سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 10
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 10
(10/)
سيرة أعلام النبلاء الجزء العاشر
(10/1)
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة ان
تطبع أو تعطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسة رسمية أو افرادا الطبعة التاسعة 1413 ه -
1993 م مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي
وصالحة
(10/2)
سير أعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء العاشر أشرف
على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه * حقق هذا الجزء شعيب
الارنؤوط * محمد نعيم العرقسوسي مؤسسة الرسالة
(10/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
(10/4)
1 - الامام الشافعي
* (خت، 4) (1) محمد بن
إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن
عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن
مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب، الامام، عالم العصر، ناصر
الحديث، فقيه
__________
(*) التاريخ الكبير 1 / 42، التاريخ الصغير 2 / 302، الجرح
والتعديل 7 / 201، حلية الاولياء 9 / 63 - 161، الفهرست
263، مناقب الشافعي للبيهقي، الانتقاء: 65 - 121، تاريخ
بغداد 2 / 56 - 73، طبقات الفقهاء للشيرازي: 48 - 50،
طبقات الحنابلة 1 / 280، ترتيب المدارك 2 / 382، الانساب 7
/ 251 - 254، تاريخ ابن عساكر 14 / 395 - 418 و 15 / 1 -
25، صفة الصفوة 2 / 95، مناقب الشافعي للرازي، معجم
الادباء 17 / 281 - 327، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 44 -
67، وفيات الاعيان 4 / 163 - 169، المختصر في أخبار البشر
2 / 28 - 29، تهذيب الكمال لوحة 1160، تذهيب التهذيب 3 /
لوحة 180 / 2، تاريخ الاسلام 11 / 29 ب - 39 أ، تذكرة
الحفاظ 1 / 361 - 363، الكاشف 3 / 17، عيون التواريخ 7 /
لوحة 172 - 183، الوافي بالوفيات 2 / 171 - 181، مرآة
الجنان 2 / 13 - 28، طبقات الشافعية للسبكي: انظر الجزء
الاول، البداية والنهاية 10 / 251 - 254، الديباج المذهب 2
/ 156 - 161، غاية النهاية 2 / 95، طبقات النحاة لابن قاضي
شهبة 1 / 21، تهذيب التهذيب 9 / 25، توالي التأسيس بمعالي
ابن إدريس، النجوم الزاهرة 2 / 176، 177، طبقات الحفاظ:
152، حسن المحاضرة 1 / 303 - 304، خلاصة تذهيب الكمال:
326، طبقات المفسرين 2 / 98، مفتاح السعادة 2 / 88 - 94،
تاريخ الخميس 2 / 335، طبقات الشافعية لابن هداية الله: 11
- 14، شذرات الذهب 2 / 9 - 11، شرح إحياء علوم الدين 1 /
191 - 201، الرسالة المستطرفة: 17.
(1) لم تذكر هذه الرموز في الاصل، واستدركت من " تهذيب
الكمال " و " تذهيب
التهذيب "، وفي المطبوع من " تهذيب التهذيب " و " تقريب
التهذيب " زيادة رمز " م " إشارة إلى أن مسلما روى له، وهو
خطأ.
(*)
(10/5)
الملة، أبو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي،
الغزي (1) المولد، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبدالمطلب.
اتفق مولد الامام بغزة، ومات أبوه إدريس شابا، فنشأ محمد
يتيما في حجر أمه، فخافت عليه الضيعة، فتحولت به إلى محتده
وهو ابن عامين، فنشأ بمكة، وأقبل على الرمي، حتى فاق فيه
الاقران، وصار يصيب من عشرة أسهم تسعة، ثم أقبل على
العربية والشعر، فبرع في ذلك وتقدم.
ثم حبب إليه الفقه، فساد أهل زمانه.
وأخذ العلم ببلده عن: مسلم بن خالد الزنجي (2) مفتي مكة،
وداود ابن عبدالرحمن العطار، وعمه (3) محمد بن علي بن
شافع، فهو ابن عم العباس جد الشافعي، وسفيان بن عيينة،
وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وسعيد بن سالم، وفضيل بن
عياض، وعدة.
ولم أر له شيئا عن نافع بن عمر الجمحي ونحوه، وكان معه
بمكة.
وارتحل - وهو ابن نيف وعشرين سنة وقد أفتى وتأهل للامامة -
إلى
__________
(1) نسبة إلى غزة، مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر، وهي
جنوب فلسطين بينها وبين عسقلان فرسخان، وفيها مات هاشم بن
عبد مناف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبها قبره،
ولذلك يقال لها: غزة هاشم.
(2) قال ابن سعد: كان أبيض مشربا بحمرة، وإنما قيل له:
الزنجي، لمحبته التمر،
قالت له جاريته: ما أنت إلا زنجي لاكل التمر، فبقي عليه
هذا اللقب.
ومسلم بن خالد هذا على جلالة قدره في الفقه ضعيف في الحديث
لسوء حفظه.
(3) في الاصل " عمهم " وهو خطأ، والمثبت من " تهذيب "
المزي، و " تذهيب " المؤلف.
(*)
(10/6)
المدينة، فحمل عن مالك بن أنس " الموطأ " عرضة من حفظه،
وقيل: من حفظه لاكثره - وحمل عن: إبراهيم بن أبي يحيى (1)
فأكثر، وعبد العزيز الدراوردي، وعطاف بن خالد، وإسماعيل بن
جعفر، وإبراهيم بن سعد وطبقتهم.
وأخذ باليمن عن: مطرف بن مازن، وهشام بن يوسف القاضي،
وطائفة، وببغداد عن: محمد بن الحسن، فقيه العراق، ولازمه،
وحمل عنه وقر بعير، وعن إسماعيل ابن علية، وعبد الوهاب
الثقفي وخلق.
وصنف التصانيف، ودون العلم، ورد على الائمة متبعا الاثر،
وصنف في أصول الفقه وفروعه، وبعد صيته، وتكاثر عليه
الطلبة.
حدث عنه: الحميدي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن
حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو يعقوب يوسف البويطي،
وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وحرملة بن يحيى، وموسى
بن أبي الجارود المكي، وعبد العزيز المكي صاحب " الحيدة "
(2)، وحسين بن علي
__________
(1) هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي المدني أحد
الضعفاء المتروكين.
قال ابن حبان في " الضعفاء " 1 / 105، 107: كان مالك وابن
المبارك ينهيان عنه، وتركه يحيى القطان، وابن مهدي، وكان
الشافعي يروي عنه، كان إبراهيم يرى القدر، ويذهب إلى كلام
جهم، ويكذب مع ذلك في الحديث..وأما الشافعي، فإنه كان
يجالسه في حداثته، ويحفظ
عنه حفظ الصبي، والحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، فلما دخل
مصر في آخر عمره، وأخذ يصنف الكتب المبسوطة، احتاج إلى
الاخبار، ولم تكن معه كتبه، فأكثر ما أودع الكتب من حفظه،
فمن أجله ما روى عنه، وربما كنى عنه، ولا يسميه في كتبه،
وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي إذا قال: حدثنا من لا
أتهم يريد إبراهيم بن أبي يحيى.
(2) هو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون
الكناني المكي: قدم بغداد في أيام المأمون، وجرى بينه وبين
بشر المريسي مناظرة في القرآن، وكان من أهل العلم والفضل،
وله مصنفات عدة، منها كتاب " الحيدة "، وهو مطبوع متداول،
إلا أن المؤلف = (*)
(10/7)
الكرابيسي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن محمد
الزعفراني، وأحمد بن محمد الازرقي، وأحمد بن سعيد
الهمداني، وأحمد بن أبي شريح الرازي، وأحمد بن يحيى بن
وزير المصري، وأحمد بن عبدالرحمن الوهبي، وابن عمه إبراهيم
بن محمد الشافعي، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن بهلول، وأبو
عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي المتكلم، والحارث بن سريج
النقال، وحامد بن يحيى البلخي، وسليمان بن داود المهري،
وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وعلي بن معبد الرقي، وعلي
بن سلمة اللبقي، وعمرو بن سواد، وأبو حنيفة قحزم بن عبد
الله الاسواني، ومحمد بن يحيى العدني، ومسعود ابن سهل
المصري، وهارون بن سعيد الايلي، وأحمد بن سنان القطان،
وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، ويونس بن عبدالاعلى،
والربيع ابن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي،
ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر الخولاني،
وخلق سواهم، وقد أفرد الدارقطني كتاب من له رواية عن
الشافعي في جزأين،
وصنف الكبار في مناقب هذا الامام قديما وحديثا (1)، ونال
بعض الناس
__________
= الذهبي يشكك في صحة نسبته إليه، فقد قال في " الميزان "
2 / 639: لم يصح إسناد كتاب " الحيدة " إليه، فكأنه وضع
عليه.
وكان ممن تفقه بالشافعي، واشتهر بصحبته، توفي قبل الاربعين
ومئتين تقريبا.
(1) قال السبكي في " طبقات الشافعية " 1 / 343 - 345: وأول
من بلغني صنف في مناقب الشافعي الامام داود بن علي
الاصفهاني إمام أهل الظاهر، له مصنفات في ذلك.
ثم صنف زكريا بن يحيى الساجي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ثم
صنف أبو الحسن محمد بن الحسين ابن إبراهيم الآبري كتابا
حافلا رتبه على أربعة وسبعين بابا، ثم ألف الحاكم أبو عبد
الله ابن البيع الحافظ مصنفا جامعا، وصنف في عصره أيضا أبو
علي الحسن بن الحسين بن حمكان الاصبهاني مختصرا في هذا
النوع، ثم صنف أبو عبد الله ابن شاكر القطان مختصره
المشهور، ثم صنف الامام الزاهد إسماعيل بن محمد السرخسي
القراب مجموعا حافلا، رتبه على مئة وستة عشر بابا، = (*)
(10/8)
منه غضا، فما زاده ذلك إلا رفعة وجلالة، ولاح للمنصفين أن
كلام أقرانه فيه بهوى، وقل من برز في الامامة، ورد على من
خالفه إلا وعودي، نعوذ بالله من الهوى، وهذه الاوراق تضيق
عن مناقب هذا السيد.
فأما جدهم السائب المطلبي، فكان من كبراء من حضر بدرا مع
الجاهلية، فأسر يومئذ، وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه
وسلم، ووالدته هي الشفاء بنت أرقم بن نضلة، ونضلة هو أخو
عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، فيقال: إنه بعد أن
فدى نفسه، أسلم (1).
وابنه شافع له رؤية، وهو معدود في صغار الصحابة (2).
وولده عثمان تابعي، لا أعلم له كبير رواية.
وكان أخوال الشافعي من الازد.
عن ابن عبد الحكم قال: لما حملت والدة الشافعي به، رأت كأن
__________
= ثم صنف الاستاذ الجليل أبو منصور عبدالقاهر بن طاهر
البغدادي كتابين: أحدهما كبير حافل يختص بالمناقب، والآخر
مختصر محقق يختص بالرد على الجرجاني الحنفي الذي تعرض
لجناب هذا الامام.
ثم صنف الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي كتابه في المناقب،
المشهور، والحسن الجامع المحقق، وكتبا أخر في هذا النوع،
مثل " بيان خطأ من خطأ الشافعي " وعيره، ثم صنف الحافظ
الكبير أبو بكر الخطيب مجموعا في المناقب، ومختصرا في
الاحتجاج بالشافعي، ثم صنف الامام فخر الدين الرازي كتابه
المشهور، والمرتب على أبواب وتقاسيم، وصنف الحافظ أبو عبيد
الله محمد بن محمد بن أبي زيد الاصبهاني، المعروف بابن
المقرئ، كتابين: أحدهما سماه " شفاء الصدور في محاسن صدر
الصدور "، والآخر مجلد كبير، وهو مختصر من شفاء الصدور،
سماه: " الكتاب الذي أعده شافعي في مناقب الامام الشافعي
".
وصنف الحافظ أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي، المعروف
بفندق، كتابا كبيرا في المناقب.
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 58، و " أسد الغابة " 2 / 317، و
" مناقب الشافعي " للبيهقي 1 / 79، 80، و " توالي التأسيس
": 45، و " الاصابة " 2 / 11.
(2) انظر " أسد الغابة " 2 / 501، و " الاصابة " 2 / 135.
(*)
(10/9)
المشتري خرج من فرجها، حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلدة
منه شظية، فتأوله المعبرون أنها تلد عالما، يخص علمه أهل
مصر، ثم يتفرق في البلدان (1).
هذه رواية منقطعة.
وعن أبي عبد الله الشافعي، فيما نقله ابن أبي حاتم، عن ابن
أخي ابن وهب عنه، قال: ولدت باليمن - يعني القبيلة، فإن
أمه أزدية - قال: فخافت أمي علي الضيعة، وقالت: الحق
بأهلك، فتكون مثلهم، فإني
أخاف عليك أن تغلب على نسبك، فجهزتني إلى مكة، فقدمتها
يومئذ وأنا ابن عشر سنين، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب
العلم، فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك،
فجعلت لذتي في العلم (2).
قال ابن أبي حاتم: سمعت عمرو بن سواد: قال لي الشافعي:
ولدت بعسقلان، فلما أتى علي سنتان، حملتني أمي إلى مكة.
وقال ابن عبد الحكم: قال لي الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين
ومئة، وحملت إلى مكة ابن سنتين.
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 58، 59.
(2) " آداب الشافعي " لابن أبي حاتم 21، 22، و " مناقب
الشافعي " للبيهقي 1 / 73، 74 و " معرفة السنن والآثار " 1
/ 128، و " تاريخ بغداد " 2 / 59، و " مناقب الشافعي "
للرازي: 8، و " توالي التأسيس " 49 - 50، وقد علق الحافظ
ابن حجر على قوله: ولدت باليمن، فقال: قال الحافظ شمس
الدين الذهبي شيخ شيوخنا: هذا القول غلط إلا أن يريد
باليمن قبيلة.
قلت (القائل ابن حجر): سبقه إلى ذلك البيهقي في المدخل،
وهو محتمل، أو وهم أحمد بن عبدالرحمن في قوله: ولدت، وإنما
أراد نشأت، فالذي يجمع الاقوال أنه ولد بغزة عسقلان، ولما
بلغ سنتين حولته أمه إلى الحجاز ودخلت به إلى قومها وهم من
أهل اليمن لانها كانت أزدية، فنزلت عندهم، فلما بلغ عشرا
خافت على نسبه الشريف أن ينسى ويضيع، فحولته إلى مكة.
(*)
(10/10)
قال المزني: ما رأيت أحسن وجها من الشافعي رحمه الله وكان
ربما قبض على لحيته فلا يفضل عن قبضته.
قال الربيع المؤذن: سمعت الشافعي يقول: كنت ألزم الرمي حتى
كان الطبيب يقول لي: أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في
الحر، قال: وكنت أصيب من العشرة تسعة (1).
قال الحميدي: سمعت الشافعي يقول: كنت يتيما في حجر أمي،
ولم يكن لها ما تعطيني للمعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن
أقوم على الصبيان إذا غاب، وأخفف عنه (2).
وعن الشافعي قال: كنت أكتب في الاكتاف والعظام، وكنت أذهب
إلى الديوان، فأستوهب الظهور، فأكتب فيها.
قال عمرو بن سواد: قال لي الشافعي: كانت نهمتي في الرمي
وطلب العلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة،
وسكت عن العلم، فقلت: أنت والله في العلم أكبر منك في
الرمي (3).
قال أحمد بن إبراهيم الطائي الاقطع: حدثنا المزني، سمع
الشافعي يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت "
الموطأ " وأنا ابن عشر (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 60، و " المناقب " للبيهقي 2 /
128.
(2) " آداب الشافعي ": 24، و " حلية الاولياء " 9 / 73، و
" توالي التأسيس ": 50، و " المناقب " للرازي: 9، و "
المناقب " للبيهقي 1 / 92.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 59، 60، و " حلية الاولياء " 9 /
77، و " آداب الشافعي ": 22، و " تهذيب الكمال ": لوحة:
1161، و " تهذيب التهذيب " 9 / 25، 26، و " توالي التأسيس
": 49 و 67، و " المناقب " للبيهقي 2 / 127، 128.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 62، 63، و " توالي التأسيس ": 50،
و " تهذيب الكمال " لوحة: 1161.
(*)
(10/11)
الاقطع مجهول.
وفي " مناقب الشافعي " للآبري (1): سمعت الزبير بن عبد
الواحد
الهمذاني، أخبرنا علي بن محمد بن عيسى، سمعت الربيع بن
سليمان يقول: ولد الشافعي يوم مات أبو حنيفة رحمهما الله
تعالى (2).
وعن الشافعي قال: أتيت مالكا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة - كذا
قال، والظاهر أنه كان ابن ثلاث وعشرين سنة - قال: فأتيت
ابن عم لي والي المدينة، فكلم مالكا، فقال: اطلب من يقرأ
لك.
قلت: أنا أقرأ، فقرأت عليه، فكان ربما قال لي لشئ قد مر:
أعده، فأعيده حفظا، فكأنه أعجبه، ثم سألته عن مسألة،
فأجابني، ثم أخرى، فقال: أنت تحب أن تكون قاضيا (3).
ويروى عن الشافعي: أقمت في بطون العرب عشرين سنة، آخذ
أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أنه مر بي حرف
إلا وقد
__________
(1) هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري
السجستاني المتوفى 363 ه، وآبر: قرية من عمل سجستان، وقد
وصف السبكي في " طبقاته " 1 / 344 كتابه هذا بأنه حافل
ومرتب على أربعة وسبعين بابا.
(2) " مناقب البيهقي " 1 / 72، و " مناقب الرازي ": 8، وفي
" توالي التأسيس ": ص 49: وأما زمان مولده، فلم يختلف فيه،
بل اتفقوا عليه، قال الحاكم: لا أعلم خلافا أنه ولد سنة
خمسين ومئة، وهو العام الذي مات فيه أبو حنيفة، ففيه إشارة
إلى أنه يخلفه في فنه، وقد قيل: إنه ولد في اليوم الذي مات
فيه، وزيفوه، وليس بواه، فقد أخرجه الآبري في " مناقب
الشافعي " بسند جيد إلى الربيع بن سليمان، قال: ولد
الشافعي يوم مات أبو حنيفة.
لكن هذا اللفظ يقبل التأويل، فإنهم يطلقون اليوم، ويريدون
مطلق الزمان.
(3) هو في " مناقب الشافعي " للبيهقي 1 / 101، وفيه: " يجب
أن تكون قاضيا " وانظر " الحلية " 9 / 69، و " توالي
التأسيس ": 51، و " آداب الشافعي ": 27، 28، و " مناقب "
الرازي: 9، 10، و " الانتقاء ": 68، 69، و " تاريخ ابن
عساكر " 14 / 402.
(*)
(10/12)
علمت المعنى فيه والمراد، ما خلا حرفين، أحدهما: دساها
(1).
إسنادها فيه مجهول.
قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: قرأت القرآن على
إسماعيل بن قسطنطين، وقال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه
قرأ على عبد الله بن كثير، وقرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد
أنه قرأ على ابن عباس.
قال الشافعي: وكان إسماعيل يقول: القران اسم ليس بمهموز،
ولم يؤخذ من: " قرأت " ولو أخذ من " قرأت " كان كل ما قرئ
قرآنا، ولكنه اسم للقران مثل التوراة والانجيل (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 63، و " تهذيب الكمال " لوحة:
1161، و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 402 / 2، وجاء في "
الحلية " 9 / 104 عن ابن بنت الشافعي: سمعت أبي يقول: سمعت
الشافعي يقول: نظرت في دفتي المصحف، فعرفت مراد الله تعالى
فيه إلا حرفين واحد منهما قوله تعالى: [ وقد خاب من دساها
] فإني لم أجده.
وأخرجه البيهقي في " أحكام القرآن " 2 / 190 من طريق محمد
بن عبد الله بن محمد قال: سمعت الشافعي يقول: نظرت بين
دفتي المصحف، فعرفت مراد الله عزوجل في جميع ما فيه إلا
حرفين - ذكرهما وأنسيت أحدهما - والآخر: قوله تعالى: [ وقد
خاب من دساها ] فلم أجده في كلام العرب، فقرأت لمقاتل بن
سليمان أنها لغة السودان، وأن دساها: أغواها.
وعلق عليه البيهقي فقال: قوله: في كلام العرب، أراد لغتهم،
أو أراد فيما بلغه من كلام العرب، والذي ذكره مقاتل: " لغة
السودان " من كلام العرب.
قال ابن قتيبة في " مشكل القرآن " 267: [ وقد خاب من دساها
] أي: نقصها وأخفاها بترك عمل البر، وبركوب المعاصي،
والفاجر أبدا خفي المكان، زمر المروءة، غامض الشخص، ناكس
الرأس، ودساها من " دسست " فقلبت إحدى السينات ياء، كما
يقال:
لبيت، والاصل: لببت، وقصيت أظفاري، وأصله: قصصت، ومثله
كثير.
(2) إسناده حسن، إسماعيل بن قسطنطين: وهو إسماعيل بن عبد
الله بن قسطنطين أبو إسحاق المكي مولى بني مخزون المعروف
بالقسط مقرئ مكة المتوفى سنة 170، ترجمه ابن أبي حاتم في "
الجرح والتعديل " 2 / 180، فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا،
ووصفه ابن الجزري في " طبقاته " 1 / 166 بأنه ثقة ضابط،
وباقي رجال السند رجال الصحيح، وانظر " توالي التأسيس ":
42، و " مناقب الشافعي " للبيهقي 1 / 276، 277، و "
الاسماء والصفات ": 272، و " آداب الشافعي ": 141، 143، و
" تاريخ ابن عساكر " 14 / 402 / 1، و " طبقات = (*)
(10/13)
الاصم وابن أبي حاتم: حدثنا الربيع: سمعت الشافعي يقول:
قدمت على مالك، وقد حفظت " الموطأ " ظاهرا، فقلت: أريد
سماعه، قال: اطلب من يقرأ لك.
فقلت: لا عليك أن تسمع قراءتي، فإن سهل عليك قرأت لنفسي
(1).
أحمد بن الحسن الحماني: حدثنا أبو عبيد، قال: رأيت الشافعي
عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين دينارا، وقد كان
قبل ذلك دفع إليه خمسين درهما، وقال: إن اشتهيت العلم،
فالزم.
قال أبو عبيد: فسمعت الشافعي يقول: كتبت عن محمد وقر بعير،
ولما أعطاه محمد، قال له: لا تحتشم.
قال: لو كنت عندي ممن أحشمك (2)، ما قبلت برك (3).
ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول:
حملت عن محمد بن الحسن حمل بختي ليس عليه إلا سماعي (4).
__________
= القراء " 1 / 166، و " البداية " 10 / 252، و " تاريخ
بغداد " 2 / 62، و " مناقب الشافعي " للرازي: 70، و "
اللسان ": قرأ، وقراءة غير ابن كثير من القراء: (القرآن)
بالهمز مصدر قرأت
الشئ، أي: ألفته وجمعته، قراءة وقرآنا، كالغفران والكفران
والفرقان.
والاصل في هذه اللفظة الجمع، وكل شئ جمعته فقد قرأته، وسمي
القرآن، لانه جمع القصص والامر والنهي والوعد والوعيد،
والآيات والسور بعضها إلى بعض.
(1) " آداب الشافعي ": 27، 28، و " حلية الاولياء " 9 /
69، و " توالي التأسيس ": 51، و " الانتقاء " 68، 69.
(2) أي: أستحيي منك، والحشمة،: الانقباض عن أخيك في
المطعم، وطلب الحاجة.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 402 / 2.
(4) إسناده صحيح، وهو في " آداب الشافعي ": 33، و " الحلية
" 9 / 78، و " تاريخ بغداد " 2 / 176، و " الانتقاء ": 69،
و " الجواهر المضية " 2 / 43، وقال الحافظ في " توالي
التأسيس ": 54 انتهت رياسة الفقه بالمدينة إلى مالك بن
أنس، رحل (أي الشافعي) إليه، ولازمه وأخذ عنه، وانتهت
رياسة الغفة بالعراق إلى أبي حنيفة، فأخذ عن صاحبه محمد بن
= (*)
(10/14)
قال أحمد بن أبي سريج: سمعت الشافعي يقول: قد أنفقت على
كتب محمد ستين دينارا، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة
حديثا، يعني: رد عليه (1).
قال هارون بن سعيد: قال لي الشافعي: أخذت اللبان (2) سنة
للحفظ، فأعقبني صب الدم سنة.
قال أبو عبيد: ما رأيت أحدا أعقل من الشافعي، وكذا قال
يونس بن عبدالاعلى، حتى إنه قال: لو جمعت أمة لوسعهم عقله
(3).
قلت: هذا على سبيل المبالغة، فإن الكامل العقل لو نقص من
عقله نحو الربع، لبان عليه نقص ما، ولبقي له نظراء، فلو
ذهب نصف ذلك العقل منه، لظهر عليه النقص، فكيف به لو ذهب
ثلثا عقله ! فلو
أنك أخذت عقول ثلاثة أنفس مثلا، وصيرتها عقل واحد، لجاء
منه كامل العقل وزيادة.
جماعة: حدثنا الربيع، سمعت الحميدي، سمعت مسلم بن خالد
الزنجي يقول للشافعي: أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن
لك أن تفتي -
__________
= الحسن جملا ليس فيها شئ إلا وقد سمعه عليه، فاجتمع له
علم أهل الرأي، وعلم أهل الحديث، فتصرف في ذلك حتى أصل
الاصول، وقعد القواعد، وأذعن له الموافق والمخالف.
(1) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 402 / 2، وفيه: " ردا عليه
".
(2) هو نبات من الفصيلة البخورية يفرز صمغا، ويسمى الكندر.
وانظر فوائده في " المعتمد في الادوية المفردة " 434، 435،
والخبر في " آداب الشافعي ": 35، وابن عساكر 4 / 403 / 2،
و " شذرات الذهب " 2 / 9.
(3) " مناقب البيهقي " 2 / 185، 186، و " تاريخ ابن عساكر
" 14 / 403 / 2، و " توالي التأسيس " 58، و " معرفة السنن
والآثار " 1 / 127، و " البداية والنهاية " 10 / 253.
(*)
(10/15)
وهو ابن خمس عشرة سنة (1).
وقد رواها محمد بن بشر الزنبري، وأبو نعيم الاستراباذي، عن
الربيع، عن الحميدي قال: قال الزنجي.
وهذا أشبه، فإن (2) الحميدي يصغر عن السماع من مسلم، وما
رأينا له في " مسنده " عنه رواية (3).
جماعة: حدثنا الربيع، قال الشافعي: لان يلقى الله العبد
بكل ذنب إلا الشرك خير من أن يلقاه بشئ من الاهواء (4).
الزبير الاستراباذي: حدثني محمد بن يحيى بن آدم بمصر،
حدثنا ابن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول: لو علم الناس ما
في الكلام من الاهواء، لفروا منه كما يفرون من الاسد (5).
قال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في
مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا
موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة
(6).
__________
(1) و " مناقب البيهقي " 2 / 243، و " معرفة السنن والآثار
" 1 / 124، و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 405 / 1، و " آداب
الشافعي ": 39، 40، و " تاريخ بغداد " 2 / 64، و " الحلية
" 9 / 93، و " مناقب الرازي ": 18، و " توالي التأسيس ":
54.
(2) في الاصل: " قال " وهو خطأ.
(3) في " توالي التأسيس " ص 54: وأخرج الخطيب في " تاريخه
" 2 / 64، من طريق أخرى عن الربيع، عن الحميدي، قال: قال
مسلم بن خالد للشافعي: أفت فقد آن لك والله أن تفتي.
قال الخطيب: هذا هو الصواب، لان الحميدي يصغر عن إدراك قول
مسلم للشافعي في ذلك السن.
قلت (القائل ابن حجر): وكذلك أخرجه الآبري عن أبي نعيم
الجرجاني عن الربيع مثله ليس فيه سمعت مسلم بن خالد،
فلعلها وهم من بعض رواة الاول.
(4) " آداب الشافعي ": 187، و " مناقب البيهقي " 1 / 453،
و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 405 / 2، و " توالي التأسيس ":
64.
(5) " حلية الاولياء " 9 / 111، و " تاريخ ابن عساكر " 4 /
405 / 2.
(6) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 403 / 2.
(*)
(10/16)
قلت: هذا يدل على كمال عقل هذا الامام، وفقه نفسه، فما زال
النظراء يختلفون.
أبو جعفر الترمذي: حدثني أبو الفضل الواشجردي (1)، سمعت
أبا عبد الله الصاغاني قال: سألت يحيى بن أكثم عن أبي عبيد
والشافعي، أيهما أعلم ؟ قال: أبو عبيد كان يأتينا هاهنا
كثيرا، وكان رجلا إذا ساعدته
الكتب، كان حسن التصنيف من الكتب، وكان يرتبها بحسن ألفاظه
لاقتداره على العربية، وأما الشافعي، فقد كنا عند محمد بن
الحسن كثيرا في المناظرة، وكان رجلا قرشي العقل والفهم
والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الاصابة - أو
كلمة نحوها - ولو كان أكثر سماعا للحديث، لاستغنى أمة محمد
صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء (2).
قال معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن
إدريس في كل شئ، فوجدته كاملا (3).
قال أحمد بن محمد بن بنت الشافعي: سمعت أبي وعمي يقولان:
كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شئ من التفسير والفتيا، التفت
إلى الشافعي، فيقول: سلوا هذا (4).
وقال تميم بن عبد الله: سمعت سويد بن سعيد يقول: كنت عند
سفيان، فجاء الشافعي، فسلم، وجلس، فروى ابن عيينة حديثا
رقيقا،
__________
(1) نسبة إلى واشجرد بفتح الواو وسكون الشين وكسر الجيم
وسكون الراء: من قرى ما وراء نهر جيحون وبها كان الثغر
والمرابطة.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 403 / 2.
(3) تاريخ ابن عساكر " 14 / 404 / 1، و " توالي التأسيس ":
56.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 404 / 2، و " مناقب البيهقي
" 2 / 240.
(*)
(10/17)
فغشي على الشافعي، فقيل: يا أبا محمد، مات محمد بن إدريس،
فقال ابن عيينة: إن كان مات، فقد مات أفضل أهل زمانه (1).
الحاكم: سمعت أبا سعيد بن أبي عثمان، سمعت الحسن ابن صاحب
الشاشي، سمعت الربيع، سمعت الشافعي وسئل عن القرآن ؟
فقال: أف أف، القرآن كلام الله، من قال: مخلوق، فقد كفر
(2).
هذا إسناد صحيح.
أبو داود وأبو حاتم، عن أبي ثور، سمعت الشافعي يقول: ما
ارتدى أحد بالكلام، فأفلح (3).
محمد بن يحيى بن آدم: حدثنا ابن عبد الحكم، سمعت الشافعي
يقول: لو علم الناس ما في الكلام والاهواء، لفروا منه كما
يفرون من الاسد (4).
الزبير بن عبد الواحد: أخبرني علي بن محمد بمصر، حدثنا
محمد ابن عبد الله بن عبد الحكم قال: كان الشافعي بعد أن
ناظر حفصا الفرد يكره الكلام، وكان يقول: والله لان يفتي
العالم، فيقال: أخطأ العالم خير له
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 95، و " تاريخ ابن عساكر " 14 /
404 / 2، و " مناقب " الرازي: 17، 18.
(2) ابن عساكر 14 / 406 / 1، و " معرفة السنن والآثار " 1
/ 114، وعلق البيهقي على الخبر، فقال: وكل من لم يقل من
أصحابنا بتكفير أهل الاهواء من أهل القبلة، فإنه يحمل قول
السلف رضي الله عنهم في تكفيرهم على كفر دون كفر، وهو
المروي عن ابن عباس في تفسير الآية 44 من سورة المائدة،
أي: كفر عملي لا يخرج عن الملة.
(3) " آداب الشافعي ": 186، و " حلية الاولياء " 9 / 111.
(4) تقدم الخبر في الصفحة (16).
(*)
(10/18)
من أن يتكلم فيقال: زنديق، وما شئ أبغض إلي من الكلام
وأهله (1).
قلت: هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الاصول
ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.
الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من
أسماء الله فحنث، فعليه الكفارة، لان اسم الله غير مخلوق،
ومن حلف بالكعبة، وبالصفا والمروة، فليس عليه كفارة، لانه
مخلوق، وذاك غير مخلوق (2).
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر 4 / 405 / 1، ونقل البيهقي في "
المناقب " 1 / 453، 454، عن يونس بن عبدالاعلى قال: أتيت
الشافعي بعد ما كلم حفصا الفرد، فقال: غبت عنا يا أبو
موسى، لقد اطلعت من أهل الكلام على شئ والله ما توهمته قط،
ولان يبتلى المرء بجميع ما نهى الله عنه ما خلا الشرك
بالله خير من أن يبتليه الله بالكلام.
وعلق عليه البيهقي، فقال: إنما أراد الشافعي رحمه الله
بهذا الكلام حفصا وأمثاله من أهل البدع، وهذا مراده بكل ما
حكي عنه في ذم الكلام وذم أهله، غير أن بعض الرواة أطلقه،
وبعضهم قيده، وفي تقييد من قيده دليل على مراده، ثم نقل عن
أبي الوليد بن الجارود قوله: دخل حفص الفرد على الشافعي،
فكلمه، ثم خرج إلينا الشافعي، فقال لنا: لان يلقى الله
العبد بذنوب مثل جبال تهامة خير له من أن يلقاه باعتقاد
حرف مما عليه هذا الرجل وأصحابه، وكان يقول بخلق القرآن.
ثم قال: وهذه الروايات تدل على مراده بما أطلق عنه فيما
تقدم وفيما لم يذكرها هنا، وكيف يكون كلام أهل السنة
والجماعة مذموما عنده، وقد تكلم فيه، وناظر من ناظره فيه،
وكشف عن تمويه من ألقى إلى سمع بعض أصحابه من أهل الاهواء
شيئا مما هم فيه.
(2) " آداب الشافعي ": 193، و " الحلية " 9 / 113، و "
الاسماء والصفات " 257، 256، و " معرفة السنن والآثار " 1
/ 113، و " مناقب " البيهقي 1 / 403، وفيه زيادة وهي: وكل
يمين بغير الله، فهي مكروهة منهي عنها من قبل قول رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عزوجل ينهاكم أن
تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت ".
قال البيهقي: فجعل اليمين باسم من أسماء الله كاليمين
بالله، ثم قال: " ومن حلف
بشئ غير الله فلا كفارة عليه، فبين بذلك أنه لا يقال في
أسماء الله وصفاته: إنها أغيار، وإنما يقال: أغيار، لما
يكون مخلوقا.
(*)
(10/19)
وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة، سمعت الشافعي يقول: الخلفاء
خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز
(1).
قال الحارث بن سريج: سمعت يحيى القطان يقول: أنا أدعو الله
للشافعي، أخصه به (2).
وقال أبو بكر بن خلاد: أنا أدعو الله في دبر صلاتي للشافعي
(3).
الحسين بن علي الكرابيسي قال: قال الشافعي: كل متكلم على
الكتاب والسنة فهو الجد، وما سواه، فهو هذيان.
ابن خزيمة، وجماعة قالوا: حدثنا يونس بن عبدالاعلى: قال
الشافعي: لا يقال: لم للاصل، ولا كيف (4).
وعن يونس، سمع الشافعي يقول: الاصل: القرآن، والسنة، وقياس
عليهما، والاجماع أكبر من الحديث المنفرد (5).
__________
(1) " آداب الشافعي ": 189، و " مناقب " البيهقي 1 / 448،
و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 407 / 1، و " الانتقاء ": 82،
83.
وقال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " ص 249: ونص كثير
من الائمة على أن عمر بن عبد العزيز خليفة راشد أيضا، ويدل
عليه ما خرجه الامام أحمد 4 / 273 من حديث حذيفة رضي الله
عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تكون النبوة فيكم
ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج
النبي، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إليه، ثم
تكون ملكا عاضا ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن
يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية تكون ما شاء ألله أن تكون، ثم
يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج
نبوة " ثم سكت.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 243، و " تاريخ ابن عساكر " 14
/ 405 / 2، و " معرفة السنن والآثار " 1 / 24.
(3) ابن عساكر 14 / 409 / 1.
(4) انظر " مناقب الشافعي " للبيهقي 2 / 30.
(5) " حلية الاولياء " 9 / 105، و " آداب الشافعي ": 231،
233، و " مناقب = (*)
(10/20)
ابن أبي حاتم: سمعت يونس يقول: قال الشافعي: الاصل قرآن أو
سنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا صح الحديث فهو سنة،
والاجماع أكبر من الحديث المنفرد، والحديث على ظاهره، وإذا
احتمل الحديث معاني فما أشبه ظاهره، وليس المنقطع بشئ ما
عدا منقطع ابن المسيب (1)، وكلا رأيته استعمل الحديث
المنفرد، استعمل أهل المدينة
__________
= البيهقي " 2 / 30.
والاجماع: هو اتفاق جميع المجتهدين في عصر على حكم شرعي،
هو عند الشافعي في المسائل المعلومة من الدين ضرورة كما
صرح به في غير موضع من كتبه، فقد قال في " الرسالة " رقم
(1559): ولست أقول ولا أحد من أهل العلم: هذا مجتمع عليه
إلا لما لا تلقى عالما أبدا إلا قاله لك، وحكاه عمن قبله،
كالظهر أربع، وكتحريم الخمر، وما أشبه هذا، وقال في "
اختلاف الحديث " 7 / 147 بهامش " الام ": وكفى حجة على أن
دعوى الاجماع في كل الاحكام ليس كما ادعى من ادعى ما وصفت
من هذا ونظائر له أكثر منه، وجملته أن لم يدع الاجماع فيما
سوى جمل الفرائض التي كلفتها العامة أحد من أصحاب رسول
الله ولا التابعين، ولا القرن الذين من بعدهم، ولا القرن
الذين يلونهم، ولا عالم علمته على ظهر الارض، ولا أحد
نسبته العامة إلى علم إلا حينا من الزمان، فإن قائلا قال
فيه بمعنى لم أعلم أحدا من أهل العلم عرفه، وقد حفظت عن
عدد منهم إبطاله.
وقال في " جماع العلم ": 65، 66، وقد سئل: هل من إجماع ؟
فأجاب: نعم،
بحمد الله، كثير في جملة الفرائض التي لا يسمع جهلها، وذلك
الاجماع هو الذي لو قلت: أجمع الناس، لم تجد حولك أحدا
يعرف شيئا يقول لك ليس هذا بإجماع.
وانظر " الاحكام " لابن حزم 4 / 141 وما بعدها.
(1) يعني بالمنقطع ما أرسله، قال السخاوي في " شرح الالفية
" 1 / 140: قال النووي في " الارشاد ": اشتهر عند فقهاء
أصحابنا أن مرسل سعيد حجة عند الشافعي حتى إن كثيرا منهم
لا يعرفون غير ذلك، وليس الامر على ذلك.
ثم بينه بما ذكر معناه في " شرح المهذب " 1 / 99 فإنه قال
فيه عقب نقله عن الشافعي في المختصر مما رواه عنه الربيع
أيضا: إرسال ابن المسيب عندنا حسن ما نصه: اختلف أصحابنا
المتقدمون في معناه على وجهين - حكاهما الشيخ أبو إسحاق في
" اللمع "، والخطيب في كتابيه " الفقيه والمتفقه " و "
الكفاية " وآخرون: أحدهما: أنها حجة عنده بخلاف غيرها من
المراسيل، قالوا: لانها فتشت فوجدت مسندة.
ثانيهما: أنها ليست بحجة عنده، بل هي كغيرها على ما
ذكرناه.
قالوا: وإنما رجح الشافعي بمرسله، والترجيح بالمرسل جائز.
قال الخطيب في كتابه " الفقيه والمتفقه ": والصواب الثاني.
وأما الاول فليس بشئ.
= (*)
(10/21)
في التفليس قوله عليه السلام: " إذا أدرك الرجل ماله
بعينه، فهو أحق به (1) " واستعمل أهل العراق حديث العمرى
(2).
__________
= وكذا قال في " الكفاية ": إن الثاني هو الصحيح، لان في
مراسيل سعيد ما لم يوجد بحال من وجه يصح.
قال البيهقي: وقد ذكرنا لابن المسيب مراسيل لم يقبلها
الشافعي حيث لم ينضم إليها ما يؤكدها، ومراسيل لغيره قال
بها حين انضم إليها ما يؤكدها، قال: وزيادة ابن المسيب في
هذا على غيره أنه أصح التابعين إرسالا فيما زعم الحفاظ.
قال: وأما قول القفال المروزي في أول كتابه " شرح
التلخيص ": قال الشافعي في الرهن الصغير: مرسل سعيد عندنا
حجة، فهو محمول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي
والخطيب والمحققين.
وانظر " مناقب الشافعي " للبيهقي 2 / 30.
(1) أخرجه من حديث أبي هريرة مالك في " الموطأ " 2 / 678
في البيوع: باب ما جاء في إفلاس الغريم، والبخاري 5 / 47
في الاستقراض: باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض،
ومسلم (1559) في المساقاة: باب من أدرك ما باعه عند
المشتري وقد أفلس، والترمذي (162) في البيوع: باب ما جاء
إذا أفلس للرجل غريم، وأبو داود (3519) في البيوع: باب في
الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه، والنسائي 7 / 311 في
البيوع: باب الرجل يبتاع فيفلس، وابن ماجه (2358) في
الاحكام: باب من وجد متاعه بعينه، والبيهقي 6 / 46، 47
ولفظه: " من أدرك ما له بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس،
فهو أحق به من غيره " قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض
أهل العلم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل
العلم: هو أسوة الغرماء، وهو قول أهل الكوفة، وقال اللكنوي
في " التعليق الممجد " ص 34: ومذهب الحنفية في ذلك أن صاحب
المتاع ليس بأحق لا في الموت ولا في الحياة، لان المتاع
بعد ما قبضه المشتري صار ملكا خاصا له، والبائع صار أجنبيا
منه كسائر أمواله، فالغرماء شركاء للبائع فيه في كلتا
الصورتين، وإن لم يقبض، فالبائع أحق لاختصاصه به، وهذا
معنى واضح لولا ورود النص بالفرق، وسلفهم في ذلك علي، فإن
قتادة روى عن خلاس بن عمرو عن علي أنه قال: هو أسوة
الغرماء إذا وجدها بعينها.
وأحاديث خلاس عن علي ضعيفة، وروي مثله عن إبراهيم النخعي.
(2) الخبر في " آداب الشافعي ": 231، 232، و " الحلية " 9
/ 105، و " مناقب " البيهقي 1 / 167، 168، وحديث العمرى
رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها لا ترجع
إلى الذي أعطاها، لانه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث "،
أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 756 في الاقضية: باب القضاء
في العمرى، ومن طريق مسلم (1625) عن ابن شهاب الزهري، عن
أبي سلمة بن عبدالرحمن،
عن جابر..، وقوله: " لانه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث "
مدرج من قول أبي سلمة، بين ذلك ابن أبي ذئب كما في تنوير
الحوالك 2 / 225، ومسلم (1625) (24)، وأخرجه = (*)
(10/22)
ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع، سمعت الشافعي يقول: قراءة
الحديث خير من صلاة التطوع، وقال: طلب العلم أفضل من صلاة
النافلة (1) ابن أبي حاتم: حدثنا يونس، قلت للشافعي:
صاحبنا الليث يقول: لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما
قبلته.
قال: قصر، لو رأيته يمشي في الهواء لما قبلته (2).
قال الربيع: سمعت الشافعي قال لبعض أصحاب الحديث: أنتم
الصيادلة، ونحن الاطباء (3).
زكريا الساجي: حدثني أحمد بن مردك الرازي، سمعت عبد الله
بن صالح صاحب الليث يقول: كنا عند الشافعي في مجلسه، فجعل
يتكلم في تثبيت خبر الواحد عن النبي صلى الله عليه وسلم،
فكتبناه، وذهبنا به إلى إبراهيم بن
__________
= البخاري 5 / 175، 176 في الهبة، ومسلم (1625) (25) من
طرق أخرى عن أبي سلمة، عن جابر قال: " قضى النبي صلى الله
عليه وسلم بالعمرى أنها لمن وهبت له ".
والعمرى: أن يقول الرجل لآخر: داري لك عمرك، أو يقول: داري
هذه لك عمري، فإذا قال ذلك، وسلمها إليه ملكها المعمر،
ونفذ تصرفه فيها، وإذا مات تورث منه، سواء قال: هي لعقبك
من بعدك أو لورثتك أو لم يقل، قال البغوي: وهو قول زيد بن
ثابت وابن عمر، وبه قال عروة بن الزبير، وسليمان ابن يسار،
ومجاهد، وإليه ذهب الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
وأصحاب الرأي.
وقال مالك: العمرى ترجع إلى الذي أعمرها إذا لم يقل: هي لك
ولعقبك.
انظر " شرح السنة " 8 / 293، و " فتح الباري " 5 / 176، و
" الام " 3 / 176 و 189، 191،
و " شرح الزرقاني " على " الموطأ " 3 / 146، و " شرح معاني
الآثار " 4 / 90، 94، و " سنن البيهقي " 6 / 171، 176، و "
المغني " لابن قدامة 6 / 302.
(1) " آداب الشافعي ": 97، و " الحلية " 9 / 119، و "
توالي التأسيس ": 73، و " الانتقاء ": 84، و " تهذيب
الاسماء واللغات " 1 / 53، 54.
(2) " آداب الشافعي ": 184، و " مناقب " البيهقي 1 / 453.
(3) وجاء في " تاريخ ابن عساكر " 14 / 411 / 2 عن الامام
أحمد قال: كان الفقهاء أطباء، والمحدثون صيادلة، فجاء محمد
بن إدريس طبيبا صيدلانيا.
(*)
(10/23)
علية، وكان من غلمان أبي بكر الاصم (1)، وكان في مجلسه عند
باب الصوفي، (2) فلما قرأنا عليه جعل يحتج بإبطاله، فكتبنا
ما قال، وذهبنا به إلى الشافعي، فنقضه، وتكلم بإبطاله، ثم
كتبناه، وجئنا به إلى ابن علية، فنقضه، ثم جئنا به إلى
الشافعي، فقال: إن ابن علية ضال، قد جلس بباب الضوال يضل
الناس (3).
قلت: كان إبراهيم من كبار الجهمية، وأبوه إسماعيل (4) شيخ
المحدثين إمام.
المزني: سمعت الشافعي يقول: من تعلم القرآن عظمت قيمته،
ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته،
ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه،
ومن لم يصن نفسه، لم ينفعه علمه (5).
إبراهيم بن متويه الاصبهاني: سمعت يونس بن عبدالاعلى يقول:
قال الشافعي: كل حديث جاء من العراق، وليس له أصل في
الحجاز، فلا تقبله، وإن كان صحيحا، ما أريد إلا نصيحتك
(6).
قلت: ثم إن الشافعي رجع عن هذا، وصحح ما ثبت إسناده لهم
(7).
__________
(1) هو شيخ المعتزلة تقدمت ترجمته في الجزء التاسع ص 402.
(2) في " مناقب " البيهقي: وكان مجلسه بمصر عند باب
الضوال.
(3) " مناقب " البيهقي 1 / 457 (4) تقدمت ترجمته في الجزء
التاسع من هذا الكتاب ص 107.
(5) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 16 / 2، و " مناقب البيهقي "
1 / 282، و " مناقب " الرازي: 70، و " توالي التأسيس ":
72، و " طبقات الشافعية " للعبادي: 32.
(6) " آداب الشافعي ": 200 (7) في " معرفة السنن والآثار "
للبيهقي (64) بسنده إلى الشافعي قال: من عرف من = (*)
(10/24)
ويروى عنه: إذا لم يوجد للحديث أصل في الحجاز ضعف، أو قال:
ذهب نخاعه (1).
أخبرنا إبراهيم بن علي العابد في كتابه، أخبرنا زكريا
العلبي وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا
شيخ الاسلام أبو إسماعيل الهروي، قال: أفادني يعقوب،
وكتبته من خطه، أخبرنا أبو علي الخالدي، سمعت محمد بن
الحسين الزعفراني، سمعت عثمان بن سعيد بن بشار الانماطي،
سمعت المزني يقول: كنت أنظر في الكلام قبل أن يقدم
الشافعي، فلما قدم أتيته، فسألته عن مسألة من الكلام، فقال
لي: تدري أين أنت ؟ قلت: نعم، في مسجد الفسطاط.
قال لي: أنت في تاران (2) - قال عثمان: وتاران موضع في بحر
القلزم لا تكاد تسلم
__________
= أهل العراق ومن أهل بلدنا بالصدق والحفظ، قبلنا حديثه،
ومن عرف منهم من أهل بلدنا بالغلط رددنا حديثه، وما حابينا
أحدا، ولا حملنا عليه.
قال البيهقي: وعلى هذا مذهب أكثر أهل العلم بالحديث، وإنما
رغب بعض السلف عن رواية أهل العراق، لما ظهر من المناكير
والتدليس في روايات بعضهم، ثم قام بهذا العلم جماعة منهم
ومن غيرهم، فميزوا أهل الصدق من غيرهم، ومن دلس ممن لم
يدلس، وصنفوا فيه الكتب حتى أصبح من عمل في معرفة ما
عرفوه، وسعى في الوقوف على ما عملوه على خبرة من دينه وصحة
ما يجب الاعتماد عليه من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم،
فلله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
وانظر الصفحة 33 من هذا الجزء تعليق رقم (3).
(1) " آداب الشافعي ": 200.
(2) في " معجم ياقوت ": تاران: جزيرة في بحر القلزم، بين
القلزم وأيلة، وهو أخبث مكان في هذا البحر، وذاك أن به
دوران ماء في سفح جبل إذا وقعت الريح على ذروته انقطعت
الريح قسمين، فتلقي المركب بين شعبتين من هذا الجبل
متقابلتين، فتخرج الريح من كليهما، كل واحدة مقابلة
للاخرى، فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران
باختلاف الريحين، فتنقلب ولا تسلم أبدا، وقال البيهقي في "
مناقب الشافعي " 1 / 458: " تاران " في بحر القلزم، يقال:
فيها غرق فرعون وقومه، فشبه الشافعي المزني فيما أورد عليه
بعض أهل الالحاد ولم يكن عنده جواب بمن ركب البحر في
الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون وقومه، وأشرف على الهلاك،
ثم علمه جواب ما أورد عليه حتى زالت عنه تلك الشبهة، وفي
ذلك = (*)
(10/25)
منه سفينة - ثم ألقى علي مسألة في الفقه، فأجبت، فأدخل
شيئا أفسد جوابي، فأجبت بغير ذلك، فأدخل شيئا أفسد جوابي،
فجعلت كلما أجبت بشئ، أفسده، ثم قال لي: هذا الفقه الذي
فيه الكتاب والسنة وأقاويل الناس، يدخله مثل هذا، فكيف
الكلام في رب العالمين، الذي فيه الزلل كثير ؟ فتركت
الكلام، وأقبلت على الفقه (1).
عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت محمد بن داود يقول: لم
يحفظ في دهر الشافعي كله أنه تكلم في شئ من الاهواء، ولا
نسب إليه، ولا عرف به، مع بغضه لاهل الكلام والبدع.
وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: كان
الشافعي، إذا ثبت عنده الخبر، قلده، وخير خصلة كانت فيه لم
يكن يشتهي الكلام، إنما همته الفقه.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت عبدالرحمن بن محمد بن
حامد السلمي، سمعت محمد بن عقيل بن الازهر يقول: جاء رجل
إلى المزني يسأله عن شئ من الكلام، فقال: إني أكره هذا، بل
أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي، لقد سمعت الشافعي يقول: سئل
مالك عن الكلام والتوحيد، فقال: محال أن نظن بالنبي صلى
الله عليه وسلم أنه علم أمته الاستنجاء، ولم يعلمهم
التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " (2)،
فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد.
__________
دلالة على حسن معرفته بذلك، وأنه يجب الكشف عن تمويهات أهل
الالحاد عند الحاجة إليه.
وأراد بالكلام: ما وقع فيه أهل الالحاد من الالحاد، وأهل
البدع من البدع، والله أعلم.
(1) " مناقب " البيهقي 1 / 458، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 8 / 1 (2) هذا الحديث رواه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم عبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وجابر، وأنس بن مالك، =
(*)
(10/26)
زكريا الساجي: سمعت محمد بن إسماعيل، سمعت حسين بن علي
الكرابيسي يقول: شهدت الشافعي، ودخل عليه بشر المريسي،
فقال لبشر: أخبرني عما تدعو إليه، أكتاب ناطق، وفرض مفترض،
وسنة قائمة، ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال ؟ فقال بشر:
لا، إلا أنه لا يسعنا خلافه، فقال الشافعي: أقررت بنفسك
على الخطأ، فأين أنت
عن الكلام في الفقه والاخبار، يواليك الناس وتترك هذا ؟
قال: لنا نهمة فيه.
فلما خرج بشر، قال الشافعي: لا يفلح (1).
أبو ثور والربيع: سمعا الشافعي يقول: ما ارتدى أحد بالكلام
فأفلح (2).
__________
= والنعمان بن بشير، وأوس بن حذيفة، وطارق الاشجعي، فحديث
ابن عمر أخرجه البخاري 1 / 70، 71، ومسلم (22)، وحديث أبي
هريرة أخرجه البخاري 3 / 211، و 12 / 244، ومسلم (21)،
وأبو داود (2640)، والترمذي (2610)، وحديث جابر أخرجه مسلم
(21) (35)، والترمذي (3338)، وحديث أنس أخرجه البخاري 1 /
417، وأبو داود (2641)، والترمذي (2609)، والنسائي 7 / 75
و 8 / 109، وحديث النعمان بن بشير أخرجه النسائي 7 / 79،
80، وحديث أوس بن حذيفة أخرجه النسائي 7 / 80، 81، وحديث
طارق الاشجعي أخرجه مسلم (23)، وفي الباب عن غير هؤلاء،
وهو حديث متواتر.
(1) " مناقب " البيهقي 1 / 204، وبشر هذا تابع المعتزلة في
مسألة خلق القرآن، فزجره أبو يوسف القاضي، ولم ينزجر، قال
البغدادي في " أصول الدين " (308): فأما المريسي من أصحاب
أبي حنيفة فإنما وافق المعتزلة في خلق القرآن، وأكفرهم في
خلق الافعال.
وقال ابن تيمية في " منهاج السنة " 1 / 256: كان من
المرجئة لم يكن من المعتزلة، بل كان من كبار الجهمية.
وروى ابن زنجويه عن أحمد بن حنبل قال: كنت في مجلس أبي
يوسف القاضي حين أمر ببشر المريسي، فجر برجله فأخرج، ثم
رأيته بعد ذلك في المجلس، فقلت له: على ما فعل بك رجعت إلى
المجلس ؟ قال: لست أضيع حظي من العلم بما فعل بي بالامس.
وأسند ابن أبي العوام بطريق الطحاوي أن أبا يوسف كان يقول
لبشر المريسي: أي رجل أنت لولا رأيك السوء.
وقال الصيمري ص (156): وله تصانيف وروايات كثيرة عن أبي
يوسف، وكان من أهل الورع والزهد غير أنه رغب الناس عنه في
ذلك الزمان لاشتهاره بعلم الكلام وخوضه في ذلك، وعنه أخذ
حسين النجار مذهبه.
وسترد ترجمة بشر المريسي في هذا الجزء ص 199.
(2) تقدم في الصفحة (18) تعليق رقم (3).
(*)
(10/27)
قال الحسين بن إسماعيل المحاملي: قال المزني: سألت الشافعي
عن مسألة من الكلام، فقال: سلني عن شئ، إذا أخطات فيه،
قلت: أخطأت، ولا تسألني عن شئ إذا أخطأت فيه، قلت: كفرت
(1).
زكريا الساجي: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول:
قال لي الشافعي: يا محمد، إن سألك رجل عن شئ من الكلام،
فلا تجبه، فإنه إن سألك عن دية، فقلت درهما، أو دانقا، قال
لك: أخطأت، وإن سألك عن شئ من الكلام، فزللت، قال لك: كفرت
(2).
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: المراء في الدين يقسي
القلب، ويورث الضغائن (3).
وقال صالح جزرة: سمعت الربيع يقول: قال الشافعي: يا ربيع،
اقبل مني ثلاثة: لا تخوضن في أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فإن خصمك النبي صلى الله عليه وسلم غدا، ولا
تشتغل بالكلام، فإني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل.
وزاد المزني: ولا تشتغل بالنجوم (4).
وعن حسين الكرابيسي قال: سئل الشافعي عن شئ من الكلام،
__________
(1) جاء على هامش الاصل بخط مغاير ما نصه: حاشية: كل هذه
الآثار عن الامام الشافعي في ذم الكلام إنما هي في كلام
المعتزلة، لانه لم يكن ذلك الوقت متكلم غيرهم، فأما الكلام
على الوجه الصحيح، فليس مرادا له، إذ لم يكن ذلك في زمانه،
وإنما ظهرت بعده، فليتنبه لذلك.
(2) " مناقب " البيهقي 1 / 460.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 151، وفيه " المراء في العلم ".
(4) " توالي التأسيس ": 73، ولفظه فيه: لا تخض في أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم، فإن خصمك النبي صلى الله عليه
وسلم يوم القيامة، ولا تشتغل بالكلام، فإني قد اطلعت من
أهل الكلام على أمر عظيم، ولا تشتغل بالنجوم، فإنه يجر إلى
التعطيل.
(*)
(10/28)
فغضب، وقال: سل عن هذا حفصا الفرد وأصحابه أخزاهم الله
(1).
الاصم: سمعت الربيع، سمعت الشافعي يقول: وودت أن الناس
تعلموا هذا العلم - يعني كتبه - على أن لا ينسب إلي منه شئ
(2).
وعن الشافعي: حكمي في أهل الكلام حكم عمر في صبيغ (3).
الزعفراني وغيره: سمعنا الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام
أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الابل، ويطاف بهم في
العشائر، ينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة،
وأقبل على الكلام (4).
وقال أبو عبد الرحمن الاشعري صاحب الشافعي: قال الشافعي:
مذهبي في أهل الكلام تقنيع رؤوسهم بالسياط، وتشريدهم في
البلاد.
قلت: لعل هذا متواتر عن الامام.
الربيع: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا على الغلبة إلا
على الحق عندي.
والزعفراني عنه: ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة.
زكريا الساجي: حدثنا أحمد بن العباس النسائي، سمعت
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 111.
(2) " آداب الشافعي ": 91، و " الحلية " 9 / 118، و "
الانتقاء ": 84، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 53، و "
المجموع " 1 / 12، و " توالي التأسيس ": 62.
(3) هو صبيغ بن عسل الحنظلي، له إدراك، قدم المدينة، فجعل
يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، فأعد له عراجين
النخل، فقال: من أنت ؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، قال: وأنا
عبد الله عمر، فضربه حتى دمى رأسه، فقال: حسبك يا أمير
المؤمنين، قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي.
انظر " الاصابة " 2 / 198.
(4) " مناقب " البيهقي 1 / 462، و " توالي التأسيس ": 64.
(*)
(10/29)
الزعفراني، سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا في الكلام
إلا مرة، وأنا أستغفر الله من ذلك.
سعيد بن أحمد اللخمي: حدثنا يونس بن عبدالاعلى، سمعت
الشافعي يقول: إذا سمعت الرجل يقول: الاسم غير المسمى،
والشئ غير المشي، فاشهد عليه بالزندقة.
سعيد مصري لا أعرفه.
ويروى عن الربيع: سمعت الشافعي يقول في كتاب " الوصايا ":
لو أن رجلا أوصى بكتبه من العلم لآخر، وكان فيها كتب
الكلام، لم تدخل في الوصية، لانه ليس من العلم.
وعن أبي ثور: قلت للشافعي: ضع في الارجاء كتابا، فقال: دع
هذا.
فكأنه ذم الكلام.
محمد بن إسحاق بن خزيمة: سمعت الربيع يقول: لما كلم
الشافعي حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق.
فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم (1).
قال المزني: كان الشافعي ينهى عن الخوض في الكلام.
أبو حاتم الرازي: حدثنا يونس، سمعت الشافعي يقول: قالت لي
أم المريسي: كلم بشرا أن يكف عن الكلام، فكلمته، فدعاني
إلى الكلام (2).
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 407 / 1، و " مناقب "
البيهقي 1 / 407.
(2) " آداب الشافعي ": 187، و " تاريخ بغداد " 7 / 59، و "
الحلية " 9 / 110، 111.
(*)
(10/30)
الساجي: حدثنا إبراهيم بن زياد الابلي، سمعت البويطي يقول:
سألت الشافعي: أصلي خلف الرافضي ؟ قال: لا تصل خلف
الرافضي، ولا القدري، ولا المرجئ.
قلت: صفهم لنا.
قال: من قال: الايمان قول، فهو مرجئ، ومن قال: إن أبا بكر
وعمر ليسا بإمامين، فهو رافضي، ومن جعل المشيئة إلى نفسه،
فهو قدري.
ابن أبي حاتم: سمعت الربيع، قال لي الشافعي: لو أردت أن
أضع على كل مخالف كتابا لفعلت، ولكن ليس الكلام من شأني،
ولا أحب أن ينسب إلي منه شئ (1).
قلت: هذا النفس الزكي متواتر عن الشافعي.
قال علي بن محمد بن أبان القاضي: حدثنا أبويحيى زكريا
الساجي، حدثنا المزني، قال: قلت: إن كان أحد يخرج ما في
ضميري، وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي، فصرت
إليه، وهو في مسجد مصر، فلما جثوت بين يديه، قلت: هجس في
ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أن أحدا لا يعلم علمك، فما
الذي عندك ؟ فغضب، ثم قال: أتدري أين أنت ؟ قلت: نعم، قال:
هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون.
أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن
ذلك ؟ قلت: لا، قال: هل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت: لا، قال:
تدري كم نجما في السماء ؟ قلت: لا، قال: فكوكب منها: تعرف
جنسه، طلوعه، أفوله، مم خلق ؟ قلت: لا، قال: فشئ تراه
بعينك من الخلق لست تعرفه، تتكلم في علم خالقه ؟ ! ثم
سألني عن مسألة في
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 5 / 1.
(*)
(10/31)
الوضوء، فأخطأت فيها، ففرعها على أربعة أوجه، فلم أصب في
شئ منه، فقال: شئ تحتاج إليه في اليوم خمس مرات، تدع علمه،
وتتكلف علم الخالق، إذا هجس في ضميرك ذلك، فارجع إلى الله،
وإلى قوله تعالى: [ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن
الرحيم.
إن في خلق السماوات والارض ] الآية [ البقرة: 163 و 164 ]
فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف علم ما لم يبلغه
عقلك.
قال: فتبت (1).
قال ابن أبي حاتم: في كتابي عن الربيع بن سليمان، قال:
حضرت الشافعي، أو حدثني أبو شعيب، إلا أني أعلم أنه حضر
عبد الله ابن عبد الحكم، ويوسف بن عمرو، وحفص الفرد، وكان
الشافعي يسميه: حفصا المنفرد، فسأل حفص عبد الله: ما تقول
في القرآن ؟ فأبى أن يجيبه، فسأل يوسف، فلم يجبه، وأشار
إلى الشافعي، فسأل الشافعي، واحتج عليه، فطالت فيه
المناظرة، فقام الشافعي بالحجة عليه بأن القرآن كلام الله
غير مخلوق، وبكفر حفص.
قال الربيع: فلقيت حفصا، فقال: أراد الشافعي قتلي (2).
الربيع: سمعت الشافعي يقول: الايمان قول وعمل، يزيد وينقص
(3).
__________
(1) تقدم الخبر بنحوه في الصفحة: 25، 26.
(2) " آداب الشافعي ": 194، 195، و " الاسماء والصفات "
للبيهقي: 252، و " المناقب " له 1 / 455، وبنحوه من طريق
آخر في " الحلية " 9 / 112، و " توالي التأسيس " 56.
(3) " الانتقاء ": 81، و " تهذيب الاسماء " 1 / 66، و "
توالي التأسيس ": 64، و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 405، و "
آداب الشافعي ": 192.
(*)
(10/32)
وسمعته يقول: تجاوز الله عما في القلوب، وكتب على الناس
الافعال والاقاويل (1).
وقال المزني: قال الشافعي: يقال لمن ترك الصلاة لا يعملها:
فإن صليت وإلا استتبناك، فإن تبت، وإلا قتلناك، كما تكفر،
فنقول: إن آمنت وإلا قتلناك.
وعن الشافعي قال: ما كابرني أحد على الحق ودافع، إلا سقط
من عيني، ولا قبله إلا هبته، واعتقدت مودته (2).
عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: قال الشافعي:
أنتم أعلم بالاخبار الصحاح منا، فإذا كان خبر صحيح،
فأعلمني حتى أذهب إليه، كوفيا كان، أو بصريا، أو شاميا
(3).
وقال حرملة: قال الشافعي: كل ما قلته فكان من رسول الله
صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صح، فهو أولى، ولا
تقلدوني (4).
__________
(1) مقتبس من حديث صحيح أخرجه البخاري 5 / 116، 11 / 478،
ومسلم (127)، وأبو داود (2209)، والترمذي (1183)، والنسائي
6 / 156، 157 وابن ماجه (2540) من حديث أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تجاوز لامتي ما
حدثت به أنفسها
ما لم يعملوا أو يتكلموا " وفي رواية: " ما وسوست به
صدورها "، وللحافظ ابن رجب كلام جيد على هذا الحديث في "
جامع العلوم والحكم " ص 334، 335، فليراجع.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 8 / 2، و " توالي التأسيس ":
73.
(3) إسناده صحيح، وهو في " آداب الشافعي " 94، 95، و "
الحلية " 9 / 170، و " الانتقاء ": 75، و " طبقات الحنابلة
" 1 / 282، و " شذرات الذهب " 2 / 10، و " مناقب " الرازي:
127، و " توالي التأسيس ": 63، و " تاريخ ابن عساكر " 15 /
9 / 1، وهذا النص يؤكد أن الشافعي رضي الله عنه رجع عن
رفضه لحديث العراقيين، كما تقدم في الصفحة (24، 25).
(4) " آداب الشافعي ": 67، 68، و " مناقب " البيهقي 1 /
473، و " حلية الاولياء " = (*)
(10/33)
الربيع: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها، ودعوا ما قلته
(1).
وسمعته يقول - وقد قال له رجل: تأخذ بهذا الحديث يا أبا
عبد الله ؟ فقال: متى رويت عن رسول الله حديثا صحيحا ولم
آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب (2).
وقال الحميدي: روى الشافعي يوما حديثا، فقلت: أتأخذ به ؟
فقال: رأيتني خرجت من كنيسة، أو علي زنار، حتى إذا سمعت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا أقول به (3) ؟ !
__________
9 / 106، 107، و " توالي التأسيس ": 63، و " تاريخ ابن
عساكر " 15 / 9 / 2، و " إيقاظ الهمم ": 50.
قال الحافظ في " توالي التأسيس ": وقرأت بخط الشيخ تقي
الدين السبكي في مصنف له في هذه المسألة ما ملخصه: إذا وجد
شافعي حديثا صحيحا يخالف مذهبه إن كملت فيه آلة
الاجتهاد في تلك المسألة، فليعمل بالحديث، بشرط أن لا يكون
الامام اطلع عليه، وأجاب عنه، وإن لم يكمل ووجد إماما من
أصحاب المذاهب عمل به، فله أن يقلده فيه، وإن لم يجد،
وكانت المسألة حيث لا إجماع، قال السبكي: فالعمل بالحديث
أولى، وإن فرض الاجماع فلا.
قلت (القائل ابن حجر): ويتأكد ذلك إذا وجد الامام بني
المسألة على حديث ظنه صحيحا، وتبين أنه غير صحيح، ووجد
خبرا صحيحا يخالفه، وكذا إذا اطلع الامام عليه، ولكن لم
يثبت عنده مخالفة، ووجد له طريق ثابتة، وقد أكثر الشافعي
من تعليق القول بالحكم على ثبوت الحديث عند أهله كما قال
في البويطي: إن صح الحديث في الغسل من غسل الميت قلت به،
وفي " الام ": إن صح حديث ضباعة في الاشتراط قلت به، إلى
غير ذلك.
(1) " مناقب البيهقي " 1 / 472، 473، و " تاريخ ابن عساكر
" 15 / 10 / 1، و " توالي التأسيس ": 63.
(2) " آداب الشافعي " 67 و 93، و " حلية الاولياء " 9 /
106، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 10 / 1، و " مناقب
البيهقي، 1 / 474، و " العلو " 204 للذهبي.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 106، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 10 / 2، و " مناقب البيهقي " 1 / 474، و " توالي التأسيس
": 63، و " مفتاح الجنة ": 54.
(*)
(10/34)
قال الربيع: وسمعته يقول: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني
إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقل
به (1).
وقال أبو ثور: سمعته يقول: كل حديث عن النبي صلى الله عليه
وسلم فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني (2).
ويروى أنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي (3)، وإذا صح
الحديث، فاضربوا بقولي الحائط.
محمد بن بشر العكري وغيره: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
كان الشافعي قد جزأ الليل، فثلثه الاول يكتب، والثاني
يصلي، والثالث ينام (4).
قلت: أفعاله الثلاثة عبادة بالنية.
قال زكريا الساجي: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني حسين
الكرابيسي: بت مع الشافعي ليلة، فكان يصلي نحو ثلث الليل،
فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر، فمئة آية، وكان
لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا تعوذ،
وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعا (5).
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 106، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 10 / 2، و " مناقب البيهقي " 1 / 475.
(2) " آداب الشافعي ": 94، و " البداية " 10 / 253، 254.
(3) للامام تقي الدين السبكي رسالة تناول فيها كلمة
الشافعي هذه بالشرح والبيان، وما يجب أن تحمل عليه وتقيد
به سماها " معنى قول المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي "
وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 3 / 98، 114.
وقد نقل عنها الحافظ في " توالي التأسيس " كما تقدم في
التعليق (4) ص (33، 34).
(4) " حلية الاولياء " 9 / 125، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 11 / 1.
(5) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 11 / 1، و " مناقب الرازي ":
127، و " توالي التأسيس ": 68 (*)
(10/35)
قال الربيع بن سليمان من طريقين عنه، بل أكثر: كان الشافعي
يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة.
ورواها ابن أبي حاتم عنه، فزاد: كل ذلك في صلاة (1).
أبو عوانة الاسفراييني: حدثنا الربيع، سمعت الشافعي يقول:
ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة، فأدخلت يدي فتقيأتها.
رواها ابن أبي حاتم عن الربيع، وزاد: لان الشبع يثقل
البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف عن
العبادة (2).
الزبير بن عبد الواحد: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن
مطر، سمعت الربيع: قال لي الشافعي: عليك بالزهد، فإن الزهد
على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد (3).
قال الزبير: وحدثني إبراهيم بن الحسن الصوفي، سمعت حرملة،
سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا (4).
قال أبو داود: حدثني أبو ثور قال: قل ما كان يمسك الشافعي
الشئ من سماحته (5).
__________
(1) " آداب الشافعي " 101، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 11
/ 2، و " مناقب " الرازي: 127.
(2) " آداب الشافعي ": 106، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 12
/ 1، و " الحلية " 9 / 127، و " تهذيب الاسماء " 1 / 54، و
" توالي التأسيس ": 66.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 12 / 1، و " حلية الاولياء "
9 / 130.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 12، و " تهذيب الاسماء
واللغات " 1 / 54، و " توالي التأسيس ": 67.
(5) " آداب الشافعي ": 126.
(*)
(10/36)
وقال عمرو بن سواد: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار
والدرهم والطعام، فقال لي الشافعي: أفلست من دهري ثلاث
إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري حتى حلي بنتي وزوجتي، ولم
أرهن قط (1).
قال الربيع: أخذ رجل بركاب الشافعي، فقال لي: أعطه أربعة
دنانير، واعذرني عنده (2).
سعيد بن أحمد اللخمي المصري: سمعت المزني يقول: كنت مع
الشافعي يوما، فخرجنا الاكوام (3)، فمر بهدف، فإذا برجل
يرمي بقوس عربية، فوقف عليه الشافعي ينظر، وكان حسن الرمي،
فأصاب بأسهم، فقال الشافعي: أحسنت، وبرك عليه، ثم قال:
أعطه ثلاثة دنانير، واعذرني عنده (4).
وقال الربيع: كان الشافعي مارا بالحذائين، فسقط سوطه، فوثب
غلام، ومسحه بكمه، وناوله، فأعطاه سبعة دنانير (5).
قال الربيع: تزوجت، فسألني الشافعي: كم أصدقتها ؟ قلت:
ثلاثين دينارا، عجلت منها ستة.
فأعطاني أربعة وعشرين دينارا (6).
__________
(1) " آداب الشافعي ": 126، و " حلية الاولياء " 9 / 77 و
132، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 13 / 1، و " توالي
التأسيس ": 67، و " مناقب " البيهقي 2 / 222.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 220، و " الحلية " 9 / 130، و "
تاريخ ابن عساكر " 15 / 13 / 2.
(3) الاكوام: جمع كوم: وهي جبال لغطفان، ثم لفزارة كما في
" معجم ياقوت ".
(4) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 13 / 2.
و " توالي التأسيس ": 67، و " الانتقاء ": 94.
(5) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 13 / 2، و " مناقب " البيهقي
2 / 221، و " مناقب " الرازي: 128.
(6) " آداب الشافعي ": 125، و " حلية الاولياء " 9 / 132،
و " الانتقاء ": 94،
و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 13 / 2، و " مناقب " البيهقي 2
/ 223.
(*)
(10/37)
أبو جعفر الترمذي: سمعت الربيع قال: كان بالشافعي هذه
البواسير، وكانت له لبدة محشوة بحلبة يجلس عليها، فإذا
ركب، أخذت تلك اللبدة، ومشيت خلفه، فناوله إنسان رقعة يقول
فيها: إنني بقال، رأس مالي درهم، وقد تزوجت، فأعني، فقال:
يا ربيع، أعطه ثلاثين دينارا واعذرني عنده.
فقلت: أصلحك الله، إن هذا يكفيه عشرة دراهم، فقال: ويحك !
وما يصنع بثلاثين ؟ أفي كذا، أم في كذا - يعد ما يصنع في
جهازه - أعطه (1).
ابن أبي حاتم: أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم، حدثنا محمد بن
روح، حدثنا الزبير بن سليمان القرشي، عن الشافعي، قال: خرج
هرثمة، فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون، وقال: قد أمر لك
بخمسة آلاف دينار.
قال: فحمل إليه المال، فدعا بحجام، فأخذ شعره، فأعطاه
خمسين دينارا، ثم أخذ رقاعا، فصر صررا، وفرقها في القرشيين
الذين هم بالحضرة ومن بمكة، حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل
من مئة دينار (2).
محمد بن بشر العكري: سمعت الربيع قال: أخبرني الحميدي قال:
قدم الشافعي صنعاء، فضربت له خيمة، ومعه عشرة آلاف دينار،
فجاء قوم، فسألوه، فما قلعت الخيمة ومعه منها شئ.
رواها الاصم وجماعة عن الربيع (3).
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 13 / 2 و 14 / 1.
(2) " آداب الشافعي ": 128، و " حلية الاولياء " 9 / 131،
132، و " تاريخ ابن
عساكر " 15 / 14 / 1، و " توالي التأسيس ": 68، و " مناقب
" البيهقي 2 / 226.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 14، و " مناقب " البيهقي 2 /
220، و " مناقب " الرازي: 128.
(*)
(10/38)
وعن إبراهيم بن برانة قال: كان الشافعي جسيما طوالا نبيلا
(1).
قال ابن عبد الحكم: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد، وكان
يمر بنا، فإن وجدني، وإلا قال: قولوا لمحمد إذا جاء يأتي
المنزل، فإني لا أتغدى حتى يجئ (2).
داود بن علي الاصبهاني: حدثنا أبو ثور قال: كان الشافعي من
أسمح الناس، يشتري الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل
الحلواء، ويشترط عليها هو أن لا يقربها، لانه كان عليلا لا
يمكنه أن يقرب النساء لباسور به إذا ذاك، وكان يقول لنا:
اشتهوا ما أردتم (3).
قال أبو علي بن حمكان (4): حدثني أبو إسحاق المزكي، حدثنا
ابن خزيمة، حدثنا الربيع، قال: أصحاب مالك كانوا يفخرون،
فيقولون: إنه يحضر مجلس مالك نحو من ستين معمما.
والله لقد عددت في مجلس الشافعي ثلاث مئة معمم سوى من شذ
عني (5).
قال الربيع: اشتريت للشافعي طيبا بدينار، فقال: ممن اشتريت
؟ قلت: من ذاك الاشقر الازرق.
قال: أشقر أزرق ! رده، رده، ما جاءني خير قط من أشقر (6).
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 14 / 2 (2) " آداب الشافعي
": 125، 126، و " حلية الاولياء " 9 / 132، و " تاريخ ابن
عساكر " 15 / 14 / 2، و " توالي التأسيس ": 68، و " مناقب
" البيهقي 2 / 222.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 222، و " الحلية " 9 / 133، و "
تاريخ ابن عساكر " 15 / 15 / 1، و " توالي التأسيس ": 68.
(4) هو الحسن بن الحسين بن حمكان الحمداني الفقيه الشافعي
نزيل بغداد، له كتاب " مناقب الشافعي " توفي سنة 405 ه "
العبر " 3 / 89.
(5) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 15 / 2.
(6) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 15 / 2، و " مناقب " البيهقي
2 / 133، و " آداب الشافعي ": 131، و " حلية الاولياء " 9
/ 139، 140.
(*)
(10/39)
أبو حاتم: حدثنا حرملة، حدثنا الشافعي، يقول: احذر الاعور،
والاعرج، والاحول، والاشقر، والكوسج، وكل ناقص الخلق، فإنه
صاحب التواء، ومعاملته عسرة (1).
العكري: سمعت الربيع يقول: كنت أنا والمزني والبويطي عند
الشافعي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال
للمزني: هذا لو ناظره الشيطان، قطعه وجدله، وقال للبويطي:
أنت تموت في الحديد.
قال: فدخلت على البويطي أيام المحنة، فرأيته مقيدا مغلولا
(2).
وجاءه رجل مرة، فسأله - يعني الشافعي - عن مسألة، فقال:
أنت نساج ؟ قال: عندي أجراء.
أحمد بن سلمة النيسابوري: قال أبو بكر محمد بن إدريس وراق
الحميدي: سمعت الحميدي يقول: قال الشافعي: خرجت إلى اليمن
في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها (3).
وعن الربيع قال: مر أخي، فرآه الشافعي، فقال: هذا أخوك ؟
ولم يكن رآه.
قلت: نعم (4).
أبو علي بن حمكان: حدثنا أحمد بن محمد بن هارون الهمذاني
العدل، حدثنا أبو مسلم الكجي، حدثنا الاصمعي، عن الشافعي:
أصل
__________
(1) " آداب الشافعي ": 131، 132، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 15، 16، و " مناقب " البيهقي 2 / 132، و " حلية الاولياء
" 9 / 144، و " مناقب " الرازي: 121.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 16 / 1، و " مناقب " البيهقي
2 / 136.
(3) انظر الخبر مع قصة في " مناقب " البيهقي 2 / 136.
(4) " مناقب " البيهقي 2 / 131، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 16 / 1.
(*)
(10/40)
العلم التثبيت، وثمرته السلامة، وأصل الورع القناعة،
وثمرته الراحة، وأصل الصبر الحزم، وثمرته الظفر، وأصل
العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق (1).
بلغنا عن الكديمي، حدثنا الاصمعي، قال: سمعت الشافعي يقول:
العالم يسأل عما يعلم وعما لا يعلم، فيثبت ما يعلم، ويتعلم
ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعلم، ويأنف من التعليم
(2).
أبو حاتم: حدثنا محمد بن يحيى بن حسان، سمعت الشافعي يقول:
العلم علمان: علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب،
وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث (3).
وعن الربيع قال: قلت للشافعي: من أقدر الفقهاء على
المناظرة ؟ قال: من عود لسانه الركض في ميدان الالفاظ لم
يتلعثم إذا رمقته العيون (4).
في إسنادها أبو بكر النقاش وهو واه.
وعن الشافعي: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد
(5).
قال يونس الصدفي: قال لي الشافعي: ليس إلى السلامة من
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 16.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 16 / 2.
(3) " آداب الشافعي ": 321، 322، و " مناقب " البيهقي 2 /
114، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 16 / 2، و " الانتقاء ":
84، و " الحلية " 9 / 142، و " توالي التأسيس ": 73.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 1.
(5) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 1.
(*)
(10/41)
الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه (1).
وعن الشافعي قال: ما رفعت من أحد فوق منزلته إلا وضع مني
بمقدار ما رفعت منه (2).
وعنه: ضياع العالم أن يكون بلا إخوان، وضياع الجاهل قلة
عقله، وأضيع منهما من واخى من لا عقل له (3).
وعنه: إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضى من تطلب، وفي أي
نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب.
فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله (4).
آلات الرياسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء
بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الامانة (5).
محمد بن فهد المصري: حدثنا الربيع، سمعت الشافعي يقول: من
استغضب فلم يغضب، فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض، فهو شيطان
(6).
أبو سعيد بن يونس: حدثنا الحسين بن محمد بن الضحاك
__________
(1) " آداب الشافعي ": 278 - 279، و " حلية الاولياء " 9 /
122، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 1.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 2، و " تهذيب الاسماء
واللغات " 1 / 57، و " توالي التأسيس ": 72.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 2.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 2.
(5) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 2.
(6) " مناقب " البيهقي 2 / 202، وحلية الاولياء " 9 / 143،
و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 17 / 2، و " مناقب " الرازي
123، و " توالي التأسيس ": 72.
(*)
(10/42)
الفارسي، سمعت المزني، سمعت الشافعي قال: أيما أهل بيت لم
يخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم، ورجالهم إلى نساء غيرهم إلا
وكان في أولادهم حمق (1).
زكريا بن أحمد البلخي القاضي: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد
ابن نصر الترمذي، يقول: رأيت في المنام النبي صلى الله
عليه وسلم في مسجده بالمدينة فكأني جئت، فسلمت عليه، وقلت:
يا رسول الله، أكتب رأي مالك ؟ قال: لا، قلت: أكتب رأي أبي
حنيفة ؟ قال: لا، قلت: أكتب رأي الشافعي ؟ فقال بيده هكذا،
كأنه انتهرني، وقال: تقول: رأي الشافعي ! إنه ليس برأي،
ولكنه رد على من خالف سنتي.
رواها غير واحد عن أبي جعفر (2).
عبدالرحمن بن أبي حاتم: حدثني أبو عثمان الخوارزمي نزيل
مكة
فيما كتب إلي، حدثنا محمد بن رشيق، حدثنا محمد بن حسن
البلخي، قال: قلت في المنام: يا رسول الله، ما تقول في قول
أبي حنيفة، والشافعي، ومالك ؟ فقال: لا قول إلا قولي، لكن
قول الشافعي ضد قول أهل البدع (3).
وروي من وجهين عن أحمد بن الحسن الترمذي الحافظ، قال:
__________
(1) " آداب الشافعي ": 133، 134، و " حلية الاولياء " 9 /
125، و " الانتقاء ": 98، و " مناقب " البيهقي 2 / 201.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 100 ومتى كان المنام حجة عند
أهل العلم ؟ ! فمالك وأبو حنيفة وغيرهما من الائمة العدول
الثقات اجتهدوا، فأصاب كل واحد منهم في كثير مما انتهى
إليه اجتهاده فيه، وأخطأ في بعضه، وكل واحد منهم يؤخذ من
قوله ويرد، فكان ماذا ؟ (3) " حلية الاولياء " 9 / 100،
101.
(*)
(10/43)
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فسألته عن
الاختلاف، فقال: أما الشافعي، فمني وإلي.
وفي الرواية الاخرى: أحيى سنتي (1).
روى جعفر ابن أخي أبي ثور الكلبي، عن عمه، قال: كتب عبد
الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه
معاني القرآن، ويجمع قبول الاخبار، وحجة الاجماع، وبيان
الناسخ والمنسوخ، فوضع له كتاب " الرسالة " (2).
وقال أبو ثور: قال لي عبدالرحمن بن مهدي: ما أصلي صلاة إلا
وأنا أدعو للشافعي فيها (3).
وقال الزعفراني: حج بشر المريسي، فلما قدم، قال: رأيت
بالحجاز رجلا، ما رأيت مثله سائلا ولا مجيبا - يعني
الشافعي - قال: فقدم
علينا، فاجتمع إليه الناس، وخفوا عن بشر، فجئت إلى بشر،
فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم قد قدم، قال: إنه قد تغير
عما كان عليه، قال: فما كان مثل بشر إلا مثل اليهود في شأن
عبد الله بن سلام (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 69.
(2) وهي الرسالة القديمة التي كتبت عنه بالعراق، وأرسلها
إلى عبدالرحمن بن مهدي مع الحارث بن سريج النقال
الخوارزمي، ثم البغدادي، وبسبب ذلك سمي النقال.
وهذه الرسالة القديمة لم يبق لها أثر، وليس في أيدي الناس
الآن إلا الرسالة الجديدة المطبوعة طبعة جيدة بتحقيق
العلامة أحمد شاكر رحمه الله.
وانظر الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 64، 65، و " مناقب "
البيهقي 2 / 244، و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 409 / 1، و "
معرفة السنن والآثار " 1 / 124، و " توالي التأسيس ": 55،
و " تهذيب الكمال " لوحة: 1162.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 244، و " تاريخ ابن عساكر " 14
/ 409 / 1، و " توالي التأسيس ": 55.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 65، و " تاريخ ابن عساكر " 14 /
412 / 2، و " تهذيب الكمال " لوحة: 1162، و " توالي
التأسيس ": 58.
وشأن اليهود في عبد الله بن سلام أنه لما أراد أن = (*)
(10/44)
قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ستة أدعو لهم سحرا،
أحدهم الشافعي (1).
وقال محمد بن هارون الزنجاني: حدثنا عبد الله بن أحمد، قلت
لابي: أي رجل كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له ؟
قال: يا بني، كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل
لهذين من خلف أو منهما عوض (2) ؟ الزنجاني لا أعرفه.
قال أبو داود: ما رأيت أبا عبد الله يميل إلى أحد ميله إلى
الشافعي (3).
وقال قتيبة بن سعيد: الشافعي إمام (4).
قلت: كان هذا الامام مع فرط ذكائه وسعة علمه يتناول ما
يقوي حافظته.
قال هارون بن سعيد الايلي: قال لنا الشافعي: أخذت اللبان
سنة للحفظ، فأعقبني رمي الدم سنة (5).
__________
= يسلم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن اليهود قوم بهت
وإنهم إن يعلموا بإسلامي، بهتوني، فأرسل إليهم، فسلهم عني،
فأرسل إليهم، فقال: أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا:
حبرنا وابن حبرنا، وعالمنا وابن عالمنا..فلما أعلن عبد
الله بن سلام إسلامه أمامهم، قالوا: شرنا وابن شرنا،
وجاهلنا وابن جاهلنا.
انظر " السير " 2 / 415.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة: 1162.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 415 / 1، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1162.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 415 / 2، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1162.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 67، و " معرفة السنن والآثار " 1
/ 125، و " البداية والنهاية " 10 / 252.
(5) تقدم في الصفحة (15) تعليق رقم (2).
(*)
(10/45)
قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: حدثنا أبو بكر محمد بن
أحمد ابن سهل النابلسي الشهيد، حدثنا أبو سعيد بن
الاعرابي، سمعت تميم ابن عبد الله الرازي، سمعت أبا زرعة،
سمعت قتيبة بن سعيد يقول: مات الثوري ومات الورع، ومات
الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد
ابن حنبل وتظهر البدع (1).
أبو ثور الكلبي: ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى هو مثل نفسه
(2).
وقال أيوب بن سويد: ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل الشافعي
(3).
قال أحمد بن حنبل من طرق عنه: إن الله يقيض للناس في رأس
كل مئة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم الكذب، قال: فنظرنا، فإذا في رأس المئة عمر بن عبد
العزيز، وفي رأس المئتين الشافعي (4).
__________
(1) " مناقب " البيهقي 2 / 250، وفي قول قتيبة هذا من
المبالغة ما لا يخفى، فإن السنن لم تمت بموت الشافعي، بل
إنه قد جمعت من بعده ودونت، وضبطت وحفظت.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 411 / 2.
(3) " آداب الشافعي ": 40، و " مناقب " البيهقي 2 / 246، و
" حلية الاولياء " 9 / 94، و " توالي التأسيس " 55.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 62، و " معرفة السنن والآثار " 1
/ 138، و " حلية الاولياء " 9 / 97، 98، و " تاريخ ابن
عساكر " 14 / 412 / 2، و " توالي التأسيس ": 48.
وقوله: " إن الله يقيض.." مقتبس من حديث أخرجه أبو داود
(4291)، والحاكم 4 / 522، والبيهقي في " المناقب " 1 / 137
من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن شراحيل ابن يزيد
المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يبعث لهذه الامة
على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها " ورجاله ثقات،
وإسناده قوي كما قال الحافظ في " توالي التأسيس ": 48.
(*)
(10/46)
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: سميت ببغداد ناصر
الحديث (1).
الفضل بن زياد: سمعت أحمد يقول: ما أحد مس محبرة ولا قلما،
إلا وللشافعي في عنقه منة (2).
وعن أحمد: كان الشافعي من أفصح الناس (3).
قال إبراهيم الحربي: سألت أبا عبد الله عن الشافعي، فقال:
حديث صحيح، ورأي صحيح (4).
قال الحسن الزعفراني: ما قرأت على الشافعي حرفا من هذه
الكتب، إلا وأحمد حاضر (5).
وقال إسحاق بن راهويه: ما تكلم أحد بالرأي - وذكر جماعة من
أئمة الاجتهاد - إلا والشافعي أكثر اتباعا منه، وأقل خطأ
منه، الشافعي إمام (6).
وقال يحيى بن معين: ليس به بأس (7).
وعن أبي زرعة الرازي، قال: ما عند الشافعي حديث فيه غلط
(8).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 68، و " تاريخ ابن عساكر " 14 /
414 / 1.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 415 / 1، و " توالي التأسيس
": 57.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 415 / 1، و " توالي التأسيس
": 60.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 415 / 2.
(5) " تاريخ بغداد " 2 / 68، و " تاريخ ابن عساكر " 14 /
416 / 1.
(6) " آداب الشافعي ": 89، 90، و " تاريخ بغداد " 2 / 65،
و " حلية الاولياء " 9 / 102، و " تاريخ ابن عساكر " 14 /
416 / 2، و " مناقب " الرازي: 21، و " توالي التأسيس ":
57.
(7) " الحلية " 9 / 97.
(8) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 2 / 1.
(*)
(10/47)
وقال أبو داود السجستاني: ما أعلم للشافعي حديثا خطأ (1).
قلت: هذا من أدل شئ على أنه ثقة حجة حافظ.
وناهيك بقول مثل هذين.
وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب كتابا في ثبوت الاحتجاج
بالامام الشافعي.
وما تكلم فيه إلا حاسد أو جاهل بحاله، فكان ذلك الكلام
الباطل منهم موجبا لارتفاع شأنه، وعلو قدره، وتلك سنة الله
في عباده: [ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا
موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها، يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ] [ الاحزاب: 69
و 70 ].
قال أبو حاتم الرازي: محمد بن إدريس صدوق.
وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي - والله - لسانه أكبر
من كتبه، لو رأيتموه لقلتم: [ إن هذه ليست ] كتبه (2).
وعن يونس بن عبدالاعلى، قال: ما كان الشافعي [ إلا ساحرا
ما كنا ] (3) ندري ما يقول إذا قعدنا حوله، كأن ألفاظه سكر
(4).
وكان قد أوتي عذوبة منطق، وحسن بلاغة، وفرط ذكاء، وسيلان
ذهن، وكمال فصاحة، وحضور حجة.
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 2 / 1.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 5 / 1، و " مناقب " البيهقي
2 / 49 - 50 و 274، و " توالي التأسيس ": 59، وما بين
حاصرتين منهما، فإن في الاصل مكان هذه الجملة طمسا.
(3) طمس في الاصل، واستدرك من " تاريخ ابن عساكر ".
(4) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 5 / 1، و " مناقب " البيهقي
2 / 50، و " توالي
التأسيس ": 60.
وبعد قوله " سكر " كلمة مطموسة لم أتبينها.
(*)
(10/48)
فعن عبدالملك بن هشام اللغوي، قال: طالت مجالستنا للشافعي،
فما سمعت منه لحنة قط (1).
قلت: أنى يكون ذلك، وبمثله في الفصاحة يضرب المثل، كان
أفصح قريش في زمانه، وكان مما يؤخذ عنه اللغة.
قال أحمد بن أبي سريج الرازي: ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق
من الشافعي (2).
وقال الاصمعي: أخذت شعر هذيل عن الشافعي (3).
وقال الزبير بن بكار: أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمي مصعب
ابن عبد الله، وقال: أخذتها من الشافعي حفظا (4).
قال موسى بن سهل الجوني (5): حدثنا أحمد بن صالح: قال لي
الشافعي: تعبد من قبل أن ترأس، فإنك إن ترأست، لم تقدر أن
تتعبد.
ثم قال أحمد: كان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صوت صنج وجرس
من حسن صوته (6).
قال ابن عبد الحكم: ما رأيت الشافعي يناظر أحدا إلا رحمته
ولو
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 5 / 1، و " توالي التأسيس ":
60.
(2) " آداب الشافعي ": 137، و " توالي التأسيس ": 58.
(3) " معرفة السنن والآثار " 1 / 127، و " مناقب " البيهقي
2 / 44، و " مناقب " الفخر الرازي 87.
(4) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 411 / 1 و 15 / 6 / 1، و "
مناقب " البيهقي 2 / 45.
(5) نسبة إلى الجون، بطن من الازد.
(6) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 6 / 1، و " مناقب " البيهقي
2 / 51، و " توالي التأسيس ": 60.
والصنج: صفحة مدورة من النحاس الاصفر تضرب على أخرى مثلها
للطرب.
(*)
(10/49)
رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك، وهو الذي علم
الناس الحجج (1).
قال الربيع بن سليمان: سئل الشافعي رحمه الله عن مسألة،
فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول: إذا المشكلات تصدينني * كشفت
حقائقها بالنظر ولست بإمعة في الرجال * أسائل هذا وذا ما
الخبر ولكنني مدره الاصغرين * فتاح خير وفراج شر (2) وروي
عن هارون بن سعيد الايلي قال: لو أن الشافعي ناظر على أن
هذا العمود الحجر خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة (3).
قال الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين،
فأقام عندنا سنتين، وخرج إلى مكة، ثم قدم سنة ثمان وتسعين،
فأقام عندنا أشهرا، وخرج - يعني إلى مصر.
قلت: قد قدم بغداد سنة بضع وثمانين ومئة، وأجازه الرشيد
بمال، ولازم محمد بن الحسن مدة، ولم يلق أبا يوسف القاضي،
مات قبل قدوم الشافعي (4).
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 6 / 2.
(2) الابيات في " تاريخ ابن عساكر " 15 / 6 / 2، و " طبقات
الشافعية " للسبكي 1 / 300، و " توالي التأسيس ": 74.
و " الامعة ": الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على
رأيه، والهاء فيه للمبالغة.
و " المدره ": خطيب القوم، والمتكلم عنهم، والذين يرجعون
إلى رأيه، و " الاصغران " القلب واللسان، ومن أمثالهم:
المرء بأصغريه، ومعناه: أن المرء يعلو الامور ويضبطها
بجنانه ولسانه.
(3) " تاريخ ابن عساكر " 15 / 6 / 2، و " حلية الاولياء "
9 / 103.
(4) قال ابن كثير في " البداية " 10 / 182: من زعم من
الرواة أن الشافعي اجتمع بأبي = (*)
(10/50)
قال المزني: لما وافى الشافعي مصر، قلت في نفسي: إن كان
أحد يخرج ما في ضميري من أمر التوحيد فهو.
تقدمت هذه الحكاية (1) وهذه الرواية سماع زكريا الساجي من
المزني، قال: فكلمته، فغضب، وقال: أتدري أين أنت ؟ هذا
الموضع الذي غرق فيه فرعون.
أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك
؟ قلت: لا، قال: فهل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت: لا.
قال الحسن بن رشيق الحافظ: حدثنا فقير بن موسى بن فقير
الاسواني، حدثنا أبو حنيفة قحزم بن عبد الله الاسواني،
حدثنا الشافعي، حدثنا أبو حنيفة بن سماك بن الفضل الخولاني
الشهابي، حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي شريح
الكعبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: "
من قتل له قتيل، فهو بخير النظرين، إن أحب العقل أخذ، وإن
أحب فله القود ".
رواه الدارقطني عن ابن رشيق (2).
__________
= يوسف كما يقول عبد الله بن محمد البلوي الكذاب في الرحلة
التي ساقها للشافعي، فقد أخطأ في ذلك، وإنما ورد الشافعي
بغداد في أول قدمة قدمها إليها سنة أربع وثمانين ومئة،
وإنما اجتمع الشافعي بمحمد بن الحسن الشيباني، فأحسن إليه،
وأقبل عليه، ولم يكن بينهما شنآن كما يذكره بعض من لا خبرة
له بهذا الشأن.
وقال الذهبي في " الميزان " 2 / 491: عبد الله بن محمد
البلوي، عن عمار بن يزيد، قال الدارقطني: يضع الحديث.
وقال ابن حجر في " اللسان " 3 / 338: وهو صاحب " رحلة
الشافعي " طولها ونمقها.
وغالب ما أورده فيها مختلق.
وفي " توالي التأسيس ": وأما الرحلة المنسوبة إلى الشافعي
المروية من طريق عبد الله بن محمد البلوي، فقد أخرجها
الآبري والبيهقي وغيرهما مطولة ومختصرة، وساقها الفخر
الرازي في " مناقب الشافعي " بدون إسناد معتمدا عليها، وهي
مكذوبة، وغالب ما فيها موضوع، وبعضها ملفق من روايات
ملفقة.
(1) في الصفحة (31) من هذا الجزء.
(2) أبو حنيفة بن سماك ترجمه الدولابي في " الكنى والاسماء
" 1 / 159، 160، فقال: روى عنه الشافعي، ثم روى هذا الحديث
من طريق الربيع بن سليمان، عن الشافعي بهذا الاسناد، وباقي
رجاله ثقات، وهو في " الرسالة " ص 450، ورواه البيهقي في "
سننه " = (*)
(10/51)
الحسن بن سفيان: حدثنا أبو ثور، سمعت الشافعي - وكان من
معادن الفقه، ونقاد المعاني، وجهابذة الالفاظ - يقول: حكم
المعاني خلاف حكم الالفاظ، لان المعاني مبسوطة إلى غير
غاية، وأسماء المعاني معدودة محدودة، وجميع أصناف الدلالات
على المعاني لفظا وغير لفظ خمسة أشياء: اللفظ، ثم الاشارة،
ثم العقد، ثم الخط، ثم الذي يسمى النصبة، والنصبة في الحال
الدلالة التي لا تقوم مقام تلك الاصناف، ولا تقصر عن تلك
الدلالات، ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة
صاحبتها، وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي التي تكشف لك عن
أعيان المعاني في الجملة، وعن خفائها عن التفسير، وعن
أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار
والضار، وعما يكون بهوا بهرجا، وساقطا مدحرجا (1).
قال يونس بن عبدالاعلى: قال لي الشافعي: ليس إلى السلامة
من الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه (2).
__________
= 5 / 52، و " المعرفة " 1 / 39، 40 من طريق الشافعي، عن
محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، وأخرجه أحمد
4 / 32، من طريق ابن إسحاق، حدثني سعيد بن أبي سعيد
المقبري، عن أبي شريح.
وأخرجه أبو داود (4504)، والترمذي (1406)، وأحمد (6 / 385)
ثلاثتهم من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن
أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الدارقطني 3 / 95، 96 من طريق يحيى بن سعيد عن ابن
أبي ذئب...ومن طريق محمد بن عبد الله المخزومي، عن عثمان
بن عمر، عن ابن أبي ذئب بإسناده نحوه، وروى أبو هريرة هذا
المعنى في حديث أخرجه البخاري 1 / 183، 184، ومسلم (1355)،
وأبو داود (2017).
وقوله: " بخير النظرين " أي: أوفق الامرين له، فإما أن
يعطوا الدية، وهي العقل، وإما أن يقاد، أي: يقتل قصاصا،
فأي الامرين اختار ولي الدم، كان له.
(1) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 416 / 2.
(2) تقدم تخريج الخبر في الصفحة (42) تعليق رقم (1).
(*)
(10/52)
قال حرملة: سئل الشافعي عن رجل في فمه تمرة، فقال: إن
أكلتها، فامرأتي طالق، وإن طرحتها، فامرأتي طالق، قال:
يأكل نصفا، ويطرح النصف (1).
قال الربيع: قال لي الشافعي: إن لم يكن الفقهاء العاملون
أولياء الله فما لله ولي (2).
وقال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة (3).
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ما رأيت أحدا أقل صبا
للماء
في تمام التطهر من الشافعي.
قال أبو ثور: سمعت الشافعي يقول: ينبغي للفقيه أن يضع
التراب على رأسه تواضعا لله، وشكرا لله.
الاصم: سمعت الربيع يقول: سأل رجل الشافعي عن قاتل الوزغ
هل غليه غسل ؟ فقال: هذا فتيا العجائز.
الحسن بن علي بن الاشعث المصري: حدثنا ابن عبد الحكم، قال:
ما رأت عيني قط مثل الشافعي، قدمت المدينة، فرأيت أصحاب
عبدالملك بن الماجشون يغلون بصاحبهم، يقولون: صاحبنا الذي
قطع الشافعي، قال: فلقيت عبدالملك، فسألته عن مسألة،
فأجابني، فقلت: الحجة ؟ قال: لان مالكا قال كذا وكذا، فقلت
في نفسي: هيهات،
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 143، و " تاريخ ابن عساكر " 15
/ 7 / 1.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 155.
(3) " الحلية " 9 / 119، و " آداب الشافعي ": 97، و "
الانتقاء ": 84، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 53، 54،
و " مفتاح الجنة ": 35، و " جامع بيان العلم " 1 / 25.
(*)
(10/53)
أسألك عن الحجة، وتقول: قال معلمي ! وإنما الحجة عليك وعلى
معلمك.
قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: سألت أبا قدامة السرخسي
عن الشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وابن راهويه، فقال: الشافعي
أفقههم.
قال يحيى بن منصور القاضي: سمعت إمام الائمة ابن خزيمة
يقول - وقلت له: هل تعرف سنة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتبه ؟ قال: لا
(1).
قال حرملة: قال الشافعي: كنت أقرئ الناس، وأنا ابن ثلاث
عشرة سنة، وحفظت " الموطأ " قبل أن أحتلم.
قال الحسن بن علي الطوسي: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، سمعت
البويطي يقول: سئل الشافعي: كم أصول الاحكام ؟ فقال: خمس
مئة.
قيل له: كم أصول السنن ؟ قال: خمس مئة.
قيل له: كم منها عند مالك ؟ قال: كلها إلا خمسة وثلاثين
حديثا.
قيل له: كم عند ابن عيينة ؟ قال: كلها إلا خمسة (2).
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من
أسماء الله فحنث، فعليه الكفارة، لان اسم الله غير مخلوق،
ومن حلف بالكعبة وبالصفا والمروة، فليس عليه كفارة، لانه
مخلوق (3).
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ".
وهذه مبالغة لا تسلم لقائلها ولا يرضى عنها الشافعي، فإن
من يطالع كتب الشافعي ويقارن بين ما جاء فيها من السنن،
وبين ما هو مدون من المسانيد والسنن يتبين له خلاف ذلك.
(2) " مناقب " البيهقي 1 / 519.
(3) تقدم الخبر في الصفحة (19) تعليق رقم (2).
(*)
(10/54)
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: وددت أن كل علم أعلمه تعلمه
الناس أوجر عليه ولا يحمدوني (1).
قال محمد بن مسلم بن وارة: سألت أحمد بن حنبل: ما ترى في
كتب الشافعي التي عند العراقيين، أهي أحب إليك، أو التي
بمصر ؟ قال: عليك بالكتب التي عملها بمصر، فإنه وضع هذه
الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك.
وقلت لاحمد: ما ترى لي من الكتب أن أنظر
فيه، رأي مالك، أو الثوري، أو الاوزاعي ؟ فقال لي قولا
أجلهم أن أذكره، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صوابا
وأتبعهم للآثار (2).
قال عبد الله بن ناجية الحافظ: سمعت ابن وارة يقول: قدمت
من مصر، فأتيت أحمد بن حنبل، فقال لي: كتب الشافعي ؟ قلت:
لا، قال: فرطت، ما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ الحديث
من منسوخه، حتى جالسنا الشافعي، قال: فحملني ذلك على
الرجوع إلى مصر، فكتبتها (3).
تفرد بهذه الحكاية عن ابن ناجية عبد الله بن محمد الرازي
الصوفي،
__________
(1) " آداب الشافعي ": 92، و " حلية الاولياء " 9 / 119، و
" تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 540، و " توالي التأسيس ":
62، و " البداية " 10 / 253.
(2) " آداب الشافعي ": 60، و " الحلية " 9 / 97، و " مناقب
" البيهقي 1 / 263، و " الانتقاء ": 76.
ففي هذا الخبر يرى أحمد أن ينظر في كتب الشافعي، ويكتب
رأيه، بينما يصرح بخلاف ذلك في جواب سؤال وجهه إليه تلميذه
أبو بكر المروذي، فقد جاء في " طبقات أبي يعلى " 1 / 57:
قلت لابي عبد الله: أترى يكتب الرجل كتب الشافعي ؟ قال:
لا، قلت: أترى أن يكتب الرسالة ؟ قال: لا تسألني عن شئ
محدث، قلت: كتبتها ؟ قال: معاذ الله.
وقال أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا سفيان، ولا الشافعي،
ولا إسحاق ابن راهويه، ولا أبي عبيد.
(3) " مناقب " البيهقي 1 / 262، و " معجم الادباء " 17 /
312.
(*)
(10/55)
وليس هو بثقة.
قال محمد بن يعقوب الفرجي: سمعت علي بن المديني يقول:
عليكم بكتب الشافعي (1).
قلت: ومن بعض فنون هذا الامام الطب، كان يدريه.
نقل ذلك غير واحد، فعنه قال: عجبا لمن يدخل الحمام، ثم لا
يأكل من ساعته كيف يعيش، وعجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته
كيف يعيش (2).
حرملة، عن الشافعي قال: من أكل الاترج، ثم نام، لم آمن أن
تصيبه ذبحة.
قال محمد بن عصمة الجوزجاني: سمعت الربيع، سمعت الشافعي
يقول: ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له وأعيت الاطباء
مداواته: العنب، ولبن اللقاح، وقصب السكر، لولا قصب السكر
ما أقمت ببلدكم (3).
وسمعته يقول: كان غلامي أعشى، لم يكن يبصر باب الدار،
فأخذت له زيادة الكبد، فكحلته بها فأبصر (4).
وعنه: عجبا لمن تعشى البيض المسلوق فنام، كيف لا يموت (5).
وعنه: الفول يزيد في الدماغ، والدماغ يزيد في العقل (6).
__________
(1) هو في " مناقب " البيهقي 2 / 248 من طريق محمد بن
يعقوب الفرجي قال: سمعت محمد بن علي بن المديني، قال: قال
أبي: لا تترك للشافعي حرفا واحدا إلا كتبته، فإن فيه
معرفة.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 119، و " حلية الاولياء " 9 /
142.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 122.
(4) " مناقب " البيهقي 2 / 122.
(5) انظر " مناقب " البيهقي 2 / 118، و " حلية الاولياء "
9 / 143.
(6) " آداب الشافعي ": 322، 323، و " الانتقاء ": 87، و "
الحلية " 9 / 137 141، و " ألف باء " للبلوي 2 / 159.
(*)
(10/56)
وعنه: لم أر أنفع للوباء من البنفسج، يدهن به ويشرب (1).
قال صالح بن محمد جزرة: سمعت الربيع، سمعت الشافعي يقول:
لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب، إلا أن أهل
الكتاب قد غلبونا عليه.
قال حرملة: كان الشافعي يتلهف على ما ضيع المسلمون من
الطب، ويقول: ضيعوا ثلث العلم، ووكلوه إلى اليهود والنصارى
(2).
ويقال: إن الامام نظر إلى شئ من النجوم، ثم هجره، وتاب
منه.
فقال الحافظ أبو الشيخ: حدثنا عمرو بن عثمان المكي، حدثنا
ابن بنت الشافعي: سمعت أبي يقول: كان الشافعي وهو حدث ينظر
في النجوم، وما ينظر في شئ إلا فاق فيه، فجلس يوما وامرأته
تطلق، فحسب، فقال: تلد جارية عوراء، على فرجها خال أسود،
تموت إلى يوم كذا وكذا، فولدت كما قال، فجعل على نفسه أن
لا ينظر فيه أبدا، ودفن تلك الكتب (3).
قال فوران: قسمت كتب الامام أبي عبد الله بين ولديه، فوجدت
فيها رسالتي الشافعي العراقية والمصرية بخط أبي عبد الله،
رحمه الله.
قال أبو بكر الصومعي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صاحب حديث
لا يشبع من كتب الشافعي.
قال علي بن أحمد الدخمسيني (4): سمعت علي بن أحمد بن النضر
__________
(1) " آداب الشافعي ": 323، 324، و " مناقب " البيهقي 2 /
118.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 116، و " توالي التأسيس ": 66.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 126، و " مناقب " الرازي: 120،
و " عيون التواريخ " 7 / 177، و " توالي التأسيس ": 65.
(4) في الاصل: " الدخسميني " وعلي بن أحمد هذا لم اظفر له
بترجمة، وشيخه علي = (*)
(10/57)
الازدي، سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الشافعي، فقال: لقد من
الله علينا به، لقد كنا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم،
حتى قدم علينا، فلما سمعنا كلامه، علمنا أنه أعلم من غيره،
وقد جالسناه الايام والليالي، فما رأينا منه إلا كل خير،
فقيل له: يا أبا عبد الله، كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه
- يشير إلى التشيع وأنهما نسباه إلى ذلك - فقال أحمد بن
حنبل: ما ندري ما يقولان، والله ما رأينا منه إلا خيرا
(1).
قلت: من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتر، لا يدري ما يقول.
قد قال الزبير بن عبد الواحد الاستراباذي: أخبرنا حمزة بن
علي الجوهري، حدثنا الربيع بن سليمان قال: حججنا مع
الشافعي، فما ارتقى شرفا، ولا هبط واديا، إلا وهو يبكي،
وينشد: يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد خيفنا
والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات
الفائض إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي
(2)
__________
= ابن أحمد بن النضر الازدي ضعفه الدارقطني كما قال في "
تاريخ الخطيب " 11 / 316، و " ميزان المؤلف ".
وأورده البيهقي في " المناقب " 2 / 259 من طريق شيخه
الحاكم أبي عبد الله، عن أبي أحمد علي بن عبد الله المروزي
صاحب " الكنى "، عن علي بن أحمد بن النضر الازدي.
(1) وللخبر تتمة غاية في النفاسة عند البيهقي، وهي: ثم قال
أحمد لمن حوله: اعلموا رحمكم الله تعالى أن الرجل من أهل
العلم إذا منحه الله شيئا من العلم، وحرمه قرناؤه وأشكاله،
حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 71، و " مناقب " الرازي: 51، و
" تاريخ ابن عساكر " 14 / 407، و " طبقات الشافعية "
للسبكي 1 / 299، و " الانتقاء ": 90، 91، و " معجم
الادباء " 17 / 320، و " عيون التواريخ " 7 / 180.
(*)
(10/58)
قلت: لو كان شيعيا - وحاشاه من ذلك (1) - لما قال: الخلفاء
الراشدون خمسة، بدأ بالصديق، وختم بعمر بن عبد العزيز.
الحافظ ابن عدي: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني،
حدثنا صالح بن أحمد، سمعت أبي يقول: سمعت " الموطأ " من
الشافعي، لاني رأيته فيه ثبتا، وقد سمعته من جماعة قبله.
الحاكم: سمعت أبا بكر محمد بن علي الشاشي الفقيه يقول:
دخلت على ابن خزيمة، فقال: يا بني على من درست الفقه ؟
فسميت له أبا الليث، فقال: وعلى من درس ؟ قلت: على ابن
سريج، فقال: وهل أخذ ابن سريج العلم إلا من كتب مستعارة،
فقال رجل: أبو الليث هذا مهجور بالشاشي، فإن البلد حنابلة،
فقال ابن خزيمة: وهل كان ابن حنبل إلا غلاما من غلمان
الشافعي (2) ؟ زكريا الساجي: قلت لابي داود: من أصحاب
الشافعي ؟ فقال: أولهم الحميدي، وأحمد بن حنبل، والبويطي.
ويروى بطريقين عن الشافعي قال: إذا رأيت رجلا من أصحاب
__________
(1) لا يعد التشيع قدحا في حق القائل إذا كان ثقة، صرح
بذلك المؤلف في غير موضع وانظر " الميزان " 1 / 5.
(2) هذا الاسلوب من المدح والاطراء تنبو عنه أذواق أهل
العلم، ولا يرتضونه، فإنه في حين يرفع شأن ممدوحه ويعلي من
قدره يبخس حق الآخرين ويحط من أقدارهم، وربما يكونون أعلى
كعبا وأرفع منزلة من ممدوحه، ويغلب على ظني أن الشافعي
رحمه الله لو سمع مقالة ابن خزيمة هذه لاوسعه عتبا وذما،
أليس هو الذي يقول للامام أحمد - كما تقدم في
الصفحة (33) - أنتم أعلم بالاخبار الصحاح منا، فإذا كان
خبر صحيح، فأعلمني حتى أذهب إليه، كوفيا كان، أو بصريا، أو
شاميا.
وروى ابن أبي حاتم عن أبيه قال: أحمد بن حنبل أكبر من
الشافعي، تعلم الشافعي أشياء من معرفة الحديث من أحمد بن
حنبل، وكان الشافعي فقيها، ولم تكن له معرفة بالحديث،
فربما قال لاحمد: هذا الحديث قوي محفوظ ؟ فإذا قال أحمد:
نعم، جعله أصلا، وبنى عليه.
(*)
(10/59)
الحديث، فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم، جزاهم الله خيرا، هم حفظوا لنا الاصل، فلهم علينا
الفضل (1).
أنبأنا محمد بن محمد بن مناقب، عن محمد بن محمد بن محمد بن
غانم، أخبرنا أبو موسى المديني، أخبرنا أبو علي الحداد،
أخبرنا أبو سعد السمان، أخبرنا أحمد بن محمد بن محمود
بتستر، حدثنا الحسن بن أحمد ابن المبارك، حدثنا عبد الله
بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا سليمان ابن داود
الهاشمي، حدثنا الشافعي، عن يحيى بن سليم، عن عبيدالله، عن
نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى صلاة
الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات " (2).
رواه الحافظ أبو سعيد النقاش: حدثنا علي بن الفضل، حدثنا
عبد الله ابن محمد بن زياد، حدثنا ابن الامام أحمد.
فذكر نحوه.
وأخبرناه أبو علي القلانسي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي،
أخبرنا إسماعيل بن مالك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، حدثنا
الحسين بن عبد الرزاق، حدثنا علي بن إبراهيم بن سلمة
القزويني، حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل..فذكره بنحوه.
أخبرنا يوسف بن زكي (3) الحافظ في سنة أربع وتسعين، أخبرنا
__________
(1) انظر " حلية الاولياء " 9 / 109.
(2) إسناده ضعيف.
يحيى بن سليم، وهو القرشي الطائفي، سيئ الحفظ، وهو منكر
الحديث عن عبيدالله بن عمر، وهو هنا عنه.
ورواه بأطول مما هنا البزار في " مسنده " (668) (زوائد) من
طريق مسلم بن خالد الزنجي - وهو ضعيف - ومن طريق عدي بن
الفضل - وهو متروك - كلاهما عن إسماعيل بن أمية، عن نافع،
عن ابن عمر...وانظر هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة
الكسوف في " زاد المعاد " 1 / 450، 456 طبع مؤسسة الرسالة.
(3) هو الامام الحافظ المتقن جمال الدين أبو الحجاج يوسف
المزي صاحب " تهذيب = (*)
(10/60)
المسلم بن محمد القيسي، وعلي بن أحمد - قلت: وأجازه
المذكوران لي - وعبد الرحمن بن محمد الفقيه، أن حنبل بن
عبد الله أخبرهم، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا أبو علي
بن المذهب، أخبرنا أحمد بن جعفر المالكي، أخبرنا عبد الله
بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي،
أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " لا يبع بعضكم على بيع بعض "، ونهى عن
النجش، ونهى عن بيع حبل الحبلة، ونهى عن المزابنة.
والمزابنة: بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب
كيلا (1).
هذا حديث صحيح متفق عليه، وبعض الائمة يفرقه، ويجعله أربعة
أحاديث، وهذه البيوع الاربعة محرمة، والاخيران منها
فاسدان.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه، ومحمد بن أبي العز
البزاز، وست الوزراء بنت القاضي عمر بن أسعد سماعا، قالوا:
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك اليماني (ح)
وأخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني،
أخبرنا محمد بن سعيد الصوفي ببغداد، قال: أخبرنا طاهر بن
محمد
__________
= الكمال ".
وقد شرعت مؤسسة الرسالة بطبعه، وصدر الجزء الاول منه
بتحقيق الدكتور بشار عواد معروف.
(1) هو في " مسند الشافعي " 2 / 155 و 170، و " الموطأ " 2
/ 128 في البيوع: باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة، و 170
و 171: باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة، و 149: باب
ما لا يجوز من بيع الحيوان، والبخاري 4 / 295 في البيوع:
باب لا يبع على بيع أخيه و 313: باب النهي عن تلقي
الركبان، و 315: باب بيع الزبيب بالزبيب، و 321: باب بيع
المزابنة، وباب بيع الزرع بالطعام كيلا، و 4 / 298، 299 في
البيوع: باب بيع الغرر والحبلة، و 4 / 298 في البيوع: باب
النجش، ومسلم (1412) في البيوع: باب تحريم بيع الرجل على
بيع أخيه، و (1542) في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر
إلا في العرايا و (1513): باب تحريم حبل الحبلة، و (1516):
باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه.
(*)
(10/61)
المقدسي، أخبرنا مكي بن منصور الكرجي (ح) وأنبأنا أحمد بن
سلامة وغيره، عن أحمد بن محمد التيمي، أن عبد الغفار بن
محمد التاجر أجاز لهم قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن
القاضي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن
سليمان المرادي، أخبرنا محمد بن إدريس، أخبرنا مسلم بن
خالد، عن ابن جريج، عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لعائشة: " طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك
وعمرتك ".
وبه قال الشافعي: وأخبرنا ابن عيينة، عن ابن نجيح، عن
عطاء، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وربما أرسله عطاء.
هذا حديث صالح الاسناد، أخرجه أبو داود (1) عن الربيع.
__________
(1) رقم (1897) في المناسك: باب طواف القارن، وإسناده قوي،
وفي " صحيح مسلم " (1211) (133) من طريق إبراهيم بن نافع،
عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة أنها حاضت
بسرف، فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك ".
واختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين.
روي ذلك عن علي وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري وأبي
حنيفة وأهل الكوفة والاوزاعي، وإحدى الروايتين عن أحمد.
الثاني: أن عليهما كليهما طوافا واحدا وسعيا واحدا.
نص عليه الامام أحمد في رواية ابنه عبد الله، وهو ظاهر
حديث جابر.
الثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين، وعلى القارن سعي
واحد، وهذا هو المعروف عن عطاء، وطاووس، والحسن، وهو مذهب
مالك، والشافعي، وظاهر مذهب أحمد.
وفي " الموطأ " 1 / 410، والبخاري 3 / 395، ومسلم (1212)
من حديث عائشة قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت،
وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن
رجعوا من منى، وأما الذين كانوا أهلوا بالحج، أو جمعوا
الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا.
وفي الباب عند البخاري 3 / 345 تعليقا ووصله الاسماعيلي في
" مستخرجه " كما في " البيهقي " 5 / 23 بسند صحيح عن ابن
عباس..وفيه أنه سئل عن متعة الحج، فقال: أهل المهاجرون
والانصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع،
وأهللنا، فلما قدمنا مكة، = (*)
(10/62)
قرأت على عبدالمؤمن بن خلف الحافظ (1)، وعلى أبي الحسين بن
الفقيه، أخبركما الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي
المنذري، أخبرنا علي بن المفضل الحافظ من حفظي، حدثنا شيخ
الاسلام أبو طاهر
السلفي لفظا، حدثا الامام أبو الحسن علي بن محمد الطبري
إلكيا (2) من لفظه ببغداد، أخبرنا إمام الحرمين أبو
المعالي عبدالملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، أخبرنا أبي
أبو محمد الفقيه، وأخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني،
أخبرنا محمد بن الخازن (ح) وأخبرنا ابن الفقيه، وابن مشرف،
ووزيرة (3) قالوا: أخبرنا أبو عبد الله بن الزبيدي قالا:
أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، أخبرنا مكي بن
علان، قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر
__________
= قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجعلوا إهلالكم
بالحج عمرة إلا من قلد الهدي " فطفنا بالبيت والصفا
والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا الثياب، وقال: " من قلد
الهدي، فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله "، ثم أمرنا
عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا
فطفنا بالبيت، وبالصفا، والمروة، فقد تم حجنا.
(1) هو كما في " مشيخة المؤلف " ورقة 86 / 2: عبدالمؤمن بن
خلف بن أبي الحسن ابن شرف العلامة الحافظ الحجة شرف الدين
أبو محمد الدمياطي النوبي الشافعي، أحد الائمة الاعلام،
وبقية نقاد الحديث، ولد سنة ثلاث عشرة وست مئة، واشتغل
بدمياط وأتقن الفقه، ثم طلب الحديث سنة ست وثلاثين، ورحل
وسمع من علي بن مختار، ومنصور بن الدباغ، ويوسف بن
المختلي، وابن المقر، وعلي بن زيد التساوسي، وبدمشق من عمر
بن البرادعي، وابن مسلمة، وبحلب من ابن رواحة وابن خليل،
وبحماه من صفية القرشية، وبماردين من عبد الخالق النشتيري،
وببغداد من أبي نصر بن العليق، وابن الخير، وابن قميرة
وأخيه أحمد، وبحران وسنجار والموصل والحرمين، ومعجمه يشتمل
على ألف ومئتين وخمسين شيخا، وله تصانيف متقنة في الحديث
والعوالي واللغة والفقه وغير ذلك، وعمل أربعين حديثا
متباينة الاسناد من حديث أهل بغداد على شرط الصحيح، وله "
السيرة النبوية " في مجلد.
حدث عنه أئمة، ومات فجأة في ذي القعدة سنة خمس وسبع مئة
بالقاهرة، ومحاسنه جمة.
(2) قال ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 3 / 289: وفي
اللغة العجمية: إليكا: هو
الكبير القدر، المقدم بين الناس.
(3) هي ست الوزراء بنت القاضي عمر بن أسعد التنوخية.
(*)
(10/63)
الجيزي (1)، حدثنا أبو العباس الاصم، حدثنا الربيع بن
سليمان، حدثنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المتبايعان كل واحد منهما
على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار " (2).
أخرجه البخاري عن ابن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو
داود عن القعنبي، جميعا عن مالك، وهو مسلسل في طريقنا
الاول بالفقهاء إلى منتهاه.
وأخبرناه عاليا أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء قراءة، عن
المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا هبة الله بن سهل، أخبرنا
أبو عثمان سعيد بن محمد، أخبرنا زاهر بن أحمد الفقيه،
أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد، حدثنا أبو مصعب الزهري،
حدثنا مالك بن أنس، وأخبرنا به أبو محمد عبد الخالق بن عبد
السلام ببعلبك، أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم، أخبرتنا شهدة
بنت
__________
(1) نسبة إلى الجيزة، بليدة غربي فسطاط مصر.
(2) إسناده صحيح، وهو في " مسند الشافعي " 2 / 162 و "
الموطأ " 2 / 671 في البيوع: باب بيع الخيار، والبخاري 4 /
276 في البيوع: باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، وباب كم
يجوز الخيار، وباب إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع،
وباب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع، ومسلم (1531)
في البيوع: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، وأبو داود
(3454) في البيوع: باب في خيار المتبايعين.
وأخرجه الترمذي (1245) من طريق فضيل عن يحيى بن سعيد، عن
نافع، عن ابن عمر، وأخرجه ابن ماجه (2181) من طريق الليث
بن
سعد، عن نافع، عن ابن عمر.
وقوله: " إلا بيع الخيار " قال البغوي في " شرح السنة " 8
/ 41: معناه أن يقول أحدهما لصاحبه: اختر، فيقول: اخترت،
فيكون هذا إلزاما للبيع منهما، وإن كان المجلس قائما،
ويسقط خيارهما.
وتأوله بعضهم على خيار الشرط، وقال: هذا استثناء يرجع إلى
مفهوم مدة الخيار، معناه: كل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا، فإذا تفرقا، لزم البيع إلا أن يتبايعا بشرط خيار
ثلاثة أيام، فبقي خيار الشرط بعد التفرق، واستبعد هذا
التأويل، ورجح المعنى الاول لوروده مصرحا به في روايته عند
البخاري 4 / 274.
(*)
(10/64)
أحمد الكاتبة، أخبرنا أحمد بن عبد القادر (ح) وأخبرنا سنقر
بن عبد الله بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، أخبرنا يحيى
بن ثابت بن بندار البقال، أخبرنا أبي قالا: أخبرنا عثمان
بن دوست العلاف، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله البزاز،
حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا عبد الله ابن مسلمة،
أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " المتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم
يتفرقا إلا بيع الخيار " (1).
وبه إلى القعنبي: قال مالك: وليس لهذا عندنا وجه معروف،
ولا أمر معمول (2).
قلت: قد عمل جمهور الائمة بمقتضاه، أولهم عبد الله بن عمر
راوي الحديث، والله أعلم.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الهمذاني بقراءتي عليه،
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد سنة عشرين وست مئة،
أخبرنا محمد بن خليل القيسي، وأخبرنا أبو جعفر محمد بن علي
السلمي، وأحمد بن عبدالرحمن الصوري قالا: أخبرنا أبو
القاسم بن صصرى، أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن
الاسدي، وأبو يعلى حمزة بن علي الثعلبي، وأخبرنا علي بن
محمد
__________
(1) إسناده صحيح.
(2) يعني أن مالكا لا يأخذ بهذا الحديث لان عمل أهل
المدينة على خلافه، وقد تعقب بأنه قال به ابن عمر، ثم سعيد
بن المسيب، ثم الزهري، ثم ابن أبي ذئب، وهؤلاء من أكابر
علماء أهل المدينة في أعصارهم، ولا يحفظ عن أحد من علماء
المدينة في أعصارهم القول بخلاف غير ربيعة شيخ مالك.
وابن عبد البر، وابن العربي - وهما من المالكية - يقولان:
إنما لم يأخذ به مالك، لان وقت التفرق غير معلوم، فأشبه
بيوع الغرر كالملامسة، وتعقب بأنه يقول بخيار الشرط، ولا
يحده بوقت معين، وما ادعاه من الغرر موجود فيه، وبأن الغرر
في خيار المجلس معدوم، لان كلا منهما متمكن من إمضاء البيع
أو فسخه بالقول أو الفعل فلا غرر.
(*)
(10/65)
الحافظ، وعمر بن عبد المنعم الطائي، وعبد المنعم بن عبد
اللطيف، ومحمد بن محمد الفارسي وغيرهم قالوا: أخبرنا
القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشافعي، وأخبرنا الحسن
بن علي بن الجوهري، وخديجة بنت يوسف الواعظة قالا: أخبرنا
مكرم بن محمد بن أبي الصقر، وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن
أحمد بن القواس، وابن عمه أبو حفص عمر بن عبد المنعم،
والقاضي تقي الدين سليمان بن أبي عمر، والتقي بن مؤمن،
وفاطمة بنت سليمان، وأبو علي بن الخلال، ومحمد بن الحسن
الارموي، وست الفخر بنت عبدالرحمن، قالوا: حدثتنا أم الفضل
كريمة بنت عند الوهاب القرشية قالوا ثلاثتهم: أخبرنا أبو
يعلى بن الحبوبي، قال هو وابن خليل والاسدي، أخبرنا أبو
القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلا المصيصي قراءة
عليه، أخبرنا أبو محمد عبدالرحمن بن عثمان بن القاسم ابن
أبي نصر التميمي سنة ثمان عشرة وأربع مئة، أخبرنا إبراهيم
بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت في سنة ست وثلاثين وثلاث مئة،
حدثنا الربيع بن سليمان
حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، حدثنا ابن عيينة، عن جامع
وعبد الملك، سمعا أبا وائل يخبر عن عبد الله بن مسعود، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين يقتطع
بها مال امرئ مسلم لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان "
قيل: يا رسول الله، وإن كان شيئا يسيرا ؟ قال: " وإن كان
سواكا من أراك " (1).
__________
(1) إسناده صحيح، وجامع: هو ابن أبي راشد الصيرفي، وأبو
وائل: هو شقيق بن سلمة، وأخرجه أحمد 1 / 377 من طريق
سفيان، عن جامع، عن أبي وائل، عن ابن مسعود.
وأخرجه بأطول مما هنا أحمد 1 / 379، والبخاري 11 / 485 في
الايمان: باب قول الله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله
وأيمانهم)، ومسلم (138) في الايمان: باب وعيد من اقتطع حق
مسلم بيمين فاجرة بالنار، وأبو داود (3243)، والترمذي
(2999)، وابن ماجة (2323) من طرق، عن الاعمش، عن أبي وائل،
عن ابن مسعود.
وفي الباب عن أبي أمامة عند مالك 2 / 727، ومسلم (137)،
والنسائي 8 / 246.
(*)
(10/66)
أخبرنا أبو الحسين يحيى بن أحمد الجذامي (1)، وعلي بن أحمد
الحسيني، ومحمد بن الحسين القرشي بقراءتي، قالوا: أخبرنا
محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن
الخلعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر المالكي، أخبرنا أبو
الطاهر أحمد بن محمد المديني، حدثنا يونس بن عبدالاعلى، عن
الشافعي، عن محمد بن خالد الجندي، عن أبان ابن صالح، عن
الحسن، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا
يزداد الامر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا ولا الناس إلا
شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا
عيسى ابن مريم ".
أخرجه ابن ماجة (2) عن يونس، فوافقناه، وهو خبر منكر، تفرد
به يونس
ابن عبدالاعلى الصدفي أحد الثقات، ولكنه ما أحسبه سمعه من
الشافعي، بل أخبره به مخبر مجهول ليس بمعتمد، وقد جاء في
بعض طرقه الثابتة عن يونس قال: حدثت عن الشافعي فذكره (3).
__________
(1) نسبة إلى جذام قبيلة من اليمن.
(2) رقم (4039) وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن خالد الجندي،
والحسن مدلس وقد عنعن، ومتنه منكر كما قال المصنف، وهو في
" حلية الاولياء " 9 / 161، و " تاريخ بغداد " 4 / 221، و
" المستدرك " 4 / 441، ونقل الشوكاني في " الفوائد
المجموعة " ص 195 عن الصنعاني: أنه موضوع.
وجملة " لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " ثابتة عنه
صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود أخرجه مسلم في "
صحيحه " (2949).
(3) نقله تلميذه السبكي في " الطبقات " 2 / 171 في ترجمة
يونس بن عبدالاعلى بأوسع مما هنا، فقال: وكان شيخنا الذهبي
رحمه الله ينبه على فائدة، وهي أن حديثه المذكور عن
الشافعي إنما قال فيه: حدثت عن الشافعي، ولم يقل: حدثني
الشافعي، قال: هكذا هو موجود في كتاب يونس رواية أبي
الطاهر أحمد بن محمد المديني عنه، ورواه جماعة عنه عن
الشافعي، فكأنه دلسه بلفظة " عن " وأسقط ذكر من حدثه به عن
الشافعي.
هذا كلام شيخنا رحمه الله تعالى، وأنا أقول: قد صرح الرواة
عن يونس بأنه قال: " حدثنا " الشافعي أسنده من طريقين،
وفيه التصريح بالتحديث.
ثم رد دعوى تفرد يونس به بأنه قد تابعه عليه زيد بن = (*)
(10/67)
أخبرنا الحسن بن علي القلانسي، أخبرنا عبد الله بن عمر،
أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن
محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد الجارودي، أخبرنا أبو
إسحاق القراب (1)، أخبرنا أبويحيى الساجي، حدثنا أبو داود
السجزي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا الشافعي،
حدثنا مالك، عن ابن عجلان، عن أبيه قال: " إذا أغفل العالم
" لا أدري " أصيبت مقاتله (2).
فغالب هذا الاسناد مسلسل بالحفاظ من أبي إسماعيل إلى عجلان
رحمه الله.
وبه إلى أبي إسماعيل قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم،
أخبرنا محمد ابن عبد الله، أخبرنا أبو الوليد حسان بن محمد
الفقيه، حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي - وكان من الاسلام
بمكان - قال: رأيت الشافعي بمكة يفتي الناس، ورأيت أحمد
وإسحاق حاضرين، فقال الشافعي: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " وهل ترك لنا عقيل من دار " فقال إسحاق: حدثنا
يزيد، عن الحسن، وأخبرنا أبو نعيم وعبدة، عن سفيان، عن
منصور، عن إبراهيم أنهما لم يكونا يريانه، وعطاء وطاووس لم
يكونا يريانه.
فقال الشافعي: من هذا ؟ قيل: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ابن
راهويه، فقال الشافعي: أنت الذي يزعم أهل خراسان أنك
فقيههم، ما أحوجني أن يكون غيرك في
__________
= السكن، وعلي بن زيد اللحجي، فروياه عن محمد بن خالد،
وانتهى إلى أن الذي تفرد به هو محمد بن خالد الجندي ذاك
المجهول.
(1) نسبة لمن يعمل القرب، وهي أوعية الماء أو اللبن.
(2) " آداب الشافعي ": 107، و " طبقات الشافعية " للسبكي 1
/ 222، و " الانتقاء ": 37، 38، و " بدائع الفوائد " 3 /
276، و " جامع بيان العلم " 2 / 54، و " الآداب الشرعية "
2 / 79.
(*)
(10/68)
موضعك، فكنت آمر بعرك أذنيه، أقول: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وأنت تقول: عطاء، وطاووس، ومنصور عن إبراهيم
والحسن، وهل لاحد مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حجة (1) ؟ ! وبه إلى أبي إسماعيل قال:
حدثنا محمد بن محمد بن عبد الله الفقيه إملاء، سمعت أحمد
بن محمد بن فراشة الفقيه بمرو، سمعت أحمد بن منصور
الشيرازي، سمعت الحسن بن محمد الطبري، سمعت محمد بن
المغيرة، سمعت يونس بن عبدالاعلى، سمعت الشافعي، وحدثنا
عمر بن محمد إملاء، أخبرنا محمد بن الحسن الساوي (2) بمرو،
حدثنا محمد بن أبي بكر المروزي، حدثنا علي بن محمد
المروزي، حدثنا أبو الفضل صالح بن محمد الرازي، سمعت
البويطي، سمعت الشافعي يقول: إذا رأيت رجلا من أصحاب
الحديث فكأني رأيت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم (3).
زاد البويطي: قال الشافعي: جزاهم الله خيرا، فهم حفظوا لنا
الاصل، فلهم علينا فضل.
__________
(1) " مناقب " البيهقي 1 / 214، 215، و " آداب الشافعي " 1
/ 177، 178، و " معجم الادباء " 17 / 295، و " مناقب "
الرازي: 100.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " وهل ترك لنا عقيل من دار ؟ "
قاله في حجته، أو يوم الفتح، حيث قيل له: أتنزل في دارك
بمكة ؟ وأراد الشافعي رحمه الله أن الدور لو كانت مباحة
للناس لكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: أي
موضع أدركنا في دار من كان نزلنا، فإن ذلك مباح لنا، بل
أشار إلى دورهم التي كانت لآبائهم باعها عقيل بن أبي طالب
رضي الله عنه قبل أن يسلم، فلم يطالب بشئ منها، ولم يؤاخذ،
وقال: لم يترك لنا عقيل مسكنا.
والحديث أخرجه من حديث أسامة بن زيد البخاري 3 / 360، 361
في الحج: باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها، وفي الجهاد:
باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم،
وفي المغازي: باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية
يوم الفتح، ومسلم (1351) في الحج: باب النزول بمكة للحاج
وتوريث دورها، وأبو داود (2910) في الفرائض: باب هل يرث
المسلم الكافر، والبيهقي في " سننه " 6 / 34.
(2) نسبة إلى ساوة: مدينة بين الري وهمدان.
(3) تقدم الخبر في الصفحة (59، 60) ت (1).
(*)
(10/69)
وبه: أخبرنا محمد بن أحمد الجارودي، أخبرنا أبو إسحاق
القراب، أخبرنا أبويحيى الساجي، عن البويطي، سمعت الشافعي
يقول: عليكم بأصحاب الحديث، فإنهم أكثر الناس صوابا.
ويروى عن الشافعي: لولا المحابر لخطبت الزنادقة على
المنابر.
الاصم: حدثنا الربيع، قال الشافعي: المحدثات من الامور
ضربان: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا،
فهذه البدعة ضلالة، وما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد
من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة، قد قال عمر في قيام رمضان:
نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذ كانت فليس
فيها رد لما مضى.
رواه البيهقي (1)، عن الصدفي، عن الاصم.
قال أحمد بن سلمة النيسابوري، تزوج إسحاق بن راهويه بامرأة
رجل كان عنده كتب الشافعي، مات، لم يتزوج بها إلا للكتب،
قال: فوضع " جامع الكبير " على كتاب الشافعي، ووضع " جامع
الصغير " على " جامع سفيان "، فقدم أبو إسماعيل الترمذي
نيسابور، وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي، فقال له
إسحاق: لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا، فأجابه (2).
قال داود بن علي: سمعت ابن راهويه يقول: ما كنت أعلم أن
الشافعي في هذا المحل، ولو علمت لم أفارقه (3).
__________
(1) في " المناقب " 1 / 468، 469، وانظر " حلية الاولياء "
9 / 113.
(2) " آداب الشافعي ": 64، 65، و " مناقب " البيهقي 1 /
266، 267، و " حلية الاولياء " 9 / 102، و " توالي التأسيس
": 76، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 4 / 2.
(3) " مناقب " البيهقي 1 / 265.
(*)
(10/70)
قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: قال إسحاق: قلت للشافعي: ما
حال جعفر بن محمد (1) عندكم ؟ فقال: ثقة، كتبنا عن إبراهيم
بن أبي يحيى عنه أربع مئة حديث (2).
قال يونس بن عبدالاعلى: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أفقه
من سفيان بن عيينة [ ولا ] أسكت عن الفتيا منه (3).
روى أبو الشيخ الحافظ وغيره من غير وجه: أن الشافعي لما
دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك، وأقبلوا عليه، فلما أن رأوه
يخالف مالكا، وينقض عليه، جفوه وتنكروا له، فأنشأ يقول:
أأنثر درا بين سارحة النعم * وأنظم منثورا لراعية الغنم
لعمري لئن ضيعت في شر بلدة * فلست مضيعا بينهم غرر الحكم
فإن فرج الله اللطيف بلطفه * وصادفت أهلا للعلوم وللحكم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهم * وإلا فمخزون لدي ومكتتم ومن
منح الجهال علما أضاعه * ومن منع المستوجبين فقد ظلم وكاتم
علم الدين عمن يريده * ببوء بإثم زاد وآثم إذا كتم (4)
__________
(1) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
الملقب بالصادق، تقدمت ترجمة في الجزء السادس رقم (117).
(2) " مناقب " البيهقي 1 / 523، و " آداب الشافعي ": 177،
و " الجرح والتعديل " 2 / 487، و " تهذيب التهذيب " 2 /
103.
(3) " آداب الشافعي ": 206، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1
/ 224، وانظر " مناقب " الرازي: 17، و " تهذيب التهذيب " 4
/ 120، و " شذرات الذهب " 1 / 355، و " الجرح والتعديل " 1
/ 32، 33.
(4) الابيات - عدا هذا الاخير في " مناقب الشافعي " 2 /
72، و " معجم الادباء " 17 / 307، و " مناقب " الرازي:
111، و " حلية الاولياء " 9 / 153، و " طبقات الشافعية "
للسبكي 1 / 294.
(*)
(10/71)
قال أبو عبد الله بن مندة: حدثت عن الربيع قال: رأيت أشهب
ابن عبد العزيز ساجدا يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي لا
يذهب علم مالك، فبلغ الشافعي، فأنشأ يقول: تمنى رجال أن
أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي (1)
خلاف الذي مضى تهيا لاخرى مثلها فكأن قد وقد علموا لو ينفع
العلم عندهم لئن مت ما الداعي علي بمخلد (2) قال المبرد:
دخل رجل على الشافعي، فقال: إن أصحاب أبي حنيفة لفصحاء.
فأنشأ يقول: فلولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من
لبيد وأشجع في الوغى من كل ليث وآل مهلب وأبي يزيد
ولولا خشية الرحمن ربي حسبت الناس كلهم عبيدي (3)
__________
(1) في الاصل " يبقى " والمثبت هو من مصادر التخريج.
(2) الخبر مع الشعر في " مناقب " البيهقي 2 / 73، و "
تاريخ ابن عساكر " 15 / 21 / 1 و " مناقب " الرازي: 115، و
" توالي التأسيس ": 83، و " عيون الاخبار " 3 / 114، و "
حلية الاولياء " 9 / 149، 150، و " طبقات " السبكي 1 /
303، و " نوادر " القالي 218 / 3.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 62، و " مناقب " الرازي: 119.
(*)
(10/72)
ولابي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي في الشافعي: ومن
شعب الايمان حب ابن شافع وفرض أكيد حبه لا تطوع وإني حياتي
شافعي فإن أمت فتوصيتي بعدي بأن يتشفعوا (1) قال الامام
أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن غانم في كتاب "
مناقب الشافعي " له، وهو مجلد: جمعت ديوان شعر الشافعي
كتابا على حدة.
ثم إنه ساق بإسناد له إلى ثعلب قال: الشافعي إمام في
اللغة.
قال أبو نعيم بن عدي الحافظ (2): سمعت الربيع مرارا يقول:
لو
__________
(1) " مناقب الشافعي " للبيهقي 2 / 362.
وهكذا نجد كل تابع لامام من الائمة يقول في حق إمامه كذلك.
إن الائمة المجتهدين، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد،
وغيرهم، رحمهم الله تعالى لم يقل واحد منهم لاتباعه:
اتبعوني وخذوا بجميع أقوالي، وآثروني على من سواي،
وإنما ثبت عن كل واحد منهم قوله: " إذا خالف قولي قول رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فالحجة في قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم، واضربوا بقولي عرض الحائط " وجميعهم أصحاب
فضل وعلم، وقد بذلوا جهدهم في التماس الحق في المسائل التي
اجتهدوا فيها، فأصاب كل واحد منهم في بعضها، وله في ذلك
أجران، وأخطأ في البعض الاخر، وله فيها أجر واحد، فالمحب
الصحيح هو الذي يوالي الجميع، ويقدر جهودهم، ويشيد بفضلهم،
ولا يعتقد العصمة فيهم، وإذا رأى أحدهم يفضل على الآخرين
بشئ قد خصه الله به، فلا يتخذه وسيلة للتعصب أو الافراط في
الحب الذي قد يدعوه إلى العدول عن الصواب، لان هذا الامام
يحبه لم يقل به.
وليضع كل واحد منا نصب عينيه كلمة الامام مالك رحمه الله:
" ما منا إلا من رد أو رد عليه إلا صاحب هذا القبر " وأشار
إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه
وسلم هو وحده الذي افترض الله علينا الاخذ بجميع أقواله،
وليس ذلك لاحد سواه.
(2) هو الحافظ الحجة أبو نعيم عبدالملك بن محمد بن عدي
الجرجاني الاستراباذي الفقيه، المتوفى سنة 323 وهو غير ابن
عدي صاحب " الكامل " في الضعفاء، المتوفى سنة 365، فذاك
كنيته أبو أحمد، واسمه عبد الله.
(*)
(10/73)
رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته، لعجبت، ولو أنه ألف هذه
الكتب على عربيته التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة، لم
نقدر على قراءة كتبه لفصاحته، وغرائب ألفاظه، غير أنه كان
في تأليفه يوضح للعوام (1).
حرملة: سمعت الشافعي يقول: ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا
لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطاطاليس.
هذه حكاية نافعة، لكنها منكرة، ما أعتقد أن الامام تفوه
بها، ولا كانت أوضاع أرسطوطاليس عربت بعد البتة.
رواها أبو الحسن علي بن
مهدي الفقيه، حدثنا محمد بن هارون، حدثنا هميم بن همام،
حدثنا حرملة.
ابن هارون مجهول.
قال مصعب بن عبد الله: ما رأيت أحدا أعلم بأيام الناس من
الشافعي (2).
ونقل الامام ابن سريج عن بعض النسابين قال: كان الشافعي من
أعلم الناس بالانساب، لقد اجتمعوا معه ليلة، فذاكرهم
بأنساب النساء إلى الصباح، وقال: أنساب الرجال يعرفها كل
أحد (3).
الحسن بن رشق: أخبرنا أحمد بن علي المدائني قال: قال
المزني: قدم علينا الشافعي، فأتاه ابن هشام صاحب المغازي،
فذاكره أنساب الرجال، فقال له الشافعي: دع عنك أنساب
الرجال، فإنها لا
__________
(1) " توالي التأسيس ": 77، و " مناقب " البيهقي 2 / 49، و
" مناقب " الرازي.
(2) " مناقب " البيهقي 1 / 488.
(3) " مناقب " البيهقي 1 / 488، 489 (*)
(10/74)
تذهب عنا وعنك، وحدثنا في أنساب النساء، فلما أخذوا فيها
بقي ابن هشام (1).
قال يونس الصدفي: كان الشافعي إذا أخذ في أيام الناس قلت:
هذه صناعته.
وعن الشافعي قال: ما أردت بها - يعني: العربية والاخبار -
إلا للاستعانة على الفقه (2).
قال أبو حاتم: حدثنا يونس بن عبدالاعلى قال: ما رأيت أحدا
لقي من السقم ما لقي الشافعي، فدخلت عليه، فقال: اقرأ ما
بعد
العشرين والمئة من آل عمران، فقرأت، فلما قمت قال: لا تغفل
عني فإني مكروب.
قال يونس: عنى بقراءتي ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه أو نحوه (3).
ابن خزيمة وغيره: حدثنا المزني قال: دخلت على الشافعي في
مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت ؟
فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلا، ولاخواني مفارقا،
ولسوء عملي ملاقيا، وعلى الله واردا، ما أدري روحي تصير
إلى جنة فأهنيها،
__________
(1) أي: انقطع، وهو في " مناقب " البيهقي 1 / 488 و 2 /
42، و " توالي التأسيس ": 60.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 42.
(3) " آداب الشافعي ": 76، 77، و " مناقب " البيهقي 2 /
293، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 65، و " توالي
التأسيس ": 69 و 83.
وأخرج ابن أبي حاتم فيما ذكره الحافظ في " الفتح " 7 /
267، والواحدي في " أسباب النزول " 115، 116 من طريق
المسور بن مخرمة قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف - أي خالي -
أخبرني عن قصتكم يوم أحد ؟ فقال: اقرأ العشرين ومئة من آل
عمران تجدها: (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين) إلى قوله
تعالى: (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا).
(*)
(10/75)
أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى، وأنشأ يقول: ولما قسا قلبي
وضاقت مذاهبي * جعلت رجائي دون عفوك سلما تعاظمني ذنبي
فلما قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن
الذنب لم تزل * تجود وتعفو منة وتكرما فإن تنتقم مني فلست
بآيس * ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغوى بإبليس عابد * فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعرف قدره * وأعلم أن الله يعفو ترحما
إسناده ثابت عنه (1).
قال أبو العباس الاصم: حدثنا الربيع بن سليمان: دخلت على
الشافعي وهو مريض، فسألني عن أصحابنا، فقلت: إنهم يتكلمون،
فقال: ما ناظرت أحدا قط على الغلبة، وبودي أن جميع الخلق
تعلموا هذا الكتاب - يعني كتبه - على أن لا ينسب إلي منه
شئ.
قال هذا يوم الاحد، ومات يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته
ليلة الجمعة، فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومئتين، وله نيف
وخمسون سنة (2).
ابن أبي حاتم: كتب إلي أبو محمد السجستاني نزيل مكة، حدثني
الحارث بن سريج، قال: دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد،
وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما أبصره رجع، فقال له
الخادم: ادخل، قال: لا يحل افتراش الحرم، فقام الخادم
متبسما،
__________
(1) " مناقب " البيهقي 2 / 111، 293، 294، و " معجم
الادباء " 17 / 303، و " طبقات الشافعية " للسبكي 1 / 156،
و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 21، و " توالي التأسيس ": 83.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 297، 298، و " تاريخ ابن عساكر
" 15 / 22 / 1.
(*)
(10/76)
حتى دخل بيتا قد فرش بالارمني (1)، فدخل الشافعي، ثم أقبل
عليه، فقال: هذا حلال، وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك، وأكثر
ثمنا، فتبسم الخادم، وسكت (2).
وعن الربيع للشافعي:
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ومن دونها أرض المهامه والقفر
فوالله ما أدري أللمال والغنى أساق إليها أم أساق إلى قبري
(3) قال الميموني: سمعت أحمد يقول: سألت الشافعي عن
القياس، فقال: عند الضرورات (4).
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو
الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، أخبرنا محمد بن موسى،
حدثنا محمد ابن يعقوب، سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي
يقول: إذا وجدتم
__________
(1) نسبة إلى أرمينية على غير قياس، البلد التي تصنع فيه
تلك الفرش، وهي أنجاد وجبال تتخللها سهول مرتفعة في آسيا
الصغرى جنوبي القفقاس بين أنجاد إيران شرقا والاناضول
غربا، وبين بحر قزوين ومسيل الفرات.
(2) " آداب الشافعي ": 103، 104، و " حلية الاولياء " 9 /
126، 127، و " تاريخ ابن عساكر " 15 / 12 / 2، و " توالي
التأسيس ": 66.
(3) " مناقب " البيهقي، 2 / 108، و " الانتقاء ": 102، و "
معجم الادباء " 17 / 319، 320، و " مناقب " الرازي: 118،
119، و " عيون التواريخ " 7 / 179.
(4) أي عند عدم وجود النص، وهذا ما عليه الائمة الاربعة،
فإنهم لا يفزعون إلى القياس إلا عند عدم وجود النص، ولكن
منهم من يستعمله في ما هو كائن من الحوادث، وفيما سيجد
منها، ومنهم من يقتصر على الحوادث الكائنة، والشافعي رحمه
الله قد استخدم القياس كثيرا في كتابه " الام " وفي غيره
من تواليفه.
(*)
(10/77)
في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقولوا
بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا
ما قلت (1).
سمعنا جزءا في رحلة الشافعي، فلم أسق منه شيئا لانه باطل
لمن تأمله (2) وكذلك عزي إليه أقوال وأصول لم تثبت عنه،
ورواية ابن عبد الحكم عنه في محاش النساء (3) منكرة،
ونصوصه في تواليفه بخلاف ذلك.
__________
(1) " مناقب " البيهقي 1 / 472، و " توالي التأسيس ": 63.
(2) وهذا الجزء مروي من طريق عبد الله بن محمد البلوي
الكذاب الوضاع، وسامح الله الامام البيهقي فإنه أورد خبر
هذه الرحلة عن طريق البلوي هذا في " مناقب الشافعي " 1 /
130 وما بعدها، ولم ينبه على وضعها، مع أنه لا يخفى عليه
بطلانها، فانخدع بصنيعه هذا غير واحد ممن ألف في مناقب
الشافعي ممن لا شأن له في تمحيص الروايات وغربلتها من
أمثال الجويني والرازي وأبي حامد الطوسي، واعتمدوها بصدد
ترجيحهم لمذهب الشافعي.
ولا ينقضي عجبي كيف راجت هذه الفرية على الامام النووي،
وهو من نقدة الاخبار وجهابذة المحدثين، فقال في " المجموع
" 1 / 81: وفي رحلته مصنف مشهور مسموع، ونقل منها في "
تهذيب الاسماء " 1 / 59 قوله: وبعث أبو يوسف القاضي إلى
الشافعي حين خرج من عند هارون الرشيد يقرئه السلام، ويقول:
صنف الكتب فإنك أولى من يصنف في هذا الزمان.
أما الحافظ ابن حجر، فقد قال في " توالي التأسيس " ص 71:
وأما الرحلة المنسوبة إلى الشافعي المروية من طريق عبد
الله بن محمد البلوي فقد أخرجها الآبري والبيهقي، وغيرهما،
مطولة ومختصرة، وساقها الفخر الرازي في " مناقب الشافعي "
- ص 23 - بغير إسناد معتمدا عليها، وهي مكذوبة، وغالب ما
فيها موضوع، وبعضها ملفق من روايات ملفقة، وأوضح ما فيها
من الكذب قوله فيها: إن أبا يوسف ومحمد بن الحسن حرضا
الرشيد على قتل الشافعي، وهذا باطل من وجهين: أحدهما: أن
أبا يوسف لما دخل الشافعي بغداد كان مات ولم يجتمع به
الشافعي.
والثاني: أنهما كانا أتقى لله من أن يسعيا في قتل رجل
مسلم، لا سيما وقد اشتهر بالعلم وليس له إليهما ذنب إلا
الحسد له على ما آتاه الله من العلم.
هذا ما لا يظن بهما، وإن منصبهما وجلالتهما وما اشتهر من
دينهما ليصد عن ذلك والذي تحرر لنا بالطرق الصحيحة أن قدوم
الشافعي بغداد أول ما قدم كان سنة أربع وثمانين، وكان أبو
يوسف قد مات قبل ذلك بسنتين، وأنه لقي محمد ابن الحسن في
تلك القدمة، وكان يعرفه قبل ذلك من الحجاز وأخذ عنه
ولازمه.
(3) المحاش: جمع محشة: وهي الدبر.
ورواية ابن عبد الحكم هذه أوردها ابن أبي
(10/78)
وكذا وصية الشافعي من رواية الحسين بن هشام البلدي غير
صحيحة (1).
وقال شيخ الاسلام علي بن أحمد بن يوسف الهكاري في كتاب "
عقيدة الشافعي " له: أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله
الحافظ، أخبرنا أبو القاسم بن علقمة الابهري، حدثنا
عبدالرحمن بن أبي حاتم، حدثنا يونس بن عبدالاعلى، سمعت أبا
عبد الله الشافعي يقول - وقد سئل عن صفات الله تعالى وما
يؤمن به - فقال: لله أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها
نبيه صلى الله عليه وسلم أمته، لا يسع أحدا قامت عليه
الحجة ردها، لان القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم القول بها، فإن خالف
__________
حاتم في " آداب الشافعي " ص (216) عنه قال: سمعت الشافعي
يقول: ليس فيه - يعني في إتيان النساء في الدبر - عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم في التحريم والتحليل حديث ثابت،
والقياس أنه حلال.
وذكرها الذهبي في " الميزان " في ترجمة ابن عبد الحكم 3 /
612، فقال: هذا منكر من القول، بل القياس التحريم، وقد صح
الحديث فيه، وقال الشافعي: " إذا صح الحديث فاضربوا بقولي
الحائط ".
قال ابن الصباغ في " الشامل " عقيب هذه الحكاية: قال
الربيع: والله لقد كذب على الشافعي، فإن الشافعي ذكر تحريم
هذا في ستة كتب من كتبه.
قلت: والاحاديث في النهي عن إتيان الرجل زوجته في دبرها
صحيحة ثابتة، مخرجة في " زاد المعاد " 4 / 257، 261، "
وشرح السنة " 9 / 104 بتحقيقنا.
ومما يقوي قول الربيع في أن ما أثر عن الشافعي من رواية
ابن عبد الحكم كذب، أن الشافعي رحمه الله أورد حديث خزيمة
بن ثابت في " الام " 5 / 173، 174 من طريق عمه، عن ابن
السائب، عن ابن الحلاج، عن خزيمة بن ثابت...وفيه: " فإن
الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن "
وصححه ثم قال: فلست أرخص فيه، بل أنهى عنه.
فهذا نص صريح واضح في كون الشافعي رحمه الله يحرم على
الرجل أن يأتي زوجته في دبرها.
وانظر " السنن الكبرى " 7 / 196، 199، و " مناقب الشافعي "
2 / 10، 13.
واستدل أيضا في " الام " 5 / 94 في تحريم إتيان النساء في
أدبارهن بالآية وبحديث خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله
عليه وسلم، وقال: والاتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ
الاتيان في القبل محرم بدلالة الكتاب ثم السنة.
(1) والوصية الثابتة عنه رحمه الله، أوردها البيهقي في "
مناقبه " 2 / 288، 289، وهي في " الام " 4 / 48، 51.
(*)
(10/79)
ذلك بعد ثبوت الحجة عليه، فهو كافر، فأما قبل ثبوت الحجة،
فمعذور بالجهل، لان علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالروية
والفكر، ولا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر
إليه بها، ونثبت هذه الصفات، وننفي عنها التشبيه، كما نفاه
عن نفسه، فقال: (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) (الشورى:
11).
