ب، تاريخ الاسلام 4 / 211، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 1 / 113، رغبة الآمل 8 / 40، 48.
(*)

(4/519)


أبي الشيب والاسلام أن أتبع الهوى * وفي الشيب والاسلام للمرء وازع (1)
213 - إبراهيم النخعي * (ع) الامام، الحافظ، فقيه العراق، أبوعمران، إبراهيم بن يزيد بن قيس ابن الاسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع ] (2) النخعي، اليماني ثم الكوفي، أحد الاعلام، وهو ابن مليكة أخت الاسود بن يزيد.
[ روى ] عن خاله، ومسروق، وعلقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، وأبي زرعة البجلي، وخيثمة بن عبدالرحمن، والربيع بن خثيم، وأبي الشعثاء المحاربي، وسم بن منجاب، وسويد بن غفلة، والقاضي شريح، وشريح ابن أرطاة، وأبي معمر عبد الله بن سخبرة، وعبيد بن نضيلة، وعمارة بن عمير، وأبي عبيدة بن عبد الله، وأبي عبدالرحمن السلمي، وخاله عبد الرحمن بن يزيد، وهمام بن الحارث، وخلق سواهم من كبار التابعين.
ولم نجد له سماعا من الصحابة المتأخرين الذين كانوا معه بالكوفة
__________
(1) البيت الاخير في حماسة ابن الشجري 139.
* طبقات ابن سعد 6 / 270، طبقات خليفة ت 1140، تاريخ البخاري 1 / 333، المعارف 463، المعرفة والتاريخ 2 / 100 و 604، الجرح والتعدل القسم الاول من المجلد الاول 144، الحلية 4 / 219، طبقات الفقهاء للشيرازي 82، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 104، وفيات الاعيان 1 / 25، تهذيب الكمال ص 68، تذكرة الحفاظ 1 / 69، تاريخ الاسلام 3 / 335، العبر 1 / 113، تذهيب التهذيب 1 / 45 آ، البداية والنهاية 9 / 140، غاية النهاية ت 125، تهذيب التهذيب 1 / 177، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 29، خلاصة تذهيب التهذيب 23 شذرات الذهب 1 / 111.
(2) في الاصل: " ربيعة بن ذهل " مكرر سهوا، وما بين الحاصرتين ساقط، وقد ساق ابن حزم نسبه في الجمهرة 415 على الشكل التالي: " إبراهيم بن يزيد بن الاسود بن ربيع بن ذهل بن حارثة ابن سعد بن مالك بن النخع " أما عند ابن سعد وخليفة وابن خلكان فبإسقاط " ذهل ".
(*)

(4/520)


كالبراء وأبي جحيفة وعمرو بن حريث.
وقد دخل على أم المؤمنين عائشة وهو صبي، ولم يثبت له منها سماع، على أن روايته عنها في كتب أبي داود والنسائي والقزويني، فأهل الصنعة يعدون ذلك غير متصل مع عدهم كلهم لابراهيم في التابعين، ولكنه ليس من كبارهم، وكان بصيرا بعلم ابن مسعود، واسع الرواية، فقيه النفس، كبير الشأن، كثير المحاسن، رحمه الله تعالى.
روى عنه الحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة، وحماد بن أبي سليمان تلميذه، وسماك بن حرب، ومغيرة بن مقسم تلميذه، وأبو معشر بن زياد بن كليب، وأبو حصين عثمان بن عاصم، ومنصور بن المعتمر، وعبيدة بن معتب، وإبراهيم بن مهاجر، والحارث العكلي، وسليمان الاعمش، وابن عون، وشباك الضبي، وشعيب بن الحبحاب، وعبيدة بن معتب (1)، وعطاء ابن السائب، وعبد الرحمن بن أبي الشعثاء المحاربي، وعبد الله بن شبرمة، وعلي بن مدرك، وفضيل بن عمرو الفقيمي، وهشام بن عائذ الاسدي، وواصل بن حيان الاحدب، وزبيد اليامي، ومحمد بن خالد الضبي، ومحمد ابن سوقة، ويزيد بن أبي زياد، وأبو حمزة الاعور ميمون، وخلق سواهم.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: لم يحدث عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أدرك منهم جماعة، ورأى عائشة.
وكان مفتي أهل الكوفة هو والشعبي في زمانهما، وكان رجلا صالحا، فقيها، متوقيا، قليل التكلف وهو مختف من الحجاج.
روى أبو أسامة، عن الاعمش، قال: كان إبراهيم صيرفي الحديث (2).
__________
(1) سبق ذكره قبل سطرين.
(2) أورده أبو نعيم في الحلية 4 / 219، 220 مطولا.
(*)

(4/521)


وروى جرير عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: كان الشعبي وإبراهيم وأبو الضحى يجتمعون في المسجد يتذاكرون الحديث، فإذا جاءهم شئ ليس فيه عندهم رواية، رموا إبراهيم بأبصارهم (1).
قال يحيى بن معين: مراسيل إبراهيم أحب إلى من مراسيل الشعبي.
قاله عباس عنه.
قال ابن عون: وصفت إبراهيم لابن سيرين، قال: لعله ذاك الفتى الاعور الذي كان يجالسنا عند علقمة، كان في القوم وكأنه ليس فيهم (2).
شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، قال: ما كتبت شيئا قط (3).
قال مغيرة: كنا نهاب إبراهيم هيبة الامير (4).
وقال طلحة بن مصرف: ما بالكوفة أعجب إلي من إبراهيم وخيثمة (5).
قال فضيل الفقيمي: قال لي إبراهيم: ما كتب إنسان كتابا إلا اتكل عليه (5).
قال أبو قطن: حدثنا شعبة، عن الاعمش: قلت لابراهيم: إذا حدثتني عن عبد الله فأسند، قال: إذا قلت: قال عبد الله، فقد سمعته من غير واحد من الصحابة، وإذا قلت: حدثني فلان، فحدثني فلان (6).
وقال مغيرة: كره إبراهيم أن يستند إلى سارية (7).
__________
(1) الحلية 4 / 221 بخلاف يسير.
(2) ابن سعد 6 / 270.
(3) المصدر السابق والمعرفة والتاريخ 2 / 609.
(4) ابن سعد 6 / 271 والمعرفة والتاريخ 2 / 604.
(5) ابن سعد 6 / 271.
(6) ابن سعد 6 / 272 وانظر ص 527 من هذا الجزء.
(7) ابن سعد 6 / 273.
(*)

(4/522)


حماد بن زيد، عن ابن عون: جلست إلى إبراهيم، فقال في المرجئة قولا غيره أحسن منه.
وجاء ذم الارجاء من وجوه عنه (1).
وقال سعيد بن جبير: أتستفتوني وفيكم إبراهيم (2) ؟.
قال الحاكم: كان إبراهيم النخعي يحج مع عمه وخاله علقمة والاسود.
وكان يبغض المرجئة ويقول: لانه على هذه الامة - من المرجئة - أخوف عليهم من عدتهم من الازارقة (3).
توفي وله تسع وأربعون سنة.
حماد بن زيد: حدثنا شعيب بن الحبحاب، حدثتني هنيدة امرأة إبراهيم، أن إبراهيم كان يصوم يوما ويفطر يوما (4).
قال سعيد بن صالح الاشج، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، قال: ما بها عريف إلا كافر (5).
عفان: حدثنا يعقوب بن إسحاق، حدثنا ابن عون، قال: كان إبراهيم يأتي السلطان، فيسألهم الجوائز (6).
وقال محمد بن ربيعة الكلابي عن العلاء بن زهير، قال: قدم إبراهيم على أبي وهو على حلوان، فحمله على برذون، وكساه أثوابا، وأعطاه ألف
درهم فقبله (6).
__________
(1) انظر ابن سعد 6 / 273، 274.
(2) ابن سعد 6 / 270 والحلية 4 / 221.
(3) ابن سعد 6 / 274.
(4) ابن سعد 6 / 276 والحلية 4 / 224.
(5) ابن سعد 6 / 276.
(6) ابن سعد 6 / 277.
(*)

(4/523)


قال الاعمش: ربما رأيت إبراهيم يصلي ثم يأتينا، فيمكث ساعة كأنه مريض (1).
قال أبو حنيفة عن حماد، قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج، فسجد، ورأيته يبكي من الفرح (2).
وقال سلمة بن كهيل: ما رأيت إبراهيم في صيف قط إلا وعليه ملحفة حمراء وإزار أصفر (3).
وقال مغيرة: رأيت إبراهيم يرخي عمامته من ورائه (4).
وقال يحيى القطان: [ مات وهو ] (5) ابن نيف وخمسين بعد الحجاج بأربعة أشهر أو خمسة.
قال محمد بن سعد: دخل إبراهيم على أم المؤمنين عائشة، وسمع زيد ابن أرقم، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك.
روى عنه الشعبي، ومنصور، والمغيرة بن مقسم، والاعمش وغيرهم من التابعين.
عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي
أنيسة، عن طلحة بن مصرف، قال: قلت لابراهيم النخعي: يا أبا عمران، من أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: دخلت على أم المؤمنين عائشة.
__________
(1) ابن سعد 6 / 279 والمعرفة والتاريخ 2 / 605.
(2) ابن سعد 6 / 280.
(3) ابن سعد 6 / 281، وقد رواه بطريق أخرى 6 / 282 عن أكيل قال: ما رأيت.
(4) انظر ابن سعد 6 / 283.
(5) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل، استدركناه من ابن سعد 6 / 284.
(*)

(4/524)


سليمان بن داود المباركي: حدثنا أبو شهاب، عن الحسن بن عمرو، عن أبيه، أنه دخل على إبراهيم فقال: يا أبا عمران.
وقال ضمرة بن ربيعة: سمعت رجلا يذكر أن حماد بن أبي سليمان قدم عليهم البصرة، فجاءه فرقد السبخي وعليه ثوب صوف، فقال له: ضع عنك نصرانيتك هذه، فلقد رأيتني (1) ننتظر إبراهيم فيخرج عليه معصفرة، ونحن نرى أن الميتة قد حلت له (2).
شعبة، عن أبي معشر، عن النخعي، أنه كان يدخل على عائشة فيرى عليها ثيابا حبرا، فقال أيوب: وكيف كان يدخل عليها ؟ ! قال: كان يخرج مع عمه وخاله حاجا وهو غلام قبل أن يحتلم، وكان بينهم ود وإخاء، وكان بينهما وبين عائشة ود وإخاء (3).
شريك، عن سليمان بن يسير، عن إبراهيم: أدخلني خالي الاسود على عائشة وعلي أوضاح (4).
جرير، عن مغيرة، قال: كان إبراهيم يدخل على عائشة مع الاسود
وعلقمة، ومات وله سبع وخمسون سنة أو نحوه.
وقال سليم بن أخضر: حدثنا ابن عون، قال: مات إبراهيم وهو ما بين الخمسين إلى الستين.
علي بن عاصم: حدثنا مغيرة، قال: قيل لابراهيم: قتل الحجاج سعيد ابن جبير، قال: يرحمه الله، ما ترك بعده خلف، قال: فسمع بذلك
__________
(1) لفظ الحلية " رأيتنا ".
(2) الحلية 4 / 221، 222.
(3) انظر ابن سعد 6 / 271.
(4) الاوضاح: حلي من الدراهم أو الفضة.
(*)

(4/525)


الشعبي فقال: هو بالامس يعيبه بخروجه على الحجاج، ويقول اليوم هذا ! فلما مات إبراهيم، قال الشعبي: ما ترك بعده خلف.
نعيم بن حماد: حدثنا جرير، عن عاصم، قال: تبعت الشعبي، فمررنا بإبراهيم، فقام له إبراهيم عن مجلسه، فقال له الشعبي: أما إني أفقه منك حيا، وأنت أفقه مني ميتا، وذاك أن لك أصحابا يلزمونك، فيحيون علمك (1).
محمد بن طلحة بن مصرف: حدثني ميمون أبو حمزة الاعور، قال: قال لي إبراهيم: تكلمت، ولو وجدت بدا، لم أتكلم، وإن زمانا أكون فيه فقيها لزمان سوء (2).
قال أبو حمزة الثمالي: كنت عند إبراهيم النخعي، فجاء رجل فقال: يا أبا عمران، إن الحسن البصري يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.
فقال رجل: هذا من قاتل على الدنيا، فأما قتال من بغى، فلا بأس به: فقال إبراهيم: هكذا قال أصحابنا عن ابن مسعود، فقالوا له: أين
كنت يوم الزاوية (3) ؟ قال: في بيتي، قالوا: فأين كنت يوم الجماجم (4) ؟ قال: في بيتي، قالوا: فإن علقمة شهد صفين مع علي، فقال: بخ بخ، من لنا مثل علي بن أبي طالب ورجاله.
عن شعيب بن الحبحاب، قال: كنت فيمن دفن إبراهيم النخعي ليلا
__________
(1) انظر ابن سعد 6 / 284.
(2) الحلية 4 / 223.
(3) الزاوية: موضع قرب البصرة، كانت به الوقعة المشهورة بين الحجاج وعبد الرحمن بن الاشعث، قتل فيها خلق كثير من الفريقين وذلك في سنة 83 للهجرة.
انظر معجم البلدان وتاريخ الطبري 6 / 342.
(4) يوم الجماجم كان بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الاشعث سنة 83 أو 82 ه على سبعة فراسخ من الكوفة.
(*)

(4/526)


سابع سبعة أو تاسع تسعة، فقال الشعبي: أدفنتم صاحبكم ؟ قلت: نعم.
قال: أما إنه ما ترك أحدا أعلم منه، أو أفقه منه، قلت: ولا الحسن ولا ابن سيرين ؟ قال: نعم، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة، ولا من أهل الحجاز - وفي رواية: ولا من أهل الشام (1).
روى الترمذي (2) من طريق شعبة عن الاعمش، قال: قلت لابراهيم النخعي: أسند لي عن ابن مسعود، فقال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله ابن مسعود، فهو الذى سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله.
في سن إبراهيم قولان: أحدهما عاش تسعا وأربعين سنة، الثاني أنه عاش ثمانيا وخمسين سنة.
مات سنة ست وتسعين.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، وعبد الولي بن عبدالرحمن، وأحمد بن هبة الله، وعيسى بن بركة، وجماعة، قالوا: أبنأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء حضورا في سنة تسع وأربعين وخمس مئة، أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر بن زنبور، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قال عبد الله: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله.
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب كانت تقرأ القرآن، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنت لعنت الواشمات والمستوشمات
__________
(1) أورده أبو نعيم في الحلية 4 / 220 مطولا، وانظر ابن سعد 6 / 284.
(2) أي في كتاب العلل ص 223 بشرح الحافظ ابن رجب الحنبلي.
(*)

(4/527)


والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ؟ قال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله.
فقالت: والله لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته (1).
قال أبو عبيد الآجري: حدثنا أبو داود، حدثونا عن الاشجعي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كانوا يرون أن كثيرا من حديث أبي هريرة منسوخ.
قلت: وكان كثير من حديثه ناسخا، لان إسلامه ليالي فتح خيبر، والناسخ والمنسوخ في جنب ما حمل من العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم نزر قليل، وكان من أئمة الاجتهاد، ومن أهل الفتوى رضي الله عنه.
فالسنن الثابتة لا ترد
بالدعاوي.
قال أبو داود: حدثنا ابن أبي السري، حدثنا يونس بن بكير، عن الاعمش، قال: ما رأيت أحدا أرد لحديث لم يسمعه من إبراهيم.
وقيل: إن إبراهيم لما احتضر، جزع جزعا شديدا، فقيل له في ذلك، فقال: وأي خطر أعظم مما أنا فيه، أتوقع رسولا يرد علي من ربي إما بالجنة وإما بالنار، والله لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة (2).
__________
(1) أخرجه البخاري 10 / 313، 314 في اللباس باب المتفلجات للحسن، وباب المتنمصات، وباب الموصولة، وباب المستوشمة، ومسلم (2125) في اللباس والزينة باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة وفيه زيادة: " قال ابن مسعود: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [ الحشر: 7 ].
والوشم هو أن تغرز المرأة ظهر كفها ومعصمها بإبرة أو بمسلة حتى تؤثر فيه، ثم تحشوه بالكحل أو النيل أو بالنؤور - والنؤور دخان الشحم - فيزرق أثره أو يخضر.
والنامصة التي تزين النساء بالنمص وهو نتف الشعر من الوجه.
والمتفلجات: من الفلج وهو تباعد ما بين الاسنان، يكون خلقة.
والمتفلجات هن اللاتي يفعلن ذلك ويتكلفنه - اه.
(لسان).
(2) وفيات الاعيان 1 / 25.
(*)

(4/528)


روى ابن عيينة، عن الاعمش، قال: جهدنا أن نجلس إبراهيم النخعي إلى سارية، وأردناه على ذلك، فأبى، وكان يأتي المسجد وعليه قباء وريطة (1) معصفرة.
قال: وكان يجلس مع الشرط.
قال أحمد بن حنبل: كان إبراهيم ذكيا، حافظا، صاحب سنة.
قال مغيرة: كان إبراهيم إذا طلبه إنسان لا يحب لقاءه خرجت الجارية، فقالت: اطلبوه في المسجد (2).
روى قيس عن الاعمش، عن إبراهيم، قال: أتى رجل، فقال: إني ذكرت رجلا بشئ، فبلغه عني، فكيف أعتذر إليه ؟ قال: تقول: والله إن الله ليعلم ما قلت من ذلك من شئ.
قال أبو عمر والداني: أخذ إبراهيم القراءة عرضا عن علقمة، والاسود.
قرأ عليه الاعمش، وطلحة بن مصرف.
وروى وكيع عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بدعة (3).

214 - أبو نضرة * (م 4) المنذر بن مالك بن قطعة، الامام، المحدث الثقة، أبو نضرة العبدي
__________
(1) القباء: ثوب يلبس فوق الثياب أو القميص ويتمنطق عليه، والريطة، الملاءة كلها نسج واحد وقطعة واحدة.
(2) انظر وفيات الاعيان 1 / 25.
(3) أخرج أحمد 4 / 85 والترمذي (244) والنسائي 2 / 135 عن ابن عبد الله بن مغفل وقال: سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم وقال: أي بني إياك والحدث، فقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا صليت فقل: الحمد لله رب العالمين، وهو حديث حسن.
انظر شرح السنة 3 / 52، 57.
* طبقات ابن سعد 7 / 208، طبقات خليفة ت 1718، تاريخ البخاري 7 / 355، = (*)

(4/529)


ثم العوقي البصري، والعوقة بطن من عبدالقيس.
حدث عن علي، وأبي هريرة، وعمران بن حصين، وابن عباس، وابن عمر، وجابر بن سمرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر، وابن الزبير، وطائفة من الصحابة، وأرسل عن أبي ذر.
وحدث أيضا عن صهيب مولى ابن عباس، وسمير (1) بن نهار، وسعد ابن الاطول، وعبد الله بن مولة، وقيس بن عباد، وأبي فراس النهدي، وعدة.
وكان من كبار العلماء بالبصرة.
حدث عنه قتادة، ويحيى بن كثير، وسليمان التيمي، وعاصم الاحول، وأبو بشر، وعلي بن زيد بن جدعان، وسعيد الجريري، وحميد الطويل، وداود بن أبي هند، والصلت بن دينار، وعبد العزيز بن صهيب، وعوف الاعرابي، وكهمس بن الحسن، وأبو الاشهب العطاردي، والمستمر بن الريان، وأبو عقيل الدورقي، والقاسم بن الفضل الحداني، وابنه عبدالملك ابن أبي نضرة، والعوام بن حمزة، وسعيد بن أبي عروبة، وسويد بن حجير، وعبد الله بن شوذب، وخلق سواهم.
قال أحمد بن حنبل: ما علمت إلا خيرا.
وروى إسحاق الكوسج عن يحيى: ثقة.
وقال أبو زرعة والنسائي: ثقة.
وقال ابن سعد (2): ثقة كثير الحديث، وليس كل أحد يحتج به.
__________
= المعارف 449، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 241، الحلية 3 / 97، تهذيب الكمال ص 1375، 1659، العبر 1 / 133، تاريخ الاسلام 4 / 225، تذهيب التهذيب 4 / 69 ب، البداية والنهاية 9 / 259، تهذيب التهذيب 10 / 302، خلاصة تذهيب التهذيب 387، شذرات الذهب 1 / 135.
(1) ويقال شتير.
(2) في الطبقات 7 / 208.
(*)

(4/530)


سالم بن نوح: أنبأنا الجريري، عن أبي نضرة قال: خرج علينا طلحة بن عبيدالله في ثوبين ممصرين (1).
وقال ابن حبان في " الثقات ": كان ممن يخطئ، وكان من فصحاء ؟ ؟ الناس.
فلج في آخر عمره.
مات سنة ثمان ومئة، أو سنة سبع.
وأوصى أن يصلي عليه الحسن، فصلى عليه، وذلك في إمارة عمر بن هبيرة على العراق.
قلت: استشهد به البخاري ولم يرو له.
وقد أورده العقيلي وابن عدي في كتابيهما فما ذكرا له شيئا يدل على لين فيه.
بلى قال ابن عدي: كان عريفا لقومه.
قلت: هو ممن اشتهر بالكنية، وقع لي حديثه بعلو: أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروني، أنبأنا عبدالمعز بن محمد البزاز، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا أبو سعيد الكنجروذي، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا شيبان، حدثنا أبو الأشهب، نبأنا أبو نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلته، فجعل يضرب يمينا وشمالا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من كان معه فضل ظهر، فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له " فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لاحد منا في فضل.
وبه: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم: " تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا
__________
(1) الثوب الممصر: المصبوغ بحمرة خفيفة.
(*)

(4/531)


يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ".
أخرجهما مسلم (1) من طريق أبي الاشهب.

