سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 12
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 12
(12/)
سير اعلام النبلاء (12)
(12/1)
الطبعة الاولى 1401 ه - 1981 م الطبعة الثانية 1402 ه -
1982 م.
الطبعة الثالثة 1405 ه - 1985 م الطبعة الرابعة 1406 ه -
1986 م.
مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة
هاتف: 319039 - 241692 ص.
ب: 7460 برقيا: بيوشران
(12/2)
سير اعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء الثاني عشر
أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه حقق هذه الجزء شعيب
الارنؤوط صالح السمر مؤسسة الرسالة
(12/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
(12/4)
1 - يحيى بن أكثم
* (ت) ابن محمد بن قطن ، قاضي القضاة، الفقيه العلامة، أبو
محمد، التميمي المروزي، ثم البغدادي.
ولد في خلافة المهدي.
وسمع من: عبد العزيز بن أبي حازم، وابن المبارك، وعبد
العزيز الدراوردي، وجرير بن عبدالحميد، وسفيان بن عيينة،
والفضل السيناني (1)، وعبد الله بن إدريس، وعدة.
وله رحلة ومعرفة.
__________
* التاريخ الكبير 8 /
263، أخبار القضاة لوكيع 2 / 161، الجرح والتعديل 9 / 129،
مروج الذهب للمسعودي 4 / 21 وما بعدها، الاغاني 20 / 255،
تاريخ بغداد 14 / 191، 204، طبقات الحنابلة 1 / 410، 413،
الكامل لابن الاثير: أخباره متناثرة في الجزء السابع منه،
وفيات الاعيان 6 / 147، 165، تهذيب الكمال: 1486، 1488،
تذهيب التهذيب 4 / 147 / 2، 149 / 1، ميزان الاعتدال 4 /
361، 362، العبر 1 / 439، البداية والنهاية 10 / 319،
تهذيب التهذيب 11 / 179، 183، النجوم الزاهرة 2 / 316،
317، حياة الحيوان للدميري 2 / 2، 3، طبقات المفسرين 2 /
362، خلاصة تذهيب الكمال: 421، مرآة الجنان 2 / 135، شذرات
الذهب 2 / 91 و 101، 102، الجواهر المضية 2 / 210.
(1) بكسر السين: نسبة إلى سينان، وهي قرية من قرى مرو.
والفضل السيناني: هو الفضل بن موسى، أبو عبد الله.
وهو مترجم في الجزء التاسع، الترجمة رقم (35).
(*)
(12/5)
حدث عنه: الترمذي، وأبو حاتم، والبخاري خارج " صحيحه "،
وإسماعيل القاضي، وإبراهيم بن محمد بن متويه، وأبو العباس
السراج، وعبد الله بن محمود المروزي، وآخرون.
وكان من أئمة الاجتهاد، وله تصانيف، منها كتاب " التنبيه
".
قال الحاكم: من نظر في " التنبيه " له، عرف تقدمه في
العلوم (1).
وقال طلحة الشاهد (2): كان واسع العلم بالفقه، كثير الادب،
حسن العارضة (3)، قائما بكل معضلة.
غلب على المأمون، حتى لم يتقدمه عنده أحد مع براعة المأمون
في العلم.
وكانت الوزراء لا تبرم شيئا حتى تراجع يحيى (4).
قال الخطيب: ولاه المأمون قضاء بغداد، وهو من ولد أكثم بن
صيفي.
قال عبد الله بن أحمد: سمع من ابن المبارك صغيرا، فصنع
أبوه طعاما، ودعا الناس، وقال: اشهدوا أن ابني سمع من عبد
الله (5).
قال أبو داود السنجي (6): سمعت يحيى يقول: كنت عند سفيان،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 197، و " تهذيب الكمال ": 1487.
(2) هو طلحة بن محمد بن جعفر.
(3) كذا في " تاريخ بغداد "، و " وفيات الاعيان ".
أما في تهذيب الكمال فهي: المعارضة.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 197، و " تهذيب الكمال ".
1487، و " وفيات الاعيان " 6 / 148.
(5) " تاريخ بغداد " 14 / 192، و " تهذيب الكمال " 1487.
(6) بكسر السين المهملة، وسكون النون، وفي آخرها جيم: نسبة
إلى سنج، وهي = (*)
(12/6)
فقال: بليت بمجالستكم بعد ما كنت أجالس من جالس الصحابة،
فمن أعظم مني مصيبة ؟ قلت: يا أبا محمد، الذين بقوا حتى
جالسوك بعد
الصحابة، أعظم منك مصيبة (1).
وروى أحمد بن أبي الحواري، عن يحيى، عن سفيان، قال: لو لم
يكن من بليتي إلا أني حين كبرت صار جلسائي الصبيان، بعدما
كنت أجالس من جالس الصحابة.
قلت: أعظم منك مصيبة من جالسك في صغرك بعدما جالس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فسكت (2).
قال علي بن خشرم: أخبرني يحيى قال: صرت إلى حفص بن غياث،
فتعشينا عنده، فأتى بعس (3)، فشرب، وناول أبا بكر بن أبي
شيبة، فشرب وناولني.
قال: فقلت: أيسكر كثيره ؟ قال: إي والله، وقليله.
فتركته (4).
وروى أبو حازم القاضي، عن أبيه، قال: ولي يحيى بن أكثم
قضاء
__________
= قرية كبيرة من قرى مرو " الانساب " 7 / 165 وأبو داود هو
سليمان بن معبد بن كوسجان.
مات في ذي الحجة سنة سبع وخمسين ومئتين.
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 192 (2) " تاريخ بغداد " 14 /
193، و " تهذيب الكمال ": 1487 و " طبقات الحنابلة " 1 /
411.
وتتمة الخبر في هذه المصادر: وتمثل بشعر أبي نواس: خل
جنبيك لرام * وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خير * لك من
داء الكلام (3) العس، بضم العين، وتشديد السين المهملة:
القدح الضخم، ويقال في جمعه: أعساس.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 193، و " تهذيب الكمال ": 1487.
وانظر في نوع الشراب الذي كان يجيزه أهل الكوفة، والادلة
التي يحتجون بها " نصب الراية " 4 / 302، 304.
(*)
(12/7)
البصرة وله عشرون سنة، فاستصغروه.
وقيل: كم سن القاضي ؟.
قال: أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي ولاه رسول الله صلى
الله عليه وسلم على مكة، وأكبر من معاذ حين وجه به رسول
الله قاضيا على اليمن، وأكبر من كعب بن سور الذي وجه به
عمر قاضيا على البصرة (1).
قال الفضل الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: القرآن كلام
الله، فمن قال: مخلوق يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه
(2).
وعن يحيى قال: ما سررت بشئ سروري بقول المستملي: من ذكرت
رضي الله عنك (3).
وذكر لاحمد بن حنبل ما يرمى به يحيى، فقال: سبحان الله من
يقول هذا (4) ؟ ! قلت: قد ولع الناس بيحيى لتولعه بالصور
حبا أو مزاحا.
الصولي: سمعت إسماعيل القاضي يعظم شأن يحيى بن أكثم، وذكر
له يوم قيامه في وجه المأمون، لما أباح متعة النساء، فما
زال به حتى رده إلى الحق، ونص له الحديث في تحريمها (5)،
فقيل لاسماعيل: فما
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 199، و " وفيات الاعيان " 6 /
149، و " طبقات الحنابلة ".
1 / 412، " والنجوم الزاهرة " 2 / 317.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 198، و " طبقات الحنابلة " 1 /
412.
(3) " تهذيب الكمال " 1487.
(4) " طبقات الحنابلة " 1 / 412، و " تهذيب الكمال ":
1486.
وتتمة الخبر فيهما: وأنكر ذلك أحمد إنكارا شديدا.
وجاء فيهما أيضا: سئل أحمد بن حنبل عن يحيى بن أكثم، فقال:
ما عرفناه ببدعة.
فبلغت يحيى، فقال: صدق أبو عبد الله، ما عرفني ببدعة قط.
(5) وهو ما أخرجه مسلم (1406) في النكاح: باب نكاح المتعة
من طرق عن الربيع ابن سبرة الجهني، عن أبيه أنه كان مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني في فتح مكة - = (*)
(12/8)
كان يقال ؟ قال: معاذ الله أن تزول عدالة مثله بكذب باغ أو
حاسد.
ثم قال: وكانت كتبه في الفقه أجل كتب، تركها الناس لطولها
(1).
قال أبو العيناء: سئل رجل من البلغاء عن يحيى بن أكثم،
وأحمد ابن أبي دواد: أيهما أنبل ؟ قال: كان أحمد يجد مع
جاريته وبيته، وكان يحيى يهزل مع عدوه وخصمه (2).
قال أبو حاتم الرازي: فيه نظر (3).
وقال جعفر بن أبي عثمان، عن ابن معين: كان يكذب.
وقال ابن راهويه: ذاك الدجال يحدث عن ابن المبارك.
وقال علي بن الجنيد: يسرق الحديث (4).
وقال صالح جزرة: حدث عن ابن إدريس بأحاديث لم يسمعها.
وقال أبو الفتح الازدي: روى عن الثقات عجائب.
__________
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس إني
قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد = حرم
ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شئ، فليخل سبيله،
ولا تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ".
وانظر " زاد المعاد " 3 / 459، 464.
(1) يراجع الخبر في " تاريخ بغداد " 14 / 200، و " تهذيب
الكمال ": 1486، 1487، و " وفيات الاعيان " 6 / 149، 151،
و " طبقات الحنابلة " 1 / 413.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 198، و " وفيات الاعيان " 6 /
148.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 129.
(4) " الجرح والتعديل " 9 / 129.
وقال السخاوي في " شرح الالفية ": 160: سرقة
الحديث أن يكون محدث ينفرد بحديث، فيجئ السارق ويدعي أنه
سمعه أيضا من شيخ ذاك المحدث.
أو يكون الحديث عرف براو، فيضيفه لراو غيره ممن شاركه في
طبقته.
قال الذهبي: وليس كذلك من يسرق الاجزاء والكتب، فإنها أنحس
بكثير من سرقة الرواة.
وقال الذهبي رحمه الله في " سير أعلام النبلاء " 11 / 504:
قال أبو أحمد العسال: سمعت فضلك يقول: دخلت على ابن حميد
وهو يركب الاسانيد على المتون.
قلت: آفته هذا الفعل، وإلا فما أعتقد فيه أنه يضع متنا.
وهذا معنى قولهم: يسرق الحديث.
(*)
(12/9)
قلت: ما هو ممن يكذب، كلا.
وكان عبثه بالمرد أيام الشبيبة، فلما شاخ أقبل على شأنه،
وبقيت الشناعة، وكان أعور.
قال أبو العيناء (1): وقف له الاضراء (2)، فطالبوه، فقال:
ليس لكم عند أمير المؤمنين شئ.
فقالوا: لا تفعل يا أبا سعيد، فصاح: الحبس الحبس، فحبسوا،
فلما كان الليل ضجوا.
فقال المأمون: ما هذا ؟ قيل: الاضراء.
فقال له: ولم حبستهم ؟ أعلى أن كنوك ؟ قال: بل حبستهم على
التعريض بشيخ لائط في الحربية (3).
قال فضلك الرازي: مضيت أنا وداود الاصبهاني إلى يحيى بن
أكثم، ومعنا عشرة مسائل، فأجاب في خمسة منها أحسن جواب.
ودخل غلام مليح، فلما رآه اضطرب، فلم يقدر يجئ ولا يذهب في
مسألة.
فقال داود: قم، اختلط الرجل (4).
__________
(1) هو محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي ولاء.
المتوفى سنة 283 ه.
وسترد ترجمته في الجزء الثالث عشر ترجمة رقم (142).
(2) الاضراء: جمع ضرير، وهو من فقد بصره.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد " 14 / 194، 195 بتوسع.
ولفظه بإسناده إلى أبي
العيناء، قال: تولى يحيى بن أكثم ديوان الصدقات على
الاضراء، فلم يعطهم شيئا، فطلبوه وطالبوه، فلم يعطهم،
فاجتمعوا.
فلما انصرف من جامع الرصافة من مجلس القضاء، سألوه
وطالبوه، فقال: ليس لكم عند أمير المؤمنين شئ...الخبر.
والحربية: محلة كبيرة مشهورة ببغداد عند باب حرب، قرب
مقبرة بشر الحافي وأحمد بن حنبل، وغيرهما، تنسب إلى حرب بن
عبد الله البلخي، أحد قواد أبي جعفر المنصور، وقد تصحفت في
تاريخ بغداد إلى (الخريبة).
(4) " تهذيب الكمال ": 1486.
وقد أورد الخطيب البغدادي 14 / 197 وابن خلكان 6 / 152 بعض
الاخبار التي تذكر ما كان يتهم به يحيى بن أكثم من الهنات
المنسوبة إليه كاللواطة وغيرها.
وما إخال أن هذه الاخبار تصح عن قاض كبير كيحيى بن أكثم
الذي كان إماما من أئمة الاجتهاد، مما دفع الخليفة المأمون
- وهو من هو علما ومعرفة - لان يوليه قضاء بغداد.
ولا سيما أن هذه الاخبار وردت عمن لا يحتج بهم...وقد قال
الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " = (*)
(12/10)
قال أبو العيناء: كنا في مجلس أبي عاصم، فنازع أبو بكر بن
يحيى ابن أكثم غلاما، فقال أبو عاصم: مهيم (1) ؟ قيل: أبو
بكر ينازع غلاما، فقال: إن يسرق، فقد سرق أب له من قبل
(2).
وقد هجي بأبيات مفرقة لم أسقها.
قال الخطيب: لما استخلف المتوكل صير يحيى في مرتبة ابن أبي
دواد، وخلع عليه خمس خلع (3).
وقال نفطويه: لما عزل يحيى من القضاء بجعفر الهاشمي جاءه
كاتبه، فقال: سلم الديوان.
فقال: شاهدان عدلان على أمير المؤمنين بذلك، فلم يلتفت
إليه، وأخذ منه قهرا.
وأمر المتوكل بقض أملاكه، وحول إلى بغداد، وألزم بيته.
قال الكوكبي: حدثنا محرز بن أحمد الكاتب، حدثنا محمد بن
مسلم السعدي قال: دخلت على يحيى بن أكثم، فقال: افتح هذا
القمطر.
ففتح، فإذا فيه شئ رأسه رأس إنسان، ومن سرته إلى أسفل خلقة
زاغ (4)، وفي ظهره سلعة - يعني: حدبة - وفي صدره كذلك.
__________
= 10 / 316، كان يحيى بن أكثم هذا من أئمة السنة، وعلماء
الناس، ومن المعظمين للفقه والحديث واتباع الاثر.
(1) قال أبو عبيد القاسم بن سلام في " غريب الحديث " 2 /
190، 191: مهيم: كأنها كلمة يمانية، معناها: ما أمرك، أو
ما هذا الذي أرى منك، ونحو هذا من الكلام.
فهي كلمة استفهام عن الحال أو الشأن.
وفي حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم رأى عليه وضرا من صفرة، فقال: مهيم ؟ قال: تزوجت
امرأة من الانصار على نواة من ذهب.
قال: " أولم ولو بشاة ".
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 197، و " وفيات الاعيان " 6 /
153.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 200، 201.
(4) قال الدميري: الزاغ: نوع من أنواع الغربان، يقال له:
الزرعي، وغراب = (*)
(12/11)
فكبرت وهللت وجزعت، ويحيى يضحك (1)، فقال لي بلسان طلق:
أنا الزاغ أبوعجوة * أنا ابن الليث واللبوه أحب الراح
والريحا * ن والنشوة والقهوه فلا عربدتي تخشى * ولا تحذر
لي سطوه (2) ثم قال: يا كهل، أنشدني شعرا غزلا، فأنشدته:
أغرك أن أذنبت تتابعت * ذنوب، فلم أهجرك ثم أتوب
__________
= الزرع، وهو غراب أسود صغير، وقد يكون محمر المنقار
والرجلين.
ويقال له أيضا: غراب الزيتون، لانه يأكله.
وهو لطيف الشكل، حسن المنظر، صغير نحو الحمامة، برأسه غبرة
وميل إلى البياض، ولا يأكل الجيف.
وجمعه: زيغان.
(1) " النجوم الزاهرة " 2 / 316، و " حياة الحيوان الكبرى
" للدميري 2 / 2 وجاء فيه بعد قوله: ويحيى يضحك: فقلت له:
ما هذا، أصلحك الله ؟ فقال لي: سل عنه منه.
فقلت له: ما أنت ؟ فنهض وأنشد بلسان فصيح:...الابيات.
(2) الابيات في " النجوم الزاهرة " 2 / 317، و " حياة
الحيوان الكبرى " 2 / 2.
ورواية الشطر الاول من البيت الثالث فيه: فلا عدوى يدي
تخشى.
وجاء بعدها الابيات التالية: ولي أشياء تستظر * ف يوم
العرس والدعوه فمنها سلعة في الظه * - ر لا تسترها الفروه
وأما السلعة الاخرى * فلو كان لها عروه لما شك جميع النا *
س فيها أنها ركوه وجاء في " حياة الحيوان الكبرى " أن هذا
الخبر قد رواه أبو طاهر السلفي على غير هذا الطريق.
وهو ما أخبر به موسى الرضى، قال: قال أبو الحسن علي بن
محمد: دخلت على أحمد بن أبي دواد، وعن يمينه قمطر...الخبر.
وأما الابيات فهي: أنا الزاغ أبوعجوه * حليف الخمر والقهوه
ولي أشياء لا تنك * - ر يوم القصف في الدعوه فمنها سلعة في
الظه * - ر لا تسترها الفروه ومنها سلعة في الصد * ر لو
كان لها عروه لما شك جميع النا * س حقا أنها ركوه (*)
(12/12)
وأكثرت حتى قلت: ليس بصارمي * وقد يصدم الانسان وهو حبيب
(1) فصاح: زاغ زاغ زاغ، فطار، ثم سقط في القمطر.
فقلت: أعز الله القاضي، وعاشق أيضا ؟ ! فضحك.
فقلت: ما هذا ؟ قال: هو ما
ترى.
وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد.
قال سعيد بن عفير: حدثنا يعقوب بن الحارث، عن شبيب بن شيبة
ابن الحارث، قال: قدمت الشحر (2) على رئيسها (3)، فتذاكرنا
النسناس (4).
فقال: صيدوا لنا منها.
فلما أن رحت إليه، إذا بنسناس مع الاعوان، فقال: أن بالله
وبك (5) ! فقلت: خلوه، فخلوه، فخرج يعدو، وإنما يرعون
النبات.
فلما حضر الغداء قال: استعدوا للصيد، فإنا خارجون.
فلما كان السحر سمعنا قائلا يقول: أبا محمد، إن الصبح قد
__________
(1) البيتان في " النجوم الزاهرة " 2 / 317.
وجاء في " حياة الحيوان الكبرى " 2 / 3 في هذا الخبر في
الطريق الثانية:...ثم قال: أنشدني شيئا في الغزل، فأنشدته:
وليل في جوانه فضول * من الاظلام أطلس غيهبان كأن نجومه
دمع حبيس * ترقرق بين أجفان الغواني (2) بكسر أوله، وسكون
ثانيه: صقع بين عدن وعمان.
(3) في " معجم البلدان ": على رجل من مهرة، له رياسة وخطر.
(4) جاء في " حياة الحيوان الكبرى " 2 / 352، 353: قال في
" المحكم ": هو خلق في صورة الناس مشتق منهم لضعف خلقهم.
وقال في " الصحاح ": هو جنس من الخلق، يثب أحدهم على رجل
واحدة...وفي " المجالسة " للدينوري، عن ابن قتيبة، عن عبد
الرحمن بن عبد الله، أنه قال: قال ابن إسحاق، النسناس خلق
باليمن، لاحدهم عين ويد ورجل يقفز بها.
وأهل اليمن يصطادونهم...(5) الصواب في هذا وأمثاله أن
يقال: أنا بالله، ثم بك، ففي " المسند " 5 / 384 و 394، و
398، وسند أبي داود (4980) من حديث حذيفة بن اليمان مرفوعا
" لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء
الله، ثم شاء فلان " وإسناده صحيح، وله شاهد من حديث ابن
عباس عند أحمد 1 / 214 و 224، 283، وآخر من حديث الطفيل بن
سخبرة عند
أحمد 5 / 72.
(*)
(12/13)
أسفر، وهذا الليل قد أدبر، والقانص (1) قد حضر.
فعليك بالوزر.
فقال (2): كلي ولا تراعي، فقالوا: يا أبا محمد، فهرب وله
وجه كوجه الانسان، وشعرات بيض في ذقنه، ومثل اليد في صدره،
ومثل الرجل بين وركيه، فألظ (3) به كلبان، وهو يقول: إنكما
[ حين ] (4) تجارياني * ألفيتماني خضلا عناني لو بي شباب
ما ملكتماني * حتى تموتا أو تفارقاني (5) قال: فأخذاه.
قال: ويزعمون أنهم ذبحوا منها نسناسا، فقال قائل: سبحان
الله، ما أحمر دمه (6) ! قال: يقول نسناس من شجرة: كان
يأكل السماق (7)، فقالوا: نسناس، فأخذوه، وقالوا: لو سكت،
ما علم به.
__________
(1) في " معجم البلدان ": والقنيص (2) في " معجم البلدان "
بعد " فقال ": آخر.
(3) يقال: لظ بالمكان، وألظ به، أي أقام به ولزمه، ومنه
حديث النبي صلى الله عليه وسلم " ألظوا في الدعاء: ب يا ذا
الجلال والاكرام " أخرجه الترمذي عن أنس واحمد والحاكم عن
ربيعة بن عامر، وابن أبي شيبة عن أنس، والحاكم عن أبي
هريرة.
أي: الزموا هذا، واثبتوا عليه.
(4) سقطت من الاصل، واستدركت من " معجم البلدان ".
(5) البيتان في " معجم البلدان " 3 / 327، وروايته فيهما:
" تحارباني " بدل " تجارياني "، وتخلياني بدل " تفارقاني
".
وجاء فيه قبلهما: الويل لي مما به دهاني * دهري من الهموم
والاحزان قفا قليلا أيها الكلبان * واستمعا قولي وصدقاني
(6) كذا الاصل، والجادة أن يقال: ما أشد حمرة دمه، قال
المبرد في " المقتضب " 4 / 181.
وكذلك ما كان من الالوان والعيوب نحو الاعور والاحمر، لا
يقال: ما أحمره، ولا ما أعوره...(7) هو نوع من النبات، من
فصيلة البطميات، ينبت في الجبال والمرتفعات، له ثمر حامض،
عناقيد فيها حب صغار، وهو شديد الحمرة.
(*)
(12/14)
فقال آخر من شجرة: أنا صميميت فقالوا: نسناس خذوه.
قال: وبنو مهرة يصطادونها، ويأكلونها.
قال: وكان بنو أميم بن لاوذ بن سام بن نوح (1)، سكنوا زنار
أرض رمل كثيرة النخل، ويسمع فيها حس الجن حتى كثروا،
فعصوا، فعاقبهم الله، فأهلكهم، وبقي منهم بقايا للعرب تقع
عليهم.
وللرجل والمرأة منهم يد أو رجل في شق واحد، يقال لهم:
النسناس.
قلت: هذا كقول بعضهم: ذهب الناس، وبقي النسناس.
يشبهون الناس، وليسوا بناس.
ولعل هؤلاء تولدوا من قردة وناس.
فسبحان القادر.
وقد روي أن يحيى بن أكثم (2)، رئي في النوم، وأنه غفر له،
وأدخل الجنة.
قال السراج (3) في " تاريخه ": مات بالربذة (4) منصرفه من
الحج يوم الجمعة في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
قال ابن أخته: بلغ ثلاثا وثمانين سنة.
__________
(1) في " حياة الحيوان الكبرى " 2 / 353:...يقال: إنهم من
نسل إرم بن سام أخي عاد وثمود...(2) الاكثم: العظيم البطن،
والشبعان أيضا.
يقال بالثاء المثلثة، والتاء المثناة من فوقها، معناهما
واحد.
(3) هو محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله، أبو العباس
السراج النيسابوري، مولى ثقيف متوفى سنة 313 ه، وسترد
ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب الترجمة رقم
(216) (4) بفتح أوله وثانيه، وذال معجمة مفتوحة أيضا،
وبعدها هاء ساكنة: قرية من قرى المدينة على طريق الحجاج،
ينزلونها عند عبورهم عليها.
وفيها قبر الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري جندب بن جنادة.
(*)
(12/15)
ودعابة يحيى مع المرد أمر مشهور، وبعض ذلك لا يثبت.
وكان ذلك قبل أن يشيخ.
عفا الله عنه وعنا.
2 - ابن السكيت * شيخ العربية،
أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق بن السكيت (1)، البغدادي
النحوي المؤدب، مؤلف كتاب " إصلاح المنطق "، دين خير، حجة
في العربية.
أخذ عن: أبي عمرو الشيباني، وطائفة.
روى عنه: أبو عكرمة الضبي، وأحمد بن فرح المفسر، وجماعة.
وكان أبوه مؤدبا، فتعلم يعقوب، وبرع في النحو واللغة، وأدب
أولاد الامير محمد بن عبد الله بن طاهر (2)، ثم ارتفع
محله، وأدب ولد المتوكل.
وله من التصانيف نحو من عشرين كتابا (3).
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 202، 204، الفهرست: 79، تاريخ
بغداد
14 / 273، 274، نزهة الالباء: 122، معجم الادباء 20 / 50،
52، وفيات الاعيان 6 / 395، 402، العبر 1 / 443، البداية
والنهاية 1 / 346، النجوم الزاهرة 2 / 317، 318، بغية
الوعاة 2 / 349، شذرات الذهب 2 / 106، نزهة الالباء: 178،
180، إيضاح المكنون 1 / 94 و 2 / 13 و 261 و 262 الكامل
لابن الاثير 5 / 30، تاريخ أبي الفداء 2 / 40، تلخيص ابن
مكتوم: 277، مرآة الجنان 2 / 147، 149، مراتب النحويين:
95، 96، المزهر 2 / 412.
(1) قال ابن خلكان: السكيت، بكسر السين المهملة، والكاف
المشددة، وبعدها ياء مثناة من تحتها، ثم تاء مثناة من
فوقها، وعرف بذلك، لانه كان كثير السكوت، طويل الصمت.
وكل ما كان على وزن " فعيل " أو " فعليل " فإنه مكسور
الاول.
(2) راجع " وفيات الاعيان " 6 / 398.
(3) من هذه الكتب: " إصلاح المنطق "، و " القلب والابدال
"، و " معاني الشعر = (*)
(12/16)
روى أبو عمر (1) عن ثعلب، قال: ما عرفنا لابن السكيت خربة
قط (2).
وقيل: إنه أدب مع أبيه الصبيان.
وروى عن الاصمعي، وأبي عبيدة، والفراء، وكتبه صحيحة نافعة.
قال ثعلب: لم يكن له نفاذ في النحو، وكان يتشيع.
وقال أحمد بن عبيد: شاورني يعقوب في منادمة المتوكل،
فنهيته، فحمل قولي على الحسد، ولم ينته (3).
وقيل: كان إليه المنتهى في اللغة، وأما التصريف فقد سأله
المازني عن وزن " نكتل "، فقال: " نفعل "، فرده.
فقال: " نفتعل "، فقال: أتكون أربعة أحرف وزنها خمسة أحرف
؟ فوقف يعقوب.
فبين المازني أن
وزنه " نفتل ".
فقال الوزير ابن الزيات: تأخذ كل شهر ألفين (4) ولا تدري
ما وزن " نكتل " ؟ فلما خرجا قال ابن السكيت للمازني: هل
تدري ما صنعت بي ؟ فاعتذر (5).
__________
= الكبير "، و " معاني الشعر الصغير "، و " النوادر "، و "
الامثال " و " الاضداد "...وقد ذكر ياقوت في " معجمه " 20
/ 52 من تواليفه عشرين كتابا.
(1) هو راوية ثعلب.
(2) الخبر بلفظه في " تاريخ بغداد " 14 / 273.
(3) راجع " وفيات الاعيان " 6 / 398.
(4) في " وفيات الاعيان ": ألفي درهم.
(5) الخبر في " وفيات الاعيان " 6 / 397، 398، وفيه أن أبا
عثمان المازني اجتمع بابن السكيت عند محمد بن عبدالملك بن
الزيات الوزير، فقال الوزير للمازني: سل أبا يوسف عن
مسألة...فكره المازني ذلك - لصداقة كانت بينهما - خشية أن
يتحرج ابن السكيت...ولم يسأله هذه المسألة إلا بعد أن ألح
عليه الوزير.
وسيرد الخبر في الصفحة: في ترجمة المازني.
(*)
(12/17)
ولابن السكيت شعر جيد (1).
ويروى أن المتوكل نظر إلى ابنيه المعتز والمؤيد، فقال لابن
السكيت: من أحب إليك: هما، أو الحسن والحسين (2) ؟ فقال:
بل قنبر (3)، فأمر الاتراك، فداسوا بطنه، فمات بعد يوم.
وقيل: حمل ميتا في بساط.
وكان في المتوكل نصب (4)، نسأل الله العفو.
مات سنة أربع وأربعين ومئتين.
قال ابن السكيت: كتب رجل إلى صديق له: قد عرضت حاجة إليك،
فإن نجحت فالفاني منها حظي، والباقي حظك.
وإن تعذرت
فالخير مظنون بك، والعذر مقدم لك، والسلام.
قال ثعلب: أجمعوا أنه لم يكن أحد بعد ابن الاعرابي أعلم
باللغة من ابن السكيت.
وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز، فلما حضر، قال
له ابن السكيت: بم تحب أن تبدأ ؟ قال: بالانصراف.
قال: فأقوم.
قال المعتز: فأنا أخف منك، وبادر، فعثر، فسقط
__________
(1) من ذلك ما أورده ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 6 /
399، 400: إذا اشتملت على اليأس القلوب * وضاق لما به
الصدر الرحيب وأوطنت المكاره واستقرت * وأرست في أماكنها
الخطوب ولم تر لانكشاف الضر وجها * ولا أغنى بحيلته الاريب
أتاك على قنوط منك غوث * يمن به اللطيف المستجيب وكل
الحادثات إذا تناهت * فموصول بها فرج قريب (2) الخبر
بألفاظ مختلفة في " وفيات الاعيان " 6 / 397، 398.
وفي " النجوم الزاهرة " 2 / 318، واللفظ فيه: من أحب إليك:
أنا وولداي المؤيد والمعتز أم علي والحسن والحسين ؟ فقال:
والله إن شعرة من قنبر خادم علي خير منك ومن ولديك.
(3) راجع التعليق الرابع.
(4) أهل النصب: هم المتدينون ببغضة علي رضي الله عنه،
لانهم نصبوا له: أي عادوه.
(*)
(12/18)
وخجل، فقال يعقوب: يموت (1) الفتى من عثرة بلسانه * وليس
يموت (1) المرء من عثرة الرجل فعثرته بالقول (2) تذهب رأسه
* وعثرته بالرجل تبرا على (3) مهل (4) قيل: كتاب " إصلاح
المنطق " كتاب بلا خطبة، وكتاب " أدب
الكاتب " خطبة بلا كتاب (5).
قال أبو سهل بن زياد: سمعت ثعلبا يقول: عدي بن زيد العبادي
أمير المؤمنين في اللغة.
وكان يقول: قريبا من ذلك في ابن السكيت.
قلت: " إصلاح المنطق " كتاب نفيس مشكور في اللغة (6).
3 - حميد بن زنجويه *
(د، س) الامام الحافظ الكبير، أبو أحمد، واسمه حميد بن
مخلد بن قتيبة،
__________
(1) في " شذرات الذهب "، و " وفيات الاعيان ": يصاب.
(2) في " وفيات الاعيان ": في القول.
(3) في " وفيات الاعيان ": في مهل.
(4) البيتان في " وفيات الاعيان " 6 / 399، و " شذرات
الذهب " 2 / 106، والبيت الاول في " تاريخ بغداد " 2 /
125.
(5) ذلك لان عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى
سنة 276 ه قد طول الخطبة في كتابه " أدب الكاتب "، وأودعها
فوائد جليلة، كما قال ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 6 /
400.
وقد سلخ قسما كبيرا من " إصلاح المنطق " دونما إشارة إلى
ذلك.
(6) قال أبو العباس المبرد: ما رأيت للبغدايين كتابا أحسن
من كتاب ابن السكيت في المنطق.
وجاء في " وفيات الاعيان " 6 / 400 أن بعض العلماء قال: ما
عبر على جسر بغداد كتاب في اللغة مثل " إصلاح المنطق ".
وقد طبع في مصر سنة 1949 وقد رتبه العلامة العكبري على نسق
حروف المعجم، وأسماه " المشوف المعلم " ولما يطبع بعد.
* الجرح والتعديل 3 / 223، تاريخ بغداد 8 / 160، 162،
طبقات الحنابلة 1 / 150، تهذيب الكمال: 343، تذهيب التهذيب
1 / 180 / 1، 2، تذكرة الحفاظ 2 / 550، 551، العبر 2 / 1،
البداية والنهاية 11 / 10، تهذيب التهذيب = (*)
(12/19)
الازدي النسائي، صاحب كتاب " الترغيب والترهيب "، وكتاب "
الاموال " وغير ذلك.
مولده في حدود سنة ثمانين ومئة.
سمع النضر بن شميل، وجعفر بن عون، ويزيد بن هارون، وسعيد
ابن عامر الضبعي، ووهب بن جرير، ومحمد بن يوسف الفريابي،
وروح ابن أسلم، ومؤمل بن إسماعيل، وعبيدالله بن موسى، وعبد
الله بن صالح الكاتب، وخلقا كثيرا.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي في كتابيهما، وإبراهيم
الحربي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم، ولكن ما وقع له
شئ في " صحيحيهما "، وأبو العباس السراج، وابن صاعد، ومحمد
بن جرير، ومحمد بن خريم المري، وعبد الله بن عتاب بن
الزفتي (1)، ومحمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، وآخرون.
وكان أحد الائمة المجودين.
قال النسائي: ثقة (2).
وقال أبو حاتم البستي: هو الذي أظهر السنة بنسا.
__________
= 3 / 48، 49، طبقات الحفاظ: 245، خلاصة تذهيب الكمال: 95،
معجم البلدان 5 / 282، المعجم المشتمل: 111، شذرات الذهب 2
/ 124.
(1) بكسر الزاي، وسكون الفاء، وفي آخرها مثناة من فوق:
نسبة إلى الزفت.
والزفت والزفت لغتان.
وعبد الله بن عتاب هذا دمشقي مترجم في " الانساب "
للسمعاني 6 / 290.
(2) وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 3 /
223: سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
وفي " تاريخ بغداد " 8 / 161 عن أحمد بن سيار، قال: كان
حسن الفقه، قد كتب الحديث.
وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتا حجة.
(*)
(12/20)
قال: ومات سنة سبع وأربعين ومئتين.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما قدم علينا من فتيان
خراسان مثل حميد بن زنجويه، وأحمد بن شبويه (1).
قلت: آخر أصحابه موتا القاضي أبو عبد الله المحاملي.
وذكره الحاكم، فقال: أبو أحمد كثير الحديث، قديم الرحلة
إلى الحجاز.
ومصر، والشام.
والعراقين (2)...إلى أن قال: روى عنه بالعراق إماما
الحديث: إبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، إلى
أن قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: حدثنا حميد بن زنجويه
النسائي بنيسابور سنة سبع وعشرين ومئتين.
وقال أبو القاسم في " شيوخ النبل ": مات سنة إحدى وخمسين
ومئتين، ويقال: سنة ثمان وأربعين ومئتين (3).
قلت: ارتحل في آخر عمره ناشرا لعلمه إلى أن وصل إلى مصر،
ثم خرج منها، فأدركته المنية في سنة إحدى وخمسين.
هذا الصحيح في وفاته.
سمعت أبا الحجاج الحافظ يقول لشيخنا أبي الفضل أحمد بن هبة
الله في سنة ست وتسعين وست مئة: أخبركم أبو الغنائم المسلم
(4) أحمد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 161، و " تهذيب الكمال ": 343.
(2) أي: البصرة والكوفة.
(3) " المعجم المشتمل ": 111.
(4) بضم الميم، وفتح السين المهملة، وتشديد اللام
المفتوحة، بعدها ميم.
مترجم في " تبصير المنتبه " 4 / 1283، وذكره المؤلف في "
العبر " 5 / 126 فيمن توفي سنة احدى
وثلاثين وست مئة.
(*)
(12/21)
ابن علي المازني سنة ثمان وعشرين وست مئة فأقر به، أخبرنا
على بن الحسن الحافظ ببعلبك (1): أخبرنا محمد بن الفضل
الفراوي أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمر الهروي،
أخبرنا عبد الرحمن (2) بن أبي شريح، أخبرنا أبو جعفر محمد
بن أحمد بن عبد الجبار، حدثنا حميد بن زنجويه النسوي،
حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن
عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: الصيام والقرآن
يشفعان لصاحبهما يوم القيامة يقول الصيام: يا رب، إني
منعته الطعام والشراب والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول
القرآن: يا رب، إني منعته النوم بالليل فشفعني فيه،
فيشفعان فيه.
إسناده لين (3).
__________
(1) في الاصل: ببلعبك، وهو خطأ.
(2) لائمة الحديث فرق بين " حدثنا " و " أخبرنا " فقد قال
الحاكم فيما نقله عنه ابن الصلاح ص 145: الذي أختاره في
الرواية، وعهدت عليه اكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول في
الذي يأخذه من المحدث لفظا وليس معه أحد: حدثني فلان، وما
يأخذه من المحدث لفظا ومعه غيره: حدثنا فلان، وما قرأ على
المحدث بنفسه: أخبرني فلان، وما قرئ على المحدث وهو حاضر:
أخبرنا فلان ثم قال ابن الصلاح: وقد روينا نحو ما ذكره عن
عبد الله بن وهب صاحب مالك رضي الله عنهما وهو حسن رائق
وقال يحيى بن سعيد: أخبرنا وحدثنا واحد وللامام الطحاوي
رسالة في التسوية بين حدثنا وأخبرنا، وهي من محفوظات
المكتبة الظاهرية.
(3) من اجل ابن لهيعة، ثم هو موقوف، وقد أخرجه أحمد مرفوعا
2 / 174 من طريق موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن حيي بن
عبد الله، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن
عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
وأخرجه الحاكم 1 / 554 من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني
حيي بن عبد الله، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبد الله بن
عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم...وصححه ووافقه
الذهبي، وهو كما قالا.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 181، وقال: رواه أحمد
والطبراني في " الكبير "، ورجال الطبراني رجال الصحيح..(*)
(12/22)
4 - أبو همام
* (م، د، ت، ق) الامام الحافظ الصدوق، أبو همام، الوليد بن
الامام أبي بدر، شجاع بن الوليد بن قيس، السكوني الكوفي،
ثم البغدادي.
سمع أباه، وإسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله القاضي،
وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، والوليد بن مسلم،
وطبقتهم.
جال في الحديث، وجمع وألف.
حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وعباس
الدوري، وموسى بن هارون، وعبد الله بن ناجية، وأبو القاسم
البغوي، وأبو يعلى الموصلي، ويحيى بن صاعد، وخلق كثير.
قال يحيى بن معين، لا بأس به (1).
وقال أبو كريب: ما أخرج إلي الشيوخ كتابا إلا وفيه: فرغ
أبو همام، فرغ أبو همام (2).
وقال محمد بن زكريا الغلابي: سمعت يحيى بن معين يقول: عند
أبي همام مئة ألف حديث عن الثقات (3).
__________
* الجرح والتعديل 9 / 7، تاريخ بغداد 13 / 443، 446،
اللباب 2 / 125، تهذيب الكمال: 1467، 1468، تذهيب التهذيب
4 / 240 / 1، خلاصة تذهيب الكمال: 416.
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 444، و " تهذيب الكمال ": 1467،
وتتمته فيهما: ليس هو ممن يكذب.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 445، و " تهذيب الكمال: 1467،
وتتمته فيهما: ويوقفني على علامته.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 444، و " تهذيب الكمال ": 1467،
وتتمة الخبر: وما سمعته يقول فيه سوءا قط.
وكان يقول: ليس له بخت.
(*)
(12/23)
وقال النسائي: لا بأس به (1).
وقال أحمد بن حنبل: اكتبوا عنه (2).
وقال سريج بن يونس: ما (3) فعل ابن أبي بدر ؟ كانوا
يضعفونه (4).
وقال صالح جزرة: تكلموا في أبي همام (5).
وقال أبو حاتم: لا يحتج به (6).
قلت: قد احتج به مسلم، وهو على سعة علمه قل أن تجد له
حديثا منكرا.
وهذه صفة من هو ثقة.
مات في شهر ربيع الاول سنة ثلاث وأربعين ومئتين في عشر
التسعين.
وقع لي من عواليه.
5 - أبو حذافة * (ق) الامام
المحدث الفقيه المعمر، أبو حذافة، أحمد بن إسماعيل
بن
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 1467.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 444، و " تهذيب الكمال ": 1467.
(3) في " تاريخ بغداد ": بما فعل...(4) " تاريخ بغداد " 13
/ 444، و " تهذيب الكمال ": 1467 وتتمته فيهما: في الجراح
أبي وكيع.
(5) " تاريخ بغداد " 13 / 445.
(6) " الجرح والتعديل " 9 / 7.
وقول أبي حاتم بتمامه: صدوق، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو
أحب إلي من أبي هشام الرفاعي، وقد نقل ذلك المزي في "
تهذيب الكمال " 1467.
فأبو حاتم يرى أن المترجم ضعيف عند انفراده، ولا يقوى
حديثه إلا بالمتابعة.
* تاريخ بغداد 4 / 22، 24، تهذيب الكمال: 17، تذهيب
التهذيب 1 / 7 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 83، العبر 2 / 18،
تهذيب التهذيب 1 / 15، 16، خلاصة تذهيب الكمال: 4، شذرات
الذهب 2 / 139.
(*)
(12/24)
محمد بن نبيه، السهمي القرشي المدني، نزيل بغداد، وبقية
المسندين.
حدث عن: مالك بن أنس " الموطأ " (1)، فكان خاتمة من روى عن
مالك، وعن عبدالرحمن بن أبي الزناد، ومسلم بن خالد الزنجي،
وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحاتم بن إسماعيل، وطائفة.
انفرد بالرواية عنهم، وعاش مئة عام.
حدث عنه: ابن ماجة، ويحيى بن صاعد، وعبد الوهاب بن أبي
عصمة، وإسماعيل بن العباس الوراق، وابن خزيمة، ثم تركه،
وأبو عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد وآخرون.
قال المحاملي (2): سمعت أبي يقول: سألت أبا مصعب عن أبي
حذافة، فقال: كان يحضر معنا العرض على مالك (3).
وقال الدارقطني: هو قوي السماع عن مالك.
__________
(1) في " تنوير الحوالك " 1 / 9: قال الحافظ صلاح الدين
العلائي: روى " الموطأ " عن مالك جماعات كثيرة، وبين
روايتهم اختلاف من تقديم وتأخير وزيادة ونقص، واكبرها
رواية القعنبي، ومن أكبرها وأكثرها زيادات رواية أبي مصعب،
فقد قال ابن حزم: في " موطأ " أبي مصعب زيادة على سائر
الموطآت نحو مئة حديث.
قلت: وقد سرد القاضي عياض في " ترتيب المدارك " 1 / 202،
203 أسماء من روى " الموطأ " من الائمة والمشاهير والثقات
عن مالك، واللكنوي في " التعليق الممجد " ص 18 وما بعد.
والمطبوع منها رواية يحيى بن يحيى المصمودي الليثي المتوفى
سنة 234 ه ورواية محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الامام أبي
حنيفة المتوفى سنة 189 ه.
(2) بفتح الميم والحاء، وسكون الالف، وكسر الميم واللام:
نسبة إلى المحامل التي يحمل فيها الناس وهو القاضي أبو عبد
الله الحسين بن إسماعيل بن محمد..المتوفى سنة 330 ه وسترد
ترجمته في الجزء الخامس عشر من هذا الكتاب.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 24، و " تهذيب الكمال ": 17.
(*)
(12/25)
وقال البرقاني (1): كان الدارقطني حسن الرأي في أبي حذافة،
وأمرني أن أخرج حديثه في " الصحيح " (2).
وقال الخطيب: قرأت بخط الدارقطني: أحمد بن إسماعيل، أبو
حذافة، ضعيف الحديث، كان مغفلا.
روى " الموطأ " عن مالك مستقيما، وأدخلت عليه أحاديث عن
مالك في غير " الموطأ "، فقبلها، لا يحتج به (3).
قال الخطيب: لم يكن ممن يتعمد الباطل (4).
قلت: مما نقموا عليه روايته عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر
مرفوعا: " أفطر الحاجم " (5).
وبهذا السند حديث: " قضى باليمين مع الشاهد " (6).
فهذا إسناد مركب، ولم يأت أبو حذافة بمتن باطل.
__________
(1) بفتح الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، وفتح القاف:
نسبة إلى قرية بنواحي خوارزم.
والبرقاني هذا هو الامام أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن
غالب، الفقيه، المحدث، الاديب المتوفى سنة 425 ه، وسترد
ترجمته في الجزء السابع عشر من الكتاب.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 24، و " تهذيب الكمال ": 17.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 24.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 24.
(5) ورواه ابن عدي في " الكامل " لوحة 174 من حديث الحسن
بن أبي جعفر عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر، وأعله بالحسن
هذا، وجعله من منكراته، وقال: لا أعلمه يرويه كذلك غيره،
وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب، لكنه يهم ويغلط، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 3 / 169 ونسبه للطبراني في " الاوسط
"، وقال: وفيه الحسن بن أبي جعفر الجفري، وفيه كلام وقد
وثق.
قلت: " الحديث " روي من حديث ثوبان، ورافع بن خديج، وشداد
بن أوس، وأبي موسى الاشعري، ومعقل بن سنان، وأسامة بن زيد،
وبلال، وعلي، وعائشة، وأبي هريرة وابن عباس، وغيرهم وهو
حديث صحيح، لكنه منسوخ انظر " زاد المعاد " 2 / 60، و "
نصب الراية " 2 / 472، 477، و " زوائد البزار " 1 / 471،
478، و " مجمع الزوائد " 3 / 168، 170.
(6) وهو ضعيف بهذا السند.
لكن صح من حديث ابن عباس أخرجه مسلم (1712) في = (*)
(12/26)
وقد رماه بالكذب الفضل بن سهل الاعرج (1).
مات يوم الفطر سنة تسع وخمسين.
وقع لنا من عواليه.
6 - الحسن بن عيسى بن ماسرجس
(2) * (م، د، س) الامام المحدث الثقة الجليل، أبو علي
النيسابوري.
حدث عن: أبي الاحوص سلام بن سليم، وأبي بكر بن عياش، وجرير
بن عبدالحميد، وعبد الله بن المبارك مولاه، وعبد السلام بن
حرب، وسعير بن الخمس (3)، ونوح بن أبي مريم، وأبي معاوية
الضرير، وطبقتهم
__________
= الاقضية، والشافعي في مسنده 2 / 234، ومن حديث أبي هريرة
عند أبي داود (3610) والترمذي (1343) وابن ماجة (2368)
وسنده حسن، وعن جابر بن عبد الله عند الترمذي (1344) وابن
ماجه (2369)، وعن علي عند الدارقطني ص 516، ونقل الزيلعي
في " نصب الراية " 4 / 97 قول ابن عبد البر: وقد روي
القضاء باليمين والشاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم من
حديث أبي هريرة وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن
عمر، وعبد الله بن عمرو، وسعد بن عبادة، والمغيرة بن شعبة،
وجماعة من الصحابة.
وانظر " الطرق الحكمية " 66، 75 لابن القيم.
(1) " تهذيب التهذيب " 1 / 16.
وجاء فيه: قال ابن عدي: حدث عن مالك بالموطأ، وحدث عن عمه
بالبواطيل.
(2) بفتح الميم والسين المهملة، وسكون الراء، وكسر الجيم
والسين المهملة الثانية.
" اللباب " 3 / 147.
* التاريخ الكبير 2 / 302، التاريخ الصغير، 2 / 371، الجرح
والتعديل 3 / 31، تاريخ بغداد 7 / 351، 354، اللباب 3 /
147، تهذيب الكمال: 280، 281، تذهيب التهذيب 1 / 144 / 2،
العبر 1 / 432، تهذيب التهذيب 2 / 313، 315، خلاصة تذهيب
الكمال: 80، شذرات الذهب 2 / 94.
(3) سعير، بمهملات، آخره راء، مصغر.
والخمس، بكسر المعجمة، وسكون الميم،
وبعدها سين مهملة.
قال ابن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وهو مترجم في " تهذيب التهذيب " 4 / 105، 106.
(*)
(12/27)
روى عنه: مسلم، وأبو داود، وبواسطة النسائي، والبخاري في
غير " صحيحه "، وزكريا خياط السنة (1)، وأبو يعلى الموصلي،
وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وأبو العباس السراج،
وآخرون.
وقد حدث عنه أحمد بن حنبل مع تقدمه.
كان من كبراء النصارى، فأسلم.
قال الحاكم: سمعت الحسين بن أحمد الماسرجسي، يحكي عن جده
وغيره، قال: كان الحسن والحسين ابنا عيسى يركبان معا،
فيتحير الناس من حسنهما وبزتهما، فاتفقا على أن يسلما،
فقصدا حفص بن عبد الرحمن، فقال: أنتما من أجل النصارى،
وابن المبارك قادم (2) ليحج، فإذا أسلمتما على يده كان ذلك
أعظم عند المسلمين، وأرفع لكما، فإنه شيخ المشرق.
فانصرفا عنه، فمرض الحسين، فمات نصرانيا.
فلما قدم ابن المبارك، أسلم الحسن على يده (3).
قلت: يبعد أن يأمرهما حفص بتأخير الاسلام، فإنه رجل عالم.
فإن صح ذلك فموت الحسين مريدا للاسلام، منتظرا قدوم ابن
المبارك ليسلم نافع له.
قال الحاكم: حدثنا الحافظ أبو علي النيسابوري عن شيوخه أن
ابن المبارك نزل مرة برأس سكة عيسى، وكان الحسن بن عيسى
يركب
__________
(1) هو زكريا بن يحيى بن إياس بن سلمة السجزي، أبو عبد
الرحمن، المعروف ب: " خياط السنة " لانه كان يخيط أكفان
أهل السنة.
توفي سنة 289 ه.
وسترد ترجمته في
الجزء الثالث عشر ترجمة رقم (252).
(2) في " تاريخ بغداد ": وعبد الله بن المبارك خارج في هذه
السنة إلى الحج.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 352، و " تهذيب الكمال " 281.
(*)
(12/28)
فيجتاز به وهو في المجلس، وكان من أحسن الشباب [ وجها ]
(1)، فسأل ابن المبارك عنه، فقيل: هو نصراني.
فقال: اللهم ارزقه الاسلام، فاستجيب له (2).
قال أبو العباس السراج: حدثنا الحسن بن عيسى مولى عبد الله
بن المبارك، وكان عاقلا: عد في مجلسه بباب الطاق (3) اثنا
عشر ألف محبرة (4).
ومات بالثعلبية (5) منصرفه من مكة سنة تسع وثلاثين ومئتين.
وقال أحمد بن محمد بن بكر: مات سنة أربعين.
قال الحاكم: سمعت ابني المؤمل بن الحسن.
يقولان: أنفق جدنا في الحجة التي توفي فيها ثلاث مئة ألف
(6).
قال الحاكم: فحججت مع ابني المؤمل، وزرنا بالثعلبية قبر
جدهما، فقرأت على لوح قبره: * (ومن يخرج من بيته مهاجرا
إلى الله ورسوله، ثم يدركه الموت، فقد وقع أجره على الله)
*.
[ النساء: 100 ].
__________
(1) ما بين حاصرتين من " تاريخ بغداد " و " تهذيب الكمال
".
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 352، و " تهذيب الكمال ": 281.
(3) محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي بين الرصافة ونهر
المعلى.
وتعرف أيضا بطاق أسماء، نسبة إلى أسماء بنت المنصور.
وكان طاقا عظيما، وكان في دارها التي صارت لعلي بن جهشيار
صاحب الموفق الناصر لدين الله، وعند هذا الطاق كان مجلس
الشعراء في أيام الرشيد.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 353، و " تهذيب الكمال ": 281.
(5) بفتح الثاء: من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق
وقبل الخزيمية.
(6) " تاريخ بغداد " 7 / 354، و " تهذيب الكمال ": 281.
(*)
(12/29)
هذا قبر الحسن بن عيسى بن ماسرجس، مولى عبد الله بن
المبارك.
توفي في صفر سنة أربعين (1).
وقال محمد بن المؤمل بن الحسن: سمعت أبا يحيى البزاز يقول
لابي رجاء القاضي: كنت فيمن حج مع الحسن بن عيسى وقت موته،
فاشتغلت بحفظ جملي (2) عن شهوده، فأريته في النوم، فقلت:
ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي ولكل من صلى علي.
قلت: فإني فاتني الصلاة عليك لغيبة عديلي (3)، فقال: لا
تجزع، وغفر لكل من يترحم علي (4).
رحمه الله.
قلت: وفي ذريته وأقاربه محدثون وفضلاء.
7 - المتوكل على الله *
الخليفة، أبو الفضل، جعفر بن المعتصم بالله محمد بن
الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور، القرشي العباسي
البغدادي.
ولد سنة خمس ومئتين.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 353، 354، و " تهذيب الكمال ":
281.
(2) في " تاريخ بغداد ": بحفظ محملي وآلاتي عن شهوده.
وفي " تهذيب الكمال ": بحفظ محملي وآلاتي عن حضور جنازته.
(3) في " تاريخ بغداد " 7 / 354: لغيبة العديل عن الرحل.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 354، و " تهذيب الكمال ": 281.
* أخباره متفرقة في تاريخ الطبري: الجزء التاسع، تاريخ
بغداد 7 / 165، 172، الكامل لابن الاثير: الجزء السابع،
وفيات الاعيان 1 / 350، 356، العبر 1 / 449، فوات الوفيات
1 / 290، 292، البداية والنهاية 10 / 310 وما بعدها و:
349، 352، العقد الثمين 3 / 431، 432، النجوم الزاهرة 2 /
275 وما بعدها و: 324، تاريخ الخلفاء: 346، 356، شذرات
الذهب 2 / 114، 116.
(*)
(12/30)
وبويع عند موت أخيه الواثق في ذي الحجة سنة اثنتين
وثلاثين: حكى عن: أبيه، ويحيى بن أكثم.
وكان أسمر جميلا، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف
العارضين، ربعة، وأمه اسمها شجاع.
قال خليفة بن خياط: استخلف المتوكل، فأظهر السنة، وتكلم
بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة، وبسط السنة،
ونصر أهلها.
وقد قدم المتوكل دمشق في صفر سنة 244 فأعجبته، وعزم على
المقام بها، ونقل دواوين الملك إليها، وأمر بالبناء بها،
وأمر للاتراك بمال رضوا به، وأنشأ قصرا كبيرا بداريا مما
يلي المزة (1).
قال علي بن الجهم: كانت للمتوكل جمة (2) إلى شحمة أذنيه
مثل أبيه والمأمون.
وقال الفسوي: رجع من دمشق بعد شهرين إلى سامراء.
وقيل: نعتت له دمشق، وأنها توافق مزاجه، وتذهب علله التي
تعرض له بالعراق.
قال خليفة (3): وحج بالناس قبل الخلافة.
__________
(1) لم أجد هذا الخبر في المطبوع من " تاريخ خليفة ".
وقال الشاعر يزيد بن محمد
المهلبي في انتقال المتوكل إلى داريا: أظن الشام تشمت
بالعراق * إذا عزم الامام على انطلاق فإن يدع العراق
وساكنيه * فقد تبلى المليحة بالطلاق (2) الجمة، بضم الجيم،
وتشديد الميم المفتوحة: مجتمع شعر الرأس، وهي أكثر من
الوفرة.
وفي الحديث: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمة جعدة.
(3) انظر " تاريخ خليفة ": 478.
(*)
(12/31)
وكان قاضي البصرة إبراهيم بن محمد التيمي يقول: الخلفاء
ثلاثة: أبو بكر يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز في رد
المظالم من بني أمية، والمتوكل في محو البدع، وإظهار السنة
(1).
وقال يزيد بن محمد المهلبي: قال لي المتوكل: إن الخلفاء
كانت تتصعب على الناس ليطيعوهم (2)، وأنا ألين لهم ليحبوني
ويطيعوني.
وحكى الاعسم (3) أن علي بن الجهم دخل على المتوكل، وبيده
درتان يقلبهما، فأنشده قصيدة له، فدحا (4) إليه بالواحدة
فقلبتها (5)، فقال: تستنقص بها ؟ هي والله خير من مئة ألف.
فقلت: لا والله، لكني فكرت في أبيات آخذ بها الاخرى.
وأنشأت أقول: بسر من رأى إمام (6) عدل (7) * تغرف من بحره
البحار يرجى ويخشى لكل خطب * كأنه جنة ونار الملك فيه وفي
بنيه (8) * ما اختلف الليل والنهار لم تأت منه اليمين شيئا
* إلا أتت مثلها اليسار (9)
__________
(1) " فوات الوفيات " 1 / 290، " تاريخ الخلفاء ": 346، و
" النجوم الزاهرة " 2 / 375.
(2) في " فوات الوفيات " 1 / 291...كانت تغضب على الرعية
لتطيعها.
(3) تحرفت في " تاريخ بغداد " إلى: الاعثم، بالثاء.
(4) أي: رماها إليه ودفعها.
(5) في الاصل: فقبلتها، وهو تحريف، والمثبت من " تاريخ
بغداد " 7 / 167، و " تاريخ الخلفاء ": 349.
(6) في " تاريخ بغداد ": أمير.
(7) سقطت من " تاريخ ابن كثير ".
(8) في " تاريخ بغداد " أبيه.
(9) الابيات في " تاريخ بغداد " 7 / 167، و " تاريخ ابن
كثير " 10 / 350، و " تاريخ الخلفاء ": 349.
وجاء في هذه المصادر قبل البيت الاخير: يداه في الجود
ضرتان * عليه كلتاهما تغار (*)
(12/32)
فدحا بها إلي، وقال: خذها، لا بارك الله لك فيها.
قال الخطيب (1): ورويت هذه للبحتري في المتوكل (2).
وعن مروان بن أبي الجنوب أنه مدح المتوكل بقصيدة، فوصله
بمئة وعشرين ألفا وثياب.
قال علي بن الجهم: كان المتوكل مشغوفا بقبيحة لا يصبر
عنها.
فوقفت له وقد كتبت على خدها بالغالية (3): " جعفر "،
فتأملها، ثم أنشأ يقول: وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا *
بنفسي محط المسك من حيث أثرا لئن أودعت سطرا من المسك خدها
* لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا (4) وفي أول خلافته كانت
الزلزلة بدمشق، سقط شرفات الجامع، وانصدع حائط المحراب،
وهلك خلق تحت الردم، دامت ثلاث
__________
(1) في " تاريخه " 7 / 167.
(2) في " تاريخ بغداد " 7 / 167، 168، بلفظ: بسر من رأى
لنا إمام * تغرف من بحره البحار خليفة يرتجى ويخشى * كأنه
جنة ونار كلتا يديه تفيض سحا * كأنها ضرة تغار فليس تأتي
اليمين شيئا * إلا أتت مثلها اليسار فالملك فيه وفي بنيه *
ما اختلف الليل والنهار (3) هي نوع من الطيب، مركب من مسك
وعنبر ودهن.
(4) البيتان في " الاغاني " 19 / 311 ونسبهما أبو الفرج
لفضل الشاعرة، وروايتهما عنده: وكاتبة بالمسك في الخد
جعفرا * بنفسي سواد المسك من حيث أثرا لئن أثرت بالمسك
سطرا بخدها * لقد أودعت قلبي من الحزن أسطرا وهما في "
تاريخ ابن كثير " 10 / 351، والبيت الاول فيه برواية:
وكاتبة في الخد بالمسك جعفرا * بنفسي تحط المسك من حيث
أثرا وهما في " تاريخ الخلفاء ": 350، و " النجوم الزاهرة
" 2 / 325 باختلاف في اللفظ.
(*)
(12/33)
ساعات، وهرب الناس إلى المصلى يستغيثون.
وقال أحمد بن كامل (1) في " تاريخه ": ومات تحت الهدم معظم
أهلها، كذا قال، وامتدت إلى الجزيرة، وهلك بالموصل خمسون
ألفا، وبأنطاكية عشرون ألفا، وبلي ابن أبي دواد بالفالج.
وفي سنة 234 أظهر المتوكل السنة، وزجر عن القول بخلق
القرآن، وكتب بذلك إلى الامصار، واستقدم المحدثين إلى
سامراء، وأجزل صلاتهم، ورووا أحاديث الرؤية والصفات (2).
ونزع الطاعة محمد
ابن البعيث نائب أذربيجان وأرمينية، فسار لحربه بغا
الشرابي، ثم بعد فصول أسر (3).
وفي سنة 235 ألزم المتوكل النصارى بلبس العسلي (4).
وفي سنة ست أحضر القضاة من البلدان ليعقد بولاية العهد
لبنيه: المنتصر محمد، ثم للمعتز، ثم للمؤيد إبراهيم.
وكانت الوقعة بين المسلمين والروم، ونصر الله.
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة، من العلماء
بالاحكام وعلوم القرآن والنحو والتاريخ.
تولى قضاء الكوفة، وتوفي سنة 350 ه.
(2) أي: رؤية الله عزوجل يوم القيامة، كما هو ثابت في
الاحاديث الصحيحة.
وأما رؤية الله سبحانه وتعالى عيانا في الحياة الدنيا فلم
تثبت لاحد، ولا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على
الصحيح، وبيان ذلك في " زاد المعاد " 3 / 36 وما بعدها
لابن القيم طبع مؤسسة الرسالة.
(3) راجع " الكامل " لابن الاثير 7 / 41 وما بعدها، و "
تاريخ الطبري " 9 / 164، 166، و " تاريخ ابن كثير " 10 /
312، و " النجوم الزاهرة " 2 / 375.
(4) " الكامل " لابن الاثير 7 / 52، وفيه أيضا:...بلبس
الطيالسة العسلية، وشد الزنانير، وركوب السروج بالركب
الخشب، وعمل كرتين في مؤخر السروج..وانظر " تاريخ ابن كثير
" 10 / 313.
(*)
(12/34)
وفي سنة ست وثلاثين هدم المتوكل قبر الحسين رضي الله عنه،
فقال البسامي (1) أبياتا منها: أسفوا على أن لا يكونوا
شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما (2) وكان المتوكل فيه نصب
وانحراف، فهدم هذا المكان وما حوله من الدور، وأمر أن
يزرع، ومنع الناس من انتيابه (3).
قال ابن خلكان: هكذا قاله أرباب التواريخ.
وفي سنة سبع قتلت الامراء عامل أرمينية يوسف، فسار لحربهم
بغا الكبير، فالتقوا، وبلغت المقتلة ثلاثين ألفا (4).
وعفى قبر الشهيد الحسين وما حوله من الدور.
فكتب الناس شتم المتوكل على الحيطان، وهجته الشعراء كدعبل
وغيره.
وبعث المتوكل إلى نائبه بمصر، فحلق لحية قاضي القضاة محمد
بن أبي الليث، وضربه، وطوف به على حمار في رمضان، وسجن،
وكان ظلوما
__________
(1) هو أبو الحسن، علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام،
المعروف بالبسامي، أو بابن بسام، الشاعر المشهور في زمن
المقتدر العباسي، سترد ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا
الكتاب ترجمة رقم (56).
(2) البيت في " وفيات الاعيان " 3 / 365، و " فوات الوفيات
" 1 / 292، و " تاريخ الخلفاء ": 347.
ونسب البيت في " النجوم الزاهرة " 2 / 284، إلى يعقوب بن
السكيت.
وجاء في هذه المصادر قبل البيت: تالله إن كانت أمية قد أتت
* قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله *
هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على...البيت (3) " الكامل "
لابن الاثير 7 / 55، وفيه: من إتيانه.
وفي " تاريخ الطبري " 9 / 185، وامتنعوا من المصير إليه.
وفي " فوات الوفيات " 1 / 291، 292: ومنع الناس من زيارته.
وانظر " تاريخ ابن كثير " 10 / 315، و " تاريخ الخلفاء ":
347، و " النجوم الزاهرة " 2 / 235.
(4) " الكامل " 7 / 58، و " تاريخ الطبري " 9 / 187، وانظر
" تاريخ ابن كثير " 10 / 315.
(*)
(12/35)
جهميا.
ثم ولي القضاء الحارث بن مسكين، فكان يضربه كل حين عشرين
سوطا ليؤدي ما وجب عليه، فإنا لله.
وغضب المتوكل على أحمد بن أبي دواد، وصادره، وسجن أصحابه،
وحمل ستة عشر ألف ألف درهم (1)، وافتقر هو وآله.
وولى يحيى بن أكثم القضاء، وأطلق بن تبقى في الاعتقال ممن
امتنع من القول بخلق القرآن، وأنزلت عظام أحمد بن نصر
الشهيد، ودفنها أقاربه، وبنى قصر العروس بسامراء، وأنفق
عليه ثلاثون ألف ألف درهم.
والتمس المتوكل من أحمد بن حنبل أن يأتيه، فذهب إلى سامراء
ولم يجتمع به، استعفى، فأعفاه، ودخل على ولده المعتز، فدعا
له.
وفي سنة ثمان وثلاثين، عصى متولي تفليس، فنازلها بغا، وقتل
متوليها وأحرقها، وفعل القبائح، وافتتح عدة حصون (2).
وأقبلت الروم في ثلاث مئة مركب، فكبسوا دمياط، وسبوا ست
مئة امرأة، وأحرقوا، وردوا مسرعين، فحصنها المتوكل (3).
وفي سنة 239 غزا يحيى بن علي الارمني بلاد الروم، حتى قرب
من
__________
(1) في " الكامل " 7 / 59 في أحداث سنة سبع وثلاثين
ومئتين: وفيها غضب المتوكل على أحمد بن أبي دواد وقبض
ضياعه وأملاكه، وحبس ابنه أبا الوليد وسائر أولاده، فحمل
أبو الوليد مئة ألف وعشرين ألف دينار، وجواهر قيمتها عشرون
ألف دينار.
ثم صولح بعد ذلك على ستة عشر ألف ألف درهم.
وكذا في " تاريخ الطبري " 9 / 189.
والخبر في " تاريخ ابن كثير " 10 / 315، 316.
(2) " الكامل " 7 / 67، و " تاريخ الطبري " 9 / 192، 193،
و " تاريخ ابن كثير " 10 / 317.
(3) " الكامل " 7 / 68، و " تاريخ الطبري " 9 / 193، 195،
و " تاريخ ابن كثير "
10 / 317، و " النجوم الزاهرة " 2 / 294.
(*)
(12/36)
القسطنطينية، وأحرق ألف قرية، وسبى عشرين ألفا، وقتل نحو
العشرة آلاف، وعزل يحيى بن أكثم من القضاء، وأخذ منه أربعة
آلاف جريب ومئة ألف دينار (1).
وفي سنة أربعين فيها سمع أهل خلاط (2) صيحة من السماء، مات
منها جماعة كثيرة (3).
وفي سنة 241 ماجت النجوم، وتناثرت شبه الجراد أكثر الليل،
فكان ذلك آية مزعجة (4).
وفيها خرج ملك البجاة (5)، وسار المصريون لحربه، فحملوا
على البجاة، فنفرت جمالهم، وكانوا يقاتلون، ثم تمزقوا،
وقتل خلق، وجاء ملكهم بأمان إلى المتوكل، وهم يعبدون
الاصنام (6).
وفي سنة 242 الزلزلة بقومس والدامغان، والري وطبرستان،
ونيسابور، وأصبهان، وهلك منها بضعة وأربعون ألفا، وانهد
نصف مدينة الدامغان (7).
__________
(1) قال ابن الاثير في " الكامل " 7 / 74 بحوادث 240 ه: في
هذه السنة عزل يحيى بن أكثم عن القضاء، وقبض منه ما مبلغه
خمسة وسبعون ألف دينار، وأربعة آلاف جريب بالبصرة.
وكذا في " تاريخ الطبري " 9 / 197، 198.
(2) بكسر أوله، وآخره طاء مهملة: هي قصبة أرمينية الوسطى.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 348، و " النجوم الزاهرة " 2 /
301.
(4) " تاريخ ابن كثير " 10 / 324، و " النجوم الزاهرة " 2
/ 304.
(5) في " تاريخ الطبري " و " ابن كثير ": البجة.
(6) " تاريخ الطبري " 9 / 203، 206، و " الكامل " 7 / 77،
و " تاريخ ابن كثير " 10 / 324.
(7) " تاريخ الطبري " 9 / 207، و " الكامل " 7 / 81، و "
تاريخ ابن كثير " 10 / 343، و " النجوم الزاهرة " 2 / 307.
(*)
(12/37)
وفي سنة 244 نفى المتوكل طبيبه بختيشوع (1).
واتفق عيد النحر وعيد النصارى وعيد الفطير (2) في يوم واحد
(3).
وفي سنة 245 عمت الزلزلة الدنيا، ومات منها خلائق.
وبنى المتوكل الماحوزة، وسماها الجعفري (4)، وأنفق عليها
بعد معاونة الجيش له ألفي ألف دينار، وتحول إليها، وفيها
وقع بناحية بلخ مطر كالدم العبيط.
وكان المتوكل جوادا ممدحا لعابا، وأراد أن يعزل من العهد
المنتصر، ويقدم عليه المعتز لحبه أمه قبيحة، فأبى المنتصر،
فغضب أبوه وتهدده، وأغرى به، وانحرفت الاتراك على المتوكل
لمصادرته وصيفا وبغا حتى اغتالوه.
قال المبرد: قال المتوكل لعلي بن محمد بن الرضا: ما يقول
ولد أبيك في العباس ؟ قال: ما تقول يا أمير المؤمنين في
رجل فرض الله طاعته على نبيه، وذكر حكاية طويلة، وبكى
المتوكل، وقال له: يا أبا الحسن، لينت منا قلوبا قاسية،
أعليك دين ؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار، فأمر له بها.
حكى المسعودي أن بغا الصغير (5) دعا بباغر التركي، فكلمه،
وقال:
__________
(1) هو بختيشوع بن جبريل، طبيب نصراني، صاحب تصانيف عدة.
توفي في حدود الستين ومئتين.
قال ابن أبي أصيبعة: ومعنى بختيشوع عبد المسيح، لان في
اللغة السريانية: البخت: العبد، ويشوع: عيسى عليه السلام.
(2) في " تاريخ الطبري " و " الكامل ": الفطر وهو تحريف.
(3) " تاريخ الطبري " 9 / 211، و " الكامل " 7 / 85، و "
تاريخ ابن كثير " 10 / 346، و " النجوم الزاهرة " 2 / 318.
(4) " تاريخ الطبري " 9 / 212، و " الكامل " 7 / 87، وانظر
" تاريخ ابن كثير " 10 / 346.
(5) هو بغا التركي المعروف بالشرابي الامير، من كبار قواد
المتوكل المتوفى سنة 254 ه.
أنظر ترجمته في " الوافي بالوفيات " 10 / 173، 174.
(*)
(12/38)
قد صح عندي أن المنتصر عامل على قتلي، فاقتله.
قال: كيف بقتله والمتوكل باق ؟ إذا يقيدكم به، قال: فما
الرأي ؟ قال: نبدأ به، قال: ويحك وتفعل ؟ ! قال: نعم.
قال: فادخل على أثري، فإن قتلته، وإلا فاقتلني، وقل: أراد
أن يقتل مولاه.
فتم التدبير، وقتل المتوكل.
وحدث البحتري قال: اجتمعنا في مجلس المتوكل، فذكر له سيف
هندي، فبعث إلى اليمن، فاشتري له بعشرة آلاف، فأعجبه.
وقال للفتح: ابغني غلاما أدفع إليه هذا السيف لا يفارقني
به، فأقبل باغر، فقال الفتح بن خاقان: هذا موصوف بالشجاعة
والبسالة، فأعطاه السيف، وزاد في أرزاقه.
فما انتضى السيف إلا ليلة، ضربه به باغر (1)، فلقد رأيت من
المتوكل في ليلته عجبا، رأيته يذم الكبر، ويتبرأ منه.
ثم سجد وعفر وجهه، ونثر التراب على رأسه، وقال: إنما أنا
عبد، فتطيرت له، ثم جلس، وعمل فيه النبيذ، وغني صوتا
أعجبه، فبكى، فتطيرت من بكائه.
فإنا في ذلك إذ بعثت له قبيحة خلعة استعملها دراعة حمراء
من خز ومطرف خز، فلبسهما، ثم تحرك في المطرف، فانشق، فلفه،
وقال: اذهبوا به
ليكون كفني.
فقلت: إنا لله، انقضت والله المدة.
وسكر المتوكل سكرا شديدا.
ومضى من الليل إذ أقبل باغر في عشرة متلثمين تبرق أسيافهم،
فهجموا علينا، وقصدوا المتوكل، وصعد باغر وآخر إلى السرير،
فصاح الفتح: ويلكم مولاكم.
وتهارب الغلمان والجلساء والندماء، وبقي الفتح، فما رأيت
أحدا أقوى نفسا منه، بقي يمانعهم، فسمعت صيحة المتوكل إذ
ضربه باغر بالسيف المذكور على عاتقه، فقده إلى خاصرته،
وبعج آخر الفتح بسيفه، فأخرجه من ظهره، وهو صابر لا يزول،
ثم طرح
__________
(1) مترجم في " الوافي بالوفيات " 10 / 71، 73.
(*)
(12/39)
نفسه على المتوكل، فماتا، فلفا في بساط، ثم دفنا معا.
وكان بغا الصغير استوحش من المتوكل لكلام، وكان المنتصر
يتألف الاتراك، لا سيما من يبعده أبوه (1).
قال المسعودي: ونقل في مقتله غير ذلك.
قال: وقد أنفق المتوكل فيما قيل على الجوسق والجعفري
والهاروني أكثر من مئتي ألف ألف درهم.
ويقال: إنه كان له أربعة آلاف سرية وطئ الجميع.
وقتل وفي بيت المال أربعة آلاف ألف دينار، وسبعة آلاف ألف
درهم، ولا يعلم أحد من رؤوس الجد والهزل إلا وقد حظي
بدولته، واستغنى، وقد أجاز الحسين بن الضحاك الخليع على
أربعة أبيات أربعة آلاف دينار.
وفيه يقول يزيد بن محمد المهلبي: جاءت منيته والعين هاجعة
* هلا أتته المنايا والقنا قصد خليفة لم ينل من ماله (2)
أحد * ولم يصغ مثله روح ولا جسد (3) قال علي بن الجهم:
أهدى ابن طاهر إلى المتوكل وصائف عده،
فيها محبوبة، وكانت شاعرة عالمة بصنوف من العلم عوادة،
فحلت من المتوكل محلا يفوت الوصف، فلما قتل ضمت إلى بغا
الكبير، فدخلت عليه يوما للمنادمة، فأمر بهتك الستر، وأمر
القيان، فأقبلن يرفلن في الحلي والحلل، وأقبلت هي في ثياب
بيض، فجلست منكسرة، فقال: غني، فاعتلت، فأقسم عليها، وأمر
بالعود فوضع في حجرها، فغنت ارتجالا:
__________
(1) راجع مقتل المتوكل في " الكامل " 7 / 95، و " تاريخ
الطبري " 9 / 222 وما بعدها، و " وفيات الاعيان " 1 / 350،
و " النجوم الزاهرة " 2 / 324.
(2) في " تاريخ الخلفاء ": " ما ناله " و " لم يضع ".
(3) البيتان في " تاريخ الخلفاء " 350.
(*)
(12/40)
أي عيش يلذ لي * لا أرى فيه جعفرا ملك قد رأيته * في نجيع
معفرا كل من كان ذا خبا * ل وسقم فقد برا (1) غير محبوبة
التي * لو ترى الموت يشترى لاشترته بما حوت * - ه يداها
لتقبرا (2) فغضب بغا، وأمر بسحبها، وكان آخر العهد بها
(3).
وبويع المنتصر من الغد بالقصر الجعفري يوم خامس شوال سنة
سبع وأربعين ومئتين.
وقيل: لم يصح عنه النصب، وقد بكى من وعظ علي بن محمد
العسكري العلوي، وأعطاه أربعة آلاف دينار.
فالله أعلم.
للمتوكل من البنين: المنتصر محمد، وموسى، وأمهما حبشية،
وأبو عبد الله المعتز، وإسماعيل، وأمهما قبيحة، والمؤيد
إبراهيم، وأحمد وهو المعتمد، وأبو الحميد، وأبو بكر،
وآخرون.
وقد ماتت أمه شجاع قبله بسنة، وخلفت أموالا لا تحصر، من
ذلك خمسة آلاف ألف دينار من العين وحده.
__________
(1) في " وفيات الاعيان ": كل من كان في ضنى * وسقام فقد
برا وفي " تاريخ الخلفاء ": كل من كان ذا هيا * م وسقم فقد
برا (2) الابيات: الاول والثالث والرابع والخامس في "
وفيات الاعيان " 1 / 356، وهي كلها في " تاريخ الخلفاء ":
351.
(3) في " تاريخ الخلفاء ": 351: وأمر بها، فسجنت، فكان آخر
العهد بها.
(*)
(12/41)
8 - المنتصر بالله * الخليفة،
أبو جعفر، وأبو عبد الله، محمد بن المتوكل على الله جعفر
بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد الهاشمي العباسي، وأمه أم
ولد رومية، اسمها حبشية.
وكان أعين أسمر أقنى، مليح الوجه، مضبرا ربعة، كبير البطن،
مليحا مهيبا.
ولما قتل أبوه دخل إليه قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد
الهاشمي، فقالوا له: بايع.
قال: وأين أمير المؤمنين، يعني: المتوكل ؟ قال: قتله الفتح
بن خاقان.
قال: وأين الفتح ؟ قال: قتله: بغا.
قال: فأنت ولي الدم، وصاحب الثأر.
فبايعه وبايعه الوزير والكبار (1)، ثم صالح المنتصر إخوته
عن ميراثهم على أربعة عشر ألف ألف درهم، ونفى عمه عليا إلى
بغداد، ورسم عليه.
وكان المنتصر وافر العقل، راغبا في الخير، قليل الظلم،
بارا بالعلويين.
قيل: إنه كان يقول: يا بغا، أين أبي ؟ من قتل أبي ؟ ! !
ويسب الاتراك، ويقول: هؤلاء قتلة الخلفاء (2).
فقال بغا الصغير للذين قتلوا
__________
* تاريخ الطبري 9 / 234 و 237 وما بعدها، تاريخ بغداد 2 /
119، 121، الكامل لابن الاثير: الجزء السابع، العبر 1 /
452، 453، فوات الوفيات 3 / 317، 319، الوافي بالوفيات 2 /
289، 291، الزركشي: 270، الروحي: 55، الفخري: 217، النجوم
الزاهرة 2 / 327، تاريخ الخلفاء: 356، 358، شذرات الذهب 2
/ 118.
(1) راجع بيعة المنتصر في " الكامل " 7 / 103 وما بعدها، و
" الوافي بالوفيات " 2 / 289.
(2) " الوفي بالوفيات " 2 / 289، و " تاريخ الخلفاء ":
357.
(*)
(12/42)
المتوكل: ما لكم عند هذا رزق.
فعملوا عليه، وهموا، فعجزوا عنه، لانه كان شجاعا مهيبا
يقظا متحرزا لا كأبيه، فتحيلوا إلى أن دسوا إلى طبيبه ابن
طيفور ثلاثين ألف دينار عند مرضه، فأشار بفصده، ثم فصده
بريشة مسمومة، فمات منها.
ويقال: إن طيفور نسي ومرض، وافتصد بتلك الريشة، فهلك.
وقال بعض الناس: بل حصل للمنتصر مرض في أنثييه، فمات منه
في ثلاث ليال، ويقال: مات بالخوانيق.
ويقال: سم في كمثراة بإبرة (1).
وورد عنه أنه قال في مرضه: ذهبت يا أماه مني الدنيا
والآخرة، عاجلت أبي فعوجلت (2).
وكان يتهم بأنه واطأ على قتل أبيه، فما أمهل، ووزر له أحمد
بن
الخصيب، أحد الظلمة (3).
وذكر المسعودي أنه أزال عن الطالبيين ما كانوا فيه من
الخوف والمحنة من منعهم من زيارة تربة الحسين الشهيد، ورد
فدك إلى آل علي (4)، وفي ذلك يقول البحتري: وإن عليا لاولى
بكم * وأزكى يدا عندكم من عمر
__________
(1) راجع " تاريخ بغداد " 2 / 121، وما روي في طريقة قتله
في " الكامل " 7 / 114، 115، و " فوات الوفيات " 3 / 318،
و " الوافي بالوفيات " 2 / 289، و " تاريخ الخلفاء ": 357.
(2) " فوات الوفيات " 3 / 318، و " الوافي بالوفيات " 2 /
289.
(3) سترد ترجمته في الصفحة: 553 من هذا الجزء.
(4) " الكامل " 7 / 116، و " الوافي بالوفيات " 2 / 289، و
" تاريخ الخلفاء ": 356.
(*)
(12/43)
وكل له فضله والحجو * ل (1) يوم التراهن دون الغرر (2)
وقال يريد المهلبي: ولقد بررت الطالبية بعدما * دفوا (3)
زمانا بعدها (4) وزمانا ورددت (5) ألفة هاشم فرأيتهم * بعد
العداوة بينهم إخوانا (6) ثم إن المنتصر تمكن، وخلع من
العهد إخوته: المعتز وإبراهيم.
ومن كلام المنتصر إذ عفا عن أبي العمرد الشاري: لذة العفو
أعذب من لذة التشفي، وأقبح فعال المقتدر الانتقام (7).
قال المسعودي: كان المنتصر أظهر الانصاف في الرعية، فمالوا
إليه مع شدة هيبته.
وقال علي بن يحيى المنجم: ما رأيت مثل المنتصر، ولا أكرم
فعالا بغير تبجح، لقد رآني مغموما، فسألني، فوريت،
فاستحلفني، فذكرت
__________
(1) في الاصل: " والحجون، بالنون، وهو خطأ.
(2) " ديوان البحتري " 2 / 851 من قصيدة يمدح بها محمد بن
المنتصر بن جعفر المتوكل، ومطلعها: تبسم عن واضح ذي أشر *
وتنظر من فاتر ذي حور وفي الديوان: يوم التفاضل.
(3) في " الوافي بالوفيات "، و " تاريخ الخلفاء ": ذموا.
(4) في " الوافي بالوفيات "، و " تاريخ الخلفاء ": بعدهم.
(5) في " الوافي بالوفيات "، و " تاريخ الخلفاء ": ووردت.
(6) البيتان في " الوافي بالوفيات " 2 / 290، و " تاريخ
الخلفاء ": 357.
(7) " تاريخ الخلفاء " 1 / 357.
ومن أقواله أيضا: والله ما عز ذو باطل ولو طلع القمر من
جبينه، ولا ذل ذو حق، ولو أطبق العالم عليه، وقد أنشد حين
وفاته: وما فرحت نفسي بدنيا أخذتها * ولكن إلى الرب الكريم
أصير انظر " الكامل " 7 / 115، و " الوافي بالوفيات " 2 /
290.
(*)
(12/44)
إضاقة في ثمن ضيعة، فوصلني بعشرين ألفا.
وجلس مرة للهو، فرأى في بعض البسط دائرة فيها فارس عليه
تاج، وحوله كتابه [ فارسية ] (1)، فطلب من يقرأ، فأحضر
رجل، فنظر، فإذا فيها:...فقطب وسكت، وقال: لا معنى له،
فألح المنتصر عليه، قال فيها: أنا شيرويه بن كسرى بن هرمز،
قتلت أبي، فلم أمتع بالملك سوى ستة أشهر.
قال: فتغير وجه المنتصر، وقام (2).
قال جعفر بن عبد الواحد: قال لي المنتصر: يا جعفر، لقد
عوجلت.
فما أذني بأذني (3)، ولا أبصر بعيني.
قلت: قل ما وقع في دولته من الحوادث لقصر المدة، وعاش ستا
وعشرين سنة، سامحه الله.
ومات في خامس ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومئتين.
فكانت خلافته ستة أشهر وأياما.
وكان قد أبعد وصيفا في عسكر إلى ثغر الروم، وكان قد ألح
عليه هو وبغا وابن الخصيب في خلع إخوته خوفا من أن يلي
المعتز، فيستأصلهم، فاعتقلا، وتمنع أولا المعتز، ثم خاف،
وأشهدا على أنفسهما أنهما يعجزان عن الامامة، فقال
المنتصر: أترياني خلعتكما طمعا في أن أعيش بعدكما حتى
يكبرا بني عبد الوهاب، وأعهد إليه ؟ ! والله ما طمعت في
ذلك، ولكن هؤلاء ألحوا علي، وخفت عليكما من القتل.
فقبلا يده، وضمهما إليه.
__________
(1) ما بين حاصرتين من " تاريخ الخلفاء ": 357.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 120، 121 بتوسع، و " تاريخ
الخلفاء ": 357.
وتتمة الخبر في " تاريخ بغداد ":...عن مجلسه، إلى النساء،
فلم يملك إلا ستة أشهر.
(3) في " تاريخ بغداد " 2 / 121: فما أسمع بأذني...(*)
(12/45)
وللمنتصر من الولد: أحمد، وعلي، وعبد الله، وعمر.
9 - المستعين بالله * الخليفة،
أبو العباس، أحمد بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد
بن المهدي العباسي، أخو الواثق والمتوكل.
ولد سنة إحدى وعشرين ومئتين.
وبويع في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، عند موت أخيه
المنتصر.
وكان أحمر الوجه، ربع القامة، خفيف العارضين، مليح الصورة،
بوجهه أثر جدري، بمقدم رأسه طول، يلثغ بالسين كالثاء.
وأمه أم ولد.
وكان متلافا للمال، مبذرا (1)، فرق الجواهر وفاخر الثياب،
اختلت الخلافة بولايته، واضطربت الامور.
استوزر أبا موسى أوتامش بإشارة كاتبه شجاع بن القاسم، ثم
قتلهما، واستوزر أحمد بن صالح بن شبرزاذ.
ولما قتل باغر التركي الذي قتل المتوكل غضبت له الموالي،
وكان المستعين من تحت أوامر وصيف وبغا، وكان جيد الادب،
حسن الفضيلة، واسم أمه مخارق.
__________
* المعارف: 393، تاريخ الطبري: الجزء التاسع، تاريخ بغداد
5 / 84، 86، الكامل لابن الاثير: الجزء السابع، العبر 2 /
2، 3، فوات الوفيات 1 / 140، 143، الوافي بالوفيات 8 / 93،
96، تاريخ ابن كثير 11 / 2 و 11 وما بعدها، النجوم الزاهرة
2 / 313 وما بعدها و 335، تاريخ الخلفاء: 358، 359، شذرات
الذهب 2 / 124، 126.
(1) " فوات الوفيات " 1 / 141، و " الوافي بالوفيات " 8 /
94.
(*)
(12/46)
ولما مات المنتصر استوزر الامراء وابن أبي الخصيب، فقال
لهم أوتامش: متى وليتم أحدا من ولد المتوكل، لا يبقي منا
أحدا.
فقالوا: ما لها إلا أحمد بن المفتصد، هو ابن أستاذنا.
فقال محمد بن موسى المنجم سرا: أتولون رجلا يرى أنه أحق
بالامامة من المتوكل.
اصطنعوا من يعرف لكم ذاك.
فأبوا وبايعوه، واستقل أياما فبينا هو قد دخل مجلس الخلافة
إذا
جماعة من الغوغاء والشاكرية (1) والجند نحو الالف في
السلاح، وصاحوا: المعتز يا منصور.
فنشبت الحرب، وقتل جماعة، ومضى المستعين إلى القصر
الهاروني، فبات به، ونهبت الغوغاء الدار وعدة دور، وحازوا
سلاحا كثيرا، فزجرهم بغا الصغير عن دار الخلافة، وكثرت
القتلى، فبذل المستعين الخزائن، فسكنوا، وبويع له ببغداد،
وأميرها محمد بن عبد الله ابن طاهر.
ثم غضب المستعين بإشارة أوتامش الوزير على أحمد بن الخصيب،
وأخذ أمواله، ونفاه إلى جزيرة أقريطش (2).
ومات طاهر بن عبد الله متولي خراسان، فولى المستعين ابنه
محمد ابن طاهر موضعه، وولى العراق والحرمين أخاه محمد بن
عبد الله.
ومات بغا الكبير، فولى مكانه ولده موسى بن بغا.
وسجن المعتز والمؤيد، وضيق عليهما، واشترى أملاكهما كرها.
وقرر لهما في العام نيفا وعشرين ألف دينار ليس إلا.
__________
(1) أي: الاجراء والمستخدمون.
فارسية معربة.
(2) بفتح الهمزة، وتكسر، والقاف ساكنة، والراء مكسورة،
وياء ساكنة، وطاء مكسورة، وشين معجمة: اسم جزيرة في البحر
الابيض المتوسط.
انظر " معجم البلدان " 1 / 236.
(*)
(12/47)
وعقد لاوتامش مع الوزارة الامرة على مصر وسائر المغرب.
ونفى عبيدالله ابن يحيى بن خاقان إلى برقة.
وأنفق ألفي ألف دينار في الجند، وقتل علي بن يحيى الارمني،
وعمر الاقطع، مجاهدين ببلاد الروم.
وكثرت الاتراك ببغداد، وتمكنوا، وعسفوا، وآذوا العامة،
فثارت
الشاكرية والجند، وأحرقوا الجسر، وانتهبوا الدواوين.
وهاج مثلهم بسامراء، فركب بغا وأوتامش ووضعوا السيف،
وقتلوا عدة، وتناخت (1)، العامة، فقتلوا طائفة من الاتراك،
وعظم الخطب، وخرج وصيف، فأمر بإحراق الاسواق، ثم بعد يسير
قتل أوتامش ووزر ابن يزداذ، وعزل عن القضاء جعفر الهاشمي.
ودخلت سنة خمسين ومئتين، فخرج بطبرستان الحسن بن زيد
الحسني، وعظم سلطانه، وحكم على عدة مدائن، وانضم إليه كل
مريب، وهزم جيش ابن طاهر مرتين، ووصل إلى همذان، فجهز
المستعين له جيشا (2).
وفيها عقد المستعين لابنه عباس على العراق والحجاز.
وفي سنة إحدى [ وخمسين ومئتين ] ظهر بقزوين الحسين بن أحمد
الحسيني، فتملكها، وكان هو وأحمد بن عيسى الزيدي قد اتفقا،
وقتلا خلقا بالري، وعاثا، فأسر أحدهما، وقتل الآخر.
وخرج بالحجاز إسماعيل بن يوسف الحسني، وتبعه الاعراب،
فعاث، وأفسد موسم الحاج.
وقتل من الوفد أزيد من ألف، ثم قصمه الله بالطاعون هو
وكثير من جنده.
__________
(1) لعلها من النخوة، وهي الحماسة والافتخار والتعظم.
(2) راجع خبر خروج الحسن بن زيد العلوي في " تاريخ الطبري
" 9 / 271 وما بعدها.
(*)
(12/48)
وهاجت الفتنة الكبرى بالعراق، فتنكر الترك للمستعين، فخاف،
وتحول إلى بغداد، فنزل بالجانب الغربي على نائبه ابن طاهر،
فاتفق
الاتراك بسامراء، وبعثوا يعتذرون، ويسألونه الرجوع، فأبى
عليهم، فغضبوا، وقصدوا السجن، وأخرجوا المعتز بالله،
وبايعوا له، وخلعوا المستعين، وبنوا أمرهم على شبهة، وهي
أن المتوكل عقد للمعتز بعد المنتصر، فجهز المعتز أخاه أبا
أحمد لمحاربة المستعين، وتهيأ المستعين وابن طاهر للحصار،
وإصلاح السور، وتجرد أهل بغداد للقتل، ونصبت المجانق، ووقع
الجد، ودام البلاء أشهرا، وكثرت القتلى، واشتد القحط، وتمت
بينهما عدة وقعات، بحيث إنه قتل في نوبة من جند المعتز
ألفان، إلى أن ضعف أهل بغداد وذلوا وجاعوا، وتعثروا (1).
فما أصبرهم على الشر والفتن، وقوي أمر المعتزية، فكاتب ابن
طاهر في السر المعتز، وانحل نظام المستعين، وإنما كان قوام
أمره بابن طاهر، وكاشفه الناس، فتحول إلى الرصافة، ثم سعى
الناس في الصلح، وخلع المستعين، فأقام في ذلك إسماعيل
القاضي وغيره بشروط وثيقة، فأذعن بخلع نفسه في أول سنة
اثنتين وخمسين، وأشهد عليه، فأحدر بعد خلعه تحت الحوطة إلى
واسط، فاعتقل بها تسعة أشهر، ثم حول إلى سامراء، فقتل
بقادسية سامراء في ثالث شوال من السنة (2).
وقيل: قتل ليومين بقيا من رمضان، وله إحدى وثلاثون سنة
وأيام.
فيقال: بعث المعتز إليه سعيدا الحاجب، فلما رآه المستعين
تيقن التلف، وبكى، وقال: ذهبت
__________
(1) انظر خبر هذه الفتنة في " تاريخ الطبري " 9 / 282 وما
بعدها، و " فوات الوفيات " 1 / 140، و " الوافي بالوفيات "
8 / 94، و " تاريخ الخلفاء ": 358 (2) " تاريخ بغداد " 5 /
85، و " الكامل " 7 / 172، و " فوات الوفيات " 1 / 140، و
" الوافي بالوفيات " 8 / 94، و " تاريخ ابن كثير " 11 /
11.
(*)
(12/49)
نفسي.
فأخذ سعيد يقنعه بالسوط، ثم أضجعه، وقعد على صدره، وذبحه.
فإنا لله، وإنا إليه راجعون.
وقال الصولي: بعث المعتز أحمد بن طولون إلى واسط لقتل
المستعين، فقال: والله لا أقتل أولاد الخلفاء.
فبعث سعيدا الحاجب، فما متع الله المعتز، بل عوجل بالخلع
والقتل جزاء وفاقا.
10 - البزي * مقرئ مكة
ومؤذنها، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبد الله بن
القاسم بن أبي بزة، المخزومي مولاهم، الفارسي الاصل.
ولد سنة سبعين ومئة.
وتلا على: عكرمة بن سليمان، وأبي الاخريط (1)، وابن زياد
عن تلاوتهم على إسماعيل القسط (2)، صاحب ابن كثير.
وسمع من: ابن عينية، ومالك بن سعير، ومؤمل بن إسماعيل،
والمقرئ، وطائفة.
__________
* الضعفاء للعقيلي: 47، الجرح والتعديل 2 / 71، الانساب 2
/ 202، اللباب 1 / 149، ميزان الاعتدال 1 / 144، 145،
معرفة القراء الكبار للذهبي، ورقة: 54، العبر 1 / 455،
تاريخ ابن كثير 11 / 6، العقد الثمين 3 / 142، 143، غاية
النهاية في طبقات القراء 1 / 119، 120، لسان الميزان 1 /
139، شذرات الذهب 2 / 120، 121.
(1) هو وهب بن واضح المكي.
المتوفى سنة 190 ه ترجم له المؤلف في " معرفة القراء " 1 /
121.
(2) هو إسماعيل بن عبد الله المخزومي مولاهم المكي المعروف
ب: القسط، مقرئ أهل مكة المتوفى سنة 170 ه.
قال المؤلف في " معرفة القراء " 1 / 117: هو آخر أصحاب ابن
كثير
وفاة.
(*)
(12/50)
وعنه: البخاري في " التاريخ "، ومضر الاسدي، والحسن بن
الحباب، ويحيى بن صاعد.
وتلا عليه خلق، منهم: أبو ربيعة محمد بن إسحاق، وإسحاق
الخزاعي، وأحمد بن فرح، وابن الحباب، واللهبيان (1)،
وآخرون.
وصحح له الحاكم حديث التكبير (2) وهو منكر.
وقد قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، لا أحدث عنه (3).
وقال العقيلي: منكر الحديث، يوصل الاحاديث، قد سقنا ترجمته
مطولة في " الطبقات " (4).
ومات سنة خمسين ومئتين.
وكان دينا عالما، صاحب سنة، رحمه الله.
__________
(1) هما عبد الله بن علي أبو عبد الرحمن، ومحمد بن عبد
الله أبو جعفر.
(2) أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 304 من طريق أحمد بن
محمد بن القاسم بن أبي بزة قال: سمعت عكرمة بن سليمان
يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله قسطنطين، فلما بلغت:
(والضحى) قال لي: كبر كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم،
وأخبره عبد الله ابن كثير أنه قرأ على مجاهد، فأمره بذلك،
وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس أن
أبي بن كعب أمر بذلك، وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله
عليه وسلم أمره بذلك.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
فتعقبه الذهبي بقوله: البزي قد تكلم فيه.
وأورده ابن كثير في تفسيره 4 / 531، وقال: فهذه سنة تفرد
بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي من ولد
القاسم بن أبي بزة، وكان إماما في القراءات، فأما في
الحديث، فقد ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال: لا أحدث عنه،
وكذلك أبو جعفر العقيلي قال: هو منكر
الحديث.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 71.
(4) " الضعفاء " للعقيلي، ورقة: 47.
(*)
(12/51)
11 - أبو عمير بن النحاس
* (د، س) الامام الحافظ العابد القدوة، أبو عمير، عيسى بن
محمد بن إسحاق بن النحاس الرملي.
سمع الوليد بن مسلم لما قدم الرملة، وضمرة بن ربيعة، وأيوب
بن سويد، وزيد بن أبي الزرقاء، وجماعة.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، ويحيى بن معين مع تقدمه،
وأثنى عليه، وقال: ثقة، من أحفظ الناس لحديث ضمرة، وأبو
زرعة الرازي، وأبو حاتم، وجعفر الفريابي، وعمر بن محمد بن
بجير (1)، وأبو بكر بن أبي داود، وابن جوصا، وخلق كثير.
قال أبو الحسن بن جوصا: سمعت أبا عمير يقول: قدم علينا
الوليد في سنة أربع وتسعين ومئة، فاستقرض له أبي دنانير،
فحج من الرملة، فمات منصرفه من الحج بذي المروة (2).
فمضى أبي إلى دمشق حتى أبيع منزل الوليد، وقضى دينه.
قال أبو زرعة: حدثنا أبو عمير الرملي، وكان ثقة رضى (3).
وقال أبو حاتم: كان من العباد، يطلب العلم، وعلى ظهره خرقة
__________
* الجرح والتعديل 6 / 286، تهذيب الكمال: 1084، تذهيب
التهذيب 3 / 131 / 1، تهذيب التهذيب 8 / 228، 229، خلاصة
تذهيب الكمال: 303.
(1) هو الامام الكبير أبو حفص عمر بن محمد بن بجير
الهمذاني وسترد ترجمته في
الجزء الرابع عشر الترجمة رقم (219).
(2) قرية بوادي القرى، وقيل: بين خشب ووادي القرى.
(3) " تهذيب الكمال ": 1084.
وقال النسائي: ثقة.
وقال ابن معين: ثقة من أحفظ الناس لحديث ضمرة.
كذا في " تذهيب التهذيب " 3 / 131 / 1.
(*)
(12/52)
قدر ذراع، يختلف إلى الوليد وضمرة (1).
وقال عمر بن سهل الدينوري: سمعت ابن وهب الدينوري يقول:
لقنت أبا عمير بن النحاس أربعين حديثا من حديثه، فلما بلغت
أحدا (2) وأربعين حديثا قال: أما تستحيي ؟ ! أتحشمني أن
أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد أكثر
من أربعين شهادة ؟ ! قال ابن زبر: توفي في ثامن المحرم سنة
ست وخمسين ومئتين.
قرأت على أبي المعالي الابرقوهي، أخبرنا أكمل بن أبي
الازهر الحسني سنة عشرين وست مئة، أخبرنا أبو القاسم بن
البناء، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو بكر بن زنبور،
حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا عيسى بن محمد الرملي،
حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن قتادة، عن جابر بن زيد: *
(وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) * [ الاسراء: 59 ]، قال:
الموت من ذلك (3).
ومات معه في العام الزبير بن بكار، قاضي مكة، والربيع بن
سليمان الجيزي، وعلي بن المنذر الطريقي (4)، ومحمد بن
إسماعيل البخاري، ومحمد بن عثمان بن كرامة، والمهتدي بالله
محمد بن الواثق، وعبد الله بن محمد المخرمي الزهري، وعبد
الله بن أحمد بن شبويه
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 286، ونقله الحافظ المزي في "
تهذيب الكمال ":
1084.
(2) في الاصل: أحد، بالرفع.
(3) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 190، ونسبه لابن
أبي داود في " البعث " وكذلك قال ابن عباس فيما أخرجه عنه
ابن المنذر وأبو الشيخ في " العظمة " وهو قول الحسن أخرجه
عنه أحمد في " الزهد " وابن جرير وابن المنذر.
(4) قيل: إنه ولد في الطريق، فنسب إليها، انظر " أنساب "
السمعاني 8 / 239.
(*)
(12/53)
المروزي، ومحمد بن عبد الله بن المقرئ.
12 - الحارث بن مسكين *
(د، س) ابن محمد بن يوسف، الامام العلامة الفقيه المحدث
الثبت، قاضي القضاة بمصر، أبو عمرو، مولى زبان بن الامير
عبد العزيز بن مروان، الاموي المصري.
مولده في سنة أربع وخمسين ومئة.
وإنما طلب العلم على كبر.
سأل الليث عن مسألة واحدة، وفاته ابن لهيعة ومالك والكبار.
وحمل عن: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وابن القاسم،
وتفقه بهما، وعن يوسف بن عمرو الفارسي، وبشر بن عمر
الزهراني، وأشهب، وغيرهم.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وولده أحمد بن الحارث، وعبد
الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، وعلي بن قديد،
ومحمد ابن زبان بن حبيب، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله
بن محمد بن يونس السمناني، وآخرون.
سئل عنه أحمد بن حنبل، فأثنى عليه، وقال فيه قولا جميلا
(1).
__________
* الجرح والتعديل 3 / 90، تاريخ بغداد 8 / 216، 218، طبقات
الفقهاء للشيرازي: 130، وفيات الاعيان 2 / 56، 57، تهذيب
الكمال: 221، 222، تذهيب التهذيب 1 / 115 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 514، 515، العبر 1 / 455، طبقات الشافعية
للسبكي 2 / 113، 114، تاريخ ابن كثير 11 / 7، الديباج
المذهب 1 / 339، 340، تهذيب التهذيب 2 / 156، 158، النجوم
الزاهرة 2 / 289 و 331، طبقات الحفاظ: 224، خلاصة تذهيب
الكمال: 69، شذرات الذهب 2 / 121.
(1) " تهذيب الكمال ": 222.
(*)
(12/54)
وقال يحيى بن معين: لا بأس به (1).
ونقل علي بن الحسين بن حبان، عن أبيه قال: قال أبو زكريا،
يعني ابن معين: الحارث بن مسكين خير من أصبغ.
وأفضل (2).
وقال النسائي: ثقة مأمون (3).
وقال أبو بكر الخطيب (4): كان فقيها ثقة ثبتا، حمله
المأمون إلى بغداد في المحنة، وسجنه، فلم يجب، فما زال
محبوسا ببغداد إلى أن استخلف المتوكل، فأطلقه، فحدث
ببغداد، ورجع إلى مصر متوليا قضاء مصر، ثم استعفى من
القضاء في سنة خمس وأربعين ومئتين، فأعفي.
ومات في شهر ربيع الاول سنة خمسين ومئتين، وله ست وتسعون
سنة.
قلت: وكان، مع تقدمه في العلم والزهد والتأله، قوالا
بالحق، من قضاة العدل، رحمه الله تعالى.
قال بحر بن نصر الخولاني: عرفنا الحارث بن مسكين أيام ابن
وهب على طريقة زهادة وورع وصدق حتى مات.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 217، " تهذيب الكمال ": 222، و "
طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 114.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 217، و " تهذيب الكمال ": 222،
وتتمته فيه: وأفضل من عبد الله بن صالح كاتب الليث.
وكان أصبغ من أعلم خلق الله كلهم.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 217، و " تهذيب الكمال ": 222.
وفي " الجرح والتعديل " 3 / 90: عن عبدالرحمن بن أبي حاتم،
قال: سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
وفي " تهذيب التهذيب " 2 / 157: قال الحاكم: ثقة مأمون.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 216، وانظر " وفيات الاعيان " 2 /
56، و " تهذيب الكمال ": 222.
(*)
(12/55)
وقال يوسف بن يزيد القراطيسي: قدم المأمون مصر، وبها من
يتظلم من عامليه: إبراهيم بن تميم، وأحمد بن أسباط.
فجلس الفضل ابن مروان الوزير في الجامع، واجتمع الاعيان،
وأحضر الحارث بن مسكين ليولى القضاء، فبينا الفضل يكلمه إذ
قال له متظلم: سله - أصلحك الله - عن ابن تميم وابن أسباط.
فقال: ليس لذا حضر، قال، أصلحك الله، سله.
قال: ما تقول فيهما ؟ فقال: ظالمين غاشمين.
قال: فاضطرب المسجد، فقام الفضل، فأعلم المأمون، وقال: خفت
على نفسي من ثورة الناس مع الحارث، فطلب الحارث، وقال: ما
تقول في هذين ؟ قال: ظالمين غاشمين.
قال: هل ظلماك بشئ ؟ قال: لا.
قال: فعاملتهما ؟ قال: لا.
قال: فكيف تشهد عليهما ؟ قال: كما شهدت أنك أمير المؤمنين،
ولم أراك إلا الساعة.
قال: اخرج من هذه البلاد، وبع قليلك وكثيرك، وحبسه في
خيمة، ثم
انحدر إلى البشرود (1)، وأخذه معه، فلما فتح البشرود طلب
الحارث، وسأله عن المسألة التي سأله عنها بمصر، فرد الجواب
بعينه.
قال: فما تقول في خروجنا ؟ قال: أخبرني ابن القاسم، عن
مالك، أن الرشيد كتب إليه يسأله عن قتالهم، فقال: إن كانوا
خرجوا عن ظلم من السلطان فلا يحل قتالهم، وإن كانوا إنما
شقوا العصا فقتالهم حلال.
فقال: أنت تيس، ومالك أتيس منك، ارحل عن مصر.
قال: يا أمير المؤمنين، إلى الثغور ؟ قال: بل بمدينة
السلام.
وروى داود بن أبي صالح الحراني، عن أبيه، قال: لما أحضر
__________
(1) بفتح الباء والشين المعجمة، وضم الراء المهملة، وسكون
الواو، والدال مهملة: كورة من كور بطن الريف بمصر.
(*)
(12/56)
الحارث مجلس المأمون، جعل المأمون يقول: يا ساعي، يرددها -
يعني: يا مرافع - قال: والله ما أنا بساع، ولكني أحضرت،
فسمعت وأطعت، ثم سئلت عن أمر، فاستعفيت ثلاثا، فلم أعف،
فكان الحق آثر عندي من غيره، فقال المأمون: هذا رجل أراد
أن يرفع له علم ببلده، خذه إليك.
قال أحمد المؤدب: خرج المأمون، وأخرج الحارث في سنة سبع
عشرة ومئتين، وخرجت زوجة الحارث، فحجت، وذهبت إلى العراق.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال لي ابن أبي دواد:
يا أبا عبد الله، لقد قام حارثكم لله مقام الانبياء.
وكان ابن أبي دواد، إذا ذكره عظمه جدا.
قال أبو يزيد القراطيسي: فأقام الحارث ببغداد ست عشرة سنة،
وأطلقه الواثق في آخر أيامه، فرجع إلى مصر.
وقال ابن قديد: أتاه - يعني: الحارث - في سنة سبع وثلاثين
كتاب توليه القضاء، وهو بالاسكندرية، فامتنع.
فلم يزل به إخوانه حتى قبل، فقدم مصر، فجلس للحكم، وأخرج
أصحاب أبي حنيفة والشافعي من المسجد، وأمر بنزع حصرهم من
العمد، وقطع عامة المؤذنين من الاذان، وأصلح سقف المسجد،
وبنى السقاية، ولاعن بين رجل وامرأته، ومنع من النداء على
الجنائز، وضرب الحد في سب عائشة أم المؤمنين، وقتل ساحرين.
عن الحسن بن عبد العزيز الجروي: أن رجلا كان مسرفا على
نفسه، فمات، فرئي في النوم، فقال: إن الله غفر لي بحضور
الحارث ابن مسكين جنازتي، وإنه استشفع لي، فشفع في.
(12/57)
توفي الحارث لثلاث بقين من ربيع الاول سنة خمسين ومئتين.
قرأت على ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا تميم، أخبرنا أبو
سعد، أخبرنا ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا الحارث بن
مسكين، حدثنا ابن وهب، أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن
أسلم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "
قال موسى: أنت آدم الذي نفخ الله فيك من روحه، وأسجد لك
ملائكته، وعلمك الاسماء كلها ؟ قال: نعم.
قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ فقال: من
أنت ؟ قال: أنا موسى.
قال: أنت موسى بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء حجاب،
فلم يجعل بينك وبينه رسولا ؟ قال: نعم.
قال: فتلومني على أمر قد سبق من الله القضاء قبلي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: فحج آدم موسى "
(1).
13 - البويطي * الامام
العلامة، سيد الفقهاء، يوسف أبو يعقوب بن يحيى،
__________
(1) إسناده حسن من أجل هشام بن سعد، وأخرجه أبو داود
(4702) في السنة: باب في القدر من طريق أحمد بن صالح عن
ابن وهب بهذا الاسناد، وفي الباب عن أبي هريرة عند مالك 2
/ 898، والبخاري 11 / 441، ومسلم (2652) كلاهما في القدر،
والترمذي (2135) وأبي داود (4701).
* الجرح والتعديل 9 / 235، الفهرست: 265، 266، طبقات
الشافعية للعبادي: 7، تاريخ بغداد 14، 299، 303، طبقات
الفقهاء للشيرازي: 79، الانساب، ورقة: 95 / ب، اللباب 1 /
189، وفيات الاعيان 7 / 61، 64، تهذيب الكمال: 1562، 1563،
تذهيب التهذيب 4 / 192 / 1، العبر 1 / 411، طبقات الشافعية
للسبكي 2 / 162، 170، طبقات الشافعية للاسنوي: 208، طبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة: 45، تهذيب التهذيب 11 / 427،
429، النجوم الزاهرة 2 / 260، 261، حسن المحاضرة 1 / 123،
خلاصة تذهيب الكمال: 440، شذرات الذهب 2 / 71، 72.
(*)
(12/58)
المصري البويطي، صاحب الامام الشافعي، لازمه مدة، وتخرج
به، وفاق الاقران.
وحدث عن: ابن وهب، والشافعي، وغيرهما.
روى عنه: الربيع المرادي، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن
إسماعيل الترمذي، وأبو محمد الدارمي، وأبو حاتم - وقال: هو
صدوق (1) - وأحمد بن إبراهيم بن فيل، والقاسم بن هاشم
السمسار، وآخرون.
وكان إماما في العلم، قدوة في العمل، زاهدا ربانيا،
متهجدا،
دائم الذكر والعكوف على الفقه.
بلغنا أن الشافعي قال: ليس في أصحابي أحد أعلم من البويطي.
وقال الربيع بن سليمان: كان البويطي أبدا يحرك شفتيه بذكر
الله، وما أبصرت أحدا أنزع (2) بحجة من كتاب الله من
البويطي.
ولقد رأيته على بغل في عنقه غل، وفي رجليه قيد، وبينه وبين
الغل سلسلة فيها لبنة (3) وزنها أربعون رطلا، وهو يقول:
إنما خلق الله الخلق ب " كن "، فإذا كانت مخلوقة، فكأن
مخلوقا خلق بمخلوق.
ولئن أدخلت عليه لاصدقنه.
يعني: الواثق، ولاموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون
أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 235.
(2) كذا في " وفيات الاعيان " 7 / 63، و " تهذيب الكمال ":
1563، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 164.
وفي " تاريخ بغداد " 14 / 300: " أسرع ".
(3) في " تاريخ بغداد "، و " وفيات الاعيان ": فيها طوبة.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 302، و " وفيات الاعيان " 7 /
62، و " طبقات السبكي " 2 / 164.
(*)
(12/59)
قال ابن خزيمة: كان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أعلم من
رأيت بمذهب مالك، فوقع بينه وبين البويطي عند موت الشافعي،
فحدثني أبو جعفر السكري قال: تنازع ابن عبد الحكم والبويطي
مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال الآخر
كذلك.
فجاء الحميدي، وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق
بمجلسي من يوسف، ليس أحد من أصحابي أعلم منه.
فقال ابن عبد الحكم:
كذبت.
قال: بل كذبت أنت وأبوك وأمك.
وغضب ابن عبد الحكم.
فجلس البويطي في مكان الشافعي، وجلس ابن عبد الحكم في
الطاق الثالث (1).
القاضي زكريا بن أحمد البلخي: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد
الترمذي، حدثنا الربيع بن سليمان قال: كان البويطي حين مرض
الشافعي بمصر هو وابن عبد الحكم والمزني، فتنازعوا الحلقة،
فبلغ ذلك الشافعي، فقال: الحلقة للبويطي.
فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم الشافعي وأصحابه، وكانت أعظم
حلقة في المسجد.
فكان البويطي يصوم، ويتلو غالبا في اليوم والليلة ختمة مع
صنائع المعروف (2) إلى الناس.
وبه إلى الربيع، قال: فسعي بالبويطي، وكان أبو بكر الاصم
ممن سعى به - وما هو بابن كيسان الاصم - وكان أصحاب ابن
أبي دواد، وابن الشافعي ممن سعى به، حتى كتب فيه ابن أبي
دواد إلى والي مصر،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 301، ونقله عنه ابن خلكان في "
وفيات الاعيان " 7 / 63.
وهو في " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 16، وسيرد الخبر في
الصفحة: 499.
(2) في " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 164، وهو متنوع في
صنائع المعروف، كثير التلاوة...(*)
(12/60)
فامتحنه فلم يجب، وكان الوالي حسن الرأي فيه، فقال له: قل
فيما بيني وبينك، قال: إنه يقتدي بي مئة ألف.
ولا يدرون المعنى، قال: وقد كان أمر أن يحمل إلى بغداد في
أربعين رطل حديد.
قال الربيع: وكان المزني ممن سعى به، وحرملة.
قال أبو جعفر الترمذي: فحدثني الثقة، عن البويطي، أنه قال:
برئ الناس من دمي إلا ثلاثة: حرملة والمزني وآخر.
قلت: استفق، ويحك، وسل ربك العافية، فكلام الاقران بعضهم
في بعض أمر عجيب، وقع فيه سادة، فرحم الله الجميع.
قال الربيع: كتب إلي أبو يعقوب البويطي أن اصبر نفسك
للغرباء، وحسن (1) خلقك لاهل حلقتك، فإني لم أزل أسمع
الشافعي يقول كثيرا ويتمثل: أهين لهم نفسي لكي يكرمونها *
ولن تكرم النفس التي لا تهينها (2) مات الامام البويطي في
قيده مسجونا بالعراق في سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
عندي حديث في " مسند " أبي محمد الدارمي: حدثنا أبو يعقوب
البويطي، حدثنا الشافعي (3)، فذكره.
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 4 / 302: وأظنك خلقك لاهل حلقتك.
(2) البيت في " تاريخ بغداد " 14 / 302 وهو في " وفيات
الاعيان " 7 / 64، بلفظ: أهين لهم نفسي لاكرمها بهم * ولن
تكرم النفس التي لا تهينها والخبر مع البيت في " طبقات
الشافعية " 2 / 165.
(3) هو في " سنن الدارمي " 1 / 360، وتمام سنده: حدثنا
مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس،
قال: خسفت الشمس فصلى رسول الله...وإسناده صحيح.
(*)
(12/61)
14 - ابن السرح * (م، د، س، ق) الامام الحافظ الفقيه، أبو
الطاهر، أحمد بن عمرو
بن عبد الله بن عمرو بن السرح، الاموي مولاهم، الفقيه
المصري.
حدث عن: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وسعيد الآدم.
حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والقاسم
بن مهدي، وأبو العلاء الكوفي، ومحمد بن زبان بن حبيب، وأبو
بكر بن أبي داود، وآخرون.
وقد شرح " موطأ " ابن وهب (1)، وكان من العلماء الجلة.
مات في رابع عشر ذي القعدة سنة خمسين ومئتين.
وكان من أبناء الثمانين (2).
له حديث تفرد به عن ابن وهب، فقال جماعة: حدثنا ابن السرح،
حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل بني
آدم سيد،
__________
* الجرح والتعديل 2 / 65، الجمع بين رجال الصحيحين: 14،
تهذيب الكمال: 33، تذهيب التهذيب 1 / 20 / 1، تذكرة الحفاظ
2 / 504، 505، العبر 1 / 455، طبقات الشافعية للسبكي 2 /
26، تاريخ ابن كثير 11 / 6، تهذيب التهذيب 1 / 64، طبقات
الحفاظ: 219، حسن المحاضرة 1 / 309، خلاصة تذهيب الكمال:
10، شذرات الذهب 2 / 120.
(1) هو أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصري المالكي،
تقدمت ترجمته في الجزء التاسع برقم (63).
(2) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 / 65: سئل
أبي عنه، فقال: لا بأس به.
وفي " تهذيب الكمال ": 33، 34: قال النسائي: ثقة.
وقال أبو سعيد بن يونس: قال لي علي بن الحسن بن خلف بن
قديد: وكان يونس جدك يحفظ، وكان أحمد بن عمرو لا يحفظ،
وكان ثقة ثبتا صالحا.
قال أبو سعيد: وكان فقيها من الصالحين الاثبات.
(*)
(12/62)
والرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها " (1).
هذا حديث صالح الاسناد غريب.
قرأت على محمد بن عبد السلام الشافعي: عن عبدالمعز بن
محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، وزاهر بن طاهر، قالا:
أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان،
أخبرنا عبدان الاهوازي، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب،
أخبرني جرير بن حازم، عن أيوب وهشام، عن ابن سيرين، [ عن
أبي هريرة ] قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إذا كان آخر الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، فأصدقهم رؤيا
أصدقهم حديثا.
والرؤيا ثلاثة: فبشرى من الله، ورؤيا مما يحدث به المرء
نفسه، ورؤيا من الشيطان " والقيد في المنام ثبات في الدين،
والغل أكرهه (2).
وفيها مات مقرئ مكة أبو الحسن البزي، والحارث بن مسكين،
وعباد بن يعقوب، ونصر بن علي، وعمرو بن عثمان، وكثير بن
عبيد.
15 - سحنون * الامام العلامة،
فقيه المغرب، أبو سعيد، عبد السلام بن حبيب بن
__________
(1) رجاله ثقات، وأبو يونس: هو سليم بن جبير المصري مولى
أبي هريرة، وثقه النسائي، وأخرج له مسلم في " صحيحه ".
(2) إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجه (3917) من طريق أحمد بن
عمرو بن السرح، عن بشر بن بكر، عن الاوزاعي، عن ابن سيرين،
عن أبي هريرة، وأخرجه من طرق عن ابن سيرين عن أبي هريرة،
البخاري 12 / 356، 359، في التعبير: باب القيد في المنام،
ومسلم (2263) في أول الرؤيا، وأبو داود (5019) والترمذي
(2270) وأحمد 2 / 269، وعبد الرزاق (20352) والدارمي 2 /
125.
وقوله " والقيد في المنام..." من كلام أبي
هريرة كما هو مصرح به في المصنف والمسند ومسلم.
* وفيات الاعيان 3 / 180 العبر 2 / 34 ترتيب المدارك 2 /
585، 626، الديباج المذهب 2 / 30، 40، معالم الايمان 2 /
49 شجرة النور الزكية: 70، رياض النفوس 1 / 249، 290، مرآة
الجنان 2 / 131، 132.
(*)
(12/63)
حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة بن عبد الله التنوخي،
الحمصي الاصل، المغربي القيرواني المالكي، قاضي القيروان،
وصاحب " المدونة " (1)، ويلقب بسحنون (2) ارتحل وحج.
وسمع من: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن
وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، ووكيع بن الجراح، وأشهب،
وطائفة.
ولم يتوسع في الحديث كما توسع في الفروع.
لازم ابن وهب، وابن القاسم، وأشهب، حتى صار من نظرائهم.
وساد أهل المغرب في تحرير المذهب، وانتهت إليه رئاسة
العلم.
وعلى قوله المعول بتلك الناحية، وتفقه به عدد كثير.
وكان قد تفقه أولا بإفريقية على ابن غانم وغيره.
وكان ارتحاله في سنة ثمان وثمانين ومئة، وكان موصوفا
بالعقل والديانة التامة والورع، مشهورا بالجود والبذل،
وافر الحرمة، عديم النظير.
أخذ عنه: ولده محمد فقيه القيروان، وأصبغ بن خليل القرطبي،
وبقي بن مخلد، وسعيد بن نمر الغافقي الالبيري الفقيه، وعبد
الله بن غافق التونسي، ومحمد بن عبد الله بن عبدوس
المغربي، ووهب بن نافع فقيه قرطبة، ويحيى بن القاسم بن
هلال الزاهد، ومطرف بن عبدالرحمن المرواني مولاهم، ويحيى
بن عمر الكناني الاندلسي، وعيسى بن
مسكين، وحمديس، وابن مغيث، وابن الحداد، وعدد كثير من
الفقهاء.
__________
(1) سيبسط المؤلف القول فيها خلال الترجمة.
(2) سيضبطها المؤلف خلال الترجمة.
(*)
(12/64)
فعن أشهب قال: ما قدم علينا أحد مثل سحنون (1).
وعن يونس بن عبدالاعلى قال: سحنون سيد أهل المغرب (2).
وروي عن ابن عجلان الاندلسي قال: ما بورك لاحد بعد النبي
صلى الله عليه وسلم في أصحابه ما بورك لسحنون في أصحابه.
فإنهم كانوا في كل بلد أئمة.
وروي عن سحنون قال: من لم يعمل بعلمه، لم ينفعه علمه، بل
يضره.
وقال سحنون: إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيام متوالية
بلا حاجة، فينبغي أن لا تقبل شهادته (3).
وسئل سحنون: أيسع العالم أن يقول: لا أدري فيما يدري ؟
قال: أما ما فيه كتاب أو سنة ثابتة فلا، وأما ما كان من
هذا الرأي، فإنه يسعه ذلك، لانه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ.
قال الحافظ أحمد بن خالد: كان محمد بن وضاح لا يفضل أحدا
ممن لقي على سحنون في الفقه وبدقيق المسائل (4).
وعن سحنون قال: أكل بالمسكنة، ولا أكل بالعلم.
محب الدنيا أعمى، لم ينوره العلم (5).
ما أقبح بالعالم أن يأتي الامراء، والله ما دخلت على
السلطان إلا وإذا خرجت حاسبت نفسي، فوجدت عليها الدرك (6)،
وأنتم ترون مخالفتي لهواه، وما ألقاه به من الغلظة، والله
ما
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 589، و " الديباج المذهب " 2 /
32.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 590، و " الديباج المذهب " 2 /
32.
(3) " ترتيب المدارك " 2 / 65، و " الديباج المذهب " 2 /
39.
(4) " ترتيب المدارك " 2 / 591، و " الديباج المذهب " 2 /
33.
(5) " الديباج المذهب " 2 / 38.
(6) بفتح الراء وإسكانها: التبعة.
(*)
(12/65)
أخذت، ولا لبست لهم ثوبا.
وعن سحنون قال: كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو
تكلم بها لانتفع بها خلق كثير، فيحبسها، ولا يتكلم بها
مخافة المباهاة.
وكان إذا أعجبه الصمت تكلم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا
أقلهم علما.
وعنه قال: أنا أحفظ مسائل فيها ثمانية أقاويل من ثمانية
أئمة، فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب ؟ وقيل: إن زيادة الله
الامير بعث يسأل سحنونا عن مسألة، فلم يجبه، فقال له محمد
بن عبدوس: أخرج من بلد القوم، أمس ترجع عن الصلاة خلف
قاضيهم، واليوم لا تجيبهم ؟ !.
قال: أفأجيب من يريد أن يتفكه، يريد أن يأخذ قولي وقول
غيري، ولو كان شيئا يقصد به الدين لاجبته.
وعنه قال: ما وجدت من باع آخرته بدنيا غيره إلا المفتي.
وعن عبد الجبار بن خالد قال: كنا نسمع من سحنون بقريته،
فصلى الصبح، وخرج، وعلى كتفه محراث، وبين يديه زوج بقر.
فقال لنا: حم الغلام البارحة، فأنا أحرث اليوم عنه،
وأجيئكم.
فقلت: أنا
أحرث عنك، فقرب إلي غداءه، خبز شعير وزيتا (1).
وعن إسماعيل بن إبراهيم قال: دخلت على سحنون، وهو يومئذ
قاض، وفي عنقه تسبيح يسبح به (2).
__________
(1) " ترتيب المدارك " 2 / 594.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 617.
(*)
(12/66)
وعن أبي داود العطار قال: باع سحنون زيتونا له بثمان مئة،
فدفعها إلي، ففرقتها عنه صدقة.
وقيل: كان إذا قرئت عليه " مغازي " ابن وهب تسيل دموعه،
وإذا قرئ عليه " الزهد " لابن وهب يبكي.
وعن يحيى بن عون: قال: دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو
مريض، فقال: ما هذا القلق ؟ قال له: الموت والقدوم على
الله.
قال له سحنون: ألست مصدقا بالرسل والبعث والحساب، والجنة
والنار، وأن أفضل هذه الامة أبو بكر، ثم عمر، والقرآن كلام
الله غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش
استوى، ولا تخرج على الائمة بالسيف، وإن جاروا.
قال: إي والله، فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت.
وعن سحنون قال: كبرنا وساءت أخلاقنا، ويعلم الله ما أصيح
عليكم إلا لاؤدبكم.
وعن سحنون قال: ما عميت علي مسألة إلا وجدت فرجها في كتب
ابن وهب.
وقيل: إن طالبا قال: رأيت في النوم كأن سحنونا يبني
الكعبة،
قال: فغدوت إليه، فوجدته يقرأ للناس " مناسك الحج " الذي
جمعه.
وقيل: إنه سمع من حفص بن غياث، وإسحاق الازرق، ووكيع،
ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الله بن طليب المرادي، وبهلول
ابن راشد، وعلي بن زياد التونسي، وعبد الله بن عمر بن غانم
الرعيني، وشعيب بن الليث المصري، ومعن القزاز، وأبي ضمرة
الليثي، ويزيد بن هارون، وعدة.
(12/67)
قال أبو العرب عمن حدثه: كان الذين يحضرون مجلس سحنون من
العباد أكثر من الطلبة، كانوا يأتون إليه من أقطار الارض.
ولما ولي سحنون القضاء بأخرة عوتب، فقال: ما زلت في القضاء
منذ أربعين سنة، هل الفتيا إلا القضاء (1) ؟ !..قيل: إن
الرواة عن سحنون بلغوا تسع مئة.
وأصل " المدونة " أسئلة.
سألها أسد بن الفرات لابن القاسم.
فلما ارتحل سحنون بها عرضها على ابن القاسم، فأصلح فيها
كثيرا، وأسقط، ثم رتبها سحنون، وبوبها.
واحتج لكثير بن مسائلها بالآثار من مروياته، مع أن فيها
أشياء لا ينهض دليلها، بل رأي محض.
وحكوا أن سحنون في أواخر الامر علم عليها، وهم بإسقاطها
وتهذيب " المدونة "، فأدركته المنية رحمه الله.
فكبراء المالكية، يعرفون تلك المسائل، ويقررون منها ما
قدروا عليه، ويوهنون ما ضعف دليله.
فهي لها أسوة بغيرها من دوواين الفقه.
وكل أحد فيؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب ذاك القبر صلى الله
عليه وسلم تسليما.
فالعلم بحر بلا ساحل، وهو مفرق في الامة، موجود لمن
التمسه.
وتفسير سحنون بأنه اسم طائر بالمغرب (2)، يوصف بالفطنة
والتحرز، وهو بفتح السين وبضمها.
__________
(1) ثمت فرق بين الفتيا والقضاء، فالفتيا تبليغ محض،
والقضاء إنشاء وإلزام.
قال القرافي في " الفروق " 4 / 53: الفتوى والحكم كلاهما
إخبار عن حكم الله تعالى، ويجب على السامع اعتقادهما،
وكلاهما يلزم المكلف من حيث الجملة، لكن الفتوى إخبار عن
الله تعالى في إلزام أو إباحة، والحكم إخبار معناه الانشاء
والالزام من قبل الله تعالى.
(2) في " ترتيب المدارك " 2 / 586، و " الديباج المذهب " 2
/ 30: لحدته في المسائل.
(*)
(12/68)
توفي الامام سحنون في شهر رجب سنة أربعين ومئتين (1).
وله ثمانون سنة، وخلفه ولده محمد.
قرأت في " تاريخ القيروان " لابي بكر عبد الله بن محمد
المالكي قال: قال أبو العرب: اجتمعت في سحنون خلال قلما
اجتمعت في غيره: الفقه البارع، والورع الصادق، والصرامة في
الحق، والزهادة في الدنيا، والتخشن في الملبس والمطعم،
والسماحة (2).
كان ربما وصل إخوانه بالثلاثين دينارا، وكان لا يقبل من
أحد شيئا.
ولم يكن يهاب سلطانا في حق، شديدا على أهل البدع، انتشرت
إمامته، وأجمعوا على فضله، قدم به أبوه مع جند الحمصيين،
وهو من تنوخ صليبة.
وعن سحنون قال: حججت زميل ابن وهب.
وقال عيسى بن مسكين: سحنون راهب هذه الامة، ولم يكن بين
مالك وسحنون أحد أفقه من سحنون (3).
وعن سحنون قال: إني حفظت هذه الكتب، حتى صارت في
صدري كأم القرآن (4).
وعنه قال: إني لاخرج من الدنيا، ولا يسألني الله عن مسألة
قلت فيها برأيي، وما أكثر ما لا أعرف.
وعنه: سرعة الجواب بالصواب أشد فتنة من فتنة المال.
__________
(1) في " ترتيب المدارك " 2 / 624: لثلاث خلون من رجب.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 592، و " الديباج المذهب " 2 /
34.
(3) " الديباج المذهب " 2 / 32، بلفظ: زاهد هذه الامة.
(4) " ترتيب المدارك " 2 / 590.
(*)
(12/69)
16 - أحمد بن عيسى * (خ، م، د، س، ق) ابن حسان،
الامام المحدث الصدوق، أبو عبد الله، المصري، المعروف بابن
التستري (1).
سمع ضمام بن إسماعيل، ومفضل بن فضالة، وعبد الله بن وهب،
وبشر بن بكر، وأزهر بن سعد السمان، وغيرهم.
حدث عنه: الستة سوى الترمذي، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
وإبراهيم الحربي، ويوسف القاضي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو
القاسم البغوي، وخلق سواهم.
وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.
وكان أبو بكر الخطيب يقول: ما رأيت لمن ترك الاحتجاج
بحديثه حجة (2).
وقال أبو زرعة لما نظر في " صحيح مسلم ": يروي عن أحمد بن
عيسى في " الصحيح ".
وما رأيت أهل مصر يشكون أنه، وأشار إلى
لسانه (3).
__________
* التاريخ الكبير 2 / 6، الجرح والتعديل 2 / 64، تاريخ
بغداد 4 / 272، 275، تهذيب الكمال: 34، تذهيب التهذيب 1 /
20 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 125، 126، الوافي بالوفيات 7 /
272، تهذيب التهذيب 1 / 64، 65، خلاصة تذهيب الكمال: 10،
11، شذرات الذهب 2 / 102.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 272، و " تهذيب الكمال ": 34،
و " تهذيب التهذيب " 1 / 65: المعروف بالتستري.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 275 (3) الخبر مطول في " تاريخ
بغداد " 4 / 274، و " تهذيب الكمال ": 34، و " تهذيب
التهذيب 1 / 65.
(*)
(12/70)
وقال أبو داود: سألت يحيى بن معين عنه، فحلف إنه كذاب.
وقال أبو حاتم: قيل لي بمصر: إن أحمد بن عيسى اشترى كتب
ابن وهب، وكتاب مفضل بن فضالة (1).
قلت: العمل على الاحتجاج به.
فأين ما انفرد به حتى نلينه به ؟ ! وقد لحق يغنم بن سالم
أحد الهلكى.
وسمع منه، وسكن العراق (2).
توفي بسامراء في صفر سة ثلاث وأربعين ومئتين.
وكان أبوه يتجر إلى تستر (3) التي يقال لها اليوم: ششتر،
فعرف بالتستري لهذا.
17 - أحمد بن عيسى * ابن عبد
الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، أبو طاهر
العلوي المدني.
يروي عن: أبيه، وابن أبي فديك.
وعنه: أبو يونس المديني، ومحمد بن منصور الكوفي، وغيرهما.
له ما ينكر (4).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 64، و " تاريخ بغداد " 4 /
275، و " تهذيب الكمال ": 34، وتهذيب التهذيب 1 / 65.
(2) جاء في " تهذيب الكمال ": 34: قال أبو عبيد الآجري:
سألت أبا داود عنه، فقال: سمعت يحيى بن معين يحلف بالله
الذي لا إله إلا هو إنه كذب.
وفيه: وقال الحافظ أبو بكر: ما رأيت لمن تكلم في أحمد بن
عيسى حجة توجب ترك الاحتجاج بحديثه.
(3) في " تاريخ بغداد " 4 / 272: كان (أحمد نفسه) يتجر إلى
تستر.
* الجرح والتعديل 2 / 65، ميزان الاعتدال 1 / 126، 127.
(4) قال المؤلف في " ميزان الاعتدال " 1 / 126: قال
الدارقطني: كذاب.
وكذا في " لسان الميزان " 1 / 241.
(*)
(12/71)
وقد ذكره ابن أبي حاتم (1)، وأبو أحمد الحاكم، وما ضعفاه.
18 - أحمد بن عيسى * ابن
الشهيد زيد بن علي الحسيني، شيخ بني هاشم وكبيرهم.
قال المدائني: بلغ الرشيد ظهور هذا بعبادان في سنة خمس
وثمانين، فدس عليه من خدعه، وبايعه، ثم أخذه في سفينة،
فهرب أحمد لواسط، واختفى ذكره.
قلت: بقي بالبصرة في الازد خاملا إلى أن مات سنة سبع
وأربعين ومئتين، وعاش تسعا وثمانين سنة (2).
19 - أبو ثور * * (د، ق)
إبراهيم بن خالد، الامام الحافظ الحجة المجتهد،
مفتي العراق، أبو
ثور، الكلبي البغدادي الفقيه، ويكنى أيضا أبا عبد الله.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 65.
* مقاتل الطالبيين: 399، الوافي بالوفيات 7 / 271، 272،
تاريخ الطبري 10 / 71.
(2) " الوافي بالوفيات " 7 / 272، وتتمته فيه: وكانت مدة
استتاره اثنتين وستين سنة.
ولا يعرف من استتر وخفي أمره هذه المدة كلها غير هذا.
* * التاريخ الصغير 2 / 372، الجرح والتعديل 2 / 97، 98،
الفهرست: 265، تاريخ بغداد 6 / 65، 69، طبقات الفقهاء
للشيرازي: 75، الانساب، ورقة: 485 / ب، اللباب 3 / 104،
105، وفيات الاعيان 1 / 26، تهذيب الكمال: 54، تذهيب
التهذيب 1 / 35 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 512، 513، ميزان
الاعتدال 1 / 29، 30، العبر 1 / 431، الوافي بالوفيات 5 /
344، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 74، 80، تاريخ ابن كثير 10
/ 322، تهذيب التهذيب 1 / 118، 119، النجوم الزاهرة 2 /
301، 302، طبقات الحفاظ: 223، خلاصة تذهيب الكمال: 17،
طبقات المفسرين 1 / 7، شذرات الذهب 2 / 93، 94.
(*)
(12/72)
ولد في حدود سنة سبعين ومئة.
وسمع من: سفيان بن عيينة، وعبيدة بن حميد، وأبي معاوية
الضرير، ووكيع بن الجراح وابن علية، ويزيد بن هارون، ومعاذ
بن معاذ، وروح بن عبادة، وأبي قطن، وأبي عبد الله الشافعي،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو داود، وابن ماجة.
وقيل: إن مسلما روى عنه في مقدمة " صحيحه "، وإنما روى عن
إبراهيم بن خالد اليشكري، وهو آخر إن شاء الله.
وروى عنه أيضا: قاسم بن زكريا المطرز، وأحمد بن
الحسن الصوفي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إسحاق السراج،
ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري، وخلق سواهم.
وجمع وصنف.
قال أبو بكر الاعين: سألت أحمد بن حنبل عنه، فقال: أعرفه
بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندي في مسلاخ (1) سفيان الثوري
(2).
وقال النسائي: ثقة مأمون، أحد الفقهاء (3).
وقال أبو حاتم بن حبان: كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما
وورعا وفضلا.
صنف الكتب، وفرع على السنن، وذب عنها، رحمه الله تعالى
(4).
ذكره الخطيب، (5) وأثنى عليه، وقال: توفي في صفر سنة
أربعين ومئتين.
__________
(1) المسلاخ: هو الجلد وأراد هنا أنه في هدي وسمت سفيان
الثوري.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 66، و " وفيات الاعيان " 1 / 26،
و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 74.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 66، و " طبقات الشافعية " للسبكي
2 / 75.
(4) " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 74.
(5) " تاريخ بغداد " 6 / 65، 66.
(*)
(12/73)
قلت: عاش سبعين سنة أو أكثر.
قرأت على عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن زيد بن الحسن
(ح) (1) وأنبأنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه وجماعة، قالوا:
أخبرنا أبو اليمن، وأبو حفص المعلم (ح)، وأخبرنا المقداد
بن أبي القاسم إجازة، أخبرنا عبد العزيز بن الاخضر (ح)،
وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبلي، أخبرنا أبو اليمن
الكندي، وعبد العزيز بن منينا، قالوا أربعتهم: أخبرنا
محمد بن عبدا لباقي الانصاري، أخبرنا ابراهيم بن عمر
البرمكي في الرابعة، أخبرنا عبد الله بن إبراهيم بن ماسي،
حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي، حدثنا أبو ثور الكلبي،
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن حميد، عن بكر بن عبد الله،
عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم
لقيه في طريق من طرق المدينة، وهو جنب، فانسل، فذهب،
فاغتسل، ففقده رسول الله، فلما جاء، قال: " أين كنت يا أبا
هريرة " ؟ قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن
أجالسك، قال: " إن المؤمن لا ينجس ".
__________
(1) قال الامام النووي رحمه الله في " مقدمة شرحه لصحيح
مسلم ": 38: وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند
الانتقال من إسناد إلى إسناد (ح)، وهي حاء مهملة مفردة.
والمختار أنها مأخوذة من التحول، لتحوله من إسناد إلى
إسناد، وأنه يقول القارئ إذا انتهى إليها: (ح)، ويستمر في
قراءة ما بعدها.
وقيل: إنها من: حال بين الشيئين: إذا حجز، لكونها حالت بين
الاسنادين، وأنه لا يلفظ عند الانتهاء إليها بشئ، وليست من
الرواية.
وقيل: إنها رمز إلى قوله: الحديث، وإن أهل المغرب كلهم
يقولون إذا وصلوا إليها: الحديث.
ثم قال الامام النووي رحمه الله: وقد كتب جماعة من الحفاظ
موضعها: " صح " فيشعر بأنها رمز " صح ".
وحسنت ها هنا كناية " صح " لئلا يتوهم أنه أسقط متن
الاسناد الاول.
ثم هذه الحاء توجد في كتب المتأخرين كثيرا، وهي كثيرة في "
صحيح مسلم " قليلة في " صحيح البخاري ".
(*)
(12/74)
صحيح، تفرد به حميد الطويل، أخرجه أصحاب الكتب الستة (1)
من طريق ابن علية، وجماعة عنه.
وقد كان أحمد يكره تدوين المسائل، ويحض على كتابة الاثر،
فقال عبدالرحمن بن خاقان: سألت أحمد بن حنبل عن أبي ثور،
فقال: لم يبلغني عنه إلا خير، إلا أنه لا يعجبني الكلام
الذي يصيرونه في كتبهم (2).
وقيل: سئل أحمد عن مسألة، فقال للسائل: سل غيرنا، سل
الفقهاء سل أبا ثور (3).
وقال بدر (4) بن مجاهد: قال لي سليمان الشاذكوني: اكتب رأي
الشافعي، واخرج إلى أبي ثور، ولا يفوتنك بنفسه (5).
قال الخطيب: كان أبو ثور يتفقه أولا بالرأي، ويذهب إلى قول
العراقيين، حتى قدم الشافعي، فاختلف إليه، ورجع عن الرأي
إلى الحديث (6).
وقال أبو حاتم (7): يتكلم بالرأي، فيخطئ ويصيب، ليس محله
__________
(1) أخرجه البخاري 1 / 333 في الغسل: باب عرق الجنب وأن
المسلم لا ينجس، وباب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره،
ومسلم (371) في الحيض، وأبو داود (231) والترمذي (121)
والنسائي 1 / 145، 146، وابن ماجه (534) وفي الباب عن
حذيفة بن اليمان عند مسلم (372) وأبي داود (230) والنسائي
1 / 145.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 66، و " طبقات الشافعية " للسبكي
2 / 75 (3) " تاريخ بغداد " 6 / 67، وانظر " وفيات الاعيان
" 1 / 26، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 75.
(4) في الاصل: بد بن مجاهد، والمثبت من " تاريخ بغداد " 6
/ 67، و " تهذيب التهذيب " 1 / 118.
(5) " تاريخ بغداد " 6 / 67.
(6) " تاريخ بغداد " 6 / 67.
(7) " الجرح والتعديل " 2 / 98، و " طبقات الشافعية "
للسبكي 2 / 75، وعقب = (*)
(12/75)
محل المسمعين في الحديث.
قلت: بل هو حجة بلا تردد.
مات في صفر سنة اربعين ومئتين.
أما:
20 - إبراهيم بن خالد *
المروزي الجرميهني الحافظ الملقب بالبطيطي، فصاحب
حديث، مات شابا سنة خمسين ومئتين.
وهو الذي يقول بندار: حفاظ الدنيا أربعة، كلهم غلماني:
إبراهيم ابن خالد الجرميهني، وأبو زرعة، والبخاري وعبد
الله الدارمي.
وأما:
__________
= السبكي على ذلك فقال: هذا غلو من أبي حاتم.
وليس الكلام في الرأي موجبا للقدح، فلا التفات إلى قول أبي
حاتم هذا...وأبو ثور أظهر أمرا من أن يحتاج إلى توثيق، وقد
قدمنا كلام أحمد بن حنبل فيه، وكفى به شرفا.
وقال أيضا في الصفحة التالية أنه جوز أن يكون قول أبي
حاتم: " محل المسمعين " تصحيفا في الكتب، وأنه قال: " محل
المتسعين "، أي: المكثرين، فإن أبا ثور لم يكن من المكثرين
في الحديث إكثار غيره من الحفاظ، وقد رأيت اللفظة هكذا بخط
بعض محدثي زماننا في الحكاية عن أبي حاتم.
ولا شك أن الفقه كان أغلب عليه من الحديث.
وفي " تهذيب التهذيب " 1 / 119: محل المتسعين.
أيضا.
وجاء في " طبقات الشافعية " أيضا 2 / 75.
وقال أبو عبد الله الحاكم: كان فقيه أهل بغداد ومفتيهم في
عصره، وأحد أعيان المحدثين المتقنين.
وقال أبو عمر بن عبد البر: كان حسن النظر، ثقة فيما يروي
من الاثر، إلا أن له شذوذا فارق فيه الجمهور، وقد عدوه أحد
الفقهاء.
وجاء في " تهذيب
التهذيب " 1 / 119: قال مسلمة بن قاسم الاندلسي: ثقة جليل
فقيه.
* الجرح والتعديل 2 / 97، الانساب 3 / 232، اللباب 1 /
273.
(*)
(12/76)
21 - إبراهيم بن خالد * (مق) اليشكري،
فروى عنه مسلم في مقدمة " صحيحه ".
22 - الجوعي * * الامام القدوة
الولي، المحدث، أبو عبد الملك، القاسم بن عثمان،
العبدي الدمشقي، شيخ الصوفية، ورفيق أحمد بن أبي الحواري،
عرف بالجوعي (1).
صحب أبا سليمان الداراني، وسمع سفيان بن عيينة، والوليد بن
مسلم، وجعفر بن عون العمري، وأبا معاوية الاسود، وجماعة.
حدث عنه: أبو حاتم، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وأحمد بن أنس،
وإبراهيم بن دحيم.
وأبو بكر بن أبي داود، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد
بن الحسن بن قتيبة، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
وقال العقيلي: تفرد الجوعي بحديث عن عبد الله بن نافع، عن
مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: " ما بين قبري ومنبري
روضة من
__________
* تهذيب الكمال: 54، تذهيب التهذيب 1 / 35 / 2، تهذيب
التهذيب 1 / 119، خلاصة تذهيب الكمال: 17.
* * الجرح والتعديل 7 / 114، طبقات الصوفية: 98، حلية
الاولياء 9 / 322، 324، الانساب، 3 / 373، اللباب 1 / 311،
العبر 1 / 452، طبقات الاولياء: 280 و 393 و 397، الضعفاء
للعقيلي: 362.
(1) بضم الجيم، وسكون الواو، وفي آخرها العين المهملة.
قال السمعاني: لعله كان يبقى جائعا كثيرا.
وأقره ابن الاثير في " اللباب " 1 / 311.
(2) " الجرح والتعديل " 7 / 114.
(*)
(12/77)
رياض الجنة " (1).
قال ابن أبي داود: رأيت أحمد بن أبي الحواري، يقرأ عند
القاسم ابن عثمان، فيصيح القاسم ويصعق، وكان فاضلا من
محدثي دمشق.
كان يقدم في الفضل على أحمد بن أبي الحواري.
قال سعيد بن أوس: سمعت قاسما الجوعي، وكان صوفيا نسب إلى
الجوع.
وحكى أبو علي الحصائري، عن أبي الرضا الصياد، قال: كان
قاسم الجوعي عابد أهل الشام.
قال محمد بن الفيض: قدم يحيى بن أكثم دمشق مع المأمون،
فبعث إلى أحمد بن أبي الحواري، فجاء إليه، وجالسه، فخلع
يحيى عليه طويلة وملبوسا، وأعطاه خمسة آلاف درهم، وقال:
فرقها يا أبا الحسن حيث ترى، فدخل بها المسجد، وصلى صلوات
بالخلعة، فقال قاسم الجوعي: أخذ دراهم اللصوص، ولبس
ثيابهم، ثم أتى الجامع، ومر به وهو في
__________
(1) رجاله ثقات خلا عبد الله بن نافع وهو الصائغ، فهو وإن
كان من رجال مسلم في حفظه لين، وأورده الهيثمي في " المجمع
" 4 / 9 من حديث ابن عمر بلفظ " ما بين بيتي ومنبري "
وقال: رواه الطبراني في " الكبير " (13156) و " الاوسط "
(153)، ورجاله ثقات.
وفي الباب عن عبد الله بن زيد المازني عند مالك 1 / 197،
والبخاري 3 / 57، ومسلم (1390)، والنسائي 2 / 35، وعن أبي
هريرة عند البخاري 3 / 57، وعن علي وأبي هريرة عند الترمذي
(3911)
و (3912) بلفظ " ما بين بيتي " انظر " مجمع الزوائد " 4 /
8، 9.
وقال الحافظ في الفتح 3 / 57 تعليقا على قول البخاري: باب
فضل ما بين القبر والمنبر: لما ذكر فضل الصلاة في مسجد
المدينة أراد أن ينبه على أن بعض بقاع المسجد أفضل من بعض،
وترجم بذكر القبر، وأورد الحديثين بلفظ " البيت " لان
القبر صار في " البيت " وقد ورد في بعض طرقه بلفظ " القبر
" قال القرطبي: الرواية الصحيحة " بيتي " ويروى " قبري "
وكأنه بالمعنى، لانه دفن في بيت سكناه.
(*)
(12/78)
التحيات، فلما حذاه لطم القلنسوة، فسلم أحمد، وأعطى
القلنسوة ابنه إبراهيم، فذهب بها.
فقال له من رآه: ما رأيت ما فعل بك هذا ؟ فقال: رحمه الله.
ومن كلام القاسم: رأس الاعمال الرضى عن الله، والورع عماد
الدين، والجوع (1) مخ العبادة، والحصن الحصين الصمت.
وقال قاسم الجوعي: سمعت مسلم بن زياد يقول: مكتوب في
التوراة: من سالم سلم، ومن شاتم شتم، ومن طلب الفضل من غير
أهله ندم.
وقال: الشهوات نفس الدنيا، فمن ترك الشهوات فقد ترك
الدنيا.
إذا رأيت الرجل يخاصم فهو يحب الرئاسة.
قال عمرو بن دحيم: توفي قاسم الجوعي في رمضان سنة ثمان
وأربعين ومئتين.
قلت: كان زاهد الوقت هذا الجوعي بدمشق، والسري السقطي
ببغداد، وأحمد بن حرب بنيسابور، وذو النون بمصر، ومحمد بن
أسلم بطوس.
وأين مثل هؤلاء السادة ؟ ما يملا عيني إلا التراب، أو من
تحت
التراب.
23 - الكرابيسي * العلامة،
فقيه بغداد، أبو علي، الحسين بن علي بن يزيد
__________
(1) على هامش الاصل: والجزع، والخبر في " حلية الاولياء "
9 / 223 بلفظ: والجوع.
* الفهرست: 230، 231، تاريخ بغداد 8 / 64، 67، طبقات
الفقهاء للشيرازي: = (*)
(12/79)
البغدادي، صاحب التصانيف.
سمع إسحاق الازرق، ومعن بن عيسى، ويزيد بن هارون، ويعقوب
ابن إبراهيم.
وتفقه بالشافعي.
روى عنه: عبيد بن محمد البزاز، ومحمد بن علي فستقة.
