سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 9
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 9

(9/)


سير أعلام النبلاء (9)

(9/1)


جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة أن تطبع أو تعطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسة أو إفرادا.
الطبعة التاسعة 1413 ه - 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة هاتف: 319039 - 815112 - ص.
ب: 7460 برقيا بيوشران

(9/2)


سير أعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء التاسع أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه حقق هذا الجزء شعيب الارنؤوط كامل الخراط مؤسسة الرسالة

(9/3)


بسم الله الرحمن الرحيم

(9/4)


1 - البكائي * (خ (1)، م، ت، ق) الشيخ الحافظ المحدث أبو محمد، زياد بن عبد الله بن الطفيل العامري البكائي الكوفي، راوي السيرة النبوية عن ابن إسحاق.
حدث عن: حصين بن عبدالرحمن، وعبد الملك بن عمير، وعطاء بن السائب، ومنصور بن المعتمر، وعاصم الاحول، وسليمان الاعمش، وعدة.
وعنه: عبدالملك بن هشام النحوي، وأحمد بن حنبل، وعمرو ابن علي الفلاس، وزياد بن أيوب، والحسن بن عرفة، وزكريا زحمويه، وآخرون.
قال أحمد وغيره: ليس به بأس.
__________
* طبقات ابن سعد 396 6، طبقات خليفة: ت 1319، التاريخ الكبير: 3 / 360، الضعفاء والمتروكين ص 45، الضعفاء للعقيلي لوحة: 141، كتاب المجروحين: 1 / 306، الانساب 1 / 270، اللباب 1 / 168، وفيات الاعيان 1 / 86، تهذيب الكمال: 445، تذهيب التهذيب 1 / 245 / 1، العبر 1 / 287، ميزان الاعتدال 2 / 91، الكاشف 1 / 332، تهذيب التهذيب 3 / 375.
(1) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 401: ليس له عند البخاري سوى حديثه عن حميد، عن أنس، أن عمه غاب عن قتال بدر..الحديث.
أورده في الجهاد عن عمرو ابن زرارة، عنه، مقرونا بحديث عبدالاعلى، عن حميد.
(*)

(9/5)


وقال عبد الله بن إدريس: ما أحد في ابن إسحاق أثبت من زياد
البكائي، لانه أملى عليه مرتين.
وقال ابن معين: ثقة في ابن إسحاق.
وروى عباس عن يحيى قال: ليس بشئ (1)، قد كتبت عنه المغازي.
وقال ابن المديني: لا أروي عنه شيئا.
وقال صالح جزرة: هو في نفسه ضعيف الحديث، لكنه من أثبت الناس في المغازي، باع داره، وخرج يدور مع ابن إسحاق.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو زرعة: صدوق.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال الترمذي: كثير المناكير (2).
قال ابن حبان: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا زحمويه، حدثنا
__________
(1) قال اللكنوي في " الرفع والتكميل " ص 99: كثيرا ما تجد في " ميزان الاعتدال " وغيره في حق الرواة - نقلا عن يحيى بن معين -: " أنه ليس بشئ " فلا تغتر به، ولا تظنن أن ذلك الراوي مجروح بجرح قوي، فقد قال الحافظ ابن حجر في " مقدمة فتح الباري " في ترجمة (عبد العزيز بن المختار البصري) ص 419: ذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين من قوله: " ليس بشئ " يعني أن أحاديثه قليلة جدا.
وقال السخاوي في " فتح المغيث ": قال ابن القطان: إن ابن معين إذا قال في الراوي: ليس بشئ، إنما يريد أنه لم يرو حديثا كثيرا.
(2) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 401: وأفرط ابن حبان فقال: " لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ".
(*)

(9/6)


زياد، عن إدريس الاودي، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أذن بلال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، وأقام مثل ذلك.
ثم قال ابن حبان: هذا باطل، قد رواه الثوري والناس عن عون، ولم يذكروا تثنية الاقامة (1).
توفي في سنة ثلاث وثمانين ومئة.

2 - عبد الواحد * (ع) ابن زياد، الامام الحافظ أبو بشر، وقيل: أبو عبيدة العبدي، مولاهم البصري.
حدث عن: كليب بن وائل، وحبيب بن أبي عمرة، والمختار بن
__________
(1) " كتاب المجروحين " 1 / 307، وأخرجه أيضا الدارقطني في " سننه " 1 / 242.
وقد جاءت تثنية الاقامة في حديث عبد الله بن زيد، وحديث أبي محذورة، فالاول: أخرجه ابن أبي شيبة في " مسنده ": 136، والطحاوي: 79، 80، والبيهقي 1 / 240، من طريق وكيع، عن الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الانصاري..وإسناده صحيح، كما قال ابن دقيق العيد، وابن حزم، وصححه ابن خزيمة 1 / 197، والثاني: أخرجه أبو داود برقم (502)، وابن ماجة (709) والترمذي (192)، والنسائي 1 / 103، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة (377)، وابن حبان (288)، وابن دقيق العيد.
فإفراد الاقامة وتثنيتها ثابت صحيح، وهو من الاختلاف المباح الجائز، كما هو مذهب أحمد، وإسحاق، وداود، وابن جرير، وابن خزيمة.
* التاريخ لابن معين: 377، طبقات ابن سعد 7 / 289، طبقات خليفة: ت 1897، التاريخ الكبير 6 / 59، التاريخ الصغير 2 / 218، المعارف: 513، الجرح والتعديل 6 / 20، مشاهير علماء الامصار: ت 1266، تهذيب الكمال: 867، تذهيب
التهذيب 2 / 256 / 2، العبر 1 / 269، ميزان الاعتدال 2 / 672، تذكرة الحفاظ 1 / 258، الكاشف 2 / 218، دول الاسلام 1 / 115، تهذيب التهذيب 6 / 434، مقدمة الفتح ص 421، النجوم الزاهرة 2 / 87، طبقات الحفاظ: 110، خلاصة تذهيب الكمال: 247، شذرات الذهب 1 / 310.
(*)

(9/7)


فلفل، وعاصم الاحول، وسليمان الاعمش، وعمارة بن القعقاع، وطبقتهم.
وعنه: أبو داود الطيالسي، وعفان، ومسدد، ويحيى بن يحيى، وعبيد الله القواريري، وقتيبة بن سعيد، وخلق كثير.
وثقه أحمد بن حنبل.
وقال يحيى بن معين: ليس بشئ.
ولينه يحيى القطان، وقال: قلما رأيته يطلب العلم.
وقال أبو داود الطيالسي: عمد عبد الواحد إلى أحاديث، كان الاعمش يرسلها، فوصلها كلها (1).
قال ابن المديني: سمعت القطان يقول: ما رأيت عبد الواحد يطلب حديثا قط بالبصرة ولا الكوفة، فكنا نجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة، فأذاكره حديث الاعمش، لا يعرف منه حرفا (2).
قلت: قد كان من علماء الحديث، وحديثه مخرج في الصحاح (3)، ولكن عبد الوارث أحفظ منه وأتقن.
قال الفلاس وغيره: توفي سنة ست.
وقال أحمد بن حنبل: سنة سبع وسبعين ومئة.
__________
(1) في الاصل " كثير "، وما أثبتناه من " تذهيب التهذيب " للمؤلف.
(2) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 421: قلت: وهذا غير قادح، لانه كان صاحب كتاب، وقد احتج به الجماعة.
(3) في ميزان المؤلف: احتجا به في " الصحيحين "، وتجنبا تلك المناكير التي نقمت عليه.
(*)

(9/8)


أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن أبي روح، أخبرنا تميم المؤدب، أخبرنا أبو سعد الاديب، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الاحول، عن عبد الله وهو ابن سرجس قال: رأيت رسول الله صلى الله علله وسلم وأكلت معه خبزا ولحما، أو قال: ثريدا، فقلت: غفر الله لك يارسول الله، قال: " ولك ".
قلت له: أستغفر لك رسول الله ؟ قال: نعم، ولك، وتلا: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) (1) [ محمد: 19 ].

3 - جرير بن عبد الحميد * (ع) ابن يزيد، الامام الحافظ القاضي، أبو عبد الله الضبي الكوفي.
نزل الري، ونشر بها العلم، ويقال: مولده بأعمال أصبهان، ونشأ بالكوفة.
قال محمد بن حميد عن جرير: ولدت سنة مات الحسن: سنة عشر (2).
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2346) في الفضائل: باب إثبات خاتم النبوة من طرق، عن عاصم الاحول، عن عبد الله بن سرجس.
وهو في " المسند " 5 / 82 من طريق شعبة، عن عاصم..* التاريخ لابن معين: 81، طبقات ابن سعد 7 / 381، طبقات خليفة: ت 1300
و 3167، التاريخ الكبير 2 / 214، الضعفاء للعقيلي لوحة: 71، الجرح والتعديل 2 / 505، تاريخ بغداد 7 / 253، تهذيب الكمال: 192، تذهيب التهذيب 1 / 105 / 2، العبر 1 / 299، ميزان الاعتدال 1 / 394، تذكرة الحفاظ 1 / 271، الكاشف 1 / 182، دول الاسلام 1 / 119، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 190، تهذيب التهذيب 2 / 75، مقدمة الفتح ص 392، النجوم الزاهرة 2 / 127، طبقات الحفاظ: 116، خلاصة تذهيب الكمال ص 61.
(2) أي: ومئة، فقد ذكر المؤلف في آخر هذه الترجمة أنه مات سنة ثمان وثمانين = (*)

(9/9)


حدث عن: عبدالملك بن عمير، وبيان بن بشر، وعبد العزيز بن رفيع، ومغيرة بن مقسم، ومطرف بن طريف، والعلاء بن المسيب، وثعلبة بن سهيل، وعاصم الاحول، وسليمان التيمي، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الانصاري، وإبراهيم بن محمد بن المنتشر، ورقبة بن مصقلة، وعطاء بن السائب، وليث بن أبي سليم، وأبي إسحاق الشيباني، وسليمان الاعمش، وأبي حيان التيمي، وإسماعيل ابن أبي خالد، وموسى بن أبي عائشة، ويزيد بن أبي زياد، ومنصور بن المعتمر، وقابوس بن أبي ظبيان،، والمختار بن فلفل، وخلق كثير.
وينزل إلى ابن إسحاق ومالك، وكان من مشايخ الاسلام.
حدث عنه: ابن المبارك، ومحمد بن عيسى بن الطباع، ويحيى ابن يحيى، وقتيبة، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن موسى الفراء، وأبو خيثمة، وإسحاق بن موسى الخطمي، وزياد بن أيوب، وعبد الله بن محمد الاذرمي (1)، وسفيان بن وكيع، وعلي بن
حجر، ومحمد بن عمرو زنيج، ومحمد بن قدامة بن أعين، ويحيى ابن أكثم، ويعقوب الدورقي، ويوسف بن موسى، وعمرو بن رافع، وعثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن قدامة الطوسي، ومحمد بن قدامة بن إسماعيل السلمي البخاري، وخلق كثير.
وقد نسبه عيسى بن سليمان الوراق، عن يوسف بن موسى،
__________
= ومئة، وهو ابن ثمان وسبعين، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري الثقة الفاضل المشهور، قد مات سنة عشر ومئة.
(1) نسبة إلى أذرمة: وهي قرية عند نصيبين من الجزيرة، كما في " اللباب ".
(*)

(9/10)


فقال: جرير بن عبدالحميد بن جرير بن قرط بن هلال بن أبي قيس بن وحف بن عبد بن غنم بن عبد الله بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد.
قال: وعاش سبعا وسبعين سنة.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير العلم، يرحل إليه (1).
وقال ابن عمار: هو حجة كانت كتبه صحاحا، وما كان زيه زي محدث، فإذا حدث..أي: كان يشبه العلماء.
وقال زنيج (2): سمعت جريرا يقول: رأيت ابن أبي نجيح، ولم أكتب عنه شيئا، ورأيت جابرا الجعفي، فلم أكتب عنه شيئا، ورأيت ابن جريج، ولم أكتب عنه، فقال له رجل: ضيعت يا أبا عبد الله، قال: لا، أما جابر، فكان يؤمن بالرجعة، وأما ابن أبي نجيح، فكان يرى القدر، وأما ابن جريج، فإنه أوصى بنيه بستين امرأة، وقال: لا تزوجوا بهن، فإنهن أمهاتكم - كان يرى المتعة (3).
قلت: أما امتناعه من الجعفي، فمعذور، لانه كان مبتدعا، ولم
__________
(1) " الطبقات " 7 / 381، وفيه " ترحل إليه ".
(2) زنيج: بزاي ونون وجيم مصغرا، لقب الحافظ أبي غسان محمد بن عمرو بن بكر الرازي، وهو من رجال مسلم.
(3) نكاح المتعة: شروطه كشروط النكاح المعهود إلا أنه إلى أجل محدد، وكان مباحا في أول الاسلام، ثم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح كما في صحيح مسلم (1406) (21) من حديث الربيع بن سبرة، عن أبيه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فقال رسول الله: " يا أيها الناس: إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة ".
واتفق العلماء على تحريم نكاح المتعة، وهو كالاجماع بين المسلمين، ونقل الحافظ في " الفتح " 9 / 150 عن أبي عوانة في " صحيحه "، عن ابن جريج أنه رجع عنها بعد أن روى بالبصرة في إباحتها ثمانية عشر حديثا.
وانظر " زاد المعاد " 3 / 343 طبع مؤسسة الرسالة.
(*)

(9/11)


يكن بالثقة.
وأما الاخران، ففرط فيهما، وهما من أئمة العلم (1)، وإن غلطا في أجتهادهما.
قال سليمان بن حرب: كان جرير بن عبدالحميد، وأبو عوانة يتشابهان في رأي العين، ما كانا يصلحان إلا أن يكونا راعيي غنم، وقد كتبت عن جرير بمكة.
يعقوب بن شيبة: سمعت أبا الوليد الطيالسي، قال: قدمت الري بعقب موت شعبة، ومعي أبو داود، وحملت معي أصل كتابي عن شعبة، قال: فكان جرير يجالسنا عند تاجر، فسمعنا نذكر الحديث، قال: فيعجب بالحديث إعجاب رجل سمع العلم وليس له حفظ، فسمعني أذكر عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة
حديث صفوان بن عسال (2)، أو حديث: " إنكما علجان، فعالجا عن
__________
(1) إلا أن ابن جريج واسمه عبدالملك على جلالة قدره وثقته، موصوف بالتدليس، فلا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع.
(2) أخرجه أحمد 4 / 239 و 240 من طريق شعبة، حدثني عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن سلمة المرادي، عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية: (ولقد آتينا موسى تسع آيات) فقال: لا تقل له نبي، فإنه لو سمعك، لصارت له أربعة أعين، فسألاه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببرئ إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تقذفوا محصنة، أو قال: لا تفروا من الزحف - شعبة الشاك - وأنتم يا يهود: عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت " فقبلا يديه ورجليه، فقال: " ما يمنعكما أن تتبعاني ؟ " قالا: لان داود عليه السلام دعا أن لا يزال من ذريته نبي، وإنا نخشى إن أسلمنا أن تقتلنا يهود.
وأخرجه ابن جرير 15 / 172، 173، والترمذي (3144) في التفسير، والنسائي 7 / 111، 112، في تحريم الدم: باب السحر، من طرق عن شعبة به.
وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " 3 / 67، بعد أن أورده: هو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شئ، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع = (*)

(9/12)


دينكما " (1) فقال: اكتبه لي، فكتبته له، وحدثته به: قال: وتحدثت بحديث فضالة بن عبيد: حديث القلادة (2)، قال: فاستحسنه، وقال:
__________
= الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون: وفسر الآية فقال: يخبر تعالى أنه بعث موسى بتسع آيات بينات، وهي الدلائل القاطعة على صحة نبوته، وصدقه فيما أخبر به عمن أرسله إلى فرعون، وهي: العصا، واليد، والسنون،
والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات: قاله ابن عباس.
(1) أخرجه أحمد في " المسند " 1 / 107، وأبو داود (229) في الطهارة: باب في الجنب يقرأ القرآن، من طريقين عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: دخلت على علي رضي الله عنه أنا ورجلان، رجل منا، ورجل من بني أسد أحسب، فبعثهما علي رضي الله عنه وجها وقال: إنكما علجان فعالجا عن دينكما [ ثم قام ] فدخل المخرج، ثم خرج فدعا بماء، فاحذ منه حفنة فتمسح بها، ثم جعل يقرأ القرآن، فأنكروا ذلك، فقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه - أو قال يحجزه - عن القرآن شئ ليس الجنابة ".
وصححه الحاكم 4 / 107 ووافقه الذهبي، وأخرجه مختصرا أحمد 1 / 83، 84، 124، 134، والنسائي 1 / 144، والترمذي (146)، وابن ماجة (594) وصححه ابن حبان (192)، وابن السكن، وعبد الحق الاشبيلي، وقال الحافظ في " الفتح " 1 / 348: والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة، وانظر " شرح السنة " 2 / 42.
(2) أخرجه أبو داود (3352) في البيوع: باب في حلية السيف تباع بدرهم، وأحمد 6 / 21، والترمذي (1255) في البيوع: باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز، ومسلم (1591) (90) في المساقاة: باب بيع القلادة، والنسائي 7 / 279 في البيوع: باب بيع القلادة فيها الذهب والخرز بالذهب، من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة ابن عبيد، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وحرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لا تباع حتى تفصل ".
وأخرجه أحمد 6 / 19، ومسلم (1591) عن أبي هانئ بن هانئ الخولاني، عن
علي بن رباح اللخمي، عن فضالة بن عبيد قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم نباع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة، فنزع وحده، ثم قال لهم: " الذهب بالذهب وزنا بوزن ".
وأخرجه أبو داود (3351)، والنسائي 7 / 279 من طريق سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن فضالة بن عبيد.
= (*)

(9/13)


اكتبه لي، فكتبته له، وحدثته به عن ليث بن سعد، فقال لي: قد كتبت عن منصور ومغيرة، وجعل يذكر الشيوخ.
فقلت له: حدثنا، فقال: لست أحفظ، كتبي غائبة عني، وأنا أرجو أن أوتى بها، قد كتبت في ذلك، فبينا نحن كذلك، إذ ذكر يوما شيئا من الحديث، فقلت: أحسب أن كتبك قد جاءت، قال: أجل، فقلت لابي داود: جليسنا جاءته كتبه من الكوفة، اذهب بنا ننظر فيها.
قال: فأتيناه، فنظرنا في كتبه.
وقال إبراهيم بن هاشم: ما قال لنا جرير قط ببغداد: حدثنا، ولا في كلمة واحدة، فقلت: تراه لا يغلط مرة، فكان ربما نعس، فنام، ثم ينتبه، فيقرأ من الموضع الذي انتهى إليه.
ونزل ببغداد على ابن المسيب، فلما عبر إلى الجانب الشرقي، جاء المد، فقلت لاحمد بن حنبل: تعبر ؟ فقال: أمي لا تدعني، فعبرت أنا، فلزمته، ولم يكن السندي يدع أحدا يعبر - يعني لكثرة المد - فلبثت عنده عشرين يوما، فكتبت عنه ألفا وخمس مئة حديث، وكتبت عنه قبل أن يخرج إلى مكة حديثا بالسفينتين على دابته.
يعقوب السدوسي: سمعت علي بن المديني يقول: كان جرير بن عبدالحميد صاحب ليل، وكان له رسن، يقولون: أذا أعيى، تعلق
به - يريد أنه كان يصلي.
__________
= وأخرجه مسلم (1591) في المساقاة، وأحمد 6 / 22، وأبو داود (3353) في البيوع، من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث بن سعد، عن عبد الله بن جعفر، عن الجلاح أبي كثير، حدثني حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر نبايع اليهود الاوقية الذهب بالدينارين والثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن ".
(*)

(9/14)


ثم قال يعقوب: ذكر لابي خيثمة إرسال جرير للحديث، وأنه لم يكن يقول: حدثنا، وقيل له: تراه [ كان ] يدلس ؟.
فقال أبو خيثمة: لم يكن يدلس، لانا كنا إذا أتيناه، وهو في حديث الاعمش أو منصور أو مغيرة، ابتدأ، فأخذ الكتاب، فقال: حدثنا فلان، ثم يحدث عنه منهم في حديث واحد، ثم يقول بعد: منصور منصور، أو الاعمش الاعمش [ لا يقول في كل حديث: حدثنا ] (1) حتى يفرغ المجلس.
قال يعقوب: وحدثنا عبدالرحمن بن محمد، سمعت سليمان الشاذكوني يقول: قدمت على جرير، فأعجب بحفظي، وكان لي مكرما، قال: فقدم يحيى بن معين والبغداديون الذين معه، وأنا ثم، فرأوا موضعي منه، فقال له بعضهم: إن هذا إنما بعثه يحيى القطان وعبد الرحمن ليفسد حديثك عليك، ويتبع عليك الاحاديث، وكان قد حدثنا عن مغيرة، عن إبراهيم.
قال: فبينا أنا عند ابن أخيه يوما، إذ رأيت على ظهر كتاب لابن أخيه: عن ابن المبارك، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم.
قال: فقلت لابن أخيه: عمك هذا مرة يحدث بهذا عن مغيرة، ومرة عن سفيان، عن مغيرة، ومرة عن ابن المبارك،
عن سفيان، عن مغيرة، فينبغي أن تسأله ممن سمعه - وكان هذا الحديث موضوعا - قال: فوقفت جريرا عليه، فقلت له: حديث طلاق الاخرس، ممن سمعته ؟ قال: حدثنيه رجل من خراسان، عن ابن المبارك.
قلت: فقد رويته مرة عن مغيرة، ومرة عن سفيان عن مغيرة، ومرة عن رجل عن ابن المبارك، عن سفيان، عن مغيرة، ولست أراك تقف على شئ، فمن الرجل ؟ قال: رجل من أصحاب الحديث
__________
(1) الخبر في " تهذيب الكمال ": 193، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(9/15)


جاءنا، قال: فوثبوا بي، وقالوا: ألم نقل لك: إنما جاء ليفسد عليك حديثك، قال: فوثب بي البغداديون، وتعصب لي قوم من أهل الري، حتى كان بينهم شر شديد.
قال عبدالرحمن بن محمد: فقلت لعثمان بن أبي شيبة: حديث طلاق الاخرس عمن هو عندك ؟ قال: عن جرير، عن مغيرة قوله.
[ وقال عبدالرحمن ]: وكان عثمان يقول لاصحابنا: إنما كتبنا عن جرير من كتبه، فأتيته، فقلت: يا أبا الحسن كتبتم عن جرير من كتبه ؟ قال: فمن أين ؟ ! وجعل يروغ، قلت له: من أصوله أو من نسخ ؟ فجعل يحيد، ويقول: من كتب، فقلت: نعم كتبتم على الامانة من النسخ، فقال: كان أمره على الصدق، وإنما حدثنا أصحابنا أن جريرا قال لهم حين قدموا عليه - وكانت كتبه تلفت: هذه نسخة أحدث بها على الامانة، ولست أدري لعل لفظا [ يخالف لفظا ] (1)، وإنما هي على الامانة.
عباس، عن يحيى: سمعت ابن عيينة يقول: قال لي ابن
شبرمة: عجبا لهذا الرازي (2) ! عرضت عليه أن أجري عليه مئة درهم في الشهر من الصدقة، فقال: يأخذ المسلمون كلهم مثل هذا ؟ قلت: لا، قال: فلا حاجة لي فيها.
ثم قال يحيى: وسمعت جريرا يقول: عرضت علي بالكوفة ألفا درهم يعطوني مع القراء، فأبيت، ثم جئت اليوم أطلب ما عندهم، أو ما في أيديهم ! قلت: يزري بذلك على نفسه.
__________
(1) سقط من الاصل، واستدرك من " تهذيب الكمال ": 193.
(2) تحرف في " ميزان المؤلف " المطبوع 1 / 394 إلى " الراوي ".
(*)

(9/16)


الحميدي، عن سفيان: رأيت جريرا يقود مغيرة، فقلت لعمر بن سعيد: من هذا الشاب ؟ قال لي عمر: هذا شاب لا بأس به.
قال حنبل: سئل أبو عبد الله: من أحب إليك شريك أو جرير ؟ فقال: جرير أقل سقطا، شريك كان يخطئ.
عثمان بن سعيد: قلت ليحيى: جرير أحب إليك في منصور أو شريك ؟ قال: جرير أعلم به.
وقال أحمد العجلي: جرير كوفي ثقة، نزل الري، وكان رباح إذا أتاه الرجل يقول: أريد أن أكتب حديث الكوفة، قال: عليك بجرير، فإن أخطأك، فعليك بمحمد بن فضيل.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن الاحوص وجرير في حديث حصين، فقال: كان جرير أكيس الرجلين، جرير أحب إلي.
قلت: يحتج بحديثه ؟ قال: نعم، جرير ثقة، وهو أحب إلي في هشام بن عروة من يونس بن بكير.
وقال النسائي: ثقة.
وقال ابن خراش: صدوق.
وقال أبو القاسم اللالكائي: مجمع على ثقته.
قد ذكر أنه قال: ولدت سنة عشر.
وأما حنبل بن إسحاق، فقال: حدثني أبو عبد الله قال: ولد جرير سنة سبع ومئة.
قلت: وفي سنة سبع ولد سفيان بن عيينة، لكن سفيان بكر قبل جرير بالطلب، فلقي زياد بن علاقة، وعمرو بن دينار، والكبار بالكوفة والحرمين.

(9/17)


وقال يوسف بن موسى القطان: مات جرير عشية الاربعاء ليوم خلا من جمادي الاولى سنة ثمان وثمانين ومئة، قال: وهو ابن ثمان وسبعين سنة إلى التسع والسبعين، وصلى عليه ابنه عبد الله.
قلت: وفيها أرخه غير واحد.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد - وأنا في الرابعة - أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الحكم الزاز بكفربيا (1)، حدثنا محمد بن قدامة، حدثما جرير بن عبدالحميد، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أول من يشفع في الجنة، وأنا أكثر الانبياء تبعا ".
تابعه زائدة بن قدامة، أخرجه مسلم (2) من طريقهما، فوقع لنا عليا.

4 - سويد * (ت، ق) ابن عبد العزيز قاضي بعلبك، أبو محمد السلمي، مولاهم الدمشقي، الفقيه المقرئ.
__________
(1) مدينة بإزاء المصيصة على شاطئ جيحان.
قاله ياقوت.
(2) برقم (196) (330) (332) في الايمان: باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا أول الناس يشفع في الجنة ".
* التاريخ لابن معين: 243، طبقات ابن سعد 7 / 470، طبقات خليفة: ت 3047، التاريخ الصغير 2 / 260، التاريخ الكبير 4 / 148، الضعفاء الصغيرة: 55، الضعفاء والمتروكين: 51، الضعفاء للعقيلي لوحة 17، تهذيب الكمال: 563، تذهيب التهذيب 2 / 64 / 2، العبر 1 / 314، ميزان الاعتدال 2 / 249، الكاشف 1 / 411، تهذيب التهذيب 4 / 276، الخلاصة ص 159، شذرات الذهب 1 / 340، غاية النهاية 1 / 321.
(*)

(9/18)


تلا على يحيى الذماري وغيره.
أخذ القراءة عنه أبو مسهر، والربيع بن ثعلب، وهشام.
وحدث عن: أيوب، وأبي الزبير، وحصين، وعاصم الاحول، وعدة.
وعنه: دحيم، وابن عائذ، وابن ذكوان، وداود بن رشيد، ومحمد بن أبي السري.
ولد سنة ثمان ومئة.
وتوفي سنة أربع وتسعين ومئة.
قال ابن معين: هو واسطي، سكن دمشق، ليس حديثه بشئ.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.
وقال الدارقطني: يعتبر به (1).

5 - أبو خالد الاحمر * (ع)
الامام الحافظ سليمان بن حيان الازدي الكوفي.
كان مولده بجرجان في سنة أربع عشرة ومئة.
__________
(1) يريد أن ضعفه خفيف يصلح حديثه للمتابعات والشواهد، فإذا جاء الحديث الذي رواه من طريق آخر يماثله في الضعف، أو كان لحديثه شاهد من رواية صحابي آخر، فإنه يتقوى ويصح.
* التاريخ لابن معين: 229، طبقات ابن سعد 6 / 391، طبقات خليفة: ت 1330، تاريخ خليفة: 458، التاريخ الكبير 4 / 8، الضعفاء للعقيلي لوحة 156، الجرح والتعديل 4 / 106 - 107، مشاهير علماء الامصار: ت 1361، تهذيب الكمال: 537، تذهيب التهذيب 1 / 46 / 2، العبر 1 / 303، ميزان الاعتدال 2 / 200، تذكرة الحفاظ 1 / 272، الكاشف 1 / 392، تهذيب التهذيب 4 / 181، طبقات الحفاظ: 116، خلاصة تذهيب الكمال ص 151، شذرات الذهب 1 / 325.
(*)

(9/19)


حدث عن: حميد الطويل، وسليمان التيمي، وهشام بن عروة، وليث بن أبي سليم، وأبي مالك الاشجعي، وإسماعيل بن أبي خالد وعدة.
وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وأبو كريب، وأبو سعيد الاشج، ويوسف بن موسى، وهناد، والحسن بن حماد سجادة، والحسن بن حماد الضبي، والحسن بن حماد المرادي، وخلق.
قال العجلي: ثقة، يؤاجر نفسه من التجار.
وقال أبو حاتم: صدوق، ووثقه جماعة.
وقال ابن معين: صدوق، وليس بحجة، وتابعه على هذا ابن
عدي (1)، وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: هو ثقة، وليس بثبت.
قلت: كان موصوفا بالخير والدين، وله هفوة، وهي خروجه، مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن (2)، وحديثه محتج به في سائر الاصول.
__________
(1) قال المؤلف في " ميزانه " 2 / 200: قال ابن عدي في " كامله " بعد أن ساق له أحاديث خولف فيها: هو كما قال يحيى صدوق ليس بحجة، وإنما أتي من سوء حفظه، قلت - القائل الذهبي -: الرجل من رجال الكتب الستة، وهو مكثر يهم كغيره.
وقال أبو بكر البزار فيما نقله عنه الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 405: اتفق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظا، وأنه روى عن الاعمش وغيره أحاديث لم يتابع عليها.
قال ابن حجر: له عند البخاري نحو ثلاثة أحاديث من روايته عن حميد، وهشام بن عروة، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، كلها مما توبع عليه، وعلق له عن الاعمش حديثا واحدا في الصيام، وروى له الباقون.
(2) في البصرة سنة خمس وأربعين ومئة في أول ليلة من رمضان على والي أبي = (*)

(9/20)


توفي سنة تسع وثمانين ومئة.
قال محمد بن مثنى السمسار: قال بشر الحافي: سمعت أبا خالد الاحمر يقول: يأتي زمان، تعطل فيه المصاحف، يطلبون الحديث والرأي، فإياكم وذلك، فإنه يصفق الوجه، ويشغل القلب، ويكثر الكلام.
وقع لي من عوالي أبي خالد في " المحامليات " (1) وغير ذلك.
وكان من أئمة الحديث، منافرا للكلام والرأي والجدال.
__________
= جعفر.
انظر " دول الاسلام " 1 / 97، 100، و " تاريخ الاسلام " 6 / 22، 27 للمؤلف.
(1) المحامليات: ستة عشر جزءا حديثيا تأليف الامام العلامة الحافظ أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي المحاملي - نسبة إلى المحامل التي يحمل فيها الناس في السفر - المتوفى سنة 330 ه.
وأخطأ صاحب " كشف الظنون " فأرخ وفاته سنة 373.
(*)

(9/21)


الطبقة التاسعة
6 - حفص بن غياث * (ع) ابن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث، بن ثعلبة، بن عامر بن ربيعة، بن عامر، بن جشم، بن وهبيل، بن سعد، بن مالك بن النخع.
الامام الحافظ العلامة القاضي، أبو عمر النخعي الكوفي، قاضي الكوفة، ومحدثها، وولي القضاء ببغداد أيضا.
مولده سنة سبع عشرة ومئة.
وسمع من: عاصم الاحول، وسليمان التيمي، ويحيى بن سعيد، وهشام بن عروة، ويزيد بن أبي عبيد، والعلاء بن المسيب، والاعمش، ومحمد بن زيد بن المهاجر، وابن جريج، وأبي إسحاق الشيباني، وأبي مالك الاشجعي، وحبيب بن أبي عمرة، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وعبيد الله بن عمر، وليث بن أبي سليم، وهشام بن حسان، والعلاء بن خالد، وجده طلق، وخلق سواهم.
__________
* التاريخ لابن معين: 121، طبقات ابن سعد 6 / 389، طبقات خليفة ت 1307، تاريخ خليفة: 466، التاريخ الكبير 2 / 370، التاريخ الصغير 2 / 278، المعارف: 510، أخبار القضاة 3 / 184، الجرح والتعديل 3 / 185، مشاهير علماء الامصار ت:
1370، تاريخ بغداد 8 / 188، تهذيب الكمال: 310، تذهيب التهذيب 1 / 165 / 1، العبر 1 / 314، ميزان الاعتدال 1 / 567، تذكرة الحفاظ، 1 / 297، الكاشف 1 / 243، شرح العلل 2 / 593، 594، تهذيب التهذيب 2 / 415، طبقات الحفاظ: 124، خلاصة تذهيب الكمال ص 88، شذرات الذهب 1 / 340.
(*)

(9/22)


وعنه: يحيى بن سعيد القطان رفيقه، وابن مهدي، وابن عمه طلق بن غنام، وابنه عمر بن حفص، ويحيى بن يحيى، وأحمد، وإسحاق، ويحيى، وعلي، وابنا أبي شيبة، وأحمد الدورقي، وسفيان ابن وكيع، وسلم بن جنادة، وسهل بن زنجلة، وصدقة بن الفضل، وأبو سعيد الاشج، وعلي بن خشرم، وعمرو الناقد، وابن نمير، وهارون بن إسحاق، وهناد، وأبو كريب، وأبو هشام الرفاعي، وأمم سواهم، آخرهم أحمد بن عبد الجبار العطاردي.
قال أحمد بن كامل: ولي الرشيد قضاء الشرقية ببغداد حفصا، ثم نقله إلى قضاء الكوفة.
قال أبو جعفر الجمال: آخر القضاة بالكوفة حفص بن غياث، يعني الاكابر.
وقال يحيى بن معين وغيره: ثقة.
قال عبد الخالق بن منصور: سئل يحيى: أيهما أحفظ: ابن إدريس (1) أو حفص ؟ فقال: ابن إدريس كان حافظا، وكان حفص صاحب حديث، له معرفة.
قيل: فابن فضيل ؟ قال: كان ابن إدريس أحفظ.
وقال العجلي: ثقة مأمون فقيه.
كان وكيع ربما يسأل عن
الشئ، فيقول: اذهبوا إلى قاضينا، فاسألوه وكان شيخا عفيفا مسلما.
__________
(1) هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبدالرحمن الاودي، ثقة فقيه عابد، أخرج حديثه الستة، وسترد ترجمته في هذا الجزء ص 42 - 48.
(*)

(9/23)


وقال يعقوب بن شيبة: حفص ثقة ثبت إذا حدث من كتابه، ويتقى بعض حفظه.
وروي عن يحيى القطان قال: حفص أوثق أصحاب الاعمش (1).
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: حفص أعلم بالحديث من ابن إدريس.
أبو حاتم، عن أحمد بن أبي الحواري، قال: حدثت وكيعا بحديث، فعجب، فقال: من جاء به ؟ قلت: حفص بن غياث، قال: إذا جاء به أبو عمر، فأي شئ نقول نحن ؟ وقال أبو زرعة: ساء حفظه بعدما استقضي، فمن كتب عنه من كتابه، فهو صالح.
وقال أبو حاتم: هو أتقن وأحفظ من أبي خالد الاحمر.
محمد بن عبدالرحيم صاعقة، عن ابن المديني قال: كان يحيى يقول: حفص ثبت، قلت: إنه يهم ؟ فقال: كتابه صحيح (2).
قال يحيى: لم أر بالكوفة مثل هؤلاء الثلاثة: حزام، وحفص،
__________
(1) رواه عن يحيى علي بن المديني، وتمامه كما في " تاريخ بغداد " 8 / 197: قال ابن المديني: فأنكرت ذلك، ثم قدمت الكوفة بأخرة، فأخرج إلي عمر بن حفص كتاب أبيه عن الاعمش، فجعلت أترحم على يحيى.
قال الحافظ: اعتمد البخاري على حفص هذا في
حديث الاعمش، لانه كان يميز بين ما صرح به الاعمش بالسماع، وبين ما دلسه، نبه على ذلك أبو الفضل بن طاهر، وهو كما قال.
(2) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 396: أجمعوا على توثيقه والاحتجاج به، إلا أنه في الآخرة ساء حفظه، فمن سمع من كتابه أصح ممن سمع من حفظه.
(*)

(9/24)


وابن أبي زائدة، كان هؤلاء أصحاب حديث.
قال علي: فلما أخرج حفص كتبه، كان كما قال يحيى، إذا فيها أخبار وألفاظ (1).
عباس، عن يحيى، قال: حفص أثبت من عبد الواحد بن زياد، وأثبت من ابن إدريس.
وقال النسائي وغيره: ثقة.
وقال ابن معين: جميع ما حدث به حفص ببغداد والكوفة إنما هو من حفظه، ولم يخرج كتابا، كتبوا عنه ثلاثة آلاف حديث أو أربعة آلاف من حفظه.
وقال أبو داود: كان عبدالرحمن بن مهدي لا يقدم بعد الكبار من أصحاب الاعمش غير حفص بن غياث، وكان عيسى بن شاذان يقدم حفصا، وبعض الحفاظ قدم أبا معاوية.
وقال داود بن رشيد: حفص كثير الغلط.
وقال ابن عمار: كان حفص لا يرد على أحد حرفا، يقول: لو كان قلبك فيه، لفهمته.
وكان عسرا في الحديث جدا، لقد استفهمه إنسان حرفا في الحديث، فقال: والله لا سمعتها مني، وأنا أعرفك (2).
وقلت له: ما لكم ! حديثكم عن الاعمش إنما هو عن فلان عن فلان، ليس فيه: حدثنا ولا سمعت ؟ قال: فقال: حدثنا الاعمش قال:
سمعت أبا عمار عن حذيفة يقول: " ليأتين أقوام يقرؤون القرآن، يقيمونه إقامة القدح، لا يدعون منه ألفا ولا واوا، ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم "
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 197.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 199.
(*)

(9/25)


قال: وذكر حديثا آخر مثله، قال: وكان عامة حديث الاعمش عند حفص على الخبر والسماع (1).
قال ابن عمار: وكان بشر الحافي إذا جاء إلى حفص بن غياث، وإلى أبي معاوية، اعتزل ناحية ولا يسمع منهما، فقلت له ؟ فقال: حفص هو قاض، وأبو معاوية (2) مرجئ يدعو إليه، وليس بيني وبينهم عمل.
قال إبراهيم بن مهدي: سمعت حفص بن غياث، وهو قاض بالشرقية يقول لرجل يسأل عن مسائل القضاء: لعلك تريد أن تكون قاضيا ؟ لان يدخل الرجل أصبعه في عينه، فيقتلعها، فيرمي بها، خير له من أن يكون قاضيا (3).
قال أبو بكر بن أبي شيبة: سمعت حفص بن غياث يقول: والله ما وليت القضاء حتى حلت لي الميتة (4).
ومات يوم مات ولم يخلف درهما، وخلف عليه تسع مئة درهم دينا.
قال سجادة (5): كان يقال: ختم القضاء بحفص بن غياث.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 199.
(2) هو محمد بن خازم أبو معاوية الضرير ثقة من رجال الستة، وإعراض بشر الحافي عن السماع منه بسبب كونه مرجئا غلو غير مقبول، فإن الارجاء الذي يطلقه المحدثون على من لا يقول
بزيادة الايمان ونقصانه، ولا بدخول العمل في حقيقته، ليس بطعن في الحقيقة على ما لا يخفى على المهرة النقاد، وهو مذهب لعدة من جلة العلماء كما قال المؤلف في " ميزانه " 4 / 99 في ترجمة مسعر بن كدام.
وانظر تفصيل المسألة في " الرفع والتكميل " ص 149، 164.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 190.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 193.
(5) هو لقب الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي، أبو علي البغدادي، من رجال التهذيب.
(*)

(9/26)


قال سعيد بن سعيد الحارثي، عن طلق بن غنام قال: خرج حفص يريد الصلاة، وأنا خلفه في الزقاق، فقامت امرأة حسناء، فقالت: أصلح الله القاضي، زوجني، فإن إخوتي يضرون بي، فالتفت إلي، وقال: يا طلق ! اذهب، فزوجها إن كان الذي يخطبها كفؤا، فإن كان يشرب النبيذ حتى يسكر، فلا تزوجه، وإن كان رافضيا، فلا تزوجه.
فقلت: لم قلت هذا ؟ قال: إن كان رافضيا، فإن الثلاث عنده واحدة، وإن كان يشرب النبيذ حتى يسكر، فهو يطلق ولا يدري (1).
وعن وكيع، قال: أهل الكوفة اليوم بخير، أميرهم داود بن عيسى، وقاضيهم حفص بن غياث، ومحتسبهم حفص الدورقي (2).
وقال محمد بن أبي صفوان الثقفي: سمعت معاذ بن معاذ يقول: ما كان أحد من القضاة يأتيني كتابه أحب إلي من كتاب حفص، وكان إذا كتب إلي، كتب: أما بعد، أصلحنا الله وإياك بما أصلح به عباده الصالحين، فإنه هو الذي أصلحهم.
فكان ذلك يعجبني من كتابه.
قال يحيى بن زكريا بن حيويه: قدم إلينا محمد بن طريف البجلي رطبا، فسألنا أن نأكل، فأبيت عليه، فقال: سمعت حفص بن غياث يقول: من لم يأكل طعامنا، لم نحدثه.
قال عمر بن حفص: سمعت أبي يقول: مررت بطاق اللحامين، فإذا بعليان جالس، فسمعته يقول: من أراد سرور الدنيا وحزن الآخرة،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 193، 194، وانظر " أخبار القضاة " / 3 / 188.
(2) " أخبار القضاة " لوكيع 3 / 184.
(*)

(9/27)


فليتمن ما هذا فيه.
فوالله لقد تمنيت أني كنت مت قبل أن ألي القضاء.
وقال بشر الحافي: قال حفص بن غياث: لو رأيت أني أسر بما أنا فيه، لهلكت.
أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا القاضي أبو الطيب وابن روح، قالا: أخبرنا المعافى بن زكريا، حدثنا محمد بن مخلد، حدثني أبو علي بن علان إملاء سنة 266، حدثني يحيى بن الليث، قال: باع رجل من أهل خراسان جمالا بثلاثين ألف درهم من مرزبان المجوسي وكيل أم جعفر، فمطله بثمنها، وحبسه، فطال ذلك على الرجل، فأتى بعض أصحاب حفص بن غياث، فشاوره، فقال: اذهب إليه، فقل له: أعطني ألف درهم، وأحيل عليك بالمال الباقي، وأخرج إلى خراسان، فإذا فعل هذا، فالقني حتى أشير عليك.
ففعل الرجل، وأعطاه مرزبان ألف درهم.
قال: فأخبره.
فقال: عد إليه، فقل: إذا ركبت غدا، فطريقك على القاضي، تحضر، وأوكل رجلا يقبض المال، وأخرج.
فإذا جلس إلى القاضي، فادع عليه بمالك، فإذا أقر، حبسه حفص، وأخذت مالك.
فرجع إلى مرزبان، وسأله، فقال: انتظرني بباب القاضي.
فلما ركب من الغد، وثب إليه الرجل، فقال: إن رأيت أن تنزل إلى القاضي حتى أوكل بقبض المال، وأخرج.
فنزل مرزبان، فتقدما إلى حفص بن غياث، فقال الرجل: أصلح الله القاضي، لي على هذا الرجل تسعة وعشرون ألف درهم، فقال حفص: ما تقول يا مجوسي ؟ قال: صدق، أصلح الله القاضي.
قال: ما تقول يارجل، فقد أقر لك ؟ قال: يعطيني مالي.
فقال: ما تقول ؟ قال: هذا المال على

(9/28)


السيدة.
قال: أنت أحمق تقر ثم تقول: هو على السيدة ! ما تقول يا رجل ؟ قال: أصلح الله القاضي، إن أعطاني مالي، وإلا حبسته.
قال: ما تقول يا مجوسي ؟ قال: المال على السيدة.
قال القاضي: خذوا بيده إلى الحبس.
فلما حبس، بلغ الخبر أم جعفر، فغضبت، وبعثت إلى السندي: وجه إلي مرزبان - وكانت القضاة تحبس الغرماء في الحبس - فعجل السندي، فأخرجه، وبلغ حفصا الخبر، فقال: أحبس أنا، ويخرج السندي ! لا جلست أو يرد مرزبان الحبس.
فجاء السندي إلى أم جعفر، فقال: الله الله في، إنه حفص بن غياث، وأخاف من أمير المؤمنين أن يقول لي: بأمر من أخرجت ؟ رديه إلى الحبس، وأنا أكلم حفصا في أمره.
فأجابته، فرجع مرزبان إلى الحبس، فقالت أم جعفر لهارون: قاضيك هذا أحمق، حبس وكيلي، واستخف به، فمره لا ينظر في الحكم، وتولي أمره إلى أبي يوسف، فأمر لها بالكتاب، وبلغ حفصا الخبر، فقال للرجل: أحضرني شهودا حتى أسجل لك على
المجوسي بالمال، فجلس حفص، فسجل على المجوسي بالمال، وورد كتاب هارون مع خادم له، فقال: هذا كتاب أمير المؤمنين، قال: مكانك، نحن في شئ حتى نفرغ منه.
فقال: كتاب أمير المؤمنين.
قال: انظر ما يقال لك.
فلما فرغ حفص من السجل، أخذ الكتاب من الخادم، فقرأه، فقال: اقرأ على أمير المؤمنين السلام، وأخبره إن كتابه ورد، وقد أنفذت الحكم.
فقال الخادم: قد والله عرفت ما صنعت، أبيت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى تفرغ مما تريد، والله لاخبرنه بما فعلت، قال له: قل به ما أحببت، فجاء الخادم، فأخبر هارون، فضحك، وقال للحاجب: مر لحفص بثلاثين ألف درهم، فركب يحيى بن خالد، فاستقبل حفصا منصرفا من مجلس

(9/29)


القضاء، فقال: أيها القاضي، قد سررت أمير المؤمنين اليوم، وأمر لك بمال، فما كان السبب في هذا ؟ قال: تمم الله سرور أمير المؤمنين، وأحسن حفظه وكلاءته، ما زدت على ما أفعل كل يوم.
قال: على ذلك ؟ قال: ما أعلم إلا أن يكون سجلت على مرزبان المجوسي بما وجب عليه.
قال: فمن هذا سر أمير المؤمنين.
فقال حفص: الحمد لله كثيرا.
فقالت أم جعفر لهارون: لا أنا ولا أنت إلا أن تعزل حفصا، فأبى عليها، ثم ألحت عليه، فعزله عن الشرقية، وولاه قضاء الكوفة، فمكث عليها ثلاث عشرة سنة (1).
قال: وكان أبو يوسف لما ولي حفص، قال لاصحابه: تعالوا نكتب نوادر حفص، فلما وردت أحكامه وقضاياه على أبي يوسف، قال له أصحابه: أين النوادر التي زعمت تكتبها ؟، قال: ويحكم، إن حفصا
أراد الله، فوفقه (2).
قال أحمد بن حنبل: رأيت مقدم فم حفص بن غياث مضببة أسنانه بالذهب.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول في حديث حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " خمروا وجوه موتاكم، ولا تشبهوا باليهود " (3) فأنكره أبي، وقال: أخطأ، قد حدثناه حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء مرسلا.
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 8 / 190، 193.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 193.
(3) رجاله ثقات إلا أن فيه تدليس ابن جريج، وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 24، 25 وقال: رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات، ولم ينبه على تدليس ابن جريج.
(*)

(9/30)


وسئل يحيى بن معين عن حديث لحفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: " كنا نأكل ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي " (1)، فقال: لم يحدث به إلا حفص، كأنه وهم فيه، سمع حديث عمران بن حدير، فغلط بهذا.
ويروى عن أحمد أنه قال: كان حفص يخلط في حديثه.
قلت: احتج بهذه الكلمة بعض قضاتنا على أن حفصا لا يحتج به في تفرده عن رفاقه بخبر: " فينادى بصوت (2) إن الله يأمرك أن تبعث بعثا إلى النار " فهذه اللفظة ثابتة في " صحيح البخاري " (3) وحفص فحجة،
__________
(1) أخرجه الترمذي رقم (1880) في الاشربة: باب ما جاء في النهي عن الشرب قائما، وابن ماجة (3301) في الاطعمة: باب الاكل قائما، كلاهما من طريق أبي السائب سلم بن
جنادة الكوفي: حدثنا حفص بن غياث، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام.
وقال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب من حديث عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وروى عمران بن حدير هذا الحديث عن أبي البزري يزيد بن عطارد، عن ابن عمر.
وأخرجه الدارمي 2 / 120، وأحمد 2 / 108 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفصة بن غياث به، وانظر " تاريخ بغداد " 8 / 195، 196.
(2) جاء في حاشية الاصل ما نصه: هذه اللفظة شاذة، وإن أخرجها البخاري، لتفرد حفص بها من بين سائر أقرانه، ولا يحتمل منه مثلها، وليست كل زيادة مقبولة، بل لابد فيها من اعتبار الحفظ والاتقان، وعدم المخالفة للاكثر والاحفظ، ومما ينبغي القطع به تنزيه الله تعالى عن الصوت، وصفات الاجسام.
اه.
قلت: ودعوى تفرد حفص بها مردودة كما ستراه في التعليق الآتي.
(3) 8 / 335 في تفسير سورة الحج: باب قوله تعالى (وترى الناس سكارى)، و 13 / 385 في التوحيد: باب قول الله تعالى: (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له..) من طريق عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الاعمش، حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عزوجل يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك ربنا وسعديك، فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار.." قال الحافظ في " الفتح ": ولم ينفرد حفص بن غياث بلفظ الصوت، فقد وافقه عبدالرحمن = (*)

(9/31)


والزيادة من الثقة فمقبولة، والله أعلم.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بقراءتي، أخبرنا أحمد بن يوسف الدقاق، والفتح بن عبد الله، قالا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر القاضي، وقرأت على أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن
محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، قالا: أخبرنا أبو الحسين أحمد ابن محمد البزاز، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا حفص بن غياث، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أقال مسلما عثرته، أقاله الله عزوجل يوم القيامة ".
أخرجه أبو داود (1) عن يحيى، فوقع موافقة عالية، ورواه عبد الله ابن أحمد في زيادات المسند عن يحيى، وهو يعد في أفراد يحيى بن معين.
أنبأنا الخضر بن عبد السلام الجويني، وأحمد بن عبد السلام، وأحمد بن أبي الخير إجازة، عن عبد المنعم بن كليب، وقرأت على محمود بن أبي بكر اللغوي، أخبرنا النجيب عبد اللطيف بن الصيقل، أخبرنا ابن كليب، أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني
__________
= بن محمد المحاربي، عن الاعمش، أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة، عن أبيه، عن المحاربي.
(1) رقم (3460) في البيوع: باب في فضل الاقالة، وإسناده صحيح، وهو في " المسند " 2 / 252، وابن ماجة (2199) في التجارات: باب الاقالة، وصححه ابن حبان (1103) و (1104)، والحاكم 2 / 45.
(*)

(9/32)


حفص بن غياث، عن حجاج بن أرطاة، عن محمد بن عبد العزيز الراسبي، عن مولى لابي بكرة، عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذنبان يعجلان، ولا يغفران: البغي وقطيعة الرحم " (1).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا سالم بن الحسن، أخبرنا نصر الله القزاز، أخبرنا أبو سعد بن خشيش، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أبو عمرو بن السماك، حدثنا محمد بن عبيدالله المنادي، حدثنا حفص ابن غياث، حدثنا الحجاج، عن معروف، قال: خرجنا بأكلب لنا، فاستقبلنا عبد الله بن عمر، فقال: إذا أرسلتموها، فقالوا: بسم الله، اللهم اهد صدورها (2).
قال هارون بن حاتم: سمعت حفص بن غياث يقول: ولدت سنة سبع عشرة ومئة.
قال هارون: وفلج حفص حين مات ابن إدريس، فمكث في البيت إلى أن مات سنة أربع وتسعين ومئة في العشر، وصلى عليه الفضل بن العباس أمير الكوفة يومئذ.
وفيها أرخ موته خليفة، وابن نمير، وأبو سعيد الاشج، والعطاردي.
__________
(1) وأخرجه أحمد 5 / 36 و 38، وأبو داود (4902) في الادب: باب في النهي عن البغي، والترمذي (2513) في صفة القيامة، وابن ماجة (4211) في الزهد: باب البغي، والبخاري في " الادب المفرد " (67) كلهم من طريق عيينة بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم " وصححه الترمذي، وابن حبان (2039)، والحاكم 2 / 356 و 4 / 162، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
(2) الحجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس وقد عنعن.
(*)

(9/33)


وأما سلم بن جنادة، فقال: مات سنة خمس وتسعين.
وقال محمد بن المثنى وأبو حفص الفلاس: مات سنة ست وتسعين، والصحيح الاول.
7 - مروان ين شجاع * (خ، د، ت، ق) العالم المحدث أبو عمرو الاموي، مولاهم الجزري الحراني.
حدث ببغداد عن خصيف، وهو مكثر عنه، وعن عبد الكريم بن مالك الجزري، وسالم الافطس وجماعة.
روى عنه: أحمد بن حنبل، وسريج بن يونس، وأحمد بن منيع، ويحيى بن معين، ويعقوب الدورقي، والحسن بن عرفة، وزياد بن أيوب وآخرون.
قال أحمد: لا بأس به.
وقال غيره: صدوق.
وقال أبو حاتم: ليس بحجة.
وقال ابن حبان: يروي المقلوبات عن الثقات.
قلت: حديثه في درجة الحسن.
توفي سنة أربع وثمانين ومئة.
أما:
__________
* التاريخ لابن معين: 556، طبقات ابن سعد 7 / 485، طبقات خليفة ت 3091، التاريخ الصغير 2 / 234، التاريخ الكبير 7 / 372، كتاب المجروحين 3 / 13، تاريخ بغداد 13 / 147 - 149، تهذيب الكمال: 1315، تذهيب التهذيب 4 / 31 / 1، العبر 1 / 289، ميزان الاعتدال 4 / 91، تذكرة الحفاظ 1 / 296، الكاشف 3 / 132، تهذيب التهذيب 10 / 94، طبقات الحفاظ: 123، خلاصة تذهيب الكمال ص 373.
(*)

(9/34)


8 - مروان ين سالم الجزري * (ق) فأصله شامي.
حدث عن: صفوان بن سليم، وسليمان الاعمش، وعبد الملك بن أبي سليمان.
روى عنه: الوليد بن مسلم، ونعيم بن حماد، وأبو همام الوليد ابن شجاع، وآخرون.
أجمعوا على ضعفه.
وقال أحمد بن حنبل: ليس بثقة.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث.
قلت: كلاهما مذكور في " ميزان الاعتدال " (1) وهما متعاصران.
ذكر هذا الثاني للتمييز.
قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات.
قلت: وتفرد بهذا عن الاوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قيل: يارسول الله، أرأيت الرجل يذبح وينسى أن
__________
* التاريخ الكبير 7 / 773، التاريخ الصغير 2 / 161، الضعفاء الصغير: 109، الضعفاء للعقيلي لوحة 416، كتاب المجروحين 3 / 13، تهذيب الكمال: 1315، تذهيب التهذيب 4 / 31 / 1، ميزان الاعتدال 4 / 90، المغني في الضعفاء 2 / 651، الكاشف 3 / 132، تهذيب التهذيب 10 / 93.
(1) 4 / 90 و 91.
(*)

(9/35)


يسمي ؟ فقال: " اسم الله على كل مسلم " (1).
وله عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: " أول ما يجازي به المؤمن أن يغفر لجميع من شيع جنازته " (2).

9 - بشر بن المفضل * (ع) ابن لاحق، الامام الحافظ المجود أبو إسماعيل الرقاشي، مولاهم البصري.
حدث عن أبيه، وحميد الطويل، ومحمد بن المنكدر، وعبد الله ابن محمد بن عقيل، وعاصم بن كليب، وخالد الحذاء، ويحيى بن سعيد الانصاري، وخالد بن ذكوان، وداود بن أبي هند، وحاتم بن أبي صغيرة، وسعيد الجريري، وسعيد بن يزيد أبي مسلمة، وابن أبي عروبة، وسهيل بن أبي صالح، وأبي ريحانة عبد الله بن مطر، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن زيد بن المهاجر، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي، وابن جدعان، وعمارة بن غزية وخلق.
__________
(1) أخرجه الدارقطني 4 / 295، وقال: مروان بن سالم ضعيف، وأورده الهيثمي في " المجمع " 4 / 30، ونسبه للطبراني في " الاوسط " وأعله بمروان هذا، ووصفه بقوله: متروك.
(2) أورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 29، وقال: رواه البزار، وفيه مروان بن سالم الشامي وهو في " زوائد البزار " برقم (820).
* التاريخ لابن معين: 59، طبقات ابن سعد 7 / 290، طبقات خليفة: 458، التاريخ الكبير 2 / 84، التاريخ الصغير 2 / 244، المعارف: 513، الجرح والتعديل 2 / 366، تهذيب الكمال: 154، تذهيب التهذيب 1 / 85 / 2، العبر 1 / 296، تذكرة الحفاظ 1 / 309، الكاشف 1 / 157، تهذيب التهذيب 1 / 458، طبقات الحفاظ: 128، خلاصة تذهيب الكمال: 128.
(*)

(9/36)


وعنه: أبو الوليد، ومسدد، ويحيى بن يحيى، وبشر بن معاذ
العقدي، وزياد بن يحيى الحساني، وعلي بن المديني، وعمرو الفلاس، ونصر بن علي، وأحمد بن حنبل، والقواريري، ووهب بن بقية، وخلق سواهم.
روى أبو بكر الاسدي، عن أحمد بن حنبل، قال: إلى بشر المنتهى في التثبت بالبصرة.
وقال معاوية بن صالح: قلت لابن معين: من أثبت شيوخ البصرة ؟ قال: بشر بن المفضل مع جماعة سماهم.
وقال ابن أبي داود: سمعت أبي يقول: ليس من العلماء أحد إلا وقد أخطأ في حديثه إلا بشر بن المفضل، وابن علية.
وقال محمد بن عبدالرحيم، عن علي بن المديني، قال: كان بشر يصلي كل يوم أربع مئة ركعة، ويصوم يوما، ويفطر يوما، وذكر عنده إنسان من الجهمية (1)، فقال: لا تذكروا ذاك الكافر.
قال أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو عبد الرحمن النسائي: هو ثقة.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وكان عثمانيا، توفي سنة ست وثمانين ومئة (2).
__________
(1) فرقة من فرق المسلمين انتحلت مذهب جهم بن صفوان الراسبي المقتول سنة 128 ه الذي كان يؤول آيات الصفات كلها، ويجنح إلى التنزيه البحت، وبه نفى أن يكون لله تعالى صفات غير ذاته، وأن يكون مرئيا في الآخرة، وأن يتكلم حقيقة، وأثبت أن القرآن مخلوق، وله من الآراء سوى ذلك تجدها في كتب " الملل والنحل ".
ونبز بشر هذا الجهمي الذي ذكر عنده بالكفر هو من الغلو المرفوض عند أهل العلم، اللهم إلا أن يريد بالكفر الكفر العملي الذي لا يخرج صاحبه عن الملة.
(2) " الطبقات " 7 / 290.
(*)

(9/37)


وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: دخلت البصرة أول دخلة في رجب سنة ست وثمانين، واعتقل لسان بشر بن المفضل قبل أن يخرج، ومات سنة سبع وثمانين.
قلت: كان من أبناء الثمانين.
وقع لي من عواليه: قرأت على إسماعيل بن عبدالرحمن المعدل، أخبركم الامام أبو محمد عبد الله بن أحمد في سنة ست عشرة وست مئة، أخبرنا خطيب الموصل أبو الفضل بن الطوسي، وشهدة الكاتبة (1)، وتجني الوهبانية (2)، قالوا: أخبرنا طراد بن محمد الزينبي، وقرأت على محمد ابن عبد الوهاب السعدي، أخبركم علي بن مختار، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، قالا: أخبرنا هلال بن محمد الحفار، أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش، حدثنا أبو الأشعث أحمد ابن المقدام العجلي سنة تسع وأربعين ومئتين، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا شعبة، عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من جر ثوبه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه " (3).
__________
(1) هي شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري، ثم البغدادي، الكاتبة المسندة فخر النساء، كانت دينة عابدة صالحة، سمعها أبوها الكثير، وصارت مسندة العراق، روت عن طراد والنعالي وابن البطر وطائفة.
وكانت ذات بر وخير، توفيت في رابع عشر المحرم سنة 574 ه عن نيف وتسعين سنة " العبر " 4 / 220.
(2) تحرف في المطبوع من " العبر " 4 / 223 إلى " الوهابية " وتجني هذه محدثة معمرة روت العوالي، وهي من طبقة شهدة الكاتبة، حدثت عن أبي الخطاب نصر بن أحمد، وطراد بن محمد الزينبي، والحسن بن أحمد النعالي، وسمع منها، وأخبر عنها أحمد بن أبي الفتح بن
الخضر التنوخي، وسيدة بنت عبدالرحيم السهروردي، وكناها المؤلف في " العبر " بأم عتب، وقال: هي آخر من روى في الدنيا بالسماع عن طراد والنعالي.
توفيت في شوال سنة 575 ه.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 81، ومسلم (2085) (43) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة بهذا الاسناد.
والمخيلة: الكبر.
(*)

(9/38)


وبه حدثنا شعبة، عن محارب بن دثار: سمعت ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جر ثوبه من مخيلة، فإن الله لا ينظر إليه " (1).
وبه: حدثنا شعبة، عن مسلم بن يناق: رأيت ابن عمر في دار خالد، فرأى رجلا يجر إزاره فقال: ممن أنت ؟ فقال: من بني ليث، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول: " من جر إزاره، لا يريد بذلك إلا المخيلة، لم ينظر الله إليه " (2).
بشر بن المفضل، عن بشير بن ميمون الشقري، عن عمه أسامة ابن أخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: " ما اسمك ؟ " قال: أصرم، فقال: " أنت زرعة ".
هذا صحيح غريب معدود في أفراد بشر، خرجه أبو داود (3).

10 - أبو سفيان المعمري * (م، س، ق) الحافظ الحجة أبو سفيان، محمد بن حميد البصري
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 10 / 223 في اللباس: باب من جر ثوبه من الخيلاء، ومسلم (2085) (43)، والنسائي 8 / 206 في الزينة: باب التغليظ في جر الازار، وأحمد 2 / 42 من طرق، عن شعبة بهذا الاسناد.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم في " صحيحه " (2085) (45) في اللباس والزينة: باب تحريم جر الثوب خيلاء، وأحمد 2 / 45 من طريق شعبة بهذا الاسناد، وأخرجه مالك في
" الموطأ " 2 / 914 في اللباس: باب ما جاء في إسبال الرجل ثوبه، ومن طريقه البخاري 10 / 216 في اللباس، ومسلم (2085)، والترمذي (1730) عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم،، عن ابن عمر، وأخرجه البخاري 7 / 21، و 10 / 217، وأبو داود (4085).
(3) برقم (4954) في الادب: باب تغيير الاسم القبيح، وإسناده صحيح، وقد كره أصرم لما فيه من معنى الصرم، وهو القطع، فجعله زرعة من الزرع، وهو النبات، وهو ضد القطع.
* التاريخ لابن معين: 512، التاريخ الكبير 1 / 69، المعارف: 391، الجرح = (*)

(9/39)


المعمري، اشتهر بذلك لارتحاله إلى معمر باليمن.
وكان من الصلحاء العباد والمتقنين المتقين.
حدث عن: هشام بن حسان، ومعمر، وسفيان الثوري، وغيرهم.
وعنه: سريج بن يونس، وأبو خيثمة، والنفيلي، وابن نمير، وعمرو الناقد، وأبو سعيد الاشج، وحميد بن الربيع، وسفيان بن وكيع، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين، وأبو داود.
وهذا لم يرو له البخاري، وروى لابي سفيان الحميري الواسطي، وفيه شئ.
قال الخطيب: محمد بن حميد اليشكري المعمري مذكور بالصلاح والعبادة.
وقال يحيى بن معين: عبد الرزاق أحب إلي منه.
قال ابن قانع: مات المعمري سنة اثنتين وثمانين ومئة.

11 - حسان بن إبراهيم * (خ، م، د) الامام الفقيه المحدث، قاضي كرمان، أبو هشام الكوفي ثم الكرماني.
__________
= والتعديل 7 / 231، تاريخ بغداد 2 / 257، تهذيب الكمال: 1190، تذهيب التهذيب 3 / 199 / 2، العبر 1 / 283، ميزان الاعتدال 3 / 529، الكاشف 2 / 36، تهذيب التهذيب 9 / 131، خلاصة تذهيب الكمال ص 333، شذرات الذهب 1 / 298.
* العلل لاحمد بن حنبل: 391، التاريخ الكبير 3 / 35، الضعفاء والمتروكين: = (*)

(9/40)


حدث عن: سعيد بن مسروق الثوري، وعاصم الاحول، ويونس ابن يزيد الايلي وجماعة.
وعنه: الازرق بن علي، وعلي بن المديني، وأحمد بن عبدة الضبي، وعلي بن حجر، وإسحاق بن شاهين، وآخرون كثيرون.
قال يحيى بن معين: لا بأس به.
وقال الدارقطني: ثقة.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
واستنكر له أحمد بن حنبل أحاديث (1).
مات سنة ست وثمانين ومئة.
قال العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثت أبي بحديث لحسان بن إبراهيم، رواه عن عاصم الاحول، عن عبد الله بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك " فقال أبي: ما هذا من حديث عاصم، هذا من حديث ليث بن أبي سليم (2).
فذكرت لابي عن
__________
= 35، الضعفاء للعقيلي: لوحة 92، الجرح والتعديل 2 / 238، تهذيب الكمال: 250، تذهيب التهذيب 1 / 129 / 1، العبر 1 / 293، ميزان الاعتدال 1 / 477، الكاشف 1 / 251، تهذيب التهذيب 2 / 245، مقدمة فتح الباري: 394.
(1) وقال ابن عدي: حدث بأفراد كثيرة، وهو عندي من أهل الصدق إلا أنه يغلط في الشئ ولا يتعمد.
وقال الحافظ ابن حجر في " مقدمة الفتح " ص 394: له في الصحيح أحاديث يسيرة توبع عليها.
(2) " الضعفاء " للعقيلي ص: 92، وقد رواه من حديث ليث بن أبي سليم، عن عبد الله بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن جدتها فاطمة..الترمذي (314)، وأحمد 6 / 282، وإسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي " (84)، وإسناده ليس = (*)

(9/41)


حسان، عن عبدالملك الكوفي، سمعت العلاء، سمع مكحولا، عن أبي أمامة وواثلة: " كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة، لم يلتفت، ورمى ببصره إلى موضع سجوده " فأنكره أبي، وقال: اضرب عليه (1).

12 - عبد الله بن إدريس * (ع) ابن يزيد بن عبدالرحمن، الامام الحافظ المقرئ القدوة، شيخ الاسلام، أبو محمد الاودي الكوفي.
ولد سنة عشرين ومئة.
وحدث عن أبيه، وحصين بن عبدالرحمن، وسهيل بن أبي
__________
= بمتصل كما قال الترمذي، فإن فاطمة بنت الحسين لم تدرك جدتها فاطمة، لانها عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهرا.
وأخرجه أبو داود (465)، وابن ماجة (772) من حديث أبي حميد، أو أبي أسيد - بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك " وإسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (713) عنهما بلفظ: " إذا دخل
أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك ".
وأخرجه ابن ماجة (773)، وابن السني ص 85، من حديث أبي هريرة بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلم على النبي، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليسلم على النبي وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم ".
وإسناده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 52 / 1، وصححه ابن خزيمة (452)، وابن حبان (321)، وفي الباب عن أنس عند ابن السني 87.
(1) " الضعفاء " ص: 92.
* تاريخ ابن معين 2 / 295، طبقات ابن سعد 6 / 389، طبقات خليفة: ت 1303، تاريخ خليفة: 460، التاريخ الكبير 5 / 47، التاريخ الصغير 2 / 269، المعارف: 510، الجرح والتعديل 5 / 8 - 9، مشاهير علماء الامصار: ت 1376، تاريخ بغداد 9 / 415، تهذيب الكمال: 665، تذهيب التهذيب 2 / 130 / 1، العبر 1 / 308، تذكرة الحفاظ 1 / 283، الكاشف 2 / 71، دول الاسلام 1 / 121، طبقات القراء 1 / 410، تهذيب التهذيب 5 / 144 طبقات الحفاظ: 118، خلاصة تذهيب الكمال: ص 190، 191، شذرات الذهب 1 / 330.
(*)

(9/42)


صالح، وهشام بن عروة، وأبي إسحاق الشيباني، وسليمان الاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن جريج، ومسعر، وسفيان، والحسن بن عبيد الله، وأبي مالك الاشجعي، والمختار بن فلفل، وبريد بن عبد الله ابن أبي بردة، وعاصم بن كليب، وليث بن أبي سليم، ويزيد بن أبي زياد، وابن عجلان، ويحيى بن سعيد الانصاري، وابن إسحاق، وخلق.
وتلا على نافع، وكان من أئمة الدين.
حدث عنه: مالك، وهو من مشايخه، وابن المبارك، ويحيى بن آدم، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وهناد، وأبو كريب، وأبو سعيد الاشج، والحسن بن عرفة، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وخلق كثير.
وقد أقدمه الرشيد بغداد ليوليه قضاء الكوفة، فامتنع.
قال بشر بن الحارث: ما شرب أحد ماء الفرات فسلم إلا عبد الله ابن إدريس (1).
وقال أحمد بن حنبل: كان ابن إدريس نسيج وحده (2).
قال يعقوب بن شيبة: كان عابدا فاضلا، كان يسلك في كثير من فتياه ومذاهبه مسالك أهل المدينة، يخالف الكوفيين، وكان بينه وبين مالك صداقة، ثم قال: وقد قيل: إن جميع ما يرويه مالك في
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 418.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 418.
(*)

(9/43)


" الموطأ " فيقول: بلغني عن علي رضي الله عنه أنه سمعه من ابن إدريس (1).
قال أبو حاتم: هو حجة إمام من أئمة المسلمين (2).
وقيل: لم يكن بالكوفة أحد أعبد لله من ابن إدريس.
قال ابن عرفة: لم أر بالكوفة أفضل منه.
أبو داود، عن إسحاق بن إبراهيم، عن الكسائي قال: قال لي هارون الرشيد من أقرأ الناس ؟ فقلت: عبد الله بن إدريس.
قال: ثم من ؟ قلت: ثم حسين الجعفي.
قال: ثم من ؟ قلت: رجل آخر (3).
وعن حسين العنقزي قال: لما نزل بابن إدريس الموت، بكت بنته، فقال: لا تبكي يا بنية، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة (4).
قال محمد بن عبد الله بن عمار: كان ابن إدريس إذا لحن أحد في كلامه، لم يحدثه (5).
قال يحيى بن معين: سمعت ابن إدريس يقول: عندي قوصرة (6)
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 420.
(2) النص في " الجرح والتعديل " 5 / 9: حديث ابن إدريس حجة يحتج بها، وهو إمام من أئمة المسلمين.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 418.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 421.
(5) " تاريخ بغداد " 9 / 419.
(6) بتشديد الراء، ويقال بتخفيفها: وعاء من قصب يحمل فيه التمر، وفي " تاريخ ابن معين ": قوصرة ملكايا.
(*)

(9/44)


ملكاية، ورواية من حوض الربابين، ودبة زيت، ما أحد أغنى مني (1).
وكان ابن إدريس يحرم النبيذ، وقال: قلت لحفص بن غياث: اترك الجلوس في المسجد، فقال: أنت قد تركت ذلك ولم تترك، قلت: [ لان ] يأتيني البلاء وأنا فار أحب إلي من أن يأتيني وأنا متعرض له.
قال أبو خيثمة: سمعت ابن إدريس يقول:
كل شراب مسكر كثيره * فإنه محرم يسيره إني لكم من شره نذيره قال أبو بكر بن أبي شيبة: سمعت ابن إدريس يقول: كتبت حديث أبي الحوراء، فكتبت تحته: " حور عين " (2).
قلت: لم يكن لهم في ذلك الوقت شكل بعد.
قال يعقوب بن شيبة: حدثنا عبيد بن نعيم، حدثنا الحسن بن الربيع البوراني (3) قال: قرئ كتاب الخليفة إلى ابن إدريس، وأنا
__________
(1) " تاريخ ابن معين ": 296.
(2) وإنما فعل ذلك حتى لا يلتبس بالجيم المعجمة، فيقرأ: أبو الجوزاء.
وحديث أبي الحوراء هو حديث الدعاء في القنوت أخرجه أحمد 1 / 199، 200، وأبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي 3 / 248، وابن ماجة (1178)، والدارمي 1 / 173، والطيالسي (1199)، من حديث بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، قال: قال الحسن بن علي: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: " اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت " وإسناده صحيح، وصححه الحاكم 3 / 172.
(3) نسبة إلى عمل البواري التي تبسط ويجلس عليها.
(*)

(9/45)


حاضر: من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى عبد الله بن إدريس، قال: فشهق ابن إدريس شهقة، وسقط بعد الظهر، فقمنا إلى العصر، وهو على حاله، وانتبه قبيل المغرب، وقد صببنا عليه الماء فلا شئ، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، صار يعرفني حتى يكتب إلي ! أي ذنب
بلغ بي هذا ؟ !.
قلت: قد وثقه يحيى بن معين وعبد الرحمن بن خراش، والناس.
وقيل: بل كان مولده سنة خمس عشرة ومئة، ومات بالكوفة في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين ومئة.
قال ابن عمار الموصلي: كان ابن إدريس من عباد الله الصالحين، من الزهاد، وكان ابنه أعبد منه، ولم أر بالكوفة أحدا أفضل من عبد الله بن إدريس، وعبدة بن سليمان (1).
وقال النسائي: ثقة ثبت.
وقال أحمد بن جواس: سمعت ابن إدريس يقول: ولدت سنة خمس عشرة (2).
وكذا قال أحمد بن حنبل وجماعة في مولده، وهو المحفوظ.
وروى العباس بن الوليد الخلال، عن عرفة بن إسماعيل، عن ابن إدريس، قال: سمعت شعبة يقول: مات حماد بن أبي سليمان سنة عشرين ومئة، ثم قال ابن إدريس: وفيها مولدي، فهذا قول شاذ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 419.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 420.
(*)

(9/46)


وتوفي سنة 92، قاله أحمد، وابن مثنى، والاشج، وابن سعد، وزاد: في عشر ذي الحجة.
وفد غلط بعض القراء، وزعم أن ابن إدريس تلا على ابن كثير، ما لحقه ولا قارب.
وروي عن رجل عن وكيع أن عبد الله بن إدريس امتنع من القضاء، وقال للرشيد: لا أصلح، فقال الرشيد: وددت أني لم أكن رأيتك، فقال: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك، فخرج، ثم ولى حفص ابن غياث، وبعث الرشيد بخمسة آلاف إلى ابن إدريس، فقال للرسول - وصاح به: - مر من هنا، فبعث إليه الرشيد: لم تل لنا، ولم تقبل صلتنا، فإذا جاءك ابني المأمون، فحدثه، فقال: إن جاء مع الجماعة، حدثناه، وحلف ألا يكلم حفص بن غياث حتى يموت (1).
أبو سعيد الاشج: حدثنا ابن إدريس: قال لي الاعمش: والله لا حدثتك شهرا.
فقلت: والله لا أتيتك سنة.
قال: ثم أتيته بعد سنة، فقال: ابن إدريس ؟ قلت: نعم.
قال: أحب أن يكون للعربي مرارة (2).
قال حسين بن عمرو العنقزي: لما نزل بعبد الله بن إدريس الموت، بكت بنته، فقال: لا تبكي، قد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة (3).
قال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني، وجعل يذم قراءة
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 416، 417.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 417، 418.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 421.
وقد تقدم في الصفحة: 44.
(*)

(9/47)


حمزة، وقال: إنما نزل القرآن بلغة قريش، وهي التفخيم، فقال له بشر بن موسى: حدثنا نوفل.
فقال ابن المديني: نوفل ثقة.
قال: سمعت عبد الله بن إدريس يقول لحمزة: اتق الله، فإنك رجل تتأله،
وهذه القراءة ليست قراءة عبد الله، ولا قراءة غيره.
فقال حمزة: أما إني أتحرج أن أقرأ بها في المحراب.
قلت: لم ؟ قال: لانها لم تكن قراءة القوم.
قلت: فما تصنع بها إذا ؟ قال: إن رجعت من سفري لا تركنها.
ثم قال ابن إدريس: ما أستجيز أن أقول لمن يقرأ لحمزة: إنه صاحب سنة.
قلت: اشتهر تحذير ابن إدريس من ذلك، والله يغفر له، وقد تلقى المسلمون حروفه بالقبول، وأجمعوا اليوم عليها.
وأعلى ما يقع حديث ابن إدريس في جزء ابن عرفة.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا علي بن البسري، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، وجرير، عن الاعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى فيها خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة ".
أخرجه مسلم (1) عن عثمان، عن جرير وحده.
__________
(1) (757) في صلاة المسافرين: باب في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء.
(*)

(9/48)


13 - محمد بن سلمة * (م، 4) الامام المحدث المفتي، أبو عبد الله الحراني.
حدث عن: خصيف الجزري، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، وخاله أبي عبدالرحيم خالد بن أبي يزيد وجماعة.
روى عنه: أبو جعفر النفيلي، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وعمرو ابن هشام أبو أمية، وأبو يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن وهب بن أبي كريمة.
وعدة.
قال ابن سعد: كان ثقة فاضلا، توفي في آخر سنة إحدى وتسعين ومئة.
وقال أبو جعفر النفيلي: مات في أول سنة اثنتين وتسعين ومئة.
قلت: حديثه في الكتب سوى صحيح البخاري.

14 - الابرش * * (د، ت) سلمة بن الفضل الرازي الابرش، الامام قاضي الري، أبو عبد الله.
__________
(1) تاريخ ابن معين: 519، طبقات ابن سعد 7 / 485، طبقات خليفة: ت 3096، التاريخ الكبير 1 / 107، التاريخ الصغير 2 / 267، الجرح والتعديل 7 / 276، تهذيب الكمال: لوحة 1203، تذهيب التهذيب 3 / 207 / 2، العبر 1 / 307، تذكرة الحفاظ 1 / 316، الكاشف 3 / 48، تهذيب التهذيب 9 / 193، طبقات الحفاظ: 130، خلاصة تذهيب الكمال: 338، شذرات الذهب 1 / 329.
* * التاريخ لابن معين: 226، طبقات ابن سعد 7 / 381، التاريخ الكبير 4 / 84، التاريخ الصغير 2 / 268، الضعفاء الصغير ص 55، الضعفاء والمتروكين ص 48، الضعفاء = (*)

(9/49)


حدث عن: ابن إسحاق، وأيمن بن نابل، وحجاج بن أرطاة، وعمرو بن أبي قيس، وسفيان الثوري، وطائفة.
وعنه: عبد الله المسندي، ويحيى بن معين، وعثمان بن أبي
شيبة، ومحمد بن حميد، ويوسف بن موسى القطان، وعدة.
وثقه ابن معين.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال البخاري: عنده مناكير.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال أبو زرعة: أهل الري لا يرغبون فيه لظلم فيه.
وقال ابن معين: كان يتشيع (1)، وكان معلم كتاب.
وقال ابن سعد: ثقة، يقال: إنه من أخشع الناس في صلاته.
قلت: كان قويا في المغازي.
توفي سنة إحدى وتسعين ومئة، وقد سمع منه ابن المديني وتركه.
__________
= للعقيلي لوحة: 167، الجرح والتعديل 4 / 168، كتاب المجروحين 1 / 337، تهذيب الكمال: 529، تذهيب التهذيب: 2 / 43 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 192، العبر 1 / 307، الكاشف 1 / 386، تهذيب التهذيب 4 / 153، خلاصة تذهيب الكمال: 149، شذرات الذهب 1 / 328.
(1) قال الحافظ ابن حجر في " التهذيب " 1 / 94: التشيع في عرف المتقدمين: هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان، وأن عليا كان مصيبا في حروبه، وأن مخالفه مخطئ، مع تقديم الشيخين وتفضيلهما، وربما اعتقد بعضهم أن عليا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان معتقد ذلك ورعا دينا صادقا مجتهدا، فلا ترد روايته بهذا، لا سيما إن كان غير داعية.
(*)

(9/50)


15 - مروان بن معاوية * (ع) ابن الحارث، بن عثمان، بن أسماء، خارجة، بن حصن، ابن حذيفة، بن بدر، الامام الحافظ الثقة، أبو عبد الله الفزاري الكوفي
ثم الدمشقي.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن أبي الفتح، والفتح بن عبد السلام، وأخبرنا أبو حفص الطائي، عن أبي اليمن الكندي، قالوا: أخبرنا أبو الفضل الارموي، وأخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، أخبرنا علي بن عمر السكري، أخبرنا أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار، حدثنا يحيى بن معين سنة سبع وعشرين ومئتين، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا هلال بن سويد الاحمري، سمعت أنسا يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي له ثلاث طوائر، فأطعم خادمه طيرا، فلما كان الغداة، أتاه به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألم أنهك أن تخبأ شيئا لغد، فإن الله تعالى يأتي برزق كل غد " (1).
حديث غريب، وهلال واه، ويقال: هو أبو ظلال.
مروان هو ابن عم الامام أبي إسحاق الفزاري، وكان ينبغي أن يلصق به لانه في طبقته.
__________
* تاريخ ابن معين: 556، التاريخ الكبير 7 / 372، التاريخ الصغير 2 / 274، مشاهير علماء الامصار: ت 1367، تهذيب الكمال: 1316، تذهيب التهذيب 4 / 31 / 2، العبر 1 / 311، ميزان الاعتدال 4 / 93، تذكرة الحفاظ 1 / 295، الكاشف 3 / 133، تهذيب التهذيب 10 / 96، طبقات الحفاظ: 123، خلاصة تذهيب الكمال: 373، شذرات الذهب 1 / 333.
(1) وأخرجه أحمد 3 / 198 من طريق مروان بن معاوية بهذا الاسناد.
(*)

(9/51)


ولد في خلافة هشام بن عبدالملك.
وحدث عن: حميد الطويل، وعاصم الاحول، وسليمان التيمي، وأبي مالك الاشجعي، وعوف الاعرابي، وسعد بن عبيد، والحسن بن عمرو الفقيمي، ويحيى بن سعيد الانصاري، وهاشم بن هاشم بن عتبة، ويزيد بن كيسان، وإسماعيل بن أبي خالد، والاعمش، وبهز بن حكيم، وأيمن بن نابل، ورشدين بن كريب، وطلحة بن يحيى، وعبد الله بن عبدالرحمن الطائفي، وعبيد الله بن عبد الله الاصم، وعطاء بن عجلان، ومحمد بن سوقة، وابن إسحاق، وهلال بن عامر، وخلق كثير.
كان جوالا في طلب الحديث.
حدث عنه: الحميدي، وزكريا بن عدي، وسعيد بن منصور، ويحيى بن معين، وابن راهويه، وأبو خيثمة، وعلي بن المديني، وابن نمير، وأحمد بن منيع، ومحمد بن سلام البيكندي، وأبو بكر بن أبي شيبة، ودحيم، وعمرو الناقد، وأبو كريب، ومحمد بن يحيى العدني، ويعقوب الدورقي، ومحمد بن هشام بن ملاس، وأبو عمار الحسين بن حريث، وزياد بن أيوب، والحسن بن عرفة، وسليمان بن عبدالرحمن، وسويد بن سعيد، وعمرو بن رافع القزويني، وعمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد، وأمم سواهم.
وحديثه يروى اليوم بعلو في جزء ابن عرفة.
روى أبو بكر الاسدي، عن أحمد بن حنبل، قال: ثبت حافظ.
وروى أبو داود، عن أحمد، قال: ما كان أحفظه، كان يحفظ حديثه.

(9/52)


وروى عثمان الدارمي، عن يحيى: ثقة.
وكذا وثقه النسائي، وغير واحد.
وقال علي بن المديني: ثقة فيما روى عن المعروفين، وضعفه فيما روى عن المجهولين.
قلت: إنما الضعف من قبلهم، كان يروي عن كل ضرب، وقد كان سفيان الثوري مع جلالته يفعل كذلك.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد: قال ابن نمير: كان مروان يلتقط الشيوخ من السكك.
وقال العجلي: ثقة ثبت ما حدث عن المعروفين، وما حدث عن المجهولين، ففيه ما فيه، وليس بشئ.
وقال أبو حاتم: صدوق لا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين.
وقال عباس الدوري: سألت يحيى بن معين عن حديث مروان ابن معاوية، عن علي بن أبي الوليد، فقال: هذا هو علي بن غراب، والله ما رأيت أحيل للتدليس منه (1).
قال دحيم وغيره: مات فجأة سنة ثلاث وتسعين ومئة قبل التروية بيوم.
__________
(1) في " التقريب ": وكان يدلس أسماء الشيوخ، والخبر في " التاريخ ": 557 لابن معين، دون قوله: " والله ما رأيت أحيل للتدليس منه ".
(*)

(9/53)


16 - معاذ بن معاذ * (ع) ابن نصر، بن حسان، بن الحر، بن مالك، بن الخشخاش، التميمي القاضي الامام الحافظ، أبو المثنى العنبري البصري.
حدث عن: سليمان التيمي، وأشعث بن عبدالملك، وعوف الاعرابي، ومحمد بن عمرو، وأبي كعب صاحب الحرير (1)، وكهمس، وقرة بن خالد، والنهاس بن قهم، وابن عون، وحميد الطويل، وحاتم بن أبي صغيرة، وعمران بن حدير، وشعبة، وعاصم ابن محمد العمري، والثوري، وخلق.
وعنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى، وعلي، وبندار، ومحمد بن مثنى، وإسحاق بن موسى الخطمي، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن حاتم السمين، وعبد الوهاب بن الحكم الوراق، وأبو خيثمة، وعمرو الفلاس، ومحمد بن يحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن سنان القطان، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وابناه المثنى وعبيد الله، وسعدان ابن نصر، وخلق كثير.
وقد روى أيضا عنه عبدالرحمن بن أبي الزناد، وهو أكبر منه.
قال أحمد بن حنبل: معاذ بن معاذ إليه المنتهى في التثبت
__________
* تاريخ ابن معين: 572، طبقات ابن سعد 7 / 293، طبقات خليفة ت 1917، تاريخ خليفة: 466، التاريخ الكبير 7 / 365، التاريخ الصغير 2 / 278، المعارف: 512، الجرح والتعديل 8 / 248، مشاهير علماء الامصار: ت 1270، تاريخ بغداد 13 / 131، تهذيب الكمال: 1339، تذهيب التهذيب 4 / 48 / 1، العبر 1 / 320، تذكرة الحفاظ 1 / 324، الكاشف 3 / 154، دول الاسلام 1 / 124، تهذيب التهذيب 10 / 194، طبقات الحفاظ: 136، خلاصة تذهيب الكمال 380، شذرات الذهب 1 / 345.
(1) هو عبد ربه بن عبيد الازدي مولاهم، وهو ثقة.
أخرج له الترمذي.
(*)

(9/54)


بالبصرة، وقال: هو قرة عين في الحديث، رواها المروذي عنه.
وروى عنه ولده عبد الله بن أحمد أنه قال: ما رأيت أفضل من حسين الجعفي، وسعيد بن عامر، ولا رأيت أعقل من معاذ بن معاذ كأنه صخرة.
وقال الكوسج عن يحيى بن معين، وأبو حاتم الرازي: ثقة.
وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: أيهما أحب إليك أزهر السمان في ابن عون، أو معاذ بن معاذ ؟ قال: ثقتان.
قلت: فمعاذ أثبت في شعبة أو غندر ؟ قال: ثقة وثقة.
وقال النسائي: معاذ ثقة ثبت.
قال عمرو بن علي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: طلبت الحديث مع رجلين من العرب: خالد بن الحارث الهجيمي، ومعاذ بن معاذ العنبري، وأنا مولى لقريش لتيم، فوالله ما سبقاني إلى محدث قط، فكتبا شيئا حتى أحضر، وإذا تابعاني، لا أبالي من خالفني من الناس.
وسمعت يحيى بن سعيد يقول: ما بالكوفة ولا البصرة ولا الحجاز أثبت من معاذ بن معاذ، وما أبالي إذا تابعني من خالفني، وقد كان شعبة يحلف: لا يحدث، فيستثني معاذا وخالدا.
وورد أن يحيى بن سعيد قال في سجوده مرة: اللهم اغفر لخالد بن الحارث، ومعاذ بن معاذ، ثم قال: حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، قال أبو الدرداء: إني لاستغفر لسبعين من إخواني في سجودي أسميهم بأسماء آبائهم.
قال محمد بن عيسى بن الطباع: ما علمت أحدا قدم بغداد إلا وقد

(9/55)


تعلق عليه في شئ من الحديث إلا معاذا العنبري، ما قدروا أن يتعلقوا
عليه بحديث مع شغله بالقضاء.
قال أحمد بن عبدة: حدثنا معاذ بن معاذ قال: لما قدم بنو العباس، بدؤوا بالصلاة قبل الخطبة، فانصرف الناس، وهم يقولون.
بدلت السنة بدلت السنة يوم العيد (1).
قال الفلاس: سمعت يحيى القطان يقول: ولدت سنة عشرين ومئة في أولها، وولد معاذ بن معاذ في سنة تسع عشرة ومئة في آخرها، كان أكبر مني بشهرين.
وقال عبيد الله بن معاذ: مات أبي سنة ست وتسعين ومئة.
وقال ابن سعد: كان ثقة، ولي قضاء البصرة لهارون أمير المؤمنين، ثم عزل، وتوفي بالبصرة في ربيع الآخر، سنة ست وتسعين ومئة.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، وعلي بن محمد قالا: أخبرنا الحسن بن صباح، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن
__________
(1) وذلك أن بني أمية قدموا الخطبة على الصلاة في العيدين، فلما أعادها العباسيون إلى ما كانت عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين ظن الناس أن السنة قد بدلت، لما كانوا يعتقدون أن ما هم عليه من الخطبة قبل الصلاة هو السنة، وقد روى هذا الامام مسلم في " صحيحه " (889) في صلاة العيدين: عن أبي سعيد الخدري قال:..فخرجت مخاصرا مروان حتى أتينا المصلى، فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن، فإذا مروان ينازعني يده، كأنه يجرني نحو المنبر، وأنا أجره نحو الصلاة، فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة ؟ فقال: لا يا أبا سعيد ! قد ترك ما تعلم.
قلت: كلا، والذي نفسي بيده ! لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرار ثم انصرف.
ونقل ابن حزم في " المحلى " 5 / 85 أن بني أمية أحدثوا تقديم الخطبة قبل الصلاة.
(*)

(9/56)


الخلعي، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر بن محمد البزاز، أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا معاذ العنبري، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دخلت الجنة، فإذا أنا بنهر يجري، حافتاه خيام اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء، فإذا مسك أذفر، فقلت: ما هذا يا جبريل ؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله عزوجل " (1).

17 - محمد بن حرب * (ع) الامام الحافظ الفقيه، أبو عبد الله الخولاني الحمصي الابرش كاتب الزبيدي.
حدث عن: محمد بن زياد الالهاني، وبحير بن سعد، وعمر بن رؤبة، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وصفوان بن عمرو، والاوزاعي، وعدة.
حدث عنه: أبو مسهر، ومحمد بن وهب بن عطية، وإسحاق بن
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه من غير وجه عن أنس البخاري 8 / 562، في تفسير سورة (إنا أعطيناك الكوثر)، وفي الرقاق: باب الحوض 11 / 412، ومسلم (400) في الصلاة: باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة، والترمذي (3375) في التفسير: باب ومن سورة (إنا أعطيناك الكوثر)، وأبو داود (4747) و (4748) في السنة: باب في الحوض، والنسائي 2 / 133، و 134: باب قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم).
* طبقات ابن سعد 7 / 470، طبقات خليفة: ت 3051، التاريخ الكبير 1 / 69، التاريخ الصغير 2 / 275، الجرح والتعديل 7 / 237، تهذيب الكمال: لوحة 1185،
تذهيب التهذيب 3 / 196 / 2، العبر 1 / 351، تذكرة الحفاظ 1 / 310، الكاشف 3 / 31، تهذيب التهذيب 9 / 109، النجوم الزاهرة 2 / 146، طبقات الحفاظ: 128، خلاصة تذهيب الكمال 332، شذرات الذهب 1 / 341.
(*)

(9/57)


راهويه، وكثير بن عبيد، وأبو التقي اليزني (1)، ومحمد بن مصفى، وأبو عتبة الحجازي، وخلق كثير.
ذكر ابن سعد أنه ولي قضاء دمشق.
ووثقه يحيى بن معين وغيره، وكان مجودا لحديث الشاميين.
قال أبو حاتم: صالح الحديث.
وقال محمد بن عوف الطائي: ثقة.
قال الكلاباذي: حديثه في العلم، والطب، وصلاة الخوف (2)، يعني: من صحيح البخاري.
قال يزيد بن عبد ربه: مات سنة أربع وتسعين ومئة.
أخبرنا محمد بن داود الخطيب، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا القاسم بن عبد الله، أخبرنا وجيه بن طاهر، أخبرنا أحمد بن الحسن الازهري، أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون،
__________
(1) واسمه: هشام بن عبدالملك بن عمران الحمصي صدوق ربما وهم، من رجال " التهذيب ".
(2) حديثه في العلم أخرجه البخاري 1 / 157 في العلم: باب متى يصح سماع الصغير من طريق محمد بن يوسف، حدثنا أبو مسهر، حدثني محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين.
وحديثه في الطب سيورده المصنف، وحديثه في صلاة
الخوف أخرجه البخاري 2 / 361 في صلاة الخوف: باب يحرس بعضهم بعضا في صلاة الخوف من طريق حيوة بن شريح، حدثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم، فقام الناس معه، فكبر وكبروا معه، وركع وركع ناس منهم، ثم سجد وسجدوا معه، ثم قام الثانية فقام الذين سجدوا معه وحرسوا إخوانهم، وأتت الطائفة الاخرى، فركعوا وسجدوا معه، والناس كلهم في صلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضا.
(*)

(9/58)


أخبرنا أبو حامد ابن الشرقي، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا محمد بن وهب، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا محمد بن الوليد، أخبرنا الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال: " استرقوا لها فإن بها النظرة ".
رواه البخاري (1) عن محمد الذهلي.
ويقع لي حديث محمد بن حرب عاليا في صفة المنافق.

18 - البرمكي * الوزير الملك أبو الفضل جعفر، ابن الوزير الكبير أبي علي يحيى، ابن الوزير خالد ابن برمك الفارسي.
كان خالد من رجال العالم، توصل إلى أعلى المراتب في دولة أبي جعفر، ثم كان ابنه يحيى كامل السؤدد، جليل المقدار، بحيث إن المهدي ضم إليه ولده الرشيد، فأحسن تربيته وأدبه، فلما أفضت الخلافة
__________
(1) 10 / 171 و 172 في الطب: باب رقية العين، وأخرجه مسلم (2197) في السلام: باب استحباب الرقية من العين.
من طريق أبي الربيع سليمان بن داود، عن محمد
ابن حرب بهذا الاسناد.
والسفعة: قال إبراهيم الحربي: هو سواد في الوجه، وعن الاصمعي: حمرة يعلوها سواد، وقيل: صفرة، وقيل: سواد مع لون آخر، قال ابن قتيبة: لون يخالف لون الوجه.
والنظرة: العين أي: أصابتها عين.
* تاريخ خليفة: 458، المعارف: 382، تاريخ الطبري 8 / 252، 255، 262، 266، 291، 300، وحوادث سنة 187، العقد الفريد 5 / 53، الوزراء والكتاب للجهشياري 204، تاريخ بغداد 7 / 152، الكامل لابن الاثير 6 / 140، 151، 152، 161، 168، 175، 184، وفيات الاعيان 1 / 328، 346، العبر 1 / 298، دول الاسلام: 118، البداية والنهاية 10 / 189 و 194، النجوم الزاهرة 2 / 123، شذرات الذهب 1 / 311، شرح قصيدة ابن عبدون ص 222.
(*)

(9/59)


إلى الرشيد، رد إلى يحيى مقاليد الامور، ورفع محله، وكان يخاطبه يا أبي، فكان من أعظم الوزراء، ونشأ له أولاد صاروا ملوكا، ولا سيما جعفر، وما أدراك ما جعفر ؟، له نبأ عجيب، وشأن غريب، بقي في الارتقاء في رتبة، شرك الخليفة في أمواله ولذاته وتصرفه في الممالك، ثم انقلب الدست في يوم، فقتل، وسجن أبوه وإخوته إلى الممات، فما أجهل من يغتر بالدنيا ! وقال الاصمعي: سمعت يحيى بن خالد يقول: الدنيا دول، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسوة، و [ فينا ] لمن بعدنا عبرة (1).
قال إسحاق الموصلي: كانت صلة يحيى إذا ركب لمن سأله مئتي درهم، أتيته، وقد شكوت إليه ضيقا، فقال: ما أصنع بك ؟ ما عندي شئ، ولكني قد جاءني خليفة صاحب مصر يسأل أن أستهدي صاحبه شيئا، فأبيت، فألح، وبلغني أن لك جارية بثلاثة آلاف دينار، فهوذا
أستهديه إياها، فلا تنقصها من ثلاثين ألف دينار شيئا.
قال: فما شعرت إلا والرجل قد أتى، فساومني بالجارية، فبذل عشرين ألفا، فلنت، فبعتها.
فلما أتيت يحيى، عنفني، ثم قال: وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في نحو هذا، فخذ جاريتك مني، فإذا ساومك، لا تنقصها من خمسين ألف دينار.
قال: فأتاني، فبعتها بثلاثين ألفا، فلما صرت إلى يحيى، قال: ألم نؤدبك ؟ خذ جاريتك.
قلت: قد أفدت بها خمسين ألف دينار، ثم تعود إلي ؟ ! هي حرة، وإني قد تزوجتها.
قيل: إن ولدا ليحيى قال له وهم في القيود: يا أبة بعد الامر والنهي
__________
(1) " الكامل " لابن الاثير 6 / 179، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(9/60)


والاموال صرنا إلى هذا ؟ قال: يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها.
مات يحيى مسجونا بالرقة سنة تسعين ومئة عن سبعين سنة.
فأما جعفر، فكان من ملاح زمانه، كان وسيما أبيض جميلا فصيحا مفوها، أديبا، عذب العبارة، حاتمي السخاء، وكان لعابا غارقا في لذات دنياه، ولي نيابة دمشق، فقدمها في سنة ثمانين ومئة، فكان يستخلف عليها، ويلازم هارون، وكان يقول: إذا أقبلت الدنيا عليك، فأعط، فإنها لا تفنى، وإذا أدبرت، فأعط فإنها لا تبقى.
قال ابن جرير (1): هاجت العصبية بالشام، وتفاقم الامر، فاغتم الرشيد، فعقد لجعفر، وقال: إما أن تخرج أو أخرج، فسار فقتل فيهم، وهذبهم، ولم يدع لهم رمحا ولا قوسا، فهجم الامر (2)، واستخلف على دمشق عيسى بن المعلى، ورد (3).
قال الخطيب: كان جعفر عند الرشيد بحالة لم يشاركه فيها أحد، وجوده أشهر من أن يذكر، وكان من ذوي اللسن والبلاغة، يقال: إنه وقع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، ونظر في جميعها، فلم يخرج شيئا (4) منها عن موجب الفقه.
كان أبوه قد ضمه إلى القاضي أبي
__________
(1) في " تاريخه " 8 / 262.
(2) يقال: هجم الشئ: سكن وأطرق، قال ابن مقبل: حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة * يخشعن في الآل غلفا أو يصلينا وفي " تاريخ الطبري " 8 / 262: فعادوا إلى الامن والطمأنينة، وأطفأ تلك النائرة (3) في " تاريخ الطبري " 8 / 263: واستخلف على الشام عيسى بن العكي، وانصرف.
(4) في تاريخ بغداد: فلم يخرج شئ منها.
(*)

(9/61)


يوسف حتى فقه (1).
وعن ثمامة بن أشرس، قال: ما رأيت أبلغ من جعفر البرمكي والمأمون.
قيل: اعتذر إلى جعفر رجل، فقال: قد أغناك الله بالعذر منا عن الاعتذار إلينا، وأغنانا بالمودة لك عن سوء الظن بك (2) قال جحظة: حدثنا ميمون بن مهران، حدثني الرشيدي، حدثني مهذب حاجب العباس بن محمد - يعني أخا المنصور - أن العباس نالته إضاقة، فأخرج سفطا فيه جوهر بألف ألف، فحمله إلى جعفر، وقال: أريد عليه خمس مئة ألف.
قال: نعم.
وأخذ السفط.
فلما رجع العباس إلى داره، وجد السفط قد سبقه ومعه ألف ألف.
ودخل جعفر على الرشيد،
فخاطبه في العباس، فأمر له بثلاث مئة ألف دينار.
وعن إبراهيم الموصلي، قال: حج الرشيد وجعفر وأنا معهم، فقال لي جعفر: انظر لي جارية لامثل لها في الغناء والظرف.
قال: فأرشدت إلى جارية لم أر مثلها، وغنت، فأجادت، فقال مولاها: لا أبيعها بأقل من أربعين ألف دينار.
قلت: قد أخدتها، فأعجب بها جعفر، فقالت الجارية: يا مولاي في أي شئ أنت ؟ قال: قد عرفت ما كنا فيه من النعمة، فأردت أن تصيري إلى هذا الملك، فتسعدي.
قالت: لو ملكت منك ما ملكت مني، ما بعتك بالدنيا، فاذكر العهد - وقد كان حلف أن لا يأكل لها ثمنا - فتغرغرت عيناه، وقال لجعفر: اشهدوا أنها حرة، وأني قد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 152، و " وفيات الاعيان " 1 / 328، 329.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 153، وابن خلكان 7 / 153.
(*)

(9/62)


تزوجتها، وأمهرتها داري.
فقال جعفر: انهض بنا.
فدعوت الحمالين لنقل الذهب، فقال جعفر: والله لا صحبنا منه درهم.
وقال لمولاها: أنفقه عليكما (1).
قيل: كان في خزائن جعفر دنانير زنة الواحد مئة مثقال، كان يرمي بها إلى أصطحة الناس سكته.
وأصفر من ضرب دار الملوك * يلوح على وجهه جعفر يزيد على مئة واحدا * متى يعطه معسر يوسر (2) وقيل: بل الشعر لابي العتاهية، وكان على الدينار صورة جعفر.
قال صاحب " الاغاني ": أخبرنا عبد الله بن الربيع، حدثني أحمد بن إسماعيل، عن محمد بن جعفر، قال: شهدت أبي يحدث جدي وأنا
صغير، قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين، فأقبل يخترق الحجر حتى انتهينا إلى حجرة، ففتحها، ودخلنا فأغلقها، وقعدنا على باب ونقره، فسمعت صوت عود، فغنت امرأة، فأجادت، فطربت والله، ثم غنت، فرقصنا معا، وخرجنا، فقال لي: أتعرف هذه ؟ قلت: لا، قال: علية أختي، والله لئن لفظت به، لاقتلنك، فقال لي جدي: فقد لفظت به، والله ليقتلنك (3).
وقيل: إن امرأة كلابية أنشدت جعفرا.
إني مررت على العقيق وأهله * يشكون من مطر الربيع نزورا
__________
(1) القصة مطولة في " تاريخ بغداد " 7 / 155.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 156، وقوله " سكته " أي: أنه هو الذي سك تلك الدنانير، والسكة: حديدة منقوشة تضرب عليها النقود.
(3) " الاغاني " 10 / 188، 189 في أخبار علية بنت المهدي.
(*)

(9/63)


ما ضرهم إذ مر فيهم جعفر * أن لا يكون ربيعهم ممطورا (1) قد اختلف في سبب مصرع جعفر على أقوال: فقيل: إن جبريل ابن بختيشوع الطبيب (2) قال: إني لقاعد عند الرشيد، فدخل يحيى بن خالد، وكان يدخل بلا إذن، فسلم، فرد الرشيد ردا ضعيفا، فوجم يحيى، فقال هارون: يا جبريل، يدخل عليك أحد بلا إذن ؟ قلت: لا، قال: فما بالنا ؟ فوثب يحيى، وقال: قدمني الله يا أمير المؤمنين قبلك، والله ما هو إلا شئ حصصتني به، والآن فتبت، فاستحيى الرشيد، وقال: ما أردت ما تكره، ولكن الناس يقولون (3).
وقيل: إن ثمامة قال: أول ما أنكر يحيى بن خالد من أمره أن محمد
ابن الليث رفع رسالة إلى الرشيد يعظه، وفيها: إن يحيى لا يغني عنك من الله شيئا.
فأوقف الرشيد يحيى على الرسالة، وقال: أتعرف محمد بن الليث ؟ قال: نعم، هو منهم على الاسلام، فسجنه، فلما نكبت البرامكة، أحضره، وقال أتحبني ؟ قال: لا والله.
قال: أتقول هذا ؟ قال: نعم، وضعت في رجلي القيد، وحلت بيني وبين عيالي بلا ذنب سوى قول حاسد يكيد الاسلام وأهله، ويحب الالحاد وأهله.
فأطلقه، وقال: أتحبي ؟ قال: لا، ولا أبغضك فأمر له بمئة ألف، وقال: أتحبني ؟ قال:
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 330.
(2) كان طبيب هارون الرشيد وجليسه وخليله، يقال: إن منزلته ما زالت تقوى عند الرشيد حتى قال لاصحابه: من كانت له حاجة إلي، فليخاطب بها جبريل، فإني أفعل كل ما يسألني فيه، ويطلبه مني.
فكان القواد يقصدونه في كل أمورهم، ولما توفي الرشيد خدم الامين، فلما ولي المأمون سجنه، ثم أطلقه وأعاده إلى مكانته عند أبيه الرشيد، فلم يزل إلى أن توفي سنة 213 ه، ودفن في دير مار جرجس بالمدائن.
" طبقات الاطباء ": 187، 201.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 287.
(*)

(9/64)


نعم.
قال: انتقم الله ممن ظلمك، فقال الناس في البرامكة وكثروا (1).
وقيل: إن يحيى دخل بعد على الرشيد، فقال للغلمان: لا تقوموا له.
فأربد لون يحيى (2).
وقيل: بل سبب قتل جعفر أن الرشيد سلم له يحيى بن عبد الله بن حسن العلوي، فرق له، وأطلقه سرا، فجاء رجل ينعته إلى الرشيد، وأنه رآه بحلوان، فأعطى الرجل مالا (3).
وقيل: بل أنشأ جعفر دارا أنفق عليها عشرين ألف ألف درهم، فأسرف.
وقيل: اعتمر يحيى بن خالد، فتعلق بالاستار، وقال: رب ذنوبي عظيمة، فإن كنت معاقبي، فاجعل عقوبتي في الدنيا، وإن أحاط ذلك بسمعي وبصري ومالي وولدي حتى أبلغ رضاك، فقدح الامير ابن ماهان عند الرشيد في موسى بن يحيى بن خالد، وأعلمه طاعة أهل خراسان له، وأنه يكاتبهم، فاستوحش الرشيد منه، وركبه دين، فاختفى من الغرماء، فتوهم الرشيد أنه سار إلى خراسان، ثم ظهر، فسجنه.
فهذا أول نكبتهم، فأتت أمه تلاطف الرشيد، فقال: يضمنه أبوه، فضمنه (4).
وغضب الرشيد أيضا على الفضل بن يحيى لتركه الشرب معه، وكان الفضل يقول: لو علمت أن شرب الماء ينقص مروءتي، لتركته، وكان
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 288.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 288.
(3) " الكامل " لابن الاثير 6 / 175 بأطول مما هنا.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 292، 293، و " الكامل " 6 / 176، 177.
(*)

(9/65)


مشغوفا بالسماع، وكان جعفر ينادم الرشيد، ويأمره أبوه بالاقلال من ذلك، فلا يسمع، وقال يحيى: يا أمير المؤمنين، أنا أكره مداخل جعفر معك، فلو اقتصرت به على الامرة دون العشرة، قال: يا أبت ليس ذا بك، بل تريد أن تقدم الفضل عليه (1).
ابن جرير: حدثنا أحمد بن زهير أظنه عن عمه زاهر " [ بن حرب ] أن سبب هلاك البرامكة أن الرشيد كان لا يصبر عن جعفر، وأخته عباسة،
وكان يحضرهما مجلس الشراب، فيقوم هو فقال: أزوجكها على أن لا تمسها.
قال: فكانا يثملان، ويذهب الرشيد، ويثب جعفر عليها، فولدت منه غلاما، فوجهته إلى مكة، فاختفى الامر، ثم ضربت جارية لها، فوشت بها.
فلما حج الرشيد، هم بقتل الطفل، ثم تأثم من ذلك، فلما وصل إلى الحيرة، بعث إلى مسرور الخادم، ومعه أبو عصمة وأجناد، فأحاطوا بجعفر ليلا، فدخل عليه مسرور، وهو في مجلس لهو، فأخرجه بعنف وقيده بقيد حمار، وأتى به فأمر الرشيد بقتله (2).
وعن مسرور قال: وقع على رجلي يقبلها، وقال: دعني أدخل، فأوصي.
قلت: لا سبيل إلى ذا، فأوص بما شئت، فأوصى، وأعتق مماليكه، ثم ذبحته بعد أن راجعت فيه الرشيد، وجئته برأسه، ووجه الرشيد جندا إلى أبيه، فأحاطوا به وبأولاده ومواليه، وأخذت أموالهم وأملاكهم، وبعثت جثة جعفر إلى بغداد، فصلب، ونودي: ألا لا أمان لمن آوى
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 293.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 294، ولا يصح، فإن أحمد بن زهير، وعمه زاهر لا يعرفان.
(*)

(9/66)


برمكيا، وصلب الرشيد أنس بن أبي شيخ على الزندقة، وكان مختصا بالبرامكة (1).
عن إبراهيم بن المهدي قال: خلا جعفر يوما بندمائه، وأنا فيهم، وتضمخ بالطيب، فجاءه عبدالملك بن صالح، فدخل فاربد وجه جعفر، فدعا عبدالملك غلامه، فنزع سواده وقلنسوته، وأتى مجلسنا، فألبسوه
حريرا، وأطعم وشرب، فقال: والله ما شربته قبل اليوم، فأخف علي، ونادم أحسن منادمة، وسري عن جعفر، وقال: اذكر حوائجك، فإني لا أستطيع مقابلة ما كان منك.
قال: في قلب أمير المؤمنين علي موجدة، فتخرجها.
قال: قد رضي عنك أمير المؤمنين.
قال: وعلي أربعة آلاف ألف.
قال: قضي دينك.
قال: وابني إبراهيم أحب أن أزوجه.
قال: قد زوجه أمير المؤمنين بالعالية بنته.
قال: وأوثر أن يولى بلدا.
قال: قد ولاه أمير المؤمنين مصر.
فخرج، ونحن متعجبون من إقدام جعفر على هذه الامور العظيمة من غير استئذان، وركب إلى الرشيد، فأمضى له الجميع (2).
قال ابن خلكان: بلغ من أمر جعفر أن الرشيد أتخذ له ثوبا له زيقان يلبسه هو وهو، ولم يكن له عنه صبر، وكانت عباسة أخت الرشيد أعز امرأة عليه، فكان متى غابت أو غاب جعفر، تنغص، وقال لجعفر: سأزوجكها لمجرد النظر، فاحذر أن تخلو بها، فزوجه.
فقيل: إنها أحبته، وراودته، فأبى، وأعيتها الحيلة، فبعثت إلى والدة جعفر: أن ابعثيني إلى ابنك كأنني جارية لك، تتحفينه بها، فأبت، فقالت: لئن
__________
(1) " تاريخ الطبري " 7 / 295، 296.
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 330، 331.
(*)

(9/67)


لم تفعلي، لاقولن عنك: إنك دعوتيني إلى هذا، ولئن ولدت من ابنك، ليكونن لكم الشرف، فأجابتها.
قال: فاقتضها، فقالت: كيف رأيت خديعة بنات الخلفاء، فأنا مولاتك، فطار السكر من رأسه، وقام، وقال لامه: بعتيني والله رخيصا.
وحبلت منه، فلما ولدت،
وكلت بالولد خادما ومرضعا، وبعثتهم إلى مكة، ثم وشت بها زبيدة، فحج، وتحقق الامر، فأضمر السوء للبرامكة، وأشار أبو نواس إلى ذلك، فقال: ألا قل لامين الل * ه وابن القادة الساسة إذا ما ناكث سر * ك أن تعدمه راسه فلا تقتله بالسيف * وزوجه بعباسه (1) وسئل سعيد بن سالم عن ذنب البرامكة، فقال: ما كان منهم بعض ما يوجب ما فعل الرشيد، لكن طالت أيامهم، وكل طويل يمل.
وقيل: رفعت قصة إلى الرشيد فيها: قل لامين الله في أرضه * ومن إليه الحل والعقد هذا ابن يحيى قد غدا مالكا * مثلك ما بينكما حد أمرك مردود إلى أمره * وأمره ما إن له رد وقد بنى الدار التي ما بنى ال * فرس لها مثلا ولا الهند الدر والياقوت حصباؤها * وتربها العنبر والند ونحن نخشى أنه وارث * ملكك إن غيبك اللحد فقرأها، وأثرت فيه (2).
__________
(1) الخبر بطوله في " وفيات الاعيان " 1 / 332، 334.
(2) ابن خلكان 1 / 335، 336.
(*)

(9/68)


وقيل: إن أخته قالت له: ما رأيت لك سرورا منذ قتلت جعفرا، فلم قتلته ؟ قال: لو علمت أن قميصي يعلم السبب، لمزقته (1) عن محمد بن عبدالرحمن الهاشمي خطيب الكوفة، قال: دخلت
على أمي يوم الاضحى، وعندها عجوز في أثواب رثة، فقالت: تعرف هذه ؟ قلت: لا، قالت: هذه والدة جعفر البرمكي، فسلمت عليها، ورحبت بها، وقلت: حدثينا ببعض أمركم.
قالت: لقد هجم علي مثل هذا العيد، وعلى رأسي أربع مئة جارية، وأنا أزعم أن أبني عاق لي، وقد أتيتكم يقنعني جلد شاتين، أجعل أحدهما فراشا لي (2).
قال: فأعطيتها خمس مئة درهم.
فكادت تموت فرحا.
لم يزل يحيى وآله محبوسين وحالهم حسنة إلى أن سخط الرشيد على ابن عمه عبدالملك بن صالح، فعمهم بسخطه، وجدد لهم التهمة، وضيق عليهم (3).
ودامت جثة جعفر معلقة مدة، وعلقت أطرافه بأماكن، ثم أحرقت.
وقيل: لم يحبس محمد بن يحيى.
وفي تاريخ ابن خلكان: أن الرشيد دعا ياسرا غلامه، فقال: قد انتخبتك لامر لم أر له الامين ولا المأمون، فحقق ظني.
قال: لو أمرتني بقتل نفسي، لفعلت.
قال: ائتني برأس جعفر، فوجم لها، قال: ويلك ما لك ؟ قال: الامر عظيم، ليتني مت قبل هذا.
قال:
__________
(1) ابن خلكان 1 / 336.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 156، 157.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 297، و " الكامل " 6 / 179.
(*)

(9/69)


امض، ويلك.
فمضى، فأتى جعفرا، فقال: يا ياسر سررتني [ بإقبالك ] لكن سؤتني بدخولك بلا إذن.
قال: الامر وراء ذلك يا
جعفر، قد أمرت بكذا، قال المسكين - وأقبل يقبل قدمه، وقال: دعني أدخل وأوصي.
قال: لا سبيل إلى ذلك، فأوص.
فقال: لي عليك حق، فارجع إلى أمير المؤمنين، وقل: قتلته، فإن ندم، كانت حياتي على يدك.
قال: لا أقدر، قال: فآتي معك إلى مخيمه، وأسمع كلامه، وقولك له.
قال: أما هذا، فنعم.
وذهب به، فلما دخل ياسر، قال: ما وراءك ؟ فذكر له قول جعفر، فشتمه، وقال: لئن راجعتني، لاقدمنك قبله.
فخرج، وضرب عنقه، وأتاه برأسه، فقال: يا ياسر، جئني بفلان وفلان.
فلما أتاه بهما، قال اضربا عنقه، فإني لا أقدر أرى قاتل جعفر (1).
وقال أبو العتاهية: قولا لمن يرتجي الحياة أما * في جعفر عبرة ويحياه كانا وزيري خليفة الله ها * رون هما ما هما وزيراه فذالكم جعفر برمته * في حالق رأسه ونصفاه والشيخ يحيى الوزير أصبح قد * نحاه عن نفسه وأقصاه شئت بعد الجميع شملهم * فأصبحوا في البلاد قد تاهوا كذاك من يسخط الاله بما * يرضي به العبد يجزه الله سبحان من دانت الملوك له * نشهد أن لا إله إلا هو طوبى لمن تاب قبل عثرته * فتاب قبل الممات طوباه (2)
__________
(1) ابن خلكان 1 / 338.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 301، 302.
(*)

(9/70)


قال المحدث عبد الله بن روح المدائني: ولدت يوم قتل جعفر
ابن يحيى، وهو أول صفر سنة سبع وثمانين ومئة، عاش سبعا وثلاثين سنة، ومات أخوه الفضل (1) في سنة اثنتين وتسعين ومئة، وكان أخا للرشيد من الرضاعة، وأمه بربرية وكان قد ولي إمرة خراسان، وكان من نبلاء الرجال، وكان أكرم وأجود من جعفر، لكنه كان ذا تيه، وكبر عظيم، وصل مرة عمرو بن جميل التميمي ألف ألف درهم، وعاش خمسا وأربعين سنة، وله عدة إخوة.

19 - يزيد بن مزيد * ابن زائدة، أمير العرب، أبو خالد الشيباني، أحد الابطال والاجواد، وهو ابن أخي الامير معن بن زائدة، ولي اليمن، ثم ولي أذربيجان وأرمينية للرشيد، وقتل رأس الخوارج الوليد بن طريف (2)، وكان يزيد مع فرط شجاعته وكرمه من دهاة العرب، وتمت له حروب مع الوليد حتى إنه بارزه بنفسه، فتصاولا نحو ساعتين، وتعجب منهما الجمعان، ثم ضرب رجل الوليد، فسقط، وكلاهما من بني شيبان.
وقيل: إن الرشيد قال له: يا يزيد، ما أكثر أمراء المؤمنين في قومك.
قال: نعم، إلا أن منابرهم الجذوع (3).
__________
(1) مترجم في " تاريخ بغداد " 12 / 334، و " وفيات الاعيان " 4 / 27، " الطبري " 8 / 257، 260، " العبر " 1 / 309، النجوم الزاهرة 2 / 140، شذرات الذهب 1 / 330.
* المعارف: 413، جمهرة الانساب 307 تاريخ بغداد 14 / 334، وفيات الاعيان 6 / 327، مرآة الجنان 1 / 400، خزانة الادب 3 / 54، هبة الايام للبديعي: 211، 215.
(2) انظر أخباره في " وفيات الاعيان " 6 / 31.
(3) يعني: الجذوع التي يصلبون عليها إذا قتلوا.
(*)

(9/71)


وقيل: إن الرشيد أعطاه لما بعثه لحرب الوليد " ذو الفقار " وقال: ستنصر به.
فقال مسلم بن الوليد: أذكرت سيف رسول الله سنته * وبأس أول من صلى ومن صاما (1) يعني: عليا رضي الله عنه.
قال الاصمعي: رأيت الرشيد متقلدا سيفا، فقال: ألا أريك " ذو الفقار " ؟ قلت: بلى، قال: استل سيفي.
فاستللته، فرأيت فيه ثماني عشرة فقارة.
ولمنصور بن الوليد (2): لو لم يكن لبني شيبان من حسب * سوى يزيد لفاتوا الناس بالحسب قيل: نظر يزيد إلى لحية عظيمة مخضوبة، فقال لصاحبها: أنت من لحيتك في مؤنة، قال: أجل، ولذلك أقول: لها درهم للطيب في كل ليلة * وآخر للحناء يبتدران ولولا نوال من يزيد بن مزيد * لصوت في حافاتها الجلمان (3)
__________
(1) يعني بأس علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ كان هو الضارب به، والبيت في " ديوانه " ص 66 من قصيدة مطلعها: طيف الخيال حمدنا منك إلماما * داويت سقما، وقد هيجت أسقاما (2) كذا الاصل وهو خطأ صوابه: منصور بن الزبرقان بن سلمة النمري الشاعر المشهور المتوفى نحو 190 ه.
والبيت من قصيدة طويلة له أورد منها أبو الفرج في " الاغاني " ثمانية أبيات 13 / 115 في ترجمته، وانظر " تاريخ بغداد "، 13 / 67، وابن خلكان 6 / 336، و " طبقات ابن المعتز ": 242.
(3) الجلمان - بفتح الجيم واللام - تثنية جلم، وهو المقص - والخبر أورده المبرد في " الكامل " 2 / 470 ت الدكتور زكي المبارك.
وفيه: " في كل جمعة " بدل كل ليلة.
(*)

(9/72)


وبلغنا أن يزيد بن مزيد أهديت له جارية، فاقتضها، فمات على صدرها ببرذعة (1)، سنة خمس وثمانين ومئة، وخلف ابنيه الاميرين خالدا ومحمدا.
ولمسلم فيه مدائح بديعة.

