سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 13
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 13
(13/)
سير اعلام النبلاء (13)
(13/1)
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة أن
تطبع أو تعطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسة رسمية أو إفرادا.
الطبعة التاسعة 1413 ه - 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت.
شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة هاتف: 319039 - 815112 -
ص، ب: 7460 برقيا، بيوشران
(13/2)
سير اعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبي المتوفي 748 ه - 1374 م الجزء الثالث عشر
أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه حقق هذا الجزء شعيب
الارنؤوط علي أبو زيد مؤسسة الرسالة
(13/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
(13/4)
1 - عبد الله بن روح * المدائني، الشيخ، الثقة، أبو محمد
عبدوس.
سمع: يزيد بن هارون، وأبا بدر شجاع بن الوليد، وشبابة بن
سوار، وجماعة.
حدث عنه: أبو سهل بن زياد، ومكرم بن أحمد، وأحمد بن خزيمة،
وأبو بكر الشافعي، وآخرون.
قال الدارقطني: ليس به بأس.
وكان يقول: ولدت سنة سبع وثمانين ومئة، يوم قتل جعفر
البرمكي (1).
مات سنة سبع وسبعين ومئتين، وله تسعون عاما.
__________
* تاريخ بغداد: 9 /
454، 455، وفيه كنيته: أبو أحمد، المنتظم: 5 / 93، لسان
الميزان: 3 / 286.
(1) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 454.
(*)
(13/5)
2 - ابن المواز
* الامام، العلامة، فقيه الديار المصرية، أبو عبد الله،
محمد بن إبراهيم بن زياد الاسكندراني المالكي، ابن المواز،
صاحب التصانيف.
أخذ المذهب عن: عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن
الماجشون، وأصبغ بن الفرج، ويحيى بن بكير.
وقيل: إنه لحق أشهب، وأخذ عنه، ولم يصح هذا.
انتهت إليه رئاسة المذهب، والمعرفة بدقيقه وجليله.
وله مصنف حافل في الفقه، رواه عنه علي بن عبد الله بن أبي
مطر، وابن مبشر.
وآخر من حدث عنه: ولده بكر بن محمد.
وقد قدم دمشق في صحبة السلطان أحمد بن طولون.
وقيل: إنه انملس (1)، وتزهد، وانزوى ببعض الحصون الشامية،
في أواخر عمره، حتى أدركه أجله - رحمه الله تعالى -.
وكذا، فلتكن ثمرة العلم.
قال أبو سعيد بن يونس: توفي سنة تسع وستين ومئتين، وحدث
عن: يحيى بن بكير.
قلت: فهذا الصحيح من وفاته، وبعضهم أرخ موته في سنة إحدى
وثمانين ومئتين (2).
__________
* عبر المؤلف: 2 / 66، الوافي بالوفيات: 1 / 335 - 336،
وفيه وفاته 281، الديباج المذهب: 2 / 166 - 167، شذرات
الذهب: 2 / 177، أخبار سنة 281.
(1) انملس: انقبض، وانملس من الامر: أفلت منه.
(2) كذا جاء تاريخ وفاته في " الوافي بالوفيات " و " شذرات
الذهب " وحتى " في العبر " للمؤلف نفسه (*)
(13/6)
3 - ابن أبي العوام
* المحدث، الامام، أبو بكر، وأبو جعفر، محمد بن أحمد بن
يزيد ابن أبي العوام الرياحي.
سمع: يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء العقدي، وجماعة.
وعنه: ابن عقدة، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر الشافعي، وابن
الهيثم الانباري، وآخرون.
قال الدارقطني: صدوق.
قلت: مات سنة ست وسبعين ومئتين، في رمضانها.
4 - الحسن بن مخلد * *
ابن الجراح: الوزير الاكمل، أبو محمد البغدادي، الكاتب،
أحد رجال العصر سؤددا، ورأيا، وشهامة، وكتابة، وبلاغة،
وفصاحة، ونبلا.
مولده: في سنة تسع ومئتين.
فاتفق أنه ولد فيها أربعة وزراء: هو، وعبيد الله بن يحيى
بن خاقان (1)، ومحمد بن عبد الله بن طاهر (2)، وأحمد ابن
إسرائيل (3).
__________
* الانساب: 6 / 200.
* * تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 300 ب - 301 ب، لسان الميزان:
2 / 256، تهذيب بدران: 4 / 252 - 253.
(1) انظر: الترجمة اللاحقة.
(2) هو: محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، أبو
العباس، ولي نيابة بغداد في أيام المتوكل، وتوفي بها سنة
(253 ه) وكان فاضلا، أديبا، جوادا.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 5 / 418، وعبر الذهبي: 2 /
5، وشذرات الذهب: 2 / 128.
(3) انظر: تاريخ الطبري: 9 / 396 - 398، حول مقتله.
(*)
(13/7)
وزر الحسن للمعتمد نوبتين، فصادره.
ثم وزر له ثالثا، فاستمر خمسة أعوام، فسخط عليه، فتسلل إلى
مصر، فأقبل عليه ابن طولون، وجعل إليه نظر الاقليم، والتزم
له بنحو ألف ألف دينار في السنة مع العدل،
فخافه العمال، وتفرغوا له، وقالوا: هذا عين عليك - للموفق
ولي العهد - فتخيل وسجنه.
فقالوا: ما الرأي في حبسه في جوارك، فربما حدث به موت،
فينسب إليك.
فأرسل به إلى نائبه بأنطاكية، وأمره أن يعذبه، فتلف تحت
العذاب.
وكان - مع ظلمه - شاعرا جوادا ممدحا، امتدحه البحتري (1)
وغيره.
قال ابن النجار: عمل الوزارة مع كتابة الموفق، وكان آية في
حساب الديوان، حتى قيل: ما لا يعرفه ابن مخلد، فليس من
الدنيا.
وكان تام الشكل، مهيبا، فاخر البزة، يركب غلمانه في
الديباج، ونسيج الذهب، وعدة جنائب.
وإذا جلس في داره تقع العين على الفرش والستور، والآنية
التي قيمتها مئة ألف دينار.
كان في هيئة سلطان كبير.
مات في سنة إحدى وسبعين ومئتين، وقيل: سنة تسع وستين.
__________
(1) انظر مدائح البحتري للحسن بن مخلد في " ديوانه " (ط.
دار المعارف - ذخائر العرب): 1 / 33 - 35، 438 - 439، 476
- 478، 498 - 500، 601 - 606، و 4 / 2158 - 2160.
(*)
(13/8)
5 - ابن خاقان * الوزير الكبير، أبو الحسن، عبيد الله بن
يحيى
بن خاقان التركي، ثم البغدادي.
وزر للمتوكل، وللمعتمد.
وجرت له أمور.
وقد نفاه المستعين إلى برقة، ثم قدم بغداد بعد خمس سنين،
ثم وزر سنة ست وخمسين.
ذكر محرز الكاتب أن عبيد الله مرض، فعاده عمه الفتح، وقال:
إن أمير المؤمنين يسأل عن علتك.
فقال:
عليل من مكانين * من الاسقام والدين وفي هذين لي شغل *
وحسبي شغل هذين (1) فوصله المتوكل بألف ألف.
وروى الصولي: أن المتوكل قال: قد مللت عرض الشيوخ، فابغوني
حدثا.
ثم طلب عبيد الله، فلما خاطبه، أعجبته حركته، فأمره أن
يكتب، فأعجبه خطه، فقال عمه الفتح: والذي كتب أحسن.
قال: وما كتب ؟ قال: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * [
الفتح: 1 ]، وقد تفاءلت بذلك.
فولاه العرض، وحظي عند المتوكل.
وكان سمحا جوادا.
__________
* تاريخ الطبري: 9 / 258، 354، 474، 532، و 11 / 246،
طبقات الحنابلة: 1 / 204، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 377 ب
- 379 أ، المنتظم: 5 / 45، الكامل لابن الاثير: 7 / 310،
عبر المؤلف: 2 / 26، البداية والنهاية: 11 / 36، شذرات
الذهب: 2 / 147.
(1) البصائر والذخائر: 1 / 49، وفيه من الافلاس..." وتاريخ
دمشق " لابن عساكر: خ: 10 / 377 ب.
(*)
(13/9)
وقيل: لم يكن له حظ من الصناعة، فأيد بأعوان وكفاة.
وكان واسع الحيلة.
ونفاه المعتز، فلما ولي المعتمد طلبه، وخلع عليه، فأدبته
النكبة، وتهذب كثيرا.
وله أخبار في الحلم والسخاء.
مات وعليه ست مئة ألف دينار، مع كثرة ضياعه.
قيل: صدمه خادمه رشيق في لعب الصوالجة (1)، فسقط، ثم مات
ليومه، سنة ثلاث وستين ومئتين (2).
وقد وزر ابنه أبو علي محمد بن عبيد الله (3)، ووزر حفيده
أبو القاسم
عبد الله بن محمد (4) للمقتدر سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.
وتوفي سنة أربع عشرة.
6 - سمويه * الامام،
الحافظ، الثبت، الرحال، الفقيه، أبو بشر، إسماعيل بن عبد
الله بن مسعود بن جبير، العبدي الاصبهاني، سمويه، صاحب تلك
الاجزاء الفوائد، التي تنبئ بحفظه وسعة علمه.
ولد في حدود التسعين ومئة.
__________
(1) الصوالجة: جمع الصولجان: وهو عصا يعطف طرفها، يضر بها
الكرة على الدواب.
(2) انظر: تاريخ الطبري: 9 / 532.
(3) انظر: الكامل لابن الاثير: 8 / 63 - 65، 68 - 69،
حوادث سنة (300 ه).
(4) المصدر السابق: 8 / 150، 158، 159، 167 - 168.
* الجرح والتعديل: 2 / 182، تاريخ ابن عساكر:: خ: 2 / 424
أ - ب، الانساب: 7 / 151، اللباب: 2 / 142، تذكرة الحفاظ:
2 / 566 - 567، عبر المولف: 2 / 35، طبقات الحفاظ: 243 -
244، تهذيب بدران: 3 / 27.
(*)
(13/10)
وسمع بالكوفة من: أبي نعيم الملائي وطبقته، وبدمشق من: أبي
مسهر الغساني وأقرانه، وبحمص من: علي بن عياش، وأبي
اليمان، وعدة، وبمكة من: الحميدي، وبتنيس (1) من: عبد الله
بن يوسف، وبمصر من: سعيد بن أبي مريم وأمثاله، وبأصبهان
من: بكر بن بكار، والحسين بن حفص.
حدث عنه: محمد بن يحيى بن مندة، ومحمد بن أحمد بن يزيد،
وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وخلق
سواهم.
قال ابن أبي حاتم: سمعنا منه، وهو ثقة صدوق (2).
وقال أبو الشيخ: كان حافظا متقنا.
وقال أبو نعيم الاصبهاني: كان من الحفاظ والفقهاء.
قال أبو الشيخ: كان يذاكر بالحديث (3).
مات سنة سبع وستين ومئتين.
قرأت على إسحاق الصفار (4): أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود
بن
__________
(1) تنيس: بكسرتين وتشديد النون: جزيرة في مصر، قريبة من
البر ما بين الفرما ودمياط.
(انظر معجم ياقوت).
(2) الجرح والتعديل: 2 / 182.
(3) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 566.
(4) هو: " إسحاق بن أبي بكر بن إبراهيم بن هبة الله بن
طارق الاسدي، أبو الفضل الحلبي الحنفي النحاس.
ولد سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وست مئة تقريبا وقيل: سنة
ثمان وعشرين تقريبا...ورتب مسمعا بدار الحديث الاشرفية بعد
ابن مشرف، وكان له حانوت، ثم تركه وبقي يحضر المدارس..مات
في رمضان سنة عشر وسبعمئة.
".
مشيخة الذهبي ": خ: ق: 34.
(*)
(13/11)
سعد (4) الخياط، وأنبأني أحمد بن سلامة، عن الخياط، أخبرنا
أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا عبد الله
بن جعفر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا مسلم بن
إبراهيم، حدثنا وهيب، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " العين حق، وإن كان
شئ سابق القدر، سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا " (1).
أخرجه مسلم، عن حجاج بن الشاعر، عن مسلم بن إبراهيم، وفيه:
" ولو كان ".
7 - الترقفي * الامام، القدوة،
المحدث، الحجة، أبو محمد، عباس بن عبد الله ابن أبي
عيسى، الباكسائي (2) الترقفي: أحد الرحالين في السنن.
__________
(1) إسناده صحيح.
وهو في " حلية الاولياء ": 4 / 17.
وأخرجه مسلم: (2188)، في السلام: باب الطب والمرض والرقى،
وأخرجه الترمذي برقم: (2063)، في الطب: باب ما جاء أن
العين حق.
وقوله: " وإذا استغسلتم فاغسلوا "، قال ابن الاثير في "
جامع الاصول ": 7 / 583: " كان من عادتهم أن الانسان إذا
أصابته العين من أحد، جاء إلى العائن، فجرد من ثيابه، وغسل
جسده ومعاطفه ووجهه وأطرافه، وأخذ المعين ذلك الماء، فصبه
عليه، فيبرأ بإذن الله ".
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري: 10 / 173، في الطب،
ومسلم: (2187)، وأبي داود: (3879).
* تاريخ بغداد: 12 / 143 - 144، تاريخ ابن عساكر: خ: 8 /
450 ب - 451 ب، المنتظم: 5 / 61، معجم البلدان: " ترقف "،
اللباب: 1 / 113، 212، تهذيب الكمال: خ: 658، تذهيب
التهذيب: خ: 2 / 125، تذكرة الحفاظ: 2 / 566، في نهاية
ترجمة سمويه، عبر المؤلف: 2 / 36، تهذيب التهذيب: 5 / 119
- 120، خلاصة تذهيب الكمال: 189، شذرات الذهب: 2 / 153،
تهذيب بدران: 7 / 228.
والترقفي: بفتح التاء، وسكون الراء، وضم القاف، كما جاء في
" معجم البلدان " و " تقريب التهذيب "، وبضم التاء، كما في
" اللباب "، وهي نسبه إلى بلد في العراق.
(2) الباكسائي، بضم الكاف: نسبة إلى باكسايا من نواحي
بغداد.
(انظر: معجم ياقوت واللباب).
(*)
(13/12)
سمع: زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، وأبا عاصم النبيل،
ومروان ابن محمد الطاطري، وأبا عبدالرحمن المقرئ، ومحمد بن
يوسف الفريابي، وعبد الاعلى بن مسهر، وحفص بن عمر العدني،
وأبا المغيرة، ورواد (1) بن الجراح، ومحمد بن كثير المصيصي
(2)، ويحيى بن يعلى، ويسرة بن صفوان.
حدث عنه: ابن ماجة، وأبو العباس بن سريج، وأبو العباس
السراج، وأبو بكر بن مجاهد، وأبو بكر الخرائطي، وأبو عوانة
الاسفراييني، والقاضي المحاملي، وإسماعيل الصفار، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة، صالحا، عابدا.
وقال محمد بن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسم (3).
ووثقه الدارقطني.
وله جزء معروف.
مات في آخر سنة سبع وستين ومئتين، وهو من أبناء الثمانين،
- رحمه الله تعالى -.
__________
(1) في الاصل: " وأبا المغيرة وراد ".
وهو خطأ.
فأبو المغيرة هو: عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي،
ورواد بن الجراح كنيته: أبو عصام، كما هو مسطور في كتب
الرجال.
وسيذكره المؤلف بهذه الكنية في سند الحديث الآتي ذكره.
(2) المصيصي: ضبطت في " الانساب ": بكسر الميم، وتشديد
الصاد المكسورة.
وتابعه على ذلك ابن الاثير في " اللباب "، والسيوطي في "
لب اللباب "، وكذا ضبطه البكري في " معجم ما استعجم ": 4 /
1235، ونقل عن الاصمعي قول: " ولا تقل مصيصة: بفتح أوله "
ومع ذلك فقط ضبطه ياقوت بالفتح، وضبطه الجوهري بفتح الميم
وتخفيف الصادين، كسفينة،
وتابعه على ذلك صاحب " القاموس ".
(3) انظر: تاريخ بغداد: 12 / 143.
(*)
(13/13)
قرأت على عبد الحافظ بن بدران، أخبرك عبد الله بن أحمد
الفقيه، أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن بن مبادر، أخبرنا الحسين
بن علي، أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري، أخبرنا إسماعيل
بن محمد، حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي، حدثنا رواد بن
الجراح أبو عصام، حدثنا أبو سعد الساعدي، عن أنس بن مالك،
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خيركم في
المئتين كل خفيف الحاذ ".
قالوا: يا رسول الله ! وما الخفيف الحاذ ؟ قال: " الذي لا
أهل له ولا ولد " (1).
غريب جدا، تفرد به رواد.
__________
(1) إسناده ضعيف جدا، بل موضوع.
رواد بن الجراح: قال الدارقطني: متروك.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الناس وقال
أبو حاتم - عن هذا الحديث -: منكر، لا يشبه حديث الثقات،
وإنما كان بدء هذا الخبر فيما ذكر لي أن رجلا جاء إلى
رواد، فذكر له هذا الحديث، فاستحسنه وكتبه، ثم بعد حدث به
يظن أنه من سماعه.
وقد أورد المؤلف هذا الحديث في " الميزان "، في ترجمة
رواد: 2 / 55، من طريقه، عن سفيان، عن منصور، عن ربعي، عن
حذيفة.
ورواه الخطيب البغدادي في " تاريخه ": 6 / 198، و 11 /
225، من طريق عباس الترقفي، عن رواد، عن سفيان، عن منصور،
عن ربعي، عن حذيفة.
ونسبه السيوطي في " الجامع الصغير " لابي يعلى.
ونقل ابن الجوزي عن الدار قطني قوله: تفرد به رواد، وهو
ضعيف، وقد أدخله البخاري في الضعفاء، وقال: اختلط، لا يكاد
يقوم حديثه، وقال الحافظ العراقي: طرقه كلها ضعيفة.
وقال الزركشي: غير محفوظ، والحمل فيه على رواد.
قلت: ويغلب على الظن أن هذا الحديث مما وضعه المتزهدون،
زهدا لا يقره الاسلام، يقصدون بذلك التنفير من الزواج،
والتخفف من أعبائه، والعزلة عن الناس، وكل ذلك مخالف لهديه
صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم من القرآن الكريم والسنة
المطهرة.
وقد أراد بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحو
هذا المنحى، فيتبتل، ويرغب عن الزواج، ويصوم الدهر، ويقوم
الليل، فعلم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: "
أما إني أتقاكم لله، وأخشاكم له، أما إني أصوم وأفطر،
وأقوم وأرقد، وأتزوج النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني ".
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: " تزوجوا الودود الولود
فإني مكائر بكم الامم يوم القيامة ".
(*)
(13/14)
8 - يحيى بن معاذ * الرازي،
الواعظ: من كبار المشايخ، له كلام جيد، ومواعظ مشهورة.
وعنه قال: لست أبكي على نفسي إن ماتت، إنما أبكي على حاجتي
إن فاتت (1).
لا يفلح من شممت رائحة الرياسة منه.
مسكين ابن آدم، قلع الاحجار أهون عليه من ترك الاوزار (2).
لا تستبطئ الاجابة وقد سددت طريقها بالذنوب (3).
الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، وهو يسألك عن جناح
بعوضة (4).
وعنه قال: الدرجات سبع: التوبة، ثم الزهد، ثم الرضى، ثم
الخوف، ثم الشوق، ثم المحبة، ثم المعرفة.
قلت: وقد حدث عن: علي بن محمد الطنافسي، وغيره.
__________
* طبقات الصوفية: 107 - 114، حلية الاولياء: 10 / 51 - 70،
الفهرست: المقالة الخامسة: الفن الخامس، تاريخ بغداد: 14 /
208 - 212، المنتظم: 5 / 16 - 17، الكامل لابن الاثير: 7 /
258، وفيات الاعيان: 6 / 165 - 168، عبر المؤلف: 2 / 17،
البداية والنهاية: 11 / 31، طبقات الاولياء: 321 - 326.
شذرات الذهب: 2 / 138 - 139.
وفي معظم هذه المصادر أرخت وفاته سنة (258 ه).
(1) حلية الاولياء 10 / 51.
(2) المصدر السابق: 10 / 52، وجاء فيه: " وسمعته يقول -
ورأى رجلا يوما يقلع الجبل في يوم حار وهو يغني - فقال:
مسكين...".