215 - بكر بن عبد الله * (ع) ابن عمرو، الامام، القدوة، الواعظ، الحجة، أبو عبد الله المزني، البصري، أحد الاعلام، يذكر مع الحسن وابن سيرين.
حدث عن المغيرة بن شعبة، وابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وأبي رافع الصائغ، وعدة.
حدث عنه ثابت البناني، وعاصم الاحول، وسليمان التيمي، وحبيب العجمي، وحميد الطويل، وقتادة، وغالب القطان، وأبو عامر صالح الخزاز، ومبارك بن فضالة، وصالح المري، وابنه عبد الله بن بكر، وآخرون.
قال محمد بن سعد الكاتب (2): كان بكر المزني ثقة، ثبتا، كثير الحديث، حجة، فقيها.
قال سليمان التيمي: الحسن شيخ البصرة، وبكر المزني فتاها (3).
وقال عبد الله بن بكر: أخبرتني أختي قالت: كان أبوك قد جعل على
__________
1) الاول برقم (1728) في اللقطة باب استحباب المواساة بفضول المال.
والثاني برقم (438) في الصلاة باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الاول.
* طبقات ابن سعد 7 / 209 طبقات خليفة ت 1680، تاريخ البخاري 2 / 90، المعارف 457، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 388، الحلية 2 / 224، تهذيب الكمال ص 158، تاريخ الاسلام 4 / 93، العبر 1 / 133، تذهيب التهذيب 1 / 88 ب البداية والنهاية 9 / 256، تهذيب التهذيب 1 / 484، خلاصة تذهيب التهذيب 51، شذرات الذهب 1 / 135.
2) في الطبقات 7 / 209.
3) المصدر السابق.
(*)

(4/532)


نفسه أن لا يسمع رجلين يتنازعان في القدر إلا قام فصلى ركعتين (1).
قلت: هذا يدل على أن البصرة كانت تغلي في ذلك الوقت بالقدر، وإلا، فلو جعل الفقيه اليوم على نفسه ذلك لاوشك أن يبقى السنة والسنتين لا يسمع متنازعين في القدر ولله الحمد، ولا يتظاهر أحد بالشام ومصر بإنكار القدر.
عن بكر المزني وهو في " الزهد " لاحمد - قال: كان الرجل في بني إسرائيل إذا بلغ المبلغ، فمشى في الناس، تظله غمامة (2).
قلت: شاهده أن الله قال: (وظللنا عليكم الغمام) [ البقرة: 57 الاعراف: 159 ] ففعل بهم تعالى ذلك عاما، وكان فيهم الطائع والعاصي.
فنبينا صلوات الله عليه أكرم الخلق على ربه، وما كانت له غمامة تظله ولا صح ذلك (3)، بل ثبت أنه لما رمى الجمرة كان بلال يظله بثوبه من حر الشمس.
ولكن كان في بني إسرائيل الاعاجيب والآيات، ولما كانت هذه الامة خير الامم، وإيمانهم أثبت، لم يحتاجوا إلى برهان، ولا إلى خوارق، فافهم هذا، وكلما ازداد المؤمن علما ويقينا، لم يحتج إلى الخوارق، وإنما الخوارق للضعفاء، ويكثر ذلك في اقتراب الساعة.
عبدالملك بن مروان الحذاء: حدثنا يزيد بن زريع، عن حميد الطويل، قال: قومت كسوة بكر بن عبد الله أربعة آلاف.
وساقها أبو نعيم (4) بإسناد آخر عن حميد.
__________
1) الحلية 2 / 225 وانظر المصدر السابق.
2) الحلية 2 / 226 وله تتمة.
3) يريد المؤلف رحمه الله خبر التقاء الرسول صلى الله عليه وسلم ببحيرى الراهب وقد أورده في تاريخه الكبير 2 / 26 - 30 واستنكره جدا وقال: وفيه ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطرقية لكن الحافظ ابن حجر وغيره صححوا الحديث، وعدوا لفظ (وبعث معه أبو بكر بلالا) منكرا.
4) في الحلية 2 / 227.
(*)

(4/533)


عبد الله بن بكر: سمعت إنسانا يحدث عن أبي أنه كان واقفا بعرفة، فرق فقال: لولا أني فيهم لقلت: قد غفر لهم (1).
قلت: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.
أبو هلال، عن غالب القطان، عن بكر، أنه لما ذهب به للقضاء قال: إني سأخبرك عني: إني لا علم لي والله بالقضاء، فإن كنت صادقا، فما ينبغي لك أن تستعملني، وإن كنت كاذبا فلا تول كاذبا (2).
روى حميد الطويل، عن بكر قال: إني لارجو أن أعيش عيش الاغنياء وأموت موت الفقراء.
فكان رحمه الله كذلك، يلبس كسوته، ثم يجئ إلى المساكين، فيجلس معهم يحدثهم ويقول: لعلهم يفرحون بذلك (3).
قال سليمان التيمي: كانت قيمة كسوة بكر أربعة آلاف، كانت أمه ذات ميسرة، وكان لها زوج كثير المال (4).
وروى عبيدالله بن عمرو الرقي، عن كلثوم بن جوشن، قال: اشترى بكر بن عبد الله طيلسانا بأربع مئة درهم، فأراد الخياط أن يقطعه، فذهب ليذر عليه ترابا، فقال له بكر: كما أنت، فأمر بكافور، فسحق ثم ذره عليه (5).
عمرو بن عاصم الكلابي، حدثنا عتبة بن عبد الله العنبري: سمعت بكرا المزني يقول في دعائه: أصبحت لا أملك ما أرجو، ولا أدفع عن نفسي ما أكره، أمري بيد غيري، ولا فقير أفقر مني (6).
__________
1) ابن سعد 7 / 209.
2) ابن سعد مطولا 7 / 210.
3) ابن سعد 7 / 210 وانظر الحلية 2 / 227.
4) ابن سعد 7 / 210 وزاد: " وكان يكره أن يرد عليها شيئا ".
5) ابن سعد 7 / 210.
6) ابن سعد 7 / 210، 211 وله تتمة.
(*)

(4/534)


قال أبو الأشهب: سمعت بكرا يقول: اللهم ارزقنا رزقا يزيدنا لك شكرا وإليك فاقة وفقرا، وبك عمن سواك غنى (1).
قال حميد الطويل: كان بكر بن عبد الله مجاب الدعوة (2).
قال مبارك بن فضالة: حضر الحسن جنازة بكر بن عبد الله على حمار، فرأى الناس يزدحمون فقال: ما يوزرون أكثر مما يؤجرون، كانوا ينظرون، فإن قدروا على حمل الجنازة، أعقبوا إخوانهم (3).
قال غالب القطان، قال بكر: إياك من الكلام، ما إن أصبت فيه لم تؤجر، وإن أخطأت توزر، وذلك سوء الظن بأخيك (4).
قال أبو الوليد الطيالسي: حدثنا زياد بن أبي مسلم، قال: رأيت بكر بن عبد الله يخضب بالسواد (5).
قال مؤمل بن إسماعيل: مات بكر بن عبد الله سنة ست ومئة، وقال غير واحد: - وهو أصح - إنه مات سنة ثمان ومئة (6).
قال قتيبة: حدثنا معاوية بن عبد الكريم الثقفي، سمعت بكر بن عبد الله يقول يوم الجمعة: لو قيل لي: خذ بيد خير أهل المسجد، لقلت: دلوني على أنصحهم لعامتهم، فإذا قيل: هذا، أخذت بيده، ولو قيل لي: خذ بيد شرهم، لقلت: دلوني على أغشهم لعامتهم، ولو أن مناديا نادى من السماء: إنه لا يدخل الجنة منكم إلا رجل واحد، لكان ينبغي لكل إنسان أن يلتمس
__________
1) ابن سعد 7 / 211 وانظر الحلية 2 / 225.
2) الحلية 2 / 230.
3) ابن سعد 7 / 211.
4) ابن سعد 7 / 210 وانظر الحلية 2 / 226.
5) ابن سعد 7 / 211.
6) انظر ابن سعد 7 / 211.

(4/535)


أن يكون هو، ولو أن مناديا نادى: إنه لايدخل النار منكم إلا رجل واحد لكان ينبغي لكل إنسان أن يفرق أن يكون ذلك الواحد (1).
قرأت على إسحاق بن طارق، أخبركم ابن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، حدثنا يحيى بن مطرف، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عبيد الرحمن بن فضالة أخو مبارك، حدثنا بكر بن عبد الله، عن أنس، أن امرأة دخلت على عائشة ومعها صبيان لها، فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي تمرة، فأكلا تمرتيهما ثم نظر إلى أمهما، فأخذت التمرة فشقتها نصفين فأعطت ذا نصفا وذا نصفا، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة فقال: " ما أعجبك من ذلك ؟ فإن الله قد رحمها برحمتها صبييها " (2).
غريب تفرد به عبيد الرحمن وهو صدوق مقل، روى عنه ابن المبارك وابن مهدي، ولا شئ له في الكتب الستة، قال أبو نعيم الحافظ: تفرد به عنه مسلم بن إبراهيم.

216 - خالد بن معدان * (ع) ابن أبي كرب، الامام، شيخ أهل الشام، أبو عبد الله الكلاعي، الحمصي.
__________
(1) الحلية 2 / 224 ولعمر رضي الله عنه قول بمعناه.
(2) الحلية 2 / 230، 231 وأخرجه أحمد 6 / 92 ومسلم (2630) في البر والصلة باب فضل
الاحسان إلى البنات، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا.
ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم: فحدثته حديثها فقال: " من ابتلي من البنات بشئ فأحسن إليهن كن له سترا من النار ".
* طبقات ابن سعد 7 / 455، طبقات خليفة ت 2928، تاريخ البخاري 3 / 176، = (*)

(4/536)


حدث عن خلق من الصحابة وأكثر ذلك مرسل روى عن ثوبان، وأبي أمامة الباهلي، ومعاوية، وأبي هريرة، والمقدام بن معدي كرب، وابن عمر، وعتبة بن عبد، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن بسر المازني، وذي مخبر ابن أخي النجاشي، وجبير بن نفير، وحجر بن حجر، وربيعة بن الغاز، وخيار بن سلمة، وعبد الله بن أبي هلال، وعمرو بن الاسود - وهو عمير - وكثير بن مرة، ومالك بن يخامر، وأبي بحرية، وأبي رهم السماعي، وطائفة.
وأرسل عن معاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وعائشة، وعبادة بن الصامت، وأبي عبيدة بن الجراح، وغيرهم.
روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي، وحسان بن عطية، وعامر بن جشيب، وفضيل بن فضالة، وثور بن يزيد (1)، والاحوص بن حكيم وبحير بن سعد، وصفوان بن عمرو، ومحمد بن عبد الله الشعيثي، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وإبراهيم بن أبي عبلة، وعبدة بنت خالد ابنته، وقوم آخرهم وفاة حريز بن عثمان الرحبي.
وهو معدود في أئمة الفقه، وثقه ابن سعد والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وابن خراش، والنسائي.
روى إسماعيل بن عياش: حدثتنا عبدة بنت خالد، وأم الضحاك بنت

______________
* (الهامش) *
= المعارف 625، المعرفة والتاريخ 2 / 332، ذيل المذيل 632، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 351 الحلية 5 / 210، تاريخ ابن عساكر 5 / 257 آ، تهذيب الكمال ص 365، تاريخ الاسلام 4 / 109، تذكرة الحفاظ 1 / 87، العبر 1 / 126، تذهيب التهذيب 1 / 192 آ، البداية والنهاية 9 / 230، تهذيب التهذيب 3 / 118، النجوم الزاهرة 1 / 252، طبقات السيوطي ص 36، خلاصة تذهيب التهذيب 103، شذرات الذهب 1 / 126، تهذيب ابن عساكر 5 / 89.
(1) في الاصل: " مزيد " تصحيف.
(*)

(4/537)


راشد مولاة خالد بن معدان، أن خالد بن معدان قال: أدركت سبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (1).
بقية، عن بحير بن سعد، قال: ما رأيت أحد ألزم للعلم من خالد بن معدان، وكان علمه في مصحف له أزرار وعرى (1).
وقال أيضا: كتب الوليد إلى خالد بن معدان في مسألة: فأجابه فيها خالد، فحمل القضاة على قوله (1).
وروى بقية عن عمر بن جعثم، قال: كان خالد بن معدان إذا قعد لم يقدر أحد منهم يذكر الدنيا عنده هيبة له (2).
بقية، عن حبيب بن صالح، قال: ما خفنا أحدا من الناس ما خفنا خالد ابن معدان (2).
وقال بقية: كان الاوزاعي يعظم خالد بن معدان، فقال لنا: له عقب ؟ فقلنا: له ابنة، قال: فائتوها، فسلوها عن هدي أبيها، قال: فكان سبب إتياننا عنده بسبب الاوزاعي (3).
وقال صفوان بن عمرو: كان خالد بن معدان إذا أمر الناس بالغزو كان فسطاطه أول فسطاط بدابق (4).
وقال أبو أسامة: كان الثوري إذا جلسنا معه إنما يسمع (5) الموت الموت، فحدثنا عن ثور، عن خالد بن معدان، قال: لو كان الموت علما يستبق إليه ما سبقني إليه أحد، إلا أن يسبقني رجل بفضل قوة قال: فما
__________
(1) ابن عساكر 5 / 258 ب.
(2) ابن عساكر 5 / 259 آ.
(3) ابن عساكر 5 / 259 آ.
(4) المصدر السابق، ودابق: بكسر الباء.
وقد روي بفتحها، قرية قرب حلب من أعمال عزاز بينها وبين حلب أربعة فراسخ، انظر معجم البلدان.
(5) لفظ ابن عساكر: " نسمع " بالنون.

(4/538)


زال الثوري يحب خالد بن معدان مذ بلغه هذا عنه (1).
الوليد بن مسلم، عن عبدة بنت خالد، قالت: قلما كان خالد يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى أصحابه من المهاجرين والانصار، ثم يسميهم ويقول: هم أصلي وفصلي، وإليهم يحن قلبي، طال شوقي إليهم، فعجل رب قبضي إليك، حتى يغلبه النوم وهو في بعض ذلك (2).
ابن المبارك، عن ثور، عن خالد بن معدان، قال: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الاباعر، ثم يرجع إلى نفسه (3) فيكون لها أحقر حاقر (4).
وقال شجاع بن الوليد، عن عمرو الايامي، عن خالد بن معدان، قال: ما من آدمي إلا وله أربع (5) أعين: عينان في رأسه يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللتين
في قلبه، فأبصر بهما ما وعد بالغيب، فأمن الغيب بالغيب (6).
بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، قال: كان إبراهيم خليل الله إذا أتي بقطف من العنب، أكل حبة حبة، وذكر الله عند كل حبة (7).
الاوزاعي: بلغني عن خالد بن معدان أنه كان يقول: أكل وحمد خير من أكل وصمت (8).
__________
1) ابن عساكر 5 / 259 ب، وانظر ابن سعد 7 / 455 والحلية 5 / 210، 211.
2) الحلية 5 / 210 وابن عساكر 5 / 259 ب.
3) في الاصل " نفسها " وهو تصحيف.
4) الحلية 5 / 212.
5) في الاصل: " أربعة " وهو تصحيف.
6) ابن عساكر 5 / 260 آ، وأورده أبو نعيم في الحلية 5 / 212 بطريق آخر.
7) انظر الحلية 5 / 211.
8) الحلية 5 / 212.
(*)

(4/539)


حريز بن عثمان، عن خالد بن معدان، قال: إذا فتح أحدكم باب خير فليسرع إليه، فإنه لا يدري متى يغلق عنه (1).
وقال أيضا: العين مال، والنفس مال، وخير مال العبد ما انتفع به وابتذله، وشر أموالك ما لا تراه ولا يراك، وحسابه عليك، ونفعه لغيرك (2).
روى عطية بن بقية، عن أبيه، عن بحير بن سعد، سمعت خالد بن معدان يقول: من التمس المحامد في مخالفة الحق، رد الله تلك المحامد عليه ذما، ومن اجترأ على الملاوم في موافقة الحق، رد الله تلك الملاوم عليه حمدا (3).
قال يزيد بن هارون: مات خالد بن معدان وهو صائم (4).
وروى إبراهيم بن جعفر الاشعري، عن سلمة بن شبيب، قال: كان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن، فلما مات، فوضع على سريره ليغسل، جعل بأصبعه كذا يحركها - يعني بالتسبيح (5).
هذا إسناد منقطع.
قال الهيثم، والمدائني، وابن معين، والفلاس، وعدة: مات خالد بن معدان سنة ثلاث ومئة.
وقال ابن سعد (6): أجمعوا على أنه مات سنة ثلاث ومئة.
__________
1) الحلية 5 / 211 ولفظه: " إذا فتح لاحدكم ".
2) المصدر السابق.
3) الحلية 5 / 213، 214 وابن عساكر 5 / 260 آ.
4) ابن سعد 7 / 455 وابن عساكر 5 / 260 آ، وانظر الحلية 5 / 210.
5) الحلية 5 / 210 وابن عساكر 5 / 260 آ بطريق آخر.
6) في الطبقات 7 / 455.
(*)

(4/540)


وقال عفير بن معدان، ويزيد بن عبدربه، ودحيم، وطائفة: مات سنة أربع ومئة.
وروى يحيى بن صالح، عن إسماعيل بن عياش: مات سنة خمس ومئة.
وقال خليفة و أبو عبيد: مات سنة ثمان ومئة.

217 - نافع بن جبير * (ع) ابن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبدمناف بن قصي، الفقيه، الامام،
الحجة، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله القرشي النوفلي المدني، أخو محمد ابن جبير.
روايته عن العباس، والزبير عند البخاري، وروى أيضا عن أبيه، وعائشة، وجرير، وعلي، والمغيرة، وأبي هريرة، ورافع بن خديج، وابن عباس، وعثمان بن أبي العاص، وأبي شريح الخزاعي، وأم سلمة، ومسعود ابن الحكم، وعدة.
وعنه رفيقه عروة، وعمروبن دينار، والزهري، وأبو الزبير، وعبيدالله ابن أبي يزيد، ومحمد بن سوقة، وصالح بن كيسان، وصفوان بن سليم، وعبد الله ابن عبدالرحمن بن أبي حسين، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وعمر بن عطاء بن أبي الخوار، وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، وسعد بن إبراهيم، وأبو الغصن ثابت بن قيس، وخلق كثير.
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 205، طبقات خليفة ت 2065، تاريخ البخاري 8 / 82، المعارف 285، المعرفة والتاريخ 1 / 364 و 565، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 451، تاريخ ابن عساكر 17 / 250 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 121، تهذيب الكمال ص 1405، تاريخ الاسلام 4 / 62، العبر 1 / 117، تذهيب التهذيب 4 / 89 آ، البداية والنهاية 9 / 186، تهذيب التهذيب 10 / 404، خلاصة تذهيب التهذيب 399، شذرات الذهب 1 / 116.
(*)

(4/541)


وثقه العجلي وأبو زرعة وجماعة.
وقال علي بن المديني: أصحاب زيد الذين كانوا يأخذون عنه، ويفتون بفتواه، منهم من لقيه، ومنهم من لم يلقه، وهم اثنا عشر رجلا، فذكر منهم نافع بن جبير (1).
وقال ابن حبان: كان من خيار الناس، كان يحج ماشيا وناقته تقاد، وكان يخضب بالوسمة (2).
وقال ابن المبارك: كان نافع بن جبير يعد من فصحاء قريش، هو وعمر ابن عبد العزيز، وسليمان بن عبدالملك (3).
وعن نافع بن جبير، قال: من شهد جنازة ليراه أهلها، فلا يشهدها (4).
وقيل: قدم نافع بن جبير على الحجاج، فقال الحجاج: قتلت ابن الزبير، وعبد الله بن صفوان، وابن مطيع، ووددت أني كنت قتلت ابن عمر.
فقال له: ما أراد الله بك خير مما أردت نفسك، قال: صدقت، فلما خرج، قال له عنبسة بن سعيد: لا خير لك في المقام عند هذا، قال: جئت للغزو.
ثم ودع الحجاج، وسار نحو الديلم (5).
مالك بن يزيد بن رومان، قال: كنت أصلي إلى جنب نافع بن جبير، فيغمزني، فأفتح عليه ونحن نصلي (6).
__________
1) ابن عساكر 17 / 251 ب.
2) انظر ابن سعد 5 / 206.
3) انظر ابن عساكر 17 / 251 ب، 252 آ.
4) ابن عساكر 17 / 252 ب، ولفظه: " ومن لم يشهد الجنازة إلا ليراه أهلها فلا يشهدها ".
5) ابن عساكر 17 / 252 ب، 253 آ مطولا، وانظر المعرفة والتاريخ 565، 566 وانظر التعريف بالديلم صفحة 260.
6) ابن عساكر 17 / 252 آ، وانظر معنى الفتح ص 559.
(*)

(4/542)


محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو، أن نافع بن جبير كان يحج ماشيا، وراحلته تقاد معه.
يعلى بن عبيد: حدثنا عثمان بن حكيم، عن نافع بن جبير، قال: ما
صخبت بمكة قط، ولا آجرت أرضا لي قط، من استقرضها أقرضته، قال: وكان يقضي مناسكه على رجليه (1).
ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن نافع بن جبير، أنه قيل له: إن الناس يقولون كأنه - يعني التيه - فقال: والله لقد ركبت الحمار، ولبست الشملة، وحلبت الشاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فيمن فعل ذلك من الكبر شئ ".
هذا مرسل جيد (2).
قال الواقدي وكاتبه (3)، وخليفة، والزبير بن بكار: مات نافع في خلافة سليمان بن عبدالملك، وسليمان استخلف سنة ست وتسعين ومات سنة تسع.
وروى الواقدي عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، أنه توفي سنة تسع وتسعين.
قلت: مات في عشر التسعين فيما أرى.

وأخوه:
218 - محمد بن جبير * (ع) إمام، فقيه، ثبت، يكنى أبا سعيد.
__________
1) ابن عساكر 17 / 252 ب.
(2) أخرجه ابن سعد في الطبقات 5 / 206 والترمذي (2001) من طريق شبابة عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن نافع بن جبير عن أبيه بنحوه، وقال: هذا حديث حس صحيح غريب.
ورواية المرسل أصح، لان المعروف بالتيه نافع لا أبوه.
(3) في الطبقات 5 / 207.
* طبقات ابن سعد 5 / 205، طبقات خليفة ت 2064، تاريخ البخاري 1 / 52، المعرفة = (*)

(4/543)


روى عن أبيه، وعمر، وابن عباس، ووفد على معاوية.
روى عنه أولاده: جبير، وعمر، وسعيد، وإبراهيم، وعمروبن دينار، والزهري، وسعد بن إبراهيم، وآخرون من المدنيين.
وكان أحد العلماء الاشراف، صاحب كتب وعناية بالعلم.
وقال ابن سعد (1): ثقة، قليل الحديث.
قلت: مات بعد أخيه نافع بقليل بالمدينة، فقيل: مات في خلافة عمر ابن عبد العزيز.