20 - أبو معاوية * (ع) محمد بن خازم مولى بني سعد، بن زيد مناة، بن تميم، الامام الحافظ الحجة، أبو معاوية السعدي الكوفي الضرير، أحد الاعلام.
قال أحمد وجماعة: ولد سنة ثلاث عشرة ومئة.
وعمي وهو ابن أربعة سنين، فأقاموا عليه مأتما، قاله أبو داود.
ويقال: عمي ابن ثمان سنين.
حدث عن: هشام بن عروة، وعاصم الاحول، ويحيى بن سعيد الانصاري، والاعمش، وسهيل، وإسماعيل بن أبي خالد، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وداود بن أبي هند، وعبيد الله بن عمر، وأبي مالك الاشجعي، وأبي إسحاق الشيباني، ومحمد بن سوقة،
__________
(1) مدينة من أقصى بلاد أذربيجان.
* التاريخ لابن معين: 512، 513، طبقات ابن سعد 6 / 392، طبقات خليفة: ت 1304، التاريخ الكبير 1 / 74،، المعارف: 510، الجرح والتعديل 7 / 246، مشاهير علماء الامصار: ت 1368، تهذيب الكمال: لوحة 1191، تذهيب التهذيب 3 / 200 / 1، العبر 1 / 318، ميزان الاعتدال 4 / 575، تذكرة الحفاظ 1 / 294، الكاشف
3 / 27، دول الاسلام 1 / 123، نكت الهميان: 247، شرح العلل لابن رجب 2 / 669، تهذيب التهذيب 9 / 137، النجوم الزاهرة 2 / 148، طبقات الحفاظ: 122، خلاصة تذهيب الكمال: 334.
(*)

(9/73)


والكلبي، وسعد بن طريف الاسكاف، وإسماعيل بن مسلم المكي، وبشار بن كدام، وجعفر بن برقان، وجويبر بن سعيد، وحجاج بن أرطاة، والحسن بن عمرو الفقيمي، وخالد بن إلياس، وسعد بن سعيد، وعمرو بن ميمون بن مهران، وأبي بردة عمرو بن يزيد، وقنان ابن عبد الله، وليث بن أبي سليم، وخلق كثير.
وعنه: ابنه إبراهيم، وابن جريج شيخه، والاعمش شيخه، ويحيى ابن سعيد القطان، ويحيى بن يحيى، وعمرو بن عون، وأحمد بن يونس، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وإسحاق وأبو كريب، وابنا أبي شيبة، وعلي، وأبو خيثمة، وسعيد بن منصور، وابن نمير، وهناد، وقتيبة، وعلي بن محمد الطنافسي، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد ابن منيع، وعلي بن حرب، وأخوه أحمد بن حرب، وأحمد بن سنان، والحسن بن عرفة، والحسن بن محمد الزعفراني، وسهل بن زنجلة، وصدقة بن الفضل، وسعدان بن نصر، وعبد الرحمن بن محمد الطرسوسي، وعلي بن إشكاب، ومحمد بن إسماعيل الحساني، ومحمد بن إسماعيل الاحمسي، ومحمد بن طريف، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن المثنى العنزي، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ويعقوب الدورقي، وخلق كثير خاتمتهم أحمد بن عبد الجبار العطاردي.
سئل أحمد عن أبي معاوية وجرير في الاعمش، فقدم أبا معاوية.
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان أبو معاوية إذا سئل عن أحاديث الاعمش، يقول: قد صار حديث الاعمش في فمي علقما أو أمر لكثرة ما تردد عليه، ثم قال أبي: أبو معاوية في غير حديث

(9/74)


الاعمش مضطرب، لا يحفظها حفظا جيدا، وسمعت أبي يقول: كان والله حافظا للقرآن.
وقال يحيى بن معين: هو أثبت من جرير في الاعمش.
قال: وروى أبو معاوية عن عبيد الله أحاديث مناكير.
وقال: هو أثبت أصحاب الاعمش بعد سفيان وشعبة.
أحمد بن زهير، عن ابن معين، قال لنا وكيع: من تلزمون ؟ قلنا: نلزم أبا معاوية.
قال: أما إنه كان يعد علينا في حياة الاعمش ألفا وسبع مئة.
فقلت لابي معاوية: إن وكيعا قال كذا وكذا.
فقال: صدق، ولكني مرضت مرضة، فأنسيت أربع مئة.
عباس، عن يحيى، قال أبو معاوية: حفظت من الاعمش ألفا وست مئة، فمرضت مرضة، فذهب عني منها أربع مئة، قال يحيى: كان عنده ألف ومئتان.
وعند وكيع عن الاعمش ثمان مئة.
قلت ليحيى: كان أبو معاوية أحسنهم حديثا عن الاعمش ؟ قال: كانت تلك الاحاديث الكبار العالية عنده (1).
قال علي بن المديني: كتبنا عن أبي معاوية عن الاعمش ألفا وخمس مئة حديث، وكان عند جرير ألف ومئتان عن الاعمش، وكان عند الاعمش ما لم يكن عند أبي معاوية أربع مئة ونيف وخمسون حديثا.
محمود بن غيلان، عن أبي نعيم: سمعت الاعمش يقول لابي معاوية: أما أنت، فقد ربطت رأس كيسك.
ومحمود بن غيلان: سمعت شبابة يقول: جاء أبو معاوية إلى
__________
(1) " تاريخ ابن معين ": 512.
(*)

(9/75)


مجلس شعبة، فقال: يا أبا معاوية، سمعت حديث كذا من الاعمش ؟ قال: نعم.
فقال شعبة: هذا صاحب الاعمش، فاعرفوه.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا نعيم يقول: لزم أبو معاوية الاعمش عشرين سنة.
وقال أحمد بن عمر الوكيعي: ما أدركنا أحدا كان أعلم بأحاديث الاعمش من أبي معاوية.
قال أحمد بن داود الحراني: سمعت أبا معاوية يقول: البصراء كانوا عيالا علي عند الاعمش.
وقال ابن عمار: سمعت أبا معاوية يقول: كل حديث أقول فيه " حدثنا "، فهو ما حفظته من في المحدث، وما قلت: ذكر فلان، فهو ما لم أحفظه من فيه، وقرئ عليه من كتاب، فحفظته وعرفته.
قال العجلي: كوفي ثقة، يرى الارجاء (1) وكان لين القول فيه.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، ربما دلس، كان يرى الارجاء، فيقال: إن وكيعا لم يحضر جنازته لذلك.
وقال أبو داود: كان رئيس المرجئة بالكوفة.
وقال النسائي: ثقة.
وقال ابن خراش: صدوق، وهو في الاعمش ثقة، وفي غيره فيه
اضطراب.
__________
(1) قد تقدم غير مرة أن هذا لا يعد قدحا في حق القائل به عند الجهابذة النقاد من المحدثين.
(*)

(9/76)


وقال ابن حبان: كان حافظا متقنا، ولكنه كان مرجئا خبيثا.
وقال جرير بن عبدالحميد، كنا نرقع الحديث عند الاعمش، ثم نخرج، فلا يكون أحد أحفظ منا لحديثه من أبي معاوية.
وكان هارون الرشيد يجل أبا معاوية، ويحترمه، قيل: إنه أكل عنده، فغسل يديه، فكان الرشيد هو الذي صب على يده، وقال: تدري يا أبا معاوية من يصب عليك ؟ ثم وصله بذهب كثير.
قال محمد بن عبد الله بن نمير: مات أبو معاوية سنة أربع وتسعين ومئة.
وقال علي بن المديني وجماعة: مات سنة خمس وتسعين، وزاد بعضهم: في صفر أو أول ربيع الاول.
أخبرنا أبو الغنائم بن محاسن، أخبرنا جدي عبد الله بن أبي نصر القاضي، أخبرنا عيسى بن أحمد، حدثنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الله ابن يحيى، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الاحول، عن ابن سيرين، عن تميم الداري أنه قرأ القرآن في ركعة (1).
أخبرنا عبدالمؤمن بن خلف الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الله
__________
(1) وأخرجه الطحاوي 1 / 205، وابن أبي داود في " المصاحف " من غير وجه عن عاصم بهذا الاسناد، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن عمرو: " اقرأ القرآن في كل
شهر " قال: قلت: إني أجد قوة، قال: " فاقرأه في عشرين ليلة " قال: قلت: إني أجد قوة، قال: " فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك " أخرجه البخاري 9 / 84، ومسلم (1159)، ولابي داود (1394)، والترمذي (2950) بسند صحيح، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ".
(*)

(9/77)


ابن أبي السهل، ومحمد بن علي بن السباك، وعلي بن سالم، قالوا: أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز قالا: أخبرنا أبو القاسم الربعي، زاد ابن شاتيل، فقال: وأخبرنا الحسين بن علي، قالا: أخبرنا محمد بن محمد البزاز، حدثنا محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير بن عبد الله، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل، وقال: " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين ظهري المشركين " قالوا: يارسول الله، ولم ؟ قال: " لا تراءى ناراهما " (1).

21 - أبو معاوية الاسود * من كبار أولياء الله، صحب سفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم،
__________
(1) وأخرجه أبو داود (2645) في الجهاد: باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، والترمذي (1604) في السير: باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، كلاهما من طريق هناد بن السري، عن أبي معاوية بهذا الاسناد، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن أكثر أصحاب إسماعيل وهو ابن أبي خالد لم يذكروا فيه جريرا.
ورجح البخاري وغيره المرسل، لكن الحديث ثابت من غير وجه، فقد أخرج النسائي 7 / 148، وأحمد 4 / 365، والبيهقي 9 / 13، من طريق أبي وائل عن أبي نخيلة أو نحيلة البجلي،
قال: قال جرير: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع، فقلت: يارسول الله ابسط يدك حتى أبايعك، واشترط علي فأنت أعلم، قال: " أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين ".
وإسناده صحيح، وفي الباب عن سمرة بن جندب مرفوعا: " من جامع المشرك وسكن معه، فإنه مثله " أخرجه أبو داود (2787) في آخر كتاب الجهاد.
وعن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: " لا يقبل الله من مشرك بعدما أسلم عملا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين ".
أخرجه النسائي 5 / 83، وابن ماجة (2536)، وسنده حسن، وصححه الحاكم 4 / 600، ووافقه الذهبي.
* حلية الاولياء 8 / 271.
(*)

(9/78)


وغيرهما، وكان يعد من الابدال.
وقيل: إنه ذهب بصره، فكان إذا أراد التلاوة في المصحف، أبصر بإذن الله.
قال أحمد بن أبي الحواري: جاء إلى أبي معاوية الاسود جماعة، ثم قالوا: ادع الله لنا.
فقال: اللهم ارحمني بهم، ولا تحرمهم بي.
قال أحمد بن فضيل العكي: غزا أبو معاوية الاسود، فحضر المسلمون حصنا فيه علج لا يرمي بحجر ولا نشاب إلا أصاب، فشكوا إلى أبي معاوية، فقرأ: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) [ الانفال: 17 ] استروني منه، فلما وقف، قال: أين تريدون بإذن الله ؟ قالوا: المذاكير.
فقال: أي رب، قد سمعت ما سألوني، فأعطني ذلك: بسم الله، ثم رمى المذاكير، فوقع.
قال أبو داود: لما مات علي بن الفضيل، حج أبو معاوية الاسود من
طرسوس ليعزي الفضيل.
ومن كلامه: من كانت الدنيا همه، طال غدا غمه، ومن خاف ما بين يديه، ضاق به ذرعه، وله مواعظ وحكم.

22 - إبراهيم الموصلي * رئيس المطربين، أبو إسحاق إبراهيم، بن ماهان، بن بهمن،
__________
* الاغاني 5 / 154 - 258، تاريخ بغداد 6 / 175، وفيات الاعيان 1 / 42، 43، العبر 1 / 420، مرآة الجنان 1 / 420، البداية 10 / 200، النجوم الزاهرة 2 / 126، شذرات الذهب 1 / 318.
(*)

(9/79)


الفارسي الاصل، الارجاني (1)، مولى بني حنظلة.
صحب بالكوفة فتيانا في طلب الغناء، فاشتد عليه أخواله، فهرب إلى الموصل.
وكان ماهان قدم من أرجان، وهذا حمل، فولد بالكوفة سنة خمس وعشرين ومئة.
فبرع في الآداب والشعر والموسيقى، وسافر في تطلب ذلك إلى أن برع واشتهر، وبعد صيته، واتصل بالخلفاء والبرامكة.
وحصل الاموال، وكان ندي الصوت جدا، ماهرا بالعود، لعابا مترفا، سامحه الله.
وله أخبار في " الاغاني " (2).
وهو والد العلامة الاديب إسحاق الموصلي.
مات سنة ثمان وثمانين ومئة.
قاله عمر بن شبة.
ويقال: عاش إلى [ ما ] بعد الثمانين.

23 - المعافى * (خ، د، س) المعافى بن عمران، بن نفيل، بن جابر، بن جبلة، الامام، شيخ
الاسلام، ياقوتة العلماء، أبو مسعود الازدي الموصلي الحافظ.
__________
(1) نسبة إلى أرجان بتشديد الراء: مدينة بين فارس والاهواز.
(2) 5 / 154 - 258.
* طبقات ابن سعد 7 / 487، طبقات خليفة: ت 3102، التاريخ الكبير 8 / 60، الجرح والتعديل 8 / 399، مشاهير علماء الامصار: ت 1489، تاريخ بغداد 13 / 226، تهذيب الكمال: لوحة 1340، تذهيب التهذيب 4 / 48 / 2، العبر 1 / 291، ميزان الاعتدال 4 / 134، تذكرة الحفاظ 1 / 287، الكاشف 3 / 155، دول الاسلام 1 / 118، تهذيب التهذيب 10 / 199، النجوم الزاهرة 2 / 117، طبقات الحفاظ: 120، خلاصة تذهيب الكمال: 380، شذرات الذهب 1 / 308، منية الادباء: 119.
(*)

(9/80)


ولد سنة نيف وعشرين ومئة.
وسمع هشام بن حسان، وجعفر بن برقان، وحنظلة بن أبي سفيان، وابن جريج، وثور بن يزيد، وسيف بن سليمان المكي، وأفلح بن حميد، وموسى بن عبيدة، والاوزاعي، وابن أبي عروبة، وعمر بن ذر، ومحل بن محرز الضبي، والثوري، ومسعر بن كدام، وعبد الحميد بن جعفر، ويونس بن أبي إسحاق، ومالك بن مغول، وخلقا من طبقتهم.
وكان من أئمة العلم والعمل، قل أن ترى العيون مثله.
حدث عنه: موسى بن أعين، وابن المبارك، وبقية بن الوليد، ووكيع بن الجراح، - وهم من جيله - وبشر بن الحارث، والحسن بن بشر، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، ومحمد بن جعفر الوركاني، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وعبد الله بن أبي خداش، ومحمد بن أبي سمينة، ومسعود بن جويرية، وهشام بن بهرام المدائني، وأبو هاشم محمد بن علي
الموصلي، وولده أحمد بن المعافى، وعبد الوهاب بن فليح المكي، وموسى ابن مروان الرقي، وعدة.
وقد ساق الحافظ يزيد بن محمد الازدي في " تاريخ الموصل " له ترجمة المعافى، في عشرين ورقة، فمن ذلك قال: حدثنا موسى بن هارون الزيات، حدثنا أحمد بن عثمان، سمعت أحمد بن داود الحداني، حدثنا عيسى بن يونس قال: خرج علينا الاوزاعي، ونحن ببيروت، أنا، والمعافى بن عمران، وموسى بن أعين، ومعه كتاب " السنن " لابي خلتقمر، فقال: لو كان هذا الخطأ في أمة، لاوسعهم خطأ، ثم قال يزيد بن محمد: صنف المعافي في الزهد والسنن والفتن والادب وغير ذلك.

(9/81)


قال أحمد بن يونس: كان سفيان الثوري يقول: المعافى بن عمران ياقوتة العلماء.
وقال بشر بن الحارث: إني لاذكر المعافى اليوم، فانتفع بذكره، وأذكر رؤيته فانتفع.
وقال وكيع: حدثنا المعافى، وكان من الثقات.
وعن بشر الحافي قال: كان ابن المبارك يقول: حدثني الرجل الصالح - يعني المعافى -.
وروى أحمد بن عبد الله بن يونس، عن سفيان الثوري قال: امتحنوا أهل الموصل بالمعافى.
ويروى عن الاوزاعي أنه قال: لا أقدم على المعافى الموصلي أحدا.
وقال محمد بن سعد: كان المعافي ثقة خيرا فاضلا صاحب سنة.
بشر بن الحارث: سمعت المعافى يقول: سمعت الثوري يقول: إذا
لم يكن لله في العبد حاجة، نبذه إلى السلطان.
قال بشر بن الحارث: كان المعافى يحفظ الحديث والمسائل، سألته عن الرجل يقول للرجل: اقعد هنا ولا تبرح.
قال: يجلس حتى يأتي وقت صلاة، ثم يقول.
وقال محمد بن عبد الله بن عمارة: [ رأيت ] المعافى بن عمران - ولم أر أفضل منه - يسأل عن تجصيص القبور، فكرهه (1).
__________
(1) في " صحيح مسلم " (970) من حديث جابر بن عبد الله، قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه ".
(*)

(9/82)


علي بن مضاء: حدثنا هشام بن بهرام، سمعت المعافى يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
وقال الهيثم بن خارجة: ما رأيت رجلا آدب من المعافى بن عمران، وبلغنا أن المعافى كان أحد الاسخياء الموصوفين، أفنى ماله الجود، كان إذا جاءه مغله، أرسل منه إلى أصحابه ما يكفيهم سنة، وكانوا أربعة وثلاثين رجلا.
قلت: كان من وجوه الازد.
قال بشر الحافي: كان المعافى في الفرح والحزن واحدا، قتلت الخوارج له ولدين، فما تبين عليه شئ، وجمع أصحابه، وأطعمهم، ثم قال لهم: آجركم الله في فلان وفلان.
رواها جماعة عن بشر.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: كنت عند عيسى بن يونس، فقال: أسمعت من المعافى ؟ قلت: نعم.
قال: ما أحسب أحدا رأى المعافى وسمع من غيره يريد بعلمه الله تعالى.
قال بشر بن الحارث: سمعت المعافى يقول: أجمع العلماء على كراهة السكنى - يعني ببغداد.
وقيل لبشر: نراك تعشق المعافى.
قال: وما لي لا أعشقه، وقد كان سفيان الثوري يسميه الياقوتة.
قال علي بن حرب الطائي: رأيت المعافى أبيض الرأس واللحية، عليه قميص غليظ، وكمه يبين منه أطراف أصابعه.
قال يحيى بن معين: المعافى ثقة.

(9/83)


قال بشر الحافي: كان المعافى صاحب دنيا واسعة وضياع كثيرة، قال مرة رجل: ما أشد البرد اليوم، فالتفت إليه المعافى، وقال: أستدفأت الآن ؟ لو سكت، لكان خيرا لك.
قلت: قول مثل هذا جائز، لكنهم كانوا يكرهون فضول الكلام، واختلف العلماء في الكلام المباح، هل يكتبه الملكان، أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر، والمذموم الذي فيه تبعة ؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ ق: 18 ] ثم ليس إلى الملكين اطلاع على النيات، والاخلاص، بل يكتبان النطق، وأما السرائر الباعثة للنطق، فالله يتولاها.
وقد أوصى المعافى - رحمه الله - أولاده بوصية نافعة تكون نحوا من كراس.
وقد وقع لنا من عواليه، وله مسند صغير سمعناه.
أخبرنا السيد الحافظ تاج الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد المحسن العلوي الغرافي، بقراءتي عليه بالاسكندرية في شهر رمضان سنة
خمس وتسعين وست مئة قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن خلف القطيعي قراءة عليه ببغداد في سنة اثنتين وثلاثين وست مئة وأنا في الخامسة، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيدالله بن نصر بن السري المجلد (ح) وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد الزاهد، أخبرنا الامام شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردي سنة عشرين وست مئة، أخبرنا هبة الله بن أحمد القصار، قالا: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد ابن علي الزينبي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبدالرحمن بن العباس المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا محمد - يعني ابن أبي

(9/84)


سمينة - حدثنا المعافى بن عمران، عن صالح بن أبي الاخضر، عن الزهري، عن أنس، قال: " كنت أسكب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءه عن جميع أزواجه في الليلة الواحدة " هذا حديث حسن الاسناد، أخرجه ابن ماجة (1) من حديث وكيع عن صالح.
توفي المعافى فيما قاله سلمة بن أبي نافع ومحمد بن عبد الله بن عمار سنة خمس وثمانين ومئة.
وقال الهيثم بن خارجة، ورباح بن الجراح - شيخ لحاتم بن الليث: توفي سنة ست وثمانين ومئة.
وأما علي بن حسين الخواص، فقال: مات سنة أربع وثمانين ومئة.
ومما رواه المعافى بن عمران، عن سفيان، عن حجاج بن فرافصة، عن بديل، قال: من عرف الله عزوجل، أحبه، ومن أبصر
__________
(1) رقم (589) في الطهارة: باب ما جاء فيمن يغتسل من جميع نسائه غسلا واحدا.
بلفظ " وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلا، فاغتسل من جميع نسائه في ليلة ".
وصالح
ابن أبي الاخضر ضعيف، ضعفه ابن معين، والنسائي، والبخاري، وغيرهم كما في " ميزان " المؤلف، فالسند ضعيف، وليس بحسن، لكن الحديث ثبت من وجه آخر، عن أنس، فقد أخرجه مسلم في " صحيحه " (309) في الحيض: باب جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له،..من طريق شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد.
وأخرجه النسائي 1 / 143 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن حميد، عن أنس، وأخرجه عبد الرزاق (1061)، ومن طريقه ابن خزيمة (230)، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، وأخرجه ابن ماجة (588) من طريقين عن سفيان، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، وأخرج ابن خزيمة (231) من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس ابن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه في الساعة من الليل والنهار بغسل واحد، وهي إحدى عشرة، قال: فقلت لانس: وهل كان يطيق ذلك ؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا، وأخرجه البخاري 1 / 324 في الغسل: باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد، لكن ليس فيه " بغسل واحد ".
(*)

(9/85)


الدنيا، زهد فيها، والمؤمن لا يلهو حتى يغفل، فإذا تذكر حزن.

24 - [ المعافى بن عمران الحمصي ] * أما المعافى بن عمران الحمصي، فهو المحدث أبوعمران الحميري الظهري.
يروي عن: عبد العزيز الماجشون، ومالك بن أنس، وعبد الله بن لهيعة، وشعيب بن رزيق، وإسماعيل بن عياش.
حدث عنه: كثير بن عبيد، وأبو التقي هشام اليزني، ويزيد بن عبد ربه، ومحمد بن مصفى، وسعيد بن عمرو السكوني، ومزداد بن جميل،
وأبو حميد أحمد بن محمد العوهي، وآخرون.
ذكره ابن حبان في الثقات.
وهو صدوق إن شاء الله، لا شئ له في الكتب الستة.
مات بعد المئتين.

25 - أبو ضمرة * * (ع) الامام المحدث الصدوق المعمر بقية المشايخ، أبو ضمرة أنس بن عياض، الليثي المدني.
__________
(1) الجرح والتعديل 8 / 400، تهذيب الكمال: لوحة 1341، تذهيب التهذيب 4 / 49 / 2، ميزان الاعتدال 4 / 134، المغني في الضعفاء 2 / 665، تهذيب التهذيب 10 / 200، خلاصة تذهيب الكمال: 380.
* * التاريخ لابن معين: 43، طبقات خليفة: 276، التاريخ الكبير 2 / 32، التاريخ الصغير 2 / 288، تاريخ الفسوي 1 / 190، الجرح والتعديل 2 / 289، مشاهير علماء الامصار: ت 1122، تهذيب الكمال: لوحة 124، تذهيب التهذيب 1 / 73 / 1، العبر 1 / 332، دول الاسلام: 126، تذكرة الحفاظ 1 / 323، الكاشف 1 / 140، تهذيب التهذيب 1 / 375، طبقات الحفاظ: 135 خلاصة تذهيب الكمال: 40، شذرات الذهب 1 / 358.
(*)

(9/86)


مولده سنة أربع ومئة.
حدث عن: صفوان بن سليم، وأبي حازم الاعرج، وسهيل بن أبي صالح، وربيعة الرأي، وشريك بن أبي نمر، وهشام بن عروة، وعدة.
وعمر دهرا، وتفرد في زمانه.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأحمد بن صالح، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وخلق كثير.
وروى عنه من أقرانه بقية بن الوليد.
قال أبو زرعة والنسائي: لا بأس به.
وقال يونس بن عبدالاعلى: ما رأيت أحدا أحسن خلقا من أبي ضمرة - رحمه الله - ولا أسمح بعلمه منه، قال لنا: والله لو تهيأ لي أن أحدثكم بكل ما عندي في مجلس، لفعلت.
قلت: عاش ستا وتسعين سنة، توفى سنة مئتين.
وقع لي من عواليه: أخبرتنا خديجة بنت الرضى، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله، أخبرنا عبد الغفار الشيرويي (1)، أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا أبو العباس الاصم، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: " والله ما ترك رسول اله صلى الله عليه وسلم ركعتين عندي بعد العصر قط " (2).
__________
(1) نسبة إلى جده شيرويه.
(2) إسناده صحيح، وقد رواه من غير وجه عن عائشة البخاري 2 / 52 في مواقيت الصلاة: باب ما يصلى بعد العصر، ومسلم (833) و (835) في صلاة المسافرين: باب = (*)

(9/87)


26 - حكام بن سلم * (م، 4) الامام الصادق أبو عبد الرحمن الكناني الرازي.
سمع حميدا الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان، وطبقتهم.
حدث عنه: يحيى بن معين، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، ومحمد بن عمرو زنيج، ومحمد بن حميد الرازيان، والحسن بن محمد
الزعفراني، وموسى بن نصر، وآخرون.
وكان من نبلاء العلماء.
وثقه أبو حاتم وغيره.
مات سنة تسعين ومئة بمكة، وكان قد قدم للحج، وحدث ببغداد في السنية، توفي قبل يوم عرفة.

27 - ابن الامام * * نائب دمشق، الامير محمد بن الامام إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، الهاشمي.
__________
= معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر، وأبو داود (1279) في الصلاة: باب الصلاة بعد العصر، والنسائي 1 / 280 و 281 في المواقيت: باب الرخصة في الصلاة بعد العصر.
* التاريخ لابن معين: 123، طبقات ابن سعد 7 / 381، طبقات خليفة 3168، تهذيب الكمال لوحة 310، تذهيب التهذيب 1 / 166 / 1، العبر 1 / 303، الكاشف 1 / 244، تهذيب التهذيب 2 / 422، خلاصة تذهيب الكمال: 98، شذرات الذهب 1 / 325.
* * المعارف: 376، تاريخ بغداد 1 / 384، الكامل لابن الاثير 6 / 171، العبر 1 / 292، شذرات الذهب 1 / 309، العقد الثمين 1 / 401 - 404.
(*)

(9/88)


ولي دمشق لابن عمه المهدي، ثم للرشيد، وولي مكة والموسم، وكان كبير الشأن، يذكر للخلافة.
حدث عن جعفر الصادق، وعن المنصور.
روى عنه ابنه موسى، وحفيده عبد الصمد، وغيرهما.
وهو راوي حديث " أكرموا الشهود " (1).
وما علمت أحدا تجاسر على
تضعيف هؤلاء الامراء لمكان الدولة.
عاش ثلاثا وستين سنة، وتوفي ببغداد سنة خمس وثمانين ومئة.

28 - يحيى بن خالد * ابن برمك الوزير الكبير، أبو علي الفارسي.
من رجال الدهر حزما ورأيا وسياسة وعقلا، وحذقا بالتصرف، ضمه المهدي إلى ابنه الرشيد ليربيه، ويثقفه، ويعرفه الامور، فلما استخلف، رفع قدره، ونوه باسمه، وكان يخاطبه: يا أبي، ورد إليه مقاليد الوزارة،
__________
(1) أخرجه الخطيب البغدادي 10 / 300، وفيه عبد الصمد بن علي، قال المؤلف في " الميزان ": هذا منكر، وما عبد الصمد بحجة، ولعل الحافظ إنما سكتوا عند مداراة للدولة.
ونقل الفتني في " تذكرة الموضوعات " ص 186، والشوكاني في " الفوائد المجموعة " ص 200، عن الصغاني أنه موضوع، ونسبه السيوطي في " الجامع الصغير " إلى البانياسي في جزئه، وابن عساكر في تاريخه.
* تاريخ خليفة: 465، المعارف: 381، 382، تاريخ بغداد 14 / 128، معجم الادباء 20 / 5، وفيات الاعيان 6 / 219، العبر 1 / 306، مرآة الجنان 1 / 424، البداية والنهاية 10 / 204، شذرات الذهب 1 / 288 و 327، البيان المغرب 1 / 80، الوزراء والكتاب للجهشياري انظر الفهرس، مروج الذهب 2 / 228، الكامل لابن الاثير 6 / 15، 16، 177 و 179 و 183 و 198، وفي هامش الاعلام، عن أصل خطي قديم: كان جدهم برمك من مجوس بلخ، يخدم النوبهار - وهو معبد كان للمجوس بمدينة بلخ توقد فيه النيران، واشتهر برمك المذكور وبنوه بسدانته.
(*)

(9/89)


وصير أولاده ملوكا، وبالغ في تعظيمهم إلى الغاية مدة، إلى أن قتل ولده جعفر بن يحيى، فسجنه، وذهبت دولة البرامكة، كما ذكرنا في ترجمة
جعفر.
قال الاصمعي: سمعت يحيى يقول: الدنيا دول، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسوة، وفينا لمن بعدنا عبرة (1).
قال إسحاق الموصلي: كانت صلات يحيى لمن تعرض له إذا ركب مئتي درهم، فقال لي أبي: شكوت إلى يحيى ضيقا، فقال: كيف أصنع ؟ ما عندي شئ، لكن أدلك على أمر، فكن فيه رجلا، جاءني وكيل صاحب مصر، يطلب أن أستهدي منه شيئا، فأبيت، فألح، وقد بلغني أنك أعطيت في جارية لك ثلاثة آلاف دينار، فهوذا أستهديه إياها [ وأخبره أنها قد أعجبتني ] فلا تنقصها عن ثلاثين ألف دينار، قال، فوالله ما شعرت إلا والرجل يسومني الجارية، فبذل فيها عشرين ألف دينار، فضعف قلبي عن ردها، فلما صرت إلى الوزير، قال: إنك لكذا، كنت صبرت، وهذا خليفة صاحب فارس، قد جاءني في مثل هذا، فخذ جاريتك، فإذا ساومك، لا تنقصها من خمسين ألف دينار، قال: فجاءني، فلنت، وبعتها بثلاثين ألفا، فلما صرت إلى الوزير، قال: ألم تؤدبك [ الاولى عن الثانية ] خذ جاريتك إليك.
فقلت: قد أفدت خمسين ألف دينار، أشهدك أنها حرة، وأني قد تزوجتها (2).
قيل: إن أولاد يحيى قالوا له وهم في القيود مسجونين: يا أبة ! صرنا بعد العز إلى هذا ! قال: يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها.
__________
(1) تقدم في الصفحة 60 من هذا الجزء.
(2) تقدم في الصفحة 60 من هذا الجزء.
(*)

(9/90)


مات يحيى بن خالد في سجن الرقة سنة تسعين ومئة.
وله سبعون
سنة.
وكان أبوه أحد الاعيان المذكورين.

29 - [ الفضل بن يحيى ] * وكان ابنه الفضل من رجال الكمال، ولي إمرة خراسان، وعمل الوزارة، وكان فيها - قيل - أسخى من جعفر، ولكنه يضرب بكبره وتيهه المثل، وصل مرة لعمرو التميمي بستين ألف دينار.
وكان أخا للرشيد من الرضاعة، مات كهلا سنة اثنتين وتسعين مسجونا، وكان قد أخرب بيت النار الذي ببلخ، وكان جدهم برمك موبدان (1) به.
وعمل الوزارة مدة لهارون، ثم حولها منه إلى جعفر، واستعمل على المشرق كله هذا، واستعمل جعفرا على المغرب كله.
وكان الفضل غارقا في اللذات المردية، حتى تعطلت الامور، فكتب إليه الشيخ النحس أبوه بأن يتستر ويقنع بالليل، فسمع منه.
وكان على هناته شجاعا مهيبا، كثير الغزو، وكان يقول: تعلمت الكرم والتيه من عمارة بن حمزة (2)، أتيته في جائحة لابي، فطولب بأموال، فكلمته، فما بش بي، وطلبت منه أن يقرضنا ثلاثة آلاف ألف درهم، فقال: حتى ننظر.
ورحت،
__________
(1) التاريخ لابن معين: 475، المعارف: 382، الطبري 8 / 341، الكامل لابن الاثير 6 / 210، العبر 1 / 309، دول الاسلام 1 / 121، شذرات الذهب 1 / 330.
(1) الموبد: صاحب معبد النار، والموبدان رئيسهم.
(2) هو عمارة بن حمزة بن ميمون من ولد عكرمة مولى ابن عباس، كان تياها معجبا، جوادا كريما، معدودا في سراة الناس، وكان المنصور والمهدي يرفعان قدره، ويحتملان أخلاقه لفضله وبلاغته، وكفايته ووجوب حقه، وولي لهما أعمالا كبارا.
توفي سنة 199 ه.
انظر " معجم الادباء " 15 / 242، 257 ففيه الكثير من أخباره.
(*)

(9/91)


فوجدت المال قد بعث به إلى أبي، ثم عاد أبي إلى رتبته، وحصل، ثم بعث معي بالوفاء، فكلمته، فقال: ويحك أكنت صيرفيا لابيك ؟ اخرج عني، وخذ المال لك، فرددت بالمال إلى أبي، فأعطاني منه ألف ألف درهم.
وقيل: أتاه رجل يمت (1) بأمر فقال: يا هذا، ما حاجتك ؟ قال: رثاثة ملبسي تخبرك.
قال: فبم تمت ؟ قال: إني في سنك، ومن جيرانك، واسمي كاسمك.
قال: وما علمك بالولادة ؟ قال: حكت لي أمي أنها ولدتني صبيحة مولدك، وقيل لها: ولد الليلة ليحيى بن خالد ابن سموه الفضل، قال: فسمتني أمي الفضيل إكبارا لاسمك، فتبسم الفضل، وأمر له بخمسة وأربعين ألفا ومركوبا، ثم استعمله ديوانا.
ضرب الفضل مئتي سوط في المصادرة حتى كاد يتلف، ثم داواه الجرائحي مدة.

30 - الاحمر * شيخ العربية، علي بن المبارك، وقيل: علي بن الحسين، تلميذ الكسائي، ناظر سيبويه مرة.
قال ثعلب: كان الاحمر يحفظ سوى ما يحفظ أربعين ألف بيت شاهدا
__________
(1) المت: كالمد، إلا أن المت يوصل بقرابة ودالة يمت بها، قال ابن سيده: مت إليه بالشئ يمت متا: توسل، وقال ابن الاعرابي: متت الرجل: إذا تقرب بمودة أو قرابة.
* العلل لاحمد 189، تاريخ ابن معين: 422، طبقات النحويين للزبيدي: 95، تاريخ بغداد 12 / 104، 105، معجم الادباء 13 / 5، 11، إنباه الرواة 2 / 313، 317،
المزهر 2 / 410، بغية الوعاة 2 / 158، 159، نزهة الالباء: 97، الانساب 1 / 45.
(*)

(9/92)


في النحو (1).
وقال الاحمر: وصلني في يوم ثلاث مئة ألف درهم.
وكان متمولا، متجملا، فاخر البزة، كأن داره دار ملك بالخدم والحشم.
أخذ عنه إسحاق النديم، وسلمة بن عاصم ويقال: إن محمد بن الجهم أدركه.
وقيل: كان شابا من رجالة باب الخلافة، وكان يتوقد ذكاء، فرأى الكسائي يدخل ويخرج، فلزمه إلى أن برع، فندبه لتعليم أولاد الرشيد نيابة عن نفسه.
توفي الاحمر بطريق مكة، فتوجع الفراء لموته.
فقيل: مات سنة أربع وتسعين ومئة.

31 - منصور بن عمار * ابن كثير الواعظ، البليغ الصالح، الرباني أبو السري السلمي الخراساني، وقيل: البصري، كان عديم النظير في الموعظة والتذكير.
روى عن: الليث، وابن لهيعة، ومعروف الخياط، وهقل بن زياد،
__________
(1) نص الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 104، و " إنباه الرواة " 2 / 314: كان علي بن المبارك مؤدب الامين يحفظ أربعين ألف بيت شاهد في النحو، سوى ما كان يحفظ من القصائد، وأبيات الغريب.
* التاريخ الكبير 7 / 350، الضعفاء للعقيلي: 416، الجرح والتعديل 8 / 176، الكامل لابن عدي: 785، طبقات الصوفية: 130، 136، حلية الاولياء 9 / 325، تاريخ
بغداد 13 / 71، 79، الرسالة القشيرية 1 / 135، ميزان الاعتدال 4 / 187، طبقات الاولياء: 286، 287، النجوم الزاهرة 2 / 244.
(*)

(9/93)


والمنكدر بن محمد، وبشير بن طلحة وجماعة، ولم يكن بالمتضلع من الحديث.
حدث عنه: ابناه سليم وداود، وزهير بن عباد، وأحمد بن منيع، وعلي بن خشرم، وعبد الرحمن بن يونس الرقي، ومنصور بن الحارث، وغيرهم.
وعظ بالعراق والشام ومصر، وبعد صيته، وتزاحم عليه الخلق، وكان ينطوي على زهد وتأله وخشية، ولوعظه وقع في النفوس.
قال أبو حاتم: صاحب مواعظ ليس بالقوي.
وقال ابن عدي: حديثه منكر.
وقال الدارقطني: يروي عن ضعفاء أحاديث لا يتابع عليها.
وذكر ابن يونس في تاريخه أن الليث بن سعد حضر وعظه، فأعجبه، ونفذ إليه بألف دينار.
وقيل: أقطعه خمسة عشر فدانا، وإن ابن لهيعة أقطعه خمسة فدادين.
قال أبو بكر بن أبي شيبة: كنا عند ابن عيينة، فسأله منصور بن عمار [ عن القرآن ] فزبره، وأشار إليه بعكازه، فقيل: يا أبا محمد، إنه عابد فقال: ما أراه إلا شيطانا (1).
وعن عبدك العابد قال: قيل لمنصور: تتكلم بهذا الكلام، ونرى منك أشياء ؟ قال: احسبوني درة على كناسة.
وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت عبدالرحمن بن مطرف يقول:
__________
(1) أورده المؤلف في " ميزانه " 4 / 187، والزيادة منه.
(*)

(9/94)


روئ منصور بن عمار بعد موته، فقيل: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، وقال لي: يا منصور، غفرت لك على تخليط فيك كثير، إلا أنك كنت تحوش (1) الناس إلى ذكري.
أحمد بن منيع، حدثنا منصور بن عمار، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة - أو حذيفة -، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يكون لاصحابي بعدي زلة يغفرها الله لهم بسابقتهم، ثم يعمل بها قوم بعدهم يكبهم الله في النار ".
منصور بن الحارث: حدثنا منصور بن عمار، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة مرفوعا: " مشاش الطير يورث السل ".
عبدالرحمن بن يونس: حدثنا منصور، حدثني ابن لهيعة، عن الاسود، عن عروة، عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عقد عباء بين كتفيه، وقال: " [ إنما لبست هذا ] لاقمع به الكبر " (2).
وساق ابن عدي مناكير لمنصور تقضي بأنه واه جدا.
أبو شعيب الحراني، حدثنا علي بن خشرم، قال منصور بن عمار: لما قدمت مصر، كانوا في قحط، فلما صلوا الجمعة، ضجوا بالبكاء والدعاء، فحضرتني نية، فصرت إلى الصحن، وقلت: يا قوم، تقربوا إلى
__________
(1) أي تسوقهم وتجمعهم، يقال: حاش الابل يحوشها حوشا: جمعها وساقها.
والخبر في " الحلية " 9 / 325، 326، ولا يعول في مثل هذا على المنام، بل على ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا بالتثبت، ونقل أخباره نقلا صحيحا، وحذرنا من الكذب عليه.
(2) هذه الاحاديث الثلاثة لا تصح لضعف منصور بن عمار، وشيخه ابن لهيعة، وقد أوردها المؤلف في " الميزان " 4 / 188 في ترجمة منصور.
(*)

(9/95)


الله بالصدقة، فما تقرب بمثلها، ثم رميت بكسائي.
فقال: هذا جهدي فتصدقوا، حتى جعلت المرأة تلقي خرصها حتى فاض الكساء، ثم هطلت السماء، وخرجوا في الطين، فدفعت إلى الليث وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال، فوكلوا به الثقات ورحت أنا إلى الاسكندرية، فبينا أنا أطوف على حصنها، إذا رجل يرمقني.
قلت: مالك ؟ قال: أنت المتكلم يوم الجمعة ؟ قلت: نعم.
قال: صرت فتنة، قالوا: إنك الخضر، دعا فأجيب.
قلت: بل أنا العبد الخاطئ، فقدمت مصر، فأقطعني الليث خمسة عشر فدانا (1).
أبو داود: حدثنا قتيبة، عن منصور، قال: قدمت مصر، وبها قحط، فتكلمت، فبذلوا صدقات كثيرة، فأتى بي الليث، فقال: ما حملك على الكلام بغير أمر ؟ قلت: أصلحك الله، أعرض عليك، فإن كان مكروها، نهيتني.
قال: تكلم.
فتكلمت، قال: قم، لا يحل أن أسمع هذا وحدي.
قال: وأخرج لي جارية تعد قيمتها ثلاث مئة دينار وألف دينار، وقال: لا تعلم بها ابني فتهون عليه (2).
أبو حاتم: حدثنا سليم بن منصور، حدثنا أبي قال: أعطاني الليث ألف دينار.
وقال علي بن خشرم: سمعت منصورا يقول: المتكلمون ثلاثة، الحسن البصري، وعون بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز (3).
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 13 / 72، 73، وقوله: " فجعلت المرأة تلقي
خرصها " الخرص: بضم الخاء وكسرها: الحلقة من الذهب والفضة.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 73، 74.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 74.
(*)

(9/96)


وقيل: إن الرشيد لما سمع وعظ منصور، قال: من أين تعلمت هذا ؟ قال: تفل في في رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، وقال لي: يا منصور قل (1).
قال أبو العباس السراج: حدثنا أحمد بن موسى الانصاري قال: قال منصور بن عمار: حججت، فبت بالكوفة، فخرجت في الظلماء، فإذا بصارخ يقول: إلهي وعزتك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وعصيت وما أنا بنكالك جاهل، ولكن خطيئة أعانني عليها شقائي، وغرني سترك، فالآن من ينقذني ؟ فتلوت هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) [ التحريم: 6 ].
قال: فسمعت دكدكة، فلما كان من الغد، مررت هناك، فإذا بجنازة، وعجوز تقول: مر البارحة رجل تلا آية فتفطرت مرارته، فوقع ميتا (2).
قال سليم بن منصور: كتب بشر المريسي (3) إلى أبي: أخبرني عن القرآن.
فكتب إليه: عافانا الله وإياك، نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة، تشارك فيها السائل والمجيب، تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه، وما أعرف خالفا إلا الله، وما دونه مخلوق، والقرآن كلام الله، فانته بنفسك وبالمختلفين فيه معك إلى أسمائه التي سماه الله بها، ولا تسم القرآن باسم من عندك، فتكون من الضالين (4).
قال الكوكبي: حدثنا حريز بن أحمد بن أبي دؤاد: حدثني سلمويه بن عاصم، قال: كتب بشر إلى منصور بن عمار يسأله عن قوله تعالى:
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 74.
(2) ذكره بأطول مما هنا في " الحلية " 1 / 328، 329.
(3) هو بشر بن غياث المريسي، القائل بخلق القرآن، ولم يدرك الجهم بن صفوان.
وإنما أخذ مقالته، واحتج بها، ودعا إليها.
وسترد ترجمته في الجزء العاشر.
(4) " تاريخ بغداد " 13 / 75، 76، و " حلية الاولياء " 1 / 326.
(*)

(9/97)


الرحمن على العرش استوى) [ طه: 5 ] كيف استوى ؟ فكتب إليه: استواؤه غير محدود، والجواب فيه تكلف، ومسألتك عنه بدعة، والايمان بجملة ذلك واجب (1).
لم أجد وفاة لمنصور، وكأنها في حدود المئتين.

32 - العباس بن الاحنف * ابن أسود بن طلحة الحنفي اليمامي.
من فحول الشعراء، وله غزل فائق.
وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي الشاعر.
توفي ببغداد سنة اثنتين وتسعين ومئة، وكان من أبناء ستين سنة، ومات أبوه الاحنف سنة خمسين ومئة بالبصرة.

33 - غندر * * (ع) محمد بن جعفر، الحافظ، المجود، الثبت، أبو عبد الله الهذلي،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 76.
* الشعر والشعراء 2 / 728، طبقات الشعراء لابن المعتز: 254، 257 الموشح: 290، الاغاني 8 / 352، تاريخ بغداد 12 / 127، وسمط اللآلي: 313، 497، معجم الادباء 12 / 40، وفيات الاعيان 3 / 20، 27، العبر 1 / 312، البداية والنهاية
10 / 209، معاهد التنصيص 1 / 54، شذرات الذهب 1 / 334.
* * التاريخ لابن معين: 508، طبقات ابن سعد 7 / 296، تاريخ خليفة: 466، طبقات خليفة ت: 1920، التاريخ الكبير 1 / 57، التاريخ الصغير 2 / 395، المعارف: 513، الجرح والتعديل 7 / 221، تاريخ بغداد 2 / 152، تهذيب الكمال: لوحة 1182، تذهيب التهذيب 3 / 194 / 2، العبر 1 / 311، تذكرة الحفاظ 1 / 300، ميزان الاعتدال 3 / 502، الكاشف 3 / 29، دول الاسلام 1 / 124، تهذيب التهذيب 9 / 96، طبقات الحفاظ: 184، خلاصة تذهيب الكمال: 330، شذرات الذهب 1 / 333.
(*)

(9/98)


مولاهم البصري الكرابيسي التاج، أحد المتقنين.
ولد سنة بضع عشرة ومئة.
وروى عن: حسين المعلم، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعوف الاعرابي، وابن جريج، وجعفر بن ميمون الانماطي، ومعمر، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة فأكثر عنه، وجود، وحرر.
روى عنه: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابن راهويه، وأبو بكر بن أبي (شيبثة) ؟، وعمرو بن علي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن الوليد البسري، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، وخليفة بن خياط، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وأحمد بن منيع، والعباس بن يزيد البحراني، ويحيى بن حكيم المقوم، ونصر بن علي، وخلق كثير.
قال يحيى بن معين: كان أصح الناس كتابا، وأراد بعض الناس أن يخطئ غندرا، فلم يقدر.
قال أحمد بن حنبل: قال غندر: لزمت شعبة عشرين سنة.
قلت: ما أظنه رحل في الحديث من البصرة، وابن جريج هو الذي سماه غندرا (1)، وذلك لانه تعنت ابن جريج في الاخذ، وشغب عليه أهل الحجاز، فقال: ما أنت إلا غندر.
قال يحيى بن معين: أخرج غندر إلينا ذات يوم جرابا فيه كتب، فقال: اجهدوا أن تخرجوا فيها خطأ، قال: فما وجدنا فيه شيئا، وكان يصوم
__________
(1) يقال: غلام غندر كجندب وقنفذ: سمين غليظ ناعم.
(*)

(9/99)


يوما، ويفطر يوما منذ خمسين سنة.
قال عبدالرحمن بن مهدي: كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة.
وقيل: كان غندر يتجر في الطيالسة (1) وفي الكرابيس (2)، وكان من خيار أصحاب الحديث ومجوديهم.
وقيل: كان مغفلا.
قال: الحسين بن منصور النيسابوري: سمعت علي بن عثام يقول: أتيت غندرا - فذكر من فضله وعلمه بحديث شعبة - فقال لي: هات كتابك.
فأبيت إلا أن يخرج كتابه، فأخرجه، وقال: يزعم الناس أني اشتريت سمكا، فأكلوه، ولطخوا به يدي، وأنا نائم، فلما استيقظت، طلبته، فقالوا لي: أكلت، فشم يدك.
أفما كان يدلني بطني ؟ ثم قال ابن عثام: وكان مغفلا.
قال علي بن المديني: هو أحب إلي في شعبة من عبدالرحمن بن مهدي.
وقال ابن مهدي: غندر في شعبة أثبت مني.
وروى سلمة بن سليمان، عن ابن المبارك، قال: إذا اختلف الناس
في حديث شعبة، فكتاب غندر حكم بينهم.
قال أبو حاتم الرازي: كان غندر صدوقا مؤديا، وفي حديث شعبة ثقة، وأما في غير شعبة، فيكتب حديثه، ولا يحتج به.
__________
(1) جمع الطيلسان أو الطالسان، وهو ضرب من الاوشحة، يلبس على الكتف، أو يحيط بالبدن، خال عن التفصيل والخياطة، وهو فارسي، معرب: تالسان أو تالشان.
(2) جمع الكرباس: وهو ثوب غليظ من القطن، معرب: (*)

(9/100)


وروى عباس عن يحيى بن معين قال: كان غندر يجلس على رأس المنارة يفرق زكاته، فقيل له: لم تفعل هذا ؟ قال: أرغب الناس في إخراج الزكاة.
فاشترى سمكا، وقال لاهله: أصلحوه، ونام، فأكل عياله السمك، ولطخوا يده، فلما انتبه، قال: هاتوا السمك.
قالوا: قد أكلت.
فقال: لا.
قالوا: فشم يدك.
ففعل، ثم قال: صدقتم، ولكن ما شبعت.
ابن المرزبان: حدثنا أبو محمد المروزي، حدثنا عبد الله بن بشر، عن سليمان بن أيوب صاحب البصري قال: قلت لغندر: إنهم يعظمون ما فيك من السلامة.
قال: يكذبون علي.
قلت: فحدثني بشئ يصح منها، قال: صمت يوما، فأكلت فيه ثلاث مرات ناسيا، ثم أتممت صومي.
ونقل ابن مروان في المجالسة قال: حدثنا جعفر بن أبي عثمان: سمعت يحيى بن معين يقول: دخلنا على غندر، فقال: لا أحدثكم بشئ حتى تجيؤوا معي إلى السوق وتمشون، فيراكم الناس، فيكرموني.
قال: فمشينا خلفه إلى السوق، فجعل الناس يقولون له: من هؤلاء يا أبا عبد الله ؟ فيقول: هؤلاء أصحاب الحديث، جاؤوني من بغداد يكتبون عني.
قال يحيى بن معين: والتفت غندر يوما إلي، فقال: اعلم أني منذ خمسين سنة أصوم يوما، وأفطر يوما.
قلت: اتفق أرباب الصحاح على الاحتجاج بغندر.
وكانت وفاته في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومئة، وهو في عشر الثمانين رحمه الله.
أخبرنا عمر بن غدير الطائي: أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا،

(9/101)


أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن محمد القرشي، أخبرنا محمد ابن أحمد الغساني، أخبرنا أبوروق أحمد بن محمد بالبصرة، حدثنا محمد ابن الوليد البسري، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن مالك، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الايم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها " (1) ورواه صالح بن كيسان وزياد بن سعد عن ابن الفضل هذا.
أخرجه الستة سوى البخاري من حديث الثلاثة عنه.
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد في سنة اثنتين وتسعين وست مئة وجماعة قالوا: أخبرنا عبدالرحمن بن نجم سنة سبع وعشرين، أخبرتنا شهدة الكاتبة، أخبرنا الحسين بن طلحة، وأخبرنا أحمد بن المؤيد، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري، أخبرنا عمي أبو بكر محمد، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا: أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا الحسين ابن إسماعيل، حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن أبي بشر، عن حمران بن أبان، عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من مات وهو يعلم أن لا إله
إلا الله دخل الجنة " (2).
__________
(1) أخرجه مالك 2 / 62 في النكاح: باب استئذان البكر والايم في نفسها، ومن طريقه مسلم (1421) في النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت، والترمذي (1108) في النكاح: باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، وأبو داود (2098) في النكاح: باب الثيب، والنسائي 6 / 84 في النكاح: باب استئذان البكر في نفسها، وابن ماجة (1870) في النكاح: باب استئمار البكر والثيب.
وأخرجه مسلم (1421) (67)، وأبو داود (2099)، والنسائي 6 / 85 من طريق زياد بن سعد، عن عبد الله بن الفضل، وأخرجه النسائي 6 / 84، من طريق صالح بن كيسان، عن عبد الله بن الفضل.
(2) إسناده صحيح، ورواه مسلم (26) في الايمان: باب الدليل على أن من مات = (*)

(9/102)


34 - شعيب * (ع سوى ت) ابن إسحاق، بن عبدالرحمن، بن عبد الله، بن راشد، الامام الفقيه، أبو شعيب القرشي مولاهم، الدمشقي الحنفي.
أخذ الفقه عن أبي حنيفة، وكان من ثقات أهل الرأي، متقنا مجودا للحديث.
حدث عن: هشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وابن جريج، والاوزاعي، وعدة.
روى عنه: إسحاق، ودحيم، وابن عائذ، وداود بن رشيد، وعبد الوهاب الجوبراني، وآخرون.
ولم يلحقه ولده شعيب بن شعيب.
توفي بدمشق في رجب سنة تسع وثمانين ومئة، وله ثنتان وسبعون سنة.
وهو معدودة في كبار الفقهاء رحمه الله، روى له الجماعة سوى
الترمذي.

35 - السيناني * * (ع) هو الامام الحافظ، الثبت، أبو عبد الله، الفضل بن موسى
__________
= على التوحيد دخل الجنة قطعا، من طريق إسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، كلاهما عن خالد الحذاء، وأخرجه أحمد 1 / 69، من طريق ابن علية، عن خالد.
* التاريخ لابن معين: 257، طبقات ابن سعد 7 / 472، طبقات خليفة: ت 3039، الجرح والتعديل 4 / 341، مشاهير علماء الامصار: ت 1486، تهذيب الكمال: لوحة 585، تذهيب التهذيب 2 / 78 / 1، الكاشف 2 / 11، تهذيب التهذيب 4 / 347، خلاصة تذهيب الكمال: 166، تهذيب ابن عساكر 6 / 323.
* * التاريخ لابن معين: 475، طبقات ابن سعد 7 / 372، طبقات خليفة: ت = (*)

(9/103)


المروزي.
وسينان: قرية من أعمال مرو.
مولده في سنة خمس عشرة ومئة فهو أسن من ابن المبارك، وعاش بعده مدة.
رحل وسمع من: هشام بن عروة، والاعمش، واسماعيل بن أبي خالد، وعبيد الله بن عمر، وخثيم بن عراك، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وحسين المعلم، ومعمر بن راشد، وطبقتهم.
حدث عنه: علي بن حجر، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن أكثم، وأبو عمار الحسين بن حريث، وعلي بن خشرم، ومحمود بن غيلان، ومحمود بن آدم، وآخرون.
قال أبو نعيم الملائي: هو أثبت من عبد الله بن المبارك.
وقال وكيع: ثقة، صاحب سنة أعرفه.
أحمد بن علي الابار، حدثنا علي بن خشرم، حدثنا الفضل بن موسى، قال: كان علينا عامل بمرو، وكان نساء، فقال: اشتروا لي غلاما، وسموه بحضرتي حتى لا أنسى اسمه، ثم قال: ما سميتموه ؟ قالوا: واقد.
قال: فهلا اسما لا أنساه أبدا ؟ أو قال: فهذا اسم ما أنساه أبدا، وقال: قم يا فرقد.
قال الحسين بن حريث: سمعت السيناني يقول: طلب الحديث
__________
= 3138، التاريخ الكبير 7 / 117، التاريخ الصغير 2 / 268، المعارف: 422، الجرح والتعديل 7 / 68، 69، مشاهير علماء الامصار: ت 1586، تهذيب الكمال: لوحة 1102، تذهيب التهذيب 3 / 140 / 2، العبر 1 / 307، ميزان الاعتدال 3 / 360، تذكرة الحفاظ 1 / 296، الكاشف 2 / 384، دول الاسلام 1 / 121، تهذيب التهذيب 8 / 286، طبقات الحفاظ: 124، خلاصة تذهيب الكمال: 309، شذرات الذهب 1 / 329.
(*)

(9/104)


حرفة المفاليس، ما رأيت أذل من أصحاب الحديث.
وقال إسحاق بن راهويه: كتبت العلم، فلم أكتب عن أحد أوثق في نفسي من هذين الرجلين: الفضل بن موسى، ويحيى بن يحيى التميمي.
قال محمد بن حمدويه المروزي: مات الفضل السيناني ليلة دخل هرثمة بن أعين واليا على خراسان، في حادي عشر ربيع الاول سنة اثنتين وتسعين ومئة.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا الفضل بن موسى السيناني، أخبرنا الجعيد، عن عائشة بنت سعد،
قالت: سمعت سعدا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يكيد أهل المدينة أحد بسوء إلا انماع كما ينماع الملح في الماء ".
هذا حديث صحيح غريب، ولم يخرجه أحد من أرباب الكتب الستة سوى البخاري (1)، فرواه عن الثقة عن السيناني، فوقع لنا بدلا عاليا.
__________
(1) وهو في " صحيحه " 4 / 81 في فضائل المدينة: باب إثم من كاد أهل المدينة من طريق حسين بن حريث، عن الفضل بن موسى السيناني، وأخرجه مسلم (1387) في الحج: باب من أراد أهل المدينة بسوء، من طريق قتيبة بن سعيد، عن حاتم بن إسماعيل، عن عمر بن نبيه، عن دينار القراظ، قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أراد أهل المدينة بسوء، أذابه الله كما يذوب الملح في الماء ".
وأخرجه أيضا (1313) (460) من طريق عامر بن سعد، عن أبيه بلفظ: " ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء ".
وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم (1386).
(*)

(9/105)


36 - يزيد بن سمرة * الرهاوي، المذحجي، أبو هران، الزاهد، شامي.
عن: عطاء الخراساني، ويحيى السيباني، والاوزاعي، والحكم بن عبدالرحمن.
وعنه: ابن وهب، وأبو مسهر، ويحيى بن بكير، وابن عائذ، وهشام بن عمار، وآخرون.
قال أبو زرعة الدمشقي: كان من أهل فضل وزهد.
وقال ابن يونس: لم يذكروه بجرح.
والرها: بطن من مذحج.

قلت: فأما:
37 - يزيد بن شجرة * * أبو شجرة (1) الرهاوي، فقديم، يقال: له صحبة.
كان أمير الجيش في غزو الروم.
أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي عبيدة، واستعمله معاوية.
قال شباب: استشهد سنة ثمان وخمسين.
وقال ابن سعد: قتل هو وأصحابه في البحر سنة ثمان.
__________
* التاريخ الكبير 8 / 337، الجرح والتعديل 9 / 268.
* * التاربخ لابن معين: 672، طبقات ابن سعد 7 / 446، طبقات خليفة: ت 500، تاريخ خليفة: 223، التاريخ الصغير 1 / 120، المعارف: 448، الجرح والتعديل 9 / 270، أسد الغابة 5 / 495، الاصابة: ت 9272.
(1) ترجم له الحافظ في " الاصابة " برقم (9272) وقال: مختلف في صحبته.
(*)

(9/106)


قال منصور عن مجاهد: كان يزيد بن شجرة مما يذكرنا نبكي، وكان يصدق بكاءه بفعله رضي الله عنه.

38 - ابن علية * (ع) إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، الامام، العلامة، الحافظ، الثبت، أبو بشر الاسدي، مولاهم البصري الكوفي الاصل، المشهور بابن علية، وهي أمه.
ولد سنة مات الحسن البصري سنة عشر ومئة.
قال أبو أحمد الحاكم: أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن سهم ابن مقسم البصري مولى بني أسد بن خزيمة، وأمه علية مولاة لبني أسد.
سمع أبا بكر محمد بن المنكدر التيمي، وأبا بكر أيوب بن أبي
تميمة، ويونس بن عبيد.
قلت: وإسحاق بن سويد، وعلي بن زيد، وحميدا الطويل، وعطاء ابن السائب، وعبد الله بن أبي نجيح، وسهيل بن أبي صالح، وليث بن أبي سليم وعبد العزيز بن صهيب، وأبا التياح الضبعي، وسعيدا الجريري، وحبيب بن الشهيد، وابن جريج، وحجاج بن أبي عثمان
__________
* العلل لاحمد بن حنبل: 122، 123، طبقات ابن سعد 7 / 325، طبقات خليفة: ت 1902 و 3211، تاريخ خليفة: 466، التاريح الكبير 1 / 342، التاريخ الصغير 2 / 275، المعارف: 384، 507، الجرح والتعديل 2 / 153، مشاهير علماء الامصار: ت 1277، تاريخ بغداد 6 / 229 - 240، طبقات ابن أبي يعلى 1 / 99، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 120، تهذيب الكمال: لوحة 97، تذهيب التهذيب 1 / 60 / 2، العبر 1 / 310، ميزان الاعتدال 1 / 216، تذكرة الحفاظ 1 / 322، الكاشف 2 / 118، دول الاسلام 1 / 122، تهذيب التهذيب 1 / 275، النجوم الزاهرة 2 / 144، طبقات الحفاظ: 133، خلاصة تذهيب الكمال: 32، شذرات الذهب 1 / 333.
(*)

(9/107)


الصواف، وحنظلة السدوسي، وخالدا الحذاء، وروح بن القاسم، وسليمان التيمي، وعاصم بن سليمان، وعوف بن أبي جميلة، ومحمد ابن الزبير الحنظلي، وبرد بن سنان الدمشقي، نزيل البصرة، وداود بن أبي هند، وعلي بن الحكم البناني، ومنصور بن عبدالرحمن الاشل، والوليد بن أبي هشام، ويحيى بن عتيق، ويحيى بن ميمون العطار، ويحيى بن يزيد الهنائي، وأبا ريحانة السعدي، وخلقا كثيرا.
روى عنه: ابن جريج، وشعبة - وهما من شيوخه - وحماد بن زيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل،
وأبو خيثمة، ويحيى بن معين، وأبو حفص الفلاس، وعمرو بن رافع القزويني، وأحمد بن منيع، وزياد بن أيوب، وعلي بن حجر، وأحمد ابن حرب، ومحمد بن بشار، ويعقوب الدورقي، ونصر بن علي، والحسن بن عرفة، ومؤمل بن هشام، وعبيد الله بن معاذ، وخليفة بن خياط، ومحمد بن المثنى، والحسن بن محمد الزعفراني، وخلق كثير، خاتمتهم موسى بن سهل بن كثير الوشاء الباقي إلى سنة ثمان وسبعين ومئتين.
وكان فقيها، إماما، مفتيا، من أئمة الحديث، وكان يقول: من قال: ابن علية، فقد اغتابني.
قلت: هذا سوء خلق رحمه الله، شئ قد غلب عليه، فما الحيلة ؟ قد دعا النبي صلى الله عليه وسلم غير واحد من الصحابة بأسمائهم مضافا إلى الام، كالزبير ابن صفية، وعمار ابن سمية.
قال مؤمل بن هشام: سمعت إسماعيل يقول: لقيت محمد بن المنكدر، وسمعت منه أربعة أحاديث - قلت: هو أكبر شيخ له -

(9/108)


قال: قلت: ذا شيخ.
فلما قدمت البصرة، إذا أيوب السختياني يقول: حدثنا محمد بن المنكدر.
قال غندر: نشأت في الحديث يوم نشأت، وليس أحد يقوم في الحديث على ابن علية.
وقال أبو داود السجستاني: ما أحد من المحدثين إلا وقد أخطأ إلا إسماعيل ابن علية، وبشر بن المفضل.
قال يحيى بن معين: كان ابن علية ثقة تقيا ورعا.
وقال يونس بن بكير: سمعت شعبة يقول: إسماعيل ابن علية سيد المحدثين.
وقال عمرو بن زرارة النيسابوري: صحبت ابن علية أربع عشرة سنة، فما رأيته تبسم فيها.
قلت: ما في هذا مدح (1)، ولكنه مؤذن بخشية وحزن.
قال عفان بن مسلم: حدثنا خالد بن الحارث قال: كنا نشبه ابن علية بيونس بن عبيد.
وقال إبراهيم بن عبد الله الهروي: سمعت يزيد بن هارون يقول: دخلت البصرة، وما بها خلق يفضل على ابن علية في الحديث.
وقال زياد بن أيوب: ما رأيت لاسماعيل ابن علية كتابا قط.
وكان
__________
(1) لانه مخالف لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يبتسم ويضحك في وجوه أصحابه ثبت ذلك في غير ما حديث.
انظر " الشمائل " للترمذي 114، 122، و " فتح الباري " 10 / 419، 421.
(*)

(9/109)


يقال: ابن علية يعد الحروف.
قال حماد بن سلمة: ما كنا نشبه شمائل إسماعيل ابن علية إلا بشمائل يونس حتى دخل فيما دخل فيه.
قلت: يريد ولايته الصدقة.
وكان موصوفا بالدين والورع والتأله، منظورا إليه في الفضل والعلم، وبدت منه هفوات خفيفة، لم تغير رتبته إن شاء الله.
وقد بعث إليه ابن المبارك بأبيات حسنة يعنفه فيها، وهي: يا جاعل العلم له بازيا * يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها * بحيلة تذهب بالدين فصرت مجنونا بها بعدما * كنت دواء للمجانين أين رواياتك فيما مضى * عن ابن عون وابن سيرين ودرسك العلم بآثاره * في ترك (1) أبواب السلاطين تقول: أكرهت، فماذا كذا * زل حمار العلم في الطين (2) لا تبع الدين بالدنيا كما * يفعل ضلال الرهابين وروى الخطيب في " تاريخه " أن الحديث الذي أخذ على إسماعيل شئ يتعلق بالكلام في القرآن.
__________
(1) في الاصل: وترك.
(2) رواية الشطر الاول من البيت في " تاريخ بغداد " 6 / 236.
إن كنت أكرهت فماذا كذا وفي وراية أخرى له: إن قلت أكرهت فذا باطل وهي رواية المؤلف في " الميزان ".
(*)

(9/110)


دخل على الامين محمد بن هارون، فشمته محمد، فقال: أخطأت.
وكان حدث بهذا الحديث: " تجئ البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان تحاجان عن صاحبهما " (1) فقيل لابن علية: ألهما لسان ؟ قال: نعم.
فقالوا: إنه يقول: القرآن مخلوق، وإنما غلط (2).
قال الفضل بن زياد: سألت أحمد بن حنبل عن وهيب وابن علية: أيهما أحب إليك إذا اختلفا ؟ فقال: وهيب، وما زال إسماعيل وضيعا من الكلام الذي تكلم فيه إلى أن مات.
قلت: أليس قد رجع، وتاب على
رؤوس الناس ؟ قال: بلى، ولكن ما زال لاهل الحديث بعد كلامه ذلك مبغضا، وكان لا ينصف في الحديث، كان يحدث بالشفاعات، وكان معنا رجل من الانصار يختلف إلى الشيوخ، فأدخلني عليه، فلما رآني، غضب، وقال: من أدخل هذا علي ؟ (3).
قلت: معذور الامام أحمد فيه.
__________
(1) أخرجه مسلم (804) في صلاة المسافرين: باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، من طريق الحسن بن علي الحلواني، عن الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة ".
وهو في " المسند " 5 / 249.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 237 من طريق سليمان بن إسحاق الجلاب، قال ابراهيم الحربي.
وقد علق المؤلف في " ميزانه " 1 / 219 على هذا الخبر فقال: انظر كيف كان الصدر الاول في انكفافهم عن الكلام، فإنه لو قال أيضا يتكلم بلا لسان لخطؤوه، والله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، ومن الناس من يقول: يجئ ثواب البقرة وآل عمران.
وابن علية فقد تاب ولزم السكوت.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 238، 239.
(*)

(9/111)


قال الامام أحمد: بلغني أنه أدخل على الامين، فلما رآه، زحف، وجعل يقول: يا ابن الفاعلة تتكلم في القرآن ؟ وجعل إسماعيل يقول: جعلني الله فداك، زلة من عالم.
ثم قال أحمد: إن يغفر الله
له: يعني الامين - فبها.
ثم قال أحمد: وإسماعيل ثبت (1).
قال الفضل بن زياد: قلت: يا أبا عبد الله، إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبي إسماعيل أبدا، لقد رأيته في المنام كأن وجهه أسود.
فقال أحمد: عافى الله عبد الوهاب، ثم قال: لزمت إسماعيل عشر سنين إلى أن أعيب، ثم جعل يحرك رأسه كأنه يتلهف، ثم قال: وكان لا ينصف في التحدث (2).
قلت: توفي إسماعيل في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومئة، عن ثلاث وثمانين سنة.
وحديثه في كتب الاسلام كلها.
وله أولاد مشهورين، منهم قاضي دمشق أبو بكر محمد بن إسماعيل ابن علية (3)، شيخ للنسائي، ثقة حافظ، مات أبوه، وهو صبي، فما لحق الاخذ عن أبيه، وسمع من ابن مهدي، وإسحاق الازرق، ويزيد ابن هارون، يروي عنه مكحول البيروتي، وابن جوصا، وطائفة.
مات
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 238.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 238، 239، وذكره المؤلف في " الميزان " وتعقبه بقوله: إمامة إسماعيل وثيقة لا نزاع فيها، وقد بدت منه هفوة وتاب، فكان ماذا ؟ إني أخاف الله لا يكون ذكرنا له من الغيبة، وأما القرآن، فقد قال عبد الصمد بن يزيد مردويه: سمعت ابن عليه يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
(3) انظر ترجمته في " تهذيب الكمال " لوحة: 1172، و " تذهيب التهذيب " 3 / 188 / 2، و " تهذيب التهذيب " 9 / 55، و " خلاصة تذهيب الكمال ": 327.
(*)

(9/112)


سنة أربع وستين ومئتين.
ولابن علية ابن آخر، جهمي شيطان، اسمه إبراهيم بن إسماعيل، كان يقول بخلق القرآن، ويناظر (1) وابن آخر اسمه حماد بن إسماعيل، لحق أباه، وهو من شيوخ مسلم (2).
قال محمد بن سعد الكاتب: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، مولى عبدالرحمن بن قطبة الاسدي أسد خزيمة، كوفي، كان جده، مقسم من سبي القيقانية، وهي ما بين خراسان وزابلسان (3)، وكان إبراهيم ابن مقسم تاجرا من الكوفة، كان يقدم البصرة للتجارة، فتخلف، وتزوج علية بنت حسان مولاة لبني شيبان، وكانت نبيلة عاقلة، لها دار بالعوقة [ بالبصرة ] تعرف بها، وكان صالح المري وغيره من وجوه البصرة [ وفقهائها ] يدخلون عليها، فتبرز لهم، وتحادثهم، وتسائلهم، وأقام ابنها إسماعيل بالبصرة (4).
وقال خليفة بن خياط (5): مات أبو بشر ببغداد سنة أربع وتسعين.
وروى علي بن الجعد، عن شعبة، قال: ابن علية ريحانة الفقهاء.
__________
(1) مترجم في " تاريخ بغداد " 6 / 20، 23.
(2) مترجم في " تهذيب الكمال ": 326، و " تذهيب التهذيب " 1 / 172 / 1، و " تهذيب التهذيب " 3 / 4، و " خلاصة تذهيب الكمال ": 91.
(3) وفي معجم ياقوت " زابلستان " بزيادة التاء: كورة واسعة قائمة برأسها جنوبي بلخ وطخارستان، وهي زابل، والعجم يزيدون السين وما بعدها في أسماء البلدان شبيها بالنسبة.
(4) " طبقات ابن سعد " 7 / 325، 326، والزيادة منه.
(5) في " تاريخه ": 466.
(*)

(9/113)


وروى علي بن المديني، عن يحيى القطان، قال: ابن علية أثبت من وهيب.
وقال ابن مهدي: هو أثبت من هشيم.
وروى عفان قال: كنا عند حماد بن سلمة، فأخطأ في حديث، وكان لا يرجع إلى قول أحد، فقيل له: قد خولفت فيه.
فقال: من ؟ قالوا: حماد بن زيد.
فلم يلتفت.
فقيل: إن إسماعيل ابن علية يخالفك.
فقام، ودخل ثم خرج، فقال: القول ما قال إسماعيل.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: إليه - يعني إسماعيل المنتهى في التثبت بالبصرة.
وعن أبيه قال: فاتني مالك، فأخلف الله علي سفيان بن عيينة، وفاتني حماد بن زيد، فأخلف الله علي إسماعيل ابن علية، كان حماد ابن زيد لا يفرق من مخالفة وهيب والثقفي، ويفرق من إسماعيل إذا خالفه.
وكذلك رواه مسلم عن أحمد بن حنبل.
وروى أبو بكر بن أبي الاسود قال: نشأت في الحديث يوم نشأت، وما أحد يقدم في الحديث على إسماعيل ابن علية.
وروى أحمد بن محمد بن محرز، عن يحيى بن معين: كان إسماعيل ثقة مأمونا صدوقا مسلما ورعا تقيا.
وقال قتيبة: كانوا يقولون: الحفاظ أربعة: إسماعيل، ووهيب، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع.
وروى يعقوب السدوسي، عن الهيثم بن خالد قال: اجتمع حفاظ

(9/114)


البصرة، فقال أهل الكوفة لهم: نحوا عنا إسماعيل، وهاتوا من شئتم.
قال زياد بن أيوب: ما رأيت لابن علية كتابا قط، وكان يقال: ابن علية يعد الحروف.
وقال أبو داود: ما أحد من المحدثين إلا وقد أخطأ إلا إسماعيل ابن علية وبشر بن المفضل.
وقال النسائي: ابن علية ثقة ثبت.
وقال ابن سعد: كان ثبتا حجة، ولي صدقات البصرة، وولي ببغداد المظالم في آخر خلافة هارون، فنزل هو وولده بغداد، واشترى بها دارا، وتوفي بها، وصلى عليه ابنه إبراهيم (1) أحد كبار الجهمية، وممن ناظر الشافعي (2)، وله تصانيف، ودفن في مقابر عبد الله بن مالك.
قال الخطيب: وزعم علي بن حجر أن علية إنما هي جدته لامه.
قال العيشيي (3): قال لي عبد الوارث بن سعيد: أتتني علية بابنها.
فقالت: هذا ابني يكون معك، ويأخذ بأخلاقك.
قال: وكان من أجمل غلام بالبصرة.
قال علي بن المديني: ما أقول: إن أحدا أثبت في الحديث من إسماعيل.
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 325، 326.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 6 / 20، وما بعدها.
(3) العيشي، بالعين المهملة والياء والشين وهو عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي القرشي نسب إلى جدته عائشة بنت طلحة، لانه من ذريتها، ثقة جواد من رجال " التهذيب " وانظر " المشتبه " 2 / 436.
(*)

(9/115)


قال أبو داود: أرواهم عن الجريري إسماعيل ابن علية.
وقال أبو جعفر أحمد بن سعيد الدارمي: لا يعرف لابن علية غلط إلا في حديث جابر في المدبر، جعل اسم الغلام اسم المولى، واسم المولى اسم الغلام (1).
قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: أخبرنا بعض أصحابنا أن ابن علية لم يضحك منذ عشرين سنة.
وقال محمد بن المثنى: بت ليلة عند ابن علية، فقرأ ثلث القرآن، وما رأيته ضحك قط.
قال عبيد الله العيشي: حدثنا الحمادان أن أبن المبارك كان يتجر، ويقول: لولا خمسة ما تجرت: السفيانان، وفضيل بن عياض، وابن السماك، وابن علية.
فيصلهم.
فقدم ابن المبارك سنة، فقيل له: قد ولي ابن علية القضاء.
فلم يأته، ولم يصله، فركب إليه ابن علية، فلم يرفع به رأسا، فانصرف، فلما كان من الغد، كتب إلى عبد الله رقعة يقول: قد كنت منتظرا لبرك، وجئتك، فلم تكلمني، فما رأيت
__________
(1) أخرجه مسلم (997) في الزكاة: باب الابتداء في النفقة بالنفس ثم أهله، ثم القرابة من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر أن رجلا من الانصار (يقال له أبو مذكور) أعتق غلاما له عن دبر يقال له يعقوب، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألك مال غيره ؟ فقال: لا، فقال: من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي ثمان مئة درهم، فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفعها إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك، فتصدق عليها، فإن فضل شئ، فلاهلك، فإن فضل عن أهلك شئ، فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شئ، فهكذا وهكذا " يقول: فبين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك.
وأخرجه أبو داود (3957)، والنسائي 7 / 304 من
طريق إسماعيل ابن علية.
عن أيوب به.
وانظر البخاري 4 / 296 و 349 و 5 / 49 و 119، 120، و 11 / 520، وسنن أبي داود (3955) و (3956)، والترمذي (1219).
(*)

(9/116)


مني ؟ فقال ابن المبارك: يأبى هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا.
ثم كتب إليه: يا جاعل العلم له بازيا * يصطاد أموال المساكين الابيات المذكورة (1).
فلما قرأها، قام من مجلس القضاء، فوطئ بساط هارون الرشيد، وقال: الله الله ارحم شيبتي.
فإني لا أصبر على الخطأ.
فقال: لعل هذا المجنون أغرى عليك.
ثم أعفاه، فوجه إليه ابن المبارك بالصرة (2).
هذه حكاية منكرة من جهة أن العيشي يرويها عن الحمادين، وقد ماتا قبل هذه القصة بمدة، ولعل ذلك أدرجه العيشي.
قال سهل بن شاذويه: سمعت علي بن خشرم يقول: قلت لوكيع: رأيت إسماعيل ابن علية يشرب النبيذ حتى يحمل على الحمار، يحتاج من يرده إلى منزله ! فقال وكيع: إذا رأيت البصري يشرب، فاتهمه.
قلت: وكيف ؟ قال: إن الكوفي يشربه تدينا، والبصري يتركه تدينا (3).
وهذه حكاية غريبة، ما علمنا أحدا غمز إسماعيل بشرب المسكر قط، وقد انحرف بعض الحفاظ عنه بلا حجة، حتى إن منصور بن سلمة الخزاعي تحدث مرة، فسبقه لسانه، فقال: حدثنا إسماعيل ابن علية، ثم قال: لا، ولا كرامة، بل أردت زهيرا.
وقال: ليس من قارف الذنب كمن لم يقارفه.
أنا والله استتبته.
__________
(1) تقدمت في الصفحة 110.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 235، 236، و " طبقات الحنابلة " 1 / 100، 101.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 237.
(*)

(9/117)


قلت: يشير إلى تلك الهفوة الصغيرة، وهذا من الجرح المردود، وقد اتفق علماء الامة على الاحتجاج بإسماعيل بن إبراهيم العدل المأمون.
وقد قال عبد الصمد بن يزيد مردويه: سمعت إسماعيل ابن علية يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
وقد كان بين ابن طبرزد وبين ابن علية أربعة أنفس في حديثين مشهورين من " الغيلانيات "، وهذا غاية في العلو، رواهما عن ابن الحصين، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا موسى بن سهل، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (1).
أخبرناه أحمد بن عبد السلام، وجماعة، كتابة بسماعهم من عمر ابن طبرزد.
قرأت على أبي الحسن علي بن أحمد الغرافي، أخبركم محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله، أخبرنا محمد بن محمد الهاشمي، أخبرنا أبو طاهر الذهبي، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا المؤمل بن هشام اليشكري، ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1869) (94) من طريق زهير بن حرب، عن إسماعيل ابن علية بهذا الاسناد، وأخرجه مالك 2 / 446 في الجهاد: باب النهي أن يسافر
بالقرآن إلى أرض العدو، ومن طريقه البخاري 6 / 93 في الجهاد: باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، ومسلم (1869) في الامارة: باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم، وأبو داود (2610) في الجهاد: باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو، عن نافع عن ابن عمر.
(*)

(9/118)


إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا أيوب، عن محمد، قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا، وهي حائض، فأمر أن يراجعها، فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير الباهلي - وكان ذا ثبت (1) فحدثني أنه سأل ابن عمر فحدثه أنه طلقها واحدة، وهي حائض، فأمر أن يراجعها.
قال: فقلت له: أفحسبت عليه ؟ قال: فمه، أو إن عجز (2).
قال أحمد، والفلاس، وزياد بن أيوب، ومحمود بن خداش وطائفة: مات ابن علية في سنة ثلاث وتسعين ومئة.
وقال يعقوب السدوسي: ابن علية ثبت جدا، توفي يوم الثلاثاء
__________
(1) أي: متثبتا.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1471) (7) في الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها وأنه لو خالف وقع الطلاق، من طريق علي بن حجر السعدي، عن إسماعيل بن إبراهيم بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 9 / 426 في النكاح: باب مراجعة الحائض من طريق حجاج، حدثنا يزيد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن سيرين، حدثني يونس ابن جبير: سألت ابن عمر، فقال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " مره فليراجعها، ثم يطلق من قبل عدتها " قلت: أفتعتد بتلك التطليقة ؟ قال: " أرأيت إن عجز واستحمق ".
والحديث أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 576، ومن طريقه
البخاري 9 / 301 و 306 في الطلاق: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، ومسلم (1471)، وأبو داود (2179)، والنسائي 6 / 138، وأخرجه الترمذي (1175) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن يونس بن جبير.
وقوله (فمه): قال الحافظ في " الفتح ": أصله فما، وهو استفهام فيه اكفتاء، أي فمن تكون إن لم تحتسب، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية، وهي كلمة تقال للزجر، أي: كف عن هذا الكلام، فإنه لا بد من وقوع الطلاق بذلك.
قال ابن عبد البر: قول ابن عمر: فمه، معناه: فأي شئ يكون إذا لم يعتد بها، إنكارا لقول السائل: أيعتد بها ؟ فكأنه قال: وهل من ذلك بد ؟ وقوله: أرأيت إن عجز واستحمق، أي: إن عجز عن فرض فلم يقمه، أو استحمق فلم يأت به، أيكون ذلك عذرا له ؟ !.
وانظر في فقه هذا الحديث لزاما " زاد المعاد " 5 / 218 - 240، نشر مؤسسة الرسالة و " فتح الباري " 9 / 307 - 310.
(*)

(9/119)


لثلاث عشرة خلت من ذي القعدة، سنة ثلاث وتسعين.
وقال يعقوب بن سفيان الحافظ: عن محمد بن فضيل، قال: كنا بمكة سنة ثلاث وتسعين، فقدم علينا راشد الخفاف، فقال: دفنا إسماعيل ابن علية يوم الخميس لخمس أو ست بقين من ذي القعدة، وقال: سرنا تسعة أيام - يريد سار من بغداد إلى مكة في هذه المدة اليسيرة، وهذا سير سريع - وأما من قال: مات سنة أربعة وتسعين، فقد غلط.

39 - عبدالرحمن بن القاسم * (خ، س) عالم الديار المصرية ومفتيها، أبو عبد الله العتقي (1) مولاهم المصري صاحب مالك الامام.
روى عن مالك، وعبد الرحمن بن شريح، ونافع بن أبي نعيم
المقرئ، وبكر بن مضر، وطائفة قليلة.
وعنه: أصبغ، والحارث بن مسكين، وسحنون، وعيسى بن مثرود، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وآخرون.
__________
* طبقات خليفة: ت 2388، تاريخ خليفة: 398، المعارف: 175، الانتقاء لابن عبد البر: 50، طبقات الشيرازي: 65، ترتيب المدارك 2 / 433، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 303، وفيات الاعيان 3 / 129، تهذيب الكمال: لوحة 814، تذهيب التهذيب 2 / 225 / 1، العبر 1 / 307، تذكرة الحفاظ 1 / 356، الكاشف 2 / 181، دول الاسلام 1 / 121، الديباج المذهب 1 / 465 - 468، تهذيب التهذيب 6 / 252، طبقات الحفاظ: 50، خلاصة تذهيب الكمال: 233، شذرات الذهب 1 / 329.
(1) قال ابن خلكان 3 / 129: هو بضم العين وفتح التاء المثناة من فوقها، وبعدها قاف، هذه النسبة إلى العتقاء، وليسوا من قبيلة واحدة بل هم من قبائل شتى، منهم من حجر حمير، ومن سعد العشيرة، ومن كنانة مضر، وعامتهم بمصر.
وعبد الرحمن هذا: هو مولى زبيد بن الحارث العتقي، وكان زبيد من حجر حمير.
(*)

(9/120)


وكان ذا مال ودنيا، فأنفقها في العلم، وقيل: كان يمتنع من جوائز السلطان، وله قدم في الورع والتأله.
قال النسائي: ثقة مأمون.
وقال الحارث بن مسكين: سمعته يقول: اللهم امنع الدنيا مني، وامنعني منها.
وعن مالك: أنه ذكر عنده ابن القاسم، فقال: عافاه الله، مثله كمثل جراب مملوء مسكا.
وقيل: إن ملكا سئل عنه، وعن ابن وهب، فقال: ابن وهب
رجل عالم، وابن القاسم فقيه.
وعن أسد بن الفرات قال: كان ابن القاسم يختم كل يوم وليلة ختمتين.
قال: فنزل بي حين جئت إليه عن ختمة رغبة في إحياء العلم.
وبلغنا عن ابن القاسم قال: خرجت إلى الحجاز اثنتي عشرة مرة، أنفقت في كل مرة ألف دينار وعن ابن القاسم قال: ليس في قرب الولاة ولا في الدنو منهم خير.
أحمد ابن أخي ابن وهب: حدثنا عمي قال: خرجت إنا وابن القاسم بضع عشرة سنة إلى مالك، فسنة أسأل أنا مالكا، وسنة يسأله ابن القاسم.
وروى الحارث بن مسكين عن أبيه قال: كان ابن القاسم وهو

(9/121)


حدث في العبادة أشهر منه في العلم.
ثم قال الحارث: كان في ابن القاسم العبادة والسخاء والشجاعة والعلم والورع والزهد.
محمد بن وضاح: أخبرني ثقة ثقة، عن علي بن معبد، قال: رأيت ابن القاسم في النوم، فقلت: كيف وجدت المسائل ؟ فقال: أف أف.
قلت: فما أحسن ما وجدت ؟ قال: الرباط بالثغر.
قال: ورأيت ابن وهب أحسن حالا منه.
وقال سحنون: رأيته في النوم، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: وجدت عنده ما أحببت.
قلت: فأي عمل وجدت ؟ قال: تلاوة القرآن قلت: فالمسائل ؟ فأشار يلشيها (1).
وسألته عن ابن وهب، فقال: في
عليين.
قال الطحاوي: بلغني عن ابن القاسم قال: ما أعلم في فلان عيبا إلا دخوله إلى الحكام، ألا اشتغل بنفسه ؟ ! قال سعيد بن الحداد: سمعت سحنون يقول: كنت إذا سألت ابن القاسم عن المسائل، يقول لي: يا سحنون، أنت فارغ، إني لاحس في رأسي دويا كدوي الرحا - يعني من قيام الليل - قال: وكان قلما يعرض لنا إلا وهو يقول: اتقوا الله، فإن قليل هذا الامر مع تقوى الله كثير، وكثيره مع غير تقوى الله قليل.
وعن سحنون قال: لما حججنا كنت أزامل ابن وهب، وكان أشهب يزامله يتيمه، وكان ابن القاسم يزامله ابنه موسى، فكنت إذا
__________
(1) أي أننا وجدناها لا شئ.
وفي " المدارك " 2 / 446: فقال: لا، وأشار بيده، أي: وجدناها هباء.
(*)

(9/122)


نزلت، ذهبت إلى ابن القاسم أسائله من الكتب، وأقرأ عليه إلى قرب الرحيل، فقال لي ابن وهب وأشهب: لو كلمت صاحبك يفطر عندنا، فكلمته، فقال: إنه ليثقل علي ذلك، قلت: فبم يعلم القوم مكاني منك ؟ فقال: إذا عزمت على ذلك، فأنا أفعل.
فأتيت فأعلمتهما، فلما كان وقت التعريس قام معي، فأصبت أشهب وقد فرش أنطاعه، وأتى من الاطعمة بأمر عظيم، وصنع ابن وهب دون ذلك، فلما أتى عبدالرحمن، سلم، وقعد، ثم أدار عينه في الطعام، فإذا سكرجة (1) فيها دقة (2)، فأخذها بيده، فحرك الابزار حتى صارت ناحية، ولعق من الملح ثلاث لعقات، وهو يعلم أن أصل ملح مصر طيب، ثم قام، وقال: بارك الله
لكم، واستحييت أن أقوم، قال: فتكلم أشهب، وعظم عليه ما فعل، قال له ابن وهب: دعه، دعه، وكنا نمشي بالنهار، ونلقي المسائل، فإذا كان في الليل، قام كل واحد إلى حزبه من الصلاة.
فيقول ابن وهب لاصحابه: ما ترون إلى هذا المغربي، يلقي المسائل بالنهار، وهو لا يدرس بالليل ؟ فيقول له ابن القاسم: هو نور يجعله الله في القلوب.
قال: ونزلنا بمسجد ببعض مدائن الحجاز، فنمنا، فانتبه ابن القاسم مذعورا، فقال لي: يا أبا سعيد، رأيت الساعة كأن رجلا دخل علينا من باب هذا المسجد، ومعه طبق مغطى وفيه رأس خنزير.
أسأل الله خيرها.
فما لبثنا حتى أقبل رجل معه طبق مغطى بمنديل، وفيه رطب من تمر تلك القرية، فجعله بين يدي ابن القاسم، وقال: كل،
__________
(1) هي ما يوضع فيه الكوامخ، ونحوها من الجوارش على المائدة حول الاطعمة للتشهي والهضم.
(2) وهي التوابل، وما خلط بها من الابزار، أو الملح وما خلط به من الابزار.
(*)

(9/123)


قال: ما إلى ذلك من سبيل.
قال: فأعطه أصحابك.
قال: أنا لا آكله، أعطيه غيري ! فانصرف الرجل، فقال لي ابن القاسم: هذا تأويل الرؤيا.
وكان يقال: إن تلك القرية أكثرها وقف غصبت.
قال الحارث بن مسكين: كان ابن القاسم في الورع والزهد شيئا عجيبا.
أخبرنا يوسف بن أبي نصر، وعبد الله بن قوام وجماعة قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك، أخبرنا عبد الاول، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا أبو محمد بن حمويه، أخبرنا محمد بن يوسف،
حدثنا أبو عبد الله البخاري، حدثنا سعيد بن تليد، حدثنا ابن القاسم، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو لبثت في السجن مثل ما لبث يوسف، ثم جاءني الداعي، لاجبته (1) " الحديث.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو محمد العثماني، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن شبل، أخبرنا عبد الحق بن محمد بن هارون الفقيه، حدثنا الحسين بن عبد الله الاجدابي، حدثنا هبة الله بن أبي عقبة التميمي، حدثنا جبلة بن حمود الصدفي، حدثنا
__________
(1) هو في " صحيح البخاري " 8 / 277 في تفسير سورة يوسف: باب قوله (فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك) ولفظه عنده بتمامه: " يرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لاجبت الداعي، ونحن أحق من إبراهيم إذ قال له (أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).
وهو عنده أيضا برقم (3372) و (3387) و (4537) و (4694) من طريق ابن شهاب الزهري.
(*)

(9/124)


سحنون، أخبرني عبدالرحمن بن القاسم، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله: إذا أحب عبدي لقائي، أحببت لقاءه، وإذا كره لقائي، كرهت لقاءه " (1).
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا محمد بن غسان، أخبرنا علي ابن الحسن الحافظ، أخبرنا أبو القاسم النسيب، أخبرنا أبو القاسم السميساطي، أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن، أخبرنا ابن جوصا، حدثنا
عيسى بن مثرود، حدثنا عبدالرحمن بن القاسم، حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، ثم يضطجع على شقه الايمن حتى يأتيه المؤذن، فيصلي ركعتين خفيفتين.
رواه مسلم (2) وحده، عن يحيى بن يحيى التميمي، عن مالك.
قال أبو سعيد بن يونس: ولد ابن القاسم سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وتوفي في صفر سنة إحدى وتسعين ومئة، رحمه الله، عاش تسعا وخمسين سنة.

40 - محمد بن يوسف * ابن معدان، الزاهد العابد القدوة، أبو عبد الله الاصبهاني، عروس الزهاد.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 240، والبخاري 13 / 392 في التوحيد: باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله..) من طريق مالك بهذ الاسناد.
(2) رقم (736) في صلاة المسافرين: باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في الليل...* الجرح والتعديل 8 / 121، حلية الاولياء 8 / 225 - 237، تاريخ أصبهان 2 / 171، 173، صفة الصفوة 4 / 63، البداية 10 / 389، النجوم الزاهرة 2 / 117.
(*)

(9/125)


له حديث واحد، وهو منكر (1).
وروى عن: يونس بن عبيد، والاعمش، وأبان، والحمادين.
آثارا.
وعنه: ابن مهدي، والقطان، وابن المبارك، والشاذكوني،
وزهير بن عباد، وصالح بن مهران، وآخرون.
وكان ابن المبارك يأتيه، ويحبه.
وهو من أجداد أبي نعيم الحافظ لابيه.
قال يحيى القطان: ما رأيت خيرا منه، فذكر له الثوري، فقال: هذا شئ، وهذا شئ.
وكان لا يضع جنبه، وقد رابط وزار قبر أبي إسحاق الفزاري، وكان يأتيه في العام من أصبهان سبعون دينارا، فيحج، ويرجع إلى الثغر، رحمه الله.
41 - خالد بن الحارث * (ع) ابن عبيد، بن سليمان، بن عبيد، بن سفيان.
ويقال: خالد بن
__________
(1) أخرجه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 2 / 172، وفي " الحلية " 8 / 237 من طريق محمد بن يوسف هذا، عن عمر بن صبح، عن أبان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يحول الله تعالى يوم القيامة ثلاث قرى من زبرجدة خضراء تزف إلى أزواجهن.
عسقلان، والاسكندرية، وقزوين " وعمر بن صبح، متروك كذبه ابن راهويه، وشيخه أبان - وهو ابن أبي عياش -: متروك أيضا، فالخبر باطل.
* التاريخ لابن معين: 142، طبقات ابن سعد 7 / 291، طبقات خليفة: ت 1908، تاريخ خليفة: 457، التاريخ الكبير 3 / 145، التاريخ الصغير 2 / 201، 238، الجرح والتعديل 3 / 325، مشاهير علماء الامصار: ت 1272، تهذيب الكمال: لوحة 354، تذهيب = (*)

(9/126)


الحارث، بن سليم، بن عبيد، بن سفيان، الحافظ الحجة، الامام أبو عثمان الهجيمي البصري، وبنو الهجيم من بني العنبر من تميم.
روى عن: هشام بن عروة، وحميد الطويل، وأيوب، وأشعث بن
عبدالملك الحمراني، وعبد الملك بن أبي سليمان، وعوف، وابن عون، وبشر بن صحار، وعبد الحميد بن جعفر، وابن أبي عروبة، وشعبة، وابن عجلان، وحسين المعلم، وخلق كثير.
وكان من أوعية العلم، كثير التحري، مليح الاتقان، متين الديانة.
حدث عنه: شعبة - وهو من شيوخه - ومسدد، وأحمد بن حنبل، وابن المديني، وعمرو بن علي، وإسحاق بن راهويه، وحميد بن مسعدة، ومحمد بن المثنى، ونصر بن علي، وأحمد بن المقدام، والحسن بن قزعة، والحسن بن عرفة، وهو آخر من روى عنه.
روى محمد بن عبد الله بن عمار، أن يحيى القطان قال: ما رأيت أحدا خيرا من سفيان وخالد بن الحارث.
وروى الاثرم، عن أحمد بن حنبل، قال: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة - يعني خالدا.
وروى المروذي، عن أحمد، قال: كان خالد بن الحارث يجئ بالحديث كما يسمع، وكان ابن مهدي يجئ بالحديث كما يسمع،
__________
= التهذيب 1 / 186 / 1، العبر 1 / 293، تذكرة الحفاظ 1 / 309، الكاشف 1 / 266، ودول الاسلام 1 / 118، تهذيب التهذيب 3 / 92، طبقات الحفاظ: 127، خلاصة تذهيب الكمال: 99، شذرات الذهب 1 / 309.
(*)

(9/127)


وكان وكيع يجهد أن يجئ بالحديث كما يسمع، وكان ربما قال في الحرف أو الشئ: يعني كذا.
وقال أبو زرعة: كان يقال له: خالد الصدوق.
وقال أبو حاتم: ثقة إمام.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
وقال عمرو بن علي: ولد سنة عشرين ومئة، ومات سنة ست وثمانين ومئة، فرأيت معتمرا وبشر بن المفضل في جنازته.
وقال ابن سعد: مات بالبصرة سنة ست.
أخبرنا أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم الحنبلي في كتابه، عن عبد المنعم بن كليب، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خالد بن الحارث البصري، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، أخبرنا قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث، أنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يحاذي بهما فروع أذنيه " (1).
أخرجه مسلم، والنسائي، من حديث سعيد وشعبة عن قتادة.

42 - إبراهيم بن الاغلب * التميمي، أمير المغرب، دخل إلى القيروان، فبايعوه، وانضم
__________
(1) أخرجه مسلم (391) في الصلاة باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الاحرام والركوع، والنسائي 2 / 182 في الافتتاح: باب رفع اليدين للركوع حذاء فروع الاذنين.
* تاريخ الطبري 8 / 272، الاستقصاء: 1 / 60، الكامل لابن الاثير: 6 / 155، = (*)

(9/128)


إليه خلق، فأقبل يلاطف نائب القيروان هرثمة بن أعين، فاستعمله على ناحية الزاب، فضبطها، وآخر أمره استعمله على المغرب الرشيد، وعظم، وأحبه أهل المغرب (1).
وكان فصيحا، خطيبا، شاعرا، ذا دين وفقه وحزم وشجاعة وسؤدد.
أخذ عن الليث بن سعد وغيره.
بنى مدينة سماها العباسية، ومهد المغرب، وعاش ستا وخمسين سنة.
مات في شوال، سنة ست وتسعين ومئة، فقام بعده ابنه عبد الله.

43 - عبد الصمد بن علي * ابن حبر الامة عبد الله بن العباس بن عبدالمطلب، الامير الكبير، أبو محمد، الهاشمي، العباسي، عم السفاح والمنصور.
ولد بالبلقاء سنة نيف ومئة.
وحدث عن أبيه.
روى عنه المهدي وغيره.
__________
= 157، البيان المغرب 1 / 92، الوافي بالوفيات: 5 / 327، ابن خلدون 4 / 196.
(1) قال ابن عذاري: لم يل إفريقية أحسن سيرة، ولا أحسن سياسة، ولا أرأف برعية، ولا أوفى بعهد، ولا أرعى لحرمة منه.
* تاريخ خليفة: 457، المعارف: 374، الضعفاء للعقيلي: لوحة 259، الجرح والتعديل 6 / 50، تاريخ بغداد 11 / 37، وفيات الاعيان 3 / 195، العبر 1 / 290، ميزان الاعتدال 2 / 620، دول الاسلام 1 / 118، نكت الهميان 193، شذرات الذهب 1 / 307.
(*)

(9/129)


قيل: مات بأسنان اللبن، وكانت ملتصقة.
وكان عظيم الخلقة ضخما، وقد خرج عند موت السفاح مع أخيه عبد الله على المنصور، وحاربهما أبو مسلم الخراساني، وتقلبت به
الايام، وعاش إلى الآن (1)، وكان الرشيد يجله ويحترمه.
ولي إمرة دمشق، وإمرة البصرة، وغير ذلك.
ويروي عنه إسماعيل ابنه، وعبد الواحد ويعقوب ابنا جعفر ابن أخيه سليمان بن علي.
وله حديث سمعناه في " جزء البانياسي " في إكرام الشهود (2)، وهو منكر من رواية عبد الصمد بن موسى الهاشمي أمير الحج، عن عمه إبراهيم ابن محمد بن إبراهيم، عنه عن أبيه.
عن جده.
وكان في تعدد النسب نظير يزيد الخليفة، وسعيد بن زيد أحد العشرة.
وقد أضر بأخرة كأبيه وجده.
وأمه هي كثيرة التي شبب بها ابن قيس الرقيات (3) حيث يقول: عاد له من كثيرة الطرب * فعينه بالدموع تنسكب (4)
__________
(1) أي: امتدت حياته إلى زمن الرشيد (2) تقدم تخريجه في الصفحة 89 في ترجمة محمد بن إبراهيم.
(3) هو عبيد الله بن قيس، قال ابن سلام في " الطبقات " 2 / 647: إنما نسب إلى الرقيات، لان جدات له توالين، يسمين رقية، وقال أبو الفرج في " الاغاني " 5 / 73: لانه شبب بثلاث نسوة سمين جميعا رقية، منهن رقية بنت عبد الواحد بن أبي سعيد بن قيس بن وهب بن أهبان بن ضباب بن حجير..وابنة عم لها يقال لها: رقية، وامرأة من بني أمية يقال لها: رقية، وكان هواه في رقية بنت عبد الواحد.
(4) البيت مطلع قصيدة من كريم الشعر وفاخره في " ديوانه ": 1 - 6، وانظر تخريجها هناك، ونقل أبو الفرج في " أغانيه " عن الاصمعي قوله: كثيرة هذه امرأة نزل بها بالكوفة، فآوته، = (*)

(9/130)


مات عبد الصمد بالبصرة سنة خمس وثمانين ومئة، وعمره ثمانون
سنة.
44 - الكسائي * الامام، شيخ القراءة والعربية، أبو الحسن علي بن حمزة، بن عبد الله، بن بهمن، بن فيروز الاسدي، مولاهم الكوفي، الملقب بالكسائي لكساء أحرم فيه.
تلا على ابن أبي ليلى عرضا، وعلى حمزة (1).
وحدث عن جعفر الصادق، والاعمش، وسليمان بن أرقم، وجماعة.
وتلا أيضا على عيسى بن عمر المقرئ.
__________
= قال ابن قيس: فأقمت عندها سنة تروح وتغدو علي بما أحتاج إليه، ولا تسألني عن حالي، ولا نسبي، فبينا أنا بعد سنة مشرف من جناح إلى الطريق إذا أنا بمنادي عبدالملك ينادي ببراءة الذمة ممن أصبت عنده، فأعلمت المرأة أني راحل، فقالت: لا يروعنك ما سمعته، فإن هذا نداء شائع مند نزلت بنا، فإن أردت المقام، ففي الرحب والسعة، وإن أردت الانصراف، أعلمتني، فقلت لها: لابد لي من الانصراف، فلما كان الليل، قدمت إلي راحلة عليها جميع ما أحتاج إليه في سفري، فقلت لها: من أنت - جعلت فداك - لاكافئك ؟ قالت: ما فعلت هذا لتكافئني، فانصرفت، ولا والله ما عرفتها إلا أني سمعتها تدعى باسمها " كثيرة " فذكرتها في شعري.
* التاريخ الكبير 6 / 268، التاريخ الصغير 2 / 247، المعارف: 545، الجرح والتعديل 6 / 182، مراتب النحويين: 74، 75، طبقات النحويين: 138، 142، الفهرست لابن النديم: 29، تاريخ بغداد 11 / 403، المقتبس: 283، 291، الانساب 10 / 419، نزهة الالباء 67، 75، معجم الادباء 13 / 167، 203، إنباه الرواة 2 / 256، 274، وفيات الاعيان 3 / 295، تاريخ أبي الفداء 2 / 17، دول الاسلام 1 / 120، العبر 1 / 302، مرآة الجنان 1 / 421، 422، البداية والنهاية 11 / 201، 202، تهذيب التهذيب 7 / 313، 314، غاية
النهاية 1 / 535، النجوم الزاهرة 2 / 130، بغية الوعاة 2 / 162، 165، طبقات المفسرين: 1 / 399، شذرات الذهب 1 / 321، معرفة القراء 1 / 100 - 107.
(1) هو حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، المتوفى سنة (156 ه) أحد القراء السبعة.
(*)

(9/131)


واختار قراءة اشتهرت، وصارت إحدى السبع وجالس في النحو الخليل، وسافر في بادية الحجاز مدة للعربية، فقيل: قدم وقد كتب بخمس عشرة قنينة خبر.
وأخذ عن يونس (1).
قال الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو، فهو عيال على الكسائي.
قال ابن الانباري: اجتمع فيه أنه كان أعلم الناس بالنحو، وواحدهم في الغريب، وأوحد في علم القرآن، كانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط عليهم، فكان يجمعهم، ويجلس على كرسي، ويتلو وهم يضبطون عنه حتى الوقوف.
قال إسحاق بن إبراهيم: سمعت الكسائي يقرأ القرآن على الناس مرتين.
وعن خلف، قال: كنت أحضر بين يدي الكسائي وهو يتلو، وينقطون على قراءته مصاحفهم.
تلا عليه: أبو عمر الدوري، وأبو الحارث الليث، ونصير (2) بن يوسف الرازي، وقتيبة بن مهران الاصبهاني، وأحمد بن أبي سريج، وأحمد بن جبير الانطاكي، وأبو حمدون الطيب، وعيسى بن سليمان الشيزري، وعدة.
__________
(1) هو يونس بن حبيب الضبي النحوي، إمام نحاة البصرة في عصره، المتوفى (182
ه).
أخذ عنه سيبويه، والكسائي، والفراء، وغيرهم من الائمة.
(2) تحرف في المطبوع من " العبر " 1 / 434 إلى نصر، وهو مترجم في " غاية النهاية " 2 / 340، 341.
(*)

(9/132)


ومن النقلة عنه: يحيى الفراء، وأبو عبيد، وخلف البزار.
وله عدة تصانيف منها: معاني القرآن، وكتاب في القراآت.
وكتاب النوادر الكبير، ومختصر في النحو، وغير ذلك.
وقيل: كان أيام تلاوته على حمزة يلتف في كساء، فقالوا: الكسائي.
ابن مسروق: حدثنا سلمة، عن عاصم، قال الكسائي: صليت بالرشيد، فأخطأت في آية ما أخطأ فيها صبي، قلت: " لعلهم يرجعين "، فوالله ما اجترأ الرشيد أن يقول: أخطأت، لكن قال: أي لغة هذه ؟ قلت: يا أمير المؤمنين، قد يعثر الجواد.
قال: أما هذا، فنعم (1).
وعن سلمة، عن الفراء: سمعت الكسائي يقول: ربما سبقني لساني باللحن.
وعن خلف بن هشام: أن الكسائي قرأ على المنبر: (أنا أكثر منك مالا) بالنصب، فسألوه عن العلة، فثرت في وجوههم، فمحوه فقال لي: يا خلف، من يسلم من اللحن ؟.
وعن الفراء قال: إنما تعلم الكسائي النحو علي كبر (2)، ولزم
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 407، 408، و " غاية النهاية " 1 / 538، و " إنباه الرواة " 2 / 263، ونصه بتمامه: صليت بهارون الرشيد، فأعجبتني قراءتي، فغلطت في آية
ما أخطأ فيها صبي قط، أردت أن أقول (لعلهم يرجعون) فقلت " لعلهم يرجعين " قال: فوالله ما اجترأ هارون أن يقول لي: أخطأت، ولكنه لما سلمت، قال لي: يا كسائي أي لغة هذه ؟ قلت يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد، فقال: أما هذا، فنعم.
(2) وكان سبب تعلمه أنه جاء يوما وقد مشى حتى أعيى، فجلس إلى قوم فيهم فضل، = (*)

(9/133)


معاذا الهراء مدة، ثم خرج إلى الخليل.
قلت: كان الكسائي ذا منزلة رفيعة عند الرشيد، وأدب ولده الامين، ونال جاها وأموالا، وقد ترجمته في أماكن.
سار مع الرشيد، فمات بالري بقرية أرنبوية سنة تسع وثمانين ومئة عن سبعين سنة، وفي تاريخ موته أقوال، فهذا أصحها.

45 - محمد بن الحسن * ابن فرقد، العلامة، فقيه العراق، أبو عبد الله الشيباني، الكوفي، صاحب أبي حنيفة.
ولد بواسط، ونشأ بالكوفة.
وأخذ عن أبي حنيفة بعض الفقه، وتمم الفقه على القاضي أبي يوسف.
وروى عن: أبي حنيفة، ومسعر، ومالك بن مغول، والاوزاعي، ومالك بن أنس.
__________
= وكان يجالسهم كثيرا، فقال: قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن، فقال: كيف لحنت ؟ فقالوا: إن كنت أردت من التعب: فقل: " أعييت "، وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الامر، فقل: " عييت " مخففة، فأنف من هذه الكلمة، وقام من فوره، فسأل عمن يعلم النحو، فأرشدوه إلى معاذ الهراء، فلزمه حتى أنفذ ما عنده " نزهة الالباء ": 68، و " إنباه الرواة "
2 / 257، 258.
* التاريخ لابن معين: 511، تاريخ خليفة: 458، المعارف 500، 545، الضعفاء للعقيلي لوحة 376، الجرح والتعديل 7 / 227، المجروحين 2 / 275 - 276، الفهرست: 257، تاريخ بغداد: 2 / 172 - 182، طبقات الشيرازي: 135، الانساب 7 / 433، اللباب 2 / 219، وفيات الاعيان 4 / 184، العبر 1 / 302، المغني في الضعفاء 2 / 219، دول الاسلام 1 / 120، ميزان الاعتدال 3 / 513، لسان الميزان 5 / 121، شذرات الذهب 1 / 321، الفوائد البهية: 163.
(*)

(9/134)


أخذ عنه: الشافعي فأكثر جدا، وأبو عبيد، وهشام بن عبيد الله، وأحمد بن حفص فقيه بخارى، وعمرو بن أبي عمرو الحراني، وعلي ابن مسلم الطوسي، وآخرون.
وقد سقت أخباره في جزء مفرد (1).
قال ابن سعد: أصله جزري، سكن أبوه الشام، ثم ولد له محمد سنة اثنتين وثلاثين ومئة، غلب عليه الرأي، وسكن بغداد.
قلت: ولي القضاء للرشيد بعد القاضي أبي يوسف، وكان مع تبحره في الفقه يضرب بذكائه المثل.
كان الشافعي يقول: كتبت عنه وقريختي (2)، وما ناظرت سمينا أذكى منه، ولو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن، لقلت لفصاحته.
وقال الشافعي: قال محمد بن الحسن: أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا، وسمعت من لفظه سبع مئة حديث (3).
__________
(1) وقد طبع مع ترجمة أبي حنيفة وأبي يوسف بتحقيق المرحوم العلامة الشيخ زاهد
الكوثري.
(2) البختي:: واحد البخت، وهي الابل، وفي " لسان الميزان " 5 / 121: حملت عن محمد وقر بعير كتبا.
(3) وروى عنه " الموطأ "، وروايته تعد من أجود الروايات إن لم تكن أجودهما مطلقا، لانه سمعه من لفظه بترو في مدة ثلاث سنوات، ولانه يذكر بعد أحاديث الابواب ما إذا كانت تلك الاحاديث مما أخذ به فقهاء العراق، أو خالفوه مع سرد الاحاديث، وفيه تتجلى شخصية محمد بن الحسن المستقلة في الاجتهادات الكثيرة التي خالف فيها مالكا وأبا حنيفة وأصحابه وهو مطبوع بالهند أكثر من مرة بشرح العلامة اللكنوي المسمى بالتعليق الممجد، وطبع بدون شرح بمصر سنة 1382 ه بتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
(*)

(9/135)


وقال ابن معين: كتبت عنه " الجامع الصغير " قال إبراهيم الحربي: قلت للامام أحمد: من أين لك هذه المسائل الدقاق ؟ قال: من كتب محمد بن الحسن.
قيل: إن محمدا لما احتضر، قيل له: أتبكي مع العلم ؟ قال: أرأيت إن أوقفني الله، وقال: يا محمد، ما أقدمك الري ؟ الجهاد في سبيلي، أم ابتغاء مرضاتي ؟ ماذا أقول ؟ قلت: توفي إلى رحمة الله سنة تسع وثمانين ومئة بالري.

46 - المحاربي * (ع) الحافظ، الثقة، أبو محمد، عبدالرحمن بن محمد بن زياد، الكوفي.
ولد في دولة هشام بن عبدالملك.
وحدث عن: عبدالملك بن عمير، وليث بن أبي سليم،
وإسماعيل بن أبي خالد، والاعمش، وفضيل بن غزوان، وجويبر بن سعيد، وجبريل بن أحمر، وعاصم الاحول، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ومطرح بن يزيد، وعمار بن سيف، وعمر بن ثابت الرازي، والليث بن سعد، وخلق.
__________
* التاريخ لابن معين: 357، طبقات ابن سعد 6 / 392، طبقات خليفة ت 1316، التاريخ الكبير 5 / 347، الضعفاء للعقيلي لوحة 227، مشاهير علماء الامصار ت 1372، تهذيب الكمال لوحة 816، تذهيب التهذيب 2 / 227 / 2، العبر 1 / 319، ميزان الاعتدال 2 / 585، تذكرة الحفاظ 1 / 312، الكاشف 2 / 184، تهذيب التهذيب 6 / 265، النجوم الزاهرة 2 / 148، طبقات الحفاظ: 129، خلاصة تذهيب الكمال: 234، شذرات الذهب 1 / 343.
(*)

(9/136)


روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبو كريب، وهناد بن السري، وأبو سعيد الاشج، والحسن بن عرفة، وعلي بن حرب، وابنا أبي شيبة، وخلق.
قال وكيع: ما كان أحفظه للطوال.
وقال يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: صدوق.
وذكره أبو داود، فقال: ابنه عبدالرحيم بن المحاربي أحفظ منه.
وقال أبو نعيم: كنا نكون عند سفيان الثوري، فإذا مر حديث من أحاديث الزهد، قال: ابن المحاربي، خذ إليك هذا من بابتك.
وقال يحيى بن معين: له أحاديث مناكير عن المجهولين.
وقال أبو حاتم أيضا: يروي عن المجهولين أحاديث منكرة، فيفسد
حديثه بذلك.
قال أبو جعفر العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: بلغنا أن المحاربي كان يدلس، ولا نعلم أنه سمع من معمر شيئا، وأنكر أبي روايته عن معمر، فقيل لابي: إن المحاربي يروي عن عاصم، عن أبي عثمان، عن جرير البجلي حديث: " تبنى مدينة بين دجلة ودجيل "، فقال أبي: كان المحاربي جليسا لسيف بن محمد، ابن أخت الثوري، وكان سيف كذابا، وأظن المحاربي سمع هذا منه (1).
قلت: لم يذكر عبد الله من حدثه بهذا عن المحاربي، فهو - إن
__________
(1) " الضعفاء ": 237 للعقيلي.
(*)

(9/137)


صح أن المحاربي حدث به - قوي الاسناد (1) على نكارته.
مات المحاربي في سنة خمس وتسعين ومئة.
أخبرنا محمد بن حازم، ومحمد بن علي بن فضل، وأحمد بن مؤمن، ومحمد بن علي السلمي، قالوا: أخبرنا الحسين بن هبة الله التغلبي، أخبرنا الحسين بن الحسن الاسدي، أخبرنا علي بن محمد المصيصي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا الحسين بن سهل بن الصياح ببلد، قالا: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد الامام، حدثنا علي بن حرب، حدثنا المحاربي، عن ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لان أمشي على جمرة أو سيف أحب إلي من أن أمشي على قبر أمرئ مسلم، وما أبالي وسط القبور قضيت حاجتي أم وسط السوق " (2) إسناده صالح.
__________
(1) كلا ليس بقوي الاسناد، فقد رواه الخطيب في " تاريخ بغداد " 1 / 28 و 29 و 30 و 31، و 32 و 33 و 35 و 9 / 311 و 10 / 203 و 14 / 55 عن جرير، وعن أنس، وفي سند الاول عمار بن سيف.
وهو متروك، وقال المؤلف في " ميزانه " 3 / 165: له حديث منكر جدا، وأورد هذا الحديث، وفي سند الثاني صالح بن بيان، وهو متروك أيضا، وقد أورد المؤلف في " الميزان " في ترجمته هذا الحديث، وقال: حديث باطل.
وذكره الشوكاني في " الفوائد المجموعة ": 434، 435، وقال: رواه الخطيب، وابن عدي، والطبراني عن أنس مرفوعا، وفي إسناده متروك ومجهول، والحديث منكر، وقال في " الميزان ": باطل، وفي " تنزيه الشريعة " 2 / 52 لابن عراق: أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " من حديث جرير بن عبد الله من ستة عشر طريقا، وأعلها كلها، فالخبر باطل.
(2) ورواه ابن ماجة (1567) في الجنائز: باب ما جاء في النهي عن المشي على القبور والجلوس عليها، من طريق محمد بن إسماعيل بن سمرة، حدثنا المحاربي، بهذا الاسناد.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 100 / 2: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، محمد بن إسماعيل وثقه أبو حاتم، والنسائي، وابن حبان، وباقي رجال الاسناد على شرط الشيخين، فقد احتجا بجميع رواته، ولم ينفرد به محمد بن إسماعيل بن سمرة، فقد رواه أبو يعلى الموصلي في = (*)

(9/138)


47 - يحيى بن سعيد * (ع) ابن أبان، بن سعيد، بن العاص، بن أبي أحيحة، سعيد بن العاص، بن أمية، بن عبد شمس، بن عبد مناف، بن قصي.
الامام المحدث، الثقة، النبيل، أبو أيوب القرشي، الاموي، الكوفي.
وله عدة إخوة.
وهو والد سعيد بن يحيى الاموي صاحب المغازي.
مولده: سنة بضع عشرة ومئة.
روى عن: يحيى بن سعيد الانصاري، هشام بن عروة، ويزيد ابن عبد الله بن أبي بردة، والاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وسفيان الثوري، وخلق كثير.
وحمل المغازي عن محمد بن إسحاق.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وسريج بن يونس، وولده سعيد بن يحيى، وحميد بن الربيع، وخلق.
قال أحمد بن حنبل: عنده عن الاعمش غرائب، وليس به بأس.
__________
= " مسنده ": حدثنا حفص بن عبد الله أبو عمر الحلواني، حدثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي، فذكره بزيادة، وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه مسلم، والنسائي، وابن ماجة، ورواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث أبي مرثد الغنوي.
* التاريخ لابن معين: 644، طبقات ابن سعد 7 / 339، التاريخ الكبير 8 / 277، التاريخ الصغير 2 / 275، المعارف: 514، الجرح والتعديل 9 / 151، مشاهير علماء الامصار: ت 1391، تاريخ بغداد 14 / 132، 135، تهذيب الكمال 1498، تذهيب التهذيب 4 / 154 / 2، العبر 1 / 315، تذكرة الحفاظ 1 / 325، الكاشف 3 / 256، تهذيب التهذيب 11 / 213، خلاصة تذهيب الكمال 423، شذرات الذهب 1 / 341.
(*)

(9/139)


وروى أحمد بن زهير، عن ابن معين: ثقة.
وقال غير واحد: لا بأس به.
قلت: سكن بغداد، ويلقب بالجمل، مات سنة أربع وتسعين ومئة.
ومات قبله بسنة أخوه محمد.
وأخوهما عبيد: يروي عن إسرائيل وجماعة.
وأخوهم عبد الله بن سعيد: لغوي شاعر.
وأخوهم الخامس عنبسة: يروي عن ابن المبارك، وطائفة، وهو أصغرهم.
وأخوهم السادس اسمه (1).
روى عن زهير بن معاوية.
ذكرهم الدارقطني.

48 - وكيع * (ع) ابن الجراح، بن مليح، بن عدي، بن فرس، بن جمجمة، بن
__________
(1) كذا الاصل، ولم يذكر اسمه.
* التاريخ لابن معين: 630، طبقات ابن سعد 6 / 394، تاريخ خليفة: 467، التاريخ الكبير 8 / 179، التاريخ الصغير 2 / 281، المعارف: 507، تاريخ الفسوي 1 / 175، 176، 184، تاريخ دمشق لابي زرعة 1 / 303 و 462 و 463 و 2 / 725، الجرح والتعديل 1 / 219، مشاهير علماء الامصار ت 1374، حلية الاولياء 8 / 368، فهرست ابن النديم 1 / 226، تاريخ بغداد 13 / 466 - 481، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 144، تهذيب الكمال 1462، تذهيب التهذيب 4 / 31 / 1، العبر 1 / 324، تذكرة الحفاظ 1 / 306، الكاشف 3 / 237، دول الاسلام 1 / 124، ميزان الاعتدال 4 / 335، 336، شرح العلل 1 / 200، تهذيب التهذيب 11 / 123، النجوم االزاهرة 2 / 153، طبقات الحفاظ: 127، خلاصة تذهيب الكمال 415، مفتاح السعادة 2 / 117، الجواهر المضية 2 / 280، شذرات الذهب 1 / 349.
(*)

(9/140)


سفيان، بن الحارث، بن عمرو، بن عبيد، بن رؤاس، الامام الحافظ، محدث العراق، أبو سفيان الرؤاسي، الكوفي، أحد الاعلام.
ولد سنة تسع وعشرين ومئة، قاله أحمد بن حنبل.
وقال خليفة وهارون بن حاتم: ولد سنة ثمان وعشرين.
واشتغل في الصغر.
وسمع من: هشام بن عروة، وسليمان الاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن عون، وابن جريج، وداود الاودي، ويونس بن أبي إسحاق، وأسود بن شيبان، وهشام بن الغاز، والاوزاعي، وجعفر بن برقان، وزكريا بن أبي زائدة، وطلحة بن عمرو المكي، وفضيل بن غزوان، وأبي جناب الكلبي، وحنظلة بن أبي سفيان، وأبان بن صمعة، وأبان بن عبد الله البجلي، وأبان بن يزيد، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وإبراهيم بن يزيد الخوزي، وإدريس بن يزيد، وإسماعيل ابن رافع المدني، وإسماعيل بن سليمان الازرق، وإسماعيل بن أبي الصفيرا (1)، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وأفلح بن حميد، وأيمن بن نابل، وبدر بن عثمان، وبشير بن المهاجر، وحريث بن أبي مطر، وأبي خلدة خالد بن دينار، وخالد بن طهمان، ودلهم بن صالح، وسعد ابن أوس، وسعدان الجهني، وسعيد بن السائب، وسعيد بن عبيد الطائي، وسلمة بن نبيط، وطلحة بن يحيى، وعباد بن منصور، وعثمان الشحام، وعمر بن ذر، وعيسى بن طهمان، وعيينة بن عبد
__________
(1) " الصفيرا " بزيادة ألف كما ضبطه ابن حجر في تبصير المنتبه ": 839، وفي " تهذيب الكمال " و " تهذيب التهذيب " و " التقريب " بحذفها، وهو خطأ.
(*)

(9/141)


الرحمن بن جوشن، وكهمس، والمثنى بن سعيد الضبعي، والمثنى بن سعيد الطائي، وابن أبي ليلى، ومسعر بن حبيب، ومسعر بن كدام، ومعاوية بن أبي مزرد، ومصعب بن سليم، وابن أبي ذئب، وسفيان،
وشعبة، وإسرائيل، وشريك، وخلق كثير.
وكان من بحور العلم وأئمة الحفظ.
حدث عنه: سفيان الثوري أحد شيوخه، وعبد الله بن المبارك، والفضل بن موسى السيناني - وهما أكبر منه - ويحيى بن آدم، وعبد الرحمن بن مهدي، والحميدي، ومسدد، وعلي، أحمد، وابن معين، وإسحاق، وبنو أبي شيبة، وأبو خيثمة، وأبو كريب، وابن نمير، وأبو هشام الرفاعي، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وإبراهيم بن عبد الله العبسي، وأمم سواهم.
وكان والده ناظرا على بيت المال بالكوفة، وله هيبة وجلالة.
وروي عن يحيى بن أيوب المقابري، قال: ورث وكيع من أمه مئة ألف درهم.
قال يحيى بن يمان: لما مات سفيان الثوري، جلس وكيع موضعه.
قال القعنبي: كان عند حماد بن زيد، فلما خرج وكيع، قالوا: هذا راوية سفيان، قال حماد: إن شئتم، قلت: أرجح من سفيان.
الفضل بن محمد الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: صحبت وكيعا في الحضر والسفر، وكان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة.