(3) المصدر السابق: 10 / 53.
(4) المصدر السابق: 10 / 55.
(*)
(13/15)
روى عنه: الحسن بن علوية، واحمد بن محمد البذشي (1)، وأبو
العباس بن حمكويه.
9 - حماد بن إسحاق *
ابن إسماعيل بن الامام حماد بن زيد: الحافظ، العلامة،
القاضي، أبو إسماعيل الازدي، البغدادي، المالكي، أخو
إسماعيل القاضي.
كان أكبر من إسماعيل فيما أرى.
حدث عن: مسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وإسماعيل بن أبي أويس،
وعدة.
وصنف في المذهب، وتفقه بأحمد بن المعذل.
حدث عنه: ابنه إبراهيم والقاضي المحاملي.
وأبو بكر الخرائطي.
وثقه الخطيب (2).
وكان يصحب الخلفاء فغضب عليه المهتدي بالله، وضربه، وطوف
به لامر، وعزل أخاه عن القضاء.
مات بالسوس سنة سبع وستين ومئتين، وقد ولي مرة قضاء بغداد،
وقارب سبعين سنة.
__________
(1) البذشي، بفتح الباء والذال: نسبة إلى قرية من قرى
قومس.
(انظر معجم ياقوت واللباب).
* تاريخ بغداد: 8 / 159، المنتظم: 5 / 60، عبر المؤلف: 2 /
35، الديباج المذهب: 1 / 341، شذرات الذهب: 2 / 152 - 153.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 8 / 159.
(*)
(13/16)
10 - إبراهيم بن هانئ * النيسابوري:
الامام، الحافظ، القدوة، العابد، وأبو إسحاق الارغياني
الفقيه، نزيل بغداد.
ولد بعد الثمانين ومئة.
وارتحل فسمع من: محمد ويعلى ابني عبيد، وعبيد الله بن
موسى، وعبد الله بن داود الخريبي، وأبي المغيرة عبد
القدوس، وعلي بن عياش، وعفان، ويسرة بن صفوان، ومحمد بن
بكار بن بلال، وخلاد بن يحيى، وسعيد بن عفير، وأصبغ بن
الفرج، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو القاسم البغوي، وابن صاعد، وأبو نعيم بن عدي،
وابن مخلد، والمحاملي، وإسماعيل الصفار، وأبو سعيد بن
الاعرابي ومحمد بن سفيان بن بيان، وابن أبي حاتم، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق (1).
وقال الحاكم: ثقة مأمون، روى عنه: عبد الله بن أحمد، ومحمد
ابن عبدوس.
وقال الخطيب: كان أحد الابدال (2)، رحل إلى الشام والعراق،
__________
* الجرح والتعديل: 2 / 144، تاريخ بغداد: 6 / 204 - 206،
طبقات الحنابلة: 1 / 97 - 98، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 280
ب - 281 ب، المنتظم: 5 / 50، ميزان الاعتدال: 1 / 70، عبر
المؤلف: 2 / 30، الوافي بالوفيات 6 / 156، شذرات الذهب 2 /
149: تهذيب بدران: 2 / 307 - 308.
(1) الجرح والتعديل: 2 / 144.
(2) الابدال: قوم من عباد الله الصالحين، لا يحصرهم عد،
يهتدون بكتاب الله وسنة رسوله الصحيحة، ويتصفون بحسن
الخلق، وصدق الورع، وحسن النية، وسلامة الصدر، = (*)
(13/17)
ومصر والحجاز (1).
قال ابن زياد النيسابوري: حدثني أبو موسى الطرسوسي في
جنازة إبراهيم بن هانئ: سمعت ابن زنجويه يقول: قال أحمد
ابن حنبل: إن كان ببغداد أحد من الابدال، فأبو إسحاق
النيسابوري (2).
الخلال: أخبرنا ابن هارون، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن
هانئ، قال: كان أحمد بن حنبل مختفيا عندنا ها هنا، فقال
لي: ما أطيق ما يطيق أبوك من العبادة (3).
وعن أحمد بن حنبل، قال: أبو إسحاق النيسابوري ثقة.
وقال الدارقطني: ثقة فاضل.
وكان أحمد بن حنبل يغشاه، ويحترمه ويجله.
قال أبو بكر بن زياد: حضرت إبراهيم بن هانئ عند وفاته،
فقال: أنا عطشان، فجاءه ابنه بماء، فقال: أغابت الشمس ؟
قال: لا.
فرده، وقال: * (لمثل هذا فليعمل العاملون) * [ الصافت: 61
]، ثم مات (4).
قال أبو الحسين بن المنادي: مات في ربيع الآخر سنة خمس
وستين ومئتين.
__________
= يستجيب الله دعاءهم، ولا يخيب رجاءهم، ورد في حقهم
أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أوردها السخاوي في "
المقاصد الحسنة " ص 8، 10، وتكلم عليها، فراجعه إن شئت.
(1) تاريخ بغداد: 6 / 204.
(2) انظر: المصدر السابق: 6 / 205.
(3) انظر: المصدر السابق.
(4) تاريخ بغداد: 6 / 206، وزاد بعد قوله: " عند وفاته ":
فجعل يقول لابنه إسحاق: يا إسحاق ! ارفع الستر.
قال: يا أبت ! الستر مرفوع.
فقال...".
(*)
(13/18)
قلت: كان من كبار تلامذة أحمد في الفقه والفضل وابنه:
11 - إسحاق بن إبراهيم *
النيسابوري، الفقيه: من أصحاب الامام أحمد، له عنه
سؤالات في مجلدة.
حدث عنه: أبو بكر بن زياد النيسابوري، ومحمد بن أبي هارون
الوراق، وعبد الله بن سليمان الفامي.
وكان من العلماء العاملين.
مات سنة خمس وسبعين ومئتين.
أخبرنا محمد بطيخ (1) وجماعة، قالوا: أخبرنا عبدالرحمن بن
نجم، (ح): وأخبرنا أحمد بن إسحاق (2)، أخبرنا نصر بن عبد
الرزاق القاضي، قالا: أخبرتنا شهدة الكاتبة (3)، أخبرنا
الحسين بن أحمد النعالي، وأخبرنا أحمد بن إسحاق أيضا،
أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري،
__________
* طبقات الحنابلة: 1 / 108 - 109، المنتظم: 5 / 96.
(1) هو: محمد بن أبي بكر بن بطيخ الدلال.
ذكره المؤلف في " المشتبه ": 1 / 85.
(2) هو: أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن علي، شهاب
الدين، أبو المعالي الهمذاني ثم المصري، المقرئ: المعروف
بالابرقوهي لكونه ولد بها.
وفاته سنة (701 ه).
ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 4 - 5.
(3) هي: شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الابري،
الكاتبة، الدينورية الاصل، البغدادية المولد والوفاة، كانت
من العلماء وكتبت الخط الجيد، وسمع عليها خلق كثير.
وكانت وفاتها سنة (574 ه)، وقد نيفت على تسعين سنة.
انظر: وفيات الاعيان: 2 / 477 - 478، عبر المؤلف: 4 / 220،
شذرات الذهب: 4 / 248.
(*)
(13/19)
أخبرنا عمي أبو بكر محمد، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا:
أخبرنا عبد الواحد بن محمد، أخبرنا الحسين بن إسماعيل،
أخبرنا إبراهيم بن هانئ، أخبرنا عبد الله بن صالح، حدثني
معاوية، عن أبي مريم، عن أبي هريرة، سمعه يقول: " من لقي
أخاه فليسلم عليه إن حال بينهما شجرة أو حائط أو حجر، ثم
لقيه، فليسلم عليه " (1).
وبه قال: وحدثني معاوية، عن عبد الوهاب بن بخت، عن أبي
الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم بمثل ذلك.
معاوية هو: ابن صالح، ثقة.
__________
(1) عبد الله بن صالح: فيه ضعف.
وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري في " الادب المفرد " برقم (1010)، من طريق
عبد الله بن صالح، بهذا الاسناد.
وأخرجه أبو داود: (5200)، من طريق أحمد بن سعيد الهمداني،
عن ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي موسى، عن أبي مريم،
عن أبي هريرة.
وأبو موسى: مجهول.
والرواية الثانية المرفوعة: إسنادها صحيح، أخرجها أيضا أبو
داود: (5200)، من طريق معاوية، عن عبد الوهاب بن بخت، عن
أبي الزناد.
وأخرجه أبو يعلى، ورقة (1297)، من طريق عبد الله بن صالح،
عن معاوية، عن عبد الوهاب بن بخت، بهذا الاسناد.
وأخرج البخاري في " الادب المفرد ": (011 ؟)، من طريق موسى
بن إسماعيل عن الضحاك بن نبراس، عن ثابت البناني، عن أنس
بن مالك، أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يكونون
مجتمعين، فتستقبلهم الشجرة، فتنطلق طائفة منهم عن يمينها،
وطائفة عن شمالها، فإذا التقوا سلم بعضهم على بعض.
والضحاك بن نبراس: لين الحديث، لكن أخرجه ابن السني برقم
(241)، من طريق أخرى عن حماد بن سلمة، عن ثابت وحميد، عن
أنس، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتفرق بيننا شجرة، فإذا التقينا يسلم بعضنا على بعض.
وإسناده صحيح.
وأورده الهيثمي في " المجمع ": 8 / 34.
ونسبه للطبراني في " الاوسط "، وحسن إسناده.
(*)
(13/20)
12 - محمد بن عيسى بن حيان
* المحدث، المقرئ، الامام، أبو عبد الله المدائني، بقية
الشيوخ.
حدث عن: سفيان بن عيينة، ومحمد بن الفضل بن عطية، وشعيب
إبن حرب، وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود، وأبو بكر بن مجاهد،
وإسماعيل الصفار، وخيثمة الاطرابلسي، وعثمان بن السماك.
وحمزة العقبي (1)، وأحمد بن عثمان الادمي، وأبو سهل
القطان،، وآخرون.
قال البرقاني: لا بأس به.
وقال الدار قطني: ضعيف.
قلت: توفي في سنة أربع وسبعين ومئتين، مر أبناء المئة.
يقع من عواليه للمؤتمن بن قميرة: أخبرنا أبو جعفر
عبدالرحمن بن عبد الله بن المقير (2)، وأبو المعالي محمد
بن علي الشاهد (3)، ومحمد بن أحمد بن القزاز (4)، وعلي بن
جعفر
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 398 - 399، تذكرة الحفاظ: 2 / 603، في
نهاية ترجمة الميموني، ميزان الاعتدال: 3 / 678، عبر
المؤلف: 2 / 53، الوافي بالوفيات: 4 / 294، لسان الميزان:
5 / 333، النجوم الزاهرة: 3 / 71، شذرات الذهب: 2 / 166.
(1) العقبي، بفتح العين والقاف: نسبة إلى محلة العقبة وراء
نهر عيسى، قريبة من دجلة بغداد.
(انظر معجم ياقوت، واللباب).
(2) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 73.
(3) هو: محمد بن علي بن محمد بن علي، العدل الكبير، العالم
المسند الثقة، عماد الدين، أبو المعالي، ابن الحافظ ضياء
الدين بن البالسي الدمشقي الشروطي...مات في نصف جمادى
الاولى سنة إحدى عشرة وسبعمئة.
" مشيخة " الذهبي: خ ق: 145.
(4) هو: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن محمد، المقرئ الزاهد
المعمر أبو عبد الله، ابن القزاز.
وفاته سنة (705 ه).
ترجمة المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 127.
(*)
(13/21)
المؤذن (1)، وبيبرس المجدي (2)، قالوا: أخبرنا مؤتمن بن
أبي السعود، وقرأت على محمد بن علي السلمي: أخبرنا
عبدالرحمن بن إبراهيم، قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد،
أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاني، أخبرنا أبو علي بن شاذان،
أخبرنا حمزة، وعثمان بن السماك، وأبو سهل بن زياد، قالوا:
أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا شعيب بن حرب، أخبرنا إبراهيم
بن طهمان، أخبرنا بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن
عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع
لم يصوب رأسه، ولم يشخصه " هذا حديث حسن (3).
ومات معه: الحسن بن مكرم (4)، وعلي بن إبراهيم الواسطي
(5)،
__________
(1) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 96.
(2) هو: بيبرس بن عبد الله التركي، علاء الدين أبو سعد
العقيلي المجدي، قال الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 39: "
شيخ معمر عالي الاسناد مليح الشكل والبزة...مات في تاسع ذي
القعدة سنة ثلاث عشرة وسبعمئة وقد نيف على التسعين ".
(3) وأخرجه مسلم: (498) في الصلاة: باب ما يجمع صفة الصلاة
ويفتتح به، وأبو داود: (783)، في الصلاة: باب من لم ير
الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وأحمد 6 / 31، 194، من طرق
عن حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن
عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح
الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان
إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا
رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما، وكان إذا رفع
رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا.
وكان يقول في كل ركعتين التحية.
وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى.
وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه
افتراش السبع.
وكان يختم الصلاة بالتسليم ".
وأخرجه ابن ماجه مختصرا: (869)، من طريق حسين المعلم، عن
بديل، به.
وقوله: " لم يشخص رأسه ": أي: لم يرفعه.
وقوله: " لم يصوبه ": أي لم يخفضه خفضا بليغا، بل يعدل فيه
بين الاشخاص والتصويب.
و " عقبة الشيطان ": أن يلصق ألييه بالارض، وينصب ساقيه،
ويضع يديه على الارض كما يفرش الكلب وغيره من السباع.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (192)، برقم: (109).
(5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (90)، برقم: (51).
(*)
(13/22)
وأبو غسان مالك بن يحيى بمصر، وآخرون.
وأبو الحسن عبدالملك بن عبد الحميد الميموني (1)، وخلف بن
محمد كردوس، بواسط (2).
13 - إبراهيم بن الحارث
* ابن إسماعيل: الحافظ الثقة، أبو إسحاق البغدادي، نزيل
نيسابور.
سمع: يزيد بن هارون، وحجاج بن محمد، وأبا النضر، ويحيى بن
أبي بكير، وعبد العزيز بن أبان.
حدث عنه: البخاري، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو
حامد بن الشرقي، وأبو بكر محمد بن الحسين القطان، وجماعة.
يقع لنا حديثه بعلو من طريق السلفي.
توفي في أول سنة خمس وستين ومئتين، ولعله جاوز الثمانين،
رحمه الله.
14 - معاوية بن صالح *
* [ س ] (3).
ابن الوزير أبي عبيد الله: معاوية.
بن يسار الاشعري، مولاهم، الحافظ، الامام، المجود، أبو
عبيد الله الدمشقي.
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (89)، برقم: (50)
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (199)، برقم: (114).
* تاريخ بغداد: 6 / 54 - 56، الوافي الوفيات: 5 / 342،
تهذيب التهذيب: 1 / 112.
* * الجرح والتعديل: 8 / 383، طبقات الحنابلة: 1 / 289،
تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 336 أ - ب، تهذيب الكمال: خ:
1344 - 1345، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 52، عبر المؤلف: 2 /
27، تهذيب التهذيب: 10 / 212، خلاصة تذهيب الكمال: 381،
شذرات الذهب: 2 / 147.
(3) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/23)
رحل، وعني بهذا الشأن.
وأخذ عن: أبي مسهر الغساني، وأبي غسان النهدي، وخالد بن
مخلد، وأبي عبدالرحمن المقرئ، وعبيدالله بن موسى، وأبي
الوليد الطيالسي، وعبد الله بن جعفر الرقي.
وعدة.
وسأل يحيى بن معين عن الرجال.
قال النسائي: لا بأس به.
قلت: حدث عنه: النسائي، وأبو حاتم، وأبو زرعة الدمشقي،
وابن جوصا، وأبو عوانة، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن مروان
الدمشقي، وعدة.
قال الطحاوي وغيره: توفي بدمشق في سنة ثلاث وستين ومئتين.
قلت: شاخ وجاوز السبعين.
15 - ابن عفان * [ د، ق
] (1) المحدث الثقة، المسند، أبو محمد، الحسن بن علي بن
عفان
العامري الكوفي، أخو محمد.
سمع: عبد الله بن نمير، وأبا يحيى عبدالحميد الحماني،
وأسباط ابن محمد، وأبا أسامة، وجعفر بن عون، وطائفة.
ولم يرحل.
حدث عنه: ابن ماجة في " سننه "، وعبد الرحمن بن أبي حاتم،
__________
* الجرح والتعديل: 3 / 22، تهذيب الكمال: خ: 276، تذهيب
التهذيب: خ: 1 / 142، عبر المؤلف: 2 / 44 - 45، تهذيب
التهذيب: 2 / 301 - 302، خلاصة تذهيب الكمال: 79، شذرات
الذهب: 2 / 158.
(1) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/24)
وقال: صدوق.
وعلي بن محمد بن كاس القاضي، وإسماعيل بن محمد الصفار،
وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، وآخرون.
وله بضعة وعشرون شيخا كوفيون.
سمعنا من طريقه كتاب " الخراج " ليحيى بن آدم (1)، وسمعنا
جزءا من حديثه انفرد به ابن اللتي.
فأما قول الحافظ ابن عساكر في " شيوخ النبل " (2) إن أبا
داود روى عن هذا، فوهم قديم، والذي في النسخ القديمة "
بالسنن ": أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا يزيد بن هارون،
وأبو عاصم، عن أبي الاشهب، عن عبد الرحمن، عن عرفجة: أنه
أصيب أنفه يوم الكلاب.
ورواه ابن داسة وحده، فقال فيه: حدثنا الحسن بن علي بن
عفان.
ولا ريب أن الانفصال عن مثل هذا صعب، لكن أجزم بأن قوله:
ابن عفان، زيادة من كيس ابن داسة.
وقد خالفه جماعة، وحذفوا ذلك، ولا نعلم لابي داود، عن ابن
عفان رواية، ولا علمنا أن ابن عفان رحل إلى يزيد، ولا إلى
أبي عاصم،
وإنما هو الحسن بن علي الحلواني، الحافظ الرحال.
__________
(1) هو: يحيى بن آدم بن سليمان القرشي، مولاهم الكوفي، أبو
زكريا، مقرئ محدث، حافظ فقيه، توفي سنة (203 ه): وكتابه "
الخراج " طبع بتحقيق المحدث الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله
تعالى.
(2) ص (100)، بتحقيق الآنسة سكينة الشهابي، (ط.
دار الفكر 1980 م).
وذكر نحوه الحافظ المزي في " تهذيب الكمال ": خ: 276.
وحديث عرفجة هو في " سنن " أبي داود: (4233) و (4232)، في
كتاب الخاتم: باب ما جاء في ربط الاسنان بالذهب.
وتمامه: " فاتخذ أنفا من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى
الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب ".
وهو حديث صحيح.
والكلاب، بضم الكاف وتخفيق اللام المفتوحة: اسم ماء، وكانت
عنده وقعتا كلاب الاولى والثانية، بين ملوك كندة وبني
تميم.
(*)
(13/25)
قال الدارقطني: الحسن بن علي بن عفان، وأخوه محمد ثقتان.
وقال ابن عقدة: توفي الحسن لليلة خلت من صفر، سنة سبعين
ومئتين.
أخبرنا الحسن بن علي (1)، ومحمد بن قيماز الدقيقي (2)،
وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا مسعود بن
محمد بن شنيف سنة (551)، أخبرنا الحسين بن محمد السراج،
وأبو غالب محمد بن محمد العطار قالا: أخبرنا الحسن بن أحمد
البزاز، أخبرنا علي بن محمد القرشي، حدثنا الحسن بن علي بن
عفان سنة خمس وستين ومئتين، حدثنا جعفر بن عون، أخبرنا
يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: إذا أعتق الرجل
وليدته، فله أن يطأها ويستخدمها وينكحها، وليس له أن
يبيعها
أو يهبها.
وولدها بمنزلتها (3).
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ ق: 42 - 43.
(2) هو: محمد بن قايماز، المقرئ الصالح، شمس الدين، أبو
عبد الله، مولى بشر الطحان، مات في سنة (702 ه)، وله أربع
وثمانون سنة، وحدث " بصحيح " البخاري.
انظر ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ ق: 150.
(3) وأخرجه مالك في " الموطأ ": 3 / 35، عن يحيى بن سعيد،
عن سعيد بن المسيب، ومن طريق مالك أخرج البيهقي في " السنن
": 10 / 315، بلفظ: " إذا دبر الرجل جاريته، فإن له أن
يطأها، وليس له أن يبيعها، ولا يهبها، وولدها بمنزلتها ".