قال مصعب بن عبد الله: كان الشافعي يسمر مع أبي إلى الصباح
(1).
وقال المبرد: كان الشافعي من أشعر الناس، وآدب الناس،
وأعرفهم بالقراءات (2).
ومن مناقب هذا الامام قول النبي صلى الله عليه وسلم: "
إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد لم يفارقونا في جاهلية
ولا إسلام ".
أخرجه البخاري (3).
__________
(1) " مناقب " البيهقي 2 / 46.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 48، و " تاريخ ابن عساكر " 15 /
6 / 1، و " معجم الادباء " 17 / 312.
(3) 6 / 173، 174، في الجهاد: باب ومن الدليل على أن الخمس
للامام، وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض، و 389 في المناقب:
باب مناقب قريش، و 7 / 371 في المغازي: باب غزوة خيبر من
طريقين: عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب،
عن جبير بن مطعم، قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي
صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر
وتركتنا، ونحن بمنزلة واحدة منك، فقال: " إنما بنو هاشم
وبنو المطلب شئ واحد ".
قال جبير: ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس
وبني نوفل شيئا.
وأخرجه أبو داود (2978) و (2979) و (2980)، والنسائي 7 /
130، 131، وأحمد 4 / 81 و 83 و 85، وابن ماجه (2881)،
والطبري 13 / 556، والبيهقي في " السنن " 6 / 340، 341،
وأبو عبيد في " الاموال " ص (331) والشافعي في " الام " 4
/ 71.
(*)
(10/80)
قال يحيى القطان: مما نقله البيهقي في " المدخل " له: ما
رأيت أعقل - أو قال أفقه - من الشافعي، وأنا أدعو الله له
أخصه به (1).
وقال الحاكم: حدثنا الزبير بن عبد الواحد، حدثني العباس بن
الفضل بأرسوف (2)، حدثنا محمد بن عوف، سمعت أحمد بن حنبل
يقول: الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف
الناس، والمعاني، والفقه (3).
قال إبراهيم الحربي، سألت أحمد عن الشافعي، فقال: حديث
صحيح، ورأي صحيح، وسألته عن مالك..وذكر القصة (4).
أحمد بن محمد بن عبيدة: حدثنا يونس بن عبدالاعلى قال: كان
الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شهد التنزيل (5).
قال البيهقي فيما أجاز لنا ابن علان وفاطمة بنت عساكر، عن
منصور
__________
= قال البيهقي في " المناقب " 1 / 43: والشافعي رحمه الله
من صليبة بني عبدالمطلب بن عبد مناف من قبل آبائه، وهو من
بني هاشم بن عبد مناف من جهة جداته اللاتي كن لآبائه.
قال الامام أحمد: وفي تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم وآله
بني هاشم وبني المطلب بإعطائهم سهم ذي القربى وقوله: "
إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد " فضيلة أخرى، وهي أنه
حرم الله عليهم الصدقة، وعوضهم منها هذا السهم من الخمس،
وقال: " إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد " فدل بذلك
على أنه آله الذين أمر بالصلاة عليهم معه هم الذين حرم
الله عليهم الصدقة، وعوضهم منها هذا السهم من الخمس.
(1) تقدم الخبر في الصفحة 20 تعليق رقم (2).
(2) في " الانساب " بضم الهمزة، وفي " معجم البلدان "
بفتحها: مدينة على ساحل بحر الشام بين قيسارية ويافا، كان
بها خلق من المرابطين.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 41، و " تاريخ ابن عساكر " 14 /
415 / 2.
(4) تقدم الخبر في الصفحة (47) ت (4).
(5) " مناقب " البيهقي 1 / 284، و " مناقب " الرازي: 70، و
" توالي التأسيس ": 58.
(*)
(10/81)
الفراوي (1)، أخبرنا أبو المعالي الفارسي، أخبرنا أبو بكر
البيهقي، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا محمد بن
العباس العصمي (2)، حدثنا أبو إسحاق بن ياسين الهروي،
حدثنا إبراهيم بن إسحاق الانصاري، سمعت المروذي يقول: قال
أحمد بن حنبل: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا، قلت
فيها بقول الشافعي، لانه إمام قرشي، وقد روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: " عالم قريش يملا الارض علما "
إلى أن قال أحمد: وإني لادعو للشافعي منذ أربعين سنة في
صلاتي (3).
روى أبو داود الطيالسي وإسحاق بن إسرائيل، حدثنا جعفر بن
سليمان، عن أبي الجارود النضر بن حميد (4)، [ عن أبي
الجارود ] عن أبي الاحوص، عن عبد الله، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملا الارض
علما " (5).
قلت: النضر، قال فيه أبو حاتم: متروك الحديث (6).
__________
(1) بضم الفاء نسبة إلى فراوة: بليدة مما يلي خوارزم.
(2) نسبة إلى عصم، وهو جد محمد بن العباس هذا.
(3) " مناقب " البيهقي 1 / 54، و " توالي التأسيس ": 48، و
" الحلية " 9 / 65، و " تاريخ بغداد " 2 / 60، 61، و "
مناقب " الرازي: 126.
(4) في المطبوع من " مسند " الطيالسي و " الحلية ": النضر
بن معبد وفي " تاريخ بغداد ": النضر بن سعيد وكلاهما
تحريف.
(5) هو في " مسند الطيالسي " 2 / 199، و " حلية الاولياء "
9 / 65، و " تاريخ بغداد " 2 / 60، 61، و " مناقب البيهقي
" 1 / 26، وعندهم السند: عن النضر بن حميد، عن الجارود، عن
أبي الاحوص.
مع أن البخاري يقول كما سيأتي: روى عن أبي الجارود.
(6) كما في " الجرح والتعديل " 8 / 476، 477، وأورده
المؤلف في " الميزان "
4 / 256، فقال: النضر بن حميد أبو الجارود، عن أبي إسحاق،
قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث،
وهو النضر بن حميد الكندي، قال البخاري: حدث عن أبي
الجارود وثابت، ثم أورد الحديث من طريق جعفر بن سليمان.
وأورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 281، وقال:
الجارود مجهول، والراوي عنه مختلف فيه.
(*)
(10/82)
قال أبو بكر بن زياد النيسابوري، سمعت الربيع يقول: كان
الشافعي يختم القرآن في كل رمضان ستين ختمة، وفي كل شهر
ثلاثين ختمة.
وكان يحدث وطست تحته، فقال يوما: اللهم إن كان لك فيه رضى،
فزد (1)، فبعث إليه إدريس بن يحيى المعافري - يعني زاهد
مصر -: لست من رجال البلاء، فسل الله العافية.
الزبير بن عبد الواحد: حدثنا محمد بن عقيل الفريابي قال:
قال المزني أو الربيع: كنا يوما عند الشافعي، إذ جاء شيخ
عليه ثياب صوف، وفي يده عكازة، فقام الشافعي، وسوى عليه
ثيابه، وسلم الشيخ، وجلس، وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ
هيبة له، إذ قال الشيخ: أسأل ؟ قال: سل، قال: ما الحجة في
دين الله ؟ قال: كتاب الله.
قال: وماذا ؟ قال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وماذا ؟ قال: اتفاق الامة.
قال: من أين قلت: اتفاق الامة ؟ فتدبر الشافعي ساعة، فقال
الشيخ: قد أجلتك ثلاثا، فإن جئت بحجة من كتاب الله، وإلا
تب إلى الله تعالى، فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب، فلم
يخرج إلى اليوم الثالث بين الظهر والعصر، وقد انتفخ وجهه
ويداه ورجلاه وهو مسقام، فجلس، فلم يكن
__________
(1) في ثبوت هذا عن الشافعي وقفة، فإنه مما لا يخفى عليه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ
من البلاء، ويسأل الله العافية، ففي البخاري 11 / 125،
ومسلم (2707) من حديث أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء،
وشماتة الاعداء.
وفي " صحيح مسلم " (2739) من حديث ابن عمر: كان من دعاء
النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذ بك من زوال
نعمتك، ومن تحول عافيتك، ومن فجاءة نقمتك، ومن جميع سخطك
وغضبك " وصح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر فيما
رواه أبو داود (5073) أنه كان يدعو حين يصبح ويمسي بهذه
الدعوات: " اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني
ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي،
اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي،
ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي " والنص في "
الحلية " 9 / 135.
وفيه بعد قوله: " فسل الله العافية " أن الشافعي بعث إليه،
فقال: ادع الله لي بالعافية.
(*)
(10/83)
بأسرع من أن جاء الشيخ، فسلم، وجلس، فقال: حاجتي ؟ فقال
الشافعي: نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله
تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع
غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى..) الآية (النساء: 115)،
قال: فلا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض، فقال:
صدقت، وقام فذهب.
فقال الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى
وقفت عليه (1).
أنبئت بهذه القصة عن منصور الفراوي، أخبرنا محمد بن
إسماعيل الفارسي، أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ، حدثنا الزبير.
فذكرها.
__________
(1) وجه الاستدلال بالآية أنه تعالى توعد على متابعة غير
سبيل المؤمنين، ولو لم يكن ذلك محرما لما توعد الله عليه،
ولما حسن الجمع بينه وبين ما حرم من مشاقة الرسول عليه
السلام في التوعد، كما لا يحسن الجمع في التوعد بين الكفر
وأكل الخبز المباح، ومخالفة ما
أجمع عليه المسلمون اتباع لغير سبيل المؤمنين بالعمل
بإجماعهم واجبا.
وأجيب بأنا لا نسلم أن المراد بسبيل المؤمنين في الآية هو
إجماعهم لاحتمال أن يكون المراد سبيلهم في متابعة الرسول
صلى الله عليه وسلم، أو في مناصرته، أو في الاقتداء به، أو
فيما صاروا به مؤمنين، وهو الايمان به، ومع الاحتمال لا
يتم الاستدلال.
وقال إمام الحرمين في كتابه " البرهان " فيما نقله عنه
صاحب " سلم الوصول " 3 / 869: الظاهر أن الرب سبحانه
وتعالى أراد بذلك من أراد الكفر وتكذيب المصطفى صلوات الله
وسلامه عليه، والحيد عن سنن الحق، وترتيب المعنى: ومن
يشاقق الرسول، ويتبع غير سبيل المؤمنين المقتدين به، نوله
ما تولى.
فإن سلم ظهور ذلك، فذلك، وإلا فهو وجه في التأويل لائح،
ومسلك للانكار واضح، فلا يبقى للتمسك بالآية إلا ظاهر معرض
للتأويل، ولا يسوغ التمسك بالمحتملات في مطالب القطع، وليس
على المعترض إلا أن يظهر وجها في الامكان، ولا يقوم للمحصل
عن هذا جواب إن أنصف، وقال الغزالي في " المستصفى " 1 /
175: والذي نراه أن الآية ليست نصا في الغرض، بل الظاهر أن
المراد بها أن من يقاتل الرسول ويشاقه، ويتبع غير سبيل
المؤمنين في مشايعته ونصرته، ودفع الاعداء عنه، نوله ما
تولى.
فكأنه لم يكتف بترك المشاقة حتى تنضم متابعة سبيل المؤمنين
في نصرته والذب عنه، والانقياد له فيما يأمر وينهى.
وهذا هو الظاهر السابق إلى الفهم، فإن لم يكن ظاهرا، فهو
محتمل.
(*)
(10/84)
قال الزعفراني: قدم علينا الشافعي بغداد في سنة خمس
وتسعين، فأقام عندنا أشهر، ثم خرج.
وكان يخضب بالحناء، وكان خفيف العارضين.
وقال أحمد بن سنان: رأيته أحمر الرأس واللحية - يعني أنه
اختضب (1) -.
قال الطبراني: سمعت أبا يزيد القراطيسي يقول: حضرت جنازة
ابن وهب، وحضرت مجلس الشافعي.
أبو نعيم في " الحلية ": حدثنا عبيد بن خلف البزار، حدثني
إسحاق بن عبدالرحمن، سمعت حسينا الكرابيسي، سمعت الشافعي
يقول: كنت امرأ أكتب الشعر، فآتي البوادي، فأسمع منهم،
فقدمت مكة، فخرجت وأنا أتمثل بشعر للبيد، وأضرب وحشي قدمي
بالسوط، فضربني رجل من ورائي من الحجبة، فقال: رجل من قريش
ثم ابن المطلب، رضي من دينه ودنياه أن يكون معلما، ما
الشعر إذا استحكمت فيه فعدت معلما ؟ تفقه يعلك (2) الله.
فنفعني الله بكلامه، فكتبت ما شاء الله من ابن عيينة، ثم
كنت أجالس مسلم بن خالد، ثم قدمت على مالك، فلما عرضت عليه
إلى كتاب السير، قال لي: تفقه تعل (3) يا ابن أخي، فجئت
إلى مصعب بن عبد الله، فكلمته أن يكلم لي بعض أهلنا،
فيعطيني شيئا، فإنه كان بي من الفقر والفاقة ما الله به
عليم، فقال لي
__________
(1) " آداب الشافعي ": 79، و " حلية الاولياء " 9 / 68، و
" تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 64، و " توالي التأسيس ":
69.
(2) في " الحلية ": يعلمك.
وهو خطأ.
(3) في الاصل: " تعلو ".
(*)
(10/85)
مصعب: أتيت فلانا، فكلمته، فقال: أتكلمني في رجل كان منا،
فخالفنا ؟ قال: فأعطاني مئة دينار ؟ ثم قال لي مصعب: إن
الرشيد كتب إلي أن أصير إلى اليمن قاضيا، فتخرج معنا، لعل
الله أن يعوضك، فخرجت معه، وجالسنا الناس، فكتب مطرف بن
مازن إلى الرشيد: إن
أردت اليمن لا يفسد عليك ولا يخرج من يدك، فأخرج عنه محمد
بن إدريس، وذكر أقواما من الطالبيين، فبعث إلى حماد
البربري، فأوثقت بالحديد، حتى قدمنا على هارون الرقة،
فأدخلت عليه..وذكر اجتماعه بعد بمحمد بن الحسن، ومناظرته
له (1).
قال الحميدي: عن الشافعي قال: كان منزلنا بمكة في شعب
الخيف، فكنت أنظر إلى العظم يلوح، فأكتب فيه الحديث أو
المسألة، وكانت لنا جرة قديمة، فإذا امتلا العظم طرحته في
الجرة (2).
قال عمرو بن عثمان المكي، عن الزعفراني، عن يحيى بن معين،
سمعت يحيى بن سعيد يقول: أنا أدعو الله للشافعي في صلاتي
منذ أربع سنين (3).
قال ابن ماجة القزويني: جاء يحيى بن معين إلى أحمد بن
حنبل، فبينا هو عنده، إذا مر الشافعي على بغلته، فوثب أحمد
يسلم عليه، وتبعه، فأبطأ، ويحيى جالس، فلما جاء، قال يحيى:
يا أبا عبد الله،
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 70 (2) " آداب الشافعي ": 24، و
" حلية الاولياء " 9 / 73، و " توالي التأسيس ": 50، و "
مناقب " الرازي: 9، و " الانتقاء ": 70.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 244، وانظر الصفحة (20) تعليق
رقم (2) و (3) والصفحة (44) تعليق رقم (3).
(*)
(10/86)
كم هذا ؟ فقال: دع عنك هذا ؟ إن أردت الفقه، فالزم ذنب
البغلة (1).
قال أحمد بن العباس النسائي: سمعت أحمد بن حنبل مالا أحصيه
وهو يقول: قال أبو عبد الله الشافعي.
ثم قال: ما رأيت أحدا أتبع للاثر
من الشافعي (2).
أبو حاتم: حدثنا يونس، سمعت الشافعي يقول: ناظرت يوما محمد
ابن الحسن، فاشتد مناظرتي له، فجعلت أوداجه [ تنتفخ،
وأزراره ] تنقطع زرا زرا (3).
وعن الشافعي قال: سميت ببغداد ناصر الحديث (4).
وقال يونس: سمعت الشافعي يقول: ما فاتني أحد كان أشد علي
من الليث، وابن أبي ذئب، والليث أتبع للاثر من مالك (5).
__________
(1) انظر " مناقب " البيهقي 2 / 252.
(2) " تاريخ ابن عساكر " 14 / 415 / 2.
(3) " آداب الشافعي ": 160، و " حلية الاولياء " 9 / 104،
و " تاريخ بغداد " 2 / 177، و " الانتقاء ": 25، وفي "
بلوغ الاماني " 27، 32 تعليق على هذا الخبر يحسن الرجوع
إليه.
وليقارن هذا الخبر بما ثبت عن الشافعي: ما رأيت أحدا يسأل
عن مسألة فيها نظر إلا رأيت الكراهية في وجهه إلا محمد بن
الحسن.
(4) تقدم الخبر في الصفحة 47 ت (1).
(5) " آداب الشافعي ": 29، و " حلية الاولياء " 9 / 74، و
109، و " تاريخ بغداد " 2 / 300، 301، وعلق أبو حاتم على
الخبر بقوله: ما ظننت أنه أدركهما حتى يأسف عليهما.
وتعقبه ابن حجر في " التوالي "، فقال: أما الليث، فأدركه،
فإنه حين اجتمع بمالك، وقرأ عليه في " الموطأ " كان موجودا
لكن بمصر، وأسف أن لا يكون له إذ ذاك معرفة بقدر الليث،
فكان يرحل إليه، أو كان يعرفه، لكن لم يكن له قدرة على
الرحلة إليه، وأسف على فوته، وأما ابن أبي ذئب، فمات
والشافعي ابن تسع سنين بالمدينة، والشافعي إذ ذاك صغير،
ولا يلزم من ذلك أن لا يصح منه الاسف على فوت لقيه، بمعنى
أنه أسف أن لا يكون له إدراك زمانه.
(*)
(10/87)
اخبرنا أحمد بن سلامة إجازة، عن مسعود الجمال، أخبرنا أبو
علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن
سهل، حدثني حسان بن أبان القاضي بمصر، حدثني جامع بن
القاسم البلخي، حدثني أبو بكر محمد بن يزيد بن حكيم
المستملي قال: رأيت الشافعي في المسجد الحرام، وقد جعلت له
طنافس، فجلس عليها، فأتاه رجل من أهل خراسان، فقال: يا أبا
عبد الله، ما تقول في أكل فرخ الزنبور ؟ فقال: حرام.
فقال: حرام ؟ ! قال: نعم من كتاب الله، وسنة رسول الله،
والمعقول، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [ الحشر:
7 ] وحدثنا سفيان، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن مولى
لربعي، عن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر "، هذا الكتاب
والسنة.
وحدثونا عن إسرائيل، قال أبو بكر المستملي: حدثنا أبو
أحمد، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن عبدالاعلى، عن سويد بن
غفلة، أن عمر أمر بقتل الزنبور، وفي المعقول أن ما أمر
بقتله فحرام أكله (1).
وقال أبو نعيم: حدثنا الحسن بن سعيد، حدثنا زكريا الساجي،
سمعت البويطي، سمعت الشافعي يقول: إنما خلق الله الخلق
بكن، فإذا كانت " كن " مخلوقة فكأن مخلوقا خلق بمخلوق (2).
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 109، 110، و " مناقب " البيهقي
1 / 362، 363، و " مناقب " الرازي: 125، 126.
وحديث " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " حديث صحيح
أخرجه أحمد 5 / 382 و 385 و 402، والترمذي (3663)، وابن
ماجه (97) عن حذيفة بن اليمان، وحسنه الترمذي، وصححه
الحاكم 3 / 75، ووافقه الذهبي، وأخرجه
أحمد 5 / 399 من طريق آخر لا بأس به، وصححه ابن حبان
(2193)، وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الترمذي (3807)،
والحاكم 3 / 75.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 111.
(*)
(10/88)
الربيع: سمعت الشافعي يقول: لم أر أحدا أشهد بالزور من
الرافضة (1).
وقال: لا يبلغ في هذا الشأن رجل حتى يضر به الفقر، ويؤثره
على كل شئ.
وقال يونس بن عبدالاعلى: سمعت الشافعي يقول: يا يونس،
الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة، والانبساط إليهم مجلبة
لقرناء السوء، فكن بين المنقبض والمنبسط (2).
وقال لي: رضى الناس غاية لا تدرك، وليس إلى السلامة منهم
سبيل، فعليك بما ينفعك فالزمه (3).
وعن الشافعي: العلم ما نفع، ليس العلم ما حفظ (4).
وعنه: اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل (5).
وعنه: لو أعلم أن الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته (6).
__________
(1) " آداب الشافعي ": 187، 189، و " حلية الاولياء " 9 /
114، و " الانتقاء ": 79.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 122، و " مناقب " البيهقي 2 /
190، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 57، و " الآداب
الشرعية " 3 / 477، و " مناقب " الرازي: 122، و " توالي
التأسيس ": 72.
(3) تقدم في الصفحة (42) ت (1).
(4) " حلية الاولياء " 9 / 123، و " تهذيب الاسماء واللغات
" 1 / 54.
(5) " حلية الاولياء " 9 / 123، و " مناقب " البيهقي 2 /
198، و " مناقب " الرازي: 123، و " تهذيب الاسماء " 1 /
56.
(6) " مناقب " البيهقي 2 / 187، و " مناقب " الرازي: 222،
و " توالي التأسيس ": 75.
(*)
(10/89)
أبو نعيم: حدثنا ابن المقرئ، سمعت يوسف بن محمد بن يوسف
المروزي يقول: عن عمر بن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم،
عن أبيه، سمعت الشافعي يقول: بينما أنا أدور في طلب العلم،
ودخلت اليمن، فقيل لي: بها إنسان من وسطها إلى أسفل بدن
امرأة، ومن وسطها إلى فوق بدنان مفترقان بأربع أيد ورأسين
ووجهين، فأحببت أن أنظر إليها، فلم أستحل حتى خطبتها من
أبيها، فدخلت، فإذا هي كما ذكر لي، فلعهدي بهما، وهما
يتقاتلان، ويتلاطمان، ويصطلحان، ويأكلان، ثم إني نزلت
عنها، وغبت عن تلك البلد، - أحسبه قال: سنتين - ثم عدت،
فقيل لي: أحسن الله عزاءك في الجسد الواحد، توفي، فعمد
إليه، فربط من أسفل بحبل، وترك حتى ذبل، فقطع ودفن، قال
الشافعي: فلعهدي بالجسد الواحد في السوق ذاهبا وجائيا أو
نحوه (1).
هذه حكاية عجيبة منكرة، وفي إسنادها من يجهل.
وعن الشافعي قال: ما نقص من أثمان السود إلا لضعف عقولهم،
وإلا هو لون من الالوان (2).
إبراهيم بن محمد بن الحسن الاصبهاني: حدثنا الربيع، قال:
كان
الشافعي يختم في رمضان ستين ختمة (3).
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 127، 128 من طريق محمد بن
إبراهيم، قال: سمعت يونس ابن محمد بن موسى المروزي يقول:
سمعت عمر بن الربيع يقول: عن عمر بن محمد بن عبد الله بن
عبد الحكم عن أبيه.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 206، و " حلية الاولياء " 9 /
129.
(3) تقدم في الصفحة (36) ت (1)، وهدي النبي صلى الله عليه
وسلم هو الواجب الاتباع، فإنه لم يأذن لعبد الله بن عمرو
بن العاص أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وقال: " لم يفقه
من قرأ (*)
(10/90)
قال إبراهيم بن محمد الشافعي: ما رأيت أحدا أحسن صلاة من
الشافعي، وذاك أنه أخذ من مسلم بن خالد، وأخذ مسلم بن ابن
جريج، وأخذ ابن جريج من عطاء، وأخذ عطاء من ابن الزبير،
وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق، وأخذ أبو بكر من النبي
صلى الله عليه وسلم.
وعن الشافعي قال: رأيت باليمن بنات تسع يحضن كثيرا (1).
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول:
يقولون: ماء العراق، وما في الدنيا مثل ماء مصر للرجال،
لقد قدمت مصر، وأنا مثل الخصي ما أتحرك، قال: فما برح من
مصر حتى ولد له (2).
محمد بن إبراهيم بن جناد: حدثنا الحسن بن عبد العزيز
الجروي (3)، سمعت الشافعي يقول: خلفت ببغداد شيئا أحدثته
الزنادقة، يسمونه التغبير يشغلون به عن القرآن (4).
عن الشافعي: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن،
__________
القرآن في أقل من ثلاث " أخرجه أبو داود (1394)، والترمذي
(2950) من حديث عبد الله
ابن عمرو، وإسناده صحيح.
(1) " آداب الشافعي ": 49، و " حلية الاولياء " 9 / 137.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 119.
(3) نسبة إلى جري بن عوف: بطن من جذام كما في " الانساب "
3 / 238، وثقه أبو حاتم، وقال الدارقطني: لم ير مثله فضلا
وزهدا.
(4) " آداب الشافعي ": 310، و " حلية الاولياء " 9 / 146،
و " مناقب " البيهقي 1 / 283، و " تلبيس إبليس ": 230،
وإسناد الخبر صحيح.
قال الازهري في " تهذيب اللغة " 8 / 122: وقد يسمى ما يقرأ
بالتطريب من الشعر في ذكر الله تعالى تغبيرا، كأنهم إذا
تناشدوها بالالحان، طربوا فرقصوا وأرهجوا، فسموا مغبرة
بهذا المعنى، ثم نقل كلام الشافعي.
وقال أبو إسحاق النحوي: سمي هؤلاء مغبرين لتزهيدهم الناس
في الفانية الماضية، وترغيبهم في الغابرة، وهي الآخرة
الباقية.
(*)
(10/91)
قيل: ولم ؟ قال: لان العاقل لا يعدو من إحدى خلتين، إما
يغتم لآخرته أو لدنياه، والشحم مع الغم لا ينعقد (1).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن بن عمرو المعدل في سنة اثنتين
وتسعين وبعدها، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين الاسدي،
أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم
علي بن محمد الفقيه، أخبرنا محمد بن الفضل بن نظيف الفراء
بمصر سنة تسع عشرة وأربع مئة، حدثنا أحمد بن محمد بن
الحسين الصابوني سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة، حدثنا
المزني، حدثنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن الوصال "، فقيل:
إنك تواصل فقال: " لست مثلكم إني أطعم وأسقى " (2).
قلت: كلام الاقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية، لا
يلتفت إليه، بل يطوى ولا يروى، كما تقرر عن الكف عن كثير
مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما
زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والاجزاء، ولكن أكثر
ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين
علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب،
وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن
العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم
المنصف العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا
الله تعالى
__________
(1) " مناقب البيهقي " 2 / 120.
(2) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 300، والبخاري 4 /
119 في الصوم: باب بركة السحور، و 177: باب الوصال، ومسلم
(1102) في الصوم: باب النهي عن الوصال في الصوم، و " سنن "
أبي داود (2360)، و " المسند " 2 / 102 و 128 و 143.
(*)
(10/92)
حيث يقول: [ والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
للذين آمنوا ] [ الحشر: 10 ] فالقوم لهم سوابق، وأعمال
مكفرة لما وقع منهم، وجهاد محاء، وعبادة ممحصة، ولسنا ممن
يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة، نقطع بأن بعضهم
أفضل من بعض، ونقطع بأن أبا بكر وعمر أفضل الامة، ثم تتمة
العشرة المشهود لهم بالجنة، وحمزة وجعفر ومعاذ وزيد،
وأمهات المؤمنين، وبنات نبينا صلى الله عليه وسلم، وأهل
بدر مع كونهم على مراتب، ثم الافضل بعدهم مثل أبي الدرداء
وسلمان الفارسي وابن عمر وسائر أهل بيعة الرضوان الذين رضي
الله عنهم بنص آية سورة الفتح (1)،
ثم عموم المهاجرين والانصار كخالد بن الوليد والعباس وعبد
الله بن عمرو، وهذه الحلبة، ثم سائر من صحب رسول الله صلى
الله عليه وسلم وجاهد معه، أو حج معه، أو سمع منه، رضي
الله عنهم أجمعين وعن جميع صواحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم المهاجرات والمدنيات وأم الفضل وأم هانئ الهاشمية
وسائر الصحابيات.
فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك، فلا
نعرج عليه، ولا كرامة، فأكثره باطل وكذب وافتراء، فدأب
الروافض رواية الاباطيل، أو رد ما في الصحاح والمسانيد،
ومتى إفاقة من به سكران ؟ ! ثم قد تكلم خلق من التابعين
بعضهم في بعض، وتحاربوا، وجرت أمور لا يمكن شرحها، فلا
فائدة في بثها، ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل
أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلام
__________
(1) وهي الآية رقم (18)، ونصها: (لقد رضي الله عن المؤمنين
إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة
عليهم وأثابهم فتحا قريبا).
وكانت عدة الذين شهدوا هذه البيعة ألفا وخمس مئة كما في "
الصحيحين "، وانظر " زاد المعاد " 3 / 287.
(*)
(10/93)
المرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة، وما نقل من
ذلك لتبيين غلط العالم، وكثرة وهمه، أو نقص حفظه، فليس من
هذا النمط، بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن، والحسن من
الضعيف.
وإمامنا، فبحمد الله ثبت في الحديث، حافظ لما وعى، عديم
الغلط، موصوف بالاتقان، متين الديانة، فمن نال منه بجهل
وهوى ممن علم أنه منافس له، فقد ظلم نفسه، ومقتته العلماء،
ولاح لكل حافظ تحامله، وجر الناس برجله، ومن أثنى عليه،
واعترف بإمامته وإتقانه، وهم أهل العقد والحل قديما
وحديثا، فقد أصابوا، وأجملوا،
وهدوا، ووفقوا.
وأما أئمتنا اليوم وحكامنا، فإذا أعدموا ما وجد من قدح
بهوى، فقد يقال: أحسنوا ووفقوا، وطاعتهم في ذلك مفترضة لما
قد رأوه من حسم مادة الباطل والشر.
وبكل حال فالجهال والضلال قد تكلموا في خيار الصحابة.
وفي الحديث الثابت: " لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله،
إنهم ليدعون له ولدا، وإنه ليرزقهم ويعافيهم " (1).
وقد كنت وقفت على بعض كلام المغاربة في الامام رحمه الله،
فكانت فائدتي من ذلك تضعيف حال من تعرض إلى الامام، ولله
الحمد.
__________
(1) أخرجه البخاري 10 / 426 في الادب: باب الصبر في الاذى،
ومسلم (2804) في صفات المنافقين: باب لا أحد أصبر على أذى
من الله عزوجل من طرق عن الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي
عبدالرحمن السلمي، عن أبي موسى الاشعري..وهو في " المسند "
4 / 395، و 401 و 405.
(*)
(10/94)
ولا ريب أن الامام لما سكن مصر، وخالف أقرانه من المالكية،
ووهى بعض فروعهم بدلائل السنة، وخالف شيخه في مسائل،
تألموا منه، ونالوا منه، وجرت بينهم وحشة، غفر الله للكل،
وقد اعترف الامام سحنون، وقال: لم يكن في الشافعي بدعة.
فصدق والله، فرحم الله الشافعي، وأين مثل الشافعي والله !
في صدقه، وشرفه، ونبله، وسعة علمه، وفرط ذكائه، ونصره
للحق، وكثرة مناقبه، رحمه الله تعالى.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب في مسألة الاحتجاج بالامام
الشافعي،
فيما قرأت على أبي الفضل بن عساكر، عن عبدالمعز بن محمد،
أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، أخبرنا الخطيب قال: سألني بعض
إخواننا بيان علة ترك البخاري الرواية عن الشافعي في "
الجامع " ؟ وذكر أن بعض من يذهب إلى رأي أبي حنيفة ضعف
أحاديث الشافعي، واعترض بإعراض البخاري عن روايته، ولولا
ما أخذ الله على العلماء فيما يعلمونه ليبيننه للناس، لكان
أولى الاشياء الاعراض عن اعتراض الجهال، وتركهم يعمهون،
وذكر لي من يشار إليه خلو كتاب مسلم وغيره من حديث
الشافعي، فأجبته بما فتح الله لي، ومثل الشافعي من حسد،
وإلى ستر معالمه قصد، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويظهر
من كل حق مستوره، وكيف لا يغبط من حاز الكمال، بما جمع
الله له من الخلال اللواتي لا ينكرها إلا ظاهر الجهل، أو
ذاهب العقل.
ثم أخذ الخطيب يعدد علوم الامام ومناقبه، وتعظيم الائمة
له، وقال: أبى الله إلا رفعه وعلوه * وليس لما يعليه ذو
العرش واضع إلى أن قال: والبخاري هذب ما في " جامعه "، غير
أنه عدل عن كثير من الاصول إيثارا للايجاز، قال إبراهيم بن
معقل: سمعت البخاري يقول: (*)
(10/95)
ما أدخلت في كتابي " الجامع " إلا ما صح، وتركت من الصحاح
لحال الطول.
فترك البخاري الاحتجاج بالشافعي، إنما هو لا لمعنى يوجب
ضعفه، لكن غني عنه بما هو أعلى منه، إذ أقدم شيوخ الشافعي
مالك، والدراوردي، وداود العطار، وابن عيينة.
والبخاري لم يدرك الشافعي، بل لقي من هو أسن منه، كعبيد
الله بن موسى، وأبي عاصم ممن رووا
عن التابعين، وحدثه عن شيوخ الشافعي عدة، فلم ير أن يروي
عن رجل، عن الشافعي، عن مالك.
فإن قيل: فقد روى عن المسندي، عن معاوية بن عمرو، عن
الفزاري، عن مالك، فلا شك أن البخاري سمع هذا الخبر من
أصحاب مالك، وهو في " الموطأ " فهذا ينقض عليك ؟ ! قلنا:
إنه لم يرو حديثا نازلا وهو عنده عال، إلا لمعنى ما يجده
في العالي، فأما أن يورد النازل، وهو عنده عال، لا لمعنى
يختص به، ولا على وجه المتابعة لبعض ما اختلف فيه، فهذا
غير موجود في الكتاب.
وحديث الفزاري فيه بيان الخبر، وهو معدوم في غيره، وجوده
الفزاري بتصريح السماع.
ثم سرد الخطيب ذلك من طرق عدة، قال: والبخاري يتبع الالفاظ
بالخبر في بعض الاحاديث ويراعيها، وإنا اعتبرنا روايات
الشافعي التي ضمنها كتبه، فلم نجد فيها حديثا واحدا على
شرط البخاري أغرب به، ولا تفرد بمعنى فيه يشبه ما بيناه،
ومثل ذلك القول في ترك مسلم إياه، لادراكه ما أدرك البخاري
من ذلك، وأما أبو داود فأخرج في " سننه " للشافعي غير
حديث، وأخرج له الترمذي، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم.
(10/96)
ثم سرد الخطيب فصلا في ثناء مشايخه وأقرانه عليه، ثم سرد
أشياء في غمز بعض الائمة، فأساء ما شاء - أعنى غامزه -.
وبلغنا عن الامام الشافعي ألفاظ قد لا تثبت، ولكنها حكم،
فمنها: ما أفلح من طلب العلم إلا بالقلة (1) وعنه قال: ما
كذبت قط، ولا حلفت بالله، ولا تركت غسل
الجمعة، وما شبعت منذ ست عشرة سنة، إلا شبعة طرحتها من
ساعتي (2).
وعنه قال: من لم تعزه التقوى، فلا عز له (3).
وعنه: ما فزعت من الفقر قط.
طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب بها الله أهل التوحيد (4).
وقيل له: مالك تكثر من إمساك العصا، ولست بضعيف ؟ قال:
لاذكر أني مسافر (5).
وقال: من لزم الشهوات، لزمته عبودية أبناء الدنيا.
وقال: الخير في خمسة: غنى النفس، وكف الاذى، وكسب الحلال،
والتقوى، والثقة بالله (6).
__________
(1) " مناقب " الرازي: 129، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1
/ 54، و " مناقب الشافعي " 2 / 141.
(2) تقدم الخبر في الصفحة 36.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 168، و " تهذيب الاسماء واللغات
" 1 / 54.
(4) " مناقب " البيهقي 2 / 169، و " تهذيب الاسماء واللغات
" 1 / 54.
(5) " مناقب البيهقي " 2 / 170، و " تهذيب الاسماء واللغات
" 1 / 55.
(6) " مناقب " البيهقي 2 / 170، و " تهذيب الاسماء واللغات
" 1 / 55.
(*)
(10/97)
وعنه: أنفع الذخائر التقوى، وأضرها العدوان (1).
وعنه: اجتناب المعاصي، وترك ما لا يعنيك، ينور القلب، عليك
بالخلوة، وقلة الاكل، إياك ومخالطة السفهاء ومن لا ينصفك،
إذا تكلمت فيما لا يعنيك ملكتك الكلمة، ولم تملكها (2).
وعنه: لو أوصى رجل بشئ لاعقل الناس، صرف إلى الزهاد (3).
وعنه: سياسة الناس أشد من سياسة الدواب (4).
وعنه: العاقل من عقله عقله عن كل مذموم (5).
وعنه: للمروءة أركان أربعة: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع،
والنسك (6).
وعنه: لا يكمل الرجل إلا بأربع: بالديانة، والامانة،
والصيانة، والرزانة (7).
وعنه: ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته (8).
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 123، و " مناقب " البيهقي 2 /
171.
(2) انظر " مناقب " البيهقي 2 / 172، و " مناقب " الرازي،
124، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 55.
(3) انظر " مناقب " البيهقي 2 / 183، 184، و " تهذيب
الاسماء واللغات " 1 / 55.
(4) " آداب الشافعي ": 271، و " مناقب " البيهقي 2 / 187،
و " مناقب " الرازي 122، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 /
55، و " توالي التأسيس " 72.
(5) " مناقب " البيهقي 2 / 187، و " مناقب " الرازي: 122،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 55.
(6) " مناقب " البيهقي 2 / 188، و " مناقب " الرازي: 122،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 55.
(7) " مناقب " البيهقي 2 / 189، و " مناقب " الرازي: 122،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 55.
(8) " مناقب " البيهقي 2 / 194، و " مناقب " الرازي: 122،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 55.
(*)
(10/98)
وعنه: علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقا (1).
وعنه: من نم لك نم عليك (2).
وعنه قال: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم
اللئام، التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة (3).
وقال: أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلا من لا
يرى فضله (4).
وقال: ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه في قلبه (5).
لا نلام والله على حب هذا الامام، لانه من رجال الكمال في
زمانه رحمه الله، وإن كنا نحب غيره أكثر.
2 - الفضل بن سهل * السرخسي
الوزير، وأخو الوزير الحسن بن سهل.
أسلم أبوهما على يد المهدي، وأسلم الفضل سنة تسعين ومئة
على يد المأمون.
__________
(1) " مناقب " البيهقي 2 / 196، و " توالي التأسيس ": 72،
و " مناقب " الرازي: 123، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 /
55.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 196، و " توالي التأسيس ": 72،
و " مناقب " الرازي: 123، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 /
56.
(3) " مناقب " البيهقي 2 / 200، و " مناقب " الرازي: 123.
(4) " مناقب " البيهقي 2 / 201، و " مناقب " الرازي: 123.
(5) " مناقب " البيهقي 2 / 214، و " مناقب " الرازي: 123.
* تاريخ خليفة: 471، تاريخ الطبري 8 / 424 و 565، مروج
الذهب 4 / 5، الوزراء والكتاب: انظر فهرسته، معجم الشعراء
للمرزباني: 313، تاريخ بغداد 12 / 339، الكامل
لابن الاثير 6 / 346، وفيات الاعيان 4 / 41 - 44، العبر 1
/ 338، البداية والنهاية 10 / 249، النجوم الزاهرة 2 /
172، شذرات الذهب 2 / 4.
(*)
(10/99)
وقيل: لما عزم جعفر البرمكي على استخدام الفضل للمأمون
وصفه بحضرة الرشيد، ونطق الفضل، فرآه الرشيد فطنا بليغا.
وكان يلقب " ذا الرئاستين " لانه تقلد الوزارة والحرب.
وكان شيعيا منجما ماكرا، أشار بتجهيز طاهر بن الحسين، وحسب
بالرمل بأنه يظفر بالامين.
ويقال: إن من إصاباته الكاذبة أنه حكم لنفسه أنه يعيش
ثمانيا وأربعين سنة، ثم يقتل بين ماء ونار، فعاش كذلك،
وقتله خال المأمون في حمام سرخس في شعبان سنة اثنتين
ومئتين.
وقد امتدحه فحول الشعراء، فمن ذلك لابراهيم الصولي: لفضل
بن سهل يد * تقاصر فيها المثل فنائلها للغنى * وسطوتها
للاجل وباطنها للندى * وظاهرها للقبل (1) وازدادت رفعته
حتى ثقل أمره على المأمون، فدس عليه خاله غالبا الاسود في
جماعة، فقتلوه (2)، وبعده بأيام مات أبوه.
وأظهر المأمون حزنا لمصرعه، وعزى والدته، وقال: إن الله
أخلفني عليك بدل ابنك، فبكت، وقالت: كيف لا أحزن على ولد
أكسبني ولدا مثلك.
ثم عاشت وأدركت عرس بنت ابنها بوران على المأمون (3) وكان
الحسن بن سهل من كبار الوزراء الممدحين.
__________
(1) الابيات في " تاريخ بغداد " 12 / 341، و " وفيات
الاعيان " 4 / 43، و " الطرائف الادبية ": 136.
(2) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 565، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 346.
(3) وكان ذلك في رمضان سنة 210 ه.
انظر الطبري 8 / 606 - 609، وابن الاثير 6 / 395، والبداية
10 / 265.
(*)
(10/100)
3 - ابن الكلبي * العلامة الاخباري النسابة
الاوحد أبو المنذر هشام بن الاخباري الباهر محمد بن السائب
بن بشر الكلبي الكوفي الشيعي أحد المتروكين، كأبيه.
روى عن أبيه كثيرا، وعن مجالد، وأبي مخنف لوط، وطائفة.
حدث عنه: ابنه العباس، ومحمد بن سعد، وخليفة بن خياط، وابن
أبي السري العسقلاني، وأحمد بن المقدام العجلي.
قال أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن
أحدا يحدث عنه (1).
وقال الدارقطني وغيره: متروك الحديث (2).
__________
* طبقات خليفة: 167، تاريخ خليفة: 423، الضعفاء للعقيلي
لوحة 428، الكامل لابن عدي لوحة 821، الفهرست: 108، تاريخ
بغداد 14 / 45، الانساب 10 / 454، 455، نزهة الالباء: 59،
معجم الادباء 19 / 287، وفيات الاعيان 6 / 82، 84، ميزان
الاعتدال 4 / 304، 305، العبر 1 / 746، المغني في الضعفاء
2 / 711، عيون التواريخ 7 / لوحة 215، مرآة الجنان 2 / 29،
العبر لابن خلدون 2 / 262، لسان الميزان 6 / 196، 197، نور
القبس: 291.
(1) " العلل " لاحمد: 219، و " تاريخ بغداد " 4 / 46، و "
معجم الادباء " 19 / 287 وفيه: " سير " بدل " سمر "، و "
الميزان " 4 / 304، و " لسان الميزان " 6 / 196، و "
الضعفاء " للعقيلي لوحة 428، و " الكامل " لابن عدي لوحة
281 وفيه: وهذا كما قال أحمد: هشام بن
الكلبي الغالب عليه الاخبار والاسمار والنسب ولا أعرف له
شيئا من المسند.
قلت: والمؤرخون كابن سعد والطبري وياقوت الحموي وغيرهم
ينقلون عنه كثيرا من الاخبار التي تتعلق بالتاريخ والنسب
والطرائف والاوابد، وربما محصوا شيئا مما يأثرونه عنه
وردوه واتهموه بافتعاله وتوليده.
(2) " معجم الادباء " 19 / 287، و " الميزان " 4 / 304، و
" لسان الميزان " 6 / 196 وفيه: وقال يحيى بن معين: غير
ثقة، وليس عن مثله يروى الحديث.
وقال أبو حاتم: هو أحب إلي من أبيه.
قلت (القائل ابن حجر): واتهمه الاصمعي، وذكره العقيلي وابن
الجارود وابن السكن وغيرهم في الضعفاء.
(*)
(10/101)
وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة.
وقد اتهم في قوله: حفظت القرآن في ثلاثة أيام.
وكذا قوله: نسيت ما لم ينس أحد: قبضت على لحيتي، والمرآة
بيدي، لاقص ما فضل عن القبضة، فنسيت، وقصيت (1) من فوق
القبضة (2).
وله كتاب " الجمهرة " في النسب (3)، وكتاب " حلف الفضول "،
وكتاب " المنافرات "، وكتاب " الكنى "، وكتاب " ملوك
الطوائف "، وكتاب " ملوك كندة " (4).
وتصانيفه جمة، يقال: بلغت مئة وخمسين مصنفا (5).
وكان أبوه (6) مفسرا، ولكنه لا يوثق به أيضا، وفيه رفض
كابنه.
__________
(1) أي: وقصصت، قلبت الصاد ياء للاستثقال، ففي " اللسان ":
قص الشعر والصوف والظفر يقصه قصا، وقصصه وقصاه على
التحويل.
ومثله: تظنيت في تظننت، وتقضى في تقضض، ودينار في دنار،
ولبى في لبب.
انظر " الفاخر " للمفضل بن سلمة ص 4 و 5.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 45، 46، و " معجم الادباء " 19 /
288.
(3) وهو المرجع الوحيد الذي يعول عليه أهل العلم بالنسب،
وتوجد منه قطعة صغيرة تتألف من 13 ورقة، ولم يعثر له حتى
الآن فيما نعلم على نسخة كاملة منه، وقد اختصره ياقوت
الحموي في 167 ورقة، وذكر في نهايته أنه انتهى منه في
العشرين من ذي الحجة سنة عشر وست مئة، وعندنا منه نسخة
مصورة عن أصل كتب عن أصل المؤلف، وذكر كاتبها أنه فرغ من
كتابتها سنة خمس وستين وست مئة، وهي نسخة في غاية النفاسة
والضبط.
(4) وله أيضا كتاب " الاصنام " و " نسب الخيل "، وكلاهما
مطبوع في مصر بتحقيق الاستاذ أحمد زكي.
(5) وقد سردها ابن النديم في " الفهرست " 108 - 111، فبلغت
مئة وأربعة وأربعين كتابا.
(6) تقدمت ترجمته في الجزء السادس من هذا الكتاب ص 248،
وقد قال ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " ص 209 في
النوع الثامن والاربعين في معرفة من له أسماء متعددة: محمد
بن السائب الكلبي منهم من يصرح باسمه هذا، ومنهم من يقول:
حماد بن السائب، ومنهم من يكنيه بأبي النضر، ومنهم من
يكنيه بأبي سعيد.
قال ابن الصلاح: وهو الذي يروي عنه عطية العوفي التفسير
موهما أنه أبو سعيد الخدري.
(*)
(10/102)
مات ابن الكلبي على الصحيح سنة أربع ومئتين، وقيل: بعد ذلك
بقليل، وقد ذكرته في " ميزان الاعتدال ".
وقيل: مات سنة ست ومئتين.
4 - الهيثم بن عدي * ابن
عبدالرحمن بن زيد بن أسيد بن جابر الاخباري العلامة
أبو عبد الرحمن الطائي الكوفي المؤرخ.
حدث عن: هشام بن عروة، ومجالد، وابن أبي ليلى، وسعيد
ابن أبي عروبة وجماعة.
روى عنه: محمد بن سعد، وأبوالجهم الباهلي، وعلي بن عمرو
الانصاري، وأحمد بن عبيد أبو عصيدة، وآخرون.
وهو من بابة الواقدي.
وقل ما روى من المسند.
قال علي بن المديني: هو عندي أصلح من الواقدي (1).
قال عباس الدوري: حدثنا بعض أصحابنا، قال: قالت جارية
__________
* تاريخ ابن معين: 226، تاريخ خليفة: 472، البيان والتبيين
1 / 347 و 361، التاريخ الكبير 8 / 218، التاريخ الصغير 2
/ 265، المعارف 538، 539، الضعفاء للعقيلي لوحة 430، الجرح
والتعديل 9 / 85، الكامل لابن عدي لوحة 820، الفهرست 112،
113، تاريخ بغداد 14 / 50، معجم الادباء 19 / 304 - 310،
إنباه الرواة 3 / 365، وفيات الاعيان 6 / 106 - 114، ميزان
الاعتدال 4 / 324، 325، العبر 1 / 353، مرآة الجنان 2 /
32، لسان الميزان 6 / 209، النجوم الزاهرة 2 / 184، نور
القبس: 293، طبقات المفسرين 2 / 354، 355.
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 52، ولفظه: الهيثم بن عدي أوثق
عندي من الواقدي ولا أرضاه في الحديث ولا في الانساب ولا
في شئ.
وهو في " الضعفاء " للعقيلي لوحة 430.
(*)
(10/103)
الهيثم بن عدي: كان مولاي يقوم عامة الليل يصلي، فإذا أصبح
جلس يكذب (1).
وقال ابن معين وأبو داود: كذاب (2).
وقال البخاري: سكتوا عنه (3)، وقال النسائي وغيره: متروك
الحديث (4).
قلت: توفي بفم الصلح (5) في سنة سبع ومئتين، وله ثلاث
وتسعون سنة.
5 - محمد بن جعفر * الصادق بن
محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين، العلوي
__________
(1) " تاريخ يحيى بن معين ": 226، و " تاريخ بغداد " 14 /
53.
(2) " تاريخ ابن معين ": 226، و " تاريخ بغداد " 14 / 53،
و " الجرح والتعديل " 9 / 85، و " الضعفاء " للعقيلي لوحة
430، و " الكامل " لابن عدي لوحة 820.
(3) " التاريخ الكبير " 8 / 218، وهذه اللفظة يطلقها
البخاري على من تركوا حديثه، فهي أدنى المنازل عنده
وأردؤها في التضعيف.
انظر " فتح المغيث " ص 161.
(4) " الضعفاء والمتروكين " للنسائي ص 104، و " تاريخ
بغداد " 14 / 53، و " ميزان الاعتدال " 4 / 324، و " لسان
الميزان " 6 / 209.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث، محله محل الواقدي.
وقال يعقوب بن شيبة: كانت له معرفة بأمور الناس وأخبارهم،
ولم يكن في الحديث بالقوي، ولا كانت له معرفة، وبعض الناس
يحمل عليه في صدقه، وذكره ابن السكن وابن شاهين وابن
الجارود والدارقطني في الضعفاء " لسان الميزان " 6 / 210.
(5) الصلح بالكسر ثم السكون والحاء المهملة: كورة فوق واسط
لها نهر يستمد من دجلة على الجانب الشرقي يسمى فم الصلح.
وفيه كانت دار الحسن بن سهل وزير المأمون، وبه بنى المأمون
ببوران بنت الحسن بن سهل.
انظر " الانساب " للسمعاني 8 / 83، و " معجم البلدان " 3 /
421 و 4 / 276، و " وفيات الاعيان " 1 / 290، و " الروض
المعطار ": 358.
* مقاتل الطالبيين: 353، تاريخ بغداد، 2 / 113 - 115،
الكامل لابن الاثير 6 / 311، العبر 1 / 342، عيون التواريخ
7 / لوحة 170، 171، تاريخ ابن خلدون 3 / 244، شذرات الذهب
2 / 7.
(*)
(10/104)
الحسيني المدني أبو جعفر سيد بني هاشم في زمانه، يلقب
بالديباج (1)،
وهو أخو موسى الكاظم (2)، لم يكن في الفضل والجلالة بدون
أخيه.
حدث عن أبيه، وهشام بن عروة.
روى عنه: محمد بن يحيى العدني، ويعقوب بن كاسب، وإبراهيم
بن المنذر الحزامي وآخرون.
وكان سيدا مهيبا عاقلا فارسا شجاعا يصلح للامامة، وله عدة
إخوة.
لما ماجت الدولة العباسية بالكائنة الكبرى بقتل الامين،
وحصار بغداد عشرين شهرا، ثم بخلع العباسيين للمأمون، دعا
محمد هذا إلى نفسه، وخرج بمكة، فبايعوه سنة مئتين وقد شاخ،
فاتفق أن أبا إسحاق المعتصم حج حينئذ، وندب عسكرا لقتال
هذا، فأخذوه، فلم يؤذه أبو إسحاق وصحبه إلى بغداد، فلم
يطول بها، وتوفي (3).
وكان يصوم يوما، ويفطر يوما، واتفق موته بجرجان في شهر
شعبان، فصلى عليه المأمون، ونزل بنفسه في لحده، وقال: هذه
رحم قطعت من سنين (4).
فقيل: إن سبب موته - وكان من أبناء السبعين - أنه جامع
ودخل الحمام وافتصد، فمات فجأة، رحمه الله، توفي سنة ثلاث
ومئتين.
__________
(1) لقب بذلك لحسنه وجماله.
(2) تقدمت ترجمته في الجزء السادس من هذا الكتاب ص 270.
(3) انظر خبر ظهوره وبيعته في الطبري 8 / 537 - 541، وابن
الاثير 6 / 311 - 313.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 115.
(*)
(10/105)
6 - نفيسة
* السيدة المكرمة الصالحة، ابنة أمير المؤمنين الحسن بن
زيد بن
السيد سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله
عنهما، العلوية الحسنية، صاحبة المشهد الكبير المعمول بين
مصر والقاهرة.
ولي أبوها المدينة للمنصور، ثم عزله، وسجنه مدة، فلما ولي
المهدي أطلقه، وأكرمه، ورد عليه أمواله، وحج معه، فتوفي
بالحاجر (1).
وتحولت هي من المدينة إلى مصر مع زوجها الشريف إسحاق بن
جعفر بن محمد الصادق فيما قيل، ثم توفيت بمصر في شهر رمضان
سنة ثمان ومئتين.
ولم يبلغنا كبير شئ من أخبارها.
ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف، ولا يجوز مما
فيه من الشرك، ويسجدون لها، ويلتمسون منها المغفرة، وكان
ذلك من دسائس دعاة العبيدية (2).
__________
* وفيات الاعيان 5 / 423، العبر 1 / 355، عيون التواريخ 7
/ لوحة 226، مرآة الجنان 2 / 43، البداية والنهاية 10 /
262، النجوم الزاهرة 2 / 185، حسن المحاضرة 1 / 511، طبقات
الشعراني 1 / 58، شذرات الذهب 2 / 21، خطط مبارك 5 / 135.
(1) هي قرية على خمسة أميال من المدينة، وانظر خبر توليته
في " تاريخ الطبري " 8 / 32، و " الكامل " 5 / 593، و "
البداية " 10 / 262.
(2) قال ابن كثير في " البداية " 10 / 262: وإلى الآن قد
بالغ العامة في اعتقادهم فيها وفي غيرها كثيرا جدا، ولا
سيما عوام مصر، فإنهم يطلقون فيها عبارات بشيعة مجازفة
تؤدي إلى الكفر والشرك، وألفاظا ينبغي أن يعرفوا أنها لا
تجوز، وربما نسبها بعضهم إلى زين العابدين وليست من
سلالته، والذي ينبغي أن يعتقد فيها ما يليق بمثلها من
النساء الصالحات، وأصل عبادة الاصنام من = (*)
(10/106)
وكان أخوها القاسم رجلا صالحا زاهدا خيرا، سكن نيسابور،
وله بها عقب، منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ
البيهقي.
وقيل: كانت من الصالحات العوابد، والدعاء مستجاب عند
قبرها، بل وعند قبور الانبياء والصالحين (1)، وفي المساجد،
وعرفة ومزدلفة، وفي السفر المباح، وفي الصلاة، وفي السحر،
ومن الابوين، ومن الغائب لاخيه، ومن المضطر، وعند قبور
المعذبين (2)، وفي كل وقت وحين، لقوله تعالى: (وقال ربكم
ادعوني أستجب لكم).
ولا ينهى الداعي عن الدعاء في وقت إلا وقت الحاجة، وفي
الجماع، وشبه ذلك.
ويتأكد الدعاء في جوف الليل، ودبر المكتوبات، وبعد الاذان
(3).
__________
= المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله
عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام،
ومن زعم أنها تفك من الخشب، أو أنها تنفع أو تضر بغير
مشيئة الله فهو مشرك، رحمها الله وأكرمها.
(1) لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم شئ في كون الدعاء
مستجابا عند قبور الانبياء والصالحين، والسلف الصالح لا
يعرف عنهم أنهم كانوا يقصدون قبور الانبياء والصالحين
للدعاء عندهم، ويرى ابن الجزري في " الحصن الحصين " أن
استجابة الدعاء عند قبور الانبياء والصالحين ثبتت
بالتجربة، وأقره عليه الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ص 46
لكن قيده بشرط ألا تنشأ عن ذلك مفسدة وهي أن يعتقد في ذلك
الميت ما لا يجوز اعتقاده كما يقع لكثير من المعتقدين في
القبور، فإنهم قد يبلغون الغلو بأهلها إلى ما هو شرك بالله
عزوجل فينادونهم مع الله، ويطلبون منهم ما لا يطلب إلا من
الله عزوجل، وهذا معلوم من أحوال كثير من العاكفين على
القبور خصوصا العامة الذين لا يفطنون لدقائق الشرك.
(2) أخرج البخاري برقم (4420) و (4702) ومسلم (2980) من
حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لاصحاب الحجر - أي: في شأنهم، وكان هذا في غزوة تبوك
-: " لا
تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم
مثل ما أصابهم " وفي رواية: لما مر النبي صلى الله عليه
وسلم بالحجر قال: " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم
الا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم " ثم
قنع رأسه، وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
(3) انظر أدلة ذلك في " تحفة الذاكرين " 46 - 50 (*)
(10/107)
7 - طاهر بن الحسين
* ابن مصعب بن رزيق الامير، مقدم الجيوش، ذو اليمينين (1)،
أبو طلحة الخزاعي، القائم بنصر خلافة المأمون، فإنه ندبه
لحرب أخيه الامين، فسار في جيش لجب، وحاصر الامين، فظفر
به، وقتله صبرا، فمقت لتسرعه في قتله (2).
وكان شهما مهيبا داهية جوادا ممدحا.
روى عن ابن المبارك وعمه علي بن مصعب.
روى عنه: ابنه عبد الله بن طاهر أمير خراسان، وابنه الاخر
طلحة.
ومن كرمه المسرف أنه وقع يوما بصلات جزيلة بلغت ألف ألف
وسبع مئة ألف درهم (3).
__________
* تاريخ خليفة: 466، 467، 468، 472، تاريخ الطبري 8 / 593
- 596، الوزراء والكتاب: 290، تاريخ بغداد 9 / 353، الكامل
لابن الاثير 6 / 381، وفيات الاعيان 2 / 517 - 523، عيون
التواريخ 7 / لوحة 203 - 208، البداية والنهاية 10 / 255 و
260 - 261، النجوم الزاهرة 2 / 149 و 152 و 155 و 160 و
178 و 183 و 184، شذرات الذهب 2 / 16.
(1) لقب بذلك لانه ضرب شخصا في واقعة علي بن عيسى فقده
نصفين، وكانت الضربة بشماله، فقال فيه بعض الشعراء: كلتا
يديك يمين حين تضربه
وقيل: لقب بذلك لان المأمون كتب إليه: يمينك يمين أمير
المؤمنين، وشمالك يمين.
وقيل: لانه ولي العراق وخراسان.
(2) انظر تفصيل خبر قتله الامين في الطبري 8 / 478 - 495،
وابن الاثير 6 / 382.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 354، و " عيون التواريخ " 7 /
لوحة 206، وقد مدحه مقدس بن صيفي الخلوقي الشاعر بثلاثة
أبيات هي: عجبت لحراقة ابن الحسين * لاغرقت كيف لا تغرق
وبحران من فوقها واحد * وآخر من تحتها مطبق وأعجب من ذاك
أعوادها * وقد مسها كيف لا تورق فقال: أعطوه ألف دينار،
وقال: زد حتى نزيدك.
فقال: حسبي.
(*)
(10/108)
وكان مع فرط شجاعته عالما خطيبا مفوها بليغا شاعرا، بلغ
أعلى الرتب، ثم مات في الكهولة سنة سبع ومئتين.
8 - الفضل بن الربيع *
ابن يونس، الامير الكبير، حاجب الرشيد، وكان أبوه حاجب
المنصور.
وكان من رجال العالم حشمة وسؤددا وحزما ورأيا.
قام بخلافة الامين، وساق إليه خزائن الرشيد، وسلم إليه
البرد والقضيب والخاتم، جاءه بذلك من طوس، وصار هو الكل
لاشتغال الامين باللعب، فلما أدبرت دولة الامين، اختفى
الفضل مدة طويلة، ثم ظهر إذ بويع إبراهيم بن المهدي، فساس
نفسه، ولم يقم معه، ولذلك عفا عنه المأمون.
مات سنة ثمان ومئتين في عشر السبعين، وهو من موالي عثمان
رضي الله عنه.
يقال: إنه تمكن من الرشيد، وكان يكره البرامكة، فنال منهم،
ومالاه على ذلك كاتبهم إسماعيل (1) بن صبيح.
ويقال: إنه قدم عشر قصص إلى جعفر البرمكي، فعللها، ولم
__________
* تاريخ خليفة: 447 و 465 و 473، تاريخ الطبري 8 / 599،
زهر الآداب: 541 - 545، تاريخ بغداد 12 / 343، الكامل لابن
الاثير 6 / 386، وفيات الاعيان 4 / 37 - 40، العبر 1 /
355، مرآة الجنان 2 / 42، البداية والنهاية 10 / 263،
النجوم الزاهرة 2 / 185، مفتاح السعادة 2 / 303 - 306،
شذرات الذهب 2 / 20، إعتاب الكتاب: 99.
(1) في الاصل: " إبراهيم " والتصويب من ابن خلكان، و "
الوزراء والكتاب " للجهشياري.
(*)
(10/109)
يوقع في شئ منها، فأخذها الفضل، وقام وهو يقول: ارجعن
خائبات خاسرات (1).
ولما نكبوا، ولي الفضل وزراة الرشيد وعظم محله، ومدحته
الشعراء.
9 - مؤمل بن إسماعيل *
(ت، س، ق) الحافظ أبو عبدالرحمن العدوي مولاهم البصري،
مولى العمريين، جاور بمكة.
وحدث عن: عكرمة بن عمار، وشعبة، والثوري، ونافع بن عمر
الجمحي، وحماد بن سلمة وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد، وإسحاق، وبندار، ومحمود بن غيلان، ومؤمل بن
إهاب، ومحمد بن سهل بن المهاجر، وآخرون.
__________
(1) في " الوفيات " 4 / 38 و " البداية " 10 / 263: "
خاسئات "، وتمام الخبر عندهما:
ثم خرج وهو يقول: عسى وعسى يثني الزمان عنانه * بتصريف حال
والزمان عثور فتقضى لبانات وتشفى حسائف * وتحدث من بعد
الامور أمور فسمعه يحيى وهو ينشد ذلك، فقال له: عزمت عليك
يا أبا العباس إلا رجعت، فرجع فوقع في جميع الرقاع، ثم ما
كان إلا القليل حتى نكبوا على يده، وتولى بعدهم وزارة
الرشيد وفي ذلك يقول أبو نواس: ما رعى الدهر آل برمك لما *
أن رمى ملكهم بأمر فظيع إن دهرا لم يرع عهدا ليحيى * غير
راع ذمام آل الربيع وانظر " الفرج بعد الشدة " 1 / 307،
309.
* تاريخ ابن معين: 591، التاريخ الكبير 8 / 49، التاريخ
الصغير 2 / 306، 307، الجرح والتعديل 8 / 474، تهذيب
الكمال لوحة 1394، تذهيب التهذيب 4 / 84 / 2، ميزان
الاعتدال 4 / 228، 229، الكاشف 3 / 190، 191، المغني في
الضعفاء 2 / 689، العقد الثمين 7 / 312 - 313، تهذيب
التهذيب 10 / 380، خلاصة تذهيب الكمال: 393.
(*)
(10/110)
وثقه يحيى بن معين (1).
وقال أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ (2).
وقال البخاري: منكر الحديث (3).
وأما أبو داود، فأثنى عليه وعظمه، ورفع من شأنه، ثم قال:
إلا أنه يهم في الشئ (4).
قلت: توفي بمكة في شهر رمضان سنة ست ومئتين.
قرأت على محمد بن أبي الفتح النحوي بطرابلس، حدثنا عبد
الوهاب بن محمد، أخبرنا محمد بن الخصيب، أخبرنا علي بن
المسلم
الفقيه، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن
أحمد بن عثمان السلمي، أخبرنا جدي، أخبرنا أحمد بن عبد
الله بن هلال، حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا المؤمل بن
إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري،
عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " ولا يحتكر إلا خاطئ " (5).
__________
(1) في " تاريخه " 591.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 374.
(3) وهذا اللفظ يطلقه البخاري على من لا تحل الرواية عنه
كما نقله المؤلف عنه في " الميزان " 1 / 6 في ترجمة أبان
بن جبلة، و 2 / 202 في ترجمة سليمان بن داود اليمامي،
والسيوطي في " تدريب الراوي " ص 235، والسخاوي في " فتح
المغيث " ص 162.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1394، وقال الحافظ في " التقريب
": صدوق سيئ الحفظ.
(5) حديث صحيح، أخرجه أحمد 3 / 453، و 6 / 400، والدارمي 2
/ 248، وابن ماجة (2154)، والترمذي (1267) من طرق عن محمد
بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب، عن معمر
بن عبد الله بن نضلة..وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه مسلم في " صحيحه " (1605) في المساقاة: باب تحريم
الاحتكار في الاقوات من = (*)
(10/111)
رواه طائفة عن سعيد.
10 - شاذان * (ع)
الامام الحافظ الصدوق، أبو عبد الرحمن، أسود بن عامر،
شاذان، الشامي ثم البغدادي.
ولد سنة بضع وعشرين ومئة.
وسمع: هشام بن حسان، وطلحة بن عمرو، وذواد بن علبة، وجرير
بن حازم، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وعبد العزيز بن
الماجشون، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وعدة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو ثور الكلبي،
وعمرو الناقد، وعبد الله الدارمي، ويعقوب بن شيبة، وأحمد
ابن الوليد الفحام، وأحمد بن الخليل البرجلاني، والحارث بن
أبي أسامة وخلق كثير.
__________
= طريق عبد الله بن مسلمة، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن
سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن معمر.
وأخرجه أحمد 3 / 454 من طريق يحيى بن سعيد الاموي، عن يحيى
بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن معمر.
وأخرجه أبو داود (3447)، ومسلم (1605) (130) من طرق عن
محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد
الله..والاحتكار: حبس الطعام وغيره طلب غلائه، والاسم منه
الحكرة، والخاطئ: المذنب الآثم.
يقال: خطئ يخطأ فهو خاطئ: إذا أذنب، ومنه قوله تعالى: [ إن
فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ] وأخطأ يخطئ، فهو
مخطئ: إذا فعل ضد الصواب.
وظاهر الحديث تحريم الاحتكار للطعام وغيره، وهو الذي ذهب
إليه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، فقال: كل ما أضر بالناس
حبسه فهو احتكار، وإن كان ذهبا أو ثيابا.
* طبقات ابن سعد 7 / 336، التاريخ الكبير 1 / 348، التاريخ
الصغير 2 / 314، الجرح والتعديل 2 / 294، تاريخ بغداد 7 /
34، 35، تهذيب الكمال لوحة 114، تذهيب التهذيب 1 / 69 / 1،
تذكرة الحفاظ 1 / 369، العبر 1 / 354، الكاشف 1 / 131،
تهذيب التهذيب 1 / 340، طبقات الحفاظ: 155، خلاصة تذهيب
الكمال: 37، شذرات الذهب 2 / 20.
(*)
(10/112)
وثقه ابن المديني وغيره، وحدث عنه من القدماء بقية بن
الوليد.
توفي في أول سنة ثمان ومئتين ببغداد.
أنبأنا أحمد بن عبد السلام، والمسلم بن علان وجماعة قالوا:
أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد
بن محمد ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن
الفرج الازرق، حدثنا شاذان، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق،
عن بريد بن أبي مريم عن أنس بن مالك، قال: " إذا أذن
المؤذن، فقال الرجل: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة
القائمة، أعط محمدا سؤله يوم القيامة، إلا نالته شفاعة
محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة " (1).
أنبأنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا أبو الفتح
المندائي، أخبرنا عبيدالله بن محمد بن أحمد، أخبرنا جدي
أبو بكر البيهقي في كتاب " الصفات " له، أخبرنا أبو سعد
الماليني، أخبرنا عبد الله بن عدي، أخبرني الحسن بن سفيان،
حدثنا محمد بن رافع، حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن
سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت ربي - يعني في المنام
-.." وذكر الحديث (2).
وهو بتمامه في تأليف البيهقي، وهو خبر منكر، نسأل الله
__________
(1) إسناده جيد وفي الباب عن جابر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه
الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة،
وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي " أخرجه
البخاري 2 / 77، 78 في الاذان: باب الدعاء عند النداء و 8
/ 303 في تفسير سورة الاسراء: باب (عسى أن يبعثك ربك مقاما
محمودا)، وأبو داود (529) في الصلاة: باب ما جاء في الدعاء
عند الاذان، والترمذي (211) في الصلاة: باب ما يقول الرجل
إذا أذن المؤذن من الدعاء، والنسائي 2 / 27 في الاذان: باب
الدعاء عند الاذان، وابن ماجه (722)، وأحمد 3 / 354،
والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 / 146.
(2) ونصه بتمامه: " رأيت ربي جعدا أمرد عليه حلة خضراء "
وهو في " الاسماء (*)
(10/113)
السلامة في الدين، فلا هو على شرط البخاري ولا مسلم،
وراوته وإن كانوا غير متهمين، فما هم بمعصومين من الخطأ
والنسيان، فأول الخبر: قال: " رأيت ربي " وما قيد الرؤية
بالنوم، وبعض من يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى
ربه ليلة المعراج يحتج بظاهر الحديث.
والذي دل عليه الدليل عدم الرؤية مع إمكانها (1)، فنقف عن
هذه المسألة، فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه،
فإثبات ذلك أو نفيه صعب، والوقوف سبيل السلامة والله أعلم.
وإذا ثبت شئ قلنا به، ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا في
الدنيا، ولا من نفاها، بل نقول: الله ورسوله أعلم.
بلى نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة، إذ رؤية الله في
الآخرة ثبت بنصوص متوافرة.
11 - الفريابي * (ع) محمد بن
يوسف بن واقد بن عثمان الفريابي، الامام الحافظ،
شيخ الاسلام، أبو عبد الله الضبي، مولاهم، نزيل قيسارية
الساحل من أرض فلسطين.
ولد سنة بضع وعشرين ومئة.
__________
= والصفات، للبيهقي ص 444، 445، وانظر ما قاله ابن كثير عن
هذا الحديث في " تفسيره " 4 / 250، 251.
(1) انظر " زاد المعاد " 3 / 36 - 38.
* تاريخ ابن معين: 543، التاريخ الكبير 1 / 264، التاريخ
الصغير 2 / 324، المعرفة والتاريخ 1 / 197، 198 الجرح
والتعديل 8 / 119، الكامل لابن عدي 3 / لوحة 568، الفهرست:
285، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 452، الانساب 9 / 290،
تاريخ ابن
عساكر 16 / 75 / 2، المعجم المشتمل: 283، تهذيب الكمال
لوحة 1291، تذكرة الحفاظ 1 / 376، العبر 1 / 363، تذهيب
التهذيب 4 / 13 / 1، الكاشف 3 / 111، ميزان الاعتدال 4 /
71، تهذيب التهذيب 9 / 335، طبقات الحفاظ: 159، خلاصة
تذهيب الكمال: 365، شذرات الذهب 2 / 28، الرسالة
المستطرفة: 51.
(*)
(10/114)
وسمع من: يونس بن أبي إسحاق، وفطر بن خليفة، ومالك بن
مغول، وعمر بن ذر، والاوزاعي، والثوري فأكثر عنه،
وإسرائيل، وجرير بن حازم، وعيسى بن عبدالرحمن البجلي،
وصبيح بن محرز المقرائي (1)، وأبان بن عبد الله البجلي،
وإبراهيم بن أبي عبلة، وعبد الحميد بن بهرام، وفضيل بن
مرزوق، وورقاء، ونافع بن عمر، وخلق سواهم.
وعنه: البخاري، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى، وإسحاق
الكوسج، وسلمة بن شبيب، وأبو بكر بن زنجويه، ومحمد بن سهل
بن عسكر، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن عبد الله بن البرقي،
ومؤمل بن يهاب، وحميد بن زنجويه، وأحمد بن عبد الله
العجلي، وعباس الترقفي، وعبد الله بن محمد بن أبي مريم،
وعبد الله ولده (2)، وعبد الوارث بن الحسن بن عمرو بن
الترجمان البيساني، وعمرو بن ثور الجذامي، ومحمد بن مسلم
بن وارة، وأمم سواهم.
سمع من سفيان، وصحبه مدة بالكوفة.
قال أحمد: كان رجلا صالحا، صحب سفيان، كتبت عنه بمكة (3).
قال أبو عمير بن النحاس: سألت يحيى بن معين: أيما أحب
__________
(1) نسبة إلى " مقرى " قرية في نواحي دمشق بسفح جبل قاسيون
بين نهري يزيد وثوري، وقد خرجت ولم يبق لها أثر.
وقيل: هي في الاصل اسم لمخلاف من مخاليف اليمن نزل أهله في
سفح جبل قاسيون، فسموا تلك الجهة باسم مخلافهم.
انظر " القلائد الجوهرية " ص 19.
(2) في الاصل: " وولده " وهو خطأ، فإن عبد الله هو ابن
المترجم محمد بن يوسف.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 120، و " تهذيب الكمال " لوحة:
1292.
(*)
(10/115)
إليك، كتاب قبيصة أو كتاب الفريابي ؟ قال: كتاب الفريابي
(1).
روى عباس عن يحيى قال: قبيصة، ويحيى بن آدم، وأبو أحمد
الزبيري، والفريابي، كلهم عن سفيان قريب من السواء (2).
وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: الفريابي في سفيان ؟
قال: مثلهم، يعني مثل عبيدالله بن موسى وقبيصة، وعبد
الرزاق (3).
وقال العجلي: الفريابي ثقة.
وقال البخاري فيما حكاه عنه الدولابي: حدثنا محمد بن يوسف
- وكان من أفضل أهل زمانه - عن سفيان بحديث..ذكره.
وقال النسائي: ثقة.
وقال أبو زرعة: الفريابي أحب إلي من يحيى بن يمان.
وقال أبو حاتم: ثقة صدوق (4).
وسئل الدارقطني عنه، فوثقه، وقدمه لفضله ونسكه على قبيصة.
وقال ابن زنجويه: ما رأيت أورع من الفريابي.
قال إبراهيم بن أبي طالب: سمعت محمد بن سهل بن عسكر: خرجنا
مع محمد بن يوسف الفريابي في الاستسقاء، فرفع يديه، فما
أرسلهما حتى مطرنا (5).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 120، و " تهذيب الكمال " لوحة:
1292.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 120.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(*)
(10/116)
وقال البخاري: رأيت قوما دخلوا إلى محمد بن يوسف الفريابي،
فقيل له: إن هؤلاء مرجئة، فقال: أخرجوهم، فتابوا ورجعوا
(1).
قال البخاري: واستقبلنا أحمد بن حنبل وهو يريد حمص ونحن
خارجون منها، وفاته محمد بن يوسف (2).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: سألت الفريابي: ما تقول ؟
أبو بكر أفضل أو لقمان ؟ فقال: ما سمعت هذا إلا منك، أبو
بكر أفضل من لقمان (3).
قال العجلي: الفريابي ثقة، كانت سنته كوفية.
ثم قال: وقال بعض البغداديين: أخطأ محمد بن يوسف في خمسين
حديثا ومئة من حديث سفيان (4).
وقال ابن عدي: له عن الثوري أفرادات، وله حديث كبير عن
الثوري، ويقدم على جماعة في الثوري، كعبد الرزاق ونظرائه،
وقالوا: الفريابي أعلم بالثوري منهم.
ورحل إليه أحمد، فلما قرب من قيسارية نعي إليه، فعدل إلى
حمص.
والفريابي فيما يتبين صدوق لا بأس به (5).
أنبأنا إبراهيم بن الدرجي، عن محمد بن معمر، أخبرنا سعيد
بن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292.
(5) " الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 568، و " تهذيب الكمال "
لوحة: 1292، وقد علق الذهبي في " الميزان " على قول ابن
عدي: له أفرادات عن الثوري، فقال: لانه لازمه مدة، فلا
ينكر له أن ينفرد عن ذاك البحر.
(*)
(10/117)
أبي الرجاء، أخبرنا أحمد بن محمود، أخبرنا ابن المقرئ،
حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن أبي رجاء بمكة، حدثنا إبراهيم
بن معاوية القيسراني، حدثنا الفريابي، قال: رأيت في منامي
كأني دخلت كرما فيه أصناف العنب، فأكلت من عنبه كله غير
الابيض، فلم آكل منه شيئا، فقصصتها على سفيان، فقال: تصيب
من العلم كله غير الفرائض، فإنها جوهر العلم، كما أن العنب
الابيض جوهر العنب، فكان الفريابي كذلك، لم يكن يجيد النظر
في الفرائض (1).
وقال الفسوي: سمعت ثقة يقول: قال الفريابي: ولدت سنة عشرين
ومئة (2).
والفريابي من أكبر شيخ للبخاري.
قال البخاري وابن يونس: مات في شهر ربيع الاول سنة اثنتي
عشرة ومئتين (3).
12 - الفراء * العلامة،
صاحب التصانيف، أبو زكريا، يحيى بن زياد بن عبد الله
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة: 1292، و " الوافي بالوفيات " 5
/ 243.
(2) " المعرفة والتاريخ " 1 / 198.
(3) " التاريخ الكبير " 1 / 264.
* مراتب النحويين لابي الطيب اللغوي: 86 طبقات الزبيدي:
143، أخبار النحويين البصريين للسيرافي: 51، فهرست ابن
النديم: 73، 74، تاريخ بغداد 14 / 146، الانساب 9 / 247،
نزهة الالباء: 98، معجم الادباء 20 / 9، إنباه الرواة رقم
(814)، وفيات الاعيان 6 / 176 - 182، المختصر في أخبار
البشر 2 / 30، تذكرة الحفاظ 1 / 372، تذهيب التهذيب 4 /
153 / 2، العبر 1 / 354، مرآة الجنان 2 / 38 - 41، البداية
والنهاية 10 / 261، غاية النهاية 2 / 371، تهذيب التهذيب
11 / 212، روضات الجنات 4 / 235 - = (*)
(10/118)
ابن منظور الاسدي مولاهم الكوفي النحوي، صاحب الكسائي.
يروي عن: قيس بن الربيع، ومندل بن علي، وأبي الاحوص، وأبي
بكر بن عياش، وعلي بن حمزة الكسائي.
روى عنه: سلمة بن عاصم، ومحمد بن الجهم السمري وغيرهما.
وكان ثقة.
ورد عن ثعلب أنه قال: لولا الفراء، لما كانت عربية،
ولسقطت، لانه خلصها، ولانها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد
(1).
ونقل أبو بديل الوضاحي أن المأمون أمر الفراء أن يؤلف ما
يجمع به أصول النحو، وأفرد في حجرة، وقرر له خدما وجواري،
ووراقين، فكان يملي في ذلك سنين.
قال: ولما أملى كتاب: " معاني القرآن " اجتمع له الخلق،
فكان من جملتهم ثمانون قاضيا، وأمل " الحمد " في مئة ورقة
(2).
وكان المأمون قد وكل بالفراء ولديه يلقنهما النحو، فأراد
القيام، فابتدرا إلى نعله، فقدم كل واحد فردة، فبلغ ذلك
المأمون، فقال: لن يكبر الرجل عن تواضعه لسلطانه وأبيه
ومعلمه (3).
__________
= 239، بغية الوعاة 2 / 333، خلاصة تذهيب الكمال: 423،
مفتاح السعادة 1 / 178 - 180.
ولم يذكره المزي في " التهذيب " مع أنه قد علق له البخاري
في موضعين من " صحيحه " في تفسير الحديد والعصر.
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 149، و " الانساب " 9 / 247، و "
معجم الادباء " 20 / 11، وعند الاخير " حصلها " بدل "
خلصها " وهو تحريف.
(2) الخبر بأطول مما هنا في " تاريخ بغداد " 14 / 149، و "
معجم الادباء " 20 / 12، 13، و " وفيات الاعيان " 6 / 177،
178.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 150 مطولا.
(*)
(10/119)
قال ابن الانباري: لو لم يكن لاهل بغداد والكوفة من النحاة
إلا الكسائي والفراء لكفى، وقال بعضهم: الفراء أمير
المؤمنين في النحو (1).
وعن هناد قال: كان الفراء يطوف معنا على الشيوخ ولا يكتب،
فظننا أنه كان يحفظ (2).
وقال محمد بن الجهم: ما رأيت مع الفراء كتابا قط إلا كتاب
يافع ويفعة (3).
وعن ثمامة بن أشرس: رأيت الفراء، ففاتشته عن اللغة، فوجدته
بحرا، وعن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته
عارفا باختلاف القوم، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب والشعر
والنجوم، فأعلمت به أمير
المؤمنين، فطلبه (4).
وللفراء كتاب " البهي " في حجم " الفصيح " لثعلب، وفيه
أكثر ما في " الفصيح " غير أن ثعلبا رتبه على صورة أخرى.
ومقدار تواليف الفراء، ثلاثة آلاف ورقة.
وقال سلمة: أمل الفراء كتبه كلها حفظا (5).
وقيل: عرف بالفراء لانه كان يفري الكلام (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 152، و " معجم الادباء " 20 /
13.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 152.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 153.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 151، و " معجم الادباء " 20 /
11، 12، و " وفيات الاعيان " 6 / 177.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 153، و " وفيات الاعيان " 6 /
181.
(6) ذكره السمعاني في " الانساب " نقلا عن كتاب " الالقاب
".
(*)
(10/120)
وقال سلمة: اني لاعجب من الفراء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم
بالنحو منه.
مات الفراء بطريق الحج سنة سبع ومئتين، وله ثلاث وستون
سنة، رحمه الله.
13 - هوذة بن خليفة *
(ق) الامام المحدث، مسند بغداد، أبو الأشهب، هوذة بن خليفة
بن عبد الله بن عبدالرحمن بن أبي بكرة نفيع الثقفي
البكراوي البصري الاصم، نزيل بغداد.
ولد سنة نيف وعشرين ومئة.
وحدث عن: سليمان التيمي، وأشعث بن عبدالملك الحمراني، وعوف
الاعرابي، وابن عون، ويونس بن عبيد، وهشام بن حسان، وأبي
حنيفة، وابن جريج، والحسن بن عمارة، وطائفة.
وكان صاحب حديث ومعرفة، إلا أن أكثر كتبه عدمت، فحدث بما
بقي له.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعباس
الدوري، ومحمد بن سعد، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ويعقوب
الدورقي، وأبو زرعة الدمشقي لا الرازي، وأبو حاتم،
وإبراهيم
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 339، التاريخ الكبير 8 / 246، التاريخ
الصغير 2 / 336، الجرح والتعديل 9 / 118، 119، تاريخ بغداد
14 / 94 - 96، تهذيب الكمال لوحة 1449، تذهيب التهذيب 4 /
123 / 1، العبر 1 / 370، الكاشف 3 / 226، ميزان الاعتدال 4
/ 311، تهذيب التهذيب 11 / 74، خلاصة تذهيب الكمال: 414.
(*)
(10/121)
الحربي، وأحمد بن علي الخزاز المقرئ، وبشر بن موسى،
والحارث ابن أبي أسامة، وولده عبدالملك بن هوذة، ومحمد بن
شاذان الجوهري، ومحمد بن العباس المؤدب، وخلق سواهم.
روى أبو داود عن أحمد قال: ما كان أصلح حديثه (1).
وروى الاثرم عن أحمد قال: ما كان أضبط هذا الاصم عن عوف،
يعني هوذة، ثم قال: أرجو أن يكون صدوقا (2).
وقال عمرو بن عاصم الكلابي: كتبت عن هوذة صحيفة عوف منذ كم
(3).
وقال أبو حاتم: قال لي أحمد بن حنبل: إلى من تختلف ببغداد
؟ قلت: إلى هوذة بن خليفة، وعفان، فسكت، كالراضي بذلك (4).
وقال أحمد بن زهير، عن يحيى: [ هوذة بن خليفة عن ] عوف
ضعيف (5).
وروى أحمد بن محمد بن محرز، عن يحيى: لم يكن بالمحمود، لم
يأت أحد بهذه الاحاديث كما جاء بها، وكان أطروشا (6).
وقال أبو حاتم، صدوق (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 95.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 95.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 95.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 119.
(5) الخبر في " تاريخ بغداد " 14 / 95، وما بين معقوفين
منه.
(6) " تاريخ بغداد " 14 / 95، والاطروش: الاصم.
(7) " الجرح والتعديل " 9 / 119.
(*)
(10/122)
وقال النسائي: ليس به بأس (1).
وقال أبو حسان الزيادي: مات في شوال سنة خمس عشرة (2).
وقال ابن أبي خيثمة: مات سنة ست عشرة، وهو ابن اثنتين
وتسعين سنة، وكان يخضب بالحناء، بلغني أنه ولد سنة خمس
وعشرين (3).
وقال ابن سعد: أمه الزهرة بنت عبدالرحمن بن يزيد بن أبي
بكرة، طلب الحديث، وكتب عن يونس، وهشام، وعوف، وغيرهم،
فذهبت كتبه، ولم يبق عنده إلا كتاب عوف وشئ يسير لابن عون
وابن جريج
وأشعث والتيمي.
قال: ومات ببغداد ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال سنة ست
عشرة ومئتين، وصلى عليه ابنه، وكان رجلا طوالا، أسمر يخضب
بالحناء (4).
قلت: الصحيح موته سنة ست عشرة، قاله جماعة.
يقع حديثه عاليا في " القطيعيات " (5) وغير ذلك.
كتب إلينا علي بن أحمد وغيره، أخبرنا عمر بن طبرزد، أخبرنا
أحمد بن حسن، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو بكر
القطيعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا هوذة بن خليفة، حدثنا
عوف، عن محمد،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 95.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 95.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة: 1450.
(4) " طبقات ابن سعد " 7 / 339.
(5) هي خمسة أجزاء لابي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك
بن شبيب البغدادي القطيعي - لقب بذلك لانه سكن قطيعة
الرقيق ببغداد - مسند العراق المتوفى سنة 368 ه، وهو
الراوي عن عبد الله بن الامام أحمد " المسند " و " التاريخ
" و " الزهد " و " المسائل " كلها لابيه.
(*)
(10/123)
عن أبي هريرة، قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "
من اشترى لقحة مصراة فحلبها، فهو بأحد النظرين بالخيار، إن
شاء حازها، وإن شاء ردها وإناء من طعام " (1).
14 - مظفر بن مدرك *
(ت، س) الامام الثبت الحافظ المجود، أبو كامل البغدادي،
أصله
خراساني.
ولد قبل الاربعين ومئة، أو نحو ذلك.
وحدث عن: عاصم بن محمد العمري، وشيبان النحوي، وحماد ابن
سلمة، ومهدي بن ميمون، وعبد العزيز بن الماجشون، وقيس بن
الربيع، والليث بن سعد، ومحمد بن طلحة، وزهير بن معاوية،
وشريك، وطبقتهم.
__________
(1) إسناده صحيح، عوف هو ابن أبي جميلة، ومحمد هو ابن
سيرين، وأخرجه أحمد 2 / 259 من طريق عبد الواحد عن عوف،
وأخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " 4 / 17 من طريق
بكار بن قتيبة، عن روح بن عبادة، عن عوف.
وأخرجه من حديث أبي هريرة مالك 2 / 683، والبخاري 4 / 309،
ومسلم (1524)، والترمذي (1251) و (1252)، وأبو داود (3443)
و (3444) و (3445)، والنسائي 7 / 253، 254، وأحمد 2 / 242
و 317، والدارمي 2 / 251، وعندهم " صاعا من تمر " بدل "
وإناء من طعام ".
واللقحة: الناقة القريبة العهد بالنتاج، والمصراة: اسم
مفعول من التصرية، وهي حبس اللبن في الضرع أياما حتى يتوهم
المبتاع أن ذلك حالها في كل يوم، فيزيد في ثمنها، والمصراة
هي الناقة أو البقرة أو الشاة المفعول بها ذلك، وانظر "
فتح الباري " 4 / 304، 305.
* طبقات ابن سعد 7 / 337، تاريخ ابن معين: 571، التاريخ
الكبير 8 / 74، التاريخ الصغير 2 / 278، الجرح والتعديل 8
/ 442، تاريخ بغداد 13 / 125، تهذيب الكمال لوحة 1336،
تذهيب التهذيب 4 / 45 / 2، الكاشف 3 / 158، تذكرة الحفاظ 1
/ 357، 358، تهذيب التهذيب 11 / 183، طبقات الحفاظ: 159،
خلاصة تذهيب الكمال: 397، شذرات الذهب 2 / 18.
(*)
(10/124)
وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وأبو معمر
القطيعي، ومجاهد بن موسى، ومحمد بن أبي غالب القومسي،
ومحمد ابن عبد الله المخرمي، ومحمد بن سعدان المقرئ.
روى مهنا بن يحيى، عن أحمد بن حنبل قال: لا أعلم أثبت في
زهير من الاشيب، إلا أبا كامل مظفرا، فإنه كان أثبت من
الاشيب (1).
وروى أبو داود، عن أحمد - وذكر أبا كامل - فقال: ليس فيهم
مثله.
وروى عبد الله بن أحمد، عن أبيه قال: كان أصحاب الحديث
ببغداد: أبو كامل، وأبو سلمة الخزاعي، والهيثم بن جميل،
وكان الهيثم أحفظهم، وكان أبو كامل أتقن للحديث منهم (2).
وروى أبو طالب عن أحمد قال: أبو سلمة الخزاعي والهيثم وأبو
كامل كان لهم بصر بالحديث والرجال، ولا يكتبون إلا عن
الثقات، وكان أبو كامل متقنا، بصيرا بالحديث، يشبه الناس،
لا يتكلم إلا أن يسأل، فيجيب أو يسكت.
له عقل سديد، والهيثم كان أحفظهم، وأبو سلمة كان من أبصر
الناس بأيام الناس لا تسأله عن أحد إلا جاءك بمعرفة، وكان
يتفقه (3).
وقال أحمد بن حنبل: تراضوا مرة بأبي كامل أن يسأل شريكا،
فقلت له ببغداد، فقال: حين خرج تبعوه أو نحو هذا، فتراضوا
به، وكان
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1336.
(2) انظر " العلل " لاحمد: 171، 172.
(3) تهذيب الكمال " لوحة: 1336.
(*)
(10/125)
يومئذ يعد من أهل الفضل، وكان عبدالرحمن بن مهدي يقول: أيش
يقول أبو كامل في حديث من حديث إبراهيم بن سعد (1).
قال أحمد: سمعت أبا كامل منذ نحو من أربعين سنة، وكان له
وقار وهيبة، وكان من أصحاب الحديث، يقول: أثبت الناس في
إبراهيم منصور.
وقال أبو كامل: ما قدم علينا من ناحية الشام أصح حديثا من
الليث، وكان أبو معشر لا يضبط الاسناد (2).
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت ابن معين ذكر أبا كامل، فقال:
كنت آخذ عنه هذا الشأن، وكان بغداديا من الابناء (3)، وكان
رجلا صالحا، قل ما رأيت من يشبهه (4).
وروى المفضل الغلابي (5)، عن ابن معين قال: كان أبو كامل
ثقة صاحب حديث (6).
وقال أبو يعلى: سمعت أبا خيثمة يقول: ما كان أبو كامل
عندنا بدون وكيع عند الكوفيين، وعبد الرحمن عند البصريين
(7).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة: 1336، و " تاريخ بغداد " 13 /
125.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة: 1336.
(3) يقال لاولاد فارس: الابناء، وهم الذين أرسلهم كسرى مع
سيف بن ذي يزن لما جاء يستنجده على الحبشة، فنصروه، وملكوا
اليمن، وتديروها، وتزوجوا في العرب، فقيل لاولادهم:
الابناء، وغلب عليهم هذا الاسم لان أمهاتهم من غير جنس
آبائهم.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة: 1336، وانظر " تاريخ بغداد "
13 / 125، 126.
(5) الغلابي: بالغين المعجمة المفتوحة والتخفيف كما ضبطه
صاحبا " التوضيح " و " التبصير " والسيوطي وهو المفضل بن
غسان بن المفضل أبو عبد الرحمن الغلابي، ترجمه الخطيب في "
تاريخه " 13 / 124 ووثقه.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1337، و " تاريخ بغداد " 13 /
125.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 1337، و " تاريخ بغداد " 13 /
126.
(*)
(10/126)
وقال أبو داود: ثقة ثقة (1).
وقال النسائي: ثقة مأمون (2).
وقال سليمان بن إسحاق الجلاب (3): قيل لابراهيم الحربي:
رأيت أبا كامل ؟ قال: لا، مات سنة موت روح بن عبادة سنة
سبع ومئتين (4).
وقد وهم ابن عدي، وعده في شيوخ البخاري (5).
15 - يحيى بن حسان *
(خ، م، د، ت، س) ابن حيان (6)، الامام الحافظ القدوة، أبو
زكريا البكري، البصري، ثم التنيسي، نزيل تنيس، وأما ابن
حيان فيقال: أصله من دمشق.
وقال دحيم: مولده سنة أربع وأربعين ومئة.
روى عن: حماد بن سلمة، وعبد العزيز بن الماجشون، والليث بن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1337، و " تاريخ بغداد " 13 /
126.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1337، و " تاريخ بغداد " 13 /
126.
(3) نسبة إلى من يجلب الرقيق والدواب من موضع إلى موضع.
انظر " الانساب للسمعاني 3 / 399.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1337، و " تاريخ بغداد " 13 /
126.
(5) لان أول رحلة البخاري كانت سنة عشر ومئتين، وقد سبق
المؤلف إلى هذا التنبيه على هذا الوهم الحافظ المزي في "
التهذيب " لوحة 1337، وتابعهما الحافظ ابن حجر في " تهذيب
التهذيب ".
* التاريخ الكبير 8 / 269، التاريخ الصغير 2 / 314، الجرح
والتعديل 9 / 135، تهذيب الكمال لوحة 1492، تذهيب التهذيب
4 / 151 / 1، الكاشف 3 / 252، العبر 1 / 356، تهذيب
التهذيب 11 / 197، حسن المحاضرة 1 / 287، خلاصة تذهيب
الكمال: 422.
(6) في الاصل: " حبان " بالباء الموحدة وهو خطأ.
(*)
(10/127)
سعد، ومالك بن أنس، وسليمان بن بلال، وابن أبي الموال،
وحماد بن زيد، وسليمان بن موسى الزهري، وعبد الله بن جعفر
المخرمي، وعبد العزيز بن الربيع بن سبرة، ومحمد بن راشد
المكحولي، ومعاوية بن سلام، ووهيب بن خالد، ومنصور بن أبي
الاسود، ومحمد بن مهاجر، وعبد الواحد بن زياد، وقريش بن
حيان، ومجمع بن يعقوب، وهشيم، وعدة.
وكان من العلماء الابرار.
حدث عنه: محمد بن وزير الدمشقي، والامام الشافعي - ومات
قبله -، وأحمد بن صالح، وجعفر بن مسافر، ودحيم، ومحمد بن
سهل بن عسكر، ومحمد بن عبد الله بن البرقي، ومحمد بن مسكين
اليمامي، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، والربيع
المرادي، وبحر بن نصر، ويونس بن عبدالاعلى وآخرون، وابنه
محمد بن يحيى.
روى عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ثقة، رجل صالح.
والاثرم عن أحمد: كان ثقة، صاحب حديث (1).
وقال العجلي: كان ثقة مأمونا عالما بالحديث (2).
وقال النسائي: ثقة (3).
وقال أبو حاتم: صالح الحديث (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1492.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1492.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1492.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 135.
(*)
(10/128)
قلت: لو كان لحقه، لقال: ثقة حجة.
وجاء في " ذم الكلام " (1) حديث ليحيى بن حسان عن شعبة،
وما أظنه لقيه.
قال مروان بن محمد الطاطري فيما رواه عنه أحمد بن أبي
الحواري: لو رأيتني والوليد بن مسلم نطلب الحديث قبل أن
يقدم يحيى بن حسان لرحمتنا، لم نكن نحسن نطلب حتى قدم يحيى
بن حسان (2).
وقال أبو داود السجستاني: قد خلف يحيى بن حسان كذا كذا ألف
دينار، وما كان له مال قديم (3).
وقال أبو سعيد بن يونس: كان ثقة، حسن الحديث، وصنف كتبا،
وحدث بها (4).
قال الحسن بن عبد العزيز الجروي، وابن جرير الطبري، وابن
يونس: مات سنة ثمان ومئتين.
زاد ابن يونس: توفي في رجب بمصر، ووهم من قال: مات سنة
سبع.
أخبرنا إبراهيم بن علي، وهدية بنت عسكر وعدة قالوا: أخبرنا
عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا
عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن حمويه، أخبرنا عيسى
بن عمر، أخبرنا عبد
__________
(1) هو لابي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي
الحنبلي الصوفي المتوفى سنة 481 ه وهو صاحب كتاب " منازل
السائرين " الذي شرحه الامام ابن القيم بكتابه العظيم "
مدارج السالكين ".
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 135.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1492.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1492.
(*)
(10/129)
الله بن عبدالرحمن الحافظ، أخبرنا يحيى بن حسان، حدثنا
سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال.
" لا يجوع أهل بيت عندهم التمر " (1).
وبه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعم
الادام الخل " (2) أخرجهما مسلم والترمذي عن عبد الله،
فوافقناهما بعلو.
16 - قبيصة بن عقبة *
(ع) ابن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة بن جنيدب بن رباب
بن
__________
(1) أخرجه مسلم (2046) في الاشربة: باب في إدخال التمر
ونحوه من الاقوات للعيال من طريق عبد الله بن عبدالرحمن
بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا (2046) (153) من طريق عبد الله
بن مسلمة بن قعنب، عن يعقوب بن محمد بن طحلاء، عن أبي
الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه، عن عائشة.
وأخرجه أبو داود (3831) في الاطعمة، والترمذي (1815) في
الاطعمة، وابن ماجه (3327) من طريقين عن سليمان بن بلال،
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة بلفظ: " بيت لا تمر
فيه جياع أهله ".
(2) أخرجه مسلم (2051) في الاشربة: باب فضيلة الخل والتأدم
به، والترمذي (1840) في الاطعمة: باب ما جاء في الخل، من
طريق عبد الله بن عبدالرحمن بهذا
الاسناد، وأخرجه ابن ماجه (3316) في الاطعمة: باب الائتدام
بالخل، من طريق أحمد بن أبي الحواري، عن مروان بن محمد، عن
سليمان بن بلال بهذا الاسناد، وأخرج مسلم (2052) (167)،
وأبو داود (3821)، والنسائي 7 / 14 من طرق عن المثنى بن
سعيد، حدثني طلحة بن نافع، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ذات يوم إلى منزله،
فأخرج إليه فلقا من خبز، فقال: " ما من أدم ؟ " فقالوا:
لا، إلا شئ من خل.
قال: " فإن الخل نعم الادم ".
قال جابر: فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى
الله عليه وسلم.
وقال طلحة: ما زلت أحب الخل منذ سمعتها من جابر.
* تاريخ ابن معين: 484، طبقات خليفة ت (1332)، التاريخ
الكبير 7 / 177، التاريخ الصغير 2 / 333، الجرح والتعديل 7
/ 126، تهذيب الكمال لوحة 1120، تذهيب التهذيب 3 / 154 /
2، الكاشف 2 / 396، تذكرة الحفاظ 1 / 373 - 375، العبر 1 /
368، ميزان الاعتدال 3 / 383، تهذيب التهذيب 8 / 347،
مقدمة فتح الباري: ص 435، طبقات الحفاظ: 161، خلاصة تذهيب
الكمال: 314.
(*)
(10/130)
حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، الحافظ الامام الثقة
العابد، أبو عامر السوائي الكوفي.
حدث عن: عيسى بن طهمان، ومالك بن مغول، وعاصم بن محمد
العمري، ويونس بن أبي إسحاق، ومسعر، وشعبة، وورقاء، وحمزة
الزيات، وإسرائيل، وسفيان الثوري فأكثر عنه، وصفوان بن أبي
الصهباء، ووهب بن إسماعيل، وأبي الاشهب العطاردي، وخلق.
وما أظنه ارتحل في الحديث، وكان من أوعية العلم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة، وهناد، ومحمود
بن غيلان، وهارون الحمال، وأبو قدامة السرخسي، وأبو بكر بن
أبي شيبة، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري في " صحيحه "،
وأبو زرعة الرازي، وأبو أمية الطراسوسي، وعباس الدوري،
وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن عبيد الله النرسي،
وإسحاق بن سيار النصيبي، وجعفر بن محمد بن شاكر، والحارث
بن أبي أسامة، وحفص ابن عمر سنجه، وحنبل بن إسحاق، وابنه
عقبة، وخلق كثير.
وطلب العلم وهو حدث.
قال يحيى بن آدم: هو أصغر مني بسنتين.
قال يحيى بن معين من طريق أحمد بن أبي خيثمة عنه: قبيصة
ثقة في كل شئ إلا في حديث سفيان، فليس بذاك القوي، فإنه
سمع منه وهو صغير (1).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 474، و " تهذيب الكمال " لوحة
1121.
(*)
(10/131)
وقال الفسوي عن يحيى بن معين: قبيصة أكبر من يحيى بن آدم
بشهرين، وسمعت قبيصة يقول: شهدت عند شريك، فامتحنني في
شهادتي، فذكرت ذلك لسفيان، فأنكر على شريك، وقال: لم يكن
له أن يمتحنه، وصليت بسفيان الفريضة (1).
وقال أحمد بن أبي الحواري: قلت للفريابي: أرأيت قبيصة عند
سفيان ؟ قال: نعم، رأيته صغيرا.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: لو حدثنا قبيصة عن النخعي
لقبلنا منه (2).
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن قبيصة وأبي نعيم،
فقال: كان قبيصة أفضل الرجلين، وأبو نعيم أتقنهما، ولم أر
من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره
سوى قبيصة وأبي نعيم في
حديث الثوري، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك وعلي بن
الجعد في حديثه (3).
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن قبيصة، وعبيد الله
بن موسى، فقال: قبيصة أسلم من عبيد الله، كان قبيصة وأبو
عامر وأبو حذيفة لا يحفظون، ثم حفظوا بعد (4).
وقال إسحاق بن سيار: ما رأيت في الشيوخ أحفظ من قبيصة (5).
__________
(1) " تاريخ الفسوي " 1 / 717، وتمامه فيه: ذكر أي صلاة
كانت فذهب علي.
(2) " تاريخ أبي زرعة الدمشقي " 1 / 580، و " تاريخ بغداد
" 12 / 475، قال ذلك لما قيل له: إن قبيصة كان صغيرا حين
سمع من سفيان.
(3) " الجرح والتعديل " 7 / 126، 127.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 475، و " تهذيب الكمال " لوحة
1121.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 475، و " تهذيب الكمال " لوحة
1121.
(*)
(10/132)
وقال عبدالرحمن بن خراش: صدوق (1).
وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.
وروى حنبل عن أبي عبد الله قال: كان كثير الغلط، وكان
صغيرا لا يضبط.
قلت لابي عبد الله: ففي غير سفيان ؟ قال: [ كان ] رجلا
صالحا ثقة، لا بأس به في بدنه، وأي شئ لم يكن عنده ؟ يعني
أنه كثير الحديث (2).
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي ذكر قبيصة وأبا حذيفة،
فقال: قبيصة أثبت منه جدا - يعني في حديث سفيان - أبو
حذيفة شبه لا شئ، وقد كتبت عنهما جميعا (3).
وقال صالح جزرة: كان قبيصة رجلا صالحا تكلموا في سماعه من
سفيان (4).
قلت: الرجل ثقة، وما هو في سفيان كابن مهدي ووكيع، وقد
احتج به الجماعة في سفيان وغيره، وكان من العابدين.
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: سمعت هنادا يقول غير مرة،
إذا ذكر قبيصة: الرجل الصالح.
وتدمع عيناه، وكان هناد كثير البكاء (5).
وقال الفضل بن سهل الاعرج: كان قبيصة يحدث بحديث الثوري
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 475، و " تهذيب الكمال " لوحة
1121.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 474، و " تهذيب الكمال " لوحة
1121.
(3) " العلل " لاحمد: 124.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 474، 475، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1121.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 475، و " تهذيب الكمال " لوحة
1121.
(*)
(10/133)
على الولاء (1) درسا درسا حفظا (2).
قال عبدالرحمن بن داود بن منصور الفارسي: سمعت حفص بن عمر
قال: ما رأيت مثل قبيصة، وما رأيته متبسما قط، من عباد
الله الصالحين (3).
قلت: كذا كان والله أهل الحديث، العلم والعبادة، واليوم
فلا علم ولا عبادة، بل تخبيط ولحن، وتصحيف كثير، وحفظ
يسير، وإذا لم يرتكب العظائم، ولا يخل بالفرائض، فلله دره.
قال جعفر بن حمدويه: كنا على باب قبيصة، ومعنا دلف ابن
الامير أبي دلف (4)، ومعه الخدم، يكتب الحديث، فصار إلى
باب قبيصة، فدق عليه، فأبطأ قبيصة، فعاوده الخدم.
وقيل له: ابن ملك الجبل على
الباب، وأنت لا تخرج إليه ! فخرج وفي طرف إزاره كسر من
الخبز، فقال: رجل قد رضي من الدنيا بهذا، ما يصنع بابن ملك
الجبل ؟ والله لا حدثته.
فلم يحدثه (5).
قال هارون الحمال: سمعت قبيصة يقول: جالست الثوري وأنا ابن
ست عشرة سنة ثلاث سنين (6).
ومن تعنت القاضي أبي الحسن بن القطان المغربي (7)، الحافظ
عبد
__________
(1) أي: متابعة، يقال: والى بين الامر موالاة وولاء: تابع،
وافعل هذه الاشياء على الولاء، أي: متابعة.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1121.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1121.
(4) سترد ترجمة الامير أبي دلف في الصفحة 561 من هذا
الجزء.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 476.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1121.
(7) هو الحافظ العلامة قاضي الجماعة أبو الحسن علي بن محمد
بن عبدالملك بن يحيى = (*)
(10/134)
الحق، قوله: يروي في " الاحكام " لقبيصة، ولا يعرض له، وهو
عندهم كثير الخطأ.
قلت: قد قفز قبيصة القنطرة، واحتجوا به، فأرني الحديث
المنكر الذي ينقم به على قبيصة.
قال السري بن يحيى التميمي، وهارون بن حاتم، ومطين،
وغيرهم: مات قبيصة سنة خمس عشرة ومئتين.
وشذ معاوية بن صالح الدمشقي، بل وهم، فقال: مات سنة ثلاث
عشرة.
رووا له في الكتب الستة.
وهو أخو:
17 - سفيان بن عقبة السوائي
* (4) وهذا الاكبر.
لقي حسينا المعلم، ومسعرا، وعدة.
__________
= الحميري الفاسي الشهير بابن القطان، المتوفى سنة 628 ه،
وصفه ابن الابار بأنه من أبصر الناس بصناعة الحديث وأحفظهم
لاسماء رجاله، وأشدهم عناية بالرواية.
وكتابه " الوهم والايهام " الذي وضعه على " الاحكام الكبرى
" للحافظ العلامة عبد الحق الاشبيلي المتوفى سنة 581 ه يدل
على حفظه وقوة فهمه وبراعته في النقد، إلا أنه كما قال
المؤلف في " تذكرته " 1407: تعنت في أحوال رجال فما أنصف،
بحيث إنه أخذ يلين هشام بن عروة ونحوه.
وانظر ما قاله أيضا في " الميزان " في ترجمة هشام بن عروة.
قلت: وكتابه " الوهم والايهام " لم يطبع بعد، وهو في
مجلدين، الاول في 284 ورقة، والثاني في 285 ورقة، وعندنا
منه نسخة مصورة، جاء في آخرها: بلغ مقابلة على نسخة أصله
بتاريخ الثامن من جمادى الاولى سنة عشرين وسبع مئة.
* التاريخ الكبير 4 / 95، الجرح والتعديل 4 / 230، تهذيب
الكمال لوحة 517، تذهيب التهذيب 2 / 36 / 1، الكاشف 1 /
378، تهذيب التهذيب 11 / 116، 117، خلاصة تذهيب الكمال:
145.
(*)
(10/135)
روى عنه: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، وعبد الله بن
محمد ابن شاكر، وطائفة.
قال فيه ابن نمير: لا بأس به.
قلت: بقي إلى بعد المئتين، والله أعلم.
18 - موسى بن داود *
(م، د، س، ق) الشيخ الامام الثقة، أبو عبد الله الضبي
الطرسوسي، الكوفي الاصل، الخلقاني، نزيل بغداد، ثم قاضي
طرسوس وعالمها.
سمع: شعبة، وسفيان، ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وعبد
العزيز بن الماجشون، وزهير بن معاوية، ونافع بن عمر،
وطائفة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وحجاج بن الشاعر، والذهلي، ومحمد
بن يحيى الازدي، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، وعباس الدوري،
ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وخلق كثير.
وثقه غير واحد، واحتج به مسلم.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: كان زاهدا ثقة، صاحب حديث،
ولي قضاء المصيصة (1).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 345، التاريخ الكبير 7 / 283، الجرح
والتعديل 8 / 140، تاريخ بغداد 13 / 33، تهذيب الكمال لوحة
1384، تذهيب التهذيب 4 / 78 / 2، العبر 1 / 371، تذكرة
الحفاظ 1 / 387، الكاشف 3 / 183، ميزان الاعتدال 4 / 204،
تهذيب التهذيب 10 / 342، طبقات الحفاظ: 163، خلاصة تذهيب
الكمال: 390، شذرات الذهب 2 / 38.
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 34.
(*)
(10/136)
وقال الدارقطني: كان مصنفا مكثرا مأمونا، ولي قضاء الثغور
(1).
وقال ابن سعد في " الطبقات " (2): كان ثقة، صاحب حديث، ولي
قضاء طرسوس، وبها مات في سنة سبع عشرة ومئتين.
قلت: له في الصلاة من " صحيح مسلم " حديث واحد، (3) وآخر
من حدث عنه بشر بن موسى الاسدي، وقد خرج له أيضا أبو داود
والنسائي والقزويني.
19 - أبو حذيفة * (خ، د، ت، ق)
المحدث الحافظ الصدوق، أبو حذيفة، موسى بن مسعود
النهدي البصري.
ولد في حدود الثلاثين ومئة، بل قبل.
حدث عن: أيمن بن نابل من التابعين، وعن عكرمة بن عمار، وهو
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 34.
(2) 7 / 345.
(3) برقم (571) في المساجد: باب السهو في الصلاة والسجود
له، من طريق محمد ابن أحمد بن أبي خلف، حدثنا موسى بن
داود، حدثنا سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن
يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى،
ثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم
يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته،
وإن كان صلى إتماما لاربع كانتا ترغيما للشيطان ".
* طبقات خليفة ت (1955)، التاريخ الكبير 7 / 295، التاريخ
الصغير 2 / 340، الجرح والتعديل 8 / 163، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 484، المعجم المشتمل: 298، تهذيب الكمال لوحة
1392، الكاشف 3 / 188، 189، تذهيب التهذيب 4 / 83 / 1،
العبر 1 / 381، ميزان الاعتدال 4 / 221، تهذيب التهذيب 10
/ 370، مقدمة فتح الباري: ص 446، 447، خلاصة تذهيب الكمال:
392، شذرات الذهب 2 / 48.
(*)
(10/137)
تابعي أيضا، وعن سفيان الثوري فأكثر، وعن إبراهيم بن
طهمان، وزائدة
وشبل بن عباد، وطائفة.
حدث عنه: البخاري (1) وروى أبو داود والترمذي وابن ماجة عن
رجل عنه، والذهلي وعبد بن حميد، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن
شبويه، وأبو حاتم، وحماد بن إسحاق القاضي، ومحمد بن الحسن
بن كيسان المصيصي، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن زكريا
الاصبهاني، وحفص بن عمر الرقي سنجه، وعدد كثير.
قال أحمد بن حنبل: هو من أهل الصدق.
وقال أبو حاتم: صدوق معروف بالثوري، كان الثوري قد نزل
بالبصرة على رجل، وكان أبو حذيفة معهم، فكان سفيان يوجه
أبا حذيفة في حوائجه، ولكنه كان يصحف، روى عن الثوري بضعة
عشر ألف حديث، وفي بعضها شئ (2).
__________
(1) قال الحافظ ابن حجر في مقدمة " الفتح " ص 446: من شيوخ
البخاري صدوق في حفظه شئ.
قاله أحمد.
وقال ابن معين: لم يكن من أهل الكذب.
وقال العجلي: ثقة.
وقال أبو حاتم: صدوق ولكنه كان يصحف، وروى عن الثوري بضعة
عشر ألف حديث، وفي بعضها شئ، وهو أقل خطأ من مؤمل بن
إسماعيل.
وقال ابن خزيمة: لا يحتج به.
وقال الساجي: كان يصحف وهو لين.
وقال الترمذي: يضعف في الحديث.
قلت: روى عنه البخاري أحاديث، أحدها في العتق بمتابعة
الربيع بن يحيى، كلاهما عن زائدة بمتابعة عثام بن علي،
كلاهما عن هشام بن عروة، عن امرأته فاطمة بنت المنذر، عن
أسماء بنت أبي بكر في الامر بالعتاقة في الكسوف.
وثانيها في الرقاق حديث ابن مسعود: " الجنة أقرب إلى أحدكم
من شراك نعله، والنار مثل ذلك " وقد تابعه عليه وكيع وغيره
عن سفيان.
ثالثها في القدر حديث حذيفة: " لقد خطبنا النبي صلى الله
عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره
"..الحديث.
وقد تابعه أبو معاوية ووكيع عند مسلم، وهذا جميع ما له في
البخاري، وعلق عنه
موضعا آخر في آخر الجهاد، وهو حديث أبي إسحاق، عن البراء
في صلح الحديبية، وهو عنده من طرق أخرى عن أبي إسحاق.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 163.
(*)
(10/138)
وقال بندار: هو ضعيف.
وقال الفلاس: لا يحدث عنه من يبصر الحديث (1).
قال ابن حبان: قيل: إن الثوري تزوج أمه لما أتى البصرة
(2)، وقيل: كان أبو حذيفة معلما.
مات في جمادى الآخرة سنة عشرين ومئتين، وفيها أرخه
البخاري، وقيل: عاش اثنتين وتسعين سنة.
20 - يحيى بن حماد *
(خ، م، ت، س، ق) ابن أبي زياد، الامام الحافظ، أبو محمد،
وأبو بكر الشيباني، مولاهم البصري، ختن أبي عوانة.
حدث عن: شعبة، وجرير بن حازم، وحماد بن سلمة، وعكرمة بن
عمار، وهمام بن يحيى، وجويرية بن أسماء، والليث بن سعد،
وعبد العزيز بن المختار، وأكثر عن أبي عوانة.
روى عنه: البخاري، وإسحاق بن راهويه، وبندار، ومحمد بن
المثنى، وحميد بن زنجويه، وإسحاق الكوسج، وأبو إسحاق
الجوزجاني، وأحمد بن إسحاق السرماري (3)، وبكار بن قتيبة،
والحسن
__________
(1) " ميزان الاعتدال " 4 / 221.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1392.
* التاريخ الكبير 8 / 267، التاريخ الصغير 2 / 224، الجرح
والتعديل 9 / 137،
الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 559، المعجم المشتمل: 318،
تهذيب الكمال لوحة 1493، تذهيب التهذيب 4 / 151 / 2، تهذيب
التهذيب 11 / 199، خلاصة تذهيب الكمال: 422.
(3) نسبة إلى سرمارى: قرية من قرى بخارى.
(*)
(10/139)
ابن مدرك الطحان، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، ومحمد
بن مسلم بن وارة، ويعقوب الفسوي، والكديمي، وعبيد الله بن
حجاج بن منهال، وولده حماد بن يحيى بن حماد، وأبو مسلم
الكجي، وخلق كثير.
وثقه أبو حاتم وجماعة.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث (1).
وقال محمد بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبد من يحيى
بن حماد، وأظنه لم يضحك (2).
قلت: الضحك اليسير والتبسم أفضل، وعدم ذلك من مشايخ العلم
على قسمين: أحدهما: يكون فاضلا لمن تركه أدبا وخوفا من
الله، وحزنا على نفسه المسكينة.
والثاني: مذموم لمن فعله حمقا وكبرا وتصنعا، كما أن من
أكثر الضحك استخف به، ولا ريب أن الضحك في الشباب أخف منه
وأعذر منه في الشيوخ.
وأما التبسم وطلاقة الوجه فأرفع من ذلك كله، قال النبي صلى
الله عليه وسلم: " تبسمك في وجه أخيك صدقة " (3)، وقال
جرير: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) في " الطبقات " 7 / 306.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1493.
(3) أخرجه البخاري في " الادب المفرد " (891)، والترمذي
(1956) في البر والصلة: باب ما جاء في صنائع المعروف، من
طريق عكرمة بن عمار، عن أبي زميل سماك = (*)
(10/140)
إلا تبسم (1).
فهذا هو خلق الاسلام، فأعلى المقامات من كان بكاء بالليل،
بساما بالنهار.
وقال عليه السلام: " لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم
منكم بسط الوجه " (2).
بقي هنا شئ: ينبغي لمن كان ضحوكا بساما أن يقصر من ذلك،
ويلوم نفسه حتى لا تمجه الانفس، وينبغي لمن كان عبوسا
منقبضا أن يتبسم، ويحسن خلقه، ويمقت نفسه على رداءة خلقه،
وكل انحراف عن الاعتدال فمذموم، ولا بد للنفس من مجاهدة
وتأديب.
روى البخاري عن الحسن بن مدرك أن يحيى بن حماد رحمه الله
مات في سنة خمس عشرة ومئتين (3).
__________
= ابن الوليد، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تبسمك في وجه أخيك لك
صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل
في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الردئ البصر لك صدقة،
وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك
من دلوك في دلو أخيك لك صدقة " وحسنه الترمذي، وصححه ابن
حبان (864)، وأخرجه أحمد من طريق آخر 5 / 168 بأطول منه
وبنحوه، وإسناده صحيح.
(1) أخرجه البخاري (3035) في الجهاد: باب من لا يثبت على
الخيل، و (6089) في الادب: باب التبسم والضحك، ومسلم
(2475) (135) في فضائل الصحابة، وابن ماجة
(11) في المقدمة، وأحمد 4 / 358 و 359 و 362 و 365.
(2) أخرجه البزار برقم (1977) والحاكم 1 / 124، وأبو نعيم
10 / 25 من حديث أبي هريرة، وفي سنده عبد الله بن سعيد
المقبري وهو متروك، وأورده الهيثمي في " المجمع " 8 / 22،
وزاد نسبته إلى أبي يعلى، وضعفه بعبد الله بن سعيد.
وصححه الحاكم، ورده عليه المؤلف بقوله: عبد الله واه.
(3) " التاريخ الصغير " 2 / 334.
(*)
(10/141)
21 - أبو نعيم * (ع) الفضل بن دكين،
الحافظ الكبير، شيخ الاسلام، الفضل بن عمرو ابن حماد بن
زهير بن درهم التيمي الطلحي القرشي مولاهم الكوفي الملائي
الاحول، مولى آل طلحة بن عبيدالله.
وكان شريكا لعبد السلام بن حرب الملائي، كانا في حانوت
بالكوفة يبيعان الملاء وغير ذلك، وكان كذلك غالب علماء
السلف إنما ينفقون من كسبهم.
أخبرنا جماعة في كتابهم قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا
أحمد ابن الحسن، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أحمد
بن جعفر، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان،
عن منصور، عن إبراهيم، عن همام، قال: كنا جلوسا مع حذيفة،
فقيل له: إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان.
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل
الجنة قتات ".
رواه أحمد والبخاري عن أبي نعيم (1).
__________
* تاريخ ابن معين: 474، طبقات خليفة ت (1324)، التاريخ
الكبير 7 / 118،
التاريخ الصغير 2 / 340، الجرح والتعديل 7 / 61، الفهرست:
283، تاريخ بغداد 12 / 346، مناقب الامام أحمد لابن
الجوزي: 109، 110 و 481، 482، الكامل لابن الاثير 6 / 445،
تهذيب الكمال لوحة 1097، تذهيب التهذيب 3 / 137 / 1، العبر
1 / 377، تذكرة الحفاظ 1 / 372، الكاشف 2 / 381، ميزان
الاعتدال 3 / 350، تهذيب التهذيب 8 / 270، طبقات الحفاظ:
159، خلاصة تذهيب الكمال: 308، شذرات الذهب 2 / 46.
(1) أخرجه البخاري 10 / 394 في الادب: باب ما يكره من
النميمة، وأحمد 5 / 397 من طريق أبي نعيم بهذا الاسناد،
وأخرجه مسلم (105) (169) و (170) في الايمان، وأبو داود
(4871) في الادب، والترمذي (2026) في البر والصلة، وأحمد 5
/ 382 و 389 و 392 و 402 و 404 من طرق عن إبراهيم، عن همام
بن الحارث، عن حذيفة.
(*)
(10/142)
أنبأنا ابن قدامة وجماعة، عن أبي جعفر الصيدلاني، أخبرتنا
فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة (1)، أخبرنا سليمان
بن أحمد، حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا
يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن
بشير، قال: استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم،
فإذا عائشة ترفع عليه صوتها، فقال: يا ابنة فلانة ! ترفعين
صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم !، فحال النبي صلى
الله عليه وسلم بينه وبينها، ثم خرج أبو بكر، فجعل النبي
صلى الله عليه وسلم يترضاها، فقال: " ألم تريني حلت بين
الرجل وبينك "، ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى، فسمع
تضاحكهما، فقال: أشركاني في سلمكما، كما أشركتماني في
حربكما (2).
أخرجه أبو داود والنسائي من حديث يونس.
وبه إلى سليمان: حدثنا علي بن عبد العزيز، وبشر بن موسى
قالا: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن الشعبي،
عن المقدام
أبي كريمة الشامي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه فهو
دين عليه، إن شاء اقتضاه، وإن شاء تركه " (3).
__________
(1) في الاصل: ابن زائدة وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه،
وابن ربذة هذا هو مسند أصبهان أبو بكر محمد بن عبد الله بن
أحمد بن إبراهيم الاصبهاني التاجر، راوية أبي القاسم
الطبراني سليمان بن أحمد.
وفاطمة بنت عبد الله هي الجوزدانية المتوفاة بأصبهان سنة
524، وقد تفردت في وقتها برواية " المعجم الكبير " و "
المعجم الصغير " للطبراني بروايته عن ابن ريذة.
انظر " التحبير " 2 / 428، 429 للسمعاني، و " العبر " 3 /
193 للمؤلف.
(2) إسناده قوي وأخرجه أبو داود برقم (4999)، وأحمد 4 /
271، 272 وقد تقدم في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 171.
(3) إسناده صحيح وهو في " مسند أحمد " 4 / 132، وأخرجه أبو
داود (3750) في الاطعمة، من طريقين عن أبي عوانة، عن
منصور، به، وأخرجه ابن ماجة (3677) في الادب، من طريق علي
بن محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور.
وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 4 / 39 من طريقين عن
شعبة، عن منصور.
(*)
(10/143)
رواهما أحمد عن أبي نعيم.
وفي " الطبقات " (1) لابن سعد: أخبرنا عبدوس بن كامل، قال:
دفن أبو نعيم يوم سلخ شعبان، قال: وأخبرني من حضره قال:
اشتكى قبل أن يموت بيوم ليلة الاثنين، فما تكلم إلى الظهر،
ثم تكلم، فأوصى ابنه عبدالرحمن ببني ابن يقال له: ميثم كان
مات قبله، فلما أمسى طعن في عنقه، وظهر بن ورشكين في يده،
فتوفي ليلتئذ، وأخرج بكرة، ولم يعلم به كثير من الناس، ثم
جاء الوالي محمد بن عبدالرحمن بن عيسى
ابن موسى الهاشمي، فلامهم إذ لم يخبروه، ثم تنحى به عن
القبر، فصلى عليه هو وأصحابه.
قال أحمد بن ملاعب: سمعت أبا نعيم يقول: ولدت في آخر سنة
ثلاثين ومئة (2).
سمع: سليمان الاعمش، وزكريا بن أبي زائدة، وجعفر بن برقان،
وعمر بن ذر، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وطلحة بن عمرو، وعبد
الواحد بن أيمن، وبشير بن المهاجر، وفطر بن خليفة، ومالك
بن مغول، وأبا خلدة خالد بن دينار، وسليمان بن سيف المكي،
وموسى بن علي، ويونس بن أبي إسحاق، ومسعر بن كدام، وسفيان
الثوري، وشعبة، والحسن بن صالح، وعبد الله بن حبيب بن أبي
ثابت، وزمعة بن صالح، وإسرائيل، وشريكا، وعبد الرحمن بن
الغسيل، وابن أبي رواد، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز،
وإياس بن دغفل، وأبان بن عبد الله البجلي، وإبراهيم بن
نافع المكي، وإسحاق بن سعيد القرشي،
__________
(1) 6 / 400، 401 (2) " تاريخ بغداد " 12 / 355.
(*)
(10/144)
وبدر بن عثمان، وحبيب بن جري، والحكم بن معاذ، وخالد بن
طهمان، وسعد بن أوس، وعصام بن قدامة، والمسعودي، وإسماعيل
ابن عبدالملك بن أبي الصفيراء، وجرير بن حازم، وسعيد بن
عبيد الطائي، وعبيدة بن أبي رائطة، وأبا حنيفة، وابن أبي
ليلى، وشيبان النحوي، ومحمد بن قيس الاسدي، وسلمة بن نبيط،
ويعلى بن الحارث المحاربي، وخلقا (1) سواهم.
وكان من أئمة هذا الشأن وأثباتهم.
حدث عنه: البخاري كثيرا، وهو من كبار مشيخته، وروى هو
والجماعة عن رجل عنه، وروى عنه أحمد بن حنبل، وإسحاق، وابن
معين، وأبو خيثمة، وابنا أبي شيبة، والذهلي، وأبو محمد
الدارمي، وعبد بن حميد، وعباس الدوري، وأبوازرعة الرازي
والدمشقي، ومحمد ابن سنجر، وأبو حاتم، وابن الفرات، وعلي
بن عبد العزيز البغوي، وإسماعيل بن سمويه، وعبد الله بن
محمد بن النعمان، وجعفر بن محمد ابن شاكر، وأحمد بن مهدي
الاصبهاني، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي،
وبشر بن موسى، وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن سليمان
الباغندي، وعمير بن مرداس، وأحمد بن الهيثم بن خالد
البزاز، ويحيى بن عبدويه البغدادي شيخ الطبراني، ومحمد بن
يوسف بن الطباع، وأحمد بن إسحاق الوزان، ومحمد بن يونس
الكديمي، والحارث بن محمد التميمي، وفضيل بن محمد الملطي
(2)،
__________
(1) في الاصل: وخلق.
(2) نسبة إلى " ملطية " من الثغور الجزرية بالشام، وكان
فتحها عنوة حبيب بن مسلمة الفهري، وجهه إليها عياض بن غنم
من سميساط، ففتحها، ورتب فيها رابطة من المسلمين، ثم شحنها
معاوية، فكانت في طريق الصوائف.
انظر " الروض المعطار " ص 545.
(*)
(10/145)
وأحمد بن خليد الحلبي، ومحمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي،
وأحمد بن محمد السوطي (1)، وأحمد بن موسى الحمار، ومحمد بن
جعفر القتات (2)، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن ماهان
المزني، وجعفر بن محمد الاحمسي، والحسن بن علي بن جعفر
الوشاء، وأمم
سواهم.
وتبقى صغار أصحابه إلى بعيد الثلاث مئة.
وقد حدث عنه: عبد الله بن المبارك مع تقدمه، وبينه وبين
القتات في الوفاة مئة عام وعشرون عاما.
والظاهر أنه آخر من حدث عن الاعمش من الثقات.
قال أبو نعيم: شاركت سفيان الثوري في أكثر من أربعين شيخا
(3).
وأما حنبل بن إسحاق فقال: قال أبو نعيم: كتبت عن نيف ومئة
شيخ ممن كتب عنهم سفيان.
قال محمد بن عبدة بن سليمان: كنت مع أبي نعيم، فقال له
أصحاب الحديث: يا ابا نعيم، إنما حملت عن الاعمش هذه
الاحاديث.
فقال: ومن كنت أنا عند الاعمش ؟ كنت قردا بلا ذنب (4).
قال صالح بن أحمد بن حنبل: قلت لابي: وكيع وعبد الرحمن
ويزيد بن هارون، أين يقع أبو نعيم من هؤلاء ؟ قال: يجئ
حديثه على النصف من هؤلاء، إلا أنه كيس يتحرى الصدق، قلت:
فأبو نعيم أثبت
__________
(1) نسبة لمن يعمل السوط.
(2) نسبة إلى بيع القت وهو الفصفصة الرطبة.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 348.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 348، و " تهذيب الكمال " لوحة
1098.
(*)
(10/146)
أو وكيع ؟ فقال: أبو نعيم أقل خطأ (1).
وقال حنبل، عن أبي عبد الله قال: أبو نعيم أعلم بالشيوخ
وأنسابهم وبالرجال، ووكيع أفقه (2).
وقال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد يقول: أبو نعيم أثبت من
وكيع (3).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه قال: أخطأ وكيع في
خمس مئة حديث (4).
أخبرنا أحمد بن الحسن الترمذي: سمعت أبا عبد الله يقول:
إذا مات أبو نعيم صار كتابه إماما، إذا اختلف الناس في شئ،
فزعوا إليه (5).
قال أبو زرعة الدمشقي: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت
أحدا أثبت من رجلين، أبي نعيم وعفان (6).
قال أبو زرعة: وسمعت أحمد بن صالح يقول: ما رأيت محدثا
أصدق من أبي نعيم (7).
قال يعقوب الفسوي: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في
الاتقان (8).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 353.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 352.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 352.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 1098، و " تاريخ بغداد " 12 /
354.
(8) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(*)
(10/147)
وقال أبو حاتم: كان حافظا متقنا، لم أر من المحدثين من
يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي
نعيم في حديث الثوري، وكان أبو نعيم يحفظ حديث الثوري حفظا
جيدا - يعني الذي عنده
عنه - قال: وهو ثلاثة آلاف وخمس مئة حديث، ويحفظ حديث
مسعر، وهو خمس مئة حديث، وكان لا يلقن (1).
قال أحمد بن منصور الرمادي: خرجت مع أحمد ويحيى إلى عبد
الرزاق خادما لهما، قال: فلما عدنا إلى الكوفة، قال يحيى
بن معين: أريد أن أختبر أبا نعيم، فقال أحمد: لا ترد،
فالرجل ثقة، قال يحيى: لا بد لي.
فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثا وجعل على رأس كل عشرة
منها حديثا ليس من حديثه، ثم إنهم جاؤوا إلى أبي نعيم،
فخرج، وجلس على دكان طين، وأخذ أحمد بن حنبل، فأجلسه عن
يمينه، ويحيى عن يساره، وجلست أسفل الدكان، ثم أخرج يحيى
الطبق، فقرا عليه عشرة أحاديث، فلما قرأ الحادي عشر، قال
أبو نعيم: ليس هذا من حديثي، اضرب عليه، ثم قرأ العشر
الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو
نعيم: ليس هذا من حديثي فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث،
ثم قرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم، وانقلبت عيناه، ثم
أقبل على يحيى، فقال: أما هذا - وذراع أحمد بيده - فأورع
من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا - يريدني - فأقل من أن يفعل
ذاك، ولكن هذا من فعلك يا فاعل.
وأخرج رجله، فرفس يحيى، فرمى به من
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 62: وهذا دلالة على تمكنه من
الحفظ، فإن التلقين كما سيذكر المؤلف ص 210 هو أن يحدث
المحدث، فيغلط أثناء التحديث، أو يتوقف، فيرده الطلبة،
فيأخذ بقولهم.
(*)
(10/148)
الدكان، وقام، فدخل داره، فقال أحمد بن حنبل ليحيى: ألم
أمنعك وأقل لك: إنه ثبت، قال: والله، لرفسته لي أحب إلي من
سفرتي (1).
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: شيخان كان الناس
يتكلمون فيهما ويذكرونهما، وكنا نلقى من الناس في أمرهما
ما الله به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به كبير أحد: عفان
وأبو نعيم (2).
قال أبو العباس السراج عن الكديمي قال: لما دخل أبو نعيم
على الوالي ليمتحنه، وثم يونس وأبو غسان وغيرهما، فأول من
امتحن فلان، فأجاب، ثم عطف على أبي نعيم، فقال: قد أجاب
هذا، فما تقول ؟ فقال: والله ما زلت أتهم جده بالزندقة،
ولقد أخبرني يونس بن بكير أنه سمع جده يقول: لا بأس أن
يرمي الجمرة بالقوارير.
أدركت الكوفة وبها أكثر من سبع مئة شيخ، الاعمش فمن دونه
يقولون: القرآن كلام الله وعنقي أهون من زري هذا، فقام
إليه أحمد بن يونس، فقبل رأسه - وكان بينهما شحناء - وقال:
جزاك الله من شيخ خيرا (3).
أحمد بن الحسن الترمذي وغيره، عن أبي نعيم قال: القرآن
كلام الله ليس بمخلوق (4).
قال الطبراني: سمعت صليحة بنت أبي نعيم تقول: سمعت أبي
يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال: مخلوق، فهو
كافر.
__________
(1) " مناقب الامام أحمد " لابن الجوزي: 79، 80، و " تاريخ
بغداد " 12 / 354، و " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 348، 349، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1098.
(3) انظر " مناقب الامام أحمد " لابن الجوزي: 481، و "
تاريخ بغداد " 12 / 349، و " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1098، 1099.
(*)
(10/149)
قال أبو المظفر (1) في كتاب " مرآة الزمان ": قال عبد
الصمد بن المهتدي: لما دخل المأمون بغداد، نادى بترك الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لان الشيوخ بقوا يضربون
ويحبسون، فنهاهم المأمون، وقال: قد اجتمع الناس على إمام،
فمر أبو نعيم، فرأى جنديا وقد أدخل يديه بين فخذي امرأة،
فنهاه بعنف، فحمله إلى الوالي، فيحمله الوالي إلى المأمون.
قال: فأدخلت عليه بكرة وهو يسبح، فقال: توضأ.
فتوضأت ثلاثا ثلاثا على ما رواه عبد خير، عن علي (2)،
فصليت ركعتين، فقال: ما تقول في رجل مات عن أبوين ؟ فقلت:
للام الثلث، وما بقي للاب.
قال: فإن خلف أبويه وأخاه ؟ قلت: المسألة بحالها، وسقط
الاخ.
قال: فإن خلف أبوين وأخوين ؟ قلت: للام السدس وما بقي
للاب.
قال: في قول الناس كلهم ؟ قلت: لا، إن جدك ابن عباس يا
أمير المؤمنين ما حجب الام عن الثلث إلا بثلاثة إخوة.
فقال: يا هذا، من نهى مثلك عن الامر بالمعروف ؟ ! إنما
نهينا أقواما يجعلون المعروف منكرا.
ثم خرجت (3).
روى المروذي عن أحمد بن حنبل قال: إنما رفع الله عفان وأبا
نعيم بالصدق حتى نوه بذكرهما.
قال أبو عبيد الآجري: قلت لابي داود: كان أبو نعيم حافظا ؟
قال: جدا (4).
__________
(1) هو أبو المظفر يوسف قزا أو غلي المعروف بسبط ابن
الجوزي المتوفى سنة 654 ه، وكتابه " مرآة الزمان في تاريخ
الاعيان " لم يطبع منه سوى المجلد الثامن بحيدر آباد سنة
(1951 م).
(2) أخرجه أبو داود (111) و (112) و (113)، والنسائي 1 /
67، 70، والترمذي (49)
وقال: حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 350.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(*)
(10/150)
قال أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء: كنا نهاب أبا
نعيم أشد من هيبة الامير.
قلت: وكان في أبي نعيم تشيع خفيف.
قال أحمد بن ملاعب: حدثني ثقة قال: قال أبو نعيم: ما كتبت
علي الحفظة أني سببت معاوية، وبلغنا عن أبي نعيم أنه قال:
حب علي رضي الله عنه عبادة، وخير العبادة ما كتم (1).
قال محمد بن أبان: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: إذا
وافقني هذا الاحول - يعني أبا نعيم - ما أبالي من خالفني
(2).
قال يعقوب السدوسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: نزاحم به
سفيان بن عيينة.
قلت: توفي أبو نعيم شهيدا، فإنه طعن في عنقه، وحصل له
ورشكين.
قال محمد بن عبد الله مطين: رأيت أبا نعيم وكلمته.
قال: ومات يوم الشك من رمضان سنة تسع عشرة ومئتين.
وقال يعقوب بن شيبة عمن حدثه: إن أبا نعيم مات بالكوفة
ليلة الثلاثاء لانسلاخ شعبان سنة تسع عشرة (3).
قلت: شذ محمد بن المثنى الزمن، فقال: مات في آخر سنة ثمان
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 351، وقد ثبت عنه صلى الله عليه
وسلم أنه قال لعلي: " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا
منافق ".
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 352.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 356.
(*)
(10/151)
عشرة ومئتين (1).
قال بشر بن عبد الواحد: رأيت أبا نعيم في المنام، فقلت: ما
فعل الله بك ؟ - يعني فيما كان يأخذ على الحديث - فقال:
نظر القاضي في أمري، فوجدني ذا عيال، فعفا عني (2).
قلت: ثبت عنه أنه كان يأخذ على الحديث شيئا قليلا لفقره.
قال علي بن خشرم: سمعت أبا نعيم يقول: يلومونني على الاخذ،
وفي بيتي ثلاثة عشر نفسا، وما في بيتي رغيف (3).
قلت: لاموه على الاخذ يعني من الامام، لا من الطلبة.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم الطائي، أنبأنا أبو اليمن
الكندي، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، حدثنا أبو محمد
الجوهري إملاء، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قراءة
عليه، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا أبو نعيم، حدثنا الاعمش،
عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " قال الله عزوجل: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع
شهوته وأكله وشربه من أجلي، والصوم جنة، وللصائم فرحتان،
فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى الله عزوجل، ولخلوف فم
الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".
أخرجه البخاري (4) في التوحيد عن أبي نعيم، فوافقناه بعلو.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 356.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1099.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1099.
(4) برقم (7492) في التوحيد: باب قول الله تعالى: (يريدون
أن يبدلوا كلام الله)، = (*)
(10/152)
وحديث أبي نعيم كثير الوقوع في الكتب والاجزاء، وقد جمع
أبو نعيم الحافظ (1) ما وقع له عاليا من حديث أبي نعيم
الملائي في جزء من طرق مختلفة صدره بما حدثه ابن فارس عن
ابن الفرات وسمويه، كلاهما عنه، وعدة ذلك ثمانية وسبعون
حديثا بعضها آثار.
أخبرنا محمد بن قيماز الدقيقي، أخبرنا محمد بن قوام،
أخبرنا خليل بن بدر، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو
نعيم الحافظ، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن
الفرات، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يونس ابن أبي إسحاق، عن
مجاهد، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن الدواء الخبيث (2).
غريب وإسناده صالح.
أخبرنا أبو إسحاق بن الواسطي وجماعة كتابة قالوا: أخبرنا
ابن بهروز (3)، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل
الحافظ، أخبرنا أبو يعقوب - يعني القراب حدثنا بشر بن
محمد، سمعت أبا العباس الازهري، سمعت محمد بن مسلم بن
وارة، سمعت أبا نعيم يقول:
__________
= وأخرجه أيضا 4 / 88 - 94 في الصوم: باب فضل الصوم، وباب
هل يقول: إني صائم إذا شتم، وفي اللباس: باب ما يذكر في
المسك، وأخرجه مسلم (1151) في الصيام: باب حفظ اللسان،
وباب فضل الصيام، ومالك 1 / 310، وأبو داود (2363)،
والترمذي (764)، والنسائي 4 / 162 - 165.
(1) هو أحمد بن عبد الله الاصبهاني صاحب كتاب " الحلية ".
المتوفى سنة 430 ه.
(2) وأخرجه أحمد 2 / 305، وأبو داود (3870)، والترمذي
(2045)، وابن ماجة (3459) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق
بهذا الاسناد، وهذا سند قوي، وصححه الحاكم 4 / 410، ووافقه
الذهبي، وفسر الحاكم الدواء الخبيث بالخمر.
(3) هو أبو بكر محمد بن مسعود بن بهروز البغدادي الطبيب،
سمعه خاله من أبي الوقت، وتفرد بالرواية بالسماع عنه، توفي
سنة 635 ه.
انظر " العبر " 5 / 145 للمؤلف.
(*)
(10/153)
ينبغي أن يكتب هذا الشأن عمن كتب الحديث يوم كتب، يدري ما
كتب، صدوق مؤتمن عليه، يحدث يوم يحدث، يدري ما يحدث.
قال البيهقي: أخبرنا الحاكم، أخبرنا أبو زكريا العنزي،
حدثنا جعفر بن محمد بن سوار، حدثنا عبد الصمد بن سليمان بن
أبي مطر البلخي: سألت أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد وابن
مهدي ووكيع وأبي نعيم، فقال: ما رأيت أجد (1) من وكيع،
وكفاك بعبد الرحمن معرفة وإتقانا، وما رأيت رجلا أوزن بقوم
من غير محاباة، وأشد تثبتا في أمور الرجال من يحيى بن
سعيد، وأبو نعيم: فأقل الاربعة خطأ، وهو عندي ثقة موضع
الحجة في الحديث (2).
أحمد بن ملاعب: سمعت أبا نعيم يقول: لا ينبغي أن يؤخذ
الحديث إلا من حافظ له، أمين له، عارف بالرجال.
قلت: وقد كان أبو نعيم ذا دعابة، فروى علي بن العباس
المقانعي (3)، سمعت الحسين بن عمرو العنقزي يقول: دق رجل
على أبي نعيم الباب، فقال: من ذا ؟ قال: أنا، قال: من أنا
؟ قال: رجل من ولد آدم، فخرج إليه أبو نعيم، وقبله، وقال:
مرحبا وأهلا، ما ظننت أنه بقي من هذا النسل أحد (4).
قلت: عدد شيوخه في التهذيب مئتان وثلاثة أنفس.
__________
(1) في " تهذيب الكمال ": أحفظ من وكيع.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(3) نسبة إلى عمل المقانع جمع مقنعة وهي ما تغطي به المرأة
رأسها.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1099.
(*)
(10/154)
قال محمد بن جعفر القتات: حدثنا أبو نعيم الاحول من
العينين سنة ثمان عشرة.
روى جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، عن أبي نعيم قال: عندي عن
أمير المؤمنين في الحديث سفيان أربعة آلاف (1).
الفضل بن زياد: سألت أحمد: أيجري عندك (2) ابن فضيل مجرى
عبيد الله بن موسى ؟ قال: لا، كان ابن فضيل أستر، وكان
عبيد الله صاحب تخليط، روى أحاديث سوء.
قلت: فأبو نعيم يجري مجراهما ؟ قال: لا، أبو نعيم يقظان في
الحديث، وقام في الامر - يعني المحنة - ثم قال: إذا رفعت
أبا نعيم من الحديث فليس بشئ (3).
وروى المروذي عن أبي عبد الله قال: يحيى وعبد الرحمن، وأبو
نعيم الحجة الثبت (4).
وروى الميموني عن أحمد أنه أثنى على أبي نعيم، وقال: كان
ثقة، يقظان في الحديث، عارفا به، ثم قام في أمر الامتحان
ما لم يقم غيره، عافاه الله.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: أبو نعيم متقن حافظ، إذا
روى عن الثقات، فحديثه حجة أحج ما يكون (5).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(2) في الاصل: " عنك " والتصويب من " تاريخ بغداد " و "
تهذيب الكمال ".
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 353، و " تهذيب الكمال " لوحة
1098.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 354.
(*)
(10/155)
وقال عثمان بن أبي شيبة مرة: حدثنا الاسد.
فقيل: من ؟ قال: أبو نعيم (1).
وقال أبو حاتم: سألت عليا: من أوثق أصحاب الثوري ؟ قال:
يحيى وعبد الرحمن ووكيع وأبو نعيم (2).
وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث.
وقال أبو حاتم: ثقة يحفظ حديث الثوري ومسعر حفظا [ جيدا ]،
كان يحزر حديث الثوري ثلاثة آلاف وخمس مئة، وحديث مسعر نحو
خمس مئة، كان يأتي بحديث الثوري على لفظ واحد لا يغيره [
وكان لا يلقن و ] كان حافظا متقنا (3).
وعن أبي نعيم قال: نظر ابن المبارك في كتبي، فقال: ما رأيت
أصح من كتبك (4).
أبو سهل بن زياد: سمعت الكديمي، سمعت أبا نعيم يقول: كثر
تعجبي من قول عائشة: ذهب الذين يعاش في أكنافهم (5)، لكني
أقول: ذهب الناس فاستقلوا وصرنا * خلفا في أراذل النسناس
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 354، و " تهذيب الكمال " لوحة
1098.
(2) " الجرح والتعديل " 7 / 62.
(3) " الجرح والتعديل " 7 / 62.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1098.
(5) شطر بيت للبيد من قصيدة يرثي بها أخاه أربد بعد موته،
وهو في " ديوانه " صفحة 153 وتمامه: وبقيت في خلف كجلد
الاجرب وقد تمثلت به السيدة عائشة رضي الله عنها بعد وفاة
الرسول صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة حزنا على فقدهم.
انظر الجزء الثاني من هذا الكتاب الصفحة 197.
(*)
(10/156)
في أناس نعدهم من عديد * فإذا فتشوا فليسوا بناس كلما جئت
أبتغي النيل منهم * بدروني قبل السؤال بياس وبكوا لي حتى
تمنيت أني * منهم قد أفلت رأسا براس (1)
22 - أحمد بن حفص * الفقيه
العلامة، شيخ ما وراء النهر (2)، أبو حفص البخاري الحنفي،
فقيه المشرق، ووالد العلامة شيخ الحنفية أبي عبد الله محمد
ابن أحمد بن حفص الفقيه.
ارتحل، وصحب محمد بن الحسن مدة، وبرع في الرأي، وسمع من
وكيع بن الجراح، وأبي أسامة وهذه الطبقة.
قال الشيخ محمد بن أبي رجاء البخاري: سمعت أحمد بن حفص
يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم عليه قميص،
وامرأة إلى جنبه تبكي، فقال لها: لا تبكي، فإذا مت فابكي.
فلم أجد من يعبرها لي حتى قال لي إسماعيل والد البخاري: إن
السنة قائمة بعد.
قال عبد الله بن محمد بن عمر الاديب: سمعت الليث بن نصر
الشاعر يقول: تذاكرنا الحديث: " إن على رأس كل مئة سنة من
يصلح أن
__________
(1) الخبر مع الابيات في " تاريخ بغداد " 12 / 351، 352، و
" تهذيب الكمال " لوحة 1099، و " حياة الحيوان الكبرى " 2
/ 353 وانظر فيه تفسير " النسناس ".
* الفوائد البهية: ص 18، الجواهر المضية في تراجم الحنفية.
(2) ما وراء النهر يراد به ما وراء نهر جيحون بخراسان، وما
كان في شرقيه يقال له: بلاد الهياطلة، وفي الاسلام سموه:
ما وراء النهر، وما كان في غريبه فهو خراسان وولاية
خوارزم.
انظر " معجم البلدان " 5 / 45.
(*)
(10/157)
يكون علم الزمان " (1)، فبدأت بأبي حفص أحمد بن حفص، فقلت:
هو في فقهه وورعه وعمله يصلح أن يكون علم الزمان، ثم ثنيت
بمحمد بن إسماعيل البخاري، فقلت: هو في معرفة الحديث وطرقه
يصلح أن يكون علما، ثم ثلثت بأحمد بن إسحاق السرماري،
فقلت: رجل يقرأ على منبر الخليفة ها هنا يقول: شهدت مرة أن
رجلا وحده كسر جند العدو - عنى نفسه - فإنه يصلح أن يكون
علم الزمان.
قالوا: نعم.
مولد أبي حفص الفقيه سنة خمسين ومئة.
وسمع أيضا من: هشيم بن بشير، وجرير بن عبدالحميد، والرواية
عنه تعز (2).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو
طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا هناد
بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو نصر
أحمد بن سهل بن حمدويه، حدثنا أحمد بن عمر بن داود، حدثنا
أبو حفص أحمد بن حفص، عن جرير، عن منصور، عن ربعي، عن علي
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا
يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة، بالله وحده لا شريك له، وأن
الله بعثني بالحق، وبالبعث بعد الموت، وبالقدر خيره وشره "
(3).
__________
(1) لفظ الحديث: " إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مئة
سنة من يجدد لها دينها " وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود
(4291) في الملاحم: باب ما يذكر في قرن المئة، والحاكم 4 /
522، والخطيب 2 / 61، والبيهقي في " معرفة السنن والآثار "
ص 52 من حديث أبي هريرة.
وانظر شرح هذا الحديث لزاما في " جامع الاصول " 11 / 320 -
324.
(2) يقال: عز الشئ يعز - بكسر العين - عزا وعزة وعزازة وهو
عزيز: إذا قل حتى كاد لا يوجد.
(3) أخرجه أحمد 1 / 97، والترمذي (2145)، وابن ماجة (82)
من طرق عن منصور بهذا الاسناد، وصححه الحاكم 1 / 32، 33،
ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
(*)
(10/158)
مات أبو حفص ببخارى في المحرم سنة سبع عشرة ومئتين.
23 - ولده * الامام مفتي بخارى
وعالمها، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن حفص، تفقه
بوالده وبه تفقه أهل بخارى، عاش إلى نحو السبعين ومئتين.
وكان من أئمة الاسلام والسنة، وله تصانيفه وشهرة كبيرة.
24 - منبه بن عثمان * *
الدمشقي اللخمي، محدث معمر، أدرك أيام مكحول.
وحدث عن: ثور بن يزيد، وعروة بن رويم، وخليد بن دعلج،
وأرطاة بن المنذر، والاوزاعي، وعمر بن زيد، والوضين بن
عطاء، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وموسى بن جابان، ومالك بن
أنس.
حدث عنه: ابنه حميد، وهشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري،
ومحمد بن مصفى، وهارون بن محمد بن بكار، وأحمد بن محمد بن
يحيى ابن حمزة، وأحمد بن عبدالقاهر اللخمي شيخ للطبراني،
وآخرون.
قال ابن زبر: ولد سنة ثلاث عشرة ومئة.
وقال أبو زرعة النصري (1): سمعت منبها يقول: كنت حملا (2)
عام
__________
* سيترجمه المؤلف بأطول مما هنا في الجزء الثاني عشر.
* * تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1 / 280، الجرح والتعديل 8 /
419، تاريخ ابن عساكر 11 / ورقة 407 / 2.
(1) في " تاريخه " 1 / 280.
(2) أي: في بطن أمه.
(*)
(10/159)
الجراح الحكمي (1)، وهي سنة اثنتي عشرة ومئة.
قال أبو زرعة: لقيته في سنة اثنتي عشرة ومئتين، ومات بعد
ذلك بيسير (2).
وقال أبو حاتم الرازي: كان صدوقا (3).
قلت: لم تقع له رواية في الكتب الستة، ولا في الموطأ، ولا
مسند أحمد، وهو في عداد الثقات الذين بلغوا المئة.
25 - يحيى بن هاشم * المحدث
المعمر أبو زكريا الغساني الكوفي السمسار.
روى عن: هشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان
الاعمش، ومسعر، والثوري، والكبار.
حدث عنه: محمد بن غالب تمتام، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد
بن أيوب بن الضريس، ومعاذ بن المثنى، ويونس بن إسحاق
الانصاري، وآخرون.
__________
(1) أي: عام مقتل الجراح وهو أبو عقبة الجراح بن عبد الله
الحكمي الدمشقي أمير خراسان، وكان شجاعا غازيا، استشهد
بمرج أردبيل.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس من هذا الكتاب صفحة 189.
(2) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 280.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 419.
* الضعفاء والمتروكين للنسائي: 1100، الضعفاء للعقيلي لوحة
448، الجرح والتعديل 9 / 195، المجروحين والضعفاء لابن
حبان 3 / 125، 126، الكامل في الضعفاء لابن عدي لوحة 846،
تاريخ بغداد 14 / 163 - 165، ميزان الاعتدال 4 / 412،
المغني في الضعفاء للذهبي 2 / 745.
(*)
(10/160)
وتحايده (1) الحفاظ واتهموه.
كذبه يحيى بن معين، وصالح جزرة.
وقال النسائي متروك الحديث (2).
وقال العقيلي: كان يضع الحديث على الثقات (3).
وقال ابن حبان: لا تحل كتبة حديثه إلا على جهة التعجب لاهل
الصنعة، ولا الرواية عنه بحال (4).
روى عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " نبات الشعر في الانف أمان من الجذام " (5).
وبه: " لا تستخدموا أرقاءكم بالليل، فلهم الليل، ولكم
النهار ".
وبه: " لا يبت أحدكم وعند رأسه الطعام، فإني لا آمن عليه
الهوام ".
وروى عن مسعر، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " عند
__________
(1) أي: عدلوا عن الرواية عنه، من حاد عنه يحيد حيدا: إذا
مال عنه وعدل.
(2) " الضعفاء والمتروكين " ص 110.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة: 448.
(4) كتاب " المجروحين والضعفاء " 3 / 125.
(5) وأورده الهيثمي في " المجمع " 5 / 99، 100 ونسبه إلى
أبي يعلى والطبراني في " الاوسط " وقال: وفيه أبو الربيع
السمان وهو ضعيف واسم أبي الربيع أشعث بن سعيد، ترجمه
المؤلف في " الميزان " 1 / 263، فقال: قال أحمد: مضطرب
الحديث ليس بذاك.
وقال ابن معين: ليس بشئ.
وقال النسائي: لا يكتب حديثه.
وقال الدارقطني: متروك، وأورد له هذا الحديث، وقال: قال
البغوي: هذا باطل، وقد رواه غير أبي الربيع من الضعفاء.
(*)
(10/161)
كل ختمة دعوة مستجابة " (1).
مات في سنة خمس وعشرين ومئتين.
يقع لي حديثه عاليا في جزء ابن نجيد (2)، وأظن في "
الغيلانيات " (3)، إلا أنه لا يفرح به، لانه ساقط الرواية
متهم.
26 - أسد السنة * (خت،
د، س) هو الامام الحافظ الثقة، ذو التصانيف، أبو سعيد، أسد
بن موسى ابن إبراهيم بن الخليفة الوليد بن عبدالملك بن
مروان، القرشي الاموي المرواني المصري.
وقد ولي جده إبراهيم الخلافة شهرين، وخلعه مروان الحمار.
__________
(1) أورده هذه الاحاديث الباطلة ابن حبان في " المجروحين
والضعفاء " 3 / 125، 126،
والمؤلف في " الميزان " 4 / 412، والحديث الاخير منها
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 7 / 260 من طريق يحيى بن
هاشم، وعن مسعر، عن قتادة، عن أنس..وقال: لا أعلم رواه عن
مسعر غير يحيى بن هاشم.
(2) هو إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي النيسابوري
المتوفى سنة 366 ه.
انظر " طبقات الصوفية " ص 454، 457، و " المنتظم " 7 / 84،
و " العبر " 2 / 336.
وقد ذكر الوادي آشي في " برنامجه " ص 239 أنه سمع هذا
الجزء بالقاهرة على شيخ الحديث بالمنصورية نور الدين أبي
الحسن علي بن جابر بن علي.
(3) هي أحد عشر جزءا تخريج الدارقطني من حديث أبي بكر محمد
بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي البزار المتوفى
سنة 354 ه، وهو القدر المسموع لابي طالب محمد ابن محمد بن
إبراهيم بن غيلان البزاز المتوفى سنة 404 ه من أبي بكر
المذكور، وهي من أعلى الحديث وأحسنه.
* التاريخ الكبير 2 / 49، الجرح والتعديل 2 / 338، جمهرة
أنساب العرب: 90، تهذيب الكمال لوحة 93، تذكرة الحفاظ 1 /
402، العبر 1 / 361، ميزان الاعتدال 1 / 207، تذهيب
التهذيب 1 / 59 / 1، الكاشف 1 / 115، عيون التواريخ 7 /
لوحة 282، تهذيب التهذيب 1 / 261، حسن المحاضرة 1 / 346،
طبقات الحفاظ: 167، خلاصة تذهيب الكمال: 31، شذرات الذهب 2
/ 27، الرسالة المستطرفة: 61.
(*)
(10/162)
ولد أسد بالبصرة، وقيل: بمصر - وهو أشبه - سنة زالت دولة
آبائه ببني العباس سنة اثنتين وثلاثين ومئة.
فنشأ، وطلب العلم، ولقي الكبار، ورحل، وجمع وصنف.
حدث عن: شعبة بن الحجاج، وشيبان النحوي (1)، وعبد الرحمن
المسعودي، ويونس بن أبي إسحاق وهو أسن شيخ له، وابن أبي
ذئب،
وفضيل بن مرزوق، وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن الماجشون،
وعافية ابن يزيد القاضي، وجرير بن عبدالحميد، وعدة.
حدث عنه: أحمد بن صالح، وعبد الملك بن حبيب الفقيه،
والربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي،
وولده سعيد ابن أسد، والمقدام بن داود الرعيني، وأبو يزيد
يوسف بن يزيد القراطيسي، وآخرون.