(9/142)


قلت: هذه عبادة يخضع لها، ولكنها من مثل إمام من الائمة الاثرية مفضولة، فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر (1)، وصح أنه نهى أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث (2)، والدين يسر، ومتابعة السنة
أولى، فرضي الله عن وكيع، وأين مثل وكيع ؟ ! ومع هذا فكان ملازما لشرب نبيذ الكوفة الذي يسكر الاكثار منه فكان متأولا في شربه، ولو تركه تورعا، لكان أولى به، فإن من توقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه (3)، وقد صح النهي والتحريم للنبيذ المذكور (4)، وليس هذا
__________
(1) وردت أحاديث كثيرة في النهي عن صوم الدهر، انظر " شرح السنة " 6 / 362، و " جامع الاصول " 6 / 352.
(2) أخرجه البخاري 4 / 195 من حديث مغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ القرآن في كل شهر " فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: " في ثلاث ".
وفيه أيضا 9 / 84 في فضائل القرآن: باب في كم يقرأ القرآن، ومسلم (1159) (182): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو: " اقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك ".
(3) هو جزء من حديث صحيح، رواه البخاري 1 / 116، 119 في الايمان: باب فضل من استبرأ لدينه، وفي البيوع: باب الحلال بين والحرام بين، ومسلم (1599) في المساقات: باب لعن آكل الربا ومؤكله.
(4) فقد أخرج أبو داود (3681) في الاشربة: باب النهي عن المسكر، والترمذي (1866) في الاشربة: باب ما جاء كل مسكر حرام، كلاهما عن قتيبة، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن بكر بن داود بن أبي الفرات، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
وهذا إسناد قوي، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (1385)، وأخرجه ابن ماجة (3393) من طريق عبدالرحمن بن إبراهيم، عن أنس بن عياض، عن داود بن بكر بهذا الاسناد، وفي الباب عن ابن عمر عند ابن ماجة (3392)، وعن عبد الله بن عمرو عنده أيضا (3394)، وأخرج مالك في " الموطأ " 2 / 845 باب تحريم الخمر، ومن طريقه البخاري 10 / 35 في الاشربة: باب الخمر من العسل وهو
البتع، ومسلم (2001) في الاشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع فقال: " كل شراب أسكر حرام ".
وأخرج أحمد 4 / 267، وأبو داود (3676)، والترمذي (1378) عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العنب خمرا، وإن من التمر خمرا، وأن من العسل خمرا، وإن من البر خمرا، وإن من الشعير خمرا " وفي = (*)

(9/143)


موضع هذه الامور، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك، فلا قدوة في خطأ العالم، نعم، ولا يوبخ بما فعله باجتهاد، نسأل الله المسامحة.
قال يحيى بن معين: وكيع في زمانه كالاوزاعي في زمانه.
وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أحدا أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع.
قلت: كان أحمد يعظم وكيعا ويفخمه.
قال محمد بن عامر المصيصي: سألت أحمد: وكيع أحب إليك أو يحيى بن سعيد ؟ فقال: وكيع، قلت: كيف فضلته على يحيى، ويحيى ومكانه من العلم والحفظ والاتقان ما قد علمت ؟ قال: وكيع كان صديقا لحفص بن غياث، فلما ولي القضاء، هجره، وإن يحيى كان صديقا لمعاذ بن معاذ، فلما ولي القضاء، لم يهجره يحيى.
وقال محمد بن علي الوراق: عرض القضاء على وكيع، فامتنع.
محمد بن سلام البيكندي: سمعت وكيعا يقول: من طلب الحديث كما جاء، فهو صاحب سنة، ومن طلبه ليقوي به رأيه، فهو صاحب بدعة.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: قد حدث وكيع بدمشق،
فأخذ عنه هشام بن عمار، وابن ذكوان.
قال أحمد بن أبي خيثمة: حدثنا محمد بن يزيد، حدثني حسين
__________
= سنده إبراهيم بن المهاجر البجلي، وهو صدوق لين الحديث، لكن تابعه أبو حريز عند أبي داود (3677) فيتقوى به، فالسند حسن، وله شاهد عند أحمد (5992) من حديث ابن عمر، وإسناده حسن في الشواهد.
(*)

(9/144)


أخو زيدان قال: كنت مع وكيع، فأقبلنا جميعا من المصيصة أو طرسوس، فأتينا الشام، فما أتينا بلدا إلا استقبلنا واليها، وشهدنا الجمعة بدمشق، فلما سلم الامام، أطافوا بوكيع، فما انصرف إلى أهله يعني إلى الليل.
قال: فحدث به مليحا ابنه، فقال: رأيت في جسد أبي آثار خضرة مما زحم ذلك اليوم.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: أحرم وكيع من بيت المقدس (1).
وقال محمد بن سعد: كان وكيع ثقة مأمونا عاليا رفيعا كثير الحديث حجة.
قال محمود بن غيلان: قال لي وكيع: اختلفت إلى الاعمش سنين.
وقال محمد بن خلف التيمي: أخبرنا وكيع قال: أتيت الاعمش، فقلت: حدثني.
قال: ما أسمك ؟ قلت: وكيع.
قال: اسم نبيل.
ما أحسب إلا سيكون لك نبأ، أين تنزل من الكوفة ؟ قلت: في بني رؤاس.
قال: أين من منزل الجراح بن مليح ؟ قلت: ذاك أبي، وكان على بيت المال، قال لي: اذهب، فجئني بعطائي، وتعال حتى
أحدثك بخمسة أحاديث.
فجئت إلى أبي، فأخبرته، قال: خذ نصف العطاء، واذهب، فإذا حدثك بالخمسة، فخذ النصف الآخر حتى تكون عشرة، فأتيته بنصف عطائه، فوضعه في كفه، وقال: هكذا ؟ ثم سكت، فقلت: حدثني، فأملي علي حديثين، فقلت: وعدتني بخمسة.
قال: فأين الدراهم كلها ؟ أحسب أن أباك [ أمرك ] (2) بهذا،
__________
(1) السنة أن يحرم الانسان من الميقات الذي يمر به.
(2) سقطت من الاصل، واستدركت من " تاريخ بغداد " 13 / 468.
(*)

(9/145)


ولم يدر أن الاعمش مدرب، قد شهد الوقائع ؟ اذهب فجئني بتمامه، فجئته، فحدثني بخمسة، فكان إذا كان كل شهر، جئته بعطائه، فحدثني بخمسة أحاديث.
قال قاسم بن يزيد الجرمي: كان الثوري يدعو وكيعا، وهو غلام فيقول: يا رؤاسي ! تعال، أي شئ سمعت ؟ فيقول: حدثني فلان بكذا، وسفيان يتبسم، ويتعجب من حفظه.
قال ابن عمار: ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع، وكان جهبذا، سمعته يقول: ما نظرت في كتاب منذ خمس عشرة سنة إلا في صحيفة يوما، فقلت له: عدوا عليك بالبصرة أربعة أحاديث غلطت فيها.
قال: وحدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمس مئة، أربعة أحاديث ليست بكثيرة في ذلك.
قال يحيى بن معين: سمعت وكيعا يقول: ما كتبت عن الثوري قط، كنت أتحفظ، فإذا رجعت إلى المنزل، كتبتها.
قال محمد بن عمران الاخنسي: سمعت يحيى بن يمان يقول: نظر
سفيان إلى عيني وكيع، فقال: لا يموت هذا الرؤاسي حتى يكون له شأن.
فمات سفيان، وجلس وكيع مكانه.
قال أحمد بن أبي الحواري: قلت لابي بكر بن عياش: حدثنا قال: قد كبرنا، ونسينا الحديث، اذهب إلى وكيع في بني رؤاس.
قال الشاذكوني: قال لنا أبو نعيم يوما: ما دام هذا التنين حيا - يعني وكيعا - ما يفلح أحد معه.
قلت: كان وكيع أسمر ضخما سمينا.
قال ابن عدي: حدثت عن نوح بن حبيب، عن عبد الرازق،

(9/146)


قال رأيت الثوري وابن عيينة، ومعمرا ومالكا، وريت ورأيت، فما رأت عيناي قط مثل وكيع.
قال المفضل الغلابي: كنا بعبادان، فقال لي حماد بن مسعدة: أحب أن تجئ معي إلى وكيع، فأتيناه، فسلم عليه، وتحدثنا، ثم انصرفنا، فقال لي حماد: يا أبا معاوية ! قد رأيت الثوري، فما كان مثل هذا.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: كان وكيع حافظا حافظا، ما رأيت مثله.
وقال بشر بن موسى: سمعت أحمد بن حنبل بقول: ما رأيت قط مثل وكيع في العلم والحفظ والاسناد والابواب مع خشوع وورع.
قلت: يقول هذا أحمد مع تحريه وورعه، وقد شاهد الكبار مثل هشيم، وابن عيينة، ويحيى القطان، وأبي يوسف القاضي وأمثالهم.
وكذا روى عن أحمد إبراهيم الحربي، قال جعفر بن محمد بن
سوار النيسابوري: سمعت عبد الصمد بن سليمان البلخي: سألت أحمد ابن حنبل، عن يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن، ووكيع، وأبي نعيم، فقال: ما رأيت أحفظ من وكيع، وكفاك بعبد الرحمن معرفة وإتقانا، وما رأيت رجلا أوزن بقوم من غير محاباة، ولا أشد تثبتا في أمور الرجال من يحيى بن سعيد، وأبو نعيم أقل الاربعة خطأ، وهو عندي ثقة موضع الحجة في الحديث.
وقال صالح بن أحمد: قلت لابي: أيما أثبت عندك، وكيع أو يزيد ؟ فقال: ما منهما بحمد الله إلا ثبت، وما رأيت أوعى للعلم من وكيع، ولا أشبه من أهل النسك منه، ولم يختلط بالسلطان.
وقال الترمذي: سمعت أحمد بن الحسن: سئل أحمد بن حنبل

(9/147)


عن وكيع وابن مهدي، فقال: وكيع أكبر في القلب، وعبد الرحمن إمام.
وقال زاهد دمشق أحمد بن أبي الحواري: ما رأيت فيمن لقيت أخشع من وكيع.
علي بن الحسين بن حبان، عن أبيه، سمعت ابن معين يقول: ما رأيت أفضل من وكيع، قيل: ولا ابن المبارك ؟ قال: قد كان ابن المبارك له فضل، ولكن ما رأيت أفضل من وكيع، كان يستقبل القبلة، ويحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة رحمه الله، وكان قد سمع منه كثبرا (1).
قال صالح بن محمد جزرة: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من وكيع.
فقال له رجل: ولا هشيم ؟ فقال: وأين يقع
حديث هشيم من حديث وكيع ؟ قال الرجل: إني سمعت علي بن المديني يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من يزيد بن هارون.
فقال: كان يزيد يتحفظ، كانت له جارية تحفظه من كتاب قال قتيبة: سمعت جريرا يقول: جاءني ابن المبارك، فقلت له: يا أبا عبدالرحمن، من رجل الكوفة اليوم ؟ فسكت عني، ثم قال: رجل المصرين وكيع.
تمتام (2): حدثنا يحيى بن أيوب، حدثني بعض أصحاب وكيع الذين كانوا يلزمونه، أن وكيعا كان لا ينام حتى يقرأ جزءه من كل ليلة ثلث القرآن، ثم يقوم في آخر الليل، فيقرأ المفصل، ثم يجلس،
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 13 / 470، 471.
(2) هو الحافظ الامام أبو جعفر محمد بن غالب بن حرب الضبي البصري التمار، نزيل بغداد، المتوفى (283 ه).
(*)

(9/148)


فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر.
وقال أبو سعيد الاشج: حدثنا إبراهيم بن وكيع، قال: كان أبي يصلي، فلا يبقى في دارنا أحد إلا صلى حتى جارية لنا سوداء.
عباس: حدثنا يحيى بن معين: سمعت وكيعا يقول كثيرا: وأي يوم لنا من الموت ؟ ورأيته أخذ في كتاب " الزهد " يقرؤه، فلما بلغ حديثا منه، ترك الكتاب، ثم قام، فلم يحدث، فلما كان من الغد، وأخذ فيه، بلغ ذلك المكان، قام أيضا، ولم يحدث، حتى صنع ذلك ثلاثة أيام.
قلت ليحيى: وأي حديث هو ؟ قال: حديث " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " (1).
قال ابن عمار: كان وكيع يصوم الدهر، ويفطر يوم الشك والعيد، وأخبرت أنه كان يشتكي إذا أفطر في هذه الايام.
وعن سفيان بن وكيع، قال: كان أبي يجلس لاصحاب الحديث من بكرة إلى ارتفاع النهار، ثم ينصرف، فيقيل، ثم يصلي الظهر، ويقصد الطريق إلى المشرعة (2) التي يصعد منها أصحاب الروايا (3)،
__________
(1) " تاريخ ابن معين ": 631، 632، وحديث " كن في الدنيا.
" أخرجه البخاري 11 / 199، 200 في الرقاق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " كن في الدنيا كأنك غريب " من طريق علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، عن الاعمش، حدثني مجاهد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل " وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت، فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
وأخرجه الترمذي (2333) في الزهد: باب ما جاء في قصر الامل، وابن ماجة (4114) في الزهد: باب مثل الدنيا، وأحمد 2 / 24، و 41 من طريق الليث بن سعد، عن مجاهد، عن ابن عمر.
(2) المشرعة: المواضع التي ينحدر إلى الماء منها، والمشرعة: مورد الشاربة التي يشرعها الناس، فيشربون منها ويستقون.
وفي " تاريخ بغداد ": ويقصد طريق المشرعة.
(3) جمع راوية: المزادة فيها الماء، والدابة التي يستقى عليها الماء.
(*)

(9/149)


فيريحون نواضحهم، فيعلمهم من القرآن ما يؤدون به الفرض إلى حدود العصر، ثم يرجع إلى مسجده، فيصلي العصر، ثم يجلس يدرس القرآن ويذكر الله إلى آخر النهار، ثم يدخل منزله، فيقدم إليه إفطاره، وكان يفطر على نحو عشرة أرطال (1) من الطعام، ثم تقدم إليه قرابة فيها
نحو من عشرة أرطال من نبيذ، فيشرب منها ما طاب له على طعامه، ثم يجعلها بين يديه، ثم يقوم فيصلي ورده من الليل، كلما صلى شيئا شرب منها حتى ينفدها، ثم ينام.
روى هذه الحكاية الدارقطني، عن القاضي ابن أم شيبان، عن أبيه، عن أبي عبد الرحمن بن سفيان بن وكيع، عن أبيه (2).
قال إسحاق بن بهلول: قدم علينا وكيع، فنزل في مسجد الفرات، وسمعت منه، فطلب مني نبيذا، فجئته به، وأقبلت أقرأ عليه الحديث، وهو يشرب، فلما نفد ما جئته به، أطفأ السراج.
قلت: ما هذا ؟ قال: لو زدتنا، زدناك.
قال جعفر الطيالسي: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت رجلا يسأل كيعا، فقال: يا أبا سفيان، شربت البارحة نبيذا، فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلا يقول: شربت خمرا.
فقال وكيع: ذلك الشيطان.
وقال نعيم بن حماد: تعشينا عند وكيع - أو قال: تغدينا - فقال: أي شئ تريدون أجيئكم منه: نبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان ؟ فقلت:
__________
(1) بالرطل البغدادي الذي يزن 375 غراما تقريبا.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 471.
(*)

(9/150)


تتكلم بهذا ؟ قال: هو عندي أحل من ماء الفرات، قلت له: ماء الفرات لم يختلف في حله، وقد اختلف في هذا.
قلت: الرجل سامحه الله لو لم يعتقد إباحته، لما قال هذا.
وعن إبراهيم بن شماس قال: لو تمنيت كنت أتمنى عقل ابن
المبارك وورعه، وزهد ابن فضيل ورقته، وعبادة وكيع وحفظه، وخشوع عيسى بن يونس، وصبر حسين الجعفي، صبر ولم يتزوج (1)، ولم يدخل في شئ من أمر الدنيا.
وروى بعض الرواة عن وكيع قال: قال لي الرشيد، إن أهل بلدك طلبوا مني قاضيا.
وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وصالح عملي، فخذ عهدك.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير، وإحدى عيني ذاهبة، والاخرى ضعيفة.
قال علي بن خشرم: ما رأيت بيد وكيع كتابا قط، إنما هو حفظ، فسألته عن أدوية الحفظ، فقال: إن علمتك الدواء استعملته ؟ قلت: إي والله.
قال: ترك المعاصي ما جربت مثله للحفظ.
وقال طاهر بن محمد المصيصي: سمعت وكيعا يقول: لو علمت
__________
(1) وليس هذا الامر مما يتمنى ولا يفرح به، ولا يقلد به صاحبه، لانه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الثابت فيما رواه البخاري 9 / 89، 90 في النكاح: باب الترغيب في النكاح، ومسلم (1401) في النكاح: باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه من حديث أنس، أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه، فقال: " ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
(*)

(9/151)


أن الصلاة (1) أفضل من الحديث ما حدثتكم.
قال سفيان بن عبدالملك صاحب ابن المبارك: كان وكيع أحفظ من ابن المبارك.
وقال أحمد العجلي: وكيع كوفي ثقة عابد صالح أديب من حفاظ الحديث، وكان مفتيا.
وقال أبو عبيد الآجري: سئل أبو داود: إيما أحفظ وكيع أو عبد الرحمن بن مهدي ؟ قال: وكيع أحفظ، وعبد الرحمن أتقن، وقد التقيا بعد العشاء في المسجد الحرام، فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.
عباس وابن أبي خيثمة، سمعا يحيى يقول: من فضل عبد الرحمن بن مهدي على وكيع، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
قلت: هذا كلام ردئ، فغفر الله ليحيى، فالذي أعتقده أنا أن عبدالرحمن أعلم الرجلين وأفضل وأتقن، وبكل حال هما إمامان نظيران.
قال أبو داود: ما رئي لوكيع كتاب قط، ولا لهشيم، ولا لحماد ابن زيد، ولا لمعمر.
قال ابن المديني: أوثق أصحاب سفيان الثوري ابن مهدي والقطان ووكيع.
وقال أبو حاتم: أشهد على أحمد بن حنبل قال: الثبت عندنا
__________
(1) يعني بذلك النوافل.
(*)

(9/152)


بالعراق وكيع، ويحيى القطان، وعبد الرحمن.
رواها أحمد بن أبي الحواري عن أحمد بن حنبل أيضا، ثم قال: فذكرته ليحيى بن معين، فقال: الثبت عندنا بالعراق وكيع.
الساجي: حدثني أحمد بن محمد: سمعت يحيى بن معين
يقول: ما رأيت أحفظ من وكيع.
قال يعقوب الفسوي - وبلغه قول يحيى: من فضل عبدالرحمن على وكيع فعليه اللعنة -: كان غير هذا أشبه بكلام أهل العلم، ومن حاسب نفسه، لم يقل مثل هذا، وكيع خير فاضل حافظ.
وقد سئل أحمد بن حنبل: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن، بقول من نأخذ ؟ فقال: نوافق عبدالرحمن أكثر، وخاصة في سفيان، كان معنيا بحديثه، وعبد الرحمن يسلم منه السلف، ويجتنب شرب المسكر، وكان لا يرى أن يزرع في أرض الفرات (1).
قلت: عبدالرحمن له جلالة عجيبة، وكان يغشى عليه إذا سمع القرآن، نقله صاحب " شريعة المقارئ ".
عباس الدوري قلت ليحيى: حديث الاعمش إذا اختلف وكيع وأبو معاوية ؟ قال: يوقف حتى يجئ من يتابع أحدهما، ثم قال: كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه.
قال أبو حاتم الرازي: وكيع أحفظ من ابن المبارك.
__________
(1) أورده في " تهذيب الكمال ": 1464، وذكره الفسوي في " تاريخه " 2 / 170 إلى قوله " بحديث سفيان ".
(*)

(9/153)


قال حنبل بن إسحاق: سمعت ابن معين يقول: رأيت عند مروان ابن معاوية لوحا فيه أسماء شيوخ: فلان رافضي، وفلان كذا، ووكيع رافضي.
فقلت لمروان: وكيع خير منك، قال: مني ؟ قلت: نعم.
فسكت، ولو قال لي شيئا، لوثب أصحاب الحديث عليه.
قال: فبلغ ذلك وكيعا، فقال: يحيى صاحبنا، وكان بعد ذلك يعرف لي،
ويرحب (1).
قلت: مر قول أحمد: إن عبدالرحمن يسلم منه السلف، والظاهر أن وكيعا فيه تشيع يسير لا يضر إن شاء الله، فإنه كوفي في الجملة، وقد صنف كتاب فضائل الصحابة، سمعناه قدم فيه باب مناقب علي على مناقب عثمان.
رضي الله عنهما.
قال الحسين بن محمد بن غفير: حدثنا أحمد بن سنان قال: كان عبدالرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه، ولا يقوم أحد، ولا يبرى فيه قلم، ولا يتبسم أحد، وكان وكيع يكونون في مجلسه كأنهم في صلاة، فإن أنكر من أمرهم شيئا انتعل ودخل، وكان ابن نمير يغضب ويصيح، وإن رأى من يبري قلما، تغير وجهه غضبا.
قال تميم بن محمد الطوسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عليكم بمصنفات وكيع.
محمد بن أحمد بن مسعود: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: أخطأ وكيع في خمس مئة حديث.
وقال علي بن المديني: كان وكيع يلحن، ولو حدثت عنه
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 13 / 470.
(*)

(9/154)


بألفاظه، لكانت عجبا، كان يقول: حدثنا مسعر عن " عيشة ".
نقلها يعقوب بن شيبة عنه.
وقال أحمد بن حنبل: كان وكيع أحفظ من عبدالرحمن بكثير.
قال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ابن مهدي أكثر تصحيفا من وكيع، لكنه أقل خطأ.
وقال إبراهيم الحربي: سمعت أحمد يقول: ما رأت عيناي مثل وكيع قط، يحفظ الحديث جيدا، ويذاكر بالفقه، فيحسن مع ورع واجتهاد، ولا يتكلم في أحد.
قال الحافظ أحمد بن سهل النيسابوري: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة، فسمعته يقول: كان وكيع إمام المسلمين في زمانه.
قال سلم بن جنادة: جالست وكيعا سبع سنين، فما رأيته بزق، ولا مس حصاة، ولا جلس مجلسا فتحرك، وما رأيته إلا مستقبل القبلة، وما رأيته يحلف بالله.
وقال أبو سعيد الاشج: كنت عند وكيع فجاءه رجل يدعوه إلى عرس، فقال: أثم نبيذ ؟ قال: لا، قال: لا نحضر عرسا ليس فيه نبيذ، قال: فإني آتيكم به.
فقام.
وروي عن وكيع أن رجلا أغلظ له، فدخل بيتا، فعفر وجهه ثم خرج إلى رجل، فقال: زد وكيعا بذنبه، (فلولاه) ما سلطت عليه.
نصر بن المغيرة البخاري: سمعت إبراهيم بن شماس يقول: رأيت أفقه الناس وكيعا، وأحفظ الناس ابن المبارك، وأورع الناس الفضيل.

(9/155)


قال مروان بن محمد الطاطري: ما رأيت فيمن رأيت أخشع من وكيع، وما وصف لي أحد قط إلا رأيته دون الصفة إلا وكيعا، رأيته فوق ما وصف لي.
قال سعيد بن منصور: قدم وكيع مكة، وكان سمينا، فقال له الفضيل بن عياض: ما هذا السمن، وأنت راهب العراق ؟ قال: هذا
من فرحي بالاسلام.
فأفحمه.
أبو سعيد الاشج: سمعت وكيعا يقول: الجهر بالبسملة بدعة (1).
__________
(1) وذلك لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جهر بها، ولا عن أبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان، فقد أخرج البخاري 2 / 188 في صفة الصلاة: باب ما يقول بعد التكبير من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر رضي الله عنهم كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، وأخرجه الترمذي (246)، وعنده " القراءة " بدل " الصلاة " وزاد: " وعثمان " وأخرجه مسلم (399) في الصلاة: باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، بلفظ " صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ورواه أحمد 3 / 264، والطحاوي 1 / 119، والدارقطني: 119، وقالوا فيه " فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " ورواه ابن حبان في " صحيحه " وزاد: " ويجهرون بالحمد لله رب العالمين "، وفي لفظ للنسائي 2 / 135، وابن حبان: " فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم " وفي لفظ لابي يعلى الموصلي في " مسنده " " فكانوا يفتتحون القراءة فيما يجهر به، بالحمد لله رب العالمين "، وفي لفظ للطبراني في " معجمه "، وأبي نعيم في " الحلية "، وابن خزيمة في " صحيحه " (498)، والطحاوي 1 / 119: " وكانوا يسرون ببسم الله الرحمن الرحيم ".
قال الزيلعي في " نصب الراية " 1 / 327: ورجال هذه الروايات كلهم ثقات مخرج لهم في الصحيح جمع.
وأخرج أحمد 4 / 85، والترمذي (244)، والنسائي 2 / 235 من حديث عبد الله بن مغفل قال: سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال لي: أي بني، محدث ! إياك والحدث، قال: ولم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الاسلام - يعني - منه، قال: وقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر، ومع عمر، ومع عثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا أنت صليت، فقل: الحمد لله رب العالمين.
وحسنه الترمذي.
(*)

(9/156)


قال الفضل بن عنبسة: ما رأيت مثل وكيع من ثلاثين سنة.
وقال إسحاق بن راهويه: حفظي وحفظ ابن المبارك تكلف، وحفظ وكيع أصلي، قام وكيع، فاستند، وحدث بسبع مئة حديث حفظا.
وقال محمود بن آدم: تذاكر بشر بن السري ووكيع ليلة، وأنا أراهما من العشاء إلى الصبح، فقلت لبشر: كيف رأيته ؟ قال: ما رأيت أحفظ منه.
وقال سهل بن عثمان: ما رأيت أحفظ من وكيع.
قال أحمد بن حنبل: كان وكيع مطبوع الحفظ.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: كانوا إذا رأوا وكيعا، سكتوا، يعني في الحفظ والاجلال.
وقال أبو حاتم: سئل أحمد عن يحيى، وابن مهدي، ووكيع، فقال: وكيع أسردهم.
أبو زرعة الرازي: سمعت أبا جعفر الجمال يقول: أتينا وكيعا، فخرج بعد ساعة، وعليه ثياب مغسولة، فلما بصرنا به، فزعنا من النور الذي رأيناه يتلالا من وجهه، فقال رجل يجنبي: أهذا ملك ؟ ! فتعجبنا من ذلك النور.
وقال أحمد بن سنان: رأيت وكيعا إذا قام في الصلاة، ليس يتحرك منه شئ، لا يزول ولا يميل على رجل دون الاخرى.
قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت وكيعا يقول: ما نعيش إلا

(9/157)


في سترة، ولو كشف الغطاء، لكشف عن أمر عظيم.
الصدق النية.
قال الفلاس: ما سمعت وكيعا ذاكرا أحدا بسوء قط.
قلت: مع إمامته، كلامه نزر جدا في الرجال.
قال أحمد بن أبي الحواري، عن وكيع: ما أخذت حديثا قط عرضا.
فذكرت هذا لابن معين، فقال: وكيع عندنا ثبت.
قال عبدالرحمن بن الحكم بن بشير: وكيع عن الثوري غاية الاسناد، ليس بعده شئ، ما أعدل بوكيع أحدا.
فقيل له: فأبو معاوية ؟ فنفر من ذلك.
قلت: أصح إسناد بالعراق وغيرها: أحمد بن حنبل، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عقلمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " المسند " بهذا السند عدة متون.
قال عبد الله بن هاشم: خرج علينا وكيع يوما، فقال: [ أي ] (1) الاسنادين أحب إليكم: الاعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله.
أو سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله ؟ فقلنا: الاعمش، فإنه أعلى.
فقال: بل الثاني، فإنه فقيه، عن فقيه، عن فقيه، عن فقيه، والآخر شيخ عن شيخ.
وحديث يتداوله الفقهاء خير من حديث يتداوله الشيوخ (2).
__________
(1) لم ترد في الاصل.
(2) مراد وكيع أن المحدث الذي يجمع إلى الحفظ والضبط البصر بما في الحديث، والتفقه به، والاستنباط منه يكون حديثه أضبط وأصح من المحدث الذي يقتصر على الحفظ وسرد المرويات.
وهذا بين لا خفاء فيه.
(*)

(9/158)


نوح بن حبيب، حدثنا وكيع، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي قال: حضرت موت سفيان، فكان عامة كلامه: ما أشد الموت.
قال نوح: فأتيت عبدالرحمن، فقلت له: حدثنا عنك وكيع.
فكان متكئا، فقعد، وقال: أنا حدثت أبا سفيان، جزاه الله خيرا، ومن مثل أبي سفيان ؟ ! وما يقال لمثل أبي سفيان ؟ ! وقيل: إن وكيعا وصل إنسانا مرة بصرة دنانير لكونه كتب من محبرة [ ذلك ] (1) الانسان، وقال: اعذر، فلا أملك غيرها.
علي بن خشرم: سمعت وكيعا يقول: لا يكمل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه.
وعن مليح بن وكيع، قال: لما نزل بأبي الموت، أخرج يديه، فقال: يا بني ترى يدي، ما ضربت بهما شيئا قط.
قال مليح: فحدثت بهذا داود بن يحيى بن يمان، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يارسول الله من الابدال ؟ قال: الذين لا يضربون بأيديهم شيئا، وإن وكيعا منهم.
قلت: بل الذي يضرب بيده في سبيل الله أشرف وأفضل.
محنة وكيع - وهي غريبة - تورط فيها، ولم يرد إلا خيرا، ولكن فاتته سكتة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع (2)، فليتق عبد ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ".
__________
(1) لم ترد في الاصل.
(2) أخرجه أبو داود (4992)، ومسلم (5) في مقدمة " صحيحه " من حديث أبي هريرة، وعنده " كفى بالمرء كذبا ".
(*)

(9/159)


قال علي بن خشرم: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي، أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فأكب عليه، فقبله، وقال: " بأبي وأمي، ما أطيب حياتك وميتتك "، ثم قال البهي: وكان ترك يوما وليلة حتى ربا بطنه، وانثنت خنصراه.
قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة، اجتمعت قريش، وأرادوا صلب وكيع، ونصبوا خشبة لصلبه، فجاء سفيان بن عيينة، فقال لهم: الله الله ! هذا فقيه أهل العراق، وابن فقيهه، وهذا حديث معروف.
قال سفيان: ولم أكن سمعته إلا أني أردت تخليص وكيع.
قال علي بن خشرم: سمعت الحديث من وكيع، بعدما أرادوا صلبه، فتعجبت من جسارته، وأخبرت أن وكيعا احتج، فقال: إن عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، قالوا: لم يمت رسول الله.
فأراد الله أن يريهم آية الموت.
رواها أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباشاني قال: حدثنا علي ابن خشرم.
وروى الحديث عن وكيع: قتيبة بن سعيد (1).
فهذه زلة عالم، فما لوكيع ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع الاسناد ! كادت نفسه أن تذهب غلطا، والقائمون عليه معذورون، بل مأجورون، فإنهم تخيلوا من إشاعة هذا الخبر المردود، غضا ما لمنصب النبوة، وهو في بادئ الرأي يوهم ذلك، ولكن إذا تأملته، فلا بأس إن شاء الله بذلك، فإن الحي قد يربوا جوفه، وتسترخي مفاصله، وذلك تفرع من الامراض، و " أشد الناس بلاء الانبياء " (2)، وإنما المحذور أن
__________
(1) انظر " الكامل " لابن عدي: 654.
(2) قطعة من حديث صحيح، ولفظه بتمامه " أشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل = (*)

(9/160)


تجوز عليه تغير سائر موتى الآدميين ورائحتهم، وأكل الارض لاجسادهم، والنبي صلى الله عليه وسلم فمفارق لسائر أمته في ذلك، فلا يبلى، ولا تأكل الارض جسده، ولا يتغير ريحه، بل هو الآن، وما زال أطيب ريحا من المسك، وهو حي في لحده (1) حياة مثله في البرزخ، التي هي أكمل من حياة سائر النبيين، وحياتهم بلا ريب أتم وأشرف من حياة الشهداء الذين هم بنص الكتاب (أحياء عند ربهم يرزقون) [ آل عمران: 169 ] وهؤلاء حياتهم الآن التي في عالم البرزخ حق، ولكن ليست هي حياة الدنيا من كل وجه، ولا حياة أهل الجنة من كل وجه، ولهم شبه بحياة أهل الكهف، ومن ذلك: اجتماع آدم وموسى، لما احتج عليه موسى، وحجه آدم بالعلم السابق (2) كان اجتماعهما حقا، وهما في عالم البرزخ، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أخبر أنه رأى في السماوات آدم وموسى وإبراهيم وإدريس وعيسى، وسلم عليهم، وطالت محاورته مع
__________
= فالامثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الارض، وما عليه خطيئة " أخرجه الترمذي (2400) في الزهد: باب ما جاء في الصبر على البلاء، وابن ماجة (4033) في الفتن: باب الصبر على البلاء، وأحمد 1 / 172، و 174، و 180 و 185، والدارمي 2 / 320، وابن حبان (699) كلهم من طريق عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد..وهذا سند حسن من أجل عاصم، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (698) من طريق جرير بن عبدالحميد، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن سعد.
(1) حديث " الانبياء أحياء في قبورهم ": صحيح بطرقه، أخرجه أبو يعلى الموصلي
في " مسنده " الورقة 168، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 2 / 83، والبزار في " مسنده " (256)، والبيهقي في " حياة الانبياء " من حديث أنس بن مالك.
(2) رواه البخاري 11 / 441 في القدر: باب تحاج آدم وموسى، ومسلم (2652) في القدر: باب حجاج آدم وموسى، ومالك 2 / 898 في القدر: باب النهي عن القول بالقدر، وأبو داود (4701) في السنة: باب في القدر، والترمذي (2135)، في القدر: باب رقم 2.
(*)

(9/161)


موسى (1)، هذا كله حق.
والذي منهم لم يذق الموت بعد هو عيسى عليه السلام، فقد تبرهن لك أن نبيا صلى الله عليه وسلم ما زال طيبا مطيبا، وأن الارض محرم عليها أكل أجساد الانبياء، وهذا شئ سبيله التوقيف، وما عنف النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم لما قالوا له بلا علم: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ - يعني قد بليت - فقال: " إن الله حرم على الارض أن تأكل أجساد الانبياء " (2).
وهذا بحث معترض في الاعتذار عن إمام من أئمة المسلمين، وقد قام في الدفع عنه مثل إمام الحجاز سفيان بن عيينة، ولولا أن هذه الواقعة في عدة كتب، وفي مثل " تاريخ الحافظ ابن عساكر "، وفي " كامل الحافظ ابن عدي " لاعرضت عنها جملة، ففيها عبرة حتى قال
__________
(1) وذلك في حديث الاسراء الذي رواه البخاري 6 / 217، 219 في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، وفي الانبياء: باب (وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا)، وفي فضائل أصحاب النبي: باب المعراج، ومسلم (164) في الايمان: باب الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، والترمذي (3343) في التفسير: باب ومن سورة ألم نشرح، والنسائي 1 / 217 و 218 في الصلاة: باب فرض الصلاة.
(2) أخرجه أحمد 4 / 8، وأبو داود (1047)، والنسائي 3 / 91، 92، وابن ماجة (1085) و (1636) من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي " قالوا: يارسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا، وفد أرمت - يعني وقد بليت - ؟ فقال: " إن الله عزوجل حرم على الارض أن تأكل أجساد الانبياء ".
وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (1733)، وابن حبان (550)، والحاكم 2 / 287، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظان: المنذري وابن حجر، وصححه النووي في " الاذكار "، وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند ابن ماجة (1637)، ورجاله ثقات لكنه منقطع، وآخر من حديث أبي أمامة عند البيهقي، وحسن إسناده المنذري، إلا أن مكحولا قيل: لم يسمع من أبي أمامة.
(*)

(9/162)


الحافظ يعقوب الفسوي في " تاريخه " (1): وفي هذه السنة حدث وكيع بمكة، عن ابن أبي خالد، عن البهي (2)، فذكر الحديث، ثم قال: فرفع ذلك إلى العثماني، فحبسه، وعزم على قتله، ونصبت خشبة خارج الحرم، وبلغ وكيعا، وهو محبوس.
قال الحارث بن صديق: فدخلت عليه لما بلغني، وقد سبق إليه الخبر، قال: وكان بينه وبين ابن عيينة يومئذ متباعد، فقال لي: ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل، واحتجنا إليه، فقلت: دع هذا عنك، فإن لم يدركك، قتلت، فأرسل إلى سفيان، وفزع إليه، فدخل سفيان على العثماني - يعني متولي مكة - فكلمه فيه، والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: إني لك ناصح، هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم، قال: فعمل فيه كلام سفيان، فأمر
بإطلاقه، فرجعت إلى وكيع، فأخبرته، فركب حمارا، وحملنا متاعه، وسافر، فدخلت على العثماني من الغد، فقلت: الحمد لله الذي لم تبتل بهذا الرجل، وسلمك الله، قال: يا حارث، ما ندمت على شئ ندامتي على تخليته، خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله قال: حولت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابا يثنون لم يتغير منهم شئ (3).
ثم قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول:
__________
(1) 1 / 175، 176.
(2) هو عبد الله البهي مولى مصعب بن الزبير من رجال " التهذيب "، وقد سقطت لفظة " عن " من الاصل الذي اعتمده المحقق لتاريخ الفسوي، فظن " البهي " صلة لابن أبي خالد، وعلق عليه بما ينبغي ترميجه.
(3) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " 3 / 563 من طريق عمرو بن الهيثم، أخبرنا هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: صرخ بنا إلى قتلانا يوم أحد حين أجرى معاوية العين، فأخرجناهم بعد أربعين سنة لينة أجسادهم تتثنى أطرافهم.
وهذا سند رجاله ثقات.
وانظر " فتح الباري " 3 / 172، 174.
(*)

(9/163)


كنا بالمدينة، فكتب أهل مكة إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع، وقالوا: إذا قدم عليكم، فلا تتكلوا على الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.
قال: فعرضوا علي ذلك، وبلغنا الذي هم عليه، فبعثنا بريدا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي من طريق الربذة، وكان قد جاوز مفرق الطريقين، فلما أتاه البريد، رد، ومضى إلى الكوفة.
ونقل الحافظ ابن عدي في ترجمة عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد أنه هو الذي أفتى بمكة بقتل وكيع.
وقال ابن عدي: أخبرنا محمد بن عيسى المروزي - فيما كتب إلي - قال: حدثنا أبي عيسى بن محمد، قال: حدثنا العباس بن مصعب، حدثنا قتيبة، حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، فساق الحديث، ثم قال قتيبة: حدث وكيع بمكة بهذا سنة حج الرشيد، فقدموه إليه، فدعا الرشيد سفيان بن عيينة وعبد المجيد بن أبي رواد، فأما عبدالمجيد، فإنه قال: يجب أن يقتل، فإنه لم يرو هذا إلا من في قلبه غش للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال سفيان: لا قتل عليه، رجل سمع حديثا، فأرواه، والمدينة شديدة الحر توفي النبي صلى الله عليه وسلم فترك ليلتين، لان القوم في إصلاح أمر الامة، واختلفت قريش والانصار، فمن ذلك تغير.
قال قتيبة: فكان وكيع إذا ذكر فعل عبدالمجيد، قال: ذاك جاهل، سمع حديثا لم يعرف وجهه، فتكلم بما تكلم (1).
قلت: فرضنا أنه ما فهم توجيه الحديث على ما تزعم، أفمالك عقل وورع ؟ أما سمعت قول الامام علي: حدثوا الناس بما يعرفون،
__________
(1) " الكامل " لابن عدي: 654، وهو في " ميزان " المؤلف 2 / 649 في ترجمة عبدالمجيد بن عبد العزيز، وعلق عليه تعليقا نفيسا ينبغي مراجعته.
(*)

(9/164)


ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله (1).
أما سمعت في الحديث (2): " ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم ".
ثم إن وكيعا بعدها تجاسر وحج، وأدركه الاجل بفيد (3).
قال أبو حاتم الرازي: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع بحديث في الكرسي (4) قال: فاقشعر رجل عند وكيع، فغضب، وقال: أدركنا الاعمش والثوري يحدثون بهذه الاحاديث، ولا ينكرونها.
قال يحيى بن يحيى التميمي: سمعت وكيعا يقول: من شك أن القرآن كلام الله - يعني غير مخلوق - فهو كافر.
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: سمعت وكيعا يقول: نسلم هذه الاحاديث كما جاءت، ولا نقول: كيف كذا ؟ ولا لم كذا ؟ يعني مثل حديث: " يحمل السماوات على إصبع " (5)
__________
(1) أخرجه عنه البخاري 1 / 199 في العلم: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا.
(2) أي: في الاثر.
فإنه ليس من حديث النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من قول ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه مسلم في " صحيحه " 1 / 11 في المقدمة.
(3) فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة.
(4) أخرجه وكيع في " تفسيره " فيما قاله ابن كثير 1 / 309 من طريق سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره.
وقد رواه الحاكم في " المستدرك " 2 / 282، من طريق سفيان بهذا الاسناد، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(5) أخرج البخاري 8 / 423 في تفسير سورة الزمر، و 13 / 335، 336، في التوحيد: باب قوله تعالى (لما خلقت بيدي) و 369: باب قول الله تعالى (إن الله يمسك السماوات والارض أن تزولا) و 397: باب كلام الرب عزوجل يوم القيامة مع الانبياء، ومسلم (2786) في صفة القيامة، والترمذي رقم (3239) من حديث ابن مسعود قال: جاء حبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد إن الله تعالى يمسك السماوات على إصبع، والارضين على إصبع، = (*)

(9/165)


قال أبو هشام الرفاعي: سمعت وكيعا يقول: من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أنه محدث، ومن زعم أن القرآن محدث، فقد
كفر.
قال علي بن عثام: مرض وكيع، فدخلنا عليه، فقال: إن سفيان أتاني، فبشرني بجواره، فأنا مبادر إليه.
قال أبو هشام الرفاعي: مات وكيع سنة سبع وتسعين ومئة يوم عاشوراء فدفن بفيد، يعني راجعا من الحج.
وقال أحمد بن حنبل: حج وكيع سنة ست وتسعين، ومات بفيد.
قلت: عاش ثمانيا وستين سنة سوى شهر أو شهرين.
قال قيس بن أنيف: سمعت يحيى بن جعفر البيكندي: سمعت عبد الرزاق يقول: يا أهل خراسان، إنه نعي لي إمام خراسان - يعني وكيعا - قال: فاهتممنا لذلك، ثم قال: بعدا لكم يا معشر الكلاب، إذا سمعتم من أحد شيئا، اشتهيتم موته.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي الهمداني الزاهد بقراءتي، أخبركم أحمد بن أبي الفتح الدقاق، وأبو الفرج بن عبد السلام، وأخبرنا أبو حفص الطائي، عن أبي اليمن الكندي، قالوا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر القاضي، وأخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أخبرنا يوسف
__________
= والجبال على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: (وما قدروا الله حق قدره) [ الزمر: 67 ] وقد توسع الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث في " الفتح " 13 / 336، 337، فارجع إليه.
(*)

(9/166)


ابن أيوب الزاهد (ح) وأخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن عبد الجليل بن مندويه، أخبرنا نصر بن مظفر، قالوا ثلاثتهم: أخبرنا أبو الحسين أحمد
ابن محمد بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا علي بن هاشم، ووكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات صاحبكم، فدعوه ".
رواه أبو داود (1).
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء، أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن هشام، عن قتادة، عن أنس، عن زيد بن ثابت قال: " تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلنا: كم كان قدر ما بينهما ؟ قال: خمسون آية ".
أخرجه مسلم (2) عن ابن أبي شيبة على الموافقة.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي، وأنا حاضر، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن محمد القرشي، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا محمد بن الحسن
__________
(1) رقم (4899) في الادب: باب في النهي عن سب الموتى، من طريق زهير بن حرب، عن وكيع بهذا الاسناد، وزاد " ولا تقعوا فيه " وإسناده صحيح.
(2) رقم (1097) في الصيام: باب فضل السحور وتأكيد استحبابه، وأخرجه البخاري 4 / 118، 119 عن مسلم بن إبراهيم، والترمذي (703) عن أبي داود الطيالسي، والنسائي 4 / 143 عن وكيع، ثلاثتهم عن هشام وهو الدستوائي بهذا الاسناد.
(*)

(9/167)


البغدادي، بالرملة، حدثنا محمد بن حسان الازرق، حدثنا وكيع،
حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم الادام الخل " (1).

49 - [ الجراح بن مليح * (بخ، م، د، ت، ق) ] وقد كان والد وكيع على بيت المال في دولة الرشيد، وكان على دار الضرب بالري، ويقال: محتده من نواحي الري من بليدة أستوا (2).
حدث عن: زياد بن علاقة، وأبي إسحاق، وسماك بن حرب، ومنصور بن المعتمر، وعدة.
روى عنه: ولده، وعبد الرحمن بن مهدي، وقبيصة، ومسدد، ويحيى الحماني، وعثمان بن أبي شيبة، وآخرون.
روى حنش بن حرب، عن وكيع، قال: ولد أبي بالسغد (3)، وولد شريك ببخارى.
وقال ابن سعد: ولي الجراح بن مليح بيت المال، بمدينة
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2051) في الاشربة: باب فضيلة الخل والتأدم به، من طريق عبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، والترمذي (1841) في الاطعمة: باب ما جاء في الخل، من طريق محمد بن سهل بن عسكر البغدادي، كلاهما عن يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال بهذا الاسناد.
ورواه مسلم (2052)، وأبو داود (3820)، والترمذي (1840) من حديث جابر بن عبد الله.
* التاريخ لابن معين: 78، التاريخ الكبير 2 / 227، الجرح والتعديل 2 / 523، المجروحين 1 / 219، تاريخ بغداد 7 / 252، تهذيب الكمال: 189، تذهيب التهذيب 1 / 103 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 389، الكاشف 1 / 181، تهذيب التهذيب 2 / 66، خلاصة تذهيب الكمال: 61.
(2) هي كورة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة.
(3) السغد: ناحية كثيرة المياه والاشجار بين بخارى وسمرقند.
(*)

(9/168)


السلام، وكان ضعيفا في الحديث، عسرا في الحديث، ممتنعا به.
وروى جعفر بن أبي عثمان، عن يحيى بن معين، قال: ما كتبت عن وكيع عن أبيه، ولا من حديث قيس شيئا قط.
وروى عثمان الدارمي، عن يحيى، قال: الجراح ليس به بأس.
وروى عباس، عن يحيى: ثقة.
وروى أحمد بن أبي خيثمة، عن يحيى: ضعيف الحديث، وهو أمثل من أبي يحيى الحماني.
وقال ابن عمار: ضعيف.
وقال أبو داود: ثقة.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال ابن عدي: حديثه لا بأس به، وهو صدوق، لم أجد في حديثه منكرا، فأذكره.
وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن والد وكيع، قال: ليس بشئ، وهو كبير الوهم.
قلت: يعتبر به ؟ قال: لا.
وقال خليفة: توفي سنة خمس وسبعين ومئة، وقال ابن قانع: سنة ست.

50 - يوسف بن أسباط * الزاهد، من سادات المشايخ، له واعظ وحكم.
__________
(1) التاريخ لابن معين: 684، التاريخ الكبير 8 / 385، التاريخ الصغير 2 / 265، = (*)

(9/169)


روى عن: محل بن خليفة، والثوري، وزائدة بن قدامة.
وعنه: المسيب بن واضح، وعبد الله بن خبيق، وغيرهما.
نزل الثغور مرابطا.
قال المسيب: سألته عن الزهد، فقال: أن تزهد في الحلال، فأما الحرام، فإن ارتكبته، عذبك.
وسئل يوسف: ما غاية التواضع ؟ قال: أن لا تلقى أحدا إلا رأيت له الفضل عليك.
وعنه قال: للصادق ثلاث خصال: الحلاوة، والملاحة، والمهابة.
وعنه: خلقت القلوب مساكن للذكر، فصارت مساكن للشهوات، لا يمحو الشهوات إلا خوف مزعج، أو شوق مقلق.
الزهد في الرئاسة أشد منه في الدنيا.
قال ابن خبيق: قلت لابن أسباط: لم لا تأذن لابن المبارك يسلم عليك ؟ قال: خشيت أن لا أقوم بحقه، وأنا أحبه.
وعن يوسف: إذا رأيت الرجل قد أشر وبطر، فلا تعظه، فليس للعظة فيه موضع، لي أربعون سنة ما حك في صدري شئ إلا تركته.
قال شعيب بن حرب: ما أقدم على يوسف بن أسباط أحدا.
__________
= الضعفاء للعقيلي لوحة 472، الجرح والتعديل 9 / 218، مشاهير علماء الامصار ت 1490، حلية الاولياء 8 / 237، ميزان الاعتدال 4 / 462.
(*)

(9/170)


وعن يوسف قال: يجزئ قليل الورع والتواضع من كثير الاجتهاد في العمل.
وثقه ابن معين.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال البخاري: دفن كتبه، فكان حديثه لا يجئ كما ينبغي.

51 - إسحاق الازرق * (ع) هو الامام الحافظ الحجة، أبو محمد إسحاق بن يوسف بن مرداس القرشي الواسطي الازرق.
مولده سنة سبع عشرة ومئة.
حدث عن: الاعمش، وابن عون، وفضيل بن غزوان، ومسعر ابن كدام، وسفيان، وشريك، وعدة.
وكان من جلة المقرئين، تلا على حمزة الزيات، وأخذ الحروف عن أبي بكر بن عياش وغيره.
وله اختيار معروف، حمله عنه: إسماعيل ابن هود الواسطي، وعبد الله بن هانئ وغيرهما.
وكان من أئمة الحديث، روى عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن منيع، ومحمد بن المثنى، وسعدان بن نصر، وأبو
__________
(1) طبقات ابن سعد 7 / 315، تاريخ خليفة: 466، طبقات خليفة ت 3194، التاريخ الكبير 1 / 406، الجرح والتعديل 2 / 238، مشاهير علماء الامصار ت 1405، تهذيب الكمال: 92، تذهيب التهذيب 1 / 59 / 1، العبر 1 / 318، تذكرة الحفاظ 1 / 320، الكاشف 1 / 115، دول الاسلام 1 / 123، تهذيب التهذيب 1 / 257، طبقات الحفاظ: 133، خلاصة تذهيب الكمال: 31، شذرات الذهب 1 / 343.
(*)

(9/171)


جعفر بن المنادي، وخلق.
وكان حجة وفاقا، له قدم راسخ في التقوى، قيل: إنه مكث
عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء، رحمة الله عليه.
وكان من أعلم الناس بشريك.
قالوا: توفي سنة خمس وتسعين ومئة.
روى عن شريك ستة آلاف حديث.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا هبة الله بن هلال، أخبرنا عبد الله بن علي الدقاق سنة أربع وثمانين وأربع مئة، أخبرنا علي بن محمد المعدل، أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا محمد بن عبيد الله، حدثنا إسحاق بن الازرق، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الاسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية، لم يزده الاسلام إلا شدة " (1).
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2530) في فضائل الصحابة: باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (2925) في الفرائض: باب في الحلف من طرق عن زكريا بن أبي زائدة بهذا الاسناد.
قال ابن الاثير في " النهاية ": أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه في الاسلام بقوله صلى الله عليه وسلم " لا حلف في الاسلام " وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم، وصلة الارحام، كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم " وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة " يريد من المعاقدة على الخير، ونصرة الحق.
(*)

(9/172)


52 - محمد بن فضيل * (ع) ابن غزوان، الامام الصدوق الحافظ، أبو عبد الرحمن الضبي
مولاهم الكوفي، مصنف كتاب " الدعاء "، وكتاب " الزهد "، وكتاب " الصيام "، وغير ذلك.
حدث عن أبيه، وحصين بن عبدالرحمن، وعاصم الاحول، وعمارة بن القعقاع، وبيان بن بشر، وإبراهيم الهجري، وعطاء بن السائب، وهشام بن عروة، وابن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، وليث بن أبي سليم، ومسعر، وحبيب بن أبي عمرة، وخلق كثير.
حدث عنه: أحمد، وأبو عبيد، وإسحاق، وعلي بن حرب، وأحمد بن بديل، وأحمد بن سنان القطان، وعمرو بن علي، وبنو أبي شيبة، وأبو كريب، وأبو سعيد الاشج، وأحمد بن حرب، وعلي بن المنذر الطريقي، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وعدد كثير، وجم غفير.
على تشيع كان فيه، إلا أنه كان من علماء الحديث، والكمال عزيز.
وثقه يحيى بن معين.
__________
* التاريخ لابن معين: 534، طبقات ابن سعد 6 / 389، تاريخ خليفة: 466، طبقات خليفة: 1310، التاريخ الكبير 1 / 207، التاريخ الصغير 2 / 276، المعارف: 510، الضعفاء للعقيلي لوحة 394، الجرح والتعديل 8 / 57، مشاهير علماء الامصار ت 1369، فهرست ابن النديم 226، تهذيب الكمال: 1258، العبر 1 / 319، ميزان الاعتدال 4 / 9، تذكرة الحفاظ 1 / 315، المغني في الضعفاء 2 / 624، الكاشف 3 / 89، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 229، تهذيب التهذيب 9 / 405، النجوم الزاهرة 2 / 148، طبقات الحفاظ: 130، خلاصة تذهيب الكمال: 356، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 223، شذرات الذهب 2 / 344.
(*)

(9/173)


وقال أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث شيعي.
وقال أبو داود السجستاني: كان شيعيا متحرقا.
قلت: تحرقه على من حارب أو نازع الامر عليا رضي الله عنه، وهو معظم للشيخين رضي الله عنهما.
وكان ممن قرأ القرآن على حمزة الزيات.
وقد أدرك منصور بن المعتمر، ودخل عليه، فوجده مريضا.
وهذا أوان أول سماعه للعلم.
قال محمد بن سعد: بعضهم لا يحتج به (1).
وكان أبو الأحوص يقول: أنشد الله رجلا يجالس ابن فضيل، وعمرو بن ثابت، أن يجالسنا.
قال يحيى الحماني: سمعت فضيلا أو حدثت عنه، قال: ضربت ابني البارحة إلى الصباح أن يترحم على عثمان رضي الله عنه، فأبى علي.
وقال الحسن بن عيسى بن ماسرجس: سألت ابن المبارك عن أسباط وابن فضيل، فسكت، فلما كان بعد ثلاثة أيام، قال: يا حسن، صاحباك (2) لا أرى أصحابنا يرضونهما.
قلت: مات في سنة خمس وتسعين ومئة، وقيل: سنة أربع.
__________
(1) نص ابن سعد في " الطبقات ": وكان ثقة صدوقا كثير الحديث، وبعضهم لا يحتج به.
قال الحافظ في " مقدمة الفتح " 441: إنما توقف فيه من توقف لتشيعه.
فالرجل ثقة لا يتوقف في قبول مروياته، وقد أخرج حديثه الائمة الستة في كتبهم.
(2) في الاصل: صاحبيك.
(*)

(9/174)


وقد أحتج به أرباب الصحاح.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعيد الطبيب، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن خلاد الباهلي، حدثنا محمد بن فضيل، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تسحروا فإن في السحور بركة " (1).
أخرجه النسائي عن زكريا خياط السنة (2)، عن الباهلي، فوقع بدلا عليا بدرجتين.
وحديثه أعلى من هذا في جزء ابن عرفة.

53 - يحيى القطان * (ع) يحيى بن سعيد بن فروخ، الامام الكبير، أمير المؤمنين في الحديث، أبو سعيد التميمي مولاهم البصري، الاحول، القطان، الحافظ.
__________
(1) أخرجه النسائي 4 / 142 في الصوم: باب الحث على السحور ذكر الاختلاف على عبدالملك بن أبي سليمان، ورواه البخاري 4 / 120، ومسلم (1095)، والترمذي (708) من طرق، عن عبد العزيز بن صهيب، وقتادة، عن أنس بن مالك، وأخرجه أيضا من طريقين عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة، وأخرجه من طريق يحيى عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، ومن طريق يحيى، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء.
(2) سمي بذلك لانه كان يخيط أكفان أهل السنة.
* التاريخ لابن معين: 645، طبقات ابن سعد 7 / 293، تاريخ خليفة 468، طبقات خليفة ت 1909، التاريخ الكبير 8 / 276، التاريخ الصغير 2 / 283، المعارف: 514، الجرح والتعديل 9 / 150، مشاهير علماء الامصار: ت 1278، حلية الاولياء 8 / 380، تاريخ بغداد 14 / 135، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 154، تهذيب الكمال لوحة 1497، تذهيب التهذيب 4 / 154 / 2، العبر 1 / 327، تذكرة الحفاظ 1 / 298، الكاشف 3 / 256، دول
الاسلام 1 / 125، شرح العلل لابن رجب 1 / 192، تهذيب التهذيب 11 / 16، طبقات الحفاظ: 125، خلاصة تذهيب الكمال 423، شذرات الذهب 1 / 355.
(*)

(9/175)


ولد في أول سنة عشرين ومئة.
سمع سليمان التيمي، وهشام بن عروة، وعطاء بن السائب، وسليمان الاعمش، وحسينا المعلم، وحميدا الطويل، وخثيم بن عراك، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبيد الله بن عمر، ويحيى بن سعيد الانصاري، وابن عون، وابن أبي عروبة، وشعبة، والثوري، وأخضر بن عجلان، وإسرائيل بن موسى - نزيل الهند -، وأشعث بن عبدالملك الحمراني، وأشعث بن عبد الله الحداني، وبهز بن حكيم، وجعفر بن محمد، وحاتم ابن أبي صغيرة، وحبيب بن الشهيد، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وزكريا بن أبي زائدة، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعبد الرحمن بن حرملة الاسلمي، وعبد الملك بن أبي سليمان، وعثمان بن الاسود المكي، وفضيل بن غزوان، ومحمد بن عجلان، وخلقا كثيرا.
وعني بهذا الشأن أتم عناية، ورحل فيه، وساد الاقران، وانتهى إليه الحفظ، وتكلم في العلل والرجال، وتخرج به الحفاظ، كمسدد، وعلي، والفلاس، وكان في الفروع على مذهب أبي حنيفة - فيما بلغنا - إذا لم يجد النص.
روى عنه: سفيان، وشعبة، ومعتمر بن سليمان، وهم من شيوخه - وعبد الرحمن بن مهدي، وعفان، ومسدد، وابنه محمد بن يحيى، وعبيد الله القواريري، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي، ويحيى، وأحمد، وإسحاق، وعمرو بن علي، وبندار، وابن مثنى، ومحمد بن حاتم
السمين، وسليمان الشاذكوني، وعبيد الله بن سعيد السرخسي، ويحيى بن حكيم المقوم، وعمر بن شبة، ونصر بن علي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وأحمد بن سنان القطان، وإسحاق الكوسج، وزيد بن أخزم،

(9/176)


ويعقوب الدورقي، وخلق كثير، خاتمتهم محمد بن شداد المسمعي.
وكان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: روى ابن مهدي في تصانيفه ألفي حديث عن يحيى القطان، فحدث بها ويحيى حي.
وثبت أن أحمد بن حنبل قال: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان.
وقال يحيى بن معين: قال لي عبدالرحمن: لا ترى بعينيك مثل يحيى القطان.
وقال علي بن المديني: ما رأيت أحدا أعلم بالرجال من يحيى بن سعيد.
وقال بندار: حدثنا يحيى بن سعيد إمام أهل زمانه.
وقال أبو الوليد الطيالسي: كان يحيى بن سعيد مولى بني تميم، زعموا، وكان يوقر وهو شاب.
وقال ابن معين: قال لي يحيى بن سعيد: ليس لاحد علي عقد ولا ولاء.
قال العباس بن عبد العظيم: سمعت ابن مهدي يقول: لما قدم الثوري البصرة، قال: يا عبد الرحمن، جئني بإنسان أذاكره، فأتيته بحيى ابن سعيد، فذاكره، فلما خرج، قال: قلت لك: جئني بإنسان، جئتني
بشيطان - يعني: بهره حفظه -.
قال عبد الله بن جعفر بن خاقان: سمعت عمرو بن علي يقول: كان

(9/177)


يحيى بن سعيد القطان يختم القرآن كل يوم وليلة (1)، يدعو لالف إنسان، ثم يخرج بعد العصر، فيحدث الناس.
قال ابن خزيمة: سمعت بندارا يقول: اختلفت إلى يحيى بن سعيد أكثر من عشرين سنة، ما أظنه عصى الله قط، لم يكن في الدنيا في شئ.
عباس الدوري: سمعت يحيى يقول: قال لي يحيى القطان: لو لم أرو إلا عمن أرضى، لم أرو إلا عن خمسة.
قال عبد الله بن بشر الطالقاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى ابن سعيد أثبت الناس.
وقال جعفر بن أبان الحافظ: سألت أبا الوليد الطيالسي عن خالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان، فقال: يحيى أكثر منه بكثير، وأما خالد، فثقة صاحب كتاب، فقال رجل: ما كان بالبصرة مثل خالد بعد شعبة.
فقال: وكان شعبة يحسن ما يحسن يحيى ؟ فقلت: فمن كان أكثر عندك، يحيى أو عبدالرحمن بن مهدي ؟ فإن قوما يقدمون عبدالرحمن عليه، قال: ما ينصفون، هو أكبر من عبدالرحمن.
وعن أبي عوانة قال: إن كنتم تريدون الحديث، فعليكم بيحيى القطان، فقال له رجل: فأين حماد بن زيد ؟ قال: يحيى بن سعيد معلمنا.
قال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كتبت
__________
(1) ذكرنا في أكثر من تعليق أن من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لا يفقهه كما صح عنه صلى الله عليه وسلم،
وأنه لم يأذن لعبد الله بن عمرو بن العاص أن يقرأه في أقل من ثلاث، وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع، فيحيى القطان يعتذر له في صنيعه هذا، ولا يقلد.
(*)

(9/178)


الحديث عن مثل يحيى بن سعيد.
قال ابن معين: روى يحيى القطان عن الاوزاعي حديثا واحدا.
قال أبو قدامة السرخسي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كل من أدركت من الائمة كانوا يقولون: الايمان قول وعمل، يزيد وينقص، ويكفرون الجهمية (1) ويقدمون أبا بكر وعمر في الفضيلة والخلافة.
مسدد، عن يحيى قال: ما حملت عن سفيان الثوري شيئا إلا ما قال: حدثني وحدثنا سوى حديثين من قول إبراهيم وعكرمة.
قال أبو بكر الصغاني: قال لي ابن معين: يحيى بن سعيد فوق يزيد ابن زريع وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ.
قال يحيى: ربما أتيت التيمي، وليس عنده أحد من خلق الله، وكان إذا حدث في بني مرة إنما يكون عنده خمسة أو ستة.
قال الحافظ ابن عمار: كنت إذا نظرت إلى يحيى القطان، ظننت أنه لا يحسن شيئا، بزي التجار، فإذا تكلم أنصت له الفقهاء.
قال أحمد بن محمد بن يحيى القطان: لم يكن جدي يمزح ولا يضحك إلا تبسما، ولا دخل حماما، وكان يخضب.
قال يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة، يختم القرآن كل ليلة.
__________
(1) هذا من الغلو غير المحمود الذي لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفا وخلفا، وكيف يكفر الجهمية - وهم المعتزلة - وقد روى عنهم الائمة في " الصحيحين " وغيرهما من كتب السنة
أحاديث كثيرة وفيرة.
(*)

(9/179)


وقال علي بن المديني: كنا عند يحيى بن سعيد، فقرأ رجل سورة الدخان، فصعق يحيى، وغشي عليه.
قال أحمد بن حنبل: لو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه، لدفعه يحيى - يعني الصعق -.
قال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد: ما أعلم أني رأيت جدي قهقه قط، ولا دخل حماما قط، ولا اكتحل، ولا أدهن.
عباس الدوري: عن يحيى قال: كان يحيى بن سعيد إذا قرئ عنده القرآن، سقط حتى يصيب وجهه الارض.
وقال: ما دخلت كنيفا قط إلا ومعي امرأة - يعني من ضعف قلبه -.
قال يحيى بن معين: جعل جار له يشتمه، ويقع فيه، ويقول: هذا الخوزي، ونحن في المسجد، قال: فجعل يبكي، ويقول: صدق، ومن أنا ؟ وما أنا ؟ قال ابن معين: وكان يحيى يجئ معه بمسباح، فيدخل يده في ثيابه، فيسبح.
قال عبدالرحمن بن مهدي: اختلفوا يوما عند شعبة، فقالوا له: اجعل بيننا وبينك حكما.
قال: قد رضيت بالاحول - يعني القطان - فجاء، فقضى على شعبة، فقال شعبة: ومن يطيق نقدك يا أحول ؟ (1).
قال ابن سعد: كان يحيى ثقة مأمونا رفيعا حجة.
__________
(1) " مقدمة الجرح والتعديل ": 232، وشرح علل الترمذي 1 / 192، وعلق عليه ابن أبي حاتم، فقال: هذه غاية المنزلة إذ اختاره شعبة من بين أهل العلم، ثم بلغ من دالته بنفسه،
وصلابته في دينه أن قضى على شعبة.
(*)

(9/180)


وقال النسائي: أمناء الله على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: شعبة، ومالك، ويحيى القطان.
قال محمد بن بندار الجرجاني: قلت لابن المديني: من أنفع من رأيت للاسلام وأهله ؟ قال: يحيى بن سعيد القطان.
قال أحمد بن حنبل: إلى يحيى القطان المنتهى في التثبت.
وقال محمد بن أبي صفوان: كان ليحيى القطان نفقة من غلته، إن دخل من غلته حنطة، أكل حنطة، وإن دخل شعير، أكل شعيرا، وإن دخل تمر، أكل تمرا.
قال يحيى بن معين: إن يحيى بن سعيد لم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة.
قال عفان بن مسلم: رأى رجل ليحيى بن سعيد قبل موته أن بشر يحيى بن سعيد بأمان من الله يوم القيامة.
قال أحمد: ما رأيت أحدا أقل خطأ من يحيى بن سعيد، ولقد أخطأ في أحاديث، ثم قال: ومن يعرى من الخطأ والتصحيف ؟ ! قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان يحيى بن سعيد نقي الحديث، لا يحدث إلا عن ثقة.
قال أبو قدامة السرخسي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخاف أن يضيق على الناس تتبع الالفاظ، لان القرآن أعظم حرمة، ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحدا (1).
__________
(1) إن كان مقصود يحيى أن لا حرج على الانسان أن يقرأ القرآن على وجوه مختلفة إذا كان = (*)

(9/181)


قال شاذ بن يحيى: قال يحيى القطان: من قال: إن " قل هو الله أحد " مخلوق، فهو زنديق، والله الذي لا إله إلا هو.
قال أبو حفص الفلاس: كان هجيري (1) يحيى بن سعيد إذا سكت ثم تكلم يقول.
يحيي ويميت وإليه المصير.
وقلت له في مرضه: يعافيك الله، إن شاء الله.
فقال: أحبه إلي أحبه إلى الله.
قال أبو حاتم الرازي: إذا اختلف ابن المبارك ويحيى القطان وابن عيينة في حديث، آخذ بقول يحيى (2).
__________
= اللفظ يؤدي المعنى المراد، فهذا لا يوافقه عليه أحد من أئمة المسلمين لا سلفا ولا خلفا، فإن القرآن لفظه ومعناه من الله، والقراءة سنة متبعة، وأمر توفيقي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقاها عنه أصحابه، فليس لاحد أن يقرأ حرفا لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان المعنى صحيحا، وأما إذا كان مقصوده أنه يسع الانسان أن يقرأ القرآن بالوجوه المختلفة الثابتة عند القراء، فهذا سائغ لا حرج فيه إن كان عنده علم بذلك.
وأما إصابة المعنى في رواية الحديث بتغيير اللفظ، فقد ذكر الرامهرمزي في " المحدث الفاصل " 529، 530 أن أهل العلم من نقلة الاخبار يختلفون فيه، فمنهم من يرى اتباع اللفظ، ومنهم من يتجوز في ذلك إذا أصاب المعنى، وقد دل قول الشافعي في صفة المحدث مع رعاية اتباع اللفظ على أنه يسوغ للمحدث أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالما بلغات العرب، ووجوه خطابها، بصيرا بالمعاني والفقه، عالما بما يحيل المعنى وما لا يحيله، فإنه إذا كان بهذه الصفة، جاز له نقل اللفظ، فإنه يحترز بالفهم عن تغيير المعاني وإزالة أحكامها، ومن لم يكن بهذه الصفة، كان أداء اللفظ له لازما، والعدول عن هيئة ما يسمعه عليه محظورا، وإلى هذا رأيت الفقهاء من أهل العلم يذهبون، ومن الحجة لمن ذهب إلى اتباع اللفظ قوله صلى الله عليه وسلم: " نضر الله امرءا سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه " وفي رواية: " فوعاها، فأداها كما وعاها " وهو حديث
صحيح أخرجه الشافعي 1 / 140، والدارمي 1 / 74، 75، والترمذي (2658) و (2659) و (2660) وابن ماجة (231) و (232)، ومن الذين حظروا رواية الحديث بالمعنى ولو لم يزد في لفظه: ابن عمر، والقاسم بن محمد، وابن سيرين، ورجاء بن حيوة، ومالك بن أنس، وابن علية، ويزيد بن زريع، ووهيب، وبه قال أحمد، وانظر " توجيه النظر " للشيخ طاهر الجزائري ص: 298 - 314، فقد استوفى الاقوال والادلة في هذه المسألة.
(1) أي: كان دأبه وعادته.
(2) مقدمة الجرح والتعديل: 234.
(*)

(9/182)


قال ابن المديني: سألت يحيى عن أحاديث عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، فقال: ليست بصحاح (1).
الفلاس، عن يحيى، قال: كنت أنا وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ، وما تقدماني في شئ قط - يعني من العلم - كنت أذهب معهما إلى ابن عون، فيقعدان ويكتبان، وأجئ أنا، فأكتبها في البيت (2).
قال محمد بن يحيى بن سعيد: قال أبي: كنت أخرج من البيت أطلب الحديث، فلا أرجع إلا بعد العتمة.
قلت: كان يحيى بن سعيد متعنتا في نقد الرجال (3)، فإذا رأيته قد وثق شيخا، فاعتمد عليه، أما إذا لين أحدا، فتأن في أمره حتى ترى قول غيره فيه، فقد لين مثل: إسرائيل، وهمام، وجماعة احتج بهم الشيخان، وله كتاب في الضعفاء لم أقف عليه، ينقل منه ابن حزم وغيره، ويقع كلامه في سؤالات علي، وأبي حفص الصيرفي، وابن معين له.
قال عبدالرحمن بن عمر رستة: سمعت علي بن عبد الله يقول: كنا عند يحيى بن سعيد، فلما خرج من المسجد، خرجنا
معه، فلما صار بباب داره، وقف، ووقفنا معه، فانتهى إليه الروبي،
__________
(1) مقدمة الجرح والتعديل: 236، وفي " شرح العلل " 2 / 641، لابن رجب: عكرمة ابن عمار: ثقة، لكن حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة مضطرب، لم يكن عنده كتاب، قاله يحيى القطان وأحمد والبخاري وغيرهم، وقد أنكر عليه حديثه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة..وقد خرجه مسلم (534)، والترمذي (4320)، وأبو داود (767)، والنسائي 3 / 212، 213.
(2) مقدمة الجرح والتعديل: 248.
(3) وقد وصفه المؤلف بهذا الوصف في موضعين من " الميزان "، الاول في ترجمة سفيان ابن عيينة 2 / 171، والثاني في ترجمة سيف بن سليمان المكي 2 / 255.
(*)

(9/183)


فقال يحيى لما رآه: ادخلوا.
فدخلنا، فقال للروبي: اقرأ.
فلما أخذ في القراءة، نظرت إلى يحيى يتغير، حتى بلغ: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين) [ الدخان: 40 ] صعق يحيى، وغشي عليه، وارتفع صوته، وكان باب قريب منه، فانقلب، فأصاب الباب فقار ظهره، وسال الدم، فصرخ النساء، وخرجنا، فوقفنا بالباب حتى أفاق بعد كذا وكذا، ثم دخلنا عليه، فإذا هو نائم على فراشه، وهو يقول: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين) فما زالت فيه تلك القرحة حتى مات رحمه الله.
وروى أحمد بن عبدالرحمن العنبري، عن زهير البابي، قال: رأيت يحيى القطان في النوم عليه قميص بين كتفيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الله العزيز العليم، براءة ليحيى بن سعيد القطان من النار.
وقال أبو بكر بن خلاد الباهلي: عن يحيى القطان قال: كنت إذا أخطأت، قال لي سفيان: أخطأت يا يحيى، فحدث يوما عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة، إنما يجرجر (1) في بطنه نار جهنم " فقلت: أخطأت يا أبا عبد الله.
قال: وكيف هو ؟ قلت: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن زيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عبدالرحمن، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم (2).
قال: صدقت يا يحيى، اعرض علي
__________
(1) أي: يحدر في جوفه، فجعل للشرب جرجرة، وهي وقوع صوت الماء في الجوف، وقيل: هي تردده فيه.
(2) أخرجه مسلم (2065) في أول اللباس من طريق علي بن مسهر، عن عبيد الله بهذا الاسناد، وأخرجه مالك 2 / 924، 925، في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب ما جاء في معى الكافر، = (*)

(9/184)


كتبك.
قلت: تريد أن ألقى منك ما لقي زائدة ؟ قال: وما لقي ؟ أصلحت له كتبه، وذكرته حديثه.
قلت: أقرب ما بيننا وبين يحيى بن سعيد في هذا الحديث الواحد: أنبأنا عبدالرحمن بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن شداد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يرحم الله من لا يرحم الناس " (1).
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو بكر زيد بن هبة
الله، أخبرنا أبو القاسم بن قفرجل، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا يعقوب الدورقي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا أبو حيان يحيى بن سعيد، حدثني يزيد بن حيان، سمعت زيد بن أرقم قال: بعث إلي عبيد الله بن زياد: ما أحاديث بلغني تحدثها وترويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
= ومن طريقه البخاري 10 / 84 في الاشربة: باب آنية الفضة، ومسلم (2065) عن نافع، عن زيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عبدالرحمن، عن أم سلمة، وأخرجه ابن ماجة (3413) في الاشربة: باب الشرب في آنية الفضة، من طريق الليث بن سعد، عن نافع.
(1) وأخرجه الترمذي (1922) في البر والصلة: باب في رحمة المسلمين من طريق محمد ابن بشار، عن يحيى بن سعيد بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه البخاري 10 / 368، في الادب: باب رحمة الناس والبهائم، و 13 / 303 في التوحيد: باب قول الله تعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن)، ومسلم (2319) في الفضائل: باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، من طرق عن الاعمش، عن زيد بن وهب وأبي ظبيان عن جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(*)

(9/185)


وتذكر أن له حوضا في الجنة ؟ قال: حدثنا ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعدناه.
قال: كذبت، ولكنك شيخ قد خرفت.
قال: أما إنه سمعته أذناي، ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " ما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
قرأت على أبي الحسن علي بن أحمد العلوي بالثغر، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن
عبدالرحمن المخلص، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: أخبرني أبو جمرة: سمعت ابن عباس يقول: قدم وفد عبد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الطبراني (5022) من طريق معاذ بن المثنى، عن مسدد، عن يحيى بن سعيد بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 4 / 366، 367 من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي حيان التيمي...وأخرجه الطبراني (5021) من طريق الحسين بن إسحاق التستري، عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن أبي حيان، وأحاديث الحوض رواها خلائق من الصحابة رضوان الله عليهم، منهم عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وجندب بن عبد الله، وعقبة بن عامر، وحارثة بن وهب، وأسماء بنت أبي بكر، وعائشة، وأم سلمة، وأبو ذر، وثوبان، وجابر بن سمرة.
انظر البخاري - الطبعة السلفية - في الرقاق: باب الحوض: الارقام التالية: (6575) و (6583) و (6584) و (6585) و (6586) و (6587) و (6588) و (6589) و (6590) و (6591) و (6592) و (6593).
وانظر صحيح مسلم في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته الارقام التالية: (2293) و (2299) و (2292) و (2303) و (2290) و (2291) و (2303) و (2289) و (2296) و (2298) و (2293) و (2294) و (2299) و (2300) و (2301) و (2305) ولابي داود (4749) من طريق عبد السلام بن أبي حازم قال: شهدت أبا برزة الاسلمي دخل على عبيد الله بن زياد، فحدثني فلان وكان في السماط..فذكر قصة فيها: أن ابن زياد ذكر الحوض، فقال: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئا ؟ فقال أبوبرزة: نعم لا مرة ولا ثنتين ولا ثلاثا ولا أربعا ولا خمسا، فمن كذب به، فلا سقاه الله منه.
(*)

(9/186)


القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالايمان بالله عزوجل.
قال:
" تدرون ما الايمان بالله ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم " (1).
رواه أبو داود عن أحمد.
قال محمد بن عمرو بن عبيدة العصفري: سمعت علي بن المديني قال: رأيت خالد بن الحارث في النوم، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال غفر لي على أن الامر شديد.
قلت: فما فعل يحيى القطان ؟ قال: نراه كما يرى الكوكب الدري في أفق السماء.
قالوا: توفي يحيى بن سعيد في صفر سنة ثمان وتسعين ومئة قبل موت ابن مهدي وابن عيينة بأربعة أشهر، رحمهم الله تعالى.
قال أبو بكر بن أبي داود: حدثني أبي، عن محمد بن سعيد الترمذي قال: قدمت البصرة أكتب الحديث، وكان يحيى بن سعيد القطان يجلس على موضع مرتفع، ويمر به أصحاب الحديث واحدا واحدا، يحدث كل إنسان بحديث، فمررت به لاسأله، فقال لي: اصعد، واقرأ حدرا، واقرأ من سورة واحدة، فقرأت: (إذا زلزلت.
) فسقط مغشيا عليه، فأصابه خشبة جزار.
__________
(1) إسناده صحيح وهو في " المسند " 1 / 228، و " سنن أبي داود " (3692) في الاشربة: باب في الاوعية، وأبو جمرة، بالجيم والراء: هو نصر بن عمران الضبعي من بني ضبيعة، وهم بطن من عبدالقيس، وأخرجه البخاري 1 / 120، 125 في الايمان: باب أداء الخمس من الايمان من طريق علي بن أبي الجعد، عن شعبة بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (17) في الايمان من طرق عن أبي جمرة.
(*)

(9/187)


قال أبو بكر: قال أبي: عن علي بن عبد الله، قال: فما رأينا إلا جنازته، قال أبي: قال محمد بن سعيد: وقرأت على عبدالرحمن بن مهدي، فأصابه نحو ذلك.
قال عبد الصمد بن سليمان: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: انتهى العلم إلى أربعة: إلى ابن المبارك، ووكيع، ويحيى القطان، وعبد الرحمن، فأما ابن المبارك فأجمعهم، وأما وكيع فأسردهم، وأما يحيى، فأتقنهم، وأما عبدالرحمن، فجهبذ.
ثم قال: ما رأيت أحفظ ولا أوعى للعلم من وكيع، ولا أشبه بأهل النسك.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: قال يحيى بن سعيد: لا تنظروا إلى الحديث، ولكن انظروا إلى الاسناد، فإن صح الاسناد، وإلا فلا تغتروا بالحديث إذا لم يصح الاسناد.

54 - شعيب بن حرب * (خ، د، س) الامام القدوة العابد، شيخ الاسلام، أبو صالح المدائني، المجاور بمكة، من أبناء الخراسانية.
روى عن: إسماعيل بن مسلم العبدي، وعكرمة بن عمار، ومسعر بن كدام، وشعبة، وأبان بن عبد الله البجلي، وصخر بن جويرية، وحريز بن عثمان، والحسن بن عمارة، وسفيان، وإسرائيل،
__________
* التاريخ لابن معين: 257، طبقات ابن سعد 7 / 320، التاريخ الكبير 4 / 222، الجرح والتعديل 4 / 342، تهذيب الكمال: 585، تذهيب التهذيب 2 / 78 / 2، العبر 1 / 323، ميزان الاعتدال 2 / 275، الكاشف 2 / 12، العقد الثمين 5 / 11، تهذيب التهذيب 4 / 350، خلاصة تذهيب الكمال: 585، شذرات الذهب 1 / 349.
(*)

(9/188)


وعبد العزيز بن أبي رواد، ومالك بن مغول، وكامل أبي العلاء، وخلق سواهم.
وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن أيوب المقابري، أحمد بن أبي سريج الرازي، وعلي بن بحر، وأحمد بن محمد بن أبي رجاء، وأيوب بن منصور الكوفي، وحسن بن الجنيد البغدادي، والحسن بن الصباح البزار، وعلي بن محمد الطنافسي، ومحبوب بن موسى، وعبد الله بن السري الزاهد، وعبد الله بن خبيق الانطاكيون، ومحمد بن منصور الطوسي، ونصير بن الفرج، ويعقوب الدورقي، ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، وآخرون.
روى عباس، عن ابن معين: ثقة مأمون.
كذلك قال أبو حاتم.
وقال النسائي: ثقة.
وقال محمد بن سعد: كان من ابناء خراسان من أهل بغداد، فتحول إلى المدائن، واعتزل بها، وكان له فضل، ثم خرج إلى مكة، فنزلها إلى أن مات بها.
وقال محمد بن منصور: سمعت شعيب بن حرب يقول: ربما درس بعض الاسناد أكاد أحم.
وقال أحمد بن حنبل: جئنا إلى شعيب أنا وأبو خيثمة، وكان ينزل مدينة أبي جعفر على قرابة له، فقلت لابي خيثمة: سله، فدنا إليه، فسأله، فرأى كمه طويلا، فقال: من يكتب الحديث يكون كمه طويلا ؟ يا غلام هات الشفرة، قال: فقمنا، ولم يحدثنا بشئ.
قال أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي: سمعت سريا السقطي

(9/189)


يقول: أربعة كانوا في الدنيا أعملوا أنفسهم في طلب الحلال، ولم يدخلوا أجوافهم إلا الحلال: وهيب بن الورد، وشعيب بن حرب، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخواص.
قال عبد الله بن خبيق: سمعت شعيب بن حرب: أكلت في عشرة أيام أكلة وشربت شربة.
أحمد بن الحسين الصوفي: سمعت أبا حمدون الطيب بن إسماعيل يقول: ذهبنا إلى المدائن إلى شعيب بن حرب، وكان قاعدا على شط دجلة، قد بنى له كوخا، وخبز له معلق في شريط، ومطهرة، يأخذ كل ليلة رغيفا يبله في المطهرة، ويأكله، فقال بيده هكذا، إنما كان جلدا وعظما (1)، فقال: أرى هنا بعد لحما، والله لاعلمن في ذوبانه حتى أدخل إلى القبر وأنا عظام تقعقع، أريد السمن للدود والحيات ؟ فبلغ أحمد قوله، فقال: شعيب بن حرب حمل على نفسه في الورع (2).
قال محمد بن عيسى المدائني: مات شعيب بمكة سنة ست وتسعين ومئة، وقال محمد بن المثنى وغيره: سنة سبع وتسعين ومئة رحمة الله عليه.
__________
(1) في الاصل: جلد وعظم.
(2) وليس ذلك الصنيع من هدي سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، الذي كان يستعيذ من الجوع، ويقول: إنه بئس الضجيع، ويأكل ويشرب من الاطايب وما قاربها مما تيسر له، ويتعاطى الاودية التي يصح بها الجسم، ويأمر بذلك أصحابه، وينكر على من يصوم الدهر، ويقوم الليل كله، ويعرض عن الزواج، ويقول: " إني أخشاكم لله وأتقاكم له، أما إني أصوم
وأفطر، وأقوم الليل وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني ".
(*)

(9/190)


أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الغني بن الخطيب فخر الدين بن تيمية بمصر، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف اللغوي، وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الخطيب فخر الدين محمد بن أبي القاسم قالا: أخبرنا محمد بن عبدا لباقي بن البطي، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الخطيب، أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن مخلد سنة ثلاثين وثلاث مئة، حدثنا أبو القاسم عنبس بن إسماعيل القزاز، حدثنا شعيب بن حرب، حدثنا سفيان الثوري، عن مالك بن أنس، حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة بن ربعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليصل ركعتين قبل أن يقعد " (1).
وبه: أخبرنا محمد بن مخلد، حدثنا العلاء بن سالم، أخبرنا شعيب بن حرب، حدثنا مالك، حدثنا عامر مثله، ولم يذكر سفيان، قال ابن مخلد: هذا هو عندي الصواب.
أما يحيى بن سعيد العطار، ففي الطبقة الآتية.
__________
(1) أخرجه مالك 1 / 162 في قصر الصلاة: باب انتظار الصلاة والمشي إليها، ومن طريقه البخاري 2 / 447، في المساجد: باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين، وفي التطوع: باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، ومسلم (714) في صلاة المسافرين: باب استحباب تحية المسجد بركعتين، وأبو داود (467) في الصلاة: باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد، والترمذي (316) في الصلاة: باب ما جاء إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، والنسائي 2 / 53 في المساجد: باب الامر بالصلاة قبل الجلوس في
المسجد.
(*)

(9/191)


55 - بهز بن أسد * (ع) الامام الحافظ الثقة، أبو الأسود العمي البصري، أخو معلى بن أسد.
حدث عن: شعبة، ويزيد بن إبراهيم التستري، وأبي بكر النهشلي، وعدة.
روى عنه عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن بشار، وأحمد بن سنان القطان، وعبد الرحمن بن بشر، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وآخرون.
قال غير واحد: ثقة.
وقال عبدالرحمن بن بشر: ما رأيت رجلا خيرا من بهز.
قلت: توفى سنة سبع وتسعين ومئة.

56 - عبدالرحمن بن مهدي * * (ع) ابن حسان، بن عبدالرحمن، الامام الناقد المجود، سيد
__________
* التاريخ لابن معين: 64، طبقات ابن سعد 7 / 298، التاريخ الكبير 2 / 143، الجرح والتعديل 2 / 431، تهذيب الكمال: 163، تذهيب التهذيب 1 / 91 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 341، الكاشف 1 / 164، تهذيب التهذيب 1 / 497، طبقات الحفاظ: 142، خلاصة تذهيب الكمال: 53.
* * التاريخ لابن معين: 359، طبقات ابن سعد 7 / 297، تاريخ خليفة: 468، طبقات خليفة ت 1933، التاريخ الكبير 5 / 254، التاريخ الصغير 2 / 283، 285، المعارف: 513، مقدمة الجرح والتعديل 1 / 251، 262، حلية الاولياء 9 / 3 - 63، تاريخ
بغداد 10 / 240، تهذيب الكمال: 820، تذهيب التهذيب 2 / 229 / 1، العبر 1 / 326، 327، تذكرة الحفاظ 1 / 329، الكاشف 2 / 187، دول الاسلام 1 / 125، شرح العلل = (*)

(9/192)


الحفاظ، أبو سعيد العنبري، وقيل: الازدي، مولاهم البصري اللؤلؤي.
ولد سنة خمس وثلاثين ومئة.
قاله أحمد بن حنبل.
وطلب هذا الشأن، وهو ابن بضع عشرة سنة.
سمع أيمن بن نابل، وعمر بن أبي زائدة، ومعاوية بن صالح الحضرمي، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وإسماعيل بن مسلم العبدي قاضي جزيرة قيس، وأبا خلدة خالد بن دينار، وسفيان، وشعبة، والمسعودي، وعبد الله بن بديل بن ورقاء، وأبا يعلى عبد الله ابن عبدالرحمن الثقفي، وعبد الجليل بن عطية البصري، وعكرمة بن عمار، وعلي بن مسعدة الباهلي، وعمران القطان، والمثنى بن سعيد الضبعي، ويونس بن أبي إسحاق، وأبا حرة واصل بن عبدالرحمن، وحماد بن سلمة، وأبان بن يزيد، ومالك بن أنس، وعبد العزيز بن الماجشون، وأمما سواهم.
حدث عنه: ابن المبارك، وابن وهب - وهما من شيوخه - وعلي، ويحيى، وأحمد، وإسحاق، وابن أبي شيبة، وبندار، وأبو خيثمة، وأحمد ابن سنان، والقواريري، وأبو عبيد، وأبو ثور، وعبد الله بن هاشم، وعبد الرحمن بن عمر: رستة، ومحمد بن يحيى، وهارون بن سليمان الاصبهاني، وعبد الرحمن بن محمد الحارثي كربزان، ومحمد بن ماهان زنبقة، وخلق يتعذر حصرهم.
__________
= لابن رجب 1 / 196، 199، تهذيب التهذيب 6 / 279، النجوم الزاهرة 2 / 159، طبقات الحفاظ 139، خلاصة تذهيب الكمال 235، شذرات الذهب 1 / 355.
(*)

(9/193)


وكان إماما حجة، قدوة في العلم والعمل.
قال الخليلي: قال الشافعي: لا أعرف له نظيرا في هذا الشأن.
قال أحمد بن حنبل: عبدالرحمن أفقه من يحيى القطان (1)، وقال: إذا اختلف عبدالرحمن ووكيع، فعبد الرحمن أثبت، لانه أقرب عهدا بالكتاب، واختلفا في نحو من خمسين حديثا للثوري.
قال: فنظرنا، فإذا عامة الصواب في يد عبدالرحمن (2).
قال أيوب بن المتوكل: كنا إذا أردنا أن ننظر إلى الدين والدنيا، ذهبنا إلى دار عبدالرحمن بن مهدي (3).
إسماعيل القاضي: سمعت ابن المديني يقول: أعلم الناس بالحديث عبدالرحمن بن مهدي.
قلت له: قد كتبت حديث الاعمش، وكنت عند نفسي أنني قد بلغت فيها، فقلت: ومن يفيدني عن الاعمش ؟ فقال لي: من يفيدك عن الاعمش ؟ قلت: نعم.
فأطرق، ثم ذكر ثلاثين حديثا ليست عندي، يتبع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أنا ولم أكتب حديثهم نازلا.
قال إسماعيل: أحفظ من ذلك منصور بن أبي الاسود (4).
قال محمد بن أبي بكر المقدمي: ما رأيت أحدا أتقن لما سمع ولما لم يسمع ولحديث الناس من عبدالرحمن بن مهدي (5)، إمام
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 242.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 243 و 244.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 247.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 245.
(5) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 253 و 5 / 290.
(*)

(9/194)


ثبت، أثبت من يحيى بن سعيد، وأتقن من وكيع، كان عرض حديثه على سفيان (1).
قال عبيد الله بن عمر القواريري: أملى علي عبدالرحمن عشرين ألف حديث حفظا.
وقال عبيد الله بن سعيد: سمعت ابن مهدي يقول: لا يجوز أن يكون الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لا يصح.
قال علي بن المديني: كان علم عبدالرحمن في الحديث كالسحر (2).
قال أبو عبيد: سمعت عبدالرحمن يقول: ما تركت حديث رجل إلا دعوت الله له وأسميه.
قال إبراهيم بن زياد سبلان (3): قلت لعبد الرحمن بن مهدي: ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق ؟ فقال: لو كان لي سلطان، لقمت على الجسر، فلا يمر بي أحد إلا سألته، فإذا قال: مخلوق، ضربت عنقه، وألقيته في الماء.
قال أبو داود السجستاني: التقى وكيع وعبد الرحمن في الحرم بعد العشاء، فتواقفا، حتى سمعا أذان الصبح.
وروي عن ابن مهدي قال: لولا أني أكره أن يعصى الله، لتمنيت
__________
(1) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 255 والذي وصفه بذلك أبو حاتم، ونقله الخطيب
في " تاريخه " 10 / 243 عن أبي حاتم.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 246.
(3) لقب بذلك، لانه كان يسبل لحيته.
(*)

(9/195)


أن لا يبقى أحد في المصر إلا أغتابني ! أي شئ أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها ؟ !.
وعنه قال: كنت أجلس يوم الجمعة، فإذا كثر الناس، فرحت، وإذا قلوا، حزنت، فسألت بشر بن منصور، فقال: هذا مجلس سوء، فلا تعد إليه، فما عدت إليه.
قال عبدالرحمن رسته: حدثنا يحيى بن عبدالرحمن بن مهدي، أن أباه قام ليلة، وكان يحيي الليل كله، قال: فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش حتى طلعت الشمس، ولم يصل الصبح، فجعل على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الارض شيئا شهرين، فقرح فخذاه جميعا (1).
وقال رسته: سمعت ابن مهدي يقول لفتى من ولد الامير جعفر بن سليمان: بلغني أنك تتكلم في الرب، وتصفه وتشبهه.
قال: نعم، نظرنا، فلم نز من خلق الله شيئا أحسن من الانسان، فأخذ يتكلم في الصفة، والقامة.
فقال له: وريدك يا بني حتى نتكلم أول شئ في المخلوق، فإن عجزنا عنه، فنحن عن الخالق أعجز، أخبرني عما حدثني شعبة، عن الشيباني عن سعيد بن جبير، عن عبد الله: (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) [ النجم: 18 ] قال: رأى جبريل له ست مئة جناح (2)، فبقي الغلام ينظر.
فقال: أنا أهون عليك صف لي خلقا
__________
(1) أورده المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 330، وهو في " حلية الاولياء " 9 / 12.
(2) أخرجه البخاري 8 / 469 و 470 في تفسير سورة النجم: باب (فكان قاب قوسين أو أدنى)، وباب قوله تعالى: (فأوحى إلى عبده ما أوحى)، وفي بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، ومسلم (174) في الايمان: باب ذكر سدرة المنتهى، من طرق عن سليمان الشيباني، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود.
(*)

(9/196)


له ثلاثة أجنحة، وركب الجناح الثالث منه موضعا حتى أعلم.
قال: يا أبا سعيد، عجزنا عن صفة المخلوق، فأشهدك إني قد عجزت، ورجعت.
قال أبو حاتم الرازي: سئل أحمد بن حنبل عن يحيى وابن مهدي، فقال: ابن مهدي أكثر حديثا (1).
قال أحمد العجلي: شرب عبدالرحمن بن مهدي البلاذر (2)، وكذا الطيالسي، فبرص عبدالرحمن، وجذم الآخر.
قال: وقيل لعبد الرحمن: أيما أحب إليك، يغفر لك ذنبا، أو تحفظ حديثا ؟ قال: أحفظ حديثا.
أبو الربيع الزهراني: سمعت جريرا الرازي يقول: ما رأيت مثل عبدالرحمن بن مهدي.
ووصف حفظه وبصره بالحديث (3).
قال نعيم بن حماد: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: كيف تعرف الكذاب ؟ قال: كما يعرف الطبيب المجنون (4).
قال محمد بن أبي صفوان: سمعت علي بن المديني يقول: لو
__________
(1) تقدمة الجرح والتعديل 1 / 261.
(2) قال ابن سينا في كتابه " القانون " 1 / 267: البلاذر: ثمرة شبيهة بنوى التمر،
ولبه مثل لب الجوز، حلو لا مضرة فيه، وقشرة متخلخل متثقب، في تخلخله عسل لزج ذو رائحة، ومن الناس من يقضمه فلا يضره وخصوصا مع الجوز، وذكر صاحب " المعتمد في الادوية المفردة " ص 31 من خواصه: أنه جيد لفساد الذهن وجميع الاعراض الحادثة في الدماغ من البرودة والرطوبة، نافع من برد العصب، والاسترخاء، والنسيان، وذهاب الحفظ.
(3) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 251.
(4) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 252.
(*)

(9/197)


أخذت، فحلفت بين الركن والمقام، لحلفت بالله أني لم أر أحدا قط أعلم بالحديث من عبدالرحمن بن مهدي.
سمعه أبو حاتم الرازي منه (1).
أخبرنا محمد بن قيماز، وغيره، قالوا: أخبزنا عبد الله بن اللتي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا عبد الله بن محمد الانصاري، أخبرنا عبد الجبار الجراحي، أخبرنا ابن محبوب، حدثنا أبو عيسى الترمذي، سمعت محمد بن عمرو (2) بن نبهان بن صفوان الثقفي، سمعت علي بن المديني يقول: لو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت أني لم أر أحدا أعلم من عبدالرحمن بن مهدي (3).
وبه إلى الترمذي: حدثنا أحمد بن الحسن، قال أحمد بن حنبل: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي إمام (4).
وقال زياد بن أيوب الطوسي: قمنا من مجلس هشيم، فأخذ أحمد وابن معين وأصحابه بيد فتى، فأدخلوه مسجدا، وكتبنا عنه، فإذا الفتى عبدالرحمن بن مهدي.
محمد بن عيسى الطرسوسي: سمعت عبدالرحمن رسته يقول: كانت لعبد الرحمن بن مهدي جارية، فطلبها منه رجل، فكان منه شبه العدة، فلما عاد إليه، قيل لعبد الرحمن: هذا صاحب الخصومات.
__________
(1) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 252، و " تاريخ بغداد " 10 / 244، و " شرح العلل " لابن رجب 1 / 197.
(2) في الاصل: عمر بدون واو، وهو خطأ.
(3) " علل الترمذي " بشرح ابن رجب 1 / 158.
(4) " علل الترمذي " 1 / 157.
(*)

(9/198)


فقال له عبدالرحمن: بلغني أنك تخاصم في الدين.
فقال: يا أبا سعيد، إنا نضع عليهم لنحاجهم بها.
فقال: أتدفع الباطل بالباطل، إنما تدفع كلاما بكلام، قم عني، والله لا بعتك جاريتي أبدا.
قال ابن المديني: قال عبدالرحمن: اترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها (1).
وقال ابن المديني: دخلت على امرأة عبدالرحمن بن مهدي، وكنت أزورها بعد موته، فرأيت سوادا في القبلة، فقلت: ما هذا ؟ قالت: موضع استراحة عبدالرحمن، كان يصلي بالليل، فإذا غلبه النوم، وضع جبهته عليه.
ويروى عن ابن مهدي قال: من طلب العربية، فآخره مؤدب، ومن طلب الشعر، فآخره شاعر، يهجو أو يمدح بالباطل، ومن طلب الكلام، فآخر أمره الزندقة، ومن طلب الحديث، فإن قام به، كان إماما، وإن فرط، ثم أناب يوما، يرجع إليه، وقد عتقت وجادت.
قال يحيى بن يحيى: كنت أسأل عبدالرحمن عن المشايخ بالبصرة.
ونقل غير واحد عن عبدالرحمن بن مهدي قال: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى، وأن يكون [ استوى ] على العرش،
__________
(1) يعني رفض حديثه، وعدم الاحتجاج بروايته ولو كان ثقة حافظا إذا كان مبتدعا يدعو إلى بدعته، والمعتمد: أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه، وأما من لم يكن كذلك، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبول روايته مطلقا، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن داعيا إليها.
(*)

(9/199)


أرى أن يستتابوا، فإن تابوا، وإلا ضربت أعناقهم.
قال ابن المديني: ثم كان بعد مالك بن أنس عبدالرحمن بن مهدي، يذهب مذهب تابعي أهل المدينة، ويقتدي بطريقتهم (1).
وقال: نظرت، فإذا الاسناد يدور على ستة، ثم صار علمهم إلى اثني عشر نفسا، ثم صار علمهم إلى يحيى بن سعيد، ويحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، وابن المبارك، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم (2).
قال علي: وأوثق أصحاب سفيان يحيى القطان وعبد الرحمن.
قال أحمد بن حنبل: عبدالرحمن ثقة خيار صالح مسلم، من معادن الصدق.
قال ابن مهدي: كان أبو الأسود يتيم عروة أخا لهشام بن عروة من
__________
(1) " العلل " لعلي بن المديني ص: 51.
(2) الخبر في " العلل " ص 17، 40 مطولا، وقد اختصره المؤلف جدا، ومن المفيد إثباته هنا بتصرف: قال: نظرت فإذا الاسناد يدور على ستة، فلاهل المدينة ابن شهاب الزهري ت (124) ولاهل مكة عمرو بن دينار ت (126)، ولاهل البصرة قتادة بن دعامة الدوسي ت (117)، ويحيى بن أبي كثير ت (132)، ولاهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي ت (127)، وسليمان بن مهران الاعمش ت (148)، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الاصناف ممن صنف، فلاهل المدينة مالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، ومن أهل مكة عبدالملك بن عبد العزيز بن جريج، وسفيان بن عيينة، ومن أهل البصرة سعيد بن أبي عروبة، وأبو عوانة الوضاح بن خالد، وشعبة بن الحجاج، ومعمر بن راشد، ومن أهل الكوفة سفيان بن سعيد الثوري، ومن أهل الشام عبدالرحمن الاوزاعي، ومن أهل واسط هشيم بن بشير، ثم انتهى علم هؤلاء الثلاثة من أهل البصرة، وعلم الاثني عشر إلى ستة: إلى يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ووكيع بن الجراح، ثم صار علم هؤلاء إلى ثلاثة: إلى عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم.
(*)

(9/200)


الرضاعة، وقد قال هشام: حدثنا أخي محمد بن عبدالرحمن بن نوفل، عن أبي، قال: لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا، حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الامم، فقالوا فيهم بالرأي، فضلوا وأضلوا.
قال أيوب بن المتوكل: كان حماد بن زيد إذا نظر إلى عبدالرحمن ابن مهدي في مجلسه، تهلل وجهه.
وقال صدقة بن الفضل المروزي الحافظ: أتيت يحيى بن سعيد أسأله، فقال لي: الزم عبدالرحمن بن مهدي، وأفادني عنه أحاديث، فسألت عبدالرحمن عنها، فحدتني بها (1).
قال أحمد بن سنان القطان: سمعت مهدي بن حسان يقول: كان عبد الرحمن يكون عند سفيان عشرة أيام، وخمسة عشر يوما بالليل والنهار، فإذا جاءنا ساعة، جاء رسول سفيان في أثره يطلبه، فيدعنا، ويذهب إليه (2).
قال أحمد بن سنان: وسمعت عبدالرحمن يقول: أفتى سفيان في مسألة، فرآني كأني انكرت فتياه، فقال: أنت ما تقول ؟ قلت: كذا وكذا، خلاف قوله، فسكت (3).
قال ابن المديني: حدثنا عبدالرحمن، قال لي سفيان: لو أن عندي كتبي، لافدتك علما.
قال أحمد بن سنان: كان لا يتحدث في مجلس عبدالرحمن، ولا يبري قلم، ولا يتبسم أحد، ولا يقوم أحد قائما، كأن على رؤوسهم الطير،
__________
(1) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 256.
(2) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 256.
(3) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 256، وتمامه فيه: " ولم يقل شيئا ".
(*)

(9/201)


أو كأنهم في صلاة، فإذا رأى أحدا منهم تبسم أو تحدث، لبس نعله، وخرج (1).
قال أحمد بن سنان: سمعت عبدالرحمن يقول: عندي عن المغيرة ابن شعبة في المسح على الخفين (2) ثلاثة عشر حديثا - يعني الطرق -.
قال بندار: سمعت عبدالرحمن يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لكتبت تفسير الحديث إلى جنبه، ولاتيت المدينة حتى أنظر في كتب قوم سمعت منهم (3).
قال محمد بن عبدالرحيم صاعقة: سمعت عليا يقول: - وذكر الفقهاء
السبعة (4) - فقال: كان أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب، ثم بعده مالك، ثم بعده عبدالرحمن بن مهدي.
__________
(1) تقدمة الجرح والتعديل: 1 / 257.
(2) حديث المغيرة أخرجه مالك 1 / 36 في الطهارة: باب ما جاء في المسح على الخفين، والبخاري 1 / 265 في الوضوء: باب المسح على الخفين، وباب الرجل يوضئ صاحبه، وباب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، وفي الصلاة: باب الصلاة في الجبة الشامية، وباب الصلاة في الخفاف، وفي الجهاد: باب الجبة في السفر والحرب، وفي المغازي: باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، وفي اللباس: باب من لبس جبة ضيقة الكمين في السفر، وباب جبة الصوف في الغزو، وأخرجه مسلم (274) في الطهارة: باب المسح على الخفين، وأبو داود (149) و (150) و (151) والترمذي (97) و (98) و (99) و (100) والنسائي 1 / 82.
(3) مقدمة الجرح التعديل 1 / 262.
(4) كان العمل في عصر التابعين على أقوالهم، وهم أئمة العصر، وهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وخارجة بن زيد، وأبو بكر بن عبدالرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وقد نظمهم القائل، فقال: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر * روايتهم ليست عن العلم خارجه فقل هم عبيد الله عروة قاسم * سعيد أبو بكر سليمان خارجه (*)

(9/202)


وقال أحمد بن حنبل: إذا حدث عبدالرحمن عن رجل، فهو ثقة (1).
وقال علي: كان ورد عبدالرحمن كل ليلة نصف القرآن.
وقال محمد بن يحيى الذهلي: ما رأيت في يد عبدالرحمن بن مهدي كتابا قط - يعني كان يحدث حفظا (2).
وقال رسته: سمعت عبدالرحمن يقول: كان يقال: إذا لقي الرجل الرجل فوقه في العلم، فهو يوم غنيمته، وإذا لقي من هو مثله، دارسه، وتعلم منه، وإذا لقي من هو دونه، تواضع له، وعلمه، ولا يكون إماما في العلم من حدث بكل ما سمع، ولا يكون إماما من حدث عن كل أحد، ولا من يحدث بالشاذ، والحفظ للاتقان (3).
وقال ابن نمير: قال عبدالرحمن بن مهدي: معرفة الحديث إلهام.
قال يوسف بن ضحاك: سمعت القواريري يقول: كان ابن مهدي يعرف حديثه وحديث غيره، وكان يحيى القطان يعرف حديثه، فسمعت
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 243، و " شرح العلل " 1 / 80، وفيه: وقد اختلف الفقهاء وأهل الحديث في رواية الثقة عن رجل غير معروف، هل هو تعديل له أم لا ؟ وحكى أصحابنا عن أحمد في ذلك روايتين، وحكوا عن الحنفية أنه تعديل، وعن الشافعية خلاف ذلك، والمنصوص عن أحمد يدل على أنه من عرف منه أنه لا يروي إلا عن ثقة، فروايته عن إنسان تعديل له، ومن لم يعرف منه ذلك، فليس بتعديل، وصرح بذلك طائفة من المحققين وأصحاب الشافعي، قال أحمد في رواية الاثرم: إذا روى الحديث عبدالرحمن ابن مهدي عن رجل، فهو حجة، ثم قال: كان عبدالرحمن أولا يتساهل في الرواية عن غير واحد، ثم تشدد بعد، وكان يروى عن جابر (هو الجعفي) ثم تركه.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 247.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 4.
(*)

(9/203)


حماد بن زيد يقول: لئن عاش عبدالرحمن بن مهدي، لنخرجن رجل أهل
البصرة (1).
قال أبو بكر بن أبي الاسود: سمعت ابن مهدي يقول بحضرة يحيى القطان، وذكر الجهمية، فقال: ما كنت لاناكحهم، ولا أصلي خلفهم (2).
قال عبدالرحمن بن عمر رسته: سمعت عبدالرحمن يقول: الجهمية.
يريدون أن ينفوا الكلام عن الله، وأن يكون القرآن كلام الله، وأن يكون كلم موسى، وقد وكده الله تعالى فقال: (وكلم الله موسى تكليما) (3) [ النساء: 164 ].
قال عبدالرحمن رسته: سألت ابن مهدي عن الرجل يبني بأهله، أيترك الجماعة أياما ؟ قال: لا، ولا صلاة واحدة.
وحضرته صبيحة بني على ابنته، فخرج، فأذن، ثم مشى إلى بابهما، فقال للجارية: قولي لهما: يخرجان إلى الصلاة، فخرج النساء والجواري، فقلن: سبحان الله ! أي شئ هذا ؟ فقال: لا أبرح حتى يخرجا إلى الصلاة، فخرجا بعدما صلى، فبعث بهما إلى مسجد خارج من الدرب (4).
قلت: هكذا كان السلف في الحرص على الخير.
قال رسته: وكان عبدالرحمن يحج كل عام، فمات أخوه، وأوصى إليه، فأقام على أيتامه، فسمعته يقول: قد ابتليت بهؤلاء الايتام،
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 5.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 6.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 7.
(4) " حلية الاولياء " 9 / 13.
(*)

(9/204)


فاستقرضت من يحيى بن سعيد أربع مئة دينار احتجت إليها في مصلحة أرضهم (1).
ذكر أبو نعيم الحافظ لابن مهدي في " الحلية " ترجمة طويلة جدا، فروى فيها من حديثه مئتين وثمانين حديثا (2)، وقد لحق صغار التابعين كأيمن ابن نابل، وصالح بن درهم، ويزيد بن أبي صالح، وجرير بن حازم، وكان قد ارتحل في آخر عمره من البصرة، فحدث بأصبهان.
قال بندار: سمعت عبدالرحمن يقول: ما نعرف كتابا في الاسلام بعد كتاب الله أصح من " موطأ مالك ".
وقال رسته: سمعت عبدالرحمن يقول: أئمة الناس في زمانهم: سفيان بالكوفة، وحماد بن زيد بالبصرة، ومالك بالحجاز، والاوزاعي بالشام.
أبو حاتم بن حبان: حدثنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا عمرو بن علي، سمعت عبدالرحمن بن مهدي يقول: حدثنا أبو خلدة، فقال له رجل: أكان ثقة ؟ فقال: كان صدوقا، وكان خيارا، وكان مأمونا، الثقة سفيان وشعبة.
ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، سمعت ابن مهدي يقول: لزمت مالكا حتى ملني، فقلت يوما: قد غبت عن أهلي هذه الغيبة الطويلة، ولا [ أعلم ] ما حدث بهم بعدي.
قال: يا بني، وأنا بالقرب من أهلي، ولا أدري ما حدث بهم منذ خرجت.
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 14.
(2) انظر " الحلية " 9 / 14، 63.
(*)

(9/205)


قال ابن حبان في صدر كتابه في " الضعفاء ": إلا أن من أكثرهم تنقيرا عن شأن المحدثين وأتركهم للضعفاء والمتروكين حتى يجعله لهذا الشأن صناعة لهم لم يتعدوها - مع لزوم الدين، والورع الشديد، والتفقه في السنن - رجلين (1): يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي (2).
قال سهل بن صالح: سمعت يزيد بن هارون يقول: وقعت بين أسدين: عبدالرحمن بن مهدي، ويحيى القطان.
قلت: توفي ابن مهدي بالبصرة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومئة.
وعاش أبوه بعده، وكان شيخا عاميا، ربما كان يمزح بجهل، ويشير إلى الجماعة إلى ابنه، ويشير إلى متاعه، فيقول: هذا خرج من هذا.
وقال عبدالرحمن بن محمد بن سلم: سمعت عبدالرحمن بن عمر، سمعت ابن مهدي يقول: فتنة الحديث أشد من فتنة المال والولد (3).
قال أبو قدامة: سمعت ابن مهدي يقول: لان أعرف علة حديث أحب إلي من أن أستفيد عشرة أحاديث (4).
قال عبد الله أخو رسته: سمعت ابن مهدي يقول: محرم على الرجل أن يفتي إلا في شئ سمعه من ثقة (5).
__________
(1) في الاصل، والمطبوع من " المجروحين ": " رجلان ": وما اثبتناه هو الجادة.
(2) انظر كتاب " المجروحين والضعفاء " 1 / 52.
(3) هو في " الحلية " 9 / 6.
(4) " الحلية " 9 / 5.
(5) " الحلية " 9 / 5.
(*)

(9/206)


وعن عبدالرحمن أنه كان يكره الجلوس إلى ذي هوى أو ذي رأي.
وقال رسته: قام ابن مهدي من المجلس، وتبعه الناس، فقال: يا قوم، لا تطؤن عقبي، ولا تمشن خلفي، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن، قال عمران: خفق النعال خلف الاحمق قل ما يبقي من دينه (1).
قال رسته: سألت ابن مهدي عن الرجل يتمنى الموت مخافة الفتنة على دينه، قال: ما أرى بذلك بأسا، لكن لا يتمناه من ضر به، أو فاقة، تمنى الموت أبو بكر وعمر ومن دونهما (2).
وسمعت ابن مهدي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " (3)، فقلت: الآمر رجل، فقال: خد بما [ لا ] يريبك حتى لا يصيبك ما يريبك - يعني الحيل -.
وبلغنا عن ابن مهدي قال: ما هو - يعني الغرام بطلب الحديث - إلا مثل لعب الحمام ونطاح الكباش.
قلت: صدق والله إلا لمن أراد به الله، وقليل ما هم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم (4)، أخبرنا القاضي جمال الدين
__________
(1) الخبر في " حلية الاولياء " 9 / 12، وفيه " ولا تمشوا " بدل " ولا تمشن ".
(2) " حلية الاولياء " 9 / 13، والنهي عن تمني الانسان الموت لضر أصابه ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس عند البخاري 10 / 107، 108، في المرض، ومسلم (2680) في الذكر والدعاء، وأبي داود (3108) والترمذي (970)، والنسائي 4 / 3، ولفظه: " لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ".
(3) أخرجه الترمذي (2520) في أبواب صفة القيامة: باب اعقلها وتوكل، والنسائي
8 / 327، 328، وأحمد 1 / 200، وإسناده صحيح، وصححه الترمذي، وابن حبان (512)، والخبر بطوله في " الحلية " 9 / 13.
(4) هو عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الثقة المعمر مسند وقته، قال المؤلف = (*)

(9/207)


عبد الصمد بن محمد، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا أبو نصر بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جميع بصيدا، حدثنا عبدالملك بن أحمد ببغداد، حدثنا حفص بن عمرو الربالي (1)، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الطعام والشراب (2).
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: قال أحمد بن سنان: سمعت عبدالرحمن بن مهدي يقول: لو كان لي عليه سلطان - على من يقرأ قراءة حمزة - لاوجعت ظهره وبطنه.
قلت: جاء نحو هذا عن جماعة (3)، وإنما ذلك عائد إلى ما فيها من
__________
= في " مشيخته " ورقة 107: تفرد في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، وقرأت عليه " المبهج في القراءات السبعة " لابن مجاهد، و " الكفاية في القراءات الست "، وسمعت منه نحوا من ثمانين جزءا، ونعم الشيخ كان دينا وتواضعا، ولطفا وحسن أخلاق، ومحبة للحديث، وقرأ عليه الكثير الشيخ علي الموصلي، والشيخ علم الدين، وكان له بستان كبير بعربيل يقوم به، ويقيم غالبا فيه، ومات في ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وست مئة.
(1) بفتح الراء والباء نسبة إلى ربال جده.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1 / 309 من طريق عبدالرحمن بن مهدي بهذا الاسناد، وأخرجه أبو داود (3728) في الاشربة: باب في النفخ في الشراب والتنفس فيه، والترمذي (1888) في الاشربة: باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب من طريقين عن
سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم به، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(3) قال ابن قدامة في " المغني " 1 / 492: ولم يكره أحد قراءة أحد من العشر إلا قراءة حمزة والكسائي، لما فيها من الكسر والادغام والتكلف وزيادة المد، وقال ابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 263: وأما ما ذكر عن عبد الله بن إدريس وأحمد بن حنبل من كراهة قراءة حمزة، فإن ذلك محمول على قراءة من سمعا منه ناقلا عن حمزة، وما آفة الاخبار إلا رواتها.
قال ابن مجاهد: قال محمد بن الهيثم: والسبب في ذلك إن رجلا ممن قرأ على سليم حضر مجلس ابن إدريس، فقرأ، فسمع ابن إدريس ألفاظا فيها إفراط في المد والهمز وغير ذلك من التكلف، فكره ذلك ابن إدريس، وطعن فيه.
قال محمد بن الهيثم: وقد كان حمزة يكره هذا، وينهى عنه، قلت: أما كراهته الافراط من ذلك، فقد روينا عنه من طرق = (*)

(9/208)


قبيل الاداء، والله أعلم، وقد استقر اليوم الاجماع على تلقي قراءة حمزة بالقبول.

57 - مسكين * (ع) ابن بكير، الامام المحدث، أبو عبد الرحمن الحراني الحذاء.
حدث عن: ثابت بن عجلان، وأرطاة بن المنذر، وجعفر بن برقان، والاوزاعي، وشعبة، وطائفة.
روى عنه: أبو جعفر النفيلي، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن أبي شعيب الحراني، وابنه الحسن بن أحمد، ومحمد بن وهب بن أبي كريمة، وموسى ابن أيوب النصيبي، وآخرون.
قال أبو حاتم: لا بأس به، صالح الحديث.
وقال غير واحد: صدوق.
وقيل: له عن شعبة ما ينكر.
وقال أبو [ أحمد ] (1) الحاكم: له مناكير كثيرة.
قيل: توفي مسكين في سنة ثمان وتسعين ومئة.
__________
= أنه كان يقول لمن يفرط عليه في المد والهمز: لا تفعل أما علمت أن ما كان فوق البياض، فهو برص، وما كان فوق الجعودة، فهو قطط، وما كان فوق القراءة، فليس بقراءة.
* التاريخ الكبير 8 / 3، الجرح والتعديل 8 / 329، تهذيب الكمال: 1322، تذهيب التهذيب 4 / 36 / 1، العبر 1 / 328، الكاشف 3 / 138، تهذيب التهذيب 10 / 120، خلاصة تذهيب الكمال: 396، شذرات الذهب 1 / 355.
(1) سقطت من الاصل.
(*)

(9/209)


58 - معمر * (ت، س، ق) ابن سليمان، الامام القدوة أبو عبد الله النخعي الرقي.
حدث عن: خصيف، وإسماعيل بن أبي خالد، وزيد بن حبان الرقي، وحجاج بن أرطاة وطائفة.
وعنه: أبو عبيد، وأحمد بن حنبل، وعلي بن حجر، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو سعيد الاشج، وقوم آخرهم موتا سعدان بن نصر.
وثقه يحيى بن معين.
وذكره الامام أحمد فذكر من فضله وهيبته.
وقال أبو عبيد القاسم: كان من خير من رأيت.
قلت: وقع لي من عواليه.
ومات في شعبان سنة إحدى وتسعين ومئة، رحمه الله.

59 - أبوتميلة * * (ع) يحيى بن واضح المروزي الحافظ.
حدث عن: محمد بن إسحاق، وموسى بن عبيدة، وحسين بن واقد
__________
* طبقات ابن سعد: 7 / 486، التاريخ الكبير 8 / 47، التاريخ الصغير 2 / 269، الجرح والتعديل 8 / 372، تهذيب الكمال لوحة 1356، تذهيب التهذيب 4 / 58 / 2، العبر 1 / 308، الكاشف 3 / 165، تهذيب التهذيب 10 / 249، خلاصة تذهيب الكمال: 384، شذرات الذهب 1 / 329.
* * التاريخ لابن معين: 666، طبقات ابن سعد 7 / 375، طبقات خليفة 3141، التاريخ الكبير 8 / 309، الجرح والتعديل 9 / 194، تهذيب الكمال: 1523، تذهيب التهذيب 4 / 168 / 2، الكاشف 3 / 270، تهذيب التهذيب 11 / 293، خلاصة تذهيب الكمال: 429.
(*)

(9/210)


المروزي، وأبي طيبة عبد الله بن مسلم، والاوزاعي وطبقتهم.
وعنه: أحمد بن حنبل، وابن راهويه، وسعيد الجرمي، وزياد بن أيوب، ومحمد بن عمرو زنيج، والحسن بن عرفة، وخلق كثير.
قال يحيى بن معين: ثقة.
وقال أحمد: كتبنا عنه على باب هشيم، ليس به بأس إن شاء الله.
ووهم أبو حاتم حيث حكى أن البخاري تكلم في أبي تميلة (1)، ومشى على ذلك أبو الفرج بن الجوزي.
ولم أر ذكرا لابي تميلة في كتاب " الضعفاء " للبخاري: لا في الكبير ولا الصغير، ثم إن البخاري قد احتج بأبي تميلة، وقد كان محدث مرو مع الفضل بن موسى السيناني.
مات سنة نيف وتسعين ومئة.
60 - الوليد بن مسلم * (ع) الامام، عالم أهل الشام، أبو العباس الدمشقي، الحافظ، مولى
بني أمية.
قرأ القرآن على يحيى بن الحارث الذماري، وعلى سعيد بن عبد العزيز.
__________
(1) انظر الجرح والتعديل " 9 / 194.
* التاريخ لابن معين: 634، طبقات ابن سعد 7 / 470، طبقات خليفة: 3046، التاريخ الكبير 8 / 153، التاريخ الصغير 2 / 276، 277، تاريخ الفسوي 2 / 420، الجرح والتعديل 9 / 16، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 147، تهذيب الكمال لوحة 1473، تذهيب التهذيب 4 / 140 / 2، العبر 1 / 319، تذكرة الحفاظ 1 / 302، ميزان الاعتدال 4 / 347، الكاشف 3 / 242، شرح العلل لابن رجب 2 / 608، طبقات القراء لابن الجزري 2 / 360، تهذيب التهذيب 11 / 151، طبقات الحفاظ: / 126، خلاصة تذهيب الكمال: 417، شذرات الذهب 1 / 344.
(*)

(9/211)


وحدث عنهما، وعن ابن عجلان، وثور بن يزيد، وابن جريج، ومروان بن جناح، والاوزاعي، وأبي بكر بن أبي مريم الغساني، وعفير بن معدان، وعثمان بن أبي العاتكة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وسليمان بن موسى، وإسماعيل بن رافع، وحنظلة بن أبي سفيان، وصفوان بن عمرو، وشيبة بن الاحنف، وعبد الرحمن بن حسان الكناني، وحريز بن عثمان، وهشام بن حسان، وعبد الرزاق بن عمر الثقفي، ومعان ابن رفاعة، وشيبان النحوي، وسفيان الثوري، ومالك، والليث، وابن لهيعة، والمثنى بن الصباح، ويزيد بن أبي مريم، وسعيد بن بشير، وعدد كثير.
وارتحل في هذا الشأن، وصنف التصانيف، وتصدى للامامة، واشتهر اسمه.
وكان من أوعية العلم، ثقة حافظا، لكن ردئ التدليس، فإذا قال: حدثنا، فهو حجة.
هو في نفسه أوثق من بقية وأعلم.
حدثن عنه: الليث بن سعد، وبقية بن الوليد - وهما من شيوخه - وعبد الله بن وهب، وأبو مسهر، وأحمد بن حنبل، ودحيم، وأبو خيثمة، وإسحاق بن موسى، وعلي بن محمد الطنافسي،، وأحمد بن أبي الحواري، ونعيم بن حماد، ومحمد بن عائذ، وداود بن رشيد، وسويد بن سعيد، وعمرو بن عثمان، وإبراهيم بن موسى، ومحمد بن المثنى، وأبو قدامة السرخسي، وكثير بن عبيد، ومحمد بن عبد الله بن ميمون الاسكندراني، ويحيى بن موسى خت، وأبو عمير بن النحاس، ومحمد بن مصفى، وموسى بن عامر المري، ومحمود بن غيلان، وأمم سواهم، آخرهم وفاة

(9/212)


حجاج بن الريان الدمشقي المتوفى سنة أربع وستين ومئتين.
قال محمد بن سعد: كان الوليد ثقة كثير الحديث والعلم، حج سنة أربع وتسعين ومئة، ثم رجع، فمات بالطريق (1).
قال دحيم: كان مولده في سنة تسع عشرة ومئة.
قال الحافظ ابن عساكر: قرأ عليه القرآن هشام بن عمار، والربيع بن ثعلب.
قال الفسوي: سألت هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم، فأقبل يصف علمه وورعه وتواضعه، وقال: كان أبوه من رقيق الامارة، وتفرقوا على أنهم أحرار، وكان للوليد أخ جلف متكبر، يركب الخيل، ويركب معه
غلمان كثير، ويتصيد، وقد حمل الوليد دية، فأدى ذلك إلى بيت المال، أخرجه عن نفسه إذ اشتبه عليه أمر أبيه.
قال: فوقع بينه وبين أخيه في ذلك شغب وجفاء وقطيعة، وقال: فضحتنا، ما كان حاجتك إلى ما فعلت (2) ؟ ! قال أبو التقي اليزني: حدثنا سعيد بن مسلمة القرشي: أنا أعتقت الوليد بن مسلم، كان عبدي.
وروى محمد بن سعد عن رجل، أن الوليد كان من الاخماس، فصار لآل مسلمة بن عبدالملك، فلما قدم بنو العباس في دولتهم، قبضوا رقيق الاخماس وغيره، فصار الوليد بن مسلم وأهل بيته للامير صالح بن علي، فوهبهم لابنه الفضل، ثم إن الوليد اشترى نفسه منهم، فأخبرني سعد بن مسلمة قال: جاءني الوليد، فأقر لي بالرق، فأعتقته، وكان له أخ اسمه
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 471.
(2) " المعرفة والتاريخ " 2 / 422، 423.
(*)

(9/213)


جبلة، كان له قدر وجاه (1) قال أحمد بن حنبل: ليس أحد أروى لحديث الشاميين من الوليد بن مسلم، وإسماعيل بن عياش.
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي: قدمت البصرة، فجاءني علي بن المديني، فقال: أول شئ أطلب أن تخرج إلي حديث الوليد بن مسلم.
فقلت: يا ابن أم ! سبحان الله ! وأين سماعي من سماعك ؟ فجعلت آبى، ويلح، فقلت له: أخبرني عن إلحاحك ما هو ؟ قال: أخبرك: إن الوليد رجل أهل الشام، وعنده علم كثير، ولم أستمكن منه، وقد حدثكم بالمدينة في المواسم، وتقع عندكم الفوائد، لان الحجاج يجتمعون بالمدينة من
الآفاق، فيكون مع هذا بعض فوائده، ومع هذا شئ، قال: فأخرجت إليه، فتعجب من كتابه، كاد أن يكتبه على الوجه.
سمعها يعقوب الفسوي من إبراهيم (2).
قال أبو اليمان: ما رأيت مثل الوليد بن مسلم.
وقيل لابي زرعة الرازي: الوليد أفقه أم وكيع ؟ فقال: الوليد بأمر المغازي، ووكيع بحديث العراقيين.
قال أبو مسهر: كان الوليد من حفاظ أصحابنا.
وقال أبو حاتم الرازي: صالح الحديث (3).
وقال أبو أحمد بن عدي: الثقات من أهل الشام مثل الوليد بن مسلم.
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 471، 472.
(2) " المعرفة والتاريخ " 2 / 422.
(3) الجرح والتعديل " 9 / 17.
(*)

(9/214)


قال ابن جوصا الحافظ: لم نزل نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد، صلح أن يلي القضاء، ومصنفاته سبعون كتابا.
قلت: كتبه أجزاء، ما أظن فيها ما يبلغ مجلدا.
الفسوي: عن الحميدي: قال: خرجت يوم الصدر، والوليد في مسجد منى، وعليه زحام كثير، وجئت في آخر الناس، فوقفت بالبعد، وعلي بن المديني بجنبه، فجعلوا يسألونه، ويحدثهم، وأنا لا أفهم، فجمعت جماعة من المكيين، وقلت لهم: جلبوا، وفسدوا على من بالقرب منه، فجعلوا يصيحون، ويقولون: لا نسمع، وجعل ابن المديني
يقول: اسكتوا نسمعكم.
قال: فاعترضت، وصحت، ولم أكن بعد حلقت، فنظر ابن المديني إلي ولم (1) يثبتني، فقال: لو كان فيك خير، لم يكن شعرك على ما أرى، قال: فتفرقوا، ولم يحدثهم بشئ (2).
قال أبو مسهر: كان الوليد يأخذ من ابن أبي السفر حديث الاوزاعي، وكان كذابا، والوليد يقول فيها: قال الاوزاعي.
قال صالح بن محمد جزرة: سمعت الهيثم بن خارجة قال: قلت للوليد: قد أفسدت حديث الاوزاعي.
قال: وكيف ؟ قلت: تروي عن الاوزاعي، عن نافع، وعن الاوزاعي، عن الزهري، وعن الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، وغيرك يدخل بين الاوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الاسلمي، وبينه وبين الزهري قرة وغيره، فما يحملك على هذا ؟ قال: أنبل الاوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء الضعفاء.
قلت: فإذا روى الاوزاعي
__________
(1) في الاصل " ومن " وما أثبتناه من " المعرفة والتاريخ ".
(2) " المعرفة والتاريخ " للفسوي 2 / 421، 422.
(*)

(9/215)


عن هؤلاء الضعفاء مناكير، فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الاوزاعي عن الثقات، ضعف الاوزاعي.
قال: فلما يلتفت إلى قولي (1).
قال أحمد بن حنبل: ما رأيت في الشاميين أحدا أعقل من الوليد بن مسلم.
وقال علي بن المديني: ما رأيت في الشاميين مثل الوليد، وقد أغرب أحاديث صحيحة لم يشركه فيها أحد.
قال صدقة بن الفضل المروزي: ما رأيت رجلا أحفظ للحديث الطويل وأحاديث الملاحم من الوليد بن مسلم، وكان يحفظ الابواب.
وقال أبو مسهر: ربما دلس الوليد بن مسلم عن كذابين.
قلت: البخاري ومسلم قد احتجا به، ولكنهما ينتقيان حديثه، ويتجنبان ما ينكر له (2)، وقد كان في آخر عمره ذهب إلى الرملة، فأكثر عنه أهلها.
قال الدارقطني: الوليد يروي عن الاوزاعي أحاديث، هي عند الاوزاعي عن ضعفاء، عن شيوخ أدركهم الاوزاعي، كنافع وعطاء
__________
(1) وهذا النوع من التدليس يسمى عند المتقدمين تجويدا، فيقولون: جوده فلان، يريدون: ذكر فيه من الاجواد وحذف الادنياء، وسماه المتأخرون: تدليس التسوية، وذلك أن المدلس الذي سمع الحديث من شيخه الثقة عن ضعيف، عن ثقة يسقط الضعيف من السند، ويجعل الحديث عن شيخه الثقة، عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي الاسناد كله الثقات.
وهو شر أنواع التدليس وأفحشها، لان شيخه وهو الثقة الاول ربما لا يكون معروفا بالتدليس، فلا يحترز الواقف على السند عن عنعنة وأمثالها من الالفاظ المحتملة التي لا يقبل مثلها من المدلسين، ويكون هذا المدلس الذي يحترز من تدليسه قد أتى بلفظ السماع الصريح عن شيخه، فأمن بذلك من تدليسه، وفي ذلك غرر شديد.
(2) انظر مقدمة " الفتح " ص 450.
(*)

(9/216)


والزهري، فيسقط أسماء الضعفاء مثل عبد الله بن عامر الاسلمي، وإسماعيل بن مسلم.
قلت: روى جماعة عن الوليد قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اسمح يسمح لك (1) " فهذا شنع بعض المحدثين أن الوليد تفرد به، وليس كذلك، هو عند يوسف بن موسى القطان، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، ورواه الحافظ
سليمان بن عبدالرحمن، عن إسماعيل بن عياش، أن ابن جريج حدثهم، وقد رواه مندل بن علي، وخارجة بن مصعب، عن ابن جريج، فأرسلاه.
قلت: أنكر ما له حديث رواه عثمان بن سعيد الدارمي، وأحمد بن الحسن، واللفظ له قالا: حدثنا سليمان بن عبدالرحمن: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جريج، عن عطاء وعكرمة، عن ابن عباس قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه علي، فقال: بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري، فما أجدني أقدر عليه.
فقال: " يا أبا الحسن، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، ويثبت ما تعلمت في صدرك ؟ " قال: أجل يا رسول الله.
قال: " إذا بت ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر، فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه: (سوف أستغفر لكم ربي) [ يوسف: 98 ] حتى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع، فقم في وسطها، فإن لم تستطع، ففي أولها،
__________
(1) أخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد " المسند " 1 / 248 قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده: حدثنا مهدي بن جعفر الرملي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس.
وأخرجه الطبراني في " الصغير " 2 / 141 من طريق يحيى بن علي بن محمد، حدثنا عمر بن عثمان، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس.
(*)

(9/217)


فصل أربع ركعات، تقرأ في الاولى بالفاتحة ويس، وفي الثانية بالفاتحة والدخان، وفي الثالثة ب آلم السجدة، وفي الرابعة تبارك، فإذا فرغت، فاحمد الله، وأحسن الثناء، وصلى علي، وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين، وقل: اللهم أرحمني بترك المعاصي، وارحمني أن أتكلف ما لا
يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والارض ذا الجلال والاكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمان بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك..في دعاء فيه طويل إلى أن قال: " يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا، تجاب بإذن الله " قال: فما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء في مثل ذلك المجلس، فقال: يارسول الله ! ما لي كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات ونحوهن، وأنا أتعلم اليوم أربعين آية، ولقد كنت أسمع الاحاديث، فإذا رددته، تفلت، وأنا اليوم أسمع الاحاديث، فإذا حدثت، لم أحرف منها حرفا.
فقال له عند ذلك: " مؤمن ورب الكعبة أبا الحسن " (1).
قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد.
قلت: هذا عندي موضوع والسلام، ولعل (2) الآفة دخلت على سليمان ابن بنت شرحبيل فيه، فإنه منكر الحديث، وإن كان حافظا، فلو كان قال فيه: عن ابن جريج، لراج، ولكن صرح بالتحديث، فقويت
__________
(1) أخرجه الترمذي (3565) في الدعوات: باب في دعاء الحفظ، والحاكم في " مستدركه " 1 / 316، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: هذا حديث منكر شاذ وقد حيرني والله جودة إسناده.
وقال في " الميزان " 2 / 213 في ترجمة سليمان بن عبدالرحمن راويه عن الوليد بن مسلم: وهو مع نظافة سنده منكر جدا في نفسي منه شئ وقال المنذري في " الترغيب والترهيب ": طرق أسانيد هذا الحديث جيدة، ومتنه غريب جدا.
(2) في الاصل: ولعله.
(*)

(9/218)


الريبة، وإنما هذا الحديث يرويه هشام بن عمار، عن محمد بن إبراهيم
القرشي، عن أبي صالح، عن عكرمة، عن ابن عباس، ومحمد هذا ليس بثقة، وشيخه لا يدرى من هو.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي: أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي الوزير، قرئ على أبي بكر عبد الله بن سليمان، وأنا أسمع، قيل له: حدثكم عمرو بن عثمان، حدثنا الوليد، عن الاوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: " ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن اعتمر معه من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهم " (1).
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، وأحمد بن مؤمن، وأحمد بن محمد الحافظ، وأحمد بن يوسف البسطي، وسنقر الزيني، وعبد المنعم بن زين الامناء، وعلي بن محمد الفقيه، وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضورا في الرابعة (ح) وقرأت على أحمد بن إسحاق: أخبركم أكمل بن أبي الازهر العلوي، أخبرنا ابن البناء، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا محمد بن وزير، حدثنا الوليد، حدثنا عمر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح، فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة،
__________
(1) وأخرجه أبو داود (1751) في المناسك: باب في هدي البقر من طريقين، عن الوليد بهذا الاسناد، والوليد ويحيى - وهو ابن أبي كثير - مد لسان، وقد عنعنا، لكن يشهد له حديث جابر بن عبد الله، عند مسلم (1319) (357) في الحج: باب الاشتراك في الهدي، قال: " نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه في حجته بقرة " وفي رواية: " ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة يوم النحر ".
(*)

(9/219)


أيقنوا بالخلود، ويا أهل النار، أيقنوا بالخلود، قال: فيزداد أهل النار حزنا، وأهل الجنة سرورا " (1).
قال حرملة بن عبد العزيز الجهني: نزل علي الوليد بن مسلم بذي المروة قافلا من الحج، فمات عندي بذي المروة (2).
قال محمد بن مصفى الحمصي وغيره: مات الوليد في شهر المحرم سنة خمس وتسعين ومئة.