219 - وهب بن منبه * (ع) ابن كامل بن سيج (2) بن ذي كبار، وهو الاسوار الامام، العلامة الاخباري القصصي، أبو عبد الله الا بناوي، اليماني الذماري الصنعاني، أخو همام بن منبه، ومعقل بن منبه، وغيلان بن منبه.
__________
= والتاريخ 1 / 363، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 218، تاريخ ابن عساكر 15 / 79 آ، تهذيب الكمال ص 1181، تاريخ الاسلام 4 / 50، تذهيب التهذيب 3 / 193 ب، البداية والنهاية 9 / 186، تهذيب التهذيب 9 / 91، خلاصة تذهيب التهذيب 330.
1) في الطبقات 5 / 205.
* طبقات ابن سعد 5 / 543، الزهد لاحمد 371، طبقات خليفة ت 2652، تاريخ البخاري 8 / 164، المعارف 459، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 24 ذيل المذيل 640، الحلية 4 / 23، طبقات الفقهاء للشيرازي 74، تاريخ ابن عساكر 17 / 474 آ، طبقات فقهاء اليمن 57، معجم الادباء 19 / 259، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من المجلد الثاني 149، وفيات الاعيان 6 / 37، تهذيب الكمال ص 1484، تاريخ الاسلام 5 / 14، تذكرة الحفاظ 1 / 95، العبر 1 / 143، تذهيب التهذيب 4 / 143 آ، البداية والنهاية 9 / 276، تهذيب التهذيب 11 / 166،
طبقات الخواص 161، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 41، خلاصة تذهيب التهذيب 419، شذرات الذهب 1 / 150.
(2) كذا ضبطه المؤلف، وقال شارح القاموس: بالفتح والكسر والتحريك.
انظر (سيچ).
(*)

(4/544)


مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين، ورحل وحج.
وأخذ عن ابن عباس، وأبي هريرة - إن صح - وأبي سعيد، والنعمان بن بشير، وجابر، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس.
حتى إنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار، وأخيه همام، وعمرو بن شعيب ؟ ؟، وفنج اليماني - ولا يدرى من فنج.
حدث عنه ولداه: عبد الله وعبد الرحمن، وعمرو بن دينار، وسماك بن الفضل، وعوف الاعرابي، وعاصم بن رجاء بن حيوة، ويزيد بن يزيد بن جابر، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وإسرائيل أبو موسى، وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق، والمغيرة بن حكيم، والمنذر بن النعمان، وابن أخيه عقيل بن معقل، وابن أخيه عبد الصمد بن معقل، وسبطه إدريس بن سنان، وصالح ابن عبيد، وعبد الكريم بن حوران، وعبد الملك بن خلج، وداود بن قيس، وعمران بن هربذ أبو الهذيل، وعمران بن خالد الصنعانيون، وخلق سواهم.
وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الاسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب.
قال أحمد: كان من أبناء فارس، له شرف، قال: وكل من كان من أهل اليمن له " ذي " هو شريف، يقال: فلان له ذي، وفلان لا ذي له.
قال العجلي: تابعي ثقة، كان على قضاء صنعاء.
وقال أبو زرعة
والنسائي: ثقة.
قال أحمد بن محمد بن الازهر: سمعت سلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه: أن هماما ووهبا وعبد الله ومعقلا ومسلمة بنو منبه.
أصلهم من خراسان، من هراة، فمنبه من أهل هراة، خرج أيام كسرى،

(4/545)


وكسرى أخرجه من هراة، ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه.
ومسكنهم باليمن، وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة، ويتفقد أمر هراة (1).
حسان بن إبراهيم: حدثنا يحيى بن زبان (2)، أنبأنا عبد الله بن راشد، عن مولى لسعيد بن عبدالملك: سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " سيكون في أمتي رجلان: أحدهما يقال له وهب، يؤتيه الله الحكم، والآخر يقال له غيلان، هو أشد على أمتي من إبليس " (3).
سئل ابن معين عن ابن زبان وشيخه فقال: لا أعرفهما.
الوليد بن مسلم، عن مروان بن سالم - واه (4) - عن أحوص بن حكيم، عن خالد، عن عبادة مرفوعا، نحوه.
وقال: " أضر على أمتي ".
وعن عبد الرزاق، عن أبيه، عن وهب قال: يقولون عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه، وإن كعبا أعلم أهل زمانه، أفرأيت من جمع علمهما، أهو أعلم أم هما (5) ؟ إسنادها مظلم.
وعن كثير، أنه سار مع وهب، فباتوا بصعدة (6) عند رجل، فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحا، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه في
__________
1) ابن عساكر 17 / 476 آ.
2) في الاصل " ريان " مصحف، وما أثبتناه من الاكمال 4 / 119 والميزان للمؤلف.
3) ابن عساكر 17 / 476 ب، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 5 / 543، ولا يصح.
4) نقل المؤلف في " الميزان " عن الدار قطني أنه متروك، وقال البخاري ومسلم وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال أبو عروبة الحراني: يضع الحديث.
وقال ابن عدي: عامة حديثه مما لا يتابعه الثقات عليه.
ثم أورد له هذا الخبر.
وشيخه فيه وهو أحوص بن حكيم ضعيف الحفظ، قال فيه ابن حجر في " لسان الميزان " 6 / 253: الاسناد إلى الاحوص واه جدا.
5) ابن عساكر 17 / 477 آ.
6) اسم موضع.
(*)

(4/546)


ضياء كأنه بياض الشمس، فقال الرجل: رأيتك الليلة في هيئة، وأخبره فقال: اكتم ما رأيت (1).
مسلم الزنجي: حدثني المثنى بن الصباح، قال: لبث وهب بن منبه أربعين سنة لم يسب شيئا فيه الروح، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءا.
قال وقال وهب: لقد قرأت ثلاثين كتابا نزلت على ثلاثين نبيا (2).
جعفر بن سليمان، عن عبد الصمد بن معقل، قال: صحبت عمي وهبا أشهرا يصلي الغداة بوضوء العشاء (1).
وقال سلم بن ميمون الخواص، عن مسلم الزنجي، قال: لبث وهب ابن منبه أربعين سنة لا يرقد على فراش، وعشرين سنة لم يجعل بين العتمة والصبح وضوءا (3).
وروى عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، قال: رأيت وهبا إذا قام في الوتر قال: لك الحمد السرمد، حمدا لا يحصيه العدد، ولا يقطعه الابد، كما ينبغي لك أن تحمد، وكما أنت له أهل، وكما هو لك علينا حق (4).
وروى عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: كان وهب يحفظ كلامه
كل يوم، فإن سلم أفطر، وإلا طوى (4).
قال عبد الصمد بن معقل، قال الجعد بن درهم: ما كلمت عالما قط إلا غضب، وحل حبوته غير وهب (4).
معمر، عن سماك بن الفضل، قال: كنا عند عروة بن محمد الامير،
__________
1) ابن عساكر 17 / 477 ب.
2) ابن سعد 5 / 543 وابن عساكر 17 / 477 آ.
3) ابن عساكر 17 / 477 آ.
4) ابن عساكر 17 / 477 ب.
(*)

(4/547)


وإلى جنبه وهب، فجاء قوم فشكوا عاملهم، وذكروا منه شيئا قبيحا، فتناول وهب عصا كانت في يد عروة فضرب ها رأس العامل حتى سال الدم، فضحك عروة واستلقى وقال: يعيب علينا وهب الغضب وهو يغضب ! قال: ومالي لا أغضب وقد غضب الذي خلق الاحلام، يقول تعالى: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) (1) [ الزخرف: 55 ].
وروى إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد بن معقل، قيل لوهب: إنك يا أبا عبد الله كنت ترى الرؤيا، فتحدثنا بها فتكون حقا ! قال: هيهات، ذهب ذلك عني منذ وليت القضاء (2).
وعن وهب: الدراهم خواتيم الله في الارض، فمن ذهب بخاتم الله قضيت حاجته (3).
ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: دخلت على وهب داره بصنعاء، فأطعمني من جوزة في داره، فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابا، فقال.
وأنا والله (4).
أحمد، عن عبد الرزاق: سمعت أبي يقول: حج عامة الفقهاء سنة
مئة، فحج وهب، فلما صلوا العشاء، أتاه نفر فيهم عطاء والحسن، وهم يريدون أن يذاكروه القدر، قال: فافتن في باب من الحمد، فما زال فيه حتى طلع الفجر، فافترقوا ولم يسألوه عن شئ (5).
قال أحمد: اتهم بشئ منه ورجع.
وقال العجلي: رجع.
__________
(1) ابن عساكر 17 / 477 ب.
(2) المصدر السابق، وانظر الحلية 4 / 56.
(3) ابن عساكر 17 / 482 آ، وانظر الحلية 4 / 53.
(4) ابن عساكر 17 / 479 آ.
(5) ابن عساكر 17 / 479 ب.
(*)

(4/548)


حماد بن سلمة، عن أبي سنان عيسى بن سنان: سمعت وهبا يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الانبياء، في كلها: من جعل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر، فتركت قولي (1).
أبو أسامة، عن أبي سنان سمعت وهبا يقول لعطاء الخراساني: كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم، فكانوا لا يلتفتون إليها، وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم في علمهم، فأصبح أهل العلم يبذلون لاهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم، وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم (2).
وعنه، قال: احفظوا عني ثلاثا: إياكم وهوى متبعا، وقرين سوء، وإعجاب المرء بنفسه (3).
وعنه: دع المراء والجدل، فإنه لن يعجز أحد رجلين: رجل هو أعلم منك، فكيف تعادي وتجادل من هو أعلم منك ؟ ! ورجل أنت أعلم منه،
فكيف تعادي وتجادل من أنت أعلم منه ولا يطيعك (4) ؟ ! أبو عاصم النبيل: حدثني أبو سلام، عن وهب بن منبه، قال: العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمه، والصبر أمير جنوده، والرفق أبوه، واللين أخوه (5).
وعن وهب: المؤمن ينظر ليعلم، ويتكلم ليفهم، ويسكت ليسلم، ويخلو ليغنم (6).
__________
(1) المصدر السابق، وانظر ابن سعد 5 / 543 والحلية 4 / 24.
(2) ابن عساكر 17 / 480 آ، وفي الحلية 4 / 79 له تتمة.
(3) الزهد لاحمد 374 وابن عساكر 17 / 480 آ.
(4) ابن عساكر 17 / 470 آ.
(5) ابن عساكر 17 / 480 آ، ب.
(6) الحلية 4 / 68 وابن عساكر 17 / 480 ب، وانظر صفحة 551 من هذا الجزء.
(*)

(4/549)


الايمان عريان، ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وماله الفقه (1).
ثلاث من كن فيه أصاب البر: السخاء، والصبر على الاذى، وطيب الكلام (1).
أبو اليمان، عن عباس بن يزيد، قال: قال وهب بن منبه: استكثر من الاخوان ما استطعت، فإن استغنيت عنهم لم يضروك، وإن احتجت إليهم نفعوك (2).
وعن وهب: إذا سمعت من يمدحك بما ليس فيك، فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك (3).
ابن المبارك، عن وهيب بن الورد، قال: جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال: قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس، قال: لا تفعل، إنه لا بد لك من الناس، ولا بد لهم منك، ولهم إليك حوائج ولك نحوها، ولكن كن فيهم
أصم سميعا، أعمى بصيرا، سكوتا نطوقا (4).
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا ابن حيان (5)، حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته، حدثنا بشر بن هلال، حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي
__________
(1) ابن عساكر 17 / 480 ب.
(2) ابن عساكر 17 / 480 ب، 481 آ.
(3) ابن عساكر 17 / 481 ب، وانظر عيون الاخبار 1 / 275، 276.
(4) ابن عساكر 17 / 481 آ، وانظر عيون الاخبار 3 / 21.
ولقاء الناس ونصحهم وحثهم على فعل الخير والصبر على أذاهم أفضل من البعد عنهم، وذلك في نص الحديث الذي خرجه الترمذي وأحمد والبخاري في الادب المفرد وابن ماجه عن ابن عمر: مرفوعا " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " وسنده قوي.
(5) هو أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، تأتي ترجمته في المجلد العاشر 235 آ من الاصل.
(*)

(4/550)


سنان، قال: اجتمع وهب وعطاء الخراساني، فقال له عطاء: يا أبا عبد الله، ما هذا الذي فشا عنك في القدر ؟ فقال: ما تكلمت في القدر بشئ، ولا أعرف هذا، قرأت نيفا وتسعين كتابا من كتب الله، منها سبعون ظاهرة في الكنائس، ومنها عشرون لا يعلمها إلا القليل، فوجدت فيها كلها: أن من وكل إلى نفسه شيئا من المشيئة، فقد كفر (1).
وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا أبو حامد، حدثنا السراج، حدثنا إسحاق ابن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرني أبي، سمعت وهبا يقول: ربما صليت الصبح بوضوء العتمة (2).
وعن وهب قال: كان نوح عليه السلام من أجمل أهل زمانه، وكان
يلبس البرقع، فأصابتهم مجاعة في السفينة، فكان نوح إذا تجلى لهم بوجهه شبعوا (3).
وعن وهب، أن عيسى عليه السلام قال للحواريين: أشدكم جزعا على المصيبة، أشدكم حبا للدنيا (3).
وعن وهب قال: المؤمن يخالط ليعلم، ويسكت ليسلم، ويتكلم ليفهم، ويخلو ليغنم (4).
وعنه، قرأت في بعض الكتب: ابن آدم، لا خير لك في أن تعلم ما لم تعلم ولم تعمل بما علمت، فإن مثل ذلك كرجل احتطب حطبا فحزم حزمة، فذهب يحملها فعجز عنها، فضم إليها أخرى (5).
__________
(1) الحلية 4 / 24، وانظر ابن سعد 5 / 543.
(2) الحلية 4 / 66، 67.
(3) الحلية 4 / 67.
(4) انظره فقد تقدم ص 549 رقم (6).
(5) الحلية 4 / 71.
(*)

(4/551)


أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن أبي موسى اليماني (1)، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن " (2) أبو موسى مجهول (3).
مبارك بن سعيد الثوري [ عن سفيان ]، عن جعفر بن برقان، قال وهب: طوبى لمن شغله عيبه عن عيب أخيه، طوبى لمن تواضع لله من غير مسكنة،
طوبى لمن تصدق من مال جمعة من غير معصية، طوبى لاهل الضر وأهل المسكنة، طوبى لمن جالس أهل العلم والحلم، طوبى لمن اقتدى بأهل العلم والحلم والخشية، طوبى لمن وسعته السنة فلم يعدها (4).
عن وهب: الاحمق إذا تكلم فضحه حمقه، وإذا سكت فضحه عيه، وإذا عمل أفسد، وإذا ترك أضاع، لا علمه يعينه،، ولا علم غيره ينفعه، تود أمه أنها ثكلته، وامرأته لو عدمته، ويتمنى جاره منه الوحدة، ويجد جليسه منه الوحشة.
__________
(1) في الاصل: " الثمامي " وهو تصحيف وما أثبتناه من الحلية وميزان الاعتدال.
(2) أخرجه أبو نعيم في الحلية 4 / 72، وهو في المسند 1 / 357 وسنن أبي داود (2859) والترمذي (2256) والنسائي (7 / 195، 196) باب اتباع الصيد كلهم من حديث سفيان عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس.
وأبو موسى مجهول وباقي رجاله ثقات.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2 / 371، وسنده حسن.
(3) قال المؤلف في الميزان: شيخ يماني يجهل، وما روى عنه غير الثوري، ولعله إسرائيل ابن موسى، وإلا فهو مجهول.
(4) ابن عساكر 17 / 483 ب، وما بين الحاصرتين منه، وأورده الامام أحمد في " الزهد " 371، 372 من طريق عمر بن أيوب عن جعفر عن وهب، وأبو نعيم في " الحلية " 4 / 67 من طريق إسماعيل بن سعيد الكسائي عن كثير بن هشام عن جعفر عن وهب.
(*)

(4/552)


علي بن المديني (1): حدثنا هشام بن يوسف، أخبرني داود بن قيس، قال: كان لي صديق يقال له أبو شمر ذو خولان، فخرجت من صنعاء أريد قريته، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما إلى أبي شمر، فجئته فوجدته مهموما حزينا، فسألته عن ذلك فقال: قدم رسول من صنعاء، فذكر أن
أصدقاء لي كتبوا لي كتابا فضيعه الرسول، قلت: فهذا الكتاب، فقال: الحمد لله، ففضه فقرأه، فقلت: أقرئنيه، فقال: إني لاستحدث سنك، قلت: فما فيه ؟ قال: ضرب الرقاب.
قلت: لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك، قال: من أين تعرفهم ؟ قلت: إني وأصحابا لي نجالس وهب بن منبه، فيقول لنا: احذروا أيها الاحداث الاغمار هؤلاء الحر وراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف، فإنهم عرة (2) لهذه الامة، فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه: سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله، ونوصيك بتقواه، فإن دين الله رشد وهدى، وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه، فإذا جاءك كتابنا، فانظر أن تؤدي - إن شاء الله - ما افترض الله عليك من حقه، تستحق بذلك ولاية الله، وولاية أوليائه والسلام.
قلت له: فإني أنهاك عنهم، قال: فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك ؟ قلت: فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله ؟ قال: نعم.
فنزلنا إلى صنعاء، فأدخلته على وهب - ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد - فوجدنا عند وهب - نفرا، فقال لي بعض النفر: من هذا الشيخ ؟ قلت: له حاجة، فقام القوم، فقال وهب: ما حاجتك يا ذا خولان ؟ فهرج (3) وجبن، فقال لي وهب: عبر عنه، قلت: إنه من أهل
__________
(1) ابن عساكر 17 / 483 آ.
(2) العرة: عذرة الناس، ويقال: فلان عرة أهله، أي شرهم.
(3) هرج في الحديث: خلط فيه.
(*)

(4/553)


القرآن والصلاح، والله أعلم بسريرته، فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل حروراء فقالوا له: زكاتك التي تؤديها إلى الامراء لا تجزئ عنك، لانهم لا
يضعونها في مواضعها فأدها إلينا، ورأيت يا أبا عبد الله أن كلامك أشفى له من كلامي، فقال: يا ذا خولان، أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة ؟ فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك ؟ ؟ الله ؟ ومن شهدت عليه، فالله يشهد له بالايمان، وأنت تشهد عليه بالكفر، والله يشهد له بالهدى، وأنت تشهد عليه بالضلالة، فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله، وشهادتك شهادة الله ؟ أخبرني يا ذا خولان، ماذا يقولون لك ؟ فتكلم عند ذلك وقال لوهب: إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ولا أستغفر إلا له، فقال: صدقت، هذه محنتهم الكاذبة، فأما قولهم في الصدقة، فإنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها (1)، أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع، أو هرة ! ؟ والله يقول: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) [ الانسان: 8 ] الآيات.
وأما قولهم لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم، أهم خير أم الملائكة، والله يقول: (ويستغفرون لمن في الارض) [ الشورى: 5 ] فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به: (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) [ الانبياء: 27 ] وجاء ميسرا: (ويستغفرون للذين آمنوا) [ غافر: 7 ].
يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الاسلام، فوالله ما كانت الخوارج
__________
(1) حديث الهرة أخرجه البخاري 6 / 254 في بدء الخلق باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، ومسلم (2242) في البر والصلة باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الارض ".
(*)

(4/554)


جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه، ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الارض، وقطعت السبل والحج، ولعاد أمر الاسلام جاهلية، وإذا لقام (1) جماعة، كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة، مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف، يقاتل بعضهم بعضا ويشهد بعضهم على بعض بالكفر، حتى يصبح المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله، لا يدري مع من يكون، قال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض) [ البقرة: 251 ] وقال: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا) [ غافر: 51 ] فلو كانوا مؤمنين لنصروا، وقال: (وإن جندنا لهم الغالبون) [ الصافات: 173 ] ألا يسعك يا ذا خولان من أهل القبلة ما وسع نوحا من عبدة الاصنام، إذ قال له قومه: (أنؤمن لك واتبعك الارذلون) [ الشعراء: 111 ] إلى أن قال: فقال ذو خولان: فما تأمرني ؟ قال: انظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الامة، وجمعهم عليه، فإن الملك من الله وحده وبيده، يؤتيه من يشاء، فإذا أديتها إلى والي الامر برئت منها، وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف، فقال: اشهد أني نزلت عن رأي الحرورية (2).
وفي " العقل " لابن المحبر (3) ذكر صفات حميدة للعاقل نحو من ستين سطرا فيها مئة خصلة.
وعن وهب قال: احتمال الذل خير من انتصار يزيد صاحبه قمأة (4).
وقد امتحن وهب وحبس وضرب، فروى حبان بن زهير العدوي، قال:
__________
(1) في الاصل: وإذا أقام جماعة.
(2) أورده ابن عساكر مطولا 17 / 478 آ.
(3) هو داود بن المحبر.
انظر ما قيل فيه وفي كتابه، الميزان للمؤلف 2 / 20.
(4) القمأة: الخصب والدعة.
(*)

(4/555)


حدثني أبو الصيداء (1) صالح بن طريف، قال: لما قدم يوسف بن عمر (2) العراق بكيت وقلت: هذا الذي ضرب وهب بن منبه حتى قتله (3).
يعني لما ولي إمرة اليمن، ثم نقله الخليفة هشام إلى إمرة العراق، وكان جبارا عنيدا، مهيبا، كان سماطه بالعراق فيما حكى المدائني كل يوم خمس [ مئة ] مائدة، أبعد الموائد وأقربها سواء في الجودة.
ثم إنه عزل عن العراق عند مقتل الوليد الفاسق، ثم ضربت عنقه والله الحمد في سنة سبع وعشرين ومئة (4) قلت: لا شئ في " الصحيحين " لوهب بن منبه سوى حديث واحد أنبأناه ابن قدامة، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا ابن مالك، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن منبه، عن أخيه، سمعت أبا هريرة يقول: ليس أحد أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب، وكنت لا أكتب.
قال الواقدي: وكاتبه (5)، وشباب، وأبو عبيد، وعبد المنعم بن إدريس: مات سنة عشر ومئة.
وقال والد عبد الرزاق، وعبد الصمد بن معقل، ومعاوية بن صالح: مات سنة أربع عشرة ومئة.
زاد عبد الصمد في المحرم.
__________
(1) في الاصل: " أبو الصيد " وما أثبتناه من الكنى للدولابي 2 / 14 وتاريخ الطبري 6 / 559 و 7 / 54 وما بعدها.
(2) في الاصل: " عمى " تصحيف.
(3) انظر الخبر مفصلا في " الكنى " للدولابي 2 / 14، وقد أورده ابن عساكر في تاريخه ناقصا
17 / 483 ب.
(4) ستأتي ترجمة يوسف بن عمر في المجلد الخامس 136 ب، وما بين الحاصرتين استدركناه منه.
(5) في الطبقات 5 / 543.
(*)

(4/556)


وقيل: مات في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة.