قال النسائي: ثقة، ولو لم يصنف لكان خيرا له (2).
وقال البخاري: هو مشهور الحديث، يقال له: أسد السنة (3).
واستشهد به البخاري.
قال أبو سعيد بن يونس: ثقة مات بمصر في المحرم سنة اثنتي
عشرة ومئتين (4).
قلت: عاش ثمانين سنة.
وقع لنا من تواليفه كتاب " الزهد " وغير ذلك.
__________
(1) نسبة إلى نحو بن شمس من الازد، وليس من نحو العربية
كما في " اللباب ".
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 94، و " تذكرة الحفاظ " 1 /
402.
(3) " التاريخ الكبير " 2 / 49.
(4) انظر " تهذيب الكمال " لوحة 94، و " تذكرة الحفاظ " 1
/ 402.
(*)
(10/163)
قال ابن يونس: روى أحاديث منكرة، وكان ثقة، وأحسب الآفة من
غيره (1).
وقال العجلي: ثقة.
وأما ابن حزم فقال في كتاب " الايصال " (2): ضعيف.
ذكره في
الزكاة (3).
قال: صاحب " الامام " (4): يقال: هو أول من صنف المسند.
27 - خلاد بن يحيى *
(خ، د، ت) ابن صفوان، الامام المحدث الصدوق، أبو محمد
السلمي الكوفي.
__________
(1) " ميزان الاعتدال " 1 / 207.
(2) قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1147 في ترجمة ابن
حزم: وقد صنف كتابا كبيرا في فقه الحديث سماه: الايصال إلى
فهم كتاب الخصال الجامعة لجمل شرائع الاسلام والحلال
والحرام والسنة والاجماع، أورد فيه أقوال الصحابة فمن
بعدهم، والحجة لكل قول.
وهو كبير جدا.
(3) وقال المؤلف في " الميزان ": وما علمت به بأسا إلا أن
ابن حزم ذكره في كتاب الصيد، فقال: منكر الحديث.
وكلام ابن حزم هذا هو في " المحلى " 7 / 472.
(4) هو الفقيه المجتهد المحدث شيخ الاسلام محمد بن علي بن
وهب بن مطيع القشيري المعروف بابن دقيق العيد، المتوفى سنة
702 ه، وكتابه " الامام " في أحاديث الاحكام، وهو جليل
حافل، ولم يكمله، قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 4 /
1482: ولو كمل تصنيفه وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدا.
* التاريخ الصغير 2 / 328، التاريخ الكبير 3 / 189، الجرح
والتعديل 3 / 368، المعجم المشتمل: 116، تهذيب الكمال لوحة
386، تذهيب التهذيب 1 / 202 / 2، الكاشف 1 / 285، ميزان
الاعتدال 1 / 657، العبر 1 / 263، المغني في الضعفاء 1 /
211، العقد الثمين 4 / 341، تهذيب التهذيب 3 / 174، خلاصة
تذهيب الكمال: 107، شذرات الذهب 2 / 28.
(*)
(10/164)
سمع عيسى بن طهمان صاحب أنس، وفطر بن خليفة، وعبد الواحد
بن أيمن، وسفيان الثوري، وخلقا كثيرا، وعني بالحديث.
حدث عنه: البخاري، وأبو زرعة، وعم أبي زرعة إسماعيل بن
يزيد، وبشر بن موسى، ومحمد بن يونس الكديمي، وآخرون.
وروى أبو داود وأبو عيسى عن رجل عنه، وروى عنه أيضا أبو
حاتم، وحنبل بن إسحاق.
قال أبو داود: ليس به بأس (1).
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: صدوق إلا أن في حديثه غلطا
قليلا (2).
وقال البخاري: سكن مكة، ومات بها قريبا من سنة ثلاث عشرة
ومئتين (3).
وقال حنبل: مات سنة سبع عشرة (4).
وسيأتي خالد بن مخلد القطواني الكوفي المتوفى في سنة ثلاث
عشرة ومئتين (5).
28 - إدريس بن يحيى *
الامام القدوة الزاهد، شيخ مصر، أبو عمرو الاموي مولاهم
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 386، و " ميزان الاعتدال " 1 /
657.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 368، و " ميزان الاعتدال " 1 /
657.
(3) " التاريخ الكبير " 3 / 197.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 386.
(5) انظره في الصفحة 217 من هذا الجزء * الجرح والتعديل 2
/ 265، اللباب 1 / 472.
(*)
(10/165)
المصري، المعروف بالخولاني (1)، أحد الابدال، كان يشبه
ببشر الحافي في فضله وتألهه.
روى عن: حيوة بن شريح، ورجاء بن أبي عطاء، وبكر بن مضر
وحرملة الكبير.
وعنه: أبو الطاهر بن السرح، ويونس بن عبدالاعلى، وسعيد بن
أسد بن موسى، وحرملة بن يحيى.
قال يونس: ما رأيت في الصوفية عاقلا سواه.
وقال أبو عمر الكندي: كان أفضل أهل زمانه، وأعظمهم قدرا.
وقال أبو زرعة: صدوق صالح من أفاضل المسلمين (2).
قلت: وصحح له الحاكم.
توفي سنة إحدى عشرة ومئتين.
29 - المقرئ * (ع)
الامام العالم الحافظ المقرئ المحدث الحجة، شيخ الحرم، أبو
__________
(1) نسبة إلى خولان موضع سكناه، لا إلى القبيلة التي نزلت
الشام والتي ينسب إليها جماعة من العلماء كأبي إدريس.
انظر " اللباب " 1 / 472.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 265.
* تاريخ ابن معين 338، تاريخ خليفة 474، طبقات خليفة 227،
التاريخ الكبير 5 / 288، التاريخ الصغير 2 / 326، الجرح
والتعديل 5 / 201، تهذيب الكمال لوحة 757، العبر 1 / 364،
تذكرة الحفاظ 1 / 367، تذهيب التهذيب 2 / 196 / 1، البداية
والنهاية 10 / 267، العقد الثمين 5 / 298 - 300، طبقات
القراء لابن الجزري 1 / 463، 464، تهذيب التهذيب 6 / 83،
طبقات الحفاظ: 156، خلاصة تذهيب الكمال: 219، شذرات
الذهب 2 / 29.
(*)
(10/166)
عبدالرحمن، عبد الله بن يزيد بن عبدالرحمن الاهوازي الاصل،
البصري، ثم المكي مولى آل عمر بن الخطاب.
مولده في حدود سنة عشرين ومئة.
حدث عن: ابن عون، وكهمس بن الحسن، وأبي حنيفة، وموسى بن
علي بن رباح، وحيوة بن شريح، وحرملة بن عمران التجيبي،
وشعبة بن الحجاج، وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الرحمن بن زياد
بن أنعم الافريقي، ويحيى بن أيوب، والليث، وابن لهيعة،
ومالك، ومحمد بن عبد الله الشعيثي، والمسعودي، وعياش بن
عقبة - عم لابن لهيعة - وورقاء بن عمر اليشكري، وخلق.
حدث عنه: البخاري، والكل عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل،
وإسحاق، وأبو خيثمة، وابن نمير، وهارون الحمال، والحسن بن
علي الحلواني، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعباس الدوري، ومحمد
بن إسماعيل الصائغ، وبشر بن موسى، والحارث بن أبي أسامة،
وهارون بن ملول، وأبو الزنباع روح بن الفرج القطان، وعدد
كثير.
وثقه النسائي (1)، وهو من كبراء مشيخة البخاري.
قال محمد بن عاصم الثقفي: سمعت أبا عبدالرحمن يقول: أنا ما
بين التسعين إلى المئة، وأقرأت القرآن بالبصرة ستا وثلاثين
سنة، وها هنا بمكة خمسا وثلاثين سنة (2).
قلت: أخذ الحروف عن نافع بن أبي نعيم (3)، وأحسبه تلا
عليه،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 757.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 757، و " تذكرة الحفاظ " 1 /
367.
(3) تقدمت ترجمته في الجزء السابع ص 336 - 338.
(*)
(10/167)
وله اختيار في القراءة، رواه عنه ولده محمد بن أبي
عبدالرحمن.
تلقن عليه عدد كثير.
قال البخاري: مات بمكة سنة اثنتي عشرة، أو ثلاث عشرة
ومئتين (1)، وقال مطين: سنة ثلاث عشرة (2).
قلت: يقع من عواليه في " القطيعيات " (3)، وكان من مشايخ
الاسلام رحمه الله.
أخبرنا ابن قدامة، وابن البخاري إجازة، قالا: أخبرنا عمر
بن محمد، أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو محمد
الجوهري، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا بشر بن موسى،
حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن أبي حنيفة، عن عطاء، عن
جابر: أنه رآه يصلي في قميص خفيف، ليس عليه إزار ولا رداء،
قال: ولا أظنه صلى فيه إلا ليرينا أنه لا بأس بالصلاة في
الثوب الواحد (4).
قال محمد بن المقرئ: كان ابن المبارك إذا سئل عن أبي، قال:
كان ذهبا خالصا (5).
وقال أبو حاتم: هو صدوق (6).
__________
(1) انظر " التاريخ الكبير " 5 / 228.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 757.
(3) تقدم التعريف بها في الصفحة 123 تعليق رقم 5.
(4) إسناده صحيح، وهو في " مسند " أبي حنيفة برقم (81)،
وقال محمد بن المنكدر:
رأيت جابرا يصلي في ثوب واحد، وقال: رأيت رسول الله يصلي
في ثوب.
أخرجه البخاري 1 / 395 في الصلاة: باب عقد الازار على
القفا في الصلاة، و 403 باب الصلاة بغير رداء، ومسلم (518)
و (766) وأبو داود (633) و (634).
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 757، و " العقد الثمين " 5 /
299.
(6) " الجرح والتعديل " 5 / 201.
(*)
(10/168)
وقال الخليلي: حديثه عن الثقات حجة، وينفرد بأحاديث، وابنه
محمد ثقة (1).
30 - يعقوب * (م، د، س، ق) ابن
إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق، الامام
المجود الحافظ، مقرئ البصرة، أبو محمد الحضرمي مولاهم
البصري، أحد العشرة.
ولد بعد الثلاثين ومئة.
تلا على أبي المنذر سلام الطويل، وأبي الاشهب العطاردي،
ومهدي بن ميمون، وشهاب بن شرنفة (2).
وسمع أحرفا من حمزة الزيات (3).
وسمع الكثير من: شعبة، وهمام (4)، وأبي عقيل الدورقي،
وهارون بن موسى، وسليم بن حيان، والاسود بن شيبان، وزائدة
بن قدامة، وعدة، وتقدم في علم الحديث.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 757.
* طبقات ابن سعد 7 / 304، طبقات خليفة: 227، تاريخ خليفة
472، التاريخ الكبير 8 / 399، 400، التاريخ الصغير 2 /
304، الجرح والتعديل 9 / 203، طبقات الزبيدي:
51، معجم الادباء 20 / 52، وفيات الاعيان 6 / 390، 391،
تهذيب الكمال لوحة 1548، تذهيب التهذيب 4 / 184 / 1، العبر
1 / 348، معرفة القراء الكبار للذهبي 1 / 130، الكاشف 3 /
290، طبقات القراء لابن الجزري 2 / 386 - 389، تهذيب
التهذيب 11 / 382، النجوم الزاهرة 2 / 179، بغية الوعاة 2
/ 348، خلاصة تذهيب الكمال: 436، شذرات الذهب 2 / 14.
(2) بضم الشين، وسكون الراء، وضم النون كما في " تبصير
المنتبه " 2 / 781.
(3) تقدمت ترجمته في الجزء السابع من هذا الكتاب الصفحة
90.
(4) هو همام بن يحيى بن دينار العوذي.
(*)
(10/169)
وفاق الناس في القراءة، وما هو بدون الكسائي (1)، بل هو
أرجح منه عند أئمة، لكن رزق أبو الحسن سعادة.
وازدحم القراء على يعقوب، فتلا عليه روح بن عبدالمؤمن (2)،
ومحمد بن المتوكل رويس (3)، والوليد بن حسان، وأحمد بن عبد
الخالق المكفوف، وكعب بن إبراهيم، وحميد بن وزير، والمنهال
بن شاذان، وأبو عمر الدوري، وأبو حاتم السجستاني، وعدد
كثير.
وكان يقرئ الناس علانية بحرفه بالبصرة في أيام ابن عيينة،
وابن المبارك، ويحيى القطان، وابن مهدي، والقاضي أبي يوسف،
ومحمد ابن الحسن، ويحيى اليزيدي، وسليم (4)، والشافعي،
ويزيد بن هارون، وعدد كثير من أئمة الدين، فما بلغنا بعد
الفحص والتنقيب أن أحدا من القراء ولا الفقهاء ولا الصلحاء
ولا النحاة ولا الخلفاء كالرشيد والامين والمأمون أنكروا
قراءته، ولا منعوه منها أصلا، ولو أنكر أحد عليه لنقل
ولاشتهر، بل مدحها غير واحد، وأقرأ بها أصحابه بالعراق،
واستمر
إمام جامع البصرة بقراءتها في المحراب سنين متطاولة، فما
أنكر عليه مسلم، بل تلقاها الناس بالقبول، ولقد عومل حمزة
مع جلالته بالانكار عليه
__________
(1) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب الصفحة
131.
(2) هو روح بن عبدالمؤمن أبو الحسن الهذلي مولاهم البصري
النحوي، مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور، روى قراءة يعقوب عنه،
وروى عنه البخاري في " صحيحه "، مات سنة 234 أو 235.
انظر " غاية النهاية في طبقات القراء " 1 / 285.
(3) هو محمد بن المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي البصري
المعروف برويس، مقرئ ضابط مشهور، أحد رواة قراءة يعقوب،
قال الداني: وهو من أحذق أصحابه.
توفي بالبصرة سنة 238.
انظر " غاية النهاية في طبقات القراء " 2 / 234، 235.
(4) هو سليم بن عيسى بن سليم بن عامر المقرئ، المتوفى سنة
188 ه.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء التاسع ص 375.
(*)
(10/170)
في قراءته من جماعة من الكبار، ولم يجر مثل ذلك للحضرمي
أبدا، حتى نشأ طائفة متأخرون لم يألفوها، ولا عرفوها،
فأنكروها، ومن جهل شيئا عاداه، قالوا: لم تتصل بنا
متواترة، قلنا: اتصلت بخلق كثير متواترة، وليس من شرط
التواتر أن يصل إلى كل الامة، فعند القراء أشياء متواترة
دون غيرهم، وعند الفقهاء مسائل متواترة عن أئمتهم لا
يدريها القراء، وعند المحدثين أحاديث متواترة قد لا يكون
سمعها الفقهاء، أو أفادتهم ظنا فقط، وعند النحاة مسائل
قطعية، وكذلك اللغويون، وليس من جهل علما حجة على من علمه،
وإنما يقال للجاهل: تعلم، وسل أهل العلم إن كنت لا تعلم،
لا يقال للعالم: اجهل ما تعلم، رزقنا الله وإياكم الانصاف،
فكثير من القراءات تدعون تواترها، وبالجهد أن تقدروا على
غير الآحاد فيها، ونحن نقول: نتلو بها وإن كانت لا تعرف
إلا عن واحد، لكونها تلقيت بالقبول، فأفادت العلم، وهذا
واقع في حروف كثيرة، وقراءات عديدة، ومن ادعى تواترها فقد
كابر الحس (1)، أما القرآن العظيم، سوره وآياته فمتواتر،
ولله الحمد، محفوظ من الله تعالى، لا يستطيع أحد أن يبدله
ولا يزيد فيه آية ولا جملة مستقلة، ولو فعل ذلك أحد عمدا
لا نسلخ من الدين، قال الله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر
وإنا له
__________
(1) جاء في كتاب " المدخل " ص 196 لعبد القادر بدران
بتحقيق الدكتور عبد الله بن التركي ما نصه: القراءات السبع
متواترة وهو المشهور، وقال ابن الحاجب: هي متواترة فيما
ليس من قبيل المد والامالة وتخفيف الهمزة ونحوها، وهذا
خلاف المشهور.
وذهب الطوفي إلى أن القراءات متواترة عن الائمة السبعة،
أما تواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الائمة
السبعة فهو محل نظر، فإن أسانيد الائمة السبعة بهده
القراءات السبعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم موجودة في
كتب القراءات، وهي نقل الواحد عن الواحد، لم تستكمل شروط
التواتر، قال: وأبلغ من هذا أنها لم تتواتر بين الصحابة.
قال: واعلم أن بعض من لا تحقيق عنده ينفر من القول بعدم
تواتر القراءات ظنا منه أن ذلك يستلزم عدم تواتر القرآن،
وليس ذلك بلازم، لانه فرق بين ماهية القرآن والقراءات،
والاجماع على تواتر القرآن.
(*)
(10/171)
لحافظون) [ الحجر: 9 ].
وأول من ادعى أن حرف يعقوب من الشاذ أبو عمرو الداني،
وخالفه في ذلك أئمة، وصار في الجملة في المسألة خلاف حادث
والله أعلم.
نعم، وحدث عن يعقوب: أبو حفص الفلاس، وبندار، وأبو قلابة
الرقاشي، وإسحاق بن إبراهيم شاذان، والكديمي (1)، وخلق
سواهم.
وكان أخوه أحمد بن إسحاق الحضرمي أسن منه.
قال العلامة أبو حاتم السجستاني: يعقوب أعلم من رأينا
بالحروف والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهبه ومذاهب النحو
(2).
وقال أحمد بن حنبل: هو صدوق (3).
وقال محمد بن أحمد العجلي يمدح يعقوب: أبوه من القراء كان
وجده ويعقوب في القراء كالكوكب الدري تفرده محض الصواب
ووجهه (4) فمن مثله في وقته وإلى الحشر (5)
__________
(1) هو محمد بن يونس الكديمي (2) " معرفة القراء " 1 /
130، و " وفيات الاعيان " 6 / 391.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 204، و " تهذيب الكمال " لوحة
1458.
(4) في " معجم الادباء ": " وجمعه "، يشير إلى كتاب "
الجامع " الذي صنفه يعقوب، وذكر فيه اختلاف وجوه القراءات،
ونسب كل حرف إلى من قرأ به.
(5) البيتان في " معرفة القراء " 1 / 130، و " معجم
الادباء " 2 / 53، و " بغية الوعاة " 2 / 438، و " النجوم
الزاهرة " 2 / 179.
(*)
(10/172)
قال أبو الحسن طاهر بن غلبون (1): وإمام أهل البصرة
بالجامع لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب رحمه الله.
وقال الامام علي بن جعفر السعيدي: كان يعقوب أقرأ أهل
زمانه، وكان لا يلحن في كلامه، وكان أبو حاتم السجستاني من
بعض غلمانه (2).
وعن أبي عثمان المازني قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
في النوم، فقرأت عليه سورة طه، فقلت: مكانا سوى، فقال:
اقرأ " سوى " قراءة يعقوب (3).
قال أبو القاسم الهذلي (4) في " كامله ": ومنهم يعقوب
الحضرمي، لم ير في زمنه مثله، كان عالما بالعربية ووجوهها،
والقرآن واختلافه، فاضلا تقيا نقيا ورعا زاهدا، بلغ من
زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة، ولم يشعر، ورد
إليه، فلم يشعر، لشغله بعبادة ربه، وبلغ من جاهه بالبصرة
أنه كان يحبس ويطلق (5).
وقال أبو طاهر بن سوار: كان يعقوب حاذقا بالقراءة، قيما
بها،
__________
(1) هو أبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن عبيدالله بن غلبون
الحلبي ثم المصري، شيخ الديار المصرية في القراءات، ومصنف
" التذكرة " وشيخ أبي عمرو الداني.
توفي سنة 399 ه انظر " النشر " 1 / 73.
(2) " معرفة القراء الكبار " 1 / 130.
(3) وهي قراءة عاصم وحمزة وابن عامر، وقرأ الباقون بالكسر،
وهما لغتان: أي: مكانا عدلا، وقيل: وسطا بين قريتين " حجة
القراءات " ص 453.
(4) واسمه يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل الهذلي
المغربي نزيل نيسابور، وقد توفي بها سنة خمس وستين وأربع
مئة، وكتابه " الكامل " في القراءات العشر والاربعين
الزائدة عليها، فيما ذكره ابن الجزري في " النشر " 1 / 90.
(5) " معرفة القراء الكبار " 1 / 131.
(*)
(10/173)
متحريا نحويا فاضلا.
قال روح بن عبدالمؤمن وغيره: قرأ يعقوب على سلام الطويل،
وقرأ سلام على أبي عمرو بن العلاء.
وقال رويس: قرأت على يعقوب، وقرأ على سلام، عن عاصم بن أبي
النجود.
وروي عن يعقوب أنه قرأ على سلام، عن قراءته على عاصم
الجحدري.
فهذه ثلاثة أقوال، فيحتمل أن سلاما أخذ عن الثلاثة.
مات يعقوب في ذي الحجة سنة خمس ومئتين.
أخوه:
31 - أحمد بن إسحاق *
(م، د، ت، س) حافظ ثقة.
يروي عن: عكرمة بن عمار، وهمام بن يحيى، وحماد بن زيد،
ووهيب وأبي عوانة.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري،
وأبو خيثمة، وإبراهيم الحربي، والحارث بن محمد، وعبد بن
حميد، وأحمد بن زهير، وعدة.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 304، التاريخ الكبير 2 / 1، الجرح
والتعديل 2 / 40، تاريخ بغداد 4 / 26، تهذيب الكمال لوحة
17، ميزان الاعتدال 1 / 82، تذهيب التهذيب 1 / 7 / 1،
الكاشف 1 / 51، تهذيب التهذيب 1 / 14، خلاصة تذهيب الكمال:
3.
(*)
(10/174)
وثقه أبو حاتم (1)، والنسائي (2).
مات سنة إحدى عشرة.
لم يخرج لهما البخاري شيئا.
ويكنى أحمد " أبا إسحاق " وكان يحفظ حديثه.
32 - الاصمعي * (د، ت)
الامام العلامة الحافظ، حجة الادب، لسان العرب، أبو سعيد
عبد الملك بن قريب بن عبدالملك بن علي بن أصمع بن مظهر (3)
بن عبد شمس ابن أعيا، بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن
معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان من مضر بن نزار
بن معد بن عدنان، الاصمعي البصري، اللغوي الاخباري، أحد
الاعلام.
يقال: اسم أبيه عاصم، ولقبه قريب.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 40.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 27.
* تاريخ ابن معين: 374، التاريخ الكبير 5 / 428، المعارف
لابن قتيبة: 543، 544، الجرح والتعديل 5 / 363، مراتب
النحويين: 46 - 65، طبقات النحويين للزبيدي: 167 - 174،
أخبار النحويين البصريين: 58 - 67، تاريخ أصبهان 2 / 130،
الفهرست: 60، 61، تاريخ بغداد 10 / 410 - 420، الانساب
للسمعاني 1 / 293، تاريخ ابن عساكر 10 / ورقة 239 / 1 -
247 / 1، نزهة الالبا: 112 - 124، إنباه الرواة 2 / 197 -
205، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 273، وفيات الاعيان 3 /
170 - 176، تاريخ أبي الفدا 2 / 30، تهذيب الكمال لوحة
861، تذهيب التهذيب 3 / 6 / 2، العبر 1 / 370، ميزان
الاعتدال 2 / 662، عيون التواريخ 7 / لوحة 308، مرآة
الجنان 2 / 64، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 470، تهذيب
التهذيب 6 / 415، النجوم الزاهرة 2 / 190، روضات الجنات
458 - 462، بغية الوعاة 2 / 112، 113، المزهر 2 / 404،
405، خلاصة تذهيب الكمال: 245، طبقات المفسرين 1 / 354 -
356، شذرات الذهب 2 / 36 - 38، شرح الشريشي 2 / 256.
(3) ضبط بالاصل بتشديد الهاء المكسورة، وهو الموافق لما في
" الاكمال " و " الانساب " و " الجمهرة "، وفي " القاموس "
بتشديد الهاء المفتوحة، وفي " تبصير المنتبه " مظهر بوزن
محسن.
(*)
(10/175)
ولد سنة بضع وعشرين ومئة.
وحدث عن: ابن عون، وسليمان التيمي، وأبي عمرو بن العلاء،
وقرة بن خالد، ومسعر بن كدام، وعمر بن أبي زائدة، وشعبة،
ونافع بن أبي نعيم، وتلا عليه، وبكار بن عبد العزيز بن أبي
بكرة، وسلمة بن بلال، وشبيب بن شيبة، وعدد كثير، لكنه قليل
الرواية للمسندات.
حدث عنه: أبو عبيد، ويحيى بن معين، وإسحاق بن إبراهيم
الموصلي، وسلمة بن عاصم، وزكريا بن يحيى المنقري، وعمر بن
شبة، وأبو الفضل الرياشي، وأبو حاتم السجستاني، ونصر بن
علي، وابن أخيه عبدالرحمن بن عبد الله الاصمعي، وأبو حاتم
الرازي، وأحمد ابن عبيد أبو عصيدة، وبشر بن موسى،
والكديمي، وأبو العيناء، وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.
عباس الدوري، عن يحيى بن معين، عن الاصمعي قال: سمع مني
مالك بن أنس (1).
وقد أثنى أحمد بن حنبل على الاصمعي في السنة (2).
قال الاصمعي: قال لي شعبة: لو تفرغت لجئتك (3).
قال إسحاق الموصلي: دخلت على الاصمعي أعوده، فإذا قمطر،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 861.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 418، و " تهذيب الكمال " لوحة
861، و " نزهة الالباء " ص 123.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 411، و " تهذيب الكمال " لوحة
861، و " تذهيب التهذيب "
3 / 6 / 2، و " تهذيب التهذيب " 6 / 416.
وجاء في الاصل بعد قوله: " لجئتك " زيادة لفظ " بالشعبي "
ولم ترد في المصادر السابقة.
(*)
(10/176)
فقلت: هذا علمك كله ؟ فقال: إن هذا من حق لكثير (1).
وقال ثعلب: قيل للاصمعي: كيف حفظت ونسوا ؟ قال: درست
وتركوا (2).
قال عمر بن شبة: سمعت الاصمعي يقول: أحفظ ستة عشر ألف
أرجوزة (3).
وقال محمد بن الاعرابي: شهدت الاصمعي وقد أنشد نحوا من
مئتي بيت، ما فيها بيت عرفناه (4).
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: ما عبر أحد عن العرب بأحسن
من عبارة الاصمعي (5).
وعن ابن معين قال: كان الاصمعي من أعلم الناس في فنه (6).
وقال أبو داود: صدوق (7).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 862.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 862.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 411، و " وفيات الاعيان " 3 /
171، و " تهذيب الكمال " لوحة 862، و " إنباه الرواة " 2 /
198، و " بغية الوعاة " 2 / 112، و " طبقات المفسرين " 1 /
354، و " نزهة الالباء " ص 113، و " عيون التواريخ " 7 /
308.
(4) تهذيب الكمال " لوحة 862، و " نزهة الالباء " ص 113.
(5) " تاريخ بغداد " 10 / 417، و " تهذيب الكمال " لوحة
862، و " وفيات الاعيان " 3 / 172، و " طبقات المفسرين " 1
/ 354، و " بغية الوعاة " 2 / 112، و " نزهة الالباء "
ص 121.
(6) " الجرح والتعديل " 5 / 363، و " بغية الوعاة " 2 /
112، و " طبقات المفسرين " 1 / 355، و " عيون التواريخ " 7
/ 308.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 862، و " طبقات المفسرين " 1 /
355، و " نزهة الالباء " ص 123.
(*)
(10/177)
قال أبو داود السنجي (1): سمعت الاصمعي يقول: إن أخوف ما
أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة
قوله عليه السلام: " من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار "
(2).
وقال نصر الجهضمي: كان الاصمعي يتقي أن يفسر الحديث، كما
يتقي أن يفسر القرآن (3).
قال المبرد: كان الاصمعي بحرا في اللغة، لا نعرف مثله
فيها، وكان أبو زيد أنحى منه (4).
قيل لابي نواس: قد أشخص الاصمعي وأبو عبيدة على الرشيد،
فقال: أما أبو عبيدة: فإن مكنوه من سفره قرأ عليهم علم
أخبار الاولين والآخرين، وأما الاصمعي: فبلبل يطربهم
بنغماته (5).
قال أبو العيناء: قال الاصمعي: دخلت أنا وأبو عبيدة على
الفضل ابن الربيع، فقال: يا أصمعي كم كتابك في الخيل ؟
قلت: جلد،
__________
(1) هو أبو داود سليمان بن معبد بن كوسجان السنجي نسبة إلى
سنج - بكسر السين وسكون النون وفي آخرها جيم - قرية كبيرة
من قرى مرو على سبعة فراسخ منها.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 862، و " التبصرة والتذكرة " 2
/ 174، و " الالماع " ص 184، و " فتح المغيث " 2 / 227، و
" توضيح الافكار " 2 / 293، 294، وعلق عليه الاخير
فقال: إنما قال الاصمعي: " أخاف " ولم يجزم، لان من لم
يعلم بالعربية وإن لحن لم يكن متعمدا للكذب.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 418، و " تهذيب الكمال " لوحة
862، و " بغية الوعاة " 2 / 112، و " نزهة الالباء " ص
122، و " طبقات المفسرين " 1 / 355 وفي الاخير: قال أبو
داود: كان الاصمعي..(4) انظر " تاريخ بغداد " 10 / 414، و
" تهذيب الكمال " لوحة 862، و " نزهة الالباء " ص 113، و "
إنباه الرواة " 2 / 201.
(5) " تاريخ بغداد " 10 / 414، و " تهذيب الكمال " لوحة
862، و " إنباه الرواة " 2 / 201، و " عيون التواريخ " 7 /
308.
(*)
(10/178)
فسأل أبا عبيدة عن ذلك، فقال: خمسون جلدا، فأمر بإحضار
الكتابين، وأحضر فرسا، فقال لابي عبيدة: اقرأ كتابك حرفا
حرفا، وضع يدك على موضع موضع، قال: لست ببيطار (1)، إنما
هذا شئ أخذته من العرب، فقال لي: قم فضع يدك.
فقمت، فحسرت عن ذراعي وساقي، ثم وثبت، فأخذت بأذن الفرس،
ثم وضعت يدي على ناصيته، فجعلت أقبض (2) منه بشئ شئ،
وأقول: هذا اسمه كذا، وأنشد فيه، حتى بلغت حافره، فأمر لي
بالفرس، فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبت الفرس
وأتيته (3).
وعن ابن دريد: أن الاصمعي كان بخيلا، ويجمع أحاديث البخلاء
(4).
وقال محمد بن سلام: كنا مع أبي عبيدة بقرب دار الاصمعي،
فسمعنا منها ضجة فبادر الناس ليعرفوا ذلك، فقال أبو عبيدة:
إنما يفعلون
هذا عند الخبز، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفا (5).
وعن الاصمعي قال: نلت ما نلت بالملح (6).
__________
(1) البيطار: معالج الدواب.
(2) في " بغية الوعاة " و " وفيات الاعيان " و " طبقات
المفسرين ": وجعلت أذكر عضوا عضوا وأضع يدي عليه.
وفي " إنباه الرواة ": وشرعت أذكر عضوا عضوا، ويدي على ذلك
العضو.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 415، و " تهذيب الكمال " لوحة
862، و " وفيات الاعيان " 3 / 172، و " الانساب " 1 / 294،
و " نزهة الالباء " ص 120، 121، و " بغية الوعاة " 2 /
113، و " طبقات المفسرين " 1 / 355، و " إنباه الرواة " 2
/ 202.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 862، و " طبقات المفسرين " 1 /
355.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 862.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 862، وتتمته فيه: قال: وقال
مصعب الزبيري: قال أبي: الملح يا بني لا يفهمها إلا عقلاء
الرجال.
(*)
(10/179)
قلت: كتب شيئا لا يحصى عن العرب، وكان ذا حفظ وذكاء ولطف
عبارة، فساد.
وروى ثعلب، عن أحمد بن عمر النحوي (1) قال: قدم الحسن بن
سهل، فجمع أهل الادب، وحضرت، ووقع الحسن على خمسين رقعة،
وجرى ذكر الحفاظ، فذكرنا الزهري وقتادة، فقال الاصمعي:
فأنا أعيد ما وقع به الامير على التوالي، فأحضرت الرقاع،
فقال: صاحب الرقعة الاولى كذا وكذا، واسمه كذا وكذا، ووقع
له بكذا وكذا، والرقعة الثانية كذا، والثالثة..حتى مر على
نيف وأربعين رقعة، فقال نصر بن علي
الجهضمي: أيها المرء أبق على نفسك من العين (2).
وقد روي نحوها من وجه آخر، وقال: حسبك لا تقتل بالعين،
وقال: يا غلام احمل معه خمسين ألفا.
قال عمرو بن مرزوق: رأيت الاصمعي وسيبويه يتناظران، فقال
يونس: الحق مع سيبويه، وهذا يغلبه بلسانه (3).
وروي عن الاصمعي أن الرشيد أجازه مرة بمئة ألف (4).
__________
(1) هو أحمد بن عمر بن بكير النحوي، ذكره القفطي في "
إنباه الرواة " 1 / 90، وقال: نحوي مذكور متصدر للاقراء،
عاصر أبا عبيدة معمر بن المثنى التيمي، والاصمعي، ونصر بن
علي الجهضمي، ووطئ بساط الامراء والكبراء والوزراء، وروى
عنه أبو العباس أحمد بن يحيى ابن ثعلب وطبقته.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 415، 416، و " تهذيب الكمال "
لوحة 862، و " وفيات الاعيان " 3 / 173، و " نزهة الالباء
" ص 121، و " إنباه الرواة " 1 / 90، 91.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 417، و " طبقات المفسرين " 1 /
355، و " نزهة الالباء " ص 122.
(4) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 10 / 413.
(*)
(10/180)
وتصانيف الاصمعي ونوادره كثيرة، وأكثر تواليفه مختصرات،
وقد فقد أكثرها (1).
قال خليفة (2) وأبو العيناء (3): مات الاصمعي سنة خمس عشرة
ومئتين.
وقال محمد بن المثنى والبخاري: سنة ست عشرة (4).
ويقال: عاش ثمانيا وثمانين سنة، رحمه الله (5).
33 - عمرو بن مسعدة *
ابن سعد بن صول، العلامة البليغ، أبو الفضل، ابن عم
إبراهيم ابن العباس الصولي الشاعر.
وكان موقعا (6) بين يدي جعفر البرمكي، وكان فصيحا، قوي
المواد في الانشاء.
يقال: توفي سنة سبع عشرة ومئتين (7).
وقيل: سنة خمس عشرة.
__________
(1) وقد ذكرها ابن النديم في " الفهرست " ص 61.
(2) في " تاريخه " ص 475.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 419.
(4) " التاريخ الكبير " 5 / 428، و " تاريخ بغداد " 10 /
419.
وذكر أبو نعيم في كتاب " أخبار أصبهان " 2 / 130 أنه توفي
سنة اثنتي عشرة ومئتين.
(5) قاله الخطيب في " تاريخ بغداد " 10 / 420.
* الوزراء والكتاب: 216، معجم المرزباني: 33، تاريخ بغداد
12 / 203، معجم الادباء 16 / 127 - 132، وفيات الاعيان 3 /
475 - 478، إعتاب الكتاب: 116، أمراء البيان: 191.
(6) الموقع: هو الكاتب الذي يجيب على الرسائل، وانظر بعض
كتاباته في " وفيات الاعيان " 3 / 475 - 478.
(7) " تاريخ بغداد " 12 / 203، و " وفيات الاعيان " 3 /
476، وذكرا أن وفاته في موضع يقال له: أذنة.
(*)
(10/181)
عمل وزارة المأمون، وله نظم جيد (1).
34 - أبو سليمان الداراني
*
الامام الكبير، زاهد العصر، أبو سليمان، عبدالرحمن بن
أحمد، وقيل: عبدالرحمن بن عطية.
وقيل: ابن عسكر العنسي الداراني (2).
ولد في حدود الاربعين ومئة.
وروى عن: سفيان الثوري، وأبي الاشهب العطاردي، وعبد الواحد
بن زيد البصري، وعلقمة بن سويد، وصالح بن عبد الجليل.
روى عنه: تلميذه أحمد بن أبي الحواري، وهاشم بن خالد،
وحميد بن هشام العنسي، وعبد الرحيم بن صالح الداراني،
وإسحاق بن عبدالمؤمن، وعبد العزيز بن عمير، وإبراهيم بن
أيوب الحوراني.
أبو الجهم بن طلاب: أخبرنا أحمد بن أبي الحواري قال: اسم
أبي سليمان: عبدالرحمن بن أحمد بن عطية العنسي، من صليبة
العرب.
__________
(1) انظر شيئا من نظمه في " معجم الادباء " 16 / 130 و
131.
* الجرح والتعديل 5 / 214، تاريخ داريا للقاضي عبد الجبار
الخولاني: ص 51، طبقات الصوفية: 75 - 82، حلية الاولياء 9
/ 254 - 280، تاريخ بغداد 10 / 248 - 250، نتائج الافكار
القدسية شرح الرسالة القشيرية 1 / 113، الانساب للسمعاني 5
/ 243، صفة الصفوة 4 / 223 - 234، معجم البلدان 2 / 431،
اللباب 1 / 482، وفيات الاعيان 3 / 131، العبر 1 / 347،
فوات الوفيات 2 / 265، عيون التواريخ 7 / لوحة 186، مرآة
الجنان 2 / 29، البداية والنهاية 10 / 255، طبقات
الاولياء: 386 - 397، النجوم الزاهرة 2 / 179، طبقات
الشعراني 1 / 92، شذرات الذهب 2 / 13.
(2) قال ابن خلكان 3 / 131: والداراني بفتح الدال المهملة
وبعد الالف راء مفتوحة، وبعد الالف الثانية نون، هذه
النسبة إلى داريا، وهي قرية بغوطة دمشق، والنسبة إليها على
هذه الصورة من شواذ النسب، والياء في " داريا " مشددة.
(*)
(10/182)
وروى أبو أحمد الحاكم، عن أبي الجهم أيضا، عن ابن أبي
الحواري: سمعت أبا سليمان واسمه عبدالرحمن بن عسكر.
قال ابن أبي الحواري: سمعت أبا سليمان يقول: صل خلف كل
مبتدع إلا القدري، لا تصل خلفه، وإن كان سلطانا.
وسمعته يقول: كنت بالعراق أعمل، وأنا بالشام أعرف (1).
وسمعته يقول: ليس لمن ألهم شيئا من الخيرات أن يعمل به حتى
يسمعه من الاثر (2).
الخلدي، عن الجنيد قال: قال أبو سليمان الداراني: ربما يقع
في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا
بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة (3).
وعن أبي سليمان: أفضل الاعمال خلاف هوى النفس (4).
وقال: لكل شئ علم، وعلم الخذلان ترك البكاء، ولكل شئ صدأ،
وصدأ القلب الشبع (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 249، و " حلية الاولياء " 9 /
272، و " طبقات الاولياء " ص 293، وتتمة الخبر: قال أحمد
بن أبي الحواري: فحدثت به سليمان ابنه، فقال: إنما معرفة
أبي لله تعالى بالشام لطاعته بالعراق، ولو ازداد بالشام
طاعة لازداد بالله معرفة.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 249، و " حلية الاولياء " 9 /
269، وتتمته: فإذا سمعه من الاثر عمل به وحمد الله حيث
وافق ما في قلبه.
(3) " البداية والنهاية " 10 / 255، و " طبقات الصوفية " ص
77، 78، و " نتائج الافكار القدسية " 1 / 114.
وأراد ب " النكتة ": كلمة الحكمة، وب " القوم ": الصالحين
ممن اشتهر بالخير.
(4) " البداية والنهاية " 10 / 256، و " طبقات الصوفية " ص
81، و " نتائج الافكار
القدسية " 1 / 115.
(5) " البداية والنهاية " 10 / 256، و " طبقات الصوفية " ص
81، و " طبقات الاولياء " ص 387، و " نتائج الافكار
القدسية " 1 / 115.
(*)
(10/183)
ابن أبي الحواري: سمعت أبا سليمان يقول: أصل كل خير الخوف
من الدنيا، ومفتاح الدنيا الشبع، ومفتاح الآخرة الجوع (1).
أبو عبد الله الحاكم: أخبرنا الخلدي، حدثني الجنيد، سمعت
السري السقطي، حدثني أحمد بن أبي الحواري، سمعت أبا سليمان
يقول: قدم إلي أهلي مرة خبزا وملحا، فكان في الملح سمسمة،
فأكلتها، فوجدت رانها على قلبي بعد سنة.
أحمد بن أبي الحواري: وسمعته يقول: من رأى لنفسه قيمة لم
يذق حلاوة الخدمة (2).
وعنه: إذا تكلف المتعبدون أن يتكلموا بالاعراب ذهب الخشوع
من قلوبهم.
وعنه: إن من خلق الله [ خلقا ] لو زين لهم الجنان ما
اشتاقوا [ إليها ]، فكيف يحبون الدنيا وقد زهدهم فيها (3).
قال أحمد: وسمعته يقول: لولا الليل لما أحببت البقاء في
الدنيا، ولربما رأيت القلب يضحك ضحكا (4).
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 259، و " تاريخ بغداد " 10 /
250، و " البداية والنهاية " 10 / 256، وفيها: وأصل كل خير
في الدنيا والآخرة الخوف من الله تعالى.
(2) " البداية والنهاية " 10 / 256.
(3) الخبر في " الحلية " 9 / 273، ولفظه: أحمد - هو ابن
أبي الحواري قال: سمعت
أبا سليمان يقول: إن في خلق الله تعالى خلقا لو ذم لهم
الجنان ما اشتاقوا إليها، فكيف يحبون الدنيا وهو قد زهدهم
فيها ؟ فحدثت به سليمان ابنه، فقال: لو ذمها لهم ؟ قلت:
كذا قال أبوك.
قال: والله لو شوقهم إليها لما اشتاقوا، فكيف لو ذمها لهم.
(4) انظر " الحلية " 9 / 275، و " تاريخ بغداد " 10 / 249،
و " البداية والنهاية " 10 / 257.
(*)
(10/184)
قال أحمد: ورأيت أبا سليمان حين أراد أن يلبي غشي عليه،
فلما أفاق، قال: بلغني أن العبد إذ حج من غير وجهه، فقال:
لبيك، قيل له: لا لبيك ولا سعديك حتى تطرح ما في يديك، فما
يؤمنا أن يقال لنا مثل هذا ؟ ثم لبى (1).
قال الجنيد: شئ يروى عن أبي سليمان، أنا أستحسنه كثيرا: من
اشتغل بنفسه شغل عن الناس، ومن اشتغل بربه شغل عن نفسه وعن
الناس (2).
ابن بحر الاسدي: سمعت أحمد بن أبي الحواري، سمعت أبا
سليمان يقول: من وثق بالله في رزقه زاد في حسن خلقه،
وأعقبه الحلم، وسخت نفسه، وقلت وساوسه في صلاته (3).
وعنه: الفتوة أن لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث
أمرك.
ولابي سليمان من هذا المعنى كثير في ترجمته من " تاريخ
دمشق " وفي " الحلية ".
أنبأني المسلم بن محمد، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي،
أخبرنا طاهر بن سهل، أخبرنا عبد الدائم الهلالي، أخبرنا
عبد الوهاب الكلابي، حدثنا محمد بن خريم، سمعت أحمد بن أبي
الحواري يقول:
تمنيت أن أرى أبا سليمان الداراني في المنام، فرأيته بعد
سنة، فقلت له: يا معلم ما فعل الله بك ؟ قال: يا أحمد دخلت
من باب الصغير، فلقيت
__________
(1) " الحلية " 9 / 263، 264.
(2) " البداية والنهاية " 10 / 257.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 257.
(*)
(10/185)
وسق شيح، فأخذت منه عودا، فلا أدري تخللت به أم رميت به ؟
فأنا في حسابه من سنة (1).
قال سعيد بن حمدون، والسلمي، وأبو يعقوب القراب: توفي أبو
سليمان سنة خمس عشرة ومئتين.
وقال أحمد بن أبي الحواري: مات سنة خمس ومئتين (2).
ولنا:
35 - أبو سليمان الداراني
الكبير * (ق) عبدالرحمن بن سليمان بن أبي الجون
العنسي الدمشقي، محدث رحال.
روى عن: ليث، ويحيى بن سعيد الانصاري، وابن أبي خالد،
والاعمش، وعمرو بن شراحيل الداراني.
وعنه: إسماعيل بن عياش من أقرانه، ومحمد بن عائذ، وأبو
توبة الحلبي، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وجماعة.
وثقه دحيم (3).
__________
(1) ذكره ابن كثير في " البداية والنهاية " 10 / 279 ونسبه
إلى ابن عساكر، وأورد الخبر ابن الكتبي في " فوات الوفيات
" 2 / 266، وفي " عيون التواريخ " 7 / لوحة 189.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 250.
* التاريخ الكبير 5 / 289، الجرح والتعديل 5 / 240، الكامل
لابن عدي 3 / لوحة 459، تهذيب الكمال لوحة 793، تذهيب
التهذيب 2 / 213 / 1، الكاشف 2 / 166، المغني في الضعفاء 2
/ 381، ميزان الاعتدال 2 / 567، 568، تهذيب التهذيب 6 /
188، 189، خلاصة تذهيب الكمال: 228.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 793.
(*)
(10/186)
وقال أبو حاتم: لا يحتج به (1).
قلت: توفي سنة نيف وتسعين ومئة.
روى له ابن ماجة حديثا (2).
36 - علية بنت المهدي *
وأخت الرشيد، الهاشمية العباسية، أديبة، شاعرة، عارفة
بالغناء والموسيقي، رخيمة الصوت، ذات عفة وتقوى ومناقب.
وأمها أم ولد، اسمها: مكنونة، كانت جميلة، بارعة الغناء،
اشتريت بمئة ألف.
وكانت علية من ملاح زمانها، وأظرف بنات الخلفاء.
روى إبراهيم بن إسماعيل الكاتب أنها كانت لا تغني إلا زمن
حيضها، فإذا طهرت أقبلت على التلاوة والعلم، إلا أن يدعوها
الخليفة، ولا تقدر تخالفه (3).
وكانت تقول: لا غفر لي فاحشة ارتكبتها قط، وما أقول في
شعري إلا عبثا (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 240، ونصه: دمشقي يكتب حديثه
ولا يحتج به.
(2) برقم (757) في المساجد: باب تطهير المساجد وتطييبها،
من طريق هشام بن عمار، عن عبدالرحمن بن سليمان بن أبي
الجون، حدثنا محمد بن صالح المدني، حدثنا مسلم بن أبي
مريم، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من أخرج أذى من المسجد بنى الله له بيتا في
الجنة ".
قال البوصيري في " زوائد ابن ماجة " ورقة 51: هذا إسناد
ضعيف، مسلم هو ابن يسار لم يسمع من أبي سعيد، ومحمد فيه
لين.
* أشعار أولاد الخلفاء: 55 - 83، الاغاني 10 / 162 - 185،
البصائر والذخائر للتوحيدي: 74، فوات الوفيات 3 / 123 -
126، النجوم الزاهرة 2 / 191، شذرات الذهب 3 / 111، الدر
المنثور في طبقات ربات الخدور: 349، 350.
(3) " الاغاني " 10 / 163.
(4) " الاغاني " 10 / 163.
(*)
(10/187)
وجاء عنها قالت: ما كذبت قط.
وكان أخوها لا يصبر عن غيابها، وأخذها معه إلى الري (1).
قيل: ماتت سنة عشر ومئتين، ولها خمسون سنة.
وسبب موتها أن المأمون ضمها إليه فقبلها، وهي عمته، وكان
وجهها مغطى، فشرقت وسعلت، ثم حمت أياما، وماتت (2).
37 - الليث بن عاصم *
(س) الامام القدوة العابد، أبو زرارة القتباني المصري.
حدث عن: محمد بن عجلان، وابن جريج، وغيرهما.
روى عنه: حفيده ياسين بن عبدالاحد القتباني، ويونس بن عبد
الاعلى، وأبو الطاهر بن السرح، وآخرون.
ونيف على التسعين (3)، توفي في صفر سنة إحدى عشرة ومئتين.
وهو ليث بن عاصم بن كليب بن خيار بن خير بن أسعد بن ناشرة.
ومحله الصدق.
أما:
__________
(1) انظر " فوات الوفيات " 3 / 124.
(2) " الاغاني " 10 / 185، و " فوات الوفيات " 3 / 123.
* الجرح والتعديل 7 / 181، تهذيب الكمال لوحة 1154، تذهيب
التهذيب 3 / 176 / 2، الكاشف 3 / 14، تهذيب التهذيب 8 /
468، حسن المحاضرة 1 / 287، خلاصة تذهيب الكمال: 323.
(3) في " تقريب التهذيب " 2 / 139: وله ست وتسعون سنة.
(*)
(10/188)
38 - الليث بن عاصم بن العلاء
* الخولاني الحدادي - بضم وخفة - فشيخ آخر.
روى عن: أبي قبيل المعافري، وأبي الخير الجيشاني.
روى عنه: ابن وهب، ويحيى بن يزيد المرادي، وغيرهما من طبقة
شيوخ القتباني.
وقد خلط الترجمتين صاحب " تهذيب الكمال " (1).
ووهم ابن أبي حاتم (2) في نسبة الثاني، وفي كنيته، فقال في
الثاني: أبو زرارة القتباني، وإنما هو: خولاني، فيحرر هذا.
39 - المهلبي * * السيد
الجواد، حاتم زمانه، أمير البصرة، محمد ابن محدث البصرة
عباد بن عباد بن حبيب ابن الامير المهلب بن أبي صفرة،
الازدي المهلبي.
روى عن أبيه، وهشيم.
وعنه: الكديمي، وأبو العيناء، وإبراهيم الحربي.
قال يزيد بن المهلب: حدثنا أبي قال: كتب منصور أخو الرشيد،
__________
* تهذيب الكمال لوحة 1154، تذهيب التهذيب 3 / 176 / 2،
تهذيب التهذيب 8 / 469، حسن المحاضرة 1 / 287، خلاصة تذهيب
الكمال: 323.
(1) لوحة 1154، 1155.
(2) في " الجرح والتعديل " 7 / 181.
* * الوزراء والكتاب: 215، النجوم الزاهرة 2 / 217، رغبة
الآمل 4 / 138.
(*)
(10/189)
إلى محمد بن عباد يشكو ضيقا، وجفوة سلطان، فنفذ إليه عشرة
آلاف دينار.
وقال أبو العيناء: قال المأمون لمحمد بن عباد: أردت أن
أوليك، فمنعني إسرافك، قال: منع الجود سوء ظن بالمعبود،
فقال: لو شئت أبقيت على نفسك، فإن ما تنفقه ما أبعد رجوعه
إليك، قال: من له مولى غني لم يفتقر (1)، فقال المأمون: من
أراد أن يكرمني فليكرم ضيفي محمدا، فجاءته الاموال، فما
ذخر منها درهما، وقال: الكريم لا تحنكه التجارب.
ويقال: إنه دخل مرة على المأمون، فقال: كم دينك يا محمد ؟
قال: ستون ألف دينار، فأعطاه مئة ألف دينار.
وقيل: إن المأمون قال له: بلغني أنه لا يقدم أحد البصرة
إلا أضفته ؟ فقال: منع الجود سوء ظن بالمعبود، فاستحسنه،
وأعطاه نحو ستة آلاف درهم.
ثم مات محمد، وعليه دين خمسون ألف دينار.
وقيل للعتبي: مات محمد، فقال: نحن متنا بفقده * وهو حي
بمجده (2) توفي سنة ست عشرة ومئتين.
__________
(1) " النجوم الزاهرة " 2 / 217.
(2) " النجوم الزاهرة " 2 / 217.
(*)
(10/190)
40 - محمد بن القاسم * ابن علي
بن عمر بن زين العابدين علي بن الحسين بن الامام علي ابن
أبي طالب، العلوي الحسيني الزاهد، الملقب بالصوفي للبسه
الصوف.
كان فقيها عالما عاملا عابدا معظما عند الزيدية.
ظهر بالطالقان (1)، ودعا إلى الرضى من آل محمد صلى الله
عليه وسلم، فاجتمع له جيش كبير، وحارب عسكر خراسان في دولة
المأمون، وقوي سلطانه، ثم انفل جمعه، وقبض عليه، فأتي به
المعتصم في ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومئتين، فحبسه
بسامراء، ثم هرب من السجن يوم عيد، واستتر، وأضمرته البلاد
(2).
قال أبو الفرج صاحب " الاغاني ": احتال لنفسه، فخرج
مختفيا، وصار إلى واسط، وغاب خبره.
قال ابن النجار: بواسط مشهد يقال: إنه مدفون فيه.
فالله أعلم.
وروي عن ابن سلام الكوفي: أن المعتصم قتله صبرا.
وكان أبيض، مليح الوجه، تام الشكل، قد وخطه الشيب،
وتكهل.
__________
مروج الذهب للمسعودي 7 / 116، 117، مقاتل الطالبيين: 577،
578، جمهرة أنساب العرب: 54، تاريخ ابن الاثير 6 / 442،
البداية والنهاية 10 / 282.
(1) هي بلدة بخراسان بين " مرو الروذ " و " بلخ ".
(2) " البداية والنهاية " 10 / 282، وانظر " جمهرة أنساب
العرب ": 54.
(*)
(10/191)
وذهب طائفة من جهلة الجارودية أنه لم يمت ولا يموت حتى
يملا الارض قسطا وعدلا (1).
نقل ذلك أبو محمد بن حزم.
41 - العكوك * فحل الشعراء،
أبو الحسن، علي بن جبلة بن مسلم الخراساني.
قال الجاحظ: كان أحسن خلق الله إنشادا، ما رأيت مثله بدويا
ولا حضريا (2).
وكان من الموالي، وقد ولد أعمى، وكان أسود أبرص، وشعره
سائر.
وهو القائل في أبي دلف الامير: ذاد ورد الغي عن صدره *
فارعوى واللهو من وطره (3) ومن المديح: إنما الدنيا أبو
دلف * بين مغزاة ومحتضره (4) فإذا ولى أبو دلف * ولت
الدنيا على أثره كل من في الارض من عرب * بين باديه إلى
حضره
__________
(1) انظر " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 117.
* التاريخ الكبير 6 / 265، الشعر والشعراء: 550 - 553،
الجرح والتعديل 5 / 177، الاغاني 20 / 14 - 43، تاريخ
بغداد 11 / 359، سمط اللآلي: 330، وفيات الاعيان
3 / 350 - 354، نكت الهميان: 209، عيون التواريخ 7 / لوحة
289، البداية والنهاية 10 / 267، شذرات الذهب 2 / 30.
والعكوك: بفتح العين والكاف وتشديد الواو، وبعدها كاف
ثانية، وهو السمين القصير مع صلابة.
(2) " وفيات الاعيان " 3 / 350.
(3) انظر " طبقات الشعراء ": 173، و " الاغاني " 20 / 15،
و " الشعر والشعراء " ص 550، و " ديوان المعاني " 1 / 28،
و " وفيات الاعيان " 3 / 351.
(4) في " الطبقات ": بين معراه.
وفي " الاغاني ": بين مبداه.
(*)
(10/192)
مستعير منك مكرمة * يكتسيها يوم مفتخره وهي طويلة بديعة
وازن بها قصيدة أبي نواس: أيها المنتاب عن عفره * لست من
ليلي ولا سمره (1) قال ابن عنين: ما يصلح أن يفاضل بين
القصيدتين إلا من يكون في درجة هذين الشاعرين (2).
وقال ابن المعتز في " طبقات الشعراء ": لما بلغ المأمون
خبر هذه القصيدة غضب، وقال: اطلبوه، فطلبوه، فلم يقدروا
عليه، لانه كان مقيما بالجبل، ففر إلى الجزيرة، ثم إلى
الشامات، فظفروا به، فحمل مقيدا إلى المأمون، فقال: يا ابن
اللخناء، أنت القائل: كل من في الارض من عرب..جعلتنا
نستعير منه المكارم ؟ قال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت
لا يقاس بكم، قال: والله ما أبقيت أحدا، وإنما أستحل دمك
بكفرك، حيث تقول: أنت الذي تنزل الايام منزلها
وتنقل الدهر من حال إلى حال
__________
(1) القصيدة في " ديوان أبي نواس " ص 308 - 311، و " أخبار
أبي نواس " لابن منظور ص 134 " وفي الاصل: " من عفره ".
(2) " وفيات الاعيان " 3 / 351، وابن عنين: هو محمد بن نصر
بن الحسين بن عنين الانصاري الكوفي الاصل، الدمشقي المولد،
الشاعر المشهور، قال ابن خلكان: كان خاتمة الشعراء، لم يأت
بعده مثله، ولا كان في أواخر عصره من يقاس به.
توفي سنة 630 ه بدمشق، وله ديوان مطبوع بدمشق سنة 1946
بتحقيق الاستاذ خليل مردم بك.
انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 5 / 14 - 19 وسترد
ترجمته في الجزء الثاني والعشرين من " السير ".
(*)
(10/193)
وما مددت مدى طرف إلى أحد إلا قضيت بأرزاق وآجال (1) ذاك
هو الله، أخرجوا لسانه من قفاه، ففعلوا به، فمات (2)، وذلك
سنة ثلاث عشرة ومئتين، ومات كهلا.
42 - الجوزجاني *
العلامة الامام، أبو سليمان، موسى بن سليمان الجوزجاني
الحنفي، صاحب أبي يوسف ومحمد.
حدث عنهما، وعن ابن المبارك.
حدث عنه: القاضي أحمد بن محمد البرتي، وبشر بن موسى، وأبو
حاتم الرازي، وآخرون.
وكان صدوقا محبوبا إلى أهل الحديث.
قال ابن أبي حاتم: كان يكفر القائلين بخلق القرآن (3).
وقيل: إن المأمون عرض عليه القضاء، فامتنع (4)، واعتل بأنه
ليس
__________
(1) " الشعر والشعراء " ص 551، و " طبقات الشعراء " ص 172،
والاغاني 20 / 42.
(2) انظر الخبر في " طبقات الشعراء " ص 172، 173، و "
الاغاني " 20 / 41، 42، و " وفيات الاعيان " 3 / 352، 353،
ورجح ابن المعتز أن المأمون عفا عنه، وأنه مات حتف أنفه.
* الجرح والتعديل 8 / 145، الانساب 3 / 362، تاج التراجم:
55، هدية العارفين 2 / 477، الجواهر المضية 2 / 186، 187،
الفوائد البهية: 216، إيضاح المكنون 2 / 33، و 681.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 145.
(4) " الفوائد البهية " ص 216.
(*)
(10/194)
بأهل لذلك، فأعفاه، ونبل عند الناس لامتناعه.
وله تصانيف.
43 - أبو العتاهية * رأس
الشعراء، الاديب الصالح الاوحد، أبو إسحاق، إسماعيل
بن قاسم بن سويد بن كيسان العنزي (1) مولاهم الكوفي، نزيل
بغداد.
لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه.
وقيل: كان يحب الخلاعة، فيكون مأخوذا من العتو.
سار شعره لجودته وحسنه وعدم تقعره.
وقد جمع أبو عمر بن عبد البر شعره وأخباره (2).
تنسك بأخرة، وقال في المواعظ والزهد فاجاد.
وكان أبو نواس يعظمه، ويتأدب معه لدينه، ويقول: ما رأيته
إلا توهمت أنه سماوي، وأني أرضي (3).
__________
* الشعر والشعراء: 497 - 501، طبقات ابن المعتز: 228،
تاريخ الطبري 10 / 278، مروج الذهب 7 / 82 - 88، الموشح:
254 - 263، الاغاني 4 / 1 - 112، الفهرست: 181، تاريخ
بغداد 6 / 250 - 260، وفيات الاعيان 1 / 219 - 226،
المختصر في أخبار البشر 2 / 31، ميزان الاعتدال 1 / 245،
العبر 1 / 360، عيون التواريخ 7 / لوحة 263، مرآة الجنان 2
/ 49 - 52، البداية والنهاية 10 / 265، 266، لسان الميزان
1 / 426، روضات الجنات: 102، 103، معاهد التنصيص 2 / 285،
شذرات الذهب 2 / 25، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 377،
أمراء الشعر العربي في العصر العباسي: 138.
(1) نسبة إلى عنزة بن أسد بن ربيعة.
انظر " الاغاني " 4 / 3، و " وفيات الاعيان " 1 / 226.
(2) ومنه نسخة في ظاهرية دمشق، وهي واحدة من نسختين خطيتين
اعتمدهما الدكتور شكري فيصل في طبع شعر أبي العتاهية
وأخباره.
(3) انظر الخبر بتمامه في " الاغاني " 4 / 71، و " تاريخ
بغداد " 6 / 251.
(*)
(10/195)
مدح أبو العتاهية المهدي، والخلفاء بعده، والوزراء، وما
أصدق قوله: إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
(1) حسبك مما تبتغيه القوت ما أكثر القوت لمن يموت (2) هي
المقادير فلمني أو فذر إن كنت أخطأت فما أخطا القدر (3)
وهو القائل:
حسناء لا تبتغي حليا إذا برزت لان خالقها بالحسن حلاها
قامت تمشى فليت الله صيرني ذاك التراب الذي مسته رجلاها
(4) وقال: الناس في غفلاتهم * ورحى المنية تطحن (5)
__________
(1) انظر " ديوانه " ص 448، و " الاغاني " 4 / 19.
(2) " ديوانه " ص 446، و " الاغاني " 4 / 36.
(3) " ديوانه " ص 449، و " الاغاني " 4 / 36.
(4) لم يرد هذان البيتان في " ديوانه " المطبوع بتحقيق
الدكتور شكري فيصل.
(5) " الاغاني " 4 / 52 و 98، و " تاريخ بغداد " 6 / 252.
(*)
(10/196)
وقال: إذا ما بدت والبدر ليلة تمه رأيت لها وجها يدل على
عذري (1) وتهتز من تحت الثياب كأنها قضيب من الريحان في
ورق خضر أبى الله إلا أن أموت صبابة بساحرة العينين طيبة
النشر (2) توفي أبو العتاهية في جمادى الآخرة سنة إحدى
عشرة ومئتين.
وقيل: سنة ثلاث عشرة ومئتين.
وله ثلاث وثمانون سنة، أو نحوها، ببغداد.
واشتهر بمحبة عتبة فتاة المهدي، بحيث إنه كتب إليه هذين
البيتين: نفسي بشئ من الدنيا معلقة الله والقائم المهدي
يكفيها إني لا يأس منها ثم يطمعني فيها احتقارك للدنيا وما
فيها
__________
(1) رواية البيت في " الديوان " و " تاريخ بغداد ": إذا ما
بدت والبدر ليلة تمه * رأيت لها فضلا مبينا على البدر
وقبله: وإني لمعذور على طول حبها * لان لها وجها يدل على
عذري (2) " ديوانه " ص 547، و " تاريخ بغداد " 6 / 257،
والابيات قالها في عتبة فتاة المهدي.
(*)
(10/197)
فهم بدفعها إليه، فجزعت، واستعفت، وقالت: أتدفعني إلى سوقة
قبيح المنظر ؟ فعوضه بذهب (1).
وله في عمر بن العلاء: إني أمنت من الزمان وصرفه (2) لما
علقت من الامير حبالا لو يستطيع الناس من إجلاله تخذوا له
حر الخدود نعالا (3) إن المطايا تشتكيك لانها قطعت إليك
سباسبا ورمالا
فإذا وردن بنا وردن خفائفا وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا (4)
فخلع عليه، وأعطاه سبعين ألفا.
وتحتمل سيرة أبي العتاهية أن تعمل في كراريس.
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في " الكامل " للمبرد 2 / 302، و "
وفيات الاعيان " 1 / 219 - 220، والبيتان في " ديوانه " ص
668، وقصته مع عتبة في " تاريخ بغداد " 6 / 254.
(2) في الديوان: " وريبه ".
(3) رواية البيت في " الديوان ": لو يستطيع الناس من
إجلاله * لحذوا له حر الوجوه نعالا (4) رواية البيت في "
الديوان ": فإذا أتين بنا أتين مخفة * وإذا رجعن بنا رجعن
ثقالا وانظر قصيدته التي يمدح بها عمر بن العلاء في "
ديوانه ": 603 - 606.
(*)
(10/198)
44 - أبو عباد الكاتب * وزير المأمون،
هو ثابت بن يحيى بن يسار الرازي.
أحد الكفاة البارعين في الحساب والتصرف والمعرفة، وبذلك
ساد وتقدم.
نهض بأمور الاموال لمخدومه أتم ما يكون، ثم إنه عجز من
استيلاء النقرس، واستعفى.
وكان جوادا، سمحا، سريا، إلا أنه كان منقبضا عبوسا.
عاش خمسا وستين سنة، وتوفي في المحرم سنة عشرين ومئتين.
طول ابن النجار ترجمته، ذكره من تأليف الصولي، وكتاب محمد
ابن عبدوس الجهشياري في " سير الوزراء ".
45 - المريسي * *
المتكلم المناظر البارع، أبو عبد الرحمن، بشر بن غياث بن
أبي كريمة العدوي مولاهم البغدادي المريسي، من موالي آل
زيد بن الخطاب رضي الله عنه.
كان بشر من كبار الفقهاء، أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن
__________
* تاريخ الطبري 8 / 660، معجم البلدان 2 / 540، 541.
* * الفرق بين الفرق: 192 - 195، تاريخ بغداد 7 / 56 - 67،
معجم البلدان 5 / 118، الانتصار: 201، اللباب 3 / 200،
وفيات الاعيان 1 / 277، 278، ميزان الاعتدال 1 / 322، 323،
العبر 1 / 373، عيون التواريخ 8 / لوحة 9، الوافي بالوفيات
10 / 151، البداية والنهاية 10 / 281، لسان الميزان 2 / 29
- 31، النجوم الزاهرة 2 / 228، الجواهر المضية: 164، شذرات
الذهب 2 / 44، الفوائد البهية: 54.
(*)
(10/199)
حماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة.
ونظر في الكلام، فغلب عليه، وانسلخ من الورع والتقوى، وجرد
القول بخلق القرآن، ودعا إليه، حتى كان عين الجهمية في
عصره وعالمهم، فمقته أهل العلم، وكفره عدة، ولم يدرك جهم
بن صفوان، بل تلقف مقالاته من أتباعه.
قال البويطي: سمعت الشافعي يقول: ناظرت المريسي، فقال:
القرعة قمار، فذكرت له حديث عمران بن حصين في القرعة (1)،
ثم ذكرت قوله لابي البختري القاضي، فقال: شاهدا آخر وأصلبه
(2).
وقال أو النضر هاشم بن القاسم: كان والد بشر يهوديا قصارا
صباغا
في سويقة نصر (3).
وللمريسي تصانيف جمة.
ذكره النديم، وأطنب في تعظيمه، وقال: كان دينا ورعا
متكلما.
ثم حكى أن البلخي قال: بلغ من ورعه أنه كان لا يطأ أهله
ليلا مخافة
__________
(1) أخرجه مسلم (1668) في الايمان: باب من أعتق شركا له في
عبد، وأبو داود (3958) في العتق: باب فيمن أعتق عبيدا له
لم يبلغهم الثلث، والترمذي (1364) في الاحكام: باب ما جاء
فيمن يعتق مماليكه عند موته، وأحمد 4 / 426 كلهم من طريق
أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين: أن
رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال غيرهم،
فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا، ثم
أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا.
وأخرجه النسائي 4 / 64 في الجنائز: باب الصلاة على من يحيف
في وصيته، وأحمد 4 / 438 و 439 و 445 و 446 من طرق عن
الحسن البصري، عن عمران بن حصين.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 60، و " ميزان الاعتدال " 1 /
323.
(3) " الفوائد البهية " ص 54.
وسويقة نصر - نسبة إلى نصر بن مالك الخزاعي - محلة صغيرة
بشرقي بغداد، أقطعه إياها المهدي.
(*)
(10/200)
الشبهة، ولا يتزوج إلا من هي أصغر منه بعشر سنين مخافة أن
تكون رضيعته.
وكان جهميا له قدر عند الدولة، وكان يشرب النبيذ، وقال مرة
لرجل اسمه كامل: في اسمه دليل على أن الاسم غير المسمى.
وصنف كتابا في التوحيد، وكتاب " الارجاء "، وكتاب " الرد
على الخوارج "، وكتاب " الاستطاعة "، و " الرد على الرافضة
في الامامة "،
وكتاب " كفر المشبهة "، وكتاب " المعرفة "، وكتاب " الوعيد
"، وأشياء غير ذلك في نحلته.
ونقل غير واحد أن رجلا قال ليزيد بن هارون: عندنا ببغداد
رجل، يقال له: المريسي، يقول: القرآن مخلوق، فقال: ما في
فتيانكم من يفتك به (1) ؟ قلت: قد أخذ المريسي في دولة
الرشيد، وأهين من أجل مقالته.
روى أبو داود، عن أحمد بن حنبل، أنه سمع ابن مهدي أيام صنع
ببشر ما صنع يقول: من زعم أن الله لم يكلم موسى يستتاب،
فإن تاب، وإلا ضربت عنقه.
وقال المروذي: سمعت أبا عبد الله، وذكر المريسي، فقال: كان
أبوه يهوديا، أي شئ تراه يكون (2) ؟ ! وقال أبو عبد الله:
كان بشر يحضر مجلس أبي يوسف، فيصيح، ويستغيث، فقال له أبو
يوسف مرة: لا تنتهي أو تفسد خشبة (3) ثم قال أبو
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 7 / 63.
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 323.
(3) ذكره في " الميزان " 1 / 323 وزاد: يعني وتصلب.
وفي " تاريخ بغداد " 7 / 63: حتى تصعد خشبة.
(*)
(10/201)
عبد الله: ما كان صاحب حجج، بل صاحب خطب.
وقال أبو بكر الاثرم: سئل أحمد عن الصلاة خلف بشر المريسي،
فقال: لا تصل خلفه.
وقال قتيبة: بشر المريسي كافر.
قلت: وقع كلامه إلى عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ، فصنف
مجلدا في الرد عليه (1).
ومات في آخر سنة ثماني عشرة ومئتين، وقد قارب الثمانين.
فهو بشر الشر وبشر الحافي (2) بشر الخير، كما أن أحمد بن
حنبل هو أحمد السنة، وأحمد بن أبي دواد أحمد البدعة.
ومن كفر ببدعة وإن جلت، ليس هو مثل الكافر الاصلي، ولا
اليهودي والمجوسي، أبى الله أن يجعل من آمن بالله ورسوله
واليوم الآخر، وصام وصلى وحج وزكى وإن ارتكب العظائم وضل
وابتدع، كمن عاند الرسول، وعبد الوثن، ونبذ الشرائع وكفر،
ولكن نبرأ إلى الله من البدع وأهلها (3).
__________
(1) وسماه كتاب " الرد على بشر المريسي فيما ابتدعه من
التأويل لمذهب الجهمية " وهو مطبوع.
وقد قال فيه الامام الذهبي: فيه بحوث عجيبة مع المريسي،
يبالغ فيها في الاثبات، والسكوت عنها أشبه بمنهج السلف في
القديم والحديث.
وقال الشيخ محمد حامد الفقي: إنه أتى فيه ببعض ألفاظ دعاه
إليها عنف الرد، وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه
التي كان يبالغ بشر المريسي وشيعته في نفيها، وكان الاولى
والاحسن أن لا يأتي بها، وأن يقتصر على الثابت من الكتاب
والسنة الصحيحة كمثل الجسم والمكان والحيز، فإنني لا
أوافقه عليها، ولا أستجيز إطلاقها، لانها لم تأت في كتاب
الله ولا في سنة صحيحة.
(2) سترد ترجمته في الصفحة 467 من هذا الجزء.
(3) هذا كلام صادر عن إنصاف وتعقل وعلم، فرحم الله المؤلف
رحمة واسعة، فانه يتوخى دائما جانب الانصاف في التراجم،
وقلما تجد من يقاربه في ذلك.
(*)
(10/202)
46 - بشر بن المعتمر
* العلامة، أبو سهل الكوفي، ثم البغدادي، شيخ المعتزلة،
وصاحب التصانيف.
كان من القرامي (1) الكبار أخباريا شاعرا متكلما، كانوا
يفضلونه على أبان اللاحقي (2)، وله قصيدة طويلة في مجلد
تام فيها ألوان.
وكان أبرص (3) ذكيا فطنا، لم يؤت الهدى، وطال عمره فما
ارعوى، وكان يقع في أبي الهذيل العلاف (4)، وينسبه إلى
النفاق.
وله كتاب " تأويل المتشابه "، وكتاب " الرد على الجهال "،
وكتاب " العدل " وأشياء (5) لم نرها ولله الحمد.
مات سنة عشر ومئتين.
47 - ثمامة بن أشرس * *
العلامة، أبو معن النميري البصري المتكلم، من رؤوس
المعتزلة
__________
* الاغاني 3 / 128، الفرق بين الفرق: 156، الانتصار: 194،
الفهرست: 184 و 205، الملل والنحل 1 / 64، الانساب 2 /
231، اللباب 1 / 156، عيون التواريخ 7 / لوحة 247، 248،
لسان الميزان 2 / 33، الوافي بالوفيات 10 / 155.
(1) أي من الاصول.
(2) انظر ترجمته في " الفهرست " ص 132.
(3) " الفهرست " ص 205.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 540 من هذا الجزء.
(5) ذكر ابن النديم كتبه في " الفهرست " ص 184 و 185 و 205
* * البيان والتبيين 1 / 105 و 111، الفرق بين الفرق: 157،
159، الفهرست: 207، تاريخ بغداد 7 / 145 - 148، ميزان
الاعتدال 1 / 371، 372، العبر 1 / 456، خطط المقريزي 2 /
347، لسان الميزان 2 / 83، 84، النجوم الزاهرة 2 / 206
الوزراء والكتاب: 314، طبقات المعتزلة: 62، الوافي
بالوفيات 11 / 20.
(*)
(10/203)
القائلين بخلق القرآن جل منزله.
وكان نديما ظريفا صاحب ملح، اتصل بالرشيد، ثم بالمأمون.
روى عنه تلميذه الجاحظ.
قال ابن حزم: ذكر عنه أنه كان يقول: العالم هو بطباعه فعل
الله.
وقال: المقلدون من أهل الكتاب وعبدة الاوثان لا يدخلون
النار، بل يصيرون ترابا.
وإن من مات مسلما وهو مصر على كبيرة خلد في النار، وإن
أطفال المؤمنين يصيرون ترابا، ولا يدخلون جنة (1).
قلت: قبح الله هذه النحلة.
قال المبرد: قال ثمامة: خرجت إلى المأمون، فرأيت مجنونا
شد، فقال: ما اسمك ؟ قلت: ثمامة، فقال: المتكلم ؟ قلت:
نعم، قال: جلست على هذه الآجرة، ولم يأذن لك أهلها، فقلت:
رأيتها مبذولة، قال: لعل لهم تدبيرا غير البذل، متى يجد
النائم لذة النوم ؟ إن قلت: قبله، أحلت، لانه يقظان، وإن
قلت: في النوم، أبطلت، إذ النائم لا يعقل، وإن قلت: بعده،
فقد خرج عنه، ولا يوجد شئ بعد فقده، قال: فما كان عندي
فيها جواب (2).
وعنه قال: عدت رجلا، وتركت حماري على بابه، ثم خرجت، فإذا
صبي راكبه، فقلت: لم ركبته بغير إذني ؟ قال: خفت أن يذهب،
قلت: لو ذهب كان أهون علي، قال: فهبه لي، وعد أنه ذهب،
واربح
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 372.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 146.
(*)
(10/204)
شكري، فلم أدر ما أقول (1).
قال هاشم بن محمد الخزاعي: حدثنا الجاحظ سنة 253، حدثني
ثمامة، قال: شهدت رجلا قدم خصمه إلى وال، فقال: أصلحت
الله، هذا ناصبي رافضي جهمي مشبه، يشتم الحجاج بن الزبير
الذي هدم الكعبة على علي، ويلعن معاوية بن أبي طالب (2).
يموت بن المزرع: حدثنا الجاحظ قال: دخل أبو العتاهية على
المأمون، فطعن على المبتدعة، ولعن القدرية، فقال المأمون:
أنت شاعر، وللكلام قوم، قال: نعم، ولكن أسأل ثمامة عن
مسألة، فقل له: يجبني، ثم أخرج يده، فحركها، وقال: يا
ثمامة من حرك يدي ؟ قال: من أمه زانية.
فقال: يشتمني يا أمير المؤمنين.
فقال ثمامة: ناقض والله (3).
قال أبوروق الهزاني (4): حدثنا الفضل بن يعقوب قال: اجتمع
ثمامة ويحيى بن أكثم عند المأمون، فقال المأمون ليحيى: ما
العشق ؟ قال: سوانح تسنح للعاشق، يؤثرها ويهيم بها، قال
ثمامة: أنت بالفقه أبصر، ونحن أحذق منك، قال المأمون: فقل،
قال: إذا امتزجت جواهر النفوس بوصل المشاكلة، نتجت لمح نور
ساطع تستضئ به بواصر العقل، وتهتز لاشراقه طبائع الحياة،
يتصور من ذلك اللمح نور خاص بالنفس متصل بجوهرها يسمى:
عشقا.
فقال المأمون: هذا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 146.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 146.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 147، و " العقد الفريد " 2 / 382.
(4) نسبة إلى هزان: بطن من العتيك.
انظر اللباب 3 / 387.
(*)
(10/205)
وأبيك الجواب (1).
قال هارون الحمال: حدثنا محمد بن أبي كبشة قال: كنت في
سفينة، فسمعت هاتفا يقول: لا إله إلا الله، كذب المريسي
على الله، ثم عاد الصوت يقول: لا إله إلا الله، على ثمامة
والمريسي لعنة الله، قال: ومعنا رجل من أصحاب المريسي في
المركب، فخر ميتا (2).
48 - الاخفش * إمام النحو،
أبو الحسن، سعيد بن مسعدة البلخي ثم البصري، مولى بني
مجاشع.
أخذ عن الخليل بن أحمد، ولزم سيبويه حتى برع، وكان من
أسنان سيبويه، بل أكبر.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 147، 148، و " ذم الهوى " لابن
الجوزي ص 291، وأورد تعريف العشق ابن القيم في " روضة
المحبين " ص 140 بأقصر مما هنا ونسبه لمجهول، ولفظه: إذا
امتزجت جواهر النفوس بوصف المشاكلة أنتجت لمح نور ساطع
تستضئ به النفس في معرفة محاسن المعشوق، فتسلك طريق الوصول
إليه.
وقد جاء في " ذم الهوى " ص 290، و " روضة المحبين " ص 139،
و " الكشكول " ص 158 وصف آخر للعشق عن ثمامة فقال: العشق
جليس ممتع، وأنيس مؤنس، وصاحب ملك مسالكه لطيفة، ومذاهبه
غامضة، وأحكامه جارية، ملك الابدان وأرواحها، والقلوب
وخواطرها، والعقول وآراءها، قد أعطي عنان طاعتها، وقوة
تصرفها، توارى عن الابصار مدخله، وعمي في القلوب مسلكه.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 148.
* المعارف: 545، 546، مراتب النحويين: 109، طبقات الزبيدي:
45، 46، أخبار النحويين البصريين: 50، 51، الفهرست: 58،
نزهة الالباء: 133 - 135، معجم الادباء 11 / 224 - 230،
إنباه الرواة 2 / 36 - 43، وفيات الاعيان 2 / 380، تاريخ
أبي الفدا
2 / 29، مسالك الابصار ج 4 مجلد 2 / 283، 284، عيون
التواريخ 7 / لوحة 251، مرآة الجنان 2 / 61، الوافي
بالوفيات 13 / 86 - 88، البداية والنهاية 10 / 293، روضات
الجنات: 313 - 314، المزهر 2 / 405 و 419، بغية الوعاة 1 /
590 - 591، مفتاح السعادة 1 / 158، 159، شذرات الذهب 2 /
36.
(*)
(10/206)
قال أبو حاتم السجستاني: كان الاخفش قدريا رجل سوء، كتابه
في المعاني صويلح، وفيه أشياء في القدر (1).
وقال أبو عثمان المازني: كان الاخفش أعلم الناس بالكلام،
وأحذقهم بالجدل (2).
قلت: أخذ عنه المازني، وأبو حاتم، وسلمة، وطائفة.
وعنه قال: جاءنا الكسائي إلى البصرة، فسألني أن أقرا عليه
كتاب سيبويه، ففعلت، فوجه إلي بخمسين دينارا (3).
وكان الاخفش يعلم ولد الكسائي (4).
وكان ثعلب يفضل الاخفش، ويقول: كان أوسع الناس علما.
وله كتب كثيرة في النحو والعروض ومعاني القرآن (5).
وجاء عنه قال: أتيت بغداد، فأتيت مسجد الكسائي، فإذا بين
يديه الفراء والاحمر وابن سعدان، فسألته عن مئة مسألة،
فأجاب، فخطأته في جميعها، فهموا بي، فمنعهم، وقال: بالله
أنت أبو الحسن ؟ قلت: نعم، فقام وعانقني، وأجلسني إلى
جنبه، وقال: أحب أن يتأدب أولادي بك، فأجبته (6).
__________
(1) " إنباه الرواة " 2 / 38.
(2) " معجم الادباء " 11 / 230، و " إنباه الرواة " 2 /
39.
(3) " إنباه الرواة " 2 / 40.
(4) " إنباه الرواة " 2 / 40.
(5) " معجم الادباء " 11 / 229، و " إنباه الرواة " 2 /
40.
(6) " معجم الادباء " 11 / 227 - 229، و " إنباه الرواة "
2 / 39.
(*)
(10/207)
مات الاخفش سنة نيف عشرة ومئتين.
وقيل: سنة عشر.
قال ابن النجار: كان أجلع - وهو الذي لا تنطبق شفتاه على
أسنانه (1).
وقد روى عن هشام بن عروة، والكلبي، وعمرو بن عبيد.
وصنف كتبا في النحو لم يتمها.
قال الرياشي: سمعته يقول: كنت أجالس سيبويه، وكان أعلم
مني، وأنا اليوم أعلم منه (2).
__________
(1) " وفيات الاعيان " 2 / 381، و " إنباه الرواة " 2 /
39.
(2) " وفيات الاعيان " 2 / 381.
(*)
(10/208)
الطبقة الحادية عشرة
49 - عثمان بن الهيثم *
(خ) ابن جهم بن عيسى بن حسان ابن صاحب النبي صلى الله عليه
وسلم أشج عبدالقيس المنذر العصري (1) البصري، مسند وقته،
ومؤذن جامع البصرة.
ولد سنة نيف وعشرين ومئة.
وسمع من: عوف الاعرابي، وابن جريج، وهشام بن حسان، ورؤبة
بن العجاج، وجعفر بن الزبير، ومبارك بن فضالة، وشعبة،
وطائفة.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه " وهو من كبار شيوخه، ومحمد
ابن يحيى الذهلي، وأسيد بن عاصم، والحارث بن محمد التميمي،
وأبو
__________
* تاريخ خليفة: 476، طبقات خليفة ت (1954)، التاريخ الصغير
2 / 340، التاريخ الكبير 6 / 256، الجرح والتعديل 6 / 172،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 351، المعجم المشتمل: 186،
تهذيب الكمال لوحة 923، تذهيب التهذيب 3 / 35 / 1، الكاشف
2 / 257، المغني في الضعفاء 2 / 429، ميزان الاعتدال 3 /
59، تذكرة الحفاظ 1 / 375، العبر 1 / 380، تهذيب التهذيب 7
/ 157، طبقات الحفاظ: 162، خلاصة تذهيب الكمال: 263، شذرات
الذهب 2 / 47.
(1) نسبة إلى " عصر " بطن من عبدالقيس، وهو عصر بن عوف بن
عمرو بن عوف بن جذيمة.
" الانساب " 8 / 465.
(*)
(10/209)
مسلم الكجي، ومحمد بن عثمان الذراع، ومحمد بن زكريا
الاصبهاني، وخلق خاتمتهم أبو خليفة الجمحي.
قال أبو حاتم: صدوق غير أنه كان بأخرة يلقن (1).
قلت: يعني أنه كان يحدثهم بالحديث، فيتوقف فيه، ويتغلط،
فيردون عليه، فيقول.
ومثل هذا غض عن رتبة الحفظ لجواز أن فيما رد عليه زيادة أو
تغييرا يسيرا، والله أعلم.
قال أبو داود: مات في حادي عشر رجب سنة عشرين ومئتين.
قلت: توفي في عشر المئة.
أنبأنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا عمر بن محمد،
أخبرنا أحمد بن ملوك (2)، ومحمد بن عبدا لباقي قالا:
أخبرنا طاهر بن عبد الله
القاضي، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي (3)، حدثنا أبو خليفة،
حدثنا عثمان ابن الهيثم، حدثنا عوف، عن شهر بن حوشب، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو
كان العلم معلقا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس " (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 172.
(2) هو أبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك الوراق، شيخ لابن
طبرزد.
" تبصير المنتبه " 4 / 1316.
(3) نسبة إلى الغطريف جده.
(4) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وهو في " المسند " 2 /
297 و 420 و 422 و 469، و " حلية الاولياء " 6 / 64، و "
تاريخ أصبهان " 1 / 4، وذكره الهيثمي في " المجمع " 10 /
64، وقال: رواه أحمد وفيه شهر، وثقه أحمد وفيه خلاف، وبقية
رجاله رجال الصحيح.
قلت: وهو في البخاري 8 / 492، 493، ومسلم (2546) من حديث
أبي هريرة بلفظ: " لو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال
من فارس ".
(*)
(10/210)
50 - علي بن الحسين بن واقد
* (4) مولى الامير فاتح خراسان عبد الله بن عامر بن كريز
القرشي، الامام المحدث الصدوق أبو الحسن المروزي.
حدث عن: أبيه، وأبي حمزة السكري، وسليم مولى الشعبي، وهشام
بن سعد المدني، وخارجة بن مصعب، وعبد الله بن عمر العمري،
وطبقتهم.
ويقال: هو نيسابوري الاصل، تحولوا إلى مرو.
وكان علي عالما، صاحب حديث كأبيه.
حدث عنه: إسحاق بن راهويه، ومحمود بن غيلان، وعلي بن خشرم،
ورجاء بن مرجى، ومحمد بن عقيل بن خويلد (1)، ومحمد بن
رافع، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب، وآخرون.
وكان مولده في سنة ثلاثين ومئة.
قال النسائي: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث (2).
قال البخاري: توفي سنة إحدى عشرة ومئتين (3).
__________
* التاريخ الكبير 6 / 267، التاريخ الصغير 2 / 321، الجرح
والتعديل 6 / 179، تهذيب الكمال لوحة 967، تذهيب التهذيب 3
/ 59 / 2، العبر 1 / 360، 361، ميزان الاعتدال 3 / 123،
الكاشف 2 / 282، المغني في الضعفاء 2 / 446، تهذيب التهذيب
7 / 308، خلاصة تذهيب الكمال: 273، شذرات الذهب 2 / 27.
(1) في الاصل: " خويلة " وهو خطأ، ومحمد بن عقيل من رجال
التهذيب.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 179.
(3) " التاريخ الكبير " 6 / 267.
(*)
(10/211)
قلت: خرج له البخاري في " الادب " ومسلم في مقدمة كتابه،
وأرباب السنن، وهو حسن الحديث، كبير القدر.
51 - خلف بن تميم * (س،
ق) الامام الزاهد، أبو عبد الرحمن التميمي الكوفي، مولى آل
جعدة.
نزل المصيصة للجهاد، وصحب إبراهيم بن أدهم.
وحدث عن: عاصم بن محمد، وأبي بكر النهشلي، والثوري،
وزائدة، وعدة.
وعنه: أبو إسحاق الفزاري أحد شيوخه، ومحمد بن سعد، وأحمد
الدورقي، وصاعقة، والدوري، والصاغاني، ومحمد بن الفرج
الازرق، وعباس الترقفي (1).
وثقه أبو حاتم (2).
وقال يحيى بن معين: صدوق (3).
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، أحد النساك والمجاهدين (4).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 491، التاريخ لابن معين: 149، التاريخ
الكبير 3 / 197، التاريخ الصغير 2 / 316، الجرح والتعديل 3
/ 370، تهذيب الكمال لوحة 378، تذهيب التهذيب 1 / 198 / 2،
الكاشف 1 / 281، تذكرة الحفاظ 1 / 379، تهذيب التهذيب 3 /
148، خلاصة تذهيب الكمال: 105.
(1) نسبة إلى ترقف: بلدة من نواحي العراق.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 370.
(3) " تاريخ ابن معين " ص 149.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 378.
(*)
(10/212)
قال ابن سعد: توفي سنة ثلاث عشرة ومئتين (1).
وعنده عن سفيان عشرة آلاف حديث.
52 - عمرو بن أبي سلمة
* (ع) الامام الحافظ الصدوق، أبو حفص التنيسي، من موالي
بني هاشم، دمشقي، سكن تنيس، فنسب إليها.
حدث عن: الاوزاعي، وأبي معيد حفص بن غيلان، وعبد الله بن
العلاء بن زبر، وصدقة بن عبد الله السمين، وزهير بن محمد
التميمي، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، وإدريس بن يزيد
الاودي، وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز، وعدة.
حدث عنه: ولده سعيد، وأبو عبد الله الشافعي، ودحيم، وعبد
الله ابن محمد المسندي، وأحمد بن صالح، والذهلي، وابن
وارة، ومحمد ابن عبد الله بن البرقي وأخوه أحمد، وعبد الله
بن محمد بن أبي مريم، وأحمد بن مسعود المقدسي، وأحمد بن
عبد الواحد بن عبود، وخلق.
قال حميد بن زنجويه: لما رجعنا من مصر، دخلنا على أحمد بن
حنبل، فقال: مررتم بعمرو بن أبي سلمة ؟ فقلنا: وما عنده
خمسون حديثا، والباقي مناولة.
قال: كنتم تنظرون في المناولة، وتأخذون منها (2).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 491.
* التاريخ الصغير 2 / 326، التاريخ الكبير 6 / 341، تاريخ
أبي زرعة 1 / 264 و 265 و 275 و 285 و 315 و 709 و 723،
الجرح والتعديل 6 / 235، الانساب 3 / 96، تهذيب الكمال
لوحة 1036، تذهيب التهذيب 3 / 99 / 1، الكاشف 2 / 330،
ميزان الاعتدال 3 / 262، تهذيب التهذيب 8 / 43، مقدمة فتح
الباري: 430، خلاصة تذهيب الكمال: 289.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1037.
والمناولة: هي أن يعطي الشيخ للطالب أصل = (*)
(10/213)
قال الوليد بن بكر العمري: عمرو بن أبي سلمة أحد أئمة
الاخبار، من نمط ابن وهب يختار من قول مالك والاوزاعي.
قلت: حديثه في الكتب الستة، ووثقه جماعة.
وقد ضعفه يحيى بن معين وحده (1).
مات سنة أربع عشرة ومئتين.
وقيل: توفي سنة ثلاث عشرة.
53 - معاوية بن عمرو *
(ع) ابن المهلب بن عمرو، الامام الحافظ الصادق أبو عمرو
الازدي المعني (2) البغدادي.
حدث عن: إسرائيل، وجرير بن حازم، وزائدة بن قدامة، وعبد
الرحمن المسعودي، وفضيل بن مرزوق، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وهو مع الجماعة عن رجل عنه، وأبو بكر
__________
= سماعه، أو فرعا مقابلا به، ويقول له: هذا سماعي عن فلان
فاروه عني، أو أجزت لك روايته عني، ثم يبقيه معه ملكا له،
أو يعيره إياه لينسخه ويقابل به، ثم يعيده للشيخ.
والمناولة المقرونة بالاجازة مع التمكين من النسخة هي أعلى
أنواع الاجازة على الاطلاق، ودونها المناولة المقرونة
بالاجازة من غير تمكين من النسخة، وأضعفها المناولة
المجردة من الاجازة.
انظر " شرح ألفية الحديث " للسخاوي 2 / 101 وما بعدها.
(1) كذا قال هنا، مع أنه قال في " الميزان " 3 / 262: وقال
أبو حاتم: لا يحتج به.
وقال الساجي: ضعيف.
وقال العقيلي: في حديثه وهم.
وانظر " الجرح والتعديل " 6 / 235، 236، و " تهذيب الكمال
" لوحة 1037.
* طبقات ابن سعد 7 / 341، التاريخ لابن معين: 573، طبقات
خليفة ت (1622)، التاريخ الكبير 7 / 334، التاريخ الصغير 2
/ 328، تاريخ بغداد 13 / 197، 198، تهذيب الكمال لوحة
1346، العبر 1 / 366، تذهيب التهذيب 3 / 52 / 1، الكاشف 3
/ 158، تهذيب التهذيب 10 / 215، خلاصة تذهيب الكمال: 382،
شذرات الذهب 2 / 34.
(2) نسبة إلى معن بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بطن بن
الاوس.
(*)
(10/214)
ابن أبي شيبة، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وعمرو بن
الناقد، وأحمد ابن منيع، وهارون الحمال، وعبد بن حميد،
ومحمد بن أحمد بن النضر
الازدي سبطه، وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: صدوق ثقة (1).
وقال ابن معين: كان رجلا شجاعا لا يبالي بلقاء عشرين (2).
وكان يقال له: ابن الكرماني.
قال محمد بن سعد: يروي عن زائدة " مصنفه "، ويروي عن أبي
إسحاق الفزاري كتاب السيرة في دار الحرب.
نزل بغداد، وسمع منه أهلها (3).
قال علي بن أحمد بن النضر الازدي: رأيت جدي رحمه الله
معاوية ابن عمرو، وهو عند رأس أمي، وهي في الموت، فجعل
وجهها بحذاء القبلة ورجليها بحذاء القبلة، فلما قاربت أن
تقضي سترها منا، وصلى عليها، فكبر أربعا.
قال: وكان مولده في سنة ثمان وعشرين ومئة، ومات سنة أربع
عشرة ومئتين (4).
وقال ابن سعد: مات في غرة جمادى الاولى منها (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 198، و " تهذيب الكمال " لوحة
1346.
(2) " تاريخ ابن معين " ص 573.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 341.
(4) " تاريخ بغداد " 13 / 198، و " تهذيب الكمال " لوحة
1346.
(5) " طبقات ابن سعد " 7 / 341.
(*)
(10/215)
54 - أبو أحمد المؤدب
* (ع) الامام الحافظ الثقة، أبو أحمد، حسين بن محمد بن
بهرام المروذي المؤدب، نزيل بغداد.
حدث عن: ابن أبي ذئب، وجرير بن حازم، وشيبان النحوي،
وإسرائيل بن يونس، وأبي غسان محمد بن مطرف، وسليمان بن
قرم، وطائفة.
وكان من علماء الحديث.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وعبد
الرحمن بن مهدي وهو من شيوخه، ومحمد بن يحيى الذهلي،
ويعقوب بن شيبة، وعباس الدوري، وإبراهيم الحربي، وحنبل بن
إسحاق، وخلق سواهم.
قال معاوية بن صالح الاشعري: قال لي أحمد بن حنبل: اكتبوا
عن أبي أحمد حسين بن محمد.
وجاء أحمد معي إليه يسأله أن يحدثني (1).
وقال محمد بن سعد: ثقة (2).
وقال النسائي: ليس به بأس (3).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 338، تاريخ ابن معين: 119، التاريخ
الكبير 2 / 390، الجرح والتعديل 3 / 64، تاريخ بغداد 8 /
88 - 90، تهذيب الكمال لوحة 298، تذهيب التهذيب 1 / 158 /
2، الكاشف 1 / 234، ميزان الاعتدال 1 / 1 / 547، المغني في
الضعفاء 1 / 175، العبر 1 / 366، تهذيب التهذيب 2 / 366،
طبقات الحفاظ: 161، خلاصة تذهيب الكمال: 84.
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 89.
(2) " الطبقات " 7 / 338.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 298.
(*)
(10/216)
قلت: اختلفوا في وفاته، فقال حنبل: مات سنة ثلاث عشرة
ومئتين (1).
وقال مطين: سنة أربع عشرة (2).
قلت: كان من أبناء السبعين أو الثمانين.
وحديثه في الاصول الستة.
55 - خالد بن مخلد *
(خ، م، ت، س، ق) الامام المحدث، الحافظ المكثر المغرب، أبو
الهيثم البجلي الكوفي القطواني.
وقطوان: مكان بالكوفة.
جل روايته عن أهل المدينة.
حدث عن: مالك، وأبي الغصن ثابت بن قيس، وسليمان بن بلال،
ونافع بن أبي نعيم، وعلي بن صالح بن حي، وكثير بن عبد الله
ابن عوف، وعبد الله بن جعفر المخرمي، ومحمد بن موسى الفطري
(3) وعدة.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه "، وعباس الدوري، وعبد بن
حميد، وأبو أمية الطرسوسي، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ومحمد
بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 90.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 298.
* طبقات ابن سعد 6 / 406، التاريخ الكبير 3 / 147، التاريخ
الصغير 2 / 331، الجرح والتعديل 3 / 354، الكامل لابن عدي
2 / لوحة 237، الانساب 10 / 197، المعجم المشتمل: 114،
اللباب 3 / 47، تهذيب الكمال لوحة 367، تذكرة الحفاظ 1 /
406، العبر 1 / 364، ميزان الاعتدال 1 / 640، تذهيب
التهذيب 1 / 192 / 1، الكاشف 1 / 274، تهذيب التهذيب 3 /
116، طبقات الحفاظ: 173، خلاصة تذهيب الكمال: 102، شذرات
الذهب 2 / 29.
(3) نسبة إلى الفطريين، وهم من موالي بني مخزوم " الانساب
" 9 / 317.
(*)
(10/217)
شداد المسمعي، وخلق سواهم.
وقد روى الجماعة سوى أبي داود عن رجل عنه.
وقد حدث عنه من القدماء عبيدالله بن موسى.
قال يحيى بن معين: ما به بأس (1).
وقال أبو داود: صدوق، لكنه يتشيع (2).
وقال أحمد بن حنبل: له أحاديث مناكير (3).
وقال محمد بن سعد: كان منكر الحديث، مفرطا في التشيع،
كتبوا عنه ضرورة (4).
وذكره ابن عدي في " كامله " (5)، فأورد له عدة أحاديث
منكرة (6).
وقال مطين: مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (7).
وزاد صاحب " النبل ": مات في المحرم (8).
وقد روى أبو داود في جمعه لحديث مالك عن رجل عنه.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(4) " الطبقات الكبرى " 6 / 406.
(5) 2 / لوحة 237.
(6) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 398: قلت: أما التشيع
فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الاخذ والاداء لا يضره، لا سيما
ولم يكن داعية إلى رأيه، وأما المناكير، فقد تتبعها أبو
أحمد بن عدي من حديثه، وأوردها في " كامله " وليس فيها شئ
مما أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من أفراده سوى
حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة: " من عادى لي وليا.
" الحديث.
وروى له الباقون سوى أبي داود.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 367.
(8) " المعجم المشتمل " ص 114 (*)
(10/218)
وقيل: بل القطواني لقب له، وقيل: نسبة إلى محلة (1).
وآخر من حدث عنه موتا محمد بن شداد.
قاله الخطيب.
وروى البخاري حديث " من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب "
عن ابن كرامة، عن خالد.
وهو غريب جدا، لم يروه سوى ابن كرامة عنه (2).
56 - سريج بن النعمان *
(خ، 4) ابن مروان، الامام أبو الحسين.
وقيل: أبو الحسن البغدادي الجوهري اللؤلؤي.
حدث عن: فليح بن سليمان، وحماد بن سلمة، ونافع بن عمر
المكي، وعبد الله بن المؤمل المخزومي، وحشرج بن نباتة،
وأبي عوانة، وحماد بن زيد، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، والباقون بواسطة سوى مسلم، وأحمد بن
حنبل، وأحمد بن منيع، ومحمد بن رافع، وإسماعيل سمويه، وأبو
بكر الصاغاني، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم الحربي، وخلق
كثير.
__________
(1) " المعجم المشتمل " ص 114 (2) الحديث أخرجه البخاري 11
/ 292، 295 في الرقاق: باب التواضع.
وقال الحافظ: ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له
أصلا، ثم ذكره عن عائشة وأبي أمامة، وعلي، وابن عباس،
وأنس، وحذيفة، ومعاذ بن جبل، وعزاها إلى مخرجيها، وتكلم
عليها، فارجع إليه.
* التاريخ الكبير 4 / 205، الجرح والتعديل 4 / 304، تاريخ
بغداد 9 / 217، المعجم المشتمل: 125، تهذيب الكمال لوحة
469، تذهيب التهذيب 2 / 6 / 1، الكاشف 1 / 349، ميزان
الاعتدال 2 / 116، تهذيب التهذيب 3 / 457، خلاصة تذهيب
الكمال: 132.
(*)
(10/219)
وقد روى البخاري أيضا عن رجل عنه.
وثقه أبو داود، وقد غلط في أحاديث (1).
وقال النسائي وغيره: ليس به بأس (2).
قلت: كان من أعيان المحدثين.
قال حنبل: توفي يوم الاضحى سنة سبع عشرة ومئتين (3).
قلت: فيها مات حجاج بن منهال (4)، وموسى بن داود الضبي
(5)، وهشام بن إسماعيل العطار العابد، وعمرو بن مسعدة كاتب
السر للمأمون (6)، وإسماعيل بن مسلمة القعنبي (7).
57 - عبد الله بن عبد الحكم
* (س) ابن أعين بن ليث، الامام الفقيه مفتي الديار
المصرية، أبو محمد المصري المالكي، صاحب مالك، ويقال: إنه
من موالي عثمان رضي الله عنه (8).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 469.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 469.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 469.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 352 من هذا الجزء.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة 136.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة 181.
(7) سترد ترجمته في الصفحة 265 من هذا الجزء.
* التاريخ الكبير 5 / 142، الجرح والتعديل 5 / 105،
الانتقاء 52، 53، 113، ترتيب المدارك 2 / 523 - 528، وفيات
الاعيان 3 / 34، 35، تهذيب الكمال لوحة 701، الكاشف 2 /
102، العبر 1 / 366، تذهيب التهذيب 2 / 159، 160، البداية
والنهاية 10 / 269، الديباج المذهب 1 / 419 - 421، تهذيب
التهذيب 5 / 289، حسن المحاضرة 1 / 305، خلاصة تذهيب
الكمال: 204، شذرات الذهب 2 / 34، شجرة النور الزكية 1 /
59.
(8) " تهذيب الكمال " لوحة 701.
(*)
(10/220)
ولد سنة خمس وخمسين ومئة.
سمع الليث بن سعد، ومالك بن أنس، ومفضل بن فضالة، ومسلم
ابن خالد الزنجي، ويعقوب بن عبدالرحمن الاسكندراني، وبكر
بن مضر وابن القاسم، وابن وهب، وعدة.
حدث عنه: بنوه الائمة محمد وسعد وعبد الرحمن وعبد الحكم،
وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن البرقي، وخير بن عرفة، ومقدام
بن داود الرعيني، وأبو يزيد القراطيسي، ومحمد بن عمرو
أبوالكروس (1) ومالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، وعدة.
وثقة أبو زرعة (2).
وقال ابن وارة: كان شيخ أهل مصر (3).
وقال أحمد العجلي: لم أر بمصر أعقل منه ومن سعيد بن أبي
مريم (4).
وقال ابن حبان: كان ممن عقل مذهب مالك، وفرع على أصوله
(5).
قلت: لم يثبت قول ابن معين: إنه كذاب.
__________
(1) في " تبصير المنتبه " 3 / 1192: وبفتح الكاف والراء
وتشديد الواو: أبوالكروس محمد بن عمرو بن تمام الواسطي،
روى عنه محمد بن عبد السلام البيروتي مكحول، وآخرون.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 702، و " حسن المحاضرة " 1 /
305.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 702.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 702.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 702، و " حسن المحاضرة " 1 /
305، ولفظه فيهما: كان ممن عقد على مذهب مالك، وفرع على
أصوله.
(*)
(10/221)
قال أبو عمر الكندي: سكن أبوه وجده أعين جميعا
بالاسكندرية، وبها ماتا (1).
وقال ابن عبد البر: صنف عبد الله بن عبد الحكم كتابا اختصر
فيه أسمعته من ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، ثم اختصر من
ذلك كتابا صغيرا، وعلى الكتابين مع غيرهما معول البغداديين
المالكية في المدارسة، وإياهما شرح القاضي أبو بكر الابهري
(2).
قلت: وذكروا أنه صنف كتاب " الاموال "، وكتاب " مناقب عمر
بن عبد العزيز " وسارت بتصانيفه الركبان، وكان وافر
الجلالة، كثير المال، رفيع المنزلة.
قال الشيخ أبو إسحاق الفيروزآبادي (3): كان ابن عبد الحكم
أعلم
أصحاب مالك بمختلف قوله، أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب
(4).
قيل: إنه أعطى الشافعي ألف دينار، وأخذ له من رئيسين (5)
ألفي دينار، وكان يزكي العدول، ويجرحهم، وما كان يشهد،
ودفن إلى جنب الشافعي (6).
قلت: وكان يحرض ولده محمد بن عبد الله على ملازمة الشافعي.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 702.
(2) " الانتقاء " ص 53، و " ترتيب المدارك " 2 / 524.
(3) هو إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروزآبادي -
نسبة إلى فيروزاباذ: بلدة بفارس بالقرب من شيراز - له كتاب
" طبقات الفقهاء " و " اللمع " و " التنبيه ".
توفي سنة 476 ه وسترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(4) " ترتيب المدارك " 2 / 524.
(5) عند ابن خلكان: " رجلين " بدل " رئيسين ".
(6) " وفيات الاعيان " 3 / 35.
(*)
(10/222)
مات في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومئتين، وله نحو من ستين
سنة، رحمه الله.
أخبرنا عمر بن محمد المذهب في جماعة قالوا: أخبرنا عبد
الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن
الداوودي، أخبرنا أبو محمد ابن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر،
أخبرنا عبد الله بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن عبد
الحكم، حدثنا بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن صالح هو
ابن عطاء، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر،
وأنا أول شافع وأول
مشفع ولا فخر ".
هذا حديث صالح الاسناد، وصالح هذا مصري، ما عملت به بأسا
(1).
58 - أبو المغيرة * (ع)
الامام المحدث الصادق، مسند حمص، أبو المغيرة عبد القدوس
__________
(1) وباقي رجاله ثقات، وهو في " سنن الدارمي " 1 / 27، لكن
فيه بين صالح بن عطاء وبين جابر عطاء بن رباح.
وفي الباب عن أبي هريرة: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة،
وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع " أخرجه أحمد
2 / 540، وأبو داود (4763)، ومسلم (2278).
وعن أبي سعيد الخدري بلفظ: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة
ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم
فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر
" أخرجه أحمد 3 / 2، والترمذي (3618)، وابن ماجه (4308)،
وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام عند ابن حبان (2128).
* التاريخ الصغير 2 / 324، التاريخ الكبير 6 / 120، الجرح
والتعديل 6 / 56، المعجم المشتمل: 174، تهذيب الكمال لوحة
848، تذهيب التهذيب 2 / 246 / 1، الكاشف 2 / 204، ميزان
الاعتدال 2 / 643، تذكرة الحفاظ 1 / 386، العبر 1 / 363،
تهذيب التهذيب 6 / 369، خلاصة تذهيب الكمال: 242، شذرات
الذهب 2 / 28.
(*)
(10/223)
ابن الحجاج الخولاني الحمصي.
ولد في حدود سنة ثلاثين ومئة.
وحدث عن: صفوان بن عمرو، وحريز بن عثمان، وأرطاة بن
المنذر، وأبي بكر بن أبي مريم، وعبدة بنت خالد بن معدان،
وعفير بن معدان، وأبي عمرو الاوزاعي، وعبد الله بن العلاء
بن زبر، ويزيد بن
عطاء اليشكري، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وعبد الرحمن
المسعودي، وسعيد بن سنان، وعبد الرحيم بن يزيد بن تميم،
وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وابن معين، والذهلي، وسلمة بن
شبيب، وإسحاق الكوسج، وأبو محمد الدارمي، وأحمد بن
عبدالرحيم ابن يزيد الحوطي (1)، ومحمد بن عوف، ومحمد بن
عبدالملك بن زنجويه، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وخلق
سواهم.
قال العجلي: ثقة (2).
وقال أبو حاتم: صدوق (3).
وقال النسائي: ليس به بأس (4).
قال ابن زنجويه: ما رأيت أخوف لله من إسحاق بن سليمان، ولا
رأيت أخشع من أبي المغيرة، ولا أحفظ من يزيد بن هارون، ولا
أعقل من
__________
(1) نسبة إلى " حوط " وهي قرية بمدينة حمص أو مدينة جبلة
بالساحل.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 849.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 56.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 849.
(*)
(10/224)
أبي مسهر، ولا أورع من الفريابي.
قال البخاري: مات أبو المغيرة سنة اثنتي عشرة (1)، وصلى
عليه أحمد بن حنبل.
قلت: روى عنه البخاري، وهو والباقون عن رجل عنه.
59 - أسد بن الفرات *
الامام العلامة القاضي الامير، مقدم المجاهدين، أبو عبد
الله الحراني، ثم المغربي.
مولده بحران سنة أربع وأربعين ومئة.
قال ابن ماكولا (2).
وقال غيره: سنة خمس.
ودخل القيروان مع أبيه في الجهاد، وكان أبوه الفرات بن
سنان من أعيان الجند.
روى أسد عن مالك بن أنس " الموطأ "، وعن يحيى بن أبي
زائدة، وجرير بن عبدالحميد، وأبي يوسف القاضي، ومحمد بن
الحسن.
وغلب عليه علم الرأي، وكتب علم أبي حنيفة.
أخذ عنه شيخه أبو يوسف، وقيل: إنه تفقه أولا على الامام
علي بن زياد التونسي.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 6 / 120، 121.
* رياض النفوس 1 / 172 - 189، الاكمال لابن ماكولا 4 /
454، 455، ترتيب المدارك 2 / 465، وفيات الاعيان 3 / 182،
معالم الايمان 2 / 3 - 26، العبر 1 / 364، الاحاطة في
أخبار غرناطة 1 / 422، الديباج المذهب 1 / 305، 306، قضاة
الاندلس: 54، شذرات الذهب 2 / 28، 29، شجرة النور الزكية 1
/ 62.
(2) في " الاكمال " 4 / 454، 455.
(*)
(10/225)
قيل: إنه رجع من العراق، فدخل على ابن وهب، فقال: هذه كتب
أبي حنيفة، وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك، فأبى،
وتورع، فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك،
وبما يعلم من قواعد مالك، وتسمى هذه المسائل الاسدية (1).
وحصلت بإفريقية له رياسة وإمرة، وأخذوا عنه، وتفقهوا به.
وحمل عنه سحنون بن سعيد، ثم ارتحل سحنون بالاسدية إلى ابن
القاسم، وعرضها عليه، فقال ابن القاسم: فيها أشياء لا بد
أن تغير، وأجاب عن أماكن، ثم كتب إلى أسد بن الفرات: أن
عارض كتبك بكتب سحنون.
فلم يفعل، وعز عليه، فبلغ ذلك ابن القاسم، فتألم، وقال:
اللهم لا تبارك في الاسدية، فهي مرفوضة عند المالكية (2).
قال أبو زرعة الرازي: كان عند ابن القاسم نحو ثلاث مئة جلد
مسائل عن مالك، وكان أسد من أهل المغرب سأل محمد بن الحسن
عن مسائل، ثم سأل ابن وهب، فلم يجبه، فأتى ابن القاسم،
فتوسع له، وأجاب بما عنده عن مالك وبما يراه، قال: والناس
يتكلمون في هذه المسائل (3).
قال عبدالرحيم الزاهد: قدم علينا أسد، فقلت: بم تأمرني ؟
بقول مالك، أو بقول أهل العراق ؟ فقال: إن كنت تريد
الآخرة، فعليك بمالك.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 469.
(2) انظر خبر المسائل الاسدية في " ترتيب المدارك " 2 /
469 - 473.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 469 - 471.
(*)
(10/226)
وقيل: نفدت نفقة أسد وهو عند محمد، فكلم فيه الدولة،
فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم (1).
وقد كان أسد ذا إتقان، وتحرير لكتبه، لقد بيعت كتب فقيه،
فنودي عليها: هذه قوبلت على كتب الافريقي، فاشتروها ورقتين
بدرهم.
وعن ابن القاسم، أنه قال لاسد: أنا أقرأ في اليوم والليلة
ختمتين، فأنزل لك عن ختمة - يعني لاشتغاله به (2).
قال داود بن أحمد: رأيت أسدا يعرض التفسير، فقرأ: (إنني
أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني)، فقال: ويل أم أهل
البدع، يزعمون أن الله خلق كلاما، يقول: أنا (3).
قلت: آمنت بالذي يقول: إني أنا الله، وبأن موسى كليمه سمع
هذا منه، ولكني لا أدري كيف تكلم الله ؟ مضى أسد أميرا على
الغزاة من قبل زيادة الله الاغلبي متولي المغرب، فافتتح
بلدا من جزيرة صقلية (4)، وأدركه أجله هناك في ربيع الآخر،
سنة ثلاث عشرة ومئتين.
وكان مع توسعه في العلم فارسا بطلا شجاعا مقداما، زحف إليه
صاحب صقلية في مئة ألف وخمسين ألفا.
قال رجل: فلقد رأيت أسدا
__________
(1) انظر " معالم الايمان " 2 / 9 - 11.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 469.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 474.
(4) كذا ضبطت في الاصل، وقال ياقوت في " معجمه ": صقلية
بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء، وأكثر أهل صقلية يفتحون
الصاد واللام، وهي من جزائر بحر المغرب مقابلة إفريقية.
(*)
(10/227)
وبيده اللواء يقرأ سورة " يس "، ثم حمل بالجيش، فهزم
العدو، ورأيت الدم وقد سال على قناة اللواء وعلى ذراعه
(1).
ومرض وهو محاصر سرقوسية (2).
ولما ولاه صاحب المغرب الغزو، قال: قد زدتك الامرة، وهي
أشرف، فأنت أمير وقاض (3).
60 - أبو مسهر * (ع) عبدالاعلى
بن مسهر بن عبدالاعلى بن مسهر، الامام، شيخ الشام،
أبو مسهر بن أبي ذرامة الغساني الدمشقي الفقيه.
قرأ القرآن على أيوب بن تميم، وصدقة بن خالد، وسويد بن عبد
العزيز عن تلاوتهم على يحيى الذماري.
وقرأ القرآن أيضا على سعيد بن عبد العزيز، ولازمه، وسمع
منه، ومن عبد الله بن العلاء بن زبر، وسعيد بن بشير،
ومعاوية بن سلام،
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 477.
(2) في " معجم البلدان ": سرقوسة: أكبر مدينة بجزيرة
صقلية.
وانظر " ترتيب المدارك " 2 / 477 وفيه: وتوفي وهو محاصر
سرقوسة.
(3) انظر الخبر بتمامه في " ترتيب المدارك " 2 / 477.
* طبقات ابن سعد 7 / 473، تاريخ ابن معين: 339، التاريخ
الكبير 6 / 73، التاريخ الصغير 2 / 339، الجرح والتعديل 6
/ 29، تاريخ بغداد 11 / 72 - 75، ترتيب المدارك 2 / 416 -
419، مناقب الامام أحمد: 486 - 487، تهذيب الكمال لوحة
761، تذهيب التهذيب 2 / 198 / 1، 2، العبر 1 / 374، تذكرة
الحفاظ 1 / 381، الكاشف 2 / 147، عيون التواريخ 7 / لوحة
314، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 355، تهذيب التهذيب 6 /
98، طبقات الحفاظ: 163، خلاصة تذهيب الكمال: 221، شذرات
الذهب 2 / 44.
(*)
(10/228)
ومالك بن أنس، ويحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر، ويحيى بن
حمزة
القاضي، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن مهاجر، وإسماعيل بن
عبد الله بن سماعة، وخالد بن يزيد المري، وعدة، وأخذ بمكة
عن ابن عيينة، وأخذ حرف نافع بن أبي نعيم، عنه، وكان من
أوعية العلم.
مولده سنة أربعين ومئة.
روى عنه: مروان بن محمد الطاطري، ويحيى بن معين، وأحمد ابن
حنبل، ومحمد بن عائذ، ودحيم، وسليمان بن بنت شرحبيل، وأحمد
ابن أبي الحواري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو عبد الله
البخاري، ولكن قل ما روى عنه، وإسحاق الكوسج، وعباس
الترقفي، وأبو بكر الصغاني (1)، وأبو محمد الدارمي، وأبو
أمية الطرسوسي، ومحمد بن عوف، وإبراهيم بن ديزيل، وأبو
حاتم الرازي، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، وأحمد بن محمد
بن يحيى بن حمزة، وأبو زرعة النصري، وهارون بن موسى الاخفش
المقرئ، وعبد الرحمن بن الرواس، الهاشمي، وخلق سواهم.
قال دحيم: ولد في صفر سنة أربعين ومئة (2).
وقال أبو مسهر: قد رأيت الاوزاعي، ورأيت ابن جابر، وجالسته
(3).
__________
(1) هذه النسبة إلى بلاد مجتمعة وراء نهر جيحون يقال لها:
" جغانيان "، وتعرب فيقال لها: " الصغانيان "، وهي كورة
واسعة كثيرة الماء والشجر والاهل، وسوقها كبيرة، ومسجدها
حسن مشهور، والنسبة إليها: الصغاني والصاغاني أيضا.
" الانساب " 8 / 68.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 72.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 72.
(*)
(10/229)
قال ابن سعد: كان أبو مسهر راوية سعيد بن عبد العزيز، وكان
أشخص من دمشق إلى المأمون بالرقة، فسأله عن القرآن، فقال:
هو كلام الله، وأبى أن يقول: مخلوق، فدعا له بالنطع والسيف
ليضرب عنقه، فلما رأى ذلك، قال: مخلوق.
فتركه من القتل، وقال: أما إنك لو قلت ذاك قبل السيف،
لقبلت منك، ولكنك تخرج الآن، فتقول: قلت ذاك فرقا من
القتل، فأمر بحبسه ببغداد في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة،
ومات بعد قليل في الحبس في غرة رجب من السنة، فشهده قوم
كثير من أهل بغداد (1).
قال أبو زرعة عن أبي مسهر: ولد لي ولد والاوزاعي حي،
وجالست سعيد بن عبد العزيز ثنتي عشرة سنة، وما كان أحد من
أصحابي أحفظ لحديثه مني، غير أني نسيت (2).
وسمعت أبا مسهر يقول: كتب إلي أحمد بن حنبل لاكتب إليه
بحديث أم حبيبة في مس الفرج (3).
قال أبو إسحاق الجوزجاني: سمعت يحيى بن معين يقول: الذي
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 473، و " مناقب الامام أحمد "
لابن الجوزي ص 486، 487، و " تهذيب الكمال " لوحة 762، و "
تهذيب التهذيب " 6 / 100 وقد تحرف فيه " ابن سعد " إلى "
أبي سعيد "، و " راوية " إلى " روايته ".
(2) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 580، 581، و " تاريخ
بغداد " 11 / 72، و " تهذيب الكمال " لوحة 761.
(3) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 396 و " تاريخ بغداد "
11 / 73، ولفظ الحديث: " من مس فرجه فليتوضأ " أخرجه ابن
ماجة (481) من طريق الهيثم بن حميد، حدثنا العلاء ابن
الحارث، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مس
فرجه فليتوضأ " قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 36: هذا
إسناد
فيه مقال، مكحول الدمشقي مدلس، وقد رواه بالعنعنة، فوجب
ترك حديثه، لا سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة وهشام بن
عمار وأبو مسهر وغيرهم: إنه لم يسمع من عنبسة بن أبي
سفيان، فالاسناد منقطع.
وانظر " نصب الراية " 1 / 56، 57.
(*)
(10/230)
يحدث ببلد به [ من هو ] أولى بالتحديث منه أحمق، وإذا
رأيتني أحدث ببلد فيها مثل أبي مسهر فينبغي للحيتي أن تحلق
(1).
روى الفصل الثاني أحمد بن أبي الحواري عن يحيى أيضا (2).
محمد بن عائذ، عن ابن معين قال: منذ خرجت من الانبار إلى
أن رجعت ما رأيت مثل أبي مسهر (3).
أبو حاتم: حدثنا أحمد بن أبي الحواري، سمعت ابن معين،
يقول: ما رأيت منذ خرجت من بلادي أحدا أشبه بالمشيخة الذين
أدركتهم من أبي مسهر (4).
قال فياض بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: كل من ثبت أبو
مسهر من الشاميين فهو مثبت (5).
قال أبو زرعة الدمشقي: قال لي أحمد بن حنبل: عندكم ثلاثة
أصحاب حديث: الوليد، ومروان بن محمد، وأبو مسهر (6).
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رحم الله أبا مسهر،
ما كان أثبته، وجعل يطريه (7).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 761، والزيادة منه.
(2) بل روى الفصل الاول وهو قوله: " والذي يحدث وفي البلد
أولى بالتحديث منه فهو أحمق " انظر " تاريخ بغداد " 11 /
74، و " تهذيب الكمال " لوحة 761، و " الجرح والتعديل " 6
/ 29.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(6) تاريخ دمشق لابي زرعة 1 / 384، و " تاريخ بغداد " 11 /
73، و " تهذيب الكمال " لوحة 761.
(7) " تاريخ بغداد " 11 / 73، و " تهذيب الكمال " لوحة
761.
(*)
(10/231)
قال أبو زرعة: رأيت أبا مسهر يحضر الجامع بأحسن هيئة في
البياض والساج والخف، ويعتم على طويلة بعمامة سوداء عدنية
(1).
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي مسهر، فقال: ثقة، ما
رأيت أفصح منه ممن كتبنا عنه هو وأبو الجماهر (2).
قال أبو الحسن محمد بن الفيض: خرج السفياني المعروف بأبي
العميطر علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية (3)،
وأمه هي نفيسة بنت عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب
في سنة خمس وتسعين ومئة (4)، فولى أبا مسهر قضاء دمشق
كرها، ثم إنه تنحى عن القضاء لما خلع أبوالعميطر.
قال محمد بن عوف الطائي: سمعت أبا مسهر يقول: قال لي سعيد
ابن عبد العزيز: ما شبهتك في الحفظ إلا بجدك أبي ذرامة، ما
كان يسمع شيئا إلا حفظه (5).
وقال أبوالجماهر محمد بن عثمان: ما رأيت بالشام مثل أبي
مسهر (6).
قال العباس بن الوليد البيروتي: سمعت أبا مسهر يقول: لقد
حرصت على علم الاوزاعي حتى كتبت عن ابن سماعة ثلاثة عشر
كتابا،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(3) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب.
(4) انظر " الكامل " لابن الاثير 6 / 249، و " النجوم
الزاهرة " 2 / 147، 148.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 762.
(*)
(10/232)
حتى لقيت أباك الوليد، فوجدت عنده علما لم يكن عند القوم
(1).
قال ابن زنجويه: سمعت أبا مسهر يقول: عرامة الصبي في صغره
زيادة في عقله في كبره (2).
قال ابن ديزيل: سمعت أبا مسهر ينشد: هبك عمرت مثل ما عاش
نوح ثم لاقيت كل ذاك يسارا هل من الموت لا أبالك بد أي حي
إلى سوى الموت صارا مبدأ محنة الامام أبي مسهر: قال علي بن
عثمان النفيلي: كنا على باب أبي مسهر جماعة من أصحاب
الحديث، فمرض، فعدناه، وقلنا: كيفا أصبحت ؟ قال: في عافية،
راضيا عن الله، ساخطا على ذي القرنين: كيف لم يجعل سدا
بيننا وبين أهل العراق، كما جعله بين أهل خراسان وبين
يأجوج ومأجوج.
فما كان بعد هذا إلا يسيرا حتى وافى المأمون دمشق، ونزل
بدير
مران (3) وبنى القبة فوق الجبل، فكان بالليل يأمر بجمر
عظيم، فيوقد،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 73.
والعرامة: الشدة والشراسة.
وانظر " اللسان ".
(3) قال الشيخ محمد أحمد دهمان في مقدمة كتاب " تاريخ
الصالحية " ص 7: هي محلة كانت عامرة آهلة بالسكان، ومحلها
اليوم في السفح الواقع أسفل قبة السيار، وأعلى بستان
الدواسة، يطل منها الانسان على الربوة وحدائقها ذات البهجة
التي كان يزرع فيها قديما الزعفران، ولا تزال تلك الجهة
حتى اليوم تدعى بدير مران، وعرفت تلك الجهة بهذا الاسم
لوجود دير يدعى بدير مران، ذكره أبو الفرج الاصبهاني في "
الاغاني " وقال: إنه دير على تلعة مشرفة عالية تحتها مروج
ومياه حسنة.
(*)
(10/233)
ويجعل في طسوت كبار، تدلى من عند القبيبة بسلاسل وحبال،
فتضئ لها الغوطة، فيبصرها بالليل.
وكان لابي مسهر حلقة في الجامع بين العشاءين عند حائط
الشرقي، فبينا هو ليلة، إذ قد دخل الجامع ضوء عظيم، فقال
أبو مسهر: ما هذا ؟ قالوا: النار التي تدلى من الجبل لامير
المؤمنين حتى تضئ له الغوطة.
فقال: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون.
وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) الآية [ الشعراء: 128 و 129
].
وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون، فرفع ذلك إلى المأمون،
فحقدها عليه، وكان قد بلغه أيضا أنه كان على قضاء أبي
العميطر.
فلما رحل المأمون، أمر بحمل أبي مسهر إليه، فامتحنه بالرقة
في القرآن.
قلت: قد كان المأمون بأسا وبلاء على الاسلام.
أبوالدحداح أحمد بن محمد: حدثنا الحسن بن حامد النيسابوري،
حدثني أبو محمد، سمعت أصبغ - وكان مع أبي مسهر هو وابن أبي
النجا خرجا معه يخدمانه - فحدثني أصبغ أن أبا مسهر دخل على
المأمون بالرقة، وقد ضرب رقبة رجل وهو مطروح، فأوقف أبا
مسهر في الحال، فامتحنه، فلم يجبه، فأمر به، فوضع في النطع
ليضرب عنقه، فأجاب إلى خلق القرآن، فأخرج من النطع، فرجع
عن قوله، فأعيد إلى النطع، فأجاب، فأمر به أن يوجه إلى
العراق، ولم يثق بقوله، فما حذر، وأقام عند إسحاق بن
إبراهيم - يعني نائب بغداد - أياما لا تبلغ مئة يوم، ومات
رحمه الله (1).
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 72، 73.
(*)
(10/234)
قال الحسن بن حامد: فحدثني عبدالرحمن، عن رجل يكنى أبا
بكر: أن أبا مسهر أقيم ببغداد ليقول قولا يبرئ فيه نفسه من
المحنة، ويوقى المكروه، فبلغني أنه قال في ذلك الموقف: جزى
الله أمير المؤمنين خيرا، علمنا ما لم نكن نعلم، وعلم علما
ما علمه من كان قبله، وقال: قل: القرآن مخلوق وإلا ضربت
عنقك، ألا فهو مخلوق.
قال: فأرجو أن يكون له في هذا المقالة نجاة.
الصولي: حدثنا عون بن محمد، عن أبيه، قال: قال إسحاق بن
إبراهيم: لما صار المأمون إلى دمشق ذكروا له أبا مسهر،
ووصفوه بالعلم والفقه، فأحضره، فقال: ما تقول في القرآن ؟
قال: كما قال الله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك
فأجره حتى يسمع كلام الله) [ التوبة: 5 ] فقال: أمخلوق هو
أو غير مخلوق ؟ قال: ما يقول أمير
المؤمنين ؟ قال: مخلوق، قال: يخبر عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أو عن الصحابة أو التابعين ؟ قال: بالنظر، واحتج
عليه.
فقال: يا أمير المؤمنين نحن مع الجمهور الاعظم أقول
بقولهم، والقرآن كلام الله غير مخلوق.
قال: يا شيخ أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم هل اختتن
؟ قال: ما سمعت في هذا شيئا.
قال: فأخبرني عنه أكان يشهد إذا زوج أو تزوج ؟ قال: ولا
أدري.
قال: اخرج قبحك الله، وقبح من قلدك دينه، وجعلك قدوة (1).
قال أبو حاتم الرازي: ما رأيت أحدا أعظم قدرا من أبي مسهر،
كنت أراه إذا خرج إلى المسجد، اصطف الناس يسلمون عليه،
ويقبلون يده (2).
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 2 / 418، 419.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 29.
(*)
(10/235)
قال أحمد بن علي بن الحسن البصري: سمعت أبا داود السجستاني
- وقيل له: إن أبا مسهر كان متكبرا في نفسه - فقال: كان من
ثقات الناس، رحم الله أبا مسهر، لقد كان من الاسلام بمكان،
حمل على المحنة، فأبى، وحمل على السيف، فمد رأسه، وجرد
السيف، فأبى، فلما رأوا ذلك منه، حمل إلى السجن، فمات (1).
وقيل: عاش أبو مسهر تسعا وسبعين سنة.
قال الذهلي: سمعت أبا مسهر ينشد: ولا خير في الدنيا لمن لم
يكن له * من الله في دار المقام نصيب فإن تعجب الدنيا
رجالا فإنه * متاع قليل والزوال قريب قال أبو حسان
الزيادي، وغيره: مات أبو مسهر في رجب سنة ثمان
عشرة ومئتين (2).
قلت: حديثه في الكتب الستة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق الابرقوهي، أخبرنا أحمد بن يوسف،
والفتح بن عبد الله ببغداد قالا: أخبرنا محمد بن عمر
الارموي (3)، وأخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبدالمعز بن
محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، وأخبرنا عمر بن عبد
المنعم، أنبأنا عبد الجليل بن مندويه، أخبرنا نصر بن
المظفر قالوا: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، أخبرنا علي بن
عمر الحربي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن
معين،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 74.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 75.
(3) نسبة إلى " أرمية " وهي مدينة عظيمة بأذربيجان.
(*)
(10/236)
حدثنا أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، قال ابن عمر: وضوء
على وضوء عشر حسنات.
قرأت على أحمد بن تاج الامناء، أخبركم مكرم بن محمد
القرشي، أخبرنا حمزة بن علي الثعلبي، أخبرنا الحسن بن أحمد
بن أبي الحديد سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة (ح) وأخبرنا
أحمد بن هبة الله وابن عمه عبد المنعم قالا: أخبرنا أبو
طالب محمد بن عبد الله بن صابر، وإبراهيم وعبد العزيز ابنا
بركات الخشوعي، قالوا: أخبرنا أبو المعالي بن صابر، أخبرنا
أبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي بن الموازيني، وأخوه
أبو الفضل، وأبو طاهر الحنائي (1)، وأبو القاسم الكلابي،
وعلي بن طاهر النحوي قالوا كلهم: أخبرنا محمد بن علي بن
سلوان المازني، أخبرنا أبو الفضل بن جعفر المؤذن، أخبرنا
أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، حدثنا أبو مسهر،
حدثنا معاوية بن سلام، سمعت جدي أبا سلام يحدث عن كعب
الاحبار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال
في يوم: سبحان الله وبحمده مئتي مرة غفرت ذنوبه وإن كانت
مثل زبد البحر ".
هذا خبر فيه إرسال، وفيه انقطاع، لان أبا سلام لم يلق كعبا
(2).
وفي " تاريخ أبي زرعة ": قلت لابي مسهر: سمع معاوية بن
سلام
__________
(1) هو محمد بن الحسين الحنائي، نسبة إلى بيع الحناء.
(2) لكنه صح من وجه آخر، فقد أخرج مالك في " الموطأ " 1 /
212، 213، ومن طريقه مسلم (2691) في الذكر والدعاء: باب
فضل التهليل والتسبيح، والترمذي (3466) في الدعوات، عن
سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مئة
مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ".
(*)
(10/237)
من جده ؟ قال: نعم حدثني أنه سمع جده أبا سلام، فذكر
الحديث موقوفا (1).
61 - زينب * بنت الامير سليمان
عم المنصور العباسية، التي ينسب إليها الزينبيون.
كانت طفلة مع أهلها بالحميمة (2)، ثم نشأت في السعادة ورأت
عدة خلفاء، أولهم ابن عمها السفاح، ثم المنصور، ثم المهدي،
ثم الهادي، ثم الرشيد، ثم الامين، ثم المأمون، وطال عمرها،
وولي أبوها وأخواها محمد وجعفر.
روت عن أبيها.
حدث عنها: ولدها عبد الله بن محمد بن إبراهيم الامام،
وعاصم ابن علي، وأحمد بن الخليل بن مالك، ومحمد بن صالح
القرشي، وعبد الصمد بن موسى العباسي، والمأمون - وكان
يكرمها ويجلها.
وبقيت إلى سنة بضع عشرة ومئتين.
ويقال: عاشت إلى بعد المأمون، وعمرت، فطراد الزينبي (3)
وأقاربه من ذرية عبد الله ولدها.
__________
(1) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 373، 374.
* تاريخ بغداد 14 / 435.
(2) تصغير " الحمة " من أعمال عمان في أطراف الشام.
(3) هو طراد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي الزينبي
البغدادي، مسند العراق، توفي سنة 491 ه، وسترد ترجمته في
الجزء التاسع عشر، ترجمة رقم (23).
(*)
(10/238)
62 - حبان بن هلال
* (ع) الامام الحافظ الحجة، أبو حبيب الباهلي، ويقال:
الكناني البصري.
حدث عن: شعبة، ومعمر بن راشد، وسلم بن زرير، وهمام بن
يحيى، وأبان بن يزيد، وجويرية بن أسماء، وحماد بن سلمة،
وعدة.
حدث عنه: أحمد، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن سعيد الدارمي،
وعبد بن حميد، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن الحسين الحنيني
(1)، ويعقوب الفسوي، وخلق سواهم.
وكان قد قطع الرواية قبل موته بسنوات، فلهذا لم يسمع منه
البخاري، ولا أبو حاتم.
وقد وثقه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل (2).
وقال محمد بن سعد: كان ثقة حجة ثبتا، امتنع من التحديث قبل
موته.
قال: ومات بالبصرة في شهر رمضان سنة ست عشرة ومئتين (3).
قال أحمد بن حنبل: حبان إليه المنتهى في التثبت بالبصرة
(4).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 299، التاريخ الصغير 2 / 331،
المعارف: 521، تهذيب الكمال لوحة 226، تذهيب التهذيب 1 /
117 / 1، الكاشف 1 / 200، تذكرة الحفاظ 1 / 364، العبر 1 /
369، عيون التواريخ 7 / لوحة 314، تهذيب التهذيب 2 / 170،
طبقات الحفاظ: 162، خلاصة تذهيب الكمال: 70، شذرات الذهب 2
/ 36.
(1) قال في " الانساب " 4 / 257: هذه النسبة إلى الجد: وهو
حنين، أو أبو الحنين.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 226.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 299.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 226.
(*)
(10/239)
وقال بكار بن قتيبة: ما رأيت نحويا يشبه الفقهاء إلا حبان
بن هلال، والمازني.
قلت: كان حبان آخر من حدث عن معمر.
ومولده في حدود الثلاثين ومئة، رحمه الله.
63 - طلق بن غنام * (خ،
4) ابن طلق بن معاوية، المحدث الحافظ ابن عم القاضي حفص بن
غياث (1) النخعي الكوفي ونائبه على القضاء، وكان كاتب
الحكم لشريك القاضي.
سمع زائدة، وشيبان، والمسعودي، ومالك بن مغول وهو أكبر شيخ
له، وهمام بن يحيى، وشريك بن عبد الله، وجماعة.
وعنه: البخاري، وأرباب السنن بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو
بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وأبو كريب، وأبو أمية الطرسوسي،
وعباس الدوري، وعبد الله بن الحسين المصيصي، وآخرون.
قال ابن سعد: ثقة صدوق، مات في رجب سنة إحدى عشرة ومئتين
(2).
وقال أبو داود: صالح الحديث (3).
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 405، التاريخ الصغير 2 / 331، الجرح
والتعديل 4 / 491، المعجم المشتمل: 146، تهذيب الكمال لوحة
632، تذهيب التهذيب 2 / 109 / 2، العبر 1 / 360، الكاشف 2
/ 46، تهذيب التهذيب 5 / 33، خلاصة تذهيب الكمال: 181،
شذرات الذهب 2 / 27.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع ص 22.
(2) " الطبقات الكبرى " 6 / 405.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 633.
(*)
(10/240)
64 - زبيدة
* الست المحجبة أمة العزيز، وتكنى أم جعفر بنت جعفر بن
المنصور أبي جعفر، العباسية، والدة الامين محمد بن الرشيد.
قيل: لم تلد عباسية خليفة سواها.
وكانت عظيمة الجاه والمال، لها آثار حميدة في طريق الحج،
وجدها المنصور هو لقبها زبيدة (1).
ومن حشمتها أنها لم حجت نابها بضعة وخمسون ألف ألف
درهم (2).
وكان في قصرها من الجواري نحو من مئة جارية كلهن يحفظن
القرآن (3).
وكان المأمون يبالغ في إجلالها.
وقالت له مرة: لئن فقدت ابنا خليفة، لقد عوضت ابنا خليفة
لم ألده، وما خسر من اعتاض مثلك (4).
توفيت سنة ست عشرة ومئتين.
__________
* تاريخ بغداد 14 / 433، شرح المقامات للشريشي 2 / 225،
رحلة ابن جبير: 208، وفيات الاعيان 2 / 314 - 317، عيون
التواريخ 7 / لوحة 311 - 313، البداية والنهاية 10 / 271،
النجوم الزاهرة 2 / 213، 214، الدر المنثور في طبقات ربات
الخدور: 215 - 219.
(1) في " البداية والنهاية " 10 / 271: وإنما لقبت زبيدة
لان جدها أبا جعفر المنصور كان يلاعبها ويرقصها وهي صغيرة،
ويقول: إنما أنت زبيدة، لبياضها، فغلب ذلك عليها، فلا تعرف
إلا به.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 433، و " وفيات الاعيان " 2 /
314.
(3) " وفيات الاعيان " 2 / 314.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 433، 434، و " وفيات الاعيان " 2
/ 316.
(*)
(10/241)
65 - عفان * (ع) ابن مسلم بن عبد الله
مولى عزرة بن ثابت الانصاري، الامام الحافظ، محدث العراق،
أبو عثمان البصري الصفار (1)، بقية الاعلام.
ولد سنة أربع وثلاثين ومئة تحديدا أو تقريبا.
وسمع من: شعبة، وهشام الدستوائي، وهمام، والحمادين،
وصخر بن جويرية، وديلم بن غزوان، ووهيب بن خالد، وسليمان
بن المغيرة، والاسود بن شيبان، وطبقتهم من مشيخة بلده،
واستوطن بغداد.
حدث عنه: البخاري، وحديثه في الكتب الستة بواسطة، وحدث عنه
أيضا أحمد وابن المديني، وابن معين، وإسحاق، والفلاس، وابن
أبي شيبة، والذهلي، والقواريري، وخلف بن سالم، وابن سعد،
وأبو خيثمة، والزعفراني، وابن نمير، وأبو كريب، وجعفر بن
محمد بن شاكر، وهلال بن العلاء، وأبوازرعة (2)، وأبو حاتم،
وعبد الله بن أحمد الدورقي، وعلي بن عبد العزيز، والحسن بن
سلام السواق، (3) وإبراهيم
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 336، تاريخ ابن معين: 407، طبقات
خليفة ت (1942)، تاريخ خليفة: 476، التاريخ الكبير 7 / 72،
التاريخ الصغير 2 / 342، المعارف لابن قتيبة: 524، الجرح
والتعديل 7 / 30، الكامل لابن عدي 4 / لوحة 669، تاريخ
بغداد 12 / 269 - 277، المعجم المشتمل: 186، 187، تهذيب
الكمال لوحة 943، ميزان الاعتدال 3 / 81، 82، العبر 1 /
380، تذكرة الحفاظ 1 / 379 - 381، تذهيب التهذيب 3 / 44 /
1، الكاشف 3 / 270، تهذيب التهذيب 7 / 239، طبقات الحفاظ:
163، 164، خلاصة تذهيب الكمال: 268، شذرات الذهب 2 / 47.
(1) نسبة إلى بيع الاواني الصفرية المصنوعة من الصفر، وهو
ضرب من النحاس.
(2) أي: الرازي والدمشقي.
(3) نسبة إلى بيع السويق.
(*)
(10/242)
الحربي، وإسحاق بن الحسن الحربي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: ثقة إمام.
وقال مرة أخرى: ثقة متقن متين (1).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: عفان يكنى أبا عثمان، ثقة
ثبت صاحب سنة، كان على مسائل معاذ بن معاذ القاضي، فجعل له
عشرة آلاف دينار، على أن يقف عن تعديل رجل، فلا يقول: عدل،
ولا غير عدل، فأبى، وقال: لا أبطل حقا من الحقوق، وكان
يذهب برقاع المسائل إلى الموضع البعيد يسأل، فجاء يوما إلى
معاذ بالرقاع وقد تلطخت بالناطف، فقال: أي شئ هذا ؟ قال:
إني أذهب إلى الموضع البعيد، فأجوع، فأخذت ناطفا جعلته في
كمي أكلته (2).
الدغولي: حدثنا عبد الله بن جعفر بن خاقان المروزي قال:
سمعت عمرو بن علي قال: جاءني عفان في نصف النهار، فقال لي:
عندك شئ نأكله ؟ فما وجدت في منزلي خبزا ولا دقيقا ولا
شيئا نشتري به، فقلت: إن عندي سويق شعير، فقال لي: أخرجه،
فأخرجته، فأكل منه أكلا جيدا، فقال: ألا أخبرك بأعجوبة ؟
شهد فلان وفلان عند القاضي معاذ بن معاذ بأربعة آلاف دينار
على رجل، فأمرني أن أسأل عنهما، فجاءني صاحب الدنانير،
فقال: لك نصفها وتعدل شاهدي، فقلت: استحييت لك (3)، قال:
وكان عفان على مسألة معاذ، قال: وقيل لمعاذ: ما تصنع
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 30.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 269، 270، و " تهذيب الكمال "
لوحة 943، والناطف: نوع من الحلواء.
(3) كذا الاصل، وهو الموافق لما في " تهذيب الكمال " و "
تذهيب التهذيب "، وفي " تاريخ بغداد ": أستجيب لك ! (*)
(10/243)
بعفان وهو مغفل ؟ فسكت، فوجهه يوما في مسألة، فذهب، فسأل
عنهم، وجعل المسألة في كمه، واشترى قبيطا (1)، وجعله في
كمه، وجاء، فأخرج إلى معاذ المسألة، وقد اختلط بها القبيط،
فضحك، وقال: من يلومني على عفان (2) ؟ قال حنبل: حضرت أبا
عبد الله وابن معين عند عفان بعد ما دعاه إسحاق بن إبراهيم
للمحنة، وكان أول من امتحن من الناس عفان، فسأله يحيى من
الغد بعد ما امتحن، وأبو عبد الله حاضر ونحن معه، فقال:
أخبرنا بما قال لك إسحاق ؟ قال: يا أبا زكريا لم أسود وجهك
ولا وجوه أصحابك، إني لم أجب.
فقال له: فكيف كان ؟ قال: دعاني وقرأ علي الكتاب الذي كتب
به المأمون من الجزيرة، فإذا فيه: امتحن عفان، وادعه إلى
أن يقول: القرآن كذا وكذا، فإن قال ذلك فأقره على أمره،
وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه الذي يجرى عليه
- وكان المأمون يجري على عفان كل شهر خمس مئة درهم - فلما
قرأ علي الكتاب قال لي إسحاق، ما تقول ؟ فقرأت عليه: (قل
هو الله أحد) حتى ختمتها، فقلت: أمخلوق هذا ؟ فقال: يا شيخ
إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك
إليه يقطع عنك ما يجري عليك.
فقلت: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) [ الذاريات: 22 ]،
فسكت عني، وانصرفت.
فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى (3).
__________
(1) في القاموس: القبيط: الناطف.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 270، و " تهذيب الكمال " لوحة
943، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 1.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 271، و " تهذيب الكمال " لوحة
943، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(*)
(10/244)
قلت: هذه الحكاية تدل على جلالة عفان وارتفاع شأنه عند
الدولة، فإن غيره امتحن، وقيد وسجن، وعفان فما فعلوا معه
غير قطع الدراهم عنه.
قال القاسم بن أبي صالح: سمعت إبراهيم بن ديزيل يقول: لما
دعي عفان للمحنة، كنت آخذا بلجام حماره، فلما حضر، عرض
عليه القول، فامتنع أن يجيب، فقيل له: يحبس عطاؤك - قال:
وكان يعطى في كل شهر ألف درهم - فقال: (وفي السماء رزقكم
وما توعدون) فلما رجع إلى داره عذله نساؤه ومن في داره،
قال: وكان في داره نحو أربعين إنسانا، فدق عليه داق الباب،
فدخل عليه رجل شبهته بسمان أو زيات، ومعه كيس فيه ألف
درهم، فقال: يا أبا عثمان ثبتك الله كما ثبت الدين، وهذا
في كل شهر (1).
حاجب الطوسي: حدثنا عبدالرحيم بن منيب قال: قال عفان:
اختلف أنا وفلان إلى حماد بن سلمة سنة لا نكتب شيئا،
وسألناه الاملاء، فلما أعياه، دعا بنا إلى منزله، فقال:
ويحكم تشلون (2) علي الناس.
قلنا: لا نكتب إلا إملاء، فأملى بعد ذلك (3).
قال ابن معين: إذا اختلف أبو الوليد وعفان عن حماد، فالقول
قول عفان، عفان أثبت منه وأكيس في كل شئ، وأبو الوليد ثقة
ثبت، وعفان
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 271، 272، و " تهذيب الكمال "
لوحة 943، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(2) تشلون: أي: تغرون، من أشليت الكلب على الصيد: إذا
أغريته، وقد تحرف في " تاريخ بغداد " إلى: " تسألون ".
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و " تهذيب الكمال " لوحة
943.
(*)
(10/245)
أثبت من أبي نعيم (1).
ابن الغلابي قال: ذكر لابن معين عفان وثبته، فقال: قد أخذت
[ عليه ] خطأه في غير حديث (2).
عمر بن أحمد الجوهري: سمعت جعفر بن محمد الصائغ قال: اجتمع
علي بن المديني، وابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وعفان،
فقال عفان: ثلاثة يضعفون في ثلاثة: علي في حماد بن زيد،
وأحمد في إبراهيم بن سعد، وأبو بكر في شريك.
فقال علي: ورابع معهم.
قال: من ؟ قال: عفان في شعبة.
ثم قال الجوهري: وأربعتهم أقوياء، ولكن هذا على المزاح
(3).
قلت: ولانهم كتبوا وهم صغار عن المذكورين.
قال أحمد بن حنبل: ما رأيت الالفاظ في كتاب أحد من أصحاب
شعبة أكثر منها عند عفان، يعني: أنبأنا، وأخبرنا، وسمعت،
وحدثنا، يعني شعبة (4).
قال حنبل: سألت أبا عبد الله عن عفان، فقال: عفان وحبان
وبهز: هؤلاء المتثبتون.
ثم قال: قال عفان: كنت أوقف شعبة على الاخبار.
قال: وعفان أضبطهم للاسامي (5).
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 12 / 272، و " تهذيب الكمال "
لوحة 944.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 272، و " تهذيب الكمال " لوحة
944، وانظر " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و " تهذيب الكمال " لوحة
944، و " تذهيب التهذيب " 3 / 44 / 2.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(*)
(10/246)
قال أحمد بن أبي عوف: حدثنا حسن بن علي الحلواني: سمعت
يحيى بن معين يقول: كان عفان وبهز وحبان يختلفون إلي، فكان
عفان أضبطهم للحديث وأنكدهم، عملت عليهم مرة في شئ، فما
فطن لي إلا عفان (1).
وقال أبو داود: عفان أثبت من حبان (2).
قال حسان بن حسن المجاشعي (3): قال ابن المديني: قال عفان:
ما سمعت من أحد حديثا إلا عرضت عليه، غير شعبة، فإنه لم
يمكني أن أعرض عليه.
وذكر عنده عفان - يعني عند علي - فقال: كيف أذكر رجلا يشك
في حرف، فيضرب على خمسة أسطر.
وسمعت عليا يقول: قال عبدالرحمن: أتينا أبا عوانة، فقال:
من على الباب ؟ فقلنا: عفان وبهز وحبان، فقال: هؤلاء بلاء
من البلاء، قد سمعوا، يريدون أن يعرضوا (4).
وقال أحمد: كان عفان يسمع بالغداة، ويعرض بالعشي (5).
وقال الزعفراني: قلت لاحمد: من تابع عفان على كذا ؟ فقال:
وعفان يحتاج إلى متابع ؟ ! (6) وقال أحمد: من يفلت من
التصحيف ؟ كان يحيى بن سعيد يشكل
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(3) نسبة إلى مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 273، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(*)
(10/247)
الحرف إذا كان شديدا، وكان هؤلاء أصحاب الشكل: عفان وبهز
وحبان (1).
قال يعقوب بن شيبة: سمعت يحيى بن معين يقول: أصحاب الحديث
خمسة: مالك، وابن جريج، والثوري، وشعبة، وعفان (2).
عباس، عن ابن معين قال: كان - والله - عفان أثبت من أبي
نعيم في حماد بن سلمة (3).
محمد بن العباس النسائي: سألت ابن معين: من أثبت: عبد
الرحمن بن مهدي أو عفان ؟ قال: عبدالرحمن أحفظ لحديثه
وحديث الناس، ولم يكن من رجال عفان في الكتاب، وكان عفان
أسن منه بسنتين (4).
وعن عفان، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن، أنهما اختلفا في
حديث، فبعثا يسألاني (5).
وقال القواريري: قال لي يحيى بن سعيد: ما أحد يخالفني في
الحديث أشد علي من عفان (6).
محمد بن الحسن بن علي بن بحر: حدثنا الفلاس قال: رأيت
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 274، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
وعبد الرحمن هو ابن مهدي.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(*)
(10/248)
يحيى يوما حدث بحديث، فقال له عفان: ليس هو هكذا.
فلما كان من الغد، أتيت يحيى، فقال: هو كما قال عفان، ولقد
سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان (1).
قلت: هكذا كان العلماء، فانظر يا مسكين كيف أنت عنهم
بمعزل.
قال الزعفراني: رأيت يحيى بن معين يعرض على عفان ما سمعه
من يحيى بن سعيد (2).
الحسن بن عبدالرحمن المقرئ: سمعت المعيطي يقول: عفان أثبت
من يحيى بن سعيد القطان (3).
محمد بن عبدالرحمن بن فهم: سمعت ابن معين يقول: عفان أثبت
من عبدالرحمن، ما أخطأ عفان قط إلا مرة في حديث أنا لقنته
إياه، فأستغفر الله (4).
قال خلف بن سالم: ما رأيت من يحسن الحديث إلا عفان بن
مسلم، وبهز بن أسد (5).
قال يعقوب بن شيبة: عفان ثقة ثبت متقن صحيح الكتاب قليل
الخطأ (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 275.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 275، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 276، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 276، و " تهذيب الكمال " لوحة
944، وتمامه: قال ابن فهم: وما سمعت يحيى بن معين يستغفر
الله قط إلا ذلك اليوم.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 276، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 276.
(*)
(10/249)
وقال عبدالرحمن بن خراش: عفان ثقة من خيار المسلمين.
(1) وقال ابن المديني: عفان وأبو نعيم لا أقبل قولهما في
الرجال، لا يدعون أحدا إلا وقعوا فيه (2).
يعني: أنه لا يختار قولهما في الجرح لتشديدهما، فأما إذا
وثقا أحدا فناهيك به.
وروى عبد الله بن أحمد، عن أبيه قال: لزمنا عفان عشر سنين،
وكان أثبت من ابن مهدي (3).
وقال أبو حاتم: عفان إمام ثقة متين متقن (4).
جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: سمعت عفان يقول: يكون عند
أحدهم حديث، فيخرجه بالمقرعة، كتبت عن حماد بن سلمة عشرة
آلاف حديث، ما حدثت منها بألفين، وكتبت عن عبد الواحد بن
زياد ستة آلاف حديث، ما حدثت منها بألف، وكتبت عن وهيب
أربعة آلاف، ما حدثت منها بألف حديث (5).
قلت: ما فوق عفان أحد في الثقة، وقد تناكد الحافظ ابن عدي
بإيراده في كتاب " الكامل "، لكنه أبدى أنه ذكره ليذب عنه،
فإن إبراهيم
ابن أبي داود قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: أترى عفان كان
يضبط عن شعبة ؟ والله لو جهد جهده أن يضبط عنه حديثا واحدا
ما قدر عليه، كان بطيئا ردئ الفهم (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 276.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " الجرح والتعديل " 7 / 30.
(4) " الجرح والتعديل " 7 / 30.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 944.
(6) " الكامل في الضعفاء " 4 / لوحة 669.
(*)
(10/250)
ثم قال ابن عدي: عفان أشهر وأوثق من أن يقال فيه شئ (1)،
ولا أعلم له إلا أحاديث مراسيل عن حماد بن سلمة وغيره
وصلها، وأحاديث موقوفة رفعها، وهذا مما لا ينقصه، فإن
الثقة قد يهم، وعفان كان قد رحل إليه أحمد بن صالح من مصر،
كانت رحلته إليه خاصة دون غيره (2).
الفسوي في " تاريخه ": قال سلمة بن شبيب: قلت لاحمد بن
حنبل: طلبت عفان في منزله، قالوا: خرج، فخرجت أسأل عنه،
فقيل: توجه هكذا، فجعلت أمضي أسأل عنه، حتى انتهيت إلى
مقبرة، وإذا هو جالس يقرأ على قبر بنت أخي ذي الرياستين
(3)، فبزقت عليه، وقلت: سوءة لك.
قال: يا هذا، الخبز الخبز ! قلت: لا أشبع الله بطنك.
قال: فقال لي أحمد: لا تذكرن هذا فإنه قد قام في المحنة
مقاما محمودا عليه، ونحو هذا من الكلام (4).
قال الحسن الحلواني: قلت لعفان: كيف لم تكتب عن عكرمة بن
عمار ؟ قال: كنت قد ألححت في طلب الحديث، فأضر ذلك بي،
فحلفت لا أكتب الحديث ثلاثة أيام، فقدم عكرمة في تلك
الثلاثة الايام، فحدث، ثم خرج.
ابن عدي: حدثنا زكريا الساجي، حدثنا أحمد بن محمد
البغدادي، حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن،
عن
__________
(1) نص العبارة في " الكامل ": عفان أشهر وأصدق وأوثق من
أن يقال فيه شئ مما ينسب فيه إلى الضعف.
(2) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 669، و " تهذيب الكمال "
لوحة 944.
(3) ذو الرئاستين هو الفضل بن سهل، تقدمت ترجمته في الصفحة
99 من هذا الجزء.
(4) " المعرفة والتاريخ " 2 / 178.
(*)
(10/251)
أبي بكرة قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يتعاطى السيف مسلولا " (1).
وكان بسام لقنه هماما.
فلما فرغه، قال له بسام: ما حدثكم بهذا همام، ولا حدثه
قتادة هماما.
ففكر في نفسه، وعلم أنه أخطأ، فمد يده إلى لحية بسام،
وقال: ادعوا لي صاحب الربع يا فاجر.
قال: فما خلصوه منه إلا بالجهد.
قال أبو حفص الفلاس: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا شعبة
وهشام، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس - رفعه شعبة
- قال: " يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة ".
قال الفلاس: فقال له عفان: حدثنا همام، عن قتادة، عن صالح
أبي الخليل، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس..فبكى يحيى،
وقال: اجترأت علي، دهب أصحابي، خالد ابن الحارث، ومعاذ بن
معاذ (2).
__________
(1) وأخرجه أحمد في " المسند " 5 / 42 من طريق أبي النضر
وعفان، حدثنا المبارك،
عن الحسن، عن أبي بكرة.
قال عفان في حديثه: حدثنا المبارك قال: سمعت الحسن يقول:
أخبرني أبو بكرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
على قوم يتعاطون سيفا مسلولا، فقال: " لعن الله من فعل
هذا، أو ليس قد نهيت عن هذا " ثم قال: " إذا سل أحدكم
سيفه، فنظر إليه، فأراد أن يناوله أخاه، فليغمده، ثم
يناوله إياه " وله شاهد يتقوى به من حديث جابر عند أبي
داود (2588)، وأحمد 3 / 300 و 361، والترمذي (2164) وحسنه.
(2) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 669، ولابي داود برقم
(703) من طريق مسدد، حدثنا يحيى، عن شعبة، حدثنا قتادة
قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس - رفعه شعبة -
قال: " يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب " وأخرجه النسائي
2 / 64 من طريق يحيى ابن سعيد به.
وعن عائشة: ذكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب والحمار
والمرأة، فقالت: شبهتمونا بالحمر والكلاب ! والله لقد رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير بينه وبين
القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس، فأوذي
النبي صلى الله عليه وسلم، فأنسل من عند رجليه.
أخرجه البخاري 1 / 485 في سترة المصلي: باب من قال: لا
يقطع الصلاة شئ، ومسلم (512) في الصلاة: باب الاعتراض بين
يدي المصلي.
= (*)
(10/252)
قلت: مثل هذا يجوز أن يكون حدث به قتادة مرة عن جابر،
فدلسه كعوائده، ومرة رواه عن صالح، عن جابر أبي الشعثاء،
والله أعلم.
أنبأنا ابن علان: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا
الخطيب، أخبرنا العتيقي، حدثنا محمد بن العباس، أخبرنا
سليمان بن إسحاق الجلاب، سمعت إبراهيم الحربي يقول: قال لي
أبو خيثمة: كنت أنا ويحيى بن معين عند عفان، فقال لي: كيف
تجدك ؟ كيف كنت في سفرك ؟ بر الله حجك.