وكان من بحور العلم - ذكيا فطنا فصيحا لسنا.
تصانيفه في الفروع والاصول تدل على تبحره، إلا أنه وقع
بينه وبين الامام أحمد، فهجر لذلك (1)، وهو أول من فتق
اللفظ، ولما بلغ يحيى بن معين، أنه يتكلم في
__________
= 83، طبقات الحنابلة 1 / 142، الانساب، 10 / 371، اللباب
3 / 88، وفيات الاعيان 2 / 132، 133، تهذيب الكمال: 297،
تذهيب التهذيب 1 / 158 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 544، العبر
1 / 450، 451، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 117 / 126، تاريخ
ابن كثير 11 / 2، تهذيب التهذيب: 2 / 359، 362، النجوم
الزاهرة 2 / 321، طبقات الحفاظ: 368، خلاصة تذهيب الكمال:
84، شذرات الذهب 2 / 117، الانتقاء: 106.
والكرابيسي بفتح الكاف والراء، وبعد الالف باء موحدة
مكسورة، ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة، وبعدها سين مهملة:
هذه النسبة إلى الكرابيس، وهي الثياب الغليظة، واحدها
كرباس، بكسر الكاف، وهو لفظ فارسي معرب.
وكان أبو علي المذكور يبيعها، فنسب إليها.
" وفيات الاعيان "
2 / 133.
(1) قال الحافظ ابن عبد البر في " الانتقاء "، ص: 106 في
ترجمة الكرابيسي بعد أن جود الثناء على علمه وإتقانه
وتصانيفه: وكانت بينه وبين أحمد بن حنبل صداقة وكيدة، فلما
خالفه في القرآن، عادت تلك الصداقة عداوة، فكان كل واحد
منهما يطعن على صاحبه، وذلك أن أحمد بن حنبل كان يقول: من
قال القرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن قال: القرآن كلام الله
ولا يقول: غير مخلوق ولا مخلوق، فهو واقفي، ومن قال لفظي
بالقرآن مخلوق، فهو مبتدع.
وكان الكرابيسي، وعبد الله بن كلاب، وأبو ثور، وداود بن
علي [ والبخاري، والحادث ابن أسد المحاسبي، ومحمد بن نصر
المرزوي ]، وطبقاتهم يقولون: إن القرآن الذي تكلم الله به
صفة من صفاته، لا يجوز عليه الخلق، وإن تلاوة التالي
وكلامه بالقرآن كسب له وفعل له، وذلك مخلوق، وإنه حكاية عن
كلام الله، وليس هو القرآن الذي تكلم الله به، وشبهوه
بالحمد = (*)
(12/80)
أحمد قال: ما أحوجه إلى أن يضرب، وشتمه (1).
قال حسين في القرآن: لفظي به مخلوق، فبلغ قوله أحمد
فأنكره، وقال: هذه بدعة، فأوضح حسين المسألة، وقال: تلفظك
بالقرآن يعني: غير الملفوظ.
وقال في أحمد: أي شئ نعمل بهذا الصبي ؟ إن قلنا: مخلوق:
قال: بدعة، وإن قلنا: غير مخلوق.
قال: بدعة.
فغضب لاحمد أصحابه، ونالوا من حسين (2).
__________
= والشكر لله، وهو غير الله، فكما يؤجر في الحمد والشكر
والتهليل والتكبير، فكذلك يؤجر في التلاوة.
وهجرت الحنبلية أصحاب أحمد بن حنبل حسينا الكرابيسي
وبدعوه، وطعنوا عليه وعلى كل من قال بقوله في ذلك.
وقال الامام الذهبي رحمه الله في " الميزان " 1 / 544 في
ترجمة الكرابيسي: فإن عنى بقوله: القرآن الكلام الله غير
مخلوق، ولفظي به مخلوق، التلفظ، فهذا جيد، فإن أفعالنا
مخلوقة.
وإن قصد الملفوظ بأنه مخلوق، فهذا الذي أنكره أحمد والسلف،
وعدوه تجهما.
كما وضح المسألة الامام الذهبي في " سير أعلام النبلاء "
11 / 510 في ترجمة علي بن حجر، وبين مذهب الكرابيسي
والبخاري.
وفيه: وبالغ الامام في الحط عليهم، أي: على القائلين:
لفظنا بالقرآن مخلوق.
وقال عن البخاري: وأما البخاري فكان من كبار الاذكياء،
فقال: ما قلت، ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وإنما حركاتهم
وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة، والقرآن المسموع المتلو الملفوظ
المكتوب في المصاحف كلام الله غير مخلوق، وصنف في ذلك كتاب
" أفعال العباد " مجلد، فأنكر عليه طائفة، وما فهموا مرامه
كالذهلي وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي بكر الاعين وغيرهم.
وجاء في " سير أعلام النبلاء " 11 / 291 عن فوران صاحب
أحمد، قال: سألني الاثرم وأبو عبد الله المعيطي أن أطلب من
أبي عبد الله خلوة، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرقون
بين اللفظ والمحكي.
فسألته، فقال: القرآن كيف تصرف في أقواله وأفعاله فغير
مخلوق، فأما أفعالنا فمخلوقة.
قلت: فاللفظية تعدهم، يا أبا عبد الله، في جملة الجهمية ؟
فقال: لا، الجهمية الذين قالوا القرآن المخلوق.
وراجع " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 199 وما بعدها، و "
تاريخ بغداد " 8 / 65.
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 64.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 65 (*)
(12/81)
وقال أحمد: إنما بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها، وتركوا
الآثار (1).
قال ابن عدي: سمعت محمد بن عبد الله الصيرفي الشافعي،
يقول لتلامذته: اعتبروا بالكرابيسي، وبأبي ثور، فالحسين في
علمه وحفظه لا يعشره (2) أبو ثور، فتكلم فيه أحمد بن حنبل
في باب مسألة اللفظ، فسقط، وأثنى على أبي ثور، فارتفع
للزومه للسنة (3).
مات الكرابيسي سنة ثمان وأربعين، وقيل: سنة خمس وأربعين
ومئتين.
ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي، وحرره في مسألة التلفظ،
وأنه مخلوق هو حق، لكن أباه الامام أحمد لئلا يتذرع به إلى
القول بخلق القرآن، فسد الباب، لانك لا تقدر أن تفرز
التلفظ من الملفوظ الذي هو كلام الله إلا في ذهنك.
24 - الفتح بن خاقان *
الامير الكبير الوزير الاكمل، أبو محمد التركي، شاعر مترسل
بليغ مفوه ذو سؤدد وجود ومحاسن على لعب فيه.
وكان المتوكل لا يكاد يصبر عنه، استوزره، وفوض إليه إمرة
الشام،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 66.
(2) أي: لا يبلغ معشاره.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 66، 67، و " طبقات الشافعية "
للسبكي 2 / 120.
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الفهرست: 130، تاريخ بغداد
12 / 389، معجم الادباء 16 / 174، 186، الكامل لابن الاثير
7 / 95، 100 و 103، 105، الوافي بالوفيات 3 / 177، 179،
النجوم الزاهرة 2 / 313 و 324، 325، شذرات الذهب 2 / 114.
(*)
(12/82)
فبعث إليها نوابا عنه.
وله أخبار في الكرم والظرف والادب.
ولما قدم المتوكل إلى دمشق، كان الفتح زميله على جمازة
(1).
حكى عنه: المبرد، وأحمد بن يزيد المؤدب.
وكان أحد الاذكياء، دخل المعتصم على الامير خاقان، فمازح
ابنه هذا، وهو صبي، فقال: يا فتح، أيما أحسن داري أو داركم
؟ فقال الفتح: دارنا إذا كنت فيها.
فوهبه مئة ألف (2).
وكان الفتح ذا باع أطول في فنون الادب.
قتل مع المتوكل سنة سبع وأربعين (3).
25 - الفضل بن مروان *
الوزير الكبير.
حدث عن علي بن عاصم.
روى عنه: المبرد، وسليمان بن وهب الكاتب، وغيرهما.
يكنى أبا العباس أصله من البردان، وتنقلت به الاحوال إلى
وزارة المعتصم، وكان من البلغاء.
وكان المعتصم كثير البذل، فربما عطل منه
__________
(1) أي: على ناقة جمازة، وهي السريعة.
والجمز: نوع من العدو سريع، دون الحضر وفوق العنق.
ويقال للبعير الذي يسرع: جماز.
والخبر في " معجم الادباء " 16 / 175.
(2) " معجم الادباء " 16 / 175.
(3) راجع مقتل المتوكل والفتح في الصفحة: 42 من هذا الجزء.
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الكامل لابن الاثير: الجزء
السابع، وفيات الاعيان 4 / 45، 47، النجوم الزاهرة 2 /
332، شذرات الذهب 2 / 122.
(*)
(12/83)
الفضل، فنفاه إلى السن، واستوزر ابن الزيات، ثم إنه سكن
بعد سامراء.
وعنه قال: أنعمت النظر في علمين، فلم أرهما يصحان: السحر
والنحو (1).
وكان الفضل فيه مع جوره تيه وبأو.
توفي خاملا سنة خمسين ومئتين.
وأصله نصراني، لعله بلغ التسعين.
وقد خدم المأمون.
قال ابن النجار (2): هو الفضل بن مروان ماسرجس (3).
كان بديع الخط، منشئا، لم يزل في ارتقاء، والناس يحسدونه
حتى نكب، وأدى أربعين ألف ألف درهم.
فكان المعتصم يقول: عصى الله، وأطاعني، فسلطني الله عليه
(4).
قلت: ثم أطلقه، وألزمه بيته، واستوزر أحمد بن عمار.
وقيل: ألقيت رقعة إليه فيها (5): تفرعنت يا فضل بن مروان
فاعتبر * فقبلك كان الفضل والفضل والفضل
__________
(1) صدق في الاولى، وأخطأ في الثانية.
(2) وهو الحافظ محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن
الحسن المعروف بابن النجار البغدادي، المتوفى سنة 643 ه.
وله ذيل على " تاريخ بغداد ".
انظر ترجمته في مقدمة كتابه " ذيل تاريخ بغداد ".
(3) في " وفيات الاعيان " 4 / 45، و " شذرات الذهب " 2 /
122: ماسرخس، بالخاء المعجمة من فوق.
(4) " وفيات الاعيان " 4 / 46.
(5) في " وفيات الاعيان " و " شذرات الذهب ": كان قد جلس
يوما لقضاء أشغال الناس، ورفعت إليه قصص العامة، فرأى في
جملتها ورقة مكتوبا فيها:...الابيات (*)
(12/84)
ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم * أبادتهم الاقياد والذل (1)
والقتل (2)
عنى الفضل بن يحيى البرمكي (3)، والفضل بن الربيع الحاجب
(4)، والفضل بن سهل (5).
26 - أحمد بن أبي الحواري *
(د، ق) واسم أبيه عبد الله بن ميمون الامام الحافظ
القدوة، شيخ أهل الشام، أبو الحسن (6)، الثعلبي الغطفاني
الدمشقي الزاهد، أحد الاعلام، أصله من الكوفة.
وقد قال: سألني أحمد بن حنبل: متى مولدك ؟ قلت: في سنة
أربع
__________
(1) في " وفيات الاعيان "، و " شذرات الذهب ": والحبس.
(2) البيتان في " وفيات الاعيان " 4 / 45، و " شذرات الذهب
" 2 / 122.
وجاء بعدهما: وإنك قد أصبحت في الناس ظالما * ستودي كما
أودى الثلاثة من قبل كما جاء فيهما: وذكر المرزباني
والزمخشري في " ربيع الابرار " أن هذه الابيات للهيثم ابن
فراس السامي.
(3) هو أبو العباس الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي،
تقدمت ترجمته في الجزء التاسع ترجمة رقم (29).
(4) هو أبو العباس الفضل بن الربيع بن يونس بن محمد، تقدمت
ترجمته في الجزء العاشر، ترجمة رقم (8).
(5) هو أبو العباس الفضل بن سهل السرخسي، تقدمت ترجمته في
الجزء العاشر ترجمة رقم (2).
* الجرح والتعديل 2 / 47، طبقات الصوفية: 98، 102، حلية
الاولياء 10 / 5، 33، الرسالة القشيرية: 21، طبقات
الحنابلة 1 / 78، صفوة الصفوة 4 / 12، تهذيب الكمال: 28،
29، تذهيب التهذيب 1 / 16 / 1، دول الاسلام 1 / 115، العبر
1 / 446، مرآة الجنان 2 / 153، تاريخ ابن كثير 10 / 342،
طبقات
الاولياء: 31، 36، تهذيب التهذيب 1 / 49، خلاصة تذهيب
الكمال: 8، طبقات الشعراني 1 / 96، شذرات الذهب 2 / 110.
(6) جاء في " تهذيب التهذيب " 1 / 49: كناه ابن حبان في "
الثقات " أبا العباس.
(*)
(12/85)
وستين ومئة.
قال: هي مولدي (1).
قلت: عني بهذا الشأن أتم عناية.
وسمع من: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وأبي
معاوية، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، وأبي الحسن
الكسائي، ووكيع، وحفص بن غياث، وشعيب بن حرب، وطبقتهم.
ودخل دمشق، فصحب الشيخ أبا سليمان الداراني مدة، وأخذ عن
مروان بن محمد، وأبي مسهر الغساني وطائفة، ثم أقبل على
العبادة والتأله.
حدث عنه: سلمة بن شبيب، وأبو زرعة الدمشقي (2)، وأبو زرعة
الرازي (3)، وأبو داود، وابن ماجه في سننهما، وأبو حاتم،
وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد بن المعافى الصيداوي،
وأبوالجهم بن طلاب، ومحمد بن محمد الباغندي، وابنه عبد
الله بن أحمد، وعمر بن بحر الاسدي، ومحمد بن خريم، ويوسف
بن الحسين الرازي، وإبراهيم بن نائلة الاصبهاني، ومحمد بن
علي بن خلف، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق كثير آخرهم أحمد
بن سليمان بن زبان الكندي، أحد الضعفاء (4).
قال هارون بن سعيد الايلي، عن يحيى بن معين، وذكر أحمد بن
__________
(1) " تاريخ دمشق " لابي زرعة 1 / 305.
(2) هو الحافظ عبدالرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان
النصري الدمشقي المتوفى سنة 281 ه.
وهو صاحب " تاريخ دمشق " الذي طبعه المجمع العلمي العربي
بدمشق، بتحقيق
شكر الله بن نعمة الله القوجاني، وسترد ترجمته في الجزء
الثالث عشر برقم (146).
(3) هو العالم الجهبذ الناقد عبيدالله بن عبد الكريم بن
يزيد، أبو زرعة، سترد ترجمته في الجزء الثالث عشر ترجمة
رقم (48).
(4) ترجمه المؤلف في " ميزانه " 1 / 102 فقال: كندي دمشقي،
يروي عن هشام بن عمار، اتهم في اللقاء، وبقي إلى سنة 338
ه.
وهاه الكتاني.
وقال عبد الغني المصري: ليس بثقة.
(*)
(12/86)
أبي الحواري، فقال: أهل الشام بن يمطرون (1).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يحسن الثناء عليه، ويطنب فيه
(2).
وقال فياض بن زهير: سمعت يحيى بن معين، وذكر أحمد بن أبي
الحواري، فقال: أظن أهل الشام يسقيهم الله به الغيث.
قال محمود بن خالد، وذكر أحمد بن أبي الحواري، فقال: ما
أظن بقي على وجه الارض مثله.
وروي عن الجنيد قال: أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام.
قال أبو زرعة الدمشقي: حدثني أحمد بن أبي الحواري قال: قلت
لشيخ دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم: دلني على مجلس
إبراهيم بن أبي يحيى، فلما كلمني، فإذا هو عبد العزيز بن
محمد الدراوردي.
قال أحمد بن عطاء: سمعت عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري،
يقول: كنا نسمع بكاء أبي بالليل حتى نقول: قد مات.
ثم نسمع ضحكة حتى نقول: قد جن.
قال محمد بن عوف الحمصي: رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا
بأنطرسوس (3)، فلما صلى العتمة (4) قام يصلي، فاستفتح ب
(الحمد
لله) إلى * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، فطفت الحائط كله،
ثم رجعت،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 47، و " حلية الاولياء " 10 /
22.
وبه يمطرون، أي: بدعائه، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله
عنه حين استسقى بالعباس، انظر " صحيح البخاري " 2 / 413 في
الاستسقاء: باب سؤال الناس الامام الاستسقاء إذا قحطوا.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 47.
(3) في " معجم البلدان ": أنطرطوس: بلد من سواحل بحر
الشام.
(4) أي: صلاة العشاء، لانها تصلى في العتمة، أي: الظلمة.
(12/87)
فإذا هو لا يجاوزها ثم نمت، ومررت في السحر، وهو يقرأ: *
(إياك نعبد) *.
فلم يزل يرددها إلى الصبح.
قال سعيد بن عبد العزيز: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول:
من عمل بلا أتباع سنة فعمله باطل.
وقال: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب، أخرج الله نور
اليقين والزهد من قلبه (1).
قال أبو عبد الرحمن السلمي في " تاريخ الصوفية " (2): سمعت
محمد بن جعفر بن مطر، سمعت إبراهيم بن يوسف الهسنجاني يقول
رمى أحمد بن أبي الحواري بكتبه في البحر، وقال: نعم الدليل
كنت والاشتغال بالدليل بعد الوصول محال (3).
السلمي: سمعت محمد بن عبد الله الطبري يقول: سمعت يوسف ابن
الحسين يقول: طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة،
ثم حمل كتبه كلها إلى البحر، فغرقها، وقال: يا علم، لم
أفعل بك هذا استخفافا، ولكن لما اهتديت بك استغنيت عنك
(4).
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن عبدالرحيم بن محمد
الكاغدي، وأخبرنا إسحاق بن خليل، أخبرنا الكاغدي، أخبرنا
أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق بن أحمد،
حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال:
قلت لراهب في دير حرملة،
__________
(1) " حلية الاولياء " 10 / 6، و " طبقات الاولياء ": 32.
(2) هو غير كتابه " طبقات الصوفية " الذي لم يرد فيه هذا
الخبر.
(3) " حلية الاولياء " 10 / 6.
(4) " حلية الاولياء " 10 / 6، و " طبقات الاولياء ": 32.
(*)
(12/88)
وأشرف من صومعته: ما اسمك ؟ قال: جريج.
قلت: ما يحبسك ؟ قال: حبست نفسي عن الشهوات.
قلت: أما كان يستقيم لك أن تذهب معناها هنا، وتجئ وتمنعها
الشهوات ؟ قال: هيهات ! ! هذا الذي تصفه قوة، وأنا في ضعف،
قلت: ولم تفعل هذا ؟ قال: نجد في كتبنا أن بدن ابن آدم خلق
من الارض، وروحه خلق من ملكوت السماء، فإذا أجاع بدنه
وأعراه وأسهره وأقمأه نازع الروح إلى الموضع الذي خرج منه،
وإذا أطعمه وأراحه أخلد البدن إلى المواضع الذي منه خلق،
فأحب الدنيا.
قلت: فإذا فعل هذا يعجل له في الدنيا الثواب ؟ قال: نعم،
نور يوازيه (1).
قال: فحدثت بهذا أبا سليمان الداراني، فقال: قاتله الله،
إنهم يصفون (2).
قلت: الطريقة المثلى هي المحمدية، وهو الاخذ من الطيبات،
وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف، كما قال تعالى: *
(يا أيها الرسل، كلوا من الطيبات، واعملوا صالحا) * [
المؤمنون: 51 ].
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لكني أصوم وأفطر،
وأقوم وأنام، وآتي النساء، وآكل اللحم.
فمن رغب عن سنتي فليس مني (3) "، فلم يشرع لنا الرهبانية
(4)، ولا
__________
(1) في " حلية الاولياء " 10 / 5: نعم نورا يواريه.
(2) " حلية الاولياء " 10 / 5 (3) قطعة من حديث أخرجه
البخاري 9 / 89، 90، ومسلم (1401)، والنسائي 6 / 60 من
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(4) بل هي من ابتداع من كان قبلنا، ألزموا أنفسهم بها، ومع
ذلك فما رعوها حق رعايتها، كما قال سبحانه: * (ورهبانية
ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما
رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير
منهم فاسقون) * [ الحديد: 27 ].
قال البغوي في قوله تعالى: (ورهبانية): وليس هذا بعطف على
ما قبله * (...وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة
ورهبانية...) *، وانتصابه بفعل مضمر، كأنه قال: وابتدعوا
رهبانية، أي: جاؤوا بها من قبل أنفسهم.
وقال ابن كثير في قوله تعالى: * (إلا ابتغاء رضوان الله)
*: فيه قولان: أحدهما أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، قاله
سعيد بن جبير وقتادة.
والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك، إنما كتبنا عليهم ابتغاء
رضوان الله.
(*)
(12/89)
التمزق ولا الوصال بل ولا صوم الدهر، ودين الاسلام يسر
وحنيفية سمحة، فليأكل المسلم من الطيب إذا أمكنه، كما قال
تعالى، * (لينفق ذو سعة من سعته) * [ الطلاق: 7 ] وقد كان
النساء أحب شئ إلى نبينا صلى الله عليه وسلم (1)، وكذلك
اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك، وهو
أفضل الخلق وأحبهم إلى الله تعالى.
ثم العابد العري من العلم، متى زهد وتبتل وجاع، وخلا
بنفسه، وترك اللحم والثمار، واقتصر على الدقة والكسرة، صفت
حواسه ولطفت، ولازمته خطرات النفس، وسمع خطابا يتولد من
الجوع والسهر، لا وجود لذلك الخطاب - والله - في الخارج،
وولج الشيطان في باطنه وخرج، فيعتقد أنه قد وصل، وخوطب
وارتقى، فيتمكن منه الشيطان، ويوسوس له، فينظر إلى
المؤمنين بعين الازدراء، ويتذكر ذنوبهم، وينظر إلى نفسه
بعين الكمال، وربما آل به الامر إلى أن يعتقد أنه ولي،
صاحب كرامات وتمكن، وربما حصل له شك، وتزلزل إيمانه.
فالخلوة والجوع أبو جاد الترهب، وليس ذلك من شريعتنا في
شئ.
بلى، السلوك، الكامل هو الورع في القوت، والورع في المنطق،
وحفظ اللسان، وملازمة الذكر، وترك مخالطة العامة، والبكاء
على الخطيئة، والتلاوة بالترتيل والتدبر، ومقت النفس وذمها
في ذات الله، والاكثار من الصوم المشروع، ودوام التهجد،
والتواضع للمسلمين، وصلة الرحم، والسماحة وكثرة البشر،
والانفاق مع الخصاصة، وقول الحق المر برفق وتؤدة، والامر
بالعرف، والاخذ بالعفو، والاعراض عن الجاهلين، والرباط
بالثغر، وجهاد العدو، وحج البيت، وتناول الطيبات
__________
(1) أخرج أحمد 2 / 128 و 199 و 285، والنسائي 7 / 61 من
حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في
الصلاة ".
وسنده حسن، وصححه الحاكم 2 / 160، ووافقه الذهبي.
(*)
(12/90)
في الاحايين، وكثرة الاستغفار في السحر.
فهذه شمائل الاولياء، وصفات المحمديين.
أماتنا الله على محبتهم.
وبالاسناد إلى أبي نعيم: حدثنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا
سعيد بن عبد العزيز، سمعت أحمد بن أبي الحواري، يقول: من
نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب أخرج الله نور اليقين والزهد
من قلبه (1).
ثم روى أبو نعيم، عن السلمي الحكايتين في تغريق كتب أحمد
في البحر (2).
وبه: حدثنا عبد الله بن محمد إملاء، حدثنا عمر بن بحر،
سمعت
أحمد بن أبي الحواري يقول: بينا أنا في قبة بالمقابر بلا
باب إلا كساء أسبلته، فإذا أنا بامرأة تدق على الحائط
فقلت: من هذا ؟ قالت: ضالة، فدلني على الطريق.
فقلت: رحمك الله، أي الطريق تسلكين (3)، فبكت، ثم قالت:
على طريق النجاة، يا أحمد.
قلت: هيهات ! إن بيننا وبينها عقابا، وتلك العقاب لا تقطع
إلا بالسير الحثيث، وتصحيح المعاملة، وحذف العلائق
الشاغلة.
فبكت، ثم قالت: سبحان من أمسك عليك جوارحك، فلم تتقطع،
وفؤادك فلم يتصدع.
ثم خرت مغشيا عليها.
فقلت لبعض النساء: أي شئ حالها ؟ فقمن، ففتشنها، فإذا
وصيتها في جيبها: كفنوني في أثوابي هذه.
فإن كان لي عند الله خير فهو أسعد لي، وإن كان غير ذلك
فبعدا لنفسي، قلت: ما هي ؟ فحركوها، فإذا هي ميتة.
فقلت: لمن هذه الجارية ؟ قالوا: جارية قرشية مصابة، وكان
قرينها يمنعها من الطعام، وكانت تشكو إلينا وجعا بجوفها،
فكنا نصفها للاطباء، فتقول:
__________
(1) سبق الخبر في الصفحة: 88.
(2) " حلية الاولياء " 10 / 6 (3) في " حلية الاولياء " 10
/ 11: تسألين (*)
(12/91)
خلوا بيني وبين الطبيب الراهب، تعني: أحمد بن أبي الحواري،
أشكو إليه بعض ما أجد من بلائي، لعله أن يكون عنده شفائي
(1).
وبه: حدثنا سليمان الطبراني، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أحمد
بن أبي الحواري قال: كنت أسمع وكيعا يبتدئ قبل أن يحدث،
فيقول: ما هنالك إلا عفوه، ولا نعيش إلا في ستره، ولو كشف
الغطاء لكشف عن أمر عظيم (2).
وبه: حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا إبراهيم بن نائلة، حدثنا
أحمد، سمعت شعيب بن حرب يقول لرجل: إن دخلت القبر ومعك
الاسلام، فأبشر.
وبه: حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا
ابن أبي الحواري، قلت لابي بكر بن عياش: حدثنا.
قال: دعونا من الحديث، فقد كبرنا ونسينا، جيئونا بذكر
المعاد وبذكر المقابر.
لو أني أعرف أهل الحديث، لاتيتهم إلى بيوتهم أحدثهم.
وبه قال أبو نعيم: أسند أحمد بن أبي الحواري عن المشاهير
والاعلام ما لا يعد كثرة.
أبوالدحداح الدمشقي: حدثنا الحسين بن حامد أن كتاب المأمون
ورد على إسحاق بن يحيى بن معاذ أمير دمشق: أن أحضر
المحدثين بدمشق، فامتحنهم.
قال: فأحضر هشام بن عمار، وسليمان بن عبد
__________
(1) " حلية الاولياء " 10 / 11 (2) " حلية الاولياء " 10 /
12.
وجاء في " تهذيب التهذيب " 1 / 49: قال أبو داود: ما رأيت
أحدا أعلم بأخبار النساك منه.
وقال مسلمة بن قاسم الاندلسي: شامي ثقة.
(*)
(12/92)
الرحمن، وابن ذكوان، وابن أبي الحواري، فامتحنهم امتحانا
ليس بالشديد، فأجابوا خلا أحمد بن أبي الحواري، فجعل يرفق
به، ويقول: أليس السماوات مخلوقة ؟ أليس الارض مخلوقة،
وأحمد يأبى أن يطيعه، فسجنه في دار الحجارة، ثم أجاب بعد،
فأطلقه.
قال أحمد السلمي في " محن الصوفية ": أحمد بن أبي الحواري
شهد عليه قوم أنه يفضل الاولياء على الانبياء وبذلوا
الخطوط عليه، فهرب
من دمشق إلى مكة، وجاور حتى كتب إليه السلطان، يسأله أن
يرجع، فرجع.
قلت: إن صحت الحكاية فهذا من كذبهم على أحمد، هو كان أعلم
بالله من أن يقول ذلك.
ونقل السلمي حكاية منكرة، عن محمد بن عبد الله، ونقلها ابن
باكويه، عن أبي بكر الغازي، سمعا أبا بكر الشباك، سمعت
يوسف بن الحسين يقول: كان بين أبي سليمان الداراني وأحمد
بن أبي الحواري عقد لا يخالفه في أمر، فجاءه يوما وهو
يتكلم في مجلسه، فقال أحمد: إن التنور قد سجر، فما تأمر ؟
فلم يجبه، فأعاد مرتين أو ثلاثا، فقال: اذهب فاقعد فيه -
كأنه ضاق به - وتغافل أبو سليمان ساعة ثم ذكر، فقال:
اطلبوا احمد فإنه في التنور، لانه على عقد أن لا يخالفني،
فنظروا فإذا هو في التنور لم يحترق منه شعرة (1).
__________
(1) وهذا من الخطأ الذي لا ينبغي الاخذ به، ولا التعويل
عليه، لانه لا يجوز في دين الاسلام أن يعقد الانسان بينه
وبين آخر عقدا يلتزم فيه عدم المخالفة بصورة دائمة، لان
ذاك الانسان الذي عاهده على عدم المخالفة ليس بمعصوم، فقد
يأمره بما لا يجوز.
وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الطاعة في
المعروف " أبلغ رد على هذا.
والخبر في " طبقات الاولياء ": 33، و " تاريخ ابن كثير "
10 / 348.
(*)
(12/93)
توفي أحمد سنة ست وأربعين ومئتين.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن عبدالرحيم بن محمد الكاغدي،
أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا
إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي
الحواري، حدثنا أبو معاوية، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن غاصم بن عمر، قال:
قال عمر رضي الله عنه: من يحرص على الامارة لم يعدل فيها
(1).
توفي مع ابن أبي الحواري أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو
عمر الدوري المقرئ، ومحمد بن سليمان لوين، والمسيب بن
واضح، ومحمد بن مصفى، والحسين بن الحسن المروزي، وحامد بن
يحيى البلخي، رحمهم الله.
27 - محمد بن مصفى * (د، س، ق)
ابن بهلول، الحافظ الامام، عالم أهل حمص، أبو عبد
الله القرشي الحمصي، العبد الصالح.
حدث عن: سفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، ومحمد بن حرب،
والوليد بن مسلم، وابن أبي فديك، ومحمد بن حمير، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والحسن بن أحمد
__________
(1) هو في " حلية الاولياء " 10 / 25، وفيه " من حرص..." *
التاريخ الكبير 1 / 246، التاريخ الصغير 2 / 385، الجرح
والتعديل 8 / 104، طبقات الحنابلة 1 / 325، الانساب، ورقة:
176 / آ، اللباب 1 / 389، تهذيب الكمال: 1272، ميزان
الاعتدال 4 / 43، العبر 1 / 447، الوافي بالوفيات 5 / 33،
البداية والنهاية 10 / 347، العقد الثمين 2 / 356، تهذيب
التهذيب 9 / 460، 461، خلاصة تذهيب الكمال: 359.
(*)
(12/94)
ابن فيل، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وعبدان الاهوازي،
ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن تمام البهراني، وأبو بكر
بن أبي داود، وعبد الغافر بن سلامة، وبقي بن مخلد، وخلق
كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال محمد بن عبيد الكلاعي: عادلته (2) إلى مكة سنة ست
وأربعين ومئتين، فاعتل (3) بالجحفة، ومات بمكة بمنى.
وكان دخل مكة وهو لما به، فدخل عليه أصحاب الحديث وهو في
النزع، فقرأوا عليه، فما عقل.
قال محمد بن عوف الطائي: رأيت محمد بن مصفى في النوم،
فقلت: يا أبا عبد الله، أليس قد مت ؟ إلى ما صرت ؟ قال:
إلى خير، ومع ذلك فنحن نرى ربنا كل يوم مرتين.
فقلت: يا أبا عبد الله، صاحب سنة في الدنيا، وصاحب سنة في
الآخرة ؟ ! فتبسم إلي.
قلت: قد روى ابن ماجة أيضا، عن مرار بن حمويه، عنه.
وقال صالح جزرة: له مناكير، وأرجو أن يكون صادقا (4).
قلت: مات في ذي الحجة سنة ست وأربعين ومئتين.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أكمل بن أبي الازهر، أخبرنا
سعيد ابن أحمد، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد، أخبرنا محمد
بن عمر
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 104 (2) أي: كنت له عديلا في
المحمل.
(3) في " تهذيب التهذيب ": فأغفل، وهو تصحيف.
(4) " تهذيب التهذيب " 4 / 461.
وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: كان يخطئ (*)
(12/95)
الوراق، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا محمد بن مصفى،
حدثنا محمد بن المبارك، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني ثور بن
يزيد، عن
حبيب بن عبيد، عن عتبة بن عبد قال: كنت جالسا، فجاء
أعرابي، فقال: يا رسول الله، أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا
أعلم شجرة أكثر شوكا منها، يعني: الطلح، فقال: " إن الله
يجعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصية التيس الملبود، يعني
الخصي.
فيها سبعون لونا من الطعام، لا يشبه لون آخر " (1).
حديث حسن غريب.
28 - العدني * (م، ت، ق، س)
الامام المحدث الحافظ شيخ الحرم، أبو عبد الله، محمد بن
يحيى ابن أبي عمر العدني.
حدث عن: فضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز بن
محمد، ومعتمر بن سليمان، وسعيد بن سالم، ووكيع بن الجراح،
ومروان بن معاوية، وخلق كثير.
وصنف " المسند ".
__________
(1) وأورده ابن كثير 4 / 288 من طريق أبي بكر بن أبي داود
عن عبد الله، عن محمد بن مصفى بهذا الاسناد، وقال الهيثمي
في " المجمع " 10 / 414 بعد أن ذكره: رواه الطبراني 17 /
130 ورجاله رجال الصحيح، وذكره السيوطي في " الدر المنثور
" ونسبه إلى ابن أبي داود في " البعث " والطبراني، وأبي
نعيم في " الحلية " 6 / 103، وابن مردويه، وقد تحرف فيه
وفي المجمع " عتبة " إلى عقبة.
وعتبة بن عبد يكنى أبا الوليد كان اسمه عتلة، فسماه النبي
صلى الله عليه وسلم " عتبة " وهو مترجم في " أسد الغابة "
3 / 563، والاصابة 2 / 454.
* التاريخ الكبير 1 / 265، التاريخ الصغير 2 / 379، الجرح
والتعديل 8 / 124، 125، الانساب 8 / 408، 409، اللباب 2 /
328، تهذيب الكمال: 1287، تذكرة الحفاظ 2 / 501، العبر 1 /
441، العقد الثمين 2 / 387، 388، تهذيب التهذيب 9 / 518،
520، طبقات الحفاظ: 218، خلاصة تذهيب الكمال: 364، شذرات
الذهب 2 / 104.
(*)
(12/96)
حدث عنه: مسلم والترمذي، وابن ماجة، وبواسطة النسائي،
وإسحاق بن أحمد الخزاعي، والحكم بن معبد، وعبد الله بن
صالح البخاري، ومحمد بن إسحاق السراج، وعلي بن عبدالحميد
الغضائري، والمفضل بن محمد الجندي، وخلق سواهم.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: كان رجلا صالحا،
وكانت به غفلة.
رأيت عنده حديثا موضوعا، حدث به عن ابن عيينة، وكان صدوقا
(1).
وروي عن الحسن بن أحمد بن الليث، حدثنا ابن أبي عمر
العدني، وكان قد حج سبعا وسبعين حجة.
وبلغني أنه لم يقعد من الطواف ستين سنة رحمه الله (2).
قال البخاري: مات بمكة لاحدى عشرة بقيت من ذي الحجة سنة
ثلاث وأربعين ومئتين (3).
قلت: كان من أبناء التسعين، رحمه الله تعالى.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا
أبو سعد، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا عبدالرحمن بن
يحيى بن معاذ النسوي، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر،
حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 124، 125.
وفيه عن أحمد بن سهل الاسفراييني، قال: سمعت أحمد بن حنبل،
وسئل: عمن نكتب ؟ فقال: أما بمكة فابن أبي عمر.
(2) " تهذيب التهذيب " 9 / 519.
وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة: لا بأس به.
(3) " التاريخ الكبير " 1 / 265 (*)
(12/97)
رأى أحدكم من هو فوقه في المال والجسم، فلينظر إلى من هو
دونه في المال والجسم " (1).
29 - رجاء بن مرجى *
(د، ق) ابن رافع، وقيل: رجاء بن مرجى بن رجاء بن رافع،
الامام الحافظ الناقد المصنف، أبو محمد المروزي، ويقال:
السمرقندي، وقيل: كنيته أبو أحمد، فلعله يكنى بهما.
مولده بعد الثمانين.
ومئة.
سمع النضر بن شميل، ويزيد بن أبي حكيم، وقبيصة، وأبا نعيم،
وعلي بن الحسين بن واقد، وسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن
رجاء الغداني، وأبا اليمان، وخلقا كثيرا بخراسان والحجاز
والعراق والشام.
حدث عنه: أبو داود، وابن ماجة، وأحمد بن محمد بن أبي شيبة
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه البخاري 11 / 276 في الرقاق من
طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك، عن أبي الزناد بهذا
الاسناد، وأخرجه مسلم (2963) في الزهد من طريقين، عن
المغيرة بن عبدالرحمن الحزامي، عن أبي الزناد به - بلفظ "
إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر
إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه " وأخرجه عبد الرزاق ومن
طريقه مسلم عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة،
وأخرجه مسلم (2962) (9) وأحمد 2 / 254 و 482، والترمذي
(2513) وابن ماجه (4142) كلهم من طريق أبي معاوية ووكيع،
كلاهما عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى من هو أسفل
منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا
نعمة الله " والازدراء: الاحتقار والانتقاص والعيب.
* التاريخ الصغير 2 / 388، الجرح والتعديل 3 / 503، طبقات
الحنابلة 1 / 155.
156، تهذيب الكمال: 415، تاريخ بغداد 8 / 410، تذهيب
التهذيب 1 / 225 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 542، 543، العبر 1
/ 454، تاريخ ابن كثير 11 / 4، تهذيب التهذيب 3 / 269،
270، طبقات الحفاظ: 238، خلاصة تذهيب الكمال: 117، شذرات
الذهب 2 / 120 (*)
(12/98)
البزاز، وعمر بن بجير، وأبو العباس السراج، ويحيى بن صاعد،
ومحمد بن الفضل السقطي، ومطين، وآخرون.
وآخر من حدث عنه أبو عبد الله المحاملي.
قال الدارقطني: ثقة حافظ سمرقندي.
وقال النسائي: هو مروزي.
وقال الخطيب: سكن بغداد، وكان ثقة ثبتا، إماما في علم
الحديث وحفظه والمعرفة به (1).
وذكر عمر بن حفص الاشقر قال: قدم علينا رجاء بن مرجى
بخارى، يريد الشاش، فسمعنا منه، ودخل على محمد بن إسماعيل
البخاري، فتذاكرا.
قال النسائي: حدثنا عبد الله بن أحمد، يعني: الخفاف، عن
محمد بن إسماعيل، قال: فيها مات رجاء، يعني سنة تسع
وأربعين ومئتين.
وفيها أرخه أبو العباس السراج، وزاد أنه مات ببغداد.
وقال البخاري أيضا: مات ببغداد في غرة جمادى الاولى سنة
تسع.
أخبرنا سنقر الحلبي، أخبرنا عبد اللطيف، أخبرنا عبد الحق،
أخبرنا علي بن العلاف، حدثنا أبو الحسن بن الحمامي، حدثنا
ابن
قانع، حدثنا محمد بن الفضل بن جابر، حدثنا رجاء بن مرجى،
حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، عن مسلم بن
أبي مريم، عن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 411.
وقال ابن ابي حاتم في " الجرح والتعديل " 3 / 503: سئل أبي
عنه، فقال: صدوق.
(*)
(12/99)
عبد الله بن سرجس (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى
يوما وعليه نمرة، فقال لرجل: هات نمرتك، وخذ نمرتي ".
قال: يا رسول الله، هي خير من نمرتي، قال: " أجل، ولكن
عليها خيط أحمر، فخشيت أن تفتنني في صلاتي " (2).
قلت: أي: تشغلني عن كمال المراقبة، والانبياء مطالبون بما
يسمح فيه لغيرهم، فلذلك قايض بنمرته.
30 - البيكندي * (خ)
الامام الحافظ الحجة، محدث ما وراء النهر (3)، أبو زكريا،
يحيى ابن جعفر بن أعين، البخاري البيكندي (4).
ارتحل، وسمع من: سفيان بن عيينة، ووكيع، ويزيد بن هارون،
وعبد الرزاق، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، ومحمد بن أبي حاتم الوراق، وعبيد الله
بن واصل، وجماعة.
__________
(1) في الاصل " شرحبيل " وهو خطأ.
(2) سنده حسن، وأخرجه البغوي في " شرح السنة " 2 / 433 من
طريق عبد الله بن رجاء بهذا الاسناد، وأورده الهيثمي في "
المجمع " 5 / 136، ونسبه للطبراني في " الاوسط " وقال:
رجاله رجال الصحيح خلا موسى بن طارق وهو ثقة.
وفي الباب عن عائشة عند
البخاري 1 / 406، 407 و 2 / 28، 29، ومسلم (565)، ومالك 1
/ 97، 98.
* الانساب، ورقة: 100 / أ، تهذيب الكمال: 1491، تذهيب
التهذيب 4 / 150 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 487، تهذيب التهذيب
11 / 193، طبقات الحفاظ: 211، خلاصة تذهيب الكمال: 422.
(3) ما رواء النهر: يراد به نهر جيحون (أموداريا) بخراسان.
فما كان شرقيه سماه المسلمون ما وراء النهر، وما كان غربيه
فهو خراسان وولاية خوارزم.
راجع " معجم البلدان ".
(4) نسبة إلى بيكند، بكسر الباء وفتح الكاف، وسكون النون.
وهي بلدة بين بخارى وجيحون.
(*)
(12/100)
توفي في شوال سنة ثلاث وأربعين ومئتين، رحمه الله.
لم يقع لي من عوالي هذا المحدث شئ، إنما وقع لنا حديثه في
" الجامع المختصر " (1).
31 - البحراني * (ق) القاضي
الامام المحدث المتقن، أبو الفضل، العباس بن يزيد
بن أبي حبيب، البحراني البصري، أحد الثقات.
حدث عن: يزيد بن زريع، وسفيان بن عيينة، وسفيان بن حبيب،
ومعتمر بن سليمان، وزياد البكائي، وابن إدريس، ومحمد بن
جعفر غندر، ومروان بن معاوية، وعبد الوهاب الثقفي، وخلق.
وعنه: ابن ماجة، وابن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم،
والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الوراق،
وآخرون.
قال صالح بن أحمد الهمذاني: قدم البحراني همذان، وحدث بها
بمصنفاته.
وقال ابن أورمة: محله الصدق (2).
وقال الدراقطني: ثقة مأمون.
__________
(1) هو " صحيح البخاري "، واسمه الكامل الذي سماه مؤلفه
به، كما قال الحافظ ابن حجر في " مقدمة فتح الباري ": 6: "
الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم وسننه وأيامه ".
* الجرح والتعديل 6 / 217، تهذيب الكمال: 662، تذهيب
التهذيب 2 / 128 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 503، 504، ميزان
الاعتدال 2 / 387، تهذيب التهذيب 5 / 134، 135، خلاصة
تذهيب الكمال: 190، شذرات الذهب 2 / 140.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 217 (*)
(12/101)
وقال أبو نعيم الحافظ: كان يلقب عباسويه، وكان حافظا (1).
قلت: ولي قضاء همذان مدة، وحدث بأصبهان أيضا.
قال ابن مخلد: توفي سنة ثمان وخمسين ومئتين.
ويقال: فيه لين لا يضر، وتكلم مرار بن حمويه في سماعه من
يزيد بن زريع، والرجل مأمون.
32 - ابن حبيب * الامام
العلامة، فقيه الاندلس، أبو مروان، عبدالملك بن حبيب
بن سليمان بن هارون (2) بن جاهمة بن الصحابي عباس بن
مرداس، السلمي العباسي الاندلسي القرطبي المالكي، أحد
الاعلام.
ولد في حياة الامام مالك بعد السبعين ومئة.
وأخذ عن: الغاز بن قيس، وزياد شبطون، وصعصعة بن سلام.
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 5 / 134 وفيه: ذكره ابن حبان في "
الثقات "، وقال: ربما أخطأ
وقال مسلمة بن قاسم: ضعيف الحديث.
وقال السمعاني: ثقة مأمون.
وقال محمد بن إسحاق المسوحي الحافظ الاصبهاني: قدمت البصرة
في طلب الحديث، فقالوا لي: عندكم العباس بن يزيد البحراني،
فما تصنع عندنا ؟ ! * مطمح الانفس: 36، 37، طبقات النحويين
واللغويين: 176، 177، تاريخ علماء الاندلس 1 / 269، 272،
جذوة المقتبس: 282، 283، ترتيب المدرك 3 / 30، 48، بغية
الملتمس: 377، إنباه الرواة 2 / 206، 207، تذكرة الحفاظ 2
/ 537، 538، ميزان الاعتدال 2 / 652، 653، العبر 1 / 427،
428، مرآة الجنان 2 / 122، تاريخ ابن كثير 10 / 318، معجم
البلدان 1 / 323، الديباج المذهب 2 / 8، 15، تهذيب التهذيب
6 / 390، 391، لسان الميزان 4 / 59، 60، طبقات ابن قاضي
شهبة 2 / 100، طبقات الحفاظ: 233، طبقات المفسرين: 347،
350، نفح الطيب 1 / 46 و 2 / 5، 8، شذرات الذهب 2 / 90.
(2) في " تهذيب التهذيب " 6 / 390: مروان بدل هارون.
(*)
(12/102)
ثم ارتحل في حدود سنة عشر ومئتين، وحج، وحمل عن: عبدالملك
ابن الماجشون، ومطرف بن عبد الله اليساري، وأسد بن موسى
السنة، وأصبغ بن الفرج، وأبي صالح، وإبراهيم بن المنذر
الحزامي، وعدة من أصحاب مالك والليث، ورجع إلى قرطبة بعلم
جم، وفقه كثير.
وكان موصوفا بالحذق في الفقه، كبير الشأن، بعيد الصيت،
كثير التصانيف إلا أنه في باب الرواية ليس بمتقن، بل يحمل
الحديث تهورا كيف اتفق، وينقله وجادة (1) وإجازة (2)، ولا
يتعانى تحرير أصحاب الحديث.
صنف كتاب " الواضحة " في عدة مجلدات، وكتاب
" الجامع " (3)، وكتاب " فضائل الصحابة "، وكتاب " غريب
الحديث "، وكتاب " تفسير الموطأ "، وكتابا في " حروب
الاسلام "، وكتاب " فضل المسجدين "، وكتاب " سيرة الامام
فيمن ألحد "، وكتاب " طبقات
__________
(1) الوجادة: هي أن يجد الشخص أحاديث بخط راويها، سواء
لقيه أو سمع منه، أم لم يلقه ولم يسمع منه، أو أن يجد
أحاديث في كتب المؤلفين المعروفين.
ففي هذه الانواع كلها لا يجوز له ان يرويها عن أصحابها، بل
يقول: وجدت بخط فلان،، إذا عرف الخط، ووثق منه.
أو يقول: قال فلان، أو نحو ذلك.
والذي عليه المحققون من أهل العلم وجوب العمل بها عند حصول
الثقة بما يجده القارئ، أي: يثق بأن هذا الخبر أو الحديث
بخط الشيخ الذي يعرفه، أو يثق بأن الكتاب الذي ينقل منه
ثابت النسبة إلى مؤلفه الثقة المأمون، وأن يكون إسناد
الخبر صحيحا.
(2) الاجازة: هي ان يأذن الشيخ لغيره بأن يروي عنه مروياته
أو مؤلفاته، وكأنها تتضمن إخباره بما أذن له بروايته عنه.
وقد اختلف العلماء في جواز الرواية والعمل بها، فشرط
أكثرهم أن يكون المجيز عالما بما يجيزه، معروفا بذلك، ثقة
في دينه وروايته، وأن يكون الطالب للاجازة من أهل العلم
حتى لا يوضع العلم في غير أهله.
انظر تفصيل ذلك في " الباعث الحثيث ": 119، 122، ومقدمة "
جامع الاصول " 1 / 81، 83.
(3) في " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 270، و " ترتيب
المدارك " 3 / 35: الجوامع.
وانظر ثبتا بأكثر مصادره في " ترتيب المدارك " 3 / 35، 36.
(*)
(12/103)
الفقهاء "، وكتاب " مصابيح الهدى ".
قال أبو الوليد بن الفرضي (1): كان فقيها نحويا شاعرا
عروضيا أخباريا نسابة، طويل اللسان، متصرفا في فنون العلم.
حدث عنه: بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، ويوسف بن يحيى
المغامي (2)، ومطرف بن
قيس، وخلق.
وآخر أصحابه موتا المغامي.
سكن إلبيرة من الاندلس مدة، ثم استقدمه الامير عبدالرحمن
بن الحكم، فرتبه في الفتوى بقرطبة، وقرر معه يحيى بن يحيى
في النظر والمشاورة، فتوفي يحيى بن يحيى (3)، وانفرد ابن
حبيب برئاسة العلم.
وكان حافظا للفقه نبيلا، إلا أنه لم يكن له علم بالحديث،
ولا يعرف صحيحه من سقيمه، ذكر عنه أنه كان يتسهل في سماعه،
ويحمل على سبيل الاجازة أكثر روايته.
وعن محمد بن وضاح أن إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال له:
أتاني صاحبكم عبدالملك بن حبيب بغرارة (4) مملوءة كتبا،
فقال لي: هذا علمك تجيزه لي ؟ فقلت له: نعم.
ما قرأ علي منه حرفا، ولا قرأته عليه.
______________
* (الهامش) *
(1) في كتابه " تاريخ علماء الاندلس ": 272، والخبر فيه
بلفظ: كان حافظا للاخبار والانساب والاشعار.
وهو في " ترتيب المدارك 3 / 32، و " الديباج المذهب " 2 /
9.
(2) بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وبعد الالف ميم ثانية:
هذه النسبة إلى مغامة، وهي مدينة بالاندلس.
(3) هو الليثي، راوي " الموطأ " عن مالك، وهي النسخة
المطبوعة المتداولة في المشرق والمغرب.
(4) بكسر الغين المعجمة: شبه العدل.
والخبر في " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 270، و " ترتيب
المدارك " 3 / 37، و " نفح الطيب " 2 / 8.
(*)
(12/104)
وكان محمد بن عمر بن لبابة، يقول: ابن حبيب عالم الاندلس،
ويحيى بن يحيى عاقلها، وعيسى بن دينار فقيهها (1).
قال أبو القاسم بن بشكوال: قيل لسحنون: مات ابن حبيب.
فقال: مات عالم الاندلس ! بل - والله - عالم الدنيا (2).
حكى بعضهم قال: هاجت الريح، فرأيت عبدالملك بن حبيب رافعا
يديه، متعلقا بحبال المركب، يقول: اللهم إن كنت تعلم أني
إنما أردت ابتغاء وجهك وما عندك فخلصنا.
قال: فسلم الله.
قال أبو عمر أحمد بن سعيد الصدفي: قلت لاحمد بن خالد: إن "
الواضحة " عجيبة جدا، وإن فيها علما عظيما فما يدخلها ؟
قال:: أول ذلك أنه حكى فيها مذاهب لم نجدها لاحد من
أصحابه، ولا نقلت عنهم.
قال أبو عمر الصدفي في " تاريخه ": كان كثير الرواية، كثير
الجمع، يعتمد على الاخذ بالحديث، ولم يكن يميزه، ولا يعرف
الرجال، وكان فقيها في المسائل.
قال: وكان يطعن عليه بكثرة الكتب.
وذكر أنه كان يستجيز الاخذ بلا رواية ولا مقابلة، وأنه أخذ
بالاجازة كثيرا.
قال: وأشير إليه بالكذب، سمعت أحمد بن خالد يطعن عليه
بذلك، ويتنقصه غير مرة.
وقال: ظهر كذبه في " الواضحة " في غير شئ، فسمعت محمد بن
وضاح، يقول: أخبرني ابن أبي مريم، قال: كان ابن حبيب بمصر،
فكان يضع الطويلة، وينسخ طول نهاره.
فقلت له: إلى كم ذا النسخ، متى
__________
(1) " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 271، و " الديباج المذهب
" 2 / 9، و " نفخ الطيب " 2 / 7.
(2) " الديباج المذهب " 2 / 10.
(*)
(12/105)
تقرؤه على الشيخ ؟ قال: قد أجاز لي كتبه، يعني: أسد بن
موسى، فأتيت أسدا، فقلت: تمنعنا أن نقرأ عليك، وتجيز
لغيرنا ؟ فقال: أنا لا أرى
القراءة، فكيف أجيز ؟ فأخبرته.
فقال: إنما أخذ مني كتبي، فيكتب منها، ليس ذا علي (1).
وقال أحمد بن محمد بن عبد البر في " تاريخه ": ابن حبيب
أول من أظهر الحديث بالاندلس، وكان لا يفهم طرقه، ويصحف
الاسماء، ويحتج بالمناكير، فكان أهل زمانه ينسبونه إلى
الكذب، ولا يرضونه.
وممن ضعف ابن حبيب أبو محمد بن حزم، ولا ريب أنه كان
صحفيا، وأما التعمد، فكلا.
قال أحمد بن محمد بن عبد البر: وكان بينه وبين يحيى بن
يحيى وحشة.
كان كثير المخالفة له، لقي أصبغ بمصر، فأكثر عنه.
فكان يعارض يحيى عند الامر، ويرد قوله، فيغتم لذلك.
قال: فجمعهم القاضي مرة في الجامع، فسألهم عن مسألة، فأفتى
فيها يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان بالرواية، فخالفهما
عبدالملك، وذكر خلافهما رواية عن أصبغ، وكان عبد الاعلى بن
وهب شابا، قد حج ولحق أصبغ، فحدثنا أحمد بن خالد، عن ابن
وضاح، عن عبدالاعلى قال: دخلت على سعيد بن حسان، فقال: ما
تقول في كذا للمسألة المذكورة ؟ هل يذكر فيها الاصبغ شيئا
؟ قلت: نعم.
يقول فيها بكذا وكذا، فذكر موافقة سعيد ويحيى، فقال لي
سعيد: انظر ما تقول، أنت على يقين منها ؟ قلت: نعم.
قال: فأتني بكتابك،
__________
(1) " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 271، و " ترتيب المدارك "
3 / 37، وجاء بعده فيهما: وزاد في آخره: قال خالد: إقرار
أسد بروايتها، ودفعه كتبه إليه لينسخها، هي الاجازة
بعينها.
(*)
(12/106)
فخرجت مسرعا، ثم ندمت فأخرجتها من قرطاس، فسررت، وأتيته
بالكتاب.
قال: تمضي به إلى أبي محمد، فمضيت به إلى يحيى بن يحيى،
فأعلمته، فاجتمعا بالقاضي، وقالا: هذا يخالفنا بالكذب،
فاردعه وكفه.
فجمعهم القاضي ثانيا، فتكلموا، فقال عبدالملك: قد أعلمتك
بما يقول فيها أصبغ، فبدر عبدالاعلى، فقال: تكذب على أصبغ،
أنا رويت هذه المسألة عنه على وفق ما قالا، وهذا كتابي،
فقرأه القاضي، وقال لعبد الملك: ما ساءه، وخرج عليه، وقال:
تفتينا بالكذب والخطأ، وتخالف أصحابك بالهوى ! لولا البقيا
عليك، لعاقبتك.
قال عبدالاعلى: فلما خرجت خطرت على دار ابن رستم الحاجب،
فرأيت عبدالملك خارجا من عنده في وجهه البشر، فقلت: لادخلن
على ابن رستم، فدخلت، فلم ينتظر جلوسي، وقال: يا مسكين، من
غرك، أو من أدخلك في هذا ؟ تعارض مثل ابن حبيب وتكذبه ؟
فقلت: أصلحك الله، إنما سألني القاضي، فأجبت بما عندي.
قال: وبعث الامير إلى القاضي: يقول: من أمرك أن تشاور
عبدالاعلى، فبعث يثني علي، ويقول: لم أر نفسي في سعة من
ترك مشاورة مثله.
فسأل الامير وزراءه عن عبدالاعلى، فأثنوا عليه، ووصفوا
علمه وولاءه.
قال سعيد بن فحلون (1): مات عبدالملك بن حبيب يوم السبت
لاربع مضين من رمضان سنة ثمان وثلاثين ومئتين بعلة الحصى،
رحمه الله.
ونقل آخر أنه مات في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين، فالله
أعلم.
__________
(1) في الاصل: مخلون، وهو خطأ.
وترجمته في " جذوة المقتبس " 215، و " تاريخ علماء الاندلس
" لابن الفرضي: 168.
(*)
(12/107)
33 - عبدالملك بن حبيب
* (د)
وقد روى محمد بن وضاح، محدث الاندلس، عن أبي مروان عبد
الملك بن حبيب البزاز المصيصي.
شيخ يروي عن: ابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري.
روى عنه: أبو داود في " السنن "، وجعفر الفريابي في
مصنفاته، فاعرف (1).
34 - موسى بن معاوية * *
الامام المفتي، أبو جعفر الصمادحي (2) المغربي
الافريقي، يقال: إنه هاشمي جعفري.
قال أبو العرب وغيره: كان ثقة مأمونا، عالما بالحديث
والفقه صالحا.
عن شعيب بن أبي الازهر: قلت لسحنون: إن موسى بن معاوية،
جلس في الجامع يفتي الناس.
قال: ما جلس أحد أحق منه بالفتوى.
قال أبو بكر بن اللباد: أدرك موسى في رحلته جماعة، منهم:
الفضيل بن عياض، وجرير بن عبدالحميد، ووكيع (3).
__________
* تهذيب الكمال: 854، تذهيب التهذيب 3 / 3، تهذيب التهذيب
6 / 389، 390، خلاصة تذهيب الكمال: 243.
(1) قال الحافظ صفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي في "
خلاصة تذهيب الكمال ": مات في حدود الاربعين.
* * لم نجد له ترجمة فيما وقفنا عليه من مصادر.
(2) الصمادحية: من بلاد الاندلس.
(3) وروى عنه مصنفة، انظر فهرس ابن عطية ص 64.
(*)
(12/108)
قلت: وأبو معاوية وابن عيينة.
وعن موسى بن معاوية، قال: لم ألق أحدا أروى من وكيع، كان
يروي خمسة وثلاثين ألف حديث، فقرأها وكيع علينا ظاهرا على
تأليفها، ما يشك في حديث منها.
وعنه قال: رحلت من القيروان، وما أظن أن أحدا أخشع من
البهلول ابن راشد حتى لقيت وكيعا، وكان يقرأ في رمضان في
الليل ختمة وثلثا (1) ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من
الظهر إلى العصر.
وعن موسى قال: صلى بنا هارون الخليفة الصبح في المسجد
الحرام، فقرأ بالرحمن والواقعة، فتمنيت ان لا يسكت من حسن
قراءته، فقمت إلى الفضيل، فسمعته يقول: مسكين هارون، قرأ
الرحمن والواقعة ولا يدري ما فيهما.
وروى عن موسى: محمد بن وضاح، وأبو سهل فرات، ومحمد بن
سحنون طائفة.
قال ابن وضاح: ثقة كثير الحديث، رحل إلى الكوفة والري،
لقيته بالقيروان.
وقال محمد بن أحمد العنسي: هو موسى بن معاوية بن صمادح بن
عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الطالبي، لقيته وقد
كف.
فكل ما في " المدونة " لوكيع وابن مهدي، فإنما أخذه سحنون
عن موسى.
__________
(1) قد ذكرنا في غير موضع من أجزاء هذا الكتاب أن في هذا
الصنيع مخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قد
صح عنه أنه قال " لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث "
ولم يأذن لعبد الله ابن عمرو بن العاص في أن يختم القرآن
في أقل من ثلاث.
(*)
(12/109)
35 - المحاسبي * الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو عبد
الله، الحارث بن أسد
البغدادي المحاسبي (1)، صاحب التصانيف الزهدية.
يروي عن يزيد بن هارون يسيرا.
روى عنه: ابن مسروق، وأحمد القاسم، والجنيد، وأحمد بن
الحسن الصوفي، وإسماعيل بن إسحاق السراج، وأبو علي بن
خيران الفقيه، إن صح.
قال الخطيب: له كتب كثيرة في الزهد، وأصول الديانة، والرد
على المعتزلة والرافضة.
قال الجنيد: خلف له أبوه مالا كثيرا فتركه، وقال: لا
يتوارث أهل ملتين.
وكان أبوه واقفيا (2).
قال أبو الحسن بن مقسم: أخبرنا أبو علي بن خيران، قال:
رأيت
__________
* طبقات الصوفية: 56، 60، حلية الاولياء 10 / 73، 109،
الفهرست: 236، تاريخ بغداد 8 / 211، 216، الرسالة
القشيرية: 15، الانساب، ورقة: 509 / ب، صفوة الصفوة 2 /
207، 208، اللباب 3 / 171، وفيات الاعيان 2 / 57، 58،
تهذيب الكمال: 215، تذهيب التهذيب 1 / 113 / 2، ميزان
الاعتدال 1 / 430، 431، العبر 1 / 440، مرآة الجنان 2 /
142، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 275، 284، تاريخ ابن كثير
10 / 345، طبقات الاولياء: 175، 177، تهذيب التهذيب 2 /
134، 136، النجوم الزاهرة 2 / 316، خلاصة تذهيب الكمال:
67، طبقات الشعراني 1 / 64، شذرات الذهب 1 / 103، الكواكب
الدرية 1 / 218، 219.
(1) بضم الميم، وفتح الحاء، وكسر السين المهملة، وفي آخرها
باء موحدة، قيل له ذلك لانه كان يحاسب نفسه.
(2) أي: يقف في مسألة خلق القرآن، فلا يقول: مخلوق أو غير
مخلوق.
والخبر في " حلية الاولياء " 10 / 75، وفي " وفيات الاعيان
" 2 / 57: لان أباه كان يقول بالقدر.
(*)
(12/110)
المحاسبي متعلقا بأبيه يقول: طلق أمي، فإنك على دين، وهي
على غيره (1).
قال الجنيد، قال لي الحارث: كم تقول: عزلتي أنسي، لو أن
نصف الخلق تقربوا مني، ما وجدت لهم أنسا، ولو أن النصف
الآخر نأوا عني، ما استوحشت (2).
واجتاز الحارث يوما بي، فرأيت في وجهه الضر من الجوع،
فدعوته وقدمت له ألوانا، فأخذ لقمة، فرأيته يلوكها، فوثب
وخرج، ولفظ اللقمة، فلقيته فعاتبته، فقال: أما القاقة
فكانت شديدة، ولكن إذا لم يكن الطعام مرضيا، ارتفع إلى
أنفي منه زفرة (3)، فلم أقبله (4).
وعن حارث: قال: جوهر الانسان الفضل، وجوهر العقل التوفيق
(5).
وعنه: قال: ترك الدنيا مع ذكرها صفة الزاهدين، وتركها مع
نسيانها صفة العارفين (6).
قلت: المحاسبي كبير القدر، وقد دخل في شئ يسير من الكلام،
__________
(1) " حلية الاولياء " 10 / 75، و " تاريخ بغداد " 8 /
214، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 277.
(2) " حلية الاولياء " 10 / 74، و " تاريخ بغداد " 8 /
213، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 276.
(3) العبارة في " حلية الاولياء ": ارتفع إلى أنفي زمنة
فورة وهو خطأ.
(4) الخبر مطولا في " حلية الاولياء " 10 / 74، 75، و "
تاريخ بغداد " 8 / 213، 4 ؟ 2، و " طبقات الشافعية " 2 /
276.
(5) " حلية الاولياء " 10 / 109، وفيه:...وجوهر العقل
الصبر.
والخبر في " تاريخ بغداد " 8 / 213، و " طبقات الشافعية "
للسبكي 2 / 282.
(6) " تاريخ بغداد " 8 / 213 (*)
(12/111)
فنقم عليه.
وورد أن الامام أحمد أثنى على حال الحارث من وجه، وحذر
منه.
قال سعيد بن عمرو البرذعي: شهدت أبا زرعة الرازي، وسئل عن
المحاسبي وكتبه، فقال: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع
وضلالات.
عليك بالاثر تجد غنية، هل بلغكم أن مالكا والثوري
والاوزاعي صنفوا في الخطرات والوساوس ؟ ما أسرع الناس إلى
البدع (1) ! قال ابن الاعرابي: تفقه الحارث، وكتب الحديث،
وعرف مذاهب النساك، وكان من العلم بموضع، إلا أنه تكلم في
مسألة اللفط ومسألة الايمان.
وقيل هجره أحمد، فاختفى مدة (2).
ومات سنة ثلاث وأربعين ومئتين.
36 - أبو قدامة السرخسي
* (خ، م، س) الامام المجود الحافظ المصنف، أبو قدامة، عبيد
الله بن سعيد بن يحيى بن برد، اليشكري، مولاهم السرخسي
(3)، نزيل نيسابور.
سمع حفص بن غياث، وسفيان بن عيينة، ويحيى القطان، ومعاذ بن
__________
(1) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 8 / 215.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 215، 216، و " وفيات الاعيان " 2
/ 58.
وانظر ما كان بينه
وبين الامام أحمد في " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 278،
279.
* التاريخ الكبير 5 / 383، التاريخ الصغير 2 / 376، الجرح
والتعديل 5 / 317، طبقات الحنابلة 1 / 198، الانساب، ورقة:
600 / ب، اللباب 3 / 413، 414، تهذيب الكمال: 880، تذهيب
التهذيب 2 / 264 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 500، 501، العبر 1
/ 436، تهذيب التهذيب 7 / 16، 17، خلاصة تذهيب الكمال:
250.
(3) بفتح السين والراء المهملتين، وسكون الخاء المعجمة،
بعدها سين مهملة، ويقال: بإسكان الراء وفتح الخاء.
انظر " معجم البلدان ".
(*)
(12/112)
هشام، وإسحاق الازرق، ووهب بن جرير، وعبد الرحمن بن مهدي.
وطبقتهم.
وعنه: البخاري، ومسلم، والنسائي، وأبو زرعة، وإبراهيم بن
أبي طالب، وجعفر الفريابي، والحسين القباني، وابن خزيمة،
وأبو العباس السراج، وخلق كثير.
وقد روى البخاري في كتاب " أفعال العباد " عن عبيد الله بن
سعيد، عن حماد بن زيد، وهذا بعيد، ما أراه لقيه.
قال النسائي: ثقة مأمون، قل من كتبنا عنه مثله.
وقال إبراهيم بن أبي طالب: ما قدم علينا نيسابور أحد أثبت
من أبي قدامة، ولا أتقن منه.
وقال ابن حبان البستي: هو الذي أظهر السنة بسرخس، ودعا
الناس إليها.
وقال يحيى بن محمد الذهلي: كان إماما فاضلا خيرا.
وقال البخاري (1): مات سنة إحدى وأربعين ومئتين.
وقال غيره:
مات بفربر، رحمه الله.
وقع لي من عالي حديثه في " صفة المنافق "، وقد رويت ذلك في
" تذكرة الحفاظ ".
__________
(1) " التاريخ الكبير " 5 / 383.
(*)
(12/113)
37 - أحمد بن عبدالرحمن * (ت، س، ق) ابن بكار،
أبو الوليد البسري، من ولد بسر بن أبي أرطاة، القرشي
الدمشقي العامري، نزيل بغداد، وله بنو عم.
روى عن: عراك بن خالد، والوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية،
وعبد الرزاق.
وعنه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وأبو يعلى، وحاجب بن
أركين، وأبو حامد الحضرمي، وخلق.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال النسائي: صالح (2).
وقد حط عليه إسماعيل بن عبد الله السكري بأنه قاص (3)، أنه
كان يحلل النساء، واتهمه في لقي الوليد، وما التفت الخطيب
إلى قول السكري (4).
مات في رمضان سنة ثمان وأربعين ومئتين.
__________
* الجرح والتعديل 2 / 59، تاريخ بغداد 4 / 241، 243،
الانساب، 2 / 212، 213، تهذيب الكمال: 1 / 383، تذهيب
التهذيب 1 / 18 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 115، تهذيب
التهذيب 1 / 52، 53، خلاصة تذهيب الكمال: 8، 9.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 59 وفيه: رأيته يحدث ولم أكتب
عنه.
(2) " تهذيب التهذيب " 1 / 53.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات " ونقل مغلطاي
توثيقه عن مسلمة بن قاسم.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 242 وفيه:...وكنت أعرفه شبه
قاص...ولو شهد عندي وأنا قاض على تمرتين لم أقبل شهادته.
فاتقوا الله، وإياكم والسماع عن الكذابين.
(4) راجع " تاريخ بغداد " 4 / 242.
(*)
(12/114)
38 - هارون الحمال * (م، 4) وابنه هارون بن عبد الله بن
مروان
، الامام الحجة الحافظ المجود، أبو موسى، البغدادي التاجر
البزاز، الملقب بالحمال.
مولده في سنة إحدى وسبعين ومئة، وقيل: سنة اثنتين.
وسمع سفيان بن عيينة، ومحمد بن حرب الخولاني، وحرمي بن
عمارة، وأبا أسامة، والحسين بن علي الجعفي، ومعن بن عيسى،
وابن أبي فديك، ويحيى بن آدم، ويزيد بن هارون، وروح بن
عبادة، وحماد بن مسعدة، ومصعب بن المقدام، ووهب بن جرير،
وأبا داود الحفري (1)، وأبا داود الطيالسي، ثم عن عفان،
وأبي الوليد، وسليمان بن حرب، وسليمان بن داود الهاشمي،
وخلقا كثيرا.
وعنه: الجماعة سوى البخاري، وابنه موسى بن هارون، وأبو
زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، وبقي
بن مخلد، وزكريا خياط السنة، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن
صاعد، وإبراهيم بن موسى الخوزي، وآخرون.
قال المروذي: سألت أبا عبد الله: أكتب عن هارون الحمال ؟
قال: إي والله (2).
__________
* التاريخ الصغير 2 / 378، 379، الجرح والتعديل 9 / 92،
تاريخ بغداد 14 / 22، 23، الانساب، ورقة: 174 / ب، اللباب
1 / 384، تهذيب الكمال: 1429، تذهيب التهذيب 4 / 109 / 1،
تذكرة الحفاظ 2 / 478، 479، العبر 1 / 441، تهذيب التهذيب
11 / 8، 9، النجوم الزاهرة 2 / 243، طبقات الحفاظ: 207،
خلاصة تذهيب الكمال: 407، شذرات الذهب 2 / 104.
(1) بفتح الحاء والفاء، وكسر الراء المهملة: نسبة إلى موضع
بالكوفة، واسمه عمر بن سعد بن عبيد، وهو ثقة من رجال مسلم.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 22.
(*)
(12/115)
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال النسائي وغيره: ثقة (2) وقال إبراهيم الحربي: لو كان
الكذب حلالا تركه هارون الحمال ؟ زها (3).
قال الدارقطني: حدثنا ابن حيويه، أخبرنا أبو عبد الرحمن
النسائي، قال أخبرني: هارون بن عبد الله، قال الدارقطني:
قال الشيخ وهو الحمال، وإنما سمي حمالا، لانه حمل رجلا في
طريق مكة على ظهره، فانقطع به فيما يقال (4).
قال ابنه، وابن أبي عاصم، ومطين، وعلي الغضائري: مات سنة
ثلاث واربعين ومئتين.
زاد ابنه: في تاسع عشر شوال.
وأخطأ من قال: سنة تسع وأربعين.
39 - وموسى بن هارون ابنه
* الامام الحافظ الكبير الحجة الناقد، محدث العراق،
أبوعمران
البزاز.
ولد سنة أربع عشرة ومئتين.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 92.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 23، و " تهذيب التهذيب " 11 / 9،
وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 23.
(4) في " الانساب ": سمي بذلك، لانه كان بزازا، فتزهد،
فصار يحمل الاشياء بالاجرة، ويأكل منها، وقيل: إنه لقب
بالحمال، لكثرة ما حمل من العلم.
* طبقات الحنابلة 1 / 334، طبقات الحفاظ: 292، تاريخ بغداد
13 / 50، 51 (*)
(12/116)
وسمع من: علي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، ويحيى الحماني،
وخلف بن هشام، ويحيى بن معين، وابن أبي شيبة، ووالده،
وطبقتهم.
وصنف الكتب، واشتهر اسمه.
روى عنه: خلق كثير، منهم: أبو سهل بن زياد، وجعفر الخلدي،
ودعلج السجزي، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني،
وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، والقاضي أبو الطاهر الذهلي قاضي
مصر.
قال الصبغي: ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من
موسى ابن هارون (1).
وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: أحسن الناس كلاما على حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن المديني في زمانه،
وموسى بن هارون في وقته، والدارقطني في وقته.
قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا سهل بن زياد يقول: كان
إسماعيل القاضي يجلس موسى بن هارون معه على سريره، ينظر في
كل ما يقرأ عليه، يعني ليتقنه له، هذا مع ثقة إسماعيل
وجلالته في العلم والحديث، لكنه شاخ، وناطح التسعين، فخاف
أن تزل قدم بعد ثبوتها.
قال أبو بكر الخطيب: كان موسى ثقة حافظا (2).
وقيل: كان موسى كثير الحج، فكان يقيم ببغداد سنة، ويحج
ويجاور سنة، وأظنه كان يتجر في غضون ذلك.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 51 وتتمته فيه: كان إذا قعد
إسماعيل بن إسحاق القاضي في مجلسه لا يحدث حتى يحضر موسى
بن هارون.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 50.
(*)
(12/117)
مات في شهر شعبان، سنة أربع وتسعين ومئتين، وله ثمانون
عاما.
وقع لي من عواليه، وعوالي أبيه.
فأخبرنا الشريف أبو الحسن علي بن أحمد العلوي بالاسكندرية،
أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر ببغداد، أخبرنا محمد بن
عبيدالله المجلد، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي
الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد
البغوي، حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا محاضر بن المورع،
حدثنا الاعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن
جابر بن سمرة، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن
حلق في المسجد، فقال: " مالي أراكم عزين ؟ " (1).
وبه إلى البغوي: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا محاضر،
ومحمد بن عبد الله الاسدي، قالا: حدثنا الاعمش، عن المسيب،
عن تميم، عن جابر، قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال: " ما لكم لا تصفون
كما تصف الملائكة عند ربها " ؟ قال: " يتمون الصفوف الاول،
ويتراصون في الصف " (2).
أخبرنا يحيى بن أبي منصور، وعبد الرحمن بن محمد، وعلي بن
أحمد الحنبليون، وجماعة كتابة، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد،
أخبرنا
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (4823) في الادب: باب في
التحلق، ومسلم (430) في الصلاة من طرق عن الاعمش بهذا
الاسناد.
وقوله: " عزين " قال الخطابي: يريد فرقا مختلفين لا يجمعكم
مجلس واحد، وواحد العزين: عزة.
(2) إسناده صحيح، وهو قطعة من الحديث السابق عند مسلم
(430) وأخرجه أبو داود (661) في الصلاة: باب تسوية الصفوف،
عن عبد الله النفيلي، عند زهير، وأخرجه النسائي 2 / 92 في
الامامة: باب حث الامام على رص الصفوف والمقاربة بينها عن
قتيبة، عن الفضيل بن عياض، كلاهما عن الاعمش بهذا الاسناد.
(*)
(12/118)
هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا
أبو بكر الشافعي، حدثنا موسى بن هارون البزاز، حدثنا كامل
بن طلحة، حدثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن علي بن
الحسين، " أن النبي صلى الله عليه وسلم، كفن في ثلاثة
أثواب: أحدها برد، وألحد له، ونصب على اللحد اللبن ".
هذا مرسل جيد (1)، ورواه قتيبة عن الليث.
40 - الاعين * (م) الحافظ
الثبت، أبو بكر، محمد بن أبي عتاب الحسن بن طريف،
البغدادي الاعين.
حدث عن: زيد بن الحباب، ويزيد بن هارون، وروح،
والمقرئ، والفريابي، ووهب بن جرير، وخلق.
وعنه: مسلم في " المقدمة "، وأبو داود خارج " سننه "،
وعباس الدوري رفيقه، وابن أبي الدنيا، والبغوي والسراج،
وعدة.
__________
(1) انظر " الفتح " 3 / 108، وسنن أبي داود (3149) و
(3125) وقد صح عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيهن قميص ولا
عمامة أخرجه مالك 1 / 323، والبخاري 3 / 108، ومسلم (941)
والترمذي (996) وأبو داود (3051) والنسائي 4 / 35.
ولمسلم (966) والنسائي 4 / 80 من طريق عامر بن سعد بن أبي
وقاص عن أبيه أنه قال: " الحدو لي لحدا، وانصبوا علي اللبن
نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.
واللحد: هو الشق في عرض القبر من جهة القبلة.
* الجرح والتعديل 7 / 229، طبقات الحنابلة 1 / 331، تاريخ
بغداد 2 / 182، 183، الانساب، 1 / 318، اللباب 1 / 76،
تهذيب الكمال: 1239، تذهيب التهذيب 3 / 230 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 552، العبر 1 / 433، الوافي بالوفيات 2 / 335،
تهذيب التهذيب 9 / 334، 335، طبقات الحفاظ: 247، خلاصة
تذهيب الكمال: 351، شذرات الذهب 2 / 95.
(*)
(12/119)
وثقه ابن حبان.
ومات في سنة أربعين ومئتين (1).
قال عبد الله بن أحمد: فترحم عليه أبي، وقال: إني لاغبطه،
مات وما يعرف إلا الحديث، لم يكن صاحب كلام (2).
قلت: هكذا كان أئمة السلف، لا يرون الدخول في الكلام، ولا
الجدال.
بل يستفرغون وسعهم في الكتاب والسنة، والتفقه فيهما،
ويتبعون، ولا يتنطعون.
41 - زياد بن أيوب *
(خ، د، ت، س) ابن زياد، الامام المتقن الحافظ الكبير، شعبة
الصغير، أبو هاشم الطوسي، ثم البغدادي، ويلقب أيضا: دلويه.
ولد سنة ست وستين ومئة.
وسمع هشيم بن بشير، وأبا بكر بن عياش، وزياد بن عبد الله
__________
(1) وجاء في " تاريخ بغداد " 2 / 183: ببغداد، يوم
الثلاثاء، لثلاث عشر بقين من جمادى الاولى سنة أربعين.
وجاء فيه أيضا عن عبد الخالق بن منصور، قال: وسئل يحيى بن
معين عن أبي بكر الاعين، فقال: ليس هو من أصحاب الحديث.
فقال الخطيب البغدادي: عنى يحيى بذلك أنه لم يكن من الحفاظ
لعلل الحديث، والنقاد لطرقه مثل علي بن المديني ونحوه.
وأما الصدق والضبط لما سمعه: فلم يكن مدفوعا عنه.
وقال الخطيب أيضا: وكان ثقة.
(2) " الوافي بالوفيات " 2 / 335.
* التاريخ الكبير 3 / 345، التاريخ الصغير 2 / 395، الجرح
والتعديل 3 / 525، تاريخ بغداد 8 / 479، 481، طبقات
الحنابلة 1 / 156، 158، تهذيب الكمال: 440، تذهيب التهذيب
1 / 242 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 508، 509، العبر 2 / 3،
تاريخ ابن كثير 11 / 11، تهذيب التهذيب 3 / 355، طبقات
الحفاظ: 221، خلاصة تذهيب الكمال: 124، شذرات الذهب 2 /
126.
(*)
(12/120)
البكائي، ومعتمر بن سليمان، وعباد بن العوام، وعبد الله بن
إدريس، وإسماعيل بن علية، وعلي بن غراب، ومروان بن شجاع،
وطبقتهم.
ورحل وجمع وألف، وطال عمره.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو
القاسم البغوي، وابنه أحمد بن عبد الله، وأحمد بن علي
الجوزجاني (1)، وعمر بن بجير، وابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي
داود، ومحمد بن المسيب الارغياني، وأبو العباس السراج،
ويحيى بن صاعد، والقاضي المحاملي، وعدد سواهم.
وقد حدث عنه رفيقه أحمد بن حنبل.
قال إبراهيم بن أورمة: ليس على بسيط الارض أحد أوثق من
زياد ابن أيوب (2).
وقال أبو حاتم: صدوق (3).
وقال أبو بكر المروذي: قال لنا أبو عبد الله: اكتبوا عن
زياد، فإنه شعبة الصغير (4).
وقال ابو العباس السراج: سمعته يقول: مولدي سنة ست وستين [
ومئة ]، وطلبت الحديث في سنة إحدى وثمانين [ ومئة ] (5).
__________
(1) لم يضبطها السمعاني في الانساب ولا ابن الاثير في "
اللباب "، وضبطها السيوطي في " لب اللباب ": 70 بضم الجيم
وفتح الزاي.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 480.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 525.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 480.
(5) " تاريخ بغداد " 8 / 481، و " تهذيب التهذيب " 3 / 355
وفيه: وقال النسائي: = (*)
(12/121)
قالوا: توفي زياد بن أيوب في ربيع الاول سنة اثنتين وخمسين
ومئتين.
قلت: تقع عواليه في " المحامليات ".
قرأت على عبد الخالق بن عبد السلام القاضي ببعلبك: أخبركم
الامام أبو محمد عبد الله بن أحمد سنة إحدى عشرة وست مئة،
أخبرنا أحمد بن عبد الغني الباجسرائي (1)، أخبرنا نصر بن
أحمد القاري، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا الحسين
بن اسماعيل القاضي إملاء، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا هشيم،
حدثنا يعلى بن عطاء، أخبرنا عمارة بن حديد، عن صخر
الغامدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم
بارك لامتي في بكورها ".
وكان إذا بعث سرية، أو جيشا، بعثهم من أول النهار.
وكان صخر رجلا تاجرا، وكان يبعث تجارته من أول النهار،
فأثرى وكثر ماله.
هذا حديث حسن (2) غريب، قاله الترمذي، فأخرجه هو عن يعقوب
ابن ابراهيم، وأبو داود عن سعيد بن منصور، والقزويني عن
أبي بكر بن
__________
= ليس به بأس.
وقال في موضع آخر: ثقة.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال الدارقطني: دلويه ثقة مأمون، وقيل: إنه كان يقول: من
سماني دلويه لا أجعله في حل.
(1) بفتح الياء المنقوطة بواحدة، وكسر الجيم، وسكون السين
المهملة، وفتح الراء، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من
تحتها: هذه النسبة إلى باجسرا، وهي قرية كبيرة بنواحي
بغداد على عشرة فراسخ منها.
(2) إنما حسنه الترمذي لشواهده، لا لسنده هذا، فإن عمارة
بن حديد مجهول، وهو في سنن أبي داود (2606) والترمذي
(1212) وابن ماجه (2236) وله شاهد من حديث أبي هريرة عند
ابن ماجه (2237) وآخر عن ابن عمر عنده أيضا (2238) وفي
الباب عن ابن عباس، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام، وعمران
بن حصين عند الطبراني كما في " المجمع " 3 / 61، 62،
فالحديث صحيح بها.
(*)
(12/122)
أبي شيبة، جميعا عن هشيم.
ورواه النسائي نازلا عن الفلاس، عن خالد، عن شعبة، عن
يعلى.
ومات معه عام اثنين محمد بن المثنى، وبندار، ويعقوب
الدورقي، ومحمد بن منصور الجواز (1)، وعبد الوارث بن عبد
الصمد التنوري، وأحمد بن عبد الله بن منجوف، والمستعين
قتلوه، وإسحاق بن بهلول، والامير أشناس، وخلق.
42 - أبو موسى * (ع) محمد بن
المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار، الامام الحافظ
الثبت، أبو موسى، العنزي البصري الزمن.
ولد مع بندار في عام وفاة حماد بن سلمة (2).
وحدث عن: عبد العزيز بن عبد الصمد العمي.
وسفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وحفص بن غياث، وابن
إدريس، ومرحوم بن عبد العزيز، وأبي معاوية، والوليد بن
مسلم، وغندر، ويحيى القطان، ويزيد ابن زريع، ومعاذ بن
معاذ، ومحمد بن أبي عدي، وعبد الاعلى بن عبد الاعلى، وخلق
كثير.
وينزل إلى عفان، وأبي الوليد، لا بل ينزل إلى
__________
(1) بفتح الجيم، وتشديد الواو المفتوحة، بعدها زاي معجمة:
هذه النسبة إلى عد الجوز فيما يظن.
* التاريخ الصغير 2 / 396، الجرح والتعديل 8 / 95، تاريخ
بغداد 3 / 283، 286، الانساب، 9 / 78، اللباب 2 / 362،
تهذيب الكمال: 1263، 1264، تذكرة الحفاظ 2 / 512، ميزان
الاعتدال 4 / 24، العبر: 2 / 4، الوافي بالوفيات 4 / 384،
تاريخ ابن كثير 11 / 11، تهذيب التهذيب 9 / 425، 427،
طبقات الحفاظ: 222، خلاصة تذهيب الكمال: 357، شذرات الذهب
2 / 126.
(2) راجع " تاريخ بغداد " 3 / 284.
(*)
(12/123)
تلميذه أبي جعفر أحمد بن سعيد الدارمي.
جمع وصنف، وكتب الكثير.
روى عنه: الجماعة ستتهم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وبقي، وابن
أبي الدنيا، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى، وأبو بكر بن أبي
داود، وابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني،
وقاسم المطرز، وأبو عروبة، وزكريا الساجي، وأبو عبد الله
المحاملي، وخلق كثير.
قال محمد بن يحيى الذهلي: حجة (1).
وقال صالح جزرة: صدوق اللهجة، في عقله شئ (2)، وكنت أقدمه
على بندار.
وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث (3).
وقال أبو عروبة: ما رأيت بالبصرة أثبت من أبي موسى، ويحيى
بن حكيم (4).
وقال النسائي: كان لا بأس به، كان يغير في كتابه.
وقال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش، أخبرنا محمد بن المثنى،
وكان من الاثبات.
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 9 / 427، وفيه: قال السلمي عن
الدارقطني: كان أحد الثقات، وقدمه على بندار.
وقال مسلمة: ثقة مشهور من الحفاظ.
(2) ربما نسبه إلى ذلك لما سيذكره المؤلف من أنه مزح مرة،
فقال: نحن قوم لنا شرف، صلى إلينا النبي صلى الله عليه
وسلم.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 95.
وفيه عن عبد الله بن أحمد، قال: سمعت يحيى بن
معين، وذكر أبا موسى الزمن، فقال: ثقة.
(4) في الاصل: حكم، والتصويب من " تاريخ بغداد " 3 / 286،
و " تهذيب التهذيب " 4 / 426.
(*)
(12/124)
وقال ابن حبان: كان صاحب كتاب، لا يقرأ إلا من كتابه.
وقال الخطيب: كان صدوقا ورعا (1).
وقال في موضع آخر: كان ثقة ثبتا، احتج به سائر الائمة (2).
ويروي أن أبا موسى مزح مرة، فقال: نحن قوم لنا شرف، صلى
إلينا النبي صلى الله عليه وسلم (3).
قال إبراهيم بن محمد الكندي وغيره: مات أبو موسى في ذي
القعدة سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق غير مرة، أخبرنا أبو
المحاسن محمد بن هبة الله بن أبي حامد عبد العزيز الدينوري
ببغداد، أخبرنا عمي أبو بكر محمد بن أبي حامد سنة تسع
وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا عاصم ابن الحسن سنة ثمان وسبعين
وأربع مئة، أخبرنا أبو عمر بن مهدي الفارسي، حدثنا القاضي
أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، حدثنا أبو موسى محمد بن
المثنى، حدثنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة،
دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 285.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 284 وفيه عن أبي عمرو بن حمدان
النيسابوري، قال: سمعت أبا الحسن السمناني يقول: كان أهل
البصرة يقدمون أبا موسى على بندار، وكان الغرباء يقدمون
بندارا على أبي موسى...وسئل محمد بن علي النيسابوري عن أبي
موسى الزمن،
فقال: حجة، وقال الصفدي في " الوافي بالوفيات " 4 / 384
كان أرجح من بندار وأحفظ، لانه رحل، وبندار لم يرحل،
واتفقا في المولد والوفاة.
(3) جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري 1 / 475 في سترة
المصلي: باب الصلاة إلى العنزة، ومسلم (503) في الصلاة:
باب سترة المصلي عن أبي جحيفة...وفيه: فصلى بنا الظهر
والعصر وبين يديه عنزة.
والعنزة: مثل نصف الرمح أو أكبر، فيها سنان مثل سنان
الرمح.
ومحمد بن موسى عنزي، فأوهم في مزحه أن الرسول صلى الله
عليه وسلم صلى إليهم.
(4) أخرجه البخاري 3 / 347 في الحج: باب من أين يخرج من
مكة، وفي = (*)
(12/125)
أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي،
خمستهم عن أبي موسى العنزي، فوافقناهم بعلو.
قال أبو أحمد بن الناصح: سمعت محمد بن حامد بن السري، وقلت
له: لم لا تقول في محمد بن المثنى إذا ذكرته: الزمن، كما
يقول الشيوخ ؟ فقال: لم أره زمنا، رأيته يمشي، فسألته
فقال: كنت في ليلة شديدة البرد، فجثوت على يدي ورجلي،
فتوضأت، وصليت ركعتين، وسألت الله، فقمت أمشي.
قال: فرأيته يمشي، ولم أره زمنا.
حكاية صحيحة، رواها السلفي عن الرازي، أخبرنا أبو القاسم
علي ابن محمد الفارسي، حدثنا ابن الناصح.
43 - هارون بن إسحاق *
(ت، س، ق) الامام الحافظ الثبت المعمر، أبو القاسم،
الهمداني الكوفي.
ولد سنة نيف وستين ومئة.
وسمع المطلب بن زياد، ومعتمر بن سليمان التيمي، وسفيان بن
عيينة، وحفص بن غياث، وأبا معاوية، وطبقتهم.
حدث عنه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وبدر
__________
= المغازي: باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى
مكة، ومسلم (1258) في الحج: باب استحباب دخول مكة من
الثنية العليا، وأبو داود (1869) في المناسك: باب دخول
مكة، والترمذي (853) في الحج: باب ما جاء في دخول النبي
صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها، وخروجه من أسفلها.
وهو في " المسند " 6 / 40 من طريق سفيان، عن هشام بن عروة
عن أبيه، عن عائشة.
* الجرح والتعديل 9 / 87، 88، تهذيب الكمال: 1427، تذهيب
التهذيب 4 / 108 / 1، خلاصة تذهيب الكمال: 406.
(*)
(12/126)
ابن الهيثم، وابن أبي حاتم، والقاضي المحاملي، وابن صاعد،
وخلق كثير.
قال علي بن الحسين بن الجنيد: كان محمد بن عبد الله بن
نمير يجله (1).
وقال النسائي، وغيره: ثقة (2).
قلت: توفي في رجب سنة ثمان وخمسين ومئتين، وكان قد نيف على
التسعين.
قرأت على عبد الخالق بن عبد السلام الفقيه: أخبركم الامام
عبد الله بن أحمد في سنة إحدى عشر وست مئة، أخبرنا أبو
المعالي أحمد بن عبد الغني، أخبرنا أبو الخطاب نصر بن
أحمد، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا أبو عبد الله
المحاملي إملاء، حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا أبو خالد
الاحمر، عن سعد بن طارق، عن ربعي، عن حذيفة، رضي الله عنه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المعروف كله
صدقة، وإن الله صانع كل صانع وصنعته، وإن آخر ما تعلق به
أهل الجاهلية من كلام النبوة:
إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت " (3) رواه مسلم.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 88 وفيه أيضا عن عبدالرحمن،
قال: سمعت أبي يقول: هارون بن إسحاق الهمداني صدوق.
(2) " تهذيب التهذيب " 11 / 3 وفيه: وقال ابن خزيمة: كان
من خيار عباد الله.
وذكره ابن حيان في " الثقات ".
وقال النسائي في " أسماء شيوخه ": نعم الشيخ كان، وهو أحب
إلي من أبي سعيد الاشج، وكان قليل الحديث.
(3) إسناده صحيح، وأبو خالد الاحمر: هو سليمان بن حيان،
والفقرة الاولى والاخيرة منه في " المسند " 5 / 383 و 405
والخطيب 12 / 135، 136 من طريقين، عن أبي مالك الاشجعي، عن
ربعي بن حراش بهذا الاسناد، والفقرة الاولى عند مسلم
(1005) وأبي داود = (*)
(12/127)
44 - السكري * (ق) الشيخ الفقيه العالم، قاضي دمشق، أبو
الحسن،
وأبو عبد الله، إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن يزيد،
القرشي العبدري الرقي، المعروف بالسكري.
حدث عن أبي المليح الحسن بن عمر، وعبيدالله بن عمرو
الرقيين، ويعلى بن الاشدق، وأبي إسحاق الفزاري، وعبد الله
بن المبارك، وبقية، وعيسى بن يونس وجماعة.
وكان صاحب حديث وإتقان.
حدث عنه: ابن ماجة، ومحمد بن سعد، وجماهر الزملكاني، وأبو
العباس بن مسروق، وأبو يعلى الموصلي، ومحمد بن محمد بن
الباغندي، ومحمد بن هشام بن ملاس، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
قال محمد بن الفيض: ولى أحمد بن أبي داود على قضاء دمشق
إسماعيل السكري في سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، فأقام إلى أن
ولي القضاء
__________
= (4947) من طرق عن أبي مالك الاشجعي به بلفظ " كل معروف
صدقة " وقوله " إن الله صانع كل صانع وصنعته " أخرجه
الحاكم 1 / 31 و 32، والبيهقي في " الاسماء والصفات ":
388، والبخاري في " خلق أفعال العباد ": 137، وأبو نعيم في
" الحلية " 4 / 371.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
* الجرح والتعديل 2 / 181، تهذيب الكمال: 105، تذهيب
التهذيب 1 / 64 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 236، تهذيب
التهذيب 1 / 307، 308، خلاصة تذهيب الكمال: 34، تهذيب ابن
عساكر 2 / 26.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 181.
(*)
(12/128)
للمتوكل يحيى ين أكثم، فعزل السكري بمحمد بن هاشم.
قال إبراهيم بن أيوب الحوراني: قلت لاسماعيل بن عبد الله
القاضي: بلغني أنك كنت صوفيا، من أكل من جرابك كسرة افتخر
بها.
فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل.
قال الحسن بن علي علان: مات إسماعيل السكري بعد الاربعين
ومئتين، قال: وكان يرمى بالتجهم (1).
قلت: فأما:
45 - إسماعيل بن عبد الله بن
زرارة * الرقي، فآخر، توفي سنة تسع وعشرين ومئتين.
ما لحقه ابن ماجة، ووهم صاحب " النبل " (2)، وزعم أن ابن
ماجة روى عن ابن زرارة.
__________
(1) الجهمية: هم أتباع جهم بن صفوان، تلميذ الجعد بن درهم
الذي قتله خالد بن عبد الله القسري سنة 124 ه.
والجعد هذا أول من ابتدع القول بخلق القرآن، وتعطيل الله
عن صفاته.
والجهمية من الجبرية الخالصة.
وقد ظهرت بدعة جهم بترمذ، وقتله مسلم بن أحوز المازني بمرو
في آخر ملك بني أمية.
والجهمية توافق المعتزلة في نفي الصفات الازلية، وتزيد
عليهم بأشياء.
انظر " الملل والنحل " 1 / 86، 88.
* التاريخ الكبير 1 / 366، الجرح والتعديل 2 / 181، تاريخ
بغداد 6 / 261، 262، تهذيب الكمال: 105، تذهيب التهذيب 1 /
64 / 2، ميزان الاعتدال 1 / 236، تهذيب التهذيب 1 / 308،
309، المعجم المشتمل لابن عساكر: 80، خلاصة تذهيب الكمال:
34، 35.
(2) في " معجمه "، ص: 80 المشتمل على ذكر أسماء شيوخ
الائمة الستة: البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه.
تأليف الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف
بابن عساكر، المتوفى سنة 571 ه وقد طبع بتحقيق الفاضلة
سكينة الشهابي بدمشق سنة 1980.
وقد سبق المؤلف إلى توهيم ابن عساكر شيخه الحافظ المزي في
" تهذيب الكمال " 105، وجاء فيه: إن وفاة ابن زرارة سنة
تسع وعشرين ومئتين بالبصرة كما ذكر في ترجمته، وليس في
مشايخ ابن ماجة الذين سمع منهم في رحلته من توفي في هذا
التاريخ.
= (*)
(12/129)
46 - أحمد بن إبراهيم * (م، د، ت، ق) ابن كثير، الدورقي
الحافظ الامام المجود المصنف، أبو عبد الله العبدي، أخو
الحافظ يعقوب، ووالد المحدث الثقة عبد الله بن أحمد.
وهذه نسبة إلى بيع القلانس الدورقية.
وقد كان والدهم إبراهيم بن كثير من النساك العباد، فقيل:
كان في ذلك الوقت كل من تنسك يقال له: دورقي (1).
سمع أحمد بن: هشيم بن بشير، ويزيد بن زريع، وجرير بن عبد
الحميد، وحفص بن غياث، وابن علية، ووكيع، وابن فضيل، ويزيد
بن هارون، وإسحاق الازرق، وبهز بن أسد، وخلق كثير.
وينزل في الرواية إلى عفان، وأبي سلمة التبوذكي، وإبراهيم
بن المنذر الحزامي.
حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والهيثم
بن خلف الدوري، ومحمد بن محمد بن بدر الباهلي، وأبو القاسم
البغوي، وابن صاعد، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى الموصلي، وابن
أبي الدنيا.
وكان حافظا يقظا، حسن التصنيف.
__________
= ومن أقدم شيوخه وفاة إسماعيل بن محمد الطلحي الكوفي.
وقد ذكر أبو القاسم بن عساكر أنه توفي سنة اثنتين، وقيل:
سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، فتبين بذلك أن رحلته كانت بعد
موت ابن زرارة.
* التاريخ الصغير 2 / 384، التاريخ الكبير 2 / 6، الجرح
والتعديل 2 / 39، تاريخ بغداد 4 / 6، 7، طبقات الحنابلة 1
/ 22، الانساب 5 / 391، 392، و 8 / 356، اللباب 1 / 512،
تهذيب الكمال: 15، تذهيب التهذيب 1 / 6 / 1، تذكرة الحفاظ
2 / 505، العبر 1 / 446، تاريخ ابن كثير 10 / 347، تهذيب
التهذيب 1 / 10، 11، طبقات الحفاظ: 220، خلاصة تذهيب
الكمال: 3، شذرات الذهب 2 / 110.
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 6.
(*)
(12/130)
قال أبو حاتم: صدوق (1).
ذكره الخطيب، وورخ وفاته في شعبان سنة ست وأربعين ومئتين،
وله ثمانون سنة (2).
أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبدالرحيم سنة سبع مئة، أخبرنا
عبد الوهاب بن ظافر، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الحضرمي،
أخبرنا محمد ابن أحمد المعدل، أخبرنا عبدالرحمن بن مظفر
الكحال، أخبرنا أحمد بن محمد المهندس، أخبرنا محمد بن محمد
الباهلي، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن كثير، حدثنا أبو عامر
القيسي، حدثنا محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن
عامر بن سعد، عن أبيه، أن سعد بن معاذ حكم على بني قريظة،
أن يقتل منهم كل من جرت عليه الموسى، وأن تقسم أموالهم
وذراريهم.
فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " لقد حكم فيهم
اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات ".
تفرد بإخراجه النسائي (3)، فرواه عن أصحاب أبي عامر
العقدي.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 39.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 7 وفيه عن يعقوب بن إسحاق، قال:
سألت صالحا عن يعقوب وأحمد الدورقيين، فقال: كان أحمد
أكثرهما حديثا، وأعلمهما بالحديث.
وكان يعقوب أسندهما.
وكانا جميعا ثقتين.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 1 / 10: قال العقيلي:
ثقة.
وقال الخليلي في " الارشاد ": ثقة متفق عليه.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
(3) إسناده حسن، وهو في " سنن النسائي " الذي لم يطبع، وقد
نسبه إليه أيضا الحافظ في " الفتح " 7 / 317، وأخرجه
البخاري 7 / 316، 317 في المغازي: باب مرجع النبي صلى الله
عليه وسلم من الاحزاب، ومسلم (1768) من طرق عن شعبة، عن
سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف، عن أبي
سعيد الخدري...وفيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "
قضيت بحكم الله " وربما قال: " بحكم الملك " وفي رواية
لمسلم " لقد حكمت فيهم بحكم الله " وقال مرة " لقد حكمت
بحكم الملك " قال الحافظ: ورواية شبعة أصح، ويحتمل أن يكون
لسعد بن
إبراهيم فيه إسنادان.
(*)
(12/131)
أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن الهاشمي، وأحمد بن محمد الحافظ،
قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي،
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عفيف، أخبرنا عبدالرحمن بن
أبي شريح، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أحمد بن إبراهيم
العبدي، حدثنا أبو داود هو الطيالسي، عن شعبة، قال: كان
أيوب يمشي إلى مسجد بني ضبيعة، يسأل عن الحديث، فحدث أيوب
يوما بحديث قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب (1)، أن امرأة
أرادت الحج، فقال أيوب: هاتوا إسنادا مثل هذا.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أنبأنا
محمد بن عمر، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد بن علي،
قالوا: أخبرنا محمد ابن أحمد، أخبرنا عبيدالله بن
عبدالرحمن، أخبرنا جعفر بن محمد، حدثنا أحمد بن إبراهيم،
حدثنا مرحوم بن عبد العزيز، عن مالك بن دينار، قال: قرأت
في الزبور: بكبرياء المنافق يحترق المسكين.
قال: وقرأت في
__________
(1) هو طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة بن هلال بن عوف بن
جشم البجلي الاحمسي، قال الحافظ في " الاصابة " 2 / 220:
رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل، ويقال: انه لم يسمع
منه شيئا، وقال أبو حاتم فيما ذكره عنه ابنه في " المراسيل
" ص 98: طارق بن شهاب له رؤية، وليست له صحبة، والحديث
الذي رواه مرسل، فقال له ابنه: قد أدخلته في " مسند
الوحدان " ؟ ! فقال: انما أدخلته في الوحدان لما يحكى من
رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم، ونقله الحافظ في "
الاصابة " وعقب عليه فقال: إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله
عليه وسلم، فهو صحابي على الراجح، وإذا ثبت أنه لم يسمع
منه، فروايته عنه مرسل صحابي، وهو مقبول على الراجح، وقد
أخرج له النسائي عدة أحاديث، وذلك مصير منه إلى إثبات
صحبته، وأخرج له أبو داود حديثا واحدا
(1067) وقال: طارق رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع
منه شيئا.
وقال أبو داود الطيالسي في " مسنده " 2 / 146: حدثنا شعبة،
عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: رأيت رسول صلى الله
عليه وسلم، وغزوت في خلافة أبي بكر في السرايا وغيرها.
وهذا إسناد صحيح، وروى أيضا من طريق شعبة عن مخارق قال:
سمعت طارق بن شهاب يقول: قدم وفد بجيلة على النبي صلى الله
عليه وسلم، فقال: أبدأ بالاحمسين، ودعا لنا.
وهذا إسناد صحيح أيضا، وحديث طارق عن الصحابة في الكتب
الستة، منهم الخلفاء الاربعة.
(*)
(12/132)
الزبور: إني أنتقم للمنافق من المنافق، ثم أنتقم من
المنافقين جميعا، فذلك قول الله عزوجل: * (وكذلك نولي بعض
الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) * (1) [ الانعام: 129 ]
وذكر الحديث.
47 - نصر بن علي * (ع)
ابن نصر بن علي بن صهبان بن أبي، الحافظ العلامة الثقة،
أبو عمرو، الازدي الجهضمي البصري الصغير، وهو حفيد الجهضمي
الكبير.
ولد سنة نيف وستين.
وحدث عن: يزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، ونوح بن قيس
الحداني، وعبد ربه بن بارق، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد
الاعلى بن عبد الاعلى، وسفيان بن عيينة، ودرست بن زياد،
وبشر بن المفضل، والحارث بن وجيه، وعبد العزيز العمي، وعبد
العزيز الدراوردي، وعمر ابن علي، وابن علية، وعيسى بن
يونس، ومرحوم بن عبد العزيز، وخلق كثير.
وعنه: ابنه علي بن نصر، وأصحاب الكتب الستة، والذهلي، وابن
أبي الدنيا، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وبقي بن مخلد،
وزكريا
السجزي، وزكريا الساجي، وعبد الله بن أحمد، وعبدان
الاهوازي، وابن
__________
(1) أورده السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 46، ونسبه لابن
أبي حاتم وأبي الشيخ.
* التاريخ الكبير 8 / 106، التاريخ الصغير 2 / 391، الجرح
والتعديل 8 / 466، تاريخ بغداد 13 / 287، 289، الانساب، 3
/ 391، اللباب 1 / 316، 317، تهذيب الكمال: 1408، 1409،
تذهيب التهذيب 4 / 94 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 519، العبر 1
/ 457، تاريخ ابن كثير 11 / 7، تهذيب التهذيب 10 / 430،
431، طبقات الحفاظ: 227، خلاصة تذهيب الكمال: 401، شذرات
الذهب 2 / 123.
(*)
(12/133)
خزيمة، وابن صاعد، وأبو حامد الحضرمي، ومحمد بن منصور
الشيعي، ومحمد بن الحسين بن مكرم وأمم سواهم.
وكان بن كبار الاعلام.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: ما به بأس،
ورضيه.
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن نصر بن علي،
وعمرو بن علي الصيرفي: من أيهما أحب إليك ؟ قال: نصر أحب
إلي، وأوثق وأحفظ، نصر ثقة (1).
وقال النسائي وابن خراش: ثقة (2).
وقال عبد الله بن محمد الفرهياني: نصر عندي من نبلاء الناس
(3).
وقال إبراهيم بن عبد الله الزبيبي: سمعت نصر بن علي يقول:
دخلت على المتوكل، فإذا هو يمدح الرفق، فأكثر، فقلت يا
أمير المؤمنين، أنشدني الاصمعي: لم (4) أر مثل الرفق في
لينه * أخرج للعذراء من خدرها
من يستعن بالرفق في أمره * يستخرج الحية من جحرها (5)
فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس، فكتبهما.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 466 وفيه عن يحيى بن معين،
قال: نصر بن علي ثقة.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 288.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 288.
(4) في " تاريخ بغداد ": ولم، بالواو.
(5) البيتان في " تاريخ بغداد " 13 / 288.
(*)
(12/134)
عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني نصر بن علي، أخبرني علي
بن جعفر بن محمد، حدثني أخي موسى، عن أبيه، عن أبيه، عن
علي بن حسين، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه
وسلم: أخذ بيد حسن وحسين، فقال: " من أحبني وأحب هذين
وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة (1) ".
قلت: هذا حديث منكر جدا.
ثم قال عبد الله بن أحمد: لما حدث نصر بهذا، أمر المتوكل
بضربه ألف سوط، فكلمه جعفر بن عبد الواحد، وجعل يقول له:
الرجل من أهل السنة، ولم يزل به حتى تركه.
وكان له أرزاق، فوفرها عليه موسى.
قال أبو بكر الخطيب عقيبه: إنما أمر المتوكل بضربه، لانه
ظنه رافضيا (2).
قلت: والمتوكل سني، لكن فيه نصب.
وما في رواة الخبر إلا ثقة ما خلا علي بن جعفر، فلعله لم
يضبط لفظ الحديث - وما كان النبي صلى الله عليه وسلم من
حبه وبث فضيلة الحسنين ليجعل كل من أحبهما في درجته في
الجنة،
فلعله قال: فهو معي في الجنة.
وقد تواتر قوله عليه السلام: " المرء مع من أحب " (3).
ونصر بن علي، فمن أئمة السنة الاثبات.
__________
(1) أخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد " المسند " 1
/ 77، وعلي بن موسى لم يذكره أحد بجرح ولا توثيق، وموسى هو
الكاظم.
وأخرجه الترمذي (3733) من طريق نصر بن علي بهذا
الاسناد...وقال: حسن غريب لا نعرفه من حديث جعفر بن محمد
إلا من هذا الوجه وقد أنكر المؤلف في " الميزان " أن يكون
الترمذي حسنه أو صححه، فلعل التحسين في بعض نسخه دون بعض.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 287، 288.
(3) في " الازهار المتناثرة " ص 26: أخرجه الشيخان عن أبي
موسى، والترمذي عن صفوان = (*)
(12/135)
أخبرنا المسلم بن علان.
وغيره إذنا، قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز (1)،
أخبرنا الخطيب، أخبرنا الحسن بن عثمان الواعظ، أخبرنا جعفر
ابن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي، سمعت أبا بكر بن أبي
داود، يقول: كان المستعين بالله، بعث إلى نصر بن علي يشخصه
للقضاء، فدعاه عبدالملك أمير البصرة، وأمره بذلك.
فقال: أرجع، وأستخير الله تعالى.
فرجع إلى بيته نصف النهار، فصلى ركعتين، وقال: اللهم إن
كان لي عندك خير فاقبضني.
فنام، فأنبهوه، فإذا هو ميت (2).
قال السراج وجماعة: مات سنة خمسين ومئتين.
قال البخاري: في ربيع الآخر.
زاد السراج: رأيته أبيض الرأس واللحية، كان لا يخضب، رأيته
ببغداد ولم يحدثنا.
قلت: فأما جده الثقة:
48 - نصر بن علي الجهضمي
الكبير * فروى عن: جده لامه: أشعث بن عبد الله
الحداني، والنضر بن
شيبان، وعبد الله بن غالب الحداني.
__________
= ابن عسال، وأحمد بن جابر بن عبد الله، وابن مسعود وأبي
هريرة، والبزار عن علي، والطبراني عن أبي قتادة، وأبي
سريحة، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وصفوان بن قدامة، وعروة
بن مضرس الطائي، ومعاذ بن جبل، وأبي أمامة الباهلي.
(1) هو أبو منصور القزاز، عبدالرحمن بن محمد بن عبد الواحد
الشيباني البغدادي، وهو راوي " تاريخ بغداد " للخطيب
البغدادي.
توفي سنة 535 ه عن بضع وثمانين سنة.
انظر ترجمته في " التبصير " 3 / 1168، و " العبر " للمؤلف
4 / 95، 96.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 289 و " شذرات الذهب " 2 / 123.
وجاء في " تاريخ بغداد ": سئل محمد بن علي النيسابوري عن
نصر بن علي، فقال: حجة.
وفي " تهذيب التهذيب " عن قاسم بن أصبغ قال: سمعت الخشني
يقول: ما كتبت بالبصرة عن أحد أعقل من نصر بن علي.
* الانساب، 3 / 391، تهذيب التهذيب 10 / 429، 430، خلاصة
تذهيب الكمال: 401.
(*)
(12/136)
وعنه: ابنه علي، ووكيع، وعبيدالله بن موسى، ومسلم بن
ابراهيم، وعبد الصمد، وجماعة.
مات في أيام شعبة.
وأما ابن حبان فوثقه (1)، وقال: مات في خلافة أبي جعفر.
أجاز لنا علي بن أحمد، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أبو بكر
الانصاري، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا إبراهيم بن
أحمد الخرقي، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا عثمان
بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن نصر بن علي، أخبرنا النضر بن
شيبان، عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن
الله فرض صيام شهر رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صام وقام
إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
أخرجه ابن ماجة (2)، عن الثقة، عن وكيع.
وعندي هذا الحديث أعلى بدرجة من طريق القاسم بن الفضل
الحداني عن النضر.
وأخرجه النسائي من الوجهين، لكن قال النسائي: هذا خطأ.
والصواب حديث أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأما ولده:
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 10 / 429، وفيه عن إسحاق بن منصور،
عن ابن معين، قال: ثقة.
(2) رقم (1328) في إقامة الصلاة: باب ما جاء في قيام شهر
رمضان، والنسائي 4 / 158 في الصيام: باب ثواب من قام رمضان
وصامه إيمانا واحتسابا.
(*)
(12/137)
49 - علي بن نصر بن علي
* (ع) الامام الثقة الحافظ، أبو الحسن الجهضمي الكبير.
فيروي عن: هشام الدستوائي، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وحمزة
الزيات، وشعبة، والمثنى بن سعيد، وقرة بن خالد، ومهدي بن
ميمون، وصخر بن جويرية، وخالد بن قيس الحداني، وإبراهيم بن
نافع، والقاسم بن معن، وخلق سواهم.
وعنه: ابنه نصر، ومحمد بن عبد الله الانصاري، وأبو نعيم،
وهما من أقرانه.
ووكيع، وهو أقدم منهما، ومعلى بن أسد.
قال أبو عبد الله بن حنبل: صالح الحديث، أثبت من أبي
معاوية (1).
وقال ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة.
وقال صالح بن محمد: صدوق.
قال مطين وغيره: مات سنة سبع وثمانين ومئة.
وأما ولد صاحب الترجمة فهو:
50 - علي بن نصر بن علي
* * (م، د، ت، س) ابن نصر بن علي بن صهبان بن أبي الحافظ،
الامام الثبت، أبو
__________
* التاريخ الكبير 6 / 299، التاريخ الصغير 2 / 242، الجرح
والتعديل 6 / 207، طبقات النحويين واللغويين: 75، تهذيب
الكمال: 995، 996، تذهيب التهذيب 3 / 75 / 2، تهذيب
التهذيب 7 / 390، خلاصة تذهيب الكمال: 278.
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 207، و " تهذيب التهذيب " 7 /
390، وقال ابن حجر فيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
* * التاريخ الكبير 6 / 299، التاريخ الصغير 2 / 391،
الجرح والتعديل 6 / 207، (*)
(12/138)
الحسن الجهضمي الصغير.
روى عن: حرمي بن عمارة، ووهب بن جرير، وعبد الصمد بن عبد
الوارث، وأبي داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وأبي علي
الحنفي، وأخيه أبي بكر الحنفي، وأبي عاصم، وسليمان بن حرب،
والمقرئ، وطبقتهم، ولم يلحق جده.
حدث عنه: مسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو زرعة،
وأبو حاتم، والبخاري في " تاريخه "، وأحمد بن يحيى
التستري، ومحمد ابن هارون الحضرمي، وعمر البجيري، وابن
صاعد، وأبو بكر بن أبي
داود، وعلي بن العباس البجلي، وخلق.
قال أبو زرعة: كنت أرجو أن يكون خلفا، يعني: مات ولم يعمر.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فوثقه، وأطنب في ذكره
والثناء عليه (1).
وقال صالح بن محمد: ثقة صدوق.
وقال الترمذي: كان حافظا، صاحب حديث.
وقال النسائي: هو وأبوه ثقتان.
قال النسائي أيضا وغيره: توفي سنة خمسين ومئتين، فقيل: في
شعبانها، ومات أبوه قبله بأربعة أشهر.
__________
تهذيب الكمال: 995، 996، تذهيب التهذيب 3 / 76 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 541، تهذيب التهذيب 7 / 390، 391، طبقات
الحفاظ: 237، خلاصة تذهيب الكمال: 278.
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 207، و " تهذيب التهذيب " 7 /
391.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
(*)
(12/139)
أخبرنا أحمد بن إسحاق بن محمد، أخبرنا أكمل بن أبي الازهر
ببغداد، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء (ح) وأخبرنا علي بن
محمد، وأحمد بن عبدالحميد، وأحمد بن محمد، وعبد المنعم بن
عساكر، والحسن بن علي، وسليمان بن قدامة، وسنقر الزيني،
وأحمد بن عبد الرحمن، وعيسى بن عبدالرحمن، وأحمد بن يوسف،
قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد
حضورا، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد
بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن أبي داود،
حدثنا محمد بن بشار، ونصر بن علي، قالا: أخبرنا أبو عبد
الصمد العمي، حدثنا أبوعمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد
الله بن قيس الاشعري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " جنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما،
وجنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن
ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ".
أخرجه مسلم (1) عنهما.
__________
(1) رقم (180) في الايمان: باب إثبات رؤية المؤمنين في
الآخرة ربهم سبحانه وتعالى من طريق نصر بن علي الجهضي،
وأبي غسان المسمعي، وإسحاق بن إبراهيم، عن عبد العزيز بن
عبد الصمد أبي عبد الصمد بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 8 /
479 في تفسير سورة الرحمن: باب قوله * (ومن دونهما جنتان)
* و 13 / 363 في التوحيد: باب قول الله تعالى * (وجوه
يومئذ ناضرة) * عن علي بن عبد الله، وعبد الله بن أبي
الاسود، ومحمد بن المثنى، ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عبد
الصمد، عن أبي عمران الجوني بهذا الاسناد، وأخرجه الترمذي
(2528) من طريق محمد بن بشار، عن عبد العزيز بن عبد الصمد.
وبهذا تعلم أن قول المصنف رحمه الله أخرجه مسلم عنهما، أي:
عن محمد بن بشار ونصر بن علي وهم، وأن الصواب أن يقال:
أخرجه مسلم عن نصر بن علي، والترمذي عن محمد بن بشار.
(*)
(12/140)
51 - الدورقي * (ع) يعقوب بن إبراهيم
بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم، الحافظ الامام
الحجة، أبو يوسف، العبدي القيسي مولاهم، الدورقي.
ولد سنة ست وستين ومئة، وكان أكبر من أخيه أحمد بعامين رأى
الليث بن سعد،
وحدث عن عبد العزيز بن أبي حازم، وهشيم، وسفيان بن عيينة،
وعبد العزيز الدراوردي، وجرير، وبقية، ويحيى بن أبي زائدة،
وغندر، وحفص بن غياث، وابن علية، وحميد بن عبدالرحمن
الرؤاسي، وشعيب بن حرب، والمحاربي، وعبيدالله الاشجعي،
ويحيى القطان، ووكيع، ويزيد، وعبد الرحمن، وخلق.
وينزل إلى عفان، ويحيى بن معين.
ورحل وجمع وصنف، وتميز في هذا الشأن.
حدث عنه: الجماعة الستة، وأخوه، وأبو زرعة، وأبو عبيد بن
المحاملي، وأخوه القاضي أبو عبد الله، وأبو حاتم، وأبن أبي
الدنيا، وزكريا خياط السنة، ومحمد بن هارون الروياني، وابن
خزيمة، وابن صاعد، وابن أبي داود، وأبو العباس السراج،
ومحمد بن مخلد العطار، وعدة.
__________
* التاريخ الصغير 2 / 396، الضعفاء للعقيلي: 449، طبقات
ابن سعد 7 / 360، الجرح والتعديل 9 / 202، تاريخ بغداد 14
/ 277، 280، طبقات الحنابلة 1 / 414، 415، الانساب 5 /
391، اللباب 1 / 512، تهذيب الكمال: 1547، 1548، تذهيب
التهذيب 4 / 184 / أ، العبر 2 / 4، تاريخ ابن كثير 11 /
11، تهذيب التهذيب 11 / 381، طبقات الحفاظ: 220، خلاصة
تذهيب الكمال: 436، طبقات المفسرين: 377، شذرات الذهب 2 /
126.
(*)
(12/141)
وثقه النسائي وغيره (1).
وقال الخطيب: كان ثقة حافظا متقنا، صنف " المسند " (2)
وقال أبو حاتم: صدوق (3).
قال محمد بن سعد: حدثنا يعقوب بن إبراهيم فذكر حديثا.
وقال أبو بكر الخطيب: حدث عنه ابن سعد، ومات سنة ثلاثين
ومئتين، وآخر من حدث عنه محمد بن مخلد، وبينهما في الوفاة
مئة سنة وسنة.
وقال البغوي وجماعة: مات الدروقي سنة اثنتين وخمسين
ومئتين، وآخر من روى حديثه عاليا سبط السلفي (4) أخبرنا
الامام تاج الدين علي بن أحمد الغرافي (5) بالاسكندرية،
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد المفيد (6).
وأخبرنا أبو بكر بن الزاغوني،
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 11 / 381.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة: كان كثير الحديث، ثقة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 277.
(3) " الجرح والتعديل " 9 / 202.
(4) هو جمال الدين أبو القاسم عبدالرحمن بن مكي بن
عبدالرحمن الاسكندراني.
ولد سنة 570 ه وسمع من جده السلفي الكثير.
انتهى إليه علو الاسناد بالديار المصرية مات بمصر في
الرابع من شوال سنة 651 ه.
راجع ترجمته في " حسن المحاضرة " 1 / 379، و " شذرات الذهب
" 5 / 254.
(5) ترجمه المؤلف في " مشيخته "، ورقة: 94 / 2 و 95 / 1.
وهو علي بن أحمد بن علي بن أبي العباس أحمد بن خلف العاصي،
أبو الحسن الاسكندراني المالكي، من كبار علماء الثغر، ناب
في القضاء مدة.
ولد سنة 707 ه.
والغراف: بليدة ذات بساتين آخر البطائح وتحت واسط.
(6) بضم الميم، وكسر الفاء، وسكون الياء تحتها نقطتان، وفي
آخرها دال مهملة: يقال هذا لمن يفيد الناس الحديث من
الشيوخ.
(*)
(12/142)
أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الذهبي،
حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي،
حدثنا هشيم، أخبرنا يونس، عن الحسن، وهشام، عن محمد، عن
أبي هريرة، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيصلي
الرجل في الثوب الواحد ؟ قال: " أو لكلكم ثوبان " (1).
وبه حدثنا يعقوب الدروقي، حدثنا إسماعيل بن علية، عن يونس
ابن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن يونس بن جبير، قلت لابن
عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض.
فقال: تعرف عبد الله بن عمر، فإنه طلق امرأته وهي حائض،
فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يراجعها، ثم
يستقبل عدتها.
فقلت له: إذا طلق الرجل امرأته، وهي حائض، أيعتد بتلك
التطليقة ؟ قال: فمه، وإن عجز واستحمق ؟ (2)
__________
(1) وأخرجه مالك 1 / 140 في صلاة الجماعة: باب الرخصة في
الصلاة في الثوب الواحد، ومن طريقه البخاري 1 / 397 في
الصلاة: باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، ومسلم
(515) في الصلاة: باب الصلاة في ثوب واحد، وأبو داود (625)
والنسائي 2 / 69، 70 في القبلة: باب الصلاة في الثوب
الواحد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة
وأخرجه أحمد 2 / 239 والحميدي (937) من طريق سفيان عن ابن
شهاب به.
وأخرجه البخاري 4 / 401 ومسلم (515) (276) وأحمد 2 / 230
من طريق أيوب السختياني عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق (1364) وعنه أحمد 2 / 265، 266 عن معمر
وابن جريج، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي
هريرة، وأخرجه الطيالسي 1 / 83 من طريق سعيد بن عبدالرحمن،
عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وأخرجه ابن الجارود في "
المنتقى " (170) من طريق عبد الله بن هاشم، عن سفيان، عن
الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.
(2) هو في صحيح مسلم (1471) (9) وأخرجه النسائي 6 / 141،
142 في الطلاق: باب
الطلاق لغير العدة وما يحتسب منه على المطلق، والحديث
أخرجه مالك 2 / 576، والبخاري 9 / 306، 307، وأبو داود
(2179) - (2185) والترمذي: (1175) وله عدة روايات انظرها
في " جامع الاصول " 7 / 600، 605 الطبعة الدمشقية.
وقوله: عجز واستحمق قال ابن الاثير: أي: صار أحمق وفعل فعل
الحمقى، كاستنوق الجمل: إذا صار يشبه الناقة، والذي جاء في
الرواية " استحمق " على ما لم يسم فاعله، أي: فعل فعلا جعل
بسببه أحمق، والمعنى أن تطليقه إياها في حال الحيض عجز
وحمق، فهل يقدم ذلك عذرا له حتى لا يعتد بتطليقه ؟.
(*)
(12/143)
أخرجه مسلم والنسائي عن يعقوب.
52 - بندار * (ع) محمد بن بشار
بن عثمان بن داود بن كيسان، الامام الحافظ، راوية
الاسلام، أبو بكر العبدي البصري بندار، لقب بذلك، لانه كان
بندار الحديث في عصره ببلده، والبندار الحافظ.
ولد سنة سبع وستين ومئة.
وحدث عن: يزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، ومرحوم بن عبد
العزيز العطار، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وغندر،
ويحيى بن سعيد، وعبد الوهاب الثقفي، وعمر بن علي،
والطفاوي، وبهز بن أسد، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعاذ بن
معاذ، ومعاذ بن هشام، ويزيد ابن هارون، ووكيع، وخلق سواهم.
وينزل إلى حجاج بن منهال، وعفان، وأبي الوليد، وعدة.
وجمع حديث البصرة، ولم يرحل، برا بأمه، ثم رحل بعدها.
روى عنه: الستة في كتبهم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم
الحربي، وبقي بن مخلد، وعبد الله بن أحمد، وأبو العباس
السراج،
__________
* التاريخ الكبير 1 / 49، التاريخ الصغير 2 / 396، الجرح
والتعديل 7 / 214، تاريخ بغداد 2 / 101، 105، تهذيب
الكمال: 1176، تذهيب التهذيب 3 / 191 / 1، تذكرة الحفاظ 2
/ 511، 512، ميزان الاعتدال 3 / 490، 491، العبر 2 / 3، 4،
الوافي بالوفيات 2 / 249، تاريخ ابن كثير 11 / 11، تهذيب
التهذيب 9 / 70، 73، طبقات الحفاظ: 222، مقدمة فتح الباري:
436، 437، خلاصة تذهيب الكمال: 328، شذرات الذهب 2 / 126.
(*)
(12/144)
وابن خزيمة، وزكريا الساجي، والقاسم بن زكريا المطرز،
ويحيى بن صاعد، ومحمد بن المسيب الارغياني، والبغوي، وابن
أبي داود، ومحمد بن إسماعيل البصلاني (1)، والحسن بن علي
الطوسي، وعبد الله ابن ناجيه، وخلق سواهم.
قال عبد الله بن جعفر بن خاقان المروزي: سمعت بندارا يقول:
أردت الخروج - يعني: الرحلة - فمنعتني أمي، فأطعتها، فبورك
لي فيه (2).
وقال ابن خزيمة: سمعت بندارا يقول: اختلفت إلى يحيى القطان
- ذكر أكثر من عشرين سنة - ولو عاش بعد لكنت أسمع منه شيئا
كثيرا (3).
وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن بندار
نحوا (4) من خمسين ألف حديث، وكتبت عن أبي موسى شيئا، وهو
أثبت من بندار، ولولا سلامة في بندار ترك حديثه (5).
وقال إمام الائمة ابن خزيمة في كتاب " التوحيد " له:
أخبرنا إمام أهل زمانه في العلم والاخبار محمد بن بشار.
وقال محمد بن المسيب: سمعت بندارا يقول: كتب عني خمسة
__________
(1) بفتح الباء الموحدة، والصاد المهملة، واللام والالف
وبعدها النون: هذه النسبة إلى البصلية، وهي محلة على طرف
بغداد.
" الانساب " 2 / 236.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 10 2.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 101.
(4) في الاصل: " نحو ".
(5) الخبر بلفظه في " تاريخ بغداد " 2 / 102، قال الحافظ
في " المقدمة " ص 437: يعني أنه كانت فيه سلامة، فكان إذا
سها أو غلط يحمل ذلك على أنه لم يتعمد.
(*)
(12/145)
قرون، وحدثت وأنا ابن ثماني عشرة سنة (1).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: هو ثقة كثير الحديث حائك
(2).
وقال أبو حاتم الرازي: صدوق (3).
وقال ابن خزيمة: سمعت بندارا يقول: ما جلست مجلسي هذا حتى
حفظت جميع ما خرجته (4).
قال إسحاق بن إبراهيم القزاز: كنا عند بندار، فقال في حديث
عن عائشة: قال: قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال له رجل يسخر منه: أعيذك بالله، ما أفصحك ! ! فقال:
كنا إذا خرجنا من عند روح دخلنا إلى أبي عبيدة، فقال: قد
بان ذلك عليك (5).
قرأت على علي بن أحمد الحسيني: أخبرنا محمد بن أحمد
القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيدالله، أخبرنا أبو نصر
الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد،
حدثنا بندار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن قتادة، سمعت يونس
بن جبير قال: سمعت ابن عمر
قال: طلقت امرأتي تطليقة، فأتى عمر النبي صلى الله عليه
وسلم، فذكر ذلك له، فقال: " ليراجعها.
فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها ".
فقلت لابن عمر: فاحتسبت بها ؟ قال: فمه، أرأيت إن عجزت ؟
أخرجه مسلم (6) عن بندار.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 102 وسيرد الخبر مع تتمته في
الصفحة التالية.
(2) " الوافي بالوفيات " 2 / 249.
(3) " الجرح والتعديل " 7 / 214.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 104.
(5) الخبر بلفظه في " تاريخ بغداد " 2 / 103.
(6) رقم (1471) (10) وقد تقدم في الصفحة 143.
(*)
(12/146)
قال النسائي: بندار صالح لا بأس به.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو علي عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن
فضالة الحافظ بالري، سمعت يوسف بن محمد الطوسي، سمعت محمد
ابن المسيب يقول: سمعت بندارا يقول: سألوني الحديث وأنا
ابن ثمان عشرة سنة، فاستحييت أن أحدثهم في المدينة،
فأخرجتهم إلى البستان، وأطعمتهم الرطب، وحدثتهم (1).
قال عبد الله بن محمد بن يونس السمناني: كان أهل البصرة
يقدمون أبا موسى على بندار، وكان الغرباء يقدمون بندارا
على أبي موسى.
وقال عبد الله بن محمد بن سيار: سمعت أبا حفص الفلاس، يحلف
أن بندارا يكذب فيما يروي عن يحيى (2).
وقال ابن سيار أيضا: سمعت أبا موسى، وكان قد صنف حديث
داود بن أبي هند، ولم يكن بندار صنفه، فسمعت أبا موسى
يقول: منا قوم لو قدروا أن يسرقوا حديث داود، لسرقوه،
يعني: به بندارا (3).
وقال عبد الله بن علي بن المديني: سعمت أبي وسألته عن حديث
رواه بندار عن ابن مهدي، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن
زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " تسحروا "
(4)، قال: هذا كذب،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 102.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 103، وقال المؤلف في " ميزانه " 3
/ 490: فما أصغى أحد إلى تكذيبه، لتيقنهم أن بندارا صادق
أمين، وقال الحافظ في " مقدمة الفتح ": 437: وضعفه عمرو
ابن علي الفلاس، ولم يذكر سبب ذلك، فما عرجوا على تجريحه.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 103.
(4) وتمامه " فإن في السحور بركة " أخرجه النسائي 4 / 140
في الصوم: باب الحث على السحور من طريق محمد بن بشار بهذا
الاسناد، وقال: وقفه عبيدالله بن سعيد، أخبرنا عبيدالله =
(*)
(12/147)
حدثني أبو داود موقوفا، وأنكره أشد الانكار.
قال أبو الفتح الازدي: حدثنا محمد بن جعفر المطيري، حدثنا
عبد الله بن الدورقي، قال: كنا عند ابن معين، وجرى ذكر
بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ به، ويستضعفه.
ورأيت القواريري لا يرضاه، وقال: كان صاحب حمام (1).
ثم قال أبو الفتح: بندار كتب الناس عنه، وقبلوه، وليس قول
يحيى والقواريري مما يجرحه، وما رأيت أحدا ذكره إلا بخير
وصدق (2).
وقال عبد الله بن محمد بن سيار: بندار وأبو موسى ثقتان.
وأبو موسى أحج، لانه كان لا يقرأ إلا من كتابه، وبندار
يقرأ كل كتاب، فإنه كان
يحفظ حديثه (3).
قال محمد بن المسيب: لما مات بندار جاء رجل، فقال: يا أبا
موسى، البشرى، مات بندار، قال: جئت تبشرني بموته ؟ ! علي
ثلاثون
__________
= ابن سعيد، قال: حدثنا عبدالرحمن، عن أبي بكر بن عياش، عن
عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: تسحروا.
قال عبيدالله: لا أدري كيف لفظه.
قلت: ومتن الحديث صحيح، فقد أخرجه البخاري 4 / 120، ومسلم
(1095) والنسائي 4 / 141، والترمذي (708) من حديث أنس بن
مالك، وأخرجه النسائي 4 / 141 و 145 و 146 من حديث أبي
هريرة وعبد الله ابن الحارث، والمقدام بن معد يكرب، وأخرجه
أبو داود (2344) والنسائي 4 / 145 من حديث العرباض بن
سارية، وأخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري.
ويغلب على الظن أن ابن المديني استعمل لفظة الكذب هنا في
موضع الخطأ، وأهل الحجاز يستعملونها كذلك كما نبه عليه ابن
حبان، وله أمثلة كثيرة.
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 103.
وقال المؤلف في " ميزانه " تعقيبا على هذا النص: قلت: احتج
به أصحاب الصحاح كلهم، وهو حجة بلا ريب.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 103.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 104.
وجاء فيه: قال ابن رشيق: صالح.
وقال الخصيب: ليس به بأس.
(*)
(12/148)
حجة إن حدثت بحديث أبدا.
فبقي أبو موسى بعده تسعين يوما لم يحدث، ومات (1).
قال البخاري (2) وجماعة: مات في رجب سنة ثنتين وخمسين
ومئتين.
وقال ابن حبان: كان يحفظ حديثه، ويقرؤه من حفظه.
وأبو موسى
من أقرانه مولدا ووفاة.
53 - الجوهري * (م، 4) الامام
الحافظ المجود، صاحب " المسند " الاكبر، أبو إسحاق،
إبراهيم بن سعيد، البغدادي الجوهري، وأصله من طبرستان.
ولد بعد السبعين ومئة.
وسمع من سفيان بن عيينة، ومحمد بن فضيل، وعبد الوهاب
الثقفي، وأبي معاوية، ووكيع، وأنس بن عياض الليثي، وأبي
أسامة، وطبقتهم.
وعنه: الجماعة سوى البخاري، وأبوالجهم بن طلاب، وأبو الحسن
بن جوصا، وأبو طاهر بن فيل، وأبو عروبة، والحكيم الترمذي
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 104.
(2) " التاريخ الكبير " 1 / 49.
* الجرح والتعديل 2 / 104، تاريخ بغداد 6 / 93، 96، طبقات
الحنابلة 1 / 94، تهذيب الكمال: 56، تذهيب التهذيب 1 / 36
/ 1، تذكرة الحفاظ 2 / 515، 516، ميزان الاعتدال 1 / 35،
36، العبر 1 / 448، الوافي بالوفيات 5 / 354، غاية النهاية
في طبقات القراء 1 / 15، تهذيب التهذيب 1 / 123، 125،
طبقات الحفاظ: 225، خلاصة تذهيب الكمال: 17، شذرات الذهب 2
/ 113.
(*)
(12/149)
محمد بن علي، ويحيى بن صاعد، وزكريا خياط السنة، وخلق
كثير.
وثقه النسائي.
وقال عبد الله بن جعفر بن خاقان: سألت إبراهيم بن سعيد
الجوهري عن حديث لابي بكر الصديق، فقال لجاريته: أخرجي لي
الجزء الثالث
والعشرين من " مسند " أبي بكر، فقلت له: أبو بكر لا يصح له
خمسون حديثا، من أين ثلاثة وعشرون جزءا ؟ فقال: كل حديث لا
يكون عندي من مئة وجه، فأنا فيه يتيم (1).
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا مكثرا، صنف " المسند " (2).
وقال إبراهيم بن عبد الله: كان أبوه سعيد ثقة محتشما
نبيلا، حج مرة، فحج معه أربع مئة نفس، منهم: هشيم،
وإسماعيل بن عياش، وكنت أنا منهم (3).
قال أحمد بن كامل القاضي: حدثني علي بن الحسن النجار،
أخبرنا الصاغاني، أخبرنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال:
رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون، قد قرأ
القرآن، ونظر في الرأي، غير أنه إذا جاع، بكى.
وقال أبو محمد بن اللبان: حفظت القرآن ولي خمس سنين.
قلت: الرجل ثقة حافظ، وقد لينه حجاج بن الشاعر بلا وجه.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 94، و " تهذيب التهذيب " 1 / 124.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 93، و " تهذيب التهذيب " 1 / 124
وفيه: يسأل موسى بن هارون أحمد بن حنبل عن إبراهيم بن سعيد
الجوهري، فقال: كثير الكتاب، كتب فأكثر.
فاستأذنه في الكتابة عنه، فأذن له.
وقال أبو حاتم: كان يذكر بالصدق.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 94.
(*)
(12/150)
وتوفي مرابطا بعين زربة (1).
فما حرروا وفاته كما ينبغي.
فقيل: مات سنة سبع وأربعين.
وقيل سنة أربع وأربعين وقيل: سنة تسع وأربعين، وقيل سنة
ثلاث وخمسين ومئتين.
رحمه الله.
أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، حدثنا محمد بن احمد القطيعي،
أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني، أخبرنا أبو نصر الزينبي،
أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا
إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا مروان بن معاوية، أخبرنا
أبو مالك الاشجعي، أخبرنا نبيط بن شريط، عن أنس، قال: "
شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، فحمد الله،
وقال " الحمد لله أحمده، وأستعينه ".
ثم سألهم: " أي يوم أحرم " ؟ قالوا: هذا اليوم.
وقال: " وأي بلد أحرم " ؟ قالوا: هذا البلد.
قال: " فأي شهر أحرم " ؟ قالوا: هذا الشهر.
قال: " فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا،
في بلدكم هذا، في شهركم هذا.
ألا هل بلغت " ؟ قالوا: اللهم نعم (2).
وبه: حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن
أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته " ثم تلا: *
(وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم
شديد) * (3).
[ هود: 102 ].
__________
(1) بفتح الزاي، وسكون الراء، وباء موحدة، وألف مقصورة،
كذا ضبطها ياقوت، وقال: هو بلد بالثغر من نواحي المصيصة.
(2) رجاله ثقات.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 8 / 267 في التفسير: باب
قوله * (وكذلك أخذ ربك القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)
ومسلم (2583) في البر والصلة: باب تحريم الظلم، والترمذي
رقم (3109) وابن ماجه (4018) من طرق عن أبي معاوية، عن
بريد بهذا الاسناد.
(*)
(12/151)
54 - سفيان بن وكيع * (ت، ق) ابن الجراح
بن مليح، الحافظ بن الحافظ، محدث الكوفة، أبو محمد،
الرؤاسي الكوفي.
كان من أوعية العلم على لين لحقه.
يروي عن: أبيه، وعن جرير بن عبدالحميد، وعبد السلام بن
حرب، وأبي خالد الاحمر، وحفص بن غياث، وطبقتهم، فأكثر.
وعنه: الترمذي، وابن ماجة، ومحمد بن جرير، وأبو عروبة،
ويحيى بن صاعد، وأبو علي أحمد بن محمد الباشاني، وخلق.
قال البخاري: يتكلمون فيه لاشياء لقنوه إياها (1).
وقال أبو زرعة الرازي: لا يشتغل به، كان يتهم (2).
وقال ابن أبي حاتم: أشار عليه أبي أن يغير وراقه، فإنه
أفسد حديثه.
وقال له: لا تحدث إلا من أصولك، فقال: سأفعل، ثم تمادى،
وحدث بأحاديث أدخلت عليه (3).
وقال أبو حاتم بن حبان: كان سفيان بن وكيع شيخا فاضلا
صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراق سوء، كان يدخل عليه الحديث،
وكان يثق به،
__________
* التاريخ الصغير 2 / 385، الجرح والتعديل 4 / 231، 232،
طبقات الحنابلة 1 / 170، تهذيب الكمال: 519، 520، تذهيب
التهذيب 2 / 37 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 173، تهذيب
التهذيب 4 / 123، 124، خلاصة تذهيب الكمال: 146، كتاب
المجروحين 1 / 77.
(1) " التاريخ الصغير " 2 / 385.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 231، و " تهذيب التهذيب " 4 /
124.
(3) " الجرح والتعديل " 4 / 232، و " تهذيب التهذيب " 4 /
124.
(*)
(12/152)
فيجيب فيما يقرأ عليه.
وقيل له بعد ذلك في أشياء منها، فلم يرجع، فمن أجل إصراره
استحق الترك.
وكان ابن خزيمة يروي عنه، وسمعته يقول: حدثنا بعض من
أمسكنا عن ذكره، وهو من الضرب الذي إن لو خر من السماء
فتخطفه الطير، أحب إليه (1) من أن يكذب على رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ولكن أفسدوه، وما كان ابن خزيمة يحدث عنه
إلا بالحرف بعد الحرف (2).
قلت: توفي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعين ومئتين.
ومات فيها إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو عثمان المازني
النحوي، والمتوكل.
قيل: وسلمة بن شبيب، والفتح بن خاقان الوزير.
55 - الرفاعي * (م، ت، ق)
الامام الفقيه الحافظ العلامة، قاضي بغداد، أبو هشام، محمد
بن يزيد بن محمد بن كثير بن رفاعة، العجلي الرفاعي
الكوفي المقرئ.
حدث عن: أبي الاحوص سلام، والمطلب بن زياد، وأبي بكر بن
عياش، وحفص بن غياث، وعبد الله بن الاجلح، ويحيى بن يمان
وطبقتهم.
__________
(1) في الاصل: إلي، والمثبت من " المجروحين " و " ميزان
الاعتدال ".
(2) " تهذيب التهذيب " 4 / 124 وفيه: قال عبدالرحمن: سئل
عنه أبي، فقال: لين.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال في موضع آخر: ليس بشئ.
وقال الآجري: امتنع أبو داود من التحديث عنه.
* التاريخ الكبير 1 / 261، التاريخ الصغير 2 / 387، الجرح
والتعديل 8 / 129، تاريخ بغداد 3 / 375، 377، الانساب 2 /
32، تهذيب الكمال: 1289، 1290، تذهيب التهذيب 4 / 12 / 1،
ميزان الاعتدال 4 / 68، 69، العبر 1 / 453، الوافي
بالوفيات
5 / 216، غاية النهاية في طبقات القراء 2 / 280، 281،
تهذيب التهذيب 9 / 526، 527، خلاصة تذهيب الكمال: 364،
365، شذرات الذهب 2 / 119.
(*)
(12/153)
وأخذ القراءة عن جماعة، وصنف كتابه في القراءات في شذوذ
كثير، وهو صاحب غرائب في الحديث.
حدث عنه: مسلم، والترمذي وابن ماجة، وأحمد بن زهير، وابن
خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وعمر بن بجير،
وجعفر بن محمد الجروي، والحسين المحاملي، وآخرون.
قال أحمد العجلي: لا بأس به، صاحب قرآن، قرأ على سليم،
وولي قضاء المدائن.
وقال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه.
وقال ابن عقدة: حدثنا مطين، عن محمد بن عبد الله بن نمير،
أن أبا هشام كان يسرق الحديث (1).
وروى أبو حاتم عن ابن نمير، قال: كان أضعفنا طلبا.
وأكثرنا غرائب (2).
وقال طلحة بن محمد بن جعفر: استقضي أبو هشام، يعني: ببغداد
في سنة 242 وهو من أهل القرآن والعلم والفقه والحديث.
له كتاب في القراءات.
قرأ علينا ابن صاعد أكثره.
وقال أحمد بن محمد بن محرز: سألت يحيى بن معين، عن أبي
هشام، فقال: ما أرى به بأسا (3).
__________
(1) راجع " تاريخ بغداد " 3 / 376.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 129 وفيه: قال عبدالرحمن: سألت
أبي عنه، فقال:
ضعيف يتكلمون فيه.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 376.
(*)
(12/154)
وقال البرقاني: هو ثقة، أمرني الدراقطني أن أخرج حديثه في
" الصحيح " (1).
وقال النسائي: ضعيف (2).
وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عن جماعة، وله عنهم
شذوذ كثير (3).
قلت: حمل الحروف عن الكسائي، وعن حسين الجعفي، ويحيى ابن
آدم، وأبي يوسف الاعشى، وقيد أحرفا عن أبي بكر بن عياش،
فإنه سمع على أبي بكر ختمة بقراءة الاعشى.
روى عنه القراءة موسى بن إسحاق القاضي، وعلي بن الحسن
القطعي، وأحمد بن سعيد المروزي، وقاسم بن داود، وعثمان بن
خرزاذ، وعلي بن قربة، وجماعة.
وما هو بالمجود لرواياته.
قال أبو العباس السراج: مات في شعبان سنة ثمان وأربعين
ومئتين.
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، ومحمد بن أبي بكر بن بطيخ،
وأحمد بن مؤمن، وعبد الحميد بن أحمد، قالوا: أخبرنا
عبدالرحمن بن نجم الواعظ، أخبرتنا فخر النساء شهدة (4)،
أخبرنا ابن طلحة النعالي،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 376، و " تهذيب التهذيب " 9 /
527.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 377.
(3) " تهذيب التهذيب " 9 / 527 وفيه: ذكره ابن حبان في "
الثقات "، وقال: يخطئ ويخالف.
وقال مسلمة: لا بأس به.
(4) هي شهدة بنت أحمد بن الفرج بن عمر الابري، عالمة
فاضلة، وكاتبة مجيدة، ذات دين وصلاح.
ولدت ببغداد، وسمعت من أكابر علماء عصرها.
توفيت سنة 574 ه ببغداد، وقد نيفت على التسعين، وفي رواية:
على المئة.
وهي مترجمة في " مرآة الزمان ": 353، و " العبر " للمؤلف 4
/ 220، و " شذرات الذهب " 4 / 248.
(*)
(12/155)
وأخبرنا الابرقوهي، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز
الدينوري، أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عاصم بن
الحسن، قالا: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، حدثنا
الحسين بن إسماعيل القاضي، حدثنا أبو هشام الرفاعي سنة
أربع وأربعين ومئتين، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الاعمش،
عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس بن
عبدالمطلب، قال: كنا نلقى النفر من قريش، وهم يتحدثون،
فيقطعون حديثهم.
فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " والله لا
يدخل قلب رجل الايمان، حتى يحبكم لله عزوجل، ولقرابتكم مني
" (1).
56 - أحمد بن الحسن * (خ، ت)
ابن جنيدب، الامام الحافظ المجود الفقيه، أبو
الحسن، الترمذي.
سمع يعلى بن عبيد، وأبا النضر، وعبيدالله بن موسى، وسعيد
بن أبي مريم، وأبا نعيم، وأبا صالح الكاتب، وطبقتهم.
وتفقه بأحمد بن حنبل، وكان بصيرا بالعلل والرجال.
حدث عنه: البخاري والترمذي، وأبو بكر بن خزيمة، وجماعة.
__________
(1) رجاله ثقات إلا أنه منقطع كما بينه المصنف في الجزء
الثاني ص 88 في ترجمة
العباس.
* الجرح والتعديل 2 / 47، طبقات الحنابلة 1 / 37، 38،
الانساب 3 / 45 وسقط من الناسخ " الحسن " فصار: " أبو أحمد
بن الحسن "، تهذيب الكمال: 20، تذهيب التهذيب 1 / 9 / 2،
تذكرة الحفاظ 2 / 536، الوافي بالوفيات 6 / 319، تهذيب
التهذيب 1 / 24، طبقات الحفاظ: 235، خلاصة تذهيب الكمال:
5.
(*)
(12/156)
وكان قد قدم نيسابور في سنة إحدى وأربعين، وحدث بها (1).
وقد روى عنه البخاري في " صحيحه " في المغازي عنه حديثا
(2) بروايته عن أحمد بن حنبل.
لم يظفر له بتاريخ وفاة (3).
وله رحلة شاسعة، وباع أطول في الحديث (4).
57 - أحمد بن الحسن بن خراش
* (م، ت) الحافظ المحدث، أبو جعفر البغدادي.
حدث عن: عبدالرحمن بن مهدي، ووهب بن جرير، وشبابة بن سوار،
وطبقتهم.
روى عنه: مسلم، والترمذي في كتابيهما، ومحمد بن هارون ابن
المجدر، وأبو العباس بن السراج، وآخرون.
وكان ثقة (5).
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 1 / 24 وفيه:...فحدث في ميدان
الحسين، وقال ابن حجر: قال ابن خزيمة: كان أحد أوعية
الحديث.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
(2) 8 / 116 وهو آخر حديث في المغازي، ونصه بسنده: حدثني
أحمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن حنبل بن هلال، حدثنا معتمر
بن سليمان، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن
أبيه، قال: غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة
غزوة.
(3) كذا قال هنا، أما في " التذكرة " 2 / 536 فقال: توفي
سنة بضع وأربعين ومئتين.
(4) وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 / 47: سئل
أبي عنه، فقال: صدوق.
* الجرح والتعديل 2 / 48، تاريخ بغداد 4 / 78، 80، تهذيب
الكمال: 20، تذهيب التهذيب 1 / 10 / 1، تهذيب التهذيب 1 /
24، خلاصة تذهيب الكمال: 5.
(5) " تاريخ بغداد " 4 / 79.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 1 / 24: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
(*)
(12/157)
توفي سنة اثنتين وأربعين ومئتين، وهو من أبناء السبعين، لا
بل ابن ستين سنة إلا عشرين يوما.
قال ابنه: سمعته يقول هذا قبل موته بساعة.
رحمه الله.
58 - الهيثم بن سهل * التستري،
شيخ معمر، عالي الاسناد، محدث لين.
حدث عن: حماد بن زيد، وعبثر بن القاسم، وأبي عوانة، وعلي
ابن مسهر (1)، والمسيب بن شريك، وجماعة.
وسمع من: سليم بن عقبة البقار (2)، ومن حرب يام (3) صاحبي
أنس، وسكن بغداد.
حدث عنه: جعفر بن حمدان والد القطيعي، وعلي بن حماد، ومحمد
بن يوسف الزيات، وأبو سعيد بن الاعرابي، وآخرون.
ضعفه الدارقطني (4).
وقال عبد الغني بن سعيد الحافظ: ضرب إسماعيل القاضي على
حديث الهيثم بن سهل، عن حماد بن زيد، وأنكر عليه (5).
__________
* تاريخ بغداد 14 / 60، 61، ميزان الاعتدال 4 / 323، لسان
الميزان 6 / 207.
(1) في الاصل: علي مسهر.
(2) في الاصل: النقار، والصحيح ما أثبتناه.
وهو مترجم في الميزان 2 / 231، وقال الذهبي: لا يعرف.