220 - رجاء بن حيوة * (م، 4، خت) ابن جرول، وقيل: ابن جزل (1)، وقيل: ابن جندل، الامام، القدوة الوزير العادل، أبو نصر الكندي الازدي، ويقال: الفلسطيني، الفقيه، من جلة التابعين، ولجده جرول بن الاحنف صحبة فيما قيل.
حدث رجاء عن معاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وطائفة.
أرسل عن هؤلاء، وعن غيرهم.
وروى أيضا عن عبد الله بن عمرو، ومعاوية، وأبي سعيد الخدري، وجابر، وأبي أمامة الباهلي، ومحمود بن الربيع، وأم الدرداء، وعبد الملك ابن مروان، وأبيه حيوة، وأبي إدريس، وخلق كثير.
حدث عنه مكحول، والزهري، وقتادة، وعبد الملك بن عمير، وإبراهيم ابن أبي عبلة، وابن عون، وحميد الطويل، وأشعث بن أبي الشعثاء، ومحمد ابن عجلان، ومحمد بن جحادة، وعروة بن رويم، ورجاء بن أبي سلمة، وثور ابن يزيد، وآخرون.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 454، طبقات خليفة ت 2924، تاريخ البخاري 3 / 312، المعارف 472، المعرفة والتاريخ 2 / 329 و 368، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 501، الحلية 5 / 170، طبقات الفقهاء للشيرازي 75، تاريخ ابن عساكر 6 / 116 آ، تهذيب الاسماء
واللغات القسم الاول من الجزء الاول 190، وفيات الاعيان 2 / 301، تهذيب الكمال 411، تاريخ الاسلام 4 / 249، تذكرة الحفاظ 1 / 111، العبر 1 / 138، تذهيب التهذيب 1 / 223 آ، البداية والنهاية 9 / 304 تهذيب التهذيب 3 / 265، النجوم الزاهرة 1 / 271، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 45، خلاصة تذهيب التهذيب 117، شذرات الذهب 1 / 145، تهذيب ابن عساكر 5 / 315.
(1) كذا الاصل وفي الاشتقاق 368، 562 (خنزل) وفي الاصابة في ترجمة جده جرول نقلا عن ابن عساكر (جنزل).
(*)

(4/557)


قال ابن سعد (1): كان ثقة، عالما، فاضلا، كثير العلم.
وقال النسائي وغيره: ثقة.
قال مكحول: ما زلت مضطلعا على من ناواني (2) حتى عاونهم علي رجاء بن حيوة، وذلك أنه كان سيد أهل الشام في أنفسهم (3).
قلت: كان ما بينهما فاسدا، وما زال الاقران ينال بعضهم من بعض، ومكحول ورجاء إمامان، فلا يلتفت إلى قول أحد منهما في الآخر.
قال يعقوب الفسوي (4): كان رجاء قدم الكوفة مع بشر بن مروان، فسمع منه أبو إسحاق وقتادة.
ابن شوذب، عن مطر الوراق، قال: ما رأيت شاميا أفضل من رجاء ابن حيوة (5).
وقال ضمرة: عن رجاء بن أبي سلمة، ما من رجل من أهل الشام أحب إلي أن أقتدي به من رجاء بن حيوة (6).
ويروى عن رجاء بن حيوة، قال: من لم يؤاخ إلا من لا عيب فيه قل صديقه، ومن لم يرض من صديقه إلا بالاخلاص له دام سخطه، ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه (7).
__________
(1) في الطبقات 7 / 454.
(2) في الاصل: " ناداني " وما أثبتناه من ابن عساكر.
(3) ابن عساكر 6 / 118 آ، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 368 وقد ورد الخبر في ترجمة مكحول البصري في المجلد الخامس من الاصل 48 آ.
(4) في المعرفة والتاريخ 2 / 368، 369.
(5) الحلية 5 / 170 وابن عساكر 6 / 118 آ، وانظر المعرفة والتاريخ 2 / 371 ففيه بلفظ " أفقه " بدل " أفضل " وله تتمة.
وكذا في طبقات الفقهاء للشيرازي 75.
(6) ابن عساكر 6 / 118 آ، وفي المعرفة والتاريخ 2 / 371، 372 من طريق ضمرة عن رجاء عن نعيم بن سلامة قال:.
(7) ابن عساكر 6 / 118 ب.
(*)

(4/558)


قال ربيعة بن يزيد القصير: وقف عبدالملك بن مروان في قراءته، فقال لرجاء بن حيوة، ألا فتحت علي (1).
وكان عبد الله بن عون إذا ذكر من يعجبه، ذكر رجاء بن حيوة (2)، قال الاصمعي: سمعت ابن عون يقول: رأيت ثلاثة ما [ رأيت ] مثلهم: محمد بن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام (3).
الانصاري، عن ابن عون، قال: كان إبراهيم والشعبي والحسن، يأتون بالحديث على المعاني، وكان القاسم وابن سيرين ورجاء يعيدون الحديث على حروفه (4).
ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، قال: كان يزيد بن عبدالملك يجري على رجاء بن حيوة ثلاثين دينارا في كل شهر، فلما ولي هشام الخلافة قال: ما
هذا برأي، فقطعها، فرأى هشام أباه في النوم، فعاتبه في ذلك، فأجراها (5).
قلت: كان في نفس هشام [ منه شئ ] (6)، لكونه عمل على تأخيره وقت وفاة أخيه سليمان، وعقد الخلافة لابن عمه عمر بن عبد العزيز.
قال رجاء بن أبي سلمة، نظر رجاء بن حيوة إلى رجل ينعس بعد
__________
(1) المصدر السابق يقال: فتح عليه، علمه وعرفه، ومنه الفتح على القارئ إذا أرتج عليه (تاج) (2) الحلية 5 / 170.
(3) ابن عساكر 6 / 118 ب، وتاريخ الاسلام 4 / 249، وما بين الحاصرتين منهما، وانظر المعرفة والتاريخ 1 / 548 و 2 / 368 والحلية 5 / 170.
(4) ابن عساكر 6 / 119 آ، وانظر ابن سعد 7 / 454 والمعرفة والتاريخ 2 / 368.
(5) ابن عساكر 6 / 119 آ، والمعرفة والتاريخ 2 ؟ ؟ / 370 بخلاف يسير.
(6) ما بين الحاصرتين ساقط من الاصل.
(*)

(4/559)


الصبح فقال: انتبه لا يظنون أن ذا عن سهر (1).
عبد الله بن بكر السهمي: حدثنا محمد بن ذكوان، عن رجاء بن حيوة، قال: كنت واقفا على باب سليمان إذ أتاني آت لم أره قبل ولا بعد، فقال: يا رجاء، إنك قد ابتليت بهذا وابتلي بك، وفي قربه الوتغ (2)، فعليك بالمعروف وعون الضعيف، يا رجاء، من كانت له منزلة من سلطان، فرفع حاجة ضعيف لا يستطيع رفعها، لقي الله وقد شد قدميه للحساب بين يديه (3).
قلت: كان رجاء كبير المنزلة عند سليمان بن عبدالملك، وعند عمر بن عبد العزيز، وأجرى الله على يديه الخيرات، ثم إنه بعد ذلك أخر، فأقبل على شأنه.
فعن ابن عون، قال: قيل لرجاء: إنك كنت تأتي السلطان فتركتهم ! فقال: يكفيني الذي أدعهم له (4).
وروى ضمرة، عن إبراهيم بن أبي عبلة، قال: كنا نجلس إلى عطاء الخراساني، فكان يدعو بعد الصبح بدعوات، فغاب (5)، فتكلم رجل من المؤذنين، فأنكر رجاء بن حيوة صوته فقال، من هذا ؟ قال: أنا يا أبا المقدام، قال: اسكت فأنا نكره أن نسمع الخير إلا من أهله (6).
__________
(1) المعرفة والتاريخ 2 / 371، وابن عساكر 6 / 120 ب بخلاف يسير.
(2) الوتغ: الهلاك.
(3) ابن عساكر 6 / 119 ب، وأورده أبو نعيم في " الحلية " 5 / 171 بألفاظ مقاربة ولكن من طريق عبد الله بن بكر عن سالم بن نوح عن محمد بن ذكوان عن رجاء بن حيوة.
(4) ابن عساكر 6 / 119 ب، وانظر تاريخ البخاري 3 / 312 والمعرفة والتاريخ 2 / 370 والحلية 5 / 171.
(5) في الاصل: " فعات " وما أثبتناه من الحلية وابن عساكر.
(6) ابن عساكر 6 / 120 آ، والحلية 5 / 172.
(*)

(4/560)


قال صفوان بن صالح: حدثنا عبد الله بن كثير الدمشقي القارئ، حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، قال: كنا مع رجاء بن حيوة، فتذاكرنا شكر النعم، فقال: ما أحد يقوم بشكر نعمة، وخلفنا رجل على رأسه كساء، فقال: ولا أمير المؤمنين ؟ فقلنا: وما ذكر أمير المؤمنين هنا ! وإنما هو رجل من الناس.
قال: فغفلنا عنه، فالتفت رجاء فلم يره فقال: أتيتم من صاحب الكساء، فإن دعيتم فاستحلفتم فاحلفوا، قال: فما علمنا إلا بحرسي قد أقبل عليه، قال: هيه يا رجاء، يذكر أمير المؤمنين، فلا تحتج له ؟ ! قال: فقلت: وما
ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال: ذكرتم شكر النعم، فقلتم: ما أحد يقوم بشكر نعمة، قيل لكم: ولا أمير المؤمنين، فقلت: أمير المؤمنين رجل من الناس ! فقلت: لم يكن ذلك، قال: آلله ؟ قلت آلله.
قال: فأمر بذلك الرجل الساعي، فضرب سبعين سوطا.
فخرجت وهو متلوث بدمه فقال: هذا وأنت رجاء بن حيوة قلت: سبعين سوطا في ظهرك خير من دم مؤمن.
قال ابن جابر: فكان رجاء بن حيوة بعد ذلك إذا جلس في مجلس يقول ويتلفت: احذروا صاحب الكساء (1).
قال مسلمة بن عبدالملك أمير السرايا: برجاء بن حيوه وبأمثاله ننصر (2).
قال يحيى بن معين: أدرك رجاء بن حيوة معاوية، ومات في أول إمرة هشام (3).
وقال أبو عبيد، وخليفة بن خياط (4): مات سنة اثنتي عشرة ومئة.
__________
(1) ابن عساكر 6 / 120 آ، ب.
(2) انظر ابن عساكر 6 / 117 ب.
(3) ابن عساكر 6 / 120 ب.
(4) في الطبقات 2 / 793 وتاريخه 343.
(*)

(4/561)


221 - عمر بن هبيرة * ابن معاوية بن سكين، الامير، أبو المثنى، الفزاري الشامي، أمير العراقين ووالد أميرها يزيد، كان ينوب ليزيد بن عبدالملك فعزله هشام، وقد ولي غزو البحر سنة سبع نوبة قسطنطينية، وجمعت له العراق في سنة ثلاث ومئة ثم عزل بخالد القسري، فقيده وألبسه عباءة وسجنه، فتحيل غلمانه ونقبوا سربا أخرجوه منه، فهرب واستجار بالامير مسلمة بن عبدالملك، فأجاره ثم
لم يلبث أن مات سنة سبع ومئة تقريبا.

222 - إبراهيم بن محمد * * (م 4) ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيدالله التيمي، استشهد أبوه مع جده يوم الجمل.
وروى عن سعيد بن زيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعدة.
وعنه سعد بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، ومحمد بن زيد بن المهاجر، وعبد الله بن حسن، وطلحة بن يحيى، وآخرون.
وكان من رجال الكمال، ولي خراج العراق لابن الزبير ووفد على عبد
__________
* المعارف 408، مروج الذهب 4 / 37، تاريخ ابن عساكر 13 / 188 ب، تاريخ ابن الاثير 5 / 97، 98، 103، تاريخ الاسلام 4 / 176، خزانة الادب 3 / 144.
* * طبقات ابن سعد 5 / 52، طبقات خليفة ت 2237، تاريخ البخاري 1 / 315، المعارف 232، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 124، تاريخ ابن عساكر 2 / 255 آ، تهذيب الكمال ص 63، تاريخ الاسلام 4 / 90، العبر 1 / 135، تذهيب التهذيب 1 / 41 آ، تهذيب التهذيب 1 / 153، خلاصة تذهيب التهذيب 21، شذرات الذهب 1 / 136، تهذيب ابن عساكر 2 / 260.
(*)

(4/562)


الملك فوعظه.
وكان يقال له أسد قريش، قوالا بالحق، فصيحا، صارما، وكان أعرج، موثقا.
الزبير بن بكار: حدثنا محمد بن يحيى، حدثني عمران بن عبد العزيز الزهري، قال: ولي الحجاج الحرمين، فبالغ في إجلال إبراهيم بن طلحة بن
عبيدالله، ثم أخذه معه إلى عبدالملك، وقال: يا أمير المؤمنين، قدمت عليك برجل الحجاز، لم أدع له نظيرا، فأذن له وأجلسه على فرشه وقال: إن الحجاج أذكرنا فضلك، قال: فنصحه وذكر عسف الحجاج، فتنمر له وأقامه، ثم بعد ساعة خرج الحجاج، فاعتنق إبراهيم ودعا له، قال: فقلت: يهزأ بي، ثم أدخلت، فقال عبدالملك: لعل يا ابن طلحة شاركك في نصيحتك أحد ؟ قلت: لا والله ولو كنت محابيا أحدا، لحابيت الحجاج لاثارة عندي، ولكن آثرت الله ورسوله، فقال: قد علمت ذلك وأزلته عن الحرمين، وأعلمته أنك استنزلتني عنهما استصغارا لهما ووليته العراقين لما هناك من الامور فاخرج معه (1).
توفي إبراهيم سنة عشر ومئة عن نحو ثمانين سنة.
وثقه أحمد العجلي وغيره.
وكان موته بمنى زمن الحج.

223 - الحسن البصري * (ع) هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت
__________
(1) أورده ابن عساكر في تاريخه مطولا 2 / 255 آ، ب.
* طبقات ابن سعد 7 / 156، طبقات خليفة ت 1726، الزهد لاحمد 258، تاريخ البخاري 2 / 289، المعارف 440، المعرفة والتاريخ 2 / 32 و 3 / 338، أخبار القضاة 2 / 3، ذيل المذيل 636، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 40، الحلية 2 / 131، ذكر أخبار أصبهان 1 / 254، فهرست ابن النديم 202، طبقات الفقهاء للشيرازي 87، الحسن البصري = (*)

(4/563)


الانصاري، ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي، قاله عبد السلام ابن مطهر، عن غاضرة بن قرهد (1) العوفي، ثم قال: وكانت أم الحسن مولاة لام سلمة أم المؤمنين المخزومية، ويقال: كان مولى جميل بن قطبة (2).
ويسار أبوه من سبي ميسان (3).
سكن المدينة، وأعتق، وتزوج بها في خلافة عمر، فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه خيرة، ثم نشأ الحسن بوادي القرى، وحضر الجمعة مع عثمان، وسمعه يخطب، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة.
قال حجاج بن نصير: سبيت أم الحسن البصري من ميسان وهي حامل به، وولدته بالمدينة.
وقال سويد بن سعيد: حدثني أبو كرب، قال: كان الحسن وابن سيرين موليين لعبد الله بن رواحة، وقدما البصرة مع أنس.
قلت: القولان شاذان (4).
قال محمد بن سلام: حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له قال: كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة فيبكي وهو طفل فتسكته أم سلمة بثديها
__________
= لابي الفرج بن الجوزي، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 161، وفيات الاعيان 2 / 69، تهذيب الكمال ص 256، تاريخ الاسلام 4 / 98، تذكرة الحفاظ 1 / 66، تذهيب التهذيب 1 / 133 آ، البداية والنهاية 9 / 266 و 268، غاية النهاية ت 1074، تهذيب التهذيب 2 / 263، النجوم الزاهرة 1 / 267، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 28، خلاصة تذهيب التهذيب 77، طبقات المفسرين 1 / 147، شذرات الذهب 1 / 136.
(1) كذا الاصل، وضبطه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 56: " فرهد " بالفاء.
(2) انظر أخبار القضاة 2 / 4.
(3) ميسان: كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط.
انظر معجم البلدان.
(4) وانظر أخبار القضاة 2 / 3.
(*)

(4/564)


وتخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وكانت أمه منقطعة إليها، فكانوا يدعون له، فأخرجته إلى عمر فدعا له وقال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس (1).
قلت: إسنادها مرسل.
يونس، عن الحسن، عن أمه، أنها كانت ترضع لام سلمة.
قال المدائني: قال الحسن: كان أبي وأمي لرجل من بني النجار، فتزوج امرأة من بني سلمة، فساق أبي وأمي في مهرها فأعتقتنا السلمية (2).
يونس، عن الحسن، قال لي الحجاج: ما أمدك يا حسن ؟ قلت: سنتان من خلافة عمر (3).
وكان سيد أهل زمانه علما وعملا.
قال معتمر بن سليمان: كان أبي يقول: الحسن شيخ أهل البصرة.
وروي أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة (4).
رأى عثمان، وطلحة، والكبار.
وروى عن عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وسمرة بن جندب، وأبي بكرة الثقفي، والنعمان بن بشير، وجابر، وجندب البجلي، وابن عباس، وعمرو بن تغلب، ومعقل بن يسار، والاسود ابن سريع، وأنس، وخلق من الصحابة.
وقرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشي، وروى عن خلق من التابعين.
__________
(1) أخبار القضاة 2 / 5.
(2) انظر ابن سعد 7 / 156.
(3) ابن سعد 7 / 157، والامد: أمدان، الاول عند ولادة الانسان، والثاني عند موته.
وقول الحجاج من الاول كما في التاج (أمد).
(4) انظر الخبر في الحلية 2 / 147.
(*)

(4/565)


وعنه أيوب وشيبان النحوي، ويونس بن عبيد، وابن عون، وحميد الطويل، وثابت البناني، ومالك بن دينار، وهشام بن حسان، وجرير بن حازم، والربيع بن صبيح، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومبارك بن فضالة، وأبان بن يزيد العطار، وقرة بن خالد، وحزم القطعي، وسلام بن مسكين، وشميط بن عجلان، وصالح أبو عامر الخزاز، وعباد بن راشد، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان، ومعاوية بن عبد الكريم الضال (1)، وواصل أبو حرة الرقاشي، وهشام بن زياد، وشبيب بن شيبة، وأشعث بن براز، وأشعث بن جابر الحداني، وأشعث بن عبدالملك الحمراني، وأشعث بن سوار، وأبو الاشهب، وأمم سواهم.
وقد روى بالارسال عن طائفة: كعلي، وأم سلمة، ولم يسمع منهما، ولا من أبي موسى، ولا من ابن سريع، ولا من عبد الله بن عمرو، ولا من عمرو بن تغلب، ولا من عمران، ولا من أبي برزة، ولا من أسامة بن زيد، ولا من ابن عباس، ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة، ولا من أبي بكرة، ولا من أبي هريرة، ولا من جابر، ولا من أبي سعيد.
قاله يحيى بن معين.
وقال البخاري: لم يعرف للحسن سماع من دغفل.
وقال غيره: لم يسمع من سلمة بن المحبق (2)، ولا من العباس، ولا من أبي.
قال يعقوب بن شيبة: قلت لابن المديني: يقال عن الحسن: أخذت
__________
(1) قال السمعاني في الانساب: وليس هذا من الضلالة في الدين، وإنما سمي الضال لانه ضل في طريق مكة، وكان من عقلاء أهل البصرة ومتقيهم وثقاتهم.
(2) قال أبو محمد العسكري في كتاب التصحيف: المحبق بكسر الباء، وأصحاب الحديث يصحفون ويفتحون الباء.
انظر التاج (حبق).
(*)

(4/566)


بحجزة سبعين بدريا، فقال: هذا باطل، أحصيت أهل بدر الذين يروى عنهم فلم يبلغوا خمسين، منهم من المهاجرين أربعة وعشرون.
وقال شعيب بن الحبحاب، عنه: رأيت عثمان يصب عليه من إبريق (1).
وقال يحيى القطان: أحاديثه عن سمرة، سمعنا أنها كتاب (2).
قلت: قد صح سماعه في حديث العقيقة (3)، وفي حديث النهي عن المثلة من سمرة (4).
وقال قتادة: ما شافه الحسن بدريا بحديث (5).
قال يحيى القطان في أحاديث سمرة رواية الحسن: سمعنا أنها من كتاب معن القزاز (2).
حدثنا محمد بن عمرو: سمعت الحسن يقول: سمعت أبا هريرة يقول: الوضوء مما غيرت النار.
فقال الحسن: لا أدعه أبدا (6).
__________
(1) ابن سعد 7 / 157.
(2) انظر ابن سعد 7 / 157 والمنتخب من ذيل المذيل 637.
(3) حديث العقيقة أخرجه أحمد 5 / 7 و 17 و 22، وأبو داود (2838) والنسائي 7 / 166، والترمذي (1522) من طريق الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه " وإسناده صحيح فقد أخرج البخاري 9 / 512 من طريق عبد الله بن أبي الاسود، حدثنا قريش بن أنس، عن حبيب بن الشهيد، قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن ممن سمع حديث العقيقة، فسألته فقال: من سمرة بن جندب.
(4) حديث النهي عن المثلة أخرجه أبو داود (2667) من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن الهياج بن عمران، أن عمران أبق له غلام، فجعل لله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده، فأرسلني لاسأل له، فأتيت سمرة بن جندب فسألته فقال: " كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة ".
(5) انظر ابن سعد 7 / 159 والمعرفة والتاريخ 2 / 35.
(6) ابن سعد 7 / 158.
وقد صح من طريق جابر رضي الله عنه قوله: كان آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترك الوضوء مما غيرت النار.
وأخرجه أبو داود (192) والنسائي 1 / 108 وإسناده صحيح.
(*)

(4/567)


مسلم: حدثنا أبو هلال، سمعت الحسن يقول: كان [ موسى نبي الله، صلى الله عليه وسلم ] لا يغتسل إلا مستترا، فقال له ابن بريدة: ممن سمعت هذا ؟ قال: من أبي هريرة (1).
قال يونس وعلي بن جدعان: لم يسمع الحسن من أبي هريرة (2).
همام، عن قتادة، عن الحسن: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول في خطبته، أراه قال: اقتلوا الكلاب والحمام.
شعيب بن الحبحاب، عن الحسن: شهدت عثمان جمعا تباعا يأمر بذبح الحمام وقتل الكلاب.
عفان: حدثنا مبارك بن فضالة، واخر، عن الحسن بمثله.
بهز بن أسد: حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، عن الحسن، قال: رأيت عثمان نائما في المسجد، حتى جاءه المؤذن فقام، فرأيت أثر الحصى على جنبه.
حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت الحسن يقول: خرج علينا عثمان،
فكان بينهم تخليط، فتراموا بالحصباء.
وعن أبي موسى، عن الحسن، قال: شهدت عثمان يوم الجمعة قام يخطب، فقام إليه رجل فقال: أنشدك كتاب الله، فقال عثمان: اجلس، أما لكتاب الله منشد غيرك ! قال: فجلس ثم قام، أو قام رجل غيره فقال مثل مقالته، فقال له: اجلس، أما لكتاب الله منشد غيرك، فأبى أن يجلس، فبعث إليه الشرط ليجلسوه، فقام الناس فحالوا بينهم وبينه، ثم تراموا بالبطحاء (3) حتى يقول القائل: ما أكاد أرى السماء من البطحاء
__________
(1) ابن سعد 7 / 158، وما بين الحاصرتين منه.
(2) المصدر السابق وانظر المنتخب من ذيل المذيل 637.
(3) البطحاء: التراب السهل اللين والحصى مما قد جرته السيول.
(*)

(4/568)


فنزل عن منبره ودخل داره، ولم يصل الجمعة يومئذ.
مسلم: حدثنا أبو عقيل، حدثنا الحسن، قال: خرج عثمان فقام يخطب، فذكر بعض حديث أبي موسى.
سليم بن أخضر، عن ابن عون: أنبأنا الحسن، قال: كان عثمان يوما يخطب، فقام رجل فقال: إنا نسألك كتاب الله، ثم ذكر نحوه.
فحصبوه، فحصبوا الذين حصبوه، ثم تحاصب القوم والله، فأنزل الشيخ يهادى بين رجلين، ما كاد أن يقيم عنقه حتى أدخل الدار، فقال: لو جئتم بأم المؤمنين عسى أن يكفوا عنه، قال: فجاؤوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان، فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة (1)، فلما جاؤوا بها إلى الدار، صرفوا وجه البغلة حتى ردوها.
حريث بن السائب: حدثنا الحسن، قال: كنت أدخل بيوت رسول الله
صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي وأنا غلام محتلم يومئذ (2).
ضمرة، عن ابن شوذب، قال: قال الحسن: كنت يوم قتل عثمان ابن أربع عشرة سنة، ثم قال الحسن: لولا النسيان كان العلم كثيرا.
حماد بن زيد، عن أيوب، عن الحسن، قال: دخلت على عثمان بن أبي العاص.
جرير بن حازم: حدثنا الحسن، حدثنا عمرو بن تغلب مرفوعا: " تقاتلون قوما ينتعلون الشعر " (3).
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أنبأنا
__________
(1) المحفة: مركب للنساء كالهودج إلا أنه لا قبة له.
(2) انظر ابن سعد 7 / 161.
(3) أخرجه أحمد 5 / 69، 70 وإسناده صحيح.
(*)

(4/569)


موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن البناء، أنبأنا أبو القاسم بن البسري، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا مبارك بن فضالة، حدثنا الحسن، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة، يسند ظهره إليها، فلما كثر الناس، قال: " ابنوا لي منبرا له عتبتان " فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها، فاحتضنها فسكنت.
وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.
هذا حديث حسن غريب (1)، ما وقع لي من رواية الحسن أعلى منه
سوى حديث آخر سأسوقه: أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني، أنبأنا الفتح بن عبد الله بن محمد الكاتب، أنبأنا الارموي ومحمد الطرائفي، وأبو غالب بن الداية، قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو الفضل عبيدالله بن عبدالرحمن الزهري، أنبأنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا مبارك بن فضالة، حدثنا الحسن في هذه الآية: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه)
__________
(1) رجاله ثقات، لكن مباركا عنعن.
وأخرجه أحمد في المسند 3 / 226 من طريق هاشم عن المبارك عن الحسن.
وحنين الجذع ثابت عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها حديث جابر عند البخاري 2 / 323، والنسائي 3 / 102، وحديث ابن عمر عند البخاري 6 / 331 و 332، والترمذي (505).
(*)

(4/570)


[ الجاثية: 23 ] قال: هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه (1).
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن الحباب الكاتب، أنبأنا علي بن مختار، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا القاسم بن الفضل، وأنبأنا إسماعيل بن الفراء، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أخبرتنا شهدة الابرية وتجني الوهبانية قالتا: أخبرنا طراد الزينبي قال: حدثنا هلال بن محمد الحفار، أنبأنا الحسين بن يحيى القطان، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا حزم القطعي، سمعت الحسن يقول: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رحم الله عبدا تكلم فغنم، أو سكت فسلم " (2).
وبه، حدثنا حزم، قال: رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى، فجاء عطاء وطاووس ومجاهد، وعمرو بن شعيب، فجلسوا إليه.
هذا أعلى ما يقع لنا عن الحسن البصري رحمه الله.
قال أحمد بن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، قيل له: ففي بعض الحديث: حدثنا أبو هريرة.
قال: ليس بشئ.
موسى بن إسماعيل: حدثنا ربيعة بن كلثوم، عن الحسن، قال: نبأنا أبو هريرة، قال: عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا: الغسل يوم الجمعة، والوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة من كل شهر (3).
ربيعة صدوق، خرج له مسلم.
__________
(1) رجاله ثقات.
(2) أخرجه ابن المبارك في الزهد 380 من طريق ابن لهيعة، قال: حدثني خالد بن أبي عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك لسانه طويلا ثم أرسله ثم قال: " أتخوف عليكم هذا، رحم الله عبدا قال خيرا وغنم، أو سكت عن سوء فسلم ".
ورجاله ثقات لكنه معضل.
وقد روي موصولا من حديث أبي أمامة.
وقال الحافظ العراقي في تخريج الاحياء 3 / 95: روى ابن أبي الدنيا في الصمت والبيهقي في الشعب من حديث أنس بسند فيه ضعف فإنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن الحجازيين، فالحديث حسن بمجموع طرقه.
وأخرجه أحمد في الزهد 277.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه ابن سعد 7 / 158 من طريق مسلم بن إبراهيم عن ربيعة بن = (*)

(4/571)


الوليد بن مسلم، عن سالم الخياط: سمعت الحسن وابن سيرين يقولان: سمعنا أبا هريرة، فذكر حديثا.
سالم واه، والحسن مع جلالته فهو مدلس، ومراسيله ليست بذاك، ولم يطلب الحديث في صباه، وكان كثير الجهاد، وصار كاتبا لامير خراسان الربيع ابن زياد.
وقال سليمان التيمي: كان الحسن يغزو، وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء، ثم جاء الحسن فكان يفتي.
قال محمد بن سعد (1): كان الحسن رحمه الله جامعا، عالما، رفيعا، فقيها، ثقة، حجة، مأمونا، عابدا، ناسكا، كثير العلم، فصيحا، جميلا، وسيما.
وما أرسله فليس بحجة.
الاصمعي عن أبيه، قال: ما رأيت زندا أعرض من زند الحسن البصري، كان عرضه شبرا.
قلت: كان رجلا تام الشكل، مليح الصورة، بهيا، وكان من الشجعان الموصوفين.
ضمرة بن ربيعة، عن الاصبغ بن زيد: سمع العوام بن حوشب، قال: ما أشبه الحسن إلا بنبي.
وعن أبي بردة، قال: ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه (2).
__________
= كلثوم عن الحسن، وأخرجه أحمد 2 / 254 من طريق أسود بن عامر، عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن قال: قال أبو هريرة.
(1) في الطبقات 7 / 157 و 158.
(2) انظر ابن سعد 7 / 162 وأخبار القضاة 2 / 7.
(*)

(4/572)


حميد بن هلال: قال لنا أبو قتادة: الزموا هذا الشيخ، فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر منه - يعني الحسن (1).
وعن أنس بن مالك، قال: سلوا الحسن، فإنه حفظ ونسينا.
وقال مطر الوراق: لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة، فهو يخبر عما عاين (2).
مجالد، عن الشعبي قال: ما رأيت الذي كان أسود من الحسن.
عن أمة الحكم، قالت: كان الحسن يجئ إلى حطان الرقاشي، فما
رأيت شابا قط كان أحسن وجها منه.
وعن جرثومة (3)، قال: رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة (4).
أبو هلال: رأيت الحسن يغير بالصفرة.
وقال عارم ؟ ؟: حدثنا حماد بن سلمة، قال: رأيت الحسن يصفر لحيته.
وقال قتادة: ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه، غير أنه إذا أشكل عليه شئ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن.
قال أيوب السختياني: كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له.
وقال معاذ بن معاذ: قلت للاشعث: قد لقيت عطاء وعندك مسائل، أفلا سألته ؟ ! قال: ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني.
وقال أبو هلال: كنت عند قتادة، فجاء الخبر.
بموت الحسن، فقلت:
__________
(1) ابن سعد 7 / 161 والمعرفة والتاريخ 2 / 47، 48 بنحوه.
(2) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 48.
(3) هو جرثومة بن عبد الله أبو محمد النساج مولى بلال بن أبي بردة.
(4) وانظر ابن سعد 7 / 160.
(*)

(4/573)


لقد كان غمس في العلم غمسة، قال قتادة: بل نبت (1) فيه وتحقبه (2) وتشربه، والله لا يبغضه إلا حروري (3).
محمد بن سلام الجمحي، عن همام، عن قتادة، قال: يقال: ما خلت الارض قط من سبعة رهط، بهم يسقون، وبهم يدفع عنهم، وإني لارجو أن يكون الحسن أحد السبعة.
قال قتادة: ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن.
وقال حميد ويونس: ما رأينا أحدا أكمل مروءة من الحسن.
وعن علي بن زيد، قال: سمعت من ابن المسيب، وعروة، والقاسم وغيرهم، ما رأيت مثل الحسن، ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه (4).
حماد بن زيد، عن حجاج بن أرطاة: سألت عطاء عن القراءة على الجنازة، قال: ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها، قلت: إن الحسن يقول: يقرأ عليها (5): قال عطاء: عليك بذاك، ذاك إمام ضخم يقتدى به.
وقال يونس بن عبيد: أما أنا فإني لم أر أحدا أقرب قولا من فعل من الحسن (6).
أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، قال: اختلفت إلى الحسن
__________
(1) ابن سعد: " ثبت ".
(2) ابن سعد: " تحقنه ".
(3) ابن سعد 7 / 174.
(4) وانظر ابن سعد 7 / 161.
(5) وهو في الصحيح، فقد أخرج البخاري في صحيحه 3 / 164 عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وقال: لتعلموا أنها سنة.
(6) وأورده ابن سعد 7 / 176 من طريق آخر عن عمارة بألفاظ مقاربة.
(*)

(4/574)


عشر سنين أو ما شاء الله، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك.
مسلم بن إبراهيم: حدثنا سلام بن مسكين: رأيت على الحسن قباء مثل الذهب يتألق.
وقال ابن علية: عن يونس: كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة، وطيلسانا كرديا، وعمامة سوداء، وفي الصيف إزار كتان، وقميصا وبردا حبرة.
وروى حوشب، عن الحسن، قال: المؤمن يداري دينه بالثياب.
يونس، عن الحسن، أنه كان من رؤوس العلماء في الفتن والدماء والفروج (1).
وقال عوف: ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن (2).
حمادبن زيد، عن يزيد بن حازم، قال: قام الحسن من الجامع، فاتبعه ناس، فالتفت إليهم وقال: إن خفق النعال حول الرجال قلما يلبث الحمقى (3).
وروى حوشب عن الحسن، قال: يا ابن آدم، والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به، ليطولن في الدنيا حزنك، وليشتدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك (4).
وقال إبراهيم بن عيسى اليشكري: ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة (5).
__________
1) أورده ابن سعد 7 / 163 بإسقاط " الفروج " وهي الثغور.
2) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 50.
3) انظر ابن سعد 7 / 168 ويلبث: من اللبث، وهو المكث والتوقف.
4) الزهد لاحمد 259 والحلية 2 / 133، 134.
5) الزهد لاحمد 259 والحلية 2 / 133.
(*)

(4/575)


الثوري، عن عمران القصير ؟ ؟، قال: سألت الحسن عن شئ فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيها بعينك ! إنما الفقيه: الزاهد
في الدنيا، البصير بدينه (1)، المداوم على عبادة ربه (2).
عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا محمد بن ذكوان، حدثنا خالد بن صفوان، قال: لقيت مسلمة بن عبدالملك فقال: يا خالد، أخبرني عن حسن أهل البصرة ؟ قلت: أصلحك الله، أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به: أشبه الناس سريرة بعلانية، وأشبهه قولا بفعل، إن قعد على أمر قام به، وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شئ كان أترك الناس له، رأيته مستغنيا عن الناس، ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك، كيف يضل قوم هذا فيهم (3).
هشام بن حسان: سمعت الحسن يحلف بالله، ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله (4).
وقال حزم بن أبي حزم: سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان، الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك.
وقال أبو زرعة الرازي: كل شئ، قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث.
__________
1) لفظ الامام أحمد في الزهد: " البصير بذنبه ".
2) الحلية 2 / 147 وانظر الزهد لاحمد 267 و 279.
3) الحلية 2 / 147، 148، وأورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 51، 52 من طريق عبد الله بن بكير السهمى عن محمد بن ذكوان، ولفظه ؟ ؟ " ؟ ؟ كيف ضل قوم هذا فيهم - يعني اتباعهم ابن المهلب ".
4) الزهد لاحمد 270 والحلية 2 / 152.
(*)

(4/576)


روح بن عبادة: حدثنا حجاج الاسود، قال: تمنى رجل فقال: ليتني
بزهد الحسن، وورع ابن سيرين، وعبادة عامر بن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب، وذكر مطرف بن الشخير بشئ، قال: فنظروا في ذلك، فوجدوه كله كاملا في الحسن (1).
عيسى بن يونس، عن الفضيل أبي محمد: سمعت الحسن يقول: أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة، جمعت القرآن، أنظر إلى طلحة بن عبيدالله.
الفضيل: لايعرف.
يعقوب الفسوي: سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول: حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة.
وقال حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد، قال: رأيت سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم في آخرين، ما رأيت مثل الحسن.
وقال جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، قال لنا أبو قتادة: ما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن (2).
ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، قال: دخلنا على الحسن وهو نائم، وعند رأسه سلة، فجذبناها فإذا خبز وفاكهة، فجعلنا نأكل، فانتبه فرآنا، فسره، فتبسم وهو يقرأ: (أو صديقكم) لا جناح عليكم (3).
حماد بن زيد: سمعت أيوب يقول: كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القئ.
__________
1) ابن سعد 7 / 165، ولفظه: " وذكر مطرفا بن الشخير بشئ لا يحفظه روح ".
2) ابن سعد 7 / 161 والمعرفة والتاريخ 2 / 47، 48، 51، وانظر الزهد لاحمد 267.
3) الآية: (أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) [ النور: 61 ] (*)

(4/577)


وقال السري بن يحيى: كان الحسن يصوم البيض، وأشهر الحرم،
والاثنين والخميس (1).
يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: كنا نعاري (2) أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غالب القطان، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا، فلينظر إلى الحسن.
وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام (3).
روى أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، قال: لم يحج الحسن إلا حجتين، وكان يكون بخراسان ! وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة، والمهلب ابن أبي صفرة، وكان من الشجعان.
قال هشام بن حسان: كان الحسن أشجع أهل زمانه.
وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج.
فضيل بن عياض، عن رجل، عن الحسن، قال: ما حليت الجنة لامة ما حليت لهذه الامة، ثم لا ترى لها عاشقا.
أبو عبيدة الناجي، عن الحسن، قال: ابن آدم، ترك الخطيئة أهون عليك من معالجة التوبة، ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة فأنت في غير معمل (4).
__________
1) الزهد لاحمد 269.
2) يقال: نحن نعاري: أي نركب الخيل أعراء.
3) ابن سعد 7 / 163.
4) أورد بعضه أحمد في الزهد 279.
(*)

(4/578)


سلام بن مسكين، عن الحسن، قال: أهينوا الدنيا، فوالله لاهنأ ما تكون إذا أهنتها (1).
وقال جعفر بن سليمان: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه (2).
وقال أبو سعيد بن الاعرابي (3) في " طبقات النساك ": كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن، ويسمعون كلامه، ويذعنون له بالفقه، في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد، وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها، تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر.
فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث، والفقه، وعلم القرآن، واللغة، وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للاخلاص وعلم الخصوص، كعمرو بن عبيد (4)، وأبي جهير، وعبد الواحد بن زيد، وصالح المري، وشميط، وأبي عبيدة الناجي، وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال - يعني في العبادة.
حماد بن زيد، عن أيوب، قال: كذب على الحسن سربان من
__________
1) ابن سعد 7 / 168 ولفظه: " إذا أهنتموها "، والزهد لاحمد 282.
2) أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 49 مطولا.
3) هو أحمد بن محمد بن زياد أبو سعيد بن الاعرابي البصري الصوفي المتوفى سنة 340 ه.
وكتابه هذا نقل عنه المؤلف في أكثر من موضع، انظر ترجمته في المجلد العاشر 100 آ من الاصل.
4) انظر ترجمته في المجلد الخامس 186 آ من الاصل.
(*)

(4/579)


الناس: قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن، وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن.
وأنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوفته بالسلطان، فقال: لا
أعود فيه بعد اليوم.
فلا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به، وقد أدركت الحسن - والله - وما يقوله (1).
قال الحمادان، عن يونس قال: ما استخف الحسن شئ ما استخفه القدر (2).
حماد بن زيد، أن أيوب وحميدا خوفا الحسن بالسلطان، فقال لهما: ولا تريان ذاك ؟ قالا: لا.
قال: لا أعود (3).
قال حماد: لا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به.
وروى أبو معشر، عن إبراهيم، أن الحسن تكلم في القدر.
رواه مغيرة ابن مقسم، عنه.
وقال سليمان التيمي: رجع الحسن عن قوله في القدر.
حماد بن سلمة، عن حميد، سمعت الحسن يقول: خلق الله الشيطان، وخلق الخير، وخلق الشر.
فقال رجل: قاتلهم الله، يكذبون على هذا الشيخ.
أبو الأشهب: سمعت الحسن يقول في قوله: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) [ سبأ: 54 ] قال: حيل بينهم وبين الايمان (4).
وقال حماد، عن حميد، قال: قرأت القرآن كله على الحسن، ففسره
__________
1) أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 34 مجزءا، وانظر ابن سعد 7 / 167.
2) أخبار القضاة 2 / 13.
3) انظر ابن سعد 7 / 167.
4) المعرفة والتاريخ 2 / 40، وانظر 39 منه.
(*)

(4/580)


لي أجمع على الاثبات، فسألته عن قوله: (كذلك سلكناه في قلوب المجرمين) [ الشعراء: 200 ] قال: الشرك سلكه الله في قلوبهم (1).
حمادبن زيد، عن خالد الحذاء، قال: سأل الرجل الحسن فقال: (ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك) [ هود: 118 و 119 ] ؟ قال: أهل رحمته لا يختلفون، ولذلك خلقهم، خلق هؤلاء لجنته، وخلق هؤلاء لناره، فقلت: يا أبا سعيد، آدم خلق للسماء أم للارض ؟ قال: للارض خلق، قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال: لم يكن بد من أن يأكل منها لانه خلق للارض، فقلت: (ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم) [ الصافات: 162 و 163 ] ؟ قال: نعم، الشياطين لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلى الجحيم (2).
أبو هلال محمد بن سليم: دخلت على الحسن يوم الجمعة ولم يكن جمع، فقلت: يا أبا سعيد، أما جمعت ؟ قال: أردت ذلك، ولكن منعني قضاء الله (3).
منصور بن زاذان: سألنا الحسن عن القرآن، ففسره كله على الاثبات.
ضمرة بن ربيعة، عن رجاء، عن ابن عون، عن الحسن، قال: من كذب بالقدر فقد كفر (4).
حماد بن زيد، عن ابن عون، قال: لما ولي الحسن القضاء كلمني
__________
1) المعرفة والتاريخ 2 / 40.
2) المعرفة والتاريخ 2 / 41 وانظر 38، 39 منه.
3) المعرفة والتاريخ 2 / 36.
4) الزهد لاحمد 285، والمعرفة والتاريخ 2 / 44.
(*)

(4/581)


رجل أن أكلمه في مال يتيم يدفع إليه ويضمه، فكلمته فقال: أتعرف الرجل ؟
قلت: نعم، قال: فدفعه إليه.
رجاء بن سلمة، عن ابن عون، عن ابن سيرين - وقيل له في الحسن: وما كان ينحل إليه أهل القدر ؟ قال: كانوا يأتون الشيخ بكلام مجمل، لو فسروه لهم لساءهم (1).
ابن أبي عروبة: كلمت مطرا الوراق في بيع المصاحف فقال: قد كان حبرا الامة أو فقيها الامة لا يريان به بأسا: الحسن والشعبي (2).
ابن شوذب، عن مطر، قال: دخلنا على الحسن نعوده، فما كان في البيت شئ، لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه (3).
عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، قال: ولي وهب القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه.
فحدثت به معمرا، فتبسم وقال: ولي الحسن القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه (4).
وقال أبو سعيد بن الاعرابي: كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء، فيتكلم في الخصوص، حتى نسبته القدرية إلى الجبر، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر، كل ذلك لا فتنانه وتفاوت الناس
__________
1) " المعرفة والتاريخ " 2 / 47 من طريق سعيد بن أسد عن ضمرة عن رجل عن ابن عون..وربما يكون الصواب: لو فسروه له.
2) المعرفة والتاريخ 2 / 48، ولفظه: " فقال: أتنهوني عن بيع المصحف وقد كان حبرا الامة..".
3) المعرفة والتاريخ 2 / 48 والسرير المرمول: الذي نسج وجهه بالسعف ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير.
انظر اللسان (رمل).
4) أورده الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2 / 49 بألفاظ مقاربة، وانظر أخبار القضاة 2 / 7
و 8.
(*)

(4/582)


عنده، وتفاوتهم في الاخذ عنه، وهو برئ من القدر ومن كل بدعة.
قلت: وقد مر إثبات الحسن للاقدار من غير وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه، فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد.
كما نقل أحمد الابار في " تاريخه ": حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا عبد الرزاق، عن ؟ ؟ معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: الخير بقدر، والشر ليس بقدر.
قلت: قد رمي قتادة بالقدر.
قال غندر، عن شعبة: رأيت على الحسن عمامة سوداء.
وقال سلام بن مسكين: رأيت على الحسن طيلسانا كأنما يجري فيه الماء، وخميصة كأنها خز.
وقال ابن عون: كان الحسن يروي بالمعنى (1).
أيوب: قيل لابن الاشعث: إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة، فأخرج الحسن.
فأرسل إليه، فأكرهه.
قال سليم بن أخضر: حدثنا ابن عون: قالوا لابن الاشعث: أخرج الحسن، قال ابن عون: فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء، فغفلوا عنه، فألقى نفسه في نهر حتى نجا منهم، وكاد يهلك يومئذ.
وقال القاسم الحداني: رأيت الحسن قاعدا في أصل منبر ابن الاشعث (2).
هشام، عن الحسن، قال: كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره (3).
__________
1) انظر ابن سعد 7 / 158.
2) ابن سعد 7 / 165.
3) أورده أحمد في " الزهد " 261 و 285 بخلاف يسير.
(*)

(4/583)


حماد: سمعت ثابتا يقول: لولا أن تصنعوا بي ما صنعتم بالحسن حدثتكم أحاديث مونقة، ثم قال: منعوه القائلة، منعوه النوم.
حميد الطويل: كان الحسن يقول: اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم، فإنهم سيصحبونك بمثله.
قال أيوب: ما وجدت ريح مرقة طبخت أطيب من ريح قدر الحسن (1).
وقال أبو هلال: قلما دخلنا على الحسن إلا وقد رأينا قدرا يفوح منها ريح طيبة.
مسلم بن إبراهيم: حدثنا إياس بن أبي تميمة: شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة، والفرزدق إلى جنبه على بعير، فقال له الفرزدق: قد استشرفنا الناس، يقولون: خير الناس وشر الناس، قال: يا أبا فراس، كم من أشعث أغبر، ذي طمرين، خير مني، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه، ما أعددت للموت ؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، قال: إن معها شروطا، فإياك وقذف المحصنة، قال: هل من توبة ؟ قال: نعم (2).
ضمرة، عن أصبغ بن زيد، قال: مات الحسن وترك كتبا فيها علم.
موسى بن إسماعيل: حدثنا سهل بن الحصين الباهلي، قال: بعثت إلى عبد الله بن الحسن البصري: ابعث إلي بكتب أبيك، فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي: اجمعها لي، فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها، فأتيت بها فقال للخادم: اسجري التنور، ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث
بها إلي وأخبرني أنه كان يقول: ارو ما في هذه الصحيفة.
ثم لقيته بعد فأخبرني به مشافهة بمثل ما أدى الرسول (3).
__________
1) ابن سعد 7 / 167.
2) انظر طبقات ابن سلام 335 والكامل للمبرد 1 / 119 وصفحة 255 من هذا الجزء.
3) ابن سعد 7 / 174، 175 والمنتخب من ذيل المذيل 639.
(*)

(4/584)


وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين، قال: وأما الحسن فما رأينا أحدا أطول حزنا منه، ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة، ثم قال: نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا.
وقال: لا أقبل منكم شيئا، ويحك يا ابن آدم، هل لك بمحاربة الله - يعني قوة - والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواما يمسي (1) أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، فيتصدق ببعضه ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه (2).
قال أيوب السختياني: لو رأيت الحسن لقلت: إنك لم تجالس فقيها قط.
وعن الاعمش، قال: ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها، وكان إذا ذكر الحسن عند أبي جعفر الباقر قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الانبياء (3).
صالح المري، عن الحسن قال: ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم، ذهب بعضك (4).
مبارك بن فضالة: سمعت الحسن يقول: فضح الموت الدنيا، فلم يترك فيها لذي لب فرحا (5).
وروى ثابت عنه، قال: ضحك المؤمن غفلة من قلبه (6).
__________
1) في الاصل: " يمشي " بالمعجمة وما أثبتناه من الحلية.
2) أورده أبو نعيم في الحلية 2 / 134 مطولا.
3) الحلية 2 / 147، وأورد الفسوي بعضه في " المعرفة والتاريخ " 2 / 45.
4) الحلية 2 / 148.
5) الحلية 2 / 149، وأورده أحمد في " الزهد " 258 من طريق آخر.
6) ابن سعد 7 / 170، والحلية 2 / 152، وأورد نحوه أحمد في " الزهد " 279.
(*)