فقلت: لم أحج.
قال: ما شككت أنك حاج،
ثم قلت له: كيف تجدك يا أبا عثمان ؟ قال: بخير، الجارية
تقول لي: أنت مصدع، وأنا في عافية، فقلت: أيش أكلت اليوم ؟
قال: أكلت أكلة رز، وليس أحتاج إلى شئ إلى غد، أو بالعشي
آكل أخرى تكفيني لغد.
قال إبراهيم الحربي: فلما كان بالعشي، جئت إليه، فنظرت
إليه كما حكى أبو خيثمة، فقال له إنسان: إن يحيى يقول: إنك
قد اختلطت، فقال: لعن الله يحيى، أرجو أن يمتعني الله
بعقلي حتى أموت.
قال الحربي: يكون ساعة خرفا وساعة عقلا (1).
أحمد بن أبي خيثمة: سمعت أبي ويحيى يقولان: أنكرنا عفان في
__________
= وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " لا يقطع الصلاة
شئ.." أخرجه الدارقطني 1 / 368، والبيهقي 2 / 278، وفي
سنده مجالد بن سعيد وهو سيئ الحفظ، لكن له شواهد تقويه من
حديث أبي أمامة وأبي هريرة وأنس عند الدارقطني 1 / 367 و
368 و 369.
وروى سعيد بن منصور في " سننه " فيما ذكره الحافظ في "
الفتح " 1 / 485 بإسناد صحيح عن علي وعثمان وغيرهما نحو
ذلك موقوفا.
وفي " الموطأ " 1 / 156 عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله،
أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يقطع الصلاة شئ مما يمر
بين يدي المصلي.
وإسناده صحيح.
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 276.
(*)
(10/253)
صفر لايام خلون منه سنة تسع عشرة ومئتين، ومات بعد أيام
(1).
قلت: كل تغير يوجد في مرض الموت، فليس بقادح في الثقة، فإن
غالب الناس يعتريهم في المرض الحاد نحو ذلك، ويتم لهم وقت
السياق وقبله أشد من ذلك، وإنما المحذور أن يقع الاختلاط
بالثقة، فيحدث في حال اختلاطه بما يضطرب في إسناده أو
متنه، فيخالف فيه.
وأما قوله: فتوفي بعد أيام من سنة تسع عشرة فوهم، فإنه قد
روي في الحكاية بعينها أن ذلك كان في سنة عشرين، وهذا هو
الحق، فإن عفاد كاد أبو داود أن يلحقه، وإنما دخل أبو داود
بغداد في سنة عشرين، وقد قال: شهدت جنازة عفان.
وقال البخاري: مات عفان في ربيع الآخر سنة عشرين ومئتين أو
قبلها (2).
وقال مطين وابن سعد: مات سنة عشرين (3).
قلت: عاش خمسا وثمانين سنة رحمه الله.
أخبرنا شيخ الاسلام شمس الدين عبدالرحمن بن أبي عمر في
جماعة إذنا، قالوا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب،
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني، أخبرنا أبو
طالب محمد بن محمد بن إبراهيم البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد
بن عبد الله الشافعي، حدثنا جعفر بن محمد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 277، و " تهذيب الكمال " لوحة
944.
(2) " التاريخ الصغير " 2 / 342، و " تاريخ بغداد " 12 /
277، و " تهذيب الكمال " لوحة 944.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 336، و " تاريخ بغداد " 12 /
277، وتهذيب الكمال " لوحة 944.
(*)
(10/254)
ابن شاكر الصائغ، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا همام، حدثنا
قتادة، حدثني أبو أيوب العتكي، عن جويرية بنت الحارث رضي
الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم
جمعة وهي صائمة، فقال: " أصمت أمس ؟ " قالت: لا، قال: "
أتريدين أن تصومي غدا " ؟ قالت: لا، قال:
" فأفطري " (1).
66 - أحمد بن أبي خالد
* الاحول الكاتب، أبو العباس، وزر للمأمون بعد الفضل بن
سهل.
وكان جوادا، ممدحا، شهما، داهية، سائسا، زعرا.
قال له رجل: لقد أعطيت ما لم يعط رسول الله صلى الله عليه
وسلم، قال: ويلك ما هو ؟ قال: إن الله قال لنبيه صلى الله
عليه وسلم: [ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ] [
آل عمران: 159 ] وأنت فظ غليظ، ولا ينفض من حولك (2).
وكان أبوه كاتبا لوزير المهدي، أصله من الاردن.
وقد ناب أحمد في الوزارة عن الحسن بن سهل.
قال الصولي: حدثنا القاسم بن إسماعيل، سمعت إبراهيم بن
العباس يقول: بعثني أحمد بن أبي خالد إلى الامير طلحة بن
طاهر، وقال لي: قل
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6 / 430، والبخاري 4 / 203،
204 من طريق شعبة، عن قتادة بهذا الاسناد، وأخرجه أبو داود
(2422) من طريقين عن همام، عن قتادة، به.
* عيون التواريخ 7 / لوحة 278 - 280، النجوم الزاهرة 2 /
203، وانظر الطبري 8 / 575، 579، 595، 603، والكامل لابن
الاثير 6 / 357، 361، 382، 383، 386.
(2) الخبر بأطول مما هنا في " عيون التواريخ " 7 / لوحة
278.
(*)
(10/255)
له: ليست لك بالسواد قرية، وهذه ألف ألف درهم، فاشتر بها
قرية، والله لئن فعلت لتسرني، وإن أبيت لتغضبني.
فردها، وقال: أخذها غنم، والحال بيننا ترتفع عن مزيد الود
أو نقصه.
قال: فما رأيت أكرم منهما.
وقال أحمد بن أبي طاهر: كان أحمد عابسا مكفهرا في وجه
الخاص والعام غير أن فعله كان حسنا.
ومن كلام أحمد قال: من لم يقدر على نفسه بالبذل، لم يقدر
على عدوه بالقتل.
قلت: الشجاعة والسخاء أخوان، فمن لم يجد بماله، فلن (1)
يجود بنفسه.
مات أحمد بن أبي خالد سنة اثنتي عشرة ومئتين.
67 - عمرو بن عاصم *
(ع) الكلابي القيسي البصري، الحافظ، أحد الاثبات.
سمع جده عبيدالله بن الوازع، وشعبة، وجرير بن حازم، وهمام
ابن يحيى، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو محمد الدارمي، وعبد بن حميد،
__________
(1) في الاصل: " لن ".
* طبقات ابن سعد 7 / 305، تاريخ خليفة: 189، التاريخ
الكبير 6 / 355، التاريخ الصغير 2 / 327، الجرح والتعديل 6
/ 250، تاريخ بغداد 12 / 202، الانساب 10 / 512، تهذيب
الكمال لوحة 1039، تذهيب التهذيب 3 / 102 / 1، تذكرة
الحفاظ 1 / 392 العبر 1 / 364، المغني في الضعفاء 2 / 485،
ميزان الاعتدال 3 / 269، 270، تهذيب التهذيب 8 / 58، طبقات
الحفاظ: 166، خلاصة تذهيب الكمال: 290، شذرات الذهب 2 /
29.
(*)
(10/256)
ويعقوب الفسوي، والكديمي، وخلق كثير.
وثقه يحيى بن معين (1).
وقال النسائي: ليس به بأس (2).
قال إسحاق بن سيار: سمعته يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة
عشر ألف حديث (3).
قال البخاري: توفي سنة ثلاث عشرة ومئتين (4).
قلت: هو معدود في كبار شيوخ البخاري، ولا يقع لنا حديثه في
الاجزاء أعلى من كتاب " الجامع الصحيح " والله أعلم.
68 - القعنبي * (خ، م، د) عبد
الله بن مسلمة بن قعنب، الامام الثبت القدوة، شيخ
الاسلام،
__________
(1) الروايات عن يحيى بن معين في عمرو بن عاصم ثلاثة: ففي
رواية قال: ثقة.
وفي رواية قال: أراه صدوقا.
وفي رواية: صالح.
انظر " تاريخ بغداد " 12 / 202، و " تهذيب الكمال " لوحة
1039، و " الجرح والتعديل " 6 / 250.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1039.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1039، و " تذكرة الحفاظ " 1 /
392.
(4) " التاريخ الكبير " 6 / 355، و " تهذيب الكمال " لوحة
1039.
* طبقات ابن سعد 7 / 302، طبقات خليفة ت (1957)، تاريخ
خليفة: 28 و 476، التاريخ الكبير 5 / 212، التاريخ الصغير
2 / 345، المعارف لابن قتيبة: 524، الجرح والتعديل 5 /
181، الانتقاء: 61، ترتيب المدارك 1 / 397 - 399، الانساب
10 / 208، 209، وفيات الاعيان 3 / 40، تهذيب الكمال لوحة
742، تذهيب التهذيب 2 / 188 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 383،
العبر 1 / 382، 383، الكاشف 1 / 131، مرآة الجنان 2 / 81،
الديباج المذهب 1 / 411، 412، العقد الثمين 5 / 285، تهذيب
التهذيب 6 / 31، طبقات الحفاظ: 165، خلاصة تذهيب الكمال:
215، شذرات الذهب 2 / 49، شجرة النور الزكية 1 / 57.
(*)
(10/257)
أبو عبد الرحمن الحارثي القعنبي المدني، نزيل البصرة، ثم
مكة.
مولده بعد سنة ثلاثين ومئة بيسير.
وسمع من: أفلح بن حميد، وابن أبي ذئب، وشعبة بن الحجاج،
وأسامة بن زيد بن أسلم، وداود بن قيس الفراء، وسلمة بن
وردان، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومالك بن أنس، ونافع بن
عمر الجمحي، والليث بن سعد، والدراوردي، وإبراهيم بن سعد،
وإسحاق بن أبي بكر المدني، والحكم بن الصلت، وحماد بن
سلمة، وسليمان بن بلال، وعيسى بن حفص بن عاصم بن عمر،
وسليمان بن المغيرة، وهشام بن سعد، وعدة.
وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والخريبي وهو من شيوخه،
ومحمد بن سنجر الحافظ، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عبد
الله ابن عبد الحكم، وأبو حاتم الرازي، وعبد بن حميد،
وعمرو بن منصور النسائي، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن غالب
تمتام (1)، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب بن الضريس،
وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن معاذ دران، وإسحاق بن
الحسن الحربي، ومعاذ بن المثنى، وأبو مسلم الكجي، وأبو
خليفة الجمحي، وخلق كثير.
وروى مسلم أيضا، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الرحمن
النسائي حديثه بواسطة.
قال أبو زرعة الرازي: ما كتبت عن أحد أجل في عيني من
القعنبي (2).
__________
(1) تمتام هو لقب له، وسترد ترجمته في الجزء الثالث عشر
برقم (188).
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 181، و " ترتيب المدارك " 1 /
398.
(*)
(10/258)
قال ابن أبي حاتم: قلت لابي: القعنبي أحب إليك في " الموطأ
" أو إسماعيل بن أبي أويس ؟ قال: بل القعنبي، لم أر أخشع
منه (1).
وروى عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني الواهي، عن
الميموني: سمعت القعنبي يقول: اختلفت إلى مالك ثلاثين سنة،
ما من حديث في " الموطأ " إلا لو شئت قلت: سمعته مرارا
(2).
وعن عبد الصمد بن الفضل: ما رأت عيناى مثل أربعة، فذكر
منهم القعنبي (3).
أنبأنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن
الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا
الفضل بن الحباب، حدثنا القعنبي، حدثنا شعبة، حدثنا منصور،
عن ربعي، عن أبي مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الاول: إذا لم تستحي،
فاصنع ما شئت " (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 181.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 742 وتتمته فيه: ولكني اقتصرت
بقراءتي عليه لان مالكا كان يذهب إلى أن قراءة الرجل على
العالم أثبت من قراءة العالم عليه.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 742.
(4) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، ومنصور هو ابن
المعتمر، وربعي هو ابن حراش، وأبو مسعود هو عقبة بن عمرو
الانصاري البدري، وأخرجه أحمد 5 / 273، وأبو داود (4797)
من طريق القعنبي بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 6 / 380 و
10 / 434 من طريق أحمد بن يونس، عن زهير، عن منصور به.
وأخرجه أيضا 6 / 380، 381 من طريق آدم، عن شعبة.
به.
وأخرجه ابن ماجة (4183) من طريق عمرو بن رافع، عن جرير عن
منصور، به.
وأخرجه أحمد 4 / 121 من طريق روح، عن شعبة والثوري، عن
منصور به، و 4 / 122 من طريق عبدالرحمن، عن سفيان، عن
منصور به.
وكلمة " الاول " لم ترد عند البخاري، وهي عند أبي داود
وأحمد وابن ماجة بلفظ " الاولى " قال الحافظ في " الفتح ":
أي التي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم.
(*)
(10/259)
وروى محمد بن علي بن المديني، عن أبيه قال: لا يقدم أحد من
رواة " الموطأ " على القعنبي.
قلت: حد الولي الرسوخ في العلم والعمل مثل القعنبي.
وقال أبو حاتم: ثقة حجة لم أر أخشع منه، سألناه أن يقرأ
علينا " الموطأ " فقال: تعالوا بالغداة، فقلنا: لنا مجلس
عند حجاج بن منهال، قال: فإذا فرغتم منه.
قلنا: نأتي حينئذ مسلم بن إبراهيم.
قال فإذا فرغتم.
قلنا: نأتي أبا حذيفة النهدي.
قال: فبعد العصر.
قلنا: نأتي عارما أبا النعمان، قال: فبعد المغرب.
فكان يأتينا بالليل، فيخرج علينا، وعليه كبل ما تحته شئ في
الصيف، فكان يقرأ علينا في الحر الشديد حينئذ (1).
__________
= وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا لم تستحي فاصنع ما
شئت " - كما قال الحافظ ابن رجب - قولان: أحدهما: أنه ليس
بمعنى الامر أن يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم والنهي
عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان: أحدهما: أنه أمر بمعنى
التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن حياء فاعمل ما شئت،
فالله يجازيك عليه، كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم إنه بما
تعملون بصير).
والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر، والمعنى أن من لم
يستحي صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء،
فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع
من مثله من له حياء، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: " من
كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فإن لفظه لفظ
الامر، ومعناه الخبر، وأن من كذب عليه يتبوأ مقعده من
النار.
وهذا اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام، وابن قتيبة، ومحمد
بن نصر المروزي، وغيرهم، وروى أبو داود عن الامام أحمد ما
يدل على مثل هذا القول.
والقول الثاني في معنى قوله: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
": أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر أمره، وأن المعنى: إذا
كان الذي يريد فعله مما لا يستحى من فعله لا من الله ولا
من الناس لكونه من أفعال الطاعات، أو من جميل الاخلاق
والآداب المستحسنة، فاصنع منه حينئذ ما شئت.
وهذا قول جماعة من الائمة منهم إسحاق المروزي الشافعي،
وحكي مثله عن الامام أحمد.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 181، والكبل: الفرو الكبير.
(*)
(10/260)
قال يحيى بن معين: ما رأيت رجلا يحدث لله إلا وكيعا
والقعنبي (1).
قال الحافظ أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري: سمعت أبي يقول:
قلت للقعنبي: مالك لا تروي عن شعبة غير هذا الحديث ؟ قال:
كان شعبة يستثقلني، فلا يحدثني.
يعني حديث: " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ".
والحديث يقع عاليا في جزء الغطريف (2) لابن البخاري.
قال عبد الله الخريبي - وكان كبير القدر -: حدثني القعنبي،
عن مالك، وهو والله عندي خير من مالك (3).
قال عمرو بن علي الفلاس: كان القعنبي مجاب الدعوة (4).
وقال عثمان بن سعيد: سمعت علي بن المديني وذكر أصحاب
مالك، فقيل له: معن ثم القعنبي، قال: لا بل القعنبي ثم معن
(5).
ويروى عن أبي سبرة المديني قال: قلت للقعنبي: حدثت ولم تكن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 742.
(2) سماع القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن
عمر الطبري المتوفى سنة 450 ه، وقد أخطأ صاحب " كشف الظنون
" فكناه بأبي بكر، والغطريف هو أبو أحمد محمد ابن أحمد بن
الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف الجرجاني الرباطي
الحافظ، توفي في رجب عن سن عالية، روى عن أبي خليفة، وعبد
الله بن ناجية، وابن خزيمة وطبقتهم.
وكان صواما قواما متقنا.
انظر " العبر " 3 / 5، 6 وفيات سنة 377 ه، و " تذكرة
الحفاظ " 3 / 971، 972.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 742، و " ترتيب المدارك " 1 /
399.
(4) " العقد الثمين " 5 / 285.
(5) " تذكرة الحفاظ " 1 / 383، ومعن هو ابن عيسى.
(*)
(10/261)
تحدث ! قال: إني أريت كأن القيامة قد قامت، فصيح بأهل
العلم، فقاموا، وقمت معهم، فنودي بي: اجلس.
فقلت: إلهي ألم أكن أطلب ؟ قال: بلى، ولكنهم نشروا،
وأخفيته.
قال: فحدثت.
وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: سمعتهم بالبصرة يقولون:
عبد الله بن مسلمة من الابدال (1).
وقال إسماعيل القاضي: كان القعنبي من المجتهدين في
العبادة.
وقال الامام ابن خزيمة: سمعت نصر بن مرزوق يقول: أثبت
الناس في " الموطأ " القعنبي، وعبد الله بن يوسف بعده (2).
قال إسماعيل القاضي: كان القعنبي لا يرضى قراءة حبيب، فما
زال
حتى قرأ لنفسه " الموطأ " على مالك (3).
قال محمد بن سعد الكاتب: كان القعنبي عابدا فاضلا، قرأ على
مالك كتبه (4).
قال أبو بكر الشيرازي في كتاب " الالقاب " له: سمعت أبا
إسحاق المستملي: سمعت أحمد بن منير البلخي، سمعت حمدان بن
سهل البلخي الفقيه يقول: ما رأيت أحدا إذا رؤي ذكر الله
تعالى إلا القعنبي
__________
(1) " العقد الثمين " 5 / 285.
(2) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 1 / 384، وعبد الله بن يوسف
سترد ترجمته في الصفحة 357 من هذا الجزء.
(3) أورده المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 384، وحبيب هذا
هو حبيب بن أبي حبيب، كاتب مالك، ضعيف، ترجمه المؤلف في "
ميزان الاعتدال " 1 / 452، وله ترجمة في " ترتيب المدارك "
1 / 378.
(4) " طبقات ابن سعد " 7 / 302.
(*)
(10/262)
رحمه الله، فإنه كان إذا مر بمجلس يقولون: لا إله إلا
الله.
وقيل: كان يسمى الراهب لعبادته وفضله.
وروى عبد الله بن أحمد بن الهيثم، عن جده قال: كنا إذا
أتينا القعنبي، خرج إلينا كأنه مشرف على جهنم (1).
قال محمد بن عبد الله الزهيري، عن الحنيني قال: كنا عند
مالك، فقدم ابن قعنب من سفر، فقال مالك: قوموا بنا إلى خير
أهل الارض (2).
وقال أبو عبد الله الحاكم: قال الدارقطني: يقدم في "
الموطأ "
معن بن عيسى، وابن وهب، والقعنبي، ثم قال: وأبو مصعب ثقة
في " الموطأ ".
وقد رويت حكاية في سماع القعنبي لذاك الحديث من شعبة لا
تصح وأنه هجم عليه بيته، فوجده يبول في بلوعة، فقال:
حدثني، فلامه، وعنفه، وقال: تهجم على داري، ثم تقول: حدثني
وأنا على هذه الحالة ؟ ! قال: إني أخشى الفوت، فروى له
الحديث في قلة الحياء، وحلف أن لا يحدثه بسواه.
وفي الجملة لم يدرك القعنبي شعبة إلا في آخر أيامه، فلم
يكثر عنه.
وقد حدثه أفلح عن القاسم بن محمد، وأفلح أكبر من شعبة
قليلا.
وقد سمعت " الموطأ " بحلب وبعلبك من رواية القعنبي (3) عن
مالك.
__________
(1) " وفيات الاعيان " 3 / 40، و " ترتيب المدارك " 1 /
399.
(2) " ترتيب المدارك " 1 / 398، و " تهذيب الكمال " لوحة
742.
(3) لم يطبع " الموطأ " بروايته، ويغلب على ظني أن في
مكتبة الحرم المكي نسخة منه.
(*)
(10/263)
وهو أكبر شيخ لمسلم، سمع منه في أيام الموسم في ذي الحجة
سنة عشرين، ولم يكثر عنه.
ومات القعنبي في المحرم سنة إحدى وعشرين ومئتين.
قال محمد بن عمر بن لبابة الاندلسي: حدثنا مالك بن علي
القرشي، حدثنا القعنبي، قال: دخلت على مالك، فوجدته باكيا،
فقلت: يا أبا عبد الله، ما الذي يبكيك ؟ قال: يا ابن قعنب
على ما فرط مني، ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا
الامر بسوط، ولم يكن
فرط مني ما فرط من هذا الرأي، وهذه المسائل قد كان لي سعة
فيما سبقت إليه.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد وجماعة إجازة قالوا: أخبرنا عمر
بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد،
أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا
القعنبي، حدثنا أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة قالت: "
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله
حين أحل قبل أن يطوف بالبيت ".
هذا حديث حسن عال، أخرجه مسلم (1) عن القعنبي، وهو من أعلى
شئ في " صحيحه ".
__________
(1) برقم (1189) (32) ورواه مالك في " الموطأ " 1 / 328 في
الحج: باب ما جاء في الطيب في الحج ومن طريقه البخاري 3 /
315، في الحج: باب الطيب عند الاحرام ومسلم (1189) (33)،
والنسائي 5 / 137، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن
عائشة، وأخرجه البخاري 3 / 464 و 10 / 308، من طريقين عن
عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة.
(*)
(10/264)
69 - [ إسماعيل بن مسلمة ]
* (ق) ومات أبو بشر إسماعيل بن مسلمة أخو القعنبي قبله في
سنة سبع عشرة بمصر.
روى عن: شعبة، ووهيب، والحمادين.
وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو زيد القراطيسي، ويحيى بن
عثمان بن صالح، وخلق.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
ولهما إخوة وهم: يحيى، وعبد الملك، وعبد العزيز.
وليسوا
بالمشهورين.
70 - عارم * * (ع) محمد بن
الفضل، الحافظ الثبت الامام، أبو النعمان السدوسي
البصري.
ولد سنة نيف وأربعين ومئة.
__________
* الجرح والتعديل 2 / 201، تهذيب الكمال لوحة 112، تذهيب
التهذيب 1 / 67 / 1، الكاشف 1 / 129، ميزان الاعتدال 1 /
251، تهذيب التهذيب 1 / 335، خلاصة تذهيب الكمال: 36.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 201.
* * طبقات ابن سعد 7 / 305، طبقات خليفة ت (1947)، تاريخ
خليفة: 478، التاريخ الصغير 2 / 351، التاريخ الكبير 1 /
208، المعارف: 522، الضعفاء للعقيلي لوحة 394، 395، الجرح
والتعديل 8 / 58، الانساب 7 / 59، المعجم المشتمل: 268،
تهذيب الكمال لوحة 1257، تذكرة الحفاظ 1 / 410، العبر 1 /
392، 393، ميزان الاعتدال 4 / 7 - 9، تهذيب التهذيب 9 /
402، طبقات الحفاظ: 170، خلاصة تذهيب الكمال: 356، شذرات
الذهب 2 / 55.
(*)
(10/265)
وسمع: حماد بن سلمة، وجرير بن حازم، وثابت بن يزيد الاحول،
وداود بن أبي الفرات، ومهدي بن ميمون، وعمارة بن زاذان،
وأبا هلال محمد بن سليم، ومحمد بن راشد المكحولي، وقزعة بن
سويد، ووهيبا، وعبد الوارث، وأبا عوانة، وعبد الواحد بن
زياد، وخلقا.
وعنه: البخاري، وأحمد بن حنبل، وعبد بن حميد، ومحمد بن
يحيى، وسليمان بن سيف، والكديمي، ويعقوب الفسوي، وابن
وارة، وأبو الاحوص العكبري، وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.
قال الذهلي: حدثنا محمد بن الفضل عارم، وكان بعيدا من
العرامة (1).
وقال ابن وارة: حدثنا عارم الصدوق المأمون (2).
وقال أبو علي الزريقي: حدثنا عارم قبل أن يختلط (3).
وقال البخاري: تغير في آخر عمره (4).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: إذا حدثك عارم، فاختم
عليه، عارم لا يتأخر عن عفان، وكان سليمان بن حرب يقدم
عارما على نفسه إذا خالفه في شئ، ويرجع إلى ما يقول عارم،
وهو أثبت أصحاب حماد بن زيد بعد عبدالرحمن بن مهدي.
وقال: عارم أحب إلي من أبي سلمة (5).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1258، والعرامة: الشدة والقوة
والشراسة.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(4) " التاريخ الكبير " 1 / 208.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 58.
(*)
(10/266)
ثم قال: اختلط عارم في آخر عمره، وزال عقله، فمن سمع منه
قبل الاختلاط، فسماعه صحيح.
وكتبت عنه سنة أربع عشرة، ولم أسمع منه بعد ما اختلط، فمن
سمع منه قبل سنة عشرين ومئتين، فسماعه جيد.
قال: وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين (1).
وسئل أبو حاتم عن عارم، فقال: ثقة (2).
وروى الحسين بن عبد الله الذراع، عن أبي داود قال: بلغنا
أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة، ثم راجعه عقله، واستحكم به
الاختلاط سنة ست عشرة ومئتين (3).
مات عارم سنة أربع وعشرين في صفر.
أبو عبيد، عن أبي داود قال: كنت عند عارم، فحدث عن حماد،
عن هشام، عن أبيه، أن ماعزا سأل النبي صلى الله عليه وسلم
عن الصوم في السفر، فقلت له: " حمزة الاسلمي " بدل " ماعز
"، فقال: يا بني، ماعز لا يشقى به جليسه.
يعني أن عارما قال هذا وقد زال عقله (4).
قلت: فرج عنا الدارقطني في شأن عارم، فقال: تغير بأخرة،
وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة.
فانظر قول أمير المؤمنين في الحديث أبي الحسن، فأين هذا من
قول ذاك الخساف المتفاصح أبي حاتم بن حبان في عارم، فقال:
اختلط
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 59.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 58.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1258.
(*)
(10/267)
في آخر عمره، وتغير، حتى كان لا يدري ما يحدث به، فوقع في
حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه
المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل، ولا يحتج
بشئ منها (1).
قلت: فأين ما زعمت من المناكير الكثيرة ؟ فلم يذكر منها
حديثا.
بلى له عن حماد، عن حميد الطويل، عن أنس، عن النبي صلى
الله عليه وسلم: " اتقوا
النار ولو بشق تمرة " وقد كان حدث به من قبل عن الحسن بدل
أنس مرسلا وهو أشبه (2).
وكذا رواه عفان وغيره عن حماد.
قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: جئت
عارما، فطرح لي حصيرا على الباب، وخرج، وقال: مرحبا أيش
كان خبرك ؟ ما رأيتك منذ مدة.
وما كنت جئته قبلها.
ثم قال لي: قال ابن المبارك: أيها الطالب علما * إيت حماد
بن زيد فاستفد حلما وعلما * ثم قيده بقيد والقيد بقيد،
وجعل يشير بيده على أصبعه مرارا، فعلمت أنه اختلط (3).
وقال العقيلي: سماع علي بن عبد العزيز البغوي من عارم سنة
سبع عشرة ومئتين (4).
__________
(1) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 294 - 295، و " ميزان
الاعتدال " 4 / 8.
(2) الحديث في " مسند البزار " (934) من طريق محمد بن
بشار، عن محمد بن الفضل، عن حماد بن سلمة بهذا الاسناد،
وقال: لا نعلم رواه هكذا إلا محمد بن الفضل.
قلت: لكن الحديث صح من وجه آخر، فقد أخرجه البخاري 3 /
225، ومسلم (1016) (67) من حديث عدي بن حاتم، وأحمد 6 /
79، والبزار (936) عن عائشة، والبزار (937) عن أبي هريرة،
والطبراني في " الكبير " عن ابن عباس وعن أبي أمامة.
انظر " مجمع الزوائد " 3 / 106.
(3) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 395، و " ميزان الاعتدال "
4 / 8 (4) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 394.
(*)
(10/268)
قال سليمان بن حرب: إذا ذكرت أبا النعمان، فاذكر أيوب وابن
عون (1).
قال العقيلي: قال لي جدي: ما رأيت بالبصرة شيخا أحسن صلاة
من عارم، كانوا يقولون: أخذ الصلاة عن حماد بن زيد، عن
أيوب، قال: وكان عارم أخشع من رأيت رحمه الله (2).
قلت: لم يأخذ عنه أبو داود لتغيره، والذي ينبغي أن من خلط
في كلامه كتخليط السكران أن لا يحمل عنه البتة، وأن من
تغير لكثرة النسيان أن لا يؤخذ عنه.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه في كتابه، أخبرنا عمر بن
محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا
أبو بكر الشافعي، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا عارم،
حدثنا سعيد بن زيد، عن علي بن الحكم، عن أبي نضرة، عن أبي
سعيد قال: " نهي أن يشرب الرجل وهو قائم، وأن يلتقم فم
السقاء فيشرب منه ".
هذا حديث صالح الاسناد (3)، وعلي بن الحكم روى له البخاري،
ووثق.
قال محمد بن المنذر شكر، عن بعض شيوخه قال: كنت عند عبد
الرزاق، وبقيت علي بقية، وأردت السفر، فقلت له، فانتهرني،
فرحت
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 9.
(2) " الضعفاء " لوحة 395.
(3) وهو كما قال، وفي الباب عن أنس وأبي هريرة عند مسلم
(2024) (113) و (2026)، وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري
10 / 78، ومسلم (2023)، وأبي داود (3720)، والترمذي
(1891)، وعن أبي هريرة عند البخاري 10 / 78، 79.
(*)
(10/269)
مغموما، فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما
لي أراك مغموما ؟ قلت:
يا رسول الله، سألت عبد الرزاق أن يقرأ علي، فزبرني، فقال:
إن أردت أن تكتب العلم لله، فاكتب عن القعنبي، ومحمد بن
الفضل السدوسي، وعبد الله بن رجاء الغداني، ومحمد بن يوسف
الفريابي.
فأصبحت، وحكيت الرؤيا، فقال عبد الرزاق: شكوتني إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ! هات حتى أقرأ عليك، قلت: لا
والله، ثم لحقت بأولئك، فكتبت عنهم.
71 - عبدان * (خ) الامام
الحافظ، محدث مرو، أبو عبد الرحمن عبد الله بن
عثمان بن جبلة بن أبي رواد ميمون - أو أيمن - الازدي
العتكي مولاهم المروزي، أخو المحدث عبد العزيز شاذان، وهما
سبطا شيخ مكة عبد العزيز بن أبي رواد (1).
ولد سنة نيف وأربعين ومئة.
وسمع من: شعبة حديثا واحدا، وسمع من أبيه عن شعبة شيئا
كثيرا، ومن أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، ومالك بن أنس،
وعيسى بن عبيد، وعبد الله بن المبارك، وحماد بن زيد، ويزيد
بن زريع، وخلق كثير بخراسان والعراق والحجاز.
__________
* التاريخ الصغير 2 / 345، 346، الجرح والتعديل 5 / 113،
المعجم المشتمل: 157، تهذيب الكمال لوحة 709، تذكرة الحفاظ
1 / 401، الكاشف 2 / 108، العبر 1 / 382، تذهيب التهذيب 2
/ 165 / 1، دول الاسلام 1 / 134، تهذيب التهذيب 5 / 313،
314، طبقات الحفاظ: 173، 174، خلاصة تذهيب الكمال: 206،
شذرات الذهب 2 / 49.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء السابع من هذا الكتاب ص 184.
(*)
(10/270)
حدث عنه: البخاري كثيرا، وروى مسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي بواسطة، وأحمد بن شبويه، وأحمد بن سيار، ومحمد بن
علي ابن الحسن بن شقيق، والعباس بن مصعب، وأبو الموجه محمد
بن عمرو، والقاسم بن محمد بن الحارث المروزي، وأبو علي
محمد بن بحيى السكري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبيدالله بن
واصل، ويعقوب الفسوي، ومحمد بن عمرو قشمرد، وخلق سواهم.
وكان ثقة مجودا.
قال أحمد بن عبدة الآملي (1): تصدق عبدان في حياته بألف
ألف درهم، وكتب كتب ابن المبارك بقلم واحد (2).
قال: وقال عبدان: ما سألني أحد حاجة إلا قمت له بنفسي، فإن
تم وإلا قمت له بمالي، فإن تم وإلا استعنت بالاخوان، فإن
تم وإلا استعنت بالسلطان (3).
وعن أحمد بن حنبل: ما بقي إلا الرحلة إلى عبدان بخراسان
(4).
قال أبو عبد الله الحاكم: هو إمام بلده في الحديث، سمع من
شعبة أحاديث دون العشرة، ولم يعقب، ورثه أخوه، وقد ولاه
ابن طاهر قضاء الجوزجان (5)، ثم استعفى فأعفي.
قلت: وكذا قال العباس بن مصعب إنه سمع من شعبة دون العشرة.
__________
(1) نسبة إلى " آمل " وهي بليدة غربي جيحون على طريق
بخارى.
انظر " الانساب " 1 / 106، 107، و " معجم البلدان " 1 /
58.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 709.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 709.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 709.
(5) هي كورة واسعة من كور خراسان بين مرو الروذ وبلخ انظر
" معجم البلدان "
2 / 182.
(*)
(10/271)
قال أبو سعد (1) السمعاني: دخلت بروجرد (2)، فقعدت أنسخ في
جزء بجامعها، وإلى جانبي شيخ.
فقال: ما تكتب ؟ فتبرمت بسؤاله، وقلت: الحديث.
قال: حديث من ؟ قلت: من رواية أهل مرو.
قال: من تعرف من علماء الحديث بمرو ؟ قلت: عبدان وصدقة بن
الفضل وابن منير.
فقال: وما اسم عبدان ؟ قلت: عبد الله بن عثمان، ثم نظرت
إليه بعين الادب معه، فقال: ولم لقب عبدان ؟ فقلت: يفيدنا
الشيخ.
قال: وجود عبد في اسمه وفي كنيته، فلقب بهما على التثنية.
فقلت: عمن يأثره الشيخ ؟ قال: عن شيخنا محمد بن طاهر
المقدسي (3).
قلت: توفي عبدان في شعبان سنة إحدى وعشرين ومئتين، عن ست
وسبعين سنة.
72 - المأمون * الخليفة،
أبو العباس، عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي
__________
(1) في الاصل: " أبو سعيد " وهو تحريف.
(2) هي بلدة بين همذان والكرج كانت منزلا لوزير آل أبي
دلف.
انظر " معجم البلدان " 1 / 404.
(3) الخبر في " التحبير في المعجم الكبير " 2 / 248
للسمعاني، و " معجم البلدان " 1 / 404، 405 وفيه: ثم بعد
ذلك كتبت عنه أحاديث من أجزاء انتخبتها عليه.
وهذا الشيخ الذي لقيه هو الحافظ أبو الفضل محمد بن هبة
الله بن العلاء البروجردي وسيترجم في الجزء العشرين.
* المعارف لابن قتيبة: 387، الاخبار الطوال: 400، تاريخ
اليعقوبي 3 / 172،
الطبري 8 / 478، مروج الذهب للمسعودي 2 / 247 - 269، البدء
والتاريخ 6 / 112، الفهرست: 129، تاريخ بغداد 10 / 183،
الكامل لابن الاثير 6 / 282، النبراس لابن دحية 46 - 63،
العبر (انظر فهرست الجزء الاول)، عيون التواريخ 8 / لوحة
12، البداية والنهاية 10 / 244، الذهب المسبوك: 186،
النجوم الزاهرة 2 / 225، تاريخ الخلفاء: 306 - 333، تاريخ
الخميس 2 / 334، شذرات الذهب 2 / 39، فوات الوفيات 2 / 235
- 239.
(*)
(10/272)
ابن أبي جعفر المنصور العباسي.
ولد سنة سبعين ومئة.
وقرأ العلم والادب والاخبار والعقليات وعلوم الاوائل، وأمر
بتعريب كتبهم، وبالغ، وعمل الرصد (1) فوق جبل دمشق، ودعا
إلى القول بخلق القرآن وبالغ (2)، نسأل الله السلامة.
وسمع من: هشيم، وعبيد بن العوام، ويوسف بن عطية، وأبي
معاوية، وطائفة.
روى عنه: ولده الفضل، ويحيى بن أكثم، وجعفر بن أبي عثمان
الطيالسي، وعبد الله بن طاهر الامير، ودعبل الشاعر، وأحمد
بن الحارث الشيعي.
وكان من رجال بني العباس حزما وعزما ورأيا وعقلا وهيبة
وحلما، ومحاسنه كثيرة في الجملة.
قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض ربعة، حسن الوجه، تعلوه
صفرة، قد وخطه الشيب، وكان طويل اللحية، أعين، ضيق الجبين،
على خده شامة (3).
أتته وفاة أبيه وهو بمرو سائرا لغزو ما وراء النهر، فبايع
من قبله لاخيه
الامين، ثم جرت بينهما أمور وخطوب وبلاء وحروب تشيب
النواصي،
__________
(1) الرصد في علم الفلك: اسم لموضع تعين فيه حركات
الكواكب.
(2) ولم يقتصر على ذلك، بل حمل الناس على هذا الرأي الخطأ
بالقوة والاكراه.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 184، و " فوات الوفيات " 2 /
235، و " تاريخ الخميس " 2 / 334.
و " النجوم الزاهرة " 2 / 225.
(*)
(10/273)
إلى أن قتل الامين، وبايع الناس المأمون في أول سنة ثمان
وتسعين ومئة (1).
قال الخطبي (2): كنيته أبو العباس، فلما استخلف، اكتنى
بأبي جعفر، واسم أمه مراجل، ماتت في نفاسها به (3).
قال: ودعي له بالخلافة في آخر سنة خمس وتسعين، إلى أن قتل
الامين، فاجتمع الناس عليه، فاستعمل على العراق الحسن بن
سهل، ثم بايع بالعهد لعلي بن موسى الرضى، ونوه بذكره، ونبذ
السواد، وأبدله بالخضرة (4) فهاجت بنو العباس، وخلعوا
المأمون، ثم بايعوا عمه إبراهيم ابن المهدي (5) ولقبوه
المبارك، وعسكروا، فحاربهم الحسن بن سهل، فهزموه، فتحيز
إلى واسط، ثم سار جيش المأمون عليهم حميد الطوسي، وعلي بن
هشام، فالتقوا إبراهيم، فهزموه، فاختفى زمانا (6)، وانقطع
خبره إلى أن ظفر به بعد ثمان سنين، فعفا عنه المأمون (7).
وكان المأمون عالما فصيحا مفوها، وكان يقول: معاوية بن أبي
__________
(1) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 478، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 282، و " عيون التواريخ " 7 / 114، و " البداية
والنهاية " 10 / 240.
(2) نسبة إلى الخطب وإنشائها.
انظر " الانساب " 5 / 147.
(3) " تايخ بغداد " 10 / 184، و " تاريخ المسعودي " 7 / 1،
و " فوات الوفيات " 2 / 236، و " النجوم الزاهرة " 2 /
225.
(4) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 554، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 326، و " عيون التواريخ 7 / لوحة 148، و " مروج
الذهب " 7 / 60، 61.
(5) " تاريخ الطبري " 8 / 555 و 557، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 327، و " عيون التواريخ " 7 / لوحة 149.
(6) " تاريخ الطبري " 8 / 571 - 573، و " الكامل " 6 /
354.
(7) " تاريخ الطبري " 8 / 603 و 604 - 606، و " الكامل " 6
/ 392 - 395، و " عيون التواريخ 7 / لوحة 237 - 243.
(*)
(10/274)
سفيان بعمره، وعبد الملك بحجاجه، وأنا بنفسي (1).
وقد رويت هذه أن المنصور قالها.
وعن المأمون: أنه تلا في رمضان ثلاثا وثلاثين ختمة (2).
الحسين بن فهم: حدثنا يحيى بن أكثم: قال لي المأمون: أريد
أن أحدث.
قلت: ومن أولى بهذا منك ؟ قال: ضعوا لي منبرا، ثم صعد.
قال: فأول ما حدثنا عن هشيم، عن أبي الجهم، عن الزهري، عن
أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: " امرؤ القيس صاحب لواء
الشعراء إلى النار " (3).
ثم حدث بنحو من ثلاثين حديثا.
ونزل، فقال: كيف رأيت أبا يحيى مجلسنا ؟ قلت: أجل مجلس،
تفقه الخاصة والعامة.
قال: ما رأيت له حلاوة، إنما المجلس لاصحاب الخلقان
والمحابر (4).
أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: تقدم
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 190، و " فوات الوفيات " 2 /
236، و " تاريخ
الخلفاء ": 306.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 190، و " فوات الوفيات " 2 /
236.
(3) إسناده ضعيف لضعف أبي الجهم.
قال فيه أبو زرعة الرازي: واه.
وقال ابن عدي: شيخ مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا
أعرف له غيره.
وقال ابن حبان: يروي عن الزهري ما ليس من حديثه، ولا يجوز
الاحتجاج بروايته إذا انفرد.
وقال ابن عبد البر: لا يصح حديثه.
انظر " المجروحين " 3 / 150، و " الميزان " 4 / 512.
و " لسان الميزان " 7 / 28، 29.
وأخرجه أحمد في " المسند " 2 / 229 من طريق هشيم بهذا
الاسناد، وأورده ابن كثير في " البداية " 2 / 118 عن
المسند، وقال: وقد روى هذا الحديث عن هشيم جماعة كثيرون،
منهم بشر بن الحكم، والحسن بن عرفة، وعبد الله بن هارون
أمير المؤمنين المأمون، ويحيى ابن عدي.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 8 / 119 ونسبه لاحمد والبزار،
وقال: وفي إسناده أبو الجهم شيخ هشيم بن بشير ولم أعرفه،
وبقية رجاله رجال الصحيح.
(4) " فوات الوفيات " 2 / 236، والخلقان: جمع خلق، يقال:
ثوب خلق، وملحفة خلقة، والجمع خلقان.
(*)
(10/275)
رجل غريب بيده محبرة إلى المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين،
صاحب حديث منقطع به.
فقال: ما تحفظ في باب كذا وكذا ؟ فلم يذكر شيئا.
فقال: حدثنا هشيم، وحدثنا يحيى، وحدثنا حجاج به محمد، حتى
ذكر الباب، ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر شيئا.
فقال: حدثنا فلان، وحدثنا فلان.
ثم قال لاصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام، ثم يقول:
أنا من أصحاب الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم (1).
قلت: وكان جوادا ممدحا معطاء، ورد عنه أنه فرق في جلسة ستة
وعشرين ألف ألف درهم، وكان يشرب نبيذ الكوفة، وقيل: بل
يشرب الخمر (2) فالله أعلم.
وقيل: إنه أعطى أعرابيا مدحه ثلاثين ألف دينار.
مسروق بن عبدالرحمن الكندي: حدثني محمد بن المنذر الكندي
جار لعبد الله بن إدريس، قال: حج الرشيد، فدخل الكوفة، فلم
يتخلف إلا ابن إدريس وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الامين
والمأمون، فحدثهما ابن إدريس بمئة حديث، فقال المأمون: يا
عم أتأذن لي أن أعيدها حفظا ؟ قال: افعل.
فأعادها، فعجب من حفظه (3).
ومضيا إلى عيسى، فحدثهما، فأمر له المأمون بعشرة آلاف
درهم، فأبى، وقال: ولا شربة ماء على حديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
__________
(1) " فوات الوفيات " 2 / 237، و " تاريخ الخلفاء " 331 -
332.
(2) تصدير المصنف هذا الخبر ب " قيل " يشعر بوهائه وعدم
صحته، فليتقطن لهذا الذين ينقلون الاخبار دونما تمييز،
فيقولون المترجم ما لم يقله، أو ينسبون إليه ما هو برئ منه
براءة الذئب من دم يوسف.
(3) " تاريخ الخلفاء " ص 327.
(*)
(10/276)
روى محمد بن عون، عن ابن عيينة، أن المأمون جلس، فجاءته
امرأة، فقالت: مات أخي، وخلف ست مئة دينار، فأعطوني دينارا
واحدا، وقالوا: هذا ميراثك.
فحسب المأمون، وقال: هذا خلف أربع بنات.
قالت نعم.
قال: لهن (1) أربع مئة دينارا.
قالت: نعم.
قال: وخلف أما فلها مئة دينار، وزوجة لها خمسة وسبعون
دينارا.
بالله ألك اثنا عشر أخا ؟ قالت: نعم.
قال: لكل واحد ديناران، ولك دينار (2).
قال ابن الاعرابي: قال لي المأمون: خبرني عن قول هند بنت
عتبة: نحن بنات طارق * نمشي على النمارق من هو طارق ؟
فنظرت في نسبها، فلم أجده، فقلت: لا أعرف.
قال: إنما أرادت النجم: انتسبت إليه لحسنها (3).
ثم دحا إلي بعنبرة، بعتها بخمسة آلاف درهم (4).
__________
(1) في الاصل: لهما.
(2) " فوات الوفيات " 2 / 236، و " تاريخ الخلفاء " ص 315
(3) هذا التعليل مقبول فيما لو كان الشعر لهند بنت عتبة،
والصحيح أنه ليس لها، وإنما تمثلت به يوم أحد تحرض
المشركين على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لهند بنت
بياضة بن رياح بن طارق الايادي قالته حين لقيت إياد جيش
الفرس بالجزيرة، وكان رئيس إياد يومئذ بياضة بن رياح ابن
طارق الايادي، فطارق في الشعر هو جدها.
و " بنات " يروى بالرفع والنصب، فمن رفعه فعلى خبر
الابتداء، ومن نصبه فعلى المدح والتخصيص، ويكون الخبر
قولها: " نمشي ".
وبعد هذا البيت: المسك في المفارق * والدر في المخانق إن
تقلبوا نعانق * ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق * فراق غير
وامق انظر " شرح أبيات مغني اللبيب " 6 / 188 - 190
للبغدادي، و " الفاخر " ص 23، و " الروض الانف " للسهيلي 3
/ 161.
(4) " تاريخ الخلفاء " ص 319.
(*)
(10/277)
وعن المأمون: من أراد أن يكتب كتابا سرا، فليكتب بلبن حلب
لوقته، ويرسله، فيعمد إلى قرطاس، فيحرقه، ويذر رماده على
الكتابة، فيقرأ له.
قال الصولي: اقترح المأمون في الشطرنج أشياء، وكان يحب
اللعب بها، ويكره أن يقول: نلعب بها، بل نتناقل بها (1).
وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة يوم
الثلاثاء، فجاء رجل قد شمر ثيابه، ونعله في يده، فوقف على
طرف البساط، وقال: السلام عليكم.
فرد المأمون، فقال: أتاذن لي في الدنو ؟ قال: ادن، وتكلم،
قال: أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت فيه، جلسته باجتماع
الامة أم بالغلبة والقهر ؟ قال: لا بهذا ولا بهذا، بل كان
يتولى أمر الامة من عقد لي ولاخي، فلما صار الامر إلي،
علمت أني محتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين على الرضى بي،
فرأيت أني متى خليت الامر، اضطرب حبل الاسلام، ومرج عهدهم،
وتنازعوا، وبطل الحج والجهاد، وانقطعت السبل، فقمت حياطة
للمسلمين، إلى أن يجمعوا على من يرضونه، فأسلم إليه.
فقال: السلام عليك ورحمة الله.
وذهب، فوجه المأمون من يكشف خبره، فرجع، فقال: مضى إلى
مسجد فيه خمسة عشر رجلا في هيئته، فقالوا: لقيت الرجل ؟
قال: نعم، وأخبرهم بما جرى، فقالوا: ما نرى بما قال بأسا،
وافترقوا.
فقال المأمون: كفينا مؤنة هؤلاء بأيسر الخطب (2).
وقيل: إن المأمون استخرج كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " ص 324.
(2) " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 39 - 43، و " تاريخ
الخلفاء " 327.
(*)
(10/278)
قبرس، وقدم دمشق مرتين.
قال أبو معشر المنجم: كان أمارا بالعدل، محمود السيرة،
ميمون النقيبة، فقيه النفس، يعد من كبار العلماء (1).
وروي عن الرشيد، قال: إني لاعرف في عبد الله ابني حزم
المنصور، ونسك المهدي، وعزة الهادي، ولو أشاء أن أنسبه إلى
الرابع - يعني نفسه - لفعلت، وقد قدمت محمدا عليه، وإني
لاعلم أنه منقاد إلى هواه، مبذر لما حوته يداه، يشارك في
رأيه الاماء، ولولا أم جعفر وميل الهاشميين إليه، لقدمت
عليه عبد الله (2).
عن المأمون قال: لو عرف الناس حبي للعفو، لتقربوا إلي
بالجرائم (3)، وأخاف أن لا أوجر فيه.
وعن يحيى بن أكثم: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا، قيل: مر
ملاح، فقال: أتظنون أن هذا ينبل عندي وقد قتل أخاه الامين
؟ ! فسمعها المأمون، فتبسم، وقال: ما الحيلة حتى أنبل في
عين هذا السيد الجليل (4) ؟.
قيل: أهدى ملك الروم للمأمون نفائس، منها مئة رطل مسك،
ومئة حلة سمور.
فقال المأمون: أضعفوها له ليعلم عز الاسلام (5).
__________
(1) " فوات الوفيات " 2 / 237.
(2) " تاريخ الخلفاء ": 307.
(3) " فوات الوفيات " 2 / 236.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 189، و " فوات الوفيات " 2 /
236، و " عيون التواريخ " 8 / لوحة 15 و " تاريخ الخلفاء "
320.
(5) " فوات الوفيات " 2 / 237، والسمور: حيوان يشبه النمس،
منه أسود لامع وأشقر،
تسوى من جلوده فراء غالية الاثمان.
(*)
(10/279)
وقيل: أدخل خارجي على المأمون، فقال: ما حملك على الخلاف ؟
قال: قوله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الكافرون) قال: ألك علم بأنها منزلة ؟ قال: نعم.
قال: وما دليلك ؟ قال: إجماع الامة.
قال: فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل، فارض بإجماعهم في
التأويل.
قال: صدقت.
السلام عليك يا أمير المؤمنين (1).
الغلابي: حدثنا مهدي بن سابق قال: دخل المأمون ديوان
الخراج، فرأى غلاما جميلا على أذنه قلم، فأعجبه جماله،
فقال: من أنت ؟ قال: الناشئ في دولتك، وخريج أدبك،
والمتقلب في نعمتك يا أمير المؤمنين، حسن بن رجاء، فقال:
يا غلام بالاحسان في البديهة تفاضلت العقول، ثم أمر برفع
رتبته، وأمر له بمئة ألف.
وعن المأمون قال: أعياني جواب ثلاثة: صرت إلى أم ذي
الرياستين الفضل بن سهل أعزيها فيه، وقلت: لا تأسي عليه،
فإني عوضه لك، قالت: يا أمير المؤمنين وكيف لا أحزن على
ولد أكسبني مثلك.
قال: وأتيت بمتنبئ، فقلت: من أنت ؟ قال: أنا موسى بن
عمران.
قالت: ويحك، موسى كانت له آيات، فائتني بها حتى أو من بك.
قال: إنما أتيت بالمعجزات فرعون، فإن قلت: أنا ربكم الاعلى
كما قال، أتيتك بالآيات.
وأتى أهل الكوفة يشكون عاملهم، فقال خطيبهم: هو شر عامل،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 186، و " تاريخ الخلفاء " 319 -
320.
(*)
(10/280)
أما في أول سنة، فبعنا الاثاث والعقار، وفي الثانية بعنا
الضياع، وفي الثالثة نزحنا وأتيناك، قال: كذبت، بل هو
محمود، وعرفت سخطكم على العمال.
قال: صدقت يا أمير المؤمنين، وكذبت، قد خصصتنا به مدة دون
باقي البلاد، فاستعمله على بلد آخر ليشملهم من عدله
وإنصافه ما شملنا.
فقلت: قم في غير حفظ الله، قد عزلته (1).
أول قدوم المأمون من خراسان سنة أربع ومئتين، فدخل بغداد
في محمل لم يسمع بمثله.
قال إبراهيم نفطويه: حكى داود بن علي، عن يحيى بن أكثم
قال: كنت عند المأمون وعنده قواد خراسان، وقد دعا إلى
القول بخلق القرآن، فقال لهم: ما تقولون في القرآن ؟
فقالوا: كان شيوخنا يقولون: ما كان فيه من ذكر الحمير
والجمال والبقر فهو مخلوق، فأما إذ قال أمير المؤمنين: هو
مخلوق، فنحن نقول: كله مخلوق.
فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء (2) ؟ قلت: وكان شيعيا.
قال نفطويه: بعث المأمون مناديا، فنادى في الناس ببراءة
الذمة ممن ترحم على معاوية، أو ذكره بخير.
وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة ومئتين، فأنكر الناس
ذلك، واضطربوا، ولم ينل مقصوده، ففتر إلى وقت (3).
وعن المأمون قال: الناس ثلاثة: رجل منهم مثل الغذاء لابد
منه،
__________
(1) " مروج الذهب " 7 / 35 - 38.
(2) " فوات الوفيات " 2 / 237، 238.
(3) " فوات الوفيات " 2 / 238.
(*)
(10/281)
ومنهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالداء
مكروه على كل حال (1).
وعنه قال: لا نزهة ألذ من النظر في عقول الرجال.
وعنه: غلبة الحجة أحب إلي من غلبة القدرة (2).
وعنه: الملك يغتفر كل شئ إلا القدح في الملك، وإفشاء السر،
والتعرض للحرم (3).
وعنه: أعيت الحلية في الامر إذا أقبل أن يدبر، وإذا أدبر
أن يقبل (4).
وقيل له: أي المجالس أحسن ؟ قال: ما نظر فيه إلى الناس،
فلا منظر أحسن من الناس (5).
أبو داود المصاحفي (6): حدثنا النضر بن شميل قال: دخلت على
المأمون، فقلت: إني قلت اليوم هذا: أصبح ديني الذي أدين به
* ولست منه الغداة معتذرا حب علي بعد النبي ولا * أشتم
صديقه ولا عمرا وابن عفان في الجنان مع ال * أبرار ذاك
القتيل مصطبرا وعائش الام لست أشتمها * من يفتريها فنحن
منه برا (7)
__________
(1) " شذرات الذهب " 2 / 42.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 186.
(3) " مروج الذهب " 7 / 7.
(4) " مروج الذهب " 7 / 8، و " تاريخ الخلفاء ": 328.
(5) " تاريخ الخلفاء ": 328.
(6) هو سليمان بن سليم المصاحفي البلخي، كان يكتب المصاحف
فنسب إليها.
انظر " اللباب " 3 / 218.
(7) الابيات في " فوات الوفيات " 2 / 238.
(*)
(10/282)
قيل: إن المأمون لتشيعه أمر بالنداء بإباحة المتعة - متعة
النساء - فدخل عليه يحيى بن أكثم، فذكر له حديث علي رضي
الله عنه بتحريمها، فلما علم بصحة الحديث، رجع إلى الحق،
وأمر بالنداء بتحريمها (1).
أما مسألة القرآن، فما رجع عنها، وصمم على امتحان العلماء
في سنة ثماني عشرة، وشدد عليهم، فأخذه الله (2).
وكان كثير الغزو، وفي ثاني سنة من خلافته خرج عليه بالكوفة
محمد ابن طباطبا العلوي، يدعو إلى الرضى من آل محمد،
والعمل بالسنة، وكان مدير دولته أبو السرايا الشيباني،
ويسرع الناس إليه، وبادر إليه الاعراب، فالتقاه عسكر
المأمون، عليهم زهير بن المسيب، فانهزموا، وقوي أمر
العلوي، ثم أصبح ميتا فجأة، فقيل: سمه أبو السرايا، وأقام
في الحال مكانه أمرد علويا، ثم تجهز لحربهم جيش، فكسروا،
وقتل مقدمهم عبدوس المروروذي، وقوي الطالبيون، وأخذوا
واسطا والبصرة، وعظم الخطب، ثم حشد الجيش عليهم هرثمة،
وجرت فصول طويلة، والتقوا غير مرة، ثم هرب أبو السرايا
والطالبيون من الكوفة، ثم قتل أبو السرايا سنة مئتين،
وهاجت العلوية بمكة، وحاربوا، وعظم هرثمة بن أعين، وأعطي
إمرة الشام، فلم يرض بها، وذهب إلى مرو، فقتلوه (3).
__________
(1) " فوات الوفيات " 2 / 238، وحديث علي رضي الله عنه في
تحريم المتعة مخرج في
البخاري 7 / 369، ومسلم (1407)، وانظر لزاما " زاد المعاد
" 3 / 343 و 459، 464 و 5 / 111، 112، " طبع مؤسسة الرسالة
".
(2) " فوات الوفيات " 2 / 238.
(3) انظر تفصيل ذلك في " تاريخ الطبري " 8 / 528 - 531، و
" الكامل " لابن الاثير 6 / 302 - 307.
(*)
(10/283)
ثم في سنة إحدى ومئتين: جعل المأمون ولي عهدة عليا الرضى
ولبس الخضرة وثارت العباسية، فخلعوه (1)، وفيها تحرك بابك
الخرمي بأذربيجان (2)، وقتل وسبى، وذكر الرضى للمأمون ما
الناس فيه من الحرب والفتن منذ قتل الامين، وبما كان الفضل
بن سهل يخفيه عنه من الاخبار، وأن أهل بيته قد خرجوا،
ونقموا أشياء، ويقولون: هو مسحور، هو مجنون.
قال: ومن يعرف هذا ؟ قال: عدة من أمرائك، فاسألهم، فأبوا
أن ينطقوا إلا بأمان من الفضل، فضمن ذلك، فبينوا له، وأن
طاهر بن الحسين، قد أبلى في طاعتك، وفتح الامصار، وقاد إلى
أمير المؤمنين الخلافة، ثم أخرج من ذلك كله، وصير في
الرقة، ولو كان على العراق حاكما لضبطها بخلاف الحسن بن
سهل، وقالوا له: فسر إلى العراق، فلو رآك القواد، لاذعنوا
بالطاعة، فقال: سيروا.
فلما علم الفضل، ضرب بعضهم، وحبس آخرين، وما أمكن المأمون
مبادرته، فسار من مرو إلى سرخس، فشد قوم على الفضل، فقتلوه
في حمام في شعبان سنة اثنتين ومئتين عن ستين سنة، فجعل
المأمون لمن جاء بقاتليه عشرة آلاف دينار - وكانوا أربعة
من مماليك المأمون - فقالوا: أنت أمرتنا بقتله، فأنكر،
وضرب أعناقهم (3).
وضعف أمر إبراهيم بن المهدي بعد محاربة وبلاء.
وفي سنة 203: مات الرضى فجأة (4).
__________
(1) انظر الصفحة (274)، التعليق رقم (4)، (5).
(2) انظر " الكامل " لابن الاثير 6 / 328.
(3) " الكامل " لابن الاثير 6 / 346 - 348، و " تاريخ
الطبري " 8 / 564، 565.
(4) انظر خبر وفاته في " تاريخ الطبري " 8 / 568، و "
الكامل " لابن الاثير 6 / 351.
(*)
(10/284)
وفي سنة أربع: وصل المأمون، فتلقاه إلى النهروان بنو
العباس، وبنو أبي طالب، وعتبوا عليه في لبس الخضرة، فتوقف،
ثم أعاد السواد (1).
وفيها التقى يحيى بن معاذ أمير الجزيرة بابك الخرمي (2)،
وولي طاهر جميع خراسان، وأمر له بعشرة آلاف ألف درهم.
وفيها - أعني سنة 205 - نصر المسلمون على بابك، وبيتوه.
وفي سنة سبع: خرج باليمن علوي (3)، فأمنه المأمون وقدم.
ومات طاهر، ويقال: إنه كان قد قطع دعوة المأمون قبل موته،
وخرج، فقام بعده ابنه طلحة، فولاه المأمون خراسان، فبقي
سبعة أعوام، ومات، فوليها أخوه عبد الله بن طاهر (4).
وكانت الحروب شديدة بين عسكر الاسلام وبين بابك، وظهر
باليمن الصناديقي، وقتل، وسبى، وادعى النبوة، ثم هلك
بالطاعون.
وخرج حسن أخو طاهر بن الحسين بكرمان، فظفر به المأمون،
وعفا عنه.
وكان المأمون يجل أهل الكلام، ويتناظرون في مجلسه، وسار
صدقة بن علي لحرب " بابك "، فأسره " بابك " وتمرد وعتا.
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 574، و " الكامل " لابن الاثير 6
/ 357.
(2) " الكامل " لابن الاثير 6 / 358.
(3) هو عبدالرحمن بن أحمد بن عبد الله العلوي.
انظر خبر خروجه في " تاريخ الطبري " 8 / 593، و " الكامل "
6 / 381.
(4) " الكامل " لابن الاثير 6 / 382 - 383.
(*)
(10/285)
وفي سنة عشر: دخل المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل بواسط،
وأقام عندها بجيشه سبعة عشر يوما، فكانت نفقة الحسن على
العرس وتوابعه خمسين ألف ألف درهم، فملكه المأمون مدينة،
وأعطاه من المال خمس مئة ألف دينار (1).
وفي سنة إحدى عشرة: قهر ابن طاهر المتغلبين على مصر، وأسر
جماعة (2).
وفي سنة اثنتي عشرة: سار محمد بن حميد الطوسي لمحاربة
بابك، وأظهر المأمون تفضيل علي على الشيخين، وأن القرآن
مخلوق، واستعمل على مصر والشام أخاه المعتصم، فقتل طائفة،
وهذب مصر، ووقع المصاف مع بابك مرات (3).
وفي سنة خمس عشرة: سار المأمون لغزو الروم، ومن غزوته عطف
إلى دمشق (4).
وفي سنة ست عشرة: كر غازيا في الروم، وجهز أخاه المعتصم،
ففتح حصونا، ودخل سنة سبع عشرة مصر، وقتل المتغلب عليها
عبدوسا الفهري، ثم كر إلى أذنة، وسار، فنازل " لؤلؤة " (5)
وحاصرها مئة
يوم، وترحل (6).
__________
(1) انظر خبر بناء المأمون ببوران في " تاريخ الطبري " 8 /
606، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 395، و " البداية
والنهاية " 10 / 265.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 613، و " الكامل " 6 / 396
وفيهما في حوادث سنة عشر ومئتين.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 619، و " الكامل " 6 / 407 -
408.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 623، و " الكامل " 6 / 417.
(5) هي قلعة بالقرب من طرسوس.
(6) " تاريخ الطبري " 8 / 625 - 628، و " الكامل " 6 / 419
- 421.
(*)
(10/286)
وأقبل توفيل طاغية الروم (1)، ثم وقعت الهدنة بعد أن كتب
توفيل، فبدأ بنفسه، وأغلظ في المكاتبة، فغضب المأمون، وعزم
على المسير إلى قسطنطينية، فهجم الشتاء (2).
وفيها وقع حريق عظيم بالبصرة أذهب أكثرها.
وفي سنة " 218 ": اهتم المأمون ببناء طوانة، وحشد لها
الصناع، وبناها ميلا في ميل، وهي وراء " طرسوس "، وافتتح
عدة حصون (3)، وبالغ في محنة القرآن، وحبس إمام الدمشقيين
أبا مسهر، بعد أن وضعه في النطع للقتل، فتلفظ مكرها (4).
وكتب المأمون إلى نائبه على العراق إسحاق بن إبراهيم
الخزاعي كتابا يمتحن العلماء، يقول فيه: " وقد عرفنا أن
الجمهور الاعظم والسواد من حشو الرعية وسفلة العامة، ممن
لا نظر لهم ولا روية، أهل جهالة وعمى عن أن يعرفوا الله
كنه معرفته، ويقدروه حق قدره،
ويفرقوا بينه وبين خلقه، فساووا بين الله وبين خلقه،
وأطبقوا على أن القرآن قديم، لم يخترعه الله، وقد قال:
(إنا جعلناه قرآنا) فكل ما جعله فقد خلقه، كما قال: (وجعل
الظلمات والنور)، وقال: (نقص عليك من أنباء ما قد سبق)،
فأخبر أنه قصص لامور أحدثه بعدها.
__________
(1) وهو الذي ذكره أبو تمام في قصيدته البائية التي قالها
في فتح عمورية في البيت الخمسين، وهو: لما رأى الحرب رأي
العين توفلس * والحرب مشتقة المعنى من الحرب * (2) " تاريخ
الطبري " 8 / 629 - 630.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 631، و " الكامل " لابن الاثير 6
/ 440 - 441.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 643.
(*)
(10/287)
وقال: [ أحكمت آياته ثم فصلت ] والله محكم له، فهو خالقه
ومبدعه " إلى أن قال: " فمال قوم من أهل السمت الكاذب
والتخشع لغير الله إلى موافقتهم، فرأى أمير المؤمنين أنهم
شر الامة ولعمرو أمير المؤمنين، إن أكذب الناس من كذب على
الله ووحيه، ولم يعرف الله حق معرفته.
فاجمع القضاة، وامتحنهم، فيما يقولون، وأعلمهم أني غير
مستعين في عمل، ولا واثق بمن لا يوثق بدينه، فإن وافقوا
فمرهم بنص من بحضرتهم من الشهود، ومسألتهم عن علمهم في
القرآن، ورد شهادة من لم يقر أنه مخلوق " (1).
وكتب المأمون أيضا في أشخاص سبعة، محمد بن سعد، وابن معين،
وأبي خيثمة، وأبي مسلم المستملي، وإسماعيل بن داود، وأحمد
الدورقي، فامتحنوا فأجابوا (2) - قال ابن معين: جبنا خوفا
من السيف (3) -
وكتب بإحضار من امتنع منهم: أحمد بن حنبل، وبشر بن الوليد،
وأبي حسان الزيادي، والقواريري، وسجادة، وعلي بن الجعد،
وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعلي بن أبي مقاتل، وذيال بن
الهيثم، وقتيبة بن سعيد، وسعدويه، في عدة، فتلكأ طائفة،
وصمم أحمد وابن نوح، فقيدا، وبعث بهما، فلما بلغا الرقة،
تلقاهم موت المأمون، وكان مرض بأرض الثغر، فلما احتضر، طلب
ابنه العباس ليقدم، فوافاه بآخر رمق، وقد نفذت الكتب إلى
البلدان، فيها: " من المأمون وأخيه أبي إسحاق الخليفة
__________
(1) " تاريخ الطبري " 8 / 632 - 633، و " عيون التواريخ "
8 / لوحة 1 - 2، و " تاريخ الخلفاء " 308 - 309.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 634، و " الكامل " لابن الاثير 6
/ 423، و " تاريخ الخلفاء " 309 - 310.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 310.
(*)
(10/288)
من بعده " فقيل: وقع ذلك بغير أمر المأمون، وقيل: بل بأمره
(1).
وأشهد على نفسه عند الموت أن عبد الله بن هارون أشهد عليه
أن الله وحده لا شريك له، وأنه خالق، وما سواه مخلوق، ولا
يخلو القرآن من أن يكون شيئا له مثل، والله لا مثل له،
والبعث حق، وإني مذنب، أرجو وأخاف، وليصل علي أقربكم،
وليكبر خمسا، فرحم الله عبدا اتعظ وفكر فيما حتم الله على
جميع خلقه من الفناء، فالحمد لله الذي توحد بالبقاء، ثم
لينظر امرؤ ما كنت فيه من عز الخلافة، هل أغنى عني شيئا إذ
نزل أمر الله بي ؟ لا والله، لكن أضعف به على الحساب، فيا
ليتني لم أك شيئا، يا أخي، ادن مني، واتعظ بما ترى، وخذ
بسيرة أخيك في
القرآن، واعمل في الخلافة إذ طوقكها الله عمل المريد لله،
الخائف من عقابه، ولا تغتر فكأن قد نزل بك الموت، ولا تغفل
أمر الرعية، الرعية الرعية، فإن الملك بهم، الله الله فيهم
وفي غيرهم، يا أبا إسحاق، عليك عهد الله، لتقومن بحقه في
عباده، ولتؤثرن طاعته على معصيته، فقال: اللهم نعم.
هؤلاء بنو عمك من ذرية علي رضي الله عنه، أحسن صحبتهم،
وتجاوز عن مسيئهم.
(2) ثم مات في رجب، في ثاني عشره، سنة ثمان عشرة ومئتين،
وله ثمان وأربعون سنة، توفي بالبذندون (3)، فنقله ابنه
العباس، ودفنه بطرسوس في دار خاقان خادم أبيه (4).
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " 310 - 313.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 647 - 650، و " عيون التواريخ "
8 / لوحة 26، 27، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 429 - 431.
(3) قرية من قرى الثغر بينها وبين طرسوس مسيرة يوم.
(4) انظر " تاريخ الطبري " 8 / 650، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 431، 432.
(*)
(10/289)
قال الاصمعي: كان نقش خاتمه: عبد الله بن عبيدالله (1).
وله من الاولاد: محمد الكبير، والعباس، وعلي، ومحمد، وعبيد
الله، والحسن، وأحمد، وعيسى، وإسماعيل، والفضل، وموسى،
وإبراهيم، ويعقوب، وحسن، وسليمان، وهارون، وجعفر، وإسحاق،
وعدة بنات (2).
73 - المعتصم * الخليفة
أبو إسحاق محمد بن الرشيد هارون بن محمد المهدي بن
المنصور العباسي.
ولد سنة ثمانين ومئة، وأمه ماردة أم ولد (3).
روى عن: أبيه، وأخيه المأمون يسيرا.
روى عنه: إسحاق الموصلي، وحمدون بن إسماعيل.
بويع بعهد من المأمون في رابع عشر رجب، سنة ثمان عشرة (4).
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " 315.
(2) في عيون التواريخ " 8 / لوحة 28: قال الصولي: كان
للمأمون تسعة عشر ذكرا، وتسع بنات.
* المعارف لابن قتيبة: 392، الاخبار الطوال: 401، تاريخ
اليعقوبي 3 / 197، تاريخ الطبري 9 / 118 - 123، مروج الذهب
للمسعودي 7 / 102، البدء والتاريخ 6 / 114، تاريخ بغداد 3
/ 342، الكامل لابن الاثير 6 / 439 و 523 - 528، العبر 1 /
400 - 402، عيون التواريخ 8 / لوحة 118 - 121، فوات
الوفيات 4 / 48، الوافي بالوفيات 5 / 139، البداية
والنهاية 10 / 295 - 297، الذهب المسبوك للمقريزي: 221،
النجوم الزاهرة 2 / 250، تاريخ الخلفاء: 333 - 340، تاريخ
الخميس 2 / 336، شذرات الذهب 2 / 63، 64.
(3) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 123، و " الكامل " 6 / 525،
و " تاريخ بغداد " 3 / 342، و " فوات الوفيات " 4 / 48.
(4) " تاريخ الطبري " 8 / 667، و " الكامل " 6 / 439، و "
فوات الوفيات " 4 / 84.
(*)
(10/290)
وكان أبيض، أصهب اللحية طويلها، ربع القامة، مشرب اللون،
ذا قوة وبطش وشجاعة وهيبة، لكنه نزر العلم (1).
قيل: كان معه غلام في المكتب، فمات الغلام، فقال له أبوه:
يا محمد، مات غلامك، قال: نعم يا سيدي واستراح من الكتاب،
فقال: أو
إن الكتاب ليبلغ منك هذا ! دعوه، فكانت قراءته ضعيفة (2).
قال خليفة: حج بالناس سنة مئتين (3).
قال الرياشي: كتب طاغية الروم إلى المعتصم يتهدده، فأمر
بجوابه، فلما عرض عليه رماه، وقال للكاتب: اكتب: " أما
بعد، فقد قرأت كتابك، وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما
تسمع (وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار) (4).
قلت: وامتحن الناس بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الامصار،
وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله
المتوكل بعد أربعة عشر عاما.
وكان في سنة 218 الوباء المفرط والقحط بمصر، ومات أكثرهم،
وأمر المعتصم بهد " طوانة " التي بذر المأمون في بنائها من
عامين بيوت
__________
(1) " فوات الوفيات " 4 / 48.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 343، و " فوات الوفيات " 4 / 49،
و " البداية والنهاية " 10 / 295، و " تاريخ الخلفاء "
334.
(3) " تاريخ خليفة ": 470.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 344، و " البداية والنهاية " 10 /
296.
قوله: (وسيعلم الكافر) هي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير
وأبي عمرو، وقرأ الباقون: (وسيعلم الكفار).
" النشر " 2 / 298.
(*)
(10/291)
الاموال (1)، واشتد البلاء ببابك، وهزم الجيوش، ودخل في
دينه خلائق من العجم، وعسكر بهمذان، فبرز لقتاله إسحاق
المصعبي، فكانت ملحمة عظمي، فيقال: قتل منهم ستون ألفا،
وهرب باقيهم إلى الروم (2).
وظهر سنة 219 محمد بن القاسم العلوي، يدعو إلى الرضى من آل
محمد، وتمت له حروب إلى أن قيده ابن طاهر، ثم هرب من
السجن، وأضمرته البلاد (3).
وفي سنة عشرين: عقد المعتصم للافشين (4) في جيش لجب لقتال
بابك، فتمت ملحمة انهزم فيها بابك إلى موغان، ومنها إلى
مدينة له تسمى البذ (5).
وفي رمضان كانت محنة الامام أحمد في القرآن، وضرب بالسياط
حتى زال عقله، ولم يجب، فأطلقوه (6)، وأمر المعتصم بإنشاء
مدينة
__________
(1) " تايخ الطبري " 8 / 667.
(2) " تاريخ الطبري " 8 / 667، 668، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 441.
(3) انظر " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 116، 117، و " تاريخ
الطبري " 9 / 7، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 442، 443، و
" البداية والنهاية " 10 / 282.
(4) اسمه حيدر بن كاوس، عقد له المعتصم في قتال بابك
الخرمي، وكان من الامراء الشجعان، واتهم بالكفر وعبادة
الاصنام، فسجنه المعتصم حتى مات سنة (226) ه انظر " العبر
" 1 / 395.
(5) انظر خبر هذه الوقعة في " مروج الذهب " 7 / 123 - 127،
و " تاريخ الطبري " 9 / 13، 14، و " الكامل " 6 / 449 -
451.
وموغان - ويقال لها: موقان -: ولاية بأذربيجان فيها قرى
ومروج كثيرة.
معجم البلدان 5 / 225، والبذ: كورة بين أذربيجان وأران،
بها كان مخرج بابك الخرمي.
انظر " معجم البلدان " 1 / 361، وانظر الصفحة 294 تعليق
(2) من هذا الجزء.
(6) سترد ترجمة الامام أحمد ومحنته مفصلة في الجزء الحادي
عشر من هذا الكتاب برقم (78).
(*)
(10/292)
سامرا (1)، اشترى أرضها من رهبان بالقاطول (2)، وغضب على
وزيره الفضل بن مروان، وأخذ منه نحوا من عشرة آلاف ألف
دينار، ونفاه (3) واستوزر محمد بن الزيات، واعتنى باقتناء
المماليك الترك، وبعث إلى النواحي في شرائهم، وألبسهم
الحرير والذهب (4).
وفي سنة 221: كانت وقعة بين العسكر وبابك (5).
وحج فيها حنبل، فقال: رأيت كسوة الكعبة، وقد كتب فيها في
الدارات: ليس كمثله شئ وهو اللطيف الخبير (6)، فحدثت به
أبا عبد الله، فقال: قاتل الله الخبيث، عمد إلى كلام الله،
فغيره - عنى ابن أبي دواد.
وفي سنة اثنتين وعشرين: كان المصاف بين بابك الخرمي وبين
الافشين، فطحنه الافشين، واستباح عسكره، وهرب.
ثم إنه أسر بعد فصول طويلة (7)، وكان أحد الابطال، أخاف
الاسلام وأهله، وهزم الجيوش
__________
(1) انظر خبر بناء هذه المدينة في " مروج الذهب " للمسعودي
7 / 120، 121، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 451، 452.
(2) القاطول: نهر معروف يأخذ من دجلة على خمسة فراسخ من
سامراء، وقد ذكره البحتري في قصيدته التي يرثي بها المتوكل
في " ديوانه " 2 / 1045: محل على القاطول أخلق داثره *
وعادت صروف الدهر جيشا تغاوره وانظر " مروج الذهب " 7 /
127، و " الروض المعطار " 300، 301 و 449، 450.
(3) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 18 - 22، و " الكامل " 6 /
453، 454.
(4) " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 118.
(5) " تاريخ الطبري " 9 / 23 - 27، و " الكامل " 6 / 456.
(6) التلاوة: (وهو السميع البصير)، فغير ما في التلاوة
ليسلم له مذهبه، وهذا من أبين
الادلة على فساد رأي المعتزلة ومجافاته للنصوص القطعية
التي لا يرقى إليها شك.
(7) ذكرها ابن جرير الطبري في " تاريخه " 9 / 29 - 51.
(*)
(10/293)
عشرين سنة، وغلب على أذربيجان وغيرها، وأراد أن يقيم الملة
المجوسية، وظهر في أيامه المازيار أيضا بالمجوسية بطبرستان
(1)، وعظم البلاء.
وكان المعتصم والمأمون قد أنفقوا على حرب بابك قناطير
مقنطرة من الذهب والفضة، ففي هذه السنة، بعث المعتصم نفقات
إلى جيشه مع الافشين فكانت ثلاثين ألف ألف درهم، وأخذت
البذ مدينة بابك اللعين (2)، واختفى في عيضة، وأسر أهله
وأولاده، وقطع دابر الخرمية.
ثم ورد أمان من المعتصم لبابك، فبعث به الافشين إليه مع
اثنين، وكتب ابنه إليه يشير عليه بقبول الامان، فلما دخلا
إلى الشعراء (3) التي فيها بابك، قتل أحدهما، وقال للآخر:
امض إلى ابن الفاعلة ابني، فقل: لو كان ابني للحق بي.
ثم مزق الامان، وفارق الغيضة، وصعد الجبل في
__________
(1) من بلاد خراسان بفتح أوله وثانيه، سميت بذلك لان الشجر
كان حولها شيئا كثيرا، فلم يصل إليها جنود كسرى حتى قطعوه
بالفأس.
والطبر بالفارسية: الفأس، واستان: الشجر.
انظر " الروض المعطار " ص 383.
(2) انظر تفصيل ذلك في " تاريخ الطبري " 9 / 31 - 45، و "
الكامل " 6 / 462 وما بعدها، وللبحتري من قصيدة يمدح بها
أبا سعيد بن يوسف الثغري - وكان من قواد حميد الطوسي في
حربه مع بابك الخرمي - في " ديوانه " 2 / 1256: لله درك
يوم بابك فارسا * بطلا لابواب الحتوف قروعا حتى ظفرت ببذهم
فتركته * للذل جانبه وكان منيعا وله فيه أيضا في " ديوانه
" 1 / 9:
ما زلت تقرع باب بابك بالقنا * وتزوره في غارة شعواء حتى
أخذت بنصل سيفك عنوة * منه الذي أعيا على الخلفاء أخليت
منه البذ وهي قراره * ونصبته علما بسامراء وانظر " ديوان
أبي تمام " 2 / 18 و 24 و 34.
(3) الشعراء: الارض الكثيرة الشجر.
(*)
(10/294)
طرق يعرفها، لا تسلك (1).
وكان الافشين قد رتب الكمناء في المضايق، فنجا بابك، ولجأ
إلى جبال أرمينية، فلقيه سهل البطريق، فقال: الطلب وراءك،
فانزل عندي، فنزل، وركن إليه، فبعث البطريق إلى الافشين
بذلك، فجاء فرسان، فأحاطوا به وأخذوه، وكان المعتصم قد جعل
لمن جاء به حيا ألفي ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف،
فأعطي البطريق ألف ألف، وأطلق له خراجه عشرين سنة (2).
وقال المسعودي: هرب بابك بأخيه وأهله وخواصه في زي التجار،
فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن سنباط، فابتاعوا شاة من
راع، فنكرهم، فأتى سهلا، فأعلمه، فقال: هذا بابك بلا شك،
فركب في أجناده حتى أتى بابك، فترجل وسلم عليه بالملك،
وقال: قم إلى قصرك، فأنا عبدك، فمضى معه، ومد السماط له،
وأكل معه، فقال بابك: أمثلك يأكل معي ! فوقف واعتذر، ثم
أحضر حدادا ليقيده، فقال: أغدرا يا سهل ؟ ! قال: يا ابن
الفاعلة، إنما أنت راعي بقر، ثم قيد أتباعه، وكاتب
الافشين، فجهز أربعة آلاف، فتسلموه، وجاء سهل، فخلع عليه
الافشين، وبعثت بطاقة بذلك إلى بغداد، فضج الناس بالتكبير
والشكر لله، ثم قدموا ببابك في صفر سنة ثلاث (3).
وكان المعتصم يبعث كل يوم بخلعة وفرس للافشين، ومن سروره
بذلك رتب البريد منه إلى الافشين، فكان يجيئه الخبر في
أربعة أيام وذلك
__________
(1) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 45 - 47، و " الكامل " 6 /
471، 472.
(2) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 47 - 51 و 54، و " الكامل "
لابن الاثير 6 / 472 - 473، و " البداية والنهاية " 10 /
283، 284.
(3) " مروج الذهب " 7 / 124 - 132.
(*)
(10/295)
مسيرة شهر، ثم أتى أحمد بن أبي دواد متنكرا في الليل،
فشاهد بابك، ثم أعلم المعتصم، فما صبر، وأتاه متنكرا،
فتأمله (1).
وكان هذا الشقي ثنويا (2) على دين ماني ومزدك، يقول بتناسخ
الارواح، ويستحل البنت وأمها (3).
وقيل: كان ولد زنى، وكانت أمه عوراء، يقال لها: رومية
العلجة، وكان علي بن مزدكان يدعي أنه زنى بها، وبابك منه.
وقيل: كانت صعلوكة من قرى أذربيجان، فزنى بها نبطي، فحملت
منه ببابك، فربي بابك أجيرا في القرية، وكان هناك قوم من
الخرمية لهم كبيران: جاوندان (4) وعمران، فتفرس جاوندان
النجابة (5) في بابك، فاكتراه من أمه، فهويته زوجة
جاوندان، وأطلعته على الاسرار، ثم قتل زوجها في محاربة
لابن عمه، فزعمت أن زوجها استخلف بابك، فصدقها الجميع،
فأمرهم أن يقتلوا من وجدوه في الليل، فأصبح عدة قتلى،
وانضاف إليهم كل شرير وقاطع طريق، وصار أمر بابك إلى ما
صار، وكانت دولته عشرين سنة بل أزيد، وكان معه نحو من
عشرين ألف مقاتل فارغين من الدين، وبعضهم زنادقة، وقتلوا،
وسبوا، وأخذوا
الحصون (6).
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 52.
(2) انظر " الملل والنحل " 1 / 244.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 10 / 65، و " الفرق بين
الفرق " ص 251، 252، و " الكامل " لابن الاثير 6 / 328، و
" الانساب " للسمعاني 2 / 13.
(4) في " الكامل " و " الوافي بالوفيات ": جاويدان.
(5) في الاصل: " النجائر " وهو خطأ، وفي " الوافى بالوفيات
": " الجلادة ".
(6) " الوافي بالوفيات " 10 / 62.
(*)
(10/296)
نعم وأمر المعتصم، فأركب بابك فيلا، وألبسه الديباج
وقلنسوة كبيرة من سمور، وطافوا به، ثم قطعت أربعته وهو
ساكت، ثم ذبح، وطيف برأسه بسامراء، ثم بعث بأخيه إلى
بغداد، فعمل به كذلك (1)، ويقال: كان أشجع من بابك، فقال:
يا بابك قد عملت ما لم يعمله أحد، فاصبر صبرا لم يصبره
أحد، قال: سوف ترى، فلما قطعوا يده خضب صورته بالدم، فقال
المعتصم: لم فعلت ؟ قال: إنك أمرت بقطع أطرافي، وفي نفسك
أن لا تكويها، فينزف الدم، فيصفر لوني، فتظنونه جزعا مني،
فقال: لولا أن أفعاله لا تسوغ الصنيعة والعفو لاستبقيته،
ثم أحرق (2).
وقيل: إنه أباد من الامة خلائق.
وبخط الامام ابن الصلاح: أن قتلى بابك بلغوا ألف ألف وخمس
مئة ألف (3)، وأحصي قتلى أبي مسلم الخراساني، فبلغوا ألفي
ألف.
وفيها: التقى طاغية الروم والافشين، فهزمه ولكن بعد أيام،
وخرب
المعتصم أنقرة، وأنكى في الروم، وأخذ عمورية عنوة (4)،
وأوطأ الروم خوفا وذلا، وأخذ بثأر الاسلام من الطاغية
توفيل بن ميخائيل الذي أغار علي زبطرة، وملطية.
فدخل المعتصم الروم في مئتي ألف مقاتل وأزيد، حتى لقيل:
كان في خمس مئة ألف، وصمم على محاصرة قسطنطينية،
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 52، 53، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 477، 478، و " الوافي بالوفيات " 10 / 62، 63.
(2) " الوافي بالوفيات " 10 / 63 - 64.
(3) " الوافي بالوفيات " 10 / 64.
(4) انظر خبر فتح عمورية في " تاريخ الطبري 9 / 57 - 70، و
" البداية والنهاية " 10 / 286 - 288، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 480 - 488.
(*)
(10/297)
فأتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه، فظفر
بالعباس، وكان العباس بديع الحسن، وكان بليدا، غزا في أيام
أبيه الروم، وولي الجزيرة، وذهبت منه الخلافة بغيبته، ثم
نخاه عجيف، وشجعه على الخروج، ووافقه عدة أمراء، وعرف
المعتصم، فأخذ العباس، فقيل: غمه بكساء حتى تلف بمنبج (1).
- وقيل: إن يحيى بن أكثم نظر إليه، فتبسم المأمون، فروى
يحيى حديثا في النظر إلى الوجه الحسن، فقال المأمون: اتق
الله، فهذا الحديث كذب -.
ولما عظم الافشين باستئصاله لبابك، طلب نيابة خراسان،
وبلغه خروج المازيار ومحاربته لابن طاهر، فدس من استماله
له، وقوى عزمه، وخرب المازيار البلاد، وقتل وعسف.
ثم جهز المعتصم في سنة أربع وعشرين الافشين لحربه، وبعث
ابن طاهر جيشا عليهم عمه لحربه أيضا، وجرت حروب يطول
بسطها، وقتل المازيار (2).
وفي سنة خمس: قبض المعتصم على الافشين، وكان عدوا لابن
طاهر، وابن أبي دواد، فعقراه، وألقيا في ذهن المعتصم أنه
يريد قتلك، فتهدد كاتبه، فاعترف، وقال: أمرني أن أكتب إلى
المازيار: إنه لم يبق غيري وغيرك، وجيش الخليفة عند ابن
طاهر، وما عند الخليفة سواي، فإن هزمت ابن طاهر كفيتك
المعتصم، ويخلص لنا الدين الابيض - يعني
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 71 - 77، و " الكامل " لابن
الاثير 6 / 489 - 439.
(2) انظر خبره في " تاريخ الطبري " 9 / 80 - 84، و "
الكامل " لابن الاثير 6 / 495.
(*)
(10/298)
المجوسية - وكان يتهم بها، فوهب المعتصم للكتاب ذهبا،
وقال: إن نطقت، قتلتك (1).
وعن ابن أبي دواد، قال: دخلت عليه وهو يبكي، ويقلق، وقال
لي: رجل أنفقت عليه ألفي ألف دينار، ويريد قتلي ! قد تصدقت
بعشرة آلاف ألف درهم، فخذها ففرقها (2).
وكان الافشين قد بعث أموالا له إلى أشر وسنة (3) وهم
بالهرب إليها، ثم هيأ دعوة ليسم فيها المعتصم وقواده، فإن
لم يجئ سم القواد، ويذهب إلى أرمينية، ومنها إلى أشر وسنة،
فما تهيأ [ له ] ذلك، وقبض عليه المعتصم، وعلى ابنه حسن،
وأتي بالمازيار أسيرا (4).
فقيل: أحضر هو، والافشين، وموبذ ملك السغد، ومرزبان عند
المعتصم، فأحضر اثنان، فعريا، فإذا أجنابهما عرية من
اللحم، فقال
ابن الزيات للافشين: يا حيدر، تعرفهما ؟ قال: نعم، هذا
مؤذن، وهذا إمام، بنيا مسجدا بأشروسنة، ضربتهما ألف سوط،
لان بيني وبين ملوك السغد عهدا أن أترك كل قوم على دينهم،
فوثب هذان على بيت أصنام أشر وسنة، فرميا الاصنام، وعملاه
مسجدا، فضربتهما.
قال ابن الزيات: فما كتاب قد زينته بالذهب والجواهر فيه
الكفر ؟ قال: كتاب ورثته من أبي، فيه آداب وحكم للاكاسرة،
فآخذ منه الادب،
__________
(1) " عيون التواريخ " 8 / لوحة 103.
(2) " عيون التواريخ " 8 / لوحة 103.
(3) هي بلدة كبيرة بما وراء النهر بين سيحون وسمرقند انظر
" معجم البلدان " 1 / 197.
(4) انظر خبر غضب المعتصم على الافشين في " تاريخ الطبري "
9 / 104 - 110، و " الكامل " 6 / 510 - 516.
(*)
(10/299)
وأدع ما سواه، مثل كتاب " كليلة ودمنة ".
فقال ابن الزيات للموبذ: ما تقول ؟ قال: إنه يأكل
المخنوقة، ويحملني على أكلها، ويقول: لحمها أرطب.
وقال لي: إني دخلت لهؤلاء في كل ما أكره حتى أكلت الزيت،
وركبت الجمل، ولبست النعل، غير أني ما حلقت عانتي قط، ولم
يختتن - وكان الموبذ مجوسيا، وأسلم بعد - قال الافشين:
خبروني عن هذا المتكلم، أثقة هو في دينه ؟ قالوا: لا.
قال: فكيف تصدقونه ؟ فقام المرزبان، فقال: يا أفشين، كيف
يكتب إليك أهل مملكتك ؟ قال: كما يكتبون إلى آبائي: إلى
الاله من عبده.
قال ابن أبي دواد: فما أبقيت لفرعون ؟ قال: خفت فسادهم
بتغيير العادة.
قال له إسحاق بن إبراهيم المصعبي: كيف تحلف فنصدقك، وأنت
تدعي ما يدعي فرعون ؟ قال: يا إسحاق، هذه سورة قرأها عجيف
على علي بن هشام، وأنت تقرؤها علي، فانظر من يقرؤها عليك.
ثم تقدم مازيار، فقيل: أتعرفه ؟ قال: نعم.
قالوا: هل كاتبته ؟ قال: لا.
فقالوا للمازيار: أكتب إليك ؟ قال: كتب إلي أخوه على
لسانه: إنه لم يكن ينصر هذا الدين الابيض غيري وغيرك وغير
بابك، فأما بابك، فبحمقه قتل نفسه، فإن خالفت، لم يكن
للخليفة من يرى لقتالك غيري، ومعي الفرسان وأهل النجدة
والبأس، فإن وجهت إليك، لم يبق أحد يحاربنا إلا العرب
والمغاربة والاتراك، فأما العربي، فمنزلته ككلب أطرح له
كسرة، ثم أضرب رأسه بالدبوس، وهؤلاء الذئاب - يعني
المغاربة - فأكلة رأس، وأما التركي، فإنما هي ساعة، وتنفد
سهامهم، ثم تجول عليهم الخيل جولة، ويعود الدين إلى ما
كان.
(10/300)
فقال الافشين: هذا يدعي على أخي، ولو كنت قد كتبت بهذا
إليه لاخذعه، لكان غير مستنكر، وكنت آخذ برقبته.
فزجره ابن أبي دواد، وقال: أختين أنت ؟ قال: لا، قال: لم ؟
قال: خفت التلف.
قال: أنت تلقى الحروب وتخاف من قطعة قلفة ؟ قال: تلك ضرورة
أصبر عليها، وتلك القلفة لا أخرج بها من الاسلام، فقال
أحمد: قد بان لكم أمره (1).
وفيها سقطت أكثر الاهواز من الزلزلة، ودامت أياما (2).
وفي سنة ست: وقع برد كالبيض من السماء قتل ثلاث مئة وسبعين
نفسا.
ومنع الافشين المذكور من الطعام، حتى هلك، ثم صلب ميتا،
وأحرق مع أصنام عنده، وهو من أولاد الاكاسرة، وكان أكبر
الدولة (3).
وأما المازيار، واسمه محمد بن قارن، فظالم غاشم جبار، ظهر
بطبرستان، وحارب عسكر المعتصم، ثم أسر فضرب حتى مات، وصلب،
وترك أموالا لا تنحصر (4).
وفي سنة 227: ظهر أبو حرب المبرقع بفلسطين ! وزعم أنه
__________
(1) انظر هذه المناظرة في " تاريخ الطبري " 9 / 107 - 110،
و " الكامل " لابن الاثير 6 / 513 - 516، و " عيون
التواريخ " 8 / لوحة 103 - 107 (2) " عيون التواريخ " 8 /
لوحة 107.
(3) " تاريخ الطبري " 9 / 111، و " الكامل " 6 / 517،
وانظر قصيدة أبي تمام التي مدح بها المعتصم، ومطلعها: الحق
أبلج والسيوف عوار * فحذار من أسد العرين حذار وهي في "
ديوانه " 2 / 198 - 209 بشرح التبريزي.
(4) انظر " الوافي بالوفيات " 4 / 337، 338، و " عيون
التواريخ " 8 / لوحة 108.
(*)
(10/301)
السفياني، ودعا إلى إقامة الحق، وكان قتل جنديا آذى زوجته
ثم ألبس وجهه برقعا، وأقام بالغور، واستفحل أمره، واجتمع
عليه أهل البر، وتفاقم الامر، فسار لحربه أمير دمشق رجاء
الحصاري في ألف فارس، فوجده في زهاء مئة ألف، فهابه، فلما
جاء وقت الزراعة تفرقوا، حتى بقي في نحو ألفين، فالتقوا،
وكان المبرقع شجاعا مقداما، فحمل على الجيش، فأفرجوا،
فأحاطوا به، فأسروه وسجن، فمات (1).
قال ابن عائذ: واقع رجاء أهل المرج، وجسرين، وكفر بطنا،
وسقبا (2)، وقتل خلق.
وقيل: بيت أهل كفر بطنا، فقتل أزيد من مئة ألف، وقتل
الاطفال، وفتا من الجند ثلاث مئة.
قال نفطويه: يقال للمعتصم: المثمن، فإنه ثامن بني العباس،
وتملك ثماني سنين، وثمانية أشهر.
وله فتوحات [ ثمانية ]: بابك، وعمورية، والزط، وبحر
البصرة، وقلعة الاجراف، وعرب ديار ربيعة، والشاري، وفتح
مصر - يعني قهر أهلها - قبل خلافته.
وقتل ثمانية: بابك، والافشين، ومازيار، وباطيس، ورئيس
الزنادقة، [ و ] عجيفا، وقارون، وأمير الرافضة (3).
وقال غير نفطويه: خلف من الذهب ثمانية آلاف ألف دينار،
وثمانية عشر ألف ألف درهم، وثمانين ألف فرس، وثمانية آلاف
مملوك، ثمانية
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 116 - 118، و " الكامل " 6 /
522، 523، و " عيون التواريخ 8 / لوحة 117، 118.
(2) وهي قرى من غوطة دمشق الشرقية.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 343، و " العبر " 1 / 401، و "
الوافي بالوفيات " 5 / 140.
(*)
(10/302)
آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور.
وقيل: بلغ مماليكه ثمانية عشر ألفا، وكان ذا سطوة إذا غضب
لا يبالي من قتل (1).
قال إسحاق الموصلي: دخلت عليه، وعنده قينة تغني، فقال: كيف
ترى ؟ قلت: تقهر الغناء برفق، وتجيله برفق، وتخرج من شئ
إلى ما هو أحسن منه، وفي صوتها شجا وشذور أحسن من در على
نحور.
فقال: وصفك لها أحسن، خذها لك، فامتنعت لعلمي بمحبته لها،
فأعطاني مقدار قيمتها (2).
قيل: لما تجهز لغزو عمورية، زعم المنجمون أنه طالع نحس
ويكسر، فانتصر، فقال أبو تمام تلك القصيدة (3): السيف أصدق
أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب (4) والعلم في
شهب الا رماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهب (5)
__________
(1) " فوات الوفيات " 4 / 48، و " عيون التواريخ " 8 /
لوحة 119، والعبر 1 / 401، 402.
(2) " تاريخ الطبري " 9 / 122.
(3) وتعد من أجود قصائده، وتقع في واحد وسبعين بيتا، وفيها
يقول: يا يوم وقعة عمورية انصرفت * عنك المنى حفلا معسولة
الحلب أبقيت جد بني الاسلام في صعد * والمشركين ودار الشرك
في صبب وكان فتح عمورية سنة 223 ه وهي من أعظم بلاد الروم
في آسيا الصغرى.
انظر " ديوان أبي تمام " 1 / 40 - 74 بشرح التبريزي.
(4) وبعده في " الديوان ": بيض الصفائح لا سود الصحائف في
* متونهن جلاء الشك والريب (5) قال التبريزي: يرد على
المنجمين ما حكموا به، لان الظفر كان بعد حكمهم، = (*)
(10/303)
أين الرواية أم أين النجوم وما صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
(1) تخرصا وأحاديثا ملفقة
ليست بنبع إذا عدت ولا غرب (2) عن أحمد بن أبي دواد، قال:
كان المعتصم يخرج إلي ساعده، ويقول: عضه بأكبر قوتك،
فأقول: ما تطيب نفسي، فيقول: لا يضرني، [ فأروم ذلك ] فإذا
هو لا تعمل فيه الاسنة فضلا عن الاسنان.
وقبض على جندي ظالم، فسمعت صوت عظامه، ثم أرسله، فسقط (3).
وعن ابن أبي دواد، وذكر المعتصم، فبالغ وقال: كنت أزامله
في سفره، ووصف سعة أخلاقه (4).
__________
= ويعني ب " شهب الا رماح ": أسنتها، وب " السبعة الشهب ":
الطوالع التي أرفعها زحل، وأدناها القمر.
وقوله: " لامعة " نصب على الحال من " شهب الا رماح ".
والخميسان: الجيشان.
(1) أصل الزخرف: ما يعجبك من متاع الدنيا، وربما خص به
الذهب، ويقال للقول المحسن المكذوب: زخرف، لانه حسن ليغر.
(2) التخرص: التكذب وافتراء القول.
و " ملفقة " أي: ضم بعضها إلى بعض، وليست من شكل واحد.
و " النبع ": شجر صلب ينبت في رؤوس الجبال، وتتخذ منه
القسي، وإذا وصف الرجل بالجلادة والصبر شبه بالنبع، أي:
أنه صلب لا يقدر على كسره، ومن أمثالهم: " النبع يقرع بعضه
بعضا " يضرب مثلا للقوم الاشداء يبلون بمثلهم في الشدة.
و " الغرب ": شجر ينبت على الانهار ليس له قوة.
يقول: هذه الاحاديث ليست بقوية ولا ضعيفة، أي: غير شئ، كما
يقال: ما هو بخل ولا خمر، أي: هو كالمعدوم ليس عنده خير
ولا شر.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 346، و " الوافي بالوفيات " 5 /
140، و " فوات الوفيات " 4 / 49، وفيها أن هذا الجندي أخذ
ابنا لامرأة، فأمره برده، فامتنع، فقبض عليه.
(4) انظر ما وصفه به في " تاريخ بغداد " 3 / 345.
(*)
(10/304)
قال الخطيب: كثر عسكر المعتصم، وضاقت عليهم بغداد، فبنى
مدينة " سر من رأى " وتحول إليها.
وتسمى أيضا: العسكر (1).
وقيل: كان عليق دواب المعتصم خمسين ألف مخلاة (2).
وقيل: إنه قال في مرضه: (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم
بغتة) [ الانعام: 44 ].
وقال علي بن الجعد: جعل المعتصم يقول: ذهبت الحيلة، فليس
حيلة، حتى صمت (3).
وقيل: إنه قال: أوخذ وحدي من بين هذا الخلق.
وله نظم وسط (4)، وكلمات جيدة.
وقيل: إنه جعل زند رجل بين أصبعيه، فكسره (5).
قيل: إنه قال: عاقل عاقل مرتين أحمق.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 346، و " فوات الوفيات " 4 / 49.
ويقال: إن السبب في بنائها أن المعتصم أمر أبا الوزير أحمد
بن خالد الكاتب أن يأخذ مالا، ويشتري به في هذه الناحية
(أي: ناحية سامراء) موضعا يبني فيه مدينة، وقال له: إني
أتخوف أن يصيح هؤلاء الحربية صيحة، فيقتلوا غلماني، فإذا
ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم، فإن رابني رائب أتيتهم في
البر والبحر، حتى آتي عليهم، فاشترى أبو الوزير الموضع،
وخرج المعتصم في آخر سنة 220 حتى نزل القاطول، وبدأ
بالبناء سنة 221، وما زالت تعمر حتى أصبحت من أعظم الحواضر
الاسلامية أيام المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر، ثم
بدأت في التناقص منذ خلافة المستعين حتى ولي الخلافة
المعتضد، فتركها إلى بغداد، وبدأ الخراب يزحف نحوها.
انظر " معجم البلدان " 3 / 174 - 178.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 346، و " فوات الوفيات " 4 / 49.
(3) انظر " فوات الوفيات " 4 / 49.
(4) انظر شيئا من نظمه في " فوات الوفيات " 4 / 49، 50.
(5) " فوات الوفيات " 4 / 49، و " الوافي بالوفيات " 5 /
140.
(*)
(10/305)
قال إسحاق المصعبي: والله ما رأيت مثل المعتصم رجلا، لقد
رأيته يملي كتابا، ويقرأ كتابا، ويعقد بيده، وإنه لينشد
شعرا يتمثل به.
مات المعتصم يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الاول
سنة سبع وعشرين ومئتين، وله سبع وأربعون سنة وسبعة أشهر،
ودفن " بسر من رأى " وصلى عليه ابنه الواثق.
وقيل: إنه قال: اللهم إني أخافك من قبلي، ولا أخافك من
قبلك، وأرجوك من قبلك، ولا أرجوك من قبلي (1).
ولنذكر معه ابنه الواثق، وله من الولد ايضا: جعفر المتوكل،
والعباس، وعلي، وأحمد، ومحمد، وعبد الله، وسليمان،
وإبراهيم، وفاطمة، وأم القاسم، وأم العباس، وأم موسى،
وعائشة، وأم الفضل، وأم محمد، وأم عيسى، وأم موسى، وأم
أبيها، وأم عبد الله.
74 - الواثق بالله * الخليفة
أبو جعفر، وأبو القاسم هارون بن المعتصم بالله أبي
إسحاق محمد، بن هارون الرشيد، بن المهدي محمد، بن المنصور
العباسي البغدادي، وأمه رومية اسمها " قراطيس " (2)، أدركت
خلافته.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 346.
* تاريخ اليعقوبي 3 / 204، تاريخ الطبري 9 / 123، مروج
الذهب للمسعودي
7 / 145، الاغاني 9 / 276 - 300، تاريخ بغداد 14 / 15،
الكامل في التاريخ 6 / 528، النبراس لابن دحية: 73 - 80،
فوات الوفيات 4 / 228 - 230، تاريخ الخلفاء: 367، تاريخ
الخميس 2 / 337.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 16، و " مروج الذهب " 7 / 145، و
" فوات الوفيات " 4 / 228، و " عيون التواريخ " 8 / لوحة
118.
(*)
(10/306)
ولي الامر بعهد من أبيه في سنة 227.
وكان مولده في شعبان سنة ست وتسعين ومئة.
قال يحيى بن أكثم: ما أحسن أحد إلى الطالبيين ما أحسن
إليهم الواثق، ما مات وفيهم فقير (1).
وقال حمدون بن إسماعيل: كان الواثق مليح الشعر، وكان يحب
مولى أهداه له من مصر شخص، فأغضبه، فحرد، حتى قال لبعض
الخدم: والله إن مولاي ليروم أن أكلمه من أمس، فما أفعل،
فعمل الواثق: يا ذا الذي بعذابي ظل مفتخرا ما انت إلا مليك
جار إذ قدرا لولا الهوى لتجازينا على قدر وإن أفق منه يوما
ما فسوف ترى (2) قال الخطيب: استولى أحمد بن أبي دواد على
الواثق، وحمله على التشدد في المحنة، والدعاء إلى خلق
القرآن (3).
وقيل: إنه رجع عن ذلك قبيل موته.
قال عبيدالله بن يحيى: حدثنا إبراهيم بن أسباط، قال: حمل
رجل مقيد، فأدخل على ابن أبي دواد بحضور الواثق، فقال
لاحمد:
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 19، و " فوات الوفيات " 4 / 225،
و " تاريخ الخلفاء " ص 342.
(2) البيتان في " الاغاني " 9 / 297، و " فوات الوفيات " 4
/ 229، و " تاريخ الخلفاء " ص 368.
وفي الاصل: " جاد " بالدال بدل " جار " وهو خطأ.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 19، و " فوات الوفيات " 4 / 229.
(*)
(10/307)
أخبرني عن ما دعوتم الناس إليه، أعلمه رسول الله صلى الله
عليه وسلم فما دعا إليه، أم شئ لم يعلمه ؟ قال: بل علمه.
قال: فكان يسعه أن لا يدعو الناس إليه، وأنتم لا يسعكم ؟ !
فبهتوا، وضحك الواثق، وقام قابضا على فمه، ودخل مجلسا، ومد
رجليه وهو يقول: أمر وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يسكت عنه ولا يسعنا ! ثم أمر أن يعطى الشيخ ثلاث مئة
دينار، وأن يرد إلى بلده (1).
وعن طاهر بن خلف قال: سمعت المهتدي بالله بن الواثق يقول:
كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا، أحضرنا، قال: فأتي بشيخ
مخضوب مقيد، فقال أبي: ائذنوا لاحمد بن أبي دواد وأصحابه،
وأدخل الشيخ، فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين، فقال:
لا سلم الله عليك، قال: بئس ما أدبك مؤدبك، قال الله
تعالى: [ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ] [
النساء: 86 ]، فقال أحمد: الرجل متكلم.
قال: كلمه.
فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن ؟ قال: لم تنصفني ولي
السؤال، قال: سل.
قال: ما تقول أنت ؟ قال: مخلوق.
قال: هذا شئ علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وعمر والخلفاء، أم لم يعلموه ؟ فقال:
شئ لم يعلموه، قال: سبحان الله، شئ لم يعلموه وعلمته أنت ؟
! فخجل، وقال: أقلني.
قال: المسألة بحالها، ما تقول في القرآن ؟ قال: مخلوق،
قال: شئ علمه رسول الله ؟ قال: علمه، قال: أعلمه ولم يدع
الناس إليه ؟ قال: نعم.
قال: فوسعه ذلك ؟ قال: نعم.
قال: أفلا وسعك ما وسعه، ووسع الخلفاء بعده ؟ فقام الواثق،
فدخل الخلوة،
__________
(1) " فوات الوفيات " 4 / 229، و " عيون التواريخ " 8 /
لوحة 168، و " تاريخ الخلفاء " ص 368.
(*)
(10/308)
واستلقى وهو يقول: شئ لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم،
ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، علمته أنت !
سبحان الله، عرفوه، ولم يدعوا إليه الناس ! فهلا وسعك ما
وسعهم ! ثم أمر برفع قيد الشيخ، وأمر له بأربع مئة دينار،
وسقط من عينه ابن أبي دواد، ولم يمتحن بعدها أحدا.
في إسنادها مجاهيل، فالله أعلم بصحتها.
وروى نحوا منها أحمد بن السندي الحداد، عن أحمد بن
الممتنع، عن صالح بن علي الهاشمي، عن المهتدي بالله.
قال صالح: حضرته وقد جلس، والقصص تقرأ عليه، ويأمر
بالتوقيع عليها، فسرني ذلك، وجعلت أنظر إليه، ففطن، ونظر
إلي، فغضضت عنه، قال: فقال لي: في نفسك شئ تحب أن تقوله،
فلما انفض المجلس، أدخلت مجلسه، فقال: تقول ما دار في
نفسك، أو أقوله لك ؟ قلت: يا أمير المؤمنين، ما ترى ؟ قال:
أقول: إنه قد استحسنت ما رأيت منا، فقلت في نفسك: أي خليفة
خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق.
قال: فورد علي أمر عظيم، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين قبل
أجلك ؟ ! فقلت: نعم، فأطرق، ثم قال: اسمع، فوالله لتسمعن
الحق، فسري عني، وقلت: ومن أولى بالحق منك وأنت خليفة رب
العالمين (1) ؟ قال: ما زلت أقول: القرآن مخلوق صدرا من
أيام الواثق حتى أقدم شيخا من أذنة، فأدخل مقيدا، وهو شيخ
جميل، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيا منه، ورق له،
فما زال يدنيه حتى قرب
__________
(1) الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم يعطوا هذا اللقب
لابي بكر الصديق، وهو أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وإنما قالوا له: يا خليفة رسول الله.
(*)
(10/309)
منه، وجلس، فقال: ناظر ابن أبي دواد، قال: يا أمير
المؤمنين، إنه يضعف عن المناظرة، فغضب وقال: أبو عبد الله
يضعف عن مناظرتك أنت ؟ قال: هون عليك، وائذن لي، واحفظ علي
وعليه، ثم قال: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذه، هي مقالة
واجبة داخلة في عقد الدين، فلا يكون الدين كاملا حتى تقال
؟ قال: نعم.
قال: فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه
الله، هل ستر شيئا مما أمر به ؟ قال: لا، قال: فدعا إلى
مقالتك هذه ؟ فسكت، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، واحدة.
قال الواثق: واحدة.
ثم قال: أخبرني عن الله تعالى حين قال: [ اليوم أكملت لكم
دينكم ] [ المائدة: 3 ]، أكان الله هو الصادق في إكمال
ديننا، أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال بمقالتك ؟ فسكت
أحمد، فقال الشيخ: اثنتان يا أمير المؤمنين، قال: نعم.
فقال: أخبرني عن مقالتك هذه، أعلمها رسول الله أم جهلها ؟
قال: علمها، قال: فدعا إليها ؟ فسكت، قال الشيخ: ثلاثة، ثم
قال: فاتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يمسك عنها، ولم يطالب أمته بها ؟ قال: نعم، قال: واتسع ذلك
لابي بكر وعمر وعثمان وعلي ؟ قال: نعم.
فأعرض الشيخ عنه، وقال: يا أمير المؤمنين، قد قدمت القول
بأن أحمد يضعف عن المناظرة، يا أمير المؤمنين، إن لم يتسع
لك من الامساك عن هذه المقالة ما زعم هذا أنه اتسع للنبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا وسع الله عليك، قال
الواثق: نعم، كذا هو، اقطعوا قيد الشيخ، فلما قطعوه، ضرب
بيده، فأخذه، فقال الواثق: لم أخذته ؟ قال: لاني نويت أن
أوصي أن يجعل معي في كفني لاخاصم هذا به عند الله، ثم بكى،
فبكى الواثق، وبكينا، ثم سأله الواثق أن يحاله، وأمر له
بصلة، فقال: لا حاجة لي بها.
ثم قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة، وأظن الواثق رجع
عنها في يومئذ.
(10/310)
قال إبراهيم نفطويه: حدثنا حامد بن العباس، عن رجل، عن
المهتدي بالله أن الواثق مات وقد تاب عن القول بخلق القرآن
(1).
قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض تعلوه صفرة، حسن اللحية، في
عينه نكتة (2).
قلت: وكان وافر الادب.
قيل: إن جارية غنته شعر العرجي (3): أظلوم إن مصابكم رجلا
* رد السلام تحية ظلم فمن الحاضرين من صوب نصب " رجلا "
ومنهم [ من ] رفع، فقالت: هكذا لقنني المازني، فطلب
المازني، فلما مثل بين يديه، قال: ممن الرجل ؟ قال: من
مازن، قال: أي الموازن، أمازن تميم، أم مازن قيس، أم مازن
ربيعة ؟ قالت: مازن ربيعة، فكلمني حينئذ بلغة قومي، فقال:
با اسمك ؟ - لانهم يقلبون الميم باء، والباء ميما - فكرهت
أن
أواجه ب " مكر "، فقلت: بكر يا أمير المؤمنين، ففطن لها
وأعجبته، قال: ما تقول في هذا البيت ؟ قلت: الوجه النصب،
لان " مصابكم " مصدر بمعنى " إصابتكم " فعارضني ابن
اليزيدي، قلت: هو بمنزلة: إن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 18، و " فوات الوفيات " 4 / 229.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 21، و " فوات الوفيات " 4 / 228.
(3) وكذا نسبه ابن خلكان 1 / 284، والحريري في " درة
الغواص ": 43 إلى العرجي، وهو في " ديوانه ": 193، ونسبه
صاحب " الاغاني " 9 / 234 إلى الحارث بن خالد المخزومي،
ونقله عنه ياقوت في " معجم الادباء " 7 / 111، وقال الصلاح
الصفدي في " الوافي " 10 / 212 بعد أن نقل نسبته إلى
العرجي عن المبرد: وقال آخرون - وهو الصحيح -: إنه للحارث
بن خالد المخزومي من أبيات أولها: أقوى من ال ظليمة الحزم
* فالعنزتان فأوحش الخطم وبعد البيت المذكور: أقصيته وأراد
سلمكم * فليهنه إذ جاءك السلم
(10/311)
ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول " مصابكم " والكلام معلق إلى
أن تقول " ظلم "، فيتم الكلام.
فأعجب الواثق، وأعطاني ألف دينار (1).
قيل: إن الواثق كان ذا نهمة بالجماع بحيث إنه أكل لحم سبع
لذلك، فولد له مرضا صعبا كان فيه حتفه.
وفي العام الثاني من دولته قدم مولاه أشناس على القواد،
وألبسه تاجا، ووشاحين مجوهرين (2).
وفي سنة تسع وعشرين: صادر الدواوين، وضرب أحمد بن أبي
إسرائيل، وأخذ منه ثمان مئة ألف دينار، ومن سليمان بن وهب
أربع مئة ألف
دينار، وأخذ من أحمد بن الخصيب وكاتبه ألف ألف دينار (3).
وفي سنة إحدى وثلاثين: قتل أحمد بن نصر الخزاعي (4) الشهيد
ظلما، وأمر بامتحان الائمة والمؤذنين بخلق القرآن، وافتك
من أسر الروم أربعة آلاف وست مئة نفس، فقال ابن أبي دواد:
من لم يقل: القرآن مخلوق، فلا تفتكوه (5).
وفيها جاء المجوس الاردمانيون في مراكب من ساحل البحر
الاعظم،
__________
(1) " نزهة الالباء " 183 - 185، و " وفيات الاعيان " 1 /
284، و " إنباه الرواة " 1 / 249، و " الاغاني " 9 / 234،
235، و " الوافي بالوفيات " 10 / 212، 213، و " عيون
التواريخ " 8 / لوحة 135.
(2) " تاريخ الطبري " 9 / 124، و " الكامل " لابن الاثير 7
/ 9.
(3) " تاريخ الطبري " 9 / 127، 128، و " الكامل " لابن
الاثير 7 / 10، و " فوات الوفيات " 4 / 230 وفيه: في سنة
(202) بدل (229) وهو خطأ، لان خلافة الواثق إنما كانت في
أول سنة (227 ه).
(4) سترد ترجمته في الجزء الحادي عشر من الكتاب ص 166.
(5) انظر خبر الفداء بين المسلمين والروم في " تاريخ
الطبري " 9 / 141، و " الكامل " لابن الاثير 7 / 24.
(*)
(10/312)
فدخلوا إشبيلية بالسيف، ولم يكن لها سور بعد، فجهز لحربهم
أمير الاندلس عبدالرحمن المرواني جيشا، فالتقوا، فانهزم
الاردمانيون، وأسر منهم أربعة آلاف ولله الحمد.
قال زرقان بن أبي دواد: لما احتضر الواثق، ردد هذين
البيتين: الموت فيه جميع الخلق مشترك * لا سوقة منهم يبقى
ولا ملك
ما ضر أهل قليل في تفرقهم * وليس يغني عن الاملاك ما ملكوا
ثم أمر بالبسط، فطويت، وألصق خده بالتراب، وجعل يقول: يا
من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه (1).
وروى أحمد بن محمد الواثقي أمير البصرة، عن أبيه، قال: كنت
أمرض الواثق، فلحقته غشية، فما شككنا أنه مات، فقال بعضنا
لبعض: تقدموا، فما جسر أحد سواي، فلما أن أردت أن أضع يدي
على أنفه، فتح عينيه، فرعبت، ورجعت إلى خلف، فتعلقت قبيعة
(2) سيفي بالعتبة، فعثرت، واندق السيف، وكاد أن يجرحني،
واستدعيت سيفا، وجئت، فوقفت ساعة، فتلف الرجل، فشددت لحييه
وغمضته وسجيته، وأخذ الفراشون ما تحته ليردوه إلى الخزائن،
وترك وحده، فقال ابن أبي دواد: إنا نريد أن نتشاغل بعقد
البيعة، فاحفظه، فرددت باب المجلس، وجلست عند الباب، فحسست
بعد ساعة بحركة أفزعتني، فأدخل، فإذا بجرذون قد استل عين
الواثق فأكلها، فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي
فتحها من
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 14 / 19، و " الكامل "
لابن الاثير 7 / 29، و " فوات الوفيات " 4 / 230، وفيهما:
" تفاقرهم " بدل " تفرقهم " و " تاريخ الخلفاء ": 344
وفيه: " تفارقهم ".
(2) هي التي على رأس قائم السيف، وربما اتخذت من فضة.
(*)
(10/313)
ساعة، فاندق سيفي هيبة لها (1) ! قلت: كانت خلافته خمس
سنين ونصفا، مات بسامرا لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين
وثلاثين ومئتين (2)، وبايعوا بعده أخاه المتوكل.
75 - مسلم بن إبراهيم *
(ع)
الامام الحافظ الثقة، مسند البصرة، أبو عمرو الازدي
الفراهيدي مولاهم البصري، القصاب.
ولد في حدود الثلاثين ومئة.
وحدث عن: عبد الله بن عون يسرا، وعن قرة بن خالد، ومالك بن
مغول، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وإسماعيل بن
مسلم العبدي، وأبي (3) الغصن دجين اليربوعي، وأبي خلدة
خالد بن دينار، وشعبة بن الحجاج، وهمام، وأبان، وسلام بن
مسكين، ويزيد بن إبراهيم، وعبد الله بن المثنى، والاسود بن
شيبان، ومحمد بن فضاء، والمستمر بن الريان، ووهيب، والقاسم
بن الفضل الحداني، ومبارك بن فضالة، وخلق سواهم.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 19، 20، و " الكامل " لابن
الاثير 7 / 30، و " عيون التواريخ " 8 / لوحة 167.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 20.
* طبقات ابن سعد 7 / 304، طبقات خليفة ت (1944)، تاريخ
خليفة: 476، التاريخ الكبير 7 / 254، التاريخ الصغير 2 /
346، الجرح والتعديل 8 / 181، تهذيب الكمال لوحة 1322،
تذهيب التهذيب 4 / 35 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 394، العبر 1
/ 385، الكاشف 3 / 139، تهذيب التهذيب 10 / 121، خلاصة
تذهيب الكمال: 374، شذرات الذهب 2 / 50.
(3) في الاصل: " ابن " وهو خطأ، انظر " الجرح والتعديل " 3
/ 443.
(*)
(10/314)
وعنه: البخاري، وأبو داود، وهو أكبر شيخ لابي داود، ويحيى
بن معين، ونصر بن علي، ومحمد بن يحيى، وزيد بن أخزم، وحجاج
بن
الشاعر، وعبد بن حميد، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي،
وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن
الفرات، ويحيى بن مطرف، وإسماعيل سمويه، وحفص بن عمر الرقي
سنجه، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن
عثمان بن أبي سويد، وأبو خليفة، وعلي بن عبد العزيز، ومحمد
بن عبد الله بن سنجر الجرجاني، وخلق كثير.
روى أحمد بن زهير، عن يحيى بن معين: ثقة مأمون (1).
وقال الفضل بن سهل الاعرج: كان يحيى بن معين يقدم مسلم بن
إبراهيم على معاذ بن هشام، ويقول: لا أجعل رجلا لم يرو إلا
عن أبيه، كرجل روى عن الناس (2).
وقال أبو إسماعيل الترمذي: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول:
كتبت عن ثمان مئة شيخ، ما جزت الجسر (3).
قال أبو داود: ما رحل مسلم إلى أحد، وكتب عن قريب من ألف
شيخ، وهؤلاء أصحاب شيوخ: مسلم بن إبراهيم، وعبد الصمد،
وإسحاق بن إدريس (4).
وقال أيضا: كان مسلم يحفظ حديثه عن قرة، ويحفظ حديث هشام،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 181.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(*)
(10/315)
وحديث أبان العطار، يهذه هذا، وهو أحب إلينا من ابن كثير،
كان ابن
كثير - يعني محمدا - لا يحفظ، وكانت فيه سلامة (1).
قال نصر بن علي: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: قعدت مرة
أذاكر شعبة عن خالد بن قيس، فقال: كدت تلقى أبا هريرة -
يريد على سبيل المبالغة (2).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان مسلم يسكن البصرة في دار
كبيرة، وإنما معه أخته عجوز كبيرة، وكان أصحاب الحديث إذا
أرادوا أن يغيظوه قالوا: أختك قدرية، فيقول: لا والله إلا
مثبتة.
وكان ثقة عمي بأخرة، وروى عن سبعين امرأة (3).
قال أبو زرعة: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول: ما أتيت حلالا
ولا حراما قط، وكان أتى عليه نيف وثمانون سنة (4).
قال أبو حاتم: كان لا يحتاج إليه - يعني الجماع - وهو ثقة
صدوق (5).
مات في صفر سنة اثنتين وعشرين ومئتين (6)، وهو في عشر
المئة، رحمه الله.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1323، وهذه الظاهرة ظاهرة
الاكثار من الرواية عن النساء وأخذ العلم عنهن استمرت حتى
عصر المؤلف، وفي مشيخته تراجم لكثير من النساء اللائي روى
عنهن، وأفاد منهن، وهذا من أبين الادلة على تشجيع الاسلام
للمرأة أن تتعلم، وتستمر في العلم حتى تبلغ درجة الاستاذة،
فيؤخذ عنها، ويستفاد منها.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1323.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 181.
(6) " طبقات ابن سعد " 7 / 304.
(*)
(10/316)
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن تاج الامناء، أنبأنا عبدالمعز بن
محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي،
أخبرنا عبد الله بن محمد الرازي، أخبرنا محمد بن أيوب،
حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا سحامة ابن عبد الله قال: قدم
علينا أنس بن مالك واسط، فحدثنا أن رجلا جاء إلى النبي صلى
الله عليه وسلم، فذكر من أمره حاجة وفقرا، فأقيمت الصلاة،
فنهض النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل فيها، فتعلق به
الرجل، فقام معه حتى قضى حاجته، ثم دخل في الصلاة.
هذا حديث حسن عال جدا.
وسحامة مذكور في كتاب " الثقات " لابن حبان (1)، وقد أخرج
له البخاري هذا الحديث في كتاب " الادب " (2) عن أبي بكر
بن أبي الاسود، عن أبي عامر العقدي عنه.
أنبأنا علي بن أحمد وغيره، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد،
أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري،
أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا
مسلم بن إبراهيم، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن: سمعت
عثمان رضي الله عنه جمعا متواليات يأمر بقتل الكلاب وذبح
الحمام.
في الاسنادين ضعف من جهة زاهر وعمر لاخلالهما بالصلاة، فلو
كان في ورع لما رويت لمن هذا نعته (3).
__________
(1) وروى عنه أبو عامر العقدي، ووكيع، ومحمد بن ربيعة،
ومسلم بن إبراهيم، وسلم بن قتيبة.
(2) برقم (278).
(3) رحم الله المؤلف، فقد وصف نفسه بعدم الورع لانه روى
عمن هذا وصفه، مع أنه
بين حاله، وكشف عن أمره، فكيف يكون حال من يروي عن
الكذابين والضعفاء، ويسكت عنهم، ولا يبين حالهم ؟ ! (*)
(10/317)
بكر بن أحمد الحافظ: أخبرنا حفص بن عمر، سمعت مسلم بن
إبراهيم يقول: طلبت الحديث، فلم أر أهل الحديث على مثل ما
هم عليه اليوم، ولولا أني أقول: إنها سنة أحييها، وبدعة
أميتها لعل الله أن يكفر عني بعض ما أنا فيه، ما حدثت.
76 - البابلتي * الشيخ
العالم المحدث، أبو سعيد، يحيى بن عبد الله بن الضحاك ابن
بابلت الاموي، مولاهم البابلتي (1)، الحراني.
حدث عن: زوج أمه أبي عمرو الاوزاعي، وأبي بكر بن أبي مريم،
وصفوان بن عمرو السكسكي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان،
وابن أبي ذئب، وأبي جعفر الرازي، وجماعة.
وعنه: محمد بن يحيى الحراني، وأبو إسحاق الجوزجاني،
وإسماعيل سمويه، وسليمان بن سيف، وأبو أمية الطرسوسي،
وإسحاق ابن سيار النصيبي، وحفص بن عمر سنجه، وطائفة آخرهم
موتا ابن زوجته أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني.
قال البخاري: قال أحمد بن حنبل: أما السماع، فلا يدفع (2).
وضعفه، أبو زرعة (3) وغيره.
__________
* التاريخ الكبير 8 / 288، الجرح والتعديل 9 / 164، الكامل
في الضعفاء 4 / لوحة 845، الانساب 2 / 14، تهذيب الكمال
لوحة 1505، الكاشف 3 / 261، تذهيب التهذيب 4 / 158 / 2،
ميزان الاعتدال 4 / 390، 391، المغني في الضعفاء 2 / 739،
العبر
1 / 376، تهذيب التهذيب 11 / 240، خلاصة تذهيب الكمال 425،
شذرات الذهب 2 / 45.
(1) نسبة إلى " بابلت " موضع بالجزيرة.
" الانساب " 2 / 14.
(2) " التاريخ الكبير " 8 / 288.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 164.
(*)
(10/318)
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة عن الاوزاعي تفرد ببعضها،
وأثر الضعف على حديثه بين (1).
قلت: مر به يحيى بن معين، فأكرم نزله، وأتحفه، فاستحى منه،
وما بالغ في تليينه، وهو ممن تجوز رواية حديثه، ووقع لنا
من عواليه.
قال محمد بن يحيى: توفي سنة ثماني عشرة ومئتين، رحمه الله.
وقيل لي: إنه وجه إلى ابن معين صرة دنانير وأطعمة، فقبل
الطعام، ورد الصرة، وقال: والله إن صلته حسنة وطعامه طيب
إلا أنه لم يسمع - والله - من الاوزاعي شيئا (2).
هذه حكاية منقطعة السند.
77 - أبو اليمان * (ع) الحكم
بن نافع، الحافظ الامام الحجة، أبو اليمان البهراني
الحمصي مولى امرأة بهرانية تدعى أم سلمة، كانت عند عمر بن
روبة التغلبي.
ولد في حدود سنة بضع وثلاثين ومئة، وطلب العلم سنة بضع
وخمسين.
__________
(1) " الكامل " في الضعفاء 4 / لوحة 846.
(2) " الكامل " في الضعفاء 4 / لوحة 845، 846، و " تهذيب
الكمال " لوحة 1506.
* طبقات ابن سعد 7 / 472، تاريخ ابن معين: 127، التاريخ
الصغير 2 / 346، التاريخ
الكبير 2 / 344، الجرح والتعديل 3 / 129، المعجم المشتمل:
110، تهذيب الكمال لوحة 319، تذهيب التهذيب 1 / 168 / 2،
الكاشف 1 / 247، تذكرة الحفاظ 1 / 412، العبر 1 / 384،
385، مقدمة فتح الباري ص 396، تهذيب التهذيب 2 / 440،
طبقات الحفاظ: 168، خلاصة تذهيب الكمال: 90، تهذيب ابن
عساكر 4 / 413.
(*)
(10/319)
فروى عن: صفوان بن عمرو، وحريز بن عثمان، وأبي بكر بن أبي
مريم، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، وعفير بن
معدان، وأرطاة بن المنذر، وإسماعيل بن عياش، ويزيد بن سعيد
بن ذي عصوان، وأبي مهدي سعيد بن سنان، وطائفة، وما علمت له
رحلة.
حدث عنه: أحمد، وابن معين، ومحمد بن يحيى، وعمرو بن منصور
النسائي، وعبيد الله بن فضالة، وعمران بن بكار، وأبو محمد
الدارمي، وأبو عبد الله البخاري، وعثمان الدارمي، وأبو
حاتم، ومحمد ابن عوف، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن إسماعيل
الترمذي، وموسى ابن عيسى بن المنذر، وعلي بن محمد الحكاني،
وأحمد بن الفرات، وخلق سواهم.
قال أحمد بن حنبل: أما حديث أبي اليمان عن حريز وصفوان بن
عمرو فصحيح (1)، ثم قال أحمد: هو يقول: أخبرنا شعيب،
واستحل ذلك بشئ عجيب، كان أمر شعيب في الحديث عسرا جدا،
وكان علي بن عباس سمع منه، وذكر قصة لاهل حمص أراها أنهم
سألوه أن يأذن لهم في أن يرووا عنه، فقال لهم: لا ترووا
هذه الاحاديث عني - يعني شعيبا - قال أبو عبد الله: ثم
كلموه، وحضر ذلك أبو اليمان، فقال لهم: ارووا تلك الاحاديث
عني.
قال الاثرم: قلت لابي عبد الله: مناولة (2) ؟، قال: لو كان
مناولة، كان لم يعطهم كتبا ولا شيئا، إنما سمع هذا فقط،
فكان ولد شعيب يقول: إن أبا اليمان جاءني، فأخذ كتب شعيب
مني بعد، وهو يقول:
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 129، و " تهذيب الكمال " لوحة
319.
(2) في الاصل: " منالة " وهو خطأ.
(*)
(10/320)
أخبرنا، فكأنه استحل ذلك، بأن سمع شعيبا يقول لقوم: ارووه
عني (1).
قال إبراهيم بن ديزيل: سمعت أبا اليمان يقول: قال لي أحمد
بن حنبل: كيف سمعت الكتب من شعيب ؟ قلت: قرأت عليه بعضه،
وبعضه قرأه علي، وبعضه أجاز لي، وبعضه مناولة، قال: فقال
في كله: أخبرنا شعيب (2).
وقال ابن معين: سألت أبا اليمان عن حديث شعيب بن أبي حمزة،
فقال: ليس هو مناولة، المناولة لم أخرجها إلى أحد (3).
وروى أبو زرعة النصري عن أبي اليمان قال: كان شعيب عسرا في
الحديث، فدخلنا عليه حين حضرته الوفاة، فقال: هذه كتبي،
وقد صححتها، فمن أراد أن يأخذها، فليأخذها، ومن أراد أن
يعرض، فليعرض، ومن أراد أن يسمعها من ابني، فليسمعها، فإنه
قد سمعها مني (4).
سعيد بن عمرو البرذعي، عن أبي زرعة الرازي قال: لم يسمع
أبو
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 319، وقال الحافظ في " مقدمة
الفتح ": 396: الحكم ابن نافع أبو اليمان الحمصي مجمع على
ثقته، اعتمده البخاري، وروى عنه الكثير، وروى له الباقون
بواسطة، تكلم بعضهم في سماعه من شعيب، فقيل: إنه مناولة،
وقيل: إذن مجرد، وقد قال الفضل بن غسان: سمعت يحيى بن معين
يقول: سألت أبا اليمان عن حديث شعيب،
فقال: ليس هو مناولة، المناولة لم أخرجها لاحمد، وبالغ أبو
زرعة الرازي، فقال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلا حديثا
واحدا.
قلت (القائل ابن حجر): إن صح ذلك، فهو حجة في صحة الرواية
بالاجازة، إلا أنه كان يقول في جميع ذلك: " أخبرنا " ولا
مشاححة في ذلك إن كان اصطلاحا له.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(3) أورد المؤلف الخبر في " ميزان الاعتدال " 1 / 581.
(4) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 434 و 2 / 716.
(*)
(10/321)
اليمان من شعيب إلا حديثا واحدا، والباقي إجازة (1).
قال أبو داود: سمعت محمد بن عوف يقول: لم يسمع أبو اليمان
من شعيب بن أبي حمزة إلا كلمة (2).
وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت أحمد بن حنبل عن حديث الزهري،
عن أنس، عن أم حبيبة، فقال: ليس هذا من حديث الزهري، هذا
من حديث ابن أبي حسين، فسألت أحمد بن صالح عنه، فقال: ليس
له أصل عن الزهري وأنكره (3).
قلت: قرئ هذا على إبراهيم بن الدرجي، وأجازه لي عن أبي
جعفر الصيدلاني، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن
ريذة، أخبرنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا أبو زرعة، حدثنا
أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، عن أنس، عن أم حبيبة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أريت ما تلقى أمتي
من بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وكان ذلك سابقا من الله،
فسألته (4) أن يوليني شفاعة فيهم، ففعل ".
رواه عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن أبي اليمان، فقال: عن
شعيب، عن ابن أبي حسين، عن أنس (5)، ثم قال عبد الله:
فقلت: هاهنا
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 582.
(3) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 456.
(4) في الاصل: " فسألني " وهو خطأ.
(5) هو في " المسند " 6 / 428.
وابن أبي حسين: هو عبد الله بن عبدالرحمن بن أبي حسين بن
الحارث بن عامر بن نوفل المكي النوفلي ثقة روى حديثه أصحاب
الكتب الستة، وأورده ابن كثير في " النهاية " 2 / 327 من
طريق البيهقي قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم
المزكي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الاودي،
حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا شعيب، عن الزهري، عن
أنس، عن أم حبيبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فذكره، ونقل عن البيهقي قوله: هذا إسناد صحيح.
(*)
(10/322)
قوم يحدثون به عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، فقال:
ليس ذا من حديث الزهري (1).
قال أبو زرعة: قال لي أحمد بن حنبل: كتاب شعيب عن ابن أبي
حسين ملصق بكتاب الزهري، فبلغني أن أبا اليمان حدثهم به عن
شعيب، عن الزهري، وليس له أصل، كأنه يذهب إلى أنه اختلط
بكتاب الزهري، فرأيته كأنه يعذر أبا اليمان ولا يحمل عليه
فيه (2).
وقال مكحول البيروتي عن جعفر بن محمد بن أبان الحراني:
سألت يحيى بن معين عن حديث أبي اليمان - يعني المذكور -
فقال: أنا سألت أبا اليمان، فقال: الحديث حديث الزهري، فمن
كتبه عني، فقد أصاب، ومن كتبه عني من حديث ابن أبي حسين،
فهو خطأ، إنما كتب في آخر حديث ابن أبي حسين، فغلطت، فحدثت
به من حديث ابن أبي حسين، وهو صحيح من حديث الزهري (3).
وروى ابن صاعد، عن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، قال لنا
أبو اليمان: الحديث حديث الزهري، والذي حدثتكم عن ابن أبي
حسين غلطت فيه بورقة قلبتها (4).
قلت: تعين أن الحديث وهم فيه أبو اليمان، وصمم على الوهم،
لان الكبار حكموا بأن الحديث ما هو عند الزهري، والله
أعلم.
__________
(1) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 456، و " تهذيب الكمال "
لوحة 319.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 319.
(*)
(10/323)
عباس الدوري: سمعت يحيى يقول في حديث أبي اليمان، عن شعيب،
عن الزهري، عن عقبة بن سويد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى
الله عليه وسلم: " يغزو جيش الكعبة " فقال يحيى: إنما هو
عن سحيم مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة (1).
قال أبو حاتم: كان أبو اليمان يسمى كاتب إسماعيل بن عياش،
كما يسمى أبو صالح كاتب الليث، وهو ثقة نبيل صدوق (2).
وقال العجلي: لا بأس به (3).
وقال ابن عمار الموصلي: كان ثقة، وكان بسلمية (4)، وكان
إذا جاءه أهل الحديث قال لهم: القطوا لي الزعفران، وثمت
ينبت الزعفران، فكانوا يلقطون، ثم يحدثهم (5).
وقال محمد بن عيسى الطرسوسي: سمعت أبا اليمان يقول: صرت
إلى مالك، فرأيت ثم من الحجاب والفرش شيئا عجيبا، فقلت:
ليس ذا من أخلاق العلماء، فمضيت وتركته، ثم ندمت بعد (6).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة، 320، ولم أجده من حديث أبي
هريرة، وهو من حديث عائشة في البخاري 4 / 284، 285، ومسلم
(2884)، وأحمد 6 / 105، و " حلية الاولياء " 5 / 11، ومن
حديث أم سلمة عند مسلم (2882)، وأحمد 6 / 259، و 289 و 290
و 316، 317، وأبي داود (4286)، والترمذي (2171)، ومن حديث
حفصة عند مسلم (2883)، وأحمد 6 / 287، ومن حديث صفية عند
أحمد 6 / 336 و 337، والترمذي (2184).
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 129.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 320.
(4) ويقال أيضا بسكون الميم وتخفيف الياء، وهي بليدة في
ناحية البرية من أعمال حماه.
انظر " معجم البلدان " 3 / 240.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 320.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 320، و " تهذيب تاريخ ابن عساكر
" 4 / 413.
(*)
(10/324)
وبلغنا أن أبا اليمان كتب كتب إسماعيل بن عياش، ولم يدع
منها شيئا في القراطيس.
وفي " الصحيحين " نحو من أربعين حديثا عند البخاري، عن أبي
اليمان قد أخرجها مسلم عن الدارمي، عن أبي اليمان، وجميعها
يقول فيها: أخبرنا شعيب، ما قال قط: حدثنا، فهذا يوضح لك
أنها بالاجازة، وهي منقولة جزما من خط شعيب، وكان من أثبت
أصحاب الزهري.
والمقصود من الرواية إنما هو العلم الحاصل بأن هذا الخبر
حدث به فلان على أي صفة كان من صفات الاداء.
وقد كان أبو اليمان عالما وقته بحمص، استقدمه المأمون
ليوليه قضاء حمص.
وروينا بإسناد قوي عن أبي اليمان أنه قال: ولدت سنة ثمان
وثلاثين
ومئة (1).
قال محمد بن مصفى، وأبو زرعة النصري، والفسوي: مات أبو
اليمان سنة إحدى وعشرين ومئتين (2).
وقال ابن سعد والبخاري ومطين: سنة اثنتين وعشرين.
زاد ابن سعد: في ذي الحجة بحمص (3).
__________
(1) " تاريخ دمشق " لابي زرعة الدمشقي 1 / 84 و 2 / 708.
(2) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 2 / 708، و " تاريخ الفسوي "
1 / 205، و " تهذيب الكمال " لوحة 320.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 472، والتاريخ الكبير " 2 /
344، و " تهذيب الكمال " لوحة 320.
(*)
(10/325)
78 - حجين بن المثنى
* (خ، م، د، ت، س) الامام الثقة، أبو عمر اليماني،
اللؤلؤي، نزيل بغداد.
حدث عن: عبد العزيز بن الماجشون، وعبد الرحمن بن ثابت بن
ثوبان، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وعدة.
وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن رافع، وحجاج بن الشاعر،
والرمادي، وعباس الدوري، وأحمد بن منصور زاج، وآخرون.
وثقة ابن سعد (1).
وقال البخاري: كان قاضيا على خراسان، وأصله من اليمامة
(2).
قال ابن سعد: قدم بغداد ونزلها، وكان صاحب جوهر ولؤلؤ، لزم
السوق، وكان ثقة (3).
قلت: بقي إلى نحو سنة عشر ومئتين، وكان من أبناء السبعين.
79 - قالون * * مقرئ المدينة،
وتلميذ نافع، هو الامام المجود النحوي، أبو
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 338، التاريخ الكبير 3 / 134، تاريخ
بغداد 8 / 382، 383، تهذيب الكمال لوحة 240، تذهيب التهذيب
1 / 124 / 2، الكاشف 1 / 209، تهذيب التهذيب 2 / 216،
خلاصة تذهيب الكمال: 97.
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 338، وفيه: " حجير " بدل " حجين
" وهو خطأ.
(2) " التاريخ الكبير " 3 / 134.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 328.
* * الجرح والتعديل 6 / 290، إرشاد الاريب 6 / 103، العبر
1 / 380، معرفة القراء الكبار 1 / 128، طبقات القراء لابن
الجزري 1 / 615، النجوم الزاهرة 2 / 235، شذرات الذهب 2 /
48.
(*)
(10/326)
موسى عيسى بن مينا، مولى بني زريق.
يقال: كان ربيب نافع، فلقبه بقالون لجودة قراءته (1).
روى عن شيخه، وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير، وابن أبي
الزناد.
وعنه: أبو زرعة، وابن ديزيل، وإسماعيل القاضي، وأحمد بن
صالح، وأبو نشيط، وموسى بن إسحاق، وخلق.
وتلا عليه ابنه أحمد، والحلواني، وأبو نشيط، وعدة.
قال علي بن الحسن الهسنجاني (2): كان شديد الصمم، فكان
ينظر إلى شفتي القارئ ويرد (3).
قلت: مات سنة عشرين ومئتين عن نيف وثمانين سنة.
80 - سعيد بن أبي مريم
* (ع) هو الحافظ العلامة الفقيه، محدث الديار المصرية، أبو
محمد سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم الجمحي مولاهم المصري.
حدث عن: نافع بن عمر الجمحي، وأبي غسان محمد بن
__________
(1) " غاية النهاية " 1 / 615.
(2) نسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها: هسنكان، فعرب،
فقيل: هسنجان.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 290، و " غاية النهاية " لابن
الجزري 1 / 615.
* التاريخ الكبير 3 / 512، التاريخ الصغير 2 / 350، الجرح
والتعديل 4 / 13، 14، المعجم المشتمل: 126، تهذيب الكمال
لوحة 486، تذهيب التهذيب 2 / 16 / 1، تذكرة الحفاظ 1 /
392، العبر 1 / 390، الكاشف 1 / 358، تهذيب التهذيب 4 /
82، حسن المحاضرة 1 / 346، طبقات الحفاظ: 167، خلاصة تذهيب
الكمال: 137، شذرات الذهب 2 / 53، 54.
(*)
(10/327)
مطرف، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، ومالك، والليث، وسليمان
بن بلال، ونافع بن يزيد، ويحيى بن أيوب، وأسامة بن زيد بن
أسلم، وحماد بن زيد، وخلاد بن سليمان الحضرمي، والعطاف بن
خالد، وخلق من طبقتهم.
روى عنه: البخاري، والذهلي، وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن
عوف، وأحمد بن عبد الله العجلي، وإسحاق الكوسج، وإسماعيل
سمويه، وحميد بن زنجويه، وعبيد بن عبد الواحد البزار، وأبو
حاتم، ويحيى بن عثمان بن صالح، والفسوي، ومحمد بن عبد الله
بن البرقي، وابن معين وأثنى عليه، وخلق سواهم، منهم ابن
أخيه أحمد بن سعد
الحافظ.
قال أبو داود: ابن أبي مريم عندي حجة (1).
وقال أبو حاتم وغيره: ثقة (2).
قلت: كان من أئمة الحديث.
قال العجلي: ثقة، كان له دهليز طويل، وكان يأتيه الرجل،
فيقف فيسلم عليه، فيرد عليه: لا سلم الله عليك ولا حفظك
وفعل بك.
فأقول: ما هذا ؟ فيقول: قدري.
ويأتي آخر، فيقول له مثل ذلك، فأقول: ما هذا ؟ فيقول: جهمي
خبيث، ويأتي آخر، فيقول: رافضي، ولا نظن إلا رد عليه
سلامه، وكان عاقلا، لم أر بمصر أعقل منه، ومن عبد الله بن
عبد الحكم (3).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 487.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 14.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 487 وليس ذا من أدب الاسلام،
فإن الله تعالى يقول: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها
أو ردوها).
(*)
(10/328)
قال أبو محمد الرامهرمزي: حدثني محمد بن محمد بن يحيى [
بمدينة ] سابور، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: كنا عند
سعيد بن أبي مريم، فأتاه رجل، فسأله كتابا ينظر فيه، أو
سأله بأن يحدثه بأحاديث، فامتنع عليه، وسأله آخر في ذلك
فأجابه، فقال له الاول: سألتك فلم تجبني، وسألك هذا
فأجبته، وليس هذا حق العلم - أو نحو هذا من الكلام - فقال
له ابن أبي مريم: إن كنت تعرف الشيباني من السيباني، وأبا
حمزة من أبي جمرة، وكلاهما عن ابن عباس [ حدثناك و ]
خصصناك كما خصصنا هذا (1).
قلت: يقع [ في ] حديث سعيد غرائب لسعة علمه.
قال أبو سعيد بن يونس: سعيد بن الحكم بن أبي مريم الفقيه
مولى أبي فاطمة، ويقال: أبو فطيمة، مولى أبي الضبيع، مولى
بني جمح.
ولد سنة أربع وأربعين ومئة، ومات سنة أربع وعشرين ومئتين
(2).
خرج له أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه في كتابه، أخبرنا عمر بن
محمد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا أبو
بكر الشافعي، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا سعيد بن
أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب وابن لهيعة قالا: حدثنا ابن
الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر ابن سعد، عن عباس بن
عبدالمطلب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا
سجد
__________
(1) " المحدث الفاصل " ص 274، و " تهذيب الكمال " لوحة
487.
والشيباني: هو أبو عمرو سعد بن إياس، والسيباني: هو أبو
عمرو زرعة، وأبو حمزة: هو عمران بن أبي عطاء القصاب، وأبو
جمرة: هو نصر بن عمران الضبعي، والاربعة من رجال " التهذيب
".
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 487.
(*)
(10/329)
العبد، سجد معه سبعة آراب: الجبهة، وكفاه، وركبتاه، وقدماه
" (1).
وكذلك رواه الليث، وبكر بن مضر عن ابن الهاد، وأخرجه
الجماعة سوى البخاري.
81 - سليمان بن حرب * (ع) ابن
بجيل، الامام الثقة الحافظ، شيخ الاسلام، أبو أيوب
الواشحي (2)، الازدي، البصري، قاضي مكة.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد وغيره إجازة، قالوا: أخبرنا عمر
بن
محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا
أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا سليمان
بن حرب، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن أبي
موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سمع بي
من يهودي أو نصراني، ثم لم يسلم، دخل النار " (3).
حدث عن: شعبة، وحوشب بن عقيل، والاسود بن شيبان، ويزيد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (491) في الصلاة: باب أعضاء
السجود، وأبو داود (891)، والترمذي (272)، والنسائي 2 /
208، والآراب: جمع إرب، وهو العضو.
* طبقات ابن سعد 7 / 300، طبقات خليفة ت (1946)، تاريخ
خليفة: 438، التاريخ الكبير 4 / 8، التاريخ الصغير 2 /
351، الجرح والتعديل 4 / 108، المعارف: 526، تاريخ بغداد 9
/ 33، المعجم المشتمل: 133، اللباب 3 / 348، وفيات الاعيان
2 / 418 - 420، تهذيب الكمال لوحة 536، الكاشف 1 / 391،
392، العبر 1 / 390، 391، تذكرة الحفاظ 1 / 393، العقد
الثمين 4 / 601 - 603، تهذيب التهذيب 4 / 178، طبقات
الحفاظ: 166، خلاصة تذهيب الكمال: 151، شذرات الذهب 2 /
54.
(2) نسبة إلى واشح، بطن من الازد.
(3) إسناده صحيح، إبراهيم بن عبد الله هو الحافظ المسند
أبو مسلم الكجي، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
وأخرجه مسلم (153) في الايمان من حديث أبي هريرة.
(*)
(10/330)
ابن إبراهيم، ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وبسطام بن
حريث، والسري بن يحيى، وجرير بن حازم، وسليمان بن المغيرة،
وسلام بن أبي مطيع، ومحمد بن طلحة بن مصرف وعدة.
وعنه: البخاري، وأبو داود، والحميدي، ومات قبله، وعمرو بن
علي الفلاس، ويحيى بن موسى خت، ومحمد بن يحيى الذهلي،
والحسن بن علي الخلال، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن سعيد
الدارمي، وعباس الدوري، وعبد بن حميد، والدارمي، وأبو
زرعة، ومحمد بن الضريس، وأبو مسلم الكجي، وأبو خليفة، وخلق
كثير، ومن القدماء: يحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل.
قال أبو حاتم: سليمان بن حرب إمام من الائمة، كان لا يدلس،
ويتكلم في الرجال، وفي الفقه [ و ] ليس بدون عفان، ولعله
أكبر منه، وقد ظهر له نحو من عشرة آلاف حديث، وما رأيت في
يده كتابا قط، وهو أحب إلي من أبي سلمة التبوذكي في حماد
بن سلمة وفي كل شئ، ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد،
فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل، وكان مجلسه عند قصر
المأمون، فبنى له شبه منبر، فصعد سليمان، وحضر حوله جماعة
من القواد عليهم السواد، والمأمون فوق قصره، وقد فتح باب
القصر، وقد أرسل ستر شف وهو خلفه، وكتب ما يملي.
فسئل سليمان أول شئ حديث حوشب بن عقيل، فلعله قد قال:
حدثنا حوشب ابن عقيل أكثر من عشر مرات، وهم يقولون: لا
نسمع، فقام مستمل ومستمليان وثلاثة، كل ذلك يقولون: لا
نسمع، حتى قالوا: ليس الرأي إلا أن يحضر هارون المستملي،
فلما حضر قال: من ذكرت ؟ فإذا صوته خلاف الرعد، فسكتوا،
وقعد المستملون كلهم، فاستملى هارون، وكان
(10/331)
لا يسأل عن حديث إلا حدث من حفظه.
وسئل عن حديث فتح مكة، فحدثنا [ به ] من حفظه، فقمنا
فأتينا عفان، فقال: ما حدثكم أبو أيوب ؟ فإذا هو يعظمه
(1).
قال أبو حاتم الرازي أيضا: كان سليمان بن حرب قل من يرضى
من المشايخ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ، فاعلم أنه ثقة (2).
قال يعقوب الفسوي: سمعت سليمان بن حرب يقول: طلبت الحديث
سنة ثمان وخمسين ومئة، واختلفت إلى شعبة، فلما مات جالست
حماد بن زيد تسع عشرة سنة حتى مات، وأعقل موت ابن عون،
وكنت لا أكتب عن حماد بن زيد حديث ابن عون، كنت أقول: رجل
قد أدركت موته، ثم إني كتبته بعد (3).
قال محمد بن يحيى الصولي: حدثنا المقدمي القاضي، حدثنا
أبي، حدثنا يحيى بن أكثم، قال: قال لي المأمون: من تركت
بالبصرة ؟ فوصفت له مشايخ منهم سليمان بن حرب، وقلت: هو
ثقة حافظ للحديث، عاقل، في نهاية الستر والصيانة، فأمرني
بحمله إليه، فكتبت إليه في ذلك، فقدم، فاتفق أني أدخلته
إليه، وفي المجلس ابن أبي دواد، وثمامة، وأشباه لهما،
فكرهت أن يدخل مثله بحضرتهم، فلما دخل، سلم، فأجابه
المأمون، ورفع مجلسه، ودعا له سليمان بالعز والتوفيق، فقال
ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين، نسأل الشيخ عن مسألة ؟
فنظر المأمون إليه نظر تخيير له، فقال سليمان: يا أمير
المؤمنين، حدثنا حماد بن زيد قال: قال
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 108، 109، والزيادة منه.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 536.
(3) " تاريخ الفسوي " 1 / 137، و " تاريخ بغداد " 9 / 34.
(*)
(10/332)
رجل لابن شبرمة: أسألك ؟ قال: إن كانت مسألتك لا تضحك
الجليس، ولا تزري بالمسؤول، فسل.
وحدثنا وهيب قال: قال إياس بن معاوية: من
المسائل ما لا ينبغي للسائل أن يسأل عنها، ولا للمجيب أن
يجيب فيها.
فإن كانت مسألته من غير هذا، فليسأل، وإن كانت من هذا
فليمسك.
قال: فهابوه، فما نطق أحد منهم حتى قام، وولاه قضاء مكة،
فخرج إليها (1).
قال أحمد بن سنان: حدثنا المسعري قال: جاء رجل إلى سليمان
بن حرب، فقال: إن مولاك فلانا مات، وخلف قيمة عشرين ألف
درهم، قال: فلان أقرب إليه مني، المال لذاك دوني.
قال: وهو يومئذ محتاج إلى درهم (2).
قال الخطيب: ولي سليمان قضاء مكة سنة أربع عشرة ومئتين، ثم
عزل سنة تسع عشرة ومئتين (3).
أنبأنا ابن علان وطائفة سمعوا أبا اليمن الكندي، أخبرنا
القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا البرقاني، حدثنا الحسين بن
علي التميمي، حدثنا أبو عوانة الاسفراييني، حدثنا أحمد بن
محمد بن أبي بكر المقدمي، سمعت علي بن المديني سنة عشرين
ومئتين، وقد ذكر له سليمان بن حرب، فجعل يكثره، فقال:
حدثنا يحيى بن سعيد، حدثني سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد،
قال: ما أخاف على أيوب وابن عون إلا الحديث (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 35، 36، و " تهذيب الكمال " لوحة
536، و " وفيات الاعيان " 2 / 419.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 35، و " تهذيب الكمال " لوحة 536.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 36.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و " التاريخ الكبير " 4 / 9،
و " تهذيب الكمال " لوحة 536.
(*)
(10/333)
أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كان سليمان بن حرب
يحدث بحديث، ثم يحدث به كأنه ليس ذاك (1).
قال الخطيب: كان يحدث على المعنى، فتتغير ألفاظ الحديث في
روايته (2).
قال الامام أحمد: كتبنا عن سليمان بن حرب وابن عيينة حي
(3).
قال يعقوب بن شيبة: حدثنا سليمان بن حرب، وكان ثقة ثبتا،
صاحب حفظ (4).
وقال النسائي: ثقة مأمون (5).
وقال البخاري: قال سليمان بن حرب: ولدت في صفر سنة أربعين
ومئة (6).
وقال ابن سعد وغيره: رجع من مكة، وصرف من قضائها، ومات
بالبصرة في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومئتين (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و " تهذيب الكمال " لوحة 536.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 36.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و " تهذيب الكمال " لوحة 537.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 36، و " تهذيب الكمال " لوحة 537.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 537.
(6) " التاريخ الكبير " 4 / 9.
(7) " الطبقات الكبرى " لابن سعد 7 / 300.
(*)
(10/334)
82 - آدم بن أبي إياس
* (خ، ت، س، ق) الامام الحافظ القدوة، شيخ الشام، أبو
الحسن الخراساني المروذي، ثم البغدادي، ثم العسقلاني، محدث
عسقلان (1)، واسم
أبيه ناهية بن شعيب، وقيل: عبدالرحمن.
ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئة.
وسمع بالعراق ومصر والحرمين والشام.
حدث عن: ابن أبي ذئب، ومبارك بن فضالة، وشعبة بن الحجاج،
والمسعودي، والليث، وحريز بن عثمان، وورقاء، وحماد بن
سلمة، وشيبان النحوي، وإسرائيل بن يونس، وحفص بن ميسرة،
وخلق.
وعنه: البخاري في " صحيحه "، وأحمد بن الازهر، وأحمد بن
عبد الله العكاوي، وإسماعيل سمويه، وهاشم بن مرثد
الطبراني، وإسحاق بن سويد الرملي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو
حاتم الرازي، وثابت بن نعيم الهوجي، وإبراهيم بن ديزيل
سيفنه، وخلق سواهم.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 490، التاريخ الكبير 2 / 39، التاريخ
الصغير 2 / 342، الجرح والتعديل 2 / 268، تاريخ بغداد 7 /
27، الانساب 8 / 449، 450، المعجم المشتمل: 72، صفة الصفوة
4 / 308، 309، تهذيب الكمال لوحة 74، العبر 1 / 379، تذهيب
التهذيب 1 / 48 / 2، الكاشف 1 / 101، تذكرة الحفاظ 1 /
409، تهذيب التهذيب 1 / 196، طبقات الحفاظ: 168، 169،
خلاصة تذهيب الكمال: 14، شذرات الذهب 2 / 47.
(1) وهي التي في الشام، مدينة من أعمال فلسطين على ساحل
البحر بين غزة وبيت جبرين.
وهناك موضع آخر يقال له عسقلان في " بلخ " ينسب إليه جماعة
من المحدثين أيضا.
انظر " الانساب " 8 / 449، و " معجم البلدان " 4 / 122.
(*)
(10/335)
قال أبو حاتم الرازي: ثقة مأمون متعبد من خيار عباد الله
(1).
وذكره أحمد بن حنبل، فقال: كان مكينا عند شعبة، كان من
السنة
الذين يضبطون عنده الحديث (2).
قال أبو بكر الاعين: أتيت آدم العسقلاني، فقلت له: عبد
الله بن صالح كاتب الليث يقرئك السلام، فقال: لا تقرئه مني
السلام، قلت: ولم ؟ قال: لانه قال: القرآن مخلوق.
فأخبرته بعذره، وأنه أظهر الندامة، وأخبر الناس بالرجوع،
قال: فأقرئه السلام، وإذا أتيت أحمد ابن حنبل، فأقره
السلام، وقل له: يا هذا، اتق الله، وتقرب إلى الله تعالى
بما أنت فيه، ولا يستفزنك أحد، فإنك - إن شاء الله - مشرف
على الجنة، وقل له: أخبرنا الليث، عن ابن عجلان، عن أبي
الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " من أرادكم على معصية الله، فلا تطيعوه "
قال: فأبلغت ذلك أبا عبد الله، فقال: رحمه الله حيا وميتا،
فلقد أحسن النصيحة (3).