(3) لم نتبين حرب يام هذا، وما وقفنا عليه في المصادر التي
في حوزتنا.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 61، و " ميزان الاعتدال " 4 /
323.
(5) " ميزان الاعتدال " 4 / 323، وقال مسلمة بن قاسم فيما
نقله عنه الحافظ في " اللسان " 6 / 207: الهيثم بن سهل بن
عبد الله بن بحر بن مستنير بن مدرك بن صعصعة بن صخر
الزبيدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا بشر
كتب الناس عنه، وهو جائز الحديث...ولم يلق ابن الاعرابي
شيخا أسند منه، ولا أعلى درجة منه.
(*)
(12/158)
وقال القاضي أبو محمد بن زبر: حدثنا الهيثم بن سهل، حدثنا
النضر بن عمرو الحنفي، حدثنا أنس بن مالك، فذكر حديثا.
قلت: لا يدرى من النضر هذا.
وعن الهيثم، قال: ولدت سنة اثنتين وخمسين ومئة (1).
وقع لنا من عواليه في " الخلعيات " (2) حديث.
وفي " معجم " ابن جميع.
وتوفي بعد الستين ومئتين.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، وعلي بن محمد، قالا: أخبرنا
الحسن بن يحيى، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن
الخلعي، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر، أخبرنا أحمد بن محمد بن
زياد، حدثنا الهيثم بن
سهل، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر،
قال: قال عمر: يا رسول الله، إني أصبت مالا بخيبر لم أصب
مالا قط أحب إلي منه، فقال: " إن شئت تصدقت، وإن شئت أمسكت
أصله " فتصدق به عمر على الضعفاء والمساكين وابن السبيل،
لا جناح على من وليها أن يأكل أو يطعم صديقا غير متمول منه
مالا، أو متأثل منه مالا (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 61.
(2) " الخلعيات ": هي عشرون جزءا للقاضي أبي الحسن علي بن
الحسن بن الحسين ابن محمد الشافعي المعروف بالخلعي، لانه
كان يبيع الخلع لاولاد الملوك بمصر، الموصلي الاصل، المصري
الدار والوفاة، المتوفى سنة 492 ه.
وهو مترجم في " العبر " للمؤلف 3 / 334.
(3) إسناده ضعيف، لضعف الهيثم بن سهل، لكن الحديث قد ثبت
من طريق آخر، فقد أخرجه أحمد 2 / 12، 13، والبخاري 5 / 263
في الشروط والوقف والوصايا، ومسلم (632) في الوصية: باب
الوقف، وأبو داود (2878) والترمذي (1375) والنسائي 6 /
230، 231 كلهم من طريق ابن عون - واسمه عبد الله - عن
نافع، عن ابن عمر.
(*)
(12/159)
59 - أحمد بن صالح * (خ، د) الامام الكبير، حافظ زمانه
بالديار المصرية،
أبو جعفر المصري، المعروف بابن الطبري.
كان أبوه جنديا من آمل طبرستان.
وكان أبو جعفر رأسا في هذا الشأن، قل أن ترى العيون مثله،
مع الثقة والبراعة.
ولد بمصر سنة سبعين ومئة، ضبطه ابن يونس.
حدث عن: ابن وهب فأكثر، وعن سفيان بن عيينة، ارتحل إليه،
وحج، وسار إلى اليمن، فأكثر عن عبد الرزاق.
وروى أيضا عن: ابن أبي فديك، وعنبسة بن خالد الايلي، وحرمي
بن عمارة، وأسد بن موسى، وعبد الملك بن عبدالرحمن الذماري،
ويحيى بن حسان، ويحيى بن محمد الجاري، وأبي نعيم، وعفان،
وسلامة بن روح، وخلق سواهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن
يحيى، وموسى بن سهل الرملي، ومحمد بن المثنى الزمن، وهو
أكبر
__________
* التاريخ الكبير 2 / 6، الجرح والتعديل 2 / 56، تاريخ
بغداد 4 / 195، 202، الجمع بين رجال الصحيحين: 10، طبقات
الحنابلة 1 / 48، 50، تهذيب الكمال: 1 / 340، تذهيب
التهذيب 1 / 11 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 495، 496، ميزان
الاعتدال 1 / 103، 104، العبر 1 / 450، الوافي بالوفيات 6
/ 424، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 6، 8، غاية النهاية في
طبقات القراء 1 / 62، تهذيب التهذيب 1 / 39، 42، النجوم
الزاهرة 2 / 328، طبقات الحفاظ: 216، خلاصة تذهيب الكمال:
7، شذرات الذهب 2 / 117.
(*)
(12/160)
منه، ومحمود بن غيلان، وهو من طبقته، ومحمد بن عبد الله بن
نمير، ومات قبله بزمان، وأبو إسماعيل الترمذي، وأبو الاحوص
محمد بن الهيثم، ويعقوب الفسوي، وإسماعيل سمويه، وصالح بن
محمد جزرة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي،
وعلي بن الحسين بن الجنيد، وعبيد بن رجال، وأحمد بن محمد
بن نافع الطحان، وخلق كثير، آخرهم وفاة أبو بكر بن أبي
داود، وقد سمع منه النسائي، ولم
يحدث عنه، وقع بينهما، وآذاه أحمد بن صالح، فآذى النسائي
نفسه بوقوعه في أحمد (1).
روى علي بن عبدالرحمن بن المغيرة، عن محمد بن عبد الله بن
نمير، سمعت أبا نعيم يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث
أهل الحجاز من هذا الفتى، يريد أحمد بن صالح.
وقال الحافظ ابن عدي: سمعت أحمد بن عاصم الاقرع بمصر، سمعت
أبا زرعة الدمشقي يقول: قدمت العراق، فسألني أحمد بن حنبل:
من خلفت بمصر ؟ قلت: أحمد بن صالح، فسر بذكره، وذكر خيرا،
ودعا الله له.
محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري: سمعت أبا الحسن علي بن
محمود الهروي يقول: قلت لاحمد بن حنبل: من أعرف الناس
بأحاديث
__________
(1) وقال في " السير " 11 / 83: وأما كلام النسائي في أحمد
بن صالح، فكلام موتور، لانه آذى النسائي وطرده من مجلسه
فقال فيه: ليس بثقة.
وقال أبو يعلى الخليلي في " الارشاد " فيما نقله عنه
السبكي في " طبقاته " 2 / 8: أحمد ابن صالح ثقة حافظ،
واتفق الحفاظ على أن كلام النسائي فيه تحامل، ولا يقدم
كلام أمثاله فيه.
وقال أبو بكر بن العربي في " عارضة الاحوذي ": إمام ثقة من
أئمة المسلمين، ولا يؤثر فيه تجريح، وإن هذا القول يحط من
النسائي أكثر مما يحط ابن صالح.
(*)
(12/161)
ابن شهاب ؟ قال: أحمد بن صالح، ومحمد بن يحيى النيسابوري.
وقال عبد الله بن إسحاق النهاوندي الحافظ: سمعت يعقوب بن
سفيان يقول: كتبت عن (1) ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات، ما أحد
أتخذه عند الله حجة، إلا رجلين: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد
بن حنبل
بالعراق (2).
قلت: في صحة هذا نظر، فإن يعقوب ما كتب عن ألف شيخ ولا شطر
ذلك.
وهذه مشيخته (3) موجودة في مجلد لطيف، وشتان ما بين
الاحمدين في سعة الرحلة، وكثرة المشايخ، والجلالة والفضل.
قال البخاري: أحمد بن صالح ثقة صدوق (4)، ما رأيت أحدا
يتكلم فيه بحجة، وكان أحمد بن حنبل وعلي وابن نمير وغيرهم
يثنون (5) على أحمد بن صالح.
كان علي يقول: سلوا أحمد، فإنه أثبت (6).
خلف الخيام: سمعت صالح بن محمد، يقول: قال أحمد بن صالح:
كان عند ابن وهب مئة ألف حديث، كتبت عنه خمسين ألفا (7).
قال صالح: ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث، ولا يحفظ غير
أحمد بن صالح، كان يعقل الحديث، ويحسن أن يأخذ، وكان رجلا
__________
(1) في " غاية النهاية ": 1 / 62: " على ".
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 200، وطبقات الشافعية " للسبكي 2
/ 7، و " غاية النهاية " 1 / 62، و " تهذيب التهذيب " 1 /
40.
(3) في الاصل " مشيخة ".
(4) على هامش الاصل ما نصه: مأمون.
خ.
(5) في " تاريخ بغداد ": يثبتون وهو تصحيف.
(6) تاريخ بغداد 4 / 201.
(7) تاريخ بغداد 4 / 200.
(*)
(12/162)
جامعا، يعرف الفقه والحديث والنحو، ويتكلم - يعني: يعرف
ويذاكر - في حديث الثوري وشعبة وأهل العراق، أي يذاكر
بذلك.
قال: وكان
قدم العراق، وكتب عن عفان وهؤلاء.
وكان يذاكر بحديث الزهري، ويحفظه (1).
وقال أحمد بن صالح: كتبت عن ابن زبالة، يعني: محمد بن
الحسن بن زبالة (2) مئة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع
الحديث، فتركت حديثه (3).
وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر بن السرح، ويقع في
حرملة ويونس بن عبدالاعلى.
قال ابن عدي: سمعت محمد بن موسى الحضرمي - هو أخو أبي
عجيبة - يقول: سمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح:
صنف ابن وهب مئة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض الناس منها
الكل - يعني: حرملة - وعند بعض الناس منها النصف، يريد
نفسه.
قال علي بن الجنيد الحافظ: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير
يقول: أخبرنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفرات، فليس أحد
مثله (4).
__________
(1) تاريخ بغداد 4 / 200.
(2) مترجم في " ميزان الاعتدال " 3 / 514، وجاء فيه: قال
أبو داود: كذاب، وقال يحيى: ليس بثقة.
وقال النسائي والازدي: متروك.
وقال أبو حاتم: واهي الحديث.
وقال الدارقطني وغيره: منكر الحديث.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 200.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 199، و " تهذيب التهذيب " 1 / 40.
(*)
(12/163)
وقال الحافظ ابن عقدة: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن
قتيبة،
سمعت ابن نمير، وذكر أحمد بن صالح، فقال: هو واحد الناس في
علم الحجاز والمغرب، فهم (1)، وجعل يعظمه.
وأخبرنا عنه بغير شئ.
أحمد بن سلمة النيسابوري، عن ابن وارة، قال: أحمد بن حنبل
ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنفيلي بحران، هؤلاء أركان
الدين (2).
قال أحمد العجلي: أحمد بن صالح مصري ثقة، صاحب سنة (3).
وقال أبو حاتم: ثقة.
كتبت عنه بمصر وبدمشق وأنطاكية (4).
قال أبو زرعة الدمشقي: ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة
سبع عشرة ومئتين.
وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كتب أحمد بن
صالح عن سلامة بن روح، وكان لا يحدث عنه، وكتب عن ابن
زبالة بخمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه، وحدث أحمد بن
صالح قبل أن يبلغ الاربعين، وكتب عباس العنبري عن رجل عنه،
وقال: كان أحمد ابن صالح يقوم كل لحن في الحديث (5).
وقال أبو عبد الله محمد بن عبدالرحمن بن سهل الغزال: أحمد
بن
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 199: والمعرب فيهم.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 199.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 201.
(4) " الجرح والتعديل " 2 / 56، و " تاريخ بغداد " 4 / 199
من طريق أبي عبد الله الغزال.
(5) وفي " المحدث الفاصل " ص 526 و " الكفاية " 197 عن
عبدالملك الميموني قال: رأيت أحمد بن حنبل يغير اللحن في
كتابه.
وقال الشعبي: لا بأس أن يقوم اللحن في الحديث، وكذا قال
الاوزاعي كما في " المحدث الفاصل " 524.
(*)
(12/164)
صالح طبري الاصل، كان من حفاظ الحديث، واعيا، رأسا في علم
الحديث وعلله، وكان يصلي بالشافعي.
ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم بالآثار منه (1).
قال أبو سعيد بن يونس: كان أبوه من طبرستان جنديا من
العجم، وكان أحمد حافظا للحديث.
ذكره النسائي يوما، فرماه، وأساء الثناء عليه، وقال: حدثنا
معاوية بن صالح، سمعت يحيى بن معين يقول: أحمد بن صالح
كذاب يتفلسف (2).
ثم قال ابن يونس: لم يكن عندنا بحمد الله كما قال النسائي،
ولم يكن له آفة غير الكبر (3).
وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت عبدان الاهوازي يقول: سمعت أبا
دواد السجستاني يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون،
يعني: ليس بذاك في الجلالة.
ثم قال ابن عدي: وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول:
كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار، ويركبه إلى
صلاة الجمعة.
وكنت جالسا عند حرملة في الجامع، فجاز أحمد بن صالح على
باب الجامع، فنظر إلينا وإلى حرملة، ولم يسلم، فقال حرملة:
انظروا إلى هذا، بالامس يحمل دواتي، واليوم يمر بي فلا
يسلم.
وقال أيضا: سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أبا عبد
الرحمن النسائي، سمعت معاوية بن صالح قال: سألت يحيى عن
أحمد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 199.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 202 وسينقل المؤلف عن ابن عدي أن
قول ابن معين هذا فيه تحامل.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 202، و " تهذيب التهذيب " 1 / 41.
(*)
(12/165)
صالح، فقال: رأيته كذابا يخطر في جامع مصر (1).
وقال عبد الكريم بن النسائي عن أبيه: أحمد بن صالح ليس
بثقة ولا مأمون، تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن معين
بالكذب (2).
قال ابن عدي: كان النسائي سئ الرأي فيه، وينكر عليه أحاديث
منها، عن ابن وهب، عن مالك، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدين النصيحة
".
ثم قال ابن عدي: أحمد بن صالح من حفاظ الحديث، وخاصة لحديث
الحجاز، ومن المشهورين بمعرفته.
وحدث عنه البخاري مع شدة استقصائه، ومحمد بن يحيى،
واعتمادهما عليه في كثير من حديث الحجاز، وعلى معرفته.
وحدث عنه من حدث من الثقات، واعتمدوه حفظا وإتقانا.
وكلام ابن معين فيه تحامل.
وأما سوء ثناء النسائي عليه، فسمعت محمد بن هارون بن حسان
البرقي يقول: هذا الخراساني يتكلم في أحمد بن صالح.
وحضرت مجلس أحمد بن صالح، وطرده من مجلسه، فحمله ذلك على
أن
__________
(1) يرى ابن حبان أن الذي كذبه ابن معين هو أحمد بن صالح
الشمومي، وليس أحمد ابن صالح المصري، فقد جاء في " الثقات
": وكان أحمد بن صالح في الحديث، وحفظه، ومعرفة التاريخ،
وأنساب المحدثين عند أهل مصر كأحمد بن حنبل عند أصحابنا
بالعراق، ولكنه كان صلفا تياها، لا يكاد يعرف أقدار من
يختلف إليه، وكان يحسد على ذلك، والذي روى معاوية بن صالح،
عن يحيى بن معين أن أحمد بن صالح كذاب، فإن ذلك أحمد بن
صالح الشمومي شيخ كان بمكة يضع الحديث سأل معاوية يحيى
عنه، فأما هذا، فهو يقارن ابن معين في الحفظ والاتقان،
وكان أحفظ لحديث مصر والحجاز من يحيى بن معين.
(2) قال المؤلف في " السير " 11 / 82، 83 في ترجمة يحيى بن
معين: ومن نادر ما شذ به ابن معين رحمه الله كلامه في أحمد
بن صالح حافظ مصر، فإنه تكلم فيه باجتهاده، وشاهد فيه ما
يلينه باعتبار عدالته لا باعتبار إتقانه، فإنه متقن ثبت،
ولكن عليه مأخذ في تيه وبأو كان يتعاطاه والله لا يحب كل
مختال فخور، ولعله اطلع منه على حال في أيام شبيبة ابن
صالح، فتاب منه أو من بعضه، ثم شاخ ولزم الخير، فلقيه
البخاري والكبار، واحتجوا به.
(*)
(12/166)
تكلم فيه.
قال: وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه، فالقول ما قاله أحمد
لا ما قاله غيره.
وحديث: " الدين النصيحة " الذي أنكره النسائي قد رواه يونس
بن عبدالاعلى أيضا، عن ابن وهب، وقد رواه عن مالك محمد بن
خالد بن عثمة (1).
قال: وأحمد بن صالح من أجلة الناس، وذاك أني رأيت جمع أبي
موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري، يقول: كتب إلي
أحمد بن صالح: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري.
ولولا أني شرطت في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم فيه
متكلم لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره (2).
قال أبو عمرو الداني، عن مسلمة بن القاسم: الناس مجمعون
على ثقة أحمد بن صالح، لعلمه وخيره وفضله، وإن أحمد بن
حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه.
وكان سبب تضعيف النسائي له، أن أحمد بن صالح كان لا
__________
(1) وأخرجه أيضا أحمد 2 / 297، والترمذي (1926) من طريق
ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، وقال الترمذي: حسن.
وأخرجه النسائي 7 / 157 في البيعة: باب النصيحة للامام من
طريق إسماعيل بن جعفر، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم،
وعن سمي، وعن عبيدالله بن مقسم، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة.
وأخرجه أحمد 4 / 102، ومسلم (55) والنسائي 7 / 156، 157،
ثلاثتهم من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن
يزيد الليثي، عن تميم الداري.
قال الحافظ ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " ص 73 بعد أن
ذكره من حديث تميم الداري ومن حديث أبي هريرة: فمن العلماء
من صححه من الطريقين جميعا، ومنهم من قال: إن الصحيح حديث
تميم، والاسناد الآخر وهم، وقد روي هذا الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وثوبان وابن عباس
وغيرهم.
قلت: حديث ابن عمر أخرجه الدارمي 2 / 311 وسنده قوي، وحديث
ثوبان أخرجه الطبراني في الاوسط كما في " المجمع " 1 / 87،
وسنده ضعيف، وحديث ابن عباس أخرجه أحمد 1 / 315 وسنده ضعيف
أيضا، وأورده في " المجمع " وزاد نسبته للبزار والطبراني.
(2) " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 8.
(*)
(12/167)
يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين.
أنه من أهل الخير والعدالة.
فكان يحدثه، ويبذل له علمه، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة
ابن قدامة.
فأتى النسائي ليسمع منه، فدخل بلا إذن، ولم يأته برجلين
يشهدان له بالعدالة، فلما رآه في مجلسه أنكره، وأمر
بإخراجه، فضعفه النسائي لهذا.
وقال الخطيب: احتج سائر الائمة بحديث ابن صالح سوى
النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق لسانه فيه.
وليس الامر على ما ذكر النسائي.
ويقال: كان فيه الكبر، وشراسة الخلق، ونال النسائي منه
جفاء في مجلسه، فذلك الذي أفسد الحال بينهما (1).
وقد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات.
وما أورده في الضعفاء، فأحسن، ولكن ذكر في الضعفاء أحمد بن
صالح المكي
الشمومي (2) وكذبه، وادعى أنه هو الذي حط عليه ابن معين.
وقصد أن ينزه ابن معين عن الوقيعة في مثل أحمد بن صالح
الطبري الحافظ.
قال عبد الله بن محمد بن سيار: أخبرنا بندار قال: كتبت إلى
أحمد ابن صالح بخمسين ألف حديث، أي إجازة، وسألته أن يجيز
لي، أو يكتب إلي بحديث مخرمة بن بكير، فلم يكن عنده من
المروءة ما يكتب بذلك إلي.
قال الخطيب: بلغني أن أحمد بن صالح كان لا يحدث إلا ذا
لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه.
فلما حمل أبو داود السجستاني إليه ابنه،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 200.
(2) مترجم في " تهذيب التهذيب " 1 / 42، 43 تمييزا، وانظر
طبقات السبكي 2 / 8.
(*)
(12/168)
ليسمع منه - وكان إذا ذاك أمرد أنكر أحمد بن صالح على أبي
داود إحضاره.
فقال له أبو داود: هو - وإن كان أمرد - أحفظ من أصحاب
اللحى، فامتحنه، بما أردت.
فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ
ولم يحدث أمرد غيره (1).
قال: وكان أحد حفاظ الاثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا
باختلافه، ورد بغداد قديما، وجالس بها الحفاظ، وجرت بينه
وبين أحمد ابن حنبل مذاكرات.
وكان أبو عبد الله يذكره، ويثني عليه.
وقيل: إن كلا منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا، ثم
رجع ابن صالح إلى مصر، وانتشر عند أهلها، علمه، وحدث عنه
الائمة.
أنبأنا أبو الغنائم بن علان، أخبرنا أبو اليمن الكندي،
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرني
أحمد بن سليمان بن علي
المقرئ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل، أخبرنا أبو أحمد
بن عدي، سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، سمعت أبا
بكر بن زنجويه، يقول: قدمت مصر، فأتيت أحمد بن صالح،
فسألني: من أين أنت ؟ قلت: من بغداد.
قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل ؟ فقلت: أنا من
أصحابه.
قال: تكتب لي موضع منزلك ؟ فإني أريد أوافي العراق، حتى
تجمع بيننا.
فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومئتين إلى
عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك ؟
فدهبت به إلى أحمد بن حنبل، واستأذنت له، فقلت: أحمد بن
صالح بالباب، فأذن له، فقام إليه، ورحب به وقربه.
ثم قال له: بلغني أنك جمعت
__________
(1) تاريخ بغداد 4 / 201.
(*)
(12/169)
حديث الزهري، فتعال حتى نذكر (1) ما روى الزهري عن أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر، حتى فرغا، فما
رأيت أحسن من مذاكرتهما.
ثم قال أحمد بن حنبل: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن
أولاد الصحابة.
فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال
لاحمد بن صالح: عند الزهري: عن محمد بن جبير ابن مطعم، عن
أبيه، عن عبدالرحمن بن عوف: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" ما يسرني أن لي حمر النعم، وأن لي حلف المطيبين " (2).
فقال أحمد بن صالح لاحمد بن حنبل: أنت الاستاذ، وتذكر مثل
هذا ؟ ! فجعل أحمد يتبسم، ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول
أو صالح عبدالرحمن بن إسحاق.
فقال: من رواه عن عبدالرحمن ؟ فقال: حدثناه ثقتان (3):
إسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، فقال أحمد بن صالح بن:
سألتك
بالله إلا أمليته علي، فقال أحمد: من الكتاب.
فقام ودخل، فأخرج الكتاب، وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح:
لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث لكان كثيرا، ثم ودعه
وخرج (4).
وهذا الحديث في " مسند " الامام أحمد عنهما.
ولفظه قال صلى الله عليه وسلم: " شهدت غلاما مع عمومتي حلف
المطيبين، فما أحب أن لي حمر النعم.
وإني أنكثه " فهذا لفظ إسماعيل.
ثم رواه ثانيا، فقال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عبدالرحمن
بن إسحاق عن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن، عن النبي صلى
الله عليه وسلم: " شهدت حلف المطيبين مع عمومتي، وأنا
__________
(1) في تاريخ بغداد 4 / 197: نذاكر.
(2) أنظر في سبب تسميتهم بالمطيبين التعليق (1) في الصفحة
التالية.
(3) في تاريخ بغداد: حدثنا رجلان تقيان وهو تصحيف.
(4) تاريخ بغداد 4 / 197، 198.
(*)
(12/170)
غلام، فما أحب أن لي حمر النعم، وإني أنكثه " (1).
قلت: أنبأنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا حنبل،
أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي،
حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي بهما.
وقد قال البخاري في التوحيد من " صحيحه " (2): حدثنا محمد،
__________
(1) هما في " المسند " الاول في 1 / 193 من إسماعيل ابن
علية والثاني في 1 / 190 من طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن
عبدالرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد ابن جبير بن مطعم،
عن أبيه، عن عبدالرحمن بن عوف وهذا سند رجاله ثقات، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 8 / 172، وزاد نسبته لابي يعلى
والبزار، وقال: ورجاله رجال
الصحيح، وذكره ابن كثير في " البداية " 2 / 290، 291 عن
البيهقي باسناده إلى إسماعيل بن علية، عن عبدالرحمن بن
إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن
النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يذكر عبدالرحمن بن عوف...ثم
قال البيهقي: وكذا رواه بشر بن المفضل عن عبدالرحمن..ثم
نقل ابن كثير عن البيهقي قوله: وزعم بعض أهل السير أنه
أراد حلف الفضول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك
حلف المطيبين.
وعلق عليه ابن كثير، فقال: هذا لا شك فيه، وذلك أن قريشا
تحالفوا بعد موت قصي، وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه
عبدالدار من السقاية والرفادة واللواء والندوة والحجابة،
ونازعهم فيه بنو عبد مناف، وقامت مع كل طائفة قبائل من
قريش، وتحالفوا على النصرة لحزبهم، فأحضر أصحاب بني عبد
مناف جفنة فيها طيب، فوضعوا أيديهم فيها، وتحالفوا، فلما
قاموا، مسحوا أيديهم بأركان البيت فسموا المطيبين وكان هذا
قديما.
ولكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول، وكان في دار عبد الله
بن جدعان، كما رواه الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن عبد
الله، عن محمد وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: لقد شهدت في دار عبد الله بن
جدعان حلفا لو دعيت به في الاسلام لاجبت، تحالفوا أن يردوا
الفضول على أهلها وأن لا يعز ظالم مظلوما قالوا: وكان حلف
الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذي القعدة، وكان بعد
حرب الفجار بأربعة أشهر.
(2) 13 / 301: باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى وعمرو: هو ابن
الحارث، وابن أبي هلال: هو سعيد، وأبو الرجال: محمد بن
عبدالرحمن.
وأخرجه مسلم (813) في صلاة المسافرين: باب فضل قل هو الله
أحد من طريق أحمد بن عبدالرحمن ابن وهب، عن عمه عبد الله
بن وهب بهذا الاسناد.
(*)
(12/171)
حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو، عن ابن
أبي هلال، أن أبا الرجال حدثه عن أمه عمرة، وكانت في حجر
عائشة، عن
عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث رجلا على سرية،
وكان يقرأ لاصحابه في صلاتهم فيختم ب * (قل هو الله أحد)
*.
فلما رجعوا، ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
سلوه لاي شئ يصنع ذلك ؟ فسألوه، فقال: لانها صفة الرحمن،
وأنا أحب أن أقرأ بها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أخبروه أن الله يحبه ".
فمحمد هو ابن يحيى الذهلي، قال ذلك أبو علي الغساني في
كتاب " تقييد المهمل " وأنا إلى هذا أميل، إن كانت النسخ
متفقة على ذلك.
فإنني أخاف أن (1) يكون محمد هو البخاري، فإن كثيرا من
النسخ في أول كل حديث منها اسم المؤلف، وفي بعضها: محمد
الفربري أخبرنا محمد، فيحرر هذا (2).
قال أبو زرعة النصري (3): حدثني أحمد بن صالح، قال: حدثت
__________
(1) في الاصل: لا.
(2) في البخاري الذي شرحه ابن حجر: " حدثنا أحمد بن صالح "
باسقاط لفظ " محمد " قبل أحمد بن صالح قال الحافظ: كذا
للاكثر، وبه جزم أبو نعيم في المستخرج، وأبو مسعود في "
الاطراف " ووقع في " الاطراف " للمزي أن في بعض النسخ:
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صالح.
قلت (القائل ابن حجر): وبذلك جزم البيهقي تبعا لخلف في "
الاطراف " قال خلف: ومحمد هذا أحسبه محمد بن يحيى الذهلي.
ووقع عند الاسماعيلي بعد أن ساق الحديث من رواية حرملة عن
ابن وهب: ذكره البخاري عن محمد بلا خبر عن أحمد بن صالح،
فكأنه وقع عند الاسماعيلي بلفظ: قال محمد، وعلى رواية
الاكثر، فمحمد هو البخاري المصنف، والقائل: قال محمد: هو
الفربري، وذكر الكرماني هذا احتمالا.
وقال في " المقدمة ": 231: ترجمته قال في التوحيد: حدثنا
محمد، حدثنا أحمد بن صالح.
كذا في معظم الروايات، وسقط ذكر " محمد " لابن السكن، وجزم
الحاكم
والكلاباذي بأن محمد هذا هو الذهلي.
(3) هو صاحب " تاريخ دمشق ".
(*)
(12/172)
أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار (1)،
فأعجبه، واستزادني مثله.
فقلت: ومن أين مثله ؟ ! قال صالح بن محمد جزرة الحافظ:
حضرت مجلس أحمد بن صالح، فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن
يحضر مجلسي، فقلت: أما الماجن فأنا هو: وذاك أنه قيل له:
صالح الماجن قد حضر مجلسك.
الحاكم: حدثنا أبو حامد السياري، حدثنا أبو بكر محمد بن
داود الرازي: سمعت أبا زرعة الرازي، يقول: ارتحلت إلى أحمد
بن صالح، فدخلت فتذاكرانا إلى أن ضاق الوقت، ثم أخرجت من
كمي أطرافا فيها أحاديث، فسألته عنها: فقال لي: تعود.
فعدت من الغد مع أصحاب الحديث، فأخرجت الاطراف، وسألته
فقال: تعود.
فقلت: أليس قلت لي بالامس ما عندك ما يكتب، أورد علي مسندا
أو مرسلا أو حرفا مما أستفيد، فإن لم أورد ذلك عمن هو أوثق
منك، فلست بأبي زرعة، ثم قمت، وقلت لاصحابنا: من ها هنا
ممن نكتب عنه ؟ قالوا: يحيى بن بكير.
فذهبت إليه.
وقال ابن عدي: كان أحمد بن صالح قد سمع في كتب حرملة،
فمنعه حرملة من الكتب، ولم يدفع إليه إلا نصف الكتب.
فكان أحمد بن صالح بعد، كل من سمع من حرملة، وبدأ به إذا
وافى مصر، لم يحدثه أحمد.
وقال ابن عدي: سمعت عبد الله بن محمد بن سلم المقدسي يقول:
قدمت مصر، فبدأت بحرملة، فكتبت عنه كتاب عمرو بن الحارث،
ويونس ابن يزيد والفوائد، ثم ذهبت إلى أحمد بن صالح فلم
يحدثني، فحملت
كتاب يونس، فخرقته بين يديه، أرضيه بذلك وليتني لم أخرقه -
فلم
__________
(1) سيرد الحديث في الصفحة: 175.
(*)
(12/173)
يرض، ولم يحدثني.
قلت: نعوذ بالله من هذه الاخلاق.
صدق أبو سعيد بن يونس حيث يقول: لم يكن له آفة غير الكبر،
فلو قدح في عدالته بذلك، فإنه إثم كبير.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد،
أخبرنا المبارك بن أبي الجود، أخبرنا أحمد بن أبي غالب
الزاهد، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا محمد بن
عبدالرحمن المخلص، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان،
حدثنا أبو جعفر أحمد بن صالح المصري، حدثنا ابن أبي فديك،
حدثني ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قلت: يا
رسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا، فأنساه.
قال: " ابسط رداءك "، فبسطته، فغرف بيده، ثم قال: " ضمه "
فضممته، فما نسيت حديثا بعد.
رواه البخاري (1)، عن الثقة، عن ابن أبي فديك.
وبه: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فديك، قال: أخبرني
ابن أبي ذئب، عن شرحبيل، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " لان يتصدق الرجل في حياته بدرهم
خير من أن يتصدق بمئة دينار عند موته ".
أخرجه أبو داود (2) عن أحمد، فوافقناه بعلو.
__________
(1) 6 / 466 في آخر علامات النبوة في الاسلام، وقد رواه
البخاري من غير هذا الطريق في مواضع متعددة من " صحيحه "
انظر رقم (118) و (119) و (2047) و (2350) و (7354)
من الطبعة السلفية.
وقد تقدم تخريجه في الجزء الثاني ص 595 من هذا الكتاب في
ترجمة أبي هريرة.
(2) رقم (2866) في الوصايا: باب ما جاء في كراهية الاضرار
في الوصية، وشرحبيل - (*)
(12/174)
فأما حديث بيع الثمار، فأنبأناه علي بن أحمد، أخبرنا عمر
ابن محمد، أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو جعفر بن
المسلمة، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن أبي
داود، حدثنا أحمد، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس بن يزيد، قال:
سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما يذكر
في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير، يحدث عن سهل بن أبي
حثمة، عن زيد بن ثابت، قال: كان الناس يتبايعون الثمار،
فإذا جد الناس (1)، وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب
الثمار الدمان، وأصابه قشام، وأصابه مراض، عاهات (2)
يحتجون بها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإما لا [ فلا ]
تبيايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها " كالمشورة (3) يشير بها
لكثرة خصومتهم.
قال ابن أبي داود: إني شاك، لا أدري سمعت هذه الكلمة من
قول أحمد وهو في كتابي مجاز عليه.
وأخرجه أبو داود (4) عن أحمد بن صالح.
__________
هو ابن سعد الانصاري الخطمي مولاهم المدني - قال الحافظ في
" التقريب ": صدوق اختلط بآخره ومع ذلك فقد أخرج حديثه هذا
ابن حبان في " صحيحه " (821) وباقي رجاله ثقات.
وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة مرفوعا " أفضل الصدقة
أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى، وتخشى الفقر، ولا تمهل
حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان
لفلان ".
1) أي: قطعوا ثمارهم، والجداد: صرام النخل، وهو قطع ثمرتها
وأخذها من
الشجر.
(2) الدمان - ضبطه أبو عبيد بفتح الدال وتخفيف الميم،
وضبطه الخطابي بضم أوله.
قال عياض: وهما صحيحان -: فساد الثمر وعفنه قبل إدراكه حتى
يسود، من الدمن وهو السرقين.
والقشام بالضم وتخفيف الشين: أن ينتقض ثمر النخل قبل أن
يصير بلحا.
والمراض، بالضم: داء يقع في الثمرة فتهلك.
(3) بضم الشين وسكون الواو، وبسكون الشين وفتح الواو،
لغتان، قال الفراء: المشورة أصلها مشورة، ثم نقلت إلى
مشورة لخفتها.
(4) رقم (3372) في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو
صلاحها، وأخرجه البخاري (*)
(12/175)
قال جماعة منهم البخاري، وابن زبر: مات أحمد بن صالح في
شهر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومئتين.
وقد كان أحمد بن صالح من جلة المقرئين.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن ورش،
وقالون، وإسماعيل بن أبي أويس، وأخيه أبي بكر بن أبي أويس،
كلهم عن نافع، قال: وروى حروف عاصم عن حرمي بن عمارة.
روى عنه القراءة: حجاج الرشديني، والحسن بن أبي مهران
الجمال، والحسن بن علي بن مالك الاشناني، وحسن بن القاسم،
والخضر بن الهيثم الطوسي، وأبو إسحاق الحراني، وغيرهم.
قرأت على عمر بن عبد المنعم، عن زيد بن الحسن، أنبأنا أبو
الحسين بن توبة، أخبرنا أبو محمد بن هزارمرد (1)، أخبرنا
عمر بن إبراهيم الكتاني، حدثنا أبن مجاهد في كتاب " السبعة
" له (2)، قال: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا أحمد بن صالح،
عن ورش، وقالون، وأبي بكر،
وإسماعيل، عن نافع بالحروف.
__________
= 4 / 329 في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها
تعليقا فقال: وقال الليث عن أبي الزناد بهذا الاسناد.
قال الحافظ: لم أره موصولا من طريق الليث، وقد رواه سعيد
بن منصور عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن
زيد بن ثابت نحو حديث الليث، وأخرجه أبو داود (3372)
والطحاوي 4 / 28 من طريق يونس بن يزيد، عن أبي الزناد،
وأخرجه البيهقي 5 / 301، 302 من طريق يونس بن يزيد
بالاسنادين معا.
(1) هو عبد الله بن محمد الصريفيني.
مترجم في المجلد 11 / 440 من " سير أعلام النبلاء ".
ومعنى هزار مرد: ألف رجل، بالفارسية.
انظر " التاج ": هزر و " الانساب " 8 / 59.
(2) وهو مطبوع بتحقيق الدكتور شوقي ضيف.
(*)
(12/176)
قال أبو داود: سألت أحمد بن صالح عمن قال: القرآن كلام
الله، ولا يقول: مخلوق، ولا غير مخلوق.
فقال: هذا شاك، والشاك كافر (1).
قلت: بل هذا ساكت.
ومن سكت تورعا لا ينسب إليه قول، ومن سكت شاكا مزريا على
السلف، فهذا مبتدع.
وقال محمد بن موسى المصري: سألت أحمد بن صالح، فقلت: إن
قوما يقولون: إن لفظنا بالقرآن غير الملفوظ، فقال: لفظنا
بالقرآن هو الملفوظ، والحكاية هي المحكي، وهو كلام الله
غير مخلوق، من قال: لفظي به مخلوق فهو كافر.
قلت: إن قال: لفظي، وعنى به القرآن، فنعم، وإن [ قال ]
لفظي، وقصد به تلفظي وصوتي وفعلي انه مخلوق، فهذا مصيب،
فالله تعالى خالقنا، وخالق أفعالنا وأدواتنا.
ولكن الكف عن هذا هو السنة، ويكفي
المرء أن يؤمن بأن القرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله
على قلب نبيه، وأنه غير مخلوق، ومعلوم عند كل ذي ذهن سليم
أن الجماعة إذا قرؤوا السورة، أنهم جميعهم قرؤوا شيئا
واحدا، وأن أصواتهم وقراءاتهم، وحناجرهم أشياء مختلفة،
فالمقروء كلام ربهم، وقراءتهم وتلفظهم ونغماتهم متابينة،
ومن لم يتصور الفرق بين التلفظ وبين الملفوظ، فدعه وأعرض
عنه.
__________
(1) " غاية النهاية في طبقات القراء " 1 / 62.
(*)
(12/177)
60 - عقبة بن مكرم * (م، د، ت، ق) ابن أفلح، الحافظ الثبت،
أبو عبد الملك،
العمي البصري، لا الكوفي حدث عن غندر، ويحيى القطان، ومحمد
بن أبي عدي، وعبد الرحمن، وابن أبي فديك، ووهب بن جرير،
وخلق كثير.
حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وبقي بن
مخلد، وابن أبي عاصم، وأحمد بن عمرو البزار، وعلي بن
زاطيا، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وآخرون.
قال أبو داود: ثقة ثقة، هو فوق بندار عندي (1).
وقال بعض الحفاظ: كان ثقة مجودا.
قال السراج: مات في سنة ثلاث وأربعين ومئتين.
أما:
61 - عقبة بن مكرم الضبي
* * الهلالي الكوفي، فحدث عن: سفيان بن عيينة، والمسيب بن
__________
* التاريخ الكبير 6 / 439، التاريخ الصغير 2 / 380، الجرح
والتعديل 6 / 317، تاريخ بغداد 12 / 266، 267، طبقات
الحنابلة 1 / 246، 247، تهذيب الكمال: 948، تذهيب التهذيب
3 / 47 / 2، العبر 1 / 440، 441، تهذيب التهذيب 7 / 250،
خلاصة تذهيب الكمال: 269، شذرات الذهب 2 / 104.
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 267، و " تهذيب التهذيب " 7 /
250.
وفيه: قال النسائي: ثقة.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
* * التاريخ الكبير 6 / 439، الجرح والتعديل 6 / 317،
تهذيب الكمال: 949، تذهيب التهذيب 3 / 47 / 2، العبر 1 /
441، تهذيب التهذيب 7 / 251، خلاصة تذهيب الكمال: 269.
(*)
(12/178)
شريك، ومصعب بن سلام، ويحيى بن يمان.
حدث عنه إبراهيم بن ديزيل، وابن أبي عاصم، ومطين، والحسن
ابن سفيان، وعبدان الجواليقي، وأبو يعلى الموصلي.
قال أبو داود: ليس به بأس (1).
وقال مطين: صدوق لا يخضب.
قلت: ما خرجوا لهذا شيئا.
مات في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومئتين.
62 - محمود بن خداش * (ت، ق)
الامام الحافظ الثقة، أبو محمد، الطالقاني ثم
البغدادي.
حدث عن هشيم، وابن المبارك، وفضيل بن عياض، وسفيان بن
عيينة، وعباد بن العوام، وسيف بن محمد الثوري، وطبقتهم،
فأكثر وجود.
حدث عنه: الترمذي، وابن ماجة، وأبو عبد الرحمن النسائي في
تأليفه له، وبقي بن مخلد، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن فيروز
الانماطي، وأبو عبد الله المحاملي وآخرون.
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 7 / 251 وفيه: ذكره ابن حبان في "
الثقات ".
وقال ابن حجر: وقال الغلابي عن ابن معين: إنه قوي الحديث.
* التاريخ الصغير 2 / 392، الجرح والتعديل 8 / 291، تاريخ
جرجان ص 209، تاريخ بغداد 13 / 90، 92، طبقات الحنابلة 1 /
339، الانساب 8 / 176، اللباب 2 / 269، تهذيب الكمال:
1309، تذهيب التهذيب 4 / 26 / 2، تهذيب التهذيب 10 / 62،
63، خلاصة تذهيب الكمال: 370، 371.
(*)
(12/179)
روى أحمد بن محمد بن محرز، عن يحيى بن معين، هو ثقة لا بأس
به (1).
وقال محمد بن أحمد الرواس: سمعت محمود بن خداش، يقول: ما
بعت شيئا قط ولا اشتريته (2).
قال السراج: كأنه ولد في سنة ستين ومئة.
وقال يعقوب الدورقي: كنت فيمن غسله، فرأيته في المنام،
فقلت يا أبا محمد، ما فعل بك ربك ؟ قال: غفر لي، ولجميع من
تبعني.
قلت: فأنا قد تبعتك، فأخرج ورقا من كمه فيه مكتوب يعقوب بن
إبراهيم ابن كثير (3).
قال السراج: مات سنة خمسين ومئتين.
قلت: وقع حديثه عاليا عند سبط السلفي (4).
أخبرنا الابرقوهي، أخبرنا أبو المحاسن البيع، أخبرنا محمد
بن عبد
العزيز، أخبرنا العاصمي، أخبرنا ابن مهدي، حدثنا المحاملي،
حدثنا محمود بن خداش، حدثنا هشيم، أخبرنا منصور، عن الحسن،
وأبو بشر، عن سعيد بن جبير في قوله: * (فإن كنت في شك مما
أنزلنا إليك،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 91.
(2) " تاريخ بغاد " 13 / 91.
وفيه عن أبي الفتح محمد بن الحسين الازدي الحافظ، قال:
محمود بن خداش من أهل الصدق والثقة.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 91، 92، و " تهذيب التهذيب " 10
/ 62 وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة: ثقة.
(4) هو عبدالرحمن بن مكي وقد تقدمت ترجمته في الصفحة: 142،
التعليق الرابع.
(*)
(12/180)
فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) * [ يونس: 94 ] قالا:
لم يشك، ولم يسأل (1).
63 - عبدالحميد بن عصام *
الامام الحافظ الصادق، أبو عبد الله، الجرجاني،
نزيل همذان.
سمع سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي،
والعقدي، وسعيد بن عامر، وأبا داود الحفري، وطبقتهم.
وعنه: يحيى بن عبد الله الكرابيسي، وأحمد بن محمد بن أوس،
وأبو حاتم وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: قدمت همذان، وهو حي، ولم يقدر لي السماع
منه.
وقال أبي: هو صدوق (2).
وقال صالح بن أحمد: حدثنا عنه الحسن بن علي، وإبراهيم بن
عمروس، وأحمد بن الحسن بن عزون، وأحمد بن محمد وسمعت
القاسم بن أبي صالح يقول: سمعت إبراهيم بن الحسين يقول: ما
لقي الجرجاني مثله.
وقال إبراهيم: ليس أنا مثل: ينكمر (3)، ذاكم الجرجاني.
ورأيت في
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه الطبري 15 / 202 من طريق الحارث،
حدثنا القاسم بن سلام، حدثنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن
سعيد بن جبير ومنصور عن الحسن..وقال البغوي في " شرح السنة
" 1 / 117: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد غيره
ممن شك في تنزيل القرآن، كقوله سبحانه * (يا أيها النبي
اتق الله) * وقوله * (واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا) *
أي: سل من أرسلنا إليه من قبلك رسلا من رسلنا يعني أهل
الكتاب، الخطاب له، والمراد المشركون.
* الجرح والتعديل 6 / 16، 17.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 17 (3) كذا الاصل، ولم نتبينه.
(*)
(12/181)
كتاب أحمد بن يوسف، قال المرار: كتبت عن ألف شيخ، ما رأيت
مثل الجرجاني.
ولما وقعت المحنة في اللفظ، سكت الجرجاني، فخرج عليه أصحاب
الحديث، فسمعت أبي يقول: ذهبت مع صالح بن حمويه أخي
المرار، فوقف على مجلس الجرجاني، فقال: ما تقول في اللفظ
بالقرآن ؟ فسكت حتى سأله الثالثة، فقال: أراه محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة.
قال صالح بن أحمد: كان أحد العلماء والفقهاء، ثقة صدوقا.
قيل: إنه ناظر أبا عبيد.
مات سنة سبع وخمسين ومئتين.
وقيل: سنة ست، وله ذرية كبراء محتشمون بهمذان رحمه الله.
ولم يقع لنا من عوالي هذا الامام شئ.
64 - الاشج * (ع) الحافظ
الامام الثبت، شيخ الوقت، أبو سعيد عبد الله بن سعيد
بن حصين، الكندي الكوفي المفسر، صاحب التصانيف.
حدث عن هشيم بن بشير، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن
إدريس، وعقبة بن خالد، وعبد السلام بن حرب، وأبي خالد
الاحمر، وزياد بن الحسن بن الفرات، وأبي معاوية، وحفص بن
غياث، وإبراهيم
__________
* الجرح والتعديل 5 / 73، الانساب 1 / 270، اللباب 1 / 63،
تهذيب الكمال: 688، تذهيب التهذيب 2 / 149 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 501، 502، العبر 2 / 15، تهذيب التهذيب 5 /
236، 237، طبقات الحفاظ: 218، خلاصة تذهيب الكمال: 199،
طبقات المفسرين 1 / 228، 229، شذرات الذهب 2 / 137.
(*)
(12/182)
ابن أعين، ومحمد بن فضيل، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي،
والمطلب بن زياد، وخلق كثير.
وكان أول طلبه للعلم بعد الثمانين ومئة.
رأيت تفسيره مجلد.
وعنه: الجماعة الستة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ويعقوب
الفسوي، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو يعلى الموصلي، وزكريا
الساجي، وعمر بن محمد بن بجير، ويحيى بن محمد بن صاعد،
وأبو بكر بن أبي داود، وأبو القاسم البغوي، وعبد الرحمن بن
أبي حاتم، وهناد بن السري الصغير، وخلق سواهم، من آخرهم
إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في " أماليه ".
قال أبو حاتم الرازي: هو إمام أهل زمانه (1).
وقال محمد بن أحمد بن بلال الشطوي: ما رأيت أحفظ منه.
وقال النسائي: صدوق (2).
قلت: توفي في شهر ربيع الاول سنة سبع وخمسين ومئتين.
وقد نيف على التسعين.
أخبرنا القاضي العلامة محيي الدين محمد بن يعقوب الاسدي
الحنفي وجماعة، قالوا: أخبرنا إبراهيم بن عثمان، أخبرنا
محمد بن عبد
__________
(1) في " الجرح والتعديل ": 5 / 73 كتب عنه أبي وأبو زرعة،
ورويا عنه، وكتبت عنه مع أبي.
وعن أبي بكر بن خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الاشج
ليس به بأس، ولكن يروي عن قوم ضعفاء.
وقال عبدالرحمن: سئل أبي عنه: فقال: كوفي ثقة صدوق.
(2) " تهذيب التهذيب " 5 / 236، وقال مرة: ليس به بأس.
وقال الخليلي ومسلمة بن قاسم: ثقة.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
(*)
(12/183)
الباقي، وعلي بن عبدالرحمن الطوسي (1)، وأخبرنا سنقر بن
عبد الله بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، وعبد اللطيف بن
محمد، وأنجب الحمامي، وعلي بن أبي الفخار، ومحمد بن محمد
بن السباك، وأخبرنا أبو المعالي بن الرفيع، أخبرنا محمد بن
الخضر قراءة بحران، وعدة، قالوا جميعا: أخبرنا محمد بن
عبدا لباقي، قال هو والطوسي: أخبرنا مالك بن أحمد
البانياسي، أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم، حدثنا
إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي إملاء، حدثنا أبو سعيد
الاشج، حدثنا عبد السلام - هو ابن حرب - عن خصيف، عن أبي
عبيدة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
في ثلاثين من البقر تبيع أو
تبيعة.
وفي كل أربعين مسنة ".
أخرجه الترمذي (2) عن الاشج، فوافقناه بعلو.
وفي سنة سبع: مات الحسن بن عرفة، وعلي بن خشرم، وزيد بن
__________
(1) هو أبو الحسن تاج القراء، صوفي كبير، توفي في صفر سنة
563 ه.
وهو مترجم في " العبر " 4 / 182.
(1) رقم (622) في الزكاة: باب ما جاء في زكاة البقر، وهو
في " سنن ابن ماجة " (1803) وخصيف هو ابن عبدالرحمن الجزري
سئ الحفظ، وأبو عبيدة هو ابن عبد الله لم يسمع من أبيه،
لكن له شاهد صحيح يتقوى به من حديث الاعمش، عن أبي وائل
وإبراهيم، عن مسروق، عن معاذ بن جبل قال: بعثني النبي صلى
الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين
بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم
دينارا، أو عدله معافر " أخرجه عبد الرزاق (6841) وأبو
داود (1576) و (1577)، والنسائي 5 / 26، وابن ماجة (1803)
والدارمي 1 / 382، والدارقطني 2 / 102، وابن الجارود
(178)، والبيهقي 4 / 98 و 9 / 193، وحسنه الترمذي، وصححه
ابن حبان (749)، والحاكم 1 / 398، ووافقه الذهبي، وهو كما
قالوا، وأخرجه الدارمي 1 / 382 من طريق أبي بكر بن عياش،
عن عاصم ابن بهدلة عن أبي وائل عن مسروق، عن معاذ وهذا سند
حسن، وهو في " المسند " 5 / 247 من طريق شريك عن عاصم به.
(*)
(12/184)
أخزم، وأحمد بن منصور زاج، وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن
الشهيد، وزهير بن محمد المروزي، وسليمان بن معبد السنجي،
والحسن ابن عبد العزيز الجروي، وأبو الفضل عباس الرياشي،
ومحمد بن حسان الارزق، ومحمد بن عمرو بن حنان، ومحمد بن
وزير الواسطي.
65 - السري بن المغلس السقطي
*
الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو الحسن البغدادي.
ولد في حدود الستين ومئة.
وحدث عن: الفضيل بن عياض، وهشيم بن بشير، وأبي بكر بن
عياش، وعلي بن غراب، ويزيد بن هارون، وغيرهم بأحاديث
قليلة.
واشتغل بالعبادة، وصحب معروفا الكرخي، وهو أجل أصحابه.
روى عنه: الجنيد بن محمد، والنوري أبو الحسين، وأبو العباس
ابن مسروق، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، وعبد الله بن
شاكر، فروى ابن شاكر عنه، قال: صليت وردي ليلة، ومددت رجلي
في المحراب، فنوديت: يا سري، كذا تجالس الملوك ! فضممتها،
وقلت: وعزتك لا مددتها (1).
قال أبو بكر الحربي: سمعت السري يقول: حمدت الله مرة، فأنا
__________
* طبقات الصوفية: 48، 55، حلية الاولياء 10 / 116، 128،
تاريخ بغداد 9 / 187، 192، الرسالة القشيرية: 12، صفوة
الصفوة 2 / 209، 218، العبر 2 / 5، مرآة الجنان 2 / 158،
159، تاريخ ابن كثير 11 / 13، 14، لسان الميزان 3 / 13،
14، طبقات الشعراني 1 / 86، 87، النجوم الزاهرة 2 / 339،
340، شذرات الذهب 2 / 127، 128.
(1) " حلية الاولياء " 10 / 120، و " تاريخ بغداد " 9 /
187، و " النجوم الزاهرة " 2 / 339.
(*)
(12/185)
أستغفر من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة.
قيل: وكيف ذاك ؟ قال: كان لي دكان فيه متاع، فاحترق السوق،
فلقيني رجل، فقال: أبشر، دكانك سلمت فقلت: الحمد لله، ثم
فكرت، فرأيتها خطيئة (1).
ويقال: إن السري رأى جارية سقط من يدها إناء، فانكسر، فأخذ
من دكانه إناء، فأعطاها، فرآه معروف الكرخي، فدعا له، قال:
بغض الله إليك الدنيا.
قال: فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف (2).
وقال الجنيد: سمعت سريا يقول: أشتهي منذ ثلاثين جزرة
أغمسها في دبس وآكلها، فما يصح لي (3).
وسمعته يقول: أحب أن آكل أكلة ليس لله علي فيها تبعة، ولا
لمخلوق فيها منة، فما أجد إلى ذلك سبيلا (4).
ودخلت على السري وهو يجود بنفسه.
فقلت: أوصني.
قال: لا تصحب الاشرار، ولا تشتغلن عن الله بمجالسة الاخيار
(5).
قال الفرخاني: سمعت الجنيد يقول: ما رأيت أعبد لله من
السري، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رئي مضطجعا إلا في علة
الموت (6).
قال الجنيد: وسمعته يقول: إني لانظر إلى أنفي كل يوم مخافة
أن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 188.
(2) " تاريخ بغداد " 9 / 188، و " النجوم الزاهرة " 2 /
339.
(3) " حلية الاولياء " 10 / 116، و " تاريخ بغداد " 9 /
190.
(4) " حلية الاولياء " 10 / 116، و " تاريخ بغداد " 9 /
190، و " النجوم الزاهرة " 2 / 339.
(5) " حلية الاولياء " 10 / 125، و " تاريخ بغداد " 9 /
190، و " النجوم الزاهرة " 2 / 339.
(6) " النجوم الزاهرة " 2 / 339.
(*)
(12/186)
يكون وجهي قد اسود، وما أحب أن أموت حيث أعرف، أخاف أن لا
تقبلني الارض، فأفتضح (1).
وسمعته يقول: فاتني جزء من وردي، فلا يمكنني قضاؤه (2)،
يعني لاستغراق أوقاته.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: كان السري أول من أظهر ببغداد
لسان التوحيد، وتكلم في علوم الحقائق.
وهو إمام البغداديين في الاشارات.
قلت: وممن صحبه العباس بن يوسف الشكلي، ومحمد بن الفضل ابن
جابر السقطي.
توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
وقيل: توفي سنة إحدى وخمسين.
وقيل: سنة سبع وخمسين.
66 - الحسن بن شجاع * (ت) ابن
رجاء، الحافظ الناقد الامام المحقق، أبو علي،
البلخي، أحد الاعلام، له معرفة واسعة، ورحلة شاسعة.
لقي مكي بن إبراهيم وطبقته ببلخ، ولحق عبيدالله بن موسى،
وهو أكبر شيخ له، وأبا نعيم، وأبا مسهر الغساني، ويحيى
الوحاظي، وسعيد ابن أبي مريم، وأبا الوليد الطيالسي، وأبا
صالح كاتب الليث، ومحمد بن الصلت، ويحيى بن يحيى، وعلي بن
المديني، وابن راهويه، وطبقتهم.
__________
(1) " حلية الاولياء " 10 / 116، و " النجوم الزاهرة " 2 /
339.
(2) " طبقات الصوفية ": 50، و " حلية الاولياء " 10 / 124.
* تهذيب الكمال: 266، 268، تذهيب التهذيب 1 / 137 / 2،
تذكرة الحفاظ 2 / 542، العبر 1 / 442، تهذيب التهذيب 2 /
282، 284، طبقات الحفاظ: 238، خلاصة تذهيب الكمال: 78،
شذرات الذهب 2 / 104.
(*)
(12/187)
روى عنه: البخاري وذلك في " جامع " الترمذي، وأبو زرعة
الرازي، وأحمد بن علي الابار، ومحمد بن زكريا البلخي، وأبو
العباس السراج، وآخرون.
وقد روى البخاري في " صحيحه " قال: أخبرنا الحسن، أخبرنا
إسماعيل بن الخليل الخزاز وذلك في تفسير الزمر (1)، فقيل:
هو البلخي.
قال نصر بن زكريا المروزي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: شباب
خراسان أربعة: محمد بن بن إسماعيل، وعبد الله الدارمي،
وزكريا بن يحيى اللؤلؤي، والحسن بن شجاع البلخي.
هذه حكاية صحيحة، ويرويها أيضا الحسن بن حماد، عن قتيبة.
الحاكم: حدثني أحمد بن الحسين القاضي، عن بعض شيوخه، سمع
عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: قلت: يا أبة، من الحفاظ ؟
قال: يا بني، شباب كانوا عندنا من أهل خراسان، وقد تفرقوا.
قلت: من هم ؟ قال: محمد بن إسماعيل ذاك البخاري، وعبيدالله
بن عبد
__________
(1) 8 / 423: باب قوله (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات
ومن في الارض إلا من شاء الله) حدثني الحسن، حدثني إسماعيل
بن خليل، أخبرنا عبدالرحيم، عن زكريا بن أبي زائدة، عن
عامر، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة.
فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش فلا أدري أكذلك كان أم بعد
النفخة " قال الحافظ: كذا في جميع الروايات " الحسن " غير
منسوب، فجزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ فيما نقله
الكلاباذي بأنه الحسن بن شجاع البلخي الحافظ، وهو أصغر من
البخاري، لكن مات قبله، وهو معدود من الحفاظ، ووقع في
المصافحة للبرقاني أن البخاري قال في هذا الحديث: حدثنا
الحسين بضم أوله مصغر، ونقل عن الحاكم أنه الحسين بن محمد
القباني،
فالله أعلم، وإسماعيل بن الخليل شيخه من أوساط شيوخ
البخاري، وقد نزل البخاري في هذا الاسناد درجتين، لانه
يروي عن واحد، عن زكريا بن أبي زائدة، وهنا بينهما ثلاثة
أنفس.
(*)
(12/188)
الكريم ذاك الرازي، وعبد الله بن عبدالرحمن ذاك السمرقندي،
والحسن ابن شجاع ذاك البلخي.
قال: فقلت: يا أبة، من أحفظ هؤلاء ؟ قال: أما أبو زرعة،
فأسردهم، وأما محمد، فأعرفهم، وأما الدارمي، فأتقنهم، وأما
ابن شجاع، فأجمعهم للابواب.
وقال أبو عمرو محمد بن عمر بن الاشعث البيكندي: سمعت عبد
الله بن أحمد، سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من
أهل خراسان: أبو زرعة، والبخاري، وعبد الله بن عبدالرحمن،
والحسن بن شجاع.
قال أبو عمرو: فحكيت هذا لمحمد بن عقيل، فأطرى ذكر الحسن
ابن شجاع، فقلت له: لم يشتهر كما اشتهر هؤلاء ؟ قال: لانه
لم يمتع بالعمر.
وقال ابن حبان في " الثقات ": الحسن بن شجاع من أصحاب
الحديث ممن أكثر الرحلة والكتب والحفظ والمذاكرة، مات وهو
شاب، لم ينتفع به.
وقال الحاكم: ابن شجاع من أئمة الحديث، رحل وصنف، ثم
أدركته المنية قبل الخمسين سنة.
روى عنه البخاري في " الجامع الصحيح "، ثم نقل الحاكم أنه
مات في نصف شوال سنة ست وستين ومئتين عن تسع وأربعين سنة.
كذا نقل عن سعيد بن محمد الصوفي، عن محمد بن جعفر البلخي،
وهذا
خطأ لا يسوغ، فإن صح تاريخ موته هذا، فما عاش إلا نحوا من
سبعين سنة، حتى يلحق في ارتحاله مثل عبيدالله بن موسى،
وإلا فتحديد سنه باطل.
(12/189)
وأما أبو نصر الكلاباذي الحافظ، فقال في " رجال البخاري ":
كان أبو حاتم سهل بن السري البخاري الحافظ الحذاء، يقول:
الحسن الذي روى عنه البخاري في تفسير سورة الزمر هو الحسن
بن شجاع الحافظ عندي.
ثم قال أبو نصر: كتب إلينا الشبيبي أن محمد بن جعفر
البلخي، حدثهم قال: مات للنصف من شوال سنة أربع وأربعين
ومئتين وهو ابن تسع وأربعين سنة.
قلت: الناقل - وهو محمد بن جعفر - هو الذي نقل عنه شيخ
الحاكم، فهذا أصح عنه.
وأخطأ ذاك الصوفي عليه، حيث زاد في تاريخ موته اثنين
وعشرين سنة، واتفقا في عمره وفي نصف شهر موته، وأنه كان
يوم الاثنين.
ثم قال الكلاباذي: وله إخوة: محمد بن شجاع، وكان أكبرهم،
وأبو رجاء أحمد بن شجاع، وهو أوسطهم، وأبو شيخ.
67 - الحسين بن الحسن بن حرب
* (ت، ق) الامام الحافظ الصادق، أبو عبد الله، السلمي
المروزي، صاحب ابن المبارك، جاور بمكة، وجمع وصنف.
وحدث عن: ابن المبارك بشئ كثير، وعن سفيان بن عيينة،
ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وهشيم بن بشير، والفضل
بن موسى، والوليد بن مسلم، وعدة.
__________
* الجرح والتعديل 3 / 49، تهذيب الكمال: 287، تذهيب
التهذيب 1 / 147 / 2، العقد الثمين 4 / 189، 190، تهذيب
التهذيب 2 / 334، خلاصة تذهيب الكمال: 82، شذرات الذهب 2 /
111.
(*)
(12/190)
حدث عنه: الترمذي، وابن ماجة، وبقي بن مخلد، وداود بن علي
الظاهري، وعمر بن بجير، ويحيى بن صاعد، وجعفر بن أحمد بن
فارس، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال ابن حبان: مات في سنة ست وأربعين ومئتين (2).
قلت: مات في عشر التسعين.
وهو راوي كتاب " الزهد " لاحمد.
يقع لي من عواليه في جزء البانياسي.
68 - الخليع * الشاعر المفلق،
أبو علي، الحسين بن الضحاك، الباهلي مولاهم البصري
الخليع.
مدح الخلفاء، وسار شعره، وعمر دهرا.
وكان يذكر موت شعبة، وكان ذا ظرف ومجون، وتفنن في بديع
النظم، وكان نديما مع إسحاق الموصلي.
مات سنة خمسين ومئتين.
وله بضع وتسعون سنة.
وشهر بالخليع لمجونه وهناته.
وهو القائل:
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 49.
(2) " تهذيب التهذيب " 2 / 334.
وفيه: قال مسلمة: ثقة.
* ديوانه، وقد جمعه المرحوم عبد الستار أحمد فراج، طبقات
الشعراء لابن المعتز:
268، 271، الاغاني 7 / 146، 226، تاريخ بغداد 8 / 54، 55،
معجم الادباء 10 / 5، 23، وفيات الاعيان 2 / 162، 168،
النجوم الزاهرة 2 / 333، شذرات الذهب 2 / 0 123 ؟ 124.
(*)
(12/191)
لا وحبيك لا أصا * فح بالدمع مدمعا من بكى شجوه استرا * ح
وإن كان موجعا كبدي في (1) هواك أس * قم من أن يقطعا (2)
لم تدع سورة (3) الضنى * في للسقم موضعا (4) وله: صل بخدي
خديك تلق عجيبا * من معان يحار فيها الضمير فبخديك للرياض
ربيع (5) * وبخدي للدموع غدير (6)
69 - الحسن بن الصباح بن محمد
* (خ، د، ت) الامام الحافظ الحجة، شيخ الاسلام، أبو علي،
الواسطي، ثم البغدادي البزار، ويعرف أيضا بابن البزار.
حدث عن: سفيان بن عيينة، وأبي معاوية، وإسحاق الازرق،
ومبشر بن إسماعيل، ومعن [ بن ] (7) عيسى، وشعيب بن حرب،
ووكيع، وشبابة بن سوار، وحجاج بن محمد، وعدة.
__________
(1) في " الاغاني " من هواك.
(2) في " الاغاني " و " معجم الادباء " تقطعا.
(3) في " معجم الادباء ": صورة.
(4) الابيات في " الاغاني " 7 / 174، 175، و " معجم
الادباء " 10 / 15، 16.
(5) في " وفيات الاعيان "، و " شذرات الذهب ": للربيع
رياض.
(6) البيتان في " وفيات الاعيان " 2 / 164، وشذرات الذهب "
2 / 124.
* التاريخ الكبير 2 / 295، الجرح والتعديل 3 / 19، تاريخ
بغداد 7 / 330، 332، طبقات الحنابلة 1 / 133، 135، تهذيب
الكمال، 268، تذهيب التهذيب 1 / 139 / 1، تذكرة الحفاظ 2 /
476، 477، ميزان الاعتدال 1 / 499، 500، العبر 1 / 453،
454، تاريخ ابن كثير 11 / 4، تهذيب التهذيب 2 / 289، 290،
طبقات الحفاظ: 207، خلاصة تذهيب الكمال: 78، 79، شذرات
الذهب 2 / 119.
(7) ما بين حاصرتين سقط من الاصل.
(*)
(12/192)
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وأبو بكر بن أبي
عاصم، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى الموصلي، والحسن بن
سفيان، ومحمد بن عمر بن بجير، ويحيى بن صاعد، والقاضي أبو
عبد الله المحاملي، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق، كانت له جلالة عجيبة بغداد.
كان أحمد ابن حنبل يرفع من قدره ويجله (1).
وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ما يأتي على ابن البزار
يوم إلا وهو يعمل فيه خيرا، ولقد كنا نختلف إلى فلان، فكنا
نقعد نتذاكر إلى خروج الشيخ، وابن البزار قائم يصلي (2).
قال أبو العباس السراج: سمعت الحسن بن الصباح يقول: أدخلت
على المأمون ثلاث مرات: رفع إليه أول مرة أنه يأمر
بالمعروف - قال: وكان نهى أن يأمر أحد بمعروف فأخذت،
فأدخلت عليه، فقال لي: أنت الحسن البزار ؟ قلت: نعم يا
أمير المؤمنين، قال: وتأمر بالمعروف ؟ قلت: لا ولكني أنهى
عن المنكر، قال: فرفعني على ظهر رجل،
وضربني خمس درر، وخلى سبيلي.
وأدخلت المرة الثانية عليه، رفع إليه أني أشتم عليا رضي
الله عنه، فأدخلت، فقال: تشتم عليا ؟ فقلت: صلى الله على
مولاي وسيدي علي، يا أمير المؤمنين، أنا لا أشتم يزيد لانه
ابن عمك، فكيف أشتم مولاي وسيدي ؟ ! قال: خلوا سبيله.
وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى البذندون في المحنة، فدفعت
إلى
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 19، و " تاريخ بغداد " 7 /
330، و " تهذيب التهذيب " 2 / 290.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 331، و " تهذيب التهذيب " 2 /
290.
(*)
(12/193)
أشناس.
قال: فلما مات خلي سبيلي (1).
قال أحمد بن حنبل: ثقة صاحب سنة.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أيضا: صالح.
وقال السراج: كان من خيار الناس ببغداد (2).
قرأت على محمد بن إبراهيم النحوي، وعلي بن محمد الفقيه،
وأحمد بن محمد الحافظ: أخبركم عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد
الاول بن عيسى، أخبرتنا بيبى بنت عبد الصمد، أخبرنا
عبدالرحمن بن أبي شريح، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا الحسن
بن الصباح البزار، حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن عبد الله بن
عبدالرحمن، سمعت أنسا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لن يبرح الناس يسألون حتى يقولوا: هذا الله، خلق
كل شئ، وذكر كلمة ".
أخرجه البخاري (3) عن البزار، فوافقناه.
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 7 / 331.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 331، و " تهذيب التهذيب " 2 / 290
وجاء فيه: وقال النسائي في " أسماء شيوخه ": بغدادي صالح.
وقال في " الكنى ": ليس بالقوي.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال الامام أحمد [ ليعقوب الهاشمي ]: اكتب عنه، ثقة، صاحب
سنة.
(3) 13 / 230، 231 في الاعتصام: باب ما يكره من كثرة
السؤال وتكلف ما لا يعنيه بلفظ: " لن يبرح الناس يتساءلون
حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شئ، فمن خلق الله ؟ " وأخرجه
مسلم (136) في الايمان: باب بيان الوسوسة من الايمان وما
يقوله من وجدها، من طريق المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عزوجل:
إن أمتك لا يزالون يقولون: ما كذا ما كذا ؟ حتى يقولوا:
هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله ؟ " وللبخاري 6 / 240 في
بدء الخلق، ومسلم (214) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من
خلق كذا من خلق كذا ؟ حتى يقول له: من خلق ربك، فإذا بلغه،
فليستعذ بالله ولينته " وفي رواية لمسلم: " لا يزال الناس
يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله ؟
فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله "، وهي عند أبي
داود (4721).
وقد استوفى الحافظ كلام الائمة في شرح هذا الحديث في "
الفتح " 13 / 231، 232، فانظره.
(*)
(12/194)
مات في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين ومئتين، من أبناء
الثمانين.
70 - محمد بن أسلم * ابن سالم
بن يزيد، الامام الحافظ الرباني، شيخ الاسلام، أبو
الحسن، الكندي مولاهم الخراساني الطوسي.
مولده في حدود الثمانين ومئة.
وسمع يزيد بن هارون، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد بن عبيد،
وجعفر بن عون العمري، وعبيدالله بن موسى، وأبا عبدالرحمن
المقرئ، وحسين بن الوليد النيسابوري، وقبيصة، وأبا نعيم،
وعبد الحكم بن ميسرة صاحب ابن جريج، والنضر بن شميل،
ومحاضر بن المورع، ويحيى بن أبي بكير، ومسلم بن إبراهيم.
وصنف " المسند "، و " الاربعين " وغير ذلك.
حدث عنه: إبراهيم بن أبي طالب، والحسين بن محمد القباني،
وإمام الائمة ابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن
وكيع الطوسي، ومحمد بن أحمد بن زهير الطوسي، وزنجويه بن
محمد اللباد، وعلي بن عبد الله، والحسن بن علي بن نصر
الطوسي، وخلق.
وحدث عنه من أقرانه: علي بن الحسن الهلالي، ومحمد بن عبد
الوهاب الفراء.
__________
* التاريخ الصغير 2 / 377، الجرح والتعديل 7 / 201، حلية
الاولياء 9 / 238، 254، تذكرة الحفاظ 2 / 532، 534، العبر
1 / 437، 438، الوافي بالوفيات 2 / 204، تاريخ ابن كثير 10
/ 344، النجوم الزاهرة 2 / 308، طبقات الحفاظ: 233، 234،
شذرات الذهب 2 / 100، 101.
(*)
(12/195)
قال أبو عبد الله الحاكم: كان من الابدال المتتبعين
للآثار.
قال فيه محمد بن رافع: دخلت على محمد بن أسلم، فما شبهته
إلا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحاكم: سمعت محمد بن أحمد بن بالويه، سمعت ابن خزيمة
يقول: حدثنا من لم تر عيناي مثله أبو عبد الله محمد بن
أسلم (1).
وقال قبيصة: كان ابن مسعود أشبه الناس برسول الله صلى الله
عليه وسلم يعني: في هديه وسمته، وكان علقمة يشبه بابن
مسعود في ذلك،
ويشبه بعلقمة إبراهيم، وبإبراهيم منصور، وبمنصور سفيان،
وبسفيان وكيع.
قال الحاكم: قام محمد بن أسلم مقام وكيع، وأفضل من مقامه،
لزهده وورعه وتتبعه للاثر.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا اللبان،
أخبرنا الحداد، إجازة، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبي، حدثنا
خالي أحمد بن محمد بن يوسف، حدثنا أبي، قال: قرأت على محمد
بن القاسم الطوسي خادم محمد بن أسلم، سمعت إسحاق بن
راهويه، يقول في حديث: " إن الله لا يجمع أمة محمد صلى
الله عليه وسلم على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف، فعليكم
بالسواد الاعظم (2) ".
فقال رجل: يا أبا يعقوب،
__________
(1) " شذرات الذهب " 2 / 101، 102.
(2) أخرجه ابن ماجة (3950) في الفتن: باب السواد الاعظم،
من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي، حدثنا معان بن رفاعة
السلامي، حدثني أبو خلف الاعمى، قال: سمعت أنس بن مالك
يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول..فذكره.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 246: إسناده ضعيف لضعف
أبي خلف الاعمى واسمه حازم بن عطاء، رواه عبد بن حميد،
حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا بقية بن الوليد، أخبرنا
معان..فذكره، ورواه أبو يعلى الموصلي، حدثنا داود بن رشيد،
حدثنا الوليد..فذكره بإسناده ومتنه.
وقد روي هذا = (*)
(12/196)
من السواد الاعظم ؟ قال: محمد بن أسلم وأصحابه، ومن تبعه.
ثم قال إسحاق: لم أسمع عالما منذ خمسين سنة كان أشد تمسكا
بأثر النبي صلى الله عليه وسلم من محمد بن أسلم (1).
قال محمد بن القاسم: وسمعت أبا يعقوب المروزي ببغداد، وقلت
له: قد صحبت محمد بن أسلم، وأحمد بن حنبل، أيهما كان [
أرجح ] وأكبر وأبصر بالدين (2) ؟ فقال: يا أبا عبد الله،
لم تقول هذا ؟ إذا ذكرت محمدا في أربعة أشياء، فلا تقرن
معه أحدا: البصر بالدين، واتباع الاثر، والزهد في الدنيا،،
وفصاحته بالقرآن والنحو.
ثم قال لي: نظر أحمد في كتاب " الرد على الجهمية " لابن
أسلم، فتعجب منه.
ثم قال أبو (3) يعقوب: رأت عيناك مثل محمد ؟ قلت: لا (4).
وبه قال محمد بن قاسم: سألت يحيى بن يحيى عن ست مسائل،
فأفتى فيها.
وقد كنت سألت (5) محمد بن أسلم، فأفتى فيها بغير ذلك،
فاحتج فيها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في كل مسألة،
وليس ذاك عندنا (6).
__________
= الحديث من حديث أبي ذر، وأبي مالك الاشعري، وابن عمر،
وأبي بصرة، وقدامة بن عبد الله الكلابي، وفي كلها نظر قاله
شيخنا العراقي.
قلت: لكن بمجموعها يتقوى الحديث، فيكون حجة، وحديث أبي
مالك الاشعري عند أبي داود (4253)، وحديث أبي بصرة عند
أحمد 6 / 396، وحديث ابن عمر عند الترمذي (2167)، وأبي
نعيم 3 / 37، والحاكم وابن منده والضياء في " المختارة "
وحديث أبي ذر عند أحمد 5 / 145.
وانظر " المقاصد الحسنة " ص 460، و " مجمع الزوائد " 1 /
177، 178.
(1) " حلية الاولياء " 9 / 238، 239.
(2) العبارة في " حلية الاولياء " 9 / 239: أي الرجلين كان
عندك أرجح أو أكبر أو أبصر بالدين ؟ (3) في " الحلية " 9 /
239.
ثم قال: يا أبا يعقوب.
(4) " حلية الاولياء " 9 / 239.
(5) في " حلية الاولياء ": سمعت.
(6) " حلية الاولياء " 9 / 239.
(*)
(12/197)
وسمعت ابن راهويه ذات يوم، روى في ترجيع (1) الاذان أحاديث
كثيرة، ثم روى حديث عبد الله بن زيد الانصاري (2)، ثم قال:
يا قوم، قد حدثتكم بهذه الاحاديث في الترجيع، وليس في غير
الترجيع إلا حديث واحد، حديث عبد الله بن زيد.
وقد أمر محمد بن أسلم الناس بالترجيع، فقلتم: هذا مبتدع،
عامة أهل بلده بالكورة غوغاء.
ثم قال: احذروا الغوغاء، فإنهم قتلة الانبياء، فلما كان
الليل، دخلت عليه، فقلت: يا أبا يعقوب، حدثت هذه الاحاديث
بالترجيع، فما لك لا تأمر (3) مؤذنك بالترجيع ؟ قال: يا
مغفل، ألم تسمع ما قلت في الغوغاء، إنما أخاف الغوغاء.
فأما أمر محمد بن أسلم، فإنه سماوي (4)، كلما أخذ في شئ تم
له، ونحن عبيد بطوننا (5)، لا يتم لنا أمر نأخذ فيه، نحن
عند محمد بن أسلم مثل السراق (6).
قال محمد: وكتب إلي أحمد بن نصر: اكتب إلي بحال محمد بن
أسلم، فإنه ركن من أركان الاسلام (7).
__________
(1) الترجيع: هو العود إلى الشهادتين مرتين مرتين برفع
الصوت بعد قولها مرتين مرتين بخفض الصوت، وهو ثابت في حديث
أبي محذورة عند مسلم (379) في الصلاة: باب صفة الاذان،
وانظر مسند الشافعي 1 / 57، 59، وأحمد 3 / 409، وسنن أبي
داود (500) و (501) و " معاني الآثار " 1 / 78، والدارقطني
86، والبيهقي 1 / 393، وابن حبان (289)، وابن خزيمة (377)
(2) أخرجه أبو داود (499) وأحمد 4 / 43، وابن ماجة (708)
والبيهقي 1 / 390، 391، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان
(287) وابن خزيمة (371) والبخاري فيما نقله عنه الترمذي في
" العلل الكبير ".
(3) في " حلية الاولياء " تأمن وهو تحريف.
(4) في " حلية الاولياء ": فإنه يتمادى وهو تحريف.
(5) في " حلية الاولياء ": ونحن عنده نملا بطونا، وما هنا
هو الصحيح.
(6) " حلية الاولياء " 9 / 240.
(7) " حلية الاولياء " 9 / 240.
(*)
(12/198)
وكنت يوما عند أحمد بن نصر بعد موت ابن أسلم بيوم، فدخل
عليه جماعة من أصحاب الحديث.
وقال: جئنا من عند أبي النضر، وهو يقرئك السلام، ويقول:
ينبغي لنا أن نجتمع فنعزي بعضنا بعضا بموت رجل لم نعرف من
عهد عمر بن عبد العزيز مثله (1).
وقيل لاحمد بن نصر: يا أبا عبد الله، صلى عليه ألف ألف من
الناس.
وقال بعضهم: ألف ألف ومئة ألف، يقول صالحهم وطالحهم: لم
نعرف لهذا الرجل نظيرا (2).
قال محمد بن القاسم: ودخلت على ابن أسلم قبل موته بأربعة
أيام بنيسابور، فقال: يا أبا عبد الله، تعال أبشرك بما صنع
الله بأخيك من الخير، قد نزل بي الموت، وقد من الله علي
أنه مالي درهم يحاسبني الله عليه.
ثم قال: أغلق الباب (3) ولا تأذن لاحد حتى أموت، وتدفنون
كتبي.
واعلم أني أخرج من الدنيا وليس أدع ميراثا غير كسائي ولبدي
وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي هذه، فلا تكلفوا الناس مؤنة،
وكان معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما، فقال: هذا لابني
أهداه قريب له، ولا أعلم شيئا أحل لي منه، لان النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " أنت ومالك لابيك " (4).
وقال:
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 240.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 240.
(3) في الاصل: " الله " والتصويب من " حلية الاولياء " 9 /
241.
(4) حديث صحيح ورد عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم.
فأخرجه من حديث عبد الله بن عمرو أحمد 2 / 214، وأبو داود
(3530) وابن ماجة (2292) وسنده حسن، وأخرجه من حديث جابر
بن عبد الله ابن ماجة (2291) والطحاوي في " مشكل الآثار "
2 / 230 وإسناده صحيح، وصححه البوصيري في " زوائده " ورقة
141 / 2، والمنذري، وعبد الحق الاشبيلي وغيرهم.
وأخرجه من حديث ابن مسعود الطبراني في " الكبير " (10019)،
والصغير ص 8.
(*)
(12/199)
" أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " (1).
فكفنوني منها (2).
فأن أصبتم لي بعشرة ما يستر عورتي، فلا تشتروا بخمسة عشر
وابسطوا على جنازتي لبدي، وغطوا عليها كسائي، وأعطوا إنائي
مسكينا.
يا أبا عبد الله إن هؤلاء قد كتبوا رأي فلان، وكتبت أنا
الاثر، فأنا عندهم على غير الطريق، وهم عندي على غير
الطريق، أصل الفرائض في حرفين: ما قال الله ورسوله: افعل،
فهو فريضة، ينبغي أن يفعل، وما قال الله ورسوله: لا تفعل،
فينبغي أن ينتهى عنه، وتركه فريضة.
وهذا في القرآن، وفي فريضة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم
يقرؤونه، ولكن لا يتفكرون فيه، قد غلب عليهم حب الدنيا
(3).
صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه
ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة (4).
وسمعته كذا وكذا مرة يحلف: لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني
ملكاي (5) لفعلت خوفا من الرياء (6).
وكان
__________
وأخرجه من حديث عائشة ابن حبان في " صحيحه " (1094).
وأخرجه من حديث ابن عمر أبو يعلى والبزار (1259)، وأخرجه
من حديث عمر البزار
(1261) وأخرجه أيضا (1260) من حديث سمرة.
وانظر " مجمع الزوائد " 4 / 154، 156، و " نصب الراية " 3
/ 337، 339.
(1) حديث صحيح أخرجه من حديث عمارة بن عمير، عن عمته، عن
عائشة أحمد 6 / 31 و 41 و 127 و 162 و 173 و 193 و 201 و
202 و 203، وأبو داود (3528) و (3529)، والترمذي (1358)،
والنسائي 7 / 241، وابن ماجة (2290)، والدارمي 2 / 274،
والطيالسي في مسنده، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم
2 / 46، ووافقه الذهبي، وعمة عمارة لا تعرف، لكن تابعها
عليه الاسود عند أحمد 6 / 42 و 220، وابن ماجة (2137)
والنسائي 7 / 241، وسنده صحيح.
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو المتقدم.
(2) في " حلية الاولياء ": فيها تحريف.
(3) الخبر في " حلية الاولياء " 9 / 241، 242.
(4) " حلية الاولياء " 9 / 243.
(5) في الاصل: ملكاني.
والمثبت من " حلية الاولياء "، و " الوافي بالوفيات ".
(6) " حلية الاولياء " 9 / 243، و " الوافي بالوفيات " 2 /
204.
(*)
(12/200)
يدخل بيتا له، ويغلق بابه.
ولم أدر ما يصنع حتى سمعت ابنا له صغيرا يحكي بكاءه، فنهته
أمه، فقلت لها: ما هذا ؟ قالت: إن أبا الحسن يدخل هذا
البيت، فيقرأ ويبكي، فيسمعه الصبي، فيحكيه، وكان إذا أراد
أن يخرج، غسل وجهه، واكتحل، فلا يرى عليه أثر البكاء (1).
وكان يصل قوما، ويكسوهم، ويقول للرسول: انظر أن لا يعلموا
من بعثه، ولا أعلم منذ صحبته، وصل أحدا بأقل من مئة درهم
إلا أن لا يمكنه ذلك (2).
وكان يقول لي: اشتر لي شعيرا أسود، فإنه يصير إلى الكنيف،
ولا تشتر لي إلا ما يكفيني يوما بيوم.
واشتريت له مرة شعيرا أبيض، ونقيته،
وطحنته، فرآه، فتغير لونه، وقال: إن كنت تنوقت فيه (3)،
فأطعمه نفسك، لعل لك عند الله أعمالا تحتمل أن تطعم نفسك
النقي، وأما أنا، فقد سرت في الارض، ودرت فيها، فبالله ما
رأيت نفسا تصلي أشر عندي من نفسي، فبما أحتج عند الله إن
أطعمتها النقي ؟ ! خذ هذا الطعام، واشتر لي كل يوم بقطعة
شعيرا رديئا (4)، واشتر لي رحى فجئني به حتى أطحن بيدي
وآكله، لعلي أبلغ ما كان فيه علي وفاطمة رضي الله عنهما
(5).
وولد له ابن فدفع إلي دراهم، فقال: اشتر كبشين عظيمين،
وغال بهما.
واشتر بعشرة دقيقا واخبزه، ففعلت، ونخلته، فأعطاني عشرة
أخر، وقال: اشتر به دقيقا ولا تنخله.
ثم قال: إن العقيقة سنة، ونخل
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 243.
(2) " حلية الاولياء " 9 / 243.
(3) في " حلية الاولياء ": إن كنت تقيدت فيه.
(4) في " حلية الاولياء " شعيرا أسود رديا.
(5) الخبر في " حلية الاولياء " 9 / 243، 244.
(*)
(12/201)
الدقيق بدعة.
ولا ينبغي أن يكون في السنة بدعة (1).
قال: وأما كلامه في النقض على المخالفين من المرجئة
والجهمية، فشائع ذائع (2).
الحاكم: سمعت محمد بن صالح، سمعت أبا سعيد ومحمد شاذان،
سمعت محمد بن رافع، يقول: دخلت على محمد بن أسلم، وقبلت
بين عينيه، وما شبهته إلا بالصحابة، فقال لي: يا أبا عبد
الله،
جزاك الله عن الاسلام خيرا.
وسمعت أبا إسحاق المزكي: سمعت ابن خزيمة يقول: حدثنا رباني
هذه الامة محمد بن أسلم الطوسي.
أحمد بن سلمة: حدثنا محمد بن أسلم، قال: لما أدخلت على عبد
الله بن طاهر، ولم أسلم عليه بالامرة، غضب، وقال: عمدتم
إلى رجل من أهل القبلة فكفرتموه، فقيل: قد كان ما أنهي إلى
الامير.
فقال ابن طاهر: شراك نعلي عمر بن الخطاب خير منك، وكان
يرفع رأسه إلى السماء، وقد بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى
السماء، فقلت برأسي هكذا إلى السماء ساعة، ثم قلت: ولم لا
أرفع رأسي إلى السماء ؟ وهل أرجو الخير إلا ممن في السماء
؟ ! ولكني سمعت مؤمل بن إسماعيل يقول: سمعت سفيان يقول:
النظر في وجوهكم معصية، فقال بيده هكذا، يحبس.
قال ابن أسلم: فأقمنا وكنا أربعة عشر شيخا، فحبست أربعة
عشر
__________
(1) " حلية الاولياء " 9 / 244 ومراد محمد بن أسلم أن نخل
الدقيق لم يكن يفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
فتركه من باب الورع والتزهد، وليس من الواجب الحتم، فإن
نخل الدقيق مباح بإجماع أهل العلم.
(2) انظر ما قاله فيهما في " حلية الاولياء " 9 / 244.
(*)
(12/202)
شهرا.
ما اطلع الله على قلبي أني أردت الخلاص، قلت: الله حبسني،
وهو يطلقني.
وليس لي إلى المخلوقين حاجة.
فأخرجت، وأدخلت عليه وفي رأسي عمامة كبيرة طويلة.
فقال: ما تقول في السجود على كور العمامة ؟ فقلت: حدثنا
خلاد بن يحيى، عن عبد الله بن المحرر، عن
يزيد بن الاصم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم
سجد على كور العمامة، فقال ابن طاهر: هذا إسناد ضعيف (1)
فقلت: أستعمل هذا حتى يجيئ أقوى منه، ثم قلت: وعندي أقوى
منه: حدثنا يزيد، حدثنا شريك، عن حسين بن عبد الله، عن
عكرمة عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم
يصلي في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الارض وبردها (2).
هذا الدليل على السجود على كور العمامة.
ثم قال: ورد كتاب أمير المؤمنين ينهى عن الجدل والخصومات.
فتقدم إلى أصحابك أن لا يعدوا، فقلت: نعم، ثم خرجت من
عنده، وهذا كان مقدرا علي (3).
قال أحمد بن سلمة: فقلت له: أخبرني غير واحد أن جل أصحاب
الحديث صاروا إلى يحيى بن يحيى، فكلموه أن يكتب إلى عبد
الله بن طاهر في تخليتك، فقال يحيى: لا أكاتب السلطان، وإن
كتب على لساني، لم أكره، حتى يكون خلاصه.
فكتب بحضرته على لسانه، فلما
__________
(1) لضعف عبد الله بن المحرر، فقد قال عمرو بن علي، وأبو
حاتم، وعلي بن الجنيد والدارقطني: متروك الحديث، وضعفه
أحمد وابن معين، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والنسائي، وأبو
حاتم وأبو زرعة، وقال البخاري: منكر الحديث.
(2) إسناده ضعيف لضعف شريك، وحسين بن عبد الله، وهو في "
المسند " 1 / 256 و 303 و 320 و 354، وروى البخاري 1 / 414
في المساجد: باب السجود على الثوب في شدة الحر، ومسلم
(620) وأبو داود (660) والترمذي (584) عن أنس بن مالك قال:
كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع أحدنا طرف
الثوب من شدة الحر في مكان السجود.
(3) في الاصل: مقدر، بالرفع.
(*)
(12/203)
وصل الكتاب إلى ابن طاهر، أمر بإخراجك وأصحابك، قال: نعم.
أحمد بن سلمة: حدثنا ابن أسلم، سمعت المقرئ، يقول: الشكاية
والتحذير ليست من الغيبة.
محمد بن العباس السلطي: سمعت ابن أسلم ينشد: إن الطبيب
بطبه ودوائه * لا يستطيع دفاع مقدور أتى ما للطبيب يموت
بالداء الذي * قد كان يبري مثله فيما مضى هلك المداوي
والمداوي والذي * جلب الدواء وباعه ومن اشترى (1) قال أحمد
بن سلمة: مرض محمد بن أسلم في بيت رجل من أهل طوس، فقال
له: لا تفارقني الليل، فإني يأتيني أمر الله قبل أن أصبح.
فإذا مت، فلا تنتظر بي أحدا، واغسلني للوقت وجهزني.
قال: فمات في نصف الليل.
قال: فأتاهم صاحب الامير طاهر بن عبد الله، وأمرهم أن
يحملوه إلى مقبرة الساذياخ ليصلي عليه طاهر.
قال: فوضعت الجنازة، والناس يؤذنون لصلاة الصبح، وما نادى
على جنازته أحد، ولا روسل بوفاته أحد، وإذا الخلق قد اجتمع
بحيث لا يذكر مثله.
فأمهم طاهر، ودفن بجنب إسحاق بن راهويه.
وقال محمد بن موسى الباشاني: مات محمد بن أسلم لثلاث بقين
من المحرم سنة اثنتين وأربعين ومئتين بنيسابور.
الحاكم: سمعت أبا النضر الفقيه، سمعت إبراهيم بن إسماعيل
العنبري يقول: كنت بمصر، وأنا أكتب بالليل كتب ابن وهب،
وذلك
__________
(1) البيتان: الاول والثاني في " حياة الحيوان الكبرى " 1
/ 245 والشطر الثاني من البيت الاول فيه برواية: لا يستطيع
دفاع نحب قد قضى.
(*)
(12/204)
لخمس بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين، فهتف بي هاتف، يا
إبراهيم مات العبد الصالح محمد بن أسلم، فتعجبت من ذلك،
وكتبته على ظهر كتابي، فإذا به قد مات في تلك الساعة (1).
قال أحمد بن نصر النيسابوري: قيل لي: صلى على محمد بن أسلم
ألف ألف إنسان (2).
قلت: هذا ليس بممكن الوقوع، ولا سيما أنه إنما علموا بموته
في الليل، وصلي عليه بعيد الفجر.
فالله أعلم.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، وزينب بنت عمر، قالا:
أنبأنا عبدالمعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو
عثمان سعيد بن محمد، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا محمد بن
وكيع الطوسي، حدثنا محمد بن أسلم، حدثنا محمد بن عبيد،
حدثنا سليمان بن يزيد (3) المحاربي، عن عبد الله بن أبي
أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تنزل
الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم " (4).
تابعه أبو معاوية الضرير، عن سليمان أبي إدام وهو ضعيف.
__________
(1) " الوافي بالوفيات " 2 / 204.
(2) " شذرات الذهب " 2 / 101.
(3) " في الميزان " 2 / 208: سليمان بن زيد، وقيل: ابن
يزيد.
(4) وأخرجه البخاري في " الادب المفرد " ص 36، رقم الحديث
(63) من طريق عبيدالله بن موسى، أخبرنا سليمان أبوإدام،
سمعت عبد الله بن أبي أوفى وسليمان أبوإدام وهو سليمان بن
زيد أو يزيد المحاربي الكوفي، قال المصنف في " الميزان ":
روى عباس عن يحيى: ليس بثقة، وقال مرة: ليس يسوى حديثه
فلسا، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان: لا يحتج به،
ونقل في " المغني " 1 / 279 تكذيبه عن يحيى بن معين.
وفي " التقريب ": سليمان بن زيد المحاربي أو الازدي
أبوإدام " تحرف فيه إلى آدم " الكوفي
ضعيف، رماه يحيى بن معين، وأورده الهيثمي في " المجمع " 8
/ 151، ونسبه إلى الطبراني، وقال: وفيه أبوإدام المحاربي
وهو كذاب.
(*)
(12/205)
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن مسعود بن أبي منصور،
وقرأته على إسحاق الاسدي، أخبركم ابن خليل، أخبرنا مسعود،
أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن
محمد بن عبيدالله، حدثنا محمد بن أحمد بن زهير الطوسي،
حدثنا محمد بن أسلم، حدثنا يعلى، حدثنا محمد بن عمرو، عن
أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " (1).
وبه قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد الغطريفي، حدثنا ابن
خزيمة، حدثنا محمد بن أسلم، حدثنا عبد الحكم بن ميسرة،
حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: ما رئي رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
أو قال: ما رأيته مادا رجليه بين أصحابه (2).
غريب.
أخبرنا إسحاق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا اللبان، أنبأنا
الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن جعفر المؤدب،
حدثنا أحمد بن بطة، حدثنا إسماعيل بن أحمد المديني، حدثنا
أبو عبد الله بن طوسي بمكة، وهو محمد بن القاسم خادم محمد
بن أسلم وصاحبه، قال: سمعت محمد بن أسلم يقول: زعمت
الجهمية أن القرآن خلق، وقد أشركوا في
__________
(1) سنده حسن، وهو في " حلية الاولياء " 9 / 248، وأخرجه
أحمد 2 / 250 و 472، وأبو داود (4682)، والترمذي (1162)
وقال: حسن صحيح، وصححه الحاكم 1 / 3، ووافقه الذهبي، وصححه
ابن حبان (1311) من طريق آخر، فالحديث صحيح،
بالطريقين، وأخرجه أحمد 2 / 527، والدارمي 2 / 323 من طريق
محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح عن أبي
هريرة.
وهذا سند حسن.
(2) إسناده ضعيف، عبد الحكم بن ميسرة ضعفه الدارقطني،
وقال: يحدث بما لا يتابع عليه، وابن جريج وابو الزبير
مدلسان وقد عنعنا، وهو في " الحلية " 9 / 250.
(*)
(12/206)
ذلك وهم لا يعلمون، لان الله تعالى قد بين أن له كلاما،
فقال: * (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) * [
الاعراف: 144 ].
وقال: * (وكلم الله موسى تكليما) * [ النساء: 164 ].
وقال: * (يا موسى إني أنا ربك) * [ طه: 11 ].
وقال: * (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) * (1) [
طه: 14 ].
وعن بعض أهل العلم، قال: كان محمد بن أسلم في وقته يشبه
بابن المبارك.
وكان زنجويه بن محمد إذا حدث عن محمد بن أسلم يقول: حدثنا
الزاهد الرباني.
71 - الرباطي * (خ، م، د، ت،
س) الامام الحافظ الحجة، أمير الرباط، أبو عبد
الله، أحمد بن سعيد ابن إبراهيم المروزي الرباطي الاشقر،
نزيل نيسابور.
سمع وكيعا، وعبد الرزاق، ووهب بن جرير، وسعيد بن عامر
الضبعي، وإسحاق السلولي وأبا عاصم، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،
وإبراهيم بن أبي طالب، والحسين بن محمد القباني، وأبو بكر
بن خزيمة، وأبو العباس الثقفي، وآخرون.
__________
(1) هو في " الحلية " 9 / 244، 245، وقد اختصره المؤلف.
* التاريخ الكبير 2 / 6، التاريخ الصغير 2 / 378، تاريخ
بغداد 4 / 165، 166، طبقات الحنابلة 1 / 45، الانساب 6 /
69، اللباب 2 / 14، تهذيب الكمال: 22، تذهيب التهذيب 1 /
11 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 538، 539، العبر 1 / 439، 440،
الوافي بالوفيات 6 / 390، تاريخ ابن كثير 10 / 345، تهذيب
التهذيب 1 / 30، 31، طبقات الحفاظ: 236، خلاصة تذهيب
الكمال: 6، شذرات الذهب 2 / 102.
(*)
(12/207)
روي عن الرباطي، قال: جئت إلى أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع
رأسه إلي، فقلت: يا أبا عبد الله، إنه يكتب عني الحديث
بخراسان، فإن عاملتني بهذا، رموا بحديثي.
فقال: يا أحمد، هل بد أن يقال يوم القيامة: أين عبد الله
بن طاهر وأتباعه، فانظر أين تكون منه ؟ ! قلت: إنما ولاني
أمر الرباط، فجعل يردد قوله علي (1).
توفي الرباطي سنة خمس وأربعين ومئتين.
وقيل: سنة ثلاث وأربعين.
أخبرنا ابن عساكر، أنبأنا عبدالرحيم بن أبي سعد، أخبرنا
سعيد بن الحسين، أخبرنا الفضل بن المحب، أخبرنا أبو الحسين
الخفاف، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن سعيد الرباطي،
حدثنا محبوب بن الحسن، حدثنا داود، عن الشعبي، عن مسروق،
عن عائشة، قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين
(2)، فلما أقام رسول الله بالمدينة زيد في صلاة الحضر
ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، والمغرب
لانها وتر النهار (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 166، وقال الخطيب: كان ثقة فاضلا
فهما عالما.
وفيه عن ابن سعيد، قال: سمعت عبدالرحمن بن يوسف يقول في [
الرباطي ]: كان ثقة ثقة.
(2) في الاصل: ركعتان ركعتان.
(3) وأخرجه ابن خزيمة (305) من طريقين عن محبوب بن الحسن
بهذا الاسناد، وأخرجه ابن حبان (544) من طريق الحسين بن
محمد بن أبي معشر، عن عبد الله بن صالح، عن محبوب بن
الحسن، ومحبوب بن الحسن - واسمه محمد ومحبوب لقب به - قال
الحافظ في " التقريب ": صدوق فيه لين، وقال ابن خزيمة: هذا
حديث غريب لم يسنده أحد أعلمه غير محبوب بن الحسن، رواه
أصحاب داود، فقالوا: عن الشعبي، عن عائشة خلا محبوب بن
الحسن.
قلت: والرواية المنقطعة عند أحمد 6 / 241 و 265 من طريقين،
عن داود، لكن ثبت الحديث من طريق آخر بأخصر مما هنا، فقد
أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 146، ومن = (*)
(12/208)
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: كان الرباطي -
والله - من الائمة المقتدى بهم (1).
وقال الخليلي: كان حافظا متقنا.
وقال محمد بن علي الصفار: لو كان الحسن البصري حيا، لاحتاج
إلى إسحاق بن راهويه، ولم أر بعده مثل أحمد الرباطي.
72 - فضل بن سهل * (خ، م، د،
س، ت) ابن إبراهيم، الحافظ البارع الثقة، أبو
العباس، الاعرج البغدادي الرام.
ولد في حدود الثمانين ومئة أو قبلها.
وحدث عن يزيد بن هارون، وحسين الجعفي، وأبي أحمد الزبيري،
وزيد بن الحباب، ومحمد بن بشر العبدي، وعبد الوهاب بن
عطاء، وأبي نوح قراد، وأبي عاصم والحسن بن موسى وشبابة،
وعفان، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأبي النضر، ويحيى بن
غيلان، ويونس بن
محمد، وخلق لا ينحصرون، وكان من أعيان الحفاظ.
__________
= طريقه البخاري 1 / 361، ومسلم (685) عن صالح بن كيسان،
عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين قالت: " فرضت
الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر،
وزيد في صلاة الحضر " وفي رواية لمسلم " فأقرت صلاة السفر
على الفريضة الاولى ".
(1) " تهذيب التهذيب " 1 / 30 وفيه: قال النسائي: ثقة.
* الجرح والتعديل 7 / 63، تاريخ بغداد 12 / 364، 365،
طبقات الحنابلة 1 / 53، اللباب 1 / 75، تهذيب الكمال:
1099، تذهيب التهذيب 3 / 139 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 552،
553، ميزان الاعتدال 3 / 352، تهذيب التهذيب 8 / 277، 278،
طبقات الحفاظ: 247، خلاصة تذهيب الكمال: 309.
(*)
(12/209)
حدث عنه: الائمة الستة سوى ابن ماجه، وأحمد بن عمرو
البزار، وابن أبي عاصم، والبغوي، وعبدان الجواليقي، وابن
صاعد، وعمر بن بجير، وأبو العباس السراج، والقاضي
المحاملي، ومحمد بن مخلد العطار، وعدة.
قال عبدان: سمعت أبا داود يقول: أنا لا أحدث عن فضل الاعرج
قلت: لم ؟ قال: لانه كان لا يفوته حديث جيد (1) قلت: ما
بهذا الخيال يغمز الحافظ، ثم هذا أبو داود قائل هذا قد روى
عنه في سننه.
وقال النسائي: ثقه (2).
وقال أبو حاتم: صدوق (3).
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
قال محمد بن إسحاق السراج: مات الفضل بن سهل ببغداد يوم
الاثنين لثلاث بقين من صفر سنة خمس وخمسين ومئتين عن نيف
وسبعين سنة، وفي اليوم المذكور أرخه أيضا أبو عبيد بن
حربويه، وكان ذا غرائب.
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 1099، و " تاريخ بغداد " 12 / 365،
و " ميزان الاعتدال " 3 / 352، و " تهذيب التهذيب " 8 /
278، وفي " تذكرة " المؤلف 2 / 553: وكان لا يكاد يفوته
حديث فرد.
(2) " ميزان الاعتدال " 3 / 352، و " تهذيب التهذيب " 8 /
278، وجاء في " تاريخ بغداد " 2 / 365، عن ابن عدي، قال:
سمعت أحمد بن الحسين الصوفي يقول: فضل بن سهل الاعرج كان
أحد الدواهي.
فعقب الخطيب قائلا: يعني في الذكاء والمعرفة وجودة
الاحاديث.
والله أعلم.
(3) " الجرح والتعديل " 7 / 63، و " تاريخ بغداد " 12 /
364، و " ميزان الاعتدال " 3 / 352، و " تهذيب التهذيب " 8
/ 278.
(*)
(12/210)
أخبرنا علي بن محمد بن أحمد، وعبد الولي بن رافع، وأحمد بن
هبة الله، وعيسى بن بركة، وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله
بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء، وأنا في الرابعة
سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمر
زنبور، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا عبدة الصفار،
حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن منصور، والاعمش، (ح)
وحدثنا الفضل بن سهل، حدثنا الاسود بن عامر، أخبرنا
إسرائيل عن منصور، والاعمش، وحدثنا زهير بن محمد، وابن
كرامة - واللفظ له - قالا: حدثنا عبيدالله بن موسى، حدثنا
اسرائيل عن منصور، عن إبراهيم، عن
علقمة، عن عبد الله قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم
في غزاة أو غار - وقال يحيى ابن آدم: في غار، فأنزلت عليه:
* (والمرسلات عرفا) * [ المرسلات: 1 ] فإنا لنتلقاها من
فيه، إذ خرجت علينا حية فابتدرناها، فسبقتنا، فدخلت جحرها،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وقيت شركم، ووقيتم
شرها.
".
أخرجه البخاري (1) عن عبدة ومات معه أبو محمد الدارمي
بسمرقند، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وعتيق بن محمد
بنيسابور، وعبد الله بن أبي زياد القطواني، وعبد الغني بن
رفاعة بمصر، والمعتز بالله قتلوه، ومحمد بن حرب النشائي،
وأبو يحيى صاعقة، وموسى بن عامر المري، ومحمد بن كرام شيخ
الكرامية، والجاحظ، وأبو حاتم بخلف فيهما.
__________
(1) 8 / 527 في التفسير: باب سورة والمرسلات.
(*)
(12/211)
73 - محمد بن منصور
* (د، س) ابن داود بن إبراهيم الامام الحافظ القدوة شيخ
الاسلام، أبو جعفر الطوسي ثم البغدادي العابد.
سمع سفيان بن عيينة، ومعاذ بن معاذ، وإسماعيل بن علية،
ويعقوب ابن إبراهيم الزهري، ويحيى القطان وطبقتهم.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي في سننهما، وأبو جعفر مطين،
وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وأبو عبد الله
المحاملي، وآخرون.
قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد الله عن محمد بن منصور،
فقال: لا أعلم إلا خيرا، صاحب صلاة (1).
وقال النسائي: ثقة (2).
قال أبو حفص بن شاهين: حدثنا أحمد بن محمد المؤذن، سمعت
محمد بن منصور الطوسي، وحواليه قوم، فقالوا: يا أبا جعفر،
أيش اليوم عندك، قد شك الناس فيه ؟ أيوم عرفة هو أو غيره ؟
فقال: اصبروا، فدخل البيت ثم خرج، فقال: هو يوم عرفة،
فاستحيوا أن يقولوا له: من أين ذلك فعدوا الايام فكان كما
قال.
فسمعت أبا بكر بن سلام الوراق يقول له: من
__________
* الجرح والتعديل 8 / 94، تاريخ بغداد 3 / 247، 250، طبقات
الحنابلة 1 / 318، 320، تهذيب الكمال: 1275، الوافي
بالوفيات 5 / 70، تهذيب التهذيب 9 / 472، 473، النجوم
الزاهرة 2 / 343، خلاصة تذهيب الكمال: 360.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 248.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 250، و " تهذيب التهذيب " 9 /
473، وفيه: وقال في موضع آخر: لا بأس به.
وقال ابن أبي داود: كان من الاخيار، وذكره ابن حبان في "
الثقات ".
وقال ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة " 2 / 343: كان من
الابدال...وكان صدوقا ثقة صالحا.
(*)
(12/212)
أين علمت ؟ قال: دخلت، فسألت ربي، فأراني الناس في الموقف
(1) ! قلت لا أعرف هذا المؤذن، ولم يبعد وقوع هذا لمثل هذا
الولي، ولكن الشأن في ثبوت ذلك.
قال الحافظ أبو سعيد النقاش في كتاب " طبقات الصوفية ":
محمد ابن منصور الطوسي أستاذ أبي سعيد الخراز، وأبي العباس
بن مسروق، كتب الحديث الكثير، ورواه.
قلت: متى رأيت الصوفي مكبا على الحديث فثق به، ومتى رأيته
نائيا عن الحديث، فلا تفرح به، لاسيما إذا انضاف إلى جهله
بالحديث عكوف على ترهات (2) الصوفية، ورموز الباطنية، نسأل
الله السلامة، كما قال ابن المبارك: وهل أفسد الدين إلا
الملوك * وأحبار سوء ورهبانها وعن أبي سعيد الخراز: سألت
محمد بن منصور عن حقيقة الفقر، فقال: السكون عند كل عدم،
والبذل عند كل وجود.
وعن محمد بن منصور، أنه سئل: إذا أكلت وشبعت فما شكر تلك
النعمة ؟ قال: أن تصلي حتى لا يبقى في جوفك منه شئ.
قال الحسين بن مصعب: حدثنا محمد بن منصور الطوسي، قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: مرني بشئ
حتى ألزمه، قال: عليك باليقين (3).
وعنه قال: يعرف الجاهل بالغضب في غير شئ، وإفشاء السر،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 249.
(2) بضم التاء، وفتح الراء المشددة وضمها: الاباطيل.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 250.
(*)
(12/213)
والثقة بكل أحد، والعظة في غير موضعها.
مات رحمه الله في شوال سنة أربع وخمسين ومئتين، وعاش
ثمانيا وثمانين سنة.
أخبرنا محمد بن بطيخ وجماعة، قالوا: أخبرنا الناصح،
أخبرتنا شهدة، أخبرنا ابن طلحة، أخبرنا أبو عمر بن مهدي،
حدثنا المحاملي، حدثنا محمد بن منصور، حدثنا يعقوب بن
إبراهيم، حدثنا
أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد، عن
إبراهيم بن سعد، عن أبيه، سمع النبي صلى الله عليه وسلم
قال لعلي هذه المقالة حين استخلفه: " ألا ترضى يا علي أن
تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه لا نبي بعدي (1)
".
74 - محمد بن رافع * (خ، م، د،
س، ت) ابن أبي زيد ، واسمه سابور، الامام الحافظ
الحجة القدوة، بقية الاعلام، أبو عبد الله القشيري مولاهم
النيسابوري.
ولد سنة نيف وسبعين ومئة في أيام مالك الامام، ورحل سنة
نيف وتسعين.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 3706 في المغازي: وفي
فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب من فضائل علي
بن أبي طالب، و (4416) في المغازي ومسلم (2404) والترمذي
(3731) من طرق عن سعد.
* التاريخ الكبير 1 / 81، 82، التاريخ الصغير 2 / 383،
الجرح والتعديل 7 / 254، طبقات الحنابلة 1 / 297، الانساب،
ورقة: 453 / ب، تهذيب الكمال: 1195، 1196، تذهيب التهذيب 3
/ 203 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 509، 510، العبر 1 / 445،
الوافي بالوفيات 3 / 68، تاريخ ابن كثير 10 / 346، تهذيب
التهذيب 9 / 160، 162، النجوم الزاهرة 2 / 321، طبقات
الحفاظ: 221، 222، خلاصة تذهيب الكمال: 336، شذرات الذهب 2
/ 109.
(*)
(12/214)
وسمع ما لا يوصف كثرة، وجمع، وصنف.
قال فيه الحاكم في " تاريخه ": شيخ عصره بخراسان في الصدق
والرحلة.
سمع بالحجاز سفيان بن عيينة، ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك،
وأبا بكر بن أبي أويس، وطبقتهم بالحجاز.
وعبد الله بن إدريس، ووكيعا، وابن نمير، وأبا معاوية، وأبا
أسامة، ويونس بن بكير، والحسين الجعفي، وعدة بالكوفة.
وعبد الرزاق، وأخاه عبد الوهاب، ويزيد بن أبي حكيم، وعبد
الله الوليد، وإسماعيل بن عبد الكريم باليمن، وأبا داود،
ووهب بن جرير، وأبا قتيبة، وأبا علي الحنفي، وحماد بن
مسعدة وعدة بالبصرة.
ومن يزيد بن هارون وطبقته بواسط.
ومن شبابة بالمدائن.
ومن أبي النضر وعدة ببغداد.
ومن النضر بن شميل، ومكي بن إبراهيم وطبقتهما بخراسان.
وعني بالسنن علما وعملا وعمر، وارتحل الناس إليه.
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي
في تصانيفهم، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن سلمة، وأبو
زرعة، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو بكر
بن أبي داود، ومحمد بن عقيل البلخي، وجعفر بن أحمد بن نصر،
ومحمد بن إسحاق الثقفي، وزنجويه بن محمد، وخلق، آخرهم موتا
حاجب بن أحمد الطوسي.
ومن طريقه يقع حديثه عاليا في " الثقفيات " (1).
__________
(1) هي عشرة أجزاء حديثية، تأليف أبي عبد الله القاسم بن
الفضل بن أحمد الثقفي الاصبهاني الحافظ المتوفى سنة 489 ه.
(*)
(12/215)
قال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، سمعت أبا
عمرو المستملي، سمعت محمد بن رافع يقول: كنت مع أحمد بن
حنبل
وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد
الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير فلما رجعنا من المصلى،
دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، فجعلنا نتغدى معه، فقال
لاحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما شيئا عجبا، لم تكبرا ! !
قالا: يا أبا بكر، نحن ننظر إليك هل تكبر فنكبر.
فلما رأيناك لم تكبر أمسكنا.
قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران فأكبر.
قال جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ: ما رأيت من المحدثين أهيب
من محمد بن رافع، كان يستند إلى الشجرة الصنوبر في داره،
فيجلس العلماء بين يديه على مراتبهم، وأولاد الطاهرية
ومعهم الخدم، كأن على رؤوسهم الطير.
فيأخذ الكتاب، ويقرأ بنفسه، ولا ينطق أحد، ولا يتبسم
إجلالا له (1).
وإذا تبسم واحد أو راطن صاحبه، قال: وصلى الله على محمد،
ويأخذ الكتاب، فلا يقدر أحد يراجعه أو يشير بيده.
ولقد تبسم خادم من خدم الطاهرية يوما، فقطع ابن رافع
مجلسه، فانتهى الخبر بذلك [ إلى طاهر بن عبد الله ] (2)
فأمر بقتل الخادم، حتى احتلنا لخلاصه.
قال زكريا بن دلويه: بعث طاهر بن عبد الله إلى ابن رافع
بخمسة
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 9 / 162 وفيه: قال ابن أبي حاتم عن
أبي زرعة: شيخ صدوق.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال البخاري: كان من خيار عباد الله: وقال أحمد ابن سيار
في " ذكر مشايخ نيسابور ": محمد بن رافع كان ثقة، حسن
الرواية عن أهل اليمن.
وقال النسائي في " مشيخته "، ومسلمة في " الصلة ": ثبت.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(*)
(12/216)
آلاف درهم مع رسول، فدخل عليه بعد العصر، وهو يأكل الخبز
مع
الفجل.
فوضع الكيس، فقال: بعث الامير إليك بهذا المال.
فقال: خذ خذ لا أحتاج إليه، فإن الشمس قد بلغت رأس الحيطان
(1) إنما تغرب بعد ساعة، وقد جاوزت الثمانين إلى متى أعيش
؟ فرد (2).
قال: فدخل ابنه، وقال: يا أبة، ليس لنا الليلة خبز.
قال: فبعث ببعض أصحابه خلف الرسول ليرد المال إلى طاهر
فزعا من ابنه أن يذهب خلفه، فيأخذ المال.
قال زكريا: ربما كان يخرج إلينا محمد بن رافع في الشتاء
وقد لبس لحافه.
أحمد بن سلمة: حدثنا محمد بن رافع: رأيت أحمد بن حنبل بين
يدي يزيد بن هارون ببغداد، وفي يده كتاب لزهير عن جابر،
وهو يكتبه.
فقلت: يا أبا عبد الله، تنهونا عن جابر وتكتبونه ؟ قال:
نعرفه.
الحاكم: أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر، سمعت أحمد بن سلمة،
سمعت محمد بن رافع يقول: أنا أفدت أحمد بن حنبل، عن يزيد
بن مسلم الصنعاني الراوي عن وهب.
ونزلت أنا وأحمد، ومات الشيخ.
وكان قد أتى له مئة وخمس وثلاثون سنة.
قال أحمد بن عمر بن يزيد: حدثنا محمد بن رافع، سمعت عبد
الرزاق، سمعت معمرا يقول: رأيت باليمن عنقود عنب وقر (3)
بغل تام.
__________
(1) في " الوافي بالوفيات " 3 / 68: رؤوس الجبال.
(2) أي: رجع.
وفي " الوافي بالوفيات " 3 / 68: ورده.
وفي " تهذيب الكمال ": 598: فرد المال، ولم يقبل.
(3) بكسر الواو، وسكون القاف: الحمل الثقيل.
(*)
(12/217)
قال مسلم والنسائي: ابن رافع ثقة مأمون (1).
قال زنجويه بن محمد: مات محمد بن رافع في ذي الحجة، سنة
خمس وأربعين ومئتين، وغسله أحمد بن نصر العابد، وصلى عليه
محمد ابن يحيى.
الحاكم: أخبرنا أحمد بن بالويه العفصي، حدثنا محمد بن
إسحاق ابن إبراهيم، سمعت أبا بكر المدني - يعني: محمد بن
نعيم - يقول: رأيت محمد بن رافع في المنام بعد موته بثلاث
في حجره مصحف يقرأ، فقلت له: أليس قد مت ؟ فنظر إلي نظرة
منكرة.
فقلت: سألتك بالله إلا ما حدثتني، ما فعل بك ربك ؟ قال:
بشرني بالروح والراحة (2).
أخبرنا أبو الحسين الحافظ، أخبرنا جعفر بن علي، وعلي بن
هبة الله، وأحمد بن محمد، وعبد الله بن رواحة، قالوا:
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو القاسم بن الفضل،
حدثنا ابن محمش، أخبرنا حاجب بن أحمد، حدثنا محمد بن رافع،
حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي، عن عكرمة أن
أبا هريرة حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل
يسوق بدنة وهو يمشي، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: إنها بدنة.
فأمره أن يركبها (3).
__________
(1) " الوافي بالوفيات " 3 / 68.
(2) " الوافي بالوفيات " 3 / 68.
(3) وأخرجه أحمد 2 / 278، و 478 من طريقين عن يحيى بن أبي
كثير عن عكرمة، عن أبي هريرة، وأخرجه مالك 1 / 387، ومن
طريقه أحمد 2 / 487 والبخاري 3 / 429، 430، ومسلم (1322)
والنسائي 5 / 176، وأبو داود (1760)، وأخرجه أحمد 2 / 245
و 254 و 481، وابن ماجة (3103) من طريقين، عن أبي الزناد
وأخرجه أيضا 2 / 312 من
طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة.
(*)
(12/218)
75 - أحمد بن المقدام
* (خ، ت، س، ق) ابن سليمان بن أشعث، الامام المتقن الحافظ،
أبو الأشعث العجلي البصري.
سمع حماد بن زيد، وحزم بن أبي حزم، وعبد الله بن جعفر
المديني، ويزيد بن زريع، وخالد بن الحارث، وفضيل بن عياض،
وعثام بن علي، ومعتمر بن سليمان، وجماعة.
حدث عنه: البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة،
والبغوي، وابن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وعلي بن عبد الله
بن مبشر، وأحمد بن علي الجوزجاني، والقاضي أبو عبد الله
المحاملي، وابن خزيمة، والحسين بن يحيى القطان، وخلق كثير.
قال النسائي: ثقة (1).
وقال ابن خزيمة: كان صاحب حديث (2).
وقال أبو حاتم: محله الصدق (3).
قال أبو الأشعث: ولدت قبل موت المنصور بسنتين.
قال أبو داود: لا أحدث عنه.
كان يعلمهم المجون، كان بالبصرة
__________
* الجرح والتعديل 2 / 78، تاريخ بغداد 5 / 162، 166،
اللباب 2 / 326، تهذيب الكمال: 43، تذهيب التهذيب 1 / 27 /
1، ميزان الاعتدال 1 / 158، العبر 2 / 5، تهذيب التهذيب 1
/ 81، 82، طبقات الحفاظ: 210، خلاصة تذهيب الكمال: 13،
شذرات الذهب 2 / 127.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 165.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 165.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 78.
(*)
(12/219)
مجان، يلقون صرة الدراهم، ثم يرقبونها، فإذا جاء من
يرفعها، صاحوا به، وخجلوه.
فعلمهم أبو الأشعث أن يتخذوا صرة فيها زجاج، فإذا أخذوا
صرة الدراهم، فصاح صاحبها، وضعوا بدلها في الحال صرة
الزجاج (1).
قلت: مات في صفر سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
يقع حديثه عاليا في جزء الحفار، وفي " الثقفيات "، وغير
ذلك وعاش بضعا وتسعين سنة.
وكان أسند من بقي بالبصرة.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن غالية، قالا: أخبرنا
موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا علي بن
أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا
أحمد بن المقدام، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني،
قال: كتب إلي عبد الله بن رباح، سمعت عبد الله بن عمرو
يقول: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع أصوات
رجلين اختلفا في آية، فخرج إلينا، نعرف في وجهه الغضب،
فقال: " ألا إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب ".
هذا حديث صحيح (2)، وهو دال على تحريم الجدال، والاختلاف
__________
(1) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 5 / 165.
وجاء في " تهذيب التهذيب " 1 / 82 عقب هذا الخبر: قال ابن
عدي: وهذا لا يؤثر فيه، لانه من أهل الصدق.
وقال ابن حجر: وثقه مسلمة بن قاسم، وابن عبد البر، وآخرون.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
(2) وأخرجه مسلم في " صحيحه " (2666) في العلم: باب النهي
عن اتباع متشابه القرآن
من طريق فضيل بن حسين الجحدري، عن حماد بن زيد بهذا
الاسناد.
وأخرج عبد الرزاق في " المصنف " (20367) وأحمد 2 / 181 و
195 و 196، وابن ماجة (85) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه،
عن جده قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما
يتدارؤون، فقا: " إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب
الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله عزوجل يصدق بعضه
بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه، فقولوه، وما
جهلتم منه فدعوه، وسنده حسن، وقد وقع عند أحمد 1972 في
روايته، وابن ماجة: أن تنازعهم كان في القدر.
(*)
(12/220)
في الكتاب، مع أنه عليه الصلاة والسلام كان يمكنه أن يوضح
الحق لهما في تلك الآية، ويبين أن أحدهما مصيب، ومع هذا
فلم يفعل، بل سد الباب، ولو كان تبيين ذلك مما تمس إليه
الحاجة، لاوضحه، فعلم بهذا أن كل نص ألقاه إلى أمته، ولم
يزدهم فيه تفسيرا، ولا هم سألوه، بل ولا فسروه لمن بعدهم،
فإن قراءته تفسيره، فلا يزاد عليه، ولا يبحث فيه، ولا سيما
إذا كان في أسماء الله، وصفاته المقدسة.
وفيها مات أحمد بن سعيد الهمداني بمصر، وأحمد بن سعيد
الدارمي، وخشيش بن أصرم، والسري السقطي، وعلي بن مسلم
الطوسي، وعلي بن شعيب السمسار، ومحمد بن عبد الله بن طاهر
الامير، ومحمد بن يحيى القطعي، وهارون بن سعيد الايلي،
ويوسف ابن موسى القطان، ومحمد بن عيسى التيمي مقرئ الري،
ووصيف الامير، وأبو العباس القلوري.
76 - يوسف بن موسى *
(خ، د، ت، ق) ابن راشد، الامام المحدث الثقة، أبو يعقوب،
الكوفي القطان، نزيل بغداد.
ولد سنة نيف وستين ومئتين.
وحدث عن: جرير بن عبدالحميد، وأبي خالد الاحمر، وسفيان ابن
عيينة، وعبد الله بن إدريس، وأبي بكر بن عياش، ووكيع، وعبد
الله
__________
* الجرح والتعديل 9 / 231، تاريخ بغداد 14 / 304، 305،
طبقات الحنابلة 1 / 421، تهذيب الكمال: 1562، تذهيب
التهذيب 4 / 191 / 2، تهذيب التهذيب 11 / 425، خلاصة تذهيب
الكمال: 440، طبقات المفسرين 2 / 384.
(*)
(12/221)
ابن نمير، وحكام بن سلم، وأحمد بن يونس، وعبيدالله بن
موسى، وأبي.
أسامة، وعدة.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة،
وإبراهيم الحربي، وقاسم المطرز، وأبو القاسم البغوي، وابن
صاعد، والنسائي خارج " سننه "، والقاضي المحاملي، وخلق
سواهم.
وكان من أوعية العلم، قد كتب عنه يحيى بن معين والكبار
(1).
قال النسائي: لا بأس به (2).
وروى أبو سعيد السكري عن يحيى بن معين: صدوق (3).
وقيل: يتجر إلى الري، فسمع من جرير.
قال ابن زولاق: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد الحداد يقول:
قرأت على أبي عبيد بن حربويه جزءا عن يوسف بن موسى القطان.
فلما فرغت قلت: كما قرأت على القاضي، قال: نعم إلا
الاعراب، فإنك تعرب، وكان يوسف لا يعرب.
قلت: توفي يوسف بن راشد - وكذا نسبه البخاري إلى جده - في
صفر سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 305، و " تهذيب التهذيب " 11 /
425 وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة: كان ثقة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 305 وقال الخطيب: وقد وصف غير
واحد من الائمة يوسف ابن موسى بالثقة.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 304، و " طبقات الحنابلة " 1 /
421، و " تهذيب التهذيب " 11 / 425.
وجاء في " الجرح والتعديل " 9 / 231 عن عبدالرحمن، قال:
سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
(*)
(12/222)
ويقع من عواليه في " المحامليات " (1) وغير ذلك.
77 - محمود بن غيلان *
(خ، م، ت، س، ق) الامام الحافظ الحجة، أبو أحمد، العدوي،
مولاهم المروزي، من أئمة الاثر.
حدث عن: سفيان بن عيينة، والفضل بن موسى، والوليد بن مسلم،
وأبي معاوية، ووكيع، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الرزاق،
وطبقتهم، فأكثر وجود، وكان من فرسان الحديث.
حدث عنه: الجماعة سوى أبي داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
ومطين، والحسن بن سفيان، والهيثم بن خلف، وأبو القاسم
البغوي، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو العباس السراج، وجعفر
بن أحمد بن نصر، ومحمد بن شاذان، وابن خزيمة، وخلق.
قال أحمد بن حنبل: أعرفه بالحديث، صاحب سنة، قد حبس بسبب
القرآن (2).
وقال النسائي: ثقة (3).
__________
(1) هي ستة عشر جزءا من رواية البغداديين والاصبهانيين
للقاضي أبي عبد الله الحسين ابن إسماعيل بن محمد الضبي
المحاملي، نسبة إلى بيع المحامل التي يحمل الناس عليها في
السفر.
شيخ بغداد ومحدثها، المتوفى سنة 330 وسترد ترجمته في الجزء
15 برقم 110.
* التاريخ الكبير 7 / 404، التاريخ الصغير 2 / 369، الجرح
والتعديل 8 / 291، تاريخ بغداد 13 / 89، 90، طبقات
الحنابلة 1 / 340، تهذيب الكمال: 1309، 1310، تذهيب
التهذيب 4 / 27 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 475، 476، العبر 1 /
431، تهذيب التهذيب 10 / 64، 65، طبقات الحفاظ: 206، خلاصة
تذهيب الكمال، 371، شذرات الذهب 2 / 92.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 89، و " طبقات الحنابلة " 1 /
340.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 90.
(*)
(12/223)
قال محمود بن غيلان: سمع مني إسحاق بن راهويه حديثين (1).
وقال الحاكم: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بمرو، حدثنا
أبو رجاء محمد بن حمدويه، قال: خرج محمود بن غيلان إلى
الحج سنة ست وأربعين ومئتين، ثم رد إلى مرو، وتوفي لعشر
بقين من ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومئتين (2).
كذا وقع في " تاريخ " الحاكم.
والصيحح وفاته في رمضان سنة تسع وثلاثين ومئتين.
وقع لي من عوالي محمود بن غيلان.
78 - الدارمي * (م، د، ت) عبد
الله بن عبدالرحمن بن الفضل بن بهرام بن عبد الله،
الحافظ الامام، أحد الاعلام، أبو محمد التميمي، ثم الدارمي
السمرقندي، ودارم هو ابن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن
تميم، طوف أبو محمد
الاقاليم، وصنف التصانيف.
وحدث عن: يزيد بن هارون، ويعلى بن عبيد، وجعفر بن عون،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 89 وتتمته فيه: في غسل
الموتى...والخبر في " طبقات الحنابلة " 1 / 340، و " تهذيب
التهذيب " 10 / 65.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 90، و " تهذيب التهذيب " 10 / 65
وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال مسلمة: مروزي ثقة.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 291: سئل أبي
عنه: فقال: ثقة.
* الجرح والتعديل 5 / 99، تاريخ بغداد 10 / 29، 32، طبقات
الحنابلة 1 / 188، الانساب 6 / 280، تهذيب الكمال: 703،
704، تذهيب التهذيب 2 / 160 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 534،
536، العبر 2 / 8، تهذيب التهذيب 5 / 294، 296، النجوم
الزاهرة 3 / 22، 23، طبقات الحفاظ: 235، خلاصة تذهيب
الكمال: 204، طبقات المفسرين 1 / 235، شذرات الذهب 2 /
130، الرسالة المستطرفة: 32.
(*)
(12/224)
وبشر بن عمر الزهراني، وأبي علي عبيدالله بن عبدالمجيد
الحنفي، وأخيه أبي بكر عبد الكبير، ومحمد بن بكر البرساني،
ووهب بن جرير، والنضر بن شميل، وهو أقدمهم موتا، وأبي
النضر هاشم بن القاسم، وعثمان بن عمر بن فارس، وسعيد بن
عامر الضبعي، والاسود بن عامر، وأحمد بن إسحاق الحضرمي،
وأبي عاصم، وعبيد الله بن موسى، وأبي المغيرة الخولاني،
وأبي مسهر الغساني، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الصمد بن
عبد الوارث، وأبي نعيم، وعفان، وأبي الوليد، ومسلم، وزكريا
بن عدي، ويحيى بن حسان وخلق، وينزل إلى دحيم، وخليفة ابن
خياط.
حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي وعبد بن حميد، وهو
أقدم منه، ورجاء بن مرجى، والحسن بن الصباح البزار، ومحمد
بن بشار بندار، ومحمد بن يحيى، وهم أكبر منه، وقد روى
الترمذي أيضا عن محمد بن إسماعيل عنه، وبقي بن مخلد، وأبو
زرعة، وأبو حاتم، وصالح بن محمد جزرة، وإبراهيم بن أبي
طالب، وجعفر بن أحمد بن فارس، وجعفر الفريابي، وعبد الله
بن أحمد، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد ابن النضر الجارودي،
وعيسى بن عمر السمرقندي راوي " مسنده " عنه، وآخرون.
قال عبد الصمد بن سليمان البلخي، سألت أحمد بن حنبل عن
يحيى الحماني، فقال: تركناه لقول عبد الله بن عبدالرحمن،
لانه إمام (1).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 31.
(*)
(12/225)
وقال إسحاق بن داود السمرقندي: قدم قريب لي من الشاش،
فقال: أتيت أحمد بن حنبل، فجعلت أصف له أبا (1) المنذر،
وجعلت أمدحه، فقال: لا أعرف هذا، فقد طالت غيبة إخواننا
عنا، لكن أين أنت عن عبد الله بن عبدالرحمن ؟ عليك بذاك
السيد، عليك بذاك السيد (2).
روى نعيم بن ناعم، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير
يقول: غلبنا عبد الله بن عبدالرحمن بالحفظ والورع (3).
قال إسحاق بن إبراهيم الوراق: سمعت محمد بن عبد الله
المخرمي يقول: يا أهل خراسان، ما دام عبد الله بن
عبدالرحمن بين أظهركم فلا تشتغلوا بغيره (4).
قال: وسمعت أبا سعيد الاشج يقول: عبد الله بن عبدالرحمن
إمامنا (5).
وسمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: أمر عبد الله بن عبدالرحمن
أظهر من ذلك فيما يقولون من البصر والحفظ وصيانة النفس.
عافاه الله (6).
وقال محمد بن بشار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري،
ومسلم بنيسابور، وعبد الله بن عبدالرحمن بسمرقند، ومحمد بن
إسماعيل ببخارى.
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": ابن المنذر.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 31.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 32، و " شذرات الذهب " 2 / 130.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 31، 32.
(5) " تاريخ بغداد " 10 / 32.
(6) " تاريخ بغداد " 10 / 32.
(*)
(12/226)
قلت: وكان بندار يفتخر بكونهم حملوا عنه.
وروى إسحاق بن أحمد بن زبرك، عن أبي حاتم الرازي، قال:
محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق، ومحمد بن يحيى أعلم
من بخراسان اليوم، ومحمد بن أسلم أورعهم، وعبد الله بن
عبدالرحمن أثبتهم.
وروى عبدالرحمن بن أبي حاتم عن أبيه، قال: عبد الله بن عبد
الرحمن إمام أهل زمانه (1).
وقال أبو حامد بن الشرقي: إنما أخرجت خراسان من أئمة
الحديث خمسة: محمد بن يحيى، ومحمد بن إسماعيل، وعبد الله
بن عبدالرحمن، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب.
وقال محمد بن إبراهيم بن منصور الشيرازي: كان عبد الله على
غاية من العقل والديانة من يضرب به المثل في الحلم
والدراية والحفظ والعبادة والزهادة، أظهر علم الحديث
والآثار بسمرقند، وذب عنها الكذب، وكان مفسرا كاملا،
وفقيها عالما.
وقال أبو حاتم بن حبان: كان الدارمي من الحفاظ المتقنين،
وأهل الورع في الدين ممن حفظ وجمع، وتفقه، وصنف وحدث،
وأظهر السنة ببلده، ودعا إليها، وذب عن حريمها، وقمع من
خالفها.
وقال أبو بكر الخطيب: كان أحد الرحالين في الحديث،
والموصوفين بحفظه وجمعه والاتقان له، مع الثقة والصدق،
والورع
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 32، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 535،
و " تهذيب التهذيب " 5 / 295، و " شذرات الذهب " 2 / 130.
(*)
(12/227)
والزهد، واستقضي على سمرقند، فأبى، فألح السلطان عليه حتى
يقلده، وقضى قضية واحدة، ثم استعفى، فأعفي، وكان على غاية
العقل، ونهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم
والرزانة، والاجتهاد والعبادة، والزهادة والتقلل.
وصنف " المسند " و " التفسير "، و " الجامع " (1).
قال إسحاق بن إبراهيم الوراق: سمعت عبد الله بن عبدالرحمن
يقول: ولدت في سنة مات ابن المبارك، سنة إحدى وثمانين
ومئة.
وقال أحمد بن سيار المروزي الحافظ: كان الدارمي حسن
المعرفة، قد دون " المسند "، و " التفسير ".
مات في سنة خمس وخمسين ومئتين.
يوم التروية (2) بعد العصر، ودفن يوم عرفة يوم الجمعة، وهو
ابن خمس وسبعين سنة.
وقال الحافظ مكي بن محمد بن أحمد بن ماهان البلخي تلميذه
في تاريخ وفاته نحو ذلك.
ووهم من قال: وفاته في سنة خمسين، فقد أرخه جماعة على
الاول.
قال إسحاق بن أحمد بن خلف: كنا عند محمد بن إسماعيل
البخاري، فورد عليه كتاب فيه نعي عبد الله بن عبدالرحمن،
فنكس
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 29، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 535،
و " تهذيب التهذيب " 5 / 295.
وقال ابن ابي حاتم في " الجرح والتعديل " 5 / 99: سئل أبي
عنه، فقال: ثقة صدوق.
(2) هو يوم قبل يوم عرفة، وهو الثامن من ذي الحجة.
سمي به لان الحجاج يتروون فيه من الماء، ينهضون إلى منى
ولا ماء بها، فيتزودون ريهم من الماء، أي: يسقون ويستقون.
وكان ذلك فيما غبر من الازمان، أما الآن، فقد أصبح - ولله
الحمد - الماء متوفرا في كل مكان في مكة وفي منى وفي عرفة،
وهو مبذول لكل الحجيج.
(*)
(12/228)
رأسه، ثم رفع واسترجع، وجعل تسيل دموعه على خديه، ثم أنشأ
يقول: إن تبق تفجع بالاحبة كلهم * وفناء نفسك لا أبا لك
أفجع (1) ثم قال إسحاق: ما سمعناه ينشد إلا يجئ في الحديث.
قلت: قد كان الدارمي ركنا من أركان الدين، قد وثقه أبو
حاتم
الرازي (2) والناس، وحدث عنه بندار والكبار، وبلغنا عن
أحمد بن حنبل، وذكر الدارمي، فقال: عرضت عليه الدنيا، فلم
يقبل.
قال رجاء بن مرجى: رأيت سليمان الشاذكوني، وإسحاق بن
راهويه، وسمى جماعة، فما رأيت أحفظ من عبد الله الدارمي
(3).
ومن حديثه: أخبرنا عمر بن محمد الفارسي، والحسن بن علي،
وهدية بنت علي بن عسكر، وجماعة، وابن الحبوبي، قالوا:
أخبرنا عبد الله بن عمر الحريمي، أخبرنا عبد الاول بن
عيسى، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن
حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر بن العباس، حدثنا عبد الله
الدارمي، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن بلال، عن
هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " نعم الادام الخل " (4).
__________
(1) البيت في " مقدمة فتح الباري ": 482، و " تهذيب
التهذيب " 5 / 296.
(2) " الجرح والتعديل " 5 / 99 (3) " تاريخ بغداد " 10 /
31، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 535.
(4) أخرجه مسلم (2051) في الاشربة: باب فضيلة الخل والتأدم
به، والترمذي (1840) في الاطعمة باب ما جاء في الخل وهو في
سنن الدارمي 2 / 101، وأخرجه من = (*)
(12/229)
هذا حديث صحيح غريب فرد على شرط الشيخين، وانفرد مسلم به.
ورواه أيضا أبو عيسى في " جامعه "، كلاهما عن أبي محمد
الدارمي، فوقع موافقة بعلو.
وقد كان الدارمي يقصد في رواية هذا الحديث لتفرده به.
قال:
فكان يدق علي الباب وأنا ببغداد، فأقول: من ذا ؟ فيقال:
يحيى بن حسان: " نعم الادام الخل ".
وبهذا الاسناد عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يجوع أهل بيت عندهم التمر " (1).
أخرجه مسلم، والترمذي، جميعا عن الدارمي، وبه إلى الدارمي
من سوى ابن الحبوبي.
أخبرنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أيوب، وإسماعيل بن أمية،
وعبيد الله، وموسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قطع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجن قيمته ثلاثة دراهم
(2).
رواه مسلم عن الدارمي.
__________
= حديث جابر بن عبد الله مسلم (2025) وأبو داود (3820) و
(3821)، والترمذي (1839) و (1842)، والنسائي 7 / 14، وابن
ماجة (3317) والدارمي 2 / 101، وأحمد 3 / 301 و 304 و 353
و 364 و 371 و 389 و 390 و 400.
(1) أخرجه مسلم (2046) في الاشربة: باب في ادخار التمر
ونحوه من الاقوات للعيال، والترمذي (1816) في الاطعمة: باب
ما جاء في استحباب التمر، وهو في سنن الدارمي 2 / 104،
وأخرجه أبو داود (3831) من طريق الوليد بن عتبة، حدثنا
مروان بن محمد، حدثنا سليمان بن بلال بهذا الاسناد.
(2) أخرجه مسلم (1686) في الحدود: باب حد السرقة ونصابه،
وهو في سنن الدارمي 2 / 173، وأخرجه مالك 2 / 831 في
الحدود: باب ما يجب فيه القطع، ومن طريقه البخاري 12 / 93،
94 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، وأبو داود (4385)
والنسائي 8 / 76 في السارق: باب القدر الذي إذا سرقه
السارق قطعت يده عن نافع عن ابن عمر، وأخرجه الترمذي
(1446) من طريق قتيبة، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر.
(*)
(12/230)
وبه: أخبرنا أبو علي الحنفي، حدثنا مالك، عن أبي الزبير،
أن أبا
الطفيل، أخبره، أن معاذ بن جبل أخبره، قال: خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة،
يصلي الظهر والعصر جميعا.
ثم دخل، ثم خرج بعد ذلك، فصلى المغرب والعشاء جميعا (1).
مسلم عن الدارمي.
أخبرنا عمر بن محمد، وسليمان بن قدامة، وأحمد بن مكتوم،
ومحمد بن عبد الغني الذهبي، ومحمد بن حمزة، وسنقر الزيني،
وعبد العالي بن عبدالملك، ومحمود بن يوسف، وعبد الحميد بن
أحمد، وإسماعيل بن يوسف، وعبد الاحد التيمي، وإبراهيم بن
صدقه، وأحمد ابن محمد الحافظ، وأحمد بن نعمة، وحسن بن علي،
وهدية بنت علي، وعيسى بن أبي محمد، وعبد الرحمن بن عقيل
الخطيب، قالوا: أخبرنا أبو المنجى عبد الله بن عمر، أخبرنا
أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا أبو
محمد بن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر، حدثنا عبد الله بن
عبدالرحمن، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد، عن أنس: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف، ورأى
عليه أثرا من صفرة: " مهيم " ؟ قال: تزوجت.
قال: " أولم ولم بشاة ".
أخرجه البخاري (2) وغيره.
__________
(1) أخرجه مسلم (706) في صلاة المسافرين: باب الجمع بين
الصلاتين في الحضر، وهو في سنن الدارمي 2 / 356، وأخرجه
مالك 1 / 143، 144، في قصر الصلاة: باب الجمع بين الصلاتين
في الحضر والسفر، وأبو داود (1206)، والترمذي (553)
والنسائي 1 / 285.
(2) 9 / 101 في النكاح: باب قول الرجل لاخيه: انظر أي
زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها، وباب قول الله تعالى * (وآتوا
النساء صدقاتهن نحلة) *، وباب الصفرة للمتزوج، وباب
كيف يدعى للمتزوج، وباب الوليمة ولو بشاة، وأخرجه مسلم
(1427) في النكاح: باب = (*)
(12/231)
أخبرنا عمر بن محمد، وسليمان بن أبي عمر، وهدية بنت علي،
قالوا: أخبرنا أبو المنجى، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا
الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر، حدثنا
أبو محمد الدارمي، أخبرنا عبيد الله بن عبدالمجيد، حدثني
عبيدالله بن عبدالرحمن بن موهب، أخبرني نافع بن جبير، عن
ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الايم
أملك بأمرها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وصمتها
إقرارها " (1).
هذا حديث حسن الاسناد غريب عال جدا.
وقد أخرجه الجماعة (2)، سوى البخاري من حديث جماعة عن عبد
الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم.
79 - أحمد بن سعيد * (د) ابن
بشر الحافظ، أبو جعفر، الهمداني المصري، صاحب ابن
وهب.
ويروي أيضا: عن بشر بن بكر، والشافعي، وإسحاق بن الفرات،
وطائفة.
وعنه: أبو داود، وزكريا الساجي، وعمر بن بجير، ومحمد بن
__________
= الصداق وجواز كونه تعليم قرآن، وخاتم جديد، ومالك 2 /
545 في النكاح: باب ما جاء في الوليمة، وأبو داود (2102)
والترمذي (1094) و (1934)، والنسائي 6 / 119، 120.
(1) هو في " سنن الدارمي " 2 / 138، 139.
(2) أخرجه مالك 2 / 524 في النكاح: باب استئذان البكر
والثيب في أنفسهما، ومسلم (1421) في النكاح: باب استئذان
الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، وأبو داود
(2098)، والنسائي 6 / 84، والترمذي (1108).
* الجرح والتعديل 2 / 53، 54، تهذيب الكمال: 22، تذهيب
التهذيب 1 / 11 / 1، ميزان الاعتدال 1 / 100، تهذيب
التهذيب 1 / 31، خلاصة تذهيب الكمال: 6.
(*)
(12/232)
أحمد بن كسا (1) الواسطي، وعلي علان، وابن أبي داود،
وآخرون.
قال النسائي: لو رجع عن حديث الغار من طريق بكير بن الاشج،
لرويت عنه (2).
وقال مرة: ليس بالقوي (3).
قيل: مات في رمضان سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
80 - الدارمي * (خ، م، د، ت،
ق) الامام العلامة الفقيه الحافظ الثبت، أبو جعفر، أحمد بن
سعيد بن صخر بن سليمان، الدارمي السرخسي.
ولد سنة نيف وثمانين ومئة.
وسمع النضر بن شميل، وجعفر بن عون، وروحا، وعبد الصمد ابن
عبد الوارث، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبا عاصم النبيل،
وحبان بن هلال، ووهب بن جرير، وعلي بن الحسين بن واقد،
وطبقتهم، وأكثر التطواف، وتوسع في العلم، وبعد صيته.
__________
(1) في " تهذيب الكمال " 1 / 113: محمد بن أحمد بن سعيد بن
كسا.
و " كسا ": قيده بضم الكاف الذهبي في " المشتبه ": 515،
وابن ماكولا في " إكمال الاكمال "، وابن حجر في " التبصير
".
وقال ابن ناصر الدين في " توضيح المشتبه ": قلت: وآخره
مقصور.
(2) " ميزان الاعتدال " 1 / 100.
(3) " ميزان الاعتدال " 1 / 100، و " تهذيب التهذيب " 1 /
31.
وقال ابن حجر: قال زكريا الساجي: ثبت، وقال العجلي: ثقة.
وقال أحمد بن صالح: ما زلت أعرفه بالخير
مذ عرفته.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
* الجرح والتعديل 2 / 53، تاريخ بغداد 4 / 166، 169، طبقات
الحنابلة 1 / 45، 46، الانساب 6 / 279، تهذيب الكمال: 22،
تذهيب التهذيب 1 / 11 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 548، العبر 2
/ 4، الوافي بالوفيات 6 / 390، تاريخ ابن كثير 11 / 13،
تهذيب التهذيب 1 / 31، 32، النجوم الزاهرة 2 / 252، طبقات
الحفاظ: 241، خلاصة تذهيب الكمال: 6، شذرات الذهب 2 / 127.
(*)
(12/233)
حدث عنه: الجماعة الستة سوى النسائي، وروى الترمذي أيضا عن
رجل عنه، وأحمد بن سلمة، وعبد الواحد بن هانئ، وأبو العباس
السراج، وابن خزيمة، وخلق.
وقد حدث عنه من القدماء محمد بن المثنى الزمن.
أقدمه أمير خراسان عبد الله بن طاهر إلى نيسابور ليحدث
بها، فأقام بها مليا، ثم ولي قضاء سرخس، ثم رد إلى
نيسابور، وبها مات (1).
قال أبو عمرو المستملي: دخلنا عليه في مرضه، فأوصى بعشرة
آلاف درهم وبغلة يتصدق بها.
وقال: إن مت فرقيقي عنبر وفتح وحمدان وعلان أحرار لوجه
الله.
قال الامام أحمد بن حنبل: ما قدم علينا خراساني أفقه بدنا
من أحمد ابن سعيد الدرامي.
وذكر مؤرخ لا أستحضر اسمه أن أحمد الدارمي قدم هراة على
متوليها هارون بن الحسين بن مصعب يتعرض لمعروفه، فأنزله
داره، ووصله بأربعة آلاف درهم (2).
وكان عالما بالرجال والعلل والتاريخ.
ومنه تعلم أصحابنا بهراة معرفة الحديث.
قلت: كان ينظر بأبي زرعة، وابن وارة.
قلت: توفي سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
وقد مر أحمد بن سعيد الرباطي، وسيأتي عثمان بن سعيد
الدارمي.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 169، و " تهذيب التهذيب " 1 / 32
وفيه: قال ابن حبان: كان ثقة ثبتا صاحب حديث.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 168، 169، وفيه عن يحيى بن زكريا
النيسابوري، وقال: كان ثقة جليلا.
(*)
(12/234)
81 - عبد * (م، ت) هو الامام الحافظ الحجة الجوال، أبو
محمد، عبد بن حميد
بن نصر، الكسي، ويقال له: الكشي، بالفتح والاعجام، يقال:
اسمه عبد الحميد.
ولد بعد السبعين ومئة.
وحدث عن: علي بن عاصم الواسطي، ومحمد بن بشر العبدي، وابن
أبي فديك، ويزيد بن هارون، ويحيى بن آدم، وأبي علي الحنفي،
وأبي داود الحفري (1)، وعبد الرزاق، وجعفر ابن عون، وأبي
أسامة، وأبي داود الطيالسي، وأبي بدر السكوني، وعبد الرحمن
بن عبد الله الدشتكي، وسلم بن قتيبة، وزيد بن الحباب، وعبد
الله بن بكر، وعمر ابن يونس اليمامي، والواقدي، ومحاضر بن
المورع، ومصعب بن المقدام، وأبي عاصم، وخلق كثير مذكورين
في " تفسيره الكبير "، وفي " مسنده " الذي وقع لنا المنتخب
منه.
حدث عنه: مسلم، والترمذي، والبخاري تعليقا في دلائل النبوة
من " صحيحه " (2)، فقال: وقال عبدالحميد: حدثنا عثمان بن
عمر،
__________
* اللباب 3 / 98، تهذيب الكمال: 767، تذهيب التهذيب 2 /
261 / 1، العبر 1 / 454، تاريخ ابن كثير 11 / 4، تهذيب
التهذيب 6 / 455، 457، طبقات الحفاظ: 234، شذرات الذهب 2 /
120.
(1) الحفري، بفتحتين: واسمه عمر بن سعد، وهو من طبقة أبي
داود الطيالسي.
وحفر: موضع بالكوفة " التبصير " 1 / 340.
(2) 6 / 444 في الانبياء: باب علامات النبوة في الاسلام،
قال الحافظ تعليقا على قول البخاري: وقال عبدالحميد:
عبدالحميد هذا لم أر من ترجم له في رجال البخاري، الا أن
المزي ومن تبعه جزموا بأنه عبد من حميد الحافظ المشهور،
وقالوا: كان اسمه عبدالحميد، = (*)
(12/235)
حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر في حنين الجذع.
فقيل: هذا هو عبد.
وروى أيضا ولده محمد عنه، وبكر بن المرزبان، وشريح بن أبي
عبد الله النسفي الزاهد، والمكي بن نوح المقرئ، وعمر بن
محمد ابن بجير، ومحمد بن عبد بن عامر السمرقندي، وإبراهيم
بن خزيم بن قمير الشاشي، وأبو معاذ العباس بن إدريس بن
الفرج الكسي، وأبو سعيد حاتم بن حسن الشاشي، والحسن بن
الفضل بن أبي البزاز، وأبو عمر حفص بن بوخاش، وسلمان بن
إسرائيل بن جابر الخجندي، وسهل بن شاذويه البخاري، وأبو
سعيد الشاه بن جعفر بن حبيب النسفي، وأبو بكر محمد بن عمر
بن منصور الكشي، ومحمد بن موسى بن الهذيل النسفي، ومحمود
بن عنبر بن نعيم الازدي النسفي، وغيرهم من أهل ما وراء
النهر ممن لا نعرف أحوالهم.
قال أبو حاتم البستي في كتاب " الثقات ": عبدالحميد بن
حميد بن
نصر الكشي، وهو الذي يقال له: عبد بن حميد، وكان ممن جمع
وصنف، مات سنة تسع وأربعين ومئتين.
قلت: فأما قول من قال: إنه توفي بدمشق، فإنه خطأ فاحش.
فإن الرجل ما رأى دمشق لا في ارتحاله، ولا في شيخوخته.
وقد وقع لنا المنتخب عاليا، ثم لصغار أولادنا (1).