(4/585)


أبو نعيم في " الحلية " (1): حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن الفضل، حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد، حدثنا أحمد بن زياد، حدثنا عصمة بن سليمان الخزاز (2)، حدثنا فضيل بن جعفر، قال: خرج الحسن بن عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال: ما يجلسكم ها هنا ؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء، أما والله ما مجالستهم مجالسة الابرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد فرطحتم (3) نعالكم، وشمرتم ثيابكم، وجززتم شعوركم، فضحتم القراء فضحكم الله، والله لو زهدتم فيما عندهم، لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم، فزهدوا فيكم، أبعد الله من أبعد.
وعن الحسن، قال: ابن آدم، السكين تحد، والكبش يعلف، والتنور يسجر (4).
ابن المبارك: حدثنا طلحة بن صبيح، عن الحسن، قال: المؤمن من علم أن ما قال الله كما قال، والمؤمن أحسن الناس عملا، وأشد الناس وجلا، فلو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين، لا يزداد صلاحا وبرا إلا ازداد فرقا، والمنافق يقول: سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي، فيسئ
العمل ويتمنى على الله (5).
الطيالسي في " المسند " (6) الذي سمعناه: حدثنا جسر أبو جعفر، عن الحسن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ " يس " في ليلة التماس وجه الله غفر له ".
__________
1) 2 / 150، 151.
2) في الحلية: " الحراني " وهو تصحيف.
انظر ترجمته في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 20.
3) كل شئ عرضته فقد فرطحته.
4) الحلية 2 / 152 والزهد لاحمد 270.
5) الحلية 2 / 153 ولفظه: " فينسئ العمل ".
6) 2 / 23، وجسر ضعيف، والحسن مدلس وقد عنعن.
(*)

(4/586)


رواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن.
خالد بن خداش: حدثنا صالح المري، عن يونس، قال: لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع، فقام إليه ابنه فقال: يا أبت قد غممتنا، فهل رأيت شيئا، قال: هي نفسي لم أصب بمثلها.
قال هشام بن حسان: كنا عند محمد عشية يوم الخميس، فدخل عليه رجل بعد العصر فقال: مات الحسن، فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام، فما تكلم حتى غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه.
قلت: وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم.
قال ابن علية: مات الحسن في رجب سنة عشر ومئة.
وقال عبد الله بن الحسن: إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة.
قلت: مات في أول رجب، وكانت جنازته مشهودة، صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة، فشيعه الخلق، وازدحموا عليه، حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع.
ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال: لقد نبهتموني من جنات وعيون، ومقام كريم.
قلت: اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن، عن سمرة، وهي نحو من خمسين حديثا، فقد ثبت سماعه من سمرة، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة (1).
وقال عفان: حدثنا همام، عن قتادة، حدثني الحسن، عن هياج بن
__________
1) انظر تخريج حديث العقيقة ص 567 حاشية (3).
(*)

(4/587)


عمران البرجمي، أن غلاما له أبق، فجعل عليه إن قدر عليه أن يقطع يده فلما قدر عليه بعثني إلى عمران فسألته، فقال: أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة، فليكفر عن يمينه، ويتجاوز عن غلامه.
قال: وبعثني إلى سمرة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة، ليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه.
قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: عن فلان، وإن كان مما قد ثبت لقية فيه لفلان المعين، لان الحسن معروف بالتدليس، ويدلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة، يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة والله أعلم.

224 - سعيد * (ع) ابن أبي الحسن يسار البصري، أخو الحسن البصري، من ثقات التابعين (1).
حدث عن أمه خيرة، وأبي هريرة، وأبي بكرة الثقفي، وابن عباس.
روى عنه: قتادة: وسليمان التيمي، وخالد الحذاء، وعوف الاعرابي، وعلي بن علي الرفاعي، وآخرون.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 178، طبقات خليفة ت 1727، الزهد لاحمد 287، تاريخ البخاري 3 / 462، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 72، تهذيب الكمال ص 486، تاريخ الاسلام 4 / 7 و 119، تذهيب التهذيب 2 / 15 ب، تهذيب التهذيب 4 / 16، خلاصة تذهيب التهذيب 137.
1) في الاصل الذي اعتمدناه، خرم يبدأ من هنا إلى آخر المجلد، وقد اعتمدنا النسخة الثانية لاحمد الثالث لاكمال هذا الخرم، وهي لا ترقى إلى الاصل الذي اعتمدناه من حيث الضبط وسلامة النص.
فلذا اضطررنا إلى مقابلة النصوص جميعها على المصادر التي نقل عنها المؤلف ما وجدنا إلى ذلك سبيلا.
(*)

(4/588)


وثقه النسائي وغيره.
ولما توفي حزن عليه أخوه وبكى.
قيل: مات قبله بعام، والصحيح أنه مات سنة مئة.
وكان يسمى راهبا لدينه (1) رحمه الله.
حديثه في الدواوين كلها.
والله أعلم.

225 - الاخطل * شاعر زمانه، واسمه غياث بن غوث التغلبي النصراني.
قيل للفرزدق: من أشعر الناس ؟ قال: كفاك بي إذا افتخرت، وبجرير إذا هجا، وبابن النصرانية إذا امتدح.
وكان عبدالملك بن مروان يجزل عطاء الاخطل، ويفضله في الشعر على غيره.
وللاخيطل (2): والناس همهم الحياة ولا أرى * طول الحياة يزيد غير خبال وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد * ذخرا يكون كصالح الاعمال (3) وقيل: إن الاخطل قيده الاسقف وأهانه، فليم في صبره له، فقال: إنه الدين، إنه الدين (4).
وقد حصل أموالا جزيلة من بني أمية، ومات قبل الفرزدق بسنوات
__________
1) في الاصل:: راهب المدينة، والراهب: المتعبد، هو من الرهبة، الخوف.
* طبقات ابن سلام 1 / 451، الشعر والشعراء 393، الاغاني 7 / 169، سمط اللآلي 44، تاريخ ابن عساكر 14 / 73 آ، تاريخ الاسلام 3 / 337، شرح شواهد المغني 46، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 1 / 459.
2) في الاصل " للاخطيل " وهو تحريف.
3) البيتان في ديوانه 248 وتاريخ الاسلام 3 / 337.
وعزاهما الطبري في تاريخه 6 / 186 لابن مقبل، وأورد الثاني منهما ابن سلام في طبقاته 1 / 493 وكذا أبو الفرج في أغانيه ط دار الكتب 8 / 310 وابن عساكر 14 / 73 ب، 77 آ.
وعزاه المبرد في " الكامل " 2 / 14 للخليل بن أحمد.
والمرجح أنهما من قصيدة للاخطل.
4) انظر الخبر مفصلا في طبقات ابن سلام 1 / 490.
(*)

(4/589)


226 - الفرزدق * شاعر عصره ، أبو فراس، همام بن غالب بن صعصعة بن ناحية التميمي البصري.
أرسل عن علي، ويروي عن أبي هريرة، والحسين، وابن عمر، وأبي
سعيد، وطائفة.
وعنه: الكميت، ومروان الاصفر، وخالد الحذاء، وأشعث الحمراني، والصعق بن ثابت، وابنه لبطة (1)، وحفيده أعين بن لبطة.
وفد على الوليد، وعلى سليمان، ومدحهما.
ونظمه في الذروة.
كان وجهه كالفرزدق وهي الطلمة (2) الكبيرة.
فقيل: إنه سمع من علي، فكان أشعر أهل زمانه مع جرير والاخطل النصراني، ومات معه في سنة عشر ومئة من الاعيان مع الحسن البصري: أبو بكر محمد بن سيرين، وأبو الطفيل عامر ابن واثلة - في قول - وجرير بن الخطفى التميمي الشاعر، ونعيم بن أبي هند الاشجعي الكوفي، وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله التميمي.

227 - جرير * * شاعر زمانه، أبو حزرة، جرير بن عطية بن الخطفى التميمي البصري.
__________
* طبقات ابن سلام 1 / 299، الشعر والشعراء 381، الاغاني 8 / 186 و 19 / 3، معجم المرزباني 465، المبهج 50، سمط اللآلي 44، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 280، وفيات الاعيان 6 / 86، تاريخ الاسلام 4 / 178، مرآة الجنان 1 / 238، سرح العيون 389 و 464، البداية والنهاية 9 / 265، النجوم الزاهرة 1 / 268، شذرات الذهب 1 / 141، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 1 / 217.
1) لبطة: من قولهم تلابط القوم بالسيوف إذا تضاربوا.
(الاشتقاق) 240.
2) في الاصل: " الظلمة " بالمعجمة تصحيف، وهي الخبزة، ولفظ المؤلف في تاريخه: " وهو الرغيف الضخم ".
* * طبقات ابن سلام 1 / 374، الشعر والشعراء 374، الاغاني 7 / 38، سمط اللآلي = (*)

(4/590)


مدح يزيد بن معاوية، وخلفاء بني أمية، وشعره مدون.
عن عثمان التيمي، قال: رأيت جريرا وما تضم شفتاه من التسبيح، قلت: هذا حالك وتقذف المحصنات ! فقال: (إن الحسنات يذهبن السيئات) [ هود: 115 ] وعد من الله حق.
وعن بشار الاعمى، قال: أهل الشام أجمعوا على جرير والفرزدق والاخطل النصراني.
قلت: فضل جريرا على الفرزدق جماعة.
وروى يونس بن حبيب، أن الفرزدق قال لامرأته نوار: أنا أشعر أم ابن المراغة ؟ قالت: غلبك على حلوه، وشركك في مره.
وقال مروان بن أبي حفصة: ذهب الفرزدق بالفخار وإنما * حلو القريض ومره جرير وقيل: كان جرير عفيفا منيبا، توفي سنة عشر بعد الفرزدق بشهر، وترجمته في " تاريخ دمشق " (1) في كراسين.

228 - بشير بن يسار * (ع) مدني، إمام، ثقة، من موالي الانصار، وما هو بأخي عطاء بن يسار، ولا سليمان بن يسار.
__________
= 292، شرح المقامات الحريرية 2 / 349، وفيات الاعيان 1 / 321، تاريخ الاسلام 4 / 95، مرآة الجنان 1 / 235، البداية والنهاية 9 / 260 النجوم الزاهرة 1 / 269، شرح شواهد المغني 1 / 45، شذرات الذهب 1 / 140، خزانة الادب 1 / 36.
1) يبدو أن ترجمة جرير تقع في القسم المفقود ما بين " جبريل - جعونة " من تاريخ ابن عساكر.
* طبقات ابن سعد 5 / 303، طبقات خليفة ت 2155، 2225، تاريخ البخاري 2 / 132، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 394، تهذيب الاسماء ؟ ؟ واللغات القسم = (*)

(4/591)


وثقه ابن معين.
وقال ابن سعد (1): كان فقيها، أدرك عامة الصحابة.
قلت: روى عن سويد بن النعمان، ومحيصة بن مسعود، وسهل بن أبي حثمة، ورافع بن خديج.
له أحاديث، روى عنه: يحيى بن سعيد، وربيعة الرأي، والوليد بن كثير، وابن إسحاق، وجماعة.
توفي سنة بضع (2) ومئة، والله أعلم.

229 - بسر (3) بن عبيدالله الحضرمي * (ع) الفقيه، شامي جليل، ثقة.
يروي عن واثلة بن الاسقع، ورويفع، وطائفة.
وعنه: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، وثور بن يزيد، وزيد بن واقد، وابن زبر.
قال أبو مسهر: هو أحفظ أصحاب أبي إدريس الخولاني.
قلت: عاش إلى حدود سنة عشر مئة، وكان من علماء دمشق، توفي في خلافة هشام بن عبدالملك.
__________
= الاول من الجزء الاول 134، تهذيب الكمال ص 157، تاريخ الاسلام 4 / 93، العبر 1 / 123، تذهيب التهذيب 1 / 87 آ، تهذيب التهذيب 1 / 472، خلاصة تذهيب التهذيب 51.
1) في الطبقات 5 / 303.
2) وفي العبر ذكره المؤلف مع من توفي بعد المئة.
3) في الاصل " بشر " بالمعجمة تصحيف.
* تاريخ البخاري 2 / 124، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 423، تهذيب الكمال ص 146، تاريخ الاسلام 4 / 93، تذهيب التهذيب 1 / 82 ب، تهذيب التهذيب 1 / 438.
خلاصة تذهيب التهذيب 47.
(*)

(4/592)


230 - الاحوص الشاعر * أبو عاصم عبد الله بن محمد بن عبد الله، ابن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، عاصم ابن ثابت..ابن ثابت بن أبي الاقلح الانصاري، الذي نفاه عمر بن عبد العزيز إلى جزيرة دهلك (1) لكثرة هجوه.
وقيل: نفاه سليمان الخليفة لكونه شبب بعاتكة بنت يزيد بقوله: يا بيت عاتكة الذي أتعزل * حذر العدى وبه الفؤاد موكل إني لامنحك الصدود وإنني * قسما إليك مع الصدود لاميل (2).

231 - يزيد بن أبي مسلم * * أمير المغرب، أبو العلاء بن دينار الثقفي، مولى الحجاج وكاتبه ومشيره، استخلفه الحجاج عند موته على أموال الخراج، فضبط ذلك، وأقره الوليد، حتى لقد قال: مثلي ومثل الحجاج وأبي العلاء، كمن ضاع منه درهم فوجد دينارا.
ثم ولي الخلافة سليمان، فطلب أبو العلاء في غل، وكان قصيرا دميما، كبير البطن، مشوها، فنظر إليه سليمان فقال: لعن الله من ولاك، قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنك رأيتني والامور مدبرة عني، فلو رأيتني في الاقبال لاستعظمت ما استحقرت.
فقال: قاتله الله ما اسد (3) عقله.
ثم
__________
* طبقات ابن سلام 655، الشعر والشعراء 424، الاغاني 4 / 40 و 6 / 53، الموشح 231، المبهج 23، سمط اللآلي 73، تاريخ الاسلام 4 / 91، خزانة الادب (بتحقيق هارون) 2 / 16.
1) دهلك: جزيرة في بحر اليمن، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة.
2) البيتان من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز حينما كان أمير المدينة.
انظر: الاغاني ط الدار
21 / 97 - 101.
* * تاريخ الطبري 6 / 617، الكامل لابن الاثير 5 / 101، تاريخ ابن عساكر 18 / 193 ب، وفيات الاعيان 6 / 309، تاريخ الاسلام 4 / 215، مرآة الجنان 1 / 212، النجوم الزاهرة 1 / 245، شذرات الذهب 1 / 124، الاستقصا 1 / 46، رغبة الآمل 5 / 167، 169.
4) في الاصل: " ما أشد " بالمعجمة، تصحيف، وما أثبتناه من وفيات الاعيان 6 / 310.
(*)

(4/593)


قال: أترى الحجاج يهوي بعد في جهنم أو بلغ قعرها ؟ قال: لا تقل ذاك، فإنه يحشر مع من ولاه.
فقال: مثل هذا فليصطنع.
ثم إنه كشف عليه فلم يجده خان في درهم، وهم باستكتابه.
ثم أمره على إفريقية يزيد بن عبدالملك، فثارت عليه الخوارج ففتكوا به لظلمه سنة اثنتين ومئة.

332 - أبو بحرية * (4) عبد الله بن قيس الكندي التراغمي الحمصي، من كبار التابعين، شهد خطبة عمر بالجابية.
وحدث عن عمر، ومعاذ، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وطائفة.
روى عنه: خالد بن معدان، ويزيد بن قطيب، وضمرة بن حبيب، ويونس بن ميسرة، وابنه بحرية بن عبد الله، وأبو ظبية الكلاعي، وأبو بكر بن أبي مريم، وغيرهم.
وكان عالما فاضلا، ناسكا، مجاهدا.
عن الواقدي: أن عثمان كتب إلى معاوية: أن أغز الصائفة رجلا مأمونا على المسلمين، رفيقا بسياستهم.
فعقد لابي بحرية عبد الله بن قيس - وكان فقيها ناسكا، يحمل عنه الحديث - حتى مات في خلافة الوليد.
وقد كان معاوية وخلفاء بني أمية يعظمونه.

233 - بسر (1) بن سعيد * * (ع) الامام القدوة المدني، مولى بني الحضرمي.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 442، تاريخ البخاري 5 / 171، المعرفة والتاريخ 2 / 313، الكنى 1 / 125، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 138، تاريخ ابن عساكر صل 27 ب تهذيب الكمال ص 725، 1578، تاريخ الاسلام 4 / 72، تذهيب التهذيب 2 / 174 آ، غاية النهاية ت 1850، الاصابد كنى ت 148، تهذيب التهذيب 5 / 364، خلاصة تذهيب التهذيب 210.
1) في الاصل: " بشر " بالمعجمة وكذا في سائر الترجمة وهو تصحيف.
* * طبقات ابن سعد 5 / 281، طبقات خليفة ت 2156، 2228 تاريخ البخاري =.
(*)

(4/594)


حدث عن عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وطائفة.
حدث عنه أبو سلمة بن عبدالرحمن، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وسالم أبو النضر، وبكير بن عبد الله بن الاشج، وأخوه يعقوب، وزيد بن أسلم وآخرون.
وثقه يحيى بن معين، والنسائي.
قال محمد بن سعد (1): كان من العباد المنقطعين والزهاد، كثير الحديث.
وروي أن الوليد سأل عمر بن عبد العزيز: من أفضل أهل زمانه بالمدينة ؟ فقال: مولى لبني الحضرمي يقال له بسر.
ويقال: إن رجلا وشى على بسر عند الوليد بن عبدالملك بأنه يعيبكم، قال: فأحضره وسأله ؟ فقال: لم أقله، اللهم إن كنت صادقا فأرني به آية.
فاضطرب الرجل حتى مات.
قال مالك: توفي بسر رحمه الله، فما خلف كفنا.
قلت: توفي سنة مئة، ولم يذكره أبو نعيم في " الحلية "، كأنه نسيه.

234 - سبلان * (م، د، ن، ق) سالم بن عبد الله، مولى النصريين، وهو سالم مولى المهري (2)، وهو
__________
= 2 / 123 المعرفة والتاريخ 1 / 422، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 423، تهذيب الكمال ص 145، تاريخ الاسلام 3 / 345، العبر 1 / 119، تذهيب التهذيب 1 / 82 آ، تهذيب التهذيب 1 / 437، خلاصة تذهيب التهذيب 47.
1) في الطبقات 5 / 282.
* طبقات ابن سعد 5 / 301، طبقات خليفة ت 2166، تاريخ البخاري 4 / 109، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 184، تهذيب الكمال ص 464، تاريخ الاسلام 4 / 117، تذهيب التهذيب 2 / 3 ب، تهذيب التهذيب 3 / 438، خلاصة تذهيب التهذيب 131.
2) في الاصل: " النهري " وفي التاريخ للمؤلف " المهدي " وكلاهما تصحيف، وما أثبتناه من التهذيب.
(*)

(4/595)


سالم الدوسي (1)، وهو سالم مولى أوس [ بن ] الحدثان النصري، وهو سالم مولى شداد بن الهاد.
كان من علماء المدينة.
روى [ عن ] سعد (2) بن أبي وقاص، وعائشة، وأبي هريرة، وجماعة.
وعنه: سعيد المقبري، وأبو الاسود اليتيم، وابن إسحاق، ومحمد بن عمرو، وآخرون.
وثق، واحتج به مسلم.

235 - سليمان بن قتة التيمي *
مولاهم البصري، المقرئ، من فحول الشعراء.
عرض ختمة على ابن عباس.
وسمع من معاوية، وعمرو بن العاص، وقرأ عليه عاصم الجحدري (3).
وحدث عنه: موسى بن أبي عائشة، وحميد الطويل، وأبان بن أبي عياش.
وثقه ابن معين.
وقتة هي أمه
__________
1) في الاصل: " السدوسي " وكذا في تاريخ المؤلف وهو تصحيف، وما أثبتناه من تاريخ البخاري والجرح والتعديل والتهذيب.
2) في الاصل: " سعيد " تصحيف.
وما بين الحاصرتين من تاريخ الاسلام.
* تاريخ البخاري 4 / 32، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 136، المبهج 44 تاريخ الاسلام 4 / 120، غاية النهاية ت 1385، تعجيل المنفعة 167 وفيه قنة مصحف، تبصير المنتبه 1122، تاج العروس (قتت).
3) في الاصل: " الحجازي " وهو تصحيف.
وما أثبتناه من الميزان وتاريخ الاسلام للمؤلف وتعجيل المنفعة، وغاية النهاية.
(*)

(4/596)


236 - زياد الاعجم * (د، ت، ق) من فحول الشعراء ، وهو أبو أمامة زياد بن سليم العبدي، مولاهم.
وكان في لسانه عجمة.
روى عن أبي موسى الاشعري، وشهد معه فتح إصطخر (1)، وعن عبد الله بن عمرو.
وحديثه في السنن.
روى عنه: طاووس، وهشام بن قحذم (2)، وأخوه المحبر بن قحذم (2).
امتدح عبد الله بن جعفر، ورثى المهلب.
وله وفادة على هشام بن عبد الملك.
خرج له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
والله أعلم.

237 - الراعي * * من كبار الشعراء، أبو جندل، عبيد بن حصين النميري الذي يقول فيه جرير:
__________
* طبقات فحول الشعراء 693، الشعر والشعراء 343، الاغاني 14 / 102 وفيه زياد بن سليمان، معجم الادباء 11 / 168، وفيه زياد بن سلمى، تاريخ ابن عساكر 6 / 237 ب، تاريخ الاسلام 4 / 113، العبر 1 / 123، شرح شواهد المغني 206، خزانة الادب 4 / 193، شذرات الذهب 1 / 123، تهذيب ابن عساكر 5 / 404، تهذيب التهذيب 3 / 370.
1) إصطخر: بلدة بفارس، من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها، قيل: كان أول من أنشأها إصطخر بن طهمورث ملك الفرس.
انظر معجم البلدان.
2) في الاصل " محذم " وهو تصحيف.
* * طبقات فحول الشعراء 502، الاغاني 20 / 168، المؤتلف والمختلف 122، سمط اللآلي 50، تاريخ ابن عساكر 11 / 6 آ، تاريخ الاسلام 4 / 111، شرح شواهد المغني 336، خزانة الآدب 1 / 504.
(*)

(4/597)


فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا (1) وإنما لقب بالراعي لكثرة ما يصف الابل في شعره.
امتدح عبدالملك بن مروان.
وله في ابن الرقاع العاملي: لو كنت من أحد يهجى هجوتكم * يا ابن الرقاع ولكن لست من أحد تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسبا * وابنا نزار فأنتم بيضة البلد (2).
وهو القائل: إن الزمان الذي نرجو هواديه * يأتي على الحجر القاسي فينفلق ما الدهر للناس إلا مثل واردة * إذا مضى عنق منها بدا عنق (3).