وأخرج مالك في " الموطأ ": 3 / 5، في العتق والولاء: باب
عتق أمهات الاولاد، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب
قال: أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها، ولا يهبها،
ولا يورثها، وهو يستمتع بها، فإذا مات فهي حرة.
وأخرج عبد الرزاق: (13224)، عن معمر، عن أيوب، عن ابن
سيرين، عن عبيدة السلماني، قال: سمعت: عليا يقول: اجتمع
رأيي ورأي عمر في أمهات الاولاد أن لا يبعن، ثم رأيت بعد
أن يبعن.
قال عبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من
رأيك وحدك في الفرقة.
وهذا الاسناد معدود في أصح الاسانيد.
وأخرج عبد الرزاق أيضا: بإسناد صحيح أن عليا رجع عن ذلك،
أي عن مخالفة قول عمر والجماعة.
(*)
(13/26)
أخوه:
16 - أبو جعفر * المحدث الثقة:
محمد بن علي بن عفان، العامري الكوفي المقرئ.
تلا على: عبيد الله بن موسى.
وحدث عن (1): الحسن بن عطية، وغيره.
حدث عنه: ابن عقدة علي بن كاس القاضي، وابن الزبير القرشي،
وآخرون.
مات في صفر سنة سبع وسبعين ومئتين.
وثقه الدارقطني.
وبالاسناد الماضي إلى علي بن محمد القرشي: أخبرنا أبو محمد
الحسن، وأبو جعفر محمد ابنا علي بن عفان، قالا: حدثنا
الحسن بن عطية القرشي، عن الحسن بن صالح، سمعت عبد الله بن
دينار، سمعت ابن عمر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن بيع الولاء وعن هبته " (2).
__________
* طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 206.
(1) في الاصل: " عنه ".
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه من طرق، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، مالك: 2
/ 782، في العتق والولاء: باب مصير الولاء لمن أعتق،
والبخاري: 5 / 121، في العتق: باب بيع الولاء وهبته، وفي
الفرائض: باب إثم من تبرأ من مواليه، ومسلم: (1506) في
العتق: باب النهي عن بيع الولاء وهبته، وأبو داود::
(2919)، والنسائي: 7 / 306، والترمذي: (1236)، وابن ماجه:
(2747).
(*)
(13/27)
17 - ابن وارة * (س) محمد بن مسلم بن عثمان
بن عبد الله: الحافظ، الامام المجود، أبو عبد الله بن وارة
الرازي، أحد الاعلام.
ارتحل إلى الآفاق.
وحدث عن: أبي عاصم النبيل، والانصاري، والفريابي،
ومحمد بن عرعرة، وهوذة بن خليفة، وأبي نعيم.
وأبي مسهر، وعبيد الله بن موسى، والهيثم بن جميل، وسعيد بن
أبي مريم، وعبد الله بن يوسف، وحجاج بن أبي منيع،
والاصمعي، وعلي ابن عياش، وعارم، ومسلم بن إبراهيم، وخلق
كثير، وينزل إلى أحمد بن صالح المصري، ونحوه.
وكان يضرب به المثل في الحفظ، على حمق فيه وتيه.
ولقد اجتمع بالري ثلاثة يعز وجود مثلهم: أبو زرعة (1)،
وابن وارة، وأبو حاتم (2).
حدث عنه: النسائي، ومحمد بن يحيى الذهلي - وهو أكبر منه -
وأبو بكر بن عاصم، وعبد الرحمن بن خراش، وابن ناجية،
__________
* الجرح والتعديل: 8 / 79 - 80، تاريخ بغداد: 3 / 256 -
260، طبقات الحنابلة: 1 / 324، تاريخ ابن عساكر، خ: 15 /
516 أ - 518 ب، المنتظم: 5 / 55، تهذيب الكمال: خ: 1270 -
1271، تذكرة الحفاظ: 2 / 575 - 577، عبر المؤلف: 2 / 46،
الوافي بالوفيات: 5 / 27، تهذيب التهذيب: 9 / 451 - 453،
طبقات الحفاظ: 257، خلاصة تذهيب الكمال: 359، شذرات الذهب:
2 / 160.
(1) هو: عبيد الله بن عبد الكريم: ستأتي ترجمته في الصفحة
(65)، برقم (48).
(2) هو: محمد بن إدريس بن المنذر، ستأتي ترجمته في الصفحة
(247)، برقم (125).
(*)
(13/28)
وأبو عوانة، وابن صاعد، ومحمد بن المسيب الارغيانى، وأبو
عمر محمد بن يوسف القاضي، وابن مجاهد المقرئ، وابن أبي
داود، ومحمد بن مخلد، والمحاملي، والحسن بن محمد
الداركي، وعبد الله بن محمد الحامض (1)، ومحمد بن المنذر
شكر، وأبو عمرو بن حكيم المديني، وعبد الله بن محمد بن أخي
أبي زرعة الرازي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلق سواهم.
وكان مولده في حدود عام تسعين ومئة.
قال النسائي: هو ثقة، صاحب حديث.
وقال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق، وجدت أبا زرعة يبجله ويكرمه.
وقال عبدالمؤمن بن أحمد: كان أبو زرعة لا يقوم لاحد، ولا
يجلس أحدا في مكانه، إلا ابن وارة.
وقال فضلك الرازي: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول: أحفظ من
رأيت أحمد بن الفرات (2)، وابن وارة، وأبو زرعة (3).
قال أبو جعفر الطحاوي: ثلاثة من علماء الزمان بالحديث،
اتفقوا بالري، لم يكن في الارض مثلهم في وقتهم، فذكر ابن
وارة، وأبا حاتم، وأبا زرعة.
__________
(1) انظر ترجمته في " عبر " المؤلف: 2 / 217.
(2) أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي.
توفي سنة (258 ه).
انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 544 - 545، عبر المؤلف: 2 / 16،
شذرات الذهب: 2 / 138.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 575.
(*)
(13/29)
وعن عبدالرحمن بن خراش، قال: كان ابن وارة من أهل هذا
الشأن المتقنين الامناء، كنت ليلة عنده، فذكر أبا إسحاق
السبيعي، فذكر شيوخه، فذكر (1) في طلق واحد سبعين ومئتين
من شيوخه، ثم قال: كان غاية، شيئا عجبا.
وقال عثمان بن خرزاذ: سمعت الشاذكوني يقول: جاءني محمد بن
مسلم، فقعد يتقعر (2) في كلامه، فقلت له: من أي بلد أنت ؟
قال: من أهل الري، ألم يأتك خبري ؟ ألم تسمع بنبئي ؟ أنا
ذو الرحلتين.
قلت: من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن من
الشعر حكمة " ؟ فقال: حدثني بعض أصحابنا.
قلت: من ؟ قال: أبو نعيم وقبيصة.
قلت: يا غلام ! ائتني بالدرة، فأتاني بها، فأمرته، فضربه
بها خمسين، وقلت: أنت تخرج من عندي، ما آمن أن تقول: حدثني
بعض غلماننا (3).
قال زكريا الساجي: جاء ابن وارة إلى أبي كريب، وكان في ابن
وارة بأو (4)، فقال لابي كريب: ألم يبلغك خبري ؟ ألم يأتك
نبئي، أنا ذو الرحلتين، أنا محمد بن مسلم بن وارة.
فقال: وارة ؟ وما وارة ؟ وما أدراك ما وارة ؟ قم، فوالله
لا حدثتك، ولا حدثت قوما أنت فيهم (5).
__________
(1) في التذكرة: 2 / 575: " فذكر أبا إسحاق السبيعي وشيوخه
ما نذكر منهم...".
(2) التقعير: أن يتكلم بأقصى قعر فمه.
وانظر ما جاء في " البيان والتبيين " للجاحظ: 1 / 13 (3)
الخبر في " تذكرة الحفاظ ": 2 / 576.
وحديث: " إن من الشعر حكمة " أخرجه البخاري: 10 / 445،
446، باب ما يجوز من الشعر والرجز، وأبو داود: (5010)، في
الادب: باب ما جاء في الشعر، من حديث أبي بن كعب.
وأخرجه الترمذي: (2848)، وأبو داود: (5011)، من حديث بن
عباس.
وأخرجه الترمذي: (2847)، من حديث ابن مسعود.
(4) البأو: الكبر والتيه.
(5) تذكرة الحفاظ: 2 / 576.
(*)
(13/30)
قال أبو العباس بن عقدة: دق ابن وارة على ابن كريب، فقال:
من ؟
قال: ابن وارة، أبو الحديث وأمه.
وقد زلق الحافظ أبو أحمد الحاكم، وذكر أن ابن وارة سمع من
سفيان ابن عيينة، ويحيى القطان.
كما أخطأ ابن المنادي في الوفيات، فقال: توفي ابن وارة سنة
خمس وستين ومئتين.
بل الصواب في وفاته ما قاله ابن مخلد وغيره: إنها في رمضان
سنة سبعين ومئتين.
أخبرنا بلال بن عبد الله الخادم (1)، أخبرنا عبد الوهاب بن
رواج، وأخبرنا الحسن بن علي بن الخلال، أخبرنا محمد بن عبد
الواحد الحافظ، قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، فالاول
سماعا، والثاني إجازة، أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله بن
أحمد السوذرجاني (2)، قالا: أخبرنا علي بن محمد الفرضي،
أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد ابن
مسلم بن وارة، حدثنا عبد الغفار الكريزي (3)، حدثنا صالح
بن أبي
__________
(1) هو: " بلال بن عبد الله، الامير الكبير، حسام الدين،
أبو الخير الحبشي...ويعرف بالوالي.
ربى ملوكا وأولاد ملوك...مات بعد الهزيمة في رمل مصر في
ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وستمئة، وكان من أبناء التسعين
".
" مشيخة " الذهبي: خ ق: 39.
(2) السوذرجاني، بضم السين، وفتح الذال، وسكون الراء: نسبة
إلى سوذرجان من قرى أصبهان.
(3) الكريزي: بالكاف المضمومة، والراء المفتوحة، وقد تحرف
في المطبوع من " ميزان الاعتدال ": 2 / 640، إلى " الكوثري
".
وهو: عبد الغفار بن عبيد الله الكريزي، مترجم في " الجرح
والتعديل ": 6 / 54.
ووقع في المطبوع من " الميزان " في ترجمته تحريف آخر: فقد
جاء فيه: " روى عن ابن وارة وأبي حاتم ".
والصواب: روى عنه: ابن وارة وأبو
حاتم.
(*)
(13/31)
الاخضر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: " لما مات رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - رفع أبو بكر الثوب عن وجهه،
فقبله، ثم قال مت - والله الذي لا إله إلا هو - موتة لا
تموت بعدها أبدا ! (1).
18 - سهل بن عمار *
القاضي، العلامة، أبويحيى العتكي النيسابوري الحنفي، شيخ
أهل الرأي بخراسان، وقاضي هراة.
ارتحل في الحديث، وسمع من: يزيد بن هارون، وشبابة بن سوار،
وجعفر بن عون، وعبد الرحمن بن قيس، والواقدي، وعبيد الله
بن موسى، وعدة.
حدث عنه: العباس بن حمزة، وأبو يحيى البزاز، وإبراهيم بن
محمد ابن سفيان الفقيه، ومحمد بن سليمان بن فارس، وأحمد بن
شعيب الفقيه،
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف صالح بن أبي الاخضر.
لكن الحديث ثابت عن عائشة رضي الله عنها، أخرجه البخاري: 3
/ 91، في الجنائز: باب الدخول على الميت بعد الموت، من
طريقين، عن الزهري، عن أبي سلمة، ان عائشة - رضي الله عنها
- أخبرته، قالت: أقبل أبو بكر - رضي الله عنه - على فرسه
من مسكنه بالسنح حتى نزل.
ودخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة - رضي الله
عنها - فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد
حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله.
ثم بكى فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، لا يجمع الله
عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها...".
وأخرجه النسائي: 4 / 11، في الجنائز: باب تقبيل الميت،
والبيهقي: 3 / 406.
وحديث ابن جابر أشار إليه الترمذي عقب الحديث: (989) الذي
أورده عن عائشة: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون وهو ميت،
فقال: " وفي الباب عن ابن عباس وجابر وعائشة، قالوا: إن
أبا بكر قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت ".
وفي الباب عن أبي هريرة، عند ابن حبان، رقم (2155).
* ميزان الاعتدال: 2 / 240، لسان الميزان: 3 / 121.
(*)
(13/32)
ومحمد بن علي بن عمر المذكر (1)، وآخرون.
قال الحاكم: قلت لمحمد بن صالح بن هانئ: لم لم تكتب عن سهل
؟ قال: كانوا يمنعون من السماع منه (2).
وسمعت ابن الاخرم يقول: كنا نختلف إلى إبراهيم بن عبد الله
السعدي، وسهل بن عمار مطروح في سكته، فلا نتقدم إليه (3).
وعن إبراهيم السعدي، أنه اتهم سهلا.
وقال الحاكم: مختلف في عدالته.
توفي سنة سبع وستين ومئتين.
19 - أبو البختري *
الشيخ، المحدث، الثقة، أبوالبختري، عبد الله بن محمد بن
شاكر، العنبري، البغدادي، المقرئ.
سمع حروف عاصم من يحيى بن آدم، ورواها عنه.
وسمع: أبا أسامة، ومحمد بن بشر العبدي، وحسين بن علي
الجعفي، وعدة.
__________
(1) أبو علي النيسابوري: أحد الضعفاء، كما قاله الذهبي في
" عبره ".
: 2 / 245، والمذكر، بضم الميم، وفتح الذال المعجمة،
وتشديد الكاف المكسورة: يقال لمن يذكر الناس ويعظهم انظر "
اللباب ".
(2) ميزان الاعتدال: 2 / 240.
(3) المصدر السابق، وفيه: " فلا نقربه ".
* الجرح والتعديل: 5 / 162، تاريخ بغداد: 10 / 82 - 83،
طبقات الحنابلة: 1 / 189 - 190، المنتظم: 5 / 77، عبر
المؤلف: 2 / 46، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 449، شذرات
الذهب: 2 / 160.
(*)
(13/33)
حدث عنه: القاضي المحاملي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد
ابن مخلد، وأبو جعفر بن البختري، وإسماعيل الصفار، وأبو
بكر بن مجاهد، وآخرون.
قال الدارقطني: ثقة صدوق.
قلت: توفي في ذي الحجة سنة سبعين ومئتين.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن (1)، أخبرنا عبد الله بن
أحمد، أخبرنا هبة الله بن الحسن، أخبرنا أبو الفضل عبد
الله بن علي، أخبرنا علي بن محمد المعدل، أخبرنا محمد بن
عمرو الرزاز، حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو
أسامة، حدثنا الاعمش، عن خيثمة بن عبدالرحمن، عن عدي بن
حاتم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما
منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حاجب ولا
ترجمان، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا شيئا قدمه، وينظر
أشأم منه، فلا يرى إلا شيئا قدمه، فينظر أمامه، فلا يرى
إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة (2).
__________
(1) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ ق: 36.
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري: 10 / 375، في الادب: باب طيب الكلام، و 11
/ 350، في الرقاق: باب من نوقش الحساب عذب، و 373: باب صفة
الجنة والنار،
و 13 / 362 في التوحيد: باب وجوه يومئذ ناضرة، و 397: باب
كلام الرب عزوجل، وأخرجه مسلم: (1016): (67)، في الزكاة:
باب الحث على الصدقة، والترمذي: (2415، في أول صفة
القيامة، كلهم من طريق الاعمش، بهذا الاسناد.
وأخرجه بأطول مما هنا البخاري: 3 / 223، في الزكاة: باب
الصدقة قبل الرد، و: 6 / 450 - 451، في الانبياء: باب
علامات النبوة في الاسلام، من طريقين، عن محل بن خليفة
الطائي، عن عدي بن حاتم.
وقوله: " وينظر: أشأم منه "، أي: ينظر عن شماله، واليد
اليسرى تسمى: الشؤمى.
(*)
(13/34)
20 - عمار بن رجاء
* الحافظ، الثقة، الامام، أبو ياسر التغلبي الاستراباذي،
صاحب " المسند الكبير "، رحل وجمع، وصنف.
حدث عن: يزيد بن هارون، ومحمد بن بشر العبدي، وزيد بن
الحباب، ويحيى بن آدم، وحسين بن علي الجعفي، ومعاوية بن
هشام، وعبيد الله بن موسى، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو نعيم عبدالملك بن محمد بن عدي، وأحمد بن محمد
بن مطرف الاستراباذي، ومحمد بن الحسين الاديب، وطائفة
سواهم.
ترجمه أبو سعد الادريسي (1)، وقال: كان شيخا فاضلا دينا،
كثير العبادة والزهد، ثقة في الحديث، رحل وهو ابن ثمان
وعشرين سنة، ومات سنة سبع وستين ومئتين على الصحيح.
قال: وقبره يزار، رحمة الله عليه.
21 - ابن السرماري * *
الامام، الثقة، أبو صفوان، إسحاق ابن البطل الكرار، فارس
__________
* الجرح والتعديل: 6 / 395، طبقات الحنابلة: 1 / 247،
المنتظم: 5 / 61، تذكرة الحفاظ: 2 / 561 - 562.
(1) هو: الحافظ، العالم، أبو سعد عبدالرحمن بن محمد بن
محمد بن عبد الله بن إدريس، الاستراباذي، محدث سمرقند،
ومصنف تاريخها وتاريخ أستراباذ.
توفي سنة (445 ه).
(انظر: تذكرة الحفاظ: 3 / 1062 - 1063).
* * الانساب: 7 / 74.
(*)
(13/35)
العصر، أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر السلمي، البخاري،
السرماري.
(1) سمع في حداثته باعتناء أبيه من: أشهل بن حاتم، وأبي
عاصم، وعبيد الله، ومكي بن إبراهيم، والمقرئ.
وعنه: صالح جزرة، وعمر بن محمد بن بجير، وآخرون.
وكان يقول: سئل المقرئ، فقيل له: إن رجلا ببخارى يقال له:
أحمد بن حفص، يقول: الايمان قول.
فقال: مرجئ.
وكنت قدامه، فقتل: وأنا أقول ذلك، فأخذ برأسي، ونطحني
برأسه نطحة، وقال: أنت مرجئ (2) يا خراساني.
توفي سنة ست وسبعين ومئتين.
__________
(1) السرماري، بضم السين وسكون الراء: نسبة إلى سرمارى من
قرى بخارى.
(اللباب).
(2) قد يطلق الارجاء على أهل السنة والجماعة من مخالفيهم
المعتزلة الذين يزعمون تخليد صاحب الكبيرة في النار، لانهم
لا يقطعون بعقاب الفساق الدين يرتكبون الكبائر ويفوضون
أمرهم
إلى الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ويطلق على من
يقول بعدم دخول الاعمال في الايمان، وأن الايمان لا يزيد
ولا ينقص - وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه - من جانب المحدثين
القائلين بدخول الاعمال في مسمى الايمان، وانه يزيد وينقص.
ويطلق على من يقول: الايمان هو معرفة الله، ويجعل ما سوى
الايمان من الطاعات وما سوى الكفر من المعاصي غير مضرة ولا
نافعة.
وهذا القسم الاخير من الارجاء هو المذموم صاحبه، المتهم في
دينه.
وقد قال المؤلف في " ميزانه ": 4 / 99: " مسعر بن كدام حجة
إمام، ولا عبرة بقول السليماني: كان من المرجئة مسعر وحماد
بن أبي سليمان والنعمان وعمرو بن مرة وعبد العزيز بن أبي
رواد، وأبو معاوية وعمرو بن ذر..، وسرد جماعة.
قلت: الارجاء مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي النحامل
على قائله.
(*)
(13/36)
أبوه:
22 - أحمد بن إسحاق *
(خ) (1) الامام، الزاهد، العابد المجاهد، فارس الاسلام،
أبو إسحاق: من أهل سرمارى، من قرى بخارى.
سمع من: يعلى بن عبيد: وعثمان بن عمر بن فارس، وأبي عاصم،
وطبقتهم.
حدث عنه: ابنه، وأبو عبد الله البخاري في " صحيحه "،
وإدريس بن عبدك، وآخرون.
وكان أحد الثقات.
وبشجاعته يضرب المثل.