__________
= وإنما قيل له: عبد، بغير اضافة تخفيفا، وقد راجعت
الموجود من " مسنده " و " تفسيره "، فلم أر هذا الحديث
فيه، نعم وجدته من حديث رفيقه عبد الله بن عبدالرحمن
الدارمي أخرجه في " مسنده " المشهور 1 / 15 عن عثمان بن
عمر بهذا الاسناد.
(1) ترك الذهبي ثلاثة من الاولاد، وقد عرفوا بالعلم.
وهم: 1 - ابنته أمة العزيز، وقد أجاز لها غير واحد
باستدعاء والدها، منهم شيخ المستنصرية رشيد الدين أبو عبد
الله محمد بن عبد الله البغدادي المتوفى سنة 737 ه.
ويظهر أنها = (*)
(12/236)
أخبرنا أبو الحسين اليونيني (1)، وجماعة، قالوا: أخبرنا
عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن
الداوودمي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم،
حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا علي بن عاصم، عن الجريري، عن
أبي نضرة، حدثني أبو سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة، فقال له
الناس: يا رسول الله، قد كثر الناس، وإنهم يحبون أن يروك،
فلو اتخذت منبرا تقوم عليه.
قال: " من يجعل لنا هذا " ؟ فقال رجل: أنا، ولم يقل: إن
شاء الله، فقال: " وما اسمك " ؟ قال: فلان.
قال: " اقعد ".
ثم عاد، فقال كقوله، فقام رجل.
فقال: " تجعله " ؟ قال: نعم، إن شاء الله.
قال: " ما اسمك " ؟.
قال: إبراهيم.
قال:
" اجعله "، فلما كان يوم الجمعة، اجتمع الناس للنبي صلى
الله عليه وسلم من آخر المسجد، فلما صعد المنبر، فاستوى
عليه، واستقبل الناس، حنت
__________
= تزوجت في حياة والدها، وخلقت ولدا اسمه عبد القادر، سمع
مع جده من أحمد بن محمد المقدسي المتوفى سنة 737 ه، وأجاز
له جده رواية كتابه " تاريخ الاسلام ".
2 - ابنه أبو الدرداء عبد الله، ولد سنة 708 ه، وأسمعه
أبوه من خلق كثير، وحدث ومات في ذي الحجة سنة 754 ه.
3 - ابنه شهاب الدين أبو هريرة عبدالرحمن، ولد سنة 715 ه،
وسمع مع والده أجزاء حديثية كثيرة، وسمع من عيسى المطعم
الدلال المتوفى سنة 719 ه، وخرج له أبوه أربعون حديثا عن
نحو المئة نفس، وحدث منذ سنة 740 ه، وتأخرت وفاته إلى ربيع
الآخر سنة 799 ه وخلف ولدا اسمه محمد، سمع مع جده، وأجاز
له جده رواية كتابه " تاريخ الاسلام ".
(1) يونين، بضم الياء، وكسر النون الاولى: قرية من قرى
بعلبك، منها الحافظ شرف الدين علي بن محمد اليونيني
البعلبكي الحنبلي، أبو الحسين، الامام العالم المحدث،
المتوفى سنة 701 ه.
وعن نسخته من " صحيح البخاري " طبع بمصر في المطبعة
الاميرية سنة 1311 ه، وهي أعظم أصل يوثق به في نسخ " صحيح
البخاري ".
وهي التي جعلها القسطلاني عمدته في تحقيق متن الكتاب،
وضبطه حرفا حرفا، وكلمة كلمة في شرحه للبخاري المسمى "
إرشاد الساري ".
(*)
(12/237)
النخلة، حتى أسمعتني، وأنا في آخر المسجد.
قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر،
فاعتنقها، فلم يزل حتى سكنت، ثم عاد إلى المنبر، فحمد
الله، وأثنى عليه، ثم قال: " إن هذه النخلة إنما حنت شوقا
إلى رسول الله لما فارقها.
فو الله لو لم أنزل إليها فأعتنقها، لما سكنت إلى يوم
القيامة ".
هذا حديث متصل الاسناد غريب (1).
ومات معه في العام عمرو بن علي الفلاش، وهشام بن خالد
الازرق، ومحمود بن خالد الدمشقي، ورجاء بن مرجى الحافظ،
وخلاد ابن أسلم، وسعيد بن يحيى الاموي، وآخرون.
__________
(1) وأورده ابن كثير في " البداية " 6 / 130، 131 عن عبد
بن حميد بهذا الاسناد، وقال: وهذا إسناد على شرط مسلم ولكن
في السياق غرابة، وقوله: " على شرط مسلم " وهم منه رحمه
الله، فإن علي بن عاصم وهو الواسطي لم يخرج له مسلم، ثم هو
سئ الحفظ، كثير الخطأ، ورواه البخاري بغير هذا السياق 4 /
268 في البيوع: باب النجار، من طريق قتيبة ابن سعيد، حدثنا
عبد العزيز، عن أبي حازم، قال: أتى رجال سهل بن سعد
يسألونه عن المنبر، فقال: بعث رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى فلانة - امرأة قد سماها سهل -: " أن مري غلامك
النجار يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس "،
فأمرته يعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فأمر بها، فوضعت، فجلس
عليه.
ورواه ابن أبي شيبة من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي حازم
قال: أتوا سهل بن سعد، فقالوا: من أي شئ منبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: كان رسول الله يستند إلى جذع
في المسجد يصلي إليه إذا خطب، فلما اتخذ المنبر، فصعد، حن
الجذع حتى أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوطنه حتى
سكن.
وإسناده على شرط الصحيحين.
وأخرج البخاري أيضا 4 / 268 من طريق خلاد بن يحيى، حدثنا
عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي
الله عنهما أن امرأة من الانصار قالت لرسول الله صلى الله
عليه وسلم: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه، فإن
لي غلاما نجارا ؟ قال: " إن شئت " فعملت له المنبر، فلما
كان يو الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر
الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن
تنشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها، فضمها
إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت.
قال: " بكت على ما كانت تسمع من الذكر ".
(*)
(12/238)
82 - أحمد بن نصر * (ت، س) ابن زياد،
الامام القدوة، شيخ نيسابور ومقرئها ومفتيها وزاهدها،
الشيخ أبو عبد الله، القرشي النيسابوري.
ارتحل، وحدث عن: عبد الله بن نمير، والنضر بن شميل، وابن
أبي فديك، وأبي أسامة، وطبقتهم.
روى عنه: أبو نعيم أحد شيوخه، والترمذي، والنسائي في
كتابيهما، وسلمة بن شبيب، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني،
وعدد كثير.
قال الحاكم: كان فقيه أهل الحديث في عصره، كثير الرحلة
والحديث، رحمه الله.
وقيل: إنه ارتحل إلى أبي عبيد (1) على كبر السن متفقها،
فأخذ عنه، وكان يفتي بمذهبه، وعليه تفقه ابن خزيمة أولاد
قبل أن يرحل إلى المزني، وكان ثقة مأمونا، صاحب سنة، كبير
الشأن.
توفي في سنة خمس وأربعين ومئتين.
وفيها مات إمام أهل سمرقند، القدوة العابد الثقة، أبو بكر:
__________
(1) وهو المؤلف الجليل القاسم بن سلام تقدمت ترجمته في
الجزء العاشر برقم (166).
* التاريخ الكبير 2 / 6، الجرح والتعديل 2 / 79، تهذيب
الكمال: 44، 45، تذهيب التهذيب 1 / 28 / 1، تذكرة الحفاظ 2
/ 540، 541، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 145، تهذيب
التهذيب 1 / 85، 86، طبقات الحفاظ: 237، خلاصة تذهيب
الكمال: 13.
(*)
(12/239)
83 - أحمد بن نصر العتكي السمرقندي
* يروي عن: ابن عيينة، وجماعة.
حمل عنه: أبو محمد الدارمي، وطائفة.
84 - عبد الله بن الصباح
* * (خ، م، د، ت، س) الامام الحافظ الثقة، أبو محمد،
الهاشمي مولاهم، البصري العطار.
حدث عن: هشيم بن بشير، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن سواء،
وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، ويزيد بن هارون، ويحيى
القطان، وطبقتهم.
حدث عنه: الجماعة سوى ابن ماجه، وإمام الائمة ابن خزيمة،
وأحمد بن عمرو البزار، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو محمد بن
صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وطائفة سواهم.
وثقه النسائي (1)، وغيره.
قيل: مات سنة خمسين (2).
__________
* الانساب 8 / 390.
* * الجرح والتعديل 5 / 88، تهذيب الكمال: 696، تذهيب
التهذيب 2 / 154 / 2، تهذيب التهذيب 5 / 264، 265، خلاصة
تذهيب الكمال: 201، 202.
(1) " تهذيب الكمال " لوحة 696 وفيه: وذكره ابن حبان في "
الثقات ".
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 5 / 265: سئل أبي
عنه، فقال: صالح.
(2) هو قول أبي بكر بن أبي عاصم، صرح به المزي في " تهذيب
الكمال " والمؤلف في التذهيب " وابن حجر في " التهذيب ".
(*)
(12/240)
وقرأت بخط الامام أبي محمد بن تيمية، أن السراج (1) قال:
توفي في سنة ثلاث وخمسين.
85 - علي بن سهل * (د)
ابن موسى، وقيل: علي بن سهل بن قادم، الامام الحجة، أبو
الحسن، النسائي ثم الرملي، أخو موسى بن سهل.
قال النسائي: هو نسائي، سكن الرملة.
قلت: سمع الوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية، وضمرة بن
ربيعة، وجماعة.
حدث عنه: أبو داود في " سننه "، والنسائي في " اليوم
والليلة "، ووثقه (2)، وابن جوصا، وأبو عوانة، وأبو بكر بن
أبي داود، وابن جرير، والعباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة،
وعدد كثير.
مات سنة إحدى وستين ومئتين.
__________
(1) في " تهذيب الكمال " لوحة 696،، و " تهذيب التهذيب " 5
/ 265 نقلا عن السراج أنه مات سنة 251 ه، وكذلك قال المؤلف
في " التذهيب " إلا أنه لم يصرح باسمه، وإنما قال: وقال
غيره، أي: غير ابن أبي عاصم.
* الجرح والتعديل 6 / 189، تهذيب الكمال: 971، 972، تذهيب
التهذيب 3 / 63 / 1، ميزان الاعتدال 3 / 131، تهذيب
التهذيب 7 / 329، خلاصة تذهيب الكمال: 274.
(2) " تهذيب الكمال " لوحة 972، وقال ابن حجر في " تهذيب
التهذيب " 7 / 329: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم:
كان محدث أهل الرملة وحافظهم.
وقال أبو حاتم في " الجرح والتعديل " 6 / 89: صدوق.
(*)
(12/241)
86 - وأخوه * (د) الامام، أبوعمران، موسى بن سهل
بن قادم، الرملي، وهو الصغير.
سمع آدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش.
وعنه أبو داود في " سننه "، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم،
والارغياني، وجماعة.
ثقة (1).
مات في جمادى الاولى سنة 262 (2).
وسوف يأتي علي بن سهل الرملي نزيل بغداد.
87 - عبدالرحمن رسته * * (ق)
هو الامام المحدث المتقن، أبو الفرج، عبدالرحمن بن عمر
بن يزيد بن كثير، الزهري المديني الاصبهاني، ولقبه رسته
(3).
سمع يحيى القطان، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الرحمن بن
__________
* الجرح والتعديل 8 / 146، تهذيب الكمال: 1386، تذهيب
التهذيب 4 / 80 / 1، تهذيب التهذيب 10 / 347، خلاصة تذهيب
الكمال: 391.
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 146، كتبت
عنه، وهو صدوق ثقة.
سئل أبي عنه، فقال: صدوق (2) هذا قول عمرو بن دحيم.
وجاء في " تهذيب التهذيب " 10 / 347: قال أبو سليمان بن
زبر: مات سنة إحدى وستين.
* * الجرح والتعديل 5 / 263، تهذيب الكمال: 807، تذهيب
التهذيب 2 / 220 / 1، ميزان الاعتدال 2 / 579، تهذيب
التهذيب 6 / 234، 235، خلاصة تذهيب الكمال: 232، طبقات
المحدثين بأصبهان: 145.
(3) بضم الراء، وسكون السين المهملة، وفتح المثناة، و "
التقريب ".
(*)
(12/242)
مهدي، وخلقا سواهم.
حدث عنه: ابن ماجة في " سننه "، ومحمد بن يحيى بن مندة،
وعبد الله بن أحمد بن أسيد، وابن أخيه عبد الله بن محمد بن
عمر الزهري، وابن أخيه الآخر محمد بن عبد الله بن عمر،
وعبد الرحمن بن أحمد الهمذاني عبدوس، والحسن بن محمد
الداركي، وخلق كثير.
وكان عنده عن ابن مهدي ثلاثون ألفا.
وروى إبراهيم بن محمد بن الحارث الاصبهاني، عن أحمد بن
حنبل، قال: ما ذهبت يوما إلى ابن مهدي إلا وجدت الاخوين
الازرقين عنده، يعني: عبدالرحمن، وعبد الله (1).
وقال أبو الشيخ: غرائب حديث رسته تكثر.
قال ابن أخيه محمد بن عبد الله: توفي عمي سنة خمسين
ومئتين.
88 - أخوه * الامام المحدث،
أبو محمد، عبد الله بن عمر، الزهري.
سمع يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر غندر، وابن مهدي، وحماد
بن مسعدة، وعبد الوهاب الثقفي.
قال أبو الشيخ: وله مصنفات كثيرة، خرج قاضيا على الكرخ،
فمات بها.
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 6 / 235.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال المؤلف في " ميزانه " 2 / 579: ثقة، ينفرد ويغرب.
* الجرح والتعديل 5 / 111، ذكر أخبار أصبهان 2 / 47، طبقات
المحدثين بأصبهان: 146 (*)
(12/243)
قلت: روى عنه محمد بن يحيى بن مندة، وأحمد بن عبد الكريم
الزعفراني، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن
عمر، وسلم بن عصام، وعدة.
وله غرائب كأخيه.
مات في سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
89 - أحمد بن سنان * (خ، م، د،
ق) ابن أسد بن حبان، الامام الحافظ المجود، أبو
جعفر، الواسطي القطان.
ولد بعد السبعين ومئة.
سمع أبا معاوية الضرير، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن
مهدي، ويحيى القطان، ويزيد بن هارون، وهذه الطبقة، وصنف "
المسند ".
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وابنه
جعفر بن أحمد، وابن خزيمة، والنسائي في جمعه لحديث مالك،
ويحيى بن صاعد، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وعبد الرحمن بن
أبي حاتم، وخلق سواهم.
__________
* الجرح والتعديل 2 / 53، الجمع بين رجال الصحيحين: 7،
تهذيب الكمال، 23، تذهيب التهذيب 1 / 11 / 2، تذكرة الحفاظ
2 / 521، العبر 2 / 16، الوافي بالوفيات 6 / 407، طبقات
الشافعية للسبكي 2 / 5، 6، تاريخ ابن كثير 11 / 31، تهذيب
التهذيب 1 / 34، 35، طبقات الحفاظ: 227، خلاصة تذهيب
الكمال: 6، 7، شذرات الذهب 2 / 137.
(*)
(12/244)
وقال فيه ابن أبي حاتم: هو إمام أهل زمانه (1).
وقال أبوه أبو حاتم: ثقة صدوق (2).
وقال إبراهيم بن أورمة: ما كتبناه عن أبي موسى، وبندار
أعدناه عن أحمد بن سنان، وما كتبناه عن أحمد لم نعده عن
غيره (3).
قال جعفر بن أحمد بن سنان: سمعت أبي يقول: ليس في الدنيا
مبتدع إلا يبغض أصحاب الحديث، وإذا ابتدع الرجل [ بدعة ]
(4) نزعت حلاوة الحديث من قلبه (5).
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: توفي أحمد بن سنان سنة ست
وخمسين، ويقال: سنة ثمان وخمسين، ويقال: سنة تسع وخمسين
ومئتين.
أخبرنا أحمد بن يوسف، وعلي بن محمد، وابن الظاهري، قالوا:
أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن البناء حضورا،
أخبرنا محمد بن
__________
(1) ذكره المزي في " تهذيب الكمال " لوحة 23، ونقله عنه
المؤلف هنا، وفي " تذكرته " 2 / 521، و " تذهيبه " 1 / 11
/ 2، والسبكي في " طبقاته " 2 / 5.
قال ابن حجر في " تهذيبه " 1 / 35: وليس هذا - النقل - في
" الجرح والتعديل "، وإنما نقله اللالكائي بسنده إلى أبي
حاتم نفسه.
وهو كما قال، فإنه لا يوجد فيه 2 / 53.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 53، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
521، و " طبقات الشافعية " 2 / 6، و " تهذيب التهذيب " 1 /
34 وفيه: قال النسائي: ثقة.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
(3) جاء في " طبقات الشافعية " 2 / 6: قال أبو عبيد
الآجري: سألت أبا داود عن أحمد بن سنان وبندار، فقدم ابن
سنان على بندار.
والعبارة في " تهذيب التهذيب " 1 / 34
بسنده: أعدنا عليه ما سمعناه منه من بندار وأبي موسى.
يعني لاتقانه وحفظه.
(4) ما بين الحاصرتين من " تذكرة الحفاظ " 2 / 521 (5) "
تذكرة الحفاظ " 2 / 521، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 /
6 (*)
(12/245)
محمد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا أبو بكر بن أبي داود،
حدثنا أحمد ابن سنان، حدثنا يزيد، أخبرنا شريك، عن محمد بن
جحادة، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " الجنة مئة درجة، ما بين كل درجتين مسيرة
خمس مئة عام " (1).
90 - مؤمل بن إهاب (2)
* (د، س) ابن عبد العزيز بن قفل، الامام الحافظ الصدوق،
أبو عبد الرحمن الربعي الكوفي ثم الرملي.
وقيل: ابن قفل بن سدل (3)، بحركات.
ولد في حدود الثمانين ومئة أو قبلها.
__________
(1) ذكره ابن كثير في " النهاية " 2 / 373 من طريق أبي بكر
بن أبي داود بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 2 / 292 من طريق
يزيد بن هارون بهذا الاسناد، ولفظه " الجنة مئة درجة ما
بين كل درجتين مئة عام " وأخرجه الترمذي (2529) من طريق
عباس العنبري، عن يزيد بن هارون، عن إسرائيل، عن محمد بن
جحادة، عن عطاء، عن أبي هريرة...، وقال: هذا حديث حسن
غريب.
وله شاهد من حديث عبادة بن الصامت، أخرجه عن همام ابن
يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت
الترمذي (2531) وأحمد 5 / 316 و 321 وصححه الحاكم 1 / 80،
ووافقه الذهبي، ورواه أحمد 5 / 240، 241، وابن ماجه (4331)
والترمذي (2530) من طريقين عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن
يسار، عن معاذ بلفظ " الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين
مسيرة مئة عام " وفي رواية " كما بين السماء والارض "
وأخرجه أحمد 2 / 335 و 339، والبخاري 6 / 9 في الجهاد: باب
درجات المجاهدين في سبيل
الله، و 13 / 404 في التوحيد: باب وكان عرشه على الماء من
طريق فليح، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه " إن في الجنة مائة
درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجتين كما
بين السماء والارض ".
(2) بكسر أوله وبموحدة.
" التقريب " * الجرح والتعديل 8 / 375، تاريخ بغداد 13 /
181، 183، تهذيب الكمال: 1394، تذهيب التهذيب 4 / 85 / 2،
ميزان الاعتدال 4 / 229، العبر 2 / 7، العقد الثمين 7 /
313، 314، تهذيب التهذيب 10 / 381، 382، النجوم الزاهرة 2
/ 343، خلاصة تذهيب الكمال: 393، شذرات الذهب 2 / 129.
(3) في " تاريخ بغداد " 13 / 281: ابن سدك، بالكاف.
(*)
(12/246)
وسمع ضمرة بن ربيعة، ويزيد بن هارون، وأيوب بن سويد، وسيار
ابن حاتم الزاهد، ومالك بن سعير، ويحيى بن آدم، وعبد
الرزاق بن همام، وطبقتهم.
وكان من علماء المحدثين.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وسعيد بن هاشم الطبراني،
وابن جوصا، ومحمد بن تمام البهراني، وأحمد بن عبد الله بن
هلال، وخلق سواهم.
وله رحلة طويلة في شبيبته، ثم في شيخوخته، فحدث ببغداد
ودمشق وحلب وحمص والرملة.
فعن علي بن أبي سليمان: قدم مؤمل الرملة، فاجتمعوا عليه،
وكان زعرا متمنعا (1)، فألحوا، فامتنع، فمضوا إلى الوالي،
وألفوا منهم اثنين (2)، فقالا: لنا عبد له علينا حق صحبة
وتربية، آل بنا الحال إلى بيعه، فامتنع.
قال: وكيف أعلم صحة هذا ؟ قال: معنا جماعة محدثون يعلمون
ذلك.
فسمع قولهم، وطلب المؤمل
بالشرط، فتعزز (3)، فجروه، وقالوا: أخبرنا بأنك تطعمت
بالآفاق (4).
فلما دخل، قال: ما يكفيك إباقك حتى تعزز على سلطانك ؟
الحبس، فحبسوه.
وكان طوالا أصفر، خفيف اللحية، يشبه عبيد أهل الحجاز، فلم
يزل في الحبس أياما، حتى علم إخوانه، فمضوا إلى الوالي،
وقالوا: هذا مؤمل بن يهاب في حبسك مظلوم.
قال: ما أعرف هذا، ومن مؤمل ؟، قالوا: الذي اجتمع عليه
جماعة، قال: أهو الآبق ؟
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": ممتنعا (2) في " تاريخ بغداد ":
فئتين.
(3) في " تاريخ بغداد ": فتعذر.
(4) في " تاريخ بغداد ": استطعمت الاباق.
(*)
(12/247)
قالوا: بل هو إمام من أئمة المسلمين.
فأخرجه، وطلب أن يحله (1).
فهذه حكاية منكرة، فالله أعلم.
مات في رجب سنة أربع وخمسين ومئتين (2).
وفيها مات إبراهيم بن مجشر (3)، وسلم بن جنادة، وعبد الله
بن عبد الرحمن الدارمي، وزياد بن يحيى الحساني، ومحمد بن
منصور الطوسي العابد، ومحمد بن هاشم البعلبكي، والمرار بن
حمويه، وعلي بن محمد ابن علي الكاظم الحسيني أحد الاثني
عشر (4)، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود بدمشق.
__________
(1) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 13 / 182، 183.
(2) وكذا قال ابن زبر.
انظر " تاريخ بغداد " 13 / 181 وجاء فيه عن إبراهيم بن عبد
الله بن الجنيد، قال: سئل يحيى بن معين - وأنا أسمع - عن
مؤمل بن إهاب، فكأنه
ضعفه.
وعن عبدالرحمن النسائي أنه قال: مؤمل بن إهاب لا بأس به.
وقال مرة: ثقة.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 275: سئل أبي
عنه، فقال: صدوق.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 10 / 382: ذكره ابن
حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة ابن قاسم: ثقة صدوق.
(3) في الاصل: محبثر، وهو خطأ، وإبراهيم هذا ضعيف، وهو
مترجم في " تاريخ بغداد " 6 / 184، 185، و " ميزان
الاعتدال " 1 / 55، و " لسان الميزان " 1 / 95.
وانظر " الاكمال " 7 / 213.
(4) الامامية الاثنا عشرية: هي التي تعتقد أن الوصية
الالهية بالامامة قد انتقلت من علي ابن أبي طالب إلى
أولاده الحسن فالحسين، ثم إلى أحفاده من الحسين حتى الامام
الثاني عشر.
فبعد الحسين كان علي بن زين العابدين، فمحمد الباقر، فجعفر
الصادق، فموسى الكاظم، فعلي الرضى، فمحمد التقي، فعلي
الهادي، فالحسن العسكري، فمحمد المهدي المنتظر الذي دخل
بزعمهم في سرداب بسامراء سنة 265 ه وهو صغير السن، وأمه
تنظر إليه، ولم يعد، كما لم يقف أتباعه على أثر له منذ ذلك
الحين.
انظر " الملل والنحل ": 108 وما بعدها.
(*)
(12/248)
91 - محمد بن مسعود
* (د) ابن يوسف، الامام القدوة الحافظ، أبو جعفر بن العجمي
الطرسوسي، شيخ الثغر في زمانه.
حدث عن: عيسى بن يونس، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن
بن مهدي، وزيد بن الحباب، وعبد الرزاق، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو داود في " سننه "، وابنه أبو بكر بن أبي
داود، وجعفر الفريابي، ومحمد بن وضاح حافظ الاندلس، وحاجب
بن
أركين، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، والحسين بن
إسماعيل المحاملي، وأبو العباس السراج، وخلق سواهم.
وثقه أبو بكر الخطيب (1)، وغيره.
وكان ابن وضاح يتغالى فيه.
قال أبو عمر بن عبد البر: قال ابن وضاح: ما رأيت أعلم
بالحديث من محمد بن مسعود.
وقال ابن وضاح أيضا: هو رفيع الشأن، فاضل، ليس بدون أحمد
ابن حنبل (2).
__________
* الجرح والتعديل 8 / 106، تاريخ بغداد 3 / 301، 302،
تهذيب الكمال: 1266، تذكرة الحفاظ 2 / 523، ميزان الاعتدال
4 / 35، العبر 1 / 449، تهذيب التهذيب 9 / 438، طبقات
الحفاظ: 228، خلاصة تذهيب الكمال: 358، شذرات الذهب 2 /
116.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 301، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 523.
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 523، و " تهذيب التهذيب " 9 /
438 وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ": سمعت أبي
يقول: هو مجهول، فقال المؤلف في " ميزانه " 4 / 35 تعقيبا
على ذلك: ما هو بمجهول، هو العجمي نزيل طرسوس، صدوق، كبير
المحل، ولكن = (*)
(12/249)
قلت: لم نظفر بتاريخ وفاته، وقد بقي إلى حدود سنة خمسين،
وسمع منه أحمد بن علي الجزري في سنة سبع وأربعين ومئتين.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالرحيم بن أبي سعد،
أخبرنا سعيد بن حسين الريوندي في سنة 544، اخبرنا الفضل بن
المحب، أخبرنا الحسين الخفاف، أخبرنا أبو العباس السراج،
حدثنا محمد بن مسعود
الطرسوسي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى، عن أبي
سلمة، عن أبي هريرة، أنه كان يقنت في الركعة الآخرة من
الظهر والعشاء والصبح، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم، كان يفعله (1).
هذا حديث نظيف الاسناد، ولم يخرجه الجماعة.
92 - خشيش بن أصرم *
(د، س) ابن الاسود، الامام الحافظ الحجة، مصنف كتاب "
الاستقامة " (2)، أبو عاصم النسائي.
سمع روح بن عبادة، وأبا عاصم، وعبد الرزاق، وعبد الله بن
بكر السهمي، وطبقتهم.
__________
= ما عرفه أبو حاتم.
قال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 9 / 438: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
وقال مسلم بن قاسم: كان عالما بالحديث.
(1) رجاله ثقات وهو في " المصنف " برقم (4981) ولفظه: كان
يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء الآخرة،
وصلاة الصبح بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو
للمؤمنين، ويلعن الكافرين، ويذكر أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يفعله.
* تهذيب الكمال: 376، تذهيب التهذيب 1 / 197 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 551، تهذيب التهذيب 3 / 142، طبقات الحفاظ:
245، خلاصة تذهيب الكمال: 108، شذرات الذهب 2 / 129.
(2) يرد فيه على أهل البدع.
" تذكرة الحفاظ " 2 / 551.
(*)
(12/250)
وكان صاحب سنة واتباع.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي في " سننهما "، وعلان، وأحمد
ابن عبد الوارث العسال، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن
أحمد بن
سليمان الهروي، وآخرون.
وثقه النسائي (1).
وله رحلة واسعة إلى الحرمين ومصر والشام واليمن والعراق.
توفي في رمضان سنة ثلاث وخمسين ومئتين بمصر.
93 - علي بن حرب * (س)
ابن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوية (2)، الامام
المحدث الثقة الاديب، مسند وقته، أبو الحسن، الطائي
الموصلي.
اتفق مولده بأذربيحان في سنة خمس وسبعين ومئة، وكان أبوه
يتجر.
رأى علي المعافى بن عمران، ونشأ بالموصل.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 551، و " تهذيب التهذيب " 3 /
142 وفيه: قال ابن يونس: كان ثقة.
وكذا قال مسلمة بن قاسم.
* الجرح والتعديل: 6 / 183، تاريخ بغداد: 11 / 418، 420،
طبقات الحنابلة: 1 / 223، اللباب: 2 / 271، 272، تهذيب
الكمال: 961، 962، تذهيب التهذيب: 3 / 55 / 2، العبر: 2 /
30، تهذيب التهذيب: 7 / 294، 296، خلاصة تذهيب الكمال:
272، شذرات الذهب: 2 / 150، المنتظم: 5 / 52.
(2) بالغين المعجمة الطائي الخطامي، وخطامة بطن من طئ
ومازن بن الغضوبة ذكره ابن السكن وغيره في الصحابة، وقال
ابن حبان: يقال: إن له صحبة، وروى الطبراني والبيهقي وابن
السكن وغيرهم من طريق هشام بن الكلبي عن أبيه قال: حدثني
عبد الله العماني، قال: قال مازن بن الغضوبة...فذكر حديثا
طويلا فيه: فكسرت الاصنام، وقدمت على رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فأسلمت، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا
له، فأذهب الله عنه كل ما يجد...انظره بتمامه في " أسد
الغابة " 5 / 6، 7.
(*)
(12/251)
وسمع سفيان بن عيينة، وحفص بن غياث، وعبد الله بن إدريس،
وأبا معاوية، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، ومحمد بن بشر،
ومحمد بن فضيل، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن يمان، وعبد الله
بن نمير، وزيد بن الحباب، وعمرو بن عبد الجبار، والقاسم بن
يزيد الجرمي، ويزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وشبابة بن
سوار، ويعلى ابن عبيد، وأسباط بن محمد، وأبا داود الحفري،
وأنس بن عياض الليثي، وزيد بن أبي الزرقاء وخلقا سواهم
بالموصل، والحجاز والكوفة وبغداد والبصرة وواسط.
حدث عنه: النسائي، وقال صالح، ويحيى بن صاعد، والمحاملي،
ومحمد بن مخلد، وأحمد بن إبراهيم البلدي الامام، ويوسف بن
يعقوب الازرق، وابن أبي حاتم، وأبو عوانة، ومحمد بن جعفر
المطيري، وعلي بن إسحاق المادرائي، وأحمد بن سليمان
العباداني، ونافلته (1) أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن
علي بن حرب، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
وقال الدارقطني: ثقة.
وقال يزيد بن محمد في " تاريخ الموصل ": رحل علي مع أبيه،
وسمع
__________
(1) النافلة: ولد الولد.
قال الله تعالى: * (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا
جعلنا صالحين) * [ الانبياء: 72 ].
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 183 وقال ابن أبي حاتم أيضا:
كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق والخبر في " تاريخ بغداد " 11 /
418، 419 وفيه عن النسائي: علي بن حرب موصلي صالح.
(*)
(12/252)
وصنف، وخرج " المسند "، وكان عالما بأخبار العرب وأنسابها،
أديبا شاعرا، وفد على المعتز بالله في سنة أربع وخمسين
ومئتين (1)، وكتب عنه المعتز بخطه ودقق الكتابة، فقال: يا
أمير المؤمنين، أخذت في شؤم أصحاب الحديث، فضحك المعتز
وأطلق له ضياعا (2).
مات علي في شوال سنة خمس وستين ومئتين بالموصل، وقد كمل
التسعين.
وصلى عليه أخوه معاوية بن حرب.
أخوه: المحدث الثقة العابد المجاهد (أبو بكر).
94 - أحمد بن حرب الطائي
* (س) سمع مع أخيه من (3): سفيان بن عيينة، وأبي معاوية،
وعبد الله بن إدريس، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي، وقال: هو أحب إلي من أخيه (4)، وأبو بكر
ابن أبي داود، ومكحول البيروتي، وأحمد بن محمد بن صدقة،
وآخرون.
__________
(1) في " تهذيب التهذيب " 7 / 295: بسنة 204، وهو خطأ.
(2) هو في " تاريخ بغداد " 11 / 419، وله تتمة و " تهذيب
التهذيب " 7 / 295 وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة.
وقال السمعاني: كان ثقة صدوقا * الجرح والتعديل 2 / 49،
تهذيب الكمال: 19، 20، تذهيب التهذيب 1 / 9 / 2، تهذيب
التهذيب 1 / 23، خلاصة تذهيب الكمال: 5، شذرات الذهب 2 /
150.
(3) في الاصل: مع.
(4) " تهذيب التهذيب " 1 / 23 وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
(*)
(12/253)
قال يزيد الازدي: في " تاريخه "، كان ورعا فاضلا، رابط
بأذنة، (1) وبها توفي في سنة ثلاث وستين ومئتين، رحمه الله
(2).
أخوهما:
95 - محمد بن حرب * مات
كهلا في سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
فرثاه علي، فقال: تقول لي المليحة إذ رأتني * لدمعي من
مآقيه وكيف وبين جوانحي زفرات حزن * يضيق بحملها بدن ضعيف
أبعد محمد ألهو بأمر * يلذ به المجاور والمطيف قال الازدي:
حدثني صدقة بن محمد بن علي بن حرب، قال: قلت لجدي: لم لم
ترث عمي الحسن ؟ قال: يا بني، ما رثيت أحدا إلا ذهب حزنه،
فأحببت أن يبقى حزني عليه.
ولعلي يرثي ابن ابنه: أرى أفرخي يمضون قصدا إلى البلى *
وأصبح مثل النسر في جانب الوكر أشيع منهم واحدا بعد واحد *
وأرجع قد أودعته ظلمة القبر فمن كان محزونا بفقد منغص *
فقد أوجع الاحشاء فقد أبي نصر بني كان البدر أشبه وجهه *
يشب شباب الحول في مدة الشهر وكان إذا ما ضاق صدري لحادث *
نظرت إليه، فانجلت كربة الصدر
__________
(1) بفتحات: بلد من الثغور قرب المصيصة مشهور، بنيت سنة
إحدى أو اثنتين وأربعين ومئة.
راجع " معجم البلدان " 1 / 133.
(2) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 / 49: كان
صدوقا.
* الجرح والتعديل 7 / 237.
(*)
(12/254)
فيا دهر قد أوجعت قلبي لفقده * فمن ذا الذي يعدي مصابا على
الدهر سأستعمل التسليم لله والرضى * وأجبر ثلم النقص في
الاهل بالصبر قال يزيد بن محمد الازدي: حدثني عبد الله بن
محمد القرشي، سمعت علي بن حرب يقول: كنا عند سفيان بن
عيينة، فجعل رجل يقول له: يا أبا محمد، حديث: " ويل للعرب
من شر قد اقترب (1) ".
فأعرض منه فجعل يكرر ذلك عليه، وسفيان يعرض عنه.
فألح عليه، فقال له: ويحك ! كم تولول للعرب منذ اليوم، ويل
للنبط (2) من شر قد هبط.
وقع لي من عوالي علي بن حرب أربعة أجزاء: واحد عنه أبي
القاسم بن صصرى، وثلاثة عند أبي القاسم السبط.
أخوهم الشيخ العالم المحدث، أبو سفيان:
96 - معاوية بن حرب بن محمد
الطائي الموصلي * ولد سنة مئتين أو بعيدها.
وسمع عبيدالله بن موسى، وقبيصة، وخلاد بن يحيى، وأبا نعيم.
__________
(1) أخرجه من حديث زينب بنت جحش البخاري 6 / 274 في أحاديث
الانبياء: باب قول الله تعالى * (ويسألونك عن ذي القرنين)
* وباب علامات النبوة في الاسلام، وفي الفتن: باب قول
النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للعرب من شر قد اقترب، وباب
ياجوج ومأجوج، ومسلم (2880) في الفتن وباب اقتراب الفتن،
والترمذي (2188)، وأخرجه من حديث أبي هريرة أبو داود
(4249) وإسناده صحيح.
(2) النبط: جيل من العجم ينزلون البطائح بين العراقين،
وسموا بذلك لاستنباطهم ما يخرج من الارضين.
* لم نقف له على ترجمة.
(*)
(12/255)
وعنه: القاضي يزيد بن محمد.
وقال: توفي سنة إحدى وثمانين ومئتين، وله ثمانون سنة.
97 - سلمة بن شبيب *
(م، 4) الامام الحافظ الثقة، أبو عبد الرحمن، الحجري
المسمعي النسائي، نزيل مكة.
سمع يزيد بن هارون، وزيد بن الحباب، وأبا داود الطيالسي،
وحجاج بن محمد، وعبد الرزاق، وحفص بن عبدالرحمن
النيسابوري، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبا المغيرة
الخولاني، وخلقا كثيرا من هذا الضرب فمن بعدهم.
حدث عنه: مسلم، وأرباب السنن، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد
الله بن أحمد، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن هارون
الروياني، والحسن بن دكة الاصبهاني، وحاتم بن محبوب
الهروي، وعدة.
وحدث عنه من شيوخه الامام أحمد.
قال النسائي: ليس به بأس (1).
وقال أبو نعيم: قدم أصبهان، وحدث في سنة اثنتين وأربعين.
__________
* الجرح والتعديل 4 / 164، طبقات الحنابلة 1 / 168، 170،
تهذيب الكمال: 527، تذهيب التهذيب 2 / 42 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 543، 544، العقد الثمين 4 / 597، تهذيب التهذيب
4 / 146، 147، خلاصة تذهيب الكمال: 148، شذرات الذهب
2 / 116.
(1) " تهذيب التهذيب " 4 / 146 وفيه: قال أحمد بن سيار:
صاحب سنة وجماعة.
وقال أبو نعيم: أحد الثقات، وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال الحاكم: وهو محدث أهل مكة، والمتفق على إتقانه وصدقه.
(*)
(12/256)
وعن سلمة بن شبيب، قال: بعث داري بنيسابور، وأردت التحول
إلى مكة بعيالي، فقلت: أصلي أربع ركعات، وأودع عما الدار.
فصليت، وقلت: يا عمار الدار، سلام عليكم، فإنا خارجون
نجاور بمكة.
فسمعت هاتفا يقول: عليك السلام، يا سلمة.
ونحن خارجون من الدار، فإنه بلغنا أن الذي اشتراها يقول:
القرآن مخلوق (1).
قال ابن أبي داود: توفي سلمة من أكلة فالوذج.
وقال ابن يونس: قدم مصر، وحدث سنة ست، ومات في رمضان سنة
سبع وأربعين ومئتين.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
أخبرنا شيخان (3)، قالا: أخبرنا موسى الجيلي (4)، أخبرنا
ابن البناء، أخبرنا ابن البسري، أخبرنا المخلص، حدثنا يحيى
بن محمد، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا عبدالحميد الحماني،
حدثنا أبو سعد (5) عن أنس، قال: أرسلني أبو طلحة أدعو
النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، فقال
__________
(1) الخبر باختلاف يسير في " طبقات الحنابلة " 1 / 169.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 164.
(3) أفصح عنهما المؤلف في " تذكرته " 2 / 544 في ترجمة
سلمة بن شبيب هذا، فقال: أخبرنا عبد الحافظ بن بدران،
ويوسف بن أحمد، وترجم يوسف بن أحمد في الورقة:
79 من " مشيخته ".
(4) الجيلي، بكسر الجيم: نسبة إلى جيلان، قرى وراء
طبرستان.
ويقال: الجيلاني.
وموسى هو ابن الشيخ عبد القادر الجيلي المعروف الفقيه
الزاهد الواعظ.
وقد ترجم المؤلف ابنه موسى هذا في " العبر " 5 / 75 فذكره
فيمن توفي سنة 618 ه وقال: وسكن دمشق، وكان عريا من العلم.
(5) هي كنية سعيد بن أبي سعيد المقبري المدني ثقة روى له
الستة لكن تغير قبل موته بأربع سنين إلا أن الذهبي المؤلف
يقول: ما أحسب أن أحدا أخذ عنه في الاختلاط.
(*)
(12/257)
النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا ومن معي " ؟ قلت:
نعم...الحديث (1).
98 - الكوسج * (خ، م،
س، ت، ق) الامام الفقيه الحافظ الحجة، أبو يعقوب، إسحاق بن
منصور بن
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 218 من طريق عبد الله بن نمير، حدثنا
سعد - يعني ابن سعيد - (وقد تحرف في المطبوع إلى سعيد بن
سعد) أخبرني أنس بن مالك قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم لادعوه، وقد جعل له طعاما، فأقبلت
ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس، قال: فنظر إلي،
فاستحييت، فقلت: أجب أبا طلحة، فقال للناس: " قوموا " فقال
أبو طلحة يا رسول الله إنما صنعت شيئا لك، قال: فمسها رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ودعا فيها بالبركة، ثم قال: "
أدخل نفرا من أصحابي عشرة " فقال: " كلوا " فأكلوا حتى
شبعوا وخرجوا، وقال: " أدخل عشرة " فأكلوا حتى شبعوا، فما
زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم احد إلا دخل
فأكل حتى شبع، ثم هيأها، فإذا هي مثلها حين أكلوا منها،
ورواه مسلم (2040) (143) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن
عبد الله بن نمير، كلاهما عن عبد الله بن نمير، وعن سعيد
بن يحيى الاموي، عن أبيه كلاهما عن سعد بن سعيد بن قيس
الانصاري.
وأخرجه مطولا مالك 3 / 111، 112 بشرح السيوطي، ومن طريقه
البخاري 6 / 429، 432 في علامات النبوة
في الاسلام و 9 / 460 و 11 / 495، ومسلم (2040) والترمذي
(3630) عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك
وأخرجه أحمد 3 / 232 من طريق علي بن عاصم، حدثنا حصين بن
عبدالرحمن، عن عبدالرحم بن أبي ليلى، عن أنس، ورواه مسلم
عن عمرو الناقد، عن عبد الله بن جعفر الرقي، عن عبيدالله
بن عمر، عن عبدالملك بن عمير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى،
عن أنس.
وأخرجه أحمد 3 / 147 من طريق يونس بن محمد، حدثنا، حماد بن
زيد، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أنس...ورواه البخاري 9
/ 497 في الاطعمة عن الصلت بن محمد، عن حماد بن زيد، عن
الجعد أبي عثمان عن أنس، وعن هشام، عن محمد، عن أنس، وعن
سنان أبي ربيعة، عن أنس، وأخرجه أحمد 3 / 242 من طريق يونس
بن محمد، حدثنا حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس،
ورواه مسلم عن حجاج بن الشاعر، عن يونس بن محمد به.
* التاريخ الكبير 1 / 404، الجرح والتعديل 2 / 234، تاريخ
بغداد 6 / 362، 364، طبقات الحنابلة 1 / 113، 115، اللباب
3 / 117، تهذيب الكمال: 90، تذهيب التهذيب 1 / 58 / 1،
تذكرة الحفاظ 2 / 524، 525، العبر 2 / 1، الوافي بالوفيات
8 / 426، تهذيب التهذيب 1 / 249، 250، النجوم الزاهرة 2 /
333، طبقات الحفاظ: 229، خلاصة تذهيب الكمال: 30، شذرات
الذهب 2 / 123.
(*)
(12/258)
بهرام المروزي، نزيل نيسابور.
ولد بعد السبعين ومئة.
وسمع سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، والنضر بن شميل،
ويحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وأبا أسامة، وعبد
الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن بكر
البرساني، وعبد الرزاق،
ومحمد بن يوسف الفريابي، وعفان، وخلقا كثيرا.
وطلب العلم، ودونه، وبرع واشتهر.
حدث عنه: الجماعة سوى أبي داود، وأبو زرعة الرازي، وأبو
بكر ابن خزيمة، وأبو العباس السراج، ومؤمل بن الحسن
الماسرجسي، وأحمد بن حمدون الاعمشي، ومحمد بن أحمد بن
زهير، وخلق سواهم.
قال الحاكم أبو عبد الله: أبو يعقوب الكوسج مولده بمرو،
ومنشؤه بنيسابور.
وأعقب، وبها توفي.
وهو أحد الائمة من أصحاب الحديث من الزهاد، والمتمسكين
بالسنة، اعتمداه في " الصحيحين " أي اعتماد.
وهو صاحب المسائل عن أحمد بن حنبل الذي يستهزئ به المبتدعة
والمتجرئون.
سمعت أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول: سمعت مشايخنا
يذكرون أن إسحاق بن منصور بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض
تلك المسائل التي علقها عنه، فحملها في جراب على ظهره،
وخرج راجلا (1) إلى بغداد، وعرض خطوط أحمد عليه في كل
مسألة
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": راحلا، بالمهملة وهو تصحيف.
وقال الخطيب: وكان إسحاق بن منصور عالما فقيها، وهو الذي
دون عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه المسائل في الفقه.
وقال أبو حاتم الرازي: صدوق.
(*)
(12/259)
استفتاه عنها، فأقر له بها ثانيا، وأعجب به (1).
قال مسلم: هو ثقة مأمون.
وقال النسائي: ثقة (2).
قلت: قد يروي عنه البخاري، فيقول: حدثنا إسحاق، لم
ينسبه، فيشتبه بابن راهويه.
فلنا قرائن ترجح أحدهما، وبكل تقدير، فلا يضر ذلك، فكل
منهما حجة.
قال الحسين بن محمد القباني: مات إسحاق بن منصور بن بهرام
أبو يعقوب الكوسج بنيسابور يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة
لعشر (3) بقين من جمادى الاولى سنة إحدى وخمسين ومئتين.
وفيها مات حميد بن زنجويه، وعمرو بن عثمان الحمصي، وأبو
التقي اليزني، ومحمد بن سهل بن عسكر.
99 - زيد بن أخزم * (خ،
4) الحافظ المجود، أبو طالب، الطائي البصري.
__________
(1) " طبقات الحنابلة " 1 / 114، و " تاريخ بغداد " 6 /
364، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 524.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 114، و " تاريخ بغداد " 6 /
364، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 524، و " تهذيب التهذيب " 1 /
250 وفيه: قال الحاكم: هو أحد الائمة، من أصحاب الحديث، من
الزهاد والمتمسكين بالسنة.
وقال ابن شاهين في " الثقات ": قال عثمان بن أبي شيبة: ثقة
صدوق.
(3) بياض في الاصل، واستدركت من " طبقات الحنابلة " 1 /
115، و " تهذيب التهذيب " 1 / 250.
* الجرح والتعديل 3 / 556، 557، تاريخ بغداد 8 / 446، 447،
تهذيب الكمال: 450، تذهيب التهذيب 1 / 247 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 540، العبر 2 / 15، تهذيب التهذيب 3 / 393،
طبقات الحفاظ: 236، شذرات الذهب 2 / 136، المنتظم 5 / 4.
(*)
(12/260)
سمع يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وابن مهدي، وعبد
القاهر بن شعيب، وسعيد بن عامر، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، وأرباب السنن الاربعة، وأبو عروبة الحراني،
والبغوي، وعبد الله بن وهب الدينوري، وابن صاعد،
والمحاملي، وآخرون.
وثقه النسائي (1).
وكان ممن قتلته الزنج (2) والاوباش الواثبون على البصرة مع
الخبيث في سنة سبع وخمسين ومئتين (3).
أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أخبرنا ابن القطيعي، أخبرنا
ابن الزاغوني، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر
المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا زيد بن أخزم، حدثنا
عبدالقاهر بن شعيب، حدثنا ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال العبد في صلاة
ما كانت الصلاة تحبسه (4) ".
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 447، و " تهذيب التهذيب " 3 / 393
وقال ابن حجر فيه: ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال:
مستقيم الحديث.
وقال الدارقطني: ثقة.
وقال صالح بن محمد: صدوق في الرواية.
وقال مسلمة: هو ثقة.
وقال أبو حاتم في " الجرح والتعديل " 3 / 557: ثقة.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 447، وقد ذبح ذبحا.
(3) انظر الطبري 9 / 476، 488، وابن الاثير 7 / 241، ودول
الاسلام 1 / 155.
(4) رجاله ثقات، وأخرجه ماك 1 / 175 بشرح السيوطي في قصر
الصلاة: باب انتظار الصلاة والمشي إليها، ومن طريقه أخرجه
البخاري 2 / 119 في الجماعة: باب من جلس في المسجد ينتظر
الصلاة، ومسلم (649) (275) في المساجد: باب فضل صلاة
الجماعة وانتظار الصلاة، وأبو داود (469) و (470) والنسائي
2 / 55 عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال أحدكم في صلاة ما
كانت الصلاة تحبسه، لا
يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة " وأخرجه عبد الرزاق
(2211) ومن طريقه الترمذي (330) عن معمر، عن همام بن منبه،
عن أبي هريرة، وأخرجه عبد الرزاق (2210) عن معمر، عن أيوب،
عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.
(*)
(12/261)
100 - الزعفراني
* (خ، د، ت، س) الامام العلامة، شيخ الفقهاء والمحدثين،
أبو علي، الحسن بن محمد بن الصباح، البغدادي الزعفراني
(1)، يسكن محلة الزعفراني.
ولد سنة بضع وسبعين ومئة، وحج.
وسمع من: سفيان بن عيينة، وأبي معاوية الضرير، وإسماعيل بن
علية، وعبيدة (2) بن حميد، ووكيع بن الجراح، وعبد الوهاب
الثقفي، ومحمد بن أبي عدي، ويزيد بن هارون، وحجاج بن محمد،
وأبي عبد الله الشافعي، وخلق كثير.
وقرأ على الشافعي كتابه القديم، وكان مقدما في الفقه
والحديث،
__________
* الجرح والتعديل 3 / 36، الفهرست: 265، تاريخ بغداد 7 /
407، 410، طبقات الفقهاء للشيرازي: 82، الجمع بين رجال
الصحيحين: 84، طبقات الحنابلة 1 / 138، الانساب 6 / 298،
اللباب 2 / 69، وفيات الاعيان 2 / 73، 74، تهذيب الكمال:
282، تذهيب التهذيب 1 / 145 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 525،
526، العبر 2 / 20، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 114، 117،
تاريخ ابن كثير 11 / 32، تهذيب التهذيب 2 / 318، 319،
النجوم الزاهرة 3 / 32، طبقات الحفاظ: 230، خلاصة تذهيب
الكمال: 80، طبقات الشافعية لابن هداية الله: 7، شذرات
الذهب 2 / 140، المنتظم 5 / 23.
(1) ضبط ابن خلكان هذه النسبة في " وفيات الاعيان " 2 /
74، فقال: بفتح الزاي، وسكون العين المهملة، وفتح الفاء
والراء، وبعد الالف نون: هذه النسبة إلى الزعفرانية، وهي
قرية بقرب بغداد، والمحلة التي ببغداد تسمى درب الزعفراني،
منسوبة إلى هذا الامام، لانه أقام بها.
وقال السبكي في " طبقات الشافعية " 2 / 114: والزعفراني
منسوب إلى قرية بالسواد، يقال لها: الزعفرانية، كذا ذكر
ابن حبان.
ثم قال السبكي: ثم سكن المشار إليه [ أي: الزعفراني ]
بغداد في بعض دروبها، فنسب الدرب إليه، وصار يقال له: درب
الزعفراني ببغداد.
ثم قال: وقد عكس شيخنا الذهبي فذكر أن الزعفراني منسوب إلى
درب الزعفران، والصواب عكسه، وهو أن الزعفران منسوب إلى
الزعفراني، وأن الزعفراني منسوب إلى قرية، كما قدمناه عن
ابن حبان.
(2) بفتح العين، وكسر الباء.
" التبصير " 3 / 913 وقد أخطأ محقق " طبقات الشافعية "
للسبكي بتقييده على التصغير 2 / 115.
(*)
(12/262)
ثقة جليلا، عالي الرواية، كبير المحل.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،
والقزويني، وزكريا الساجي، وأبو العباس بن سريج، وإمام
الائمة ابن خزيمة، وأبو عوانة الاسفراييني (1)، وعمر بن
بجير، وأبو القاسم البغوي، وأبو محمد بن صاعد، وأبو بكر بن
زياد، ومحمد بن مخلد، والقاضي المحاملي، وأبو سعيد بن
الاعرابي، وعدد كثير.
قال النسائي: ثقة.
قال إبراهيم بن يحيى: سمعت الزعفراني يقول: ما على وجه
الارض قوم أفضل من أصحاب هذه المحابر، يتبعون آثار رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ويكتبونها كي لا تندرس.
وقال ابن حبان: كان أحمد بن حنبل وأبو ثور يحضران عند
الشافعي، وكان الحسن بن محمد الزعفراني هو الذي يتولى
القراءة عليه (2).
قال زكريا الساجي: سمعت الزعفراني يقول: قدم علينا
الشافعي، واجتمعنا إليه، فقال: التمسوا من يقرأ لكم، فلم
يجترئ أحد أن يقرأ عليه غيري.
وكنت أحدث القوم سنا، ما كان بعد في وجهي شعرة، وإني لا
تعجب اليوم من انطلاق لساني بين يدي الشافعي رحمه الله،
وأعجب من
__________
(1) ضبطها السمعاني في " الانساب "، وتبعه ابن الاثير في "
اللباب "، والسيوطي في " لب اللباب " بكسر الهمزة.
أما ياقوت فقد ضبطها في " معجمة " بفتحها.
(2) " طبقات الشافعية " 2 / 115، و " تهذيب التهذيب " 2 /
318 وفيه: قال ابن المنادي: كان أحد الثقات.
وقال أبو عمر الصدفي: سألت العقيلي عنه، فقال: ثقة من
الثقات، مشهور، لم يتكلم فيه أحد بشئ.
وقال ابن عبد البر: كان نبيلا ثقة مأمونا.
وقد ذكره ابن حبان في " الثقات ".
(*)
(12/263)
جسارتي يومئذ - قلت: كان الزعفراني من الفصحاء البلغاء -
قال: فقرأت عليه الكتب كلها إلا كتابين: " كتاب المناسك "
و " كتاب الصلاة " (1).
قال أحمد بن محمد بن الجراح: سمعت الحسن الزعفراني يقول:
لما قرأت كتاب " الرسالة " على الشافعي قال لي: من أي
العرب أنت ؟ قلت: لست بعربي، وما أنا إلا من قرية، يقال:
لها الزعفرانية.
قال: فأنت سيد هذه القرية (2).
قال علي بن محمد بن عمر الفقيه بالري، حدثنا أبو عمر
الزاهد قال: سمعت الفقيه أبا القاسم بن بشار الانماطي
يقول: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: رأيت ببغداد
نبطيا ينتحي (3) علي حتى كأنه عربي، وأنا نبطي، فقيل له:
من هو ؟ قال: الزعفراني (4).
توفي أو علي ببغداد في سلخ شعبان سنة ستين ومئتين، وهو في
عشر التسعين (5) وفيها مات عبدالرحمن بن بشر بن الحكم،
وعبيد الله بن سعد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 408، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 525،
و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 115، و " مناقب الشافعي "
1 / 358 وما بعدها.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 48، و " طبقات الشافعية " للسبكي
2 / 115، و " تهذيب التهذيب " 2 / 318.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 3 / 36: كتبت عنه
مع أبي، وهو ثقة.
سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
وقال ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " 1 / 138: ذكره
ابن المنادي، فقال: أحد الثقات.
(3) في " طبقات الشافعية " 2 / 115، 116: ينتحى.
(4) " تذكرة الحفاظ " 2 / 525، و " طبقات الشافعية " 2 /
115، 116 وقد أيد السبكي رأيه في تصحيح نسبة " الزعفراني "
بهذا الخبر.
(5) في " الانساب " 6 / 280: مات في شهر ربيع الآخر يوم
الاثنين سنة تسع وأربعين ومئتين، وأورده ابن خلكان 2 / 74
عن الانساب بعد القول الذي ذكره المصنف.
(*)
(12/264)
الزهري، وأحمد بن عثمان بن حكيم، وأيوب بن سافري، ومالك بن
طوق منشئ الرحبة (1)، والحسن بن علي بن محمد بن الرضى
العلوي أحد الاثني عشر الذين تدعي الرافضة عصمتهم.
101 - المخرمي * (خ، د، س)
محمد بن عبد الله بن المبارك، الامام العلامة
الحافظ الثبت، أبو جعفر القرشي مولاهم البغدادي المخرمي
(2) المدائني، قاضي حلوان.
ولد سنة نيف وسبعين ومئة.
وحدث عن وكيع، ويحيى بن سعيد، وأبي معاوية الضرير، وعبد
الرحمن بن مهدي، وأبي أسامة، ومعاذ بن هشام، وإسحاق بن
يوسف الارزق وشبابة، ومظفر بن مدرك الحافظ، ويحيى بن آدم،
ويحيى بن عيسى الرملي، ويزيد بن هارون، وأبي عامر العقدي،
وخلق.
وينزل إلى مصعب بن عبد الله، ويحيى بن معين، ويحيى بن أيوب
المقابري.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود والنسائي، وأبو حاتم،
__________
(1) تقع بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات.
قال البلاذري: لم يكن لها أثر قديم، إنما أحدثها مالك بن
طوق بن عتاب التغلبي في خلافة المأمون.
* تاريخ بغداد 5 / 423، الجرح والتعديل 7 / 305، الانساب،
ورقة: 513 / ب، تهذيب الكمال: 1223، 1224، تذهيب التهذيب 3
/ 220 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 519، 521، العبر 2 / 6، 7،
تهذيب التهذيب 9 / 272، 274، طبقات الحفاظ: 227، خلاصة
تذهيب الكمال: 346، شذرات الذهب 2 / 129، تبصير المنتبه 4
/ 1347، المشتبه 2 / 577، اللباب 2 / 6، 7.
(2) بضم الميم، وفتح الخاء المعجمة، وكسر الراء المشددة،
بعدها ميم وياء: نسبة إلى المخرم، محلة ببغداد، وأخطأ محقق
العبر 2 / 6 فضبطها بفتح الميم، وسكون الخاء، وفتح الراء
المخففة، نسبة إلى مخرمة بن نوفل.
راجع " المشتبه " 2 / 577.
(*)
(12/265)
والفسوي، وابن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي.
وأبو بكر أحمد بن المروزي، وعمر بن بجير، وابن خزيمة، وابن
صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمد بن محمد الباغندي، وخلق
سواهم.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال لي أبي: كتبت حديث عبيد
الله عن نافع، عن ابن عمر كنا نغسل الميت، منا من يغتسل،
ومنا من لم يغتسل ؟ قلت: لا.
قال: في المخرم شاب يقال له: محمد بن عبد الله
يحدث به عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب، فاكتبه عنه (1).
قال أبو بكر الباغندي: كان المخرمي حافظا متقنا.
وقال ابن عقدة: سمعت نصر بن أحمد بن نصر.
قال: كان محمد ابن عبد الله المخرمي من الحفاظ المتقنين
المأمونين.
قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي، وهو ثقة صدوق.
سئل أبي عنه، فوثقه (2).
قال النسائي: ثقة (3).
وقال الدارقطني: كان حافظا ثقة (4).
__________
(1) تاريخ بغداد 5 / 424، وإسناد حديث ابن عمر صحيح كما
قال الحافظ في " التخليص " 1 / 138 وهو في سنن الدارقطني 2
/ 72، وهو أحد الحديثين الناقلين الامر في قوله صلى الله
عليه وسلم الثابت " من غسل ميتا، فليغتسل " من الوجوب إلى
الندب.
والحديث الآخر عن ابن عباس مرفوعا " ليس عليكم في غسل
ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن
تغسلوا أيديكم " أخرجه الحاكم 1 / 386، والبيهقي 3 / 398
وسنده حسن.
(2) " الجرح والتعديل " 7 / 305.
(3) " تذكرة الحفاظ " 2 / 520، وفي " تهذيب التهذيب " 9 /
273: وقال النسائي في " مشيخته ": كان أحد الثقات، ما
رأينا بالعراق مثله.
(4) وقال ابن عدي: كان حافظا، وقال مسلمة بن قاسم: كان أحد
الثقات.
" تهذيب = (*)
(12/266)
الاسماعيلي: أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني،
قال: سمعتهم يقولون: قدم علي بن المديني بغداد، واجتمع
إليه الناس، فلما تفرقوا قيل له: من وجدت أكيس القوم ؟
قال: هذا الغلام المخرمي.
الاسماعيلي.
حدثنا الفرهياني: سمعت المخرمي يقول: ذكر أبو
خيثمة يوما، فقال: كم تحفظون لابن جريج، عن أبيه ؟ وكان
يحيى بن معين ثمة، فما أجاب البتة في واحد، واندفعت أنا،
فقلت، ثم قال الفرهياني: كنا نصف المخرمي بالمعرفة،
فذكرناه لصاحب حديث، يقال له: عمر بن إسماعيل الابيوردي
(1) فقال: إن كيلجة (2) أفادني أبوابا.
وقال: الحديث فيها عزيز، وأنا أذكر لكم بعض تلك الابواب،
حتى تسألوا عنها المخرمي، فذكر الرجل يدرك الوتر من قال:
يتشهد، ومن قال: لا يتشهد ؟ فلما أتيناه سألناه، فقال: ليس
ذا من صناعتكم، ما حاجتكم إليه ؟ وذاك أنه كان يرانا نتبع
المسند، فقلنا: تحدثنا بما عندك فيه.
فحدثنا على المكان بستة أحاديث.
فرجعنا إلى الذي قال لنا، فقلنا: أملى علينا فيه ستة
أحاديث.
فقال: ذا هول من الاهوال (3).
قال عبدا لباقي بن قانع: مات سنة أربع وخمسين ومئتين.
وقال ابن حبان: مات سنة ستين ومئتين أو قبلها بقليل أو
بعدها.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد
العزيز،
__________
= التهذيب " 9 / 273.
وقال الخطيب في " تاريخه " 5 / 423: كان من أحفظ الناس
للاثر، وأعلمهم بالحديث.
(1) تحرف في " تاريخ بغداد " 5 / 424 إلى " يبرود ".
(2) هو الامام الحافظ محمد بن صالح البغدادي، وسترد ترجمته
في الصفحة: 524.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 424.
(*)
(12/267)
أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عاصم بن الحسن،
أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا
محمد بن عبد الله المخرمي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي،
عن يونس، عن قتادة،
عن أنس قال: " ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على
خوان، ولا في سكرجة، ولا خبز له مرقق ".
قلت لقتادة: على أي شئ كانوا يأكلون ؟ قال: على السفر (1).
102 - أبو حاتم السجستاني *
(د، س) الامام العلامة، أبو حاتم، سهل بن محمد بن
عثمان، السجستاني ثم البصري، المقرئ النحوي اللغوي، صاحب
التصانيف.
__________
(1) إسناده صحيح وأخرجه البخاري 9 / 464 / 478 في الاطعمة:
باب الخبز المرقق وباب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه يأكلون من طريق علي بن عبد الله، وعبد الله بن أبي
الاسود كلاهما عن معاذ بن هشام بهذا الاسناد، وأخرجه
الترمذي في " الشمائل " 1 / 240، 241 من طريق محمد بن
بشار، عن معاذ بن هشام به.
والسكرجة، بضم السين والكاف والراء المشددة بعدها جيم
مفتوحة قال القاضي عياض: كذا قيدناه، ونقل عن ابن مكي أنه
صوب فتح الراء، ونقلها ابن الجوزي عن شيخه الجواليقي، وبه
جزم التوربشتي، وهي فارسية معربة وهي صحاف صغار يؤكل فيها،
وكانت تعد للكوامخ والجوارش والمخللات للتشهي والهضم.
قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: تركه الاكل في السكرجة
إما لكونها لم تكن تصنع عندهم إذ ذاك، استصغارا لها، لان
عادتهم الاجتماع على الاكل، أو لانها كانت تعد لوضع
الاشياء التي تعين على الهضم، ولم يكونوا غالبا يشبعون،
فلم يكن لهم حاجة بالهضم.
* الجرح والتعديل 4 / 204، أخبار النحويين البصريين: 93،
96، طبقات النحويين واللغويين: 94، 96، الفهرست: 64،
الانساب 7 / 46، نزهة الالباء: 189، 191، معجم الادباء 11
/ 263، 265، إنباه الرواة 2 / 58، 64، وفيات الاعيان 2 /
430، 433، تهذيب الكمال: 559، 560، تذهيب التهذيب 2 / 62 /
1، العبر 1 / 455، تاريخ ابن كثير 11 / 2، 3، غاية النهاية
في طبقات القراء 1 / 320، 321، طبقات النحاة لابن قاضي
شهبة 1 / 361، 364، تهذيب التهذيب 4 / 257، 258، النجوم
الزاهرة 2 / 332، خلاصة
تذهيب الكمال: 158، طبقات المفسرين 1 / 210، 212، مرآة
الجنان 2 / 156، شذرات الذهب 2 / 121.
(*)
(12/268)
أخذ عن: يزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وأبي عبيدة بن
المثنى، وأبي زيد الانصاري، وأبي عامر العقدي، والاصمعي،
ويعقوب الحضرمي، وقرأ عليه القرآن، وتصدر للاقراء والحديث
والعربية.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي في كتابيهما، وأبو بكر البزار
في " مسنده "، ومحمد بن هارون الروياني، وابن صاعد، وأبو
بكر بن دريد، وأبو روق الهزاني، وعدد كثير.
وتخرج به أئمة، منهم أبو العباس المبرد، وكان جماعة للكتب
يتجر فيها (1).
وله باع طويل في اللغات والشعر (2)، والعروض، واستخراج
المغمى.
وقيل: لم يكن باهرا بالنحو (3).
وله كتاب " إعراب القرآن "، وكتاب " ما يلحن فيه العامة "،
وكتاب " المقصور والممدود "، وكتاب " المقاطع والمبادئ "،
وكتاب " القراءات "، وكتاب " الفصاحة "، وكتاب " الوحوش "،
وكتاب " اختلاف المصاحف "، وغير ذلك (4).
__________
(1) " إنباه الرواة " 2 / 59.
(2) من شعره ما أورده ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 2 /
431: كبد الحسود تقطعي * قد بات من أهوى معي وله أيضا:
أبرزوا وجهه الجميل * ولاموا من افتتن
لو أرادوا عفافنا * ستروا وجهه الحسن (3) جاء في " إنباه
الرواة " 2 / 59: وكان إذا التقى هو والمازني في دار عيسى
بن جعفر الهاشمي، تشاغل أو بادر خوفا من أن يسأله المازني
عن النحو.
وفي " وفيات الاعيان " 2 / 431: لم يكن حاذقا في النحو، ثم
أورده الخبر السابق.
(4) ذكر له القفطي في " إنباه الرواة " 2 / 62 ما يقرب من
ثلاث وثلاثين كتابا.
(*)
(12/269)
وكان يقول: قرأت: " كتاب " سيبويه على الاخفش مرتين (1).
قلت: عاش ثلاثا وثمانين سنة، ومات في آخر سنة خمس وخمسين
ومئتين.
وقيل: مات سنة خمسين.
103 - المازني * إمام العربية،
أبو عثمان، بكر بن محمد بن عدي، البصري، صاحب "
التصريف " والتصانيف.
أخذ عن: أبي عبيدة، والاصمعي.
روى عنه: الحارث بن أبي أسامة، وموسى بن سهل الجوني، ومحمد
بن يزيد المبرد، ولازمه، واختص به.
وقد دخل المازني على الواثق بالله، فوصله بمال جزيل.
قال المبرد: لم يكن أحد بعد سيبويه أعلم بالنحو من المازني
(2).
قال: وذكر لنا المازني أن رجلا قرأ عليه " كتاب " سيبويه
في مدة طويلة،
__________
(1) " معجم الادباء " 11 / 264، 265، و " وفيات الاعيان "
2 / 430.
* أخبار النحويين البصريين: 74، 85، طبقات النحويين
واللغويين: 87، 93، الفهرست: 62، 63، نزهة الالباء: 182،
187، أعيان الشيعة 14 / 110، 127، إيضاح المكنون 1 / 482،
بغية الوعاة 1 / 463، 466، تاريخ أبي الفداء 2 / 41، تلخيص
ابن مكتوم: 45، طبقات القراء 1 / 179، كشف الظنون: 412،
1137، 1160، مرآة الجنان 2 / 109، 110، مراتب النحويين:
77، 80، مفتاح السعادة 1 / 114، 115.
تاريخ بغداد 7 / 93، 94، الانساب، ورقة: 500 / ب، معجم
الادباء 7 / 107، 128، اللباب 3 / 145، إنباه الرواة 1 /
246، 256، وفيات الاعيان 1 / 283، 286، العبر 1 / 448،
مسالك الابصار 4 / 285، 287، تاريخ ابن كثير 10 / 352،
353، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1 / 281، 284، لسان
الميزان 2 / 57، النجوم الزاهرة 2 / 329، شذرات الذهب 2 /
113، 114.
(2) " معجم الادباء " 7 / 108.
(*)
(12/270)
فلما بلغ آخره قال: أما إني (1) ما فهمت منه حرفا، وأما
أنت فجزاك الله خيرا (2).
وقال المازني: قرأت القرآن على يعقوب، فلما ختمت رمى إلي
بخاتمه، وقال: خذه ليس لك مثل (3).
وقيل: كان المازني ذا ورع ودين، بلغنا أن يهوديا حصل
النحو، فجاء ليقرأ على المازني " كتاب " سيبويه، فبذل له
مئة دينار، فامتنع، وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاث مئة
آية ونيف، فلا أمكن منها ذميا (4).
قال القاضي بكار بن قتيبة: ما رأيت نحويا يشبه الفقهاء إلا
حبان بن هلال (5) والمازني (6).
وقال المبرد: كان المازني إذا ناظر أهل الكلام لم يستعن
بالنحو، وإذا ناظر النحاة لم يستعن بالكلام (7).
وعن المازني قال: قلت لابن السكيت: ما وزن " نكتل " قال:
" نفعل ".
قلت: اتئد، ففكر، وقال: " نفتعل ".
قلت: فهذه خمسة
__________
(1) في " إنباه الرواة "، و " وفيات الاعيان ": أما أنا
فما..(2) " إنباه الرواة " 1 / 248، و " وفيات الاعيان " 1
/ 286.
(3) " إنباه الرواة " 1 / 248.
(4) الخبر مطولا في " معجم الادباء " 7 / 111 وتتمته فيه:
فلم يمض على ذلك مديدة حتى أرسل الواثق في طلبه، وأخلف
الله عليه أضعاف ما تركه كله.
والخبر في " وفيات الاعيان " 1 / 284.
(5) هو حبان بن هلال الباهلي.
مات سنة 216 ه.
" خلاصة تذهيب الكمال ": 59.
وفي " وفيات الاعيان " 1 / 284: حيان، بالياء، وهو تصحيف.
(6) " إنباه الرواة " 1 / 247، و " وفيات الاعيان " 1 /
284.
(7) " إنباه الرواة " 1 / 248.
(*)
(12/271)
أحرف - فسكت فقال المتوكل: ما وزنها ؟ قلت: وزنها في الاصل
" نفتعل "، لانها " نكتيل " فتحرك حرف العلة، وانفتح ما
قبله، فقلب ألفا، فصار نكتال، فحذفت ألفه للجزم، فبقي "
نكتل " (1).
مات المازني سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئتين.
__________
(1) تقدم الخبر في الصفحة 17.
(*)
(12/272)
الطبقة الرابعة عشر
104 - الذهلي * وابنه (خ، 4)
محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب،
الامام العلامة الحافظ البارع، شيخ الاسلام، وعالم أهل
المشرق، وإمام أهل
الحديث بخراسان، أبو عبد الله الذهلي مولاهم، النيسابوري.
مولده سنة بضع وسبعين ومئة.
وسمع من: الحفصين: حفص بن عبد الله، وحفص بن عبد الرحمن،
والحسين بن الوليد، وعلي بن إبراهيم البناني، ومكي بن
إبراهيم، وعلي بن الحسن بن شقيق بنيسابور.
وارتحل في سنة سبع وتسعين سنة موت وكيع، فكتب بالري عن
يحيى بن الضريس، وطبقته.
وكتب بأصبهان عن: عبدالرحمن بن مهدي، كذا قال الحاكم.
__________
* الجرح والتعديل 8 / 125، تاريخ بغداد 3 / 415، 420،
طبقات الحنابلة 1 / 327، تهذيب الكمال: 1285، تذهيب
التهذيب 4 / 9 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 530، 532، العبر 2 /
17، الوافي بالوفيات 5 / 186، تاريخ ابن كثير 11 / 31،
تهذيب التهذيب 9 / 511، 516، النجوم الزاهرة 3 / 29، طبقات
الحفاظ: 234، خلاصة تذهيب الكمال: 363، شذرات الذهب 2 /
138، المنتظم 5 / 15.
(*)
(12/273)
وأحسبه لقيه بالبصرة، فإنه يقول: قدمت البصرة، فاستقبلتني
جنازة يحيى ابن سعيد القطان، وكانت في صفر من سنة ثمان،
وعاش بعده عبد الرحمن خمسة أشهر، فأكثر عنه، وهو أقدم شيخ
له وأجلهم، وسمع بها من: محمد بن بكر البرساني، وأبي داود
الطيالسي، ووهب بن جرير، وأبي علي الحنفي، وأبي عامر
العقدي، وسعيد بن عامر، وصفوان بن عيسى، وأبي عاصم، وحبان
بن هلال، وطبقتهم.
وبالكوفة عن: أسباط ابن محمد، وعمرو بن محمد العنقزي،
ويعلى بن عبيد، ومحمد أخيه، وجعفر بن عون، ومحاضر بن
المورع، وعبيدالله بن موسى، وأبي بدر السكوني، وعدة.
وبواسط يزيد بن هارون وعلي بن عاصم، وعدة.
وببغداد من: أبي النضر، والاسود بن عامر، ويعقوب بن
إبراهيم، والواقدي، وخلق.
وبمكة من أبي عبدالرحمن المقرئ وطبقته.
وبالمدينة من عبدالملك بن الماجشون، وعبد الله بن نافع
وعدة.
وباليمن من عبد الرزاق فأكثر، وإبراهيم بن الحكم بن أبان،
وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم، وإسماعيل بن عبد
الكريم.
وبمصر من عمرو بن أبي سلمة، ويحيى بن حسان وسعيد بن أبي
مريم، وأبي صالح، بالشام من الفريابي، والهيثم بن جميل،
وأبي مسهر، وأبي اليمان، وعلي بن عياش.
وبالجزيرة من عمرو بن خالد، والنفيلي، وخلق كثير من هذا
الجيل.
وكتب العالي والنازل.
وكان بحرا لا تكدره الدلاء.
جمع علم الزهري، وصنفه، وجوده، من أجل ذلك يقال له:
الزهري، ويقال له: الذهلي.
وانتهت إليه رئاسة العلم والعظمة، والسؤدد ببلدة.
كانت له جلالة عجيبة بنيسابور، من نوع جلالة الامام أحمد
ببغداد، ومالك بالمدينة.
روى عنه: خلائق، منهم: الائمة سعيد بن أبي مريم، وأبو جعفر
(12/274)
النفيلي، وعبد الله بن صالح، وعمرو بن خالد - وهؤلاء من
شيوخه - ومحمود بن غيلان، ومحمد بن سهل بن عسكر، ومحمد بن
إسماعيل البخاري، ويدلسه كثيرا، لا يقول: محمد بن يحيى، بل
يقول: محمد فقط، أو محمد بن خالد، أو محمد بن عبد الله
ينسبه إلى الجد، ويعمي اسمه لمكان الواقع بينهما، غفر الله
لهما.
وممن روى عنه: سعيد بن منصور صاحب " السنن "، وهو أكبر
منه، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبو زرعة، وأبو حاتم،
ومحمود بن
عوف الطائي، وأبو داود السجزي، وأبو عيسى الترمذي، وابن
ماجة، والنسائي في " سننهم "، وإمام الائمة ابن خزيمة،
وأبو العباس السراج، وأبو حامد بن الشرقي، ومكي بن عبدان،
وأبو حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وحاجب بن أحمد
الطوسي أحد الضعفاء، ومحمد بن عبدالرحمن الدغولي، وأبو
عوانة، وأبو علي الميداني، وأبو بكر بن زياد النيسابوري،
وخلق كثير.
وأكثر عنه مسلم، ثم فسد ما بينهما، فامتنع من الرواية عنه،
فما ضره ذلك عند الله.
قال ابن أبي حاتم: كتب عنه (1) أبي بالري، وقال: ثقة.
ثم قال عبدالرحمن: هو أمام من أئمة المسلمين (2).
وقال أبو نصر الكلاباذي: روى عنه البخاري، فقال مرة: حدثنا
محمد، وقال مرة: حدثنا محمد بن عبد الله، نسبه إلى جده.
وقال مرة:
__________
(1) في الاصل: " عني "، وهو خطأ، والتصحيح من " الجرح
والتعديل " 8 / 125.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 125، و " تاريخ بغداد " 3 /
418، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 531، و " تهذيب التهذيب " 9 /
514.
(*)
(12/275)
حدثنا محمد بن خالد، ولم يصرح به (1).
وقال الخطيب: كان أحد الائمة العارفين، والحفاظ المتقنين.
صنف حديث الزهري، وجوده، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه،
وينشر فضله (2).
قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: رأيت
جنازة محمد بن يحيى، والناس يعدون بين يديها وخلفها، ولي
ثمان سنين.
وقال محمد بن صالح بن هانئ: سمعت محمد بن النضر الجارودي
يقول: بلغني أن محمد بن يحيى كان يكتب في مجلس يحيى ابن
يحيى، فنظر علي بن سلمة اللبقي إلى حسن خطه وتقييده، فقال:
يا بني، ألا أنصحك ؟ إن أبا زكريا يحدثك عن سفيان بن عيينة
وهو حي، وعن وكيع وهو حي بالكوفة، وعن يحيى بن سعيد وجماعة
أحياء بالبصرة، وعن عبدالرحمن بن مهدي وهو حي بأصبهان،
فاخرج في طلب العلم، ولا تضيع أيامك فعمل فيه قوله، فخرج
إلى أصبهان فسمع من عبدالرحمن ابن مهدي، والحسين بن حفص،
ثم دخل البصرة وقد مات يحيى، فكتب عن أبي داود وأقرانه،
وأكثر بها المقام، حتى مات سفيان بن عيينة.
قلت: ما كان يمكنه لقيه، فإن سفيان مات في وسط السنة، ولا
كان يمكنه المسير إلى مكة إلا مع الوفد، وأما وكيع فمات
قبل ان يتحرك الذهلي من بلده.
قال: فخرج إلى اليمن، وأكثر عن عبد الرزاق
__________
(1) جاء في " تهذيب التهذيب " 9 / 516: روى عنه البخاري
أربعة وثلاثين حديثا.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 415، و " تهذيب التهذيب " 9 /
515.
(*)
(12/276)
وأقرانه، ثم رجع وحج، وذهب إلى مصر ثم الشام.
وبارك الله له في علمه حتى صار إمام عصره.
قال أبو العباس الدغولي: سمعت صالح بن محمد الحافظ يقول:
دخلت الري، وكان فضلك يذاكرني حديث شعبة.
فألقى علي لشعبة، عن عبد الله بن صبيح، عن ابن سيرين، عن
أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا خالي،
فليرني (1) امرؤ خاله (2) " فلم أحفظ، فقال فضلك: أنا
أفيدكه، إذا دخلت نيسابور ترى شيخا حسن الشيب، حسن الوجه،
راكبا
حمارا مصريا، حسن اللباس.
فإذا رأيته، فاعلم أنه محمد بن يحيى، فسله عن هذا، فهو
عنده عن سعيد بن واصل، عن شعبة.
فلما دخلت نيسابور استقبلني شيخ بهذا الوصف، فقلت: يشبه أن
يكون.
فسألت عنه، فقالوا: هو محمد بن يحيى، فتبعته إلى أن نزل،
فسلمت عليه، وأخبرته بقصدي إياه.
فنزلت في مسجده، وكتبت مجلسا من أصوله، فلما خرج وصلى
قرأته عليه، ثم قلت: حدثكم سعيد بن عامر، عن شعبة ؟ فذكرت
الحديث، فقال لي: يا فتى، من ينتخب هذا الانتخاب، ويقرأ
هذه القراءة، يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث عن شعبة بمثل
هذا
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 3 / 418: فليبر، وما في الاصل هو
الصواب والموافق لرواية الترمذي والحاكم.
(2) تاريخ بغداد 3 / 417، 418، وحديث " هذا خالي فليرني
امرؤ خاله " أخرجه الترمذي (3752) في المناقب: باب مناقب
سعد بن أبي وقاص من طريقين عن أبي أسامة، عن مجالد، عن
عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا خالي فليرني امرؤ خاله "
وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مجالد،
وصححه الحاكم 3 / 498، ووافقه الذهبي من طريق أبي أسامة عن
إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن جابر.
قال الترمذي: وكان سعد بن أبي وقاص من بني زهرة، وكانت أم
النبي صلى الله عليه وسلم من بني زهرة، ولذلك قال النبي
صلى الله عليه وسلم: " هذا خالي ".
(*)
(12/277)
الحديث.
فقلت: نعم.
أيها الشيخ، حدثكم سعيد بن واصل ؟ فقال: نعم (1).
قال أبو عمرو وأحمد بن نصر الخفاف: رأيت محمد بن يحيى بعد
وفاته، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، قلت، فما فعل
بحديثك ؟ قال: كتب بماء الذهب، ورفعت في عليين (2).
قال أبو حامد بن الشرقي: سمعت أبا عمرو المستملي، يقول:
دفنت من كتب محمد بن يحيى بعد وفاته ألفي جزء.
قال الحاكم: سمعت يحيى بن منصور القاضي يقول: سألت أبا بكر
محمد بن محمد بن رجاء، فقلت: محمد بن يحيى صليبة كان أو
مولى ؟ قال: لا صليبة، ولا مولى.
كان جدهم فارس مولى لابن معاذ، وكان معاذ بن مسلم بن رجاء
رهينة عند معاوية بن أبي سفيان، رهنه عنده أبوه، ثم ارتد،
فأراد معاوية قتل ابنه رجاء، وكان عنده القعقاع بن شور
الذهلي، فاستوهبه من معاوية، فوهبه منه، فأطلقه.
فهذا كان النسب.
الدغولي: سمعت محمد بن يحيى قال: لما رحلت بابني إلى
العراق صحبني جماعة من الغرباء، فسألوني: أي حديث عند أحمد
بن حنبل أغرب ؟ فكنت أقول: إذا دخلنا عليه، سألته عن حديث
تستفيدونه.
فلما دخلنا سألته عن حديث يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث،
عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر حديث
الايمان (3)، فقال: يا أبا عبد الله، ليس هو عندي عن يحيى
بن سعيد،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 417، 418، و " تهذيب التهذيب " 9
/ 514.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 419، 420، و " تهذيب التهذيب " 9
/ 515.
(3) وأوله: " بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذ أقبل رجل شديد بياض الثياب، شديد = (*)
(12/278)
فخجلت.
وقمنا، فأخذ أصحابنا يقولون: إنه ذكر هذا الحديث غير مرة،
ثم لم يعرفه أحمد، وأنا ساكت لا أجيبهم.
قال: ثم قدمنا بغداد،
فدخلنا على أحمد، فرحب بنا، وسأل عنا.
ثم قال: أخبرني يا أبا عبد الله: أي حديث استفدت عن مسدد،
عن يحيى بن سعيد ؟ فذكرت له حديث الايمان.
فقال أحمد: حدثناه يحيى بن سعيد، ثم أخرج كتابه، وأملى
علينا.
فسكت محمد بن يحيى، ولم يقل: سألناك عنه.
فتعجب أصحابه من صبره.
قال: فأخبر أحمد بأنه كان سأله عن الحديث قبل خروجه إلى
البصرة.
فكان أبو عبد الله إذا ذكره يقول: محمد بن يحيى العاقل
(1).
قال أبو العباس الازهري: سمعت خادمة محمد بن يحيى، وهو على
السرير يغسل، تقول: خدمته ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء،
فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له (2).
قال الحاكم: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد المعدل
يقول: سمعت يحيى بن الذهلي تقول: دخلت على أبي في الصيف
الصائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه، وبين يديه السراج،
وهو يصنف، فقلت: يا أبة، هذا وقت الصلاة، ودخان هذا السراج
بالنهار،
__________
= سواد الشعر..." أخرجه مسلم (8) (3) من طريق محمد بن
حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن غياث بهذا الاسناد،
وأخرجه من طرق عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة بن
مسلم (8) وأبو داود (4695) والنسائي 8 / 97، والترمذي
(2610) وأخرجه مسلم (8) (2) من طرق عن حماد بن زيد، عن مطر
الوراق، عن عبد الله بن بريدة، وأخرجه أيضا (8) (4) من
طريق حجاج بن الشاعر، عن يونس بن محمد، عن المعتمر، عن
أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر.
(1) تحرفت في " تهذيب التهذيب " 9 / 513، 514 إلى " الناقل
"، (2) " تاريخ بغداد " 3 / 419.
(*)
(12/279)
فلو نفست عن نفسك.
قال: يا بني، تقول لي هذا، وأنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأصحابه والتابعين (1) ! ! وسمعت يحيى بن منصور
القاضي، سمعت خالي عبد الله بن علويه، سمعت محمد بن سهل بن
عسكر يقول: كنا عند أحمد بن حنبل، إذ دخل عليه محمد بن
يحيى، فقام إليه، وقرب مجلسه، وأمر بنيه وأصحابه أن يكتبوا
عنه (2).
زنجويه بن محمد: سمعت أبا عمرو المستملي يقول: أتيت أحمد
ابن حنبل، فقال: من أين أنت ؟ قلت: من نيسابور قال: أبو
عبد الله محمد بن يحيى له مجلس ؟ قلت: نعم.
قال: لو أنه عندنا، لجعلناه إماما في الحديث.
ثم ذكرت محمد بن رافع، فقال: من محمد بن رافع ؟ ثم سكت
ساعة ثم قال: لعله الذي كان معنا عند عبد الرزاق قلت: نعم.
قال محمد بن سعيد بن منصور، حدثنا أبي، قلت ليحيى بن معين:
لم لا تجمع حديث الزهري ؟ فقال: كفانا محمد بن يحيى ذلك.
قال زنجويه بن محمد: كنت أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الذي
لا يعرفه محمد بن يحيى لا يعبأ به.
وقال أبو قريش الحافظ: كنت عند أبي زرعة، فجاء مسلم بن
الحجاج، فسلم عليه، وجلس ساعة، وتذاكرا.
فلما أن قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في " الصحيح
"، فقال: فلمن ترك الباقي ؟
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 419.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 416، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 531.
(*)
(12/280)
ثم قال: هذا ليس له عقل، لو دارى محمد بن يحيى، لصار رجلا.
الحاكم: حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا
أبو عبد الرحيم الجوزجاني قال: قلت لاحمد بن حنبل: إني
أريد البصرة، وقد عرفت أصحاب الحديث وما بينهم، فقال: إذا
قدمت فسل عن محمد بن يحيى النيسابوري، فإذا رأيته فالزمه،
ثم قال: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث الزهري منه (1).
قال ابن أبي حاتم: كتب أبي عن محمد بن يحيى بالري، وهو ثقة
صدوق، إمام من أئمة المسلمين، وثقه أبي، وسمعته يقول: هو
إمام أهل زمانه (2).
وقال النسائي: ثقة مأمون.
وقال ابن أبي داود: حدثنا محمد بن يحيى، وكان أمير
المؤمنين في الحديث.
الحاكم: حدثنا إبراهيم بن إسحاق القارئ، حدثنا يحيى بن
محمد ابن يحيى، سمعت أبي يقول: إذا روى عن المحدث رجلان
ارتفع عنه اسم الجهالة (3).
وقال الحسين بن محمد الفقيه: سمعت محمد بن يحيى يقول: تقدم
رجل إلى عالم، فقال: علمني وأوجز، قال: لاوجزن لك، أما
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 417، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 531.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 125 وقد سبق الخبر في الصفحة:
275.
(3) أي جهالة العين، أما جهالة الحال فلا ترتفع إلا بتوثيق
أحد الائمة الذين عرفوا بهذا الشأن له.
انظر " الباعث الحثيث ": 96، 97.
(*)
(12/281)
لآخرتك: فإن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه: قل لقومك: لو
كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لاوصلت إليه الخراب.
وأما لدنياك: فإن الشاعر يقول: ما الناس إلا مع الدنيا
وصاحبها * وكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا يعظمون أخا
الدنيا فإن وثبت * يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا قال
السراج: سمعت محمد بن يحيى: خرجت مع وهب بن جرير إلى مكة،
فلما بلغناها، أصابتنا شدة، فسمعت وهبا يقول: إن الذي نجاك
من بطن ذمه * ومن سيول في بطون مفعمه لقادر أن يستتم نعمه
أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن يحيى يقول: قد جعلت أحمد
بن حنبل إماما فيما بيني وبين ربي عزوجل.
قال الحاكم: سمعت محمد بن أحمد بن زيد، وهو عدل رضى، يقول:
سمعت محمد بن يحيى الذهلي، وكنت واقفا على رأسه، بعد
الفراغ من المجلس، وبيدي قلم، فنقط نقطة على ثوبه، فرفع
إلي رأسه، فقال: تراني أحبك بعد هذا ! ! الحاكم: سمعت
عبدالرحمن بن أحمد الفامي، سمعت أحمد بن محمد بن الحسن،
سمعت محمد بن يحيى، يقول: ما رأيت في يد عبد الرحمن بن
مهدي كتابا قط، ما سمعت منه فمن حفظه.
أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن يحيى، حدثني سفيان ابن
يحيى الواسطي، وكان شيخا قصيرا، أحمر الرأس واللحية، كتبت
عنه أربعة أحاديث بواسط سنة تسع وتسعين ومئة.
(12/282)
وقال لنا عفان: إذا قلت لكم: أخبرنا حماد، ولم أنسبه، فهو
ابن سلمة، قال ابن يحيى: وإذا قال حجاج: أخبرنا حماد، فهو
ابن سلمة.
وما روى سليمان بن حرب، وأبو النعمان، عن حماد فهو ابن
زيد.
وجميعهم سمعوا من الحمادين.
قال محمد بن يحيى: أثبت من رأيت أربعة: عبدالرحمن، ووهب
ابن جرير، ويزيد بن هارون، وسليمان بن حرب.
قال الحسين بن الحسن بن سفيان: سمعت محمد بن يحيى الذهلي
يقول: ارتحلت ثلاث رحلات، وأنفقت على العلم مئة وخمسين
ألفا.
ولما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى القطان على باب
البصرة (1).
وقال الحسين بن الحسن بن سفيان النسوي: سمعت محمد بن يحيى
يقول: لو لم أبدأ بالبصرة لم يفتني أبو أسامة، وحسين
الجعفي (2).
عبد الله بن محمد بن مسلم الاسفراييني: سمعت ابن سافري
بالرملة يقول: قلت لاحمد بن حنبل: نكتب عن محمد بن يحيى ؟
قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة.
قلت ليحيى بن معين: نكتب عن محمد بن يحيى ؟ قال: اكتبوا
عنه، فإنه ثقة، ما له يريد أن يحدث.
أبو بكر النيسابوري: سمعت محمد بن يحيى يقول: قال لي علي
ابن المديني: أنت وارث الزهري (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 419، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 531،
و " تهذيب التهذيب " 9 / 515.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 419، و " تهذيب التهذيب " 9 /
515.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 417، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 531،
و " تهذيب التهذيب " 9 / 515.
(*)
(12/283)
قال السلمي: سألت الدارقطني: من تقدم من محمد بن يحيى،
وعبد الله بن عبدالرحمن السمرقندي ؟ فقال: محمد بن يحيى،
ومن أحب أن ينظر ويعرف قصور علمه عن علم السلف، فلينظر في
" علل حديث الزهري " لمحمد بن يحيى (1).
قال النسائي: ثقة مأمون (2).
وقال إمام الائمة ابن خزيمة: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي
إمام عصره، أسكنه الله جنته مع محبيه (3).
وقد سئل صالح جزرة عن محمد بن يحيى، فقال: ما في الدنيا
أحمق ممن يسأل عن محمد بن يحيى.
قال ابن الشرقي: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن يحيى.
ثم قال: مات في سنة ثمان وخمسين ومئتين.
زاد غيره في ربيع الاول.
وبخط أبي عمرو المستملي: عاش ستا وثمانين سنة.
وقال أبو أحمد علي بن محمد المروزي: سمعت محمد بن موسى
الباشاني يقول: مات الذهلي يوم الثلاثاء لثلاث بقين من
ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين.
وقال يعقوب بن محمد الصيدلاني: يوم الاثنين لاربع بقين من
ربيع الاول.
كان الذهلي شديد التمسك بالسنة، قام على محمد بن إسماعيل
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 531، و " تهذيب التهذيب " 9 /
515.
(2) تقدم الخبر في الصفحة: 281.
(3) " تذكرة الحفاظ " 2 / 531.
(*)
(12/284)
لكونه أشار في " مسألة خلق العباد " إلى أن تلفظ القارئ
بالقرآن مخلوق، فلوح وما صرح.
والحق أوضح.
ولكن أبى البحث في ذلك أحمد بن حنبل، وأبو زرعة، والذهلي.
والتوسع في عبارات المتكلمين سدا للذريعة فأحسنوا، أحسن
الله جزاءهم.
وسافر ابن اسماعيل مختفيا من نيسابور، وتألم من فعل محمد
بن يحيى وما زال كلام الكبار المتعاصرين بعضهم في بعض لا
يلوى عليه بمفرده.
وقد سقت ذلك في ترجمة ابن إسماعيل (1)، رحم الله الجميع.
وغفر لهم ولنا آمين.
ولما توفي الذهلي تقدم في الصلاة عليه أمير خراسان محمد بن
طاهر في ميدان الحسين.
وخلفه في مشيخة البلد ولده حيكان، واسمه:
105 - يحيى بن محمد بن يحيى
الذهلي * (ق) الحافظ المجود الشهيد، أبو زكريا.
قال الحاكم: هو إمام نيسابور في الفتوى والرئاسة، وابن
إمامها، وأمير المطوعة بخراسان بلا مدافعة، يعني: الغزاة.
قال: وكان يسكن دار أبيه، ولكل منهما فيها صومعة وآثار
لعبادتهما، والسكة والمسجد منسوبان إلى حيكان (2).
__________
(1) سترد قصته مع الامام البخاري في الصفحة 453.
* الجرح والتعديل 9 / 186، تاريخ بغداد 14 / 217، 219،
تهذيب الكمال: 1516، 1517، تذهيب التهذيب 4 / 165 / 1،
تذكرة الحفاظ 2 / 616، 618، ميزان
الاعتدال 4 / 407، العبر 2 / 36، تاريخ ابن كثير 11 / 42،
تهذيب التهذيب 11 / 276، 278، النجوم الزاهرة 3 / 43،
خلاصة تذهيب الكمال: 428، شذرات الذهب 2 / 152، المنتظم 5
/ 62.
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 617، و " النجوم الزاهرة " 3 /
43.
(*)
(12/285)
سمع يحيى بن يحيى، وأحمد بن عمرو الحرشي، وابن راهويه،
وبالري إبراهيم بن موسى الفراء ومحمد بن عبد الله بن أبي
جعفر.
وببغداد علي بن الجعد، والحكم بن موسى، وأحمد بن حنبل،
والقواريري، وطبقتهم.
وبالبصرة أبا الوليد، وسليمان بن حرب، ومسددا، والربيع بن
يحيى، وعلي بن عثمان اللاحقي، ومحمد بن كثير، وسهل بن
بكار، والحوضي، وعبيدالله بن معاذ.
وبالكوفة أحمد بن يونس، وسعيد بن الاشعثي، وأحمد بن يحيى
بن المنذر.
وبالحجاز إسماعيل بن أبي أويس، وعبد الله بن عبد الحكم
المصري، وسعيد بن منصور، وإبراهيم بن محمد الشافعي، ومحرز
بن سلمة.
حدث عنه: أبوه، والحسين بن محمد القباني، وأبو عمرو أحمد
ابن نصر، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، والسراج.
قلت: ومحمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الاخرم
(1).
وفي كتاب " الكمال " (2) أن ابن ماجة روى عنه ولم نره (3).
__________
(1) الاخرم، بالراء المهملة: هو أبو عبد الله محمد بن
يعقوب بن يوسف بن الاخرم الشيباني النيسابوري، محدث حافظ،
توفي سنة 344 ه.
(2) واسمه الكامل: " الكمال في معرفة الرجال " للحافظ عبد
الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي، المتوفى سنة 600 ه،
تناول فيه رجال الكتب الستة، وعلى هذا الكتاب
عول الحافظ المزي في تأليفه كتابه الحافل " تهذيب الكمال "
انظر التفصيل في المقدمة التي كتبها الدكتور بشار عواد
لكتاب " تهذيب الكمال " نشر مؤسسة الرسالة.
(3) قال ابن حجر في " التهذيب " 11 / 276: رواية ابن ماجة
عنه في باب: الاذنان من الرأس من كتاب الطهارة قال: حدثنا
يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا عمرو بن الحصين..فذكر حديثا.
قال ابن حجر: وجدت ذلك في نسخة صحيحة عتيقة جدا، وفي بعض
النسخ: حدثنا محمد بن يحيى بدل يحيى بن محمد بن يحيى فالله
أعلم.
قلت: وفي المطبوع من " سنن " ابن ماجة (445): حدثنا محمد
بن يحيى.
(*)
(12/286)
قتله أحمد بن عبد الله الخجستاني (1) ظلما في جمادى الآخرة
سنة سبع وستين ومئتين، لكونه قام عليه، وحاربه لاعتدائه
وعسفه.
قال الحاكم: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد العدل، ختن
حيكان على ابنته، قال: دخلنا على أبي زكريا بعد أن رد من
الطريق وهو في الحبس، فقال لنا: اشترك في دمي خمسة نفر:
العباسان، وابن ياسين، وبشرويه، وأحمد بن نصر اللباد.
وسمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق، سمعت نوح بن أحمد، سمعت أحمد
بن عبد الله الخجستاني يقول: دخلت على حيكان في محبسه الذي
كنت حبسته فيه على أن أضربه خشبان (2)، وأخلي سبيله، وما
كنت عازما على قتله، فلما قربت منه، مددت يدي إلى لحيته،
فقبضت عليها، فقبض على خصبي، حتى لم أشك أنه قاتلي، فذكرت
سكينا في خفي، فجردت السكين (3)، وشققت بطنه (4).
وقيل: إن حيكان أسلمه جموعه، فانهزم، وانضم إلى حمالين،
وتنكر، ثم عرف، فقبض عليه.
سمعت أبا الفضل الحسن بن يعقوب العدل، سمعت أبا عمرو
__________
(1) الخجستاني، بضم الخاء المعجمة والجيم، وسكون السين
المهملة، وبعدها تاء فوقها نقطتان، وبعد الالف نون: هذه
النسبة إلى خجستان، وهو جبل من جبال هراة.
والخجستاني الامير هو أحمد بن عبد الله، كان جبارا ظالما
غاشما من أتباع يعقوب بن الليث الصفار، ثم خرج عن طاعته.
انظر أخباره في " تاريخ الطبري " حوادث 266 وما بعدها، و "
الكامل " في التاريخ 7 / 296.
(2) سقطت من " تهذيب التهذيب "، وفي الاصل: خشبان، وما
أثبتناه من " تذكرة الحفاظ ".
(3) في " تذكرة الحفاظ " فجذبتها.
(4) " تذكرة الحفاظ " 2 / 617، 618، و " تهذيب التهذيب "
11 / 277.
(*)
(12/287)
المستملي يقول: رأيت يحيى بن محمد رضي الله عنه في المنام،
فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي: قلت: فما فعل
الخجستاني ؟ قال: هو في تابوت من نار، والمفتاح بيدي.
وسمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: لما قتل حيكان ترك أبو
عمرو المستملي اللباس القطني، وكان يلبس في الشتاء فروا
بلا قميص، وفي الصيف مسحا، وكان مجلسه ومبيته في مسجد
الادميين على رأس سكة الحسن بن موسى بنيسابور، إذ سمع
الناس يقولون: قد أقبل أحمد الخجستاني، فخرج المستملي،
وعليه الفرو، فتقدم، فأخذ عنان أحمد، ثم قال: يا ظالم قتلت
الامام بن الامام، العالم بن العالم ؟ ؟ ! ! فارتعد
الخجستاني، ونفرت دابته، فتقدم الرجالة لضربه، فصاح
الخجستاني دعوه دعوه، فرجع ودخل المسجد قال محمد بن صالح:
فبلغني عن أبي حاتم نوح أنه قال: قال
الخجستاني: والله ما فزعت قط من أحد فزعي من صاحب الفروة،
ولقد ندمت لما نظرت إليه من إقدامي على قتل حيكان.
وسمعت محمد بن صالح يقول: حضرنا آخر مجلس للاملاء عند يحيى
بن محمد الشهيد في شهر رمضان من سنة سبع وستين ومئتين،
وقيل (1) في شوال، ورفضت مجالس الحديث، وخبئت المحابر، حتى
لم يقدر أحد في البلد أن يمشي ومعه محبرة، ولا في كمه
كراريس الحديث إلى سنة سبعين، فاحتال أبو عثمان سعيد بن
إسماعيل في مجئ السري خزيمة إلى نيسابور، وعقد له مجلس
الاملاء في خان محمش، وعلا
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ " 2 / 617: وقتل.
(*)
(12/288)
المحبرة بيده واجتمع عنده خلق عظيم (1).
حدثنا محمد بن صالح بن هانئ: حدثنا يحيى بن محمد، سمعت علي
بن المديني يقول: عهدي بأصحابنا، وأحفظهم أحمد بن حنبل،
فلما احتاج أن يحدث لا يكاد يحدث إلا من كتاب.
قلت: لان ذلك أقرب إلى التحري والورع، وأبعد عن العجب.
قال: وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: سمعت يحيى
ابن محمد، سمعت مسددا يقول: الجعة النبيذ الذي يعمل من
الشعير (2).
ومن الرواية، عن الذهلي وابنه: أخبرنا الامام أبو الحسين
علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد
الحافظ، أخبرنا ثابت بن بندار، أخبرنا أبو بكر البرقاني،
قرأنا على أبي العباس بن حمدان، حدثكم محمد بن نعيم قال:
سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: الايمان قول وعمل، يزيد
وينقص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، وحيث
تصرف، ولا نرى الكلام فيما أحدثوا فتكلموا في الاصوات
والاقلام والحبر والورق، وما أحدثوا من المتلي والمتلى
والمقرئ، فكل هذا عندنا بدعة، ومن زعم أن القرآن محدث، فهو
عندنا جهمي لا يشك فيه ولا يمترى.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 617.
(2) وفي ذلك حديث أخرجه النسائي 8 / 302 من طريق محمد بن
عبد الله بن المبارك، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا عمار بن
زريق، عن أبي إسحاق، عن صعصعة بن صوحان، عن علي رضي الله
عنه قال: نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن حلقة الذهب
والقسي والميثرة والجعة.
وهذا سند قوي.
وقال أبو عبيد: الجعة: النبيذ المتخذ من الشعير..(*)
(12/289)
قلت: كذا قال: المتلي والمتلى، ومراده المتلي والتلاوة،
والمقرئ والقراءة.
ومذهب السلف وأئمة الدين أن القرآن العظيم المنزل كلام
الله تعالى غير مخلوق.
ومذهب المعتزلة أنه مخلوق، وأنه كلام الله تعالى على حد
قولهم: عيسى كلمة الله، وناقة الله، أي إضافة ملك.
ومذهب داود وطائفة أنه كلام الله، وأنه محدث مع قولهم:
بأنه غير مخلوق وقال آخرون من الحنابلة وغيرهم: هو كلام
الله قديم غير محدث، ولا مخلوق.
وقالوا: إذا لم يكن مخلوقا فهو قديم.
ونوزعوا في هذا المعنى وفي إطلاقه.
وقال آخرون: هو كلام الله مجازا، وهو دال على القرآن
القديم القائم بالنفس (1).
وهنا بحوث وجدال لا نخوض فيها أصلا.
والقول هو ما بدأنا به، وعليه نص أزيد من ثلاث مئة إمام.
وعليه امتحن الامام أحمد، وضرب بالسياط رحمه الله.
أخبرنا محمد بن محمد بن علي الوزير، وأحمد بن عبدالرحمن
العابر، وعبد الرحيم بن عبد المحسن، وغيرهم، قالوا: أخبرنا
عبد الرحمن بن مكي، قال: أخبرنا جدي أبو طاهر السلفي،
أخبرنا مكي بن علان، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري،
حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن معقل سنة ست وثلاثين وثلاث
مئة، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم،
حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن
__________
(1) في الاصل: العالم بالنفس.
(*)
(12/290)
شهاب، أخبرني أبو أسامة سهل بن حنيف، أنه سمع أبا سعيد
الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينما
أنا نائم، رأيت الناس يعرضون علي، وعليهم قمص، منها ما
يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك.
ومر علي عمر بن الخطاب، وعليه قميص يجره ".
قالوا: ماذا أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال: " الدين " متفق
عليه (1) وقد رواه النسائي عن محمد بن يحيى، فوافقناه
بعلو.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي (2)، أخبرنا الفتح بن عبد
السلام، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين
بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا أبو بكر عبد
الله بن محمد بن زياد النيسابوري إملاء، حدثنا ابن يحيى،
حدثنا محمد بن عبيد، حدثني الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن
يمشي الرجل في نعل واحدة (3).
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق بمصر: أخبرنا محمد بن
__________
(1) أخرجه البخاري 1 / 69 في الايمان: باب تفاضل أهل
الايمان في الاعمال، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم: باب مناقب عمر بن الخطاب، وفي التعبير: باب القميص
في المنام، وباب جر القميص في المنام، ومسلم (2390) في
فضائل الصحابة: باب من فضائل عمر بن الخطاب، والنسائي 8 /
113 في الايمان: باب زيادة الايمان والترمذي (2287).
(2) هو أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد..مترجم في "
المشيخة "، ورقة: 4.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 8 / 217: باب ذكر النهي
عن المشي في نعل واحدة من طريق إسحاق بن إبراهيم، حدثنا
محمد بن عبيد بهذا الاسناد بلفظ " إذا انقطع شسع نعل
أحدكم، فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلحها " وأخرجه أحمد 2 /
253 من طريق أبي معاوية عن الاعمش به، وأخرجه مالك 2 /
916، ومن طريقه البخاري 10 / 261، ومسلم (2097) (68) وأبو
داود (4136) والترمذي (1774) عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يمش
أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا "
وأخرجه أحمد 2 / 257، ومسلم (2098)، والنسائي 8 / 218 من
طريق الاعمش، عن أبي رزين، عن أبي هريرة.
وفي الباب عن جابر عند مسلم (2099) وأبي داود (4137).
(*)
(12/291)
إبراهيم بن أحمد الخبري (1) في سنة إحدى وعشرين، أخبرنا
أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن
موسى الصيرفي، أخبرنا محمد بن يعقوب الحافظ سنة أربعين
وثلاث مئة، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس
سنة خمس وعشرين ومئتين، حدثني أبي، عن ابن شهاب، عن مالك
بن أوس بن الحدثان، عن عمر ابن الخطاب، عن أبي بكر الصديق،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا
نورث ما تركنا صدقة " (2).
أخرجه مسلم عن أبي خيثمة، وأخرجه أبو داود عن حجاج بن
الشاعر، جميعا عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح،
وأخرجه النسائي عن عمرو بن يحيى الحمصي، عن محبوب بن موسى،
عن أبي إسحاق الفزاري، عن شعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن
الزهري، لكن عن عروة، عن عائشة وهذا أصح.
والآخر فمحفوظ، وإن كان أبو أويس عبد الله بن عبد الله
الاصبحي فيه لين.
وكذلك ابنه تكلم فيه مع أنه من رجال " الصحيحين ".
وباقي الاسناد ثقات إلا ما كان من شيخ شيخنا هذا الخبري،
فإنه تكلم في معتقده.
__________
(1) بفتح الخاء المعجمة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة في
آخرها الراء المهملة: هذه النسبة إلى خبر، وهي قرية بنواحي
شيراز من فارس، منها أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد
الخبري صاحب التصانيف الكثيرة.
انظر " التبصير " 1 / 362.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه من حديث أبي بكر عبد الرزاق
(9774) وأحمد 1 / 4 و 6 و 9 و 10، وأبو بكر المروزي في
مسند أبي بكر (2)، والبخاري 12 / 4 في الفرائض: باب قول
النبي صلى الله عليه وسلم " لا نورث ما تركنا صدقة " ومسلم
(1759) في الجهاد والسير، والنسائي 7 / 132، وأبو داود
(2963) وفي الباب عن أبي هريرة عند مالك 2 / 993، والبخاري
12 / 5، ومسلم (1760) و (1761) وأبو داود (2974)، وعن
عائشة عند مالك 2 / 993، والبخاري 12 / 5، ومسلم (1758)
وأبو داود (2976) و (2977).
(*)
(12/292)
قال ابن أبي حاتم: سمعت من يحيى بن محمد، وهو صدوق (1).
وقال أبو إسحاق الم ؟ كي: حدثني أبو علي الحسن بن محمد
وغيره أن محمد بن يحيى الذهلي وابنه يحيى اختلفا في مسألة
فقال أحدهما
للآخر: اجعل بيننا حكما، فرضيا بابن خزيمة، فقضى ليحيى على
أبيه.
ثم قال المزكي: كان يحيى له موضع من العلم والحديث.
سمع من العيشي ونحوه (2).
قال: وقال أبو العباس السراج: كان يحيى بن محمد أخرجه
الغزاة (3) وجماعة من أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، وأركبوه
دابة، وألبسوه سيفا.
قال المزكي: بلغني أنه كان سيف خشب - وقاتلوا (4): سلطان
نيسابور، يقال له: أحمد بن عبد الله، خارجي، غلب على
البلد، وكان ظالما غاشما، وكان الناس أو أكثرهم مجتمعين
عليه (5) مع يحيى، فكانت الدبرة (6) على العامة، وهرب يحيى
إلى رستاق، يقال له: بست (7)، فدل عليه أحمد بن عبد الله،
وجئ به.
فيقال: إن عامة من كان مع يحيى بن الرؤساء، انقلبوا عليه
لما واقفه أحمد، وقال: ألم أحسن إليك ؟ ألم أفعل، ألم أفعل
؟ وكان يحيى فوق جميع أهل البلد.
فقال: أكرهت على ذلك، واجتمعوا علي، قال: فرد عليه
الجماعة، أو
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 186، و " تاريخ بغداد " 14 /
217، و " تهذيب التهذيب " 11 / 276.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 218، و " تهذيب التهذيب " 11 /
276.
(3) في " تاريخ بغداد ": القراء، وهو خطأ.
(4) في " تاريخ بغداد ": وقابلوا، بالموحدة من تحت، وهو
تصحيف.
(5) في الاصل " علي "، وهو خطأ، والمثبت من " تاريخ بغداد
".
(6) في " تاريخ بغداد ": الدائرة.
(7) في " تاريخ بغداد ": بشت، بالاعجام.
(*)
(12/293)
من حضر منهم، وقالوا: ليس كما قال.
فأخذه أحمد فقتله.
يقال: إنه بنى عليه.
قال: ويقال: إنه أمر بجر خصييه حتى مات (1).
قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله بن الاخرم يقول: ما رأيت
مثل حيكان، لا رحم الله قاتله (2).
106 - محمد بن إسماعيل بن علية
* (س) قاضي دمشق ومفتيها ومحدثها، الامام الحافظ الاوحد،
أبو بكر، وأبو عبد الله، ولد شيخ البصره الحافظ الكبير،
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الاسدي (3) البصري، وكان أصغر
الاخوة، لا نعلم له شيئا عن أبيه.
سمع من: محمد بن بشر العبدي، وإسحاق الازرق، ويحيى بن آدم،
ووهب بن جرير، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمي
وعدة.
حدث عنه: النسائي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو بشر الدولابي،
وأبو عروبة الحراني، وابن جوصا، ومحمد بن جعفر بن ملاس،
والقاضي محمد بن بكار البتلهي، وأبو الدحداح أحمد بن محمد،
وآخرون.
قال النسائي: حافظ ثقة دمشقي (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 218.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 219، و " تهذيب التهذيب " 11 /
276.
* تهذيب الكمال 1172، تذهيب التهذيب 3 / 189 / 1 قضاة دمشق
لابن طولون: 20، تهذيب التهذيب 9 / 55، 56.
(3) تحرفت في " قضاة دمشق " إلى: السري.
(4) " قضاة دمشق ": 20، و " تهذيب التهذيب " 9 / 56.
(*)
(12/294)
وقال محمد بن الفيض: لم يزل قاضيا بدمشق حتى مات في سنة
أربع وستين ومئتين.
وولي القضاء بعده القاضى أبو خازم (1) عبدالحميد ابن عبد
العزيز (2).
قلت: أخوه هو إبراهيم بن علية (3) الجهمي المتكلم الذي
ناظره الامام الشافعي، نسأل الله العفو.
107 - صاعقة * (خ، د، ت، س)
الامام الحافظ المتقن، أبويحيى، محمد بن عبدالرحيم
بن أبي زهير، العدوي العمري مولاهم، الفارسي ثم البغدادي،
صاعقة.
سمع يزيد بن هارون، وشبابة بن سوار، وأبا أحمد الزبيري،
وروح بن عبادة، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، ومعلى بن منصور،
وأبا النضر، وطبقتهم.
وعنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وزكريا
خياط
__________
(1) في " قضاة دمشق ": بالحاء المهملة وهو تصحيف، وفيه:
ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: يغرب.
وقال محمد بن جعفر بن ملاس: حدثنا القاضي محمد بن إسماعيل
بن عليه الثقة الرضى.
والقاضي عبدالحميد بن عبد العزيز مترجم في " شذرات الذهب "
2 / 210 وفيه: لما احتضر كان يقول: يا رب، من القضاء إلى
القبر.
ثم يبكي.
(2) " قضاة دمشق ": 20، و " تهذيب التهذيب " 9 / 56، وجاء
فيه: قال الدارقطني: لا بأس به.
وقال مسلمة: كان ثقة.
وقال المستملي: كان مستقيم الحديث.
(3) وهو مترجم في " الفهرست ": 283، و " تاريخ بغداد " 6 /
20، 23، و " ميزان الاعتدال " 1 / 20، و " لسان الميزان "
1 / 34، 35.
* الجرح والتعديل 8 / 9، تاريخ بغداد 2 / 363، 364، طبقات
الحنابلة 1 / 305، 306، تهذيب الكمال: 1233، تذهيب التهذيب
3 / 227 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 553، 554، العبر 2 / 10،
الوافي بالوفيات 3 / 245، تهذيب التهذيب 9 / 311، 312،
النجوم الزاهرة 3 / 24، طبقات الحفاظ: 247، خلاصة تذهيب
الكمال: 349، شذرات الذهب 2 / 130، 131.
(*)
(12/295)
السنة، وأبو بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، والقاضي أبو
عبد الله المحاملي، وخلق.
وثقه النسائي وغيره (1).
قال الخطيب: كان متقنا ضابطا عالما حافظا (2).
وقال محمد بن محمد بن داود الكرجي (3): سمي صاعقة لانه كان
جيد الحفظ (4)، وكان بزازا.
قال السراج: قال لي: إنه ولد سنة خمس وثمانين ومئة، وتوفي
في شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين.
108 - ابن كرامة * (خ، د، ت،
ق) الامام المحدث الثقة، أبو جعفر، محمد بن عثمان
بن كرامة (5)
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 363، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 553،
و " الوافي بالوفيات " 3 / 245، و " تهذيب التهذيب " 9 /
312.
وجاء في " الجرح والتعديل " 8 / 9 عن عبد الرحمن بن أبي
حاتم قال: سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 9 / 312: ذكره ابن حبان
في " الثقات "، وقال: كان صاحب حديث يحفظ.
وقال أيضا: وثقه مسلمة.
وقال الدارقطني: حافظ ثبت.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 363 وفيه أيضا عن نصر بن أحمد
الكندي قال: كان من
أصحاب الحديث المأمونين.
وعن عبد الله بن أحمد، قال: صاعقة ثقة.
(3) في " تاريخ بغداد "، و " تذكرة الحفاظ ": الكرخي
بالخاء المعجمة وهو تصحيف.
(4) " طبقات الحنابلة " لابن أبي يعلى 1 / 306، و " تاريخ
بغداد " 2 / 363، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 553 وفي " طبقات
الحنابلة ": وقيل - وهو المشهور -: إنما لقب بهذا لانه كان
كلما قدم بلدة للقاء شيخ إذا به قد مات بالقرب.
* الجرح والتعديل 8 / 25، تاريخ بغداد 3 / 40، 41، تهذيب
الكمال: 1240، 1241، تذهيب التهذيب 3 / 231 / 1، الوافي
بالوفيات 4 / 82، تهذيب التهذيب 9 / 338، 339، خلاصة تذهيب
الكمال: 351.
(5) بفتح الكاف وتخفيف الراء.
" التقريب ".
(*)
(12/296)
العجلي مولاهم الكوفي الوراق، وقيل: أبو عبد الله، وراق
عبيدالله بن موسى.
سمع عبد الله بن نمير، وأبا أسامة، ومحمد بن بشر العبدي،
وحسين بن علي الجعفي، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد بن عبيد،
وعدة.
وقيل: إنه روى عن غندر.
ولم يصح.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن
أبي الدنيا، وابن أبي داود، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد،
والسراج، وجماعة.
قال أبو حاتم وغيره: صدوق (1).
قال مطين: مات في رجب سنة ست وخمسين ومئتين (2).
وقع لي من عواليه حديث: " من عادى [ لي ] وليا " (3) وهو
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 25، و " تاريخ بغداد " 3 / 41،
و " الوافي بالوفيات "
4 / 82، و " تهذيب التهذيب " 9 / 339 وفيه: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
وقال مسلمة: بغدادي ثقة.
وقال ابن عقدة: سمعت محمد بن عبد الله بن سليمان، وداود بن
يحيى يقولان: كان صدوقا.
(2) زاد الخطيب: ببغداد.
ووهم من قال: بالكوفة.
(3) أخرجه البخاري 11 / 292، 295 في الرقاق: باب التواضع
من طريق محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد،
حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد الله ابن أبي
نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا، فقد
آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته
عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته، فكنت
سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش
بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لاعطينه، ولئن
استعاذني لاعيذنه، وما ترددت عن شئ أنا فاعله ترددي عن نفس
المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته " وفي خالد بن مخلد
فقال، وكذا شريك بن عبد الله، لكن قال الحافظ: للحديث طرق
أخرى يدل مجموعها على أن له أصلا ثم أوردها.
(*)
(12/297)
موافقة (1) للبخاري.
قرأت على علي بن محمد الفقيه وجماعة سمعوا عبد الله بن
عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد حضورا، ولي أربع سنين، أخبرنا
أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر، حدثنا يحيى
بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا قبيصة،
حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة قال: زلزلت
فسا على عهد عبد الله رضي الله عنه، فقال: إنا كنا نرى
الآيات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بركات، وأنتم
تعدونها تخويفا.
إسناده جيد، (2) وله علة فبالاسناد إلى يحيى قال: حدثناه
إبراهيم ابن سعيد الجوهري، ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا
قبيصة، عن سفيان، عن الاعمش بإسناده نحوه.
109 - المقوم * (د، س، ق) يحيى
بن حكيم، الحافظ الامام المأمون، أبو سعيد، البصري
__________
(1) الموافقة: هو الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير
طريق، أي: الطريق التي تصل إلى ذلك التصنيف المعين.
(2) وأخرجه أحمد 1 / 396 من طريق معاوية بن هشام، عن
سفيان، عن الاعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد
الله...وأخرجه أحمد 1 / 460 من طريق الوليد بن القاسم بن
الوليد، والدارمي 1 / 14، 15 من طريق عبيدالله بن موسى،
كلاهما عن إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن
عبد الله..وأخرجه البخاري 3589 في علامات النبوة في
الاسلام من طريق محمد بن المثنى، حدثنا أبو أحمد الزبيري،
عن إسرائيل بهذا الاسناد وقوله: الآيات، أي: الامور
الخارقة للعادات.
* الجرح والتعديل 9 / 134، الانساب، ورقة: 540 / ب، اللباب
3 / 249، تهذيب الكمال: 1492، تذهيب التهذيب 4 / 152 / 1،
تذكرة الحفاظ 2 / 515، العبر 2 / 13، تهذيب التهذيب 11 /
198، 199، طبقات الحفاظ: 224، خلاصة تذهيب الكمال: 422،
شذرات الذهب 2 / 136.
(*)
(12/298)
المقوم، وقد يقال: المقومي.
حدث عن: سفيان بن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد العزيز
بن عبد الصمد العمي، وغندر، ويحيى القطان، ومحمد بن أبي
عدي، ومخلد ابن يزيد الحراني، ومعاذ بن معاذ، وعبد الرحمن
بن مهدي، وحرمي بن
عمارة، وحماد بن مسعدة، وسلم بن قتيبة وأبي داود الطيالسي،
وخلق كثير.
وفي " تهذيب " شيخنا، أنه روى عن النعمان بن عبد السلام
الاصبهاني، ولم يدرك ذاك.
وينزل إلى أن يروي عن أبي الوليد، وعمر بن الخطاب الراسبي.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وأسلم بن سهل،
وزكريا بن يحيى السجزي وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي،
وعمر بن محمد بن بجير، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني،
وأبو قريش محمد بن جمعة، وعلي بن العباس المقانعي، ويحيى
بن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وعبد الله بن أبي داود،
وعبد الله بن عروة، والحافظ عمر بن إبراهيم أبو الآذان،
وخلق كثير.
قال أبو داود: كان حافظا متقنا.
وقال النسائي: ثقة حافظ.
وقال أبو عروبة: ما رأيت بالبصرة أثبت منه، ومن أبي موسى
العنزي (1)، وكان يحيى ورعا متعبدا، أو كما قال.
وقال أبو حاتم البستي: كان ممن جمع وصنف (2).
__________
(1) هو محمد بن المثنى.
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 515، و " تهذيب التهذيب " 11 /
199 وفيه أيضا: قال مسلمة: بصري ثقة.
(*)
(12/299)
ومات في سنة ست وخمسين ومئتين.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا
موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن
أحمد
البندار، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الذهبي، حدثنا يحيى بن
محمد، حدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا محمد بن الحسن محبوب،
حدثنا داود بن أبي هند، قال: دخلت أنا والحسن وثابت على
إسحاق بن عبد الله بن الحارث الهاشمي، فقال ثابت: يا أبا
يعقوب، حدث أبا سعيد بحديث الكتف، فقال إسحاق: حدثتني أم
حكيم بنت الزبير أنها كانت تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم
طعاما، فيأتيها، فربما أكل عندها، وأنها زعمت أنه أتاها
يوما، فأتته بكتف، فجعل يتسحاها (1)، فأكل منها، ثم صلى
ولم يتوضأ (2).
__________
(1) في الاصل: يتحساها، وما أثبتناه من هامش الاصل.
وتحسى اللحم: قشره.
(2) نسبه الحافظ في " الاصابة " 4 / 444 إلى اسحاق بن
راهويه من رواية داود بن أبي هند أن أم حكيم بنت الزبير -
وهي ضباعة - كانت تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم
الطعام...وقال: فهذا يوضح ان ام حكيم كنية ضباعة، وأورده
الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " وابن منده فيما قاله
الحافظ من طريق حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أم
حكيم، وذكر الاختلاف فيه عن قتادة، فقال سعيد بن أبي عروبة
عنه، عن صالح أبي الخليل، عن اسحاق بن عبد الله بن الحارث،
عن ام الحكم، عن اختها ضباعة، وقيل: عن سعيد، عن قتادة، عن
أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ان ام حكيم بنت
الزبير حدثته، ولم يذكر ضباعة، أخرجه أحمد 6 / 419، وقال
همام، عن قتادة، عن اسحاق لم يذكر أبا الخليل أخرجه ابن
منده، وقال ابن مندة: رواه داود بن أبي هند، عن إسحاق، عن
أم حكيم صفية ولم يذكر ضباعة.
وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري 1 / 268، ومسلم (354)،
وعن عمر بن أمية الضمري عند البخاري 1 / 268، ومسلم (355)
وعن ميمونة وأبي رافع عند مسلم (356) و (357).
(*)
(12/300)
110 - حجاج بن يوسف * (م، د) ابن حجاج، أبو محمد بن الشاعر
أبي يعقوب الثقفي
البغدادي الحافظ، فأما أبوه فلقبه لقوة، من تلامذة أبي
نواس وأصحابه.
فنشأ حجاج ببغداد، وطلب العلم.
وكتب عن: أبي النضر، ويعقوب بن إبراهيم، وأبي داود، وحجاج
ابن محمد، والعقدي، وأبي أحمد الزبيري، وعبد الصمد
التنوري، وخلق.
روى عنه: مسلم، وأبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى
الموصلي، وموسى بن هارون، وعبد الرحمن بن أبي حاتم،
والمحاملي.
قال ابن أبي حاتم، ثقة حافظ (1).
وقال أبو داود: هو خير من مئة مثل الرمادي (2).
قال صالح جزرة: سمعت حجاج بن الشاعر يقول: جمعت لي أمي
__________
* الجرح والتعديل 3 / 168، تاريخ بغداد 8 / 240، 241،
طبقات الحنابلة 1 / 148، 149، الانساب 3 / 134، تهذيب
الكمال: 239، تذهيب التهذيب 1 / 124 / 1، تذكرة الحفاظ 2 /
549، 550، العبر 2 / 19، تهذيب التهذيب 2 / 209، 210،
طبقات الحفاظ: 244، خلاصة تذهيب الكمال: 73، شذرات الذهب 2
/ 139، المنتظم 5 / 20 (1) " الجرح والتعديل " 3 / 168 -
وصدقه أبو حاتم نفسه - و " تاريخ بغداد " 8 / 241، و "
طبقات الحنابلة " 1 / 148، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 549، و
" تهذيب التهذيب " 2 / 210.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 8 / 241، و " طبقات الحنابلة
" 1 / 149، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 549، " تهذيب التهذيب "
2 / 210 وقال الخطيب: كان ثقة فهما حافظا، وكذا قال ابن
أبي يعلى في " طبقات الحنابلة ".
وعن ابن الغلابي قال: وسئل يحيى بن معين عن حجاج بن
الشاعر، فبزق لما سئل عنه.
(*)
(12/301)
مئة رغيف، فجعلتها في جراب، وانحدرت إلى شبابة بالمدائن،
فأقمت ببابه مئة يوم، أغمس الرغيف في دجلة وآكله، فلما
نفدت خرجت (1).
توفي سنة تسع وخمسين.
وفيها توفي أبو حذافة السهمي، وأبو إسحاق الجوزجاني،
وإسحاق بن وهب، وإسحاق البغوي لؤلؤ، وبشر بن مطر، ومحمود
بن آدم، وعلي بن معبد بمصر، ومحمد بن يزيد محمش.
111 - العباس بن عبد العظيم
* (خت، 4) ابن إسماعيل بن توبة، الحافظ الحجة الامام، أبو
الفضل، العنبري البصري.
حدث عن: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وعبد الرحمن
ابن مهدي، وعمر بن يونس، ويزيد بن هارون، والنضر بن محمد،
وعبد الرزاق، وأبي عاصم النبيل، وخلق كثير.
وكان واسع الرحلة، متبحرا من الآثار.
روى له البخاري: تعليقا، والباقون سماعا، وبقي بن مخلد،
وأبو حاتم، وعبدان الاهوازي، وابن خزيمة، وعمر بن بجير،
وزكريا الساجي، وآخرون.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 240، و " طبقات الحنابلة " 1 /
148، وفيه: قال النسائي: أبو محمد حجاج بن يوسف بغدادي
ثقة.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 2 / 550.
* التاريخ الكبير 4 / 6، التاريخ الصغير، 2 / 384، الجرح
والتعديل 6 / 216، تاريخ بغداد 12 / 137، 138، طبقات
الحنابلة 1 / 235، الانساب 9 / 70 تهذيب الكمال: 658،
تذهيب التهذيب 2 / 125 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 524، تهذيب
التهذيب 5 / 121، 122، طبقات الحفاظ: 228، خلاصة تذهيب
الكمال 189 شذرات الذهب 2 / 112.
(*)
(12/302)
قال النسائي: ثقة مأمون (1).
وقال محمد بن المثنى السمسار: كان من سادات المسلمين.
وقال آخر: كان من أعقل أهل زمانه، ومن أهل الفضل.
قلت: توفي في سنة ست وأربعين ومئتين.
112 - أبو التقي اليزني * (د،
س، ق) الامام الحافظ المتقن، أبو التقي، هشام بن عبدالملك
بن عمران، اليزني الحمصي.
حدث: عن إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، ومحمد بن حرب
الابرش، ومحمد بن حمير، وعدة.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وحفيده حسين بن
تقي بن هشام، وأبو عروبة الحراني، وأبو بكر بن محمد بن
محمد الباغندي، وأبو الحسن بن جوصا، وخلق كثير.
قال أبو حاتم الرازي: كان متقنا في الحديث (2).
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 524.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 6 / 216: سئل أبي
عنه، فقال صدوق.
وجاء في " تهذيب التهذيب " 5 / 122 قال مسلمة: بصري ثقة.
* الجرح والتعديل 9 / 66، تهذيب الكمال: 1440، تذهيب
التهذيب 4 / 117 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 528، 529، ميزان
الاعتدال 4 / 301، العبر 2 / 1، تاريخ ابن كثير 11 / 10،
تهذيب التهذيب 11 / 45، طبقات الحفاظ: 231، خلاصة تذهيب
الكمال: 410، شذرات الذهب 2 / 124.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 66، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
529، و " ميزان الاعتدال "
4 / 301، و " تهذيب التهذيب " 11 / 45.
(*)
(12/303)
وقال النسائي: ثقة (1).
قلت: مات في سنة إحدى وخمسين ومئتين عن بضع وثمانين سنة.
113 - شعيب بن عمرو * المحدث
المسند، أبو محمد الضبعي.
حدث بدمشق عن: سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وعبد
الرحمن بن مهدي، وجماعة.
وعنه: أبو عوانة الاسفراييني، وابن جوصا، وأبو الدحداح
أحمد بن محمد وآخرون.
توفي سنة إحدى وستين ومئتين، من أبناء التسعين.
114 - شعيب بن المحدث * * (س)
شعيب بن إسحاق الدمشقي، مولى قريش، يكنى أبا محمد.
لم يلحق السماع من أبيه، فإنه ولد سنة تسعين ومئة.
سمع زيد بن يحيى بن عبيد، وأبا المغيرة الحمصي، وأبا
اليمان، وأحمد بن خالد.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 529، و " ميزان الاعتدال " 4 /
301 وفيه أيضا: روى أبو عبيد عن أبي داود: ضعيف، وجاء في "
تهذيب التهذيب " 11 / 45: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
* تهذيب ابن عساكر 6 / 325.
* * الجرح والتعديل 4 / 347، 348، تهذيب الكمال: 586، 587،
تذهيب التهذيب 2 / 79 / 2، تهذيب التهذيب 4 / 353، خلاصة
تذهيب الكمال: 167: تهذيب ابن عساكر
6 / 322.
(*)
(12/304)
وعنه: النسائي، وابن جوصا، وأبو الدحداح.
وله شعر جيد (1).
توفي سنة أربع وستين ومئتين.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
115 - عمرو بن عثمان *
(د، س، ق) ابن سعيد بن كثير بن دينار، الحافظ الثبت، أبو
حفص الحمصي، مولى قريش.
ولد سنة بضع وستين ومئة.
وسمع إسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد،
والوليد بن مسلم، وعدة.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وجعفر الفريابي،
وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة، وأبو بكر بن أبي داود،
وخلق كثير، من آخرهم أحمد بن عمير بن جوصا.
__________
(1) ومن شعره في " تهذيب ابن عساكر " 6 / 323: ولم أر مثل
الصدق أسنى لاهله * إذا جمعتهم والرجال المجامع إذا ما رأى
الجهال ذا العلم واضعا * إلى ذي الغنى مالوا إليه وأسرعوا
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 348، و " تهذيب التهذيب " 4 /
353، وفيه: قال النسائي ثقة.
وقال ابن حجر: قال مسلمة في " الصلة ": حدثنا عنه بعض
شيوخنا، وكان ثقة.
* التاريخ الصغير 2 / 391، الجرح والتعديل 4 / 249، تهذيب
الكمال: 1044، تذهيب التهذيب 3 / 106 / 1، تذكرة الحفاظ 2
/ 509، العبر 2 / 1، تاريخ ابن كثير
11 / 10، تهذيب التهذيب 8 / 76، لسان الميزان 4 / 371،
طبقات الحفاظ: 221، خلاصة تذهيب الكمال: 291، شذرات الذهب
2 / 124.
(*)
(12/305)
قال الحافظ ابن عساكر: وسمع من مروان بن معاوية، ومحمد بن
حرب، ومحمد بن شعيب بن شابور، وسمى جماعة.
قال: وروى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبدان الجواليقي.
وقال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال أبو زرعة: كان أحفظ من محمد بن مصفى (2).
قال داود بن الحسين البيهقي: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي
السيد بن السيد.
قلت: مات في شهر رمضان سنة إحدى وخمسين ومئتين.
وقيل: سنة خمسين، عن نيف وثمانين سنة.
وقع لنا من عواليه في " البعث "، وفي " صفة المنافق ".
وأخوه:
116 - يحيى بن عثمان *
(د، س، ق) العبد الصالح الولي، أبو سليمان.
سمع بقية بن الوليد، ووكيعا، والوليد بن مسلم، ومحمد بن
حمير، وجماعة.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة أيضا، وإبراهيم بن
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 249، و " تهذيب التهذيب " 8 /
76.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 249، و " تهذيب التهذيب " 8 /
76.
وفيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
ووثقه النسائي في " أسماء شيوخه "، وكذا أبو داود ومسلمة
وثقاه.
* الجرح والتعديل 9 / 174، تهذيب الكمال: 1510، 1511،
تذهيب التهذيب 4 / 161 / 2، تهذيب التهذيب 11 / 255، 256،
خلاصة تذهيب الكمال: 426.
(*)
(12/306)
متويه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو عروبة الحراني، وابن
أبي داود، وأبو بشر الدولابي، وعبد الغافر بن سلامة، وابن
جوصا، وعدة.
قال أبو حاتم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى بن عثمان
الحمصي، نعم الشيخ هو.
قال أبو حاتم: كان صالحا صدوقا (1).
وسئل محمد بن عوف عن يحيى وأخيه عمرو، فقال: كلاهما ثقة،
ولكن يحيى كان عابدا، وعمرو أبصر منه في الحديث.
وقال النسائي: ثقة.
وقال أبو عروبة: سمعت المسيب بن واضح يقول: رأيت في النوم
كأن آتيا أتاني، فقال: إن كان بقي من الابدال أحد، فيحيى
بن عثمان الحمصي.
قال ابن عدي: هو وأخوه وأبوهما لا بأس بهم، لم أر من يطعن
في يحيى غير أبي عروبة، سمعته يقول: كان يحيى لا يسوى نواة
في الحديث.
وكان يتلقن كل شئ.
قال: وكان يعرف بالصدق.
وقال محمد بن عوف: رأيت أحمد بن حنبل يجل يحيى بن عثمان،
ويقدمه في الصلاة.
قلت: توفي سنة خمس وخمسين ومئتين.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 174.
(*)
(12/307)
117 - وأبوهما * عثمان بن سعيد
من أصحاب حريز بن عثمان، وشعيب بن أبي حمزة.
وهو صدوق، صاحب حديث.
روى عنه: ابناه، وعباس الترقفي، ومحمد بن عوف الطائي،
وعثمان بن سعيد الدارمي.
وثقه أحمد وابن معين (1)، واحتج به النسائي وغيره.
قال عبد الوهاب بن نجدة: كان يقال: إنه من الابدال (2).
قلت: موته قريب من أبي اليمان (3).
118 - المرار بن حمويه
* * (ق) ابن منصور، الامام الحافظ، شيخ همذان، أبو أحمد،
الثقفي الهمذاني.
__________
* الجرح والتعديل 6 / 152، تاريخ بغداد 11 / 293، 294،
تهذيب الكمال: 910، 911، تذهيب التهذيب 3 / 30 / 1، تهذيب
التهذيب 7 / 118، خلاصة تذهيب الكمال: 259.
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 152.
(2) " تهذيب التهذيب " 7 / 118.
وجاء فيه: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال عبد الوهاب بن نجدة: هو ريحانة الشام عندنا.
وقال الحاكم في " المستدرك ": ثقة.
(3) جاء في " تهذيب التهذيب " 7 / 118: وفاته - كما قال
مطين - سنة 209، وكذا أرخه ابن قانع.
* * الجرح والتعديل 8 / 443، تهذيب الكمال: 1312، 1313،
تذهيب التهذيب 4 / 29 / 1، العبر 2 / 7، تهذيب التهذيب 10
/ 80، 81، خلاصة تذهيب الكمال: 395،
شذرات الذهب 2 / 129.
(*)
(12/308)
ولد بعد التسعين ومئة.
وسمع من أبي نعيم، وأبي الوليد الطيالسي، وعبد الله بن
صالح الكاتب، وسعيد بن أبي مريم، والقعنبي، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن ماجة في " سننه "، وموسى بن هارون، وأبو
عروبة الحراني، وابن وهب الدينوري، وعبد الله بن أحمد
الدحيمي، وأحمد بن أبي غانم، والحسن بن علي بن سعد، وعبد
الرحمن بن محمد بن حماد الطهراني، وآخرون.
ورواية ابن ماجة عنه عن محمد بن مصفى الحمصي.
وقد روى البخاري في " صحيحه " (1): حدثنا أبو أحمد، حدثنا
أبو غسان محمد بن يحيى الكتاني، فقيل: هو المرار.
وقيل: بل هو محمد ابن عبد الوهاب الفراء، وقيل: محمد بن
يوسف البيكندي.
قال محمد بن عيسى الهمذاني: حدثنا أبي، حدثنا فضلان بن
صالح قال: قلت لابي زرعة الرازي: أنت أحفظ أم المرار ؟
فقال: أنا أحفظ، وهو أفقه.
__________
(1) 5 / 239 في الشروط: باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت
أخرجتك: حدثنا أبو أحمد، حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان
الكتاني، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال: قال الحافظ في الفتح: كذا للاكثر غير مسمى ولا منسوب
ولابن السكن في روايته عن الفربري وافقه أبو ذر: حدثنا أبو
أحمد مرار بن حمويه، وقال في المقدمة ص 236: سماه ابن
السكن في روايته مرار بن حمويه، وبذلك جزم أبو ذر الهروي
عن بعض مشايخه، وأبو نعيم في " المستخرج " وأبو مسعود في "
الاطراف " وغيرهم، وقال الحاكم:
أهل بخارى يزعمون أنه أبو أحمد محمد بن يوسف البيكندي
البخاري، وقد أكثر البخاري من الرواية عنه، قال الحاكم:
وقرأت هذا الحديث بخط أبي عمرو المستملي، قال: حدثنا أبو
أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء، عن أبي غسان يعني فيجوز
أن يكون هو الفراء.
(*)
(12/309)
وعن أبي جعفر قال: ما أخرجت همذان أفقه من المرار.
قال الحافظ أبو شجاع شيرويه: نزل أبو حاتم على المرار،
وكتب عنه، وهو قديم الموت، جليل الخطر، سأله جمهور
النهاوندي عن مسائل، وهي مدونة عنه.
من نظر فيها علم محل المرار من العلم الواسع، والحفظ
والاتقان والديانة.
وقال عبد الله أحمد بن الدحيمي (1): سمعت المرار يقول:
اللهم ارزقني الشهادة، وأمر يده على حلقه.
وقيل: لما وقعت فتنة المعتز والمستعين كان على همذان
الاميران جباخ وجغلان من قبل المعتز، فاستشار أهل همذان
المرار والجرجاني في محاربتهما، فأمراهم بلزوم منازلهم،
فلما أغار أصحابهما على دار سلمة بن سهل وغيرها، ورموا
رجلا بسهم، أفتياهم في الحرب، وتقلد المرار سيفا، فخرج
معهم، فقتل عدد كثير من الفريقين، ثم طلب مفلح المرار،
فاعتصم بأهل قم.
وهرب معه إبراهيم بن مسعود المحدث.
فأما إبراهيم فهازلهم وقاربهم فسلم، وأما المرار، فأظهر
مخالفتهم في التشيع، وكاشفهم، فأوقعوا به وقتلوه.
رحمه الله.
وروى الحسين بن صالح أن عمه المرار قتل في سنة أربع وخمسين
ومئتين.
وله أربع وخمسون سنة.
قال صالح بن أحمد التميمي: قتل المرار في السنة شهيدا.
وكان
__________
(1) بضم الدال وفتح الحاء وسكون الياء تحتها نقطتان وفي
آخرها ميم وياء: وهي نسبة إلى دحيم، لقب القاضي أبي سعيد
عبدالرحمن بن ابراهيم القرشي الدمشقي مولى عثمان بن عفان
رضي الله عنه.
وقد تصحفت في " تهذيب التهذيب " 10 / 81 إلى: " البرجمي ".
(*)
(12/310)
ثقة عالما فقيها سنيا.
رحمة الله عليه.
قلت: كان من أئمة الاسلام.
وما وقع لنا حديثه العالي إلا بالاجازة.
119 - أحمد بن سعد *
(د، س) ابن الحكم بن أبي مريم، الامام الحافظ، أبو جعفر
المصري، مولى بني جمح.
حدث عن: عمه سعيد بن أبي مريم، وأسد بن موسى، وأبي اليمان،
وحبيب كاتب مالك، وتحرج بيحيى بن معين.
وعنه: أبو داود، والنسائي والباغندي، وعلي بن سراج، وعلي
بن أحمد علان، وابن وهب الدينوري، وآخرون.
قال النسائي: لا بأس به (1).
توفي سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
120 - الزبير بن بكار *
* (ق) العلامة الحافظ النسابة، قاضي مكة وعالمها، أبو عبد
الله بن أبي
__________
* تهذيب الكمال: 21، 22، تذهيب التهذيب 1 / 11 / 1، تهذيب
1 / 29، 30، خلاصة تذهيب الكمال: 6.
(1) " تهذيب التهذيب " 1 / 30.
وفيه: قال أبو عمر الكندي في كتاب " الموالي ": كان من أهل
العلم والرحلة والتصنيف: وروى عنه بقي بن مخلد، وكان لا
يحدث إلا عن
ثقة.
* * مقدمة كتابه: جمهرة نسب قريش، بتحقيق الاستاذ الكبير
محمود محمد شاكر، الجرح والتعديل 3 / 585، الاغاني 9 / 41،
43، الفهرست: 123، 124، تاريخ بغداد 8 / 467، 471، مصارع
العشاق: 255، 256، معجم الادباء 11 / 161، 165، الكامل =
(*)
(12/311)
بكر بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن
الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى ابن قصي بن
كلاب القرشي الاسدي الزبيري المدني المكي.
مولده في سنة اثنتين وسبعين ومئة.
سمع من: سفيان بن عيينة، وأبي ضمرة الليثي، والنضر بن
شميل، وابن أبي فديك، وذؤيب بن عمامة، وعبد الله بن نافع
الصائغ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعلي بن
محمد المدائني، ومحمد بن الحسن بن زبالة، ومحمد بن الضحاك
بن عثمان، وإبراهيم بن المنذر، ومصعب بن عبد الله الزبيري
عمه، وخلق سواهم.
حدث عنه: ابن ماجة في " سننه "، وأبو حاتم الرازي، وعبد
الله ابن شبيب الربعي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن
أبي الازهر، وحرمي بن أبي العلاء المكي، واسمه أحمد بن
محمد، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وإسماعيل بن العباس
الوراق، ويوسف بن يعقوب الازرق.
وحدث في أواخر أيامه ببغداد.
وهو مصنف كتاب " نسب قريش "، وهو كتاب كبير نفيس (1).
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: أدركته ورأيته، ولم أكتب عنه
(2).
__________
= لان الاثير 7 / 217، وفيات الاعيان 2 / 311، 313، تهذيب
الكمال: 426، 427، تذهيب
التهذيب 1 / 232 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 528، دول الاسلام 1
/ 121، ميزان الاعتدال 2 / 66، العبر 2 / 12، مرآة الجنان
2 / 167، تاريخ ابن كثير 11 / 24، العقد الثمين 4 / 427،
429، تهذيب التهذيب 3 / 312، 314، النجوم الزاهرة 3 / 25،
طبقات الحفاظ: 231، خلاصة تذهيب الكمال: 120، شذرات الذهب
2 / 133، 134.
(1) وقد ذكر ياقوت في " معجمه " 11 / 164، 165 اثنين
وثلاثين كتابا للزبير بن بكار.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 585.
(*)
(12/312)
وقال الدارقطني: ثقة.
وروي عن السري بن يحيى التميمي، قال: لقي الزبير بن بكار
إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فقال له إسحاق: يا أبا عبد
الله، عملت كتابا سميته كتاب " النسب "، وهو كتاب الاخبار.
فقال: وأنت يا أبا محمد، عملت كتابا سميته كتاب " الاغاني
" وهو كتاب المغاني (1).
قال الحسين بن القاسم الكوكبي: لما قدم الزبير بن بكار
بغداد قال أبو حامد المستملي عليه: من ذكرت يا ابن حواري
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعجبه (2).
روى محمد بن عبدالملك التاريخي، قال: أنشدني ابن أبي طاهر
لنفسه في الزبير بن بكار: ما قال: " لا " قط إلا في تشهده
* ولا جرى لفظه إلا على " نعم " بين الحواري والصديق نسبته
* وقد جرى ورسول الله في رحم (3) الكوكبي: حدثنا محمد بن
موسى المارستاني، حدثنا الزبير بن بكار، قال: قلت بنت أختي
لاهلنا: خالي خير رجل لاهله، لا يتخذ ضرة وسرية (4).
قال: تقول المرأة: والله هذه الكتب أشد علي من ثلاث
ضرائر (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 469، و " وفيات الاعيان " 2 /
311.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 8 / 468 عن المعافى بن
زكريا، قال: قال لنا أبو علي الكوكبي: لما قدم الزبير -
يعني ابن بكار - إلى بغداد، قال: اعرضوا على مستمليكم،
فعرضوا عليه فأتاهم.
فلما حضر أبو حامد المستملي: قال له: من ذكرت يا بن حواري
رسول الله ؟ قال: فأعجبه أمره، فاستملى عليه.
(3) البيتان في " تاريخ بغداد " 8 / 468.
(4) في " تاريخ بغداد " 8 / 471، و " وفيات الاعيان ":
ضرة، ولا يشتري جارية.
(5) " تاريخ بغداد " 8 / 471، و " وفيات الاعيان " 2 /
312.
(*)
(12/313)
قال محمد بن إسحاق الصيرفي: سألت الزبير: منذ كم زوجتك معك
؟ قال: لا تسألني، ليس ترد القيامة أكثر كباشا منها، ضحيت
عنها سبعين كبشا (1).
قال أبو بكر الخطيب: كان الزبير ثقة ثبتا عالما بالنسب
وأخبار المتقدمين.
له مصنف في " نسب قريش " (2).
قلت: الكتاب من عوالي الفخر علي عن ابن طبرزد.
وقال أحمد بن علي السليماني الحافظ: منكر الحديث.
كذا قال، ولا يدري ما ينطق به (3).
قال أحمد بن سليمان الطوسي: توفي الزبير لتسع بقين من ذي
القعدة سنة ست وخمسين ومئتين بمكة.
وقد بلغ أربعا وثمانين سنة، وصلى عليه ابنه مصعب بعد
فراغنا من قراءة كتاب " النسب " عليه بثلاثة أيام.
قال: وكان سبب وفاته أنه وقع من فوق سطحه، فمكث يومين لا
يتكلم، ومات، انكسرت ترقوته ووركه.
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، ومحمد بن بطيخ، وأحمد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 471.
(2) اسمه " جمهرة نسب قريش وأخبارها " وقد نشر الجزء الاول
منه وهو أقل من النصف الثاني للكتاب بتحقيق وشرح العلامة
الشيخ محمود محمد شاكر سنة 1381 ه.
(3) وقال في " ميزان الاعتدال " 2 / 66: لا يلتفت إلى
قوله، وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب ": وهذا جرح مردود،
فلعله استنكر إكثاره عن الضعفاء مثل محمد بن الحسن بن
زبالة، وعمر بن أبي بكر المؤملي، وعامر بن صالح الزبيري
وغيرهم، فإن في كتاب " النسب " عن هؤلاء أشياء كثيرة
منكرة.
(*)
(12/314)
مؤمن، وعبد الحميد بن أحمد، قالوا: أخبرنا عبدالرحمن بن
نجم الواعظ، أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا الحسين بن
طلحة، وأخبرنا أبو المعالي ابن قاضي أبرقوه، أخبرنا [ أبو
] المحاسن محمد بن هبة الله، أخبرنا عمي محمد بن عبد
العزيز الدينوري، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا: أخبرنا عبد
الواحد بن محمد، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا الزبير
بن بكار، حدثني أبو غزية، عن فليح بن سليمان، عن سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني عبده
ورسوله، من لقي الله بهما غير شاك دخل الجنة " (1).
وبه إلى الحسين المحاملي: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أبو
أسامة، حدثنا الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أو عن
جابر (2)، قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سفر، فذكره، وقال: " لم يحجب عن الجنة ".
ورواه مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة بهذا (3).
__________
(1) إسناده ضعيف، أبو غزية - واسمه محمد بن موسى - ضعفه
البخاري وأبو حاتم وابن حبان، وفليح بن سليمان كثير الخطأ،
لكن متن الحديث صحيح من غير هذا الطريق.
انظر التعليق الآتي.
(2) كذا الاصل، ولم أجده عن جابر، وربما يكون الصواب: " أو
عن أبي سعيد " كما أخرجه احمد 3 / 11، ومسلم (27) (45) في
الايمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة،
كلاهما من طريق أبي معاوية بهذا الاسناد، والشك في صحابي
هذا الحديث من الاعمش كما هو مصرح به في رواية احمد ومسلم.