238 - الضحاك بن مزاحم * (4) الهلالي، أبو محمد، وقيل أبو القاسم، صاحب التفسير.
كان من أوعية العلم، وليس بالمجود لحديثه، وهو صدوق في نفسه، وكان له أخوان: محمد ومسلم، وكان يكون ببلخ وبسمرقند.
__________
(1) البيت في ديوانه 821 والكامل 1 / 340 والخزانة 4 / 595، وفيه (فغض) بتثليث الضاد.
2) روي البيتان في كتب كثيرة منها طبقات ابن سلام 503، 504 والاغاني ط دار الثقافة 23 / 361 ولفظه: " لم تعرف لكم نسبا " وكذا اللسان (بيض)، والديوان 64 وروايته: " أن ترضى لكم نسبا " ورواية المؤلف في تاريخه: " أن يعزى لكم ".
3) البيتان في شعره ص 105، وخاص الخاص للثعالبي 84.
والواردة: وارد الماء، والعنق: الطائفة من الناس.
* طبقات ابن سعد 6 / 300 و 7 / 369، طبقات خليفة ت 2950، تاريخ البخاري 4 / 332، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 458، تهذيب الكمال ص 618، تذهيب التهذيب 2 / 98 ب، تاريخ الاسلام 4 / 125، العبر 1 / 124، ميزان الاعتدال 2 / 325، المغني في الضعفاء 1 / 312، مرآة الجنان 1 / 213، البداية والنهاية 9 / 223، غاية النهاية ت 1467، تهذيب التهذيب 4 / 453، النجوم الزاهرة 1 / 248، خلاصة تذهيب التهذيب 177، طبقات المفسرين 1 / 216، شذرات الذهب 1 / 124.
(*)

(4/598)


حدث عن ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعن الاسود، وسعيد بن جبير، وعطاء، وطاووس، وطائفة.
وبعضهم يقول: لم يلق ابن عباس.
فالله أعلم.
حدث عنه: عمارة بن أبي حفصة، وأبو سعد البقال (1)، وجويبر بن سعيد، ومقاتل، وعلي بن الحكم، وأبو روق (2) عطية، وأبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، ونهشل بن سعيد، وعمر بن الرماح، وعبد العزيز بن أبي رواد، وقرة بن خالد، وآخرون.
وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما.
وحديثه في السنن لا في الصحيحين.
وقد ضعفه يحيى بن سعيد.
وقيل: كان يدلس.
وقيل: كان فقيه مكتب كبير إلى الغاية، فيه ثلاثة آلاف صبي، فكان يركب حمارا ويدور على الصبيان.
وله باع كبير في التفسير والقصص.
قال سفيان الثوري: كان الضحاك يعلم ولا يأخذ أجرا.
وروى شعبة عن مشاش، قال: سألت الضحاك: هل لقيت ابن عباس ؟ فقال: لا.
وروى شعبة عن عبدالملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، إنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير (3).
قال يحيى القطان: كان شعبة ينكر أن يكون الضحاك لقي ابن عباس قط.
ثم قال القطان: والضحاك عندنا ضعيف.
__________
1) في الاصل " أبو سعيد " وما أثبتناه من التاريخ للمؤلف والتهذيب.
2) في الاصل: " ردف " وهو تصحيف.
3) ابن سعد 6 / 301.
(*)

(4/599)


وأما أبو جناب (1) الكلبي فروى عن الضحاك، قال: جاورت ابن
عباس سبع سنين.
قلت: أبو جناب ليس بقوي، والاول أصح.
وروى قبيصة، عن قيس بن مسلم، قال: كان الضحاك إذا أمسى بكى فيقال [ له، فيقول ]: لا أدري ما صعد اليوم من عملي (2).
سفيان الثوري، عن أبي السوداء، عن الضحاك (3)، قال: أدركتهم وما يتعلمون إلا الورع.
قال قرة: كان هجيرى (4) الضحاك إذا سكت: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وروى ميمون أبو عبد الله عن الضحاك، قال: حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها.
وتلا قول الله: (كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب) [ آل عمران: 79 ].
زهير بن معاوية، عن بشير أبي إسماعيل، عن الضحاك، قال: كنت ابن ثمانين سنة جلدا غزاء.
نقل غير واحد وفاة الضحاك في سنة اثنتين ومئة.
وقال أبو نعيم الملائي: توفي سنة خمس ومئة.
وقال الحسين بن الوليد، والنيسابوري: توفي سنة ست ومئة.
__________
1) في الاصل: " أبو سفيان " وهو تصحيف.
2) تاريخ الاسلام 4 / 125، وما بين الحاصرتين منه.
3) في الاصل: " عن أبي الضحاك " زيادة من الناسخ.
والخبر في طبقات ابن سعد 6 / 301.
4) الهجير والهجيرى: الدأب والعادة والديدن.
(*)

(4/600)


239 - طلق بن حبيب العنزي * (م 4)
بصري زاهد كبير، من العلماء العاملين.
حدث عن ابن عباس، وابن الزبير، وجندب بن سفيان، وجابر بن عبد الله، والاحنف بن قيس، وأنس بن مالك، وعدة.
روى عنه منصور، والاعمش، وسليمان التيمي، وعوف الاعرابي، ومصعب بن شيبة، وجماعة.
وكان طيب الصوت بالقرآن، برا بوالديه.
روي عن طاووس، قال: ما رأيت أحدا أحسن صوتا منه.
وكان ممن يخشى الله تعالى.
عاصم الاحول، عن بكر المزني، قال: لما كانت فتنة ابن الاشعث قال طلق بن حبيب: اتقوها بالتقوى.
فقيل له: صف لنا التقوى، فقال: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله، وترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله (1).
قلت: أبدع وأوجز، فلا تقوى إلا بعمل، ولا عمل إلا بترو من العلم والاتباع.
ولا ينفع ذلك إلا بالاخلاص لله، لا ليقال: فلان تارك للمعاصي بنور الفقه، إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها، ويكون الترك خوفا من الله، لا ليمدح بتركها، فمن دوام على هذه الوصية فقد فاز.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 227، طبقات خليفة ت 1722، تاريخ البخاري 4 / 359، المعارف 468، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 490، الحلية 3 / 63، تهذيب الكمال ص 632، تاريخ الاسلام 4 / 129، تذهيب التهذيب 2 / 108 آ، ميزان الاعتدال 2 / 345، البداية والنهاية 9 / 101، تهذيب التهذيب 5 / 31، خلاصة تذهيب التهذيب 181.
1) انظر الحلية 3 / 64.
(*)

(4/601)


وروى سعد (1) بن إبراهيم الزهري، عن طلق بن حبيب، قال: إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، وإن نعم الله أكثر من أن تحصى، ولكن أصبحوا تائبين، وأمسوا تائبين (2).
قال ابن الاعرابي: كان يقال: فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وحلم مسلم بن يسار، وعبادة طلق، وكان طلق يتكلم على الناس ويعظ (3).
قال حماد بن زيد، عن أيوب، قال: ما رأيت أحدا أعبد من طلق بن حبيب.
وقيل: إن الحجاج - قاتله الله - قتل طلقا مع سعيد بن جبير.
ولم يصح.
قال أبو حاتم (4): طلق صدوق، يرى الارجاء.
قال ابن عيينة: سمعت عبد الكريم يقول: كان طلق لا يركع إذا افتتح سورة " البقرة "، حتى يبلغ " العنكبوت " وكان يقول: أشتهي أن أقوم حتى يشتكي صلبي (5).
غندر، حدثنا عوف، عن طلق بن حبيب، أنه كان يقول في دعائه: اللهم إني أسألك علم الخائفين منك، وخوف العالمين (6) بك، ويقين المتوكلين عليك، وتوكل الموقنين بك، وإنابة المخبتين إليك، وإخبات
__________
1) في الاصل: " سعيد " تصحيف.
2) انظر الحلية 3 / 65.
(3) انظر الحلية 3 / 64.
وصفحة 511 و 577.
4) في الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 491.
5) الحلية 3 / 64.
6) في الاصل: " العاملين " وما أثبتناه من التاريخ للمؤلف والحلية.
(*)

(4/602)


المنيبين، إليك، وشكر الصابرين لك، وصبر الشاكرين لك، ولحاقا بالاحياء المرزوقين عندك (1).
قال أبو زرعة: طلق سمع من ابن عباس، وهو ثقة مرجئ.
قال ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، قال: لم يكن ببلدنا أحد أحسن مداراة لصلاته من طلق بن حبيب (2).
وعن كلثوم بن جبر، قال: كان المتمني بالبصرة يقول (3): عبادة طلق ابن حبيب، وحلم مسلم بن يسار.
مات طلق قبل المئة.

240 - الضحاك بن عبدالرحمن * (ت، ق) ابن عرزب، وقيل: ابن عرزم (4)، الامير، نائب دمشق لعمر بن عبد العزيز، أبو عبد الرحمن الاشعري، الطبراني، الاردني.
روى عن أبي هريرة، وأبي موسى الاشعري، وعبد الرحمن بن غنم، وابنه.
وعنه: مكحول، ومحمد بن زياد الالهاني، وأبو طلحة الخولاني، وعبد الله ابن العلاء بن زبر، والاوزاعي، وحريز بن عثمان.
__________
1) الحلية 3 / 63، 64 وروايته: " ونجاة الاحياء المرزوقين عندك ".
2) الحلية 3 / 64.
3) في الاصل " بورع " بدل " يقول " وما أثبتناه من الحلية 3 / 64.
* تاريخ البخاري 4 / 333، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 459، تاريخ ابن عساكر 8 / 203 آ، تهذيب الكمال ص 616، تاريخ الاسلام 4 / 124، ميزان الاعتدال 2 / 324، تذهيب التهذيب 2 / 97 آ، تهذيب التهذيب 4 / 446، خلاصة تذهيب التهذيب 176، تهذيب ابن عساكر 7 / 6.
4) قال المؤلف في تاريخ الاسلام 4 / 124: " وعرزب بالباء أصح ".
(*)

(4/603)


وثقه العجلي.
وقال أبو مسهر: كان من خير الولاة.
قال ابن زبر: سمعته يخطب على منبر دمشق.
قلت: هكذا كان من تولى إمرة دمشق أو نحوها، هو الذي يخطب بالناس.

241 - الضحاك المشرقي * (خ، م) عن أبي سعيد الخدري، حديثه في البخاري ومسلم.

242 - عبد الله بن حنين * * (ع) المدني، مولى العباس، أبو علي.
يروي عن علي، وأبي أيوب، وابن عباس.
وعنه ابنه إبراهيم، وابن المنكدر، وشريك بن أبي نمر، وأسامة بن زيد وآخرون.
ثقة، كبير.

وابنه:
243 - إبراهيم بن عبد الله * * * (ع) أبو إسحاق، أرسل عن علي، وحدث عن أبي هريرة.
__________
* هو ابن شرحبيل أو شراحيل كما نص المؤلف في تاريخه.
وترجمته في تاريخ البخاري 4 / 335، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني 461، تهذيب الكمال ص 615، تاريخ الاسلام 4 / 126، مشتبه النسبة 592، تذهيب التهذيب 2 / 97 آ، ميزان الاعتدال 2 / 324، تهذيب التهذيب 4 / 444، خلاصة تذهيب التهذيب 176.
* * طبقات ابن سعد 5 / 286، تاريخ البخاري 5 / 69، الجرح والتعديل القسم الثاني من
المجلد الثاني 40، تهذيب الكمال ص 676، تاريخ الاسلام 4 / 136، تذهيب التهذيب 2 / 139 ب، تهذيب التهذيب 5 / 193، خلاصة تذهيب التهذيب 195.
* * * تاريخ البخاري 1 / 299، المعرفة والتاريخ 1 / 415، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 108، تهذيب الكمال ص 58، تاريخ الاسلام 4 / 90، العبر 1 / 122، تذهيب التهذيب 1 / 37 ب، تهذيب التهذيب 1 / 133، خلاصة تذهيب التهذيب 18، شذرات الذهب 1 / 122.
(*)

(4/604)


وعنه: زيد بن أسلم، وابن عجلان، وابن إسحاق، ومحمد بن عمرو، وعدة.
وهو ثقة أيضا.
مات بعد أبيه بيسير بعد المئة.
حديثهما في الكتب الستة وهو قليل.

244 - عبيد بن حنين * (ع) مولى آل زيد بن الخطاب، مدني ثقة.
[ روى ] عن زيد بن ثابت، وأبي موسى، وأبي هريرة، وابن عباس.
وعنه: سالم أبو النضر، وأبو طوالة، وأبو الزناد، ويحيى بن سعيد الانصاري، وعدة.
توفي سنة خمس ومئة، وله أخوان: محمد وعبد الله.

245 - زياد بن جبير * * (ع) ابن حية الثقفي، بصري حجة.
روى عن أبيه، وسعد، والمغيرة بن شعبة، وابن عمر.
وعنه: [ ابن ] عون، ويونس بن عبيد، ومبارك بن فضالة.
وثقه النسائي.
توفي سنة أربع ومئة.
__________
طبقات ابن سعد 5 / 285، طبقات خليفة ت 2129، 2172، تاريخ البخاري 5 / 446 الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثاني 404، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 262، تهذيب الكمال ص 894،، تاريخ الاسلام 4 / 149، تذهيب التهذيب 3 / 22 ب، تهذيب التهذيب 7 / 63، خلاصة تذهيب التهذيب 254.
* * سبق للمؤلف أن ترجم له في ص 515 فمصادر ترجمته هناك.
(*)

(4/605)


246 - محمد بن سيرين * الامام، شيخ الاسلام، أبو بكر الانصاري، الانسي البصري، مولى أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان أبوه من سبي جرجرايا (1)، تملكة أنس، ثم كاتبه على ألوف من المال، فوفاه، وعجل له مال الكتابة قبل حلوله، فتمنع أنس من أخذه لما رأى سيرين قد كثر ماله من التجارة، وأمل أن يرثه، فحاكمه إلى عمر رضي الله عنه، فألزمه تعجيل المؤجل.
قال أنس بن سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر (2)، وولدت بعده بسنة قابلة.
سمع أبا هريرة، وعمران بن حصين، وابن عباس، وعدي بن حاتم، وابن عمر، وعبيدة السلماني، وشريحا القاضي، وأنس بن مالك، وخلقا سواهم.
روى عنه: قتادة، وأيوب، ويونس بن عبيد، وابن عون، وخالد
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 193، الزهد لاحمد 306، طبقات خليفة ت 1728، تاريخ البخاري 1 / 90، المعارف 442، المعرفة والتاريخ 2 / 54، ذيل المذيل 640، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 280، الحلية 2 / 263، تاريخ بغداد 5 / 331، طبقات الفقهاء للشيرازي
88، تاريخ ابن عساكر 15 / 210 آ، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الاول 82، وفيات الاعيان 4 / 181، تهذيب الكمال ص 1207، تاريخ الاسلام 4 / 192، تذكرة الحفاظ 1 / 73، العبر 1 / 135، تذهيب التهذيب 3 / 210 ب، مرآة الجنان 1 / 232، البداية والنهاية 9 / 267 و 274، غاية النهاية ت 3057، تهذيب التهذيب 9 / 214، النجوم الزاهرة 1 / 268، طبقات الفقهاء للسيوطي 31، خلاصة تذهيب التهذيب 340، شذرات الذهب 1 / 138.
1) جرجرايا: بلد من أعمال النهروان الاسفل بين واسط وبغداد من الجانب الشرقي، انظر معجم البلدان.
2) كذا الاصل، والصواب (عثمان) كما في ابن سعد 7 / 193 وتاريخ الخطيب 5 / 333 وباقي الروايات والمصادر، وقد أثبتنا (عمر) لوروده في رواية أخرى بعد سطور، ولتعليق المؤلف على.
ذلك في الصفحة التالية.
(*)

(4/606)


الحذاء، وهشام بن حسان، وعوف الاعرابي، وقرة بن خالد، ومهدي ابن ميمون، وجرير بن حازم، وأبو هلال محمد بن سليم، ويزيد بن إبراهيم التستري، وعقبة بن عبد الله الاصم، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو بكر سلمى الهذلي، وحيان بن حصين، وشبيب بن شيبة، وسليمان بن المغيرة، وخليد بن دعلج.
قال خالد بن خداش: حدثنا حماد، عن أنس بن سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر.
قال الحاكم: هكذا وجدت في كتابي: عمر، وقال غيره: عثمان.
قلت: الثاني أشبه، ولو كان أولاهما الاول لكان ابن سيرين في سن الحسن، ومعلوم أن محمدا كان أصغر بسنوات، لكن يشهد للاول قول عارم، عن حماد بن زيد: عاش ابن سيرين نيفا وثمانين سنة.
ويشهد للثاني قول
ميسرة، عن معلى بن هلال (1)، حدثنا يونس بن عبيد قال: مات محمد بن سيرين وهو ابن ثمان وسبعين سنة.
حماد بن زيد، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: حج بنا أبو الوليد فمر بنا على المدينة، فأدخلنا على زيد بن ثابت، ونحن سبعة ولد سيرين، فقال له: هؤلاء بنو سيرين، فقال زيد: هذا لام، وهذان لام، وهذان لام، وهذا من أم.
قال: فما أخطأ.
وكان يحيى أخا محمد من أمه.
وقيل: بل معبد كان أخا محمد لامه (2).
قال هشام بن حسان: أدرك محمد ثلاثين صحابيا.
عمربن شبة: حدثنا يوسف بن عطية: رأيت ابن سيرين قصيرا عظيم
__________
1) في الاصل: " معلى بن الاعلم " تحريف، وما أثبتناه من تهذيب الكمال.
2) المعرفة والتاريخ 2 / 58، وانظر بن سعد 7 / 193 وتاريخ الخطيب 5 / 332، 333.
(*)

(4/607)


البطن، له وفرة، يفرق شعره، كثير المزاح والضحك، يخضب بالحناء (1).
قال ابن عون: كان محمد يأتي بالحديث على حروفه، وكان الحسن صاحب معنى.
عون بن عمارة: حدثنا هشام، حدثني أصدق من أدركت، محمد بن سيرين.
قال حبيب بن الشهيد: كنت عند عمرو بن دينار فقال: والله ما رأيت مثل طاووس، فقال أيوب السختياني وكان جالسا: والله لو رأى محمد بن سيرين لم يقله.
معاذ بن معاذ: سمعت ابن عون يقول: ما رأيت مثل محمد بن سيرين.
وعن خليف بن عقبة، قال: كان ابن سيرين نسيج وحده.
وقال حماد بن زيد، عن عثمان البتي، قال: لم يكن بالبصرة أحد أعلم بالقضاء من ابن سيرين (2).
وعن شعيب بن الحبحاب، قال: كان الشعبي يقول لنا: عليكم بذلك الاصم يعني ابن سيرين (3).
وقال ابن يونس: كان ابن سيرين أفطن من الحسن في أشياء (4).
__________
1) ابن عساكر 15 / 213 آ، وزاد: " وافر اللحية ".
2) ابن سعد 7 / 196 وتاريخ الخطيب 5 / 337، ولفظهما: " لم يكن أحد بهذه النقرة أعلم بالقضاء.." وابن عساكر 15 / 217 آ، ولفظه: " ما رأيت بهذه النقرة - يعني البصرة - أحدا أعلم بالقضاء..".
3) ابن سعد 7 / 195 وابن عساكر 15 / 217 ب، 218 آ.
4) ابن عساكر 15 / 217 ب بنحوه.
(*)

(4/608)


وقال عوف الاعرابي: كان ابن سيرين حسن العلم بالفرائض والقضاء والحساب (1).
حماد بن زيد، عن عاصم، سمعت مورقا العجلي يقول: ما رأيت أحدا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين (2).
وقال عاصم: وذكر محمد عند أبي قلابة، فقال: اصرفوه كيف شئتم، فلتجدنه أشدكم ورعا، وأملككم لنفسه (3).
حماد: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: ومن يستطيع ما يطيق ! ؟ محمد يركب مثل حد السنان (4).
النضر بن شميل، عن ابن عون قال: ثلاثة لم تر عيناي مثلهم: ابن
سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، كأنهم التقوا فتواصوا.
وقد وقف على ابن سيرين دين كثير من أجل زيت كثير أراقه، لكونه وجد في بعض الظروف فأرة.
حمادبن سلمة، عن ثابت، قال لي محمد: يا أبا محمد، لم يكن يمنعني من مجالستكم إلا مخافة الشهرة، فلم يزل بي البلاء حتى قمت على المصطبة، فقيل: هذا ابن سيرين، أكل أموال الناس، وكان عليه دين كثير (5).
__________
1) انظر تاريخ البخاري 1 / 91 والجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 280.
2) ابن سعد 7 / 196، والمعرفة والتاريخ 2 / 56.
3) ابن عساكر 15 / 211 آ، 216 ب، 217 آ، وانظر ابن سعد 7 / 196 والمعرفة والتاريخ 2 / 56 وتاريخ الخطيب 5 / 334 وتاريخ البخاري 1 / 90، 91.
4) ابن عساكر 15 / 211 آ، وأورد ابن سعد 7 / 198 بنحوه، وكذا المعرفة والتاريخ 2 / 57 والحلية 2 / 267 وتاريخ الخطيب 5 / 337.
5) ابن سعد 7 / 199 والمعرفة والتاريخ 2 / 61 والحلية 2 / 271 وتاريخ الخطيب 5 / 335 = (*)

(4/609)


وقال أبو عوانة: رأيت محمد بن سيرين في السوق، فما رآه أحد إلا ذكر الله (1).
محمد بن عمر الباهلي: سمعت سفيان يقول: لم يكن كوفي ولا بصري له مثل ورع محمد بن سيرين.
وعن زهير الاقطع: كان محمد بن سيرين، إذا ذكر الموت، مات كل عضو منه على حدة (2).
وقال ابن عون: كان محمد يرى أن أهل الاهواء أسرع الناس ردة، وأن هذه نزلت فيهم: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) [ الانعام: 68 ].
وما رأيت أحدا أسخى نفسا من ابن عون (3).
مسلم بن إبراهيم، عن قرة، قال: أكلت عند ابن سيرين فقال: إن الطعام أهون من أن يقسم عليه (4).
وعن ثابت البناني، قال: كان الحسن متواريا من الحجاج، فماتت بنت له، فبادرت إليه رجاء أن يقول لي صل عليها، فبكى حتى ارتفع نحيبه، ثم قال لي: اذهب إلى محمد بن سيرين، فقل له ليصل عليها.
فعرف حين جاء الحقائق، أنه لا يعدل بابن سيرين أحد (5).
الانصاري: حدثنا ابن عون، قال: كان إبراهيم بن الحسن،
__________
= وابن عساكر 15 / 226 ب، ولفظهم: " فلم يزل بي البلاء حتى أخذ بلحيتي فأقمت على المصطبة.
".
1) المعرفة والتاريخ 2 / 63 بنحوه.
2) الزهد 308 والمعرفة والتاريخ 2 / 59.
3) في الاصل لم يذكر قائل هذا.
ولعله أقحم في النص.
4) انظر الحلية 2 / 268، 269.
(5) انظر ابن سعد 7 / 204.
(*)

(4/610)