قال إبراهيم بن عفان البزاز: كنت عند أبي عبد الله
البخاري، فجرى ذكر أبي إسحاق السرماري، فقال: ما نعلم في
الاسلام مثله.
فخرجت، فإذا أحيد رئيس المطوعة، فأخبرته، فغضب ودخل على
البخاري،
وسأله، فقال: ما كذا قلت: بل: ما بلغنا أنه كان في الاسلام
ولا الجاهلية.
مثله.
سمعها إسحاق بن أحمد بن خلف من ابن عفان.
قال أبو صفوان: دخلت على أبي يوما، وهو يأكل وحده، فرأيت
في مائدته عصفورا يأكل معه، فلما رآني طار.
وعن أحمد بن إسحاق، قال: ينبغي لقائد الغزاة أن يكون فيه
عشر خصال: أن يكون في قلب الاسد: لا يجبن، وفي كبر النمر:
لا يتواضع،
__________
* تهذيب الكمال: خ: 17، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 6 - 7،
الوافي بالوفيات: 6 / 241، تهذيب التهذيب: 1 / 13 - 14،
خلاصة تذهيب الكمال: 3.
(1) زيادة من " التقريب " (*)
(13/37)
وفي شجاعة الدب: يقتل بجوارحه كلها، وفي حملة الخنزير: لا
يولي دبره، وفي غارة الذئب: إذا أيس من وجه أغار من وجه،
وفي حمل السلاح كالنملة: تحمل أكثر من وزنها، وفي الثبات
كالصخر، وفي الصبر كالحمار، وفي الوقاحة كالكلب: لو دخل
صيده النار لدخل خلفه، وفي التماس الفرصة كالديك.
غنجار: سمعت أبا بكر محمد بن خالد المطوعي، سمعت محمد بن
إدريس المطوعي البخاري، سمعت إبراهيم بن شماس يقول: كنت
أكاتب أحمد بن إسحاق السرماري، فكتب إلي: إذا أردت الخروج
إلى بلاد الغزية في شراء الاسرى، فاكتب إلي.
فكتبت إليه، فقدم سمرقند، فخرجنا، فلما علم جعبويه،
استقبلنا في عدة من جيوشه، فأقمنا عنده، فعرض يوما جيشه،
فمر رجل، فعظمه، وخلع عليه، فسألني عنه السرماري، فقلت:
هذا رجل مبارز، يعد بألف فارس.
قال: أنا أبارزه.
فسكت، فقال جعبويه: ما يقول هذا ؟ قلت: يقول كذا وكذا.
قال: لعله سكران لا يشعر، ولكن غدا نركب، فلما كان الغد
ركبوا، فركب السرماري معه عمود في كمه، فقام بإزاء
المبارز، فقصده، فهرب أحمد حتى باعده من الجيش، ثم كر،
وضربه بالعمود قتله، وتبع إبراهيم بن شماس، لانه كان سبقه،
فلحقه، وعلم جعبويه، فجهز في طلبه خمسين فارسا نقاوة،
فأدركوه، فثبت تحت تل مختفيا، حتى مروا كلهم، واحدا (1)
بعد واحد، وجعل يضرب بعموده من ورائهم، إلى أن قتل تسعة
وأربعين، وأمسك واحدا، قطع أنفه وأذنيه، وأطلقه ليخبر، ثم
بعد عامين توفي أحمد، وذهب ابن شماس في الفداء، فقال له
جعبويه: من ذاك الذي قتل فرساننا ؟
__________
(1) في الاصل.
" واحد ".
(*)
(13/38)
قال: ذاك أحمد السرماري.
قال: فلم لم تحمله معك ؟ قلت: توفي، فصك في وجهي، وقال: لو
أعلمتني أنه هو لكنت أعطيه خمس مئة برذون (1)، وعشرة آلاف
شاة.
وعن بكر بن منير، قال: رأيت السرماري أبيض الرأس واللحية،
ضخما، مات بقريته، فبلغ كراء الدابة إليها عشرة دراهم،
وخلف ديونا كثيرة، فكان غرماؤه ربما يشترون من تركته حزمة
القصب بخمسين درهما، إلى مئة، حبا له، فما رجعوا حتى قضي
دينه.
عن عمران بن محمد المطوعي: سمعت أبي يقول: كان عمود
المطوعي السرماري وزنه ثمانية عشر منا (2)، فلما شاخ جعله
اثني عشر منا، وكان به يقاتل.
قال غنجار: سمعت محمد بن خالد وأحمد بن محمد، قالا: سمعنا
عبدالرحمن بن محمد بن جرير، سمعت عبيد الله بن واصل، سمعت
أحمد السرماري يقول، وأخرج سيفه، فقال: أعلم يقينا أني
قتلت به ألف تركي، وإن عشت قتلت به ألفا أخرى، ولولا خوفي
أن يكون بدعة لامرت أن يدفن معي (3).
وعن محمود بن سهل الكاتب، قال: كانوا في بعض الحروب
يحاصرون مكانا، ورئيس العدو قاعد على صفة (4)، فرمى
السرماري
__________
(1) البرذون: ضرب من الدواب، يخالف الخيل العراب، عظيم
الخلقة، غليظ الاعضاء.
(2) المن: زنة رطلين.
(3) انظر: تهذيب التهذيب: 1 / 14.
(4) الصفة: الظلة، والبهو الواسع العالي السقف.
(*)
(13/39)
سهما، فعرزه في الصفة، فأومأ الرئيس لينزعه، فرماه بسهم
آخر خاط يده، فتطاول الكافر لينزعه من يده، فرماه بسهم
ثالث في نحره، فانهزم العدو، وكان الفتح.
قلت: أخبار هذا الغازي تسر قلب المسلم.
قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: توفي في شهر ربيع الآخر،
سنة اثنتين وأربعين ومئتين (1)، رحمه الله تعالى، فإنه كان
مع فرط شجاعته من العلماء العاملين العباد.
قال ولده أبو صفوان: وهب المأمون لابي ثلاثين ألفا، وعشرة
أفراس، وجارية، فلم يقبلها.
23 - أحمد بن الفرج *
ابن عبد الله: المحدث، المعمر، أبو علي الجشمي، البغدادي
المقرئ.
حدث عن: عباد بن عباد المهلبي، وسويد بن عبد العزيز، وعبد
الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن نمير، وطائفة.
روى عنه: إسحاق بن سنين الختلي، ومحمد بن جعفر القماطري،
وأبو جعفر بن البختري، وآخرون.
يقع لنا من عواليه.
__________
(1) وذكر الصفدي وفاته في حدود سنة (250).
انظر: الوافي بالوفيات: 6 / 241.
* تاريخ بغداد: 4 / 341، ميزان الاعتدال: 1 / 128، لسان
الميزان: 1 / 244.
(*)
(13/40)
قال الحسين بن أحمد بن بكير الحافظ: هو ضعيف (1).
قلت: توفي قبل السبعين ومئتين.
24 - أبو الليث *
الامام، الحافظ، محدث وقته، أبو الليث، عبد الله بن سريج
بن حجر بن عبد الله بن الفضل، الشيباني، البخاري، والد أبي
عبيدة البخاري.
سمع: عبدان بن عثمان، وأحمد بن حفص الفقيه، ومحمد بن سلام
البيكندي (2)، ووهب بن زمعة، وحبان بن موسى، وهذه الطبقة،
ولا أكاد أعرف هذا.
قال سهل بن بشر: سمعت أبا الليث يقول: حفظت عشرة آلاف
حديث، من غير تكرير (3).
وقال محمد ابن يزيد المروزي: رأيت أبا الليث الحافظ جالسا
مع
عبدان على سريره، ورأيت عبدان يجله - يعني عبدان بن عثمان
- هكذا ترجمه غنجار (4)، ولم يؤرخ وفاته، رحمه الله.
25 - أحمد بن عصام * *
العالم، الصادق، المحدث، أبويحيى الانصاري، مولاهم
الاصبهاني
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 4 / 341.
* تذكرة الحفاظ: 2 / 587 - 588.
(2) البيكندي، بكسر الباء، وسكون الياء، وفتح الكاف، وسكون
النون: نسبة إلى بيكند: بلدة بين بخارى وجيحون.
(انظر معجم ياقوت، واللباب).
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 587.
(4) قال في " تذكرة الحفاظ ": 2 / 587 - 588: " قلت: لا
أعرف أبا الليث، وإنما علقت هذا من تاريخ غنجار هكذا، ولم
يؤرخ موته ".
* * الجرح والتعديل: 2 / 66 - 67، ذكر أخبار أصبهان: 1 /
87 - 88.
(*)
(13/41)
هو ابن أخت محمد بن يوسف الزاهد.
وهو: أحمد بن عصام بن عبد المجيد بن كثير بن أبي عمرة.
سمع: أبا دواد الطيالسي، ومعاذ بن هشام، وأبا أحمد
الزبيري، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود، وأحمد بن جعفر السمسار،
وعبد الله بن جعفر بن فارس، وآخرون.
وما علمت فيه لينا.
توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
وكان من أبناء التسعين، رحمه الله.
26 - أحمد بن ملاعب *
الاملام، المحدث، الحافظ، أبو الفضل البغدادي المخرمي.
سمع: عبد الله بن بكر السهمي، وأبا نعيم، وعبد الصمد بن
النعمان، وعفان، ومسلم بن إبراهيم، وطبقتهم.
وعنه: يحيى بن صاعد، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر النجاد،
وعثمان ابن السماك، وأبو جعفر بن البختري، وخلق.
قال ابن عقدة، سمعت أحمد بن ملاعب يقول: ما أحدث إلا بما
أحفظه، كحفظي القرآن.
قال: ورأيته يفصل بين الفاء والواو (1).
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 168 - 170، طبقات الحنابلة: 1 / 79،
تذكرة الحفاظ: 2 / 595، عبر المؤلف: 2 / 54، الوافي
بالوفيات: 8 / 208، طبقات الحفاظ: 266 - 267، شذرات الذهب:
2 / 166.
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 595.
(*)
(13/42)
قال ابن خراش وغيره: ثقة.
قلت: توفي في جمادى الاولى سنة خمس وسبعين ومئتين.
وقع لي جزء صغير من حديثه (1).
وفيها مات: أبو بكر المروزي (2)، والحسين بن محمد بن أبي
معشر (3)، ويحيى بن أبي طالب (4)، وأبو عوف عبدالرحمن بن
مرزوق البزوري (5).
27 - إبراهيم بن عبد الله
* ابن عمر بن أبي الخيبري: المحدث، المعمر، الصادق، أبو
إسحاق العبسي الكوفي القصار.
سمع: وكيع بن الجراح - وهو خاتمة أصحابه - وجعفر بن عون
وعبيد الله بن موسى، والعباس بن الوليد الضبي، وطائفة.
حدث عنه: أبو الحسن محمد بن أحمد الاسواري، وعلي بن عبد
الرحمن بن ماتي، وقاسم بن أصبغ الاندلسي، وأبو العباس
الاصم، وأبو سعيد بن الاعرابي، وخيثمة بن سليمان، وآخرون.
وهو صدوق، جائز الحديث.
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 2 / 595: " وقع لنا جزء عال من
حديثه ".
(2) هو: أحمد بن محمد بن الحجاج، من أصحاب الامام أحمد بن
حنبل.
انظر: عبر المؤلف: 2 / 54، شذرات الذهب: 2 / 166.
(3) ترجمته في " ميزان الاعتدال ": 1 / 547.
(4) ترجمته في: " عبر المؤلف ": 2 / 55، و " شذرات الذهب
": 2 / 168.
(5) ترجمته في: " ميزان الاعتدال ": 2 / 589.
والبزوري، بضم الباء والزاي: نسبة إلى بيع البزور للبقول،
وفي الاصل: " البروزي ".
والصواب ما أثبتناه.
* تذكرة الحفاظ: 2 / 635، في نهاية ترجمة الترمذي، عبر
المؤلف: 2 / 62.
(*)
(13/43)
مات سنة تسع وسبعين ومئتين بالكوفة.
28 - إبراهيم بن عبد الله بن
يزيد * السعدي: الامام، الحافظ، الثقة، أبو إسحاق
التميمي النيسابوري، ابن أخت بشر بن القاسم الفقيه.
سمع، معاوية بن هشام، وجعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، ومحمد
ابن عبيد بالكوفة، وروح بن عبادة، ووهبا، وأبا عاصم،
والاصمعي، بالبصرة، ويحيى بن الضريس بالري، والحسين بن
الوليد، وحفص بن عبد
الله بنيسابور، وسلما الخواص (1) بمكة، في حياة ابن عيينة.
حدث عنه: محمد بن نصر المروزي، وإبراهيم بن أبي طالب،
والحسن بن سفيان، وابن خزيمة، ومحمد بن الحسين القطان،
ومحمد بن يعقوب بن الاخرم، وعدة، وبنته فاطمة السعدية.
قال الحاكم، هو محدث كبير (2)، أديب، كثير الرحلة، وكان
يؤذن على رأس المربعة، ذكر مولده تقريبا سنة خمس وسبعين
ومئة.
توفي سنة سبع وستين ومئتين، يوم عاشوراء.
29 - محمش المحدث، أبو إسحاق،
إبراهيم بن محمد بن عبد الله النيسابوري، المقرئ
الزاهد المعروف محمش.
__________
* الوافي بالوفيات: 6 / 29.
(1) الخواص، بفتح الخاء، وتشديد الواو: يقال لمن ينسج
الخوص، وهو ورق النخل، الواحدة: خوصة.
(2) في الاصل: " كثير ".
(*)
(13/44)
سمع من: حفص بن عبد الله، وجماعة بنيسابور، ومن يعلى بن
عبيد، وعبيد الله بن موسى، وطائفة بالكوفة.
روى عنه: أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، والعباس بن
حمزة، وجماعة.
محله الصدق.
مات سنة اثنتين وستين ومئتين.
30 - الخشك * إسحاق بن عبد
الله بن محمد بن رزين، السلمي النيسابوري.
سمع: حفص بن عبد الله، ويعلى بن عبيد، وعدة.
وعنه: ابن خزيمة، ومحمد بن عمر بن حفص، وابن الاخرم، وأحمد
ابن علي بن حسنويه، وعدة.
مات سنة ست وستين ومئتين.
31 - أخطل بن الحكم * *
المسند المعمر، أبو القاسم، القرشي الدمشقي.
سمع من: بقية بن الوليد، والوليد بن مسلم.
وروى عنه: أبو عوانة الحافظ، ومكحول البيروتي، وعلي بن
أحمد، شيخ لتمام الرازي، وغيرهم.
__________
* الانساب: 5 / 125، الخشكي: اللباب: 1 / 445، " الخشكي ".
* * تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 305 أ - ب، تهذيب بدران: 2 /
337.
(*)
(13/45)
توفي سنة أربع وستين ومئتين.
أخبرنا ابن تاج الامناء (1)، عن عبدالرحيم بن السمعاني،
أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا أبو عمرو المحمي، أخبرنا
أبو نعيم الازهري، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحافظ، حدثني
الاخطل بن الحكم، حدثنا بقية، حدثنا شعبة، عن خالد وابن
عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة: " أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - سجد في وهم بعد التسليم " (2).
32 - ابن البرقي * [ د،
س ] (3) الامام، الحافظ، الثقة، أبو عبد الله، محمد بن عبد
الله بن عبد الرحيم بن سعيد الزهري، مولاهم المصري، ابن
البرقي، مؤلف كتاب:
" الضعفاء ".
__________
(1) هو " أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد بن الحسن بن
هبة الله بن عبد الله المعمر الرئيس شرف الدين أبو الفضل
الدمشقي بن عساكر، من بيت الرواية والعدالة.
مولده سنة أربع عشرة وست مئة...وروى شيئا كبيرا وكان لا
بأس به مات في الخامس والعشرين من جمادى الاولى سنة تسع
وتسعين وست مئة...".
" مشيخة " الذهبي: خ: ق: 21.
(2) رجاله ثقات.
وأخرجه مالك في " الموطأ ": 1 / 93، ومن طريقه: البخاري: 3
/ 78، في السهو، والترمذي: (399)، والنسائي: 3 / 22، عن
أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين، فقال له ذو
اليدين: أقصرت الصلاة، أم نسيت يا رسول الله ؟ قال رسول
الله صلى الله عيله وسلم: " أصدق ذو اليدين " ؟ فقال
الناس: نعم.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين، ثم
سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع ".
وأخرجه مسلم: (573) في المساجد: باب السهو في الصلاة، وأبو
داود: (1008)، من طرق عن سفيان بن عيينة، عن أيوب.
وأخرجه النسائي: 3 / 20، 21، وابن ماجة: (1214)، من طريق
ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
* الجرح والتعديل: 7 / 301، تهذيب الكمال:: خ: 1220 -
1221، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 219، تذكرة الحفاظ: 2 / 569 -
570، تهذيب التهذيب: 9 / 263، طبقات الحفاظ: 255 - 256،
خلاصة تذهيب الكمال: 345، شذرات الذهب: 2 / 120.
(3) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/46)
سمع: عمرو بن أبي سلمة التنيسي (1)، وأسد بن موسى، ومحمد
بن يوسف الفريابي، وأبا عبدالرحمن المقرئ، وعبد الملك بن
هشام، وطبقتهم، وأخذ معرفة الرجال عن يحيى بن معين.
حدث عنه: أبو داود، والنسائي، ومحمد بن المعافى، وعمر بن
بجير، وجماعة.
ومات قبل أوان الرواية كهلا.
قال ابن مؤنس: ثقة، حدث بالمغازي، ثم قال: وإنما عرف
بالبرقي، لانهم كانوا يتجرون إلى برقة.
مات محمد في سنة تسع وأربعين ومئتين.
أخوه:
33 - أحمد بن عبد الله بن
البرقي * المحدث، الحافظ، الصادق، أبو بكر: سمع من:
عمرو بن أبي سلمة، وأسد السنة، وابن هشام، وأبي صالح،
وعدة.
وله كتاب في معرفة الصحابة وأنسابهم، وكان من أئمة الاثر.
حدث عنه: أحمد بن علي المدائني، والطحاوي، وخلق.
رفسته دابة، فمات في شهر رمضان، سنة سبعين ومئتين (2)،
وكان من
__________
(1) التنيسي، بكسر التاء، والنون المشددة، وسكون الياء:
نسبة إلى مدينة بديار مصر.
(اللباب) * الجرح والتعديل: 2 / 61، المنتظم: 5 / 71،
تذكرة الحفاظ، 2 / 570، الوافي بالوفيات: 7 / 80، طبقات
الحفاظ: 253، شذرات الذهب: 2 / 158.
(2) انظر: المنتظم: 5 / 71، و: تذكرة الحفاظ: 2 / 570.
(*)
(13/47)
أبناء الثمانين، وهو الذي استمر فيه الوهم على الطبراني،
ويقول كثيرا في كتبه: حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي.
ولم يلقه أصلا، وإنما وهم الطبراني، ولقي أخاه عبد الرحيم،
وأكثر عنه، واعتقد أن اسمه أحمد،
فغلط في اسمه.
أخوهما:
34 - عبدالرحيم بن عبد الله
* ابن عبدالرحيم بن سعيد بن البرقي: المحدث، أبو سعيد،
راوي السيرة عن عبدالملك بن هشام.
حدث أيضا عن: عبد الله بن يوسف التنيسي، وطائفة.
حدث عنه بالسيرة: أبو محمد عبد الله بن جعفر بن الورد،
وحدث عنه بالكثير: أبو القاسم الطبراني، لكنه يغلط فيه،
ويسميه أحمد، فقال في " معجمه " حدثنا أحمد بن عبد الله بن
عبدالرحيم البرقي، حدثنا عبد الله ابن يوسف.
فذكر حديثا (1)، وأيضا فما ذكر عبدالرحيم في حرف العين،
__________
* عبر المؤلف: 2 / 77، شذرات الذهب: 2 / 193.
(1) هو في " معجمه " 1 / 48، 49 وتمامه: حدثنا الهيثم بن
حميد (وقد تحرف في المطبوع إلى جميل)، حدثنا زيد بن واقد،
عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة، عن يزيد ابن الاخنس -
وكانت له صحبة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
لا تنافس بينكم إلا في اثنتين: رجل أعطاه الله عزوجل
القرآن، فهو يقوم به بالليل، والنهار، فيتتبع ما فيه،
فيقول الرجل: لو أعطاني الله مثل ما أعطى فلانا، فأقوم به
مثل ما يقوم فلان، ورجل أعطاه الله مالا، فهو ينفق ويتصدق،
فيقول رجل مثل ذلك ".