قال أبو حاتم: حضرت آدم بن أبي إياس، فقال له رجل: سمعت
أحمد بن حنبل وسئل عن شعبة، أكان يملي عليهم ببغداد، أو
كان يقرأ ؟ قال: كان يقرأ وكان أربعة يكتبون: آدم، وعلي
النسائي، فقال آدم: صدق أحمد، كنت سريع الخط، وكنت أكتب،
وكان الناس يأخذون من عندي،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 268.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 28 و 29، و " تهذيب الكمال " لوحة
74.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 27، 28، و " تهذيب الكمال " لوحة
74، وسند الحديث حسن، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا
بلفظ: " من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه " أخرجه أحمد 3 /
67، وابن ماجة (2863) وسنده حسن، وصححه ابن حبان (1552)،
والحاكم والبوصيري في " الزوائد " ورقة 182 / 2.
(*)
(10/336)
وقدم شعبة بغداد، فحدث بها أربعين مجلسا، في كل مجلس مئة
حديث، فحضرت منها عشرين مجلسا (1).
قال إبراهيم بن الهيثم البلدي: بلغ آدم نيفا وتسعين سنة،
وكان لا يخضب، كان أشغل من ذلك - يعني من العبادة - (2).
قال الحسين الكوكبي: حدثني أبو عبد الله المقدسي قال: لما
حضرت آدم الوفاة، ختم القرآن وهو مسجى، ثم قال: بحبي لك
إلا ما رفقت لهذا المصرع، كنت أؤملك لهذا اليوم، كنت
أرجوك، ثم قال: لا إله إلا الله، ثم قضى رحمه الله (3).
رواها أحمد بن عبيد، عن أبي علي المقدسي.
قال محمد بن سعد: مات آدم في جمادى الآخرة، سنة عشرين
ومئتين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة (4)، وفي السنة أرخه
يعقوب الفسوي (5)، ومطين (6).
وقال أبو زرعة النصري: مات سنة إحدى وعشرين (7).
قلت: الاول أصح، وقد حدث عنه رفيقه بشر بن بكر التنيسي
(8)، ومات قبله بمدة.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 268.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 74.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 29، و " صفة الصفوة " 4 / 308، و
" تهذيب الكمال " لوحة 74.
(4) " الطبقات الكبرى " 7 / 490.
(5) " المعرفة والتاريخ " 1 / 204، 205.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 75.
(7) " تاريخ أبي زرعة " 1 / 304.
(8) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب ص 507،
وهو متوفى سنة 205 ه.
(*)
(10/337)
أنبأنا جماعة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا ابن
الحصين، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا
إبراهيم بن الهيثم، حدثنا آدم، حدثنا شيبان، عن جابر، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن قتل الحية، قال: " خلقت هي والانسان، كل واحد
منهما عدو لصاحبه، إن رآها أفزعته، وإن لدغته قتلته،
فاقتلها حيث وجدتها ".
جابر الجعفي واه (1).
وفي سنة عشرين وفاة شيخ القراء قالون، وهو الامام النحوي
أبو موسى عيسى بن مينا المداني، مولى زهرة، وشيخه نافع هو
الذي لقبه قالون لجودة أدائه.
سقت من حاله في ديوان القراء (2).
83 - علي بن عياش * (خ
(3)، 4) ابن مسلم، الحافظ الصدوق العابد، أبو الحسن
الالهاني (4) الحمصي.
__________
(1) في " ميزان الاعتدال " 1 / 380: وقال النسائي وغيره:
متروك.
وقال يحيى: لا يكتب حديثه ولا كرامة.
وقال أبو داود: ليس عندي بالقوي في حديثه.
وقال الجوزجاني: كذاب، سألت أحمد عنه، فقال: تركه
عبدالرحمن فاستراح.
(2) وأيضا فقد ترجمه في الصفحة 326 من هذا الجزء.
* طبقات ابن سعد 7 / 473، التاريخ الكبير 6 / 290، الجرح
والتعديل 6 / 199، المعجم المشتمل: 195، تهذيب الكمال لوحة
988، 989، تذهيب التهذيب 3 /
71 / 2، الكاشف 2 / 292، تذكرة الحفاظ 1 / 384، 385، العبر
1 / 376، تهذيب التهذيب 7 / 368، 369، طبقات الحفاظ: 165،
خلاصة تذهيب الكمال: 276، شذرات الذهب 2 / 45.
(3) في الاصل: " م " وهو خطأ، والتصويب من " التهذيب "
وفروعه.
(4) نسبة إلى ألهان بن مالك أخي همدان بن مالك.
(*)
(10/338)
قال: ولدت في سنة ثلاث وأربعين ومئة (1).
حدث عن: حريز بن عثمان التابعي، وعفير بن معدان، وشعيب بن
أبي حمزة، والمثنى بن الصباح وما أحسبه لحقه، وأبي غسان
محمد بن مطرف، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وصدقة بن عبد
الله السمين، وعتبة بن ضمرة بن حبيب، وإسماعيل بن عياش،
وطائفة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعمرو بن منصور النسائي، وأبو
إسحاق الجوزجاني، والبخاري في " صحيحه "، وإبراهيم بن
الهيثم البلدي، وأبو زرعة النصري، ومحمد بن يحيى الذهلي،
وأحمد بن عبد الرحيم الحوطي، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي،
وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ويزيد بن محمد بن عبد
الصمد، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، ومحمد بن عوف الطائي،
وأحمد بن محمد بن الحارث بن عرق، وخلق.
وثقه النسائي وجماعة (2).
وقال أبو حاتم: كنت أفيد الناس عن علي بن عياش وأنا بدمشق،
فيخرجون إليه ويسمعون منه، وأنا مقيم بدمشق حتى ورد نعيه
(3).
قال يحيى بن أكثم: أدخلت علي بن عياش على المأمون، فتبسم،
ثم بكى، فقال: يا يحيى: أدخلت علي مجنونا ! فقلت: أدخلت
عليك خير أهل الشام وأعلمهم ما خلا أبا المغيرة (4) ؟.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 989.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 989.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 199.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 989.
(*)
(10/339)
قلت: الرجل عمل بالسنة، فسلم وتبسم، ثم بكى لما رأى من
الكبر والجبروت.
قال يعقوب الفسوي: مات سنة تسع عشرة ومئتين (1).
أخبرنا شيخ الاسلام شمس الدين عبدالرحمن بن محمد، وأبو
المعالي أحمد بن عبد السلام كتابة، قالا: أخبرنا عمر بن
طبرزد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن
غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم بن الهيثم،
حدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب ابن أبي حمزة، عن محمد بن
المنكدر، عن جابر، قال: كان الآخر من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار (2).
وبه: حدثنا علي بن عياش، حدثنا محمد بن مطرف، عن زيد ابن
أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم، قال: " طهور كل أديم دباغه ".
هذا حديث نظيف الاسناد (3) غريب، لم أجده في الكتب الستة.
أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل وجماعة إذنا، عن أبي جعفر
الصيدلاني، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة،
وأنبأنا أحمد
ابن أبي الخير، عن محمد بن أبي زيد، أخبرنا محمود بن
إسماعيل،
__________
(1) " المعرفة والتاريخ " 1 / 203.
(2) وأخرجه أبو داود (192)، والنسائي 1 / 108، وابن
الجارود (21)، والبيهقي 1 / 155 كلهم من طريق علي بن عياش
بهذا الاسناد، وهذا إسناد صحيح.
(3) رجاله رجال الصحيح، وأخرجه أحمد 6 / 154، 155 من طريق
آخر عن عائشة، وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (366)،
ومالك 2 / 498، وأبي داود (4123)، والترمذي (1728)،
والنسائي 7 / 173، وأحمد 1 / 372، وعن سلمة بن المحبق عند
أحمد 3 / 476، و 5 / 6، وأبي داود (4125)، والنسائي 7 /
173، 174.
(*)
(10/340)
أخبرنا أحمد بن محمد بن فاذشاه، قالا: أخبرنا سليمان بن
أحمد، حدثنا أبو زرعة، حدثنا علي بن عياش، حدثنا حريز بن
عثمان، عن عبد الواحد ابن عبد الله النصري، سمعت واثلة بن
الاسقع يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أعظم
الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه، أو يرى عينيه في المنام
ما لم ير، ويقول على الله ورسوله ما لم يقل ".
أخرجه البخاري (1) عن علي.
قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: حدثنا سليمان بن عبد الحميد
البهراني، قال: وجه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه
دمشق، فاختاروا أربعة: يحيى بن صالح، وأبا اليمان، وعلي بن
عياش، وخالد ابن خلي، فأدخل خالد، فقيل: ما تقول في أبي
اليمان ؟ قال: شيخنا وعالمنا، قال: فما تقول في علي بن
عياش ؟ قال: رجل من الابدال، إذا نزلت بنا نازلة، سألناه،
فدعا الله، فيكفها، وإذا استسقى لنا، سقينا (2).
84 - أبو الوليد الطيالسي
* (ع) هشام بن عبدالملك، الامام الحافظ الناقد، شيخ
الاسلام أبو
__________
(1) 6 / 394 في الانبياء: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل عليه
السلام.
(2) سيورد المؤلف هذا الخبر بتمامه في الصفحة 640 في ترجمة
خالد بن خلي، فانظره.
* طبقات ابن سعد 7 / 300، تاريخ ابن معين: 618، طبقات
خليفة ت (1945)، التاريخ الكبير 8 / 195، التاريخ الصغير 2
/ 355، المعارف لابن قتيبة: 521، الجرح والتعديل 9 / 65،
الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 548، الانساب 8 / 283، المعجم
المشتمل: 312، تهذيب الكمال لوحة 1440، 1441، تذهيب
التهذيب 4 / 116 / 2، العبر 1 / 399، 400، تذكرة الحفاظ 1
/ 382، ميزان الاعتدال 4 / 301، الكاشف 3 / 223، = (*)
(10/341)
الوليد الباهلي، مولاهم البصري، الطيالسي.
ولد سنة ثلاث وثلاثين ومئة، وهو أكبر من عبدالرحمن بن
مهدي.
حدث عن: عكرمة بن عمار، وعمر بن أبي زائدة، وشعبة، وهشام
الدستوائي، ويزيد بن إبراهيم، وهمام بن يحيى، وداود بن أبي
الفرات، وإسرائيل، وزائدة، وأبي هشام الزعفراني، والمثنى
بن سعيد الضبعي، وعاصم بن محمد العمري، وسلم بن زرير، وعمر
بن مرقع بن صيفي، وجرير بن حازم، وسليمان بن المغيرة،
وسلام بن مسكين، وسلام بن أبي مطيع، وابن الماجشون، وعبد
الرحمن بن الغسيل، ومالك، والليث، ومهدي بن ميمون، وخلق
كثير.
وعنه: البخاري، وأبو داود، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن
سعد، وبندار، ومحمد بن مثنى، والذهلي، وإسحاق الكوسج، وأبو
إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن سنان، والحسن بن علي الخلال،
وأبو محمد الدارمي، وأحمد بن الفرات، وعبد بن حميد، وأبو
زرعة، وأبو حاتم، وابن وارة، وتمتام، ومحمد بن حيان
المازني، ومحمد بن محمد التمار، ومعاذ بن المثنى، ومحمد بن
أيوب بن الضريس، والعباس بن الفضل الاسفاطي، ومحمد بن
يعقوب بن سورة، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأحمد بن عمرو
القطراني، وعثمان بن عمر الضبي، ومحمد بن الربيع بن شاهين،
وأحمد بن إبراهيم بن عنبر البصري، ومحمد بن إبراهيم ابن
بكير الطيالسي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو مسلم الكجي،
وأحمد
__________
= عيون التواريخ 8 / لوحة 123، 124، تهذيب التهذيب 11 / 45
- 47، طبقات الحفاظ: 164، خلاصة تذهيب الكمال: 410، شذرات
الذهب 2 / 62، 63.
(*)
(10/342)
ابن داود المكي، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي الاصبهاني،
والحسن بن سهل المجوز، وخلق كثير خاتمتهم أبو خليفة الفضل
بن الحباب.
قال أحمد بن حنبل: أبو الوليد متقن (1).
وقال: هو أكبر من ابن مهدي بثلاث سنين، أبو الوليد اليوم
شيخ الاسلام، ما أقدم عليه اليوم أحدا من المحدثين (2).
وقال محمد بن مسلم بن وارة الحافظ: قلت لاحمد بن حنبل: أبو
الوليد أحب إليك في شعبة أو أبو النضر ؟ قال: إن كان أبو
الوليد يكتب عند شعبة، فأبو الوليد.
قلت: فإني سمعت أبا الوليد يقول: بينا أنا أكتب عند شعبة،
إذ بصر بي، فقال: وتكتب ؟ فوضعت الالواح من يدي، وجعلت
أنظر إليه (3).
قلت: كأنه كره الكتابة، لانه كان قادرا على أن يحفظ.
وقال ابن وارة أيضا: قال لي علي بن المديني: اكتب عن أبي
الوليد الاصول، فإن غير الاصول تصيب، وقال لي أبو نعيم:
لولا أبو الوليد ما أشرت عليك أن تقدم البصرة، فإن دخلتها
لا تجد فيها إلا مغفلا إلا أبا الوليد (4).
قلت: عفا الله عن أبي نعيم، فقد كان إذ ذاك بالبصرة مثل
علي بن المديني، وعمرو بن علي، وطائفة من أعلام الحديث.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 65، و " تهذيب الكمال " لوحة
1441.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 65، و " تهذيب الكمال " لوحة
1441.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 65، و " تهذيب الكمال " لوحة
1441.
(*)
(10/343)
قال ابن وارة: حدثني أبو الوليد وما أراني أدركت مثله (1).
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: أبو الوليد شيخ
الاسلام.
وقال الحافظ أبو حفص المروزي: سمعت محمد بن غالب، سمعت أبا
الوليد يقول: لو كنت عبدا لكم لاستبعت، إلى متى ؟ ! هو ذا
أحدث منذ سبعين سنة، أول من كتب عني جرير بن عبدالحميد،
كتب عني حديث القلادة (2).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أبو الوليد بصري ثقة ثبت في
الحديث، كان يروي عن سبعين امرأة، وكانت إليه الرحلة بعد
أبي داود الطيالسي (3).
ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو الوليد أمير
المحدثين (4).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة - وذكر أبا الوليد -
فقال: أدرك نصف الاسلام، وكان إماما في زمانه جليلا عند
الناس (5).
قال: وسمعت أبي أبا حاتم يقول: أبو الوليد إمام فقيه عاقل
ثقة.
حافظ، ما رأيت في يده كتابا قط.
وسئل أبي عن أبي الوليد وحجاج بن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(2) حديث القلادة رواه فضالة بن عبيد، وقد تقدم تخريجه في
الجزء التاسع ص 13 في ترجمة جرير بن عبدالحميد، فانظره.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 66.
(5) " الجرح والتعديل " 9 / 66، و " تهذيب الكمال " لوحة
1441.
(*)
(10/344)
منهال، فقال: أبو الوليد عند الناس أكبر.
كان يقال: سماعه من حماد بن سلمة فيه شئ، كأنه (1) سمع منه
بأخرة، وكان حماد ساء حفظه في آخر عمره (2).
وقال أبو حاتم أيضا: ما رأيت قط بعده كتابا أصح من كتابه
(3).
وروى محمد بن سلمة بن عثمان، عن معاوية بن عبد الكريم
الزيادي قال: أدركت البصرة، والناس يقولون: ما بالبصرة
أعقل من أبي الوليد، وبعده أبو بكر بن خلاد (4).
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا، عن أبي عبد الله محمد بن حماد
قال: استأذن رجل على أبي الوليد الطيالسي، فوضع رأسه على
الوسادة، ثم
قال للخادم: قولي له: الساعة وضع رأسه (5).
قال محمد بن سعد والبخاري وجماعة: مات أبو الوليد سنة سبع
وعشرين ومئتين (6).
قال البخاري: في ربيع الآخر (7).
وقال غيره: في صفر منها (8).
قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله في شوال سنة ثلاث
وتسعين، أنبأكم عبدالمعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر،
أخبرنا
__________
(1) في الاصل على هامش النسخة: فإنه " خ.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 66، و " تهذيب الكمال " لوحة
1441.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(6) " طبقات ابن سعد " 7 / 300.
(7) " التاريخ الصغير " 2 / 355.
(8) " تهذيب الكمال " لوحة 1441.
(*)
(10/345)
إسحاق بن عبدالرحمن الصابوني، أخبرنا عبد الله بن محمد بن
عبد الوهاب، أخبرنا محمد بن أيوب البجلي، أخبرنا أبو
الوليد الطيالسي، أخبرنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد
بن عبيدة، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
إذا سئل المسلم في القبر، فشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا عبده ورسوله فذلك قوله: [ يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ] " [ إبراهيم:
27 ].
وبه: قال البجلي: حدثنا أبو عمر الحوضي، حدثنا شعبة بهذا،
أخرجه البخاري (1) عن أبي الوليد والحوضي.
أنبأنا جماعة عن أسعد بن روح، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله،
أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو خليفة،
حدثنا أبو الوليد (2) الطيالسي، حدثنا عبدالحميد بن بهرام،
حدثنا شهر، سمعت أم سلمة تقول: جاءت فاطمة غدية بثريد لها
تحملها في طبق، حتى وضعتها بين يديه صلى الله عليه وسلم،
فقال [ لها ]: أين ابن عمك ؟ قالت: هو في البيت.
قال: ادعيه، [ وائتيني بابني ] قالت: فجاءت تقود ابنيها،
كل واحد منهما في يد، وعلي يمشي في أثرها، [ حتى دخلوا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فأجلسهما في حجره، وجلس
علي على يمينه، وجلست فاطمة عن يساره، [ قالت أم سلمة: ]
فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت،
ببرمة فيها خزيرة (3)، فجلسوا يأكلون من تلك البرمة، وأنا
__________
(1) 3 / 184 في الجنائز: باب ما جاء في عذاب القبر، و 8 /
286 في تفسير سورة إبراهيم: باب (يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت).
(2) في الاصل: " أبو داود " وهو خطأ.
(3) قال في " النهاية ": الخزيرة: لحم يقطع صغارا، ويصب
عليه ماء كثير، فإذا نضج ذر عليه الدقيق.
والبرمة: القدر.
(*)
(10/346)
أصلي في تلك الحجرة، فنزلت هذه الآية: [ إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ] [ الاحزاب:
33 ] فأخذ فضل الكساء، فغشاهم، ثم أخرج يده اليمنى من
الكساء، وألوى بها إلى السماء، ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل
بيتي وحامتي " (1) قالت: فأدخلت رأسي، فقلت: يا رسول الله،
وأنا معكم، قال: " أنت إلى خير "
مرتين (2).
رواه الترمذي (3) مختصرا، وصححه من طريق الثوري، عن زبيد،
عن شهر بن حوشب.
85 - إسماعيل بن أبان * (خ)
الوراق الكوفي الحافظ.
سمع: مسعر بن كدام، وعبد الرحمن بن الغسيل، وإسرائيل بن
يونس، وعبد الحميد بن بهرام، وأبا المحياة يحيى بن يعلى
التيمي، ويحيى بن يعلى الاسلمي، وأبا الاحوص سلام بن سليم،
وشريك بن عبد الله، وخلقا سواهم.
__________
(1) في " النهاية " حامة الانسان: خاصته ومن يقرب منه، وهو
الحميم أيضا.
(2) أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " برقم (2666) وهو
حديث صحيح تقدم تخريجه في الجزء الثالث من هذا الكتاب ص
254، 255.
(3) برقم (3871).
* العلل لاحمد: 263، التاريخ الكبير 1 / 347، التاريخ
الصغير 2 / 237، الجرح والتعديل 2 / 160، 161، الكامل لابن
عدي 1 / لوحة 26، المعجم المشتمل: 78، تهذيب الكمال لوحة
95، ميزان الاعتدال 1 / 212، المغني في الضعفاء 1 / 77،
الكاشف 1 / 117، تذهيب التهذيب 1 / 60 / 1، مقدمة فتح
الباري ص 387، تهذيب التهذيب 1 / 269، 270.
(*)
(10/347)
حدث عنه: البخاري، وأبو محمد الدارمي، وأبو زرعة الرازي،
وإسماعيل سمويه، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو
إسحاق الجوزجاني، وأبو عمرو بن أبي غرزة الغفاري، والحسين
بن الحكم الحبري (1)، ومحمد بن سليمان الباغندي، وبشر
كثير.
وكان من أئمة الحديث.
وثقة أحمد بن حنبل، وأبو داود.
وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين قال: إسماعيل بن أبان
الوراق ثقة، وإسماعيل بن أبان الغنوي كذاب، وضع حديثا أن
السابع من ولد العباس يلبس الخضرة.
يعني: المأمون.
قيل: كان في الوراق تشيع قليل كدأب أهل بلده.
أرخ أبو جعفر مطين موت الوراق في سنة ست عشرة ومئتين.
86 - الغنوي إسماعيل بن أبان
* أبو إسحاق الكوفي الحناط الكذاب، وهو أكبر من صاحب
الترجمة (2).
__________
(1) هذه النسبة إلى ثياب يقال لها: الحبرة، وهي ضرب من
برود اليمن، انظر " الانساب " 4 / 44.
* التاريخ الكبير 1 / 347، التاريخ الصغير 2 / 337،
الضعفاء الصغير: 16، الضعفاء والمتروكين: 16 للنسائي،
الضعفاء للعقيلي لوحة 27، الجرح والتعديل 2 / 160، كتاب
المجروحين والضعفاء 1 / 128، الكامل لابن عدي 1 / لوحة:
26، تاريخ بغداد 6 / 240، 242، تهذيب الكمال لوحة: 96،
تذهيب التهذيب 1 / 60 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 211، 212،
المغني في الضعفاء 1 / 77، تهذيب التهذيب 1 / 270، خلاصة
تذهيب الكمال: 32.
(2) أي: إسماعيل بن أبان الوراق.
(*)
(10/348)
حدث عن: هشام بن عروة، ومحمد بن عجلان، وإسماعيل بن أبي
خالد، وعدة.
روى عنه: أحمد بن الوليد الفحام، وأحمد بن أبي غرزة، وأحمد
ابن عبيد بن ناصح، وطائفة.
كذبه ابن معين.
وقال البخاري وغيره: متروك الحديث (1).
وقال ابن عدي: عامة حديثه عن هشام وغيره لا يتابع عليه،
إما إسنادا وإما متنا (2).
قلت: مات سنة عشر ومئتين.
ذكرناه للتمييز.
الله يسامحه.
87 - علي بن الحسن بن شقيق
* (ع) ابن دينار بن مشعب، الامام الحافظ، شيخ خراسان، أبو
عبد الرحمن العبدي مولاهم، المروزي، يقال: إنه مولى آل
الجارود العبدي، وكان جده شقيق بصريا، فقدم خراسان.
حدث عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، والحسين بن
__________
(1) التاريخ الكبير " 1 / 347.
(2) " الكامل " 1 لوحة 26.
* طبقات ابن سعد 7 / 376، طبقات خليفة ت (3153)، التاريخ
الكبير 6 / 268، التاريخ الصغير 2 / 333، الجرح والتعديل 6
/ 180، تاريخ بغداد 11 / 370، الجمع بين رجال الصحيحين 1 /
353، المعجم المشتمل 189، تهذيب الكمال لوحة 962، تذهيب
التهذيب 3 / 56 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 370، العبر 1 / 368،
الكاشف 2 / 281، تهذيب التهذيب 7 / 298، طبقات الحفاظ 158،
شذرات الذهب 2 / 35، خلاصة تذهيب الكمال 272.
(*)
(10/349)
واقد، وأبي المنيب عبيدالله العتكي، وإسرائيل بن يونس،
وخارجة بن
مصعب، وإبراهيم بن طهمان، وقيس بن الربيع، وحماد بن زيد،
وعون ابن موسى، وشريك القاضي، وإبراهيم بن سعد، وجماعة.
ولزم ابن المبارك دهرا، وحمل عنه جميع تصانيفه.
حدث عنه: البخاري، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعبد
الله بن منير، ومحمود بن غيلان، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن
أبي شيبة، وعبد الله بن محمد الضعيف، وإبراهيم بن يعقوب
الجوزجاني، وأحمد ابن سيار، وأحمد بن عبدة الآملي، وأحمد
بن محمد بن هشام بن أبي دارة، وأحمد بن منصور زاج، وأحمد
بن يوسف السلمي، وأيوب بن الحسن الزاهد، وروح بن الفرج
البغدادي، وولده محمد بن علي، ومحمد بن عبد الله بن قهزاد،
وأبو بكر بن أبي النضر، وخلق سواهم.
وكان من كبار الائمة بخراسان.
قال أبو داود: سمعت أحمد - وقيل له: علي بن الحسن بن شقيق
- قال: لم يكن به بأس، إلا أنهم تكلموا فيه في الارجاء،
وقد رجع عنه (1).
قال علي بن الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده: قال
أبو زكريا - يعني ابن معين -: ما أعلم أحدا قدم علينا من
خراسان كان أفضل من ابن شقيق.
وكانوا كتبوا في أمره كتابا أنه يرى الارجاء، فقلنا له،
فقال: لا أجعلكم في حل (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و " تهذيب الكمال " لوحة
963.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و " تهذيب الكمال " لوحة
963.
(*)
(10/350)
ثم قال أبو زكريا: وكان عالما بابن المبارك، قد سمع الكتب
مرارا، حدث يوما عن ابن المبارك، عن عوف، عن زيد بن شراجة.
فقيل له: شراحة.
فقال: لا.
ابن شراجة.
سمعته من ابن المبارك أكثر من ثلاثين مرة.
قال أبو زكريا: وهو الصواب: ابن شراجة - يعني بالجيم -
(1).
وقال أبو داود: أثبت أصحاب ابن المبارك سفيان بن زياد،
وبعده سليمان، وبعده علي بن الحسن بن شقيق، قد سمع علي
الكتب من ابن المبارك أربع عشرة مرة (2).
وقال أبو حاتم الرازي: هو أحب إلي من علي بن الحسين بن
واقد (3).
وقال أبو عمار الحسين بن حريث: قلت للشقيقي: سمعت من أبي
حمزة كتاب الصلاة ؟ قال: قد سمعت، ولكن نهق حمار يوما،
فاشتبه
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و " تهذيب الكمال " لوحة
963.
وقال البخاري في " " تاريخه " 3 / 396: زيد بن شراحة عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
وفي " الجرح والتعديل " 3 / 564: زيد بن شراحة روى عن
النبي صلى الله عليه وسلم مراسيل ليست له صحبة، وهو تابعي
بصري لا يدرى من أدرك، روى عنه عاصم الاحول، وعوف
الاعرابي، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال ابن ماكولا في " الاكمال " 5 / 50، وبالجيم: زيد بن
شراجة روى عنه عوف الاعرابي، وقيل بالحاء، وبالجيم أصح،
قاله يحيى بن معين.
وفي " مشتبه " المؤلف 2 / 393: وبجيم زيد ابن شراجة شيخ
لعوف الاعرابي.
وعلق عليه ابن ناصر الدين في " توضيح المشتبه " 2 / 101 /
1 فقال: قلت: وجدته في تاريخ البخاري بخط أبي الغنائم
النرسي بضم أوله وبالحاء المهملة، وقد فتح المصنف أوله
فيما وجدته بخطه، والصواب ما ذكره البخاري، فقال: زيد ابن
شراحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، وأشار ابن ماكولا
إلى الخلاف، فقال: وقيد بالحاء، وبالجيم أصح، قاله يحيى بن
معين.
وفي القاموس: وزيد بن شراجة كسحابة شيخ لعوف الاعرابي.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 371، و " تهذيب الكمال " لوحة
963.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 180.
(*)
(10/351)
علي حديث، فلا أدري أي حديث هو، فتركت الكتاب كله (1).
قال العباس بن مصعب: كان ابن شقيق جامعا، وكان في الزمان
الاول يعد من أحفظهم لكتب ابن المبارك، وقد شارك ابن
المبارك في كثير من شيوخه، مثل شريك، وإبراهيم بن طهمان،
وقيس، وكان من أروى الناس عن ابن عيينة، وكان أول أمره
المنازعة مع أهل الكتاب حتى كتب التوراة والانجيل والاربعة
والعشرين كتابا من كتب عبد الله بن المبارك، ثم صار شيخا
عاجزا (2) لا يمكنه أن يقرأ، فكان يحدث كل إنسان الحديثين
والثلاثة.
قال: وتوفي سنة خمس عشرة ومئتين (3).
وكذا أرخه الفسوي (4) ومطين.
قال أبو رجاء محمد بن حمدويه المروزي: ولد ليلة قتل أبو
مسلم بالمدائن سنة سبع وثلاثين ومئة، وكان يسكن البهارة،
ومات سنة خمس عشرة.
وقيل في وفاته: سنة إحدى عشرة، وهو خطأ، ونقله ابن حبان.
88 - حجاج بن منهال *
(ع) الحافظ الامام القدوة العابد الحجة، أبو محمد البصري
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 963.
(2) في " تاريخ بغداد " و " تهذيب الكمال ": ضعيفا.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 372، و " تهذيب الكمال " لوحة
963.
(4) " المعرفة والتاريخ " 1 / 199.
* العلل 353، طبقات ابن سعد 7 / 301، طبقات خليفة ت
(1943)، تاريخ خليفة
475، التاريخ الكبير 2 / 380، التاريخ الصغير 2 / 338،
الجرح والتعديل 3 / 166، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 99،
المعجم المشتمل 94، تهذيب الكمال لوحة 238، تهذيب التهذيب
1 / 123 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 403، العبر 1 / 371، الكاشف
1 / 208، تهذيب = (*)
(10/352)
الانماطي (1)، أخو محمد (2).
حدث عن: قرة بن خالد، وشعبة، وجويرية بن أسماء، وهمام بن
يحيى، ويزيد بن إبراهيم التستري، والحمادين، وعبد العزيز
بن الماجشون، ومالك، وعدة.
حدث عنه: البخاري، والباقون بواسطة، وإسحاق الكوسج، وأبو
محمد الدارمي، وعبد بن حميد، وأحمد بن الفرات، وإسحاق بن
إبراهيم شاذان، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعلي بن عبد العزيز،
وأبو مسلم الكجي، وهلال بن العلاء الرقي، وإسماعيل القاضي،
وخلق كثير.
قال أبو حاتم: ثقة فاضل (3).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة، رجل صالح، كان سمسارا
يأخذ من كل دينار حبة، فجاء خراساني موسر من أصحاب الحديث،
فاشترى له أنماطا، فأعطاه التاجر ثلاثين دينارا، فقال: ما
هذه ؟ قال: سمسرتك.
قال: دنانيرك أهون علي من هذا التراب.
هات من كل دينار حبة، فأخذ منه دينارا وكسرا (4).
قال خلف كردوس: كان حجاج صاحب سنة يظهرها، مات في سنة ست
عشرة ومئتين (5).
__________
= التهذيب 2 / 206، طبقات الحفاظ 171، خلاصة تذهيب الكمال:
72، شذرات الذهب
2 / 38.
(1) نسبة إلى بيع الانماط، وهي الفرش التي تبسط.
" الانساب " 1 / 376.
(2) سترد ترجمته في الصفحة 642 من هذا الجزء.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 167.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 238.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 238.
(*)
(10/353)
وقال ابن سعد والبخاري: مات سنة سبع عشرة في شوال (1).
وفي عصره: حجاج بن محمد الرقي.
وقد مر (2).
وحجاج بن نصير الفساطيطي (3): يروي أيضا عن قرة بن خالد،
وهو لين.
وحجاج بن أبي منيع الرصافي (4): الذي يروي عن جده عبيدالله
بن أبي زياد نسخة عن الزهري.
صدوق، لقيه الذهلي وابن وارة والفسوي.
89 - الحوضي * (خ، د، س) حفص
بن عمر بن الحارث بن سخبرة، الامام المجود الحافظ
أبو
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 301، و " التاريخ الكبير " 2 /
380.
(2) الذي مر في الجزء التاسع هو الحجاج بن محمد المصيصي
الاعور، وهو ترمذي الاصل، سكن بغداد، ثم تحول إلى المصيصة،
ولم ينسبه أحد فيما نعلم إلى الرقي، ولم نجد في هذه الطبقة
في كتب التراجم من يسمى بهذا الاسم وينسب إلى الرقي.
(3) نسبة إلى الفساطيط، وهي البيوت من الشعر كما في "
الانساب " و " اللباب " وفي الاصل والمطبوع من " التاريخ
الكبير " للبخاري 2 / 380: " الفسطاطي " وهو خطأ.
مترجم في: طبقات ابن سعد 7 / 305، الجرح والتعديل 3 / 167،
الانساب 9 / 302، اللباب 2 / 431، تهذيب الكمال لوحة 238،
تذهيب التهذيب 1 / 124 / 1، ميزان الاعتدال
1 / 465، المغني في الضعفاء 1 / 151، الكاشف 1 / 208،
تهذيب التهذيب 2 / 208، خلاصة تذهيب الكمال: 73.
(4) نسبة إلى رصافة الشام كما ذكر السمعاني في " الانساب "
6 / 130، ونسبه البخاري في " التاريخ الكبير " شاميا،
ورصافة الشام هي رصافة هشام بن عبدالملك تقع في غربي
الرقة، بناها لما وقع الطاعون بالشام، وكان يسكنها في
الصيف.
وحجاج هذا مترجم في: التاريخ الكبير 2 / 380، الانساب 6 /
130، اللباب 2 / 29، تهذيب الكمال لوحة 238، تذهيب التهذيب
1 / 124 / 1، تهذيب التهذيب 2 / 207، خلاصة تذهيب الكمال:
73.
* العلل 189، طبقات ابن سعد 7 / 306، التاريخ الكبير 2 /
366، الجرح والتعديل 3 / 182، الجمع بين رجال الصحيحين 1 /
93، الانساب 4 / 271، المعجم المشتمل: 108، اللباب 1 /
401، 402، تهذيب الكمال 2 / 307، تذهيب التهذيب 1 / 163 /
1.
= (*)
(10/354)
عمر الازدي النمري من النمر بن غيمان البصري، المشهور
بالحوضي.
حدث عن: هشام الدستوائي، وأبي حرة الرقاشي واصل بن عبد
الرحمن، وشعبة، وهمام، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومحمد بن
راشد المكحولي، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والبخاري أيضا والنسائي
بواسطة، ومحمد بن عبدالرحيم صاعقة، وأحمد بن الفرات، وأحمد
بن داود المكي، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن أحمد
الدورقي، وعثمان ابن عبد الله بن خرزاذ، ومحمد بن أيوب
الرازي، وأبو خليفة، ومعاذ بن المثنى، وأحمد بن محمد بن
علي الخزاعي، وخلق كثير.
روى أبو طالب، عن أحمد بن حنبل، قال: هو ثبت متقن لا يؤخذ
عليه حرف واحد (1).
وقال علي بن المديني: اجتمع أهل البصرة على عدالة أبي عمر
الحوضي وعبد الله بن رجاء (2).
قال عبيدالله بن جرير بن جبلة: أبو عمر هو مولى النمريين،
صاحب كتاب متقن، رأيته أبيض الرأس واللحية.
قال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين (3).
__________
= تذكرة الحفاظ 1 / 405، العبر 1 / 393، الكاشف 1 / 241،
ميزان الاعتدال 1 / 566، تهذيب التهذيب 2 / 405، طبقات
الحفاظ: 172، خلاصة تذهيب الكمال 87، شذرات الذهب 2 / 156.
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 182، و " تهذيب الكمال " لوحة
307.
(2) تهذيب الكمال " لوحة 307.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 308.
(*)
(10/355)
وقال أبو حاتم: متقن صدوق أعرابي فصيح (1).
90 - الحسين بن حفص *
(م، ق) ابن الفضل بن يحيى بن ذكوان الهمداني، الامام الثقة
الجليل الفقيه الاوحد أبو محمد الاصبهاني، أصله كوفي.
نقل علما كثيرا، وتفقه، وأفتى بمذهب الكوفيين، وكان إليه
رياسة أصبهان وقضاؤها وأمر الفتاوى (2).
حدث عن: سفيان الثوري، وإسرائيل، وإبراهيم بن طهمان، وعبد
العزيز بن أبي رواد، وسفيان بن عيينة، وهشام بن سعد، وأبي
يوسف القاضي، وعدة.
حدث عنه: حفيده أحمد بن محمد بن الحسين، وإسماعيل
سمويه، وأسيد بن عاصم، وعمر بن شبة، وأحمد بن الفرات، وأبو
قلابة الرقاشي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، ويحيى بن حاتم
العسكري، والكديمي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: محله الصدق، وهو أحب إلي من عصام بن يزيد
جبر (3).
__________
(1) الجرح والتعديل " 3 / 182.
* التاريخ الكبير 2 / 391، التاريخ الصغير 2 / 320، الجرح
والتعديل 3 / 50، طبقات المحدثين بأصبهان 42 / 1 لابي
الشيخ، أخبار أصبهان 1 / 274، 276، تهذيب الكمال لوحة 287،
تذهيب التهذيب 1 / 147 / 2، العبر 1 / 362، الكاشف 1 /
230، تهذيب التهذيب 2 / 337، خلاصة تذهيب الكمال 82، شذرات
الذهب 2 / 28.
(2) " أخبار أصبهان " 1 / 274.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 50، وجبر: بفتح الجيم وتثقيل
الموحدة المفتوحة ثم راء، هو لقب عصام بن يزيد الاصبهاني.
(*)
(10/356)
مهاجر، والوليد بن محمد الموقري، وبكر بن مضر، وعدة.
وحدث عنه: البخاري، ويحيى بن معين، والذهلي، وأبو إسحاق
الجوزجاني، وإسماعيل سمويه، وأبو حاتم، ويعقوب الفسوي،
وأحمد ابن عبد الواحد بن عبود، ويحيى بن عثمان بن صالح،
وأبو يزيد القراطيسي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وبكر بن سهل
الدمياطي، وأبو بكر الصاغاني، والربيع بن سليمان المرادي،
وآخرون.
قال يحيى بن معين: أثبت الناس في " الموطأ " عبد الله بن
يوسف والقعنبي.
وقال أيضا: ما بقي على أديم الارض أوثق منه في " الموطأ ".
يريد: عبد الله بن يوسف (1).
وقال البخاري: كان من أثبت الشاميين (2).
وقال أبو مسهر: سمع معي " الموطأ " في سنة ست وستين ومئة
(3).
وقال أبو حاتم وغيره: ثقة (4).
وقال ابن عدي: صدوق خير فاضل (5).
وقال أحمد بن البرقي وغيره: مات سنة ثمان عشرة ومئتين (6).
وقال ابن يونس: ثقة حسن الحديث، وعنده عن مالك مسائل (7).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(3) " الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 438، و " تهذيب الكمال "
لوحة 758.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 205.
(5) " الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 438.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 758.
(*)
(10/358)
92 - ابن الماجشون
* (س، ق) العلامة الفقيه، مفتي المدينة، أبو مروان،
عبدالملك بن الامام عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة بن
الماجشون التيمي مولاهم المدني المالكي، تلميذ الامام
مالك.
حدث عن أبيه، وخاله يوسف بن يعقوب الماجشون، ومسلم
الزنجي، ومالك، وإبراهيم بن سعد، وطائفة.
حدث عنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد
الملك بن حبيب الفقيه، والزبير بن بكار، ويعقوب الفسوي،
وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم، وآخرون.
قال مصعب بن عبد الله: كان مفتي أهل المدينة في زمانه (1).
وقال ابن عبد البر: كان فقيها فصيحا، دارت عليه الفتيا في
زمانه، وعلى أبيه قبله، وكان ضريرا.
قيل: إنه عمي في آخر عمره، قال:
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 442، التاريخ الكبير 5 / 424، التاريخ
الصغير 2 / 329، الجرح والتعديل 5 / 358، الانتقاء: 57،
طبقات الفقهاء للشيرازي: 148، ترتيب المدارك 2 / 360، 365،
وفيات الاعيان 3 / 166، 167، تهذيب الكمال: لوحة (850)،
تذهيب التهذيب 2 / 251 / 2، ميزان الاعتدال: 2 / 658، 659،
العبر 1 / 363، الكاشف 2 / 211، نكت الهميان 2 / 197،
الديباج المذهب 2 / 866، تهذيب التهذيب 6 / 408، خلاصة
تذهيب الكمال: 244 - 245، شذرات الذهب 2 / 28، شجرة النور
الزكية 1 / 56.
والماجشون بكسر الجيم وفتحها وضمها، وعلى كسرها اقتصر
السمعاني في " الانساب "، وابن خلكان في " الوفيات "،
والنووي في " شرح مسلم "، وابن حجر في " التقريب "، وابن
فرحون في " الديباج المذهب "، وفي " شرح الشفاء ": معناه:
الابيض المشرب بحمرة، معرب: " ماه كون " معناه لون القمر.
انظر شرح القاموس 4 / 348.
(1) " الانتقاء " لابن عبد البر: ص 58، و " ترتيب المدارك
" 2 / 360، و " تهذيب الكمال " لوحة 859.
(*)
(10/359)
وكان مولعا بسماع الغناء (1).
وقال أحمد بن المعذل الفقيه: كلما تذكرت أن التراب يأكل
لسان
عبدالملك بن الماجشون صغرت الدنيا في عيني (2).
وكان ابن المعذل من الفصحاء المذكورين، فقيل له: أين لسانك
من لسان أستاذك عبدالملك ؟ فقال: لسانه إذا تعايى أحيى من
لساني إذا تحايى (3).
وقال أبو داود: كان لا يعقل الحديث (4)، يعني: لم يكن من
فرسانه، وإلا فهو ثقة في نفسه.
قال يحيى بن أكتم: كان عبدالملك بحرا لا تكدره الدلاء (5).
توفي سنة ثلاث عشرة ومئتين.
وقيل: سنة أربع عشرة.
93 - التبوذكي * (ع)
الحافظ الامام الحجة، شيخ الاسلام، أبو سلمة موسى بن
__________
(1) " الانتقاء ": ص 57.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 377، و " ترتيب المدارك "
2 / 361.
(3) " وفيات الاعيان " 3 / 377، و " ترتيب المدارك " 2 /
361.
(4) " وفيات الاعيان " 3 / 378، و " تهذيب الكمال " لوحة
859.
(5) " الديباج المذهب " 2 / 7.
* طبقات ابن سعد 7 / 306، طبقات خليفة ت (1952)، تاريخ
خليفة 206، التاريخ الكبير 7 / 280، التاريخ الصغير 2 /
349، الجرح والتعديل 8 / 136، الجمع بين رجال الصحيحين 2 /
484، الانساب 3 / 23، المعجم المشتمل 296، تهذيب الكمال
لوحة: 1381، تذهيب التهذيب 4 / 76 / 1، تذكرة الحفاظ 394 -
395، ميزان الاعتدال 4 / 200، العبر 1 / 388، الكاشف 3 /
180 - 181، تهذيب التهذيب 10 / 333، مقدمة فتح الباري 446،
طبقات الحفاظ 176 - 177، خلاصة تذهيب الكمال 389.
(*)
(10/360)
إسماعيل المنقري مولاهم البصري التبوذكي.
ولد في صدر خلافة أبي جعفر.
وروى عن: أعين الخوارزمي من صغار التابعين، وجرير بن حازم،
وشعبة حديثا واحدا، وجويرية بن أسماء، وحماد بن سلمة،
والقاسم بن الفضل، وهمام بن يحيى، ومبارك بن فضالة، وأبي
هلال، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومحمد بن راشد المكحولي،
وسليمان بن المغيرة، والضحاك بن نبراس، وعبد العزيز بن
الماجشون، وعبد العزيز بن المختار، وعبد العزيز بن مسلم،
ومهدي بن ميمون، ووهيب، وابن المبارك، وحماد بن زيد حديثا
واحدا، وخلق كثير.
وكان من بحور العلم، أول سماعاته في عام ستين ومئة.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والباقون عن رجل عنه، والحسن
بن علي الخلال، ويحيى بن معين، ومحمد بن يحيى، وأحمد ابن
الحسن الترمذي، وأبو زرعة، ويعقوب الفسوي، وإبراهيم بن
ديزيل، وإبراهيم الحربي، وإسماعيل سمويه، وأبو حاتم، ومحمد
بن غالب تمتام، وأبو الاحوص العكبري، ومحمد بن أيوب بن
الضريس، والعباس بن الفضل الاسفاطي، وسبطه الامام أبو بكر
بن أبي عاصم، وأحمد بن داود المكي، وخلق كثير.
قال عباس، عن يحيى بن معين، قال: ما جلست إلى شيخ إلا
هابني، أو عرف لي، ما خلا هذا الاثرم التبوذكي، فعددت لابن
معين ما كتبنا عنه خمسة وثلاثين ألف حديث (1).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1381.
(*)
(10/361)
وقال الحسين بن الحسن الرازي: سألت يحيى بن معين عن أبي
سلمة، فقال: ثقة مأمون (1).
وروى أبو حاتم، عن يحيى، قال: كان كيسا، وكان حجاج بن
منهال رجلا صالحا، وأبو سلمة أتقنهما (2).
وقال أبو حاتم: سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: موسى بن
إسماعيل ثقة صدوق (3).
وقال أبو حاتم أيضا: قال علي بن المديني: من لم يكتب عن
أبي سلمة، كتب عن رجل عنه (4).
قلت: هكذا جرى لمسلم توانى في لقيه، فكتب عن رجل عنه.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث (5).
وقال أبو حاتم: كان ثقة لا أعلم أحدا بالبصرة ممن أدركناه
أحسن حديثا منه (6)، قال: وإنما سمي التبوذكي، لانه اشترى
بتبوذك دارا، فنسب إليها (7).
وقال أحمد بن أبي خيثمة: سمعته يقول: لا جزي خيرا من سماني
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 136، و " تهذيب الكمال " لوحة
1381.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 136.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 136.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 306.
(5) " الطبقات الكبرى " 8 / 306.
(6) وقال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 446: أحد الاثبات
الثقات، اعتمده البخاري، فروى عنه علما كثيرا، ووثقه
الجمهور، وشذ ابن خراش، فقال: تكلم الناس فيه وهو صدوق،
كذا قال ولم يفسر ذلك الكلام.
(7) " الجرح والتعديل " 8 / 306.
(*)
(10/362)
" تبوذكي " أنا مولى بني منقر، إنما نزل داري قوم من أهل
تبوذك، فسموني " تبوذكي " (1).
ويقال: التبوذكي: هو الذي يبيع رقاب الدجاج وقوانصها (2).
قال ابن حبان: كان من المتقنين.
قال الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقي، عن محمد بن سليمان
المنقري البصري: قدم علينا يحيى بن معين، فكتب عن أبي
سلمة، فقال له: إني أريد أن أذكر لك شيئا، فلا تغضب.
قال: هات.
قال: حديث همام، عن ثابت، عن أنس، عن أبي بكر حديث الغار
(3)، لم يروه أحد من أصحابك، إنما رواه عفان وحبان، ولم
أجده في صدر كتابك، إنما وجدته على ظهره.
قال: فتقول ماذا ؟ قال: تحلف لي أنك سمعته من همام ؟ قال:
ذكرت أنك كتبت عني عشرين ألفا، فإن كنت عندك فيها صادقا،
فما ينبغي أن تكذبني في حديث، وإن كنت عندك كاذبا، ما
ينبغي أن تصدقني فيها، ولا تكتب عني شيئا، وترمي به.
برة بنت أبي عاصم طالق ثلاثا إن لم أكن سمعته من همام.
والله لا كلمتك أبدا (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1381.
(2) انظر " الانساب " 3 / 22، 23.
(3) أخرجه البخاري 7 / 202 في الهجرة، من طريق موسى بن
إسماعيل، حدثنا همام، عن ثابت، عن أنس، عن أبي بكر رضي
الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار،
فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو
أن بعضهم طأطأ بصره رآنا.
قال:
" اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ".
وأخرجه البخاري 7 / 9، 10، من طريق محمد بن سنان، عن همام،
وأخرجه أيضا 8 / 245 من طريق عبد الله بن محمد، حدثنا
حبان، عن همام.
وأخرجه مسلم (2381)، من طرق عن حبان بن هلال، عن همام.
وأخرجه الترمذي (3096) من طريق زياد بن أيوب، عن عفان بن
مسلم، عن همام.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1381، 1382.
(*)
(10/363)
قال حاتم بن الليث الجوهري: كان أبو سلمة أحمر الرأس
واللحية، يخضب بالحناء، وكان قد رأى سعيد بن أبي عروبة،
وحفظ عنه مسائل، مات بالبصرة في رجب سنة ثلاث وعشرين
ومئتين (1).
وقال ابن سعد: مات ليلة الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب
سنة ثلاث (2).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح
عبدالمعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد
محمد بن عبدالرحمن الكنجروذي، أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن
محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أيوب
الرازي، حدثنا أبو عمر حفص بن عمر، وأبو سلمة موسى بن
إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أعطي يوسف شطر الحسن
".
أخرجه مسلم (3)، عن شيبان، عن حماد.
فوقع لنا بدلا عاليا.
كتب إلينا أبو الفرج بن قدامة وغيره: أن محمد بن عمر
أخبرهم: أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو محمد
الجوهري، حدثنا أبو بكر القطيعي، حدثنا محمد بن يونس
القرشي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا سعيد ابن سلمة بن أبي
الحسام، عن هشام بن عروة، عن أخيه، عن أبيه، عن
عائشة قالت: اجتمع إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن، وتعاقدن أن
لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا.
وذكر حديث أم زرع.
وقالت عائشة: قال لي
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1382.
(2) " الطبقات " 7 / 306.
(3) رقم (162) في الايمان: باب الاسراء برسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلاة.
(*)
(10/364)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة فكنت لك كأبي
زرع لام زرع ".
رواه مسلم (1)، عن الحلواني، عن أبي سلمة، فوقع لنا بدلا
بعلو درجتين.
أما:
94 - موسى بن إسماعيل * البجلي
الجبلي، فشيخ صادق معاصر للتبوذكي.
روى عن: يعقوب القمي، وإبراهيم بن سعد، وابن المبارك،
وجماعة.
روى عنه: أحمد بن سنان القطان، والحسن بن سهل المجوز،
وآخرون.
قال أبو حاتم: ليس به بأس (2).
وجبل: قرية من ناحية واسط.
95 - معلى بن منصور * *
(ع) الرازي العلامة الحافظ الفقيه أبو يعلى الحنفي، نزيل
بغداد ومفتيها.
__________
(1) رقم (2448) في فضائل الصحابة: باب ذكر حديث أم زرع.
* الجرح والتعديل 8 / 136، الانساب 3 / 182 - 183.
معجم البلدان 2 / 104.
(2) الجرح والتعديل 8 / 136.
* * طبقات ابن سعد 7 / 341، التاريخ الكبير 7 / 394،
التاريخ الصغير 2 / 323، الضعفاء للعقيلي لوحة 422، الجرح
والتعديل 3 / 334، الكامل لابن عدي لوحة 777، تاريخ بغداد
13 / 188 - 190، تذهيب التهذيب 4 / 56، تذكرة الحفاظ 1 /
377، ميزان الاعتدال 4 / 150 - 151، المغني في الضعفاء 2 /
670، العبر 1 / 357، الكاشف = (*)
(10/365)
ولد في حدود الخمسين ومئة.
وحدث عن: عكرمة بن إبراهيم الازدي، وسليمان بن بلال، وشريك
القاضي، وعبد الله بن جعفر المخرمي، ومالك بن أنس، وحماد
ابن زيد، وأبي عوانة، وخالد بن عبد الله، وهشيم، ويحيى بن
حمزة القاضي، وصدقة بن خالد، والليث بن سعد، وعمرو بن أبي
المقدام، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد الوارث، وأبي
أويس عبد الله بن عبد الله، وابن المبارك، والقاضي أبي
يوسف، وتفقه به مدة، وكتب عن خلق كثير، وأحكم الفقه
والحديث.
حدث عنه: أبو ثور الفقيه، ومحمد بن عبد الله المخرمي،
ومحمد ابن عبدالرحيم صاعقة، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن
الازهر، والفضل ابن سهل الاعرج، ومحمد بن يحيى الذهلي،
ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري في غير
" الصحيح "، ويعقوب ابن شيبة، وأبو قدامة السرخسي، وعباس
الدوري، وابن منصور الرمادي، والحسن بن مكرم، وخلق كثير.
قال أحمد: ما كتبت عنه شيئا (1).
وقال أيضا: كان يحدث بما وافق الرأي، وكان كل يوم يخطئ في
حديثين وثلاثة، فكنت أجوزه إلى عبيد بن أبي قرة في قطيعة
الربيع (2).
وقال محمد بن يوسف بن الطباع: سألت أحمد بن حنبل عن معلى
__________
= 3 / 164، تهذيب التهذيب 10 / 238، مقدمة الفتح 444،
طبقات الحفاظ: 160، خلاصة تذهيب الكمال 388، شذرات الذهب 2
/ 27، الفوائد البهية 215.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353.
(*)
(10/366)
الرازي، فسكت (1).
وقال أبو حاتم: قيل لاحمد بن حنبل: كيف لم تكتب عن المعلى
ابن منصور ؟ قال: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخل من أن
يكذب (2).
قال أبو زرعة: رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في
قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور كان يحتاج
إليها، وكان المعلى أشبه القوم - يعني أصحاب الرأي - بأهل
العلم، وذلك أنه كان طلابة للعلم، رحل وعني، فتصبر أحمد عن
تلك الاحاديث، ولم يسمع منها حرفا، وأما علي بن المديني،
وأبو خيثمة، وعامة أصحابنا، فسمعوا منه، المعلى صدوق (3).
وروى عثمان بن سعيد، عن ابن معين: ثقة (4).
وقال يحيى أيضا: إذا اختلف معلى وإسحاق بن الطباع في حديث
عن مالك، فالقول قول معلى.
معلى أثبت منه وخير منه (5).
__________
(1) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 777، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1353.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 334، والشروط: علم يبحث عن
كيفية ثبت الاحكام الثابتة عند القاضي في الكتب والسجلات
على وجه يصح الاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال، وموضوعه
تلك الاحكام من حيث الكتابة، وبعض مبادئه مأخوذ من الفقه،
وبعضها من علم الانشاء، وبعضها من الرسوم والعادات والامور
الاستحسانية، وهو من فروع الفقه من حيث كون ترتيب معانيه
موافقا لقوانين الشرع، وقد يجعل من فروع الادب باعتبار
تحسين الالفاظ.
والشروطي: هو الذي يتولى كتابة ذلك.
وقد صنف في هذا العلم مصنفات كثيرة، انظرها في " كشف
الظنون " 2 / 1046، وانظر " مفتاح السعادة " 1 / 272، و "
الانساب " 7 / 321.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 334، و " تاريخ بغداد " 13 /
189.
(5) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353.
(*)
(10/367)
قال عمران بن بكار القافلاني: حدثنا محمد بن إسحاق، وعباس
ابن محمد، قالا: سمعنا يحيى بن معين يقول: كان المعلى بن
منصور يوما يصلي، فوقع على رأسه كور الزنابير، فما التفت
ولا انفتل حتى أتم صلاته، فنظروا فإذا رأسه قد صار هكذا من
شدة الانتفاخ (1).
وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، وكان نبيلا طلبوه للقضاء غير
مرة، فأبى (2).
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة فيما تفرد به وشورك فيه، متقن
صدوق فقيه مأمون (3).
وقال ابن سعد: نزل بغداد، وطلب الحديث، وكان صدوقا، صاحب
حديث ورأي وفقه، فمن أصحاب الحديث من روى عنه، ومنهم
من لا يروي عنه، وكان ينزل الكرخ (4).
وقال أبو حاتم: كان صدوقا في الحديث، وكان صاحب رأي (5).
وقال أحمد بن كامل القاضي: كان معلى من كبار أصحاب أبي
يوسف، ومحمد، ومن ثقاتهم في النقل والرواية (6).
وقال أبو أحمد بن عدي: أرجو أنه لا بأس به، لاني لم أجد له
حديثا منكرا (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 189، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 190، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1353.
(4) " طبقات ابن سعد " 7 / 341.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 334.
(6) " تاريخ بغداد " 13 / 190، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353.
(7) " الكامل " لابن عدى 4 / لوحة 777.
(*)
(10/368)
وقال سهل بن عمار: كنت عند المعلى بن منصور، وإبراهيم بن
حرب النيسابوري في أيام خاض الناس في القرآن، فدخل علينا
إبراهيم بن مقاتل المروزي، فذكر للمعلى أن الناس قد خاضوا
في أمره، فقال: ماذا يقولون ؟ قال: يقولون: إنك تقول:
القرآن مخلوق.
فقال: ما قلت، ومن قال: القرآن مخلوق، فهو عندي كافر (1).
قلت: كان معلى صاحب سنة واتباع، وكان بريئا من التجهم.
قال ابن سعد وأحمد بن زهير: مات سنة إحدى عشرة ومئتين (2).
قلت: روى له الجماعة.
قال أبو داود في " سننه ": كان أحمد بن حنبل لا يروي عن
معلى، لانه كان ينظر في الرأي، ويحيى بن معين وغيره يوثقه.
وأما عبدالرحمن بن أبي حاتم، فغلط بلا ريب، فنقل عن أبيه
أنه قال: قيل لاحمد: كيف لم تكتب عن معلى ؟ فقال: كان
يكذب، وإنما الصواب ما قدمناه (3).
ومن مفردات معلى بن منصور في إسناد لا في متن ما رواه أبو
داود (4) له
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 188، و " تهذيب الكمال " لوحة
1353، 1354.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 341، و " تهذيب الكمال " لوحة
1354.
(3) وهو قوله في الصفحة 367: كان يكتب الشروط، ومن كتبها
لم يخل من أن يكذب.
وهو الذي نقله ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 /
334، ولم يرد فيه ما ذكره المصنف عنه، فلعله قال ذلك في
موضع آخر.
(4) برقم (2107) في النكاح: باب الصداق، وإسناده صحيح،
وأخرجه أحمد 6 / 427 من طريق إبراهيم بن إسحاق، عن عبد
الله بن المبارك به، وأخرجه النسائي 6 / 119، من طريق
العباس بن محمد الدوري، عن علي بن الحسين بن شقيق، عن عبد
الله ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم
حبيبة..، وأخرجه البيهقي 7 / 232 من طريق يعقوب بن سفيان،
عن عبد الله بن عثمان، عن عبد الله بن المبارك.
(*)
(10/369)
عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم
حبيبة، أن النجاشي زوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم،
فخالفه علي بن الحسن بن شقيق، فرواه عن ابن المبارك، فقال:
عن يونس، عن الزهري، عن عروة مرسلا (1).
أخبرنا سنقر بن عبد الله، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف،
أخبرنا عبد الحق اليوسفي، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا أبو
الحسن الحمامي،
حدثنا ابن قانع، حدثنا محمد بن شاذان، حدثنا معلى بن
منصور، حدثنا حاتم وأبو معاوية واللفظ له، عن هشام بن
عروة، عن أبيه، عن المسور، قال: وضعت سبيعة بعد وفاة زوجها
بأيام قلائل، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستأذنه في
النكاح، فأذن لها (2).
وأخبرنا يوسف بن أحمد وعبد الحافظ بن بدران قالا: أخبرنا
موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، وقرأت على أحمد
بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن إسحاق ببغداد، أخبرنا محمد بن
عبيدالله، وقرأت على عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن
الكندي، أخبرنا محمد بن عبد الله الخطيب قالوا: أخبرنا
محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا
عبد الله بن أبي داود، حدثنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليث،
عن هشام بن عروة، عن المسور بن مخرمة، أن سبيعة الاسلمية
توفي عنها زوجها وهي حبلى، فلم تمكث إلا ليالي حتى وضعت،
فلما فصلت خطبت، فاستأذنت رسول الله في النكاح حين وضعت،
فأذن لها، فنكحت.
__________
(1) " سنن أبي داود " (2108) عن الزهري، ولم يذكر عروة.
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 590 في الطلاق: باب عدة
المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا، عن هشام بن عروة، عن
أبيه، عن المسور..، وأخرجه من طريق مالك: البخاري 9 / 417،
وأحمد 4 / 327، والنسائي 6 / 190.
(*)
(10/370)
96 - عبد الله بن نافع الصائغ
* (م، 4) من كبار فقهاء المدينة.
بالغ القاضي عياض في تقريظه، وذكره في صدر كتاب " المدارك
" له، فقال (1): ولقد بعث سحنون في محمد بن
رزين، وقد بلغه أنه يروي عن عبد الله بن نافع، فقال له:
أنت سمعت من ابن نافع ؟ فقال: أصلحك الله إنما هو الزبيري
وليس بالصائغ، فقال له: فلم دلست ؟ ثم قال سحنون: ماذا
يخرج بعدي من العقارب ؟ ! فقد رأى سحنون وجوب بيانهما، وإن
كانا ثقتين إمامين، حتى لا تختلط رواياتهما، فإن الصائغ
أكبر وأقدم وأثبت في مالك لطول صحبته له، وهو الذي خلفه في
مجلسه بعد ابن كنانة، وهو الذي يحكي عنه يحيى بن يحيى (2)
وسحنون، ويرويان عنه، ولم يسمع منه سحنون سماعه وإنما سمعه
من أشهب كما نذكره بعد.
ووفاته سنة ست وثمانين ومئة.
قلت: هذا قد قيل في وفاته، والاصح ما سنذكره بعد فيها.
قال (3): ومات الزبيري سنة ست عشرة ومئتين، وهو شيخ ابن
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 438، التاريخ الكبير 5 / 213، وفيه:
الصانع بدل الصائغ.
التاريخ الصغير: 2 / 309، المجروحين والضعفاء 2 / 20 - 21،
الجرح والتعديل 5 / 183، الكامل لابن عدي لوحة: 426، ترتيب
المدارك 1 / 356 - 358، تهذيب الكمال لوحة: 748، تذهيب
التذهيب 2 / 191 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 513 - 514، العبر
1 / 349، الكاشف 2 / 136، المغني في الضعفاء 1 / 360،
الديباج المذهب 1 / 409، 410، تهذيب التهذيب 6 / 51 - 52،
خلاصة تذهيب الكمال 216، شذرات الذهب 2 / 15، شجرة النور 1
/ 55.
(1) النص بطوله في " ترتيب المدارك " 1 / 47، 48.
(2) هو يحيى بن يحيى الليثي صاحب الرواية المشهورة
المتداولة في الشرق والغرب للموطأ.
وسترد ترجمته في الصفحة 519 من هذا الجزء.
(3) القائل: القاضي عياض.
(*)
(10/371)
حبيب، وسعيد بن حسان، وكثيرا ما تختلط روايتهم عند
الفقهاء، حتى لا علم عند أكثرهم بأنهما رجلان، وربما جاءت
رواية أحدهما مخالفة لرواية الآخر، فيقولون: في ذلك اختلاف
عن ابن نافع.
وقد وهم فيهما عظيم من شيوخ الاندلسيين بعد أن فرق بينهما،
لكنه زعم (1) أن أحدهما ولد نافع مولى ابن عمر، وإنما عبد
الله بن نافع العمري شيخ قديم يذكر مع ابن أبي ذئب ونحوه.
قلت: وعبد الله الصائغ حديثه مخرج في الكتب الستة سوى "
صحيح البخاري " وهو من موالي بني مخزوم.
ولد سنة نيف وعشرين ومئة.
وحدث عن: محمد بن عبد الله بن حسن الذي قام بالمدينة وقتل
(2)، وأسامة بن زيد الليثي، ومالك بن أنس، وابن أبي ذئب،
وسليمان بن يزيد الكعبي صاحب أنس، وكثير بن عبد الله بن
عوف، وداود بن قيس الفراء، وخلق سواهم.
وليس هو بالمتوسع في الحديث جدا، بل كان بارعا في الفقه.
حدث عنه: محمد بن عبد الله بن نمير، وأحمد بن صالح، وسحنون
بن سعيد، وسلمة بن شبيب، والحسن بن علي الخلال، ويونس ابن
عبدالاعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والزبير بن
بكار، وأحمد بن الحسن الترمذي، وعدة.
__________
(1) إلى هنا النقل عن " ترتيب المدارك " وما بعد ذلك يختلف
عما هنا، ففيه: زعم أن صاحب السماع هو الزبيري، وأنه
المذكور في العتبية.
(2) انظر خبر قيامه، في " تاريخ الطبري " 7 / 552، و "
الكامل " لابن الاثير 5 / 529، وقد طول المؤلف ترجمته في
الجزء السادس من هذا الكتاب ص 210.
(*)
(10/372)
روى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال: كان صاحب رأي مالك،
وكان يفتي أهل المدينة، ولم يكن صاحب حديث، كان ضيقا فيه
(1).
وقال يحيى بن معين: ثقة (2).
وقال البخاري: تعرف وتنكر (3).
وقال أبو حاتم: هو لين في حفظه، وكتابه أصح (4).
وقال النسائي: ليس به بأس (5).
وقال ابن عدي: روى عن (6) مالك غرائب (7).
وقال ابن سعد: كان قد لزم مالكا لزوما شديدا، ثم قال: وهو
دون معن، قال: وتوفي في شهر رمضان سنة ست ومئتين (8).
قلت: فهذا الصواب في وفاته، وما عداه، فوهم وتصحيف.
وقد أخطأ الامام أبو أحمد بن عدي في ترجمته خطأ لا يحتمل
منه، وذلك أنه لم يرو في ترجمته سوى حديث واحد، فساقه
بإسناده، إلى عبد الوهاب بن بخت المكي، عن عبد الله بن
نافع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكر حديثا، ثم إنه قال
(9): وإذا روى عن عبد الله مثل عبد الوهاب
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 184، و " تهذيب الكمال " لوحة
748.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 184.
(3) " التاريخ الكبير " 5 / 213 ونصه فيه: " يعرف حفظه
وينكر وكتابه أصح ".
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 184.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 748.
(6) في الاصل: " عنه " وهو خطأ.
(7) " الكامل " لابن عدي: 3 / لوحة 446.
(8) " الطبقات الكبرى " 5 / 438.
(9) في " كامله " 3 / لوحة 446.
(*)
(10/373)
ابن بخت، يكون ذلك دليلا على جلالته، وهو من رواية الكبار
عن الصغار.
قلت: من أين يمكن أن يروي عبد الله بن نافع الصائغ عن
هشام، ولم يأخذ عن أحد حتى مات هشام ؟ ومن أين يمكن أن
يحدث عبد الوهاب عن الصائغ، وإنما ولد الصائغ بعد موت عبد
الوهاب بأعوام عديدة ؟ وإنما عبد الله بن نافع المذكور في
الحديث مولى ابن عمر، مات قديما في دولة أبي جعفر المنصور.
فأما:
97 - عبد الله بن نافع الزبيري
* (س، ق) فهو حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام
بن خويلد بن أسد، القرشي الاسدي المدني الذي يعرف بعبد
الله بن نافع الصغير.
روى عن: أخيه عبد الله بن نافع الكبير، وعن مالك، وعبد
العزيز ابن أبي حازم.
روى عنه: محمد بن يحيى الذهلي، وهارون الحمال، ويعقوب بن
شيبة، وعباس الدوري، وأحمد بن المعذل الفقيه، وأبو عتبة
الحمصي، وآخرون.
قال يحيى بن معين: صدوق (1).
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 439، التاريخ الكبير 5 / 213 - 214،
التاريخ الصغير 2 / 337، الجرح والتعديل 5 / 184، جمهرة
نسب قريش 95، ترتيب المدارك 1 / 365 - 367، تهذيب الكمال
لوحة 747، تذهيب التهذيب 2 / 191 / 2، الكاشف 2 / 136،
ميزان
الاعتدال 2 / 514، العبر 1 / 369، الديباج المذهب 1 / 411،
تهذيب التهذيب 6 / 50، خلاصة تذهيب الكمال 216، شذرات
الذهب 2 / 36، شجرة النور 1 / 56.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 184.
(*)
(10/374)
وقال البخاري: أحاديثه معروفة (1).
قال ابن عمه الزبير (2): كان المنظور إليه من قريش
بالمدينة في هديه وفقهه وعفافه، وكان يسرد الصوم.
قال: وتوفي [ في ] المحرم سنة ست عشرة ومئتين وهو ابن
سبعين سنة.
وكذا ورخ البخاري وفاته (3)، وهي بعد وفاة الصائغ بعشرة
أعوام، خرج له النسائي وابن ماجه.
حديث للصائغ: أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا عبدالمعز بن
محمد إجازة، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد
الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا محمد بن أحمد
بن نعيم، حدثنا أبو سلمة يحيى ابن المغيرة المخزومي، حدثنا
عبد الله بن نافع، عن عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار،
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل
مسكر حرام، وكل مسكر خمر " (4).
هذا حديث من الافراد، وعبد الله هذا هو الصائغ، ورد
منسوبا، والله أعلم.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 5 / 214.
(2) أي الزبير بن بكار في كتابه " جمهرة نسب قريش " ص 96.
(3) في " تاريخه الكبير " 5 / 214.
(4) حديث صحيح، وهو من حديث ابن عمر عند مسلم (2003)، وأبي
داود
(3679)، والترمذي (1861)، وأحمد 2 / 16، و 21 و 29 و 134 و
137، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 4 / 215، 216،
والدارقطني 4 / 248 و 249، والبيهقي 8 / 293، وابن ماجه
(3390)، وابن الجارود (857) و (859).
(*)
(10/375)
98 - دينار * أبو مكيس الحبشي
الاسود المعمر.
زعم أنه مولى لانس بن مالك، وحدث عنه.
روى عنه: محمد بن موسى البربري، وأحمد غلام خليل، وعبد
الله ابن محمد بن ناجية، وعيسى بن يعقوب الزجاج، ومحمد بن
أحمد القصاص شيخ للطبراني، وغيرهم، وهو غير مأمون.
مات سنة تسع وعشرين ومئتين.
قال ابن عدي في " كامله " (1): منكر الحديث ذاهبه، شبه
مجهول.
قلت: يغلب على ظني أنه كذاب، ما لحق أنسا أبدا.
99 - عبد الله بن رجاء * * (خ،
س، ق) الامام المحدث الصادق، أبو عمر الغداني (2)
البصري، ويقال: كنيته أبو عمرو، واختلف في اسم جده، فقيل:
مثنى، وقيل: عمر.
__________
* المجروحين والضعفاء 1 / 295، الكامل لابن عدي لوحة: 262،
تاريخ بغداد 8 / 381، 382، ميزان الاعتدال 2 / 30 - 31،
المغني في الضعفاء 1 / 224، لسان الميزان 2 / 434 - 435.
(1) 2 / لوحة 262.
* * طبقات خليفة ت (1961)، التاريخ الكبير 5 / 91، الجرح
والتعديل 5 / 55، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 267، المعجم
المشتمل (153)، تهذيب الكمال لوحة (680) تذهيب
التهذيب 2 / 143 - 144 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 421،
المغني في الضعفاء 2 / 338، العبر 1 / 380، تذكرة الحفاظ 1
/ 404، الكاشف 2 / 85، دول الاسلام 1 / 133، تهذيب التهذيب
5 / 208، مقدمة فتح الباري 411، خلاصة تذهيب الكمال (197).
(2) نسبة إلى غدانة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة
بن تميم.
انظر " الانساب " 9 / 127.
(*)
(10/376)
روى عن: شعبة، وإسرائيل، وعاصم بن محمد بن زيد، وهمام،
وعكرمة بن عمار، وعمران بن داور القطان، وشيبان النحوي،
وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام، وحرب بن شداد، وجرير بن
أيوب، وحماد بن سلمة، والمسعودي، وخلق كثير.
روى عنه: البخاري، وأبو حاتم السجستاني، وخليفة بن خياط،
وأبو بكر الاثرم، ورجاء بن مرجى، وأبو قلابة الرقاشي،
وعثمان الدارمي، وأبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز، ومحمد بن
الاشعث أخو أبي داود - ولم يلقه أبو داود - ومحمد بن يحيى
الذهلي، وهلال بن العلاء، وابن وارة، ومحمد ابن معاذ دران
(1)، وأبو خليفة الجمحي، ومعاذ بن المثنى، وأمم سواهم.
روى عثمان بن سعيد، عن يحيى بن معين قال: كان شيخا صدوقا،
لا بأس به (2).
وقال أبو حاتم: سئل أبو زرعة عنه، فقال: حسن الحديث عن
إسرائيل، وجعل يثني عليه، وقال أبو حاتم: كان ثقة رضى (3).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا
أبو بكر الانصاري، حدثنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو بكر
القطيعي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن
رجاء، حدثنا شيبان، عن منصور،
عن عبيدالله بن علي بن عرفطة السلمي، عن خداش أبي سلامة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " أوصي امرءا بأمه،
أوصي امرءا بأبيه، أوصي امرءا بمولاه
__________
(1) في الاصل: " درائي "، وهو أبو بكر محمد بن معاذ بن
سفيان بن المستهل العنزي البصري ثم الحلبي، المتوفى سنة
294، وسيترجمه المؤلف في الجزء الثالث عشر برقم (269).
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 55.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 55.
(*)
(10/377)
الذي يليه، وإن كان عليه منه أذاة تؤذيه " (1).
ويقع لي حديثه في جزء ابن نجيد (2) بعلو.
وقال علي بن المديني: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين
أبي عمر الحوضي (3)، وعبد الله بن رجاء (4).
وقال النسائي: ليس به بأس (5).
وقال عمرو بن علي: صدوق، كثير الغلط والتصحيف، ليس بحجة
(6).
قلت: قد احتج به البخاري في " صحيحه " (7)، وأخرج له
النسائي وابن ماجة.
__________
(1) إسناده ضعيف لجهالة عبيدالله بن علي بن عرفطة، وباقي
رجاله ثقات، وهو في " المسند " 4 / 311، وابن ماجه (3657)،
والمستدرك 4 / 150، وفي الباب ما يشهد له عن معاوية بن
حيدة عند أحمد 5 / 3 و 5، وأبي داود (5139)، والترمذي
(1898)، والبخاري في " الادب المفرد " (3) بلفظ: قلت: يا
رسول الله، من أبر ؟ قال: " أمك " قلت: من أبر ؟ قال: "
أمك " قلت: من أبر ؟ قال: " أمك " قلت: من أبر ؟ قال: "
أباك، ثم الاقرب فالاقرب ".
وسنده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم 4 / 150، ووافقه
الذهبي.
وعن كليب بن منفعة عند أبي داود (5140)، والبخاري في "
الادب المفرد " (47) بلفظ: قال جدي: يا رسول الله، من أبر
؟ قال: " أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق
واجب، ورحم موصولة ".
وسنده حسن في الشواهد.
وعن أبي رمثة عند أحمد، 2 / 226، والحاكم 4 / 150، 151.
(2) تقدم التعريف به في الصفحة 162 من هذا الجزءت (2).
(3) نسبة إلى " الحوض " موضع بالبصرة، انظر " الانساب " 4
/ 271، و " معجم البلدان " 2 / 320.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 680.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 680.
(6) " الجرح والتعديل " 5 / 55، و " تهذيب الكمال " لوحة
680.
(7) قال الحافظ في " المقدمة " 411: قد لقيه البخاري، وحدث
عنه بأحاديث يسيرة، وروى أيضا عن محمد عنه أحاديث أخرى.
(*)
(10/378)
قيل: مات في آخر ذي الحجة سنة تسع عشرة ومئتين.
وقال مطين وغيره: سنة عشرين، فقيل: في المحرم منها (1).
ثم إن البخاري قد روى عن محمد غير منسوب عنه (2)، فكان
محمدا الذهلي.
100 - عبد الله بن رجاء * (م،
د، س، ق) الامام أبوعمران البصري ثم المكي، عالم،
صاحب حديث، من أقران وكيع، جهته مع الغداني.
حدث عن: عبد الله بن عثمان بن خثيم، وعبيدالله بن عمر،
وإسماعيل بن أمية، وأيوب السختياني، وموسى بن عقبة، وهشام
بن
حسان، وابن جريج، وجعفر الصادق، ويونس بن يزيد، وعبد الملك
بن أبي سليمان، وطائفة، وينزل إلى شريك ومالك.
وعنه: أحمد بن حنبل، وسريج بن يونس، وابن معين،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 680.
(2) 6 / 363: باب ما ذكر عن بني إسرائيل: حديث أبرص وأقرع
وأعمى.
قال الجياني: لم ينسبه أحد من الرواة، ولعله محمد بن يحيى
الذهلي.
قال الحافظ في المقدمة " ص 232: قد جوز أن يكون الذهلي أبو
ذر الهروي في روايته، فقال: يشبه أن يكون محمدا هذا هو
الذهلي، وقد سمع البخاري من عبد الله بن رجاء، ولكن هذا
الحديث عنده عن محمد، عن عبد الله بن رجاء، ثم ذكره بسنده،
عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عبد الله بن رجاء، وكذلك ساقه
أبو نعيم في " مستخرجه " من طريق الذهلي عن عبد الله بن
رجاء.
* تاريخ ابن معين 306، طبقات ابن سعد 5 / 500، التاريخ
الكبير 5 / 91، التاريخ الصغير 2 / 336، المعرفة والتاريخ
3 / 52، الجرح والتعديل 5 / 54، تهذيب الكمال لوحة (681)،
تذهيب التهذيب 2 / 144 / 1، الكاشف 2 / 85، العقد الثمين 5
/ 136 - 137، تهذيب التهذيب 5 / 211، طبقات الحفاظ (172)،
خلاصة تذهيب الكمال (197).
(*)
(10/379)
والقواريري، ومحمد بن يحيى العدني، وهشام بن عمار، وصدقة
بن الفضل، وزيد بن الحريش، وسويد بن سعيد، وإسحاق بن
راهويه، وعمرو الناقد، وهارون بن إسحاق، وخلق كثير.
قال الاثرم: سمعت أحمد ذكره، فحسن أمره (1).
وروى الميموني عن أحمد قال: رأيته سنة سبع وثمانين ومئة
(2).
وقال يحيى بن معين: ثقة (3).
وقال أبو حاتم: صدوق (4).
وقال النسائي: عبد الله بن رجاء اثنان: المكي والبصري، ليس
بهما بأس (5).
وقال ابن سعد: ثقة، كثير الحديث، بصري سكن مكة وبها مات
(6).
قلت: مات بعد التسعين ومئة، أرى.
101 - محمد بن كثير * (د، ت،
س) ابن أبي عطاء، الامام المحدث، أبو يوسف
الصنعاني، ثم المصيصي.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 54.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 681.
(3) " تاريخ يحيى بن معين ": 306.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 55.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 681.
(6) " طبقات ابن سعد " 5 / 500.
* طبقات ابن سعد 7 / 489، طبقات خليفة ت (3057)، التاريخ
الكبير 1 / 218، = (*)
(10/380)
حدث عن: الاوزاعي، وسمع منه ببيروت، وعن معمر، وعبد الله
ابن شوذب، وحماد بن سلمة، وزائدة بن قدامة، وجماعة.
حدث عنه: الحسن بن الربيع البوراني، وأبو عبيد القاسم بن
سلام، وشهاب بن عباد العبدي، وأبو عمير بن النحاس، ومحمد
بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عوف الطائي، وعباس الترقفي،
ويوسف بن مسلم، ومحمد بن الهيثم قاضي عكبرا، والحسن بن
الصباح البزار، وفهد بن
سليمان الدلال، وعدة.
قال أبو جعفر العقيلي: هو من صنعاء دمشق (1).
وذكر هبة الله بن الاكفاني أنه من مصيصة دمشق، وليس بشئ،
فإنه كان مرابطا بثغر الشام بمدينة المصيصة، وحديثه عال في
" الغيلانيات ".
وأما خليفة، فقال: هو من أهل صنعاء، ونشأ بالشام، وسكن
المصيصة (2).
وقال البخاري (3): هو مولى لثقيف، روى عن معمر والاوزاعي،
= التاريخ الصغير 2 / 336، المعرفة والتاريخ 1 / 201،
الضعفاء للعقيلي لوحة (396)، الجرح والتعديل 8 / 69، تهذيب
الكمال لوحة (1261)، ميزان الاعتدال 4 / 18 - 20، المغني
في الضعفاء 2 / 626 - 627، الكاشف 3 / 91، العبر 1 / 370،
تهذيب التهذيب 9 / 415، خلاصة تذهيب الكمال (357)، شذرات
الذهب 2 / 38.
(1) وهي قرية على باب دمشق دون المزة مقابل مسجد خاتون.
انظر " معجم البلدان " 3 / 429.
(2) " طبقات خليفة ": 318.
والمصيصة: قرية من قرى دمشق بالقرب من بيت لهيا.
كما في " معجم البلدان " 5 / 145 (3) في " تاريخه الكبير "
1 / 218.
(*)
(10/381)
أصله من ناحية اليمن، ضعفه أحمد، وقال: بعث إلى اليمن،
فأتى بكتاب، فرواه، مات سنة ست عشرة ومئتين.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم: حدثنا الحسن بن الربيع، قال: محمد بن كثير
المصيصي اليوم أوثق الناس، ينبغي أن يرحل إليه، قد كان
يكتب عنه في حياة أبي إسحاق الفزاري، وكان يعرف بالخير منذ
كان (1).
روى غير واحد عن محمد بن كثير، عن الاوزاعي قال: كان عندنا
ببيروت صياد، يخرج يوم الجمعة يصطاد، ولا يمنعه مكان
الجمعة، فخرج يوما، فخسف به وببغلته (2)، فلم يبق منها إلا
أذناها وذنبها.
قال ابن سعد: يذكرون أن محمد بن كثير الصنعاني اختلط في
آخر عمره (3).
محمد بن عوف: سمعت محمد بن كثير ينشد: بني كثير كثير
الذنوب * ففي الحل والبل من كان سبه بني كثير دهته اثنتان
* رياء وعجب يخالطن قلبه بني كثير أكول نؤوم * وما ذاك من
فعل من خاف ربه بني كثير يعلم علما * لقد أعوز الصوف من جز
كلبه قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن محمد بن كثير،
فقال: دفع إليه كتاب الاوزاعي، وفي كل حديث: حدثنا محمد بن
كثير - اسمه - فقرأه
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 69.
(2) في الاصل: " ببلغته ".
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 489.
(*)
(10/382)
إلى آخره يقول: حدثنا محمد بن كثير عن الاوزاعي (1).
قلت: هذا هو التدميغ، وبكل حال، فيكتب حديثه، أما الحجة به
فلا تنهض.
وقد توفي رحمه الله في تاسع عشر ذي الحجة سنة ست عشرة
ومئتين.
وفي الرواة: محمد بن كثير القرشي الكوفي (2) شيخ لين، يروي
عن ليث بن أبي سليم وغيره، لكن قواه ابن معين (3).
ومحمد بن كثير السلمي البصري القصاب (4): يروي عن عبد الله
بن طاووس، وجماعة، ضعفوه.
102 - محمد بن كثير * (ع)
الحافظ الثقة أبو عبد الله العبدي البصري.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 69، 70.
(2) مترجم في: تاريخ ابن معين: 536، التاريخ الكبير 1 /
217، الضعفاء للعقيلي: لوحة 396، الجرح والتعديل 8 / 68،
المجروحين والضعفاء 2 / 287، تاريخ بغداد 3 / 191 - 193،
ميزان الاعتدال 4 / 17، 18، المغني في الضعفاء 2 / 626.
وذكره الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب 9 / 419، ولسان
الميزان 5 / 351، 352.
(3) انظر " تاريخ ابن معين ": ص 536.
(4) مترجم في: التاريخ الكبير 1 / 218، الضعفاء الصغير: ص
105، الضعفاء للعقيلي: لوحة 396، الجرح والتعديل 8 / 70،
المجروحين والضعفاء 2 / 287، ميزان الاعتدال 4 / 17،
المغني في الضعفاء 2 / 626، وذكره الحافظ ابن حجر في
تهذيبه 9 / 419 تمييزا، ولسان الميزان 5 / 351.
* طبقات ابن سعد 7 / 305، طبقات خليفة ت: 1951، التاريخ
الكبير: 1 / 218، التاريخ الصغير 2 / 349، الجرح والتعديل
8 / 70، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 448، المعجم المشتمل
268، تهذيب الكمال لوحة 1261، ميزان الاعتدال 4 / 18،
الكاشف 3 / 91، العبر 1 / 388، المغني في الضعفاء 2 / 627،
تهذيب التهذيب 9 / 416، خلاصة تذهيب الكمال 357، شذرات
الذهب 2 / 52.
(*)
(10/383)
حدث عن: أخيه سليمان بن كثير - وهو أكبر منه بخمسين سنة،
لقي الزهري والكبار - وحدث محمد أيضا عن: شعبة، وسفيان
الثوري، وإسرائيل، وهمام بن يحيى، وجماعة سواهم.
وكان صاحب حديث ومعرفة، سمع بالبصرة وبالكوفة، وطال عمره،
وحديثه مخرج في الصحاح كلها.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه " (1)، وأبو داود في " سننه
"، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد بن حميد، وعبد الله
الدارمي، ومعاذ بن المثنى، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبو
مسلم الكجي، وأبو خليفة الجمحي، وعدد كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
وقال البخاري: مات في سنة ثلاث وعشرين ومئتين (3).
وقال أبو حاتم البستي: روى لنا الفضل بن الحباب عنه، وكان
تقيا فاضلا يخضب، عاش تسعين سنة (4).
وروى ابن الجنيد الختلي عن يحيى بن معين قال: لم يكن
يستأهل أن يكتب عنه.
قلت: الرجل ممن طفر القنطرة، وما علمنا له شيئا منكرا يلين
به، ولا ريب أن أبا الوليد أحفظ منه وأرفع.
__________
(1) قال الحافظ في " المقدمة " 441: روى عنه البخاري ثلاثة
أحاديث.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 70.
(3) " التاريخ الكبير " 1 / 218.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1261.
(*)
(10/384)
103 - محمد بن كثير * ابن مروان الفهري،
شيخ شامي واه، نزل بغداد.
وحدث عن: إبراهيم بن أبي عبلة، والاوزاعي، والليث.
وعنه: حامد بن شعيب، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم
البغوي.
قال ابن معين: لم يكن ثقة.
وقال ابن عدي: روى بواطيل.
وقال الازدي: متروك (1).
قلت: توفي قريبا من سنة عشرين ومئتين.
104 - العوقي * * (خ،
د، ت، ق) الامام الحافظ، أبو بكر محمد بن سنان الباهلي
البصري، العوقي.
والعوقة: حي نزل فيهم، وهم بطن من الازد (2).
حدث عن: إبراهيم بن طهمان، وجرير بن حازم، وفليح بن
__________
* الجرح والتعديل 8 / 70، تاريخ بغداد 3 / 193، 194، ميزان
الاعتدال 4 / 20، المغني في الضعفاء 2 / 627، لسان الميزان
5 / 352، 353.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 194.
* * التاريخ الكبير 1 / 108، التاريخ الصغير 2 / 350،
الجرح والتعديل 7 / 279، الاكمال 6 / 315، الجمع بين رجال
الصحيحين 2 / 459، الانساب 9 / 91، المعجم المشتمل 243،
تهذيب الكمال لوحة 1205، تذهيب التهذيب 3 / 208 / 2،
الكاشف 3 / 50، العبر 1 / 388، تهذيب التهذيب 9 / 304،
خلاصة تذهيب الكمال 338، شذرات الذهب 2 / 52.
(2) انظر " الانساب " للسمعاني 9 / 91.
(*)
(10/385)
سليمان، وهمام بن يحيى، ويزيد بن إبراهيم التستري، وسليم
بن حيان، ونافع بن عمر الجمحي، وعدة.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وروى الترمذي وابن ماجة عن
رجل عنه، وأبو قلابة الرقاشي، وإسماعيل سمويه، وحفص بن عمر
الرقي سنجه، وعثمان بن خرزاذ، وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.
يقع لنا من عواليه.
وثقه يحيى بن معين.
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
قال ابن أبي عاصم وغيره: توفي سنة ثلاث وعشرين ومئتين (2).
قلت: مات في عشر التسعين.
يقع لي من عواليه بسند فيه إجازة.
105 - ابن الطباع *
(خت، د، س، ق) محمد بن عيسى بن نجيح، الحافظ الكبير الثقة،
أبو جعفر بن الطباع البغدادي، أخو الحافظ الامام، إسحاق بن
عيسى، ويوسف بن عيسى، تحول إلى الشام، ورابط بأذنة من بلاد
الثغور.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 279.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1206.
* التاريخ الكبير 1 / 203، الجرح والتعديل 8 / 38، تاريخ
بغداد 2 / 395، 396، الانساب 8 / 196، تاريخ دمشق 15 /
426، المعجم المشتمل 266، اللباب 2 / 272 تهذيب الكمال
لوحة 1255، تذكرة الحفاظ 1 / 411، العبر 1 / 392، الكاشف 3
/ 87 تهذيب التهذيب 9 / 392، خلاصة تذهيب الكمال 355،
شذرات الذهب 2 / 55.
(*)
(10/386)
وحدث عن: مالك، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، وجويرية بن
أسماء، وقزعة بن سويد، وشريك بن عبد الله، وعبد الرحمن بن
أبي الموال، وأبي غسان محمد بن مطرف، وهشيم وهو أعلم الناس
به، وسلام ابن أبي مطيع، وإبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن
عياش، وابن المبارك، وعمرو بن أبي المقدام، ومجمع بن
يعقوب، ومطر بن عبدالرحمن الاعنق، وعبد المؤمن بن عبيد
الله السدوسي، وعباد بن عباد، وابن عيينة، وحجاج الاعور،
وخلق كثير.
وعنه: أبو داود، وعلق له البخاري، ومحمد بن يحيى الذهلي،
وعبد الله الدارمي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وطالب بن
قرة الاذني، وعبد الكريم الديرعاقولي، وأبو حاتم، ومحمد بن
إسماعيل الترمذي، وابن أخيه محمد بن يوسف، وأحمد بن خليد
الحلبي، وأحمد بن عبدالرحيم الحوطي، وأحمد بن عبد الوهاب،
وخلق سواهم.
وكان من مشايخ الاسلام، ذكره أحمد بن حنبل، فقال: لبيب كيس
(1).
وقال الاثرم عن أحمد بن حنبل وذكر حديث هشيم عن ابن شبرمة،
عن الشعبي في الذي يصوم في كفارة ثم يوسر، قال: لا أراه
سمعه من ابن شبرمة، قيل لابي عبد الله عن أبي جعفر محمد بن
عيسى: إنه يقول فيه: قال: أخبرنا ابن شبرمة.
فكأنه تعجب، فقلت لاحمد: [ ألا ] إن أبا جعفر عالم بهذا،
قال: نعم، أبو جعفر كيس فهم (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 395، وفيه: فقال: إن ابن الطباع
لثبت كيس.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 395، و " تهذيب الكمال " لوحة
1255، 1256.
(*)
(10/387)
وقال علي بن المديني: رأيت يحيى بن سعيد وعبد الرحمن
يسألانه عن حديث هشيم - يعني أبا جعفر - قال: وما أعلم
أحدا أعلم به منه (1).
وقال أبو حاتم: سمعت محمد بن عيسى يقول: اختلف عبدالرحمن
وأبو داود في حديث هشيم، فقال أحدهما: كان يدلسه، وقال
الآخر: هو سماع.
فتراضيا بي، فأخبرتهما بما عندي، فاقتصرا عليه (2).
وقال أبو حاتم أيضا: حدثنا محمد بن الطباع الثقة المأمون،
ما رأيت من المحدثين أحفظ للابواب منه (3).
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن ابني الطباع، فقال: محمد
أحب إلي، وكان إسحاق أجل ومحمد أتقن (4).
وقال أبو داود: سمعت محمد بن بكار بن الريان يقول: محمد بن
عيسى أفضلهما.
ثم قال أبو داود: كان محمد يتفقه، وكان يحفظ نحوا من
أربعين ألف حديث، وكان ربما دلس (5).
وقال النسائي وغيره: ثقة (6).
قال ابن حبان: كان من أعلمهم بهشيم، كان يحيى وابن مهدي
يسألانه عن حديث هشيم (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 395، 396، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1256.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 396، وهو فيه عن محمد بن إدريس
الحنظلي قال: سمعت محمد بن عيسى.
و " تهذيب الكمال " لوحة 1256.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 39.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 38، 39.
(5) " تاريخ بغداد " 2 / 396، و " تهذيب الكمال " لوحة
1256.
(6) " تاريخ بغداد " 2 / 396، و " تهذيب الكمال " لوحة
1256.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 1256.
(*)
(10/388)
مات سنة أربع وعشرين ومئتين بالثغور.
106 - الاويسي * الامام
الحجة، وأبو القاسم، عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن
عمرو ابن أويس بن سعد بن أبي سرح، القرشي العامري الاويسي
المديني، من نبلاء الرجال.
حدث عن: عبد العزيز الماجشون، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير،
ونافع بن عمر الجمحي، ومالك بن أنس، وعبد الله بن جعفر
المخرمي، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وابن لهيعة،
وسليمان بن بلال، وإبراهيم ابن سعد، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، وروى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه له
بواسطة، وهارون الحمال، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد الله
بن أبي زياد القطواني (1)، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد
الله بن شبيب، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وآخرون.
وثقه أبو داود وغيره، لم أظفر له بوفاة، وبقي إلى حدود
العشرين ومئتين، لم يلحقه مسلم.
__________
* التاريخ الكبير 6 / 13، الجرح والتعديل 5 / 387، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 311، المعجم المشتمل 172، تهذيب
الكمال لوحة 841، تذهيب التهذيب 2 / 242 / 2، ميزان
الاعتدال 2 / 630، الكاشف 2 / 200، المغني في الضعفاء 2 /
398، تهذيب التهذيب 6 / 345، 346، خلاصة تذهيب الكمال 240.
(1) قال السمعاني في " الانساب " 10 / 196: نسبة إلى
قطوان: موضع بالكوفة، ولعله اسم رجل أو قبيلة نزلت هذا
الموضع، فنسب الموضع إليهم.
(*)
(10/389)
107 - الصوري
* (ع) الامام العابد الحافظ الحجة الفقيه، مفتي دمشق، أبو
عبد الله، محمد بن المبارك بن يعلى، القرشي الصوري
القلانسي.
سمع سعيد بن عبد العزيز، ومالك بن أنس، ومعاوية بن سلام،
وصدقة بن خالد، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، ويحيى
بن حمزة، وطائفة.
حدث عنه: يحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو محمد
الدارمي، ومحمد بن عوف، وعباس الترقفي، ويوسف بن سعيد بن
مسلم، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو الوليد محمد بن أحمد بن
برد، ويزيد بن عبد الصمد وعدة.
قال يحيى بن معين: كان شيخ البلد، يفتي دمشق بعد أبي مسهر
(1).
وقال أحمد العجلي: ثقة (2).
وقال أبو داود: كان رجل الشام بعد أبي مسهر (3).
وقال ابن أبي حاتم: كان ثقة (4).
__________
* التاريخ الكبير 1 / 241، التاريخ الصغير 2 / 232، تاريخ
دمشق لابي زرعة 1 / 282، الجرح والتعديل 8 / 104، الانساب
8 / 104، اللباب 2 / 250، تهذيب الكمال لوحة 1262، تذكرة
الحفاظ 1 / 386، 387، العبر 1 / 367، الكاشف 3 / 92، عيون
التواريخ 7 / الورقة 306، 307، تهذيب التهذيب 9 / 423،
طبقات الحفاظ 165، خلاصة تذهيب الكمال: 357.
(1) تاريخ أبي زرعة 1 / 282، وتاريخ الفسوي 1 / 200، و "
تهذيب الكمال " لوحة 1262، و " عيون التواريخ " 7 / لوحة
307.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1262.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1262.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 104.
(*)
(10/390)
قلت: خرجوا له في الدواوين الستة.
قال محمد بن العباس بن الدرفس: سمعته يقول: اعمل لله، فإنه
أنفع لك من العمل لنفسك.
وعنه قال: علامة الحب لله المراقبة للمحبوب، والتحري
لمرضاته.
وعنه قال: كذب من ادعى المعرفة ويده ترعى في قصاع
المكثرين، من وضع يده في قصعة غيره، ذل له.
وعنه: اتق الله تقوى لا تطلع عليه نفسك، فتسلط الآفة على
قلبك.
قال أبو زرعة: شهدت جنازة محمد بن المبارك في شوال سنة خمس
عشرة ومئتين، فصلى عليه أبو مسهر بباب الجابية، وجعل يثني
عليه (1).
قال الكلاباذي: روى البخاري في الجهاد عن إسحاق عنه، وقال
ابن معين: يحفظ الاسناد.
108 - إسماعيل بن أبي أويس
* (خ، م) عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي
عامر، الامام الحافظ
__________
(1) " تاريخ أبي زرعة " 1 / 282.
* التاريخ الكبير 1 / 364، التاريخ الصغير 2 / 354،
الضعفاء والمتروكين للنسائي: 18، الضعفاء للعقيلي لوحة 30،
الجرح والتعديل 2 / 180، الكامل لابن عدي لوحة 30، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 25، ترتيب المدارك 1 / 369، 370،
المعجم المشتمل (81)
تهذيب الكمال لوحة 105، 106، تذهيب التهذيب 1 / 64 / 1،
تذكرة الحفاظ 1 / 409، العبر 1 / 396، ميزان الاعتدال 1 /
222، 223، المغني في الضعفاء 1 / 79، الديباج المذهب 1 /
281، 282، غاية النهاية 1 / 162، تهذيب التهذيب 1 / 310،
312، مقدمة فتح الباري 388، طبقات الحفاظ 175، خلاصة تذهيب
الكمال: 35، شذرات الذهب 2 / 58، شجرة النور 1 / 56.
(*)
(10/391)
الصدوق، أبو عبد الله الاصبحي المدني، أخو أبي بكر
عبدالحميد بن أبي أويس.
قرأ القرآن وجوده على نافع، فكان آخر تلامذته وفاة.
تلا عليه أحمد بن صالح المصري وغيره.
وحدث عن: أبيه عبد الله، وأخيه أبي بكر، وخاله مالك بن
أنس، وعبد العزيز بن عبد الله بن الماجشون، وسلمة بن وردان
صاحب أنس، وسليمان بن بلال، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي
حبيبة، وكثير بن عبد الله ابن عمرو بن عوف، وعبد الرحمن بن
أبي الزناد، وعدة.
حدث عنه: البخاري ومسلم، ثم مسلم وأبو داود والترمذي
والقزويني بواسطة، وأحمد بن صالح، وأحمد بن يوسف السلمي،
وأبو محمد الدارمي، ويعقوب الفسوي، ومحمد بن نصر الصائغ،
وعلي بن جبلة الاصبهاني، والحسن بن علي السري، وعثمان بن
سعيد الدارمي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، والفضل بن محمد
الشعراني، وخلق سواهم.
وكان عالم أهل المدينة ومحدثهم في زمانه على نقص في حفظه
وإتقانه، ولولا أن الشيخين احتجا به، لزحزح حديثه عن درجة
الصحيح إلى
درجة الحسن.
هذا الذي عندي فيه.
قال أحمد بن حنبل: لا بأس به (1).
وروى أحمد بن زهير عن ابن معين: صدوق، ضعيف العقل، ليس
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 181، و " تهذيب الكمال " لوحة
106.
(*)
(10/392)
بذاك (1).
يعني أنه لا يحسن الحديث، ولا يعرف أن يؤديه، أو أنه يقرأ
من غير كتابه (2).
وقال أبو حاتم الرازي: محله الصدق، وكان مغفلا (3).
وقال النسائي: ضعيف (4).
وقال مرة فبالغ: ليس بثقة.
وقال الدارقطني: ليس أختاره في الصحيح.
وقال أبو أحمد بن عدي: روى عن خاله غرائب لا يتابعه عليها
أحد، وهو خير من أبيه (5).
قلت: الرجل قد وثب إلى ذاك البر، واعتمده صاحبا " الصحيحين
" (6)، ولا ريب أنه صاحب أفراد ومناكير تنغمر في سعة ما
روى، فإنه من أوعية العلم، وهو أقوى من عبد الله كاتب
الليث (7).
مولده في سنة تسع وثلاثين ومئة.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 181، و " تهذيب الكمال " لوحة
106.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 106.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 181.
(4) " الضعفاء والمتروكين ": ص 18.
(5) " الكامل " لابن عدي 1 / لوحة 30.
(6) قال الحافظ في " مقدمة فتح الباري " ص 388، إلا أنهما
لم يكثرا من تخريج
حديثه، ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين، وأما
مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، وروى له الباقون
سوى النسائي، فإنه أطلق القول بضعفه.
ثم قال الحافظ: وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن
إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم
له على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن
ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لانه كتب من
أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشئ من حديثه غير ما في الصحيح من
أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا إن شاركه فيه غيره،
فيعتبر به.
(7) سترد ترجمته قريبا في الصفحة 405.
(*)
(10/393)
ذكره أحمد بن حنبل مرة، فوثقه وقال: قام في أمر المحنة
مقاما محمودا.
وقال محمد بن وضاح: قال لي إسماعيل: ليس اليوم بالمدينة
أحد قرأ على نافع غيري.
وقال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل، وقيل له: من
بالمدينة اليوم ؟ فقال: إسماعيل بن أبي أويس هو عالم كثير
العلم، أو نحو هذا.
قال البرقاني: قلت للدارقطني: لم ضعف النسائي إسماعيل بن
أبي أويس ؟ فقال: ذكر محمد بن موسى الهاشمي - وهو إمام كان
النسائي يخصه - قال: حكى لي النسائي أنه حكى له سلمة بن
شبيب عن إسماعيل قال، ثم توقف النسائي، فما زلت أداريه أن
يحكي لي الحكاية حتى قال: قال لي سلمة: سمعت إسماعيل بن
أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لاهل المدينة إذا
اختلفوا في شئ فيما بينهم.
قال أبو بكر البرقاني: فقلت للدارقطني: من حكى لك هذا عن
ابن موسى ؟ قال: الوزير - يعني ابن حنزابه - وكتبتها من
كتابه.
وروى أحمد بن أبي خيثمة أيضا عن يحيى: ليس بشئ.
ثم قال يحيى: قال لنا عبد الله بن عبيدالله الهاشمي صاحب
اليمن: خرجت معي بإسماعيل بن أبي أويس إلى اليمن، فدخل إلي
يوما ومعه ثوب وشي، فقال: امرأتي طالق ثلاثا إن لم تشتر من
هذا الرجل ثوبه بمئة دينار، فقلت للغلام: زن له، فوزن له،
وإذا بالثوب يساوي خمسين دينارا، فسألته بعد، فقال: إن
الرجل أعطاني منها عشرين دينارا.
قلت: هذه سخافة عقل واضحة.
(10/394)
مات في سنة ست وعشرين ومئتين، وقيل: سنة سبع في رجب، رحمه
الله بمنه.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد،
أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون،
أخبرنا أبو بكر البرقاني، قرأت على أبي العباس بن حمدان،
حدثكم الحسن بن علي السري، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس،
حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبدالرحمن
بن القاسم، عن القاسم، عن ابن عباس أنه قال: ذكر
المتلاعنان (1) عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال
عاصم بن عدي في ذلك قولا، ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه،
فذكر أنه وجد مع امرأته رجلا، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا
إلا لقولي، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرا، قليل
اللحم، جعدا قططا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم بين "، فوضعت
شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجد عندها، فلاعن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لابن عباس في
المجلس: هي التي قال رسول الله
" لو كنت راجما بغير بينة، لرجمت هذه " ؟ قال: لا، تلك
امرأة كانت تظهر السوء في الاسلام.
أخرجه مسلم (2) عن أحمد بن يوسف عن إسماعيل.
__________
(1) في الاصل: " المتلاعنين " وهو خطأ.
(2) رقم (1497) في أول اللعان، وأخرجه البخاري 9 / 400،
401، عن سعيد بن عفير، ومسلم (1497) عن محمد بن رمح، وعيسى
بن حماد، والنسائي 6 / 173، 174 من طريق عيسى بن حماد،
ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد 1 / 356 و 357 من طريقين عن ابن جريج أخبرني
يحيى بن سعيد.
وأخرجه أحمد 1 / 337، والطحاوي 3 / 100، من طريق ابن أبي
الزناد، عن أبيه، عن القاسم، عن ابن عباس.
(*)
(10/395)
109 - الهيثم بن جميل
* [ (بخ، ق) ] (1) الحافظ الامام الكبير الثبت، أبو سهل
الانطاكي، وهو بغدادي، سكن أنطاكية.
حدث عن: حماد بن سلمة، والليث، وزهير بن معاوية، ومالك ابن
أنس، وشريك، ومندل بن علي، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد ابن
عوف، ويوسف بن مسلم، وآخرون.
قال الدارقطني: ثقة حافظ (2).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة صاحب سنة (3).
وأما أبو أحمد بن عدي فقال: ليس هو بالحافظ، يغلط على
الثقات، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب (4).
وقال عبدا لباقي بن قانع: توفي سنة ثلاث عشرة ومئتين (5).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 490، التاريخ الكبير 8 / 216، التاريخ
الصغير 2 / 331، الجرح والتعديل 9 / 86، الكامل لابن عدي
لوحة 820، تاريخ بغداد 14 / 56، 57، الانساب 1 / 370،
تهذيب الكمال لوحة 1453، تذهيب التهذيب 4 / 125، تذكرة
الحفاظ 1 / 363، ميزان الاعتدال 4 / 320، العبر 1 / 365،
الكاشف 3 / 230، تهذيب التهذيب 11 / 90، طبقات الحفاظ 162،
خلاصة تذهيب الكمال 412، شذرات الذهب 2 / 36.
(1) لم تذكر الرموز في الاصل، واستدركت من " تهذيب الكمال
" وفروعه.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 57، و " تهذيب الكمال " لوحة
1453.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 57، و " تهذيب الكمال " لوحة
1453.
(4) " الكامل " لابن عدي " 4 / لوحة 820.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 57، و " تهذيب الكمال " لوحة
1453.
(*)
(10/396)
110 - السوريني
* الامام الحافظ البارع، محدث نيسابور، أبو إسحاق إبراهيم
بن نصر الخراساني المطوعي الغازي.
سمع ابن المبارك، وجرير بن عبدالحميد، وأبا بكر بن عياش،
وطبقتهم، وهو من رفقاء إسحاق (1)، وإنما قدمناه لقدم موته.
روى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن يوسف، وغيرهم.
وصنف " المسند "، وكان أبو زرعة يقدمه ويفخمه (2).
استشهد في حرب بابك الخرمي (3) سنة ثلاث عشرة ومئتين،
ويقال: سنة عشر ومئتين في الكهولة (4).
111 - بكار بن محمد * *
ابن عبد الله بن الامام أبي بكر محمد بن سيرين البصري
السيريني.
__________
* الجرح والتعديل 2 / 141، 142، الانساب 7 / 186، معجم
البلدان 3 / 279، اللباب 2 / 153 - وهو فيها جميعا "
السورياني ".
قال السمعاني: هذه النسبة إلى سوريان، وظني أنها قرية من
قرى نيسابور.
وتذكرة الحفاظ 1 / 414، 415، وطبقات الحفاظ: 180.
(1) هو إسحاق بن راهويه، وسترد ترجمته في الجزء الحادي عشر
من هذا الكتاب (2) انظر " تذكرة الحفاظ " 1 / 414، 415، و
" طبقات الحفاظ ": 180.
(3) تقدم الحديث عن بابك الخرمي في الصفحة 293 - 297 من
هذا الجزء.
(4) زاد المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 414 قوله: فلم
ينتشر حديثه.
* * التاريخ الكبير 2 / 122، الضعفاء للعقيلي لوحة: 55،
الجرح والتعديل 2 / 409 - 410، المجروحين لابن حبان 1 /
197، وفيه: بكار بن عبد الله بن محمد بن سيرين - أسقط اسم
أبيه -، الكامل لابن عدي لوحة 1 / 78، ميزان الاعتدال 1 /
341، 342، المغني في الضعفاء 1 / 111، العبر 1 / 390، لسان
الميزان 2 / 44 - 45، شذرات الذهب 2 / 53.
(*)
(10/397)
حدث عن: ابن عون، وأيمن بن نايل، وعباد بن راشد، وسفيان
الثوري.
حدث عنه: الحسن بن محمد الزعفراني، ويعقوب الفسوي،
وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، ومحمد بن زكريا الغلابي،
وعباد بن علي البصري، وأبو مسلم الكجي، وآخرون.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: حدثنا الحسين بن الحسن الرازي،
قال: سئل يحيى بن معين عن بكار السيريني، فقال: كتبت عنه،
ليس به بأس (1).
وقال أبو حاتم: هو مضطرب الحديث لا يسكن القلب إليه (2).
وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث (3).
قلت: توفي سنة أربع وعشرين ومئتين.
وقال البخاري: يتكلمون فيه (4).
وقال ابن حبان: يروي عن ابن عون والعمري أشياء مقلوبة لا
يتابع عليها، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد.
حدثنا عنه أبو خليفة (5).
قلت: هو آخر من روى عنه وفاة.
قال العقيلي (6): حدثنا محمد بن أيوب، ومعاذ بن المثنى،
قالا:
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 409، 410.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 410.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 410.
(4) " التاريخ الكبير " 2 / 122.
(5) " المجروحين والضعفاء " 1 / 197.
(6) في كتابه " الضعفاء " لوحة 55.
(*)
(10/398)
حدثنا بكار، حدثنا ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الركن يمان ".
قال العقيلي: هذا ليس يثبت.
112 - الحسن بن الربيع
* (ع) الامام الحافظ الحجة العابد، أبو علي البجلي القسري
الكوفي البوراني (1)، ويقال أيضا: البواري (2)، الخشاب،
الحصري.
حدث عن: عبيد الله بن إياد بن لقيط، وحماد بن زيد، وعبد
الجبار ابن الورد، وأبي الاحوص، وشريك، ومهدي بن ميمون،
وأبي إسحاق
الحميسي، وخالد بن عبد الله الطحان، وعدة.
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والباقون بواسطة،
وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأبو حازم بن أبي غرزة،
وعثمان بن
__________
* طبقات ابن سعد 6 / 409، التاريخ الكبير 2 / 294، التاريخ
الصغير 2 / 341، الجرح والتعديل 3 / 13 - 14، تاريخ بغداد
7 / 307، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 81، الانساب 2 /
324، المعجم المشتمل 98، اللباب 1 / 184، تهذيب الكمال
لوحة: 264، تذهيب التهذيب 1 / 136 / 2، تذكرة الحفاظ 2 /
458، العبر 1 / 381، الكاشف 1 / 221، تهذيب التهذيب 2 /
277، طبقات الحفاظ: 200، خلاصة تذهيب الكمال: 78.
(1) نسبة إلى عمل البواري - جمع: بارية - وهي الحصير
المنسوج، تبسط في الدور ويجلس عليها.
(2) في " مشتبه " المؤلف 1 / 99: البواري نسبة إلى بيع
البواري: الحسن بن الربيع.
وعلق عليه ابن ناصر الدين الدمشقي في " توضيح المشتبه " 1
/ الورقة 82، فقال: كذا وجدته بخط المصنف " البواري "
بتقديم الالف على الراء وهو خطأ وإنما الصواب: " البورائي
" بضم الموحدة وسكون الواو، ثم راء مفتوحة بعدها ألف، ثم
همزة مكسورة تليها ياء النسب، من غير نون قبلها عند ابن
عساكر، وقاله بزيادة نون بعد الالف الحافظ أبو الحجاج
المزي في استدراكه على ابن عساكر في " معجم النبل " وقبله
ابن نقطة.
(*)
(10/399)
سعيد الدارمي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وإسماعيل سمويه،
وخلق كثير.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة صالح متعبد، كان يبيع
البواري (1).
وقال أبو حاتم الرازي: كان من أوثق أصحاب عبد الله بن
إدريس (2).
وقال ابن سعد: من أصحاب عبد الله بن المبارك.
مات في رمضان سنة إحدى وعشرين ومئتين (3).
وقال بعضهم: كان يبيع الخشب والقصب (4).
وكان من العلماء العاملين، رحمه الله، وهو من كبار مشيخة
مسلم.
113 - المدائني * العلامة
الحافظ الصادق أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله
بن أبي سيف المدائني الاخباري.
نزل بغداد، وصنف التصانيف، وكان عجبا
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 264.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 14.
(3) " طبقات ابن سعد " 6 / 409.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 264.
* الفهرست: 113، تاريخ بغداد 12 / 54 - 56، معجم الادباء
14 / 124 - 139، الكامل لابن الاثير، 6 / 516، اللباب 3 /
182، ميزان الاعتدال 3 / 153، المغني في الضعفاء 2 / 454،
مرآة الجنان، 2 / 83، لسان الميزان 4 / 253، 254، النجوم
الزاهرة 2 / 259، روضات الجنات 472، 473، شذرات الذهب 2 /
54.
(*)
(10/400)
في معرفة السير والمغازي والانساب وأيام العرب، مصدقا فيما
ينقله، عالي الاسناد.
ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئة.
وسمع قرة بن خالد وهو أكبر شيخ له، وشعبة، وجويرية بن
أسماء، وعوانة بن الحكم، وابن أبي ذئب، ومبارك بن فضالة،
وحماد بن سلمة، وسلام بن مسكين، وطبقتهم، وكان نشأ
بالبصرة.
حدث عنه: خليفة بن خياط، والزبير بن بكار، والحارث بن أبي
أسامة، وأحمد بن أبي خيثمة، والحسن بن علي بن المتوكل،
وآخرون.
قال أحمد بن أبي خيثمة: كان أبي، ومصعب الزبيري، ويحيى بن
معين يجلسون بالعشيات على باب مصعب، فمر رجل ليلة على حمار
فاره، وبزة حسنة، فسلم، وخص بمسألته يحيى بن معين، فقال له
يحيى: يا أبا الحسن، إلى أين ؟ قال: إلى هذا الكريم الذي
يملا كمي دنانير ودراهم، إسحاق بن إبراهيم الموصلي.
فلما ولى، قال يحيى: ثقة ثقة ثقة.
فسألت أبي: من هذا ؟ قال: هذا المدائني (1).
قال الحارث بن أبي أسامة: سرد المدائني الصوم قبل موته
بثلاثين سنة، وقارب المئة، وقيل له في مرضه: ما تشتهي ؟
قال: أشتهي أن أعيش (2).
قال: ومات في سنة أربع وعشرين ومئتين.
وكان عالما بالفتوح والمغازي والشعر، صدوقا في ذلك.
وقال غير الحارث: مات سنة خمس وعشرين، ومات في دار
__________
(1) " معجم الادباء " 14 / 126.
(2) " معجم الادباء " 14 / 125.
(*)
(10/401)
إسحاق الموصلي، كان منقطعا إليه.
قال ابن الاخشيذ (1) المتكلم: كان المدائني متكلما من
غلمان معمر ابن الاشعث (2).
حكى المدائني أنه أدخل على المأمون، فحدثه بأحاديث في علي،
فلعن بني أمية، فقلت: حدثني المثنى بن عبد الله الانصاري
قال: كنت بالشام، فجعلت لا أسمع عليا، ولا حسنا، إنما
أسمع: معاوية، يزيد، الوليد.
فمررت برجل على بابه: فقال: اسقه يا حسن، فقلت: أسميت حسنا
؟ فقال: أولادي: حسن، وحسين، وجعفر، فإن أهل الشام يسمون
أولادهم بأسماء خلفاء الله، ثم يلعن الرجل ولده ويشتمه.
قلت: ظننتك خير أهل الشام، وإذا ليس في جهنم شر منك، فقال
المأمون: لا جرم قد جعل الله من يلعن أحياءهم وأمواتهم (3)
- يريد الناصبة.
قد ذكرنا فوت مصنفات المدائني في خمس ورقات ونصف، منها: "
تسمية المنافقين " " خطب النبي عليه السلام " كتاب " فتوحه
"، كتاب " عهوده " كتاب " أخبار قريش " " أخبار أهل البيت
" " من هجاها زوجها "، " تاريخ الخلفاء "، " خطب علي وكتبه
"، " أخبار الحجاج "، " أخبار الشعراء " " قصة أصحاب الكهف
"، " سيرة ابن سيرين "، " أخبار الاكلة "، كتاب " الزاجر
والفأل " كتاب " الجواهر " وأشياء كثيرة عديمة الوقوع (4).
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن علي.
من أفاضل المعتزلة وصلحائهم وزهادهم، متوفى سنة 326 ه.
مترجم في " الفهرست " لابن النديم: ص: 220.
(2) " الفهرست " ص 113.
(3) " معجم الادباء " 14 / 128، 129.
(4) ذكر كتبه ابن النديم في " الفهرست " 113 - 117، ونقلها
عنه ياقوت في " معجم الادباء " 14 / 129 - 139.
(*)
(10/402)
114 - عبد الله بن صالح * ابن مسلم بن صالح،
الامام، الثقة، المقرئ، أبو أحمد العجلي الكوفي، والد
الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي صاحب التاريخ.
ولد سنة إحدى وأربعين ومئة.
وقرأ القرآن على حمزة الزيات.
وحدث عن: أسباط بن نصر، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان،
وفضيل بن مرزوق، وحماد بن سلمة، وشبيب بن شيبة، وعبد
العزيز بن الماجشون، وزهير بن معاوية، والحسن بن صالح بن
حي، وطبقتهم.
حدث عنه خلق كثير، وكانت له حلقة.
أخبرنا ابن قدامة وطائفة إجازة، قالوا: أخبرنا عمر بن
محمد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو
بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم ابن عبدالرحمن بن دنوقا، حدثنا
عبد الله بن صالح العجلي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن
عبدالرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إني أنا الرزاق ذو القوة المتين "
(1).
__________
* الضعفاء للعقيلي لوحة 209، الجرح والتعديل 5 / 85، 86،
تاريخ بغداد 9 / 477 - 478، الجمع بين رجال الصحيحين 1 /
265، المعجم المشتمل 155، تهذيب الكمال لوحة: 694 - 695،
تذهيب التهذيب 2 / 153 أ - 154 ب، ميزان الاعتدال 2 / 445
- 447، معرفة القراء الكبار 1 / 137، الكاشف 2 / 96 - 97،
غاية النهاية 1 / 423، تهذيب التهذيب 5 / 261، 263، خلاصة
تذهيب الكمال: 201.
(1) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 1 / 394، وأبو داود (3993)،
والترمذي (2940) من طريقين، عن إسرائيل بهذا الاسناد، وقال
الترمذي: حسن صحيح.
وهذه قراءة ابن مسعود انفرد بها، والتلاوة المجمع عليها:
(إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
(*)
(10/403)
حدث عنه ابنه (1) أحمد العجلي، وأبو حازم بن أبي غرزة،
وأحمد ابن يحيى البلاذري في " تاريخه "، وبشر بن موسى،
وأبو زرعة الرازي فيما قيل، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب
تمتام، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد،
وإبراهيم بن دنوقا، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن
العباس المؤدب مولى بني هاشم، وآخرون.
وثقه يحيى بن معين من رواية عبد الخالق بن منصور عنه (2).
وقال أبو حاتم: صدوق (3).
وقال ابن حبان: مستقيم الحديث (4).
يقال: إن البخاري روى عنه، ولم يصح ذلك، بل إنما روى عن
كاتب الليث.
وقد نزل صاحب الترجمة بغداد، وأقرأ بها القرآن، فتلا عليه
الطيب ابن إسماعيل، وإبراهيم بن نصر الرازي.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: مات أبي سنة إحدى عشرة
ومئتين.
هكذا ضبط وفاة أبيه، فالله أعلم، فإن في الرواة المذكورين
عن عبد الله من لم يسمع الحديث إلا بعد ذلك، فلعله قال:
مات سنة إحدى وعشرين.
ثم إنه قد ذكره ابن أبي حاتم في كتابه، وأن أبا زرعة وأبا
حاتم حدثا عنه (5)، فأول رحلة أبي حاتم كانت في سنة ثلاث
عشرة، وإنما
__________
(1) في الاصل: " عن أبي " وهو خطأ.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 477، و " تهذيب الكمال " لوحة
695.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 695.
(5) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(*)
(10/404)
ارتحل أبو زرعة بعد ذلك، فيتأمل هذا.
ولم يقع لهذا الشيخ رواية في الدواوين الستة، والله أعلم.
115 - عبد الله بن صالح * (خ،
د، ت، ق) ابن محمد بن مسلم، الامام، المحدث، شيخ
المصريين، أبو صالح الجهني مولاهم المصري، كاتب الليث بن
سعد.
قد شرحت حاله في " ميزان الاعتدال " وليناه.
وبكل حال، فكان صدوقا في نفسه، من أوعية العلم، أصابه داء
شيخه ابن لهيعة، وتهاون بنفسه حتى ضعف حديث، ولم يترك بحمد
الله، والاحاديث التي نقموها عليه معدودة في سعة ما روى
(1).
مولده في سنة سبع وثلاثين ومئة.
ورأى زبان بن فائد، وعمرو بن الحارث، وسمع من: موسى بن علي
بن رباح، ومعاوية بن صالح، ويحيى بن أيوب، وعبد العزيز بن
الماجشون، والليث بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي،
ونافع بن يزيد، وضمام بن إسماعيل، وابن وهب، وخلق سواهم.
__________
* التارخ الكبير 5 / 121، الضعفاء والمتروكين للنسائي: 63،
الضعفاء للعقيلي لوحة: 209، الجرح والتعديل 5 / 86 - 87،
المجروحين 2 / 40 - 43، الكامل لابن عدي لوحة 438 - 439،
تاريخ بغداد 9 / 478 - 481، الجمع بين رجال الصحيحين 1 /
268، المعجم المشتمل: 155، تهذيب الكمال لوحة: 693، تذهيب
التهذيب 2 / 152 ب - 153 أ، تذكرة الحفاظ 1 / 388، 390،
العبر 1 / 387، ميزان الاعتدال 2 / 440، 447، الكاشف 2 /
96 - 97، المغني في الضعفاء 1 / 343، تهذيب التهذيب 5 /
256 - 261، مقدمة فتح الباري 411 - 413، طبقات الحفاظ:
169، حسن المحاضرة 1 / 346،
خلاصة تذهيب الكمال: 201، شذرات الذهب 2 / 51.
(1) انظر " مقدمة الفتح " 1 / 411، 413.
(*)
(10/405)
ولازم الليث، فأكثر عنه، وحمل عنه تصانيفه، وكان كاتبا له
على أمواله.
حدث عنه: الليث شيخه، ويحيى بن معين، والبخاري، وأبو حاتم،
وأبو إسحاق الجوزجاني، وإسماعيل سمويه، وحميد بن زنجويه،
وأبو محمد الدارمي، وعثمان الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي،
ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وإبراهيم بن ديزيل، وعدد كثير،
خاتمتهم محمد بن عثمان بن أبي السوار المصري المتوفى سنة
297.
قال إبراهيم بن ديزيل: حدثنا خلف بن الوليد أبوالمهنى،
حدثنا الليث بن سعد، عن عبد الله بن صالح، عمن أخبره، يرفع
الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ما أعطي أحد
الشكر، فمنع الزيادة " الحديث.
قال ابن ديزيل: ثم لقيت أبا صالح فقال: أنا حدثت الليث
بهذا، قلت: فمن حدثك ؟ قال: يحيى بن عطارد بن مصعب، عن
أبيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهو مرسل، لا، بل معضل (1).
استشهد البخاري في " صحيحه " بأبي صالح، بل قد روى عنه
حديثا، وقال: حدثني عبد الله بن صالح، وهذا ثابت في بعض
النسخ
__________
(1) وفي " الدر المنثور " للسيوطي 4 / 71: وأخرج البخاري
في " تاريخه " والضياء المقدسي في " المختارة " عن أنس رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
ألهم خمسة لم يحرم من خمسة: من ألهم الدعاء لم يحرم
الاجابة، لان الله يقول: [ ادعوني أستجب
لكم ]، ومن ألهم التوبة لم يحرم القبول، لان الله يقول: [
وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ]، ومن ألهم الشكر لم يحرم
الزيادة، لان الله تعالى يقول: [ لئن شكرتم لازيدنكم ]،
ومن ألهم الاستغفار لم يحرم المغفرة، لان الله تعالى يقول:
[ استغفروا ربكم إنه كان غفارا ]، ومن ألهم النفقة لم يحرم
الخلف، لان الله تعالى يقول [ وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه
].
(*)
(10/406)
المتقنة، فقال في أول الحديث: قال الليث (1): حدثنا جعفر
بن ربيعة، عن الاعرج، عن أبي هريرة بحديث الذي استدان من
رجل ألف دينار، فقال: ائتني بكفيل، قال: كفى بالله وكيلا.
والحديث مشهور،، علقه البخاري في غير موضع.
وقد استشكل المحدثون قبلنا في تفسير الفتح من " الصحيح "
(2): حدثنا عبد الله (3)، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة،
عن هلال، عن عطاء ابن يسار، عن عبد الله بن عمرو، فذكر
حديث: إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (4).
__________
(1) 4 / 385 في أول الكفالة: قال الحافظ: وقع هنا في نسخة
الصغاني: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، وقد تقدم
في باب التجارة في البحر 4 / 255، أن أبا ذر وأبا الوقت
وصلاه في آخره، قال البخاري: حدثني عبد الله بن صالح،
حدثني الليث به، ووصله أبو ذر هنا من روايته عن شيخه علي
بن وصيف، حدثنا محمد بن غسان، حدثنا عمر بن الخطاب
السجستاني، حدثنا عبد الله بن صالح به، وكذلك وصله بهذا
الاسناد في باب ما يستخرج من البحر من كتاب الزكاة 3 /
287، ولم ينفرد به عبد الله بن صالح، فقد أخرجه الاسماعيلي
من طريق عاصم بن علي، وآدم بن أبي إياس، والنسائي من طريق
داود بن منصور، كلهم عن الليث، وأخرجه الامام أحمد 2 / 348
عن يونس بن محمد، عن الليث.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة علقها البخاري في كتاب
الاستئذان 11 / 40 من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن
أبي هريرة، ووصلها في " الادب المفرد " (1128)، وصححه ابن
حبان من هذا الوجه.
(2) 8 / 449 في التفسير.
(3) قال الحافظ: في رواية أبي ذر وأبي علي بن السكن: عبد
الله بن مسلمة أي: القعنبي، ووقع عند غيرهما عبد الله غير
منسوب، فتردد فيه أبو مسعود بين أن يكون عبد الله بن رجاء
وعبد الله بن صالح كاتب الليث، وقال أبو علي الجياني: عندي
أنه عبد الله بن صالح، ورجح هذا المزي، وشده بأن البخاري
أخرج هذا الحديث بعينه في كتاب " الادب المفرد " (247) عن
عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز.
قلت (القائل ابن حجر): لكن لا يلزم من ذلك الجزم به، وما
المانع أن يكون له في الحديث الواحد شيخان عن شيخ واحد،
وليس الذي وقع في " الادب " بأرجح مما وقع الجزم به في
رواية أبي علي وأبي ذر، وهما حافظان.
(4) ونصه: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما،
أن هذه الآية التي في = (*)
(10/407)
فقال أبو نصر الكلاباذي، والوليد بن بكر الاندلسي، وهبة
الله اللالكائي: عبد الله هذا هو عبد الله بن صالح العجلي
الكوفي.
وقال أبو علي بن السكن (1) في روايته الصحيح عن الفربري،
عن البخاري، حدثنا عبد الله بن مسلمة - يعني القعنبي -
حدثنا عبد العزيز.
فذكره.
وقال أبو مسعود الحافظ (2) في " الاطراف ": عبد الله هو
عبد الله بن رجاء، ثم قال: والحديث عند عبد الله بن رجاء،
وعند عبد الله بن صالح.
وقال أبو علي الغساني الحافظ (3): بل هو عبد الله بن صالح
كاتب
الليث.
__________
= القرآن: [ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا
ونذيرا ] قال في التوراة: " يا أيها النبي إنا أرسلناك
شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للاميين، أنت عبدي ورسولي،
سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق، ولا
يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه حتى يقيم
به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله الا الله، فيفتح به
أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا ".
(1) هو الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن
السكن البغدادي، نزيل بغداد، المتوفى سنة 353 ه، مترجم في
" تذكرة الحفاظ " 3 / 938.
(2) هو إبراهيم بن محمد بن عبيد أبو مسعود الدمشقي الحافظ،
مصنف كتاب " الاطراف " على الصحيح، متوفى سنة 400، وقيل
401، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 1068 - 1070 - وكتب
الاطراف تذكر أحاديث كل صحابي على حدة كما يفعل أصحاب
المسانيد، إلا أنهم يقتصرون على ذكر طرف منه، وهو بمثابة
فهرس للاحاديث، ومن أعظم كتب الاطراف وأوعبها: كتاب " تحفة
الاشراف بمعرفة الاطراف " للحافظ المزي المتوفى 742 ه وقد
جمع فيه أحاديث الكتب الستة وبعض لواحقها، وقد صدر منه
أجزاء بتحقيق عبد الصمد شرف الدين.
وللشيخ عبد الغني النابلسي: " ذخائر المواريث في الدلالة
على مواضع الحديث " وهو مطبوع في مجلدين.
(3) في كتابه " تقييد المهمل وتمييز المشكل " في رجال
الصحيحين 2 / لوحة 681.
(*)
(10/408)
قال لنا أبو الحجاج الحافظ: وهذا أولى الاقوال بالصواب،
قال: لان - البخاري رواه في كتاب " الادب " (1) في باب
الانبساط إلى الناس، فقال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن عبد
العزيز.
ذكره عقيب حديث (2) محمد ابن سنان العوقي، عن فليح، عن
هلال.
ورواه في البيوع من " الجامع
الصحيح " (3) عن العوقي.
فالحديث عند البخاري عن الرجلين في " الادب " وفي " الصحيح
".
إلى أن قال: فإذا تقرر أنه سمعه من الرجلين، وقع الاشتراك
في قوله: حدثنا عبد الله بن صالح بين العجلي الكوفي، وبين
الجهني الكاتب، فكونه الكاتب أولى، لانا تيقنا أن البخاري
قد سمع من كاتب الليث، وأكثر عنه في " تاريخه " وفي أماكن،
وهذا معدوم في حق العجلي، فإن البخاري ذكر له ترجمة صغيرة
مختصرة جدا في " تاريخه " لم يرو عنه فيها شيئا، ولا وجدنا
أبدا له رواية متيقنة عنه لا في " الصحيح " ولا في شئ من
تواليفه، بل قد روى في " تاريخه " عن رجل عنه.
نعم ولم نجد للعجلي رواية عن عبد العزيز بن أبي سلمة سوى
حديث واحد، متنه: " الظلم ظلمات " (4) رواه عنه إبراهيم
الحربي بخلاف كاتب الليث، فإنه مكثر عن [ ابن ] (5) أبي
سلمة (6).
__________
(1) برقم (247).
(2) برقم (246).
(3) 4 / 287: باب كراهية السخب في الاسواق.
(4) وأخرجه البخاري في " صحيحه " 5 / 73، وفي " الادب
المفرد " (475) من طريق أحمد بن يونس، عن عبد العزيز
الماجشون، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعا: "
الظلم ظلمات يوم القيامة " وأخرجه مسلم (2579) من طريق
محمد بن حاتم، عن شبابة، عن عبد العزيز بهذا الاسناد،
وأخرجه أحمد 2 / 137 من طريق موسى بن داود، و 2 / 156 من
طريق أبي سعيد مولى بني هاشم، كلاهما عن عبد العزيز به.
(5) سقط لفظ " ابن " من الاصل، واستدرك من " تهذيب الكمال
".
(6) نقله الذهبي عن " تهذيب الكمال " لوحة 695 بتصرف.
(*)
(10/409)
قلت: وأيضا فإن غير واحد روى الحديث المذكور عن كاتب
الليث، فتعين أنه هو.
وفي الجهاد من " الصحيح " (1) أيضا: حدثنا عبد الله، حدثنا
عبد العزيز بن أبي سلمة، عن صالح بن كيسان، عن سالم، عن
أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من حج.
وذكر الحديث (2).
فقال أبو علي بن السكن: حدثنا الفربري: حدثنا البخاري،
حدثنا عبد الله بن يوسف فذكر.
رواه ابن السكن في " مصنفه ".
وقال أبو مسعود في " الاطراف ": هذا الحديث يرويه الناس عن
عبد الله بن صالح (3).
قال: وقد روي أيضا عن عبد الله بن رجاء، فالله أعلم أيهما
هو.
وقال الغساني: بل هو كاتب الليث.
قال ابن حبان: كان أبو صالح كاتبا على مغل الليث، منكر
الحديث جدا، وكان في نفسه صدوقا، سمعت ابن خزيمة يقول: كان
له جار يعاديه، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح،
ويكتب في
__________
(1) 6 / 95: باب التكبير إذا علا شرفا.
(2) ونصه بتمامه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من
الحج أو العمرة - ولا أعلمه إلا قال: الغزو - يقول كلما
أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا، ثم قال: " لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئ
قدير، آيبون تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق
الله وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده " قال صالح: فقلت
له: ألم يقل عبد الله: إن شاء الله ؟ قال: لا.
(3) قال الحافظ في " الفتح " 6 / 95: زعم أبو مسعود أن عبد
الله هو ابن صالح، وتعقبه الجياني بأنه وقع في رواية ابن
السكن عبد الله بن يوسف وهو المعتمد.
وقال في
" المقدمة " 142: وعبد الله: هو ابن صالح كما جزم به أبو
علي الغساني.
(*)
(10/410)
قرطاس بخط يشبه خط عبد الله، ويطرحه في داره بين الكتب،
فيجده عبد الله، فيحدث به على التوهم أنه خطه (1).
ثم قال ابن حبان: روى عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن
أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن
عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حجة لمن لم
يحج خير من عشر غزوات، وغزوة لمن حج خير من عشر حجج، وغزوة
في البحر خير من عشرة في البر " (2) حدثناه أبو عروبة،
حدثنا علي بن إبراهيم بن عزون، حدثنا عبد الله.
ثم قال: وروى عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي
هلال، عن ربيعة بن سيف، عن شفي الاصبحي، سمع عبد الله بن
عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يكون
خلفي اثنا عشر خليفة: أبو بكر لا يلبث إلا قليلا، وصاحب
رحا دارة العرب عمر.
وذكر الحديث (3) حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى
بن معين، حدثنا عبد الله.
قلت: قرأت على أحمد بن المؤيد بمصر، أخبرنا أحمد بن صرما،
وابن عبد السلام، قالا: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا أبو
الحسين بن
__________
(1) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 40.
(2) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 41، والحديث أورده
السيوطي في " الجامع الصغير "، ونسبه للطبراني والبيهقي،
وأورده الهيثمي في " المجمع " 5 / 281، وقال: رواه
الطبراني في " الكبير " و " الاوسط "، وأعله بعبد الله بن
صالح كاتب الليث.
(3) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 42، وتمامه: " وصاحب
رحا دارة العرب،
يعيش حميدا، ويموت شهيدا " قالوا: ومن هو ؟ قال: " عمر بن
الخطاب وقد فعل " قال: ثم التفت إلى عثمان، فقال: " يا
عثمان، إن كان الله ألبسك قميصا، فإن أرادك الناس على خلعه
فلا تخلعه، فوالذي نفسي بيده لئن خلعته لا ترى الجنة حتى
يلج الجمل في سم الخياط ".
(*)
(10/411)
النقور، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا الصوفي، فذكره
بتمامه.
فأنا أتعجب من أبي زكريا (1) ونقده، كيف يستحل رواية مثل
هذا، ويسكت عن توهيته ؟ ! وساق له ابن حبان وابن عدي جماعة
أحاديث تفرد بها منكرة (2).
وقال أبو محمد بن أبي حاتم: عبد الله بن صالح، روى عنه
الليث، وابن وهب، ودحيم (3).
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت أبي وسئل عن عبد
الله بن صالح، فقال: أتسألوني عن أقرب رجل إلى الليث ؟ رجل
معه في ليله ونهاره، وسفره وحضره، ويخلو معه غالبا، فلا
ينكر لمثله أن يكثر عن الليث (4).
وقال أبي أبو حاتم: هو أمين صدوق ما علمته (5).
وأثنى على عبد الله سعيد بن عفير عالم مصر (6).
وقال عبدالملك بن شعيب بن الليث: هو ثقة مأمون، سمع من جدي
حديثه، وكان أبي يحضه على التحديث (7).
__________
(1) أي: يحيى بن معين.
(2) انظر " المجروحين والضعفاء " 2 / 41 - 43، و " الكامل
" 3 / لوحة 438، 439.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
(5) " الجرح والتعديل " 5 / 87.
(6) " الجرح والتعديل " 5 / 86.
وسعيد بن عفير سترد ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 583.
(7) " الجرح والتعديل " 5 / 86، و " تهذيب الكمال " لوحة
694.
(*)
(10/412)
وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: فسد بأخرة،
وليس بشئ (1).
وقال أبو حاتم: سمعت ابن معين يقول: أقل الاحوال أنه قرأ
هذه الكتب على الليث، فأجازها له، ويمكن أن يكون ابن أبي
ذئب كتب إلى الليث بهذا الدرج (2).
قال أحمد بن صالح: لا أعلم أحدا روى عن الليث عن ابن أبي
ذئب إلا أبا صالح، وذكر أن أبا صالح أخرج درجا قد ذهب
أعلاه، ولم يدر حديث من هو، فقيل له: حديث ابن أبي ذئب،
فروى عن الليث عن ابن أبي ذئب (3).
وقال صالح جزرة: كان يحيى بن معين يوثقه، وعندي أنه كان
يكذب في الحديث (4).
وقال النسائي: ليس بثقة (5).
وروى إسماعيل بن عبد الله، عن عبد الله بن صالح قال: صحبت
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 87، و " تاريخ بغداد " 9 /
480، و " الكامل " لابن عدي 3 / لوحة 438، و " تهذيب
الكمال " لوحة 694.
وقال الحافظ في " المقدمة " ص 411،
412، بعد أن نقل قول أحمد وغيره فيه: ظاهر كلام هؤلاء
الائمة أن حديثه في الاول كان مستقيما، ثم طرأ عليه فيه
تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجئ من روايته عن أهل الحذق كيحيى
بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم، فهو من صحيح حديثه،
وما يجئ من رواية الشيوخ عنه، فيتوقف فيه.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 87.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 87، و " تهذيب الكمال " لوحة
694.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 481، و " تهذيب الكمال " لوحة
694.
(5) " الضعفاء والمتروكين ": 63.
(*)
(10/413)
الليث عشرين سنة (1).
قال الفضل بن محمد الشعراني: ما رأيت عبد الله بن صالح إلا
وهو يحدث أو يسبح (2).
وقال يعقوب الفسوي: حدثنا الرجل الصالح عبد الله بن صالح.
الرمادي، عن أبي صالح: شهدنا الاضحى ببغداد مع الليث في
سنة إحدى وستين ومئة (3).
وقال علي بن المديني: ضربت على حديث كاتب الليث، ولا أروي
عنه شيئا (4).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: حديث " إن
الله اختار أصحابي " موضوع، والحمل فيه على أبي صالح.
قلت: ومن أنكر ما نقموا على أبي صالح روايته عن نافع بن
يزيد، عن زهرة بن معبد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر
مرفوعا: " إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين (5).."
الحديث بطوله، لكن قد تابعه
عليه سعيد بن أبي مريم، عن نافع، رواه علي بن داود
القنطري،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 694، وتتمته فيه: لا يتغدى ولا
يتعشى إلا مع الناس.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 479، و " تهذيب الكمال " لوحة
694.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 694.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 481، و " تهذيب الكمال " لوحة
694.
(5) وتمامه كما في " المجروحين " 2 / 41: ما خلا النبيين
والمرسلين، واختار من اصحابي أربعة - وفي كل أصحابي خير -
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، واختار أمتي على سائر الامم ".
(*)
(10/414)
ومحمد بن الحارث العسكري، عن ابن أبي مريم، فتخلص أبو صالح
(1).
وقال أبو زرعة الرازي وغيره: هو من وضع خالد بن نجيح
المصري، وكان يضع في كتب الشيوخ (2).
قلت: لعله أدخله على نافع بن يزيد مع أن نافعا صدوق، قد
احتج به مسلم.
قال أبو أحمد بن عدي: أبو صالح عندي مستقيم الحديث إلا أنه
يقع في حديثه غلط، ولا يتعمد الكذب (3).
نقل ابن يونس وغيره موت أبي صالح في يوم عاشوراء سنة ثلاث
وعشرين ومئتين (4).
قلت: قد كان قارب التسعين رحمه الله، وهو في عقلي أقوى من
نعيم بن حماد، وأسيد الجمال، وما هو بدون إسماعيل بن أبي
أويس الاصبحي.
أنبئت عن جماعة، عن أبي علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم،
حدثنا الطبراني، حدثنا مطلب بن شعيب، وبكر بن سهل قالا:
حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، حدثنا
العلاء بن الحارث، عن
__________
(1) في " الميزان " 2 / 442: قلت: قد رواه أبو العباس محمد
بن أحمد الاثرم صدوق، حدثنا علي بن داود القنطري ثقة،
حدثنا سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح، عن نافع فذكره.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 87.
(3) " الكامل في الضعفاء " 3 / لوحة 439.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 694.
(*)
(10/415)
مكحول: أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " الجهاد واجب عليكم مع كل بر وفاجر، وإن هو عمل
الكبائر، والصلاة واجبة عليكم على كل مسلم يموت، برا كان
أو فاجرا، وإن هو عمل الكبائر " (1).
116 - حماد بن مالك * ابن
بسطام بن درهم، المحدث المعمر، أبو مالك الاشجعي
الدمشقي الحرستاني.
حدث عن: الاوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسعيد بن
بشير، وإسماعيل بن عياش، وجماعة.
روى عنه: الوليد بن مسلم وهو من شيوخه، ومروان الطاطري،
وهشام بن عمار، ومحمد بن عوف الطائي، وأبو إسماعيل
الترمذي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حاتم الرازي، وإسماعيل
سمويه، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو عبد الملك أحمد بن
إبراهيم البسري، وعدة.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أخرج حماد بن مالك مقدار
أربعين حديثا [ عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ] فأخبر أبو
مسهر بذلك.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح، ومكحول لم يسمع من
أبي هريرة، ولكن لم ينفرد به عبد الله، فقد أخرجه أبو داود
(594) و (2533) ومن طريقه البيهقي 3 / 121 عن أحمد بن
صالح، عن ابن وهب، عن معاوية بن صالح بهذا الاسناد.
وقال البيهقي في " معرفة السنن والآثار ": إسناد صحيح إلا
أن فيه إرسالا بين مكحول، وأبي هريرة.
ورواه الدارقطني ص 185 وقال: مكحول لم يسمع من أبي هريرة،
ومن دونه ثقات.
وانظر " نصب الراية " 2 / 26، 27.
* التاريخ الكبير 3 / 28، الجرح والتعديل 3 / 149، الانساب
4 / 106، معجم البلدان 2 / 241، اللباب 1 / 356، ميزان
الاعتدال 1 / 602، العبر 1 / 402، المغني في الضعفاء 1 /
191، لسان الميزان 2 / 353، شذرات الذهب 2 / 64، تهذيب ابن
عساكر 4 / 430.
(*)
(10/416)
فأنكر، وقال: لم يدرك ابن جابر (1).
وسئل عنه أبو حاتم، فقال: شيخ (2).
وقال إسحاق بن إبراهيم الهروي القراب: توفي في سنة ثمان
وعشرين ومئتين.
117 - عمرو بن مرزوق *
(خ مقرونا، د) الشيخ الامام، مسند البصرة، أبو عثمان
الباهلي مولاهم البصري.
ولد سنة بضع وثلاثين ومئة.
وروى عن: مالك بن مغول، وعكرمة بن عمار، وشعبة بن
الحجاج، وحماد بن سلمة، وعبد الرحمن المسعودي، وأبي إدريس
صاحب لانس بن مالك، وحماد بن زيد، وطائفة.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه " مقرونا بآخر (3)، وأبو داود
في
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 149، والزيادة منه.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 149.
* طبقات ابن سعد 7 / 305، التاريخ الكبير 6 / 373، التاريخ
الصغير 2 / 300، الضعفاء للعقيلي لوحة 311، الجرح والتعديل
6 / 263، 264، تهذيب الكمال لوحة: 1050، تذهيب التهذيب 3 /
109، 1، 2، الكاشف 2 / 342، المغني في الضعفاء 2 / 489،
ميزان الاعتدال 3 / 287، 288، العبر 1 / 391، تهذيب
التهذيب 8 / 98، مقدمة فتح الباري: 431، 432، خلاصة تذهيب
الكمال: 293، شذرات الذهب 2 / 54.
(3) قال الحافظ في " المقدمة " ص 431: لم يخرج عنه البخاري
في " الصحيح " سوى حديثين، أحدهما: حديثه عن شعبة، عن عمرو
بن مرة، عن عروة في فضل عائشة، وهو عنده 7 / 83 بمتابعة
آدم بن أبي إياس وغندر وغيرهما عن شعبه.
والثاني: حديثه عن شعبة، عن ابن أبي بكر، عن أنس في ذكر
الكبائر مقرونا عنده بعبد الصمد عن شعبة، فوضح أنه لم يخرج
له احتجاجا.
(*)
(10/417)
" سننه " وهو من كبار شيوخه، وحرب الكرماني، وأبو زرعة،
وعبد الكريم ابن الهيثم العاقولي، وعثمان بن خرزاذ
الانطاكي، وأحمد بن داود المكي، وأبو بكر بن أبي عاصم،
وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن محمد بن حيان التمار، وأبو
خليفة الجمحي، وعدد كثير.
قال القواريري: كان يحيى القطان لا يرضى عمرو بن مرزوق في
الحديث (1).
وقال أبو زرعة: سمعت سليمان بن حرب ذكر عمرو بن مرزوق،
فقال: جاء بما ليس عندهم، فحسدوه (2).
وقال سعيد بن سعد البخاري: سمعت مسلم بن إبراهيم يقول:
كانت الكتب التي عند أبي داود الطيالسي لعمرو بن مرزوق،
وكان عمرو رجلا غزاء يغزو في البحر، فلما مات أبو داود،
حول عمرو كتبه (3).
قال علي بن المديني: تركوا حديث الفهدين والعمرين.
يريد فهد بن عوف، وفهد بن حيان، وعمرو بن حكام، وعمرو بن
مرزوق (4).
قيل: كان عند عمرو بن مرزوق عن شعبة ثلاثة آلاف حديث (5).
قال أبو الفتح الازدي: سماع أبي داود وعمرو بن مرزوق من
شعبة كان شيئا واحدا، وكان يحيى بن معين يطري عمرا، ويرفع
ذكره.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 264.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 264، و " تهذيب الكمال " لوحة
1050.
(3) " الجرح والتعديل " 6 / 264، و " تهذيب الكمال " لوحة
1050.
(4) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 311، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1050.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(*)
(10/418)
قال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل وقيل له: إن علي بن
المديني لينه، فقال: لا أدري ما يقول علي، عمرو رجل صالح
(1).
وقال عبد الله بن محمد بن الفضل الاسدي: قال أحمد بن حنبل
لولده صالح حين رجع من البصرة: لم لم تكتب عن عمرو بن
مرزوق ؟ فقال: نهيت، فقال: إن عفان كان يرضاه، ومن كان
يرضى عفان (2) !، كان عمرو صاحب غزو وخير (3).
وقال محمد بن عيسى بن أبي قماش: سألت يحيى بن معين عن عمرو
ابن مرزوق، فقال: ثقة مأمون، صاحب غزو وقرآن وفضل، وحمده
جدا (4).
وقال أبو حاتم: كان ثقة من العباد، لم نجد أحدا من أصحاب
شعبة كان أحسن حديثا منه (5).
قال عبد الله بن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن خالد يقول: لم
يكن بالبصرة مجلس أكبر من مجلس عمرو بن مرزوق رحمه الله،
كان فيه عشرة آلاف نفس (6).
قال النسائي في " الكنى ": أخبرنا الحسن بن أحمد بن حبيب،
حدثنا بندار، سمعت عمرو بن مرزوق، وسئل: أتزوجت ألف امرأة
؟ فقال: أو زيادة على ألف امرأة (7).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 263، و " تهذيب الكمال " لوحة
1050.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 263.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 311، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1050.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(5) " الجرح والتعديل " 6 / 264.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
(*)
(10/419)
قال محمد بن عيسى بن أبي قماش: رأيت عمرا أحمر الرأس
واللحية كان يخضب بالحناء، ومات بالبصرة في صفر سنة أربع
وعشرين ومئتين (1).
أما:
118 - عمرو بن مرزوق *الواشحي
(2) البصري، فمحدث صدوق في طبقة مشيخة الاول.
روى عن عون بن أبي شداد وغيره.
حدث عنه: مسلم بن إبراهيم، وأبو الوليد، وأبو عمر الحوضي،
وأبو سلمة.
قال ابن معين: ليس به بأس (3).
قلت: ما لهذا شئ في الكتب الستة.
ذكرته للتمييز.
119 - محمد بن الرومي *
* (ت) هو محمد بن المحدث عمر بن المحدث عبد الله بن
عبدالرحمن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1050.
* التاريخ الكبير 6 / 372، الجرح والتعديل 6 / 263، تهذيب
الكمال لوحة: 1051، تذهيب التهذيب 3 / 109 / 2، ميزان
الاعتدال، 3 / 288، تهذيب التهذيب 8 / 101، 102، خلاصة
تذهيب الكمال: 293.
(2) نسبة إلى واشح: بطن من الازد.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1051.
* * التاريخ الكبير 1 / 178، 179، الجرح والتعديل 8 / 21،
22، تهذيب الكمال لوحة: 1247، ميزان الاعتدال 3 / 668،
المغني في الضعفاء 2 / 620، الكاشف 3 / 81، تهذيب التهذيب
9 / 165، خلاصة تذهيب الكمال: 336.
(*)
(10/420)
البصري، ويعرف عبد الله بالرومي (1).
حدث محمد عن: شعبة، وشريك، وأبيه وغيرهم.
وعنه: إسماعيل بن موسى الفزاري، والبخاري (2)، ويعقوب
الفسوي، وأبو حاتم، وآخرون.
ضعفه أبو داود (3).
وقال أبو زرعة: فيه لين (4).
وكان جده:
120 - عبد الله الرومي
* يروي عن: أبي هريرة، وابن عمر، وأنس.
حدث عنه: عمر، وحماد بن زيد.
مات سنة 131 عن سن عالية.
121 - وعمر بن الرومي *
* روى عن أبيه عبد الله.
__________
(1) في " التاريخ الكبير " 5 / 133: قال حماد بن زيد:
حدثنا عبد الله الرومي ولم يكن روميا، كان رجلا منا من أهل
خراسان.
(2) في غير " صحيحه ".
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1248.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 22، و " تهذيب الكمال " لوحة
1248.
* التاريخ الكبير 5 / 133، الجرح والتعديل 5 / 95.
* * التاريخ الكبير 6 / 169، 170، الجرح والتعديل 6 / 119،
المغني في الضعفاء 2 / 470، ميزان الاعتدال 3 / 212.
(*)
(10/421)
وعنه: أبو سلمة، وقتيبة، والقواريري، وغيرهم.
صدوق.
مات سنة بضع وسبعين ومئة.
وبقي محمد بن الرومي إلى قرب سنة عشرين ومئتين.
122 - سهل بن بكار *
(خ، د، س) الحافظ الثقة، أبو بشر البصري، أحد البقايا.
حدث عن: جرير بن حازم، وشعبة بن الحجاج، ويزيد بن إبراهيم
التستري، وأبان العطار، وجويرية بن أسماء، والسري بن يحيى،
وعدة.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو
مسلم الكجي، ومحمد بن محمد التمار، وآخرون.
قال أبو حاتم: ثقة (1).
وروى النسائي له أيضا.
مات في سنة سبع وعشرين ومئتين، ويقال: سنة ثمان.
123 - سهل بن تمام * *
(د) ابن بزيع، الامام أبو عمرو الطفاوي، البصري، شيخ معمر
صويلح.
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 302، التاريخ الكبير 4 / 103، الجرح
والتعديل 4 / 194، المعجم المشتمل: 138، تهذيب الكمال
لوحة: 557، تذهيب التهذيب 2 / 60، 1، 2، تذكرة الحفاظ 1 /
398، الكاشف 1 / 406، العبر 1 / 399، تهذيب التهذيب 4 /
247، مقدمة فتح الباري: 406.
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 194.
* * الجرح والتعديل 4 / 194، المعجم المشتمل: 138، تهذيب
الكمال لوحة: 557، تذهيب التهذيب 2 / 60 / 2، ميزان
الاعتدال 2 / 237، الكاشف 1 / 406، المغني في الضعفاء 1 /
287، تهذيب التهذيب 4 / 247، خلاصة تذهيب الكمال: 157.
(*)
(10/422)
حدث عن: أبيه، وقرة بن خالد، ويزيد بن إبراهيم التستري،
وعباد ابن منصور، وصالح بن أبي الجوزاء، وعمرو بن سليم
الباهلي، وعدة.
حدث عنه: أبو داود في " سننه "، وأبو زرعة الرازي، وابن
خاله أبو حاتم، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن محمد التمار،
وعدة.
قال أبو حاتم: شيخ (1).
وقال أبو زرعة: لم يكن يكذب، ربما وهم في الشئ (2).
قلت: توفي سنة نيف وعشرين ومئتين.
124 - عبد الله بن أبي بكر
العتكي * هو الثقة المحدث، أبو عبد الرحمن، عبد
الله بن السكن بن الفضل ابن المؤتمن الازدي البصري.
حدث عن: شعبة، وجرير بن حازم، وهمام بن يحيى، والاسود بن
شيبان، وعدة.
وعنه: صالح بن أحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري في
كتاب " الادب "، وأحمد بن زهير، وعبد الله بن أحمد
الدورقي، وعبيد الله بن واصل البخاري، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (3).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 194.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 194.
* التاريخ الكبير 5 / 55، التاريخ الصغير 2 / 531، الجرح
والتعديل 5 / 18، تهذيب الكمال لوحة: 669، تذهيب التهذيب 2
/ 134 / 1، تهذيب التهذيب 5 / 164، خلاصة تذهيب الكمال:
192.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 18.
(*)
(10/423)
وقال ابن أبي عاصم: توفي سنة 224 (1).
125 - عبد الله بن خيران
*
المحدث الصدوق أبو محمد الكوفي، نزل بغداد.
وحدث عن: شعبة، وعبد الرحمن المسعودي.
حدث عنه: أحمد بن حرب، ومحمد بن غالب تمتام، وعيسى زغاث،
وأبو بكر بن أبي الدنيا، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: اعتبرت له أحاديث كثيرة، فوجدتها
مستقيمة تدل على ثقته (2).
وقد ذكره العقيلي، فقال: لا يتابع على حديث.
ثم إنه ساق له ثلاثة أحاديث حسنة أحدها موقوف، فرفعه (3).
126 - يحيى بن عبدويه *
* البغدادي.
حدث عن: شعبة وشيبان النحوي.
حدث عنه: إسحاق بن سنين، وجعفر بن كزال، وعبد الله بن أحمد
ابن حنبل، وغيرهم.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 669.
* الضعفاء للعقيلي لوحة 203، تاريخ بغداد 9 / 450 - 451،
ميزان الاعتدال 2 / 415، المغني في الضعفاء 1 / 336، لسان
الميزان 3 / 282.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 451.
(3) " الضعفاء " لوحة 203.
* * الكامل لابن عدي لوحة: 838، ميزان الاعتدال 4 / 394،
المغني في الضعفاء 2 / 740، لسان الميزان 6 / 268 - 269.
(*)
(10/424)
أثنى عليه أحمد بن حنبل، وأمر ولده عبد الله بالسماع منه
(1).
وأما يحيى بن معين، فرماه بالكذب.
توفي في حدود سنة تسع وعشرين ومئتين.
127 - عبد العزيز بن الخطاب
* (ق) الثقة الامام، أبو الحسن الكوفي ثم البصري.
حدث عن: شعبة، والحسن بن صالح، وأبي معشر السندي، وقيس ابن
الربيع، ومحمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، وعدة.
حدث عنه: أبو حفص الفلاس، وأحمد بن الازهر، وأبو قلابة،
وإبراهيم بن ديزيل، وأبو مسلم الكجي، والعباس بن الفضل
الاسفاطي (2)، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن حيان المازني،
وخلق كثير.
وثقه الفلاس.
وقال أبو حاتم: صدوق (3).
قال أبو داود: توفي سنة أربع وعشرين ومئتين (4).
قلت: روى له ابن ماجة فقط.
__________
(1) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 838.
* التاريخ الكبير 6 / 29، الجرح والتعديل 5 / 381، تهذيب
الكمال لوحة: 838، تذهيب التهذيب 2 / 239 / 2، الكاشف 2 /
197 - 198، تهذيب التهذيب 6 / 335، خلاصة تذهيب الكمال:
239.
(2) نسبة إلى عمل الاسفاط وبيعها وهي ما يوضع فيه الطيب
وما شابهه من أدوات النساء.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 381.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 838.
(*)
(10/425)
128 - قرة بن حبيب
* (خ) الامام المحدث الثقة، أبو علي البصري، الرماح،
القنوي.
حدث عن: عبد الله بن عون، فكان آخر من حدث عنه من الثقات،
وعن شعبة، وأبي الاشهب العطاردي، وعبد الرحمن بن عبد الله
بن دينار.
حدث عنه: البخاري في بعض تواليفه، وإسماعيل سمويه، وأبو
داود السجزي، ومحمد بن غالب تمتام، وعلي بن عبد العزيز،
وعثمان بن خرزاذ، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي، وأحمد بن
داود المكي، والحسن بن سهل المجوز، وآخرون.