والشعبي يأتون بالحديث على المعاني، وكان القاسم وابن سيرين ورجاء بن حيوة، يقيدون الحديث على حروفه.
خارجة بن مصعب، عن ابن عون، عن محمد، قال: ما رأيت سود الرؤوس أفقه من أهل الكوفة إلا أن فيهم حدة.
قال محمد بن جرير الطبري: كان ابن سيرين فقيها، عالما، ورعا أديبا، كثير الحديث، صدوقا، شهد له أهل العلم والفضل بذلك، وهو حجة.
حماد بن زيد، عن أيوب، قال محمد: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم (1).
الفضل بن محمد الشعراني: حدثنا عمرو بن عون، حدثنا هشيم، حدثنا منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، قال: نزل بنا أبو قتادة، فبينا هو على سطح لنا - قال: ونحن عشرة من ولد سيرين - فانقض كوكب من السماء، فأتبعناه أبصارنا، فنهانا أبو قتادة عن ذلك.
وعن شعيب بن الحبحاب، قلت لابن سيرين: ما ترى في السماع من أهل الاهواء ؟ قال: لا نسمع منهم ولا كرامة.
الحاكم: حدثني عمر بن جعفر البصري، حدثنا الحسن بن صالح الاهوازي بالبصرة، حدثنا سليمان الشاذكوني، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، أنه كان يحدثه الرجل فلا يقبل عليه، ويقول: ما أتهمك، ولا الذي يحدثك، ولكن من بينكما أتهمه.
قال سليمان: إنما يقع الكذب بالذي وضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________
1) انظر ابن سعد 7 / 194 والحلية 2 / 278 ومسلم 1 / 14 في المقدمة في باب بيان أن الاسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات.
(*)

(4/611)


وقال قرة بن خالد: سمعت محمدا يقول: ذهب العلم وبقيت منه شذرات في أوعية شتى.
خالد بن خداش: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: رأيت محمد بن سيرين يحدث بأحاديث الناس، وينشد الشعر، ويضحك حتى يميل، فإذا
جاء بالحديث من المسند، كلح وتقبض.
أشهل بن حاتم، عن ابن عون، عن محمد، قال: قال عمر لابن مسعود، أو لابي مسعود: إنك تفتي الناس ولست بأمير، ول حارها من تولى قارها (1).
قال: وقال حذيفة: إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: من يعلم ما نسخ من القرآن، قالوا: ومن يعلم ما نسخ من القرآن ؟ قال: عمر، أو أمير لا يجد بدا، أو أحمق متكلف (2).
ثم قال ابن سيرين، ولست بواحد من هذين، ولا أحب أن أكون الثالث.
يزيد بن طهمان، عن محمد بن سيرين، قال: كان معاوية لا يتهم في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحارث بن أبي أسامة: حدثني محمد بن سعد، قال: سألت محمد بن عبد الله الانصاري، عن سبب الدين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس به ؟ فقال: كان باع من أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص جارية، فرجعت إلى محمد فشكت أنها تعذبها،
__________
1) اورده الدارمي 1 / 61 في المقدمة من طريق آخر، قال عمر لابن مسعود: ألم أنبأ أو أنبئت أنك تفتي ولست بأمير، ول حارها من تولى قارها.
وأورده عبد الرزاق في المصنف 20678 عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين بنحوه.
2) وأخرجه عبد الرزاق في المصنف من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين.
(*)

(4/612)


فأخذها محمد وكان قد أنفق ثمنها، فهي التي حبسته، وهي التي تزوجها سلم ابن زياد، وأخرجها إلى خراسان، وكان أبوها يلقب كركرة (1).
وقال المدائني (2): كان سبب حبسه أنه أخذ زيتا بأربعين ألف درهم،
فوجد في زق منه فأرة، فظن أنها وقعت في المعصرة، وصب الزيت كله.
وكان يقول: إني ابتليت بذنب أذنبته منذ ثلاثين سنة.
قال: فكانوا يظنون أنه عير رجلا بفقر (3).
إسماعيل (4) بن زكريا، عن عاصم الاحول، عن ابن سيرين، قال: لقد أتى على الناس زمان وما يسأل عن إسناد الحديث، فلما وقعت الفتنة سئل عن إسناد الحديث، فينظر من كان من أهل البدع، ترك حديثه (5).
قال أشعث: كان ابن سيرين (6) إذا سئل عن الحلال والحرام، تغير لونه حتى تقول: كأنه ليس بالذي كان (7).
وقال يونس: كان ابن سيرين صاحب ضحك ومزاح.
هشيم، عن منصور: كان محمد يضحك حتى تدمع عيناه، وكان الحسن يحدثنا ويبكي (8).
__________
1) انظر ابن سعد 7 / 199 وصفحة 616 من هذا الجزء.
2) في الاصل: " المديني " وما أثبتناه من تاريخ الخطيب وابن عساكر.
3) أورد ابن عساكر 15 / 226 آ بنحوه، وانظر تاريخ الخطيب 5 / 335.
4) في الاصل: " إسماعيل وزكريا " تصحيف.
5) انظر الحلية 2 / 278.
6) في الاصل: " ابن السمان " تصحيف.
7) الحلية 2 / 264 وابن عساكر 15 / 218 آ، وانظر ابن سعد 7 / 195 والمعرفة والتاريخ 2 / 60.
8) انظر ابن عساكر 15 / 220 ب.
(*)

(4/613)


سليمان بن حرب: حدثنا عمارة بن مهران، قال: كنا في جنازة حفصة
بنت سيرين، فوضعت الجنازة ودخل محمد بن سيرين صهريجا يتوضأ، فقال الحسن: أين هو ؟ قالوا: يتوضأ صبا صبا، دلكا دلكا، عذاب على نفسه وعلى أهله (1).
حماد، عن ابن عون: سمع ابن سيرين ينهى عن الجدال، إلا رجاء إن كلمته أن يرجع قال محمد بن عمرو: سمعت محمد بن سيرين يقول: كاتب أنس بن مالك أبي أبا عمرة على أربعين ألف درهم.
فأداها محمد بن سيرين.
قال عبيدالله بن أبي بكر بن أنس: هذه مكاتبة سيرين عندنا، وكان قينا (2).
قال ابن شبرمة: دخلت على محمد بن سيرين بواسط، فلم أر أجبن من فتوى منه، ولا أجرأ على رؤيا منه (3).
قال يونس بن عبيد: لم يكن يعرض لمحمد أمران في ذمته (4)، إلا أخذ بأوثقهما (5).
قال بكر بن عبد الله المزني: من أراد أن ينظر إلى أورع من أدركنا، فلينظر إلى محمد بن سيرين (6).
__________
1) انظر المعرفة والتاريخ 2 / 58.
2) المعرفة والتاريخ 2 / 57، وتاريخ الخطيب 5 / 332، وابن عساكر 15 / 212 ب وقد نصوا على المكاتبة وهي: " هذا ما كاتب عليه أنس بن مالك فتاه سيرين على كذا وكذا ألفا وعلى غلامين يعملان عمله ".
3) ابن عساكر 15 / 218 آ.
4) لفظ المؤلف في التاريخ، وأبي نعيم في الحلية وابن عساكر: " دينه ".
5) ابن عساكر 15 / 219 آ، وانظر الحلية 2 / 268.
6) انظر الزهد لاحمد 308 والحلية 2 / 266.
(*)

(4/614)


وقال هشام بن حسان: كان محمد يتجر، فإذا ارتاب في شئ تركه (1).
وقال ابن عون: كان محمد بن أشد الناس إزراء على نفسه (2).
وقال غالب القطان: خذوا بحلم ابن سيرين، ولا تأخذوا بغضب الحسن (3).
حماد بن سلمة، عن أيوب، قال: كان محمد يصوم يوما ويفطر يوما (4).
وقال ابن عون: كان محمد يصوم عاشوراء يومين ثم يفطر بعد ذلك يومين (5).
قال جرير بن حازم: كنت عند محمد، فذكر رجلا، فقال: ذاك الاسود، ثم قال: إن لله، إني اغتبته (6).
معاذ بن معاذ: عن ابن عون، أن عمر بن عبد العزيز بعث إلى الحسن فقبل، وبعث إلى ابن سيرين فلم يقبل (7).
ضمرة بن ربيعة، عن رجاء، قال: كان الحسن يجئ إلى السلطان ويعيبهم، وكان ابن سيرين لا يجئ إليهم ولا يعيبهم (8).
قال هشام: ما رأيت أحدا عند السلطان أصلب من ابن سيرين (9).
__________
1) ابن سعد 7 / 197 بنحوه.
2) ابن عساكر 15 / 220 آ، وتاريخ الخطيب 5 / 335 بنحوه.
3) ابن سعد 7 / 195.
4) ابن سعد 7 / 200 وابن عساكر 15 / 221 آ، وانظر الزهد 307.
5) ابن عساكر 15 / 221 آ.
6) ابن سعد 7 / 196 بنحوه، وانظر الحلية 2 / 268 وابن عساكر 15 / 222 ب.
7) ابن سعد 7 / 202 وابن عساكر 15 / 224 آ.
8) المعرفة والتاريخ، 2 / 64 وابن عساكر 15 / 224 آ.
9) ابن عساكر 15 / 224 آ.
(*)

(4/615)


حماد بن زيد، عن أيوب: رأيت الحسن في النوم مقيدا، ورأيت ابن سيرين في النوم مقيدا (1).
أبو شهاب الحناط، عن هشام بن حسان، [ أن ] ابن سيرين اشترى بيعا من منونيا (2)، فأشرف فيه على ربح ثمانين ألفا، فعرض في قلبه شئ فتركه، قال هشام: ما هو والله بربا (3).
محمد بن سعد: سألت الانصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد ابن سيرين حتى حبس ؟ قال: اشترى طعاما بأربعين ألفا، فأخبر عن أصل الطعام بشئ، فكرهه فتركه أو تصدق به، فحبس على المال [ حبسته امرأة، وكان الذي ] حبسه مالك بن المنذر (4).
وقال هشام: ترك محمد أربعين ألفا في شئ ما يرون به اليوم بأسا (5).
وعنه، قال: قلت مرة لرجل: يا مفلس، فعوقبت (6).
قال أبو سليمان الداراني وبلغه هذا فقال: قلت ذنوب القوم فعرفوا من أين أتوا، وكثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى (6).
قريش بن أنس: حدثنا عبدالحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار (7)، أن السجان قال لابن سيرين: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك،
__________
1) تاريخ الخطيب 5 / 336 وابن عساكر 15 / 224 ب، وانظر ابن سعد 7 / 197.
2) منونيا: قرية من قرى " نهر الملك " كانت أولا مدينة ولها ذكر في أخبار الفرس.
و " نهر الملك " كورة واسعة ببغداد.
3) ابن سعد 7 / 199، وابن عساكر 15 / 227 آ.
4) ابن سعد 7 / 198 وابن عساكر 15 / 226 آ، وما بين الحاصرتين منهما، وانظر ص 613.
5) انظر الحلية 2 / 266.
6) انظر الحلية 2 / 271.
7) في الاصل: " مسلم عن يسار " تصحيف.
(*)

(4/616)


فإذا أصبحت فتعال.
قال: لا والله، لا أكون لك عونا على خيانة السلطان (1).
قال معمر: جاء رجل إلى ابن سيرين فقال: رأيت كأن حمامة التقمت لؤلؤة، فخرجت منها أعظم ما كانت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت أصغر مما دخلت، ورأيت أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت كما دخلت.
فقال ابن سيرين: أما الاولى فذاك الحسن، يسمع الحديث فيجوده بمنطقه، ويصل فيه من مواعظه.
وأما التي صغرت فأنا، أسمع الحديث فأسقط منه.
وأما التي خرجت كما دخلت فقتادة، فهو أحفظ الناس (2).
ابن المبارك، عن عبد الله بن مسلم المروزي، قال: كنت أجالس ابن سيرين، فتركته وجالست الاباضية، فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيت ابن سيرين فذكرته له، فقال: مالك جالست أقواما يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم (3).
وعن هشام بن حسان، قال: قص رجل على ابن سيرين فقال: رأيت كأن بيدي قدحا من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقي الماء.
فقال له: اتق الله فإنك لم تر شيئا، فقال: سبحان الله.
قال ابن سيرين: فمن كذب فما علي، ستلد امرأتك وتموت، ويبقى ولدها.
فلما خرج الرجل قال: والله ما رأيت شيئا.
فما لبث أن ولد له وماتت امرأته (4).
قال: ودخل آخر [ فقال ]: رأيت كأني وجارية سوداء نأكل في قصعة
__________
1) تاريخ الخطيب 5 / 334 وابن عساكر 15 / 226 ب.
2) ابن عساكر 15 / 227 ب، وأورده بسياق آخر 227 آ.
3) ابن عساكر 15 / 227 ب، والاباضية: قوم من الخوارج.
راجع التاج (أبض).
4) ابن عساكر 15 / 227 ب، 228 آ.
(*)

(4/617)


سمكة.
قال: اتهيئ لي طعاما وتدعوني ؟ قال: نعم، ففعل، فلما وضعت المائدة، إذا جارية سوداء ! فقال له ابن سيرين: هل أصبت هذه ؟ قال: لا، قال: فادخل بها المخدع، فدخل، وصاح: يا أبا بكر، رجل والله، فقال: هذا الذي شاركك في أهلك (1).
أبو بكر بن عياش، عن مغيرة بن حفص، قال: سئل ابن سيرين، فقال: رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا، قال: هذا الحسن يموت قبلي، ثم أتبعه، وهو أرفع مني (2).
قد جاء عن ابن سيرين في التعبير عجائب يطول الكتاب بذكرها، وكان له في ذلك تأييد إلهي.
حماد بن زيد: حدثنا أنس بن سيرين قال: كان لمحمد سبعة ؟ ؟ أوراد، فإذا فاته شئ من [ الليل ] قرأه بالنهار (3).
حماد، عن ابن عون، أن محمدا كان يغتسل كل يوم (4).
قلت: كان مشهورا بالوسواس.
قال مهدي بن ميمون: رأيته إذا توضأ فغسل رجليه بلغ عضلة ساقيه (5).
قال قرة بن خالد: كان نقش خاتم محمد بن سيرين كنيته " أبو بكر "، ورأيته يتختم في الشمال (6).
__________
1) أورده ابن عساكر 15 / 228 آ مطولا.
2) ابن عساكر 15 / 228 آ، وانظر الحلية 2 / 277.
3) ابن عساكر 15 / 221 آ، وما بين الحاصرتين من تاريخ المؤلف وابن عساكر.
وأورد أبو نعيم في الحلية 2 / 271، 272 بنحوه.
4) ابن سعد 7 / 200.
5) ابن سعد 7 / 203.
6) انظر ابن سعد 7 / 203.
(*)

(4/618)


قال محمد بن عمرو: سمعت ابن سيرين يقول: عققت عن نفسي بختية (1).
وقال مهدي بن ميمون: رأيت ابن سيرين يلبس طيلسانا، ويلبس كساء أبيض في الشتاء، وعمامة بيضاء وفروة (2).
وقال سليمان بن المغيرة: رأيت ابن سيرين يلبس الثياب الثمينة والطيالس والعمائم (2).
يحيى بن خليف: حدثنا أبو خلدة قال: رأيت ابن سيرين يتعمم بعمامة بيضاء لاطية، قد أرخى ذوائبها من خلفه، ورأيته يخضب بالصفرة (2).
قال أبو الأشهب: رأيت عليه ثياب كتان (2).
معن بن عيسى: حدثنا محمد بن عمرو: رأيت ابن سيرين يخضب بحناء وكتم، ورأيته لا يحفي شاربه (3).
قال حميد الطويل: أمر ابن سيرين سويدا أن يجعل له حلة حبرة يكفن فيها (4).
وقال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: كانت والدة محمد حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوبا اشترى
ألين ما يجد، فإذا كان عيد، صبغ لها ثيابا، وما رأيته رافعا صوته عليها، كان إذا كلمها كالمصغي إليها (5).
__________
1) انظر ابن سعد 7 / 204، وعققت: من عق فلان عن ابنه: إذا ذبح عنه شاة يوم أسبوعه.
والبختية: الانثى من الجمال البخت (طوال الاعناق).
(لسان).
2) ابن سعد 7 / 204.
3) انظر ابن سعد 7 / 204 و 205.
4) ابن سعد 7 / 205.
5) ابن سعد 7 / 198 وابن عساكر 15 / 223 آ.
(*)

(4/619)


بكار بن محمد، عن ابن عون، أن محمدا كان إذا كان عند أمه لو راه.
رجل لا يعرفه، ظن أن به مرضا من خفض كلامه عندها (1).
أزهر، عن ابن عون، قال: كانوا إذا ذكروا عند محمد رجلا بسيئة ذكره هو بأحسن ما يعلم.
وجاءه ناس فقالوا: إنا نلنا منك فاجعلنا في حل، قال: لا أحل لكم شيئا حرمه الله (2).
جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: قدمت الكوفة وأنا أريد أن أشتري البز، فأتيت ابن سيرين بالكوفة، فساومته، فجعل إذا باعني صنفا من أصناف البز قال: هل رضيت ؟ فأقول: نعم، فيعيد ذلك علي ثلاث مرات، ثم يدعو رجلين فيشهدهما، وكان لا يشتري ولا يبيع بهذه الدراهم الحجاجية.
فلما رأيت ورعه، ما تركت شيئا من حاجتي أجده عنده إلا اشتريته، حتى لفائف البز (3).
أبو كدينة، عن ابن عون، قال: كان ابن سيرين إذا وقع عنده درهم زيف، أو ستوق لم يشتر به، فمات يوم مات، وعنده خمس مئة زيوفا.
وستوقة (4).
عبد الوهاب بن عطاء، أنبأنا ابن عون، قال: [ كانت ] وصية محمد بن سيرين: ذكر ما أوصى به محمد بن أبي عمرة أهله وبنيه، أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به (إبراهيم بنيه ويعقوب، يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن.
__________
1) ابن عساكر 15 / 223 آ.
2) ابن سعد 7 / 200، وانظر الحلية 2 / 263.
3) ابن سعد 7 / 202 وابن عساكر 15 / 219 ب.
4) ابن سعد 7 / 201، 202.
(*)

(4/620)


إلا وأنتم مسلمون) [ البقرة: 132 ] وأوصاهم أن لايدعوا أن يكونوا إخوان الانصار ومواليهم في الدين، فإن العفاف والصدق خير وأبقى وأكرم من الزنى والكذب، وأوصى فما ترك: إن حدث بي حدث قبل أن أغير وصيتي..فذكر الوصية (1).
محمد بن سعد: أنبأنا بكار بن محمد السيريني، حدثني أبي عن أبيه عبد الله بن محمد بن سيرين قال: لما ضمنت على أبي دينه، قال لي بالوفاء ؟ قلت: بالوفاء، فدعا لي بخير.
فقضى عبد الله عنه ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله حتى قومنا ماله ثلاث مئة ألف درهم أو نحوها (2).
قال أيوب السختياني: أنا زررت على محمد القميص [ يعني ] لما كفنه (3).
وروى أيوب، عن محمد أنه كان يأمر أن يجعل لقميص الميت أزرار ويكف (4).
قال غير واحد: مات محمد.
بعد الحسن البصري بمئة يوم، سنة عشر ومئة.
خالد بن خداش: حدثنا حماد بن زيد، قال: مات ابن سيرين لتسع مضين من شوال، سنة عشر ومئة (5).
أبو صالح كاتب [ الليث ]: حدثني يحيى بن أيوب أن رجلين تآخيا فتعاهدا: إن مات أحدهما قبل الآخر أن يخبره بما وجد، فمات أحدهما، فرآه
__________
1) ابن سعد 7 / 205، وابن عساكر 15 / 228 ب.
2) ابن سعد 7 / 205.
3) ابن سعد 7 / 206، وانظر 205، وما بين الحاصرتين من تاريخ المؤلف.
4) ابن سعد 7 / 205.
5) ابن عساكر 15 / 230 آ.
(*)

(4/621)


الآخر في النوم، فسأله عن الحسن البصري ؟ قال: ذاك ملك في الجنة لا يعصي، قال: فابن سيرين ؟ قال: ذاك فيما شاء واشتهى، شتان ما بينهما، قال: فبأي شئ أدرك الحسن ؟ قال بشدة الخوف والحزن (1).
جماعة سمعوا المحاربي: حدثنا حجاج بن دينار، قال: كان الحكم ابن جحل، صديقا لابن سيرين، فحزن على ابن سيرين حتى كان يعاد، ثم قال: رأيته في المنام في حال كذا وكذا، فسألته لما سرني: ما فعل الحسن ؟ قال: رفع فوقي سبعين درجة، قلت: بم ؟ فقد كنا نرى أنك فوقه ! قال: بطول الحزن (2).
وقد كان الاوزاعي أشار عليه يحيى بن أبي كثير، أن يرتحل إلى البصرة للقي محمد بن سيرين، فأتى، فوجده في مرض الموت، فعاده ولم يسمع
منه، رحمه الله تعالى.
وبلغني أن اسم أمه صفية، مولاة لابي بكر الصديق.

247 - أنس بن سيرين * (ع) كان آخرهم موتا، أدخل على زيد (3) بن ثابت.
وحدث عن جندب البجلي، وابن عمر، وابن عباس، ومسروق.
وعنه: ابن عون، وخالد، وشعبة، والحمادان، وهمام، وأبان العطار وخلق.
__________
1) ابن عساكر 15 / 230 آ، ب، وما بين الحاصرتين من التاريخ للمؤلف.
2) ابن عساكر 15 / 230 ب.
* طبقات ابن سعد 7 / 207، طبقات خليفة ت 1777، المعارف 442، أخبار القضاة 2 / 382، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الاول 287، تاريخ ابن عساكر 3 / 73 ب تهذيب الكمال ص 124، تاريخ الاسلام 4 / 233، العبر 1 / 151، تذهيب التهذيب 1 / 73 آ، مرآة الجنان 1 / 256، تهذيب التهذيب 1 / 374، خلاصة تذهيب التهذيب 40، شذرات الذهب 1 / 157، تهذيب ابن عساكر 3 / 138.
3) في الاصل: " يزيد " تصحيف.
(*)

(4/622)


وثقه يحيى بن معين وغيره.
مات سنة عشرين ومئة، ويقال: سنة ثمان عشرة ومئة.
والله أعلم (1).
__________
1) جاء في الاصل الذي اعتمدناه ما نصه: تم الجزء الرابع من سير أعلام النبلاء للشيخ الامام الحجة شمس الدين بن الذهبي، فسح الله في مدته.
وهو أول نسخة نسخت من خط المصنف وقوبلت عليه.
ويتلوه في الجزء الذي يليه وهو الخامس: أبو بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيس بن حضار الاشعري.
رضي الله عنه.
كان آخرهم موتا، أدخل على زيد (3) بن ثابت.
وحدث عن جندب البجلي، وابن عمر، وابن عباس، ومسروق.
وعنه: ابن عون، وخالد، وشعبة، والحمادان، وهمام، وأبان العطار وخلق.

(4/623)


وثقه يحيى بن معين وغيره.
مات سنة عشرين ومئة، ويقال: سنة ثمان عشرة ومئة.
والله أعلم (1).
__________
1) جاء في الاصل الذي اعتمدناه ما نصه: تم الجزء الرابع من سير أعلام النبلاء للشيخ الامام الحجة شمس الدين بن الذهبي، فسح الله في مدته.
وهو أول نسخة نسخت من خط المصنف وقوبلت عليه.
ويتلوه في الجزء الذي يليه وهو الخامس: أبو بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيس بن حضار الاشعري.
رضي الله عنه.
وكان الفراغ من نسخه في سنة تسع وثلاثين وسبع مئة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد نبيه، وخيرته من خلقه وسلم.
(*)

(4/623)