61 - محمد بن أبي عدي * (ع) السلمي مولاهم البصري الحافظ أبو عمرو، وهو محمد بن إبراهيم بن
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه بنحوه أحمد 2 / 118 من طريق إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن المبارك، عن عمر بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، وأخرجه البخاري 11 / 361، 362 في الرقاق: باب صفة الجنة والنار من طريق معاذ بن أسد، عن عبد الله بن المبارك بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (2850) (43) في الجنة: باب النار يدخلها الجبارون من طريقين، عن ابن وهب، عن عمر بن محمد بن زيد به.
وأخرجه البخاري 11 / 360، ومسلم (2850) من طريق يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح، عن نافع، عن ابن عمر.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند البخاري 8 / 325 في التفسير، ومسلم (2849)، والترمذي (2561)، وأحمد 3 / 9، وعن أبي هريرة عند أحمد 2 / 377، والبخاري 11 / 360، وعن أنس عند أبي يعلى، والطبراني في الاوسط، والبزار كما في " المجمع " 10 / 395.
(2) قال ياقوت: هي قرية بوادي القرى، وقيل: بين خشب ووادي القرى، ووادي القرى: هو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة، وخشب: واد على مسيرة ليلة من المدينة.
* التاريخ لابن معين: 503، طبقات ابن سعد 7 / 292، التاريخ الكبير 1 / 23، التاريخ الصغير 2 / 274، 275، الجرح والتعديل 7 / 186، تهذيب الكمال لوحة 1157، تذهيب التهذيب 3 / 179 / 1، العبر 1 / 315، تذكرة الحفاظ 1 / 324، ميزان الاعتدال 3 / 647، الكاشف 3 / 16، شرح العلل لابن رجب 2 / 567، تهذيب التهذيب 9 / 12، النجوم الزاهرة 2 / 146، طبقات الحفاظ: 136، خلاصة تذهيب الكمال: 324، شذرات الذهب 1 / 341.
(*)

(9/220)


أبي عدي.
فقيل: إن ولده إبراهيم هو أبو عدي.
مولده في حدود العشرين ومئة.
وحدث عن: حميد الطويل، وداود بن أبي هند، وحسين المعلم، ويزيد بن أبي عبيد، وعوف الاعرابي، وابن عون، وسعيد بن أبي عروبة، وعدة.
روى عنه: أحمد بن حنبل، والفلاس، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى وآخرون.
وثقه أبو حاتم الرازي وغيره.
مات في سنة أربع وتسعين ومئة، وفيها مات حفص بن غياث القاضي وعبد الوهاب الثقفي، ومحمد بن حرب الحمصي الابرش، ويحيى بن سعيد الاموي، وعمر بن هارون البلخي، وسلم بن سالم البلخي العابد، وشقيق بن إبراهيم البلخي الزاهد، والقاسم بن يزيد الجرمي، وسويد بن عبد العزيز قاضي بعلبك.
62 - عبدالملك بن صالح * ابن علي، بن عبد الله، بن عباس، الامير أبو عبد الرحمن
العباسي.
ولي المدينة، وغزو الصوائف للرشيد، ثم ولي الشام والجزيرة للامين.
__________
* تاريخ خليفة: 449، المعارف: 375، تاريخ الطبري 8 / 302، جمهرة أنساب العرب: 36، الكامل في التاريخ 6 / 180، 257، وفيات الاعيان 6 / 30، فوات الوفيات 2 / 398، ابن خلدون 3 / 236، النجوم الزاهرة 2 / 90، رغبة الآمل / 2 / 125.
(*)

(9/221)


قيل: بلغ الرشيد أن هذا في عزم الوثوب على الخلافة، فقلق، ثم حبسه، ثم لاح له براءته، فأنعم عليه (1).
وكان فصيحا بليغا شريف الاخلاق، مهيبا شجاعا سائسا.
قيل: إن يحيى البرمكي قال له: بلغني أنك حقود.
قال: إن كان الحقد بقاء الخير والشر، إنهما لباقيان في قلبي.
فقال الرشيد: ما رأيت أحدا أحتج للحقد بأحسن من هذا.
قال الصولي: كان أفصح الناس، وأخطبهم، لم يكن في دهره مثله في فصاحته وصيانته وجلالته، وله شعر.
وقيل: إن عبد الملك أراد أن يغتال ملك الروم بمكيدة، وكان من دهاة بني هاشم.
قال الزبير بن بكار: كان عبدالملك نسيج وحده، أدبا ولسانا، وشي به، وتتابعت فيه الاخبار، وكثر حاسدوه، وبلغ الرشيد عنه أنه على عزم الخروج.
ويقال: إنه ما حبسه إلا لما رآه له نظيرا في السؤدد.
مات بالرقة سنة ست وتسعين ومئة، وقد مر من سيرته في ترجمة البرمكي.
وهو أخو الامير أبي العباس الفضل بن صالح، نائب دمشق، ثم مصر للمهدي، وهو الذي عمل أبواب جامع دمشق، وقبة المال بالجامع، فكان الاكبر.
مات سنة اثنتين وسبعين ومئة.
عن خمسين سنة.
__________
(1) انظر خبر غضب الرشيد عليه في " تاريخ الطبري " 8 / 302، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 257.
(*)

(9/222)


ومات أخوهما نائب مصر، ثم نائب حلب في حدود سنة تسعين، وهو إسماعيل بن صالح، وله ذرية بحلب، وكان أديبا شاعرا متفلسفا عوادا ذا كرم وشجاعة.
وأخوهم عبد الله أمير الثغور.

63 - عبد الله بن وهب * (ع) ابن مسلم، الامام شيخ الاسلام، أبو محمد الفهري، مولاهم المصري الحافظ.
مولده: سنة خمس وعشرين ومئة، أرخه ابن يونس، وقال: قيل: ولاؤه للانصار.
طلب العلم، وله سبع عشرة سنة.
روى عن: ابن جريج، ويونس بن يزيد، وحنظلة بن أبي سفيان، وحيي بن عبد الله المعافري، وحيوة بن شريح، وعمرو بن الحارث، وأسامة بن زيد الليثي، وعمر بن محمد العمري، وعبد الحميد بن جعفر، وموسى بن علي بن رباح، وعبد الله بن عامر الاسلمي، وأبي صخر حميد ابن زياد، وموسى بن أيوب الغافقي، وأفلح بن حميد، وعبد الله بن زياد بن
__________
* التاريخ لابن معين: 336، طبقات ابن سعد 7 / 518، تاريخ خليفة: 197،
طبقات خليفة ت 2805، التاريخ الكبير 5 / 218، الجرح والتعديل 5 / 189 - 190، الكامل لابن عدي: 437 - 438، ترتيب المدارك 2 / 421، تهذيب الكمال: 753، تذهيب التهذيب 2 / 194 / 1، العبر 1 / 322، ميزان الاعتدال: 2 / 521، الكاشف 2 / 141، دول الاسلام 1 / 124، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 463، تهذيب التهذيب 6 / 71، النجوم الزاهرة 2 / 155، طبقات الحفاظ: 126، خلاصة تذهيب الكمال: 218، شذرات الذهب 1 / 347.
(*)

(9/223)


سمعان، ومالك، والليث، وابن لهيعة، وحرملة بن عمران، وسلمة بن وردان المدني، والضحاك بن عثمان، وعبد الله بن عياش القتباني، وعبد الرحمن بن زياد الافريقي وخلق كثير.
لقي بعض صغار التابعين، وكان من أوعية العلم، ومن كنوز العمل.
ذكر ابن عبد البر في كتاب " العلم " له: قال ابن وهب: كان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم، فولع بن الشيطان في ذكر عيسى ابن مريم عليه السلام، كيف خلقه الله تعالى ؟ ونحو هذا، فشكوت ذلك إلى شيخ، فقال لي: ابن وهب، قلت: نعم.
قال: اطلب العلم.
فكان سبب طلبي العلم.
قلت: مع أنه طلب العلم في الحداثة، نعم، وحدث عنه خلق كثير، وانتشر علمه، وبعد صيته.
روى عنه: الليث بن سعد شيخه، وعبد الرحمن بن مهدي، وأصبغ ابن الفرج، وسعيد بن أبي مريم، وعبد الله بن صالح، وأحمد بن عيسى التستري، وحرملة بن يحيى، وأحمد بن صالح، والحارث بن مسكين، وأبو الطاهر بن السرح، وعمرو بن سواد، وهارون بن سعيد الايلي،
ويحيى بن أيوب المقابري، وسحنون بن سعيد عالم المغرب، ويحيى ابن يحيى الليثي، وعبد الله بن محمد بن رمح، ويونس بن عبدالاعلى، وبحر بن نصر الخولاني، وإبراهيم بن منقذ الخولاني، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وابن أخيه أحمد بن عبدالرحمن الوهبي، وعلي بن خشرم، وعيسى بن مثرود الغافقي، والربيع بن سليمان المرادي، وعبد الملك بن شعيب بن الليث، وأحمد بن سعيد الهمداني، وغيرهم.

(9/224)


وعن ابن وهب قال: رأيت عبيد الله بن عمر قد عمي، وقطع الحديث، ورأيت هشام بن عروة جالسا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: آخذ عن ابن سمعان، ثم أصير إلى هشام، فلما فرغت قمت إلى منزل هشام، فقالوا: قد نام، فقلت: أحج، وأرجع، فرجعت، فوجدته قد مات (1).
كذا هذه الرواية، وإنما مات هشام ببغداد، فلعله سار إلى بغداد بعد.
قال محمد بن سلمة: سمعت ابن القاسم يقول: لو مات ابن عيينة، لضربت إلى ابن وهب أكباد الابل، ما دون العلم أحد تدوينه (2).
وروى يونس بن عبدالاعلى، عن ابن وهب قال: أقرأني نافع بن أبي نعيم.
وقال أبو زرعة: نظرت في نحو من ثلاثين ألف حديث لابن وهب، ولا أعلم أني رأين له حديثا لا أصل له، وهو ثقة، وقد سمعت يحيى بن بكير يقول: ابن وهب أفقه من ابن القاسم (3).
قلت: موطأ ابن وهب كبير لم أره، وله كتاب " الجامع " وكتاب " البيعة " وكتاب " المناسك " وكتاب " المغازي " وكتاب " الردة "، وكتاب " تفسير غريب الموطأ "، وغير ذلك.
قال أحمد بن صالح الحافظ: حدث ابن وهب بمئة ألف حديث، ما رأيت أحدا أكثر حديثا منه، وقع عندنا سبعون ألف حديث عنه (4).
قلت: كيف لا يكون من بحور العلم، وقد ضم إلى علمه علم
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 427.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 425.
(3) " الانتقاء " لابن عبد البر: 49.
(4) " الانتقاء ": 49.
(*)

(9/225)


مالك، والليث، ويحيى بن أيوب، وعمرو بن الحارث، وغيرهم ! قال علي بن الجنيد الحافظ: سمعت أبا مصعب الزهري يعظم ابن وهب، ويقول: مسائله عن مالك صحيحة.
وقال أبو حاتم الرازي: هو صدوق صالح الحديث (1).
وقال أبو أحمد بن عدي في " كامله " (2): هو من الثقات، لا أعلم له حديثا منكرا، إذا حدث عنه ثقة.
وروى أبو طالب، عن أحمد بن حنبل، قال: ابن وهب يفصل السماع من العرض، ما أصح حديثه، وأثبته، وقد كان يسئ الاخذ، لكن ما رواه أو حدث به، وجدته صحيحا (3).
وقال يحيى بن معين: ثقة (4).
قال خالد بن خداش: قرئ على عبد الله بن وهب كتاب أهوال يوم القيامة - تألفيه - فخر مغشيا عليه، قال: فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام رحمه الله تعالى (5).
وعن سحنون الفقيه قال: كان ابن وهب قد قسم دهره أثلاثا، ثلثا في
الرباط، وثلثا يعلم الناس بمصر، وثلثا في الحج، وذكر أنه حج ستا وثلاثين حجة.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 190.
(2) ص 437، وقال المؤلف في " الميزان " 2 / 521، تناكد ابن عدي بإيراده في " الكامل ".
(3) " الانتقاء " لابن عبد البر 48، 49.
(4) تاريخ يحيى بن معين 336.
(5) " الانتقاء " لابن عبد البر: 49.
(*)

(9/226)


وعن عبد الله بن وهب، قال: دعوت يونس بن يزيد إلى وليمة عرسي.
وبلغنا أن مالكا الامام كان يكتب إليه: إلى عبد الله بن وهب مفتي أهل مصر، ولم يفعل هذا مع غيره (1).
وقد ذكره عنده ابن وهب وابن القاسم، فقال مالك: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه.
قال أحمد بن سعيد الهمذاني: دخل ابن وهب الحمام، فسمع قارئا يقرأ: (وإذ يتحاجون في النار) [ المؤمن: 47 ] فغشي عليه.
قال أبو زيد بن أبي الغمر: كنا نسمي ابن وهب ديوان العلم.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة: نظرت لابن وهب في نحو ثمانين ألف حديث (2).
قلت: هذه رواية أخرى عن أبي زرعة.
قال أبو عمر بن عبد البر: جد عبد الله بن وهب هو مسلم مولى ريحانة مولاة عبدالرحمن بن يزيد بن أنيس الفهري (3).
وقال أحمد بن عبدالرحمن: بحشل: طلب عباد بن محمد الامير عمي ليوليه القضاء، فتغيب عمي، فهدم عباد بعض دارنا، فقال الصباحي لعباد: متى طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء ! فبلغ ذلك عمي، فدعا عليه بالعمى.
قال: فعمي الصباحي بعد جمعة.
__________
(1) " الانتقاء ": 49.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 190.
(3) " الانتقاء " 48.
(*)

(9/227)


قال حجاج بن رشدين: سمعت عبد الله بن وهب يتذمر ويصيح، فأشرفت عليه من غرفتي، فقلت: ما شأنك يا أبا محمد ؟ قال: يا أبا الحسن، بينما أنا أرجو أن أحشر في زمرة العلماء، أحشر في زمرة القضاة.
قال: فتغيب في يومه، فطلبوه.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت إني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة (1).
قلت: هكذا والله كان العلماء وهذا هو ثمرة العلم النافع، وعبد الله حجة مطلقا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين الاسلام، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثا منكرا.
قلت: أكثر في تواليفه من المقاطيع والمعضلات، وأكثر عن ابن سمعان وبابته، وقد تمعقل بعض الائمة على ابن وهب في أخذه للحديث،
وأنه كان يترخص في الاخذ، وسواء ترخص ورأى ذلك سائغا، أو تشدد، فمن يروي مئة ألف حديث، ويندر المنكر في سعة ما روى، فإليه المنتهى في الاتقان.
قال أبو الطاهر بن عمرو: جاءنا نعي ابن وهب، ونحن في مجلس سفيان بن عيينة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أصيب به المسلمون عامة، وأصبت به خاصة (2).
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 431.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 423.
(*)

(9/228)


قلت: قد كان ابن وهب له دنيا وثروة، فكان يصل سفيان، ويبره، فلهذا يقول: أصبت به خاصة.
قال يونس بن عبدالاعلى: كانوا أرادوا ابن وهب على القضاء، فتغيب.
قال: ومات في شعبان سنة سبع وتسعين ومئة.
قلت: عاش اثنتين وسبعين سنة.
وقد وقع لنا جملة من عالي حديثه في " الخلعيات " (1) وفي الثقفيات " (2) وغير ذلك.
قال ابن عبد البر: أخبرني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي، حدثني أبي، حدثنا محمد بن عمر بن لبابة، سمعت محمد بن أحمد العتبي يقول: حدثني سحنون بن سعيد أنه رأى عبدالرحمن بن القاسم في النوم، فقال: ما فعل الله بك ؟ فقال: وجدت عنده ما أحب.
قال له: فأي أعمالك وجدت أفضل ؟ قال: تلاوة القرآن.
قال: قلت له: فالمسائل ؟ فكان يشير بأصبعه يلشيها (3).
قال: فكنت أسأله عن ابن وهب، فيقول لي: هو في عليين.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن البسري، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن المخلص، حدثنا يحيى بن
__________
(1) هي عشرون جزءا للقاضي أبي الحسين علي بن الحسن المصري الشافعي المعروف بالخلعي، لانه كان يبيع الخلع لاولاد الملوك.
الموصلي الدار المتوفى بمصر سنة 492، " العبر " 3 / 334.
(2) نسبة إلى أبي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي الاصبهاني الحافظ المتوفى سنة 489، وهي في عشرة أجزاء.
(3) أي: كأنها لا شئ، فقد تلاشت وذهبت.
(*)

(9/229)


محمد، حدثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني (ح) وأخبرنا أحمد بن المؤيد، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، قال: قرئ على عبد الله بن سليمان بن الاشعث، وأنا أسمع: حدثكم أحمد بن صالح قالا: حدثنا ابن وهب - وهذا لفظ أحمد - أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، سمعت يونس ابن سيف، عن سعيد بن المسيب، قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة " زاد فيه إبراهيم بن منقذ: " وإنه - عزوجل - ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة " (1).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، وأبو الحسين علي بن محمد، قالا: أخبرنا الحسن بن يحيى المخزومي، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر بن النحاس، أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني، حدثنا يونس بن عبدالاعلى،
حدثنا ابن وهب، أخبرني أفلح بن حميد، عن أبي بكر بن حزم، عن سلمان الاغر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة الجماعة خمس وعشرون درجة على صلاة الفذ " (2).
__________
(1) أخرجه مسلم (1348) في الحج: باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، والنسائي 5 / 251، 252 في الحج: باب ما ذكر في يوم عرفة من طرق عن ابن وهب بهذا الاسناد.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 485 من طريق عبدالملك بن عمرو، عن أفلح بن حميد بهذا الاسناد، ولفظه: " صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة الجميع تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ ".
وأخرج القسم الاول منه مالك 1 / 201 في الصلاة: باب ما جاء في مسجد النبي من طريقين، عن سلمان الاغر، عن أبي هريرة، ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3 / 54 في = (*)

(9/230)


روى عباس الدوري، عن يحيى بن معين، سمع ابن وهب يقول لسفيان: يا أبا محمد، الذي عرض عليك فلان أمس أجزها لي، قال: نعم (1).
فلت: هذا الفعل مذهب طائفة، وإن الرواية سائغة به، وبه يقول الزهري، وابن عيينة.
وروى ابن عدي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله المخزومي، عن أبيه، قال: كنت عند سفيان، وعنده ابن معين، فجاءه ابن وهب بجزء، فقال: يا أبا محمد، أحدث بما فيه عنك ؟ فقال له ابن معين: يا شيخ، هذا والريح سواء، ادفع الجزء إليه حتى ننظر في حديثه.
قال عبد الله بن الدورقي: سمعت ابن معين يقول: ابن وهب ليس بذاك في ابن جريج، كان يستصغر.
وقد ورد أن الليث بن سعد سمع من ابن وهب أحاديث ابن جريج.
فمن غرائبه عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر: " أن رجلا
__________
= التطوع: باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، وأخرجه مسلم (1394) من طريقين عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه أيضا من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، وأبي عبد الله الاغر، عن أبي هريرة.
والقسم الاخير منه أخرجه أحمد 2 / 475، ومسلم (649) (247) من طريق أفلح بن حميد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن سلمان الاغر، عن أبي هريرة، وأخرجه مالك 1 / 149، 150 من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، ومن طريقه مسلم (649).
وأخرجه البخاري 2 / 112، 114 من طريق عبد الواحد، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند البخاري 2 / 110، 112، وعن ابن مسعود عند أحمد 1 / 437 وابن خزيمة (1470)، وعن أبي بن كعب عند ابن ماجة (790) والحاكم، وعن ابن عمر عند مالك 1 / 148، والبخاري 2 / 109، ومسلم (650)، وابن خزيمة (1471).
(1) تاريخ يحيى بن معين: 336.
(*)

(9/231)


زنى، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد، ثم أخبر أنه محصن فرجمه " لكن هذا تابعه عليه أبو عاصم، وأخرجه أبو داود (1) والنسائي.
قال هارون بن معروف: سمعت ابن وهب يقول: قال لي عبدالرحمن ابن مهدي: اكتب لي أحاديث عمرو بن الحارث، فكتبت له مئتين، وحدثته بها.
عمرو بن سواد: قال لي ابن وهب: سمعت من ثلاث مئة وسبعين شيخا، فما رأيت أحفظ من عمرو بن الحارث، وذلك أنه كان يتحفظ كل يوم ثلاثة أحاديث.
يونس، عن ابن وهب، قال: ولدت سنة خمس وعشرين ومئة، وطلبت العلم وأنا ابن سبع عشرة، ودعوت يونس يوم عرسي.
قال عثمان بن سعيد: سألت يحيى بن معين عن ابن وهب، قال: أرجو أن يكون صدوقا.
قال عبد الله بن عدي: حدثنا أبو يعلى، حدثنا ابن معين، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا الليث، عن عبد الله بن وهب، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو " (2)
__________
(1) رقم (4438) في الحدود: باب رجم ماعز بن مالك من طريق ابن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، وأخرجه أيضا (4439) من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر أن رجلا زنى بامرأة، فلم يعلم بإحصانه، فجلد، ثم علم بإحصانه، فرجم.
وابن جريج وأبو الزبير مدلسان، وقد عنعنا، فالسند ضعيف، ولم أجده في المطبوع من سنن النسائي اختصار ابن السني، فلعله في الكبرى.
(2) إسناده ضعيف لضعف العمري، واسمه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وأورده الهيثمي في " المجمع " 2 / 153، ونسبه إلى الطبراني في " الكبير " وأعله بالعمري.
(*)

(9/232)


وعن أحمد بن صالح قال: صنف ابن وهب مئة ألف وعشرين ألف حديث، كله سوى حديثين عند حرملة.
قلت: ومع هذه الكثرة فيعترف ابن عدي، ويقول: لا أعلم له حديثا منكرا من رواية ثقة عنه.
وروى أبو طالب، عن أحمد بن حنبل، قال: ما أصح حديث ابن وهب وأثبته، يفصل السماع من العرض، والحديث من الحديث، فقيل له: أليس كان سيئ الاخذ ؟ قال: بلى، ولكن إذا نظرت في حديثه، وما روى عن مشايخه، وجدته صحيحا - مر هذا مختصرا -.
وعن الحارث بن مسكين قال: شهدت سفيان بن عيينة، ومعه ابن وهب، فسئل عن شئ، فسأل ابن وهب، ثم قال: هذا شيخ أهل مصر يخبر عن مالك بكذا.
قال أبو حاتم البستي: ابن وهب هو الذي عني بجمع ما روى أهل الحجاز وأهل مصر، وحفظ عليهم حديثهم، وجمع وصنف، وكان من العباد.
قال يونس الصدفي: عرض على ابن وهب القضاء، فجنن نفسه، ولزم بيته.
ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد ابن أخي ابن وهب، حدثني عمي قال: كنت عند مالك، فسئل عن تخليل الاصابع، فلم ير ذلك، فتركت حتى خف المجلس، فقلت: إن عندنا في ذلك سنة: حدثنا الليث وعمرو بن الحارث، عن أبي عشانة، عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا

(9/233)


توضأت، خلل أصابع رجليك " (1)، فرأيته بعد ذلك يسأل عنه، فيأمر بتخليل الاصابع، وقال لي: ما سمعت بهذا الحديث قط إلى الآن.
سمعناه في " إرشاد " الخليلي: حدثني جدي، وعلي بن عمر الفقيه،
والقاسم بن علقمة، ومحمد بن سليمان، وصالح بن عيسى قالوا: حدثنا ابن أبي حاتم.
64 - محمد بن حمير * (خ، س، ق) ابن أنيس، المحدث العالم، شيخ حمص، أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الحميد القضاعي ثم السليحي، وسليح: بطن من قضاعة.
روى عن: محمد بن زياد الالهاني، وثابت بن عجلان، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعمرو بن قيس السكوني، وطبقتهم.
__________
(1) رجاله ثقات، وفي أحمد بن أخي ابن وهب - وهو أحمد بن عبدالرحمن - كلام لا يضر، وأورده البيهقي في " سننه "، 1 / 76، 77 من طريق ابن أبي حاتم، عن أحمد بن أخي ابن وهب، عن عمه عبد الله، عن الليث بن سعد، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن المستورد بن شداد.
وفي الباب ما يقويه، عن لقيط بن صبرة عند أبي داود (142)، و (143)، وأحمد 4 / 33، والنسائي 1 / 66، وابن ماجة (407)، بلفظ: " أسبغ الوضوء، وخلل بين الاصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " وصححه ابن خزيمة (150) وابن حبان (159)، والحاكم 1 / 147، 148، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا، وعن المستورد بن شداد عند أحمد 4 / 229، وأبي داود (148)، وابن ماجة (446)، والبيهقي 1 / 76 بلفظ: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره " وهو صحيح، وعن ابن عباس عند الترمذي (39)، وابن ماجة (447)، بلفظ الترمذي: " إذا توضأت، فخلل بين أصابع يديك ورجليك " وحسنه هو والبخاري وغيرهما.
* التاريخ الصغير 2 / 288، التاريخ الكبير 1 / 68، المعرفة والتاريخ 2 / 309، الجرح والتعديل 7 / 239، تهذيب الكمال لوحة 1190، تذهيب التهذيب 3 / 199 / 1،
العبر 1 / 334، الكاشف 3 / 36، تهذيب التهذيب 9 / 134، مقدمة الفتح: 438.
(*)

(9/234)


وعنه: محمد بن مصفى، وخطاب بن عثمان، وهشام بن عمار، وكثير بن عبيد، وأحمد بن الفرج الحجازي، وآخرون، وروى عنه من شيوخه ابن لهيعة، ومات ابن لهيعة قبل الحجازي ببضع وتسعين سنة.
وثقه يحيى بن معين، ودحيم.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وبقية أحب إلي منه (1).
وقال يعقوب الفسوي: ليس بالقوي (2).
قلت: ما هو بذاك الحجة، حديثه يعد في الحسان، وقد انفرد بأحاديث، منها ما رواه ابن حبان في " صحيحه " له، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يكن بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت " (3).
توفي في صفر سنة مئتين.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 240.
(2) " المعرفة والتاريخ " 2 / 309.
(3) محمد بن حمير وصفه الحافظ في " التقريب " بقوله: صدوق، فمثله يكون حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه النسائي في " السنن الكبير " كما في " زاد المعاد " من طريق الحسين بن بشر، عن محمد بن حمير بهذا الاسناد.
وأخرجه الطبراني في " الكبير " برقم (7532) من طريق عن محمد بن حمير بهذا الاسناد، وذكره المنذري في " الترغيب والترهيب " 2 / 453، وقال: رواه النسائي، والطبراني بأسانيد أحدها صحيح، وقال شيخنا أبو الحسن: هو على شرط البخاري، وابن حبان في كتاب الصلاة، وصححه،
وزاد الطبراني في بعض طرقه " وقل هو الله أحد " وإسناده بهذه الزيادة جيد أيضا، وقال الهيثمي في " المجمع " 10 / 102: رواه الطبراني في " الكبير " و " الاوسط " بأسانيد وأحدها جيد، وفي الباب عن المغيرة بن شعبة عند أبي نعيم في " الحلية " 2 / 221، وسنده حسن، وعن الحسن بن علي عند الطبراني في " الكبير "، وحسنه المنذري، والهيثمي 2 / 148.
(*)

(9/235)


65 - مخلد بن الحسين * (س) الامام الكبير، شيخ الثغر، أبو محمد الازدي المهلبي البصري، ثم المصيصي.
حدث عن: موسى بن عقبة، وهشام بن حسان، ويونس بن يزيد، والاوزاعي، وعدة.
وعنه: حجاج بن محمد، والحسن بن الربيع، وأبو صالح محبوب الفراء، والمسيب بن واضح، وموسى بن أيوب، وآخرون.
قال أحمد العجلي: هو ثقة رجل صالح عاقل.
وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه.
روي أن الرشيد قال له: ما قرابة ما بينك وبين هشام بن حسان ؟ قال: هو والد إخوتي - يعني ما قال زوج أمي - قال سنيد بن داود: سمعت مخلد بن الحسين يقول: ما ندب الله العباد إلى شئ إلا اعترض فيه إبليس بأمرين، ما يبالي بأيهما ظفر: إما غلو فيه، وإما تقصير عنه.
قيل: توفي مخلد سنة إحدى وتسعين ومئة، وقيل: توفي سنة ست وتسعين ومئة.
وله شئ في مقدمة " صحيح مسلم ".
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 489، طبقات خليفة ت 3055، المعرفة والتاريخ 1 / 181، الجرح والتعديل 8 / 347، حلية الاولياء 8 / 266، تهذيب الكمال: 1311، تذهيب التهذيب 4 / 28 / 1، العبر 1 / 308، الكاشف 3 / 127، تهذيب التهذيب 10 / 72، خلاصة تذهيب الكمال: 371 شذرات الذهب 1 / 329 وفيه (مجالد) وهو تصحيف.
(*)

(9/236)


66 - مخلد بن يزيد * (خ، م، د، س، ق) الحراني، أحد الائمة الثقات.
حدث عن: يحيى بن سعيد الانصاري، وجعفر بن برقان، وابن جريج، وحنظلة بن أبي سفيان، والاوزاعي.
وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق، وابن نمير، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان، ومحمد بن سلام البيكندي وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق.
قلت: محتج به في الصحاح، توفي سنة ثلاث وتسعين ومئة.

67 - عبد الوهاب الثقفي * * (ع) هو الامام الانبل الحافظ الحجة، أبو محمد عبد الوهاب بن عبد المجيد، بن الصلت، بن عبد الله، ابن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص، الثقفي البصري، والحكم: هو أخو الامير عثمان بن أبي العاص رضي الله عنهما.
__________
* التاريخ لابن معين: 554، التاريخ الكبير 7 / 437، المعارف: 591، الجرح والتعديل 7 / 347، تهذيب الكمال: 1312، تذهيب التهذيب 4 / 28 / 2، العبر 1 / 311، الكاشف / 3 / 128، تهذيب التهذيب 10 / 77، خلاصة تذهيب الكمال 372، شذرات
الذهب 1 / 333، وفيه (مجالد) وهو تصحيف.
* * التاريخ لابن معين: 378، طبقات ابن سعد 7 / 289، تاريخ خليفة: 466، طبقات خليفة ت 1905، التاريخ الكبير 6 / 97، التاريخ الصغير 2 / 272، المعارف: 514، الضعفاء للعقيلي لوحة 256، الجرح والتعديل 9 / 71، مشاهير علماء الامصار ت 1269، تاريخ بغداد 11 / 18، تهذيب الكمال: لوحة 872، تذهيب التهذيب 2 / 259 / 2، العبر 1 / 314، تذكرة الحفاظ 1 / 321، ميزان الاعتدال 2 / 680، الكاشف 2 / 221، دول الاسلام 1 / 123، تهذيب التهذيب 6 / 449، طبقات الحفاظ: 133، خلاصة تذهيب الكمال: 248، شذرات الذهب 1 / 340.
(*)

(9/237)


ولد سنة ثمان ومئة.
قاله أحمد بن حنبل.
أو سنة عشر.
قاله الفلاس.
حدث عن: أيوب، وحميد، ويونس بن عبيد، والحذاء، ويحيى ابن سعيد، وإسحاق بن سويد، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وأبي هارون العبدي، وجعفر بن محمد، وهشام بن حسان، ومالك بن دينار، والجريري، وعوف، وخلق.
وعنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى، وعلي، والفلاس، وبندار وقتيبة، وابن مثنى، ومحمد بن يحيى العدني، وعبد الرحمن رسته، ومحمد بن يحيى الزماني، ويحيى بن حكيم، ونصر بن علي، وخلق.
قال الحارث النقال، عن ابن مهدي: أربعة أمرهم في الحديث واحد: جرير، ومعتمر، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الاعلى السامي، كانوا يحدثون من كتب الناس، ويحفظون ذلك الحفظ (1).
وقال ابن معين: ثقة اختلط بأخرة (2).
وقال عقبة بن مكرم العمي: اختلط عبد الوهاب قبل موته بثلاث سنين أو أربع.
وقال الفسوي: قال علي: ليس في الدنيا كتاب عن يحيى أصح من كتاب عبد الوهاب، وكل كتاب عن يحيى فهو عليه كل - يعني كتاب عبد الوهاب - (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 19.
(2) " التاريخ " لابن معين: 378.
(3) " المعرفة والتاريخ " 1 / 650.
(*)

(9/238)


أخبرنا المؤمل بن محمد وجماعة إذنا، قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثنا أبو طالب يحيى بن علي الدسكري بحلوان، سمعت الحسن بن أحمد بن سعيد بن عصمة البخاري، سمعت الفضل بن العباس الهروي، سمعت عاصما المروزي، سمعت عمرو بن علي يقول: كانت غلة عبد الوهاب بن عبدالمجيد في كل سنة ما بين أربعين ألفا إلى خمسين ألفا، فكان إذا أتى عليه السنة، لم يبق منها شيئا، كان ينفقها على أصحاب الحديث (1).
وبه إلى الخطيب: أخبرنا الحسين الصيمري، حدثنا المرزباني، أخبرني الصولي، حدثنا يموت بن المزرع، حدثنا الجاحظ قال: قال النظام - وذكر عبد الوهاب الثقفي - فقال: هو والله أحلى من أمن بعد خوف، وبرء بعد سقم، وخصب بعد جدب، وغنى بعد فقر، ومن طاعة المحبوب، وفرج المكروب، ومن الوصال الدائم مع الشباب الناعم (2).
قال محمد بن سعد: كان ثقة، وفيه ضعف، توفي سنة أربع وتسعين ومئة (3).
وقال أبو داود: تغير.
وقال العقيلي: تغير في آخر عمره.
قلت: لكن ما ضره تغيره، فإنه لم يحدث زمن التغير بشئ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 20.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 19.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 289.
(*)

(9/239)


وقال العقيلي: حدثنا الحسين بن عبد الله الذارع، حدثنا أبو داود قال: تغير جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي، فحجب الناس عنهم.
ومن أفراد عبد الوهاب حديثه عن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جابر مرفوعا: " قضى باليمين والشاهد " رواه مالك والقطان، والناس عن جعفر عن أبيه مرسلا (1).
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري ببغداد، أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا عاصم بن الحسن (ح) وأخبرنا أحمد بن مؤمن، وأحمد بن العماد، ومحمد بن بطيخ، وعبد الحميد بن أحمد قالوا: أخبرنا عبدالرحمن بن نجم (ح) وأخبرتنا خديجة بنت عبدالرحمن، أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم، قالا: أخبرتنا شهدة الكاتبة، أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة قال هو وعاصم: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء،
حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا عبد الله ! ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا
__________
(1) أخرجه مرفوعا ابن ماجة (2369)، وأحمد 3 / 305، والترمذي (1344) في الاحكام: باب ما جاء في اليمين والشاهد، من طريق عبد الوهاب الثقفي بهذا الاسناد، وأخرجه مرسلا مالك 2 / 711 في الاقضية: باب القضاء باليمين والشاهد، والترمذي (1345).
وفي الباب ما يقويه، فقد أخرجه مسلم في " صحيحه " (1712)، وأبو داود (3608)، وأحمد 1 / 315 من حديث ابن عباس، وأخرجه أبو داود (3610)، والترمذي (1343)، وابن ماجة (2368) من حديث أبي هريرة، وحسنه الترمذي.
(*)

(9/240)


بالله " (1).

68 - أحمد بن بشير * (خ، ت) المحدث العالم أبو بكر الكوفي، مولى عمرو بن حريث المخزومي، ويقال: من موالي همدان.
حدث ببغداد عن: الاعمش، وابن أبي خالد، وهشام بن عروة، ومجالد، وشبيب بن بشر، وهاشم بن هاشم، ومسعر، وخلق.
وعنه: إسحاق بن موسى، ومحمد بن المثنى، وابن عرفة، وسلم بن جنادة، وابن نمير وآخرون.
قال ابن معين: كان يقين وليس بحديثه بأس (2).
وقال الخطيب: موصوف بالصدق.
وقال ابن نمير: كان صدوقا حسن المعرفة بأيام الناس، حسن
__________
(1) عبد الوهاب ثقة، ولا يضر تغيره قبل موته بثلاث سنين، فإن أهله قد حجبوه عن
الرواية، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه من طرق، عن أبي عثمان النهدي - واسمه عبد الرحمن بن مل - عن أبي موسى الاشعري: البخاري 11 / 159 في الدعوات: باب الدعاء إذا علا عقبة، وباب قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وفي القدر: باب لا حول ولا قوة إلا بالله، ومسلم (2704) في الذكر والدعاء: باب استحباب خفض الصوت بالذكر، وأبو داود (1526) و (1527) و (1528) في الصلاة: باب في الاستغفار، والترمذي (3457) في الدعوات: باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير والتهليل.
* التاريخ لابن معين: 19، طبقات ابن سعد 6 / 396، التاريخ الكبير 2 / 1، الجرح والتعديل 2 / 42، تاريخ بغداد 4 / 46، تهذيب الكمال: 18، تذهيب التهذيب 1 / 18 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 85، الكاشف 1 / 53، تهذيب التهذيب 1 / 18، خلاصة تذهيب الكمال: 4.
(2) " تاريخ ابن معين ": 19، ويقين: من التقيين وهو التزيين، فيحتمل أنه كان يزين الرجال، أي: يصلح شعورهم، أو أنه كان يقين القيان، أي: يؤدبهن ويروضهن.
(*)

(9/241)


الفهم، رأسا في الشعوبية (1) يخاصم فيها فاتضع (2) وقال أبو حاتم: محله الصدق (3).
وقال النسائي: ليس بذاك القوي (4).
ولينه الدارقطني.
وقال ابن أبي داود: ثقة مكثر.
قال هارون بن حاتم: توفي في المحرم سنة سبع وتسعين ومئة.

69 - عبدالاعلى * (ع) ابن عبدالاعلى السامي، الامام المحدث الحافظ، أبو محمد القرشي البصري.
__________
(1) الشعوبية نزعة تميل إلى الحط من شأن العرب، وتفضيل غيرهم من الامم عليهم، قال في " اللسان " والشعوبي: هو الذي يصغر شأن العرب، ولا يرى لهم فضلا على غيرهم: يقول ابن قتيبة - وهو من مسلمي الموالي الذين يعرفون للعرب المسلمين فضلهم -: إن الذين اعتنقوا الشعوبية هم سفلة الناس وغوغاؤهم، فيقول في كتابه الذي ألفه في الرد عليهم، وقد نشر القسم الموجود منه في كتاب " رسائل البلغاء " للاستاذ محمد كرد علي ص 270: ولم أر في هذه الشعوبية أرسخ عداوة، ولا أشد نصبا للعرب من السفلة والحشوة، وأوباش النبط، وأبناء أكرة القرى.
وانظر لمزيد من التوسع في هذا كتاب: " بلوغ الارب " للآلوسي 1 / 159، 184.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 48.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 42.
(4) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " 383: وأما تضعيفه له، فمشعر بأنه غير حافظ، وقواه ابن معين، وأبو زرعة، وغيرهما، أخرج له البخاري حديثا واحدا تابعه عليه مروان بن معاوية، وأبو أسامة، وهو في كتاب الطب.
* التاريخ لابن معين: 339، طبقات ابن سعد 7 / 290، تاريخ خليفة: 458، طبقات خليفة: ت 1906، التاريخ الكبير 6 / 73، التاريخ الصغير 2 / 246، المعرفة والتاريخ 1 / 180، الضعفاء للعقيلي لوحة 252، الجرح والتعديل 6 / 28، مشاهير علماء الامصار: ت = (*)

(9/242)


حدث عن: حميد الطويل، والجريري، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وسعيد بن أبي عروبة، وطبقتهم ومن بعدهم.
روى عنه: إسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو بن علي، ومحمد بن بشار، ونصر بن علي، ومحمد بن يحيى الزماني، وعدة.
قال يحيى بن معين: ثقة.
وقال عياش بن الوليد الرقام (1): حدثنا عبدالاعلى أبو محمد وأبو همام - يعني أن له كنيتين -.
وأما ابن سعد، فقال: لم يكن بالقوي.
قلت: بل هو صدوق قوي الحديث، لكنه رمي بالقدر، فالله أعلم.
توفي في شعبان سنة تسع وثمانين ومئة، وله نحو من سبعين سنة.
وقال بندار: والله ما كان عبدالاعلى بن عبدالاعلى يدري أي طرفيه أطول أو أي رجليه أطول.
قلت: تقرر الحال أن حديثه من قسم الصحيح، نعم ما هو في القوة في رتبة يحيى القطان وغندر.
__________
= 1268، تهذيب الكمال: 760، تذهيب التهذيب 2 / 197 / 2، العبر 1 / 303، تذكرة الحفاظ 1 / 296، ميزان الاعتدال 2 / 531، الكاشف 2 / 146، تهذيب التهذيب 6 / 96، طبقات الحفاظ 123، خلاصة تذهيب الكمال: 220، شذرات الذهب 1 / 324.
(1) نسبة إلى رقم الثياب.
(*)

(9/243)


70 - عبد الله بن نمير * (ع) الحافظ الثقة الامام، أبو هشام الهمداني الخارفي (1) مولاهم الكوفي.
ولد في سنة خمس عشرة ومئة.
وروى عن: هشام بن عروة، والاعمش، وأشعث بن سوار،
وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، ويزيد بن أبي زياد، وعبيد الله بن عمر العمري، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وخلق من طبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وبنو أبي شيبة، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن الفرات، وعلي بن حرب، والحسن بن علي بن عفان، وأبو عبيدة بن أبي السفر، وعدد كثير.
وكان من أوعية العلم، وثقه يحيى بن معين وغيره.
وممن يروي عنه ابنه الحافظ محمد بن عبد الله بن نمير.
توفي عبد الله في سنة تسع وتسعين ومئة.
وقع لي جملة من عواليه: أخبرنا أحمد بن عبد المنعم
__________
* التاريخ لابن معين: 334، طبقات ابن سعد 6 / 394، تاريخ خليفة: 470، طبقات خليفة: ت 1329، التاريخ الكبير 5 / 216، التاريخ الصغير 2 / 286، الجرح والتعديل 5 / 186، مشاهير علماء الامصار ت 1377، تهذيب الكمال: لوحة 749، تذهيب التهذيب 2 / 192 / 2، العبر 1 / 330، تذكرة الحفاظ 1 / 327، الكاشف 2 / 137، تهذيب التهذيب 6 / 57، النجوم الزاهرة 2 / 165، طبقات الحفاظ: 137، خلاصة تذهيب الكمال: 217، شذرات الذهب 1 / 357.
(1) هذه النسبة إلى خارف بن عبد الله بن كثير بن مالك بن جشم، بطن من همدان.
(*)

(9/244)


الطاووسي، أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني، أخبرنا أبو علي الحداد حضورا، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد الله بن فارس، حدثنا أحمد بن الفرات، حدثنا عبد الله بن نمير، وأبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ".
متفق عليه (1).

71 - يونس بن بكير * (خت، 4، م).
ابن واصل، الامام الحافظ الصدوق، صاحب المغازي والسير،
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 238 في بدء الخلق: باب صفة النار من طريق مالك بن إسماعيل عن زهير بن معاوية، عن هشام بن عروة، عن عائشة.
و 10 / 150 في الطب من طريق محمد بن المثنى عن يحيى، عن هشام به، وأخرجه مسلم (2210) في السلام من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة وأبي كريب، عن ابن نمير، عن عائشة، وأخرجه أحمد 6 / 50، وابن ماجة (3471) من طريق ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه الترمذي (2074) من طريق هارون بن إسحاق عن عبدة بن سليمان، عن هشام به.
وأخرجه مرسلا مالك في " الموطأ " 3 / 122 عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم...وكل رواة " الموطأ " أرسلوه إلا معن بن عيسى، فإنه أسنده عن عائشة.
وفيح جهنم: حرها ووهجها، والخبر ورد مورد التشبيه، وقوله: " فأبردوها " المشهور في ضبطها بهمزة وصل وضم الراء، وحكي كسرها، يقال: بردت الحمى أبردها وزان قتلتها أقتلها، أي: أسكنت حرارتها.
قال الشاعر: إذا وجدت أوار الحب في كبدي * أقبلت نحو سقاء الماء أبترد هبني بردت ببرد الماء ظاهره * فمن لنار على الاحشاء تتقد وحكى عياض رواية بهمزة قطع مفتوحة، وكسر الراء من أبرد الشئ: إذا عالجه فصيره باردا مثل: أسخنه: إذا صيره سخنا، وقد أشار إليها الخطابي، وقال الجوهري: إنها لغة رديئة.
* التاريخ لابن معين: 687، طبقات ابن سعد 6 / 399، التاريخ الكبير 8 / 411، الضعفاء للعقيلي: 474، الجرح والتعديل 9 / 336، تهذيب الكمال: لوح 1565، تذهيب التهذيب 4 / 193 / 1، العبر 1 / 331، تذكرة الحفاظ 1 / 326، ميزان الاعتدال 4 / 477،
الكاشف 3 / 303، تهذيب التهذيب 11 / 434، النجوم الزاهرة 2 / 165، طبقات الحفاظ: 137، خلاصة تذهيب الكمال: 440، شذرات الذهب 1 / 357.
(*)

(9/245)


ويقال له: أبو بكير، يكنى أبا بكر الكوفي الحمال، والد بكر وعبد الله.
حدث عن: هشام بن عروة، وسليمان الاعمش، وطلحة بن يحيى، وزكريا بن أبي زائدة، ومحمد بن إسحاق فأكثر عنه، وعمر بن ذر، وكهمس بن الحسن، ومطر بن ميمون المحاربي، والنضر أبي عمر الخزاز، والسري بن إسماعيل، وأبي خلدة خالد بن دينار، وأسباط بن نصر، وعلي بن الحزور، ويونس بن أبي إسحاق، وأبي كعب صاحب الحرير (1)، وحجاج بن أبي زينب، وشعبة، وخلق.
وعنه: سعدويه، وابن نمير، وإسحاق بن موسى الخطمي، وأبو خيثمة، وأبو كريب، وهناد، ويحيى بن معين، ومحمد بن مثنى، وعبيد بن يعيش، وأبو سعيد الاشج، وسفيان بن وكيع، وعقبة بن مكرم الضبي، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن محمد بن يحيى القطان، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي وآخرون.
روى عباس عن ابن معين: كان صدوقا.
وروى مضر بن محمد، وعثمان بن سعيد، عن ابن معين: ثقة.
وقال عثمان بن سعيد مرة عنه: ليس به بأس.
وروى إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن يحيى بن معين قال: كان ثقة صدوقا إلا أنه كان مع جعفر بن يحيى البرمكي، وكان موسرا، فقال له رجل: إنهم يرمونه بالزندقة لكذا وكذا، فقال: كذب.
ثم قال
__________
(1) ذكره في " التقريب " وقال: اسمه عبد ربه، وقيل: عبد الله.
(*)

(9/246)


يحيى: رأيت ابني أبي شيبة، أتياه، فأقصاهما، وسألاه كتابا، فلم يعطهما، فذهبا يتكلمان فيه.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: بكر بن يونس بن بكير لا بأس به، كان أبوه على مظالم جعفر، وبعض الناس يضعفونهما.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة: أي شئ تنكر عليه ؟ فقال: أما في الحديث، فلا أعلمه (1).
وقال أبو حاتم: محله الصدق.
وروى أبو عبيد عن أبي داود، قال: ليس هو عندي حجة، يأخذ كلام ابن إسحاق، فيوصله بالاحاديث، سمع من ابن إسحاق بالري.
وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: ضعيف.
وقواه ابن حبان وغيره.
وجاء عن يحيى بن معين أيضا: ثقة إلا أنه مرجئ يتبع السلطان (2).
وقال أبو إسحاق الجوزجاني: ينبغي أن يتثبت في أمره.
قال علي بن المديني: كتبت عنه، وليس أحدث عنه.
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: قال لي يحيى الحماني: لا أستحل الرواية عن يونس.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 236.
(2) " تاريخ يحيى بن معين " 687.
(*)

(9/247)


وقال محمد بن عبد الله بن نمير، وعبيد بن يعيش: ثقة.
وقد روى له مسلم في الشواهد لا الاصول.
عبدالرحمن بن صالح: حدثنا يونس، عن يونس بن عمرو، عن أبيه، عن البراء، عن زيد بن حارثة أنه قال: يارسول الله، آخيت بيني وبين (1) حمزة بن عبدالمطلب (2).
مات يونس سنة تسع وتسعين ومئة، وقد قارب الثمانين.
أخبرنا أبو جعفر بن المقير وجماعة قالوا: أخبرنا يحيى بن قميرة، أخبرتنا شهدة، أخبرنا أبو غالب الباقلاني، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أحمد بن عثمان الادمي، وعبد الله بن إسماعيل الهاشمي، وأبو سهل بن زياد، وعثمان بن السماك قالوا: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار، أخبرنا يونس بن بكير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كانت أمي تعالجني تريد بن تسمنني بعض السمن لتدخلني على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما استقام لها ذلك، حتى أكلت التمر بالقثاء، فسمنت أحسن ما يكون من السمن (3).
__________
(1) في الاصل: " من " والتصويب من " مجمع الزوائد " 9 / 275، و " الاصابة " 1 / 564.
(2) رجاله ثقات، وأورده الهيثمي في " المجمع " 9 / 275، ونسبه لابي يعلى، وقال: ورجاله رجال الصحيح غير عبدالرحمن بن صالح الازدي وهو ثقة.
(3) إسناده حسن، وأخرجه ابن ماجة (3324) في الاطعمة: باب القثاء والرطب يجمعان، من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن يونس بن بكير بهذا الاسناد.
وأخرجه أبو داود (3903) في الطب: باب في السمنة من طريق محمد بن إسحاق عن هشام به، ونسبه المنذري للنسائي.
(*)

(9/248)


72 - علي بن عاصم * (د، ت، ق) ابن صهيب، الامام العالم، شيخ المحدثين، مسند العراق، أبو الحسن القرشي التيمي مولى قريبة أخت القاسم بن محمد بن أبي بكر الواسطي.
ولد سنة سبع ومئة.
فهو من أسنان سفيان بن عيينة.
وروى عن: حصين بن عبدالرحمن، وبيان بن بشر، ويحيى البكاء، وعطاء بن السائب، وسليمان التيمي، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم، وحميد الطويل، ومحمد بن سوقة، ومطرف بن طريف، وعاصم بن كليب، وسهيل بن أبي صالح، وإسماعيل بن أبي خالد، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وبهز بن حكيم، وعبد الله ابن عثمان بن خثيم، والجريري، وعمارة بن أبي حفصة، وعبيد الله بن عمر، وأبي هارون العبدي، وخلق سواهم.
وعنه: يزيد بن زريع مع تقدمه، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وعلي بن الجعد، ومحمد بن حرب النشائي (1)، وزياد بن
__________
* التاريخ لابن معين: 421، طبقات ابن سعد 7 / 313، تاريخ خليفة: 470، طبقات خليفة: ت 3191، التاريخ الكبير 6 / 290، التاريخ الصغير 2 / 295، الضعفاء الصغير: 82، المعارف: 516، الضعفاء والمتروكين: 77، الضعفاء للعقيلي: لوحة 298، الجرح والتعديل 6 / 198، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 113، الكامل لابن عدي 3 / 593، تهذيب الكمال: لوحة 978، تذهيب التهذيب 3 / 66 / 1، العبر 1 / 336، تذكرة الحفاظ 1 / 316، الكاشف 2 / 288، دول الاسلام، 1 / 126، ميزان الاعتدال 3 / 135، شرح علل الترمذي 2 / 786، تهذيب التهذيب 7 / 344، النجوم الزاهرة
2 / 170، طبقات الحفاظ: 131، خلاصة تذهيب الكمال: 275، شذرات الذهب 2 / 2.
(1) بفتح النون والشين هذه النسبة إلى النشاء، وهو ما يستخرج من القمح، فارسي معرب.
ومحمد بن حرب هذا ثقة من رجال التهذيب.
(*)

(9/249)


أيوب، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن الازهر، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عيسى المدائني، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعبد بن حميد، وعبد الله بن أيوب المخرمي، ويحيى بن جعفر البيكندي، ويحيى بن أبي طالب، ويعقوب بن شيبة، ويوسف بن عيسى المروزي، وعمرو بن رافع، وعيسى بن يونس الطرسوسي، وهارون بن حاتم، وموسى بن سهل الوشاء (1)، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة، وخلق كثير.
قال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه، منهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه في ذلك، وتركه الرجوع عما خالف فيه الناس، ولجاجته فيه وثباته على الخطأ، ومنهم من تكلم في سوء حفظه، واشتباه الامر عليه في بعض ما حدث به من سوء ضبطه، وتوانيه عن تصحيح ما كتب الوراقون له، ومنهم من قصته عنده أغلظ من هذه القصص، وقد كان رحمه الله من أهل الدين والصلاح، والخير البارع، شديد التوقي، وللحديث آفات تفسده (2).
حدثني إبراهيم بن هاشم، حدثنا عتاب بن زياد، عن ابن المبارك قال: قلت لعباد بن العوام: يا أبا سهل: ما بال صاحبكم ؟ يعني علي
ابن عاصم - قال: ليس ينكر عليه أنه لم يسمع، ولكنه كان رجلا موسرا، وكان الوراقون يكتبون له، فنراه أتي من كتبه (3).
__________
(1) نسبة إلى بيع الموشى، وهو نوع من الثياب المعمولة من الابريسم.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 446، 447.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 448.
(*)

(9/250)


قال يعقوب: وحدثنا عبيد بن يعيش قال: رجعنا مع وكيع عشية جمعة، ومعنا ابن حنبل وخلف، فكان وكيع يحدث خلفا، فقال له: من بقي عندكم ؟ فذكر شيوخا، وقال، عندنا علي بن عاصم، فقال وكيع: ما زلنا نعرفه بالخير.
قال: خلف: إنه يغلط في أحاديث.
قال: دعوا الغلط، وخذوا الصحاح، فإنا ما زلنا نعرفه بالخير (1).
قلت: كان علي بن عاصم أكبر من وكيع بنيف وعشرين سنة.
قال يعقوب: وحدثني العباس بن صالح، قال: سألت أسود بن سالم قلت: بلغني أن وكيعا كان يقدم علي بن عاصم، ويرفع أمره، فقال لي أسود بن سالم: إنما قال وكيع - وذكره يوما -: لو ترك ما يغلط فيه، وأخذوا غيره، لكان (2).
قال: وحدثني إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثني عفان قال: قدمت أنا وبهز واسط، فدخلنا على علي بن عاصم، فقال: ممن أنتما ؟ قلنا: من أهل البصرة.
فقال: من بقي ؟ فجعلنا نذكر حماد بن زيد والمشايخ، فلا نذكر له إنسانا إلاا استصغره، فلما خرجنا، قال بهز: ما أرى هذا يفلح.
قال الخطيب: قد كان علي من ذوي الاموال والاتساع في الدنيا، ولم
يزل ينفق في طلب العلم ويفضل على أهله قديما وحديثا (3).
أخبرنا ابن علان إذنا، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 449.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 448.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 447.
(*)

(9/251)


الخطيب، حدثني مسعود بن ناصر، أخبرنا أبو الفضل بن محمد بن الفضل المزكي، أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين المرواني، سمعت زنجويه اللباد، سمعت عبد الله بن كثير البكري، سمعت أحمد بن أعين بالمصيصة، سمعت علي بن عاصم يقول: دفع إلي أبي مئة ألف درهم، وقال: اذهب فلا أرى لك وجها إلا بمئة ألف حديث (1).
وبه إلى الخطيب: أخبرنا عبدالرحمن بن فضالة بالري، أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن جعفر ببلخ، حدثنا موسى بن محمد المؤدب، سمعت أحمد بن إبراهيم بن حرب النيسابوري، سمعت علي بن عاصم يقول: أعطاني أبي مئة ألف درهم، فأتيته بمئة ألف حديث، وكنت أردف هشيما خلفي ليسمع معي الشئ بعد الشئ (2).
وقال علي بن خشرم: حدثنا وكيع: أدركت الناس والحلقة لعلي بن عاصم بواسط.
قيل: يا أبا سفيان، إنه يغلط.
قال: دعوه وغلطه (3).
عبد الله بن أحمد: حدثنا أبي: قال وكيع - (وذكر) ؟ علي بن عاصم - فقال: خذوا حديثه ما صح، ودعوا ما غلط، أو ما أخطأ.
قال عبد الله: كان أبي يحتج بهذا، ويقول: كان يغلط ويخطئ، وكان فيه لجاج، ولم يكن متهما بالكذب (4).
وقال أبو داود: قال أحمد - وذكر علي بن عاصم - فقال: أما أنا فأخذت عنه، وحدثنا عنه.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 447.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 447، 448.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 448.
(4) " العلل " 1 / 16 لاحمد، و " تاريخ بغداد " 11 / 448.
(*)

(9/252)


وقال سعيد بن عمرو البرذعي: حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال: قلت لاحمد بن حنبل في علي بن عاصم، وذكرت له خطأه، فقال: كان حماد بن سلمة يخطئ - وأومأ أحمد بيده - خطأ كثيرا، ولم نر بالرواية عنه بأسا (1).
قال أبو بكر الخطيب: وكان يستصغر الناس، ويزدريهم.
قال الاصم: حدثنا الخضر بن أبان: سمعت علي بن عاصم يقول: خرجت من واسط أنا وهشيم إلى الكوفة للقي منصور، فلما خرجت فراسخ، لقيني أبو معاوية، فقلت: أين تريد ؟ قال: أسعى في دين علي.
فقلت: ارجع معي، فإن عندي أربعة آلاف، أعطيك منها ألفين، فرجعته، فأعطيته ألفين، ثم خرجت، فدخل هشيم الكوفة غداة، ودخلتها العشي، فذهب فسمع من منصور أربعين حديثا، ودخلت أنا الحمام، ثم أصبحت، فأتيت باب منصور، فإذا جنازته، فقعدت أبكي، فقال شيخ هناك: يافتى، ما يبكيك ؟ قلت: قدمت لاسمع من هذا الشيخ، فمات: قال: فأدلك على من شهد عرس أم ذا ؟ قلت: نعم، قال: اكتب: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس.
فجعلت أكتب شهرا، فقلت: من أنت ؟ قال: أنا حصين بن عبد
الرحمن، ما كان بيني وبين أن ألقى ابن عباس إلا تسعة دراهم، وكان عكرمة يسمع منه، ثم يجئ فيحدثني.
قال ابن المديني: كان علي بن عاصم كثير الغلط، وإذا رد عليه، لم يرجع، وكان معروفا في الحديث، ويروي أحاديث منكرة، وبلغني أن ابنه قال له: هب لي من حديثك عشرين حديثا، فأبى (2).
__________
(1) " شرح علل الترمذي " للحافظ ابن رجب.
1 / 113.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 453.
(*)

(9/253)


وقال في موضع آخر: أتيته بواسط، فنظرت في أثلاث كثيرة، فأخرجت منها مئتي طرف، فذهبت إليه، فحدث عن مغيرة عن إبراهيم في التمتع، فقلت له: إنما هذا عن مغيرة رأي حماد.
قال: من حدثكم ؟ قلت: جرير.
قال: ذاك الصبي، لقد رأيت ذاك ناعسا ما يعقل ما يقال له.
قال: ومر شئ آخر، فقلت: يخالفونك.
قال: من ؟ قلت: أبو عوانة، فصاح، وقال: ذاك العبد ! ومر بشئ، فقلت: يخالفونك، فقال: من ؟ قلت: إسماعيل بن إبراهيم.
قال: ومن ذا ؟ قلت: ابن علية.
قال: ما رأيت ذاك يطلب حديثا قط، وقال لشعبة: ذاك المسكين ! كنت أكلم له خالدا الحذاء، فيحدثه.
رواها عبد الله بن المديني عن أبيه (1).
وقال صالح جزرة: علي بن عاصم ليس عندي ممن يكذب، ولكن يهم، هو سيئ الحفظ، كثير الوهم، يغلط في أحاديث، يرفعها ويقلبها، وسائر حديثه صحيح مستقيم (2).
قال علي بن شعيب: حضرت يزيد بن هارون، وهم يسألونه حتى سمعت من فلان، وقالوا له: فعلي بن عاصم ؟ وقال: سمعت منه.
قالوا
له: كان يغمز بشئ، أو يتكلم فيه إذ ذاك بشئ ؟ قال: معاذ الله، كانت حلقته بحيال حلقة هشيم، ولكنه كان لا يجالسهم، وكتب، ولم يجالس، فوقع في كتبه الخطأ (3).
محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، قال: لقيت علي بن عاصم، فأفادني أشياء عن خالد الحذاء، فأتيت خالدا، فسألته عنها، فأنكرها كلها.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 450.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 449.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 449.
(*)

(9/254)


وقال الفلاس: علي بن عاصم فيه ضعيف، وكان - إن شاء الله - من أهل الصدق.
وقال يحيى بن معين: ليس بشئ.
وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم يتكلمون فيه (1).
أخبرنا أحمد بن محمد المؤدب وجماعة قالوا: أخبرنا يحيى بن أبي السعود، أخبرتنا تجني الوهبانية، أخبرنا الحسين بن طلحة، أخبرنا ابن رزقويه، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا محمد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا، فله مثل أجره " (2).
وقد روي نحوه عن إسرائيل وقيس بن الربيع، عن ابن سوقة (3).
__________
(1) التاريخ الكبير " 6 / 290.
(2) رواه الترمذي (1073) في الجنائز: باب ما جاء في أجر من عزى مصابا، وابن
ماجة (1602) في الجنائز: باب ما جاء في ثواب من عزى مصابا.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب (أي: ضعيف) لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث علي بن عاصم، وروى بعضهم عن محمد بن سوقة بهذا الاسناد مثله موقوفا، ولم يرفعه، ويقال: أكثر ما ابتلي علي بن عاصم بهذا الحديث نقموا عليه.
(3) في " تاريخ الخطيب " 11 / 451: أخبرنا إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن الحباب، وعبد الغفار بن محمد بن جعفر، قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الدينوري، حدثنا إبراهيم بن مسلم قال ابن الحباب " الخوارزمي "، وقال عبد الغفار " الوكيعي " ثم اتفقا - قال: حضرت وكيعا، وعنده أحمد بن حنبل، وخلف المخرمي، فذكروا علي بن عاصم، فقال خلف: إنه غلط في أحاديث، فقال وكيع: وما هي ؟ فقال: حديث محمد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله مثل أجره " فقال وكيع: حدثنا قيس بن الربيع، عن محمد ابن سوقة، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عبد الله.
قال وكيع: وحدثنا إسرائيل بن يونس، عن محمد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من عزى مصابا، فله مثل أجره ".
(*)

(9/255)


وقال يعقوب بن شيبة: سمعت إبراهيم بن هاشم يقول: قال رجل لسفيان بن عيينة: إن علي بن عاصم حدث عن ابن سوقة [ عن إبراهيم، عن الاسود، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله مثل أجره " فلم ينكر الحديث، وقال: محمد بن سوقة ] لم يحفظ عن إبراهيم شيئا، ثم قال يعقوب: وهو حديث كوفي الاسناد، منكر، يرون أنه لا أصل له مسندا ولا موقوفا، لا نعلم أحدا أسنده ولا وقفه غير علي بن عاصم.
وقد رواه أبو بكر النهشلي، وهو صدوق ضعيف الحديث عن محمد، فلم يجاوزه به، بل
قال: يرفع الحديث (1).
وقال أبو بكر الخطيب: قد روى حديث ابن سوقة عبد الحكيم بن منصور كرواية علي، وروي كذلك عن الثوري، وشعبة، إسرائيل، ومحمد بن الفضل بن عطية، وعبد الرحمن بن مالك بن مغول، والحارث ابن عمران الجعفري، عن ابن سوقة إلى أن قال: وليس شئ منها ثابتا (2).
أخبرنا عبدالرحمن بن قدامة وطائفة كتابة، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا موسى بن سهل، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا سليمان، عن أبي عثمان، عن حذيفة رضي الله عنه قال: خرج فتية يتحدثون، فإذا هم بإبل معطلة، فقال بعضهم: كأن أرباب هؤلاء ليسوا معها، فأجابه بعير منها، فقال: إن أربابها حشروا ضحى (3) أبو داود الطيالسي: سمعت شعبة يقول: لا تكتبوا عنه - يعني علي بن عاصم -.
__________
(1) تاريخ بغداد 11 / 451، 453، الزيادة منه.
(2) تاريخ بغداد 11 / 453، 454 (3) رجاله ثقات غير علي بن عاصم.
(*)

(9/256)


أحمد بن محمد بن محرز: سمعت يحيى بن معين يقول: علي بن عاصم كذاب ليس بشئ.
وقال ابن أبي شيبة: فسألته - يعني يحيى بن معين - عن علي بن عاصم، فقال: ليس بشئ، ولا يحتج به، قلت: ما أنكرت منه ؟ قال: الخطأ والغلط، ليس ممن يكتب حديثه.
وقال عثمان بن أبي شيبة: كنا عند يزيد بن هارون أنا وأخي، فقلنا
له: يا أبا خالد، علي بن عاصم ما حاله عندك ؟ قال: حسبكم ما زلنا نعرفه بالكذب.
قال الخطيب: وكذلك روى أيوب بن إسحاق بن سافري عن ابني أبي شيبة، عن يزيد، وجاء عن يزيد خلاف هذا (1).
قال أبو نصر الليث بن جبرويه: سمعت يحيى بن جعفر البيكندي يقول: كان يجتمع عند علي بن عاصم أكثر من ثلاثين ألفا، وكان يجلس على سطح، وكان له ثلاثة مستملين (2).
الزعفراني: حدثنا علي بن عاصم، عن يحيى بن سعيد، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة مرفوعا: " لا تمسكوا علي شيئا، فإني لا أحل إلا ما أحل الله، ولا أحرم إلا ما حرم في كتابه " (3).
محمود بن خداش: حدثنا علي بن عاصم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) [ النساء:
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 456.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 454.
(3) أخرجه ابن عدي في " الكامل " لوحة 593 من طريق محمد بن موسى الحلواني، عن الزعفراني، ونقله المؤلف عنه في " الميزان " 3 / 136.
وإسناده ضعيف لضعف علي ابن عاصم.
(*)

(9/257)


123 ] قال أبو بكر: يارسول الله، نزلت قاصمة الظهر، فقال: رحمك الله (1)..الحديث، ومعناه: يجزون به ببلايا الدنيا.
__________
(1) وتمامه: فقال: رحمك الله يا أبا بكر، ألست تمرض ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللاواء ؟، فذلك تجزون به.
وهو في " الكامل " 593، وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده، فقد أخرج الترمذي (3039) من طريق روح بن عبادة، عن موسى بن عبيدة،
عن مولى بن سباع، سمعت عبد الله بن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه هذه الآية: (من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر، ألا أقرئك آية أنزلت علي ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأقرأنيها، فلا أعلم إلا أني قد كنت وجب انقصاما في ظهري فتمطأت لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنك يا أبا بكر ؟ قلت: يارسول الله بأبي أنت وأمي، وأينا لم يعمل سوءا، وإنا لمجزون بما عملنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أنت يا أبا بكر والمؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة ".
وموسى بن عبيدة ضعيف، ومولى بن سباع مجهول.
وأخرج أحمد 1 / 11، والطبري (10523)، و (10528) وأبو يعلى: 33، 34، والبيهقي في سننه 3 / 373 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي بكر بن أبي زهير قال: أخبرت أن أبا بكر قال: يارسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) فكل سوء عملنا جزينا به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض، ألست تنصب، ألست تحزن، ألست تصيبك اللاواء ؟ قال: بلى، قال: فهو ما تجزون به، وهذا سند منقطع، فإن أبا بكر بن أبي زهير، وهو من صغار التابعين، ثم هو مستور لم يذكر بجرح ولا تعديل، ومع ذلك فقد صححه ابن حبان (1734)، والحاكم 3 / 74، 75، ووافقه الذهبي، وأورده ابن كثير في تفسيره 2 / 588 عن ابن مردويه من طريق الفضيل بن عياض، عن سليمان بن مهران، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: قال أبو بكر الصديق: يارسول الله، ما أشد هذه الآية: (من يعمل سوءا يجز به)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المصائب والامراض والاحزان في الدنيا جزاء "، وهو منقطع كسابقه.
وفي الباب عن عائشة عند الطبري (10530) و (10532) من طريق ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قلت: يارسول الله، إني لاعلم أشد آية في القرآن، فقال: ما هي
يا عائشة قلت: هذه الآية يارسول الله (من يعمل سوءا يجز به) فقال: " هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها "، وإسناده لا بأس به، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1736) بنحوه من حديث عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة، عن يزيد بن أبي يزيد، عن عبيد بن عمير، عن عائشة وإسناده صحيح، وأخرج مسلم في " صحيحه " (2574) من = (*)

(9/258)


عاصم بن علي: حدثنا أبي، عن خالد وهشام، عن ابن سيرين، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " صلاة المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل " (1).
ساق الحافظ ابن عدي في ترجمة علي عدة أحاديث إلى أن قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سالم الباجدائي (2)، حدثنا عبد القدوس بن عبد القاهر الباجدائي، حدثنا علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أكل من الطين وقية، فقد أكل من لحم الخنزير وقية، ولا يبالي الله على ما مات يهوديا أو نصرانيا ".
وبه: " من أكل الطين واغتسل به، فقد أكل لحم أبيه آدم، واغتسل بدمه ".
ثم قال ابن عدي: هذان باطلان (3).
قلت: أجزم بأن علي بن عاصم رحمه الله ما حدث بهما.
فقد تناكد ابن عدي حيث أوردهما هنا، وإنما هما موضوعان من الباجدائي قبحه الله (4).
__________
حديث أبي هريرة قال: لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها ".
(1) هو في " الكامل " لوحة 593، ورواه ابن أبي شيبة 2 / 282، وأحمد 2 / 30 و
41، كلاهما من طريق يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن ابن عمر.
وهذا سند صحيح.
(2) كذا ضبطت في الاصل بضم الجيم، وكذلك ضبطه في " تبصير المنتبه "، وفي " اللباب " و " معجم البلدان " بفتح الجيم نسبة إلى باجداء وهي قرية من نواحي بغداد.
(3) " الكامل " لوحة 593، وأوردهما المؤلف في " الميزان " 3 / 137.
(4) ونصه في " الميزان " حاشا علي بن عاصم رحمه الله أن يحدث بهما، فإني أقطع بأنه ما حدث بهما، والعجب من ابن عدي مع حفظه كيف خفي عليه مثل هذا، فإن هذين من وضع عبد القدوس فيما أرى.
وقال في ترجمة عبد القدوس بن عبد القاهر: لا يعرف، = (*)

(9/259)


ثم قال ابن عدي: حدثنا الفضل بن عبد الله بن مخلد، حدثنا العلاء ابن مسلمة، حدثنا علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من قرأ يس كل ليلة ابتغاء وجه الله غفر له ".
وبه: " خلق الله الجنة وغرس أشجارها بيده، وقال لها: تكلمي قالت: قد أفلح المؤمنون " (1).
قلت: وهذان باطلان، ابن عاصم برئ منهما، والعلاء متهم بالكذب (2).
محمد بن حرب النشائي: حدثنا علي بن عاصم، حدثنا حميد، سمع أنسا يقول: أراد أبو طلحة أن يطلق أم سليم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن طلاق أم سليم حوب " فكف (3) فهذا خبر منكر، والنشائي صدوق.
أبو أحمد بن عدي: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن الفرج الغافقي بمصر، حدثنا محمد بن الوليد بن أبان، حدثنا خالد بن عبد الله الزيات، حدثنا حماد بن خالد الخياط، حدثنا شعبة، أخبرني علي بن عاصم، عن
__________
= بل له أكاذيب وضعها على علي بن عاصم تبينت ذلك، ومن أشرها...ثم أورد الحديث.
(1) " الكامل ": لوحة 593، وأوردهما المؤلف في " الميزان " 3 / 137.
(2) نصر كلامه في " الميزان ": وهذان باطلان، ولقد أساء ابن عدي في إيراده هذه البواطيل في ترجمة علي، والعلاء متهم بالكذب.
وقال: في ترجمة العلاء: قال الازدي: لا تحل الرواية عنه، كان لا يبالي ما روى.
وقال ابن طاهر: كان يضع الحديث.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
وحديث: " من قرأ يس ابتغاء وجه الله غفر له " أخرجه البيهقي، وأبو نعيم 2 / 159 من طريق الحسن البصري، عن أبي هريرة، وسنده منقطع، لان الحسن لم يسمع من أبي هريرة، وأخرجه أبو نعيم 4 / 130 من حديث ابن مسعود بلفظ: " من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورا له ".
وفي سنده أبو مريم عبد الغفار بن القاسم.
قال أبو حاتم والنسائي وغيرهما: متروك.
(3) الكامل: 593، وهو في " الميزان " 3 / 137.
(*)

(9/260)


خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت في النبي صلى الله عليه وسلم دعابة (1).
قلت: وهذا منكر، وروي نحوه مرسلا.
قال ابن عدي: ولعلي قدر ثلاثين حديثا لا يرويها غيره.
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، أخبرنا موسى بن عبد القادر، وعبد الله ابن زيد قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا علي بن عاصم، عن يحيى البكاء، قال: حدثني عبد الله بن عمر: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أربع قبل الظهر بعد الزوال، تحسب
بمثلهن في صلاة السحر، وليس من شئ إلا وهو يسبح الله في تلك الساعة " ثم قرأ: (يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل) الآية كلها [ النحل: 48 ].
أخرجه الترمذي (2) عن عبد، فوافقناه بعلو.
قال بحشل في " تاريخه: حدثنا تميم بن المنتصر قال: ولد علي بن عاصم سنة ثمان ومئة.
وقال ابن سعد ويعقوب بن شيبة: ولد سنة تسع ومئة، ومات في جمادي الاولى سنة إحدى ومئتين، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة.
زاد ابن سعد: وأشهر، بواسط (3).
__________
(1) الكامل: 593، و " الميزان " 3 / 138.
(2) رقم (3128) في التفسير: باب ومن سورة النحل.
وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم.
(3) طبقات ابن سعد 7 / 313.
(*)

(9/261)


وقال يعقوب بن شيبة: سمعت عاصم بن علي يقول: أخبرني أبي أنه صام ثمانين شهر رمضان، لم يفطر فيها يوما.
قال: ومات، وهو ابن أربع وتسعين سنة، وشذ هارون بن حاتم، وليس بحجة، قال: سألت علي ابن عاصم عن مولده، فقال: سنة خمس ومئة.

وقد كان ولده:
73 - عاصم بن علي بن عاصم * (خ، ت، ق) حافظا صدوقا من أصحاب شعبة.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه، وأبو داود.
ومات سنة إحدى وعشرين ومئتين.
وقد لقي عكرمة بن عمار وعدة.
حدث عن: عاصم بن محمد العمري، وعكرمة بن عمار، وابن أبي ذئب، وشعبة بن الحجاج، والقاسم بن الفضل الحداني، وعبد الرحمن المسعودي، وأبيه، وخلق كثير، وكان من أئمة المحدثين.
وحدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو محمد الدارمي، وأبو حاتم الرازي، وإبراهيم الحربي، وحنبل بن إسحاق، وعبد الله بن أحمد
__________
* كتاب العلل لاحمد: 186، طبقات خليفة ت 3199، التاريخ الكبير 6 / 491، التاريخ الصغير 2 / 346، 348، المعارف: 516، الضعفاء للعقيلي: لوحة 324، الجرح والتعديل 6 / 348، الكامل لابن عدي: 610، تاريخ بغداد 12 / 247، تهذيب الكمال: لوحة 636، تذهيب التهذيب 2 / 111 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 397، ميزان الاعتدال 2 / 354، الكاشف 2 / 51، شرح العلل لابن رجب 2 / 788، تهذيب التهذيب 5 / 49، طبقات الحفاظ: 174، مقدمة فتح الباري: 410، خلاصة تذهيب الكمال: 182، شذرات الذهب: 2 / 48.
(*)

(9/262)


الدورقي، وعلي بن عبد العزيز، ومحمد بن يحيى المروزي، وخلق.
حدث ببغداد مدة، وتكاثروا عليه، ثم رجع إلى واسط، وبها توفي.
وقد جرحه يحيى بن معين، والصواب أنه صدوق كما قال أبو حاتم (1).
وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: صحيح الحديث، قليل الغلط.
وقال أبو الحسين بن المنادي: كان مجلسه يحزر ببغداد بأكثر من مئة
ألف إنسان، وكان يستملي عليه هارون الديك، وهارون مكحلة (2).
قال عمر بن حفص السدوسي: سمعنا من عاصم بن علي، فوجه المعتصم من يحزر مجلسه في رحبة النخل التي في جامع الرصافة، وكان يجلس على سطح، وينتشر الناس، حتى إتي سمعته يوما يقول: حدثنا الليث بن سعد، ويستعاد، فأعاد أربع عشرة مرة، والناس لا يسمعون، وكان هارون المستملي يركب نخلة معوجة يستملي عليها، فبلغ المعتصم كثرة الخلق، فأمر بحزرهم، فوجه بقطاعي الغنم، فحزروا المجلس عشرين ومئة ألف (3).
وعن أحمد بن عيسى، قال: أتاني آت في منامي، فقال لي: عليك بمجلس عاصم بن علي، فإنه غيظ لاهل الكفر.
قلت: كان عاصم رحمه الله ممن ذب عن الدين في المحنة، فروى
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 348.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 248.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 248.
(*)

(9/263)


الهيثم بن خلف الدوري أن محمد بن سويد الطحان حدثه قال: كنا عند عاصم بن علي ومعنا أبو عبيد، وإبراهيم بن أبي الليث وجماعة، وأحمد بن حنبل يضرب، فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معي، فنأتي هذا الرجل، فنكلمه ؟ قال: فما يجيبه أحد، ثم قال ابن أبي الليث: أنا أقوم معك يا أبا الحسين، فقال: يا غلام: خفي.
فقال ابن أبي الليث: يا أبا الحسين أبلغ إلى بناتي، فأوصيهم، فظننا أنه ذهب يتكفن ويتحنط، ثم جاء، فقال: إني ذهبت إليهن، فبكين، قال: وجاء كتاب ابنتي عاصم من
واسط: يا أبانا إنه بلغنا أن هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل، فضربه على أن يقول: القرآن مخلوق، فأتق الله، ولا تجبه فوالله لان يأتينا نعيك أحب إلينا من أن يأتينا أنك أجبت (1).
قلت: ذكر ابن عدي لعاصم بن علي ثلاثة أحاديث، تفرد بها عن شعبة.
ثم قال ابن عدي: لا أعلم له شيئا منكرا سواها، ولم أر بحديثه بأسا (2).
قالوا: توفي عاصم في رجب سنة إحدى وعشرين ومئتين.
وسمع أبو داود منه أحاديث يسيرة، وتوفي عاصم.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد في سنة ست عشرة وست مئة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأخبرنا إسماعيل، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا يحيى بن ثابت، أخبرنا أبي، قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني، حدثنا أبو بكر
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 12 / 248، 249.
(2) " الكامل " 610، 611.
(*)

(9/264)


الاسماعيلي، حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبدالرحمن بن أبزي، عن أبيه قال: جاء رجل إلى عمر، فقال: إني أجنبت فلم أجد الماء، فقال عمار بن ياسر: أما تذكر أنا كنا في سرية على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأجنبت وأنت، فأما أنت، فلم تصل، وأما أنا، فتمعكت في التراب، وصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إنما كان يكفيك هذا - وضرب بكفيه الارض - ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه ".
متفق عليه من حديث غندر والقطان عن شعبة (1)
74 - محمد بن بشر * (ع) ابن الفرافصة، بن المختار، بن رديح، الحافظ الامام الثبت، أبو عبد الله العبدي الكوفي.
قال أحمد بن المعدل الفقيه: هو ابن عمنا، نجتمع نحن وهو في المختار.
__________
(1) أخرجه البخاري 1 / 375، 376 في التيمم: باب المتيمم هل ينفخ فيهما، وباب التيمم للوجه والكفين، وباب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش تيمم، وباب التيمم ضربة، ومسلم (368) (112) في الحيض: باب التيمم، وأخرجه أبو داود (321)، والنسائي 1 / 170 في الطهارة: باب تيمم الجنب وابن ماجة (569): باب ما جاء في التيمم ضربة واحدة.
* تاريخ ابن معين: 505، طبقات ابن سعد 6 / 394، تاريخ خليفة: 471، طبقات خليفة ت 1317، التاريخ الكبير 1 / 45، التاريخ الصغير 2 / 299، الجرح والتعديل 7 / 210، مشاهير علماء الامصار ت / 1375، تهذيب الكمال لوحة 1177، تذهيب التهذيب 3 / 191 / 2، العبر 1 / 341، تذكرة الحفاظ 1 / 322، الكاشف 3 / 24، تهذيب التهذيب 9 / 73، طبقات الحفاظ: 135، خلاصة تذهيب الكمال: 328، شذرات الذهب 2 / 7.
(*)

(9/265)


قلت: ولد في خلافة هشام بن عبدالملك.
وحدث عن: هشام بن عروة، والاعمش، وأبي حيان التيمي، وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، وعبيد الله بن عمر، ومجمع بن يحيى، ومحمد بن عمرو، وسلام بن أبي عمرة، وحجاج
الصواف، وحجاج بن دينار، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وهانئ ابن هانئ الجهني، وابن أبي عروبة، وشعبة، وسفيان، ومسعر وخلق.
وينزل إلى أن يروي عن إسحاق بن سليمان الدارمي.
حدث عنه: جعفر بن عون رفيقه، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان، وابن نمير، وأبو كريب، وأبو سعيد الاشج، وهارون الحمال، وأحمد بن الفرات، وعبد بن حميد، وأحمد بن يحيى الصوفي، وأحمد بن سليمان الرهاوي، والحسن بن علي ابن عفان، ومحمد بن عاصم، وعباس الدوري، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين وغيره.
قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن سماع محمد بن بشر من ابن أبي عروبة، فقال: هو أحفظ من كان بالكوفة.
الكديمي، عن أبي نعيم قال: لما خرجنا في جنازة مسعر، جعلت أتطاول في المشي، فقلت: يجيؤوني: فيسألوني عن حديث مسعر، فذاكرني محمد بن بشر العبدي بحديث مسعر، فأغرب علي سبعين حديثا لم يكن عندي منها إلا حديث واحد.
قال البخاري وغيره: مات سنة ثلاث ومئتين (1).
__________
(1) " التاريخ الصغير " 2 / 299.
(*)

(9/266)


أخبرنا علي بن محمد الحافظ وإسماعيل بن مكتوم، وعيسى بن أبي محمد، وأحمد بن أبي طالب وأبو العز بن عساكر قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا محمد بن بشر، عن هشام
ابن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قيل لعمر: ألا تستخلف ؟ قال: إن أترك فقد ترك من هو خير مني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أستخلف، فقد استخلف من هو خير مني: أبو بكر رضي الله عنه (1).
متفق عليه من حديث هشام.

75 - عمر بن هارون * (ت، ق) ابن يزيد، بن جابر، بن سلمة، الامام عالم خراسان، أبو حفص الثقفي، مولاهم البلخي المقرئ المحدث.
ولد سنة بضع وعشرين ومئة، وارتحل وصنف، وجمع.
__________
(1) أخرجه أحمد في " المسند " 1 / 43 من طريق محمد بن بشر بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 13 / 177، 178 في الاحكام: باب الاستخلاف، ومسلم (1823) (11) في الامارة: الاول من طريق سفيان، والثاني من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، كلاهما عن هشام بن عروة بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (1823) (12)، والترمذي (2225) في الفتن، وأبو داود (2939)، وأحمد 1 / 47 كلهم من طريق معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر.
* العلل لاحمد 368، تاريخ ابن معين: 435، طبقات ابن سعد 7 / 374، طبقات خليفة ت: 3144، الضعفاء والمتروكين: 85، الضعفاء للعقيلي لوحة 288، الجرح والتعديل 6 / 140، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 90، 91، تاريخ بغداد 11 / 187، تهذيب الكمال لوحة 1025، تذهيب التهذيب 3 / 93 / 1، العبر 1 / 316، تذكرة الحفاظ 1 / 340، ميزان الاعتدال 3 / 228، الكاشف 2 / 322، طبقات القراء 1 / 598، تهذيب التهذيب 7 / 50، طبقات الحفاظ: 142، خلاصة تذهيب الكمال: 286، شذرات الذهب 1 / 341.
(*)

(9/267)


وحدث عن: سلمة بن وردان، وعيسى بن أبي عيسى الحناط، وغيرهما من صغار التابعين، وابن جريج ولازمه سنوات، وسعيد بن أبي عروبة، وجعفر الصادق، واسامة بن زيد الليثي، وإسماعيل بن رافع المدني، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، وعثمان بن الاسود، ومعروف بن خربوذ، وقرة بن خالد، ويونس بن يزيد الايلي، وأبي بكر بن أبي مريم، والاوزاعي، وأيمن بن نابل، وثور بن يزيد، وحمزة الزيات، وتلا عليه، وهمام بن يحيى، وشعبة، والثوري، وخلق كثير.
وعنه: هشام بن عبيد الله الرازي، وعفان بن مسلم، وأحمد بن حنبل، وجمعة بن عبد الله البلخي، وعمرو بن رافع القزويني، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن حميد، وهناد بن السري، وقتيبة بن سعيد، وأبو طاهر بن السرح، وسريج بن يونس، وأبو سعيد الاشج، وعمرو الناقد، ونصر بن علي، وأحمد بن ناصح المصيصي، والجارود بن معاذ البلخي، وأبو داود المصاحفي البلخي سليمان بن سلم، وعلي بن الحسن الذهلي، وخلق كثير، إلا أنه على سعة علمه سيئ الحفظ، فلم يروه حجة ولا عمدة.
قال البخاري: تكلم فيه يحيى بن معين.
وقال ابن سعد: كتب الناس عنه كثيرا، وتركوا حديثه.
روى أحمد بن علي الابار، عن أبي غسان زنيج قال: قال عمر بن هارون: ألقيت من حديثي سبعين ألفا: لابي جزء عشرين ألفا، ولعثمان البري (1) كذا وكذا، فقال: يا أبا غسان ما كان حاله ؟ قال: قال بهز: أرى
__________
(1) هذه النسبة إلى البر، وهو الحنطة، وهي نسبة إلى بيعه كما في " اللباب ".
(*)

(9/268)


يحيى بن سعيد حسده، فقال: أكثر عن ابن جريج.
من لازم رجلا اثني عشر سنة، لا يريد أن يكثر عنه ؟ !.
قال: وبلغني أن أمه كانت تعينه على الكتاب.
قلت: ما أعتقد أنه أقام بمكة هذا إلا أن يكون نحو سنة.
قال الخطيب: وذكر مسلم بن عبدالرحمن البلخي أن ابن جريج تزوج أم عمر بن هارون فمن هنالك أكثر السماع منه (1).
وقال ابن عدي: يقال: إنه لقي ابن جريج، وكان حسن الوجه، فسأله ابن جريج: ألك أخت ؟ قال: نعم، فتزوج بأخته، فقال: لعل هذا الحسن يكون في أخته كما هو في أخيها، فتفرد عن ابن جريج، وروى عنه أشياء لم يروها غيره.
قال ابن أبي داود، عن سعيد بن زنجل: سمعت صاحبا لنا يقال له: بور بن الفضل (2): سمعت أبا عاصم ذكر عمر بن هارون، فقال: كان عندنا أحسن أخذ من ابن المبارك (3).
وقال أحمد بن سيار: كان كثير السماع، روى عنه عفان وقتيبة وغير واحد، ويقال: إن مرجئة بلخ كانوا يقعون فيه، وكان أبو رجاء يعني قتيبة - يطريه ويوثقه (4).
وذكر عن وكيع أنه قال: عمر بن هارون مر بنا، وبات عندنا، وكان
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 188.
(2) في هامش الاصل: " اسمه محمد البلخي " وانظر " المشتبه ": 123.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 188، وقد تصحف فيه " بور " إلى ثور ".
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 189.
(*)

(9/269)


يزن (1) بالحفظ، وسمعت أبا رجاء يقول: كان عمر بن هارون شديدا على المرجئة، ويذكر مساوئهم وبلاياهم، فكانت بينهم عداوة لذلك، قال: وكان من أعلم الناس بالقراءات، وكان القراء يقرؤون عليه، ويختلفون إليه في حروف القرآن (2)، وسمعت أبا رجاء يقول: سألت عبدالرحمن بن مهدي، فقلت: إن عمر بن هارون قد أكثرنا عنه، وبلغنا أنك تذكره، قال: أعوذ بالله، ما قلت فيه إلا خيرا، قلت: بلغنا أنك قلت: روى عن فلان، ولم يسمع منه ؟ قال: يا سبحان الله ! ما قلت أنا ذا قط، ولو روى، ما كان عندنا بمتهم (3).
علي بن الحسن الهسنجاني (4): عن يحيى بن المغيرة الرازي قال: سمعت ابن المبارك يغمز عمر بن هارون في سماعه من جعفر بن محمد، وكان عمر يروي عنه نحو ستين حديثا.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: عمر بن هارون كذاب، قدم مكة وقد مات جعفر بن محمد، فحدث عنه.
وقال أبو حاتم: تكلم فيه ابن المبارك، فذهب حديثه (5).
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: قلت لابي: إن أبا سعيد الاشج حدثنا عن عمر بن هارون، فقال: هو ضعيف الحديث، بخسه ابن المبارك
__________
(1) أي: يعاب بسوء الحفظ، وقد تحرف في " تاريخ بغداد " إلى يزين ".
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 189.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 189.
(4) هذه النسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها: هسنكان، فعربت فقيل: هسنجان.
(5) " الجرح والتعديل " 6 / 141.
(*)

(9/270)


بخسة، فقال: يروي عن جعفر بن محمد، وقد قدمت قبل قدومه، فكان جعفر قد توفي (1).
قلت: هذا منقطع عن ابن المبارك، ولا يصح، فقد قدم ابن المبارك، وحج قبل موت جعفر بسنوات.
العقيلي: حدثنا محمد بن زكريا البلخي، حدثنا قتيبة، قلت لجرير: حدثنا عمر بن هارون عن القاسم بن مبرور، قال: نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " إن كاتبك هذا أمين " (2) يعني معاوية، فقال لي جرير: اذهب إليه، فقل له: كذبت.
قال المروذي: سئل أبو عبد الله عن عمر بن هارون، فقال: ما أقدر أن أتعلق عليه بشئ، كتبت عنه حديثا كثيرا، فقيل له: قد كانت له قصة مع ابن مهدي.
قال: بلغني أنه كان يحمل عليه، فقال له أبو جعفر: سمعت من يحكي عن ابن مهدي أنه قدم عليهم عمر بن هارون البصرة، وهو شاب، فذاكره عبدالرحمن، فكتب عنه ثلاثة أحاديث: منها حديث عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي، عن عبد الله بن عمرو في شرب العصير.
ومنها عن عبدالملك، عن عطاء، في الحفار ينسى الفأس في القبر.
وحديث آخر، فلما كان بعد زمان، قدم فأتى رجل عبدالرحمن، فقال: إنك كتبت عن هذا أشياء، فأعطاه الرقعة، فذهب إليه، فسأله عن حديث يحيى بن أبي عمرو، فقال: لم أسمع منه شيئا، إنما كان هذا في الحداثة، وسأله عن حديث
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 141.
(2) خبر باطل المتهم به عمر بن هارون.
وانظر " الفوائد المجموعة " ص 403،
404، و " البداية " 8 / 120، 121.
(*)

(9/271)


عبدالملك، فقال: لم أسمع منه، إنما حدثنيه فلان عنه، فأتى الرجل ابن مهدي، فأخبره، فنال منه، وتكلم.
فقال أبو عبد الله: كان أكثر ما يحدثنا عن ابن جريج (1).
وروى عن الاوزاعي، قيل له: فتروي عنه ؟ فقال: قد كنت رويت عنه شيئا.
وقال أبو طالب: سمعت أحمد يقول: عمر بن هارون لا أروي عنه، وقد أكثرت عنه، ولكن كان ابن مهدي يقول: لم يكن له قيمة عندي، وبلغني أنه قال: حدثني بأحاديث، فلما قدم مرة أخرى، حدثني بها عن إسماعيل بن عياش عن أولئك، فتركت حديثه.
وقال علي بن الحسين بن حبان: وجدت بخط جدي: قال أبو زكريا: عمر بن هارون البلخي كذاب خبيث ليس حديثه بشئ، قد كتبت عنه، وبت على بابه بباب الكوفة، وذهبنا معه إلى النهروان، ثم تبين لنا أمره بعد ذلك، فحرقت حديثه كله، ما عندي عنه كلمة إلا أحاديث على ظهر دفتر، خرقتها كلها، قلت لابي زكريا: ما تبين لكم من أمره ؟ قال: قال عبد الرحمن بن مهدي - ولم أسمعه منه، ولكن هذا مشهور عن عبدالرحمن - قال: قدم علينا، فحدثنا عن جعفر بن محمد، فنظرنا إلى مولده، وإلى خروجه إلى مكة، فإذا جعفر قد مات قبل خروجه (2) وروى عباس وأحمد بن زهير، عن يحيى: ليس بشئ.
وروى ابن محرز والغلابي عن يحيى: ليس بثقة.
وعن يحيى
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 11 / 188، 189.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 189.
(*)

(9/272)


أيضا: ضعيف.
وعنه: كان يكذب.
وسئل عنه علي بن المديني، فضعفه جدا.
وقال أبو زرعة: سمعت إبراهيم بن موسى - وقيل له: لم لا تحدث عن عمر بن هارون ؟ فقال: الناس تركوا حديثه.
وعن إبراهيم بن موسى، قال: كتبت عنه حزمة، ولا أحدث عنه بشئ.
وقال أبو إسحاق الجوزجاني: لم يقنع الناس بحديثه.
وقال صالح جزرة والنسائي: متروك الحديث.
وقال زكريا الساجي: فيه ضعف.
وقال أبو علي الحافظ: متروك.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال أبو نعيم: لا شئ، حدث عن ابن جريج، والاوزاعي، وشعبة، بالمناكير.
وقال أبو عيسى في " جامعه ": سمعت محمدا يقول: مقارب الحديث، لا أعرف له حديثا ليس له أصل إلا هذا، رواه الترمذي عن أسامة ابن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ من لحيته من عرضها ومن طولها (1).
قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عمر، ورأيت محمد حسن الرأي فيه.
__________
(1) رواه الترمذي (2762) في الادب: باب ما جاء في الاخذ من اللحية.
وقال: هذا حديث غريب، أي: ضعيف.
(*)

(9/273)


وقال أبو حاتم بن حبان: كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، ويدعي شيوخا لم يرهم.
قال: وكان ابن مهدي حسن الرأي فيه (1).
قلت: هذه رواية قتيبة عن ابن مهدي، وقد روى غير واحد عنه أنه اتهمه.
قال ابن حبان: قال محمد بن عمرو السويقي: شهدت عمر بن هارون ببغداد، وهو يحدثهم، فسئل عن حديث لابن جريج، رواه عنه الثوري لم يشارك فيه، فحدثهم به، فرأيتهم مزقوا عليه الكتب.
ثم قال ابن حبان: كان صاحب سنة وفضل وسخاء، وكان أهل بلده يبغضونه لتعصبه في السنة وذبه عنها، ولكن كان شأنه في الحديث ما وصفت، والمناكير في حديثه تدل على صحة ما قاله يحيى بن معين فيه.
قال: وقد حسن القول فيه جماعة من شيوخنا، كان يصلهم في كل سنة بصلات كبيرة من الدراهم والثياب، ويبعثها إليهم من بلخ إلى بغداد في كل سنة.
وقد روى عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتاد لبوله كما يرتاد أحدكم لصلاته (2).
قلت: ممن قوى أمره ابن خزيمة، فروى له في " المختصر " حديثا في البسملة (3).
__________
(1) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 90.
(2) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 91، وقوله: يرتاد لبوله، أي: يطلب لبوله مكانا لينا لئلا يرجع عليه رشاش بوله " النهاية ".
والخبر أورده المؤلف في " الميزان " 3 / 229 في جملة منكرات عمر بن هارون.
وفي الباب عن أبي موسى الاشعري مرفوعا: " إذا أراد أحدكم أن يبول، ليرتد لبوله " أخرجه أبو داود (3)، والبيهقي 1 / 92، 94،
وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته.
(3) هو في " صحيحه " (493) من طريق خالد بن خداش، عن عمر بن هارون، = (*)

(9/274)


قال علي بن الفضل بن طاهر البخلي: مات عمر ببلخ يوم الجمعة أول رمضان سنة أربع وتسعين ومئة، وهو ابن ست وستين سنة، وكان يخضب، هكذا أخبرني محمد بن محمد بن عبد العزيز، عن مسلم بن عبدالرحمن السلمي، ثم قال: ورأيت في كتاب أنه عاش ثمانين سنة (1).
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد الانصاري سنة ثلاث وتسعين، أخبرنا علي بن باسويه المقرئ سنة أربع وعشرين وست مئة، أخبرنا أبو علي الحسن بن مسلم الزاهد، أخبرنا إبراهيم بن محمد الكرخي، أخبرنا إسماعيل بن مسعدة، أخبرنا حمزة بن يوسف الحافظ، أخبرنا عبد الله بن عدي، حدثنا بهلول بن إسحاق، حدثنا أحمد ابن حاتم الطويل، حدثنا عمر بن هارون، عن ثور، عن يزيد بن شريح،
__________
= عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة (بسم الله الرحمن الرحيم) فعدها آية، (والحمد لله رب العالمين) آيتين، (الرحمن الرحيم) ثلاث آيات.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1 / 232 من طريق خالد بن خداش بهذا الاسناد، وعلق عليه الذهبي بقوله: عمر بن هارون أجمعوا على ضعفه، وقال النسائي: متروك.
وهذا الحديث على ضعفه لا يصلح حجة لمن يرى الجهر بالبسملة، فإنه ليس بصريح في ذلك، ويمكن أنها سمعته سرا في بيتها لقربها منه، على أن مقصودها الاخبار بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتل قراءته حرفا حرفا، ولا يسردها، ويقف على رأس كل آية، يبينه ما رواه الحاكم 2 / 232 من طريق همام حدثنا القرشي، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة قالت: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم - فوصفت: (بسم الله الرحمن الرحيم) حرفا حرفا - قراءة
بطيئة.
وقال: على شرط الشيخين، وصححه الدارقطني، ورواه أحمد 6 / 302، والحاكم 2 / 323، من طريق يحيى بن سعيد الاموي، حدثنا ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن أم سلمة أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: " كان يقطع قراءته آية آية: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين ".
لفظ أحمد، ولفظ الحاكم: " كان يقطع قراءته آية آية: (الحمد لله رب العالمين)، ثم يقف، (الرحمن الرحيم)، ثم يقف ".
قال ابن أبي مليكة: وكانت أم سلمة تقرأها: ملك يوم الدين.
ورواه أبو داود (4001)، والترمذي (2928).
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 191.
(*)

(9/275)


عن جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا، هو لك مصدق، وأنت له كاذب " (1) يزيد وثق.
قرأت على عيسى بن يحيى، أخبرنا منصور بن سند، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ، أخبرنا عمر بن عبد الله بن الهيثم الواعظ سنة سبع عشرة وأربع مئة، حدثنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم، حدثنا عمار بن هارون، حدثنا عمر بن هارون البلخي، حدثنا ثور بن يزيد، عن مكحول، عن النواس بن سمعان الكلابي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم بارك لامتي في بكورها " (2).
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف عمر بن هارون، وأخرجه أحمد 4 / 183 من طريق عمر بن هارون بهذا الاسناد، وثور: هو ابن يزيد الحمصي ثقة ثبت.
وفي المطبوع من المسند " ثور ابن يزيد عن شريح " وهو خطأ: صوابه: " ثور عن يزيد بن شريح "، ورواه أبو داود
(4971) في الادب: باب في المعاريض،، والبخاري في " الادب المفرد " (393) من طريق بقية بن الوليد، عن ضبارة بن مالك الحضرمي، عن أبيه عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن سفيان بن أسيد الحضرمي.
وهذا سند ضعيف.
بقية بن الوليد مدلس، وقد عنعن، وضبارة مجهول، وكذا أبوه.
(2) إسناده ضعيف لضعف عمر بن هارون، وأورده الهيثمي في " المجمع " 4 / 62، ونسبه للطبراني في " الكبير " وأعله بعمر بن هارون، لكن متن الحديث صحيح لشواهده الكثيرة، فقد أخرجه أحمد 3 / 416، و 432 و 4 / 384 و 390 و 391، وأبو داود (2606)، والترمذي (1212)، وابن ماجة (2236) من حديث صخر الغامدي، وأخرجه عبد الله بن الامام أحمد في " زوائد المسند " (1319) و (1322) و (1328) من حديث علي، وأخرجه ابن ماجة (2237) و (2238) من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي يعلى والطبراني، وعن عبد الله بن سلام عندهما أيضا، وعن أنس عند البزار، وعن ابن عباس عند البزار والطبراني، وعن عائشة عندهما أيضا، وغيرهم.
انظر " المجمع " 4 / 61، 62.
(*)

(9/276)


76 - أبو أسامة * (ع) حماد بن أسامة بن زيد، الكوفي الحافظ الثبت، مولى بني هاشم.
ويقال: ولاؤه لزيد بن علي، وقيل: بل مولى الحسن بن سعد مولى الحسن ابن علي.
ولد في حدود العشرين ومئة.
وحدث [ عن ]: هشام بن عروة، والاعمش، وابن أبي خالد، وإدريس ابن يزيد الاودي، وأجلح الكندي، وأحوص بن حكيم الشامي، وأسامة بن زيد الليثي، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وبهز بن حكيم، وحاتم بن أبي
صغيرة، وحبيب بن الشهيد، والحسن بن الحكم النخعي، وسعد بن سعيد الانصاري، وحسين بن ذكوان العلم، وسعيد الجريري، وطلحة بن يحيى، ومجالد، وعوف، وهاشم بن هاشم الزهري، ومحمد بن عمرو، وفضيل بن مرزوق، ومالك بن مغول، وابن أبي عروبة، وشعبة وسفيان، وسليمان بن المغيرة، ومساور الوراق، وخلق كثير.
وكان من أئمة العلم.
حدث عنه: عبدالرحمن بن مهدي، والشافعي، وقتيبة، والحميدي، وأحمد، وإسحاق، وأبو خيثمة، وإبراهيم بن سعيد
__________
* تاريخ ابن معين: 128، طبقات ابن سعد 6 / 394، طبقات خليفة ت 1315، التاريخ الكبير 3 / 28، التاريخ الصغير 2 / 294، المعارف: 218، الجرح والتعديل 3 / 132، مشاهير علماء الامصار ت: 1379، تهذيب الكمال لوحة 326، تذهيب التهذيب 1 / 172 / 1، العبر 1 / 335، تذكرة الحفاظ 1 / 321، ميزان الاعتدال 1 / 588، الكاشف 1 / 250، دول الاسلام 1 / 126، شرح العلل 2 / 679، تهذيب التهذيب 3 / 2، طبقات الحفاظ: 134، خلاصة تذهيب الكمال: 91، شذرات الذهب 2 / 2.
(*)

(9/277)


الجوهري، وابنا الدورقي، وابنا أبي شيبة، وإسحاق الكوسج، والحسن الحلواني، وأحمد بن الفرات، ودحيم، وعبيد بن إسماعيل، ومحمد بن رافع، ومحمد بن عبد الله المخزومي، ومحمود بن غيلان، وهارون الحمال، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وخلق سواهم.
روى حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل: أبو أسامة ثقة، كان أعلم الناس بأمور الناس، وأخبار أهل الكوفة، ما كان أرواه عن هشام بن عروة.
وروى عبد الله بن أحمد، عن أبيه، قال: كان ثبتا، ما كان أثبته، لا
يكاد يخطئ.
وقال أيضا: سئل أبي عن أبي عاصم وابن أسامة، فقال: أبو أسامة أثبت من مئة مثل أبي عاصم، كان أبو أسامة ضابطا، صحيح الكتاب، كيسا، صدوقا.
وقال عثمان بن سعيد: سألت يحيى بن معين عن أبي أسامة وعبدة قال: ما منهما إلا ثقة.
عبد الله بن عمر بن أبان: سمعت أبا أسامة يقول: كتبت بأصبعي هاتين مئة ألف حديث، وسمع ذلك منه محمد بن عبد الله بن عمار.
وقال ابن الفرات: كان عند أبي أسامة ست مئة حديث عن هشام بن عروة.
وقال ابن عمار: كان أبو أسامة في زمان سفيان يعد من النساك.
وقال أحمد العجلي: حدثنا داود بن يحيى بن يمان، عن أبيه، عن، سفيان قال: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة، ثم قال العجلي: مات في شوال سنة إحدى ومئتين، وصلى عليه محمد بن إسماعيل بن علي العباسي، وكبر عليه أربعا.

(9/278)


وقال البخاري: مات في ذي القعدة سنة إحدى ومئتين، وهو ابن ثمانين سنة فيما قيل (1) قلت: حديثه في جميع الصحاح والدواوين، وهو من نظراء وكيع.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا هبة الله بن هلال، أخبرنا عبد الله بن علي، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا محمد بن عمرو، حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الاعمش، عن خيثمة بن عبدالرحمن، عن عدي بن حاتم
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ".
متفق عليه (2).
وقع لنا مختصرا.

77 - أبو نواس * رئيس الشعراء أبو علي الحسن بن هانئ الحكمي، وقيل: ابن وهب.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 3 / 28.
(2) أخرجه البخاري 11 / 350، 351 في الرقاق: باب من نوقش الحساب عذب، و 13 / 362 في باب قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) و 13 / 397: باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الانبياء وغيرهم، ومسلم (1016) (67) في الزكاة: باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، والترمذي (2415) في صفة القيامة والرقائق والورع: باب في القيامة.
* الشعر والشعراء: 501، طبقات الشعراء لابن المعتز: 193، الموشح: 263، الاغاني 20 / 61، تاريخ بغداد 7 / 436، وفيات الاعيان 2 / 95، العبر 1 / 321، دول الاسلام 1 / 124، عيون التواريخ 7 لوحة 77 - 93، البداية 10 / 227، 235، معاهد = (*)

(9/279)


ولد بالاهواز، ونشأ بالبصرة، وسمع من حماد بن سلمة وطائفة، وتلا على يعقوب، وأخذ اللغة عن أبي زيد الانصاري وغيره.
ومدح الخلفاء والوزراء، ونظمه في الذروة، حتى لقال فيه أبو عبيدة شيخه: أبو نواس للمحدثين كامرئ القيس للمتقدمين.
قيل: لقب بهذا لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقيه، أي:
تضطرب.
وهو من موالي الجراح الحكمي أمير الغزاة، وهو القائل: سبحان ذي الملكوت أية ليلة * مخضت صبيحتها بيوم الموقف لو أن عينا وهمتها نفسها * ما في المعاد محصلا لم تطرف (1) وله: ألا كل حي هالك وابن هالك * وذو نسب في الهالكين عريق إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في ثياب صديق (2) ولابي نواس أخبار وأشعار رائقة في الغزل والخمور، وحظوة في أيام الرشيد والامين.
مات سنة خمس أو ست وتسعين ومئة.
وقيل: مات في سنة ثمان وتسعين.
عفا الله عنه.
__________
= التنصيص 1 / 30، شذرات الذهب 1 / 345، خزانة الادب 1 / 168، تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 257، ولابن منظور الافريقي صاحب لسان العرب جزء في أخبار أبي نواس، هو الثالث من مختار الاغاني المطبوع في دمشق، وقد صدر بمقدمة جيدة بين فيها أن أغلب ما ينسب إلى أبي نواس من المجون والخلاعة كذب ملفق، لا تصح نسبته إليه بحجج ناصعة، وأدلة واضحة.
(1) لم نجدهما في ديوانه المطبوع، ولا في " أخبار أبي نواس " لابن منظور.
(2) البيتان في الديوان ص 465، و " تاريخ بغداد " 7 / 443، ووفيات الاعيان (2 / 97).
(*)

(9/280)


وله وهو حدث: حامل الهوى تعب * يستخفه الطرب إن بكى يحق له * ليس ما به لعب
تضحكين لاهية * والمحب ينتحب تعجبين من سقمي * صحتي هي العجب (1) ويقال: ما رؤي أحفظ من أبي نواس مع قلة كتبه، وشعره عشرة أنواع، وقد برز في العشرة.
اعتنى الصولي وغيره بجمع ديوانه، فلذلك يختلف ديوانه.
وقد سجنه الامين لامر، فكتب إليه: وحياة رأسك لا أعو * د لمثلها من خوف باسك من ذا يكون أبا نوا * سك إن قتلت أبا نواسك (2)

78 - الجرمي * (س) الشيخ الامام القدوة الرباني، أبو زيد القاسم بن يزيد الجرمي الموصلي.
__________
(1) الابيات في الديوان ص 51، و " وفيات الاعيان " 2 / 96.
وفي الديوان بيت خامس وهو: كلما انقضى سبب * منك عاد لي سبب (2) " وفيات الاعيان " 2 / 99، وأخبار أبي نواس ص 210 لابن منظور، وانظر ديوانه ص: 384.
* التاريخ الكبير 7 / 170، الجرح والتعديل 7 / 123، تاريخ بغداد 12 / 426، تهذيب الكمال لوحة 1119، تذهيب التهذيب 3 / 153 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 352، الكاشف 2 / 395، تهذيب التهذيب 8 / 341، طبقات الحفاظ: 151، خلاصة تذهيب الكمال: 314، شذرات الذهب 1 / 341.
(*)

(9/281)


حدث عن: ثور بن يزيد، حريز بن عثمان، وأفلح بن حميد،
وشبل بن عباد، وإبراهيم بن نافع، وسفيان الثوري، وطائفة.
وعنه: محمد بن عبد الله بن عمار، وصالح وعبد الله ابنا عبد الصمد ابن أبي خداش، وعلي بن حرب، وأخوه أحمد بن حرب المواصلة، وثقه أبو حاتم.
وقال يزيد بن محمد الازدي في " تاريخ الموصل ": كان زاهدا ورعا من أصحاب سفيان، رحل وكتب عمن لحق من الحجازيين، والكوفيين والبصريين والشاميين والموصليين، وكان حافظا للحديث متفقها.
قال بشر بن الحارث: كان يقال: إن قاسما الجرمي من الابدال، كان لا يشبههم - يعني رفاقه - في الزي، يلبس دون المعافى، وزيد بن أبي الزرقاء.
قال علي بن حرب: دخلت منزل قاسم بن يزيد، فرأيت خرنوبا في زاوية البيت كان يتقوت منه، وسيفا ومصحفا.
قال: ورئي قاسم كأن الموصل على كتفه قد أخذها من كتف فتح الموصلي، ففسرها قاسم على رجل عابر، فقال: الموصل يقوم بفتح، فيموت، ويقوم بك.
قال بشر الحافي: كان قاسم يحفظ المسائل والحديث، قال لنا المعافى: اسمعوا منه فإنه الامين المأمون.
وقال يزيد بن محمد في " تاريخه " حدثنا عبد الله بن المغيرة مولى بني هاشم عن بشر الحافي أنه ذكر عنده أصحاب سفيان، فأجمعوا على تفضيل المعافى بن عمران، فقال بشر: رزق المعافى شهرة، وما رأت عيناي مثل قاسم الجرمي رحمه الله.

(9/282)


قال هشام بن بهرام: سمعت قاسما الجرمي يقول: القرآن كلام الله
غير مخلوق.
قال علي الخواص: توفي قاسم الجرمي سنة أربع وتسعين ومئة، ولم أشهد جنازته.
أخبرنا الحسن بن علي بن الخلال، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أحمد بن علي الصواف، والمبارك بن عبد الجبار قالا: أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان العباداني، حدثنا علي بن حرب الطائي بسامراء، حدثنا القاسم بن يزيد، عن صدقة، عن الاوزاعي، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أراد الرجل أن يجامع أهله، أتخذت أهله خرقة، فإذا فرغ ناولته، فمسح عنه الاذى، ومسحت ثم صليا في ثوبهما ذاك " (1).

79 - حذيفة بن قتادة * المرعشي، أحد الاولياء.
صحب سفيان الثوري، وروى عنه.
قال رفيقه يوسف بن أسباط: سمعته يقول: لو أصبت من يبغضني على الحقيقة في الله لاوجبت على نفسي حبه (2).
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف صدقة، وهو ابن عبد الله السمين، ضعفه أحمد، والبخاري، وابن معين، والنسائي، والدارقطني.
* " حلية الاولياء " 8 / 267.
، صفة الصفوة 4 / 268، 269.
(2) " حليلة الاولياء " 8 / 268.
(*)

(9/283)


وقال ابن خبيق: قال حذيفة: إن لم تخش أن يعذبك الله على أفضل
عملك، فأنت هالك (1).
وعنه قال: أعظم المصائب قساوة القلب.
وعنه: جماع الخير في حرفين: حل الكسرة، وإخلاص العلم لله (2).

80 - السفياني * الامير أبو الحسن، علي بن عبد الله، بن خالد، بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، القرشي الاموي الدمشقي، ويعرف بأبي العميطر.
كان سيد قومه وشيخهم في زمانه، بويع بالخلافة بدمشق زمن الامين، وغلب على دمشق في أول سنة ست وتسعين، وكان من أبناء الثمانين، وداره غربي الرحبة كانت.
حكى عن المهدي وابن علاثة.
روى عنه: أبو مسهر.
قال الهيثم بن مروان: سمعت أبا مسهر يقول: سمعت شيخا من قريش أثق به يقول: سأل المهدي ابن علاثة: لم رددت شهادة ابن إسحاق ؟ قال: لانه كان لا يرى جمعة ولا جماعة، فسألت أبا مسهر:
__________
(1) " حلية الاولياء " 8 / 268.
(2) " حلية الاولياء " 8 / 270.
* نسب قريش: 131، الطبري 8 / 415، الكامل لابن الاثير 6 / 249، العبر 1 / 317، 318، دول الاسلام 1 / 123، البداية 10 / 227، شذرات الذهب 1 / 342.
(*)

(9/284)


من الشيخ ؟ قال: علي بن عبد الله.
وقال الزبير: كانت أم أبي العميطر، هي نفيسة بنت عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب، فقيل: كان يفتخر ويقول: أنا ابن شيخي صفين (1).
وقيل: إنه سألهم مرة: ما كنية الحرذون (2) ؟ قلنا: لا ندري، قال: أبوالعميطر، فلقبناه، فكان يغضب.
وروى أبو زرعة النصري عن أبيه قال: كان أبوالعميطر يفتخر يقول: أنا ابن العير، وابن النفير، وأنا ابن شيخي صفين، ثم ينتسب.
وقيل: كان يسكن المزة، فخرج بها، وهو ابن تسعين سنة.
ابن جوصا: حدثنا موسى بن عامر: سمعت الوليد بن مسلم غير مرة يقول: لو لم يبق من سنة خمس وتسعين ومئة إلا يوم لخرج السفياني، قال موسى: فخرج أبوالعميطر فيها.
وروى هشام بن عمار نحوه عن الوليد.
قال الميموني: قال أحمد بن حنبل للهيثم بن خارجة: كيف كان مخرج السفياني بدمشق أيام ابن زبيدة بعد سليمان بن أبي جعفر ؟ فوصفه بهيئة جميلة وعزلة للشر، ثم ظلم، وأرادوه على الخروج مرارا فأبى، فحفر له خطاب بن وجه الفلس سربا، ثم دخلوه في الليل، ونادوه: اخرج فقد آن لك، قال: هذا شيطان، ثم في ثاني ليلة، وقع في نفسه، وخرج.
فقال أحمد: أفسدوه.
__________
(1) " الكامل " لابن الاثير 6 / 249.
(2) دويبة شبيهة بالضب.
وقيل: هو ذكر الضب.
(*)

(9/285)


وقيل: ولي سليمان بن أبي جعفر دمشق عقيب فتنة، وعصبية بين
العرب.
وكانوا - بنو أمية - يروون في أبي العميطر الروايات، وأن فيه العلامات، وأن كلبا أنصاره، فمالوا إليه، وتوددهم، وخافوا محمد بن صالح بن بيهس، فاندسوا إلى سليمان، وكثروا على ابن بيهس، فحبسه، فتمكنوا، ووثبوا، وأحاطوا بسليمان وهو في قصر الحجاج، فبعث إلى ابن بيهس، وهو في حبسه بالقصر، فخرج به.
وهربا على البرية، ولما خرج علي في اليمانية، تتبعوا القيسية، وحرقوا دورهم، وقتلوا في بني سليم، وتابعه أهل الغوطة وحمص وحلب والسواحل، وهربت قيس، وكان الحرس ينادون على السور: يا علي يا مختار، يا من اختاره الجبار، على بني العباس الاشرار.
وجرت له أمور، ثم هرب، وخلع نفسه، واختفى، ومات.