(3) هو في " صحيح مسلم " (27) (44)، وفي الباب عن رفاعة بن
عرابة الجهني عند أحمد 4 / 16، وعن عمر عند البزار (11)
وعن عمران بن حصين عند البزار (14) أيضا، وعن = (*)
(12/315)
121 - عبد الله بن منير
* (خ، ت، س) الامام القدوة الولي الحافظ الحجة، أبو عبد
الرحمن المروزي.
حدث عن: النضر بن شميل، وعبد الرزاق، ويزيد بن هارون،
وسعيد بن عامر، وعبد الله بن بكر السهمي، ووهب بن جرير،
وأبي النضر، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، كثير الحديث والفضل.
حدث عنه: البخاري، والترمذي، والنسائي، وإسرائيل بن
السميدع، وعبدان بن محمد المروزي، وهبيرة بن حسن البغوي،
وطائفة.
وقال النسائي: ثقة.
وقال الفربري: سمعت بعض أصحابنا يقول: سمعت البخاري يقول:
لم أر مثل عبد الله بن منير.
قال الفربري: كان يسكن فربر، وبها توفي في سنة إحدى
وأربعين ومئتين.
وقال هبة الله اللالكائي (1): توفي سنة ثلاث وأربعين في
ربيع الآخر.
__________
= سعد بن عبادة عند الطبراني في " الاوسط " كما في "
المجمع " 6 / 21، وعن أبي عمرة الانصاري عند أحمد 3 / 417،
418.
* التاريخ الكبير 5 / 212، 213، الجرح والتعديل 5 / 181،
182، تهذيب الكمال: 745، تذهيب التهذيب 2 / 190 / 1، العبر
1 / 436، تهذيب التهذيب 6 / 43، خلاصة تذهيب الكمال: 216،
شدرات الذهب 2 / 99، المنتظم 5 / 40.
(1) هو أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري
الرازي الشافعي اللالكائي.
فقيه، محدث، حافظ، متكلم.
قدم بغداد، واستوطنها، ودرس الفقه الشافعي على أبي حامد
الاسفراييني وتوفي بالدينور سنة 418 ه.
من آثاره: " مذاهب أهل السنة "، وكتاب " رجال الصحابة ".
سترد ترجمته.
(*)
(12/316)
قال يعقوب بن إسحاق بن محمود: سمعت يحيى بن بدر القرشي
يقول: كان عبد الله بن منير قبل الصلاة، يكون بفربر، فإذا
كان وقت الصلاة يرونه في مسجد آمل، فكانوا يقولون: إنه
يمشي على الماء.
فقيل له في ذلك، فقال: أما المشي على الماء فلا أدري، ولكن
إذا أراد الله جمع حافتي النهر، حتى يعبر الانسان.
قال: وكان إذا قام من المجلس خرج إلى البرية مع قوم من
أصحابه، يجمع شيئا مثل الاشنان وغيره،
يبيعه في السوق، ويعيش منه.
فخرج يوما مع أصحابه، فإذا هو بالاسد رابض، فقال لاصحابه:
قفوا.
وتقدم هو إلى الاسد، فلا ندري ما قال له، فقام الاسد.
فذهب.
وسئل ابن راهويه: أيدخل الرجل المفازة بغير زاد ؟ قال: إن
كان مثل عبد الله بن منير، فنعم.
وقيل: كان ابن منير يعد من الابدال.
122 - بحشل * (م) الحافظ
العالم المحدث، أبو عبيد الله، أحمد بن عبدالرحمن
بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ويعرف ب: بحشل (1)
ابن أخي عالم مصر عبد الله بن وهب.
أكثر عن عمه جدا، وعن الشافعي، وبشر بن بكر التنيسي،
وجماعة.
__________
* الجرح والتعديل 2 / 59، 60، الجمع بين رجال الصحيحين:
14، تهذيب الكمال: 30، تذهيب التهذيب 1 / 18 / 1، ميزان
الاعتدال 1 / 113، 114، الوافي بالوفيات 7 / 47، طبقات
الشافعية للسبكي 2 / 26، تاريخ ابن كثير 11 / 36، تهذيب
التهذيب 1 / 54، 56، خلاصة تذهيب الكمال: 9، شذرات الذهب 2
/ 147.
(1) بفتح الموحدة، وسكون المهملة، بعدها شين معجمة: لقب
له.
(*)
(12/317)
حدث عنه: مسلم محتجا به، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن
جرير الطبري، والطحاوي، وأبو بكر بن زياد، وعبدان، وابن
خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلق كثير من المشارقة
والمغاربة.
قال أبو أحمد بن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه،
والغرباء لا يمتنعون من الاخذ عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم،
فمن دونهما (1).
وقال لي عبدان: كان في أيامنا مستقيم الامر، ومن لم يلحق
حرملة اعتمده، وكل من تفرد عن ابن وهب بشئ وجدوه عند أبي
عبيدالله (2)، من ذلك كتاب الدجال (3).
ثم قال ابن عدي: وسمعت محمد بن محمد بن الاشعث يقول: كنا
عند أحمد بن أخي ابن وهب، فمر عليه هارون بن سعيد الايلي
راكبا، فسلم عليه، وقال: ألا أطرفك بشئ ؟ جاءني أصحاب
الحديث، فسألوني عنك: فقلت: إنما يسأل أبو عبيد الله عنا،
ليس نحن نسأل عنه.
هو الذي كان يستملي لنا عند عمه، وهو الذي كان يقرأ لنا.
قال ابن عدي: كل ما أنكروه عليه فيحتمل، وإن لم يروه غيره،
لعل عمه خصه به (4).
قال الحاكم: سمعت محمد بن يعقوب الحافظ: سمعت أبا بكر بن
خزيمة، وقيل له: لم رويت عن أحمد بن عبدالرحمن بن وهب،
وتركت
__________
(1) " ميزان الاعتدال " 1 / 113، و " تهذيب التهذيب " 1 /
55.
(2) تصحفت في " ميزان الاعتدال " إلى: عبد الله.
(3) " ميزان الاعتدال " 1 / 113، و " تهذيب التهذيب " 1 /
55.
(4) " ميزان الاعتدال " 1 / 113، و " تهذيب التهذيب " 1 /
55.
(*)
(12/318)
سفيان بن وكيع ؟ قال: لان أحمد لما أنكروا عليه تلك
الاحاديث، وعرضوها عليه، رجع عنها عن آخرها إلا حديث مالك
عن الزهري، عن أنس " إذا حضر العشاء " (1).
وأما ابن وكيع، فكان وراقه أدخل عليه
أحاديث، فرواها، وكلمناه فيها، فلم يرجع عنها.
وقال أبو سعيد بن يونس: أبو عبيد الله لا تقوم به حجة.
وقال ابن حبان في " الضعفاء ": جعل يأتي عن عمه بما لا أصل
له، كأن الارض أخرجت له أفلاذ كبدها.
روى عن عمه، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال: " إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم،
وهي الوتر " (2).
__________
(1) أخرجه البخاري 2 / 134، من طريق الليث بن سعد، عن
عقيل، عن الزهري، عن أنس، أخرجه أيضا 9 / 505 من طريق
وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، وأخرجه الحميدي
(1181)، ومسلم (557)، وأحمد 3 / 110، والترمذي (353) وابن
ماجة (933)، والنسائي 2 / 111 من طريق سفيان بن عيينة، عن
الزهري، عن أنس، وأخرجه مسلم بن طريق ابن وهب، عن عمرو، عن
ابن شهاب، عن أنس.
(2) أورده الزيلعي في " نصب الراية " 2 / 110، وقال: أخرجه
الدارقطني في غرائب مالك، عن حميد بن أبي الجون
الاسكندراني، حدثنا عبد الله بن وهب، عن مالك، عن نافع، عن
ابن عمر، قال الدارقطني: وحميد بن أبي الجون ضعيف، وقال
ابن يونس في " تاريخ مصر ": روى عن ابن وهب حديثا منكرا لا
يتابعه عليه إنسان.
قلت: لكن متن الحديث صحيح، فقد أخرجه من حديث عمرو بن
العاص أحمد 6 / 397، من طريق يحيى ابن إسحاق، والطحاوي 1 /
250 من طريق أبي عبدالرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ كلاهما
عن عبد الله بن لهيعة، أخبرنا عبد الله بن هبيرة، سمعت أبا
تميم الجيشاني، سمعت عمرو بن العاص، عن أبي بصرة الغفاري
مرفوعا " إن الله زادكم صلاة صلوها فيما بين صلاة العشاء
إلى صلاة الصبح الوتر الوتر " وهذا سند قوي، فإن راويه ابن
لهيعة عند الطحاوي عبد الله بن يزيد المقرئ وهو أحد
العبادلة الذين إذا رووا عن ابن لهيعة يكون حديثه صحيحا،
على أن ابن لهيعة لم ينفرد به، فقد رواه احمد 6 / 7 من
طريق علي بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا
سعيد
ابن يزيد، حدثني بن هبيرة بهذا الاسناد وهذا سند صحيح، وفي
الباب عن عمرو بن شعيب، عن = (*)
(12/319)
قلت: لا يحتمل مالك، بل ولا ابن وهب هذا.
وهكذا ذكره ابن حبان تعليقا.
ابن عدي: حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا أبو عبيد الله، حدثنا
ابن وهب، حدثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو، عن
عبدالرحمن ابن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك، عن النبي
صلى الله عليه وسلم: " يكون في آخر الزمان قوم يحلون
الحرام، ويحرمون الحلال، ويقيسون الامور برأيهم " (1).
فهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد، عن عيسى.
وسرقه منه سويد، وعبد الوهاب العرضي (2)، والحكم بن
المبارك الخاستي (3).
أنكروه على أبي عبيدالله عن عمه.
ثم قال: وله عن عمه، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن نافع،
__________
= أبيه عن جده عند أحمد 2 / 206 و 208، في " المسند " وص
84 في " الاشربة "، والدارقطني 2 / 31.
وعن خارجة بن حذافة عند أبي داود (1418)، والترمذي (452)،
والدارمي 1 / 370، وابن ماجة (1168)، والطحاوي 1 / 250،
والدارقطني 2 / 30، والحاكم 1 / 306، والبيهقي 2 / 478.
وانظر " نصب الراية " 2 / 108، 112.
(1) وهو ضعيف، وفي ميزان الاعتدال " 4 / 268 في ترجمة نعيم
بن حماد: قال محمد بن علي بن حمزة المروزي: سألت يحيى بن
معين عن هذا - يعني هذا الحديث -، فقال: ليس له أصل، قلت:
فنعيم ؟ قال: ثقة، قلت: يحدث ثقة بباطل ؟ قال: شبه له.
(2) بضم العين، وسكون الراء المهملتين، وفي آخرها الضاد
المعجمة.
قال السمعاني: هذه النسبة إلى عرض، وهي ناحية بدمشق.
وعبد الوهاب هو ابن الضحاك
العرضي السلمي، من أهل حمص.
قال أبو حاتم بن حبان في " المجروحين " 2 / 140: حدثنا عنه
شيوخنا، وكان ممن يسرق الحديث ويرويه...لا يحل الاحتجاج به
ولا الذكر عنه إلا على جهة الاعتبار.
(3) في " ميزان الاعتدال ": الخاشتي، بإعجام الشين وهو
تصحيف انظر " الانساب " 5 / 18.
(*)
(12/320)
عن ابن عمر مرفوعا: " إذا كان الجهاد على باب أحدكم فلا
يخرج إلا بإذن أبويه " (1).
ابن عدي: حدثنا موسى بن العباس، حدثنا أحمد، حدثنا عمي،
حدثنا حيوة، عن أبي صخر، عن أبي حازم، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة مرفوعا: " يأتي على الناس زمان، يرسل إلى القرآن،
فيرفع من الارض " (2).
فهذا تفرد برفعه.
أحمد بن أخي بن وهب: حدثنا عمي، حدثني يحيى بن أيوب، عن
ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال: " إن المؤنثين أولا الجن " (3).
قيل لابن عباس: كيف ذاك ؟ قال: نهى
__________
(1) وهو في " معجم الطبراني الصغير " 1 / 104 من طريق
أسامة بن علي بن سعيد بن بشير الرازي، عن أبي عبيدالله
أحمد بن عبدالرحمن بن وهب بهذا الاسناد، ومعنى الحديث ثابت
من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه البخاري 6 / 97،
98، في الجهاد: باب الجهاد بإذن الابوين، ومسلم (2549) في
البر والصلة: باب بر الوالدين وأنهما أحق به قال: جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال: "
أحي والداك " ؟ قال: نعم، قال: " ففيهما فجاهد " وفي رواية
لمسلم " فارجع إلى والديك، فأحسن صحبتهما " ولابي داود
(2528) " ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما " ولابي داود (2530)
وصححه ابن حبان
(1622) من حديث أبي سعيد بلفظ " ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا
لك فجاهد وإلا فبرهما ".
(2) لكن صح معناه من طريق آخر، فقد أخرجه ابن ماجة (4049)
من طريق أبي معاوية، عن أبي مالك الاشجعي، عن ربعي بن
حراش، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " يدرس الاسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى
ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله
عزوجل في ليلة، فلا يبقى في الارض منه آية، وتبقى طوائف من
الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه
الكلمة: لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام
ولا نسك ولا صدقة.
فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثا، كل ذلك يعرض عنه
حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة تنجيهم من
النار ثلاثا.
وإسناده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 247،
وصححه الحاكم 4 / 473 على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وهو كما
قالا.
(3) المؤنث: ذكر في خلق أنثى، وهو المخنث.
(*)
(12/321)
الله أن يأتي الرجل حائضا، فإذا أتاها سبقه بها الشيطان،
فحملت منه، فأنث المؤنث.
قال ابن عدي: تفرد به أحمد (1).
قال خالد بن سعد (2) الاندلسي: سمعت سعيد بن عثمان
الاعناقي (3)، وسعد بن معاذ، ومحمد بن فطيس يحسنون الثناء
على أحمد ابن أخي ابن وهب، ويوثقونه، فقال الاعناقي: قدمنا
مصر، فوجدنا يونس أمره صعبا، ووجدنا أحمد أسهل، فجمعنا له
دنانير، وأعطيناه، وقرأنا عليه " موطأ " عمه وجامعه.
وسمعت ابن فطيس يقول: فصار في نفسي، فأردت أن أسأل محمد بن
عبد الله بن عبد الحكم، فقلت: أصلحك الله، العالم يأخذ على
قراءة العلم ؟ فشعر فيما ظهر لي أني إنما
سألته عن ابن أخي ابن وهب، فقال لي: جائز، عافاك الله،
حلال أن لا أقرأ لك ورقة إلا بدرهم، ومن أخذني أن أقعد معك
طول النهار، وأدع ما يلزمني من أسبابي، ونفقة عيالي ؟ !
هذا الذي قاله ابن عبد الحكم متوجه في حق متسبب يفوته
الكسب والاحتراف لتعوقه بالرواية لما قال علي بن بيان
الرزاز الذي تفرد به بعلو جزء ابن عرفة، فكان يطلب على
تسميعه دينارا: أنتم إنما تطلبون مني
__________
(1) قال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 1 / 56: وقد
صح رجوع أحمد عن هذه الاحاديث التي أنكرت عليه، ولاجل ذلك
اعتمده ابن خزيمة من المتقدمين، وابن القطان من المتأخرين.
(2) تحرف في " نفح الطيب " 2 / 52 و 213 و 237 و 243 إلى "
سعيد " وهو مترجم في " تاريخ علماء الاندلس " لابن الفرضي:
1 / 130.
(3) الاعناقي: نسبة إلى موضع يقال له: أعناق وعناق.
انظر ترجمته في " جذوة المقتبس ": 214، و " بغية الملتمس
": 803 و " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 164، و " نفح الطيب
" 2 / 633.
توفي سنة 305 ه.
(*)
(12/322)
العلو، وإلا فاسمعوا الجزء من أصحابي، ففي الدرب جماعة
سمعوه مني.
فإن كان الشيخ عسرا ثقيلا لا شغل له، وهو غني، فلا يعطى
شيئا.
والله الموفق.
قال ابن يونس: مات أحمد بن عبدالرحمن في ربيع الآخر سنة
أربع وستين ومئتين.
قلت: كان من أبناء التسعين رحمه الله.
وقد روى ألوفا من الحديث على الصحة، فخمسة أحاديث منكرة في
جنب ذلك ليست بموجبة لتركه.
نعم، ولا هو في القوة كيونس بن عبدالاعلى وبندار.
123 - عبد الوهاب بن عبد الحكم
* (د، ت، س) ابن نافع، الامام القدوة الرباني الحجة، أبو
الحسن، البغدادي الوراق.
سمع أبا ضمرة الليثي، ويحيى بن سليم الطائفي، ومعاذ بن
معاذ، وطبقتهم.
وعنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي والبغوي، وابن صاعد،
والمحاملي، وعدة.
وقال النسائي: ثقة (1).
وقال المروذي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عبد الوهاب الوراق
__________
* الجرح والتعديل 6 / 74، تاريخ بغداد 11 / 25، 28، طبقات
الحنابلة 1 / 209، 212، تهذيب الكمال: 871، 872، تذهيب
التهذيب 2 / 259 / 1، تذكرة الحفاظ، 2 / 526، 527، تهذيب
التهذيب 6 / 448، النجوم الزاهرة 2 / 331، 332، طبقات
الحفاظ: 229، خلاصة تذهيب الكمال: 248.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 27 و " تهذيب الكمال ": 871 و "
تذكرة الحفاظ " 2 / 526 وكذا قال فيه الدارقطني.
وقال الخطيب: كان ثقة صالحا ورعا زاهدا.
(*)
(12/323)
رجل صالح، مثله يوفق لاصابة الحق (1).
قال الحسن ولده: ما رأيت أي مازحا قط، ولا ضاحكا إلا تبسما
(2).
وقال أحمد بن حنبل: عافاه الله، قل أن ترى مثله (3).
قلت: كان كبير الشأن من خواص الامام أحمد.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين ومئتين.
124 - أبو نشيط * محمد بن
هارون، الامام المقرئ المجود الحافظ الثقة، أبو
نشيط، وأبو جعفر، الربعي المروزي ثم البغدادي الحربي.
ولد سنة نيف وثمانين ومئة.
تلا على: عيسى بن مينا بحرف نافع (4)، وسمع من روح بن
عبادة، ومحمد بن يوسف الفريابي، ويحيى بن أبي بكر،.
وأبي المغيرة عبد القدوس الحمصي، وعلي بن عياش، وأبي
اليمان، وعمرو بن
__________
(1) " طبقات الحنابلة " 1 / 211، و " تهذيب الكمال ": 871.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 76.
وجاء بعده: ولقد رآني مرة وأنا أضحك مع أمي، فجعل يقول لي:
صاحب قرآن يضحك هذا الضحك ؟ وإنما كنت مع أمي.
والخبر في " تهذيب الكمال ": 871، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
526.
(3) " تهذيب الكمال ": 871، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 526.
* الجرح والتعديل 8 / 117، تاريخ بغداد 3 / 352، 353،
تهذيب الكمال: 1280، غاية النهاية في طبقات القراء 2 /
272، 273، تهذيب التهذيب 9 / 493، 494، المنتظم 5 / 15.
(4) تقدمت ترجمته في الجزء السابع ص 336.
(*)
(12/324)
الربيع المصري، والوليد بن عتبة المقرئ، وطائفة.
قرأ عليه: أبو حسان أحمد بن محمد بن أبي الاشعث العنزي،
واعتمد على طريقه أبو عمرو (1) في " تيسيره " من طريق أبي
الحسين بن بويان.
وحدث عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وابن ماجة في " التفسير
" والبغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وابن أبي حاتم، وابن
مخلد،
وقاسم المطرز، وعبد الله بن ناجية.
وقال أبو حاتم: صدوق (2).
وقال ابن مخلد: حدثنا أبو نشيط، وكان حافظا.
وقال الدارقطني: هو ثقة (3).
قال ابن مخلد: مات في شوال سنة ثمان وخمسين ومئتين.
قال الحافظ ابن عساكر: محمد بن هارون بن إبراهيم أبو جعفر
الربعي البغدادي الحربي الفلاس المعروف بأبي نشيط سمع روح
بن عبادة، وساق باقي الترجمة.
قال أبو عمرو الداني: كتبت من خط أبي أحمد بن أبي مسلم
المقرئ، وحدثني عنه صاحبنا قال: قرأت على ابن بويان، أنه
قرأ على ابن الاشعث، وأنه قرأ على أبي نشيط، عن قالون،
وذلك بجزم الميم
__________
(1) سترد ترجمته.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 117، و " تاريخ بغداد " 3 /
352، و " تهذيب الكمال " 1280.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 353، و " تهذيب الكمال ": 1280
وقال: ذكره ابن حبان في " الثقات " (*)
(12/325)
من: (عليهم)، و (إليهم)، و (لديهم)، وأشباهه جميع القرآن،
ثم قال الداني: خالفه إبراهيم بن عمر، عن ابن بويان، فروى
ضم الميم في جميع القرآن.
وفي " سبعة " ابن مجاهد: حدثنا ابن أبي مهران، أخبرنا أحمد
بن قالون، عن أبيه، عن نافع، أنه كان لا يعيب رفع الميم في
نحو
* (أنذرتهم أم لم) * [ البقرة: 6 ] وشبهه.
وقد وهم أبو عمرو الداني، وقال: إن أبا نشيط توفي سنة ثلاث
وستين ومئتين، وإنما المتوفى في نحو هذه السنة المحدث محمد
بن أحمد ابن هارون شيطا، وأصاب في جعل أبي نشيط المروزي هو
البغدادي الربعي، وبعض الناس يفرق بين الترجمتين، وهما
واحد - هذا الراجح عندي - وأنه توفي سنة ثمان وخمسين، كما
قاله تلميذه ابن مخلد، والله أعلم.
قرأت على عمر بن عبد المنعم: عن أبي اليمن الكندي، قال:
قرأت برواية قالون ختمة على هبة الله بن الطبر، قال: قرأت
على أبي بكر الخياط، قال: قرأت على أبي أحمد بن أبي مسلم
الفرضي، قال: قرأت على أحمد بن عثمان بن بويان، قال: قرأت
على أبي حسان، قال: قرأت على أبي نشيط، وقرأ على قالون
صاحب نافع رحمه الله.
أخبرنا علي بن عبد الغني الخطيب: أخبرنا عبد اللطيف بن
يوسف، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا ابن البطر،
أخبرنا عبد الله بن عبيدالله، أخبرنا أبو عبد الله
المحاملي، حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون، والعباس الترقفي
(1)، قالا: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثني شريح بن
__________
(1) الترقفي، بفتح التاء، وسكون الراء، وضم القاف، وفي
آخرها الفاء.
قال = (*)
(12/326)
عبيد، أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن ابن عمر، قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا غزا أو سافر، فأدركه
الليل، قال: " يا أرض، ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك،
وشر ما فيك، وشر ما دب عليك.
أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب، ومن ساكني
البلد، ومن شر والد وما
ولد " (1).
125 - محمد بن هارون * وقيل:
محمد بن أحمد بن هارون، أبو جعفر، المخرمي، الفلاس،
شيطا.
حافظ ثقة، قاله ابن أبي حاتم (2).
سمع أبا نعيم، وسليمان بن حرب.
وعنه: المحاملي، وابن مخلد، وابن أبي حاتم.
مات بالنهروان (3) سنة 265.
__________
= السمعاني: هذه النسبة إلى ترقف، وظني أنها من أعمال
واسط، والله أعلم.
والعباس الترقفي هو أبو محمد العباس بن عبد الله بن أبي
عيسى.
كان ثقة صدوقا مأمونا حافظا عارفا بالحديث.
وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان وستين ومئتين.
انظر " الانساب " 3 / 41، 42.
(1) وأخرجه أحمد 2 / 132 و 3 / 124، من طريق أبي المغيرة،
وأبو داود (2603)، من طريق بقية كلاهما عن صفوان بهذا
الاسناد، والزبير بن الوليد لم يوثقه غير ابن حبان، ومع
ذلك، فقد صححه الحاكم 2 / 100، ووافقه الذهبي، وحسنه
الحافظ في " أمالي الاذكار " فيما نقله عنه ابن علان في "
الفتوحات الربانية " 5 / 164.
* الجرح والتعديل 8 / 118، تاريخ بغداد 3 / 353، 354،
الاكمال 7 / 89، الانساب، ورقة: 434 / ب، الوافي بالوفيات
5 / 147، تبصير المنتبه 3 / 1116، المنتظم 5 / 55.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 118.
(3) قال ياقوت: وأكثر ما يجري على الالسنة بكسر النون، وهي
كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، حدها الاعلى
متصل ببغداد.
وكان بها وقعة لامير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله
عنه، مع الخوارج مشهورة.
(*)
(12/327)
وقع لنا حديثه في الاكابر عن مالك.
126 - عبد الله بن هاشم
* (م) ابن حيان، الامام الحافظ المتقن، أبو عبد الرحمن،
الطوسي المولد، النيسابوري الوطن.
سمع سفيان بن عيينة، ووكيعا، وخالد بن الحارث، ويحيى بن
سعيد القطان، وأبا معاوية، وعبد الله بن نمير، وعبد الرحمن
بن مهدي، وأبا أسامة، وعدة.
حدث عنه: مسلم، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو بكر بن خزيمة،
وأبو بكر بن أبي داود، والحسين بن محمد القباني، وأحمد بن
سلمة، ومكي بن عبدان، وأبو حامد بن الشرقي، وأخوه عبد الله
بن الشرقي، وابن صاعد، وسائر من أدركه من أهل الحديث
ببلده.
قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: عبد الله بن هاشم يجود في
حديث يحيى وابن مهدي.
وقال صالح جزرة: ثقة.
قلت: قد جمع زاهر بن طاهر عوالي ابن هاشم، سمعناه.
الحاكم: حدثنا يحيى بن محمد بن العنبري، حدثنا أحمد بن
سلمة، حدثنا عبد الله بن هاشم، قال لنا وكيع: أي الاسنادين
أحب إليكم: الاعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، أو سفيان،
عن منصور، عن
__________
* الجرح والتعديل 5 / 196، الانساب 6 / 37، 38، اللباب 2 /
5، تهذيب الكمال: 750، تذهيب التهذيب 2 / 192 / 2، تهذيب
التهذيب 6 / 60، خلاصة تذهيب الكمال: 217.
(*)
(12/328)
إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله ؟ فقلنا.
الاول، فقال: الاعمش شيخ، وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه،
ومنصور فقيه، وإبراهيم فقيه، وعلقمة فقيه.
وحديث يتداوله الفقهاء خير مما يتداوله الشيوخ.
قلت: بل والاعمش وشيخه لهما فقه ومعرفة وجلالة.
قال الحسين بن محمد بن زياد: توفي عبد الله بن هاشم في ذي
الحجة سنة خمس وخمسين ومئتين (1).
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا
موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن
أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا
أبو عبد الرحمن، وهو عبد الله بن هاشم بن حيان، حدثنا يحيى
بن سعيد القطان، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " لو تعلمون ما أعلم لضحكتكم
قليلا، ولبكيتم كثيرا " (2).
127 - البجلي * محمد بن الهيثم
بن خالد، الحافظ المحدث، أبو عبد الله، البجلي
الكوفي، نزيل بخارى.
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 750 وجاء بعده: وقال أحمد بن سيار
المروزي وأبو بكر بن منجويه: مات سنة تسع وخمسين ومئتين.
وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " وجاء في " تهذيب التهذيب
" 6 / 60: قال الخليلي: ثقة كبير.
(2) وأخرجه من طرق عن شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس:
البخاري 8 / 210، 211 في تفسير سورة المائدة: باب قوله
تعالى: * (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) *، و 11 /
273 في الرقاق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو
تعلمون ما أعلم "، ومسلم (2359) في
الفضائل: باب توقيره صلى الله عليه وسلم.
* لم نقف على ترجمة فيما وقفنا عليه من مصادر.
(*)
(12/329)
حدث عن: عم أبيه الحسن بن الربيع البوراني، وحسين الجعفي،
وأبي أسامة، وأبي نعيم، وطائفة.
روى عنه أهل بخارى.
قال بكر بن منير: سمعت أبي يسأل محمد بن إسماعيل البخاري
عن محمد بن الهيثم، لما قدم، فقال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة.
قال بكر: جميع ما حدثناه من حفظه، والكتب بين يديه مطروحة.
أخبرني أبو علي بن الخلال: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي،
أخبرنا أبو علي البرداني، أخبرنا هناد، أخبرنا أبو عبد
الله غنجار، حدثنا أحمد ابن أبي حامد الباهلي، حدثنا بكر
بن منير بن خالد، سمعت محمد بن الهيثم البجلي يقول: كان
ببغداد قائد من قواد المتوكل، وكانت امرأته تلد البنات،
فحملت مرة، فحلف القائد إن ولدت هذه المرة بنتا قتلتك
بالسيف.
فلما جلست للولادة هي والقابلة، ألقت مثل الجريب وهو يضطرب
فشقوه، فخرج منه أربعون ابنا.
وعاشوا كلهم، وأنا رأيتهم ببغداد ركبانا خلف أبيهم، وكان
اشترى لكل واحد منهم ظئرا.
قال بكر: فحضرت مجلس محمد بن إسماعيل البخاري، فحدثه أبي
بما حكى لنا ابن الهيثم، فقال: إنه صدوق مستور.
قال غنجار: توفي سنة تسع وأربعين ومئتين.
قلت: وبكر ثقة.
فسبحان القادر على كل شئ (1).
__________
لا شك أن الله قادر على كل شئ، ولكن إثبات مثل هذا الخبر
يحتاج إلى تثبت
وتمحيص.
(*)
(12/330)
128 - أحمد بن بديل
* (ت، ق) ابن قريش بن بدير بن الحارث اليامي (1)، قاضي
الكوفة ثم همذان، الحافظ، أبو جعفر، عالم دين فاضل معمر.
حدث عن: إبراهيم بن عيينة، وحفص بن غياث، وأبي بكر بن
عياش، والمحاربي، ووكيع، وعدة.
وعنه: الترمذي، وابن ماجة، وإبراهيم بن دينار الهمذاني
تلميذ ابن ماجة، وإبراهيم بن عمروس، وأحمد بن عبد الله
وكيل أبي صخرة (2)، وحاجب الفرغاني، وعلي بن عيسى الوزير،
وابن صاعد، ومحمد بن عبد الله الزعفراني قليلة، وآخرون.
قال ابن عدي: روى أحاديث أنكرت عليه، وهو ممن يكتب حديثه
على ضعفه.
وقال الدارقطني: فيه لين.
وقال ابن أبي حاتم: لم يقض لي السماع منه، ومحله الصدق
(3).
__________
* الجرح والتعديل 2 / 43، تاريخ بغداد 4 / 49، 52،
الانساب، ورقة: 596 / ب، تهذيب الكمال: 17، 18، تذهيب
التهذيب 1 / 8 / 1، العبر 2 / 16، الوافي بالوفيات 6 /
263، تاريخ ابن كثير 11 / 31، تهذيب التهذيب 1 / 17، 18،
خلاصة تذهيب الكمال: 4، شذرات الذهب 2 / 137، المنتظم 5 /
9.
ميزان الاعتدال 1 / 84، 85.
(1) بفتح الياء وبعد الالف ميم، نسبة إلى يام بن أصبى بن
رافع...بطن من همدان.
(2) في " تهذيب الكمال ": 17.
أحمد بن عبد الله بن محمد الوكيل، صاحب أبي صخرة.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 43، و " تاريخ بغداد " 4 / 49،
و " تهذيب التهذيب " 1 / 17 وجاء فيه أيضا: قال النسائي،
لا بأس به.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: مستقيم
الحديث.
(*)
(12/331)
قال صالح بن أحمد الحافظ: بلغني أنه كان يسمى بالكوفة راهب
الكوفة، فلما تقلد القضاء قال: خذلت على كبر السن.
مع عفته وصيانته (1).
قال مطين: توفي سنة ثمان وخمسين ومئتين.
129 - أحمد بن إسرائيل
* ابن الحسين الانباري الكاتب، وزير المعتز.
كان ذا مكانة رفيعة عند المعتز، فاستوزره سنة اثنتين
وخمسين، فنهض بأعباء الامر، وكان يضرب بذكائه المثل، لا
يسمع شيئا إلا حفظه.
وكان إليه المنتهى في حساب الديوان (2).
نوه باسمه ابن الزيات وقدمه، وقد باشر العمل في دولة
الامين، وطال عمره.
وعنه قال: كنت أنسخ الكتاب، فلا أفرغه حتى أحفظه حرفا
حرفا..فعلت ذلك مرات كثيرة.
وقد أحدث رسوما وقواعد في الكتابة بقيت بعده، وترك ما
قبلها.
اختصر " تقدير خراج الممالك " في نصف طلحية (3).
فكان لا يفارق خف ابن الزيات.
فسأله الواثق يوما عن الاموال، فلم تكن الورقة
__________
(1) في الاصل: فلم، وهو خطأ.
والمثبت من " تاريخ بغداد " 4 / 49، و " تذهيب التهذيب " 1
/ 8 / 2، و " الوافي بالوفيات " 6 / 263، و " تهذيب
التهذيب " 1 / 17.
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الوافي بالوفيات 6 / 243،
244.
(2) " الوافي بالوفيات " 6 / 243.
(3) في " الوافي بالوفيات " 6 / 244: في ثلث قرطاس.
(*)
(12/332)
معه، فخرج، فأملاه ابن إسرائيل عليه من حفظه (1).
قال الصولي: كانت وزارته دون ثلاث سنين: وقتله وصيف بالضرب
في رمضان سنة خمس وخمسين ومئتين.
130 - المؤيد بالله * إبراهيم
بن المتوكل بن المعتصم.
عقد له أخوه بولاية عهد الخلافة من بعده، ودعي له في
الامصار، ثم بلغ المعتز عنه أمر، فضربه، وخلعه من العهد،
وحبسه يوما، ثم أخرج ميتا.
فقيل: أجلس في الثلج حتى مات بردا، وبعث به إلى أمه، فبعثت
تقول لقبيحة أم المعتز: عن قريب ترين المعتز ابنك هكذا.
قلت: كذا وقع، وما أمهله الله.
قتل المؤيد في رجب سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
وكان شابا مليحا.
131 - الجروي * * (خ) الامام
الاجل الصادق، أبو علي، الحسن بن عبد العزيز بن
وزير بن ضابئ بن مالك بن عامر بن صاحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم عدي بن حمرس (2)
__________
(1) " الوافي بالوفيات " 6 / 244.
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، تاريخ بغداد 6 / 50، الكامل
لابن الاثير: الجزء السابع، النجوم الزاهرة 2 / 335.
* * الجرح والتعديل 3 / 24، طبقات الحنابلة 1 / 135، 137،
تاريخ بغداد 7 / 337،
338، الانساب 3 / 237، 239، اللباب 1 / 274، 275، تهذيب
الكمال: 269، تذهيب التهذيب 1 / 139 / 2، تهذيب التهذيب 2
/ 291، 292، النجوم الزاهرة 3 / 27، خلاصة تذهيب الكمال:
79، المنتظم 5 / 2، 3.
(2) ضبط في " الاصابة " بكسر الحاء والراء المهملتين،
بينهما ميم ساكنة، وآخره سين مهملة، وعدي هذا مترجم في "
الاصابة " 2 / 469.
(*)
(12/333)
الجذامي المصري الجروي.
أجاز له: ضمرة بن ربيعة، وسمع أيوب بن سويد، وبشر بن بكر
التنيسي، وعمرو بن أبي سلمة، وأبا مسهر الغساني، وجماعة.
وعنه: البخاري، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد،
والسراج، ويحيى بن صاعد، وابن أبي حاتم، والمحاملي، وحفيده
جعفر ابن محمد بن الحسن الجروي، وآخرون.
قال أبو حاتم: ثقة (1).
وقال الدارقطني: هو فوق الثقة، لم ير مثله فضلا وزهدا (2).
وقال الخطيب: مذكور بالورع والثقة، موصوف بالعبادة (3).
قال جعفر: سمعت جدي الحسن بن عبد العزيز يقول: من لم يردعه
القرآن والموت، ثم (4) تناطحت الجبال بين يديه، لم يرتدع
(5).
قيل: حمل الحسن إلى العراق بعد مقتل أخيه، فبقي إلى أن
توفي بها سنة سبع وخمسين ومئتين.
قال صالح بن أحمد: بعث إلى الحسن ميراثه مئة ألف دينار،
__________
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 24، و " طبقات الحنابلة " 1 /
135، و " تاريخ بغداد " 7 / 338، و " تهذيب الكمال ": 269.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 135، و " تهذيب الكمال ": 269.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 135، و " تاريخ بغداد " 7 /
338، و " تهذيب الكمال ": 269.
(4) في " طبقات الحنابلة " 1 / 135: فلو تناطحت.
(5) " طبقات الحنابلة " 1 / 135، و " تاريخ بغداد " 7 /
338، و " تهذيب الكمال ": 269.
(*)
(12/334)
فحمل منها إلى أبي ثلاثة آلاف دينار، وقال: هي حلال.
فلم يقبلها.
الجروية (1): قرية تنيس، نزلها جد هذا، وهو جروي من ولد
جري بن عوف الجذامي.
132 - العتبي * فقيه الاندلس،
أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة
ابن حميد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب، الاموي السفياني
العتبي القرطبي المالكي، صاحب كتاب " العتبية ".
سمع يحيى بن يحيى الليثي، وأصبغ بن الفرج، وسحنون بن سعيد،
وسعيد بن حسان، وطائفة.
روى عنه: محمد بن عمر بن لبابه، وجماعة.
قال أسلم بن عبد العزيز: أخبرني ابن عبد الحكم، قال: أتيت
بكتب حسنة الخط، تدعى: " المستخرجة " من وضع صاحبكم محمد
بن أحمد العتبي (2)، فرأيت جلها كذوبا (3)، مسائل المجالس
له لم يوقف
__________
(1) في " تهذيب الكمال ": نسبة إلى قرية من قرى تنيس يقال
لها: جروية.
* تاريخ علماء الاندلس 2 / 6، 7، الانساب 8 / 380، اللباب
2 / 320، العبر 2 / 7،
الوافي بالوفيات 2 / 30، نفح الطيب 2 / 215، 216، ترتيب
المدارك 3 / 144، 146، الديباج المذهب 2 / 176، 177، شجرة
النور الزكية 1 / 75، جذوة المقتبس: 39، فهرست ابن خير:
241.
(2) جاء في " نفح الطيب " 2 / 216: والعتبي نسبة إلى عتبة
بن أبي سفيان بن حرب وقيل: إلى جد للمذكور يسمى عتبة.
وقيل: إلى ولاء عتبة بن يعيش.
(3) النص في " ترتيب المدارك " 3 / 145، و " الديباج
المذهب " 2 / 177، بلفظ: فرأيت جلها مكذوبا ومسائل لا أصول
لها، ولما قد أسقط وطرح، وشواذ من مسائل المجالس لم يوقف
عليها أصحابها.
(*)
(12/335)
عليها أصحابها، فخشيت أن أموت، فتوجد في تركتي، فوهبتها
لمن يقرأ فيها.
قلت: كيف استحللت أن تعطيه ليقرأ فيا (1) ؟ فسكت..وقال ابن
لبابة: ليس للعتبي نسبة، إنما كان له جد يسمى عتبة، كذا
قال.
وقال ابن الفرضي: رحل، وأخذ عن سحنون، وأصبغ، ونظرائهما،
وكان حافظا للمسائل، جامعا لها، عالما بالنوازل، جمع
المستخرجة، وأكثر فيها من الروايات المطروحة، والمسائل
الشاذة (2).
مات سنة خمس وخمسين ومئتين، ويقال: سنة أربع.
133 - ابن نذير * مفتي الاندلس
، أبو زيد عبدالرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن نذير
(3) الاموي مولاهم القرطبي المالكي.
حج وحمل عن: أبي عبدالرحمن المقرئ، ومطرف بن عبد الله
اليساري، وعبد الملك بن الماجشون وطبقتهم.
__________
(1) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 7 وتتمته فيه: إذا لم
تستجز أن تكون عندك ؟ (2) " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 6،
و " نفح الطيب " 2 / 215، و " ترتيب المدارك " 3 / 145
وتمامه فيه: وكان يؤتى بالمسائل الغريبة فإذا أعجبته قال:
أدخلوها في " المستخرجة " ونقل عن ابن وضاح قوله: وفي "
المستخرجة " خطأ كثير.
وتعقب صاحب " نفح الطيب " قول ابن وضاح فقال: كذا قال،
ولكن الكتاب وقع عليه الاعتماد من أعلام المالكية كابن رشد
وغيره.
ونقل القاضي عياض عن أبي محمد بن حزم قوله في " المستخرجة
" هذه: لها بإفريقية القدر العالي، والطيران الحثيث.
* جذوة المقتبس: 271، بغية الملتمس: 361، الديباج المذهب 1
/ 469، إيضاح المكنون 1 / 346، هدية العارفين 1 / 512.
(3) في " جذوة المقتبس "، ابن جرير، وفي " الديباج المذهب
": بريد، وفي " هدية العارفين ": يزيد والكل تحريف.
(*)
(12/336)
وبرع في الفقه ودقائق المسائل.
روى عنه: محمد بن عمر بن لبابة، وسعيد بن عثمان الاعناقي،
ومحمد بن فطيس، وآخرون.
مات بقرطبة في جمادى الاولى سنة تسع وخمسين ومئتين.
134 - يعقوب بن إسحاق * ابن
الصباح، الكندي الاشعثي الفيلسوف، صاحب الكتب، من
ولد الاشعث بن قيس، أمير العرب.
كان رأسا في حكمة الاوائل ومنطق اليونان والهيئة والتنجيم
والطب وغير ذلك.
لا يلحق شأوه في ذلك العلم المتروك، وله باع أطول في
الهندسة والموسيقى.
كان يقال له: فيلسوف العرب، وكان متهما في دينه، بخيلا،
ساقط المروءة.
وله نظم جيد وبلاغة وتلامذة.
هم بأن يعمل شيئا مثل القرآن.
فبعد أيام أذعن بالعجز.
قال عبدالرحمن بن يحيى بن خاقان: رأيته في النوم، فقلت: ما
فعل الله بك ؟ قال: ما هو إلا أن رآني، فقال: * (انطلقوا
إلى ما كنتم به تكذبون) *.
[ المرسلات: 29 ].
وقد روى عن أبيه أبو داود.
__________
* طبقات الاطباء 1 / 206، 214، الفهرست: 255، 261، طبقات
الاطباء والحكماء لابن جلجل: 73، أخبار الحكماء للقفطي:
240، 247، لسان الميزان، 6 / 305، سرح العيون: 123.
(*)
(12/337)
135 - يعقوب بن عبيد * الامام المحدث،
أبو يوسف، النهرتيري (1) من مشايخ العراق.
له رحلة ومعرفة.
سمع وكيعا، وعلي بن عاصم، وأبا أسامة، وأبا مسهر، وهشام بن
عمار، وعدة.
وعنه: ابن أبي الدنيا، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن
محمد الحامض، ومحمد بن مخلد.
قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي، وهو صدوق.
(2) وقال ابن شاهين، مات في شوال سنة إحدى وستين ومئتين.
قلت: مات في عشر التسعين.
رحمه الله.
136 - ابن شاكر * * محمد بن
موسى بن شاكر ، صاحب الهندسة، أخو أحمد والحسن، كان
أبوهم من رؤوس أئمة الهندسة.
وكذلك بنوه، وينسبون إلى " حيل " (3) بني موسى.
__________
* الجرح والتعديل 9 / 210، تاريخ بغداد 14 / 280، الانساب،
ورقة: 572 / ب.
(1) بفتح النون، وسكون الهاء، وضم الراء، وكسر التاء
المثناة، وتحتيه، وراء: هذه النسبة إلى قرية نهرتير بنواحي
البصرة.
انظر " اللباب "، و " لب اللباب ".
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 210، و " تاريخ بغداد " 14 /
280.
* * وفيات الاعيان 5 / 161، 163، الوافي بالوفيات 5 / 84،
85، الفهرست، 271، أخبار الحكماء: 315، مرآة الجنان 2 /
170.
(3) في الاصل: جبل، وهو تصحيف.
وجاء في " أخبار الحكماء ": 208: ترجمة أبيهم موسى بن
شاكر: وكان بنوه الثلاثة أبصر الناس بالهندسة وعلم الحيل،
ولهم في ذلك تآليف عجيبة نعرف ب " حيل بني موسى " وهي
شريفة الاغراض، عظيمة الفائدة.
مشهورة عند الناس.
(*)
(12/338)
ذكرهم ابن خلكان (1)، ومن قبله محمد بن إسحاق النديم،
وأنهم كانوا ذوي أموال، ولهم همم عالية في تحصيل هذا الفن،
والكتب القديمة، وتطلبوها، وأحضروا من عربها.
ولهم كتاب في " الحيل "، فيه عجائب وغرائب.
وكذلك صنفوا في الموسيقى.
وكان المأمون يعتمد عليهم في الرصد ومساحة الدنيا.
ويقال: إن " كتاب الحيل "، لاحمد، وكتاب " الجزء " لمحمد،
وكتاب " أولية العالم " لمحمد، وكتاب " حركات الفلك " له،
وكتاب
" المدور المستطيل " لحسن، وكتاب " الشكل الهندسي " لمحمد.
وهم الذين حسبوا أن دور الكرة مسافة أربعة وعشرين ألف ميل.
ومجموع ذلك ثلاث مئة وستون درجة.
مات محمد في سنة تسع وخمسين ومئتين.
137 - ابن يزداذ * الوزير
الاكمل، أبو صالح، عبد الله بن محمد بن يزداذ
الكاتب.
وزر للمستعين أشهرا بعد أحمد بن الخصيب، فاحتاط على بعض
أقطاع بغا، فتهددوه بالقتل، فاختفى (2).
ثم وزر مرة ثانية للمستعين بعد شجاع.
ثم إن بغا ألب عليه
__________
(1) " وفيات الاعيان " 5 / 161.
* تاريخ الطبري 9 / 264، الفهرست.
138، الكامل لابن الاثير 7 / 123، النجوم الزاهرة 3 / 35.
(2) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 264، و " الكامل " لابن
الاثير 7 / 123.
(*)
(12/339)
الامراء، فهرب إلى بغداد، واختفى.
مدحه البحتري وغيره.
ونقل الكوكبي أن جماعة من الشعراء امتدحوا الوزير أبا
صالح، فأمر لهم بثلاثة دراهم ليس إلا، وكتب إليهم: قيمة
أشعاركم درهم * عندي وقد زدتكم درهما وثالثا قيمة أوراقكم
* فانصرفوا قد نلتم مغنما مات الوزير ابن يزداذ في رجب سنة
إحدى وستين ومئتين.
138 - عبدالرحمن بن بشر
* (خ، م، د، ق)
ابن الحكم بن حبيب بن مهران، المحدث الحافظ الجواد الثقة
الامام، أبو محمد بن الامام أبي عبدالرحمن العبدي
النيسابوري.
أخبرنا الابرقوهي: أخبرنا أكمل العلوي، أخبرنا سعيد بن
البناء، اخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا محمد بن زنبور،
أخبرنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا عبدالرحمن بن بشر،
حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثني الحكم بن أبان، حدثني أبو
هارون العماني، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إن جبريل حدثه، قال: إن الله
قضى، أو إن الله قال: يؤتى بحسنات العبد وسيئاته يوم
القيامة، فيقضى بعضها من بعض، فإن بقيت حسنة، وسع له الجنة
ما شاء " (1).
__________
* الجرح والتعديل 5 / 215، تاريخ بغداد 10 / 271، 272،
تهذيب الكمال: 777، تذهيب التهذيب 2 / 205 / 2، تهذيب
التهذيب 6 / 144، 145، خلاصة تذهيب الكمال: 224، المنتظم 5
/ 25.
(1) أبو هارون العماني واسمه: غطريف كما في الجرح والتعديل
" 7 / 58 مجهول، = (*)
(12/340)
مولده بعد الثمانين ومئة.
واعتنى به أبوه، وارتحل به، ولقي الكبار، وطال عمره،
وتفرد.
روى عن: سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح،
وبهز بن أسد، وعبد الرزاق بن همام، ومعن بن عيسى، ويعلى
ومحمد ابني عبيد، وعبد الله بن الوليد العدني، والحسين بن
الوليد النيسابوري، وعلي بن الحسين بن واقد، وحفص بن عبد
الله، وحفص بن عبد الرحمن، وعدة.
حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وأبو بكر
بن
أبي داود، وابن خزيمة، وابن صاعد، وأبو عوانة الاسفراييني،
ومكي بن عبدان، وأبو حامد بن بلال، وأبو محمد الجارود،
وخلق كثير.
وممن روى عنه ابن عم والده الحافظ، أبو أحمد، محمد بن عبد
الوهاب بن حبيب الفراء، فقال: سمعت عبدالرحمن ابن بن عمي
يقول: كنا نكتب عند عبدالرحمن بن مهدي، وأبوه يلعب
بالحمام، وكان ابن بشر موصوفا بطيب الصوت.
قال مكي بن عبدان: كان عبد الله بن طاهر الامير يحضر
بالليل متنكرا إلى مسجد عبدالرحمن ليسمع قراءته.
قال عبدالرحمن بن بشر: أقامني يحيى القطان في مجلسه، فقال:
ما حدثكم عني هذا الصبي فصدقوه، فإنه كيس.
__________
= وبقية رجاله ثقات وأبو الشعثاء: هو جابر بن زيد، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 10 / 217، وقال: رواه الطبراني
بإسناد جيد، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريقين عن
المعتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان بهذا الاسناد، قال
ابن كثير في تفسيره 4 / 158: وهو حديث غريب، وإسناده جيد
لا بأس به.
(*)
(12/341)
قلت: كان ارتحال أبيه به في سنة ست وتسعين، وهو نحو
المحتلم.
قال إبراهيم بن أبي طالب: سمعت عبدالرحمن بن بشر يقول:
حملني أبي على عاتقه في مجلس سفيان بن عيينة، وقال: يا
معشر أصحاب الحديث، أنا بشر بن الحكم، سمع أبي من سفيان بن
عيينة، وسمعت أنا منه [ وحدثت عنه بخراسان ] (1) وهذا ابني
قد سمع منه (2).
قال عبدالرحمن: احتلمت باليمن مع أبي.
قلت: آخر من حدث عن عبدالرحمن في الدنيا محمد بن علي
المذكر شيخ للحاكم ضعيف (3).
سمعنا عوالي عبدالرحمن بن بشر لزاهر الشحامي.
قال أبو حامد بن الشرقي: سمعت عبدالرحمن يقول: احتلمت،
فدعا أبي عبد الرزاق، وأصحاب الحديث الغرباء فلما فرغوا من
الطعام قال: اشهدوا أن ابني قد احتلم وهو ذا يسمع من عبد
الرزاق، وقد سمع من سفيان بن عيينة.
قلت: هذا الاعلام إيلام للصبي، وتخجيل له.
روي أن الامير عبد الله بن طاهر قال: ما بخراسان رجل أحسن
عقلا من عبدالرحمن بن بشر.
قال مسدد بن قطن: لما توفي محمد بن يحيى عقد مسلم مجلسا
لخالي عبدالرحمن بن بشر، فكان يحضر أحمد بن سلمة، وينتقي
له
__________
(1) ما بين حاصرتين من " تاريخ بغداد "، و " تهذيب الكمال
".
وجاء في " تهذيب الكمال ".
قال صالح بن محمد الاسدي: صدوق.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 272، و " تهذيب الكمال ": 777، و
" تذهيب التهذيب " 2 / 205 / 2، و " تهذيب التهذيب " 6 /
144.
(3) هو أبو علي النيسابوري.
مترجم في " ميزان الاعتدال " 3 / 651 وفيه: قال المزني في
أثناء ترجمة أحمد بن خليل المذكر: من المعروفين بسرقة
الحديث.
(*)
(12/342)
مسلم شرطه في " الصحيح "، فيمليه عبدالرحمن، ولم يكن له
مجلس إملاء قبلها.
قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول: كان
عبدالرحمن بن بشر من قراء الناس، وكان يقرأ: * (فعدلك) * [
الانفطار:
7 ] فخفف (1).
وقال عبدالرحمن بن بشر: قال يحيى القطان يا بني، إن كنت
تريد أحاديث شعبة، فعليك ببهز بن أسد.
وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا أبي، قال: أمر عبد الله بن
طاهر أن يكتب له أسامي الاعيان بنيسابور.
فكتبوا مئة نفس (2)، ثم قال: تختار من المئة عشرة، فكتبوا
أسماء عشرة.
قال: تختار منهم أربعة.
فكان من الاربعة عبدالرحمن بن بشر.
الحاكم: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، سمعت أحمد بن سلمة
يقول: بكرت يوما على عبدالرحمن بن بشر في تزويج أخت امرأة
مسلم بن الحجاج، فرأيته في المسجد، فقال: ما بكر بك اليوم
؟ قلت: عبد الواحد الصفار سألني أن أجيئك لتزوج ابنته.
فقال: ما حضرت تزويجا قط، إذا كان في وقت قولهم للخاطب:
قبلت هذا النكاح ولها من المهر عليك كذا وكذا.
فإذ قال: نعم، قلت في نفسي، شقيت شقاء لا تسعد بعده أبدا.
قال محمود بن والان: سمعت عبدالرحمن بن بشر، سمعت ابن
__________
(1) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي.
قال الفراء: وجهه - والله أعلم - فصرفك إلى أي صورة شاء
إما حسن أو قبيح، أو طويل أو قصير.
وقرأ الباقون فعدلك " بالتشديد، يعني: فقومك.
(2) الخبر في " تهذيب التهذيب " 6 / 145 وفيه: مئة مسن.
(*)
(12/343)
عيينة يقول: غضب الله داء لا دواء له.
قلت: دواؤه كثرة الاستغفار بالاسحار، والتوبة النصوح.
قال الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: مات عبدالرحمن بن
بشر ليلة الاربعاء لثمان عشرة خلت من ربيع الآخر سنة ستين
ومئتين، وصلى عليه محمد بن عبد الوهاب، فكبر أربعا، وسلم
تسليمة واحدة، ثم جاء يحيى بن الذهلي إلى القبر في زحام
كثير، فصلى بهم على القبر.
أبوه الامام الزاهد الثقة الفقيه الحافظ أبو عبد الرحمن:
139 - بشر بن الحكم العبدي
* (خ، م، س) من جلة أهل نيسابور.
ولد في حدود سنة بضع وأربعين ومئة، أو نحو ذلك.
روى عن: أبي شيبة العبسي، ومالك بن أنس، وشريك القاضي،
ومسلم الزنجي، وعبد ربه بن بارق، وعبد الرحمن بن أبي
الرجال، وفضيل بن عياض، وخلق.
وهو أحفظ من ولده، وأوسع رواية.
وقد حدث عنه: البخاري، ومسلم، والنسائي، وإسحاق بن راهويه،
وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وإبراهيم بن أبي
طالب، وابن عمه محمد بن عبد الوهاب الفراء (1)، والحسن بن
سفيان، ومسدد بن قطن.
__________
* تهذيب الكمال: 150، 151، تذهيب التهذيب 1 / 84 / 2،
تهذيب التهذيب 1 / 447، 448، خلاصة تذهيب الكمال: 48،
شذرات الذهب 2 / 89.
(1) كناه في " تهذيب الكمال ": 1202.
بأبي أحمد.
(*)
(12/344)
وثقه ابن حبان وغيره.
قال الحسين القباني: مات بشر في رجب سنة ثمان وثلاثين
ومئتين.
وقال زكريا ابن دلويه: مات سنة سبع.
140 - العطار * (فق) الامام
المحدث الصدوق، أبويحيى، محمد بن سعيد بن غالب،
البغدادي العطار الضرير.
حدث عن: سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن علية، وعبيدة بن
حميد، ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن آدم، والشافعي، وأبي أسامة،
وخلق.
وعنه: ابن ماجة في " تفسيره "، وأبو العباس بن سريج، وعبد
الله ابن عروة، وابن أبي داود، وعبد الله بن محمد الحامض،
والمحاملي، وابن مخلد، وابن أبي حاتم، وأبو سعيد بن
الاعرابي، وعدة.
قال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق (1).
وقال ابن مخلد: مات في شوال سنة إحدى وستين ومئتين.
قلت: عندي حديثه بعلو، مر في سيرة مالك.
__________
* الجرح والتعديل 7 / 266، تاريخ بغداد 5 / 306، 307،
تهذيب الكمال: 1202، تذهيب التهذيب 3 / 207 / 1، الوافي
بالوفيات 3 / 95، تهذيب 9 / 189، خلاصة تذهيب الكمال: 338.
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 266، و " تاريخ بغداد " 5 /
306.
وقال الخطيب: وكان ثقة.
و " تهذيب الكمال ": 1202.
وفيه: ذكره ابن حبان في كتاب " الثقات ".
(*)
(12/345)
141 - أحمد بن شيبان * ابن الوليد بن حيان،
المحدث الكبير الصدوق، أبو عبد المؤمن الرملي.
سمع سفيان بن عيينة، وعبد المجيد بن رواد، وعبد الملك
الجدي، ومؤمل بن إسماعيل.
حدث عنه: يوسف بن موسى المروزي، وأبو العباس الاصم،
ويحيى بن صاعد، وابن خزيمة، وعثمان بن محمد بن أحمد
السمرقندي، وآخرون.
وثقه أبو عبد الله الحاكم.
وقال ابن حبان: يخطئ (1).
قلت: وقع لنا من عواليه في " الخلعيات " وفي " الثقفيات ".
مات في صفر سنة ثمان وستين ومئتين.
142 - محمد بن عبدالملك * *
(4) ابن زنجويه، الحافظ الامام، أبو بكر، البغدادي
الغزال الفقيه،
__________
* الجرح والتعديل 2 / 55، ميزان الاعتدال 1 / 103، العبر 2
/ 38، تاريخ ابن كثير 11 / 42، تهذيب التهذيب 1 / 39، لسان
الميزان 1 / 185، 186.
(1) " تهذيب التهذيب " 1 / 39.
وجاء فيه: قال صالح الطرابلسي: ثقة مأمون، أخطأ في حديث
واحد.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 / 55: صدوق
وقال ابن حجر: ذكره في " الكمال " ولم يذكر من روى عنه من
الستة، فحذفه المزي لذلك.
وقال العقيلي في " الضعفاء ": لم يكن ممن يفهم الحديث،
وحدث بمناكير.
* * الجرح والتعديل 8 / 5، تاريخ بغداد 2 / 345، 346،
طبقات الحنابلة 1 / 306، تهذيب الكمال: 1234، تذهيب
التهذيب 3 / 227 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 554، العبر = (*)
(12/346)
صاحب أحمد بن حنبل.
سمع يزيد بن هارون، وزيد بن الحباب، وعبد الرزاق، وجعفر بن
عون، ومحمد بن يوسف الفريابي وطبقتهم، وله رحلة شاسعة،
ومعرفة جيدة، وتواليف.
حدث عنه أرباب " السنن " الاربعة، وأبو يعلى، والبغوي،
وابن
صاعد، والمحاملي، وأخوه قاسم، وعبد الرحمن بن أبي حاتم،
وآخرون.
وثقه النسائي (1).
توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين ومئتين.
يقع لي من عواليه.
143 - زكرويه * الشيخ المحدث
الصدوق، أبويحيى، زكريا بن يحيى بن أسد المروزي،
نزيل بغداد.
حدث عن: سفيان بن عيينة، وأبي معاوية الضرير، ومعروف
الكرخي، وهو صاحب جزء ابن عيينة الذي عند السلفي.
__________
= 2 / 17، الوافي بالوفيات 4 / 34، تهذيب التهذيب 9 / 315،
316، طبقات الحفاظ: 247، خلاصة تذهيب الكمال: 349، شذرات
الذهب 2 / 138.
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 346، و " تهذيب الكمال ": 1234، و
" الوافي بالوفيات " 4 / 34 وقال ابن أبي حاتم في " الجرح
والتعديل " 8 / 5: صدوق.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
* تاريخ بغداد 8 / 460، 461، ميزان الاعتدال 2 / 80، العبر
2 / 45، شذرات الذهب 2 / 160، المنتظم 5 / 77.
(*)
(12/347)
حدث عنه: القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبو الحسين
أحمد بن المنادى، وإسماعيل الصفار، وأبو العباس الاصم،
وأبو عوانة، وآخرون.
قال الدارقطني: لا بأس به (1).
وقد ذكره أبو الفتح الازدي في كتاب " الضعفاء " فلم يصيب
أكثر ما تعلق عليه انه قال: زعم أنه سمع من سفيان، وهذا
قدح بارد.
وذكر أنه يلقب جوذابه.
مات في شهر ربيع الآخر سنة سبعين ومئتين.
قلت: لعله قارب المئة.
وآخر أصحابه موتا الاصم، وآخر من روى في الدنيا عن أصحاب
الاصم هذا الجزء هو عبد الغفار بن محمد الشيروي الباقي إلى
سنة عشر وخمس مئة بنيسابور.
144 - يونس بن عبدالاعلى
* (م، س، ق) ابن ميسرة بن حفص بن حيان، الامام، شيخ
الاسلام، أبو موسى
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 460، و " ميزان الاعتدال " 2 /
80.
وقال فيه: صدوق.
* الجرح والتعديل 9 / 243، الانتقاء: 111، طبقات الشافعية
للعبادي: 18، طبقات الفقهاء للشيرازي: 99، الانساب 8 / 44،
45، اللباب 2 / 236، 237، وفيات الاعيان 7 / 249، 254،
تهذيب الكمال: 1566، 1567، تذهيب التهذيب 4 / 194 / 1،
تذكرة الحفاظ 2 / 527، 528، ميزان الاعتدال 4 / 484، العبر
2 / 29، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 170، 180، طبقات
الشافعية للاسنوي 1 / 33، غاية النهاية في طبقات القراء 2
/ 406، 407، طبقات ابن قاضي شهبة: 46، تهذيب التهذيب 11 /
440، 441، طبقات الحفاظ: 230، حسن المحاضرة 1 / 309، خلاصة
تذهيب الكمال: 441، مرآة الجنان 2 / 176، شذرات الذهب 2 /
149، المنتظم 5 / 49.
(*)
(12/348)
الصدفي (1)، المصري المقرئ الحافظ.
وأمه فليحة بنت أبان التجيبية.
ولد سنة سبعين ومئة في ذي الحجة.
وحدث عن: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، والوليد بن
مسلم، ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك، وأبي ضمرة الليثي،
وبشر بن بكر التنيسي، وأيوب بن سويد، وأبي عبد الله
الشافعي، وعبد الله بن نافع الصائغ، وسلامة بن روح، ومحمد
بن عبيد الطنافسي، ويحيى بن حسان، وأشهب الفقيه.
وينزل إلى نعيم بن حماد، ويحيى بن بكير، بل وإلى أن روى عن
تلميذه أبي حاتم الرازي.
وقرأ القرآن على ورش صاحب نافع.
وكان من كبار العلماء في زمانه.
حدث عنه: مسلم، والنسائي، وابن ماجة، وأبو حاتم، وأبو
زرعة، وبقي بن مخلد، وابن خزيمة، وأبو بكر بن زياد
النيسابوري، وأبو عوانة الاسفراييني، وعبد الرحمن بن أبي
حاتم، وعمر بن بجير، وأبو جعفر بن سلامة الطحاوي، وأبو
الطاهر أحمد بن محمد الخامي، وأبو بكر محمد بن سفيان بن
سعيد المصري المؤذن، وأبو الفوارس أحمد بن محمد السندي،
وخلق كثير.
وقرأ عليه: مواس بن سهل المصري (2)، وأحمد بن محمد
__________
(1) قال السمعاني في " الانساب " 8 / 43 الصدفي: بفتح
الصاد والدال المهملتين، وفي آخرها الفاء: هذه النسبة إلى
" الصدف، بكسر الدال، وهي قبيلة من حمير نزلت مصر، وهو:
الصدف بن سهل بن عمرو...وقال ابن خلكان في " وفيات الاعيان
" 7 / 253 وذكر السهيلي أنه بكسر الدال وفتحها، وانما
فتحوا الدال في النسب مع كسرها في غير النسب كي لا يوالوا
بين كسرتين قبل ياءين، كما قالوا في النسبة إلى النمر:
نمري وغير ذلك.
واذكر ما قاله في الاختلاف حول اسم الصدف.
(2) مترجم في " غاية النهاية في طبقات القراء " 2 / 316.
(*)
(12/349)
الواسطي، وعبد الله بن الهيثم دلبة، وعبد الله بن الربيع
الملطي شيخ
للمطوعي.
وسمع منه الحروف: محمد بن عبدالرحيم الاصبهاني، وأسامة بن
أحمد، وابن خزيمة، وابن جرير، ومحمد بن الربيع الجيزي،
وغيرهم.
وكان كبير المعدلين والعلماء في زمانه بمصر.
قال يحيى بن حسان التنيسي: يونسكم هذا ركن من أركان
الاسلام (1).
وقال النسائي: ثقة.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يوثقه، ويرفع من شأنه (2).
وقال أبو حاتم: سمعت أبا الطاهر بن السرح، يحث على يونس،
ويعظم شأنه.
وقال علي بن الحسن بن قديد: كان يحفظ الحديث.
وقال الطحاوي: كان ذا عقل، لقد حدثني علي بن عمرو بن خالد:
سمعت أبي يقول: قال الشافعي: يا أبا الحسن، انظر إلى هذا
الباب الاول من أبواب المسجد الجامع.
قال: فنظرت إليه، فقال: ما يدخل من هذا الباب أحد أعقل من
يونس بن عبدالاعلى (3).
__________
(1) " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 171، و " غاية النهاية
في طبقات القراء " 2 / 407.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 243، و " تهذيب الكمال ":
1567، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 171، و " غاية
النهاية في طبقات القراء " 2 / 407.
(3) " وفيات الاعيان " 7 / 250، و " تهذيب الكمال ": 1567،
و " تذهيب التهذيب " 4 / 194 / 1.
(*)
(12/350)
وقال حفيده الحافظ الكبير، أبو سعيد (1) عبدالرحمن بن أحمد
بن يونس: دعوتهم (2) في الصدف (3)، وليس هو من أنفسهم، ولا
مواليهم (4).
توفي غداة يوم الاثنين ثاني ربيع الآخر سنة أربع وستين
ومئتين.
قلت: عاش أربعا وتسعين سنة.
ووقع لي جملة من عالي حديثه في " الخلعيات "، وفي أماكن
مختلفة، وبين مشايخنا وبينه خمسة أنفس.
ولقد كان قرة عين، مقدما في العلم والخير والثقة.
وأما الحديث الذي انفرد به عن الشافعي، حديث: " لا مهدي
إلا عيسى (5) "، فلعله بلغه عن الشافعي، فدلسه.
وقد رأيت أصلا عتيقا، يقول فيه: حدثت عن الشافعي.
__________
(1) صاحب تاريخ مصر.
(2) أي يدعي في النسب إليهم، وليس هو منهم.
والدعوة بكسر الدال: ادعاء الولد الدعي غير أبيه، والدعوة
في النسبة بالكسر: أن ينتسب الانسان إلى غير أبيه وعشيرته.
(3) في " تهذيب الكمال ": الصدوق، بالمثناة.
(4) " تهذيب الكمال ": 1567.
(5) أخرجه ابن ماجة (4039) والحاكم 4 / 441، من طريق يونس
بن عبدالاعلى، عن محمد بن إدريس الشافعي، عن محمد بن خالد
الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس بن مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزداد الامر إلا
شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم
الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى بن مريم "
وهذا سند لا تقوم به حجة محمد بن خالد الجندي مجهول،
والحسن مدلس وقد عنعن، وقال الامام الذهبي في ترجمة يونس
بن عبدالاعلى من " الميزان " 4 / 481 عن الحديث: هو منكر
جدا، وقال القرطبي في " التذكرة ": إسناده ضعيف، والاحاديث
عن النبي
في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة
أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه.
(*)
(12/351)
145 - محمد بن إشكاب
* (خ، د، س) الحافظ الامام الثقة، أبو جعفر، محمد بن
الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان البغدادي، أخو علي،
وأبوهما يلقب بإشكاب، ومحمد هو الاصغر والاحفظ.
سمع عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبا النضر هاشم بن القاسم،
وإسماعيل بن عمر، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن صاعد،
والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال بعضهم: ولد محمد في سنة إحدى وثمانين ومئة، ومات يوم
عاشوراء في سنة إحدى وستين ومئتين.
وفيها مات أخوه:
146 - علي بن إشكاب * *
(د، ق) بعده بأشهر، وهو أبو الحسن، محدث فاضل متقن.
__________
* الجرح والتعديل 7 / 229، 230، تاريخ بغداد 2 / 223، 224،
تهذيب الكمال: 1188، تذهيب التهذيب 3 / 198 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 574، 575، تهذيب التهذيب 9 / 121، 122، طبقات
الحفاظ: 257، خلاصة تذهيب الكمال: 333، شذرات الذهب 2 /
146.
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 230، و " تاريخ بغداد " 2 /
223، و " تهذيب
الكمال ": 1188 وجاء فيه: وقال أبو بكر بن أبي عاصم: ثبت.
وقال أبو العباس بن سعيد عن ابن خراش: كان من أهل العلم
والامانة.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
* * الجرح والتعديل 6 / 179، تاريخ بغداد 11 / 392، 394،
تهذيب الكمال: 963، تذهيب التهذيب 3 / 57 / 2، تهذيب
التهذيب 7 / 302، 303، خلاصة تذهيب الكمال: 72.
(*)
(12/352)
سمع أبا معاوية الضرير، وحجاج بن محمد الاعور، وإسماعيل بن
علية، وإسحاق الازرق، ومحمد بن ربيعة، وعدة.
وطال عمره، وتزاحم عليه الطلاب.
حدث عنه: أبو داود، وابن ماجة، وأبو العباس بن سريج، وأبو
محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد، والحسين بن يحيى بن عياش
القطان، وعبد الرحمن بن أبي حاتم.
يقع حديثه عاليا في " جزء " الحفار.
وثقه النسائي وغيره.
مات في الشوال سنة إحدى وستين ومئتين.
وله بضع وثمانون سنة.
147 - ابن ملاس * الشيخ المحدث
الصدوق، أبو جعفر، محمد بن هشام بن ملاس، النميري
الدمشقي.
حدث عن: مروان بن معاوية الفزاري، وحرملة بن عبد العزيز،
وإسماعيل بن عبد الله السكري، قاضي دمشق، ومتوكل بن موسى.
حدث عنه: حفيده محمد بن جعفر، ويحيى بن صاعد، وأبو عوانة
الاسفراييني، وإبراهيم بن أبي الدرداء، وأبو علي الحصائري،
وأبو
العباس الاصم، وأبو حامد بن حسنويه، وعدة.
__________
* الجرح والتعديل 8 / 116، العبر 2 / 46، الوافي بالوفيات
5 / 166، شذرات الذهب 2 / 160.
(*)
(12/353)
قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي، وهو صدوق (1).
وقال الاصم: سألته عن سنه، فقال: أنا في أربع وتسعين،
ولقيت ابن عيينة اثنتين وتسعين ومئة لما حججت وكثر الناس
عليه، فلم أكتب عنه.
قال عمرو بن دحيم: توفي في ربيع الاول سنة سبعين ومئتين،
وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين ومئة.
قلت له جزء عال، سمعناه من أصحاب أبي القاسم بن رواحة.
أخبرنا سليمان بن قايماز الكافوري، وعبد الصمد بن عبد
الكريم الانصاري، ومحمد بن علي الصابوني، قالوا: أخبرنا
عبد الله بن الحسين (ح)، وأخبرنا الحسن بن علي، وأخبرنا
جعفر بن علي، قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا مكي بن
منصور، أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا أبو العباس الاصم،
حدثنا محمد بن هشام، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا حميد عن
أنس قال: أصيب حارثة يوم بدر، فقالت أمه: يا رسول الله، قد
علمت منزل حارثة مني، فإن يكن في الجنة صبرت، وإن يكن غير
ذلك ترى ما أصنع.
فقال: " جنة واحدة ؟ ! ! إنها جنات كثيرة، وإنه في الفردوس
الاعلى " (2).
148 - إبراهيم بن مرزوق
* (س) ابن دينار، الحافظ الحجة، أبو إسحاق، البصري، نزيل
مصر.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 116.
(2) صحيح وأخرجه من طريق حميد عن أنس أحمد 3 / 264.
والبخاري 7 / 237 في المغازي: باب فضل من شهد بدرا، و 11 /
384 في الرقائق: باب صفة الجنة والنار، وأخرجه البخاري 6 /
20 في الجهاد: باب من أتاه سهم غرب فقتله، والترمذي (3174)
من طريق قتادة عن أنس.
* الجرح والتعديل 2 / 137، تهذيب الكمال: 65، تذهيب
التهذيب 1 / 43 / 1، = (*)
(12/354)
سمع أبا داود الطيالسي، وعثمان بن عمر، ومكي بن إبراهيم،
وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبا عامر العقدي، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي فيما ذكره الحافظ ابن عساكر وحده، وأبو
جعفر الطحاوي، وابن صاعد، وأبو عوانة، وعمر بن بجير، وأبو
العباس الاصم، وأبو الفوارس السندي، وآخرون.
قال النسائي: صالح (1).
وقال ابن يونس: كان ثقة ثبتا.
مات في جمادى الآخرة سنة سبعين ومئتين.
سكن مصر.
أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبدالرحمن في سنة اثنتين
وتسعين وست مئة: أخبرنا الحسن بن علي الاسدي، أخبرنا جدي
أبو القاسم الحسين بن البن، أخبرنا علي بن محمد الفقيه،
أخبرنا محمد بن الفضل، أخبرنا أحمد بن محمد بن السندي،
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا مكي بن إبراهيم البلخي،
حدثنا موسى بن عبيدة، عن السمط بن عبد الله، عن موسى بن
وردان، عن كعب الاحبار، قال: إن في الجنة عمودا من ياقوتة
حمراء، عليها كذا وكذا غرفة، وهو منزل المتحابين في الله
عزوجل (2).
__________
= ميزان الاعتدال 1 / 65، تهذيب التهذيب 1 / 163، خلاصة
تذهيب الكمال: 22، المنتظم 5 / 74 (1) " تهذيب الكمال ":
65.
وفيه أيضا: وقال النسائي في موضع آخر: لا بأس به.
وفي موضع آخر: ليس لي به علم.
وقال الدارقطني: ثقة إلا أنه كان يخطئ، فيقال له، فلا
يرجع.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 / 137: كتبت
عنه وهو صدوق.
(2) موسى بن عبيدة ضعيف، وشيخه لم أقف له على ترجمة، ثم هو
موقوف على كعب الاحبار، وروايته كما قال العلامة أحمد شاكر
في تعليقه على تفسير ابن جرير 6 / 457 -: لا = (*)
(12/355)
149 - الحسن بن أبي الربيع
* (ق) المحدث الحافظ الصدوق، أبو علي بن يحيى بن الجعد
العبدي الجرجاني، نزيل بغداد.
سمع أبا يحيى الحماني، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق فأكثر،
ووهب بن جرير، وشبابة بن سوار، وعبد الصمد بن عبد الوارث،
وطبقتهم.
حدث عنه: ابن ماجة، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن عقيل
البلخي، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو بكر بن زياد، وأبو عبد
الله المحاملي، والحسين بن يحيى القطان، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: صدوق (1).
وقيل: إنه عاش ثلاثا وثمانين سنة.
قال ابن المنادي: مات في سلخ جمادى الاولى، سنة ثلاث وستين
ومئتين.
أخبرنا محمد بن عبد الكريم، وزينب بنت يحيى بن علي، قالا:
أخبرنا عبد الله بن الحسين، وأخبرنا عيسى بن أبي محمد،
والحسن بن
__________
= شئ، ولا يحتج بها، وصدق معاوية في قوله في كعب الاحبار:
إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل
الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب رواه البخاري 13 /
281، 282 في الاعتصام: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ.
* الجرح والتعديل 3 / 44، تهذيب الكمال: 284، تذهيب
التهذيب 1 / 149 / 1، تاريخ ابن كثير 11 / 36، تهذيب
التهذيب 2 / 324، 325، خلاصة تذهيب الكمال: 81، المنتظم 5
/ 44.
(1) " الجرح والتعديل " 3 / 43.
(*)
(12/356)
علي، قال عيسى: أخبرنا علي بن محمود، وقال الحسن: أخبرنا
جعفر ابن منير، قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي (ح)،
وأخبرنا علي بن عبد الغني، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف،
وأخبرنا محمد بن علي، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، قالا:
أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، قال هو والسلفي: أخبرنا نصر بن
أحمد، وأخبرنا أحمد بن المؤيد، أخبرنا زيد ابن يحيى،
أخبرنا أحمد بن المبارك القطان، أخبرنا أبو الغنائم محمد
بن أبي عثمان، قالا: أخبرنا عبد الله بن عبيدالله المؤدب،
حدثنا الحسين ابن إسماعيل، حدثنا الحسن بن أبي الربيع،
حدثنا وهب، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الاحوص، عن
عبد الله، أنه كان إذا سافر، قال: " اللهم بلغ بلاغا يبلغ
خيرا رضوانك والجنة، إنك على كل شئ قدير " (1).
150 - سعدان * الشيخ العالم
المحدث الصدوق، أبو عثمان، سعدان بن نصر بن
منصور، الثقفي البغدادي البزاز، وإنما اسمه سعيد، فلقب
بسعدان.
سمع سفيان بن عيينة، وأبا معاوية، ووكيع بن الجراح، ومعمر
بن سليمان الرقي، ومعاذ بن معاذ، وعلي بن عاصم، وأبا قتادة
عبد الله بن واقد، وشجاع بن الوليد، وسلم بن سالم البلخي،
وعمر بن شبيب المسلي (2)، وشبابة بن سوار، ومحمد بن مصعب
القرقساني، وموسى بن
__________
(1) رجاله ثقات.
* الجرح والتعديل 4 / 290، 291، تاريخ بغداد 9 / 205، 206،
تاريخ ابن كثير 11 / 38، النجوم الزاهرة 3 / 41، شذرات
الذهب 2 / 149، المنتظم 5 / 51.
(2) المسلي، بضم الميم، وسكون السين المهملة، بعدها لام:
نسبة إلى مسلية قبيلة من مذحج.
والمسلي ضعيف، خرج له ابن ماجة.
(*)
(12/357)
داود الضبي، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، ويحيى بن صاعد، وأبو عبد
الله المحاملي، وأبو جعفر بن البختري، وأبو عوانة في "
صحيحه "، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر الخرائطي، وخلق سواهم.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عنه، فقال:
ثقة مأمون.
قلت: كان من أبناء التسعين.
مات في ذي القعدة سنة خمس وستين ومئتين، رحمه الله.
151 - سعدان * المحدث الثقة،
أبو محمد، سعدان بن يزيد البغدادي البزاز، نزيل
سر من رأى.
سمع إسماعيل بن علية، وإسحاق الازرق، ويزيد بن هارون، وأبا
بدر السكوني.
وعنه: ابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد، وأبو العباس
الاثرم، والخرائطي، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 291، و " تاريخ بغداد " 9 /
205.
* الجرح والتعديل 4 / 290، تاريخ بغداد 9 / 204، 205،
طبقات الحنابلة 1 / 170، النجوم الزاهرة 3 / 36، المنتظم 5
/ 39.
(2) " الجرح والتعديل " 4 / 290.
(*)
(12/358)
قلت: مات في رجب سنة اثنين وستين ومئتين.
152 - المخرمي * الامام المحدث
الفقيه الورع، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن أيوب
بن صبيح، البغدادي المخرمي.
سمع سفيان بن عيينة، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الله بن
نمير، وعلي بن عاصم، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وحسن بن صالح
العباداني، ويحيى بن أبي بكير، وموسى بن هلال العبدي، وروح
بن عبادة، ووهب بن جرير، وزيد بن الحباب، وأبا سفيان
الحميري، وأسباط بن محمد، وأبا بدر السكوني، وأبا أسامة،
وجماعة.
حدث عنه: يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وابن عياش القطان،
وابن أبي حاتم، وإسماعيل الصفار، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم (1): سمعت منه مع أبي، وهو صدوق، قلد
القضاء فلم يقبله، واختفى.
قلت: مات سنة خمس وستين ومئتين.
وإليه ينسب " جزء " المخرمي، والمروزي الذي عند ابن قميرة
بعلو.
أما الحافظ الكبير أبو جعفر محمد بن عبد الله المخرمي فقد
ذكر (2).
__________
* تاريخ بغداد 10 / 81، 82، الانساب، ورقة: 513 / ب،
النجوم الزاهرة 3 / 41، المنتظم 5 / 52.
(1) " الجرح والتعديل " 5 / 11، وفيه عبد الله بن أيوب
بإسقاط اسم أبيه.
(2) في الصفحة: 265.
(*)
(12/359)
153 - محمد بن يحيى * ابن موسى، الحافظ المجود
الاسفراييني، يلقب حيويه.
روى عن: أبي النضر، وسعيد بن عامر، وعبيدالله بن موسى،
وأبي عاصم، وأبي مسهر، وخلق.
وعنه: ابن خزيمة، وأبو العباس السراج، وأبو عوانة، ومحمد
بن محمد بن رجاء، وطائفة.
وكان الحافظ أبو عوانة يفتخر به، يقول: محمد بن يحيانا،
ومحمد ابن يحياكم (1)، يعني: الذهلي، وقيل: إن حيويه لقب
لابيه يحيى.
مات أبو عبد الله الاسفراييني يوم التروية من ذي الحجة سنة
تسع وخمسين ومئتين عن نيف وسبعين سنة.
154 - زهير بن محمد بن قمير
* * (ق) ابن شعبة، الامام الرباني المحدث الثبت، أبو محمد،
ويقال: أبو
عبدالرحمن المروزي، نزيل بغداد.
سمع روح بن عبادة، وعبد الرزاق، وأبا النضر هاشم بن
القاسم، وعبيدالله بن موسى، وسنيد بن داود، وأبا نعيم،
وطبقتهم.
__________
* تذكرة الحفاظ 2 / 554، العبر 2 / 19، الوافي بالوفيات 5
/ 188، طبقات الحفاظ: 242، شذرات الذهب 2 / 140.
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 554.
* * تاريخ بغداد 8 / 484، 486، طبقات الحنابلة 1 / 159،
تهذيب الكمال: 438، تذهيب التهذيب 1 / 240 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 551، 552، تهذيب التهذيب 3 / 347، 348، طبقات
الحفاظ: 246، خلاصة تذهيب الكمال: 123، شذرات الذهب 2 /
136، المنتظم 5 / 4.
(*)
(12/360)
حدث عنه: ابن ماجة، وأبو بكر أحمد بن عمرو البزار، وعمر بن
بجير، ويحيى بن صاعد، وأبو العباس الثقفي، وأبو عبد الله
المحاملي، والحسين بن يحيى بن عياش، وعدة.
قال محمد بن إسحاق الثقفي: ثقة مأمون.
وقال الخطيب: كان ثقة صادقا ورعا زاهدا.
انتقل في آخر عمره عن بغداد إلى طرسوس، فرابط بها إلى أن
مات (1).
قال البغوي: ما رأيت بعد أحمد بن حنبل أفضل منه، سمعته
يقول: أشتهي لحما من أربعين سنة، ولا آكله حتى أدخل الروم،
فآكل من مغانم الروم (2).
وحدثني ولده محمد بن زهير، قال: كان أبي يجمعنا في وقت
ختمه للقرآن في شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات يختم
تسعين ختمة
في رمضان (3).
مات رحمه الله في آخر سنة سبع وخمسين ومئتين.
وقيل: مات في سنة ثمان وخمسين.
قلت: مات عن بضع وسبعين سنة.
يا حبذا مرو وما أخرجت * من سادة في العلم والدين
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 484، " تهذيب الكمال ": 438، و "
تذهيب التهذيب " 1 / 240 / 2.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 485، و " تهذيب الكمال ": 438، و
" تذهيب التهذيب " 1 / 240 / 2.
(3) " تاريخ بغداد "، و " تهذيب الكمال ": 438 وقال: ذكره
ابن حبان في كتاب " الثقات " والخبر في " تذهيب التهذيب "
1 / 240 / 2.
(*)
(12/361)
155 - ابن مثرود * (د، س) الامام الفقيه المحدث، أبو موسى،
عيسى بن إبراهيم
بن مثرود، الغافقي مولاهم المصري، من ثقات المسندين.
سمع سفيان بن عيينة، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن
وهب، وجماعة.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو جعفر
الطحاوي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وأبو الحسن بن جوصا،
وأبو بكر ابن زياد، وعدد كثير.
قال النسائي: لا بأس به (1).
وقال ابن أبي حاتم: توفي قبل قدومي مصر (2).
وقال ابن يونس: توفي في صفر سنة إحدى وستين ومئتين.
رحمه الله.
وفيها مات أحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن عبد الله بن
صالح العجلي، وشعيب بن أيوب الصريفيني، وأبو شعيب صالح بن
زياد السوسي، وعلي بن إشكاب، وأخوه محمد، وعلي بن سهل
الرملي، ومسلم بن الحجاج القشيري، ومحمد بن سعيد بن غالب
العطار، وخلق.
__________
* الجرح والتعديل 6 / 272، تهذيب الكمال: 1078، تذهيب
التهذيب 3 / 127 / 2، ميزان الاعتدال 3 / 310، تهذيب
التهذيب 8 / 205، خلاصة تذهيب الكمال: 301.
(1) " تهذيب الكمال ": 1078، و " تهذيب التهذيب " 8 / 205
وفيه: قال مسلمة بن قاسم: مصري ثقة.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 272، و " تهذيب التهذيب " 8 /
205.
(*)
(12/362)
156 - الفاخوري * (س، ق) المحدث الثقة المعمر، أبو موسى،
عيسى بن يونس
بن أبان، الرملي الفاخوري.
حدث عن: الوليد بن مسلم، وضمرة بن ربيعة، وابن شابور،
وجماعة.
وعنه: النسائي، وابن ماجة، وأبو بشر الدولابي، وابن أبي
داود، وعبد الله بن عتاب الزفتي (1)، وأبو جعفر محمد بن
أحمد الرملي القدوري، وابن وهب الدينوري، ومحمد بن أحمد بن
عبيد بن فياض، وآخرون.
وثقه النسائي وغيره (2).
توفي سنة أربع وستين ومئتين، من أبناء التسعين.
157 - أحمد بن الازهر
(3) * * (س، ق) ابن منيع بن سليط الامام الحافظ الثبت، أبو
الأزهر، العبدي
__________
* الجرح والتعديل 6 / 292، الانساب، 9 / 209، اللباب 2 /
402، تهذيب الكمال: 1086، 1087، تذهيب التهذيب 3 / 132 /
1، ميزان الاعتدال 3 / 328، تهذيب التهذيب 8 / 237، و 238،
خلاصة تذهيب الكمال: 304.
(1) الزفتي.
بكسر الزاي كما في " الانساب " و " اللباب " نسبة إلى
الزفت، وهو شئ أسود مثل القير.
وعبد الله هذا مترجم في " الانساب " 6 / 290.
(2) وثقة أيضا أحمد وابو حاتم، ويعقوب بن شيبه، وابن خراش.
انظر " تهذيب التهذيب " 8 / 238 (3) في " تاريخ بغداد " 4
/ 39: أحمد بن زاهر * * الجرح والتعديل 2 / 41، تاريخ
بغداد 4 / 39، 43، تهذيب الكمال 1 / 255، 261، تذهيب
التهذيب 1 / 6 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 545، 546، ميزان
الاعتدال 1 / 82، (*)
(12/363)
النيسابوري، محدث خراسان في زمانه.
ولد بعد السبعين ومئة.
رأى سفيان بن عيينة، وما أدري لم لم يسمع منه.
وسمع عبد الله بن نمير، وأسباط بن محمد، ومالك بن سعير
(1)، ويعقوب بن إبراهيم، ووهب بن جرير، وعبد الرزاق، ويعلى
بن عبيد، وأنس بن عياض الليثي، وعبد الله بن ميمون القداح،
وأبا أسامة، ومحمد بن بشر، وابن أبي فديك، ومروان بن محمد
الطاطري، وخلقا
سواهم بالحجاز.
واليمن والشام والكوفة والبصرة، وخراسان.
وجمع وصنف.
حدث عنه: رفيقاه محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، وقد سمع منه
شيخه يحيى بن يحيى التميمي.
وحدث عنه النسائي، وابن ماجه، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وموسى
بن هارون، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، ومحمد بن عبد
الوهاب الفراء، وأبو حامد بن الشرقي (2)، وخلق خاتمتهم
محمد بن الحسين القطان.
وممن قيل روى عنه أبو محمد الدارمي، والبخاري، ومسلم.
وهو ثقة بلا تردد، غاية ما نقموا عليه ذاك
__________
= العبر 2 / 26، تاريخ ابن كثير 11 / 36، تهذيب التهذيب 1
/ 11، 13، لسان الميزان 1 / 136، طبقات الحفاظ: 240، خلاصة
تذهيب الكمال: 3، شذرات الذهب 2 / 146، 147.
(1) بإهمال السين، وبالتصغير.
(2) الشرقي، بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها
القاف: هذه النسبة إلى موضعين: أحدهما " الشرقية " ببغداد،
وهي محلة من محال بغداد على الجانب الغربي من دجلة.
إلى موضع " شرقي نيسابور وإليه ينسب أبو حامد أحمد بن محمد
بن الحسن بن الشرقي الحافظ توفي سنة 325 انظر " تاريخ
بغداد " 4 / 426.
والانساب 7 / 316.
(*)
(12/364)
الحديث في فضل علي رضي الله عنه (1)، ولا ذنب له فيه.
قال النسائي والدارقطني: لا بأس به.
وقال أبو حاتم وصالح بن محمد: صدوق (2).
وقال ابن عدي: أبو الأزهر هذا كتب الحديث، فأكثر، ومن أكثر
لا بد من أن يقع في حديثه الواحد والاثنان والعشرة مما
ينكر.
وسمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: قيل لي: لم لم ترحل إلى
العراق ؟ فقلت: وما أصنع بالعراق ؟ وعندنا من بنادرة (3)
الحديث ثلاثة: الذهلي، وأبو الازهر، وأحمد بن يوسف السلمي
؟ (4).
وقال ابن الشرقي: سمعت أبا الازهر يقول: كتب عني يحيى بن
يحيى.
وقال مكي بن عبدان: سألت مسلما عن أبي الازهر، فقال: اكتب
عنه.
__________
(1) قال مغلطاي في " الاكمال " ورقة 6: وفي كتاب " الارشاد
" للخليلي: قال يحيى بن معين له لما حدث بحديث: " أنت سيد
": لقد جئت بطامة، فقال له: حدثنيه عبد الرزاق...قال
الخليلي: ولا يسقط ابو الازهر بهذا، يعني برواية هذا
الحديث، وفي " ميزان " المؤلف 1 / 82: روى هذا الحديث محمد
بن حمدون النيسابوري، عن محمد بن علي بن سفيان النجار، عن
عبد الرزاق، فبرئ أبو الأزهر من عهدته.
ونقل في ترجمة عبد الرزاق 2 / 610 عن ابن عدي قوله: حدث
بأحاديث في الفضائل لم يوافقه عليها أحد، وسيذكر المؤلف
قريبا نص الحديث بسنده.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 41.
(3) البنادرة جمع بندار، وهو هنا: الناقد كما قال المزي في
حاشية " تهذيبه " والكلمة ليست بعربية، وأصل هذه النسبة
أنها تقال لمن كان مكثرا من شئ يشتري منه من هو أسفل منه
أو أخف حالا وأقل مالا منه، ثم يبيع ما يشتري منه من غيره.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 42 وتتمته فيه: فاستغنينا بهم عن
أهل العراق وكذا في " تهذيب الكمال ": 258، 259 (*)
(12/365)
قال الحاكم: ولعل متوهما يتوهم أن أبا الازهر فيه لين لقول
ابن
خزيمة في مصنفاته: حدثنا أبو الأزهر، وكتبته من كتابه،
وليس كما يتوهم، فإن أبان الازهر، كف بصره في آخر عمره،
وكان لا يحفظ حديثه، فربما قرئ عليه في الوقت بعد الوقت.
فقيد أبو بكر بسماعاته منه بهذه الكلمة.
قال الحاكم: حدثنا أبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر،
حدثنا أحمد بن الازهر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن
الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس،
قال: " نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي
طالب، فقال: " أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة.
حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي، وعدوي عدو
الله.
فالويل لمن أبغضك بعدي " (1).
قال الحاكم: حدث به ابن الازهر ببغداد في حياة أحمد وابن
المديني وابن معين، فأنكره من أنكره، حتى تبين للجماعة أن
أبا الازهر برئ الساحة منه، فإن محله محل الصادقين.
وقد توبع عليه عن عبد الرزاق.
فحدثني عبد الله بن سعد، حدثنا محمد بن حمدون، حدثنا محمد
بن علي بن سفيان النجار، حدثنا عبد الرزاق فذكره.
وسمعت أبا علي الحافظ، سمعت أحمد بن يحيى بن زهير يقول:
لما حدث أبو الأزهر بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل، أخبر
__________
(1) قال المؤلف في " الميزان " 2 / 613 بعد أن أورده: قلت
مع كونه ليس بصحيح فمعناه صحيح سوى آخره، ففي النفس منها
شئ وما اكتفى بها حتى زاد، وحبيبك حبيب الله، وبغيضك بغيض
الله، فالويل لمن أبغضك " فالويل لمن أبغضه هذا لا ريب
فيه، بل الويل لمن يغض منه، أو غض من رتبته، ولم يحبه كحب
نظرائه أهل الشورى رضي الله عنهم أجمعين.
قلت: وفي صحيح مسلم (78) عن علي رضي الله عنه قال: " والذي
فلق الحبة وبرأ النسمة: إنه لعهد النبي الامي إلي: انه لا
يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق ".
(*)
(12/366)
يحيى بن معين بذلك، فبينا هو عند يحيى في جماعة أهل
الحديث، إذ قال يحيى: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث
بهذا عن عبد الرزاق ؟ فقام أبو الأزهر، فقال: هو ذا أنا.
قتبسم يحيى بن معين، وقال: أما إنك لست بكذاب، وتعجب من
سلامته، وقال: الذنب لغيرك فيه (1).
وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت أبا حامد بن الشرقي،
وسئل عن حديث أبي الازهر عن عبد الرزاق في فضل علي، فقال:
هذا حديث باطل.
ثم قال: والسبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي، وكان
معمر يمكنه من كتبه، فأدخل هذا عليه.
وكان معمر رجلا مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال
والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر (2).
قلت: ولتشيع عبد الرزاق سر بالحديث، وكتبه، وما راجع معمرا
فيه، ولكنه ما جسر أن يحدث به لمثل أحمد وابن معين وعلي،
بل ولا خرجه في تصانيفه.
وحدث به وهو خائف يترقب.
قال الحاكم: سمعت محمد بن حامد البزاز، سمعت مكي بن عبدان،
سمعت أبا الازهر يقول: خرج عبد الرزاق إلى قريته، فبكرت
إليه يوما، حتى خشيت على نفسي من البكور.
قال: فوصلت إليه قبل أن يخرج لصلاة الصبح.
فلما خرج، رآني، فقال: كنت البارحة ها هنا ؟ قلت: لا،
ولكني خرجت في الليل، فأعجبه ذلك.
فلما فرغ من صلاة
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 42 و " تهذيب الكمال " 260 (2)
تاريخ بغداد " 4 / 42 و " تهذيب الكمال ": 260 (*)
(12/367)
الصبح، دعاني، وقرأ علي هذا الحديث، وخصني به دون أصحابي
(1).
وقال أبو محمد بن الشرقي: حدثنا أبو الأزهر، قال: كان عبد
الرزاق، يخرج إلى قرية، فذهبت خلفه، فرآني أشتد، فقال:
تعال.
فأركبني خلفه على البغل، ثم قال لي: ألا أخبرك بحديث غريب
؟ قلت: بلى.
فحدثني بالحديث، فذكره.
قال: فلما رجعت إلى بغداد، أنكر علي يحيى بن معين وهؤلاء،
فحلفت أني لا أحدث به حتى أتصدق بدرهم.
قال الدارقطني: قد أخرج في " الصحيح " عمن هو دون أبي
الازهر.
وروي عن أبي حامد بن الشرقي، قال: كان عند أبي الازهر عن
شيوخ لم يكن عند محمد بن يحيى عنهم، وهم: ابن نمير، وأبو
ضمرة، وابن أبي فديك، وزيد بن الحباب، ويحيى بن آدم، ومحمد
بن بشر.
قال الحسين بن محمد القباني: مات أبو الأزهر سنة ثلاث
وستين ومئتين.
وقال أحمد بن سيار في " تاريخه ": مات في أول سنة إحدى
وستين ومئتين.
قلت: سنة ثلاث أثبت.
ومات فيها أحمد بن حرب الطائي الموصلي، والحسن بن أبي
الربيع الجرجاني، والحافظ معاوية بن صالح، تلميذ ابن معين،
والامام
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 42 (*)
(12/368)
محمد بن علي بن ميمون الرقي.
أخبرنا أبو الحسين الحافظ: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو
طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، حثدنا محمد بن
إبراهيم الجرجاني إملاء، حدثنا محمد بن الحسين القطان،
حدثنا أبو الأزهر، حدثنا أسباط ابن محمد، حدثنا الشيباني،
قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: رجم رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؟ قال: نعم.
قلت: بعدما نزلت النور أم قبلها ؟ قال: لا أدري (1).
وسمعناه بطرق إلى السلفي.
158 - عمر بن شبة * (ق)
ابن عبدة بن زيد بن رائطة (2)، العلامة الاخباري الحافظ
الحجة، صاحب التصانيف، أبو زيد، النميري البصري النحوي،
نزيل بغداد.
ولد سنة ثلاث وسبعين ومئة.
__________
(1) وأخرجه من طرق عن الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى
البخاري 12 / 147 في المحاربين: باب أحكام أهل الذمة،
ومسلم (1702) في الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في
الزنى، وأحمد 4 / 355 * الجرح والتعديل 6 / 116، الفهرست:
125، تاريخ بغداد 11 / 208، 210، معجم الادباء 16 / 60،
62، تهذيب الاسماء واللغات: الجزء الثاني من القسم الاول،
ص: 16، 17، وفيات الاعيان 3 / 440، تهذيب الكمال: 1013،
1014، تذهيب التهذيب 3 / 86 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 516،
517، العبر 2 / 25، تاريخ ابن كثير 11 / 35، تهذيب التهذيب
7 / 460، طبقات الحفاظ: 225، خلاصة تذهيب الكمال: 283،
شذرات الذهب 2 / 146، المنتظم 5 / 41.
(2) في " الفهرست ": 125 عمر بن شبه بن عبيد بن ريطة.
وفي " الجرح والتعديل "
6 / 116: " ابن عبيدة ".
وفي " معجم الادباء 16 / 60: بن عبيدة بن ريطة.
وفي " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 1 / 16 عمر بن شبه -
بشين - معجمة مفتوحة ثم موحدة مشددة، بن عبيدة، وبفتح
العين، بن زيد بن رابطه.
وفي " وفيات الاعيان " 3 / 440: رايطة.
(*)
(12/369)
وسمع يحيى بن سعيد القطان، ويوسف بن عطيه، وعمر بن علي
المقدمي، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الاعلى السامي، وغندرا،
ومعاذ بن معاذ، وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وأبا زكير
يحيى ابن محمد بن قيس، وأبا أحمد الزبيري، وعبيد بن
الطفيل، وسعيد بن عامر، وأبا عاصم النبيل، وأبا أسامة،
وخلقا كثيرا.
وينزل إلى الرواية عن أبي خيثمة، ومحمد بن حميد، ونصر بن
علي الجهضمي، والحسن بن عرفة.
حدث عنه: ابن ماجة بحديثين، وابن أبي الدنيا، وابن صاعد،
وأبو العباس السراج، وأبو نعيم بن عدي، ومحمد بن أحمد
الاثرم، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن جعفر الخرائطي،
ومحمد بن مخلد، والقاضي المحاملي، وإسماعيل بن العباس
الوراق، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلق سواهم.
وثقه الدارقطني وغير واحد.
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق،
صاحب عربية وأدب (1).
وقال أبو حاتم البستي: مستقيم الحديث، وكان صاحب أدب وشعر
(2)، وأخبار ومعرفة بأيام الناس.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 116، و " تهذيب الكمال ":
1014، و " تذهيب
التهذيب " 3 / 86 / 2 (2) من شعره ما قال بعد ان امتحن
بمسألة خلف القرآن، فقال: لما رأيت العلم ولى ودثر * وقام
بالجهل خطيب فهجر لزمت بيتي معلنا ومستتر * مخاطبا خير
الورى لمن غبر أعني النبي المصطفى على البشر * والثاني
الصديق والتالي عمر وأورد له الخطيب في " تاريخه " 11 /
209 - 210 قصيدة من أربعة عشر بيتا.
(*)
(12/370)
قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة عالما بالسير وأيام الناس،
وله تصانيف كثيرة.
وكان قد نزل في آخر عمره بسر من رأى، وتوفي بها (1).
وذكر عمر بن شبة أن اسم أبيه زيد، ولقبه شبه، لان أمه كانت
ترقصه، وتقول: يا بأبي وشبا (2)، * وعاش حتى دبا شيخا
كبيرا خبا (3) قال ابن المنادي: مات بسر من رأى يوم
الاثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين
ومئتين.
وكان قد جاوز التسعين، كذا قال.
وقال محمد بن موسى البربري: مولده أول رجب سنة ثلاث وسبعين
ومائة.
قال: ومات يوم الخميس لاربع بقين من جمادى الآخرة سنة
اثنتين وستين ومئتين.
فكمل تسعا وثمانين سنة إلا أربعة أيام.
قلت: صنف تاريخا كبيرا للبصرة لم نره، وكتابا في " أخبار
المدينة "، رأيت نصفه يقضي بإمامته، وصنف " أخبار الكوفة
"، و " أخبار مكة "، وكتاب " الامراء " وكتاب " الشعر
والشعراء "، وكتاب " أخبار
المنصور "، وكتاب " النسب "، وكتاب " التاريخ " في أشياء
كثيرة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 208، و " تهذيب الاسماء واللغات
" 2 / 1 / 17 و " تهذيب الكمال ": 1014 (2) روايته في "
شذرات الذهب " 2 / 146: يا رب ابني شبا.
(3) الابيات في " الفهرست ": 125، و " تاريخ بغداد " 11 /
208، و " معجم الادباء " 16 / 60 و " تهذيب الكمال ":
1014، و " تذهيب التهذيب " 3 / 86 / 2، و " تهذيب التهذيب
" 7 / 461 والثلاثة في " شذرات الذهب " 2 / 146 و "
المنتظم " 5 / 41 دون الثالث.
(*)
(12/371)
وقد وقع لي من عالي حديث عمر بن شبة.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا
موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن
أحمد البندار، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن
محمد، حدثنا عمر ابن شبة، حدثني أبو غسان محمد بن يحيى،
أخبرنا عبد العزيز بن عمران، عن أبي النعمان بن عبد الله
بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده، قال: بعثني رسول الله
صلى الله عليه وسلم أعلم على أشراف حرم المدينة، فأعلمت
شرف ذات الجيش، وعلى مشيرف وعلى أشراف محيص، وعلى الحفياء،
وعلى العشراء، وعلى قلت (1).
وفيها مات سعدان بن يزيد البزاز، ومحمد بن عاصم الثقفي،
ومحمد بن عبد الله بن ميمون بالاسكندرية، ويعقوب بن شيبة
صاحب " المسند "، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ، وعباد بن
الوليد الغبري (2)، وحاتم بن الليث الجوهري.
159 - الرياشي * (د) عباس بن
الفرج، العلامة الحافظ، شيخ الادب، أبو الفضل،
__________
(1) إسناده ضعيف جدا عبد العزيز بن عمران - وهو الزهري
المدني الاعرج - قال الحافظ في " التقريب ": متروك احترقت
كتبه، فحدث من حفظه، فاشتد غلطه.
وكان عارفا بالانساب، وشيخه فيه لم أجد من ترجمه، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 3 / 302، ونسبه للطبراني في "
الاوسط " وضعفه بعبد العزيز بن عمران.
وأورده المؤلف في تذكرة الحفاظ ص 517 في ترجمة عمر بن شبه.
(2) بضم العين المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها
راء: هذه النسبة إلى بني غبر وهم بطن من يشكر، وهو غبر بن
غنم بن حبيب.
* مراتب النحويين: 75، 76، المزهر 2 / 419، 423، المنتظم 5
/ 5، نزهة الالباء: = (*)
(12/372)
الرياشي البصري النحوي، مولى محمد بن سليمان بن علي
العباسي الامير، وقيل: كان أبوه عبدا لرجل من جذام اسمه
رياش.
ولد بعد الثمانين ومئة.
وسمع من طائفة كثيرة، وحمل عن: أبي عبيدة معمر بن المثنى،
وأبي داود الطيالسي، والاصمعي، وأبي عاصم النبيل، وأبي
أحمد محمد بن عبد الله الزبيري، وأشهل بن حاتم، وأحمد بن
خالد الوهبي، وعمر بن يونس اليمامي، ووهب بن جرير، ومسلم
بن إبراهيم، والعلاء ابن أبي سوية المنقري، ومسدد، ومحمد
بن سلام، وخلق كثير.
وعنه: أبو داود كلامه في تفسير أسنان الابل (1)، وإبراهيم
الحربي، وابن أبي الدنيا، وابنه محمد بن العباس، وأبو
العباس المبرد، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن عميرة، وإسحاق
بن إبراهيم البستي القاضي،
وأبو خليفة الفضل بن الحباب (2)، وأبو عروبة الحراني، وأبو
روق
__________
= 199، إيضاح المكنون 2 / 261 و 294 و 326، بغية الوعاة 2
/ 27، الكامل لابن الاثير 5 / 364، تاريخ أبي الفداء 2 /
48، تلخيص ابن مكتوم: 178، الجرح والتعديل 6 / 213، 214،
أخبار النحويين البصريين: 89، 93، طبقات النحويين
واللغويين: 97، 99، الفهرست: 63، 64، تاريخ بغداد 12 /
138، 140، الانساب 6 / 209، 210، نزهة الالباء: 262، 264،
معجم الادباء، 12 / 44، 46، اللباب 2 / 46، إنباه الرواة 2
/ 367، 374، وفيات الاعيان 3 / 27، 28، تهذيب الكمال: 659،
660، تذهيب التهذيب 2 / 126 / 2، العبر 2 / 14، تهذيب
التهذيب 5 / 124، 125، تاريخ ابن كثير 11 / 38، طبقات
النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 14، 15، النجوم الزاهرة 3 / 27،
28، خلاصة تذهيب الكمال: 189، شذرات الذهب 2 / 136.
(1) انظر سنن أبي داود 2 / 247: باب تفسير أسنان الابل.
(2) وهو راوي كتاب " طبقات فحول شعراء " عن ابن سلام
الجمحي.
وكان أعمى، وهو ابن اخت محمد بن سلام صاحب " الطبقات "
وكان راوية للاخبار والاشعار والآداب والانساب " وهو مسند
عصره في الحديث بالبصرة، وكان ثقة عالما، روى عن الائمة
الكبار.
= (*)
(12/373)
الهزاني، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو بكر بن دريد، وخلق
سواهم.
وكان من بحور العلم.
قال ابن حبان: كان راويا للاصمعي.
وقال أبو سعيد السيرافي: كان الرياشي حافظا للغة والشعر،
كثير الرواية عن الاصمعي.
وأخذ أيضا عن غيره.
أخذ عنه المبرد، وأبو بكر ابن دريد.
وحدثني أبو بكر بن أبي الازهر.
وكان عنده أخبار الرياشي، قال: كنا نراه يجئ إلى أبي
العباس المبرد في قدمة قدمها من البصرة،
وقد لقيه أبو العباس ثعلب.
وكان يفضله ويقدمه (1).
قال أبو بكر الخطيب: قدم الرياشي بغداد، وحدث بها، وكان
ثقة، وكان من الادب وعلم النحو بمحل عال.
كان يحفظ كتب أبي زيد، وكتب الاصمعي كلها.
وقرأ على أبي عثمان المازني " كتاب " سيبويه (2)، فكان
المازني يقول: قرأ علي الرياشي " الكتاب "، وهو أعلم به
مني (3).
قال ابن دريد: قتلته الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومئتين.
وقال علي بن أبي أمية: لما كان من دخول الزنج البصرة ما
كان، وقتلهم بها من قتلوا، وذلك في شوال سنة سبع، بلغنا
أنهم دخلوا على الرياشي المسجد بأسيافهم، والرياشي قائم
يصلي الضحى، فضربوه
__________
= وتوفي سنة 305 ه.
وقد أثبت العلامة المحقق الشيخ محمود شاكر ثبتا بمصادر
ترجمته في " طبقات فحول الشعراء " 1 / 33.
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 139، و " تهذيب الكمال ": 660
(2) جاء في " الفهرست ": 64: قال أبو الفتح محمد بن جعفر
النحوي: قرأ الرياشي النصف الاول من كتاب " سيبويه " على
المازني.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 139، و " تهذيب الكمال ": 660
(*)
(12/374)
بالاسياف، وقالوا: هات المال، فجعل يقول: أي مال، أي مال ؟
! ! حتى مات.
فلما خرجت الزنج عن البصرة، دخلناها، فمررنا ببني مازن
الطحانين - وهناك كان ينزل الرياشي - فدخلنا مسجده، فإذا
به ملقى وهو مستقبل القبلة، كأنما وجه إليها.
وإذا بشملة تحركها الريح وقد تمزقت، وإذا جميع خلقه صحيح
سوي لم ينشق له بطن، ولم يتغير له حال، إلا أن جلده قد لصق
بعظمه ويبس، وذلك بعد مقتله بسنتين رحمه الله (1).
قلت: فتنة الزنج كانت عظيمة، وذلك أن بعض الشياطين الدهاة،
كان طرقيا أو مؤدبا، له نظر في الشعر والاخبار، ويظهر من
حاله الزندقة والمروق، ادعى أنه علوي، ودعا إلى نفسه،
فالتف عليه قطاع طريق، والعبيد السود من غلمان أهل البصرة،
حتى صار في عدة، وتحيلوا وحصلوا سيوفا وعصيا، ثم ثاروا على
أطراف البلد، فبدعوا وقتلوا، وقووا، وانضم إليهم كل مجرم،
واستفحل الشر بهم، فسار جيش من العراق لحربهم، فكسروا
الجيش، وأخذوا البصرة، واستباحوها، واشتد الخطب، وصار
قائدهم الخبيث في جيش وأهبة كاملة، وعزم على أخذ بغداد،
وبنى لنفسه مدينة عظيمة، وحار الخليفة المعتمد في نفسه،
ودام البلاء بهذا الخبيث المارق ثلاث عشرة سنة، وهابته
الجيوش، وجرت معه ملاحم ووقعات يطول شرحها.
قد ذكرها المؤرخون إلى أن قتل.
فالزنج هم عبارة عن عبيد البصرة الذين ثاروا معه.
لا بارك الله فيهم (2).
أخبرنا أيوب بن طارق، أخبرنا فضل الله بن عبد الرزاق
ببغداد،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 140، و " تهذيب الكمال ": 660
(2) انطر التفصيل في تاريخ الطبري 431، 437، وابن الاثير 7
/ 235 و 244 وما بعدها.
(*)
(12/375)
أخبرنا نصر الله بن عبدالرحمن الشيباني، أخبرنا المبارك بن
عبد الجبار، حدثنا أبو القاسم الحرفي (1)، حدثنا محمد بن
عبد الله الشافعي، حدثنا سهل بن أحمد الواسطي، حدثنا
العباس بن الفرج الرياشي، سمعت زيد بن هبيرة المازني، يحدث
عن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكرم
أحدا كرامته للعباس (2).
160 - ابن معارك * الحافظ
الثبت، أبو علي، الحسين بن نصر بن معارك، البغدادي،
صهر الحافظ أحمد بن صالح.
نزل مصر، وحدث عن.
يزيد بن هارون، وإسحاق بن سليمان الرازي، وشبابة، وفديك بن
سليمان، وعمر بن يونس، والفريابي، وعدة.
وعنه: ابن خزيمة، والدولابي، وابن أبي حاتم، والطحاوي،
وابن جوصا، وخلق.
قال ابن أبي حاتم: محله الصدق (3).
__________
(1) الحرفي، بضم الحاء، وسكون الراء وكسر الفاء: هذه
النسبة للبقال ببغداد، ومن يبيع الاشياء التي تتعلق
بالبذور والبقالين وقال السمعاني 4 / 112: والمشهور بهذه
النسبة أبو القاسم عبدالرحمن بن عبيدالله..السمسار الحرفي
من أهل بغداد.
صدقه الخطيب، وتوفي في شوال سنة 336 ه.
(2) زيد بن هبيرة لم أقف له على ترجمة.
* الجرح والتعديل 3 / 66، تاريخ بغداد 8 / 143، المنتظم 5
/ 27.
(3) " الجرح والتعديل " 3 / 66 (*)
(12/376)
وقال ابن يونس: ثقة ثبت.
توفي بمصر في شعبان سنة إحدى وستين ومئتين.
161 - محمد بن عاصم * ابن عبد
الله، القدوة العابد الصادق الامام، أبو جعفر،
الثقفي
مولاهم الاصبهاني، أخو أسيد بن عاصم وإخوته.
سمع سفيان بن عيينة، وعبدة بن سليمان، وحسين بن علي
الجعفي، وأبا أسامة، ويحيى بن آدم، ومحمد بن بشر العبدي،
وأبا يحيى الحماني، وعدة.
حدث عنه: أحمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن يحيى بن مندة،
ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري، وخلق خاتمتهم عبد الله ابن
جعفر بن أحمد بن فارس.
روي عن إبراهيم بن أورمة، قال: ما رأيت مثل محمد بن عاصم،
ولا رأى هو مثل نفسه (1)، يعني: في التقوى والفضل.
وقال علي بن محمد الثقفي: كنت أختلف إلى أبي بكر بن أبي
شيبة، فما رأيت أحدا يشبهه في حسن دينه، وحفظ لسانه إلا
محمد بن عاصم (2).
وقال أبو الشيخ أو غيره: كان محمد وأسيد وعلي والنعمان بنو
عاصم من
__________
* الجرح والتعديل 8 / 46، ذكر أخبار أصبهان 2 / 189، طبقات
المحدثين بأصبهان: 62، 63، العبر 2 / 25، الوافي بالوفيات
3 / 180، تاريخ ابن كثير 11 / 35.
(1) " طبقات المحدثين ": 63 / لابي الشيخ وأخبار أصبهان "
2 / 189 (2) " طبقات المحدثين ": 63.
(*)
(12/377)
سكان المدينة مدينة جي (1).
مات محمد في سنة اثنتين وستين ومئتين.
قرأت على أحمد بن عبد المنعم المعمر، عن أبي جعفر محمد بن
أحمد، أخبرنا أبو علي الحداد حضورا، أخبرنا أبو نعيم،
حدثنا عبد الله
ابن جعفر، حدثنا محمد بن عاصم، حدثنا أبو أسامة، عن
عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يكره مس قبر النبي
صلى الله عليه وسلم (2).
سمعنا جزء محمد بن عاصم بالاتصال.
162 - أسيد بن عاصم *
الثقفي، الحافظ المحدث الامام، أبو الحسين، كان أصغر من
أخيه محمد.
سمع سعيد بن عامر الضبعي، وعبد الله بن بكر السهمي، وبشر
بن عمر الزهراني، وبكر بن بكار، وعامر بن إبراهيم، والحسين
بن حفص، وطبقتهم، وصنف " المسند ".
حدث عنه: أبو علي أحمد بن محمد بن إبراهيم، ومحمد بن حيويه
__________
(1) " أخبار أصبهان " 2 / 189، بدون " مدينة جي " وجي،
بفتح الجيم، وتشديد الياء: مدينة بأصبهان، ويقال: إنها
إحدى المدن التي بناها الاسكندر: انظر " الروض المعطار ":
186.
(2) رجاله ثقات.
* الجرح والتعديل 2 / 318، حلية الاولياء 10 / 394، ذكر
أخبار أصبهان 1 / 226، طبقات المحدثين بأصبهان: 78، العبر
2 / 44، تاريخ ابن كثير 11 / 47، 48، شذرات الذهب 2 / 158.
(*)
(12/378)
الكرجي (1)، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعبد الله بن
الحسن بن بندار، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي
حاتم، وآخرون.
وقع لنا نسختان من حديثه، تتكرر أحاديثهما كثيرا.
قال ابن أبي حاتم: ثقة رضى (2).
قلت: توفي سنة سبعين ومئتين، وهو في عشر التسعين.
163 - محمد بن شجاع *
الفقيه، أحد الاعلام، أبو عبد الله، البغدادي الحنفي،
ويعرف بابن الثلجي.
سمع من: ابن علية، ووكيع، وأبي أسامة، وطبقتهم.
وتلا على: اليزيدي (3)، وأخذ الحروف عن يحيى بن آدم (4)،
والفقه عن الحسن بن زياد (5)، وبرع.
وكان من بحور العلم.
روى عنه: يعقوب بن شيبة، وحفيده، وعبد الله بن أحمد بن
ثابت، وعدة.
__________
(1) الكرجي، بفتح أولها والراء، وفي آخرها جيم، نسبة إلى
الكرج، وهي مدينة ميلاد الجبل بين أصبهان وهمذان.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 318.
* الفهرست: 259، الانساب، 3 / 138، اللباب 1 / 241، ميزان
الاعتدال 3 / 577، 578، العبر 2 / 33، 34، الوافي بالوفيات
3 / 148، تاريخ ابن كثير 11 / 40، تهذيب التهذيب 9 / 220،
النجوم الزاهرة 3 / 42، الفوائد البهية: 171، خلاصة تذهيب
الكمال: 341، شذرات الذهب 2 / 151، المنتظم 5 / 57، 58.
(3) هو يحيى بن المبارك بن المغيرة أبو محمد العدوي البصري
المعروف باليزيدي تقدمت ترجمته في الجزء التاسع برقم (219)
(4) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع برقم (204) (5) تقدمت
ترجمته في الجزء التاسع برقم (212) (*)
(12/379)
وكان صاحب تعبد وتهجد وتلاوة.
مات ساجدا.
له كتاب " المناسك " في نيف وستين جزءا، إلا أنه كان يقف
في مسألة القرآن (1)، وينال من الكبار.
وليس هذا موضع بسط أخباره.
عاش خمسا وثمانين سنة، ومات سنة ست وستين ومئتين.
164 - السوسي * (س) الامام
المقرئ المحدث، شيخ الرقة، أبو شعيب، صالح بن زياد
ابن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح،
الرستبي السوسي (2) الرقي.
ولد سنة نيف وسبعين ومئة.
وجود القرآن على يحيى اليزيدي، وأحكم عليه حرف أبي عمرو.
وسمع سفيان بن عيينة، وعبد الله بن نمير، وأسباط بن محمد،
وجماعة.
تلا عليه طائفة، منهم: أبوعمران موسى بن جرير، وعلي بن
الحسين، وأبو عثمان النحوي، وأبو الحارث محمد بن أحمد
الرقيون.
وأخذ عنه الحروف أبو عبد الرحمن النسائي، وجعفر بن سليمان
الخراساني، وغيرهما،
__________
(1) أي لا يقول: مخلوق أو غير مخلوق.
* الجرح والتعديل 4 / 404، طبقات الحنابلة 1 / 176، 177،
الانساب 7 / 190، تهذيب الكمال: 598، تذهيب التهذيب 2 / 87
/ 1، العبر 2 / 22، 23 معرفة القراء 159.
غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 332، 333، تهذيب التهذيب
4 / 392، خلاصة تذهيب الكمال: 170، شذرات الذهب 2 / 143.
(2) بضم السين: نسبة إلى السوس، مدينة بخوزستان.
(*)
(12/380)
وحدث عنه: أبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة الحراني،
والحافظ أبو علي محمد بن سعيد.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقد ذكر النسائي أنه روى عنه (2)، وما روى عنه سوى حروف
القراءة.
وكان صاحب سنة، دعا له الامام لما بلغه، أن ختنه تكلم في
القرآن، فقام أبو شعيب عليه ليفارق بنته.
مات في أول سنة إحدى وستين ومئتين، وقد قارب التسعين.
وفيها مات أحمد بن سليمان الرهاوي الحافظ، وأحمد بن عبد
الله ابن صالح العجلي الحافظ، وشعيب بن أيوب الصريفيني،
وعلي بن إشكاب، وأخوه محمد، وعلي بن سهل الرملي، وعيسى بن
إبراهيم ابن مثرود، ومسلم بن الحجاج، ومحمد بن سعيد بن
غالب العطار، وآخرون.
165 - عيسى بن أحمد *
(ق، س) ابن عيسى بن وردان، الامام المحدث الثقة، أبويحيى،
البغدادي ثم البلخي العسقلاني، نسبة إلى عسقلان بلخ، وهي
محلة كبيرة.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 404 و " تهذيب التهذيب " 4 /
392.
وجاء فيه: قال النسائي: ثقة.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
(2) ذكر ذلك عنه أبو القاسم بن عساكر في " المعجم المشتمل
142 ": وتعقبه الحافظ المزي فيما نقله عنه المؤلف في "
تذهيب التهذيب " 2 / 87 فقال: ذكره صاحب النبل ولم أقف على
روايته عنه بحديث.
إنما روى عنه قراءة أبي عمرو فيما أعلم.
* الجرح والتعديل 6 / 272، اللباب 2 / 339، 340، تهذيب
الكمال: 1078، تذهيب التهذيب 3 / 127 / 2، تاريخ ابن كثير
11 / 42، تهذيب التهذيب 8 / 205، 206، معجم
البلدان 4 / 122، خلاصة تذهيب الكمال: 301.
(*)
(12/381)
ولد سنة نيف وسبعين ومئة.
وسمع بقية بن الوليد، وعبد الله بن وهب، وضمرة بن ربيعة،
وعبد الله بن نمير، وأبا أسامة، وبشر بن بكر التنيسي،
وعدة.
حدث عنه: ابن ماجة، والنسائي، وأبو عوانة الاسفراييني،
وحامد ابن بلال البخاري، ومحمد بن عقيل البلخي، والهيثم بن
كليب الشاشي، فأكثر عنه.
قال النسائي: ثقة (1).
وروى عنه أبو حاتم أيضا، وقال: صدوق (2)، وحماد بن شاكر
النسفي، وإبراهيم بن معقل، وآخرون، وكان مسند تلك الديار
في زمانه.
ويقال: إنه ولد سنة ثمانين ومئة.
فالله أعلم.
مات في سنة ثمان وستين ومئتين.
وفيها مات أحمد بن سيار المروزي، وأحمد بن شيبان الرملي،
وأحمد بن يونس الضبي، والفضل بن عبد الجبار المروزي، ومحمد
بن عبد الله بن عبيد الحكم.
166 - شاذان * الامام المحدث
الصدوق، أبو بكر، إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 1078.
وقال المزي: ذكره ابن حبان في " الثقات " (2) " الجرح
والتعديل " 6 / 272، و " تهذيب الكمال ": 1078.
* الجرح والتعديل 2 / 211، العبر 2 / 35، الوافي بالوفيات
8 / 394، تاريخ ابن كثير
11 / 41، شذرات الذهب 2 / 152.
(*)
(12/382)
ابن بكير بن زيد، النهشلي الفارسي، شاذان.
سمع من: جده سعد من الصلت القاضي - وجده هذا كوفي من طبقة
وكيع، ولي قضاء شيراز مدة ثم ارتحل شاذان، فسمع من أبي
داود الطيالسي، ووهب بن جرير، والاسود بن عامر شاذان،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود، ارتحل إليه، وأحمد بن علي
الجارودي، ونصر بن أبي نصر الشيرازي، وعبد الرحمن بن خراش
الحافظ، ومحمد بن عمر الجورجيري، ومحمد بن حمزة بن عمارة.
ويقع لنا حديثه في " الثقفيات ".
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كتب إلي وإلى أبي، وهو صدوق
(1).
وذكره أبو حاتم البستي في " الثقات "، وقال: مات لسبع بقين
من جمادى الآخرة سنة سبع وستين ومئتين.
167 - أحمد بن حفص *
(خ، د، س) ابن عبد الله بن راشد، الامام الثقة، قاضي
نيسابور، أبو علي النيسابوري.
حدث عن: أبيه أبي عمرو، والجارود بن يزيد، والحسين بن
الوليد، وعبدان، وجماعة.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 211.
* الجرح والتعديل 2 / 48، تهذيب الكمال: 20، تذهيب التهذيب
1 / 10 / 1، العبر 2 / 16، الوافي بالوفيات 6 / 360، تاريخ
ابن كثير 11 / 31، تهذيب التهذيب 1 / 24، 25،
خلاصة تذهيب الكمال: 5، شذرات الذهب 2 / 137.
(*)
(12/383)
وعنه: البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن خزيمة، وابن أبي
داود، وابن الشرقي، وأخوه، وأبو بكر بن زياد، وأبو حامد بن
بلال، وخلق، ومسلم خارج " الصحيح " وأبو عوانة.
قال النسائي: صدوق (1).
توفي في المحرم سنة ثمان وخمسين ومئتين، وشيعه أمم.
168 - أحمد بن يوسف *
(م، د، س، ق) ابن خالد بن سالم، الامام الحافظ الصادق، أبو
الحسن، السلمي النيسابوري، ويلقب بحمدان، وهو جد الزاهد
إسماعيل بن نجيد، صاحب ذاك الجزء المشهور.
ولد سنة اثنتين وثمانين ومئة.
قال حفيده ابن نجيد: كان جدي أحمد بن يوسف أزديا سلمي
الام، فغلب عليه السلمي.
قلت: كان محدث خراسان في زمانه.
سمع الجارود بن يزيد، وحفص بن عبدالرحمن، وحفص بن عبد
الله، وهاشم بن القاسم قيصر، ومحمد بن عبيد الطنافسي،
وموسى بن داود، وعبد الرزاق، وطبقتهم.
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 1 / 25 وفيه: وقال النسائي [ أيضا
]: لا بأس به وقال في " أسماء شيوخه ": ثقة.
قال ابن حجر: وكذا قال مسلمة.
* الجرح والتعديل 2 / 81، تهذيب الكمال: 47، 48، تذهيب
التهذيب 1 / 30 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 565، 566، العبر 2 /
28، تهذيب التهذيب 1 / 91، 92، خلاصة تذهيب
الكمال: 14، شذرات الذهب 2 / 147، تهذيب ابن عساكر 2 /
122، 123.
(*)
(12/384)
حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وإبراهيم
ابن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو بكر
بن زياد، وأبو حامد بن بلال، ومكي بن عبدان، ومحمد بن
الحسين القطان وعدد كثير.
ذكره الحاكم، فقال: أحد أئمة الحديث، كثير الرحلة، واسع
الفهم، مقبول عند الائمة في أقطار الارض، وهو من خواص يحيى
بن يحيى، ومن المصاهرين له.
سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: سمعت مشايخنا يحكون عن
أحمد بن يوسف السلمي، قال: أنا لست بسلمي، بل أزدي، وعيالي
سلمية (1).
سمع بخراسان عدة، وبالري من: عيسى بن جعفر القاضي، ومحمد
بن يحيى بن الضريس، وسليمان بن داود القزاز، وببغداد من
أبي النضر، ومحمد بن جعفر المدائني، وموسى بن داود، ومنصور
بن سلمة.
ثم سمى الحاكم طائفة سمع منهم بالكوفة والبصرة والحجاز
واليمن والشام والجزيرة.
وذكره الحافظ ابن عساكر، فقال: حدث عن جعفر بن عون، ومحمد
ابن عبيد، والعقدي، والفريابي، وأبي مسهر، ويحيى بن أبي
بكير، وسمى خلقا.
حدث عنه: يحيى بن يحيى شيخه، والبخاري في غير " صحيحه ".
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 47، و " تهذيب ابن عساكر " 2 / 122.
(*)
(12/385)
قال مسلم: ثقة.
وقال الدراقطني: ثقة نبيل (1) وقال النسائي: ليس به بأس.
قال مكي بن عبدان: سمعت أحمد بن يوسف يقول: كتبت عن
عبيدالله بن موسى ثلاثين ألف حديث.
قال أبو حامد بن الشرقي: توفي أحمد بن يوسف سنة أربع وستين
ومئتين.
وروى أبو سعيد المؤذن، عن أبيه أنه مات سنة ثلاث.
قال الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: سمعت حمدان
السلمي، وقالوا له: أسمعنا.
قال: لا يمكنني، أنا ابن ثمانين سنة، وذلك في نصف شوال سنة
اثنتين وستين.
قلت: طلبوا أن يحدثهم من لفظه، فاعتذر بالعجز عن تبليغ جمع
كثير.
أبو إسحاق المزكي: سمعت العباس بن الفضل، سمعت أحمد بن
يوسف، سمعت عبد الرزاق، سمعت الثوري، يقول: خرجت من عند
هذا - يعني المهدي - ولم أسلم عليه بالامارة، فنظر إلي،
وتبسم، وقال: لقد طلبناك فأعجزتنا، وقد جاء الله بك، ارفع
إلينا حاجتك.
قلت: قد ملات الارض ظلما وجورا، فاتق الله، وليكن منك في
ذلك عبر، فنكس رأسه، ثم قال: أرأيت إن لم أستطع ؟ ! ! قلت:
تهرب بدينك.
__________
(1) بالتصغير.
(*)
(12/386)
وقع لنا عدة أحاديث من موافقات السلمي رحمه الله.
أخبرنا أبو الفتوح نصر الله بن محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن
ظافر بالاسكندرية، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا
القاسم بن الفضل، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الزيادي،
أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن يوسف، أخبرنا محمد
بن المبارك، أخبرنا الهيثم بن حميد، عن العلاء بن الحارث،
عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مس فرجه فليتوضأ "
(1).
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق: أخبرك أبو المفاخر
محمد بن محمد المأموني: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا
أبو عبد الله
__________
(1) رجاله ثقات إلا أنه منقطع، فقد قال الترمذي في سننه 1
/ 130 قال محمد - يعني البخاري - لم يسمع مكحول من عنبسة
بن أبي سفيان، وأخرجه ابن ماجة في " سننه " رقم (481) من
طريقين عن الهيثم بن حميد بهذا الاسناد.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 36: هذا إسناد فيه مقال
مكحول الدمشقي مدلس، وقد رواه بالعنعنة، فوجب ترك حديثه لا
سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة، وهشام بن عمار، وأبو مسهر
وغيرهم: أنه لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، فالاسناد
منقطع، ورواه البيهقي في الكبرى 1 / 130 من طريق الهيثم من
حميد به، ورواه أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو بكر بن
زنجويه، حدثنا أبو مسهر، حدثني الهيثم بن حميد، فذكره
بإسناده ومتنه، وزاد في آخره: قال العلاء: قال مكحول: من
مس متعمدا.
قلت: لكن الحديث ثبت من طريق آخر عن بسرة بنت صفوان أنها
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا مس أحدكم
ذكره، فليتوضأ " أخرجه مالك 1 / 42، والشافعي في " الام "
1 / 15، وأحمد 6 / 406، وأبو داود (181) والترمذي (82)
والنسائي 1 / 100،
وابن ماجة (479) وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان
(212) و (213) والحاكم 1 / 136، وأقره الذهبي، وقد ارتفع
وجوب الوضوء المستفاد من قوله " فليتوضأ " وبقي الندب
بحديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مس
الرجل ذكره، فقال: " هل هو إلا مضغة أو بضعة منك " وهو
حديث صحيح أخرجه أحمد 4 / 22، 23، وأبو داود (182)
والترمذي (85) والنسائي 1 / 38، وابن ماجة (483) وصححه
عمرو بن علي الفلاس، وابن المديني، والطحاوي، وابن حبان
(207) والطبراني وابن حزم.
(*)
(12/387)
الثقفي: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجرجاني سنة
خمس وأربع مئة إملاء، قال: حدثنا العباس بن محمد بن معاذ
النيسابوري، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا قبيصة،
حدثنا سفيان، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن
عائشة أم المؤمنين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قالت:
استأذنه نساؤه في جهاد، فقال: " بحسبكن الجهاد، أو جهادكن
الحج " (1).
وفي سنة أربع مات أحمد ابن أخي ابن وهب، وأبو إبراهيم
المزني، وأبو زرعة، الرازي، ويونس بن عبدالاعلى.
169 - زاج * الامام المحدث
الثقة، أبو صالح، أحمد بن منصور بن راشد، المروزي،
زاج.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 6 / 57 في الجهاد: باب
جهاد النساء، من طريق قبيصة ومحمد بن كثير، كلاهما عن
سفيان بهذا الاسناد، وأخرجه البيهقي في " سننه " 4 / 326
من طريق قبيصة، عن سفيان.
وأخرجه البخاري 6 / 57 من طريق قبيصة، عن سفيان، عن حبيب
بن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين.
وأخرجه
أحمد 6 / 165، وابن ماجة (2901) من طريق محمد بن فضيل،
حدثنا حبيب بن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أنها
قالت: يا رسول الله: هل على النساء جهاد ؟ قال: " نعم
عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة " وإسناده صحيح،
وأخرجه البخاري 4 / 63 في الحج: باب حج النساء، وأحمد 6 /
79 من طريق عبد الواحد بن زياد، حدثنا حبيب بن أبي عمرة،
حدثتنا عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله،
ألا نغزو أو نجاهد معكم ؟ فقال: " لكن أحسن الجهاد وأجمله
الحج حج مبرور " فقالت عائشة: لا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا
من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو في البخاري 3 / 302 في الحج: باب فضل الحج المبرور، و
" المسند " 6 / 67 و 68 و 71 و 75 و 79 و 120 و 166 من طرق
عن حبيب بن أبي عمرة به بنحوه.
* الجرح والتعديل 2 / 78، تاريخ بغداد 5 / 150، 151، تهذيب
الكمال: 43، تذهيب التهذيب 1 / 27 / 2، تهذيب التهذيب 1 /
82، 83، خلاصة تذهيب الكمال: 13.
(*)
(12/388)
عن: النضر بن شميل، وعمر بن يونس، وحسين الجعفي، وروح،
وعدة.
وعنه: ابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، والمحاملي،
وآخرون، ومسلم في غير " الصحيح ".
قال: أبو حاتم: صدوق (1).
قلت: توفي سنة سبع وخمسين ومئتين.
170 - الرمادي * (ق) الامام
الحافظ الضابط، أبو بكر، أحمد بن منصور بن سيار بن
معارك، الرمادي البغدادي.
حدث عن: عبد الرزاق بكتبه، وعن زيد بن الحباب، ويزيد بن
هارون، وأبي داود الطيالسي، وهاشم بن القاسم، وعبيدالله بن
موسى، والاسود بن عامر، وعفان، ويحيى بن أبي بكير، وعثمان
بن عمر بن فارس، وأبي عاصم النبيل، وسعيد بن أبي مريم،
ومحمد بن وهب الدمشقي، وخلق كثير بالحجاز واليمن، والعراق
والشام ومصر.
وكان من أوعية العلم.
حدث عنه: ابن ماجة، وإسماعيل القاضي، وابن أبي الدنيا،
وأبو
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 78 * الجرح والتعديل 2 / 78،
تاريخ بغداد 5 / 151، 153، الانساب 6 / 163، اللباب 2 /
36، تهذيب الكمال: 43، 44، تذهيب التهذيب 1 / 27 / 2،
تذكرة الحفاظ 2 / 564، 565، ميزان الاعتدال 1 / 158، العبر
2 / 30، الوافي بالوفيات 8 / 192، تاريخ ابن كثير 11 / 38،
تهذيب التهذيب 1 / 83، 84، طبقات الحفاظ: 251، خلاصة تذهيب
الكمال: 13.
(*)
(12/389)
العباس بن سريج، وأبو عوانة، وأبو نعيم بن عدي، وابن أبي
حاتم، والمحاملي، وابن مخلد، ومحمد بن عقيل البلخي، وأبو
(1) بكر بن زياد، وإسماعيل الصفار، والحسين بن يحيى بن
عياش القطان، وخلق كثير.
وقال في " تاريخه ": سمعت من عبد الرزاق سنة أربع ومئتين.
وصنف " المسند الكبير ".
وكان عباس الدوري يقول: أنا أسكت من أمر الرمادي على شئ
أخاف أن لا يسعني، كنت ربما سمعت يحيى بن معين يقول: قال
أبو بكر الرمادي (2)، يعني يذكره بكنيته، وقد كان رفيقا
وصاحبا ليحيى في
رحلته.
وروي عن إبراهيم بن أورمة، قال: لو أن رجلين قال أحدهما:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وقال الآخر: حدثنا الرمادي،
كانا سواء (3).
قال الدارقطني: هو ثقة (4).
وقال ابن أبي حاتم: كان أبي يوثقه (5).
قال ابن مخلد: كان الرمادي إذا مرض يستشفي بأن يسمعوا عليه
الحديث.
__________
(1) في الاصل: " أبي " وهو خطأ.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 152، و " تهذيب الكمال ": 43.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 152، 153، و " تهذيب الكمال ":
43، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 285.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 153، و " تهذيب الكمال ": 43.
(5) " الجرح والتعديل " 2 / 78، و " تاريخ بغداد " 5 /
151، و " تهذيب الكمال " 43، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 285.
(*)
(12/390)
قال أبو الحسين بن المنادي: مات الرمادي لاربع بقين من
ربيع الآخر سنة خمس وستين ومئتين.
وقد استكمل ثلاثا وثمانين سنة.
قلت: سمعنا من طريقه جماعة أجزاء من عن عبد الرزاق.
وفيها مات إبراهيم بن الحارث البغدادي، وابراهيم بن هانئ
النيسابوري، وسعدان بن نصر المخرمي، وصالح بن أحمد بن
حنبل، وعلي بن حرب، وعبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي،
والقدوة أبو حفص النيسابوري، وهارون بن سليمان، والمنتظر
محمد بن الحسن، والرافضة
تقول: لم يمت، بل اختفى في السرداب.
171 - أبو عبد الله البخاري *
(ت، س) محمد بن اسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن
بردزبه (1)، وقيل بذدربه، وهي لفظة بخارية، معناها الزراع.
__________
* مقدمة كتابه: التاريخ الصغير، الجرح والتعديل 7 / 191،
طبقات الحنابلة 1 / 271، 279، تاريخ بغداد 2 / 4، 33،
الانساب، ورقة: 68 / أ، تقييد المهمل للغساني، لوحة: 5،
52، اللباب 1 / 125، تهذيب الاسماء واللغات: الجزء الاول
من القسم الاول، ص: 67، 76، وفيات الاعيان 4 / 188، 191،
تهذيب الكمال: 1168، 1172، تذهيب التهذيب 3 / 185 / 2، 189
/ 1، جامع الاصول 1 / 186، العبر 2 / 12، 13، تذكرة الحفاظ
2 / 555، 557، الوافي بالوفيات 2 / 206، 209، طبقات
الشافعية للسبكي 2 / 212، 241، تاريخ ابن كثير 11 / 24،
26، تهذيب التهذيب 9 / 47، 55، مقدمة فتح الباري، النجوم
الزاهرة 3 / 25، 26، طبقات الحفاظ: 248، 249، خلاصة تذهيب
الكمال: 327، طبقات المفسرين 2 / 100، مرآة الجنان 2 /
167، مفتاح السعادة 2 / 130، شذرات الذهب 2 / 134، 136.
(1) جاء في " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 67 / 1: بردزبه،
بباء موحدة مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم دال مهملة مكسورة.
ثم زاي ساكنة، ثم باء موحدة، ثم هاء.
هكذا قيده الامير أبو نصر بن ماكولا.
وقال: هو بالبخارية، ومعناه بالعربية: الزراع.
وفي " وفيات الاعيان " 4 / 190 قال ابن خلكان: وقد اختلف
في اسم جده، فقيل: إنه يزذبة، بفتح الياء المثناة من
تحتها، وسكون الزاي، وكسر الذال المعجمة، وبعدها باء
موحدة، ثم هاء ساكنة.
ثم نقل قول ابن ماكولا.
(*)
(12/391)
أسلم المغيرة على يدي اليمان الجعفي (1) والي بخارى، وكان
مجوسيا، وطلب إسماعيل بن إبراهيم العلم.
فأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو
طاهر ابن سلفة، أخبرنا أبو علي البرداني، أخبرنا هناد بن
إبراهيم، أخبرنا محمد ابن أحمد الحافظ، حدثنا عبدالرحمن بن
محمد، ومحمد بن الحسين، قالا: حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف،
أنه سمع البخاري يقول: سمع أبي من مالك بن أنس، ورأى حماد
بن زيد، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه.
قلت: وولد أبو عبد الله في شوال سنة أربع وتسعين ومئة.
قاله أبو جعفر محمد بن أبي حاتم البخاري، وراق أبي عبد
الله في كتاب: " شمائل البخاري "، جمعه، وهو جزء ضخم.
أنبأني به أحمد بن أبي الخير، عن محمد بن إسماعيل
الطرسوسي، أن محمد بن طاهر الحافظ أجاز له، قال: أخبرنا
أحمد بن علي بن خلف، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن عبد الله بن
مهرويه الفارسي المؤدب، قدم علينا من مرو لزيارة أبي عبد
الله السلمي، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله بن محمد بن
يوسف بن مطر الفربري، حدثنا جدي، قال: سمعت محمد بن أبي
حاتم، فذكر الكتاب فما أنقله عنه، فبهذا السند.
ثم إن أبا عبد الله فيما أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن،
أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة ست عشرة وست مئة
أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي،
أخبرنا هبة الله بن الحسن الحافظ، أخبرنا
__________
(1) قال الخطيب في " تاريخه " 2 / 6: ريحان هذا هو أبو جد
عبد الله بن محمد المسندي [ وزاد النووي رحمه الله: بفتح
النون ]، وعبد الله بن محمد هو ابن جعفر بن يمان البخاري
الجعفي.
والبخاري قيل له: جعفي، لان أبا جده أسلم على يدي أبي جد
عبد الله المسندي ويمان جعفي، فنسب إليه لانه مولاه من
فوق.
(*)
(12/392)
أحمد بن محمد بن حفص، أخبرنا محمد بن أحمد بن سليمان،
أخبرنا خلف من محمد، حدثنا محمد بن أحمد بن الفضل البلخي،
سمعت أبي يقول: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره، فرأت
والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال لها:
يا هذه، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو كثرة
دعائك، شك البلخي، فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره (1).
وبالسند، الماضي إلى محمد بن أبي حاتم، قال: قلت لابي عبد
الله: كيف كان بدء أمرك ؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في
الكتاب.
فقلت: كم كان سنك ؟ فقال: عشر سنين، أو أقل.
ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي
وغيره.
فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزبير، عن
إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم.
فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الاصل.
فدخل فنظر فيه، ثم خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام ؟ قلت: هو
الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه،
وقال: صدقت.
فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه ؟ قال ابن إحدى
عشرة سنة.
فلما طعنت في ست عشرة سنة، كنت قد حفظت كتب ابن المبارك
ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء (2)، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد
إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها ! وتخلفت في طلب الحديث
(3).
__________
(1) " طبقات الحنابلة " 1 / 274، و " تهذيب الكمال ":
1170، و " طبقات السبكي " 2 / 216، و " مقدمة فتح الباري
": 478.
(2) قال ابن حجر في " مقدمة الفتح ": 479: يعني أصحاب
الرأي.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 7، و " تهذيب الكمال ": 1169، و "
طبقات الشافعية "
للسبكي 2 / 216، و " مقدمة الفتح ": 478، 479.
(*)
(12/393)
ذكر تسمية شيوخه وأصحابه سمع ببخارى قبل أن يرتحل من مولاه
من فوق عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان
الجعفي المسندي، ومحمد بن سلام (1) البيكندي، وجماعة،
ليسوا من كبار شيوخه.
ثم سمع ببلخ من مكي بن إبراهيم، وهو من عوالي شيوخه.
وسمع بمرو من عبدان بن عثمان، وعلي بن الحسن بن شقيق،
وصدقة بن الفضل، وجماعة.
وبنيسابور من يحيى بن يحيى، وجماعة.
وبالري إبراهيم بن موسى.
وببغداد إذ قدم العراق في آخر سنة عشر ومئتين من محمد بن
عيسى ابن الطباع، وسريج بن النعمان، ومحمد بن سابق، وعفان.
وبالبصرة من أبي عاصم النبيل، والانصاري، وعبد الرحمن بن
حماد الشعيثي صاحب ابن عون، ومن محمد بن عرعرة، وحجاج بن
منهال، وبدل بن المحبر، وعبد الله بن رجاء، وعدة.
وبالكوفة من عبيدالله بن موسى، وأبي نعيم، وخالد بن مخلد،
وطلق بن غنام، وخالد بن يزيد المقرئ ممن قرأ على حمزة.
__________
(1) قال الذهبي في " المشتبه " 1 / 378: محمد بن سلام
البيكندي الحافظ شيخ البخاري ما ذكر الخطيب ولا ابن ماكولا
فيه سوى التخفيف.
وقال صاحب " المطالع " ثقله الاكثر، كذا قال، ولم يتابع.
وقد ذكره غنجار في " تاريخ بخارى " - وإليه المفزع والمرجع
- بالتخفيف.
وقال الامام النووي في " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 70 /
1: محمد بن سلام،
بتخفيف اللام، على الاصح، وقيل: بتشديدها.
(*)
(12/394)
وبمكة من أبي عبدالرحمن المقرئ، وخلاد بن يحيى، وحسان بن
حسان البصري، وأبي الوليد أحمد بن محمد الازرقي والحميدي.
وبالمدينة من عبد العزيز الاويسي، وأيوب بن سليمان بن
بلال، وإسماعيل بن أبي أويس.
وبمصر سعيد بن أبي مريم، وأحمد بن إشكاب، وعبد الله بن
يوسف، وأصبغ، وعدة.
وبالشام أبا اليمان، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش، وبشر
بن شعيب، وقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس، وأحمد بن
خالد الوهبي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبي مسهر، وأمم
سواهم.
وقد قال وراقه محمد بن أبي حاتم: سمعته يقول: دخلت بلخ،
فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثا، فأمليت ألف
حديث لالف رجل ممن كتبت عنهم.
قال: وسمعته قبل موته بشهر يقول: كتبت عن ألف وثمانين
رجلا، ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الايمان قول
وعمل، يزيد وينقص (1).
قلت: فأعلى شيوخه الذين حدثوه عن التابعين، وهم أبو عاصم،
__________
(1) ذكره الحافظ في " الفتح " 1 / 44، وقال: نقله
اللالكائي في كتاب السنة بسند صحيح، عن البخاري، قال
الحافظ: الايمان عند السلف هو اعتقاد بالقلب، ونطق
باللسان، وعمل بالاركان، وأرادوا بذلك أن الاعمال شرط في
كماله، ومن هنا نشأ لهم القول بالزيادة، والنقص، والمرجئة
قالوا: هو اعتقاد ونطق فقط، والمعتزلة قالوا: هو العمل
والنطق
والاعتقاد، والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الاعمال
شرطا في صحته، والسلف جعلوها شرطا في كماله.
وانظر تمام كلامه.
(*)
(12/395)
والانصاري، ومكي بن إبراهيم، وعبيدالله بن موسى، وأبو
المغيرة، ونحوهم.
وأوساط شيوخه الذين رووا له عن الاوزاعي، وابن أبي ذئب،
وشعبة، وشعيب بن أبي حمزة، والثوري.
ثم طبقة أخرى دونهم كأصحاب مالك، والليث، وحماد بن زيد،
وأبي عوانة.
والطبقة الرابعة من شيوخه (1) مثل أصحاب ابن المبارك، وابن
عيينة، وابن وهب، والوليد بن مسلم.
ثم الطبقة الخامسة، وهو محمد بن يحيى الذهلي الذي روى عنه
الكثير ويدلسه (2)، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن
عبدالرحيم صاعقة، وهؤلاء هم من أقرانه.
وقد سمع من أبي مسهر، وشك في سماعه، فقال في غير " الصحيح
": حدثنا أبو مسهر، أو حدثنا رجل عنه.
وورى أحمد بن عبدالملك بن واقد الحراني، لقيه بالعراق، ولم
يدخل الجزيرة (3).
وقال: دخلت على معلى بن منصور الرازي ببغداد سنة عشر.
__________
(1) اتبع ابن حجر في " مقدمة الفتح " مراتب شيخه على
الطبقات أيضا: 479، 480 (2) أي يصفه بأوصاف لا تعرف عند
كثير من الناس.
(3) في هامش الاصل ما نصه: بل دخل الجزيرة.
بينه ابن عساكر في التاريخ.
وجاء في " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 214: وفي " تاريخ
نيسابور " للحاكم أنه سمع بالجزيرة من أحمد بن الوليد بن
الورتنيس الحراني، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي،
وعمرو بن
خالد، وأحمد بن عبدالملك بن واقد الحراني.
وهذا وهم، فإنه لم يدخل الجزيرة، ولم يسمع عن أحمد بن
الوليد، إنما روى عن رجل عنه، ولا من ابن زرارة، إنما
اسماعيل بن عبد الله الذي يروي عنه هو إسماعيل بن أبي
أويس.
وأما ابن واقد، فإنه سمع منه ببغداد، وعمرو بن خالد سمع
منه بمصر.
نبه على هذا شيخنا الحافظ المزي فيما رأيته بخطه.
(*)
(12/396)
روى عنه خلق كثير، منهم: أبو عيسى الترمذي، وأبو حاتم،
وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو
بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وصالح بن محمد جزرة، ومحمد
بن عبد الله الحضرمي مطين، وإبراهيم بن معقل النسفي، وعبد
الله بن ناجية، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وعمر بن
محمد بن بجير، وأبو قريش محمد بن جمعة، ويحيى بن محمد بن
صاعد، ومحمد بن يوسف الفربري راوي " الصحيح "، ومنصور بن
محمد مزبزدة، وأبو بكر بن أبي داود، والحسين والقاسم ابنا
المحاملي، وعبد الله بن محمد بن الاشقر، ومحمد ابن سليمان
بن فارس، ومحمود بن عنبر النسفي، وأمم لا يحصون.