وأخرجه أحمد 4 / 104، 105 من طريق الربيع بن نافع، عن
الهيثم بن حميد بهذا الاسناد، وهذا سند حسن، وأورده في "
المجمع " 3 / 108، وزاد في نسبته للطبراني في " الكبير "
وفي الباب عن ابن مسعود عند البخاري 1 / 153 ومسلم (816)
وعن ابن عمر عند البخاري 9 / 65، ومسلم (815) والترمذي
(1937) وعن أبي هريرة عند البخاري 9 / 65.
(*)
(13/48)
وقد قدمنا أن أحمد مات سنة سبعين.
ومات عبدالرحيم في ذي القعدة، سنة ست وثمانين ومئتين، وكان
صدوقا مسنا، من أهل العلم.
35 - ابن قريش * [ م ]
(1) الحافظ، المحدث الرحال، أبوعمران، موسى بن قريش بن
نافع التميمي، البخاري.
حدث عن: أبي نعيم، وعلي بن عياش، الحمصي، ومسلم بن
إبراهيم، وإسحاق بن بكر بن مضر، وعبد الله بن صالح الكاتب،
وطبقتهم.
وعنه: مسلم في " صحيحه "، والحسين بن الحسن الوضاحي، وعلي
ابن الحسن بن عبدة، وإسحاق بن أحمد بن خلف، وآخرون.
تعب، وجمع، وصنف.
أرخ ابن ماكولا وفاته في سنة أربع وخمسين ومئتين (2).
36 - حمدان الوراق * *
الحافظ، المجود، العالم، أبو جعفر، محمد بن علي بن عبد
الله، بن
__________
* تهذيب الكمال: خ: 1391، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 83، تذكرة
الحفاظ: 2 / 614 - 615، تهذيب التهذيب: 10 / 366، وفيه
وفاته سنة 252 ه، طبقات الحفاظ: 265، خلاصة تذهيب الكمال:
392.
(1) زيادة من " التقريب ".
(2) الاكمال: 7 / 115.
وفي تهذيب التهذيب، 10 / 366، أن وفاته سنة (252).
* * تاريخ بغداد: 3 / 61 - 62، طبقات الحنابلة: 1 / 308 -
310، تذكرة الحفاظ: 2 / 590 - 591، طبقات الحفاظ: 265.
(*)
(13/49)
مهران البغدادي الوراق، حمدان، العبد الصالح.
سمع: عبيد الله بن موسى، وأبا نعيم، وقبيصة، ومعاوية بن
عمرو، وعبد الله بن رجاء، وعفان، وطبقتهم.
حدث عنه: يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار،
وأبو الحسين بن بويان المقرئ، وعدة.
قال الخطيب: كان فاضلا حافظا، ثقة عارفا (1).
وروى أبو حفص بن شاهين، قال: كان من نبلاء أصحاب أحمد.
وقال أحمد بن المنادي: حمدان بن علي مشهود له بالصلاح
والفضل، بلغنا أنه قال في علة الموت: ما لصق جلدي بجلد ذكر
ولا أنثى قط (2).
وقال الدارقطني: ثقة.
قلت: هكذا حكيت لشيخنا ابن تيمية، قول الشيخ علي بن النفيس
المحدث: عمري ما رأيته في أنثى ولا ذكر، فدعا له الشيخ
وعظمه.
وتوفي حمدان في سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
37 - حمدون القصار * شيخ
الصوفية، أبو صالح، حمدون بن أحمد بن عمارة
النيسابوري.
قدوة الملامتية: وهو تخريب الظاهر، وعمارة الباطن، مع
التزام الشريعة، وكان سفيانيا.
__________
(1) تاريخ بغداد: 3 / 61.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 3 / 62.
* طبقات الصوفية: 123 - 129: حلية الاولياء: 10 / 231 -
232، المنتظم: 5 / 82، طبقات الاولياء: 359 - 360.
(*)
(13/50)
سمع: محمد بن بكار بن الريان، وابن راهويه، وأبا معمر
الهذلي.
وصحب أبا تراب (1)، وأبا حفص النيسابوري (2)، وكان من
الابدال.
روى عنه: ابنه الحافظ أبو حامد الاعمشي (3)، ومكي بن
عبدان، وأبو جعفر بن حمدان، وآخرون.
ومن كلامه، قال: لا يجزع من المصيبة، إلا من اتهم ربه (4).
وسئل عن الملامة، فقال: خوف القدرية، ورجاء المرجئة.
وقد جمع السلمي جزءا من حكايات حمدون، وأنه مات سنة إحدى
وسبعين، وأنه شيخ الزاهد عبد الله بن منازل (5).
38 - حنبل * ابن إسحاق بن حنبل
بن هلال بن أسد: الامام، الحافظ، المحدث الصدوق، المصنف،
أبو علي الشيباني، ابن عم الامام أحمد، وتلميذه.
ولد قبل المئتين.
__________
(1) أبو تراب، عسكر بن الحصين، وقيل: ابن محمد بن الحصيني
النخشبي، أحد المتصوفة.
انظر: حلية الاولياء: 10 / 219 - 222.
(2) هو: عمرو بن سلم، ويقال: ابن سلمة.
انظره في: طبقات الصوفية: 115 - 123، وفيه مصادر ترجمته.
(3) الاعمشي، بفتح الالف، وسكون العين، وفتح الميم: نسبة
إلى الاعمش، وإنما نسب إليه لانه كان يحفظ حديثه.
(اللباب).
(4) حلية الاولياء: 10 / 231.
(5) انظر ترجمته في: طبقات الصوفية: 366 - 369.
* الجرح والتعديل: 3 / 320، تاريخ بغداد: 8 / 286 - 287،
طبقات الفقهاء: 170، طبقات الحنابلة: 1 / 143 - 145،
المنتظم: 5 / 79، تذكرة الحفاظ: 2 / 600 -
601، عبر الذهبي: 2 / 51، النجوم الزاهرة: 3 / 70، طبقات
الحفاظ: 268، شذرات الذهب: 2 / 163 - 164.
(*)
(13/51)
وسمع: محمد بن عبد الله الانصاري، وسليمان بن حرب، وأبا
نعيم، وعفان بن مسلم، والحميدي، وأبا الوليد الطيالسي،
وحجاج بن منهال، ومسلم بن إبراهيم، وقبيصة بن عقبة، وأبا
سلمة، وعاصم بن علي، وسريج بن النعمان، وعلي بن الجعد،
وأباه، وابن عمه، وخلقا كثيرا.
حدث عنه: ابن صاعد، وأبو بكر الخلال، ومحمد بن مخلد، وأبو
جعفر ابن البختري، وعثمان بن السماك، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا (1).
قلت: له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب.
قال أحمد بن المنادي: كان حنبل قد خرج إلى واسط، فجاءنا
نعيه منها، في جمادى الاولى، سنة ثلاث وسبعين ومئتين (2).
قلت: كان من أبناء الثمانين (3).
ومات أبوه في سنة ثلاث وخمسين ومئتين (4)، وله ثنتان
وتسعون سنة.
وقد حدث عن: يزيد بن هارون، وغيره.
وقع لي جزء حنبل، وجزء فيه الرابع من " الفتن " لحنبل،
وكتاب
__________
(1) تاريخ بغداد: 8 / 287.
(2) المصدر السابق.
(3) وقال في " التذكرة ": 2 / 601: " سمعنا جزءا من كتاب
الفتن له، وكتاب
" المحنة " جمعه، وجزءا من حديثه.
مات وقد قارب الثمانين، رحمه الله ".
(4) تاريخ بغداد: 6 / 369.
(*)
(13/52)
" المحنة " لحنبل، وله " تاريخ " مفيد، رأيته، وعلقت منه.
39 - ابن عطية * الامام، أبو
بكر، أحمد بن القاسم بن عطية، الرازي البزاز: أحد
الحفاظ الرحالة.
روى عن: محمد بن أبي بكر المقدمي، وهشام بن عمار، وأبي
الربيع الزهراني، وابن سهم.
وعنه: الوليد بن أبان، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعبد
الرحمن ابن حمدان الجلاب، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: ثقة (1).
40 - ابن أنس * * الامام،
الحافظ، أبو العباس، أحمد بن محمد بن أنس القربيطي.
حدث عن: محمد بن أبي بكر المقدمي، وإبراهيم بن زياد سبلان،
ووهب بن بقية، وطبقتهم.
روى عنه: أبو حاتم الرازي - مع تقدمه - وابنه عبد الرحمن،
وابن مخلد العطار، ومحمد بن نوح الجنديسابوري (2).
وروى عنه من شيوخه:
__________
* الجرح والتعديل: 2 / 67 - 68، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 /
42 أ - ب، تهذيب بدران: 1 / 440.
(1) الجرح والتعديل: 2 / 67 - 68، وفيه: " وكتبنا عنه، وهو
صدوق ثقة ".
* * الجرح والتعديل: 2 / 74، تاريخ بغداد: 4 / 397.
(2) الجنديسابوري، بضم الجيم، وسكون النون، وفتح الدال...:
نسبة إلى جنديسابور من مدن خوزستان.
(اللباب).
(*)
(13/53)
محمد بن سعد، في " الطبقات ".
ثم ساق أبو بكر الخطيب حديثا في " السابق واللاحق " (1)،
من طريق ابن فهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، أخبرنا أحمد بن
محمد بن أنس، أخبرنا أبو حفص الفلاس، وذكره.
قال الخطيب: ثقة (2).
قال ابن مخلد: مات في شوال، سنة أربع وستين ومئتين.
41 - الجرجاني * الامام،
الجوال، أبو إسحاق، إسماعيل بن زيد الجرجاني الحافظ
ليس بالمشهور لقدم (3) وفاته.
سمع: أحمد بن يونس، ويوسف بن عدي، والشاذكوني، وحمل كتب
الشافعي عن حرملة.
قال أبو أحمد بن عدي: كان إسماعيل هذا يكتب في الليلة
تسعين (4) ورقة، بخط دقيق.
قلت: هذا كان يمكنه أن يكتب " صحيح " مسلم في أسبوع.
__________
(1) كتاب: " السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة الراويين
عن شيخ واحد "، أشار إليه د.
أكرم ضياء العمري في " موارد الخطيب البغدادي ": 74، ونقل
عن مقدمته أن الخطيب قال: " هذا كتاب ضمنته ذكر من اشترك
في الرواية عنه راويان تباين وقت وفاتهما تباينا شديدا،
وتأخر موت أحدهما عن الآخر تأخرا بعيدا ".
وقد رتبه على حروف المعجم من أوائل أسمائهم.
(2) تاريخ بغداد: 4 / 397.
* تاريخ جرجان: 102 - 103.
(3) في الاصل: " لقدوم ".
(4) في تاريخ جرجان: 103 " سبعين ".
(*)
(13/54)
42 - ابن سميع * الامام، الحافظ، المتقن، أبو القاسم،
محمود بن إبراهيم
بن المحدث محمد بن عيسى بن سميع الدمشقي، مؤلف كتاب: "
الطبقات ".
سمع: إسماعيل بن أبي أويس، ويحيى بن عبد الله بن بكير،
وأبا جعفر النفيلي، وصفوان بن صالح، وطبقتهم.
حدث عنه، أبو حاتم، وأبو زرعة الدمشقي، وابن جوصا، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق، ما رأيت بدمشق أكيس منه (1).
وقال عمرو بن دحيم: مات بدمشق في جمادى الآخر سنة تسع
وخمسين ومئتين (2).
قلت: مات كهلا، رحمه الله.
43 - العطاردي * * [ د ] (3)
الشيخ، المعمر، المحدث، أبو عمر، أحمد بن عبد الجبار
بن
__________
* الجرح والتعديل: 8 / 292، تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 143
ب - 144 أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 614، عبر المؤلف: 2 / 19،
طبقات لحفاظ: 271، شذرات الذهب: 2 / 140، وفيه كنيته: أبو
الحسن.
(1) الجرح والتعديل: 8 / 292.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 614.
* * الجرح والتعديل: 2 / 62، تاريخ بغداد: 4 / 262 - 265،
الانساب 8 / 476 اللباب: 2 / 345 - 346، تهذيب الكمال: خ:
29 - 30، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 17 - 18، تذكرة الحفاظ: 2
/ 582، في نهاية ترجمة محمد بن عوف بن سفيان، ميزان
الاعتدال:
1 / 112 - 113، عبر المؤلف: 2 / 49، الوافي بالوفيات: 7 /
15، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 65، تهذيب التهذيب: 1 /
51 - 52، خلاصة تذهيب الكمال: 8، شذرات الذهب: 2 / 162.
والعطاردي، بضم العين، وفتح الطاء بعدها ألف، وكسر الراء:
نسبة إلى جد المترجم.
(3) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/55)
محمد بن عمير بن عطارد، التميمي، العطاردي، الكوفي.
ولد سنة سبع وسبعين، وبكر بالسماع باعتناء والده.
حدث عن: أبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس، وأبي معاوية
الضرير، وحفص بن غياث، ويونس بن بكير، ووكيع بن الجراح،
وابن فضيل: وجماعة.
وحدث بالمغازي لابن إسحاق عن يونس بن بكير، عنه.
حدث عنه: ابن أبي الدنيا، ويحيى بن صاعد، وأبو بكر بن أبي
داود، ورضوان الصيدلاني، والقاضي المحاملي، وأبو سهل بن
زياد، وأبو سعيد بن الاعرابي، وأبو العباس الاصم، وعثمان
بن أحمد السماك، وميمون بن إسحاق، وأبو جعفر بن بريد
الهاشمي، وحمزة بن محمد العقبي، وأحمد بن يحيى الادمي،
وخلق سواهم.
قال ابن عدي: رأيتهم مجمعين على ضعفه، ولم أر له حديثا
منكرا، إنما ضعفوه بأنه لم يلق أولئك (1).
قلت: قد لقيهم وله بضع عشرة سنة، وقد قال الاصم: سمعت أبا
عبيدة السري بن يحيى - وسأله أبي عن العطاردي - فوثقه (2).
وقال أبو كريب: قد سمع من أبي بكر بن عياش.
وقال الدارقطني: لا بأس به، قد أثنى عليه أبو كريب.
وقال محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، عن أبيه، قال:
ابتدأ أبو
__________
(1) انظر رواية الخبر في: تاريخ بغداد: 4 / 263.
(2) انظر: المصدر السابق.
(*)
(13/56)
كريب يقرأ علينا " المغازي " [ ليونس بن بكير ] فقرأ علينا
مجلسا [ أو مجلسين ]، فلغط بعض أصحاب الحديث، فقطع قراءته،
وحلف لا يقرأه علينا، فعدنا إليه نسأله، فأبى، وقال: امضوا
إلى عبد الجبار العطاردي فإنه كان يحضر سماعه معنا من
يونس.
قلنا: قد مات.
قال: اسمعوه من ابنه أحمد فإنه كان يحضر معنا، قال: فدلنا
إلى منزله، وكان أحمد يلعب بالحمام، فقال لنا: مذ سمعناه
ما نظرت فيه، ولكن هو في قماطر فيها كتب، فاطلبوه.
فقمت، فطلبته، فوجدته وعليه ذرق الحمام، وإذا سماعه مع
أبيه بالخط العتيق، فسألته أن يدفعه إلي، ويجعل وراقته لي،
ففعل (1).
قلت: جرى هذا سنة نيف وأربعين ومئتين، ثم عاش بعد ذلك بضعا
وعشرين سنة، وتكاثر عليه المحدثون.
وقال مطين الحضرمي: كان أحمد العطاردي يكذب.
قلت: يعني في لهجته، لا أنه يكذب في الحديث، فإن ذلك لم
يوجد منه، ولا تفرد بشئ، ومما يقوي أنه صدوق في باب
الرواية: أنه روى أوراقا من " المغازي "، بنزول عن أبيه،
عن يونس بن بكير، وقد أثنى عليه الخطيب (2)، وقواه، واحتج
به البيهقي في تصانيفه.
وقع حديثه عاليا، للمؤتمن بن قميرة، وللسبط.
قال عثمان بن السماك: مات بالكوفة، في شعبان سنة اثنتين
وسبعين ومئتين.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 4 / 264، والزيادة منه.
(2) انظر: المصدر السابق.
(*)
(13/57)
وفيها مات: أحمد بن عصام بأصبهان (1)، وأبو عتبة الحجازي
(2)، وأحمد بن مهدي بن رستم (3)، ومحمد بن عوف الطائي (4)،
وسليمان بن سيف الحراني (5)، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب
الفراء (6)، وأبو جعفر ابن المنادي (7).
قرأت على أبي جعفر محمد بن علي (8)، أخبرنا البهاء
عبدالرحمن بن إبراهيم، أخبرتنا شهدة بنت أحمد، أخبرنا أبو
غالب محمد بن الحسن، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أبو
جعفر عبد الله بن إسماعيل الهاشمي، وحمزة بن محمد الدهقان،
وأحمد بن محمد بن زياد، وعثمان بن أحمد، قالوا: حدثنا أحمد
بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن
قيس بن أبي حازم، عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: 41، برقم: (25).
(2) ترجمته في: العبر: 2 / 49، شذرات الذهب: 2 / 162.
وهو: أحمد بن الفرج، أبو عتبة الحمصي، المعروف بالحجازي.
(3) ترجمته في: عبر المؤلف: 2 / 49، شذرات الذهب: 2 / 162.
(4) ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 2 / 581 - 582، عبر المؤلف:
2 / 50 شذرات الذهب: 2 / 163.
وهو: محمد بن عوف بن سفيان، أبو جعفر الطائي الحافظ.
(5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (147)، برقم: (78).
(6) ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 2 / 582، في نهاية ترجمة
محمد بن عوف الطائي، و: عبر المؤلف: 2 / 50، شذرات الذهب:
2 / 163.
(7) ترجمته في: عبر المؤلف: 2 / 50، وشذرات الذهب، 2 /
163، وهو: محمد ابن عبيد الله بن يزيد أبو جعفر بن
المنادي، المحدث.
(8) هو: " محمد بن علي بن حسين بن سالم، الحاج، المقرئ
الصالح، شمس الدين، أبو جعفر السلمي العباسي الدمشقي...ورث
نعمة طائلة، فأنفقها في الحج والبر والاوقاف، وتزهد،
واقتصر من باقي ذلك على درهمين كل يوم، وانقطع عن الناس،
وضعف وأصم، وساء بصره، وأقام بكفرسوسة مدة ".
وكانت وفاته سنة (708 ه) كما قال الذهبي في " مشيخته ": خ:
ق: 143.
(*)
(13/58)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تزال طائفة من
أمتي ظاهرة على الدين، عزيزة إلى يوم القيامة " (1).
وفي " تهذيب الكمال " (2)، أن أبا داود روى عن العطاردي.
ولم يصح ذلك، بل ذلك من زيادات أبي سعيد بن الاعرابي عن
العطاردي.
44 - الجوهري * الامام،
الحافظ، العابد الرباني، أبو عبد الله، محمد بن يوسف
البغدادي الجوهري، صاحب بشر الحافي (3).
__________
(1) خالف جماعة من المحدثين أبا معاوية فرووه من حديث
المغيرة بن شعبة لا من حديث سعد، فرواه البخاري: 13 / 249،
في الاعتصام: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال
طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، وهم أهل العلم، من طريق
عبيد الله بن موسى، و: 372 في التوحيد: باب قول الله - عز
وجل -: (إنما أمرنا لشئ إذا أردناه) من طريق إبراهيم بن
حميد، و 6 / 464، في الانبياء: باب سؤال المشركين أن يريهم
النبي آية، من طريق يحيى بن سعيد القطان،
ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن
المغيرة بن شعبة.
وأخرجه مسلم في " صحيحه ": (1921)، في الامارة: باب قول
النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي، من
طريق: وكيع وعبدة ومروان الفزاري وأبو أسامة، أربعتهم عن
إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المغيرة.
قال الهروي في " ذم الكلام " - فيما نقله الحافظ في "
الفتح ": 13 / 249، بعد أن أورده من طريق أبي معاوية عن
سعد بدل المغيرة: " والصواب قول الجماعة عن المغيرة ".
وحديث سعد عند مسلم: (1925)، لكن من طريق أبي عثمان عن سعد
بلفظ: " لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم
الساعة " قال ابن الاثير: أهل الغرب: قيل: أراد بهم أهل
الشام لانهم غرب الحجاز، وقيل: أراد بالغرب الحدة والشوكة،
يريد أهل الجهاد، وقال ابن المديني: الغرب ها هنا: الدلو،
وأراد بهم العرب لانهم أصحابها وهم يستقون بها.