81 - الرشيد * الخليفة، أبو جعفر هارون، بن المهدي محمد، بن المنصور أبي جعفر عبد الله، بن محمد، بن علي، بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي.
استخلف بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي في سنة سبعين ومئة بعد الهادي.
__________
* تاريخ خليفة 437، 461، المعارف: 381، 383، المعرفة والتاريخ 1 / 161، 182، الاخبار الطوال: 386، 387، تاريخ اليعقوبي 3 / 139، الطبري 8 / 230، تاريخ بغداد 14 / 5، الكامل لابن الاثير 6 / 106، المختصر في أخبار البشر 1 / 305، العبر 1 / 312، دول الاسلام 1 / 113، 121، تاريخ الخلفاء: 283، شذرات الذهب 1 / 334.
وراجع ما جاء في أول كتاب الخراج لابي يوسف.
(*)

(9/286)


روى عن أبيه وجده، ومبارك بن فضالة.
روى عنه: ابنه المأمون وغيره.
وكان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، ذا حج وجهاد، وغزو وشجاعة، ورأي.
وأمه أم ولد، اسمها خيزران.
وكان أبيض طويلا، جميلا، وسيما، إلى السمن، ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة، وله نظر جيد في الادب والفقه، قد وخطه الشيب.
أغزاه أبوه بلاد الروم، وهو حدث في خلافته.
وكان مولده بالري في سنة ثمان وأربعين ومئة.
قيل: إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مئة ركعة إلى أن مات، ويتصدق بألف، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه، لاسيما إذا وعظ.
وكان يحب المديح، ويجيز الشعراء، ويقول الشعر (1).
وقد دخل عليه مرة ابن السماك الواعظ، فبالغ في إجلاله، فقال: تواضعك في شرفك أشرف من شرفك، ثم وعظه، فأبكاه (2).
ووعظه الفضيل مرة حتى شهق في بكائه.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 6، 7.
(2) " تاريخ الخلفاء " للسيوطي 284.
(*)

(9/287)


ولما بلغه موت ابن المبارك، حزن عليه، وجلس للعزاء، فعزاه
الاكابر.
وكان يقتفي آثار جده إلا في الحرص.
قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال: صلى الله على سيدي، ورويت له حديثه: " وددت أني أقاتل في سبيل الله، فأقتل، ثم أحيى ثم أقتل " (1) فبكى حتى انتحب.
وعن خرزاذ العابد قال: حدث أبو معاوية الرشيد بحديث: " احتج آدم وموسى " (2) فقال رجل شريف: فأين لقيه ؟ فغضب الرشيد، وقال: النطع والسيف، زنديق يطعن في الحديث، فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول: بادرة منه يا أمير المؤمنين، حتى سكن (3).
وعن أبي معاوية الضرير قال: صب على يدي بعد الاكل شخص لا أعرفه، فقال الرشيد: تدري من يصب عليك ؟ قلت: لا، قال: أنا، إجلالا للعلم (4).
وعن الاصمعي: قال لي الرشيد وأمر لي بخمسة آلاف دينار:
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 7، والحديث قطعة من حديث طويل أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري 6 / 12 في الجهاد: باب تمني الشهادة، و 13 / 187 في التمني: باب ما جاء في تمني الشهادة، ومسلم (1876) (103)، و (106) في الامارة: باب فضل الشهادة، وابن ماجة (2753) في الجهاد، وأحمد 2 / 231، 424.
(2) أخرجه أحمد 2 / 287 و 314، ورواه البخاري 11 / 441 في القدر: باب تحاج آدم وموسى، ومسلم (2652) في القدر: باب حجاج آدم وموسى، ومالك 2 / 898 في القدر: باب النهي عن القول بالقدر، وأبو داود (4701) في السنة: باب في القدر، والترمذي (2134) في القدر، وابن ماجة في المقدمة (80) كلهم من طريق أبي هريرة.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 7 - 8، و " المعرفة والتاريخ " للفسوي 2 / 181.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 8.
(*)

(9/288)


وقرنا في الملا، وعلمنا في الخلاء، سمعها أبو حاتم من الاصمعي (1): قال الثعالبي في " اللطائف ": قال الصولي: خلف الرشيد مئة ألف ألف دينار.
وقال المسعودي في " مروجه ": رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القلزم مما يلي الفرما (2) فقال له يحيى البرمكي: كان يختطف الروم الناس من الحرم، وتدخل مراكبهم إلى الحجاز.
وعن إسحاق الموصلي أن الرشيد أجازه مرة بمئتي ألف درهم.
قال عبد الرزاق: كنت مع الفضيل بمكة، فمر هارون، فقال الفضيل: الناس يكرهون هذا، وما في الارض أعز علي منه، لو مات لرأيت أمورا عظاما (3).
يحيى بن أبي طالب: حدثنا عمار بن ليث الواسطي، سمعت الفضيل بن عياض يقول: ما من نفس تموت أشد علي موتا من أمير المؤمنين هارون، ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره.
قال: فكبر ذلك علينا، فلما مات هارون، وظهرت الفتن، وكان من المأمون ما حمل الناس على خلق القرآن، قلنا: الشيخ كان أعلم بما تكلم (4).
قال الجاحظ: اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره، وزراؤه
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 9.
(2) الفرما: بليدة بنواحي مصر، وبحر القلزم هو البحر الاحمر، وبحر الروم هو البحر الابيض المتوسط، وكأنه يشير إلى مشروع يربط بين هذين البحرين، والذي نفذ بحفر قناة السويس.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 12.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 12.
(*)

(9/289)


البرامكة، وقاضيه أبو يوسف، وشاعره مروان بن أبي حفصة، ونديمه العباس بن محمد عم والده، وحاجبه الفضل بن الربيع أتيه الناس، ومغنيه إبراهيم الموصلي، وزوجته زبيدة.
قيل: إن هارون أعطى ابن عيينة مئة ألف درهم، وأعطى مرة أبا بكر بن عياش ستة آلاف دينار.
ومحاسنه كثيرة، وله أخبار شائعة في اللهو واللذات والغناء، الله يسمح له.
قال ابن حزم: أراه كان يشرب النبيذ المختلف فيه (1)، لا الخمر المتفق على حرمتها، قال: ثم جاهر جهارا قبيحا.
قلت: حج غير مرة، وله فتوحات ومواقف مشهودة، ومنها فتح مدينة هرقلة (2)، ومات غازيا بخراسان، وقبره بمدينة طوس، عاش خمسا وأربعين سنة، وصلى عليه ولده صالح، توفي في ثالث جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومئة.
وزر له يحيى بن خالد مدة، وأحسن إلى العلوية، وحج سنة (173)، وعزل عن خراسان جعفر بن أشعث بولده العباس بن جعفر، وحج أيضا في العام الآتي، وعقد بولاية العهد لولده الامين صغيرا، فكان أقبح وهن تم في الاسلام، وأرضى الامراء بأموال عظيمة، وتحرك
__________
(1) أنظر " نصب الراية " 4 / 302، 304.
(2) هي مدينة ببلاد الروم سميت بهرقلة بنت الروم، وكان الرشيد غزاها بنفسه، ثم
افتتحها عنوة بعد حصار وحرب شديد ورمى بالنار والنفط حتى غلب أهلها.
انظر " تاريخ الطبري " 8 / 320، والاخبار الطوال 391.
(*)

(9/290)


عليه بأرض الديلم يحيى بن عبد الله بن حسن الحسني (1)، وعظم أمره، وبادر إليه الرافضة، فتنكد عيش الرشيد واغتم، وجهز له الفضل بن وزيره في خمسين ألفا، فخارت قوى يحيى، وطلب الامان، فأجابه ولاطفه، ثم ظفر به، وحبسه، ثم تعلل ومات، ويقال: ناله من الرشيد أربع مئة ألف دينار.
وثار بالشام أبو الهندام المري.
واصطدمت قيس ويمن، وقتل خلق، فولى موسى بن يحيى البرمكي، فجاء، وأصلح بينهم.
وفي سنة (175) ولى خراسان الغطريف بن عطاء (2)، وولى مصر جعفرا البرمكي، واشتد الحرب بين القيسية واليمانية بالشام، ونشأ بينهم أحقاد وإحن إلى اليوم.
وافتتح العسكر مدينة دبسة (3).
وفي سنة (77) عزل جعفر عن مصر، وولي أخوه الفضل خراسان مع سجستان والري، وحج الرشيد (4).
وفي سنة ثمان هاجت الحوف بمصر، فحاربهم نائب مصر إسحاق، وأمده الرشيد بهرثمة بن أعين، ثم وليها هرثمة، ثم عزل بعبد الملك بن صالح العباسي (5).
وهاجت المغاربة فقتلوا أميرهم الفضل بن روح المهلبي، فسار
__________
(1) انظر خبر خروجه في " تاريخ الطبري " 8 / 242.
(2) انظر " الاخبار الطوال " ص 387.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 320.
(4) انظر هذا الخبر في " الطبري " 8 / 255، والبداية 10 / 171.
(5) انظر للتوسع في هذه الاخبار " تاريخ الطبري " 8 / 256، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 141، و " تاريخ خليفة " 415.
والحوف بمصر حوفان شرقي وغربي، يشتملان على بلدان وقرى كثيرة.
(*)

(9/291)


إليهم هرثمة، فهذبهم.
وثار بالجزيرة الوليد بن طريف الخارجي، وعظم، وكثرت جيوشه، وقتل إبراهيم بن خازم الامير، وأخذ إرمينية، وعدل عن الخبر (1).
وغزا الفضل بجيش عظيم ما وراء النهر، ومهد الممالك، وكان بطلا شجاعا جوادا، ربما وصل الواحد بألف ألف، وولي بعده خراسان منصور الحميري، وعظم الخطب بابن طريف، ثم سار لحربه يزيد بن مزيد الشيباني، وتحيل عليه حتى بيته، وقتله، ومزق جموعه.
وفي سنة (79) اعتمر الرشيد في رمضان، واستمر على إحرامه إلى أن حج ماشيا من بطن مكة (2).
وتفاقم الامر بين قيس ويمن بالشام، وسالت الدماء.
واستوطن الرشيد في سنة ثمانين الرقة، وعمر بها دار الخلافة.
وجاءت الزلزلة التي رمت رأس منارة الاسكندرية.
وخرجت المحمرة بجرجان (3).
وغزا الرشيد، ووغل في أرض الروم، فافتتح الصفصاف، وبلغ جيشه أنقرة (4).
واستعفى يحيى وزيره، وجاور سنة.
ووثبت الروم، فسملوا
__________
(1) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 256، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 141.
(2) " تاريخ الخلفاء ": 288.
(3) المحمرة: فرقة من الخرمية - وهم أتباع بابك المخرمي - يخالفون المبيضة.
(4) " الطبري " 8 / 268، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 158.
(*)

(9/292)


ملكهم قسطنطين، وملكوا أمه (1).
وفي (183) خرجت الخزر، وكانت بنت ملكهم قد تزوج بها الفضل البرمكي، فماتت ببرذعة، فقيل: قتلت غيلة (2)، فخرج الخاقان من باب الابواب، وأوقع بالامة، وسبوا أزيد من مئة ألف، وتم على الاسلام أمر لم يسمع بمثله، ثم سارت جيوش هارون، فدفعوا الخزر، وأغلقوا باب أرمينية الذي في الدربند.
وفي سنة (185) ظهر بعبادان أحمد بن عيسى بن زيد بن علي العلوي، وبناحية البصرة، وبويع ثم عجز وهرب، وطال اختفاؤه أزيد من ستين عاما.
وثار بخراسان أبو الخصيب، وتمكن، فسار لحربه علي بن عيسى ابن ماهان، فالتقوا بنسا، فقتل أبو الخصيب، وتمزقت عساكره (3).
وحج سنة ست وثمانين الرشيد بولديه: الامين والمأمون، وأغنى أهل الحرمين.
وفي سنة سبع قتل الرشيد جعفر بن يحيى البرمكي، وسجن أباه وأقاربه، بعد أن كانوا قد بلغوا رتبة لا مزيد عليها (4).
وفيها انتقض الصلح مع الروم، وملكوا عليهم نقفور، فيقال: إنه من ذرية جفنة
__________
(1) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 269، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 161، وسملوا
ملكهم: أي فقؤوا عينيه.
(2) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 269، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 161، والخزر: قال الخليل في كتاب " العين ": هم جيل خزر العيون من كفرة الترك، وقيل: من العجم.
(3) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 275، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 174، ونسا: مدينة بخراسان قريبة من سرخس.
(4) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 294، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 175، و " البداية " لابن كثير 10 / 189.
(*)

(9/293)


الغساني، وبعث يتهدد الرشيد، فاستشاط غضبا، وسار في جيوشه حتى نازله هرقلة، وذلت الروم، وكانت غزوة مشهودة (1).
وفي سنة ثمان كانت الملحمة العظمى، وقتل من الروم عدد كثير، وجرح النقفور ثلاث جراحات، وتم الفداء حتى لم يبق في أيدي الروم أسير (2).
وفي سنة تسعين خلع الطاعة رافع بن الليث، وغلب على سمرقند، وهزم عسكر الرشيد (3) وفيها غزا الروم في مئة ألف فارس، وافتتح هرقلة، وبعث إليه نقفور بالجزية ثلاث مئة ألف دينار.
وفي سنة (191) عزل والي خراسان ابن ماهان بهرثمة بن أعين، وصادر الرشيد ابن ماهان، فأدى ثمانين ألف ألف درهم، وكان عاتيا متمردا عسوفا (4).
وفيها أول ظهور الخرمية بأذربيجان (5).
وسار الرشيد في سنة اثنتين إلى جرجان ليهذب خراسان، فنزل به الموت في سنة ثلاث (6).
__________
(1) انظر الخبر بطوله في " تاريخ الطبري " 8 / 307، و " الكامل " لابن الاثير
6 / 184، و " البداية " لابن كثير 10 / 193.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 313، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 190، و " البداية " لابن كثير 10 / 199.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 319، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 195، و " البداية 10 / 203.
(4) انظر سبب عزله في " تاريخ الطبري " 8 / 324، و " الكامل " 6 / 203، و " البداية " 10 / 206.
(5) ذكر الطبري 8 / 339 تحرك الخرمية في سنة اثنتين وتسعين ومئة.
وكذلك ابن الاثير في " كامله " 6 / 208، وابن كثير في " البداية " 10 / 207.
(6) انظر ذكر الخبر عن موت الرشيد في " تاريخ الطبري " 8 / 342، و " الكامل " 6 / 211، و " البداية " 10 / 213.
(*)

(9/294)


وخلف عدة أولاد، فمنهم تسعة بنين اسمهم محمد، أجلهم الامين، والمعتصم، وأبو عيسى الذي كان مليح زمانه ببغداد، وله نظم حسن، مات سنة تسع ومئتين، وأبو أيوب، وله نظم رائق، وأبو أحمد كان ظريفا نديما شاعرا، طال عمره إلى أن مات في رمضان سنة أربع وخمسين ومئتين، وأبو علي توفي سنة 231، وأبو العباس، وكان بليدا مغفلا، دمنوه مدة في قول: أعظم الله أجركم، فذهب ليعزي فأرتج عليه، وقال: ما فعل فلان ؟ قالوا: مات، قال: جيد، وإيش فعلتم به ؟ قالوا: دفناه، قال: جيد.
وأبو يعقوب وتوفي سنة 223، وتاسعهم أبو سليمان.
ذكره ابن جرير الطبري (1).

82 - ورش * شيخ الاقراء بالديار المصرية، أبو سعيد، وأبو عمرو، عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو، وقيل: اسم جده عدي بن غزوان القبطي الافريقي مولى آل الزبير.
قيل: ولد سنة عشر ومئة.
جود ختمات على نافع، ولقبه نافع بورش لشدة بياضه، والورش لبن يصنع، وقيل: لقبه بطائر اسمه ورشان، ثم خفف، فكان لا يكرهه، ويقول: نافع أستاذي سماني به.
__________
(1) ذكر الطبري جميع ولده في " تاريخه " 8 / 360، وابن الاثير في " كامله " 6 / 216، وابن كثير في " البداية " 10 / 222.
* معجم الادباء 12 / 116، العبر 1 / 324، معرفة القراء 1 / 126، 128، دول الاسلام 1 / 124، طبقات القراء 1 / 502، النجوم الزاهرة 2 / 155، حسن المحاضرة 1 / 485، تاج العروس 4 / 364.
(*)

(9/295)


وكان في شبيبته رواسا (1) وكان أشقر أزرق، ربعة سمينا، قصير الثياب، ماهرا بالعربية، انتهت إليه رئاسة الاقراء.
تلا عليه: أحمد بن صالح الحافظ، وداود بن أبي طيبة، ويوسف الازرق، وعبد الصمد بن عبدالرحمن بن القاسم، ويونس بن عبدالاعلى، وعدد كثير.
وكان ثقة في الحروف حجة، وأما الحديث، فما رأينا له شيئا، وقد استوفيت ترجمته في أخبار القراء.
قال يونس: كان جيد القراءة، حسن الصوت، إذا قرأ يهمز، ويمد، ويشدد، ويبين الاعراب، لا يمله سامعه.
ويقال: إنه تلا على نافع أربع ختمات في شهر واحد.
مات بمصر في سنة سبع وتسعين ومئة.

83 - أبو زكير * (ت، س، ق، م) يحيى بن محمد بن قيس، المحدث المعمر المدني، ثم البصري، مؤدب أولاد أمير البصرة جعفر بن سليمان العباسي.
روى عن: زيد بن أسلم، وأبي حازم الاعرج، والعلاء بن عبد
__________
(1) ذكره في " غاية النهاية " 1 / 502.
وقال: وكان في أول أمره رأسا، وفي " إرشاد الاريب " 12 / 117 قال: كان في حداثة سنة رآسا، أي: رواسا، كما تقول العامة.
* التاريخ الكبير 8 / 304، الضعفاء للعقيلي لوحة 447، الجرح والتعديل 9 / 184.
الكامل لابن عدي لوحة 844، تهذيب الكمال لوحة 1516، تذهيب التهذيب 4 / 164 / 2، ميزان الاعتدال 4 / 45، الكاشف 3 / 267، تهذيب التهذيب 11 / 274، خلاصة تذهيب الكمال 427.
(*)

(9/296)


الرحمن، وهشام بن عروة، وصالح بن كيسان، وسهيل بن أبي صالح وطائفة.
حدث عنه: علي بن المديني، وأبو حفص الفلاس، وبندار، وحفص الربالي، وعبد الرحمن بن عمر رسته، وبكر بن خلف وآخرون.
خرج له مسلم متابعة فيما أظن لا في الاصول فإنه لين الحال.
قال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وقال أبو زرعة: أحاديثه مقاربة سوى حديثين.
وقال الفلاس: ليس بمتروك.
وقال الكوسج عن ابن معين: هو ضعيف.
وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه.
وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مستقيمة إلا الاحاديث التي ذكرتها.
قلت: ذكر له ما روى الفلاس والناس عنه، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا: " كلوا البلح بالتمر، فإن الشيطان يغضب ويقول: عاش ابن آدم حتى آكل الجديد بالخلق " (1).
__________
(1) رواه ابن ماجة (3330) في الاطعمة: باب أكل البلح بالتمر.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 205 / 2: هذا إسناد فيه أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس المدني، وهو ضعيف، ورواه النسائي في الوليمة عن محمد بن علي بن مقدم، عن يحيى بن محمد بن قيس به، وقال: هذا حديث منكر، ورواه الحاكم في " المستدرك " من طريق أبي عبد الله محمد التيمي، وسليمان بن داود العتكي، ونصر بن علي الجهضمي، كلهم عن أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس به، وأورده المؤلف في " ميزانه " 4 / 405، وقال: هذا حديث منكر.
(*)

(9/297)


بكير بن خلف: حدثنا أبو زكير، عن عمرو بن أبي عمرو: سمعت أنسا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لست من دد ولا الدد مني " (1).
محمد بن موسى الحرشي: حدثنا يحيى بن محمد، سمعت سهيلا، عن ابن المسيب: قال سعد: شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عقربا لدغته..الحديث (2).
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف أبي زكير، وأخرجه البخاري في الادب المفرد " (785) من طريق محمد بن سلام، عن يحيى بن محمد، وكناه " أبا عمرو " عن عمرو مولى المطلب، عن أنس، والدد: اللهو واللعب.
(2) وتمامه: فقال: " أنا إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من
شر ما خلق، لم تضرك "، قال، فقلت هذه الكلمة ليلة من ليالي، فلدغتني، فلم تضرني.
وقد قال المؤلف في " الميزان " بعد أن أورده: رواه الناس عن سهيل، فقالوا عن أبي هريرة.
قلت: أخرجه ابن ماجة (3518) في الطب، وأحمد 2 / 290 و 375 من طرق، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 219 / 2: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ونسبه للنسائي في " عمل اليوم والليلة " عن إبراهيم بن يوسف الكوفي، عن عبيد الله الاشجعي، عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (2709) في الذكر والدعاء من طريق يعقوب بن عبد الله الاشج، عن القعقاع بن حكيم، عن ذكوان أبي صالح، عن أبي هريرة، وأخرجه أبو داود (3898) من طريق أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: سمعت رجلا من أسلم قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من أصحابه، فقال: يارسول الله، لدغت الليلة، فلم أنم حتى أصبحت.
قال: ماذا ؟ قال: عقرب، قال: " أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك إن شاء الله ".
وأخرج أحمد 6 / 377، والدارمي 2 / 289، ومسلم (2708)، وابن السني ص 198، عن سعد بن أبي وقاص، سمعت خولة بنت حكيم السلمية تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك " فحديث خولة مقيد بنزول المنزل، وحديث أبي هريرة مطلق.
وأخرجه النسائي في الكبرى من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال إذا أمسى ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق، لم تضره حمة تلك الليلة " وصححه ابن حبان (2360)، والحاكم 4 / 416، وأقره الذهبي.
والحمة: السم، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة، وفي ابن حبان والمستدرك: حية.
(*)

(9/298)


أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح، أخبرنا الارموي والطرائفي وابن الداية قالوا: أخبرنا محمد بن المسلمة، أخبرنا أبو الفضل الزهري، حدثنا جعفر الفريابي، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن محمد بن قيس، حدثنا العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان ".
غريب فرد، لم يروه عن العلاء سوى أبي زكير، مع أن مسلما أخرجه (1) من حديثه، فوقع لي بدلا عاليا، وذلك من قبيل ما أخرجه مسلم في التوابع لا في الاصول.
وموت أبي زكير قبل المئتين، أو في حدودها.
قال أبو يعلى الخليلي في حديث: " كلوا البلح بالتمر..": هذا فرد شاذ، وأبو زكير شيخ صالح لا نحكم بصحته ولا نضعفه.
قلت: بل نحكم بضعفه، ونكارة مثل هذا، والله أعلم.
__________
(1) رقم (59) (109) في الايمان: باب بيان خصال المنافق من طريق عقبة بن مكرم العمي، عن يحيى بن محمد بن قيس أبي زكير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (2631) في الايمان من طريق عمرو بن علي، عن يحيى بن محمد بن قيس بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 1 / 83 في الايمان: باب علامات المنافق من طريق سليمان أبو الربيع، و 5 / 213 في الشهادات: باب من أمر بإنجاز الوعد من طريق قتيبة بن سعيد، و 10 / 423 في الادب من طريق ابن سلام، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (59) من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر بهذا الاسناد، وأخرجه النسائي 8 / 117 من طريق علي بن حجر، عن إسماعيل، وأخرجه مسلم (59) (108) من
طريق أبي بكر بن إسحاق، عن ابن أبي مريم، عن محمد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا (110) من طريقين: عن حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
(*)

(9/299)


84 - الخليل بن موسى * الباهلي، شيخ بصري من العلماء.
حدث عن: سليمان التيمي، وحميد، ويونس، والجريري، وهشام ابن عروة، وابن عون.
روى عنه: هشام بن عمار، وسليمان بن بنت شرحبيل، ومحمد بن أبي السري، وسويد بن سعيد.
قال أبو حاتم: محله الصدق، يكتب حديثه، ولا يحتج به (1) قلت: سكن دمشق وأخذ عنه أهلها.

85 - ابن مغراء * * (4) المحدث الامام، أبو زهير عبدالرحمن بن مغراء، بن عياض، بن الحارث، الدوسي، الرازي.
ولي قضاء الاردن، قاله الحافظ ابن عساكر.
حدث بدمشق، وبالعراق، عن يحيى بن سعيد الانصاري، والاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومحمد بن سوقة، وأجلح الكندي، وفضيل بن غزوان، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن إسحاق.
__________
* الجرح والتعديل 3 / 380، ميزان الاعتدال 1 / 668، لسان الميزان 2 / 410، تهذيب ابن عساكر 5 / 178.
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 381.
* * التاريخ الكبير 5 / 355، الجرح والتعديل 5 / 290، الكامل لابن عدي لوحة 460، تهذيب الكمال لوحة 819، تذهيب التهذيب 2 / 228 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 592، الكاشف 2 / 186، تهذيب التهذيب 6 / 274، خلاصة تذهيب الكمال: 235.
(*)

(9/300)


روى عنه: محمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن عائذ، وسليمان ابن عبدالرحمن، وإبراهيم الفراء، ومحمد بن عمرو زنيج، ويوسف بن موسى القطان، وعدة.
قال أبو زرعة: صدوق.
وقال أبو حاتم الرازي: حدثنا محمد بن أسلم الطوسي قال: سألت وكيعا عن أبي زهير، فقال: طلب الحديث قبلنا وبعدنا (1).
وقال عيسى بن يونس: كان ابن مغراء طلابة - يعني للعلم.
وقال ابن عدي: هو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم.
له عن الاعمش ما لا يتابع عليه.

86 - مبشر * (م، 4، خ مقرونا) ابن إسماعيل، أبو إسماعيل الحلبي، مولى بني كلب.
حدث عن: جعفر بن برقان، وتمام بن نجيح، وحسان بن نوح، وحريز بن عثمان، والاوزاعي، وجماعة.
وعنه: أحمد بن حنبل، ودحيم، والحسن بن الصباح البزار، وعبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي وآخرون.
قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا، ثم قال: مات سنة مئتين (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 290.
* طبقات ابن سعد 7 / 471، طبقات خليفة ت 3049، التاريخ الكبير 8 / 11،
الجرح والتعديل 8 / 343، تهذيب الكمال لوحة 1301، تذهيب التهذيب 4 / 21 / 1، العبر 1 / 334، ميزان الاعتدال 3 / 433، الكاشف 3 / 118، تهذيب التهذيب 10 / 31، خلاصة تذهيب الكمال: 368، شذرات الذهب 1 / 359.
(2) طبقات ابن سعد 7 / 471.
(*)

(9/301)


قلت: تكلم فيه بعضهم بلا حجة.
87 - محمد بن ثور * (د، س) الامام القانت الرباني أبو عبد الله الصنعاني.
حدث عن: عوف الاعرابي، وابن جريج، ومعمر بن راشد.
وعنه: نعيم بن حماد، ومحمد بن عبيد بن حساب، ومحمد بن عبد الاعلى الصنعاني، ومحمد بن عبيد المحاربي، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين وغيره.
وكان صواما قواما قانتا لله.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: الفضل والعبادة والصدق، رحمه الله (1).

88 - محمد بن يزيد * * (د، ت، س) الامام الزاهد الحافظ المجود، أبو سعيد، وقيل: أبو إسحاق الواسطي الخولاني مولاهم.
__________
* طبقات خليفة: ت 2671، الجرح والتعديل 7 / 217، تهذيب الكمال: لوحة 1180، تذهيب التهذيب 3 / 193 / 2، الكاشف 3 / 27، تهذيب التهذيب 9 / 87، خلاصة تذهيب الكمال: 330.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 290.
* * العلل لاحمد: 221، تاريخ ابن معين: 542، طبقات ابن سعد 7 / 314، طبقات خليفة: ت 3192، التاريخ الكبير 1 / 260، التاريخ الصغير 2 / 251، الجرح والتعديل 8 / 126، تهذيب الكمال: لوحة 1290، تذهيب التهذيب 4 / 12 / 2، العبر 1 / 300، الكاشف 3 / 109، تهذيب التهذيب 9 / 527، خلاصة تذهيب الكمال: 365، شذرات الذهب 1 / 320.
(*)

(9/302)


حدث عن: أيوب أبي العلاء القصاب، وإسماعيل بن أبي خالد، والعوام بن حوشب، ومجالد بن سعيد، وعاصم بن رجاء بن حيوة، وطبقتهم.
وعنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى، وسريج بن يونس، ومحمد بن وزير، وأبو عمار الحسين بن حريث، وبشر بن مطر وآخرون.
قال وكيع: إن كان أحد من الابدال، فهو محمد بن يزيد.
وقال أحمد بن حنبل: كان ثبتا في الحديث.
وقال يحيى بن معين، وأبو داود، والنسائي: ثقة.
قلت: اختلفوا في تاريخ موته، فقال محمد بن وزير: توفي سنة تسعين ومئة.
وقال مطين: مات سنة إحدى وتسعين.
وقيل - ولم يصح -: مات في سنة ثمان وثمانين ومئة.

89 - محمد بن الحسن * (خ، ت، ق) ابن عمران المزني الواسطي الفقيه، قاضي واسط.
حدث عن: إسماعيل بن أبي خالد، والعوام بن حوشب، وعوف الاعرابي، وفضيل بن غزوان وعدة.
وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سلام البيكندي، وزيد بن
الحريش، ومحمد بن إسماعيل الحساني، ومحمد بن إسماعيل الاحمسي، وآخرون.
__________
(1) طبقات ابن سعد 7 / 315، الجرح والتعديل 7 / 226، تهذيب الكمال: لوحة 1187، تذهيب التهذيب 3 / 197 / 2، الكاشف 3 / 33، تهذيب التهذيب 9 / 118، خلاصة تذهيب الكمال: 332.
(*)

(9/303)


وثقه يحيى بن معين.
توفي سنة بضع وتسعين ومئة.

أما:
90 - محمد بن الحسن الهمداني * الكوفي الذي سكن واسط.
وحدث عن الاعمش، وجماعة.
وعنه: أحمد بن منيع، وسريج بن يونس وطائفة.
فهو واه جدا.

91 - معن بن عيسى * * (ع) ابن يحيى بن دينار، الامام الحافظ الثبت، أبويحيى المدني القزاز، مولى أشجع.
ولد بعد الثلاثين ومئة.
__________
* تاريخ ابن معين: 510، التاريخ الكبير 1 / 66، الضعفاء للعقيلي: لوحة 375، الجرح والتعديل 7 / 225، تهذيب الكمال: لوحة 1187، تذهيب التهذيب 3 / 198 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 514، الكاشف 3 / 33، تهذيب التهذيب 9 / 120، خلاصة تذهيب الكمال: 333.
* * تاريخ ابن معين: 578، طبقات ابن سعد 5 / 437، تاريخ خليفة: 468، طبقات خليفة: ت 2498، التاريخ الكبير 7 / 390، التاريخ الصغير 2 / 284، 285، الجرح والتعديل 8 / 277، تهذيب الكمال: لوحة 1357، تذهيب التهذيب 4 / 59 / 1، العبر 1 / 327، تذكرة الحفاظ 1 / 332، الكاشف 3 / 166، الديباج المذهب: 347، تهذيب التهذيب 10 / 252، طبقات الحفاظ: 139، خلاصة تذهيب الكمال: 384، شذرات الذهب 1 / 355.
(*)

(9/304)


وحدث عن: ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وأبي الغصن ثابت بن قيس، وأبي بن عباس بن سهل الساعدي، وموسى بن علي بن رباح، وإسحاق بن يحيى بن طلحة، وخالد بن أبي بكر العمري، وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله، وهشام بن سعد، وموسى بن يعقوب الزمعي، وعبد الله بن المؤمل، وسعيد بن السائب الطائفي، وإبراهيم بن طهمان، وعبد الرحمن ابن أبي الموال، وقيس بن الربيع، ومحمد بن مسلم الطائفي، وخلق سواهم.
حدث عنه: أحمد - فيما قيل - وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وقتيبة، وهارون الحمال، ومحمد بن يحيى العدني، وعلي بن شعيب السمسار، والحسين بن عيسى البسطامي، وإسحاق بن بهلول، ونصر بن علي، ويونس بن عبدالاعلى، وأبو بكر محمد بن خلاد، وعلي بن ميمون العطار، وخلق كثير.
روى الميموني، عن أحمد قال: ما كتبت عن معن شيئا.
وقال إسحاق بن موسى الانصاري: سمعت معنا يقول: كان مالك لا يجيب العراقيين في شئ من الحديث، حيث أكون أنا أسأله عنه، وكل شئ
من الحديث في " الموطأ " سمعته من مالك إلا ما استثنيت أني عرضته عليه، وكل شئ من غير الحديث عرضته على مالك إلا ما استثنيت أني سألته عنه (1).
قال أبو حاتم: أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن بن عيسى، وهو
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 278.
(*)

(9/305)


أحب إلي من عبد الله بن نافع الصائغ، ومن ابن وهب (1).
وقال محمد بن سعد: كان معن يعالج القز بالمدينة، ويشتريه، وكان له غلمان حاكة، وكان يشتري، ويلقي إليهم، ثم قال: مات بالمدينة في شوال سنة ثمان وتسعين ومئة، وكان ثقة كثير الحديث ثبتا مأمونا (2).
وكذلك قال محمد بن فضيل البزار في تاريخ وفاته، وزاد: يوم الثلاثاء.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن أبي الفتح بن صرما، والفتح بن عبد الله قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي، أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين، حدثنا معن، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصافح امرأة قط.
أخرجه النسائي في جمعه حديث مالك، عن معاوية بن صالح، عن ابن معين (3).
قال أبو إسحاق في " الطبقات ": كان معن يتوسد عتبة مالك، فلا يلفظ مالك بشئ إلا كتبه، وكان ربيبه، وهو الذي قرأ " الموطأ " للرشيد
وبنيه على مالك، قال: وقال علي بن المديني: أخرج إلينا معن بن عيسى أربعين ألفا مسألة، سمعها من مالك رحمه الله (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 278.
(2) " طبقات ابن سعد " 5 / 437.
(3) إسناده صحيح.
(4) طبقات الفقهاء للشيرازي.
(*)

(9/306)


92 - الطائفي * (ع) الامام أبو زكريا يحيى بن سليم القرشي الطائفي الادمي الحذاء الخزاز، نزيل مكة، شيخ مسن محدث.
حدث عن: عبد الله بن عثمان بن خثيم، وإسماعيل بن أمية، وعبيد الله بن عمر، وابن جريج، وموسى بن عقبة، وجماعة.
وعنه: الشافعي: وأحمد، وإسحاق، ومحمد بن يحيى، وكثير ابن عبيد، والحسن بن معرفة، والحسن بن محمد الزعفراني وآخرون.
وما عند أحمد بن حنبل عنه سوى حديث واحد.
قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث (1).
وعن الشافعي قال: كان رجلا فاضلا كنا نعده من الابدال، وكان إذا ركب حمارا أو دابة، لا يقول له: اغد، إنما يقول: لا إله إلا الله.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أحمد: رأيته يخلط في الاحاديث، فتركته.
وقال يحيى بن معين: ثقة (2).
__________
* تاريخ ابن معين: 648، طبقات ابن سعد 5 / 500، طبقات خليفة: ت 2599،
التاريخ الكبير 8 / 279، التاريخ الصغير 2 / 278، المعرفة والتاريخ 3 / 51، الضعفاء والمتروكين: 109، الضعفاء للعقيلي: لوحة 442، الجرح والتعديل 9 / 156، تهذيب الكمال: لوحة 1501، تذهيب التهذيب 4 / 157 / 1، العبر 1 / 320، ميزان الاعتدال 4 / 383، تذكرة الحفاظ 1 / 326، الكاشف 3 / 257، تهذيب التهذيب 11 / 426، طبقات الحفاظ: 137، خلاصة تذهيب الكمال: 424، شذارت الذهب 1 / 344.
(1) " طبقات ابن سعد " 5 / 500.
(2) ونقل الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 451 عن النسائي قوله: ليس به بأس، وهو = (*)

(9/307)


قال أحمد البزي: مات يحيى بن سليم في سنة خمس وتسعين ومئة، رحمه الله.

93 - سلم بن قتيبة * (خ، 4) الامام المحدث الثبت أبو قتيبة الخراساني، الفريابي، الشعيري (1)، نزيل البصرة.
حدث عن: عيسى بن طهمان، ويونس بن أبي إسحاق، وعكرمة ابن عمار، وشعبة وطبقتهم.
حدث عنه: زيد بن أخزم، وعمرو بن علي الفلاس، وبندار، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهارون بن سليمان الاصبهاني، وآخرون.
وثقه أبو داود، واحتج به البخاري.
__________
= منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر.
وقال الساجي: أخطأ في أحاديث رواها عن عبيد الله ابن عمر.
وقال يعقوب بن سفيان: كان رجلا صالحا، وكتابه لا بأس به، فإذا حدث من كتابه، فحديثه حسن، وإذا حدث حفظا، فتعرف وتنكر.
قلت (القائل ابن حجر): لم يخرج له الشيخان من روايته عن عبيد الله بن عمر شيئا، بل ليس له في البخاري سوى
حديث واحد عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، " يقول الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم.
" الحديث، وله أصل عنده من غير هذا الوجه، واحتج به الباقون.
* تاريخ ابن معين: 233، تاريخ خليفة: 407، 423، 432، طبقات خليفة: ت 1940، التاريخ الكبير 4 / 158، التاريخ الصغير 2 / 298، المعارف: 407، الضعفاء للعقيلي: لوحة 173، الجرح والتعديل 4 / 266، تهذيب الكمال: لوحة 532، تذهيب التهذيب 2 / 38 / 2، العبر 1 / 332، ميزان الاعتدال 2 / 186، الكاشف 1 / 381، تهذيب التهذيب 4 / 133، خلاصة تذهيب الكمال: 146، شذرات الذهب 1 / 358، تهذيب ابن عساكر 6 / 329.
(1) في الاصل: الشعري، والتصحيح من " التهذيب " والانساب 7 / 352، وهي نسبة إلى بيع الشعير، وإلى باب الشعير، وهو محلة معروفة بالكرخ، وإلى الاول ينسب صاحب الترجمة.
(*)

(9/308)


توفي سنة مئتين.

94 - صفوان بن عيسى * (م، 4) الامام المحدث، أبو محمد الزهري البصري القسام.
حدث عن: يزيد بن أبي عبيد، وابن عجلان، وثور بن يزيد، ومعمر بن راشد، جماعة.
وعنه: أحمد بن حنبل، وابن راهويه، وأبو حفص الفلاس، وأبو قدامة السرخسي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وآخرون.
قال محمد بن سعد: كان ثقة صالحا (1).
وقال البخاري: مات سنة ثمان وتسعين ومئة.
وقيل: توفي سنة
مئتين (2).

95 - مورج بن عمرو * * العلامة شيخ العربية، أبو فيد السدوسي.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 294، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة: ت 1931، التاريخ الكبير 4 / 309، التاريخ الصغير 2 / 284، الجرح والتعديل 4 / 425، تهذيب الكمال: لوحة 611، تذهيب التهذيب 2 / 95 / 1، العبر 1 / 333، الكاشف 2 / 30، تهذيب التهذيب 4 / 429، خلاصة تذهيب الكمال: 174، شذرات الذهب 1 / 359.
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 294.
(2) " التاريخ الكبير " 4 / 309.
* * التاريخ الكبير 8 / 71، المعارف: 543، مراتب النحويين: 67، المؤتلف والمختلف: 54، جمهرة أنساب العرب: 299، تاريخ بغداد 13 / 258، نزهة الالباء 179، معجم الادباء 7 / 193، إنباه الرواة 3 / 327، وفيات الاعيان 5 / 304، بغية الوعاة: 400، المزهر 2 / 232.
(*)

(9/309)


روى عن: أبي عمرو [ بن ] العلاء، وشعبة، وطائفة.
أخذ عن الاعراب.
وكان يعد مع سيبويه، والنضر بن شميل.
وله عدة تصانيف، منها: " غريب القرآن " وكتاب " جماهير القبائل " وكتاب " المعاني " وأشياء سوى ذلك، وكان من أصحاب الخليل بن أحمد (1).
توفي سنة خمس وتسعين ومئة يوم موت أبي نواس الشاعر.
ويقال: مات بعد المئتين بالبصرة، وكان ذهب إلى خراسان.

96 - حفص بن عبدالرحمن * (س) الامام الفقيه مفتي خراسان، أبو عمر البلخي، ثم النيسابوري، الحنفي.
حدث عن: عاصم الاحول، وداود بن أبي هند، وابن عون، وأبي حنيفة، وعيسى بن طهمان، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان الثوري، وإسرائيل وطائفة سواهم.
حدث عنه: الحسين بن منصور، ومحمد بن رافع، وسلمة بن
__________
(1) الفراهيدي، اللغوي الاديب، واضع علم العروض وصاحب كتاب " العين " في اللغة المتوفى سنة 170 ه، وقد تقدمت ترجمته.
* التاريخ الكبير 2 / 367، التاريخ الصغير 2 / 283، الجرح والتعديل 3 / 176، تهذيب الكمال: لوحة 307، تذهيب التهذيب 1 / 163 / 2، العبر 1 / 329، ميزان الاعتدال 1 / 560، الكاشف 1 / 241، تهذيب التهذيب 2 / 404، خلاصة تذهيب الكمال: 87، شذرات الذهب 1 / 356.
(*)

(9/310)


شبيب، ومحمد بن عقيل الخزاعي، ومحمد بن محمش، وإسحاق بن عبد الله بن رزين، وعلي بن حسن الذهلي، وإبراهيم بن عبد الله السعدي وآخرون.
قال الحاكم: كان أبوه عبدالرحمن بن عمر بن فروخ بن فضالة البلخي قد ولي قضاء نيسابور في أيام قتيبة بن مسلم الامير، وهو من الكوفة، ثم قال: وحفص هو أفقه أصحاب أبي حنيفة الخراسانية، وقد ولي القضاء، ثم ندم، وأقبل على العبادة، وكان ابن المبارك يزوره، وقال فيه ابن المبارك: اجتمع فيه الفقه والوقار والورع.
ثم قال
الحاكم: سكة حفص بالبلد منسوبة إليه، وكان أبو عبد الله البخاري إذا قدم نيسابور يحدث في مسجده، ثم ساق له الحاكم عدة أحاديث غرائب وأفراد.
وقد احتج به النسائي في " سننه ".
وأما أبو حاتم الرازي، فقال: مضطرب الحديث (1).
قال إبراهيم بن حفص: مات أبي في ذي القعدة سنة تسع وتسعين ومئة.
قلت: كان من أبناء الثمانين.

97 - شبطون * الفقيه الامام مفتي الاندلس، أبو عبد الله زياد بن عبدالرحمن،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 176، ووصفه الحافظ في " التقريب " بقوله: صدوق عابد.
* تاريخ علماء الاندلس: 154، جذوة المقتبس: 218، ترتيب المدارك 2 / 349، بغية الملتمس: 280، العبر 1 / 313، الديباج المذهب 1 / 370، نفح الطيب 2 / 45، شذرات الذهب 1 / 329، شجرة النور الزكية 1 / 63.
(*)

(9/311)


ابن زياد، بن عبدالرحمن، بن زهير، بن ناشرة، اللخمي الاندلسي.
صاحب مالك.
سمع من: معاوية بن صالح القاضي، وتزوج بابنته، ومن موسى بن علي بن رباح، ويحيى بن أيوب، والليث، ومالك، وسليمان بن بلال، وأبي معشر السندي وعدة.
وبه تفقه يحيى بن يحيى الليثي أولا.
وكان إماما، عالما، ورعا، ناسكا، مهيبا، كبير الشأن، أراده هشام صاحب الاندلس على القضاء، فأبى، وتعنت، وكان هشام يكرمه، ويخلو به، ويسأله.
قال عبدالملك بن حبيب: كنا عند زياد إذ جاءه كتاب من بعض الملوك، فكتب فيه، وختمه، ثم قال لنا زياد: إنه سأل عن كفتي الميزان، أمن ذهب أم من فضة ؟ فكتبت إليه: " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه " (1).
مات سنة ثلاث وتسعين ومئة، وقيل: مات سنة تسع وتسعين.
__________
(1) اقتباس من حديث حسن رواه الترمذي (2318) في الزهد من حديث أبي هريرة، ورواه مالك في الموطأ 2 / 903 في حسن الخلق: باب ما جاء في حسن الخلق، والترمذي (2319) في الزهد عن علي بن الحسين مرسلا، ورواه الطبراني في " الاوسط " عن زيد بن ثابت، وابن عساكر عن الحارث بن هشام، والحاكم في " تاريخه " عن علي بن أبي طالب، وأبو أحمد الحاكم في " الكنى " عن أبي ذر، وهو الحديث الثاني عشر من الاربعين النووية.
وقد شرحه الحافظ ابن رجب شرحا نفيسا في " جامع العلوم والحكم " ص 105، 111 فراجعه.
(*)

(9/312)


98 - شقيق * الامام الزاهد شيخ خراسان، أبو علي شقيق بن إبراهيم الازدي البلخي.
صحب إبراهيم بن أدهم.
وروى عن: كثير بن عبد الله الابلي، وإسرائيل بن يونس، وعباد ابن كثير.
حدث عنه: عبد الصمد بن يزيد مردويه، ومحمد بن أبان المستملي، وحاتم الاصم، والحسين بن داود البلخي وغيرهم.
وهو نزر الرواية.
روي عن علي بن محمد بن شقيق قال: كانت لجدي ثلاث مئة قرية، ثم مات بلا كفن، قال: وسيفه إلى اليوم يتباركون به، وقد خرج إلى بلاد الترك تاجرا، فدخل على عبدة الاصنام، فرأى شيخهم قد حلق لحيته، فقال: هذا باطل، ولكم خالق وصانع قادر على كل شئ.
فقال له: ليس يوافق قولك فعلك.
قال: وكيف ؟ قال: زعمت أنه قادر على كل شئ، وقد تعنيت إلى ها هنا تطلب الرزق، ورازقك ثم.
فكان هذا سبب زهدي (1).
__________
* تاريخ ابن معين: 259، الجرح والتعديل 4 / 373، طبقات الصوفية: 61 - 66، حلية الاولياء 8 / 58، صفة الصفوة 4 / 159، وفيات الاعيان 2 / 275، العبر 1 / 315، ميزان الاعتدال 2 / 279، دول الاسلام 1 / 123، فوات الوفيات 2 / 105، مرآة الجنان 1 / 445، الجواهر المضية 1 / 258، شذرات الذهب 1 / 341، تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 / 329 - 335.
(1) حلية الاولياء 8 / 59.
(*)

(9/313)


وعن شقيق قال: كنت شاعرا، فرزقني الله التوبة، وخرجت من ثلاث مئة ألف درهم، ولبست الصوف عشرين سنة، ولا أدري أني مراء حتى لقيت عبد العزيز بن أبي رواد، فقال: ليس الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف، الشأن أن تعرف الله بقلبك، ولا تشرك به شيئا، وأن ترضى عن الله، وأن تكون بما في يد الله اوثق منك بما في
أيدي الناس (1).
وعنه: لو أن رجلا عاش مئتي سنة لا يعرف هذه الاربعة، لم ينج: معرفة الله، ومعرفة النفس، ومعرفة (2) أمر الله ونهيه، ومعرفة عدو الله وعدو النفس (3).
وقد جاء عن شقيق مع تألهه وزهده أنه كان من رؤوس الغزاة.
وروى محمد بن عمران، عن حاتم الاصم قال: كنا مع شقيق ونحن مصافو العدو الترك، في يوم لا أرى إلا رؤوسا تندر (4) وسيوفا تقطع، ورماحا تقصف، فقال لي: كيف ترى نفسك، هي مثل ليلة عرسك ؟ قلت: لا والله، قال: لكني أرى نفسي كذلك، ثم نام بين الصفين على درقته (5) حتى غط، فأخذني تركي، فأضجعني للذبح، فبينا هو يطلب السكين من خفه، إذ جاءه سهم عائر ذبحه (6).
__________
(1) " حلية الاولياء " 8 / 59.
(2) في الاصل: بمعرفة.
(3) " حلية الاولياء " 8 / 60.
(4) أي: تسقط.
(5) الدرقة: هي الترس المصنوع من الجلد بلا خشب.
(6) الخبر في " حلية الاولياء " 8 / 64، وسهم عائر: أي لا يدري راميه، وينشد: إذا انتسؤوا فوت الرماح أتتهم * عوائر نبل كالجراد نظيرها قال ابن بري: عوائر نبل، أي: جماعة سهام متفرقة لا يدرى من أين أتت.
(*)

(9/314)


عن شقيق قال: مثل المؤمن مثل من غرس نخلة يخاف أن تحمل شوكا، ومثل المنافق مثل من زرع شوكا يطمع أن يحمل تمرا،
هيهات (1).
وعنه: ليس شئ أحب إلي من الضيف لان رزقه على الله، وأجره لي.
قال الحسين بن داود: حدثنا شقيق بن إبراهيم، الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، المداوم على العبادة، فذكر حديثا.
وعن شقيق قال: أخذت لباس الدون عن سفيان، وأخذت الخشوع من إسرائيل، وأخذت العبادة من عباد بن كثير، والفقه من زفر.
وعنه: علامة التوبة البكاء على ما سلف، والخوف من الوقوع في الذنب، وهجران إخوان السوء، وملازمة الاخيار (2).
وعنه: من شكى مصيبة إلى غير الله، لم يجد حلاوة الطاعة (3).
وقال الحاكم: قدم شقيق نيسابور في ثلاث مئة من الزهاد، فطلب المأمون أن يجتمع به، فامتنع.
أخبرنا أحمد بن محمد بن سعد، أخبرنا الاربلي، أخبرنا يحيى ابن ثابت، أخبرنا علي بن الخل، أخبرنا أحمد بن المحاملي، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا الحسين بن داود، حدثنا شقيق البلخي، حدثنا أبو
__________
(1) " حلية الاولياء " 8 / 71.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 334.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 334.
(*)

(9/315)


هاشم الابلي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا ابن آدم ! لا تزول قدماك يوم القيامة حتى تسأل عن أربع، عمرك فيما أفنيته،
وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين أكتسبته وأين أنفقته " (1).
أبو هاشم هو كثير: واه.
وقتل شقيق في غزاة كولان سنة أربع وتسعين ومئة (2).

99 - زيد بن أبي الزرقاء * (د، س) الامام القدوة أبو محمد الموصلي.
حدث عن: جعفر بن برقان، وعيسى بن طهمان، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري وأمثالهم.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف أبي هاشم، واسمه كثير بن عبد الله السامي الناجي، مترجم في " التهذيب " و " الميزان ".
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 8 / 73 من طريق الحسين بن داود بهذا الاسناد.
ومتن الحديث صحيح، فقد أخرجه الترمذي (2417) في صفة القيامة من طريق عبد الله بن عبدالرحمن، عن الاسود بن عامر، عن أبي بكر بن عياش، عن الاعمش، عن سعيد بن عبد الله بن جريج، عن أبي برزة الاسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه " وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال، وأخرجه الخطيب البغدادي في " اقتضاء العلم العمل " رقم (1)، والدارمي 1 / 135، وأبو نعيم في " الحلية " 10 / 232 وفي الباب عن ابن مسعود عند الترمذي (2416)، والطبراني في " الصغير " (745) والخطيب في " تاريخه " 12 / 440، وعن معاذ بن جبل عند الخطيب في " الاقتضاء " رقم (2)، وتاريخ بغداد 11 / 441.
(2) " تهذيب ابن عساكر " 6 / 335.
وكولان ضبطه ياقوت بضم الكاف، وقال: بليدة طيبة في حدود بلاد الترك من ناحية بما وراء النهر.
* تاريخ ابن معين: 183، التاريخ الكبير 3 / 395، الجرح والتعديل 3 / 575،
تهذيب الكمال: لوحة 456، تذهيب التهذيب 1 / 252 / 1، الكاشف 1 / 339، تهذيب التهذيب 3 / 413، خلاصة تذهيب الكمال: 128.
(*)

(9/316)


روى عنه: علي بن سهل، وأبو عمير عيسى بن محمد الرمليان، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعلي بن حرب، وسعيد بن أسد بن موسى، وابنه هارون بن زيد.
قال يحيى بن معين: ليس به بأس، كان عنده جامع سفيان.
وقال ابن حبان في " الثقات ": يغرب.
وقال ابن عمار: لم أر في الفضل مثل زيد والمعافي وقاسم الجرمي.
وروى بشر الحافي، عن زيد، قال: ما سألت أحدا شيئا منذ خمسين سنة، وسمعته يقول: إذا كان للرجل عيال، وخاف على دينه، فليهرب.
قلت: يهرب لكن بشرط أن لا يضيع من يعول، وقد هرب زيد بن أبي الزرقاء، ونزل الرملة أشهرا، وكان من العابدين من أصدقاء المعافى ابن عمران.
يقال: إنه غزا، فأسره العدو، ومات في الاسر سنة سبع وتسعين ومئة.
وقيل: مات سنة أربع وتسعين، والاول أصح.

100 - سعد بن الصلت * ابن برد، بن أسلم، القاضي الامام المحدث، أبو الصلت البجلي الكوفي، الفقيه، قاضي شيراز، من موالي جرير بن عبد الله البجلي.
أقام بشيراز، ونشر بها حديثه.
__________
* التاريخ الكبير 3 / 483، التاريخ الصغير 1 / 25، وفيهما " سعيد " بدل
" سعد "، الجرح والتعديل 4 / 86، العبر 1 / 320، شذرات الذهب 1 / 345.
(*)

(9/317)


حدث عن: هشام بن عروة، والاعمش، ومطرف بن طريف، وعيسى بن عمر، وأبان بن تغلب وطبقتهم.
روى عنه: محمد بن عبد الله الانصاري، ويحيى بن عبدالحميد الحماني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وسبطه: إسحاق بن إبراهيم شاذان (1).
سأل عنه سفيان الثوري، فقال: ما فعل سعد ؟ قالوا: ولي قضاء شيراز، قال: درة وقع في الحش (2).
قلت: هو صالح الحديث، وما علمت لاحد فيه جرحا.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد المحمودي، وجعفر الهمداني، قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا عثمان بن أحمد البرجي، حدثنا محمد بن عمر بن حفص، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا سعد بن الصلت، حدثنا عيسى بن عمر، حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حج عن أبويه، ولم يحجا، جزى عنهما وعنه، ونشرت أرواحهما في السماء وكتب عند الله برا " (3).
__________
(1) هو كما في " الجرح والتعديل " 2 / 211: إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عمر بن زيد النهشلي المعروف بشاذان الفارسي ابن ابنة سعد بن الصلت قاضي فارس، روى عن جده أبي أمه سعد بن الصلت، وأبي داود الطيالسي، والاسود بن عامر، كتب إلى أبي وإلي وهو صدوق.
(2) هو المخرج والمتوضأ، سمي به، لانهم كانوا يذهبون في البساتين لقضاء الحاجة
فيها.
(3) في معجم " الطبراني الكبير " برقم (5083) من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، حدثنا المحاربي عن سلام بن مسكين، = (*)

(9/318)


غريب جدا، وعيسى هذا هو الكوفي المقرئ صدوق.
توفي سعد بن الصلت سنة ست وتسعين ومئة.

101 - القداح * (د، س) الامام المحدث، أبو عثمان سعيد بن سالم، المكي القداح.
حدث عن: ابن جريج، وعبيد الله بن عمر، ويونس بن أبي إسحاق، وسفيان الثوري، وطائفة.
روى عنه: سفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، وهما أكبر منه، والامام الشافعي، وأسد بن موسى، وأبو عمار الحسين بن حريث، وعلي بن حرب، وآخرون.
قال بحيى بن معين: ليس به بأس (1).
وقال عثمان بن سعيد الدارمي: ليس بذاك.
وقال محمد بن أبي عبدالرحمن المقرئ: قد كتبت عنه، وكان مرجئا.
__________
= عمن حدثه، عن عطاء بن أبي رباح، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حج عن أبيه أو عن أمه أجزأ ذلك عنه وعنهما " قال الهيثمي في " المجمع " 2 / 283،: وفيه راو لم يسم.
* تاريخ ابن معين: 200، طبقات خليفة: ت 2600، التاريخ الكبير 3 / 482، الضعفاء الصغير: 50، المعرفة والتاريخ 3 / 54، الضعفاء للعقيلي: لوحة 151، الجرح
والتعديل 4 / 31، كتاب المجروحين والضعفاء 1 / 320، اللباب 3 / 17، تهذيب الكمال: لوحة 492، تذهيب التهذيب 2 / 19 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 139، الكاشف 2 / 361، العقد الثمين 4 / 564، تهذيب التهذيب 4 / 35، خلاصة تذهيب الكمال: 138.
(1) تاريخ يحيى بن معين: 200.
(*)

(9/319)


وقال الحميدي: حدثنا يحيى بن سليم أن سعيد بن سالم قال لابن عجلان: أرأيت: إن أنا لم أرفع الاذى عن الطريق، أكون ناقص الايمان ؟ فقال: هذا مرجئ، من يعرف هذا ؟ قال: فلما قمنا، عاتبته، فرد علي القول، فقلت: هل لك أن تقف، فتقول: يا أهل الطواف، إن طوافكم ليس من الايمان، وأقول أنا: بل هو من الايمان فننظر ما يصنعون، قال: تريد أن تشهرني ؟ قلت: فما تريد إلى قول إذا أظهرته شهرك (1).
قلت: وفاته قريبة من وفاة ابن عيينة سنة نيف وتسعين ومئة.

أما:
102 - عبد الله بن ميمون * (ت) القداح المكي، مولى بني مخزوم، فيروي عن يحيى بن سعيد الانصاري، وعبيد الله بن عمر، وجعفر بن محمد.
وعنه: إبراهيم بن المنذر، ومؤمل بن إهاب، وأحمد بن الازهر وعدة.
ضعفوه.
__________
(1) سبق أن ذكرنا غير مرة أن هذا النوع من الارجاء لا يعد قدحا في حق القائل به.
وقد قال المؤلف في ترجمة مسعر بن كدام في " الميزان ": الارجاء مذهب العدة من جلة
العلماء لا ينبغي التحامل على قائله.
* التاريخ الكبير 5 / 206، الضعفاء والمتروكين: 64، الضعفاء للعقيلي: لوحة 222، الجرح والتعديل 5 / 172، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 21، تهذيب الكمال: لوحة 747، تذهيب التهذيب 2 / 191 / 20، ميزان الاعتدال 2 / 512، الكاشف 2 / 136، العقد الثمين 5 / 292، تهذيب التهذيب 6 / 49، خلاصة تذهيب الكمال: 216.
(*)

(9/320)


103 - سلم بن سالم * البلخي الزاهد القدوة أبو محمد.
حدث ببغداد عن: حميد الطويل، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، وسفيان الثوري.
وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، وأحمد بن منيع، والحسن بن عرفة، وعلي بن محمد الطنافسي، وسعدان بن نصر، وآخرون.
قال أبو مقاتل السمرقندي: سلم البلخي في زمانه كعمر بن عبد العزيز في زمانه (1).
وقال ابن سعد: كان مطاعا أمارا بالمعروف، فأقدمه الرشيد، فحبسه، فلما توفي الرشيد، أطلق، قال: وكان مرجئا ضعيفا (2).
قال الخطيب: مذكور بالعبادة والزهد مرجئ.
وذكر محمد بن إسحاق اللؤلؤي قال: رأيت سلم بن سالم مكث أربعين سنة، لم يرفع رأسه إلى السماء، ولم ير مفطرا، ولم ير له فراش (3).
__________
* تاريخ ابن معين 222، طبقات ابن سعد 7 / 374، طبقات خليفة: ت
3147، الضعفاء والمتروكين: 47، الضعفاء للعقيلي: لوحة 173، الجرح والتعديل 4 / 266، كتاب المجروحين والضعفاء 1 / 344، تاريخ بغداد 9 / 140، العبر 1 / 316، ميزان الاعتدال 2 / 185، لسان الميزان 3 / 62.
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 141.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 374.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 141.
(*)

(9/321)


وقيل: إن الرشيد سجنه لانه قال: لو شئت لضربت الرشيد بمئة ألف سيف.
وعنه قال: ما يسرني أن ألقى الله بعمل من مضى، وأن أقول: الايمان قول وعمل (1).
وقال أبو معاوية: دعاني الرشيد لاحدثه، فقلت: سلم، هبه لي، فعرفت منه الغضب، وقال: إنه ليس على رأيك في الارجاء، فكلمته، فخفف عنه من قيوده (2).
وقال أحمد بن حنبل: رأيت سلما أتى أبا معاوية، وكان صديقه، وكان عبدا صالحا، لم أكتب عنه، كان لا يحفظ.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بشئ.
توفي سلم سنة أربع وتسعين ومئة.
وقع لي من عواليه في الثاني من حديث سعدان (3).

104 - الغازي * ابن قيس، الامام شيخ الاندلس، أبو محمد الاندلسي المقرئ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 143.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 142.
(3) هو سعدان بن نصر بن منصور الثقفي البزاز، واسمه سعيد والغالب عليه سعدان، وثقه الدارقطني، وقال أبو حاتم: صدوق.
مترجم في " الجرح والتعديل " 4 / 290، 291، وتاريخ بغداد 9 / 205، 206.
* طبقات النحويين للزبيدي: 276 - 278، تاريخ علماء الاندلس: 345، جذوة المقتبس: 324، ترتيب المدارك 1 / 347، الديباج المذهب 2 / 136، غاية النهاية 2 / 4، بغية الوعاة 2 / 240، شجرة النور الزكية 1 / 63.
(*)

(9/322)


ارتحل، وأخذ عن: ابن جريج، وابن أبي ذئب، والاوزاعي، ومالك، ونافع بن أبي نعيم وتلا عليه.
روى عنه: عبدالملك بن حبيب، وأصبغ بن خليل، وعثمان بن أيوب، وابنه عبد الله بن الغاز، وآخرون.
وحفظ " الموطأ " وهو من موالي بني أمية.
قال أبو عمرو الداني: قرأ على نافع، وضبط عنه اختياره، وهو أول من أدخل قراءة نافع وموطأ مالك إلى الاندلس.
وعنه قال: عرضت مصحفي هذا بمصحف نافع ثلاث عشرة مرة.
روى القراءة عن الغازي ولده عبد الله، وكان إماما، صالحا، عابدا، متهجدا، مجاب الدعوة، كبير الشأن حاذقا برسم المصحف، كان يقول: ما كذبت منذ احتلمت.
قال الداني: هو قرطبي.
وقال القاضي عياض: كان من أهل
إفريقية.
وعن أصبغ بن خليل، سمع الغازي يقول: والله ما كذبت كذبة قط منذ اغتسلت، ولولا أن عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته (1).
قلت: توفي الغازي في سنة تسع وتسعين ومئة.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 1 / 348.
(*)

(9/323)


105 - القاسم بن مالك * (خ، م، ت، س، ق) الامام المحدث المسند أبو جعفر المزني الكوفي.
حدث عن: عاصم بن كليب، وحصين بن عبدالرحمن، والمختار بن فلفل، وأيوب بن عائذ.
روى عنه: أحمد بن حنبل، وعمرو الناقد، وأبو خيثمة، وسعيد ابن محمد الجرمي، ويعقوب الدورقي، والحسن بن عرفة، وآخرون.
وثقه أحمد العجلي، وأخرجا حديثه في " الصحيحين " (1).
وقال أبو حاتم: لا يحتج به (2).
وقال زكريا الساجي: ضعيف.
قلت: لا وجه لتضعيفه، بل ما هو في إتقان غندر (3).
توفي سنة نيف وتسعين ومئة.
روى له الجماعة سوى أبي داود.
__________
* تاريخ ابن معين: 482، طبقات ابن سعد 6 / 390، التاريخ الكبير 7 / 171، الجرح والتعديل 7 / 121، تهذيب الكمال: لوحة 1116، تذهيب التهذيب 3 / 150 / 2.
ميزان الاعتدال.
3 / 378، الكاشف 2 / 393، تهذيب التهذيب 7 / 332، خلاصة تذهيب الكمال: 313.
(1) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 435: ليس له في البخاري سوى حديث
واحد أخرجه مفرقا في الحج والاعتصام والكفارات من روايته عن الجعيد بن عبدالرحمن، عن السائب بن يزيد، قال: كان صاع النبي صلى الله عليه وسلم مدا وثلثا بمدكم اليوم، قال: وكان السائب قد حج به في ثقل النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ما يتابعه في الحج أيضا من طريق أخرى عن السائب.
(2) نص كلام أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 7 / 122، صالح الحديث ليس بالمتين.
ونقل الحافظ في المقدمة ص 435 توثيقه عن يحيى بن معين، وأحمد، وأبي داود وجماعة.
(3) هو محمد بن جعفر تقدمت ترجمته في الصفحة (98) من هذا الجزء.
(*)

(9/324)


106 - سالم بن نوح * (م، د، ت، س) البصري العطار محدث صدوق.
روى عن: يونس بن عبيد، وسعيد الجريري، وعبيد الله بن عمر.
وعنه: قتيبة بن سعيد، وأحمد بن حنبل، وشباب، وبندار، وعبد الرحمن بن بشر، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن عبد الله بن حفص الانصاري، وعمر بن شبة، وآخرون.
وثقه أبو زرعة.
وقال أحمد: كتبنا عنه حديثا واحدا لا بأس به.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به (1).
قال البخاري: توفي بعد المئتين (2).

107 - ضمرة بن ربيعة * * (4) الامام الحافظ القدوة، محدث فلسطين، أبو عبد الله الرملي،
__________
(1) تاريخ ابن معين: 188، التاريخ الكبير 4 / 120، التاريخ الصغير 2 / 297، الضعفاء والمتروكين: 46، الجرح والتعديل 4 / 188، تهذيب الكمال: لوحة 466،
تذهيب التهذيب 2 / 4 / 2، الكاشف 1 / 345، تهذيب التهذيب 3 / 443، خلاصة تذهيب الكمال: 142.
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 188.
(2) " التاريخ الصغير " 2 / 297.
* * العلل لاحمد بن حنبل: 380، طبقات ابن سعد 7 / 471، طبقات خليفة: ت 3048، التاريخ الكبير 4 / 337، الجرح والتعديل 4 / 467، تهذيب ابن عساكر 7 / 36، تهذيب الكمال لوحة 620، تذهيب التهذيب 2 / 100 / 1، العبر 1 / 337، ميزان الاعتدال 2 / 330، تذكرة الحفاظ 1 / 353، الكاشف 2 / 38، تهذيب التهذيب 4 / 460، طبقات الحفاظ: 150، خلاصة تذهيب الكمال: 137.
(*)

(9/325)


مولى المحدث علي بن أبي حملة، مولى آل عتبة بن ربيعة القرشي، وقيل: مولى غيرهم.
وضمرة دمشقي الاصل.
حدث عن: إبراهيم بن أبي عبلة، وإدريس بن يزيد الاودي، ويحيى بن أبي عمرو السيباني، وسفيان الثوري، وعلي بن أبي حملة مولاه، وعثمان بن عطاء الخراساني، وخليد بن دعلج، وعبد الله بن شوذب، والسري بن يحيى البصري، وأبي عمرو الاوزاعي، وإسماعيل بن أبي بكر الدمشقي، وبلال بن كعب العكي، ورجاء بن أبي سلمة، وسعيد بن عبد العزيز، وخلق سواهم.
وعنه: إسماعيل بن عياش شيخه، ونعيم بن حماد، وهشام بن عمار، وصفوان بن صالح، وأيوب بن محمد الوزان، وعمرو بن عثمان الحمصي، وحيوة بن شريح، وعبد الله بن ذكوان، وعبدة بن موهب، وإبراهيم بن حمزة، وأحمد بن هاشم، وإدريس بن سليمان بن أبي
الرباب، وعلي بن سهل، وعيسى بن يونس الفاخوري، وأبو الاصبغ محمد بن سماعة، ومحمد بن عبد العزيز، ومهدي بن جعفر، وموهب ولد يزيد بن موهب المذكور، والوليد بن يزيد بن أبي طلحة العطار الرمليون، وأبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي، وبشر كثير.
روى عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: ضمرة رجل صالح، صالح الحديث من الثقات المأمونين، لم يكن بالشام رجل يشبهه، هو أحب إلينا من بقية، بقية كان لا يبالي عمن حدث (1).
وقال ابن معين والنسائي: ثقة.
__________
(1) " العلل " لاحمد بن حنبل: 380.
(*)

(9/326)


وقال أبو حاتم: صالح: قال آدم بن أبي إياس: ما رأيت أحد أعقل لما يخرج من رأسه من ضمرة (1).
وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونا خيرا، لم يكن هناك أفضل منه، ثم قال: مات في أول رمضان سنة اثنتين ومئتين (2).
وقال أبو سعيد بن يونس: كان فقيههم في زمانه، مات في رمضان سنة اثنتين ومئتين.
أخبرنا أحمد بن إسحاق الزاهد، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا هبة الله ابن أبي الحسين، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان إملاء سنة أربع عشرة، وثلاث مئة، حدثنا أبو عمير عيسى بن محمد، وعيسى بن يونس الرمليان، قالا: حدثنا ضمرة، عن الاوزاعي، عن الزهري، عن
عروة، عن عائشة قالت: " طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه، وطيبته لاحلاله بطيب لا يشبه طيبكم هذا " قال ابن يونس في حديثه: تعني: ليس له بقاء.
تفرد به ضمرة.
أخرجه النسائي (3) عن أبي عمير، فوافقناه بعلو درجة.
__________
(1) " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 6 / 37.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 471.
(3) 5 / 137 في المناسك: باب إباحة الطيب عند الاحرام، من طريق أبي عمير عيسى بن محمد بهذا الاسناد، وإسناده قوي، وتأويل أحد الرواة قول عائشة: " بطيب لا يشبه طيبكم " بأنه لا بقاء له، يرده رواية مسلم (1191)، والترمذي (917) من طريق منصور = (*)

(9/327)


108 - النضر بن شميل * (ع) ابن خرشة، بن زيد، بن كلثوم، بن عنزة، بن زهير، بن عمرو، بن حجر، بن خزاعي، بن مازن، بن عمرو، بن تميم، وقيل: إن يزيد - بدل زيد - بن كلثوم، بن عنزة، بن عروة، بن جلهمة، بن جحدر، بن خزاعي، بن مازن، بن مالك، بن عمرو، ابن تميم، بن مر، بن أد، بن طابخة، والعلامة الامام الحافظ أبو الحسن المازني البصري النحوي، نزيل مرو وعالمها.
ولد في حدود سنة اثنتين وعشرين ومئة.
__________
= ابن زاذان عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة " بطيب فيه مسك " ولمسلم (1190) (45)، وأبي داود (1746) من طريق الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، عن الاسود قال: قالت عائشة: " كأني أنظر إلى وبيص المسك "، وللبخاري 10 / 309 في
اللباس، ومسلم (1190) (44) من طريق عبدالرحمن بن الاسود عن أبيه، عن عائشة: " بأطيب ما أجد " وللطحاوي 2 / 130 من طريق نافع، عن ابن عمر عن عائشة " بالغالية الجيدة " وهذا يدل على أن قولها " بطيب لا يشبه طيبكم " أي: أطيب منه، لا كما فهمه القائل: يعني ليس له بقاء.
واستدل بهذا الحديث على استحباب التطيب عند إرادة الاحرام، وجواز استدامته بعد الاحرام، وأنه لا يضر بقاء لون الطيب ورائحته، وإنما يحرم ابتداؤه في الاحرام، وهو قول الجمهور.
* طبقات ابن سعد: 7 / 373، طبقات خليفة: ت 3145، التاريخ الكبير 8 / 90، التاريخ الصغير 2 / 302، المعارف: 542، الجرح والتعديل 8 / 477، مراتب النحويين: 66، طبقات النحويين واللغويين 53 - 54، الفهرست لابن النديم 226، جهرة الانساب: 211، إنباه الرواة 3 / 348، نزهة الالباء: 85، معجم الادباء 19 / 238، وفيات الاعيان 5 / 397، تهذيب الكمال: 1410، تذهيب التهذيب 4 / 95 / 2، العبر 1 / 342، ميزان الاعتدال 4 / 258، تذكرة الحفاظ 1 / 314، الكاشف 3 / 203، دول الاسلام 1 / 127، البداية والنهاية 10 / 255، طبقات القراء لابن الجوزي 2 / 341، تهذيب التهذيب 10 / 437، طبقات الحفاظ: 131، بغية الوعاة 2 / 316، خلاصة تذهيب الكمال: 401، شذرات الذهب: 2 / 7 الرسالة المستطرفة: 41.
(*)

(9/328)


وحدث عن: هشام بن عروة، وعثمان بن غياث، وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وبهز بن حكيم، وإسماعيل بن أبي خالد، وهشام ابن حسان، والهرماس بن حبيب، والنهاس بن قهم، وعوف الاعرابي، وابن عون، وحميد الطويل، وأبي نعامة العدوي، وابن أبي عروبة، وداود بن أبي الفرات، وعباد بن منصور، وكهمس، وشعبة،
والمسعودي، وحماد بن سلمة، وخلق كثير.
وعنه: يحيى بن معين، ويحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن سعيد الرباطي، والحسين بن حريث، ورجاء بن مرجى، وسليمان بن سلم المصاحفي، وبيان بن عمرو البخاري، وسليمان بن معبد السنجي، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، وعبد الله بن منير المروزي، وعبيد الله بن سعيد السرخسي، وعلي بن الحسن الذهلي، ومحمد بن رافع القشيري، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن يوسف البيكندي، وأمم سواهم.
وثقه يحيى بن معين وابن المديني والنسائي.
وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سنة (1).
حمدويه بن محمد، عن محمد بن خاقان، قال: سئل ابن المبارك عن النضر بن شميل، فقال: درة بين مروين ضائعة، يعني كورة مرو، وكورة مرو الروذ (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 477.
(2) وتعرف بمرو الصغرى تمييزا لها عن مرو الشاهجان التي تقع على بعد (160) ميلا عنها، وهي تقع على نهر مرغاب داخلة الآن في حدود تركستان شمال بلاد الافغان، ويقع = (*)

(9/329)


قال العباس بن مصعب: بلغني أن ابن المبارك سئل عن النضر بن شميل، فقال: ذاك أحد الا حدين لم يكن أحد من أصحاب الخليل بن أحمد يدانيه.
ثم قال العباس: كان النضر إماما في العربية والحديث، وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع خراسان، وكان أروى الناس عن
شعبة، وخرج كتبا كثيرة لم يسبقه إليها أحد، ولي قضاء مرو (1).
قال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت النضر بن شميل يقول: في كتاب الخليل كذا وكذا مسألة كفر.
وقال العباس بن مصعب: سئل النضر عن الكتاب الذي ينسب إلى الخليل، ويقال له: كتاب " العين "، فأنكره، فقيل له: لعله ألفه بعدك ؟ فقال: أو خرجت من البصرة حتى دفنت الخليل بن أحمد ؟ (2).
أحمد الدارمي: سمعت النضر بن شميل يقول: خرج بي أبي من مرو
__________
= بقربها بلد يسمى قصر الاحنف، نسبة إلى الاحنف بن قيس القائد المظفر الذي افتتح تلك الناحية وضمها إلى حظيرة الاسلام في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه سنة 32 ه، ولمرو شهرة عظيمة في التاريخ الاسلامي بما أنجبت من علماء عظام من القرن الاول للهجرة وحتى نهاية القرن السادس الهجري.
(1) تهذيب الكمال 1411، وانظر بغية الوعاة 2 / 317.
(2) في قوله هذا وقفة، فإنه قد قال هو عن نفسه: أقمت بالبادية أربعين سنة، وهذا يعني أنه غاب عن الخليل غيبة طويلة كان بمقدوره أن يؤلف فيها كتبا لا كتابا، وقد ذكروا في تصانيف النضر بن شميل كتاب " المدخل إلى العين "، والمحققون من أهل العلم باللغة يرون أن الخليل بن أحمد قد تمثل منهج الكتاب في ذهنه، واستحضر مواده، وشرع فيه، ورتب أوائله، ولكنه لم يكمله، وإنما أكمله من بعده الليث بن نصر، وبقية تلامذته، ومن في طبقته.
وقد روى أبو الطيب اللغوي في " مراتب النحويين " عن ثعلب أنه قال: إنما وقع الغلط في كتاب " العين "، لان الخليل رسمه ولم يحشه، ولو كان حشاه ما بقي فيه شئ، لان الخليل رجل لم ير مثله، وقد حشا الكتاب قوم علماء، إلا أنه لم يؤخذ عنهم رواية، وإنما وجد بنقل الوراقين، ولذلك اختل الكتاب.
وانظر تفصيل القول في ذلك في " المعجم العربي نشأته وتطوره " 1 / 254، 271.
(*)

(9/330)


الروذ إلى البصرة سنة ثمان وعشرون ومئة، وأنا ابن خمس سنين أو ست، هرب من مرو الروذ حين كانت الفتنة - يعني ظهور أبي سليم صاحب الدولة - قال: وسمعت النضر قبل موته بقليل يقول: أنا ابن ثمانين، وكان مرضه نحوا من ستة أشهر، قال: ومات في أول سنة أربع ومئتين.
وقال أبو بكر بن منجويه في وفاته نحوا من ذلك، وقال: قبره بمرو.
وكان من فصحاء الناس وعلمائهم بالادب وأيام الناس.
وقال محمد بن عبد الله بن قهزاذ: مات في آخر يوم من ذي الحجة سنة ثلاث ومئتين ودفن في أول المحرم.
أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن علوان سنة أربع وتسعين وست مئة، أخبرنا الامام موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي سنة إحدى عشرة وست مئة، أخبرنا أبو المعالي أحمد بن عبد الغني، أخبرنا نصر بن أحمد القارئ، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، حدثنا أحمد بن منصور، زاج، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا يونس، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم قال: رمدت، فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا زيد، أرأيت لو أن عينيك كانتا لما بهما ؟ " قلت: يا رسول الله، إذا أصبر واحتسب، فقال: " إذا لقيت الله عزوجل، ولا ذنب لك ".
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود (1) من حديث يونس بن [ أبي ]
__________
(1) رقم (3102) من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا حجاج بن محمد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن زيد بن أرقم، قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع بعيني، وصححه الحاكم 2 / 342، ووافقه الذهبي.
وذكر له شاهدا من حديث
أنس.
وأخرجه بطوله، كما أورده المصنف، أحمد 4 / 375، والطبراني في " الكبير " = (*)

(9/331)


إسحاق، ورواه الحافظ ضياء الدين في كتاب " المختارة " عن خاله الشيخ الموفق، فوافقناه.

109 - بشر بن السري * (ع) الافوه، هو الواعظ الزاهد العابد الامام الحجة، أبو عمرو البصري، نزيل مكة.
سمع مسعر بن كدام، وحماد بن سلمة، وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، ومالكا، وطائفة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو حفص الفلاس، وجماعة سواهم.
وما علمت وقع لي حديث من عواليه.
قال أحمد بن حنبل: كان متقنا للحديث عجبا (1).
وقال أبو حاتم: صالح ثبت (2).
__________
= (5052) من طريقين عن يونس بن أبي إسحاق به، وإسناده صحيح، وله طريقان آخران ضعيفان عند الطبراني (5098) و (5126).
* العلل: 102، 232، التاريخ لابن معين: 59، طبقات ابن سعد 5 / 500، طبقات خليفة: ت 2603، التاريخ الكبير 2 / 75، الضعفاء للعقيلي: لوحة 52، الجرح والتعديل 2 / 358، الكامل لابن عدي 1 / 69، تهذيب الكمال: 151، تذهيب التهذيب 1 / 84 / 2، العبر 1 / 318، ميزان الاعتدال 1 / 317، تذكرة الحفاظ 1 / 355، الكاشف 1 / 155، العقد الثمين: 3 / 396، تهذيب التهذيب 1 / 450، طبقات الحفاظ: 150، خلاصة تذهيب الكمال: 48، شذرات الذهب 1 / 343.
(1) " العلل " 1 / 102، لاحمد، وقد تحرف فيه " متقنا " إلى " متفهما ".
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 358.
(*)

(9/332)


وقال يحيى بن معين: ثقة (1).
وقال ابن عدي: يقع في حديثه ما ينكر، وهو في نفسه لا بأس به (2).
وقال العقيلي: هو في الحديث مستقيم (3).
حدثنا الابار، حدثنا عوام، قال: قال الحميدي: كان جهميا، لا يحل أن يكتب حديثه.
قلت: بل حديثه حجة، وصح أنه رجع عن التجهم.
قال: وحدثنا الفريابي، حدثنا أحمد بن محمد المقدمي، حدثنا سليمان بن حرب، قال: سأل بشر بن السري حماد بن زيد عن حديث " ينزل ربنا " (4) أيتحول ؟ فسكت، ثم قال: هو في مكانه، يقرب من خلقه كيف شاء.
وقال أحمد بن حنبل: تكلم بشر بشئ بمكة، فوثب عليه إنسان، فذل بمكة حتى جاء، فجلس إلينا مما أصابه من الذل (5).
وكان الثوري يستثقله، لانه سأل سفيان عن أطفال المشركين (6)،
__________
(1) " تاريخ يحيى بن معين " 59.
(2) " الكامل " 1 / اللوحة 70.
(3) " الضعفاء " اللوحة: 52.
(4) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري 3 / 25 في التهجد: باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، و 13 / 289، في التوحيد: باب يريدون أن يبدلوا كلام الله، ومسلم (758) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل.
وأبو داود (1315) و (4733)، والترمذي (446) و (3498)، ولفظه بتمامه: " ينزل ربنا تبارك
وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له " وزاد مسلم في رواية: " حتى ينفجر الفجر ".
(5) " العلل " لاحمد 1 / 232.
(6) اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال، ذكرها ابن القيم في " طريق = (*)

(9/333)


فقال: ما أنت وذا يا صبي ؟.
قلت: هكذا كان السلف يزجرون عن التعمق، ويبدعون أهل الجدال.
توفي سنة خمس أو ست وتسعين ومئة.
ومات قبله بخمس عشرة سنة بشر بن منصور السليمي أحد العلماء العاملين.

110 - الامين * الخليفة، أبو عبد الله محمد بن الرشيد هارون، بن المهدي محمد، ابن المنصور، الهاشمي العباسي البغدادي.
وأمه زبيدة بنت الامير جعفر بن المنصور.
عقد له أبوه بالخلافة بعده، وكان مليحا، بديع الحسن، أبيض وسيما طويلا، ذا قوة وشجاعة وأدب وفصاحة، ولكنه سيئ التدبير، مفرط
__________
= الهجرتين " 387، 401، والحافظ ابن حجر في " الفتح " 3 / 191، والقول الصحيح الذي ذهب إليه المحققون من العلماء، وارتضاه جمع من المفسرين والمتكلمين هو أنهم في الجنة.
واحتجوا بما رواه البخاري في " صحيحه " 12 / 384 من حديث سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لاصحابه: هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ قال:
فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: " إني أتاني الليلة آتيان.." وذكر فيه: وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأولاد المشركين " فهذا الحديث الصحيح صريح في أنهم في الجنة، ورؤيا الانبياء وحي.
وانظر " شرح السنة " 1 / 153، 162.
* المعارف: 384 - 386، تاريخ الطبري: 8 / 365، تاريخ بغداد 3 / 336، الكامل لابن الاثير 6 / 221، العبر 1 / 325، دول الاسلام 1 / 124، البداية 10 / 222، تاريخ الخلفاء: 297، شذرات الذهب 1 / 350.
الوافي بالوفيات 5 / 135، عيون التواريخ 7 / لوحة 117.
(*)

(9/334)


التبذير، أرعن لعابا، مع صحة إسلام ودين.
يقال: قتل مرة أسدا بيديه.
ويقال: كتب بخطه رقعة إلى طاهر بن الحسين (1) الذي قاتله: يا طاهر، ما قام لنا منذ قمنا قائم بحقنا، فكان جزاؤه عندنا إلا السيف، فانظر لنفسك، أودع.
يلوح له بأبي مسلم وأمثاله (2).
قال المسعودي: ما ولي للخلافة هاشمي ابن هاشمية سوى علي ومحمد الامين (3).
وقد جعله أبوه ولي عهده، وله خمس سنين، وتسلم الامر بعد موت أبيه ببغداد، وكان أخوه الآخر وهو المأمون بمرو، فأمر الامين للناس برزق سنتين، ووصل إليه البرد [ ة ] والقضيب والخاتم من خراسان في اثني عشر يوما في نصف الشهر، وبايع المأمون لاخيه، وأقام بخراسان، وأهدى لاخيه تحفا ونفائس، والحرب متصل بسمرقند بين رافع وهرثمة، وأعان رافعا الترك (4).
وفيها قتل نقفور طاغية الروم في حرب برجان (5).
وفي سنة 194 أمر الامين بالدعاء لابنه موسى بولاية العهد بعد ولي العهد المأمون والقاسم، وأغرى الفضل بن الربيع الامين بالمأمون وحثه على خلعه لعداوة بينهما، وحسن له ذلك السندي، وعلي بن عيسى بن ماهان،
__________
(1) هو طاهر بن الحسين بن مصعب أبو طلحة الخزاعي، والي خراسان، وجه به المأمون إلى بغداد لمحاربة أخيه الامين، ولقبه ذا اليمينين، وسترد ترجمته في الجزء العاشر من هذا الكتاب الترجمة رقم (7).
(2) " تاريخ الخلفاء " 300.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 303.
(4) " الطبري " 8 / 373، وابن الاثير 6 / 225.
(5) " الطبري " 8 / 373، وابن الاثير 6 / 226.
(*)

(9/335)


ثم اصطلح هرثمة ورافع بن الليث بن نصر بن سيار، وقدما على المأمون، ومعه طاهر بن الحسين، ثم بعث الامين يطلب من المأمون تقدم موسى ولده على المأمون، ولقبه الناطق بالحق، فأبى ذلك المأمون، واستمال المأمون الرسول، فبايعه سرا، وبقي يكاتبه، وهو العباس بن موسى بن عيسى بن موسى (1).
وأما الامين، فبلغه خلاف المأمون، فأسقطه من الدعاء، وطلب كتبه الرشيد وعلقه بالكعبة من العهد بين الاخوين، فمزقه، فلامه الالباء، فلم ينتصح، حتى قال له خازم بن خزيمة: لن ينصحك من كذبك، ولن يغشك من صدقك، لا تجسر القواد على الخلع، فيخلعوك، ولا تحملهم على النكث، فالغادر مفلول، والناكث مخذول، فلم يلتفت، وبايع لموسى بالعهد، واستوزر له.
فلما عرف المأمون، خلع أخاه، وتسمى بأمير المؤمنين، وأما ابن ماهان، فجهزه الامين، وخصه بمئتي ألف دينار، وأعطاه قيدا من فضة ليقيد به المأمون بزعمه.
وعرض الامين جيشه بالنهروان، وأقبل طاهر في أربعة آلاف فالتقوا، فقتل ابن ماهان، وتمزق جيشه، هذا والامين عاكف على اللهو واللعب، فبعث جيشا آخر، وندم على خلع المأمون، وطمع فيه أمراؤه، ثم التقى طاهر وعسكر الامين على همذان، وقتل خلق، وعظم الخطب، ودخل جيش الامين إلى همذان، فحاصرهم طاهر، ثم نزل أميرهم إلى طاهر بالامان في سنة 95 (2).
__________
(1) " الطبري " 8 / 374، 376، وابن الاثير 6 / 222.
(2) انظر خبر الخلاف بين الامين والمأمون مطولا في " الطبري " 8 / 374 - 414، وابن الاثير 6 / 222.
(*)

(9/336)


وفيها ظهر بدمشق السفياني، وهو أبوالعميطر علي بن عبد الله بن خالد ابن يزيد بن معاوية (1)، فدعا إلى نفسه، وطرد عامل الامين، وتمكن، وانضمت إليه اليمانية، وأهل حمص وقنسرين (2) والساحل إلا أن قيسا لم تتابعه، وهربوا.
ثم هزم طاهر جيشا ثالثا للامين، ثم نزل حلوان (3).
وأنفق الامين بيوت الاموال على الجند ولا ينفعون، وجاءت أمداد المأمون مع هرثمة بن أعين والفضل بن سهل، وضعف أمر الامين، وجبن جنده من الخراسانيين، فجهز عبد الملك بن صالح العباسي إلى الشام ليجمع له جندا، وبذل خزائن الذهب لهم، فوقع ما بين العرب وبين الزواقيل (4)، فراح تحت السيف خلق منهم، وأحاطت المأمونية ببغداد، يحاصرون
الامين، واشتد البلاء، وعظم القتال، وقاتلت العامة والرعاع عن الامين قتال الموت، واستمر الويل والحصار، وجرت أمور لا توصف، وتفاقم الامر (5).
ودخلت سنة سبع وتسعين وفر القاسم الملقب بالمؤتمن وعمه منصور، فلحقا بالمأمون، ورمي بالمجانيق، وأخذت النقوب (6)، ونفذت
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة 282 من هذا الجزء.
(2) هي مدينة قريبة من حمص، فتحت على يد أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في سنة 17 للهجرة.
(3) هي مدينة عامرة بالعراق قريبة من بغداد، فتحها المسلمون بعد فراغهم من فتح جلولاء على يد جرير بن عبد الله البجلي سنة 19 ه.
(4) قال ابن دريد في " الاشتقاق ": الزقل منه اشتقاق الزواقيل، وهم قوم بناحية الجزيرة وما والاها.
(5) " الطبري " 8 / 254 - 247.
(6) النقوب جمع نقب: وهو الطريق الضيق في الجبل.
(*)

(9/337)


خزائن الامين، حتى باع الامتعة، وأنفق في المقاتلة، وما زال أمره في سفال، ودثرت محاسن بغداد، واستأمن عدة إلى طاهر، ودام الحصار والوبال خمسة عشر شهرا (1).
واستفحل أمر السفياني بالشام، ثم وثب عليه مسلمة الاموي، فقيده، واستبد بالامر، فما بلع ريقه حتى حاصرهم ابن بيهس الكلابي مدة، ثم نصب السلالم على السور، وأخذ دمشق، فهرب السفياني ومسلمة في زي النساء إلى المزة.
وخلع الامين خزيمة بن خازم، ومحمد بن ماهان، وخامرا إلى طاهر (2).
ثم دخل طاهر بغداد عنوة، ونادى: من لزم بيته، فهو آمن، وحاصروا الامين في قصوره أياما، ثم رأى أن يخرج على حمية ليلا، وفعل، فظفروا به، وهو في حراقة (3)، فشد عليه أصحاب طاهر في الزواريق (4)، وتعلقوا بحراقته، فنقبت، وغرقت، فرمى الامين بنفسه في الماء، فظفر به رجل، وذهب به إلى طاهر، فقتله، وبعث برأسه إلى المأمون، فإنا لله، ولم يسر المأمون بمصرع أخيه (5).
وفي تاريخنا عجائب وأشعار لم أنشط هنا لاستيعابها.
__________
(1) انظر خبر حصار الامين ببغداد مطولا في " تاريخ الطبري " 8 / 445، وابن الاثير 6 / 271، وابن كثير 10 / 238، وانظر دول الاسلام 1 / 123.
(2) " الطبري " 8 / 472، وابن الاثير 6 / 278، وابن كثير 10 / 240.
(3) الحراقة: ضرب من السفن بالبصرة، فيها مرامي نيران يرمى بها العدو في البحر (4) هي القوارب الصغار.
(5) انظر خبر مقتل الامين مطولا في " الطبري " 8 / 478، وابن الاثير 6 / 282، وابن كثير 10 / 240.
(*)

(9/338)


قال أحمد بن حنبل: إني لارجو أن يرحم الله الامين بإنكاره على ابن علية، فإنه أدخل عليه، فقال له: يا ابن الفاعلة، أنت الذي تقول: كلام الله مخلوق (1) ؟ قلت: ولم يصرح بذلك ابن علية، حاشاه، بل قال عبارة تلزمه بعض ذلك.
وعاش الامين سبعا وعشرين سنة، وقتل في المحرم سنة ثمان وتسعين ومئة، وخلافته دون الخمس سنين، سامحه الله وغفر له.
وله من الولد: عبد الله، وموسى، وإبراهيم لامهات أولاد شتى.

111 - معروف الكرخي * علم الزهاد، بركة العصر، أبو محفوظ البغدادي، واسم أبيه فيروز، وقيل: فيرزان، من الصابئة.
وقيل: كان أبواه نصرانيين، فأسلماه إلى مؤدب كان يقول له، قل: ثالث ثلاثة، فيقول معروف: بل هو الواحد، فيضربه، فيهرب، فكان والداه يقولان: ليته رجع، ثم إن أبويه أسلما.
وذكر السلمي أنه صحب داود الطائي، ولم يصح.
__________
(1) " تاريخ الخلفاء للسيوطي " 303.
* طبقات الصوفية 83 - 90، حلية الاولياء 8 / 360، 368، تاريخ بغداد 13 / 199، 209، الرسالة القشيرية 1 / 79، طبقات الحنابلة 1 / 381، 389، صفة الصفوة 2 / 79 - 83، اللباب 3 / 91، وفيات الاعيان 5 / 231، العبر 1 / 335، دول الاسلام 1 / 126، مرآة الجنان 1 / 460، 463، طبقات الاولياء: 280، 285، شذرات الذهب 1 / 360.
(*)

(9/339)


روى عن: الربيع بن صبيح، وبكر بن خنيس، وابن السماك وغيرهم شيئا قليلا.
وعنه: خلف بن هشام، وزكريا بن يحيى بن أسد، ويحيى بن أبي طالب.
ذكر معروف عند الامام أحمد، فقيل: قصير العلم، فقال: أمسك،
وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف (1).
قال إسماعيل بن شداد: قال لنا سفيان بن عيينة: ما فعل ذلك الحبر الذي فيكم ببغداد ؟ قلنا: من هو ؟ قال: أبو محفوظ معروف.
قلنا: بخير، قال: لا يزال أهل تلك المدينة بخير ما بقي فيهم (2).
قال السراج: حدثنا أبو بكر بن أبي طالب قال: دخلت مسجد معروف، فخرج، وقال: حياكم الله بالسلام، ونعمنا وإياكم بالاحزان، ثم أذن، فارتعد، وقف شعره، وانحنى حتى كاد يسقط.
عن معروف قال: إذا أراد الله بعبد شرا، أغلق عنه باب العمل، وفتح عليه باب الجدل (3).
وقال جشم بن عيسى: سمعت عمي معروف - بن الفيرزان - يقول: سمعت بكر بن خنيس يقول: كيف تتقي وأنت لا تدري ما تتقي ؟ رواها أحمد الدورقي عن معروف.
قال: ثم يقول معروف: إذا كنت لا تحسن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 200، و " طبقات الحنابلة " 1 / 382.
(2) " حلية الاولياء " 8 / 366، و " تاريخ بغداد " 13 / 201، و " طبقات الحنابلة 1 / 382.
(3) " حلية الاولياء " 8 / 361.
(*)

(9/340)


تتقي، أكلت الربا، ولقيت المرأة، فلم تغض عنها، ووضعت سيفك على عاتقك، إلى أن قال: ومجلسي هذا ينبغي لنا أن نتقيه، فتنة للمتبوع، وذلة للتابع (1).
قيل: أتى رجل بعشرة دنانير إلى معروف، فمر سائل، فناوله إياها، وكان يبكي، ثم يقول: يانفس كم تبكين ؟ أخلصي تخلصي.
وسئل: كيف تصوم ؟ فغالط السائل، وقال: صوم نبينا صلى الله عليه وسلم كان كذا وكذا، وصوم داود كذا وكذا، فألح عليه، فقال: أصبح دهري صائما، فمن دعاني، أكلت، ولم أقل: إني صائم (2).
وقص إنسان شارب معروف، فلم يفتر من الذكر، فقال: كيف أقص ؟ فقال: أنت تعمل، وأنا أعمل (3).
وقيل: اغتاب رجل عند معروف، فقال: اذكر القطن إذا وضع على عينيك.
وعنه قال: ما أكثر الصالحين، وما أقل الصادقين (4).
وعنه: من كابر الله، صرعه، ومن نازعه، قمعه، ومن ماكره، خدعه، ومن توكل عليه، منعه، ومن تواضع له، رفعه، كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله (5).
__________
(1) " الحلية " 8 / 365.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 202، و " طبقات الحنابلة " 1 / 386.
(3) " حلية الاولياء " 8 / 362.
(4) " طبقات الصوفية ": 87.
(5) " حلية الاولياء " 8 / 361، و " طبقات الحنابلة " 1 / 383.
(*)

(9/341)


وقيل: أتاه ملهوف سرق منه ألف دينار ليدعو له، فقال: ما أدعو أمازويته عن أنبيائك وأوليائك، فرده عليه.
قيل أنشد مرة في السحر: ما تضر الذنوب لو أعتقتني * رحمة لي فقد علاني المشيب (1) وعنه: من لعن إمامه، حرم عدله (2).
وعن محمد بن منصور الطوسي، قال: قعدت مرة إلى معروف، فلعله قال: واغوثاه يا الله، عشرة آلاف مرة، وتلا: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم) (3) [ الانفال: 9 ].
وعن ابن شيرويه: قلت لمعروف: بلغني أنك تمشي على الماء.
قال: ما وقع هذا، ولكن إذا هممت بالعبور، جمع لي طرفا النهر، فأتخطاه (4).
أبو العباس بن مسروق: حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال: كنت عند معروف، ثم جئت، وفي وجهه أثر، فسئل عنه، فقال للسائل: سل عما يعنيك عافاك الله، فأقسم عليه، فتغير وجهه، ثم قال: صليت البارحة، ومضيت، فطفت بالبيت، وجئت لاشرب من زمزم، فزلقت، فأصاب وجهي هذا (5).
ابن مسروق: حدثنا يعقوب ابن أخي معروف، أن معروفا استسقى
__________
(1) البيت مع بيت آخر قبله في " طبقات الاولياء ": 283.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 386.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 385.
(4) " تاريخ بغداد " 13 / 206.
(5) " تاريخ بغداد " 13 / 202، و " طبقات الحنابلة " 1 / 383.
(*)

(9/342)


لهم في يوم حار، فما استتموا رفع ثيابهم حتى مطروا (1).
وقد استجيب دعاء معروف في غير قضية، وأفرد الامام أبو الفرج بن الجوزي مناقب معروف في أربع كراريس قال عبيد بن محمد الوراق: مر معروف، وهو صائم بسقاء يقول:
رحم الله من شرب، فشرب رجاء الرحمة (2).
وقد حكى أبو عبد الرحمن السلمي شيئا غير صحيح، وهو أن معروفا الكرخي كان يحجب علي بن موسى الرضى، قال: فكسروا ضلع معروف، فمات (3)، فلعل الرضى، كان له حاجب اسمه معروف، فوافق اسمع اسم زاهد العراق.
وعن إبراهيم الحربي قال: قبر معروف الترياق المجرب (4).
يريد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 207.
(2) " حلية الاولياء " 8 / 365.
(3) " طبقات الصوفية " للسلمي: 85.
(4) هذا الكلام لا يسلم لقائله، إذ كيف يكون قبر أحد من الاموات الصالحين ترياقا ودواءا للاحياء، وليس ثمة نص من كتاب الله يدل على خصوصية الدعاء عند قبر ما من القبور، ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سنه لامته، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين الذين يقتدى بقولهم، بل ثبت النهي عن قصد قبور الانبياء والصالحين لاجل الصلاة والدعاء عندها، فعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين الثقة الثبت، الفقيه أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها فيدعو، فدعاه، فقال: ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي، فإن صلاتكم وتسليمكم تبلغني حيثما كنتم " أخرجه ابن أبي شيبة 2 / 375، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رقم (20)، ويقويه ما أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6726) من طريق سهيل، عن الحسن بن علي قال: رأى قوما عند القبر، فنهاهم، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ".
وأخرجه أبو داود (2042)، وأحمد 2 / 367 من طريق عبد الله بن نافع، عن ابن = (*)

(9/343)


إجابة دعاء المضطر عنده لان البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء، كما أن الدعاء في السحر مرجو، ودبر المكتوبات، وفي المساجد، بل دعاء المضطر مجاب في أي مكان اتفق، اللهم إني مضطر إلى العفو، فاعف عني.
قال أبو جعفر بن المنادي وثعلب: مات معروف سنة مئتين.
قال الخطيب: هذا هو الصحيح (1).
وقال يحيى بن أبي طالب: مات سنة أربعة ومئتين.
رحمة الله عليه.
أخبرنا محمد بن علي السلمي، أخبرنا البهاء عبدالرحمن المقدسي، أخبرتنا تجني مولاة ابن وهبان، أخبرنا الحسين بن أحمد النعالي، أخبرنا
__________
= أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم "، وهذا سند حسن.
وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " 2 / 376 من طريق أبي معاوية عن الاعمش، عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) و (لايلاف قريش)، فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون، فقال: ما هذا ؟ فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا هلك أهل الكتاب، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة، فليصل، ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة، فلا يصل.
وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وجاء في " مناسك الحج للامام النووي 69 / 2، وهو من محفوظات الظاهرية ما نصه: كره مالك رحمه الله لاهل المدينة كلما دخل أحدهم وخرج الوقوف بالقبر، قال: وإنما ذلك للغرباء، قال: ولا بأس لمن قدم من سفر، أو خرج إلى سفر أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي عليه ويدعو له ولابي بكر وعمر رضي الله عنهما.
قال الباجي: فرق
مالك بين أهل المدينة والغرباء، لان الغرباء قصدوا ذلك، وأهل المدينة مقيمون بها.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " فتأمل قول مالك: " يصلي عليه ويدعو له ولابي بكر وعمر " فإن هذه هي الزيارة الشرعية للقبور أن نسلم على أصحابها وندعو لهم كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في صحيح مسلم (974) عن عائشة، و (975) عن بريدة.
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 308.
(*)

(9/344)


محمد بن أحمد بن رزقويه، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا زكريا بن يحيى المروزي، حدثنا معروف الكرخي قال: قال بكر بن خنيس: إن في جهنم لواديا تتعوذ جهنم منه كل يوم سبع مرات، وإن في الوادي لجبا يتعوذ الوادي وجهنم منه كل يوم سبع مرات، وإن فيه لحية يتعوذ الجب والوادي وجهنم منها كل يوم سبع مرات، يبدأ بفسقة حملة القرآن، فيقولون: أي رب، بدئ بنا قبل عبدة الاوثان ؟ ! قيل لهم: ليس من يعلم كمن لا يعلم (1).
أنبأنا مؤمل بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا ابن رزق، حدثنا عثمان بن أحمد، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا معروف الكرخي، حدثني الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن عائشة، قالت: لو أدركت ليلة القدر، ما سألت الله إلا العفو والعافية (2).
__________
(1) بكر بن خنيس قال فيه ابن معين: ليس بشئ.
وقال مرة: ضعيف، وقال النسائي وغيره: ضعيف، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم: صالح ليس بالقوي، وقال ابن حبان: يروي عن البصريين والكوفيين أشياء موضوعة يسبق إلى القلب أنه المتعمد
لها.
وقال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه، ويحدث بأحاديث مناكير عن قوم، لا بأس به، وهو في نفسه رجل صالح إلا أن الصالحين يشبه عليهم الحديث، وربما حدثوا بالتوهم، وحديثه في جملة الضعفاء، وليس ممن يحتج بحديثه.
ثم إن ما ذكره من أمور الغيب التي لا تعلم إلا من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يطلعه الله على ذلك، ويخبره به بواسطة الوحي، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شئ فيما أعلم.
وقد روى الترمذي (2383) في الزهد، وابن ماجه (256) في المقدمة من طريق عمار بن سيف الضبي، عن أبي معاذ البصري - وكلاهما ضعيف - عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعوذوا بالله من جب الحزن " قالوا: يارسول الله، وما جب الحزن ؟ قل: " واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم مئة مرة ".
قلنا: يارسول الله، ومن يدخله ؟ قال: " القراء المراؤون بأعمالهم ".
(2) هو في " تاريخ الخطيب " 3 / 199، والربيع بن صبيح سيئ الحفظ، والحسن لم يسمع من عائشة.
وأخرج الامام أحمد في " المسند " 6 / 182 من طريق بريد بن = [ * ]

(9/345)


112 - أبو قرة * (س) المحدث الامام الحجة، أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي، قاضي زبيد.
ارتحل، وكتب عن: موسى بن عقبة، وابن جريج، وعدة.
وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو حمة محمد بن يوسف الزبيدي.
وألف سننا.
روى له النسائي وحده، ما علمته إلا ثقة.
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني، قلت: أبو قرة لا يقول: أخبرنا أبدا، يقول: ذكر فلان، أيش العلة فيه ؟ فقال: هو سماع له كله، وقد كان أصاب كتبه آفة، فتورع فيه، فكان يقول: ذكر فلان.

113 - الخريبي * * (خ، 4) عبد الله بن داود، بن عامر، بن ربيع، الامام الحافظ القدوة، أبو
__________
= هارون، عن سعيد بن إياس الجريري، عن عبد الله بن بريدة أن عائشة قالت: يارسول الله، إن وافقت ليلة القدر، فما أدعو ؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " وأخرجه أيضا 6 / 171، و 183، و 208، الترمذي (3513) في الدعوات، وابن ماجة (3850) في لدعاء، كلهم من طريق كهمس بن الحسن بن عبد الله بن بريدة عن عائشة، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح، وهو كما قال، وصححه الحاكم 1 / 530، من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة، عن عائشة، ووافقه الذهبي.
* الجرح والتعديل 8 / 108، تهذيب الكمال لوحة 1386، تذهيب التهذيب 4 / 80 / 2، ميزان الاعتدال 4 / 207، الكاشف 3 / 184، تهذيب التهذيب 10 / 349، خلاصة تذهيب الكمال: 391.
* * تاريخ يحيى بن معين: 303، طبقات ابن سعد 7 / 295، طبقات خليفة: ت 1928، تاريخ خليفة: 474، التاريخ الكبير 5 / 82، المعارف: 520، الجرح = (*)

(9/346)


عبدالرحمن الهمداني، ثم الشعبي الكوفي، ثم البصري، المشهور بالخريبي لنزوله محلة الخريبة بالبصرة.
حدث عن: سلمة بن نبيط، وهشام بن عروة، والاعمش، وعمر ابن ذر، وإسماعيل بن أبي خالد، وثور بن يزيد، وإسماعيل بن عبدالملك ابن أبي الصفيراء، وبكير بن عامر، وجعفر بن برقان، وخالد بن طهمان، وطلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وفضيل بن غزوان، وابن أبي ليلى، وأم داود الوابشية، ومستقيم بن عبدالملك، والاوزاعي، وابن جريج، والثوري،
والحسن بن صالح، وإسرائيل، ومسعر، وخلق كثير، وكان أحد من عني بهذا الشأن، ورحل فيه.
روى عنه: الحسين بن صالح شيخه، وسفيان بن عيينة، وعمرو بن عاصم، وعلي بن المديني، والفلاس، وبندار، وعلي بن حرب، وعلي ابن الحسين الدرهمي، ومسدد، ونصر بن علي وولده علي بن نصر، ومحمد بن يحيى الذهلي، والكديمي، والفضل بن سهل، وخلق.
وقد قطع الحديث قبل موته بأعوام.
قال ابن سعد: كان ثقة عابدا ناسكا (1).
__________
= والتعديل 5 / 47، مشاهير علماء الامصار ت 1286، تهذيب الكمال: 677، تذهيب التهذيب 2 / 141 / 2، العبر 1 / 364، تذكرة الحفاظ 1 / 337، الكاشف 2 / 83، دول الاسلام: 1 / 130، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 418، تهذيب التهذيب 5 / 199، طبقات الحفاظ: 141، خلاصة تذهيب الكمال: 196، شذرات الذهب 2 / 29.
(1) " طبقات ابن سعد ": 7 / 295.
(*)

(9/347)


وروى معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين: ثقة مأمون صدوق.
وقال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى: فعبد الله بن داود ؟ قال: ثقة مأمون، قلت: فأبو عاصم ؟ قال: ثقة (1).
وروى عباس الدوري: عن يحيى قال: لم آت قط عبد الله بن داود، ولم أجلس إليه كنت أراه في الجامع (2).
وقال أبو زرعة والنسائي: ثقة.
وقال أبو حاتم: كان يميل إلى الرأي، وكان صدوقا (3).
وقال الدارقطني: ثقة زاهد.
وروى الكديمي عنه قال: كان سبب دخولي البصرة لان ألقى ابن عون، فلما صرت إلى قناطر سردارا، تلقاني نعيه، فدخلني ما الله به عليم (4).
روى عبدالرحمن بن خراش، عن نصر بن علي الجهضمي، قال: قدمت على ابن عيينة، فقال لي: من خلفت بالبصرة يحدث ؟ قلت: يزيد ابن هارون - كذا قال، وهذا خطأ، بل يزيد كان بواسط - إلى أن قال: ومن ؟ قلت: وابن داود، قال: ذاك أحد الا حدين (5).
وروى يموت بن المزرع، عن نصر بن علي، قال: لقيت ابن عيينة،
__________
(1) " الجرح والتعديل ": 5 / 47.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 303.
(3) الجرح والتعديل ": 5 / 47.
(4) " تهذيب الكمال " 678.
(5) " تهذيب الكمال ": 678.
(*)

(9/348)


وتعرفت إليه، فأكرمني، إلى أن قال لي يوما: من مشايخ البصرة اليوم ؟ قلت: يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي.
قال: فما فعل عبد الله ابن داود الخريبي ؟ قلت: حي يرزق، قال: ذاك شيخنا القديم (1).
قال زيد بن أخزم: سمعت الخريبي يقول: نول الرجل أن يكره ولده على طلب الحديث.
وقال: ليس الدين بالكلام إنما الدين بالآثار (2).
وقال في الحديث: من أراد به دنيا، فدنيا، ومن أراد به آخرة، فاخرة.
قال محمد بن يونس الكديمي: سمعت عبد الله بن داود يقول: ما
كذبت قط إلا مرة واحدة، قال لي أبي: قرأت على المعلم ؟ قلت: نعم.
وما كنت قرأت عليه (3).
وقال محمد بن يحيى الذهلي: سألت الخريبي عن التوكل، فقال أرى التوكل حسن الظن بالله.
وروى الفلاس، عن الخريبي، قال: كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها (4).
قال زيد بن أخزم: سمعت عبد الله بن داود يقول: من أمكن الناس من كل ما يريدون، أضروا بدينه ودنياه (5).
قال عباس الدوري: قلت ليحيى: إن الناس قالوا: بعث السلطان إلى عبد الله بن داود بمال، فأبى أن يأخذه، وقال: هو من مال الصدقة،
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 678.
(2) " تذكرة الحفاظ " 1 / 338.
(3) " تذكرة الحفاظ " 1 / 338.
(4) " تهذيب الكمال ": 678.
(5) " تهذيب الكمال ": 678.
(*)

(9/349)


ولو كتب به لي من الخراج، لاخذته، فقال: لعله إنما كره لانه كان ليس عليه دين، فيقول: إنما الصدقة لهؤلاء الاصناف، للفقراء والمساكين، والغارمين.
فقلت له: كيف يأخذ من الخراج ؟ قال: هذا كان أحب إليه، يقول: ليس هو من الصدقة (1).
أبو عبيد الآجري: عن أبي داود قال: خلف الخريبي أربع مئة دينار، وبعث إليه محمد بن عباد بيد نصر بن علي مئة دينار، فقبلها (2).
قال محمد بن أبي مسلم الكجي، عن أبيه قال: أتينا عبد الله بن داود ليحدثنا، فقال: قوموا اسقوا البستان، فلم نسمع منه غير هذا.
وقال إسماعيل الخطبي: سمعت أبا مسلم الكجي يقول: كتبت الحديث، وعبد الله بن داود حي، ولم أقصده، لاني كنت يوما في بيت عمتي، ولها بنون أكبر مني، فلم أرهم، فسألت عنهم، فقالوا: قد مضوا إلى عبد الله بن داود، فأبطؤوا، ثم جاؤوا يذمونه، وقالوا: طلبناه في منزله، فلم نجده، وقالوا: هو في بسيتنة له بالقرب، فقصدناه، فإذا هو فيها، فسلمنا عليه، وسألناه أن يحدثنا، فقال: متعت بكم، أنا في شغل عن هذا، هذه البسيتنة لي فيها معاش، وتحتاج إلى أن تسقى، وليس لي من يسقيها.
فقلنا: نحن ندير الدولاب، ونسقيها.
فقال: إن حضرتكم نية، فافعلوا، فتشلحنا وأدرنا الدولاب حتى سقينا البستان، ثم قلنا له: حدثنا الآن، فقال: متعت بكم، ليس لي نية في أن أحدثكم، وأنتم كانت لكم نية تؤجرون عليها (3).
__________
(1) " تاريخ يحيى بن معين " 303، 304.
(2) " تهذيب الكمال ": 678.
(3) " تهذيب الكمال ": 678.
(*)

(9/350)


قال الخطبي هذا أو معناه.
أنبأني المسلم بن علان، أخبرنا الكندي: أخبرنا الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا ابن رزق وأبو الفرج أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسن، قالوا: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا أبو العيناء قال: أتيت عبد الله بن داود، فقال: ما جاء بك ؟ قلت: الحديث، قال: اذهب
فتحفظ القرآن، قلت: قد حفظت القرآن، قال: اقرأ (واتل عليهم نبأ نوح..) [ يونس: 71 ].
فقرأت العشر حتى أنفذته، فقال لي: اذهب الآن فتعلم الفرائض، قلت: قد تعلمت الصلب والجد والكبر (1).
قال: فأيما أقرب إليك ابن أخيك أو عمك ؟ قلت: ابن أخي، قال: ولم ؟ قلت: لان أخي من أبي، وعمي من جدي، قال: اذهب الآن، فتعلم العربية، قال: قد علمتها قبل هذين، قال: فلم قال عمر - يعني حين طعن -: يا لله، يا للمسلمين، لم فتح تلك، وكسر هذه ؟ قلت: فتح تلك اللام على الدعاء، وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار، فقال: لو حدثت أحدا، لحدثتك (2).
لفظ أبي الفرج.
قال أبو نصر بن ماكولا: كان الخريبي عسرا في الرواية (3).
قلت: لقيه البخاري، ولم يسمع منه، واحتاج إليه في الصحيح، فروى عن مسدد عنه، وعن الفلاس عنه، وعن نصر بن علي عنه.
وترك التحديث تدينا إذ رأى طلبهم له بنية مدخولة.
قال الخريبي: ولدت سنة ست وعشرين ومئة.
__________
(1) أي: مسائل الفرائض الكبرى.
(2) " تهذيب الكمال ": 678.
(3) " الاكمال " 3 / 286، وفيه " التحديث " بدل " الرواية " (*)

(9/351)


وقال ابن سعد وجماعة: مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (1).
زاد الكديمي: في نصف شوال.
أخبرنا شيخ الاسلام شمس الدين عبدالرحمن بن أبي عمر في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن
محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عبد الله بن داود الخريبي، حدثتنا أم داود الوابشية قالت: رأيت علي بن أبي طالب يأكل لحم دجاج، ويصطبغ بخل خمر (2).

114 - خالد بن عبدالرحمن * (د، س) أبو الهيثم وأبو محمد الخراساني المروروذي.
نزل الساحل.
وحدث: عن عمر بن ذر، ومالك بن مغول، وشعبة، وسفيان، وإسرائيل، وشيبان، وكامل أبي العلاء.
وعنه: هشام بن عمار، ومحمد بن وزير، وابن معين، والربيع المرادي، وابن عبد الحكم، وأبو عتبة الحمصي، ومحمد بن محمد الصوري، ومحمد بن البرقي، وخلق.
وثقه ابن معين وغيره.
وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: لا بأس به (3).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 295.
(2) يصطبغ بخل، أي: يتخذه إداما، والوابشية،: نسبة إلى وابش بن زيد، وأم داود هذه لم أجد من ترجمها.
* التاريخ الكبير 3 / 161، الضعفاء للعقيلي لوحة: 116، الجرح والتعديل 3 / 341، تهذيب الكمال لوحة: 364، تذهيب التهذيب: 1 / 190 / 2، ميزان الاعتدال 6 / 633، الكاشف 1 / 271، تهذيب التهذيب 3 / 103.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 342.
(*)

(9/352)


وقال العقيلي: في حفظه شئ (1).

115 - شجاع بن الوليد * (ع)
ابن قيس، الامام المحدث العابد الصادق، أبو بدر السكوني (2) الكوفي، نزيل بغداد.
حدث عن: عطاء بن السائب، وليث بن أبي سليم، ومغيرة بن مقسم، وقابوس بن أبي ظبيان، وسليمان الاعمش، وهشام بن عروة، وموسى بن عقبة، وخصيف، وطبقتهم.
حدث عنه: ولده أبو همام الوليد بن شجاع، ويحيى بن معين، وأحمد، وإسحاق، وعلي، وأبو عبيد، وسعدان بن نصر، وأبو بكر الصغاني، وعبد الله بن روح المدائني، ومحمد بن عبيد الله المنادي، ويحيى بن أبي طالب، وعدد كثير.
وكان إماما ربانيا، من العلماء العاملين، وحديثه في دواوين الاسلام، وقع لنا جملة صالحة من عواليه.
__________
(1) الضعفاء " للعقيلي لوحة 116.
وفي الاصل عقب هذه الترجمة ترجمة عبد الله بن نمير، وقد تقدمت ترجمته في الصفحة 194، فحذفناها من هنا لتطابقها مع الترجمة المتقدمة بالنص والحرف.
* التاريخ لابن معين: 249، طبقات ابن سعد 7 / 333، التاريخ الكبير 4 / 261، التاريخ الصغير 2 / 306، الجرح والتعديل 3 / 378، مشاهير علماء الامصار: ت 1395، (تهذيب) الكمال: 574، تذهيب التهذيب 2 / 71 / 1، العبر 1 / 346، تذكرة الحفاظ 1 / 328، ميزان الاعتدال 2 / 264، الكاشف 2 / 5، تهذيب التهذيب 4 / 312، طبقات الحفاظ: 138، خلاصة تذهيب الكمال: 163، شذرات الذهب 2 / 12.
(2) هذه النسبة إلى السكون، وهو بطن من كندة، نسبة إلى السكون بن أشرس بن ثور.
(*)

(9/353)


قال أحمد بن حنبل: صدوق.
وقال محمد بن سعد: كان كثير الصلاة ورعا (1).
وقال سفيان الثوري: لم يكن بالكوفة أحد أعبد منه.
وقال المروذي: قال أبو عبد الله: كنت مع ابن معين، فلقي أبا بدر، فقال له: يا شيخ، اتق الله، وانظر هذه الاحاديث، لا يكون ابنك يعطيك، قال أبو عبد الله: فاستحييت وتنحيت، فبلغني أنه قال: إن كنت كاذبا، ففعل الله، وفعل.
ثم قال أبو عبد الله بن حنبل: أرجو أن يكون صدوقا (2).
قلت: ثم إن يحيى بن معين وثقه، وأنصفه.
نقل عن يحيى توثيقه أحمد بن أبي خيثمة.
وقد كان ابنه أبو همام من الثقات العلماء أيضا.
وأما أبو حاتم، فقال: أبو بدر لين الحديث، لا يحتج [ به ].
قلت: قد قفز القنطرة، واحتج به أرباب الصحاح (3).
ثم قال أبو حاتم: إلا أن عنده عن محمد بن عمرو أحاديث صحاحا (4).
قلت: لكن محمد بن عمرو مع صدقه وعلمه فيه لين ما، ولم يحتج به
__________
(1) طبقات ابن سعد: 7 / 333.
(2) تهذيب الكمال: 574.
(3) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 408: ليس له عند البخاري سوى حديث واحد في المحصر، وقد توبع شيخه فيه، وهو عمر بن محمد بن زيد العمري، عن نافع، عن ابن عمر.
(4) " الجرح والتعديل " 4 / 378، وفيه قال: سئل أبو زرعة عن شجاع بن الوليد،
فقال: لا بأس به.
(*)

(9/354)


الشيخان (1)، وبعض الائمة احتج به.
قال محمد بن سعد، وأبو حسان الزيادي: توفي أبو بدر سنة أربع ومئتين (2).
وقال البخاري: سنة خمس ومئتين (3).
قلت: كان معمرا من أبناء التسعين.

116 - أسباط بن محمد * (ع) الشيخ الامام المحدث، أبو محمد بن أبي نصر القرشي الكوفي.
حدث عن: أبي إسحاق الشيباني، وزكريا بن أبي زائدة، والاعمش، وعمرو بن قيس الملائي، وعدة.
روى عنه: الامام أحمد، وإسحاق بن راهويه، والحسن بن محمد الزعفراني، وبنو أبي شيبة، وأبو كريب، ومحمد بن عبيد، وابنه عبيد بن أسباط، والحسن بن علي بن عفان.
قال ابن معين: ثقة (4).
__________
(1) روى له البخاري مقرونا بغيره، ومسلم خرج حديثه في المتابعات، فهو حسن الحديث.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 333.
(3) " التاريخ الكبير " للبخاري 4 / 261.
* التاريخ لابن معين: 23، طبقات ابن سعد 6 / 393، تاريخ خليفة: 470، طبقات خليفة ت 1327، التاريخ الكبير 2 / 53، المعرفة والتاريخ: 2 / 652، الضعفاء للعقيلي: لوحة 43 - 44، الجرح والتعديل 1 / 332، مشاهير علماء الامصار: ت 1378، تهذيب الكمال: 39، تذهيب التهذيب 1 / 51 / 2، العبر 1 / 332، ميزان
الاعتدال 1 / 175، الكاشف 1 / 104، تهذيب التهذيب 1 / 211، خلاصة تذهيب الكمال: 26، شذرات الذهب 1 / 358.
(4) " تاريخ يحيى بن معين " 23.
(*)

(9/355)


وقال محمد بن عبد الله بن عمار: قال لنا وكيع: إن لاسباط بن محمد [ ثلاثة ] (1) آلاف حديث، فاسمعوا منه.
وقال الحسن بن عيسى: سألت ابن المبارك عنه، وعن ابن فضيل، فسكت، ثم قال: لا أرى أصحابنا يرضونهما.
توفي سنة مئتين في المحرم.
قرأت على محمد بن قايماز المقرئ، أخبرنا محمد بن قوام سنة ثلاثين وست مئة، أخبرنا خليل بن بدر، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن الفرات، حدثنا أزهر بن سعد، عن ابن عون، عن ابن سيرين قال: لا بأس بشرب خبث الحديد باللبن.
وأخبرنا به أحمد بن سلامة، عن خليل.