وروى عنه مسلم في غير " صحيحه ".
وقيل: إن النسائي روى عنه في الصيام من " سننه "، ولم يصح
(1)، لكن قد حكى النسائي في كتاب " الكنى " له أشياء عن
عبد الله بن أحمد الخفاف، عن البخاري.
وقد رتب شيخنا أبو الحجاج المزي شيوخ البخاري وأصحابه على
المعجم كعادته وذكر خلقا سوى من ذكرت.
__________
(1) في هامش الاصل ما نصه: بل روى عنه النسائي، وقع له ذلك
في كتاب " الايمان " لابن مندة، قال: حدثنا حمزة، حدثنا
النسائي، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، فذكر فائدة: قال
النسائي في الصيام: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا حفص بن
عمر بن
الحارث، عن حماد حديث: ما لعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
هكذا رواه حمزة الكناني، والحسن بن الخضر الاسيوطي، وابن
حيويه النيسابوري، عن النسائي.
وفي أصل الصوري بخطه عن ابن النحاس، عن حمزة الكناني، عن
النسائي، حدثنا محمد بن إسماعيل وهو أبو بكر الطبراني.
وقال ابن السني وحده عن النسائي، حدثنا محمد بن اسماعيل
البخاري.
قال المزني: ولم نجد للنسائي غير ذا إن كان ابن السني حفظه
وما نسبه من عنده معتقدا أنه البخاري.
وقد روى النسائي الكثير عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم،
وهو ابن علية، روى في كتاب " الكنى " له، عن عبد الله بن
أحمد الخفاف، عن البخاري عدة أحاديث.
فهذه قرينة في أنه لم يلق البخاري، والله أعلم.
(*)
(12/397)
وقد أنبأنا المؤمل بن محمد وغيره أن أبا اليمن اللغوي
أخبرهم، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب،
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي الحرشي بنيسابور،
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد البلخي، يروي عن محمد بن
يوسف الفربري، أنه كان يقول: سمع كتاب " الصحيح " لمحمد بن
إسماعيل تسعون (1) ألف رجل، فما بقي أحد يرويه غيري (2).
وقال محمد بن طاهر المقدسي: روى " صحيح " البخاري جماعة،
منهم: الفربري، وحماد بن شاكر، وإبراهيم بن معقل، وطاهر بن
محمد ابن مخلد النسفيان.
وقال الامير الحافظ أبو نصر بن ماكولا: آخر من حدث عن
البخاري ب " الصحيح " أبو طلحة منصور بن محمد بن علي
البزدي من أهل بزدة.
وكان ثقة، توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الابرقوهي بقراءتي،
أخبرنا أبو
بكر زيد بن هبة الله البغدادي، أخبرنا أحمد بن المبارك بن
قفرجل، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا عبد الواحد بن محمد
بن مهدي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي
سنة تسع وعشرين وثلاث مئة، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري،
حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان - يعني: الثوري - عن أبي
بردة، قال: أخبرني جدي أبو بردة، عن أبيه أبي
__________
(1) في " تهذيب الاسماء واللغات ": سبعون.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 274، و " تاريخ بغداد " 2 / 9،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 73 / 1، و " وفيات
الاعيان " 4 / 190، و " تهذيب الكمال ": 1169، و " مقدمة
الفتح ": 492.
(*)
(12/398)
موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المؤمن للمؤمن
كالبنيان، يشد بعضه بعضا ".
وشبك بين أصابعه، وكان جالسا، فجاءه رجل أو طالب حاجة،
فأقبل علينا بوجهه، فقال: " اشفعوا فلتؤجروا، وليقض (1)
الله على لسان رسوله ما شاء ".
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الهاشمي، أخبرنا محمد بن
أحمد القطيعي ببغداد، أخبرنا محمد بن عبيدالله المجلد،
أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن
المخلص، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا محمد بن
إسماعيل البخاري، حدثنا حماد، عن يونس وحبيب، ويحيى بن
عتيق، وهشام عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، قالت: أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن تخرج ذوات الخدور يوم العيد.
قيل: فالحيض ؟ قال: " يشهدن الخير، ودعوة المسلمين " (2).
هذان حديثان صحيحان من عالي ما وقع لنا من رواية أبي عبد
الله
سوى " الصحيح ".
__________
(1) في الاصل، و " تاريخ بغداد " 2 / 5: وليقضي، بإثبات
الياء، والمثبت من " الصحيح " 10 / 377 في الادب: باب
تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، قال الحافظ: كذا ثبت في هذه
الرواية " وليقض " باللام، وكذا في رواية أبي أسامة
للكشميهني فقط، وللباقين: " ويقضي " بغير لام، وفي رواية
مسلم (2627) من طريق علي بن مسهر، وحفص بن غياث " فليقض "
أيضا، قال القرطبي: لا يصح أن تكون هذه اللام لام الامر،
لان الله لا يؤمر، ولا لام كي، لانه ثبت في الرواية "
وليقض " بغير ياء مد، ثم قال: يحتمل أن تكون بمعنى الدعاء،
أي: اللهم اقض، أو الامر هنا بمعنى الخبر.
وانظر البخاري 5 / 71، ومسلم (2585) والترمذي (1929) و
(2674) وسنن أبي داود (5131) والنسائي 5 / 78.
(2) هو من طريق محمد بن سيرين، عن أم عطية عند البخاري 1 /
395 في أول ستر العورة و 2 / 386 في اليدين: باب خروج
النساء والحيض إلى المصلى و 390، 391: باب اعتزال الحيض
المصلى.
ومسلم (890) في صلاة العيدين: باب ذكر إباحة خروج النساء
في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة، والترمذي (539) وأبى
داود (1136) والنسائي 3 / 180، 181.
(*)
(12/399)
وأما " الصحيح " فهو أعلى ما وقع لنا من الكتب الستة في
أول ما سمعت الحديث، وذلك في سنة اثنتتين وتسعين وست مئة
(1).
فما ظنك بعلوه اليوم وهو سنة خمس عشرة وسبع مئة (2) ! ! لو
رحل الرجل من مسيرة سنة لسماعه لما فرط.
كيف وقد دام علوه إلى عام ثلاثين، وهو أعلى الكتب الستة
سندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شئ كثير من
الاحاديث، وذلك لان أبا عبد الله أسن الجماعة، وأقدمهم
لقيا للكبار، أخذ عن جماعة يروي الائمة الخمسة (3) عن رجل
عنهم.
ذكر رحلته وطلبه وتصانيفه قال محمد بن أبي حاتم البخاري:
سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل يقول: حججت، ورجع أخي
بامي، وتخلفت في طلب الحديث فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت
أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد
الله بن موسى (4).
وصنفت كتاب " التاريخ " إذ ذاك عند قبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الليالي المقمرة.
وقل اسم في التاريخ إلا وله قصة، إلا أني كرهت تطويل
الكتاب (5).
__________
(1) فالذهبي كان عمره في أول سماع الحديث تسع عشر سنة،
لانه ولد سنة 673 ه في كفر بطنا.
(2) هذا التحديد يبين لنا أن الذهبي قد ألف " سير أعلام
النبلاء " قبل سنة 715 ه هذا إذا لم يكن هذا النص في "
تاريخ الاسلام " له.
(3) أي: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 7.
(5) " تاريخ بغداد " 2 / 7، و " تهذيب الكمال ": 169، و "
طبقات السبكي " 2 / 216 و " مقدمة الفتح ": 479.
(*)
(12/400)
وكنت أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي، فإذا جئت أستحيي أن
أسلم عليهم، فقال لي مؤدب من أهلها: كم كتبت اليوم ؟ فقلت:
اثنين، وأردت بذلك حديثين، فضحك من حضر المجلس.
فقال شيخ منهم: لا تضحكوا، فلعله يضحك منكم يوما ! !
وسمعته يقول: دخلت على الحميدي وأنا ابن ثمان عشرة سنة،
وبينه
وبين آخر اختلاف في حديث، فلما بصر بي الحميدي قال: قد جاء
من يفصل بيننا، فعرضا علي، فقضيت للحميدي على من يخالفه،
ولو أن مخالفه أصر على خلافه، ثم مات على دعواه، لمات
كافرا.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا أبو الفضل الهمداني،
أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو على البرداني، وابن الطيوري،
قالا: أخبرنا هناد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن أحمد غنجار،
أخبرنا خلف بن محمد الخيام، سمعت الفضل بن إسحاق البزاز،
حدثنا أحمد بن منهال العابد، حدثنا أبو بكر الاعين قال:
كتبنا عن البخاري على باب محمد بن يوسف الفريابي، وما في
وجهه شعرة.
فقلنا: ابن كم أنت ؟ قال: ابن سبع عشرة سنة (1).
وقال خلف الخيام: سمعت إبراهيم بن معقل، سمعت أبا عبد الله
يقول: كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال بعض أصحابنا: لو
جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي صلى الله عليه وسلم، فوقع
ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب (2).
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 217.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 9، و " تهذيب الكمال ": 1169، و "
طبقات السبكي " 2 / 221.
(*)
(12/401)
وعن...(1) أن البخاري قال: أخرجت هذا الكتاب من زهاء ست
مئة الف حديث.
أنبأنا المؤمل بن محمد وغيره، أنبأنا أبو اليمن الكندي،
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني
علي بن محمد العطار بالري، سمعت أبا الهيثم الكشميهني،
سمعت الفربري يقول: قال لي
محمد بن إسماعيل: ما وضعت في كتابي " الصحيح " حديثا إلا
اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين (2).
أخبرنا ابن الخلال، أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي،
أخبرنا أبو عبد الله الرازي، حدثنا عبد الله بن الوليد،
أخبرنا أحمد بن الحسن بن بندار، أخبرنا أبو أحمد بن عدي،
سمعت الحسن بن الحسين البزاز، سمعت إبراهيم بن معقل، سمعت
البخاري يقول: ما أدخلت في هذا الكتاب إلا ما صح، وتركت من
الصحاح كي لا يطول الكتاب (3).
وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم، قلت لابي عبد الله: تحفظ
__________
(1) بياض في الاصل.
وكذا في نسخة أحمد الثالث.
وجاء في " طبقات الحنابلة " 1 / 274، 275: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن ثابت المحدث، قال: كتب إلي علي بن أبي حامد محمد
الاصفهاني يذكر أن أبا أحمد محمد بن أحمد بن مكي الجرجاني
حدثهم، قال: سمعت السعداني يقول: سمعت بعض أصحابنا يقول:
قال محمد بن إسماعيل: أخرجت هذا الكتاب - يعني: " الصحيح "
- من زهاء ست مئة ألف حديث.
وكذا هو في " تاريخ بغداد " 2 / 8، و " تهذيب الكمال ":
1169.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 274، و " تاريخ بغداد " 2 / 9،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 74 / 1، و " وفيات
الاعيان " 4 / 190، و " تهذيب الكمال ": 1169، و " طبقات
السبكي " 2 / 220، و " مقدمة الفتح ": 490.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 275، و " تاريخ بغداد " 2 / 9،
و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 74 / 1، و " تهذيب الكمال
": 1169، و " طبقات السبكي " 2 / 221.
(*)
(12/402)
جميع ما أدخلت في المصنف ؟ فقال: لا يخفى علي جميع ما فيه
(1).
وسمعته يقول: صنفت جميع كتبي ثلاث مرات.
وسمعته يقول: لو
نشر بعض أستاذي (2) هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت " التاريخ "،
ولا عرفوه، ثم قال: صنفته ثلاث مرات (3).
وسمعته يقول: أخذ إسحاق بن راهويه كتاب " التاريخ " الذي
صنفت، فأدخله على عبد الله بن طاهر، فقال: أيها الامير،
ألا أريك سحرا ؟ قال: فنظر فيه عبد الله، فتعجب، منه، وقال
لست أفهم تصنيفه (4).
وقال خلف الخيام: سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف: يقول: دخل
محمد بن إسماعيل إلى العراق في آخر سنة عشر ومئتين.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: دخلت بغداد آخر
ثمان مرات، في كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل، فقال لي في آخر
ما ودعته: يا أبا عبد الله، تدع العلم والناس، وتصير إلى
خراسان ؟ ! قال: فأنا الآن أذكر قوله (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 9، و " تهذيب الكمال ": 1169، و "
طبقات السبكي " 2 / 221.
(2) تصحفت في " تاريخ بغداد " 2 / 7، و " طبقات السبكي " 2
/ 221 إلى: " إسنادي ".
كما تصحفت في " مقدمة الفتح ": 488 إلى: " استاري ".
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 7، و " طبقات السبكي " 2 / 221، و
" مقدمة الفتح ": 488.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 7، و " تهذيب الكمال ": 1169، و "
طبقات السبكي " 2 / 221، و " مقدمة الفتح ": 484.
(5) " طبقات الحنابلة " 1 / 277، و " تاريخ بغداد " 2 /
22، 23، و " طبقات السبكي " 2 / 217.
(*)
(12/403)
وقال أبو عبد الحاكم أول ما ورد البخاري نيسابور سنة تسع
ومئتين، ووردها في الاخير سنة خمسين ومئتين، فأقام بها خمس
سنين يحدث على الدوام.
أخبرنا أبو حفص بن القواس، أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني
قراءة عليه سنة تسع وست مئة وأنا حاضر، أخبرنا أبو الحسن
علي بن المسلم الفقيه، أخبرنا الحسين بن محمد الخطيب،
أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثني أحمد بن محمد بن آدم،
حدثنا محمد بن يوسف البخاري، قال: كنت مع محمد بن إسماعيل
بمنزله ذات ليلة، فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء
يعلقها في ليلة ثمان عشرة مرة (1).
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: كان أبو عبد الله، إذا كنت
معه في سفر، يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا، فكنت
أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في
كل ذلك يأخذ القداحة، فيوري نارا، ويسرج، ثم يخرج أحاديث،
فيعلم عليها (2).
وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن همام يقول: سمعت عدة من
المشايخ، يقولون: حول محمد بن إسماعيل تراجم جامعه بين قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة
ركعتين (3).
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 1170، و " طبقات السبكي " 2 / 220.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 13، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 75 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1170، و " طبقات السبكي "
2 / 220، و " مقدمة الفتح ": 482.
(3) " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 74 / 1، وقال النووي:
وقال آخرون منهم أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي صنفه
ببخارى، وقيل: بمكة، وقيل بالبصرة.
وكل هذا صحيح، ومعناه أنه كان يصنف فيه في كل بلدة من هذه
البلدان، فإنه بقي في تصنيفه ست
عشرة سنة.
والخبر في " تهذيب الكمال ": 1169، و " مقدمة الفتح ": 490
وقال ابن = (*)
(12/404)
وقال:...(1) سمعت البخاري يقول: صنفت " الصحيح " في ست
عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت هانئ بن النضر يقول: كنا عند
محمد بن يوسف يعني: الفريابي - بالشام، وكنا نتنزه فعل
الشباب في أكل الفرصاد (2) ونحوه، وكان محمد بن إسماعيل
معنا، وكان لا يزاحمنا في شئ مما نحن فيه، ويكب على العلم.
وقال محمد: سمعت النجم بن الفضيل يقول: رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم في النوم، كأنه يمشي، ومحمد بن إسماعيل
يمشي خلفه، فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه، وضع
محمد بن إسماعيل قدمه في المكان الذي رفع النبي صلى الله
عليه وسلم قدمه (3).
__________
= حجر: ولا ينافي هذا ما تقدم، لانه يحمل على أنه في الاول
كتبه في المسودة، وهنا حوله من المسودة إلى المبيضة.
(1) بياض في الاصل.
وكذا في نسخة أحمد الثالث.
وجاء في " طبقات الحنابلة " 1 / 276: أخبرنا أحمد المؤرخ،
حدثنا أبو الوليد الدربندي، سمعت محمد بن الفضل، سمعت أبا
إسحاق الزنجاني، سمعت عبدالرحمن بن رساس البخاري يقول:
سمعت محمد ابن إسماعيل البخاري يقول: صنفت كتابي " الصحيح
" لست عشرة سنة، خرجته من ست مئة ألف حديثه، وجعلته حجة
فيما بيني وبين الله تعالى.
وفي " تاريخ بغداد " 2 / 14 بالسند نفسه ولكن فيه "
الريحاني " و " رساين " بدل: " الزنجاني " و " رساس ".
وفي " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 74 / 1: وروينا من جهات
عن البخاري رحمه الله قال: صنفت...والخبر في " وفيات
الاعيان " 4 / 190.
و " تهذيب لكمال ": 1170.
وقال السبكي في " طبقات
الشافعية " 2 / 221: " قال شيخنا أبو عبد الله الحافظ: روي
من وجهين ثابتين عن البخاري أنه قال: أخرجت هذا الكتاب من
نحو ست مئة ألف حديث، وصنفته في ست عشرة سنة، وجعلته حجة
فيما بيني وبين الله.
وانظر " مقدمة الفتح ": 490.
(2) أي عجم الزبيب والعنب.
والفرصاد: التوت، وقيل حمله، وهو الاحمر منه.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 10، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 68 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1170، و " طبقات السبكي "
2 / 221، و " مقدمة الفتح ": 490.
(*)
(12/405)
وقال سمعت أبا عبد الله يقول: كان شيخ يمر بنا في مجلس
الداخلي، فأخبره بالاحاديث الصحيحة مما يعرض علي، وأخبره
بقولهم، فإذا هو يقول لي يوما: يا أبا عبد الله، رئيسنا في
أبو جاد، وقال بلغني أن أبا عبد الله شرب دواء الحفظ يقال
له: بلاذر، فقلت له يوما خلوة: هل من دواء يشربه الرجل،
فينتفع به للحفظ ؟ فقال: لا أعلم، ثم أقبل علي، وقال لا
أعلم شيئا أنفع للحفظ من نهمة الرجل، ومداومة النظر (1).
قال: وذاك أني كنت بنيسابور مقيما، فكان ترد إلي من بخارى
كتب، وكن قرابات لي يقرئن سلامهن في الكتب، فكنت اكتب
كتابا إلى بخارى، وأردت أن أقرئهن سلامي، فذهب علي أساميهن
حين كتبت كتابي، ولم أقرئهن سلامي، وما أقل ما يذهب عني من
العلم، وقال: سمعته يقول: لم تكن كتابتي للحديث كما كتب
هؤلاء.
كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله
الحديث، إن كان الرجل فهما.
فإن لم يكن سألته أن يخرج إلي أصله ونسخته.
فأما الآخرون لا يبالون ما يكتبون، وكيف يكتبون.
وقال سمعت العباس الدوري يقول: ما رأيت أحدا يحسن طلب
الحديث مثل محمد بن إسماعيل، كان لا يدع أصلا ولا فرعا إلا
قلعه.
ثم قال لنا: لا تدعوا من كلامه شيئا إلا كتبتموه.
وقال: كتب إلى أبي عبد الله بعض السلاطين في حاجة له، ودعا
له دعاء كثيرا.
فكتب إليه أبو عبد الله: سلام عليك، فإني أحمد إليك الله
الذي لا إله إلا هو، أما بعد: وصل إلي كتابك وفهمته، وفي
بيته يؤتى
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 488.
(*)
(12/406)
الحكم والسلام.
وقال: سمعت إبراهيم الخواص، مستملي صدقة، يقول [ رأيت ]
أبا زرعة كالصبي جالسا بين يدي محمد بن إسماعيل، يسأله عن
علل الحديث (1).
ذكر حفظه وسعة علمه وذكائه قال محمد بن أحمد غنجار في "
تاريخ بخارى ": سمعت أبا عمرو أحمد بن محمد المقرئ، سمعت
مهيب بن سليم، سمعت جعفر بن محمد القطان إمام كرمينية
يقول: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كتبت عن ألف شيخ وأكثر،
عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر (2)، ما عندي حديث إلا
أذكر إسناده (3).
قال غنجار: وحدثنا محمد بن عمران الجرجاني، سمعت عبد
الرحمن بن محمد البخاري، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: لقيت
أكثر من ألف رجل أهل الحجاز والعراق والشام ومصر، لقيتهم
كرات، أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع
مرات، وبالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد
مع محدثي خراسان،
منهم: المكي بن إبراهيم، ويحيى بن يحيى، وابن شقيق،
وقتيبة، وشهاب بن معمر، وبالشام: الفريابي وأبا مسهر، وأبا
المغيرة، وأبا اليمان، وسمى خلقا.
ثم قال: فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 222.
(2) " طبقات السبكي " 2 / 222.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 275، و " تاريخ بغداد " 2 /
10، و " تهذيب الكمال ": 1170.
(*)
(12/407)
الاشياء، أن الدين قول وعمل، وأن القرآن كلام الله.
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر
يقولان: كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ
البصرة وهو غلام، فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام، فكنا
نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما تصنع ؟ فقال لنا
يوما بعد ستة عشر يوما: إنكما قد أكثرتما علي وألححتما،
فاعرضا علي ما كتبتما.
فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث،
فقرأها كلها عن ظهر القلب، حتى جعلنا نحكم (1) كتبنا من
حفظه.
ثم قال: أترون أني أختلف هدرا (2)، وأضيع أيامي ؟ ! فعرفنا
أنه لا يتقدمه أحد (3).
قال: وسمعتهما يقولان: كان أهل المعرفة من البصريين يعدون
خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه
في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه.
وكان شابا لم يخرج وجهه (4).
وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ: سمعت عدة مشايخ
يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع بن
أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث، فقلبوا
متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الاسناد هذا، وإسناد هذا
المتن هذا، ودفعوا إلى كل
__________
(1) يقال حكم الشئ وأحكمه: استثبته ومنعه من الفساد
والخطأ.
(2) هدر يهدر، بالكسر، ويهدر، بالضم، هدرا وهدرا، أي بطل.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 276، 277، و " تاريخ بغداد " 2
/ 14، 15، و " طبقات السبكي " 2 / 217، و " مقدمة الفتح ":
479.
(4) أي لم ينبت شعر وجهه.
والخبر في " طبقات الحنابلة " 1 / 277، و " تهذيب الاسماء
واللغات " 1 / 70 / 1، و " طبقات السبكي " 2 / 217.
(*)
(12/408)
واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس، فاجتمع
الناس، وانتدب أحدهم، فسأل البخاري عن حديث من عشرته،
فقال: لا أعرفه.
وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه.
وكذلك حتى فرغ من عشرته.
فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم.
ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز، ثم انتدب آخر،
ففعل كما فعل الاول.
والبخاري يقول: لا أعرفه.
ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا
أعرفه.
فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الاول منهم، فقال: أما
حديثك الاول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة،
فرد كل متن إلى إسناده.
وفعل بالآخرين مثل ذلك.
فأقر له الناس بالحفظ.
فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول: الكبش النطاح (1).
وقال غنجار: حدثنا منصور بن إسحاق الاسدي، سمعت عبد الله
ابن محمد بن إبراهيم الزاغوني، سمعت يوسف بن موسى
المروروذي
يقول: كنت بالبصرة في جامعها، إذ سمعت مناديا ينادي: يا
أهل العلم، قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري، فقاموا في
طلبه، وكنت معهم، فرأينا رجلا شابا، يصلي خلف الاسطوانة.
فلما فرغ من الصلاة، أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس
الاملاء، فأجابهم.
فلما كان الغد اجتمع قريب من كذا كذا ألف فجلس للاملاء
وقال: يا أهل البصرة، أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم،
وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل (2).
ثم قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 20، 21، و " وفيات الاعيان " 4 /
190، و " تهذيب الكمال ": 1171، و " طبقات السبكي " 2 /
218، 219، و " مقدمة الفتح ": 486 و 487.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 15، 16، و " طبقات السبكي " 2 /
219.
وفي " مقدمة الفتح ": 487: تستفيدونها.
[ وقال ابن حجر ]: يعني ليست عندكم.
(*)
(12/409)
ابن أبي رواد بلديكم، قال: حدثنا أبي، عن شعبة، عن منصور
وغيره، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس، أن أعرابيا جاء إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، الرجل يحب
القوم...، وذكر الحديث (1) ثم قال: ليس هذا عندكم، إن ما
عندكم عن غير منصور، عن سالم.
وأملى مجلسا على هذا النسق يقول في كل حديث: روى شعبة هذا
الحديث عندكم كذا، فأما من رواية فلان، فليس عندكم، أو
كلاما هذا معناه (2).
قال يوسف: وكان دخولي البصرة أيام محمد بن عبدالملك بن أبي
الشوارب.
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: قرأ علينا أبو عبد الله
كتاب " الهبة "، فقال: ليس في هبة وكيع إلا حديثان مسندان
أو ثلاثة.
وفي
كتاب عبد الله بن المبارك خمسة أو نحوه.
وفي كتابي هذا خمس مئة
__________
(1) أخرجه البخاري 13 / 116 في الاحكام: باب القضاء
والفتيا في الطريق، من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير،
عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، حدثنا أنس بن مالك رضي
الله عنه قال: بينما أنا والنبي صلى الله عليه وسلم خارجان
من المسجد، فلقينا رجل عند سدة المسجد، فقال: يا رسول الله
متى الساعة ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أعددت لها
؟ فكأن الرجل استكان، ثم قال: يا رسول الله ما أعددت لها
كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة، ولكن أحب الله ورسوله، قال:
" أنت مع من أحببت " وحديث أنس هذا له طرق عنه انظر
البخاري 7 / 40 في الفضائل و 10 / 458 و 462 في الادب،
ومسلم (2639) في البر والصلة: باب المرء مع من أحب (161) و
(162) و (163) و (164) والترمذي (2385) وأبي داود (5127)
ولفظ أبي داود " قال رجل: يا رسول الله الرجل يحب الرجل
على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم " " المرء مع من أحب ".
وفي الباب عن ابن مسعود عند البخاري 10 / 461، 462، ومسلم
(2640) وعن أبي موسى الاشعري عند البخاري 10 / 462، ومسلم
(2641) وعن صفوان بن عسال المرادي عند الترمذي (2387) وعن
أبي ذر عند أبي داود (5126).
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 16.
(*)
(12/410)
حديث أو أكثر (1).
وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: تفكرت أصحاب أنس، فحضرني في
ساعة ثلاث مئة.
قال: وسمعته يقول: ما قدمت على أحد إلا كان انتفاعه بي
أكثر من انتفاعي به (2).
قال: وسمعت سليم بن مجاهد، سمعت أبا الازهر يقول: كان
بسمرقند أربع مئة ممن يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيام،
وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشام في
إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين، فما تعلقوا
منه بسقطة لا في الاسناد، ولا في المتن (3).
وقال الفربري: سمعت أبا عبد الله يقول: ما استصغرت نفسي
عند أحد إلا عند علي بن المديني، وربما كنت أغرب عليه (4).
وقال أحيد بن أبي جعفر والي بخارى: قال محمد بن إسماعيل
يوما: رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته
بالشام كتبته بمصر.
فقلت له: يا أبا عبد الله بكماله ؟ قال: فسكت (5).
__________
(1) الخبر في " مقدمة الفتح ": 489.
وهو يدلل في هذا على سعة حفظه.
(2) " مقدمة الفتح ": 489.
(3) " مقدمة الفتح ": 487.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 17، 18، و " تهذيب الاسماء
واللغات " 1 / 69 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1170 و " مقدمة
الفتح ": 484.
(5) ويعني هذا ان البخاري يرى جواز الرواية بالمعنى، وجواز
تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره بخلاف مسلم.
وسبب ذلك أن البخاري صنف كتابه في طول رحلته، فكان لاجل
هذا ربما كتب الحديث من حفظه، فلا يسوق ألفاظه برمتها، بل
يتصرف فيه، = (*)
(12/411)
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ما نمت
البارحة حتى عددت كم أدخلت مصنفاتي من الحديث.
فإذا نحو مئتي ألف حديث مسندة.
وسمعته يقول: ما كتبت حكاية قط، كنت أتحفظها.
وسمعته يقول: صنفت كتاب " الاعتصام " في ليلة.
وسمعته يقول: لا أعلم شيئا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب
والسنة.
فقلت له: يمكن معرفة ذلك كله ؟ قال: نعم (1).
وسمعته يقول: كنت بنيسابور أجلس في الجامع، فذهب عمرو بن
زرارة، وإسحاق بن راهويه إلى يعقوب بن عبد الله، والي
نيسابور، فأخبروه بمكاني، فاعتذر إليهم، وقال: مذهبنا إذا
رفع إلينا غريب لم نعرفه حبسناه حتى يظهر لنا أمره.
فقال له بعضهم: بلغني أنه قال لك: لا تحسن تصلي، فكيف تجلس
؟ فقال: لو قيل لي شئ من هذا ما كنت أقوم من ذلك المجلس
حتى أروي عشرة آلاف حديث، في الصلاة خاصة.
__________
= ويسوقه بمعناه.
أما مسلم فقد صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة
شيوخه، وكان يتحرز في الالفاظ، ويتحرى في السياق.
والبخاري استنبط فقه كتابه من أحاديثه، فاحتاج أن يقطع
الحديث الواحد إذا اشتمل على عدة أحكام ليورد كل قطعة منه
في الباب الذي يستدل به على ذلك الحكم الذي استنبط منه،
أما مسلم فلم يعتمد ذلك بل يسوق أحاديث الباب كلها سردا،
عاطفا بعضها على بعض في موضع واحد.
والخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 11، و " تهذيب الكمال ": ؟
117، و " مقدمة الفتح ": 489.
(1) ومحاولة ابن حزم في " المحلى "، تؤيد مقالة محمد بن
إسماعيل هذه، فإنه على ما به من هنات قد استطاع باعتماده
على الكتاب والسنة أن يؤلف كتابا في الفقه يشتمل على جميع
أبواب الفقه.
(*)
(12/412)
وسمعته يقول: كنت في مجلس الفريابي، فقال: حدثنا سفيان،
عن أبي عروة، عن أبي الخطاب، عن أنس أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد (1).
فلم يعرف أحد في المجلس أبا عروة، ولا أبا الخطاب.
فقلت: أما أبو عروة فمعمر، وأبو الخطاب قتادة.
قال: وكان الثوري فعولا لهذا، يكني المشهورين.
قال محمد بن أبي حاتم: قدم رجاء الحافظ، فصار إلى أبي عبد
الله، فقال لابي عبد الله: ما أعددت لقدومي حين بلغك ؟ وفي
أي شئ نظرت ؟ فقال: ما أحدثت نظرا، ولم أستعد لذلك، فإن
أحببت أن تسأل عن شئ، فافعل، فجعل يناظره في أشياء، فبقي
رجاء لا يدري أين هو.
ثم قال له أبو عبد الله: هل لك في الزيادة ؟ فقال استحياء
منه وخجلا: نعم.
قال: سل إن شئت ؟ فأخذ في أسامي أيوب، فعد نحوا من ثلاثة
عشر، وأبو عبد الله ساكت.
فلما فرغ قال له أبو عبد الله: لقد جمعت، فظن رجاء أنه قد
صنع شيئا، فقال لابي عبد الله: يا أبا عبد الله، فاتك خير
كثير.
فزيف أبو عبد الله في أولئك سبعة أو ثمانية، وأغرب عليه
أكثر من ستين.
ثم قال له رجاء: كم رويت في العمامة السوداء ؟ قال: هات كم
رويت أنت ؟ ثم قال: نروي نحوا من أربعين
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " مصنف عبد الرزاق " برقم (1061)
من طريق عبد الرزاق بهذا الاسناد، وأخرجه ابن خزيمة (230)
من طريق عبد الرزاق، وأخرجه البخاري في " صحيحه " 1 / 324
في الغسل: باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه في غسل
واحد، وابن خزيمة (231) من طريق معاذ بن هشام، حدثني أبي،
عن قتادة، عن أنس، وأخرجه مسلم (309) من طريق شعبة، عن
هشام بن زيد، عن أنس، وأخرجه البخاري 1 / 334 و 9 / 98 في
النكاح: باب كثرة النساء و 277 من طريق سعيد بن أبي عروبة،
عن قتادة، عن أنس، وأخرجه الترمذي (140) من طريق سفيان، عن
معمر، عن قتادة، عن أنس،
وأخرجه أبو داود (218) والنسائي 1 / 143 من طريق إسماعيل
بن إبراهيم، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك.
(*)
(12/413)
حديثا.
فخجل رجاء من ذاك، ويبس ريقه.
قال محمد: سمعت أبا عبد الله يقول: دخلت بلخ، فسألني أصحاب
الحديث أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثا.
فأمليت ألف حديث لالف رجل ممن كتبت عنهم.
وقال محمد بن أبي حاتم: قال أبو عبد الله: سئل إسحاق بن
إبراهيم عمن طلق ناسيا.
فسكت ساعة طويلة متفكرا، والتبس عليه الامر.
فقلت أنا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله عزوجل
تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم "
(1).
وإنما يراد مباشرة هذه الثلاث العمل والقلب، أو الكلام
والقلب وهذا لم يعتقد بقلبه.
فقال إسحاق: قويتني، وأفتى به (2).
وقال محمد: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان إسماعيل بن أبي
أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الاحاديث.
وقال: هذه الاحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي (3).
وقال محمد: سمعت الفربري، يقول: رأيت عبد الله بن منير
يكتب عن البخاري (4).
__________
(1) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري 9 / 345 في الطلاق:
باب الطلاق في الاغلاق والكره والسكران والمجنون، و 11 /
478 في الايمان والنذور: باب إذا حنث ناسيا في الايمان،
ومسلم (127) في الايمان: باب تجاوز الله عن حديث النفس أو
الخواطر، وأبو داود (2209) والترمذي (1183) والنسائي 6 /
156، 157، وابن ماجة (2540).
(2) " مقدمة الفتح ": 484.
(3) " مقدمة الفتح ": 302.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 19، و " تهذيب الكمال ": 1171، و
" مقدمة الفتح ": 482.
(*)
(12/414)
وسمعته يقول: أنا من تلاميذ محمد بن إسماعيل، وهو معلم
(1).
قلت: وقد روى البخاري أحاديث في " صحيحه " عن عبد الله بن
منير، عن يزيد بن هارون، وجماعة.
وكان زاهدا عابدا حتى قال البخاري: لم أر مثله.
قلت: وتوفي هو والامام أحمد في سنة.
قال محمد: وسمعت أبا بكر المديني بالشاش زمن عبد الله بن
أبي عرابة يقول: كنا بنيسابور عند إسحاق ابن راهويه، وأبو
عبد الله في المجلس، فمر إسحاق بحديث كان دون الصحابي عطاء
الكيخاراني (2)، فقال إسحاق: يا أبا عبد الله، أيش كيخاران
؟ فقال: قرية باليمن، كان معاوية بن أبي سفيان بعث هذا
الرجل، وكان يسميه أبو بكر، فأنسيته إلى اليمن، فمر
بكيخاران، فسمع منه عطاء حديثين، فقال له إسحاق: يا أبا
عبد الله، كأنك شهدت القوم (3).
وقال ابن عدي: حدثني محمد بن أحمد القومسي، سمعت محمد ابن
خميرويه، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أحفظ مئة ألف حديث
صحيح، وأحفظ مئتي ألف حديث غير صحيح (4).
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 485، وسيرد الخبر في الصفحة: 424.
(2) بفتح الكاف، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين،
وفتح الخاء المنقوطة،
والراء بين الالفين، وفي آخرها النون: هذه النسبة إلى
كيخاران، وهي قرية من قرى اليمن، وقد تصحفت في " مقدمة
الفتح " إلى: الكنجاراني.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 8، و " تهذيب الكمال ": 1169، و "
مقدمة الفتح ": 484.
(4) " طبقات الحنابلة " 1 / 275، و " تاريخ بغداد " 2 /
25، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 68 / 1، و " تهذيب
الكمال ": 1172، و " طبقات السبكي " 2 / 218، و " مقدمة
الفتح ": 488.
(*)
(12/415)
قال: وسمعت أبا بكر الكلواذاني يقول: ما رأيت مثل محمد بن
إسماعيل، كان يأخذ الكتاب من العلماء، فيطلع عليه اطلاعة،
فيحفظ عامة أطراف الاحاديث بمرة (1).
قال محمد بن يوسف الفربري: سمعت أبا جعفر محمد بن أبي حاتم
الوراق يقول في الزيادات المذيلة على شمائل أبي عبد الله -
قلت: وليست هي داخلة في رواية ابن خلف الشيرازي - قال:
سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: ما جلست للحديث حتى
عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرت في عامة كتب الرأي، وحتى
دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها.
فما تركت بها حديثا صحيحا إلا كتبته، إلا ما لم يظهر لي.
وقال غنجار في " تاريخه ": حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد
المقرئ، حدثنا أبو بكر محمد بن يعقوب بن يوسف البيكندي،
سمعت علي بن الحسين بن عاصم البيكندي يقول: قدم علينا محمد
بن إسماعيل، قال: فاجتمعنا عنده.
فقال بعضنا: سمعت إسحاق بن راهويه
يقول: كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي.
فقال محمد بن إسماعيل: أو تعجب من هذا ؟ ! لعل في هذا
الزمان من ينظر إلى مئتي ألف حديث من كتابه.
وإنما عنى به نفسه (2).
ذكر ثناء الائمة عليه قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم: سمعت
بعض أصحابي يقول:
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 487.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 25، و " تهذيب الكمال ": 1172، و
" طبقات السبكي " 2 / 218 و " مقدمة الفتح ": 488.
(*)
(12/416)
كنت عند محمد بن سلام، فدخل عليه محمد بن إسماعيل، فلما
خرج قال محمد بن سلام: كلما دخل علي هذا الصبي تحيرت،
وألبس علي أمر الحديث وغيره.
ولا أزال خائفا ما لم يخرج (1).
قال أبو جعفر: سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول: كنت عند
محمد بن سلام البيكندي، فقال: لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ
سبعين ألف حديث.
قال: فخرجت في طلبه حتى لحقته.
قال: أنت الذي يقول: إني أحفظ سبعين ألف حديث ؟ قال: نعم،
وأكثر.
ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد
أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة
أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله،
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وقال أبو جعفر: حدثني بعض أصحابي: إن أبا عبد الله البخاري
صار إلى أبي إسحاق السرماري (3) عائدا، فلما خرج من عنده
قال أبو إسحاق: من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه،
فلينظر إلى محمد بن
إسماعيل وأجلسه على حجره (4).
وقال أبو جعفر: قال لي بعض أصحابي: كنت عند محمد بن
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 222، و " مقدمة الفتح ": 484.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 24، 25 و " تهذيب الكمال ": 1172،
و " طبقات السبكي " 2 / 218 و 222، و " مقدمة الفتح ":
484.
(3) بضم السين المهملة، والميم المفتوحة، والالف بين
الراءين: هذه النسبة إلى قرية من بخارى يقال لها: سرمارى.
وأبو إسحاق هو الامام الشجاع البطل أحمد بن إسحاق بن الحسن
المطوعي الزاهد الذي فاق أهل زمانه في الشجاعة وقتل
الكفار، حتى قيل: لم يكن في الاسلام له نظير في هذا
المعنى.
وسترد ترجمته.
(4) " مقدمة الفتح ": 485.
(*)
(12/417)
سلام، فدخل عليه محمد بن إسماعيل حين قدم من العراق،
فأخبره بمحنة الناس، وما صنع ابن حنبل وغيره من الامور.
فلما خرج من عنده قال محمد بن سلام لمن حضره: أترون البكر
أشد حياء من هذا ؟ وقال أبو جعفر: سمعت يحيى بن جعفر يقول:
لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت،
فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم (1).
قال: وسمعت يحيى بن جعفر - وهو البيكندي - يقول لمحمد بن
إسماعيل: لولا أنت ما استطبت العيش ببخارى.
وقال: سمعت محمد بن يوسف يقول: كنا عند أبي رجاء، هو
قتيبة، فسئل عن طلاق السكران، فقال: هذا أحمد بن حنبل وابن
المديني وابن راهويه قد ساقهم الله إليك، وأشار إلى محمد
بن إسماعيل.
وكان مذهب محمد أنه إذا كان مغلوب العقل حتى لا يذكر ما
يحدث في سكره، أنه لا يجوز عليه من أمره شئ (2).
قال محمد: وسمعت عبد الله بن سعيد بن جعفر يقول: لما مات
أحمد بن حرب النيسابوري ركب محمد وإسحاق يشيعان جنازته.
فكنت أسمع أهل المعرفة بنيسابور ينظرون، ويقولون: محمد
أفقه من إسحاق (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 24، و " تهذيب الكمال ": 1172، و
" مقدمة الفتح ": 485.
(2) انظر المسألة بالتفصيل ورأي أهل العلم فيها في البخاري
9 / 340، 343 بشرح الفتح في الطلاق، باب الطلاق في الاغلاق
والكره والسكران...(3) " طبقات السبكي " 2 / 223، و "
مقدمة الفتح ": 485.
(*)
(12/418)
وقال: سمعت عمر بن حفص الاشقر، سمعت عبدان يقول: ما رأيت
بعيني شابا أبصر من هذا، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل
(1).
وقال: سمعت صالح بن مسمار المروزي يقول: سمعت نعيم بن حماد
يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الامة (2).
وقال: سمعت إبراهيم بن خالد المروزي، يقول: قال مسدد: لا
تختاروا على محمد بن إسماعيل، يا أهل خراسان.
وقال: سمعت موسى بن قريش يقول: قال عبد الله بن يوسف
للبخاري: يا أبا عبد الله، انظر في كتبي، وأخبرني بما فيه
من السقط، قال: نعم.
وقال محمد: حدثني محمد بن إسماعيل، قال: كنت إذا دخلت
على سليمان بن حرب يقول: بين لنا غلط شعبة (3).
قال: وسمعته يقول: اجتمع أصحاب الحديث، فسألوني أن أكلم
إسماعيل بن أبي أويس ليزيدهم في القراءة، ففعلت، فدعا
إسماعيل الجارية، وأمرها أن تخرج صرة دنانير، وقال: يا أبا
عبد الله، فرقها عليهم (4).
قلت: إنما أرادوا الحديث.
قال: قد أجبتك إلى ما طلبت من الزيادة، غير أني أحب أن يضم
هذا إلى ذاك ليظهر أثرك فيهم.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 24، و " تهذيب الكمال ": 1171، و
" مقدمة الفتح ": 483.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 22، و " تهذيب الكمال ": 1171، و
" مقدمة الفتح ": 483.
وسيرد في الصفحة: 424 منسوبا ليعقوب بن إبراهيم الدورقي.
(3) " مقدمة الفتح ": 482.
(4) " مقدمة الفتح ": 483.
(*)
(12/419)
وقال: حدثني حاشد بن إسماعيل قال: لما قدم محمد بن إسماعيل
على سليمان بن حرب نظر إليه سليمان، فقال: هذا يكون له
يوما صوت (1).
وقال خلف الخيام: حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف، سمعت أحمد
بن عبد السلام: قال: ذكرنا قول البخاري لعلي بن المديني -
يعني: ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي بن المديني - فقال
علي: دعوا هذا، فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه (2).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ذاكرني
أصحاب عمرو بن علي الفلاس بحديث، فقلت: لا أعرفه، فسروا
بذلك، وصاروا إلى عمرو، فأخبروه، فقال: حديث لا يعرفه محمد
بن إسماعيل ليس بحديث (3).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت حاشد بن عبد الله يقول: قال
لي أبو مصعب الزهري: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر [
بالحديث ] (4) من أحمد بن حنبل.
فقيل له: جاوزت الحد.
فقال للرجل: لو أدركت مالكا، ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن
إسماعيل، لقلت: كلاهما واحد في الفقه والحديث (5).
__________
(1) " مقدمة الفتح " 482 بلفظ: " صيت ".
(2) " تهذيب الكمال ": 1170، و " مقدمة الفتح ": 484، و "
تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 69 / 1.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 18، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 69 / 1، و " تهذيب الكمال " 1171.
(4) ما بين حاصرتين من " مقدمة الفتح ".
(5) يغلب على ظني أن أبا مصعب الزهري لم يقف على كلام أحمد
في الفقه حتى جعل = (*)
(12/420)
قال: وسمعت حاشد بن إسماعيل يقول: سمعت إسحاق بن راهويه
يقول: اكتبوا عن هذا الشاب - يعني: البخاري - فلو كان في
زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه (1).
قال: وسمعت علي بن حجر يقول: أخرجت خراسان ثلاثة: أبو
زرعة، ومحمد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبدالرحمن الدارمي.
ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقههم (2).
قال: وأوردت على علي بن حجر كتاب أبي عبد الله، فلما قرأه
قال: كيف خلفت ذلك الكبش ؟ فقلت: بخير.
فقال: لا أعلم مثله.
وقال أحمد بن الضوء: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة ومحمد بن
عبد الله بن نمير يقولان: ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل
(3).
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ما أخرجت
خراسان مثل محمد بن إسماعيل (4).
وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: سمعت بندارا محمد بن بشار
سنة ثمان وعشرين ومئتين يقول: ما قدم علينا مثل محمد بن
إسماعيل (5).
__________
= البخاري أفقه منه، ولو وقف على كلامه، لم يتفوه بذلك،
وانظر الخبر في " تهذيب الكمال ": 1171، و " مقدمة الفتح
": 483.
(1) " مقدمة الفتح ": 307.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 28.
(3) " تهذيب الكمال ": 1171، و " مقدمة الفتح ": 484.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 21، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 68 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1171.
(5) " تاريخ بغداد " 2 / 17، و " تهذيب الكمال ": 1170، و
" مقدمة الفتح ": 483.
(*)
(12/421)
وقال حاشد بن إسماعيل: كنت بالبصرة، فسمعت قدوم محمد بن
إسماعيل، فلما قدم قال بندار: اليوم دخل سيد الفقهاء (1).
وقال محمد: سمعت أبا عبد الله.
يقول: قال لي محمد بن بشار: إن ثوبي لا يمس جلدي مثلا، ما
لم ترجع إلي، أخاف أن تجد في حديثي شيئا يسقمني.
فإذا رجعت فنظرت في حديثي طابت نفسي،
وأمنت مما أخاف.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت إبراهيم بن خالد المروزي،
يقول: رأيت أبا عمار الحسين بن حريث يثني على أبي عبد الله
البخاري، ويقول: لا أعلم أني رأيت مثله، كأنه لم يخلق إلا
للحديث (2).
وقال محمد: سمعت محمود بن النضر أبا سهل الشافعي يقول:
دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة، ورأيت علماءها، كلما
جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم (3).
وقال: سمعت محمد بن يوسف يقول: لما دخلت البصرة صرت إلى
بندار، فقال لي: من أين أنت ؟ قلت: من خراسان.
قال: من أيها ؟ قلت: من بخارى، قال: تعرف محمد بن إسماعيل
؟ قلت: أنا من قرابته.
فكان بعد ذلك يرفعني فوق الناس (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 16، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 68 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1170 و " مقدمة الفتح ":
483.
(2) " مقدمة الفتح ": 484.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 19، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 69 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1171، و " مقدمة الفتح ":
485.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 18، و " تهذيب الكمال ": 1171، و
" مقدمة الفتح ": 483.
(*)
(12/422)
قال محمد: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: لما دخلت البصرة
صرت إلى مجلس بندار، فلما وقع بصره علي، قال: من أين الفتى
؟ قلت: من أهل بخارى فقال لي: كيف تركت أبا عبد الله ؟
فأمسكت،
فقالوا له: يرحمك الله هو أبو عبد الله، فقام، وأخذ بيدي،
وعانقني، وقال: مرحبا بمن أفتخر به منذ سنين (1).
قال: وسمعت حاشد بن إسماعيل، سمعت محمد بن بشار يقول: لم
يدخل البصرة رجل أعلم بالحديث من أخينا أبي عبد الله.
قال: فلما أراد الخروج ودعه محمد بن بشار، وقال: يا أبا
عبد الله، موعدنا الحشر أن لا نلتقي بعد.
وقال أبو قريش محمد بن جمعة الحافظ: سمعت محمد بن بشار:
يقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، والدارمي
بسمرقند، ومحمد ابن إسماعيل ببخارى، ومسلم بنيسابور (2).
وقال محمد بن عمر بن الاشعث البيكندي: سمعت عبد الله بن
أحمد بن حنبل، سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من
أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري،
وعبد الله بن عبدالرحمن السمرقندي، والحسن بن شجاع البلخي
(3).
قال ابن الاشعث: فحكيت هذا لمحمد بن عقيل البلخي، فأطرى
ذكر ابن شجاع، فقلت له: لم لم يشتهر ؟ قال: لانه لم يمتع
بالعمر.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 17، و " تهذيب الكمال " 1170.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 16، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 68 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1170، و " تذكرة الحفاظ "
2 / 589، و " تهذيب التهذيب " 10 / 128.
(3) " تهذيب الكمال ": 1171.
(*)
(12/423)
قلت: هذا ابن شجاع: رحل وسمع مكي بن إبراهيم، وعبيدالله
ابن موسى، وأبا مسهر.
وتوفي سنة أربع وأربعين.
وقال نصر بن زكريا المروزي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: شباب
خراسان أربعة: محمد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبدالرحمن،
يعني الدارمي، وزكريا بن يحيى اللؤلؤي (1)، والحسن بن شجاع
(2).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت جعفرا الفربري يقول، سمعت عبد
الله بن منير يقول: أنا من تلاميذ محمد بن إسماعيل، وهو
معلمي ورأيته يكتب عن محمد (3).
وقال محمد: حدثنا حاشد بن عبد الله بن عبد الواحد، سمعت
يعقوب بن إبراهيم الدورقي يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه
الامة (4).
عن أبي جعفر المسندي قال: حفاظ زماننا ثلاثة: محمد بن
إسماعيل، وحاشد بن إسماعيل، ويحيى بن سهل.
وقال محمد: حدثني جعفر بن محمد الفربري قال: خرج رجل من
أصحاب عبد الله بن منير، رحمه الله إلى بخارى في حاجة له.
فلما رجع قال له ابن منير: لقيت أبا عبد الله ؟ قال: لا.
فطرده، وقال: ما فيك بعد هذا خير.
إذ قدمت بخارى ولم تصر إلى أبي عبد الله محمد بن إسماعيل.
__________
(1) في هامش الاصل ما نصه: هذا اللؤلؤي من شيوخ البخاري.
ويروي عن عبد الله ابن نمير وأبي أسامة.
توفي كهلا سنة ثلاثين ومئتين وقد تقدمت ترجمته في الجزء
الحادي عشر من " سير أعلام النبلاء "، ترجمة رقم 104.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 26.
(3) سبق الخبر في الصفحة: 415، التعليق الاول.
(4) " طبقات السبكي " 2 / 223، و " مقدمة الفتح ": 483.
(*)
(12/424)
وقال محمد: سمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول: حضرت أبا
بكر بن أبي شيبة، فرأيت رجلا يقول في مجلسه: ناظر أبو بكر
أبا عبد الله في أحاديث سفيان، فعرف كلها، ثم أقبل محمد
عليه، فأغرب عليه مئتي حديث.
فكان أبو بكر بعد ذلك يقول: ذاك الفتى البازل (1) -
والبازل الجمل المسن (2) - إلا أنه يريد ها هنا البصير
بالعلم، الشجاع.
وسمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول: إن الرتوت (3) من
أصحاب الحديث مثل سعيد بن أبي مريم، ونعيم بن حماد،
والحميدي، وحجاج بن منهال، وإسماعيل بن أبي أويس، والعدني
(4)، والحسن الخلال (5) بمكة، ومحمد بن ميمون صاحب ابن
عيينة، ومحمد بن العلاء، والاشج، وإبراهيم بن المنذر
الحزامي، وإبراهيم بن موسى الفراء، كانوا يهابون محمد بن
إسماعيل، ويقضون له على أنفسهم في المعرفة والنظر (6).
وقال محمد: حدثني حاتم بن مالك الوراق ؟، قال: سمعت علماء
مكة يقولون: محمد بن إسماعيل إمامنا وفقيهنا وفقيه خراسان.
وقال محمد: سمعت أبي رحمه الله يقول: كان محمد بن إسماعيل
يختلف إلى أبي حفص أحمد بن حفص البخاري وهو صغير، فسمعت
أبا
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 484.
(2) أي: الكامل.
قال جرير: وابن اللبون إذا ما لز في قرن * لم يستطع صولة
البزل القنا عيس (3) أي: الرؤساء.
(4) يعني محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني.
" مقدمة الفتح ": 483.
(5) في " مقدمة الفتح ": 483: والخلال، يعني الحسين بن علي
الحلواني.
(6) " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 70، 71 / 1، و " مقدمة
الفتح ": 483.
(*)
(12/425)
حفص يقول: هذا شاب كيس، أرجو أن يكون له صيت وذكر.
وقال محمد: سمعت أبا سهل محمودا الشافعي يقول: سمعت أكثر
من ثلاثين عالما من علماء مصر، يقولون: حاجتنا من الدنيا
النظر في " تاريخ " محمد بن إسماعيل.
وقال محمد: حدثني صالح بن يونس، قال: سئل عبد الله بن عبد
الرحمن - يعني: الدارمي - عن حديث سالم بن أبي حفصة (1)،
فقال: كتبناه مع محمد، ومحمد يقول: سالم ضعيف.
فقيل له: ما تقول أنت ؟ قال: محمد أبصر مني.
قال: وسئل عبد الله بن عبدالرحمن عن حديث محمد بن كعب: لا
يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه (2).
وقيل له: محمد يزعم أن هذا صحيح، فقال: محمد أبصر مني، لان
همه النظر في الحديث، وأنا مشغول مريض، ثم قال: محمد أكيس
خلق الله، إنه عقل عن الله ما أمره به، ونهى عنه في كتابه،
وعلى لسان نبيه.
إذا قرأ محمد القرآن، شغل قلبه وبصره وسمعه، وتفكر في
أمثاله، وعرف حلاله وحرامه (3).
وقال: كتب إلي سليمان بن مجالد، إني سألت عبد الله بن عبد
الرحمن السمرقندي عن محمد، فقال: محمد بن إسماعيل أعلمنا
وأفقهنا
__________
(1) في " التقريب ": سالم بن أبي حفصة العجلي أبو يونس
الكوفي صدوق في الحديث إلا أنه شيعي غال، مات في حدود 140
ه وقد أخرج حديثه البخاري في " الادب المفرد " والترمذي في
" سننه " وانظر ترجمته في ميزان المؤلف 2 / 110.
(2) أورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " 472، وقال: رواه
الديلمي عن أبي هريرة
به مرفوعا، قلت: انفراد الديلمي بروايته مؤذن بضعفه، كما
نبه عليه السيوطي في مقدمة الجامع الكبير ".
(3) " مقدمة الفتح ": 485.
(*)
(12/426)
وأغوصنا، وأكثرنا طلبا.
وقال: سمعت أبا سعيد المؤدب يقول: سمعت عبد الله بن عبد
الرحمن يقول: لم يكن يشبه طلب محمد للحديث طلبنا، كان إذا
نظر في حديث رجل أنزفه.
وقال: حدثني إسحاق وراق عبد الله بن عبدالرحمن، قال: سألني
عبد الله عن كتاب " الادب " من تصنيف محمد بن إسماعيل،
فقال: احمله لانظر فيه، فأخذ الكتاب مني، وحبسه ثلاثة
أشهر، فلما أخذت منه، قلت: هل رأيت فيه حشوا، أو حديثا
ضعيفا ؟ فقال: ابن إسماعيل لا يقرأ على الناس إلا الحديث
الصحيح (1)، وهل ينكر على محمد ؟ ! وقال: سمعت أبا الطيب
حاتم بن منصور الكسي يقول: محمد بن إسماعيل آية من آيات
الله في بصره ونفاذه من العلم.
قال: وسمعت أبا عمرو المستنير بن عتيق يقول: سمعت رجاء
الحافظ يقول: فضل محمد بن إسماعيل على العلماء كفضل الرجال
على النساء.
فقال له رجل: يا أبا محمد، كل ذلك بمرة ؟ ! فقال: هو آية
من آيات الله يمشي على ظهر الارض (2).
قال: وسمعت محمد بن يوسف يقول: سأل أبو عبد الله أبا رجاء
__________
(1) كتاب الادب المفرد كتاب جيد في بابه، ضمنه المؤلف رحمه
الله الاحاديث النبوية
التي تعنى بتهذيب الخلق، وتصحيح النية، وتقويم السلوك،
والآداب العامة ولم يتحر فيه الصحة كما فعل في كتابه "
الجامع الصحيح " بل فيه الصحيح والحسن وهو الغالب والضعيف
وهو قليل كما هو معلوم لكل من درس أسانيده، وبحث فيها.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 25، و " مقدمة الفتح ": 484.
(*)
(12/427)
البغلاني - يعني: قتيبة - إخراج أحاديث ابن عيينة، فقال:
منذ كتبتها ما عرضتها على أحد، فإن احتسبت ونظرت فيها،
وعلمت على الخطأ منها فعلت، وإلا لم أحدث بها، لاني لا آمن
أن يكون فيها بعض الخطأ، وذلك أن الزحام كان كثيرا، وكان
الناس يعارضون كتبهم، فيصحح بعضهم من بعض، وتركت كتابي كما
هو، فسر البخاري بذلك، وقال: وقفت.
ثم أخذ يختلف إليه كل يوم صلاة الغداة، فينظر فيه إلى وقت
خروجه إلى المجلس، ويعلم على الخطأ منه.
فسمعت البخاري رد على أبي رجاء يوما حديثا، فقال: يا أبا
عبد الله، هذا مما كتب عني أهل بغداد، وعليه علامة يحيى بن
معين، وأحمد بن حنبل، فلا أقدر أغيره.
فقال له أبو عبد الله: إنما كتب أولئك عنك لانك كنت
مجتازا، وأنا قد كتبت هذا عن عدة على ما أقول لك، كتبته عن
يحيى بن بكير، وابن أبي مريم، وكاتب الليث عن الليث.
فرجع أبو رجاء، وفهم قوله، وخضع له.
قال: وسمعت محمد بن يوسف يقول: كان زكريا اللؤلؤي والحسن
بن شجاع ببلخ يمشيان مع أبي عبد الله إلى المشايخ إجلالا
له وإكراما.
قال: وسمعت حاشد بن إسماعيل يقول: رأيت إسحاق بن راهويه
جالسا على السرير، ومحمد بن إسماعيل معه، وإسحاق يقول:
حدثنا عبد الرزاق حتى مر على حديث، فأنكر عليه محمد، فرجع
إلى قول محمد (1).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 27، و " تهذيب الاسماء واللغات ":
1 / 69 و " مقدمة الفتح ": 484 (*)
(12/428)
ثم رأيت عمرو بن زرارة ومحمد بن رافع عند محمد بن إسماعيل
يسألانه عن علل الحديث، فلما قاما قالا لمن حضر: لا تخدعوا
(1) عن أبي عبد الله، فإنه أفقه منا وأعلم وأبصر (2).
قال: وسمعت حاشد بن عبد الله يقول: كنا عند إسحاق وعمرو بن
زرارة ثم، وهو يستملي على البخاري، وأصحاب الحديث يكتبون
عنه، وإسحاق يقول: هو أبصر مني.
وكان محمد يومئذ شابا (3).
وقال: حدثني محمد بن يوسف قال: كنا مع أبي عبد الله عند
محمد بن بشار، فسأله محمد بن بشار عن حديث، فأجابه، فقال:
هذا أفقه خلق الله في زماننا.
وأشار إلى محمد بن إسماعيل.
قال: وسمعت سليم بن مجاهد يقول: لو أن وكيعا وابن عيينة
وابن المبارك كانوا في الاحياء، لاحتاجوا إلى محمد بن
إسماعيل.
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: قال لي إسماعيل بن أبي
أويس: انظر في كتبي وما أملكه لك، وأنا شاكر لك ما دمت
حيا.
وقال: قال لي أبو عمرو الكرماني: سمعت عمرو بن علي الصيرفي
يقول: أبو عبد الله صديقي، ليس بخراسان مثله.
فحكيت لمهيار بالبصرة عن قتيبة بن سعيد أنه قال: رحل إلي
من
شرق الارض وغربها، فما رحل إلي مثل محمد بن إسماعيل، فقال
مهيار: صدق.
أنا رأيته مع يحيى بن معين، وهما يختلفان جميعا إلى
__________
(1) أي لا تتركوه يفوتكم.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 27، و " مقدمة الفتح ": 485.
(3) " مقدمة الفتح ": 454 (*)
(12/429)
محمد بن إسماعيل، فرأيت يحيى ينقاد له في المعرفة.
وقال: سمعت أبا سعيد الاشج، وخرج إلينا في غداة باردة، وهو
يرتعد من البرد، فقال: أيكون عندكم مثل ذا البرد ؟ فقلت:
مثل ذا يكون في الخريف والربيع، وربما نمسي والنهر جار،
فنصبح ونحتاج إلى الفأس في نقب الجمد.
فقال لي: من أي خراسان أنت ؟ قلت: من بخارى.
فقال له ابنه: هو من وطن محمد بن إسماعيل، فقال له: إذا
قدم عليك من يتوسل به فاعرف له حقه، فإنه إمام.
وقال: سمعت أحمد بن عبد الله بن ثابت الشاشي، سمعت إسماعيل
بن أبي أويس يقول: ما أخذ عني أحد ما أخذ عني محمد، نظر
إلى كتبي، فرآها دارسة، فقال لي: أتأذن لي أن أجددها ؟
فقلت: نعم.
فاستخرج عامة حديثي بهذه العلة.
وقال: سمعت أبا إسحاق المروزي يقول: دخلت على علي بن حجر
ساعة ودعه عبد الله بن عبدالرحمن، فسمعته يقول: قل في أدب
عبد الله بن عبدالرحمن ما شئت، وقل في علم محمد ما شئت.
وقال: سمعت محمد بن الليث يقول: وذكر عنده عبد الله ومحمد،
فسمع بعض الجماعة يفضل عبد الله على محمد، فقال: إذا
قدمتوه
فقدموه في الشعر والعربية، ولا تقدموه عليه في العلم.
وقال: سمعت حاشد بن إسماعيل يقول: كان عبد الله بن عبد
الرحمن يدس إلي أحاديث من أحاديثه المشكلة عليه، يسألني أن
أعرضها على محمد، وكان يشتهي أن لا يعلم محمد، فكنت إذا
عرضت عليه شيئا يقول: من ثم جاءت ؟.
(12/430)
وعن قتيبة قال: لو كان محمد في الصحابة لكان آية (1).
وقال محمد بن يوسف الهمذاني: كنا عند قتيبة بن سعيد، فجاء
رجل شعراني يقال له: أبو يعقوب، فسأله عن محمد بن إسماعيل،
فنكس رأسه، ثم رفعه إلى السماء، فقال: يا هؤلاء، نظرت في
الحديث، ونظرت في الرأي، وجالست الفقهاء والزهاد والعباد،
ما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل (2).
وقال حاشد بن إسماعيل: سمعت قتيبة يقول: مثل محمد بن
إسماعيل عند الصحابة في صدقه وورعه كما كان عمر في الصحابة
(3).
وقال حاشد بن إسماعيل: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يجئنا
من خراسان مثل محمد بن إسماعيل.
وروينا عن أبي حاتم الرازي قال: محمد بن إسماعيل أعلم من
دخل العراق.
وقال أبو عبد الله الحاكم: محمد بن إسماعيل البخاري إمام
أهل الحديث، سمع ببخارى هارون بن الاشعث، ومحمد بن سلام،
وسمى خلقا من شيوخه.
ثم قال: سمعت أبا الطيب محمد بن أحمد المذكر، سمعت أبا بكر
محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: ما رأيت تحت أديم السماء
أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد
بن إسماعيل (4).
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 483 (2) " مقدمة الفتح ": 483.
(3) " مقدمة الفتح ": 483 (4) " تهذيب الاسماء واللغات " 1
/ 70 / 1، و " طبقات السبكي " 2 / 218، و " مقدمة الفتح ":
486 (*)
(12/431)
ثم قال الحاكم: سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت أبي
يقول: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري يسأله سؤال
الصبي (1).
ثم قال: سمعت الحسن بن أحمد الشيباني المعدل، سمعت أحمد
ابن حمدون يقول: رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة سعيد بن
مروان، ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الاسامي والكنى
والعلل، ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم (2)، كأنه
يقرأ: * (قل هو الله أحد) *.
أخبرنا محمد بن خالد المطوعي ببخارى، حدثنا مسبح بن سعيد
البخاري، سمعت عبد الله بن عبدالرحمن السمرقندي يقول: قد
رأيت العلماء بالحجاز والعراقين، فما رأيت فيهم أجمع من
محمد بن إسماعيل (3).
وقال محمد بن حمدون بن رستم: سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء
إلى البخاري فقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الاستاذين،
وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله (4).
وقال أبو عيسى الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى
العلل والتاريخ ومعرفة الاسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل
(5).
__________
(1) " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 70 / 1، و " تاريخ
بغداد " 2 / 29.
(2) سيرد في الصفحة: 455 وهو في " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 69 / 1 /، و " تاريخ بغداد " 2 / 31.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 28، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 69 / 1، و " مقدمة الفتح ": 485.
(4) " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 70 / 1، و " طبقات
السبكي " 2 / 223، و " مقدمة الفتح ": 489.
(5) " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 70 / 1، و " طبقات
السبكي " 2 / 220.
(*)
(12/432)
وقال أبو عيسى الترمذي: كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله
بن منير، فلما قام من عنده قال له: يا أبا عبد الله، جعلك
الله زين هذه الامة.
قال الترمذي: استجيب له فيه (1).
قلت: ابن منير من كبار الزهاد، قال...(2) قيل: إن البخاري
لما قدم من العراق، قدمته الآخرة، وتلقاه الناس، وازدحموا
عليه، وبالغوا في بره.
قيل له في ذلك، فقال: كيف لو رأيتم يوم دخولنا البصرة (3)
؟.
وقال أبو علي صالح بن محمد جزرة: كان محمد بن إسماعيل يجلس
ببغداد، وكنت أستملي له، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين
ألفا.
وقال عبدالمؤمن بن خلف النسفي: سألت أبا علي صالح بن محمد،
عن الدارمي ومحمد بن إسماعيل وأبي زرعة، فقال: أعلمهم
بالحديث محمد، وأحفظهم أبو زرعة.
وقال إسحاق بن زبرك (4): سمعت محمد بن إدريس الرازي يقول
في سنة سبع وأربعين ومئتين: يقدم عليكم رجل من خراسان لم
يخرج منها أحفظ منه، ولا قدم العراق أعلم منه.
فقدم علينا البخاري (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 26، و " طبقات السبكي " 2 / 221،
و " مقدمة الفتح ": 484.
(2) بياض في كلا الاصلين قدر ثلث سطر، وجاء في " مقدمة
الفتح ": وقال حمدويه بن الخطاب: لما قدم البخاري قدمته
الاخيرة...(3) " تهذيب الكمال ": 1171، و " مقدمة الفتح ":
488، وانظر ما قاله ابن حجر في ذلك.
(4) في " تاريخ بغداد " 2 / 23 زيرك وهو تصحيف.
(5) " تاريخ بغداد " 2 / 23 وتتمته فيه: " بعد ذلك بأشهر
".
وهو في " تهذيب الكمال ": 1171.
(*)
(12/433)
وقال أبو سعيد حاتم بن محمد: قال موسى بن هارون الحافظ: لو
أن أهل الاسلام اجتمعوا على أن ينصبوا آخر مثل محمد بن
إسماعيل ما قدروا عليه.
وقال أبو العباس محمد بن عبدالرحمن الفقيه الدغولي: كتب
أهل بغداد إلى البخاري: المسلمون بخير ما بقيت لهم * وليس
بعدك خير حين تفتقد (1) وقال أبو بكر الخطيب: سئل أبو زرعة
عن ابن لهيعة، فقال: تركه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل.
وسئل عن محمد بن حميد، فقال: تركه أبو عبد الله.
فذكر ذلك لابي عبد الله، فقال: بره لنا قديم (2).
قال الخطيب: وسئل العباس بن الفضل الرازي الصائغ: أيهما
أفضل، أبو زرعة أو محمد بن إسماعيل ؟ فقال: التقيت مع محمد
بن إسماعيل بين حلوان وبغداد، فرجعت معه مرحلة، وجهدت أن
أجئ بحديث لا يعرفه، فما أمكنني، وأنا أغرب على أبي زرعة
عدد شعره (3).
وقال أحمد بن سيار في " تاريخه ": محمد بن إسماعيل الجعفي
طلب العلم، وجالس الناس، ورحل في الحديث، ومهر فيه وأبصر،
(1) هذا من المبالغات الشعرية المنبعثة من العواطف فإن
الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم مستمر وباق إلى يوم
القيامة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الخير في
أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره ".
وقال:: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم
من خالفهم حتى يأتي أمر الله ".
والبيت في " تاريخ بغداد " 2 / 22، و " تهذيب الكمال ":
1171، و " مقدمة الفتح ": 486.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 23، و " تهذيب الكمال ": 1171، و
" مقدمة الفتح " 485.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 23، و " تهذيب الكمال ": 1171، و
" مقدمة الفتح " 486.
(*)
(12/434)
وكان حسن المعرفة، والحفظ، وكان يتفقه (1).
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: رأيت أبي يطنب في مدح أحمد بن
سيار، ويذكره بالعلم والفقه.
وذكر عمر بن حفص الاشقر، قال: لما قدم رجاء بن مرجى بخارى
يريد الخروج إلى الشاش، نزل الرباط، وسار إليه مشايخنا،
وسرت فيمن سار إليه، فسألني عن أبي عبد الله محمد بن
إسماعيل، فأخبرته بسلامته، وقلت: لعله يجيئك الساعة، فأملى
علينا، وانقضى المجلس، ولم يجئ.
فلما كان اليوم الثاني لم يجئه.
فلما كمان اليوم الثالث قال رجاء:
إن أبا عبد الله لم يرنا أهلا للزيارة، فمروا بنا إليه نقض
حقه، فإني على الخروج - وكان كالمترغم عليه - فجئنا
بجماعتنا إليه، فقال رجاء: يا أبا عبد الله، كنت بالاشواق
إليك، وأشتهي أن تذكر شيئا من الحديث، فإني على الخروج.
قال: ما شئت.
فألقى عليه رجاء شيئا من حديث أيوب، وأبو عبد الله يجيب
إلى أن سكت رجاء عن الالقاء.
فقال لابي عبد الله: ترى بقي شئ لم نذكره، فأخذ محمد يلقي،
ويقول رجاء: من روى هذا ؟ وأبو عبد الله يجئ بإسناده إلى
أن ألقى قريبا من بضعة عشر حديثا.
وتغير رجاء تغيرا شديدا، وحانت من أبي عبد الله نظرة إلى
وجهه، فعرف التغير فيه، فقطع الحديث.
فلما خرج رجاء قال محمد: أردت أن أبلغ به ضعف ما ألقيته،
إلا أني خشيت أن يدخله شئ، فأمسكت (2)..وقال خلف بن محمد:
سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر الخفاف يقول: محمد بن إسماعيل
أعلم بالحديث من إسحاق بن راهويه وأحمد بن
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 486.
(2) " تاريخ بغداد ": 2 / 26.
(*)
(12/435)
حنبل وغيرهما بعشرين درجة، ومن قال فيه شيئا، فمني عليه
ألف لعنة (1).
ثم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل التقي النقي العالم الذي لم
أر مثله (2).
وروي عن الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل، قال: ما رأيت
مثل محمد بن إسماعيل، ولم يكن مسلم بن الحجاج يبلغ محمد بن
إسماعيل.
ورأيت أبا زرعة وأبا حاتم يستمعان إلى محمد أي شئ يقول،
يجلسون إلى جنبه، فذكر لعبيد العجل قصة محمد بن يحيى،
فقال: ما له ولمحمد بن إسماعيل ؟ كان محمد بن إسماعيل أمة
من الامم، وكان أعلم
من محمد بن يحيى بكذا وكذا، وكان دينا فاضلا يحسن كل شئ
(3).
وقال أبو حامد أحمد بن حمدون القصار: سمعت مسلم بن الحجاج،
وجاء إلى البخاري، فقبل بين عينيه، وقال: دعني أقبل رجليك.
ثم قال: حدثك محمد بن سلام، حدثنا مخلد بن يزيد الحراني،
أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل، عن أبيه عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس (4)،
فما علته ؟ قال محمد بن
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 221 و 225، و " مقدمة الفتح "
486.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 28، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 69 / 1، و " طبقات السبكي " 2 / 225، و " مقدمة الفتح
" 486.
وسيذكره المصنف في الصفحة 442 أيضا.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 30.
(4) وتمامه: إذا قام العبد أن يقول: " سبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك " أخرجه
الترمذي (3433)، وأحمد 2 / 494.
كلاهما من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني موسى بن
عقبة.
وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، وصححه ابن حبان (2366)
والحاكم 1 / 536، 537، ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث
عبد الله بن عمرو عند أبي داود (4857)، وصححه ابن حبان
(2337)، وعن جبير بن مطعم عند الحاكم 1 / 537، وصححه على
شرط مسلم، ووافقه الذهبي، = (*)
(12/436)
إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الاسناد في الدنيا
حديثا غير هذا الحديث الواحد في هذا الباب، إلا أنه معلول
حدثنا به موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا سهيل، عن عون
بن عبد الله قوله، قال محمد: وهذا أولى، فإنه لا يذكر
لموسى بن عقبة سماع من سهيل.
فقال له مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا
مثلك (1).
وقال محمد بن يعقوب بن الاخرم: سمعت أصحابنا يقولون: لما
قدم البخاري نيسابور استقبله أربعة آلاف رجل ركبانا على
الخيل، سوى من ركب بغلا أو حمارا وسوى الرجالة.
وقال عبد الله بن حماد الآملي: وددت أني شعرة في صدر محمد
بن إسماعيل.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان:
كان أهل المعرفة بالبصرة يعدون خلف البخاري في طلب الحديث،
وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه (2) في بعض الطريق،
فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه.
قالا: وكان أبو عبد الله عند ذلك شابا، لم يخرج وجهه (3).
__________
= وهو كما قالا.
وعن رافع بن خديج عند النسائي في " عمل اليوم والليلة "،
والحاكم 1 / 537، وحسنه العراقي، وقال: الهيثمي في "
المجمع " 10 / 141 بعد أن نسبه للطبراني في " معاجمه "
الثلاث: ورجاله ثقات.
وعن ابن مسعود عند الطبراني في " الكبير " و " الاوسط "
كما في " المجمع " 10 / 141.
(1) أورد القصة الحافظ في " المقدمة " عن البيهقي في "
المدخل " عن شيخه الحاكم أبي عبد الله، عن أبي نصر أحمد بن
محمد الوراق، سمعت أحمد بن حمدون القصار..(2) في الاصل:
ويجلسونه.
(3) تقدم الخبر في الصفحة: 408.
(*)
(12/437)
أخبرني الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد
الاول ابن عيسى، أخبرنا عبد الله بن محمد الانصاري، أخبرنا
أحمد بن محمد بن إسماعيل المهدوي، سمعت خالد بن عبد الله
المروزي، سمعت أبا سهل
محمد بن أحمد المروزي، سمعت أبا زيد المروزي الفقيه يقول:
كنت نائما بين الركن والمقام، فرأيت النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال لي: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي،
ولا تدرس كتابي ؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك ؟ قال: "
جامع " محمد بن إسماعيل (1).
وجدت فائدة منقولة عن أبي الخطاب بن دحية (2)، أن الرملي
الكذابة قال: البخاري مجهول، لم يرو عنه سوى الفربري.
قال أبو الخطاب: والله كذب في هذا وفجر، والتقم الحجر، بل
البخاري مشهور بالعلم وحمله، مجمع على حفظه ونبله، جاب
البلاد، وطلب الرواية والاسناد.
روى عنه جماعة من العلماء إلى أن قال: وأما كتابه فقد عرضه
على حافظ زمانه أبي زرعة، فقال: كتابك كله صحيح إلا ثلاثة
أحاديث (3).
ذكر عبادته وفضله وورعه وصلاحه قال الحاكم: حدثنا محمد بن
خالد المطوعي، حدثنا مسبح بن سعيد
__________
(1) " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 75 / 1، و " مقدمة
الفتح ": 290.
(2) هو عمر بن الحسن بن علي الكلبي الاندلسي المتوفى سنة
633 ه، وسترد ترجمته عند المؤلف في الجزء الثاني والعشرين.
(3) جاء في الاصل حاشية بخط مغاير ما نصه: هذه من غلطات
ابن دحية ووهمه، فإن الذي عرض كتابه على أبي زرعة مسلم لا
البخاري، ثم إن البخاري أحفظ من أبي زرعة بكثير وأعلم، فهو
أولى منه بأن يكون حافظ زمانه.
قلت: وما في هذه الحاشية هو الصواب كما سيذكره المؤلف في
ترجمة مسلم في الصفحة 423، وعجب من المصنف رحمه الله كيف
فاته التنبيه هنا على هذا الوهم.
(*)
(12/438)
قال: كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم
ختمة،
ويقوم بعد التروايح كل ثلاث ليال بختمة (1).
وقال بكر بن منير: سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو
أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا (2).
قلت: صدق رحمه الله، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل
علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعفه، فإنه
أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر (3)، ونحو
هذا.
وقل أن يكون: فلان
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 12، و " تهذيب الكمال " 1170، و "
طبقات السبكي " 2 / 223، 224، و " مقدمة الفتح ": 482.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 276، و " تاريخ بغداد " 2 /
13، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 68 / 1، و " تهذيب
الكمال " لوحة 1170، و " طبقات السبكي " 2 / 223 و 224، و
" مقدمة الفتح " 481.
(3) قال العراقي في " شرح الالفية " 2 / 11: فلان فيه نظر،
وفلان سكتوا عنه: يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه.
وقال الذهبي في مقدمة " ميزان الاعتدال " 1 / 3، 4: قوله:
فيه نظر، وفي حديثه نظر، لا يقوله البخاري إلا فيمن يتهمه
غالبا.
قال الشيخ المحدث حبيب الرحمن الاعظمي تعليقا على قول
العراقي والذهبي: لا ينقضي عجبي حين أقرأ كلام العراقي
والذهبي هذا، ثم أرى أئمة هذا الشأن لا يعبأون بهذا،
فيوثقون من قال فيه البخاري: فيه نظر، أو يدخلونه في
الصحيح، وإليك أمثلته: 1 - تمام بن نجيح، قال فيه البخاري:
فيه نظر.
ووثقه ابن معين.
وقال البزار في موضع: هو صالح الحديث.
وروى له البخاري نفسه أثرا موقوفا معلقا في رفع عمر بن عبد
العزيز يديه حين يركع - أعني فلم يتركه البخاري نفسه - ولم
يتركه أبو داود ولا الترمذي.
2 - راشد بن داود الصنعاني، قال فيه البخاري: فيه نظر.
لكن وثقه إمام هذا الشأن يحيى بن معين وقال: ليس به بأس
ثقة.
وقال دحيم: هو ثقة عندي.
وذكره ابن حبان في
" الثقات ".
وروى له النسائي.
وقال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق له أوهام.
3 - ثعلبة بن يزيد الحماني، قال فيه البخاري: في حديثه
نظر، لا يتابع في حديثه.
وقال النسائي: ثقة.
وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا في مقدار ما يرويه.
وقال الحافظ ابن حجر: صدوق شيعي.
4 - جعدة المخزومي: قال البخاري: لا أعرف له إلا هذا
الحديث وفيه نظر.
وروى له (*)
(12/439)
__________
= الترمذي.
وقال فيه الحافظ ابن حجر: مقبول.
ومعلوم أن الحافظ ابن حجر يقول هذا فيمن ليس له من الحديث
إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك به حديثه.
5 - جميع بن عمير التيمي، قال البخاري: في أحاديثه نظر.
وقال أبو حاتم: محله الصدق صالح الحديث.
وقال الساجي: صدوق.
وقال العجلي: تابعي ثقة.
وقال ابن حجر: صدوق يخطئ ويتشيع.
وروى له الاربعة.
وحسن الترمذي حديثه في " سننه " في مناقب أبي بكر الصديق
في الباب الرابع.
6 - حبيب بن سالم، قال البخاري: فيه نظر.
وقال ابن عدي: ليس في متون أحاديثه حديث منكر، بل قد اضطرب
في أسانيد ما يروى عنه.
وقال الآجري عن أبي داود: ثقة.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وروى له مسلم والاربعة.
وقال ابن حجر: لا بأس به.
7 - حريش بن خريت، قال البخاري: فيه نظر.
وقال أيضا: أرجو.
قال اليماني المعلمي في تعليقه عليه في " التاريخ الكبير
": كأنه يريد: أرجو أنه لا بأس به.
وفي " تهذيب التهذيب ": قال البخاري في " تاريخه ": أرجو
أن يكون صالحا.
وقال أبو حاتم: لا بأس به.
8 - سليمان بن داود الخولاني، قال البخاري: فيه نظر.
وقد أثنى عليه أبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد،
وجماعة من الحفاظ.
قال ابن حجر: لا ريب في أنه صدوق.
9 - طالب بن حبيب المدني الانصاري، قال البخاري: فيه نظر.
وروى له أبو داود،
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
ووثقه الهيثمي في " مجمع الزوائد " 5 / 106.
10 - صعصعة بن ناجية، قال البخاري: فيه نظر.
وهو صحابي ذكره ابن حجر في " تهذيب التهذيب "، و " الاصابة
".
11 - عبدالرحمن بن سلمان الرعيني، قال البخاري: فيه نظر.
وقد وثقه ابن يونس.
وقال أبو حاتم: ما رأيت من حديثه منكرا، وهو صالح الحديث.
وله عند مسلم في مبيت ابن عباس عند ميمونة.
وقال النسائي: ليس به بأس، كما في " تهذيب التهذيب " 6 /
188.
وقال ابن حجر: لا بأس به.
وأدخله البخاري في " الضعفاء ".
فقال أبو حاتم: يحول من هناك.
والصواب عندي: أن ما قاله العراقي ليس بمطرد ولا صحيح على
إطلاقه، بل كثيرا ما يقوله البخاري ولا يوافقه عليه
الجهابذة، وكثيرا ما يقوله ويريد به إسنادا خاصا كما قال
في " التاريخ الكبير " 3 / 1 / 183 في ترجمة عبد الله بن
محمد بن عبد الله بن زيد رائي الاذان: فيه نظر، لانه لم
يذكر سماع بعضهم من بعض.
وكما في ترجمته في " تهذيب التهذيب " 6 / 10.
وكثيرا ما يقوله ولا يعني الراوي، بل حديث الراوي، فعليك
بالتثبت والتأني.
انظر " قواعد في علوم الحديث " ص 254 - 257.
(*)
(12/440)
كذاب، أو كان يضع الحديث.
حتى إنه قال: إذا قلت فلان في حديثه نظر، فهو متهم واه.
وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا.
وهذا هو والله غاية الورع.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعته - يعني البخاري -
يقول: لا يكون لي خصم في الآخرة، فقلت: إن بعض الناس
ينقمون عليك في كتاب " التاريخ " ويقولون: فيه اغتياب
الناس، فقال: إنما روينا ذلك رواية
لم نقله من عند أنفسنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "
بئس مولى العشيرة " يعني: حديث عائشة (1).
وسمعته يقول: ما اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة تضر
أهلها.
قال: وكان أبو عبد الله يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة،
وكان لا يوقظني في كل ما يقوم.
فقلت: أراك تحمل على نفسك، ولم توقظني.
قال: أنت شاب، ولا أحب أن أفسد عليك نومك (2).
وقال غنجار: حدثنا أبو عمرو أحمد بن المقرئ، سمعت بكر بن
منير قال: كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة، فلسعه
الزنبور سبع عشرة مرة.
فلما قضى الصلاة، قال: انظروا أيش آذاني (3).
__________
(1) أخرجه مالك 2 / 903، 904 في حسن الخلق، والبخاري 10 /
378، 379 في الادب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم
فاحشا ولا متفحشا، ومسلم (2591) في البر والصلة: باب
مداراة من يتقى فحشه، وأبو داود (4791) والترمذي (1996)
وأحمد 6 / 38 عن عائشة أن رجلا استأذن على النبي صلى الله
عليه وسلم، فقال: ائذنوا له بئس أخو العشيرة وبئس ابن
العشيرة، فلما دخل عليه، ألان له القول، قالت عائشة: فقلت:
يا رسول الله قلت له الذي قلت، ثم ألنت له القول ؟ قال: يا
عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه
الناس اتقاء شره ".
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 13، 14، " طبقات السبكي " 2 /
220، و " مقدمة الفتح ": 482.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 276، و " تاريخ بغداد " 2 /
12، و " تهذيب الكمال ": 1170، و " مقدمة الفتح ": 481.
(*)
(12/441)
وقال محمد بن أبي حاتم: دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض
أصحابه، فلما صلى بالقوم الظهر، قام يتطوع، فلما فرغ من
صلاته، رفع ذيل قميصه، فقال لبعض من معه: انظر هل ترى تحت
قميصي شيئا ؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر
موضعا.
وقد تورم من ذلك جسده.
فقال له بعض القوم: كيف لم تخرج من الصلاة أول ما أبرك ؟
قال: كنت في سورة، فأحببت أن أتمها ! ! (1).
وقال: سمعت عبد الله بن سعيد بن جعفر يقول: سمعت العلماء
بالبصرة يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في
المعرفة والصلاح (2).
وقال أبو جعفر محمد بن يوسف الوراق: حدثنا عبد الله بن
حماد الآملي قال: وددت أني شعرة في صدر محمد بن إسماعيل
(3).
وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف، حدثنا محمد بن إسماعيل
التقي النقي العالم الذي لم أر مثله.
أعدت هذا للتبويب (4).
وقال الحاكم: حدثنا محمد بن حامد البزاز، سمعت الحسن بن
محمد بن جابر، سمعت محمد بن يحيى الذهلي لما ورد البخاري
نيسابور يقول: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح، فاسمعوا منه.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 12، 13 و " تهذيب الكمال ": 1170.
وانظر " طبقات السبكي " 2 / 223، و " مقدمة الفتح ": 481.
(2) " مقدمة الفتح ": 486.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 28، و " مقدمة الفتح ": 486.
(4) سبق الخبر في الصفحة: 436.
(*)
(12/442)
وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي،
يقول: جاء محمد إلى أقربائه بخرتنك، فسمعته يدعو ليلة إذ
فرغ من ورده:
اللهم إنه قد ضاقت علي الارض بما رحبت، فاقبضني إليك.
فما تم الشهر حتى مات.
وقد ذكرنا أنه لما ألف " الصحيح " كان يصلي ركعتين عند كل
ترجمة.
وروى الخطيب بإسناده عن الفربري، قال: رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم في النوم، فقال لي: أين تريد ؟ فقلت: أريد محمد
بن إسماعيل البخاري، فقال: اقرأه مني السلام (1).
وقال محمد بن أبي حاتم: ركبنا يوما إلى الرمي، ونحن بفربر،
فخرجنا إلى الدرب الذي يؤدي إلى الفرضة (2).
فجعلنا نرمي، وأصاب سهم أبي عبد الله وتد القنطرة الذي على
نهر ورادة، فانشق الوتد.
فلما رآه أبو عبد الله، نزل عن دابته، فأخرج السهم من
الوتد، وترك الرمي.
وقال لنا: ارجعوا.
ورجعنا معه إلى المنزل، فقال لي: يا أبا جعفر، لي إليك
حاجة تقضيها ؟ قلت: أمرك طاعة.
قال: حاجة مهمة، وهو يتنفس الصعداء.
فقال لمن معنا: إذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما
سألته، فقلت: أية حاجة هي ؟ قال لي: تضمن قضاءها ؟ قلت:
نعم، على الرأس والعين، قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب
القنطرة، فتقول له: إنا قد أخللنا بالوتد، فنحب أن تأذن
لنا في إقامة بدله، أو تأخذ ثمنه،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 10، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 68 / 1، و " تهذيب الكمال ": 1170 و " طبقات السبكي "
2 / 223، و " مقدمة الفتح ": 490.
(2) فرضة النهر: مشرب الماء منه أو المشرعة.
والفرضة: الثلمة التي تكون في النهر.
(*)
(12/443)
وتجعلنا في حل مما كان منا، وكان صاحب القنطرة حميد بن
الاخضر
الفربري.
فقال لي: أبلغ أبا عبد الله السلام، وقل له: أنت في حل مما
كان منك.
وقال: جميع ملكي لك الفداء.
وإن قلت: نفسي، أكون قد كذبت، غير أني لم أكن أحب أن
تحتشمني في وتد أو في ملكي.
فأبلغته رسالته، فتهلل وجهه، واستنار، وأظهر سرورا، وقرأ
في ذلك اليوم على الغرباء نحوا من خمس مئة حديث، وتصدق
بثلاث مئة درهم.
قال وسمعته يقول لابي معشر الضرير: اجعلني في حل يا أبا
معشر، فقال: من أي شئ ؟ قال: رويت يوما حديثا، فنظرت إليك،
وقد أعجبت به، وأنت تحرك رأسك ويدك، فتبسمت من ذلك.
قال: أنت في حل، رحمك الله يا أبا عبد الله.
قال: ورأيته استلقى على قفاه يوما، ونحن بفربر في تصنيفه
كتاب " التفسير ".
وأتعب نفسه ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث.
فقلت له: إني أراك تقول: إني ما أثبت (1) شيئا، بغير علم
قط منذ عقلت، فما الفائدة في الاستلقاء ؟ قال: أتعبنا
أنفسنا اليوم.
وهذا ثغر من الثغور، خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو،
فأحببت أن استريح، وآخذ أهبة، فإن غافصنا (2) العدو كان
بنا حراك (3).
قال: وكان يركب إلى الرمي كثيرا، فما أعلمني رأيته في طول
ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلا مرتين، فكان يصيب الهدف في
كل ذلك، وكان لا يسبق.
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": ما أتيت.
(2) أي: فاجأنا، وأخذنا على غرة منا.
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 14، و " تهذيب الاسماء واللغات "
1 / 76 / 1، و " تهذيب الكمال ": 170، و " طبقات السبكي ":
2 / 226، و " مقدمة الفتح ": 481.
(*)
(12/444)
قال: وسمعته يقول: ما أكلت كراثا قط، ولا القنابرى (1)،
قلت: ولم ذاك ؟ قال: كرهت أن أوذي من معي من نتنهما.
قلت: وكذلك البصل النئ ؟ قال: نعم.
قال: وحدثني محمد بن العباس الفربري، قال: كنت جالسا مع
أبي عبد الله البخاري بفربر في المسجد، فدفعت من لحيته
قذاة مثل الذرة أذكرها، فأردت أن ألقيها في المسجد، فقال:
ألقها خارجا من المسجد (2).
قال: وأملى يوما علي حديثا كثيرا، فخاف ملالي، فقال: طب
نفسا، فإن أهل الملاهي في ملاهيهم، وأهل الصناعات في
صناعاتهم، والتجار في تجاراتهم.
وأنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فقلت: ليس شئ من هذا، يرحمك الله إلا وأنا أرى الحظ لنفسي
فيه.
قال: وسمعته يقول: ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا
إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه.
وقال له بعض أصحابه: يقولون: إنك تناولت فلانا.
قال: سبحان الله، ما ذكرت أحدا بسوء إلا أن أقول ساهيا،
وما يخرج اسم فلان من صحيفتي يوم القيامة.
قال: وضيفه بعض أصحابه في بستان له، وضيفنا معه، فلما
جلسنا أعجب صاحب البستان بستانه، وذلك أنه كان عمل مجالس
فيه، وأجرى
__________
(1) والقنابرى - بفتح الراء -: بقلة الغملول، كما في
القاموس: وانظر " القانون في الطب " 1 / 422 لمعرفة
فوائده.
(*)
(12/445)
الماء في أنهاره.
فقال له: يا أبا عبد الله، كيف ترى ؟ فقال: هذه الحياة
الدنيا.
قال: وكان لابي عبد الله غريم قطع عليه مالا كثيرا، فبلغه
انه قدم آمل، ونحن عنده بفربر، فقلنا له: ينبغي أن تعبر
وتأخذه بمالك.
فقال: ليس لنا أن نروعه.
ثم بلغ غريمه مكانه بفربر، فخرج إلى خوارزم، فقلنا: ينبغي
أن تقول لابي سلمة الكشاني عامل آمل ليكتب إلى خوارزم في
أخذه، واستخراج حقك منه، فقال: إن أخذت منهم كتابا طمعوا
مني في كتاب، ولست أبيع ديني بدنياي.
فجهدنا، فلم يأخذ حتى كلمنا السلطان عن غير أمره.
فكتب إلى والي خوارزم.
فلما أبلغ أبا عبد الله ذلك، وجد وجدا شديدا.
وقال: لا تكونوا أشفق علي من نفسي.
وكتب كتابا، وأردف تلك الكتب بكتب، وكتب إلى بعض أصحابه
بخوارزم أن لا يتعرض لغريمه الا بخير.
فرجع غريمه إلى آمل، وقصد إلى ناحية مرو.
فاجتمع التجار، وأخبر السلطان بأن أبا عبد الله خرج في طلب
غريم له.
فأراد السلطان التشديد على غريمه، وكره ذلك أبو عبد الله،
وصالح غريمه على أن يعطيه كل سنة عشرة دراهم شيئا يسيرا.
وكان المال خمسة وعشرين ألفا.
ولم يصل من ذلك المال إلى درهم، ولا إلى أكثر منه (1).
قال: وسمعت أبا عبد الله، يقول: ما توليت شراء شئ ولا بيعه
قط.
فقلت له: كيف، وقد أحل الله البيع ؟ قال: لما فيه من
الزيادة والنقصان والتخليط، فخشيت إن توليت أن أستوي
بغيري.
قلت فمن كان يتولى أمرك في أسفارك ومبايعتك ؟ قال: كنت
أكفى ذلك (2).
__________
(1) الخبر بطوله في " طبقات السبكي " 2 / 227.
وهو في " مقدمة الفتح ": 480.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 11 بلفظ مختلف، و " تهذيب الاسماء
واللغات " 1 / 68 / 1، و " طبقات السبكي " 2 / 227.
(*)
(12/446)
قال: وسمعت محمد بن خداش يقول: سمعت أحمد بن حفص، يقول:
دخلت على أبي الحسن - يعني: إسماعيل - والد أبي عبد الله
عند موته، فقال: لا أعلم من مالي درهما من حرام، ولا درهما
من شبهة.
قال أحمد: فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك.
ثم قال أبو عبد الله: أصدق ما يكون الرجل عند الموت.
قال: وكان أبو عبد الله اكترى منزلا، فلبث فيه طويلا،
فسمعته يقول: لم أمسح ذكري بالحائط، ولا بالارض في ذلك
المنزل.
فقيل له: لم ؟ قال: لان المنزل لغيري.
قال: وقال لي أبو عبد الله يوما بفربر: بلغني أن نخاسا قدم
بجواري، فتصير معي ؟ قلت: نعم، فصرنا إليه، فأخرج جواري
حسانا صباحا.
ثم خرج من خلالهن جارية خزرية دميمة عليها شحم، فنظر
إليها، فمس ذقنها فقال: اشتر هذه لنا منه، فقلت: هذه دميمة
قبيحة لا تصلح، واللاتي نظرنا إليهن يمكن شراءهن بثمن هذه.
فقال: اشتر هذه، فإني قد مسست ذقنها، ولا أحب أن أمس
جارية، ثم لا أشتريها.
فاشتراها بغلاء خمس مئة درهم على ما قال أهل المعرفة.
ثم لم تزل عنده حتى أخرجها معه إلى نيسابور.
وقال غنجار: أنبأنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرئ: سمعت
بكر ابن منير - وقد ذكر معناها محمد بن أبي حاتم، واللفظ
لبكر - قال: كان حمل إلى البخاري بضاعة أنفذها إليه ابنه
أحمد، فاجتمع بعض التجار إليه، فطلبوها بربح خمسة آلاف
درهم.
فقال: انصرفوا الليلة.
فجاءه من الغد تجار آخرون، فطلبوا منه البضاعة بربح عشرة
آلاف.
فقال: إني
(12/447)
نويت بيعها للذين أتوا البارحة (1).
وقال غنجار: حدثنا إبراهيم بن حمد الملاحمي، سمعت محمد بن
صابر بن كاتب، سمعت عمر بن حفص الاشقر قال: كنا مع البخاري
بالبصرة نكتب، ففقدناه أياما، ثم وجدناه في بيت وهو عريان،
وقد نفد ما عنده، فجمعنا له الدراهم، وكسوناه (2).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله، يقول: ما ينبغي
للمسلم أن يكون بحالة إذا دعا لم يستجب له.
فقالت له امرأة أخيه بحضرتي: فهل تبينت ذلك أيها الشيخ من
نفسك، أو جربت ؟ قال: نعم.
دعوت ربي عزوجل مرتين، فاستجاب لي، فلن أحب أن أدعو بعد
ذلك، فلعله ينقص من حسناتي، أو يعجل لي في الدنيا.
ثم قال: ما حاجة المسلم إلى الكذب والبخل ؟ ! ! وقال محمد
بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: خرجت إلى آدم ابن أبي
إياس، فتخلفت عني نفقتي، حتى جعلت أتناول الحشيش، ولا أخبر
بذلك أحدا.
فلما كان اليوم الثالث، أتاني آت لم أعرفه، فناولني صرة
دنانير، وقال: أنفق على نفسك (3).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت الحسين بن محمد السمرقندي
يقول: كان محمد بن إسماعيل مخصوصا بثلاث خصال مع ما كان
فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع
فيما عند الناس،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 11، 12، و " طبقات السبكي " 2 /
227، و " مقدمة الفتح ": 480.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 13، و " طبقات السبكي " 2 / 217.
(3) " طبقات السبكي " 2 / 227، و " مقدمة الفتح ": 480.
(*)
(12/448)
وكان لا يشتغل بأمور الناس، كل شغله كان في العلم.
وقال: سمعت سليم بن مجاهد يقول: ما بقي أحد يعلم الناس
الحديث حسبة غير محمد بن إسماعيل.
ورأيت سليم بن مجاهد يسأل أبا عبد الله أن يحدثه كل يوم
بثلاثة أحاديث، ويبين له معانيها وتفاسيرها وعللها.
فأجابه إلى ذلك قدر مقامه.
وكان أقام في تلك الدفعة جمعة.
وسمعت سليما يقول: ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه، ولا
أورع، ولا أزهد في الدنيا، من محمد بن إسماعيل (1).
قال عبدالمجيد بن إبراهيم: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل،
كان يسوي بين القوي والضعيف.
ذكر كرمه وسماحته وصفته وغير ذلك قال محمد بن أبي حاتم:
كانت له قطعة أرض يكريها كل سنة بسبع مئة درهم.
فكان ذلك المكتري ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثاة أو
قثاتين، لان أبا عبد الله كان معجبا بالقثاء النضيج، وكان
يؤثره على البطيخ أحيانا، فكان يهب للرجل مئة درهم كل سنة
لحمله القثاء إليه أحيانا.
قال: وسمعته يقول: كنت أستغل كل شهر خمس مئة درهم، فأنفقت
كل ذلك في طلب العلم.
فقلت: كم بين من ينفق على هذا الوجه، وبين من كان خلوا من
المال، فجمع وكسب بالعلم، حتى اجتمع له.
فقال أبو عبد الله: * (ما عند الله خير وأبقى) * [ الشورى:
36 ].
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 227 من كلام سليم بن مجاهد، وكذا
في " مقدمة
الفتح ": 486.
(*)
(12/449)
قال: وكنا بفربر، وكان أبو عبد الله يبني رباطا مما يلي
بخارى، فاجتمع بشر كثير يعينونه على ذلك، وكان ينقل اللبن،
فكنت أقول له: إنك تكفى يا أبا عبد الله، فيقول: هذا الذي
ينفعنا.
ثم أخذ ينقل الزنبرات (1) معه، وكان ذبح لهم بقرة، فلما
أدركت القدور، دعا الناس إلى الطعام، وكان بها مئة نفس أو
أكثر، ولم يكن علم أنه يجتمع ما اجتمع، وكنا أخرجنا معه من
فربر خبزا بثلاثة دراهم أو أقل، فألقينا بين أيديهم، فأكل
جميع من حضر، وفضلت أرغفة صالحة.
وكان الخبز إذ ذاك خمسة أمناء (2) بدرهم (3).
قال: وكان أبو عبد الله ربما يأتي عليه النهار، فلا يأكل
فيه رقاقة، إنما كان يأكل أحيانا لوزتين أو ثلاثا.
وكان يجتنب توابل القدور مثل الحمص وغيره، فقال لي يوما
شبه المتفرج بصاحبه: يا أبا جعفر، نحتاج في السنة إلى شئ
كثير، قلت له: قدر كم ؟ قال: أحتاج في السنة إلى أربعة
آلاف درهم، أو خمسة آلاف درهم.
قال: وكان يتصدق بالكثير، يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل
الحديث، فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين، وأقل وأكثر،
من غير أن يشعر بذلك أحد.
وكان لا يفارقه كيسه.
ورأيته ناول رجلا مرارا صرة فيها ثلاث مئة درهم، - وذلك أن
الرجل أخبرني بعدد ما كان فيها من بعد - فأراد أن يدعو،
فقال له أبو عبد الله: ارفق، واشتغل بحديث آخر كيلا بعلم
بذلك أحد.
قال: وكنت اشتريت منزلا بتسع مئة وعشرين درهما، فقال: لي
__________
(1) جمع زنبر، وهو الزنبيل.
فارسية معربة.
(2) في " مقدمة الفتح ": أمنان، بالنون.
وكلاهما جمع (من)، وهو وزن أو مكيال يسع مئتي وسبعة وخمسين
درهما.
(3) " مقدمة الفتح ": 481.
(*)
(12/450)
إليك حاجة تقضيها ؟ قلت: نعم، ونعمى عين، قال: ينبغي أن
تصير إلى نوح بن أبي شداد الصيرفي، وتأخذ منه ألف درهم،
وتحمله إلي، ففعلت، فقال لي: خذه إليك، فاصرفه في ثمن
المنزل.
فقلت: قد قبلته منك وشكرته.
وأقبلنا على الكتابة، وكنا في تصنيف " الجامع ".
فلما كان بعد ساعة، قلت: عرضت لي حاجة لا أجترئ رفعها
إليك، فظن أني طمعت في الزيادة، فقال: لا تحتشمني، وأخبرني
بما تحتاج، فإني أخاف أن أكون مأخوذا بسببك، قلت له: كيف ؟
قال: لان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه.
فذكر حديث سعد وعبد الرحمن.
فقلت له: قد جعلتك في حل من جميع ما تقول، ووهبت لك المال
الذي عرضته علي، عنيت المناصفة.
وذلك أنه قال: لي جوار وامرأة، وأنت عزب، فالذي يجب علي أن
أناصفك لنستوي في المال وغيره، وأربح عليك في ذلك، فقلت
له: قد فعلت - رحمك الله - أكثر من ذلك إذ أنزلتني من نفسك
ما لم تنزل أحدا، وحللت منك محل الولد، ثم حفظ علي حديثي
الاول، وقال: ما حاجتك ؟ قلت: تقضيها ؟.
قال: نعم، وأسر بذلك.
قلت: هذه الالف، تأمر بقبوله، واصرفه في بعض ما تحتاج
إليه، فقبله، وذلك أنه ضمن لي قضاء حاجتي.
ثم جلسنا بعد ذلك بيومين لتصنيف " الجامع "، وكتبنا منه
ذلك اليوم شيئا كثيرا إلى الظهر، ثم صلينا الظهر، وأقبلنا
على الكتابة من غير أن نكون أكلنا شيئا، فرآني لما كان قرب
العصر
شبه القلق المستوحش، فتوهم في ملالا.
وإنما كان بي الحصر غير أني لم أكن أقدر على القيام، وكنت
أتلوى اهتماما بالحصر.
فدخل أبو عبد الله المنزل، وأخرج إلي كاغدة فيها ثلاث مئة
درهم، وقال: أما إذ لم تقبل ثمن المنزل، فينبغي أن تصرف
هذا في بعض حوائجك.
فجهدني، فلم أقبل.
ثم كان بعد أيام، كتبنا إلى الظهر أيضا، فناولني
(12/451)
عشرين درهما.
فقال: ينبغي أن تصرف هذه في شراء الخضر ونحو ذلك.
فاشتريت بها ما كنت أعلم أنه يلائمه، وبعثت به إليه،
وأتيت.
فقال لي: بيض الله وجهك، ليس فيك حيلة، فلا ينبغي لنا أن
نعني أنفسنا.
فقلت له: إنك قد جمعت خير الدنيا والآخرة، فأي رجل يبر
خادمه بمثل ما تبرني إن كنت لا أعرف هذا، فلست أعرف أكثر
منه.
سمعت عبد الله بن محمد الصارفي يقول: كنت عند أبي عبد الله
في منزله، فجاءته جارية، وأرادت دخول المنزل، فعثرت على
محبرة بين يديه، فقال لها: كيف تمشين ؟ قالت: إذا لم يكن
طريق، كيف أمشي ؟ فبسط يديه، وقال لها: اذهبي فقد أعتقتك.
قال: فقيل له فيما بعد: يا أبا عبد الله، أغضبتك الجارية ؟
قال: إن كانت أغضبتني فإني أرضيت نفسي بما فعلت (1).
وقال عبد الله بن عدي الحافظ: سمعت الحسن بن الحسين البزاز
يقول: رأيت محمد بن إسماعيل شيخا نحيف الجسم، ليس بالطويل
ولا بالقصير (2).
وقال غنجار: حدثنا أحمد بن محمد بن حسين التميمي، حدثنا
أبو يعلى التميمي، سمعت جبريل بن ميكائيل بمصر يقول: سمعت
البخاري
يقول: لما بلغت خراسان أصبت ببعض بصري، فعلمني رجل أن أحلق
رأسي، وأغلفه بالخطمي.
ففعلت، فرد الله علي بصري (3).
__________
(1) " مقدمة الفتح " 480.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 6، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1
/ 68 / 1، و " وفيات الاعيان " 4 / 190، و " تهذيب الكمال
": 1169، و " طبقات السبكي " 2 / 216.
(3) " طبقات السبكي " 2 / 216.
(*)
(12/452)
وقال محمد الوراق: دخل أبو عبد الله بفربر الحمام، وكنت
أنا في مشلح الحمام، أتعاهد عليه ثيابه.
فلما خرج ناولته ثيابه، فلبسها، ثم ناولته الخف، فقال:
مسست شيئا فيه شعر النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: في أي موضع هو من الخف ؟ فلم يخبرني.
فتوهمت أنه في ساقه بين الظهارة والبطانة.
ذكر قصته مع محمد بن يحيى الذهلي رحمهما الله قال الحاكم
أبو عبد الله: سمعت محمد بن حامد البزاز قال: سمعت الحسن
بن محمد بن جابر يقول: سمعت محمد بن يحيى قال لنا لما ورد
محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور: اذهبوا إلى هذا الرجل
الصالح فاسمعوا منه.
فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه، حتى ظهر الخلل
في مجلس محمد بن يحيى، فحسده بعد ذلك، وتكلم فيه (1).
وقال أبو أحمد بن عدي.
ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد
نيسابور اجتمع الناس عليه، حسده بعض من كان في ذلك الوقت
من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم
عليه، فقال لاصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: اللفظ
بالقرآن مخلوق،
فامتحنوه في المجلس.
فلما حضر الناس مجلس البخاري، قام إليه رجل، فقال: يا أبا
عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن، مخلوق هو أم غير
مخلوق ؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه.
فقال الرجل: يا أبا عبد الله، فأعاد عليه القول، فأعرض
عنه.
ثم قال في الثالثة، فالتفت إليه البخاري، وقال:
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 30، و " طبقات السبكي " 2 / 330،
و " مقدمة الفتح ": 491.
(*)
(12/453)
القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة
والامتحان بدعة.
فشغب الرجل، وشغب الناس، وتفرقوا عنه.
وقعد البخاري في منزله (1).
أنبأنا المسلم بن محمد القيسي وغيره قالوا: أخبرنا زيد بن
الحسن، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا أحمد بن علي
الخطيب، أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب أبو بكر البرقاني،
أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن
سيار، حدثني محمد بن مسلم خشنام قال: سئل محمد بن إسماعيل
بنيسابور عن اللفظ، فقال: حدثني عبيدالله بن سعيد - يعني
أبا قدامة - عن يحيى بن سعيد هو القطان قال: أعمال العباد
كلها مخلوقة.
فمرقوا عليه، وقالوا له بعد ذلك: ترجع عن هذا القول، حتى
نعود إليك ؟ قال: لا أفعل إلا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون
أقوى من حجتي.
وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته (2).
وقال الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المطوعي
ببخارى، حدثنا محمد بن يوسف الفربري، سمعت محمد بن إسماعيل
يقول: أما أفعال العباد فمخلوقة.
فقد حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا
مروان بن معاوية، حدثنا أبو مالك، عن ربعي، عن حذيفة قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يصنع كل صانع
وصنعته " (3).
وبه قال: وسمعت عبيدالله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد
__________
(1) " مقدمة الفتح ": 494.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 30.
(3) إسناده صحيح، وهو في " خلق أفعال العباد ": 137، و "
الاسماء والصفات " للبيهقي 388، وصححه الحاكم 1 / 31، 32
وواقفه الذهبي.
وقد تقدم في الصفحة 128.
(*)
(12/454)
يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة
(1).
قال البخاري: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة.
فأما القرآن المتلو، المبين المثبت في المصاحف، المسطور
المكتوب، الموعى في القلوب، فهو كلام الله ليس بمخلوق (2).
قال الله تعالى: * (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا
العلم) * [ العنكبوت: 49 ].
وقال أبو حامد الاعمشي: رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة أبي
عثمان بن سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى يسأله عن الاسامي
والكنى وعلل الحديث، ويمر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم.
فما أتى على هذا شهر حتى قال محمد بن يحيى: ألا من يختلف
إلى مجلسه فلا يختلف إلينا، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد
أنه تكلم في اللفظ، ونهيناه، فلم ينته، فلا تقربوه، ومن
يقربه فلا يقربنا.
فأقام محمد بن إسماعيل ها هنا مدة، ثم خرج إلى بخارى (3).
وقال أبو حامد بن الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول:
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 228، و " مقدمة الفتح ": 491،
492.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 31، و " طبقات السبكي " 2 / 228،
و " مقدمة الفتح ": 492، و " خلق أفعال العباد ": 138 وجاء
فيه أيضا في الصفحة: 146: قال أبو عبد الله: ومن الدليل
على أن الله يتكلم كيف يشاء، وأن أصوات العباد مؤلفة حرفا
حرفا، فيها التطريب والغمز واللحن والترجيع، حديث أم سلمة
رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: حدثنا عبد
الله بن صالح، ويحيى بن بكير، قالا: حدثنا الليث، عن ابن
أبي ملكية، عن يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها
عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته، فقالت: كان
يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر
ما صلى، حتى الصبح.
ونعتت قراءته، فإذا قراءته حرفا حرفا.
(3) سبق الخبر في الصفحة: 432، وهو في " تاريخ بغداد " 2 /
31، و " طبقات السبكي " 2 / 229.
(*)
(12/455)
القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته، وحيث تصرف، فمن
لزم هذا استغنى عن اللفظ وعما سواه من الكلام في القرآن،
ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر، وخرج عن الايمان، وبانت
منه امرأته، يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، وجعل ماله
فيئا بين المسلمين ولم يدفن في مقابرهم، ومن وقف، فقال: لا
أقول مخلوق ولا غير مخلوق، فقد ضاهى الكفر، ومن زعم أن
لفظي بالقرآن مخلوق، فهذا مبتدع، لا يجالس ولا يكلم.
ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه،
فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه (1).
وقال الحاكم: أخبرنا محمد بن أبي الهيثم ببخارى، أخبرنا
الفربري، حدثنا البخاري، قال: نظرت في كلام اليهود
والنصارى
والمجوس، فما رأيت أحدا أضل في كفرهم من الجهمية، وإني
لاستجهل من لا يكفرهم (2).
وقال غنجار: حدثنا محمد بن أحمد بن حاضر العبسي، حدثنا
الفربري، سمعت البخاري يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
ومن قال مخلوق فهو كافر (3).
وقال الحاكم: حدثنا طاهر بن محمد الوراق، سمعت محمد بن
شاذل يقول: لما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري، دخلت على
البخاري، فقلت: يا أبا عبد الله، أيش الحيلة لنا فيما بينك
وبين محمد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 31، 32.
(2) ذكره في " خلق أفعال العباد " ص 71، وهو من الغلو
والافراط الذي لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفا وخلفا،
وكيف يحكم بكفرهم، ثم يروي عنهم، ويخرج أحاديثهم في صحيحه
الذي انتقاه وشرط فيه الصحة ؟ ! (3) " تاريخ بغداد " 2 /
32، و " مقدمة الفتح ": 492.
(*)
(12/456)
يحيى، كل من يختلف إليك يطرد ؟ فقال: كم يعتري محمد بن
يحيى الحسد في العلم.
والعلم رزق الله يعطيه من يشاء.
فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك ؟ قال: يا بني، هذه مسألة
مشؤومة، رأيت أحمد بن حنبل، وما ناله في هذه المسألة،
وجعلت على نفسي أن لا أتكلم فيها.
قلت: المسألة هي أن اللفظ مخلوق، سئل عنها البخاري، فوقف
فيها، فلما وقف واحتج بأن أفعالنا مخلوقة، واستدل لذلك،
فهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ، فتكلم فيه، وأخذه
بلازم قوله هو وغيره (1).
وقد قال البخاري في الحكاية التي رواها غنجار في " تاريخه
":
حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل، سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر
النيسابوري الخفاف ببخارى يقول: كنا يوما عند أبي إسحاق
القيسي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن
إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم
أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله.
فقلت له: يا أبا عبد الله، قد خاض الناس في هذا وأكثروا
فيه.
فقال: ليس إلا ما أقول (2).
قال أبو عمرو الخفاف، فأتيت البخاري، فناظرته في شئ من
الاحاديث حتى طابت نفسه فقلت: يا أبا عبد الله، ها هنا أحد
يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة.
فقال: يا أبا عمرو، احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل
__________
(1) ولازم المذهب ليس بلازم كما هو مذهب جمهور المحققين من
العلماء، ونقل ابن ناصر الدين في مقدمة كتابه " الرد
الوافر " 20 عن الامام الذهبي - ووصفه بإمام التعديل
والجرح، والمعتمد عليه في المدح والقدح - كلمة جاء فيها:
ونعوذ بالله من الهوى والمراء في الدين، وأن نكفر مسلما
موحدا بلازم قوله، وهو يفر من ذلك اللازم، وينزه ويعظم
الرب.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 277.
(*)
(12/457)
نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة
ومكة والمدينة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب.
فإني لم أقله، إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة (1).
وقال أبو سعيد حاتم بن أحمد الكندي: سمعت مسلم بن الحجاج
يقول: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا
عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به، استقبلوه مرحلتين
وثلاثة.
فقال محمد بن يحيى
في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا
فليستقبله.
فاستقبله محمد بن يحيى وعامة العلماء، فنزل دار البخاريين،
فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شئ من الكلام، فإنه
إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل
حروري، وكل رافضي، وكل جهمي، وكل مرجئ بخراسان.
قال: فازدحم الناس على محمد ابن إسماعيل، حتى امتلا السطح
والدار، فلما كان اليوم الثاني أو الثالث، قام إليه رجل،
فسأله عن اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا
من أفعالنا.
فوقع بينهم اختلاف، فقال بعض الناس: قال: لفظي بالقرآن
مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل، حتى تواثبوا، فاجتمع أهل
الدار، وأخرجوهم (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 32، و " طبقات السبكي " 2 / 230،
و " مقدمة الفتح ": 492.
(2) إن البخاري والكرابيسي وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى
الذهلي متفقون كلهم على أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه،
لا يختلفون في ذلك، كما هو واضح من أقوالهم المأثورة عنهم.
لكنهم اختلفوا في قول الانسان: لفظي بالقرآن مخلوق، أو غير
مخلوق.
فأنكر ذلك الامام أحمد والذهلي.
لان اللفظ يراد به أمران: أحدهما الملفوظ نفسه، وهو غير
مقدور للعبد، ولا فعل له فيه، والثاني التلفظ به والاداء
له، وهو فعل العبد.
فإطلاق الخلق على اللفظ قد يوهم المعنى الاول وهو خطأ،
وإطلاق نفي الخلق عليه قد يوهم المعنى الثاني وهو = (*)
(12/458)
وقال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن
الاخرم، سمعت ابن علي المخلدي، سمعت محمد بن يحيى يقول: قد
أظهر هذا البخاري قول اللفظية واللفظية عندي شر من الجهمية
(1).
وقال سمعت محمد بن صالح بن هانئ: سمعت أحمد بن سلمة يقول:
دخلت على البخاري، فقلت: يا أبا عبد الله، هذا رجل مقبول
بخراسان خصوصا في هذه المدينة، وقد لج في هذا الحديث حتى
لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه، فما ترى ؟ فقبض على لحيته،
ثم قال: * (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) * [
غافر: 44 ].
اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا،
ولا طلبا للرئاسة، وإنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني
لغلبة المخالفين، وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله
لا غير.
ثم قال لي: يا أحمد، إني خارج غدا لتتخلصوا (2) من حديثه
لاجلي (3).
قال: فأخبرت جماعة أصحابنا، فو الله ما شيعه غيري.
كنت معه حين خرج من البلد، وأقام على باب البلد ثلاثة أيام
لاصلاح أمره.
قال: وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: لما استوطن
__________
= خطأ، فمنعا الاطلاقين.
فيقولون: التلاوة هي قراءتنا وتلفظنا بالقرآن، والمتلو هو
القرآن المسموع بالآذان بالاداء من فم الرسول صلى الله
عليه وسلم، وهي حروف وكلمات وسور وآيات تلاه جبريل وبلغه
جبريل عن الله تعالى كما سمعه.
فهم يميزون بين ما قام بالعبد، وما قام بالرب فالقرآن
عندهم جميعه كلام الله حروفه ومعانيه، وأصوات العباد
وحركاتهم وأداؤهم وتلفظهم كل ذلك مخلوق بائن عن الله ولذلك
سوغوا أن يقال: القرآن غير مخلوق، ولفظي بالقرآن مخلوق.
(1) " مقدمة الفتح ": 494.
(2) في " مقدمة الفتح ": لتخلصوا.
(3) " مقدمة الفتح ": 492.
(*)
(12/459)
البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه.
فلما وقع بين
الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه،
ومنع الناس عنه، انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم.
فقال الذهلي يوما: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر
مجلسنا، فأخذ مسلم رداء (1) فوق عمامته، وقام على رؤوس
الناس، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر جمال (2).
وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه (3).
قال: وسمعت محمد بن يوسف المؤذن، سمعت أبا حامد بن الشرقي
يقول: حضرت مجلس محمد بن يحيى الذهلي، فقال: ألا من قال:
لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا.
فقام مسلم بن الحجاج من المجلس.
رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب، فزاد:
وتبعه أحمد بن سلمة.
قال أحمد بن منصور الشيرازي: سمعت محمد بن يعقوب الاخرم،
سمعت أصحابنا يقولون: لما قام مسلم وأحمد بن سلمة من مجلس
الذهلي، قال الذهلي: لا يساكنني هذا الرجل في البلد.
فخشي البخاري وسافر (4).
وقال محمد بن أبي حاتم: أتى رجل أبا عبد الله البخاري،
فقال: يا أبا عبد الله، إن فلانا يكفرك ! فقال: قال النبي
صلى الله عليه وسلم: " إذا قال الرجل
__________
(1) في " مقدمة الفتح ": رداءه.
(2) " مقدمة الفتح ": 492 وقال ابن حجر معقبا: وقد أنصف
مسلم، فلم يحدث في كتابه عن هذا ولا عن هذا.
(3) سيرد هذا الخبر في الصفحة: 572 بترجمة مسلم رحمه الله.
(4) " مقدمة الفتح ": 492.
(*)
(12/460)
لاخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما " (1).
وكان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك،
فيقول: * (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) * [ النساء: 76 ]:
ويتلو أيضا: * (ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله) * [ فاطر:
43 ] فقال له عبدالمجيد بن إبراهيم: كيف لا تدعو الله على
هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويبهتونك ؟ فقال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " اصبروا حتى تلقوني على الحوض
" (2)، وقال صلى الله عليه وسلم: " من دعا على ظالمه، فقد
انتصر " (3).
قال محمد بن أبي حاتم: وسمعته يقول: لم يكن يتعرض لنا قط
أحد من أفناء الناس إلا رمي بقارعة، ولم يسلم، وكلما حدث
الجهال أنفسهم أن يمكروا بنا رأيت من ليلتي في المنام نارا
توقد ثم تطفأ من غير أن ينتفع بها، فأتأول قوله تعالى: *
(كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) *
__________
(1) أخرجه مالك 3 / 148 بشرح السيوطي في الكلام: باب ما
يكره من الكلام، ومن طريقه أحمد 2 / 113 والبخاري 10 / 428
والترمذي (2637)، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وأخرجه
مسلم (60) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار
وأخرجه أيضا من طريق عبيد الله بن عمر، وأبو داود (4687)
وأحمد 2 / 60 من طريق فضيل بن غزوان.
كلاهما عن نافع عن ابن عمر، وأخرجه أحمد 2 / 18 و 44 و 47
و 112 من طرق عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر.
(2) أخرجه من حديث أسيد بن حضير البخاري 7 / 89، 90 في
فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب فضل الانصار و
(7057) في الفتن: باب قول النبي سترون بعدي أمورا
تنكرونها، ومسلم (1845) في الامارة: باب الامر بالصبر عند
ظلم الولاة، والترمذي (2190) والنسائي 8 / 224، 225،
وأخرجه من حديث أنس البخاري 7 / 192، وأخرجه
من حديث عبد الله بن زيد البخاري 8 / 37 - 42 ومسلم
(1061).
(3) أخرجه الترمذي برقم (3552) في الدعوات من حديث عائشة
وفي سنده أبو حمزة ميمون الاعور وهو ضعيف، ونقل المناوي في
" فيض القدير " قول الترمذي في " العلل ": سئل عنه البخاري
فقال: لا أعلم أحدا رواه غير أبي الاحوص، لكن هو من حديث
أبي حمزة، وضعف أبا حمزة جدا.
(*)
(12/461)
[ المائدة: 64 ].
وكان هجيراه (1) من الليل إذا أتيته في آخر مقدمه من
العراق: * (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا
الذي ينصركم من بعده) * [ آل عمران: 160 ] الآية..وقال
أحمد بن منصور الشيرازي: سمعت القاسم بن القاسم يقول: سمعت
إبراهيم وراق أحمد بن سيار يقول لما قدم البخاري مرو
استقبله أحمد بن سيار فيمن استقبله، فقال له أحمد: يا أبا
عبد الله، نحن لا نخالفك فيما تقول، ولكن العامة لا تحمل
ذا منك.
فقال البخاري: إني أخشى النار، أسأل عن شئ أعلمه حقا أن
أقول غيره.
فانصرف عنه أحمد بن سيار.
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2):
قدم محمد بن إسماعيل الري سنة خمسين ومئتين، وسمع منه أبي
وأبو زرعة، وتركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنه
أظهر عندهم بنيسابور أن لفظه بالقرآن مخلوق (3).
__________
(1) أي: كلامه ودأبه وشأنه.
وفي حديث عمر رضي الله عنه: ماله هجيرى غيرها، أي: الدأب
والعادة والديدن.
(2) " الجرح والتعديل " 7 / 191.
(3) هذا عجيب من أبي زرعة وأبي حاتم، فإنهما قد وثقا
مسلما، وأثنيا عليه، مع أنه يقول بمقالة شيخه البخاري في
مسألة اللفظ، ولا يمكن أن يسوغ صنيعهما هذا إلا بحمله على
العصبية والهوى والحسد.
وقد قال الامام الذهبي في " ميزان الاعتدال " 1 / 111 في
ترجمة أبي نعيم صاحب " الحلية ": كلام الاقران بعضهم في
بعض لا يعبأ به، لاسيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو
لحسد، وما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرا من
الاعصار سلم أهله من ذلك سوى الانبياء والصديقين.
ولو شئت لسردت من ذلك كراريس.
وقال السبكي في " طبقات الشافعية " 2 / 230: إن موقف
الذهلي من البخاري آت من حسده له.
وقال السبكي في " قاعدة الجرح والتعديل ": 12: ومما ينبغي
أن يتفقد حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح
والمجروح.
فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة، فجرحه لذلك.
= (*)
(12/462)
قلت: إن تركا حديثه، أو لم يتركاه، البخاري ثقة مأمون محتج
به في العالم.
ذكر محنته مع أمير بخارى روى أحمد بن منصور الشيرازي قال:
سمعت بعض أصحابنا يقول: لما قدم أبو عبد الله بخارى نصب له
القباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهل البلد حتى لم
يبق مذكور إلا استقبله، ونثر عليه الدنانير والدراهم
والسكر الكثير، فبقي أياما.
قال: فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد
أمير بخارى: إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة.
فقرأ كتابه على أهل بخارى، فقالوا: لا نفارقه، فأمره
الامير بالخروج من البلد، فخرج (1).
قال أحمد بن منصور: فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن
معقل النسفي قال: رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الذي
أخرجه فيه من
بخارى، فتقدمت إليه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف ترى هذا
اليوم من اليوم الذي نثر عليك (2) فيه ما نثر ؟ فقال: لا
أبالي إذا سلم ديني.
قال: فخرج إلى بيكند، فسار الناس معه حزبين: حزب معه، وحزب
عليه،
__________
= ومن أمثلة ذلك قول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل في
البخاري: تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللفظ، فيا
لله والمسلمين، أيجوز لاحد أن يقول: البخاري متروك ؟ ؟ !
وهو حامل لواء الصناعة، ومقدم أهل السنة والجماعة.
ثم يا لله والمسلمين ! أتجعل ممادحه مذام ؟ ! فإن الحق في
مسألة اللفظ معه، إذ لا يستريب عاقل من المخلوقين في أن
تلفظه من أفعاله الحادثة التي هي مخلوقة لله تعالى، وإنما
أنكرها الامام أحمد رضي الله عنه لبشاعة لفظها.
(1) الخبر في " مقدمة الفتح ": 494.
(2) تكررت كلمة " عليك " في الاصل.
(*)
(12/463)
إلى أن كتب إليه أهل سمرقند، فسألوه أن يقدم عليهم، فقدم
إلى أن وصل بعض قرى سمرقند، فوقع بين أهل سمرقند فتنة من
سببه، قوم يريدون إدخاله البلد، وقوم لا يريدون ذلك، إلى
أن اتفقوا على أن يدخل إليهم، فاتصل به الخبر وما وقع
بينهم بسببه، فخرج يريد أن يركب.
فلما استوى على دابته، قال: اللهم خر لي، ثلاثا، فسقط
ميتا، فاتصل بأهل سمرقند، فحضروه بأجمعهم.
هذه حكاية شاذة منقطعة، والصحيح ما يأتي خلافها.
قال غنجار في " تاريخه ": سمعت أبا عمرو أحمد بن محمد
المقرئ، سمعت بكر بن منير بن خليد بن عسكر يقول: بعث
الامير خالد ابن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن
إسماعيل أن احمل إلي كتاب
" الجامع " و " التاريخ " وغيرهما لاسمع منك.
فقال لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب
الناس.
فإن كانت لك إلى شئ منه حاجة، فاحضر في مسجدي، أو في داري.
وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان، فامنعني من المجلس، ليكون لي
عذر عند الله يوم القيامة، لاني لا أكتم العلم، لقول النبي
صلى الله عليه وسلم: " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من
نار (1) " فكان سبب الوحشة بينهما هذا (2).
وقال الحاكم: سمعت محمد بن العباس الضبي يقول: سمعت أبا
__________
(1) حديث صحيح أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2 / 263 و 305
و 344 و 353 و 495، وأبو داود (3658) والترمذي (2651) وابن
ماجة (261) و (266) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان (75) وله
شاهد من حديث عبد الله بن عمرو صححه ابن حبان (96) والحاكم
1 / 102 ووافقه الذهبي.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 33، و " تهذيب الكمال ": 338، و "
طبقات السبكي " 2 / 232، 233 و " مقدمة الفتح ": 494.
(*)
(12/464)
بكر بن أبي عمرو الحافظ البخاري يقول: كان سبب منافرة أبي
عبد الله أن خالد بن أحمد الذهلي الامير خليفة الطاهرية
ببخارى سأل أن يحضر منزله، فيقرأ " الجامع " و " التاريخ "
على أولاده، فامتنع عن الحضور عنده، فراسله بأن يعقد مجلسا
لاولاده، لا يحضره غيرهم، فامتنع، وقال: لا أخص أحدا.
فاستعان الامير بحريث بن أبي الورقاء وغيره، حتى تكلموا في
مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم، فلم يأت إلا شهر حتى
ورد أمر الطاهرية، بأن ينادى على خالد في البلد، فنودي
عليه على أتان.
وأما حريث، فإنه ابتلي بأهله، فرأى فيها ما يجل عن الوصف.
وأما فلان، فابتلي باولاده، وأراه الله فيهم البلايا (1).
وقال الحاكم: حدثنا خلف بن محمد، حدثنا سهل بن شاذويه قال:
كان محمد بن إسماعيل يسكن سكة الدهقان، وكان جماعة يختلفون
إليه، يظهرون شعار أهل الحديث من إفراد الاقامة، ورفع
الايدي في الصلاة وغير ذلك.
فقال حريث بن أبي الورقاء وغيره: هذا رجل مشغب، وهو يفسد
علينا هذه المدينة، وقد أخرجه محمد بن يحيى من نيسابور،
وهو إمام أهل الحديث، فاحتجوا عليه بابن يحيى، واستعانوا
عليه بالسلطان في نفيه من البلد، فأخرج.
وكان محمد بن إسماعيل ورعا، يتجنب السلطان ولا يدخل عليهم.
قال الحاكم: سمعت أحمد بن محمد بن واصل البيكندي، سمعت أبي
يقول: من الله علينا بخروج أبي عبد الله، ومقامه عندنا،
حتى سمعنا منه هذه الكتب، وإلا من كان يصل إليه وبمقامه في
هذه النواحي: فربر
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 33، 34، و " تهذيب الكمال ":
1172، و " طبقات السبكي " 2 / 233 و " مقدمة الفتح ": 494.
(*)
(12/465)
وبيكند، بقيت هذه الآثار فيها، وتخرج الناس به.
قلت: خالد بن أحمد الامير (1)، قال الحاكم: له ببخارى آثار
محمودة كلها، إلا موجدته على البخاري، فإنها زلة، وسبب
لزوال ملكه.
سمع إسحاق بن راهويه، وعبيد الله بن عمر القواريري وطائفة.
حدثنا عنه بهمذان عبدالرحمن الجلاب، وبمرو علي بن محمد
الارزق.
وكان قد مال إلى يعقوب بن الليث.
فلما حج حبسوه ببغداد حتى مات لسنته، وهي سنة تسع وستين
ومئتين.
ذكر وفاته: قال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار
السمرقندي - يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك - " قرية
" على فرسخين من سمرقند - وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم،
فسمعته ليلة يدعو، وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم إنه قد
ضاقت علي الارض بما رحبت، فاقبضني إليك، فما تم الشهر حتى
مات.
وقبره بخرتنك (2).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو
الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أياما،
فمرض، واشتد به المرض حتى وجه رسولا إلى مدينة سمرقند في
إخراج محمد، فلما وافى
__________
(1) انظر ترجمته في " الكامل " لابن الاثير 7 / 412.
(2) خرتنك، بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وفتح التاء
المثناة من فوقها وسكون النون وبعدها كاف: وهي قرية من قرى
سمرقند.
كذا قال ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 4 / 191.
والخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 34، و " تهذيب الكمال ":
1172، و " طبقات السبكي " 2 / 232، و " مقدمة الفتح ":
494.
(*)
(12/466)
تهيأ للركوب، فلبس خفيه، وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة
أو نحوها، وأنا آخذ بعضده، ورجل أخذ معي يقوده إلى الدابة
ليركبها، فقال رحمه الله: أرسلوني، فقد ضعفت.
فدعا بدعوات، ثم اضطجع، فقضى رحمه الله.
فسال منه (1) العرق شئ لا يوصف.
فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه.
وكان فيما قال لنا، وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب
بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك.
فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك،
فدام ذلك أياما، ثم
علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره، فجعل الناس
يختلفون، ويتعجبون.
وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر، حتى ظهر القبر،
ولم نكن نقدر (2) على حفظ القبر بالحراس.
وغلبنا على أنفسنا، فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن
أحد يقدر على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر
من التراب، ولم يكونوا يخلصون إلى القبر..وأما ريح الطيب
فإنه تداوم أياما كثيرة، حتى تحدث أهل البلدة، وتعجبوا من
ذلك، وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته، وخرج بعض مخالفيه
إلى قبره، وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من
مذموم المذهب (3).
قال محمد بن أبي حاتم: ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل
بعده إلا القليل، وأوصى أن يدفن إلى جنبه.
__________
(1) في " طبقات السبكي " 2 / 233: فسال منه من العرق شئ لا
يوصف وفي " مقدمة الفتح ": ثم سال منه عرق كثير.
(2) في " طبقات السبكي " 2 / 233: ولم يكن يقدر.
(3) خبر مرضه ووفاته بطوله في " طبقات السبكي " 2 / 233،
234، و " مقدمة الفتح ": 494.
(*)
(12/467)
وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني: سمعت عبد الواحد بن
آدم الطواويسي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في
النوم، ومعه جماعة من أصحابه، وهو واقف في موضع، فسلمت
عليه، فرد علي السلام، فقلت: ما وقوفك يا رسول الله ؟ قال:
أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري.
فلما كان بعد أيام.
بلغني موته، فنظرت فإذا قد مات في
الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها (1).
وقال خلف بن محمد الخيام: سمعت مهيب بن سليم الكرميني -
يقول: مات عندنا البخاري ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين،
وقد بلغ اثنتين وستين سنة، وكان في بيت وحده، فوجدناه لما
أصبح وهو ميت.
وقال ابن عدي: سمعت الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول:
توفي البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء، ودفن
يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومئتين.
وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما (2).
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا ذر يقول: رأيت محمد بن
حاتم الخلقاني في المنام، وكان من أصحاب محمد بن حفص،
فسألته - وأنا أعرف أنه ميت - عن شيخي رحمه الله، هل رأيته
؟ قال: نعم - رأيته وهو ذاك، يشير إلى ناحية سطح من سطوح
المنزل.
ثم سألته عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل، فقال: رأيته،
وأشار إلى السماء إشارة كاد ان يسقط منها لعلو ما يشير.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 34، و " تهذيب الكمال ": 1172، و
" طبقات السبكي " 2 / 232، و " مقدمة الفتح ": 494.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 6 و 34، و " تهذيب الاسماء
واللغات " 1 / 68 / 1، و " وفيات الاعيان " 4 / 190، و "
تهذيب الكمال ": 1169 و 1172، و " مقدمة الفتح ": 495.
(*)
(12/468)
وقال أبو علي الغساني: أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن
السكتي (1) السمرقندي: قدم علينا بلنسية عام أربعة وستين
وأربع مئة.
قال: قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الاعوام، فاستسقى
الناس مرارا، فلم
يسقوا.
فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضي سمرقند، فقال له:
إني رأيت رأيا أعرضه عليك.
قال: وما هو ؟ قال: أرى أن تخرج ويخرج الناس معك إلى قبر
الامام محمد بن إسماعيل البخاري، وقبره بخرتنك، ونستسقي
عنده، فعسى الله أن يسقينا.
قال: فقال القاضي: نعم ما رأيت.
فخرج القاضي والناس معه، واستسقى القاضي بالناس، وبكى
الناس عند القبر، وتشفعوا بصاحبه، فأرسل الله تعالى السماء
بماء عظيم غزير، أقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام أو
نحوها، لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر
وغزارته، وبين خرتنك وسمرقند نحو ثلاثة أميال (2).
وقال الخطيب في تاريخه: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن
القاضي الحرشي بنيسابور، قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن
أحمد الفقيه البلخي (ح)، قال الخطيب: سمعت أحمد بن عبد
الله الصفار البلخي، يقول: سمعت أبا إسحاق المستملي يروي
عن محمد بن يوسف الفربري، أنه كان يقول: سمع كتاب " الصحيح
" لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل، فما بقي أحد يرويه غيري
(3).
__________
(1) في " تقييد المهمل " لوحة: 34: التنكي المقيم بسمرقند.
وفي " طبقات الشافعية " 2 / 234: السكني.
(2) " طبقات السبكي " 2 / 234.
(3) سبق تخريجه في الصفحة: 398.
(*)
(12/469)
ذكر الصحابة الذين أخرج لهم البخاري ولم يرو عنهم سوى
واحد: مرداس الاسلمي، عنه قيس بن أبي حازم، حزن المخزومي،
تفرد
عنه ابنه أبو سعيد المسيب بن حزن.
زاهر بن الاسود، عنه ابنه مجزأة، عبد الله بن هشام بن زهرة
القرشي، عنه حفيده زهرة بن معبد.
عمرو بن تغلب، عنه الحسن البصري.
عبد الله بن ثعلبة بن صعير، روى عنه الزهري قوله.
سنين أبو جميلة السلمي عنه الزهري.
أبو سعيد بن المعلى، تفرد عنه حفص بن عاصم.
سويد بن النعمان الانصاري شجري، تفرد بالحديث عنه بشير بن
يسار.
خولة بنت ثامر، عنها النعمان ابن أبي عياش، فجملتهم عشرة.
فصل " تاريخ " البخاري يشتمل على نحو من أربعين ألفا
وزيادة، وكتابه في " الضعفاء " دون السبع مئة نفس.
ومن خرج لهم في " صحيحه " دون الالفين (1).
قال ذلك أبو بكر الحازمي ف " صحيحه " مختصر جدا (2).
وقد
__________
(1) جاء في " مقدمة صحيح مسلم " بشرح النووي: 16: قال
الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري في كتابه " المدخل
إلى معرفة المستدرك ": عدد من خرج لهم البخاري في " الجامع
الصحيح " ولم يخرج لهم مسلم أربع مئة وأربعة وثلاثون شيخا،
وعدد من احتج بهم مسلم في المسند الصحيح، ولم يحتج بهم
البخاري في " الجامع الصحيح " ست مئة وخمسة وعشرون شيخا،
والله أعلم.
(2) قال النووي رحمه الله في " تهذيب الاسماء واللغات " 1
/ 75 / 1: جملة ما في " صحيح البخاري " من الاحاديث
المسندة سبعة آلاف وخمس مئة وثلاثة وسبعون حديثا بالاحاديث
المكررة 7573.
أما اسمه فسماه مؤلفه البخاري رحمه الله " الجامع المسند
الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسننه وأيامه ".
وأما محله فقال العلماء: هو أول مصنف صنف في الصحيح
المجرد، واتفق العلماء على أن أصح الكتب المصنفة صحيحا
البخاري ومسلم، واتفق الجمهور على أن " صحيح البخاري "
أصحهما صحيحا وأكثرهما فوائد.
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري وبعض علماء المغرب: " صحيح
مسلم " أصح، وأنكر العماء ذلك عليهم، والصواب ترجيح " صحيح
البخاري "...وقال النسائي: أجود = (*)
(12/470)
نقل الاسماعيلي عمن حكى عن البخاري، قال: لم أخرج في
الكتاب إلا صحيحا.
قال: وما تركت من الصحيح أكثر.
لبعضهم: صحيح البخاري لو أنصفوه * لما خط إلا بماء الذهب
هو الفرق بين الهدى والعمى * هو السد بين الفتى والعطب
أسانيد مثل نجوم السماء * أمام متون كمثل الشهب (1) به قام
ميزان دين الرسول * ودان به العجم بعد العرب حجاب من النار
لا شك فيه * تميز بين الرضى والغضب وستر رقيق إلى المصطفى
* ونص مبين لكشف الريب فيا عالما أجمع العالمون * على فضل
رتبته في الريب سبقت الائمة فيما جمعت * وفزت على رغمهم
(2) بالقصب نفيت الضعيف من الناقلين * ومن كان متهما
بالكذب وأبرزت في حسن ترتيبه * وتبويبه عجبا للعجب فأعطاك
مولاك ما تشتهيه * وأجزل حظك فيما وهب (3)
172 - البيروتي * (د، س)
الامام الحجة المقرئ الحافظ، أبو الفضل، العباس بن الوليد
بن
__________
= هذه الكتب كتاب البخاري، وأجمعت الامة على صحة هذين
الكتابين ووجوب العمل بأحاديثهما.
(1) في " تاريخ ابن كثير ": لها كالشهب.
(2) في " تاريخ ابن كثير:: زعمهم، وهو تصحيف.
(3) الابيات في " تاريخ ابن كثير " 11 / 27، 28.
* الجرح والتعديل 6 / 214، 215، الانساب، ورقة: 98 / أ،
اللباب 1 / 196، تهذيب = (*)
(12/471)
مزيد، العذري البيروتي.
وبيروت مدينة على البحر من ساحل دمشق، ما زالت بلاد إسلام
منذ الفتوح إلى أن استولى عليها الفرنج، فدامت دارا لهم
إلى أن افتتحها السلطان الملك الاشرف خليل في سنة تسعين
وست مئة عند أخذ عكا، وبها توفي الاوزاعي، وتلميذه الوليد
بن مزيد، وابنه هذا.
ولد سنة تسع وستين ومئة.
فكان ممن عمر أكثر من مئة عام بيقين.
سمع أباه، وتفقه به، ومحمد بن شعيب بن شابور، وعقبة بن
علقمة البيروتي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبا مسهر
الدمشقي، وعبد الحميد بن بكار، وطائفة.
وكان مقرئا حاذقا بحرف ابن عامر، تلا على أبيه.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي في كتابيهما، وأبوا زرعة،
وابن أبي داود، وابن جوصا، ومكحول البيروتي، وعبد الرحمن
بن أبي حاتم، وأبو علي الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وأبو
العباس الاصم، وخلق كثير.
سمى الحافظ ابن عساكر منهم أربعين نفسا.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال النسائي: ليس به بأس (2).
__________
= الكمال: 661، تذهيب التهذيب 2 / 128 / 1، العبر 2 / 46،
غاية النهاية في طبقات القراء
1 / 355، تهذيب التهذيب 5 / 131، 133، خلاصة تذهيب الكمال:
190، شذرات الذهب 2 / 160.
(1) " الجرح والتعديل " 6 / 215، و " تهذيب الكمال ": 661،
و " تذهيب التهذيب " 2 / 128 / 1.
(2) " تهذيب الكمال ": 661، و " تذهيب التهذيب " 2 / 128 /
1.
(*)
(12/472)
وقال إسحاق ابن سيار: ما رأيت أحسن سمتا منه (1).
وقال أبو داود: سمع من أبيه، ثم عرض عليه، وكان صاحب ليل
(2).
قال الحسين بن أبي الحسين بن أبي كامل: سمعت خيثمة يقول:
أتيت أبا داود السجستاني، فأملى علي حديثا عن العباس بن
الوليد، فقلت: وإياي حدث العباس.
فقال لي: رأيته ؟ قلت: نعم.
قال: متى مات ؟ قلت: سنة إحدى وسبعين ومئتين، كذا قال
خيثمة.
وأما عمرو بن دحيم فقال: مات في ربيع الآخر وعين اليوم،
وقال سنة سبعين ومئتين.
فتحرر لي أن مجموع عمره مئة سنة وثمانية أشهر واثنان
وعشرون يوما.
وكان ممتعا بقواه.
قال خيثمة بن سليمان: مازح العباس بن الوليد يوما جارية
له، فدفعته فوقع، فانكسرت رجله.
فلم يحدثنا عشرين يوما.
فكنا نلقى الجارية، ونقول: حسبك الله كما كسرت رجل الشيخ،
وحبستنا عن الحديث.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن سنة ثلاث وتسعين، أخبرنا أبو
محمد بن قدامة، والحسين بن صصرى، واخبرنا أحمد بن
عبدالحميد،
وأحمد بن عبدالرحمن الحسيني، قالا.
أخبرنا محمد بن غسان، قالوا: اخبرنا عبد الواحد بن محمد
الازدي، أخبرنا عبد الكريم بن المؤمل
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 661، و " تذهيب التهذيب " 2 / 128 /
1.
(2) " تهذيب الكمال ": 661 وجاء فيه: وذكره ابن حبان في
كتاب " الثقات " و " تذهيب التهذيب " 2 / 128 / 1.
ومعنى صاحب ليل، أي: يقوم بالليل.
(*)
(12/473)
الكفرطابي حضورا، أخبرنا عبدالرحمن بن عثمان المعدل،
أخبرنا خيثمة ابن سليمان بن حيدرة، اخبرنا العباس بن
الوليد ببيروت، أخبرنا محمد بن شعيب، أخبرني داود بن
الزبرقان، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن خالد ابن أبي خالد،
عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث، عن علي أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " قد عفوت لكم عن صدقة الخيل
والرقيق " (1).
قرأت على تاج الدين علي بن أحمد العلوي: أخبركم محمد بن
أحمد بن القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيدالله، أخبرنا محمد بن
محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن
محمد، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد العذري، أخبرني أبي،
سمعت الاوزاعي قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة، حدثنا زر بن
حبيش، سمعت أبي بن كعب، وبلغه أن ابن مسعود يقول: من قام
السنة أصاب ليلة القدر، فقال: والله الذي لا إله إلا هو،
إنها لفي رمضان.
يحلف بذلك ثلاثا.
ثم قال: والله الذي لا إله إلا هو، إني لاعلم أي ليلة هي،
هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
نقومها، ليلة صبيحة سبع وعشرين، وآية ذلك أن تطلع الشمس لا
شعاع لها (2).
أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي من وجوه، وأخرجه مسلم من
__________
(1) وهو من طريق الحارث عن علي عند ابن ماجة (1790)
والدارقطني 2 / 92، والبيهقي 4 / 118، والطحاوي 2 / 28 و
29، والحارث - وهو ابن عبد الله الهمداني - ضعيف، لكنه
متابع، فقد أخرجه أحمد 2 / 92 وأبو داود (1574) والترمذي
(620) والنسائي 5 / 37، والطحاوي 2 / 28 والبيهقي 4 / 117
- 118 من طريق أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي، وهذا سند
حسن كما قال الحافظ في " الفتح ".
(2) أخرجه مسلم برقم (763) في صلاة المسافرين: باب الترغيب
في قيام رمضان، وأبو داود (1378) في الصلاة: باب في ليلة
القدر، والترمذي (793) في الصوم: باب ما جاء في ليلة
القدر.
(*)
(12/474)
حديث الاوزاعي.
وشعبة، جميعا عن عبدة، ورواه النسائي في تفسيره (1).
حدثنا بندار، حدثنا عبدالرحمن، عن جابر بن يزيد العجلي، عن
يزيد بن أبي سليمان، عن زر، أن أبيا حدثه، ولم يسمه بل
قال: نبأ من لم يكذبني.
173 - الرهاوي * (س) الامام
الحافظ الناقد، أبو الحسين، أحمد بن سليمان بن عبد
الملك، الرهاوي، محدث الجزيرة.
سمع زيد بن الحباب، وجعفر بن عون، ويحيى بن آدم، ويزيد بن
هارون، وأبا داود الحفري، وعثمان بن عبدالرحمن الحراني،
ومحمد ابن عبيد، وحسين بن علي الجعفي، وعبيدالله بن موسى،
ويعلى بن عبيد، وأبا نعيم، وعبد الله بن جعفر الرقي، وخلقا
كثيرا.
حدث عنه النسائي فأكثر، وأبو عروبة، وأبو عبد الرحمن مكحول
البيروتي، وآخرون.
وأجاز لعبد الرحمن بن أبي حاتم.
ذكره النسائي، فقال: ثقة مأمون، صاحب حديث.
قلت: توفي سنة إحدى وستين ومئتين.
ومن قدماء مشيخته مسكين ابن بكر.
__________
(1) وليس في المطبوع لان ابن السني قد أسقط في اختصاره قسم
التفسير برمته.
* الجرح والتعديل 2 / 52، 53، الانساب 6 / 205، تهذيب
الكمال: 23، تذهيب التهذيب 1 / 11 / 2، تذكرة الحفاظ 2 /
559، العبر 2 / 21، الوافي بالوفيات 6 / 401، تاريخ ابن
كثير 11 / 33، تهذيب التهذيب 1 / 33، 34، طبقات الحفاظ:
250، خلاصة تذهيب الكمال: 6، شذرات الذهب 2 / 141.
(*)
(12/475)
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا الحسن بن محمد، أخبرنا
عمي أبو القاسم الحافظ، أخبرنا علي بن إبراهيم العلوي،
أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد واقف السميساطية (1)،
أخبرنا عبد الوهاب الكلابي، اخبرنا مكحول البيروتي، اخبرنا
أحمد بن سليمان، حدثنا يزيد بن هارون، اخبرنا الجريري، عن
أبي العلاء، عن مطرف، عن عمران بن حصين، ان رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه: " هل صمت من سرر هذا
الشهر شيئا " ؟ قال: لا.
قال: " فإذا أفطرت من رمضان، فصم يومين مكانه " مسلم (2).
عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد.
174 - يعقوب بن شيبة * ابن
الصلت بن عصفور، الحافظ الكبير العلامة الثقة، أبو
يوسف، السدوسي البصري ثم البغدادي، صاحب " المسند "
الكبير، العديم النظير المعلل، الذي تم من مسانيده نحو من
ثلاثين مجلدا.
ولو كمل
لجاء في مئة مجلد.
مولده في حدود الثمانين ومئة، وسماعاته على رأس المئتين.
__________
(1) هي خانقاه السميساطية نسبة للسميساطي أبي القاسم علي
بن محمد بن يحيى السلمي الحبشي، من أكابر الرؤساء بدمشق.
مات سنة 423 ه.
وهو الذي اشتراها حين قدم دمشق.