وروى البخاري في " صحيحه " عن رجل عنه.
قال أبو حاتم: ثقة (1).
قلت: مات في سنة أربع وعشرين ومئتين، وقد جاوز التسعين،
رحمه الله.
129 - الصلت بن محمد *
* (خ، س) ابن محمد بن عبدالرحمن بن أبي المغيرة، المحدث
أبو همام
__________
* تاريخ الكبير 6 / 183 - 184، الجرح والتعديل 7 / 132،
الانساب 10 / 252، اللباب 3 / 61، تهذيب الكمال لوحة 1128،
تذهيب التهذيب 3 / 159 / 2، الكاشف 2 / 399، تهذيب التهذيب
8 / 370 - 371، خلاصة تذهيب الكمال: 316.
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 132.
* * التاريخ الكبير 4 / 304، الجرح والتعديل 4 / 441،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 225، الانساب 5 / 15 - 16،
المعجم المشتمل: 144، معجم البلدان 2 / 337، اللباب 1 /
410، تهذيب الكمال لوحة: 612، تذهيب التهذيب 2 / 96 / 1،
الكاشف 2 / 31، تهذيب التهذيب 4 / 435، خلاصة تذهيب
الكمال: 175.
(*)
(10/426)
الخاركي البصري الثقة.
وخارك: ساحل البصرة (1).
حدث عن: مهدي بن ميمون، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، وغسان
ابن الاغر، وعبد الواحد بن زياد، ويزيد بن زريع، وعدة.
وعنه: البخاري، وروح بن حاتم، والعباس العنبري، وعيسى بن
شاذان، ومحمد بن مرزوق، وأحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي،
وآخرون.
قال أبو حاتم: صالح الحديث، أتيته أيام الانصاري (2)، فلم
يقض لي أن أسمع منه (3).
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
130 - عمرو بن خالد *
(خ، ق) ابن فروخ بن سعيد بن عبدالرحمن بن واقد بن ليث،
الحافظ الحجة، أبو الحسن التميمي، ويقال: الخزاعي الجزري
الحراني، نزيل
__________
(1) وقال ياقوت في " معجمه " 2 / 337: خارك: جزيرة في وسط
البحر الفارسي، وهي جبل عال في وسط البحر، إذا خرجت
المراكب من عبادان تريد عمان وطابت بها الريح وصلت إليها
في يوم وليلة.
(2) هو محمد بن عبد الله الانصاري أبو عبد الله، قاضي
البصرة، تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 441.
* التاريخ الكبير 6 / 327، التاريخ الصغير 2 / 358، الجرح
والتعديل 6 / 230، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 370،
المعجم المشتمل: 203، تهذيب الكمال لوحة: 1032، تذهيب
التهذيب 3 / 97 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 258، الكاشف 2 /
227،
228، المغني في الضعفاء 2 / 484، تهذيب التهذيب 8 / 25 -
26، النجوم الزاهرة 2 / 257، حسن المحاضرة 1 / 286، خلاصة
تذهيب الكمال: 288.
(*)
(10/427)
مصر، وهو والد الامام أبي علاثة محمد بن عمرو، وأبي خيثمة
علي بن عمرو.
حدث عن: حماد بن سلمة، والليث بن سعد، وعبد الحميد بن
بهرام، والنضر بن عربي، وأبي عقيل يحيى بن المتوكل، وعبد
الله بن لهيعة، وعبد الله بن عمرو، وأبي المليح، وزهير،
وشريك، وبكر بن مضر، وعبد الاعلى بن أبي مساور الجرار،
وعدة.
وعنه: البخاري، ومحمد بن يحيى، ويونس بن عبدالاعلى، وأحمد
بن منصور الرمادي، وسمويه، وأبو الزنباع روح بن الفرج،
وأبو زرعة، وأبو حاتم، ويحيى بن عثمان بن صالح، والحسن بن
الفرج الغزي، والحسين بن حميد العكي، وعثمان بن خرزاذ،
وولداه، وأبو الاحوص العكبري، وخلق.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: مصري ثقة ثبت.
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
قال البخاري (2) وغيره: مات بمصر سنة تسع وعشرين ومئتين.
131 - عبدالملك بن هشام * ابن
أيوب، العلامة النحوي الاخباري، أبو محمد الذهلي
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 230.
(2) " التاريخ الكبير " 6 / 327، و " التاريخ الصغير " 2 /
358.
* السيرة النبوية 1 / 17 - 18، الروض الانف 1 / 7، مقدمة
شرح السيرة للخشني 1 /
3، إنباه الرواة 2 / 211 - 212، وفيات الاعيان 3 / 177،
الاشارة إلى وفيات الاعيان لوحة: 44، عيون التواريخ 7 /
287، الوافي بالوفيات 6 / 26، البداية والنهاية 10 / 281 -
282، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 111 - 112، حسن المحاضرة 1 /
531، بغية الوعاة 2 / 115.
(*)
(10/428)
السدوسي، وقيل: الحميري، المعافري، البصري، نزيل مصر.
هذب السيرة النبوية، وسمعها من زياد البكائي صاحب ابن
إسحاق، وخفف من أشعارها، وروى فيها مواضع عن عبد الوارث بن
سعيد، وأبي عبيدة.
رواها عنه محمد بن حسن القطان، وعبد الرحيم بن عبد الله بن
البرقي، وأخوه أحمد بن البرقي.
وله مصنف في أنساب حمير وملوكها.
والاصح أنه ذهلي كما ذكره أبو سعيد بن يونس، وأرخ وفاته في
ثالث عشر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومئتين (1).
قال الدارقطني: حدثني عبيدالله بن محمد المطلبي بالرملة،
حدثنا زكريا بن يحيى بن حيويه، سمعت المزني يقول: قدم
علينا الشافعي، وكان بمصر عبدالملك بن هشام صاحب " المغازي
"، وكان علامة أهل مصر بالعربية والشعر، فقيل له في المصير
إلى الشافعي، فتثاقل، ثم ذهب إليه، فقال: ما ظننت أن الله
يخلق مثل الشافعي (2).
وفي " الروض الانف " أن ابن هشام مات سنة ثلاث عشرة ومئتين
(3)، فهذا وهم فيه أبو القاسم السهيلي، بل الصواب ما تقدم.
__________
(1) " وفيات الاعيان " 3 / 177.
(2) " مناقب الشافعي " للبيهقي 2 / 42، و " توالي التأسيس
" 2 / 60، وقد أورد
المؤلف هذا الخبر في ترجمة الشافعي في أول هذا الجزء.
(3) " الروض الانف " 1 / 7.
(*)
(10/429)
132 - أبو غسان * (ع) مالك بن إسماعيل
بن درهم، الحافظ الحجة الامام أبو غسان النهدي مولاهم
الكوفي، سبط إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه.
حدث عن: إسرائيل، وورقاء، وعيسى بن عبدالرحمن السلمي،
وفضيل بن مرزوق، والحسن بن صالح، والحكم بن عبدالملك، وعبد
الرحمن بن الغسيل، وعبد العزيز بن الماجشون، ومندل بن علي،
وحبان بن علي، وأبي معشر السندي، ويحيى بن عثمان التيمي،
وزهير بن معاوية، وخلق.
وعنه: البخاري، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويوسف بن موسى،
ومحمد بن يحيى الذهلي، وهارون الحمال، وأبو إسحاق
الجوزجاني، وأحمد بن سليمان الرهاوي (1)، وأحمد بن ملاعب،
وسلمة بن شبيب، وفهد بن سليمان، ومحمد بن إسحاق الصنعاني،
وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن الحسين الحنيني، وخلق
كثير.
قال محمد بن علي بن داود البغدادي: سمعت ابن معين يقول
لاحمد بن حنبل: إن سرك أن تكتب عن رجل ليس في قلبك منه شئ،
__________
* تاريخ يحيى بن معين: 543، طبقات ابن سعد 6 / 404 - 405،
التاريخ الكبير 7 / 315، التاريخ الصغير 2 / 339، الجرح
والتعديل 8 / 206، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 481،
المعجم المشتمل 284 - 285، تهذيب الكمال 1294 - 1295،
تذهيب التهذيب 4 / 14 / 2، تذكرة الحفاظ 1 1 / 402، 403،
العبر 1 / 378، الكاشف 2 /
112، ميزان الاعتدال 3 / 424 - 425، تهذيب التهذيب 10 / 2
- 9، طبقات الحفاظ: 171، خلاصة تذهيب الكمال: 366، شذرات
الذهب: 2 / 46.
(1) نسبة إلى الرها: بلدة من بلاد الجزيرة بينها وبين حران
ستة فراسخ.
" الانساب " 6 / 194.
(*)
(10/430)
فاكتب عن أبي غسان (1).
وقال أبو حاتم: قال يحيى بن معين: ليس بالكوفة أتقن من أبي
غسان (2).
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، صحيح الكتاب، من العابدين.
وقال أيضا: كان ثقة متثبتا (3).
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: أبو غسان محدث من أئمة
المحدثين (4).
وقال أبو حاتم: كان أبو غسان يملي علينا من أصله، وكان لا
يملي حديثا حتى يقرأه، وكان ينحو، لم أر بالكوفة أتقن من
أبي غسان، لا أبو نعيم، ولا غيره، وأبو غسان أتقن من إسحاق
بن منصور، وهو متقن ثقة، كان له فضل وصلاح وعبادة، وصحة
حديث واستقامة، وكانت عليه سجادتان، كنت إذا نظرت إليه
كأنه خرج من قبر، رحمه الله تعالى (5).
وقال النسائي وغيره: ثقة (6).
قال محمد بن سعد وغيره: مات في ربيع الآخر سنة تسع عشرة
ومئتين (7).
__________
(1) انظر " تاريخ ابن معين ": 543.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 206.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1295.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1295.
(5) " الجرح والتعديل " 8 / 206، 207.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1295.
(7) " طبقات ابن سعد " 6 / 405.
(*)
(10/431)
قلت: حديثه في كل الاصول، وفيه أدنى تشيع.
أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن بن يوسف المقرئ، أخبرنا محمد بن
إسماعيل، أخبرنا يحيى بن محمود، أخبرتنا فاطمة بنت عبد
الله بن عقيل، أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو القاسم
الطبراني، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر الازدي، حدثنا
مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن
صبيح مولى أم سلمة، عن زيد ابن أرقم، أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: " أنا حرب لمن
حاربتم، سلم لمن سالمتم ".
تفرد به أسباط، عن السدي.
رواه الترمذي (1) عن سليمان بن عبد الجبار، عن علي بن
قادم، وابن ماجة عن الحلواني، وغيره عن أبي غسان، جميعا عن
أسباط.
وصبيح: قال الترمذي: ليس بمعروف.
أبو أحمد الحاكم: حدثنا الحسين الغازي قال: سألت البخاري
عن أبي غسان قال: وعماذا تسأل ؟ قلت: التشيع.
فقال: هو على مذهب أهل بلده، ولو رأيتم عبيدالله بن موسى،
وأبا نعيم، وجماعة مشايخنا الكوفيين، لما سألتمونا عن أبي
غسان.
قلت: وقد كان أبو نعيم وعبيدالله معظمين (2) لابي بكر
وعمر، وإنما
ينالان من معاوية وذويه.
رضي الله عن جميع الصحابة.
__________
(1) رقم (3879)، وابن ماجه (145)، وأخرجه الطبراني في "
الكبير " برقم (2619)، وابن حبان (2244)، وله شاهد من حديث
أبي هريرة عند أحمد وغيره يتقوى به تقدم في الجزء الثالث
من هذا الكتاب ص 257.
(2) في الاصل: " معظمان " وهو خطأ.
(*)
(10/432)
133 - شاذ بن فياض
* (د، س) الحافظ الثقة، أبو عبيدة، اليشكري البصري، واسمه
هلال، وشاذ لقب أعجمي مخفف الذال.
وقيل: مثقلة، ومعناه فرحان.
ولد سنة بضع وثلاثين ومئة.
وسمع من: هشام الدستوائي، وعكرمة بن عمار، وشعبة، والثوري،
وعدة.
حدث عنه: أبو داود، وأبو حفص الفلاس، ومحمد بن المثنى،
وإبراهيم الحربي، وحنبل بن إسحاق، ومحمد بن حيان المازني،
ومحمد بن أيوب البجلي، وأحمد بن داود المكي، وأبو خليفة
الفضل بن الحباب، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق ثقة (1).
وقال البخاري: مات في سنة خمس وعشرين ومئتين (2).
خرج له النسائي أيضا.
__________
* التاريخ الكبير 8 / 211، التاريخ الصغير 2 / 353، الجرح
والتعديل 9 / 78، المجروحين والضعفاء 1 / 363 - 364، تهذيب
الكمال لوحة: 570، تذهيب التهذيب 2 / 69 / 1، ميزان
الاعتدال 2 / 260 و 4 / 216، العبر 1 / 394، الكاشف 2 / 3،
المغني في
الضعفاء 1 / 294، تهذيب التهذيب 4 / 299، خلاصة تذهيب
الكمال: 162، شذرات الذهب 2 / 56 - 57.
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 78.
(2) " التاريخ الكبير " 8 / 211.
(*)
(10/433)
134 - شاذ بن يحيى * الواسطي،
شيخ صدوق.
حدث عن: وكيع، ويزيد.
حدث عنه: عباس العنبري، وتميم بن المنتصر، وأحمد بن سنان
القطان، وعباس الترقفي، ومحمد بن عبد العزيز الدينوري،
وأبو بكر الاعين، وآخرون.
ذكر تمييزا.
135 - عبد الله بن سوار
* * (س) ابن عبد الله بن قدامة، القاضي الامام، أبو السوار
العنبري البصري، كان هو وأبوه وجده قضاة البصرة.
سمع من: أبيه، وعبد الله بن بكر المزني، وجرير بن حازم،
وحماد بن سلمة، ومالك بن أنس، ووهيب بن خالد، وطائفة.
حدث عنه: ابنه سوار، ومعاوية بن صالح، وأبو زرعة، وحرب
الكرماني، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وعبيدالله بن واصل،
ومعاذ بن المثنى، وأبو خليفة الجمحي، وخلق كثير.
خرج له النسائي في الفرائض حديثا.
__________
* الجرح والتعديل 4 / 392، تهذيب الكمال لوحة: 570، تذهيب
التهذيب 2 /
69 / 1، تهذيب التهذيب 4 / 299 - 300، خلاصة تذهيب الكمال:
162.
* * أخبار القضاة 2 / 155، الجرح والتعديل 5 / 77، تهذيب
الكمال لوحة: 691، تذهيب التهذيب 2 / 150 / 2، الكاشف 2 /
94، تهذيب التهذيب 5 / 248، خلاصة تهذيب الكمال: 200.
(*)
(10/434)
وثقة أبو داود وغيره، وكان صاحب سنة، وعلم ومعرفة.
مات في سنة ثمان وعشرين ومئتين.
وقد قارب الثمانين.
وتوفي ولده سوار بن عبد الله قاضي البصرة في سنة خمس
وأربعين ومئتين (1).
أدرك عبد الوارث التنوري ونحوه، وهو من شيوخ أبي داود
والترمذي والنسائي.
136 - إسماعيل بن عمرو * ابن
نجيح البجلي، مولاهم الكوفي، شيخ أصبهان ومسندها.
ولد سنة بضع وثلاثين ومئة.
وسمع مالك بن مغول، وكاملا أبا العلاء، ومسعر بن كدام،
وسفيان الثوري، وشيبان النحوي، وعبد الغفار بن القاسم،
وفضيل بن مرزوق، وطائفة، وطال عمره، وتفرد في وقته.
حدث عنه: أحمد بن الفرات، ومحمود بن أحمد بن الفرج، وعبد
الله بن محمد بن زكريا، وإبراهيم بن نائلة، ومحمد بن نصير
المديني، ومحمد بن علي الفرقدي، ومحمد بن إبراهيم الصفار،
وخلق من الاصبهانيين.
قال محمد بن يحيى بن مندة: سمعت إبراهيم بن أورمة ذكر
__________
(1) وسيورد المؤلف ترجمته مفصلة في الجزء الحادي عشر ص
(543).
* الضعفاء للعقيلي لوحة: 30، الكامل لابن عدي 1 / 30،
طبقات المحدثين لوحة: 86، تاريخ أصبهان 1 / 208 - 209،
ميزان الاعتدال 1 / 239 - 240، المغني في الضعفاء 1 / 85،
تهذيب التهذيب 1 / 320، لسان الميزان 1 / 425 - 426.
(*)
(10/435)
إسماعيل بن عمرو، فأحسن الثناء عليه، وقال: شيخ مثل ذاك
ضعفوه، وكان عنده عن فلان وفلان (1).
وذكره ابن حبان في " تاريخ الثقات ".
وأما الدارقطني، فضعفه.
وقال ابن عدي (2): حدث عن مسعر وسفيان بأحاديث لا يتابع
عليها، وروى عنه أسيد بن عاصم، والقاسم بن نصر، وعبد الله
بن محمد بن سلام، ثم ساق له ابن عدي أحاديث، فقال: هذه مع
سائر رواياته التي لم أذكرها، عامتها مما لا يتابع عليه،
وهو ضعيف.
قلت: مات سنة سبع وعشرين ومئتين، من أبناء التسعين.
137 - عبد السلام بن مطهر
* (خ، د) ابن حسام بن مصك بن ظالم بن شيطان، الامام الثقة
أبو ظفر الازدي البصري.
حدث عن: شعبة، وجرير بن حازم، ومبارك بن فضالة، وموسى بابن
خلف العمي، وسليمان بن المغيرة، وطائفة.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وإسماعيل سمويه، وأبو حاتم،
وإبراهيم الحربي، وأحمد بن زهير، وأحمد بن داود المكي،
وعثمان بن
__________
(1) انظر كتاب " أخبار أصبهان " لابي نعيم 1 / 208، وفيه "
ضيعوه " بدل " ضعفوه ".
(2) في " الكامل في الضعفاء " 1 / لوحة 30.
* التاريخ الكبير 6 / 67، الجرح والتعديل 6 / 48، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 324، المعجم المشتمل: 172، تهذيب
الكمال لوحة: 835، تذهيب التهذيب 2 / 238 / 2، الكاشف 2 /
196، خلاصة تذهيب الكمال: 238.
تهذيب التهذيب 6 / 235.
(*)
(10/436)
خرزاذ، ومحمد بن حيان المازني، وأبو خليفة الجمحي، وعدد
كثير.
وقد حدث أبو داود أيضا عن محمد بن المثنى عنه.
قال أبو حاتم: صدوق (1) وقال أبو داود: مات في رجب سنة
أربع وعشرين (2).
قلت: مات في عشر التسعين.
138 - عبد الغفار بن عبيدالله
* ابن عبدالاعلى بن الامير الذي افتتح إقليم خراسان في
خلافة عثمان، عبد الله (3) بن عامر بن كريز بن عبد شمس، بن
عبد مناف القرشي العبشمي الكريزي البصري.
حدث عن: شعبة، وصالح بن أبي الاخضر، وأبي المقدام هشام ابن
زياد، وغيرهم.
حدث عنه: ابن وارة، وأبو حاتم الرازي، وآخرون.
وهو متوسط الحال.
وقال البخاري: ليس حديثه بالقائم.
قلت: توفي سنة بضع عشرة ومئيتن.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 48.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 835.
* التاريخ الكبير 6 / 122، الجرح والتعديل 6 / 54، ميزان
الاعتدال 2 / 640، لسان الميزان 4 / 41.
(3) وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثالث من هذا الكتاب ص 18.
(*)
(10/437)
139 - عبد الغفار بن داود
* (خ، د، س، ق) ابن مهران بن زياد، الامام المحدث الصادق،
أبو صالح البكري، الحراني، ثم المصري، الافريقي المولد.
ولد سنة أربعين ومئة.
وسار به أبوه وهو طفل، فنشأ بالبصرة، وتفقه، وكتب العلم،
ثم رجع إلى مصر مع والده.
سمع: حماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وعبد الله بن عياش
القتباني، والليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة، ويعقوب بن
عبدالرحمن القارئ، وأبا المليح الرقي، وإسماعيل بن عياش،
وعدة.
حدث عنه: البخاري، وبواسطة أبو داود والنسائي وابن ماجة،
ومحمد بن عوف الطائي، وأبو بكر الاثرم، وأبو زرعة النصري،
وعبد الله بن حماد الآملي، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد
بن عمرو بن نافع الطحان، والمقدام بن داود الرعيني، وموسى
بن عيسى بن المنذر، ويحيى بن أيوب العلاف، ويحيى بن عثمان
السهمي، وأحمد بن زغبة، وخلق كثير.
وكان من أهل العلم والجلالة والحشمة.
قال أبو سعيد بن يونس: كانت أمه بنت سعيد بن يزيد الازدي
__________
* التاريخ الكبير 6 / 121، التاريخ الصغير 2 / 350، الجرح
والتعديل 6 / 54، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 329، المعجم المشتمل: 173، تهذيب
الكمال لوحة: 847، تذهيب التهذيب 2 / 245 / 2، الكاشف 2 /
203، تهذيب التهذيب 6 / 365، خلاصة تذهيب الكمال 241.
(*)
(10/438)
البصري.
قدم مصر مع أبيه في سنة إحدى وستين (1)، وذهب إلى المغرب.
قال: وكان ثقة ثبتا فقيها على مذهب أبي حنيفة، وكان أحد
وجوه المصريين.
قدم المأمون مصر، فكان عبد الغفار يجالسه، وله معه أخبار.
قال أبو حاتم: لا بأس به (2).
وقال الخطيب: سمع بالبصرة وبمصر والشام والجزيرة، وكان
يكره أن يقال له: الحراني، وإنما سمي بذلك، لان أخويه عبد
الله وعبد العزيز ولدا بحران، ولهم ثروة ونعمة.
وولد أخواه عبد الخالق وعبد الصمد بإفريقية، ثم تحولوا
منها (3).
قال ابن يونس: مات أبو صالح بمصر في شعبان سنة أربع وعشرين
ومئتين.
قلت: وهم من قال: إنه مات سنة ثمان وعشرين.
140 - عيسى بن دينار * فقيه
الاندلس ومفتيها، الامام أبو محمد الغافقي،
القرطبي.
ارتحل، ولزم ابن القاسم مدة، وعول عليه، وكان صالحا خيرا
ورعا، يذكر بإجابة الدعوة.
__________
(1) انظر " تهذيب الكمال " لوحة 848، و " تذهيب التهذيب "
2 / 245.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 54.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 848.
* جذوة المقتبس 298، ترتيب المدارك 3 / 16 - 20، العبر 1 /
363، الديباج المذهب 2 / 64 - 66، تاريخ ابن الفرضي 1 /
331، شذرات الذهب 2 / 28.
(*)
(10/439)
كان ابن وضاح يقول: هو الذي علم أهل الاندلس الفقه (1).
وقال محمد بن عبدالملك بن أيمن: هو كان أفقه من يحيى بن
يحيى الليثي (2).
وقال الفقيه أبان بن عيسى بن دينار: كان أبي قد أجمع على
ترك الفتيا بالرأي، وأحب الفتوى بالحديث، فأعجلته المنية
عن ذلك (3).
قلت: كان من أوعية الفقه، ولكنه قليل الحديث.
توفي سنة اثنتي عشرة ومئتين في سن الكهولة، رحمه الله.
141 - عيسى بن أبان * فقيه
العراق، تلميذ محمد بن الحسن، وقاضي البصرة.
حدث عن: إسماعيل بن جعفر، وهشيم، ويحيى بن أبي زائدة.
وعنه: الحسن بن سلام السواق، وغيره.
وله تصانيف وذكاء مفرط، وفيه سخاء وجود زائد.
توفي سنة إحدى وعشرين ومئتين.
أخذ عنه بكار بن قتيبة.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 3 / 19، و " الديباج المذهب " 2 /
65.
(2) " ترتيب المدارك " 3 / 16، و " الديباج المذهب " 2 /
64.
(3) " ترتيب المدارك " 3 / 19.
* أخبار القضاة لوكيع 2 / 170 - 172، تاريخ بغداد 11 / 157
- 160، إيضاح
المكنون 1 / 23، 26، الجواهر المضية 1 / 401، الفوائد
البهية 151، كشف الظنون 1431، 1440، هدية العارفين 1 /
806.
(*)
(10/440)
142 - عون بن سلام
* (م) الشيخ العالم المعمر الصادق، أبو جعفر الكوفي.
سمع أبا بكر النهشلي، وإسرائيل بن يونس، وزهير بن معاوية،
ومحمد بن طلحة بن مصرف.
حدث عنه: مسلم، وهو من كبار مشيخته، وأحمد بن علي الابار،
ومحمد بن عبد الله مطين، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة،
وموسى بن إسحاق الخطمي، وموسى بن هارون الحمال، وآخرون.
وعاش تسعين سنة، وهو صدوق، ما علمت به بأسا.
مات في شهر ذي القعدة سنة ثلاثين ومئتين.
وممن كان بعد المئتين، من رؤوس المتكلمين والمعتزلة، بشر
بن غياث (1) المريسي العدوي، مولى آل زيد بن الخطاب، وأبو
سهل بشر بن المعتمر (2) الكوفي الابرص، من كبار المعتزلة
ومصنفيهم، وأبو معن ثمامة بن أشرس (3) النميري البصري،
وأبو الهذيل محمد بن الهذيل العلاف البصري (4)، وأبو إسحاق
إبراهيم بن سيار البصري النظام (5)، وهشام بن
__________
* الجرح والتعديل 6 / 388، تاريخ بغداد 12 / 293 - 294،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 402، المعجم المشتمل: 208،
تهذيب الكمال لوحة: 1067، تذهيب التهذيب 3 / 120 / 1،
ميزان الاعتدال 3 / 306، العبر 1 / 407، الكاشف 2 / 357،
المغني في الضعفاء 2 / 495، تهذيب التهذيب 8 / 170 - 171،
خلاصة تذهيب الكمال: 298، شذرات الذهب 2 / 69.
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة 199 من هذا الجزء.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة 203 من هذا الجزء.
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة 203 من هذا الجزء.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 542 من هذا الجزء.
(5) سترد ترجمته في الصفحة 541 من هذا الجزء.
(*)
(10/441)
الحكم (1) الكوفي الرافضي المجسم، وضرار بن عمرو (2) الذي
تنسب الضرارية إليه، وأبو المعتمر معمر بن عباد (3) وقيل:
معمر بن عمرو البصري العطار، وهشام بن عمرو الفوطي (4)،
وداود الجواربي، والوليد بن أبان الكرابيسي (5)، وابن
كيسان الاصم، وأبو موسى الفراء البغدادي، وأبو موسى (6)
البصري الملقب بالمرداز، وجعفر بن حرب (7)، وجعفر بن مبشر
(8)، وآخرون.
نعوذ بالله من البدع، وأن نقول على الله ما لا نعلم.
143 - زكريا بن عدي *
(خ، ت) ابن زريق، وقيل: ابن الصلت، الامام الحافظ الثبت،
أبويحيى التيمي، مولاهم الكوفي، نزيل بغداد، أخو نزيل مصر
يوسف بن عدي، وكان عدي ذميا فأسلم.
حدث زكريا عن: حماد بن زيد، وشريك، وأبي الاحوص،
__________
(1) سترد ترجمته في الصفحة 543 من هذا الجزء.
(2) سترد ترجمته في " الصفحة 544 من هذا الجزء.
(3) سترد ترجمته في الصفحة 546 من هذا الجزء.
(4) سترد ترجمته في الصفحة 547 من هذا الجزء.
(5) سترد ترجمته في الصفحة 548 من هذا الجزء.
(6) في الاصل: " أبو عيسى " وهو خطأ، وسترد ترجمته في
الصفحة 548 من هذا الجزء.
(7) سترد ترجمته في الصفحة 549 من هذا الجزء.
(8) سترد ترجمته في الصفحة 549 من هذا الجزء.
* طبقات ابن سعد 6 / 407، التاريخ الكبير 3 / 424، الجرح
والتعديل 3 / 600، تاريخ بغداد 8 / 455، تهذيب الكمال
لوحة: 434، تذهيب التهذيب 1 / 237 / 2، تذكرة الحفاظ 1 /
395، العبر 1 / 362، الكاشف 1 / 323، تهذيب التهذيب 3 /
331، طبقات الحفاظ 169 - 170، خلاصة تذهيب الكمال: 122،
شذرات الذهب 2 / 28.
(*)
(10/442)
وهشيم، وابن المبارك، ويزيد بن زريع، وعبيدالله بن عمرو
الرقي، وطبقتهم.
حدث عنه: إسحاق بن راهويه، وإسحاق الكوسج، وعبد بن حميد،
وأبو محمد الدارمي، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن علي
البربهاري (1)، ومعاوية بن صالح الدمشقي، ومحمد بن إسماعيل
البخاري خارج " الصحيح "، وفي " الصحيح " بواسطة، وخلق
سواهم.
قال أحمد العجلي: كوفي ثقة، رجل صالح متقشف (2).
وقال المنذر بن شاذان: ما رأيت أحفظ من زكريا بن عدي، جاءه
أحمد بن حنبل ويحيى، فقالا: أخرج إلينا كتاب عبيدالله بن
عمرو، فقال: ما تصنعون به ؟ خذوا حتى أملي عليكم كله، وكان
يحدث عن عدة من أصحاب الاعمش، فيميز ألفاظهم (3).
وقال عبدالرحمن بن خراش: هو ثقة ورع (4).
وقيل: إنه لما احتضر، قال: اللهم إني إليك مشتاق.
قال أبو عوف البزوري: ما كتبت عن أحد أفضل من زكريا بن
عدي.
وقال أبويحيى صاعقة: قدم زكريا بن عدي، فكلموا له من
يستعمله على قرية في الشهر بثلاثين درهما، فرجع بعد شهر،
وقال: ليس أجدني
__________
(1) نسبة إلى " بربهار " وهي الادوية التي تجلب من الهند
من الحشيش والعقاقير والفلوس وغيرها.
" الانساب " 2 / 125.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 456، و " تهذيب الكمال " ولوحة
433.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 600، و " تهذيب الكمال " لوحة
434.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 456، و " تهذيب الكمال " لوحة
434.
(*)
(10/443)
أعمل بقدر الاجرة (1).
واشتكت عينه، فأتاه رجل بكحل، فقال: أنت ممن يسمع الحديث
مني ؟ قال: نعم، فأبى أن يأخذه (2).
وقد نال منه أبو نعيم الكوفي بلا حجة، وقال: ما له وللحديث
؟ هو بالتوراة أعلم (3).
قال ابن سعد: هو من موالي تيم الله، وكان رجلا صالحا ثقة،
قال: وتوفي في جمادى الاولى سنة إحدى عشرة ومئتين (4).
وقال إسماعيل بن أبي الحارث وغيره: مات في ثاني جمادى
الآخرة سنة اثنتي عشرة ومئتين ببغداد (5).
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه وغيره إجازة، قالوا:
أخبرنا عمر ابن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا
محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا بشر بن موسى،
حدثنا زكريا بن عدي، أخبرنا عبيد الله بن عمرو، عن ابن
عقيل، عن جابر، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى امرأة من الانصار في نخل لها يقال له الاسواف (6)،
ففرشت للرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت صور (7) لها
مرشوش، فقال: " الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة "،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 456.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 456.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 455.
(4) " طبقات ابن سعد " 6 / 407.
(5) " تاريخ بغداد " 8 / 456، و " تهذيب الكمال " لوحة
434.
(6) هو موضع بناحية البقيع في المدينة المنورة.
(7) الصور بفتح الصاد وإسكان الواو: الجماعة من النخل، ولا
واحد له من لفظه.
(*)
(10/444)
فجاء أبو بكر، ثم قال: " الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة "،
فجاء عمر، فقال: " الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة "، قال:
فلقد رأيت رأسه مطأطئا من تحت الصور، ثم يقول: " اللهم إن
شئت جعلته عليا "، فجاء علي، ثم إن الانصارية ذبحت لرسول
الله صلى الله عليه وسلم شاة، وصنعتها، فأكل وأكلنا، فلما
حضرت الظهر، قام فصلى وصلينا، ما توضأ ولا توضأنا، فلما
حضرت العصر، صلى وما توضأ ولا توضأنا.
هذا حديث حسن، أخرجه الترمذي (1) عن عبد عن زكريا بن عدي.
144 - عبدالملك بن مسلمة
* الفقيه، أبو مروان الاموي، مولاهم البصري.
ولد سنة أربعين ومئة.
وأخذ عن مالك، والليث، وجماعة.
وعنه: سمويه، والحسن بن قتيبة العسقلاني، ويحيى بن عثمان
بن
صالح.
ضعفه ابن يونس، وابن حبان (2).
قال يحيى بن بكير: أبطأ حبيب، فقال مالك: ليقرأ بعضكم،
فقرأ
__________
(1) رقم (80) في الطهارة: باب ما جاء في ترك الوضوء مما
غيرت النار، وأخرجه أحمد 3 / 387، وأبو داود الطيالسي 2 /
138 من طريق زائدة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل.
وأخرجه أحمد 3 / 375 من طريق محمد بن إسحاق، حدثني عبد
الله بن محمد بن عقيل..* الجرح والتعديل 5 / 371،
المجروحين والضعفاء 2 / 134، ترتيب المدارك 1 / 530، ميزان
الاعتدال 2 / 664، المغني في الضعفاء 2 / 408، لسان
الميزان 4 / 68.
(2) انظر كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 134.
(*)
(10/445)
عبدالملك بن مسلمة، فلما مر بابن شهاب، قال: شهاب - فعل
ذلك مرارا - وضجر مالك، وكان يغيب، فيكتب في ألواحه ما
يسمع من مالك، فيقول: أنا كتبته.
فيعجب من تغفله.
وقرأ لنا على مالك في النذور قال: فقربت إليه " جزء وفتى
مكسورا " فضحك مالك، وقال: " جرو (1) قثاء مكسورا " عافاك
الله.
رواها ابن يونس، حدثنا عبد الوهاب بن سعد، حدثنا عمرو بن
أحمد بن السرح، حدثنا ابن السرح، حدثنا ابن بكير، فذكرها
كلها.
مات في ذي الحجة سنة أربع وعشرين ومئتين.
وجده هو يزيد مولى جزء بن عبد العزيز بن مروان.
145 - هشام بن عبيدالله *
الرازي السني (2) الفقيه، أحد أئمة السنة.
حدث عن: ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وحماد بن زيد، وعبد
العزيز بن المختار، وطبقتهم.
حدث عنه: بقية بن الوليد، وهو من شيوخه، ومحمد بن سعيد
العطار، والحسن بن عرفة، وحمدان بن المغيرة، وأبو حاتم
الرازي، وأحمد بن الفرات، وعبد الله بن يزيد، وطائفة
سواهم.
__________
(1) الجرو: صغار القثاء.
* الجرح والتعديل 9 / 67، المجروحين والضعفاء 3 / 90،
ميزان الاعتدال 4 / 300، العبر 1 / 383، عيون التواريخ 8 /
65، تهذيب التهذيب 11 / 47 - 48، لسان الميزان 6 / 195،
شذرات الذهب 2 / 49، الفوائد البهية 324.
(2) في " الانساب " 7 / 175: هذه النسبة إلى السنة التي هي
ضد البدعة، ولما كثر أهل البدع خصوا جماعة بهذا الانتساب.
(*)
(10/446)
وكان من بحور العلم.
قال موسى بن نصير: سمعته يقول: لقيت ألفا وسبع مئة شيخ،
أصغرهم عبد الرزاق، وخرج مني في طلب العلم سبع مئة ألف
درهم (1).
وقال أبو حاتم: صدوق (2)، وما رأيت أحدا أعظم قدرا، ولا
أجل من هشام بن عبيد الله بالري، وأبي مسهر الغساني بدمشق.
وأما ابن حبان، فلينه، وساق له خبرا لا يحتمل، عن ابن أبي
ذئب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: " الدجاج غنم فقراء
أمتي، والجمعة حجهم " (3).
وقال الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الحنفية ": هو لين في
الرواية، وفي داره مات محمد بن الحسن (4).
قال محمد بن خلف الخراز: سمعت هشام بن عبيدالله الرازي
يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، فقال له رجل: أليس الله
يقول: [ ما
يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ] ؟.
فقال: محدث إلينا، وليس عند الله بمحدث.
قلت: لانه من علم الله، وعلم الله لا يوصف بالحدث.
مات سنة إحدى وعشرين ومئتين.
ورخه عبدالرحمن بن محمد العبدي.
__________
(1) انظر " عيون التواريخ " 8 / لوحة 65.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 67.
(3) كتاب " المجروحين والضعفاء " 3 / 90، وأورده السخاوي
في " المقاصد الحسنة " ص 175، ونسبه للديلمي من طريق هشام
بن عبيد الله بهذا الاسناد.
(4) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 300، و " الفوائد البهية
": 223، ومحمد بن الحسن تقدمت ترجمته في الجزء التاسع برقم
(45).
(*)
(10/447)
146 - أبو الجماهر
* (د، ق) الامام المحدث الحافظ الثبت، أبو عبد الرحمن،
وأبو الجماهر، محمد بن عثمان، التنوخي الدمشقي الكفر سوسي
(1).
سمع: خليد بن دعلج، وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز،
وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن عياش، والهيثم بن حميد،
وعدة.
حدث عنه: أحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو
زرعة، وأبو حاتم، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو إسحاق
الجوزجاني، وأبو داود في " سننه "، وإسحاق بن سيار، وأحمد
بن إبراهيم البسري، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعثمان بن
سعيد الدارمي، والحسن بن جرير الصوري، وخلق كثير.
وثقه رفيقه أبو مسهر، وأبو حاتم (2).
وقال عثمان الدارمي: كان أوثق من أدركنا بدمشق، ورأيت أهل
البلد مجمعين على صلاحه، ورأيتهم يقدمونه على هشام، وعلى
أبي أيوب - يعني ابن بنت شرحبيل (3) -.
وقال أبو داود: ثقة (4).
__________
* التاريخ الكبير 1 / 181، تاريخ دمشق لابي زرعة 1 / 283،
الجرح والتعديل 8 / 25، معجم البلدان 4 / 469، تهذيب
الكمال لوحة 1241، تذهيب التهذيب 3 / 231 / 1، تذكرة
الحفاظ 1 / 407 - 408، العبر 1 / 392، الكاشف 3 / 77،
تهذيب التهذيب 9 / 338، طبقات الحفاظ 173، خلاصة تذهيب
الكمال: 351، شذرات الذهب 2 / 55.
(1) نسبة إلى كفر سوسية قرية من قرى دمشق.
وانظر " معجم البلدان " 4 / 469.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 25.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1241.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1241.
(*)
(10/448)
ولد سنة أربعين ومئة، أو سنة إحدى.
قلت: قد روى أبو داود عنه، وعن رجل عنه (1).
قال أبو حاتم: ما رأيت أحدا أفصح منه.
وقال أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا، وكان من خيار الناس (2).
وقال أبو حاتم: ما رأيت أفصح منه، ومن أبي مسهر الغساني.
قال أبو زرعة النصري والفسوي: مات سنة أربع وعشرين ومئتين
(3).
147 - أبو همام الدلال
* (د، س، ق) محمد بن محبب، الامام الثقة، المحدث، أبو همام
القرشي
البصري، بياع الرقيق.
حدث عن: سفيان الثوري، وسعيد بن السائب، وإبراهيم بن
طهمان، وإسرائيل بن يونس.
وعنه: رجاء بن مرجى، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن
محمد البرتي (4) القاضي، وأبو مسلم الكجي، وأبو خليفة
الفضل بن الحباب، وآخرون.
__________
(1) في " تذهيب التهذيب " 3 / لوحة 231: وروى أبو داود عن
محمود بن خالد عنه.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1241.
(3) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 283، و " المعرفة
والتاريخ " 1 / 206، 207.
* التاريخ الكبير 1 / 247، الجرح والتعديل 8 / 96، تهذيب
الكمال لوحة: 1264، العبر 1 / 383، ميزان الاعتدال 4 / 25،
الكاشف 3 / 93، عيون التواريخ 8 / 65، تهذيب التهذيب 9 /
426، خلاصة تذهيب الكمال: 357، شذرات الذهب 2 / 49.
(4) نسبة إلى " برت " مدينة بنواحي بغداد.
" الانساب " 2 / 127.
(*)
(10/449)
وثقه أبو داود، وروى له هو والنسائي والقزويني.
مات سنة إحدى وعشرين ومئتين، وكان من أبناء الثمانين، رحمه
الله.
148 - عمرو بن عون *
(خ، د) ابن أوس بن الجعد، الحافظ المجود الامام، أبو عثمان
السلمي الواسطي البزاز.
حدث عن: حماد بن سلمة، وعبد العزيز بن الماجشون، وشريك ابن
عبد الله، وهشيم، ويحيى بن أبي زائدة، وخالد بن عبد الله،
وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعلي
ابن عبد العزيز البغوي، ويعقوب الفسوي، وعثمان الدارمي،
وعدد كثير.
وثقه جماعة، وقال فيه يزيد بن هارون: هو ممن يزداد كل يوم
خيرا (1).
وقال أبو زرعة الرازي: هو ثقة، قل من رأيت أثبت منه (2).
__________
* تاريخ ابن معين: 451، التاريخ الكبير 6 / 361، التاريخ
الصغير 2 / 352، الجرح والتعديل 6 / 252، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 368، المعجم المشتمل: 205، تهذيب الكمال
لوحة: 1046، تذهيب التهذيب 3 / 107 / 1، تذكرة الحفاظ 2 /
426 - 427، العبر 1 / 387 - 388، الكاشف 2 / 338، غاية
النهاية 1 / 602، تهذيب التهذيب 8 / 86، طبقات الحفاظ:
183، خلاصة تذهيب الكمال: 292، شذرات الذهب 2 / 52.
(1) " تاريخ ابن معين ": 451، و " الجرح والتعديل " 6 /
252.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 252، و " تهذيب الكمال " لوحة
1047.
(*)
(10/450)
وقال أبو حاتم: ثقة حجة، كان يحفظ حديثه (1).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة، رجل صالح (2).
وقد حدث عنه يحيى بن معين مرة، فأطنب في الثناء عليه (3).
قلت: كان عالما بهشيم جدا.
قال حاتم بن الليث: مات عمرو بن عون في سنة خمس وعشرين
ومئتين (4).
أخبرنا أحمد بن محمد بن العماد، أخبرنا إبراهيم بن عثمان،
أخبرنا
أحمد بن محمد الكاغدي (5)، أخبرنا أحمد بن علي الصوفي،
أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا
يعقوب بن سفيان، حدثنا عمرو بن عون، حدثنا يحيى بن أبي
زائدة، عن إسرائيل، عن الركين بن الربيع بن عميلة، عن
أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "
ما أكثر أحد من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل ".
أخرجه القزويني (6) عن عباس بن جعفر، عن عمرو بن عون.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 252.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1047.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1047.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1047.
(5) الكاغد والكاغذ: القرطاس، وهو الصحيفة التي يكتب
عليها، تتخذ من بردي يكون بمصر.
وقال السمعاني في " الانساب " 10 / 326، وهذه النسبة إلى
عمل الكاغذ الذي يكتب عليه وبيعه، وهو لا يعمل في المشرق
إلا بسمرقند.
(6) هو في " سننه " برقم (2279).
وقال البوصيري في " زوائده " الورقة 145: هذا إسناد صحيح
رجاله ثقات.
ورواه الامام أحمد في " مسنده " 1 / 395 و 424 من حديث ابن
مسعود أيضا، والحاكم 2 / 36 وقال: صحيح الاسناد، ووافقه
الذهبي، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في " مسنده " من طريق
شريك، عن الركين بإسناده ومتنه سواء، وأبو يعلى الموصلي:
حدثنا بشر بن الوليد، حدثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن
أبيه به.
وحسنه الحافظ في " الفتح " 4 / 266.
(*)
(10/451)
149 - الربيع بن يحيى * (خ، د) ابن مقسم الاشناني،
الامام الحافظ الحجة أبو الفضل المرئي (1) البصري.
حدث عن: شعبة، ومالك بن مغول، ومبارك بن فضالة، وزائدة
ابن قدامة، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، وأبو داود، وحرب الكرماني، وأبو زرعة
الرازي، وإسماعيل سمويه، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن أيوب
البجلي، ومحمد بن محمد التمار، وآخرون.
قال أبو حاتم: ثقة ثبت (2).
وأما الدارقطني، فلينه.
وقال الحاكم: سألت الدارقطني عنه، فقال: روى عن سفيان
الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر في الجمع بين الصلاتين
(3).
قال:
__________
* التاريخ الكبير 3 / 278، الجرح والتعديل 3 / 471، تاريخ
بغداد 8 / 417، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 134، المعجم
المشتمل: 120، تهذيب الكمال لوحة 409، تذهيب التهذيب 1 /
220 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 43، الكاشف 1 / 30، المغني في
الضعفاء 1 / 229، العبر 1 / 390، تهذيب التهذيب 3 / 252،
خلاصة تذهيب الكمال: 116، شذرات الذهب 2 / 53.
(1) نسبة إلى امرئ القيس بن مضر، والنسبة إلى امرئ القيس:
" امرئي " بكسر الراء، ويقال: " مرئي " بفتح الميم والراء
وحذف همزة الوصل، وهذا هو المطرد عند سيبويه لانه المسموع.
انظر الخضري على ابن عقيل 2 / 164، اللسان: " مرأ "،
التاج: " قيس "، اللباب 3 / 191.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 471.
(3) أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 / 161 من طرق
عن الربيع بن يحيى الاشناني، حدثنا سفيان الثوري، عن محمد
بن المنكدر، عن جابر قال: جمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من
غير خوف ولا علة.
وقد أورده = (*)
(10/452)
وهذا يسقط مئة ألف حديث.
يعني: من أتى بهذا ممن هو صاحب مئة ألف حديث أثر فيه لينا
بحيث تنحط رتبة المئة ألف عن درجة الاحتجاج، وإنما هذا على
سبيل المبالغة، فكم ممن قد روى مئتي حديث ووهم منها في
حديثين وثلاثة وهو ثقة.
قال ابن قانع: مات الاشناني في سنة أربع وعشرين ومئتين
(1).
قلت: كان معمرا، من أبناء التسعين.
150 - الوحاظي * (خ، م)
الامام العالم الحافظ الفقيه، أبو زكريا، يحيى بن صالح
__________
ابن أبي حاتم في " العلل " 1 / 116، ونقل عن أبيه قوله:
إنه باطل عندي، هذا خطأ لم أدخله في التصنيف أراد أبا
الزبير عن جابر، أو أبا الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس.
الخطأ من الربيع.
ورواية أبي الزبير عن جابر التي أشار إليها أبو حاتم
أخرجها ابن عساكر 17 / 273 / 1 من طريق محمد بن إبراهيم،
عن شعبة، عن أبي الزبير، عن جابر.
ورواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب
والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر.
أخرجه مالك 1 / 144، وعنه مسلم (705) في صلاة المسافرين:
باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، وأبو داود (1210)،
والنسائي 1 / 290.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 409.
* العلل لاحمد بن حنبل: 187، طبقات ابن سعد 7 / 473،
التاريخ الكبير 8 / 282، التاريخ الصغير 2 / 346، تاريخ
الفسوي 1 / 206، الضعفاء للعقيلي لوحة 442، الجرح والتعديل
9 / 158، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 562، طبقات الحنابلة
1 / 402، تاريخ دمشق 12 / 288 / أ، المعجم المشتمل: 319،
اللباب 3 / 354، تهذيب الكمال لوحة 1502، تذهيب التهذيب 4
/ 157 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 408، الكاشف 3 / 258، العبر 1
/ 385،
تهذيب التهذيب 11 / 229، مقدمة فتح الباري: 452، طبقات
الحفاظ: 173، خلاصة تذهيب الكمال: 425، شذرات الذهب 2 /
50.
(*)
(10/453)
الوحاظي (1) الدمشقي، وقيل: الحمصي.
حدث عن: مالك بن أنس، وسعيد بن عبد العزيز، وفليح بن
سليمان، وزهير بن معاوية، وحماد بن شعيب الكوفي، وسليمان
بن بلال، وعفير بن معدان، وسعيد بن بشير، وسليمان بن عطاء،
ومحمد ابن مهاجر، وسلمة بن كلثوم، ومعاوية بن سلام الحبشي،
وعدة.
حدث عنه: البخاري، وهو والباقون - سوى النسائي - عن رجل
عنه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد
بن عوف، وابن وارة، وأبو أمية الطرسوسي، وعثمان بن سعيد
الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي، ويعقوب الفسوي، وأحمد بن محمد
بن يحيى بن حمزة، وأحمد بن عبد الوهاب، وأحمد بن عبدالرحيم
الحوطيان، وعبد الرحيم بن القاسم الرواس، وعلي بن محمد بن
عيسى الجكاني (2)، وخلق كثير.
قال يحيى بن معين: ثقة (3).
وقال أبو حاتم: صدوق (4).
وقال أبو عوانة الاسفراييني: حسن الحديث، صاحب رأي، وكان
عديل (5) محمد بن الحسن الفقيه إلى مكة (6).
__________
(1) نسبة إلى وحاظة بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك.
" اللباب " 3 / 354.
(2) نسبة إلى جكان: محلة على باب مدينة هراة " معجم
البلدان " 2 / 148.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 158، و " تاريخ دمشق " لابي
زرعة 1 / 462، و " تهذيب
الكمال " لوحة 1503.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 158.
(5) أي كان رفيقه في المحمل، ففي " اللسان ": عدل الرجل في
المحمل وعادله: ركب معه.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(*)
(10/454)
قال أحمد بن صالح المصري: حدثنا يحيى بن صالح بثلاثة عشر
حديثا عن مالك ما وجدنا لها أصلا عند غيره (1).
وممن وثقه ابن عدي وابن حبان، وغمزه بعض الائمة لبدعة فيه،
لا لعدم إتقان.
قال أحمد بن حنبل: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أن يحيى ابن
صالح قال: لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث - يعني هذه
التي في الرؤية - ثم قال أحمد: كأنه نزع إلى رأي جهم (2).
قلت: والمعتزلة تقول: لو أن المحدثين تركوا ألف حديث في
الصفات والاسماء والرؤية، والنزول، لاصابوا.
والقدرية تقول: لو أنهم تركوا سبعين حديثا في إثبات القدر.
والرافضة تقول: لو أن الجمهور تركوا من الاحاديث التي
يدعون صحتها ألف حديث، لاصابوا، وكثير من ذوي الرأي يردون
أحاديث شافه بها الحافظ المفتي المجتهد أبو هريرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ويزعمون أنه ما كان فقيها (3)،
ويأتوننا بأحاديث ساقطة، أو لا يعرف لها إسناد أصلا محتجين
بها.
قلنا: وللكل موقف بين يدي الله تعالى.
يا سبحان الله ! أحاديث رؤية الله في الآخرة متواترة،
والقرآن مصدق لها، فأين الانصاف ؟.
قال أبو جعفر العقيلي: يحيى الوحاظي حمصي جهمي (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(2) " العلل " لاحمد بن حنبل: 187.
(3) انظر التعليق رقم (1) في الصفحة 619 من الجزء الثاني
من هذا الكتاب.
(4) " الضعفاء " للعقيلي: لوحة 442.
(*)
(10/455)
قلت: قد كان ينكر الارجاء، فقال البخاري: قال عبد الصمد:
سألت يحيى بن صالح عن الايمان، فقال: حدثنا أبو المليح،
سمعت ميمون بن مهران يقول: أنا أقدم من الارجاء (1).
قلت: قدم أحمد بن حنبل حمص، فما أخذ عن يحيى شيئا.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن يحيى بن صالح، فقال:
رأيته في جنازة أبي المغيرة، فجعل أبي يضعفه (2).
وقال إسحاق الكوسج: حدثنا الوحاظي، وكان مرجئا خبيثا داعي
دعوة (3).
قال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا يزيد بن عبد ربه يقول: سمعت
وكيعا يقول ليحيى الوحاظي: اجتنب الرأي، فإني سمعت أبا
حنيفة رحمه الله يقول: البول في المسجد أحسن من بعض قياسهم
(4).
قال جماعة: مات الوحاظي سنة اثنتين وعشرين ومئتين (5).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(2) " العلل " لاحمد بن حنبل: 187 وفيه " يصفه " بدل "
يضعفه " وهو تحريف.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1503.
وقال الحافظ في " مقدمة الفتح ": هو من شيوخ البخاري، وثقه
يحيى بن معين، وأبو اليمان، وابن عدي، وذمه أحمد لانه نسبه
إلى شئ من رأي
جهم، وقال إسحاق بن منصور: كان مرجئا، وقال الساجي، هو من
أهل الصدق والامانة، وقال أبو حاتم: صدوق.
(5) " التاريخ الكبير " 8 / 282، و " تاريخ الفسوي " 1 /
206، و " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 284 و 2 / 708.
(*)
(10/456)
151 - أحمد بن يونس
* (ع) الامام الحجة الحافظ، أبو عبد الله، أحمد بن عبد
الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي، ينسب إلى جده
تخفيفا.
مولده في سنة اثنتين وثلاثين ومئة تخمينا.
سمع من: جده يونس بن عبد الله بن قيس اليربوعي، ومن ابن
أبي ذئب، وسفيان الثوري، وإسرائيل، والحسن بن صالح، وزائدة
بن قدامة، وعاصم بن محمد بن زيد العمري، وعبد العزيز بن
الماجشون وزهير بن معاوية، وأبي بكر بن عياش، وخلق.
وكان عارفا بحديث بلده.
حدث عنه: البخاري، ومسلم وهو من كبراء شيوخه، وعبد بن
حميد، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم الحربي، ويعقوب الفسوي،
وأبو حاتم، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبو حصين الوادعي،
وإبراهيم بن شريك، وخلق سواهم.
قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل، وسأله رجل: عمن
أكتب ؟ قال: ارحل إلى أحمد بن يونس، فإنه شيخ الاسلام (1).
وقال أبو حاتم: كان ثقة متقنا (2).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 405، تاريخ خليفة: 478، التاريخ
الكبير 2 / 5، التاريخ الصغير
2 / 355، الجرح والتعديل 2 / 57، تهذيب الكمال لوحة 29،
تهذيب التهذيب 1 / 16 / 2، تذكرة الحفاظ 1 / 400، 401،
العبر 1 / 398، الكاشف 1 / 62، 63، دول الاسلام: 137،
تهذيب التهذيب 1 / 50، طبقات الحفاظ: 174، خلاصة تذهيب
الكمال: 8، شذرات الذهب 2 / 59.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 29.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 57.
(*)
(10/457)
قال أبو داود صاحب " السنن ": سألت أحمد بن يونس، فقال: لا
تصل خلف من يقول: القرآن مخلوق، هؤلاء كفار (1).
بلغنا عن أحمد بن يونس، قال: قلت: إذا رجعت من عند سفيان
الثوري، أخذت نفسي بخير ما علمت، وإذا أتيت مالك بن مغول
تحفظت من لساني، وإذا أتيت شريكا، رجعت بعقل تام، وإذا
أتيت مندل بن علي أهمتني نفسي من حسن صلاته (2).
قلت: من جلالة أحمد بن يونس عند البخاري أنه روى أيضا عن
يوسف بن موسى عنه.
وقال البخاري: مات في شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين
ومئتين (3).
أنبأنا ابن أبي عمر، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن
عبد الباقي، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو الفضل
عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا إبراهيم بن شريك الاسدي،
حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش،
عن الاعمش، عن عبد الله بن مرة، عن أبي الاحوص، عن عبد
الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبرأ إلى
كل خليل من خلته، ولو كنت متخذا خليلا، لاتخذت أبا بكر
خليلا ".
هذا حديث صحيح، كوفي الاسناد، حدث به السفيانان، ووكيع ابن
الجراح، عن الاعمش.
أخرجه مسلم (4) والنسائي، وابن ماجة.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 1 / 400.
(2) " تذكرة الحفاظ " 1 / 401.
(3) " التاريخ الكبير " 2 / 5.
(4) رقم (2383) (7) في أول فضائل الصحابة، وابن ماجه (93)
في فضائل أصحاب النبي = (*)
(10/458)
وقد سقت لابن يونس حديثا آخر في ترجمة زائدة (1).
أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن مسعود الجمال وأبي الفضائل
الكاغدي قالا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم،
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن حمزة، ومحمد بن علي بن حبيش
قالا: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا أحمد بن عبد
الله بن يونس، حدثنا علي بن فضيل بن عياض، عن عبد العزيز
بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: رأى رجل من
الانصار أنه قيل له: بأي شئ أمركم نبيكم ؟ قال: أمرنا أن
نسبح ثلاثا وثلاثين، ونحمد ثلاثا وثلاثين، ونكبر أربعا
وثلاثين.
قال: فسبحوا خمسا وعشرين، واحمدوا خمسا وعشرين، وكبروا
خمسا وعشرين وهللوا خمسا وعشرين، فتلك مئة.
فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "
افعلوا كما قال الانصاري ".
أخرجه النسائي (2) عن أبي زرعة.
152 - علي بن الجعد *
(خ، د) ابن عبيد، الامام الحافظ الحجة مسند بغداد، أبو
الحسن البغدادي
__________
= صلى الله عليه وسلم، وليس في المطبوع من سنن النسائي
اختصار ابن السني، فإن كتاب المناقب محذوف منه برمته،
وأخرجه الترمذي (3655) في المناقب من طريق محمود بن غيلان،
حدثنا عبد
الرزاق، أخبرنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الاحوص، عن
عبد الله بن مسعود.
(1) هو في الجزء السابع من هذا الكتاب ص 378 في آخر ترجمة
زائدة بن قدامة.
(2) 3 / 76 في السهو: باب نوع آخر من عدد التسبيح، من طريق
أبي زرعة عبيدالله بن عبد الكريم، عن أحمد بن عبد الله بن
يونس بهذا الاسناد وهو حسن، وأخرجه أحمد 5 / 184، والدارمي
1 / 312 من طريق عثمان بن عمر، عن هشام بن حسان، عن محمد
بن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت، وصححه ابن
خزيمة (752) وابن حبان (2340).
* طبقات ابن سعد 7 / 338، 339، التاريخ الكبير 6 / 265،
الضعفاء للعقيلي لوحة 295، الجرح والتعديل 6 / 178، تاريخ
بغداد 11 / 360 - 366، الجمع بين رجال الصحيحين = (*)
(10/459)
الجوهري مولى بني هاشم.
ولد سنة أربع وثلاثين ومئة (1).
وسمع من: شعبة، وابن أبي ذئب، وحريز بن عثمان أحد صغار
التابعين، وجرير بن حازم، وسفيان الثوري، والمسعودي، وفضيل
بن مرزوق، والقاسم بن الفضل الحداني، وعبد الرحمن بن ثابت
بن ثوبان، ومبارك بن فضالة، ويزيد بن إبراهيم التستري،
ومعروف بن واصل، وهمام بن يحيى، وبحر بن كنيز السقاء، وجسر
بن الحسن، والحسن بن صالح بن حي، والحمادين، والربيع بن
صبيح، وسليمان ابن المغيرة، وسلام بن مسكين، وشيبان
النحوي، وصخر بن جويرية، وعاصم بن محمد العمري، وعبد
الحميد بن بهرام، وعبد العزيز بن الماجشون، ومالك بن أنس،
وعلي بن علي الرفاعي، وقيس بن الربيع، ومحمد بن راشد،
ومحمد بن طلحة بن مصرف، ومحمد بن مطرف، وورقاء بن عمر،
وأبي الاشهب العطاردي، وأبي عقيل يحيى بن المتوكل،
وخلق سواهم.
حدث عنه: البخاري: وأبو داود، ويحيى بن معين، وخلف بن
سالم، وأحمد بن حنبل شيئا يسيرا، وأحمد بن إبراهيم
الدورقي،
__________
= 1 / 355، المعجم المشتمل: 188، تهذيب الكمال 5 / 959،
تهذيب التهذيب 3 / 54، 55، تذكرة الحفاظ 1 / 399، الكاشف 2
/ 280، العبر 1 / 406، ميزان الاعتدال 3 / 116، 117، تهذيب
التهذيب 7 / 289، مقدمة فتح الباري: 429، طبقات الحفاظ:
175، خلاصة تذهيب الكمال: 272، شذرات الذهب 2 / 68،
الرسالة المستطرفة: 68.
(1) في " طبقات ابن سعد " 7 / 338: قال علي بن الجعد: ولدت
سنة ست وثلاثين ومئة.
وفي " تاريخ بغداد " 11 / 366 عن حنبل بن إسحاق قال: ولد
علي بن الجعد سنة ثلاث وثلاثين ومئة.
(*)
(10/460)
والزعفراني، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وإبراهيم الحربي، وأبو
بكر الصاغاني، وابن أبي الدنيا، وأحمد بن علي بن سعيد
المروزي، وأحمد ابن محمد بن خالد البراثي، وموسى بن هارون،
وأحمد بن يحيى الحلواني، وصالح بن محمد جزرة، وعمر بن
إسماعيل بن أبي غيلان، ومحمد بن عبدوس بن كامل، ومحمد بن
يحيى المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي،
وأحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي، وخلق كثير.
قال محمد بن عبد الله بن يوسف المهري: حدثنا أبو بكر بن
أبي أيوب، سمعت أبي، سمعت علي بن الجعد يقول: رأيت الاعمش
ولم أكتب عنه شيئا (1).
وقال موسى بن الحسن السقلي: (2) قال لنا علي بن الجعد:
قدمت
البصرة سنة ست وخمسين ومئة، وكان سعيد بن أبي عروبة حيا
(3).
قال نفطويه (4): كان علي بن الجعد أكبر من بغداد بعشر
سنين، وكان أبو القاسم البغوي أكبر من سامرا بست سنين (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 360، و " تهذيب الكمال " لوحة
959.
(2) نسبة إلى " صقلية " جزيرة من جزر البحر الابيض المتوسط
- يقال: صقلي وسقلي بالصاد والسين - ضبطها السمعاني في "
الانساب " 8 / 80 بفتح الصاد والقاف وفي آخرها اللام.
وتابعه عليه ابن الاثير في " اللباب " والسيوطي في " لب
اللباب "، وضبطها ابن خلكان كذلك في " وفيات الاعيان " 3 /
215 وزاد عليهم تشديد اللام، وقال ياقوت في " معجمه " 3 /
416: بثلاث كسرات وتشديد اللام، والياء أيضا مشددة، والبعض
يقول بالسين، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد واللام.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 360، و " تهذيب الكمال " لوحة
959.
(4) هو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي
الازدي المتوفي سنة 323 ه.
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 360، و " تهذيب الكمال " لوحة
959.
وفي " معجم البلدان " 1 / 457 أن أبا العباس السفاح شرع في
عمارة بغداد سنة 145، ونزلها سنة 149.
(*)
(10/461)
قال ابن أبي الدنيا: أخبرت عن موسى بن داود قال: ما رأيت
أحفظ من علي بن الجعد، وكنا عند ابن أبي ذئب، فأملى علينا
عشرين حديثا، فحفظها وأملاها علينا (1).
وقال صالح بن محمد: سمعت خلف بن سالم يقول: صرت أنا وأحمد
بن حنبل وابن معين إلى علي بن الجعد، فأخرج إلينا كتبه،
وألقاها بين أيدينا، وذهب، وظننا أنه يتخذ لنا طعاما، فلم
نجد في كتبه إلا خطأ واحدا، فلما فرغنا من الطعام، قال:
هاتوا، فحدث بكل شئ كتبناه
حفظا (2).
عبد الخالق بن منصور: سمعت يحيى بن معين يقول: كتبت عن علي
بن الجعد منذ أكثر من ثلاثين سنة.
قاله في سنة خمس وعشرين ومئتين (3).
قال البغوي: سمعت علي بن الجعد يقول: كتبت عن سفيان بن
عيينة سنة ستين ومئة بالكوفة، أملى علينا من صحيفة (4).
قال خلف بن محمد الخيام: سمعت صالح بن محمد يقول: كان علي
بن الجعد يحدث بثلاثة أحاديث لكل إنسان عن شعبة، وكان عنده
عن مالك ثلاثة أحاديث (5).
قال الحسين بن إسماعيل الفارسي: سألت عبدوس بن هانئ عن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 361، و " تهذيب الكمال " لوحة
959.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 361، و " تهذيب الكمال " لوحة
959.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 361، 362، و " تهذيب الكمال "
لوحة 959.
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 362، و " تهذيب الكمال " لوحة
959.
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 362، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(*)
(10/462)
حال علي بن الجعد، فقال: ما أعلم أني لقيت أحفظ منه، فقال:
كان يتهم بالجهم.
قال: قد قيل هذا، ولم يكن كما قالوا، إلا أن ابنه الحسن
ابن علي كان على قضاء بغداد، وكان يقول بقول جهم.
قال: وكان عند علي بن الجعد عن شعبة نحو من ألف ومئتي
حديث، وكان قد لقي المشايخ فزهدت فيه بسبب هذا القول، ثم
ندمت بعد (1).
قال أحمد بن جعفر بن زياد السوسي: سمعت أبا جعفر النفيلي،
وذكر علي بن الجعد، فقال: لا ينبغي أن يكتب عنه، وضعف أمره
جدا (2).
وقال أبو إسحاق الجوزجاني: علي بن الجعد متشبث بغير بدعة،
زائغ عن الحق (3).
وقال أبويحيى الناقد: سمعت أبا غسان الدوري (4) يقول: كنت
عند علي بن الجعد، فذكروا حديث ابن عمر: " كنا نفاضل على
عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول: خير هذه [ الامة ]
بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان، فيبلغ
النبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينكره " (5).
فقال علي: انظروا إلى هذا الصبي هو لم
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 362، 363، و " تهذيب الكمال "
لوحة 960.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 363، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 363، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(4) على هامش الاصل " المروزي " نسخة وفي " التهذيب ":
الدوري المروزي.
(5) أخرج البخاري 7 / 14 في فضائل أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم: باب فضل أبي بكر، عن ابن عمر قال: كنا نخير بن
الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخير أبا
بكر، ثم عمر، ثم عثمان.
وفي رواية له ذكرها في باب مناقب عثمان 7 / 47: كنا في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر،
ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا
نفاضل بينهم.
ولاحمد 2 / 14: كنا نعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي
وأصحابه متوافرون: أبو بكر وعمر وعثمان ثم نسكت، ولابي
داود (4627): كنا نقول ورسول الله = (*)
(10/463)
يحسن أن يطلق امرأته يقول: كنا نفاضل.
وكنت عنده فذكروا حديث: " إن ابني هذا سيد " (1) قال: ما
جعله الله سيدا (2).
قلت: أبو غسان لا أعرف حاله، فإن كان قد صدق، فلعل ابن
الجعد قد تاب من هذه الورطة، بل جعله سيدا على رغم أنف كل
جاهل، فإن من أصر على مثل هذا من الرد على سيد البشر، يكفر
بلا مثنوية (3)، وأي سؤدد أعظم من أنه بويع بالخلافة، ثم
نزل عن الامر لقرابته، وبايعه على أنه ولي عهد المؤمنين،
وأن الخلافة له من بعد معاوية حسما للفتنة، وحقنا للدماء،
وإصلاحا بين جيوش الامة، ليتفرغوا لجهاد الاعداء، ويخلصوا
من قتال بعضهم بعضا، فصح فيه تفرس جده صلى الله عليه وسلم،
وعد ذلك من المعجزات، ومن باب إخباره بالكوائن بعده، وظهر
كمال سؤدد السيد الحسن بن علي ريحانة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وحبيبه، ولله الحمد.
قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: قلت لعلي بن الجعد: بلغني
أنك قلت: ابن عمر ذاك الصبي، قال: لم أقل، ولكن معاوية ما
أكره أن يعذبه الله (4).
__________
= صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي بعده أبو بكر، ثم
عمر، ثم عثمان.
زاد الطبراني في روايته: فيسمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم فلا ينكره.
(1) قاله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه،
وتمامه: " ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
عظيمتين " أخرجه البخاري 5 / 225 و 7 / 74، وأبو داود
(4662)، والنسائي 3 / 107، والترمذي (3775) من حديث أبي
بكرة نفيع بن الحارث.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 363، 364، و " تهذيب الكمال "
لوحة 960، و " الضعفاء " للعقيلي لوحة 295.
(3) أي: بلا استثناء.
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 364، و " الضعفاء " للعقيلي لوحة
295، و " تهذيب الكمال " لوحة 960.
(*)
(10/464)
وقال هارون بن سفيان المستملي: كنت عند علي بن الجعد، فذكر
عثمان، فقال: أخذ من بيت المال مئة ألف درهم بغير حق،
فقلت: لا والله، ما أخذها إلا بحق (1).
وقال أبو داود: عمرو بن مرزوق أعلى عندي من علي بن الجعد،
علي وسم بميسم سوء، قال: ما يسوؤني أن يعذب معاوية (2).
قال أبو جعفر العقيلي: قلت لعبد الله بن أحمد: لم لم تكتب
عن علي بن الجعد ؟ قال: نهاني أبي أن أذهب إليه، وكان
يبلغه عنه أنه يتناول الصحابة (3).
قال زياد بن أيوب: سأل رجل أحمد بن حنبل عن علي بن الجعد،
فقال الهيثم: ومثله يسأل عنه ! ؟ فقال أحمد: أمسك أبا عبد
الله، فذكره رجل بشر، فقال أحمد: ويقع في أصحاب رسول الله
؟ فقال زياد بن أيوب: كنت عند علي بن الجعد، فسألوه عن
القرآن، فقال: القرآن كلام الله، ومن قال: مخلوق، لم
أعنفه، فقال أحمد: بلغني عنه أشد من هذا (4).
وقال أبو زرعة: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن
الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيته في كتابه مضروبا عليهما
(5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 364، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 364، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 295.
(4) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 295، و " تاريخ بغداد " 11 /
364، و " تهذيب الكمال " لوحة 960، وفيها: فقال أحمد: ما
بلغني..بزيادة " ما ".
(5) " تاريخ بغداد " 11 / 365، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(*)
(10/465)
وقال محمد بن حماد المقرئ: سألت يحيى بن معين عن علي بن
الجعد، فقال: ثقة صدوق، ثقة صدوق، قلت: فهذا الذي كان منه
؟ فقال: أيش كان منه ؟ ثقة صدوق (1).
وقال فيه مسلم: هو ثقة لكنه جهمي.
قلت: ولهذا منع أحمد بن حنبل ولديه من السماع منه.
وقد كان طائفة من المحدثين يتنطعون في من له هفوة صغيرة
تخالف السنة، وإلا فعلي إمام كبير حجة، يقال: مكث ستين سنة
يصوم يوما، ويفطر يوما (2)، وبحسبك أن ابن عدي يقول في "
كامله ": لم أر في رواياته حديثا منكرا إذا حدث عنه ثقة.
وقد قال يحيى بن معين: هو أثبت من أبي النضر (3).
وعن علي بن الجعد: قال: سمعت بمكة في سنة سبع وخمسين ومئة
من سفيان الثوري.
قال أبو حاتم: ما كان أحفظ علي بن الجعد لحديثه، وهو صدوق
(4).
قال عبد الرزاق بن سليمان بن علي بن الجعد: سمعت أبي يقول:
أحضر المأمون أصحاب الجوهر، فناظرهم على متاع كان معهم، ثم
نهض لبعض حاجته، ثم خرج، فقام له كل من في المجلس إلا علي
بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 365، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 366، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 365، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(4) " الجرح والتعديل " 6 / 178 بأطول مما هنا.
(*)
(10/466)
الجعد، فنظر إليه كالمغضب، ثم استخلاه، فقال: يا شيخ، ما
منعك أن تقوم ؟ قال: أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي
نأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وما هو ؟ قال:
سمعت مبارك بن فضالة، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما،
فليتبوأ مقعدة من النار " (1) فأطرق المأمون، ثم رفع رأسه،
فقال: لا يشترى إلا من هذا، فاشتروا منه يومئذ بثلاثين ألف
دينار.
قال البغوي: توفي لست بقين من رجب سنة ثلاثين ومئتين، وقد
استكمل ستا وتسعين سنة (2).
أخبرنا أبو بكر بن خطيب بيت الآبار (3)، وعدة، قالوا:
أخبرنا ابن اللتي، حدثنا أبو الوقت، أخبرنا أبو عاصم،
أخبرنا ابن أبي شريح، أخبرنا البغوي، أخبرنا علي بن الجعد،
أخبرنا شعبة، عن ابن المنكدر،
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 361، و " تهذيب الكمال
" لوحة 960، والحديث مرسل، لكنه ثبت من وجه آخر، فقد أخرجه
البخاري في " الادب المفرد " (977)، وأحمد 4 / 93 و 100،
وأبو داود (5229)، والترمذي (2753)، والطحاوي في " مشكل
الآثار " 2 / 40، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "، والبغوي
في حديث علي بن الجعد 7 / 69 / 2، من طرق، عن حبيب ابن
الشهيد، عن أبي مجلز لاحق بن حميد، عن معاوية قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أحب أن يتمثل له
الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " وإسناده صحيح كما
قال الحافظ المنذري.
قال المناوي في تفسيره: أن يلزمهم بالقيام صفوفا على طريق
الكبر والتجوه، أو بأن يقام على رأسه وهو جالس.
وقال ابن الاثير في " جامع الاصول " 6 / 537: مثل الناس
للامير قياما: إذا قاموا بين يديه وعن جانبيه وهو جالس،
نهي عنه، لان الباعث عليه الكبر وإذلال الناس.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 366، و " تهذيب الكمال " لوحة
960.
(3) بيت الآبار - جمع بئر -: قرية يضاف إليها كورة من غوطة
دمشق فيها عدة قرى.
وأبو بكر هذا هو أبو بكر بن عبد الله بن عمر بن يوسف بن
يحيى الشيخ محيي الدين ابن الخطيب نجيب الدين المقدسي ثم
الآباري المؤذن، ولد سنة أربع وعشرين وست مئة، وسمع أباه
وعمه، وحدث عن زينب بنت عبد الرزاق، وابن اللتي، والاربلي،
مات في شعبان سنة تسع وتسعين وست مئة.
" مشخية المؤلف " الورقة 185 / 2.
(*)
(10/467)
سمعت جابرا يقول: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: " من هذا " ؟ فقلت: أنا، فقال: " أنا أنا " ! كأنه
كرهه.
أخرجه البخاري (1)، عن أبي الوليد، عن شعبة.
__________
(1) 11 / 30 في الاستئذان: باب إذا قال: من ذا ؟ فقال:
أنا.
وأخرجه مسلم (2155)، وأبو داود (5187)، والترمذي (2711)،
وابن ماجة (3709)، من طرق عن شعبة بهذا الاسناد.
قال الخطابي: قوله: " أنا " لا يتضمن الجواب، ولا يفيد
العلم بما استعلمه، وكان حق الجواب أن يقول: أنا جابر،
ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه.
(*)
(10/468)
الطبقة الثانية عشرة
153 - بشر بن الحارث * ابن
عبدالرحمن بن عطاء، الامام العالم المحدث الزاهد
الرباني القدوة، شيخ الاسلام، أبو نصر المروزي، ثم
البغدادي، المشهور بالحافي، ابن عم المحدث علي بن خشرم.
ولد سنة اثنتين وخمسين ومئة.
وارتحل في العلم، فأخذ عن: مالك، وشريك، وحماد بن زيد،
وإبراهيم بن سعد، وأبي الاحوص، وخالد بن عبد الله الطحان،
وفضيل ابن عياض، والمعافى بن عمران، وابن المبارك، وعبد
الرحمن بن زيد ابن أسلم، وعدة.
________________
* طبقات ابن سعد 7 / 342، تاريخ ابن معين: 58، المعارف:
525، الجرح والتعديل 2 / 356، طبقات الصوفية: 39 - 43،
حلية الاولياء 8 / 336 - 360، تاريخ بغداد 7 / 67، صفة
الصفوة 2 / 183 - 190، اللباب 1 / 331، 332، وفيات الاعيان
1 / 274 - 277، تهذيب الكمال لوحة 148، تذهيب التهذيب 1 /
83 / 1، العبر 1 / 399، دول الاسلام 1 / 137، عيون
التواريخ 8 / لوحة 121 - 123، مرآة الجنان 2 / 92، البداية
والنهاية 10 / 297 - 299، طبقات الاولياء 109 - 118، تهذيب
التهذيب 1 / 444، النجوم الزاهرة 2 / 249، 250، خلاصة
تذهيب الكمال: 48، طبقات الشعراني 1 / 84 - 86، شذرات
الذهب 2 / 60 - 62، شرح الرسالة القشيرية 1 / 88 - 94.
(*)
(10/469)
حدث عنه: أحمد الدورقي، ومحمد بن يوسف الجوهري، ومحمد ابن
مثنى السمسار لا العنزي، وسري السقطي، وعمر بن موسى
الجلاء، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري، وخلق سواهم.
وقل ما روى من المسندات.
كان يزم نفسه، فقد كان رأسا في الورع والاخلاص، ثم إنه دفن
كتبه.
أخبرنا المؤمل بن محمد إذنا، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا
أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرني أبو
سعد الماليني، أخبرنا عبد العزيز بن جعفر، حدثنا جعفر بن
محمد الصندلي، حدثنا محمد بن المثنى السمسار، سمعت بشر بن
الحارث يقول: سمعت
العوفي، عن الزهري، عن أنس، قال: " اتخذ النبي صلى الله
عليه وسلم خاتما، فلبسه، ثم ألقاه ".
العوفي: هو إبراهيم بن سعد (1).
روي عن بشر أنه قيل له: ألا تحدث ؟ قال: أنا أشتهي أن
أحدث، وإذا اشتهيت شيئا، تركته (2).
وقال إسحاق الحربي: سمعت بشر بن الحارث يقول: ليس الحديث
من عدة الموت.
فقلت له: قد خرجت إلى أبي نعيم.
فقال: أتوب إلى الله (3).
وعن أيوب العطار: أنه سمع بشرا يقول: حدثنا حماد بن زيد.
ثم
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 68.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 70.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 70.
(*)
(10/470)
قال: أستغفر الله، إن لذكر الاسناد في القلب خيلاء.
قال أبو بكر المروزي: سمعت بشرا يقول: الجوع يصفي الفؤاد،
ويميت الهوى، ويورث العلم الدقيق.
وقال أبو بكر بن عثمان: سمعت بشر بن الحارث يقول: إني
لاشتهي شواء منذ أربعين سنة، ما صفا لي درهمه (1).
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء: حدثنا علي بن عثام، قال:
أقام بشر بن الحارث بعبادان يشرب ماء البحر، ولا يشرب من
حياض السلطان، حتى أضر بجوفه، ورجع إلى أخته وجعا، وكان
يعمل المغازل ويبيعها، فذاك كسبه.
قال الحافظ موسى بن هارون: حدثنا محمد بن نعيم، قال:
رأيتهم
جاؤوا إلى بشر، فقال: يا أهل الحديث، علمتم أنه يجب عليكم
فيه زكاة، كما يجب على من ملك مئتي درهم خمسة (2).
قلت: هذا على المبالغة، وإلا فإن كانت الاحاديث في
الواجبات، فهي موجبة، وإن كانت في فضائل الاعمال، فهي
فاضلة، لكن يتأكد العمل بها على المحدث.
قال أبو نشيط: نهاني بشر عن الحديث وأهله.
وقال: أتيت يحيى القطان، فبلغني أنه قال: أحب هذا الفتى
لطلبه.
الحديث.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 76، و " طبقات الصوفية: 45.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 69 وتتمته فيه: فكذلك يجب على
أحدكم إذا سمع مئتي حديث أن يعمل منها بخمسة أحاديث، وإلا
فانظروا أيش يكون هذا عليكم غدا.
(*)
(10/471)
وقال يعقوب بن بختان: سمعت بشر بن الحارث يقول: لا أعلم
أفضل من طلب الحديث لمن اتقى الله، وحسنت نيته فيه، وأما
أنا، فأستغفر الله من طلبه، ومن كل خطوة خطوت فيه.
قيل: كان بشر يلحن، ولا يدري العربية.
قال أحمد بن حنبل: لو كان بشر تزوج، لتم أمره (1).
قال إبراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عقلا من بشر، ولا
أحفظ للسانه، كان في كل شعرة منه عقل، وطئ الناس عقبه
خمسين سنة، ما عرف له غيبة لمسلم، ما رأيت أفضل منه (2).
وعن بشر قال: المتقلب في جوعه كالمتشحط في دمه في سبيل
الله.
وعنه: شاطر سخي أحب إلى الله من صوفي بخيل (3).
وعنه: أمس قد مات، واليوم في السياق، وغدا لم يولد.
لا يفلح من ألف أفخاذ النساء.
إذا أعجبك الكلام، فاصمت، وإذا أعجبك الصمت، فتكلم.
__________
(1) لان النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أن نفرا من
أصحابه جاؤوا إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
يسألون عن عبادته صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا عنها
تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال
الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: وأنا أعتزل
النساء فلا أتزوج، قال لهم صلى الله عليه وسلم: " أنتم
الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لاخشاكم لله وأتقاكم
له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب
عن سنتي فليس مني ".
أخرجه البخاري 9 / 89، 90، ومسلم (1401).
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 73.
(3) " طبقات الصوفية ": 44 و 45.
(*)
(10/472)
وقيل: سمعه رجل يقول: اللهم إنك تعلم أن الذل أحب إلي من
العز، وأن الفقر أحب إلي من الغنى، وأن الموت أحب إلي من
البقاء.
وعنه قال: قد يكون الرجل مرائيا بعد موته، يحب أن يكثر
الخلق في جنازته (1).
لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سدا (2).
أخبرنا أبو محمد بن علوان، أخبرنا الامام موفق الدين عبد
الله بن أحمد سنة إحدى عشرة وست مئة، قال: حدثني ابني أبو
المجد عيسى، أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش، أخبرنا أبو
الغنائم محمد بن محمد، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، أخبرنا
عبيد الله بن عبدالرحمن الزهري، حدثني
حمزة بن الحسين البزاز، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد،
حدثني حمزة ابن دهقان، قال: قلت لبشر بن الحارث: أحب أن
أخلو معك.
قال: إذا شئت فيكون يوما.
فرأيته قد دخل قبة، فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أصلي
مثلها، فسمعته يقول في سجوده: اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن
الذل أحل إلي من الشرف، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر
أحب إلي من الغنى، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر
على حبك شيئا.
فلما سمعته، أخذني الشهيق والبكاء، فقال: اللهم أنت تعلم
أني لو أعلم أن هذا هاهنا، لم أتكلم.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن المثنى صاحب بشر
__________
(1) أورد كثيرا من أقواله أبو نعيم في " الحلية " 8 / 326
- 355، وابن الملقن في " طبقات الاولياء ": 110 - 118.
(2) " طبقات الصوفية ": 43.
(*)
(10/473)
قال: قال رجل لبشر وأنا حاضر: إن هذا الرجل - يعني أحمد بن
حنبل - قيل له: أليس الله قديما وكل شئ دونه مخلوق ؟ قال:
فما ترك بشر الرجل يتكلم حتى قال: لا، كل شئ مخلوق إلا
القرآن.
قال أحمد بن بشر المرثدي: حدثنا إبراهيم بن هاشم، قال:
دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قمطر إلى قوصرة -
يعني من الحديث (1).
وقيل لاحمد: مات بشر.
قال: مات والله وماله نظير، إلا عامر بن عبد قيس، فإن
عامرا مات ولم يترك شيئا.
ثم قال أحمد: لو تزوج (2).
قال ابن أبي داود: قلت لعلي بن خشرم لما أخبرني أن سماعه
وسماع
بشر من عيسى بن يونس واحد، قلت له: فأين حديث أم زرع ؟
قال: سماعي معه، وكنت كتبت إليه أن يوجه به إلي، فكتب إلي:
هل عملت بما عندك حتى تطلب ما ليس عندك ؟ ثم قال علي: ولد
بشر في هذه القرية، وكان في أول أمره يتفتى، وقد جرح (3).
قال حسن المسوحي، عن بشر: أتيت باب المعافي، فدققت، فقيل:
من ؟ قلت: بشر الحافي.
فقالت جويرية: لو اشتريت نعلا بدانقين ذهب عنك اسم الحافي
(4).
وقال السلمي: كان بشر من أولاد الرؤساء، فصحب الفضيل،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 71.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 73، وفيه: لو تزوج كان قد تم
أمره.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 68.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 69، و " وفيات الاعيان " 1 / 275.
(*)
(10/474)
سألت الدارقطني عنه، فقال: زاهد جبل ثقة، ليس يروي الا
حديثا صحيحا.
قال جعفر النهرواني: سمعت بشر بن الحارث يقول: إن عوج بن
عنق كان يخوض البحر، ويحتطب الساج، كان أول من دل على
الساج، وكان يأخذ من البحر حوتا، فيشويه في عين الشمس (1).
قال إبراهيم الحربي: لو قسم عقل بشر على أهل بغداد، صاروا
عقلاء (2).
قلت: قد روى لبشر أبو عبد الرحمن النسائي في " مسند علي ".
قيل: جاء رجل إلى بشر، فقبله، وجعل يقول: يا سيدي أبا نصر.
فلما ذهب، قال بشر لاصحابه: رجل أحب رجلا على خير توهمه،
لعل المحب قد نجا، والمحبوب لا يدرى ما حاله (3).
مات بشر الحافي - رحمة الله عليه - يوم الجمعة في شهر ربيع
الاول
__________
(1) قال ابن القيم في " المنار المنيف " ص 76، 77: ومن
الامور التي يعرف بها كون الحديث موضوعا أن يكون مما تقوم
الشواهد الصحيحة على بطلانه، كحديث عوج بن عنق الذي قصد
واضعه الطعن في أخبار الانبياء، فإن في هذا الحديث أن طوله
كان ثلاثة آلاف ذراع وثلاث مئة وثلاثة وثلاثين وثلثا، وأن
نوحا لما خوفه من الغرق قال له: احملني في قصعتك هذه، وأن
الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر، فوصل إلى حجزته،
وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر، فيشويه في عين الشمس،
وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى، وأراد أن يرميهم
بها، فقورها الله في عنقه مثل الطوق.
وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله، إنما العجب
ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره ولا
يبين أمره.
وقال الحافظ ابن كثير: قصة عوج بن عنق وجميع ما يحكونه عنه
هذيان لا أصل له، وهو من مختلقات الزنادقة أهل الكتاب، ولم
يكن قط على عهد نوح، ولم يسلم من الغرق من الكفار أحد.
وانظر " البداية " 1 / 114.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 73.
(3) " طبقات الاولياء " 113.
(*)
(10/475)
سنة سبع وعشرين ومئتين، قبل المعتصم الخليفة بستة أيام،
وعاش خمسا وسبعين سنة.
وقد أفرد ابن الجوزي مناقبه في كتاب.
وفيها مات سهل بن بكار البصري (1)، وأبو الوليد الطيالسي
الحافظ (2)، وسعيد بن منصور (3) صاحب " السنن "، وإسماعيل
بن أبي
أويس المدني (4)، ومحمد بن الصباح الدولابي (5)، والهيثم
بن خارجة، والعلاء بن عمرو الحنفي، ومحمد بن عبدالواهب
الحارثي، وأبو الاحوص محمد بن حيان البغوي.
قال محمد بن المثنى، عن بشر: ليس أحد يحب الدنيا إلا لم
يحب الموت، ومن زهد فيها، أحب لقاء مولاه.
وعنه: ما اتقى الله من أحب الشهرة.
وعنه قال: لا تعمل لتذكر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة.
أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا بشر بن
الحارث، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا هشام بن عروة، عن أخيه،
عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " كنت لك كأبي زرع لام
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة 422 من هذا الجزء.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة 341 من هذا الجزء.
(3) سترد ترجمته في الصفحة 586 من هذا الجزء.
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة 391 من هذا الجزء.
(5) سترد ترجمته في الصفحة 670 من هذا الجزء.
(*)
(10/476)
زرع ".
ثم أنشأ يحدث حديث أم زرع.
قالت: اجتمع إحدى عشرة نسوة (1).
القطيعي: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: وجدت في
كتاب بشر بن الحارث بخطه، عن وكيع، عن الاعمش، عن جعفر بن
إياس، عن عبد الله بن شقيق، أن أبا ذر رضي الله عنه دعوه
إلى طعام، فقال: إني صائم.
فرئي من آخر النهار يأكل، فقيل له، فقال: إني أصوم
ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صيام الدهر (2).
154 - الهيثم بن خارجة
* (خ، س) أبو أحمد.
ويقال: أبويحيى المروذي ثم البغدادي الحافظ.
حدث عن: مالك، والليث، ويعقوب القمي، وحفص بن ميسرة،
وإسماعيل بن عياش، والمعافى بن عمران، ومحمد بن أيوب بن
ميسرة،
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 9 / 220 في النكاح: باب
حسن المعاشرة مع الاهل، ومسلم (2448) من طرق عن عيسى بن
يونس بهذا الاسناد: وأخو عروة هو عبد الله بن عروة.
(2) رجاله ثقات.
وأخرج أحمد 2 / 263 و 384 و 513 من طريق أبي عثمان أن أبا
هريرة كان في سفر، فلما نزلوا أرسلوا إليه وهو يصلي، فقال:
إني صائم، فلما وضعوا الطعام وكاد أن يفرغوا جاء، فقالوا:
هلم فكل، فأكل، فنظر القوم إلى الرسول، فقال: ما تنظرون ؟
! فقال: والله لقد قال: إني صائم.
فقال أبو هريرة: صدق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله
" فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر، فأنا مفطر في تخفيف
الله، صائم في تضعيف الله.
وإسناده صحيح.
وأخرج النسائي 4 / 218، 219 المرفوع منه، وفي الباب عن
جرير بن عبد الله عند النسائي 4 / 221، وعن ملحان القيسي
عند أبي داود (2449)، والنسائي 4 / 224، 225.
* طبقات ابن سعد 7 / 342، التاريخ الكبير 8 / 216، التاريخ
الصغير 2 / 356، الجرح والتعديل 9 / 86، تاريخ بغداد 14 /
58، تهذيب الكمال لوحة 1454، تذهيب التهذيب 4 / 125 / 2،
تهذيب التهذيب 11 / 93، خلاصة تذهيب الكمال: 412.
(*)
(10/477)
ويحيى بن حمزة، وصدقة بن خالد، وخالد بن يزيد بن أبي مالك،
وطائفة.
وأصله من خراسان.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وعباس الدوري، والبخاري في " صحيحه
"، وأبوازرعة، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى
الموصلي، وأبو بكر الصغاني، وموسى بن إسحاق، ومحمد بن
إبراهيم البوشنجي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن
الحسن الصوفي وآخرون.
حديثه في " الجامع " (1) في غزوة الفتح.
قال أحمد الصوفي: حدثنا الهيثم بن خارجة، وكان يسمى شعبة
الصغير.
وقال هشام بن عمار: كنا نسميه شعبة الصغير (2).
وقال يحيى بن معين: ثقة (3).
وقال النسائي: ليس به بأس (4).
__________
(1) 8 / 16: باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى
مكة: حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا حفص بن ميسرة، عن هشام
بن عروة، عن أبيه، أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن النبي
صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة.
قال الحافظ ابن حجر عن الهيثم بن خارجة: كان من الاثبات،
قال عبد الله بن أحمد: كان أبي إذا رضي عن إنسان وكان عنده
ثقة حدث عنه وهو حي، فحدثنا عن الهيثم بن خارجة وهو حي،
وليس له عند البخاري موصول سوى هذا الموضع.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 58، و " تهذيب الكمال " لوحة
1454.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 58، و " تهذيب الكمال " لوحة
1454.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 59، و " تهذيب الكمال " لوحة
1454.
(*)
(10/478)
وقال صالح جزرة: كان يتزهد، كان أحمد بن حنبل يثني عليه،
وكان سيئ الخلق مع المحدثين (1).
قال أبو العباس السراج: كناه الناس أبا يحيى، وكناه
أبويحيى صاعقة بكنيته (2).
وقيل: هو من مرو الروذ.
قال ابن سعد والبخاري: مات في ذي الحجة سنة سبع وعشرين
ومئتين (3).
155 - أبو خالد الفراء
* الامام المحدث الصدوق أبو خالد يزيد بن صالح النيسابوري
الفراء.
سمع: إبراهيم بن طهمان، وأبا بكر النهشلي، وقيس بن الربيع،
وعبد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وخارجة بن مصعب، وعدة.
حدث عنه: أحمد بن حفص السلمي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء،
وإسماعيل بن قتيبة، وياسين بن النضر، والحسن بن سفيان
النسوي (4)، وعدة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 58، و " تهذيب الكمال " لوحة
1454.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 58، و " تهذيب الكمال " لوحة
1454.
(3) " طبقات ابن سعد " 7 / 342، و " التاريخ الكبير " 8 /
216.
* الجرح والتعديل 9 / 272، الانساب 9 / 245، ميزان
الاعتدال 4 / 429، العبر 1 / 405، المغني في الضعفاء 2 /
750، شذرات الذهب 2 / 67.
(4) نسبة إلى " نسا " مدينة بخراسان بينها وبين سرخس
يومان.
" معجم البلدان " 5 / 282.
(*)
(10/479)
قال إسماعيل بن قتيبة: كان من أورع مشايخنا، وأكثرهم
اجتهادا.
قال الحسن بن سفيان: فاتني يحيى بن يحيى التميمي بالوالدة،
لم تدعني أخرج إليه، فعوضني الله بأبي خالد الفراء، وكان
أسند من يحيى بن يحيى.
قلت: توفي سنة تسع وعشرين ومئتين.
وفيها مات خلف البزار، وثابت بن موسى الزاهد، وأحمد بن
شبيب الحبطي (1)، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي،
وخالد بن هياج الهروي، وأبو نعيم ضرار بن صرد الكوفي، وعبد
الله بن محمد المسندي، وعمرو بن خالد الحراني، ونعيم بن
حماد الخزاعي، ويحيى ابن عبدويه صاحب شعبة، ويحيى بن يوسف
الزمي، ومحمد بن معاوية النيسابوري وأبو ياسر عمار بن نصر.
أخبرنا محمد بن عبد السلام، عن أبي روح، أخبرنا تميم،
أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان،
حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا يزيد بن صالح، حدثنا العمري
(2)، عن نافع، عن ابن عمر: " خرجنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم حجاجا، فما أحللنا من شئ حتى أحللنا يوم النحر
".
156 - الفراء * سعد بن يزيد
أبو الحسن النيسابوري الفراء.
__________
(1) نسبة إلى الحبطات، بطن من تميم، وهو الحارث بن عمر بن
تميم بن مرة.
" الانساب " 4 / 48.
(2) هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني، وهو
ضعيف.
* لم نجد من ترجمه في المصادر التي وقعت لنا.
(*)
(10/480)
عن: إبراهيم بن طهمان، ومبارك بن فضالة، وموسى بن علي بن
رباح، وابن لهيعة.
وعنه: محمد بن عبد الوهاب، وأيوب بن الحسن، وداود بن
الحسين البيهقي، وآخرون خاتمتهم الحسن بن سفيان.
محله الصدق، من طبقة الذي قبله سواء.
157 - سعدويه * (ع) سعيد بن
سليمان، الحافظ الثبت الامام، أبو عثمان، الضبي
الواسطي البزاز، الملقب بسعدويه.
سكن بغداد، ونشر بها العلم.
ولد سنة بضع وعشرين ومئة، وحج بعد الخمسين، ورأى بمكة
معاوية بن صالح قاضي الاندلس.
وسمع مبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وأزهر بن سنان،
وسليمان بن كثير العبدي، ومنصور بن أبي الاسود، وعبد
العزيز بن أبي سلمة، والليث بن سعد، وهشيما، وعباد بن
العوام، وخلقا كثيرا.
وعنه: البخاري (1)، وأبو داود، ومحمد بن يحيى الذهلي،
وهلال
__________
* العلل لاحمد بن حنبل: 140، طبقات ابن سعد 7 / 340،
التاريخ الكبير 3 / 481، التاريخ الصغير 2 / 352، الجرح
والتعديل 4 / 26، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 165، المعجم
المشتمل: 127، تاريخ بغداد 9 / 84، تاريخ واسط: 215، تهذيب
الكمال لوحة 495، تذهيب التهذيب 2 / 21، الكاشف 1 / 362،
تهذيب التهذيب 4 / 44، مقدمة فتح الباري: 403، النجوم
الزاهرة 2 / 243، طبقات الحفاظ: 176، خلاصة تذهيب الكمال:
139، شذرات الذهب 2 / 56.
(1) قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 403: وجميع ماله في
البخاري خمسة أحاديث ليس فيها شئ تفرد به.
(*)
(10/481)
ابن العلاء، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا،
وصالح بن محمد جزرة، وعثمان بن خرزاذ، وخلف بن عمر
العكبري، وأحمد بن يحيى الحلواني، وآخرون كثيرون.
قال أبو حاتم: ثقة مأمون، لعله أوثق من عفان (1).
وأما أحمد بن حنبل، فكان يغض منه، ولا يرى الكتابة [ عنه
]، لكونه أجاب في المحنة تقية، ويقول: صاحب تصحيف ما شئت
(2).
قال صالح جزرة: سمعت سعيد بن سليمان - وقيل له: لم لا
تقول: حدثنا ؟ - فقال: كل شئ حدثتكم، فقد سمعته، ما دلست
حديثا قط، ليتني أحدث بما قد سمعت، وسمعته يقول: حججت ستين
حجة (3).
وقال أبو بكر الخطيب: كان سعدويه من أهل السنة، وأجاب في
المحنة (4).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: قيل لسعدويه بعد ما انصرف من
المحنة: ما فعلتم ؟ قال: كفرنا ورجعنا (5).
قال محمد بن سعد: كان سعدويه كثير الحديث، ثقة، نزل بغداد،
وتجر بها، وتوفي بها في رابع ذي الحجة، سنة خمس وعشرين
ومئتين (6).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 26.
(2) ونقل الحافظ في " المقدمة " عن الدارقطني قوله:
يتكلمون فيه.
وعقب عليه، فقال: هذا تليين مبهم لا يقبل.
وهو في " العلل " لاحمد بن حنبل: 140.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 86، و " تهذيب الكمال " لوحة 495.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 86.
(5) " تاريخ بغداد " 9 / 86، و " تهذيب الكمال " لوحة 495.
(6) " طبقات ابن سعد " 7 / 340.
(*)
(10/482)
وقيل: إن سعدويه عاش مئة سنة.
فأما:
158 - سعيد بن سليمان النشيطي
* فشيخ بصري، من أقران صاحب الترجمة (1).
حدث عن: حماد بن سلمة، وجرير بن حازم، وسلم بن زرير، وعدة.
روى عنه: أبو حاتم الرازي، وأحمد بن داود المكي، والعباس
بن الفضل الاسفاطي، وجماعة.
قال أبو حاتم وغيره: ليس بالقوي (2).
وقال أبو حاتم أيضا: فيه نظر (3).
159 - فتح الموصلي * *
الزاهد الولي العابد أبو نصر، فتح بن سعيد الموصلي.
وقد مر فتح الكبير (4) من أقران إبراهيم بن أدهم، وكلاهما
من كبار المشايخ.
__________
* الجرح والتعديل 4 / 26، ميزان الاعتدال 2 / 142، المغني
في الضعفاء " 1 / 261.
(1) أي: سعيد بن سليمان سعدويه.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 26.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 26.
* * حلية الاولياء 8 / 292 - 294، تاريخ بغداد 12 / 381 -
383، الرسالة القشيرية: 221، صفة الصفوة 4 / 183 - 189،
النجوم الزاهرة 2 / 235، طبقات الشعراني 1 / 93، الكواكب
الدرية 1 / 151، جامع كرامات الاولياء 2 / 233.
(4) في الجزء السابع الصفحة 349.
(*)
(10/483)
قيل: إن هذا صدع رأسه، فسر، وقال: ابتلاني ببلاء الانبياء،
فشكر هذا أن أصلي أربع مئة ركعة (1).
وكان يقول: رب أفقرتني، وأفقرت عيالي، بأي وسيلة هذا ؟
وإنما تفعل هذا بأوليائك (2).
وعنه: من أدام النظر بقلبه، أورثه ذلك الفرح بالله (3).
قال الطفاوي: دخلت على فتح الموصلي، وهو يوقد في الآجر،
وكان شريفا من العرب زاهدا (4).
قلت: حدث عن عيسى بن يونس، وغيره.
روى عنه: أبو حفص ابن أخت بشر الحافي، وكناه أبا بكر.
توفي سنة عشرين ومئتين (5).
وقيل: إنه كان يتقوت بفلس نخالة، وقد قدم بغداد زائرا لبشر
الحافي، فأضافه خبزا وتمرا بنصف درهم (6).
160 - يوسف بن عدي * (خ، س)
ابن زريق بن إسماعيل، ويقال: ابن عدي بن الصلت،
الامام الثقة
__________
(1) " حلية الاولياء " 8 / 292.
(2) " حلية الاولياء " 8 / 292، و " تاريخ بغداد " 12 /
383.
(3) " حلية الاولياء " 8 / 293.
(4) " حلية الاولياء " 8 / 294.
(5) انظر " تاريخ بغداد " 12 / 383.
(6) انظر " الحلية " 8 / 294، و " تاريخ بغداد " 12 / 381،
382.
* الجرح والتعديل 9 / 227، المعجم المشتمل: 328، تهذيب
الكمال لوحة 1559، تذهيب التهذيب 4 / 189، 190، الكاشف 3 /
299، العبر 1 / 412، تهذيب التهذيب 11 / 417، 418، النجوم
الزاهرة 2 / 265، حسن المحاضرة 1 / 290، خلاصة تذهيب
الكمال: 439، شذرات الذهب 2 / 75.
(*)
(10/484)
الحافظ أبو يعقوب التيمي الكوفي مولى تيم الله.
أخوه الحافظ المجود زكريا بن عدي، سكن مصر، وحدث بها، وسكن
أخوه بغداد، وهما من الكوفة.
روى عن: شريك، وأبي الاحوص، وعمرو بن أبي المقدام، ومالك
بن أنس، وعبيدالله بن عمرو الرقي، وعبد الرحمن بن أبي
الزناد، وأيوب بن جابر الحنفي، وأخيه محمد بن جابر،
وإسماعيل بن عياش، وشهاب بن خراش، والدراوردي، ومحمد بن
الفرات، وعبيدة بن الاسود، وعدة.
وعنه: البخاري، وعمر بن عبد العزيز بن مقلاص، وعلي بن عبد
الرحمن علان، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم بن عبد الله
الختلي، وأحمد بن البرقي، وأحمد بن يحيى الرقي، وإسحاق بن
سيار النصيبي، وجعفر بن أحمد الغافقي، والحسن بن سليمان
الفزاري قبيطة، والحسن ابن غفير المصري العطار، وأبو
الزنباع روح بن الفرج، والحسين بن حميد العكي، وأبو خيثمة
علي بن عمرو بن خالد الحراني، وأخوه أبوعلاثة
محمد بن عمرو، وأبو الاحوص العكبري، ويحيى بن أيوب العلاف،
ويعقوب الفسوي، وخلق كثير.
قال أبو زرعة: ثقة، ذهب إلى مصر في التجارة، ومات بها (1).
وقال ابن حبان في " الثقات ": مات سنة اثنتين وعشرين
ومئتين (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 227، و " تهذيب الكمال " لوحة
1560.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1560.
(*)
(10/485)
وهذا وهم، فقد قال ابن يونس: سكن مصر، وتوفي بها يوم
الثلاثاء، لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين
وثلاثين.
قال: وكان قد عمي قبل أن يموت بيسير، وخلف ولدا يقال له:
محمد، ولد بمصر، يروي عن أبيه (1).
قلت: فهذا الصحيح في وفاته، وقيل: مات سنة ثلاثين، وقيل:
سنة ثلاث وثلاثين.
وأما أخو يوسف بن عدي - أعني الحافظ زكريا بن عدي (2) -
فكان أحفظ من يوسف وأجل، مات قبل يوسف بعشرين سنة.
وليس ليوسف في " صحيح البخاري " سوى حديث طويل، حدث به أبو
إسحاق بن الدرجي، وأجازه لي عن أبي جعفر الصيدلاني وجماعة،
قالوا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة،
أخبرنا الطبراني، حدثنا أحمد بن رشدين، حدثنا يوسف بن عدي،
حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال،
عن سعيد، عن ابن عباس، قال: جاءه رجل (3)، فقال: يا أبا
عباس، إني أجد في القرآن
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1560.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة 442 من هذا الجزء.
(3) قال الحافظ: كان هذا الرجل هو نافع بن الازرق الذي صار
بعد ذلك رأس الازارقة من الخوارج، وكان يجالس ابن عباس
بمكة، ويسأله ويعارضه، ومن جملة ما وقع سؤاله عنه صريحا ما
أخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 394 من طريق داود بن أبي
هند، عن عكرمة، قال: سأل نافع بن الازرق ابن عباس عن قوله
تعالى: (هذا يوم لا ينطقون) و (لا تسمع إلا همسا) وقوله:
(وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) و (هاؤم اقرؤوا
كتابيه)..الحديث بهذه القصة حسب، وهي إحدي القصص المسؤول
عنها في حديث الباب، وروى الطبراني من حديث الضحاك بن
مزاحم قال: قدم نافع بن الازرق ونجدة بن عويمر في نفر من
رؤوس الخوارج مكة، فإذا هم بابن عباس قاعدا قريبا من زمزم،
والناس قياما يسألونه، فقال له نافع بن الازرق: أتيتك
لاسألك، فسأله عن أشياء كثيرة من التفسير ساقها في ورقتين.
(*)
(10/486)
أشياء تختلف علي، فقد وقع في صدري، فقال ابن عباس: تكذيب ؟
فقال الرجل: ما هو تكذيب، ولكن اختلاف.
الحديث (1).
161 - أحمد بن عاصم *
الزاهد الرباني الولي، أبو عبد الله الانطاكي، صاحب مواعظ
وسلوك.
__________
(1) أخرجه البخاري 8 / 427 - 429 في تفسير سورة فصلت، من
طريق يوسف بن عدي، حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي
أنيسة، عن المنهال، عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن
عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي، قال: (فلا أنساب
بينهم يومئذ ولا يتساءلون) [ المؤمنون: 101 ] (وأقبل بعضهم
على بعض يتساءلون) [ الصافات: 27 ] (ولا يكتمون الله
حديثا) [ النساء: 42 ] (والله ربنا ما كنا مشركين) [
الانعام: 23 ] فقد كتموا في
هذه الآية، وقال: (أم السماء بناها)...إلى قوله: (دحاها) [
النازعات: 27 - 30 ] فذكر خلق السماء قبل خلق الارض، ثم
قال: (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين)..إلى
(طائعين) [ فصلت: 9 - 11 ] فذكر في هذه خلق الارض قبل
السماء، وقال تعالى: (وكان الله غفورا رحيما) (عزيزا
حكيما) (سميعا بصيرا) فكأنه كان ثم مضى ؟ فقال: فلا أنساب
بينهم في النفخة الاولى، ثم ينفخ في الصور فصعق من في
السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم
عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على
بعض يتساءلون.
وأما قوله: (ما كنا مشركين) (ولا يكتمون الله) فإن الله
يغفر لاهل الاخلاص ذنوبهم، وقال المشركون: تعالوا نقول: لم
نكن مشركين، فختم على أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك عرف
أن الله لا يكتم حديثا، وعنده يود الذين كفروا.
الآية.
وخلق الارض في يومين ثم خلق السماء، ثم استوى إلى السماء
فسواهن في يومين آخرين، ثم دحا الارض، ودحوها أن أخرج منها
الماء والمرعى، وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في
يومين آخرين، فذلك قوله: (دحاها) وقوله: (خلق الارض في
يومين) فجعلت الارض وما فيها من شئ في أربعة أيام، وخلقت
السماوات في يومين.
وكان الله غفورا: سمى نفسه ذلك، وذلك قوله، أي لم يزل
كذلك، فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد، فلا
يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله.
وانظر " المستدرك " 2 / 392.
* الجرح والتعديل 2 / 66، طبقات الصوفية: 137 - 140، حلية
الاولياء 9 / 280 - 297، صفة الصفوة 4 / 277 - 279، ميزان
الاعتدال 1 / 106، تاريخ الاسلام ورقة 176 من مجلد أيا
صوفيا 3007، البداية والنهاية 10 / 318، 319، طبقات
الاولياء: 46، 47، طبقات الشعراني 1 / 97، الكواكب الدرية
1 / 197، نتائج الافكار القدسية 1 / 133 - 135.
(*)
(10/487)
له ترجمة في بضع عشرة ورقة من " حلية الاولياء " (1).
روى عنه: أبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن أبي الحواري.
وكان يقول: غنيمة باردة: أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى
(2).
وقال: إذا صارت المعاملة إلى القلب، استراحت الجوارح (3).
لم أظفر له بتاريخ وفاة، ولعله بقي إلى نحو الثلاثين
ومئتين (4).
162 - خالد بن خداش *
(م، س) ابن عجلان، الامام الحافظ الصدوق، أبو الهيثم
المهلبي مولاهم البصري، نزيل بغداد.
حدث عن: مالك بن أنس، ومهدي بن ميمون، وأبي عوانة، وحماد
بن زيد، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وطائفة.
حدث عنه: مسلم في " صحيحه "، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو
زرعة، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعثمان بن خرزاذ، وولده
محمد بن خالد، وخلق سواهم.
__________
(1) انظر " حلية الاولياء " 9 / 280 - 297.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 281.
(3) " حلية الاولياء " 9 / 281.
(4) وسيعيد المؤلف ترجمته بأطول مما هنا في الجزء الحادي
عشر ص 409.
* التاريخ الكبير 3 / 146، المعارف: 525، الجرح والتعديل 3
/ 327، تاريخ بغداد 8 / 304 - 307، المعجم المشتمل: 113،
تهذيب الكمال لوحة 355، تذهيب التهذيب 1 / 186 / 1، ميزان
الاعتدال 1 / 629، العبر 1 / 386، الكاشف 1 / 267، المغني
في الضعفاء 1 / 202، تهذيب التهذيب 3 / 85، خلاصة تذهيب
الكمال: 100، شذرات الذهب 2 / 51.
(*)
(10/488)
قال أبو حاتم وغيره: هو صدوق (1).
وقال زكريا الساجي: فيه ضعف (2).
قلت: أبلغ ما نقموا عليه أنه ينفرد بأحاديث عن حماد بن
زيد، وهذا لا يدل على لينه، فإنه لازمه مدة (3).
مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومئتين.
وقد خرج له النسائي بواسطة.
163 - صدقة بن الفضل *
(خ) المروزي، الامام الحافظ القدوة، شيخ الاسلام، أبو
الفضل.
ولد في حدود الخمسين ومئة.
وحدث عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، وسفيان بن عيينة،
وابن وهب، ووكيع، وحفص بن غياث، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو محمد الدارمي، ويعقوب الفسوي،
وأحمد بن منصور زاج، وعبيدالله بن واصل البخاري، والفقيه
محمد بن نصر المروزي، وأبو الموجه محمد بن عمرو، وآخرون.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 327.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 306، و " تهذيب الكمال " لوحة
356.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 306.
* التاريخ الكبير 4 / 298، الجرح والتعديل 4 / 434، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 255، الانساب 8 / 47، المعجم
المشتمل: 144، معجم البلدان 3 / 397، 398، اللباب 2 / 237،
تهذيب الكمال لوحة 605، تذهيب التهذيب 2 / 91 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 498، العبر 1 / 386، الكاشف 2 / 27، تهذيب
التهذيب 4 / 417، طبقات الحفاظ: 217، خلاصة تذهيب الكمال:
173، شذرات الذهب 2 / 51.
(*)
(10/489)
وكان إماما حجة صاحب سنة واتباع.
يقال: إنه كان بمرو كالامام أحمد ببغداد.
قال العباس بن الوليد النرسي: كنا نقول: صدقة بن الفضل
بخراسان، وأحمد بن حنبل بالعراق (1).
توفي صدقة على ما نقله الحافظ أبو القاسم في " شيوخ النبل
" (2) في آخر سنة ثلاث وعشرين ومئتين.
قال: وقيل: سنة ست وعشرين.
وإليه تنسب سكة صدقة بمرو (3).
164 - أبو عبيد * (د) الامام
الحافظ المجتهد ذو الفنون، أبو عبيد، القاسم بن سلام بن
عبد الله.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 606.
(2) ص 144.
(3) انظر " معجم البلدان " 3 / 397، 398.
* طبقات ابن سعد 7 / 355، تاريخ ابن معين: 479، 480،
التاريخ الكبير 7 / 172، التاريخ الصغير 2 / 350، المعارف
لابن قتيبة: 549، الجرح والتعديل 7 / 111، مراتب النحويين:
93، 94، طبقات الزبيدي: 217، 221، الفهرست لابن النديم:
78، تاريخ بغداد 12 / 403 - 416، طبقات الشيرازي: 26،
طبقات الحنابلة 1 / 259، تاريخ ابن عساكر 35 / 82 - 110،
نزهة الالباء: 136 - 142، صفة الصفوة 4 / 130، معجم
الادباء 16 / 254 - 261، الكامل لابن الاثير 6 / 509،
إنباه الرواة 3 / 12 - 23، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 257،
258، وفيات الاعيان 4 / 60 - 63، المختصر في أخبار البشر 2
/ 34، تهذيب الكمال لوحة 1110، تذهيب التهذيب 3 / 146،
147، دول الاسلام 1 / 136، تذكرة الحفاظ 1 / 417، العبر 1
/ 392، ميزان الاعتدال 3 / 371، معرفة القراء 1 / 141 -
143، الكاشف 2 / 390، عيون التواريخ 7 / لوحة 94 وما
بعدها، مرآة الجنان 2 / 83 - 86، طبقات
الشافعية 2 / 153 - 160، البداية والنهاية 10 / 291، 292،
العقد الثمين 7 / 23 - 25، غاية النهاية 2 / 17، 18، تهذيب
التهذيب 8 / 315، النجوم الزاهرة 2 / 241، روضات الجنات:
526، بغية الوعاة 2 / 253، 254، المزهر 2 / 411 و 419 و
464، خلاصة تذهيب الكمال: 312، طبقات المفسرين 2 / 32 -
37، مفتاح السعادة 2 / 306، شذرات الذهب 2 / 54، 55.
(*)
(10/490)
كان أبوه سلام مملوكا روميا لرجل هروي: يروى أنه خرج يوما
وولده أبو عبيد مع ابن أستاذه في المكتب، فقال للمعلم:
علمي القاسم فإنها كيسة (1).
مولد أبي عبيد سنة سبع وخمسين ومئة.
وسمع: إسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله، وهشيما،
وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وأبا بكر بن عياش،
وعبد الله بن المبارك، وسعيد بن عبدالرحمن الجمحي، وعبيد
الله الاشجعي، وغندرا، وحفص بن غياث، ووكيعا، وعبد الله بن
إدريس، وعباد بن عباد، ومروان بن معاوية، وعباد بن العوام،
وجرير بن عبدالحميد، وأبا معاوية الضرير، ويحيى القطان،
وإسحاق الازرق، وابن مهدي، ويزيد ابن هارون، وخلقا كثيرا،
إلى أن ينزل إلى رفيقه هشام بن عمار، ونحوه.
وقرأ القرآن على أبي الحسن الكسائي، وإسماعيل بن جعفر،
وشجاع بن أبي نصر البلخي، وسمع الحروف من طائفة.
وأخذ اللغة عن أبي عبيدة، وأبي زيد، وجماعة.
وصنف التصانيف المونقة التي سارت بها الركبان.
وله مصنف في القراءات لم أره، وهو من أئمة الاجتهاد، له
كتاب " الاموال " في مجلد كبير سمعناه بالاتصال.
وكتاب " الغريب " (2) مروي أيضا،
وكتاب " فضائل القرآن " وقع لنا، وكتاب " الطهور "، وكتاب
" الناسخ والمنسوخ " وكتاب " المواعظ "، وكتاب " الغريب
المصنف في علم
__________
(1) وهذه لهجة الاعاجم.
انظر " تاريخ بغداد " 2 / 403، وإنباه الرواة " 3 / 12.
(2) أي: " غريب الحديث " وقد طبع سنة 1384 ه - 1964 م
بالهند في أربع مجلدات.
(*)
(10/491)
اللسان "، وغير ذلك وله بضعة وعشرون كتابا (1).
حدث عنه: نصر بن داود، وأبو بكر الصاغاني، وأحمد بن يوسف
التغلبي، والحسن بن مكرم، وأبو بكر بن أبي الدنيا، والحارث
بن أبي أسامة، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن يحيى
المروزي، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، وعباس الدوري،
وأحمد بن يحيى البلاذري، وآخرون.
قال ابن سعد (2): كان أبو عبيد مؤدبا صاحب نحو وعربية،
وطلب للحديث والفقه، ولي قضاء طرسوس أيام الامير ثابت بن
نصر الخزاعي (3)، ولم يزل معه ومع ولده، وقدم بغداد، ففسر
بها غريب الحديث، وصنف كتبا، وحدث، وحج، فتوفي بمكة سنة
أربع وعشرين.
وقال أبو سعيد بن يونس في " تاريخه ": قدم أبو عبيد مصر مع
يحيى ابن معين سنة ثلاث عشرة ومئتين، وكتب بها (4).
وقال علي بن عبد العزيز: ولد بهراة، وكان أبوه عبدا لبعض
أهلها.
وكان يتولى الازد (5).
قال عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي: ومن علماء بغداد
المحدثين النحويين على مذهب الكوفيين، ورواة اللغة والغريب
عن
__________
(1) انظر مصنفاته في " الفهرست " ص 78، و " معجم الادباء "
16 / 260، و " إنباه
الرواة " 3 / 22.
(2) في " الطبقات الكبرى " 7 / 355.
(3) وذلك في سنة (192) ه.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1110.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 404.
(*)
(10/492)
البصريين، والعلماء بالقراءات، ومن جمع صنوفا من العلم،
وصنف الكتب في كل فن أبو عبيد.
وكان مؤدبا لاهل هرثمة (1)، وصار في ناحية عبد الله بن
طاهر، وكان ذا فضل ودين وستر، ومذهب حسن، روى عن أبي زيد،
وأبي عبيدة، والاصمعي، واليزيدي، وغيرهم من البصريين، وروى
عن ابن الاعرابي، وأبي زياد الكلابي، والاموي، وأبي عمرو
الشيباني، والاحمر (2).
نقل الخطيب في " تاريخه " وغيره: أن طاهر بن الحسين حين
سار إلى خراسان، نزل بمرو، فطلب رجلا يحدثه ليلة، فقيل: ما
هاهنا إلا رجل مؤدب، فأدخلوا عليه أبا عبيد، فوجده أعلم
الناس بأيام الناس والنحو واللغة والفقه.
فقال له: من المظالم تركك أنت بهذه البلدة، فأعطاه ألف
دينار، وقال له: أنا متوجه إلى حرب، وليس أحب استصحابك
شفقا عليك، فأنفق هذه إلى أن أعود إليك، فألف أبو عبيد "
غريب المصنف " وعاد طاهر بن الحسين من ثغر خراسان، فحمل
معه أبا عبيد إلى سر من رأى، وكان أبو عبيد ثقة دينا ورعا
كبير الشأن (3).
قال ابن درستويه: ولابي عبيد كتب لم يروها، قد رأيتها في
ميراث بعض الطاهرية تباع كثيرة في أصناف الفقه كله، وبلغنا
أنه كان إذا ألف كتابا
أهداه إلى ابن طاهر، فيحمل إليه مالا خطيرا (4).
وذكر فصلا إلى أن قال:
__________
(1) أي هرثمة بن أعين الامير الذي قتله المأمون سنة 200 ه،
انظر أخباره في " تاريخ الطبري " 8 / 542، و " الكامل "
لابن الاثير 6 / 314.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 404، و " طبقات الحنابلة " 1 /
260، 261.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 406.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 404، و " نزهة الالباء ": 137، و
" طبقات الحنابلة " 1 / 261، و " معجم الادباء " 16 / 255،
و " إنباه الرواة " 3 / 13.
(*)
(10/493)
و " الغريب المصنف " (1) من أجل كتبه في اللغة، احتذى فيه
كتاب النضر بن شميل، المسمى بكتاب " الصفات " بدأ فيه بخلق
الانسان، ثم بخلق الفرس، ثم بالابل، وهو أكبر من كتاب أبي
عبيد وأجود.
قال: ومنها كتابه في " الامثال " (2) أحسن تأليفه، وكتاب "
غريب الحديث " ذكره بأسانيده، فرغب فيه أهل الحديث، وكذلك
كتابه في " معاني القرآن " حدث بنصفه، ومات (3).
وله كتب في الفقه، فإنه عمد إلى مذهب مالك والشافعي، فتقلد
أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وجمعه من رواياته، وحسنها باللغة
والنحو.
وله في القراءات كتاب جيد، ليس لاحد من الكوفيين قبله
مثله، وكتابه في " الاموال " من أحسن ما صنف في الفقه
وأجوده (4).
__________
(1) لم يطبع بعد، ومنه نسختان بدار الكتب المصرية، ونسخة
بمكتبة الفاتح بتركيا.
يقول الدكتور حسين نصار في " المعجم العربي " 1 / 185،
186: إنه اعتمد فيه على الكتب المؤلفة قبله في الموضوعات
المفردة، وخاصة كتب الاصمعي وأبي زيد وأبي عبيدة والكسائي
وغيرهم، وأدخلها برمتها في كتبه وأبوابه، واتبع ترتيبها في
بعض الاحيان، والتزم أن
ينسب كل قول إلى صاحبه، وأن ينبه على المواضع التي اتفق
فيها اللغويون التزام التنبيه على مواضع الخلاف، أما
شواهده فهي ما استقاه من غيره مع الاختصار أحيانا، وتتألف
من القرآن والشعر والاقوال، وفي قليل من الاحيان من
الحديث، وإذن ففضل أبي عبيد في جمع الموضوعات الخاصة في
كتاب واحد، وفي جمع الكتب المختلفة في الموضوع الواحد في
كتاب واحد وأبواب واحدة من كتابه، ولكن ليس من العدل أن
نقول مع ابن النديم: إنه أخذ كتابه من النضر بن شميل، أو
مع أبي الطيب اللغوي: إنه اعتمد فيه على رجل من بني هاشم،
فالرجال الذين اعتمد عليهم صرح بأسمائهم، ولم يحاول أن
يخفي ذلك، وكان يعتبر ذلك شكرا للعلم، ولا مانع عندنا أن
يكون نظام الغريب مشابها لنظام كتاب النضر، وبالرغم من ذلك
فإن فهرس ما يضمه من كتب يبين بوضوح مدى الاضافات
والموضوعات الجديدة التي ضمها الغريب المصنف ولم تكن في "
صفات " النضر.
(2) طبع مع شرحه " فصل المقال " لابي عبيد البكري بتحقيق
الدكتورين إحسان عباس وعبد المجيد عابدين سنة 1390 ه، 1971
م.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 404، 405.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 405.
(*)
(10/494)
أنبأنا ابن علان، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا
الخطيب، أخبرنا أبو العلاء القاضي، أخبرنا محمد بن جعفر
التميمي، أخبرنا أبو علي النحوي، حدثنا الفسطاطي، قال: كان
أبو عبيد مع ابن طاهر، فوجه إليه أبو دلف بثلاثين ألف
درهم، فلم يقبلها، وقال: أنا في جنبة رجل ما يحوجني إلى
صلة غيره، ولا آخذ ما علي فيه نقص، فلما عاد ابن طاهر،
وصله بثلاثين ألف دينار، فقال له: أيها الامير قد قبلتها،
ولكن قد أغنيتني بمعروفك، وبرك عنها، وقد رأيت أن أشتري
بها سلاحا وخيلا، وأوجه بها إلى الثغر ليكون الثواب متوفرا
على الامير، ففعل (1).
قال عبيد الله بن عبدالرحمن السكري: قال أحمد بن يوسف -
إما سمعته منه، أو حدثت به عنه - قال: لما عمل أبو عبيد
كتاب " غريب الحديث " عرض على عبد الله بن طاهر، فاستحسنه،
وقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن
لا يحوج إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم في
الشهر.
كذا في هذه الرواية، عشرة آلاف درهم (2).
وروي غيره بمعناه عن الحارث بن أبي أسامة، قال: حمل " غريب
" أبي عبيد إلى ابن طاهر، فقال: هذا رجل عاقل.
وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يجري عليه في كل شهر خمس
مئة درهم.
فلما مات ابن طاهر،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 406، و " نزهة الالباء ": 137،
138، و " طبقات الحنابلة " 1 / 261، و " معجم الادباء " 16
/ 256، و " إنباه الرواة " 3 / 16، و " طبقات الشافعية " 2
/ 155.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 406، و " نزهة الالباء ": 138، و
" طبقات الحنابلة " 1 / 261، و " إنباه الرواة " 3 / 16.
(*)
(10/495)
أجرى عليه إسحاق من ماله ذلك، فلما مات أبو عبيد بمكة،
أجراها على ولده (1).
ذكر وفاة ابن طاهر هنا وهم، لانه عاش مدة بعد أبي عبيد
(2).
وعن أبي عبيد أنه كان يقول: كنت في تصنيف هذا الكتاب (3)
أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال،
فأضعها في الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة.
وأحدكم يجيئني، فيقيم عندي أربعة أشهر، خمسة أشهر، فيقول:
قد أقمت الكثير (4).
وقيل: إن أول من سمع " الغريب " من أبي عبيد يحيى بن معين
(5).
الطبراني: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: عرضت كتاب " غريب
الحديث " لابي عبيد على أبي، فاستحسنه، وقال: جزاه الله
خيرا (6).
وروى ابن الانباري، عن موسى بن محمد: أنه سمع عبد الله بن
أحمد يقول: كتب أبي " غريب الحديث " الذي ألفه أبو عبيد
أولا (7).
قال عبد الله بن محمد بن سيار: سمعت ابن عرعرة يقول: كان
طاهر ابن عبد الله ببغداد، فطمع في أن يسمع من أبي عبيد،
وطمع أن يأتيه في
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 406، 407.
(2) وهذا هو الصواب فعبد الله بن طاهر توفي سنة (230) ه،
وتوفي أبو عبيد سنة (224) ه أي قبله بست سنين.
انظر " العبر " 1 / 392 و 406.
(3) يريد كتاب " الغريب المصنف ".
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 407، و " طبقات الحنابلة " 1 /
261، و " إنباه الرواة " 3 / 16.
وفي هذا الاخير " مكثت " بدل " كنت " (5) " تاريخ بغداد "
12 / 407، و " نزهة الالباء ": 138، و " طبقات الحنابلة "
1 / 261، و " إنباه الرواة " 3 / 16.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 407، و " نزهة الالباء ": 138، و
" إنباه الرواة " 3 / 16.
(7) " تاريخ بغداد " 12 / 407، و " إنباه الرواة " 3 / 16.
(*)
(10/496)
منزله، فلم يفعل أبو عبيد، حتى كان هو يأتيه.
فقدم علي بن المديني، وعباس العنبري، فأرادا أن يسمعا "
غريب الحديث " فكان يحمل كل يوم كتابه، ويأتيهما في
منزلهما، فيحدثهما فيه (1).
قال جعفر بن محمد بن علي بن المديني: سمعت أبي يقول: خرج
أبي إلى أحمد بن حنبل يعوده وأنا معه، فدخل إليه، وعنده
يحيى بن معين وجماعة، فدخل أبو عبيد، فقال له يحيى: اقرأ
علينا كتابك الذي عملته للمأمون " غريب الحديث " فقال:
هاتوه، فجاؤوا بالكتاب، فأخذه أبو عبيد فجعل يبدأ يقرأ
الاسانيد، ويدع تفسير الغريب، فقال أبي: دعنا من الاسناد،
نحن أحذق بها منك.
فقال يحيى بن معين لابي: دعه يقرأ على الوجه، فإن ابنك
معك، ونحن نحتاج أن نسمعه على الوجه.
فقال أبو عبيد: ما قرأته إلا على المأمون، فإن أحببتم أن
تقرؤوه، فاقرؤوه.
فقال له ابن المديني: إن قرأته علينا، وإلا لا حاجة لنا
فيه، ولم يعرف أبو عبيد علي بن المديني، فقال ليحيى: من
هذا ؟ فقال: هذا علي بن المديني.
فالتزمه، وقرأه علينا.
فمن حضر ذلك المجلس، جاز أن يقول: حدثنا.
وغير ذلك، فلا يقول (2).
رواها إبراهيم بن علي الهجيمي، عن جعفر.
قال أبو بكر بن الانباري: كان أبو عبيد - رحمه الله - يقسم
الليل أثلاثا فيصلي ثلثه، وينام ثلثه، ويصنف الكتب ثلثه
(3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 407، و " إنباه الرواة " 3 / 17،
وفي الثاني تتمة هي " إجلالا لعلمهما، وهذه شيمة شريفة رحم
الله أبا عبيد ".
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 407، 408، و " طبقات الحنابلة "
1 / 261، 262، و " إنباه الرواة " 3 / 17، 18.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 408، و " نزهة الالباء ": 138، و
" إنباه الرواة " 3 / 18، و " طبقات الشافعية " 2 / 154.
(*)
(10/497)
قال عبد الله بن أبي مقاتل البلخي، عن أبي عبيد: دخلت
البصرة
لاسمع من حماد بن زيد، فقدمت فإذا هو قد مات، فشكوت ذلك
إلى عبد الرحمن بن مهدي فقال: مهما سبقت به، فلا تسبقن
بتقوى الله (1).
وقال أبو حامد الصاغاني: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام
يقول: فعلت بالبصرة فعلتين أرجو بهما الجنة: أتيت يحيى
القطان وهو يقول: أبو بكر وعمر.
فقلت: معي شاهدان من أهل بدر يشهدان أن عثمان أفضل من علي.
قال: من ؟ قلت: أنت حدثتنا عن شعبة، عن عبدالملك بن ميسرة،
عن النزال بن سبرة، قال: خطبنا ابن مسعود، فقال: أمرنا خير
من بقي، ولم نال.
قال: ومن الآخر ؟ قلت: الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن
المسور، قال: سمعت عبدالرحمن بن عوف يقول: شاورت المهاجرين
الاولين، وأمراء الاجناد، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فلم أر أحدا يعدل بعثمان.
قال: فترك يحيى قوله، وقال: أبو بكر وعمر وعثمان.
قال: وأتيت عبد الله الخريبي، فإذا بيته بيت خمار.
فقلت: ما هذا ؟ قال: ما اختلف فيه أولنا ولا آخرنا.
قلت: اختلف فيه أولكم وآخركم.
قال: من ؟ قلت: أيوب السختياني، عن محمد، عن عبيدة قال:
اختلف علي في الاشربة، فمالي شراب منذ عشرين سنة إلا عسل
أو لبن أو ماء.
قال: ومن آخرنا ؟ قلت: عبد الله بن إدريس.
قال: فأخرج كل ما في منزله، فأهراقه (2).
أبو عبيد قال: سمعني ابن إدريس أتلهف على بعض الشيوخ، فقال
لي: يا أبا عبيد، مهما فاتك من العلم، فلا يفوتنك من العمل
(3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 408، 409.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 409.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 409.
(*)
(10/498)
الحاكم: سمعت أبا الحسن الكارزي (1)، سمعت علي بن عبد
العزيز، سمعت أبا عبيد يقول: المتبع السنة كالقابض على
الجمر، هو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله (2).
وعن أبي عبيد، قال: مثل الالفاظ الشريفة، والمعاني الظريفة
مثل القلائد اللائحة في الترائب الواضحة (3).
قال عباس الدوري: سمعت أبا عبيد يقول: إني لاتبين في عقل
الرجل أن يدع الشمس، ويمشي في الظل (4).
وبإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا أحمد بن علي البادا (5)،
أخبرنا عبد الله بن جعفر الزبيبي، حدثنا عبد الله بن
العباس الطيالسي، سمعت الهلال ابن العلاء الرقي يقول: من
الله على هذه الامة بأربعة في زمانهم: بالشافعي تفقه بحديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأحمد ثبت في المحنة، لولا
ذلك كفر الناس، وبيحيى بن معين نفى الكذب عن الحديث، وبأبي
عبيد فسر الغريب من الحديث، ولولا ذلك لاقتحم الناس في
الخطأ (6).
وقال إبراهيم بن أبي طالب: سألت أبا قدامة عن الشافعي،
وأحمد،
__________
(1) نسبة إلى كارز: قرية بنواحي نيسابور على نصف فرسخ
منها.
" الانساب " 10 / 317.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 410، و " طبقات الحنابلة " 1 /
262.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 410.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 410.
(5) قال ابن ماكولا في " الاكمال " 1 / 408: وأما البادي
فهو أبو الحسن أحمد بن علي البادي، وتعرفه العامة بابن
البادا، وأخبرني بعض الشيوخ أنه البادي، وسألته عن ذلك،
فقال: ولدت أنا وأخي توأما، وخرجت أنا أولا، فسميت البادي.
وانظر " توضيح المشتبه " 1 / لوحة
27 / 2، و " الانساب " 2 / 21 و 24.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 410، و " نزهة الالباء ": 139، و
" إنباه الرواة " 3 / 18.
(*)
(10/499)
وإسحاق (1)، وأبي عبيد، فقال: أما أفقههم فالشافعي، لكنه
قليل الحديث، وأما أورعهم فأحمد، وأما أحفظهم فإسحاق، وأما
أعلمهم بلغات العرب فأبو عبيد (2).
قال الحسن بن سفيان: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول:
أبو عبيد أوسعنا علما وأكثرنا أدبا، وأجمعنا جمعا، إنا
نحتاج إليه، ولا يحتاج إلينا (3).
- سمعها الحاكم من أبي الوليد الفقيه: سمعت الحسن -.
وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحق يحبه
الله عزوجل: أبو عبيد القاسم بن سلام أفقه مني وأعلم مني
(4).
الخطيب في " تاريخه ": حدثني مسعود بن ناصر، أخبرنا علي بن
بشرى، حدثنا محمد بن الحسين الآبري، سمعت ابن خزيمة، سمعت
أحمد بن نصر المقرئ يقول: قال إسحاق: إن الله لا يستحيي من
الحق: أبو عبيد أعلم مني، ومن ابن حنبل، والشافعي (5).
قال أبو العباس ثعلب: لو كان أبو عبيد في بني إسرائيل،
لكان عجبا (6).
__________
(1) أي إسحاق بن راهويه.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 410، و " نزهة الالباء ": 139، و
" إنباه الرواة " 3 / 18.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 411، و " نزهة الالباء ": 139، و
" إنباه الرواة " 3 / 19، و " طبقات الشافعية " 2 / 154.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 411، و " نزهة الالباء ": 140، و
" إنباه الرواة " 3 / 19.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 411، و " نزهة الالباء ": 140، و
" إنباه الرواة " 3 / 19.
(6) " تاريخ بغداد " 12 / 411، و " نزهة الالباء ": 140، و
" إنباه الرواة " 3 / 19، و " طبقات الشافعية " 2 / 155.
(*)
(10/500)
وقال أحمد بن كامل القاضي: كان أبو عبيد فاضلا في دينه وفي
علمه، ربانيا، مفننا في أصناف علوم الاسلام من القرآن،
والفقه والعربية والاخبار، حسن الرواية، صحيح النقل، لا
أعلم أحدا طعن عليه في شئ من أمره ودينه (1).
وبلغنا عن عبد الله بن طاهر أمير خراسان قال: الناس أربعة:
ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في
زمانه، وأبو عبيد في زمانه (2).
قال إبراهيم بن محمد النساج: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
أدركت ثلاثة تعجز النساء أن يلدن مثلهم: رأيت أبا عبيد، ما
مثلته إلا بجبل نفخ فيه روح، ورأيت بشر بن الحارث، ما
شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا، ورأيت أحمد بن
حنبل، فرأيت كأن الله قد جمع له علم الاولين، فمن كل صنف
يقول ما شاء، ويمسك ما شاء (3).
قال مكرم بن أحمد: قال إبراهيم الحربي: كان أبو عبيد كأنه
جبل نفخ فيه الروح، يحسن كل شئ إلا الحديث صناعة أحمد
ويحيى (4).
وكان أبو عبيد يؤدب غلاما في شارع بشر، ثم اتصل بثابت بن
نصر الخزاعي يؤدب ولده، ثم ولي ثابت طرسوس ثماني عشرة سنة،
فولى أبا عبيد قضاء طرسوس ثماني عشرة سنة، فاشتغل عن كتابة
الحديث (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 411، و " نزهة الالباء ": 140، و
" إنباه الرواة " 3 / 19.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 411، و " نزهة الالباء ": 140، و
" طبقات الشافعية " 2 / 156.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 412، و " نزهة الالباء ": 141.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 412، 413.
(5) " تاريخ بغداد " 12 / 413، و " إنباه الرواة " 3 / 19.
(*)
(10/501)
كتب في حداثته عن هشيم وغيره، فلما صنف، احتاج إلى أن يكتب
عن يحيى بن صالح، وهشام بن عمار (1).
وأضعف كتبه كتاب " الاموال " يجئ إلى باب فيه ثلاثون
حديثا، وخمسون أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيجئ
بحديث، حديثين، يجمعهما من حديث الشام، ويتكلم في
ألفاظهما، وليس له كتاب ك " غريب المصنف " (2).
وانصرف يوما من الصلاة، فمر بدار إسحاق الموصلي، فقالوا
له: يا أبا عبيد، صاحب هذه الدار يقول: إن في كتابك " غريب
المصنف " ألف حرف خطأ.
فقال: كتاب فيه أكثر من مئة ألف يقع فيه ألف ليس بكثير ؟ !
ولعل إسحاق عنده رواية، وعندنا رواية، فلم يعلم، فخطأنا،
والروايتان صواب، ولعله أخطأ في حروف، وأخطأنا في حروف،
فيبقى الخطأ يسيرا (3).
وكتاب " غريب الحديث " فيه أقل من مئتي حرف: سمعت،
والباقي: قال الاصمعي، وقال أبو عمرو، وفيه خمسة وأربعون
حديثا لا أصل لها، أتي فيها أبو عبيد من أبي عبيدة معمر بن
المثنى (4).
قال الخطيب (5) فيما أنبأنا ابن علان، أخبرنا الكندي، عن
الشيباني، عنه، حدثني العلاء بن أبي المغيرة، أخبرنا علي
بن بقاء (6)،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 413.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 413.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 413، و " إنباه الرواة " 3 / 20.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 413.
(5) في " تاريخ بغداد " 12 / 413، 414.
(6) في الاصل: " ؟ ؟ " وهو خطأ، وعلي بن بقاء هذا هو
المحدث المصري الوراق، المتوفى سنة 450 ه، مترجم في "
العبر " 3 / 223، و " حسن المحاضرة " 1 / 374.
(*)
(10/502)
أخبرنا عبد الغني الحافظ قال: في كتاب الطهارة لابي عبيد
حديثان ما حدث بهما غير أبي عبيد، ولا عنه سوى محمد بن
يحيى المروزي: أحدهما: حديث شعبة، عن عمرو بن أبي وهب.
والآخر: عبيدالله بن عمر، عن المقبري، حدث به القطان، عن
عبيدالله (1)، ورواه الناس عن القطان، عن ابن عجلان.
محمد بن يحيى: حدثنا أبو عبيد: أخبرنا حجاج، عن شعبة، عن
عمرو بن أبي وهب الخزاعي، عن موسى بن ثروان، عن طلحة بن
عبيد الله ابن كريز، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله
عليه وسلم إذا توضأ يخلل لحيته (2).
إبراهيم بن أحمد المستملي: حدثنا عبد الله بن محمد بن
طرخان: سمعت محمد بن عقيل: سمعت حمدان بن سهل يقول: سألت
يحيى بن معين عن الكتبة عن أبي عبيد، فقال - وتبسم -: مثلي
يسأل عن أبي عبيد ؟ ! أبو عبيد يسأل عن الناس، لقد كنت عند
الاصمعي يوما، إذ أقبل أبو عبيد، فشق إليه بصره حتى اقترب
منه، فقال: أترون هذا المقبل ؟
__________
(1) وتمامه عند الخطيب: عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة
بن عبدالرحمن قال: رأت عائشة عبدالرحمن توضأ، فقالت: يا
عبدالرحمن أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " ويل للاعقاب من النار " ورواية
يحيى عن ابن عجلان أخرجها أحمد 6 / 191، 192، عن سالم مولى
شداد، عن عائشة، وأخرجه من طرق أخرى مسلم (240) وأحمد 6 /
81 و 84 و 99 و 112 و 258.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 413، 414، وأخرج حديث عائشة أحمد
6 / 234 من طريق علي بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، عن
عمر بن أبي وهب الخزاعي بهذا الاسناد، وأخرجه الحاكم 1 /
150 من طريق عمر بن أبي وهب به، وفي الباب عن عثمان عند
الترمذي (31) وابن ماجة (430) وابن خزيمة (151) و (152)
وابن حبان (154) والحاكم 1 / 149، وابن الجارود رقم (72)،
وعن أنس عند أبي داود (145).
(*)
(10/503)
قالوا: نعم.
قال: لن تضيع الدنيا أو الناس ما حيي هذا (1).
روى عبد الخالق بن منصور، عن ابن معين، قال: أبو عبيد ثقة.
وقال عباس بن محمد، عن أحمد بن حنبل: أبو عبيد ممن يزداد
عندنا كل يوم خيرا (2).
وقال أبو داود: أبو عبيد ثقة مأمون (3).
وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ
(4).
وقال الدارقطني: ثقة إمام جبل (5).
وقال الحاكم: كان ابن قتيبة يتعاطى التقدم في علوم كثيرة،
ولم يرضه أهل علم منها، وإنما الامام المقبول عند الكل أبو
عبيد.
قال عباس الدوري: سمعت أبا عبيد يقول: عاشرت الناس، وكلمت
أهل الكلام، فما رأيت قوما أوسخ وسخا، ولا أضعف حجة من...،
ولا أحمق منهم، ولقد وليت قضاء الثغر، فنفيت ثلاثة،
جهميين...،...وجهميا (6).
وقيل: كان أبو عبيد أحمر الرأس واللحية بالخضاب، وكان
مهيبا وقورا (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 414.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 414، و " نزهة الالباء ": 141، و
" طبقات الحنابلة " 1 / 262، و " إنباه الرواة " 3 / 21، و
" طبقات الشافعية " 2 / 154.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 415، و " طبقات الشافعية " 2 /
155.
(4) " طبقات الشافعية " 2 / 155.
(5) " طبقات الشافعية " 2 / 155.
(6) " تاريخ ابن معين ": 480.
(7) " إنباه الرواة " 3 / 23.
(*)
(10/504)
قال الزبيدي: عددت حروف " غريب المصنف "، فوجدته سبعة عشر
ألفا وتسع مئة وسبعين حرفا (1).
قلت: يريد بالحرف اللفظة اللغوية.
أخبرنا أبو محمد بن علوان، أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم،
أخبرنا عبدالمغيث بن زهير، حدثنا أحمد بن عبيدالله، حدثنا
محمد بن علي العشاري، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، أخبرنا
محمد بن مخلد، أخبرنا العباس الدوري، سمعت أبا عبيد القاسم
بن سلام - وذكر الباب الذي يروى فيه الرؤية، والكرسي موضع
القدمين (2)، وضحك ربنا، وأين كان ربنا (3) - فقال: هذه
أحاديث صحاح (4)، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن
بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف يضحك ؟
وكيف وضع قدمه ؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسره.
__________
(1) " إنباه الرواة " 3 / 21، و " بغية الوعاة " 2 / 254
وفيه " وسبع مئة " بدل " وتسع مئة ".
(2) رواه وكيع في " تفسيره ": حدثنا سفيان، عن عمار
الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
قال: " الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره "
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 282 من طريق أبي العباس
محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا محمد بن معاذ، عن أبي عاصم،
عن سفيان بهذا الاسناد، وصححه، ووافقه الذهبي، ولا يصح
مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما حققه ابن كثير في
" تفسيره " 1 / 309 وغيره.
(3) أخرجه أحمد 4 / 11 و 12، والترمذي (3109) في تفسير
سورة هود، وابن ماجه (112) في المقدمة من طريق يزيد بن
هارون، عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عدس،
عن عمه أبي رزين قال: قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل
أن يخلق خلقه، قال: " كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه
هواء، وما ثم خلق، ثم خلق عرشه على الماء "، وهذا سند ضعيف
لجهالة وكيع بن عدس، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان على عادته
في توثيق المجاهيل.
(4) لكن الصحة غير متحققة في حديث " الكرسي موضع القدمين "
وحديث " أين كان ربنا " كما تقدم.
(*)
(10/505)
قلت: قد فسر علماء السلف المهم من الالفاظ وغير المهم، وما
أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها
أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما،
لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت
هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء
بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى، استأثر الله بعلم
حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن ذاته
المقدسة لا
تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها، والرسول
صلى الله عليه وسلم بلغ، وما تعرض لتأويل، مع كون الباري
قال: (لتبين للناس ما نزل إليهم) [ النحل: 44 ]، فعلينا
الايمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم.
قال عبدان بن محمد المروزي: أخبرنا أبو سعيد الضرير قال:
كنت عند الامير عبد الله بن طاهر، فورد عليه نعي أبي عبيد،
فأنشأ يقول: يا طالب العلم قد مات ابن سلام * وكان فارس
علم غير محجام مات الذي كان فينا ربع أربعة * لم يلق مثلهم
أستاذ أحكام خير البرية عبد الله أولهم * وعامر، ولنعم
التلو يا عام هما اللذان أنافا فوق غيرهما * والقاسمان ابن
معن وابن سلام (1) ذكر أبا عبيد أبو عمرو الداني في "
طبقات القراء " فقال: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي،
وعن شجاع، وعن إسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وأبي
مسهر.
إلى أن قال: وهو إمام أهل دهره في
__________
(1) الابيات في " تاريخ بغداد " 12 / 412، و " نزهة
الالباء ": 141، وانظر " معجم الادباء " 16 / 257، و "
إنباه الرواة " 3 / 20.
(*)
(10/506)
جميع العلوم، ثقة، مأمون، صاحب سنة، روى عنه القراءات
وراقه أحمد بن إبراهيم، وأحمد بن يوسف، وعلي بن عبد
العزيز، وعلي بن عبد العزيز، ونصر بن داود، وثابت بن أبي
ثابت (1).
قال البخاري وغيره: مات سنة أربع وعشرين ومئتين بمكة (2).
قال الخطيب: وبلغني أنه بلغ سبعا وستين سنة، رحمه الله
(3).
ولم يتفق وقوع رواية لابي عبيد في الكتب الستة، لكن نقل
عنه أبو
داود شيئا في تفسير أسنان الابل في الزكاة (4)، وحكى أيضا
عنه البخاري في كتاب " أفعال العباد ".
أخبرنا أبو بكر محفوظ بن معتوق البزار سنة اثنتين وتسعين
وست مئة، أخبرنا عبد اللطيف بن محمد (ح) وأخبرنا أحمد بن
إسحاق الغرافي (5)، أخبرنا عبد العزيز بن باقا (6)، قالا:
أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد، أخبرنا محمد بن الحسين
المقومي حضورا، أخبرنا الزبير بن محمد الاسدي، أخبرنا علي
بن محمد بن مهرويه القزويني، أخبرنا علي بن عبد العزيز،
أخبرنا أبو عبيد، أخبرنا هشيم، أخبرنا منصور، عن ابن
سيرين، عن ابن عمر، عن عمر، أنه سجد في الحج سجدتين، وقال:
إن هذه السورة
__________
(1) انظر " طبقات القراء " لابن الجزري 2 / 18.
(2) انظر " طبقات ابن سعد " 7 / 355، و " التاريخ الكبير "
7 / 172.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 416.
(4) انظر " سنن أبي داود " 2 / 248، 249 في الزكاة: باب
تفسير أسنان الابل.
(5) نسبة إلى الغراف: بليدة ذات بساتين آخر البطائح تحت
واسط.
" تبصير المنتبه " 3 / 1001.
(6) هو أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن باقة البغدادي
الشاهد، سمع ببغداد من يحيى بن ثابت وأبي زرعة وغيرهما،
واستوطن مصر وحدث بها.
انظر " الاكمال " 1 / 491.
(*)
(10/507)
فضلت على السور بسجدتين (1).
وبه: حدثنا أبو عبيد، حدثنا ابن أبي زائدة، عن الاعمش، عن
مسلم بن صبيح، عن شتير بن شكل، عن علي، قال: لما كان يوم
الاحزاب، شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر،
فصلاها بين صلاتي العشاء،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شغلونا عن الصلاة
الوسطى، ملا الله قبورهم وبيوتهم نارا " (2).
وبه: حدثنا أبو عبيد: حدثنا ابن أبي زائدة، ويزيد، عن
هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة.
عن علي مثل ذلك.
أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الزيني بحلب، أخبرنا عبد
اللطيف ابن يوسف (ح) وأخبرنا أبو جعفر بن علي السلمي،
أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم الفقيه سنة ثلاث وعشرين وست
مئة، قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة، أخبرنا طراد بن
محمد، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي سنة اثنتي عشرة وأربع
مئة، أخبرنا حامد بن محمد الهروي، حدثنا علي بن عبد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 210 بشرح
السيوطي عن نافع مولى ابن عمر أن رجلا من أهل مصر أخبره أن
عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج، فسجد فيها سجدتين، ثم قال:
إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
وأخرجه الحافظ أبو بكر الاسماعيلي فيما ذكره ابن كثير 3 /
211 من طريق ابن أبي داود، حدثنا يزيد بن عبد الله، حدثنا
الوليد، حدثنا أبو عمرو، حدثنا حفص بن غياث، حدثني نافع
قال: حدثني أبو الجهم أن عمر سجد سجدتين في الحج وهو
بالجابية وقال: إن هذه فضلت بسجدتين.
وانظر " المستدرك " 2 / 390.
(2) إسناده صحيح، وهو في " المسند " برقم (617) و (911) و
(1036) و (1245) و (1298) من طرق عن الاعمش بهذا الاسناد،
وأخرجه من طرق عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن
عبيدة السلماني، عن علي: أحمد (994) و (1220)، والبخاري 6
/ 76 في الجهاد، و 7 / 312 في المغازي، و 8 / 145 في
التفسير، و 11 / 165 في الدعوات، ومسلم (627)، وأبو داود
(409)، وأخرجه مسلم (627) (203)، والترمذي (2984)،
والنسائي 1 / 236، وأحمد (591) و (1134) و (1150) و (1151)
و (1307) و (1313) و (1326).
(*)
(10/508)
العزيز، حدثنا أبو عبيد، حدثنا عباد بن عباد، أخبرنا أبو
جمرة (1)، عن ابن عباس، قال: قدم وفد عبدالقيس على رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إنا هذا
الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر، فلا نخلص
إليك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نعمل به، وندعو إليه من
وراءنا.
فقال: " آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع، الايمان بالله - ثم
فسرها لهم - شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول
الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما
غنمتم، وأنهاكم عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمقير ".
متفق عليه (2).
165 - دار أم سلمة *
(خ) الامام الحافظ، أبو الحسن، أحمد بن حميد الطريثيثي
الكوفي، ويعرف بدار أم سلمة (3).
وكان ختن عبيدالله بن موسى على ابنته.
__________
(1) هو بالجيم والراء، واسمه نصر بن عمران بن نوح بن مخلد
الضبعي من بني ضبيعة وهم بطن من عبدالقيس.
(2) أخرجه البخاري 1 / 120، 125 في الايمان، و 166 في
العلم، و 2 / 6 في موافيت الصلاة، و 3 / 210 في الزكاة، و
6 / 146 في الخمس، و 10 / 464 في الادب، و 13 / 206 في خبر
الواحد، ومسلم (17) وأبو داود (3692) والترمذي (2614)
والنسائي 8 / 323.
* التاريخ الكبير 2 / 2، والجرح والتعديل 2 / 46، 47،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 9، المعجم المشتمل: 43، تهذيب
الكمال 1 / 298، تذهيب التهذيب 1 / 9 / 2، تذكرة الحفاظ 2
/ 456، الكاشف 1 / 56، تهذيب التهذيب 1 / 26، طبقات
الحفاظ: 199، خلاصة تذهيب الكمال: 5.
(3) لقب بذلك لانه جمع حديث أم سلمة.
وانظر " تهذيب الكمال " 1 / 298 بتحقيق الدكتور بشار عواد
معروف التعليق رقم (2).
(*)
(10/509)
سمع عبد الله بن المبارك، وعبيدالله الاشجعي، وحفص بن
غياث، ويحيى بن أبي زائدة، ومحمد بن فضيل، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وحنبل بن إسحاق، وأبو محمد الدارمي،
وعباس الدوري، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وآخرون.
وكان من أعيان الحفاظ بالكوفة.
قال أبو حاتم: ثقة (1).
وقال مطين: توفي سنة عشرين ومئتين (2).
166 - الرمادي * (د، ت)
(3) الامام المحدث المفيد، أبو إسحاق إبراهيم بن بشار
الجرجرائي ثم البصري الرمادي، صاحب سفيان بن عيينة.
روى عن: ابن عيينة، وأبي معاوية، وعثمان بن عبدالرحمن
الطرائفي، وعبد الله بن رجاء المكي، وعدة.
حدث عنه: أبو داود في " سننه "، وإسماعيل القاضي، وتمتام،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 46.
(2) " تهذيب الكمال " 1 / 299.
* طبقات ابن سعد 7 / 308، التاريخ لابن معين: 7، التاريخ
الكبير 1 / 277، التاريخ الصغير 2 / 330، الضعفاء للعقيلي:
لوحة 15، 16، الجرح والتعديل 2 / 89، الكامل لابن عدي لوحة
11، الانساب 6 / 158، المعجم المشتمل: 64، تهذيب الكمال
لوحة 52، تذهيب التهذيب 1 / 33 / 2، ميزان الاعتدال 1 /
23، الكاشف 1 / 77، المغني في الضعفاء
1 / 11، العبر 1 / 398، تهذيب التهذيب 1 / 108، خلاصة
تذهيب الكمال: 16، شذرات الذهب 2 / 59، 60.
(3) لم تذكر الرموز في الاصل، واستدركت من " تهذيب الكمال
" وفروعه.
(*)
(10/510)
وأحمد بن زهير، وأبو مسلم الكجي، ويوسف القاضي، وأبو خليفة
الجمحي، وروى الترمذي عن رجل عنه.
قال البخاري: يهم في الشئ بعد الشئ، وهو صدوق (1).
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كأن سفيان الذي
يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس بابن عيينة (2) - يعني مما
يغرب عنه -.
وقال النسائي: ليس بالقوي (3).
وقال ابن معين: ليس بشئ (4).
وقال ابن عدي: سألت الزريقي بالبصرة عنه، فقال: كان والله
أزهد أهل زمانه (5).
ثم قال ابن عدي: لا أعلم مما أنكر عليه...الحديث (6).
وصل حديثا مرسلا.
قال: وهو عندنا من أهل الصدق.
وقال ابن حبان: كان متقنا ضابطا، صحب سفيان دهرا (7).
توفي سنة أربع.
وقيل: سنة سبع وعشرين ومئتين.
__________
(1) " التاريخ الكبير " 1 / 277.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 52.
(3) " الضعفاء والمتروكين " ص 14.
(4) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 15، و " تهذيب الكمال " لوحة
52.
(5) " الكامل " لابن عدي 1 / لوحة 11.
(6) في الاصل بياض بين " عليه " و " الحديث " ونص كلام ابن
عدي في " الكامل " 1 / لوحة 11: لا أعلم أنكر عليه إلا هذا
الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه عند ابن عيينة وأبي
معاوية وغيرهما من الثقات مستقيم، وهو عندنا من أهل الصدق.
والحديث الذي ذكره البخاري: قال البخاري: قال لي إبراهيم
الرمادي: حدثنا سفيان، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى،
عن النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول "
وهذا وهم، كان ابن عيينة يرسله.
وانظر " تذهيب التهذيب " للمؤلف 1 / 33 / 2، و " ميزان
الاعتدال " 1 / 23.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 52.
(*)
(10/511)
167 - يحيى بن يحيى * (خ، م، ت، س) ابن بكر بن عبدالرحمن،
شيخ الاسلام، وعالم خراسان، أبو زكريا التميمي المنقري
النيسابوري الحافظ.
كتب ببلده وبالحجاز والعراق والشام ومصر.
لقي صغارا من التابعين، منهم كثير بن سليم، وأخذ عنه، وعن
عبد الله بن جعفر المخرمي، ويزيد بن المقدام، زهير بن
معاوية، ومالك، وشريك القاضي، وسعير بن الخمس، وأبي عقيل
يحيى بن المتوكل، وسليمان بن بلال، والليث بن سعد، وعبد
الرحمن بن أبي الموال، وعطاف بن خالد، وإبراهيم بن سعد،
وابن أبي الزناد، والمنكدر بن محمد، وداود بن عبدالرحمن
العطار، ومسلم بن خالد، ومعاوية بن عبد الكريم، وخلف بن
خليفة، ويزيد بن زريع، وعبثر بن القاسم، وأمم سواهم.
وعنه: البخاري، ومسلم، وحميد بن زنجويه، ومحمد بن نصر
المروزي، وأحمد بن سيار، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن
رافع [ القشيري ]، ومحمد بن يحيى الذهلي، وابنه يحيى
حيكان، وزكريا بن داود الخفاف، ومحمد بن عمرو الجرشي،
وجعفر بن محمد بن الترك، ومحمد بن عبد السلام بن بشار،
وإبراهيم بن علي الذهلي،
__________
* التاريخ الكبير 8 / 310، التاريخ الصغير 2 / 354، الجرح
والتعديل 9 / 197، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 565،
المعجم المشتمل: 323، تهذيب الكمال لوحة 1523، 1524، تذهيب
التهذيب 4 / 168 / 2، 169 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 415، 416،
العبر 1 / 397، دول الاسلام 1 / 136، الكاشف 3 / 271، عيون
التواريخ 8 / لوحة 117، تهذيب التهذيب 11 / 296، النجوم
الزاهرة 2 / 248، خلاصة تذهيب الكمال: 429، شذرات الذهب 2
/ 59.