117 - حماد بن مسعدة * (ع) الحافظ الحجة، أبو سعيد التميمي، ويقال: الباهلي، مولاهم البصري.
حدث عن: هشام بن عروة، ويزيد بن أبي عبيد، وابن عون، وسليمان التيمي، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن راهويه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن أبي طالب،
__________
(1) سقطت من الاصل واستدركت من " التهذيب ".
* طبقات ابن سعد 7 / 294، تاريخ خليفة: 471، طبقات خليفة ت 1930،
التاريخ الصغير 2 / 296، الجرح والتعديل 3 / 148، مشاهير علماء الامصار ت 1284، تهذيب الكمال: 333 تذهيب التهذيب: 1 / 275 / 2، العبر: 1 / 336، الكاشف 1 / 252، تهذيب التهذيب 3 / 19، خلاصة تذهيب الكمال: 92.
(*)

(9/356)


وأحمد بن الفرات، وآخرون.
وثقه أبو حاتم (1).
مات في سنة اثنتين ومئتين في رجب.
أخبرنا موفق الدين محمد بن يوسف الحنبلي، وعيسى بن أبي محمد، ومحمد بن إسماعيل الآمدي، قالوا: أخبرنا أبو الحسن بن المقير، أخبرنا عبد الحق بن يوسف، أخبرنا جعفر بن أحمد السراج (ح) وأخبرونا عن ابن المقير، أخبرنا نصر الله القزاز، أخبرنا ابن نبهان (ح) وأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو المعالي بن الحبان، أخبرنا الحسين بن محمد السراج قالوا: أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدثنا يحيى بن جعفر، أخبرنا حماد بن مسعدة، أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " التمسوها في العشر الاواخر من رمضان (2) " - يعني: ليلة القدر.
هذا حديث صحيح، فيه أمر الامة بالتماس ليلة القدر (3).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 148.
(2) أخرجه البخاري 4 / 225، 226 في التراويح: باب تحري ليلة القدر، ومسلم (1169) في الصيام: باب فضل ليلة القدر، والترمذي (792) في الصوم: باب ما جاء في ليلة القدر، وأحمد في " المسند " 6 / 50 من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
(3) وفيه أيضا أن ليلة القدر منحصرة في رمضان، وأنها في العشر الاخير منه.
(*)

(9/357)


118 - يزيد بن هارون * (ع) ابن زاذي (1)، الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي، الحافظ.
مولده في سنة ثمان عشرة ومئة.
وسمع من: عاصم الاحول، ويحيى بن سعيد الانصاري القاضي، وسليمان التيمي، وسعيد الجريري، وحميد الطويل، وداود بن أبي هند، وبهز بن حكيم، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وعبد الله بن عون، وحريز بن عثمان، وأبي الاشهب جعفر بن الحارث، وسالم بن عبيد، وشيبان النحوي، وشعبة بن الحجاج، ومبارك، وعاصم بن محمد العمري، وعبد الملك بن أبي سليمان، وسعيد بن أبي عروبة، ومحمد بن إسحاق، وفضيل بن مرزوق، وسفيان بن حسين، وجويبر بن سعيد، وشريك بن عبد الله، وإسماعيل بن عياش، وقيس بن الربيع، وخلق كثير.
وكان رأسا في العلم والعمل، ثقة حجة، كبير الشأن.
حدث عنه: بقية بن الوليد مع تقدمه، وعلي بن المديني، وأحمد بن
__________
* تاريخ ابن معين: 677، طبقات ابن سعد 7 / 314، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة ت 3193، التاريخ الكبير 8 / 368، التاريخ الصغير 2 / 307، المعارف: 515، تاريخ الفسوي 1 / 195، 196، الجرح والتعديل 9 / 295، مشاهير علماء الامصار ت 1406، تاريخ بغداد 14 / 337، تهذيب الكمال: 1543، تذهيب التهذيب 4 / 181 / 1، العبر 1 / 350، تذكرة الحفاظ 1 / 317، الكاشف 3 / 287، دول
الاسلام 1 / 128، تهذيب التهذيب 11 / 366، طبقات الحفاظ: 132، خلاصة تذهيب االكمال: 435، شذرات الذهب 2 / 16.
(1) ويقال: زاذان.
(*)

(9/358)


حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، ومحمد بن عبد الله بن نمير، والحسن بن عرفة، وأبو إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وأحمد بن الوليد الفحام، وإسحاق الكوسج، والحسن بن علي الخلال، والزعفراني، وسلمة بن شبيب، وسليمان بن سيف الحراني، وعباس الدوري، وعبد الله بن منير، ومحمد ابن أحمد بن أبي العوام، وعبد بن حميد، وعبد الله الدارمي، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن سنان، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو قلابة الرقاشي، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، ويعقوب الدورقي، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن مسلمة الواسطي، ومحمد بن ربح البزاز، وإدريس بن جعفر العطار، وأحمد بن عبدالرحمن السقطي، وهو خاتمة من روى عنه.
يقال: إن أصله من بخارى.
قال علي بن المديني: ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون (1).
وقال يحيى بن يحيى التميمي: هو أحفظ من وكيع.
وقال أحمد بن حنبل: كان يزيد حافظا متقنا.
وقال زياد بن أيوب: ما رأيت ليزيد كتابا قط، ولا حدثنا إلا حفظا (2).
وقال علي بن شعيب: سمعت يزيد بن هارون يقول: أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بالاسناد ولا فخر، وأحفظ للشاميين عشرين ألف
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 339.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 340.
(*)

(9/359)


حديث لا أسأل عنها (1).
قلت: لانه أكثر إلى الغاية عن محدثي الشام: ابن عياش وبقية، وكان ذاك نازلا عنده، وإنما حسن سماع ذلك من أصحابهما في أيام أحمد ابن حنبل ونحوه.
قال المفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله وقيل له: يزيد بن هارون له فقه ؟ قال: نعم، ما كان أذكاه وأفهمه وأفطنه (2).
قال أحمد بن سنان القطان: ما رأينا عالما قط أحسن صلاة من يزيد بن هارون، لم يكن يفتر من صلاة الليل والنهار (3).
قال أبو حاتم الرازي: يزيد ثقة إمام، لا يسأل عن مثله (4).
وروى عمرو بن عون، عن هشيم، قال: ما بالمصرين (5) مثل يزيد ابن هارون.
وقال مؤمل بن يهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما دلست حديثا قط إلا حديثا واحدا عن عوف الاعرابي، فما بورك لي فيه (6).
عن عاصم بن علي قال: كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس بن الربيع، فأما يزيد، فكان إذا صلى العتمة، لا يزال قائما حتى يصلي الغداة
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 339، 340.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 340، و " المعرفة والتاريخ " 2 / 158، 159، (3) " تاريخ بغداد " 14 / 340.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 295.
(5) أي: الكوفة والبصرة.
(6) " تهذيب الكمال " 1544.
(*)

(9/360)


بذلك الوضوء نيفا وأربعين سنة (1).
وقال محمد بن إسماعيل الصائغ نزيل مكة: قال رجل ليزيد بن هارون: كم جزؤك ؟ قال: وأنام من الليل شيئا ؟ إذا لا أنام الله عيني (2).
وقال يحيى بن أبي طالب: سمعت من يزيد ببغداد، وكان يقال: إن في مجلسه سبعين ألفا (3).
قلت: احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد، وازدحموا عليه لجلالته وعلو إسناده.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: يزيد بن هارن ثقة ثبت منعبد حسن الصلاة جدا، يصلي الضحى ست عشرة ركعة، بها من الجودة غير قليل، قال: وكان قد عمي (4).
قال أبو بكر بن أبي شيبة: ما رأيت أحدا أتقن حفظا من يزيد بن هارون (5).
قال أحمد بن سنان: كان يزيد وهشيم معروفين بطول صلاة الليل والنهار.
وقال يعقوب بن شيبة: كان يزيد يعد من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 341.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 341.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 346.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 341.
(5) تهذيب الكمال " 1544.
(6) " تاريخ بغداد " 14 / 346.
(*)

(9/361)


أنبأنا المسلم بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو بكر الحيري، حدثنا أبو العباس الاصم، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرني الحسن بن شاذان الحافظ، حدثني ابن عرعرة، حدثني يحيى بن أكثم قال: قال لنا المأمون: لولا مكان يزيد بن هارون، لاظهرت القرآن مخلوق، فقيل: ومن يزيد حتى يتقى ؟ فقال: ويحك إني لارتضيه لا أن له سلطنة، ولكن أخاف إن أظهرته، فيرد علي، فيختلف الناس، وتكون فتنة (1).
العباس بن عبد العظيم، وأحمد بن سنان، عن شاذ بن يحيى، سمع يزيد بن هارون يقول: من قال: القرآن مخلوق، فهو زنديق.
وقد كان يزيد رأسا في السنة معاديا للجهمية، منكرا تأويلهم في مسألة الاستواء.
وروى حمدويه بن الخطاب، عن عبد الله بن عبدالرحمن الدارمي قال: أصل يزيد بن هارون من بخارى (2).
وقال محمد بن عبدالرحيم صاعقة: كان يزيد يخضب خضابا قانيا (3).
قال يحيى بن معين: يزيد بن هارون مثل هشيم وابن علية.
وقال أحمد بن حنبل: سماع يزيد من ابن أبي عروبة ضعيف، أخطأ في أحاديث.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 342.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 338.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 338.
وقانيا: شديدا، يقال: أحمر قان: شديد الحمرة.
(*)

(9/362)


قلت: إنما الضعف فيها من قبل سعيد بن أبي عروبة، لانه سمع منه بعد التغير.
وروى أحمد بن أبي خيثمة، عن يحيى قال: يزيد بن هارون لا يميز، ولا يبالي عمن روى.
وأحمد بن أبي خيثمة عن أبيه قال: كان يعاب على يزيد حيث ذهب بصره، ربما سئل عن حديث لا يعرفه، فيأمر جارية له تحفظه إياه من كتابه (1).
قلت: ما بهذا الفعل بأس مع أمانة من يلقنه، ويزيد حجة بلا مثنوية (2).
قال محمد بن رافع: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كان بالعراق أربعة من الحفاظ: شيخان: يزيد بن زريع، وهشيم، وكهلان: وكيع، ويزيد بن هارون، ويزيد أحفظهما (3).
الابار: سمعت أحمد بن خالد يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: سمعت حديث الصور مرة، فحفظته، وأحفظ عشرين ألفا، فمن شاء، فليدخل فيها حرفا (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 338، 339.
(2) أي: بلا استثناء.
قال: حلفت يمينا غير ذي مثنوية، أي لا استثناء فيها.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 339.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 340، وحديث الصور الذي حفظه مطول جدا أخرج بعضه ابن جرير في تفسيره 17 / 110، 111 من طريق إسماعيل بن رافع المدني، قاص أهل المدينة، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الانصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الانصار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما فرغ الله من خلق السماوات والارض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل...وهذا سند مسلسل بالضعفاء والمجاهيل، = (*)

(9/363)


وفي الحكاية المأمون المذكورة زيادة، قال: فخرج رجل - يعني من ناحية المأمون إلى واسط - قال: فجاء إلى يزيد، فقال: أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول لك: أريد أن أظهر: القرآن مخلوق، قال: كذبت على أمير المؤمنين، فإنه لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه (1).
وفي كتاب " ذم الكلام " أخبرنا محمد بن المنتصر الباهلي، أخبرنا محمد بن عبد الله الحسيني، حدثنا محمد بن إبراهيم الصرام، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغسيلي (2)، حدثنا عبد الوهاب بن الحكم قال: كان المأمون يسأل عن يزيد بن هارون يقول: ما مات، وما امتحن الناس حتى مات يزيد.
__________
= إسماعيل بن رافع ضعيف، وكذا شيخه، والرجلان من الانصار مجهولان، وأورده ابن كثير في " تفسيره " بتمامه 2 / 146، 149 من طريق الطبراني حدثنا أحمد بن الحسن المصري الايلي (وقد كذبه ابن حبان والدارقطني، واتهمه ابن عدي بسرقة الحديث) حدثنا أبو عاصم النبيل، حدثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:...فذكره، ثم قال: هذا حديث مشهور، وهو غريب جدا، ولبعضه شواهد في الاحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة تفرد به
إسماعيل بن رافع قاص المدينة، وقد اختلف فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ونص على نكارة حديثه غير واحد من الائمة، كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وعمرو ابن علي الفلاس، ومنهم من قال فيه: هو متروك، وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء.
وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة قد أفردتها في جزء على حدة، وأما سياقه، فغريب جدا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعلها سياقا واحدا، فأنكر عليه بسبب ذلك.
وقد أورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 339، 342، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وعلي بن سعيد في كتاب " الطاعة والعصيان "، وأبي يعلى، وأبي الحسن القطان في " المطولات " وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي موسى المديني كلاهما في " المطولات "، وأبي الشيخ في " العصمة "، والبيهقي في " البعث والنشور ".
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 342.
(2) نسبة إلى حنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة، فقد قتل يوم أحد جنبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لارى الملائكة تغسله " فسمي حنظلة الغسيل.
(*)

(9/364)


قال أبو نافع سبط يزيد بن هارون: كنت عند أحمد بن حنبل - وعنده رجلان: فقال أحدهما: رأيت يزيد بن هارون في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، وشفعني، وعاتبني، وقال: أتحدث عن حريز بن عثمان ؟ فقلت: يا رب ما علمت إلا خيرا، قال: إنه يبغض عليا رضي الله عنه.
وقال الرجل الآخر: رأيته في المنام، فقلت له: هل أتاك منكر ونكير ؟ قال: إي والله، وسألاني: من ربك ؟ وما دينك ؟ فقلت: المثلي يقال هذا، وأنا كنت أعلم الناس بهذا في دار الدنيا ؟ ! فقالا لي: صدقت (1).
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الهمذاني بمصر، أخبرنا أبو هريرة محمد بن الليث بن شجاع الوسطاني، وزيد بن هبة الله البيع ببغداد، قالا: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن المبارك، أخبرنا قفرجل، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين ابن إسماعيل القاضي إملاء، حدثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا زكريا، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 346، 347.
(2) إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي، وأخرجه أحمد في " المسند " 3 / 14، و 17، و 26، و 59، والطبراني في " المعجم الصغير " 1 / 135 من طرق عن عطية العوفي به لكن له شاهد يتقوى به عند أحمد 5 / 181، 182، من حديث زيد بن ثابت، وسنده حسن في الشواهد، وآخر من حديث زيد بن أرقم عند الترمذي (3788) وحسنه، وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند الترمذي (3786) أيضا وحسنه.
وفي الباب عن غير هؤلاء انظر " المجمع " 9 / 163، وما بعدها، وأخرجه مسلم في " صحيحه " (2408) في = (*)

(9/365)


أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن المعدل، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا علي بن الحسين البزاز، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أبو سهل بن زياد، حدثنا علي ابن إبراهيم الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا جعفر، عن القاسم، عن أبي أمامة الباهلي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا حسن إسلام العبد، تمم الله له عمله بسبع مئة ضعف " (1).
قرأت على عبد المؤمن بن خلف الحافظ، أخبرنا يحيى بن أبي السعود، أخبرتنا شهدة الكاتبة، أخبرنا الحسين بن أحمد، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدثنا جدي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا العوام بن حوشب، عن
__________
= فضائل الصحابة من حديث زيد بن أرقم مرفوعا بلفظ " ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: " وأهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي " وعترة الرجل: أهل بيته ورهطه الادنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " أهل بيتي " ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الادنين وأزواجه.
قال الطيبي في قوله: " إني تارك فيكم الثقلين ": إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله، وأنه يوصي الامة.
بحسن المخالفة معهما، وإيثار حقهما على أنفسهم كما يوصي الاب المشفق الناس في حق أولاده، ويعضده ما في حديث زيد بن أرقم عند مسلم: " أذكركم الله في أهل بيتي " كما يقول الاب المشفق: الله الله في حق أولادي.
(1) جعفر - وهو ابن الزبير الباهلي الدمشقي - متروك الحديث، والقاسم: هو ابن عبد الرحمن الدمشقي صاحب أبي أمامة، وقد صح الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة، فأخرجه أحمد 2 / 317، والبخاري 1 / 93 في الايمان: باب حسن إسلام المرء، ومسلم (129) في الايمان: باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب، من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله ".
[ * ]

(9/366)


سلمة بن كهيل، عن علقمة، عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار شئ فانطلق يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يزيده إلا غلظا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت، فبكى عمار، وقال: يارسول، ألا تراه ؟ فرفع رسول الله، فقال: " من أبغض عمارا، أبغضه الله، ومن عادي عمارا، عاداه الله " قال خالد: فخرجت، وليس شئ أحب إلي من رضى عمار، فلقيته، فرضي (1).
وبه إلى يعقوب: حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن سلمة ابن كهيل، عن محمد بن عبدالرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن الاسود، قال: كان بين خالد وعمار كلام، فشكاه خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " من يعاد عمارا، يعاده الله، ومن يبغض عمارا يبغضه الله، ومن يسب عمارا، يسبه الله " (2).
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد، وعبد الرحمن بن إبراهيم قالا: أخبرتنا شهدة، أخبرنا أبو عبد الله النعالي، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا محمد بن عبدالملك الدقيقي، حدثنا يزيد، حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كانت له أرض، وأراد بيعها، فليعرضها على جاره " (3).
__________
(1) " إسناده صحيح وأخرجه أحمد 4 / 89، من طريق يزيد بن هارون، وأورده الهيثمي في " المجمع " 9 / 293، ونسبه للطبراني وقال: ورجاله رجال الصحيح، وهو في " المستدرك " 3 / 391، وقد تقدم في ترجمة عمار 3 / 415.
(2) رجاله ثقات.
(3) شريك وهو ابن عبد الله القاضي سيئ الحفظ، وسماك روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في سنن ابن ماجة (2493) في الشفعة: باب من باع رباعا فليؤذن شريكه = [ * ]

(9/367)


أخبرنا يحيى بن أبي منصور، وعبد الرحمن بن محمد كتابة، قالا: أخبرنا عمر بن محمد المعلم، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا أحمد بن عبيد الله، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي، والمسجد الحرام، والمسجد الاقصى " (1).
معناه: لا تشد الرحال إلى مسجد، ابتغاء الاجر سوى المساجد الثلاثة، فإن لها فضلا خاصا، فمن قال: لم يدخل في النهي شد الرحل إلى زيادة قبر نبي أو ولي، وقف مع ظاهر النص، وأن الامر بذلك والنهي خاص بالمساجد، ومن قال بقياس الاولى، قال: إذا كان أفضل بقاع الارض مساجدها، والنهي ورد فيها، فما دونها في الفضل كقبور الانبياء والصالحين، أولى بالنهي، أما من سار إلى زيارة قبر فاضل من غير شد رحل، فقربة بالاجماع بلا تردد، سوى ما شذ به الشعبي ونحوه، فكان بلغهم النهي عن زيارة القبور، وما عملوا بأنه نسخ ذلك، والله أعلم.
__________
= من طريقين، عن يزيد بن هارون بهذا الاسناد، وفي الباب ما يشهد له عن جابر عند مسلم (2173) (133) و (134) و (135)، وأبي داود (3513) بلفظ: " من كان له شريك في ربعة أو نخل، فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن رضي أخذ، وإن كره ترك " ولابي داود (3518)، والترمذي (1369)، وابن ماجة (2494) عن جابر بسند قوي: " الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا ".
(1) سنده حسن، وأخرجه أحمد في " المسند " 2 / 501، من طريق يزيد بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد أيضا 2 / 238، والبخاري 3 / 51، 52 في التطوع: باب فضل الصلاة في مسجد مكة، والمدينة، ومسلم (1397)، في الحج: باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، وأبو داود (2033) في المناسك: باب في إتيان المدينة، والنسائي 2 / 37 و 38 في المساجد: باب ما تشد الرحال إليه من المساجد.
وابن ماجة (1409) كلهم من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
(*)

(9/368)


قال يعقوب بن شيبة: توفي يزيد بواسط في شهر ربيع الآخر سنة ست ومئتين.
قلت: يقع حديثه عاليا في " الغيلانيات " (1)، ومن ذلك حديث " الاعمال بالنية " وحديثه كثير جدا في مسند أحمد، وفي الكتب الستة، وفي أجزاء كثيرة.
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود: سمعت أحمد بن سنان يقول: كان يزيد يكره قراءة حمزة كراهة شديدة (2).
قال المزي: يزيد بن هارون بن زاذي، ويقال: زاذان بن ثابت، كان جده مولى لام عاصم امرأة عتبة بن فرقد، فأعتقته، قيل: أصله من بخارى، روى عن أبان بن أبي عياش، وإسماعيل بن أبي خالد، وإسماعيل بن مسلم المكي، وأشعث بن سوار، وأصبغ بن زيد، وحجاج بن أرطاة، وحجاج بن أبي زينب، وحسين المعلم، وعوف
__________
(1) الغيلانيات: هي أحد عشر جزءا تخريج الدارقطني من حديث أبي بكر بن محمد ابن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي البزار المتوفى سنة 354 ه، وهو القدر المسموع لابي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز المتوفى سنة 404 ه من أبي بكر
المذكور، وهي من أعلى الحديث وأحسنه.
(2) وكذا الامام أحمد، فقد جاء في " المغني " 1 / 492 لابن قدامة: ولم يكره قراءة أحد من العشر إلا قراءة حمزة والكسائي لما فيها من الكسر والادغام والتكلف وزيادة المد.
قال الاثرم: قلت: إمام كان يصلي بقراءة حمزة، أصلي خلفه ؟ قال: لا يبلغ به هذا كله، ولكنها لا تعجبني قراءة حمزة.
قال ابن الجزري في " طبقات القراء " 1 / 263: وهو محمول على قراءة من سمع منه ناقلا عن حمزة، وما آفة الاخبار إلا رواتها، وروي عن حمزة من طرق أنه كان يقول لمن يفرط عليه في المد والهمز: لا تفعل، أما علمت أن ما كان فوق البياض، فهو برص، وما كان فوق الجعودة، فهو قطط، وما كان فوق القراءة ليس بقراءة.
(*)

(9/369)


الاعرابي، والعوام بن حوشب، والعلاء بن زيدل (1)، وفائد أبي الورقاء، وهشام بن حسان، وأبي مالك الاشجعي، وذكر خلقا قد مضوا، وينزل إلى الرواية عن بقية بن الوليد ونحوه وسمى من الرواة عنه مئة وأربعة عشر نفسا (2).
روى أبو طالب، عن أحمد قال: كان يزيد حافظا متقنا للحديث، صحيح الحديث، عن حجاج بن أرطاة، قاهرا لها حافظا.
وقال ابن معين: ثقة.
وقال أبو زرعة: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول: ما رأيت أتقن حفظا من يزيد بن هارون.
قال أبو زرعة: والاتقان أكبر من حفظ السرد.
وقال أبو حاتم: ثقة إمام صدوق، لا يسأل عن مثله.
وقال أحمد بن سنان، عن عفان: أخذ يزيد عن حماد بن سلمة حفظا، وهي صحاح، بها من الاستواء غير قليل، ومدحها.
وقال أحمد بن سنان: ما رأيت عالما قط أحسن صلاة من يزيد بن هارون، يقوم كأنه أسطوانة.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.
ولد سنة ثمان عشرة ومئة، وقال: طلبت الحديث، وحصين حي، كان ابن المبارك يقرأ عليه، وكان قد نسي (3).
__________
(1) في " التقريب ": العلاء بن زيد، ويقال له: زيدل، بزيادة لام، الثقفي أبو محمد البصري متروك، ورماه أبو الوليد بالكذب.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1543، 1544.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 314.
(*)

(9/370)


قال ابن سعد: وتوفي في خلافة المأمون، وهو ابن تسع أو ثمان وثمانين سنة وأشهر - يعني سنة ست ومئتين (1).
وروى المروذي عن جعفر بن ميمون حكاية تدل على أن يزيد بن هارون كان صاحب مزاح، وكان يتأدب بحضور الامام، ولا يمازحه.
وقد اعتل أحمد مرة، فعاده يزيد، ووصله بخمس مئة درهم، فردها أحمد، واعتذر.
قرأت على أحمد بن محمد الحافظ، أخبركم ابن خليل، أخبرنا مسعود الخياط، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو الفتح علي بن محمد التأني، حدثنا ابن المقرئ، سمعت أحمد بن عمرو بن جابر الرملي، سمعت الحارث بن أبي أسامة يقول: كان يزيد بن هارون إذا جاءه من فاته المجلس، قال: يا غلام، ناوله المنديل.
وبه: قال ابن المقرئ، سمعت ابن قتيبة، سمعت مؤمل بن
يهاب، سمعت يزيد بن هارون يقول: اللهم لا تجعلنا من الثقلاء.
الطبراني: حدثنا المعمري، سمعت خلف بن سالم يقول: كنا في مجلس يزيد بن هارون، فمزح مع مستمليه، فتنحنح أحمد بن حنبل، فقال يزيد: من المتنحنح ؟ فقيل له: أحمد بن حنبل، فضرب يزيد على جبينه، وقال: ألا أعلمتموني أن أحمد هاهنا حتى لا أمزح.
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 314، 315.
(*)

(9/371)


ومن طبقة على رأس المئتين، وهي العاشرة
119 - معاذ بن هشام * (ع) ابن أبي عبد الله سنبر، الامام المحدث الثقة البصري.
حدث عن: أبيه هشام الدستوائي فأكثر، وقد روى اليسير عن ابن عون، وأشعث بن عبدالملك، وبكير بن أبي السميط، وشعبة.
حدث عنه: أحمد، وابن راهويه، وعلي، وأبو خيثمة، والقواريري، وبندار، وأبو موسى الزمن، وأبو قدامة عبيد الله السرخسي، وعمرو بن علي، وبكر بن خلف، وإبراهيم بن عرعرة، وأبو سعيد الاشج، ونصر بن علي، وأبو هشام الرفاعي، ويزيد بن سنان، وزيد بن أخزم، وخلق.
روى الميموني عن أحمد قال: كان في كتابه عن أبيه: ليس المعاصي من قدر الله.
قلت له: وما علمك ؟ قال: أنا رأيته في كتابه عن أبيه، ثم خرج إلى مكة في تجارة، فجلس يحدثهم، فقال الحميدي: لا تسمعوا من هذا القدري شيئا (1).
__________
* تاريخ ابن معين: 572، التاريخ الكبير 7 / 366، التاريخ الصغير 2 / 289،
الجرح والتعديل 8 / 249، الكامل لابن عدي: لوحة 796، تهذيب الكمال: 1340، تذهيب التهذيب 4 / 48 / 1، العبر 1 / 334، ميزان الاعتدال 4 / 133، تذكرة الحافظ 1 / 325، الكاشف 3 / 155، تهذيب التهذيب 10 / 196، طبقات الحفاظ: 136، خلاصة تذهيب الكمال: 380، شذرات الذهب 1 / 359.
(1) " تهذيب الكمال ": 1340.
(*)

(9/372)


قال: وسمع أبو عبد الله من يكثره في الحديث والفقه، فقال: أي شئ عنده من الحديث ؟ ما كتبت عنه إلا مجلسا سبعة عشر حديثا (1).
وروى عباس عن ابن معين: صدوق، وليس بحجة (2).
وقال ابن المديني: سمعت معاذ بن هشام يقول بمكة، وقيل له: ما عندك ؟ قال: عندي عشرة آلاف، فأنكرنا عليه، وسخرنا منه، فلما جئنا إلى البصرة، أخرج إلينا من الكتب نحوا مما قال - يعني عن أبيه - فقال: هذا سمعته، وهذا لم أسمعه، فجعل يميزها (3).
وقال أبو عبيد الآجري: قلت لابي داود: معاذ بن هشام عندك حجة ؟ فقال: أكره أن أقول شيئا، كان يحيى لا يرضاه.
قال أبو عبيد: لا أدري من عنى: يحيى القطان، أو يحيى بن معين، وأظنه يحيى القطان (4).
قال ابن عدي: وله عن أبيه عن قتادة حديث كثير، وله عن غير أبيه أحاديث صالحة، وربما يغلط في الشئ، وأرجو أنه صدوق (5).
قال ابن حبان في " الثقات ": مات سنة مئتين.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن
هبة الله بن عبد العزيز المراتبي، أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 1340.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 572.
(3) " الكامل " لابن عدي: لوحة 796، و " تهذيب الكمال ": 134.
(4) " تهذيب الكمال ": 134.
(5) " الكامل في الضعفاء " لوحة 797 (*)

(9/373)


الدينوري، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا زيد بن أخزم، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن حماد، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يخرج قوم من النار برحمة الله وشفاعة الشافعين، يقال لهم: الجهنميون ".
قال حماد: فذكر أنهم استعفوا الله من ذلك الاسم، فأعفاهم.
هذا حديث جيد الاسناد، ولم يخرجوه في الكتب الستة (1).

120 - أبوالبختري * قاضي القضاة، وهب بن وهب، بن كثير، بن عبد الله، بن زمعة، بن الاسود، بن المطلب، بن أسد، القرشي الاسدي المدني، من نبلاء الرجال إلا أنه متروك الحديث.
يروي عن هشام بن عروة، وجعفر بن محمد، وعبيد الله بن عمر.
وعنه: رجاء بن سهل، والمسيب بن واضح، وجماعة.
ونزل بغداد، وولي قضاء عسكر المهدي، ثم قضاء المدينة
وحربها معا وصلاتها.
__________
(1) وأخرجه أحمد 5 / 402 من طريق محمد بن جعفر وحجاج، كلاهما عن حماد بهذا الاسناد.
وفيه: قال الحجاج: " الجهنميين " وإسناده صحيح.
* تاريخ ابن معين: 637، طبقات ابن سعد 7 / 332، تاريخ خليفة: 468، طبقات خليفة: 468، التاريخ الكبير 8 / 170، التاريخ الصغير 2 / 320، الضعفاء الصغير: 116، المعارف: 516، الضعفاء والمتروكين: 104، الضعفاء للعقيلي لوحة 442، الجرح والتعديل 9 / 25، كتاب المجروحين 3 / 74، تاريخ بغداد 3 / 451، العبر 1 / 334، ميزان الاعتدال 4 / 353، لسان الميزان 6 / 231، شذرات الذهب 1 / 360.
(*)

(9/374)


وقال الخطيب: ولي قضاء القضاة بعد أبي يوسف، وكان جوادا ممدحا محتشما (1).
قال أحمد وابن معين: يضع الحديث (2).
وقال البخاري: سكتوا عنه (3).
وقال الخطيب: كان فقيها أخباريا جوادا سريا، تزوج بأمه جعفر الصادق، وهي عبدة بنت علي بن يزيد بن ركانة المطلبية، وقد صنف في النسب وفي الغزوات وغير ذلك.
توفي سنة مئتين وله بضع وسبعون سنة.

121 - سليم بن عيسى * ابن سليم بن عامر، شيخ القراء، أبو عيسى، وأبو محمد الحنفي مولاهم الكوفي.
تلميذ حمزة، وأحذق أصحابه، وهو خلفه في الاقراء.
تلا عليه: خلف البزار، وخلاد بن خالد، وأبو عمر الدوري، وأبو حمدون الطيب، وأحمد بن جبير الانطاكي، وترك الحذاء (4)، وخلق كثير.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 451.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 637.
(3) " التاريخ الكبير " 8 / 170، والبخاري يطلق هذه الجملة، وجملة: " فيه نظر " فيمن تركوا حديثه، بل قال ابن كثير: إنهما أدنى المنازل عنده وأردؤها.
* التاريخ الكبير 4 / 127، الضعفاء للعقيلي: 171، الجرح والتعديل 4 / 215، العبر 1 / 300 ميزان الاعتدال 2 / 231، دول الاسلام 1 / 119، غاية النهاية 1 / 318، شذرات الذهب 1 / 320.
(4) هو محمد بن حرب الحذاء الكوفي المعدل، من قدماء أصحاب سليم بن عيسى، انظر ترجمته في " غاية النهاية " 1 / 187.
(*)

(9/375)


وروى عن: حمزة، والثوري.
روى عنه: ضرار بن صرد، وأحمد بن حميد.
قال الدوري: قال لي الكسائي: كنت أقرأ على حمزة، فجاء سليم، فتلكأت، فقال حمزة: تهابه ولا تهابني ؟ قلت: أيها الاستاذ، أنت إن أخطأت، قومتني، وهذا إن أخطأت، عيرني.
وقيل: إن سليما تلا على حمزة بن حبيب عشر ختم.
قال خلف وهارون بن حاتم: مات سليم سنة ثمان وثمانين ومئة، وقيل: سنة تسع وثمانين.

122 - محمد بن شعيب * (4) ابن شابور، الامام المحدث، العالم الصادق، أبو عبد الله الدمشقي، مولى بني أمية، سكن بيروت.
مولده في حدود العشرين ومئة.
روى عن: يحيى بن الحارث الذماري، وعمر مولى غفرة، ويزيد بن أبي مريم، ويحيى بن أبي عمرو السيباني - بمهملة - وعثمان بن أبي العاتكة، والاوزاعي، وعروة بن رويم، وعبد الرحمن بن حسان الكناني، وشيبان النحوي، وقرة بن حيويل، وعدة.
__________
* طبقات خليفة ت (3040)، التاريخ الكبير 1 / 113، الجرح والتعديل 7 / 286، تهذيب الكمال: لوحة 1209، تذهيب التهذيب 3 / 212 / 2، العبر 1 / 331، ميزان الاعتدال 3 / 580، تذكرة الحفاظ 1 / 315، الكاشف 3 / 52، طبقات القراء لابن الجزري 2 / 154، تهذيب التهذيب 9 / 222، النجوم الزاهرة 2 / 165، طبقات الحفاظ: 132، خلاصة تذهيب الكمال: 341، شذرات الذهب 1 / 375.
(*)

(9/376)


حدث عنه: سليمان بن عبدالرحمن، ودحيم، ومحمد بن مصفى، وكثير بن عبيد، ومحمد بن هاشم البعلبكي، ومحمود بن خالد السلمي، وأبو عتبة الحجازي، وخلق سواهم.
وثقه دحيم.
وقال أحمد بن حنبل: ما أرى به بأسا، كان رجلا عاقلا (1).
وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا عن يحيى الذماري، وكان يفتي في مجلس الاوزاعي.
قال محمد بن مصفى: توفي سنة تسع وتسعين ومئة (2).
وقال هشام بن عمار: توفي سنة ثمان وتسعين.
وقال دحيم: سنة مئتين.
قال ابن عساكر: هو مولى لسليمان بن عبدالملك، وله دار عند الشلاحة بباب توما.
روى عنه: ابن المبارك مع تقدمه، وتلا عليه الربيع بن ثعلب.
قال دحيم: سمعته يقول: ولدت سنة ست عشرة ومئة.
وهم الحفاظ عبد الغني الازدي إذ ضبطه جده شابور بسين مهملة.
وقال أحمد بن أبي الحواري: استفتي الوليد بن مسلم وابن شابور جالس، فقال: سل أبا عبد الله.
قال أبو بكر النقاش: سمعت الفضل بن محمد العطار بأنطاكبة
__________
(1) " تهذيب الكمال " 1210.
(2) " تذهيب التهذيب ": 3 / 212 / 2.
(*)

(9/377)


يقول: قلت لهشام بن عمار: عندنا بأنطاكية من يحدثنا عن الوليد بن مسلم عنك، فقال: روى عني الوليد ومن هو أجل منه: ابن شابور.
سمعها أبو علي بن شاذان من النقاش.
هاشم بن مرثد: سمعت ابن معين يقول: محمد بن شعيب كان مرجئا، وليس به بأس في الحديث.
وقال أحمد العجلي: ثقة.
وقال أبو حاتم: هو أثبت من محمد بن حمير، ومن بقية، ومن محمد بن حرب (1).
قلت: كان إماما طلابة للعلم.

123 - الطيالسي * (م، 4) سليمان بن داود بن الجارود، الحافظ الكبير، صاحب المسند، أبو داود الفارسي، ثم الاسدي، ثم الزبيري، مولى آل الزبير بن العوام، الحافظ البصري.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد وطائفة، سمعوا عمر بن محمد،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 286.
* تاريخ ابن معين: 229، طبقات ابن سعد 7 / 298، تاريخ خليفة: 24 و 472، طبقات خليفة ت (1934)، التاريخ الكبير 4 / 10، التاريخ الصغير 2 / 299، المعارف: 520، الجرح والتعديل 4 / 111، الكامل لابن عدي لوحة 318، 319، طبقات المحدثين بأصبهان لوحة 41، تاريخ بغداد 9 / 24، تهذيب الكمال لوحة 537، تذهيب التهذيب 2 / 47 / 1، العبر 1 / 354، ميزان الاعتدال 2 / 203، تذكرة الحفاظ 1 / 351، الكاشف 2 / 392، شرح العلل لابن رجب 2 / 596، تهذيب التهذيب 4 / 176، طبقات الحفاظ: 849، خلاصة تذهيب الكمال: 151، شذرات الذهب 2 / 12.
(*)

(9/378)


أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا عمارة بن مهران، عن ثابت، قال: صلى بنا أنس بن مالك صلاة، فأوجز فيها، فقال: هكذا كانت صلاة نبيكم صلى الله عليه وسلم (1).
أخبرنا سنقر بن عبد الله بحلب، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا خليل بن بدر وغيره قالوا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو داود، حدثنا عبدالملك بن ميسرة، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: " وصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن إن شاء الله: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وألا أنام إلا على وتر " (2).
__________
(1) عمارة بن عمران لا بأس به، وباقي رجاله ثقات، وأخرج البخاري 2 / 169، في الجماعة: باب الايجاز في الصلاة وإكمالها، ومسلم (469) في الصلاة: باب أمر الائمة
بتخفيف الصلاة في تمام، وأحمد 3 / 101 من طرق، عن عبد العزيز بن حبيب، عن أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجز الصلاة ويكملها " هذا لفظ البخاري وأحمد، ولفظ مسلم: " كان يوجز في الصلاة ويتم ".
وفي رواية: " كان من أخف الناس صلاة في تمام "، وفي ثالثة: " ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وهو في سنن ابن ماجة (985).
(2) عبدالملك بن ميسرة لم يرو عنه غير أبي داود الطيالسي، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 2 / 459، والبخاري 3 / 47، ومسلم (721)، والدارمي 1 / 339، و 2 / 19، والنسائي 3 / 229، كلهم من طريق شعبة عن عباس الجريري عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 4 / 197، ومسلم (721)، عن أبي التياح، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (7721) أيضا من طريق سليمان بن معبد عن معلى بن أسد، عن عبد العزيز بن المختار، عن عبد الله الداناج عن أبي رافع الصائغ، عن أبي هريرة، وأخرجه أبو داود (1432) من طريق ابن المثنى، عن أبي داود، عن أبان ابن يزيد، عن قتادة، عن أبي سعيد من أزد شنوءة، عن أبي هريرة، وأخرجه من طرق عن أبي هريرة أحمد 2 / 258، و 260 و 265 و 277 و 329 و 402 و 472 و 484 و 489 و 497 و 499 و 505 و 526.
(*)

(9/379)


أنبأنا به أحمد بن سلامة عن خليل.
سمع أيمن بن نابل، وهو تابعي، ومعروف بن خربوذ، وطلحة ابن عمرو، وهشام بن أبي عبد الله، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وبسطام بن مسلم، وأبا خلدة خالد بن دينار، وقرة بن خالد، وصالح بن أبي الاخضر، وأبا عامر الخزاز، والحمادين، وداود بن أبي الفرات، وزمعة بن صالح، وجرير بن حازم، وفليح بن سليمان،
والمسعودي، وحرب بن شداد، وابن أبي ذئب، وعبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان، وزائدة، وإسرائيل، وهمام بن يحيى، ومحمد بن أبي حميد، وخلقا كثيرا.
وينزل إلى ابن المبارك، وابن عيينة.
وقيل: إنه لقي ابن عون، وما ذاك ببعيد.
روى عنه: جرير بن عبدالحميد أحد شيوخه، وأحمد بن حنبل، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن بشار، ويعقوب الدورقي، ومحمد ابن سعد الكاتب، وعباس الدوري، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وأحمد بن الفرات، والكديمي، وهارون بن سليمان، وخلق، آخرهم موتا محمد بن أسد المديني شيخ أبي الشيخ، له عنه مجلس ليس عنده سواه.
وعمر إلى سنة ثلاث وتسعين ومئتين، ولقيه الطبراني، فعاش بعد أبي داود تسعين عاما، وهذا نادر جدا، لم يتهيأ مثله إلا البغوي، وأبي علي الحداد، وابن كليب، وأناس نحو بضعة عشر شيخا، خاتمتهم أبو العباس الحجار.
قال الفلاس: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي داود.

(9/380)


قلت: قال مثل هذا، وقد صحب يحيى القطان، وابن مهدي، ورافق ابن المديني.
قال عبدالرحمن بن مهدي: أبو داود هو أصدق الناس.
قلت: كانا رفيقين في الطلب بالبصرة.
فاستعملا البلاذر، فجذم أبو داود، وبرص الآخر.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: رحلت - يعني من الكوفة - إلى
أبي داود، فأصبته قد مات قبل قدومي بيوم.
قال: وكان قد شرب البلاذر، فجذم (1).
قال عامر بن إبراهيم الاصبهاني: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن ألف شيخ.
وورد عن أبي داود أنه كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث.
قال سليمان بن حرب: كان شعبة يحدث، فإذا قام، قعد أبو داود الطيالسي، وأملى من حفظه ما مر في المجلس (2).
وروى عبدالرحمن بن أبي حاتم، عن يونس بن حبيب قال: قال أبو داود: كنا ببغداد وكان شعبة وابن إدريس يجتمعون يتذاكرون، فذكروا باب المجذوم، فقلت: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، قال: كان معيقيب يحضر طعام عمر بن الخطاب، فقال له: يا معيقيب: كل مما يليك.
فقال شعبة: يا أبا داود لم تجئ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 26.
وقد تقدم تعريف " البلاذر " ص 197 ت (2).
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 25.
(*)

(9/381)


بشئ أحسن مما جئت به (1).
قال وكيع: ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود، قال: فذكر ذلك لابي داود، فقال: قل له: ولا قصير (2).
قال علي بن أحمد بن النضر: سمعت ابن المديني يقول: ما رأيت أحفظ من أبي داود الطيالسي (3).
وقال عمر بن شبة: كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس كان معه كتاب (4).
قلت: سمعت يونس بن حبيب عدة مجالس مفرقة، فهي " المسند " الذي وقع لنا.
وقال أبو بكر الخطيب: قال لنا أبو نعيم: صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود.
وقال حفص بن عمر المهرقاني (5): كان وكيع يقول: أبو داود جبل العلم.
وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: أخطأ أبو داود في ألف حديث.
قلت: هذا قاله إبراهيم على سبيل المبالغة، ولو أخطأ في سبع هذا، لضعفوه.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 112.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 27.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 27.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 27.
(5) نسبة إلى مهرقان، وهي قرية من قرى الري.
(*)

(9/382)


وقد تكلم فيه محمد بن المنهال الضرير، وقال كنت أتهمه، قال لي: لم أسمع من عبد الله بن عون، ثم سألته بعد: أسمعت من ابن عون ؟ قال: نعم نحو عشرين حديثا.
قلت: الجمع بين القولين أنه سمع منه شيئا ما ضبطه ولا حفظه، فصدق أن يقول: ما سمعت منه، وإلا فأبو داود أمين صادق، وقد أخطأ في عدة أحاديث لكونه كان يتكل على حفظه، ولا يروي من أصله، فالورع أن المحدث لا يحدث إلا من كتاب كما كان يفعل ويوصي به
إمام المحدثين أحمد بن حنبل، ولم يخرج البخاري لابي داود شيئا لانه سمع من عدة من أقرانه، فما احتاج إليه.
قال الفلاس: سمعت أبا داود يقول: أسرد ثلاثين ألف حديث، ولا فخر، وفي صدري اثنا عشر ألفا لعثمان البري، ما سألني عنها أحد من أهل البصرة، فخرجت إلى أصبهان، فبثثتها فيهم (1).
قال حجاج بن يوسف بن قتيبة: سئل النعمان بن عبد السلام، وأنا حاضر عن أبي داود الطيالسي، فقال: ثقة مأمون (2).
عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، عن إبراهيم الاصبهاني، سمعت بندارا يقول: ما بكيت على أحد من المحدثين ما بكيت على أبي داود، قلت له: كيف ؟ قال: لما كان من حفظه ومعرفته وحسن مذاكرته (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 27.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 28.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 27، و " تهذيب الكمال ": 538.
(*)

(9/383)


وقال أحمد بن الفرات: ما رأيت أحدا أكثر في شعبة من أبي داود، وسألت أحمد بن حنبل عنه، فقال: ثقة صدوق، قلت: إنه يخطئ، قال: يحتمل له (1).
وقال عثمان بن سعيد: سألت ابن معين عن أصحاب شعبة، قلت: أبو داود أحب إليك أو عبدالرحمن بن مهدي ؟ فقال: أبو داود أعلم به، ثم قال عثمان الدارمي: عبدالرحمن أحب إلينا في كل شئ، وأبو داود أكثر رواية عن شعبة (2).
وقال العجلي: أبو داود ثقة، كثير الحفظ، رحلت إليه، فأصبته مات قبل قدومي بيوم.
وقال النسائي: ثقة من أصدق الناس لهجة (3).
وقال ابن عدي: ثقة يخطئ، ثم قال: وما هو عندي وعند غيري إلا متيقظ ثبت (4).
وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، ربما غلط، توفي بالبصرة سنة ثلاث ومئتين، وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة (5).
وقال خليفة: مات في ربيع الاول سنة أربع ومئتين (6).
قلت: استشهد به البخاري في " صحيحه " (7).
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 538، وهل ثمت محدث أو حافظ يعرى عن الخطأ ؟ ! (2) " تاريخ بغداد " 9 / 28.
(3) " تهذيب الكمال ": 538.
(4) " الكامل " لابن عدي: لوحة 282.
(5) " طبقات ابن سعد " 7 / 298.
(6) " تاريخ خليفة ": 472.
(7) جاء في البخاري 8 / 677 في التفسير: باب (قم فأنذر) ما نصه: حدثني محمد = (*)

(9/384)


124 - سعيد بن عامر * (ع) الضبعي البصري الزاهد الحافظ، أبو محمد مولى بني عجيف، وأخواله من بني ضبيعة.
ولد بعد العشرين ومئة.
حدث عن: شبيل بن عزرة صاحب أنس، وقال: حملني على
كتفه، فسمعت شبيلا يقول.
وحدث أيضا عن: حبيب بن الشهيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ويونس بن عبيد، وسعيد بن أبي عروبة، وحميد بن الاسود، وهمام بن يحيى، وصالح بن رستم وعدة.
حدث عنه: علي بن المديني، وأحمد، ويحيى بن معين، وابن راهويه، وبندار، والدارمي، وعبد بن حميد، ومحمود بن غيلان، وعبد الله بن محمد بن مضر الثقفي، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد ابن أحمد بن أبي العوام، وأحمد بن الفرات الرازي، وعدد كثير.
قال محمد بن الوليد البسري: سمعت يحيى القطان يقول: سعيد
__________
= ابن بشار، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي وغيره، قالا: حدثنا حرب بن شداد..قال الحافظ عند قوله: " وغيره ": هو أبو داود الطيالسي.
أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق أبي عروبة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود قالا...وهذا هو المكان الوحيد الذي استشهد فيه البخاري بأبي داود.
* العلل لاحمد: 281، طبقات ابن سعد 7 / 296، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة ت (1923)، التاريخ الكبير 3 / 502، التاريخ الصغير 2 / 313، الجرح والتعديل 4 / 48، تهذيب الكمال: 498، تذهيب التهذيب 2 / 22 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 351، الكاشف 1 / 364، دول الاسلام 1 / 128، تهذيب التهذيب 4 / 50، طبقات الحفاظ: 149، خلاصة تذهيب الكمال: 139، شذرات الذهب 2 / 20.
(*)

(9/385)


ابن عامر شيخ المصر منذ أربعين سنة (1).
وقال أبو داود السجستاني: إني لاغبط جيران سعيد بن عامر.
قال زياد بن أيوب: ما رأيت بالبصرة مثل سعيد الضبعي، وكذا
قال أحمد بن الفرات (2).
وقال يحيى بن معين: حدثنا سعيد بن عامر الثقة المأمون.
وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أفضل منه، ومن حسين الجعفي.
قال أبو حاتم الرازي: كان سعيد بن عامر رجلا صالحا صدوقا، في حديثه بعض الغلط (3).
قال أبو بكر الخطيب: حدث عنه: عبد الله بن المبارك، ومحمد ابن يحيى بن المنذر القزاز، وبين موتهما مئة وتسع سنين.
قلت: القزاز توفي سنة تسعين ومئتين.
قال أبو حاتم البستي: مات سعيد بن عامر لاربع بقين من شوال سنة ثمان ومئتين، وله ست وثمانون سنة رحمه الله.
يقع من عواليه في " الغيلانيات "، أخبرنا أحمد بن سلامة إذنا، عن خليل بن بدر ومسعود الخياط قالا: أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم، حدثنا محمد ابن أحمد بن أبي العوام، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا شبيل بن عزرة،
__________
(1) " تهذيب الكمال " 498.
(2) " تهذيب الكمال " 498.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 49.
(*)

(9/386)


عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مثل الجليس الصالح مثل العطار، إن لم يصبك من عطره أو قال: يعطك من عطره، أصبت من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرق ثوبك، أصابك من ريحه ".
هذا حديث صحيح الاسناد غريب، وشبيل صدوق من أئمة العربية.
أخرجه أبو داود في " سننه " (1).
عن عبد الله بن الصباح، عن سعيد بن عامر، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين.

125 - علي الرضى * الامام السيد، أبو الحسن، علي الرضي بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي، بن الحسين، الهاشمي العلوي المدني، وأمه نوبية اسمها سكينة.
مولده بالمدينة في سنة ثمان وأربعين ومئة عام وفاة جده.
سمع من أبيه، وأعمامه: إسماعيل، وإسحاق، وعبد الله، وعلي، أولاد جعفر، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وكان من العلم
__________
(1) رقم (4831) في الادب: باب من يؤمر أن يجالس، وصححه الحاكم 4 / 280، ووافقه الذهبي، ورواه البخاري 4 / 271 في البيوع: باب في العطاء وبيع المسك، وفي الذبائح: باب المسك، ومسلم (2628) في البر: باب استحباب مجالسة الصالحين، من طريق بريدة عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى الاشعري.
* تاريخ الطبري 8 / 554، 568، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 106، الكامل لابن الاثير 6 / 326، 351، وفيات الاعيان 3 / 269، تهذيب الكمال: 994، تذهيب التهذيب 3 / 75 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 158، العبر 1 / 340، دول الاسلام 1 / 126، الكاشف 2 / 296، البداية والنهاية 10 / 250، تهذيب التهذيب 7 / 387، خلاصة تذهيب الكمال: 278، شذرات الذهب 2 / 602.
(*)

(9/387)


والدين والسودد بمكان.
يقال: أفتى وهو شاب في أيام مالك.
استدعاه المأمون إليه إلى
خراسان، وبالغ في إعظامه، وصيره ولي عهده، فقامت قيامة آل المنصور، فلم تطل أيامه، وتوفي (1).
روى عنه ضعفاء: أبو الصلت عبد السلام الهروي، وأحمد بن عامر الطائي، وعبد الله بن العباس القزويني، وروى عنه فيما قيل: آدم ابن أبي إياس، وهو أكبر منه، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن رافع، ونصر بن علي الجهضمي، وخالد بن أحمد الذهلي الامير، ولا تكاد تصح الطرق إليه.
روى المفيد - وليس بثقة -: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، فذكر حديثا منكر المتن.
وعن علي بن موسى الرضى، عن أبيه قال: إذا أقبلت الدنيا على إنسان، أعطته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه، سلبته محاسن نفسه.
قال الصولي: حدثنا أحمد بن يحيى أن الشعبي قال: أفخر بيت قيل قول الانصار يوم بدر: وببئر بدر إذ يرد وجوههم * جبريل تحت لوائنا ومحمد ثم قال الصولي: أفخر منه قول الحسن بن هانئ في علي بن موسى الرضى: قيل لي أنت واحد الناس في كل كلام من المقال بديه
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 554، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 326.
(*)

(9/388)


لك في جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه فعلام تركت مدح ابن موسى * بالخصال التي تجمعن فيه قلت: لا أهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لابيه (1)
قلت: لا يسوغ إطلاق هذا الاخير إلا بتوقيف، بل كان جبريل معلم نبينا صلى الله عليه وسلم، وعليه.
قال أحمد بن خالد الذهلي الامير: صليت خلف علي الرضى بنيسابور، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة.
قال الحاكم: حدثنا إسحاق بن محمد الهاشمي بالكوفة، حدثنا القاسم بن أحمد العلوي، حدثنا أبو الصلت الهروي، حدثني علي بن موسى الرضى قال: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر.
ويروى عن علي الرضى عن آبائه: كل شئ بقدر حتى العجز والكيس.
وعن أبي الصلت قال: سمعت علي بن موسى بالموقف يدعو: اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم، وكما وسعني علمك، فليسعني عفوك، وكما أكرمتني بمعرفتك، فاشفعها بمغفرتك يا ذا الجلال والاكرام.
توفي سنة ثلاث ومئتين كهلا.
قال (2) ابن حبان: علي بن موسى يروي عن أبيه العجائب، روى
__________
(1) الابيات في " وفيات الاعيان " 3 / 270.
(2) من هنا وحتى نهاية الترجمة وردت في الاصل بعد ترجمة معروف الكرخي السابقة = (*)

(9/389)


عنه أبو الصلت وغيره.
كان يهم ويخطئ (1).
قال ابن جرير في " تاريخه ": (2) إن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو في عرض أصحابه، ورد عليه كتاب الحسن بن سهل يعلمه فيه أن المأمون جعل علي بن موسى ولي عهده، لانه نظر في بني العباس
وبني علي، فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أعلم ولا أورع منه، وأنه سماه الرضى من آل محمد، وأمره بطرح لبس السواد ولبس الخضرة في رمضان سنة إحدى ومئتين، ويأمره أن يأمر [ من قبله ] بالبيعة له، ويلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم، ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فدعا عيسى أهل بغداد إلى ذلك على أن يعجل له رزق شهر، فأبى بعضهم، وقالوا: هذا دسيس من الفضل بن سهل، وغضب بنو العباس، ونهض إبراهيم ومنصور ابنا المهدي، ثم نزعوا الطاعة، وبايعوا إبراهيم بن المهدي.
قال الحاكم: ورد الرضى نيسابور سنة مئتين، بعث إليه المأمون رجاء بن أبي الضحاك لاشخاصه من المدينة إلى البصرة، ثم منها إلى الاهواز، فسار منها إلى فارس، ثم على طريق بست إلى نيسابور، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال، ثم سار به إلى مرو.
قال ابن جرير: دخلت سنة ثلاث، فسار المأمون إلى طوس، وأقام عند قبر أبيه الرشيد أياما، ثم إن علي بن موسى أكل عنبا، فأكثر
__________
= فنقلناها إلى هنا، وفي المجلد السادس من الاصل الثاني الموجود في أحمد الثالث كتب على الهامش بخط مغاير للاصل بعد الانتهاء من ترجمة معروف الكرخي: بداية ترجمة علي الرضى، وقد نقلها من هنا.
(1) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 106.
(2) 8 / 554.
(*)

(9/390)


منه، فمات فجأة في آخر صفر، فدفن عند الرشيد، واغتم المأمون لموته (1).
وقيل: إن دعبلا الخزاعي أنشد علي بن موسى مدحة (2)، فوصله بست مئة دينار، وجبة خز، بذل له فيها أهل قم ألف دينار، فامتنع وسافر، فجهزوا عليه من قطع عليه الطريق، وأخذت الجبة، فرجع وكلمهم، فقالوا: ليس إلى ردها سبيل، وأعطوه الالف دينار وخرقة من الجبة للبركة.
قال المبرد: عن أبي عثمان المازني قال: سئل علي بن موسى الرضى: أيكلف الله العباد ما لا يطيقون ؟ قال: هو أعدل من ذلك، قيل: فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون ؟ قال: هم أعجز من ذلك (3).
قيل: قال المأمون للرضى: ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس ؟ قال: ما يقولون في رجل فرض الله طاعة نبيه على خلقه، وفرض طاعته على نبيه.
وهذا يوهم في البديهة أن الضمير في طاعته للعباس، وإنما هو لله - فأمر له المأمون بألف ألف درهم (4).
وكان لعلي إخوة من السراري، وهم: إبراهيم، وعباس، وقاسم
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 568.
(2) هي التائية المشهورة ومطلعها: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات وهي من أحسن الشعر، وأسنى المدائح، أورد ما صح منها ياقوت في " معجم الادباء " 11 / 103، 110، وأورد المزي الخبر في ترجمة علي الرضى (1995) وأنشد منها ثمانية أبيات.
(3) " تهذيب الكمال ": 995.
(4) " وفيات الاعيان ": 3 / 271.
(*)

(9/391)


وإسماعيل، وهارون، وجعفر، وحسن، وأحمد، ومحمد، وعبيد الله، وحمزة، وزيد، وإسحاق، وعبد الله، والحسين، والفضل، وسليمان، وعدة بنات، سردهم الزبير في كتاب " النسب " (1).
فقيل: إن أخاه زيدا خرج بالبصرة على المأمون، وفتك، وعسف، فنفذ إليه المأمون علي بن موسى أخاه ليرده، فسار إليه فيما قيل، وقال: ويلك يا زيد، فعلت بالمسلمين ما فعلت، وتزعم أنك ابن فاطمة ؟ والله لاشد الناس عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينبغي لمن أخذ برسول الله أن يعطي به، فبلغ المأمون، فبكى، وقال: هكذا ينبغي أن يكون أهل بيت النبوة هكذا (2) !.
وقد كان علي الرضى كبير الشأن، أهلا للخلافة، ولكن كذبت عليه وفيه الرافضة، وأطروه بما لا يجوز، وأدعوا فيه العصمة، وغلت فيه، وقد جعل الله لكل شئ قدرا.
وهو برئ من عهدة تلك النسخ الموضوعة عليه، فمنها: عن أبيه، عن جده، عن آبائه مرفوعا: " السبت لنا، والاحد لشيعتنا، والاثنين لبني أمية، والثلاثلاء لشيعتهم، والاربعاء لبني العباس، والخميس لشيعتهم، والجمعة للناس جميعا ".
وبه: " لما أسري بي، سقط من عرقي، فنبت منه الورد ".
وبه: " ادهنوا بالبنفسج، فإنه بارد في الصيف حار في الشتاء ".
وبه: " من أكل رمانة بقشرها، أنار الله قلبه أربعين ليلة ".
(1) " جمهرة أنساب العرب: " 61.
(2) " وفيات الاعيان " 3 / 271.
(*)

(9/392)


وبه: " الحناء بعد النورة أمان من الجذام ".
وبه: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس، قال له علي: رفع الله ذكرك، وإذا عطس علي، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعلى الله كعبك ".
فهذه أحاديث وأباطيل من وضع الضلال (1).
ولعلي بن موسى مشهد بطوس يقصدونه بالزيارة.
وقيل: إنه مات مسموما، فقال أبو عبد الله الحاكم: استشهد علي ابن موسى بسنداباذ (2) من طوس لتسع بقين من رمضان سنة ثلاث ومئتين، وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر.
وقيل: إنه خلف من الولد محمدا والحسن وجعفرا وإبراهيم والحسين وعائشة.

126 - زيد بن الحباب * (م، 4) ابن الريان، وقيل: ابن رومان، الامام الحافظ الثقة الرباني، أبو الحسين العكلي الخراساني، ثم الكوفي الزاهد، والحباب - في اللغة - هو نوع من الافاعي.
ولد في حدود الثلاثين ومئة.
__________
(1) وقد ذكرها ابن حبان في كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 106.
(2) قرية بخراسان قريبة من مدينة طوس.
وقال عنها ياقوت: سناباذ.
* طبقات ابن سعد 6 / 402، تاريخ خليفة: 471، طبقات خليفة ت (1335)، التاريخ الكبير 3 / 391، التاريخ الصغير 2 / 298، المعارف: 517، الجرح والتعديل 3 / 561، تاريخ بغداد 8 / 442، تهذيب الكمال: 453، تذهيب التهذيب 1 / 250 / 2، العبر 1 / 339، تذكرة الحفاظ 1 / 350، الكاشف / 337، شرح العلل لابن رجب 2 / 671، تهذيب التهذيب 3 / 402، طبقات الحفاظ: 148، خلاصة تذهيب الكمال: 127، شذرات الذهب 2 / 6.
(*)

(9/393)


وروى عن: أسامة بن زيد الليثي، وأسامة بن زيد بن أسلم العمري، وأيمن بن نابل، وسيف بن سليمان، وعكرمة بن عمار، والضحاك بن عثمان الحزامي، ومعاوية بن صالح الحمصي، وقرة بن خالد، ومالك بن مغول، وموسى بن علي بن رباح، والحسين بن واقد المروزي، وسفيان الثوري، ويحيى بن أيوب، وموسى بن عبيدة، وخلق كثير.
وجال في طلب العلم من مرو الشاهجان (1)، وإلى مصر حتى قيل: إنه دخل إلى الاندلس.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، ومحمد بن رافع، وأبو إسحاق الجوزجاني، والحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو كريب محمد بن العلاء، وسلمة بن شبيب، وأحمد ابن سليمان الرهاوي، ويحيى بن أبي طالب وعدد كثير، حتى إن يزيد ابن هارون مع تقدمه قد روى عنه.
وثقه علي بن المديني وغيره.
وقال بعض الحفاظ: هو صالح الحديث، لا بأس به.
وقال أحمد بن حنبل: صاحب حديث كيس، قد رحل إلى مصر وخراسان في الحديث، ما كان أصبره على الفقر، كتبت عنه بالكوفة، وها هنا، قال: وقد ضرب (2) في الحديث إلى الاندلس.
رواه أبو بكر
__________
(1) أي: مرو العظمى، وهي أشهر مدن خراسان.
(2) أي: ذهب في طلب الحديث إلى هناك.
يقال: ضرب الرجل في الارض: إذا ذهب وأبعد.
(*)

(9/394)


المروذي عن أحمد، فقال أبو بكر الخطيب: ظن أحمد رحمه الله أن زيدا سمع من معاوية بن صالح بالاندلس، فقد كان على قضائها، وهذا وهم، وأحسب أنه سمع منه بمكة، فإن ابن مهدي وغيره سمعوا منه بمكة (1).
وقال الخطيب في كتاب " السابق " (2): حدث عن زيد بن الحباب عبد الله بن وهب، ويحيى بن أبي طالب، وبين وفاتيهما ثمان وسبعون سنة.
وروي عن علي بن حرب الطائي قال: أتينا زيد بن الحباب، فلم يكن له ثوب يخرج فيه إلينا، فجعل الباب بيننا وبينه حاجزا، وحدثنا من ورائه رحمه الله.
قال مطين وغيره: توفي سنة ثلاث ومئتين.

127 - العوفي * قاضي الشرقية ببغداد، ثم قاضي عسكر المهدي العلامة، أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن المحدث عطية العوفي الكوفي الفقيه.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 443.
(2) اسمه الكامل: " السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة الراويين عن شيخ واحد ".
ذكر المؤلف محتواه في مقدمة كتابه، فقال: هذا كتاب ضمنته ذكر من اشترك في الرواية عنه راويان تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا، وتأخر موت أحدهما عن الآخر تأخرا بعيدا، وسميته كتاب: السابق واللاحق، إشارة إلى لحاق المتأخر بالمتقدم في روايته، وإن كان غير معدود في أهل عصره، وهو مرتب على حروف المعجم.
ومنه نسخة خطية في دار الكتب المصرية في (148) ورقة تحت رقم (381) مصطلح الحديث.
* تاريخ ابن معين: 117، تاريخ خليفة: 458، التاريخ الكبير 2 / 385، المعارف: 518، الضعفاء للعقيلي لوحة: 90، الجرح والتعديل 3 / 48، كتاب المجروحين والضعفاء 1 / 246، تاريخ بغداد 8 / 29، 32، ميزان الاعتدال 1 / 532.
(*)

(9/395)


روى عن: أبيه، وعن الاعمش، وأبي مالك الاشجعي، وعبد الملك بن أبي سليمان.
حدث عنه: ابنه حسن، وابن أخيه سعد بن محمد، وبقية بن الوليد، وهو أكبر منه، وإسحاق بن بهلول، وعمر بن شبة.
قال ابن معين: كان ضعيفا في القضاء، ضعيفا في الحديث (1).
وقال الحسين بن فهم: كانت لحيته تبلغ ركبته (2).
قلت: له حكايات في القضاء، وفيه دعابة، وكان مسنا كبيرا.
قال خليفة: توفي سنة إحدى ومئتين (3).

128 - يحيى بن سلام * ابن أبي ثعلبة، الامام العلامة أبو زكريا البصري، نزيل المغرب بإفريقية.
حدث عن: سعيد بن أبي عروبة، وفطر بن خليفة، وشعبة، والمسعودي، والثوري، ومالك.
وأخد القراءات عن أصحاب الحسن البصري، وجمع، وصنف.
روى عنه: ابن وهب، وهو من طبقته، وولده محمد بن يحيى،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 30.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 31.
(3) ذكر خليفة في " تاريخه ": 458: أنه توفي سنة تسع وثمانين ومئة.
* الجرح والتعديل 9 / 155، الكامل لابن عدي لوحة: 846، ميزان الاعتدال 4 / 380، 381، طبقات القراء 2 / 373، لسان الميزان 6 / 259، طبقات المفسرين 2 / 371.
(*)

(9/396)


وأحمد بن موسى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه (2).
قال أبو عمرو الداني: روى الحروف عن أصحاب الحسن وغيره.
وله اختيار في القراءة من طريق الآثار، سكن إفريقية دهرا، وسمعوا منه تفسيره الذي ليس لاحد من المتقدمين مثله، وكتابه الجامع، قال: وكان ثقة ثبتا، عالما بالكتاب والسنة، وله معرفة باللغة والعربية، ولد سنة أربع وعشرين ومئة (3).
وقال ابن يونس: مات بمصر بعد أن حج في صفر سنة مئتين رحمه الله.

129 - الحسين بن علي الجعفي * (ع) ابن الوليد، الامام القدوة الحافظ المقرئ المجود الزاهد، بقية
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 155، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: ربما أخطأ، وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لابي زرعة في يحيى بن سلام المغربي، فقال: لا بأس به ربما وهم، وقال أبو العرب في " طبقات القيروان ": كان مفسرا، وكان له قدر، ومصنفات كثيرة في فنون العلم، وكان من الحفاظ، ومن خيار خلق الله.
(2) " الكامل " لابن عدي: لوحة: 846.
ونقل المؤلف في " الميزان " 4 / 381،
تضعيفه عن الدارقطني، وقال: ومن أنكر ماله ما رواه الجماعة عن بحر بن نصر، حدثنا يحيى بن سلام، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه: " أي الشجرة أبعد من الخاذف ؟ " قالوا: فرعها، قال: فكذلك الصف المقدم هو أحصنها من الشيطان " وهذا منكر جدا.
(3) " طبقات القراء " للجزري 2 / 373.
* طبقات ابن سعد 6 / 396، تاريخ خليفة: 471، طبقات خليفة ت (1318)، التاريخ = (*)

(9/397)


الاعلام، أبو عبد الله، وأبو محمد الجعفي مولاهم الكوفي.
قرأ القرآن على حمزة الزيات، وأتقنه، وأخذ الحروف عن أبي عمرو بن العلاء، وعن أبي بكر بن عياش.
وسمع من الاعمش، وجعفر بن برقان، ومجمع بن يحيى الانصاري، وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسفيان الثوري، وزائدة وطائفة سواهم.
وصحب الفضيل بن عياض، وغيره.
حدث عنه: سفيان بن عيينة، وهو من شيوخه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور الكوسج، ويحيى بن معين، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو إسحاق الجوزجاني، وأبو كريب، ومحمد بن رافع، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن عمر الوكيعي، وعبد ابن حميد، وهارون بن عبد الله الحمال، وعباس الدوري، ومحمد بن عاصم الثقفي وخلق كثير.
قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أفضل من حسين الجعفي - يريد بالفضل التقوى والتأله - هذا عرف المتقدمين.
قال يحيى بن معين وغيره: هو ثقة.
وقال قتيبة: قيل لسفيان بن عيينة: قدم حسين الجعفي، فوثب
__________
= الكبير 2 / 381، المعرفة والتاريخ 1 / 195، الجرح والتعديل 3 / 55، تهذيب الكمال: لوحة 296، تذهيب التهذيب 1 / 157 / 2، العبر 1 / 339، تذكرة الحفاظ 1 / 349، الكاشف 1 / 232، دول الاسلام 1 / 127، غاية النهاية 1 / 247، تهذيب التهذيب 2 / 357، لسان الميزان 2 / 302، النجوم الزاهرة 2 / 174، طبقات الحفاظ: 146، خلاصة تذهيب الكمال: 840، شذرات الذهب 2 / 5.
(*)

(9/398)


قائما، وقال: قدم أفضل رجل يكون قط (1).
وقال موسى بن داود: كنت عند ابن عيينة، فجاء حسين الجعفي، فقام سفيان، فقبل يده (2).
وقال يحيى بن يحيى التميمي عالم خراسان: إن كان بقي من الابدال أحد، فحسين الجعفي، وذكر اثنين (3).
وقال محمد بن رافع: حدثنا الحسين الجعفي، وكان راهب أهل الكوفة.
وروى أبو هشام الرفاعي عن الكسائي، قال: قال لي هارون الرشيد: من أقرأ الناس ؟ قلت: حسين الجعفي (4).
قال حميد بن الربيع: رأى حسين الجعفي كأن القيامة قد قامت، وكأن مناديا ينادي: ليقم العلماء، فيدخلوا الجنة، قال: فقاموا وقمت معهم، فقيل لي: اجلس، لست منهم، أنت لا تحدث، قال: فلم يزل بعد يحدث بعد أن كان لا يحدث حتى كتبنا عنه أكثر من عشرة آلاف حديث (5).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: حسين الجعفي ثقة، كان يقرئ القرآن، رأس فيه، وكان رجلا صالحا، لم أر رجلا قط أفضل منه، قد روى عنه سفيان بن عيينة حديثين، ولم نره إلا مقعدا، قال: ويقال:
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 269.
(2) " تهذيب الكمال ": 296.
(3) " طبقات الحفاظ ": 146.
(4) " غاية النهاية " 1 / 247، وقد تقدم الخبر بأطول مما هنا في الصفحة 44.
(5) " تهذيب الكمال ": 296.
(*)

(9/399)


إنه لم ينحر، ولم يطأ أنثى قط - قلت هذا كما يقال: فلان لا نكح ولا ذبح - قال: وكان جميلا لباسا يخضب وخضابه إلى الصفرة، وخلف ثلاثة عشر دينارا، وكان من أروى الناس عن زائدة بن قدامة، كان زائدة يختلف إليه إلى منزله يحدثه، وكان سفيان الثوري إذا رآه، عانقه، وقال: هذا راهب جعفي (1).
قلت: تصدر للاقراء، تلا عليه أيوب بن المتوكل وغيره.
وحديثه في كتب الاسلام الستة، وفي " مسند " أحمد.
ويقع لنا حديثه عاليا في " مسند " عبد (2)، وفي أجزاء عدة.
قيل: إن مولده في سنة تسع عشرة ومئة، وتوفي في شهر ذي القعدة سنة ثلاث ومئتين، وله بضع وثمانون سنة.
وتوفي معه في العام يحيى بن آدم عالم الكوفة، وعلي بن موسى الرضى العلوي، وأبو داود الحفري عمر بن سعد، ومحمد بن بشر العبدي، وزيد بن الحباب، وأزهر بن سعد السمان، والوليد بن مزيد
العذري.
أخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني غير مرة، عن أبي جعفر الصيدلاني في كتابه العام، وأخبرنا أحمد بن سلامة إجازة، عن خليل ابن بدر، وأحمد بن محمد بن عبد الله التيمي، قالوا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبن نعيم الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبو
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 297.
(2) هو عبد بن حميد، الامام الحافظ المحدث أبو محمد صاحب المسند المتوفى سنة 249 ه.
(*)

(9/400)


جعفر محمد بن عاصم الثقفي، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد (1) ".
هذا حديث حسن قوي الاسناد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، وإسماعيل بن يوسف، وعيسى ابن أبي محمد وآخرون، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن بن داود، أخبرنا عبد الله بن أحمد ابن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن ابن عقيل، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر: " متى توتر ؟ " قال: بعد العتمة قبل أن أنام، وقال لعمر: " متى توتر " ؟ قال: من آخر الليل، قال.
" حزم هذا وقوي هذا " (2).
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه أحمد في " المسند " 1 / 405 و 435، والطبراني (10413)، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 1 / 142، وابن أبي شيبة من طرق عن زائدة بهذا الاسناد، وصححه ابن خزيمة (789)، وابن حبان (340) و (341).
وأخرج الشطر الاول منه البخاري 13 / 16، في الفتن: باب ظهور الفتن دون قوله: " والذين يتخذون القبور مساجد " من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، عن واصل الاحدب، عن أبي وائل، عن ابن مسعود.
(2) ابن عقيل: هو عبد الله بن محمد الهاشمي في حديثه لين، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 3 / 309 و 330، وابن ماجة (1202) في إقامة الصلاة: باب ما جاء في الوتر أول الليل من طرق عن زائدة بهذا الاسناد، وله شاهد عن أبي داود (1434) في الصلاة: باب في الوتر قبل النوم من حديث أبي قتادة، وإسناده صحيح، واخر عند ابن ماجة 1 / 379، 380 من حديث ابن عمر، وسنده قوي.
فالحديث صحيح.
(*)

(9/401)


130 - الاصم * شيخ المعتزلة، أبو بكر الاصم.
كان ثمامة بن أشرس يتغالى فيه، ويطنب في وصفه.
وكان دينا وقورا، صبورا على الفقر، منقبضا عن الدولة، إلا أنه كان فيه ميل عن الامام علي.
مات سنة إحدى ومئتين.
وله تفسير، وكتاب " خلق القرآن "، وكتاب الحجة والرسل، وكتاب الحركات، والرد على الملحدة، والرد على المجوس، والاسماء الحسنى، وافتراق الامة، وأشياء عدة، وكان يكون بالعراق.

131 - روح بن عبادة * * (ع) ابن العلاء، بن حسان، بن عمرو الحافظ الصدوق، الامام أبو
محمد القيسي البصري، من قيس بن ثعلبة.
حدث عن: ابن عون، وهشام بن حسان، وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وعوف الاعرابي، وحسين المعلم، وأسامة بن زيد المدني، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وأيمن بن نابل، وزكريا بن
__________
* الفهرست لابن النديم 214.
* * تاريخ ابن معين: 168، طبقات ابن سعد 7 / 296، طبقات خليفة ت (1925)، التاريخ الكبير 3 / 309، التاريخ الصغير 2 / 304، الضعفاء للعقيلي: لوحة 134، الجرح والتعديل 3 / 498، تاريخ بغداد 8 / 401، تهذيب الكمال لوحة: 421، تذهيب التهذيب 1 / 229 / 1، العبر 1 / 347، ميزان الاعتدال 2 / 58، تذكرة الحفاظ 1 / 349، الكاشف 1 / 313، دول الاسلام 1 / 127، تهذيب التهذيب 3 / 293، النجوم الزاهرة 2 / 179، طبقات الحفاظ: 146، خلاصة تذهيب الكمال: 118، شذرات الذهب 2 / 13.
(*)

(9/402)


إسحاق، وعباد بن إسحاق، وابن جريج، وعبيد الله بن الاخنس، وعلي بن سويد بن منجوف، وعمر بن سعيد بن أبي حسين، ومحمد بن أبي حفصة، وموسى بن عبيدة، وسعيد بن أبي عروبة، وحبيب بن الشهيد، وحجاج الصواف، وحاتم بن أبي صغيرة، وحماد بن سلمة، وسفيان، وشعبة، وابن أبي ذئب، ومالك، وخلق كثير، وينزل إلى سفيان بن عيينة ونحوه.
وكان من كبار المحدثين.
حدث عنه: علي وأحمد وإسحاق، وابن نمير، وبندار، وأحمد ابن سعيد الرباطي، وزهير بن محمد المروزي، وأبو إسحاق الجوزجاني، وعبد بن حميد، وعلي بن حرب، ومحمد بن عبدالرحيم
صاعقة، وأبو بكر الصاغاني، وأبو قلابة الرقاشي، وأحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، ويحيى بن أبي طالب، وإسحاق الكوسج، ويعقوب بن شيبة، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد ابن يونس الكديمي، وبشر بن موسى، وخلق كثير.
قال الكديمي: سمعت علي بن المديني يقول: نظرت لروح بن عبادة في أكثر من مئة ألف حديث، كتبت منها عشرة آلاف (1).
وقال يعقوب بن شيبة: روح كان أحد من يتحمل الحمالات (2)، وكان سريا مريا، كثير الحديث جدا، صدوقا، سمعت عليا يقول: من المحدثين قوم لم يزالوا في الحديث، لم يشغلوا عنه، نشؤوا،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 401.
(2) الحمالات: جمع حمالة: وهي الدية والغرامة، وهي أن تقع حرب بين قوم وتسفك فيها الدماء، فيتحمل رجل الديات ليصلح بينهم.
(*)

(9/403)


فطلبوا، ثم صنفوا، ثم حدثوا، منهم روح بن عبادة (1).
قال يعقوب: وحدثني محمد بن عمر: سألت يحيى بن معين عن روح، فقال: صدوق ليس به بأس، حديثه يدل على صدقه، يحدث عن ابن عون، ثم يحدث عن حماد بن زيد، عن ابن عون، فقلت ليحيى: زعموا أن يحيى القطان كان يتكلم فيه، فقال: باطل، ما تكلم فيه بشئ، وهو صدوق.
قال يعقوب: وسمعت علي بن المديني فذكر هذه القصة، فلم أضبطها عنه، فحدثني عبدالرحمن بن محمد: سمعت عليا قال: كانوا يقولون: إن يحيى بن سعيد يتكلم في روح، فإني لعند يحيى، إذ
جاءه روح، فسأله عن شئ من حديث أشعث، فلما قام، قلت ليحيى: أما تعرف هذا ؟ قال: لا، قلت: هذا روح بن عبادة، كأنه كان يعرفه، ولكن لم يجمع بين اسمه وصفته، قال: فقال: هذا روح ؟ ما زلت أعرفه يطلب الحديث ويكتبه، قال علي: ولكن كان عبد الرحمن بن مهدي، يطعن على روح، وينكر عليه أحاديث ابن أبي ذئب عن الزهري هذه المسائل، فقال لي معن: وما يصنع بها، هي عند بصري لكن كان عندنا ها هنا حين قرأ علينا ابن أبي ذئب هذا الكتاب، قال علي: فأتيت عبدالرحمن، فأخبرته، فأحسبه قال: استحله لي (2).
وقال يعقوب بن شيبة: قال محمد بن عمر: قال يحيى بن معين: هذا القواريري يحدث عن عشرين من الكذابين، ويقول: لا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 403، 404.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 404.
(*)

(9/404)


أحدث عن روح بن عبادة (1).
قال يعقوب: وسمعت عفان بن مسلم لا يرضى أمر روح بن عبادة.
وحدثني محمد بن عمر أنه سمع عفان، وذكر روح بن عبادة، فقال: هو أحسن حديثا عندي من خالد بن الحارث، وأحسن حديثا من يزيد بن زريع، فلم تركناه ؟ - يعني كأنه يطعن عليه - فقال له أبو خيثمة: ليس هذا بحجة، كل من تركته أنت ينبغي أن يترك، أما روح ابن عبادة، فقد جاز حديثه، الشأن فيمن بقي.
قال يعقوب: وأحسب أن عفان لو كان عنده حجة مما يسقط بها
روح بن عبادة لاحتج بها في ذلك الوقت (2).
أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كان القواريري لا يحدث عن روح، وأكثر ما أنكر عليه تسع مئة حديث حدث بها عن مالك سماعا (3).
قال أبو داود: وسمعت الحلواني يقول: أول من أظهر كتابه روح ابن عبادة وأبو أسامة، قال عقيب هذا أبو بكر الخطيب (4): يعني أنهما رويا ما خولفا فيه ! فأظهرا كتبهما حجة لهما على مخالفيهما، إذ روايتهما عن حفظهما موافقة لما في كتبهما، قال: وروح كان بصريا، قدم بغداد، وحدث بها مدة طويلة، ثم انصرف إلى البصرة، فمات بها وكان كثير الحديث، صنف الكتب في السنن والاحكام، وجمع التفسير، وكان ثقة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 403.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 403.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 402.
(4) في " تاريخ بغداد " 8 / 402 - 403.
(*)

(9/405)


وقال أحمد بن الفرات: طعن على روح بن عبادة اثنا عشر أو ثلاثة عشر، فلم ينفذ قولهم فيه (1).
قال علي بن المديني: ذكر عبدالرحمن بن مهدي روح بن عبادة، فقلت: لا تفعل، فإن هنا قوما يحملون كلامك، فقال: أستغفر الله، ثم دخل، فتوضأ - يذهب إلى أن الغيبة تنقض الوضوء (2).
وقيل: إن عبدالرحمن تكلم فيه: وهم في إسناد حديث.
وهذا تعنت، وقلة إنصاف في حق حافظ قد روى ألوفا كثيرة من
الحديث، فوهم في إسناد، فروح لو أخطأ في عدة أحاديث في سعة علمه، لاغتفر له ذلك أسوة نظرائه، ولسنا نقول: إن رتبة روح في الحفظ والاتقان كرتبة يحيى القطان، بل ما هو بدون عبد الرزاق، ولا أبي النضر.
وقد روى الكناني عن أبي حاتم الرازي قال: روح لا يحتج به.
وقال النسائي في " الكنى " وفي أثناء كتاب العتق: ليس بالقوي.
قال خليفة (3) ومطين: مات سنة خمس ومئتين.
زاد غيرهما فقال: في جمادي الاولى.
ووهم الكديمي، فقال: مات سنة سبع.
أخبرنا عبدالرحمن بن قدامة الفقيه وجماعة إذنا قالوا: أخبرنا عمر ابن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي، حدثنا روح
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 422.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 402.
(3) في " الطبقات " 1 / 545.
(*)

(9/406)


ابن عبادة، حدثنا عثمان بن غياث، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يمر الناس على جسر جهنم، وعليه خطاطيف وحسك وكلاليب، تخطف الناس، وبجنبتيه ملائكة يقولون: اللهم سلم سلم، فمن الناس من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الفرس المجرى، ومنهم من يسعى سعيا، ومنهم من يحبو حبوا، ومنهم من يزحف زحفا، فأما أهل النار الذين هم أهلها، فلا يموتون، ولا يحيون، وأما أناس يؤخذون بذنوب وخطايا،
فيحترقون، ثم يؤذن في الشفاعة.." الحديث (1).
أخرجه النسائي من حديث خالد الطحان، عن عثمان بن غياث أحد الثقات.
ابن أبي عاصم في كتاب " اللباس ": حدثنا أبويحيى محمد بن عبدالرحيم، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا شعبة، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة، وفيها تصاوير " (2).
رواه البخاري دون: " وفيها تصاوير " (3).
__________
(1) صحيح، وأخرجه أحمد 3 / 25، من طريق يحيى بن سعيد، و 26 من طريق روح، كلاهما عن عثمان بن غياث.
وأخرجه بأطول مما هنا البخاري 13 / 358، 360 في التوحيد: باب قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة، ومسلم (183) في الايمان: باب معرفة طريق الرؤية، وأحمد 3 / 16 من طرق، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري.
(2) إسناده صحيح على شرط البخاري.
(3) 1 / 413 في الصلاة: باب الصلاة على الخمرة، ومسلم (513) (270) في المساجد: باب جواز الجماعة في النافلة، وأبو داود (656) في الصلاة: باب الصلاة على الخمرة، والنسائي 2 / 57، في الصلاة باب الصلاة على الخمرة، وأحمد 6 / 330 و 336 كلهم من طريق سليمان الشيباني بهذ الاسناد.
وجملة " وفيها تصاوير " ليست عند الجميع.
(*)

(9/407)


132 - الهجيمي * شيخ الصوفية، العابد القانت، أحمد بن عطاء الهجيمي، البصري القدري المبتدع، فما أقبح بالزهاد ركوب البدع.
كان تلميذ شيخ البصرة عبد الواحد بن زيد، ذكره أبو سعيد بن
الاعرابي في " طبقات النساك " فقال: برز في العبادة والاجتهاد، وأخذ المعلوم من القوت، وذكر أن الطريق إلى الله لا يكون إلا من هذه الابواب: الصوم، والصلاة، والجوع، وكان يميل إلى اكتساب القوت بيده، ولزم طريق شيخه في اللطف، فكان قدريا غير معتزلي، وكتب شيئا من الحديث.
قال عبدالرحمن بن عمر رسته: رآني ابن مهدي يوم جمعة جالسا إلى جنب أحمد بن عطاء، وكان يتكلم في القدر، وكان أزهد من رأيت فاعتذرت إلى عبدالرحمن، فقال: لا تجالسه، فإن أهون ما ينزل بك أن تسمع منه شيئا يجب لله عليك أن تقول له: كذبت، ولعلك لا تفعل.
وكان ابن عطاء قد نصب نفسه للاستاذية، ووقف دارا في بلهجيم (1) للمتعبدين والمريدين يقص عليهم، قال ابن الاعرابي: وأحسبها أول دار وقفت بالبصرة للعبادة.
صحبه جماعة منهم أحمد بن غسان الزاهد، وأبو بكر
__________
* ميزان الاعتدال 1 / 119، المغني في الضعفاء 1 / 47، لسان الميزان 1 / 221.
(1) بلهجيم: الاصل " بني الهجيم " ولذا وجب أن لا يصحب الكسرة التي في الميم التنوين، وهي محلة بالبصرة نزلها بنو الهجيم، وهم بطن من العرب ينسبون إلى الهجيم بن عمرو ابن تميم بن مر بن أد، فنسبت إليهم.
(*)

(9/408)


العطشي (1)، وأبو عبد الله الحمال، وجلس في المشيخة بعده ابن غسان، فوقف دارا لنفسه.
قال الدارقطني: أحمد بن عطاء الهجيمي يروي عن خالد العبد،
وعن الضعفاء، متروك الحديث.
وقال زكريا الساجي: هو صاحب المضمار، وكان مجتهدا - يعني في العبادة - وكان مغفلا يحدث بما لم يسمع.
وقال علي بن المديني: أتيته يوما، فوجدت معه درجا يحدث به، فقلت له: أسمعت هذا ؟ قال: لا ولكن اشتريته وفيه أحاديث حسان أحدث بها هؤلاء، فقلت: أما تخاف الله ؟ تقرب العباد إلى الله بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قلت: ما كان الرجل يدري ما الحديث، ولكنه عبد صالح، وقع في القدر، نعوذ بالله من ترهات الصوفة، فلا خير إلا في الاتباع، ولا يمكن الاتباع إلا بمعرفة السنن.
توفي الهجيمي هذا سنة مئتين.
ومات أحمد بن غسان قبل الثلاثين ومئتين، ولكنه رجع عن القدر، وامتنع من القول بخلق القرآن، فأخذ، وحبس، فرأى في الحبس أحمد بن حنبل، والبويطي، فأعجبهما سمته وكلامه، وخاطباه، فانتفع.
قال ابن الاعرابي: إلا أن أصحابه ينكرون رجوعه عن القدر.
__________
(1) هذه نسبة إلى سوق العطش، وهو موضع بالجانب الشرقي من بغداد.
(*)

(9/409)


133 - خالد بن يزيد * ابن أمير العراق خالد بن عبد الله بن أسد، البجلي القسري الدمشقي.
روى عن: هشام بن عروة، ومحمد بن سوقة، وعمار الدهني،
وإسماعيل بن أبي خالد، وأبي حيان التيمي، وابن عون، وأبي حمزة الثمالي، وأبي روق، وسليمان بن علي العباسي، وأمي الصيرفي وغيرهم.
وكان صاحب حديث ومعرفة، وليس بالمتقن، ينفرد بالمناكير.
روى عنه: الوليد بن مسلم، وهو من طبقته، وهشام بن عمار، ودحيم، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وأحمد بن جناب المصيصي، وهشام بن خالد، ويوسف بن سعيد بن مسلم، وأحمد بن بكرويه البالسي وآخرون.
وقع لي من عواليه في جزء ابن أبي ثابت.
قال أبو جعفر العقيلي: لا يتابع على حديثه (1).
وقال أبو حاتم: ليس بقوي (2).
وذكره ابن عدي، فساق له جماعة أحاديث، وقال: أحاديثه لا
__________
* الجرح والتعديل 3 / 357، الضعفاء للعقيلي لوحة 118، الكامل لابن عدي لوحة 231، ميزان الاعتدال 1 / 647، المغني في الضعفاء 1 / 208، لسان الميزان 3 / 391، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5 / 117.
(1) " الضعفاء ": لوحة 118.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 357.
(*)

(9/410)


يتابع عليها كلها، لا إسنادا ولا متنا، ثم قال: ولم أر للمتقدمين الذين يتكلمون في الرجال فيه قولا، وهو مع ضعفه يكتب حديثه (1).
ومن مناكيره: حدثنا أمي الصيرفي، عن نافع، عن ابن عمر قال: " إذا صلى المغرب دون المزدلفة، أعاد " (2).

وفي العلماء جماعة باسمه، فمنهم:
134 - خالد بن يزيد بن معاوية * ابن أبي سفيان، الامير أبو هاشم الاموي.
روى عن: دحية الكلبي وأبيه.
وعنه: رجاء بن حيوة، والزهري.
وداره هي التي صارت اليوم قيسارية مد الذهب، وكانت من قبل
__________
(1) " الكامل " لابن عدي: لوحة 231.
(2) ذكره العقيلي في كتاب " الضعفاء " لوحة: 118 وفي " الموطأ " 1 / 401، والبخاري 3 / 418، ومسلم (1287)، عن أبي أيوب الانصاري أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع المغرب والعشاء بمزدلفة جميعا، وفي " الموطأ " 1 / 400، 401 أيضا، والبخاري 1 / 212، ومسلم (2280) عن أسامة بن زيد قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب، نزل فبال، ثم توضأ، فلم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة يارسول الله، قال: " الصلاة أمامك " فركبت، فلما جاء المزدلفة، نزل، فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء، فصلاها، ولم يصل بينهما شيئا.
* التاريخ الكبير 3 / 181، المعارف: 352، الجرح والتعديل 3 / 361، الفهرست لابن النديم: 354، وفيات الاعيان 2 / 224، تهذيب الكمال: 371، تذهيب التهذيب 1 / 195 / 1، الكاشف 1 / 276، البداية والنهاية 9 / 60، تهذيب التهذيب 3 / 128، خلاصة تذهيب الكمال: 103، شذرات الذهب 1 / 96 و 99، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5 / 119، 123.
(*)

(9/411)


تعرف بدار الحجارة، شرقي الجامع.
وكان من نبلاء الرجال، ذا علم وفضل وصوم وسؤدد.
قال ابن خلكان في ترجمته: كان من أعلم قريش بفنون العلم قال: وكان بصيرا بهذين العلمين: الطب والكيمياء، وله نظم رائق (1).

135 - وخالد بن الخليفة يزيد بن الوليد بن عبدالملك.
صلبه مروان الحمار.

136 - وخالد بن يزيد بن صالح * ابن صبيح، أبو هاشم المري.
يروي عن جده، ومكحول، ويونس بن ميسرة.
وتلا على ابن عامر.
روى عنه: ابنه عراك، ومحمد بن شعيب بن شابور، وأبو مسهر، ونعيم بن حماد، وعدة.
وثقه أبو حاتم (2).
__________
(1) " وفيات الاعيان " 2 / 224.
* التاريخ الكبير 3 / 181، الجرح والتعديل 3 / 358، تهذيب الكمال: لوحة 370، تذهيب التهذيب 1 / 195 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 648، الكاشف 1 / 276، تهذيب التهذيب 3 / 125، خلاصة تذهيب الكمال: 103.
(2) في " الجرح والتعديل " 3 / 359.
(*)

(9/412)


مات بعد الستين ومئة.
137 - وخالد بن يزيد بن عبدالرحمن * [ (ق) ]
ابن أبي مالك الهمداني.
روى عن: أبيه، والصلت بن بهرام، وأبي حمزة الثمالي.
وعنه: الوليد بن مسلم، وأبو مسهر، وهشام، وأحمد بن أبي الحواري، وسويد بن سعيد.
ضعفه ابن معين (1) والدارقطني.
مات سنة خمس وثمانين ومئة، وله ثمانون سنة وأبوه ثقة.

138 - وخالد بن يزيد * * أبو الهيثم، العدوي العمري المكي، وبعضهم كناه أبا الوليد.
روى عن: ابن أبي ذئب، والثوري.
وعنه: علي بن حرب، ومحمد بن عوف الطائي، وجماعة.
كذبه يحيى، وأبو حاتم (2).
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
__________
* تاريخ ابن معين: 146، التاريخ الكبير 3 / 184، الضعفاء للعقيلي لوحة 118، الجرح والتعديل 3 / 359، تهذيب الكمال: 371، تذهيب التهذيب 1 / 195 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 645، الكاشف، 1 / 276، تهذيب التهذيب 3 / 126، خلاصة تذهيب الكمال: 103، تهذيب ابن عساكر 5 / 119.
(1) " تاريخه ": 146.
* * التاريخ الكبير 3 / 184، الجرح والتعديل 3 / 360، الكامل لابن عدي 2 / 232، ميزان الاعتدال 1 / 646، لسان الميزان 2 / 389.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 360.
(*)

(9/413)


139 - وخالد بن يزيد بن مسلم *
الغنوي البصري.
روى عنه: إبراهيم بن المستمر العروقي.
عداده في الضعفاء.

140 - وخالد بن يزيد الكاهلي * * أبو الهيثم الكحال، كوفي.
أخذ عن حمزة الزيات.
وهو من شيوخ البخاري.

141 - وخالد بن يزيد بن عمر * * * ابن هبيرة الفزاري، ولد نائب العراق.
حدث عنه بقية.

142 - وخالد بن يزيد * * * * أبو عبد الرحيم المصري، ثقة.
__________
* الضعفاء للعقيلي لوحة 118، ميزان الاعتدال 1 / 647، لسان الميزان 2 / 391، العقد الثمين 4 / 298، 299.
* * التاريخ الكبير 3 / 184، الجرح والتعديل 3 / 360، تهذيب الكمال: 370، تذهيب لتهذيب 1 / 194 / 2، الكاشف 1 / 275، تهذيب التهذيب 3 / 125، خلاصة تذهيب الكمال: 103.
* * * تهذيب الكمال: لوحة 371، تذهيب التهذيب 1 / 195 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 648، الكاشف 1 / 276، تهذيب التهذيب 3 / 128، خلاصة تذهيب الكمال: 103.
* * * * التاريخ الكبير 3 / 180، الجرح والتعديل 3 / 358، تهذيب الكمال: لوحة 372، تذهيب التهذيب 1 / 195 / 2، الكاشف 1 / 276، تهذيب التهذيب 3 / 129، خلاصة تذهيب الكمال: 104، شذرات الذهب 1 / 207.
(*)

(9/414)


روى عنه الليث
143 - وخالد بن يزيد العتكي * عن ثابت البناني.
صدوق.
144 - وخالد بن يزيد السلمي * * شيخ لدحيم.
وجماعة سواهم.

145 - الحفري * * * (م، 4) الامام الثبت القدوة الولي، أبو داود، عمر بن سعد الحفري، الكوفي، العابد.
والحفر: موضع بالكوفة، وهو بكنيته أشهر.
حدث عن: مالك بن مغول، ومسعر بن كدام، وصالح بن حسان،
__________
* التاريخ الكبير 3 / 182، تهذيب الكمال: لوحة 372، تذهيب التهذيب 1 / 195 / 2، ميزان الاعتدال 1 / 648، الكاشف 1 / 276، تهذيب التهذيب 3 / 129، خلاصة تذهيب الكمال: 104.
* * الجرح والتعديل 3 / 360، تهذيب الكمال: 373، تذهيب التهذيب 1 / 196 / 1، الكاشف 1 / 277، تهذيب التهذيب 3 / 130، خلاصة تذهيب الكمال: 104، تهذيب ابن عساكر 5 / 123.
* * * طبقات ابن سعد 6 / 403، طبقات خليفة ت (1336)، التاريخ الصغير 2 / 300، المعرفة والتاريخ 1 / 195، الجرح والتعديل 6 / 112، تهذيب الكمال: لوحة 1011، تذهيب التهذيب 3 / 85 / 1، العبر 1 / 340، الكاشف 2 / 311، تهذيب التهذيب 7 / 452
، خلاصة تذهيب الكمال: 283.
(*)

(9/415)


وبدر بن عثمان، وسفيان الثوري وعدة.
ولم يرحل، ولكنه ثقة، صاحب حديث.
روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمود بن غيلان، وإسحاق بن منصور، وعلي بن حرب، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد، وبنو أبي شيبة، وأبو كريب، وخلق سواهم.
قال عباس: سمعت يحيى بن معين يقدم الحفري في حديث سفيان على محمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة (1).
وقال أبو حاتم: صدوق، رجل صالح (2).
وقال الدارقطني: كان من الصالحين الثقات.
حكي أنه أبطأ في الخروج إلى الجماعة، ثم خرج، فقال: أعتذر إليكم، فإنه لم يكن لي ثوب غير هذا، صليت فيه، ثم أعطيته بناتي حتى صلين فيه، ثم أخذته، وخرجت إليكم.
قال وكيع بن الجراح: إن كان يدفع بأحد في زماننا، فبأبي داود الحفري (3).
وقال علي بن المديني: لا أعلمني رأيت بالكوفة أعبد منه (4).
قال الهجيمي: حدثنا محمد بن عبدالرحمن الجوهري قال: رأيت أبا داود الحفري، وكان لا يرى أديم جسده من الشعر، وعليه
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1011.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 112.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 1012.
(4) " تهذيب الكمال ": لوحة 1012.
(*)

(9/416)


خرقتان: إزار، ورداء فيه عدة رقاع، وكان إذا أراد أن ينتشر، خرج من المسجد، وكان مسجدهم محصبا، فقيل: أليس كفارتها دفنها ؟ فيقول: لعلي أؤخذ قبل أن أكفر.
وتزوج بامرأة، فأصدقها ثلاثة دنانير، وكان قوته كل ليلة قرصين، وبفلس فجل أو هندبا.
قال أبو حمدون الطيب المقرئ: دفن أبا داود الحفري رحمه الله، وتركنا بابه مفتوحا، ما كان في البيت شئ (1).
قال ابن سعد وغيره: مات في جمادي الاولى سنة ثلاث ومئتين (2).
قلت: مات وقد شاخ، أحسبه من أبناء السبعين، وحديثه عندنا متيسر.

146 - بشر بن عمر * (ع) الامام الحافظ الثبت، أبو محمد، الزهراني البصري.
سمع عكرمة بن عمار، وشعبة بن الحجاج، وعاصم بن محمد العمري، وهمام بن يحيى، وأبان بن يزيد، وجماعة.
__________
" تهذيب الكمال ": لوحة 1012.
(2) " طبقات ابن سعد " 6 / 403.
* طبقات ابن سعد 7 / 300، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة ت (1941)، التاريخ الكبير 2 / 80، الجرح والتعديل 2 / 361، تهذيب الكمال: 153، تذكرة الحفاظ 1 / 337، الكاشف 1 / 156، تهذيب التهذيب 1 / 455، طبقات الحفاظ: 141، خلاصة
تذهيب الكمال: 49، شذرات الذهب 2 / 18.
(*)

(9/417)


حدث عنه: إسحاق بن راهويه، وبشر بن آدم، وإسحاق الكوسج، والذهلي، ونصر بن علي، ومحمد بن يحيى القطعي وآخرون.
وثقه ابن سعد، وقال: توفي بالبصرة سنة سبع ومئتين (1).
وقال أبو حاتم: صدوق (2).
وقيل: إنه توفي في آخر يوم من سنة ست ومئتين.
أخبرنا محمد بن محمد بن سليم، وأحمد بن عبدالرحمن بدمشق - قدما علينا - قالا: أخبرنا عبدالرحمن بن مكي، أخبرنا جدي أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا مكي بن علان، أخبرنا أبو بكر الحيري، أخبرنا أبو علي بن معقل، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن أشق على أمتي، لامرتهم بالسواك مع كل وضوء (3) ".
أخرجه النسائي عن الذهلي، فوافقناه بعلو.
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 300.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 361.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 461 و 517 من طريقين عن مالك بهذا الاسناد، وأخرجه مالك 1 / 85، ومن طريقه البخاري 2 / 311، 312، ومسلم (252)، والنسائي 1 / 12، عن أبي الزناد، عن عبدالرحمن الاعرج، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ " لولا أن أشق على أمتي، لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ".
وأخرجه أبو داود (46)، والنسائي 1 / 226 من
طريق سفيان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة يرفعه " لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بتأخير العشاء، والسواك عند كل صلاة ".
(*)

(9/418)


147 - الوليد بن مزيد * (د، س) الحافظ الثقة الفقيه، أبو العباس، العذري البيروتي، صاحب الاوزاعي.
أخذ عن الاوزاعي تصانيفه، وعن عبد الله بن شوذب، وعبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، وعثمان بن عطاء الخراساني، وسعيد بن عبد العزيز، وعثمان بن أبي العاتكة، ومقاتل بن سليمان وعدة.
حدث عنه: ابنه العباس بن الوليد الحافظ، وأبو مسهر الغساني، ودحيم، وأبو عمير عيسى بن محمد الرملي، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن وزير الدمشقي، وعبد الله بن خالد الرملي، ومحمد ابن عثمان الكفرسوسي وآخرون.
قال البخاري في " تاريخه " (1): الوليد بن مزيد الشامي سمع الاوزاعي، عن عمر، مرسل، لم يزد.
وقال الدارقطني: كان من ثقات أصحاب الاوزاعي، ثبت.
وقال ابن زبر: مولده في سنة 126.
وقال محمد بن بركة: أخرج إلي سعد البيروتي أصول العباس يعني عن أبيه، فإذا أكثرها: سمعت الاوزاعي، سمعت الاوزاعي، وكان الاوزاعي احترق علمه، فمن أخذ عن الاول، فهو حجة،
__________
* التاريخ الكبير 8 / 155، الجرح والتعديل 9 / 18، تهذيب الكمال: لوحة 1473، تذهيب التهذيب 4 / 140 / 1، العبر 1 / 343، الكاشف 3 / 242، تهذيب التهذيب
11 / 150، خلاصة تذهيب الكمال: 418، شذرات الذهب 2 / 8.
(1) 8 / 155.
(*)

(9/419)


وسواه ليس بحجة (1) ابن أبي حاتم: حدثنا عباس بن الوليد، سمعت أبا مسهر يقول: لقد حرصت على جمع علم الاوزاعي، حتى كتبت عن إسماعيل بن سماعة ثلاثة عشر كتابا حتى لقيت أباك، فوجدت عنده علما، لم يكن عند القوم (2).
وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت أبا مسهر يقول: قال الاوزاعي: عليكم بكتب الوليد بن مزيد، فإنها صحيحة (3) وقال أبو يوسف بن السفر: سمعت الاوزاعي يقول: ما عرض علي كتاب أصح من كتب الوليد بن مزيد (4).
وقال النسائي: الوليد بن مزيد أحب إلينا في الاوزاعي من الوليد ابن مسلم، لا يخطئ ولا يدلس (5).
قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت الوليد بن مزيد يقول: من أكل شهوة من حلال، قسا قلبه.
وقال أبو مسهر: كان الوليد بن مزيد ثقة، ولم يكن يحفظ، وكتبه صحيحة.
قال العباس (6): مات أبي في سنة ثلاث ومئتين عن سبع وسبعين
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1473.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 18.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 18.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 18، و " تهذيب الكمال ": لوحة 1473.
(5) " تهذيب الكمال ": لوحة 1473.
(6) في الاصل " أبو العباس " وهو خطأ.
(*)

(9/420)


سنة.
هذا سمعه الاصم منه.
وروى الفسوي عن دحيم قال: الوليد بن مزيد ثقة، مات سنة سبع وثمانين.
قلت: الاول أثبت.

148 - البرساني * (ع) الامام المحدث الثقة، أبو عبد الله، وأبو عثمان، محمد بن بكر ابن عثمان البرساني الازدي البصري.
وبرسان: بطن من الازد.
حدث عن: ابن جريج، وهشام بن حسان، ويونس بن يزيد الايلي، وسعيد بن أبي عروبة، وعبيد الله بن أبي زياد، وأيمن بن نابل، وشعبة، وحماد بن سلمة، وعدة.
حدث عنه: أحمد، وإسحاق، وبندار، وإسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهارون الحمال، وأبو محمد الدارمي، وعبد بن حميد، وأحمد بن منصور الرمادي، وعدد كثير.
قال يحيى بن معين: حدثنا البرساني، وكان - والله - ظريفا صاحب أدب ثقة (1).
__________
* تاريخ ابن معين: 506، طبقات ابن سعد 7 / 297، تاريخ خليفة: 471، طبقات خليفة: ت 1926، التاريخ الكبير 1 / 48، التاريخ الصغير 2 / 299، الجرح والتعديل 7 / 212، تهذيب الكمال: لوحة 1177، تذهيب التهذيب 3 / 192 / 1، العبر 1 / 341،
ميزان الاعتدال 3 / 492، الكاشف 3 / 24، تهذيب التهذيب 9 / 77، خلاصة تذهيب الكمال: 329، شذرات الذهب 2 / 7.
(1) " تاريخ يحيى بن معين ": 506.
(*)

(9/421)


وقال ابن سعد: ثقة.
مات في ذي الحجة سنة ثلاث ومئتين بالبصرة (1).
قلت: مات في عشر الثماتين.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا واهب بن محمد بالبصرة، حدثنا نصر ابن علي الجهضمي، حدثنا محمد بن بكر البرساني، عن ابن جريج، عن ابن المنكدر، عن أبي أيوب، عن مسلمة بن مخلد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ستر مسلما، ستره الله عزوجل في الدنيا والآخرة، ومن فك عن مكروب، فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته " (2).
هذا حديث غريب فرد.

149 - عمر بن يونس * (ع) الامام المحدث، أبو حفص اليمامي.
حدث عن: عكرمة بن عمار، وعاصم بن محمد العمري، وعمر
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 296.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 4 / 104، من طريق محمد بن بكر البرساني بهذا الاسناد، وأورده الخطيب في " تاريخه " 13 / 156، من طريقين، عن نصر بن علي الجهضمي،
عن البرساني به، وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري 5 / 70، 71، ومسلم (2580)، وعن أبي هريرة عند مسلم (2699)، وأحمد 2 / 407.
* طبقات ابن سعد 5 / 556، التاريخ الكبير 6 / 206، الجرح والتعديل 6 / 142، تهذيب الكمال: لوحة 1026، تذهيب لتهذيب 3 / 94 / 1، العبر 1 / 341، الكاشف 2 / 322، تهذيب التهذيب 7 / 506، خلاصة تذهيب الكمال: 286.
(*)

(9/422)


ابن أبي خثعم، وحباب بن فضالة صاحب أنس بن مالك، ووالده يونس ابن القاسم الحنفي.
وعنه: أبو خيثمة، وأبو ثور الفقيه، وعمرو الناقد، وإسحاق بن وهب العلاف، وعبد الرحمن رسته (1)، ومحمد بن بشار، وعبد بن حميد، وخلق سواهم.
وثقه يحيى بن معين، والنسائي.
توفي بعيد المئتين.

وحفيده:
150 - أحمد بن محمد بن عمر اليمامي * أحد المتروكين.
يروي عن جده عمر بن يونس، وعبد الرزاق.
وعنه: قاسم المطرز، وابن أبي داود.

151 - يحيى بن عيسى * * (م، د، ت، ق) التميمي النهشلي الكوفي الفاخوري الجرار، نزيل الرملة.
__________
(1) هو عبدالرحمن بن عمر بن يزيد، ولقبه رسته توفي سنة (246) ه.
* الجرح والتعديل 2 / 71، ميزان الاعتدال 1 / 142، كتاب المجروحين والضعفاء
1 / 143.
* * تاريخ ابن معين: 651، التاريخ الكبير 8 / 297، التاريخ الصغير 2 / 294، الضعفاء للعقيلي: لوحة 445، الجرح والتعديل 9 / 178، كتاب المجروحين والضعفاء 3 / 126، 127، الكامل في الضعفاء لابن عدي: لوحة 839، تهذيب الكمال: لوحة 1513، تذهيب التهذيب 4 / 163 / 1، العبر 1 / 337، ميزان الاعتدال 4 / 401، الكاشف 3 / 265، تهذيب التهذيب 11 / 262، خلاصة تذهيب الكمال: 427، شذرات الذهب 2 / 3.
(*)

(9/423)


حدث عن: الاعمش، وعبد الاعلى بن أبي المساور، ومسعر، وجماعة.
روى عنه: علي بن محمد الطنافسي، ومحمد بن مصفى، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن سنان وخلق.
وكان يتردد إلى العراق، وكان أحمد بن حنبل حسن الثناء عليه.
وقال أحمد بن سنان القطان: قال لنا أبو معاوية: اكتبوا عن يحيى ابن عيسى فطالما رأيته عند الاعمش (1).
وقال النسائي: ليس بالقوي.
محمد بن مصفى: حدثنا يحيى بن عيسى، حدثنا الاعمش، قال: اختلف أهل البصرة في القصص، فأتوا أنسا، فسألوه: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقص ؟ قال: لا، إنما بعث بالسيف (2).
قيل: توفي سنة اثنتين ومئتين.

152 - الجارود * ابن يزيد الفقيه الكبير، أبو الضحاك العامري النيسابوري،
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1513.
(2) أورده المؤلف في " ميزانه " 4 / 401 وتمامه: ولكن سمعته يقول: " لان أقعد مع قوم يذكرون الله بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها ".
وأخرج هذا الاخير منه مع زيادة أبو داود (3667) في آخر العلم من طريق محمد بن المثنى، عن عبد السلام ابن مطهر، عن موسى بن خلف العمي، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لان أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولان أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة " وهذا سند حسن.
* تاريخ ابن معين: 76، التاريخ الكبير 2 / 237، التاريخ الصغير 2 / 319، الضعفاء = (*)

(9/424)


ويقال: أبو علي ولد في خلافة هشام في حدود العشرين ومئة، وارتحل في طلب العلم.
وحمل عن: سليمان التيمي، وبهز بن حكيم، وإسماعيل بن أبي خالد، وعمر بن ذر، وأبي حنيفة، ومسعر، وشعبة، والثوري، وتفقه بأبي حنيفة، وأكثر عن الثوري وشعبة.
وليس هو بمحكم لفن الرواية.
روى عنه: أبو سلمة التبوذكي، وأحمد بن أبي رجاء الهروي، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن عبدالملك بن زنجويه، والحسن بن عرفة وآخرون.
قال الحاكم: هو من كبار أصحاب أبي حنيفة والملازمين له.
وخطة الجارود منسوبة إليه (1)، وهي سكة الجارودي في المربعة الصغيرة، ومسجده على رأس السكة.
قال محمد بن إسحاق السراج: توفي سنة ثلاث ومئتين.
ونقل أبو عمرو أحمد المستملي قال: توفي سنة ست ومئتين.
قال: وفي تلك السنة قدم طاهر بن الحسين الامير (2).
__________
= الصغير للبخاري: 26، الضعفاء والمتروكين: 28، الضعفاء للعقيلي: لوحة 72، الجرح والتعديل 2 / 525، كتاب المجروحين والضعفاء 1 / 220، ميزان الاعتدال 1 / 384، لسان الميزان 2 / 90.
(1) الخطة: هي الارض التي يختطها الانسان لنفسه ليبني داره بها، ولم يكن أحد قد نزلها قبله.
(2) مر التعريف به في الصفحة 335 التعليق رقم (1) من هذا الجزء.
(*)

(9/425)


قال البخاري: هو منكر الحديث، كان أبو أسامة يرميه بالكذب (1).
وروى عباس، عن يحيى: ليس بشئ (2).
العقيلي: حدثنا بشر بن موسى، حدثنا محمد بن مقاتل المروزي، حدثنا الجارود، حدثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أترعون عن ذكر الفاجر ! اذكروه بما فيه يحذره الناس ".
قال العقيلي (3): ليس لذا أصل.
قلت: ورواه سلمة بن شبيب عنه.
قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه (4).
وقال النسائي: متروك الحديث.

153 - عثمان بن عبدالرحمن * (4) ابن مسلم الحراني الطرائفي (5) المؤدب، مولى بني أمية.
وقيل:
ولاؤه لبني تيم.
في كنيته أقوال.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 2 / 237.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 76.
(3) في " الضعفاء " لوحة: 72.
(4) " الجرح والتعديل " 2 / 525.
* طبقات خليفة: ت 2098، التاريخ الكبير 6 / 238، الضعفاء للعقيلي: لوحة 291، الجرح والتعديل 6 / 157، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 96، الكامل لابن عدي: لوحة 585، الانساب 8 / 227، تهذيب الكمال: لوحة 916، تذهيب التهذيب 3 / 31 / 2، العبر 1 / 340، ميزان الاعتدال 3 / 45، الكاشف 2 / 252، تهذيب التهذيب 7 / 134، خلاصة تذهيب الكمال: 261، شذرات الذهب 2 / 6.
(5) سمي بذلك، لانه كان يتتبع طرائف الاحاديث ويطلبها.
(*)

(9/426)


حدث عن: عبيد الله بن عمر، وجعفر بن برقان، وهشام بن حسان، وابن أبي ذئب، وأيمن بن نابل، وأشعث بن عبدالملك الحمراني، ومعاوية بن سلام وعدة.
وعنه: بقية بن الوليد، وهو أكبر منه، وأبو جعفر النفيلي، وقتيبة، وأبو كريب، وعلي بن ميمون الرقي، وأبو شعيب السوسي، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وعدد كثير.
وكان أبيض الرأس واللحية، لا يغير شيبه.
قال يحيى بن معين: صدوق.
وقال أبو عروبة: شيخ متعبد لا بأس به، يحدث عن قوم مجهولين بالمناكير (1)
وقال ابن عدي: كنيته أبو عبدالرحمن.
وقيل: هو في الجزريين كبقية في الشاميين حاطب ليل (2).
وقال ابن أبي حاتم: أنكر أبي على البخاري إدخاله في كتاب " الضعفاء " له (3).
قال محمد بن يحيى بن كثير الحراني: مات سنة ثلاث ومئتين.
وقيل: بل مات سنة اثنتين ومئتين.
أما:
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 916.
(2) " الكامل " لابن عدي: لوحة 585، ويقال: فلان حاطب ليل، أي: يتكلم بالغث والسمين كمن يحطب ليلا، فيحطب الجيد والردئ، وهو في المحدثين من لا يميز صحيح الحديث من ضعيفه.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 157.
(*)

(9/427)


154 - عثمان بن عبدالرحمن الوقاصي الزهري، فأكبر من الطرائفي.
يروي عن محمد بن المنكدر وجماعة.
متروك الحديث.

ومن طبقته:
155 - عثمان بن عبدالرحمن الجمحي * * بصري صويلح يروي عن نعيم المجمر، ومحمد بن زياد الجمحي: وعنه: علي بن المديني ونصر بن علي، وأحمد بن عبدة
الضبي وجماعة.

156 - عمر بن شبيب * * * (ق) المعمر المحدث، أبو حفص المسلي المذحجي الكوفي.
__________
* تاريخ ابن معين: 394، التاريخ الكبير 6 / 238، التاريخ الصغير 2 / 161، الضعفاء الصغير: 81، الضعفاء والمتروكين: 76، الضعفاء للعقيلي: لوحة 291، الجرح والتعديل 6 / 157، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 98، الكامل لابن عدي: لوحة 579، تهذيب الكمال: لوحة 915، تذهيب التهذيب 3 / 31 / 2، ميزان الاعتدال 3 / 43، تهذيب التهذيب 7 / 133، خلاصة تذهيب الكمال: 261.
* * الجرح والتعديل 6 / 158، الكامل لابن عدي: لوحة 580، تهذيب الكمال: لوحة 916، تذهيب التهذيب 3 / 31 / 2، ميزان الاعتدال 3 / 47، الكاشف 2 / 253، تهذيب التهذيب 7 / 135، خلاصة تذهيب الكمال: 261.
* * * تاريخ ابن معين: 430، طبقات ابن سعد 6 / 388، الضعفاء والمتروكين: 84.
الضعفاء للعقيلي: لوحة 283، الجرح والتعديل 6 / 115، كتاب المجروحين 2 / 90، تهذيب الكمال: لوحة 1014، تذهيب التهذيب 4 / 86 / 2، ميزان الاعتدال 3 / 204، الكاشف 2 / 313، تهذيب التهذيب 7 / 461، خلاصة تذهيب لكمال: 283، شذرات الذهب 2 / 3.
(*)

(9/428)


رأى أبا إسحاق السبيعي، وروى عن: عبدالملك بن عمير، وليث بن أبي سليم، وإبراهيم بن مهاجر، وعمرو بن قيس الملائي، وكثير النواء، وإسماعيل بن أبي خالد وعدة.
وعنه: أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن طريف، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعمر بن شبة، وسعدان بن نصر، والحسن بن علي ابن عفان، وعدد كثير.
قال أبو زرعة: لين الحديث، وقال أبو زرعة: ليس بثقة (1).
وقال أبو حاتم: لا يحتج به (2).
وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي (3).
وقال ابن حبان: كان صدوقا لكنه يخطئ كثيرا على قلة روايته (4).
قلت: هذا فيه تناقض، فالصدوق لا يكثر خطؤه، والكثير الخطأ مع القلة هو المتروك، وله حديث واحد في " سنن ابن ماجة " (5)، وهو
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1014.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 115.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 1014.
(4) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 90.
(5) وهو حديث: " طلاق الامة اثنتان، وعدتها حيضتان " رواه ابن ماجة (2079) في الطلاق: باب طلاق الامة وعدتها، من طريق عمر بن شبيب، عن عبد الله بن عيسى، عن عطية العوفي، عن ابن عمر.
وإسناده ضعيف لضعف المترجم، وشيخه عطية، وقال الدارقطني بعدما أخرجه في " سننه " ص 441: تفرد به عمر بن شبيب المسلي، وهو ضعيف لا يحتج بروايته، والصحيح ما رواه نافع وسالم عن ابن عمر من قوله كما في " الموطأ " 2 / 574.
كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين، فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة، وعدة الحرة ثلاث حيض، وعدة الامة حيضتان، وفي الباب عن عائشة مرفوعا عند أبي داود (2189)، والترمذي (1182)، وابن ماجة (2080)، والحاكم 2 / 205، والبيهقي 7 / 370، وفي سنده مظاهر بن أسلم وهو ضعيف.
(*)

(9/429)


أمثل من عمر بن حبيب العدوي.
توفي في سنة اثنتين ومئتين.
وقع لي من عواليه، وهو صويلح.

157 - عمر بن عبد الله بن رزين * (م، د) الامام الكبير، أبو العباس السلمي النيسابوري، أخو جعفر ومبشر.
سمع ابن إسحاق، وسفيان بن حسين، والثوري، وإبراهيم بن طهمان، وجماعة.
وعنه: أحمد بن يوسف، وأحمد بن الازهر، وأيوب بن الحسن، وسهل بن عمار، وآخرون.
قال سهل بن عمار: لم يكن بخراسان أنبل منه، توفي سنة ثلاث ومئتين (1).

158 - أيوب بن سويد * * (د، ت، ق) محدث الرملة، أبو مسعود الحميري السيباني (2) الرملي.
__________
* تهذيب الكمال: لوحة 1015، تذهيب التهذيب 3 / 87 / 2، العبر 1 / 341، الكاشف 2 / 315، تهذيب التهذيب 7 / 468، خلاصة تذهيب الكمال: 284.
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1016.
* * تاريخ ابن معين: 49، التاريخ الكبير 1 / 417، الضعفاء والمتروكين: 16، الضعفاء للعقيلي: لوحة 41، 42، الجرح والتعديل 2 / 249، الكامل لابن عدي: لوحة 40، تهذيب الكمال: لوحة 137، تذهيب التهذيب 1 / 78 / 2، ميزان الاعتدال 1 / 287، الكاشف 1 / 146، تهذيب التهذيب 1 / 405، خلاصة تذهيب الكمال: 43.
(2) هذه النسبة إلى سيبان، وهو بطن من حمير.
(*)

(9/430)


حدث عن: أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السيباني، وابن جريج،
والاوزاعي، ويونس بن يزيد، وأسامة بن زيد الليثي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وعدة.
حدث عنه: أبو طاهر أحمد بن السرح، ودحيم، وكثير بن عبيد، والربيع بن سليمان المرادي، وبحر بن نصر، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وآخرون.
وكان سيئ الحفظ لينا.
روى عباس عن يحيى: ليس بشئ، يسرق الحديث (1).
وقال إبراهيم بن عبد الله: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ليس بشئ حدثهم بالرملة بأحاديث عن ابن المبارك، ثم جعلها بعد عن نفسه عن شيوخ ابن المبارك (2).
وقال أبو حاتم: لين الحديث (3).
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال ابن عدي: يكتب حديثه في جملة الضعفاء (4).
وذكره ابن حبان في " الثقات " لكن قال: كان ردئ الحفظ.
__________
(1) " تاريخ يحيى بن معين ": 49.
وسرقة الحديث: أن يكون محدث ينفرد بحديث، فيجئ السارق، ويدعي أنه سمعه أيضا من شيخ ذاك المحدث، أو يكون الحديث عرف براو، فيضيفه لراو غيره، ممن شاركه في طبقته.
قال: الامام الذهبي: وليس كذلك من يسرق الاجزاء والكتب، فإنها أنحس بكثير من سرقة الرواة.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 49.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 250.
(4) " الكامل " لابن عدي: لوحة 44.
(*)

(9/431)


وقال البخاري: يتكلمون فيه (1).
قلت: وممن روى عنه بقية بن الوليد، والشافعي، ومحمد بن أبي السري.
قال ابن أبي عاصم: توفي سنة اثنتين ومئتين.
وقال البخاري: قال لي محمد بن إسحاق: سمعت عبد الله بن أيوب يقول: غرق أيوب بن سويد في البحر سنة ثلاث وتسعين ومئة (2).
قلت: الاول هو الصحيح.
159 - أبو سفيان الحميري * (خ، ت) هو سعيد بن يحيى الواسطي، أحد الثقات.
سمع معمر بن راشد، والعوام بن حوشب، وعوفا الاعرابي، والضحاك بن حمرة، وجماعة.
وعنه: يعقوب الدورقي، وعبد الله بن محمد المخرمي، ومحمد ابن وزير الواسطي، وأحمد بن سنان، ومحمد بن يحيى الذهلي وآخرون.
وثقه أبو داود وغيره.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 1 / 417.
(2) " التاريخ الكبير " 1 / 417.
* طبقات ابن سعد 7 / 314، طبقات خليفة: ت 3195، التاريخ الكبير 3 / 520، التاريخ الصغير 2 / 296، الجرح والتعديل: 4 / 74، تهذيب الكمال: لوحة 511، تذهيب التهذيب 2 / 31 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 163 و 4 / 531، الكاشف 1 / 375، تهذيب التهذيب 4 / 99، خلاثة تذهيب الكمال: 144.
(*)

(9/432)


وعاش تسعين سنة، مات في شعبان سنة اثنتين ومئتين.

160 - سلمة بن سليمان * (خ، م، ت) المروزي الحافظ المؤدب.
حدث عن: أبي حمزة السكري، وابن المبارك.
وعنه: أحمد بن أبي رجاء الهروي، وأحمد بن سعيد الرباطي، وعبدة بن عبدالرحيم المروزي، ومحمد بن أسلم الطوسي، ومحمد ابن عبد الله بن قهزاذ، وآخرون.
قال أحمد بن منصور زاج: حدثنا من حفظه بنحو من عشرة آلاف حديث (1).
وقال النسائي: ثقة.
قيل: توفي سنة ست وتسعين ومئة، نقله البخاري عن محمد بن الليث.
وقيل: مات سنة ثلاث أو أربع ومئتين (2).

161 - سلمويه * * (خ، س) الحافظ المعمر، أبو صالح، سليمان بن صالح الليثي، مولاهم المروزي.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 378، التاريخ الكبير 4 / 84، التاريخ الصغير 2 / 300، الجرح والتعديل 4 / 163، تهذيب الكمال: لوحة 527، تذهيب التهذيب 2 / 142، الكاشف 1 / 384، تهذيب التهذيب 4 / 145، خلاصة تذهيب الكمال: 148، وفيه: ابن سليم.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 527.
(2) " التاريخ الكبير " 4 / 84.
* * التاريخ الكبير 4 / 20، الجرح والتعديل 4 / 123، تهذيب الكمال: لوحة 543، تذهيب التهذيب 2 / 50 / 2، الكاشف 1 / 396، تهذيب التهذيب 4 / 199، خلاصة تذهيب
الكمال: 152.
(*)

(9/433)


صاحب ابن المبارك.
عنه: ابن راهويه، وأحمد بن شبويه وعدة.
يقال: عاش مئة سنة.

162 - عبدالمجيد * (م، 4) ابن الامام عبد العزيز بن أبي رواد، العالم القدوة الحافظ الصادق، شيخ الحرم، أبو عبد المجيد المكي، مولى المهلب بن أبي صفرة.
حدث عن: ابن جريج بكتبه، وعن أبيه، ومعمر بن راشد، وأيمن بن نابل، ومروان بن سالم، وعثمان بن الاسود وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر الحميدي، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى العدني، وحاجب المنبجي، وأحمد بن شيبان الرملي، والزبير بن بكار، وحسين بن عبد الله الرقي، وخلق كثير.
وكان من المرجئة، ومع هذا فوثقه أحمد، ويحيى بن معين.
وقال أحمد: كان فيه غلو في الارجاء، يقول: هؤلاء الشكاك، يريد قول العلماء: أنا مؤمن إن شاء الله (1).
__________
* تاريخ ابن معين: 370، طبقات ابن سعد 5 / 500، طبقات خليفة: ت 2601، التاريخ الكبير 6 / 112، المعرفة والتاريخ 3 / 52، الضعفاء للعقيلي: لوحة 261، الجرح والتعديل 6 / 64، الكامل لابن عدي: لوحة 654، تهذيب الكمال: لوحة 851، تذهيب التهذيب 2 / 247 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 648، الكاشف 2 / 206، شرح العلل لابن رجب 2 / 662، تهذيب التهذيب 6 / 381، خلاصة تذهيب الكمال: 243.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 851، والقول الفصل في هذه المسألة أن المستثني إن أراد الشك في أصل إيمانه، منع من الاستثناء وهذا مما لا خلاف فيه، وإن أراد أنه مؤمن من المؤمنين = (*)

(9/434)


قال يحيى بن معين: كان أعلم الناس بحديث ابن جريج، ولم يكن يبذل نفسه للحديث (1)، ثم ذكر من نبله وهيئته، وقال أيضا: كان صدوقا ما كان يرفع رأسه إلى السماء، وكانوا يعظمونه.
قال عبد الله بن أيوب المخرمي: لو رأيت عبدالمجيد، لرأيت رجلا جليلا من عبادته.
وقال الحسين الرقي: حدثنا عبدالمجيد ولم يرفع رأسه أربعين سنة إلى السماء.
قال: وكان أبوه أعبد منه.
وقال أبو داود: كان عبدالمجيد رأسا في الارجاء (2).
وقال يعقوب بن سفيان: كان مبتدعا داعية (3).
قال سلمة بن شبيب: كنت عند عبد الرزاق، فجاءنا موت عبد المجيد، وذلك في سنة ست ومئتين.
فقال: الحمد لله الذي أراح أمة محمد من عبدالمجيد (4).
قال ابن عدي: عامة ما أنكر عليه الارجاء (5).
وقال هارون بن عبد الله الحمال: ما رأيت أخشع لله من وكيع، وكان عبدالمجيد أخشع منه (6).
__________
= الذين وصفهم الله في الآية الثانية والثالثة والرابعة من سورة الانفال، والآية (15) من سورة الحجرات، فالاستثناء حينئذ جائز، وكذلك من استثنى وأراد عدم العلم بالعاقبة، وكذلك من استثنى تعليقا للامر بمشيئة الله، لا شكا في إيمانه.
(1) " تاريخ يحيى بن معين ": 370.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 851.
(3) " المعرفة والتاريخ " 3 / 52.
(4) " تهذيب الكمال ": لوحة 851.
(5) " الكامل " لابن عدي: لوحة 654.
(6) " الكامل " لابن عدي: لوحة 654.
(*)

(9/435)


قلت: خشوع وكيع مع إمامته في السنة جعله مقدما، بخلاف خشوع هذا المرجئ - عفا الله عنه - أعاذنا الله وإياكم من مخالفة السنة، وقد كان على الارجاء عدد كثير من علماء الامة، فهلا عد مذهبا، وهو قولهم: أنا مؤمن حقا عند الله الساعة، مع اعترافهم بأنهم لا يدرون بما يموت عليه المسلم من كفر أو إيمان، وهذه قولة خفيفة وإنما الصعب من قول غلاة المرجئة: إن الايمان هو الاعتقاد بالافئدة، وإن تارك الصلاة والزكاة، وشارب الخمر، وقاتل الانفس، والزاني، وجميع هؤلاء يكونون مؤمنين كاملي الايمان، ولا يدخلون النار، ولا يعذبون أبدا (1)، فردوا أحاديث الشفاعة المتواترة، وجسروا كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات، نعوذ بالله من الخذلان.
وقد غلط أبو نعيم الحافظ، وقال: مات عبدالمجيد سنة سبع وتسعين ومئة، والصواب وفاته سنة ست ومئتين كما قال سلمة بن شبيب.
163 - محمد بن عبيد * (ع) ابن أبي أمية الطنافسي الكوفي الاحدب الحافظ أخو يعلى بن عبيد.
__________
(1) لكن هذا النوع من الارجاء المبتدع المذموم الذي تسقط عدالة القائل به، ويعد ضالا مفارقا لاهل السنة والجماعة لا يعرف في المحدثين المعدودين في أصحاب الرأي، وهم بريئون
منه براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
وراجع التفصيل في " الرفع والتكميل " ص 149، 165.
* تاريخ ابن معين: 529، طبقات ابن سعد 6 / 397، تاريخ خليفة: 472، التاريخ الكبير 1 / 173، المعارف: 517، الجرح والتعديل 8 / 10، مشاهير علماء الامصار: ت 1383، تاريخ بغداد 2 / 365، تهذيب الكمال: لوحة 1237، تذهيب التهذيب 3 / 229 / 2، = (*)

(9/436)


حدث عن: إسماعيل بن أبي خالد، والاعمش، ويزيد بن كيسان، وعبيد الله بن عمر، والعوام بن حوشب، وإدريس الاودي، والثوري، وخلق كثير.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق، وابن نمير، وابنا أبي شيبة، وأبو خيثمة، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن سليمان الرهاوي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعباس الدوري، ويعقوب بن شيبة، وخلق كثير.
قال أحمد ويحيى بن معين: عمر، ومحمد، ويعلى بنو عبيد ثقات.
وقال الدارقطني: عمر، ويعلى، ومحمد، وإدريس، وإبراهيم بنو عبيد كلهم ثقات (1).
وروى صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: كان محمد بن عبيد يخطئ، ولا يرجع عن خطئه.
قال ابن سعد، نزل محمد بن عبيد بغداد دهرا، ثم رجع إلى الكوفة، فمات قبل يعلى في سنة أربع ومئتين.
قال: وكان ثقة كثير الحديث، صاحب سنة وجماعة (2).
وقال يعقوب السدوسي: كان ممن يقدم عثمان على علي، وقل
__________
= العبر 1 / 348، ميزان الاعتدال 3 / 639، تذكرة الحفاظ 1 / 333، الكاشف 3 / 74، تهذيب التهذيب 9 / 327، طبقات الحفاظ: 140، خلاصة تذهيب الكمال: 350، شذرات الذهب 2 / 14.
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 367.
(2) " طبقات ابن سعد " 6 / 397.
(*)

(9/437)


من يذهب إلى هذا من الكوفيين.
توفي سنة أربع (1).
وقال خليفة بن خياط، وجماعة: مات سنة خمس ومئتين (2).
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: محمد بن عبيد وإخوته أثبات، وأحفظهم يعلى، وأبصرهم بالحديث محمد، وعمر شيخهم (3).
قلت: عمر من أقران هشيم.
وقال يعقوب بن شيبة: محمد بن عبيد مولي لاياد، سمعت ابن المديني يقول: كان كيسا (4).
وقال العجلي: ثقة عثماني، حديثه أربعة آلاف حديث يحفظهما (5).