(2) رقم (1161) (200) في الصيام: باب صوم سرر شعبان،
وأخرجه البخاري 4 / 200 من طريق غيلان بن جرير، عن مطرف،
عن عمران، وأخرجه مسلم (1161) وأبو داود (2228) من طريق
حماد، عن ثابت، عن مطرف، عن عمران، وأخرجه مسلم من طريق
شعبة عن عبد الله بن هانئ ابن أخي مطرف، عن مطرف، عن
عمران.
وسرر الشهر آخره، أي آخر شعبان، وانظر المسألة مفصلة في "
الفتح " 4 / 200 - 201.
* تاريخ بغداد 14 / 281، 283، تذكرة الحفاظ 2 / 577، 578،
العبر 2 / 25، تاريخ ابن كثير 11 / 35، النجوم الزاهرة 3 /
37، طبقات الحفاظ: 254، شذرات الذهب 2 / 146، المنتظم 5 /
43.
(*)
(12/476)
سمع علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وأزهر
ابن سعد السمان، وبشر بن عمر الزهراني، وجعفر بن عون، وأبا
عامر العقدي، وشجاع بن الوليد، وعبد الله بن بكر السهمي،
ومحاضر بن المورع، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبا النضر، ويعلى
بن عبيد، ووهب ابن جرير، وحجاج بن منهال، وينزل إلى أحمد
بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، ثم إلى الحسن بن
علي الحلواني، وهارون الحمال، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبي
بكر الاعين، ثم ينزل إلى أصحاب يحيى بن معين، وابن
المديني، ويخرج العالي والنازل، ويذكر أولا سيرة الصحابي
مستوفاة، ثم يذكر ما رواه، ويوضح علل الاحاديث،
ويتكلم على الرجال، ويجرح ويعدل، بكلام مفيد عذب شاف، بحيث
إن الناظر في " مسنده " لا يمل منه، ولكن قل من روى عنه.
حدث عنه: حفيده محمد بن أحمد بن يعقوب، ويوسف بن يعقوب
الازرق، وطائفة.
وثقه أبو بكر الخطيب وغيره (1).
قال أبو الحسن الدارقطني: لو كان كتاب يعقوب بن شيبة
مسطورا على حمام لوجب أن يكتب (2)، يعني: لا يفتقر الشخص
فيه إلى سماع.
قال الخطيب: حدثني الازهري قال: بلغني أنه كان في منزل
يعقوب بن شيبة أربعون لحافا، أعدها لمن كان عنده من
الوراقين الذين يبيضون له " المسند ".
قال: ولزمه على ما خرج منه عشرة آلاف
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 281، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
577.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 281.
(*)
(12/477)
دينار.
ثم قال: وقيل: إن نسخه بمسند أبي هريرة منه شوهدت بمصر،
فكانت في مئتي جزء.
قال: والذي ظهر له مسند العشرة، وابن مسعود، وعمار،
والعباس، وعتبة بن غزوان، وبعض الموالي (1).
قلت: وبلغني أنه شوهد له " مسند " علي في خمسة أسفار.
قال أحمد بن كامل القاضي: كان يعقوب بن شيبة من كبار أصحاب
أحمد بن المعذل، والحارث بن مسكين، فقيها سريا، وكان يقف
في القرآن (2).
قلت: أخذ الوقف عن شيخه أحمد المذكور، وقد وقف علي بن
الجعد، ومصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة،
وخالفهم نحو من ألف إمام، بل سائر أئمة السلف والخلف على
نفي الخليقة عن القرآن، وتكفير الجهمية.
نسأل الله السلامة في الدين.
قال أبو بكر المروذي: أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك
الجانب من بغداد، فحذر أبو عبد الله منه، وقد كان المتوكل
أمر عبدالرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن
يقلد القضاء.
قال عبد الرحمن: فسألته عن يعقوب بن شيبة، فقال: متبدع
صاحب هوى (3).
قال الخطيب: وصفه أحمد بذلك لاجل الوقف (4).
قلت: قد كان يعقوب صاحب أموال عظيمة وحشمة وحرمة وافرة،
بحيث إن حفيده حكى، قال: لما ولدت عمد أبواي، فملآ لي
ثلاثة
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 281، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
577.
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 577، 578.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 350.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 350.
(*)
(12/478)
خوابي ذهبا، وخبآها لي.
فذكر أنه طال عمره، وأنفقها وفنيت، واحتاج.
وكان مولده قبل موت جده بنيف عشرة سنة.
مات يعقوب الحافظ في شهر ربيع الاول سنة اثنتين وستين
ومئتين.
وقع لي جزء واحد من " مسند " عمار له.
قرأت على الحافظ أبي محمد بن خلف: أخبركم يحيى بن أبي
السعود، أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا الحسين بن أحمد
النعالي، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن مهدي، أخبرنا أبو
بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة سنة إحدى وثلاثين وثلاث
مئة، حدثنا جدي، حدثنا علي ابن عاصم، اخبرنا عطاء بن
السائب، عن أبي البختري الطائي، قال:
قاول عمار رجلا، فاستطال الرجل عليه، فقال عمار: أنا إذا
كمن لا يغتسل يوم الجمعة.
فعاد الرجل فاستطال عليه، فقال له عمار: إن كنت كاذبا
فأكثر الله مالك وولدك، وجعلك يوطأ عقبك (1).
وبه قال يعقوب: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن عون، عن
الحسن، عن أمه، عن أم سلمة، قالت (2): ما نسينا الغبار على
شعر صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: " اللهم
إن الخير خير الآخرة، فاغفر للانصار والمهاجرة " إذ جاء
عمار، فقال: " ويحك، أو ويلك يا ابن سمية، تقتلك الفئة
الباغية " (3) ".
__________
(1) أي: كثير الاتباع، دعا عليه بأن يكون سلطانا، ومقدما،
أو ذا مال، فيتبعه الناس ويمشون وراءه.
(2) في الاصل: قال.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2916) (73) في الفتن، من
طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن
عون بهذا الاسناد، وهذا الحديث رواه غير واحد من الصحابة
منهم: قتادة بن النعمان عند مسلم (2915) وأبو هريرة عند
الترمذي (3802) وعبد = (*)
(12/479)
175 - ابن ميمون * (د، س) المحدث الامام المعمر، أبو بكر،
محمد بن عبد
الله بن ميمون، البغدادي ثم الاسكندراني.
حدث عن: الوليد بن مسلم، وسفيان بن عيينة، وسلم بن ميمون
الخواص، وجماعة.
وعنه: أبو داود والنسائي في " سننهما "، وأبو عوانة، وأبو
بكر بن أبي داود، وابن جوصا، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو بكر
بن زياد، وإمام
الائمة ابن خزيمة، وآخرون.
خاتمتهم علي بن عبد الله بن أبي مطر الاسكندراني.
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بالاسكندرية، وهو صدوق ثقة
(1).
وقال أبو سعيد بن يونس: توفي في حادي عشر ربيع الاول، سنة
اثنتين وستين ومئتين.
176 - أحمد بن الفرات * * (د)
ابن خالد، الشيخ الامام الحافظ الكبير الحجة، محدث
أصبهان،
__________
= الله بن عمرو بن العاص عند النسائي وعثمان بن عفان
وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو
بن العاص وأبو اليسر، قال الحافظ في الفتح 1 / 452، وكلها
عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن
جماعة آخرين يطول عددهم.
* الجرح والتعديل 7 / 304، تهذيب الكمال: 1226، تذهيب
التهذيب 3 / 222 / 1، الوافي بالوفيات 3 / 307، تهذيب
التهذيب 9 / 281، 282، خلاصة تذهيب الكمال: 346.
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 304.
* * الجرح والتعديل 2 / 67، طبقات الحنابلة 1 / 53، 55،
تاريخ بغداد 4 / 343، ذكر أخبار أصبهان: 82، تهذيب الكمال:
34، 35، تذهيب التهذيب 1 / 20 / 2، تذكرة الحفاظ = (*)
(12/480)
أبو مسعود، الضبي الرازي، نزيل أصبهان.
ولد سنة نيف وثمانين ومئة في خلافة هارون الرشيد.
وطلب العلم في الصغر، وعد من الحفاظ (1)، وهو شاب أمرد،
وارتحل إلى العراق والشام والحجاز واليمن، ولحق الكبار.
سمع عبد الله بن نمير، وأبا أسامة، وحسين بن علي الجعفي،
وأبا داود الحفري، ويزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي،
ويحيى بن آدم،
وجعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد بن عبيد، وأزهر
بن سعد السمان، وأبا عامر العقدي، وعبد الرزاق بن همام،
وشبابة بن سوار، وابن أبي فديك، وأبا أحمد الزبيري، وأبا
بكر الحنفي، ووهب بن جرير، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومؤمل
بن إسماعيل، وعبيدالله بن موسى، وأبا نعيم، وعفان، وأبا
صالح الكاتب، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وأبا جعفر النفيلي،
وأبا اليمان، وأبا عبدالرحمن المقرئ، والهيثم بن جميل،
وأبا الوليد، ومسلم بن إبراهيم وخلقا كثيرا، إلى أن ينزل
إلى أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن حميد، وبكر بن خلف.
وللطلبة اليوم جزء من حديثه من أعلى شئ يكون.
حدث عنه: أبو داود في " سننه " وأبو بكر بن أبي عاصم،
ومحمد بن يحيى بن مندة، وجعفر الفريابي، ومحمد بن الحسن بن
المهلب، وعبد الرحمن بن يحيى بن مندة أخو محمد، وأحمد بن
محمود بن صبيح،
__________
= 2 / 544، 545، ميزان الاعتدال 1 / 127، 128، العبر 2 /
16، الوافي بالوفيات 7 / 280، النجوم الزاهرة 3 / 29،
طبقات الحفاظ: 239، خلاصة تذهيب الكمال: 11، شذرات الذهب 2
/ 138، تهذيب ابن عساكر 1 / 435، 436.
(1) رسمت في الاصل: وعدم الحفاظ.
(*)
(12/481)
وخلق من الاصبهانيين، آخرهم موتا المعمر أبو محمد بن فارس،
شيخ أبي نعيم الحافظ.
أخبرنا محمد بن قايماز الدقيقي، أخبرنا محمد بن نصر
الرصافي، أخبرنا خليل بن بدر (ح) وأخبرنا اسحاق بن طارق،
أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا خليل الراراني (1)، ويحيى
الثقفي (ح)، وأخبرنا أحمد بن
فرج الفقيه، وعدة، قالوا: أخبرنا ابن عبد الدائم، أخبرنا
يحيى الثقفي (ح)، وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن الراراني،
قالا: أنبأنا أبو علي الحداد، ويحيى محضر، أخبرنا أبو نعيم
الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ابن أحمد بن فارس قراءة
عليه في سنة أربع وأربعين وثلاث مئة، حدثنا أحمد بن الفرات
الحافظ سنة سبع (2) وخمسين ومئتين، حدثنا أبو أسامة، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، قال: ما رأيت أحدا أعلم بالطب من
عائشة.
فقلت: يا خالة، ممن تعلمت الطب ؟ قالت: كنت أسمع الناس،
ينعت بعضهم لبعض، فأحفظه (3).
وبه: حدثنا أحمد بن الفرات، أخبرنا أبو عامر، عن ابن أبي
ذئب، عن سعد بن خالد، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالرحمن بن
عثمان، أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع
يجعلها في دواء، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها
(4).
__________
(1) الراراني: نسبة إلى راران، وهو خليل بن أبي الرجاء بدر
بن ثابت الاصبهاني الصوفي.
توفي سنة 596 ه.
وهو مترجم في " العبر " 4 / 291، 292، و " المشتبه " 1 /
296.
(2) في هامش الاصل: أربع.
خ.
(3) رجاله ثقات، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة القرشي
مولاهم الكوفي أخرج حديثه الستة، وقد تقدم الخبر في الجزء
الثاني ص 182، 183 في ترجمة الصديقة بنت الصديق.
(4) إسناده صحيح وأبو عامر هو عبدالملك بن عمرو العقدي،
ثقة من رجال الستة، = (*)
(12/482)
وبه أخبرنا أحمد، أخبرنا عبد الرزاق، عن سفيان، عن أبي
إسحاق، عن الاسود، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله
عليه وسلم ينام جنبا (1) ما يمس ماء.
قال إبراهيم بن محمد الطيان: سمعت أبا مسعود يقول: كتبت عن
ألف وسبع مئة شيخ، أدخلت في تصانيفي ثلاث مئة وعشرة، وعطلت
سائر ذلك.
وكتبت ألف ألف حديث وخمس مئة ألف حديث، فأخذت من ذلك خمس
مئة ألف حديث في التفاسير والاحكام والفوائد وغيره (2).
قال حميد بن الربيع: قدم أبو مسعود الاصبهاني مصر، فاستلقى
على قفاه، وقال لنا: خذوا حديث أهل مصر، قال: فجعل يقرأ
علينا شيخا شيخا من قبل أن يلقاهم، يعني: كان قد نظر في
حديث مشايخ مصر من كتب الرحالين، ووعاه (3).
وعن أبي مسعود قال: كنا نتذاكر الابواب، فخاضوا في باب،
فجاؤوا فيه بخمسة أحاديث، فجئت بسادس، فنخس أحمد بن حنبل
في صدري لاعجابه بي (4).
وروى يزيد بن عبد الله الاصبهاني، عن أحمد بن دلويه، قال:
__________
= وأخرجه أحمد 3 / 453 وأبو داود (3871) و (5269) والدارمي
2 / 88 والنسائي 7 / 210 وصححه الحاكم 4 / 410، 411،
ووافقه الذهبي.
(1) في الاصل " حينا " وهو تصحيف، والحديث أخرجه عبد
الرزاق في " المصنف " (1082) ورجاله ثقات، وسنده قوي،
وصححه الدارقطني والبيهقي وهو في " المسند " 6 / 146 و
171، وسنن أبي داود (228) والترمذي (118) وابن ماجة (581)
والطيالسي (1397) والبيهقي 1 / 201، ولابن خزيمة (211)
وابن حبان (232) من حديث ابن عمر أنه سأل النبي صلى الله
عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب ؟ قال: " نعم ويتوضأ إن
شاء ".
(2) " تهذيب الكمال ": 35 و " تذكرة الحفاظ " 2 / 544.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 344.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 343.
(*)
(12/483)
دخلت على أحمد بن حنبل، فقال: من فيكم ؟ قال: قلت: محمد بن
النعمان بن عبد السلام فلم يعرفه، فذكرت له أقواما، فلم
يعرفهم.
فقال: أفيكم أبو مسعود ؟ قلت: نعم.
قال: ما أعرف اليوم - أظنه قال -: أسود الرأس أعرف بمسندات
رسول الله صلى الله عليه وسلم منه (1).
قال أبو عروبة الحراني: أبو مسعود الاصبهاني في عداد أبي
بكر بن أبي شيبة في الحفظ، وأحمد بن سليمان الرهاوي في
الثبت (2).
قيل: إن أحمد بن الفرات، قدم أصبهان أولا، ولم يكن معه
كتاب، فأملى كذا كذا ألف حديث من حفظه، فلما وصلت كتبه،
قوبلت بما أملى، فلم يختلف إلا في مواضع يسيرة.
عن أحمد بن محمود بن صبيح: سمعت أبا مسعود الرازي يقول:
وددت أني أقتل في حب أبي بكر وعمر.
قال أبو بكر الخطيب: كان أبو مسعود أحد الحفاظ، سافر
الكثير، وجمع في الرحلة بين البصرة والكوفة، والحجاز،
واليمن، والشام، ومصر والجزيرة.
وقدم بغداد، وذاكر حفاظها بحضرة أحمد بن حنبل، وكان أحمد
يقدمه (3).
قال أبو أحمد بن عدي: لا أعلم لابي مسعود الرازي رواية
منكرة، وهو من أهل الصدق والحفظ (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 343، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 545.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 53، و " تاريخ بغداد " 4 /
344، و " تهذيب الكمال ": 34 و " تذكرة الحفاظ " 2 / 545.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 343.
(4) " تذكرة الحفاظ " 2 / 545.
(*)
(12/484)
قال أبوعمران الطرسوسي: سمعت أبا بكر الاثرم يقول: سمعت
أحمد بن حنبل يقول: ما تحت أديم السماء أحفظ لاخبار رسول
الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود الرازي.
قال أبو الشيخ سمعت ابن الاصفر يقول: جالست أحمد، وأثنى
على ابن أبي شيبة، وذكر عدة، قال: فما رأيت رجلا أحفظ لما
ليس عنده من أبي مسعود (1).
ونقل القاضي أبو الحسين بن الفراء في " طبقات أصحاب الامام
أحمد " في ترجمة أبي مسعود، انه نقل عن أحمد بن حنبل أنه
قال: من دل على صاحب رأي لنفسه، فقد أعان على هدم الاسلام
(2).
وعن أبي مسعود الرازي قال: كتبت الحديث وأنا ابن اثنتي
عشرة سنة.
قلت: بكر بطلب العلم لان أباه من أهل الحديث أيضا وقيل: لم
يلحق الاخذ عن أبيه.
وعن أبي مسعود قال: ذكرت بالحفظ، ولي ثمان عشرة سنة.
وسميت: الرويزي (3) الحافظ.
قال أحمد بن علي بن الجارود الحافظ: سمعت إبراهيم بن أورمة
الحافظ يقول: ما بقي أحد مثل أبي مسعود الرازي، ومحمد بن
يحيى الذهلي، ومحمد بن عبد الله المخرمي،
__________
(1) " طبقات الحنابلة " 1 / 54.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 54.
(3) تصغير الرازي.
(*)
(12/485)
وقد سئل الحافظ أبو بكر الاعين: أيما أحفظ، أبو مسعود
الرازي، أو سليمان الشاذكوني ؟ فقال: أما المسند فأبو
مسعود، وأما المنقطع (1) فالشاذ كوني.
ومما ألف أبو مسعود كتاب " الاحاديث الافراد "، روته كريمة
القرشية (2) بالاجازة.
وقد توفي في شعبان سنة ثمان وخمسين ومئتين، وقد قارب
الثمانين رحمه الله.
ومات معه في العام الحافظ أحمد بن سنان القطان، محدث واسط،
ومحمد بن سنجر الجرجاني صاحب " المسند " ببلاد مصر، ومحمد
بن يحيى الذهلي الحافظ عالم خراسان، ومحمد بن عبدالملك بن
زنجويه الحافظ ببغداد، والمحدث أحمد بن بديل الكوفي قاضي
همذان، وأحمد ابن حفص السلمي محدث نيسابور، وأحمد بن محمد
بن يحيى بن سعيد القطان، والمحدث هارون بن إسحاق الهمداني
الكوفي، والثقة عبدة بن عبد الله الصفار، ومحمد بن إسماعيل
الحساني، والمحدث حفص بن عمرو الربالي (3)، والعباس بن
يزيد البحراني المحدث، ويحيى بن معاذ الرازي شيخ الصوفية،
ومحمد بن عمر بن أبي مذعور المحدث، وأبو عبيدة ابن أبي
السفر الكوفي، والقاضي الكبير جعفر بن عبد الواحد الهاشمي،
__________
(1) في هامش الاصل: وهو المقطوع.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 2 / 545.
(2) هي كريمة بنت عبد الوهاب بن علي القرشية الزبيرية،
محدثة فاضلة.
توفيت بدمشق في جمادى الآخرة سنة 641 ه.
(3) الربالي، بفتح الراء والباء وبعد الالف لام: هذه
النسبة إلى ربال، وهو جد أبي عمر حفص بن عمرو بن
ربال...وهو مترجم في " اللباب " 2 / 14 وقد تحرفت فيه إلى
عمر، و " التبصير " 2 / 621.
(*)
(12/486)
وعلي بن حرب الجند يسابوري، والفضل بن يعقوب الرخامي
الحافظ، والمحدث علي بن محمد بن أبي الخصيب، والمحدث
إسماعيل بن أبي الحارث، وأحمد بن عمر حمدان البزاز،
وآخرون.
نعم وغسل ابن الفرات رفيقه محمد بن عاصم الثقفي العابد
صاحب ذلك الجزء العالي.
وفي آخر نسخة ابن الفرات مما وقع زائدا عند يحيى الثقفي:
قال أبو محمد بن فارس: سمعت من أبي مسعود سنة أربع وخمسين
ومئتين قال: وتوفي سنة ست وخمسين، كذا قال، وسنة ثمان أصح،
وما ذكر الحافظ ابن عساكر سواه.
قال أبو نعيم الحافظ: أبو مسعود أحد الائمة والحفاظ، صنف "
المسند " والكتب، وحدث بأصبهان خمسا وأربعين سنة، وكان قدم
أصبهان، قبل أن يرتحل إلى العراق في أيام الحسين بن حفص.
قلت: انما ارتحل أولا إلى العراق قبل المئتين، ولحق عبد
الله بن نمير وطبقته.
قال ابن عدي في " الكامل ": سمعت أحمد بن محمد بن سعيد،
سمعت ابن خراش يحلف بالله إن أحمد بن الفرات يكذب متعمدا.
فقال ابن عدي: وهذا تحامل ولا أعلم له رواية منكرة.
قلت: من الذي يصدق ابن خراش ذاك الرافضي في قوله (1) ؟ !
__________
(1) في " ميزان المؤلف " 1 / 128: ذكره ابن عدي فأساء،
فإنه ما أبدى شيئا غير أن ابن عقدة روى عن ابن خراش -
وفيهما رفض وبدعة - قال: إن ابن الفرات يكذب عمدا، وقال
ابن عدي: لا أعرف له رواية منكرة.
قلت: فبطل قول ابن خراش.
(*)
(12/487)
قال أبو صالح الجلاب: بلغني أن أحمد بن حنبل كتب عن أبي
مسعود حديث عبدالرحمن بن قيس، عن حماد بن سلمة " حديث
العتيرة " (1).
قال أبو نعيم: توفي في شعبان سنة 258، وغسله محمد بن عاصم
الثقفي.
قلت:
177 - أبوه * (بخ) يروى
عن: مالك بن مغول، ومسعر، وأسامة بن زيد الليثي، ويونس ابن
أبي إسحاق.
روى عنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن حميد.
__________
(1) العتيرة: قال أبو عبيد: هي الرجبية ذبيحة كانوا
يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها لاصنامهم، وقال
غيره: العتيرة نذر كانوا ينذرونه من بلغ ماله كذا أن يذبح
من كل عشرة منها رأسا في رجب، وذكر ابن سيده أن العتيرة أن
الرجل كان يقول في الجاهلية: إن بلغ إبلي مائة عترت منها
عتيرة زاد في " الصحاح ": في رجب، ونقل أبو داود في سننه 3
/ 252: تقييدها بالعشر الاول من رجب.
والخبر أورده المؤلف في " الميزان " 2 / 583 من طريق أحمد
بن الفرات، حدثنا عبد الرحمن بن قيس، حدثنا حماد بن سلمة
عن أبي العشراء الدارمي، عن أبيه: سئل النبي صلى الله عليه
وسلم عن العتيرة فحسنها.
ثم قال: ورواه أبو داود في غير سننه عن زبنج، عن عبدالرحمن
بن قيس.
قال أبو بكر ابن أبي داود: قال أبي: ذكرته لاحمد بن حنبل
فاستحسنه، وقال: هذا من حديث الاعراب، أمله علي، قال:
فكتبه عني.
قلت: وعبد الرحمن بن قيس هو الضبي الزعفراني كذبه ابن
مهدي، وأبو زرعة، وقال البخاري: ذهب حديثه، وقال أحمد: لم
يكن بشئ، وصفه الحافظ في " التقريب " بقوله: متروك.
وأبو العشراء مجهول.
وانظر ما ورد في شأن العتيرة وفي مشروعيتها " فتح الباري "
9 / 515، 517 في العقيقة: باب العتيرة.
* الجرح والتعديل 7 / 10، تهذيب الكمال: 1093، تذهيب
التهذيب 3 / 135 / ب، تهذيب التهذيب 8 / 258، خلاصة تذهيب
الكمال: 308.
(*)
(12/488)
وثقه أبو حاتم (1).
مات قبل المئتين.
روى له البخاري في كتاب " الادب ".
178 - إسحاق بن بهلول *
ابن حسان، الحافظ الثقة العلامة، أبو يعقوب، التنوخي
الانباري مولده بالانبار في سنة أربع وستين ومئة.
سمع أباه، وسفيان بن عيينة، وأبا معاوية الضرير، ويحيى بن
سعيد القطان، وإسماعيل بن علية، ووكيع بن الجراح، وشعيب بن
حرب، وإسحاق الازرق، وأبا ضمرة أنس بن عياض، وعبد الرحمن
بن مهدي، ويحيى بن آدم، وخلقا كثيرا.
وكان أحد أوعية العلم.
حدث عنه: إبراهيم الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر
الفريابي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو عبد الله المحاملي،
ويوسف ابن يعقوب بن إسحاق الازرق حفيده، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: صنف كتابا في القرءات، وصنف " المسند
"، وصنف كتابا في الفقه.
وله مذاهب اختارها، يعني: انه يجتهد، ولا يقلد أحدا، إلى
أن قال: وكان ثقة (2).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 7 / 10.
* الجرح والتعديل 2 / 214، 215، تاريخ بغداد 6 / 366، 369،
الانساب، ورقة: 49 / ب، تذكرة الحافظ 2 / 518، 519، العبر
2 / 3، الوافي بالوفيات 8 / 408، تاريخ ابن كثير 11 / 11،
طبقات الحافظ: 226، شذرات الذهب 2 / 126.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 366 و 367، و " تذكرة الحفاظ " 2
/ 518.
(*)
(12/489)
قال ولده بهلول بن إسحاق: استدعى المتوكل أبي إلى سر من
رأى، حتى سمع منه، ثم أمره، فنصب له منبر، وحدث في الجامع،
وأقطعه إقطاعا مغله (1) في العام اثنا عشر ألفا، ووصله
بخمسة آلاف في السنة، فكان يأخذها، وأقام إلى أن قدم
المستعين بغداد، فخاف أبي من الاتراك أن يكبسوا الانبار،
فانحدر إلى بغداد، ولم يحمل معه كتبه، فطالبه محمد بن عبد
الله بن طاهر أن يحدث، فحدث ببغداد من حفظه بخمسين ألف
حديث، لم يخطئ في شئ منها (2).
روى هذه القصة أحمد بن يوسف الازرق عن عمه إسماعيل بن
يعقوب، عن عمه بهلول.
وقال أبو طالب أحمد بن محمد بن إسحاق بن البهلول: تذاكرت
أنا وابن صاعد ما حدث بن جدي ببغداد، فقلت له: قال لي أنيس
المستملي: إنه حدث من حفظه بأربعين ألف حديث.
فقال ابن صاعد: لا يدري أنيس ما قال، حدث إسحاق بن البهلول
من حفظه ببغداد بأكثر من خمسين ألف
حديث (3).
قلت: كذا فليكن الحفظ وإلا فلا، قنعنا اليوم بالاسم بلا
جسم، فلو رأى الناس في وقتنا من يروي ألف حديث بأسانيدها
حفظا لانبهروا له.
مات إسحاق بن بهلول الحافظ بالانبار في ذي الحجة في سنة
اثنتين وخمسين ومئتين، وقد قارب التسعين.
قرأت على عبد الحافظ بنابلس، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": مبلغه، وفي " التذكرة ": ما يغل.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 3368، و " تذكرة الحفاظ " 2 /
518.
(3) " تاريخ بغداد " 6 / 368، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 518.
(*)
(12/490)
البطي، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الانباري، حدثنا أبو
أحمد الفرضي، حدثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق، حدثنا جدي،
حدثنا إسحاق الازرق، عن عوف، عن ابن سيرين، عن حكيم بن
حزام، قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما
ليس عندي (1).
أخبرنا عبد الحافظ ويوسف الغسولي، قالا: أخبرنا موسى بن
عبد القادر، أخبرنا ابن البناء، أخبرنا ابن البسري، أخبرنا
المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إسحاق بن بهلول، حدثنا
إسحاق الازرق، أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن
عمر، قال: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يصم
يوم عرفة، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه (2).
__________
(1) صحيح، وأخرجه أبو داود (3503) والترمذي (1232)
والنسائي 7 / 289، وابن ماجة (2187) وابن الجارود في "
المنتقى " (602)، وأحمد 3 / 402 و 403، والبيهقي
5 / 267 و 317 و 339، والدارقطني 3 / 9، والطبراني في "
الكبير " (3097) و (3098) و (3099) و (3100) و (3101) و
(3102) و (3103) و (3104) و (3105).
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أحمد (6628) و (6671)
وأبي داود (3504)، والنسائي 7 / 288، والطيالسي (2257)،
وابن ماجة (2188) وسنده حسن.
(2) وأخرجه الترمذي (751) من طريقين عن سفيان بن عيينة،
وإسماعيل بن إبراهيم، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه قال: سئل
ابن عمر عن صوم يوم عرفة بعرفة، فقال: حججت مع النبي صلى
الله عليه وسلم...ورجاله ثقات، وقال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه أحمد 2 / 47 و 50 من طريق إسماعيل بن إبراهيم
وسفيان بن عيينة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن
عمر.
وأخرجه عبد الرزاق (7829) عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح،
عن أبيه، عن رجل، عن ابن عمر.
وهو في " المسند " 2 / 73 من طريق عفان، عن شيبة، عن ابن
أبي نجيح بهذا الاسناد.
(*)
(12/491)
179 - حنين بن إسحاق * العبادي (1) النصراني
علامة وقته في الطب.
وكان بارعا في لغة اليونان.
عرب كتاب إقليدس، وله تصانيف عدة (2).
مات في صفر سنة ستين ومئتين.
وكان ابنه إسحاق بن حنين من كبار الاطباء أيضا.
180 - المزني * * الامام
العلامة، فقيه الملة، علم الزهاد، أبو إبراهيم، إسماعيل
ابن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم المزني (3)
المصري، تلميذ الشافعي.
مولده في سنة موت الليث بن سعد سنة خمس وسبعين ومئة.
__________
* الفهرست: 352، طبقات الاطباء لابن أبي أصيبعة 1 / 184،
وفيات الاعيان 2 / 217، 218، العبر 2 / 20، أخبار الحكماء:
117، تاريخ حكماء الاسلام: 16، تاريخ ابن كثير 11 / 32،
المنتظم 5 / 24.
(1) قال الفيروز أبادي (عبد): والعباد، بالكسر، والفتح
غلط، ووهم الجوهري: قبائل شتى اجتمعوا على النصرانية
بالحيرة.
(2) منها: " تاريخ العالم والمبدء والانبياء والملوك
والامم " إلى زمنه، و " الفصول الابقراطية ".
* * الجرح والتعديل 2 / 204، طبقات الفقهاء للشيرازي: 79،
طبقات فقهاء الشافعيين للعبادي: 9، وفيات الاعيان 1 / 217،
الانساب، ورقة: 527 / أ، العبر 2 / 28، طبقات الشافعية
للسبكي 2 / 93، 109، اللباب 2 / 205، تاريخ ابن كثير 11 /
36، النجوم الزاهرة 3 / 39، مرآة الجنان 2 / 177، 179،
شذرات الذهب 2 / 148، طبقات الشافعية لابن هداية الله: 20،
مفتاح السعادة 2 / 158، 159.
(3) المزني، بضم الميم وفتح الزاي وبعدها نون: نسبة إلى
مزينة بنت كلب، وهي قبيلة كبيرة مشهورة.
(*)
(12/492)
حدث عن: الشافعي، وعن علي بن معبد بن شداد، ونعيم بن حماد،
وغيرهم.
وهو قليل الرواية، ولكنه كان رأسا في الفقه.
حدث عنه: إمام الائمة أبو بكر بن خزيمة، وأبو الحسن بن
جوصا، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو جعفر الطحاوي،
وأبو نعيم بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو الفوارس
بن الصابوني، وخلق كثير من
المشارقة والمغاربة.
وامتلات البلاد ب " مختصره " في الفقه، وشرحه عدة من
الكبار، بحيث يقال: كانت البكر يكون في جهازها نسخة ب "
مختصر " المزني.
أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا زيد بن الحسن كتابة، أخبرنا
أبو الحسن بن عبد السلام، حدثنا الفقيه أبو إسحاق قال:
فأما الشافعي رحمه الله فقد انتقل فقهه إلى أصحابه، فمنهم
أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق
المزني.
مات بمصر في سنة أربع وستين ومئتين.
قال: وكان زاهدا عالما مناظرا محجاجا غواصا على المعاني
الدقيقة.
صنف كتبا كثيرة: " الجامع الكبير "، و " الجامع الصغير "،
و " المنثور "، و " المسائل المعتبرة "، و " الترغيب في
العلم "، وكتاب " الوثائق " (1).
قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي (2).
قلت: بلغنا أن المزني كان إذا فرغ من تبييض مسألة، وأودعها
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 217، و " طبقات السبكي " 2 /
94.
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 217، و " طبقات السبكي " 2 /
94.
(*)
(12/493)
" مختصره "، صلى لله ركعتين (1).
وروي أن القاضي بكار بن قتيبة قدم على قضاء مصر، وكان
حنفيا، فاجتمع بالمزني مرة، فسأله رجل من أصحاب بكار،
فقال: قد جاء في الاحاديث تحريم النبيذ، وجاء تحليله، فلم
قدمتم التحريم ؟ فقال المزني: لم يذهب أحد إلى تحريم
النبيذ في الجاهلية ثم حلل لنا، ووقع الاتفاق على أنه كان
حلالا، فحرم.
فهذا يعضد أحاديث التحريم.
فاستحسن بكار ذلك منه (2).
قلت: وأيضا فأحاديث التحريم كثيرة صحاح، وليس كذلك أحاديث
الاباحة.
قال عمرو بن تميم المكي: سمعت محمد بن إسماعيل الترمذي
قال: سمعت المزني يقول: لا يصح لاحد توحيد حتى يعلم أن
الله تعالى على العرش بصفاته.
قلت له: مثل أي شئ ؟ قال: سميع بصير عليم.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن
شاذان، سمعت محمد بن علي الكتاني، وسمعت عمرو بن عثمان
المكي، يقول: ما رأيت أحدا من المتعبدين في كثرة من لقيت
منهم أشد اجتهادا من المزني، ولا أدوم على العبادة منه.
وما رأيت أحدا أشد تعظيما للعلم وأهله منه.
وكان من أشد الناس تضييقا على نفسه في الورع، وأوسعه في
ذلك على الناس، وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي (3).
قلت: وبلغنا أن المزني رحمه الله كان مجاب الدعوة، ذا زهد
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 217، و " طبقات السبكي " 2 /
94.
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 218، و " طبقات السبكي " 2 /
95.
(3) " طبقات السبكي " 2 / 94.
(*)
(12/494)
وتأله، أخذ عنه خلق من العلماء وبه انتشر مذهب الامام
الشافعي في الآفاق.
يقال: كان إذا فاتته صلاة الجماعة صلى تلك الصلاة خمسا
وعشرين مرة (1).
وكان يغسل الموتى تعبدا واحتسابا.
وهو القائل: تعانيت غسل
الموتى ليرق قلبي، فصار لي عادة (2)، وهو الذي غسل الشافعي
رحمه الله.
قال ابن أبي حاتم: سمعت من المزني، وهو صدوق (3).
وقال أبو سعيد بن يونس: ثقة، كان يلزم الرباط.
توفي في رمضان لست بقين منه سنة أربع وستين ومئتين، وله
تسع وثمانون سنة.
قلت: ومن جلة تلامذته العلامة أبو القاسم عثمان بن بشار
الانماطي (4) شيخ ابن سريج، وشيخ البصرة زكريا بن يحيى
الساجي.
ولم يل قضاء، وكان قانعا شريف النفس.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن الحنبلي غير مرة، أخبرنا أبو
محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن البن الاسدي سنة
ثلاث
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 218، و " طبقات السبكي " 2 /
94.
(2) " طبقات السبكي " 2 / 94.
(3) " الجرح والتعديل " 2 / 204.
(4) راجع ترجمته في " تاريخ بغداد " 11 / 292، 293، و "
طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 301، 302، و " شذرات الذهب "
2 / 198، و " العبر " 2 / 81، و " مرآة الجنان " 2 / 215،
و " وفيات الاعيان " 3 / 241.
(*)
(12/495)
وعشرين، أخبرنا جدي الحسين، أخبرنا علي بن محمد بن علي
الشافعي سنة أربع وثمانين وأربع مئة، أخبرنا محمد بن الفضل
الفراء بمصر، حدثنا أبو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني سنة
ثمان وأربعين، وثلاث مئة، أخبرنا المزني، حدثنا الشافعي،
عن مالك، عن نافع، عن ابن
عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال.
فقيل: إنك تواصل ؟ فقال: " لست مثلكم إني أطعم وأسقى (1)
".
وبالاسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان،
فقال: " لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه.
فإن غم عليكم فاقدروا له " (2).
وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من
رمضان على الناس، صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على كل حر
وعبد، ذكر أو أنثى من المسلمين (3).
متفق عليها.
أخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن البن، أخبرنا جدي، أخبرنا
علي بن محمد، أخبرنا ابن نظيف، قال: قال لنا أبو الفوارس
السندي: ولدت في المحرم سنة خمس وأربعين ومئتين، وأول ما
سمعت الحديث ولي عشر سنين.
قال: ومات المزني سنة 264، وتوفي الربيع سنة سبعين ومئتين.
قال: وكانا رضيعين بينهما ستة أشهر، يعني في المولد.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 300، والبخاري 4 /
119، ومسلم (1102)، وأبو داود (2360).
(2) هو في " الموطأ " 1 / 286، والبخاري 4 / 102، 104،
ومسلم (1080) وأبي داود (2320) والنسائي 4 / 134.
(3) هو في " الموطأ " 1 / 283، والبخاري 3 / 291، ومسلم
(984) والترمذي (676) وأبي داود (1611) والنسائي 5 / 48.
(*)
(12/496)
قال: ومات في سنة أربع أيضا أحمد ابن أخي ابن وهب، ويونس
ابن عبدالاعلى، ويزيد بن سنان.
181 - محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم * (س) ابن أعين بن ليث، الامام، شيخ الاسلام،
أبو عبد الله، المصري الفقيه.
ولد سنة اثنتين وثمانين ومئة.
وسمع من: عبد الله بن وهب بعناية أبيه به، ومن أبي ضمرة
الليثي، وابن أبي فديك، وأيوب بن سويد، وبشر بن بكر، وأشهب
بن عبد العزيز، ووالده عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن
الليث، وأبي عبد الرحمن المقرئ، والشافعي، وإسحاق بن
الفرات، وحرملة بن عبد العزيز، ويحيى بن سلام، وسعيد بن
بشير القرشي، وعبد الله بن نافع الصائغ، وحجاج بن رشدين،
وطائفة.
وعنه: النسائي في " سننه "، وابن خزيمة، وابن صاعد، وعمرو
ابن عثمان المكي، وأبو بكر بن زياد، وأبو جعفر الطحاوي،
وعلي بن أحمد علان، وإسماعيل بن داود بن وردان، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم،
__________
* الجرح والتعديل 7 / 300، 301، الانتقاء: 113، طبقات
الفقهاء للشيرازي: 99، وفيات الاعيان 4 / 193، 195، تهذيب
الكمال: 1220، تذهيب التهذيب 3 / 218 / 1، تذكرة الحفاظ 2
/ 546، 548، ميزان الاعتدال 3 / 611، 612، العبر 2 / 38،
39، الوافي بالوفيات 3 / 338، طبقات الشافعية للسبكي 2 /
67، 71، تاريخ ابن كثير 11 / 42، الديباج المذهب: 231،
تهذيب التهذيب 9 / 260، 262، النجوم الزاهرة 3 / 44، طبقات
الحفاظ: 241، حسن المحاضرة 1 / 124، خلاصة تذهيب الكمال:
345، طبقات المفسرين 2 / 174، 177، مرآة الجنان 2 / 181،
شذرات الذهب 2 / 154، مفتاح السعادة 2 / 295، المنتظم 5 /
65.
(*)
(12/497)
وأبو العباس الاصم، وخلق كثير.
وكان عالم الديار المصرية في عصره مع المزني.
وثقه النسائي، وقال مرة.
لا بأس به (1).
وقال إمام الائمة ابن خزيمة: ما رأيت في فقهاء الاسلام
أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين من محمد بن عبد الله بن
عبد الحكم (2).
وقال: كان أعلم من رأيت على أديم الارض بمذهب مالك،
وأحفظهم له.
سمعته يقول: كنت أتعجب ممن يقول في المسائل: لا أدري (3).
ثم قال ابن خزيمة: وأما الاسناد فلم يكن يحفظه (4)، وكان
من أصحاب الشافعي، وكان ممن يتكلم فيه، فوقعت بينه وبين
البويطي وحشة في مرض الشافعي، فحدثني أبو جعفر السكري صديق
البيع، قال لما مرض الشافعي، رحمه الله، جاء ابن عبد الحكم
ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به
منك.
فجاء الحميدي، وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق
بمجلسي من البويطي، وليس أحد من أصحابي أعلم منه.
فقال له ابن عبد الحكم: كذبت.
فقال الحميدي: كذبت أنت وأبوك وأمك، وغضب ابن عبد
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 547، و " ميزان الاعتدال " 3 /
611، و " طبقات السبكي " 2 / 68، و " الوافي بالوفيات " 3
/ 338.
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 547، " ميزان الاعتدال " 3 /
611.
(3) " طبقات السبكي " 2 / 68.
(4) " تذكرة الحفاظ " 2 / 547، و " ميزان الاعتدال " 3 /
611، و " طبقات السبكي " 2 / 68.
(*)
(12/498)
الحكم، فترك مجلس الشافعي (1).
قال: فحدثني ابن عبد الحكم: قال: كان الحميدي معي في الدار
نحوا من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة، ثم أبوا إلا أن
يوقعوا بيننا ما وقع (2).
هذه الحكاية.
رواها الحاكم عن حسينك (3)، عن ابن خزيمة.
وعن أبي إبراهيم المزني قال: نظر الشافعي إلى محمد بن عبد
الله ابن عبد الحكم وقد ركب دابته، فأتبعه بصره، وقال:
وددت أن لي ولدا مثله، وعلي الف دينار لا أجد قضاءها (4).
قال أبو الشيخ: حدثنا عمرو بن عثمان المكي قال: رأيت محمد
ابن عبد الله بن عبد الحكم يصلي الضحى، فكان كلما صلى
ركعتين سجد سجدتين، فسأله من يأنس به، فقال: أسجد شكرا لله
على ما أنعم به علي من صلاة الركعتين.
قال ابن أبي حاتم: ابن عبد الحكم ثقة صدوق، أحد فقهاء مصر،
من أصحاب مالك (5).
قلت: قد تفقه بمالك، ولزمه مدة، وهو أيضا في عداد أصحابه
الكبار.
__________
(1) " طبقات السبكي " 2 / 68، 69، وسبق الخير في الصفحة:
60 بترجمة يعقوب ابن السكيت.
(2) " طبقات السبكي " 2 / 69.
(3) هو الامام الحافظ أبو أحمد الحسين بن علي بن محمد
التميمي النيسابوري، ويعرف بحسينك.
وثقه الخطيب، وقال: مات في ربيع الآخر سنة 375 ه.
مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 968، 969.
(4) " وفيات الاعيان " 4 / 194، و " الوافي بالوفيات " 3 /
339.
(5) " الجرح والتعديل " 7 / 300، 301، و " ميزان الاعتدال
" 3 / 611.
(*)
(12/499)
أخبرني عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا
علي بن عبد السلام، أخبرنا الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، قال:
حمل محمد في محنة القرآن إلى ابن أبي داود، ولم يجب إلى ما
طلب منه، ورد إلى مصر، وانتهت إليه الرئاسة بمصر، يعني: في
العلم.
وذكر غيره أن ابن عبد الحكم ضرب، فهرب واختفى.
وقد نالته محنة أخرى صعبة مرت في " تاريخنا " الكبير في
ترجمة أخيه عبد الحكم الرجل الصالح، قال أبو سعيد بن يونس:
عذب عبد الحكم في السجن، ودخن عليه، فمات في سنة سبع
وثلاثين ومئتين، لكونه اتهم بودائع لعلي بن الجروي.
وقال ابن أبي دليم: لم يكن في الاخوة أفقه من عبد الحكم.
وقيل: إن بني عبد الحكم، غرموا في نوبة ابن الجروي أكثر من
ألف ألف دينار.
استصفيت أموالهم، ونهبت منازلهم.
ثم بعد مدة أطلقهم المتوكل، ورد إليهم البعض، وسجن القاضي
الاصم الذي ظلمهم، وحلقت لحيته، وضرب، وطيف به على حمار.
قال أبو سعيد بن يونس في " تاريخه ": كان محمد هو المفتي
بمصر في أيامه.
قلت: له تصانيف كثيرة، منها: كتاب في " الرد على الشافعي
"، وكتاب " أحكام القرآن "، وكتاب " الرد على فقهاء العراق
"، وغير ذلك.
وما زال العلماء قديما وحديثا يرد بعضهم على بعض في البحث
وفي
التواليف، وبمثل ذلك يتفقه العالم، وتتبرهن له المشكلات.
ولكن في زماننا قد يعاقب الفقيه إذا اعتنى بذلك لسوء نيته،
ولطلبه للظهور والتكثر،
(12/500)
فيقوم عليه قضاة وأضداد.
نسأل الله حسن الخاتمة، وإخلاص العمل.
وقد كان ابن عبد الحكم، مع عظمته بمصر، يركب حميرا ضعيفا،
ويتواضع في أموره، وكان أبوه كما قلنا من كبار الفقهاء من
تلامذة مالك.
قال ابن يونس: مات محمد في يوم الاربعاء نصف ذي القعدة سنة
ثمان وستين ومئتين وصلى عليه القاضي بكار بن قتيبة.
قلت: وله مصنف في " أدب القضاة " مفيد.
أخبرتنا خديجة بنت علي (1)، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد،
أخبرنا عبد المنعم بن الفراوي، أخبرنا عبد الغفار الشيروي
(2)، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي، حدثنا أبو العباس الاصم،
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا أنس بن عياض،
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " عذبت امرأة في هرة أمسكتها حتى ماتت
من الجوع، فلم تكن تطعمها، ولا ترسلها فتأكل من خشاش الارض
" (3).
__________
(1) للذهبي رحمه الله شيخات يزدن على مئتي شيخة.
فممن اسمها خديجة له إحدى عشرة شيخة.
انظر " مشيخته " ورقة: 45 - 47.
(2) بكسر الشين المشددة وسكون الياء وفتح الراء المهملة
بعدها واو، نسبة إلى جده شيرويه.
وعبد الغفار هو أبو بكر بن محمد بن الحسين بن علي بن
شيرويه.
مترجم في " التبصير " 2 / 822.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (2243) من طرق عن هشام بهذا
الاسناد، وأخرجه عبد الرزاق، ومن طريقه مسلم (2619) وأحمد
2 / 317 عن معمر، عن همام بن منبه،
عن أبي هريرة.
وخشاش الارض: هوامها وما فيها من الحشرات.
وهو في " المسند " 2 / 261 و 269 و 457 و 467 و 479 و 501،
وابن ماجة (4256) وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري 6 /
254 في بدء الخلق، ومسلم (2242) والدارمي 2 / 330، 331.
(*)
(12/501)
182 - بحر بن نصر * ابن سابق،
الامام المحدث الثقة، أبو عبد الله، الخولاني مولاهم
المصري.
حدث عن: عبد الله بن وهب، وضمرة بن ربيعة، وأيوب بن سويد،
وبشر بن بكر، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأشهب بن عبد
العزيز، وطائفة.
حدث عنه: أبو جعفر الطحاوي، وابن خزيمة، وابن زياد
النيسابوري، وأبو عوانة، وابن جوصا، وابن أبي حاتم، وأحمد
بن مسعود الزنبري، ومحمد بن بشر الزبيري العكري، وأبو
العباس الاصم، وأحمد بن عبد الله البهنسي العطار، وأحمد بن
علي بن شعيب، وأحمد بن محمد بن أسيد الاصبهاني، وأحمد بن
محمد بن فضالة الحمصي الصفار، وأحمد بن محمد بن شاهين،
وأبو حامد بن بلال النيسابوري، وأبو الفوارس بن السندي،
وآخرون.
وروى عنه النسائي في تأليفه لاحاديث مالك بواسطة، فروى عن
خياط السنة زكريا عنه.
وثقه ابن أبي حاتم وغيره (1).
مات في شعبان سنة سبع وستين.
ومئتين.
وقال الطحاوي: مولده
__________
* الجرح والتعديل 2 / 419، تهذيب الكمال: 141، تذهيب
التهذيب 1 / 80 / 1، العبر
2 / 35، طبقات الشافعية للسبكي 2 / 110، 112، تهذيب
التهذيب 1 / 420، 421، خلاصة تذهيب الكمال: 46، شذرات
الذهب 2 / 152.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 419، وممن وثقه أيضا يونس بن
عبدالاعلى، وابن خزيمة.
انظر " تهذيب التهذيب " 1 / 420، 421.
(*)
(12/502)
هو والمزني والربيع المرادي في سنة أربع وسبعين
ومئة..أخبرنا إسماعيل بن عميرة (1)، أخبرنا أبو محمد بن
البن، أخبرنا جدي أبو القاسم، أخبرنا علي بن محمد، حدثنا
محمد بن نظيف، حدثنا أبو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني،
حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، عن مالك ويونس بن يزيد،
عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال للوزغ: " الفويسق " (2).
183 - إبراهيم بن منقذ
* ابن إبراهيم بن عيسى، الامام الحجة، الخولاني أبو إسحاق
مولاهم المصري العصفري.
سمع عبد الله بن وهب، وأبا عبدالرحمن المقرئ، وإدريس بن
يحيى الزاهد.
حدث عنه: أبو محمد بن صاعد، وأبو العباس الاصم، وأبو
الفوارس أحمد بن محمد السندي، وجماعة.
قال أبو سعيد بن يونس: هو ثقة رضى.
__________
(1) هو إسماعيل بن عبدالرحمن بن عمرو بن موسى بن عميرة
المعمر عز الدين أبو الفداء، وهو شيخ صالح كثير التلاوة،
حسن التواضع.
مات في جمادى الآخرة سنة سبع مئة بقاسيون.
(2) صحيح، وأخرجه ابن ماجة (3220) من طريق احمد بن عمرو بن
السرح، عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد بهذا الاسناد، وأخرجه
من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أحمد 6 / 155 و 271 و
279، والبخاري 6 / 252 في بدء الخلق: باب خير مال المسلم
غنم يتبع بها شعف الجبال، ومسلم (2239) في السلام: باب
استحباب قتل الوزغ.
* الانساب 8 / 468، العبر 2 / 40، تاريخ ابن كثير 11 / 43.
(*)
(12/503)
مات في ربيع الآخر سنة تسع وستين ومئتين.
أخبرنا العماد عبد الحافظ، ويوسف بن غالية، قالا: أخبرنا
موسى ابن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن
أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا
إبراهيم بن منقذ بمصر، حدثنا ابن وهب، عن مخرمة بن بكير،
عن أبيه، سمعت يونس بن يوسف، عن ابن المسيب، قال: قالت
عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " ما من يوم
أكثر أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة، وإنه
ليدنو عز وجل، ثم يباهي بهم الملائكة (1) ".
إسناده حسن.
وفيها مات أحمد بن عبدالمجيد الحارثي، وحذيفة بن غياث
الاصبهاني، وعبد الله بن حماد الآملي، وأبو فروة يزيد بن
محمد الرهاوي، وأبو حمزة البغدادي الزاهد.
184 - سعيد بن مسعود *
ابن عبدالرحمن، المحدث المسند، أبو عثمان، المروزي، أحد
الثقات.
حدث عن: النضر بن شميل، ويزيد بن هارون، ويعقوب بن إبراهيم
وشبابة، وروح بن عبادة، وأزهر بن سعد السمان.
وعنه: عمر بن أحمد بن علك، ومحمد بن نصر الفقيه، ومحمد
__________
(1) وأخرجه مسلم (1348) في الحج: باب فضل الحج والعمرة
ويوم عرفة، والنسائي 5 / 251، 252 في الحج: باب ما ذكر في
يوم عرفة، وابن ماجة (3014) من طرق عن ابن وهب بهذا
الاسناد.
* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(*)
(12/504)
ابن أحمد المحبوبي (1)، وأهل مرو.
توفي سنة إحدى وسبعين ومئتين.
وكان من أبناء التسعين.
185 - العجلي * الامام الحافظ
الاوحد الزاهد، أبو الحسن، أحمد بن عبد الله ابن
صالح بن مسلم، العجلي الكوفي، نزيل مدينة أطرابلس المغرب،
وهي أول مدائن المغرب، بينها وبين الاسكندرية مسيرة شهر،
ثم منها يسير غربا إلى مدينة تونس التي هي اليوم قاعدة
إقليم إفريقية.
مولده بالكوفة في سنة اثنتين وثمانين ومئة.
سمع من: حسين الجعفي، وشبابة بن سوار، وأبي داود الحفري،
ويعلى بن عبيد، وأخيه محمد بن عبيد، ومحمد بن يوسف
الفريابي، ووالده الامام عبد الله بن صالح المقرئ، وعفان،
وطبقتهم.
حدث عنه: ولده صالح بن أحمد، وسعيد بن عثمان الاعناقي،
ومحمد بن فطيس، وعثمان بن حديد الالبيري، وسعيد بن إسحاق.
ولم أظفر بحديث من روايته.
__________
(1) قال ابن الاثير في " اللباب " 3 / 173: المحبوبي، بفتح
الميم، وسكون الحاء، وضم الباء، الموحدة، وسكون الواو، وفي
آخرها باء ثانية: نسبة إلى محبوب، هو جد أبي
العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي التاجر المروزي
راوية كتاب " الجامع " للترمذي.
* تاريخ بغداد 4 / 214، 215، تذكرة الحفاظ 2 / 560، 561،
العبر 2 / 21، الوافي بالوفيات 7 / 79، تاريخ ابن كثير 11
/ 33، طبقات الحفاظ: 242، شذرات الذهب 2 / 141.
(*)
(12/505)
وله مصنف مفيد في " الجرح والتعديل "، طالعته، وعلقت منه
فوائد تدل على تبحره بالصنعة، وسعة حفظه.
وقد ذكر لعباس بن محمد الدوري، فقال: ذلك كنا نعده مثل
أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين.
ومن كلام أحمد بن عبد الله، قال: من آمن برجعة علي رضي
الله عنه، فهو كافر، ومن قال: القرآن مخلوق فهو كافر.
وقيل: إنه فر إلى المغرب لما ظهر الامتحان بخلق القرآن،
فاستوطنها وولد له بها.
وقال بعض العلماء: لم يكن لابي الحسن أحمد بن عبد الله
عندنا بالمغرب شبيه، ولا نظير في زمانه في معرفة الغريب
وإتقانه، وفي زهده وورعه (1).
وقال المؤرخ العالم أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم
القيرواني: سألت مالك بن عيسى العفصي (2) الحافظ: من أعلم
من رأيت بالحديث ؟ قال: أما في الشيوخ فأحمد بن عبد الله
العجلي.
وقال محمد بن أحمد بن غانم الحافظ: سمعت أحمد بن معتب (3)
- مغربي ثقة - يقول: سئل يحيى بن معين عن أحمد بن عبد الله
بن صالح،
فقال: هو ثقة ابن ثقة (4).
وقال بعضهم: إنما سكن أحمد بن عبد الله بأطرابلس للتفرد
__________
(1) تاريخ بغداد 2 / 214.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 4 / 214.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد " 4 / 215، وفيه: احمد بن
مغيث.
(4) في " تاريخ بغداد " 4 / 215 زيادة: ابن ثقة.
(*)
(12/506)
والعبادة، وقبره هناك على الساحل، وقبر ولده صالح إلى
جنبه.
وقال أحمد العجلي: رحلت إلى أبي داود الطيالسي، فمات قبل
قدومي البصرة بيوم.
مات أحمد سنة إحدى وستين ومئتين، ومات ابنه صالح في سنة
اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد
الاول بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، أخبرنا الحسن
بن علي، أخبرنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن
زكريا، حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله، حدثني أبي، حدثني
أبي، قال: جاء رجل إلى سفيان الثوري، فقال له: اكتب لي إلى
الاوزاعي يحدثني، فقال: أما إني أكتب لك، ولا أراك تجده
إلا ميتا، لاني رأيت ريحانة رفعت من قبل المغرب، ولا أراه
إلا موت الاوزاعي.
فأتاه، فإذا هو قد مات.
186 - الوزدولي * الامام
الكبير الحافظ الثبت، أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم
بن موسى، الجرجاني العصار الوزدولي، صاحب " المسند ".
سمع من: عبيدالله بن موسى، وآدم بن أبي إياس، ومسلم بن
إبراهيم، وطبقتهم.
حدث عنه: عبدالرحمن بن عبدالمؤمن، وإبراهيم بن موسى
الجرجانيان، ومحمد بن جعفر البصري، وآخرون.
__________
* الانساب، ورقة: 582 / ب، تذكرة الحفاظ 2 / 562، طبقات
الحفاظ: 243، شذرات الذهب 2 / 140.
(*)
(12/507)
وكان أحد الثقات (1).
مات في سنة تسع وخمسين ومئتين.
يقع حديثه في " صحيح " الاسماعيلي.
187 - قبيطة * الحافظ المتقن
الامام، أبو علي، الحسن بن سليمان، البصري، نزيل
مصر.
سمع أبا نعيم، وأبا غسان النهدي، وعبد الله بن يوسف
التنيسي، وأبا صالح، وأقرانهم.
حدث عنه: الامام ابن خزيمة، وأبو بكر بن زياد النيسابوري،
والطحاوي، وعدة.
ووصفه أبو سعيد بن يونس بالحفظ، وقال: مات بمصر في سنة
إحدى وستين ومئتين.
188 - الحارثي * * المحدث
الصدوق، أبو جعفر، أحمد بن عبدالحميد بن خالد،
الحارثي الكوفي.
سمع عبدالحميد الحماني، وأبا أسامة، وحسينا الجعفي، وجعفر
ابن عون.
__________
(1) " شذرات الذهب " 2 / 140.
وقال ابن العماد: قال أبو حاتم: ما رأيت بدمشق أكيس منه.
* تذكرة الحفاظ 2 / 572، لسان الميزان 2 / 214، طبقات
الحفاظ: 253.
* * لم نجد له ترجمة فيما وقفنا عليه من مصادر.
(*)
(12/508)
وعنه: أبو عوانة، وابن عقدة، وابن الاعرابي، والاصم، وعدة.
توفي في شوال سنة تسع وستين ومئتين.
189 - يحيى بن عبدك *
الامام الحافظ الثقة، محدث قزوين، أبو زكريا، يحيى بن عبد
الاعظم، القزويني، عالم مصنف، كبير القدر، من نظراء ابن
ماجة، لكنه أسند وأسن.
سمع أبا عبدالرحمن المقرئ، وعفان، والقعنبي، وعبد الله بن
رجاء، والحميدي، وحسان بن حسان، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو نعيم بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وجعفر
ابن إدريس إمام الحرم، وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة،
وآخرون.
قال أبو يعلى الخليلي: ثقة متفق عليه.
توفي سنة إحدى وسبعين ومئتين.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم غير مرة، أخبرنا عبد الصمد بن
محمد القاضي، وأنا في الرابعة، أخبرنا علي بن المسلم،
أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني،
أخبرنا جعفر بن إدريس القزويني
بمكة، حدثنا يحيى بن عبدك، حدثنا حسان بن حسان البصري،
حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زر، عن علي رضي الله عنه،
قال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الامي
إلي، أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
__________
* الجرح والتعديل 9 / 173، العبر 2 / 49، طبقات الحفاظ:
255، شذرات الذهب 2 / 162.
(*)
(12/509)
غريب عن شعبة، والمشهور حديث الاعمش عن عدي (1).
فمعناه أن حب علي من الايمان، وبغضه من النفاق، فالايمان
ذو شعب، وكذلك النفاق يتشعب، فلا يقول عاقل: إن مجرد حبه
يصير الرجل به مؤمنا مطلقا، ولا بمجرد بغضه يصير به الموحد
منافقا خالصا.
فمن أحبه وأبغض أبا بكر، كان في منزلة من أبغضه، وأحب أبا
بكر، فبغضهما ضلال ونفاق، وحبهما هدى وإيمان، والحديث ففي
" صحيح " مسلم.
190 - أبو حفص النيسابوري
* الامام القدوة الرباني، شيخ خراسان، أبو حفص، عمرو بن
سلم، وقيل: عمر، وقيل: عمرو بن سلمة، النيسابوري الزاهد.
روى عن حفص بن عبدالرحمن الفقيه.
أخذ عنه: تلميذه أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري، وأبو
جعفر أحمد بن حمدان الحافظ، وحمدون القصار، وطائفة.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا أبي قال:
قال الاستاذ أبو حفص: المعاصي بريد الكفر، كما أن الحمى
بريد الموت.
وحدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: كان أبو حفص حدادا، فكان
غلامه
ينفخ عليه الكير مرة، فأدخل أبو حفص يده، فأخرج الحديد من
النار،
__________
(1) أخرجه مسلم (78) في الايمان، والنسائي 8 / 117 في
الايمان: باب علامة المنافق، وابن ماجة (114).
* الجرح والتعديل 6 / 235، 236، العبر 2 / 31، طبقات
الصوفية: 115، 122، حلية الاولياء 10 / 229، 230، تاريخ
ابن كثير 11 / 38، النجوم الزاهرة 3 / 41 و 66، مرآة
الجنان 2 / 179، صفوة الصفوة 4 / 98، شرح الرسالة
القشيرية: 127، شذرات الذهب 2 / 150، المنتظم 5 / 53.
(*)
(12/510)
فغشي على الغلام، فترك أبو حفص الحانوت، وأقبل على أمره.
وقيل: إن أبا حفص دخل على مريض، فقال المريض: آه، فقال أبو
حفص: ممن ؟ فسكت.
فقال أبو حفص: مع من ؟ قال: فكيف أقول ؟ قال: لا يكن أنينك
شكوى، ولا سكوتك تجلدا، ولكن بين ذلك.
وعن أبي حفص قال: حرست قلبي عشرين سنة، ثم حرسني عشرين
سنة، ثم وردت علي وعليه حالة صرنا محروسين جميعا.
قيل لابي حفص: من الولي ؟ قال: من أيد بالكرامات، وغيب
عنها.
قال الخلدي (1): سمعت الجنيد ذكر أبا حفص النيسابوري، فقال
صاحب للحلاج: نعم يا أبا القاسم، كانت له حال إذا لبسته
مكث اليومين والثلاثة، لا يمكن أحد أن ينظر إليه، فكانوا
يدعونه حتى يزول ذلك عنه.
وبلغني أنه أنفد في يوم واحد بضعة عشر ألف دينار يفتك بها
أسرى، فلما أمسى لم يكن له عشاء.
قال المرتعش: دخلت مع أبي حفص على مريض، فقال: ما تشتهي ؟
قال: أن أبرأ.
فقال لاصحابه: احملوا عنه.
فقام معنا،
وأصبحنا نعاد في الفرش.
قال السلمي: أبو حفص كان حدادا، وهو أول من أظهر طريقة
التصوف بنيسابور.
__________
(1) الخلدي، بضم الخاء المعجمة، وسكون اللام، وفي آخرها
الدال المهملة: هذه النسبة إلى الخلد، وهي محلة ببغداد.
والخلدي هذا هو جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الخواص
الخلدي، أبو محمد، أحد المشايخ الصوفية، صحب الجنيد بن
محمد، وانظر سبب تسميته بالخلدي في " الانساب " 5 / 161.
(*)
(12/511)
سمعت عبد الله بن علي، سمعت أبا عمرو بن علوان، وسألته: هل
رأيت أبا حفص عند الجنيد ؟ فقال: كنت غائبا، لكن سمعت
الجنيد يقول: أقام أبو حفص عندي سنة مع ثمانية، فكنت
أطعمهم طعاما طيبا - وذكر أشياء من الثياب - فلما أرادوا
السفر كسوتهم.
فقال لي: لو جئت إلى نيسابور علمناك السخاء والفتوة.
ثم قال: عملك كان فيه تكلف، إذا جاء الفقراء فكن معهم بلا
تكلف، إن جعت جاعوا، وإن شبعت شبعوا.
قال الخلدي: لما قال أبو حفص للجنيد: لو دخلت نيسابور
علمناك كيف الفتوة، قيل له: ما الذي رأيت منه ؟ قال: صير
أصحابي مخنثين، كان يتكلف لهم الالوان، وإنما الفتوة ترك
التكلف.
وقيل: كان في خدمة أبي حفص شاب يلزم السكوت، فسأله الجنيد
عنه، فقال: هذا أنفق علينا مئة ألف، واستدان مئة ألف ما
سألني مسألة إجلالا لي.
قال أبو علي الثقفي: كان أبو حفص يقول: من لم يزن أحواله
كل وقت بالكتاب والسنة، ولم يتهم خواطره، فلا تعده.
وفي " معجم بغداد " للسلفي، قيل: قدم ولدان لابي حفص
النيسابوري، فحضرا عند الجنيد، فسمعا قوالين، فماتا.
فجاء أبوهما، وحضر عند القوالين، فسقطا ميتين.
ابن نجيد: سمعت أبا عمرو الزجاجي يقول: كان أبو حفص نور
الاسلام في وقته.
وعن أبي حفص: ما استحق اسم السخاء من ذكر العطاء، ولا لمحه
بقلبه.
(12/512)
وعنه: الكرم طرح الدنيا لمن (1) يحتاج إليها، والاقبال على
الله بحاجتك إليه (2).
أحسن ما يتوسل به العبد إلى مولاه الافتقار إليه، وملازمة
السنة، وطلب القوت من حله.
توفي الاستاذ أبو حفص سنة أربع وستين ومئتين.
وقيل: سنة خمس.
رحمة الله عليه.
191 - الصفار * الملك، أبو
يوسف، يعقوب بن الليث، السجستاني، المستولي على
خراسان.
قيل: كان هو وأخوه عمرو بن الليث يعملان في النحاس،
فتزهدا، وجاهدا مع صالح المطوعي المحارب للخوارج (3).
قال ابن الاثير (4): غلب صالح على سجستان، ثم استنقذها منه
طاهر بن عبد الله بن طاهر، فظهر بها درهم بن حسين المطوعي،
فاستولى أيضا عليها، وجعل يعقوب بن الليث قائد عسكره، ثم
رأى أصحاب درهم عجزه، فملكوا يعقوب لحسن سياسته، فأذعن لهم
درهم، واشتهرت صولة
__________
(1) في الاصل: لن.
والمثبت من " طبقات الصوفية ": 119، و " حلية الاولياء "
10 / 230 و " شرح الرسالة القشيرية " 1 / 127.
(2) في الاصل: التي.
والمثبت من " طبقات الصوفية ": 119.
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الكامل لابن الاثير 7 /
184، 185 و 191، 195...، وفيات الاعيان 6 / 402، 432،
العبر 2 / 19 و 24 و 32، تاريخ ابن كثير 11 / 39، النجوم
الزاهرة 3 / 35 وما بعدها، مرآة الجنان 2 / 180، شذرات
الذهب 2 / 150، 151، المنتظم 5 / 56.
(3) انظر " الكامل " لابن الاثير 7 / 184، و " وفيات
الاعيان " 6 / 402.
(4) انظر " الكامل " لابن الاثير 7 / 184، 185.
(*)
(12/513)
يعقوب، وغلبه على هراة وبوشنج، وحارب الترك، وظفر برتبيل،
فقتله، وقتل ثلاثة ملوك ورجع معه ألوف من الرؤوس، فهابته
الملوك.
وكان بوجهه ضربة سيف مخيطة.
بعث هدية إلى المعتز، منها مسجد فضة يسع خمسة عشر نفسا،
يحمل عل قطار جمال، ثم إنه حارب متولي فارس، ونصر عليه،
وقتل رجاله.
فكتب إليه الصلحاء ينكرون عليه تسرعه في الدماء، وحاصرهم،
وأخذ شيراز، فأمنهم، وأخذ من متوليها أربع مئة بدرة،
وعذبه، ورد إلى سجستان، فجبى الاموال.
وكان يحمل إلى المعتمد في العام خمسة آلاف ألف درهم.
وقنع المعتمد بمداراته.
ثم أخذ بلخ ونيسابور، وأسر متوليها ابن طاهر في ستين نفسا
من آله، وقصد جرجان، فهزم المتغلب عليها الحسن بن زيد
العلوي، وغنم منه
ثلاث مئة حمل مال، وأخذ آمل ثم التقاه العلوي فهزم يعقوب،
ثم دخل جرجان، فظلم وعسف، فجاءت زلزلة قتلت من جنده ألفين.
واستغاث جماعة جرجانيون ببغداد من يعقوب، فعزم المعتمد على
حربه، ونفذ كتبا إلى أعيان خراسان بذم يعقوب، وبأن يهتموا
لاستئصاله، فكاتب المعتمد يخضع ويراوغ، ويطلب التقليد
بتوليه المشرق، ففعل المعتمد ذاك وأخوه الموفق لاشتغالهم
بحرب الزنج.
وأقبل يعقوب ليملك العراق، وبرز المعتمد، فالتقى الجمعان
بدير العاقول (1)، وكشف الموفق الخوذة، وحمل، وقال: أنا
الغلام الهاشمي.
__________
(1) وهو بين مدائن كسرى والنعمانية، على شاطئ دجلة.
(*)
(12/514)
وكثرت القتلى، فانهزم يعقوب، وجرح أمراؤه، وذهبت خزائنه،
وغرق منهم خلق في نهر (1).
وقال أبو الساج (2) ليعقوب: ما رأيت منك (3) شيئا من تدبير
الحرب، فكيف غلبت الناس ؟ فإنك تركت ثقلك وأسراءك أمامك،
وقصدت بلدا على جهل منك بأنهاره ومخائضه (4)، وأسرعت،
وأحوال جندك مختلة ؟ قال: لم أظن أني محارب، ولم أشك في
الظفر.
قال أبو الفرج الاصبهاني: لم تزل كتب يعقوب تصل إلى
المعتمد بالمراوغة، ويقول: عرفت أن نهوض أمير المؤمنين
ليشرفني ويتلقاني.
والمعتمد يبعث يحثه على الانصراف.
فما نفع.
ثم عبأ المعتمد جيوشه، وشقوا المياه على الطرق، فكان ذلك
سبب كسرتهم، وتوهم الناس أن انهزامه مكيدة فما تبعوه، وخلص
ابن طاهر، فجاء في قيده إلى بين يدي المعتمد، وكان بعض
جيوش يعقوب نصارى، وكان المصاف في رجب سنة
262 فذهب يعقوب إلى واسط، ثم إلى تستر، فأخذها، وتراجع
جيشه، وعظمت وطأته، وكاد أنه يملك الدنيا، ثم كان موته
بالقولنج، ووصفت له حقنة، فأبى، وتلف بعد أسبوعين، وكان
المعتمد قد بعث إليه رسولا يترضاه، ويتألفه، وكان العلوي
صاحب جرجان يسميه: يعقوب السندان من ثباته.
وقل أن رئي متبسما.
مات بجنديسابور في سنة خمس وستين ومئتين.
أخوه صاحب خرسان:
__________
(1) راجع خبر الحرب بين الموفق والصفار في " الكامل " لابن
الاثير 7 / 290.
(2) " وفيات الاعيان " 6 / 415.
وفيه: وأبو الساج هو داود بن دوست الذي تنسب إليه الاجناد
الساجية ببغداد.
(3) في " الوفيات ": معك.
(4) في " وفيات لااعيان " وقصدت بلدا على قلة المعرفة منك
به وبمغايصه وأنهاره.
(*)
(12/515)
192 - عمرو بن الليث الصفار
* قيل: كان ضرابا في الصفر، وقيل: بل مكاري حمير، فآل به
الحال إلى السلطنة.
تملك بعد أخيه، وأحسن السياسة، وعدل، وعظمت دوله، وأطاع
الخليفة.
كان ينفق كل ثلاثة أشهر في جيشه فيحضر بنفسه عند عارض
الجيش، والاموال كدوس، فأول ما ينادي النقيب عمرو بن
الليث، فيقدم فرسه إلى العارض بعدتها، فيتفقدها، ثم يزن له
ثلاث مئة درهم، ويضعها بين يديه، فيضعها في خفه، ويقول:
الحمد لله الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين، حتى استوجبت
العطاء.
فيكون لمن يقلعه خفه.
ثم يدعى بعده بالامراء وبخيولهم وعددهم، فمن أخل بشئ، منع
رزقه (1).
وقيل: كان في خدمة زوجته ألف وسبع مئة جارية.
ثم بغى عمرو على والي سمرقند إسماعيل بن أحمد بن أسد،
وقصده، فخضع له، وقال: أنا في ثغر قد قنعت به، وأنت معك
الدنيا، فدعني، فما تركه، فبادر إسماعيل في الشتاء، ودهم
عمرا، فخارت قواه، وشرع في الهزيمة، فأسروه.
قال نفطويه: حدثنا محمد بن أحمد أن السبب في انهزام عمرو
من بلخ أن أهلها ملوا من جنده ومن ظلمهم، وأقبل إسماعيل،
فأخذ أصحاب عمرو ابن الليث في الهزيمة، فركبت عساكر
إسماعيل ظهورهم، وتوحلت بعمرو
__________
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الكامل لابن الاثير: الجزء
السابع، وفيات الاعيان 6 / 415، النجوم الزاهرة 3 / 40 وما
بعدها.
(1) الخبر مطولا في " وفيات الاعيان " 6 / 421.
(*)
(12/516)
دابته، فأسر، فأتي به إسماعيل، فاعتنقه وخدمه، وقال: ما
أحببت أن يجري هذا، ثم بالغ في احترامه، فقال: احلف لي ولا
تسلمني، فحلف له، لكن جاء رسول المعتضد بالخلع والتقليد
لاسماعيل، ويطلب عمرا، فقال: أخاف أن يخرج عليكم عسكر
يخلصونه، فجميع عساكر البلاد في طاعته.
لقد كتب إلي وما كناني، بل قال: يا ابن أحمد، والله لو
أردت أن أعمل جسرا على نهر بلخ من ذهب لفعلت، وصرت إليك،
حتى آخذك.
فكتبت إليه: الله بيني وبينك، وأنا رجل ثغري مصاف للترك،
لباسي الكردوائي الغليظ، ورجالي خشر (1) بغير رزق، وقد
بغيت علي ثم سلمه إلى الرسول، وقال: إن حاربكم أحد لاجله،
فاذبحوه.
فبقي يصوم ويبكي، ويخرج رأسه من العمارية، ويقول للناس: يا
سادتي، ادعوا لي بالفرج، فأدخل
بغداد علي بختي عليه جبة ديباج، وبرنس السخط.
ثم قال له المعتضد: هذا بيعتك يا عمرو ! ثمن اعتقله، فقتله
القاسم بن عبيدالله الوزير يوم موت المعتضد سنة تسع
وثمانين ومئتين (2).
وكان دولته نيفا وعشرين سنة.
حكى القشيري أن عمرو بن الليث رئي، فقيل: ما فعل الله بك ؟
قال: أشرفت يوما من جبل على جيوشي، فأعجبني كثرتهم، فتمنيت
أنني كنت حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصرته
وأعنته، فشكر الله لي، وغفر لي.
__________
(1) أي: دون ورذالة وسفلة لا غناء فيهم.
(2) وانظر " الكامل " لابن الاثير 7 / 500 - 502 و 516.
(*)
(12/517)
193 - ابن أبي الشوارب * قاضي القضاة، أبو محمد، الحسن بن
المحدث
محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، الاموي أحد العلماء
الاجواد الممدحين.
ولي قضاء المعتمد، وقد ناب في قضاء سامراء سنة أربعين
ومئتين.
وكان يضرب بسخائه المثل، وهو من بيت رئاسة وإمرة وعلم،
فجدهم عتاب بن أسيد متولي مكة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم.
وعن صالح بن دراج الكاتب قال: كان المعتز يقول: ما رأيت
أحدا أفضل من الحسن بن أبي الشوارب، ولا أحسن وفاء، ما
حدثني قط فكذبني، ولا ائتمنته على سر أو غيره فخانني.
قال محمد بن جرير (1): مات بمكة بعد قضاء حجه في ذي الحجة
سنة إحدى وستين ومئتين.
قلت: عاش أربعا وخمسين سنة.
يروي عن نحو سليمان بن حرب، وأبي الوليد.
لم يقع لنا من روايته.
فأما أخوه قاضي القضاة، أبو الحسن، علي بن محمد (2)، فبقي
إلى سنة بضع وثمانين ومئتين.
__________
* الانساب 7 / 401، اللباب 2 / 213، العبر 2 / 22، تاريخ
ابن كثير 11 / 33، النجوم الزاهرة 3 / 34، شذرات الذهب 2 /
142، 143، المنتظم 5 / 27.
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 515.
(2) مترجم في " العبر " للمؤلف 2 / 71.
(*)
(12/518)
194 - جلوان * ابن سمرة بن ماهان
بن خاقان بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، الامام
المحدث، أبو الطيب، الاموي البخاري.
سمع أبا عبدالرحمن بن المقرئ، والقعنبي، وأحمد بن حفص
الفقيه، وسعيد بن منصور، وأبا مقاتل النحوي، وعدة.
روى عنه: سهل بن شاذويه، وحسين بن محمد بن قريش، وغيرهما.
قال أبو بكر الخطيب: جلوان بكسر الجيم، وقال ابن ماكولا
(1): بل بفتحها.
وكذلك فتحه جعفر المستغفري، وأبو عبد الله غنجار (2).
ومن ذريته أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن
إبراهيم ابن جنيد بن جلوان الاموي (3).
195 - حاتم بن الليث *
*
الحافظ المكثر الثقة (4)، أبو الفضل، البغدادي الجوهري.
سمع عبيدالله بن موسى، وحسين بن محمد المروذي، وطبقتهما.
__________
* الاكمال 2 / 117، المشتبه 1 / 245، التبصير 1 / 451.
(1) " الاكمال " 2 / 117.
(2) والذهبي في " المشتبة " 1 / 245، وابن حجر في "
التبصير " 1 / 451.
(3) راجع " الاكمال " 2 / 117.
* * تاريخ بغداد 8 / 245، 246.
(4) قال الخطيب البغدادي في " تاريخه " 58 / 245: كان ثقة
ثبتا متقنا حافظا.
(*)
(12/519)
وعنه: أبو العباس السراج، ومحمد بن محمد الباغندي، ومحمد
ابن مخلد، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وستين ومئتين.
196 - حاجب بن سليمان *
(س) ابن بسام، الحافظ الرحال، أبو سعيد المنبجي.
حدث عن: وكيع، وأبي أسامة، وابن أبي فديك، وجماعة.
وعنه: النسائي ووثقه (1)، وأبو عروبة، وأبو بكر بن زياد،
وعبد الرحمن بن أخي الامام، وعدة.
مات سنة خمس وستين ومئتين.
197 - الفارسي * * الشيخ
العالم، أبو علي، الحسن بن سعيد، الفارسي ثم
البغدادي البزاز، شيخ صدوق معمر، من أقارب سعدان بن نصر.
سمع من: سفيان بن عيينة، ومعمر بن سليمان، وجماعة.
روى عنه: أحمد بن محمد الادمي، والقاضي المحاملي، وأبو
سعيد بن الاعرابي، وآخرون.
__________
* الجرح والتعديل 3 / 285، الانساب، ورقة: 542 / ب، تهذيب
الكمال: 214، تذهيب التهذيب 1 / 113 / 1، ميزان الاعتدال 1
/ 429، تهذيب التهذيب 2 / 132، 133، خلاصة تذهيب الكمال:
66.
(1) " تهذيب التهذيب " 2 / 132 وفيه: وقال النسائي في موضع
آخر: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال مسلمة بن قاسم: صالح يكتب حديثه.
* * الجرح والتعديل 3 / 16.
(*)
(12/520)
قال ابن أبي حاتم: هو صدوق، أتيناه، فلم نصادفه (1).
وقال محمد بن مخلد: كان يعرف بابن البستنبان.
مات في شهر ربيع الاول سنة ثلاث وستين ومئتين.
ومنهم من سماه الحسين.
ويروي أيضا عنه: أبو العباس السراج، وعنده عن ابن علية،
وأبي بدر السكوني.
198 - عطية * ابن الامام بقية
بن الوليد الحمصي.
مكثر عن والده، وما علمت له شيئا عن غيره، وكان شيخا محدثا
ليس بالماهر، بل طال عمره، وتفرد.
حدث عنه: عبد العزيز بن عمران الاصبهاني، وعبيد بن أحمد
الصفار الحمصي، وأحمد بن هارون البخاري، وأبو عوانة، وابن
أبي حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: كانت فيه غفلة، ومحله الصدق (2).
قال عبد الله بن أحمد: سمعته يقول: أنا عطية بن بقية،
وأحاديثي نقية.
فإذا مات عطية، ذهب حديث بقية.
توفي سنة خمس وستين ومئتين.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 16.
* الجرح والتعديل 6 / 381، لسان الميزان 4 / 175.
(2) " الجرح والتعديل " 6 / 381.
(*)
(12/521)
أخبرنا ابن اليونيني، أخبرنا ابن صباح، أخبرنا ابن رفاعة،
أخبرنا الخلعي، أخبرنا ابن النحاس، حدثنا محمد بن جعفر بن
دران، حدثنا محمد بن خالد بن يزيد بمكة، سمعت عطية يقول:
يا عطية بن بقيه * كأن قد اتتك المنيه بكرة أو عشيه فتفكر
وتذكر * وتجنب الخطيه واذكر الله بتقوى * واتبع القول بنيه
وأبي شيخ البرية * فاكتبوا عني بنيه في قراطيس نقيه
199 - الدوري * (ع) الامام
الحافظ الثقة الناقد، أبو الفضل، عباس بن محمد بن
حاتم ابن واقد، الدوري ثم البغدادي، مولى بني هاشم، أحد
الاثبات المصنفين.
ولد سنة خمس وثمانين ومئة.
سمع حسين بن علي الجعفي، ومحمد بن بشر، وجعفر بن عون، وأبا
داود الطيالسي، وعبد الوهاب بن عطاء، ويحيى بن أبي بكير،
وشبابة ابن سوار، وعبيد الله بن موسى، وهاشم بن القاسم،
ويعقوب بن إبراهيم ابن سعد، وعفان، وخلقا كثيرا.
__________
* الجرح والتعديل 6 / 216، تاريخ بغداد 1 / 144، 146،
طبقات الحنابلة 1 / 236، 239، الانساب 5 / 400، تهذيب
الكمال: 660، تذهيب التهذيب 2 / 127 / 2، تذكرة الحفاظ 2 /
579، 580، تهذيب التهذيب 5 / 129، 130، طبقات الحفاظ: 257،
خلاصة تذهيب الكمال: 189، 190، شذرات الذهب 2 / 161.
(*)
(12/522)
ولازم يحيى، بن معين، وتخرج به، وسأله عن الرجال، وهو في
مجلد كبير.
حدث عنه: أرباب السنن الاربعة، ووثقه النسائي.
ومن الرواة عنه ابن صاعد، وأبو عوانة، وأبو بكر بن زياد،
وأبو جعفر بن البختري (1)، وإسماعيل الصفار، وحمزة بن محمد
الدهقاني، وأبو العباس الاصم، وخلق.
قال الاصم: لم أر في مشايخي أحسن حديثا منه.
قلت: يحتمل أنه أراد بحسن الحديث الاتقان، أو أنه يتبع
المتون المليحة، فيرويها، أو أنه أراد علو الاسناد، أن
نظافة الاسناد، وتركه رواية الشاذ والمنكر، والمنسوخ ونحو
ذلك.
فهذه أمور تقضي للمحدث إذا لازمها أن يقال: ما أحسن حديثه.
قال إسماعيل الصفار: سمعت عباسا الدوري، يقول: كتب لي يحيى
بن معين وأحمد بن حنبل إلى أبي داود الطيالسي كتابا، فقالا
فيه:
إن هذا فتى يطلب الحديث، وما قالا: من أهل الحديث.
قلت: كان مبتدئا له سبع عشرة سنة، ثم إنه صار صاحب حديث،
ثم صار من حفاظ وقته.
وقد عاش الدوري بعد رفيقه ونظيره أبي بكر الصاغاني سنة
واحدة.
__________
(1) البختري، بالباء المنقوطة من تحتها بنقطة، والخاء
المنقوطة الساكنة، وبعدها التاء المفتوحة المنقوطة
بنقطتين، بعدها راء مهملة.
وقال السمعاني وهذا اسم يشبه النسبة.
وأبو جعفر البختري هو محمد بن عمرو: محدث بغدادي.
وثقه الخطيب البغدادي.
توفي سنة 339 ه.
مترجم في " الانساب " للسمعاني 2 / 101، 102، و " تاريخ
بغداد " 3 / 132.
(*)
(12/523)
توفي في صفر سنة إحدى وسبعين ومئتين.
وفيها مات محمد بن سنان القزاز، ومحمد بن حماد الطهراني،
وكربزان الحارثي (1) ويوسف بن سعيد بن مسلم.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد
حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب،
أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا علي بن محمد بن عبيد
الحافظ، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا أزهر السمان،
عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه
وسلم، قال: " اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في
يمننا.
قالوا: وفي نجدنا.
قال: هناك الزلازل والفتن، وبها - أو قال: منها - يطلع قرن
الشيطان " (2).
200 - كيلجة * الامام الحافظ،
أبو بكر، محمد بن صالح، البغدادي الانماطي كيلجة،
محدث جوال.
سمع عفان بن مسلم، وسعيد بن أبي مريم، ومسلم بن إبراهيم،
وأبا الوليد، وطبقتهم.
__________
(1) هو عبدالرحمن بن محمد بن منصور الحارثي الكربزاني.
" التبصير " 3 / 1215.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 432 في الاستسقاء:
باب ما قيل في الزلازل والآيات، من طريق محمد بن المثنى،
عن حسين بن الحسن، و 13 / 39 في الفتن: باب الفتنة من قبل
المشرق من طريق علي بن عبد الله، عن أزهر بن سعد السمان،
كلاهما عن ابن عون بهذا الاسناد.
* تاريخ بغداد 4 / 203، 204، تهذيب الكمال: 1210، تذهيب
التهذيب 3 / 213 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 607، 608، العقد
الثمين 2 / 27، 28، تهذيب التهذيب 9 / 226، 227، طبقات
الحفاظ: 264، خلاصة تذهيب الكمال: 341، شذرات الذهب 2 /
161.
(*)
(12/524)
روى عنه: القاضي المحاملي، وإسماعيل الصفار، ومحمد بن
مخلد، وجماعة.
قال الخطيب (1): كان حافظا متقنا ثقة.
وذكره أبو داود، فقال: صدوق.
وقد سماه محمد بن مخلد مرة: أحمد بن صالح.
وقال النسائي: أحمد بن صالح بغدادي ثقة.
وقال الدارقطني كذلك، وزاد فقال: ويقال: اسمه محمد بن
صالح.
قال أبو بكر الخطيب: بل هو محمد بلا شك.
قال أبو الحجاج القضاعي: روى النسائي حديثا عن أحمد بن
صالح عن يحيى بن محمد، عن ابن عجلان، فإن كان كيلجة فقد
سقط من
بينه وبين أبي زكير يحيى بن محمد، وإن كان يحيى هو الحارثي
فقد سقط من بينه وبين ابن عجلان.
قلت: لا يبعد أن يكون أحمد بن صالح هو الطبري الحافظ، عن
أبي زكير.
فالنسائي قد سمع أولا منه.
نعم، وتوفي كيلجة بمكة في سنة إحدى وسبعين ومئتين.
أخبرنا الابرقوهي، أخبرنا زيد البيع، أخبرنا ابن قفرجل،
أخبرنا عاصم، أخبرنا ابن مهدي، حدثنا المحاملي، حدثنا محمد
بن صالح، حدثنا ابن مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، أخبرني
يحيى بن سعيد، أخبرنا
__________
(1) أورد الخطيب البغدادي ترجمة كيلجة في " تاريخه " 4 /
203 بين من اسمه أحمد.
وقال: وقد ذكرناه في المحمدين.
وبحثنا عنه في المطبوع فلم نجده.
(*)
(12/525)
أبو صالح، عن الاسدي رجل حدثه، قال: مررت علي أبي ذر
بالربذة، فحدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " من أشد أمتي حبا لي ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو
يعطي أهله وماله بأن يراني " (1).
غريب.
201 - الدارابجردي * (د)
الامام القدوة المحدث المأمون، أبو الحسن، علي بن الحسن
بن أبي عيسى موسى بن ميسرة، الهلالي الخراساني الدرابجردي
(2).
حج ورأى سفيان بن عيينة، وما سمع منه، وصلى عليه، هكذا قال
الحاكم في " تاريخه " بالاسناد، ولم يمت سفيان في أيام
الحج، بل في وسط العام.
سمع حرمي بن عمارة، ويعلى بن عبيد، وأبا جابر محمد بن عبد
الملك، وأبا عاصم النبيل، وعبد المجيد بن أبي رواد، وعبد
الملك بن
إبراهيم الجدي (3)، وأبا عبدالرحمن المقرئ، وعبد الله بن
الوليد
__________
(1) رجاله ثقات خلا الاسدي راويه عن أبي ذر، فإنه لا يعرف،
وأخرجه مسلم في " صحيحه " (2832) في الجنة: باب فيمن يود
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله من طريق قتيبة
بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن، عن سهيل بن أبي صالح،
عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم
لو رآني بأهله وماله ".
* الجرح والتعديل 6 / 181، حلية الاولياء 10 / 143، 144،
الانساب 5 / 292، تهذيب الكمال: 963، تذهيب التهذيب 3 / 56
/ 2، تذكرة الحفاظ 2 / 529، تهذيب التهذيب 7 / 299، 300،
النجوم الزاهرة 3 / 43، خلاصة تذهيب الكمال: 272، المنتظم
5 / 60.
(2) الدرابجردي،، بفتح الدال والراء، وبعدهما الالف والباء
الموحدة المفتوحة أو الساكنة، والجيم المكسورة وراء اخرى
ساكنة في آخره ودال أخرى، هذه النسبة إلى درابجرد، وهي
محلة بنيسابور، وقد يقال لها: دار ابجرد، بإثبات الالف بعد
الدال.
(3) الجدي، بضم الجيم وتشديد الدال المكسورة المهملة، هذه
النسبة إلى جدة وهي مدينة بساحل مكة.
(*)
(12/526)
العدني، ويزيد بن أبي حكيم، ومحمد بن جهضم، وحبان بن هلال،
وأبا الوليد، وهوذة بن خليفة، ومكي بن إبراهيم، وعبيدالله
بن موسى، وعبدان بن عثمان، وخلقا كثيرا، وكان من أوعية
العلم.
حدث عنه: أبو داود، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ومسلم، والبخاري
في غير " صحيحيهما "، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة،
ومحمد ابن يعقوب الشيباني، وآخرون.
قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول:
علي بن الحسن الهلالي عندي ثقة صدوق.
قال الحاكم: سمعت محمد بن إسماعيل السكري يذكر عن أبي عبد
الله الراوساني (1)، قال: وجد علي بن الحسن الهلالي ميتا
بعد أسبوع في مسجد من مساجد القرية، سنة سبع وستين ومئتين.
وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب غير مرة يقول: استشهد
علي ابن الحسن برستاق أرغيان (2) في ضيعته.
قال: وكان السبب أنه زبر العامل بها، فلما جن عليه الليل
أمر به، فأدخل متبنه، وأوقد النار في تبن، فمات في الدخان،
ثم وجد ميتا وقد أكلت النمل عينيه (3).
__________
(1) الراوساني، بفتح الراء والواو بعد الالف، ثم السين
المهملة المفتوحة، وفي آخرها النون: نسبة إلى راوسان.
وقال السمعاني: وظني أنها من قرى نيسابور ونواحيها.
وأبو عبد الله هو محمد بن عبد الله بن شاذان بن عبد الله
الرواساني النيسابوري.
مترجم في " الانساب " 6 / 55.
(2) أرغيان، بالفتح، ثم السكون، وكسر الغين المعجمة، وياء
وألف ونون: كورة من نواحي نيسابور، قيل: إنها تشتمل على
إحدى وسبعين قرية " معجم البلدان ".
(3) وجاء في " تهذيب التهذيب " 7 / 300: قال أبو أحمد
الحافظ: سمعت مشايخنا يذكرون أنه أكله الذئب في قرية
برستاق أرغيان.
(*)
(12/527)
قال الحاكم: كان من أكابر علماء المسلمين، وابن عالمهم،
طلب الحديث بالحجاز واليمن والعراق وخراسان.
وقيل: إنه مات في رمضان سنة سبع وستين ومئتين، وأكله
الذئب.
رحمه الله تعالى.
قال أبو عبد الله بن الاخرم: حدثنا علي بن الحسن الهلالي،
وما
رأيت أفضل منه.
وعن مسلم بن الحجاج، أنه ذكر علي بن الحسن، فقال: ذاك
الطيب ابن الطيب (1).
202 - محمد بن عميرة *
الامام الحافظ البارع، أبو عبد الله، الجرجاني، نزيل هراة.
حدث عن: إسحاق الازرق، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق
وطبقتهم.
وكان كبير الشأن، واسع الرحلة.
روى عنه: محمد بن عبدالرحمن السامي، ومحمد بن شاذان، وأبو
يحيى البزاز، وآخرون.
بلغنا أنه كان يحفظ سبعين ألف حديث.
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 7 / 300 وفيه أيضا: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
وقال أبو حامد بن الشرقي: ثقة مأمون، وقال محمد بن عبد
الوهاب الفراء: هو عندي ثقة صدوق.
* تذكرة الحفاظ 2 / 539، 540، طبقات الحفاظ: 242.
(*)
(12/528)
203 - إبراهيم بن مسعود
* ابن عبدالحميد المحدث، أبو محمد، القرشي، الهمذاني، ابن
أخي (1) سندول.
سمع ابن نمير، وأسباط بن محمد، وأبا أسامة، ويونس بن بكير،
والقاسم بن الحكم.
وعنه: عبد الله بن أحمد الدشتكي، وأبو عوانة، وابن حاتم،
وقال: صدوق (2)، وأحمد بن محمد بن أوس، ومحمد بن ينبل،
وآخرون.
204 - صالح بن أحمد * * ابن
محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، الامام المحدث الحافظ
الفقيه القاضي، أبو الفضل، الشيباني البغدادي، قاضي
أصبهان.
سمع أباه، وتفقه عليه، وسمع عفان، وأبا الوليد، وإبراهيم
بن أبي سويد، وعلي بن المديني، وطبقتهم.
حدث عنه: ابنه زهير، وأبو بكر بن أبي عاصم، والبغوي، وابن
صاعد، ومحمد بن مخلد، وأبو علي الحصائري، ومحمد بن جعفر
الخرائطي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن يحيى
__________
* الجرح والتعديل 2 / 140.
(1) في " الجرح والتعديل " 2 / 140: ابن أبي سندول.
(2) " الجرح والتعديل " 2 / 140.
* * الجرح والتعديل 4 / 394، طبقات الحنابلة 1 / 173، 176،
العبر 2 / 30، تاريخ ابن كثير 11 / 40، شذرات الذهب 2 /
149، 150، تهذيب ابن عساكر 6 / 364، 365، المنتظم 5 / 51.
(*)
(12/529)
القصار، شيخ لابي نعيم الحافظ.
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بأصبهان، وهو صدوق ثقة (1).
قلت: ولد سنة ثلاث ومئتين، وهو أكبر إخوته.
قال الخلال في " أدب القضاء ": أخبرنا محمد بن العباس،
حدثني محمد بن علي قال: لما صار صالح إلى أصبهان قرئ عهده
بالجامع، فبكى كثيرا، وبكى بعض الشيوخ، فلما فرغ جعلوا
يدعون له،
ويقولون: ما ببلدنا إلا من يحب أباك.
قال: أبكاني أني ذكرته، ويراني في هذه الحالة، وكان عليه
السواد.
ثم قال: كان أبي يبعث خلفي إذا جاء رجل زاهد أو متقشف
لانظر إليه، يحب أن أكون مثله.
ولكن الله يعلم، ما دخلت في هذا الامر إلا لدين غلبني،
وكثرة عيال (2).
قال الخلال: كان صالح سخيا جدا.
قال ابن المنادي: توفي بأصبهان في رمضان سنة ست وستين
ومئتين.
وقال أبو نعيم: مات سنة خمس وستين.
205 - أبو عوف * الامام المحدث
الصادق، أبو عوف، عبدالرحمن بن مرزوق بن عطية،
البغدادي البزوري.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 4 / 394، و " طبقات الحنابلة " 1 /
173.
(2) راجع الخبر في " طبقات الحنابلة " 1 / 174.
* تاريخ بغداد 10 / 274، 275، الانساب 2 / 198، ميزان
الاعتدال 2 / 589، لسان الميزان 2 / 435.
(*)
(12/530)
سمع عبد الوهاب بن عطاء، وروح بن عبادة، وشبابة بن سوار،
وأبا نوح قراد (1)، ويحيى بن أبي بكير، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو جعفر بن البختري، وإسمعيل الصفار، وأبو سهل
ابن زياد، وعدة.
قال الدارقطني: لا بأس به.
قلت: مات في سنة خمس وسبعين ومئتين.
ولده الصدر النبيل الثقة، أبو عبد الله:
206 - أحمد بن أبي عوف
* سمع سويد بن سعيد، ولوينا، وعثمان بن أبي شيبة.
حدث عنه: أبو علي بن الصواف، وعبد الله بن ابراهيم
الزبيبي، وجماعة.
وثقه الدارقطني (2).
توفي قبل الثلاث مئة.
فأما سميه أبو عوف:
__________
(1) قراد، بضم القاف، وتخفيف الراء.
واسمه عبدالرحمن بن غزوان.
حافظ بغدادي ثقة.
تقدمت ترجمته في الجزء التاسع برقم (201).
* تاريخ بغداد 4 / 245، 249، طبقات الحنابلة 1 / 51
الانساب 2 / 198.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 246.
وقال الخطيب: وكان ثقة نبيلا رفيعا جليلا.
وعن أبي بكر أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي، قال: أحمد بن
عبدالرحمن بن أبي عوف جليل نبيل.
(*)
(12/531)
207 - عبدالرحمن بن مرزوق الطرسوسي
* فهالك.
قال ابن حبان (1): كان يضع الحديث، روى عن عبد الوهاب بن
عطاء، حدثنا عنه محمد بن المسيب الارغياني، فذكر حديثا
رفعه: لن تخلو الارض من ثلاثين مثل ابراهيم عليه السلام
بهم يرزقون (2).
فهذا كذب.
وفيها (3) مات ابراهيم بن أورمة الحافظ، وصالح بن أحمد بن
حنبل،
ومحمد بن الشجاع بن الثلجي، وأبو الساج الامير، وآخرون.
208 - المعتز بالله * *
الخليفة أبو عبد الله، محمد.
وقيل: الزبير بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد
هارون بن المهدي العباسي.
ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئتين.
واستخلف وهو ابن عشرين سنة أو دونها.
وكان أبيض جميلا وسيما من ملاح زمانه.
__________
* الجرح والتعديل 5 / 287، كتاب المجروحين والضعفاء 2 /
61، ميزان الاعتدال 2 / 588، 589، لسان الميزان 3 / 435.
(1) " كتاب المجروحين والضعفاء " 2 / 61، ونقله عنه المؤلف
في " الميزان " 2 / 588.
(2) " ميزان الاعتدال " 2 / 589 وتتمته فيه: ويمطرون.
(3) أي في عام 266 ه.
انظر " العبر " للمصنف 2 / 32، 33.
* * المعارف: 394، تاريخ الطبري: الجزء التاسع، معجم
الشعراء: 400، تاريخ بغداد 2 / 121، 126، الكامل لابن
الاثير: الجزء السابع، العبر 2 / 9، 10، فوات الوفيات 3 /
319، 321، الوافي بالوفيات 2 / 291، 294، تاريخ ابن كثير
11 / 10 وما بعدها، النجوم الزاهرة 3 / 23، 24، تاريخ
الخلفاء: 359، 360، شذرات الذهب 2 / 130.
(*)
(12/532)
قال علي بن حرب: أدخلت على المعتز بالله ليسمع مني الحديث،
فما رأيت خليفة أحسن منه، وأمه رومية.
بويع وقت خلع المستعين (1)..فلما كان بعد أشهر من ولايته،
خلع أخاه المؤيد بالله إبراهيم من العهد، فما بقي إبراهيم
حتى مات، وخاف
المعتز من أن يتحدث الناس أنه سمه، فأحضر القضاة، حتى
شاهدوه، وما به أثر.
فالله أعلم.
وكانت دولة المعتز مستضعفة مع الاتراك، فاتفق القواد،
وقالوا: أعطنا أرزاقنا.
ويقبل (2) صالح بن وصيف، وكان المعتز يخافه، فطلب من أمه
مالا لينفقه فيهم، فشحت عليه، فتجمع الاتراك لخلعه، واتفق
معهم صالح وبابياك.
ومحمد بن بغا، فتسلحوا، وأتوا الدار، وبعثوا إلى المعتز
ليخرج إليهم.
فقال: قد شربت دواء، وأنا ضعيف، فهجم جماعة، جروه وضربوه،
وأقاموه في الحر، فبقي المسكين يتضور وهم يلطمونه،
ويقولون: اخلع نفسك.
ثم أحضروا القاضي (3) والعدول، وخلعوه، وأقدموا من بغداد
محمد بن الواثق، وكان المعتز قد أبعده، فسلم المعتز إليه
الخلافة، وبايعوه، ولقب بالمهتدي بالله.
ثم إن رؤوس الاتراك، أخذوا المعتز بعد خمسة أيام، فأدخلوه
حماما، وأكربوه حتى عطش، ومنعوه الماء حتى كاد، ثم سقوه
ماء ثلج، فسقط ميتا.
رحمه الله.
وذلك في شعبان سنة خمس وخمسين.
__________
(1) راجع خبر خلع المستعين وبيعة المعتز في " تاريخ الطبري
" 9 / 348.
(2) في " تاريخ الطبري " 9 / 389: أعطنا أرزاقنا حتى نقتل
لك صالح بن وصيف.
وفي " تاريخ الخلفاء ": 361: أعطنا أرزاقنا لنقتل صالح بن
وصيف.
والخبر فيهما بتوسع.
(3) هو ابن أبي الشوارب.
والخبر في " تاريخ الخلفاء ": 360.
(*)
(12/533)
ومئتين.
وعاش ثلاثا وعشرين سنة (1).
ولما تولى خلع على محمد بن عبد الله بن طاهر خلعة الملك،
وقلده سيفين، فأقام وصيف وبغا على وجل من ابن طاهر، ثم رضي
المعتز
عنهما، وأعادهما إلى مرتبتهما.
وخلع على أخيه أبي أحمد خلعة الملك أيضا، وتوجه ورشحه،
وقلده سيفين، وولي القضاء الحسن بن محمد بن أبي الشوارب
الاموي، وحسبت أرزاق جند الاسلام، فكانت في السنة مئتي ألف
ألف درهم، ثم قبض المعتز على أخيه أبي أحمد، ثم أطلقه
مضطهدا.
وغلب على خراسان يعقوب بن الليث الصفار، وأخذ هراة وغيرها،
وخرج بالكرج الامير عبد العزيز بن أبي دلف، فالتقاه موسى
بن بغا، وجرت ملحمة كبرى، وقتل وصيف من كبار الامراء.
ومات بمصر نائبها مزاحم بن خاقان.
وفيها أول ظهور الخبيث، قائد الزنج، واستباح البصرة،
وافترى أنه علوي.
وفيها التقى يعقوب الصفار وطوق بن المغلس متولي كرمان،
فأسر طوقا، ونزع الطاعة علي بن قريش.
ثم كتب إلى المعتز ليوليه خراسان، ويقول: إن آل طاهر قد
ضعفوا عن محاربة الصفار.
فكتب إليه بإمرة خراسان، وكتب بمثل ذلك إلى الصفار ليغري
بينهما، ويشتغلا عنه، فأسر الصفار ثابت بن قريش وهو طوق،
ثم غلب على شيراز.
ثم التقى ابن قريش، فانتصر الصفار، ودانت له الامم، وأسر
ابن قريش، وبعث
__________
(1) راجع خبر خلع المعتز وموته بتوسع في " تاريخ الطبري "
9 / 389، 390.
(*)
(12/534)
إلى المعتز بهدايا وتحف، ووثب صالح بن وصيف غضبا لمقتل
أبيه، فقيد كتاب المعتز أحمد بن اسرائيل، والحسن بن مخلد،
وأبا نوح، وصادرهم.
وقل ما في بيوت الاموال جدا.
ثم خلع المعتز، واختفت أمه
قبيحة، ثم بذلت لصالح أموالا، فقتر عنها، وظهر لها نحو من
ثلاثة آلاف ألف دينار.
فقال ابن وصيف: قبحها الله، عرضت ابنها للقتل لاجل خمسين
ألف دينار، يرضي بها الاتراك (1).
ثم قتل ابن وصيف أبا نوح، وأحمد بن إسرائيل.
ووهى منصب الخلافة.
فلله الامر.
وخلف من الولد عبد الله بن المعتز، وحمزة.
209 - المهتدي بالله * أمير
المؤمنين، المهتدي بالله، أبو إسحاق، وأبو عبد
الله، محمد ابن الواثق هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد
العباسي.
مولده في دولة جده.
وبويع ابن بضع وثلاثين سنة لليلة بقيت من رجب سنة خمس
وخمسين (2).
وما قبل مبايعة أحد حتى أحضر المعتز بالله.
فلما رآه قام له،
__________
(1) الخبر في " تاريخ الخلفاء ": 360 بلفظ: واختفت أمه
قبيحة، ثم ظهرت في رمضان، وأعطت صالح بن وصيف مالا عظيما،
من ذلك ألف ألف دينار وثلاث مئة ألف دينار، وسفط فيه مكوك
زمرد، وسفط فيه لؤلؤ حب كبار، وكيلجة ياقوت أحمر وغير ذلك.
فقومت السفاط بألفي ألف دينار.
فلما رأى ابن وصيف ذلك قال: قبحها الله ! عرضت ابنها للقتل
لاجل خمسين ألف دينار وعندها هذا...وهو في " الكامل " 7 /
200.
* تاريخ الطبري 9 / 391، 469، معجم الشعراء: 401، الكامل
لابن الاثير: الجزء السابع، فوات الوفيات 4 / 50، 52،
الوافي بالوفيات 5 / 144، تاريخ ابن كثير 11 / 17، 18،
النجوم الزاهرة 3 / 26، 27، تاريخ الخلفاء: 361، 363،
شذرات الذهب 2 / 132، 133.
(2) راجع خبر خلافة المهتدي في " تاريخ الطبري " 9 / 391،
و " تاريخ الخلفاء ": 361.
(*)
(12/535)
وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، وجلس بين يديه، فجئ
بشهود، فشهدوا على المعتز أنه عاجز عن أعباء الامامة، وأقر
بذلك، ومد يده، فبايع ابن عمه المهتدي بالله، فارتفع حينئذ
المهتدي إلى صدر المجلس، وقال: لا يجتمع سيفان في غمد،
وأنشد قول ابن أبي ذؤيب: تريدين كيما تجمعيني وخالدا * وهل
يجمع السيفان، ويحك في غمد ؟ ! وكان المهتدي أسمر رقيقا،
مليح الوجه، ورعا عادلا صالحا متعبدا بطلا شجاعا، قويا في
أمر الله، خليقا للامارة، لكنه لم يجد معينا ولا، ناصرا،
والوقت قابل للادبار.
نقل الخطيب عن أبي موسى العباسي.
أنه ما زال صائما منذ استخلف إلى أن قتل (1).
وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: كنت عند المهتدي عشية في
رمضان، فقمت لانصرف، فقال: اجلس.
فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام، فأحضر طبق خلاف (2) عليه
أرغفة وآنية فيها ملح وزيت وخل، فدعاني إلى الاكل، فأكلت
أكل من ينتظر الطبيخ.
فقال، ألم تكن صائما ؟ قلت: بلى.
قال: فكل واستوف، فليس هنا غير ما ترى ؟ ! فعجبت، ثم قلت:
ولم يا أمير المؤمنين، وقد أنعم الله عليك ؟ قال: إني فكرت
أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز، فغرت على بني
هاشم، وأخذت نفسي بما رأيت (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 349، و " تاريخ الخلفاء ": 361.
(2) ضبطت اللام في الاصل بالتشديد.
وجاء في القاموس: والخلاف، ككتاب، وشده لحن: صنف من
الصفصاف.
ومن عيدانه تصنع الاطباق.
(3) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 3 / 350، و " تاريخ
الخلفاء ": 311.
(*)
(12/536)
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو النضر المروزي، قال لي جعفر
بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشئ، فقلت له: كان أحمد بن
حنبل يقول به، ولكنه كان يخالف، كأني أشرت إلى آبائه -
فقال: رحمه الله أحمد بن حنبل، لو جاز لي لتبرأت من أبي،
تكلم بالحق وقل به، فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني
(1).
قال نفطويه (2): أخبرنا بعض الهاشميين أنه وجد للمهتدي صفط
فيه جبة صوف، وكساء كان يلبسه في الليل، ويصلي فيه، وكان
قد اطرح الملاهي، وحرم الغناء، وحسم أصحاب السلطان عن
الظلم، وكان شديد الاشراف على أمر الدواوين، يجلس بنفسه،
ويجلس بين يديه الكتاب، يعملون الحساب، ويلزم الجلوس يومي
الخميس والاثنين، وقد ضرب جماعة من الكبار، ونفى جعفر بن
محمود إلى بغداد لرفض فيه، وقدم موسى بن بغا من الري
فكرهه، وبعث بعبد الصمد بن موسى الهاشمي يأمره بالرجوع،
فلم يفعل، وعزل من القضاء ابن أبي الشوارب، وحبسه، وولى
مكانه عبدالرحمن بن نائل البصري.
وفي أوائل خلافته عبأ موسى بن بغا جيشه، وشهر السلاح
بسامراء لقتل صالح بن وصيف بدم المعتز، ولاخذه أموال أمه
قبيحة، وأموال الدواوين.
وصاحت الغوغاء على صالح: يا فرعون، جاءك موسى.
فطلب موسى الاذن على المهتدي بالله، فلم يأذن له، فهجم بمن
معه والمهتدي جالس في دار العدل، فأقاموه وحملوه على أكدش
(3)، وانتهبوا
__________
(1) " تاريخ الخلفاء ": 361، 362.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 3 / 350، و " تاريخ الخلفاء
": 362.
(3) الخبر مطولا في " تاريخ الطبري " 9 / 384، و " الكامل
" لابن الاثير 7 / 218، = (*)
(12/537)
القصر.
ولما دخلوا دار ناجور أدخلوا المهتدي إليها، وهو يقول: يا
موسى، اتق الله، ويحك ما تريد ؟ ! ! قال: والله ما نريد
إلا خيرا، وحلف له لا نالك سوء.
ثم حلفوه أن لا يمالئ صالح بن وصيف، فحلف لهم، فبايعوه
حينئذ، ثم طلبوا صالحا ليحاققوه، فاختفى.
ورد المهتدي بالله إلى داره، ثم قتل صالح شر قتلة فيما
بعد.
وفي المحرم من سنة ست ذكر أن سيما الشرابي زعم أن امرأة
جاءت بكتاب فيه نصيحة لامير المؤمنين، وإن طلبتموني فأنا
في مكان كذا وكذا.
قال: فطلبت، فلم تقع، فجمع الامراء، وقال: هذا كتاب
تعرفونه ؟ فقال رجل: نعم هو خط صالح، وفيه يذكر أنه مستخف
بسامراء، وأن الاموال علمها عند الحسن بن مخلد.
وكان كتابه دالا على قوة نفسه، فأشار المهتدي بالصلح،
فاتهمه ابن بغا وذووه، ونافسوه، ثم من الغد تكلموا في
خلعه، فقال باكيال: ويحكم ! قتلتم ابن المتوكل، وتريدون
قتل هذا الصوام الدين ! لئن فعلتم لاصيرن إلى خراسان،
ولاشنعن عليكم.
ثم خرج المهتدي وعليه ثياب بيض وتقلد سيفا، وأمر بإدخالهم
إليه.
فقال: قد بلغني شأنكم، ولست كالمستعين والمعتز، والله ما
خرجت إلا وأنا متحنط، وقد أوصيت، وهذا سيفي فلاضربن به ما
استمسك بيدي.
أما دين أما حياء، أما رعة (1) ؟ كم يكون الخلاف على
الخلفاء، والجرأة على الله ؟ ثم قال: ما أعلم أين هو صالح.
قالوا: فاحلف لنا.
قال: إذا كان يوم الجمعة، وصليت حلفت، فرضوا
__________
= و " تاريخ الخلفاء " للسيوطي: 362: واللفظ في " تاريخ
الطبري " و " الكامل ": حملوه على دابة من دواب الشاكرية.
وفي " تاريخ الخلفاء ": على فرس ضعيفة.
(1) تصحفت في " تاريخ الخلفاء ": 362 إلى " دعة ".
والخبر في " تاريخ الطبري " 9 / 442.
(*)
(12/538)
وانفصلوا على هذا.
ثم ورد من فارس مال نحو عشرة آلاف ألف درهم، فانتشر في
العامة أن الاتراك على خلع المهتدي، فثار العوام والقواد،
وكتبوا رقاعا ألقوها في المساجد: معاشر المسلمين، ادعو
لخليفتكم العدل الرضى المضاهي عمر بن عبد العزيز أن ينصره
الله على عدوه.
وراسل أهل الكرخ والدور المهتدي بالله في الوثوب على موسى
بن بغا، فجزاهم خيرا، ووعدهم بالجميل، وعاثت الزنج
بالبصرة، ويعقوب الصفار بخراسان.
وقتل المهتدي الامير باكيال، فثار أصحابه، وأحاطوا بدار
الجوسق، فألقي الرأس إليهم، وركب أعوان الخليفة، فتمت
ملحمة كبرى، قتل فيها من الاتراك ألوف وقيل بل ألف في رجب
سنة ست، ثم أصبحوا على الحرب، فركب المهتدي، وصالح بن علي
في عنقه المصحف يصيح: أيها الناس، انصروا إمامكم، فحمل
عليه أخو باكيال في خمس مئة، وخامر الاتراك الذين مع
الخليفة إليه، وحمي الوطيس، وتفلل جمع المهتدي واستحر بهم
القتل.
فولى والسيف في يده يقول: أيها الناس، قاتلوا عن خليفتكم،
ثم دخل دار صالح بن محمد بن يزداد، ورمى السلاح، ولبس
البياض ليهرب من السطح، وجاء حاجب باكيال، فأعلم به فهرب،
فرماه واحد بسهم، ونفحه بالسيف، ثم حمل
إلى الحاجب، فأركبوه بغلا وخلفه سائس، وضربوه وهم يقولون:
أين الذهب ؟ فأقر لهم بست مئة الف دينار مودعة ببغداد،
فأخذوا خطه بها.
وعصر تركي على أنثييه فمات، وقيل: أرادوا منه أن يخلع
نفسه، فأبى، فقتلوه رحمه الله وبايعوا المعتمد على الله
(1).
__________
(1) راجع خبر خلع المهتدي وموته في " تاريخ الطبري " 9 /
456 وما بعدها.
(*)
(12/539)
بنو المهتدي بالله: أبو جعفر عبد الله، وأبو الحسن عبد
الصمد، وأبو بكر عبدالرحمن، وأبو أحمد عبد الله، وأبو
الفضل هبة الله.
وفي ذريته علماء وخطباء.
210 - المعتمد على الله *
الخليفة، أبو العباس، وقيل: أبو جعفر، أحمد بن
المتوكل على الله جعفر بن المعتصم أبي إسحاق بن الرشيد،
الهاشمي العباسي السامري.
وأمه رومية اسمها فتيان.
ولد سنة تسع وعشرين ومئتين.
قال ابن أبي الدنيا: كان أسمر، رقيق اللون، أعين جميلا،
خفيف اللحية.
قلت: استخلف بعد قتل المهتدي بالله في سادس عشر رجب سنة ست
وخمسين ومئتين.
وقدم موسى بن بغا بعد أربعة أيام إلى سامراء، وخمدت
الفتنة، وكان في حبس المهتدي بالجوسق، فأخرجوه وبايعوه،
فضيق المعتمد على عيال المهتدي، واستعمل أخاه أبا أحمد
الموفق على سائر المشرق، وعقد بولاية العهد لابنه جعفر،
ولقبه المفوض إلى الله، واستعمله على مصر
والمغرب، وانهمك في اللهو واللعب، واشتغل عن الرعية،
فكرهوه،
__________
* المعارف: 394، تاريخ الطبري 9 / 474، تاريخ بغداد 4 /
60، 62، الكامل لابن الاثير: الجزء السابع، فوات الوفيات 1
/ 64، 66، الوافي بالوفيات 6 / 292، تاريخ ابن كثير 11 /
23، 24، تاريخ الخلفاء: 363، 368، شذرات الذهب 2 / 173،
174.
(*)
(12/540)
وأحبوا أخاه الموفق (1).
وفي رجب أيضا استولت الزنج على البصرة والابلة والاهواز،
وقتلوا وسبوا، وهم عبيد العوام، وغوغاء الانذال الملتفين
على الخبيث (2).
وقام بالكوفة علي بن زيد العلوي، واستفحل أمره، وهزم جيش
الخليفة.
وظهر أخوه حسن بن زيد بالري، فسار لحربه موسى بن بغا.
وحج بالناس محمد ابن أحمد بن عيسى بن المنصور العباسي.
ونودي على صالح بن وصيف المختفي: من جاء به فله عشرة آلاف
دينار.
فاتفق أن غلاما دخل دربا، فرأى بابا مفتوحا، فمشى في
الدهليز، فرأى صالحا نائما، فعرفه، فأسرع إلى موسى بن بغا،
فأخبره، فبعث جماعة أحضروه، وذهبوا به مكشوف الرأس إلى
الجوسق، فبدره تركي من ورائه فأثبته، واحتزوا رأسه قبل
مقتل المهتدي، بيسير.
فقال: رحم الله صالحا، فلقد كان ناصحا (3).
وأما الصولي: فقال: بل عذبوه في حمام، كما هو فعل بالمعتز،
حتى أقر بالاموال، ثم خنق.
وقتلت الزنج بالابلة نحو ثلاثين ألفا فحاربهم سعيد الحاجب،
ثم قووا عليه، وقتلوا خلقا من جنده، وتمت بينهم وبين
العسكر وقعات.
وفيها قتل ميخائيل بن توفيل طاغية الروم، قتله بسيل الصقلي
(4).
فكان دولة ميخائيل أربعا وعشرين سنة (5).
__________
(1) " تاريخ الخلفاء ": 363.
(2) خبر استيلاء الزنج على الابلة والاهواز في " تاريخ
الطبري " 9 / 471 وما بعدها.
(3) " تاريخ الخلفاء " للسيوطي: 362.
(4) قال الطبري: وقيل له: الصقلبي، وهو من أهل بيت المملكة
لان أمه صقلبية.
(5) " تاريخ الطبري " 9 / 489.
(*)
(12/541)
وفي سنة 258 جرت وقعة بين الزنج، وبين العسكر، فانهزم
العسكر، وقتل قائدهم منصور، ثم نهض أبو أحمد الموفق ومفلح
في عسكر عظيم إلى الغاية لحرب الخبيث، فانهزم جيشه، ثم
تهيأ وجمع الجيوش، وأقبل فتمت ملحمة لم يسمع بمثلها.
وظهر المسلمون، ثم قتل مقدمهم مفلح (1)، فانهزم الناس،
واستباحهم الزنج، وفر الموفق إلى الابلة، وتراجعت إليه
العساكر.
ثم التقى الزنج فانتصر،، وأسر طاغيتهم يحيى.
وبعث به إلى سامراء فذبح، ووقع الوباء، فمات خلائق.
ثم التقى الموفق الزنج فانكسر، وقتل خلق من جيشه، وتحيز هو
في طائفة، وعظم البلاء.
وكاد الخبيث أن يملك الدنيا، وكان كذابا ممخرقا ماكرا
شجاعا داهية، ادعى انه بعث إلى الخلق، فرد الرسالة.
وكان يدعي علم الغيب، لعنه الله.
ودخلت سنة تسع، فعرض الموفق جيشه بواسط، وأما الخبيث فدخل
البطائح، وبثق حوله الانهار وتحصن، فهجم عليه الموفق،
وأحرق وقتل فيهم، واستنقذ من السبايا، ورد إلى بغداد، فسار
خبيث الزنج إلى الاهواز، فوضع السيف، وقتل نحوا من خمسين
ألفا، وسبى أربعين ألفا، فسار لحربه موسى بن بغا فتحاربا
بضعة عشر شهرا، وذهب تحت السيف خلائق من الفريقين.
فإنا لله، وإنا إليه راجعون.
وفيها عصى كنجور (2)، فسار لحربه عدة أمراء، فأسر وذبح
(3).
وأقبلت الروم، فنازلوا ملطية وسميساط، فبرز القابوس بأهل
ملطية، فهزم الروم، وقتل مقدمهم (4).
__________
(1) راجع خبر مقتله في " تاريخ الطبري " 9 / 492.
(2) في " الكامل " لابن الاثير: كيجور.
(3) انظر " تاريخ الطبري " 9 / 502.
(4) وهو نصر الاقريطشي بطريق البطارقة، قتله أحمد بن محمد
القابوس راجع " تاريخ الطبري " 9 / 506.
(*)
(12/542)
وفيها تملك يعقوب الصفار نيسابور، وركب إلى خدمته نائبها
محمد ابن طاهر بن عبد الله بن طاهر، فعنفه وسبه، واعتقله،
فبعث المعتمد يلوم الصفار، ويأمره بالانصراف إلى ولايته،
فأبى، واستولى على الاقليم، ودانت له البلاد (1).
وفي سنة ستين التقى الصفار الحسن بن زيد العلوي (2) فانهزم
العلوي، ودخل الصفار طبرستان والديلم، واحتمى العلوي
بالجبال، فتبعه الصفار، فهلك خلق من جيشه بالثلج، ووقع
الغلاء، وأبيع ببغداد الكر (3) بمئة وخمسين دينارا.
وأخذت الروم مدينة لؤلؤة (4).
وفي سنة 261 مالت الديلم إلى الصفار ونابذوا العلوي، فصار
إلى كرمان.
وأما الزنج فحروبهم متتالية، وسار يعقوب الصفار إلى فارس،
فالتقى هو وابن واصل، فهزمه الصفار، وأخذ له من قلعته
أربعين ألف ألف درهم.
وأعيا المعتمد شأن الصفار، وحار، فلان له، وبعث إليه
بالخلع وبولاية خراسان وجرجان، فلم يرض بذلك، حتى يجئ إلى
سامراء، وأضمر
الشر، فتحول المعتمد إلى بغداد، وأقبل الصفار بكتائب
كالجبال.
فقيل: كانوا سبعين ألف فارس، وثقله على عشرة آلاف جمل،
فأناخ بواسط في سنة اثنتين
__________
(1) خبر دخول يعقوب بن الليث نيسابور في " تاريخ الطبري "
9 / 507 بتوسع.
(2) " تاريخ الطبري " 9 / 508.
(3) الكر: مكيال لاهل العراق، وهو عندهم ستون قفيزا،
والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف.
قال الازهري: والكر من هذا الحساب اثنا عشر وسقا، كل وسق
ستون صاعا.
(4) وهي قلعة قرب طرسوس، غزاها المأمون وفتحها.
والخبر في " تاريخ السيوطي ": 364.
(*)
(12/543)
وستين، وانضمت العساكر المعتمدية، ثم زحف الصفار إلى دير
عاقول، فجهز المعتمد للملتقى أخاه الموفق، وموسى بن بغا
ومسرورا، فالتقى الجمعان في رجب واشتد القتال، فكانت
الهزيمة أولا على الموفق، ثم صارت على الصفار، وانهزم
جيشه.
فقيل: نهب منهم عشرة آلاف فرس، ومن العين ألفا ألف دينار،
ومن الامتعة ما لا يحصى، وخلص ابن طاهر من الاسر، ورجع
الصفار إلى فارس، ورد المعتمد ابن طاهر إلى ولايته، وأعطاه
خمس مئة الف درهم.
وأما الخبيث فاغتنم اشتغال الجيش، فعمل كل قبيح من القتل
والاسر.
وفيها ولي قضاء القضاة بسامراء علي بن محمد بن أبي
الشوارب، وكان أخوه الحسن قد توفي حاجا، وولي قضاء بغداد
إسماعيل القاضي.
وفيها واقع المسلمون الزنج وهزموهم، وقتلوا قائدهم
الصعلوك.
وفي سنة ثلاث أقبل الصفار، فاستولى على الاهواز (1).
وفي سنة أربع سار الموفق وابن بغا لحرب الزنج، فمات ابن
بغا، وغزا المسلمون الروم، وغنموا.
ثم بيتت الروم مقدم المسلمين ابن كاوس (2)، فأسروه جريحا.
وغلبت الزنج على واسط، ونهبوها وأحرقوها.
وغضب المعتمد على وزيره سليمان بن وهب، وأخذ أمواله،
واستوزر الحسن بن مخلد، وتمكن الموفق، وبقي لا يلتفت على
أحد،
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 263.
(2) هو عبد الله بن رشيد بن كاوس.
وانظر خبر أسره في " تاريخ الطبري " 2 / 533، 534.
(*)
(12/544)
وأظهر المنابذة، وقصد سامراء فتأخر المعتمد أخوه، ثم
تراسلا، ووقع الصلح وأطلق سليمان بن وهب، وهرب الحسن بن
مخلد وفي سنة 65 مات يعقوب بن الليث الصفار المتغلب على
خراسان وفارس بالاهواز، فقام بعده أخوه عمرو، ودخل في
الطاعة، واستنابه الموفق على المشرق، وبعث إليه بالخلع.
وقيل: بلغت تركة الصفار ثلاثة آلاف الف دينار.
ودفن بجندسابور.
وكتب على قبره: هذا قبر المسكين يعقوب.
وكان في صباه يعمل في ضرب النحاس بدرهمين.
وفي سنة 66 أقبلت الروم إلى ديار ربيعة، وقتلوا وسبوا،
وهرب أهل الجزيرة.
وتمت وقعة مع خبيث الزنج، وظهروا فيها، وسار أحمد بن عبد
الله الخجستاني، فهزم الحسن بن زيد العلوي، وظفر به فقتله،
وحارب عمرو بن الليث الصفار، وظهر على عمرو، ودخل نيسابور،
وقتل وصادر، واستباحت الزنج رامهرمز (1).
وفي سنة سبع كروا على واسط، وعثروا أهلها، فجهز الموفق
ولده أبا العباس الذي صار خليفة، فقتل وأسر، وغرق سفنهم.
ثم تجمع جيش الخبيث، والتقوا بالعباس فهزمهم، ثم التقوا
ثالثا فهزمهم، ودام القتال شهرين، ورغبوا في أبي العباس،
واستأمن إليه خلق منهم، ثم حاربهم حتى دوخ فيهم، ورد سالما
غانما، وبقي له وقع في النفوس، وسار إليهم الموفق في جيش
كثيف في الماء والبر، ولقيه ولده، والتقوا الزنج، فهزموهم
أيضا.
وخارت قوى الخبيث، وألح الموفق في حربهم، ونازل طهثيا (2)،
وكان عليها خمسة أسوار، فأخذها، واستخلص من أسر الخبثاء
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 554.
(2) في " تاريخ الطبري " 9 / 571: طهيثا.
والخبر فيه مطول.
(*)
(12/545)
عشرة آلاف مسلمة، وهدمها.
وكان المهلبي القائد مقيما بالاهواز في ثلاثين ألفا من
الزنج، فسار الموفق لحربه، فانهزم، وتفرق عسكره، وطلب خلق
منهم الامان، فأمنهم، ورفق بهم، وخلع عليهم، ونزل الموفق
بتستر، وأنفق في الجيش، ومهد البلاد، وجهز ابنه المعتضد
أبا العباس لحرب الخبيث، فجهز له سفنا فاقتتلوا، وانتصر
أبو العباس، وكتب كتابا إلى الخبيث يهدده، ويدعوه إلى
التوبة مما فعل، فعتا وتمرد، وقتل الرسول، فسار الموفق إلى
مدينة الخبيث بنهر أبي الخصيب، ونصب السلالم ودخلوها،
وملكوا السور، فانهزمت الزنج، ولما رأى الموفق حصانتها
اندهش، واسمها المختارة، وهاله كثرة المقاتلة بها، لكن
استأمن إليه عدة، فأكرمهم.
ونقلت تفاصيل حروب الزنج في " تاريخ الاسلام " فمن ذلك لما
كان في شعبان سنة سبع برز الخبيث وعسكره فيما قيل في ثلاث
مئة ألف ما بين فارس وراجل، فركب الموفق في خمسين ألفا،
وحجز بينهم النهر، ونادى الموفق بالامان، فاستأمن إليه
خلق، ثم إن الموفق بنى بإزاء المختارة مدينة على دجلة
سماها الموفقية، وبنى بها الجامع والاسواق، وسكنها الخلق،
واستأمن إليه في شهر خمسة آلاف.
وتمت ملحمة في شوال، ونصر الموفق.
وفي ذي الحجة عبر الموفق بجيشه إلى ناحية المختارة، وهرب
الخبيث (1)، لكنه رجع، وأزال الموفق عنها.
واستولى أحمد الخجستاني على خراسان وكرمان وسجستان، وعزم
على قصد العراق.
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 594.
(*)
(12/546)
وفي سنة ثمان وستين تتابع أجناد الخبيث في الخروج إلى
الموفق، وهو يحسن إليهم.
وأتاه جعفر السجان صاحب سر الخبيث، فأعطاه ذهبا كثيرا،
فركب في سفينة حتى حاذى قصر الخبيث، فصاح إلى متى تصبرون
على الخبيث الكذاب ؟ وحدثهم بما اطلع عليه من كذبه وكفره،
فاستأمن خلق.
ثم زحف الموفق على البلد، وهد من السور أماكن، ودخل العسكر
من أقطارها، واغتروا، فكر عليهم الزنج، فأصابوا منهم، وغرق
خلق.
ورد الموفق إلى بلده حتى رم شعثه، وقطع الجلب عن الخبيث،
حتى أكل أصحابه الكلاب والميتة، وهرب خلق، فسألهم الموفق،
فقالوا: لنا سنة لم نر الخبز، وقتل بهبود أكبر أمراء
الخبيث، وقتل الخبيث ولده لكونه هم أن يخرج إلى الموفق،
وشد على أحمد الخجستاني غلمانه فقتلوه، وغزا الناس مع خلف
التركي، فقتلوا من الروم بضعة عشر ألفا.
وفي سنة تسع دخل الموفق المختارة عنوة، ونادى الامان،
وقاتل حاشية الخبيث دونه أشد قتال، وحاز الموفق خزائن
الخبيث، وألقى النار في جوانب المدينة، وجرح الموفق بسهم،
فأصبح على الحرب، وآلمه جرحه، وخافوا، فخرجوا حتى عوفي
(1)، ورم الخبيث بلده.
وفي السنة خرج المعتمد من سامراء ليلحق بصاحب مصر أحمد بن
طولون، وكان بدمشق، فبلغ ذلك الموفق، فأغرى بأخيه إسحاق بن
كنداج، فلقي المعتمد بين الموصل والحديثة، وقال: يا أمير
المؤمنين، ما هذا ؟ فأخوك في وجه العدو وأنت تخرج من مقر
عزك ! ومتى علم بهذا ترك مقاومة عدوك، وتغلب الخارجي على
ديار آبائك.
وهذا كتاب أخيك
__________
(1) " تاريخ الطبري " 9 / 614 وما بعدها.
(*)
(12/547)
يأمرني بردك.
فقال: أنت غلامي أو غلامه ؟ قال: كلنا غلمانك ما أطعت
الله، وقد عصيت بخروجك وتسليطك عدوك على المسلمين.
ثم قام، ووكل به جماعة، ثم انه بعث إليه يطلب منه ابن
خاقان وجماعة ليناظرهم، فبعث بهم، فقال لهم: ما جنى أحد
على الامام والاسلام جنايتكم.
أخرجتموه من دار ملكه في عدة يسيرة، وهذا هارون الشاري
بإزائكم في جمع كثير، فلو ظفر بالخليفة، لكان عارا على
الاسلام، ثم رسم أيضا عليهم، وأمر المعتمد بالرجوع، فقال:
فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني، فحلف، وانحدر إلى
سامراء.
فتلقاه كاتب الموفق صاعد، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب،
ومنعه من نزول دار الخلافة، ووكل به خمس مئة نفس، ومنع من
أن يجتمع به أحد.
وبعث الموفق إلى ابن كنداج بخلع وذهب عظيم.
قال الصولي: تحيل المعتمد من أخيه، فكاتب ابن طولون.
ومما قال: أليس من العجائب أن مثلي * يرى ما قل ممتنعا
عليه وتؤكل باسمه الدنيا جميعا * وما من ذاك شئ في يديه
(1) ؟ ! ولقب الموفق صاعد بن مخلد ذا الوزراتين، ولقب ابن
كنداج ذا السيفين.
فلما علم ابن طولون جمع الاعيان، وقال: قد نكث الموفق
بأمير المؤمنين، فاخلعوه من العهد فخلعوه سوى القاضي بكار
بن قتيبة.
فقال
__________
(1) البيتان في " فوات الوفيات " 1 / 66، و " الوافي
بالوفيات " 6 / 293، و " تاريخ السيوطي ": 365 وبعدهما:
إليه تحمل الاموال طرا * ويمنع بعض ما يجبى إليه وسيوردهما
المصنف أيضا في ص: 602 من هذا الجزء.
(*)
(12/548)
لابن طولون: أنت أريتني كتاب أمير المؤمنين بتوليته العهد،
فأرني كتابه بخلعه.
قال: إنه محجور عليه، قال: لا أدري.
قال: أنت قد خرفت وحبسه، وأخذ منه عطاءه على القضاء عشرة
آلاف دينار، وأمر الموفق بلعنة أحمد بن طولون على المنابر
(1).
وسار ابن طولون، فحاصر المصيصة، وبها خادم، فسلط الخادم
على جيش أحمد بثوق النهر، فهلك منهم خلق، وترحلوا، وتخطفهم
أهل المدينة، ومرض أحمد، ومات مغبونا.
وفي شوال كانت الملحمة الكبرى بين الخبيث والموفق (2).
ثم وقعت الهزيمة على الزنج، وكانوا في جوع شديد وبلاء، لا
خفف الله عنهم، وخامر عدة من قواد الخبيث وخواصه، وأدخل
المعتمد في ذي القعدة إلى واسط، ثم التقى الخبيث والموفق،
فانهزمت الزنج أيضا،
وأحاط الجيش، فحصروا الخبيث في دار الامارة، فانملس منها
إلى دار المهلبي أحد قواده، وأسرت حرمه، فكان النساء نحو
مئة، فأحسن إليهن الموفق، وأحرقت الدار، ثم جرت ملحمة بين
الموفق والخبيث في أول سنة سبعين، ثم وقعة اخرى قتل فيها
الخبيث، لا رحمه الله.
وكان قد اجتمع من الجند، ومن المطوعة مع الموفق نحو ثلاث
مئة ألف.
وفي آخر الامر شد الخبيث وفرسانه، فأزالو الناس عن مواقفهم
فحمل الموفق، فهزمهم، وساق وراءهم إلى آخر النهر، فبينا
الحرب تستعر إذ أتى فارس إلى الموفق وبيده رأس الخبيث، فما
صدق، وعرضه على جماعة، فقالوا: هو هو فترجل الموفق
والامراء، وخروا ساجدين لله، وضجوا بالتكبير، وبادر أبو
العباس بن الموفق في خواصه، ومعه رأس الخبيث
__________
(1) " تاريخ السيوطي ": 365، 366.
(2) " تاريخ الطبري " 9 / 628 وما بعدها.
(*)
(12/549)
على قناة إلى بغداد، وعملت قباب الزينة، وكان يوما مشهودا،
وشرع الناس يتراجعون إلى المدائن التي أخذها الخبيث، وكانت
أيامه خمس عشرة سنة (1).
قال الصولي: قد قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مئة.
قلت: وكذا عدد قتلى بابك.
قال: وكان يصعد على منبره بمدينته، ويسب عثمان وعليا وطلحة
وعائشة كمذهب الازارقة، وكان ينادي على المسبية العلوية في
عسكره بدرهمين.
وكان عند الزنجي الواحد نحو عشر علويات، يفترشهن ويخدمن
امرأته.
وفي شعبان أعادوا المعتمد إلى سامراء في أبهة تامة.
وظهر بالصعيد أحمد بن عبد الله الحسني، فحاربه عسكر مصر
غير مرة، ثم أسر وقتل.
وفيها أول ظهور دعوة العبيدية، وذلك باليمن.
وفيها نازلت الروم في مئة ألف طرسوس، فبيتهم يا زمان
الخادم، فقيل: قتل منهم سبعون ألفا، وقتل ملكهم، وأخذ منهم
صليب الصلبوت.
فالحمد لله على هذا النصر العزيز الذي لم يسمع بمثله، مع
تمام المنة على الاسلام بمصرع الخبيث.
قالت أمه: أخذه أبوه مني، وغاب سنين، وتزوجت أنا، وجاءني
ولد، ثم جاءني الغلام وقد مات أبوه باليمن، فأقام عندي مدة
لا يدع بالري
__________
(1) " تاريخ الخلفاء " للسيوطي: 464.
(*)
(12/550)
أحدا (1) عنده أدب أو حديث إلا خالطهم وعاشرهم.
وفي سنة 271 كانت الملحمة بين أبي العباس بن الموفق، وبين
صاحب مصر خمارويه بفلسطين، وجرت السيول من الدماء، ثم
انهزم خمارويه، وذهبت خزائنه.
ونزل أبو العباس في مضربه.
ولكن كان سعد (2) الاعسر كمينا، فخرج على أبي العباس بغتة،
فهزم جيشه، ونجا هو في نفر يسير، ونهب سعد وأصحابه ما لا
يوصف.
وفي سنة 72 نزل أبو العباس بطرسوس، وتراجع عسكره، وآذوا
أهل البلد، فتناخوا وطردوهم، واستولى هارون الشاري الخارجي
وحمدان بن حمدون التغلبي على الموصل، وقبض الموفق على ذي
الوزارتين صاعد، وأخذ أمواله، واستكتب إسماعيل بن بلبل،
وهاجت بقايا الزنج بواسط، وصاحوا: أنكلاي يا منصور، وهو
ولد الخبيث، وكان في سجن بغداد هو
والقواد: ابن جامع والمهلبي والشعراني، فأخرجوا وصلبوا.
وسار الموفق إلى كرمان لحرب عمرو بن الليث الصفار.
وسار يا زمان الخادم أمير الثغور، فوغل في أرض الروم، فقتل
وسبى، ورجع مؤيدا، وأخذ عدة مراكب.
وفي سنة 76 وقع الرضى عن الصفار، وكتب اسمه على الاعلام
والاترسة.
وتمت بين محمد بن أبي الساج وخمارويه وقعات، ثم انكسر
محمد.
واتفق يا زمان مع صاحب مصر، وخطب له، فبعث إليه خمارويه
بخلع وذهب عظيم.
واستولى رافع بن هرثمة على طبرستان.
وعاد
__________
(1) في الاصل: أحد، بالرفع، وهو خطأ.
(2) في الاصل: سعدا، بالنصب، وهو خطأ.
(*)
(12/551)
الموفق إلى بغداد مريضا من نقرس، ثم صار داء الفيل، وقاسى
بلاء، فكان يقول: في ديواني مئة ألف مرتزق، ما أصبح فيهم
أسوأ حالا مني.
ثم مات.
وفي سنة 78 ظهور القرامطة بأعمال الكوفة.
وحاصر يا زمان الخادم حصنا للعدو، فجاء حجر، فقتله.
وكان مهيبا، مفرط الشجاعة.
وفي سنة 79 خلع المفوض بن المعتمد من ولاية العهد، وقدم
عليه أبو العباس المعتضد بن الموفق.
نهض بذلك الامراء.
وفيها منع أبو العباس القصاص والمنجمين، وألزم الكتبيين أن
لا يبيعوا كتب الفلسفة والجدل، وضعف أمر عمه المعتمد معه،
ثم مات فجأة لاحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين
ومئتين ببغداد.
ونقل فدفن بسامراء.
فكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام.
وقيل: كان
نحيفا ثم سمن، وأسرع إليه الشيب.
مات بالقصر الحسني مع الندماء والمطربين، أكل في ذلك اليوم
رؤوس الجداء، فيقال: سم، ومات معه من أكل منها.
وقيل: نام، فغموه (1) ببساط.
وقيل: سم في كأس، وأدخلوا إليه إسماعيل القاضي والشهود،
فلم يروا به أثرا.
واستخلف أبو العباس المعتضد.
وكانت عريب جارية المعتمد ذات أموال جزيلة، ولها في
المعتمد مدائح.
وكان يسكر ويعربد على الندماء.
سامحه الله.
وكانت دولته بهمة أخيه الموفق لا بأس بها.
وللمعتمد من البنين: المفوض جعفر، ومحمد، وعبد العزيز،
__________
(1) أي: غطوه.
(*)
(12/552)
وإسحاق، وعبيدالله، وعباس، وإبراهيم، وعيسى، وعدة بنات.
وكتب له سليمان بن وهب، ثم عبيدالله بن يحيى بن خاقان،
وغيرهما.
211 - أحمد بن الخصيب *
ابن عبدالحميد، الجرجرائي، الوزير الكبير، أبو العباس ابن
أمير مصر.
استوزره المنتصر، ثم المستعين.
وارتفع شأنه، ثم نكب، ونفاه المستعين إلى الغرب في سنة
248.
الصولي عن الحسين بن يحيى: أن ابن الخصيب كان يتصدق كل يوم
بخمسين دينارا، فلما نكب بقي يتصدق بخمسين درهما، ويقلل
نفقة نفسه.
قال أحمد بن أبي طاهر: كان يحتد، ويخرج رجله من الركاب،
فيرفس من يراجعه.
فقلت: قل للخليفة يا ابن عم محمد * شكل وزيرك إنه محلول
فلسانه قد جال في أعراضنا * والرجل منه في الصدور تجول (1)
توفي سنة خمس وستين ومئتين.
ولما عزل صودر، وأركب حمارا، وهو في سلسلة.
__________
* تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الكامل لابن الاثير: الجزء
السابع، العبر 2 / 29، 30، الوافي بالوفيات 6 / 372، شذرات
الذهب 2 / 149.
(1) البيتان في " الوافي بالوفيات ": 6 / 373.
(*)
(12/553)
212 - يزيد بن سنان
* (س) ابن يزيد بن ذيال، الامام الحافظ الثقة، أبو خالد،
البصري القزاز، مولى قريش، نزل مصر.
وهو أخو محمد بن سنان القزاز، صاحب ذاك الجزء المشهور.
حدث يزيد عن: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام،
والعقدي، وعبد الرحمن بن مهدي، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي، وأبو عوانة الاسفراييني، وأبو جعفر
الطحاوي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأهل مصر.
وبلغنا أنه كان ثقة إماما نبيلا (1).
صنف " المسند " ومات وهو في عشر التسعين بمصر.
توفي في جمادى الاولى سنة أربع وستين ومئتين.
وأخوه:
213 - أبو الحسن القزاز
(2) * *
سمع روح بن عبادة، وعمر بن يونس، ومحمد بن بكر البرساني،
وعدة.
__________
* الجرح والتعديل 9 / 267، تهذيب الكمال: 1534، تذهيب
التهذيب 4 / 176 / 2، ميزان الاعتدال 4 / 428، تهذيب
التهذيب 11 / 335، خلاصة تذهيب الكمال: 432، المنتظم 5 /
49.
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 267، و " ميزان الاعتدال " 4 /
428، كما وثقه النسائي.
(2) هو محمد بن سنان.
* * تذهيب التهذيب 3 / 209 / 2، ميزان الاعتدال 3 / 575،
العبر 2 / 48، الوافي بالوفيات 3 / 140، تهذيب التهذيب 9 /
206، 207، خلاصة تذهيب الكمال: 339، شذرات الذهب 2 / 161.
(*)
(12/554)
روى عنه: المحاملي، وابن صاعد، وإسماعيل الصفار.
اتهمه أبو داود وكذبه.
وأما الدارقطني فقال: لا بأس به.
مات ببغداد في رجب سنة إحدى وسبعين ومئتين.
فأما:
214 - يزيد بن محمد *
ابن يزيد بن سنان المحدث، أبو فروة الرهاوي.
فسمع أباه، والحسن بن موسى الاشيب، وطائفة.
روى عنه: أبو عروبة الحراني، وجماعة.
توفي سنة تسع وستين ومئتين في رمضان بالرها (1).
215 - ابن المنادي * * (خ)
الامام المحدث الثقة، شيخ وقته، أبو جعفر، محمد بن أبي
داود عبيدالله بن يزيد، البغدادي المنادي.
__________
* الجرح والتعديل 9 / 266، الانساب 6 / 195، تاريخ ابن
كثير 11 / 42.
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 9 / 266، 267:
سألت أبي عن يزيد ابن سنان، فقال: محله الصدق، والغالب
عليه الغفلة، يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وعن يحيى بن معين، قال: يزيد بن سنان أبو فروة ليس بشئ.
وسئل علي بن المديني عن يزيد بن سنان، فقال: ضعيف الحديث.
* * الجرح والتعديل 8 / 3، تاريخ بغداد 2 / 326، 329،
الانساب، ورقة: 542 / ب، اللباب 3 / 258، تهذيب الكمال:
1237، تذهيب التهذيب 3 / 229 / 1، العبر 2 / 50، تهذيب
التهذيب 9 / 325، 327، النجوم الزاهرة 3 / 68، 69، خلاصة
تذهيب الكمال: 350، شذرات الذهب 2 / 163، المنتظم 5 / 87.
(*)
(12/555)
مولده في جمادى الاولى سنة إحدى وسبعين ومئة.
سمع حفص بن غياث وإسحاق الازرق، وأبا أسامة، وأبا بدر شجاع
ابن الوليد، وروح بن عبادة، وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، لكن وهم فسماه أحمد (1)، وأبو القاسم
البغوي، وحفيده أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم، وأبو العباس الاصم، وإسماعيل الصفار،
وعثمان بن أحمد الدقاق، وأبو سهل القطان، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق (2).
وقال أبو جعفر: كتب عني يحيى بن معين حديثا رويته عن أبي
النضر.
وقال حفيده أبو الحسين: مات جدي في شهر رمضان سنة اثنتين
وسبعين ومئتين، وله مئة سنة وسنة وأربعة أشهر، واثنا عشر
يوما.
قلت: وقع لنا من موافقاته ذاك الحديث الذي رواه البخاري
عنه.
__________
(1) الحديث الذي وهم فيه البخاري بابن المنادى هو ما أخرجه
الخطيب البغدادي في " تاريخه " 2 / 328 بإسناده: أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لابي بن كعب: " إن الله أمرني أن
أقرئك القرآن، وأقرأ عليك القرآن ".
قال أبي: وسماني لك ؟ قال: " نعم ".
قال: وقد ذكرت عند رب العالمين ؟ قال: " نعم ".
فذرفت عيناه.
ثم قال الخطيب: أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر
الاسماعيلي، أخبرني محمد بن أحمد بن القاسم، حدثنا عبد
الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو جعفر بن المنادي، حدثنا
روح بنحوه، روى البخاري هذا الحديث في " صحيحه " عن ابن
المنادي إلا أنه سماه أحمد.
قال الحافظ في الفتح 8 / 558، تعليقا على قول البخاري،
حدثنا أحمد بن أبي داود أبو جعفر المنادي كذا وقع عند
الفربري عن البخاري، والذي وقع عند النسفي: حدثني أبو جعفر
المنادي حسب، فكأن تسميته من قبل الفربري، فعلى هذا لم يصب
من وهم البخاري فيه.
(2) " الجرح والتعديل " 8 / 3.
(*)
(12/556)
216 - ابن البستنبان (1) * الحسن بن سعيد،
ويقال: الحسين الفارسي، ثم البغدادي البزاز، قرابة سعدان
بن نصر.
سمع سفيان بن عيينة، ومعمر بن سليمان، وأبا بدر.
حدث عنه القاضي المحاملي، وأبو العباس السراج، وابن مخلد،
وأبو سعيد بن الاعرابي، وأحمد بن محمد الادمي.
قال ابن أبي حاتم: صدوق.
أتيناه فلم نصادفه (2).
وقال ابن مخلد: توفي في ربيع الاول سنة ثلاث وستين ومئتين.
يكنى أبا علي.
217 - مسلم * * (ت) هو الامام
الكبير الحافظ المجود الحجة الصادق، أبو الحسين،
مسلم
__________
(1) مترجم في " توضيح المشتبه " لابن ناصر الدين الدمشقي،
ورقة 2 / 65 / 2، وقد ضبطها فقال: بموحدة مضمومة، ثم سين
مهملة ساكنة، ثم مثناة فوق مفتوحة، ثم نون ساكنة، ثم موحدة
مفتوحة، ثم الالف تليها النون.
والكلمة فارسية تقال للذي يحفظ البستان والكرم.
وانظر " الانساب " للسمعاني 2 / 206، و " اللباب " 1 /
150، 151.
* الجرح والتعديل 3 / 16، تاريخ بغداد 7 / 324، توضيح
المشتبه 2 / 65 / 2.
(2) " الجرح والتعديل " 3 / 16، و " تاريخ بغداد " 7 /
324.
* * الجرح والتعديل 8 / 182، 183، الفهرست: 286، تاريخ
بغداد 13 / 100، 104، طبقات الحنابلة 1 / 337، 339،
الانساب، ورقة: 453 / ب، اللباب 3 / 38، جامع الاصول 1 /
187، تهذيب الاسماء واللغات: الجزء الثاني من القسم الاول،
ص: 89، 92، وفيات الاعيان 5 / 194، 196، تهذيب الكمال:
1323، 1324، تذهيب التهذيب 4 / 37 / 1، تذكرة الحفاظ 2 /
588، 590، العبر 2 / 23، تاريخ ابن كثير 11 / 33، 35،
المنتظم 5 / 32، تهذيب التهذيب 10 / 126، 128، النجوم
الزاهرة 3 / 33، طبقات الحفاظ: 260، خلاصة تذهيب الكمال:
375، شذرات الذهب 2 / 144، 145.