(2) خ: 1 / 29.
* الجرح والتعديل: 8 / 120 - 121، تاريخ بغداد: 3 / 394.
(3) هو: بشر بن الحارث بن علي بن عبدالرحمن المروزي، أبو
نصر المعروف: بالحافي، تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم
(153).
(*)
(13/59)
رحل وجال، وحدث عن: عبيد الله بن موسى، وأبي غسان مالك بن
إسماعيل، ومعلى بن أسد، وعبد العزيز الاويسي، وطبقتهم.
حدث عنه: عمر بن شبة النميري - وهو أكبر منه - وابن صاعد،
وابن أبي حاتم، ومحمد بن مخلد العطار، وجماعة.
قال ابن أبي حاتم: ثقة (1).
وقال الخطيب: كان موصوفا بالدين والستر (2).
قال ابن قانع: توفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين ومئتين.
45 - ابن سحنون * فقيه المغرب،
محمد أبو عبد الله ابن فقيه المغرب عبد السلام سحنون ابن
سعيد التنوخي، القيرواني، شيخ المالكية.
تفقه بأبيه.
وروى عن، أبي مصعب الزهري، وطبقته.
وكان محدثا بصيرا بالآثار، واسع العلم، متحريا متقنا،
علامة كبير القدر، وكان يناظر أباه.
وقيل لعيسى بن مسكين: من خير من رأيت في الغلمة ؟ قال: ابن
سحنون.
__________
(1) ما قاله ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ": 8 / 120
- 121: " كتبت عنه مع أبي ببغداد، وهو صدوق ".
(2) تاريخ بغداد: 3 / 394.
* رياض النفوس: 1 / 345 - 60 ؟، عبر المؤلف: 2 / 31،
الوافي بالوفيات: 3 / 86، لسان الميزان: 5 / 259، شذرات
الذهب: 2 / 150.
(*)
(13/60)
قلت: له مصنف كبير في فنون من العلم، وله كتاب: " السير "،
عشرون مجلدا، وكتاب: " التاريخ " (1)، ومصنف في الرد على
الشافعي والعراقيين.
وقيل: لما مات ضربت الخيام حول قبره، فأقاموا شهرا، وأقيمت
هناك أسواق الطعام، ورثته الشعراء، وتأسفوا عليه (2).
توفي سنة خمس وستين ومئتين.
ثم رأيت له ترجمة طويلة، في " تاريخ " (3) أبي بكر عبد
الله بن محمد المالكي (4)، قال: قال أبو العرب: كان ابن
سحنون إماما ثقة، عالما بالفقه (5)، عالما بالآثار، لم يكن
في عصره أحد أجمع لفنون العلم منه، ألف في جميع ذلك كتبا
كثيرة، نحو مئتي كتاب، في العلوم والمغازي والتواريخ.
وكان أبوه يقول: ما أشبهه إلا بأشهب..وكانت له حلقة غير
حلقة أبيه، ولد سنة ثنتين ومئتين، وتوفي سنة ست وخمسين
ومئتين.
سمع من: أبيه، وموسى بن معاوية، وعبد العزيز بن يحيى
المدني.
وارتحاله [ إلى المشرق ] في سنة خمس وثلاثين، فلقي أبا
المصعب الزهري، ويعقوب بن كاسب.
__________
(1) قال الصفدي عنه في " الوافي ": 3 / 86: " وهو ستة
أجزاء ".
(2) انظر بعض ما قيل فيه في " رياض النفوس ": 1 / 356.
(3) انظر: رياض النفوس: 1 / 345 - 360.
والملاحظ أن الذهبي قد نقل هذه الترجمة مختصرة هنا، فراجع
" الرياض " إن شئت.
(4) هو مؤرخ من أهل القيروان، كانت وفاته سنة 453، وتاريخه
هو: " رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية
وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم
وأوصافهم ".
وقد طبع الجزء الاول منه في مصر عام (1951 م) بتحقيق حسين
مؤنس.
(5) في " الرياض ": 1 / 345: كان " عالما بالمذهب، مذهب
أهل المدينة ".
(*)
(13/61)
وقيل: إن المزني [ صاحب الشافعي ] أتاه، فلما خرج، قيل له
[ كيف رأيته ] ؟ فقال: لم أر أعلم منه، ولا أحد ذهنا - على
حداثة سنه - (1) وألف كتاب: " الامامة "، فقيل كتبوه
ونفذوه إلى المتوكل.
وكان ذا تعبد وتواضع ورباط، وصدع بالحق.
وناظر (2) شيخا معتزليا، فقال: يا شيخ ! المخلوق يذل
لخالقه ؟ فسكت، فقال: إن قلت بالذلة على القرآن، فقد خالفت
قوله تعالى: * (وإنه لكتاب عزيز) * [ فصلت: 41 ].
وسئل ابن عبدوس عن الايمان: أمخلوق هو، أم غير مخلوق ؟ فلم
__________
(1) انظر: رياض النفوس: 1 / 346.
والزيادة منه.
(2) ذكر صاحب " رياض النفوس " المناظرة 1 / 350 - 351،
ونصها: " وحضر محمد ابن سحنون يوما عند علي بن حميد
الوزير، وكان علي يبغيه، وكان يجل محمدا ويعظمه ويكبره،
وكان في مجلسه جماعة ممن يحسنون المناظرة، وأحضر معهم شيخا
قدم من المشرق، يقال له: أبو سليمان النحوي، صاحب الكسائي
الصغير، وكان يقول بخلق القرآن، ويذهب إلى الاعتزال، فقال
علي بن حميد الوزير لمحمد: يا أبا عبد الله ! إن هذا الشيخ
وصل إلينا من المشرق، وقد تناظر معه هؤلاء، فناظره أنت.
فقال محمد: تقول أيها الشيخ أو تسمع ؟ فقال له الشيخ: قل
يا بني.
فقال محمد: أرأيت كل مخلوق هل يذل لخالقه ؟ فسكت الشيخ،
ولم يحر جوابا، ومضى وقت طويل، وانحصر، ولم يأت بشئ.
فقال له محمد: كم سنة اتت عليك أيها الشيخ ؟ فقال له:
ثمانون سنة.
فقال ابن سحنون للوزير ابن حميد: قد اختلف أهل العلم في
الصلاة على الميت بعد سنة من يوم موته، فقال بعضهم: يصلى
عليه، وأجمعوا أنه إذا جاوز السنة لا يصلى عليه.
وهذا الشيخ له ثمانون سنة ميت في عداد الموتى، فقد سقطت
الصلاة عليه بإجماع.
ثم قام.
فسر بذلك علي بن حميد وأهل المجلس.
فسئل ابن سحنون: أن يبين لهم معنى سؤاله هذا.
فقال: إن قال: إن كل مخلوق يذل لخالقه، فقد كفر، لانه جعل
القرآن ذليلا، لانه يذهب إلى أنه مخلوق، وقد قال الله
عزوجل: (وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا
من خلفه تنزيل من حكيم حميد) وإن قال: إنه لا يذل، فقد رجع
إلى مذهب أهل السنة، لانه لا يذهب في هذه الحالة إلى أنه
مخلوق الذي هو صفة من صفاته ".
(*)
(13/62)
يدر، ودل على محمد بن سحنون، فقال محمد: " الايمان بضع
وسبعون درجة، أعلاها شهادة، أن لا إله إلا الله " فالاقرار
غير مخلوق، وما سواه من الاعمال مخلوقة - يريد كلمة
الاقرار، وأما حقيقة الاقرار الذي هو التصديق، فهو نور
يقذفه الله في قلب عبده، وهو خلق لله - قال: أحمد بن أبي
مسعود: فمضيت إلى العراق، فسألت عنها، فكان جوابه كجواب
محمد (1).
وقيل: لما توفي محمد رثي بثلاث مئة قصيدة (2).
46 - ابن عبدوس * فقيه المغرب،
أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن عبدوس.
قال أبو العرب: كان ثقة، إماما في الفقه، ذا ورع وتواضع،
بذ الهيئة، كان أشبه شئ بأحوال شيخه سحنون، في فقهه
وزهادته وملبسه ومطعمه، وكان حسن الكتاب، حسن التقييد،،
مات ابن ثمان وخمسين سنة (3).
قال لقمان بن يوسف: أقام ابن عبدوس سبع سنين يدرس، لا يخرج
إلا لجمعة (4).
__________
* رياض النفوس: 1 / 360 - 363، طبقات الفقهاء: 158، معالم
الايمان في معرفة أهل القيروان: 2 / 137 - 144 (ط.
مصر 1968)، الوافي بالوفيات: 1 / 342، الديباج المذهب: 2 /
174 - 175.
(1) انظر: رياض النفوس: 1 / 355.
(2) جاء في: " الرياض ": 1 / 357: قال أبو الحسين الكانسي:
بلغني أنه لما مات رثاه جماعة منهم: أحمد بن أبي سليمان،
رثاه بقصيدة ثلاث مئة بيت، منها يقول: ألا فابك للاسلام إن
كنت باكيا * لحبل من الاسلام أصبح واهيا
ألا أيها الناعي الذي جلب الاسى * وأورثنا الاحزان، لا كنت
ناعيا نعيت إمام العالمين محمدا * وقلت مضى من كان للدين
راعيا في أبيات جيدة مؤثرة.
(3) انظر: رياض النفوس: 1 / 360.
(4) انظر: المصدر السابق.
(*)
(13/63)
وعن عبد الله بن إسحاق بن التبان، أن ابن عبدوس أقام أربع
عشرة سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء، وكان على غاية من
التواضع (1).
وقد فرق مئة دينار من غلة ضيعته في القحط.
وقيل: أتاه رجل، فقال: ما تقول في الايمان ؟ قال: أنا
مؤمن.
فقال: عند الله ؟ قال: أما عند الله فلا أقطع [ لنفسي بذلك
]، لاني لا أدري بم يختم لي.
فبصق الرجل في وجهه، فعمي من وقته الرجل (2).
توفي قريبا من سنة ستين ومئتين.
47 - أحمد بن بكر *
المحدث المفيد، أبو سعيد البالسي (3)، ويقال له: أحمد بن
بكرويه.
حدث عن: زيد بن الحباب، ومحمد بن مصعب القرقساني، وخالد
ابن يزيد القسري، وحجاج الاعور، وجماعة.
روى عنه: مطين، ويحيى بن صاعد، وعبد الملك بن محمد
الاسفراييني، وأبو إسحاق بن أبي ثابت.
له حديث منكر.
قال ابن عدي: حدثنا محمد بن حمدون، حدثنا أحمد، حدثنا
__________
(1) المصدر السابق:: 1 / 361.
وزاد بعد كلمة " العشاء " قوله: " الآخرة، مشتغلا
بدراسة العلم، وأقام أربع عشرة سنة غيرها مستغلا بقيام
الليل والتهجد فيه، وتلاوة القرآن ".
(2) انظر: المصدر السابق: 1 / 362 - 363.
والزيادة منه.
* ميزان الاعتدال: 1 / 86، لسان الميزان: 1 / 140 - 141.
(3) البالسي: نسبة إلى بالس، مدينة مشهورة بين الرقة وخاب.
(اللباب).
(*)
(13/64)
حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي سعيد، مرفوعا: " من
أبغض عمر، فقد أبغضني، ومن أحبه، فقد أحبني، [ عمر معي حيث
حللت ] وأنا مع عمر حيث حل (1) ".
قال أبو نعيم بن عدي: روى مناكير عن الثقات.
وقال الازدي: كان يضع الحديث (2).
48 - أبو زرعة الرازي * (م، ت،
س، ق) الامام، سيد الحفاظ، عبيد الله بن عبد الكريم
بن يزيد بن فروخ: محدث الري.
ودخول " الزاي " في نسبته غير مقيس، كالمروزي.
مولده بعد نيف ومئتين.
وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة سمع من: عبد الله بن
صالح العجلي، والحسن بن عطيه بن نجيح (3)، وهما ممن توفي
سنة إحدى عشرة ومئتين، فيما بلغني.
فإما وقع غلط في وفاتهما، وإما في مولده، وإما في لقيه
لهما.
__________
(1) زيادة من " لسان الميزان ": 1 / 140.
(2) وقال الدارقطي: وغيره أثبت منه، وأورد له في غرائب
مالك حديثا في سنده خطأ، وقال: أحمد بن بكر ضعيف، وذكره
ابن حبان في " الثقات " وقال: كان يخطئ " لسان الميزان " 1
/ 141.
* الجرح والتعديل: 1 / 328 - 349، و 5 / 324 - 326، تاريخ
بغداد: 10 / 326 - 337، طبقات الحنابلة: 1 / 199 - 203،
تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 345 أ - 352 أ، المنتظم: 5 / 47
- 48، تهذيب الكمال: خ: 883 - 885، تذهيب التهذيب: خ: 3 /
18 - 19، تذكرة الحفاظ: 2 / 557 - 559، عبر المؤلف: 2 / 28
- 29، البداية والنهاية.
11 / 37، تهذيب التهذيب: 7 / 30 - 34، طبقات الحفاظ: 249 -
250، خلاصة تذهيب الكمال: 251 - 252، شذرات الذهب: 2 / 148
- 149.
(3) ذكر ذلك في " الجرح والتعديل ": 3 / 27، في ترجمة
الحسن بن عطية، و: 5 / 86، في ترجمة عبد الله بن صالح.
(*)
(13/65)
وقد سمع من: محمد بن سابق، وقرة بن حبيب، وأبي نعيم،
والقعنبي، وخلاد بن يحيى، وعمرو بن هاشم، وعيسى بن
ميناقالون، وإسحاق بن محمد الفروي، وعبد العزيز بن عبد
الله الاويسي، ويحيى بن بكير، وعبد الحميد بن بكار، وصفوان
بن صالح، وسليمان بن بنت شرحبيل، وأحمد بن حنبل، وطبقتهم.
قال لنا أبو الحجاج في " تهذيبه " (1): هو مولى عياش بن
مطرف بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي...ثم سرد
شيوخه، ومنهم: أحمد بن يونس اليربوعي، والحسن بن بشر
البجلي، والحسن بن الربيع البوراني، وأبو عمر الحوضي،
والربيع بن يحيى الاشناني، وسهل بن بكار الدارمي، وشاذ بن
فياض، وقبيصة بن عقبة، ومحمد بن الصلت الاسدي، ومسلم بن
إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، وأبو الوليد الطيالسي، وآخرون.
وذكر شيخنا أبو الحجاج فيهم أبا عاصم النبيل، وهذا وهم، لم
يدركه، ولا سمع منه، ولا دخل البصرة، إلا بعد موته بأعوام.
وطلب هذا الشأن وهو حدث، وارتحل إلى الحجاز والشام، ومصر
والعراق والجزيرة وخراسان، وكتب ما لا يوصف كثرة.
حدث عنه: أبو حفص الفلاس، وحرملة بن يحيى، وإسحاق بن موسى
الخطمي، ومحمد بن حميد الرازي، ويونس بن عبدالاعلى،
والربيع المرادي - وهم من شيوخه - وابن وارة، وأبو حاتم،
ومسلم بن الحجاج، وخلق من أقرانه، وعبد الله بن أحمد وأبو
بكر بن أبي داود، وأبو عوانة الاسفراييني، وأبو بكر بن
زياد، وأحمد بن محمد بن أبي حمزة
__________
(1) خ: 883.
(*)
(13/66)
الذهبي، ومحمد بن حمدون النيسابوري، وعدي بن عبد الله والد
الحافظ أبي أحمد، وموسى بن العباس الجويني، ومحمد بن
الحسين القطان، والحسن بن محمد الداركي، وخلق كثير.
وابن سابق - شيخه - وهو: محمد بن سعيد بن سابق.
فذكر سعيد بن عمرو البرذعي، أن أبا زرعة قال: لا أعلم صفا
لي (1) رباط يوم قط، أما بيروت: فأردنا العباس بن الوليد
بن مزيد، وأما عسقلان، فأردنا محمد بن أبي السري، وأما
قزوين: فمحمد بن سعيد بن سابق (2).
قال ابن أبي حاتم: فروخ جد أبي زرعة هو مولى عباس بن مطرف
القرشي (3).
قال أبو بكر الخطيب: سمع أبو زرعة من مسلم بن إبراهيم،
وأبي نعيم، وقبيصة، وأبي الوليد، ويحيى بن بكير.
قال: وكان إماما ربانيا، حافظا متقنا مكثرا..جالس أحمد بن
حنبل، وذاكره، وحدث عنه من أهل بغداد: إبراهيم الحربي،
وعبد الله بن أحمد، وقاسم المطرز (4).
قال تمام الرازي: أخبرنا جعفر بن محمد الكندي، حدثنا أبو
زرعة الدمشقي قال: قدم علينا جماعة من أهل الري دمشق
قديما، منهم: أبو يحيى فرخويه، فلما انصرفوا - فيما أخبرني
غير واحد، منهم: أبو حاتم الرازي - رأوا هذا الفتى قد كاس
- يعني أبا زرعة الرازي - فقالوا له: نكنيك بكنية أبي زرعة
الدمشقي.
ثم لقيني أبو زرعة الرازي بدمشق، وكان يذكرني
__________
(1) في تاريخ ابن عساكر: " أنه صح لى ".
(2) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 345 ب.
(3) الجرح والتعديل: 5 / 325.
(4) انظر: تاريخ بغداد: 10 / 326.
(*)
(13/67)
هذا الحديث، ويقول: بكنيتك اكتنيت (1).
قال أبو عبد الله بن بطة: سمعت النجاد، سمعت عبد الله بن
أحمد يقول: لما ورد علينا أبو زرعة، نزل عندنا، فقال لي
أبي: يا بني ! قد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ (2).
وقال صالح بن محمد جزرة: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن
إبراهيم ابن موسى الرازي مئة ألف حديث، وعن أبي بكر بن أبي
شيبة مئة ألف.
فقلت له: بلغني أنك تحفظ مئة ألف حديث، تقدر أن تملي علي
ألف حديث من حفظ ؟ قال: لا، ولكن إذا ألقي علي عرفت (3).
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: قلت لابي زرعة: يجوز ما كتبت
عن إبراهيم بن موسى مئة ألف ؟ قال: مئة ألف كثير.
قلت: فخمسين ألفا ؟ قال: نعم، وستين وسبعين ألفا.
حدثني من عد كتاب الوضوء والصلاة، فبلغ ثمانية عشر ألف
حديث (4).
وقال أبو عبد الله بن مندة الحافظ: سمعت أبا العباس محمد
بن جعفر ابن حمكويه بالري يقول: سئل أبو زرعة عن رجل حلف
بالطلاق: أن أبا زرعة يحفظ مئتي ألف حديث هل حنث ؟ فقال:
لا.
ثم قال أبو زرعة: أحفظ مئتي ألف حديث، كما يحفظ الانسان: *
(قل هو الله أحد) * [ الاخلاص: 1 ] وفي المذاكرة ثلاث مئة
ألف حديث.
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 346 أ.
(2) للخبر رواية أخرى في " تاريخ بغداد ": 10 / 327.
وانظر: " تذكرة الحفاظ ": 2 / 557.
(3) انظر: تاريخ بغداد: 10 / 327، وتذكرة الحفاظ: 2 / 557.
(4) مقدمة الجرح والتعديل: 334 - 335.
(*)
(13/68)
هذه حكاية مرسلة، وحكاية صالح جزرة أصح.
روى الخطيب (1) هذه عن عبد الله بن أحمد السوذرجاني، أنه
سمع ابن مندة يقول ذلك.
قال الحافظ أبو أحمد بن عدي: سمعت أبي يقول كنت بالري،
وأنا غلام في البزازين، فحلف رجل بطلاق امرأته: أن أبا
زرعة يحفظ مئة ألف حديث.
فذهب قوم - أنا فيهم - إلى أبي زرعة، فسألناه، فقال: ما
حمله على الحلف بالطلاق ؟ قيل: قد جرى الآن منه ذلك.
فقال أبو زرعة: ليمسك امرأته، فإنها لم تطلق عليه.
أو كما قال (2).
قال ابن عدي: سمعت الحسن بن عثمان التستري، سمعت أبا زرعة
يقول: كل شئ: قال الحسن: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وجدت له أصلا، إلا أربعة أحاديث.
وقال ابن أبي حاتم: قال أبو زرعة: عجبت ممن يفتي في مسائل
الطلاق، يحفظ أقل من مئة ألف حديث.