164 - الوليد بن القاسم * (ت، ق) ابن الوليد الهمداني، ثم الخبذعي الكوفي، وخبذع: بطن من قبائل همدان، قيده الامير بفتح الخاء والذال، وقيده غيره بالكسر فيهما.
حدث عن: إسماعيل بن أبي خالد، وأبي حيان التيمي،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 367.
(2) " تاريخ خليفة ": 472.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 368.
(4) " تاريخ بغداد ": 2 / 369.
(5) " تاريخ بغداد ": 2 / 369.
* التاريخ الكبير 8 / 152، الجرح والتعديل 9 / 13، الكامل لابن عدي: لوحة 817، تهذيب الكمال: لوحة 1471، تذهيب التهذيب 4 / 139 / 2، العبر 1 / 342، ميزان الاعتدال 4 / 344، الكاشف 3 / 241، تهذيب التهذيب 11 / 145، 146، خلاصة تذهيب الكمال: 417، شذرات الذهب 2 / 8.
(*)

(9/438)


والاعمش، ويزيد بن كيسان، وفضيل بن غزوان، ومجالد بن سعيد، وعدة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعبد بن حميد، وأحمد بن منصور الرمادي، والحسين بن علي الصدائي، ومؤمل بن إهاب، ومحمد بن أحمد بن الجنيد الدقاق، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وآخرون.
قال ابن الجنيد الدقاق: سئل عنه أحمد بن حنبل، فقال: ثقة كتبنا عنه، وكان جارا ليعلى بن عبيد، فسألت يعلى عنه، فقال: نعم الرجل، هو جارنا منذ خمسين سنة، ما رأينا إلا خيرا (1).
وقال أحمد بن حنبل: قد كتبنا عنه أحاديث حسانا عن يزيد بن كيسان، فاكتبوا عنه (2).
وقال أبو أحمد بن عدي: إذا روى عن ثقة، فلا بأس به (3).
قال يحيى بن معين في رواية أحمد بن زهير عنه: هو ضعيف.
قال مطين: مات في سنة ثلاث ومئتين.

165 - جعفر بن عون * (ع) ابن جعفر، بن عمرو، بن حريث، بن عمرو، بن عثمان، بن
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1472.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 1472.
(3) " الكامل " لابن عدي: لوحة 817.
* تاريخ ابن معين: 86، طبقات ابن سعد 6 / 396، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة: ت 1311، التاريخ الكبير 2 / 197، التاريخ الصغير 2 / 310، المعارف: 517، الجرح والتعديل 2 / 485، مشاهير علماء الامصار: ت 1380، تهذيب الكمال: لوحة 201، تذهيب التهذيب 1 / 109 / 1، العبر 1 / 351، الكاشف: 185، دول الاسلام = (*)

(9/439)


عبد الله، بن عمر، بن مخزوم، بن يقظة، الامام الحافظ محدث الكوفة، أبو عون المخزومي العمري، نسبة إلى عمرو بن حريث الصحابي.
ولد سنة بضع عشرة ومئة.
وسمع من: هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الانصاري، والاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبي العميس عتبة بن عبد الله، وأبي حنيفة، ومسعر، وعدة.
وعنه: إسحاق بن راهويه، وإسحاق الكوسج، وأبو إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن الفرات، وعبد بن حميد، وإبراهيم بن عبد الله العبسي القصار، ومحمد بن أحمد بن أبي المثنى الموصلي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال أحمد بن جنبل: رجل صالح، ليس به بأس (2).
قال محمد بن عبد الوهاب - وهو من المكثرين عن جعفر - قال لي أحمد بن حنبل: أين تريد ؟ فقلت: الكوفة، فقال: عليك بابن عون - يعني جعفر بن عون (3) - وقال بعضهم: إن جعفر بن عون توفي في أول سنة سبع ومئتين، وهو
__________
= 1 / 128، تهذيب التهذيب 2 / 101، خلاصة تذهيب الكمال: 63، شذرات الذهب 2 / 17.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 458.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 202.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 202.
(*)

(9/440)


راجع من الحج، وله نيف وتسعون سنة.
قلت: يقع من عواليه في " جزء " ابن الفرات (1)، و " جزء " الجابري (2)، و " مسند " عبد.

166 - أزهر بن سعد * (خ، م، د، ت، س) الامام، الحافظ الحجة النبيل، أبو بكر الباهلي، مولاهم البصري السمان.
حدث عن سليمان التيمي، ويونس بن عبيد، وعبد الله بن عون، وقرة بن خالد، وطائفة سواهم، وله جلالة عجيبة.
حدث عنه: علي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأحمد، وبندار، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن الفرات، وعباس الدوري، والكديمي، وخلق كثير.
وحدث عنه من رفقائه: عبد الله بن المبارك، ولما احتضر ابن عون، أوصى له، وكان من أوعية العلم.
__________
(1) هو أحمد بن الفرات الحافظ، أبو مسعود الرازي، أحد الاعلام رحل وطوف النواحي، وكان ينظر بأبي زرعة في الحفظ.
صنف المسند والتفسير، وقال: كتبت ألف ألف وخمس مئة ألف حديث، توفي سنة (258) ه.
العبر 2 / 16.
(2) هو عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلي صاحب الجزء المشهور، وشيخ أبي نعيم الحافظ، توفي سنة (360) ه.
* طبقات ابن سعد 7 / 294، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة: ت 1919، التاريخ الكبير 1 / 460، المعارف:: 513، الضعفاء للعقيلي: لوحة 48، الجرح والتعديل 2 / 315، مشاهير علماء الامصار: ت 1279، تهذيب الكمال: لوحة 76، تذهيب التهذيب 1 / 50 / 1، العبر 1 / 339، ميزان الاعتدال 1 / 172، تذكرة الحفاظ 1 / 342، الكاشف 1 / 102، تهذيب التهذيب 1 / 202، طبقات الحفاظ: 143، خلاصة تذهيب الكمال: 25.
(*)

(9/441)


قال أبو بكر بن علي المروزي: سمعت يحيى بن معين يقول: ليس في أصحاب ابن عون أعلم من أزهر.
قيل: إنه كان صاحبا للمنصور أبي جعفر قبل أن يلي الخلافة، فلما ولي، قدم إليه أزهر مهنئا له، فقال: أعطوه ألف دينار، وقولوا له: لا تعد، فأخذها، ثم عاد إليه من قابل، فحجبوه، ثم دخل إليه في المجلس العام، فقال: ما جاء بك ؟ قال: سمعت أنك مريض، فجئت أعودك، فقال: أعطوه ألف دينار، قد قضيت حق العيادة، فلا تعد، فإني قليل الامراض، قال: فعاد من قابل، ودخل في مجلس عام، فقال له: ما جاء بك ؟ قال:
دعاء سمعته منك، جئت لاحفظه منك، قال: يا هذا إنه غير مستجاب، إني في كل سنة أدعو به أن لا تأتيني، وأنت تأتيني (1).
مات سنة ثلاث ومئتين، وله أربع وتسعون سنة.

167 - وهب بن جرير * (ع) ابن حازم، بن زيد، بن عبد الله، بن شجاع، الحافظ الصدوق الامام، أبو العباس الازدي البصري.
__________
(1) " الوافي بالوفيات " 8 / 372.
* تاريخ ابن معين: 635، طبقات ابن سعد 7 / 298، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة: ت 1936، التاريخ الكبير 8 / 169، التاريخ الصغير 2 / 307، 309، المعارف: 502، الجرح والتعديل 9 / 28، تهذيب الكمال: لوحة 1477، تذهيب التهذيب 4 / 142 / 2، العبر 1 / 350، تذكرة الحفاظ 1 / 336، الكاشف 3 / 244، تهذيب التهذيب 11 / 161، طبقات الحفاظ: 140، خلاصة تذهيب الكمال: 418، شذرات الذهب 2 / 16.
(*)

(9/442)


ولد بعد الثلاثين ومئة.
وروى عن والده فأكثر، وعن ابن عون، وهشام بن حسان، وقرة بن خالد، وعكرمة بن عمار، وشعبة، وغالب بن سليمان، والاسود بن شيبان، وسلام بن أبي مطيع، وهشام الدستوائي، وموسى بن علي بن رباح، وصخر بن جويرية، وعدة.
وعنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى، وعلي، وعمرو بن علي، وأبو خيثمة، وبندار، وعبد الله المسندي، وعبد الله بن منير، وعقبة بن مكرم، ومحمد بن رافع، وابن مثنى، ومحمود بن غيلان، وأحمد بن الازهر، وأبو
إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن سعيد الرباطي، والحسن بن أبي الربيع، ومحمد بن سنان القزاز، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وسليمان بن سيف الحراني، ويعقوب السدوسي وخلق كثير.
أمر أحمد بن حنبل بالكتابة عنه، وأكثر عنه في " مسنده ".
وقال أبو محمد بن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: صدوق، فقيل له: وهب، وروح، وعثمان بن عمر ؟ فقال: وهب أحب إلي منهما، وهو صالح الحديث (1).
وقال النسائي وعيره: ليس به بأس.
وقال العجلي: بصري ثقة، كان عفان يتكلم فيه.
توفي بالمنجشانية.
على ستة أميال من المدينة منصرفا من الحج، فحمل حتى دفن بالبصرة (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 28.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 1477.
(*)

(9/443)


قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يذكر عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي وهب الجيشاني، ثم قال أبو داود: جرير روى هذا عن ابن لهيعة، طلبتها بمصر، فما وجدت منها حديثا واحدا عند يحيى بن أيوب، وما فقدت منه حديثا واحدا من حديث ابن لهيعة، فأراها صحيفة اشتبهت على وهب بن جرير.
قال ابن سعد: مات وهب سنة ست ومئتين (1).
روى عثمان بن سعيد عن ابن معين: وهب بن جرير ثقة (2).
قلت: في " تاريخ أصبهان " لابي نعيم، وعليه خطه حديث لوهب،
عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، وأراه وهما، لعله عن عبد الله أخي عبيد الله، فإنه لا يلحق ذلك.
وقع لنا جملة من عواليه.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن يوسف، والفتح بن عبد السلام، قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي (ح) وأخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح الهروي، أخبرنا يوسف بن أيوب، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا وهب، أخبرني أبي، سمعت محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن بجير بن أبي بجير، سمعت عبد الله بن عمرو، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر، فقال: هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف، وكان
__________
(1) " طبقات ابن سعد ": 7 / 298.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1477.
(*)

(9/444)


من ثمود، وكان بهذا الحرم، يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان، فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عنه، أصبتموه معه " فابتدره الناس، فاستخرجوا منه الغصن.
أخرجه أبو داود (1) عن يحيى.

168 - أبو عبيدة * الامام العلامة البحر، أبو عبيدة، معمر بن المثنى التيمي، مولاهم البصري، النحوي، صاحب التصانيف.
ولد في سنة عشر ومئة، في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري.
حدث عن: هشام بن عروة، ورؤبة بن العجاج، وأبي عمرو بن العلاء وطائفة.
ولم يكن صاحب حديث، وإنما أوردته لتوسعه في علم اللسان، وأيام الناس.
حدث عنه: علي بن المديني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو
__________
(1) رقم (3088) في الخراج والامارة والفئ: باب نبش القبور العادية يكون فيها المال، وإسناده ضعيف، لعنعنة ابن إسحاق، وجهالة بجير بن أبي بجير.
* تاريخ خليفة: 19 - 20، المعارف: 543، فهرست ابن النديم: 53 - 54، تاريخ بغداد 13 / 252، معجم الادباء 9 / 154، الكامل لابن الاثير 6 / 390، إنباه الرواة 3 / 276، وفيات الاعيان 5 / 235، تهذيب الكمال: لوحة 1355، ميزان الاعتدال 4 / 155، العبر 1 / 359، تذكرة الحفاظ 1 / 371، مرآة الجنان 2 / 44 - 46، تهذيب التهذيب 10 / 246، النجوم الزاهرة 2 / 184، بغية الوعاة 2 / 294، طبقات المفسرين 2 / 326، شذرات الذهب 2 / 24.
(*)

(9/445)


عثمان المازني، وعمر بن شبة، وعلي بن المغيرة الاثرم، وأبو العيناء وعدة حدث ببغداد بجملة من تصانيفه.
قال الجاحظ: لم يكن في الارض جماعي ولا خارجي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة (1).
وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني ذكر أبا عبيدة، فأحسن ذكره، وصحح روايته، وقال: كان لا يحكي عن العرب إلا الشئ الصحيح (2).
وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.
قال المبرد: كان هو والاصمعي متقاربين (3) في النحو، وكان أبو عبيدة أكمل القوم (4).
وقال ابن قتيبة: كان الغريب وأيام العرب أغلب عليه، وكان لا يقيم البيت إذا أنشده، ويخطئ إذا قرأ القرآن نظرا، وكان يبغض العرب، وألف في مثالبها كتبا، وكان يرى رأي الخوارج (5).
وقيل: إن الرشيد أقدم أبا عبيدة، وقرأ عليه بعض كتبه، وهي تقارب مئتي مصنف، منها كتاب " مجاز القرآن " وكتاب " غريب الحديث " وكتاب
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 252.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 257.
(3) " في الاصل: متقاربان.
(4) " تاريخ بغداد " 13 / 257.
(5) " المعارف " 543.
(*)

(9/446)


" مقتل عثمان " وكتاب " أخبار الحجاج "، وكان ألثغ بذئ اللسان، وسخ الثوب (1).
وقال أبو حاتم السجستاني: كان يكرمني بناء على أنني من خوارج سجستان (2).
وقيل: كان يميل إلى المرد، ألا ترى أبا نواس حيث يقول: صلى الاله على لوط وشيعته * أبا عبيدة قل بالله آمينا فأنت عندي بلا شك بقيتهم * منذ احتلمت وقد جاوزت سبعينا (3) قلت: قارب مئة عام، أو كملها، فقيل: مات سنة تسع ومئتين،
وقيل: مات سنة عشر.
قلت: قد كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد، بلى وكان معافى من معرفة حكمة الاوائل، والمنطق وأقسام الفلسفة، وله نظر في المعقول، ولم يقع لنا شئ من عوالي روايته.

169 - حجاج بن محمد * (ع) الامام الحجة الحافظ، أبو محمد المصيصي، الاعور، مولى
__________
(1) " معجم الادباء " 19 / 160، 161، و " إنباه الرواة " 3 / 285، 286.
(2) " إنباه الرواة " 3 / 281.
(3) البيتان مع قصة في " وفيات الاعيان " 5 / 242.
* تاريخ ابن معين: 102، طبقات ابن سعد 7 / 333، طبقات خليفة: ت 3056، التاريخ الكبير 2 / 380، التاريخ الصغير 2 / 308، الجرح والتعديل 3 / 166، الفهرست لابن النديم: 37، تاريخ بغداد 8 / 236، تهذيب الكمال: لوحة 237، تذهيب التهذيب 1 / 124 / 1، العبر 1 / 349، ميزان الاعتدال 1 / 464، تذكرة الحفاظ، 1 / 345، الكاشف 1 / 207، طبقات القراء 1 / 203، تهذيب التهذيب 2 / 205، النجوم الزاهرة 2 / 181، طبقات المفسرين 1 / 127، خلاصة تذهيب الكمال: 73، شذرات الذهب 2 / 15.
(*)

(9/447)


سليمان بن مجالد، ترمذي الاصل.
سكن بغداد، ثم تحول إلى المصيصة، ورابط بها، ورحل الناس إليه.
سمع من: ابن جريج فأكثر، وأتقن، ومن يونس بن أبي إسحاق، وحريز بن عثمان، وعمر بن ذر، وشعبة، وحمزة الزيات، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق، وأبو
خيثمة، وأبو عبيدة بن أبي السفر، وأبو يحيى صاعقة، وهارون الحمال، ويوسف بن سعيد بن مسلم، وهلال بن العلاء وخلق كثير.
ذكره أحمد بن حنبل، فقال: ما كان أضبطه، وأصح حديثه، وأشد تعاهده للحروف، ورفع أمره جدا، وقال: كان صاحب عربية، وكان لا يقول: حدثنا ابن جريج، وإنما قرأ هو على ابن جريج، ثم ترك ذلك، فبقي يقول: قال ابن جريج، قد قرأ الكتب عليه، وسمع منه كتاب التفسير إملاء (1).
قال أبو داود السجستاني: رحل أحمد وابن معين إلى الحجاج الاعور، قال: وبلغني أن يحيى كتب عنه نحوا من خمسين ألف حديث (2).
وقال يحيى بن معين: كان أثبت أصحاب ابن جريج (3).
قال إبراهيم بن عبد الله السلمي الخشك: حجاج بن محمد نائما أوثق من عبد الرزاق يقظان (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 237.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 237، و " طبقات الحفاظ ": 148.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 237.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 238.
(*)

(9/448)


وقال محمد بن سعد: قدم حجاج بن محمد بغداد في حاجة، وكان ثقة إن شاء الله، فمات ببغداد في شهر ربيع الاول سنة ست ومئتين، قال: وقد تغير في آخر عمره حين رجع إلى بغداد (1).
قلت: ما هو تغيرا يضر.
وقد قال إبراهيم الحربي الحافظ: أخبرني صديق لي قال: لما قدم
حجاج بغداد في آخر مرة، خلط، فرآه يحيى يخلط، فقال لابنه: لا تدخل على الشيخ أحدا (2).
قلت: كان من أبناء الثمانين، وحديثه في دواوين الاسلام، ولا أعلم له شيئا أنكر عليه مع سعة علمه.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن يوسف والفتح بن عبد السلام، (ح) وأخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي قالوا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا علي ابن عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل (3).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 333.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 238.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه البزار (226) من طريق الحسن بن علوية البغدادي، حدثنا حجاج بن محمد بهذا الاسناد، وأورده الهيثمي في " المجمع " 1 / 196، وزاد نسبته للطبراني في " الكبير " وقال: ورجاله موثقون، وفي الباب عن قيس بن مخرمة قال: " ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، فنحن لدان ولدنا مولدا واحدا " أخرجه أحمد 4 / 215، والترمذي (3619) والحاكم 3 / 455، 456، من طريق ابن إسحاق، حدثني = (*)

(9/449)


وبه: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، حدثتني حكيمة بنت أميمة، عن أمها أميمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان، ثم يوضع تحت سريره، قال: فوضع تحت سريره، فجاء، فأراده، فإذا القدح ليس فيه
شئ، فقال لامرأة يقال لها: بركه، كانت تخدم لام حبيبة، جاءت معها من الحبشة: " أين البول الذي كان في القدح ؟ " قالت: شربته يارسول الله.
أخرجه أبو داود (1)، عن محمد بن عيسى، عن حجاج.

170 - عبد الله بن بكر * (ع) ابن حبيب، الحافظ الحجة، أبو وهب السهمي الباهلي البصري، نزيل بغداد.
مولده في خلافة هشام بن عبدالملك.
سمع أباه بكر بن حبيب شيخ العربية، وحميدا الطويل، وابن عون، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام بن حسان، وحاتم بن أبي صغيرة، وشعبة، وطبقتهم.
__________
= المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن أبيه، عن جده، وحسنه الترمذي، وانظر " البداية " 2 / 261.
(1) برقم (24) في الطهارة: باب البول في الاناء، وحكيمة بنت أميمة لا تعرف، ومع ذلك، فقد صححه ابن حبان (141) والحاكم 1 / 167، ووافقه الذهبي.
وقوله: " من عيدان " في القاموس: العيدان بالفتح الطوال من النخل، واحدتها بهاء، ومنها كان قدح يبول فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
* طبقات ابن سعد 7 / 334، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة: ت 1927، التاريخ الكبير 5 / 52، التاريخ الصغير 2 / 314، لمعارف: 516، الجرح والتعديل 5 / 16، مشاهير علماء الامصار: ت 1285، تاريخ بغداد 9 / 421، الكامل لابن الاثير 6 / 387، تهذيب الكمال: لوحة 668، تذهيب التهذيب 2 / 133 / 2، العبر 1 / 354، 355، تذكرة الحفاظ 1 / 343، الكاشف 2 / 75، دول الاسلام 1 / 128، تهذيب التهذيب 5 / 162، خلاصة تذهيب الكمال: 192.
(*)

(9/450)


حدث عنه: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق الكوسج، ومحمود بن غيلان، وعبد الله بن منير، وعبد بن حميد، وعباس الدوري، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، ومحمد بن الفرج الازرق، والحارث بن أبي أسامة، وعلي بن الحسن بن عبدويه وآخرون، وقيل: إن أبا بكر الاثرم لقيه وحمل عنه، وهذا بعيد.
وثقه أحمد بن حنبل وجماعة، وكان أحد الفقهاء وأصحاب الحديث.
قال: سمعت من سعيد بن أبي عروبة في سنة إحدى وأربعين ومئة أو سنة اثنتين (1) يعني: أنه أخذ عنه قبل أن يتغير.
قيل: توفي في شهر المحرم، سنة ثمان ومئتين، وقد قارب التسعين.
وقيل: إن أبا عمرو بن العلاء المازني وعيسى بن عمر اختلفا في كلمة: سطر وسطر، فحكما بكر بن حبيب عليهما.

171 - عبد الوهاب بن عطاء * (م، 4) الامام الصدوق العابد المحدث، أبو نصر البصري الخفاف، مولى بني عجل، سكن بغداد.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 422.
* تاريخ ابن معين: 379، طبقات ابن سعد 7 / 333، طبقات خليفة: ت 3217، التاريخ الكبير 6 / 98، التاريخ الصغير 2 / 302، الضعفاء للعقيلي: لوحة 257، الجرح والتعديل 6 / 72، تاريخ بغداد 11 / 21 - 25، تهذيب الكمال: لوحة 872، تذهيب التهذيب 2 / 260 / 1، العبر 1 / 346، ميزان الاعتدال 2 / 681، تذكرة الحفاظ 1 / 339، الكاشف 2 / 221، تهذيب التهذيب 6 / 450، طبقات الحفاظ: 141، خلاصة تذهيب
الكمال: 248، شذرات الذهب 2 / 13.
(*)

(9/451)


وحدث عن: حميد الطويل، وسعيد الجريري، وسليمان التيمي، وابن عون، وخالد الحذاء، وثور بن يزيد، وسعيد بن أبي عروبة، فأكثر عنه، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وأبي عمرو بن العلاء، وروى عنه حرفه.
حمل عنه القراءة أحمد بن جبير الانطاكي، وخلف بن هشام.
وحدث عنه: أحمد بن حنبل، وعمرو الناقد، والحسن بن محمد الزعفراني، وعباس الدوري، ويحيى بن جعفر، والحارث بن أبي أسامة وخلق كثير.
قال ابن سعد: كان كثير الحديث، لزم ابن أبي عروبة، وعرف بصحبته (1).
وقال يحيى بن معين: ثقة (2).
وكذا قال الدارقطني وغيره.
وروي أنه كان عبدا صالحا بكاء.
وقال البخاري: ليس بالقوي.
وقال أحمد بن حنبل: كان عبد الوهاب يقرأ عند سعيد تصانيفه، فكان عبد الله الافطس يقول: حدثنا عبد الوهاب طرب طرب.
قال: وكان يحيى ابن سعيد القطان حسن الرأي فيه (3).
وقال المروذي: قلت لابي عبد الله: أعبد الوهاب ثقة ؟ قال: تدري
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 333.
(2) " التاريخ " لابن معين 379.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 22.
(*)

(9/452)


ما تقول ؟ الثقة يحيى القطان (1) ! وروى الاثرم عن أحمد قال: كان عبد الوهاب عالما بسعيد (2).
وقال يحيى بن جعفر: بلغنا أنه كان مستملي سعيد، وكان أكثر الناس بكاء (3).
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه (4).
وقال أبو زرعة: هو أصلح من علي بن عاصم (5) روى عن ثور حديثين ليسا من حديثه.
قلت: أحدهما في العباس: " اللهم اخلفه في ولده " (6) حسنه الترمذي.
توفي في آخر سنة أربع ومئتين.
وروى الميموني عن أحمد قال: ضعيف الحديث مضطرب.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 23.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 22.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 22.
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 72.
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 24.
(6) أخرجه الترمذي (3762) في المناقب: باب مناقب العباس بن عبدالمطلب من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن كريب (تحرف في المطبوع إلى حذيفة) عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للعباس: " إذا كان غداة الاثنين فأتني أنت وولدك حتى أدعو لك بدعوة ينفعك الله بها وولدك " فغدا وغدونا معه، وألبسنا كساءا، ثم قال: " اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة
ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا، اللهم احفظه في ولده ".
قال المؤلف في " الميزان ": قال صالح جزرة: أنكروا على الخفاف حديث ثور في فضل العباس ما أنكروا عليه غيره، وكان ابن معين يقول: هذا موضوع، فلعل الخفاف دلسه، فإنه بلفظة " عن ".
(*)

(9/453)


قلت: حديثه في درجة الحسن.

172 - الواقدي * حمد بن عمر بن واقد الاسلمي مولاهم الواقدي المديني القاضي، صاحب التصانيف والمغازي، العلامة الامام أبو عبد الله، أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه.
ولد بعد العشرين ومئة.
وطلب العلم عام بضعة وأربعين، وسمع من صغار التابعين، فمن بعدهم بالحجاز والشام وغير ذلك.
حدث عن: محمد بن عجلان، وابن جريج، وثور بن يزيد، ومعمر ابن راشد، وأسامة بن زيد الليثي، وكثير بن زيد، وعبد الحميد بن جعفر، والضحاك بن عثمان، وابن أبي ذئب، وأفلح بن حميد، والاوزاعي، وهشام بن الغاز، وأبي بكر بن أبي سبرة، ومالك، وفليح بن سليمان، وخلق كثير، إلى الغاية من عوام المدنيين.
وجمع، فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين،
__________
* تاريخ ابن معين: 532، طبقات ابن سعد 7 / 334، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة: ت 3221.
التاريخ الكبير: 1 / 178، التاريخ الصغير 2 / 311، المعارف: 518، الضعفاء للعقيلي: لوحة 361، الجرح والتعديل 8 / 20، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 290، فهرست ابن النديم: 111، تاريخ بغداد 3 / 3 - 21.
معجم الادباء 18 / 277، الكامل لابن الاثير 6 / 385، وفيات الاعيان 1 / 506، مقدمة عيون الاثر لابن سيد الناس 1 / 17 - 21، تهذيب الكمال: لوحة 1248، العبر 1 / 353، ميزان الاعتدال 3 / 662، تذكرة الحفاظ، 1 / 348، الكاشف 3 / 82، دول الاسلام 1 / 128، الوافي بالوفيات 4 / 238، تهذيب التهذيب 9 / 363، النجوم الزاهرة 2 / 184، طبقات الحفاظ: 144، خلاصة تذهيب الكمال: 353، شذرات الذهب 2 / 18.
(*)

تعليق المستخدم :جاء في الأصل[ حمد بن عمر بن واقد] وهو خطأ ، فقمت بتصحيحه ، وصوابه [ محمد بن عمر بن واقد ] .

حرره: عبد الرحمن الشامي

(9/454)


فأطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغنى عنه في المغازي، وأيام الصحابة وأخبارهم.
حدث عنه: محمد بن سعد كاتبه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي، ومحمد بن شجاع الثلجي، وسليمان بن داود الشاذكوني، ومحمد بن يحيى الازدي، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وأبو بكر الصاغاني، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن الفرج الازرق، وأحمد بن الوليد الفحام، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وعبد الله بن الحسن الهاشمي، وعدة.
الاثرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم نزل ندافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر، عن الزهري، عن نبهان، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفعمياوان أنتما " (1) فجاء بشئ لا حيلة فيه، فهذا حديث يونس، ما رواه غيره عن الزهري.
__________
(1) وأخرجه أبو داود (4112) في اللباس: باب قول الله تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)، والترمذي (2778) في الادب: باب في احتجاب النساء من الرجال، وأحمد 6 / 296، من طرق عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: حدثني نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " احتجبا منه " فقلنا: يارسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه ؟ " وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، مع أن نبهان مولى أم سلمة لم يوثقه غير ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل، والترمذي منسوب إلى التساهل في بعض ما يحسن ويضعف، فلا يعتد بقوله إذا تبين خلافه، فقد قال المؤلف في " الميزان " 4 / 416: فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاققة غالبها ضعاف، وقال أيضا 3 / 407: فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي، وعجب من الحافظ ابن حجر كيف يقويه في " الفتح " 9 / 294، على مذهب ابن حبان، وهو الذي يقول عنه في " اللسان " 1 / 14: هو مذهب عجيب، والجمهور على خلافه وممن ضعف هذا = (*)

(9/455)


قال الحافظ ابن عساكر: ورواه الذهلي، أخبرنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع بن يزيد، عن عقيل، عن الزهري.
وقال الرمادي: لما حدثني سعيد بن أبي مريم بهذا، ضحكت، فقال: مم تضحك ؟ فأخبرته بما قال علي بن المديني: وكتب إليه أحمد يقول: هذا حديث تفرد به يونس، وهذا أنت تحدث به عن نافع بن يزيد، عن عقيل، فقال: إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزهري.
قال: وفيما كتب أحمد إلى ابن المديني: كيف تستحل تروي عن رجل يروي عن معمر حديث نبهان مكاتب أم سلمة (1) ؟ رواه الحافظ محمد بن المظفر، عن عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، عن الرمادي.
إبراهيم بن جابر الحافظ: سمعت الرمادي، وحدث بحديث عقيل، عن ابن شهاب، فقال: هذا مما ظلم فيه الواقدي (2).
__________
= الحديث الامام أحمد، فيما نقله عنه صاحب " المبدع "، على انه قد صح في الباب ما يخالفه، فقد أخرج البخاري في " صحيحه " 9 / 294، في النكاح: باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأم.
وكان النظر إلى الحبشة عام قدومهم سنة سبع، ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة، وذلك بعد نزول الحجاب، ومما يقوي جواز نظر المرأة إلى الاجنبي استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والاسواق والاسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء، فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس، وقد طلقها زوجها البتة وهو غائب أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وقال لها: " إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده " وهو حديث صحيح أخرجه مالك 2 / 580، 581، والشافعي في " الرسالة " فقرة (856)، ومسلم (1480).
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 18.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 19.
(*)

(9/456)


قال محمد بن سعد: محمد بن عمر الواقدي مولى لبني أسلم، ثم بني سهم بطن من أسلم، ولي القضاء ببغداد للمأمون أربع سنين، وكان عالما بالمغازي والسيرة والفتوح والاحكام واختلاف الناس، وقد فسر ذلك في كتب استخرجها ووضعها، وحدث بها، أخبرني أنه ولد سنة ثلاثين ومئة.
وقال ابن سعد في " الطبقات الكبير ": هو مولى عبد الله بن بريدة الاسلمي، قدم بغداد في دين لحقه سنة ثمانين ومئة، فلم يزل بها، وخرج إلى الشام والرقة، ثم رجع، فولاه المأمون القضاء، إذا قدم من خراسان،
ولاه القضاء بعسكر المهدي، فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد لاحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومئتين (1).
وذكره البخاري، فقال: سكتوا عنه، تركه أحمد وابن نمير (2).
وقال مسلم وغيره: متروك الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال الخطيب: هو ممن طبق ذكره شرق الارض وغربها، وسارت بكتبه الركبان في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات والفقه، وكان جوادا كريما مشهورا بالسخاء (3).
قال محمد بن سلام الجمحي: الواقدي عالم دهره (4).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 334، 335.
(2) " التاريخ الكبير " 1 / 178.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 3.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 5.
(*)

(9/457)


وقال إبراهيم الحربي: الواقدي أمين الناس على أهل الاسلام، كان أعلم الناس بأمر الاسلام.
قال: فأما الجاهلية، فلم يعلم فيها شيئا (1).
وقال موسى بن هارون: سمعت مصعبا الزبيري يذكر الواقدي، فقال: والله ما رأينا مثله قط.
وعن الدراوردي وذكر الواقدي فقال: ذاك أمير المؤمنين في الحديث.
رواها يعقوب الفسوي، عن عبيد بن أبي الفرج، عن يعقوب مولى آل عبيد الله، عنه (2).
وعن الواقدي قال: كانت ألواحي تضيع، فأوتى بها من شهرتها بالمدينة، يقال: هذه ألواح ابن واقد (3).
قد كانت للواقدي في وقته جلالة عجيبة، ووقع في النفوس بحيث إن أبا عامر العقدي قال: نحن نسأل عن الواقدي ؟ ما كان يفيدنا الشيوخ والحديث إلا الواقدي (4).
وقال مصعب الزبيري: حدثني من سمع عبد الله بن المبارك يقول: كنت أقدم المدينة، فما يفيدني ويدلني على الشيوخ إلا الواقدي (5)، وقال معاوية بن صالح الدمشقي: حدثني سيد بن داود قال: كنا عند
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 5.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 9.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 9.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 9.
(5) " تاريخ بغداد " 3 / 9.
(*)

(9/458)


هشيم، فدخل الواقدي، فسأله هشيم عن باب ما يحفظ فيه، فقال: ما لا عندك يا أبا معاوية، فذكر خمسة أحاديث أو ستة في الباب، ثم قال هشيم للواقدي: ما عندك ؟ فحدثه بثلاثين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، ثم قال: وسألت مالكا، وسألت ابن أبي ذئب، وسألت وسألت، فرأيت وجه هشيم يتغير، فلما خرج، قال هشيم: لئن كان كذابا، فما في الدنيا مثله، وأن كان صادقا، فما في الدنيا مثله.
أحمد بن علي الابار: سمعت مجاهد بن موسى يقول: ما كتبنا عن أحد أحفظ من الواقدي (1).
وقال إبراهيم الحربي: قال سليمان الشاذكوني: كتبت ورقة من حديث الواقدي، وجعلت فيها حديثا عن مالك لم يروه إلا ابن مهدي عنه، ثم أتيت بها الواقدي، فحدثني إلى أن بلغ الحديث، فتركني وقام، ثم أتى فقال لي: هذا الحديث سأل عنه إنسان بغيض لمالك، فلم أكتبه، ثم حدثني به (2).
قال محمد بن جرير: قال ابن سعد: كان الواقدي يقول: ما من إحد إلا وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي أكثر من كتبي (3).
قال يعقوب بن شيبة: لما انتقل الواقدي من جانب الغربي يقال: إنه حمل كتبه على عشرين ومئة وقر (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 11.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 10.
(3) " معجم الادباء " 18 / 281.
(4) " معجم الادباء " 18 / 281.
(*)

(9/459)


وعن أبي حذافة السهمي قال: كان للواقدي ست مئة قمطر (1) كتب.
قال إبراهيم الحربي: سمعت المسيبي يقول: رأينا الواقدي يوما جالسا إلى أسطوانة في مسجد المدينة، وهو يدرس، فقلنا: أي شئ تدرس ؟ فقال: جزئي من المغازي.
وقلنا يوما له: هذا الذي تجمع الرجال تقول: حدثنا فلان وفلان، وجئت بمتن واحد، لو حدثتنا بحديث كل واحد على حدة، فقال: يطول.
قلنا له: قد رضينا، فغاب عنا جمعة، ثم جاءنا بغزوة أحد، في عشرين جلدا، فقلنا: ردنا إلى الامر
الاول (2).
قال أبو بكر الخطيب: كان الواقدي مع ما ذكرناه من سعة علمه، وكثرة حفظه لا يحفظ القرآن.
فأنبأني الحسين بن محمد الرافقي (3)، حدثنا أحمد بن كامل القاضي، حدثني محمد بن موسى البربري قال: قال المأمون للواقدي: أريد أن تصلي الجمعة غدا بالناس، فامتنع، قال: لا بد، فقال: والله ما أحفظ سورة الجمعة، قال: فأنا أحفظك، فجعل المأمون يلقنه سورة الجمعة حتى بلغ النصف منها، فإذا حفظه، ابتدأ بالنصف الثاني، فإذا حفظه، نسي الاول، فأتعب المأمون، ونعس، فقال لعلي بن صالح: حفظه أنت، قال علي: ففعلت، فبقي كلما حفظته شيئا، نسي شيئا، فاستيقظ المأمون، فقال
__________
(1) القمطر، والقمطرة: ما تصان فيه الكتب قال ابن السكيت: لا يقال بالتشديد، وينشد: ليس بعلم ما يعي القمطر * ما العلم إلا ما وعاه الصدر (2) " تاريخ بغداد " 3 / 7.
(3) هذه النسبة إلى الرافقة، وهي بلدة كبيرة على الفرات، يقال لها الآن: الرقة.
(*)

(9/460)


لي: ما فعلت ؟ فأخبرته، فقال: هذا رجل يحفظ التأويل، ولا يحفظ التنزيل، اذهب فصل بهم، واقرأ أي سورة شئت (1).
فهذه حكاية مرسلة، والبربري: فحافظ.
قال إبراهيم بن جابر الفقيه: سمعت أبا بكر الصاغاني - وذكر الواقدي - فقال: والله لولا أنه عندي ثقة، ما حدثت عنه، قد حدث عنه أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيد، وسمى غيرهما (2).
وقال إبراهيم الحربي: سمعت مصعب بن عبد الله يقول: الواقدي ثقة مأمون (3).
وسئل معن بن عيسى عن الواقدي، فقال: أنا أسأل عن الواقدي ؟ الواقدي يسأل عني (4).
وسألت ابن نمير عنه، فقال: أما حديثه هاهنا، فمستو، وأما حديث أهل المدينة، فهو أعلم به.
وروى جابر بن كردي، عن يزيد بن هارون قال: الواقدي ثقة.
الحربي: سمعت أبا عبد الله يقول: الواقدي ثقة، قال الحربي: أما فقه أبي عبيد، فمن كتب الواقدي، الاختلاف والاجماع كان عنده، ثم قال إبراهيم الحربي: وهو إمام كبير، وإن أخطأ في اجتهاده هذا، من قال: إن مسائل مالك وابن أبي ذئب تؤخذ عمن هو أوثق من الواقدي، فلا يصدق، لانه قال: سألت مالكا، وسألت ابن أبي ذئب (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 7، 8.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 9.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 11.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 11.
(5) " تاريخ بغداد " 3 / 11 - 12.
(*)

(9/461)


قال أبو داود السجستاني: أخبرني من سمع علي بن المديني يقول: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب.
وروى عبد الله بن علي بن المديني، عن أبيه، قال: عند الواقدي عشرون ألف حديث لم أسمع بها، ثم قال: لا يروى عنه، وضعفه (1).
وعن يحيى بن معين قال: أغرب الواقدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
عشرين ألف حديث.
وقال يونس بن عبدالاعلى: قال لي الشافعي: كتب الواقدي كذب (2).
المغيرة بن محمد المهلبي: سمعت ابن المديني يقول: الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي.
قلت: أجمعوا على ضعف الهيثم.
أحمد بن زهير، عن ابن معين قال: ليس الواقدي بشئ (3)، وقال مرة: لا يكتب حديثه.
الدولابي: حدثنا معاوية بن صالح، قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب.
النسائي في " الكنى ": أخبرنا عبد الله بن أحمد الخفاف، قال: قال إسحاق: هو عندي ممن يضع الحديث - يعني الواقدي -.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 12.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 14.
(3) " التاريخ " ليحيى بن معين: 532.
(*)

(9/462)


أبو إسحاق الجوزجاني: لم يكن الواقدي مقنعا، ذكرت لاحمد موته يوم مات ببغداد، فقال: جعلت كتبه ظهائر للكتب منذ حين (1).
وقال البخاري: ما عندي للواقدي حرف، وما عرفت من حديثه، فلا أقنع به.
وقال أبو داود: لا أكتب حديثه، ما أشك أنه كان ينقل الحديث، لا ينظر للواقدي في كتاب إلا تبين أمره فيه، روى في فتح اليمن وخبر
العنسي أحاديث عن الزهري ليست من حديثه.
وكان أحمد لا يذكر عنه كلمة (2).
قال النسائي: المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد بالشام.
وقال أبو زرعة: ترك الناس حديث الواقدي (3).
قلت: لا شئ للواقدي في الكتب الستة إلا حديث واحد، عند ابن ماجة (4): حدثنا ابن أبي شيبة، حدثنا شيخ لنا، فما جسر ابن ماجة
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 15.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 15.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 1249.
(4) رقم (1095) في إقامة الصلاة والسنة فيها: باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة، ولفظه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر: " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته ".
ورواه بإسناد آخر لم يذكر فيه الواقدي: من طريق حرملة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب به.
قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ورقة 71 / 2: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (1078) بهذا اللفظ من حديث عبد الله بن سلام بإسناد آخر، وفي الباب عن عائشة عند ابن ماجة (1096) وابن خزيمة (1765) وهو صحيح بما قبله.
(*)

(9/463)


أن يفصح به، وما ذاك إلا لوهن الواقدي عند العلماء، ويقولون: إن ما رواه عنه كتابه في " الطبقات "، هو أمثل قليلا من رواية الغير عنه.
قال أبو بكر بن الانباري: حدثنا أبي، حدثنا أبو عكرمة الضبي،
حدثنا العنبري قال: قال الواقدي: كنت حناطا بالمدينة في يدي مئة ألف درهم للناس، أضارب بها، فتلفت الدراهم، فشخصت إلى العراق، فأتيت يحيى بن خالد البرمكي في دهليزه، وآنست الخدم، وسألتهم أن يوصلوني إليه، فقالوا: إذا قدم الطعام إليه لم يحجب عنه أحد، ونحن ندخلك، قال: فأدخلوني، فأجلسوني على المائدة، فقال: من أنت ؟ وما قصتك ؟ فأخبرته، فلما رفع الطعام، دنوت لاقبل رأسه، فشمأز من ذلك، فلما خرجت، لحقني خادم بألف دينار، وقال: الوزير يقرأ عليك السلام، ويقول: استعن بهذه، وعد إلينا، قال: فعدت من الغد، فوصلني بألف دينار أخرى، وفي اليوم الثالث بألف، وقال: لم يمنعني أن أدعك تقبل رأسي إلا أنه لم يكن وصلك من معروفنا ما يوجب ذلك، يا غلام: أعطه الدار الفلانية، وأعطه مئتي ألف درهم، ثم قال: الزمني، وكن عندي، فقلت: أعز الله الوزير، لو أذنت لي في الشخوص إلى المدينة، لاقضي الناس أموالهم، وأعود، قال: قد فعلت، وأمر بتجهيزي، قال: فقضيت ديني، ورجعت، فلم أزل في ناحيته (1).
وروى حسين بن فهم عن أحمد بن مسبح: حدثنا عبيد الله بن عبد الله، قال: قال لي الواقدي: حج هارون الرشيد، فورد المدينة، فقال ليحيى بن خالد: ارتد لي رجلا عارفا بالمدينة والمشاهد، وكيف كان
__________
(1) القصه بطولها في " تاريخ بغداد " 3 / 4، 5.
(*)

(9/464)


نزول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أي وجه كان يأتيه، وقبور الشهداء، فسأل يحيى، فكل أحد دله علي، فبعث إلي فأتيته، فواعدني إلى
عشاء الآخرة، فإذا شموع، فلم أدع مشهدا ولا موضعا إلا أريتهما، فجعلا يصليان، ويجتهدان في الدعاء، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر، ثم أمر لي بكرة بعشرة آلاف درهم، وقال لي الوزير: لا عليك أن تلقانا حيث كنا، قال: فاتسعنا، وزوجنا بعض الولد، ثم إن الدهر أعضنا فقالت لي أم عبد الله: ما قعودك ؟ فقدمت العراق، فسألت عن أمير المؤمنين، فقالوا: هو بالرقة، فمضيت إليها، وطلبت الاذن على يحيى، فصعب، فأتيت أبا البختري، وهو في عارف، فقال: أخطأت على نفسك، وسأذكرك له، وقلت نفقتي، وتخرقت ثيابي، فرجعت مرة في سفينة، ومرة أمشي حتى وردت السيلحين (1)، فبينا أنا في سوقها، إذ بقافلة من بغداد من أهل المدينة، وإن صاحبهم بكارا الزبيري أخرجه أمير المؤمنين ليوليه قضاء المدينة، وهو أصدق الناس لي، فقلت: أدعه حتى ينزل ويتسقر، ثم أتيته، فاستخبرني أمري، فقال: أما علمت أن أبا البختري لا يحب أن يذكرك لاحد، قلت: أصير إلى المدينة، قال: هذا رأي خطأ، ولكن صر معي، فأنا الذاكر ليحيى بن خالد أمرك، قال: فصرت معهم إلى الرقة، فلما كان من الغد، ذهبت إلى باب الوزير، فإذا الزبيري قد خرج، فقال: أبا عبد الله أنسيت أمرك، قف حتى أدخل إليه فدخل، ثم خرج الحاجب، فقال لي: ادخل، فدخلت في حال خسيسة، وقد بقي من رمضان ثلاثة أو أربعة أيام، فلما رآني يحيى في تلك الحال، رأيت الغم في وجهه، فقرب مجلسي، وعنده
__________
(1) هي ناحية قريبة من بغداد تبعد عنها ثلاثة فراسخ، وقيل: إنها سميت كذلك، لانه كانت بها مسالح لكسرى، وهم قوم بسلاح يرتبون في الثغور، واحدهم مسلحي.
(*)

(9/465)


قوم يحادثونه، فجعل يذاكرني الحديث بعد الحديث، وقال: أفطر عندنا، فأفطرت عنده، وأعطاني خمس مئة دينار، وقال: عد إلينا، فذهبت، فتجملت، واكتسيت، ولقيت الزبيري، فلما رآني بتلك الحال، سر، وأخبرته الخبر، ولم يزل الوزير يقربني، ويوصلني كل ليلة خمس مئة دينار إلى ليلة العيد، فقال لي: يا أبا عبد الله، تزين غدا لامير المؤمنين بأحسن زي للقضاة، واعترض له، فإنه سيسألني عن خبرك، فأخبره، ففعلت، قال: وجعل أمير المؤمنين يلحظني في الموكب، ثم نزلنا، ومضيت مع يحيى بن خالد، فقال لي: يا أبا عبد الله ما زال أمير المؤمنين يسألني عنك، فأخبرته بخبر حجنا، وقد أمر بثلاثين ألف درهم، ثم تجهزت إلى المدينة.
وكيف ألام على حب يحيى ؟ وساق حكاية طويلة.
قال أبو عكرمة الضبي: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، حدثنا الواقدي قال: أضقت مرة، وأنا مع يحيى بن خالد، وحضر عيد، فجاءتني الجارية، فقالت: ليس عندنا من آلة العيد بشئ، فمضيت إلى تاجر صديق لي ليقرضني، فأخرج إلي كيسا مختوما فيه ألف دينار، ومئتا درهم، فأخذته، فما استقررت في منزلي حتى جاءني صديق لي هاشمي، فشكا إلي تأخر غلته وحاجته إلى القرض، فدخلت إلى زوجتي، فأخبرتها، فقالت: على أي شئ عزمت ؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس، قالت: ما صنعت شيئا، أتيت رجلا سوقة، فأعطاك ألفا ومئتي درهم، وجاءك رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعطيه نصف ما أعطاك السوقة ؟ فأخرجت الكيس كله إليه، فمضى، فذهب صديقي التاجر إلى الهاشمي - وكان صاحبه - فسأله القرض، فأخرج الهاشمي إليه
الكيس بعينه، فعرفه التاجر، وانصرف إلي، فحدثني بالامر.
قال:

(9/466)


وجاءني رسول يحيى يقول: إنما تأخر رسولنا عنك لشغلي، فركبت إليه، فأخبرته أمر الكيس، فقال: يا غلام، هات تلك الدنانير، فجاءه بعشرة آلاف دينار، فقال: خذ ألفي دينار لك، وألفي دينار للتاجر، وألفين للهاشمي، وأربعة آلاف لزوجتك، فإنها أكرمكم (1).
رواها المعافى والدارقطني، عن ابن الانباري، حدثنا أبي، حدثنا أبو عكرمة.
وقد روي إسناد آخر إلى الواقدي نحو منها، لكن أمر له بخمس مئة دينار، ولكل من الثلاثة بمئتين دينار وهذا أشبه.
قال الحسن بن شاذان عنه: صار إلي من السلطان ست مئة ألف درهم، ما وجبت علي زكاة فيها (2).
قال عباس الدوري: مات الواقدي وهو على القضاء، وليس له كفن، فبعث المأمون بأكفانه (3).
وقال البخاري: مات الواقدي في ذي الحجة، سنة سبع ومئتين (4).
قرأت على المؤيد علي بن إبراهيم بن يحيى الكاتب، أخبرنا عبد الرحيم بن نجم، أخبرتنا فخر النساء شهدة، وأخبرنا المؤيد، أخبرنا علي بن باسويه المقرئ، أخبرنا أبو السعادات القزاز قالا: أخبرنا محمد
__________
(1) القصة بطولها في " تاريخ بغداد " 3 / 19، 20، و " معجم الادباء " 18 / 280، 281.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 20.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 20.
(4) " التاريخ الكبير " 1 / 178.
(*)

(9/467)


ابن عبد الكريم الخشيشي، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا محمد بن جعفر الادمي القارئ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد، حدثنا محمد بن عمر الواقدي، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود يولد إلا الشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها " ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم (أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) (1) [ آل عمران: 36 ].
قرأت على أبي الفهم بن أحمد السلمي أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا مالك بن أحمد البانياسي، حدثنا علي بن محمد المعدل، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد ابن الفرج، حدثنا الواقدي، حدثنا عاصم بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي أروى السدوسي قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، فطلع أبو بكر وعمر، فقال: " الحمد لله الذي أيدني بكما (2) ".
أخبرنا إسماعيل بن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن البطي،
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف الواقدي، لكن رواه البخاري في " صحيحه " 8 / 159 في تفسير سورة آل عمران من طريق عبد الله بن محمد، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر بهذا الاسناد، ومن طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق، عن معمر، ومن طريق عبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، وأخرجه أحمد 2 / 233
من طريق عبدالاعلى و 274 من طريق عبد الرزاق، كلاهما عن معمر.
(2) إسناده ضعيف من أجل الواقدي، وشيخه فيه عاصم بن عمر، وهو ضعيف أيضا، وأورده الهيثمي في " المجمع " 9 / 51، ونسبه إلى البزار والطبراني في الاوسط والكبير.
وأخرجه الحاكم 3 / 74، وصححه، فتعقبه الذهبي بقوله: عاصم واه، ونسبه الحافظ في " الاصابة " في ترجمة أبي أروى 4 / 5 إلى ابن السكن والحاكم وضعف إسناده.
(*)

(9/468)


أخبرنا النعالي، أخبرنا ابن بشران، أخبرنا ابن البختري، حدثنا أحمد ابن الخليل، حدثنا الواقدي، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد الحميري، قال: " هو أول من كسا البيت " (1).
وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات، والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض، فلا ينبغي أن يذكر، فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد، وعامة من جمع في الاحكام، نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئا، مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه، ويروى، لاني لا أتهمه بالوضع، وقول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه، كيزيد، وأبي عبيد، والصاغاني، والحربي، ومعن، وتمام عشرة محدثين، إذ قد انعقد الاجماع اليوم على أنه ليس بحجة، وأن حديثه في عداد الواهي، رحمه الله.

173 - العقدي * (ع) الامام، الحافظ، محدث البصرة، أبو عامر، عبدالملك بن
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف الواقدي، وأورده في " المطالب العالية " 1 / 363، ونسبه للحارث بن أبي أسامة، وأعله بالواقدي، وروى الفاكهي - كما في " الفتح " 3 / 366 من طريق عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه أنه سمعه يقول: زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب أسعد، وكان أول من كسا البيت الوصائل.
وجاء في " معارف " ابن قتيبة ص 60: وكان أسعد أبو كرب الحميري آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبع مئة سنة، وهو أول من كسا البيت الانطاع والبرود.
وأنشد له أربعة أبيات.
* طبقات ابن سعد 7 / 299، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة ت 1937، = (*)

(9/469)


عمرو القيسي العقدي، البصري.
حدث عن: زكريا بن إسحاق، وأيمن بن نابل، وأفلح بن حميد، وقرة بن خالد، ومحمد بن أبي حميد، وعمر بن أبي زائدة، وعكرمة بن عمار، ورباح بن أبي معروف، وأفلح بن سعيد، وشعبة، ومالك، وإبراهيم بن طهمان، وحماد بن سلمة، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد وابن راهويه، وابو خيثمة، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن الفرات، وعباس الدوري، ومحمد بن شداد المسمعي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد بن حميد، ومحمد بن يونس الكديمي، وخلق كثير.
وكان من مشايخ الاسلام، وثقات النقلة.
ذكره النسائي، فقال: ثقة مأمون.
وقال محمد بن سنان القزاز - وهو من الرواة عنه - هو مولى للعقديين، من بني قيس، وكان لا يخضب.
وقال غيره: كان من حفاظ أهل البصرة (1).
قلت: يقع حديثه عاليا في " الغيلانيات " (2).
__________
= التاريخ الكبير 5 / 425، التاريخ الصغير 2 / 304، المعارف: 521، الجرح والتعديل 5 / 359، تهذيب الكمال: لوحة 859، تذهيب التهذيب 3 / 6 / 1، العبر 1 / 347، تذكرة الحفاظ 1 / 347، الكاشف 2 / 212، طبقات القراء 1 / 469، تهذيب التهذيب 6 / 409، طبقات الحفاظ: 144، خلاصة تذهيب الكمال: 245، شذرات الذهب 2 / 14.
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 860.
(2) مر التعريف بها في الضفحة 369 تعليق رقم (1).
(*)

(9/470)


قال محمد بن سعد (1)، ونصر الجهضمي: مات في سنة أربع ومئتين.
أخبرنا ابن أبي عمرو أبو الغنائم القيسي وجماعة في كتابهم، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن شداد المسمعي، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا قرة عن الحسن قال: جاء مسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام من عنده، قال: " هذا يبعث هلكة لقومه " (2) أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله، وعبد الدائم الوزان، وعلي ابن محمد الحنبلي، وأبو بكر بن عبد الله بن عمر، وأحمد بن عبد الرحمن الوراق، وعمر بن أبي بكر الاباري قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا أبو عاصم الفضيلي، أخبرنا عبدالرحمن بن أبي شريح، حدثنا يحيى - يعني ابن صاعد - حدثنا
بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا عبيد الله بن إسحاق، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، وما فسد عليكم فبيعوه، ول تعذبوا خلق الله - يعني المملوكين ".
هذا حديث غريب فرد، وعبيد الله هذا ذكره ابن أبي حاتم، وأنه يروي عن أبيه، وما غمزهما، والمتن محفوظ بإسناد آخر (3).
__________
(1) في " طبقاته الكبرى " 7 / 299.
(2) محمد بن شداد ضعيف، وكذا قرة، ثم هو مرسل.
(3) أخرجه البخاري 10 / 390 في الادب: باب ما نهى عن السباب واللعن، ومسلم (1661) في الايمان: باب إطعام المملوك مما يأكل، وأبو داود (5157) = (*)

(9/471)


174 - يحيى بن سعيد العطار * الامام المحدث الصدوق، أبو زكريا الانصاري الحمصي.
روى عن: يونس بن يزيد، وحريز بن عثمان، والمسعودي، وفضيل بن مرزوق، ومحمد بن عبدالرحمن بن عرق اليحصبي، ويحيى بن أيوب المصري، وأبي غسان محمد بن مطرف.
وعنه: أبو همام، ومحمد بن مصفى، وأبو التقى اليزني، ومحمد ابن عمرو بن حنان، وآخرون.
وثقه ابن مصفى، وضعفه ابن معين، والدارقطني.
وقال ابن خزيمة: لا يحتج به.
وهو مصنف كتاب " حفظ اللسان ".
__________
= و (5158) من طرق عن الاعمش، عن المعرور بن سويد، قال: مررنا بأبي ذر بالربذة
وعليه برد وعلى غلامه مثله، فقلنا: يا أبا ذر، لو جمعت بينهما كانت حلة، فقال: إنه كان بيني وبين رجل من إخوتي كلام، وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه، فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، إن إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوة تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ".
وزاد أبو داود في رواية: " إنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله " وأخرجه البخاري 1 / 80، 81 في الايمان: باب المعاصي من أمر الجاهلية، و 5 / 126 في العتق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: العبيد إخوانكم، ومسلم (1661) (40) من طرق، عن شعبة، عن واصل الاحدب، عن المعرور بن سويد به.
وأخرجه الترمذي (1945) من طريق محمد بن بشار عن عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن واصل به.
* التاريخ الكبير 8 / 277، الضعفاء: لوحة 441، الجرح والتعديل 9 / 152، الكامل لابن عدي 4 / 836، تهذيب الكمال: لوحة 1499، تذهيب التهذيب 4 / 155 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 379، تهذيب التهذيب 11 / 220.
(*)

(9/472)


175 - يونس بن محمد المؤدب * (ع) الامام الحافظ الثقة، أبو محمد البغدادي، واسم جده مسلم.
حدث عن: داود بن أبي الفرات، وشيبان النحوي، وحرب بن صفوان الكبير، وفليح بن سليمان، والقاسم بن الفضل الحداني، ونافع بن عمر الجمحي، والحمادين، وسلام بن أبي مطيع، والليث ابن سعد، ويعقوب القمي، وشريك، والصعق بن حزن، ومحمد بن علي عم الشافعي، وعبد الواحد بن زياد، ومفضل بن فضالة المصري، وأم الاسود الخزاعية، وأم نهار البصرية، التي تروي عن أنس، وعن
خلق سواهم.
وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الله المسندي، وعبد بن حميد، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وعباس الدوري، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبو إسحاق الجوزجاني، وابنه حرمي بن يونس، واسمه إبراهيم، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وأحمد بن الخليل النيسابوري، وحسين بن عيسى البسطامي، وخلق كثير.
وثقه يحيى بن معين وغيره.
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
__________
(1) طبقات ابن سعد 7 / 337، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة: ت 3223، التاريخ الكبير 8 / 410، الجرح والتعديل 9 / 246، تاريخ بغداد 14 / 350، تهذيب الكمال: لوحة 157، تذهيب التهذيب 4 / 195 / 2، العبر 1 / 356، تذكرة الحفاظ 1 / 361، الكاشف 3 / 305، تهذيب التهذيب 11 / 447، طبقات الحفاظ: 158، خلاصة تذهيب الكمال: 441، شذرات الذهب 2 / 22.
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 246.
(*)

(9/473)


وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، ثقة (1).
وقد وهم صاحب " الكمال " (2)، وزعم أنه روى عن عبد الوهاب ابن بخت، وعبيد الله بن عمر، وهذا مستحيل.
وقد اختلفوا في وفاته، فقال أبو حسان الزيادي وابن حبان: سنة سبع ومئتين.
زاد ابن حبان: في تاسع صفر.
وقال ابن سعد، وخليفة، ومطين: سنة ثمان.
زاد ابن سعد،
فقال: يوم الثلاثاء (3) لسبع خلون من صفر.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه، أخبرنا أحمد بن المقرب، أخبرنا طراد بن محمد النقيب، أخبرنا علي بن عبد الله الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمرو، حدثنا محمد ابن عبيد الله، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا أبو أويس، عن ابن شهاب، عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر، عن أبيهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الشؤم في الفرس والمرأة والدار ".
متفق عليه من حديث ابن شهاب (4).
ويرويه النسائي عن محمد
__________
(1) تاريخ بغداد " 14 / 351.
(2) هو الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي الحنبلي المتوفي سنة 600 ه صاحب كتاب " الكمال في معرفة الرجال ".
(3) في " الطبقات " 7 / 337: يوم السبت.
(4) رواه مالك 3 / 140، ومن طريقه البخاري 9 / 118 في النكاح: باب ما يتقى من شؤم المرأة، ومسلم (2225) في السلام: باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، ورواه البخاري 6 / 44، 45 في الجهاد: باب ما يذكر من شؤم الفرس من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري.
وأخرجه أيضا 6 / 118 من طريق محمد بن منهال، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا عمر بن محمد العسقلاني، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: ذكروا الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي = (*)

(9/474)


ابن نصر النيسابوري، عن أيوب بن سليمان، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن موسى بن عقبة، وآخر عن ابن شهاب، فكأن ابن المقرب الكرخي سمعه من النسائي.
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد بقراءتي، أخبرنا موسى بن عبد القادر، وأخبرنا أبو الحسين بن الفقيه، وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله ابن عمر قالا: أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان، عن قتادة،
__________
= صلى الله عليه وسلم: " إن كان الشؤم في شئ، ففي الدار والمرأة والفرس ".
وأخرجه أحمد 2 / 85، ومسلم أيضا (117) من حديث ابن عمر بلفظ: " إن يكن من الشؤم شئ حق، ففي الفرس والمرأة والدار " وفي الباب عن سهل بن سعد عند مالك 3 / 140، والبخاري 6 / 45، 48، ومسلم (2226) بلفظ: " إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن " يعني الشؤم.
وهذا اللفظ الاخير يفهم منه أن الشؤم منتف عن كل شئ، لان معناه: لو كان الشؤم ثابتا في شئ ما، لوجد في هذه الثلاثة، لكنه ليس بثابت في شئ، ويظهر أن الرواية الاولى: " الشؤم في الفرس.." وقع فيها اختصار وتصرف من بعض الرواة، على أنه قد جاء عن عائشة رضي الله عنها الانكار على من روى هذا الحديث بهذه السياقة، فقد أخرج الامام أحمد 6 / 150 و 240 و 246 من طريق روح، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان الاعرج أن رجلين دخلا على عائشة، فقالا: إن أبا هريرة يحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار ".
قال: فطارت شقة منها في السماء وشقة في الارض، قالت: والذي أنزل القرآن علي أبي القاسم ما هكذا كان يقول، ولكن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة والدابة والدار " ثم قرأت عائشة: (ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) وأخرجه أيضا 6 / 150 و 240 من طريقين عن همام، عن قتادة..وإسناده صحيح، ونقل الزركشي في الاجابة ص: 115 عن بعض الائمة قولهم: ورواية عائشة في هذا أشبه بالصواب إن شاء الله لموافقتها نهيه عليه الصلاة والسلام عن الطيرة نهيا عاما وكراهتها
وترغيبه في تركها بقوله: " يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب، وهم الذين لا يكتوون ولا يتطيرون، ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون " (*)

(9/475)


حدثنا أنس بن مالك، أن رجلا قال: يا نبي الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال: " إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه في النار ".
أخرجه مسلم (1) عن ابن حميد، فوافقناه.

176 - يعلى بن عبيد * (ع) ابن أبي أمية، الحافظ الثقة الامام، أبو يوسف الطنافسي الكوفي، أحد الاخوة (2).
حدث عن: يحيى بن سعيد الانصاري، وإسماعيل بن أبي خالد، والاعمش، وعبد الملك بن أبي سليمان، وأبي حيان التيمي، وزكريا بن أبي زائدة، وابن إسحاق، وسفيان الثوري، ومسعر وخلق.
وعنه: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمود ابن غيلان، وهارون الحمال، وعلي بن حرب، وعبد بن حميد،
__________
(1) رقم (2806) في المنافقين: باب يحشر الكافر على وجهه، وأخرجه البخاري 8 / 378 في التفسير، 110 / 330 في الرقاق: باب الحشر من طريق عبد الله بن محمد الجعفي، عن يونس بن محمد المؤدب بهذا الاسناد.
* طبقات ابن سعد 6 / 397، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة ت 1312، التاريخ الكبير 8 / 419، التاريخ الصغير 2 / 314، المعارف: 517، الجرح والتعديل 9 / 304، مشاهير علماء الامصار ت 1382، تهذيب الكمال: لوحة 1555، تذهيب
التهذيب 4 / 188 / 1، العبر 1 / 357، تذكرة الحفاظ 1 / 314، الكاشف 3 / 295، دول الاسلام 1 / 129، شرح العلل لابن رجب 2 / 669، تهذيب التهذيب 11 / 402، طبقات الحفاظ: 140، خلاصة تذهيب الكمال: 438، شذرات الذهب 2 / 23.
(2) تقدم ذكرهم في الصفحة 437 في ترجمة أخيه محمد بن عبيد من هذا الجزء.
(*)

(9/476)


ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن الفرات وعدد كثير.
وانتهى إليه علو الاسناد بالكوفة مع جعفر بن عون.
قال أحمد بن حنبل: كان صحيح الحديث، صالحا في نفسه (1).
وروى الكوسج عن يحيى بن معين: ثقة (2).
وقال سعيد بن أيوب البخاري: كان يعلى بن عبيد يحفظ عامة حديثه، أو جميع ما عنده، وما رأيت أحفظ من وكيع.
وقال أبو حاتم الرازي: هو أثبت أولاد أبيه في الحديث (3).
وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: ما رأيت أفضل من يعلى بن عبيد، وما رأيت أحدا يريد بعلمه الله إلا يعلى بن عبيد رحمه الله (4).
وقال أحمد بن الفرات: ما رأيت يعلى ضاحكا قط.
وقيل: لم يكن يعلى بالمتقن لما حمل عن سفيان الثوري.
قال ابن سعد: مات بالكوفة في خامس شوال، سنة تسع ومئتين (5).

177 - أبو حذيفة * الشيخ العالم القصاص: الضعيف التالف، أبو حذيفة إسحاق بن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1555.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1555.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 304.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1555.
(5) " الطبقات الكبرى " 6 / 397.
* الضعفاء للعقيلي: لوحة 35، المجروحين والضعفاء 1 / 135، الكامل لابن = (*)

(9/477)


بشر بن محمد بن عبد الله بن سالم الهاشمي، مولاهم البخاري، مصنف كتاب " المبتدأ " وهو كتاب مشهور في مجلدتين، ينقل منه ابن جرير فمن دونه، حدث فيه ببلايا وموضوعات.
عن: الاعمش، وابن أبي خالد، وابن جريج، وابن إسحاق، وعبد الله بن طاووس، وجويبر بن سعيد، ومقاتل بن سليمان، وعدد كثير.
وعنه: سلمة بن شبيب، وأحمد بن حفص، ومحمد بن يزيد، النيسابوريون، ومحمد بن قدامة البخاري، وإسماعيل بن عيسى العطار، وعلي بن حرب الجنديسابوري (1).
قال مكي بن عبدان: حدثنا محمد بن عمر الدرابجردي (2) حدثنا أبو حذيفة البخاري - ثقة -، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من طاف بالبيت، فليستلم الاركان كلها " (3).
قلت: لا يفرح بتوثيق هذا الرجل، فالحديث كما تشاهد باطل.
قال مسلم: أبو حذيفة تركوا حديثه.
__________
= عدي: 1 / 34، تاريخ بغداد 6 / 326، معجم الادباء 6 / 70، العبر 1 / 348،
ميزان الاعتدال 1 / 184، لسان الميزان 1 / 354، شذرات الذهب 2 / 15.
(1) هذه النسبة إلى مدينة خوزستان، يقال لها: جنديسابور (2) نسبة إلى درابجرد محلة بنيسابور.
(3) أورده المؤلف في " الميزان " 1 / 185، وعلق عليه، فقال: تفرد الدرابجردي بتوثيق أبي حذيفة، فلم يلتفت إليه أحد، لان أبا حذيفة بين الامر لا يخفى حاله على العميان.
(*)

(9/478)


وقال ابن المديني: كذاب، كان يحدث عن ابن طاووس، وابن طاووس مات قبل أن يولد (1).
وقال الدارقطني: متروك الحديث (2).
وقال أحمد بن سيار: يروي عمن لم يدرك، وكان يزن بحفظ (3).
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، قد روى عن الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " مرض يوم يكفر ثلاثين سنة " (4).
قلت: خلط ابن حبان ترجمة هذا بترجمة إسحاق بن بشر الكاهلي الكوفي، أحد الهلكي أيضا (5).
مات أبو حذيفة ببخارى في رجب سنة ست ومئتين، قاله غنجار (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 327.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 328.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 327، ويزن: يتهم.
(4) كتاب " المجروحين " 1 / 136، وفي " اللسان " 1 / 355: وقال النقاشي: يصع الحديث، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كذاب، وقال ابن الجوزي في
" الموضوعات ": أجمعوا على أنه كذاب، وقال الخليلي في " الارشاد ": أتهم بوضع الحديث، وقال ابن عدي: أحاديثه منكرة إما إسنادا، وإما متنا لا يتابعه عليها أحد، وقال الخطيب: كان غير ثقة، وقال العقيلي: مجهول حدث بمناكير ليس لها أصل.
(5) زاد في " الميزان " 1 / 185: وكذا خبط ابن الجوزي، فقال في هذا " الكاهلي مولى بني هاشم " ولم يصب في قوله الكاهلي.
(6) هو محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل أبو عبد الله البخاري الحافظ صاحب تاريخ بخارى، توفي سنة 412 ه.
العبر 3 / 108.
(*)

(9/479)


178 - أبو عاصم * (ع) الضحاك بن مخلد، بن الضحاك، بن مسلم، بن الضحاك، الامام الحافظ شيخ المحدثين الاثبات، أبو عاصم الشيباني، مولاهم، ويقال: من أنفسهم البصري، وأمه من آل الزبير، وكان يبيع الحرير.
ولد سنة اثنتين وعشرين ومئة.
وحدث عن: يزيد بن أبي عبيد، وأيمن بن نابل، وبهز بن حكيم، وسليمان التيمي، أحرفا من التفسير، وحنظلة بن أبي سفيان، وزكريا بن إسحاق، وهشام بن حسان، وابن عجلان، وعثمان بن سعد الكاتب، وحيوة بن شريح، وجرير بن حازم، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وثور ابن يزيد، وجعفر الصادق، وجعفر بن يحيى بن ثوبان، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وابن عون، وعبد الحميد بن جعفر، وإسماعيل بن عبد الملك، وإسماعيل بن رافع، وأشعث بن عبد الله، وابن جريج، وشبيب ابن بشر، وموسى بن عبيدة، وعبيد الله بن أبي زياد القداح، وطلحة بن عمرو، وجبير بن فرقد، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وعباد بن منصور،
ومستقيم بن عبدالملك، وعمر بن محمد العمري، وشعبة، والاوزاعي، وابن أبي عروبة، وسفيان، ومالك وخلق كثير.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 295، تاريخ خليفة: 474، طبقات خليفة ت 1921، التاريخ الكبير 4 / 336، التاريخ الصغير 2 / 324، المعارف: 520، الجرح والتعديل 4 / 463، تهذيب الكمال: لوحة 617، تذهيب التهذيب 2 / 98 / 1، العبر 1 / 262، ميزان الاعتدال 2 / 325، تذكرة الحفاظ 1 / 366، الكاشف 2 / 36، دول الاسلام 1 / 366، تهذيب التهذيب 4 / 450، طبقات الحفاظ: 156، خلاصة تذهيب الكمال 177، شذرات الذهب 2 / 28.
وفي " ميزان الاعتدال " نقل عن أبي العباس أنه ذكره العقيلي في الضعفاء، ولم يجده المؤلف فيه، وكذلك في نسختنا غير موجود في من اسمه الضحاك.
(*)

(9/480)


وعنه: البخاري، وهو أجل شيوخه وأكبرهم، وجرير بن حازم شيخه، والاصمعي، والخريبي، وإسحاق بن راهويه، وعلي، وأحمد، وأبو خيثمة، وبندار، وابن مثنى، ومحمود بن غيلان، والحسن الحلواني، وهارون الحمال، والذهلي، والفلاس، وعبد الله بن منير، وابن وارة، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، والكوسج، والحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وأحمد بن عصام الاصبهاني، وعباس الدوري، وعبد الله بن محمد بن أبي قريش، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، وأبو مسلم الكجي، وخلق آخرهم موتا محمد بن حبان (1) الازهر القطان.
وثقه يحيى بن معين.
وقال أحمد العجلي: ثقة، كثير الحديث، له فقه (2).
وقال أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إلي من روح بن عبادة (3).
وقال عمر بن شبة: حدثنا أبو عاصم النبيل، ووالله ما رأيت مثله (4).
__________
(1) ضبط في الاصل بضم الحاء.
وقال الامام الذهبي في " المشتبه " ص 131: ومحمد بن حبان [ بالفتح ]، عن أبي عاصم، وعنه أبو الطاهر الذهلي.
كذا يقول الحافظ عبد الغني، وغلطه الصوري وغير واحد فضموه، ثم قال عبد الغني: وبالضم محمد بن حبان بن عمرو، بصري ضعيف، روى عنه سلم بن الفضل.
قلت: (القائل الذهبي): هو الاول، وهو بالضم، ويروي عنه الطبراني والجعابي، وهو باهلي معمر.
قال الحافظ في " التبصير " 1 / 283: كذا قال الذهبي، وقد أنكر ابن ماكولا على من زعم أنهما واحد، ورجح كونهما اثنين، أحدهما قد حصل الاتفاق على أنه بالضم، وهو الذي اسم جده بكر ابن عمرو، ومازه بأنه يروي عن أمية بن بسطام، ومحمد بن المنهال، والحسن بن قزعة، وأنه سكن بغداد في المخرم.
وثانيهما.
الراوي عن أبي عاصم، واسم جده أزهر، وهو الباهلي الذي روى عنه أبو الطاهر الذهلي والطبراني وغير واحد، وهو بصري، فعبد الغني ضبطه عن شيخه أبي الطاهر بالفتح، وكلاهما ثقة متقن، وخالفه الباقون فضموه.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة: 617.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 463.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 617.
(*)

(9/481)


قال محمد بن عيسى الزجاج: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج بحديث، فقلت لابي عاصم: ذكر ابن جريج، فقال: كل شئ حدثتك به حدثوني به، وما دلست حديثا قط، إني لارحم من يدلس (1).
قال ابن سعد: كان أبو عاصم ثقة فقيها (2).
وقال عبدالرحمن بن خراش: لم ير في يده كتاب قط (3).
وذكره أبو يعلى الخليلي فقال: متفق عليه زهدا وعلما وديانة
وإتقانا (4).
وقال البخاري: سمعت أبا عاصم يقول: منذ عقلت أن الغيبة حرام، ما أغتبت أحدا قط (5).
وروى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: كان أبو عاصم يحفظ قدر ألف حديث من جيد حديثه، وكان فيه مزاح، ويقال: إنما قيل له: النبيل، لان فيلا قدم البصرة، فذهب الناس ينظرون إليه، فقال له ابن جريج: مالك لا تنظر ؟ قال: لا أجد منك عوضا، قال: أنت نبيل.
وبعضهم نقل أن أبا عاصم كان ضخم الانف، فتزوج امرأة، فلما خلا بها، دنا منها ليقبلها، فقال له: نح ركبتك عن وجهي !، قال: ليس ذا ركبة، إنما هو أنف.
__________
(1) تهذيب الكمال " لوحة 617.
(2) " الطبقات الكبرى ": 7 / 295.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 617.
(4) " تهذيب الكمال ": 617.
(5) " التاريخ الكبير ": 4 / 336.
(*)

(9/482)


نقل ذلك إسماعيل بن أحمد والي خراسان، عن أبيه، عن أبي عاصم.
وقيل: لانه كان يلبس الخز وجيد الثياب، وكان إذا أقبل، قال ابن جريج: جاء النبيل.
وقيل: لان شعبة حلف ألا يحدث أصحاب الحديث شهرا، فقصده أبو عاصم، فدخل مجلسه، وقال: حدث وغلامي العطار حر لوجه الله
كفارة عن يمينك، فأعجبه ذلك (1).
قال محمد بن عيسى الزجاج: سمعت أبا عاصم يقول: من طلب الحديث، فقد طلب أعلى الامور، فيجب أن يكون خير الناس (2).
قال عمرو بن علي الفلاس: سمعت أبا عاصم يقول: ولدت أمي سنة عشر ومئة، وولدت أنا في سنة اثنتين وعشرين (3).
قال عبد الله بن إسحاق الجوهري المستملي بدعة (4): سمعت أبا عاصم يقول: ولدت في ربيع الاول، سنة اثنتين وعشرين ومئة.
وقال محمد بن سعد: توفي في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة، لاربع عشرة ليلة خلت منه (5).
وأرخه فيها خليفة، والكديمي، وأبو داود، ومحمد بن أحمد بن حبيب الذراع (6)، وغير واحد.
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 617.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 617.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 617.
(4) سمي بذلك لانه كان مستملي أبي عاصم، وبدعة لقبه.
توفي سنة 257 ه.
التهذيب 5 / 147.
(5) طبقات ابن سعد " 7 / 295.
(6) نسبة إلى ذرع الاشياء، ومعرفتها بالذراع.
(*)

(9/483)


وقال الفلاس: مات سنة اثنتي عشرة، ما ذكر الشهر.
وقال جابر بن كردي: مات سنة إحدى عشرة.
فهذا قول شاذ.
وقال يعقوب الفسوي، ومحمد بن يحيى الزماني: سنة ثلاث عشرة ومئتين (1)، وهذا بعيد، وأبعد منه ما روى ابن المقرئ، عن أبي طلحة
محمد بن أحمد بن الحسن التمار، عن حمدان بن علي الوراق قال: ذهبنا إلى أحمد بن حنبل سنة ثلاث عشرة، فسألناه أن يحدثنا، فقال: تسمعون مني، ومثل أبي عاصم في الحياة ! اخرجوا إليه (2).
وقال البخاري - فوهم رحمه الله -: مات سنة أربع عشرة ومئتين في آخرها (3).
قال أبو بكر الخطيب: روى عن أبي عاصم جرير بن حازم، ومحمد بن حبان، وبين وفاتيهما مئة وإحدى وثلاثون سنة.
قلت: مات ابن حبان سنة إحدى وثلاث مئة، وهو ضعيف.
أخبرنا محمد بن عبد السلام، وأحمد بن هبة الله، وزينب بنت كندي قراءة، عن المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل (ح) وأخبرونا عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، وأخبرونا عن زينب الشعرية، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم، أن عمر بن مسرور الزاهد، أخبرهم قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد، أخبرنا أبو مسلم الكجي، حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري وأبو عاصم قالا: حدثنا بهز بن
__________
(1) تحرفت في المطبوع من " تاريخ الفسوي " 3 / 346 لفظة " مئتين " إلى " مئة ".
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 618.
(3) " التاريخ الكبير " 4 / 336.
(*)

(9/484)


حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يارسول الله، من أبر ؟ قال: " أمك " قلت: ثم من ؟ قال: " ثم أمك، ثم أباك، ثم الاقرب، فالاقرب (1) ".

179 - حفص * (خ، د، س، ق) ابن عبد الله بن راشد، الامام، الحافظ الصادق، القاضي الكبير، أبو عمرو، وأبو سهل السلمي الفقيه، قاضي نيسابور.
ولد بعد الثلاثين ومئة.
سمع في الرحلة من مسعر بن كدام، وعثمان بن عطاء الخراساني، وسفيان الثوري، وإسرائيل، وورقاء بن عمر، ومحمد بن عبيد العرزمي، وعبد القدوس بن جندب، وإبراهيم بن طهمان ولازمه مدة، وعمر بن ذر، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثبت في ابن طهمان.
حدث عنه: ولده المحدث أحمد بن حفص، وقطن بن إبراهيم، ومحمد بن يزيد محمش، ومحمد بن عقيل الخزاعي، ومحمد بن عمرو قشمرد، وياسين بن النضر، وأيوب بن الحسن، ومن رفاقه أبو نعيم، وآخرون.
قال قطن بن إبراهيم: سمعته يقول: ما أقبح بالشيخ المحدث يجلس
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 5 / 3، والترمذي (1897) في البر والصلة: باب ما جاء في بر الوالدين، وأبو داود (5139) في الادب: باب بر الوالدين، وصححه الحاكم 4 / 150، ووافقه الذهبي، وحسنه الترمذي.
* الجرح والتعديل 3 / 175، تهذيب الكمال: لوحة 307، تذهيب التهذيب 1 / 63 / 1، العبر 1 / 357، تذكرة الحفاظ 1 / 368، تهذيب التهذيب 2 / 403، طبقات الحفاظ: 158، خلاصة تذهيب الكمال: 87، شذرات الذهب 2 / 22.
(*)

(9/485)


للقوم، فيحدث من كتاب (1).
جعفر بن محمد بن سوار، حدثنا محمد بن شعيب، حدثنا حفص بن عبد الله، سمعت سفيان الثوري يقول: ليس على نساء خراسان حج.
قلت: هذا قول عجيب، أفما هن من الناس ؟ ! فكأنه لمح بعد الشقة، وكثرة المشقة.
قال أبو عوانة الحافظ: سمعت محمد بن عقيل يقول: كان حفص بن عبد الله قاضيا بالاثر، ولا يقضي بالرأي البتة (2).
وقيل: إنه ولي القضاء عشرين سنة.
قال النسائي: ليس به بأس.
وقال ولده أحمد: مات لخمس بقين من شعبان سنة تسع ومئتين (3).

180 - ابن أبي فديك * (ع) الامام الثقة المحدث، أبو إسماعيل، محمد بن إسماعيل بن مسلم ابن أبي فديك، واسمه دينار الديلي، مولاهم المدني.
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 307.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 307.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 307.
* تاريخ ابن معين: 505، طبقات ابن سعد 5 / 437، طبقات خليفة: ت 2501، التاريخ الكبير 1 / 37، التاريخ الصغير 2 / 289، الجرح والتعديل 7 / 188، تهذيب الكمال: لوحة 1174، تذهيب التهذيب 3 / 189 / 2، العبر 1 / 333، ميزان الاعتدال 3 / 483، تذكرة الحفاظ 1 / 345، الكاشف 3 / 21، تهذيب التهذيب 9 / 61، طبقات الحفاظ 145، خلاصة تذهيب الكمال: 328، شذرات الذهب 1 / 359.
(*)

(9/486)


حدث عن: سلمة بن وردان، والضحاك بن عثمان، وابن أبي
ذئب، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وعدة من أهل المدينة، ولم يرحل في الحديث، وكان صدوقا صاحب معرفة وطلب.
حدث عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وسلمة بن شبيب، وأحمد ابن الازهر، وعبد بن حميد، وأبو عتبة أحمد بن الفرج، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وهارون الحمال، وحسين بن عيسى البسطامي، ومحمد ابن مصفى، وخلق كثير.
قال أبو داود: قد سمع من محمد بن عمرو بن علقمة حديثا واحدا (1).
قلت: هو أقدم شيخ لقيه.
قال البخاري: توفي سنة مئتين (2).
وقال ابن سعد: توفي سنة تسع وتسعين ومئة، وليس بحجة، كذا قال ابن سعد (3).
وقد احتج بابن أبي فديك الجماعة ووثقه غير واحد، لكن معن (4) أحفظ منه وأتقن، ووقع لنا من عواليه في أماكن.

181 - أبو علي الحنفي * (ع) عبيد الله بن عبدالمجيد، الامام الصدوق، أخو أبي بكر الحنفي،
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1174.
(2) " التاريخ الكبير " 1 / 37.
(3) في " طبقاته الكبرى " 5 / 437.
(4) هو معن بن عيسى بن يحيى القزاز، وقد مرت ترجمته في الصفحة 302 من هذا الجزء.
* طبقات ابن سعد 7 / 299، التاريخ الكبير 5 / 391، الضعفاء للعقيلي: لوحة 270، الجرح والتعديل 5 / 324، تهذيب الكمال: لوحة 885، تذهيب التهذيب = (*)

(9/487)


ولهما أخوان ما اشتهرا: شريك وعمير.
حدث أبو علي عن: هشام الدستوائي، وقرة بن خالد، وإسماعيل بن مسلم، ومالك بن مغول، وابن أبي ذئب، وعكرمة بن عمار، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وخلق سواهم.
روى عنه: بندار، وإسحاق الكوسج، وأبو محمد الدارمي، ومحمد ابن يحيى الذهلي، وعلي بن نصر الجهضمي ووالده، وسليمان بن سيف، ومحمد بن يونس الكديمي، وخلق سواهم.
ويقع لنا حديثه عاليا في " الغيلانيات " (1)، وفي " القطيعيات " (2) قال أبو حاتم الرازي وغيره: لا بأس به.
وقال الكديمي: مات سنة تسع ومئتين.
أخبرنا يحيى بن أبي منصور، وطائفة إجازة، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا أبو علي الحنفي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن الاعرج، عن أبي هريرة قال: ذكر
__________
= 3 / 19 / 1، العبر 1 / 357، ميزان الاعتدال 3 / 13، الكاشف 2 / 230، تهذيب التهذيب 7 / 34، خلاصة تذهيب الكمال: 252، شذرات الذهب 2 / 22.
(1) مر التعريف بها في الصفحة 369 ت 1 من هذا الجزء.
(2) هي خمسة أجزاء لمسند العراق أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك ابن شبيب البغدادي القطيعي، لقب بذلك لانه سكن قطيعة الرقيق ببغداد، توفي سنة 368 ه، وهو الراوي عن عبد الله بن الامام أحمد " المسند " و " التاريخ " و " الزهد " والمسائل كلها لابيه.
(*)

(9/488)


رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس، فقال: " هو عمي، وصنو أبي " (1)

182 - أبو بكر الحنفي * (ع) هو عبد الكبير بن عبدالمجيد البصري.
حدث عن: خثيم بن عراك، وأسامة بن زيد الليثي، وعبد الحميد بن جعفر، ويونس بن أبي إسحاق، وسعيد بن أبي عروبة، والضحاك بن عثمان، وأفلح بن حميد، وطائفة.
وكان من أئمة الحديث.
روى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق، وابن المديني، وبندار، ومحمد بن المثنى، وإسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى والكديمي، وخلق كثير.
وثقه أحمد بن حنبل وغيره.
__________
(1) محمد بن يونس: هو الكديمي البصري الحافظ أحد المتروكين، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي (3760) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العباس عم رسول الله، وإن عم الرجل صنو أبيه، أو من صنو أبيه " وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
وأخرجه مطولا أحمد 2 / 322، ومسلم (983) من طريق علي ابن حفص، عن ورقاء، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، وفيه: " أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه "، وهو في سنن أبي داود (1623) من طريق الحسن بن الصباح عن شبابة، عن ورقاء...وفي الباب عن علي عند أحمد 1 / 94 بسند صحيح، وانظر " سير أعلام النبلاء " 2 / 87 والصنو: المثل.
* طبقات ابن سعد 7 / 299، التاريخ الكبير 6 / 126، الجرح والتعديل 6 / 62، تهذيب الكمال: لوحة 849، تذهيب التهذيب 2 / 246 / 1، العبر 1 / 346، الكاشف
2 / 205، تهذيب التهذيب 6 / 370، خلاصة تذهيب الكمال: 305، شذرات الذهب 2 / 12.
(*)

(9/489)


مات سنة أربع ومئتين.

183 - عمر بن حبيب * (ق) العدوي البصري القاضي.
حدث عن: حميد الطويل، وخالد الحذاء، وهشام بن عروة، ويونس بن عبيد، ومحمد بن عجلان، وجماعة.
وعنه: حفص بن عمرو الربالي، وإسحاق الفارسي شاذان، وحماد بن الحسن بن عنبسة، ومحمد بن سنان القزاز، وأبو أمية الطرسوسي، وأبو قلابة الرقاشي، والكديمي، وخلق.
قال البخاري: يتكلمون فيه (1).
وقال عباس عن يحيى: ضعيف يكذب (2).
وقال النسائي: ضعيف (3).
وقال ابن عدي: حسن الحديث، يكتب حديثه مع ضعفه (4).
__________
* تاريخ ابن معين: 426، تاريخ خليفة: 472، التاريخ الكبير 6 / 148 الضعفاء والمتروكين: 84، أخبار القضاة 2 / 142، الضعفاء للعقيلي: لوحة 277، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 89، مشاهير علماء الامصار: ت 1546، الكامل لابن عدي: 486، تهذيب الكمال: لوحة 1005، تذهيب التهذيب 3 / 81 / 1، العبر 1 / 352، ميزان الاعتدال 3 / 184، تهذيب التهذيب 7 / 431، خلاصة تذهيب الكمال: 281، شذرات الذهب 2 / 17.
(1) " التاريخ الكبير " 6 / 148.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1005.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1005.
(4) " الكامل " لابن عدي: لوحة 486 (*)

(9/490)


قلت: ولي قضاء البصرة، ثم ولي قضاء الجانب الشرقي من بغداد للمأمون، وهو جد أبي رفاعة، عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب العدوي.
نقل عير واحد أنه مات بالبصرة سنة سبع ومئتين.
ويقال: إن الرشيد أراد قتله لكونه رد عليه خطأ، فدفع الله عنه (1).

184 - يعقوب بن إبراهيم * (ع) ابن سعد، بن إبراهيم، ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن ابن عوف، الامام الحافظ، الحجة، أبو يوسف الزهري العوفي المدني، ثم البغدادي.
حدث عن: أبيه الحافظ إبراهيم بن سعد، وشعبة، وعاصم بن محمد العمري، وعبيدة بن أبي رائطة، ومحمد ابن أخي الزهري، وشريك، والليث، وعبد العزيز بن المطلب، وسيف بن عمر، وأبي أويس عبد الله بن عبد الله، وعبد الملك بن الربيع بن سبرة، وكان من كبار المحدثين.
حدث عنه: أحمد، وإسحاق، وعلي، ويحيى، وأبو خيثمة،
__________
(1) انظر القصة مفصلة في " تهذيب الكمال " لوحة 1005 و 1006.
* تاريخ ابن معين: 680، طبقات ابن سعد 7 / 343، تاريخ خليفة: 473،
طبقات خليفة: ت 3224، التاريخ الكبير 8 / 396، التاريخ الصغير 2 / 313، الجرح والتعديل 9 / 202، تاريخ بغداد 14 / 268، تهذيب الكمال: لوحة 1547، تذهيب التهذيب 4 / 184 / 1، العبر 1 / 356، تذكرة الحفاظ 1 / 335، الكاشف 3 / 290، تهذيب التهذيب 11 / 380، طبقات الحفاظ: 141، خلاصة تذهيب الكمال: 436، شذرات الذهب 2 / 22.
(*)

(9/491)


ومحمد بن يحيى وإسحاق الكوسج، وسليمان بن سيف، وعلي بن سلمة اللبقي، وعبد بن حميد، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد ابن عبد الله المخرمي، وأحمد بن سعيد الرباطي، وعباس الدوري، وابن أخيه عبيد الله بن سعد، والفضل بن سهل الاعرج، ويعقوب بن شيبة، وخلق كثير.
وثقه يحيى، والعجلي، وطائفة.
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
قال الذهلي: إبراهيم بن سعد روى عن الزهري، وعن أصحاب الزهري عنه، وكثرت روايته لحديث الزهري، وأغرب عنه، ومدار حديثه على ابنه يعقوب بن إبراهيم سمع هو وأخوه سعد الكتب، قال: فمات أخوه سعد قبل أن يكتب عنه كبير أحد، وبقي يعقوب، فكتب الناس عنه، فوجدوا عنه علما جليلا من حديث الزهري، وغيره (2).
وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونا، يقدم على أخيه في الفضل والورع والحديث، ولم يزل ببغداد، ثم خرج إلى الحسن بن سهل بفم الصلح (3)، فلم يزل معه حتى توفي هناك في شوال سنة ثمان ومئتين،
وكان أصغر من أخيه سعد بأربع سنين (4)، وقال جماعة كذلك في موته.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 202 (2) " تهذيب الكمال " لوحة: 1547.
(3) هو اسم نهر كبير بين واسط وجبل عليه عدة قرى، وعليه كانت دار الحسن بن سهل وزير المأمون (4) " طبقات ابن سعد " 7 / 343.
(*)

(9/492)


قرأت على أحمد بن عبدالحميد، أخبركم موسى بن عبد القادر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا عبد الله ابن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثني يعقوب ابن إبراهيم، حدثني أبي، عن صالح بن كيسان، حدثنا نافع أن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقوم الناس لرب العالمين يوم القيامة، حتى يغيب أحدهم إلى أنصاف أذنيه في رشحه " أخرجه مسلم (1) عن عبد.

أخوه:
185 - سعد بن إبراهيم * (خ، س) والد عبد الله وعبيد الله، سمع أباه، وابن أبي ذئب، وعبيدة بن أبي رائطة.
وعنه: ابناه، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الحسين البرجلاني، ومحمد بن سعد.
__________
(1) رقم (2862) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها: باب في صفة يوم القيامة، وأخرجه البخاري 11 / 340 في الرقاق: باب قوله تعالى: (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون) من
طريق إسماعيل بن أبان، عن عيسى بن يونس، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجة (4278) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عيسى بن يونس، عن ابن عون، وأخرجه البخاري 8 / 534، 535، من طريق معن بن عيسى، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه الترمذي (2422) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر.
وهو في " المسند " من طرق عن نافع عن ابن عمر 2 / 13 و 19 و 70 و 105 و 112 و 125 و 126.
* تاريخ ابن معين: 190، طبقات ابن سعد 7 / 343 طبقات خليفة: ت 2296، التاريخ الكبير 4 / 52، التاريخ الصغير 2 / 296، تاريخ بغداد 9 / 123، تهذيب الكمال: لوحة 471، تذهيب التهذيب 2 / 7 / 1، العبر 1 / 336، تهذيب التهذيب 3 / 462، الكاشف 1 / 350، خلاصة تذهيب الكمال: 133، شذرات الذهب 1 / 172.
(*)

(9/493)


قال أحمد: لم يكن به بأس، لكن أخوه أحر رأسا، وأقرأ للكتب منه (1) وقال العجلي: لا بأس به، كان على قضاء واسط (2).
قيل: مات سنة إحدى ومئتين بالمبارك (3).

186 - أبو زيد الانصاري * (د، ت) الامام العلامة، حجة العرب، أبو زيد، سعيد بن أوس بن ثابت ابن بشير [ بن ] صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي زيد الانصاري، البصري، النحوي، صاحب التصانيف.
ولد سنة نيف وعشرين ومئة.
وحدث عن: سليمان التيمي، وعوف الاعرابي، وابن عون، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ورؤبة بن العجاج، وأبي عمرو بن
العلاء، وسعيد بن أبي عروبة، وعمرو بن عبيد القدري، وعدة.
حدث عنه: خلف بن هشام البزار، وتلا عليه، وأبو عبيد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 124.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 124.
(3) هي بليدة بين بغداد وواسط على شاطئ دجلة.
* تاريخ خليفة: 97، التاريخ الكبير 3 / 455، وفيه " أويس " بدل " أوس " المعارف: 545، الجرح والتعديل 4 / 4، كتاب المجروحين والضعفاء 1 / 324، تاريخ بغداد 9 / 77، نزهة الالباء: 173، معجم الادباء 11 / 212، إنباه الرواة 2 / 30، وفيات الاعيان 2 / 378، تهذيب الكمال: لوحة 480، تذهيب التهذيب 2 / 12 / 2، العبر 1 / 367، ميزان الاعتدال 2 / 126، الكاشف 1 / 355، مرآة الجنان 2 / 58، البداية والنهاية 10 / 269، طبقات القراء 1 / 305، تهذيب التهذيب 4 / 3، النجوم الزاهرة 2 / 210 بغية الوعاة 1 / 582، المزهر 2 / 402، خلاصة تذهيب الكمال: 136، طبقات المفسرين 1 / 179، شذرات الذهب 2 / 34.
(*)

(9/494)


القاسم، وأبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي، وأبو حاتم السجستاني، وأبو عثمان المازني، وعمر بن شبة، وأبو حاتم الرازي، والعباس الرياشي، وأبو العيناء، والكديمي، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، وخلق كثير.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يجمل القول فيه، ويرفع شأنه، ويقول: هو صدوق (1).
وقال صالح جزرة: ثقة.
قلت: جده الاعلى أبو زيد، هو أحد من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه ثابت بن زيد بن قيس الخزرجي (2).
وعن أبي عثمان المازني قال: كنا عند أبي زيد، فجاء الاصمعي، فأكب على رأسه، وجلس، وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ ثلاثين سنة، فبينا نحن كذلك، إذ جاء خلف الاحمر، فأكب على رأسه، وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ عشرين سنة (3).
المازني: سمعت أبا زيد يقول: وقفت على قصاب، فقلت: بكم البطنان ؟ فقال: بمصفعان يا مضرطان، فغطيت رأسي، وفررت (4).
وحكى السيرافي: أن أبا زيد كان يقول: كل ما قال سيبويه:
__________
(1) الجرح والتعديل " 4 / 5.
(2) وقد شهد أحدا والمشاهد بعدها، وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، نزل البصرة ثم قدم المدينة فمات بها في خلافة عمر.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء الاول من هذا الكتاب ص 335، 336.
(3) في الاصل: (عشرين عشرين)، والخبر في " تاريخ بغداد " 9 / 77، 78.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 78.
(*)

(9/495)


أخبرني الثقة، فأنا أخبرته، وقد مات أبو زيد بعد سيبويه بنيف وثلاثين سنة (1).
قال: ويقال: إن الاصمعي كان يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثي اللغة، وكان الخليل يحفظ نصف اللغة، وكان عمرو بن كركرة الاعرابي، يحفظ اللغة كلها (2).
قلت: عمرو هذا ليس بمشهور.
قال المبرد: الاصمعي، وأبو عبيدة، وأبو زيد، أعلم الثلاثة
بالنحو أبو زيد، وكانت له حلقة بالبصرة.
وعن أبي زيد قال: قلت لابن أخ لي: اكتر لنا، فصاح: معشر الملاحون.
قلت: ويحك ما تقول ؟ قال: أنا أحب النصب (3).
قال أبو موسى الزمن وغيره: مات أبو زيد سنة خمس عشرة ومئتين (4).
وقال أبو حاتم: عاش ثلاثا وتسعين سنة (5).

187 - أبو زيد الهروي * (خ، م) سعيد بن الربيع البصري، بياع الهروي، يعني الثياب التي
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 480.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 480.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 78، و " إنباه الرواة " 2 / 32.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 79.
(5) " تاريخ بغداد " 9 / 80.
* العلل لاحمد بن حنبل: 249، التاريخ الكبير 3 / 471، التاريخ الصغير 2 / 321، الجرح والتعديل 4 / 20، تهذيب الكمال: لوحة 490، تذهيب التهذيب 2 / 18 / 1، العبر = (*)

(9/496)


تجلب من هراة (1).
يروي عن: قرة بن خالد، وشعبة، وعلي بن المبارك.
حدث عنه: البخاري وبندار، وحجاج بن الشاعر، وعبد والكديمي.
صدوق قاله أبو حاتم (2).
وروى مسلم عن رجل عنه.
توفي سنة إحدى عشرة ومئتين، وكان جده مكاتبا لزرارة بن أوفى.
وأبو زيد من قدماء مشيخة البخاري، وموته أقدم من موت الانصاري بأربعة أعوام، ولكن أبا زيد الانصاري أسند منه وأسن.

188 - يحيى بن أبي بكير * (ع) ابن نسر بن أسيد، الحافظ الحجة الفقيه، قاضي كرمان (3)، أبو زكريا العبدي القيسي، مولاهم الكوفي.
وقيل: اسم أبيه نسر، وقيل: بشر.
وقيل: بشير.
__________
= 1 / 360 الكاشف 1 / 360، تهذيب التهذيب 4 / 27، خلاصة تذهيب الكمال: 137، شذرات الذهب 2 / 26.
(1) هي مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان.
(2) في " الجرح والتعديل " 4 / 20.
* التاريخ الكبير 8 / 264، الجرح والتعديل 9 / 132، تهذيب الكمال: لوحة 1490، تذهيب التهذيب 4 / 150 / 1، العبر 1 / 356، تذكرة الحفاظ 1 / 385، الكاشف 3 / 251، تهذيب التهذيب 11 / 190، خلاصة تذهيب الكمال: 421، شذرات الذهب 2 / 22.
(3) هي ناحية كبيرة في شرقي بلاد فارس، وهي بلاد كثيرة النخل والزرع والمواشي تشبه بالبصرة.
انظر " معجم البلدان " 4 / 454.
(*)

(9/497)


حدث ببغداد وبغيرها عن شعبة، وزائدة، وإبراهيم بن طهمان، وأبي جعفر الرازي، وإسرائيل، وزهير، وعدة.
وعنه: أحمد بن سعيد الدارمي، وعيسى بن أبي حرب، وعباس الدوري، ومحمد بن سعد العوفي، والحارث بن أبي أسامة، وعلي بن
سهل، وإبراهيم بن الحارث البغدادي، وحفيده عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير، وطائفة سواهم.
وثقه يحيى بن معين، وأحمد العجلي.
قال محمد بن المثنى: مات سنة ثمان ومئتين.
وقال ابن قانع: سنة تسع (1).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن جميع، حدثنا الحسن بن إدريس القافلاني (2) ببغداد، حدثنا عيسى بن أبي حرب، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أسامة بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض ".
رواته ثقات، وهو من الافراد، لم يخرجوه في الكتب الستة (3).
__________
(1) تهذيب الكمال " لوحة 1490.
(2) هذه النسبة إلى حرفة عجمية، وهو من يشتري السفن ويكسرها ويبيع خشبها وقيرها وقفلها وهو حديدها.
(3) وإنما أخرجه بعضهم من حديث ابن عمر وأبي بكر ضمن خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأخرجه البخاري 1 / 145 في العلم: باب رب مبلغ أوعى من سامع، و 3 / 458 و 459 في الحج: باب الخطبة أيام منى، و 6 / 211 في بدء الخلق: باب ما جاء = (*)

(9/498)


189 - يحيى بن الضريس * (م، ت) ابن يسار القاضي، الامام الحافظ، قاضي الري، أبو زكريا البجلي، مولاهم الرازي، رأى محمد بن أبي ليلى.
وحدث عن: ابن جريج، وابن إسحاق، وزكريا بن إسحاق، وفضيل بن مرزوق، وإبراهيم بن طهمان، وعمرو بن أبي قيس الرازي، وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وطبقتهم، وكان من بحور العلم.
حدث عنه: إبراهيم بن موسى القزاز، أبو غسان زنيج، ويحيى ابن معين، وابن راهويه، وإسحاق بن الفيض، ويحيى بن أكثم، ومحمد بن حميد، وموسى بن نصر، وخلق.
حدث عنه من شيوخه جرير بن عبدالحميد، وكان جرير معجبا بحفظه.
قال النسائي: ليس به بأس (1).
__________
= في سبع أرضين.
و 8 / 82 في المغازي: باب حجة الوداع، و 244 باب تفسير سورة براءة، و 10 / 6 في الاضاحي: باب من قال: الاضحى يوم النحر، و 12 / 75 في الحدود: باب ظهر المؤمن حمى، و 170 في الديات: باب قوله تعالى: (من أحياها)، و 13 / 22 و 23 في الفتن: باب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ومسلم (66) في الايمان: باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارا..و (1679) في القسامة: باب تحريم الدماء، وأبو داود (1947) في الحج: باب الاشهر الحرم، و (4686) في السنة: باب الدليل على زيادة الايمان.
* طبقات ابن سعد 7 / 380، طبقات خليفة: ت 3169، التاريخ الكبير 8 / 287، التاريخ الصغير 2 / 299، الجرح والتعديل 9 / 158، تهذيب الكمال: لوحة 1503، تذهيب التهذيب 4 / 158 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 347، الكاشف 3 / 259، تهذيب التهذيب 11 / 232، طبقات الحفاظ: 145، خلاصة تذهيب الكمال: 424.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(*)

(9/499)


وقال الحافظ إبراهيم بن موسى: منه تعلمت الحديث.
قال علي بن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث (1).
روى البخاري عن يوسف بن موسى قال: مات يحيى بن ضريس في ربيع الاول سنة ثلاث ومئتين (2).
قلت: وهو جد محدث الري محمد بن أيوب البجلي مؤلف كتاب " فضائل القرآن ".
قال يحيى بن معين: يحيى بن الضريس ثقة (3).
وقال أبو حاتم: كان عنده عن حماد عشرة آلاف حديث (4).
وقال وكيع: هو من حفاظ الناس.
وقد خلط في حديثين (5).
قلت: لو خلط في عشرين حديثا في سعة ما روى لما عد إلا ثقة.

190 - أشهب بن عبد العزيز * (د، ت) ابن داود، بن إبراهيم، الامام العلامة، مفتي مصر، أبو عمرو
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1503.
(2) " التاريخ الصغير " 2 / 299.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 1503.
(4) " الجرح والتعديل ": 9 / 159.
(5) " الجرح والتعديل " 9 / 159.
* التاريخ الكبير 2 / 57، الجرح والتعديل 2 / 432، ترتيب المدارك 2 / 447، وفيات الاعيان 1 / 238، تهذيب الكمال: لوحة 120، تذهيب التهذيب 1 / 71 / 2، العبر 1 / 345، الكاشف 1 / 135، دول الاسلام 1 / 127، الديباج المذهب 1 / 307، تهذيب التهذيب 1 / 359، حسن المحاضرة 1 / 305، خلاصة تذهيب الكمال: 45، شذرات
الذهب 2 / 12.
(*)

(9/500)


القيسي، العامري، المصري الفقيه، يقال: اسمه مسكين، وأشهب لقب له.
مولده سنة أربعين ومئة.
سمع مالك بن أنس، والليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، وسليمان بن بلال، وبكر بن مضر، وداود بن عبدالرحمن العطار، وعدة.
حدث عنه: الحارث بن مسكين، ويونس بن عبدالاعلى، وبحر ابن نصر، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ومحمد بن إبراهيم بن المواز، وسحنون بن سعيد فقيه المغرب، وعبد الملك بن حبيب فقيه الاندلس، وهارون بن سعيد الايلي، وآخرون.
ويكفيه قول الشافعي فيه: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب، لولا طيش فيه (1).
قال أبو عمر بن عبد البر: كان فقيها حسن الرأي والنظر، فضله ابن عبد الحكم على ابن القاسم في الرأي، فذكر هذا لمحمد بن عمر ابن لبابة الاندلسي، فقال: إنما قال ذلك ابن عبد الحكم، لانه لازم أشهب، وكان أخذه عنه أكثر، وابن القاسم عندنا أفقه في البيوع وغيرها (2).
وقيل: كان أشهب على خراج مصر، وكان صاحب أموال وحشم.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 447.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 448.
(*)

(9/501)


قال سحنون: رحم الله أشهب، ما كان يزيد في سماعه حرفا واحدا (1).
قال ابن عبد البر: لم يدرك الشافعي إذ قدم مصر أحدا من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم (2).
قلت: وأدرك ابن الفرات، وسعيد بن أبي مريم.
قال سعد بن معاذ الفقيه: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مئة مرة (3).
وعن ابن عبد الحكم قال: سمعت أشهب يدعو في سجوده على الشافعي بالموت، فمات والله الشافعي في رجب سنة أربع، ومات أشهب بعده بثمانية عشر يوما، واشترى من تركة الشافعي عبدا، اشتريته أنا من تركة أشهب (4).
قال ابن يونس: مات لثمان بقين من شعبان سنة أربع (5).
قلت: قول ابن عبر البر: كان أخذ ابن عبد الحكم عن أشهب أكثر - يعني من أخذه عن ابن القاسم -: فيه نظر، فما علمته أخذ عنه، إنما لحق
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 448.
(2) " الديباج المذهب " 1 / 307.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 448.
(4) " ترتيب المدارك " 2 / 453، و " وفيات الاعيان " 1 / 239، وروى عياض في " المدارك " عن الربيع بن سليمان المرادي، قال: سمعنا أشهب يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي وإلا ذهب علم مالك، فبلغ ذلك الشافعي فأنشأ يقول: تمنى رجال أن أموت وإن أمت * فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تهيأ لاخرى مثلها فكأن قد (5) " وفيات الاعيان " 1 / 239.
(*)

(9/502)


ابن وهب، وقد لحق ابن القاسم، وهو مراهق، فلعله فاعتناء والده، أخذ شيئا يسيرا عنه، والله أعلم.
ودعاء أشهب على الشافعي من باب كلام المتعاصرين، بعضهم في بعض، لا يعبأ به، بل يترجم على هذا، وعلى هذا، ويستغفر لهما، وهو باب واسع، أوله موت عمر (1)، وآخره رأيناه عيانا، وكان يقال لعمر: قفل الفتنة.

191 - إسحاق بن الفرات * (س) الامام الكبير، فقيه الديار المصرية، وقاضيها، أبو نعيم التجيبي، مولاهم المصري، تلميذ مالك الامام، ليس هو بدون ابن القاسم.
حدث عن: حميد بن هانئ، وهو أقدم شيخ له، ويحيى بن أيوب، والليث، ومالك وطائفة.
حدث عنه: أبو الطاهر بن السرح، وأحمد بن عبدالرحمن، بحشل، وبحر بن نصر الخولاني، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وجماعة.
روي عن الشافعي أنه قال: ما رأيت أحد أعلم باختلاف العلماء من إسحاق بن الفرات (2).
__________
(1) فقد تمنى موته أناس ممن كانوا تحت إمرته لما كان يأخذهم به رضي الله عنه من العدل وسلوك الجادة.
* الجرح والتعديل 2 / 231، ترتيب المدارك 2 / 459، تهذيب الكمال: لوحة 89،
تذهيب التهذيب 1 / 57 / 2، العبر 1 / 344 - 345، ميزان الاعتدال 1 / 195، الكاشف 1 / 112، دول الاسلام 1 / 127، الديباج المذهب 1 / 298، تهذيب التهذيب 1 / 246، حسن المحاضرة 1 / 305، خلاصة تذهيب الكمال: 29، شذرات الذهب 2 / 11.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 459، و " الديباج المذهب " 1 / 298.
(*)

(9/503)


وقال بحر بن نصر الخولاني: سمعت ابن علية يقول: ما رأيت ببلدكم أحدا يحسن العلم إلا إسحاق بن الفرات (1).
وقال ابن عبد الحكم: ما رأيت فقيها أفضل منه (2).
وقال أحمد بن سعيد الهمداني: قرأ علينا إسحاق بن الفرات " موطأ " مالك من حفظه، فما أسقط منه حرفا فيما أعلم (3).
وعن إسحاق قال: مولدي سنة خمس وثلاثين ومئة (4).
قلت: هو إسحاق بن الفرات، بن الجعد، بن سليم، مولى الامير معاوية بن حديج، ولي قضاء مصر نيابة عن القاضي محمد بن مسروق.
سئل أبو حاتم الرازي عنه، فقال: شيخ ليس بالمشهور (5).
قال ابن الذهبي: ما هو بمشهور بالحديث، بلى هو مشهور، بالامامة في الفقه، عاش سبعين سنة.
قال أبو سعيد بن يونس: مات في ثاني شهر ذي الحجة، سنة أربع ومئتين (6).
قلت: وفيها مات قبله الشافعي وأشهب بمصر، بمثل هؤلاء الثلاثة إذا دخلت منهم مدينة في عام واحد، فقد بان عليها النقص، ومات حافظ البصرة أبو داود الطيالسي، وعالم مرو النضر بن شميل، وشيخ النسب هشام
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 459.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 89.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 459.
(4) " تهذيب الكمال ": لوحة 89.
(5) " الجرح والتعديل " 2 / 231.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 89.
(*)

(9/504)


ابن الكلبي، ومسند الوقت أبو بدر شجاع بن الوليد، وعبد الوهاب بن عطاء، وعدة من العلماء.

192 - عبد العزيز بن أبي رزمة * (د، ت) غزوان، الامام المحدث، أبو محمد اليشكري، مولاهم المروزي، من كبار مشايخ مرو.
سمع من إسماعيل بن أبي خالد، ومالك بن مغول، والمسعودي وجويبر بن سعيد، وأبي المنيب العتكي، وشعبة.
وعنه: ابنه محمد بن عبد العزيز، وعبد بن حميد، وأبو وهب محمد ابن مزاحم، وأحمد زاج، وأهل مرو.
ذكره ابن حبان في الثقات.
مولده في سنة تسع وعشرين ومئة.
والحاكم الذي ذكر أنه سمع ابن أبي خالد.
توفي سنة ست ومئتين في المحرم.

193 - يحيى بن إسحاق * * (م، 4) الحافظ الامام الثبت، أبو زكريا السيلحيني، والسالحين: من قرى العراق.
__________
* التاريخ الكبير 6 / 29، التاريخ الصغير 2 / 308، تهذيب الكمال: لوحة 838، تذهيب التهذيب 2 / 240 / 2، الكاشف 2 / 198، تهذيب التهذيب 6 / 336، خلاصة تذهيب الكمال: 239.
* * طبقات ابن سعد 7 / 340، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة: ت 3228، التاريخ الكبير 8 / 259، الجرح والتعديل 9 / 126، تاريخ بغدد 14 / 157، تهذيب = (*)

(9/505)


ولد في حدود الاربعين ومئة.
وحدث عن: يحيى بن أيوب المصري، وموسى بن علي بن رباح، وأبان بن يزيد، وحماد بن سلمة، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي، ويزيد ابن حيان أخي مقاتل، ومحمد بن سليمان الاصبهاني، وفليح بن سليمان، وعبد العزيز بن الماجشون، والربيع بن بدر، والليث بن سعد، وجعفر بن كيسان، وعدد كثير، وارتحل إلى الآفاق.
حدث عنه: أحمد، وابنا أبي شيبة، وهارون الحمال، ومحمد بن سعد، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وأحمد بن سيار المروزي، وأحمد بن أبي غرزة الغفاري، والحارث بن أبي أسامة، وبشر بن موسى، وأحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن ملاعب، وعباس الدوري، وخلق كثير.
قال أحمد بن حنبل: شيخ صالح ثقة، سمع من الشاميين، وابن لهيعة (1).
وقال ابن سعد: كان ثقة، حافظا لحديثه، توفي ببغداد سنة عشر ومئتين (2)، زاد غيره: في شعبان.
قلت: من أغرب ما جاء به حديثه عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
أكل أذني القلب ".
خالفه مسدد، وإسحاق بن إسرائيل، فرووه عن عبد
__________
= الكمال: لوحة 1484، تذهيب التهذيب 4 / 147 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 376، الكاشف 3 / 249، تهذيب التهذيب 11 / 176، طبقات الحفاظ: 160، خلاصة تذهيب الكمال: 421، شذرات الذهب 2 / 27.
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 158.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 340.
(*)

(9/506)


الله، عن أبيه، فقال: عن رجل من الانصار مرسلا، ورواه هكذا أبو داود في " المراسيل ".
قال عثمان الدارمي: سألت يحيى بن معين عن السيلحيني، فقال: صدوق المسكين (1).
وقال علي بن المديني: كان عبدالرحمن ينكر حديث مبارك عن الحسن في حل العقد في القبر - يعني عن السيلحيني (2).
قلت: هو حجة صدوق إن شاء الله، ولا تنزل رواية حديثه عن درجة الحسن، وكان من أوعية العلم.

194 - بشر بن بكر * (خ، د، س، ق) الامام الحجة، أبو عبد الله البجلي الدمشقي، ثم التنيسي.
ولد سنة أربع وعشرين ومئة، سمعه محمد بن وزير يقوله.
حدث عن: الاوزاعي، وعبدة بنت خالد بن معدان، وأبي بكر بن أبي مريم الحمصي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وطائفة.
وعنه: ولده أحمد، وابن وهب، وهو أكبر منه، والشافعي،
والحميدي، ودحيم، وأبو الطاهر بن السرح، والحارث بن أسد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 158.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 158، وانظر " سنن البيهقي " 3 / 407.
* التاريخ الكبير 2 / 70، التاريخ الصغير 2 / 304، الجرح والتعديل 2 / 352، تهذيب الكمال: لوحة 148، تذهيب التهذيب 1 / 83 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 314، الكاشف 1 / 154، تهذيب التهذيب 1 / 443، حسن المحاضرة 1 / 284، خلاصة تذهيب الكمال: 48.
(*)

(9/507)


الهمداني، لا المحاسبي، والربيع المرادي، وابن عبد الحكم، وبحر ابن نصر.
قال أبو زرعة: ثقة.
وكذا وثقه الدارقطني (1).
وقال ابن يونس: كان أكثر مقامه بتنيس ودمياط، وبدمياط توفي في ذي القعدة سنة خمس ومئتين (2).
قال الخطيب: آخر من روى عنه سليمان بن شعيب الكيساني، بقي إلى سنة ثمانين ومئتين (3).

195 - ابن كناسة * (س) الامام العلامة، الثقة البارع، الاديب، أبو عبد الله، وأبو يحيى، محمد بن عبد الله، بن عبدالاعلى، بن عبد الله، بن خليفة، بن زهير، بن نضلة، الاسدي الكوفي.
وكناسة: لقب لجده عبدالاعلى، وقيل: لقب لابيه، ويجوز أن يكون لقبا لهما.
مولده في سنة ثلاث وعشرين ومئة.
وسمع من: هشام بن عروة، والاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد،
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 148.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 148.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 148.
* التاريخ لابن معين: 523، طبقات ابن سعد 6 / 401، التاريخ الكبير 1 / 135، المعارف: 543، الجرح والتعديل 7 / 300، الاغاني 13 / 337 - 346، تاريخ بغداد 5 / 404، تهذيب الكمال: لوحة 1220، تذهيب التهذيب 3 / 218 / 1، العبر 1 / 353، ميزان الاعتدال 3 / 592، الكاشف 3 / 61، لوافي بالوفيات 4 / 377، تهذيب التهذيب 9 / 259، خلاصة تذهيب الكمال: 345، شذرات الذهب 2 / 17.
(*)

(9/508)


وعبد الله بن شبرمة، وجعفر بن برقان، ومحمد بن السائب الكلبي، ومسعر ابن كدام، وعدة.
وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، وأبو خيثمة، ومؤمل بن يهاب، والرمادي، وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن الفرج الازرق، ويعقوب بن شيبة، والحارث بن أبي أسامة، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين، وعلي، وأحمد، والعجلي، وأبو داود، وآخرون.
وقال أبو حاتم: كان صاحب أخبار، يكتب حديثه، ولا يحتج به (1).
وقال يعقوب السدوسي: ثقة، صالح الحديث، له علم بالعربية، والشعر، وأيام الناس، وهو ابن أخت إبراهيم بن أدهم الزاهد.
قال السدوسي: مات بالكوفة، لثلاث خلون من شوال، سنة سبع ومئتين (2)، وفيها أرخه مطين، وقال ابن قانع، فوهم هو أو الناسخ، فقال: سنة تسع (3).
ولابن كناسة كتاب " الانواء " وكتاب " معاني الشعر "، وكتاب " سرقات الكتب من القرآن " (4).
وله في ابنه يحيى: وسميته يحيى ليحيا ولم يكن * إلى قدر الرحمن فيه سبيل
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 300.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 407.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 408.
(4) " الوافي بالوفيات " 4 / 377.
(*)

(9/509)


تفاءلت لو يغني التفاؤل باسمه * وما خلت فالا قبل ذاك يفيل أنبأنا أحمد بن سلامة، عن خليل بن بدر، وأحمد بن محمد، قالا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا محمد بن الفرج، والحارث بن محمد، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن كناسة، حدثنا هشام بن عروة، عن أخيه عثمان، عن أبيه، عن الزبير ابن العوام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود " (1).
تفرد به ابن كناسة هكذا، وأخرجه النسائي عن حميد بن زنجويه عنه، قال الدارقطني: لم يتابع عليه، رواه الحفاظ عن هشام عن عروة مرسلا، ورواه زيد بن الحريش، عن عبد الله بن رجاء، عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، مرفوعا بنحوه.

196 - مروان بن محمد * (م، 4) ابن حسان، الامام القدوة الحافظ، أبو بكر، ويقال: أبو عبد
__________
(1) هو في " حلية الاولياء " 2 / 180، وأخرجه أحمد 1 / 165، وابن سعد 1 / 439، والنسائي 8 / 137، من طريق محمد بن كناسة بهذا الاسناد، وهذا سند رجاله ثقات، لكن اختلف فيه على هشام بن عروة، فرواه النسائي من طريق عيسى بن يونس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر، وقال عن الطريقين: كلاهما غير محفوظ، وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 2 / 261 و 499، وابن سعد 1 / 439، والترمذي (1751) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عنه، وهذا سند حسن.
* تاريخ ابن معين: 556، التاريخ الكبير 7 / 373، التاريخ الصغير 2 / 317، تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1 / 284، 285، الجرح والتعديل 8 / 375، تاريخ دمشق لابن عساكر 11 / 180 / 1 - 181 / 1، تهذيب الكمال: لوحة 1315، تذهيب التهذيب 4 / 30 / 2 العبر 1 / 359، ميزان الاعتدال 4 / 93، تذكرة الحفاظ 1 / 348، تهذيب التهذيب 10 / 95، طبقات الحفاظ: 157، خلاصة تذهيب الكمال: 319، شذرات الذهب 2 / 24.
(*)

(9/510)


الرحمن الاسدي الدمشقي الطاطري.
والطاطري: هو الخامي، وهو البطائني.
قال الطبراني: كل من باع الثياب الكرابيس بدمشق، يقال له: الطاطري.
فعن مروان قال: ولدت سنة سبع وأربعين ومئة، عام الكواكب (1).
حدث عن: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن سلام، ومالك، والليث، وبكر بن مضر، وابن لهيعة، والهيثم بن حميد، ويحيى بن حمزة، وإسماعيل بن عياش، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وعثمان بن حصن بن علاق، والهقل بن زياد، وعبد العزيز
الدراوردي، وسفيان بن عيينة، وخالد بن يزيد المري، ورشدين بن سعد، وصخر بن جندل البيروتي، وعلي بن حوشب، وعيسى بن يونس، وخلق.
حدث عنه: بقية بن الوليد، مع تقدمه، ومحمود بن خالد، وهشام ابن خالد الازرق، ومحمد بن مصفى، وابن ذكوان، وسلمة بن شبيب، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، وعباس الترقفي (2)، وهارون بن محمد ابن بكار، وأحمد بن ناصح المصيصي، وأحمد بن الازهر، وولده إبراهيم ابن مروان، وخلق كثير.
وثقه أبو حاتم، وصالح بن محمد جزرة (3).
__________
(1) " تاريخ أبي زرعة الدمشقي " 1 / 284، وقال خليفة وابن الاثير في حوادث سنة (147): وفي هذه السنة تناثرت النجوم.
(2) هو عباس بن عبد الله بن أبي عيسى الترقفي نسبة إلى ترقف: مدينة من أعمال واسط.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 375.
(*)

(9/511)


قال عبد الله بن يحيى بن معاوية الهاشمي: أدركت ثلاث طبقات، أحدها طبقة سعيد بن عبد العزيز، ما رأيت فيهم أخشع من مروان بن محمد (1).
وقال أبو سليمان الداراني: ما رأيت شاميا خيرا من مروان بن محمد، قيل له: ولا معلمه سعيد بن عبد العزيز، ولا يحيى بن حمزة ؟ قال: ولا معلمه، لانه كان على بيت المال، ولا يحيى لانه كان على القضاء (2).
قال البخاري: مات سنة عشر ومئتين (3).
قلت: عاش ثلاثا وستين سنة، وكان سيدا إماما.
أخبرنا عمر بن محمد الفارسي، وهدية بنت علي، وابن قدامة الحاكم، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن بن داود، أخبرنا عبد الله بن أحمد السرخسي، أخبرنا عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي، حدثنا عبد الله بن عبدالرحمن الحافظ، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: " ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الارض، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
أخرجه مسلم (4) عن عبد الله أتم من هذا.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1316.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 1316.
(3) " التاريخ الصغير " 2 / 317.
(4) رقم (477) في الصلاة: باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، وأخرجه أبو = (*)

(9/512)


197 - شبابة * (ع) ابن سوار، الامام الحافظ الحجة، أبو عمرو الفزاري، مولاهم المدائني.
ولد في حدود عام ثلاثين ومئة.
روى عن: يونس بن أبي إسحاق، وابن أبي ذئب، وحريز بن عثمان، وشعبة، وإسرائيل، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وورقاء، وسفيان، وطبقتهم.
وعنه: أحمد وإسحاق، وعلي، ويحيى، وأبو خيثمة، والحسن الحلواني، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن عاصم الثقفي، وعباس الدوري، وعبد الله بن روح، وخلق كثير.
وكان من كبار الائمة إلا أنه مرجئ.
قال أحمد العجلي: قيل لشبابة: أليس الايمان قولا وعملا ؟ قال:
__________
= داود (847) في الصلاة: باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، والنسائي 2 / 198 و 199 في الافتتاح: باب ما يقول في قيامه ذلك، من طرق عن سعيد بن عبد العزيز بهذا الاسناد، وقوله: " ولا ينفع ذا الجد منك الجد " قال القرطبي: رواه الجمهور بفتح الجيم في اللفظين، وهو بمعنى الحظ والبخت، ومعناه لا ينفع من رزق مالا وولدا وجاها دنيويا شئ من ذلك عندك، وهذا كما قال تعالى: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
* تاريخ ابن معين: 247، طبقات ابن سعد 7 / 340، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة: ت 3176، التاريخ الكبير 4 / 270، التاريخ الصغير 2 / 308، المعارف: 527، الجرح والتعديل 4 / 392، الكامل لابن عدي 2 / 395، تاريخ بغداد 9 / 295، تهذيب الكمال: لوحة 570، تذهيب التهذيب 2 / 69 / 1، العبر 1 / 349، ميزان الاعتدال 2 / 260، تذكرة الحفاظ 1 / 361، الكاشف 2 / 3، تهذيب التهذيب 4 / 300، خلاصة تذهيب الكمال: 168، شذرات الذهب 2 / 15.
(*)

(9/513)


إذا قال، فقد عمل (1).
وقال أبو زرعة: رجع شبابة عن الارجاء (2).
وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة يتفقد أصحاب الحديث، فقال يوما: ما فعل ذاك الغلام الجميل ؟ - يعني شبابة - (3).
وقال ابن قتيبة: خرج شبابة إلى مكة، فمات بها (4).
وقال أحمد: كان داعية إلى الارجاء.
وقال أبو حاتم: صدوق، ولا يحتج به (5).
وقال أبو أحمد بن عدي: يقال: اسمه مروان، ولقبه شبابة (6).
وروى أحمد بن أبي يحيى عن أحمد بن حنبل قال: تركته للارجاء (7).
وقال عثمان الدارمي: قلت ليحيى: فشبابة في شعبة ؟ قال: ثقة (8).
وقال علي بن المديني: صدوق، إلا أنه يرى الارجاء، ولا ينكر لمن سمع ألوفا أن يجئ بخبر غريب (9).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 299.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 299.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 295.
(4) " المعارف ": 527.
(5) " الجرح والتعديل " 4 / 392.
(6) " الكامل " لابن عدي 2 / 395.
(7) " تهذيب الكمال ": لوحة 571.
(8) " تهذيب الكمال " لوحة 571.
(9) " تاريخ بغداد " 9 / 297.
(*)

(9/514)


قال طائفة: مات شبابة سنة ست ومئتين.
أخبرنا جماعة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن طبرزد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا عبد الله بن
روح المدائني، حدثنا شبابة، حدثنا ابن زبر، حدثنا الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: " أهللت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرة في حجته " قال الزهري: وسمعت غيرها يقول: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرة وحجة (1).
قال الاثرم: سمعت أبا عبد الله وذكر شبابة فقال: روى عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر.
قال: وهذا ليس بشئ، رواه غير واحد عن شعبة، عن قتادة، عن أنس (2).
قيل لابي عبد الله: وروى عن شعبة عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، في الدباء، فقال: وهذا إنما روى شعبة بهذا الاسناد حديث الحج (3).
__________
انظر البخاري 3 / 431 و 432 في الحج: باب من ساق البدن معه، ومسلم (1227) و (1228).
وقال ابن القيم في " زاد المعاد " 2 / 107: وإنما قلنا: إنه: صلى الله عليه وسلم أحرم قارنا لبضعة وعشرين حديثا صريحة في ذلك، ثم سردها، وخرجناها هناك، فانظرها فيه 2 / 107، 117.
(2) روى حديث الجلد في الخمر من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس البخاري 12 / 54 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شاربي الخمر، ومسلم (1706) في الحدود: باب حد الخمر، والترمذي (1443)، وقد قال الحافظ في " الفتح " 12 / 54 عن السند الذي فيه الحسن بين قتادة وأنس بعد أن نسبه للنسائي: إنه من المزيد في متصل الاسانيد.
(3) في الاصل: حديث الحديث، والصواب ما أثبت، قال الحافظ ابن رجب في " شرح العلل " 1 / 442، 443: حديث شبابة، عن بكير بن عطاء، عن عبدالرحمن بن معمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الدباء، والمزفت، فإن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الدباء والمزفت صحيح ثابت عنه، رواه عنه جماعة كثيرون من أصحابه، وأما رواية عبدالرحمن = (*)

(9/515)


وقال أبو عبد الله: كنت كتبت عن شبابة قديما شيئا يسيرا قبل أن نعلم أنه يقول بهذا - يعني الارجاء - (1).
وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي ينكر حديث شبابة، عن شعبة، عن معن قال: كان ينتبذ لعبد الله في جر.
وذكر العقيلي أن شبابة قدم من المدائن، للذي أنكر عليه أحمد، فكانت الرسل تختلف بينهما، قال الناقل: فرأيت شبابة تلك الايام مغموما مكروبا، ثم انصرف إلى المدائن قبل أن ينصلح أمره عند أحمد بن حنبل (2).