(*)
(10/512)
وداود بن الحسين البيهقي، وعلي بن الحسين الصفار، وخلائق.
أخبرنا محمد بن عبد السلام الشافعي، وزينب بنت عمر، قالا:
أنبأتنا زينب بنت أبي القاسم، أخبرنا إسماعيل بن أبي
القاسم القارئ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا
بشر بن أحمد الاسفراييني، حدثنا داود بن الحسين بن عقيل،
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، قال: قرأت على مالك، عن عبد
الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي على راحلته حيث ما توجهت به (1).
ولد يحيى بن يحيى سنة اثنتين وأربعين ومئة.
نقله أبو عمرو المستملي، عن أبي الطيب المكفوف صاحب يحيى
بن يحيى (2).
يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما رأيت
مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسب أنه رأى مثل نفسه (3).
وقال أبو داود الخفاف: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأى
يحيى
ابن يحيى مثل نفسه، وما رأى الناس مثله (4).
رواها أبو عثمان سعيد بن شاذان عنه.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 165 في صلاة
النافلة في السفر بالنهار والليل، والصلاة على الدابة،
وفيه: قال عبد الله بن دينار: وكان عبد الله بن عمر يفعل
ذلك، وأخرجه البخاري 2 / 473 في تقصير الصلاة: باب التطوع
على الدابة، من طريق موسى بن إسماعيل، عن عبد العزيز بن
مسلم، عن عبد الله بن دينار..، وأخرجه مسلم (700) (37) من
طريق مالك، عن عبد الله بن دينار، ورواه البخاري 2 / 474،
ومسلم (700) (39) من طريق ابن شهاب، عن سالم، عن عبد الله،
عن أبيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على
الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي
عليها المكتوبة.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(4) " تذكرة الحفاظ " 2 / 415.
(*)
(10/513)
قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: مات يحيى
ابن يحيى يوم مات وهو إمام لاهل الدنيا (1).
أبو العباس السراج: سمعت الحسين بن عبدش وكان ثقة، سمعت
محمد بن أسلم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في
المنام، فقلت: عمن أكتب ؟ فقال: عن يحيى بن يحيى (2).
قال خشنام بن سعيد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان يحيى بن
يحيى عندي إماما، ولو كانت عندي نفقة، لرحلت إليه.
محمد بن يعقوب الاخرم: سمعت يحيى بن محمد يقول: كان أبي
يرجع في المشكلات إلى يحيى بن يحيى، ويقول: هو إمام فيما
بيني
وبين الله.
قال أبو الطيب المكفوف: سمعت إسحاق يقول: لم أكتب عن أحد
أوثق في نفسي من يحيى بن يحيى، والفضل بن موسى، ويحيى أحسن
حديثا من ابن المبارك.
قلت: ولم ؟ قال: لان يحيى أخرج من علمه ما كان ينبغي أن
يخرجه، وأمسك ما كان ينبغي أن يمسك عنه.
الاثرم: سمعت أحمد بن حنبل ذكر يحيى بن يحيى، فقال: بخ بخ،
ثم ذكر قتيبة، فأثنى عليه، ثم قال: إلا أن يحيى بن يحيى شئ
آخر.
قال ابن محمش: أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري،
حدثنا أبو أحمد الفراء: سمعت الحسين بن منصور يقول: كنا
عند أحمد
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1524، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
416.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(*)
(10/514)
ابن حنبل، فروى حديثا عن سفيان، فقلت: خالفك يحيى بن يحيى،
فقال: كيف قال يحيى ؟ فأخبرته، فضرب على حديثه، وقال: لا
خير فيما خالف فيه يحيى بن يحيى.
قال أبو أحمد الفراء: سمعت يحيى بن يحيى، وكان إماما وقدوة
ونورا للاسلام.
الحاكم: سمعت محمد بن يعقوب الحافظ: سمعت مشايخنا يقولون:
لو عاش يحيى بن يحيى سنتين، لذهب حديثه، فإنه إذا شك في
حديث، أرسله، هذا في بدء أمره، ثم صار إذا شك في حديث،
تركه، ثم صار يضرب عليه من كتابه.
ابن أبي حاتم: أخبرنا عبد الله بن أحمد في كتابه: سمعت أبي
يذكر يحيى بن يحيى (1)، فأثنى عليه خيرا، وقال: ما أخرجت
خراسان بعد ابن المبارك مثله، كنا نسيمه يحيى الشكاك من
كثرة ما كان يشك في الحديث (2).
قال عبد الله بن محمد بن مسلم: كنت مع أبي عبد الله
المروزي، فقلت: من أدركت من المشايخ على سنة نبيه صلى الله
عليه وسلم ؟ فقال: ما أعلم إلا أن يكون يحيى بن يحيى.
قال إبراهيم بن أبي طالب: قرأ عينا إسحاق عن مشايخه
أحاديث، وقال: حدثنا يحيى بن يحيى، وهو أوثق من حدثتكم
اليوم عنه.
قال علي بن الحسن الدارابجردي: سمعت يحيى الحماني يقول:
__________
(1) في الاصل: بن معين وهو خطأ.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 197.
(*)
(10/515)
كنا نعد فقهاء خراسان ثلاثة: عبد الله بن المبارك، ويحيى
بن يحيى، وآخر.
قال أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب: سمعت الحسين بن منصور
قال: كنا عند أحمد بن حنبل، فروى حديثا عن سفيان، فقلت:
خالفك يحيى بن يحيى، فتوقف، وقال: لا خير فيما يخالف فيه
يحيى بن يحيى.
وقال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول - وذكر يحيى بن
يحيى النيسابوري - فذكر من فضله وإتقانه أمرا عظيما (1).
محمد بن أحمد بن شذرة الخطيب: سمعت أبا علي أحمد بن عثمان،
سمعت محمد بن عزرة يقول: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل:
سمعت أبي كثيرا ما يقول: وددت أني رأيت يحيى بن يحيى
النيسابوري.
فكنت يوما جالسا أكتب، فوقف علي رجل عليه أثر السفر، معه
عصا وركوة، فقال: يا بني، هذه دار أبي عبد الله ؟ قلت:
نعم.
قال: تراه في البيت ؟ قلت: من أنت ؟ قال: أنا يحيى بن
يحيى، فوثبت مسرورا وأخبرت أبي، فأطرق مليا، وقال: أبلغه
مني السلام، وقل: آتاك الله ثواب ما نويت.
فرجعت شبه الخجل، فقال: أستودعك الله يا بني..ومضى.
فهذه حكاية باطلة، لم يتم من ذلك شئ، وإنما طلب عبد الله
بعد موت يحيى بن يحيى، وأيضا فما نعلم أن يحيى دخل بغداد.
الحاكم: سمعت محمد بن حامد، سمعت أبا محمد المنصوري، سمعت
محمد بن عبد الوهاب، سمعت الحسين بن منصور يقول: أراد
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 197.
(*)
(10/516)
يحيى بن يحيى الحج، فاستأذن عبد الله بن طاهر الامير،
فقال: أنت من الاسلام بالعروة الوثقى، فلا آمن أن تمتحن،
فتصير إلى مكروه، فهذا الاذن، وهذه النصيحة.
فقعد.
وبلغنا أن يحيى أوصى بثياب بدنه لاحمد بن حنبل، فلما قدمت
على أحمد، أخذ منها ثوبا واحدا للبركة، ورد الباقي، وقال:
إنه ليس تفصيل ثيابه من زي بلدنا (1).
قال محمد بن عبد الوهاب، وغيره: مات يحيى بن يحيى في أول
ربيع الاول سنة ست وعشرين ومئتين.
وقال أبو عمرو المستملي: سمعت أبا أحمد الفراء يقول:
أخبرني
زكريا بن يحيى بن يحيى قال: أوصى أبي بثياب جسده لاحمد،
فأتيته بها في منديل، فنظر إليها، وقال: ليس هذا من لباسي،
ثم أخذ ثوبا واحدا، ورد الباقي (2).
قال محمد بن عبد الوهاب: وسمعت الحسين بن منصور، سمعت عبد
الله بن طاهر الامير يقول: رأيت في النوم في رمضان كأن
كتابا أدلي من السماء، فقيل لي: هذا الكتاب [ فيه ] اسم من
غفر له، فقمت، فتصفحت فيه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن
الرحيم.
يحيى بن يحيى.
قال الحاكم: سمعت أبي: سمعت أبا عمرو العمروي والي البلد
يقول: بينا أنا نائم ذات ليلة على السطح، إذ رأيت نورا
يسطع إلى السماء، من قبر في مقبرة الحسين، كأنه منارة
بيضاء، فدعوت بغلام لي رام،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(*)
(10/517)
فقلت: ارم ذاك القبر الذي يسطع منه النور، ففعل، فلما
أصبحت، بكرت بنفسي، فإذا النشابة في قبر يحيى بن يحيى رحمة
الله عليه.
قال النسائي: ثقة ثبت (1).
وقال أحمد بن سيار المروزي: يحيى بن يحيى من موالي بني
منقر، كان ثقة، حسن الوجه، طويل اللحية، خيرا، فاضلا،
صائنا لنفسه (2).
وقال النسائي أيضا: يحيى بن يحيى النيسابوري الثقة المأمون
(3).
قال عثمان بن سعيد الدارمي: ذهبت يوما أحكي ليحيى بن يحيى
بعض كلام الجهمية لاستخرج منه نقضا عليهم، وفي مجلسه يومئذ
حسين ابن عيسى البسطامي، وأحمد بن الحريش القاضي، ومحمد بن
رافع، وأبو
قدامة السرخسي فيما أحسب، وغيرهم من المشايخ، فزبرني يحيى
بغضب، وقال: اسكت، وأنكر على أولئك استعظاما أن أحكي
كلامهم، وإنكارا.
وقال نصر بن زكريا بإسبيجاب (4): سمعت محمد بن يحيى
الذهلي: سمعت يحيى بن معين يقول: الذب عن السنة أفضل من
الجهاد في سبيل الله.
فقلت ليحيى: الرجل ينفق ماله، ويتعب نفسه، ويجاهد، فهذا
أفضل منه ! ؟ قال: نعم، بكثير.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
(4) إسبيجاب - ويقال إسفيجاب بالفاء -: اسم بلدة كبيرة من
أعيان بلاد ما وراء النهر في حدود تركستان، ضبطها بكسر
الهمزة السمعاني في " الانساب " 1 / 241، وابن الاثير في "
اللباب " 1 / 56، وابن خلكان في " وفيات الاعيان " 4 /
308، وانفرد ياقوت بضبطها بالفتح في " معجم البلدان " 1 /
179.
(*)
(10/518)
قال إبراهيم بن إسحاق الغسيلي: حدثني صالح بن أحمد بن
حنبل: قال لي أبي: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل
يحيى بن يحيى (1).
وقال أبو العباس السراج: سمعت النبيل أبا الطيب المكفوف -
وقد جالس يحيى بن يحيى - يقول: قال لي إسحاق بن راهويه
يوما: أصبح يحيى ابن يحيى إمام أهل الشرق والغرب.
قلت: لم يكن بخراسان بعده مثله إلا إسحاق، ولا بعد إسحاق
مثل الذهلي، ولا بعد الذهلي كمسلم، ولا بعد مسلم كمحمد بن
نصر
المروزي، ولا بعد ابن نصر كابن خزيمة، ولا بعده كأبي حامد
بن الشرقي، ولا بعده كأبي بكر الصبغي.
168 - يحيى بن يحيى بن كثير *
ابن وسلاس (2) بن شملال (3) بن منغايا، الامام
الكبير، فقيه الاندلس، وأبو محمد الليثي البربري المصمودي
الاندلسي القرطبي.
مولده في سنة اثنتين وخمسين ومئة.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1524.
* تاريخ علماء الاندلس 2 / 179 - 181، الانتقاء: 58، طبقات
الشيرازي 1 / 152، جذوة المقتبس: 382، ترتيب المدارك 2 /
534 - 547، بغية الملتمس (1497)، المغرب في حلي المغرب 1 /
163 - 165، وفيات الاعيان 6 / 143 - 146، العبر 1 / 419،
مرآة الجنان 2 / 113، الديباج المذهب 2 / 352، 353، تهذيب
التهذيب 11 / 300، 301، خلاصة تذهيب الكمال: 429، نفح
الطيب 2 / 9، شذرات الذهب 2 / 82، شجرة النور الزكية: 63،
64.
(2) قال الحميدي وابن خلكان: ويقال: وسلاسن بزيادة نون.
(3) كذا الاصل: شملال.
وفي " وفيات الاعيان ": شمال، وقد ضبطه بفتح الشين وتشديد
الميم وبعد الالف لام.
وفي " الانتقاء " و " ترتيب المدارك " و " تاريخ علماء
الاندلس ": شملل.
(*)
(10/519)
سمع أولا من الفقيه زياد بن عبدالرحمن شبطون، ويحيى بن
مضر، وطائفة.
ثم ارتحل إلى المشرق في أواخر أيام مالك الامام، فسمع منه
" الموطأ " سوى أبواب من الاعتكاف، شك في سماعها منه،
فرواها عن
زياد شبطون، عن مالك، وسمع من الليث بن سعد، وسفيان بن
عيينة، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم العتقي،
وحمل عن ابن القاسم عشرة كتب سؤالات، ومسائل، وسمع من
القاسم بن عبد الله العمري، وأنس بن عياض الليثي.
ويقال: إنه لحق نافع بن أبي نعيم مقرئ المدينة، وأخذ عنه.
وهذا بعيد، فإن نافعا مات قبل مالك بعشر سنين.
ولازم ابن وهب، وابن القاسم، ثم حج، ورجع إلى المدينة
ليزداد من مالك، فوجده في مرض الموت، فأقام إلى أن توفاه
الله، وشهد جنازته، ورجع إلى قرطبة بعلم جم، وتصدر
للاشتغال، وازدحموا عليه، وبعد صيته، وانتفعوا بعلمه وهديه
وسمته.
وكان كبير الشأن، وافر الجلالة، عظيم الهيبة، نال من
الرئاسة والحرمة ما لم يبلغه أحد.
روى عنه: ولده أبو مروان عبيدالله، ومحمد بن العباس بن
الوليد، ومحمد بن وضاح، وبقي بن مخلد، وصباح بن عبدالرحمن
العتقي، وخلق سواهم.
كان أحمد بن خالد بن الحباب الحافظ يقول: لم يعط أحد من
أهل
(10/520)
العلم بالاندلس من الحظوة، وعظم القدر، وجلالة الذكر، ما
أعطيه يحيى ابن يحيى (1).
وبلغنا أن يحيى بن يحيى الليثي كان عند مالك بن أنس رحمه
الله، فمر على باب مالك الفيل، فخرج كل من كان في مجلسه
لرؤية الفيل، سوى يحيى بن يحيى، فلم يقم، فأعجب به مالك،
وسأله: من أنت ؟ وأين
بلدك ؟ ثم لم يزل بعد مكرما له (2).
وعن يحيى بن يحيى، قال: أخذت بركاب الليث، فأراد غلامه أن
يمنعني، فقال الليث: دعه.
ثم قال لي: خدمك العلم.
قال: فلم تزل بي الايام حتى رأيت ذلك (3).
وقيل: إن عبدالرحمن بن الحكم المرواني صاحب الاندلس نظر
إلى جارية له في رمضان نهارا، فلم يملك نفسه أن واقعها، ثم
ندم، وطلب الفقهاء، وسألهم عن توبته، فقال يحيى بن يحيى:
صم شهرين متتابعين، فسكت العلماء، فلما خرجوا، قالوا
ليحيى: مالك لم تفته بمذهبنا عن مالك أنه مخير بين العتق
والصوم والاطعام ؟ قال: لو فتحنا له هذا الباب، لسهل عليه
أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبة، فحملته على أصعب الامور لئلا
يعود (4).
__________
(1) " الانتقاء " 60، و " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 180،
و " وفيات الاعيان " 6 / 146، و " ترتيب المدارك " 2 /
526.
(2) " جذوة المقتبس " 382، 383، و " ترتيب المدارك " 2 /
537، و " نفح الطيب " 2 / 9، و " وفيات الاعيان " 6 / 144
وفيها: وسماء عاقل الاندلس.
(3) " وفيات الاعيان " 6 / 146، و " ترتيب المدارك " 2 /
540، و " نفح الطيب " 2 / 12.
(4) " وفيات الاعيان " 6 / 145، و " ترتيب المدارك " 2 /
542، و " نفح الطيب " 2 / 10، 11.
(*)
(10/521)
قال أبو عمر بن عبد البر: قدم يحيى بن يحيى الاندلس بعلم
كثير، فعادت فتيا الاندلس بعد عيسى بن دينار الفقيه عليه،
وانتهى السلطان والعامة
إلى رأيه، وكان فقيها حسن الرأي، وكان لا يرى القنوت في
الصبح، ولا في سائر الصلوات، ويقول: سمعت الليث بن سعد
يقول: سمعت يحيى ابن سعيد الانصاري يقول: إنما قنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم نحوا من أربعين يوما يدعو على
قوم، ويدعو لآخرين (1).
قال: وكان الليث لا يقنت (2).
ثم قال ابن عبد البر: وخالف يحيى بن يحيى مالكا في اليمين
مع الشاهد، فلم ير القضاء به ولا الحكم (3)، وأخذ بقول
الليث بن سعد (4).
قال: وكان يرى جواز كراء الارض بجزء مما يخرج منها، على
مذهب الليث، ويقول: هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في خيبر (5).
__________
(1) انظر في ذلك حديث أنس بن مالك عند البخاري 2 / 408 و
409 في الوتر، و 3 / 135 في الجنائز، و 6 / 195 في الخمس،
و 7 / 296، 301 في المغازي، و 11 / 163 في الدعوات، ومسلم
(677) (297) و (298) و (299) و (300) و (301) و (302) و
(303) و (304)، وأبي داود (1444) و (1445)، والنسائي 2 /
200، و " جامع الاصول " 5 / 384، 385 و 8 / 260، 263.
(2) " الانتقاء " ص 59.
(3) والصواب مع مالك في هذه المسألة، فقد ثبت من حديث ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع
الشاهد، أخرجه مسلم (1712)، والشافعي 2 / 234، وله شاهد من
حديث أبي هريرة عند الترمذي (1344) وابن ماجه (2369)، وآخر
من حديث علي عند الدارقطني ص 516.
وانظر خلاف العلماء في هذه المسألة في " شرح السنة " 10 /
102، 104، و " المغني " لابن قدامة 9 / 149، 150، و " نيل
الاوطار " 8 / 318 - 323، و " الطرق الحكمية " ص 66 - 75.
(4) " الانتقاء " ص 59 وتمامه: وقال: لا بد من شهادة رجلين
أو رجل وامرأتين.
(5) أخرج البخاري 4 / 379 في الاجارة: باب إذا استأجر أرضا
فمات أحدهما، وفي
المزارعة: باب المزارعة بالشطر ونحوه، ومسلم (1551) في أول
المساقاة من حديث ابن عمر قال: أعطى رسول الله صلى الله
عليه وسلم خيبر ليهود أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما
يخرج منها.
وانظر " شرح السنة " 8 / 253.
(*)
(10/522)
وقضى برأي أمينين (1) إذا لم يوجد في أهل الزوجين حكمان
(2) يصلحان لذلك (3).
قال أبو عمر: وكان يحيى بن يحيى إمام أهل بلده، والمقتدى
به منهم، والمنظور إليه، والمعول عليه، وكان ثقة عاقلا،
حسن الهدي والسمت، يشبه في سمته بسمت مالك.
قال: ولم يكن له بصر بالحديث (4).
قلت: نعم، ما كان من فرسان هذا الشأن، بل كان متوسطا فيه،
رحمه الله.
قال ابن الفرضي: كان يفتي برأي مالك، وكان إمام وقته،
وواحد بلده، وكان رجلا عاقلا (5).
قال محمد بن عمر بن لبابة: فقيه الاندلس: عيسى بن دينار،
وعالمها: عبدالملك بن حبيب، وعاقلها: يحيى بن يحيى (6).
ثم قال ابن الفرضي في " تاريخه ": وكان يحيى بن يحيى ممن
اتهم ببعض الامر في الهيج - يعني: في القيام والانكار على
أمير الاندلس (7) - قال: فهرب إلى طليطلة، ثم استأمن، فكتب
له الحكم الامير المعروف
__________
(1) في الاصل: بدار أمين، وهو خطأ.
(2) في الاصل: حكمين، وهو خطأ.
(3) " الانتقاء " ص 60.
(4) " الانتقاء " ص 60.
(5) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 179 و 180.
(6) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 180.
(7) انظر تفصيل ذلك في الجزء الثامن من " السير " في ترجمة
الحكم بن هشام الربضي.
(*)
(10/523)
بالربضي أمانا، فرد إلى قرطبة (1).
قال عبد الله بن محمد بن جعفر: رأيت يحيى بن يحيى نازلا عن
دابته، ماشيا إلى الجامع يوم جمعة، وعليه عمامة ورداء
متين، وأنا أحبس دابة أبي (2).
قال أبو القاسم بن بشكوال الحافظ (3): كان يحيى بن يحيى
مجاب الدعوة، قد أخذ نفسه في هيئته ومقعده هيئة مالك
الامام بالاندلس، فإنه عرض عليه قضاء الجماعة، فامتنع،
فكان أمير الاندلس لا يولي أحدا القضاء بمدائن إقليم
الاندلس، إلا من يشير به يحيى بن يحيى، فكثر لذلك تلامذة
يحيى بن يحيى، وأقبلوا على فقه مالك، ونبذوا ما سواه (4).
نقل غير واحد وفاة يحيى بن يحيى في شهر رجب سنة أربع
وثلاثين ومئتين.
وبعضهم قال: في سنة ثلاث (5).
والاول أصح.
أخبرنا بكتاب " الموطأ " الامام المعمر مسند المغرب أبو
محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي (6) كتابة من مدينة
تونس، قال: أخبرنا
__________
(1) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 180.
(2) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 180.
(3) في " تاريخه " كما صرح بذلك ابن خلكان في " وفيات
الاعيان " 6 / 146.
(4) وانظر " جذوة المقتبس " للحميدي: 283، 284، و " وفيات
الاعيان " 6 / 144،
145.
(5) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 180، 181.
(6) ترجمه المؤلف في " مشيخته " ورقة 68 / 2، فقال: عبد
الله بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد العزيز، العلامة
المعمر أبو محمد الطائي القرطبي المالكي الكاتب البليغ.
ولد بقرطبة سنة ثلاث وست مئة.
وسمع " الموطأ " كله من القاضي أبي القاسم بن بقي في سنة
عشرين وست مئة، وقرأ " كامل " المبرد على ابن بقي، وتلا
بالسبع على أبي العلى إدريس بن محمد الانصاري صاحب أبي
جعفر أحمد بن خلصة.
روى عنه أبو حيان النحوي، وأبو عبد الله الوادي = (*)
(10/524)
القاضي أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي المالكي قراءة عليه
في سنة عشرين وست مئة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الحق
القرطبي قراءة، قال: أخبرنا الامام محمد بن فرج مولى ابن
الطلاع، قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد يونس ابن عبد الله
بن مغيث سماعا، أخبرنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيى
ابن يحيى بن يحيى الليثي قراءة - وتوفي في رجب سنة سبع
وستين وثلاث مئة - قال: أخبرنا عم أبي الفقيه أبو مروان
عبيدالله بن يحيى بن يحيى - وتوفي في رمضان سنة ثمان
وتسعين ومئتين - قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا مالك بن أنس
سوى فوته من الاعتكاف، فذكر " الموطأ ".
169 - أبو الجهم * الشيخ
المحدث الثقة، أبو الجهم، العلاء بن موسى بن عطية
الباهلي البغدادي، صاحب ذاك الجزء العالي، وإنما ذكرته
لشهرته كغيره من المعمرين، ولم أستوعبهم.
سمع من: عبد العزيز بن الماجشون حديثا نسي سنده، ومن الليث
ابن سعد، وسوار بن مصعب، وعبد القدوس - أراه ابن حبيب -،
وسفيان بن
عيينة، والهيثم بن عدي، وغيرهم.
حدث عنه: إسحاق بن سنين الختلي، وأحمد بن علي الابار، وأبو
القاسم البغوي.
__________
= آشي، وأبو العباس الخشاب، وأبو مروان.
وكتب إلينا بمروياته في سنة سبع مئة.
وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتين وسبع مئة، وعلى هذا فقد
تغير قبل موته تغير الهرم.
* تاريخ بغداد 12 / 240، 241، العبر 1 / 403، دول الاسلام
1 / 138، شذرات الذهب 652، هدية العارفين 1 / 666.
(*)
(10/525)
قال أبو بكر الخطيب: كان صدوقا.
مات ببغداد في أول سنة ثمان وعشرين ومئتين (1).
قلت: كان من أبناء الثمانين.
سمعنا نسخته من نيف وستين نفسا، سمعوها من أصحاب أبي الوقت
السجزي بسماعه من محمد أبي مسعود الفارسي، عن ابن أبي
شريح، عن البغوي عنه.
وآخر من رواها في الدنيا أبو العباس بن الشحنة الصالحي،
فعمر بعد أن سمع الجزء سبعا وتسعين سنة.
قرأت على عبد الحافظ بن بدران: أخبرك موسى بن عبد القادر،
والحسين بن المبارك، قالا: أخبرنا عبد الاول بن عيسى،
أخبرنا محمد بن عبد العزيز الفارسي، أخبرنا عبدالرحمن بن
أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أبو الجهم،
حدثنا الليث، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، قال: " كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى إذا كان ثلاثة نفر أن
يتناجى اثنان دون واحد ".
رواه مسلم (2) عن قتيبة، عن ليث.
170 - يحيى بن عبدالحميد * ابن
عبدالرحمن بن ميمون بن عبدالرحمن، الحافظ الامام
الكبير أبو
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 241.
(2) برقم (2183) في السلام: باب تحريم مناجاة الاثنين دون
الثالث بغير رضاه، وأخرجه من حديث ابن عمر مالك 2 / 988 في
الكلام، والبخاري 11 / 68، 69 في الاستئذان، وأبو داود
(4852) في الادب، وفي الباب عن ابن مسعود عند البخاري 11 /
69، ومسلم (2184)، وأبي داود (4851)، والترمذي (2827).
* طبقات ابن سعد 6 / 411، طبقات خليفة: 173، التاريخ
الكبير 8 / 291، التاريخ = (*)
(10/526)
زكريا بن المحدث الثقة أبي يحيى الحماني الكوفي صاحب "
المسند " الكبير.
ولد نحو الخمسين ومئة.
وحدث عن: أبيه - وأبوه من أصحاب الاعمش - وعن عبدالرحمن بن
سليمان بن الغسيل، وهذا أكبر شيخ له، ومندل بن علي، وعبد
الله بن جعفر المخرمي، وأبي عوانة، وشريك، وسليمان بن
بلال، وقيس بن الربيع، وأبي إسرائيل الملائي، وعبد الله بن
المبارك، وهشيم، وفضيل ابن عياض، وعبد الواحد بن زياد،
وخالد بن عبد الله، وحشرج بن نباتة، وإبراهيم بن سعد،
وحماد بن زيد، وعلي بن مسهر، وسفيان بن عيينة، وخلق.
وعنه: أبو قلابة، وأبو حاتم، وعلي بن عبد العزيز البغوي،
وأحمد ابن يحيى الحلواني، وأبو بكر بن أبي الدنيا، ومحمد
بن أيوب الرازي، ومحمد ابن إبراهيم البوشنجي، وأبو حصين
محمد بن الحسين الوادعي، ومطين،
وموسى بن إسحاق الانصاري، ومحمد بن إبراهيم السراج، وعثمان
بن خرزاذ، وأبو القاسم البغوي، والحسين بن إسحاق التستري،
وخلق كثير.
__________
= الصغير 2 / 357، الضعفاء الصغير للبخاري: 120، الضعفاء
والمتروكين للنسائي: 108، الضعفاء للعقيلي: لوحة 443، 444،
الجرح والتعديل 9 / 168، الكامل لابن عدي: لوحة 843، تاريخ
بغداد 14 / 167 - 177، الانساب 4 / 210، اللباب 1 / 386،
تهذيب الكمال لوحة 1506، تذهيب التهذيب 4 / 159 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 423، ميزان الاعتدال 4 / 392، 393، المغني في
الضعفاء 2 / 739، العبر 1 / 404، تهذيب التهذيب 11 / 243،
طبقات الحفاظ: 182، خلاصة تذهيب الكمال: 425، شذرات الذهب
2 / 67، الرسالة المستطرفة: 62.
(*)
(10/527)
قال الاثرم: سمعت القعنبي يقول: رأيت رجلا طويلا شابا في
مجلس ابن عيينة، فقال ابن عيينة: من يسأل لاهل الكوفة ؟ ثم
قال: أين ابن الحماني، فقام، فقال: من أنت ؟ فانتسب له،
فقال: نعم، كان أبوك جليسنا عند مسعر، فجعل يسأل (1).
وقال إبراهيم بن بشار: رأيت عند ابن عيينة جماعة من
البصريين يتذاكرون الحديث، فتحول سفيان للكوفة، أتى إلى
ناحية أهل الكوفة، فقال: أين ابن آدم ؟ أين ابن الحماني
عبدالحميد ؟ (2).
وروى ابن عدي، عن طريف بن عبيدالله الموصلي قال: كأني أنظر
إلى يحيى الحماني شيخ ضعيف، أعور اليسرى، منحني العنق،
يقول: حدثنا شريك (3).
وقال محمد بن عبدالرحمن السامي الهروي: سئل أحمد بن حنبل
عن يحيى الحماني، فسكت، فلم يقل شيئا (4).
وقال الميموني: ذكر الحماني عند أحمد، فقال: ليس بأبي غسان
بأس.
ومرة ذكره، فنفض يده، وقال: لا أدري (5).
وقال مطين: سألت أحمد بن حنبل عنه، قلت له: تعرفه ؟ لك به
علم ؟ فقال: كيف لا أعرفه ؟ قلت: أكان ثقة ؟ قال: أنتم
أعرف بمشايخكم (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 168، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 168، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(3) " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 843.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 170، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1507.
(6) " تاريخ بغداد " 14 / 170، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(*)
(10/528)
وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: حدثنا يحيى الحماني، حدثنا
أحمد بن حنبل، حدثنا إسحاق الازرق.
فذكر حديثا في الابراد بالظهر (1).
قال حنبل: قدمت من الكوفة، فقلت لابي عبد الله: حدثنا يحيى
الحماني، عن أبي عبد الله بحديث إسحاق الازرق، فقال: ما
أعلم أني حدثته به، فلعله حفظه على المذاكرة (2).
وكذا سأل المروذي أحمد، فأنكر أن يكون حدثه، وقال: قولوا
لهارون الحمال يضرب على حديث يحيى الحماني (3).
وقال أبو عبيد الآجري، عن أبي داود قال: حدث يحيى الحماني
عن
أحمد بحديث إسحاق الازرق، فأنكره، فقال يحيى: حدثنا أحمد
على باب ابن علية، فقال أحمد: ما سمعناه من إسحاق إلا بعد
موت إسماعيل (4).
ثم قال أبو داود: كان حافظا، سألت أحمد عنه، فقال: ألم تره
؟ قلت: بلى.
قال: إنك إذا رأيته عرفته (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 170، 171، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1507.
وحديث الابراد أخرجه أحمد في " المسند " 4 / 250 من طريق
إسحاق بن يوسف الازرق، عن شريك، عن بيان بن بشر، عن قيس بن
أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة قال: كنا نصلي مع نبي الله
صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهاجرة، فقال لنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " أبردوا بالصلاة "، فإن شدة
الحر من فيح جهنم " وفي الباب عن أبي هريرة وأبي ذر وأبي
سعيد الخدري.
انظر " الموطأ " 1 / 15، والبخاري 2 / 15، ومسلم (616) و
(645)، وأبا داود (401) و (402)، والترمذي (157) و (158)،
والنسائي 1 / 149.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 171، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 171، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 171، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 171، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(*)
(10/529)
وقيل: كان يتشيع.
فقال أبو داود: سألته عن حديث لعثمان، فقال لي: تحب عثمان
؟ (1).
قال عبد الله بن أحمد: قلت لابي: إن ابني أبي شيبة يقدمون
بغداد، فما ترى فيهم ؟ فقال: قد جاء ابن الحماني إلى ها
هنا، فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهارا، ابن شيبة على كل
حال يصدق.
وقلت لابي عن حديث إسحاق (2)، فقال: كذب، ما سمعته من
الازرق إلا بعد ذلك،
أنا لم أعلم تلك الايام أن هذا حديث غريب، حتى سألني عنه
هؤلاء الشباب (3).
وقال أبي: ما كان أجرأه ! وقال: ما زلنا نعرفه أنه يسرق
الاحاديث أو يتلقفها، أو يتلقطها (4).
وقال: قد طلب وسمع، ولو اقتصر على ما سمع، لكان له فيه
كفاية (5).
وقال عبد الله بن أحمد: حدث أيضا عن قريش بن حيان، عن بكر
بن وائل، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب، عن
النبي صلى الله عليه وسلم في الاظفار، وقريش مات قبل أن
يدخل الحماني البصرة، وإنما سمعه من
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1507.
(2) أي حديث إسحاق الازرق في الابراد بالظهر وقد تقدم
قريبا.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 169، و " الضعفاء " للعقيلي
لوحة 443.
(4) " الكامل لابن عدي " 4 / لوحة 843، و " الضعفاء "
للعقيلي لوحة 443.
وجاء في الجزء الحادي عشر من " سير أعلام النبلاء " ص 504:
قال أبو أحمد العسال: سمعت فضلك يقول: دخلت على ابن حميد
وهو يركب الاسانيد على المتون.
قلت (القائل الذهبي): آفته هذا الفعل، وإلا فما أعتقد فيه
أنه يضع متنا، وهذا معنى قولهم: سرق الحديث.
وقال السخاوي في " شرح الالفية ": سرقة الحديث أن يكون
محدث ينفرد بحديث، فيجئ السارق ويدعي أنه سمعه أيضا من شيخ
ذاك المحدث، أو يكون الحديث عرف براو، فيضيفه لراو غيره
ممن شاركه في طبقته.
وانظر أيضا ما سيذكره المؤلف في الصفحة 536، 537 من هذا
الجزء.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 172، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(*)
(10/530)
وكيع، عن قريش (1).
وقال الاثرم: قلت لابي عبد الله: ما تقول في ابن الحماني ؟
فقال: ليس هو واحدا ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أربعة يحكون
عنه.
ثم قال: الامر فيه
أعظم من ذلك، وحمل عليه حملا شديدا في أمر الحديث.
وذكرته لابي عبد الله مرة، فقال: ابن الحماني ليس الآن
عليه قياس، أمر ذاك عظيم، أو كما قال، ورأيته شديد الغيظ
عليه (2).
وقال عبد الله بن أحمد: قلت لابي: بلغني أن ابن الحماني
حدث عن شريك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الحمام، فأنكروه عليه،
فرجع عن رفعه، فقال أبي: هذا كذب، إنما كنا نعرف بهذا حسين
بن علوان (3)، يقولون: وضعه على هشام (4).
قال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني (5).
وقال
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 173، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507، وحديث الاظفار هذا أخرجه أحمد 5 / 417 من طريق وكيع،
والطبراني (4086) من طريق أبي الوليد الطيالسي، كلاهما عن
قريش بن حيان، عن أبي واصل سليمان بن فروخ قال: لقيت أبا
أيوب الانصاري، فصافحني، فرأى في أظفاري طولا، فقال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يسأل أحدكم عن خبر السماء
وهو يدع أظفاره كأظافير الطير، يجتمع فيها الجنابة والخبث
والتفث " وقال أحمد: سبقه لسانه - يعني وكيعا - فقال: رأيت
أبا أيوب الانصاري، وإنما هو العتكي.
وأبو واصل وثقه ابن حبان، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح
والتعديل " 4 / 135: روى عن أبي أيوب العتكي وعن الضحاك،
روى عنه قريش وأبو معاوية، وباقي رجاله ثقات.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 5 / 167، 168 وقال: رواه
أحمد والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح خلا أبا
واصل وهو ثقة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 173، 174، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1507.
(3) ترجمه المؤلف في " الميزان " 1 / 42، فقال: قال يحيى:
كذاب.
وقال علي: ضعيف جدا.
وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث.
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعا، لا
يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب.
وهذا الخبر أورده ابن القيم في " المنار المنيف " ص 106
ضمن أحاديث الحمام التي لا يصح منها شئ.
(4) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 443، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1507.
(5) " التاريخ الصغير " 2 / 357، و " الكامل " لابن عدي 4
/ لوحة 843.
(*)
(10/531)
مرة: رماه أحمد وابن نمير (1).
أحمد بن يوسف السلمي: سمعت علي بن المديني يقول: أدركت
ثلاثة يحدثون بما لا يحفظون: يحيى بن عبدالحميد، وعبد
الاعلى السامي، ومعتمر بن سليمان (2).
ابن عدي: أخبرنا عبدان قال: قال ابن نمير: الحماني كذاب،
فقيل لعبدان: سمعته منه ؟ قال: لا (3).
وقال مطين: سألت محمد بن عبد الله بن نمير عن يحيى
الحماني، فقال: هو ثقة، هو أكبر من هؤلاء كلهم، فاكتب عنه
(4).
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: يحيى الحماني سقط حديثه
(5).
قال الحسين بن إدريس: فقيل لابن عمار: فما علته ؟ قال: لم
يكن لاهل الكوفة حديث جيد غريب، ولا لاهل المدينة، ولا
لاهل بلد حديث جيد غريب إلا رواه، فهذا يكون هكذا (6).
وقال الجوزجاني: يحيى بن عبدالحميد ساقط متلون، ترك حديثه،
فلا ينبعث (7).
وقال ابن خزيمة: سمعت الذهلي يقول: ذهب كالامس الذاهب (8).
__________
(1) " التاريخ الكبير " 8 / 291.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 170، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1507.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 170، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(5) تاريخ بغداد " 14 / 174، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(6) " تاريخ بغداد " 14 / 174، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(7) " تاريخ بغداد " 14 / 176، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(8) " تاريخ بغداد " 14 / 175، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(*)
(10/532)
وقال محمد بن المسيب الارغياني: سمعت محمد بن يحيى يقول:
اضربوا على حديثه بستة أقلام (1).
وقال أبويحيى صاعقة: كنا إذا قعدنا إلى الحماني، تبين لنا
منه بلايا (2).
وقال أحمد بن محمد بن صدقة وأبو شيخ، عن زياد بن أيوب
دلويه، سمعت يحيى بن عبدالحميد يقول: مات معاوية على غير
ملة الاسلام.
قال أبو شيخ: قال دلويه: كذب عدو الله (3).
أحمد بن سعيد بن مسعود المروزي، عن أبيه: سمعت عبد الله بن
عبدالرحمن السمرقندي يقول: قدمت الكوفة، فنزلت بالقرب من
ابن الحماني، فذاكرته بأحاديث سمعتها بالبصرة، ومن أحاديث
سليمان بن بلال، وكان يستغربها، ويقول: ما سمعت هذا من
سليمان، ثم أودعته كتبي، وختمت عليها، فلما رجعت، وجدت
الخواتيم قد كسرت، فقلت: ما شأن هذه الكتب ؟ قال: ما أدري،
وجدت تلك الاحاديث التي ذاكرته بها عن سليمان، قد أدخلها
في مصنفاته، فقلت: سمعت من سليمان بن بلال ؟ قال: نعم (4).
وقال ابن خراش: حدثنا محمد بن يحيى، عن عبد الله بن عبد
الرحمن، قال: أودعت كتبي يحيى الحماني، وكان فيها حديث
خالد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 176، و " تهذيب الكمال " لوحة
1507.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 176، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 176، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 174، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(*)
(10/533)
الواسطي، عن عمرو بن عون (1)، وفيها حديث سليمان بن بلال،
عن يحيى بن حسان، وكنت قد سمعت منه المسند، ولم يكن فيه من
حديثهما شئ، فقدمت، فإذا كتبي على خلاف ما تركتها عنده،
وإذا قد نسخ حديث خالد وسليمان، ووضعه في " المسند ".
قال محمد بن يحيى: ما أستحل الرواية عنه (2).
أخبرنا العقيلي: حدثنا سليمان بن داود القطان بالري: سمعت
عبد الله بن عبدالرحمن قال: قدمت الكوفة حاجا، وأودعت يحيى
كتبا لي، فلما رجعت جحدها، وأنكر، فرفقت به، فلم ينفع،
قال: فصايحته، واجتمع الناس علينا، فقال إلي وراقه، فأخذ
بيدي، فنحاني، وقال: إن أمسكت، تخلصت.
فأمسكت، فإذا الوراق قد جاءني بالكتب، وكانت مشدودة في
خرقة ولبد، فإذا الشد مغير، فنظرت في الاجزاء، فإذا فيها
علامات بالحمرة، ولم يكن نظر فيها أحد، وإذا أكثر العلامات
على مروان الطاطري، عن سليمان بن بلال، وعبد العزيز
الدراوردي، فافتقدت منها جزأين (3).
وقال النسائي: ليس بثقة، وقال مرة: ضعيف (4).
وأما يحيى بن معين: فروى عنه عباس: أبويحيى الحماني ثقة،
وابنه ثقة.
وقال أحمد بن زهير عنه: يحيى الحماني ثقة.
__________
(1) في حاشية الاصل ما نصه: قوله: عن عمرو بن عون: يعني
أخذته عنه.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 174، 175، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1508.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 444.
(4) " الضعفاء والمتروكين ": 108.
(*)
(10/534)
وروى عنه عثمان بن سعيد: صدوق مشهور، ما بالكوفة مثله، ما
يقال فيه إلا من حسد (1).
وقال أبو حاتم: سألت ابن معين عنه، فأجمل القول فيه، وقال:
ما له ؟ كان يسرد مسنده أربعة آلاف سردا، و [ حديث ] شريك
ثلاثة آلاف وخمس مئة كمثل.
وذكر أبو حاتم نحو عشرة آلاف.
ثم قال: كان أحد المحدثين (2).
وقال عن ابن معين عبد الخالق بن منصور: صدوق ثقة (3) وقال
أحمد بن منصور الرمادي: هو عندي أوثق من أبي بكر بن أبي
شيبة، وما يتكلمون فيه إلا من الحسد (4).
قلت: الجرح مقدم، وأحمد والدارمي بريئان من الحسد.
قال عثمان بن سعيد: كان يحيى الحماني فيه غفلة، لم يقدر أن
يصون نفسه كما يفعل أصحاب الحديث، ربما يجئ رجل، فيفتري
عليه، وفي رواية: فيسبه، وربما يلطمه (5).
وقال أحمد بن زهير، عن ابن معين: ما كان بالكوفة في أيامه
رجل يحفظ معه، وهؤلاء يحسدونه (6).
قلت: بل ينصفونه، وأنت فما أنصفت.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 170، و " تاريخ بغداد " 14 /
169، و " تهذيب الكمال " لوحة 1508.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 168، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 169، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 175.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 169، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(6) " تاريخ بغداد " 14 / 169، و " تهذيب الكمال " لوحة
1508.
(*)
(10/535)
ابن صالح المصري: قال البغوي: كنا على باب يحيى الحماني،
فجاء يحيى بن معين على بغلته، فسأله أصحاب الحديث أن
يحدثهم، فأبى، وقال: جئت مسلما على أبي زكريا، فدخل، ثم
خرج، فسألوه عنه، فقال: ثقة ابن ثقة (1).
وكذلك روى توثيقه عن ابن معين: مطين، وأحمد بن أبي يحيى،
وعبد الله بن الدورقي، وغيرهم، حتى قال محمد بن أبي هارون
الهمذاني: سألته عنه، فقال: ثقة وأبوه ثقة.
فقلت: يقولون فيه.
قال: يحسدونه، هو - والله الذي لا إله إلا هو - ثقة (2).
العقيلي، عن علي بن عبد العزيز: سمعت يحيى الحماني يقول
لقوم غرباء في مجلسه: من أين أنتم ؟ فأخبروه.
فقال: سمعتم ببلدكم أحدا يتكلم في، ويقول: إني ضعيف في
الحديث ؟ لا تسمعوا كلام أهل الكوفة، فإنهم يحسدوني، لاني
أول من جمع المسند، وقد تقدمتهم في غير شئ (3).
قال علي بن حكيم: ما رأيت أحدا أحفظ لحديث شريك من يحيى
الحماني (4).
قلت: لا ريب أنه كان مبرزا في الحفظ، كما كان سليمان
الشاذكوني، ولكنه أصون من الشاذكوني، ولم يقل أحد قط: إنه
وضع حديثا، بل ربما كان يتلفظ أحاديث، ويدعي روايتها،
فيرويها على وجه
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 169، 170، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1508.
(2) " الكمال " لابن عدي 4 / لوحة 843، و " تهذيب الكمال "
لوحة 1508.
(3) " الضعفاء " للعقيلي لوحة 444.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1508.
(*)
(10/536)
التدليس، ويوهم أنه سمعها (1)، وهذا قد دخل فيه طائفة، وهو
أخف من افتراء المتون.
قال أبو حاتم الرازي: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي
بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في
حديث الثوري، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك، وعلي بن
الجعد في حديثه (2).
قال أبو أحمد بن عدي: ليحيى الحماني مسند صالح، ويقال: إنه
أول من صنف المسند بالكوفة، وأول من صنف المسند بالبصرة
مسدد، وأول من صنف المسند بمصر أسد السنة، وهو أقدم منهما
موتا.
والحماني يقال: إن الدارمي أودعه كتبا، فسرق منها أحاديث،
وتكلم فيه أحمد، وابن المديني قال: ويحيى حسن الثناء
عليه..إلى أن قال ابن عدي: ولم أر في مسنده وأحاديثه
أحاديث مناكير، وأرجو أنه لا بأس به (3).
قال شيخنا أبو الحجاج: وجده ميمون، ويقال: عبدالرحمن بن
ميمون يلقب بشمين (4).
قلت: وقد تواتر توثيقه عن يحيى بن معين، كما قد تواتر
تجريحه عن الامام أحمد، مع ما صح عنه من تكفير صاحب.
ولا رواية له في الكتب الستة، تجنبوا حديثه عمدا، لكن له
ذكر في صحيح [ مسلم ] في ضبط اسم، فقال عقيب حديث سليمان
بن بلال، عن
__________
(1) انظر التعليق رقم (4) في الصفحة 530.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 178.
(3) انظر " الكامل " لابن عدي 4 / لوحة 843، و " تهذيب
الكمال " لوحة 1508.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1506.
(*)
(10/537)
ربيعة، عن عبدالملك بن سعيد بن سويد، عن أبي حميد أو أبي
أسيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل
أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
وذكر الحديث (1)، ثم قال: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت
هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال، قال: وبلغني أن يحيى
الحماني يقول: وأبو أسيد (2).
قد وقع لي من عوالي الحماني: فأخبرني أبو المعالي أحمد بن
إسحاق بمصر، أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أخبرنا هبة
الله بن الحسين الحاسب، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن
النقور، حدثنا عيسى بن علي الوزير إملاء، حدثنا أبو القاسم
البغوي، حدثنا يحيى بن عبدالحميد، حدثنا شريك، حدثنا
منصور، حدثنا ربعي قال: حدثنا علي بن أبي طالب رضي الله
عنه قال: أما إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "
لا تكذبوا علي، فمن كذب علي متعمدا فليلج النار " (3).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء
بقراءتي، أخبرنا عبد المعز بن محمد في كتابه، أخبرنا تميم
بن أبي سعيد سماعا في سنة تسع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا أبو
سعد محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو عمرو ومحمد بن أحمد بن
حمدان الحيري سنة أربع وسبعين وثلاث مئة قال: أخبرنا أبو
يعلى أحمد بن علي الموصلي بها سنة ست وثلاث مئة قال: حدثنا
__________
(1) أخرجه مسلم (713) في صلاة المسافرين.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1508.
(3) وأخرجه ابن ماجه (31) من طريقين عن شريك بهذا الاسناد،
وأخرجه البخاري 1 / 178، ومسلم (1) من طرق عن شعبة، عن
منصور، عن ربعي، عن علي.
(*)
(10/538)
يحيى بن عبدالحميد، حدثنا قيس بن الربيع، عن زياد بن
علاقة، عن عمارة بن أوس رضي الله عنه - وكان قد صلى
القبلتين جميعا - قال: إني لفي منزلي، إذا مناد ينادي على
الباب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حول القبلة، فأشهد
على إمامنا والرجال والنساء والصبيان لقد صلوا إلى ها هنا
- يعني بيت المقدس - وإلى ها هنا - يعني الكعبة - (1).
وقرأت على أبي سعيد سنقر الحلبي بها، أخبركم عبد اللطيف بن
يوسف، أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق، أخبرنا
علي بن محمد، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي،
أخبرنا عبدا لباقي بن قانع، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا
يحيى الحماني، حدثنا قيس، عن زياد بن علاقة، عن عمارة بن
أوس - وكان ممن صلى القبلتين - قال: إني في منزلي، إذ
ناداني مناد على الباب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد
حول القبلة إلى الكعبة.
هذا حديث غريب من الافراد العوالي.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا موسى بن عبد القادر،
أخبرنا ابن البناء، أخبرنا ابن البسري، أخبرنا المخلص،
حدثنا عبد الله، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا عبد العزيز بن
محمد، عن عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبيه،
عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبو بكر
في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة،
وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وابن عوف في الجنة،
وسعد في
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف يحيى بن عبدالحميد، وقيس بن الربيع
تغير لما كبر، وأورد ابن حجر في " الاصابة " 2 / 513 في
ترجمة عمارة بن أوس، ونسبه إلى ابن أبي خيثمه والبغوي.
(*)
(10/539)
الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة "
(1).
قال البخاري ومطين ومعاوية بن صالح والبغوي: مات يحيى
الحماني سنة ثمان وعشرين ومئتين.
زاد مطين: في رمضان بالعسكر، وكان لا يخضب.
وقال البغوي: في رمضان أيضا.
قال: وكان أول من مات بسامراء من المحدثين الذين أقدموا،
وكان لا يخضب، وقد كتبت عنه.
قلت: أخطأ من قال: إنه توفي سنة خمس وعشرين.
فأما والده فهو:
171 - أبو يحيى الحماني
* (خ، د، ت، ق) أصله من خوارزم، ولقبه بشمين.
ولد بعد العشرين ومئة.
وحدث عن: الاعمش، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وطلحة بن
يحيى التيمي، وطلحة بن عمرو المكي، وأبي حنيفة، والحسن بن
عمارة، وعدة.
__________
(1) وأخرجه الترمذي (3747) في المناقب، من طريق قتيبة، عن
عبد العزيز بن محمد بهذا الاسناد، وفي الباب عن سعيد بن
زيد عند أبي داود (4648) و (4649)، والترمذي (3748)،
فالحديث صحيح.
* طبقات ابن سعد 6 / 399، التاريخ لابن معين 2 / 343،
طبقات خليفة: 172، التاريخ الكبير 6 / 45، الجرح والتعديل
6 / 16، تهذيب الكمال لوحة 769، تذهيب التهذيب 2 / 201 /
2، الكاشف 2 / 152، العبر 1 / 338، ميزان الاعتدال 2 /
542، تهذيب التهذيب 6 / 120، مقدمة فتح الباري: 415، خلاصة
تذهيب الكمال: 222، شذرات الذهب 2 / 3 (*)
(10/540)
روى عنه: ابنه، وأحمد بن عمر الوكيعي، والحسن بن علي
الحلواني، ومحمد بن عاصم الثقفي، وعباس الدوري، وأحمد بن
عبد الحميد الحارثي، والحسن بن علي بن عفان، وآخرون كثير.
وكان من علماء الحديث، وثقه يحيى بن معين (1).
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو داود: كان داعية إلى الارجاء.
قال هارون: مات سنة اثنتين ومئتين.
172 - النظام * شيخ المعتزلة،
صاحب التصانيف، أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى آل
الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم.
تكلم في القدر، وانفرد بمسائل، وهو شيخ الجاحظ.
وكان يقول: إن الله لا يقدر على الظلم ولا الشر، ولو كان
قادرا، لكنا لا نأمن وقع ذلك، وإن الناس يقدرون على الظلم،
وصرح بأن الله لا يقدر على إخراج أحد من جهنم، وأنه ليس
يقدر على أصلح مما خلق.
قلت: القرآن والعقل الصحيح يكذبان هؤلاء، ويزجرانهم عن
القول
__________
(1) " التاريخ " لابن معين 2 / 342.
* اختلاف الحديث لابن قتيبة: ص 17 وما بعدها، طبقات
المعتزلة: 49 - 52، أمالي المرتضى 1 / 187 - 189، فهرست
ابن النديم: 205، 206، تاريخ بغداد 6 / 97، 98، الملل
والنحل 1 / 53، 59، اللباب 3 / 316، الوافي بالوفيات 6 /
14 - 19، خطط المقريزي 1 / 346، لسان الميزان 1 / 67،
النجوم الزاهرة 2 / 234، سفينة البحار 2 / 597، الفرق بين
الفرق: 113، 136، معجم المصنفين 3 / 158 - 161.
(*)
(10/541)
بلا علم، ولم يكن النظام ممن نفعه العلم والفهم، وقد كفره
جماعة.
وقال بعضهم: كان النظام على دين البراهمة المنكرين للنبوة
والبعث، ويخفي ذلك.
وله نظم رائق، وترسل فائق، وتصانيف جمة، منها: كتاب "
الطفرة " وكتاب " الجواهر والاعراض "، وكتاب " حركات أهل
الجنة "، وكتاب " الوعيد "، وكتاب " النبوة "، وأشياء
كثيرة لا توجد (1).
ورد أنه سقط من غرفة وهو سكران، فمات، في خلافة المعتصم أو
الواثق، سنة بضع وعشرين ومئتين.
وكان في هذا الوقت العلامة المتكلم أحد مشايخ الجهمية
إبراهيم (2) ابن الحافظ إسماعيل ابن علية البصري.
173 - [ أبو الهذيل العلاف ]
*
ورأس المعتزلة أبو الهذيل، محمد بن الهذيل البصري العلاف،
صاحب التصانيف، الذي زعم أن نعيم الجنة وعذاب النار ينتهي
بحيث إن حركات أهل الجنة تسكن، حتى لا ينطقون بكلمة، وأنكر
الصفات المقدسة حتى العلم والقدرة، وقال: هما الله، وأن
لما يقدر الله عليه نهاية وآخرا، وأن للقدرة نهاية لو خرجت
إلى الفعل، فإن خرجت لم تقدر على
__________
(1) ذكر كتبه ابن النديم في " الفهرست " ص 206.
(2) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد " 6 / 20 - 23 و "
النجوم الزاهرة " 2 / 228.
* مروج الذهب 2 / 298، طبقات المعتزلة: 44 - 49، أمالي
المرتضى 1 / 178 - 183، الفهرست لابن النديم: 203، 204،
تاريخ بغداد 3 / 366، وفيات الاعيان 4 / 265 - 267، العبر
1 / 422، نكت الهميان: 277، لسان الميزان 5 / 413، 414،
النجوم الزاهرة 2 / 248، روضات الجنات: 158، شذرات الذهب 2
/ 85.
(*)
(10/542)
خلق ذرة أصلا.
وهذا كفر وإلحاد.
وقيل: إن المأمون قال لحاجبه: من بالباب ؟ قال: أبو
الهذيل، وعبد الله بن أبان الخارجي، وهشام بن الكلبي،
فقال: ما بقي من رؤوس جهنم إلا من حضر (1).
ولم يكن أبو الهذيل بالتقي، حتى لنقل أنه سكر مرة عند
صديقه، فراود غلاما له، فرماه بتور، فدخل في رقبته، وصار
كالطوق، فاحتاج إلى حداد يفكه (2).
وكان أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل تلميذ واصل بن
عطاء الغزال.
وطال عمر أبي الهذيل، وجاوز التسعين، وانقلع في سنة سبع
وعشرين ومئتين، ويقال: بقي إلى سنة خمس وثلاثين.
أخذ عنه علي بن ياسين وغيره من المعتزلة.
174 - [ هشام بن الحكم ]
*
وكان في هذا الحين المتكلم البارع هشام بن الحكم الكوفي
الرافضي المشبه المعثر، وله نظر وجدل، وتواليف كثيرة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 369.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 369.
والتور: إناء يشرب فيه.
* مروج الذهب 5 / 443، 444 و 6 / 370 و 7 / 232، 236،
الفهرست: 223، 224، أمالي المرتضى 1 / 176، سمط اللآلي:
855، لسان الميزان 6 / 194، فهرست الطوسي: 174، سفينة
البحار للقمي 2 / 719، منهج المقال: 359، معرفة أخبار
الرجال للكشي: 165.
(*)
(10/543)
قال ابن حزم: جمهور متكلمي الرافضة كهشام بن الحكم،
وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما يقولون: بأن علم الله
محدث، وأنه لم يعلم شيئا في الازل، فأحدث لنفسه علما.
قال: وقال هشام بن الحكم في مناظرته لابي الهذيل: إن ربه
طوله سبعة أشبار بشبر نفسه.
قال: وكان داود الجواربي من كبار متكلميهم يزعم أن ربه لحم
ودم على صورة الآدمي.
قال: ولا يختلفون في رد الشمس لعلي مرتين.
ومن قول كلهم: إن القرآن مبدل زيد فيه ونقص منه إلا الشريف
المرتضى وصاحبيه.
قال النديم: هو من أصحاب جعفر الصادق، هذب المذهب، وفتق
الكلام في الامامة، وكان حاذقا حاضر الجواب.
ثم سرد أسماء كتبه، منها في الرد على المعتزلة، وفي
التوحيد، وغير ذلك (1).
175 - [ ضرار بن عمرو ]
* نعم ومن رؤوس المعتزلة ضرار بن عمرو، شيخ الضرارية.
فمن نحلته قال: يمكن أن يكون جميع الامة في الباطن كفارا
لجواز ذلك على كل فرد منهم.
ويقول: الاجسام إنما هي أعراض مجتمعة، وإن
__________
(1) " الفهرست " ص 223، 224.
وكان هذا النص في الاصل مثبتا في ترجمة هشام بن عمرو التي
سترد قريبا، فنقلناه إلى هنا، لان النديم إنما ذكره في
ترجمة هشام هذا، وليس في ترجمة هشام بن عمرو.
* الضعفاء للعقيلي لوحة 193، الفهرست لابن النديم: 214،
215، ميزان الاعتدال 2 / 238، 239، لسان الميزان 3 / 203،
فضل الاعتزال: 391، الفرق بين الفرق: 201.
(*)
(10/544)
النار لا حر فيها، ولا في الثلج برد، ولا في العسل حلاوة،
وإنما يخلق ذلك عند الذوق واللمس.
وقال المروذي: قال أحمد بن حنبل: شهدت على ضرار بن عمرو
عند سعيد بن عبدالرحمن، فأمر بضرب عنقه، فهرب.
وقال حنبل: دخلت على ضرار ببغداد، وكان مشوها وبه فالج،
وكان معتزليا، فأنكر الجنة والنار، وقال: اختلف فيهما: هل
خلقتا بعد أم لا ؟ فوثب عليه أصحاب الحديث، وضربوه.
وقال أحمد بن حنبل: إنكار وجودهما كفر، قال تعالى: [ النار
يعرضون عليها غدوا وعشيا ].
[ غافر: 46 ].
قال أحمد: فهرب.
قالوا: أخفاه يحيى بن خالد حتى مات.
قلت: فهذا يدل على موته في زمن الرشيد.
فأما حكاية جنيد، فيكون حكاها عن أحمد.
وأيضا فإن حفصا الفرد الذي كفره الشافعي في مناظرته من
تلامذة ضرار.
قال ابن حزم: كان ضرار ينكر عذاب القبر.
وقال أبو همام السكوني: شهد قوم على ضرار بأنه زنديق، فقال
سعيد: قد أبحت دمه، فمن شاء فليقتله.
قال: فعزلوا سعيدا من القضاء، فمر شريك القاضي، ورجل
ينادي: من أصاب ضرارا، فله عشرة آلاف.
فقال شريك: الساعة خلفته عند يحيى البرمكي - أراد شريك أن
يعلم أنهم ينادون عليه وهو عندهم -.
قلت: لمثل هذا تكلم الناس في دين البرامكة، وضرار أكبر من
(10/545)
هؤلاء المتعاصرين، وله تصانيف كثيرة تؤذن بذكائه، وكثرة
اطلاعه على الملل والنحل.
ومنهم المتكلم البارع:
176 - أبو المعتمر معمر بن
عمرو * وقيل: ابن عباد، البصري السلمي مولاهم
العطار، المعتزلي.
وكان يقول: في العالم أشياء موجودة لا نهاية لها، ولا لها
عند الله عدد ولا مقدار.
فهذا ضلال، يرده قوله تعالى: [ وأحصى كل شئ عددا ] [ الجن:
28 ] وقال: [ وكل شئ عنده بمقدار ] [ الرعد: 8 ].
ولذلك قامت عليه المعتزلة بالبصرة، ففر إلى بغداد، واختفى
عند إبراهيم ابن السندي.
وكان يزعم أن الله لم يخلق لونا، ولا طولا، ولا عرضا، ولا
عمقا،
ولا رائحة، ولا حسنا، ولا قبحا، ولا سمعا ولا بصرا، بل ذلك
فعل الاجسام بطباعها، فعورض بقوله تعالى: [ خلق الموت
والحياة ]، [ الملك: 2 ]، فقال: المراد خلق الاماتة
والاحياء، وقال: النفس ليست جسما ولا عرضا، ولا تلاصق
شيئا، ولا تباينه، ولا تسكن.
وكان بينه وبين النظام مناظرات ومنازعات، وله تصانيف في
الكلام.
وهلك فيما ورخه محمد بن إسحاق النديم سنة خمس عشرة ومئتين.
ومنهم:
__________
* طبقات المعتزلة: 54 - 56، الفهرست لابن النديم: 207.
(*)
(10/546)
177 - هشام بن عمرو * أبو محمد الفوطي، المعتزلي،
الكوفي، مولى بني شيبان.
صاحب ذكاء وجدال وبدعة ووبال.
أخذ عنه عباد بن سلمان وغيره.
ونهى عن قول: " حسبنا الله ونعم الوكيل " وقال: لا يعذب
الله كافرا بالنار، ولا يحيي أرضا بمطر، ولا يهدي ولا يضل،
ويقول: يعذبون في النار لا بها، ويحيي الارض عند المطر لا
به، وأن معنى: نعم الوكيل، أي المتوكل عليه.
قال المبرد: قال رجل لهشام الفوطي: كم تعد من السنين ؟
قال: من واحد إلى أكثر من ألف.
قال: لم أرد هذا، كم لك من السن ؟ قال: اثنان وثلاثون سنا.
قال: كم لك من السنين ؟ قال: ما هي لي، كلها لله.
قال: فما سنك ؟ قال: عظم.
قال: فابن كم أنت ؟ قال: ابن أم وأب.
قال: فكم أتى عليك ؟ قال: لو أتى علي شئ، لقتلني، قال:
ويحك،
فكيف أقول ؟ قال: قل: كم مضى من عمرك.
قلت: هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم، عبارات
وشقاشق لا يعبأ الله بها، يحرفون بها الكلم عن مواضعه
قديما وحديثا، فنعوذ بالله من الكلام وأهله.
ومنهم:
__________
* طبقات المعتزلة: 61، الفهرست لابن النديم: 214.
(*)
(10/547)
178 - أبو موسى عيسى بن صبيح * الملقب بالمرداز،
البصري، من كبار المعتزلة أرباب التصانيف الغزيرة.
أخذ عن بشر بن المعتمر، وتزهد، وتعبد وتفرد بمسائل ممقوتة،
وزعم أن الرب يقدر على الظلم والكذب، ولكن لا يفعله.
وقال بكفر من قال: القرآن قديم، وبكفر من قال: أفعالنا
مخلوقة، وقال برؤية الله، وكفر من أنكرها، حتى إن رجلا قال
له: فالجنة التي عرضها السماوات والارض لا يدخلها إلا أنت
وثلاثة ؟ ! فسكت.
ذكره قاضي حماة شهاب الدين إبراهيم في كتاب " الفرق " وأنه
مات سنة ست وعشرين ومئتين.
ومنهم:
179 - الوليد بن أبان * *
الكرابيسي المتكلم، أحد الائمة.
قال المحدث أحمد بن سنان القطان: كان خالي، فلما حضرته
الوفاة قال لبنيه: هل تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني ؟
قالوا: لا.
قال:
فتتهموني ؟ قالوا: لا.
قال: فإني أوصيكم بما عليه أصحاب الحديث، فإني رأيت الحق
معهم، لست أعني الرؤساء منهم، ولكن هؤلاء الممزقين.
ومنهم:
__________
* طبقات المعتزلة: 70، 71، الفهرست لابن النديم: 206
وفيهما: المردار.
* * تاريخ بغداد 13 / 441، النجوم الزاهرة 2 / 210.
(*)
(10/548)
180 - جعفر بن مبشر * الثقفي المتكلم، أبو محمد البغدادي،
الفقيه البليغ.
كان مع بدعته يوصف بزهد وتأله وعفة، وله تصانيف جمة، وتبحر
في العلوم.
صنف كتاب " الاشربة "، وكتابا في " السنن " وكتاب "
الاجتهاد "، وكتاب " تنزيه الانبياء "، وكتاب " الحجة على
أهل البدع "، وكتاب " الاجماع ما هو "، وكتاب " الرد على
المشبهة والجهمية والرافضة "، و " الرد على أرباب القياس
"، وكتاب " الآثار " الكبير، وأشياء مفيدة.
ذكره محمد بن إسحاق النديم، وأنه توفي سنة أربع وثلاثين
ومئتين (1).
وله أخ متكلم معتزلي، يقال له: حبيش بن مبشر، دون جعفر في
العلم.
ومنهم العلامة:
181 - أبو الفضل جعفر بن حرب *
* الهمذاني المعتزلي العابد، كان من نساك القوم،
وله تصانيف.
يقال: إنه حضر عند الواثق للمناظرة، ثم حضرت الصلاة، فتقدم
__________
* طبقات المعتزلة: 76، 77، الفهرست لابن النديم: 208،
تاريخ بغداد 7 / 162، لسان الميزان 2 / 121، أعيان الشيعة
16 / 105، 106، تذكرة طاهر الجزائري 13 / 1.
(1) " الفهرست ": 208.
* * مروج الذهب للمسعودي 7 / 231، طبقات المعتزلة: 73 -
76، الفهرست لابن النديم: 213، تاريخ بغداد 7 / 162، 163،
لسان الميزان 2 / 113.
(*)
(10/549)
الواثق، فصلى بهم، وتنحى جعفر، فنزع خفه، وصلى وحده، وكان
قريبا من يحيى بن كامل، فجعلت دموع ابن كامل تسيل خوفا على
جعفر من القتل، فكاشر عنها الواثق، فلما خرجوا، قال له ابن
أبي دواد: إن هذا السبع لا يحتملك على ما صنعت، فإن عزمت
عليه، فلا تحضر المجلس، قال: لا أريد الحضور.
فلما كان المجلس الآتي، تأملهم الواثق، قال: أين الشيخ
الصالح ؟ قال ابن أبي دواد: إن به السل، ويحتاج أن يضطجع.
قال: فذاك (1).
قال محمد النديم: وتوفي سنة ست وثلاثين ومئتين عن نحو ستين
سنة (2).
وله كتاب " متشابه القرآن "، وكتاب " الاستقصاء "، وكتاب "
الرد على أصحاب الطبائع "، وكتاب " الاصول ".
وله من التلامذة:
182 - الاسكافي * وهو العلامة
أبو جعفر محمد بن عبد الله السمرقندي ثم الاسكافي
المتكلم.
وكان أعجوبة في الذكاء، وسعة المعرفة، مع الدين والتصون
والنزاهة.
__________
(1) " الفهرست " ص 213، و " طبقات المعتزلة " ص 73، 74.
(2) " الفهرست " ص 213.
* طبقات المعتزلة: ص 78، الفهرست لابن النديم: 213،
الانساب 1 / 245 و 246.
(*)
(10/550)
وكان في صباه خياطا، وكان يحب الفضيلة، فيأمره أبواه بلزوم
المعيشة، فضمه جعفر بن حرب إليه، وكان يبعث إلى أمه في
الشهر بعشرين درهما بدلا من كسبه (1).
فبرع في الكلام، وبقي المعتصم معجبا به كثيرا، فأدناه،
وأجزل عطاءه، وكان إذا ناظر، أصغى إليه، وسكت الحاضرون، ثم
ينظر المعتصم إليهم، ويقول: من يذهب عن هذا الكلام والبيان
! ويقول: يا محمد، اعرض هذا المذهب على الموالي، فمن أبي،
فعرفني خبره، لانكل به (2).
ذكر له النديم مصنفات عدة، منها " نقض كتاب حسين النجار "،
وكتاب " الرد على من أنكر خلق القرآن "، وكتاب " تفضيل علي
".
وكان يتشيع.
مات سنة أربعين ومئتين.
فلما بلغ محمد بن عيسى برغوث موته، سجد، فمات بعده بأشهر.
ومنهم العلامة:
183 - أبو سهل عباد بن سلمان *
البصري المعتزلي من أصحاب هشام الفوطي.
يخالف المعتزلة في أشياء اخترعها لنفسه.
__________
(1) " الفهرست " ص 213، و " طبقات المعتزلة ": 78.
(2) " الفهرست " ص 213.
* طبقات المعتزلة: 77، الفهرست لابن النديم: 215.
(*)
(10/551)
وكان أبو علي الجبائي يصفه بالحذق في الكلام، ويقول: لولا
جنونه.
وله كتاب " إنكار أن يخلق الناس أفعالهم "، وكتاب " تثبيت
دلالة الاعراض "، وكتاب " إثبات الجزء الذي لا يتجزأ ".
ومنهم العلامة:
184 - أبو موسى عيسى بن الهيثم
* الصوفي من كبار المعتزلة، يخالفهم في أشياء.
وعنه أخذ ابن الراوندي الملحد (1)، وله تواليف.
توفي سنة خمس وأربعين ومئتين.
ومنهم العلامة:
185 - أبو يعقوب يوسف بن
عبيدالله * * الشحام البصري، صاحب أبي الهذيل
العلاف.
مؤلف كتاب " الاستطاعة على المجبرة "، وكتاب " الارادة "،
وكتاب " كان ويكون "، وكتاب " دلالة الاعراض "، وغير ذلك.
وعنه أخذ أبو علي الجبائي.
__________
* طبقات المعتزلة: ص 78، 79، الفهرست لابن النديم: 216.
(1) انظر ترجمته في: " المنتظم " لابن الجوزي 6 / 99 -
105، " الفهرست ": 216، 217، " البداية والنهاية " 10 /
346، 347، " العبر " 2 / 116، " لسان الميزان " 1 / 323،
324، " شذرات الذهب " 2 / 235، 236.
* * طبقات المعتزلة: 71، 72.
(*)
(10/552)
وكان مشرف ديوان الخراج في دولة الواثق.
ومنهم:
186 - أبو مخالد أحمد بن
الحسين * الضرير الفقيه المتكلم المعتزلي، أحد
الاذكياء.
صنف في خلق القرآن، وكان ذا زهد وورع، ويسمى الداعية.
أرخ وفاته ابن كامل في سنة ثمان وستين ومئتين.
وكان الناس يغشون مجلسه.
أخذ عن جعفر بن مبشر، وله مناظرة مع داود الظاهري بحضرة
الموفق في خبر الواحد، ولما ناظر داود، قطعه، فقال داود:
أصلح الله الامير، قد أهلك أبو مخالد الناس.
فقال الموفق: قد قطعك بنفس قولك هذا، لان الله عندك هو
الذي أهلك الناس، فكيف يهلكهم أبو مخالد ؟ ! فأفحم داود.
ومن قدمائهم: الاستاذ أبو جعفر:
187 - محمد بن النعمان * *
الاحول، عراقي شيعي جلد، يلقبه الشيعة بمؤمن الطاق.
يعد من أصحاب جعفر بن محمد.
صنف كتاب " الامامة "، وكتاب " الرد على المعتزلة "، وكتاب
__________
* طبقات المعتزلة: 85، نكت الهميان: 96، وكنيته فيهما: أبو
مجالد بالجيم.
* * الفهرست لابن النديم: 224.
(*)
(10/553)
" طلحة وعائشة "، وكتاب " المعرفة "، وكتاب " في أيام
هارون الرشيد ".
ومنهم النجار الاستاذ أبو عبد الله:
188 - الحسين بن محمد * ابن
عبد الله النجار، أحد كبار المتكلمين.
وقيل: كان يعمل الموازين.
وله مناظرة مع النظام، فأغضب النظام، فرفسه، فيقال: مات
منها بعد تعلل.
ذكر النديم أسماء تصانيف النجار، منها " إثبات الرسل "،
وكتاب " القضاء والقدر "، وكتاب " اللطف والتأييد "، وكتاب
" الارادة الموجبة "، وأشياء كثيرة.
ومنهم:
189 - برغوث * * وهو رأس
البدعة ، أبو عبد الله محمد بن عيسى الجهمي.
أحد من كان يناظر الامام أحمد وقت المحنة.
صنف كتاب " الاستطاعة "، وكتاب " المقالات "، وكتاب "
الاجتهاد "، وكتاب " الرد على جعفر بن حرب "، وكتاب "
المضاهاة ".
قيل: توفي سنة أربعين ومئتين.
وقيل: سنة إحدى وأربعين.
ومنهم:
__________
* الفهرست: 229.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر التي وقعت لنا.
(*)
(10/554)
190 - أبو عبد الرحمن الشافعي
* المتكلم، من كبار الاذكياء، ومن أعيان تلامذة أبي عبد
الله الشافعي الامام.
اسمه أحمد بن يحيى بن عبد العزيز، نسب إلى شيخه.
قال الحافظ أبو بكر: كان يقول: من فاتته صلاة عن وقتها
عمدا، فإنه لا يمكنه أن يقضيها أصلا، لان وقتها شرط، وقد
عدم، كمن فاته الوقوف بعرفة لا يمكنه أن يقضيه (1).
قلت: جمهور الامة على أنه لا بد من قضائها، وأن قضاءها لا
ينفي عنه الاثم إلا بتوبة منه.
أخذ عن أبي عبدالرحمن الشافعي الفقيه داود الظاهري، وغيره.
وكان حيا في حدود الثلاثين ومئتين.
ومن رؤوس المعتزلة البغداديين العلامة أبو موسى الفراء،
مات سنة ست وعشرين ومئتين، أرخه المسعودي (2).
__________
* الفهرست: 267، تاريخ بغداد 5 / 200.
(1) وإليه ذهب طائفة من السلف والخلف، وقالوا: إن التوبة
النصوح تنفعه.
وجاء في " التمهيد " للاسنوي ص 245، 246: وممن ذهب إلى أن
القضاء لا يجب على من ترك الصلاة عمدا الشيخ عز الدين بن
عبد السلام في " القواعد "، والتاج الفركاح في " شرح
التنبيه "، وحكي وجها في المذهب لابن بنت الشافعي.
قال الاسنوي: كذا رأيته في باب سجود السهو من شرح الوسيط
لابن الاستاذ نقلا عن " التجريد " لابن كج عنه.
وقد استوفى ابن القيم البحث في
هذه المسألة وأورد حجج الفريقين القائلين بوجوب القضاء وهم
الجمهور، والقائلين بعدم الوجوب، في كتابه " الصلاة " ص 59
- 98، فراجعه فإنه نفيس.
(2) في " مروج الذهب " 7 / 233.
(*)
(10/555)
ومنهم ابن كيسان الاصم، قديم تخرج به إبراهيم ابن علية في
الكلام.
ومنهم جعفر بن حرب (1)، وجعفر بن مبشر (2)، وأبو غفار،
وحسين النجار (3)، والرقاش، وأبو سعيد بن كلاب، وقاسم بن
الخليل الدمشقي (4) صاحب التفسير، وثمامة بن أشرس النميري
(5)، وأشباههم ممن كان ذكاؤهم وبالا عليهم، ثم بينهم من
الاختلاف والخباط أمر لا يخفى على أهل التقوى، فلا عقولهم
اجتمعت، ولا اعتنوا بالآثار النبوية، كما اعتنى أئمة
الهدى، [ فأي الفريقين أحق بالامن ] [ الانعام: 81 ].
191 - إبراهيم بن مهدي *
المصيصي: بغدادي، صاحب حديث، مرابط.
روى عن: حماد بن زيد، وحماد الابح، وأبي المليح الرقي،
وإبراهيم بن سعد، وعدة.
وعنه: أبو داود، وأحمد بن حنبل، وابن أبي الدنيا، ويعقوب
بن شيبة، وعباس الدوري، وعبد الكريم الديرعاقولي، وآخرون.
وثقه أبو حاتم (6).
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة 549.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة 549.
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة 554.
(4) انظر " الفهرست " ص 206.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة 203.
* التاريخ الكبير 1 / 331، الجرح والتعديل 2 / 138، 139،
تاريخ بغداد 6 / 178، تهذيب الكمال لوحة 67، تذهيب التهذيب
1 / 43 / 2، ميزان الاعتدال 1 / 68، المغني في الضعفاء 1 /
27، الكاشف 1 / 94، تهذيب التهذيب 1 / 169، خلاصة تذهيب
الكمال: 2.
(6) " الجرح والتعديل " 2 / 139.
(*)
(10/556)
قال ابن قانع: مات سنة خمس وعشرين ومئتين.
192 - إبراهيم بن المهدي *
الامير الكبير، أبو إسحاق، الملقب بالمبارك،
إبراهيم بن أمير المؤمنين محمد بن أبي جعفر، الهاشمي
العباسي الاسود.
ويعرف بالتنين للونه، وضخامته.
كان فصيحا، بليغا، عالما، أديبا، شاعرا، رأسا في فن
الموسيقى.
ويقال له: ابن شكلة (1)، وهي أمه.
حدث عن: المبارك بن فضالة، وحماد الابح.
روى عنه: ولده هبة الله، وحميد بن فروة، وأحمد بن الهيثم،
وغيرهم.
قال علي بن المغيرة الاثرم: حدثنا إبراهيم: أنه ولي إمرة
دمشق أعواما لم يقطع فيها على أحد طريق، وحدثت أن الآفة في
قطع الطريق من دعامة
__________
* تاريخ خليفة: 457، 470، 473، الطبري 8 / 555، 557، 569،
570، 571، 603، 604 - 607، 661 وغيرها، مروج الذهب 7 / 69،
الاغاني 10 / 95، 150، الفهرست: 129، تاريخ بغداد 6 / 142،
الاكمال 1 / 518، الانساب 3 / 97، الكامل لابن الاثير 6 /
341، 351، 353، 354، 508، اللباب 1 / 226، وفيات
الاعيان 1 / 39، العبر 1 / 389، الوافي بالوفيات 6 / 110،
113، البداية والنهاية 10 / 247، 248، 249، 250، 251،
وغيرها، لسان الميزان 1 / 98، النجوم الزاهرة 2 / 240،
241، أشعار أولاد الخلفاء: 17 - 49، شذرات الذهب 2 / 53،
تهذيب تاريخ ابن عساكر 2 / 226 - 288.
(1) ضبطها ابن خلكان بفتح الشين وكسرها، وسكون الكاف، وبعد
اللام هاء.
" وفيات الاعيان " 1 / 39.
(*)
(10/557)
ونعمان ويحيى بن أرميا اليهودي البلقاوي، وأنهم لم يضعوا
يدهم في يد عامل، فكاتبتهم.
فتاب دعامة، وحلف النعمان بالايمان انه لا يؤذي مهما وليت،
وطلب ابن أرميا أمانا ليأتي، ويناظر، فأجبته، فقدم شاب
أشعر أمعر في أقبية ديباج، ومنطقة، وسيف محلى، فدخل على
الخضراء، فسلم دون البساط، فقلت: اصعد.
قال: إن للبساط ذماما، أخاف ان يلزمني جلوسي عليه، وما
أدري ما تسومني، قلت: أسلم، وأطع.
قال: أما الطاعة فأرجو، ولا سبيل إلى الاسلام، فما عندك إن
لم أسلم ؟ قلت: لا بد من جزية.
قال: أعفني.
قلت: كلا.
قال: فأنا منصرف على أماني.
فأذنت له، وأمرتهم أن يسقوا فرسه، فلما رأى ذلك، دعا بدابة
غلامه، وترك فرسه، وقال: لن آخذ شيئا ارتفق منكم، فأحاربكم
عليه.
فاستحييت وطلبته، فلما دخل، قلت: الحمد لله، ظفرت بك بلا
عهد.
قال: وكيف ؟ قلت: لانك انصرفت من عندي، وقد عدت، قال: شرطك
أن تصرفني إلى مأمني، فإن كان دارك مأمني، فلست بخائف، وإن
كان مأمني أرضي، فردني.
فجهدت به أن يؤدي جزية على أن أهبه في السنة ألفي دينار،
فأبى، وذهب، فأسعر الدنيا شرا، وحمل مال من مصر، فتعرض
له، فكتب النعمان إلي، فأمرته بمحاربته، فسار النعمان،
ووافاه اليهودي في جماعته، فسأله النعمان الانصراف، فأبى،
وقال: بارزني، وإن شئت، برزت وحدي إليك وإلى جندك.
فقال النعمان: يا يحيى، ويحك أنت حدث قد بليت بالعجب، ولو
كنت من أنفس قريش لما أمكنك معارة (1) السلطان، وهذا
الامير هو أخو الخليفة، وأنا - وإن افترقنا في الدين - أحب
أن لا يقتل على يدي فارس، فإن كنت تحب السلامة، فابرز إلي،
ولا يبتلى
__________
(1) في " تهذيب تاريخ ابن عساكر ": مغازاة.
(*)
(10/558)
بنا غيرنا، فبرز له العصر، فما زالا في مبارزة إلى الليل،
فوقف كل منهما على فرسه متكئا على رمحه، فنعس النعمان،
فطعنه اليهودي، فيقع سنان رمحه في المنطقة، فدارت، وصار
السنان يدور معها، فاعتنقه النعمان، وقال: أغدرا يا ابن
اليهودية ؟ ! فقال: أو محارب ينام يا ابن الامة ؟ ! فاتكأ
عليه النعمان، فسقط فوقه، وكان النعمان ضخما، فصار فوقه،
فذبح اليهودي، وبعث إلي برأسه، فاطمأنت البلاد، ثم ولي
بعدي عمي سليمان، فانتهبه أهل دمشق، وسبوا حرمه (1).
قال الخطيب: بويع إبراهيم بالخلافة زمن المأمون، فحارب
الحسن ابن سهل، فهزمه إبراهيم، ثم أقبل لحربه حميد الطوسي،
فهزم جمع إبراهيم، واختفى إبراهيم زمانا إلى أن ظفر به
المأمون، فعفا عنه (2).
وفيه يقول دعبل: نفر ابن شكلة بالعراق وأهلها * وهفا إليه
كل أطلس مائق إن كان إبراهيم مضطلعا بها * فلتصلحن من بعده
لمخارق (3) وكان مخارق مغني وقته.
قال ابن ماكولا: ولد إبراهيم سنة 162 (4).
قلت: فعلى هذا لم يدرك مبارك بن فضالة.
قال الخطبي: بايعوه ببغداد، ولقب بالمبارك - وقيل: المرضي
- في
__________
(1) " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 2 / 269 - 272.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 142، 143.
(3) البيتان في " تاريخ بغداد " 6 / 144، و " تهذيب تاريخ
ابن عساكر " 2 / 273 وفيه " لعب ابن شكلة " بدل " نفر " و
" وفيات الاعيان " 1 / 40.
(4) " الاكمال " 1 / 518.
(*)
(10/559)
أول سنة اثنتين ومئتين، فغلب على الكوفة وبغداد والسواد،
فلما أشرف المأمون على العراق، ضعف إبراهيم.
قال: وركب إبراهيم بأبهة الخلافة إلى المصلى يوم النحر،
فصلى بالناس، وهو ينظر إلى عسكر المأمون، وأطعم الناس
بالقصر، ثم استتر.
قال: وظفر المأمون به سنة عشر ومئتين، فعفا عنه، وبقي
عزيزا (1).
قال أبو محلم: قال إبراهيم بن المهدي حين أدخل على
المأمون: ذنبي أعظم من عذر، وعفوك أعظم من أن يتعاظمه ذنب
(2).
وقيل: إنه لما اعتذر، وكان ذلك بعد توثبه بثماني سنين، عفا
عنه، وقال: ها هنا يا عم، ها هنا يا عم (3).
وقد أخرج ابن عساكر في ترجمته حديثا لاحمد بن الهيثم،
حدثنا إبراهيم بن المهدي، حدثنا حماد الابح.
والظاهر أن هذا المصيصي.
قال إبراهيم الحربي: نودي في سنة ثمان ومئتين أن أمير
المؤمنين قد عفا عن عمه إبراهيم، وكان إبراهيم حسن الوجه،
حسن الغناء، حسن
المجلس، رأيته على حمار، فقبل القواريري فخذه (4).
وعن منصور بن المهدي قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح، طرب
من يسمعه فإذا غنى، أصغت الوحوش حتى تضع رؤوسها في حجره،
فإذا سكت، هربت.
وكان إذا غنى، لم يبق أحد إلا ذهل.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 6 / 142، 143، و " تهذيب تاريخ
ابن عساكر " 2 / 274، 275.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 146، وانظر " الاغاني " 10 / 116.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 145.
(4) " تاريخ بغداد " 6 / 146، و " تهذيب تاريخ ابن عساكر "
2 / 276.
(*)
(10/560)
وقال ابن الفضل بن الربيع: ما اجتمع أخ وأخت أحسن غناء من
إبراهيم بن المهدي وأخته علية.
قال ثمامة بن أشرس: قال لي المأمون: قد عزمت على تقريع
عمي، فحضرت، فجئ بإبراهيم مغلولا قد تهدل شعره على عينيه،
فسلم، فقال المأمون: لا سلم الله عليك، أكفرا بالنعمة،
وخروجا علي ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن القدرة تذهب
الحفيظة، ومن مد له في الاغترار، هجمت به الاناة على
التلف، وقد رفعك الله فوق كل ذنب، كما وضع كل ذي ذنب دونك،
فإن تعاقب، فبحقك، وإن تعف فبفضلك.
قال: إن هذين - يعني ابنه العباس والمعتصم - يشيران بقتلك.
قال: أشارا عليك بما يشار به على مثلك في مثلي، والملك
عقيم، ولكن تأبى لك أن تستجلب نصرا إلا من حيث عودك الله،
وأنا عمك، والعم صنو الاب، وبكى.
فتغرغرت عينا المأمون، وقال: خلوا عن عمي، ثم أحضره
ونادمه، وما زال به حتى
ضرب له بالعود (1).
وقيل: إن أحمد بن خالد الوزير، قال: يا أمير المؤمنين، إن
قتلته، فلك نظراء، وإن عفوت، لم يكن لك نظير (2).
توفي إبراهيم في رمضان سنة أربع وعشرين ومئتين.
193 - الجرمي * إمام العربية،
أبو عمر، صالح بن إسحاق الجرمي البصري
__________
(1) " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 2 / 276، و " الاغاني " 10
/ 116.
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 41.
وانظر " الاغاني 10 / 118.
* الجرح والتعديل 4 / 394، مراتب النحويين: 122، طبقات
الزبيدي: 46، 47، = (*)
(10/561)
النحوي، صاحب التصانيف.
وكان صادقا ورعا خيرا.
وقد أخذ العربية عن سعيد الاخفش، واللغة عن يونس بن حبيب
وأبي عبيدة.
وحدث عن: يزيد بن زريع، وعبد الوارث بن سعيد.
روى عنه: أحمد بن ملاعب، وأبو خليفة الجمحي، وجماعة.
وحصل له بالادب دنيا واسعة وحشمة.
قال أبو نعيم الحافظ: قدم أصبهان مع فيض بن محمد الثقفي،
فأعطاه يوم مقدمه عشرة آلاف درهم، وكان يصله كل شهر بألف
(1).
قال المبرد: كان الجرمي أثبت القوم في كتاب سيبويه، وعليه
قرأت الجماعة، وكان عالما باللغة، حافظا لها (1)، وكان
جليلا في الحديث والاخبار، وكان أغوص على الاستخراج من
المازني، وإليهما انتهى علم
النحو في زمانهما (3).
__________
= أخبار البصريين: 72، أخبار أصبهان 1 / 346، 347،
الفهرست: 62، تاريخ بغداد 9 / 313 - 315، الانساب 3 / 234،
235 نزهة الالباء: 143 - 145، معجم الادباء 12 / 5، 6،
اللباب 1 / 274، إنباه الرواة 2 / 80 - 83، وفيات الاعيان
2 / 485، 487، العبر 1 / 394، مسالك الابصار 4 / 284، 285،
عيون التواريخ وفيات 225، مرآة الجنان 2 / 90، 91، البداية
والنهاية 10 / 293، طبقات القراء 1 / 332، طبقات ابن قاضي
شهبة 2 / 4، 5، النجوم الزاهرة 2 / 243، روضات الجنات 334،
335، بغية الوعاة 2 / 8، 9، المزهر 2 / 408، 419، وغيرها،
شذرات الذهب 2 / 57.
(1) في " تاريخ أصبهان " 1 / 346، 347: فأعطاه يوم مقدمه
عشرين ألف درهم، وكان يعطيه كل سنة اثني عشر ألف درهم.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 314.
(3) " نزهة الالباء " 143، و " إنباه الرواة " 2 / 80.
(*)
(10/562)
قلت: قدم الجرمي بغداد، وناظر الفراء، ومقدمته في النحو
مشهورة تعرف " بالمختصر " (1)، وله كتاب " الابنية "،
وكتاب " العروض "، وكتاب " غريب سيبويه " وغير ذلك (2).
توفي سنة خمس وعشرين ومئتين، رحمه الله.
194 - أبو دلف * صاحب الكرج
(3) وأميرها، القاسم بن عيسى العجلي.
حدث عنه هشيم وغيره.
وعنه: محمد بن المغيرة الاصبهاني.
وكان فارسا شجاعا مهيبا، سائسا، شديد الوطأة، جوادا ممدحا،
مبذرا، شاعرا، مجودا، له أخبار في حرب بابك، وولي إمرة
دمشق للمعتصم، وقد دخل وهو أمرد على الرشيد، فسلم، فقال:
لا سلم الله عليك، أفسدت الجبل علينا يا غلام.
قال: فأنا أصلحه، أفسدته يا أمير المؤمنين وأنت علي،
أفأعجز عن صلاحه وأنت معي ! ؟ فأعجبه وولاه
__________
(1) في " معجم الادباء " 12 / 6: كان كلما صنف منه بابا
صلى ركعتين بالمقام، ودعا بأن ينتفع به.
(2) انظر مصنفاته في " الفهرست ": 62.
* مروج الذهب 4 / 5، 62، الاغاني 8 / 248 - 257، معجم
المرزباني: 216، أخبار أصبهان 2 / 160، الفهرست: 130،
تاريخ بغداد 12 / 416 - 423، سمط اللآلي: 331، الانساب 8 /
401، معجم البلدان 4 / 446، الكامل لابن الاثير 6 / 413 و
516، اللباب 2 / 326، وفيات الاعيان 4 / 73 - 79، نهاية
الارب 4 / 249، تهذيب الكمال لوحة 1114، تذهيب التهذيب 3 /
149 / 1، دول الاسلام 1 / 136، العبر 1 / 394، تهذيب
التهذيب 8 / 327، النجوم الزاهرة 2 / 243، 244، خلاصة
تذهيب الكمال: 313، شذرات الذهب 2 / 57.
(3) هي مدينة بين همدان وأصبهان.
انظر " معجم البلدان " 4 / 446.
(*)
(10/563)
الجبل، فلما خرج قال: أرى غلاما يرمي من وراء همة بعيدة.
ومن جيد نظمه: أيها الراقد المؤرق عيني * نم هنيئا لك
الرقاد اللذيذ علم الله أن قلبي مما * قد جنت مقلتاك فيه
وقيذ وقيل: إنه فرق في يوم أموالا عظيمة، وأنشد لنفسه:
كفاني من مالي دلاص وسابح * وأبيض من صافي الحديث ومغفر
(1)
وله أخبار في الكرم والفروسية.
وكان موته ببغداد في سنة خمس وعشرين ومئتين، وفي ذريته
أمراء وعلماء.
195 - العيشي * (د، ت، س)
الامام العلامة الثقة، أبو عبد الرحمن، عبيدالله بن محمد
بن حفص ابن عمر بن موسى بن عبيدالله بن معمر القرشي التيمي
البصري الاخباري الصادق، ويعرف بابن عائشة، وبالعيشي، لانه
من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله.
ولد بعد الاربعين ومئة.
وسمع حماد بن سلمة، وجويرية بن أسماء، ومهدي بن ميمون،
وأبا
__________
(1) البيت مع بيتين آخرين في " تاريخ بغداد " 12 / 418،
419.
* التاريخ الكبير 5 / 400، الجرح والتعديل 5 / 335، تاريخ
بغداد 10 / 314 - 318، الانساب 9 / 106، اللباب 2 / 369،
تهذيب الكمال لوحة 890، تذهيب التهذيب 3 / 20 / 2، الكاشف
2 / 233، العبر 1 / 402، تهذيب التهذيب 7 / 44، خلاصة
تذهيب الكمال: 253، شذرات الذهب 2 / 64.
(*)
(10/564)
هلال الراسبي، ووهيب بن خالد، وأبا عوانة، وعبد الواحد بن
زياد، وعبد العزيز بن مسلم، وهشام بن زياد، وابن المبارك.
حدث عنه: أبو داود، وبواسطة الترمذي، والنسائي، وأحمد بن
حنبل، وأبو زرعة، وابن أبي الدنيا، وعثمان بن خرزاذ،
وإبراهيم الحربي، وأبو عبد الله البوشنجي، وأبو القاسم
البغوي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم وغيره: صدوق في الحديث (1)، وكان عنده عن
حماد
ابن سلمة تسعة آلاف حديث.
وقال أبو داود: كان طلابا للحديث، عالما بالعربية وأيام
الناس لولا ما أفسد نفسه، وهو صدوق (2).
وقال زكريا الساجي: قرف بالقدر (3) وكان بريئا منه، وكان
من سادات أهل البصرة، غير مدافع، كريما سخيا (4).
قلت: سمعنا نسخة العيشى بالاجازة، ووقع لنا بالاتصال من
عواليه.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي، أخبرنا الفتح بن عبد الله،
أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين بن
النقور، أخبرنا عيسى بن علي، حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا عبدالاعلى بن حماد، وعلي بن الجعد، وأبو نصر التمار،
وكامل بن طلحة، وعبيد الله العيشي، قالوا: حدثنا حماد
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 335.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 317، 318.
(3) أي: رمي به واتهم.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 318، و " تهذيب الكمال " لوحة
890.
(*)
(10/565)
ابن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول
الله، أما تكون الذكاة إلا من اللبة والحلق ؟ فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " لو طعنت في فخذها لاجزأ عنك "
(1).
أنبأنا المؤمل بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز،
أخبرنا الخطيب، أخبرنا عمر بن إبراهيم، أخبرنا مقاتل بن
محمد العكي: سمعت إبراهيم بن إسحاق المروزي المعروف
بالحربي يقول: ما رأيت مثل ابن
عائشة، فقيل له: رأيت أحمد وابن معين وإسحاق تقول هذا !
قال: نعم، بلغ الرشيد سنا أخلاقه، فأحضره، فعدد محاسنه،
ويقول: هو بفضل الله وفضل أمير المؤمنين، فلما أن صمت
الرشيد قال: وما هو أحسن من هذا ؟ قال: ما هو يا عم ؟ قال:
المعرفة بقدري، والقصد في أمري، قال: أحسنت (2).
أحمد بن كامل: حدثنا أسد بن الحسن، قال: سأل رجل في
المسجد، فأعطاه العيشي مطرفا، وقال: ثمنه أربعون دينارا،
فلا تخذع عنه، فباعه، فعرف أنه مطرف العيشي، فاشتراه ابن
عم له، ورده إليه (3).
__________
(1) إسناده ضعيف لجهالة أبي العشراء، قال الميموني: سألت
أحمد عن حديث أبي العشراء في الزكاة ؟ قال: غلط، ولا
يعجبني، ولا أذهب إليه إلا في موضع ضرورة، وقال: ما أعرف
أنه يروى عن أبي العشراء حديث غير هذا.
وقال البخاري: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر.
والحديث أخرجه أبو داود (2825)، وابن ماجه (3184)،
والترمذي (1481)، والنسائي 7 / 228، وأحمد 4 / 434، وابن
الجارود رقم (901)، والبيهقي 9 / 246، وأبو نعيم في "
الحلية " 6 / 257، و 341.
وقال الخطابي في تفسيره: هذا في ذكاة غير المقدور عليه،
فأما المقدور عليه فلا يذكيه إلا قطع المذابح، لا أعلم فيه
خلافا بين أهل العلم، وضعفوا هذا الحديث لان راويه مجهول.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 315، و " تهذيب الكمال " لوحة
890.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 315، و " تهذيب الكمال " لوحة
890.
(*)
(10/566)
قال يعقوب بن شيبة: أنفق العيشي على إخوانه أربع مئة ألف
دينار في الله حتى التجأ إلى بيع سقف بيته (1).
قال إبراهيم نفطويه: قيل: إن العيشي كان يمسك بيمينه شاة،
وبيساره شاة إلى أن تسلخا، ثم قال نفطويه: وكان من سراة
الناس جودا، وحفظا ومحادثة.
قال البغوي: مات في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومئتين (2).
196 - النضر بن عبد الجبار
* (د، س، ق) ابن نضير، الامام القدوة العابد الحافظ، أبو
الأسود المرادي مولاهم البصري الكاتب الشروطي، كاتب الحكم
لقاضي مصر لهيعة بن عيسى بن لهيعة.
روى عن: ابن لهيعة تصانيفه، والليث بن سعد، ونافع بن يزيد،
وبكر بن مضر، ومفضل بن فضالة وعدة.
حدث عنه: أبو عبيد، ويحيى بن معين، وأحمد بن صالح، والربيع
الجيزي، وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن عوف، وأبو حاتم،
ويعقوب الفسوي، والمقدام بن داود، ويحيى بن عثمان السهمي،
وخلق سواهم.
قال يحيى بن معين: شيخ صدق، كان راوية ابن لهيعة (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 316، و " تهذيب الكمال " لوحة
890.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 318.
* التاريخ الكبير 8 / 90، التاريخ الصغير 2 / 343، الجرح
والتعديل 8 / 48، تهذيب الكمال لوحة 1411، تذهيب التهذيب 4
/ 96 / 2، العبر 1 / 378، الكاشف 3 / 204، تهذيب التهذيب
10 / 440، خلاصة تذهيب الكمال: 402، شذرات الذهب 2 / 46.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1412.
(*)
(10/567)
وقال أبو حاتم: شيخ صدوق عابد، شبهته بالقعنبي (1).
وقال النسائي: ليس به بأس (2).
قلت: له أخوان فاضلان: روح، وعبد الله.
وقال أبو سعيد بن يونس: توفي لخمس بقين من ذي الحجة سنة
تسع عشرة ومئتين، وصلى عليه هارون القاضي.
قال: وكان مولده في سنة خمس وأربعين ومئة (3).
خرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
197 - اللاحقي * الامام الثقة
الحافظ، علي بن عثمان، بن عبدالحميد بن لاحق
اللاحقي البصري، من علماء الحديث بالبصرة.
حدث عن: حماد بن سلمة، وداود بن أبي الفرات، وجويرية بن
أسماء، وأبي عوانة، وعبد الواحد بن زياد، وطبقتهم.
حدث عنه: محمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
وأحمد بن علي الابار، وإبراهيم بن فهد الساجي، ومعاذ بن
المثنى، وخلق.
وحدث عنه من الكبار عفان بن مسلم.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 480.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1412.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1412.
* الجرح والتعديل 6 / 196، ميزان الاعتدال 3 / 144، المغني
في الضعفاء 2 / 452.
(*)
(10/568)
قال أبو حاتم: ثقة (1).
وأما ابن خراش فقال: فيه اختلاف.
قلت: يكنى أبا الحسن، مات بالبصرة في سنة ثمان وعشرين
ومئتين.
ومات فيها أبو نصر التمار (2)، وداود بن عمرو الضبي، وحباب
بن حبلة صاحب مالك، وأحمد بن عمران الاخنسي، ويحيى بن
عبدالحميد الحماني (3)، ومحمد بن جعفر الوركاني، ومسدد بن
مسرهد (4).
ومات في رمضان فيها: بشار بن موسى الخفاف (5)، وحاجب بن
الوليد ببغداد، ونعيم بن الهيصم، وعبيد الله العيشي، ومحمد
بن أبي بلال الاشعري، ومحمد بن عمران بن أبي ليلى، وإسحاق
بن بشر الكاهلي، وسلم بن قادم، وإبراهيم بن زياد سبلان،
ومحمد بن حسان السمتي، وأحمد بن محمد بن أيوب، ومحمد بن
مصعب الدعاء العابد، وأبوالجهم العلاء بن موسى الباهلي
(6).
198 - علي بن عثام *
(م) ابن علي، الامام الحافظ القدوة، شيخ الاسلام، أبو
الحسن الكلابي
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 196.
(2) سترد ترجمته قريبا في الصفحة 571.
(3) تقدمت ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 526.
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 591.
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 581.
(6) تقدمت ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 525.
* الجرح والتعديل 6 / 199، تهذيب الكمال لوحة 986، تذهيب
التهذيب 3 / 70، الكاشف 2 / 290، العبر 1 / 403، تهذيب
التهذيب 7 / 363، 364، خلاصة تذهيب
الكمال: 276، شذرات الذهب 2 / 65.
(*)
(10/569)
العامري الكوفي، نزيل نيسابور.
سمع حماد بن زيد، وشريكا القاضي، وعبد السلام بن حرب،
وفضيل بن عياض، وداود الطائي، وابن المبارك، وسفيان بن
عيينة، وأباه عثام بن علي، ومالك بن أنس، وغندرا، وعبد
الله بن إدريس، وعددا كثيرا.
سمع منه: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه.
وحدث عنه: الذهلي، وأيوب بن الحسن، وأحمد بن سعيد الدارمي،
وعلي بن سلمة اللبقي، وسلمة بن شبيب، وأبو حاتم الرازي،
وأبو أحمد الفراء، وخلق سواهم.
وحدث مسلم في " صحيحه " عن رجل عنه.
قال أبو حاتم: ثقة (1).
قال الحاكم في " تاريخه ": أديب فقيه، حافظ زاهد، واحد
عصره، لا يحدث إلا بالجهد، وأكثر ما أخذ عنه الحكايات
والزهديات والتفسير، والجرح والتعديل (2).
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء: ما رأيت في العسرة مثل علي
بن عثام، وكان يقول: الناس لا يؤتون من حلم، يجئ الرجل،
فيسأل، فإذا أخذ، غلط، ويجئ الرجل فيصحف، ويجئ الرجل يأخذ
ليماري، ويجئ الرجل يأخذ ليباهي، وليس علي أن أعلم هؤلاء
إلا من يهتم لامر دينه (3).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 199.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 986.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 986.
(*)
(10/570)
قال: وسمعت عليا وكان من أفصح الناس، يقول: دفت إلينا دافة
(1) من بني هلال، فخرج صبي، فقال: يا أبة، إن فلانا دفعني
في حومة الماء، قلت: يا بني، ما حومة الماء ؟ قال: بعثطه،
قلت: وما بعثطه ؟ قال: مجمة الماء، قلت: وما مجمة الماء ؟
فقال كلمة لم أحفظها.
وقد بعث ابن طاهر (2) إلى علي بن عثام ليحضر مجلسه، فأبى،
فأعفاه، ثم خرج من نيسابور سنة 225، فحج، وذهب إلى طرسوس،
فأقام بها، وبها توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين، رحمه الله.
199 - أبو نصر التمار * (م، س)
عبدالملك بن عبد العزيز بن عبدالملك بن ذكوان بن
يزيد، ويقال: إن جده هو الحارث والد بشر بن الحارث الحافي،
الامام الثقة الزاهد القدوة القشيري مولاهم النسوي الدقيقي
التمار، نزيل بغداد.
مولده عام مقتل أبي مسلم الخراساني (3).
وارتحل في طلب العلم بعد الستين ومئة.
فأخذ عن: جرير بن حازم، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي،
وحماد
__________
(1) الدافة: الجماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد.
انظر " لسان العرب ": دفف.
(2) أي عبد الله بن طاهر بن الحسين.
* طبقات ابن سعد 7 / 340، التاريخ الكبير 5 / 423، الجرح
والتعديل 5 / 358، تاريخ بغداد 10 / 420، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 317، الانساب 3 / 76، المعجم المشتمل: 176،
تهذيب الكمال لوحة 858، تذهيب التهذيب 3 / 5 / 1، ميزان
الاعتدال 2 / 658، الكاشف 2 / 211، اللباب 1 / 222، تهذيب
التهذيب 6 / 406، خلاصة
تذهيب الكمال: 244.
(3) أي في سنة (137) ه.
(*)
(10/571)
ابن سلمة، وأبي الاشهب العطاردي، وأبان بن يزيد، وعقبة بن
عبد الله الرفاعي، والقاسم بن الفضل الحداني، ومالك بن
أنس، وسلام بن مسكين، وعامر بن يساف، وعبد العزيز بن مسلم،
ومحمد بن طلحة بن مصرف، وأبي جزء نصر بن طريف، وأبي هلال
محمد بن سليم، وشريك، وزهير بن معاوية، ومسكين أبي فاطمة،
وحماد بن زيد، وبقية بن الوليد، وعبيدالله بن عمرو، وعدة.
وعنه: مسلم، وأحمد بن منيع، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو
بكر الصغاني، وأحمد بن زهير، وأبو بكر أحمد بن علي
المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن علي القاضي وهو
المروزي، وإسماعيل سمويه، وعثمان بن خرزاذ، وأبو القاسم
البغوي، وابن شبيب المعمري، وخلق سواهم.
وثقه أبو داود والنسائي.
وقال أبو حاتم: ثقة، يعد من الابدال (1).
قال محمد بن سعد: أبو نصر من أبناء خراسان من أهل نسا، ذكر
أنه ولد بعد قتل أبي مسلم الداعية بستة أشهر - قلت: قتل
سنة سبع وثلاثين ومئة - قال: ونزل بغداد في ربض أبي العباس
الطوسي في درب النسائية، وتجربها في التمر وغيره، وكان ثقة
فاضلا خيرا ورعا.
توفي ببغداد في أول المحرم سنة ثمان وعشرين ومئتين، ودفن
بباب حرب وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان بصره قد ذهب (2).
وكذلك أرخه البغوي وغيره.
قال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن
أبي نصر
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 358.
(2) " طبقات ابن سعد " 7 / 340.
(*)
(10/572)
التمار، ولا ابن معين، ولا ممن امتحن، فأجاب (1).
وقال أبو الحسن الميموني: صح عندي أنه - يعني أحمد - لم
يحضر أبا نصر التمار حين مات، فحسبت أن ذلك لما كان أجاب
في المحنة (2).
قلت: أجاب تقية وخوفا من النكال، وهو ثقة بحاله ولله
الحمد.
قال محمد بن محمد بن أبي الورد: قال لي مؤذن بشر بن
الحارث: رأيت بشرا رحمه الله في المنام، فقلت: ما فعل الله
بك ؟ قال: غفر لي.
قلت: فما فعل بأحمد بن حنبل ؟ قال: غفر له.
فقلت: ما فعل بأبي نصر التمار ؟ قال: هيهات، ذاك في عليين،
فقلت: بماذا نال ما لم تنالاه ؟ فقال: بفقره وصبره على
بنياته (3).
ولم يرو مسلم عن أبي نصر سوى حديث واحد وقع لنا موافقة،
أخبرناه العماد بن بدران، ويوسف بن غالية قالا: أخبرنا
موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا أبو
القاسم بن البسري، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا أبو
القاسم البغوي، حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا حماد بن سلمة،
عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قرأ هذه الآية: (يوم يقوم الناس لرب العالمين) [
المطففين: 6 ] قال: " يقومون حتى يبلغ الرشح أطراف آذانهم
" (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 421، و " تهذيب الكمال " لوحة
859.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 421، و " تهذيب الكمال " لوحة
859.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 422، 423، و " تهذيب الكمال "
لوحة 859.
(4) أخرجه مسلم (2862) في الجنة وصفة نعيمها: باب في صفة
القيامة، وأخرجه البخاري 11 / 340 في الرقاق، من طريق
إسماعيل بن أبان، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا ابن عون، عن
نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه
وسلم [ يوم يقوم الناس لرب العالمين ] قال: " يقوم أحدهم
في رشحه إلى أنصاف أذنيه " وهو في " سنن = (*)
(10/573)
وبه: حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن
الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك "
(1).
وقد ألف البغوي جزأين مما عنده عن أبي نصر التمار.
200 - أبو المغيث الرافقي *
موسى بن سابق، أو عيسى بن سابق، نائب دمشق للمعتصم
والواثق خرجت عليه قيس بكونه صلب منهم خمسة عشر، فثاروا،
وأخذوا خيل السلطان، وعسكروا بالمرج، فالتقى الجمعان، وقتل
خلق من الجند، وأسر أمير، ثم استفحل أمرهم، ونازلوا دمشق
وبها أبو المغيث، واشتد الحصار.
ومات المعتصم والامر على ذلك (2).
201 - الوكيعي * * الامام
الحافظ البارع، أبو عبد الرحمن، أحمد بن جعفر
الكوفي الوكيعي الضرير.
__________
= الترمذي " رقم (2422) و (3335) والمسند 2 / 13 و 19 و 64
و 70 و 105 و 112 و 125 و 126، وابن ماجه (4278).
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البزار برقم (913) من طريق عبد
الواحد بن غياث، عن عبد العزيز بن مسلم بهذا الاسناد،
وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 93، وزاد نسبته إلى
الطبراني في " الكبير "، وقال: رجاله ثقات.
وشوص السواك: غسالته، وقيل: ما يتفتت منه عند التسوك.
* انظر الكامل لابن الاثير 6 / 528، 529.
(2) انظر " الكامل " لابن الاثير 6 / 528، 529.
* * تاريخ بغداد 4 / 58، 59، اللباب 3 / 371، النجوم
الزاهرة 2 / 210.
(*)
(10/574)
حدث عن: حفص بن غياث، وأبي معاوية الضرير، وأبي بكر بن
عياش، وعدة.
وكان أبو نعيم يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من الوكيعي (1).
حدث عنه: أحمد بن القاسم الانماطي، وإبراهيم الحربي
وغيرهما ومات قبل محل الرواية.
قال إبراهيم الحربي: كان يحفظ مئة ألف حديث، ما أحسبه سمع
حديثا قط إلا حفظه (2).
وقال الحربي: قال أحمد بن حنبل لاحمد بن جعفر الوكيعي: يا
أبا عبدالرحمن: حدثنا يحيى، عن ثور، عن حبيب بن عبيد، عن
المقدام قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب
أحدكم أخاه، فليعلمه " (3).
قال أبو داود: كان الوكيعي يحفظ العلم على الوجه (4).
وذكره الدارقطني فقال: ثقة وابنه محمد ثقة (5).
وقال إبراهيم الحربي: مات أبو عبد الرحمن الوكيعي سنة خمس
عشرة ومئتين (6).
وسيأتي أحمد بن عمر الوكيعي المتوفى سنة 235 (7).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 59.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 59.
(3) وأخرجه أبو داود (5124) في الادب، والترمذي (2393) في
الزهد، والحاكم 4 / 171 من طريقين عن يحيى بن سعيد القطان
بهذا الاسناد، وهو صحيح، وصححه ابن حبان (2514).
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 59.
(5) " تاريخ بغداد " 4 / 59.
(6) " تاريخ بغداد " 4 / 59.
(7) في الجزء الحادي عشر، ص 36.
(*)
(10/575)
202 - أحمد بن إشكاب
* (خ) الحافظ أبو عبد الله الحضرمي الكوفي الصفار (1) نزيل
مصر، يقال: أحمد بن معمر بن إشكاب، وقيل: ابن عبيد الله بن
إشكاب.
روى عن: شريك، وعبد السلام بن حرب، وعلي بن عابس
والكوفيين.
وعنه: البخاري، وإسحاق بن حسن الطحان المصري، وعباس
الدوري، وبكر بن سهل، والفسوي، وأبو حاتم، وخلق.
قال أبو زرعة: صاحب حديث أدركته (2).
وقال أبو حاتم: ثقة مأمون (3).
وقال عباس: كتب عنه يحيى بن معين كثيرا (4).
مات نحو سنة ثمان عشرة ومئتين.
203 - خلف بن هشام *
(م، د) ابن ثعلب، وقيل: طالب بن غراب، الامام الحافظ
الحجة، شيخ
__________
* التاريخ الكبير 2 / 4، التاريخ الصغير 2 / 339، الجرح
والتعديل 2 / 77، تهذيب الكمال لوحة 17، تذهيب التهذيب 1 /
7 / 2، الوافي بالوفيات 6 / 256، تهذيب التهذيب
1 / 16، حسن المحاضرة 1 / 287، خلاصة تذهيب الكمال: 4.
(1) نسبة لمن يبيع الاواني الصفرية، أي المصنوعة من الصفر
وهو النحاس.
" الانساب " 8 / 74.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 77، و " تهذيب الكمال " لوحة
17.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 77.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 17.
* * طبقات ابن سعد 7 / 348، التاريخ الكبير 3 / 196،
التاريخ الصغير 2 / 358، = (*)
(10/576)
الاسلام، أبو محمد البغدادي البزار، المقرئ.
مولده سنة خمسين ومئة.
وسمع مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وأبا عوانة، وأبا شهاب
الحناط عبد ربه، وشريكا القاضي، وحماد بن يحيى الابح، وأبا
الاحوص، وعدة.
وتلا على سليم، وعلى أبي يوسف الاعشى، وغيرهما، وحمل
الحروف عن يحيى بن آدم، وإسحاق المسيبي، وطائفة، وتصدر
للاقراء والرواية.
روى عنه القراءة عرضا: أحمد بن يزيد الحلواني، وسلمة بن
عاصم، ومحمد بن الجهم السمري (1)، وأحمد بن أبي خيثمة،
ومحمد بن يحيى الكسائي، وأحمد بن إبراهيم الوراق، وإدريس
الحداد، وآخرون.
وحدث عنه: مسلم في " صحيحه "، وأبو داود في " سننه " وأبو
زرعة، وأبو حاتم، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأبو
القاسم البغوي، ومحمد بن إبراهيم بن أبان السراج، وابنه
محمد بن خلف، وعدد
كثير.
وله اختيار في الحروف صحيح ثابت ليس بشاذ أصلا، ولا يكاد
يخرج
__________
= الجرح والتعديل 3 / 372، تاريخ بغداد 8 / 322 - 328،
الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 125، المعجم المشتمل: 115،
تهذيب الكمال لوحة 380، تذهيب التهذيب 1 / 199 / 2، معرفة
القراء الكبار 1 / 171، 172، العبر 1 / 404، دول الاسلام 1
/ 138، الكاشف 1 / 282، غاية النهاية 1 / 273 - 275، تهذيب
التهذيب 3 / 156، خلاصة تذهيب الكمال: 106، شذرات الذهب 2
/ 67.
(1) نسبة إلى سمر: بلد من أعمال كسكر بين واسط والبصرة.
(*)
(10/577)
فيه عن القراءات السبع، وأخذ عنه خلق لا يحصون.
قال حمدان بن هانئ المقرئ: سمعته يقول: أشكل علي باب من
النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته.
قال أبو الحسن عبدالملك الميموني: قال رجل لابي عبد الله:
ذهبت إلى خلف البزار أعظه، بلغني أنه حدث بحديث عن الاحوص
عن عبد الله قال: " ما خلق الله شيئا أعظم.
" وذكر الحديث، فقال أبو عبد الله: ما كان ينبغي له أن
يحدث بهذا في هذه الايام - يريد زمن المحنة - والمتن: " ما
خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي " (1) وقد
قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إن
الخلق واقع ها هنا على السماء والارض وهذه الاشياء، لا على
القرآن.
قلت: كذا ينبغي للمحدث أن لا يشهر الاحاديث التي يتشبث
بظاهرها أعداء السنن من الجهمية،...، وأهل الاهواء،
والاحاديث التي فيها صفات لم تثبت، فإنك لن تحدث قوما
بحديث لا تبلغه عقولهم، إلا كان فتنة
لبعضهم (2)، فلا تكتم العلم الذي هو علم، ولا تبذله للجهلة
الذين يشغبون عليك، أو الذين يفهمون منه ما يضرهم.
وخلف قال فيه يحيى بن معين والنسائي وغيرهما: ثقة (3).
وقال الدارقطني: كان عابدا فاضلا (4).
__________
(1) أورده السيوطي في " الدر المنثور " 1 / 323، ونسبه إلى
أبي عبيد وابن الضريس ومحمد بن نصر عن ابن مسعود.
(2) اقتباس من كلام ابن مسعود أخرجه عنه مسلم في " صحيحه "
1 / 11 في المقدمة.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 326، 327، و " تهذيب الكمال "
لوحة 380.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 327، و " تهذيب الكمال " لوحة
380.
(*)
(10/578)
وقال: أعدت الصلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على
مذهب الكوفيين (1).
قال الحسين بن فهم: ما رأيت أنبل من خلف بن هشام، كان يبدأ
بأهل القرآن، ثم يأذن لاصحاب الحديث، وكان يقرأ علينا من
حديث أبي عوانة خمسين حديثا (2).
وقد روى عن خلف أنه كان يسرد الصوم، ولعله ما بلغه النهي
عن ذلك، أو تأول الحديث.
أنبأنا المؤمل بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا أبو اليمن
الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب،
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا عثمان بن محمد، حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الانماطي، حدثنا أحمد بن
إبراهيم وراق خلف بن هشام أنه سمع خلفا يقول: قدمت الكوفة،
فصرت إلى سليم بن عيسى، فقال لي: ما أقدمك ؟
قلت: أقرأ على أبي بكر بن عياش، فقال: لا تريده، قلت: بلى،
فدعا ابنه وكتب معه إلى أبي بكر، لم أدر ما كتب، فأتينا
منزل أبي بكر.
قال ابن أبي حسان: وكان لخلف تسع عشرة سنة، فلما قرأ
الورقة، قال: أدخل الرجل، فدخلت وسلمت، فصعد في النظر، ثم
قال: أنت خلف ؟ قلت: نعم، قال: أنت لم تخلف ببغداد أحدا
أقرا منك ؟ فسكت، فقال لي: اقعد، هات اقرأ، قلت: أعليك ؟
قال: نعم، قلت: لا والله، لا أقرأ على رجل يستصغر رجلا من
حملة القرآن، ثم خرجت، فوجه إلى سليم يسأله أن يردني
فأبيت، ثم إني ندمت واحتجت، فكتبت قراءة عاصم عن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 327، و " تهذيب الكمال " لوحة
380.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 325، و " تهذيب الكمال " لوحة
380.
(*)
(10/579)
يحيى بن آدم عن أبي بكر (1).
قال النقاش: قال يحيى الفحام: رأيت خلف بن هشام في النوم،
فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي (2).
توفي خلف في سابع شهر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين ومئتين،
وقد شارف الثمانين.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا
هبة الله بن حسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى
بن علي، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا خلف بن هشام
البزار، حدثنا أبو شهاب، عن عاصم الاحول، عن أبي عثمان، عن
أبي موسى رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه
وسلم في بستان، فجاء أبو بكر وعمر وعثمان فقرعوا الباب،
فقال لي: " قم فافتح لهم وبشرهم بالجنة "، غير أنه خص
عثمان بشئ دون
صاحبيه (3).
ومات في العام معه أبو نعيم ضرار بن صرد، وحسين بن عبد
الاول، ويزيد بن مهران الخباز الكوفي، وأبو ياسر عمار بن
نصر، وعبيد بن يعيش الكوفي، ومليح بن وكيع بن الجراح،
وعباد بن موسى الختلي، ومحمد بن معاوية النيسابوري بمكة،
ونعيم بن حماد الخزاعي، وعمرو بن خالد الحراني بمصر، وثابت
بن موسى الزاهد أبو زيد، ومؤمل بن الفضل الحراني.
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 8 / 322، 323.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 327.
(3) إسناده صحيح، وهو من حديث أبي موسى في البخاري 7 / 30،
31، و 43 و 44 في فضائل الصحابة، و 10 / 492 في الادب، و
13 / 42 في الفتن، ومسلم (2403) في فضائل الصحابة،
والترمذي (3710).
(*)
(10/580)
204 - بشار بن موسى * المحدث الكبير،
أبو عثمان العجلي، وقيل: الشيباني البصري الخفاف نزيل
بغداد.
له عن: شريك، وأبي عوانة، ويزيد بن زريع، وعبيدالله بن
عمرو، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، وصالح جزرة، والحسن
بن علويه، والبغوي، وآخرون.
اختلف في توثيقه.
ضعفه أبو زرعة (1).
وقال أحمد: يكتب حديثه، وكان حسن الرأي فيه (2).
وقال ابن معين والنسائي: ليس بثقة (3).
وقال أبو داود: أنا لا أحدث عنه (4).
وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، وأرجو أنه لا بأس به.
قال: وبلغني أن ابن المديني كان حسن الرأي فيه (5).
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 352، التاريخ الكبير 2 / 130، الضعفاء
والمتروكين للنسائي: 24، الجرح والتعديل 2 / 417، الكامل
لابن عدي 1 / 71، تاريخ بغداد 7 / 118 - 123، تهذيب الكمال
لوحة 146، 147، تذهيب التهذيب 1 / 82 / 2، ميزان الاعتدال
1 / 310، 311، المغني في الضعفاء 1 / 104، تهذيب التهذيب 1
/ 441، خلاصة تذهيب الكمال: 47، 48.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 417.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 122، و " تهذيب الكمال " لوحة
147.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 417، و " تاريخ بغداد " 7 /
121، و 122.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 122، و " تهذيب الكمال " لوحة
147.
(5) " الكامل " لابن عدي 1 / لوحة 71 و 72.
(*)
(10/581)
وقال البخاري: تركته (1).
وقال ابن المديني: ما كان ببغداد أصلب في السنة منه (2).
وقال ابن الغلابي: قال ابن معين: دجال (3).
وعن بشار قال: نعم الموعد غدا نلتقي أنا وابن معين (4).
قيل: توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين.
205 - أبو بلال الاشعري
*
الامام المحدث، أحد علماء الكوفة.
حدث عن: مالك بن أنس، وأبي بكر النهشلي، والقاسم بن معن،
وعاصم بن محمد العمري، وقيس بن الربيع، ويحيى بن العلاء،
وشريك القاضي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو حازم أحمد بن أبي غرزة، وبشر بن موسى، وأحمد
ابن يوسف التغلبي، ومحمد بن عبدك القزاز، وأبو بكر بن أبي
الدنيا، وأحمد بن محمد بن حميد البغدادي، وأبو جعفر مطين،
ومحمد بن عثمان ابن أبي شيبة، وخلق كثير.
لينه الدارقطني.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 147.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 119، و " تهذيب الكمال " لوحة
147.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 121، و " تهذيب الكمال " لوحة
147.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 121، 122، و " تهذيب الكمال "
لوحة 147.
* الجرح والتعديل 9 / 350، ميزان الاعتدال 4 / 507، المغني
في الضعفاء 2 / 775، لسان الميزان 6 / 14 و 7 / 22.
(*)
(10/582)
وقال أبو حاتم: سألته عن اسمه، فقال: هو كنيتي (1).
وقال أبو أحمد الحاكم: أبو بلال اسمه مرداس بن محمد بن
الحارث ابن عبد الله بن أبي بردة [ بن ] صاحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أبي موسى الاشعري، ويقال: اسمه محمد بن
محمد، وقيل: اسمه عبد الله، وقوله هو أصح، وأظنه مات قبل
الثلاثين ومئتين، وكان من أبناء التسعين.
206 - سعيد بن كثير بن عفير
* (خ، م، س)
ابن مسلم بن يزيد، الامام الحافظ العلامة الاخباري الثقة
أبو عثمان المصري.
مولده سنة ست وأربعين ومئة.
وهو من موالي الانصار.
سمع مالكا، والليث، ويحيى بن أيوب، وسليمان بن بلال، وعبد
الله بن لهيعة، ويعقوب بن عبدالرحمن، وعدة.
حدث عنه: البخاري، وابن معين، وعبد الله بن حماد الآملي،
ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن حماد زغبة، وأبو الزنباع
روح بن الفرج، وأحمد بن محمد الرشديني، وآخرون.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 350.
* التاريخ الكبير 3 / 309، الجرح والتعديل 4 / 56، الكامل
لابن عدي لوحة 365، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 168،
المعجم المشتمل: 129، تهذيب الكمال لوحة 504، تذهيب
التهذيب 2 / 27 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 427، ميزان الاعتدال
2 / 155، العبر 1 / 396، الكاشف 1 / 371، تهذيب التهذيب 4
/ 74، مقدمة فتح الباري: 404، حسن المحاضرة 1 / 308، طبقات
الحفاظ: 184، خلاصة تذهيب الكمال: 142، شذرات الذهب 2 /
58.
(*)
(10/583)
وأخرج له مسلم، والنسائي بواسطة، وكان ثقة إماما من بحور
العلم.
قال ابن عدي: هو عند الناس ثقة، ثم ساق قول أبي إسحاق
السعدي الجوزجاني في سعيد بن عفير: فيه غير لون من البدع،
وكان مخلطا غير ثقة.
فهذا من مجازفات السعدي.
قال ابن عدي: هذا الذي قاله السعدي لا معنى له، ولم أسمع
أحدا، ولا بلغني عن أحد كلام في سعيد بن عفير، وقد حدث عنه
الائمة، إلا أن يكون السعدي أراد به سعيد بن عفير آخر (1).
وقال أبو حاتم: كان يقرأ من كتب الناس، وهو صدوق (2).
وقال يحيى بن معين: رأيت بمصر ثلاث عجائب: النيل،
والاهرام، وسعيد بن عفير.
قلت: حسبك أن يحيى إمام المحدثين انبهر لابن عفير.
وقال أبو سعيد بن يونس: كان سعيد من أعلم الناس بالانساب،
والاخبار الماضية، وأيام العرب والتواريخ، كان في ذلك كله
شيئا عجيبا، وكان مع ذلك أديبا فصيحا، حسن البيان، حاضر
الحجة، لا تمل مجالسته، ولا ينزف علمه.
قال: وكان شاعرا مليح الشعر، وكان عبد الله ابن طاهر
الامير لما قدم مصر رآه، فأعجب به، واستحسن ما يأتي به،
وكان يلي نقابة الانصار والقسم عليهم، وله أخبار مشهورة.
ثم ذكر مولده (3)، ثم قال: وحدثني محمد بن موسى الحضرمي،
حدثنا علي بن عبدالرحمن،
__________
(1) " الكامل " لابن عدي 2 / لوحة 365.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 56.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 505.
(*)
(10/584)
حدثنا سعيد بن كثير بن عفير قال: كنا بقبة الهواء عند
المأمون فقال لنا: ما أعجب فرعون من مصر حيث يقول: (أليس
لي ملك مصر) [ الزخرف: 51 ] فقلت: يا أمير المؤمنين، إن
الذي ترى بقية ما دمر.
قال تعالى: (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا
يعرشون) [ الاعراف: 137 ].
قال: صدقت.
ثم أمسك.
وقال ابن يونس في مكان آخر من " تاريخه ": هذا حديث أنكر
على سعيد بن عفير، فما رواه عن ابن لهيعة غيره (1).
قال: وكذا أنكر عليه حديث آخر رواه عن ابن لهيعة.
قلت: من كان في سعة علم سعيد، فلا غرو أن ينفرد، ثم ابن
لهيعة
__________
(1) لم يذكر المؤلف نص الحديث الذي أنكر على سعيد بن عفير.
وجاء في " كامل " ابن عدي 2 / لوحة 365 من طريق عبيد الله
بن سعيد بن كثير بن عفير، حدثني أبي، حدثني مالك، عن عمه
أبي سهيل بن مالك، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، أن
رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أي المؤمنين أفضل ؟
قال: " أحسنهم خلقا " قال: فأي المؤمنين أكيس ؟ قال: "
أكثرهم ذكرا للموت، وأحسنهم له استعدادا " قال ابن عدي:
فهذا لا أعرفه يرويه عن مالك إلا ابن عفير عنه، ولا عن ابن
عفير إلا ابنه.
ثم قال ابن عدي: حدثنا يعقوب بن إسحاق أبو عوانة
الاسفراييني، حدثنا عبيدالله بن سعيد بن كثير بن عفير،
حدثني أبي، حدثني مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد، عن أبيه،
عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل في قميص.
قال ابن عدي: هذا في " الموطأ " عن جعفر، عن أبيه، أن
النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يذكر في إسناده عائشة، ولم أجد له بعد استقصائي على
حديثه شيئا مما ينكر عليه سوى هذين الحديثين، فلعل البلاء
من عبيد الله، لاني رأيت سعيد بن عفير عن كل من يروي عنهم
إذا روى عنه ثقة مستقيم الحديث.
ونقل المؤلف كلام ابن عدي في " الميزان " 2 / 155 بتصرف،
ثم قال: بلى لسعيد حديث منكر من رواية عبد الله بن حماد
الآملي، عن سعيد بن عفير، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله
بن عمر، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا في عدم وجوب العمرة
سقته في ترجمة يحيى، فإن سعيدا أوثق منه.
ونصه في ترجمة يحيى 4 / 363: عن جابر قال: قلت: يا رسول
الله، العمرة واجبة وفريضتها كفريضة الحج ؟ قال: " لا، وأن
تعتمر خير لك " وعلق عليه، فقال: هذا غريب عجيب تفرد به
سعيدا هكذا عن يحيى بن أيوب.
(*)
(10/585)
ضعيف الحديث، فالنكارة منه جاءت.
مات سعيد لسبع بقين من رمضان سنة ست وعشرين ومئتين.
207 - سعيد بن منصور *
(ع) ابن شعبة، الحافظ الامام، شيخ الحرم، أبو عثمان
الخراساني المروزي، ويقال: الطالقاني، ثم البلخي، ثم المكي
المجاور مؤلف كتاب " السنن ".
سمع بخراسان والحجاز والعراق ومصر والشام والجزيرة وغير
ذلك من مالك بن أنس، والليث بن سعد، وفليح بن سليمان، وأبي
معشر السندي، وعبيد الله بن إياد بن لقيط، وأبي عوانة
الوضاح، والوليد بن أبي ثور، وفرج بن فضالة، وهشيم، وحماد
بن زيد، وحزم بن أبي حزم، وأبي الاحوص، وخالد بن عبد الله،
وإسماعيل بن عياش، وخلف بن خليفة، وفضيل بن عياض، ومهدي بن
ميمون، وحديج بن معاوية، وعبد الله بن جعفر المديني،
وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبدالحميد، ويحيى ابن أبي
زائدة، وأبي شهاب الحناط، وشريك القاضي، وإسماعيل بن
زكريا، وحماد بن يحيى الابح، وعتاب بن بشير، وعبد العزيز
بن محمد، وأبي معاوية، وداود العطار، وعبد العزيز بن أبي
حازم، وخلق سواهم.
__________
* طبقات ابن سعد 5 / 502، التاريخ الكبير 3 / 516، التاريخ
الصغير 2 / 358، الجرح والتعديل 4 / 68، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 170، المعجم المشتمل: 129، تهذيب الكمال لوحة
508، تذهيب التهذيب 2 / 29 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 416،
ميزان الاعتدال 2 / 159، العبر 1 / 399، الكاشف 1 / 373،
العقد الثمين 4 / 586، 587، تهذيب التهذيب 4 / 89، طبقات
الحفاظ: 179، خلاصة تذهيب الكمال 143،
شذرات الذهب 2 / 62، الرسالة المستطرفة: 34.
(*)
(10/586)
وكان ثقة صادقا من أوعية العلم.
روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبو ثور الكلبي، وأبو محمد
الدارمي، وسلمة بن شبيب، وأبو بكر الاثرم، وأبو داود،
ومسلم، وإسماعيل سمويه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وبشر بن
موسى، ومحمد بن علي الصائغ، وأبو شعيب عبد الله بن الحسن
الحراني، وبهلول بن إسحاق الانباري، وأبو زرعة الدمشقي،
وأبو حاتم الرازي، وعثمان بن خرزاذ، وأبو الموجه محمد بن
عمرو المروزي، والعباس الاسفاطي، وعلي بن عبد العزيز
البغوي، والحسين بن إسحاق التستري، وخلف بن عمرو العكبري،
وسعيد بن مسعدة العطار، وعمير بن مرداس، وخلق سواهم.
قال سلمة بن شبيب: ذكرت سعيد بن منصور لاحمد بن حنبل،
فأحسن الثناء عليه، وفخم أمره (1).
وقال أبو حاتم الرازي: هو ثقة من المتقنين الاثبات ممن جمع
وصنف (2).
وقال حرب الكرماني: أملى علينا سعيد بن منصور نحوا من عشرة
آلاف حديث من حفظه (3).
قلت: كان من أبناء ثمانين سنة أو أزيد، وتوفي بمكة في شهر
رمضان سنة سبع وعشرين ومئتين، وقد كان محمد بن عبدالرحيم
صاعقة الحافظ إذا حدث عن سعيد، أثنى عليه، وأطراه، فكان
يقول: حدثنا سعيد بن منصور، وكان ثبتا (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(*)
(10/587)
أخبرنا شيخ الاسلام شمس الدين عبدالرحمن بن محمد المقدسي
في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد المعلم، أخبرنا هبة الله بن
محمد الشيباني، أخبرنا أبو طالب بن غيلان، أخبرنا أبو بكر
محمد بن عبد الله البزاز، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا سعيد
بن منصور، حدثنا سفيان، عن ابن أبي خالد، عن حكيم بن جابر،
عن أبيه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا
هو يأكل طعاما فيه دباء، فقلت: ما هذ يا رسول الله ؟ قال:
" نكثر به طعامنا ".
أخرجه النسائي والقزويني (1) من غير وجه، عن إسماعيل بن
أبي خالد، عن حكيم، عن أبيه جابر بن حكيم، أو ابن طارق
الاحمسي، وإسناده صالح.
وأخبرنا المقرئ المجود محمد بن جوهر التلعفري (2)، وعبد
الله بن محمد الاديب قالا: أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا
أبو جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي سنة إحدى وتسعين وخمس
مئة بقراءتي (ح) وأنبأني أحمد بن سلامة، عن أبي جعفر هذا،
أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو
أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الانماطي بعسكر، حدثنا أحمد بن
سهل هو ابن أيوب الاهوازي، حدثنا سعيد بن منصور، عن حفص بن
ميسرة، عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول ابن آدم:
مالي مالي، وإنما له ما
__________
(1) هو في " سننه " (3304)، وأخرجه الترمذي في " الشمائل "
1 / 254، وقال البوصيري في " الزوائد " ورقة 253: وإسناده
صحيح.
(2) قال في " الانساب " 3 / 69: بفتح التاء المنقوطة
باثنتين واللام، وسكون العين المهملة، وفتح الفاء، وفي
آخرها الراء، هذه النسبة إلى موضع بنواحي الموصل دخلتها في
رحلتي إلى الشام، وبت بها ليلة، وظني أنها كانت التل
الاعفر، فخففوها وقالوا: تلعفر، (*)
(10/588)
أكل فأفني، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأمضى ".
أخرجه مسلم (1) عن سويد بن سعيد، عن حفص، فوقع بدلا عاليا
ولله الحمد.
وبه إلى أبي نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا
بهلول ابن إسحاق الانباري، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا
يعقوب بن عبد الرحمن، وعبد العزيز، عن أبي حازم، عن
عبيدالله بن مقسم، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " يأخذ الله سماواته وأرضيه بيمينه، ثم يقول:
أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها: أنا الرحمن، أنا الملك "
حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شئ منه حتى إني لاقول:
أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم (2) عن سعيد، فوافقناه بعلو.
وقد روى كتاب " السنن " عن سعيد محدث هراة أحمد بن نجدة بن
العريان.
وقال حنبل بن إسحاق: قال أبو عبد الله: كان سعيد من أهل
الفضل والصدق (3).
قال أبو زرعة الدمشقي: أخبرني أحمد بن صالح ودحيم أنهما
حضرا يحيى بن حسان مقدما لسعيد بن منصور يرى له حفظه.
وكان حافظا (4).
__________
(1) برقم (2959) في أول الزهد والرقائق.
(2) رقم (2788) (25) في صفات المنافقين: باب صفة القيامة
والجنة والنار، وأخرجه من حديث ابن عمر البخاري 13 / 334
في التوحيد: باب قول الله تعالى (لما خلقت بيدي) وأبو داود
(4732) وابن ماجه (198).
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(*)
(10/589)
وقال أبو عبد الله الحاكم: سكن سعيد مكة مجاورا، فنسب
إليها، وهو راوية سفيان بن عيينة، وأحد أئمة الحديث، له
مصنفات كثيرة، متفق على إخراجه في " الصحيحين " (1).
قلت: أما في " صحيح " البخاري، فروى عن يحيى بن موسى خت
البلخي عنه.
وقال حرب بن إسماعيل: صنف الكتب، وكان موسعا عليه (2).
وقال يعقوب الفسوي: كان إذا رأى في كتابه خطأ، لم يرجع
عنه.
قلت: أين هذا من قرينه يحيى بن يحيى الخراساني الامام الذي
كان إذا شك في حرف، أو تردد، ترك الحديث كله ولم يروه.
قال ابن سعد، وأبو داود، وحاتم بن الليث وجماعة: مات بمكة
سنة سبع وعشرين.
زاد أبو سعيد بن يونس فقال: في رمضان.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سنة ست.
والاول الصحيح.
وصحف موسى بن هارون فقال: في سنة تسع وعشرين ومئتين.
أنبؤونا عن محمد بن أحمد الصيدلاني وجماعة قالوا: أخبرتنا
فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني،
حدثنا محمد بن علي الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو
معاوية، عن الاعمش، عن شقيق قال: قال عبد الله: من هاجر
يبتغي شيئا، فهو له.
قال: هاجر
رجل ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس، فكان يقال له: مهاجر
أم قيس.
إسناده صحيح (3).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 508.
(3) وأورده الحافظ في " الفتح " 1 / 8 عن سعيد بن منصور
وقال: ورواه الطبراني من = (*)
(10/590)
208 - مسدد بن مسرهد
* (خ، د، ت، س) ابن مسربل، الامام الحافظ الحجة أبو الحسن
الاسدي البصري، أحد أعلام الحديث.
ولد في حدود الخمسين ومئة.
وحدث عن: جويرية بن أسماء، ومهدي بن ميمون، وحماد بن زيد،
وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وأبي عوانة، وأبي الاحوص،
والحارث بن عبيد، وخالد بن عبد الله، وهشيم، وعبد الوارث،
وسلام بن أبي مطيع، وعبد العزيز بن المختار، ويزيد بن
زريع، وملازم بن عمرو، ومحمد بن جابر السحيمي، ومعتمر،
ومرحوم، وابن عيينة، وفضيل بن عياض، ويحيى القطان، وعيسى
بن يونس، ووكيع، وأبيه الجراح، وعدد كثير.
وكان من الائمة الاثبات.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، ومحمد بن يحيى، وولده يحيى،
وأبو زرعة، وأبو حاتم، ويعقوب الفسوي، ويعقوب السدوسي،
ومعاذ بن المثنى، وأبو إسحاق الجوزجاني، وإسماعيل القاضي،
وأخوه
__________
= طريق أخرى عن الاعمش بلفظ: كان فينا رجل خطب امرأة يقال
لها: أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجها،
فكنا نسميه مهاجر أم قيس.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
* طبقات ابن سعد 7 / 307، التاريخ الكبير 8 / 72، 73،
التاريخ الصغير 2 / 357، الجرح والتعديل 8 / 438، الاكمال
7 / 249، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 522، طبقات الحنابلة
1 / 341 - 345، المعجم المشتمل: 289، تهذيب الكمال لوحة
1319، تذهيب التهذيب 4 / 32 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 421،
العبر 1 / 404، دول الاسلام 1 / 138، الكاشف 3 / 136، تاج
العروس 2 / 376، تهذيب التهذيب 10 / 107، طبقات الحفاظ:
181، خلاصة تذهيب الكمال: 396، شذرات الذهب 2 / 66،
الرسالة المستطرفة: 62، كشف الظنون: 1648، هدية العارفين 2
/ 428.
(*)
(10/591)
حماد بن إسحاق، وابن عمه يوسف القاضي، وأبو خليفة الجمحي،
وخلق سواهم.
ووقع لي جزء من " مسنده ".
روى يحيى بن معين، عن يحيى بن سعيد القطان قال: لو أتيت
مسددا فحدثته في بيته لكان يستأهل (1).
قال أحمد بن حنبل: مسدد صدوق، فما كتبت عنه فلا تعد (2).
وقال أبو الحسن الميموني: سألت أبا عبد الله الكتاب لي إلى
مسدد، فكتب لي إليه.
وقال: نعم الشيخ عافاه الله (3).
وقال محمد بن هارون الفلاس: سألت يحيى بن معين عن مسدد،
فقال: صدوق (4).
وقال جعفر بن أبي عثمان: قلت لابن معين: عمن أكتب بالبصرة
؟ قال: اكتب عن مسدد فإنه ثقة ثقة (5).
وقال النسائي: ثقة (6).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن
__________
(1) في الاصل: " يتساهل " وهو تحريف، والتصويب من " تذهيب
" المؤلف 4 / لوحة 32 / 2، و " تهذيب الكمال " لوحة 1319.
و " الجرح والتعديل " 8 / 438، و " التاريخ الكبير " 8 /
73.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 438، و " تهذيب الكمال " لوحة
1319 - وقوله: فلا تعد: أي: فلا تتجاوزه.
وفي " الجرح والتعديل ": فلا تعده علي.
(3) انظر طبقات الحنابلة 1 / 341 وما بعدها.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 438.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1319.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 1319.
(*)
(10/592)
مستورد الاسدي بصري ثقة، كان يملي علي حتى أضجر، فيقول لي:
يا أبا الحسن، اكتب هذا الحديث، فيملي علي بعد ضجري خمسين
ستين حديثا، فأتيته في رحلتي الثانية، فأصبت عليه زحاما
كثيرا، فقلت: قد أخذت بحظي منك، وكان أبو نعيم يسألني عن
اسمه واسم أبيه، فأخبره، فيقول: يا أحمد، هذه رقية العقرب
(1).
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: كان ثقة (2).
وقال أبو عمرو بن حكيم: قال أبو حاتم الرازي في حديث مسدد،
عن يحيى بن سعيد، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر: كأنها
الدنانير.
ثم قال: كأنك تسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم (3).
قال البخاري (4): مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مرعبل مات سنة
ثمان وعشرين ومئتين.
وكذا ورخه ابن سعد وجماعة (5)، وما عينوا شهرا.
روى له الجماعة سوى مسلم وابن ماجة.
أخبرنا أبو القاسم عبدالرحمن بن عبد الحليم المالكي،
أخبرنا علي
ابن مختار، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أحمد بن علي
الصوفي، أخبرنا علي بن أحمد بن داود، حدثنا أبو بكر
النجاد، حدثنا أبو داود قراءة عليه، حدثنا مسدد، حدثنا
يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثنا قتادة، سمعت جابر بن زيد
يحدث عن ابن عباس - رفعه شعبة - قال: " يقطع
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1319.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 438.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1319.
(4) في " التاريخ الكبير " 8 / 72.
(5) " طبقات ابن سعد " 7 / 307، و " تهذيب الكمال " لوحة
1319.
(*)
(10/593)
الصلاة المرأة الحائض والكلب ".
قال أبو داود: ورواه ابن أبي عروبة، وهمام، وهشام بن قتادة
أوقفوه على ابن عباس.
قلت: أخرجه هكذا أبو داود في " سننه " (1)، والنسائي
والقزويني جميعا من طريق يحيى القطان.
ووقفه أشبه.
أخبرنا بلال المغيثي، أخبرنا ابن رواج، أخبرنا السلفي،
أخبرنا ثابت بن بندار، أخبرنا الحسين بن جعفر السلماسي
(2)، أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر، أخبرنا منصور بن
عبد الله الخالدي، حدثنا إبراهيم بن مسدد، بن مسرهد، بن
مسربل، بن مغربل، بن مرعبل، بن أرندل، بن سرندل، بن غرندل،
بن ماسك بن المستورد الاسدي، حدثني أبي مسدد، حدثنا عيسى
بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها (3).
هذا سياق عجيب منكر في نسب مسدد، أظنه مفتعلا، ومنصور ليس
بمعتمد.
ولمسدد " مسند " في مجلد رواه عنه معاذ بن المثنى، و "
مسند " آخر صغير يرويه عنه أبو خليفة (4).
__________
(1) " رقم (703)، والنسائي 2 / 64، وابن ماجه (949) وقد
تقدم الكلام عليه في الصفحة (252) تعليق رقم (2).
(2) نسبة إلى سلماس من بلاد أذربيجان على مرحلة من خوى
انظر " الانساب " 7 / 107 وفيه ترجمة الحسين بن جعفر هذا.
(3) وأخرجه البخاري 5 / 154 في الهبة: باب المكافأة في
الهبة من طريق مسدد بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 6 / 90،
وأبو داود (3536).
والترمذي (1953) من طريق عن عيسى بن يونس، عن هشام بن عروة
به.
(4) هو الفضل بن الحباب الجمحي.
(*)
(10/594)
وما زاد البخاري في " تاريخه " على ذكر مرعبل بعد ذكر جده
مسربل، وكذا مسلم في " الكنى ".
لكن قال: مغربل بدل مرعبل.
وقال أبو نصر الكلاباذي في " الارشاد " له: مسدد، بن
مسرهد، ابن مغربل، بن أرمك، بن ماهك.
وقال جعفر المستغفري: مسدد بن مسرهد بن شريك.
وقال ابن ماكولا: قال الشريف النسابة: ابن مسرهد، بن
مسربل، ابن ماسك، بن جرو، بن يزيد، بن شبيب، بن الصلت، بن
أسد.
قال مازح: لو كتب أمام نسبه " بسم الله الرحمن الرحيم "
كان رقية للعقرب.
209 - نعيم بن حماد بن معاوية
* (خ، د، ت، ق)
ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك، الامام العلامة
الحافظ، أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الاعور، صاحب
التصانيف.
رأى الحسين بن واقد المروزي، وحدث عن: أبي حمزة السكري وهو
أكبر شيخ له، وهشيم، وأبي بكر بن عياش، وإبراهيم بن طهمان
له عنه حديث واحد، وخارجة بن مصعب، وعبد الله بن المبارك،
وعيسى
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 519، التاريخ الكبير 8 / 100، الجرح
والتعديل 8 / 462، الكامل لابن عدي لوحة 806، تاريخ بغداد
13 / 306، 314، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 534، المعجم
المشتمل: 302، تهذيب الكمال لوحة 1418، تذهيب التهذيب 4 /
101 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 418، ميزان الاعتدال 4 / 267 -
270، الكاشف 3 / 207، العبر 1 / 405، دول الاسلام 1 / 138،
تهذيب التهذيب 10 / 458، مقدمة فتح الباري: 447، النجوم
الزاهرة 2 / 257، طبقات الحفاظ: 180، 181، حسن المحاضرة 1
/ 347، خلاصة تذهيب الكمال: 403، شذرات الذهب 2 / 67،
الرسالة المستطرفة: 49.
(*)
(10/595)
ابن عبيد الكندي، وهو من كبار مشيخته، وعبد المؤمن بن خالد
الحنفي، ونوح بن أبي مريم، ويحيى بن حمزة القاضي، وعبد
السلام بن حرب، وعبد العزيز الدراوردي، وفضيل بن عياض،
وسفيان بن عيينة، وإبراهيم ابن سعد، وجرير بن عبدالحميد،
وبقية بن الوليد، ومعتمر بن سليمان، وأبي معاوية، ورشدين
بن سعد، وحفص بن غياث، وابن وهب، ويحيى القطان، والوليد بن
مسلم، ووكيع، وابن إدريس، ونوح بن قيس، وعبد الرزاق، وأبي
داود الطيالسي، وخلق كثير بخراسان والحرمين والعراق والشام
واليمن ومصر.
وفي قوة روايته نزاع.
روى عنه: البخاري (1) مقرونا بآخر، وأبو داود، والترمذي،
وابن
ماجة بواسطة، ويحيى بن معين، والحسن بن علي الحلواني،
وأحمد ابن يوسف السلمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن
عوف، والرمادي، وأبو محمد الدارمي، وسمويه، وأبو الدرداء
عبد العزيز بن منيب، وعبيد بن شريك البزار، وأبو حاتم،
ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ويعقوب الفسوي، وأبو الاحوص
العكبري، وبكر بن سهل الدمياطي، وخلق آخرهم موتا شاب كاتب
كان معه في السجن اتفاقا وهو حمزة بن محمد بن عيسى
البغدادي.
قال المروذي: سمعت أبا عبد الله يقول: جاءنا نعيم بن حماد
ونحن على باب هشيم نتذاكر المقطعات، قال: جمعتم حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: فعنينا بها من يومئذ (2).
__________
(1) قال الحافظ في " المقدمة " 447: لم يخرج عنه البخاري
في " الصحيح " سوى موضع أو موضعين، وعلق له أشياء أخر،
وروى له مسلم في المقدمة موضعا واحدا.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 306، و " تهذيب الكمال " لوحة
1419.
والمقطعات: أقوال الصحابة والتابعين.
(*)
(10/596)
وروى الميموني عن أحمد قال: أول من عرفناه يكتب المسند
نعيم ابن حماد.
قال أبو بكر الخطيب: يقال: إن أول من جمع المسند، وصنفه
نعيم (1).
وقال أحمد: كان نعيم كاتبا لابي عصمة - يعني نوحا - وكان
شديد الرد على الجهمية، وأهل الاهواء، ومنه تعلم نعيم (2).
قال صالح بن مسمار: سمعت نعيم بن حماد يقول: أنا كنت
جهميا، فلذلك عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث، عرفت أن
أمرهم يرجع إلى التعطيل (3).
يوسف بن عبد الله الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن
حماد، فقال: لقد كان من الثقات (4).
ابن عدي: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد العزيز بن سلام،
حدثني أحمد بن ثابت أبويحيى، سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن
معين يقولان: نعيم بن حماد معروف بالطلب، ثم ذمه يحيى
وقال: يروي عن غير الثقات (5).
إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين - وسئل
عن نعيم - فقال: ثقة.
فقلت: إن قوما يزعمون أنه صحح كتبه من علي
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 306.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 307، و " تهذيب الكمال " لوحة
1419.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 307، و " تهذيب الكمال " لوحة
1419.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1419.
(5) " الكامل " لابن عدي: 4 / لوحة 806.
(*)
(10/597)
الخراساني العسقلاني، فقال يحيى: أنا سألته، فقلت: أخذت
كتب علي الصيدلاني، فصححت منها ؟ فأنكر، وقال: إنما كان قد
رث، فنظرت، فما عرفت ووافق كتبي، غيرت (1).
علي بن الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده، قال أبو
زكريا: نعيم ثقة صدوق، رجل صدق، أنا أعرف الناس به، كان
رفيقي بالبصرة، كتب عن روح خمسين ألف حديث، فقلت له قبل
خروجي من
مصر: هذه الاحاديث التي أخذتها من العسقلاني، أي شئ هذه ؟
فقال: يا أبا زكريا، مثلك يستقبلني بهذا ؟ ! فقلت: إنما
قلت شفقة عليك.
قال (2): إنما كانت معي نسخ أصابها الماء، فدرس بعض
الكتاب، فكنت أنظر في كتاب هذا في الكلمة التي تشكل علي،
فإذا كان مثل كتابي عرفته، فأما أن أكون كتبت منه شيئا قط،
فلا والله الذي لا إله إلا هو.
قال أبو زكريا: ثم قدم علينا ابن أخيه، وجاءه بأصول كتبه
من خراسان، إلا أنه كان يتوهم الشئ كذا يخطئ فيه، فأما هو،
فكان من أهل الصدق (3).
وعن عباس بن محمد، عن ابن معين قال: حضرنا نعيم بن حماد
بمصر، فجعل يقرأ كتابا من تصنيفه، فقرأ ساعة، ثم قال:
حدثنا ابن المبارك، عن ابن عون بأحاديث، فقلت: ليس ذا عن
ابن المبارك، فغضب، وقال: ترد علي ؟ ! قلت: إي والله، أرد
عليك، أريد زينك، فأبى أن يرجع، فقلت: لا والله ما سمعت
أنت هذا من ابن المبارك قط، ولا هو من ابن عون، فغضب، وغضب
من كان عنده من أصحاب
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1419.
(2) في الاصل: قلت.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 313.
(*)
(10/598)
الحديث، وقام، فأخرج صحائف، فجعل يقول: أين الذين يزعمون
أن يحيى بن معين ليس أمير المؤمنين في الحديث ؟ نعم يا أبا
زكريا غلطت، وكانت صحائف فغلطت، فجعلت أكتب من حديث ابن
المبارك، عن ابن عون، وإنما رواها عن ابن عون غير ابن
المبارك (1).
هذه الحكاية أوردها شيخنا أبو الحجاج منقطعة، فقال: روى
الحافظ أبو نصر اليونارتي بإسناده عن عباس.
قال أحمد العجلي: نعيم بن حماد ثقة مروزي (2).
وقال أبو زرعة الدمشقي: يصل أحاديث يوقفها الناس (3).
وقال أبو حاتم: محله الصدق (4).
العباس بن مصعب قال: وضع نعيم بن حماد الفارضي كتبا في
الرد على أبي حنيفة، وناقض محمد بن الحسن، ووضع ثلاثة عشر
كتابا في الرد على الجهمية، وكان من أعلم الناس بالفرائض
(5).
فقال ابن المبارك: نعيم هذا قد جاء بأمر كبير، يريد أن
يبطل نكاحا قد عقد، ويبطل بيوعا قد تقدمت، وقوم توالدوا
على هذا، ثم خرج إلى مصر، فأقام بها نحو نيف وأربعين سنة،
وكتبوا عنه بها، وحمل إلى العراق في امتحان " القرآن مخلوق
" مع البويطي مقيدين، فمات نعيم بالعسكر
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1419.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 313.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1419.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 462.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1419.
(*)
(10/599)
سنة تسع وعشرين (1).
قلت: نعيم من كبار أوعية العلم، لكنه لا تركن النفس إلى
رواياته.
قال أبو زرعة الدمشقي (2): قلت لدحيم: حدثنا نعيم بن حماد،
عن عيسى بن يونس، عن حريز بن عثمان، عن عبدالرحمن بن جبير،
عن أبيه، عن عوف بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " تفترق أمتي على
بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الامور
برأيهم، فيحلون الحرام ويحرمون الحلال " (3)، فقال: هذا
حديث صفوان بن عمرو حديث معاوية.
قال أبو زرعة: وقلت لابن معين في حديث نعيم هذا، فأنكره.
قلت: من أين يؤتى ؟ قال: شبه له (4).
وقال محمد بن علي بن حمزة: سألت يحيى بن معين عن هذا،
فقال: ليس له أصل، ونعيم ثقة، قلت: كيف يحدث ثقة بباطل ؟
قال: شبه له (5).
قال الخطيب: وافق نعيما عليه عبد الله بن جعفر الرقي،
وسويد بن سعيد، ويروى عن عمرو بن عيسى بن يونس، كلهم عن
عيسى (6).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1419.
(2) في " تاريخه " 1 / 622.
(3) أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " 13 / 307، 308، وابن
عدي في " الكامل " 2 / 370.
(4) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 622.
(5) " تاريخ بغداد " 13 / 307، 308.
(6) " تاريخ بغداد " 13 / 308.
(*)
(10/600)
وقال ابن عدي في حديث سويد: إنما يعرف هذا بنعيم، وتكلم
الناس فيه من أجله، ثم رواه رجل خراساني يقال له: الحكم بن
المبارك أبو صالح الخواستي، ويقال: إنه لا بأس به، ثم سرقه
قوم ضعفاء يعرفون بسرقة الحديث، منهم عبد الوهاب بن
الضحاك، والنضر بن طاهر،
وثالثهم سويد (1).
قال الخطيب: وروي عن ابن وهب، ومحمد بن سلام المنبجي جميعا
عن ابن يونس، ثم ساقه من طريق أحمد بن عبدالرحمن بن وهب،
عن عمه، ومن حديث المنبجي (2).
ثم قال أبو بكر الخطيب: حدثني الصوري قال: قال لي عبد
الغني الحافظ: كل من حدث به [ عن ] عيسى غير نعيم، فإنما
أخذه من نعيم، وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من الحفاظ،
إلا أن يحيى بن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب، فأما حديث
ابن وهب، فبليته من ابن أخيه، لان الله رفعه عن ادعاء مثل
هذا، ولان حمزة بن محمد حدثني عن عليك (3) الرازي أنه رأى
هذا الحديث ملحقا بخط طري في قنداق ابن وهب لما أخرجه إليه
بحشل ابن أخي ابن وهب، وأما المنبجي، فليس بحجة (4).
قال ابن عدي: قال لنا جعفر الفريابي: لما أردت الخروج إلى
سويد بن سعيد قال لي أبو بكر الاعين: سل سويدا عن هذا
الحديث (5).
قال: فأملاه
__________
(1) انظر " الكامل " لابن عدي 2 / لوحة 370.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 310.
(3) هو علي بن سعيد الرازي يعرف ب " عليك " انظر " تبصير
المنتبه " 3 / 966.