وقال ابن أبي شيبة: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة (3).
وقال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد
الرازي يقول: سمعت محمد بن مسلم بن وارة قال: كنت عند
إسحاق بنيسابور، فقال رجل من العراق: سمعت أحمد بن حنبل
يقول: صح من الحديث سبع مئة ألف حديث وكسر، وهذا الفتى -
يعني أبا زرعة - قد حفظ ست مئة ألف حديث (4).
__________
(1) تاريخ بغداد: 10 / 325.
(2) المصدر السابق: 10 / 324 - 325.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 557.
(4) تاريخ بغداد: 10 / 332.
(*)
(13/69)
قلت: أبو جعفر ليس بثقة.
ابن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد، حدثني الحضرمي، سمعت
أبا بكر بن أبي شيبة، وقيل له: من أحفظ من رأيت ؟ قال: ما
رأيت أحفظ من أبي زرعة الرازي.
ابن المقرئ: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني:
سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني يقول: أبو زرعة يشبه بأحمد بن
حنبل (1).
وقال علي بن الحسين بن الجنيد: ما رأيت أحدا أعلم بحديث
مالك [ ابن أنس مسندها ومنقطعها ] من أبي زرعة، وكذلك سائر
العلوم (2).
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن أبي زرعة: فقال: إمام (3).
قال عمر بن محمد بن إسحاق القطان: سمعت عبد الله بن أحمد
بن
حنبل، سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسر أحد أفقه من إسحاق بن
راهويه، ولا أحفظ من أبي زرعة (4).
ابن عدي: سمعت أبا يعلى الموصلي يقول: ما سمعنا بذكر أحد
في الحفظ، إلا كان اسمه أكبر من رؤيته، إلا أبا زرعة
الرازي، فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه، وكان قد جمع حفظ
الابوب والشيوخ والتفسير، كتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف
حديث (5).
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في: تاريخ بغداد: 10 / 332 - 333.
(2) الجرح والتعديل: 5 / 326.
والزيادة منه.
وأضاف: " ولكن بخاصة حديث مالك " (3) الجرح والتعديل: 5 /
326.
(4) تاريخ بغداد: 10 / 328.
(5) تاريخ بغداد 10 / 334.
(*)
(13/70)
وقال صالح جزرة: حدثنا سلمة بن شبيب، حدثني الحسن بن محمد
ابن أعين، حدثنا زهير، حدثتنا أم عمرو بنت شمر، سمعت سويد
بن غفلة يقول (1): " وعيس عين ".
يريد: * (حور عين) * [ الواقعة: 22 ].
قال صالح: فألقيت هذا على أبي زرعة، فبقي متعجبا، فقال:
أنا أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.
قلت: فتحفظ هذا ؟ قال: لا (2).
ابن عدي: سمعت الحسن بن عثمان، سمعت ابن وارة، سمعت إسحاق
بن راهويه يقول: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي، فليس
له أصل (3).
وقال الحاكم: سمعت الفقيه أبا حامد أحمد بن محمد، سمعت أبا
العباس الثقفي يقول: لما انصرف قتيبة بن سعيد إلى الري،
سألوه أن يحدثهم، [ فامتنع ]، فقال: أحدثكم بعد أن حضر
مجلسي أحمد، وابن معين، وابن المديني، وأبو بكر بن أبي
شيبة، [ وأبو خيثمة ] ؟ قالوا له: فإن عندنا غلاما يسرد كل
ما حدثت به، مجلسا مجلسا، قم يا أبا زرعة، قال: فقام، فسرد
كل ما حدث به قتيبة، فحدثهم قتيبة (4).
قال سعيد بن عمرو الحافظ: سمعت أبا زرعة يقول: دخلت
البصرة، فحضرت سليمان الشاذكوني يوم الجمعة، فروى حديثا
(5)
__________
(1) في تاريخ بغداد: " يقرأ ".
(2) تاريخ بغداد: 10 / 328.
(3) تاريخ بغداد: 10 / 332.
(4) المصدر السابق.
والزيادة منه.
(5) الحديث في " تاريخ بغداد ": 10 / 325، ونصه: " حدثنا
يزيد بن زريع، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة،
عن محمود بن لبيد، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" ما من رجل يموت له ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة
القسم ".
فقلت = (*)
(13/71)
فرددت عليه.
ثم قال: حدثنا ابن أبي غنية عن أبيه.
عن سعد ابن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن أبيه، قال: لا
حلف في الاسلام.
فقلت: هذا وهم [ وهم فيه إسحاق بن سليمان و ] إنما هو:
سعد، عن أبيه، عن جبير (1)، قال: من يقول هذا ؟ قلت: حدثنا
إبراهيم بن موسى، أخبرنا ابن أبي غنية (2)، فغضب (3)، ثم
قال لي: ما تقول فيمن جعل الاذان مكان الاقامة ؟ قلت:
يعيد.
قال: من قال هذا ؟ قلت: الشعبي.
قال: من عن الشعبي ؟ قلت: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن جابر،
عن
الشعبي.
قال: ومن غير هذا ؟ قلت: إبراهيم (4)، وحدثنا أبو نعيم،
حدثنا منصور بن أبي الاسود، عن مغيرة، عنه.
قال: أخطأت.
قلت:
__________
= للمستملي: ليس هذا من حديث عاصم بن عمر إنما هذا رواه
محمد بن إبراهيم.
فقال له، فرجع إلى محمد بن إبراهيم " وفي الباب عن أبي
هريرة عند مالك: 1 / 235، والبخاري: 3 / 98، ومسلم (2632)،
والترمذي (1060)، وقال: " وفي الباب عن عمر، ومعاذ، وكعب
بن مالك، وعتبة بن عبد، وأم سليم، وجابر، وأنس، وأبي ذر،
وابن مسعود، وأبي ثعلبة الاشجعي، وابن عباس، وعقبة بن
عامر، وأبي سعيد، وقرة بن إياس المزني ".
وانظر تخريجها في " عمدة القاري " للعيني 4 / 30، وما
بعدها، في الجنائز: باب فضل من مات له ولد فاحتسب.
(1) وكذلك أخرجه أحمد 4 / 83، ومسلم (2530)، وأبو داود
(2925) من طريق ابن نمير، وأبي أسامة، كلاهما عن زكريا، عن
سعد بن إبراهيم، عن أبيه عن جبير بن مطعم قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " لا حلف في الاسلام، وأيما حلف
كان في الجاهلية، لم يزده الاسلام إلا شدة " قال ابن
الاثير: أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد
والتساعد، والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن
والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه
بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا حلف في الاسلام " وما كان
فيه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الارحام كحلف
المطيبين وما جرى مجراه فذلك الذي قال صلى الله عليه وسلم:
" وأيما حلف كان في الجاهلية، لم يزده الاسلام إلا شدة ".
(2) تاريخ بغداد: 10 / 330، والزيادة منه.
(3) جاء في " تاريخ بغداد " زيادة هنا: " عن أبيه، عن سعد
بن إبراهيم، عن أبيه، عن حبير، قال: فغضب..".
(4) وزاد هنا أيضا: " قال: من عن إبراهيم ؟ قلت:
حدثنا...".
(*)
(13/72)
حدثنا أبو نعيم، حدثنا جعفر الاحمر، حدثنا مغيرة.
قال: أخطأت.
قلت: حدثنا أبو نعيم، حدثنا أبو كدينة، عن مغيرة.
قال: أصبت.
ثم قال أبو زرعة: اشتبه علي، وكتبت هذه الاحاديث الثلاث عن
أبي نعيم، فما طالعتها منذ كتبتها.
ثم قال: وأي شئ غير هذا ؟ قلت: معاذ بن هشام، عن أشعث، عن
الحسن.
قال: هذا سرقته [ مني ] - وصدق - كان ذاكرني به رجل
ببغداد، فحفظته عنه (1).
قال أبو علي جزرة: قال لي أبو زرعة: مر بنا إلى سليمان
الشاذكوني نذاكره.
قال: فذهبنا، فما زال يذاكره حتى عجز الشاذكوني عن حفظه،
فلما أعياه، ألقى عليه حديثا من حديث الرازيين، فلم يعرفه
أبو زرعة، فقال سليمان: يا سبحان الله حديث بلدك هذا مخرجه
من عندكم ! ؟ وأبو زرعة ساكت، [ والشاذكوني يخجله ] ويري
من حضر أنه قد عجز.
فلما خرجنا، رأيت أبا زرعة قد اغتم، ويقول: لا أدري من أين
جاء بهذا ؟ فقلت له: وضعه في الوقت كي تعجز وتخجل.
قال: هكذا ؟ قلت: نعم، فسري عنه (2).
ابن عدي: سمعت محمد بن إبراهيم المقرئ، سمعت فضلك الصائغ
يقول: دخلت المدينة، فصرت إلى باب أبي مصعب، فخرج إلي شيخ
مخضوب، وكنت ناعسا، فحركني، وقال: يا مردريك (3) ! من [
أين ] أنت ؟ أي شئ تنام ؟ قلت: أصلحك الله، أنا من الري،
من بعض شاكردي (4) أبي زرعة.
فقال: تركت أبا زرعة وجئتني ؟ ! لقيت مالكا
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد ": 10 / 329 - 330، والزيادة
منه.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 348 ب.
والزيادة منه.
(3) مرد: الشاب أو الفتى.
(4) شاكردي: التابع والتلميذ.
(*)
(13/73)
وغيره، فلما رأت عيناي مثل أبي زرعة.
قال: ودخلت على الربيع بمصر، فقال: من أين ؟ قلت: من الري.
قال: تركت أبا زرعة وجئت ؟ إن أبا زرعة آية، وإن الله إذا
جعل إنسانا آية، أبانه من شكله، حتى لا يكون له ثان (1).
قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبدالاعلى يقول: ما رأيت
أكثر تواضعا من أبي زرعة، هو وأبو حاتم إماما خراسان (2).
وقال يوسف الميانجي (3): سمعت عبد الله بن محمد القزويني
القاضي يقول: حدثنا يونس بن عبدالاعلى يوما، فقال: حدثني
أبو زرعة، فقيل له: من هذا ؟ فقال: إن أبا زرعة أشهر في
الدنيا من الدنيا.
ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أحمد، سمعت أحمد بن حنبل
يدعو الله لابي زرعة (4).
وسمعت عبد الواحد بن غياث يقول: ما رأى أبو زرعة مثل نفسه.
سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت محمد بن يحيى يقول: لا يزال
المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زرعة، يعلم الناس،
وما كان الله ليترك الارض إلا وفيها مثل أبي زرعة، يعلم
الناس ما جهلوه.
علقها ابن أبي حاتم عن سعيد (5).
__________
(1) تاريخ بغداد: 10 / 330.
(2) مقدمة الجرح والتعديل: 334، و 5 / 325.
(3) الميانجي، بفتح الميم والياء والنون: نسبة إلى ميانج،
موضع بالشام.
(اللباب).
(4) مقدمة الجرح والتعديل: 341، و: 5 / 325.
(5) مقدمة الجرح والتعديل: 327 - 328، و: 5 / 325.
(*)
(13/74)
ابن عدي: حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان القطان، حدثنا أبو
حاتم الرازي، حدثني أبو زرعة عبيد الله، وما خلف بعده
مثله، علما وفهما [ وصيانة وحذقا، وهذا ما لا يرتاب فيه ]
ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله
(1).
ابن عدي: سمعت القاسم بن صفوان، سمعت أبا حاتم يقول: أزهد
من رأيت أربعة: آدم بن أبي إياس، وثابت بن محمد الزاهد،
وأبو زرعة الرازي، وذكر آخر (2).
قال النسائي: أبو زرعة رازي ثقة.
وقال أبو نعيم بن عدي: سمعت ابن خراش يقول: كان بيني وبين
أبي زرعة موعد أن أبكر عليه، فأذاكره، فبكرت، فمررت بأبي
حاتم وهو قاعد وحده، فأجلسني معه يذاكرني، حتى أضحى
النهار.
فقلت: بيني وبين أبي زرعة موعد، فجئت إلى أبي زرعة والناس
منكبون (3) عليه، فقال لي: تأخرت عن الموعد.
قلت: بكرت، فمررت بهذا المسترشد، فدعاني، فرحمته لوحدته،
وهو أعلى إسنادا منك، وصرت أنت بالدست.
أو كما قال (4).
أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة، قال: رأيت
أبا زرعة في المنام، فقلت له: ما حالك ؟ قال: أحمد الله
على الاحوال
__________
(1) تاريخ بغداد: 10 / 333، والزيادة منه.
وتتمة الخبر فيه: " ولقد كان من هذا الامر بسبيل ".
(2) تهذيب الكمال: خ: 884.
(3) في الاصل: " منكبين ".
(4) انظر الخبر في: تاريخ بغداد: 10 / 333.
(*)
(13/75)
كلها، إني حضرت، فوقفت بين يدي الله تعالى، فقال لي: يا
عبيدالله ! لم تذرعت في القول في عبادي ؟ قلت: يا رب !
إنهم حاولوا (1) دينك.
فقال: صدقت.
ثم أتي بطاهر الخلقاني، فاستعديت عليه إلى ربي، فضرب الحد
مئة، ثم أمر به إلى الحبس، ثم قال: ألحقوا عبيد الله
بأصحابه، وبأبي عبد الله، وأبي عبد الله، وأبي عبد الله:
سفيان، ومالك، وأحمد بن حنبل (2).
رواها عن ابن وارة أيضا ابن أبي حاتم (3)، وأبو القاسم ابن
أخي أبي زرعة.
قال أبو جعفر محمد بن علي، وراق أبي زرعة: حضرنا أبا زرعة
بماشهران، وهو في السوق، وعنده أبو حاتم، وابن وارة،
والمنذر بن شاذان، وغيرهم، فذكروا حديث التلقين: " لقنوا
موتاكم: لا إله إلا الله " (4) واستحيوا من أبي زرعة أن
يلقنوه، فقالوا: تعالوا نذكر الحديث.
فقال ابن وارة: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبدالحميد بن جعفر،
عن صالح، وجعل يقول: ابن أبي، ولم يجاوزه.
وقال أبو حاتم: حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، عن عبدالحميد
بن جعفر [ عن صالح ]، ولم يجاوز، والباقون سكتوا، فقال أبو
زرعة وهو في السوق: حدثنا بندار، حدثنا أبو عاصم، حدثنا
عبدالحميد، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ
__________
(1) في تاريخ بغداد: " خاذلو دينك ".
(2) تاريخ بغداد: 10 / 336.
(3) مقدمة الجرح والتعديل: 346.
(4) حديث صحيح أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري مسلم: (916)،
وأبو داود: (3117)، والترمذي: (976)، والنسائي: 4 / 5.
وأخرجه من حديث أبي هريرة مسلم: (917).
وأخرجه من حديث عائشة النسائي: 4 / 5.
(*)
(13/76)
ابن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان
آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة " (1).
وتوفي، رحمه الله (2).
رواها أبو عبد الله الحاكم، وغيره عن أبي بكر محمد بن عبد
الله الوراق الرازي، عن أبي جعفر بهذا.
قال أبو الحسين بن المنادي، وأبو سعيد بن يونس: توفي أبو
زرعة الرازي، في آخر يوم من سنة أربع وستين ومئتين، ومولده
كان في سنة مئتين.
وأما الحاكم، فقال في ترجمة أبي الحسين محمد بن علي بن
محمد ابن مهدي الرازي المعمر: هذا الشيخ عندي صدوق، فإنه
قال: رأيت أبا زرعة الرازي.
فقلت له: كيف رأيته ؟ فقال: أسود اللحية، نحيف، أسمر، وهذه
صفة أبي زرعة، وأنه توفي وهو ابن ست وخمسين سنة.
قلت: أحسب أبا عبد الله وهم في مقدار سن أبي زرعة، فإنه قد
ارتحل بنفسه، وسمع من قبيصة، وأبي نعيم، والظاهر أنه ولد
سنة مئتين، والله أعلم.
وقد ذكر الحاكم في كتاب: " الجامع لذكر أئمة الاعصار
المزكين لرواة الاخبار ": سمعت عبد الله بن محمد بن موسى،
سمعت أحمد بن
__________
(1) إسناده حسن.
وأخرجه أحمد: 5 / 233، وأبو داود: (3116)، والحاكم:
1 / 315، وقال: صحيح الاسناد، ووافقه الذهبي مع ان صالح بن
أبي عريب لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه جماعة من
الثقات، فمثله لا يرتقي حديثه إلى الصحة.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن حبان: (719) بلفظ:
" لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، من كان آخر كلامه لا إله
إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر وإن أصابه قبل
ذلك ما أصابه ".
(2) تاريخ بغداد: 10 / 335، والزيادة منه.
(*)
(13/77)
محمد بن سليمان الرازي الحافظ يقول: ولد أبو زرعة سنة أربع
وتسعين ومئة، وارتحل من الري، وهو ابن ثلاث عشرة سنة،
وأقام بالكوفة عشرة أشهر، ثم رجع إلى الري، ثم خرج في
رحلته الثانية، وغاب عن وطنه أربع عشرة سنة، وجلس للتحديث
وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة.
قال: وتوفي سنة ستين ومئتين، وهو ابن أربع وستين سنة.
قلت: وهذا القول خطأ في وفاته، والصحيح ما مر.
وذكر إبراهيم بن حرب العسكري أنه رأى أبا زرعة الرازي، وهو
يؤم الملائكة في السماء الرابعة، فقلت: بم نلت هذه المنزلة
؟ قال: برفع اليدين في الصلاة عند الركوع، وعند الرفع منه
(1).
وقال إسحاق بن إبراهيم بن عبدالحميد القرشي: سمعت عبد الله
بن أحمد يقول: ذاكرت أبي ليلة الحفاظ، فقال: يا بني ! قد
كان الحفظ عندنا، ثم تحول إلى خراسان، إلى هؤلاء الشباب
الاربعة.
قلت: من هم ؟ قال: أبو زرعة، ذاك الرازي، ومحمد بن
إسماعيل، ذاك البخاري، وعبد الله بن عبدالرحمن، ذاك
السمرقندي، والحسن بن شجاع ذاك البلخي.
قلت: يا أبه فمن أحفظ هؤلاء ؟ قال: أما أبو زرعة فأسردهم،
وأما البخاري فأعرفهم، وأما عبد الله - يعني الدارمي -
فأتقنهم، وأما ابن شجاع: فأجمعهم للابواب (2).
قال الحاكم: حدثنا أبو حاتم الرازي: سمعت أبا محمد بن أبي
حاتم، سمعت أبا زرعة يقول: بينا أنا قائم أصلي، وأنا أقرأ
* (وذروا ما بقي
__________
(1) للخبر رواية أخرى في " تاريخ بغداد ": 10 / 336.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 10 / 327.
(*)
(13/78)
من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب..) *
الآية (1)، فوقفت متعجبا من هذا الوعيد ساعة، ورجعت إلى
أول الآية ثلاث مرات، فلما كانت المرة الثالثة وقعت هدة من
الزلزلة، فبلغني أنهم عدوا بضعة عشر ألف جنازة، حملت من
الغد بالري.
قال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول: إذا مرضت
شهرا أو شهرين، تبين علي في حفظ القرآن، وأما الحديث، فإذا
تركت أياما تبين عليك.
ثم قال أبو زرعة: نرى قوما (2) من أصحابنا، كتبوا الحديث،
تركوا المجالسة منذ عشرين سنة، أو أقل، إذا جلسوا اليوم مع
الاحداث، كأنهم لا يعرفون، أولا يحسنون الحديث.
ثم قال: الحديث مثل الشمس، إذا حبس عن الشرق خمسة أيام، لا
يعرف السفر، فهذا الشأن يحتاج أن تتعاهده أبدا.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: اختيار أحمد وإسحاق
أحب إلي من قول الشافعي، وما أعرف في أصحابنا أسود الرأس
أفقه من أحمد.
وسمعت أبا زرعة - وسئل عن مرسلات الثوري، ومرسلات شعبة -
فقال: الثوري تساهل في الرجال، وشعبة لا يدلس ولا يرسل.
قيل له:
فمالك مرسلاته أثبت أم الاوزاعي ؟ قال: مالك لا يكاد يرسل
إلا عن قوم ثقات، مالك متثبت في أهل بلده جدا، فإن تساهل،
فإنما يتساهل في قوم غرباء لا يعرفهم.