198 - عبد الصمد * (ع) ابن عبد الوارث، بن سعيد، بن ذكوان، الامام الحافظ الثقة، أبو سهل التميمي العنبري، مولاهم البصري التنوري.
حدث عن أبيه بتصانيفه، وعن: هشام الدستوائي، وعكرمة بن
__________
= بن يعمر عنه فغريبة جدا، ولا يعرف إلا بهذا الاسناد، تفرد بها شبابة، عن شعبة، عن بكير ابن عطاء عنه، وعند شعبة بهذا الاسناد عن عبدالرحمن بن يعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الحج عرفة " في حديث ذكره، فهذا المتن هو الذي يعرف بهذا الاسناد، وأما حديث النهي عن الدباء والمزفت، فهو بهذا الاسناد غريب جدا، وقد أنكره على شبابة طوائف من الائمة، منهم الامام أحمد، والبخاري وأبو حاتم، وابن عدي، وأما ابن المديني، فإنه سئل عنه، فقال: لا ينكر لمن سمع من شعبة - يعني حديثا كثيرا - أن تفرد بحديث غريب.
(1) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 185.
(2) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 185.
* تاريخ ابن معين: 364، طبقات ابن سعد 7 / 300، التاريخ الكبير 6 / 105،
التاريخ الصغير 2 / 307، الجرح والتعديل 6 / 50 تهذيب الكمال: لوحة 835، تذهيب التهذيب 2 / 238 / 2، العبر 1 / 352، تذكرة الحفاظ 1 / 344، الكاشف 2 / 196، تهذيب التهذيب 6 / 327، النجوم الزاهرة 2 / 184، طبقات الحفاظ / 143، خلاصة تذهيب الكمال: 239، شذرات الذهب 2 / 107.
(*)

(9/516)


عمار، وأبي خلدة خالد بن دينار، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وربيعة ابن كلثوم، وأبان بن يزيد، وشعبة، وهمام، وحرب بن شداد، وحرب بن ميمون، وحرب بن أبي العالية، وخلق من البصريين.
حدث عنه: يحيى بن معين، وإسحاق، وأحمد، وبندار، وهارون الحمال، وعبد بن حميد، ومحمد بن يحيى الذهلي، وحجاج بن الشاعر، وأبو قلابة الرقاشي، وابنه عبد الوارث بن عبد الصمد، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق.
وقال ابن سعد وطائفة: مات سنة سبع ومئتين.

أما:
199 - عبد الصمد بن حسان * فهو أبويحيى المروزي، قاضي هراة.
حدث عن: زائدة، والثوري، وإسرائيل، والكوفيين.
حدث عنه: الذهلي أيضا، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وأحمد ابن يوسف السلمي.
مات سنة عشر ومئتين.
وكان من العلماء، ولا شئ له في الكتب الستة.
__________
* التاريخ الكبير 6 / 105، ميزان الاعتدال 2 / 260، لسان الميزان 4 / 20.
(*)

(9/517)


200 - وعبد الصمد بن النعمان * شيخ بغدادي، بزاز.
روى عن: عيسى بن طهمان، وشعبة، وطائفة.
وعنه: عباس الدوري، وتمتام، وأحمد بن ملاعب، وآخرون وثقه ابن معين وغيره.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
توفي سنة 216.

201 - قراد * * (خ، د، س، ت) الحافظ الامام الصدوق، أبو نوح، عبدالرحمن بن غزوان الخزاعي، ويقال: الضبي، مولاهم، الملقب بقراد، نزيل بغداد، كان من علماء الحديث، وله ما ينكر.
حدث عن: عوف الاعرابي، ويونس بن أبي إسحاق، وعكرمة بن عمار، وجرير بن حازم، وشعبة، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومحمد بن سعد، وإبراهيم بن يعقوب السعدي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وعبد الله بن
__________
* تاريخ ابن معين: 364، الجرح والتعديل 6 / 51، ميزان الاعتدال 2 / 621، شذرات الذهب 2 / 36.
* * العلل لاحمد: 257، تاريخ ابن معين: 355، طبقات ابن سعد 7 / 335، الجرح والتعديل 5 / 274، كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 305 - 306، تاريخ بغداد 10 / 252، تهذيب الكمال: لوحة 811، تذهيب التهذيب 2 / 224 / 2 العبر 1 / 352، ميزان الاعتدال 2 / 581، تذكرة الحفاظ 1 / 339، الكاشف 2 / 180، تهذيب التهذيب 6 / 247، النجوم الزاهرة 2 / 185، طبقات الحفاظ: 142، خلاصة تذهيب الكمال:
233، شذرات الذهب 2 / 17.
(*)

(9/518)


أبي مسرة المكي، ومحمد بن سعد العوفي، وأبو بكر الصاغاني، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة.
وخلق كثير.
وحدث عنه من القدماء: أبو معاوية الضرير.
قال مجاهد بن موسى: ما كتبت عن شيخ أحر رأسا من أبي نوح، إنما كان يهدر: حدثنا شعبة، حدثنا شعبة (1).
وقال علي بن المديني وابن نمير: ثقة.
وقال يحيى بن معين: ليس به بأس (2).
وقال أحمد بن حنبل: كان عاقلا من الرجال (3)، وقال ابن حبان (4): كان يخطئ يتخالج في القلب منه، لروايته عن الليث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قصة المماليك وضربهم.
قلت: له حديث لا يحتمل في قصة النبي صلى الله عليه وسلم وبحيرا بالشام (5).
مات سنة سبع ومئتين.
احتج به البخاري.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 253.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 253.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 253.
(4) في كتاب " الثقات " كما صرح بذلك المزي في " تهذيب الكمال ": لوحة 811.
(5) رواه الترمذي في " جامعه " (3624) في المناقب: باب ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم من طريق قراد عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى الاشعري، عن أبيه، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وأورده المؤلف بطوله في السيرة النبوية من " تاريخ الاسلام "
26، 28، وانتقده من جهة متنه، وقال: هو حديث منكر جدا، وانظر " البداية " 2 / 285 لابن كثير، و " تاريخ بغداد " 10 / 252، 253.
(*)

(9/519)


202 - حسين بن الوليد * (س) الامام الحجة، شيخ خراسان، أبو عبد الله القرشي، مولاهم النيسابوري.
ولد بعد عام ثلاثين ومئة، أو قبله.
سمع ابن جريج، وعكرمة بن عمار، وعيسى بن طهمان، وشعبة، وسفيان، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن الغسيل، وإبراهيم بن طهمان، وعبد العزيز بن أبي رواد، ومالك بن أنس، ومالك بن مغول، وطبقتهم، بالحجاز، والعراق، وخراسان، والشام.
وجمع وصنف، وأنفق أموالا على أهل الحديث.
حدث عنه: أحمد بن الازهر، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن حفص، وحميد بن زنجويه، وسلمة بن شبيب، وأبو أحمد الفراء، ومحمد بن رافع، والذهلي، وخلق كثير.
ذكره الحاكم، فقال: أبو عبد الله الفقيه المأمون شيخ بلدنا في عصره، كان من أسخى الناس، وأورعهم، وأقرئهم للقرآن.
قرأ على الكسائي، وعيسى بن طهمان، وكان يغزو في كل ثلاث سنين مرة، ويحج في كل خمس سنين مرة (1).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 377، طبقات خليفة: ت 3155، التاريخ الكبير 2 / 391، التاريخ الصغير 2 / 300، الجرح والتعديل 3 / 66، تاريخ بغداد 8 / 143، تهذيب الكمال: لوحة 300، تذهيب التهذيب 1 / 160 / 1، العبر 1 / 339، الكاشف 1 / 235، تهذيب
التهذيب 2 / 372، خلاصة تذهيب الكمال: 85، شذرات الذهب 2 / 6.
(1) أن يحج الانسان في كل خمس سنين مرة إن تيسر له ذلك من السنة، لما رواه ابن حبان في " صحيحه " (960) من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال = (*)

(9/520)


قال عيسى بن أحمد البلخي: حدثني الحسين بن الوليد النيسابوري الذي يلقب بكميل.
وقال أحمد بن حنبل: كان ثقة، وأثنى عليه خيرا (1).
وقيل: كان يطعم أصحاب الحديث الفالوذج، ويصلهم، كان محتشما، متمولا، جوادا، فقيها، كبير الشأن.
وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: مات سنة اثنتين ومئتين (2).
وقال البخاري: مات سنة ثلاث ومئتين (3).
قلت: روى له النسائي، وأخرج له البخاري تعليقا (4).

203 - صاحب الاندلس * الامير أبو العاص، الحكم بن هشام بن الداخل عبدالرحمن بن معاوية بن الخليفة هشام بن عبدالملك بن مروان بن الحكم، الاموي، المرواني.
__________
= الله: إن عبدا صححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم ".
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 144.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 145.
(3) " التاريخ الصغير " 2 / 300.
(4) الحديث المعلق هو أن يسقط المحدث من أول إسناده راويا فأكثر، ويعزو
الحديث إلى من فوق المحذوف، وربما أسقط الاسناد كله وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، وما علقه البخاري بصيغة الجزم يحكم في الغالب بصحته، لانه لا يجزم بذلك إلا وقد صح عنه، وما علقه بصيغة التمريض كيذكر ويروي فهو ضعيف غالبا.
* أورد المؤلف ترجمته في الجزء الثامن من هذا الكتاب ص 225، وليس هو من تلك الطبقة، ولكنه ذكره هناك مع ما ذكر من أمراء الاندلس، وقد نبهنا على ذلك في المقدمة، وانظر مصادر ترجمته هناك.
(*)

(9/521)


تملك بعد أبيه، وأمتدت أيامه، ويلقب بالمرتضى، لكن لم يتسم بإمرة المؤمنين.
وكان بطلا شجاعا، عاتيا، جبارا، داهية، سائسا.
عاش خمسين سنة، وكان دولته سبعا وعشرين سنة.
قال ابن حزم (1): كان مجاهرا بالمعاصي، سفاكا للدماء، يأخذ أولاد الناس الملاح، فيخصيهم، ثم يمسكهم لنفسه، وله أشعار.
قلت: هو الذي أوقع بأهل الربض، وهو محلة متصلة بقصره، فهدمها، وهدم مساجدها، وفعل بأهل طليطلة (2) أعظم من ذلك، وتظاهر بالفسق والخمور، فقامت الفقهاء والكبراء، فخلعوه في سنة (189) ثم إنهم أعادوه لما تنصل وتاب، ثم تمكن، فقتل طائفة نحو السبعين من الاعيان، وصلبهم، وكان منظرا فظيعا، فلعنه الناس، وأضمروا الشر، وأسمعوه المر، فتحصن، واستعد، وجرت له أمور، يطول شرحها (3)، إلى أن هلك، في سنة ست ومئتين، وتملك بعده ابنه أبو المطرف عبد الرحمن (4).
204 - يحيى بن آدم * (ع)
ابن سليمان، العلامة، الحافظ، المجود، أبو زكريا الاموي،
__________
(1) في كتابه " نقط العروس " كما نقل عنه في " المغرب " 1 / 44.
(2) مدينة كبيرة في أواسط الاندلس بالقرب من " مدريد " الآن، فتحها طارق بن زياد سنة 714 ه.
(3) ذكرها المؤلف بطولها في الجزء الثامن من هذا الكتاب ص 227، وانظر " الكامل " لابن الاثير 6 / 337، و " نفح الطيب " 1 / 339 - 343.
(4) أورد المؤلف ترجمته في الجزء الثامن من هذا الكتاب ص 231.
* تاريخ ابن معين: 639، طبقات ابن سعد 6 / 402، تاريخ خليفة: 471، = (*)

(9/522)


مولاهم الكوفي، صاحب التصانيف، من موالي خالد بن عقبة بن أبي معيط.
ولد بعد الثلاثين ومئة، ولم يدرك والده، كأنه توفي وهذا حمل.
روى عن: عيسى بن طهمان، ومالك بن مغول، وفطر بن خليفة، ويونس بن أبي إسحاق، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وحمزة الزيات، وجرير بن حازم، والحسن بن حي، وإسرائيل، وعمار بن رزيق، ومفضل بن مهلهل، ويزيد بن عبد العزيز، وأبي بكر النهشلي، وسليمان بن المغيرة، وشريك، وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وأبي الاحوص، وابن عيينة، وقطبة بن عبد العزيز، والحسن بن عياش، وأخيه أبي بكر بن عياش، وجود عنه حروف عاصم.
ولم يلق شعبة.
حدث عنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى، وعلي، وأبو بكر بن أبي شيبة، والحسن بن علي الخلال، ومحمد بن رافع، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمود بن غيلان، وهارون الحمال، وموسى بن
حزام الترمذي، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وعبد بن حميد، وعبدة الصفار، والحسن بن علي بن عفان العامري، وخلق سواهم.
وثقه يحيى بن معين والنسائي.
__________
= طبقات خليفة: ت 1331، التاريخ الكبير 8 / 261، التاريخ الصغير 2 / 298، الجرح والتعديل 9 / 128، الفهرست لابن النديم: 283، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 150، تهذيب الكمال: لوحة 1484، تذهيب التهذيب 4 / 146 / 2، العبر 1 / 343، تذكرة الحفاظ 1 / 359، الكاشف 3 / 248، دول الاسلام 1 / 127، طبقات القراء 2 / 363، تهذيب التهذيب 11 / 175، طبقات الحفاظ: 152، خلاصة تذهيب الكمال: 420، شذرات الذهب 2 / 8.
(*)

(9/523)


قال أبو عبيد الآجري: سئل أبو داود عن معاوية بن هشام، ويحيى بن آدم، فقال: يحيى واحد الناس (1).
وقال أبو حاتم: ثقة كان يتفقه (2).
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، كثير الحديث، فقيه البدن، ولم يكن له سن متقدم، سمعت عليا يقول: يرحم الله يحيى بن آدم، أي علم كان عنده ! وجعل علي يطريه، وسمعت عبيد بن يعيش، سمعت أبا أسامة يقول: ما رأيت يحيى بن آدم قط، إلا ذكرت الشعبي - يريد أنه كان جامعا للعلم (3).
وله حديث منكر، رواه علي بن المديني، والحلواني، والفضل ابن سهل، والمخرمي، حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه، ولا تنكرونه، فصدقوا به، قلته، أو لم أقله، فإني أقول ما
يعرف، ولا ينكر، وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه، ولا تعرفونه، فكذبوا به، قلته أو لم أقله، فإني لا أقول ما ينكر، وأقول ما يعرف ".
أخرجه الدارقطني، ورواته ثقات.
قال ابن خزيمة: [ في صحة هذا الحديث مقال ] لم نر في شرق الارض، ولا غربها أحدا يعرف هذا من غير رواية يحيى، ولا رأيت محدثا يثبت هذا عن أبي هريرة (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1484.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 128.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 1484.
(4) نقله السيوطي في " مفتاح الجنة " ص 16، ثم نقل عن البيهقي في " المدخل، = (*)

(9/524)


وقال البيهقي: وجاء عن يحيى مرسلا لسعيد المقبري.
قلت: وصله قوي، والثقة قد يغلط.
وقال محمد بن غيلان: سمعت أبا أسامة يقول: كان عمر في زمانه رأس الناس، وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وبعده الشعبي في زمانه، وكان بعده سفيان الثوري، وكان بعد الثوري يحيى ابن آدم (1).
قلت: قد كان يحيى بن آدم من كبار أئمة الاجتهاد، وقد كان عمر كما قال في زمانه، ثم كان علي وابن مسعود، ومعاذ، وأبو الدرداء، ثم كان بعدهم في زمانه زيد بن ثابت، وعائشة، وأبو موسى، وأبو هريرة، ثم كان بن عباس، وابن عمر، ثم علقمة، ومسروق، وأبو إدريس، وابن المسيب، ثم عروة، والشعبي، والحسن، وإبراهيم
النخعي، ومجاهد، وطاووس، وعدة، ثم الزهري، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، وأيوب، ثم الاعمش، وابن عون، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، ثم الاوزاعي، وسفيان الثوري، ومعمر، وأبو حنيفة، وشعبة، ثم مالك، والليث، وحماد بن زيد، وابن عيينة، ثم ابن المبارك، ويحيى القطان، ووكيع، وعبد الرحمن، وابن وهب،
__________
= قوله: وهو مختلف على يحيى بن آدم في إسناده ومتنه اختلافا كثيرا يوجب الاضطراب، منهم من يذكر أبا هريرة، ومنهم من لا يذكره ويرسل الحديث، ومنهم من يقول في متنه: " إذا رويتم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله " وقال البخاري في " تاريخه ": ذكر أبي هريرة فيه وهم.
وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " 1 / 258، ومحاولة السيوطي تعقبه خطأ ظاهر، وتساهل غير مرضي، فإن الحديث ظاهر البطلان لكل من مارس هذه الصناعة وخبر الاسانيد.
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1484.
(*)

(9/525)


ثم يحيى بن آدم، وعفان، والشافعي وطائفة، ثم أحمد، وإسحاق وأبو عبيد، وعلي بن المديني، وابن معين، ثم أبو محمد الدارمي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وآخرون من أئمة العلم والاجتهاد.
قال دعلج السجزي: حدثن محمد بن أحمد البراء، سمعت علي ابن عبد الله يقول: نظرت، فإذا الاسناد يدور على ستة - يعني الاسانيد الصحاح - قال: فلاهل لمدينة ابن شهاب الزهري، ولاهل مكة عمرو ابن دينار، ولاهل البصرة قتادة، ويحيى بن أبي كثير، ولاهل الكوفة أبو إسحاق، والاعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الاصناف ممن صنف، فمن المدينة مالك، وابن إسحاق، ومن مكة ابن جريج
وابن عيينة، ومن البصرة ابن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، وشعبة، وأبو عوانة، ومعمر، وقد سمع من الستة، ومن الكوفة سفيان الثوري، ومن الشام الاوزاعي، ومن واسط هشيم.
قلت: أغفل حماد بن زيد، والليث، وما هما بدونهم.
قال: ثم انتهى علم هؤلاء إلى يحيى بن سعيد القطان، ويحيى ابن أبي زائدة، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم.
قلت: نسي ابن المبارك، ووكيعا، وابن وهب، وهم من بحور العلم.
وقد وقع لنا بعلو " كتاب " الخراج " (1) ليحيى بن آدم.
__________
(1) وقد نشره لاول مرة المستشرق الدكتور " ث وجوينبول " سنة 1314 ه بمطبعة بريل في مدينة ليدن عن أصل خطي يرجع تاريخه إلى أواخر القرن الخامس الهجري كما هو مبين في السماع المثبت عليه، ثم أعاد تحقيقه وشرحه العلامة أحمد محمد شاكر في سنة 1347 ه وعنيت بنشره المطبعة السلفية بمصر.
(*)

(9/526)


واتفق موته غريبا ببلد فم الصلح (1) في سنة ثلاث ومئتين، في شهر ربيع الاول، في النصف منه، قيده محمد بن سعد (2)، وذكر العام البخاري (3) وأبو حاتم (4).
أخذ عنه قراءة عاصم: شعيب بن أيوب الصريفيني، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وآخرون (5).
قال أبو هشام الرفاعي: حدثنا يحيى بن آدم قال: سألت أبا بكر عن حروف عاصم التي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها، وقرأها علي حرفا حرفا (6).
أخبرنا الحسن بن علي، وأبو المعالي بن المؤيد، قالا: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الله بن يحيى، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الحسن بن علي العامري، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ مما سقت السماء ومما سقي بعلا العشر، وما سقي بالدوالي نصف العشر (7).
__________
(1) مر التعريف بها في الصفحة 492 من هذا الجزءت (3).
(2) في " الطبقات الكبرى " 6 / 402.
(3) في " التاريخ الكبير " 8 / 262.
(4) في " الجرح والتعديل " 9 / 128.
(5) " غاية النهاية في طبقات القراء " 2 / 363.
(6) " غاية النهاية في طبقات القراء " 2 / 363.
(7) سنده حسن، وهو في كتاب " الخراج " ص 115، وأخرجه ابن ماجة (1818) في الزكاة: باب صدقة الزروع والثمار، من طريق الحسن بن علي بن عفان، عن يحيى بن آدم بهذا الاسناد، وأخرجه النسائي 5 / 42 في الزكاة: باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف = (*)

(9/527)


هذا حديث صالح، جيد الاسناد، لكن فيه إرسال بين مسروق ومعاذ، أخرجه ابن ماجة، عن (1) الحسن بن علي بن عفان، فوافقناه بعلو.
أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة، عن خليل بن بدر، وعلي بن فادشاه، وأحمد بن محمد، قالوا: أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا محمد بن عاصم،
حدثنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن الاسود بن قيس، عن جندب ابن سفيان قال: لما انطلق أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار، قال: لا تدخل يارسول الله، حتى أستبرئه، فدخل أبو بكر الغار، فأصاب يده شئ، فجعل يمسح الدم عن أصبعه، ويقول: هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت (2)
__________
= العشر، من طريق هناد بن السري، عن أبي بكر بن عياش به، وأخرجه الدارمي 1 / 393 من طريق عاصم بن يوسف، عن أبي بكر بن عياش به، وأخرجه أحمد 5 / 233 من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ، فأسقط مسروقا.
وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري 3 / 274، 276، وأبي داود (1596)، والنسائي 5 / 41، وابن ماجة (1817)، وعن جابر عند مسلم (981)، والنسائي 5 / 41، 42، وعن أبي هريرة عند الترمذي (639)، وابن ماجة (1816).
والدوالي: جمع دالية: شئ يتخذ من خوص وخشب يستقى به بحبال تشد في رأس جذع طويل.
(1) في الاصل: ابن ماجة والحسن...والصواب ما أثبتناه.
(2) عبد الله بن جعفر: هو ابن أحمد بن فارس المتوفى سنة 346 ه، مترجم في " تاريخ أصبهان " لابي نعيم 2 / 80، ووصفه الذهبي في " العبر " 2 / 272، بمحدث أصبهان الرجل الصالح، ومحمد بن عاصم هو الثقفي الاصبهاني العابد المتوفى سنة 262 ه، قال إبراهيم أورمة: ما رأى مثل نفسه، ولا رأيت مثله، مترجم في " التهذيب " 9 / 240، 241، و " تاريخ أصبهان " 2 / 189، وباقي رجال السند ثقات، وجندب بن سفيان: هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي.
وقد نسبه الزرقاني في " شرح المواهب " 1 / 336 إلى ابن مردويه.
(*)

(9/528)


وبه: سمعت يحيى بن آدم يقول: الميل ثلاثة آلاف وست مئة ذراع إلى أربعة آلاف، والفرسخ ثلاثة أميال، والبريد اثنا عشر ميلا.
قال هشام بن منصور: سمعت أحمد بن حنبل يقول: قال لي يحيى بن آدم: يجيئني الرجل ممن أبغضه، وأكره مجيئه، فأقرأ عليه كل شئ معه، لاستريح منه، ولا أراه، ويجئ الرجل أوده، فأردده حتى يرجع إلي.
205 - أبو أحمد الزبيري * (ع) محمد بن عبد الله، بن الزبير، بن عمر، بن درهم، الحافظ الكبير المجود، أبو أحمد الزبيري، الكوفي، مولى بني أسد.
حدث عن: مالك بن مغول، وفطر بن خليفة، وعيسى بن طهمان، صاحب أنس، وعمر بن سعيد بن أبي حسين، ومسعر، وسعد بن أوس العبسي، وأيمن بن نابل، ورباح بن أبي معروف، وحمزة بن حبيب، والوليد بن عبد الله بن جميع، وسفيان، وشيبان النحوي، وسعيد بن حسان المخزومي، ويونس بن أبي إسحاق، وخلق كثير.
حدث عنه: ابنه طاهر، وأحمد، والقواريري، وأبو بكر بن أبي
__________
* تاريخ ابن معين: 523، طبقات ابن سعد 6 / 402، طبقات خليفة: ت 1334.
التاريخ الكبير 1 / 133، التاريخ الصغير 2 / 298، المعارف: 517، الجرح والتعديل 7 / 297، تهذيب الكمال: لوحة 1218، تذهيب التهذيب 3 / 217 / 2، ميزان الاعتدال 3 / 595 - 596، العبر 1 / 341، تذكرة الحفاظ 1 / 357، الكاشف 3 / 60، الوافي بالوفيات 3 / 303، شرح العلل لابن رجب 2 / 539، تهذيب التهذيب 9 / 254، طبقات الحفاظ: 152، خلاصة تذهيب الكمال: 344.
(*)

(9/529)


شيبة، وعمرو الناقد، وابن نمير، وابن مثنى، ومحمود بن غيلان، ونصر بن علي، وأحمد بن سنان القطان، وبندار، ومحمد بن رافع، ويحيى بن أبي طالب، والكديمي، وخلق سواهم.
قال نصر بن علي: قال لي أبو أحمد الزبيري: أنا لا أبالي أن يسرق لي كتاب سفيان، إني أحفظه كله.
ابن عقدة: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، سمعت ابن نمير يقول: أبو أحمد الزبيري صدوق، ما علمت إلا خيرا، مشهور بالطلب، ثقة، صحيح الكتاب، كان صديق أبي نعيم، وسماعهما قريب، وأبو نعيم أسن منه، وأقدم سماعا (1).
وروى حنبل عن أحمد: كان كثير الخطأ في حديث سفيان (2).
وقال ابن معسن: ثقة.
وقال مرة: ليس به بأس.
وقال العجلي: كوفي ثقة يتشيع (3).
وقال بندار: ما رأيت رجلا قط أحفظ من أبي أحمد الزبيري (4).
وقال أبو حاتم: حافظ للحديث، عابد مجتهد، له أوهام (5).
وقال أبو زرعة وغيره: صدوق.
وقال النسائي: ليس به بأس.
__________
(1) تهذيب الكمال ": لوحة 1218.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 1218.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 1218.
(4) " تهذيب الكمال ": لوحة 1218.
(5) " الجرح والتعديل " 7 / 297.
(*)

(9/530)


وروى أحمد بن أبي خيثمة، عن محمد بن يزيد قال: كان محمد ابن عبد الله لاسدي يصوم الدهر، فكان إذا تسحر برغيف، لم يصدع، فإذا تسحر بنصف رغيف، صدع من نصف النهار، إلى آخره، فإن لم يتسحر، صدع يومه أجمع (1).
وقال أبو داود: كان أبو أحمد حبالا، يبيع الحبال.
وقال أحمد بن حنبل ومطين: مات بالاهواز سنة ثلاث ومئتين، زاد مطين: في جمادي الاولى.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله مرتين، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا أبو سعيد القواريري، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عمن سمع عمرو بن حريث يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوفين.
هذا حديث من الافراد، يرويه النسائي في " سننه "، عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد، عن أبي سعيد عبيد الله بن عمر، فوقع لنا بدلا بعلو درجتين.
قرأت على الحسن بن علي، أخبرك سالم بن الحسن، أخبرنا ابن شاتيل، أخبرنا أبو القاسم الربعي، أخبرنا ابن مخلد، حدثنا عثمان بن السماك، حدثنا محمد بن عيسى بن حيان، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 1219.
(*)

(9/531)


الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إن لكل نبي وليا، وإن وليي إبراهيم عليه السلام ".
غريب جدا، أخرجه الترمذي (1) عن شيخ له، عن أبي أحمد، وله علة، فرواه وكيع وأبو نعيم، عن سفيان، بإسقاط مسروق منه.

206 - الانصاري * (ع) الامام العلامة المحدث، الثقة، قاضي البصرة، أبو عبد الله محمد بن عبد الله، بن المثنى، بن عبد الله، بن أنس بن مالك، الانصاري الخزرجي، ثم النجاري البصري.
سمعه محمد بن المثنى العنزي يقول: ولدت سنة ثماني عشرة ومئة.
__________
(1) رجاله ثقات، أخرجه الترمذي (2995) والبزار والطبري (7216) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن أبيه به.
قال البزار: ورواه غير أبي أحمد الزبيري عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، ولم يذكر مسروقا، وكذا رواه الترمذي من طريق وكيع عن سفيان، ثم قال: وهذا أصح، وتعقبه ابن كثير 1 / 372، فقال: لكن رواه وكيع في " تفسيره " فقال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..فذكره.
قلت: ولم ينفرد أبو أحمد الزبيري بوصله، بل تابعه على ذلك محمد بن عبيد الطناقسي عند الحاكم 2 / 292 وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وأبو الاحوص سلام بن سليم عند سعيد بن منصور فيما ذكره ابن كثير 1 / 372، وكلاهما ثقة.
* طبقات ابن سعد 7 / 294، التاريخ الصغير 2 / 331، المعارف: 384 و 520، أخبار القضاة 2 / 154، 155، 157، 160، الضعفاء للعقيلي: لوحة 384، الجرح
والتعديل 7 / 305، مشاهير علماء الامصار: ت 1287، تاريخ بغداد 5 / 408 - 412، تهذيب الكمال: لوحة 1224، تذهيب لتهذيب 3 / 221 / 1، العبر 1 / 367، تذكرة الحفاظ 1 / 371، الكاشف 3 / 64، دول الاسلام 1 / 131، الوافي بالوفيات 3 / 303، تهذيب التهذيب 9 / 274، طبقات الحفاظ: 156، خلاصة تذهيب الكمال: 346، شذرات الذهب 2 / 35.
(*)

(9/532)


وطلب العلم وهو شاب.
فحدث عن: سليمان التيمي، وحميد الطويل، وسعيد الجريري، وابن عون، وأشعث بن عبدالملك الحمراني، وأشعث بن عبد الله الحداني، وحبيب بن الشهيد، وأبيه عبد الله بن المثنى، وابن جريج، وإسماعيل بن مسلم المكي، وقرة بن خالد، وهشام بن حسان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وسعيد بن أبي عروبة، وأبي خلدة خالد بن دينار، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وعبيد الله بن الاخنس، وعيينة بن عبدالرحمن بن جوشن، وشعبة، وهمام، والمسعودي، وخلق، وينزل إلى زفر الفقيه، وسعد بن الصلت القاضي.
حدث عنه: أبو الوليد الطيالسي، وأحمد، وابن معين، وبندار، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن الازهر، والزعفراني، والفلاس، وعلي بن المديني، وقتيبة، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن يحيى، ويحيى بن جعفر البيكندي، وأبو قلابة، ومحمد بن أحمد بن أبي الخناجر، وأبو حاتم، ومحمد بن عبد الله بن جعفر الانصاري الصغير، وأبو عمير عبد الكبير ولده، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وإسماعيل سمويه، وعبد الله بن محمد بن أبي قريش، ومحمد بن إسماعيل
الترمذي، وعبد العزيز بن معاوية، وخلق كثير، خاتمتهم أبو مسلم الكجي.
روى الاحوص بن المفضل، عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: صدوق (1)، وقال أيضا: لم أر من الائمة إلا
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 305.
(*)

(9/533)


ثلاثة: أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي، ومحمد بن عبد الله الانصاري.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وأما أبو داود، فقال: تغير تغيرا شديدا.
وقال زكريا الساجي: هو رجل جليل عالم، لم يكن عندهم من فرسان الحديث مثل يحيى القطان، ونظرائه، غلب عليه الرأي (1).
وعن ابن معين قال: كان يليق به القضاء، قيل: يا أبا زكريا، فالحديث ؟ فقال: إن للحرب أقواما لها خلقوا * وللدواوين كتاب وحساب (2).
وقال أبو خيثمة: أنكر يحيى بن سعيد حديث الانصاري عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون، عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو محرم صائم (3).
وقيل: وهم فيه الانصاري، رواه سفيان بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 410، 411.
(2) أورده ابن عدي في " الكامل " لوحة 235، وهو في " تاريخ بغداد " 5 / 411.
(3) هو في " سنن الترمذي " رقم (776) في الصوم: باب ما جاء من الرخصة في الحجامة للصائم، من طريق أبي موسى عن محمد بن عبد الله الانصاري بهذا الاسناد لكن
بإسقاط لفظة " محرم " وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأخرجه فيما قاله العيني في " العمدة " النسائي بإسناد الترمذي بتمامه، وقال: هذا حديث منكر لا أعلم أحدا رواه عن حبيب غير الانصاري، ولعله أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وأخرجه البخاري 4 / 155 في الصوم: باب الحجامة والقئ للصائم، من طريق معلى بن أسد، حدثنا وهيب، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم، وتابعه عبد الوارث عن أيوب موصولا عند البخاري أيضا 10 / 125 في الطب، وأبي داود (2372)، قال الحافظ: ورواه ابن علية ومعمر، عن أيوب، عن عكرمة مرسلا، واختلف على حماد بن زيد في وصله وإرساله، وقد بين ذلك = (*)

(9/534)


حبيب، عن حبيب، عن (1) ميمون بن مهران، عن يزيد بن الاصم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وهو محرم (2).
لكن قد روى الانصاري حديث يزيد بن الاصم هكذا.
وقال الاثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: ما كان يضع الانصاري عند أصحاب الحديث إلا النظر في الرأي، وأما السماع فقد سمع، ثم ذكر الحديث المذكور بضعفه، وقال: ذهبت للانصاري كتب، فكان بعد يحدث من كتب غلامه أبي حكيم (3).
__________
= النسائي، وقال مهنا: سألت أحمد عن هذا الحديث فقال: ليس فيه " صائم "، إنما هو " وهو محرم " ثم ساقه من طرق عن ابن عباس لكن ليس فيها طريق أيوب هذه، والحديث صحيح لامرية فيه وأخرجه أبو داود (2373)، وابن ماجة (2682) من طريقين عن يزيد ابن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس.
وراجع ما علقناه على " زاد المعاد " 2 / 60 لمعرفة النصوص المنبئة عن نسخ الفطر بالحجامة.
(1) في الاصل " بن " وهو خطأ.
(2) " تاريخ بغداد 5 / 409، 410، وفيه: وقال أبو خيثمة: أنكر معاذ ويحيى بن سعيد حديث الانصاري والثابت عن يزيد بن الاصم، وهو ابن خالة ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، أخرجه أحمد 6 / 335، وأبو داود (1843) من طريقين عن حماد ابن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الاصم ابن أخت ميمونة، عن ميمونة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف.
وأخرجه الترمذي (845)، وابن ماجة (1964)، وأحمد 6 / 333، والطحاوي 2 / 270 عن جرير بن حازم، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الاصم، عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وبنى بها حلالا، وماتت بسرف، ودفناها في الظلة التي بنى بها فيها.
والثابت عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، أخرجه البخاري 4 / 45 في الحج: باب تزويج المحرم، وفي النكاح: باب نكاح المحرم ومسلم (1410)، وفي الباب عن عائشة عند الطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 / 442، وصححه ابن حبان (1271)، وعن أبي هريرة عند الطحاوي.
(3) وثمت نقول عن أحمد أوردها ابن القيم في " زاد المعاد " 2 / 62، 63 فراجعها فيه.
(*)

(9/535)


وقال الفسوي (1): سئل ابن المديني عن الحديث المذكور، فقال: ليس من ذا شئ، إنما أراد حديث يزيد بن الاصم.
الرامهرمزي: حدثني عبد الله بن محمد بن أبان الخياط، من أهل رامهرمز، حدثنا القاسم بن نصر المخرمي، حدثنا سليمان بن داود المنقري، قال: وجه المأمون إلى الانصاري خمسين ألف درهم، يقسمها بين الفقهاء بالبصرة، فكان هلال بن مسلم يتكلم عن أصحابه، قال
الانصاري: وكنت أتكلم عن أصحابي، فقال هلال: هي لنا، وقلت: بل هي لي ولاصحابي، فاختلفنا، فقلت لهلال: كيف تتشهد ؟ فقال: أو مثلي يسأل عن التشهد ؟ فتشهد على حديث ابن مسعود، فقال: من حدثك به، ومن أين ثبت عندك ؟ فبقي هلال، ولم يجبه، فقال الانصاري: تصلي كل يوم، وتردد هذا الكلام، وأنت لا تدري من رواه عن نبيك ؟ باعد الله بينك وبين الفقه، فقسمها الانصاري في أصحابه (2).
البيان في صحة ذلك: فإن المنقري واه.
وكان الانصاري قد أخذ الفقه عن عثمان البتي، وسوار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن العنبري، وولي قضاء البصرة زمن الرشيد بعد معاذ بن معاذ، ثم قدم بغداد، وولي بها القضاء، ثم رجع، فعن ابن قتيبة (3): أن الرشيد قلده القضاء بالجانب الشرقي، بعد العوفي، فلما ولي الامين، عزله، واستعمله على المظالم، بعد ابن علية.
__________
(1) " المعرفة والتاريخ " 3 / 7 - 8.
(2) " المحدث الفاصل " 210 - 211، و " تاريخ بغداد " 5 / 409.
(3) " المعارف ": 530.
(*)

(9/536)


قال ابن مثنى: سمعت الانصاري: كان يأتي علي قبل اليوم عشرة أيام، لا أشرب الماء، واليوم أشرب كل يومين، وما أتيت سلطانا قط إلا وأنا كاره (1).
وقيل: تفقه بزفر وبأبي يوسف، فالله أعلم.
قال ابن سعد (2) وغيره: مات الانصاري بالبصرة في رجب سنة
خمس عشر ومئتين.
قلت: عاش سبعا وتسعين سنة، وكان أسند أهل زمانه، وله جزء مشهور من العوالي تفرد به التاج الكندي، وجزء آخر من رواية أبي حاتم الرازي عنه، سمعناه من طريق السلفي، وجزء رواه عنه أبو حاتم المهلب بن محمد بن المهلب المهلبي، ويقع حديثه عاليا في " الغيلانيات " (3) وما في شيوخ البخاري أحد أكبر منه، ولا أعلى رواية، بلى له عند البخاري نظراء، منهم عبيد الله بن موسى، وأبو عاصم، ومكي بن إبراهيم، رحمهم الله.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد وجماعة كتابة، قالوا: أخبرنا عمر ابن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا الانصاري، حدثني سليمان التيمي، أن أبا عاصم حدثهم عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قمت على باب الجنة، فإذا عامة من
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 411.
(2) في " الطبقات " 7 / 295.
(3) انظر الصفحة (369) من هذا الجزء.
(*)

(9/537)


يدخلها المساكين، وقمت على باب النار، فإذا عامة من يدخلها النساء ".
أخرجه البخاري ومسلم من وجوه عن التيمي (1).

207 - يحيى بن كثير * (ع) ابن درهم، أبو غسان العنبري، مولاهم البصري الحافظ.
عن: قرة، وشعبة، وعلي بن المبارك، وسليم بن أخضر، وعمر ابن العلاء المازني.
وعنه: بندار، والفلاس، وأبو بكر الاعين، والكديمي، ومحمد ابن أحمد بن أبي العوام وآخرون.
قال أبو حاتم: صالح الحديث (2).
وقال النسائي: ليس به بأس.
قلت: مات سنة خمس أو ست ومئتين.
أما:
__________
(1) أخرجه البخاري 11 / 361 في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، وفي النكاح: باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لاحد إلا بإذنه، ومسلم (2736) في الرقاق: باب أكثر أهل الجنة الفقراء، وهو في " المسند " 5 / 205 و 209 و 210.
* التاريخ الكبير 8 / 300، التاريخ الصغير 2 / 297، الجرح والتعديل 9 / 183، تهذيب الكمال: لوحة 1514، تذهيب التهذيب 4 / 163 / 2، الكاشف 3 / 266، تهذيب التهذيب 11 / 266، خلاصة تذهيب الكمال: 427.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 183.
(*)

(9/538)


208 - يحيى بن كثير * [ (ق) ] صاحب البصري، أبو النضر، فواه.
روى عن أيوب السختياني.
حدث عنه ولده كثير بن يحيى.
خرج له ابن ماجة (1).

209 - الوهبي * * (4)
الامام المحدث الثقة، أبو سعيد، أحمد بن خالد، الوهبي الحمصي الكندي مولاهم، أخو محمد بن خالد.
قيل: اسم جدها موسى.
وقيل: محمد.
حدث أحمد عن: يونس بن أبي إسحاق، وعن محمد بن إسحاق، وشيبان النحوي، وإسرائيل بن يونس، وعبد العزيز بن
__________
* الضعفاء للعقيلي: لوحة 446، الجرح والتعديل 9 / 182، كتاب المجروحين 3 / 130، تهذيب الكمال: لوحة 1514، تذهيب التهذيب 4 / 163 / 1، ميزان الاعتدال 4 / 403، تهذيب التهذيب 11 / 267، خلاصة تذهيب الكمال: 427.
(1) حديثا واحدا برقم (431) عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته وفرج أصابعه مرتين.
وإسناده ضعيف لضعف يحيى هذا، وشيخه يزيد، وممن ضعف يحيى هذا: ابن معين، وقال عمرو بن علي الفلاس: لا يتعمد الكذب، إلا أنه يغلط ويهم، وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: ضعيف الحديث، زاد أبو حاتم: ذاهب الحديث جدا، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال العقيلي: منكر الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم لا يجوز الاحتجاج به فيما انفرد به.
* * التاريخ الكبير 2 / 2، التاريخ الصغير 2 / 331، الجرح والتعديل 2 / 49، تهذيب الكمال: لوحة 21، تذهيب التهذيب 1 / 10 / 2، الكاشف 1 / 56، تهذيب التهذيب 1 / 26، خلاصة تذهيب الكمال: 5.
(*)

(9/539)


الماجشون، وعدة.
ولم أر له رواية عن أبي بكر بن أبي مريم، وحريز ابن عثمان.
حدث عنه: البخاري في صحيحه (1)، ومحمد بن يحيى
الذهلي، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن مصفى، وعمرو بن عثمان، وأخوه يحيى بن عثمان، ومحمد بن خالد بن خلي، وصفوان بن عمرو الصغير، وموسى بن عيسى بن المنذر، وعمران بن بكار، وأبو زرعة النصري، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وأحمد بن علي الدمشقي الخراز الادمي، وآخرون.
روى أبو زرعة الدمشقي عن يحيى بن معين أنه ثقة.
وقال ابن أبي عاصم: مات سنة أربع عشرة ومئتين (2).
قلت: مات وهو في عشر التسعين.
يقع لنا من عواليه في كتب الطبراني.

أخوه:
210 - محمد بن خالد الوهبي * (د، ق) ارتحل، وحمل عن إسماعيل بن أبي خالد، وأبي حنيفة، وابن
__________
(1) هذا وهم من المؤلف رحمه الله، فإن البخاري لم يخرج له في " صحيحه " وإنما خرج له في " الادب المفرد "، وفي كتاب " القراءة خلف الامام " كما في " تهذيب الكمال " للمزي، و " تذهيب " المؤلف، و " تهذيب ابن حجر ".
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 21.
* التاريخ الكبير 1 / 74، الجرح والتعديل 7 / 243، تهذيب الكمال: لوحة 1192، تذهيب التهذيب 3 / 200 / 2، الكاشف 3 / 38، تهذيب التهذيب 9 / 143، خلاصة تذهيب الكمال: 334.
(*)

(9/540)


جريج، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وعدة.
وعنه: عمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد، ومحمد بن مصفى،
وأهل حمص.
قال أبو داود: لا بأس به.
قلت: هو الاكبر، مات قبل المئتين رحمه الله.

211 - خلف بن أيوب * (ت) الامام المحدث الفقيه، مفتي المشرق، أبو سعيد العامري البلخي الحنفي الزاهد، عالم أهل بلخ.
تفقه على القاضي أبي يوسف.
وسمع من: ابن أبي ليلى، وعوف الاعرابي، ومعمر بن راشد، وطائفة.
وصحب إبراهيم بن أدهم مدة.
حدث عنه: يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو كريب، وعلي بن سلمة اللبقي، وأهل بلده.
وقد لينه من جهة إتقانه يحيى بن معين.
قال أبو عيسى في " جامعه " في باب تفضيل الفقه على العبادة: حدثنا أبو كريب، حدثنا خلف بن أيوب، عن عوف، عن ابن سيرين،
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 375، التاريخ الكبير 3 / 196، الضعفاء للعقيلي: لوحة 123، الجرح والتعديل 3 / 370، تهذيب الكمال: لوحة 377، تذهيب التهذيب 1 / 198 / 2، العبر 1 / 367، الكاشف 1 / 281، تهذيب التهذيب 3 / 147، خلاصة تذهيب الكمال: 105، شذرات الذهب 2 / 34.
(*)

(9/541)


عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت، وفقه في الدين " (1).
قال أبو عيسى: تفرد به خلف، ولا أدري كيف هو.
قال الحاكم في " تاريخه ": سمعت محمد بن عبد العزيز المذكر، سمعت محمد بن علي البيكندي يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن السبب لثبات ملك آل سامان، أن أسد بن نوح خرج إلى المعتصم، وكان شجاعا عاقلا، فتعجبوا من حسنه وعقله، فقال له المعتصم: هل في أهل بيتك أشجع منك ؟ قال: لا، قال: فهل فيهم أعلم وأعقل منك ؟ قال: لا، فلم يعجب المعتصم، ثم سأله: لم قلت ؟ قال: لانه ليس في أهل بيتي من وطئ بساط أمير المؤمنين ورآه غيري، فاستحسن ذلك، وولاه بلخ، فكان يتولى الخطبة بنفسه، ثم سأل عن علماء بلخ، فذكروا له خلف بن أيوب، فتحين مجيئه، للجمعة، وركب إلى ناحيته، فلما رآه، ترجل وقصده، فقعد خلف، وخمر وجهه، فقال له: السلام عليكم، فأجابه، ولم ينظر إليه، فرفع الامير رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إن هذا العبد الصالح يبغضنا فيك.
ونحن نحبه فيك، ثم ركب.
قال: ومرض خلف، فعاده الامير أسد،
__________
(1) الترمذي (2685) في العلم: باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، وفي خلف بن أيوب يقول الخليلي في " الارشاد ": صدوق مشهور كان يوصف بالستر والصلاح والزهد وكان فقيها على رأي الكوفيين، وذكره ابن حبان في " الثقات " ونقم عليه الارجاء - وهو ليس بجرح - وقال ابن أبي حاتم بعد أن ذكر شيوخه والاخذين عنه: وسألت أبي عنه، فقال: يروي عنه: وباقي رجال الاسناد ثقات.
ولم ينفرد ابن أيوب به، بل ورد من طريقين آخرين أحدهما عن أنس أشار إليه العقيلي في " الضعفاء " لوحة 123، والثاني رواه ابن المبارك في " الزهد " ورقة 75 / 1 من طريق معمر، عن محمد بن حمزة بن عبد الله بن سلام مرفوعا به، فالحديث أقل أحواله أن يكون حسنا.
(*)

(9/542)


وقال: هل لك من حاجة ؟ قال: نعم أن لا تعود إلي، وإن مت، فلا تصل علي وعليك السواد، فلما توفي، شيعه، ونزع سواده، فقيل: إنه سمع صوتا: بتواضعك وإجلالك خلقا بنيت الدولة في عقبك.
هذه الحكاية غريبة، فإن صحت، فلعل وفادة أسد على المأمون حتى يستقيم ذلك، فإن خلفا مات في أول شهر رمضان، سنة خمس ومئتين.
وقيل عاش تسعا وستين سنة.

212 - الحسن بن زياد * العلامة فقيه العراق، أبو علي الانصاري، مولاهم الكوفي اللؤلؤي، صاحب أبي حنيفة.
نزل بغداد، وصنف (1)، وتصدر للفقه.
__________
* تاريخ ابن معين: 114، الضعفاء والمتروكين: 35، أخبار القضاة 3 / 188، الضعفاء للعقيلي: لوحة 82، 83، الجرح والتعديل 3 / 15، الفهرست لابن النديم: 258، أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري: 131 - 133، تاريخ بغداد 7 / 314، طبقات الفقهاء للشيرازي: 115، طبقات الحنابلة 1 / 132، المناقب للموفق المكي 1 / 46 و 170 و 173 و 185 و 264 و 2 / 132 وما بعدها، العبر 1 / 345، ميزان الاعتدال 1 / 491، دول الاسلام 1 / 127، طبقات القراء 1 / 213، لسان الميزان 2 / 208، جامع المسانيد 2 / 433، النجوم الزاهرة 2 / 188، مفتاح السعادة 1 / 120، الجواهر المضية 1 / 193 و 2 / 542، شذرات الذهب 2 / 12، الفوائد البهية في تراجم الحنفية: 60 - 61، مناقب الكردرية الكبرى 2 / 209، الامتاع بسيرة الامامين الحسن بن زياد وصاحبه محمد بن شجاع للكوثري.
(1) قال العلامة الكوثري في " الامتاع " ص 15 بعد أن ذكر مؤلفاته: وأما ما يعزى إليه من جزء فيما سمعه من القراءات من أبي حنيفة برواية ابنه محمد بن الحسن بن زياد
فكذب ملفق، لا (صدق بها لابي) ؟ حنيفة ولا بالحسن بن زياد، وقد ثبت عند أهل العلم أن ملفقها هو أبو الفضل (؟ ؟ ؟) القارئ المكشوف الامر، وإن تكلف ابن الجزري تبرئة ساحته من ذلك، وإنما قراءة أبي حنيفة هي قراءة عاصم، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود (ح) وعن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي كرم الله وجهه، وفي الطريقين من = (*)

(9/543)


أخذ عنه: محمد بن شجاع الثلجي، وشعيب بن أيوب الصريفيني.
وكان أحد الاذكياء البارعين في الرأي، ولي القضاء بعد حفص بن غياث، ثم عزل نفسه (1).
قال محمد بن سماعة: سمعته يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث، كلها يحتاج إليها الفقيه (2).
وقال أحمد بن عبدالحميد الحارثي: ما رأيت أحسن خلقا من الحسن اللؤلؤي، وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه (3).
__________
= قراءة عاصم الفاتحة والمعوذتان، وقراءته في أعلى درجات التواتر، فيؤسف على سرد تلك القراءات في بعض كتب التفسير والمناقب مع محاولة توجيهها كقراءات لابي حنيفة مروية بطريق الحسن بن زياد عنه، مع أنها قراءات مكذوبة عليه كما ذكرت في " تأنيب الخطيب " وغيره تحقيق أهل الشأن في ذلك.
قلت: ومن هذه القراءات المنسوبة كذبا إلى أبي حنيفة: قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه) برفع " إبراهيم " ونصب " ربه " وقوله تعالى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء) برفع لفظ الجلالة، ونصب " العلماء " انظر " البحر المحيط " 1 / 374، و 375 و 7 / 312.
(1) انظر الخبر مفصلا في " تاريخ بغداد " 7 / 314، و " الامتاع " 15، 16.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 314، وله مسند معروف في مروياته عن أبي حنيفة رحمه
الله، وهو أحد المسانيد السبعة عشر لابي حنيفة المذكور أسانيدها في " الفهرست الاوسط " للحافظ الشمس ابن طولون، وفي " عقود الحمان " للحافظ محمد بن يوسف الصالحي، وفي " ثبت " المسند الشيخ أيوب بن أحمد الدمشقي الخلوتي، وفي " حصر الشارد في أسانيد محمد بن عابد " السندي، وقد ساق المحدث علي بن عبد المحسن الدواليبي الحنبلي سنده في " مسند " الحسن بن زياد في " ثبته " المحفوظ في ظاهرية دمشق تحت رقم (285) من الحديث.
(3) ونص المؤلف في " تاريخ الاسلام ": وقال ابن كاس النخعي: حدثنا أحمد بن عبدالحميد الحارثي قال: ما رأيت أحسن خلفا من الحسن بن زياد، ولا أقرب مأخذا منه ولا أسهل جانبا مع توفر فقهه وعلمه وزهده وورعه، وكان يكسو مماليكه ككسوة نفسه وأورده الصيمري في " أخبار أبي حنيفة وأصحابه " ص 131، والخطيب في " تاريخه " = (*)

(9/544)


قلت: لينه ابن المديني، وطول ترجمته الخطيب (1).
مات سنة أربع ومئتين رحمه الله.

213 - أبو النضر * (ع) هو الحافظ الامام، شيخ المحدثين، أبو النضر، هاشم بن القاسم الليثي الخراساني، ثم البغدادي، قيصر (2)، من بني ليث بن
__________
= 7 / 314، 315، وعن يحيى بن آدم كما في " أخبار أبي حنيفة " ص 131: ما رأيت أفقه من الحسن بن زياد.
ومن علم من هو يحيى بن آدم، وما هي منزلته في العلم ومن رآهم من الفقهاء، علم مبلغ أهمية هذه الشهادة منه للحسن بن زياد، وقد أخرج أبو عوانة حديثه في " مستخرجه على صحيح مسلم "، والحاكم في " المستدرك " وهذا منهما في حكم التوثيق، وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة رحمه الله تعالى، وأورده ابن حبان، في " الثقات " فيما ذكره صاحب " كشف الاستار عن رجال معاني الآثار " ومع جلالة قدر هذا الامام في
العلم، وسعة الرواية في الحديث، والامامة في الفقه، وعلو النفس، وكرم الخلال، والاعتصام بالسنة، لم يتورع بعض الحاقدين المتعصبين أن يلصقوا به طعونا شنيعة يستحيا من ذكرها ظلما وعدوانا، ويختلفوا عليه ما هو برئ منه، وكان على النقلة أن يتقوا الله، فينزهوا كتبهم عن أن يشينوها بتدوين تلك الطعون، أو - على الاقل - أن يبينوا وهاءها وافتعالها لئلا ينخدع القارئ بها ثقة بأولئك النقلة، ويغلب على الظن أن الذهبي رحمه الله أضرب عن ذكرها لما يعلم من بطلانها، وأنها مما أثمره الحقد والتعصب.
(1) كذا قال هنا، وأما في " تاريخ الاسلام " المجلد الحادي عشر فقال: قد ساق في ترجمة الحسن هذا أبو بكر الخطيب أشياء لا ينبغي لي ذكرها.
وقد نقل العلامة الكوثري في كتابه " الامتاع " ص 36 - 50 ما هو موجود من تلك الاشياء في " تاريخ بغداد " و " كامل " ابن عدي، و " الضعفاء " للعقيلي، وردها، وكشف عن زيفها وبطلانها.
* تاريخ ابن معين: 615، طبقات ابن سعد 7 / 335، تاريخ خليفة: 472، طبقات خليفة ت 3220، التاريخ الكبير 8 / 235، التاريخ الصغير 2 / 303، الجرح والتعديل 9 / 105، تاريخ بغداد 14 / 63، تهذيب الكمال: لوحة 1432، تذهيب لتهذيب 4 / 110 / 2، العبر 1 / 353، ميزان الاعتدال 4 / 290، تذكرة الحفاظ 1 / 359، الكاشف 3 / 217، تهذيب التهذيب 11 / 18، طبقات الحفاظ: 152، خلاصة تذهيب الكمال: 408، شذرات الذهب 2 / 19.
(2) هذا لقب أبي النضر كما سيأتي.
(*)

(9/545)


كنانة، من أنفسهم.
ويقال: بل هو تميمي.
ذكر أحمد بن حنبل، أنه قال: ولدت سنة أربع وثلاثين ومئة (1).
سمع ابن أبي ذئب وشعبة، وحريز بن عثمان، ورأى سفيان
الثوري يتوضأ بمكة، ولم يسمع منه، وسمع أيضا عكرمة بن عمار، وأبا جعفر الرازي، وشيبان النحوي، وسليمان بن المغيرة، ومبارك بن فضالة، والمسعودي، وورقاء بن عمر، وأبا عقيل صاحب بهية، وعبد العزيز بن الماجشون، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ولليث بن سعد، وأبا معشر السندي، ومحمد بن طلحة بن مصرف، وعبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار، والوليد بن جميل، وأبا إسحاق الاشجعي، وأبا عقيل الثقفي، و عبد الصمد بن حبيب، وبكر بن خنيس، وعبيد الله الاشجعي، وسمع من شعبة ما أملاه ببغداد، وهو أربعة لاف حديث، ورحل وجمع وصنف.
حدث عنه: أحمد، وعلي، ويحيى بن معين، وإسحاق، وخلف بن سالم، وابن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وحجاج بن الشاعر، والفضل بن سهل، وعبد بن حميد، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن رافع، ويعقوب بن شيبة، وولده أبو بكر بن أبي النضر، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وأبو بكر الصاغاني، وعباس الدوري، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن الخليل البرجلاني، والحارث بن أبي أسامة، وخلق كثير.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 64.
(*)

(9/546)


قال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم الكناني، من بني ليث من أنفسهم، وكان يلقب قيصر، وإنما لقب بقيصر: أن نصر بن مالك الخزاعي صاحب شرطة الرشيد دخل الحمام في وقت العصر، وقال للمؤذن: لا تقم الصلاة حتى أخرج،
قال: فجاء أبو النضر إلى المسجد، وقد أذن المؤذن، فقال له أبو النضر: مالك لا تقيم ؟ قال: أنتظر أبا القاسم، فقال: أقم، فأقام الصلاة، فصلوا، فلما جاء نصر بن مالك، قال للمؤذن: ألم أقل لك: لا تقم حتى أخرج ؟ قال: لم يدعني هاشم بن القاسم، وقال لي: أقم، فقال: ليس ذا هاشم هذا قيصر، يمثل ملك الروم، فلزمه هذا اللقب (1).
قال الحارث: وكان أحمد بن حنبل يقول: أبو النضر شيخنا من الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر (2).
وروى أبو بكر الاعين، عن أحمد بن حنبل قال: أبو النضر من متثبتي بغداد (3).
وعن أحمد: أبو النضر أثبت من شاذان (4).
قال أحمد بن منصور الرمادي: اجتمعت ليلة مع ابن وارة، فذكرنا أصحاب شعبة، فقلت أنا: أبو النضر أثبت من وهب بن جرير، وقال هو: وهب أثبت، فغدونا على أحمد بن حنبل، فقال: أبو النضر كتب
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 64.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 64.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 105.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 65.
(*)

(9/547)


عن شعبة إملاء (1).
وروى عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة (2).
وكذا قال ابن المديني وأبو حاتم وغيرهم (3).
قال العجلي: كان أبو النضر من الابناء، ثقة، صاحب سنة، سكن بغداد، قال: وكان أهل بغداد يفخرون به (4).
وقال الحارث بن أبي أسامة ومطين وغيرهما: مات سنة سبع ومئتين، وغلط من قال: مات سنة خمس ومئتين.
أخبرنا محمد بن عثمان التنوخي وجماعة قالوا: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا أحمد بن الخليل، حدثنا أبو النضر، حدثنا المسعودي، عن سلمة بن كهيل، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: الرعد ملك، والبرق مخاريق بأيدي الملائكة يسوقون بها السحاب (5).
أنبأنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا علي بن الحسن بن عبدويه الخزاعي، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو جعفر
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 65.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 615، و " تاريخ بغداد " 14 / 65.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 105.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 65.
(5) المسعودي - واسمه عبدالرحمن بن عبد الله بن عتبة - اختلط قبل موته، وباقي رجاله ثقات.
(*)

(9/548)


الرازي، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويقيموا
الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا به دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله ".
الحسن لم يصح سماعه من أبي هريرة، وهو صاحب تدليس (1)
214 - مكي * (ع) ابن إبراهيم بن بشير بن فرقد، ويقل: جده فرقد بن بشير، الامام الحافظ الصادق، مسند خراسان، أبو السكن، التميمي الحنظلي البلخي.
__________
(1) إسناده ضعيف، أبو جعفر الرازي سيئ الحفظ، والحسن مدلس وقد عنعن، وهو في " سنن ابن ماجة " (71) من طريق أحمد بن الازهر، عن أبي النضر بهذا الاسناد، ورواه عن أبي هريرة من طريق آخر دون قوله: " ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة " البخاري 3 / 211 في أول الزكاة، و 12 / 244 في استتابة المرتدين: باب قتل من أبى قبول الفرائض، ومسلم (21) في الايمان: باب الامر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، والترمذي (2608)، والنسائي 5 / 14، وأبو داود (2640)، وأخرجه بتمامه وزيادة " وأن محمدا رسول الله " البخاري 1 / 70، 71 في الايمان: باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة)، ومسلم (22)، وفي رواية لمسلم: " حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به " وأخرجه أحمد 2 / 345 من طريق عفان، عن عبد الواحد بن زياد، عن سعيد ابن كثير بن عبيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهذا سند حسن، فإن كثير بن عبيد والد سعيد وثقه ابن حبان، وروى عنه غير واحد، وباقي رجاله ثقات، وصححه ابن خزيمة (2248)، من طريق محمد بن أبان، عن أبي نعيم، عن سعيد بن كثير به، وهو في " المستدرك " 1 / 387 من طريق أبي نعيم بهذا الاسناد.
* طبقات ابن سعد 7 / 373، طبقات خليفة: ت 3143، التاريخ الكبير 8 / 71، التاريخ االصغير 2 / 333، الجرح والتعديل 8 / 441، تاريخ بغداد 13 / 115، تهذيب
الكمال: 1369، تذهيب التهذيب 4 / 68 / 2، العبر 1 / 368، تذكرة الحفاظ 1 / 365، الكاشف 3 / 173، دول الاسلام 1 / 131، تهذيب التهذيب 10 / 293، طبقات الحفاظ: 160، خلاصة تذهيب الكمال: 398، شذرات الذهب 2 / 35.
(*)

(9/549)


سأله محمد بن علي بن جعفر البلخي: في أي سنة ولدت ؟ قال: في سنة ست وعشرين ومئة.
حدث عن: يزيد بن أبي عبيد، وبهز بن حكيم، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وابن جريج، وهشام بن حسان، والجعيد بن عبد الرحمن، وحنظلة بن أبي سفيان، وموسى بن عبيدة، وعثمان بن سعد الكاتب، وأبي حنيفة، وأيمن بن نابل، وداود بن يزيد الاودي، وفائد أبي الورقاء، وفطر بن خليفة، وهاشم بن هاشم بن عتبة، وهشام الدستوائي، وعثمان بن الاسود، وملك بن أنس، ويعقوب بن عطاء، وعدة، وليس هو بالمكثر جدا.
حدث عنه: البخاري، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله القواريري، ويحيى بن يحيى، ويحيى بن معين، وبندار، وسهل بن زنجلة، وعبد الصمد [ بن ] (1) الفضل البلخي، وعباس الدوري، وأحمد بن عبيد الله النرسي، والكديمي، ومعمر بن محمد البلخي، ويزيد بن سنان البصري، وعمر بن مدرك القاص، وحفيده محمد بن حسن، وإبراهيم ابن زهير الحلواني، وإبراهيم بن عثمان البخلي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد بن نصر مقرئ نيسابور، وإسماعيل بن محمد بن أبي كثير البلخي، وحامد بن محمود بن حرب، وأبو عوف البزوري، وعبد الصمد بن سليمان البلخي الاعرج، ومحمد بن أحمد بن ماهان
البلخي، ومحمد بن أحمد بن مدويه الترمذي، ومحمد بن بشر السرخسي، ومحمد بن خشنام بن صالح البلخي، ومحمد بن صالح الصيدلاني، ومحمد بن عامر بن كامل، وعبد الصمد بن غالب،
__________
(1) سقطت من الاصل، واستدركت من " تهذيب الكمال " 1369.
(*)

(9/550)


ومحمد بن عبدالحميد البزاز، ومحمد بن عيسى بن قاسم، ومحمد بن علي بن جعفر بن الزبير والد الحافظ أبي علي، ومحمد بن عمرو السواق، وعبد الله بن محمد، وعبد الرحيم بن حازم، البلخيون عشرتهم.
قال الكوسج: سألت أحمد عن مكي، فقال: ثقة.
وروى أحمد بن زهير عن يحيى: صالح (1).
وقال أبو حاتم: محله الصدق (2).
وقال العجلي: ثقة.
وقال النسائي: ليس به بأس.
قلت: حج كثيرا، وكان له مال وتجارة.
حدث عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعا، فتفرد بهذا، ثم رجع عنه، لما بان له أنه وهم، وأبى أن يحدث به، ثم وجده في كتابه، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة (3)، وقال: هكذا في كتابي.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 117.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 441.
(3) أخرجه مالك 1 / 226 في الجنائز: باب التكبير على الجنائز من طريق الزهري،
عن سعيد، عن أبي هريرة، وأخرجه من طريق مالك: البخاري 3 / 92 في الجنائز: باب الرجل ينعى إلى أهل البيت الميت بنفسه، و 3 / 163: باب التكبير على الجنازة أربعا، ومسلم (951) في الجنائز: باب في التكبير على الجنازة، وأبو داود (3204) في الجنائز: باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك، وأخرجه البخاري 3 / 149، والترمذي (1022) في الجنائز: باب ما جاء في التكبير على الجنازة من طريق معمر عن الزهري به، وأخرجه البخاري 3 / 160 من طريق الليث عن عقيل، عن الزهري.
(*)

(9/551)


قال عبد الصمد بن الفضل: شهدت مكيا يقول: حججت ستين حجة، وتزوجت بستين امرأة، وجاورت بالبيت عشر سنين، وكتبت عن سبعة عشر نفسا من التابعين، ولو علمت أن الناس يحتاجون إلي، لما كتبت دون التابعين عن أحد (1).
وجاء عن عبد الصمد بن الفضل قال: روى مكي بن إبراهيم عن أحد عشر نفسا من التابعين، ووقع عندي تسعة (2).
وقال عمر بن مدرك: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: قطعت البادية من بلخ خمسين مرة حاجا، ودفعت في كراء بيوت مكة ألف دينار ومئتي دينار ونيفا (3).
عمر هذا واه.
قال الدارقطني: مكي ثقة مأمون (4).
وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: حدثنا مكي بن إبراهيم، الرجل الصالح بنيسابور (5).
وقال عمرو بن علي: قدم علينا مكي سنة اثنتي عشرة ومئتين (6).
قال أبو حاتم والبخاري: مات سنة أربع عشرة (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 116.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 116.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 117.
(4) " تهذيب الكمال ": لوحة 1370.
(5) " تهذيب الكمال ": لوحة 1370.
(6) " تهذيب الكمال ": لوحة 1370.
(7) في " الجرح والتعديل " 8 / 441، و " التاريخ الكبير " 8 / 71.
(*)

(9/552)


وقال ابن سعد ومطين وعبد الصمد بن الفضل وغيرهم: سنة خمس عشرة ومئتين.
زاد ابن سعد: ببلخ في النصف من شعبان، وقد قارب المئة، وكان ثقة، ثبتا في الحديث، رحمه الله (1).
قلت: لم يلق البخاري بخراسان أحد أكبر منه.
روى له الجماعة.
أخبرنا يوسف بن أبي نصر، وعبد الله بن قوام، وطائفة، سمعوا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو الوقت، حدثنا أبو الحسن المظفري، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا البخاري، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " (2).

215 - عبيد الله بن موسى * (ع) ابن أبي المختار، باذام، الامام، الحافظ العابد، أبو محمد
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 373.
(2) البخاري 11 / 196 في أول كتاب الرقائق.
قال ابن الجوزي: قد يكون الانسان
صحيحا، ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا، ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا، فغلب عليه الكسل عن الطاعة، فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله، فهو المغبوط، ومن استعملها في معصية الله، فهو المغبون.
* تاريخ ابن معين: 384، طبقات ابن سعد 6 / 400 طبقات خليفة: ت 1321، التاريخ الكبير 5 / 401، التاريخ الصغير 2 / 326، المعارف: 519، و 532، المعرفة والتاريخ 1 / 198، الضعفاء للعقيلي: لوحة 270، الجرح والتعديل 5 / 334، مشاهير علماء الامصار: ت 1385، تهذيب الكمال: لوحة 891، تذهيب التهذيب 3 / 22 / 1، العبر 1 / 364، ميزان الاعتدال 3 / 16، تذكرة الحفاظ 1 / 353، الكاشف 2 / 234، دول الاسلام 1 / 130، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 493، تهذيب التهذيب 7 / 50، خلاصة تذهيب الكمال: 253، شذرات الذهب 2 / 29، الرسالة المستطرفة: 62.
(*)

(9/553)


العبسي - بموحدة - مولاهم الكوفي.
أول من صنف المسند على ترتيب الصحابة بالكوفة، كما أن أبا داود الطيالسي، أول من صنف المسند من البصريين، على ما نقله الخليلي في " إرشاده ".
ولد في حدود عام عشرين ومئة.
وسمع من: هشام بن عروة، وسليمان الاعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومعروف بن خربوذ، وزكريا بن أبي زائدة، وسعد بن أوس العبسي، وسلمة بن نبيط، وحنظلة بن أبي سفيان، وطلحة بن عمرو الحضرمي، وطلحة بن يحيى التيمي، وعبيد الله بن أبي زياد القداح، وعثمان بن الاسود، وعيسى بن أبي عيسى الحناط، وكيسان
أبا عمر القصار، ومصعب بن سليم، وأبا إدام المحاربي، وموسى بن عبيدة، وابن جريج، والاوزاعي، ومسعرا، وشعبة، وسفيان، وشيبان، وإسرائيل، والحسن بن حي، وخلقا كثيرا.
وكان من حفاظ الحديث، مجودا للقرآن، تلا على حمزة الزيات، وعيسى بن عمر الهمداني، وعلي بن صالح بن حي.
وتصدر للاقراء والتحديث.
تلا عليه: أحمد بن جبير الانطاكي، وأيوب بن علي الابزاري، ومحمد بن عبدالرحمن، وأبو حمدون الطيب، ومحمد بن علي بن عفان، وطائفة سواهم.
وحدث عنه: أحمد بن حنبل قليلا، كان يكرهه لبدعة ما فيه، وإسحاق، وابن معين، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وعبد بن حميد،

(9/554)


وعلي بن محمد الطنافسي، وحجاج بن الشاعر، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن عوف الطائي، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأبو حاتم، وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن سليمان الباغندي، وعباس الدوري، وأحمد بن حازم الغفاري، وأحمد بن عبد الله العجلي، والحارث بن أبي أسامة، وخلق كثير.
وروى عنه البخاري في " صحيحه "، ويعقوب الفسوي في " مشيخته ".
وثقه ابن معين وجماعة.
وحديثه في الكتب الستة.
قال أبو حاتم: ثقة صدوق حسن الحديث.
قال: وأبو نعيم أتقن منه، وعبيد الله أثبتهم في إسرائيل، كان إسرائيل يأتيه، فيقرأ عليه
القرآن (1).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة، رأس في القرآن، عالم به، ما رأيته رافعا رأسه، وما رئي ضاحكا قط (2).
وروى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: كان شيعيا محترقا، - جاز حديثه (3).
قلت: كان صاحب عبادة وليل، صحب حمزة، وتخلق بآدابه، إلا في التشيع المشؤوم، فإنه أخذه عن أهل بلده المؤسس على البدعة.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 334، 335.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 892.
(3) " تهذيب الكمال ": لوحة 892.
(*)

(9/555)


قال أحمد بن حنبل: حدث بأحاديث سوء، وأخرج تلك البلايا، فحدث بها (1).
قال أبو حاتم: سمعت منه في سنة ثلاث عشرة ومئتين (2).
وقال ابن سعد: مات في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة (3)، ووافقه على السنة خليفة (4) والبخاري (5) وجماعة.
وقيل: مات في شوالها.
وقال الفسوي: سنة أربع عشرة (6).
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، ويحيى بن أبي منصور، قالا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا مالك بن مغول، عن عون بن أبي
جحيفة، عن أبيه، قال: قال علي رضى الله عنه: خيرنا بعد نبينا أبو بكر وعمر رضي الله عنهم.
ورواية عبيد الله مثل هذا دال على تقديمه للشيخين، ولكنه كان ينال من خصوم علي.
قال ابن مندة: كان أحمد بن حنبل يدل الناس على عبيد الله، وكان معروفا بالرفض، لم يدع أحدا اسمه معاوية يدخل داره.
فقيل:
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 892.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 334.
(3) في المطبوع من " طبقات ابن سعد " 6 / 400: وتوفي بالكوفة في آخر شوال سنة ثلاث عشرة ومئتين.
(4) في " طبقاته ": 171.
(5) في " تاريخه الكبير " 5 / 401.
(6) " المعرفة والتاريخ " 1 / 198.
(*)

(9/556)


خل عليه معاوية بن صالح الاشعري، فقال: ما اسمك ؟ قال: معاوية.
قال: والله لا حدثتك، ولا حدثت قوما أنت فيهم.

216 - عثمان بن عمر بن فارس * (ع) ابن لقيط، بن قيس، أبو محمد، العبدي البصري الحافظ، وقيل: يكنى أبا عدي.
وقيل: أبا عبد الله.
وقيل: أصله من بخارى.
مولده بعد العشرين ومئة.
سمع ابن عون، وهشام بن حسان، وكهمس بن الحسن، ويونس ابن يزيد، وقرة بن خالد، وعلي بن المبارك الهنائي، وشعبة،
وإسرائيل، وعزرة بن ثابت، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وأبا عامر الخزاز، وداود بن قيس، وابن أبي ذئب، وفليح بن سليمان، ومعاذ بن العلاء، وعدة.
روى عنه: أحمد، وإسحاق، وأبو خيثمة، والفلاس، وبندار، وابن مثنى، والرمادي، وسليمان بن سيف الحراني، وأبو إسحاق الجوزجاني، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ويزيد بن سنان البصري، ومحمد بن يحيى، والصنعاني، والكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وعبد الله بن روح المدائني، ومحمد بن سنان القزاز، وخلق كثير.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 296، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة: ت 1924، التاريخ الكبير 6 / 240، الجرح والتعديل 6 / 159، تاريخ بغداد 11 / 280، تهذيب الكمال: لوحة 919، تذهيب التهذيب 3 / 33 / 2، العبر 1 / 357، ميزان الاعتدال 3 / 49، تذكرة الحفاظ 1 / 378، الكاشف 2 / 254، دول الاسلام 1 / 129، تهذيب التهذيب 7 / 142، طبقات الحفاظ: 160، خلاصة تذهيب الكمال: 261، 262، شذرات الذهب 2 / 22.
(*)

(9/557)


قال أحمد بن حنبل: رجل صالح ثقة (1).
وقال ابن معين: ثقة (2).
وقال أحمد العجلي: ثقة ثبت في الحديث (3).
وقال أبو حاتم: صدوق، كان يحيى بن سعيد لا يرضاه (4).
قلت: يحيى بن سعيد كثير التعنت في الرجال، وإلا فعثمان بن عمر ثقة، ما فيه مغمز.
قال عمرو بن علي: مات لثلاث وعشرين خلون من ربيع
الاول، سنة تسع ومئتين (5)، وقال يحيى بن حكيم: لثمان بقين من ربيع الاول، سنة تسع.
وقال أبو أمية الطرسوسي: مات سنة ثمان (6)، فوهم، وقال خليفة: سنة سبع، فصحف.
أخبرنا شيخ الاسلام شمس الدين عبدالرحمن بن قدامة إجازة، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عثمان ابن عمر، حدثنا أفلح، عن القاسم، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 281.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 159، و " تاريخ بغداد " 11 / 282.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 282.
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 159.
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 282.
(6) " تاريخ بغداد " 11 / 282.
(*)

(9/558)


كلمة، وبعدها [ أشعر ] بدنته، وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شئ.
أخرجه مسلم (1).

217 - الاشيب * (ع) الامام الفقيه الحافظ الثقة، قاضي الموصل، أبو علي، الحسن ابن موسى البغدادي، الاشيب.
ولد سنة نيف وثلاثين ومئة.
سمع ابن أبي ذئب، وحريز بن عثمان، وشعبة، وشيبان، وحماد ابن سلمة، وزهير بن معاوية، وحماد بن زيد، وعدة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وأحمد بن منيع، وحجاج بن الشاعر، وعبد بن حميد، وأبو إسحاق الجوزجاني، ومحمد ابن أحمد بن أبي العوام، والحارث بن أبي أسامة، وبسر بن موسى، وإسحاق بن الحسن الحربي، وخلق كثير.
__________
(1) رقم (1321) (362) في الحج: باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن أفلح بهد الاسناد بلفظ: فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شئ كان حلا له.
* طبقات ابن سعد 7 / 337، تاريخ خليفة: 473، طبقات خليفة: ت 3226، التاريخ الكبير 2 / 306، التاريخ الصغير 2 / 286، الجرح والتعديل 3 / 37، 38، تاريخ بغداد 7 / 426، تهذيب الكمال: لوحة 284، تذهيب التهذيب 1 / 146 / 1، العبر 1 / 357، ميزان الاعتدال 1 / 524، تذكرة الحفاظ 1 / 369، الكاشف 1 / 327، دول الاسلام: 128، تهذيب التهذيب 2 / 323، طبقات الحفاظ: 155، خلاصة تذهيب الكمال: 81.
(*)

(9/559)


وثقه يحيى بن معين وغيره (1).
ولي قضاء حمص، وقضاء طبرستان، ثم ولي قضاء الموصل، وكان من أوعية العلم لا يقلد أحدا.
قال محمد بن عبد الله بن عمار الحافظ: كان بالموصل بيعة قد خربت، فاجتمع النصارى إلى الحسن الاشيب، وجمعوا له مئة ألف
درهم، على أن يحكم لهم بها، حتى تبنى، فقال: ادفعوا المال إلى بعض الشهود، فلما حضروا بالجامع، قال: اشهدوا علي بأني قد حكمت بأن لا تبنى، فنفر النصارى، ورد عليهم المال (2).
قال أبو حاتم: مات الاشيب بالري، فحضرت جنازته (3).
وقال ابن سعد: ولي قضاء حمص والموصل لهارون الرشيد، ثم قدم بغداد، إلى أن ولاه المأمون قضاء طبرستان، فتوجه إليها، فمات بالري سنة تسع ومئتين في ربيع الاول (4).

218 - منصور بن سلمة * (خ، م، س) ابن عبد العزيز، بن صالح، الحافظ الناقد الحجة، أبو سلمة الخزاعي البغدادي.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 38.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 427.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 38.
(4) " الطبقات الكبرى " 7 / 337، 338.
* تاريخ ابن معين: 587، طبقات ابن سعد، 7 / 345، التاريخ الكبير 7 / 348، التاريخ الصغير 2 / 315، الجرح والتعديل 8 / 173، تاريخ بغداد 13 / 70، تهذيب الكمال: لوحة 1374، تذهيب التهذيب 4 / 71 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 358، الكاشف = (*)

(9/560)


ولد بعد الاربعين ومئة.
وحدث عن: عبد العزيز بن أبي سلمة، وحماد بن سلمة، ومالك ابن أنس، والليث بن سعد، ويعقوب القمي، وشريك القاضي، وسليمان ابن بلال، وهشيم، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبدالرحيم صاعقة، وأبو بكر الصاغاني، وعباس الدوري، وأبو أمية الطرسوسي، وأحمد بن أبي خيثمة، وخلق كثير.
وثقه يحيى بن معين وغيره، وكان من أئمة هذا الشأن، بصيرا بالرجال والعلل.
قال أحمد بن أبي خيثمة: قال لي أبي - وقد رجعنا من عند أبي سلمة الخزاعي: كتبت اليوم عن كبش نطاح (1).
وقال الدارقطني: هو أحد الحفاظ الرفعاء، الذين كانوا يسألون عن الرجال، ويؤخذ بقولهم، أخذ عنه أحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما علم ذلك (2).
وقال ابن سعد: كان ثقة يتمنع بالحديث، ثم حدث أياما، وخرج إلى الثغر، فمات بالمصيصة سنة عشر ومئتين (3).
وفيها أرخه أبو بكر
__________
= 3 / 176، تهذيب التهذيب 10 / 308، طبقات الحفاظ: 162، خلاصة تذهيب الكمال: 387.
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 70.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 70، 71.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 345.
(*)

(9/561)


الاعين، ومطين.
وقال مطين مرة: مات سنة تسع، والاول هو الصحيح.

219 - اليزيدي * شيخ القراء، أبو محمد، يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي
البصري النحوي، وعرف باليزيدي لاتصاله بالامير يزيد بن منصور خال المهدي، يؤدب ولده.
جود القرآن على أبي عمرو المازني، وحدث عنه، وعن ابن جريج.
تلا عليه خلق، منهم أبو عمر الدوري (1)، وأبو شعيب السوسي (2).
وحدث عنه: ابنه محمد، وأبو عبيد، وإسحاق الموصلي.
وروى عنه قراءة أبي عمرو: بنوه محمد، وعبد الله، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وحفيده أحمد بن محمد، وأبو حمدون الطيب، وعامر أوقية، وسليمان بن خلاد، وأحمد بن جبير، ومحمد بن شجاع، وأبو أيوب الخياط، وجعفر غلام سجادة، ومحمد
__________
* تاريخ بغداد 14 / 146، نزهة الالباء: 103، معجم الادباء 20 / 30 - 32، وفيات الاعيان 6 / 183 - 191، العبر 1 / 38، دول الاسلام 1 / 126، عيون التواريخ 7 ورقة 156، طبقات القراء 2 / 375، النجوم الزاهرة 2 / 173، بغية الوعاة 2 / 340، خزانة الادب 4 / 426، شذرات الذهب 2 / 4.
(1) هو حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري الثقة، إمام القراءة في زمانه، المتوفى سنة 246 ه، وسترد ترجمته في الجزء الحادي عشر ص 541.
(2) هو صالح بن زياد بن عبد الله أبو شعيب السوسي الرقي مقرئ ضابط محرر ثقة، من أجل أصحاب اليزيدي، أخذ عنه قراءة أبي عمرو، توفي سنة 261 ه.
(*)

(9/562)


ابن سعدان، ومحمد بن عمر الرومي.
وله اختيار في القراءة، لم يخرج فيه عن السبع (1).
وقد أدب المأمون، وعظم حاله، وكان ثقة، عالما حجة في القراءة، لا يدري ما الحديث، لكنه أخباري، نحوي، علامة، بصير بلسان العرب، أخذ العربية عن أبي عمرو، وعن الخليل.
وألف كتاب " النوادر "، وكتاب " المقصور والممدود "، وكتاب " الشكل "، وكتاب " نوادر اللغة "، وكتاب " النحو.
وكان نظيرا للكسائي، يجلس للناس في مسجد مع الكسائي للافادة، فكان يؤدب المأمون، وكان الكسائي يؤدب الامين (2).
وروي عن أبي حمدون قال: شهدت ابن أبي العتاهية، وكتب عن اليزيدي نحو عشرة آلاف ورقة عن أبي عمرو بن العلاء خاصة (3).
قلت: عاش أربعا وسبعين سنة، وتوفي ببغداد سنة اثنتين ومئتين.
وقيل: بل كانت وفاته بمرو في صحابة المأمون.

220 - عبد الرزاق بن همام * (ع) ابن نافع، الحافظ الكبير، عالم اليمن، أبو بكر الحميري،
__________
(1) في " غاية النهاية " 2 / 376: وله اختيار خالف فيه أبا عمرو في حروف يسيرة وهي عشرة.
ثم ذكرها.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 147، و " عيون التواريخ " 7 / الورقة 157.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 147، و " عيون التواريخ " 7 / الورقة 157.
* تاريخ ابن معين: 362، طبقات ابن سعد 5 / 548، طبقات خليفة: ت 2673، التاريخ الكبير 6 / 130، التاريخ الصغير 2 / 320، الضعفاء للعقيلي: لوحة 265 - 266، = (*)

(9/563)


مولاهم الصنعاني الثقة الشيعي.
ارتحل إلى الحجاز، والشام، والعراق، وسافر في تجارة.
حدث عن: هشام بن حسان، وعبيد الله بن عمر، وأخيه عبد الله، وابن جريج، ومعمر، فأكثر عنه، وحجاج بن أرطاة، وعبد الملك بن أبي سليمان، والمثنى بن الصباح، وعمر بن ذر، ومحمد بن راشد، وزكريا بن إسحاق، وعكرمة بن عمار، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وثور بن يزيد، وأيمن بن نابل، والاوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وسفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس، ومالك بن أنس، ووالده همام، وخلق سواهم.
حدث عنه: شيخه سفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وأبو أسامة، وطائفة من أقرانه، وأحمد بن حنبل، وابن راهويه، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وإسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد، ويحيى بن جعفر البيكندي، ويحيى ابن موسى خت (1)، والحسن بن أبي الربيع، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الازهر، وسلمة بن
__________
= الجرح والتعديل 6 / 38، الكامل لابن عدي 4 / 640، الفهرست لابن النديم: 228، وفيات الاعيان 3 / 216، 217، تهذيب الكمال: لوحة 831، تذهيب التهذيب 2 / 230 / 1، العبر 1 / 360، ميزان الاعتدال 2 / 609، تذكرة الحفاظ 1 / 364، دول الاسلام 1 / 129، عيون التواريخ 7 / 276، البداية والنهاية 10 / 265، شرح علل الترمذي لابن رجب 2 / 577 - 581 و 585، تهذيب التهذيب 6 / 310، النجوم الزاهرة 2 / 202، طبقات الحفاظ / 154، خلاصة تذهيب الكمال: 238، شذرات الذهب 2 / 27.
(1) هو يحيى بن موسى البلخي الختي من شيوخ البخاري، ويقال له: خت.
انظر " تبصير المنتبه " 1 / 303، 304.
(*)

(9/564)


شبيب، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وإبراهيم بن سويد الشبامي (1)، والحسن بن عبدالاعلى البوسي (2)، وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني، وأحمد بن صالح المصري، وحجاج بن الشاعر، ومحمد ابن حماد الطهراني (3)، ومؤمل بن إهاب.
قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنه ولد سنة ست وعشرين ومئة (4).
وقال أحمد بن أبي خيثمة: قال عبد الرزاق: لزمت معمرا ثماني سنين.
حدثناه أحمد بن يحيى، وابن معين (5).
عباس، عن ابن معين، قال: كان عبد الرزاق في حديث معمر أثبت من هشام بن يوسف، وكان هشام بن يوسف أثبت منه في حديث ابن جريج، وأقرأ لكتب ابن جريج من عبد الرزاق، وكان أعلم بحديث سفيان الثوري من عبد الرزاق (6).
أبو زرعة الدمشقي، أخبرنا أحمد، قال: أتينا عبد الرزاق قبل المئتين، وهو صحيح البصر، ومن سمع منه بعدما ذهب بصره، فهو ضعيف السماع (7).
وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: إذا اختلف أصحاب
__________
(1) نسبة إلى شبام: مدينة باليمن بالقرب من صنعاء ": الانساب " 7 / 280.
(2) نسبة إلى بوس: قرية بصنعاء اليمن يقال لها: بيت بوس.
(3) نسبة إلى طهرن.
انظر " الانساب " 8 / 274.
(4) " تهذيب الكمال: " لوحة 832.
(5) " الجرح والتعديل " 6 / 38.
(6) " تاريخ يحيى بن معين ": 364.
(7) " تاريخ أبي زرعة الدمشقي " 1 / 457.
(*)

(9/565)


معمر، فالحديث لعبد الرزاق.
قال علي بن المديني: قال لي هشام بن يوسف: كان عبد الرزاق أعلمنا وأحفظنا (1).
قلت: هكذا كان النظراء يعترفون لاقرانهم بالحفظ.
وقال يحيى بن معين: ما كان أعلم عبد الرزاق بمعمر، وأحفظه عنه، وكان هشام بن يوسف فصيحا، يبتدع الخطبة على المنبر.
قال عثمان بن سعيد: قلت لابن معين: فعبد الرزاق في سفيان ؟ قال: مثلهم، يعني: قبيصة، والفريابي، وعبيد الله، وابن يمان (2).
قال أحمد العجلي: عبد الرزاق ثقة، كان يتشيع.
وفي " المسند ": قال أحمد بن حنبل: ما كان في قرية عبد الرزاق بئر، فكنا نذهب نبكر على ميلين نتوضأ، ونحمل معنا الماء.
وقال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن رافع، يقول: كنت مع أحمد وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا، دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، ثم قال لاحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما عجبا، لم تكبرا، فقال أحمد وإسحاق: يا أبا بكر، كنا ننتظر هل تكبر، فنكبر، فلما رأيناك لم تكبر، أمسكنا، قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران فأكبر.
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(2) انظر " الجرح والتعديل " 6 / 39، و " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(*)

(9/566)


مكي بن عبدان: حدثنا أبو الأزهر، سمعت عبد الرزاق، يقول: صار معمر هليلجة (1) في فمي.
الحسن بن سفيان: سمعت فياض بن زهير النسائي، يقول: تشفعنا بامرأة عبد الرزاق عليه، فدخلنا، فقال: هاتوا، تشفعتم إلي بمن ينقلب معي على فراشي ؟ ثم قال: ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا * مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا عباس: حدثنا يحيى، قال بشر بن السري: قال عبد الرزاق: قدمت مكة مرة، فأتاني أصحاب الحديث يومين، ثم انقطعوا عني يومين، أو ثلاثة، فقلت: يا رب ما شأني ؟ أكذاب أنا ؟ أي شئ أنا ؟ قال: فجاؤوني بعد ذلك (2).
المفضل الجندي: حدثنا سلمة بن شبيب، سمعت عبد الرزاق يقول: أخزى الله سلعة لا تنفق إلا بعد الكبر والضعف، حتى إذا بلغ أحدهم مئة سنة، كتب عنه، فإما أن يقال: كذاب، فيبطلون علمه، وإما أن يقال: مبتدع، فيبطلون علمه، فما أقل من ينجو من ذلك.
محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق: قال لي وكيع: أنت رجل عندك حديث، وحفظك ليس بذاك، فإذا سئلت عن حديث، فلا تقل: ليس هو عندي، ولكن قل: لا أحفظه.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في " المسند ": قال يحيى بن
__________
الهليلج والاهليلج: ثمر يتخذ في العقاقير، انظر خواصه في " المعتمد " 536، 539.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 363.
(*)

(9/567)


معين: قال لي عبد الرزاق: اكتب عني حديثا واحدا من غير كتاب.
قلت: لا، ولا حرف.
ابن أبي خيثمة: حدثنا ابن معين، قال لي عبد الرزاق بمكة قبل أن أقدم عليه اليمن: يافتى، ما تريد إلى هذه الاحاديث، سمعنا، وعرضنا، وكل سماع، وقال لي: إن هذه الكتب كتبها لي الوراقون سمعناها مع أبي (1).
عبد الله بن أحمد، وعباس - واللفظ له -: حدثنا يحيى بن معين: قال لي أبو جعفر السويدي جاؤوا إلى عبد الرزاق بأحاديث كتبوها، ليست من حديثه، فقالوا له: اقرأها علينا، فقال: لا أعرفها، فقالوا: اقرأها علينا، ولا تقل فيها حدثنا، فقرأها عليهم (2).
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول في حديث أبي هريرة، حدث به عبد الرزاق " النار جبار " (3): لم يكن في الكتب، باطل، رواها الاثرم عن أحمد، وزاد: ثم قال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق ؟ قلت: حدثنا أحمد بن شبويه، قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان يلقن،
__________
(1) " تاريخ يحيى بن معين ": 363.
(2) " تاريخ يحيى بن معين ": 363، و " الجرح والتعديل " 6 / 39.
(3) أخرجه أبو داود (4594) في الديات: باب في النار تعدى، وابن ماجة (2676)، في الديات: باب الجبار، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، ولم ينفرد عبد الرزاق به، فقد تابعه عبدالملك الصنعاني، وفي الباب عن أنس عند النسائي وابن عدي.
قال الخطابي: والحديث متأول على النار يوقدها الرجل في ملكه لحاجة له فيها،
فتطير بها الريح، فتشعلها في بناء أو متاع لغيره من حيث لا يملك ردها، فيكون هدرا غير مضمون عليه.
(*)

(9/568)


فلقنوه، وليس في كتبه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه (1).
قلت: أظنها تصحفت عليهم، فإن النار قد تكتب: " النير " على الامالة بياء على هيئة " البير "، فوقع التصحيف (2).
ابن أبي العقب، وأبو الميمون، حدثنا أبو زرعة، حدثني محمود ابن سميع، سمع أحمد بن صالح يقول: قلت لاحمد بن حنبل: رأيت أحسن حديثا من عبد الرزاق ؟ قال: لا.
قال كاتبه: ما أدري ما عنى أحمد بحسن حديثه، هل هو جودة الاسناد، أو المتن، أو غير ذلك ؟.
الفسوي: حدثنا محمد بن أبي السري، قلت: لعبد الرزاق: ما رأيك أنت ؟ - يعني في التفضيل - قال: فأبى أن يخبرني، وقال: كان سفيان يقول: أبو بكر وعمر، ويسكت، ثم قال لي سفيان: أحب أن أخلو بأبي عروة - يعني معمرا - فقلنا لمعمر، فقال: نعم، فخلا به، فلما أصبح، قلت: يا أبا عروة، كيف رأيته ؟ قال: هو رجل، إلا أنه قلما تكاشف كوفيا إلا وجدت فيه شيئا - يريد التشيع - ثم قال عبد الرزاق: وكان مالك يقول: أبو بكر وعمر، ويسكت، وكان معمر يقول: أبو بكر وعمر وعثمان، ويسكت.
ومثله كان هشام بن حسان (3).
__________
(1) أورده الحافظ ابن رجب في " شرح العلل " 2 / 579، 580.
(2) في " معالم السنن " 4 / 40، 41: ومن قال: هو تصحيف " البئر " احتج في
ذلك بأن أهل اليمن يسمون النار " النير " يكسرون النون منها، فسمعه بعضهم على الامالة فكتبه بالياء، ثم نقله الرواة مصحفا.
(3) الخبر في " تاريخ الفسوي " 2 / 806 باختلاف يسير.
(*)

(9/569)


قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: أكان عبد الرزاق يفرط في التشيع ؟ قال: أما أنا، فلم أسمع منه في هذا شيئا، ولكن كان رجلا يعجبه أخبار الناس أو الاخبار (1).
محمد بن أيوب بن الضريس: سألت محمد بن أبي بكر المقدمي عن حديث لجعفر بن سليمان، فقلت: روى عنه عبد الرزاق، فقال: فقدت عبد الرزاق، ما أفسد جعفرا غيره - يعني في التشيع (2).
قلت أنا: بل ما أفسد عبد الرزاق سوى جعفر بن سليمان.
قال أبو جعفر العقيلي: حدثنا أحمد بن بكير الحضرمي، حدثنا محمد بن إسحاق بن يزيد البصري، سمعت مخلدا الشعيري، يقول: كنت عند عبد الرزاق، فذكر رجل معاوية، فقال: لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان (3) ! عبد الله بن أحمد، قلت لابن معين: تخشى السن على عبد الرزاق ؟ فقال: أما حيث رأيناه، فما كان بلغ الثمانين، نحو من سبعين، ثم قال يحيى: ذكر أبو جعفر السويدي أن قوما من الخراسانية، من أصحاب الحديث، جاؤوا إلى عبد الرزاق بأحاديث للقاضي هشام بن يوسف، تلقطوها عن معمر، من حديث هشام، وابن ثور، وكان ابن ثور ثقة، فجاؤوا بها إلى عبد الرزاق، فنظر فيها.
فقال: بعضها سمعتها، وبعضها لا أعرفها، ولم أسمعها، قال: فلم
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(3) " الضعفاء ": لوحة 265.
(*)

(9/570)


يفارقوه حتى قرأها، ولم يقل لهم: حدثنا، ولا أخبرنا، حدثني السويدي بهذا.
آدم بن موسى: سمعت البخاري يقول: عبد الرزاق ما حدث من كتابه فهو أصح (1).
أبو زرعة الرازي، حدثنا عبد الله بن محمد المسندي، قال: ودعت ابن عيينة، فقلت: أتريد عبد الرزاق ؟ قال: أخاف أن يكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا (2).
عباس: سمعت ابن معين: قال هشام بن يوسف: عرض معمر هذه الاحاديث على همام بن منبه، إلا أنه سمع منها نيفا وثلاثين حديثا (3) - يعني: صحيفة همام، التي رواها عبد الرزاق، عن معمر عنه، وهي مئة ونيف وثلاثون حديثا، أكثرها في " الصحيحين ".
العقيلي في كتاب " الضعفاء " له، في ترجمة عبد الرزاق: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد، سمعت محمد بن عثمان الثقفي، قال: لما قدم العباس بن عبد العظيم من عند عبد الرزاق من صنعاء، قال لنا - ونحن جماعة -: ألست قد تجشمت الخروج إلى عبد الرزاق، فدخلت إليه، وأقمت عنده حتى سمعت منه ما أردت ؟ والله الذي لا إله إلا هو، إن عبد الرزاق كذاب، والواقدي أصدق منه (4).
قلت: بل والله ما بر عباس في يمينه، ولبئس ما قال، يعمد إلى
__________
(1) " التاريخ الكبير " 6 / 130.
(2) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 265.
(3) " تاريخ ابن معين ": 577.
(4) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 265.
(*)

(9/571)


شيخ الاسلام، ومحدث الوقت، ومن احتج به كل أرباب الصحاح - وإن كان له أوهام مغمورة، وغيره أبرع في الحديث منه - فيرميه بالكذب، ويقدم عليه الواقدي الذي أجمعت الحفاظ على تركه، فهو في مقالته هذه خارق للاجماع بيقين.
قال العقيلي (1): سمعت علي بن عبد الله بن المبارك الصنعاني يقول: كان زيد بن المبارك، قد لزم عبد الرزاق، فأكثر عنه، ثم خرق كتبه، ولزم محمد بن ثور، فقيل له في ذلك، فقال: كنا عند عبد الرزاق، فحدثنا بحديث معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان..الحديث الطويل (2)، فلما قرأ قول عمر لعلي والعباس: فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك، وجاء هذا يطلب ميراث امرأته، قال عبد الرزاق: انظروا إلى الانوك، يقول: تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث زوجته من أبيها، لا يقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال زيد بن المبارك: فلم أعد إليه، ولا أروي عنه.
قلت: هذه عظيمة، وما فهم قول أمير المؤمنين عمر، فإنك يا هذا لو سكت، لكان أولى بك، فإن عمر إنما كان في مقام تبيين العمومة والبنوة، وإلا فعمر رضي الله عنه أعلم بحق المصطفى وبتوقيره وتعظيمه من كل متحذلق متنطع، بل الصواب أن نقول عنك: انظروا
إلى هذا الانوك الفاعل - عفا الله عنه - كيف يقول عن عمر هذا، ولا يقول: قال أمير المؤمنين الفاروق ؟ ! وبكل حال فنستغفر الله لنا ولعبد
__________
(1) في كتاب: " الضعفاء ": 265 و 266.
(2) انظره بطوله في البخاري 12 / 4، 5 في الفرائض: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث، ما تركنا صدقة "، ومسلم (1757)، في الجهاد: باب حكم الفئ، وأبي داود (2963)، والترمذي (1610)، والنسائي 7 / 136، 137.
(*)

(9/572)


الرزاق، فإنه مأمون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق.
قال العقيلي: حدثنا أحمد بن محمد: سمعت أبا صالح محمد بن إسماعيل الصراري يقول: بلغنا ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق أن أصحابنا، يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهما، تركوا حديث عبد الرزاق وكرهوه، فدخلنا من ذلك غم شديد، وقلنا: قد أنفقنا، ورحلنا وتعبنا، فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج، فخرجت إلى مكة، فلقيت بها يحيى بن معين، فقلت له: يا أبا زكريا، ما نزل بنا من شئ بلغنا عنكم في عبد الرزاق ؟ قال: وما هو ؟ قلنا: بلغنا أنكم تركتم حديثه، ورغبتم عنه، قال: يا أبا صالح، لو أرتد عبد الرزاق عن الاسلام، ما تركنا حديثه (1).
أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين، وبلغه أن أحمد بن حنبل تكلم في عبيد الله بن موسى بسبب التشيع، فقال يحيى: والله العظيم، لقد سمعت من عبد الرزاق في هذا المعنى أكثر مما يقول عبيد الله بن موسى، ولكن خاف أحمد بن حنبل أن تذهب رحلته إلى عبد الرزاق، أو كما قال (2) - رواها ثقتان عنه.
أحمد بن زهير: أنبؤونا عن بركات الخشوعي، أنبأنا أبو طالب اليوسفي أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، حدثنا القطيعي، حدثنا عبد الله ابن أحمد، سمعت سلمة بن شبيب، سمعت عبد الرزاق، يقول: ما انشرح صدري قط أن أفضل عليا على أبي بكر وعمر، فرحمهما الله،
__________
(1) " الضعفاء " للعقيلي: 266.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(*)

(9/573)


ورحم عثمان وعليا، من لم يحبهم فما هو بمؤمن، أوثق عملي حبي إياهم (1).
أبو حامد بن الشرقي حدثنا أبو الأزهر، سمعت عبد الرزاق يقول: أفضل الشيخين بتفضيل علي إياهما على نفسه، كفى بي إزراء أن أخالف عليا رضي الله عنه (2).
عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني (3): حدثنا عباس بن عبد العظيم، عن زيد بن المبارك قال: كان عبد الرزاق كذابا يسرق الحديث.
وذكره أبو أحمد بن عدي في " كامله "، فقال: نسبوه إلى التشيع، وروى أحاديث في الفضائل لا يوافق عليها، فهذا أعظم ما ذموه به من روايته هذه الاحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم، مما لم أذكره، وأما الصدق، فإني أرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير، وقد سمعت ابن حماد، سمعت أبا صالح الصراري..فذكر حكايته، وقول يحيى: لو ارتد ما تركنا حديثه (4).
وقد أورد أبو القاسم بن عساكر ترجمة عبد الرزاق في سبع عشرة ورقة.
وأفظع حديث له ما تفرد به عنه الثقة أحمد بن الازهر في مناقب الامام علي، فإنه شبه موضوع، وتابعه عليه محمد بن علي بن سفيان
__________
(1) " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(2) " تهذيب الكمال ": لوحة 832.
(3) ويقل: الفرهاذاني نسبة إلى فرهاذان قرية من قرى نسا بخراسان.
(4) " الكامل " لابن عدي 4 / 640 و 642.
(*)

(9/574)


الصنعاني النجار، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال: نظر رسول الله صلى لله عليه وسلم إلى علي، فقال: " أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، فالويل لمن أبغضك بعدي (1) ".
قال الحاكم: حدث به أبو الأزهر ببغداد في حياة يحيى بن معين، فأنكره من أنكره، حتى تبين للجماعة أن أبا الازهر برئ الساحة منه، فإنه صادق.
وحدثناه أبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر، حدثنا أبو الأزهر، فذكره، وحدثني عبد الله بن سعد، حدثنا محمد بن حمدون، حدثنا محمد بن علي النجار، فذكره.
وسمعت (2) أبا علي الحافظ، سمعت أحمد بن يحيى التستري يقول: لما حدث أبو الأزهر بهذا في الفضائل، أخبر يحيى بن معين بذلك، فبينا هو عنده في جماعة أصحاب الحديث، إذ قال: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث بهذا عن عبد الرزاق ؟ فقام أبو الأزهر،
فقال: هوذا أنا، فتبسم يحيى بن معين، وقال: أما إنك لست بكذاب، وتعجب من سلامته، وقال: الذنب لغيرك فيه.
وسمعت (2) أبا أحمد الحافظ، سمعت أبا حامد بن الشرقي، وسئل عن حديث أبي الازهر، عن عبد الرزاق، في فضل علي، فقال: هذا باطل، والسبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر مهيبا، لا يقدر
__________
(1) انظر " تهذيب الكمال " ترجمة أبي الازهر فقد بسط الكلام على الحديث هناك.
(2) القائل هو الحاكم.
(*)

(9/575)


أحد على مراجعته، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر.
قلت: هذه حكاية منقطعة، وما كان معمر شيخا مغفلا يروج هذا عليه، كان حافظا بصيرا بحديث الزهري.
قال مكي بن عبدان: حدثنا أبو الأزهر، قال: خرج عبد الرزاق إلى قريته، فبكرت إليه يوما، حتى خشيت على نفسي من البكور، فوصلت إليه قبل أن يخرج لصلاة الصبح، فلما خرج، رآني، فأعجبه، فلما فرغ من الصلاة، دعاني، وقرأ علي هذا الحديث، وخصني به دون أصحابي.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا سالم بن الحسن، أخبرنا أبو الفتح ابن شاتيل، أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا عبد الله بن يحيى، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة، قال: دخلت أنا وابن فيروز مولى عثمان على ابن عباس، فقال له ابن فيروز: يا أبا
عباس (يدبر الامر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه في يوم) الآية [ السجدة: 5 ] فقال ابن عباس: من أنت ؟ قال: أنا عبد الله بن فيروز، فقال ابن عباس: (يدبر الامر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة) فقال: أسألك يا أبا عباس ؟ قال: أيام سماها الله، هو أعلم بها، أكره أن أقول فيها ما لا أعلم قال ابن أبي مليكة: فضرب الدهر حتى دخلت على سعيد بن المسيب، فسئل عنها، فلم يدر ما يقول، فقلت له: ألا أخبرك ما حضرت من ابن عباس، فأخبرته، فقال ابن المسيب للسائل: هذا ابن عباس قد اتقى

(9/576)


أن يقول فيها، وهو أعلى مني (1).
وبه إلى عبد الرزاق: أخبرنا معمر، قال: كان عدي بن أرطاة يبعث إلى الحسن كل يوم قعابا (2) من ثريد، فيأكل هو وأصحابه.
قلت: قد كان عدي أمبرا على البصرة لعمر بن عبد العزيز.
وبه إلى عبد الرزاق: أخبرنا الثوري، حدثني منصور، عن مجاهد، عن عقار بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من اكتوى أو استرقى، فقد برئ من التوكل " (3).
وبه إلى عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أهله فقال: " أين فلانة ؟ " قالوا: اشتكت عينها، فقال: " استرقوا لها، فقد أعجبتني عيناها " (4).
قرأت على أحمد بن إسحاق، أخبركم الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، قال: قرئ على أبي عمر محمد بن يوسف
__________
(1) رجاله ثقات، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 171، 172، ونسبه إلى عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الانباري في " المصاحف " والحاكم وصححه.
(2) القعب: القدح الضخم الغليظ، وقيل: هو قدح من خشب مقعر.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي (2056) في الطب: باب ما جاء في كراهية الرقية، من طريق محمد بن بشار، عن عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد تحرف فيه " عقار " إلى " عفان " - وأخرجه أحمد 4 / 253 من طريقين عن شعبة، عن منصور به، وأخرجه ابن ماجة (3489) في الطب: باب الكي من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل ابن علية، عن ليث، عن مجاهد به.
(4) رجاله ثقات، لكنه مرسل، ومراسيل الزهري شبه الريح.
(*)

(9/577)


القاضي وأنا أسمع في سنة سبع عشرة وثلاث مئة، قيل له: حدثكم أحمد بن منصور بن سيار، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرني أنس قال: فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الصلوات خمسين، ثم نقصت إلى خمس، ثم نودي: " يا محمد إنه لا يبدل القول لدي، و [ إن ] لك بالخمس خمسين " (1).
وأخبرنا أحمد بن عبدالرحمن، ومحمد بن محمد الكاتب، وعبد الرحيم بن عبد المحسن، قالوا: أخبرنا عبدالرحمن بن مكي، أخبرنا جدي أبو طاهر الحافظ، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا محمد بن أحمد بن معقل، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن
أنس بن مالك قال: فرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الصلوات خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي: " يا محمد، إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين ".
أخرجه الترمذي عن الذهلي (2).
أخبرن أبو المعالي الهمذاني، أخبرنا أحمد بن يوسف، والفتح بن عبد الله (ح) وأخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو اليمن الكندي، قالوا: أخبرنا محمد بن القاضي (ح) وأخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء، عن
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " المصنف " (1768)، وانظر ما بعده.
(2) رقم (213) في الصلاة: باب ما جاءكم فرض الله على عباده من الصلوات، وهو من طريق آخر من حديث الاسراء الطويل أخرجه البخاري 6 / 217، 220، في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب المعراج، ومسلم (162) في الايمان: باب الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، والنسائي 1 / 217، 223 في الصلاة: باب فرض الصلاة.
(*)

(9/578)


عبد المعز بن محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، قالا: أخبرنا أحمد ابن محمد البزاز، أخبرنا علي بن عمر السكري، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين في سنة سبع وعشرين ومئتين، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون المحصب (1).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا إسماعيل بن محمد، أخبرنا أحمد بن
منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال عمر: يا أسلم، لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا.
قلت: وكيف ذاك ؟ قال: إذا أحببت، فلا تكلف كما يكلف الصبي، وإذا أبغضت، فلا تبغض بغضا تحب أن يتلف صاحبك ويهلك (2).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا الحسين بن بطحاء، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، حدثني الحسين بن داود بن معاذ البلخي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري قي قوله عز
__________
(1) وأخرجه مسلم (1310) في الحج: باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر، من طريق عبد الرزاق بهذا الاسناد.
والمحصب يقع بأعلى مكة، حرسها الله، وهو براح من الارض بينه وبين منى قدر ميل، ويسمى أيضا الحصباء والحصبة، وهو الابطح، والبطحاء، وخيف بني كنانة، ولم يعد المحصب في هذا العصر براحا من الارض، فقد شغلته دور أهل مكة حتى كادت تصل بين مكة ومنى.
(2) إسناده صحيح.
(*)

(9/579)


وجل: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) قال: تنظر في وجه الرحمن عز وجل (1).
توفي عبد الرزاق في شوال، سنة إحدى عشرة ومئتين.
يحيى بن معين: سمعت هشام بن يوسف يقول: كان لعبد الرزاق حين قدم ابن جريج اليمن ثماني عشر سنة.
قال يعقوب بن شيبة: عن ابن المديني، قال لي هشام بن يوسف: كان عبد الرزاق أعلمنا وأحفظنا.
قال يعقوب: وكل (2) ثقة ثبت.

221 - هشام بن يوسف * (خ، 4) الصنعاني، الامام الثبت، قاضي صنعاء اليمن، وفقيهها، أبو عبد الرحمن، من أقران عبد الرزاق، لكنه أجل وأتقن، مع قدم موته، فهو ممن يذكر مع معن بن عيسى، وعبد الرحمن بن مهدي.
حدث عن: ابن جريج، ومعمر، وسفيان الثوري، والقاسم بن فياض، وجماعة، وليس بالمكثر، لكنه مجود.
روى عنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن محمد المسندي، وخلق سواهم.
ولم يدركه أحمد ابن حنبل.
__________
(1) إسناده صحيح.
(2) في الاصل: " وكلا ".
* تاريخ ابن معين: 620، طبقات ابن سعد 7 / 548، طبقات خليفة: ت 2670، التاريخ الكبير 8 / 194، الجرح والتعديل 9 / 70، الكامل لابن عدي 4 / 821، تهذيب الكمال: لوحة 1445، تذهيب التهذيب 4 / 120 / 1، العبر 1 / 324، تذكرة الحفاظ 1 / 346، الكاشف 3 / 224، مرآة الجنان 1 / 457، تهذيب التهذيب 10 / 57، طبقات الحفاظ: 145، خلاصة تذهيب الكمال: 410، شذرات الذهب 1 / 349.
(*)

(9/580)


ذكره أبو حاتم، فقال: ثقة متقن (1).
وروى عبد الله بن أحمد، عن أبيه، قال: سمعت بعض أصحابنا قال مرة: قال يحيى بن معين: كتب لي عبد الرزاق إلى هشام بن يوسف، فقال: إنك تأتي رجلا إن كان غيره السلطان، فإنه لم يغير حديثه.
وقال يحيى بن معين: مكثنا على باب هشام خمسين يوما، لا يحدثنا
بحديث، نذهب معه إلى باب الامير.
وقال أحمد بن حنبل: سمعت عبد الرزاق يقول: أتاه - يعني يحيى ابن معين - فأجزره شاة، وفعل به وفعل، ثم قال أحمد: هشام ألام من أن يذبح له.
قال إبراهيم بن يوسف: سمعت هشام بن يوسف يقول: قدم سفيان الثوري اليمن، فقال: اطلبوا كاتبا سريع الخط، فارتادوني، فكنت أكتب (2).
قال أبو زرعة الرازي: هشام أصح اليمانيين كتابا (3).
وقال عبد الرزاق: إن حدثكم القاضي، فلا عليكم أن لا تكتبوا عن غيره (4).
قلت: توفي هشام في سنة سبع وتسعين ومئة، في عشر السبعين أرى.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 71.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 71، و " تهذيب الكمال ": لوحة 1445، وفيه: " سريع الحفظ " بدل " سريع الخط ".
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 71، و " تهذيب الكمال ": لوحة 1445.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 70، 71.
(*)

(9/581)


قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد القرافي بمصر، أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي الفتح، والفرج بن عبد الله الكاتب ببغداد، قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي، في
سنة خمس وثمانين وثلاث مئة، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين، سنة سبع وعشرين ومئتين، حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد ابن علي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي ".
هذا حديث غريب فرد، ما رواه عن ابن عباس إلا ولده علي، ولا عن علي إلا ابنه محمد أبو الخلفاء، تفرد به عنه قاضي صنعاء عبد الله بن سليمان، ولم يروه عنه إلا هشام، أخرجه الترمذي (1)، عن سليمان بن الاشعث السجزي، عن يحيى بن معين، فوقع لنا بدلا بعلو درجتين.
وقد رواه يعقوب الفسوي في " تاريخه " (2) عن زياد بن أيوب، عن ابن معين، والناس فيه عيال على يحيى، وليس النوفلي بمعروف.
__________
(1) رقم (3789) في المناقب: باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وحسنه، مع أن عبد الله ابن سليمان النوفلي لم يوثق، ولم يرو عنه غير هشام بن يوسف، وصححه الحاكم 3 / 149، 150، ووافقه الذهبي مع أنه في " الميزان " قال في عبد الله بن سليمان: فيه جهالة، ثم أورد له هذا الحديث.
(2) 1 / 497.
(*)

(9/582)


222 - بكر بن بكار * المحدث العالم الكبير، أبو عمرو القيسي البصري.
حدث عن: ابن عون، وعباد بن منصور، وقرة بن خالد، وحمزة الزيات، وهشام الدستوائي، ومسعر بن كدام، وشعبة بن الحجاج،
وجماعة، وله جزء مشهور.
حدث عنه: رفيقه أبو داود الطيالسي، والحسن بن علي الحلواني، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، ومحمد بن إبراهيم الجيراني (1)، وإبراهيم ابن سعدان، وآخرون.
وثقه أبو عاصم النبيل.
وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي (2).
وقال ابن حبان: هو ثقة ما يخطئ.
وأما يحيى بن معين، فقال: ليس بشئ (3)، قاله عباس الدروي عنه.
وقال أبو نعيم الحافظ (4): قدم بكر أصبهان سنة ست ومئتين، وحدث.
__________
* تاريخ ابن معين: 62، التاريخ الكبير 2 / 88، الضعفاء والمتروكين: 55، الضعفاء للعقيلي: لوحة 55، الجرح والتعديل 2 / 382، أخبار أصبهان 1 / 234، ميزان الاعتدال 1 / 343، الكاشف 1 / 161، تهذيب التهذيب 1 / 479، وهو عند الجميع " القيسي " سوى " ضعفاء " العقيلي، ففيه، " القرشي " وهو تحريف.
(1) نسبة إلى جيران، وهي من قرى أصبهان على فرسخين منها.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 383.
(3) " تاريخ ابن معين ": 62.
(4) " أخبار أصبهان " 1 / 234.
(*)

(9/583)


بها في سنة سبع ومئتين.
قلت: لم يقع له شئ في الكتب الستة (1).
قرأت على أحمد بن عبد المنعم القزويني، أخبرنا إدريس بن محمد
العطار، إذنا عاما، أخبرنا محمد بن علي بن أبي ذر، أخبرنا أبو طاهر بن عبدالرحيم، أخبرنا عبد الله بن محمد بن فورك، حدثنا محمد بن إبراهيم ابن أبان، حدثنا بكر بن بكار، حدثنا عائذ بن شريح، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو دعيت إلى كراع، لاجبت ".
هذا حديث غريب، وعائذ ضعيف الحديث، من صغار التابعين (2).

223 - علي بن بكار * الامام الرباني العابد، أبو الحسن، البصري الزاهد، نزيل المصيصة، ومريد إبراهيم بن أدهم.
حدث عن: ابن عون، ومحمد بن عمرو، وحسين المعلم، وهشام ابن حسان، والاوزاعي، وطائفة.
وليس هو بالمكثر.
روى عنه: هناد بن السري، ويوسف بن سعيد بن مسلم،
__________
(1) قال الحافظ في " التهذيب ": روى له النسائي أثرا واحدا في أثناء الصلاة في " السنن الكبرى " رواية ابن الاحمر من روايته عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن محرر بن أبي هريرة في تسمية أبيه أبي هريرة، وقال بعده: بكر بن بكار ليس بقوي، وسفيان بن حسين ضعيف.
(2) لكن صح الحديث عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه البخاري 5 / 147، في الهبة: باب القليل من الهبة، وأحمد 2 / 424، و 479 و 481 و 512 بلفظ: " لو دعيت إلى ذراع أو كراع لاجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت ".
* التاريخ الكبير 6 / 262، الجرح والتعديل 6 / 176، حلية الاولياء 9 / 317.
(*)

(9/584)


والفيض بن إسحاق، وسلمة بن شبيب، وبركة بن محمد الحلبي الواهي، وعبد الله بن خبيق الانطاكي وآخرون.
قال يوسف بن مسلم: بكى علي بن بكار، حتى عمي، وكان قد أثرت الدموع في خديه.
قلت: وكان فارسا، مرابطا، مجاهدا كثير الغزو، فروي عنه أنه قال: واقعنا العدو، فانهزم المسلمون، وقصر بي فرسي، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال الفرس: نعم، إنا لله وإنا إليه راجعون، حيث تتكل على فلانة في علفي.
فضمنت أن لا يليه غيري (1).
وعنه قال: لان ألقى الشيطان أحب إلي من أن ألقى حذيفة المرعشي، أخاف أن أتصنع له، فأسقط من عين الله (2).
وقال موسى بن طريف: كان الجارية تفرش لعلي بن بكار، فيلمسه بيده، ويقول: والله إنك لطيب، والله إنك لبارد، والله لا علوتك الليلة، وكان يصلي الفجر، بوضوء العتمة (3).
قال مطين: مات سنة سبع ومئتين.
قلت: أما علي بن بكار المصيصي الصغير، فآخر، بقي إلى سنة نيف وأربعين ومئتين.
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 318.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 318، 319.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 318.
(*)

(9/585)


224 - النباجي * القدوة، العابد، الرباني، أبو عبد الله، سعيد بن بريد الصوفي.
له كلام شريف، ومواعظ.
حكى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن محمد بن بكر
القرشي، ومحمد بن يوسف الاصبهاني، وسهل بن عاصم، وغيرهم.
روى أبو نعيم، عن أبيه، عن خاله، أن النباجي كان مجاب الدعوة، وله آيات وكرامات، كان في سفر، فأصاب رجل عائن ناقته بالعين، فجاءه النباجي، ودعا عليه بألفاظ، فخرجت حدقتا العائن، ونشطت الناقة (1).
وعنه قال: ما ظننت أن أحدا يكون في الصلاة، فيقع في سمعه غير ما يخاطبه الله (2).
وعنه قال: لو جعلت لي دعوة مجابة ما سألت الفردوس، ولكنت أسأل الرضى، فهو تعجيل الفردوس (3).
قال ابن بكر: سمعت النباجي يقول: ينبغي أن نكون بدعاء إخواننا أوثق منا بأعمالنا، نخاف في أعمالنا التقصير، ونرجو أن نكون في دعائهم لنا مخلصين (4).
للنباجي ترجمة طويلة في " الحلية " (5).
__________
* " حلية الاولياء " 9 / 310.
(1) " حلية الاولياء " 9 / 316، 317.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 317.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 315.
(4) " حلية الاولياء " 9 / 312.
(5) تحرف اسمه في المطبوع من " الحلية " إلى " سعد بن يزيد الساجي ".
[ * ]

(9/586)


بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء التاسع من سير أعلام النبلاء ويتلوه الجزء العاشر وأوله
روى أبو نعيم، عن أبيه، عن خاله، أن النباجي كان مجاب الدعوة، وله آيات وكرامات، كان في سفر، فأصاب رجل عائن ناقته بالعين، فجاءه النباجي، ودعا عليه بألفاظ، فخرجت حدقتا العائن، ونشطت الناقة (1).
وعنه قال: ما ظننت أن أحدا يكون في الصلاة، فيقع في سمعه غير ما يخاطبه الله (2).
وعنه قال: لو جعلت لي دعوة مجابة ما سألت الفردوس، ولكنت أسأل الرضى، فهو تعجيل الفردوس (3).
قال ابن بكر: سمعت النباجي يقول: ينبغي أن نكون بدعاء إخواننا أوثق منا بأعمالنا، نخاف في أعمالنا التقصير، ونرجو أن نكون في دعائهم لنا مخلصين (4).
للنباجي ترجمة طويلة في " الحلية " (5).
__________
* " حلية الاولياء " 9 / 310.
(1) " حلية الاولياء " 9 / 316، 317.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 317.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 315.
(4) " حلية الاولياء " 9 / 312.
(5) تحرف اسمه في المطبوع من " الحلية " إلى " سعد بن يزيد الساجي ".
[ * ]

(9/587)


بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء التاسع من سير أعلام النبلاء ويتلوه الجزء العاشر وأوله ترجمة الامام الشافعي

(9/587)