(4) " تاريخ بغداد " 13 / 311.
(5) " الكامل " لابن عدي 2 / 370.
(*)
(10/601)
علي عن عيسى بن عيسى، ووقفته فأبى.
قال ابن عدي: ورواه ابن أخي ابن وهب عن عمه عن عيسى، لكن
قال: عن صفوان بن عمرو بدل حريز بن عثمان.
ورواه هلال بن العلاء، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا
عيسى،
حدثنا حريز، وروي من وجه غريب عن عمرو، عن أبيه عيسى بن
يونس، وزعم ابن عدي وغيره أن هؤلاء سرقوه من نعيم.
قال عبد الخالق بن منصور: رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن
نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية، ويقول: ما كان
ينبغي له أن يحدث بمثل هذا (1).
وقال أبو زرعة النصري: عرضت على دحيم ما حدثناه نعيم بن
حماد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن ابن أبي زكريا،
عن رجاء بن حيوة، عن النواس: " إذا تكلم الله بالوحي.
" الحديث.
فقال: لا أصل له (2).
فأما خبر أم الطفيل، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره،
حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن
سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن
عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا.
فهذا خبر منكر جدا، أحسن النسائي حيث يقول: ومن مروان بن
عثمان حتى يصدق على الله (3) ! ؟ وهذا لم ينفرد به نعيم،
فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 311، و " تهذيب الكمال " لوحة
1419.
(2) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 621 وفيه: " إذا تكلم
الله بالوحي أخذت السماوات منه رجفة.
أو قال: رعدة شديدة ".
(3) انظر " تاريخ بغداد " 13 / 311، و " ميزان الاعتدال "
4 / 92 و 269.
(*)
(10/602)
وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبدالرحمن بن وهب، عن ابن
وهب.
قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.
قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال، وهم
معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان، فهو حفيد
أبي سعيد بن المعلى الانصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن
عمرو بن حزم الانصاري (1).
ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فهو أدرى
بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره عليه السلام،
ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي،
فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء
قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأى رئيه بياء مشددة.
وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا
ما ينكرون (2).
وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم
في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم (3)،
وليس هذا من باب كتمان العلم
__________
(1) وكلاهما ضعيف، والخبر أورده الحافظ في " الاصابة " 4 /
470 في ترجمة أم الطفيل، ونسبه للدارقطني، وقال: ومروان
متروك.
قال ابن معين: ومن مروان حتى يصدق.
(2) أخرجه عنه البخاري في " صحيحه " 1 / 199 في العلم: باب
من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، من طريق
عبيدالله بن موسى، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن
علي.
(3) أخرجه البخاري 1 / 191، 192، في العلم: باب حفظ العلم،
من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب،
عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم دعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر
فلو بثثته قطع هذا البلعوم.
قال الحافظ: وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على
الاحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم،
وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفا على
نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة
الصبيان.
بشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لانها كانت سنة ستين
للهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة.
(*)
(10/603)
في شئ، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الامة
حفظه، والعلم الذي في فضائل الاعمال مما يصح إسناده يتعين
نقله ويتأكد نشره، وينبغي للامة نقله، والعلم المباح لا
يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.
والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره علم الاوائل وإلهيات
الفلاسفة وبعض رياضتهم بل أكثره، وعلم السحر، والسيمياء،
والكيمياء، والشعبذة، والحيل، ونشر الاحاديث الموضوعة،
وكثير من القصص الباطلة أو المنكرة، وسيرة البطال
المختلقة، وأمثال ذلك، ورسائل إخوان الصفا، وشعر يعرض فيه
إلى الجناب النبوي، فالعلوم الباطلة كثيرة جدا فلتحذر، ومن
ابتلي بالنظر فيها للفرجة والمعرفة من الاذكياء، فليقلل من
ذلك، وليطالعه وحده، وليستغفر الله تعالى، وليلتجئ إلى
التوحيد، والدعاء بالعافية في الدين، وكذلك أحاديث كثيرة
مكذوبة وردت في الصفات لا يحل بثها إلا التحذير من
اعتقادها، وإن أمكن إعدامها فحسن.
اللهم فاحفظ علينا إيماننا، ولا قوة إلا بالله.
حديث آخر أنكر على نعيم بن حماد فقال: حدثنا ابن المبارك
عن معمر، عن الزهري، عن محمد بن جبير، سمع عمرو بن العاص
يقول: " لا تنقضي الدنيا حتى يملكها رجل من قحطان " (1)
فقال معاوية: ما هذا ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
يقول: " لا يزال هذا الامر في قريش لا يناوئهم فيه أحد إلا
أكبه الله على وجهه " ورواه شعبة عن الزهري، فقال: كان
محمد بن
__________
(1) وأخرجه من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا تقوم
الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه " البخاري
13 / 67 في الفتن: باب تغير الزمن، ومسلم (2910)
من طريقين عن ثور بن يزيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة.
(*)
(10/604)
جبير يحدث عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم في
الامراء، فقال صالح جزرة والزهري: إذا قال: كان فلان يحدث،
فليس هو بسماع، ثم قال: وقد رواه نعيم عن ابن المبارك عن
معمر عن الزهري قال: وليس لهذا الحديث أصل، ولا يعرف من
حديث ابن المبارك.
قال: ولا أدري من أين جاء به نعيم، وكان يحدث من حفظه
وعنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها، سمعت ابن معين سئل عنه
فقال: ليس في الحديث بشئ، ولكنه صاحب سنة (1).
قلت: خبر الامراء غريب منكر، والامر اليوم ليس في قريش،
والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقا، فإن كان
المراد بالحديث الامر لا الخبر فلعل، والحديث فله أصل من
حديث الزهري (2)، ولعل نعيما حفظه عن ابن المبارك.
وحدث نعيم بن حماد عن ابن المبارك أيضا، عن معمر، عن
الزهري، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
جاء شهر رمضان قال: " قد جاءكم شهر مطهر " (3) الحديث.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في ترجمة نعيم وجودها
كعادته: هذا رواه أصحاب الزهري عن الزهري عن ابن أبي أنس
عن أبيه عن أبي هريرة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 312، و " تهذيب الكمال " لوحة
1419.
(2) أخرجه أحمد 4 / 94 عن بشر بن شعيب بن أبي حمزة،
والبخاري 13 / 102 في الاحكام: باب الامراء من قريش، عن
أبي اليمان الحكم بن نافع، كلاهما عن شعيب بن أبي حمزة، عن
الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية
وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص
يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب
معاوية، فقام، فأثنى على الله عزوجل بما هو أهله، ثم قال:
أما بعد، فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في
كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أولئك جهالكم، فإياكم والاماني التي تضل أهلها، فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن هذا الامر في
قريش لا ينازعهم أحد إلا أكبه الله على وجهه ما أقاموا
الدين " وانظر لزاما " فتح الباري ".
(3) سيذكره المصنف بتمامه في الصفحة 612.
(*)
(10/605)
قلت: فهذا غلط نعيم في إسناده.
وتفرد نعيم بذاك الخبر المنكر: حدثنا سفيان بن عيينة، عن
أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة مرفوعا: " إنكم في
زمان من ترك فيه عشر ما أمر به فقد هلك، وسيأتي على أمتي
زمان، من عمل بعشر ما أمر به فقد نجا " (1) فهذا ما أدري
من أين أتى به نعيم، وقد قال نعيم: هذا حديث ينكرونه،
وإنما كنت مع سفيان، فمر شئ فأنكره، ثم حدثني بهذا الحديث
(2).
قلت: هو صادق في سماع لفظ الخبر من سفيان، والظاهر والله
أعلم أن سفيان قاله من عنده بلا إسناد، وإنما الاسناد قاله
لحديث كان يريد أن يرويه، فلما رأى المنكر، تعجب وقال ما
قال عقيب ذلك الاسناد، فاعتقد نعيم أن ذاك الاسناد لهذا
القول.
والله أعلم.
وقال نعيم بن حماد: حدثنا ابن المبارك، وعبدة بن سليمان،
عن عبيدالله، عن نافع، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعا في الركعة الاولى،
وخمس تكبيرات في الثانية، كلهن قبل القراءة.
وهذا صوابه موقوف (3) ولم يرفعه أحد سوى نعيم، فوهم.
__________
(1) وأخرجه الترمذي (2267) في آخر كتاب الفتن، من طريق
إبراهيم بن يعقوب
الجوزجاني، عن نعيم بن حماد بهذا الاسناد، وأورده ابن
الجوزي في " الواهيات " وقال: قال النسائي: حديث منكر رواه
نعيم بن حماد وليس بثقة.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1420.
(3) أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 191 من طريق نافع مولى
ابن عمر قال: شهدت الاضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في
الركعة الاولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس
تكبيرات قبل القراءة.
وفي الباب في المرفوع عن عائشة عند أبي داود (1149) و
(1150)، وابن ماجه (1280)، والحاكم 1 / 298، والبيهقي 2 /
286، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 4 / 344، وأحمد 6 /
70، والدارقطني 2 / 47، وعن عمرو بن = (*)
(10/606)
حديثه عن معتمر، عن أبيه، عن أنس، عن أبي بكر، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " في خمس من الابل شاة " فذكر
صدقة الابل، وصوابه من قول الصديق (1)، واختلف في رفعه
أيضا على نعيم.
وحديثه عن رشدين بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبيه،
عن أبي هريرة مرفوعا: " لو كان ينبغي لاحد أن يسجد لاحد
لامرت المرأة أن تسجد لزوجها " (2) " وهذا لم يأت به عن
رشدين سوى نعيم.
وحديثه عن بقية بن الوليد، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن
واثلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المتعبد بلا
فقه كالحمار في الطاحونة " (3).
__________
= شعيب، عن أبيه، عن جده عند أبي داود (1151) و (1152)
وأحمد 2 / 180، والطحاوي 4 / 343، وابن الجارود (262)،
والدارقطني 2 / 47، 48، وعن كثير بن عبد الله بن عمرو ابن
عوف، عن أبيه، عن جده عمرو بن عوف عند الترمذي (536) وابن
ماجه (1279)، والطحاوي 4 / 344، والدارقطني 2 / 48،
والبيهقي 3 / 286، وفي الباب عن غير هؤلاء.
انظر " نصب الراية " 2 / 216، 218، وهو حديث صحيح بشواهده.
(1) أخرجه أبو داود (1567) وأحمد 1 / 11، 12، والنسائي 5 /
18، والدارقطني 2 / 115، والبيهقي 4 / 86 من طريق حماد بن
سلمة قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس،
عن أنس بن مالك، أن أبا بكر رضي الله عنه كتاب له.
وصححه الحاكم 1 / 390، 392، ووافقه الذهبي، وقال
الدارقطني: إسناده صحيح، وكلهم ثقات.
وأخرجه البخاري 3 / 247، و 248 و 249 و 250 و 251 و 254:
من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الانصاري، حدثني أبي،
حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، أن أنسا حدثه أن أبا بكر
كتب له.
(2) وأخرجه الترمذي (1159) من طريق محمود بن غيلان، عن
النضر بن شميل، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا سند حسن، وله شاهد من حديث معاذ بن جبل عند أحمد 4 /
381 و 5 / 227 و 228، وابن ماجه (1853)، وابن حبان (1290)
وعن قيس بن سعد عند أبي داود (2140)، وعن عائشة عند أحمد 6
/ 76، وابن ماجه (1852) فالحديث صحيح.
(3) أخرجه في " الحلية " 5 / 219 من طريق محمد بن إبراهيم
بن العلاء عن بقية بهذا الاسناد، ومحمد بن إبراهيم كذبه
الدارقطني، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة، وبقية
مدلس وقد عنعن.
(*)
(10/607)
وبه: قال صلى الله عليه وسلم: " تغطية الرأس بالنهار رفعة،
وبالليل ريبة " (1).
قال ابن عدي: لا أعلم أتى به عن بقية غير نعيم (2).
وحديثه عن الدراوردي، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة
مرفوعا: " لا تقل: أهريق الماء، ولكن قل: أبول " رواه عنه
أبو الأحوص العكبري، ثم قال أبو الأحوص: وضع نعيم هذا
الحديث، فقلت له: لا ترفعه، فإنما هو من قول أبي هريرة،
فأوقفه.
قال ابن عدي: وهذا رفعه منكر.
قلت: فقد رجع المسكين إلى وقفه.
حديثه عن الفضل بن موسى، عن أبي بكر الهذلي، عن شهر بن
حوشب، عن ابن عباس، قال: خير النبي صلى الله عليه وسلم
أزواجه، فاخترنه، ولم يكن ذلك طلاقا (3).
قال ابن عدي: وهذا غير محفوظ (4).
حديثه عن بقية، عن عبد الله مولى عثمان، عن ابن جريج، عن
عطاء، عن ابن عباس أنه ذكر عندهم قوم يقاتلون في العصبية.
الحديث (5).
ولنعيم غير ما ذكرت.
وقال ابن حماد - يعني الدولابي -: نعيم ضعيف.
قاله أحمد بن
__________
(1) هو كسابقه لا يصح.
(2) " الكامل في الضعفاء " 4 / لوحة 806.
(3) إسناده ضعيف جدا، نعيم ضعيف، وأبو بكر الهذلي متروك،
وشهر بن حوشب مختلف فيه.
والمحفوظ ما أخرجه البخاري 9 / 321 في الطلاق: باب من خير
أزواجه، ومسلم (1477) (28) في الطلاق عن عائشة قالت: خيرنا
النبي صلى الله عليه وسلم، فاخترنا الله ورسوله، فلم يعد
ذلك علينا شيئا.
وفيهما أيضا عن عائشة قالت: خيرنا النبي صلى الله عليه
وسلم، أفكان طلاقا ؟ ! قال مسروق: لا أبالي أخيرتها واحدة
أو مئة بعد أن تختاري.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1420.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1420.
(*)
(10/608)
شعيب، ثم قال ابن حماد: وقال غيره: كان يضع الحديث في
تقوية السنة، وحكايات عن العلماء في ثلب أبي فلان (1) كذب.
ثم قال ابن عدي: ابن حماد متهم فيما يقول لصلابته في أهل
الرأي (2)، وقال لي ابن حماد: وضع نعيم حديثا عن عيسى بن
يونس، عن
حريز بن عثمان - يعني في الرأي.
وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: عن نعيم بن حماد نحو
عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال مرة: ضعيف (3).
قال الحافظ أبو علي النيسابوري: سمعت أبا عبد الله النسائي
يذكر فضل نعيم بن حماد، وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن،
ثم قيل له في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرده عن الائمة
المعروفين بأحاديث كثيرة، فصار في حد من لا يحتج به.
وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: ربما أخطأ ووهم.
قلت: لا يجوز لاحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب " الفتن "
فأتى فيه بعجائب ومناكير.
وقد قال ابن عدي عقيب ما ساق له من المناكير: وقد كان أحد
من
__________
(1) في " الكامل " لوحة 806: " في ثلب أبي حنيفة ".
وله في هذا الباب أشياء ظاهرة التوليد والافتعال، وقد شان
شيخ الحفاظ " تاريخه الصغير " 2 / 100، فأثبت فيه عن نعيم
هذا واحدة من تلك الحكايات المزورة دونما تنبيه على
بطلانها، وكان حريا أن لا يقع منه ذلك.
(2) " الكامل في الضعفاء " 4 / لوحة 806.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 312.
(*)
(10/609)
يتصلب في السنة، ومات في محنة القرآن في الحبس، وعامة ما
أنكر عليه هو ما ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيما
(1).
قال أحمد بن محمد بن سهل الخالدي: سمعت أبا بكر الطرسوسي
يقول: أخذ نعيم بن حماد في أيام المحنة سنة ثلاث أو أربع
وعشرين
ومئتين، وألقوه في السجن، ومات في سنة تسع وعشرين ومئتين،
وأوصى أن يدفن في قيوده، وقال: إني مخاصم (2).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن المعدل سنة ثلاث وتسعين وست
مئة، أخبرنا الامام أبو محمد بن قدامة، أخبرنا محمد بن
عبدا لباقي، أخبرنا أبو الفضل أحمد بن خيرون، وأبو الحسن
بن أيوب البزاز، قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد،
أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان، أخبرنا محمد بن إسماعيل
الترمذي، سمعت نعيم بن حماد يقول: من شبه الله بخلقه، فقد
كفر، ومن أنكر ما وصف به نفسه، فقد كفر، وليس [ في ] ما
وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه.
قلت: هذا الكلام حق، نعوذ بالله من التشبيه ومن إنكار
أحاديث الصفات، فما ينكر الثابت منها من فقه، وإنما بعد
الايمان بها هنا مقامان مذمومان: تأويلها وصرفها عن موضوع
الخطاب، فما أولها السلف ولا حرفوا ألفاظها عن مواضعها، بل
آمنوا بها، وأمروها كما جاءت.
المقام الثاني: المبالغة في إثباتها، وتصورها من جنس صفات
__________
(1) " الكامل في الضعفاء " 4 / لوحة 807.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 313، و " تهذيب الكمال " لوحة
1420.
(*)
(10/610)
البشر، وتشكلها في الذهن، فهذا جهل وضلال، وإنما الصفة
تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف عزوجل لم نره، ولا أخبرنا
أحد أنه عاينه مع قوله لنا في تنزيله: (ليس كمثله شئ) [
الشورى: 11 ] فكيف بقي لاذهاننا مجال في إثبات كيفية
البارئ، تعالى الله عن ذلك، فكذلك صفاته
المقدسة، نقر بها ونعتقد أنها حق، ولا نمثلها أصلا ولا
نتشكلها.
قال محمد بن مخلد العطار: حدثنا الرمادي، سألت نعيم بن
حماد عن قوله تعالى (وهو معكم) [ الحديد: 4 ]، قال: معناه
أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه، ألا ترى قوله: (ما يكون من
نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) الآية [ المجادلة: 7 ].
قال محمد بن سعد: طلب نعيم الحديث كثيرا بالعراق والحجاز،
ثم نزل مصر، فلم يزل بها حتى أشخص منها في خلافة أبي إسحاق
- يعني المعتصم - فسئل عن القرآن، فأبى أن يجيب فيه بشئ
مما أرادوه عليه، فحبس بسامراء، فلم يزل محبوسا بها حتى
مات في السجن سنة ثمان وعشرين ومئتين (1).
وكذاك أرخ مطين، وأبو سعيد بن يونس، وابن حبان.
وقال العباس بن مصعب: سنة تسع.
قال ابن يونس: حمل فامتنع أن يجيبهم، فسجن، فمات ببغداد
غداة يوم الاحد لثلاث عشرة خلت من جمادى الاولى، وكان يفهم
الحديث، وروى مناكير عن الثقات (2).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 519.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 314.
(*)
(10/611)
وقال أبو القاسم البغوي، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، وابن
عدي: مات سنة تسع وعشرين (1).
زاد نفطويه: وكان مقيدا محبوسا لامتناعه من القول بخلق
القرآن، فجر بأقياده، فألقي في حفرة، ولم يكفن، ولم يصل
عليه.
فعل به ذلك صاحب ابن أبي دواد (2).
أنبأنا المسلم بن محمد القيسي، أخبرنا أبو اليمن الكندي،
وأخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن الكندي، أخبرنا أبو بكر
محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا الحسن بن علي إملاء، أخبرنا
الحسين بن محمد بن عبيد، حدثنا حمزة بن محمد الكاتب، حدثنا
نعيم بن حماد، حدثنا ابن المبارك عن معمر، عن الزهري، عن
أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء شهر
رمضان قال للناس: " قد جاءكم مطهر شهر رمضان فيه تفتح
أبواب الجنة، وتغل فيه الشياطين، يعد فيه المؤمن القوة
للصوم والصلاة، وهو نقمة للفاجر، يغتنم فيه غفلات الناس،
من حرم خيره، فقد حرم " (3).
210 - يحيى بن عبد الله بن
بكير * (خ، م، ق) الامام المحدث الحافظ الصدوق، أبو
زكريا، القرشي المخزومي مولاهم المصري.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 13 / 314.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 314، وصاحب ابن أبي دواد هو
المعتصم.
(3) إسناده ضعيف، وقد تقدم كلام المصنف عليه في الصفحة
605.
* التاريخ الكبير 8 / 284، الجرح والتعديل 9 / 165، الولاة
والقضاة للكندي انظر الفهرس، الجمع بين رجال الصحيحين 2 /
563، ترتيب المدارك 1 / 528، المعجم المشتمل: 320، تهذيب
الكمال لوحة 1505، تذهيب التهذيب 4 / 158 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 420، الكاشف 3 / 260، العبر 1 / 410، 411، دول
الاسلام 1 / 139، تهذيب التهذيب 1 / 237، مقدمة فتح
الباري: 452، طبقات الحفاظ: 181، حسن المحاضرة 1 / 347،
خلاصة تذهيب الكمال: 425، شذرات الذهب 2 / 71.
(*)
(10/612)
ولد سنة خمس وخمسين ومئة.
وسمع من الامام مالك " الموطأ " مرات، ومن الليث كثيرا،
وبكر بن مضر، وابن لهيعة، ويعقوب بن عبدالرحمن القارئ،
والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وحماد بن زيد، وعبد
العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن أبي حازم،
وهقل بن زياد، وابن وهب، وعدة.
وعنه: البخاري، وحرملة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ويحيى
بن معين، ويونس بن عبدالاعلى، وسهل بن زنجلة، وأبو بكر
الصاغاني، وأبو زرعة الرازي، وبقي بن مخلد، وروح [ بن ]
الفرج، ويحيى بن أيوب العلاف، ويحيى بن عثمان بن صالح،
وأبو حاتم، وخير بن موفق، وأبو الاحوص العكبري، ومالك بن
عبد الله بن سيف، وأبو خيثمة علي بن عمرو ابن خالد
الحراني، وابنه عبدالملك بن يحيى، والحسن بن الفرج الغزي،
وخلق سواهم.
احتج به الشيخان (1)، وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وأما أبو حاتم فقال: لا يحتج به.
قال: وكان يفهم هذا الشأن (2).
وقال النسائي: ضعيف (3).
__________
(1) قال الحافظ في " المقدمة " ص 452: لقيه البخاري وحدث
أيضا عن رجل عنه، وروى عن مالك في " الموطأ " وأكثر عن
الليث.
قال ابن عدي: هو أثبت الناس فيه.
وقال أبو حاتم: كان يفهم هذا الشأن، يكتب حديثه.
وقال مسلم: تكلم في سماعه عن مالك، لانه كان بعرض حديث،
وضعفه النسائي مطلقا، وقال البخاري في " تاريخه الصغير ":
ما روى يحيى بن بكير عن أهل الحجاز فإني أتقيه.
قلت (القائل ابن حجر): فهذا يدلك على أنه ينتقي حديث
شيوخه، ولهذا ما أخرج عنه [ عن ] مالك سوى خمسة أحاديث
مشهورة متابعة، ومعظم ما أخرج عنه عن الليث.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 165.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1505.
(*)
(10/613)
وقال أبو سعيد بن يونس: ولد سنة أربع وخمسين ومئة، ومات
سنة إحدى وثلاثين ومئتين (1).
قال ابن حبان: مات في نصف صفر (2).
قلت: كان غزير العلم، عارفا بالحديث وأيام الناس، بصيرا
بالفتوى، صادقا دينا، وما أدري ما لاح للنسائي منه حتى
ضعفه، وقال مرة: ليس بثقة.
وهذا جرح مردود، فقد احتج به الشيخان، وما علمت له حديثا
منكرا حتى أورده.
وقد قال أسلم بن عبد العزيز: حدثنا بقي بن مخلد أن يحيى بن
بكير سمع " الموطأ " من مالك سبع عشرة مرة (3).
قلت: وقد روى البخاري عن محمد بن عبد الله، عن يحيى بن
بكير، وسمعت " الموطأ " من طريقه من شيخنا أبي الحسين
الحافظ، أخبرنا مكرم، أخبرنا حمزة، أخبرنا الفقيه نصر،
أخبرنا الميماسي، أخبرنا ابن وصيف الغزي، أخبرنا الحسن بن
الفرج بغزة، حدثنا يحيى بن بكير، عن مالك.
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، وأحمد بن هبة الله،
وزينب بنت كندي قراءة عن المؤيد الطوسي أن محمد بن الفضل
الفراوي (4)، وأخبرونا عن زينب الشعرية عن إسماعيل القاري،
وأخبرونا عن عبدالمعز
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1505.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1505.
(3) " ترتيب المدارك " 1 / 529.
(4) نسبة إلى الفراوة: بليدة على الثغر مما يلي خوارزم،
بناها أمير خراسان عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون.
" الانساب " 9 / 256.
(*)
(10/614)
ابن محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قالوا: أخبرنا عمر بن
مسرور، أخبرنا إسماعيل بن نجيد، حدثنا محمد بن إبراهيم
البوشنجي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني الليث،
عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن عبد الله بن الحارث
بن جزء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: " ويل للاعقاب وبطون الاقدام من النار " (1).
هذا حديث صالح الاسناد من العوالي.
211 - أبو الينبغي * شاعر محسن،
ذو مزاح وهجو ومدح للخلفاء والقواد.
أفرد المرزباني أخباره، وكان يقول: خدمت المنصور ولي ثلاث
عشرة سنة، وعاش إلى دولة المعتصم.
وهو القائل في عرس بوران: بارك الله للحسن * ولبوران في
الختن يا إمام الهدى ظفر * ت ولكن ببنت من (2)
__________
(1) وأخرجه أحمد 4 / 190، 191 من طريق هارون، عن عبد الله
بن وهب، حدثني حيوة بهذا الاسناد إلا أنه لم يرفعه، وأخرجه
أيضا 4 / 191 من طريق حسن، عن ابن لهيعة، عن حيوة بن شريح
فرفعه، وأورده الهيثمي في " المجمع " 1 / 240 من قول عبد
الله بن جزء، وقال: رواه أحمد هكذا، وقال الطبراني في "
الكبير ": عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ويل للاعقاب
وبطون الاقدام من النار " ورجال أحمد والطبراني ثقات.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند البخاري 1 /
132، ومسلم (241) وأبي داود (97) وعن أبي هريرة عند
البخاري 1 / 233، ومسلم (242)، وعن عائشة عند مسلم (240).
* لم نجد له ترجمة في المصادر التي وقعت لنا.
(2) البيتان في " وفيات الاعيان " 1 / 289، و " معاها
التنصيص " 3 / 139، ورواية = (*)
(10/615)
فلوح بالمدح وبالهجاء.
212 - الحميدي * (خ، د، ت، س)
عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيدالله بن أسامة
بن عبد الله بن حميد ابن زهير بن الحارث بن أسد بن
عبدالعزى.
وقيل: جده هو عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبيدالله بن
حميد، الامام الحافظ الفقيه، شيخ الحرم، أبو بكر القرشي
الاسدي الحميدي المكي، صاحب " المسند " (1).
حدث عن: إبراهيم بن سعد، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة،
فأكثر عنه وجود، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد
العزيز بن أبي حازم، والوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية،
ووكيع، والشافعي، وليس هو بالمكثر، ولكن له جلالة في
الاسلام.
حدث عنه: البخاري، والذهلي، وهارون الحمال، وأحمد بن
__________
= البيت الثاني فيهما: يا ابن هارون قد ظفرت..والبيت من
شواهد التوجيه من علم البديع وإيراد الكلام محتملا لوجهين
مختلفين، وها هنا يحتمل قوله: " ببنت من " الرفعة أو
الحقارة.
وقد نسب ابن خلكان البيتين إلى محمد بن حازم الباهلي
الشاعر البغدادي، وزاد بعدهما: فلما نمي هذا الشعر إلى
المأمون قال: والله ما ندري خيرا أراد أم شرا.
* طبقات ابن سعد 5 / 502، التاريخ لابن معين: 308، التاريخ
الكبير 5 / 96،
التاريخ الصغير 2 / 339، الجرح والتعديل 5 / 56، الانتقاء:
104، طبقات الشيرازي: 99، الجمع بين رجال الصحيحين 1 /
265، الانساب 4 / 231، المعجم المشتمل: 153، اللباب 1 /
321، تهذيب الكمال لوحة 682، تذهيب التهذيب 2 / 144 / 2،
تذكرة الحفاظ 2 / 413، العبر 1 / 377، الكاشف 2 / 86، دول
الاسلام 1 / 133، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 140، طبقات
الاسنوي 1 / 19، 20، البداية والنهاية 10 / 282، العقد
الثمين 5 / 160، تهذيب التهذيب 5 / 214، النجوم الزاهرة 2
/ 231، طبقات الحفاظ: 178، حسن المحاضرة 1 / 347، خلاصة
تذهيب الكمال: 197، شذرات الذهب 2 / 45.
(1) وقد طبع في جزأين بتحقيق المحدث حبيب الرحمن الاعظمي،
وهو من منشورات المجلس العلمي بالهند.
(*)
(10/616)
الازهر، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن سنجر، ويعقوب الفسوي،
وإسماعيل سمويه، ومحمد بن عبد الله بن البرقي، وأبو زرعة
الرازي، وبشر بن موسى، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، وأبو
بكر محمد بن إدريس المكي وراقه، وخلق سواهم.
قال أحمد بن حنبل: الحميدي عندنا إمام (1).
وقال أبو حاتم: أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي، وهو رئيس
أصحاب ابن عيينة، وهو ثقة إمام (2).
قال الحميدي: جالست سفيان بن عيينة تسع عشرة سنة أو نحوها
(3).
وقال يعقوب الفسوي: حدثنا الحميدي، وما لقيت أنصح للاسلام
وأهله منه.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبدالرحيم
الهروي قال: قدمت مكة سنة ثمان وتسعين، ومات في أولها
سفيان بن عيينة قبل
قدومنا بسبعة أشهر، فسألت عن أجل أصحاب ابن عيينة، فذكر لي
الحميدي، فكتبت حديث ابن عيينة عنه (4).
وروى يعقوب الفسوي عن الحميدي قال: كنت بمصر، وكان لسعيد
ابن منصور حلقة في مسجد مصر، ويجتمع إليه أهل خراسان وأهل
العراق، فجلست إليهم، فذكروا شيخا لسفيان، فقالوا: كم يكون
حديثه ؟ فقلت:
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 682.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 57.
(3) " الجرح والتعديل " 5 / 57، و " تهذيب الكمال " لوحة
682.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 57.
(*)
(10/617)
كذا وكذا.
فسبح (1) سعيد بن منصور، وأنكر ذلك، وأنكر ابن ديسم، وكان
إنكار ابن ديسم أشد علي، فأقبلت على سعيد، فقلت: كم تحفظ
عن سفيان عنه ؟ فذكر نحو النصف مما قلت، وأقبلت على ابن
ديسم، فقلت: كم تحفظ عن سفيان عنه ؟ فذكر زيادة على ما قال
سعيد نحو الثلاثين مما قلت أنا.
فقلت لسعيد: تحفظ ما كتبت عن سفيان عنه ؟ فقال: نعم.
قلت: فعد.
وقلت لابن ديسم: فعد ما كتبت.
قال: فإذا سعيد يغرب على ابن ديسم بأحاديث، وابن ديسم يغرب
على سعيد في أحاديث كثيرة، فإذا قد ذهب عليهما أحاديث
يسيرة، فذكرت ما ذهب عليهما، فرأيت الحياء والخجل في
وجوههما (2).
قال ابن سعد: الحميدي من بني أسد بن عبدالعزى بن قصي صاحب
ابن عيينة، وراويته، ثقة كثير الحديث.
مات بمكة سنة تسع عشرة.
وكذا أرخ البخاري (3).
وقيل: سنة عشرين.
وله رواية في مقدمة " صحيح " مسلم.
وقال محمد بن سهل القهستاني (4): حدثنا الربيع بن سليمان:
سمعت الشافعي يقول: ما رأيت صاحب بلغم أحفظ من الحميدي،
كان يحفظ لسفيان بن عيينة عشرة آلاف حديث (5).
وقال محمد بن إسحاق المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول:
__________
(1) في " تاريخ الفسوي ": فشنج.
(2) " المعرفة والتاريخ " 2 / 179.
(3) " طبقات ابن سعد " 5 / 502، و " التاريخ الصغير " 2 /
339.
(4) نسبة إلى " قهستان " وهي ناحية بخراسان بين هراة
ونيسابور فتحها عبد الله بن عامر ابن كريز في سنة تسع
وعشرين من الهجرة.
" الانساب " 10 / 269.
(5) " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 140.
(*)
(10/618)
الائمة في زماننا: الشافعي والحميدي وأبو عبيد (1).
وقال علي بن خلف: سمعت الحميدي يقول: ما دمت بالحجاز،
وأحمد بن حنبل بالعراق، وإسحاق بخراسان، لا يغلبنا أحد
(2).
وقال أبو العباس السراج: سمعت محمد بن إسماعيل يقول:
الحميدي إمام في الحديث (3).
قال الفربري: حدثنا محمد بن المهلب البخاري، حدثنا الحميدي
قال: والله لان أغزو هؤلاء الذين يردون حديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم أحب إلي من أن أغزو عدتهم من الاتراك.
قلت: لما توفي الشافعي أراد الحميدي أن يتصدر موضعه،
فتنافس هو وابن عبد الحكم على ذلك، وغلبه ابن عبد الحكم
على مجلس الامام،
ثم إن الحميدي رجع إلى مكة، وأقام بها ينشر العلم، رحمه
الله.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن
أحمد الفقيه، أخبرنا أبو المكارم المبارك بن محمد، أخبرنا
أبو غالب محمد بن الحسن، أخبرنا عثمان بن محمد، أخبرنا أبو
بكر الشافعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، أخبرنا
سفيان، عن الزهري، أنه سمع أنس بن مالك يقول: آخر نظرة
نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف الستارة يوم
الاثنين والناس صفوف خلف أبي بكر، فلما رأوه كأنهم تحركوا،
فأشار إليهم رسول الله أن امضوا، فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة
مصحف، وألقى السجف،
__________
(1) " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 140.
(2) " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 141.
(3) " طبقات الشافعية للسبكي 2 / 141.
(*)
(10/619)
وتوفي من آخر ذلك اليوم (1).
متفق عليه.
ورواه مسلم عن الحلواني وعبد عن يعقوب بن إبراهيم، عن
أبيه، عن صالح، عن الزهري.
وقوله: وتوفي من آخر ذلك اليوم، غريب، إنما المحفوظ أنه
توفي في أوائل النهار قبل الظهر يوم الاثنين (2).
ويقع حديث أبي بكر الحميدي عاليا في " الغيلانيات ".
أخبرنا يوسف بن أبي نصر، وعبد الله بن قوام، وعدة، قالوا:
أخبرنا ابن الزبيدي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداوودي،
أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا ابن مطر، حدثنا البخاري، حدثنا
الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا يحيى بن سعيد الانصاري،
أخبرني محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن
وقاص الليثي يقول: سمعت عمر رضي الله عنه يقول على المنبر:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الاعمال
بالنيات.
وذكر الحديث.
هذا أول شئ افتتح به البخاري " صحيحه " (3) فصيره كالخطبة
له،
__________
(1) هو في " مسند " الحميدي رقم (1188)، وأخرجه البخاري 2
/ 138 في الجماعة: باب أهل العلم والفضل أحق بالامامة، وفي
صفة الصلاة: باب هل يلتفت لامر ينزل به، وفي العمل في
الصلاة: باب من رجع القهقرى في صلاته، وفي المغازي: باب
مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، ومسلم (419) في
الصلاة: باب استخلاف الامام إذا عرض له عذر، وهو في " سنن
النسائي " 4 / 7 في الجنائز: باب الموت يوم الاثنين.
(2) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 110 تعليقا على قوله "
وتوفي من آخر ذلك اليوم ": يخدش في جزم ابن إسحاق بأنه مات
حين اشتد الضحى، ويجمع بينهما بأن إطلاق الآخر: بمعنى
ابتداء الدخول في أول النصف الثاني من النهار وذلك عند
الزوال، واشتداد الضحى يقع قبل الزوال، ويستمر حتى يحقق
زوال الشمس، وقد جزم موسى بن عقبة، عن ابن شهاب بأنه صلى
الله عليه وسلم مات حين زاغت الشمس، وكذا لابي الاسود عن
عروة، فهذا يؤيد الجمع الذي أشرت إليه.
(3) 1 / 7، 15 وهو في " مسند " الحميدي برقم (28).
(*)
(10/620)
وعدل عن روايته افتتاحا بحديث مالك الامام إلى هذا الاسناد
لجلالة الحميدي وتقدمه، ولان إسناده هذا عزيز المثل جدا
ليس فيه عنعنة أبدا، بل كل واحد منهم صرح بالسماع له.
213 - يحيى بن أبي الخصيب *
زياد الرازي الحافظ، قاضي عكبرا (1).
كان أحد الائمة.
روى عن: حماد بن زيد، ومعاوية الضال (2)، ومرحوم بن عبد
العزيز، وعلي بن مسهر، وعيسى بن يونس، ويحيى بن أبي زائدة،
والوليد ابن مسلم، وخلق.
وله رحلة ومعرفة.
روى عنه: علي بن المديني، ومحمد بن عامر الانطاكي،
وإبراهيم ابن موسى الفراء، وعلي بن ميسرة، وأبو زرعة، وأبو
حاتم، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كان ثقة من أوعية العلم،
ما أعلم كان في زمانه أكثر حديثا منه (3).
قلت: ولا إبراهيم بن موسى، ولا أبو جعفر الجمال ؟ قال: ولا
هذان.
وقال أبو زرعة: ثقة مشهور (4).
__________
* الجرح والتعديل 9 / 147.
(1) هي بليدة بنواحي دجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
انظر " معجم البلدان " 4 / 142، 143.
(2) هو معاوية بن عبد الكريم الثقفي مولاهم أبو عبد الرحمن
البصري المعروف بالضال، لانه ضل في طريق مكة، وتوفي سنة
(180) ه.
" تهذيب التهذيب " 10 / 313.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 147.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 147.
(*)
(10/621)
214 - المقعد * (ع) عبد الله بن عمرو
بن أبي الحجاج، الامام الحافظ المجود أبو معمر المنقري
مولاهم البصري المقعد، واسم جده ميسرة.
حدث عن: عبد الوارث بن سعيد فأكثر وجود، وأبي الاشهب
العطاردي جعفر بن حيان، وملازم بن عمرو، وعبثر بن القاسم،
وعبد الله ابن جعفر المديني، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد
الوهاب الثقفي،
وطائفة.
وليس هو بالمكثر، لكنه متقن لعلمه، وكان عدلا ضابطا، إلا
أنه قدري من غلمان عبد الوارث في ذلك.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وحجاج بن الشاعر، والفضل بن
سهل، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن وارة، وعبد الله بن
عبدالرحمن الدارمي الحافظ، وأحمد بن الحسن بن خراش،
والرمادي، والبرتي، وعباس الدوري، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
وأبو الاحوص العكبري، وخلق.
قال أحمد بن زهير عن يحيى بن معين: هو ثقة ثبت (1).
وروى إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن يحيى: ثقة نبيل
عاقل (2).
__________
* التاريخ الكبير 5 / 155، التاريخ الصغير 2 / 351، الجرح
والتعديل 5 / 119، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 257،
المعجم المشتمل: 158، تهذيب الكمال لوحة 715، تذهيب
التهذيب 2 / 169 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 493، الكاشف 2 /
113، تهذيب التهذيب 5 / 335، 336، مقدمة فتح الباري: 413،
خلاصة تذهيب الكمال: 208، شذرات الذهب 2 / 54.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(*)
(10/622)
وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتا، صحيح الكتاب، وكان يقول
بالقدر، وكان غالبا على عبد الوارث (1).
قال علي بن المديني: قد كتبت كتب عبد الوارث عن ولده عبد
الصمد، وأنا أشتهي أن أكتبها عن أبي معمر (2).
قلت: يقول علي مثل هذا القول مع أنه قد لقي أيضا عبد
الوارث
وسمع منه جملة أحاديث.
وقال أبو داود: بلغني عن علي أنه قال: أبو معمر في عبد
الوارث أحب إلي من عبد الوارث في رجاله (3).
ثم قال أبو داود: سمعت أبا معمر يقول ليحيى بن معين: شيخ
كتب عني كتاب الحروف، قال: وكان الارزي لا يحدث عن أبي
معمر للقدر يخافه عليه (4).
قال أبو داود: كان لا يتكلم فيه، وهو أثبت من عبد الصمد
مرارا (5).
قلت: يريد بالحروف حرف أبي عمرو بن العلاء، كان عبد الوارث
قد تلا على أبي عمرو وجود، فأخذ ذلك عنه أبو معمر المقعد.
قال أحمد العجلي: أبو معمر ثقة يرى القدر (6).
وقال أبو حاتم: صدوق متقن قوي الحديث، غير أنه لم يكن
يحفظ،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(*)
(10/623)
وكان له قدر عند أهل العلم (1).
وقال أبو زرعة: ثقة حافظ، يعني أنه كان متقنا محررا لكتبه
(2).
وقال ابن خراش: صدوق قدري (3).
قال البخاري (4) وغيره: مات سنة أربع وعشرين ومئتين.
قلت: إنما قدمته لقدم وفاته، ولا يقع لنا حديثه لنا حديثه
فيما علمت عاليا،
وهو عندي في " صحيح البخاري "، و " مسند الدارمي "، وحديثه
في الكتب مع بدعته، نسأل الله التوفيق.
أخبرنا عبد الحافظ: أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن البطي،
أخبرنا علي ابن أيوب، أخبرنا ابن شاذان، أخبرنا ابن زياد
القطان، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أبو معمر ومسدد، قالا:
حدثنا عبد الوارث، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المراء
في القرآن كفر " (5).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 119.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 119، و " تهذيب الكمال " لوحة
716.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 716.
(4) " في " تاريخه الصغير " 2 / 351.
(5) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 2 / 286، و 300، 424، و 475،
و 528، وأبو داود (4603)، وصححه ابن حبان (73)، والحاكم 2
/ 223، ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث عمرو بن العاص عند
أحمد 4 / 204 و 205، وآخر من حديث أبي جهيم عنده أيضا 4 /
170، وسنده صحيح.
قال المناوي نقلا عن القاضي: أراد بالمراء التدارؤ، وهو أن
يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضه ببعض، فيتطرق إليه
قدح وطعن، ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق
بين الآيات، والجمع بين المختلفات ما أمكنه، فإن القرآن
يصدق بعضه بعضا، فإن أشكل عليه شئ من ذلك، ولم يتيسر له
التوفيق، فليعتقد أنه من سوء فهمه، وليكله إلى عالمه وهو
الله ورسوله (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول).
(*)
(10/624)
215 - سليمان بن داود * (4) ابن الامير داود
بن علي بن البحر عبد الله بن العباس، الشريف الامام البارع
الحافظ السري، أبو أيوب الهاشمي العباسي، من كبار الائمة.
سمع: إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن جعفر، وعبثر بن القاسم،
وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وسفيان بن عيينة، وهشيما،
وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبدالرحيم صاعقة، وعباس
الدوري، وإبراهيم الحربي، والحارث بن أبي أسامة، وأبو مسلم
الكجي، وآخرون.
قال الزعفراني: قال لي أبو عبد الله الشافعي: ما رأيت أعقل
من هذين الرجلين: أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي
(1).
وقال النسائي وغيره: ثقة (2).
وعن ابن وارة، أنه سمع سليمان الهاشمي يقول: ربما أحدث
بحديث واحد، ولي نية، فإذا أتيت على بعضه، تغيرت نيتي،
فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات (3).
عندي حديث كتبته في غير هذا الموضع من رواية الامام أحمد،
عن
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 343، التاريخ الكبير 4 / 10، الجرح
والتعديل 4 / 113، تاريخ بغداد 9 / 31، تهذيب الكمال لوحة
538، تهذيب التهذيب 2 / 48 / 2، الكاشف 1 / 393، تهذيب
التهذيب 4 / 187، خلاصة تذهيب الكمال: 151.
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 31.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 32.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 31.
(*)
(10/625)
سليمان بن داود الهاشمي، عن الشافعي.
قال ابن سعد وأحمد بن زهير: مات سليمان سنة تسع عشرة
ومئتين (1).
وروي عن أحمد بن حنبل، أنه قال: كان يصلح للخلافة، رحمه
الله (2).
216 - معلى بن أسد *
(خ، م، ت، س، ق) الحافظ الحجة، أبو الهيثم العمي البصري،
أخو بهز بن أسد (3).
حدث عن: عبد العزيز بن المختار، وعبد الله بن المثنى
الانصاري، ووهيب بن خالد، ويزيد بن زريع، وحماد بن زيد،
وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وروى مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
عن رجل عنه، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن يوسف السلمي،
وسليمان ابن معبد، وحفص بن عمر سنجة، وأبو محمد الدارمي،
وعثمان الدارمي، وهلال بن العلاء، وعلي بن عبد العزيز
البغوي، وآخرون.
وكان من الائمة الاثبات.
قال أبو حاتم الرازي: ما أعلم أني عثرت له على خطأ سوى
حديث واحد (4).
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 343، و " تاريخ بغداد " 9 / 32.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 9 / 31.
* طبقات خليفة: 229، التاريخ الصغير 2 / 343، الجرح
والتعديل 8 / 334، تهذيب الكمال: لوحة 1352، تذهيب التهذيب
4 / 55 / 2، تهذيب التهذيب 10 / 236، خلاصة تذهيب الكمال:
383.
(3) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 335.
(*)
(10/626)
قال خليفة: مات سنة تسع عشرة ومئتين (1).
وقال ابن حبان: مات في رمضان سنة ثمان عشرة ومئتين (2).
217 - سنيد * (ق) الامام
الحافظ، محدث الثغر، أبو علي حسين بن داود، ولقبه:
سنيد المصيصي المحتسب، صاحب التفسير الكبير.
حدث عن: حماد بن زيد، وجعفر بن سليمان الضبعي، وأبي بكر
ابن عياش، وعبد الله بن المبارك، وعيسى بن يونس، وعدد
كثير.
حدث عنه: أبو بكر الاثرم، وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن
زهير، وعبد الكريم الديرعاقولي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (3).
وقال أبو داود: لم يكن بذاك (4).
وقال النسائي: ليس بثقة (5).
قلت: مشاه الناس، وحملوا عنه، وما هو بذاك المتقن.
__________
(1) " طبقات خليفة ": 229.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1352.
* الجرح والتعديل 4 / 326، تاريخ بغداد 8 / 42، 44، تهذيب
الكمال لوحة 556، تذهيب التهذيب 2 / 60 / 1، ميزان
الاعتدال 2 / 236، تذكرة الحفاظ 2 / 459، 460، الكاشف 1 /
405، تهذيب التهذيب 4 / 244، طبقات الحفاظ: 201، خلاصة
تذهيب الكمال: 162، طبقات المفسرين 1 / 209، شذرات الذهب 2
/ 59.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 326.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 43.
(5) " تاريخ بغداد " 8 / 43.
(*)
(10/627)
مات في سنة ست وعشرين ومئتين.
خرج له ابن ماجه حديثا واحدا.
218 - محمد بن سلام * (خ) ابن
الفرج، الامام الحافظ الناقد، أبو عبد الله السلمي
مولاهم البخاري البيكندي.
رأى مالك بن أنس، ولم يتفق له السماع منه.
وروى عنه: أبي الاحوص سلام بن سليم، وإسماعيل بن جعفر،
وهشيم بن بشير، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة،
وجرير بن عبد الحميد، وأبي إسحاق الفزاري، وعيسى بن موسى
غنجار، وزائدة بن أبي الرقاد، وأبي بكر بن عياش، وخلق
كثير.
حدث عنه: البخاري، وأبو محمد الدارمي، وعبيدالله بن واصل،
وأبو عمر محمد بن بجير، وأحمد بن الضوء، وحميد بن النضر،
وطفيل بن زيد النسفي، وخلق من أهل ما وراء النهر.
وكان من أوعية العلم، وأئمة الاثر.
قال أحمد بن الهيثم الشاشي: قال لي يحيى بن يحيى: بخراسان
كنزان: كنز عند محمد بن سلام البيكندي، وكنز عند إسحاق بن
راهويه (1).
__________
* التاريخ الكبير 1 / 110، التاريخ الصغير 2 / 353، الجرح
والتعديل 7 / 278، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 459،
الانساب 2 / 374، المعجم المشتمل: 244، تهذيب الكمال لوحة
1207، تذهيب التهذيب 3 / 209 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 422،
الكاشف 3 / 51، العبر 1 / 395، تهذيب التهذيب 9 / 212،
طبقات الحفاظ: 182، خلاصة تذهيب الكمال: 341، شذرات الذهب
2 / 57.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1207.
(*)
(10/628)
وروى محمد بن يوسف السمرقندي، عن محمد بن مبشر الكرميني
(1)، قال: انكسر قلم محمد بن سلام البيكندي في مجلس شيخ،
فأمر أن ينادى: قلم بدينار، فطارت إليه الاقلام.
قلت: كان محتشما ذا أموال.
قال محمد بن يعقوب البيكندي: سمعت علي بن الحسين يقول: كان
محمد بن سلام في منزله، فدق بابه، فخرج، فقال الشخص: يا
أبا عبد الله، أنا جني رسول ملك الجن إليك يسلم عليك،
ويقول: لا يكون لك مجلس إلا يكون منا في مجلسك أكثر من
الانس.
قال محمد بن يعقوب: هذه حكاية مستفيضة عندنا مشهورة.
وعن محمد بن سلام، قال: لم أجلس في سوق بيكند منذ أربعين
سنة.
وقال سهل بن المتوكل: سمعت محمد بن سلام يقول: أنا محمد بن
سلام بالتخفيف.
قلت: بكل قالوا، فقد ذكر التثقيل، ولم يثبت (2).
وقد دخل محمد بن سلام خوارزم مع غنجار، وسمعا بها من عبد
الكريم بن الاسود البصري، ومغيرة بن موسى صاحب سعيد بن أبي
عروبة.
__________
(1) نسبة إلى كرمينية: إحدى بلاد ما وراء النهر على ثمانية
عشر فرسخا من بخارى " الانساب " 10 / 405.
(2) قال المؤلف في " المشتبه " 1 / 378: محمد بن سلام
البيكندي الحافظ، شيخ البخاري، ما ذكر فيه الخطيب وابن
ماكولا سوى التخفيف، وقال صاحب المطالع: ثقله
الاكثر، كذا قال ولم يتابع، قد ذكره غنجار في " تاريخ
بخارى " - وإليه المرجع والمفزع - بالتخفيف.
(*)
(10/629)
قال عبيدالله بن واصل: سمعت محمد بن سلام يقول: كتبت عن
أربع مئة شيخ.
وقال علي بن الحسين: سمعت محمد بن سلام يقول: أدركت مالكا،
فإذا الناس يقرؤون عليه، فلم أسمع منه.
وقال سهل بن المتوكل: سمعت محمدا يقول: أنفقت في طلب العلم
أربعين ألفا، وأنفقت في نشره أربعين ألفا، وليت ما أنفقت
في طلبه كان في نشره، أو كما قال (1).
قال عبيدالله بن شريح: سمعت محمد بن سلام يقول: أحفظ نحوا
من خمسة آلاف حديث (2).
وقال محمد بن أحمد الغنجار: كان لابن سلام مصنفات في كل
باب من العلم، وكان بينه وبين أبي حفص أحمد بن حفص الفقيه
مودة وأخوة مع تخالفهما في المذهب (3).
قال يحيى بن جعفر البيكندي: ولد محمد بن سلام في الليلة
التي توفي فيها سفيان الثوري.
قال البخاري: مات في سابع صفر سنة خمس وعشرين ومئتين (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1207.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1207.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1207.
(4) " التاريخ الكبير " 1 / 110.
(*)
(10/630)
219 - علي بن معبد * ابن شداد
الامام الحافظ الفقيه، أبو الحسن وأبو محمد العبدي الرقي،
نزيل مصر، من كبار الائمة.
حدث عن: إسماعيل بن جعفر، والليث بن سعد، وعبيد الله بن
عمرو الرقي، وموسى بن أعين، وإسماعيل بن عياش، وأبي
الاحوص، وابن عيينة، وهشيم، والمعافي بن عمران، والمسيب بن
شريك، وعتاب ابن بشير، وابن وهب، وأبي بكر بن عياش،
والشافعي، وخلق.
روى عن محمد بن الحسن " الجامع الكبير " و " الجامع الصغير
".
روى عنه: يحيى بن معين، وأبو عبيد، وإسحاق الكوسج، وخشيش
بن أصرم، وسلمة بن شبيب، وبحر بن نصر، وسمويه، وعبد الرحمن
بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن حبيب الفقيه،
وأبو حاتم، ومقدام بن داود الرعيني، ويعقوب الفسوي، وأبو
يزيد القراطيسي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وخلق كثير.
قال يونس بن عبدالاعلى: سمعته يقول: انصرفت من عند
المأمون، وقد أبيت عليه الدخول فيما عرضه من القضاء بمصر،
فرشت حصيرا، وقعدت على بابي، فمر رجلان، يقول أحدهما
للآخر: والله ما صح له إلى الآن شئ، وقد فتح بابه، وفرش
حصيره، فدخلت، وجلست داخل بابي، وقلت: أقرب إلى من يجيئني،
فمر رجلان، فسمعت أحدهما
__________
* الجرح والتعديل 6 / 205، تهذيب الكمال لوحة 993، تذهيب
التهذيب 3 / 74 / 1، الكاشف 2 / 295، ميزان الاعتدال 3 /
157، تهذيب التهذيب 7 / 384، حسن المحاضرة 1 / 286، خلاصة
تذهيب الكمال: 277.
(*)
(10/631)
يقول: ما صح له شئ، وأغلق بابه، فكيف لو صح له شئ.
وقال سليمان الكيساني: سمعت علي بن معبد يقول: كان بيني
وبين المأمون أن قال: إن كان لك أخ صالح، فاستعن به كما
استعنت بأخي هذا.
فقلت: يا أمير المؤمنين، إن لي حرمة.
قال: وما هي ؟ قلت: سماعي معكم من أبي بكر بن عياش، وعيسى
بن يونس، قال: وأين كنت تسمع ؟ قلت: في دار الرشيد.
قال: وكيف دخلت ؟ قلت: بأبي.
قال: من أبوك ؟ قلت: معبد بن شداد.
فأطرق، ثم قال: إنه كان من طاعتنا على غاية، فلم لا تكون
مثله ؟.
قال أبو حاتم: ثقة (1).
وقال ابن يونس: كنيته أبو محمد مروزي الاصل، قدم مصر مع
أبيه معبد، وكان يذهب في الفقه مذهب أبي حنيفة، وروى عن
محمد بن الحسن " الجامع الكبير " و " الصغير "، توفي بمصر
لعشر بقين من رمضان سنة ثمان عشرة ومئتين (2).
فأما:
220 - علي بن معبد بن نوح
* الامام الحافظ، أبو الحسن البغدادي، ثم المصري الصغير.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 205.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 994.
* الجرح والتعديل 6 / 205، تاريخ بغداد 12 / 109، 110،
المعجم المشتمل: 196، تهذيب الكمال لوحة 994، تذهيب
التهذيب 3 / 74، ميزان الاعتدال 3 / 157، الكاشف 2 / 296،
تهذيب التهذيب 7 / 385، حسن المحاضرة 1 / 293، خلاصة تذهيب
الكمال: 278.
(*)
(10/632)
فيروي عن: عبد الوهاب الخفاف، وزيد بن يحيى بن عبيد
الدمشقي، وروح بن عبادة، وعلي بن معبد بن شداد، وأبي النضر
هاشم ابن القاسم، ويعلى بن عبيد، ويزيد بن هارون، وأبي
أحمد الزبيري، وأبي بدر السكوني، وطبقتهم.
وله رحلة وبصر بهذا الشأن.
حدث عنه: موسى بن هارون، وأبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر
الوكيعي، وعلي بن سراج المصري، وعلي بن سعيد الرازي،
وزكريا خياط السنة، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن
إسماعيل المهندس، وأبو بشر الدولابي، وأبو بكر محمد بن
سعيد الترخمي، وعمر بن محمد بن بجير، وأبو الحسن بن جوصا،
وأبو جعفر الطحاوي، وخلق كثير.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة، صاحب سنة، سكن مصر،
وكان أبوه واليا على طرابلس المغرب (1).
قلت: وكان أخوه عثمان بن معبد من القراء، ولكن ما عرفت على
من قرأ.
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كتبنا شيئا من حديث علي بن
معبد بن نوح بمكة، وكان حاجا، فلم يقض لنا السماع منه،
وذلك في سنة خمس وخمسين ومئتين، وكان صدوقا (2).
وقال أبو بكر بن الجعابي: نزل مصر، وعنده عجائب (3).
وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: مستقيم الحديث.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 110، و " تهذيب الكمال " لوحة
994.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 205.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 110.
(*)
(10/633)
قلت: قول أبي بكر: عنده عجائب: عبارة محتملة للتليين، فلا
تقبل إلا مفسرة، والرجل فثقة صادق، صاحب حديث، ولكنه يأتي
بغرائب عن من يحتملها.
قال الطحاوي: مات في رجب سنة تسع وخمسين ومئتين.
وكذا أرخه ابن يونس.
وكان تاجرا (1).
قال شيخنا المزي: قيل: إن النسائي روى عنه، ولم أقف على
ذلك.
قلت: قد روى النسائي في " مسند مالك " عن زكريا عنه.
221 - النفيلي * (خ، 4) عبد
الله بن محمد بن علي بن نفيل بن زراع بن علي.
وقيل: ابن عبد الله بن قيس بن عصم، الامام الحافظ عالم
الجزيرة أبو جعفر القضاعي ثم النفيلي الحراني، أحد
الاعلام.
حدث عن: مالك بن أنس، ومعقل بن عبيدالله، وعفير بن معدان،
وزهير بن معاوية، وخليد بن دعلج، وأبي مهدي سعيد بن سنان
الحمصي، وعكرمة بن إبراهيم الازدي، ومحمد بن عمران الحجبي
آخر من حدث عن صفية بنت شيبة، وهشيم بن بشير، وعبد الرحمن
بن أبي الرجال، وزيد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 110، و " تهذيب الكمال " لوحة
994.
* التاريخ الكبير 5 / 189، التاريخ الصغير 2 / 364، الجرح
والتعديل 5 / 159، المعجم المشتمل: 161، اللباب 3 / 320،
تهذيب الكمال لوحة 738، تذهيب التهذيب 2 / 185، تذكرة
الحفاظ 2 / 440، العبر 1 / 417، الكاشف 2 / 127، تهذيب
التهذيب 6 / 16 - 18،
طبقات الحفاظ: 193، خلاصة تذهيب الكمال: 213، شذرات الذهب
2 / 80.
(*)
(10/634)
السائب الجزري، وأبي المليح الرقي، وعباد بن كثير الرملي،
وعبد العزيز ابن أبي حازم، والدراوردي، وابن المبارك،
والنضر بن عربي، وموسى بن أعين، وسفيان بن عيينة، وخلق
كثير.
وعنه: أبو داود فأكثر، وأبو داود سليمان بن سيف، وعلي بن
عثمان النفيلي، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو زرعة، وأبو
حاتم، والذهلي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وإبراهيم بن
ديزيل، والفضل بن محمد الشعراني، وأبو الاصبغ محمد بن
عبدالرحمن القرقساني، وأحمد بن عبد الرحمن بن عقال، وجعفر
الفريابي، وخلق كثير.
وروى البخاري عن محمد - غير منسوب - عن النفيلي، فقيل: هو
الذهلي.
وقيل: البوشنجي.
قال أبو بكر الاثرم: سمعت أبا عبد الله أثنى على النفيلي،
وقال: كان يمر معي إلى مسكين بن بكير (1).
وقال أبو حاتم: سمعت ابن معين يثني على النفيلي (2).
وروى أبو عبيد الآجري، عن أبي داود قال: ما رأيت أحفظ من
النفيلي.
قلت: ولا عيسى بن شاذان ؟ قال: ولا عيسى، وكان الشاذكوني
لا يقر لاحد في الحفظ إلا للنفيلي، وكان أحمد إذا ذكره
يعظمه.
قال أبو داود: وما رأينا له كتابا قط، وكل ما حدثنا، فمن
حفظه (3).
قال: وقلت لاحمد بن حنبل: أيما أثبت في زهير: أحمد بن يونس
أو
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 159.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(*)
(10/635)
النفيلي ؟ فقال: أحمد بن يونس رجل صدوق، والنفيلي صاحب
حديث (1) قال: وسمعت أحمد بن حنبل يقول في عتاب بن بشير:
تركه عبد الرحمن بأخرة، وكف أحمد عن حديثه، وذاك أن
الخطابي حدثه عنه بحديث، فقال لي أحمد: أبو جعفر النفيلي
يحدث عنه ؟ قلت: نعم.
قال: أبو جعفر أعلم به (2).
قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: اشهد على أني لم أر أحفظ
من النفيلي (3).
وقال أبو حاتم: حدثنا ابن نفيل الثقة المأمون (4).
وقال الدارقطني: هو ثقة مأمون محتج به (5).
وقال أبو أحمد الحاكم: كتبوا عنه في أيام هشيم (6).
قال أبو الفضل يعقوب بن إسحاق الفقيه: سمعت أحمد بن سلمة
النيسابوري يحكي عن محمد بن مسلم بن وارة، قال: أحمد بن
صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة،
والنفيلي بحران: هؤلاء أركان الدين (7).
وقال أبو حاتم البستي: كان النفيلي متقنا يحفظ، سمعت
مكحولا،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(4) " الجرح والتعديل " 5 / 159.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(6) تهذيب الكمال " لوحة 738.
(7) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(*)
(10/636)
سمعت جعفر بن أبان، سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو جعفر
النفيلي أهل أن يقتدى به (1).
وعن ابن نمير، قال: وكيع وابن مهدي وأبو نعيم ورابعهم
النفيلي (2).
قال خليفة: توفي سنة أربع وثلاثين ومئتين.
قيل: مات في أحد الربيعين، وكان من أبناء التسعين.
222 - الجرمي * (خ، م) الامام
المحدث الصدوق، أبو عبيد الله، سعيد بن محمد بن
سعيد الجرمي الكوفي.
حدث عن: شريك، وعمرو بن أبي المقدام، وحاتم بن إسماعيل،
وعبد الملك بن عبدالرحمن بن أبجر، وعمرو بن عطية العوفي،
ويعقوب ابن أبي المتئد، والقاضي أبي يوسف، وعدة.
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وروى أبو داود وابن ماجة عن رجل
عنه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة الرازي، وأبو بكر بن
أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد، وإبراهيم
بن عبد الله المخرمي، وآخرون.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 738.
* التاريخ الكبير 3 / 514، الجرح والتعديل 3 / 59، تاريخ
بغداد 9 / 87، الانساب 3 / 234، تهذيب الكمال لوحة 50،
تذهيب التهذيب 2 / 27 / 2، ميزان الاعتدال 2 / 157،
العبر 1 / 406، الكاشف 1 / 371، تهذيب التهذيب 4 / 76، 77،
خلاصة تذهيب الكمال: 142، شذرات الذهب 2 / 68.
(*)
(10/637)
سئل أحمد بن حنبل عنه، فقال: صدوق، كان يسمع معنا الحديث
ويطلب (1).
وقال أبو داود: هو ثقة (2).
وقال بعضهم: كان يتشيع.
قال إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي: كان إذا قدم
بغداد، نزل على أبي، وكان إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه
وسلم ربما سكت، وإذا جاء ذكر علي بن أبي طالب، قال: صلى
الله عليه وسلم (3).
قلت: مات سنة ثلاثين ومئتين.
وفيها مات علي بن الجعد، ومحمد بن سعد، وأحمد بن جميل،
وأحمد بن جناب، وإبراهيم بن إسحاق الصيني، وإبراهيم بن
حمزة، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وإسماعيل بن سعيد
الشالنجي الفقيه، وإسماعيل بن عيسى العطار، ومحمد بن
إسماعيل بن أبي سمينة، وسعيد بن عمرو الاشعثي، وأمير
خراسان عبد الله بن طاهر الخزاعي، وعبد الحميد ابن صالح
البرجمي، وعبد العزيز بن يحيى المدني، وعلي بن محمد
الطنافسي، وعون بن سلام الكوفي، وأبو غسان مالك المسمعي،
ومحبوب ابن موسى الانطاكي، ومهدي بن جعفر الرملي، وعتيق بن
يعقوب الزبيري، وإسحاق بن عمر بن سليط البصري، والحسن بن
الحكم القطربلي (4).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 505.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 88.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 88، و " تهذيب الكمال " لوحة 505.
(4) نسبه إلى قطربل: قرية من قرى بغداد.
" الانساب " 10 / 190.
(*)
(10/638)
223 - عمر بن حفص بن غياث
* (خ، م، د، ت، س) عن أبيه قاضي الكوفة، وأبي بكر بن عياش،
وعبد الله بن إدريس، وغيرهم.
يكنى أبا حفص، وكان من العلماء الاثبات.
حدث عنه: الشيخان في " صحيحيهما "، وروى أرباب السنن سوى
ابن ماجة عن رجل عنه، وممن روى عنه أحمد بن إبراهيم
الدورقي، وأحمد بن يوسف السلمي، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن
ملاعب، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم، ويعقوب الفسوي،
وآخرون.
وثقه أبو حاتم (1).
وقال أبو داود: تبعته إلى منزله، ولم يتفق لي أن أسمع منه
(2).
قال البخاري: توفي سنة اثنتين وعشرين ومئتين (3).
قلت: لم يخرجوا له عن غير أبيه، وكان مكثرا عنه مليا به.
مات عن بعض وخمسين سنة بالكوفة.
__________
* التاريخ الكبير 6 / 150، التاريخ الصغير 2 / 346، الجرح
والتعديل 6 / 103، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 340،
المعجم المشتمل: 200، تهذيب الكمال لوحة 1006، تذهيب
التهذيب 3 / 81، العبر 1 / 385، الكاشف 2 / 307، تهذيب
التهذيب 7 / 435، خلاصة تذهيب الكمال: 281، شذرات الذهب 2
/ 50.
(1) في " الجرح والتعديل " 6 / 103.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 107.
(3) " التاريخ الكبير " 6 / 150.
(*)
(10/639)
224 - خالد بن خلي
* القاضي الامام الحافظ، أبو القاسم الكلاعي الحمصي، قاضي
بلده.
ولد في حدود سنة سبعين ومئة.
وسمع من: بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، وسلمة بن عبدالملك
العوصي، ومحمد بن حمير، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه "، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد
بن عوف الطائي، وولده محمد بن خالد بن خلي، وآخرون.
قال النسائي: ليس به بأس (1).
قلت: كان من نبلاء العلماء.
قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: سمعت سليمان بن عبدالحميد
البهراني يقول: لما وجه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه
دمشق، وقع الاختيار على أربعة: يحيى بن صالح الوحاظي، وعلي
بن عياش، وأبي اليمان، وخالد بن خلي.
قال: فأول من دخل أبو اليمان، فقال له يحيى بن أكثم: ما
تقول في يحيى بن صالح ؟ فقال: أورد علينا من هذه الاهواء
شيئا لا نعرفه.
قال: فما تقول في علي بن عياش ؟ فقال: رجل صالح لا يصلح
للقضاء.
قال: فخالد بن خلي ؟ قال: أنا أقرأته القرآن.
فأمر به، فأخرج.
__________
* التاريخ الكبير 2 / 356، الجرح والتعديل 3 / 327،
الاكمال 2 / 113، تهذيب الكمال لوحة 356، تذهيب التهذيب 1
/ 186 / 2، الكاشف 1 / 267، تهذيب التهذيب
3 / 86، خلاصة تذهيب الكمال: 100، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5
/ 33، 34.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 356.
(*)
(10/640)
ثم أدخل يحيى بن صالح، فقال: ما تقول في أبي اليمان ؟ قال:
شيخ من شيوخنا، مؤدب أولادنا.
قال: فعلي بن عياش ؟ قال: رجل صالح لا يصلح.
قال: فخالد بن خلي ؟ قال: عني أخذ العلم، وكتب الفقه.
فأخرج.
وأدخل علي بن عياش، فحادثه، وقال: ما تقول في أبي اليمان ؟
فقال: شيخ صالح يقرأ القرآن.
قال: فيحيى ؟ قال: أحد الفقهاء.
قال: فخالد بن خلي ؟ قال: رجل من أهل العلم.
ثم أخذ يبكي.
ثم أدخل خالد، فقال له: ما تقول في أبي اليمان ؟ قال:
شيخنا وعالمنا، ومن قرأنا عليه القرآن.
قال: فيحيى ؟ قال: أخذنا عنه العلم والفقه.
قال: فابن عياش ؟ قال: رجل من الابدال، إذا نزلت بنا
نازلة، سألناه، فدعا الله، فكشفها، فإذا أصابنا القحط،
سألناه، فدعا الله تعالى، فسقانا الغيث.
قال: فعمد يحيى بن أكثم إلى ستر رقيق بينه وبين المأمون،
فرفعه، فقال له المأمون: هذا يصلح للقضاء، فوله، فأمر
بالخلع، فخلعت على خالد، وولاه القضاء (1).
قلت: لم أظفر له بوفاة، كأنه مات سنة نيف وعشرين ومئتين.
ابنه:
225 - محمد بن خالد بن خلي
* (س) الامام العالم الحجة، أبو الحسين الحمصي.
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 356، و " تهذيب تاريخ ابن عساكر
" 5 / 33، 34.
* الجرح والتعديل 7 / 244، الاكمال 2 / 113، المعجم
المشتمل: 237، تهذيب الكمال لوحة 1192، تذهيب التهذيب 3 /
200 / 1، الكاشف 3 / 37، تهذيب التهذيب 9 / 140، خلاصة
تذهيب الكمال: 334.
(*)
(10/641)
حدث عن: أبيه، وأحمد بن خالد الوهبي، وأبي اليمان، وبشر بن
شعيب.
روى عنه: النسائي، وحاجب بن أركين، وابن جوصا، وأبو عوانة،
وأبو العباس الاصم، وولده أحمد بن محمد بن خالد بن خلي،
وطائفة.
وثقه النسائي.
وعاش إلى حدود سنة سبعين ومئتين.
226 - محمد بن المنهال * (خ،
م، د) الضرير الحافظ المجود الامام أبو جعفر.
وقيل: أبو عبد الله التميمي البصري، صاحب يزيد بن زريع
وراويته.
وحدث أيضا عن: أبي عوانة، وجعفر بن سليمان، ومحمد بن عبد
الرحمن الطفاوي، ومخشي بن معاوية الباهلي، وحبيبة بنت حماد
المازنية، وجماعة يسيرة.
ولم يرحل، ولا كتب، بل كان يحفظ.
روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو محمد الدارمي،
وأبو بكر الاثرم، وحرب الكرماني، وعبيدالله بن واصل
البخاري، وعثمان ابن خرزاذ، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد
بن إبراهيم البوشنجي، ومضر بن محمد الاسدي، ويعقوب الفسوي،
ويعقوب بن شيبة، ويوسف
__________
* الجرح والتعديل 8 / 92، الجمع بين رجال الصحيحين 2 /
451، المعجم المشتمل:
274، تهذيب الكمال لوحة 1276، تذهيب التهذيب 4 / 1 / 2،
تذكرة الحفاظ 2 / 447، 448، العبر 1 / 410، الكاشف 3 /
100، دول الاسلام 1 / 139، نكت الهميان: 276، تهذيب
التهذيب 9 / 475، طبقات الحفاظ: 195، خلاصة تذهيب الكمال:
360، شذرات الذهب 2 / 71.
(*)
(10/642)
القاضي، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي،
والحسن بن سفيان، وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.
قال العجلي: بصري ثقة، لم يكن له كتاب، قلت له: لك كتاب ؟
فقال: كتابي صدري (1).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كتب عنه علي بن المديني
كتاب يزيد بن زريع، وهو حافظ كيس أحب إلي من أمية بن بسطام
(2).
قال: وسمعت أبا زرعة يقول: سألت محمد بن المنهال أن يقرأ
علي تفسير أبي رجاء ليزيد بن زريع، فأملى علي من حفظه
نصفه، ثم أتيته يوما آخر بعدكم (3)، فأملى علي من حيث
انتهى، فقال: خذ.
فتعجبت، وكان يحفظ حديث يزيد بن زريع.
وقال القاسم بن صفوان البرذعي، عن عثمان بن خرزاذ: أحفظ من
رأيت أربعة: محمد بن المنهال الضرير، وإبراهيم بن محمد بن
عرعرة، وأبو زرعة، وأبو حاتم (4).
قال ابن عدي: سمعت أبا يعلى يذكر محمد بن منهال الضرير،
ويفخم أمره، ويذكر أنه كان أحفظ من بالبصرة في وقته،
وأثبتهم في يزيد بن زريع (5).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1276.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 92.
(3) ضبطت في الاصل بفتح الكاف، وكأنه يريد أنه جاء بعد
أيام.
والخبر في " الجرح والتعديل " 8 / 92.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 1276.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 1276.
(*)
(10/643)
وروى ابن حبان عن أبي يعلى، قال: مات بالبصرة ليلة الاحد
لسبع عشرة خلون من شعبان، سنة إحدى وثلاثين ومئتين (1).
وقال موسى بن هارون: مات في آخر شعبان (2).
والاول أصح.
أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد القيسي فيما حدث به
وأجازه لي، قال: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن عبدا
لباقي الانصاري في سنة أربع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا الحسن
بن علي الجوهري، أخبرنا علي ابن محمد بن كيسان، أخبرنا
يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن المنهال، حدثنا يزيد
بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة وشعبة، عن قتادة، عن ابن
المسيب، عن عامر بن أبي أمية، عن أم سلمة أخته، قالت: "
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فينا جنبا من غير
احتلام، ثم يصبح صائما ".
هذا حديث صحيح غريب، وعامر من الطلقاء، تفرد بإخراجه
النسائي من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد فقط (3).
ومن غريب الاتفاق وفاة سميه وشريكه في اللقاء معه في عام،
وهو:
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 1276.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1276.
(3) وأخرجه مالك 1 / 272 في الصيام: باب ما جاء في صيام
الذي يصبح جنبا في رمضان، ومن طريقه البخاري 4 / 123،
ومسلم (1109)، وأبو داود (2388) عن عبد ربه بن سعيد بن
قيس، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة
وأم سلمة قالتا: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليصبح جنبا من جماع غير احتلام في رمضان، ثم يصوم ذلك
اليوم.
وأخرجه الترمذي (779) من طريق قتيبة، عن الليث، عن ابن
شهاب، عن أبي بكر ابن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن
عائشة وأم سلمة.
(*)
(10/644)
227 - محمد بن المنهال البصري
* العطار، أخو الحافظ الثقة حجاج بن منهال (1) الانماطي.
يروي عن: يزيد بن زريع، وجعفر بن سليمان، وعبد الواحد بن
زياد، وفياض بن ثابت.
حدث عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل،
وأبو يعلى الموصلي، ومطين، وجماعة.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا وعن الضرير، فقال:
جميعا ثقتان، والضرير أحفظ وأكيس (2).
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
قال شيخنا أبو الحجاج (3): وقيل: إنه مات أيضا في سنة إحدى
وثلاثين ومئتين.
وفيها مات محمد بن سعيد البصري الاثرم، وعبادة بن زياد
الكوفي، وخالد بن مرداس ببغداد، وأبو يعقوب البويطي
الفقيه، ومحرز بن عون، وأحمد بن نصر الخزاعي الشهيد، وعلي
بن حكيم الاودي، وخلف بن سالم الحافظ، وإبراهيم بن محمد بن
عرعرة، وهارون بن معروف، وعبد الله بن
محمد بن أسماء، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي وأخوه محمد،
وأمية بن بسطام، وكامل بن طلحة.
__________
* التاريخ الكبير 2 / 247، الجرح والتعديل 8 / 92، المعجم
المشتمل: 274، تهذيب الكمال لوحة 1276، تذهيب التهذيب 214
/ 1، تهذيب التهذيب 9 / 476، خلاصة تذهيب الكمال: 360،
شذرات الذهب 2 / 71.
(1) تقدمت ترجمته في هذا الجزء في الصفحة 352.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 92.
(3) في " تهذيب الكمال " لوحة 1276.
(*)
(10/645)
228 - ابن سماعة * قاضي بغداد العلامة أبو عبد الله، محمد
بن سماعة
بن عبيدالله بن هلال التميمي الكوفي، صاحب أبي يوسف ومحمد.
حدث عن: الليث، والمسيب بن شريك.
روى عنه: محمد بن عمران الضبي، والحسن بن محمد بن عنبر
الوشاء.
وصنف التصانيف.
قال ابن معين: لو أن المحدثين يصدقون في الحديث كما يصدق
ابن سماعة في الفقه، لكانوا فيه على نهاية (1).
وقال أحمد بن عطية: كان ورده في اليوم مئتي ركعة (2).
وقال محمد بن عمران: سمعته يقول: مكثت أربعين سنة لم تفتني
التكبيرة الاولى إلا يوم ماتت أمي، فصليت خمسا وعشرين
صلاة، أريد التضعيف (3).
__________
* أخبار القضاة 3 / 282، مروج الذهب 7 / 209، الفهرست:
258، 259، تاريخ
بغداد 5 / 341 - 343، تهذيب الكمال لوحة 1205، تذهيب
التهذيب 3 / 208 / 2، الوافي بالوفيات 3 / 139، 140، تهذيب
التهذيب 9 / 204، النجوم الزاهرة 2 / 271، خلاصة تذهيب
الكمال: 339، مفتاح السعادة 2 / 124، الجواهر المضية 2 /
58، 59، الفوائد البهية 170، 171.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 342، و " تهذيب الكمال " لوحة
1205.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 343.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد " 5 / 342، 343، و " تهذيب
الكمال " لوحة 1205 بأطول مما هنا.
(*)
(10/646)
قلت: ولي القضاء للرشيد بعد يوسف بن أبي يوسف، ودام إلى أن
ضعف بصره، فصرفه المعتصم بإسماعيل بن حماد (1).
عمر مئة سنة وثلاث سنين، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومئتين.
229 - يحيى بن بشر * (م) ابن كثير، المحدث الامام الثقة،
أبو زكريا الاسدي الكوفي الحريري التاجر.
قدم دمشق، فسمع من: معاوية بن سلام الحبشي، وسعيد بن عبد
العزيز، وسعيد بن بشر، ومعروف الخياط، وبالكوفة من جعفر
الاحمر، والفضل بن صدقة.
حدث عنه: مسلم، وأبو محمد الدارمي، وبشر بن موسى، وعثمان
ابن خرزاذ، ومطين، وموسى بن إسحاق، ومحمد بن عثمان بن أبي
شيبة، والحسين بن عمر الثقفي.
قال صالح جزرة: صدوق (2).
وقال الدارقطني: ثقة (3).
قال ابن سعد: قدم دمشق تاجرا، وتوفي بالكوفة في جمادى
الاولى
__________
(1) وانظر " تاريخ بغداد " 5 / 342.
* طبقات ابن سعد 6 / 411، 412، الجرح والتعديل 9 / 131،
تهذيب الكمال، لوحة 1490، تذهيب التهذيب 4 / 149 / 2،
تهذيب التهذيب 11 / 188، خلاصة تذهيب الكمال: 431.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1490.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1490.
(*)
(10/647)
سنة تسع وعشرين ومئتين (1).
وفيها ورخه البغوي.
وقال مطين وحده: سنة سبع (2).
كذا في النسخة، وما أكثر ما يتصحف تسع بسبع.
230 - ابن أبي الاسود * (خ، د،
ت) الامام الحافظ الثبت، أبو بكر، عبد الله بن محمد
بن حميد بن الاسود البصري.
تخرج بخاله عبد الرحمان بن مهدي.
سمع من: مالك بن أنس، وجعفر بن سليمان، وأبي عوانة، وعبد
الواحد بن زياد، ويزيد بن زريع، وحاتم بن إسماعيل، ومعتمر
بن سليمان، وجده أبي الاسود، وحميد بن الاسود، وطائفة.
وتوسع في العلم، وولي قضاء همدان.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وروى الترمذي عن رجل عنه،
ومن الراوين عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وإسماعيل بن عبد
الله سمويه، وإبراهيم الحربي، ويعقوب الفسوي، وعثمان بن
عبد الله بن خرزاذ، وسمع وهو حدث باعتناء خاله.
روى عبد الخالق بن منصور عن يحيى بن معين قال: لا بأس به،
ولكنه سمع وهو صغير من أبي عوانة، وقد كان يطلب الحديث
(3).
__________
(1) " طبقات ابن سعد 6 / 411، 412.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1490.
* التاريخ الكبير 5 / 188، الجرح والتعديل 5 / 159، تاريخ
بغداد 10 / 62 - 64، المعجم المشتمل: 159، تهذيب الكمال
لوحة 734، تذهيب التهذيب 2 / 183 / 2، تذكرة الحفاظ 2 /
493، الكاشف 2 / 125، طبقات الحفاظ: 215، تهذيب التهذيب 6
/ 6، خلاصة تذهيب الكمال: 212.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 63.
(*)
(10/648)
وقال الخطيب: كان حافظا متقنا، سكن بغداد (1).
قال أبو حسان الزيادي وغيره: مات في شهر رمضان سنة ثلاث
وعشرين ومئتين، وله ستون سنة (2).
قلت: فعلى هذا يكون مولده ظنا في سنة ثلاث وستين ومئة.
231 - الفروي * (خ، ت، ق)
الامام المحدث العالم، أبو يعقوب، إسحاق بن محمد بن
إسماعيل ابن عبد الله بن أبي فروة الاموي، مولاهم الفروي
المدني.
سمع عبد الله بن جعفر المخرمي، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير،
ومالك بن أنس، وسليمان بن بلال، وعبيدة بن نائل، ونافع بن
أبي نعيم، وابن أبي حازم، وعدة.
حدث عنه: البخاري، وأبو بكر الاثرم، وإسماعيل القاضي، وعلي
ابن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وخلق
سواهم.
قال أبو حاتم: صدوق، ولكن ذهب بصره، فربما لقن، وكتبه
صحيحة (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 62، 63.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 64.
* التاريخ الكبير 1 / 401، التاريخ الصغير 2 / 355، الجرح
والتعديل 2 / 233، الانساب 9 / 288، اللباب 2 / 426، تهذيب
الكمال لوحة 90، العبر 1 / 397، ميزان الاعتدال 1 / 198،
تذهيب التهذيب 1 / 57 / 2، الوافي بالوفيات 8 / 422، تهذيب
التهذيب 1 / 248، مقدمة فتح الباري: 387، خلاصة تذهيب
الكمال: 29، شذرات الذهب 2 / 58.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 233.
(*)
(10/649)
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
ووهاه أبو داود، ونقم عليه روايته لحديث الافك عن مالك
(1).
وقال الدارقطني: ضعيف، وقد روى عنه البخاري، ويوبخونه على
هذا.
قلت: القول ما قاله فيه أبو حاتم (2)، أما عم أبيه إسحاق
بن عبد الله، فذاك واه.
قال البخاري: مات الفروي سنة ست وعشرين ومئتين (3).
قلت: خرج له أيضا الترمذي والقزويني، ووقع لنا في جزء ابن
ديزيل حديث الافك، رواه عن الفروي عن مالك (4).
232 - عبدالرحمن بن سلام * [ م
] ابن عبيدالله الجمحي، مولاهم البصري، الامام
الثقة أبو حرب،
أخو محمد بن سلام الجمحي الاخباري.
حدث عن: إبراهيم بن طهمان، وأبي المقدام هشام بن زياد،
وحماد بن سلمة، ومبارك بن فضالة، والربيع بن مسلم، وجماعة.
__________
(1) انظر " تهذيب الكمال " لوحة 90.
(2) وكذا قال الحافظ في " مقدمة الفتح ": 387.
(3) " التاريخ الكبير " 1 / 401.
(4) هو في " جزئه " الورقة 174 / وجه ثان وما بعدها، وهذا
الجزء موجود ضمن " مجموعه " الموجود في المكتبة الاحمدية
بحلب، وعندنا نسخة مصورة منه.
* الجرح والتعديل 5 / 242، الانساب 3 / 299، 300، المعجم
المشتمل: 167، تهذيب الكمال لوحة 294، تذهيب التهذيب 2 /
213 / 2، العبر 1 / 409، 410، الكاشف 2 / 167، تهذيب
التهذيب 6 / 192، خلاصة تذهيب الكمال: 229، شذرات الذهب 2
/ 71.
(*)
(10/650)
حدث عنه: مسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب
تمتام، ومعاذ بن المثنى، وموسى بن هارون، والحسن بن سفيان،
وأبو يعلى الموصلي، وأبو خليفة الجمحي، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
قال موسى بن هارون: مات بالبصرة سنة إحدى وثلاثين ومئتين
(2).
قلت: كان من أبناء التسعين.
وكذلك أخوه:
233 - محمد بن سلام *
العلامة، أبو عبد الله الجمحي، وولاؤهم لقدامة بن مظعون.
كان عالما أخباريا، أديبا بارعا.
حدث عن: مبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وأبي عوانة،
وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن زهير، وثعلب، وأحمد بن علي الابار، وعبد
الله بن أحمد، وأبو خليفة، وعدد كثير.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 242، 243.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 794.
* الجرح والتعديل 7 / 278، مراتب النحويين: 67، طبقات
النحويين للزبيدي: 197، الفهرست: 126، تاريخ بغداد 5 /
327، الانساب 3 / 299، نزهة الالباء: 157، معجم الادباء 18
/ 204، 205، الكامل لابن الاثير 7 / 26، إنباه الرواة 3 /
143، ميزان الاعتدال 3 / 567، العبر 1 / 409، عيون
التواريخ 8 / لوحة 90 و 91 / 1، الوافي بالوفيات 3 / 114،
115، البداية والنهاية 10 / 308، طبقات ابن قاضي شهبة 1 /
57، لسان الميزان 5 / 182، النجوم الزاهرة 2 / 260، بغية
الوعاة 1 / 115، المزهر 2 / 260، طبقات المفسرين 2 / 151،
شذرات الذهب 2 / 71.
(*)
(10/651)
قال صالح جزرة: صدوق (1).
قلت: صنف كتاب " طبقات الشعراء " (2).
قال الحسين بن فهم: قدم علينا محمد بن سلام بغداد سنة
اثنتين وعشرين، فاعتل علة شديدة، فأهدى إليه الرؤساء
أطباءهم، وكان منهم ابن ماسويه الطبيب، فلما رآه، ما أرى
من العلة كما أرى من الجزع.
قال: والله ما ذاك لحرص على الدنيا مع اثنتين وثمانين سنة،
ولكن الانسان في غفلة حتى يوقظ بعلمه، فقال: لا تجزع، فقد
رأيت في
عرقك من الحرارة الغريزية وقوتها ما إن سلمك الله من
العوارض، بلغك عشر سنين أخرى.
قال ابن فهم: فوافق كلامه قدرا، فعاش كذلك، وتوفي سنة
اثنتين وثلاثين (3).
وقال أبو خليفة: ابيضت لحية محمد بن سلام ورأسه وله سبع
وعشرون سنة (4).
وقال غيره: توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين، وكان يقول:
أفنيت ثلاثة أهلين ماتوا، وها أنا في الرابعة ولي أولاد
(5).
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 328.
(2) وقد طبع في سفرين بتحقيق وشرح الاستاذ الكبير العلامة
محمود محمد شاكر.
(3) " تاريخ بغداد 5 / 329، و " طبقات الاطباء " لابن أبي
أصيبعة: 254، و " نزهة الالباء " 157، 158.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 329.
(5) " تاريخ بغداد " 5 / 329.
(*)
(10/652)
234 - أحمد بن شبيب
* [ خ، س ] ابن سعيد، الحبطي الامام، أبو عبد الله البصري
المجاور بمكة.
حدث عن: أبيه، ويزيد بن زريع، ومروان بن معاوية.
وعنه: البخاري، وابن المديني، والفلاس، وأبو حاتم،
وإبراهيم الحربي، وأبو زرعة، والفسوي، وخلق.
قال أبو حاتم: ثقة صدوق (1).
وقال ابن أبي عاصم: مات سنة تسع وعشرين ومئتين (2).
235 - أبو توبة الحلبي
* * (خ، م، د) الامام الثقة الحافظ، بقية المشايخ، أبو
توبة الربيع بن نافع الحلبي، نزيل طرسوس التي هي اليوم من
بلاد الارمن (3).
مولده في حدود الخمسين ومئة.
سمع من: معاوية بن سلام، ومحمد بن مهاجر، والهيثم بن
__________
* التاريخ الكبير 2 / 4، الجرح والتعديل 2 / 54، الانساب 4
/ 49، تهذيب الكمال 1 / 23، تذهيب التهذيب 1 / 12 / 1،
ميزان الاعتدال 1 / 103، الكاشف 1 / 59، تهذيب التهذيب 1 /
36، خلاصة تذهيب الكمال: 7.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 55.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 23.
* * التاريخ الكبير 3 / 279، الجرح والتعديل 3 / 370،
تهذيب الكمال لوحة 409، تذهيب التهذيب 1 / 119 / 2، الكاشف
1 / 305، تهذيب التهذيب 3 / 250، خلاصة تذهيب الكمال: 115،
تهذيب تاريخ ابن عساكر 5 / 310، 311.
(3) وهي الآن مدينة في جنوب تركيا.
(*)
(10/653)
حميد، ويحيى بن حمزة القاضي، وشريك القاضي، وإسماعيل بن
عياش، والحكم بن ظهير، ويزيد بن المقدام، وابن المبارك،
وأبي المليح الرقي، وعبيدالله بن عمر، وإبراهيم بن سعد،
وأبي الاحوص، وطبقتهم.
ووعى علما جما، وعمر دهرا، وارتحلوا إليه.
حدث عنه: أبو محمد الدارمي، وأبو حاتم، وأبو داود في "
سننه "، ويزيد بن جهور الطرسوسي، وإبراهيم بن سعيد
الجوهري، وزهير بن
محمد بن قمير، وأحمد بن خليد الحلبي، ويعقوب الفسوي، ومن
أقرانه أحمد بن حنبل، وغيره.
وحدث البخاري ومسلم والنسائي والقزويني في كتبهم عن رجل
عنه.
قال أبو حاتم: ثقة حجة (1).
وقال أبو داود: قدم أبو توبة الكوفة، ولم يرحل إلى البصرة،
وكان يحفظ الطوال يجئ بها، ورأيته يمشي حافيا وعلى رأسه
الطويلة.
قال: وكان يقال: إنه من الابدال رحمه الله (2).
قلت: هو آخر من حدث عن معاوية بن سلام.
قال النسائي: لم يكن به بأس (3).
وقال الفسوي: كان لا بأس به، توفي سنة إحدى وأربعين ومئتين
(4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 471.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 409.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 409.
(4) انظر " تاريخ الفسوي " 1 / 212.
(*)
(10/654)
قلت: كان من أبناء التسعين، وإنما قدمت ترجمته لقدمه
ونبله، ولذلك ما أزال مترددا في الكهل القديم الموت وفي
المعمر الذي تأخر.
236 - الخوشي * الامام الحافظ
البارع، شيخ خراسان، أبو عبد الله، محمد بن أسد
الاسفراييني الخوشي بواو.
ويقال: الخشي.
سمع: الفضيل بن عياض، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن
عيينة، وبقية بن الوليد، وإسماعيل ابن علية، والوليد بن
مسلم، ومروان
ابن معاوية الفزاري، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو حاتم الرازي، وإبراهيم الحربي، وأبو أحمد
محمد ابن عبد الوهاب، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبو محمد
الدارمي، ويحيى بن الذهلي، وأبو لبيد محمد بن إدريس
السرخسي وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي بمكة في سنة ست عشرة
ومئتين، وسئل عنه، فقال: صدوق (1).
وقال أبو أحمد الحاكم: كان أحد أركان الحديث، ولما بلغ
إسحاق ابن راهويه موته، دخل على ابن طاهر الامير، فقال:
آجرك الله في نصف خراسان.
وقال الخطيب وغيره: كان ثقة (2).
__________
* الجرح والتعديل 7 / 209، الاكمال 3 / 265، تاريخ بغداد 2
/ 81، 82، معجم البلدان 2 / 406، اللباب 1 / 376، تذكرة
الحفاظ 2 / 460، المشتبه 1 / 218، تبصير المنتبه 2 / 554،
طبقات الحفاظ: 198.
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 209.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 82 (*)
(10/655)
وقال أبو عبد الله بن البيع: خوش: قرية من قرى إسفرايين
(1).
وقال أبو عوانة الحافظ: كتبوا عنه ببغداد وله خمس وعشرون
سنة (2).
قلت: مات بعيد سنة ثلاثين ومئتين أو فيها، وأثبته هنا لقدم
وفاته.
237 - أصبغ بن الفرج *
(خ، ت، س) ابن سعيد بن نافع، الشيخ الامام الكبير، مفتي
الديار المصرية، وعالمها أبو عبد الله الاموي مولاهم
المصري المالكي.
مولده بعد الخمسين ومئة.
وطلب العلم وهو شاب كبير، ففاته مالك والليث.
فروى عن: عبد العزيز الدراوردي، وأسامة بن زيد بن أسلم،
وأخيه عبدالرحمن بن زيد، وحاتم بن إسماعيل، وعيسى بن يونس
السبيعي، وعبد الله بن وهب، وابن القاسم، وبهما تفقه وحوى
علما جما.
حدث عنه: البخاري، وأحمد بن الحسن الترمذي، ويحيى بن معين،
وأحمد بن الفرات، والربيع بن سليمان الجيزي، وإسماعيل
سمويه، ومحمد بن إسماعيل السلمي، وأبو الدرداء عبد العزيز
بن منيب
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 81، 82.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 82.
* التاريخ الكبير 2 / 36، الجرح والتعديل 2 / 321، طبقات
الشيرازي: 153، ترتيب المدارك 2 / 561، 565، وفيات الاعيان
1 / 240، تهذيب الكمال لوحة 121، تذهيب التهذيب 1 / 71 /
2، تذكرة الحفاظ 2 / 457، العبر 1 / 393، الكاشف 1 / 136،
الديباج المذهب 1 / 299 - 301، تهذيب التهذيب 1 / 361،
طبقات الحفاظ: 200، حسن المحاضرة 1 / 308، خلاصة تذهيب
الكمال: 39، شذرات الذهب 2 / 56، شجرة النور الزكية 1 /
66.
(*)
(10/656)
المروزي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وبكر بن سهل الدمياطي،
وأبو يزيد يوسف القراطيسي، وخلق كثير.
ذكره ابن معين، فقال: كان من أعلم خلق الله برأي مالك،
يعرفها مسألة مسألة، متى قالها مالك، ومن خالفه فيها (1).
وقال أحمد بن عبد الله: أصبغ ثقة صاحب سنة (2).
وقال أبو حاتم: كان أجل أصحاب ابن وهب (3).
وقال أبو سعيد بن يونس: كان يحيى بن عثمان بن صالح يقول:
هو من أولاد عبيد المسجد، كان بنو أمية يشترون للمسجد
عبيدا يخدمونه، فأصبغ من أولاد أولئك، وكان مضطلعا بالفقه
والنظر.
ثم قال: توفي لاربع بقين من شوال سنة خمس وعشرين ومئتين،
وكان ذكر للقضاء في مجلس الامير عبد الله بن طاهر، فسبقه
سعيد بن عفير (4).
قال: وحدثني علي بن الحسن بن قديد، عن يحيى بن عثمان بن
صالح، عن أبي يعقوب البويطي أنه كان حاضرا في مجلس ابن
طاهر حين أمر بإحضار شيوخ مصر.
قال: فقال لنا: إني جمعتكم لترتادوا لانفسكم قاضيا، فكان
أول من تكلم يحيى بن بكير، ثم تكلم ابن ضمرة الزهري، فقال:
أصلح الله الامير، أصبغ بن الفرج الفقيه العالم الورع،
وذكر باقي الحكاية (5).
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 563.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 121.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 321.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 121.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 121.
(*)
(10/657)
قال بعض العلماء: ما أخرجت مصر مثل أصبغ (1).
وقال أبو نصر الفقيه: سمعت المزني والربيع يقولان: كنا
نأتي أصبغ قبل قدوم الشافعي، فنقول له: علمنا مما علمك
الله تعالى (2).
قال مطرف بن عبد الله: أصبغ أفقه من عبد الله بن عبد الحكم
(3).
وذكر علي بن قديد عمن حدثه، قال: كان بين أصبغ وابن عبد
الحكم
مباعدة، وكان أحدهما يرمي الآخر بالبهتان.
وقال ابن وزير: كان أصبغ خبيث اللسان، كان صاعقة.
قال ابن قديد: كتب المعتصم في أصبغ ليحمل إليه في المحنة،
فهرب رحمه الله واختفى بحلوان [ وفي ذلك يقول ] الجمل
الشاعر: وطويت أصبغ حقبة في بيته * فسترنه جدر البيوت
الستر أبدلته برجاله وجموعه * خرقا مقاعدة النساء الخدر
فإذا أراد مع الظلام لحاجة * أخذ النقاب وفضل مرط المعجر
(4)
238 - المسندي * (خ)
الامام الحافظ المجود، شيخ ما وراء النهر مع محمد بن سلام،
أبو
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 2 / 562.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 563.
(3) " انظر " ترتيب المدارك " 2 / 562.
(4) الابيات مع الخبر مفصلا في " ترتيب المدارك " 2 / 565.
* التاريخ الكبير 5 / 189، التاريخ الصغير 2 / 358، الجرح
والتعديل 5 / 162، تاريخ بغداد 10 / 64، الجمع بين رجال
الصحيحين 1 / 266، المعجم المشتمل: 160، تهذيب الكمال لوحة
735، تذهيب التهذيب 2 / 184 / 1، الكاشف 2 / 126، العبر 1
/ 405، تهذيب التهذيب 6 / 9، خلاصة تذهيب الكمال: 312،
شذرات الذهب 2 / 67.
(*)
(10/658)
جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن يمان
الجعفي، مولاهم البخاري، المعروف بالمسندي لكثرة اعتنائه
بالاحاديث المسندة.
رحل وطوف، وسمع من: سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية،
وإسحاق الازرق، وفصيل بن عياض، وعبد الله بن نمير، وعبد
الرزاق،
وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري في " صحيحه "، والذهلي، وأبو زرعة
الرازي، وعبيدالله بن واصل، والفقيه محمد بن نصر، وخلق من
أهل تلك الديار.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال الحاكم: هو إمام الحديث في عصره بما وراء النهر بلا
مدافعة، وهو أستاذ البخاري.
قلت: وقد أسلم جد البخاري على يدي يمان جد المسندي.
روى غنجار في " تاريخه " بإسناده: قال البخاري: قال لي
الحسن ابن شجاع: من أين يفوتك حديث وأنت وقعت على كنز ؟
يعني المسندي (2).
توفي المسندي في ذي القعدة سنة تسع وعشرين ومئتين، وكان من
أبناء التسعين.
قال أحمد بن سيار: غاب أبو جعفر عن بلده، وأقام في طلب
الحديث
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 162.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 735.
(*)
(10/659)
في الآفاق، وكان يلقب بالمسندي، وهو من المعروفين من أهل
العدالة والصدق، صاحب سنة وجماعة وإتقان، رأيته بواسط، كان
حسن القامة، أبيض الرأس واللحية، ورجع إلى بخارى ومات بها
(1).
وروي عن خلف بن عامر، عن أبي عبد الله البخاري قال: قال لي
الحسن بن شجاع: أنت من أين يفوتك الحديث وقد وقعت على هذا
الكنز.
يعني المسندي (2).
وعن أبي جعفر المسندي قال: ودعت الفضيل بن عياض فقلت:
أوصني.
قال: كن ذنبا ولا تكن رأسا.
قال البخاري: مات المسندي لست بقين من ذي القعدة سنة تسع
(3).
239 - المقدمي * (خ، م، س)
الامام المحدث الحافظ الثقة، أبو عبد الله، محمد بن أبي
بكر بن علي بن عطاء بن مقدم الثقفي، مولاهم البصري،
والد المحدث أحمد بن محمد.
حدث عن: عمه عمر بن علي المقدمي، وحماد بن زيد، وأبي
عوانة، ويزيد بن زريع، ويوسف بن الماجشون، وعباد بن عباد
المهلبي،
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 735.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 65.
(3) " التاريخ الصغير " 2 / 358.
* التاريخ الكبير 1 / 49، التاريخ الصغير 2 / 363، الجرح
والتعديل 7 / 213، تهذيب الكمال لوحة 1178، تذهيب التهذيب
3 / 191 / 2، تهذيب التهذيب 9 / 79، خلاصة تذهيب الكمال:
329.
(*)
(10/660)
وفضيل بن سليمان، وعثام بن علي، وطبقتهم، فأكثر وأتقن.
حدث عنه: البخاري ومسلم في كتابيهما، وروى النسائي عن رجل
عنه، وإسماعيل القاضي، وأبو حاتم، ويوسف القاضي، وعبد الله
بن أحمد، وأحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى التميمي، والحسن
بن
سفيان، وجعفر الفريابي، وخلق.
وثقه يحيى بن معين وأبو زرعة.
ومات في أول سنة أربع وثلاثين ومئتين، وقد قارب الثمانين،
رحمه الله.
يقع لي من عواليه في " صفة المنافق " وفي " مسند " أبي
يعلى.
وكان ابنه أحمد بن محمد صاحب حديث أيضا.
240 - أحمد بن أبي شعيب
* (خ، د، ت، س) هو المحدث الامام، أبو الحسن، أحمد بن عبد
الله بن أبي شعيب مسلم الاموي الحراني، مولى عمر بن عبد
العزيز.
روى عن: زهير بن معاوية، وعيسى بن يونس، وموسى بن أعين،
والحارث بن عمير، وعدة.
وعنه: أبو داود، وأحمد بن فيل، وصالح بن علي النوفلي، وأبو
زرعة الرازي، ومحمد بن جبلة، وحفيده أبو شعيب عبد الله بن
الحسن
__________
* التاريخ الكبير 2 / 3، التاريخ الصغير 2 / 374، الجرح
والتعديل 2 / 57، الانساب 4 / 98، تهذيب الكمال لوحة 28،
تذهيب التهذيب 1 / 15 / 2، الكاشف 1 / 61، تهذيب التهذيب 1
/ 47، خلاصة تذهيب الكمال: 8.
(*)
(10/661)
الحراني، وآخرون، وروى البخاري والترمذي والنسائي عن رجل
عنه.
وثقه أبو حاتم (1).
مات سنة ثلاث وثلاثين.
241 - أحمد بن عبدالملك * (خ،
س، ق) ابن واقد، الامام الحافظ المتقن، أبويحيى
الاسدي، مولاهم
الحراني.
ولد في حدود سنة خمسين ومئة.
وسمع من: حماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، وأبي المليح الحسن
ابن عمر الرقي، وزهير بن معاوية، وأبي عوانة، وعبيدالله بن
عمرو، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
ومحمد بن غالب تمتام، وأبو شعيب الحراني، وخلق سواهم.
قال أحمد بن حنبل: رأيته حافظا لحديثه، صاحب سنة، فقيل له:
أهل حران يسيؤون الثناء عليه، فقال: أهل حران قل ما يرضون
عن إنسان، هو يغشى السلطان بسبب ضيعة له (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 57.
* التاريخ الكبير 2 / 3، الجرح والتعديل 2 / 61، تاريخ
بغداد 4 / 266، تهذيب الكمال لوحة 31، تذهيب التهذيب 1 /
18 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 463، الكاشف 1 / 64، تهذيب
التهذيب 1 / 57، طبقات الحفاظ: 201، 202، خلاصة تذهيب
الكمال: 9.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 266، و " تهذيب الكمال " لوحة 31.
(*)
(10/662)
وقال أبو حاتم: كان نظير النفيلي في الصدق والاتقان (1).
قلت: خرج له النسائي، وابن ماجة.
قال أبو عروبة: مات سنة إحدى وعشرين ومئتين (2).
قرأت على عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن قدامة
الفقيه سنة خمس عشرة، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا
أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو سهل
بن زياد، حدثنا أبو جعفر محمد بن
غالب، حدثنا أحمد بن عبدالملك الحراني، حدثنا أبو المليح،
عن زياد ابن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن
أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المهدي من
ولد فاطمة رضي الله عنها " (3).
وقد بقي من هذه الطبقة طائفة سيأتون في الطبقة الآتية ممن
تتجاذبهم الطبقات (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 61.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 267.
(3) سنده جيد، وأخرجه أبو داود (4284)، وابن ماجه (4086)
في كتاب المهدي من طريقين عن أبي المليح الرقي بهذا
الاسناد، وهو في " المستدرك " 4 / 557.
(4) فما يأتي من التراجم، منها ما يندرج تحت الطبقة
الثانية عشرة، ومنها ما يندرج تحت الطبقة الثالثة عشرة،
وقد كتب الناسخ العنوان الآتي أولا " الطبقة الثالثة عشرة
" ثم إنه عدل عن ذلك، فغيره إلى " الطبقة الثانية عشرة "
ظنا منه أنها امتداد لها، وابتدأ الطبقة الثالثة عشرة من
الصفحة (515) من الجزء الحادي عشر من طبعتنا هذه.
(*)
(10/663)
الطبقة الثانية عشرة
242 - محمد بن سعد * ابن منيع،
الحافظ العلامة الحجة، أبو عبد الله البغدادي، كاتب
الواقدي ومصنف " الطبقات الكبير " في بضعة عشر مجلدا و "
الطبقات الصغير " وغير ذلك.
ولد بعد الستين ومئة، فقيل: مولده في سنة ثمان وستين.
وطلب العلم في صباه، ولحق الكبار.
سمع من: هشيم بن بشير، وابن عيينة، وأبي معاوية، وابن أبي
فديك، ووكيع، وأنس بن عياض الليثي، وعبد الله بن نمير،
والوليد بن مسلم، وزيد بن يحيى بن عبيد، وإسماعيل ابن
علية، ومحمد بن مصعب
__________
* طبقات ابن سعد 7 / 364، الجرح والتعديل 7 / 262، الفهرست
لابن النديم: 111، 112، تاريخ بغداد 5 / 321، 322، وفيات
الاعيان 4 / 351، 352، تهذيب الكمال لوحة 1200، الكاشف 3 /
46، تذهيب التهذيب 3 / 205 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 425،
العبر 1 / 407، ميزان الاعتدال 3 / 560، الوافي بالوفيات 3
/ 88، مرآة الجنان 2 / 10، تهذيب التهذيب 9 / 182، طبقات
القراء 2 / 142، 143، النجوم الزاهرة 2 / 258، طبقات
الحفاظ: 183، خلاصة تذهيب الكمال: 336، شذرات الذهب 2 /
69، الرسالة المستطرفة: 138.
(*)
تعليق المستخدم :الطبقة
الثانية عشرة هنا ليست خطأ ، بل هي تابعة للطبقة التي
قبلها وامتداد لها ، راجع تعليق المحقق في الحاشية في
الصفحة السابقة .
(10/664)
القرقساني، ومحمد بن عمر الواقدي، وعمر بن سعيد الدمشقي،
وأبي مسهر، وعفان، وخلق، حتى إنه ينزل إلى ابن المديني،
وأبي خيثمة، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وإسماعيل بن عبد
الله السكري.
وكان من أوعية العلم، ومن نظر في " الطبقات "، خضع لعلمه.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والحارث بن أبي أسامة،
والحسين بن محمد بن عبدالرحمن بن فهم، وأحمد بن يحيى
البلاذري، وأبو القاسم البغوي.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن ابن سعد، فقال: صدوق، رأيته
جاء إلى القواريري وسأله عن أحاديث فحدثه (1).
قال ابن سعد في ذكر البدريين: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا
هشام ابن يوسف، عن معمر، عن أيوب، عن محمد، قال: لما احتضر
أبو طالب، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا ابن
أخي، إذا أنا مت، فائت أخوالك من بني
النجار، فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم (2).
سليمان بن إسحاق بن الخليل: سمعت إبراهيم الحربي يقول: كان
أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة بحنبل إلى ابن سعد يأخذ منه
جزأين من حديث الواقدي ينظر فيهما.
قال إبراهيم: ولو ذهب سمعهما، كان خيرا له (3).
الحسين بن فهم: كنت عند مصعب الزبيري، فمر بنا ابن معين،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 262.
(2) انظر " الطبقات الكبرى " 3 / 543.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 322.
(*)
(10/665)
فقال مصعب: يا أبا زكريا، حدثنا محمد بن سعد الكاتب بكذا
وكذا، وذكر حديثا، فقال له يحيى: كذب.
رواها الخطيب (1)، ثم قال: محمد بن سعد عندنا من أهل
العدالة، وحديثه يدل على صدقه، فإنه يتحرى في كثير من
رواياته، ولعل مصعبا ذكر ليحيى عنه حديثا من المناكير التي
يرويها الواقدي، فنسبه إلى الكذب.
قال ابن فهم: محمد بن سعد صاحب الواقدي، هو مولى الحسين بن
عبد الله بن عبيدالله بن العباس بن عبدالمطلب، توفي ببغداد
في يوم الاحد لاربع خلون من جمادى الآخرة، سنة ثلاثين
ومئتين، وهو ابن اثنتين وستين سنة.
قال: وكان كثير العلم، كثير الحديث والرواية، كثير الكتب،
كتب الحديث والفقه والغريب (2).
أخبرنا أبو جعفر بن الموازيني، أخبرنا أبو سليمان
عبدالرحمن بن عبد الغني المقدسي سنة اثنتين وعشرين، أخبرنا
أبي، أخبرنا أبو نصر عبد
الرحيم بن عبد الخالق، أخبرنا أبو طالب اليوسفي، أخبرنا
أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو عمر بن حيويه، أخبرنا سليمان
بن إسحاق الجلاب، حدثنا الحارث بن محمد التميمي، حدثنا
محمد بن سعد، حدثنا ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن
يحيى بن سعيد، أو عن شريك بن أبي نمر، عن أنس بن مالك قال:
ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم
من هذا الفتى - يعني عمر بن عبد العزيز - قال الضحاك: فكنت
أصلي وراءه، فيطيل الاوليين من الظهر، ويخف الاخريين، ويخف
العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في العشاء
بوسط المفصل، ويقرأ
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 321.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 322، و " تهذيب الكمال " لوحة
1200.
(*)
(10/666)
في الصبح بطوال المفصل (1).
243 - يزيد بن عبد ربه
* (د، م، س، ق) الجرجسي (2)، الحاج الامام الحافظ الثبت،
أبو الفضل الزبيدي الحمصي المؤذن، وكان سكن عند كنيسة جرجس
بحمص، فغلبت عليه النسبة إليها.
ولد سنة ثمان وستين ومئة.
وسمع بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، والوليد بن مسلم،
ومحمد ابن حمير، وأبا المغيرة، وطبقتهم.
وكان محدث حمص في وقته.
حدث عنه: أبو داود، وحدث مسلم والنسائي وابن ماجة عن رجل
عنه، وحدث عنه أحمد بن حنبل، وهو أسن منه، وإسحاق الكوسج،
وأبو
زرعة النصري، ومحمد بن عوف الطائي، وعبد الكريم
الديرعاقولي وآخرون.
أثنى عليه الامام أحمد، وقال: ما كان أثبته (3).
__________
(1) رجاله ثقات، وهو في " الطبقات " 5 / 332، وأخرجه
النسائي 2 / 167، في الافتتاح: باب تخفيف القيام والقراءة،
من طريق هارون بن عبد الله، عن ابن أبي فديك بهذا الاسناد،
وأخرجه بنحوه أيضا من طريق قتيبة، عن العطاف بن خالد، عن
زيد بن أسلم، عن أنس.
* التاريخ الكبير 8 / 349، الجرح والتعديل 9 / 279، الجمع
بين رجال الصحيحين 2 / 578، الانساب 3 / 225، المعجم
المشتمل: 325، اللباب 1 / 271، تهذيب الكمال لوحة 1536،
تهذيب التهذيب 4 / 177 / 2، الكاشف 3 / 283، تهذيب التهذيب
11 / 344، خلاصة تذهيب الكمال: 433.
(2) في الاصل بكسر الجيم، وفي تقريب التهذيب بضمها.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 280.
(*)
(10/667)
قلت: عاش ستا وخمسين سنة، توفي في سنة أربع وعشرين ومئتين.
244 - حوثرة بن أشرس * ابن عون
بن مجشر بن حجين، المحدث الصدوق، أبو عامر العدوي البصري.
سمع: جعفر بن كيسان أبا معروف، ومبارك بن فضالة، وحماد بن
سلمة، وعقبة بن عبد الله الرفاعي، وعدة.
وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد، والفريابي،
وأبو
يعلى، والحسن بن سفيان، وآخرون.
توفي في آخر سنة اثنتين وثلاثين ومئتين، ما أعلم به بأسا.
وقع لي من عواليه في " مسند أبي يعلى ".
وجعفر بن كيسان شيخ مستور يروي عن عمرة العدوية تابعية
لقيت عائشة.
245 - حيوة بن شريح * *
(خ، د، ت، ق) ابن يزيد ، الامام المتقن المحدث الثبت، أبو
العباس، الحضرمي الشامي الحمصي.
__________
* الجرح والتعديل 3 / 283، تعجيل المنفعة: 109.
* * العلل لاحمد بن حنبل: 225، التاريخ الكبير 3 / 120،
التاريخ الصغير 2 / 229، الجرح والتعديل 3 / 307، المعجم
المشتمل: 112، وفيات الاعيان 3 / 37، تهذيب الكمال لوحة
351، تذهيب التهذيب 1 / 184 / 1، تذكرة الحفاظ 1 / 185،
العبر 1 / 229، الكاشف 1 / 263، تهذيب التهذيب 3 / 69،
طبقات الحفاظ: 80، 81، خلاصة تذهيب الكمال: 97، شذرات
الذهب 2 / 53.
(*)
(10/668)
حدث عن: أبيه، وعن إسماعيل بن عياش، وابن حمير، وبقية بن
الوليد، والوليد بن مسلم، ومحمد بن حرب الابرش، وطبقتهم.
روى عنه: البخاري، وأبو داود، وأحمد بن حنبل، وأبو محمد
عبد الله الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حميد أحمد بن
محمد بن المغيرة العوهي، وآخرون.
وكان من أوعية العلم.
وثقة الامام يحيى بن معين وغيره (1).
توفي سنة أربع وعشرين ومئتين، رحمه الله تعالى.
يقع لنا من حديثه في " الصحيح ".
246 - محمد بن وهب * (خ، ق)
ابن عطية، الامام المفتي، أبو عبد الله السلمي
الدمشقي.
حدث عن: بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، والوليد، وعراك بن
خالد.
وعنه: الذهلي، وأبو حاتم، والرمادي، وعبيد بن شريك، وعلي
بن محمد الجكاني.
وثقه الدارقطني (2).
وقال أبو حاتم: صالح الحديث (3).
__________
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 351.
* الجرح والتعديل 8 / 114، تهذيب الكمال لوحة 1283، تذهيب
التهذيب 4 / 7 / 2، ميزان الاعتدال 4 / 61، الكاشف 3 /
106، المغني في الضعفاء 2 / 642، تهذيب التهذيب 9 / 505،
خلاصة تذهيب الكمال: 363.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1283.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 114.
(*)
(10/669)
وقال ابن عدي: له غير حديث منكر، وقد تكلموا فيمن هو خير
منه، ثم قال: حدثنا عيسى بن أحمد الصدفي، حدثنا الربيع
الجيزي، حدثنا محمد بن وهب، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا
مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " أول ما خلق الله القلم، ثم خلق
النون، ثم خلق العقل، فقال: ما خلقت خلقا أعجب إلى منك "
هذا باطل (1).
قلت: صدق ابن عدي (2)، لكن محمد هو آخر قرشي، نزل مصر،
ويكنى أبا عمرو، وذكره ابن مندة، فوهم في نسبه، ثم ذكر أنه
مولى قريش، وأنه منكر الحديث.
قلت: ذكر الاثنين ابن عساكر.
وابن القرشي: محمد بن وهب بن مسلم: روى عن: سعيد بن عبد
العزيز، وعبد الله بن العلاء بن زبر، والوليد ابن مسلم.
روى عنه: الجيزي، ويحيى العلاف، ويحيى بن عثمان المصريون.
قلت: ليس بثقة، والاول ثقة.
247 - محمد بن الصباح الدولابي
* (خ، م، د) الامام الحافظ الحجة، أبو جعفر المزني، مولاهم
البغدادي البزاز
__________
(1) انظر " الكامل " لابن عدي لوحة 742.
(2) في " الميزان " 4 / 61: فصدق ابن عدي في أن الحديث
باطل.
* التاريخ الكبير 1 / 118، التاريخ الصغير 2 / 356، الجرح
والتعديل 7 / 289، تاريخ = (*)
(10/670)
التاجر، مصنف " السنن " الذي نرويه في مجيليد.
ولد سنة إحدى وخمسين ومئة.
وسمع شريك بن عبد الله، وإسماعيل بن زكريا، وهشيم بن بشير،
وابن أبي الزناد، وخالدا الطحان، وأبا معاوية، وابن
المبارك، وإسماعيل ابن جعفر، وجرير بن عبدالحميد، وسفيان
بن عيينة، وإسماعيل ابن علية، وحفص بن غياث، وطائفة.
حدث عنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، والبخاري، ومسلم،
وأبو داود، وإبراهيم الحربي، وتمتام، وأبو حاتم، وأبو
العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي، وخلق.
وثقه أحمد بن حنبل (1).
وقال أبو حاتم: ثقة حجة (2).
وقال تمتام: حدثنا الثقة المأمون محمد بن الصباح الدولابي
(3).
وقال ابن حبان: ولد بقرية دولاب من الري.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صاحب حديث عالم بهشيم (4).
__________
= بغداد 5 / 365، الجمع بين رجال الصحيحين 2 / 440،
الانساب 5 / 370، المعجم المشتمل: 245، تهذيب الكمال لوحة
1211، تذهيب التهذيب 3 / 213 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 441،
ميزان الاعتدال 3 / 584، الكاشف 3 / 54، العبر 1 / 399،
تهذيب التهذيب 9 / 229، طبقات الحفاظ: 193، خلاصة تذهيب
الكمال: 342، شذرات الذهب 2 / 62، الرسالة المستطرفة: 35.
(1) انظر " العلل " لاحمد بن حنبل: ص 251.
(2) " الجرح والتعديل " 7 / 289.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 366.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 366.
(*)
(10/671)
وقيل: كان أحمد بن حنبل يجله ويعظمه.
قال محمد بن سعد: مات بالكرخ في المحرم سنة سبع وعشرين
ومئتين (1).
وقال ولده أحمد بن محمد: عاش والدي سبعا وسبعين سنة، غير
شهر أو شهرين (2).
قلت: مات معه في العام: المعتصم الخليفة، وبشر الحافي،
وأحمد بن يونس اليربوعي، وسعيد بن منصور، والهيثم بن
خارجة، وإسماعيل بن عمرو البجلي الاصبهاني، وسهل بن بكار
البصري، وأبو النضر الفراديسي، وعدة من العلماء.
فأما:
248 - محمد بن الصباح * (د، ق)
ابن سفيان الجرجرائي، فهو الامام المحدث، أبو جعفر،
مولى عمر ابن عبد العزيز، " وجرجرايا ": قرية بين واسط
وبغداد.
حدث عن: عبدي العزيز: الدراوردي، وابن أبي حازم، وهشيم،
وابن عيينة.
__________
(1) " طبقات ابن سعد " 7 / 342.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1211.
* التاريخ الكبير 1 / 118، التاريخ الصغير 2 / 373، الجرح
والتعديل 7 / 289، تاريخ بغداد 5 / 367، الانساب 3 / 224،
المعجم المشتمل 245، معجم البلدان 2 / 123، اللباب 1 /
270، تهذيب الكمال لوحة 1210، تذهيب التهذيب 3 / 113 / 1،
الكاشف 3 / 54، ميزان الاعتدال 3 / 584، المغني في الضعفاء
2 / 593 وفيه: الجرجرائي الدولابي وهو خطأ، فالدولابي هو
صاحب الترجمة المتقدمة، ولم ينبه عليه المحقق.
تهذيب التهذيب 9 / 228، خلاصة تذهيب الكمال: 341.
(*)
(10/672)
روى عنه: أبو داود، وابن ماجة، والفريابي، والسراج،
والقاسم المطرز.
وثقه أبو زرعة (1).
مات سنة أربعين ومئتين بجرجرايا.
أخبرنا سنقر الزيني بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف،
أخبرنا أبو بكر بن النقور، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار،
أخبرنا محمد بن محمد السواق، أخبرنا مخلد بن جعفر، حدثنا
أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا محمد بن الصباح البزاز،
حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن الشيباني، عن عامر، عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد ما
دفن بليلتين (2).
249 - بشر بن الوليد *
ابن خالد، الامام العلامة المحدث الصادق، قاضي العراق، أبو
الوليد الكندي، الحنفي.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 289.
(2) الحديث صحيح، وأخرجه الطبراني في " الاوسط " من طريق
محمد بن الصباح، عن إسماعيل بن زكريا بهذا الاسناد، إلا أن
قوله: " صلى عليه بعد ما دفن بليلتين " شاذ، فإن الطرق
الصحيحة كما قال الحافظ في " الفتح " 3 / 164 تدل على أنه
صلى عليه في صبيحة دفنه.
انظر الحديث في البخاري 3 / 93، 94 و 164، ومسلم (954)،
وأبي داود (3196) والنسائي 4 / 85، والترمذي (1037)، وابن
ماجه (1530)، وأحمد رقم (1962) و (2554) و (3134)،
والبيهقي 3 / 45، 46.
* أخبار القضاة 3 / 272، 273، تاريخ بغداد 7 / 80 - 84،
ميزان الاعتدال 1 / 326، المغني في الضعفاء 1 / 108، العبر
1 / 427، النجوم الزاهرة 2 / 292، 293، شذرات الذهب 2 /
89، الفوائد البهية: 54، 55.
(*)
(10/673)
ولد في حدود الخمسين ومئة.
وسمع من: عبدالرحمن بن الغسيل وهو أكبر شيخ له، ومن مالك
ابن أنس، وحماد بن زيد، وحشرج بن نباتة، وصالح المري،
والقاضي أبي يوسف وبه تفقه وتميز.
حدث عنه: الحسن بن علويه، وحامد بن شعيب البلخي، وموسى ابن
هارون، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو
العباس الثقفي، وخلق.
وكان حسن المذهب، وله هفوة لا تزيل صدقه وخيره إن شاء
الله.
ولي القضاء بعسكر المهدي في سنة ثمان ومئتين (1)، ثم ولي
قضاء مدينة المنصور، واستمر إلى سنة 213، وبلغنا أنه كان
إماما، واسع الفقه، كثير العلم، صاحب حديث وديانة وتعبد.
قيل: كان ورده في اليوم مئتي ركعة، وكان يحافظ عليها بعد
ما فلج واندك، رحمه الله (2).
قال محمد بن سعد العوفي: روى بشر بن الوليد الكندي عن أبي
يوسف كتبه، وولي قضاء بغداد في الجانبين، فسعى به رجل إلى
الدولة، وقال: إنه لا يقول بخلق القرآن، فأمر به المعتصم
أن يحبس في داره، ووكل ببابه.
فلما استخلف المتوكل أمر بإطلاقه، وعاش وطال عمره، ثم إنه
قال: كما أني قلت: القرآن كلام الله، ولم أقل: إنه مخلوق،
فكذلك لا أقول: إنه غير مخلوق، بل أقف، ولزم الوقف في
المسألة، فنفر منه أصحاب الحديث للوقف، وتركوا الاخذ عنه،
وحمل عنه آخرون (3).
__________
(1) انظر خبر توليه في " تاريخ الطبري " 8 / 597، و "
الكامل " لابن الاثير 6 / 386.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 81، 82.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 83.
(*)
(10/674)
قال صالح بن محمد جزرة: بشر بن الوليد صدوق، لكنه لا يعقل،
كان قد خرف (1).
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت أبا الحسن الدارقطني عن
بشر ابن الوليد، فقال: ثقة (2).
وقال غيره: كان بشر خشنا في أحكامه، صالحا، وكان يجري في
مجلس سفيان بن عيينة مسائل، فيقول: سلوا بشر بن الوليد
(3).
مات بشر في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين ومئتين.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا
موسى ابن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا أبو
القاسم بن البسري، أخبرنا أبو طاهر الذهبي، حدثنا عبد الله
بن محمد، حدثنا بشر بن الوليد، حدثنا محمد بن طلحة، عن ابن
شبرمة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة أن رجلا سأل النبي صلى
الله عليه وسلم: أي الناس أحق مني بحسن الصحبة ؟ قال: أمك،
قال: ثم من ؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من ؟ قال: ثم أمك، قال:
ثم من ؟ قال: ثم أبوك.
أخرجه مسلم، واتفقا عليه (4) من طريق عمارة بن القعقاع، عن
أبي زرعة.
وفي سنة ثمان موت إسحاق بن راهويه، وعبيدالله بن معاذ،
ومحمد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 84.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 84.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 82.
(4) البخاري 13 / 4 و 5 و 6 في الادب: باب من أحق الناس
بحسن الصحبة، ومسلم.
(2548) في البر: باب بر الوالدين.
(*)
(10/675)
ابن بكار بن الريان، وأحمد بن جواس، والعباس بن الوليد
النرسي، ومحمد ابن عبيد بن حساب، وعمرو بن زرارة، والهيثم
بن أيوب الطالقاني، وطالوت بن عباد، ومحمد بن أبي السري
العسقلاني، وخلق.
250 - الزهراني * (خ،
م) الامام الحافظ المقرئ المحدث الكبير، أبو الربيع،
سليمان بن داود الازدي، العتكي الزهراني البصري، أحد
الثقات.
ولد سنة نيف وأربعين ومئة.
وسمع من: جرير بن حازم، ومالك بن أنس، وفليح بن سليمان،
ونافع بن أبي نعيم القارئ، وحماد بن زيد، وأبي شهاب
الحناط، وشريك القاضي، وطائفة كبيرة.
وطال عمره، وتفرد في وقته، وقد ذكره أبو عمرو الداني في "
طبقات القراء " وقال: له كتاب جامع في القراءات، سمع من
نافع حرفين، ومن حفص الغاضري، وعبد الوارث التنوري، وذكر
جماعة من شيوخه، وما ذكر أحدا تلا عليه.
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وعلي بن المديني،
وأحمد بن حنبل، وابن راهويه، والذهلي، وأبو زرعة، وإدريس
بن عبد
__________
* التاريخ الكبير 4 / 10، التاريخ الصغير 2 / 363،
المعارف: 527، الجرح والتعديل 3 / 113، تاريخ بغداد 9 / 38
- 40، الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 182، الانساب 6 / 327،
المعجم المشتمل: 133، 134، تهذيب الكمال لوحة 539، تذهيب
التهذيب 2 / 49 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 468، الكاشف 1 /
393، العبر 1 / 417، دول الاسلام 1 / 142، طبقات القراء 1
/ 313، تهذيب التهذيب 4 / 190، طبقات الحفاظ:
203، خلاصة تذهيب الكمال: 151، الرسالة المستطرفة: 31.
(*)
(10/676)
لكريم، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، ويوسف
القاضي، وزكريا الساجي، وعمران بن موسى بن مجاشع
السختياني، وخلق كثير.
وثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة الرازي، والنسائي، وغيرهم.
فأما قول عبدالرحمن بن خراش فيه، فلا يساوي السماع، فإنه
قال: تكلم الناس فيه، وهو صدوق.
قلت: بل أجمعوا على الاحتجاج به.
وقد توفي في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين ومئتين.
وقع لنا من موافقاته العالية.
فصل وقد كان في هذا العصر سليمان بن داود جماعة: هو أجلهم.
والشاذكوني وهو أحفظهم.
والختلي أبو الربيع شيخ لمسلم ثقة مشهور.
وأبو الربيع المهري صاحب ابن وهب: حدث عنه أبو داود،
والنسائي.
والحافظ أبو داود اليمامي من شيوخ أبي زرعة، وأبي حاتم،
ليس بمشهور.
وأبو أحمد الرازي القزاز: روى عنه ابن أبي حاتم ووثقه،
وقال: سمع ابن عيينة، ومعن بن عيسى.
وأبو داود النيسابوري الخفاف من شيوخ ابن خزيمة، يروي عن
عبد الله بن رجاء.
(*)
(10/677)
وشيخ مسلم أبو داود المباركي، اشتهر أنه سليمان بن داود،
وليس بصواب، بل هو سليمان بن محمد، كما حرره ابن نقطة
وغيره.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرنا الامام
شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردي، أخبرنا هبة
الله بن محمد الشبلي (ح) وأخبرنا علي بن أحمد الحسيني،
أخبرنا محمد بن أحمد المؤرخ، أخبرنا محمد بن عبيدالله
قالا: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو
طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أبو الربيع
الزهراني، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن
عمر، عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين
العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة.
أخرجه مسلم (1) عن الزهراني.
وبه حدثنا أبو الربيع، حدثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن
ابن عمر، عن بلال قال: صلى رسول الله في البيت.
وقال ابن عباس: لم يصل فيه، إنما كبر في نواحيه (2).
قلت: هذا ظن من ابن عباس لا يقاوم رؤية بلال، والمثبت معه
زيادة علم (3).
__________
(1) رقم (1329) (389) في الحج: باب استحباب دخول الكعبة
للحاج، وانظر " الموطأ " 1 / 398، والبخاري 1 / 419 و 3 /
371، 372 في الحج: باب إغلاق البيت، وباب الصلاة في
الكعبة، و " سنن " أبي داود (2023) و (2024) و (2025)، و "
مسند " الشافعي 1 / 65، والنسائي 2 / 33 و 63، و 5 / 217،
والترمذي (874).
(2) أخرجه البخاري 1 / 420 في القبلة: باب قوله تعالى:
(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) و 3 / 375 في الحج: باب من
كبر في نواحي الكعبة، ومسلم (1330)
و (1331)، وأبو داود (2027).
(3) انظر " الفتح " 3 / 375، 376.
(*)
(10/678)
251 - الشاذكوني * العالم الحافظ البارع، أبو أيوب، سليمان
بن داود
بن بشر المنقري البصري الشاذكوني، أحد الهلكى.
روى عن: حماد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن
سليمان، وعبد الوارث، ومعتمر بن سليمان، وطبقتهم، فأكثر
إلى الغاية.
حدث عنه: أبو قلابة الرقاشي، وأسيد بن عاصم، والكديمي،
وأبو مسلم الكجي، وإبراهيم بن محمد بن الحارث الاصبهاني،
والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وكانا يدلسانه
ويقولان: حدثنا أبو أيوب المنقري.
وروى عنه أيضا محمد بن علي الفرقدي وغيره من الاصبهانيين.
قال عمرو الناقد: قدم سليمان الشاذكوني بغداد، فقال لي
أحمد بن حنبل: اذهب بنا إليه نتعلم منه نقد الرجال (1).
قلت: كفى بها مصيبة أن يكون رأسا في نقد الرجال، ولا ينقد
نفسه.
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كان أعلمنا بالرجال
يحيى بن معين، وأحفظنا للابواب سليمان الشاذكوني، وكان علي
بن المديني أحفظنا للطوال (2).
__________
* المعارف: 527، التاريخ الصغير 2 / 364، الضعفاء للعقيلي
لوحة 157، الجرح والتعديل 4 / 114، الكامل لابن عدي لوحة
324 - 326، تاريخ بغداد 9 / 40 - 48، الانساب 7 / 238،
اللباب 2 / 172، العبر 1 / 416، تذكرة الحفاظ 2 / 288،
المغني في
الضعفاء 1 / 279، ميزان الاعتدال 2 / 250، دول الاسلام 1 /
142، لسان الميزان 3 / 84 88، طبقات الحفاظ: 212، شذرات
الذهب 2 / 80.
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 41.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 41.
(*)
(10/679)
وقال عباس العنبري - وسئل: أيهما كان أعلم بالحديث، ابن
المديني، أو الشاذكوني - ؟ قال: ابن الشاذكوني بصغير
الحديث، وعلي بجليله (1).
قال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربعة - يعني علم الحديث -
إلى أحمد ابن حنبل، وعلي بن عبد الله، ويحيى بن معين، وأبي
بكر بن أبي شيبة، فأحمد أفقههم به، وعلي أعلمهم به، وابن
معين أجمعهم له، وأبو بكر أحفظهم له.
قال الحافظ زكريا الساجي: وهم أبو عبيد، أحفظهم له
الشاذكوني (2).
قال أبو بكر بن أبي الاسود: كنا عند يحيى القطان، وعنده
بلبل المحدث، وكان أسود، فنازعه الشاذكوني، وقال: لاقتلنك،
فقال يحيى: سبحان الله، تقتله ! ؟ قال: نعم، أنت حدثتني عن
عوف، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " لولا أن الكلاب أمة، لامرت بقتلها،
فاقتلوا منها كل أسود بهيم " (3)، وهذا أسود.
قال ابن عدي: سألت عبدان من الشاذكوني، فقال: معاذ الله أن
يتهم، إنما كان قد ذهبت كتبه، فكان يحدث حفظا (4).
وقيل: إنه لما احتضر قال: اللهم إني أعتذر إليك، غير أني
ما قذفت
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 41.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 42.
(3) صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 54 و 56، والدارمي 2 / 90 من
طرق عن عوف بن أبي جميلة بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 5 /
56، 57، وأبو داود (2845)، والترمذي (1486)، وابن ماجه
(3205)، والنسائي 7 / 185 من طرق عن يونس بن عبيد، عن
الحسن.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
(4) " الكامل " لابن عدي لوحة 325.
(*)
(10/680)
محصنة، ولا دلست حديثا.
قال زكريا الساجي: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا ابن عرعرة،
قال: كنت عند يحيى بن سعيد، وعنده بلبل، وابن المديني،
وابن أبي خدويه، فقال علي ليحيى: ما تقول في طارق وابن
مهاجر ؟ فقال: يجريان مجرى واحدا، فقال الشاذكوني: نسألك
عما لا تدري، وتكلف لنا ما لا تحسن، حديث إبراهيم بن مهاجر
خمس مئة، عندك عنه مئة، وحديث طارق مئة، عندك منها عشرة،
فأقبل بعضنا على [ بعض ] وقلنا: هذا ذل، فقال يحيى: دعوه،
فإن كلمتموه، لم آمن أن يقرفنا بأعظم من هذا (1).
قال إبراهيم بن أورمة: كان الطيالسي بأصبهان، فلما أراد
الرجوع بكى، فقالوا له: إن الرجل إذا رجع إلى أهله فرح !
قال: لا تدرون إلى من أرجع، أرجع إلى شياطين الانس، ابن
المديني، والشاذكوني، والفلاس (2).
سئل صالح جزرة عن الشاذكوني فقال: ما رأيت أحفظ منه.
قيل: بم كان يتهم ؟ قال: كان يكذب في الحديث (3).
وسئل عنه أحمد بن حنبل، فقال: جالس حماد بن زيد، ويزيد بن
زريع وبشر بن المفضل، فما نفعه الله بواحد منهم (4).
وقال ابن معين: جريت على الشاذكوني الكذب (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 43، 44.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 42.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 45.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 46.
(5) " تاريخ بغداد " 9 / 47.
(*)
(10/681)
قال الحاكم: حدثنا موسى بن سعيد الحنظلي، سمعت سليمان بن
داود الرازي، سمعت أبا زرعة يقول: وضع الشاذكوني سبعة
أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقلها.
وقال النسائي: ليس بثقة (1).
وقال عباس العنبري: انسلخ من العلم انسلاخ الحية من قشرها
(2).
قال ابن المديني: كنا عند عبدالرحمن، فجاؤوا بالشاذكوني
سكران.
وعن البخاري قال: هو أضعف عندي من كل ضعيف (3).
قال يحيى بن معين: قال لنا الشاذكوني: هاتوا حرفا من رأي
الحسن لا أحفظه (4).
حكى عبدا لباقي بن قانع أنه سمع إسماعيل بن الفضل يقول:
رأيت ابن الشاذكوني في النوم، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال:
غفر لي، قلت: بماذا ؟ قال: كنت في طريق أصبهان، فأخذني
المطر ومعي كتب، ولم أكن تحت سقف، فانكببت على كتبي حتى
أصبحت، فغفر لي بذلك (5).
قلت: كان أبوه يتجر، ويبيع المضربات الكبار التي تسمى
باليمن
شاذكونة، فنسب إليها (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 47.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 47.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 47.
(4) " الجرح والتعديل " 4 / 115.
(5) " تاريخ بغداد " 9 / 48.
(6) " الانساب " 7 / 238.
(*)
(10/682)
قال ابن أبي عاصم ومطين وابن قانع: مات سليمان في سنة أربع
وثلاثين ومئتين.
وقال أبو الشيخ: قدم إلى أصبهان مرات، وتوفي سنة ست
وثلاثين.
قلت: مع ضعفه لم يكد يوجد له حديث ساقط بخلاف ابن حميد،
فإنه ذو مناكير.
أخبرنا شرف الدين أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء قراءة
عليه، أنبأنا عبدالمعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر،
وتميم بن أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا
أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا سليمان
الشاذكوني، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة (1).
هذا حديث غريب.
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة (2).
وجاء النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة في " السنن " بإسناد لا
بأس به (3).
__________
(1) وأخرجه الترمذي (750) في الصوم: باب كراهية صوم يوم
عرفة بعرفة، من طريق أحمد بن منيع، عن إسماعيل بن علية، عن
أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس..وقال: حديث حسن صحيح.
(2) أخرجه البخاري 4 / 206، 207 في الصوم: باب صوم يوم
عرفة، ومسلم (1123) في الصوم: باب استحباب الفطر للحاج، من
حديث أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة
في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: هو
صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو
واقف على بعيره، فشربه.
(3) أخرجه أحمد 2 / 304 و 446، وأبو داود (2440)، وابن
ماجه (1732) من حديث أبي هريرة، وفي سنده مهدي العبدي
الهجري لا يعرف.
(*)
(10/683)
وقال عليه السلام: " ليس من البر أن تصوموا في السفر "
(1).
والافضل للمسافر إفطار صوم الفرض، فالنافلة أولى، فمن صام
يوم عرفة بها مع علمه بالنهي، وبأن الرسول صلى الله عليه
وسلم ما صامه بها، ولا أحد من أصحابه فيما نعلم، لم يصب،
والله أعلم.
ولا نقطع على الله بأن الله لا يأجره، ولكن لم يكن صومه له
مكفرا لسنتين، لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك
في حق المقيم لا المسافر (2).
252 - عبد الله بن طاهر
* ابن الحسين بن مصعب، الامير العادل، أبو العباس، حاكم
خراسان وما وراء النهر.
تأدب وتفقه، وسمع من: وكيع، ويحيى بن الضريس، والمأمون.
__________
(1) أخرجه البخاري 4 / 161، ومسلم (1115)، وأبو داود
(2407)، والنسائي 4 / 176 من حديث جابر بن عبد الله،
وأخرجه من حديث أبي مالك كعب بن عاصم
الاشعري: أحمد 5 / 434، والنسائي 4 / 174، والطيالسي 1 /
190، والشافعي 1 / 267، والدارمي 2 / 9، وابن ماجه (1664)،
والبيهقي 4 / 242، وصححه الحاكم 1 / 433، ووافقه الذهبي،
وهو كما قالا.
وأخرجه من حديث ابن عمر: ابن ماجه (1665)، وصححه ابن حبان
(911)، وأخرجه من حديث ابن عباس: البزار (985)، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 3 / 106، وقال: رواه البزار
والطبراني في " الكبير "، ورجال البزار رجال الصحيح.
(2) كما في " صحيح مسلم " (1162) في الصيام، من حديث أبي
قتادة مرفوعا بلفظ: " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن
يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده " وأخرجه أبو داود
(2425) و (2426) وأحمد 5 / 297، والبيهقي 4 / 286 و 293.
* المحبر: 376، تاريخ الطبري 9 / 613، وغيرها، الولاة
والقضاة: 180، الديارات: 86 - 91، الفرج بعد الشدة 1 /
339، تاريخ بغداد 9 / 483، الكامل لابن الاثير 7 / 14
وغيرها، وفيات الاعيان 3 / 83 - 89، دول الاسلام 1 / 130،
138، العبر 1 / 357 و 366 و 406، عيون التواريخ 8 / لوحة
67، البداية والنهاية 10 / 302، 303، النجوم الزاهرة 2 /
258، حسن المحاضرة 1 / 593.
(*)
(10/684)
روى عنه: ابن راهويه، ونصر بن زياد، والفضل بن محمد
الشعراني، وعدة.
وله يد في النظم والنثر.
قلده المأمون مصر وإفريقية، ثم خراسان، وكان ملكا مطاعا
سائسا مهيبا جوادا ممدحا من رجال الكمال.
وقيل: إنه وقع مرة على رقاع بصلات، فبلغت ألفي ألف وسبع
مئة ألف.
وقد ارتحل إلى بابه أبو تمام وامتداحه.
وكان يقول: سمن الكيس ونبل الذكر لا يجتمعان.
وبعد هذا، فخلف أربعين ألف ألف درهم ! ولما مرض، تاب وكسر
الملاهي، وافتك الاسرى.
ومات بالخانوق سنة ثلاثين ومئتين، وله ثمان وأربعون سنة.
253 - عبد الله بن محمد بن
أسماء * (خ، م، د، س) ابن عبيد بن مخارق - أو ابن
مخراق - الامام الحافظ القدوة الرباني، أبو عبد الرحمن
الضبعي البصري.
__________
* التاريخ الكبير 5 / 189، الجرح والتعديل 5 / 159، الجمع
بين رجال الصحيحين 1 / 259، المعجم المشتمل: 159، تهذيب
الكمال لوحة 733، تذهيب التهذيب 2 / 183 / 2، تذكرة الحفاظ
2 / 489، العبر 1 / 409، الكاشف 2 / 124، 125، تهذيب
التهذيب 6 / 5، طبقات الحفاظ: 211، خلاصة تذهيب الكمال:
212، شذرات الذهب 2 / 70.
(*)
(10/685)
ولد سنة بضع وأربعين ومئة.
وسمع من: عمه جويرية بن أسماء، ومهدي بن ميمون، وجعفر بن
سليمان الضبعي، وعبد الله بن المبارك، وليس هو بالمكثر.
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو
حاتم، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عبد الله البوشنجي،
وموسى بن هارون، ويوسف القاضي، وأبو خليفة الجمحي، وأبو
يعلى الموصلي، وآخرون.
وروى النسائي عن رجل عنه.
وثقه أبو حاتم وغيره (1).
قال ابن وارة: حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء، وقيل: هو
أفضل أهل البصرة، فذكرته لعلي بن المديني، فعظم شأنه (2).
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: لم أر بالبصرة أفضل منه
(3).
قلت: في " مسند " أبي يعلى عنه عدة أحاديث.
توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين، وله نسخة مشهورة سمعناها.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبدالمعز بن محمد، أخبرنا
زاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو سعد
الاديب، أخبرنا أبو عمرو ابن أبي جعفر، أخبرنا أبو يعلى
الموصلي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية
بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول
__________
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 159.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 159، و " تهذيب الكمال " لوحة
733.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 333، 334.
(*)
(10/686)
الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حمل علينا السلاح، فليس
منا " (1).
254 - ابن الاعرابي * إمام
اللغة، أبو عبد الله، محمد بن زياد بن الاعرابي
الهاشمي مولاهم الاحول النسابة.
يروي عن: أبي معاوية الضرير، والقاسم بن معن، وأبي الحسن
الكسائي.
وعنه: إبراهيم الحربي، وعثمان الدارمي، وثعلب، وأبو شعيب
الحراني، وشمر بن حمدويه، وآخرون.
ولد بالكوفة سنة خمسين ومئة.
ولم يكن في الكوفيين أشبه برواية البصريين منه، وكان يزعم
أن أبا عبيدة والاصمعي لا يعرفان شيئا (2).
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 13 / 20 في الفتن، ومسلم
(98)، والنسائي 7 / 117 عن نافع، عن ابن عمر.
وفي الباب عن أبي موسى الاشعري عند البخاري 13 / 20، ومسلم
(100)، والترمذي (1459)، وعن أبي هريرة وسلمة بن الاكوع
عند مسلم (99) و (101).
* مراتب النحويين: 149، 150، تهذيب اللغة 1 / 20، 21،
طبقات الزبيدي: 135 - 137، الفهرست لابن النديم: 75، 76،
تاريخ بغداد 5 / 282 - 285، الانساب 1 / 310، نزهة
الالباء: 150 - 153، معجم الادباء: 18 / 189 - 196، تاريخ
ابن الاثير 7 / 25، اللباب 1 / 74، إنباه الرواة 3 / 128 -
137، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 295، وفيات الاعيان 4 /
306 - 309، مسالك الابصار 4 / 30، 231، عيون التواريخ
وفيات 231، الوافي بالوفيات 3 / 79، 80، مرآة الجنان 2 /
106، البداية والنهاية 10 / 307، طبقات ابن قاضي شهبة 2 /
50، 51، النجوم الزاهرة 2 / 264، روضات الجنات: 596، 597،
بغية الوعاة 1 / 105، 106، المزهر 2 / 411، شذرات الذهب 2
/ 70، تاريخ أبي الفداء: 2 / 36.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 282، و " إنباه الرواة " 3 / 129.
(*)
(10/687)
قال مرة في لفظة رواها الاصمعي: سمعتها من ألف أعرابي
بخلاف هذا (1).
قال ثعلب: لزمت ابن الاعرابي تسع عشرة سنة، وكان يحضر
مجلسه زهاء مئة إنسان، وما رأيت بيده كتابا قط (2)، انتهى
إليه علم اللغة، والحفظ (3).
قال الازهري: ابن الاعرابي صالح زاهد ورع صدوق، حفظ ما لم
يحفظه غيره، وسمع من بني أسد، وبني عقيل فاستكثر، وصحب
الكسائي في النحو (4).
وأبوه عبد سندي.
قلت: له مصنفات كثيرة أدبية، وتاريخ القبائل، وكان صاحب
سنة واتباع.
مات بسامرا في سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
قيل: كان ربيب المفضل بن محمد الضبي صاحب " المفضليات "،
فأخذ عنه.
وكان يقول: جائز في كلام العرب أن يعاقبوا بين الضاد
والظاء (5).
يقال: مات في ثالث عشر شعبان.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 283، و " نزهة الالباء ": 150.
(2) " إنباه الرواة " 3 / 130.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 283، و " نزهة الالباء ": 150.
(4) " تهذيب اللغة " 1 / 20، 21.
(5) " إنباه الرواة " 3 / 130 وتتمته فيه: فلا يخطئ من جعل
هذه في موضع هذه، وينشد: إلى الله أشكو من خليل أوده *
ثلاث خلال كلها لي غائض بالضاد، ويقول: هكذا سمعت من فصحاء
الاعراب.
(*)
(10/688)
255 - إبراهيم بن المنذر
* (خ، س، ق) ابن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد
الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسد، الامام الحافظ
الثقة، أبو إسحاق القرشي الاسدي الحزامي
المدني.
سمع من: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن
وهب، ومعن بن عيسى، ومحمد بن فليح، وأبي ضمرة أنس بن عياض،
وابن أبي فديك، وخلق كثير.
وأكبر شيوخه سفيان.
حدث عنه: البخاري، وابن ماجة، وأخرج له الترمذي والنسائي
بواسطة، وبقي بن مخلد، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وثعلب،
وأحمد بن إبراهيم البسري، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وأبو
جعفر محمد بن أحمد الترمذي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي،
ومسعدة بن سعد العطار، والحسن بن سفيان، وخلق كثير.
قال صالح جزرة: صدوق (1).
وروى عنه أبو حاتم أيضا، وقال: صدوق (2).
قال عثمان بن سعيد الدارمي: رأيت يحيى بن معين كتب عن
إبراهيم
__________
* التاريخ الكبير 1 / 331، التاريخ الصغير 2 / 367،
المعرفة والتاريخ 1 / 210، الجرح والتعديل 2 / 139، تاريخ
بغداد 6 / 179 - 181، الجمع بين رجال الصحيحين.
1 / 20، الانساب 4 / 129، المعجم المشتمل: 70، اللباب 1 /
362، تهذيب الكمال لوحة 66، تذهيب التهذيب 1 / 43 / 1،
ميزان الاعتدال 1 / 67، العبر 1 / 422، الوافي بالوفيات 6
/ 150، تهذيب التهذيب 1 / 166، مقدمة فتح الباري: 386،
خلاصة تذهيب الكمال: 22، شذرات الذهب 2 / 86.
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 181، و " تهذيب الكمال " لوحة 66.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 139، و " تاريخ بغداد " 6 /
181.
(*)
(10/689)
ابن المنذر أحاديث ابن وهب، أظنها المغازي (1).
وقال عبدان بن أحمد الهمذاني: سمعت أبا حاتم يقول: إبراهيم
بن المنذر أعرف بالحديث من إبراهيم بن حمزة الزبيري، إلا
أنه خلط في القرآن، جاء إلى أحمد بن حنبل، فاستأذن، فلم
يأذن له أحمد، وجلس حتى خرج، فسلم على أحمد، فلم يرد عليه
السلام (2).
وقال الاثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: أي شئ يبلغني عن
الحزامي، لقد جاءني بعد قدومي (3) من العسكر، فلما رأيته
أخذتني - أخبرك - الحمية، فقلت: ما جاء بك إلي ؟ - قالها
أبو عبد الله بانتهار - قال: فخرج، فلقي [ أبا يوسف ] يعني
عم أبي عبد الله، فجعل يعتذر (4).
قال الفسوي: مات الحزامي في المحرم سنة ست وثلاثين ومئتين
(5).
وقيل: إن الحزامي حفظ من مالك مسألة واحدة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله فيما قرأت عليه، عن عبدالمعز بن
محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي،
أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا أبو إسحاق عمران بن موسى
بن مجاشع الجرجاني، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي،
حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، عن عمر
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 139، و " تاريخ بغداد " 6 /
181، و " تهذيب الكمال " لوحة 66.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 180، و " تهذيب الكمال " لوحة 66.
(3) في " تاريخ بغداد " و " تهذيب الكمال ": قدومه.
(4) " تاريخ بغداد " 6 / 180، و " تهذيب الكمال " لوحة 66،
والزيادة منهما.
(5) " المعرفة والتاريخ " 1 / 210.
(*)
(10/690)
ابن حفص بن ذكوان، عن مولى الحرقة، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى قرأ طه ويس
قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلما سمعت الملائكة القرآن،
قالت: طوبي لامة ينزل هذا عليهم، وطوبى لاجواف تحمل هذا،
وطوبى لالسن تكلم بهذا ".
هذا حديث منكر، فابن مهاجر وشيخه ضعيفان (1).
أخبرنا محمد بن عبد الغني الذهبي، ومحمد بن يوسف الشبلي،
وسنقر الزيني، وعمر بن محمد الوراق، وعيسى بن أبي محمد،
والحسن ابن علي، وآخرون، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر،
أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداوودي،
أخبرنا أبو محمد بن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر، أخبرنا عبد
الله بن عبدالرحمن الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن المنذر،
حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري، حدثني إسماعيل بن
إبراهيم، عن عمه موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين، إذا تكلم
رئي كالنور يخرج من بين ثناياه.
أخرجه الترمذي في " الشمائل " (2) عن عبد الله.
__________
(1) أما الاول: فقال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال
النسائي: ضعيف، وأورد ابن حبان هذا الحديث في ترجمته من "
الضعفاء " 1 / 108 وقال: وهذا متن موضوع، وأما الثاني:
فقال أحمد: تركنا حديثه وخرقناه، وقال علي: ليس بثقة، وقال
النسائي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
انظر " الميزان " 1 / 67، و 3 / 189.
(2) رقم (14)، وعبد العزيز بن أبي ثابت الزهري، قال الحافظ
في " التقريب ": متروك، احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فاشتد
غلطه.
(*)
(10/691)
256 - سهل بن زنجلة * (ق) وهو سهل بن أبي سهل،
الحافظ الامام الكبير، أبو عمرو الرازي الخياط (1) الاشتر.
مولده سنة بضع وستين ومئة.
وارتحل في الحديث وكتبه سنة نيف وثمانين ومئة.
فحدث عن: جرير بن عبدالحميد، وأبي بكر بن عياش، وسفيان بن
عيينة، وأبي معاوية الضرير، والوليد بن مسلم، وحفص بن
غياث، ووكيع، وابن نمير، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن ماجة كثيرا، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة،
وابن الجنيد، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وإبراهيم
الحربي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعلي بن سعيد بن بشير
الرازي، وأبو يعلى الموصلي، ويوسف بن عاصم الرازي، وخلق
سواهم.
وحدث ببغداد بعد الثلاثين ومئتين، وجمع وصنف، وذاكر
الحفاظ، وعمل المسند الكبير.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
__________
* الجرح والتعديل 4 / 198، تاريخ بغداد 9 / 116 - 118،
المعجم المشتمل: 138، تهذيب الكمال لوحة 558، تذهيب
التهذيب 2 / 61 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 452، الكاشف 1 /
407، العبر 1 / 409، تهذيب التهذيب 4 / 251، طبقات الحفاظ:
197، خلاصة تذهيب الكمال: 157.
(1) الخياط بالخاء والياء كما في الاصل و " تهذيب الكمال "
و " تذهيب " المؤلف و " تذكرته "، وقد تصحف في " الجرح
والتعديل " و " تهذيب التهذيب " إلى " الحناط " بالحاء
والنون.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 198.
(*)
(10/692)
قال سهل بن زنجلة: حدثنا أبو علي السمتي، حدثنا غالب
القطان قال: كنا ندعو في الزمن الاول، نقول: اللهم ارزقنا
علم الحسن، وورع ابن سيرين، وحفظ قتادة، وعقل بكر بن عبد
الله المزني، وعبادة ثابت البناني، وزهد مالك بن دينار،
رحمة الله عليهم.
قال أبو يعلى الخليلي: سهل ثقة حجة، ارتحل مرتين، وله
تصانيف، ولا يقدم عليه أحد في الاتقان والديانة من أقرانه
في وقته.
قال: وابنه محمد بن سهل يروي عن عمرو بن خالد، وأبي جعفر
النفيلي.
قلت: قيل: إنه توفي سنة ثمان وثلاثين ومئتين في عشر
الثمانين، رحمه الله تعالى.
257 - ابن أبي سمينة *
(خ، د) الامام العابد القدوة المجاهد الحافظ، أبو عبد
الله، محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة الهاشمي مولاهم
البصري، المحدث.
حدث عن: معتمر بن سليمان، وأبي خالد الاحمر، وجرير بن عبد
الحميد، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن زريع، وأبي بكر بن
عياش، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو داود في " سننه "، والبخاري في " الصحيح " عن
رجل عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن أيوب بن الضريس،
والبخاري في " تاريخه "، وموسى بن هارون، وأبو يعلى،
والبغوي، ومحمد بن المجدر، وآخرون.
__________
* التاريخ الكبير 1 / 36، الجرح والتعديل 7 / 189، المعجم
المشتمل: 227، تهذيب الكمال لوحة 1173، تذهيب التهذيب 3 /
189 / 1، الكاشف 2 / 21، ميزان الاعتدال
3 / 482، تهذيب التهذيب 9 / 59، 60، خلاصة تذهيب الكمال:
327.
(*)
(10/693)
قال أبو حاتم: كان ثقة غزاء (1).
وقال أبو داود: كان من شجعان الناس (2).
قال موسى بن هارون: كان لا يخضب، ومات وهو متوجه إلى طرسوس
في شهر ربيع الاول سنة ثلاثين ومئتين (3).
وقرأت على علي بن أحمد العلوي، أخبرنا محمد بن أحمد،
أخبرنا محمد بن عبيدالله المجلد، أخبرنا أبو نصر محمد بن
محمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا محمد بن أبي سمينة، حدثنا ابن علية، عن سعيد بن يزيد
قال: قلت لانس رضي الله عنه: هل صلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم في نعليه ؟ قال: نعم (4).
هذا حديث صالح الاسناد عال.
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء العاشر من سير أعلام النبلاء
ويليه الجزء الحادي عشر وأوله ترجمة الحكم بن موسى
البغدادي.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 189.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1174.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1174.
(4) وأخرجه الترمذي (400) في الصلاة: باب ما جاء في الصلاة
في النعال، من طريق علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم
المعروف بابن علية بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 1 / 415
عن آدم، عن شعبة، وأخرجه مسلم (555) عن يحيى بن يحيى، عن
بشر
هذا حديث صالح الاسناد عال.
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء العاشر من سير أعلام النبلاء
ويليه الجزء الحادي عشر وأوله ترجمة الحكم بن موسى
البغدادي.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 189.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 1174.
(3) " تهذيب الكمال " لوحة 1174.
(4) وأخرجه الترمذي (400) في الصلاة: باب ما جاء في الصلاة
في النعال، من طريق علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم
المعروف بابن علية بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 1 / 415
عن آدم، عن شعبة، وأخرجه مسلم (555) عن يحيى بن يحيى، عن
بشر ابن المفضل، كلاهما عن سعيد بن يزيد.
(*)
(10/694)
جاء في آخر الاصل ما نصه: تم الجزء السابع من كتاب سير
أعلام النبلاء للشيخ الامام العالم العامل العلامة الحجة
الناقد البارع جامع أشتات الفنون شيخ الاسلام شمس الدين
أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
وهذه أول نسخة نسخت من خط المصنف وقوبلت عليه بحسب
الامكان، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة، ويتلوه
في الجزء الذي يليه، وهو الثامن، ترجمه الحكم بن موسى
البغدادي القنطري، وكان الفراغ من كتابته ليلة الاثنين
لسبع إن بقين من جمادى الآخرة سنة أربعين وسبع مئة أحسن
الله خاتمتها، آمين.
(10/695)
|