(*)
(12/557)
ابن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ، القشيري (1)
النيسابوري، صاحب " الصحيح "، فلعله من موالي قشير.
قيل: إنه ولد سنة أربع ومئتين.
وأول سماعه في سنة ثمان عشرة من يحيى بن يحيى التميمي، وحج
في سنة عشرين وهو أمرد، فسمع بمكة من
القعنبي، فهو أكبر شيخ له، وسمع بالكوفة من أحمد بن يونس،
وجماعة.
وأسرع إلى وطنه، ثم ارتحل بعد أعوام قبل الثلاثين.
وأكثر عن علي بن الجعد، لكنه ما روى عنه في " الصحيح "
شيئا.
وسمع بالعراق والحرمين ومصر.
ذكر شيوخه على المعجم روى عن: إبراهيم بن خالد اليشكري،
وإبراهيم بن دينار التمار، وإبراهيم بن زياد سبلان،
وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وإبراهيم بن عرعرة، وإبراهيم بن
موسى، وأحمد بن إبراهيم، وأحمد بن جعفر، وأحمد بن جناب،
وأحمد بن جواس، وأحمد بن الحسن بن خراش، وأحمد بن سعيد
الرباطي، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن سنان، وأحمد بن
عبد الله الكردي، واحمد بن عبد الله بن يونس، وأحمد بن عبد
الرحمن بن وهب، وأحمد بن عبدة، وأحمد بن عثمان الاودي،
وأبي الجوزاء أحمد بن عثمان النوفلي، وأحمد بن عمر
الوكيعي، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن
المنذر القزاز، وأحمد بن منيع، وأحمد بن يوسف السلمي،
وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن عمر (1) في " تهذيب الاسماء
واللغات " 2 / 89 / 1: القشيري، من بني قشير قبيلة من
العرب معروفة.
(*)
(12/558)
ابن سليط، وإسحاق بن منصور، وإسحاق بن موسى، وإسماعيل بن
أبي أويس، لقيه أول مرة، وإسماعيل بن الخليل، وإسماعيل بن
سالم الصائغ، وأمية بن بسطام، وبشر بن الحكم، وبشر بن
خالد، وبشر بن هلال، وجعفر بن حميد، وحاجب بن الوليد،
وحامد بن عمر البكراوي، وحبان بن
موسى، وحجاج بن الشاعر، وحرملة بن يحيى، والحسن بن أحمد
الحراني، والحسن بن الربيع البوراني، والحسن بن علي
الخلال، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، والحسين بن حريث،
والحسين بن عيسى البسطامي، والحكم بن موسى، وحماد بن
إسماعيل بن علية، وحميد بن مسعدة، وخالد بن خداش، وخلف بن
هشام، وداود بن رشيد وداود بن عمرو، ورفاعة بن الهيثم
الواسطي، وزكريا بن يحيى كاتب العمري، وزهير بن حرب، وزياد
بن يحيى الحساني، وسريج بن يونس، وسعيد بن عبد الجبار
الكرابيسي، وسعيد بن عمرو بن الاشعثي، وسعيد بن محمد
الجرمي، وسعيد بن منصور، وسعيد بن يحيى بن الازهر، وسعيد
بن يحيى الاموي.
وسليمان بن داود الختلي، وسهل بن عثمان، وسويد بن سعيد،
وشجاع بن مخلد، وشهاب بن عباد، وشيبان بن فروخ، وصالح ابن
حاتم، وصالح بن مسمار، والصلت بن مسعود، وعاصم بن النضر،
وعباد بن موسى، وعباس بن عبد العظيم، وعباس بن الوليد
النرسي، وعبد الله بن براد، وعبد الله بن جعفر البرمكي،
وعبد الله بن الصباح، وعبد الله بن عامر بن زرارة، وعبد
الله الدارمي، وعبد الله بن عمر بن أبان، وعبد الله بن عمر
بن الرومي، وعبد الله بن عون الخزاز، وعبد الله بن محمد
ابن أسماء، وعبد الله بن محمد الزهري، وعبد الله بن مسلمة
القعنبي، وعبد الله بن مطيع، وعبد الله بن هاشم، وعبد
الجبار بن العلاء، وعبد الحميد ابن بيان، وعبد الرحمن بن
بشر، وعبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن
(12/559)
مسلم، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وعبد الملك بن شعيب،
وعبد الوارث بن عبد الصمد، وعبد بن حميد، وعبيدالله
القورايري، وعبيدالله
ابن محمد بن يزيد بن خنيس، وعبيدالله بن معاذ، وعبيد بن
يعيش، وعثمان ابن أبي شيبة، وعقبة بن مكرم العمي، وعلي بن
حجر، وأبي الشعثاء علي ابن الحسن، وعلي بن حكيم الاودي،
وعلي بن خشرم، وعلي بن نصر، وعمر بن حفص بن غياث، وعمرو بن
حماد، وعمرو بن زرارة، وعمرو بن سواد، وعمرو بن علي، وعمرو
الناقد، وعون بن سلام، وعيسى بن حماد، والفضل بن سهل،
والقاسم بن زكريا، وقتيبة، وقطن بن نسير، ومجاهد ابن موسى،
ومحرز بن عون، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، ومحمد بن إسحاق
الصاغاني.
ومحمد بن إسحق المسيبي، وبندار، ومحمد بن بكار ابن الريان،
ومحمد بن بكار العيشي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن
جعفر الوركاني، ومحمد بن حاتم السمين، ومحمد بن حرب
النشائي، ومحمد بن رافع، ومحمد بن رمح، ومحمد بن سلمة،
ومحمد ابن سهل بن عسكر، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ، ومحمد
بن عبد الله بن نمير الحافظ، ومحمد بن عباد، ومحمد بن
الصباح الدولابي، ومحمد بن طريف، ومحمد بن عبد الله الرزي،
ومحمد بن عبدالاعلى، ومحمد بن عبدالرحمن بن سهم، وابن أبي
الشوارب، ومحمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن عمرو زنيج، ومحمد
بن عمرو بن أبي رواد، وأبي كريب، ومحمد ابن الفرج الهاشمي،
ومحمد بن قدامة البخاري، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن مرزوق
الباهلي، ومحمد بن مسكين اليمامي، ومحمد بن معاذ بن معاذ،
ومحمد بن معمر القيسي، ومحمد بن منهال الضرير، ومحمد بن
مهران، ومحمد بن النضر بن مساور، ومحمد بن الوليد البسري،
ومحمد بن يحيى القطعي، ومحمد بن يحيى المروزي الصائغ،
(12/560)
ومحمد بن يحيى العدني، ومحمود بن غيلان، ومخلد بن خالد
الشعيري، ومنجاب بن الحارث، ومنصور بن أبي مزاحم، وموسى بن
قريش البخاري، ونصر بن علي، وهارون بن سعيد، وهارون
الحمال، وهارون ابن معروف، وهدبة، وهريم بن عبدالاعلى،
وهناد، والهيثم بن خارجة، وواصل بن عبدالاعلى، والوليد بن
شجاع، ووهب بن بقية، ويحيى بن أيوب، ويحيى بن بشر، ويحيى
بن حبيب، ويحيى بن محمد بن معاوية اللؤلؤي، ويحيى بن معين،
ويحيى بن يحيى، ويعقوب الدورقي، ويوسف ابن حماد المعني،
ويوسف بن عيسى المروزي، ويوسف بن يعقوب الصفار، ويونس بن
عبدالاعلى، وأبي الاحوص البغوي محمد، وأبي أيوب الغيلاني
سليمان، وأبي بكر بن خلاد محمد، وأبي بكر بن أبي شيبة عبد
الله، وأبي بكر بن نافع، وأبي بكر بن أبي النضر، وأبي بكر
الاعين محمد، وأبي داود السنجي سليمان، وأبي داود المباركي
سليمان، وأبي الربيع الزهراني، وأبي زرعة وأبي سعيد الاشج،
وأبي الطاهر بن السرح، وأبي غسان المسمعي مالك، وأبي قدامة
السرخسي، وأبي كامل الجحدري، وأبي مصعب الزهري، وأبي معمر
الهذلي، وأبي معن الرقاشي، وأبي نصر التمار، وأبي هشام
الرفاعي.
وعدتهم مئتان وعشرون رجلا، أخرج عنهم في " الصحيح.
وله شيوخ سوى هؤلاء لم يخرج عنهم في " صحيحه "، كعلي بن
الجعد، وعلي بن المديني، ومحمد بن يحيى الذهلي.
وقد ذكر الحاكم في شيوخ مسلم أبا غسان مالكا النهدي، وإنما
يروي عن رجل عنه، ولا أدركه، فإنه - مع أبي نعيم - مات في
سنة تسع عشرة ومئتين.
(12/561)
وقد ذكر الحافظ ابو القاسم بن عساكر في " تاريخه " مسلما
بناء على سماعه من محمد بن خالد السكسكي فقط.
والظاهر أنه لقيه في الموسم، فلم يكن مسلم ليدخل دمشق فلا
يسمع إلا من شيخ واحد، والله أعلم.
الراوون عنه علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، وهو أكبر
منه، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء شيخه، ولكن ما أخرج عنه
في " صحيحه "، والحسين ابن محمد القباني، وأبو بكر محمد بن
النضر بن سلمة الجارودي، وعلي ابن الحسين بن الجنيد
الرازي، وصالح بن محمد جزرة، وأبو عيسى الترمذي في " جامعه
"، وأحمد بن المبارك المستملي، وعبد الله بن يحيى السرخسي
القاضي، وأبو سعيد حاتم بن أحمد بن محمود الكندي البخاري،
وإبراهيم بن إسحاق الصيرفي، وإبراهيم بن أبي طالب رفيقه،
وإبراهيم بن محمد بن حمزة، وابراهيم بن محمد بن سفيان
الفقيه (1).
راوي " الصحيح "، وأبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف، وزكريا بن
داود الخفاف، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف،
وأبو علي عبد الله ابن محمد بن علي البلخي الحافظ، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم، وعلي ابن إسماعيل الصفار، وأبو حامد
أحمد بن حمدون الاعمشي، وأبو حامد أحمد بن محمد بن الشرقي،
وأبو حامد أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ أحد الضعفاء،
وأحمد بن سلمة الحافظ، وسعيد بن عمرو البرذعي، وأبو محمد
عبد الله بن محمد بن الشرقي، والفضل بن محمد البلخي، وأبو
بكر بن خزيمة، وأبو العباس السراج، ومحمد بن عبد بن
__________
(1) سترد ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (203).
(*)
(12/562)
حميد، ومحمد بن مخلد العطار، ومكي بن عبدان، ويحيى بن محمد
ابن صاعد، والحافظ أبو عوانة، ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ.
قال أبو عمرو المستملي: أملى علينا إسحاق الكوسج سنة إحدى
وخمسين، ومسلم ينتخب عليه.
وأنا أستملي، فنظر إليه اسحاق، وقال: لن نعدم الخير ما
أبقاك الله للمسلمين.
لم يرو الترمذي في " جامعه " عن مسلم سوى حديث واحد (1).
وقال أبو القاسم بن عساكر: حدثني أبو نصر اليونارتي (2)،
قال: دفع إلي صالح بن أبي صالح ورقة من لحاء شجرة بخط
مسلم، قد كتبها بدمشق من حديث الوليد بن مسلم.
قلت، هذا إسناد منقطع لا يثبت.
قال أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلما
في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما (3).
وسمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن راهويه ذكر
مسلما، فقال بالفارسية كلاما
__________
(1) وهو قوله صلى الله عليه وسلم " أحصوا هلال شعبان
لرمضان " أخرجه في " جامعه " (687) في الصوم: باب ما جاء
في إحصاء هلال شعبان لرمضان عن مسلم، حدثنا يحيى بن يحيى،
حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
(2) اليونارتي، بضم الياء، وسكون الواو، وفتح النون، وسكون
الالف والراء، وفي آخرها تاء: نسبة إلى يونارت، وهي قرية
على باب أصبهان، ينسب إليها الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد
بن إبراهيم.
وقد توفي بأصبهان في حدود 530 ه.
وهو مترجم في " اللباب " 3 / 421.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 101، و " طبقات الحنابلة " 1 /
338، و " تهذيب الاسماء واللغات " الجزء الثاني من القسم
الاول: 91، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 589، و " جامع الاصول "
1 / 187، و " البداية والنهاية " 11 / 33.
(*)
(12/563)
معناه: أي رجل يكون هذا ؟ ! (1).
ثم قال أحمد بن سلمة: وعقد لمسلم مجلس الذاكرة، فذكر له
حديث لم يعرفه، فانصرف إلى منزله، وأوقد السراج، وقال لمن
في الدار: لا يدخل أحد منكم.
فقيل له: أهديت لنا سلة تمر، فقال: قدموها، فقدموها إليه،
فكان يطلب (2) الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح وقد فني
التمر، ووجد الحديث.
رواها أبو عبد الله الحاكم.
ثم قال: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات (3).
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كان مسلم ثقة من الحفاظ، كتبت
عنه بالري، وسئل أبي عنه، فقال: صدوق (4).
قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: حفاظ الدنيا
أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدارمي
بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى (5).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 102 وفيه: قال: مردا كابن
بوذ...الخبر.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 2 / 589 و " تهذيب الكمال ":
1324 و " تذهيب التهذيب " 4 / 37 / 1.
(2) في " تاريخ بغداد ": يطلب.
(3) الخبر مع قول أبي عبد الله في " تاريخ بغداد " 13 /
103، و " تهذيب الكمال ":
1324، و " تذهيب التهذيب " 4 / 37 / 1، و " البداية
والنهاية " 11 / 34، و " تهذيب التهذيب " 10 / 127.
(4) " الجرح والتعديل " 8 / 83 وتوثيق أبي حاتم مسلما مع
أنه تلميذ للبخاري، والبخاري أوثق منه وأحفظ، دليل على أن
مقالة أبي حاتم وأبي زرعة في حق البخاري صادرة عن تعصب
وهوى، فإن مسلما يقول أيضا بمقالة البخاري في مسألة اللفظ.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 2 / 589، و " تهذيب التهذيب "
10 / 128.
(5) سبق هذا الخبر في الصفحة: 423، وخرج ثمة.
(*)
(12/564)
قال أبو عمرو بن حمدان: سألت الحافظ ابن عقدة عن البخاري
ومسلم: أيهما أعلم ؟ فقال: كان محمد عالما، ومسلم عالم.
فكررت عليه مرارا، فقال: يا أبا عمرو، قد يقع لمحمد الغلط
في أهل الشام، وذلك أنه أخذ كتبهم، فنظر فيها، فربما ذكر
الواحد منهم بكنيته، ويذكره في موضع آخر باسمه، يتوهم
أيهما اثنان، وأما مسلم فقلما يقع له من الغلط في العلل،
لانه كتب المسانيد، ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل (1).
قلت: عنى بالمقاطيع أقوال الصحابة والتابعين في الفقه
والتفسير.
قال أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الاخرم الحافظ: إنما
أخرجت نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج،
وإبراهيم بن أبي طالب.
وقال الحسين بن محمد الماسرجسي: سمعت أبي يقول: سمعت مسلما
يقول: صنفت هذا " المسند الصحيح " من ثلاث مئة ألف حديث
مسموعة (2).
قال ابن مندة: سمعت محمد بن يعقوب الاخرم يقول ما معناه:
قل
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 102 و " جامع الاصول " 1 / 188،
وفيهما: لانه كتب المقاطيع والمراسيل.
وهو خطأ.
والخبر بلفظه في " البداية والنهاية " 11 / 34 و " تذكرة
الحفاظ ": 2 / 589.
وفي " تهذيب التهذيب " 10 / 128 بلفظ: لانه كتب الحديث على
وج ؟ - ه.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 101، و " طبقات الحنابلة " 1 /
338، و " وفيات الاعيان " 5 / 194 و " تذكرة الحفاظ " 2 /
589، و " مقدمة صحيح مسلم " بشرح النووي: 15، و " جامع
الاصول " 1 / 187، 188 و " البداية والنهاية " 11 / 33.
(*)
(12/565)
ما يفوت البخاري ومسلما (1) مما ثبت (2) من الحديث.
قال الحاكم: سمعت أبا عبدالرحمن السلمي يقول: رأيت شيخا
حسن الوجه والثياب، عليه رداء حسن، وعمامة قد أرخاها بين
كتفيه.
فقيل: هذا مسلم.
فتقدم أصحاب السلطان، فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن
يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين، فقدموه في الجامع،
فكبر، وصلى بالناس.
قال أحمد بن سلمة: كنت مع مسلم في تأليف " صحيحه " خمس
عشرة سنة (3).
قال: وهو اثنا عشر ألف حديث (4).
قلت: يعني بالمكرر، بحيث إنه إذا قال: حدثنا قتيبة،
وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين، اتفق لفظهما أو اختلف في
كلمة.
قال الحافظ ابن مندة: سمعت أبا علي النيسابوري الحافظ
يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم (5).
__________
(1) في الاصل: ومسلم، بالرفع، وهو خطأ.
(2) الخبر في " جامع الاصول " 1 / 188 بلفظ: يثبت.
وإن كان يراد من هذا الخبر ما دوناه في " صحيحيهما " ففيه
نظر، لانه قد فاتهما كثير من الاحاديث الصحيحة استدركها
عليهما من ألف في الصحيح كابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.
(3) في " مقدمة صحيح مسلم " بشرح النووي: 14: ست عشرة سنة.
(4) مجموع ما في " صحيح مسلم " من الاحاديث غير المكررة
(3033) حديثا.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 2 / 589.
(5) " تاريخ بغداد " 3 / 101، و " وفيات الاعيان " 5 /
194، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 589، و " جامع الاصول " 1 /
188، و " البداية والنهاية " 11 / 33 وقد قال ابن كثير في
" البداية والنهاية " 11 / 33 في ترجمة مسلم: صاحب "
الصحيح " الذي هو تلو صحيح البخاري عند أكثر العلماء.
وذهبت المغاربة وأبو علي النيسابوري من المشارقة إلى تفضيل
صحيح مسلم على صحيح البخاري، فإن أرادوا تقديمه عليه في
كونه ليس فيه شئ من التعليقات إلا القليل، وأنه يسوق
الاحاديث بتمامها في موضع واحد، ولا يقطعها كتقطيع = (*)
(12/566)
__________
= البخاري لها في الابواب، فهذا القدر لا يوازي قوة أسانيد
البخاري واختياره في " الصحيح " لها ما أورده في " جامع "
معاصرة الراوي لشيخه وسماعه منه.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 10 / 127: حصل لمسلم في
كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لاحد مثله، بحيث إن بعض الناس
كان يفضله على " صحيح " محمد بن إسماعيل، وذلك لما اختص به
من جمع الطرق، وجودة السياق والمحافظة على أداء الالفاظ
كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى.
وقال الامام النووي رحمه الله في " شرحه لصحيح مسلم ": 14:
اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن
العزيز: " الصحيحان " البخاري ومسلم، وتلقتهما الامة
بالقبول.
وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة.
وقد صح أن مسلما
كان ممن يستفيد من البخاري، ويعترف بأنه ليس له نظير في
علم الحديث.
وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار
الذي قاله الجماهير وأهل الاتقان والحذق والغوص على أسرار
الحديث.
وقال أبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ شيخ الحاكم
أبي عبد الله بن البيع: كتاب مسلم أصح، ووافقه بعض شيوخ
المغرب، والصحيح الاول.
وقد قرر الامام الحافظ الفقيه النظار أبو بكر الاسماعيلي
رحمه الله في كتابه " المدخل " ترجيح كتاب البخاري، وروينا
عن الامام أبي عبدالرحمن النسائي رحمه الله أنه قال: ما في
هذه الكتب كلها أجود من كتاب البخاري.
قلت: (القائل النووي) ومن أخصر ما ترجح به اتفاق العلماء
على أن البخاري أجل من مسلم وأعلم بصناعة الحديث منه، وقد
انتخب علمه عليه ولخص ما ارتضاه في هذا الكتاب، وبقي في
تهذيبه وانتقائه ست عشرة سنة، وجمعه من ألوف مؤلفة من
الاحاديث الصحيحة...ومما ترجح به كتاب البخاري أن مسلما
رحمه الله كان مذهبه، بل نقل الاجماع في أول " صحيحه " أن
الاسناد المعنعن له حكم الموصول ب: سمعت بمجرد كون المعنعن
والمعنعن عنه كانا في عصر واحد، وإن لم يثبت اجتماعهما،
والبخاري لا يحمله على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما، وهذا
المذهب.
يرجح كتاب البخاري...وقد انفرد مسلم بفائدة حسنة، وهي كونه
أسهل متناولا من حيث انه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق
به، جمع فيه طرقه التي ارتضاها واختار ذكرها، وأورد فيه
أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة فيسهل على الطالب النظر
في وجوهه واستثمارها، ويحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم
من طرقه بخلاف البخاري، فإنه يذكر تلك الوجوه المختلفة في
أبواب متفرقة متباعدة، وكثير منها يذكره في غير بابه الذي
يسبق إلى الفهم أنه أولى به، وذلك لدقيقة يفهمهما البخاري
منه، فيصعب على الطالب جمع طرقه وحصول الثقة بجميع ما ذكره
البخاري من طرق هذا الحديث.
(*)
(12/567)
وقال مكي بن عبدان: سمعت مسلما يقول: عرضت كتابي هذا "
المسند " على أبي زرعة، فكل ما أشار علي في هذا الكتاب أن
له علة وسببا تركته، وكل ما قال: إنه صحيح ليس له علة، فهو
الذي أخرجت.
ولو أن أهل الحديث يكتبون الحديث مئتي سنة فمدارهم على هذا
" المسند " (1).
فسألت مسلما عن علي بن الجعد (2)، فقال: ثقة، ولكنه كان
جهميا.
فسألته عن محمد بن يزيد، فقال، لا يكتب عنه.
وسألته عن محمد بن عبد الوهاب، وعبد الرحمن بن بشر،
فوثقهما.
وسألته عن قطن بن إبراهيم، فقال: لا يكتب حديثه.
قال أبو أحمد الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن علي النجار،
سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: قلت لمسلم: قد أكثرت في "
الصحيح " عن أحمد بن عبدالرحمن الوهبي، وحاله قد ظهر،
فقال: إنما نقموا عليه بعد خروجي من مصر.
قلت: ليس في " صحيح " مسلم من العوالي إلا ما قل، كالقعنبي
عن أفلح بن حميد، ثم حديث حماد بن سلمة، وهمام ومالك
والليث، وليس في الكتاب حديث عال لشعبة، ولا للثوري، ولا
لاسرائيل، وهو
__________
(1) " مقدمة صحيح مسلم " بشرح النووي: 15.
(2) هو علي بن الجعد بن عبيد الجوهري أبو الحسن البغدادي
تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم (154).
(*)
(12/568)
كتاب نفيس كامل في معناه، فلما رآه الحفاظ أعجبوا به، ولم
يسمعوه لنزوله، فعمدوا إلى أحاديث الكتاب، فساقوها من
مروياتهم عالية بدرجة وبدرجتين، ونحو ذلك، حتى أتوا على
الجميع هكذا.
وسموه: " المستخرج (1) على صحيح مسلم ".
فعل ذلك عدة من فرسان الحديث، منهم: أبو بكر محمد بن محمد
بن رجاء (2)، وأبو عوانة يعقوب
__________
(1) المستخرج: أن يأتي - من يريد تصنيف المستخرج - إلى
كتاب البخاري ومسلم، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه عن غير
طريق البخاري أو مسلم فيجتمع إسناد المصنف المستخرج مع
إسناد البخاري ومسلم في شيخه أو من فوقه بدرجة أو أكثر.
والمستخرج لا يلتزم في متن الحديث لفظ الكتاب الذي استخرج
عليه، بل يروي الالفاظ التي وقعت له عن شيوخه مع الاتفاق
في المعنى.
وربما وقعت المخالفة أيضا في المعنى، فلا يجوز أن تعزى
متون ألفاظ المستخرجات إلى الكتاب الذي استخرج عليه إلا أن
يعرف اتفاقهما في اللفظ، ولذا نرى الحذاق من المحدثين
يقولون بعد عزو الحديث لمن أخرجه: وأصله في " الصحيحين ".
فشرط المستخرج ألا يروى حديث البخاري ومسلم عنهما.
بل يروي حديثهما عن غيرهما، وقد يرويه عن شيوخهما، أو أرفع
من ذلك ولا بد أن يكون بسند صحيح.
وللمستخرجات فوائد جليلة.
أحدها: أن ما كان فيها من زيادة لفظ أو تتمة لمحذوف أو
زيادة شرح في حديث أو نحو ذلك حكم بصحته، لانها خارجة من
مخرج الصحيح.
ثانيها: أنها قد تكون أعلى إسنادا.
ثالثها: قوة الحديث بكثرة طرقه للترجيح عند التعارض.
رابعها: ما يقع فيها من حديث المدلسين بتصريح السماع، وهو
في الصحيح بالعنعنة.
خامسها: ما يقع فيها من التصريح بالاسماء المبهمة والمهملة
في الصحيح في الاسناد
أو المتن.
سادسها: ما يقع فيها من الفصل للكلام المدرج في الحديث مما
ليس من الحديث.
ويكون في الصحيح غير مفصل.
سابعها: ما يقع فيها من الاحاديث المصرح برفعها، وتكون في
أصل الصحيح موقوفة أو كصورة الموقوفة.
ثامنها: ما يقع فيها من حديث المختلطين عمن سمع منهم قبل
الاختلاط، وهو في الصحيح من حديث من اختلط ولم يبين هل
سماع ذلك الحديث فيه في هذه الراوية قبل الاختلاط أو
بعدها.
(2) متوفى سنة 286 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 686.
(*)
(12/569)
ابن إسحاق (1) الاسفراييني، وزاد في كتابه متونا معروفة
بعضها لين، والزاهد أبو جعفر أحمد بن حمدان (2) الحيري،
وأبو الوليد حسان بن محمد (3) الفقيه، وأبو حامد أحمد بن
محمد الشاركي الهروي.
وأبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي (4)، والامام
أبو علي الماسرجسي (5)، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن
أحمد الاصبهاني (6)، وآخرون لا يحضرني ذكرهم الآن (7).
قال الدارقطني: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء (8).
وقال الحاكم: كان متجر مسلم خان محمش، ومعاشه من ضياعه
بأستوا (9).
رأيت من أعقابه من جهة البنات في داره، وسمعت أبي يقول:
رأيت مسلم بن الحجاج يحدث في خان محمش، فكان تام القامة،
أبيض الرأس واللحية، يرخي طرف عمامته بين كتفيه.
قال أبو قريش الحافظ: كنا عند أبي زرعة الرازي، فجاء مسلم
__________
(1) متوفى سنة 316 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 779.
(2) متوفى سنة 311 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 762.
(3) متوفى سنة 344 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 895.
(4) متوفى سنة 388 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 1014.
(5) في الاصل، أبو الحسن الماسرجسي، وهو خطأ، واسمه الحسين
بن محمد، توفي سنة 365 ه، انظر " تذكرة الحفاظ " ص 955،
956.
(6) المتوفى سنة 430 ه، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 1092
- 1097.
(7) منهم أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد الخوارزمي البرقاني
المتوفى سنة 425، عمل مستخرجا على " الصحيحين ".
(8) " تاريخ بغداد " 13 / 102.
و " جامع الاصول " 1 / 188، و " البداية والنهاية " 11 /
34.
(9) أستوا، بالضم ثم السكون وضم التاء المثناة وواو وألف:
كورة من نواحي نيسابور، تشتمل على ثلاث وتسعين قرية.
(*)
(12/570)
ابن الحجاج، فسلم عليه، وجلس ساعة، وتذاكرا.
فلما ذهب قلت لابي زرعة: هذا جمع أربعة آلاف حديث في "
الصحيح " ! فقال: ولم ترك الباقي ؟ ليس لهذا عقل، لو دارى
محمد بن يحيى لصار رجلا.
قال سعيد البرذعي: شهدت أبا زرعة ذكر " صحيح " مسلم، وأن
الفضل الصائغ ألف على مثاله، فقال: هؤلاء أرادوا التقدم
قبل أوانه، فعملوا شيئا يتسوقون به.
وأتاه يوما رجل بكتاب مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث
لاسباط بن نصر، فقال: ما أبعد هذا من الصحيح، ثم رأى قطن
بن نسير، فقال لي: وهذا أطم.
ثم نظر، فقال: ويروي عن أحمد
ابن عيسى، وأشار إلى لسانه، كأنه يقول الكذب.
ثم قال: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك ابن عجلان، ونظراءه،
ويطرق لاهل البدع علينا، فيقولوا: ليس حديثهم من الصحيح ؟.
فلما ذهبت إلى نيسابور ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة.
فقال: إنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما رواه ثقات،
وقع لي بنزول، ووقع لي عن هؤلاء بارتفاع، فاقتصرت عليهم.
وأصل الحديث معروف.
وقد قدم مسلم بعد إلى الري، فاجتمع بابن وارة، فبلغني أنه
عاتبه على " الصحيح "، وجفاه، وقال له نحوا من قول أبي
زرعة: إن هذا يطرق لاهل البدع علينا، فاعتذر، وقال: إنما
قلت: صحاح، ولم أقل: ما لم أخرجه ضعيف، وإنما أخرجت هذا من
الصحيح ليكون مجموعا لمن يكتبه.
فقبل عذره وحدثه.
وقال مكي بن عبدان: وافى داود بن علي الاصبهاني نيسابور
أيام إسحاق بن راهويه، فعقدوا له مجلس النظر، وحضر مجلسه
يحيى بن الذهلي ومسلم بن الحجاج، فجرت مسألة تكلم فيها
يحيى، فزبره داود.
(12/571)
قال: اسكت يا صبي، ولم ينصره مسلم.
فرجع إلى أبيه، وشكا إليه داود.
فقال أبوه: ومن كان ثم ؟ قال: مسلم، ولم ينصرني.
قال: قد رجعت عن كل ما حدثته به.
فبلغ ذلك مسلما، فجمع ما كتب عنه في زنبيل، وبعث به إليه،
وقال: لا أروي عنك أبدا.
قال أبو عبد الله الحاكم: علقت هذه الحكاية، عن طاهر بن
أحمد، عن مكي، وقد كان مسلم يختلف بعد هذه الواقعة إلى
محمد بن يحيى، وإنما انقطع عنه من أجل قصة البخاري (1).
وكان الحافظ أبو عبد
الله بن الاخرم أعرف بذلك، فأخبر عن الوحشة الاخيرة.
وسمعته يقول: كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ، ولا
يكتمه، فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف
إليه، فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة
اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه، حتى هجر،
وسافر من نيسابور، قال: فقطعه أكثر الناس غير مسلم.
فبلغ محمد بن يحيى، فقال يوما: ألا من قال باللفظ فلا يحل
له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته، وقام على
رؤوس الناس.
ثم بعث إليه بما كتب عنه على ظهر جمال.
قال: وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه (2).
قال أبو حامد بن الشرقي: حضرت مجلس محمد بن يحيى، فقال:
ألا من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فلا يحضر مجلسنا.
فقام مسلم من المجلس (3).
__________
(1) انظر قصة البخاري مع محمد بن يحيى في الصفحة 453 وما
بعدها من هذا الجزء.
(2) سبق الخبر في الصفحة 460 من هذا الجزء.
(3) سبق الخبر في الصفحة 460، وهو في " تاريخ بغداد " 13 /
103، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 589.
(*)
(12/572)
قال أبو بكر الخطيب: كان مسلم يناضل عن البخاري، حتى أوحش
ما بينه وبين محمد بن يحيى بسببه (1).
قلت: ثم إن مسلما، لحدة في خلقه، انحرف أيضا عن البخاري،
ولم يذكر له حديثا، ولا سماه في " صحيحه "، بل افتتح
الكتاب بالحط على من اشترط اللقي لمن روى عنه بصيغة " عن
"، وادعى
الاجماع في أن المعاصرة كافية، ولا يتوقف في ذلك على العلم
بالتقائهما، ووبخ من اشترط ذلك.
وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري، وشيخه علي بن
المديني، وهو الاصوب الاقوى.
وليس هذا موضع بسط هذه المسألة (2).
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول " الاطراف " (3) له
بعد أن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 103، و " وفيات الاعيان " 5 /
194 و " تذكرة الحفاظ " 2 / 589، 590 و " البداية والنهاية
" 11 / 34.
(2) من مرجحات " صحيح البخاري " على " صحيح مسلم " أن
مسلما صرح في مقدمة " صحيحه " أن الحديث المروي بلفظ " عن
" له حكم الاتصال إذا تعاصر المعنعن والمعنعن عنه، وإن لم
يثبت اجتماعهما.
والبخاري لا يحمله على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو مرة
واحدة.
وقد تكلم مسلم في مقدمة كتابه في الرواية بالعنعنة، وأنه
شرط فيها البخاري ملاقاة الراوي لمن عنعن عنه، وأطال في رد
كلام البخاري والتهجين عليه، ولم يصرح أنه البخاري، وإنما
اتفق أهل العلم أنه أراده، ورد مقالته، ثم قال: إن كل حديث
فيه: فلان عن فلان وقد أحاط العلم بأنهما قد كانا في عصر
واحد، وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي قد سمعه منه،
وشافهه به، غير أنا لا نعلم له منه سماعا، ولم نجد في شئ
من الروايات أنهما ؟ ؟ ؟ ؟ قط، أو تشافها بحديث، فالرواية
ثابتة، والحجة بها لازمة.
وقال: إن هذا هو القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم
بالاخبار والروايات قديما وحديثا.
والخلاف بين البخاري ومسلم في الحديث المروي بلفظ " عن "
فقط، وأما ما كان بلفظ " أخبرنا " و " حدثنا " و " أنبأنا
" فهو ومسلم فيه سواء، فإنه لا يكون إلا بالمشافهة.
(3) أطراف الحافظ ابن عساكر جمع فيه أطراف الكتب الاربعة،
وهي: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.
وقد جمع أطراف " الصحيحين " من قبله الحافظان: أبو محمد
خلف بن محمد الواسطي، وأبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي.
ثم عمد الحافظ = (*)
(12/573)
ذكر " صحيح البخاري ": ثم سلك سبيله مسلم بن الحجاج، فأخذ
في تخريج كتابه وتأليفه، وترتيبه على قسمين، وتصنيفه.
وقصد أن يذكر في القسم الاول أحاديث أهل الاتقان، وفي
القسم الثاني أحاديث أهل الستر والصدق الذين لم يبلغوا
درجة المتثبتين، فحالت المنية بينه وبين هذه الامنية، فمات
قبل استتام كتابه..غير أن كتابه مع إعوازه اشتهر وانتشر.
وقال الحاكم: أراد مسلم أن يخرج " الصحيح " على ثلاثة
أقسام، وعلى ثلاث طبقات من الرواة، وقد ذكر هذا في صدر
خطبته، فلم يقدر له إلا الفراغ من الطبقة الاولى، ومات.
ثم ذكر الحاكم مقالة هي مجرد دعوى، فقال: إنه لا يذكر من
الاحاديث إلا ما رواه صحابي مشهور له راويان ثقتان فأكثر،
ثم يرويه عنه أيضا راويان ثقتان فأكثر، ثم كذلك من بعدهم.
فقال أبو علي الجياني: المراد بهذا أن هذا الصحابي أو هذا
التابعي قد روى عنه رجلان، خرج بهما عن حد الجهالة.
قال القاضي عياض: والذي تأوله الحاكم على مسلم من اخترام
__________
= المزي صاحب " تهذيب الكمال " إلى جمع أطراف الكتب الستة
في كتاب واحد وهو غاية في الجودة وقد طبع بتمامه في الهند
واسمه " تحفة الاشراف لمعرفة الاطراف ".
قال فيه صاحب القاموس: إنه كتاب معدوم النظير، مفعم
الغدير، يشهد لمؤلفه على اطلاع كثير، وحفظ كبير.
اختصره الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه " ذخائر
المواريث ".
وهو مطبوع.
وموضوع كتب الاطراف أنهم يذكرون فيها حديث الصحابي مفردا
كما يصنع أصحاب المسانيد إلا أنهم لا يذكرون من الحديث إلا
طرفا يعرف به، ثم يذكرون جميع طرق الشيخين وأهل السنن
الاربع وما اشتركوا فيه من الطرق، وما اختص به كل واحد
منهم، وإذا اشترك أهل الكتب الستة في رواية حديث أو بعضهم،
أو انفرد به بعضهم ذكروا أين ذكر كل واحد منهم ذلك الحديث
في
كتابه، وإن ذكره أحدهم مفرقا في موضعين أو أكثر ذكروا كل
واحد من الموضعين، فيسهل بذلك معرفة طرق الحديث والبحث عن
أسانيده يكتفي الباحث بمطالعة كتاب منها عن مطالعة جميع
هذه الكتب الستة، ويتمكن بالنظر فيها من معرفة موضع الحديث
منها.
(*)
(12/574)
المنية له قبل استيفاء غرضه إلا من الطبقة الاولى (1)،
فأنا أقول: إنك إذا نظرت في تقسيم مسلم في كتابه الحديث
على ثلاث طبقات من الناس على غير تكرار، فذكر أن القسم
الاول حديث الحفاظ.
ثم قال: إذا انقضى هذا، أتبعته بأحاديث من لم يوصف بالحذق
والاتقان.
وذكر أنهم لاحقون بالطبقة الاولى، فهؤلاء مذكورون في كتابه
لمن تدبر الابواب.
والطبقة الثانية قوم تكلم فيهم قوم، وزكاهم آخرون، فخرج
حديثهم عمن ضعف أو اتهم ببدعة، وكذلك فعل البخاري.
ثم قال القاضي عياض: فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في
كتابه، وطرح الطبقة الرابعة (2).
قلت: بل خرج حديث الطبقة الاولى، وحديث الثانية إلا النزر
القليل مما يستنكره لاهل الطبقة الثانية.
ثم خرج لاهل الطبقة الثالثة أحاديث ليست بالكثيرة في
الشواهد والاعتبارات والمتابعات، وقل ان خرج لهم في الاصول
شيئا، ولو استوعبت أحاديث أهل هذه الطبقة في " الصحيح "،
لجاء الكتاب في حجم ما هو مرة أخرى، ولنزل كتابه بذلك
الاستيعاب عن رتبة الصحة، وهم كعطاء بن السائب، وليث،
ويزيد ابن أبي زياد، وأبان بن صمعة، ومحمد بن إسحاق، ومحمد
بن عمرو بن علقمة، وطائفة أمثالهم، فلم يخرج لهم إلا
الحديث بعد الحديث إذا كان له أصل، وإنما يسوق أحاديث
هؤلاء، ويكثر منها أحمد في " مسنده "،
__________
(1) وإلى هذا ذهب صاحب الحاكم أبو بكر البيهقي رحمه الله.
انظر " مقدمة صحيح مسلم " بشرح النووي: 23.
(2) انظر ما قاله القاضي عياض رحمه الله في " مقدمة صحيح
مسلم " بشرح النووي: 23.
(*)
(12/575)
وأبو داود، والنسائي وغيرهم.
فإذا انحطوا إلى إخراج أحاديث الضعفاء الذين هم أهل الطبقة
الرابعة، اختاروا منها، ولم يستوعبوها على حسب آرائهم
واجتهاداتهم في ذلك.
وأما أهل الطبقة الخامسة، كمن أجمع على اطراحه وتركه لعدم
فهمه وضبطه، أو لكونه متهما، فيندر أن يخرج لهم أحمد
والنسائي.
ويورد لهم أبو عيسى فيبينه بحسب اجتهاده، لكنه قليل.
ويورد لهم ابن ماجة أحاديث قليلة ولا يبين.
والله أعلم، وقل ما يورد منها أبو داود، فإن أورد بينه في
غالب الاوقات (1).
وأما أهل الطبقة السادسة كغلاة الرافضة والجهمية الدعاة،
وكالكذابين والوضاعين، وكالمتروكين المهتوكين، كعمر بن
الصبح، ومحمد المصلوب، ونوح بن أبي مريم، وأحمد الجويباري،
وأبي حذيفة البخاري، فما لهم في الكتب حرف، ما عدا عمر،
فإن ابن ماجة خرج له حديثا واحدا (2) فلم يصب.
وكذا خرج ابن ماجة للواقدي حديثا واحدا،
__________
(1) نقل الحافظ ابن حجر عن النووي قوله: في سنن أبي داود
أحاديث ظاهرة الضعف لم يبينها مع أنه متفق على ضعفها، فلا
بد من تأويل كلامه.
ثم قال: والحق أن ما وجدناه في " سننه " مما لم يبينه ولم
ينص على صحته أو حسنه أحد ممن يعتمد، أو رأى العارف في
سنده ما يقتضي الضعف، ولا جابر له، حكم بضعفه، ولا يلتفت
إلى سكوت أبي داود.
قلت: وهذا هو التحقيق، ولكنه خالف ذلك في مواضع كثيرة في "
شرح المهذب " وفي غيره من تصانيفه فاحتج بأحاديث كثيرة من
أجل سكوت أبي داود عليها، فلا تغتر بذلك.
نقله عنه الصنعاني في " توضيح الافكار " 1 / 199.
وانظر ما قاله محمود محمد خطاب في " المنهل العذب المورود
فيما سكت عليه أبو داود " 1 / 18.
(2) هو في سننه برقم " 2768 " في الجهاد: باب فضل الرباط
في سبيل الله من طريق محمد بن إسماعيل بن سمرة، حدثنا محمد
بن يعلى السلمي، حدثنا عمر بن صبح، عن عبد الرحمن بن عمرو،
عن مكحول، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين
محتسبا من غير شهر رمضان أعظم أجرا من عبادة مئة سنة = (*)
(12/576)
فدلس اسمه وأبهمه (1).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، عن المؤيد بن محمد
الطوسي، وأجاز لنا القاسم ابن غنيمة قال: أخبرنا المؤيد،
أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي، أخبرنا عبد الغافر بن محمد،
أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي سنة خمس وستين وثلاث مئة،
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج،
حدثنا شيبان، حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن، عن معقل بن
يسار، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما
من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته،
إلا حرم الله عليه الجنة " (2).
__________
= صيامها وقيامها، ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة
المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا من
عبادة ألف سنة صيامها وقيامها، فإن رده الله إلى أهله
سالما لم تكتب عليه سيئة ألف سنة، وتكتب له الحسنات، ويجرى
له أجر الرباط ".
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 177: هذا إسناد ضعيف
لضعف محمد بن يعلى
وشيخه عمر بن صبح، ومكحول لم يدرك أبي بن كعب ومع ذلك فهو
مدلس وقد عنعنه، وقال عبد العظيم المنذري في كتاب "
الترغيب والترهيب " 2 / 245 في باب الرباط: وآثار الموضع
ظاهرة عليه، ولا عجب، فراويه عمر بن صبح الخراساني، ولولا
أنه في الاصول ما ذكرته، وقال الحافظ ابن كثير في " جامع
المسانيد ": أخلق بهذا الحديث أن يكون موضوعا لما فيه من
المجازفة، ولانه من رواية عمر بن صبح أحد الكذابين
المعروفين بوضع الحديث.
(1) اورده في " سننه " برقم (1095) في إقامة الصلاة: باب
ما جاء في الزينة يوم الجمعة، فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة، حدثنا شيخ لنا، عن عبدالحميد، عن محمد ابن يحيى بن
حبان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن ابيه، قال: خطبنا
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما على أحدكم لو اشترى
ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " قال المزي في ورقة 625
ورواه، عبد بن حميد، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن الواقدي،
عن عبدالحميد بن جعفر، قلت: لكن متن الحديث صحيح من غير
طريق الواقدي، فقد رواه، أبو داود (1078) وابن ماجة (1095)
باسناد صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقه 72.
(2) هو في صحيح مسلم (142) في الايمان: باب استحقاق الوالي
الغاش لرعيته النار، وفي الامارة: باب فضيلة الامام
العادل، وأخرجه البخاري 13 / 112، 113 من طريق أبي نعيم،
عن أبي الاشهب بهذا الاسناد، وهو في " المسند " 5 / 25 و
27.
(*)
(12/577)
وبه: حدثنا مسلم، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا
عاصم ابن محمد، عن أبيه، قال عبد الله: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي من
الناس اثنان " (1).
قرأت على زينب بنت عمر بن كندي، عن المؤيد، وأخبرنا القاسم
ابن أبي بكر الاربلي (2)، أخبرنا المؤيد، أخبرنا الفراوي،
أخبرنا عبد الغافر، أخبرنا ابن عمرويه، حدثنا ابن سفيان،
سمعت مسلما، حدثنا عبد
الله بن مسلمة (3)، حدثنا أفلح بن حميد، عن القاسم، عن
عائشة، قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم
من إناء واحد، تختلف أيدينا فيه من الجنابة (4).
فصل: عدي بن عميرة الكندي خرج له مسلم، ما روى عنه غير قيس
ابن أبي حازم.
وخرج مسلم لقطبة بن مالك، وما حدث عنه سوى زياد بن علاقة.
وخرج مسلم لطارق بن أشيم، وما روى عنه سوى ولده أبي مالك
الاشجعي.
وخرج لنبيشة الخير، وما روى عنه إلا أبو المليح الهذلي.
ذكرنا هؤلاء نقضا على ما ادعاه الحاكم من أن الشيخين ما
خرجا إلا لمن روى عنه اثنان فصاعدا.
__________
(1) هو في مسلم (1820) في أول الامارة، وأخرجه البخاري 6 /
389 من طريق أبي الوليد، عن عاصم بن محمد بهذا الاسناد.
(2) بكسر الهمزة.
وسكون الراء وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها اللام: هذه
النسبة إلى إربل، وهي قلعة على مرحلتين من الموصل.
(3) في الاصل: مسلم وهو خطأ، وعبد الله بن مسلمة هو
القعنبي.
(4) هو في صحيح مسلم (321) (45) في الحيض: باب القدر
المستحب من الماء في غسل الجنابة، وأخرجه البخاري 1 / 320،
321 في الغسل: باب هل يدخل الجنب يده في الاناء..من طريق
عبد الله بن مسلمة بهذا الاسناد.
(*)
(12/578)
نقل أبو عبد الله الحاكم أن محمد بن عبد الوهاب الفراء
قال: كان مسلم بن الحجاج من علماء الناس، ومن أوعية العلم.
الحاكم: سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم، سمعت أحمد بن
سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج
في معرفة
الصحيح على مشايخ عصرهما.
ثم ذكر مصنفات إمام أهل الحديث مسلم رحمه الله كتاب "
المسند الكبير " على الرجال، وما أرى أنه سمعه منه أحد،
كتاب " الجامع على الابواب "، رأيت بعضه بخطه، كتاب "
الاسامي (1) والكنى "، كتاب " المسند الصحيح "، كتاب "
التمييز "، كتاب " العلل "، كتاب " الوحدان "، كتاب "
الافراد "، كتاب " الاقران "، كتاب " سؤالاته أحمد ابن
حنبل "، كتاب " عمرو بن شعيب "، كتاب " الانتفاع بأهب
السباع "، كتاب " مشايخ مالك "، كتاب " مشايخ الثوري "،
كتاب " مشايخ شعبة "، كتاب " من ليس له إلا راو واحد "،
كتاب " المخضرمين "، كتاب " أولاد الصحابة "، كتاب " أوهام
المحدثين "، كتاب " الطبقات "، كتاب " أفراد الشاميين ".
ثم سرد الحاكم تصانيف له لم أذكرها.
قال أحمد بن سلمة: سمعت مسلما يقول: إذا قال ابن جريج:
حدثنا وأخبرنا وسمعت، فليس في الدنيا شئ أثبت من هذا (2).
قال مكي بن عبدان: سمعت مسلما يقول: لو أن أهل الحديث
يكتبون الحديث مئتي سنة، فمدارهم على هذا " المسند " (3).
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ " 2 / 590: الاسماء.
(2) وذلك لان ابن جريج على جلالة قدره واتساع دائرته في
الحفظ، كان مشهورا بالتدليس، فإذا صرح بالتحديث فقد انتفت
شبهة تدليسه.
(3) سبق الخبر في الصفحة: 568.
(*)
(12/579)
قلت: عنى به " مسنده الكبير " (1).
وعن ابن الشرقي، عن مسلم قال: ما وضعت في هذا " المسند "
شيئا إلا بحجة، ولا أسقطت شيئا منه إلا بحجة (2).
توفي مسلم في شهر رجب سنة إحدى وستين ومئتين بنيسابور، عن
بضع وخمسين سنة، وقبره يزار.
218 - المسوحي * شيخ الزهاد،
أبو علي، الحسن بن علي، البغدادي الصوفي المسوحي
(3).
حكى عن بشر بن الحارث، وصحب سريا السقطي.
وكان أول من عقدت له حلقة ببغداد للكلام في الحقائق.
حكى عنه: الجنيد، وابن مسروق، وأبو محمد الجريري، والقاضي
أبو عبد الله المحاملي.
وقيل: صحبه أبو حمزة البغدادي.
قال ابن الاعرابي: سمعت غير واحد، سمعوا أبا حمزة يقول
كثيرا: حسن أستاذنا، رحم الله حسنا.
__________
(1) في قوله: عنى به " مسنده الكبير " وقفة، فإن الخبر قد
تقدم في ص: 568 بسياق أتم، وهذا يدل على أنه يريد بذلك "
صحيحه " هذا لا " المسند " الذي لم يسمعه أحد.
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 590.
* تاريخ بغداد 7 / 366، 367، الانساب، ورقة: 530 / ب،
اللباب 3 / 213، النجوم الزاهرة 3 / 24، 25.
(3) المسوحي، بضم الميم والسين، وسكون الواو وفي آخرها حاء
مهملة: هذه النسبة إلى المسوح، وهو جمع مسح.
قال ابن الاثير في اللباب: ولعله لقب به على الضد لانه كان
يدخل البادية بإزار ورداء.
(*)
(12/580)
قال ابن الاعرابي: كانت له حلقة في جامع بغداد، ثم بعده
حلقة أبي
حمزة البغدادي.
وكان المسوحي لا يجاوز علم الوصول والعبادات والارادات
والاحوال دون المعارف.
وقال غيره كان عذب العبارة، قانعا زاهدا، يأوي إلى مسجد.
وقال السلمي: سمعت أبا العباس البغدادي، حدثنا جعفر
الخلدي، سمعت الجنيد يقول: كلمت حسنا المسوحي في شئ من
الانس، فقال لي ويحك، الانس (1) ! لو مات من تحت السماء ما
استوحشت.
قلت: توفي المسوحي بعد سنة ستين ومئتين.
219 - عيسى بن شاذان *
(د) البصري القطان الحافظ، أحد من يضرب بحفظه المثل.
حدث عن: عبد الله بن رجاء، ومسلم بن إبراهيم، وأبي عمر
الحوضي، وإبراهيم بن أبي سويد، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو داود، وأبو عروبة الحراني، وعلي بن عبد الله
بن مبشر الواسطي، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون.
وهو قديم الموت.
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: ما رأيت أحفظ من
أبي جعفر النفيلي، فقلت: ولا عيسى بن شاذان ؟ قال: ولا
عيسى بن شاذان (2).
__________
* تهذيب الكمال: 1080، تذهيب التهذيب 3 / 128 / 2، تذكرة
الحفاظ 2 / 561، تهذيب التهذيب 8 / 212، 213، طبقات
الحفاظ: 251، خلاصة تذهيب الكمال: 302.
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 7 / 367 وفيه: ما الانس ؟
(2) " تذكرة الحفاظ " 2 / 561، وقال الذهبي في " تذهيب
التهذيب " 3 / 28 / 2: قال أبو داود: ما رأيت أحمد مدح
إنسانا قط إلا عيسى بن شاذان، وجاء في " التهذيب ": ذكره
ابن حبان في " الثقات ".
(*)
(12/581)
قلت: بقي إلى حدود خمسين ومئتين.
قرأت على أحمد بن هبة الله، عن عبدالمعز بن محمد، أخبرنا
زاهر ابن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا محمد بن
محمد الحافظ، حدثنا أبو عروبة، حدثنا عيسى بن شاذان، حدثنا
إبراهيم بن أبي سويد، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا يونس
وحبيب وهشام، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى
الله عليه وسلم: " الايمان يمان، والفقه يمان، والحكمة
يمانية " (1).
220 - الدقيقي * (د، ق) الامام
المحدث الحجة، أبو جعفر محمد بن عبدالملك بن مروان
(2) ابن الحكم، الواسطي الدقيقي (3).
ولد بعد الثمانين ومئة.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (52) في الايمان: باب تفاضل
أهل الايمان فيه من طريق أبي الربيع الزهراني، عن حماد، عن
أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وأخرجه
البخاري 6 / 387 من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري، عن
أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا 8 / 76،
77 من طريق محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، عن شعبة عن
سليمان الاعمش، عن ذكوان عن أبي هريرة وأخرجه من طريق أبي
اليمان عن شعيب، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
* الجرح والتعديل 8 / 5، تاريخ بغداد 2 / 346، 347، طبقات
الحنابلة 1 / 306، الانساب 5 / 326، اللباب 1 / 505، تهذيب
الكمال: 1235، تذهيب التهذيب 3 / 227 / 2، ميزان الاعتدال
3 / 632، العبر 2 / 34، الوافي بالوفيات 4 / 31، تاريخ ابن
كثير 11 / 40، تهذيب التهذيب 9 / 317، 318، النجوم الزاهرة
3 / 42، خلاصة تذهيب الكمال: 349، شذرات الذهب 2 / 151.
(2) تحرفت في " اللباب " 1 / 505 إلى " ثوبان ".
(3) الدقيقي، بفتح الدال المهملة، والياء الساكنة آخر
الحروف بين القافين: هذه النسبة إلى الدقيق وبيعه وطحنه.
(*)
(12/582)
وسمع من: يزيد بن هارون، ووهب بن جرير، ويعلى بن عبيد،
وأبي أحمد الزبيري، وسعيد بن عامر، وعبد الصمد بن عبد
الوارث التنوري، وأبي علي الحنفي، وسلم بن سلام الواسطي،
ومعلى بن عبد الرحمن، وأبي عاصم النبيل، وسعيد بن سلام
العطار، ومسلم بن إبراهيم، وعمرو بن عاصم وسليمان بن حرب،
وخلق.
حدث عنه: أبو داود، وابن ماجة، وإبراهيم الحربي، ويحيى بن
صاعد، وإبراهيم بن عرفة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد
بن عمرو ابن البختري، وأبو سعيد بن الاعرابي، وإسماعيل
الصفار، وأحمد بن سليمان العباداني، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق (1).
وقال الدارقطني: ثقة (2).
قلت: وقع لي جزءان من حديثه.
توفي في شوال سنة ست وستين ومئتين.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبدالحميد بن عبد الهادي
المقدسي، أخبرنا الفقيهان عبد الله بن أحمد بن محمد، وعبد
الرحمن بن إبراهيم، قالا: أخبرتنا شهدة الكاتية، أخبرنا
الحسين بن أحمد، أخبرنا علي بن محمد المعدل، حدثنا محمد بن
عمرو الرزاز، حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا بشر بن عمر
الزهراني، حدثنا هشام بن سعد، عن سعيد بن
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 5، و " تاريخ بغداد " 2 / 347،
و " الانساب " 5 / 326 (2) " تاريخ بغداد " 2 / 347 كما
وثقه محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي وقال ابن حجر في
" التهذيب ": ذكره ابن حبان في الثقات ".
(*)
(12/583)
أبي هلال، عن ربيعة بن يوسف، عن عياض بن عقبة الفهري، عن
عبد الله ابن عمرو، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة، وقاه الله فتنة
القبر " (1).
غريب.
221 - الحجازي * الشيخ المعمر
المحدث، أبو عتبة أحمد بن الفرج بن سليمان، الكندي
الحمصي، الملقب بالحجازي المؤذن.
حدث عن: بقية بن الوليد، وضمرة بن ربيعة، ومحمد بن حرب،
وأيوب بن سويد الرملي، وابن أبي فديك، وعمر بن عبد الواحد
الدمشقي، وعقبة بن علقمة البيروتي، ومحمد بن يوسف
الفريابي، وأبي المغيرة
__________
(1) ربيعة بين سيف، قال البخاري: عنده مناكير، وقال ابن
حبان في " الثقات ": يخطئ كثيرا، وقال عبد الحق الازدي:
ضعيف الحديث عنده مناكير، وشيخه عياض بن عقبة الفهري لم
أجد من ترجمه واخرجه أحمد 2 / 169، والترمذي (1074) في
الجنائز: باب ما جاء في من مات يوم الجمعة من طريق أبي
عامر العقدي، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن
ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو...وهذا منقطع، فإن
ربيعة بن سيف لا يعرف له سماع من عبد الله بن عمرو، وأخرجه
أحمد 2 / 176 و 220 من طريقين عن بقية حدثني معاوية بن
سعيد التجيبي، سمعت أبا قبيل المصري يقول: سمعت عبد الله
بن عمرو ابن العاص..وهذا سند حسن بقية - وهو ابن الوليد -
صرح بالتحديث.
ومعاوية بن سعيد وثقه ابن حبان، وروى عنه أكثر من اثنين،
وللحديث شاهد من حديث أنس بن مالك عند أبي يعلى
كما في " المجمع " 2 / 319 وفي سنده يزيد الرقاشي، وآخر من
حديث جابر عند أبي نعيم في " الحلية " 3 / 155، 156 وسنده
ضعيف.
* الجرح والتعديل 2 / 67، تاريخ بغداد 4 / 339، 341،
الانساب 4 / 62، اللباب 1 / 342، ميزان الاعتدال 1 / 128،
العبر 2 / 49، الوافي بالوفيات 7 / 287، تهذيب التهذيب 1 /
67، 69، لسان الميزان 1 / 245، 246، شذرات الذهب 2 / 162،
تهذيب ابن عساكر 1 / 436، 438.
(*)
(12/584)
الخولاني، ومحمد بن حمير، وعثمان بن عبدالرحمن الطرائفي،
وطائفة.
وكانت له رحلة وعناية بالحديث.
وعمر دهرا، واحتج إليه.
وتفرد عنه: النسائي في غير " السنن " وموسى بن هارون،
ومحمد بن جرير، ومحمد بن إسحاق السراج، ويحيى بن صاعد،
وابن جوصا، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو العباس الاصم،
وأبو البريك محمد بن حسين الاطرابلسي، ويوسف بن يعقوب
الازرق، وخيثمة بن سليمان، ومحمد بن جعفر بن ملاس، وأبو
الدحداح أحمد بن محمد، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: محله عندنا الصدق (1).
وقال ابن عدي: كان محمد بن عوف يضعفه، ويتكلم فيه.
وكان ابن جوصا يضعفه.
قال ابن عدي: قد احتمله الناس، وليس ممن يحتج به.
وقال عبد الغافر بن سلامة: كان جارنا، وكان مؤذن الجامع،
وكان يخضب بالحمرة.
وكان ابن عوف وعمي وأصحابنا يقولون: إنه كذاب، فلم نسمع
منه شيئا (2).
قال: وقال محمد بن عوف: هو كذاب، رأيته في سوق الرستن، وهو
يشرب
مع مردان وهو يتقيأ، وأنا مشرف عليه من كوة بيت كانت لي
فيه تجارة سنة تسع عشرة ومئتين.
وكان في أيام أبي الهرماس (3)، يسمونه الغداف (4)،
__________
(1) الجرح والتعديل 2 / 67 تاريخ بغداد 4 / 339، وتهذيب بن
عساكر 1 / 437.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 341.
(3) في " تاريخ بغداد " 4 / 340: الهرناس، بالنون.
(4) الغداف: غراب كبير، ضخم الجناحين.
(*)
(12/585)
كان له تراس فيه أربعة (1) مسامير كبار، إذا أخذوا من
يريدون قتله صاحوا: اين الغداف فيجئ فيقتله.
قتل غير واحد بترسه (2).
وقال أبو أحمد الحاكم: رأيت أبا الحسن بن جوصا يضعف أمره
(3).
قلت: زلق ابن ماكولا زلقة، فقال: إنه ولد سنة تسع وثلاثين
ومئتين، ومات سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
وقال الخطيب: بلغني أنه توفي بحمص سنة إحدى وسبعين ومئتين
(4).
وقال عبد الغافر بن سلامة: قال محمد بن عوف: أبو عتبة
الحجازي كذاب، كتبه التي عنده لضمرة وابن أبي فديك من كتب
أحمد بن النضر، وقعت إليه، وليس عنده في حديث بقية أصل، هو
أكذب خلق الله.
قلت: غالب رواياته مستقيمة، والقول فيه ما قاله ابن عدي،
فيروى له مع ضعفه.
أخبرنا اسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن قدامة
الفقيه، والحسين بن هبة الله، قالا: أخبرنا عبد الواحد بن
محمد، أخبرنا عبد الكريم بن المومل حضورا، أخبرنا
عبدالرحمن بن أبي نصر، أخبرنا خيثمة
ابن سليمان، حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج، حدثنا بقية،
حدثني عبد الحميد بن السري، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع،
عن ابن عمر قال:
__________
(1) في " تاريخ بغداد " و " تهذيب ابن عساكر " أربع وهو
خطأ.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 4 / 340، و " تهذيب ابن
عساكر " 1 / 437.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 340، و " الانساب " 5 / 63.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 341.
(*)
(12/586)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس في صلاة الخوف
سهو ".
عبدالحميد ليس بمعتمد (1).
222 - الربيع بن سليمان
* (د، ق، س، ت) ابن عبد الجبار بن كامل، الامام المحدث
الفقيه الكبير، بقية الاعلام، أبو محمد، المرادي، مولاهم
المصري المؤذن، صاحب الامام الشافعي، وناقل علمه، وشيخ
المؤذنين بجامع الفسطاط ومستملي مشايخ وقته.
مولده في سنة أربع وسبعين ومئة أو قبلها بعام.
سمع عبد الله بن وهب، وبشر بن بكر التنيسي، وأيوب بن سويد
الرملي، ومحمد بن إدريس المطلبي، ويحيى بن حسان، وأسد
السنة، وسعيد بن أبي مريم، وأبا صالح، وعددا كثيرا.
ولم يكن صاحب رحلة، فأما ما يروى أن الشافعي بعثه إلى
بغداد
__________
(1) ترجمه المؤلف في " الميزان " 2 / 541، فقال: من
المجاهيل، وقال عن خبره هذا: منكر، ثم أورده، وقال أبو
حاتم الرازي: عبدالحميد مجهول روى عن ابن عمر حديثا موضوعا
يشير إلى هذا، ورواه الدارقطني 2 / 58، من طريقين عن أبي
عتبة أحمد بن الفرج
بهذا الاسناد، وقال، تفرد به عبدالحميد بن السري وهو ضعيف،
وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه لخيثمة في "
جزئه "، وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني قال الهيثمي
في " المجمع " 2 / 154 فيه الوليد بن الفضل ضعفه ابن حبان
والدارقطني.
* الجرح والتعديل 3 / 464، طبقات الفقهاء للشيرازي: 79،
تهذيب الكمال: 407، 408، تذهيب التهذيب 1 / 219 / 1، تذكرة
الحفاظ 2 / 586، 587، العبر 2 / 45، طبقات الشافعية للسبكي
2 / 132، 139، تاريخ ابن كثير 11 / 48، تهذيب التهذيب 3 /
245، 246، طبقات الحفاظ: 252، خلاصة تذهيب الكمال: 115،
طبقات الشافعية لابن هداية الله: 6، شذرات الذهب 2 / 159،
المنتظم 5 / 77.
(*)
(12/587)
بكتابه إلى أحمد بن حنبل، فغير صحيح.
حدث عنه: أبو داود، وابن ماجة، والنسائي، وأبو عيسى
بواسطة، في كتبهم، والواسطة الذي في " الجامع " هو محمد بن
إسماعيل السلمي.
ومنهم أبو زرعة، وأبو حاتم، وزكريا الساجي، وصالح بن محمد،
وابن أبي داود، وابن صاعد، وأبو نعيم، عبدالملك بن عدي،
وأبو جعفر الطحاوي، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن هارون الروياني، وأبو عوانة
الاسفراييني، وأبو الحسن بن جوصا، وأبو علي بن حبيب
الحصائري، وعيسى بن موسى البلدي، وأحمد ابن بهزاذ الفارسي،
وأبو العباس الاصم، وأحمد بن مسعود العكري، وأبو الفوارس
بن الصابوني، وخلق كثير بن المشارقة والمغاربة.
وطال عمره، واشتهر اسمه، وازدحم عليه أصحاب الحديث.
ونعم الشيخ كان، أفنى عمره في العلم ونشره، ولكن ما هو
بمعدود في الحفاظ، وانما كتبته في " التذكرة " وهنا
لامامته وشهرته بالفقه والحديث.
قال النسائي وغيره: لا بأس به (1).
وقال أبو سعيد بن يونس وغيره.
ثقة.
ورووا عن الربيع أنه قال: كل محدث حدث بمصر بعد ابن وهب
كنت مستمليه (2).
وقال علي بن قديد المصري: كان الربيع يقرأ بالالحان (3).
__________
(1) " تهذيب الكمال ": 408، وصدقه أبو حاتم، ووثقه وصدقه
ابنه في " الجرح والتعديل " 3 / 464.
(2) " تهذيب الكمال ": 408، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 587.
(3) " طبقات الشافعية " 2 / 134.
(*)
(12/588)
وروي عن الشافعي أنه قال للربيع: لو أمكنني أن أطعمك العلم
لاطعمتك (1) وقال أيضا: الربيع راوية كتبي (2).
وقال أبو عمر بن عبد البر: ذكر محمد بن إسماعيل الترمذي
أسماء من أخذ عن الربيع كتب الشافعي، ورحل إليه فيها من
الآفاق، فسمى نحو مئتي رجل (3).
قال أبو عمر: وكان الربيع لا يؤذن في منارة جامع مصر أحد
قبله، وكانت الرحلة إليه في كتب الشافعي، وكانت فيه سلامة
وغفلة.
ولم يكن قائما بالفقه.
قلت: قد كان من كبار العلماء، ولكن ما يبلغ رتبة المزني،
كما أن المزني لا يبلغ رتبة الربيع في الحديث (4).
وقد روى أبو عيسى في " جامعه " عن الربيع بالاجازة، وقد
سمعنا من طريقه " المسند " للشافعي انتقاه أبو العباس
الاصم من كتاب " الام " لينشط لروايته للرحالة،
وإلا فالشافعي رحمه الله لم يؤلف مسندا.
وقيل إن هذا الشعر للربيع: صبرا جميلا ما أسرع الفرجا * من
صدق الله في الامور نجا من خشي الله لم ينله أذى * ومن جا
الله كان حيث رجا (5)
__________
(1) " طبقات الشافعية " 2 / 134.
(2) " طبقات الشافعية " 2 / 134.
(3) الخبر في " طبقات الشافعية " 2 / 134 بلفظ: وكانت
الرحلة في كتب الشافعي إليه من الآفاق نحو مئتي رجل.
(4) في " طبقات الشافعية " 2 / 132: لقد تعارض هو وأبو
إبراهيم المزني في رواية، فقدم الاصحاب بروايته مع علو قدر
أبي إبراهيم علما ودينا وجلالة وموافقة ما رواه للقواعد.
(5) البيتان في " طبقات الشافعية " 2 / 134.
(*)
(12/589)
قال أبو جعفر الطحاوي: مات الربيع مؤذن جامع الفسطاط في
يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء لاحدى وعشرين ليلة خلت من
شوال سنة سبعين ومئتين، وصلى عليه الامير خمارويه، يعني:
صاحب مصر، وابن صاحبها أحمد بن طولون.
قرأت على عمر بن عبد المنعم، عن أبي القاسم عبد الصمد بن
محمد حضورا، أخبرنا جمال الاسلام علي بن المسلم، أخبرنا
الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني بصيدا، حدثنا
عيسى بن موسى إمام المسجد ببلد.
قال: حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا
عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة: قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من رجل يمر على
قبر رجل كان يعرفه في الدنيا،
فيسلم عليه إلا عرفه، ورد عليه السلام ".
غريب، ومع ضعفه (1) ففيه انقطاع، ما علمنا زيدا سمع أبا
هريرة.
أخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني مرات، أخبرنا محمد بن
سعيد الصوفي ببغداد، وقرأت على أبي الحسين علي بن محمد
الحافظ، وغيره، قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك، قالا:
أخبرنا طاهر بن محمد المقدسي، أخبرنا مكي بن منصور الكرجي
(ح)، وقرأت على أحمد بن عبد المنعم، عن محمد بن أحمد
الصيدلاني إجازة عامة، عن عبد الغفار الشيروي كذلك، قالا:
حدثنا القاضي أبو بكر الحيري، حدثنا محمد بن يعقوب، أخبرنا
الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد العزيز بن
محمد، عن ربيعة عن أبي عبدالرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن
أبيه، عن
__________
(1) لان عبدالرحمن بن زيد ضعيف، وأورده السيوطي في "
الجامع الكبير " ص 718، ونسبه لابن عساكر.
(*)
(12/590)
أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع
الشاهد.
قال عبد العزيز: فذكرت ذلك لسهيل، فقال: أخبرني ربيعة -
وهو عندي ثقة - أني حدثته إياه ولا أحفظه قال عبد العزيز:
وكان قد أصابت سهيلا علة أصيب ببعض حفظه، ونسي بعض حديثه،
فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه.
أخرجه أبو داود (1) عن الربيع.
ومن أقرانه الامام المحدث الثقة، أبو محمد:
223 - الربيع بن سليمان الازدي
* (د، س) مولاهم المصري الجيزي الاعرج.
سمع من ابن وهب، والشافعي أيضا.
روى عنه: أبو داود، والنسائي، والطحاوي، وآخرون.
__________
(1) رقم (3610) في الاقضية: باب القضاء باليمين والشاهد،
وأخرجه الشافعي (1406) والترمذي (1343) في الاحكام: باب ما
جاء في اليمين مع الشاهد، وابن ماجة (2368) والطحاوي 4 /
144 من طريق عبد العزيز بن محمد بهذا الاسناد، وهذا سند
رجاله ثقات على شرط مسلم وقال الترمذي: حسن غريب: وله شاهد
من حديث ابن عباس عند مسلم (1712) وأبي داود (3608) وابن
الجارود (1006) وأحمد 1 / 248 و 315 و 323، وابن ماجه
(2370) والطحاوي 4 / 144، والشافعي (1402) والبيهقي 10 /
167، ومن حديث جابر بن عبد الله عند الترمذي (1344) وابن
ماجة (2369) وأحمد 3 / 305، وابن الجارود (1008) والبيهقي
10 / 170، وأخرجه مالك 2 / 721، وعند الشافعي (1407) مرسلا
وهو أصح، ومن حديث سرق عند ابن ماجة (2371) والبيهقي 10 /
172، 173، وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات.
* الجرح والتعديل 3 / 464، طبقات الفقهاء للشيرازي: 81،
ترتيب المدارك 3 / 86، الانساب، ورقة: 147 / ب، اللباب 1 /
323، وفيات الاعيان 2 / 292، 294، تهذيب الكمال: 407،
تذهيب التهذيب 1 / 219 / 1، طبقات الشافعية للسبكي 2 /
132، تهذيب التهذيب 3 / 245، لسان الميزان 2 / 445، خلاصة
تذهيب الكمال: 115، طبقات الشافعية لابن هداية الله: 6،
شذرات الذهب 2 / 159، 160.
(*)
(12/591)
مات سنة ست وخمسين ومئتين (1).
224 - الصاغاني * (م، د، ت، س)
الامام الحافظ المجود الحجة، أبو بكر، محمد بن إسحاق
بن جعفر.
وقيل: اسم جده محمد الصاغاني، ثم البغدادي (2).
ولد في حدود الثمانين ومئة.
وكان ذا معرفة واسعة، ورحلة شاسعة.
سمع من: يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبي بدر
شجاع بن الوليد، ومحاضر بن المورع، ويعلى بن عبيد، وروح بن
عبادة، وأحوص بن جواب، وسعيد بن أبي مريم، وعبد الاعلى بن
مسهر، والاسود بن عامر، وأبي اليمان، وسعيد بن عامر
الضبعي، وجعفر بن عون، وأبي النضر، ويحيى بن أبي بكير،
وعبد الله بن يوسف التنيسي، وخلق كثير.
__________
(1) جاء في " تهذيب التهذيب " 3 / 245: قال ابن يونس: كان
ثقة، وقال الخطيب: كان ثقة.
وقال النسائي في " أسماء شيوخه ": لا بأس به.
وقال مسلمة بن قاسم: كان رجلا صالحا كثير الحديث مأمونا
ثقة.
* الجرح والتعديل 7 / 195، 196، تاريخ بغداد 1 / 240، 241
الانساب 8 / 68، تهذيب الكمال: 1165، تذهيب التهذيب 3 /
183 / 1، العبر 2 / 46، الوافي بالوفيات 2 / 195، تهذيب
التهذيب 9 / 35، 36، طبقات الحفاظ: 256، خلاصة تذهيب
الكمال: 326، شذرات الذهب 2 / 160، المنتظم 5 / 78.
(2) قال السمعاني في " الانساب " 8 / 68: الصغاني، بفتح
الصاد المهملة، والغين المعجمة وفي آخرها النون: هذه
النسبة إلى بلاد مجتمعة وراء نهر جيحون، يقال لها: جغانيان
وتعرب فيقال لها: الصغانيان، وهي كورة عظيمة واسعة كثيرة
الماء والشجر والاهل، وسوقها كبيرة، ومسجدها مسجد حسن
مشهور.
والنسبة إليها: الصغاني والصاغاني أيضا ثم ذكر المترجم.
(*)
(12/592)
حدث عنه: مسلم (1)، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو
عمر الدوري أحد شيوخه، وابن ماجة، وعبدان الاهوازي، وابن
خزيمة، وابن
صاعد، وأبو عوانة، وابن أبي حاتم، وأحمد البرديجي (2)،
ومحمد بن مخلد، والمحاملي، وإسماعيل الصفار، وأبو سعيد بن
الاعرابي، وأبو العباس الاصم، وخلق، خاتمتهم شجاع بن جعفر
الانصاري.
قال الاصم: سأله أبي: إلى أي قبيلة ينسب الشيخ ؟ فقال: إن
جدي كان في الصحراء، فاستقبله رجل، فقال له: أسلم، فأسلم،
وقطع الزنار (3).
قال ابن أبي حاتم، هو ثبت صدوق (4).
وقال عبدالرحمن بن خراش: ثقة مأمون (5).
وقال أبو الحسن الدارقطني: ثقة وفوق الثقة (6).
وعن أبي مزاحم الخاقاني، قال: كان أبو بكر الصغاني يشبه
يحيى ابن معين في وقته (7).
__________
(1) قال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 9 / 36 - 37: روى
عنه مسلم (32) حديثا.
(2) البرديجي، بفتح الباء، وسكون الراء، وبعدها دال مهملة،
وبعدها ياء، وفي آخرها جيم: هذه النسبة إلى برديج، وهي
بليدة بأقصى أذربيجان.
والبرديجي هذا هو أحمد ابن هارون بن روح البردعي البرديجي،
حافظ نيسابوري ثقة فاضل.
مات سنة 301 ه انظر " الانساب " 2 / 139، 140.
(3) " تاريخ بغداد " 1 / 241.
(4) الجرح والتعديل " 7 / 196، و " تهذيب الكمال ": 1165.
(5) " تاريخ بغداد " 1 / 241، وتهذيب الكمال ": 1165.
(6) " تهذيب الكمال ": 1165.
(7) " تاريخ بغداد " 1 / 240، و " تهذيب الكمال ": 1165.
(*)
(12/593)
وقال النسائي: ثقة (1).
وقال أبو بكر الخطيب: كان الصغاني أحد الاثبات المتقنين،
مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية
(2).
قال أحمد بن كامل: توفي في سابع صفر سنة سبعين ومئتين.
قلت: سيأتي رفيقه عباس الدوري.
225 - محمد بن عامر *
ابن إبراهيم، الامام العلامة، أبو عبد الله، الاشعري
مولاهم الاصبهاني.
سمع أباه، وأبا داود الطيالسي، وأبا عمر الجرمي صاحب
النحو.
وعنه: ابن أبي داود، وابن أبي حاتم، وعبد الله بن محمد بن
عيسى المقرئ، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس وجماعة.
وكان أحد أوعية العلم، وله غرائب وكان أخوه إبراهيم من
العلماء، توفي قبله.
قال ابن أبي حاتم: محمد بن عامر صدوق (3).
وقال أبو نعيم الحافظ في " تاريخه ": كان يجري في مجلس أبي
عبد الله محمد بن عامر فنون العلم: الفقه والنحو والشعر
والغريب والحديث.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 241، و " تهذيب الكمال ": 1165.
(2) " تاريخ بغداد " 1 / 240، و " تهذيب الكمال " 1165.
* الجرح والتعديل 8 / 44، ذكر أخبار أصبهان 2 / 191.
(3) " الجرح والتعديل " 8 / 44.
(*)
(12/594)
توفي في سنة سبع وستين ومئتين.
قلت: كان من أبناء الثمانين.
وفيها مات إسماعيل بن عبد الله سمويه، وإبراهيم بن عبد
الله السعدي، وإسحاق بن إبراهيم الفارسي شاذان، وبحر بن
نصر الخولاني، وعباس الترقفي، ومحمد بن عزيز الايلي، ويونس
بن حبيب الاصبهاني، ويحيى بن محمد الذهلي حيكان.
226 - أحمد بن يونس *
ابن المسيب بن زهير بن عمرو، الامام المحدث القدوة، أبو
العباس، الضبي الكوفي، ابن عم محدث بغداد داود بن عمرو
الضبي، شيخ البغوي من كبار العلماء.
سكن أصبهان.
وحدث عن: جعفر بن عون، وعبد الله بن بكر السهمي، وحجاج
الاعور، ومحاضر بن المورع، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد،
ويعلى بن عبيد، وأسود بن عامر، ويونس بن محمد، ويزيد بن
هارون، وروح بن عبادة، وكثير بن هشام، وأبي النضر، ومسلم
بن إبراهيم، وعبيدالله بن موسى، وعثمان بن عمر بن فارس،
وأبي مسهر الغساني، وطبقتهم.
حدث عنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن عبد الله
الصفار، وأبو العباس الاصم، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن
فارس، وجماعة.
قال ابن أبي حاتم: محله الصدق (1).
__________
* الجرح والتعديل 2 / 81، تاريخ بغداد 5 / 223، 224، ذكر
أخبار أصبهان 1 / 81، تاريخ ابن كثير 11 / 42، شذرات الذهب
2 / 154.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 81.
(*)
(12/595)
وقال محمد بن الفرخان (1): سمعت أحمد بن يونس يقول: قدمني
أبي إلى الفضيل بن عياض، فمسح رأسي، فسمعته يقول: اللهم
حسن خلقه وخلقه.
قال أبو نعيم الحافظ: توفي أحمد بن يونس سنة ثمان وستين
ومئتين.
قلت: مات بأصبهان، وكان من جلة المسندين بها.
227 - يونس بن حبيب *
المحدث الحجة، أبو بشر العجلي، مولاهم الاصبهاني.
روى عن أبي داود الطيالسي " مسندا " في مجلد كبير، وعن بكر
بن بكار، وعامر بن إبراهيم، ومحمد بن نشر - بنون -
الصنعاني، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أبي داود، وعلي
بن رستم، وعبد الله بن جعفر بن فارس.
قال أبو محمد بن أبي حاتم، كتبت عنه، وهو ثقة (2).
وحدثني ابن أبي عاصم أن ابن الفرات أمره بالكتابة عن يونس
بن حبيب.
__________
(1) الفرخاني، بالفتح، وضم الراء المشددة، والخاء المعجمة:
هو أبو جعفر محمد ابن إبراهيم بن الحسن بن فرخان: "
التبصير " 3 / 1102.
* الجرح والتعديل 9 / 237، 238، العبر 2 / 37، ذكر أخبار
أصبهان 2 / 345، غاية النهاية في طبقات القراء، 2 / 406،
شذرات الذهب 2 / 152.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 237.
(*)
(12/596)
وقال بعضهم: كان يونس محتشما، عظيم القدر بأصبهان، موصوفا
بالدين والصيانة والصلاح (1).
مات سنة سبع وستين ومئتين.
روى القراءة عن قتيبة بن مهران صاحب الكسائي.
228 - أحمد بن مهدي * ابن رستم،
الامام القدوة العابد الحافظ المتقن، أبو جعفر الاصبهاني.
سمع أبا نعيم، وأبا اليمان، وسعيد بن أبي مريم، ومسلم بن
إبراهيم، وقبيصة بن عقبة، وعبد الله بن صالح، وأبا سلمة،
وطبقتهم، وجمع وصنف.
حدث عنه: الحافظ محمد بن يحيى بن مندة، وأحمد بن إبراهيم
بن أفرجة، وأحمد بن جعفر السمسار، وعدة.
قال محمد بن يحيى بن مندة: لم يحدث ببلدنا منذ أربعين سنة
أوثق منه.
صنف " المسند "، ولم يعرف له فراش منذ أربعين سنة، صاحب
عبادة رحمه الله (2).
وقال أبو نعيم الحافظ: كان صاحب ضياع وثروة، أنفق على أهل
__________
(1) " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 346.
* الجرح والتعديل 2 / 79، العبر 2 / 49، الوافي بالوفيات 8
/ 198، 199، النجوم الزاهرة 3 / 67، طبقات الحفاظ: 267،
ذكر أخبار أصبهان 1 / 85، 86، شذرات الذهب 1 / 85، 86.
(2) " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 85، 86، و " الوافي بالوفيات
" 8 / 199.
(*)
(12/597)
العلم ثلاث مئة ألف درهم (1).
وقال ابن النجار: كان من الائمة الثقات، وذوي المروءات،
رحل إلى الشام ومصر والعراق.
أنبئت عن أبي المكارم اللبان، أخبرنا أبو علي الحداد،
أخبرنا أبو نعيم، سمعت أبا محمد بن حيان، سمعت أبا علي
أحمد بن محمد بن إبراهيم يقول: قال أحمد بن مهدي: جاءتني
امرأة ببغداد ليلة، فذكرت أنها من بنات الناس، وأنها
امتحنت بمحنة، وأسألك بالله أن تسترني، فقد أكرهت على
نفسي، وأنا حبلى، وقلت: إنك زوجي فلا تفضحني.
فنكبت عنها، ومضيت (2).
فلم أشعر حتى جاء إمام المحلة والجيران يهنئوني بالولد
الميمون، فأظهرت التهليل، ووزنت في اليوم الثاني للامام
دينارين، وقلت: أعطها نفقة، فقد فارقتها، وكنت أعطيها في
كل شهر دينارين، حتى أتى على ذلك سنتان، فمات الطفل،
وجاءني الناس يعزوني، فكنت أظهر لهم التسليم والرضى،
فجاءتني بعد أيام بالدنانير فردتها ودعت لي (3)، فقلت: هذا
الذهب كان صلة للولد، وقد ورثتيه، وهو لك (4).
توفي في سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
__________
(1) " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 85 بلفظ:...صاحب الكتب
والاصول الصحاح، أنفق عليها نحوا من...وهو في " الوافي
بالوفيات " 8 / 199 بلفظ المتن.
(2) في " الوافي بالوفيات " 8 / 199: ومضت فلم أشعر حتى
وضعت.
(3) في " الوافي بالوفيات " 8 / 199 وقالت: سترك الله كما
سترتني.
(4) الخبر في " الوافي بالوفيات " 8 / 199.
(*)
(12/598)
229 - بكار بن قتيبة
* ابن أسد بن عبيدالله بن بشير بن صاحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبي بكرة نفيع بن الحارث، الثقفي البكراوي
البصري، القاضي الكبير، العلامة المحدث، أبو بكرة، الفقيه
الحنفي، قاضي القضاة بمصر.
مولده في سنة اثنتين وثمانين ومئة بالبصرة.
وسمع أبا داود الطيالسي، وروح بن عبادة، وعبد الله بن بكر
السهمي، وأبا عاصم، ووهب بن جرير، وسعيد بن عامر الضبعي،
وطبقتهم.
وعني بالحديث، وكتب الكثير، وبرع في الفروع، وصنف واشتغل.
حدث عنه: أبو عوانة في " صحيحه "، وابن خزيمة، وعبد الله
بن عتاب الزفتي، ويحيى بن صاعد، وابن جوصا، وأبو جعفر
الطحاوي، وابن زياد النيسابوري، وابن أبي حاتم، ومحمد بن
المسيب الارغياني، وأبو علي بن حبيب الحصائري، وأبو الطاهر
أحمد بن محمد بن عمرو الخامي، وأحمد بن سليمان بن حذلم،
ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة الدمشقي، وأبو العباس الاصم،
والحسن بن محمد بن النعمان الصيداوي، وأبو بكر محمد بن
حمدون بن خالد النيسابوري، وأحمد بن عبد الله الناقد، وخلق
كثير من أهل مصر ودمشق، ومن الرحالة، وكان من قضاة العدل.
__________
* الولاة والقضاة: 505، الانساب 2 / 274، اللباب 1 / 169،
وفيات الاعيان 1 / 280، 282، العبر 2 / 44، تاريخ ابن كثير
11 / 48، طبقات الاولياء: 119، النجوم الزاهرة 3 / 18، 19
و 47، 48، حسن المحاضرة 1 / 463، شذرات الذهب 2 / 158.
(*)
(12/599)
قال أبو بكر بن المقرئ: حدثنا محمد بن بكر الشعراني
بالقدس، حدثنا أحمد بن سهل الهروي قال: كنت ساكنا في جوار
بكار بن قتيبة، فانصرفت بعد العشاء، فإذا هو يقرأ: * (يا
داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا
تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) * الآية: 26 ] قال: ثم
نزلت في السحر، فإذا هو يقرؤها، ويبكي، فعلمت أنه كان
يتلوها من أول الليل.
قال محمد بن يوسف الكندي: قدم بكار قاضيا إلى أن توفي،
فأقامت مصر بلا قاض بعده سبع سنين، ثم ولى خمارويه محمد بن
عبدة القضاء.
قال: وكان أحمد بن طولون أراد بكارا على لعن الموفق، يعني:
ولي العهد، فامتنع، فسجنه، إلى أن مات أحمد بن طولون،
فأطلق القاضي بكار، وبقي يسيرا ومات، فغسل ليلا، وكثر
الناس، فلم يدفن إلى العصر.
قلت: كان عظيم الحرمة، وافر الجلالة، من العلماء العاملين،
كان السلطان ينزل إليه، ويحضر مجلسه، فذكر أبو جعفر
الطحاوي أن بكار ابن قتيبة استعظم فسخ حكم الحارث بن مسكين
في قضية ابن السائح، يعني لما حكم عليه، فأخرج من يده دار
الفيل، وتوجه ابن السائح إلى العراق بغوث على ابن مسكين.
قال الطحاوي: وكان الحارث إنما حكم فيها بمذهب أهل
المدينة، فلم يزل يونس بن عبدالاعلى يكلم القاضي بكارا،
ويجسده حتى جسد، ورد إلى ابني السائح الدار.
ولا أحصي كم كان أحمد بن طولون يجئ إلى مجلس بكار وهو
يملي، ومجلسه مملوء بالناس، فيتقدم الحاجب، ويقول: لا
يتغير أحد من مكانه، فما يشعر
بكار إلا وأحمد إلى جانبه، فيقول له: أيها الامير، ألا
تركتني كنت أقضي
(12/600)
حقك وأقوم ؟ قال: ثم فسد الحال بينهما حتى حبسه، وفل به ما
فعل (1).
وقيل: إن بكارا صنف كتابا ينقض فيه على الشافعي رده على
أبي حنيفة (2)، وكان يأنس بيونس بن عبدالاعلى، ويسأله عن
أهل مصر وعدولهم.
ولما اعتقله ابن طولون لم يمكنه أن يعزله، لان القضاء لم
يكن إليه أمره.
وقيل: إن بكارا كان يشاور في حكم يونس، والرجل الصالح موسى
ولد عبدالرحمن بن القاسم، فبلغنا أن موسى سأله: من أين
المعيشة ؟ قال: من وقف لابي أتكفى به.
قال: أريد أن أسألك يا أبا بكرة، هل ركبك دين بالبصرة ؟
قال: لا.
قال: فهل لك ولد أو زوجة ؟ قال: ما نكحت قط، وما عندي سوى
غلامي.
قال: فأكرهك السلطان على القضاء ؟ قال: لا.
قال: فضربت آباط الابل بغير حاجة إلا لتلي الدماء والفروج
؟ لله علي لا عدت إليك، قال: أقلني يا أبا هارون.
قال: أنت ابتدأت بمسألتي، انصرف، ولم يعد إليه.
قلت: رضي الله عن موسى، فلقد صدقه، وصدعه بالحق.
ولم يكن بكار مكابرا، فيقول: تعين علي القضاء.
وقال الحسن بن زولاق في ترجمة بكار: لما اعتل أحمد بن
طولون، راسل بكارا، وقال: إنا رادوك إلى منزلك (3)،
فأجبني، فقال:
__________
(1) " النجوم الزاهرة " 3 / 19.
(2) " حسن المحاضرة " 1 / 463.
(3) في " النجوم الزاهرة " 3 / 18 بلفظ: أنا أردك إلى
منزلتك وأحسن (*)
(12/601)
قل له: شيخ فإن وعليل مدنف، والملتقى قريب، والقاضي الله
عز وجل.
فأبلغها الرسول أحمد، فأطرق، ثم أقبل يكرر ذلك على نفسه،
ثم أمر بنقله من السجن إلى دار اكتريت له، وفيها كان يحدث،
فلما مات الملك قيل لابي بكرة: انصرف إلى منزلك، فقال: هذه
الدار بأجرة، وقد صلحت لي، فأقام بها (1).
قال الطحاوي: فأقام بها بعد أحمد أربعين يوما ومات.
قلت: كان ولي العهد الموفق قد استبد بالامور، وضيق على
أخيه الخليفة المعتمد.
قال الصولي: تخيل المعتمد من أخيه، فكاتب أحمد بن طولون،
واتفقا، وقال المعتمد: أليس من العجائب أن مثلي * يرى ما
قل ممتنعا عليه وتؤكل باسمه الدنيا جميعا * وما من ذاك شئ
في يديه ؟ ! ! (2) فبلغنا أن ابن طولون جمع العلماء
والاعيان، وقال: قد نكث الموفق أبو أحمد بأمير المؤمنين،
فاخلعوه من العهد فخلعوه، إلا بكار بن قتيبة.
وقال: أنت أوردت علي كتاب المعتمد بتوليته العهد، فهات
كتابا آخر منه بخلعه.
قال: إنه محجور عليه ومقهور ؟ قال: لا أدري.
فقال له: غرك الناس بقولهم: ما في الدنيا مثل بكار، أنت قد
خرفت وقيده وحبسه، وأخذ منه جميع عطائه من سنين، فكان عشرة
آلاف دينار، فقيل: إنما وجدت بختومها وحالها.
وبلغ ذلك الموفق، فأمر بلعن ابن طولون على المنابر.
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 291، و " النجوم الزاهرة " 3 /
18 (2) سبق تخريج البيتين في ص: 548 من هذا الجزء.
(*)
(12/602)
ونقل القاضي ابن خلكان أن ابن طولون كان ينفذ إلى بكار في
العام ألف دينار، سوى المقرر له، فيتركها بختمها، فلما
دعاه إلى خلع الموفق، طالبه بجملة المال، فحمله إليه
بختومه ثمانية عشر كيسا، فاستحيا ابن طولون عند ذلك، ثم
أمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري، ففعل،
واستخلفه، وكان يحدث من طاقة السجن، لان أصحاب الحديث
طلبوا ذلك من أحمد، فأذن لهم على هذه الصورة (1).
قال ابن خلكان: وكان بكار تاليا للقرآن، بكاء صالحا دينا،
وقبره مشهور قد عرف باستجابة الدعاء عنده (2).
قال الطحاوي: كان على نهاية في الحمد على ولايته، وكان ابن
طولون على نهاية في تعظيمه وإجلاله إلى أن أراد منه خلع
الموفق، قال: فلما رأى أنه لا يلتئم له ما يحاوله ألب عليه
(3) سفهاء الناس، وجعله لهم خصما، فكان يقعد له من يقيمه،
مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحجة لنفسه، ثم حبسه في
دار، فكان كل جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة، ويمشي إلى
الباب، فيقولون له الموكلون (4) به: ارجع، فيقول: اللهم
اشهد.
قال أبو عمر الكندي: قدم بكار قاضيا من قبل المتوكل في
جمادى
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 280 ونقلها عنه ابن تغري بردي
في " النجوم الزاهرة " 3 / 19.
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 279 و 280.
(3) في الاصل: عليها.
(4) كذا الاصل، وهي لغة لطئ، وهي لغة ثابتة، خرجوا عليها
قوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا) على أحد المذاهب،
ومثله: " يتعاقبون فيكم ملائكة ".
وقال سيبويه: لغة " أكلوني البراغيث " ليست في القرآن.
قال: والضمير في (وأسروا النجوى) فاعل.
و " الذين ": بدل منه.
(*)
(12/603)
الآخرة سنة ست وأربعين ومئتين، فلم يزل قاضيا إلى أن توفي
في ذي الحجة سنة سبعين ومئتين.
وقيل: شيعه خلق عظيم أكثر ممن يشهد صلاة العيد، وأمهم عليه
ابن أخيه محمد بن الحسن بن قتيبة الثقفي.
رحمه الله تعالى.
قلت: عاش تسعا وثمانين سنة.
وفيها مات أحمد بن طولون صاحب مصر، وإبراهيم بن مرزوق،
وأسيد بن عاصم، والحسن بن علي بن عفان، والربيع المرادي،
وزكريا ابن يحيى المروزي، وعباس بن الوليد بن مزيد، ومحمد
بن مسلم بن وارة، ومحمد بن هشام بن ملاس، ومحمد بن ماهان
رفيقه، وأحمد بن المقدام الهروي، وأحمد بن عبد الله
البرقي، وداود الظاهري، وأبو بكر الصغاني، وأبو البختري
ابن شاكر.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا
في سنة تسع وست مئة، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن
طلاب، أخبرنا ابن جميع، حدثنا الحسن بن محمد بن النعمان
بصور، حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو مطرف بن أبي الوزير،
حدثنا موسى بن عبد الملك بن عمير، عن أبيه، عن شيبة
الحجبي، عن عمه - يعني عثمان بن طلحة - قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم
عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه
إليه " (1).
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف موسى بن عبدالملك ضعفه أبو حاتم كما
في " الجرح والتعديل " 8 / 151، وذكره البخاري في "
الضعفاء "، وأورده المؤلف في " الميزان " 4 / 213 في ترجمة
موسى، ونقل قول أبي حاتم فيه: هذا منكر.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 429 من طريق بكار بن
قتيبة بهذا الاسناد، وقال: أبو المطرف محمد بن أبي الوزير
من ثقات البصريين وقدمائهم، قال الذهبي في " المختصر " لكن
موسى ضعفه أبو حاتم.
(*)
(12/604)
أخبرنا علي بن أحمد الحسيني بالاسكندرية، أخبرنا محمد بن
أحمد ببغداد، أخبرنا محمد بن عبيد الله، أخبرنا أبو نصر
الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد،
حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا سليم
بن حيان، حدثنا سعيد بن ميناء، حدثنا ابن الزبير، أخبرتني
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: " لو لا
أن قومك حديثو عهد بالجاهلية، لهدمت الكعبة، وألزقتها
بالارض، ولجعلت لها بابين: بابا شرقيا، وبابا غربيا، ولزدت
ستة أذرع من الحجر في البيت، فإن قريشا استقصرت لما بنت
البيت " (1).
230 - محمد بن يحيى * (س) ابن
كثير، الامام، محدث حران، أبو عبد الله، الكلبي
الحراني الحافظ لؤلؤ.
وقيده ابن نقطة: يؤيؤ، بياءين، والاول أصح.
سمع أبا قتادة عبد الله بن واقد، وعثمان بن عبدالرحمن
الطرائفي، وأبا اليمان البهراني، وأحمد بن يونس، والنفيلي،
وعدة.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1333) (401) من طريق محمد
بن حاتم، حدثني ابن مهدي، حدثنا سليم بن حيان بهذا
الاسناد، وأخرجه من حديث عائشة البخاري
1 / 198، 199 في العلم: باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن
يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه، و 3 / 351 في
الحج: باب فضل مكة وبنيانها و 6 / 392 في الانبياء: باب
قول الله تعالى * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * و 8 / 129
في التفسير و 13 / 196 في التمني: باب ما يجوز من اللو،
وأخرجه مسلم (1333) ومالك 1 / 363، 364، والترمذي (875)
والنسائي 5 / 214، 216.
* الجرح والتعديل 8 / 125، الانساب، ورقة: 161 / ب، تهذيب
الكمال: 1288، تهذيب التهذيب 9 / 521، 522، خلاصة تذهيب
الكمال: 364، تذهيب التهذيب 4 / 11، 12.
(*)
(12/605)
وعنه: النسائي في " سننه "، وقال: هو ثقة (1)، وأبو عروبة
الحراني، وأبو عوانة، وأبو علي محمد بن سعيد الرقي،
وآخرون.
توفي في سنة سبع وستين ومئتين.
231 - أبو أحمد الفراء * (س)
الامام العلامة الحافظ الاديب، أبو أحمد، محمد بن عبد
الوهاب ابن حبيب بن مهران، العبدي الفراء
النيسابوري.
ويعرف أيضا ب: حمك (2).
كان وجه مشايخ نيسابور عقلا وعلما وجلالة وحشمة.
ولد بعد الثمانين ومئة.
وسمع جعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، ومحاضر بن المورع، وابن
كناسة، وعبيدالله بن موسى، وحفص بن عبدالرحمن الفقيه،
والحسين بن الوليد، وحفص بن عبد الله السلمي، ومحمد بن
الحسن بن زبالة، وأبا عبدالرحمن المقرئ، وشبابة بن سوار،
والواقدي، وخلقا
كثيرا.
وأخذ الادب عن الاصمعي، وأبي عبيد، وطائفة، وعلم الحديث
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 9 / 522 وجاء فيه: وذكره ابن حبان
في " الثقات ".
وقال أبو عوانة: كان كيسا من أهل الصناعة.
وقال ابن حجر: قال مسلمة: ثقة.
* الجرح والتعديل 8 / 13، تهذيب الكمال: 1235، تذهيب
التهذيب 3 / 228 / 1، تذكرة الحفاظ 2 / 599، 600، العبر 2
/ 50، الوافي بالوفيات 4 / 74، تهذيب التهذيب 9 / 319،
320، طبقات الحفاظ: 262، خلاصة تذهيب الكمال: 349، شذرات
الذهب 2 / 163.
(2) بالحاء المهملة والكاف " التبصير " 1 / 263.
(*)
(12/606)
عن علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والفقه عن أبيه، وعلي
بن عثام.
حدث عنه: أبو النضر شيخه، وبشر بن الحكم، والذهلي، وأحمد
بن الازهر، والنسائي في " سننه "، ومسلم في بعض تصانيفه
ووثقه، وإبراهيم بن أبي طالب، والامام ابن خزيمة، وأبو
العباس السراج، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الاخرم،
والحسن بن يعقوب، وآخرون.
قال الحاكم: كان يفتي في الفقه والحديث والعربية، ويرجع
إليه فيها.
جرى ذكر السلاطين، فقال أبو أحمد: اللهم أنسهم ذكري، ومن
أراد ذكري عندهم، فاشدد على قلبه فلا يذكرني (1).
وقال أبو أحمد: أول ما كتبت في سنة سبع وتسعين ومئة.
قلت: مات عن نيف وتسعين سنة في أواخر سنة اثنتين وسبعين
ومئتين.
وقيل: عاش خمسا وتسعين سنة.
انتقى عليه مسلم.
وفي " صحيح " البخاري (2): حدثنا أبو أحمد،
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 2 / 599.
(2) 4 / 239 في الشروط: باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت
أخرجتك.
قال الحافظ تعليقا على قول البخاري: حدثنا أبو أحمد: كذا
للاكثر غير مسمى ولا منسوب، ولابن السكن في روايته عن
الفربري، ووافقه أبو ذر: حدثنا أبو أحمد مرار بن
حمويه...وهو همذاني ثقة مشهور، وليس له في البخاري غير هذا
الحديث، وقال الحاكم: أهل بخارى يزعمون أنه أبو أحمد محمد
بن يوسف البيكندي، ويحتمل أن يكون المراد أبو أحمد محمد بن
عبد الوهاب الفراء، فإن أبا عمرو المستملي رواه عنه عن أبي
غسان.
والمعتمد ما وقع في ذلك عند ابن السكن ومن وافقه، وجزم أبو
نعيم أنه مرار المذكور، وقال: لم يسمه البخاري، والحديث
حديثه، ثم أخرجه من طريق موسى بن هارون، عن مرار.
قلت (القائل ابن حجر): وكذلك أخرجه الدارقطني في الغرائب
من طريقه، ورواه ابن وهب عن مالك بغير إسناد، وأخرجه عمر
بن شبة في " أخبار المدينة " انظر المقدمة ص 236، 237.
(*)
(12/607)
حدثنا أبو غسان، فقيل: هو هو، ويقال: هو مرار بن حمويه،
وقيل محمد بن يوسف البيكندي.
قال علي بن الحسن الدرابجردي: أبو أحمد عندي ثقة مأمون
(1).
232 - الحسين بن محمد بن أبي
معشر * نجيح، السندي المدني ثم البغدادي.
حدث عن: وكيع بن الجراح، ومحمد بن ربيعة الكلابي.
حدث عنه: محمد بن أحمد الحكيمي، وإسماعيل الصفار، وعثمان
بن السماك، وجماعة.
قال أبو الحسين المنادي: حدث عن وكيع، ولم يكن بالثقة،
فتركه الناس (2).
مات هو وأبو عوف البزوري في يوم واحد من رجب، سنة خمسة
وسبعين ومئتين.
233 - أبوه * * (ت) هو
المحدث المعمر، أبو عبد الملك، محمد بن أبي معشر،
__________
(1) " تهذيب التهذيب " 9 / 320.
ووثقه مسلم، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال الحاكم:
كان من أعقل مشايخنا.
* تاريخ بغداد 8 / 91، 92، ميزان الاعتدال 1 / 547، لسان
الميزان 2 / 312.
(2) " ميزان الاعتدال " 1 / 547 وقال الذهبي فيه: فيه لين.
وقال ابن قانع: ضعيف.
وقال ابن حجر في " لسان الميزان " 2 / 312: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
* * الجرح والتعديل 8 / 110، تاريخ بغداد 3 / 326، 327،
الانساب 7 / 171، تهذيب الكمال: 1279، ميزان الاعتدال 4 /
55، تهذيب التهذيب 9 / 488، خلاصة تذهيب الكمال: 361.
(*)
(12/608)
المدني نزيل بغداد.
حدث عن: أبيه وغيره.
وما علمته إلا صدوقا (1).
حدث عنه: الترمذي، ثم روى عن رجل عنه.
مات سنة سبع وأربعين ومئتين.
وله مئة سنة إلا سنة.
وجده: هو المحدث الامام صاحب المغازي، أبو معشر، نجيح بن
عبدالرحمن، مر (2).
234 - أحمد بن سيار *
(س)
ابن أيوب بن عبدالرحمن، الامام الكبير الحافظ الحجة، أبو
الحسن، المروزي الفقيه، عالم مرو.
سمع عفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وعبدان بن عثمان، ويحيى
بن بكير، ومحمد بن كثير، وإسحاق بن راهويه، وصفوان بن صالح
الدمشقي، وطبقتهم بالحجاز والعراق ومصر والشام وخراسان.
وجمع وصنف.
حدث عنه: النسائي، والبخاري في غير " الصحيح "، ومحمد بن
__________
(1) جاء في " تهذيب التهذيب " 9 / 288: قال أبو حاتم: محله
الصدق.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وقال أبو يعلى الموصلي: ثقة.
(2) في الجزء السابع، ص: 435.
* الجرح والتعديل 2 / 53، تاريخ بغداد 4 / 187، 189، تهذيب
الكمال: 23، تذهيب التهذيب 1 / 12 / 1، تذكرة الحفاظ 2 /
559، 560، العبر 2 / 37، 38، مرآة الجنان 2 / 181، طبقات
الشافعية للسبكي 2 / 183، تاريخ ابن كثير 11 / 42، تهذيب
التهذيب 1 / 35، 36، النجوم الزاهرة 3 / 44، خلاصة تذهيب
الكمال: 7، شذرات الذهب 2 / 154.
(*)
(12/609)
نصر المروزي، وأبو بكر بن أبي داود، وابن خزيمة، ومحمد بن
عقيل البلخي، وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب، وحاجب بن
أحمد الطوسي وآخرون.
صنف تاريخا لمرو.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: حدثنا عنه علي بن الجنيد:
ورأيت أبي يطنب في مدحه، ويذكره بالعلم والفقه (1).
قلت: قد عد في الفقهاء الشافعية، وهو صاحب وجه، أوجب
الاذان للجمعة فقط، وأوجب رفع اليدين في تكبيرة الاحرام
كمذهب داود.
وقد كان بعض العلماء يشبهه في زمانه بابن المبارك علما
وفضلا رحمهما الله.
وقد روى البخاري في " صحيحه ": (2) حدثنا أحمد، حدثنا
المقدمي.
فقيل: إنه هو.
قال النسائي: ثقة.
وقال مرة: ليس به بأس.
وقال الدارقطني: ثقة، حدثنا عنه ابن صاعد.
وقال ابن أبي داود: كان من حفاظ الحديث (3).
__________
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 53.
(2) 13 / 347 في التوحيد: باب (وكان عرشه على الماء) قال
أبو علي الجياني: لم ينسب أبو علي بن السكن ولا غيره من
رواة الجامع هذا، وقال الكلاباذي: يقال: إنه أحمد بن سيار،
وقال الحاكم أبو عبد الله: هو عندي أحمد بن النضر، واعتمد
الحافظ ابن حجر قول الكلاباذي.
(3) " تهذيب التهذيب " 1 / 35 وجاء فيه: قال الحربي: كنا
نعرفه بالفضل والورع.
وقال ابن البيع: حدثني بعض مشايخنا بمرو أنه كان يقاس بابن
المبارك في عصره.
وقال ابن = (*)
(12/610)
قلت: عاش سبعين سنة.
مات في ربيع الآخر سنة ثمان وستين ومئتين.
235 - عبد الله بن حماد
* (خ) ابن أيوب، الامام الحافظ البارع الثقة، أبو عبد
الرحمن الآملي، آمل جيحون، وهي بليدة من أعمال مرو.
ويقال لها: أمو، ومن ثم قيل له: الاموي، بفتحتين.
سمع القعنبي، وأبا اليمان، وسليمان بن حرب، وسعيد بن أبي
مريم، ويحيى الوحاظي، ويحيى بن معين، وأبا الجماهر
الكفرسوسي.
وعنه: البخاري فيما قيل، فقد قال: حدثنا عبد الله، حدثنا
سليمان بن عبدالرحمن، والذي عندي أن عبد الله هذا هو ابن
أبي الخوارزمي، فإن البخاري نزل عنده بخوارزم، ونظر في
كتبه، وعلق منه أشياء.
وحدث عن الآملي: عمر بن بجير، وإبراهيم بن خزيم (1)،
والهيثم بن كليب، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي،
والقاضي المحاملي.
مات في رجب سنة ثلاث وسبعين ومئتين.
وقيل: بل مات سنة تسع وستين في ربيع الآخر.
__________
= حبان في الثقات: كان من الجماعين للحديث والرحالين فيه
مع التيقظ والاتقان والذب عن المذهب، والتضييق على أهل
البدع.
وقال ابن حجر: وهو أحد من أدخل فقه الشافعي على خراسان
أخذه عن الربيع وغيره.
وله كتاب " فتوح خراسان ".
* تاريخ بغداد 9 / 444، 445، تهذيب الكمال: 675، تذهيب
التهذيب 2 / 139 / 1، تهذيب التهذيب 5 / 190، 191، خلاصة
تذهيب الكمال: 195.
(1) بضم الخاء المعجمة، وفتح الزاي المعجمة أيضا، وهو
الشاشي صاحب عبد بن حميد.
انظر " المشتبه " 1 / 263.
(*)
(12/611)
236 - التبعي * الامام الثقة، محدث همذان، أبو العباس،
أحمد بن محمد
بن سعيد بن أبان القرشي مولاهم الهمذاني، المعروف بالتبعي،
من موالي بني أمية.
حدث ببلده وببغداد عن: القاسم بن الحكم العرني، وأصرم بن
حوشب، والحسن بن موسى الاشيب، وجماعة.
روى عنه: مطين، والامام ابن خزيمة، ويحيى بن صاعد، وابن
أبي حاتم، والحسين المحاملي، ومحمد بن مخلد، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: صدوق (1).
قلت: توفي سنة سبع وستين ومئتين.
237 - البرلسي * * الامام
الحافظ المتقن، أبو إسحاق، إبراهيم بن أبي داود سليمان ابن
داود، الاسدي، الكوفي الاصل، الصوري المولد البرلسي
الدار، بفتح الباء والراء، وضم اللام.
قيده ابن نقطة (2).
__________
* الجرح والتعديل 2 / 72، تاريخ بغداد 5 / 12، 13، الانساب
2 / 167، اللباب 1 / 207.
(1) " الجرح والتعديل " 2 / 72، و " تاريخ بغداد " 5 / 13،
ووثقه الخطيب أيضا في " تاريخ بغداد " 5 / 12.
* * الانساب، ورقة: 76 / أ، اللباب 1 / 142، المنتظم 5 /
85، شذرات الذهب 2 / 162.
(2) وكذا ضبطها ياقوت في " معجمه " وضبطها السمعاني في "
الانساب " وتبعه ابن الاثير في " اللباب " بالضمات.
وهي نسبة إلى البرلس، بليدة من سواحل مصر.
(*)
(12/612)
سمع من: آدم بن أبي إياس، وسعيد بن أبي مريم، وأبي مسهر
الدمشقي، ورواد بن الجراح، ويحيى بن صاعد، ويزيد بن عبد
ربه، وبكار بن عبد الله السيريني (1)، وعمرو بن عوف،
والتبوذكي، وعدة.
وعنه: الطحاوي فأكثر، وابن صاعد، وابن جوصا، ومحمد بن يوسف
الهروي، وأبو العباس الاصم، وأبو الفوارس بن السندي،
وآخرون.
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن جوصا يقول: ذاكرت أبا اسحاق
البرلسي، وكان من أوعية الحديث.
وقال ابن يونس: كان أحد الحفاظ المجودين الثقات الاثبات.
مولده بصور، وتوفي بمصر..وقال الطحاوي: مات في شعبان سنة
سبعين ومئتين.
238 - محمد بن عوف *
(د) ابن سفيان، الامام الحافظ المجود، محدث حمص، أبو جعفر
الطائي الحمصي.
سمع عبيدالله بن موسى، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبا
المغيرة، الخولاني، وأحمد بن خالد الوهبي، وعبد السلام بن
عبدالحميد
__________
(1) بكسر السين والراء المهملتين: نسبة إلى والد محمد بن
سيرين.
قال أبو حاتم بن حبان: لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا
انفرد.
* الجرح والتعديل 8 / 52، 53، طبقات الحنابلة 1 / 310،
313، تهذيب الكمال: 1253، تذكرة الحفاظ 2 / 581، 582،
العبر 2 / 50، الوافي بالوفيات 4 / 293، تهذيب التهذيب 9 /
383، 384، النجوم الزاهرة 3 / 69، طبقات الحفاظ: 258،
خلاصة تذهيب الكمال: 354، شذرات الذهب 2 / 163.
(*)
(12/613)
السكوني، وهاشم بن عمرو شقران، وأبا مسهر، وآدم بن أبي
إياس، وعلي بن عياش، وخلقا كثيرا بالعراق والشام.
حدث عنه: أبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي في "
مسند علي "، وأبو زرعة الدمشقي، وابن أبي داود، وابن صاعد،
وابن جوصا، ومكحول البيروتي، وأبو عروبة، وأبو بشر
الدولابي، وعبد الغافر بن سلامة، وخيثمة الاطرابلسي،
وحفيده حسن بن عبدالرحمن، وآخرون.
وسمع منه الامام أحمد حديثا، وهو ما رواه تمام، وابن أبي
نصر، قالا: حدثنا خيثمة، حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبي،
حدثنا شقير مولى العباس، سمعت الهدار - وكان من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم - يقول للعباس ابن وليد، ورأى
إسرافه في خبز السميذ وغيره: لقد رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وما شبع من خبز بر حتى فارق الدنيا (1).
قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: سمعت محمد بن عوف يقول: كنت
ألعب في الكنيسة بالكرة وأنا حدث، فدخلت الكرة، فوقعت قرب
المعافى بن عمران الحمصي، فدخلت لاخذها، فقال: ابن من أنت
؟ قلت: ابن عوف بن سفيان.
قال: أما إن أباك كان من إخواننا، فكان
__________
(1) والد محمد بن عوف وشقير مولى العباس لم أجد من
ترجمهما، والهدار لا يعرف إلا بهذا الحديث وبمثله لا تثبت
الصحبة، ذكره الحافظ في الاصابة 3 / 600 وقال: قال أبو
عمر: له صحبة، وقال ابن مندة: يعد في الحمصيين، وقال عبد
الغني بن سعيد في " تاريخ حمص ": حدثنا محمد بن عوف وكتبه
عنه أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا شقير (وقد تحرف فيه
إلى سفيان) مولى العباس عن الهدار الكناني...وأخرجه ابن
مندة عن خيثمة عن محمد بن عوف، وقال: غريب، وأخرجه ابن
السكن من رواية محمد بن عوف...وقال: لا يروى عن هدار شئ
إلا من هذا الوجه، وكذا رواه ابن قانع من رواية محمد بن
عوف.
وانظر " الاستيعاب " 3 / 625، و " أسد الغابة " 5 / 389.
(*)
(12/614)
ممن يكتب معنا الحديث والعلم، والذي كان يشبهك أن تتبع ما
كان عليه والدك.
فصرت إلى أمي، فأخبرتها، فقالت: صدق، هو صديق لابيك،
فألبستني ثوبا وإزارا، ثم جئت إلى المعافى، ومعي محبرة
وورق.
فقال لي: اكتب: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد ربه بن
سليمان، قال: كتبت لي أم الدرداء في لوحي: اطلبوا العلم
صغارا، تعملوا به كبارا، فإن لكل حاصد ما زرع.
قال أبو حاتم: هو صدوق (1).
وقيل لابن معين في حديث لابن عوف، فقال: هو أعرف بحديث أهل
بلده.
وقال ابن عدي: هو عالم بحديث الشام صحيحا وضعيفا.
وكان على ابن عوف اعتماد ابن جوصا، ومنه يسأل، وخاصة حديث
حمص (2).
وعن أحمد بن حنبل، قال: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثل
محمد بن عوف (3).
وكذلك أثنى طائفة من الكبار على ابن عوف، ووصفوه بالحفظ
والعلم والتبحر.
قال ابن المنادي: مات ابن عوف في وسط سنة اثنتين وسبعين
ومئتين رحمه الله.
__________
(1) " الجرح والتعديل " 8 / 53.
(2) " تهذيب التهذيب " 9 / 384 وجاء فيه: قال مسلمة في "
الصلة " ثقة، وقال الخلال: هو إمام حافظ في زمانه، معروف
بالتقدم في العلم والمعرفة.
(3) " الوافي بالوفيات " 4 / 294.
(*)
(12/615)
أخبرنا محمد بن علي سنة أربع وتسعين، أخبرنا محمد بن
السيد، أخبرنا الخضر بن عبدان، أخبرنا علي بن أبي العلاء،
اخبرنا أبو نصر محمد بن احمد بن هارون، حدثنا خيثمة بن
سليمان، حدثنا محمد بن عوف، حدثنا عثمان بن سعيد، اخبرنا
شعيب، هو ابن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الخيل معقود في نواصيها
الخير " (1).
239 - محمد بن أحمد بن حفص
* الامام المفتي الفقيه، أبو عبد الله، الحرشي النيسابوري
الحيري، والد الامام أبي عمرو.
سمع مسلم بن إبراهيم، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب،
وعبدان بن عثمان، ويحيى بن يحيى، وإسماعيل بن أبي أويس،
وطبقتهم.
وبرع في الفقه.
روى عنه: أحمد بن المبارك المستملي، وأبو عمرو الحيري،
وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون.
قال أبو عمرو الحيري: سمعت أبي يقول: قلت للقعنبي: ما لك
لا تروي عن شعبة غير حديث ؟.
قال: كان يستثقلني فلا يحدثني.
قال ابن خزيمة: أول من حمل علم الشافعي إلى خراسان محمد بن
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مالك 2 / 22 بشرح السيوطي، ومن
طريقه البخاري 6 / 40 في الجهاد: باب الخيل معقود في
نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ومسلم (1871) في الامارة:
باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، عن نافع، عن
ابن عمر، وأخرجه النسائي 6 / 221، 222 من طريق قتيبة بن
سعيد، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر.
* الانساب 4 / 111، الوافي بالوفيات 2 / 30، 31.
(*)
(12/616)
أحمد بن حفص، يعني: كتاب " الرسالة " (1).
توفي أبو عبد الله في رجب سنة ثلاث وستين ومئتين.
قيدها أبو عمرو المستملي.
سميه:
240 - محمد بن أحمد بن حفص بن
الزبرقان * مولى بني عجل، عالم ما وراء النهر، شيخ
الحنفية، أبو عبد الله البخاري.
تفقه بوالده العلامة أبي حفص.
قال أبو عبد الله بن مندة: كان عالم أهل بخارى وشيخهم.
سمعت ابن الاخرم يقول: سمعت أحمد بن سلمة يقول: سئل محمد
بن إسماعيل البخاري عن القرآن، فقال: كلام الله.
فقالوا: كيفما تصرف ؟ فقال: والقرآن يتصرف بالالسنة ؟
فأخبر محمد بن يحيى، فقال: من أتى مجلسه فلا يأتني.
وأخرج جماعة، فخرج إلى بخارى.
وكتب الذهلي إلى خالد أمير بخارى وإلى شيوخها بأمره، فهم
خالد حتى أخرجه محمد بن أحمد بن حفص إلى بعض رباطات بخارى،
فبقي إلى أن كتب إلى أهل سمرقند يستأذنهم في القدوم عليهم،
فامتنعوا عليه.
ومات في قرية.
قال ابن مندة: نسخة كتاب أبي عبد الله بن أبي حفص في "
الرد
__________
(1) " أنساب " السمعاني 4 / 111 وتتمته فيه: فإنه لم يدخل
مصر ولم يدرك الشافعي بنفسه.
* لم نجد له ترجمة فيما وقفنا عليه من مصادر.
(*)
(12/617)
على اللفظية ": الحمد لله الذي حمد نفسه، وأمر بالحمد
عباده..فسرد كتابا في ذلك.
وكان قد ارتحل، وسمع من أبي الوليد الطيالسي، والحميدي،
وأبي نعيم عارم، ويحيى بن يحيى، والتبوذكي، وعبد الله بن
رجاء، وطبقتهم.
ورافق البخاري في الطلب مدة، وله كتاب " الاهواء والاختلاف
".
وكان ثقة إماما ورعا زاهدا ربانيا، صاحب سنة واتباع، لقي
أبا نعيم وهو أكبر شيوخه، وكان يقول بتحريم النبيذ المسكر.
وكان أبوه من كبار تلامذة محمد بن الحسن انتهت إليه رئاسة
الاصحاب ببخارى، وإلى ابنه أبي عبد الله هذا.
وتفقه عليه أئمة.
قال أبو القاسم بن مندة: توفي أبو عبد الله في رمضان سنة
أربع وستين ومئتين رحمه الله.
قلت: روى عنه أبو عصمة أحمد بن محمد اليشكري، وعبدان بن
يوسف، وعلي بن حسن بن عبدة، وطائفة، آخرهم وفاة أحمد بن
خالد البخاري.
241 - زغاث * (1) الشيخ الحافظ
الثقة، أبو موسى، عيسى بن عبد الله بن سنان بن
__________
* تاريخ بغداد 11 / 170، تذكرة الحفاظ 2 / 610، طبقات
الحفاظ: 272.
(1) وقد صحفت في " تاريخ بغداد " 11 / 170 إلى رغاث،
بالراء المهملة.
وفي " تذكرة الحفاظ " 2 / 610: إلى رعاب، بإهمال الراء
والعين، وباء بواحدة من تحت، وفي " طبقات
الحفاظ " 72: إلى زغاب، باعجام الزاي والغين، وباء بواحدة
من تحت.
(*)
(12/618)
دلويه، البغدادي الطيالسي، زغاث.
سمع عبيدالله بن موسى، وأبا عبدالرحمن المقرئ، وأبا نعيم،
وعفان، وأبا بكر الحميدي، وأمثالهم.
وعنه: إسماعيل الصفار، ومحمد بن البختري، وأحمد بن كامل،
وأبو بكر الشافعي، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
وقال أحمد بن المنادي: كان يعد في الحفاظ، قال: ومات في
شوال سنة سبع وسبعين ومئتين (1).
أنبأنا جماعة سمعوا عمر بن طبرزد، أخبرنا ابن الحصين،
أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا عيسى بن
عبد الله الطيالسي، أخبرنا أبو غسان، حدثنا عمارة - هو ابن
زاذان - أخبرنا ثابت، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يعجبه الدباء، وهو القرع (2).
242 - يحيى بن أبي طالب * جعفر
بن عبد الله بن الزبرقان، الامام المحدث العالم،
أبو بكر، البغدادي، أخو العباس والفضل.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 170، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 610
و " طبقات الحفاظ ": 272.
(2) صحيح، وأخرجه الترمذي في " الشمائل " 1 / 252، 253 من
طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي،
كلاهما عن شعبة، عن قتادة، عن أنس وأخرجه أحمد 3 / 177، و
274 و 239 من طرق عن شعبة، عن قتادة، عن أنس.
وهو في سنن ابن
ماجة (3302) من طريق أحمد بن منيع، عن عبيدة بن حميد، عن
أنس.
* تاريخ بغداد 14 / 220، 221، ميزان الاعتدال 4 / 386،
387، الجرح والتعديل 9 / 134، لسان الميزان 6 / 245 و 262،
263.
(*)
(12/619)
مولده سنة اثنتين وثمانين ومئة.
سمع علي بن عاصم، وأبا بدر شجاع بن الوليد، ويزيد بن
هارون، ومعروفا الزاهد، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبا داود
الطيالسي، وزيد بن الحباب، وطبقتهم.
حدث [ عنه ]: أبو بكر بن أبي الدنيا، وابن صاعد، وأبو جعفر
ابن البختري، وعثمان بن السماك، وأبو سهل القطان، وأبو بكر
النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وخلق سواهم.
قال أبو حاتم: محله الصدق (1).
وقال البرقاني: أمرني الدارقطني أن أخرج ليحيى بن أبي طالب
في الصحيح.
وأما أبو أحمد الحاكم، فقال: ليس بالمتين.
وقال موسى بن هارون: أشهد عليه أنه يكذب (2) يريد في كلامه
لا في الرواية - نسأل الله لسانا صادقا.
وهو موالي بني هاشم.
يقع عواليه لي ولاولادي توفي في شوال سنة خمس وسبعين
ومئتين.
أخوه:
__________
(1) " الجرح والتعديل " 9 / 134.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 221، و " لسان الميزان " 6 / 263
وجاء فيه: قال مسلمة بن
قاسم: ليس به بأس، تكلم الناس فيه.
(*)
(12/620)
243 - الفضل بن جعفر
* (ت) سمع يزيد بن هارون، وحجاج بن محمد، وعدة.
وعنه: الترمذي، والقاضي المحاملي، وجماعة.
ثقة (1).
توفي سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
يكنى أبا سهل.
أخوهما.
244 - العباس بن أبي طالب
* * (ق) أبو محمد.
ثقة سمع شبابة، ويحيى بن أبي بكير، وهوذة.
وعنه: ابن ماجة، وابن أبي داود، وعمر بن بجير، وعبد الرحمن
ابن أبي حاتم.
توفي سنة ثمان وخمسين ومئتين (2).
__________
* الجرح والتعديل 7 / 60، تاريخ بغداد 12 / 364، تهذيب
الكمال: 1096، تذهيب التهذيب 3 / 137 / 1، تهذيب التهذيب 8
/ 269، خلاصة تذهيب الكمال: 308.
(1) ووثقه الخطيب البغدادي 12 / 364، وقال ابن حجر في "
تهذيب التهذيب " 8 / 269: ذكره ابن حبان في " الثقات ".
* * الجرح والتعديل 6 / 215، تاريخ بغداد 12 / 141، 142،
تهذيب الكمال: 657، تذهيب التهذيب 2 / 124 / 2، تهذيب
التهذيب 5 / 115، 116، خلاصة تذهيب الكمال: 188.
(2) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 6 / 215: سمعت
منه مع أبي ببغداد وهو
ثقة، وسئل عنه أبي فقال: صدوق.
وقال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 5 / 115: ذكره ابن حبان
في " الثقات ".
وقال عبد الله بن إسحاق المدائني: حدثنا عباس بن أبي طالب،
وكان ثقة: وقال مسلمة: بغدادي ثقة.
(*)
تعليق المستخدم :[244
- العباس بن أبي طالب] :
في الأصل [243] وهو خطأ وقمت بتصحيحه ، وصوابه [244] .
حرره : عبد الرحمن الشامي
(12/621)
245 - يوسف بن سعيد
* (س) ابن مسلم، الامام الحافظ الحجة المصنف، أبو يعقوب
المصيصي.
ولد سنة نيف وثمانين ومئة.
وسمع حجاج بن محمد الاعور، ومحمد بن مصعب القرقساني (1)
وعبيدالله بن موسى، وخالد بن يزيد القسري، وهوذة بن خليفة،
وأبا مسهر الغساني، والهيثم بن جميل، ومحمد بن المبارك
الصوري، وعدة.
حدث عنه: النسائي، وقال: ثقة حافظ، وأبو عوانة، ويحيى بن
صاعد، وأبو بكر بن زياد، ومحمد بن أحمد بن صفوة، ومحمد بن
الربيع الجيزي، وآخرون.
قال الدارقطني: ومسلم، بالتشديد: يوسف بن سعيد بن مسلم:
حدثنا عنه جماعة.
وقال ابن أبي حاتم: كان ثقة صدوقا (2).
__________
* الجرح والتعديل 9 / 224، اللباب 3 / 221، تهذيب الكمال:
1558، 1559، تذهيب التهذيب 4 / 190 / 1، تذكرة الحفاظ 2 /
583، 584، تهذيب التهذيب 11 / 414، 415، طبقات الحفاظ:
259، خلاصة تذهيب الكمال: 439، شذرات الذهب 2 / 162.
(1) بفتح القافين، بينهما الراء ساكنة: هذه النسبة إلى
قرقيسيا، وهي بلدة بالجزيرة
على ستة فراسخ من رحبة مالك بن طوق قريبة من الرقة.
قال السمعاني: والنسبة بإثبات النون وإسقاطها، والقائل
بالنون وإثباتها أكثر حتى اشتهر بذلك.
ومحمد بن مصعب هو أبو عبد الله.
كان حافظا كثير الغلط، وقيل: إنه منكر الحديث.
مات سنة ثمان ومئتين.
انظر ترجمته في " الانساب " 10 / 106.
(2) " الجرح والتعديل " 9 / 224، و " تهذيب التهذيب " 11 /
415 وجاء فيه أيضا: قال = (*)
(12/622)
قلت: توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين ومئتين من
أبناء التسعين.
246 - أمير الاندلس * المنذر
بن محمد بن عبدالرحمن المرواني، صاحب مدائن
الاندلس، قام بعد أبيه.
وكان فارسا شجاعا، ماضي العزيمة.
تملك نحوا من سنتين (1)، وعاش ستا وأربعين سنة.
توفي وهو يحاصر ملك الغرب عمر بن حفصون الثائر عليه (2)،
في شهر صفر، سنة خمس وسبعين فتملك بعده أخوه عبد الله إلى
سنة ثلاث مئة.
247 - الاثرم * * (س) الامام
الحافظ العلامة، أبو بكر، أحمد بن محمد بن هانئ،
__________
= النسائي: ثقة حافظ.
ثم قال ابن حجر: وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال مسلمة
بن قاسم: ثقة حافظ، وأبوه ثقة.
* العبر لابن خلدون 4 / 132، نفح الطيب 1 / 352، المغرب 1
/ 53، 54، جذوة المقتبس: 11، 12، الحلة السيراء 1 / 138،
140.
(1) ولي سلطنة الاندلس من سنة 273 إلى سنة 275 ه وقال
الحميدي: 11، اتصلت ولايته سنتين غير خمسة عشر يوما.
(2) هو من أهم الثوار في عصر محمد وابنه المنذر، وقد ارتد
عن الاسلام إلى النصرانية.
وقد ظل محتفظا بقلعته ببشتر، بين رندة ومالقة، وكانت من
أمنع قلاع الاندلس.
* * الجرح والتعديل 2 / 72، الفهرست: 285، طبقات الحنابلة
1 / 66، 74، تهذيب الكمال: 41، 42، تذهيب التهذيب 1 / 26 /
1، تذكرة الحفاظ 2 / 570، 572، العبر 2 / 22، تهذيب
التهذيب 1 / 78، 79، طبقات الحفاظ: 256، خلاصة تذهيب
الكمال: 12، شذرات الذهب 2 / 141، 142.
(*)
(12/623)
الاسكافي الاثرم الطائي، وقيل: الكلبي، أحد الاعلام، ومصنف
" السنن "، وتلميذ الامام أحمد.
ولد في دولة الرشيد.
وسمع من: عبد الله بن بكر السهمي إن شاء الله، ومن هوذة بن
خليفة، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبي نعيم، وعفان،
والقعنبي، وأبي الوليد الطيالسي، وعبد الله بن صالح الكاتب
الليثي، وعبد الله بن رجاء الغداني، وحرمي بن حفص، ومسدد
بن مسرهد، وموسى بن إسماعيل، وعمرو بن عون، وقالون عيسى،
وعبد الحميد بن موسى المصيصي، ومسلم بن إبراهيم، وأحمد بن
حنبل، وأبي جعفر النفيلي، وابن أبي شيبة، وخلق.
حدث عنه: النسائي في " سننه "، وموسى بن هارون، ويحيى بن
صاعد، وعلي بن أبي طاهر القزويني، وعمر بن محمد بن عيسى
الجوهري، وأحمد بن محمد بن شاكر الزنجاني، وغيرهم.
وله مصنف في علل الحديث.
قال الاثرم: سألت أبا عبد الله عن التعريف في الامصار،
يجتمعون في المساجد يوم عرفة، فقال: أرجو أن لا يكون به
بأس، فعله غير واحد: الحسن، وبكر بن عبد الله، وثابت،
ومحمد بن واسع، كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة.
وسألته عن القراءة بالالحان، فقال: كل شئ محدث، فإنه لا
يعجبني، إلا أن يكون صوت الرجل لا يتكلفه (1).
__________
(1) " طبقات الحنابلة " 1 / 67.
(*)
(12/624)
قال أبو بكر الخلال: كان الاثرم جليل القدر، حافظا، وكان
عاصم ابن علي لما قدم بغداد، طلب رجلا يخرج له فوائد
يمليها، فلم يجد (1) في ذلك الوقت غير أبي بكر الاثرم.
فكأنه لما رآه لم يقع منه موقعا لحداثة سنة.
فقال له أبو بكر: أخرج كتبك، فجعل يقول له: هذا الحديث خطأ
وهذا غلط، وهذا كذا.
قال: فسر عاصم بن علي به، وأملى قريبا من خمسين مجلسا (2).
وكان يعرف الحديث ويحفظ.
فلما صحب أحمد بن حنبل ترك ذلك، وأقبل على مذهب أحمد.
سمعت أبا بكر المروذي يقول: قال الاثرم: كنت أحفظ - يعني:
الفقه والاختلاف - فلما صحبت أحمد بن حنبل تركت ذلك كله.
وكان معه تيقظ عجيب، حتى نسبه يحيى بن معين، ويحيى بن أيوب
المقابري، فقال: كان أحد أبوي الاثرم جنيا (3).
ثم قال الخلال: وأخبرني أبو بكر بن صدقة، سمعت أبا القاسم
بن الختلي (4) قال: قام (5) رجل فقال: أريد من يكتب لي من
كتاب الصلاة ما ليس في كتب أبي بكر بن أبي شيبة.
فقلنا له ليس لك إلا أبو بكر الاثرم.
قال: فوجهوا إليه ورقا، فكتب ست مئة ورقة من كتاب الصلاة.
قال: فنظرنا، فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شئ (6).
__________
(1) في " طبقات الحنابلة ": نجد.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 72 وتتمته فيه: فعرضت على أحمد
بن حنبل، فقال: هذه أحاديث صحاح، والخبر في " تذكرة الحفاظ
" 2 / 571.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 72، 73، وسيرد الخبر في الصفحة
التالية وهو في " تذكرة الحفاظ " 2 / 571.
(4) في " طبقات الحنابلة ": الجيلي.
(5) في " طبقات الحنابلة ": قدم.
(6) " طبقات الحنابلة " 1 / 73.
(*)
(12/625)
قلت: كان عالما بتواليف ابن أبي شيبة، لازمه مدة.
قال الخلال أبو بكر: وسمعت الحسن بن علي بن عمر الفقيه
يقول: قدم شيخان من خراسان الحج (1)، فحدثا فلما خرجا طلب
قوم من أصحاب الحديث أحدهما.
قال: فخرجا - يعني: إلى الصحراء - فقعد هذا الشيخ ناحية
معه خلق ومستمل، وقعد الآخر ناحية كذلك، وقعد أبو بكر
الاثرم بينهما، وكتب ما أملى هذا وما أملى هذا (2).
قال: وأخبرني عبد الله بن محمد قال: سمعت سعيد بن عتاب
يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أحد أبوي الاثرم جنيا
(3).
وأخبرني أبو بكر بن صدقة، قال إبراهيم الاصبهاني، يعني:
ابن أورمة فيما أحسب، يقول: أبو بكر الاثرم أحفظ من أبي
زرعة الرازي وأتقن.
قلت: لم أظفر بوفاة الاثرم، ومات بمدينة إسكاف في حدود
الستين ومئتين قبلها أو بعدها (4).
__________
(1) في " طبقات الحنابلة ": للحج.
(2) " طبقات الحنابلة " 1 / 73 و " تذكرة الحفاظ " 2 /
571.
وجاء فيه أيضا: عن أبي بكر بن صدقة قال: سمعت إبراهيم بن
الاصبهاني يقول: أبو بكر الاثرم أحفظ من أبي زرعة الرازي
وأتقن.
(3) سبق الخبر في الصفحة السابقة " طبقات الحنابلة " 1 /
73، و " التذكرة " 2 / 571 و " التهذيب " 1 / 78.
(4) قال المصنف في " التذكرة " 2 / 571: أظنه مات بعد
الستين ومئتين.
وقال الحافظ ابن حجر في " التهذيب " 1 / 79: توفي سنة 261
أو في حدودها.
ألفيته بخط شيخنا الحافظ أبي الفضل.
ثم وجدت في " التذهيب " للذهبي أنه مات بعد الستين ومئتين.
وكل هذا تخمين غير صحيح، والحق أنه تأخر عن ذلك، فقد أرخ
ابن قانع وفاة الاثرم فيمن مات سنة 273 ه، ولكنه لم يسمعه،
وليس في الطبقة من يلقب بذلك غيره.
(*)
(12/626)
أخبرنا عبد الولي بن عبدالرحمن الخطيب، وعيسى بن بركة
المعلم في جماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا
سعيد بن أحمد بن البناء حضورا، أخبرنا أبو نصر محمد بن
محمد الزينبي، أخبرنا أبو بكر بن عمر، حدثنا يحيى بن محمد
بن صاعد، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا يزيد ابن زريع، حدثنا
روح، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة زاد فيها أو
نقص.
فلما فرغ، قلنا: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شئ ؟ فثنى
رجله فسجد سجدتين (1).
وبه قال ابن صاعد، وزادنا أبو بكر الاثرم عن محمد بن
المنهال، عن يزيد في هذا الحديث، قلنا: صليت كذا وكذا،
وذكر الحديث.
فهذا من أعلى ما يقع لنا من حديث الاثرم.
ووقع لنا جزء من البيوع من " سننه ".
قرأت على الشيخ وهبان بن علي الجزري المؤذن (2): أخبركم
عبد
__________
(1) إسناده صحيح، وأبو الاشعث: هو أحمد بن المقدام بن
سليمان العجلي من رجال البخاري، وأخرجه أحمد 1 / 379 و
455، والبخاري 1 / 422 في الصلاة: باب التوجه نحو القبلة
حيث كان، ومسلم (572) في المساجد: باب السهو في الصلاة
والسجود له، وأبو داود (1020)، وابن أبي شيبة 2 / 25، وابن
الجارود (244)، والطيالسي 1 / 110، والبيهقي 2 / 330 و 335
من طرق عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة
قال: قال عبد الله بن مسعود: صلى النبي صلى الله عليه وسلم
- قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص - فلما سلم، قيل له: يا
رسول الله، أحدث في الصلاة شئ ؟ قال: " وما ذاك ؟ " قالوا:
صليت كذا وكذا، فثنى رجله، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين،
ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه، قال: " إنه لو حدث في
الصلاة شئ لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما
تنسون، فإذا نسيت، فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته،
فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين ".
(2) هو وهبان بن علي بن محفوظ المعمر المسند أبو علي وأبو
الكرم الجزري = (*)
(12/627)
العزيز بن أحمد بن باقا، أخبرنا علي بن عساكر المقرئ،
أخبرنا عبد القادر ابن محمد اليوسفي، أخبرنا أبو إسحاق
البرمكي، أخبرنا أبو بكر بن بخيت أخبرنا عمر بن محمد
الجوهري، أخبرنا أبو بكر الطائي الاثرم، حدثنا سعيد بن
عفير، حدثني ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن
حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر، قال: لا يصلح الكراء
بالضمان (1).
248 - محمد بن حماد *
(ق) الامام المحدث الرحال الثقة، أبو عبد الله، الرازي
الطهراني، وطهران محلة أظن.
سمع عبد الرزاق، وعبيدالله بن موسى، وأبا عاصم النبيل،
وعبيدالله ابن عبدالمجيد الحنفي، وأبا نعيم، وطبقتهم فأكثر
وأطاب.
حدث عنه: ابن ماجة، وأبو إسحاق بن أبي ثابت، وعبد الرحمن
بن أبي حاتم، وعبد الله بن علي خطيب يافا، وجماعة.
قال ابن أبي حاتم، ثقة، كتبت عنه بالري وبغداد والاسكندرية
(2).
__________
= المؤذن، نزيل القاهرة، توفي في ربيع الاول سنة تسع
وتسعين وست مئة.
وكان مؤذن السلطان.
مترجم في " مشيخة " المؤلف لوحة 75، وفي " تذكرته " 4 /
1489.
(1) إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.
* الجرح والتعديل 7 / 240، تاريخ بغداد 2 / 271، 272،
الانساب 8 / 274، اللباب 2 / 291، تهذيب الكمال: 1188،
تذهيب التهذيب 3 / 198 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 610، 611،
ميزان الاعتدال 3 / 527، العبر 2 / 48، الوافي بالوفيات 3
/ 24، تهذيب التهذيب 9 / 124، 126، خلاصة تذهيب الكمال:
333، شذرات الذهب 2 / 161.
(2) " الجرح والتعديل " 7 / 240، و " التهذيب " 9 / 125
وجاء فيه: وقال ابن خراش: كان عدلا ثقة، وذكره ابن حبان في
" الثقات "، وقال مسلمة بن قاسم: كان من أصحاب عبد = (*)
(12/628)
وقال الدراقطني: ثقة.
وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت منصورا الفقيه يقول: لم أر من
الشيوخ أحدا فأحببت أن أكون مثلهم - يعني: في الفضل - غير
ثلاثة أنفس: أولهم محمد بن حماد الطهراني (1).
قلت: توفي الطهراني بعسقلان سنة إحدى وسبعين ومئتين (2) في
شهر ربيع الآخر، وله نيف وثمانون سنة.
قرأت على عمر بن عبد المنعم: أخبركم عبد الصمد بن محمد
حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن
جميع، حدثنا عبد الله بن علي إمام الجامع بيافا، حدثنا
محمد بن حماد الطهراني، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن
إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد
الخدري، قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف
الستر، وقال: " إذا كان أحدكم يناجي ربه، فلا يرفعن بعضكم
على بعض القراءة " أو قال " في الصلاة " (3).
__________
= الرزاق وكان حافظا للحديث ثقة، وأكثر ما حدث فمن حفظه،
وقال ابن القطان: كان محمد ابن يعقوب الفرجي يقول: من أراد
ان ينظر إلى أحمد بن حنبل واسحاق وتلك الطبقة فلينظر إلى
ابن الطهراني، وقال أبو بكر بن جابر الرملي: ما رأى مثل
نفسه، ولا رأيت أنا مثله.
(1) " الانساب " 8 / 274 وتتمته فيه: لانه كان قد صار إلى
مصر وحدث بها، وكان بالشام يسكن عسقلان وجاء فيه أيضا:
محمد بن حماد الطهراني كان من أهل الرحلة في طلب الحديث،
وكان ثقة صاحب حديث يفهم.
(2) ليلة الجمعة لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر.
" الانساب " 8 / 274.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (4216)
ومن طريقه أحمد 3 / 94، وأبو داود (1332)، وصححه ابن خزيمة
(1162) وله شاهد عند مالك في " الموطأ " 1 / 101 بشرح
السيوطي عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث =
(*)
(12/629)
249 - فضلك الصائغ * الامام الحافظ المحقق، أبو بكر، الفضل
بن العباس الرازي،
صاحب التصانيف.
روى عن: عيسى بن ميناقالون، وعبد العزيز الاويسي، وقتيبة
بن سعيد، وهدبة بن خالد، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عوانة الاسفراييني، وأبو بكر الخرائطي، ومحمد
بن مخلد العطار، ومحمد بن جعفر المطيري، وآخرون.
قال المروذي: ورد علي كتاب من ناحية شيراز أن فضلك قال
بناحيتهم: إن الايمان مخلوق.
فبلغني أنهم أخرجوه من البلد بأعوان (1).
قلت: هذه من مسائل الفضول، والسكوت أولى، والذي صح عن
السلف وعلماء الاثر أن الايمان قول وعمل، وبلا ريب أن
أعمالنا مخلوقة، لقوله تعالى * (والله خلقكم وما تعملون) *
[ الصافات: 96 ].
فصح أن بعض الايمان مخلوق، وقولنا: لا إله إلا الله، فمن
إيماننا، فتلفظنا بها أيضا من أعمالنا.
وأما ماهية الكلمة الملفوظة، فهي غير مخلوقة، لانها من
القرآن.
أعاذنا الله من الفتن والهوى.
__________
= التيمي، عن أبي حازم التمار - واسمه دينار -، عن البياضي
- واسمه فروة بن عمرو - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال:
" إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم
على بعض بالقرآن ".
* الجرح والتعديل 7 / 66، تاريخ بغداد 12 / 367، 368،
تذكرة الحفاظ 2 / 600، طبقات الحفاظ: 268، شذرات الذهب 2 /
160، المنتظم 5 / 77، 78.
(1) وجاء في " تاريخ بغداد " 12 / 367، 368: كان ثقة ثبتا.
وقال شعيب بن إبراهيم
البيهقي - والد أبي الحسن الفقيه الثقة المأمون -: فضلك
الرازي - وهو الفضل بن العباس - إمام عصره في معرفة
الحديث.
(*)
(12/630)
مات فضلك رحمه الله في صفر سنة سبعين ومئتين.
وكان من أبناء السبعين.
250 - القلوسي * الامام
الحافظ الثبت الفقيه، قاضي مدينة نصيبين، أبو يوسف، يعقوب
ابن إسحاق بن زياد، البصري القلوسي (1).
حدث عن: عثمان بن عمر، وأبي عاصم النبيل، والانصاري، وخلق.
وعنه: المحاملي، وابن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي،
وآخرون.
توفي سنة إحدى وسبعين ومئتين (2).
251 - الختلي * * الشيخ الامام
الحافظ، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد،
الختلي (3)، ثم السرمرائي.
__________
* الانساب 10 / 219، 220، اللباب 3 / 52، تاريخ بغداد 14 /
285، 286، المنتظم 5 / 84.
(1) بضم القاف واللام، بعدهما الواو، وفي آخرها السين
المهملة.
قال السمعاني: هذه النسبة إلى القلوس، فيما أظن، وهو جمع
قلس، وهو الحبل الذي يكون في السفينة.
وتصحفت في " المنتظم " 5 / 84 إلى " الفلوسي "، بالفاء.
(2) قال السمعاني في " الانساب " 10 / 220: وكان حافظا ثقة
ضابطا، ولي قضاء نصيبين فخرج إليها، وحدث ببغداد، ومات
بنصيبين.
* * الجرح والتعديل 2 / 110، تاريخ بغداد 6 / 120، طبقات
الحنابلة 1 / 96، تذكرة الحفاظ 2 / 586، طبقات الحفاظ:
260.
(3) قال السمعاني في " الانساب ": اختلف مشايخنا في هذه
النسبة، بعضهم كان يقول: هي إلى ختلان، بلاد مجتمعة وراء
بلخ، وبعضهم يقول: هي بضم الخاء والتاء المنقوطة باثنيتن
مشددة، حتى رأيت أن الختلي، بضم الخاء والتاء المشددة:
قرية على = (*)
(12/631)
سمع أبا نعيم، وسعيد بن أبي مريم، وسليمان بن حرب، وأبا
الوليد، وأبا جعفر النفيلي، وعمر بن مرزوق، ويحيى بن بكير،
ويحيى بن معين، وله عنه سؤالات مفيدة.
وله جموع وتواليف ورحلة واسعة.
وثقه الخطيب، وقال: له كتب في الزهد والرقائق.
قلت: حدث عنه: أبو العباس بن مسروق، ومحمد بن القاسم
الكوكبي، وأبو بكر الخرائطي السامري، وأحمد بن محمد
الادمي، وجماعة.
بقي إلى قرب سنة سبعين ومئتين (1).
252 - ابن أبي مسرة * الامام
المحدث المسند، أبويحيى، عبد الله بن أحمد بن أبي
مسرة، المكي.
سمع أبا عبدالرحمن المقرئ، وعثمان بن يمان، ويحيى بن قزع
؟، والحميدي، وعدة.
وعنه: أبو القاسم البغوي، ويعقوب بن يوسف العاصمي، وخيثمة
بن سليمان، وأبو محمد بن إسحاق الفاكهي المكي، وآخرون.
__________
= طريق خراسان إذا خرجت من بغداد بنواحي الدسكرة.
وقد جاء في " لب اللباب ": 88: الختلي، بضم أوله والفوقية،
وتشديد اللام: نسبة إلى الختل، قرية بطريق خراسان، وقال
السيوطي: وبالضم وتشديد ثانيه وفتحه إلى ختل.
كورة خلف جيحون.
(1) قال المصنف في " تذكرة الحفاظ " 2 / 586: لم أظفر له
بوفاة وكأنها في حدود الستين ومئتين.
* الجرح والتعديل 5 / 6، العقد الثمين 5 / 99.
(*)
(12/632)
توفي بمكة في جمادى الاولى سنة تسع وسبعين ومئتين (1).
253 - اليسع بن زيد *
ابن سهل، الشيخ المعمر، أبو نصر الزينبي المكي خاتمة من
زعم أنه لقي سفيان بن عيينة.
حدث عن سفيان، وعن هوذة بن خليفة.
حدث عنه: عبد الله بن محمد بن موسى الكعبي، وإسحاق بن
إبراهيم بن محمد بن يوسف الجرجاني، وغيرهما.
ذكره ابن ماكولا، وقال فيه ابن ماكولا: يروي عن ابن عيينة،
وهوذة (2).
وقال أبو عبد الله الحاكم: لا أعرفه بعدالة ولا بجرح.
حدث بمكة في سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
قلت: كان من أبناء المئة، أتى عن ابن عيينة بخبر موضوع هو
في " الاربعين " لابي الاسعد القشيري، عن حميد، عن أنس.
ما تفوه به سفيان.
__________
(1) وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 5 / 6: كتبت
عنه بمكة، ومحله
وقال أبو عبد الله الحاكم: لا أعرفه بعدالة ولا بجرح.
حدث بمكة في سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
قلت: كان من أبناء المئة، أتى عن ابن عيينة بخبر موضوع هو
في " الاربعين " لابي الاسعد القشيري، عن حميد، عن أنس.
ما تفوه به سفيان.
__________
(1) وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 5 / 6: كتبت
عنه بمكة، ومحله الصدق.
قال الامام الفاسي في " العقد الثمين " 5 / 99: وذكره ابن
حبان في " الثقات " وقال الفاكهي في الاوليات بمكة: وأول
من أفتى الناس من أهل مكة، وهو ابن أربع وعشرين سنة أو
نحوها أبويحيى بن أبي مسرة، وهو فقيه أهل مكة إلى يومنا
هذا.
* الانساب 6 / 347، العقد الثمين 7 / 469، الاكمال 4 /
202.
(2) " الاكمال " 4 / 202.
(*)
(12/633)
جاء في آخر هذا المجلد وهو الثامن ما نصه: ثم المجلد
الثامن من سير أعلام النبلاء، للشيخ الامام العالم العامل
الحجة الناقد البارع، جامع أشتات الفنون، مؤرخ الاسلام،
شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، فسح
الله في مدته.
وهي أول نسخة نسخت من خط المصنف، وقوبلت عليه بحسب
الامكان، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة.
ويتلوه في الجزء الذي يليه، وهو التاسع عبد الله بن روح
المدائني.
وكان الفراغ من كتابته ليلة الاثنين لخمس مضين من شهر
رمضان المعظم، سنة أربعين وسبع مئة.
أحسن الله خاتمتها.
والحمد لله وحده.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
(12/634)
|