قال الحاكم: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن عبد الوهاب
__________
(1) 278 - 279 من سورة البقرة.
وتتمتها: * (من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا
تظلمون ولا تظلمون) *.
(2) في الاصل: " قوم ".
(*)
(13/79)
السياري، سمعت محمد بن داود بن يزيد الرازي، سمعت أبا زرعة
يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح المصري، فدخلت عليه، مع
أصحاب الحديث، فتذاكرنا إلى أن ضاق الوقت،، ثم أخرجت من
كمي أطرافا، فيها أحاديث سألته عنها، فقال لي: تعود، فعدت
من الغد، ومعي أصحاب الحديث، فأخرجت الاطراف، وسألته عنها،
فقال: تعود.
فقلت: أليس قلت لي بالامس: تعود ؟ ! ما عندك مما يكتب،
أورد علي مسندا أو مرسلا أو حرفا مما أستفيد، فإن لم أروه
لك عمن هو أوثق منك، فلست بأبي زرعة، ثم قلت (1): من ها
هنا ممن نكتب عنه ؟ قالوا: يحيى بن بكير.
ابن جوصا: سمعت أبا إسحاق الجوزجاني يقول: كنا عند سليمان
بن عبدالرحمن، فلم يأذن لنا أياما، ثم دخلنا عليه، فقال:
بلغني ورود هذا الغلام - يعني أبا زرعة - فدرست للالتقاء
به ثلاث مئة ألف حديث.
وعن أبي حاتم، قال: كان أبو زرعة لا يأكل الجبن، ولا الخل.
وقال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول: لا
تكتبوا عني بالمذاكرة، فإني أخاف أن تحملوا خطأ، هذا ابن
المبارك كره أن يحمل
عنه بالمذاكرة، وقال لي إبراهيم بن موسى: لا تحملوا عني
بالمذاكرة شيئا.
وسمعت أبا زرعة يقول: إذا انفرد ابن إسحاق بالحديث، لا
يكون حجة.
ثم روى له حديث القراءة خلف الامام (2)، وسمعته يقول: كان
__________
(1) في الاصل: " قمت ".
وهو خطأ لا يستقيم الكلام به.
(2) أخرجه: أحمد: 5 / 322، وأبو داود: (328) وابن خزيمة:
(1581)، وابن حبان: (460)، والبيهقي: 2 / 164، والحاكم: 1
/ 238، والدارقطني: 1 / 318، كلهم.
من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن
عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه
وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: " لعلكم تقرؤون خلف
إمامكم " ؟ قلنا: نعم هذا يا رسول = (*)
(13/80)
الحوضي، وعلي بن الجعد، وقبيصة، يقدرون على الحفظ، يجيؤون
بالحديث بتمام.
وذكر عن قبيصة كأنه يقرأ من كتاب.
قلت: يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل، يبين
عليه الورع والمخبرة، بخلاف رفيقه أبي حاتم، فإنه جراح.
أخبرنا أبو علي الحسن بن علي (1)، ومحمد بن الحسن الفقيه
(2)، وإبراهيم بن عبدالرحمن الشاهد (3)، وست القضاة بنت
يحيى (4)، قراءة، قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب
القرشية (5)، أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد
الباغبان (6) في كتابه، أخبرنا أبو عمرو، عبد الوهاب بن
أبي عبد الله بن مندة، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن الحسين
النيسابوري، حدثنا
__________
= الله.
قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم
يقرأ بها ".
وهذا سند رجاله ثقات، وقد صرح ابن إسحاق في بعض الروايات
بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه، إلا أن مكحولا مدلس وقد
عنعن، وهو مضطرب الاسناد، فالسند ضعيف.
انظر التفصيل في
" الجوهر النفي ": 1 / 164، ونصب الراية: 2 / 12.
(1) ترجمته في: " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 42 - 43.
(2) هو: " محمد بن حسن بن يوسف بن موسى، الامام الفقيه
الصالح الورع، صدر الدين أبو عبد الله الارموي الفيروزي
الشافعي ولد سنة عشر وستمئة...مات في شعبان سنة
سبعمئة...وكان عالما عاملا ".
كذا قال الذهبي في: " مشيخته ": خ ق: 131.
(3) هو: إبراهيم بن عبدالرحمن بن أحمد بن محمد بن هبة الله
المعدل زين الدين أبو إسحاق بن الشيرازي.
توفي سنة (714 ه).
ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 28.
(4) ست القضاة بنت يحيى بن أحمد وفاتها سنة: (712 ه).
ترجمها المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 59.
(5) محدثة فاضلة، كانت وفاتها بدمشق سنة (641 ه)، انظر،
تذكرة الحفاظ: 4 / 1434 - 1435، في نهاية ترجمة الصريفيني،
وشذرات الذهب: 5 / 212.
(6) الباغبان، بسكون الغين: هذه النسبة إلى حفاظ الباغ،
وهو: البستان.
(اللباب).
(*)
(13/81)
أبو زرعة الرازي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا
يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن
دينار، عن ابن عمر، قال: كان من دعاء النبي - صلى الله
عليه وسلم -: " اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول
عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك ".
أخرجه مسلم (1) عن أبي زرعة، فوافقناه بعلو درجة، ورواه
الطبراني عن أبي الزنباع، عن ابن بكير، ورواه أبو داود عن
محمد بن عون، عن عبد الغفار بن داود، عن يعقوب، نحوه.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور (2) في كتابه: أخبرنا
عبد القادر بن عبد الله الحافظ، أخبرنا مسعود بن الحسن
بأصبهان، حدثنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق العبدي،
أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا أبو زرعة
عبيد الله بن عبد الكريم، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي،
حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل، حدثنا محمد بن ثابت
البناني، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن
أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: " للانبياء منابر من ذهب، يجلسون عليها، ويبقى
منبري، لا أجلس عليه ".
أو قال: " لا أقعد عليه، فيما بين يدي ربي - عز وجل -
منتصبا، مخافة أن يذهب بي إلى الجنة وتبقى أمتي، فأقول:
رب، أمتي.
أمتي.
فيقول الله تعالى: وما تريد أن أصنع بأمتك ؟ فأقول: يا رب
!
__________
(1) رقم: (2739)، في الذكر والدعاء، أول كتاب الرقاق.
وأخرجه أبو داود: (1545)، في الصلاة: باب في الاستعاذة.
(2) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 178، فقال: " يحيى
بن أبي منصور ابن أبى الفتح، الامام العلامة المفتي المحدث
الرحال، بقية السلف، سيد المعمرين الاخيار، علم السنة،
جمال الدين، أبو زكريا...مات في صفر سنة ثمان وسبعين
وستمئة ".
وكانت ولادته سنة (583 ه).
(*)
(13/82)
عجل حسابهم.
فيدعى بهم، فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله،
ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزال أشفع، حتى أعطى صكا
برجال قد بعث بهم إلى النار، حتى إن مالكا خازن النار
يقول: يا محمد ! ما تركت للنار ولغضب ربك في أمتك من نقمة
".
هذا حديث غريب منكر، تفرد به محمد بن ثابت (1) أحد
الضعفاء،
قال البخاري: فيه نظر.
وقال: يحيى بن معين: ليس بشئ.
وروى له الترمذي وحده.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أبي الحسين: أنبأنا عبدالرحيم بن
أبي سعد، أخبرنا عبد الله بن محمد الصاعدي، أخبرنا عثمان
بن محمد (ح)، وأخبرنا أبو الفضل، عن القاسم بن أبي سعد،
أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا عبدالحميد بن
عبدالرحمن، قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن،
حدثنا يعقوب بن إسحاق الحافظ، حدثنا أبو زرعة الرازي،
حدثنا عمرو بن مرزوق، وبالاسناد إلى يعقوب، قال: وحدثنا
إبراهيم بن مرزوق، حدثنا عمر بن يونس، قالا: أخبرنا عكرمة
بن عمار، أخبرنا شداد، قال: سمعت أبا أمامة - رضي الله عنه
- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا ابن
آدم ! إنك أن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شر لك، ولا
تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد
السفلى " (2).
__________
(1) وشيخه عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل وأبوه
لا يعرفان.
(2) إسناده حسن.
وأخرجه مسلم: (1036)، في الزكاة: باب بيان أن اليد العليا
خير من اليد السفلى، والترمذي: (2344) في الزهد، من طرق عن
عمر بن يونس عن عكرمة بن عمار بهذا الاسناد.
(*)
(13/83)
أنبأنا أحمد بن سلامة (1)، عن يحيى بن نوش، أخبرنا أبو
طالب بن يوسف، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، أخبرنا علي بن
عبد العزيز، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: سألت أبي
وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، فقالا:
أدركنا العلماء في جميع الامصار، فكان من مذهبهم
أن الله على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه، بلا كيف،
أحاط بكل شئ علماء.
قال أبو الحسن البناني حدثنا محمد بن علي بن الهيثم
الفسوي، قال: لما قدم حمدون البرذعي على أبي زرعة، لكتابة
الحديث، دخل، فرأى في داره أواني وفرشا كثيرة، وكان ذلك
لاخيه، قال: فهم أن يرجع ولا يكتب، فلما كان من الليل، رأى
كأنه على شط بركة، ورأى ظل شخص في الماء، فقال: أنت الذي
زهدت في أبي زرعة ؟ أما علمت أن أحمد بن حنبل كان من
الابدال، فلما مات أبدل الله مكانه أبا زرعة (2).
أخبرنا المسلم بن علان (3)، ومؤمل بن محمد (4) إجازة،
أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا
أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا إبراهيم بن عبد
الله المعدل، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، سمعت محمد بن
مسلم بن وارة يقول: رأيت أبا زرعة في المنام، فقلت له:
__________
(1) هو في " مشيخة " المؤلف: خ: 6.
(2) تاريخ بغداد: 10 / 333.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 169 فقال: " المسلم
بن محمد بن المسلم بن مكي بن علان المسند الجليل، الصادق
العالم، شمس الدين، أبو الغنائم العبسي الدمشقي الكاتب،
ولد سنة أربع وتسعين وخمس مئة...ومات في ذي الحجة سنة
ثمانين وستمئة.
أجاز لي جميع مروياته.
وكان شيخا سريا دينا ولي نظر بعلبك ".
(4) مؤمل بن محمد بن علي: وفاته سنة (677 ه).
ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 171.
(*)
(13/84)
ما حالك يا أبا زرعة ؟ قال: أحمد الله على أحواله كلها،
إني حضرت،
فوقفت بين يدي الله تعالى، فقال: يا عبيد الله ! لم تذرعت
القول في عبادي ؟ قلت: يا رب ! إنهم حاولوا دينك.
قال: صدقت.
ثم أتي بطاهر الخلقاني، فاستعديت عليه إلى ربي تعالى، فضرب
الحد مئة، ثم أمر به إلى الحبس، ثم قال: ألحقوا عبيد الله
بأصحابه: أبي عبد الله، وأبي عبد الله، وأبي عبد الله:
سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل (1).
قلت: إسنادها كالشمس.
أخبرنا ابن الخلال (2)، أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي،
أخبرنا ابن مالك، أخبرنا أبو يعلى، الحافظ، سمعت محمد بن
علي الفرضي، سمعت القاسم بن محمد بن ميمون، سمعت عمر بن
محمد بن إسحاق الحافظ، سمعت ابن وارة يقول: حضرت أنا وأبو
حاتم عند وفاة أبي زرعة، فقلنا: كيف تلقن مثل أبي زرعة ؟
فقلت: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبدالحميد بن جعفر.
وقال أبو حاتم: حدثنا بندار في آخرين، حدثنا أبو عاصم،
حدثنا عبدالحميد، ففتح عينيه، وقال: حدثنا بندار، حدثنا
أبو عاصم، أخبرنا عبد الحميد، حدثنا صالح بن أبي عريب، عن
كثير بن مرة، عن معاذ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: " من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله ".
وخرج روحه معه (3).
__________
(1) تقدم هذا الخبر في سياق الترجمة.
(2) هو: " الحسن بن علي بن أبي بكر بن يونس، الثقة، بدر
الدين، أبو علي الدمشقي القلانسي بن الخلال، ولد سنة تسع
وعشرين وستمئة، في صفر، واعتنى به خال أمه الحافظ أبو
العباس بن الجوهري، فاسمعه الكثير، واستجاز له خلائق،
وتفرد في وقته، وأكثرت عنه، وكان من خيار الشيوخ، دينا
وقورا سمتا طويل الروح...مات في ربيع الاول سنة اثنتين
وسبعمئة ".
" مشيخة ".
الذهبي: خ: ق: 42 - 43.
(3) تقدم الخبر وتخريج الحديث في الصفحة 77 ت 1 (*)
(13/85)
49 - أبو يزيد البسطامي
* سلطان العارفين، أبو يزيد، طيفور بن عيسى بن شروسان (1)
البسطامي، أحد الزهاد، أخو الزاهدين: آدم وعلي، وكان جدهم
شروسان مجوسيا، فأسلم قال: إنه روى عن: إسماعيل السدي،
وجعفر الصادق، أي: الجد، وأبو يزيد، فبالجهد أن يدرك
أصحابهما.
وقل ما روى، وله كلام نافع.
منه، قال: ما وجدت شيئا أشد علي من العلم ومتابعته، ولولا
اختلاف العلماء لبقيت حائرا (2).
وعنه قال: هذا فرحي بك وأنا أخافك، فكيف فرحي بك إذا أمنتك
؟ ليس العجب من حبي لك، وأنا عبد فقير، إنما العجب من حبك
لي، وأنت ملك قدير.
وعنه - وقيل له: إنك تمر في الهواء - فقال: وأي أعجوبة في
هذا ؟ وهذا طير يأكل الميتة، يمر في الهواء (3).
__________
* طبقات الصوفية: 67 - 74، حلية الاولياء: 10 / 33 - 42،
المنتظم: 5 / 28 - 29، معجم البلدان: " بسطام "، اللباب: 1
/ 152 - 153، وفيات الاعيان: 2 / 531، ميزان الاعتدال: 2 /
346 - 347، عبر المؤلف: 2 / 23، البداية والنهاية: 11 /
35، طبقات الاولياء: 245، 398 - 402، النجوم الزاهرة: 3 /
35، شذرات الذهب: 2 / 143 - 144.
والبسطامي: بكسر الباء وسكون الطاء: وهي نسبة إلى بسطام:
بلدة مشهورة بقومس.
(انظر: معجم البلدان، واللباب، والقاموس المحيط).
(1) في المنتظم: 5 / 28: " سروشان "، وفي اللباب: 1 / 152:
" سروسان ".
(2) حلية الاولياء: 10 / 36: وأول الخبر فيه: " قال أبو
يزيد: عملت في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدت..." وتتمة
الخبر: " واختلاف العلماء رحمة الا في تجريد التوحيد ".
(3) انظر: حلية الاولياء: 10 / 35.
وتتمة الخبر فيه: " والمؤمن أشرف من الطير ".
(*)
(13/86)
وعنه: ما دام العبد يظن أن في الناس من هو شر منه، فهو
متكبر (1).
الجنة لا خطر لها عند المحب، لانه مشغول بمحبته (2).
وقال: ما ذكروا مولاهم إلا بالغفلة، ولا خدموه إلا بالفترة
(3).
[ وسمعوه يوما وهو يقول: ] اللهم ! لا تقطعني بك عنك (4).
العارف فوق ما نقول، والعالم دون ما نقول (5).
وقيل له: علمنا الاسم الاعظم.
قال: ليس له حد، إنما هو فراغ قلبك لوحدانيته، فإذا كنت
كذلك، فارفع له أي اسم شئت من أسمائه إليه (6).
__________
(1) المصدر السابق: 10 / 36.
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 10 / 38.
(4) المصدر السابق، والزيادة منه.
(5) حلية الاولياء: 10 / 39.
وفيه: " والعارف ما فرح بشئ قط، ولا خاف من شئ قط، والعارف
يلاحظ ربه، والعالم يلاحظ نفسه بعلمه، والعابد يعبده
بالحال، والعارف يعبده في الحال، وثواب العارف من ربه هو،
وكمال العارف احترافه فيه له ".
(6) حلية الاولياء: 10 / 39، وقوله عن الاسم الاعظم: " ليس
له حد " مردود بما أخرجه أبو داود: (1495)، والنسائي: 3 /
52، وابن ماجة: (3858)، من حديث انس بن مالك قال: كنت
جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي ثم
دعا: اللهم أني اسألك بأن لك
الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والارض، يا ذا
الجلال والاكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: لقد دعاء الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به أجاب،
وإذا سئل به أعطى ".
وإسناده صحيح.
وبما رواه أحمد، 5 / 360، وأبو داود، (1493)، والترمذي
(3475)، والنسائي 3 / 52، وابن ماجة (3857) من حديث عبد
الله بن بريدة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا
إله إلا أنت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفوا أحد، فقال: " لقد سأل الله عزوجل باسمه الاعظم الذي
إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى " وحسنه الترمذي، وصححه
ابن حبان (2383)، والحاكم 1 / 504، وأقره الذهبي.
وبما أخرج أحمد 6 / 461، وأبو داود (1496)، والترمذي
(3472)، والدارمي = (*)
(13/87)
وقال: لله خلق كثير يمشون على الماء، لا قيمة لهم عند
الله، ولو نظرتم إلى من أعطي من الكرامات حتى يطير، فلا
تغتروا به حتى تروا كيف هو عند الامر والنهي، وحفظ الحدود
والشرع (1).
وله هكذا نكت مليحة، وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها،
الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر
(2)، والغيبة والمحو، فيطوى، ولا يحتج بها (3)، إذ ظاهرها
إلحاد، مثل: سبحاني، وما في الجبة إلا الله.
ما النار ؟ لاستندن إليها غدا، وأقول: اجعلني فداء لاهلها،
وإلا بلعتها (4).
ما الجنة ؟ لعبة صبيان، ومراد أهل الدنيا.
ما المحدثون ؟ إن خاطبهم رجل عن رجل، فقد خاطبنا القلب عن
الرب (5).
وقال في اليهود: ما هؤلاء ؟ هبهم لي، أي شئ هؤلاء حتى
تعذبهم ؟.
__________
= 2 / 450، وابن ماجة (3855) من حديث أسماء بنت يزيد أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اسم الله الاعظم في هاتين
الايتين: * (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)
*، وفاتحة سورة آل عمران: (ألم الله لا إله إلا هو الحي
القيوم) وفي سنده شهر بن حوشب وهو ضعيف، لكن له شاهد من
حديث أبي أمامة يتقوى به عند ابن ماجه (3856)، والطحاوي في
" مشكل الآثار " 1 / 63، والحاكم 1 / 506، وسنده حسن.
(1) انظر: حلية الاولياء: 10 / 40.
(2) المقصود بالسكر هنا: الشوق والوله بالله تعالى، وقد
ورد في " الحلية ": 10 / 40 ما يوضح ذلك: " كتب يحيى بن
معاذ إلى أبي يزيد: سكرت من كثرة ما شربت من كأس محبته.
فكتب أبو يزيد في جوابه: سكرت وما شربت من الدرر، وغيري قد
شرب بحور السماوات والارض وما روي بعد، ولسانه مطروح من
العطش، ويقول: هل من مزيد ؟ ".
(3) للاسف، فإن جماعة من الناس في عصرنا هذا يتعلقون بمثل
هذه الهنات، ويشيعونها، فهم يسيئون بقصد أو بغير قصد.
(4) في " الميزان ": " أو لابلغنها ".
(5) ميزان الاعتدال 2 / 346.
(*)
(13/88)
قال السلمي في " تاريخ الصوفية ": توفي أبو يزيد عن ثلاث
وسبعين سنة، وله كلام حسن في المعاملات.
ثم قال: ويحكى عنه في الشطح أشياء، منها ما لا يصح، أو
يكون مقولا عليه، وكان يرجع إلى أحوال سنية، ثم ساق بإسناد
له، عن أبي يزيد، قال: من نظر إلى شاهدي بعين الاضطراب،
وإلى أوقاتي بعين الاغتراب، وإلى أحوالي بعين الاستدراج،
وإلى كلامي بعين الافتراء، وإلى عباراتي بعين الاجتراء،
وإلى نفسي بعين الازدراء، فقد أخطأ النظر
في (1).
وعنه قال: لو صفا لي تهليلة ما باليت بعدها.
توفي أبو يزيد ببسطام، سنة إحدى وستين ومئتين.
50 - الميموني * [ س ] (2)
الامام العلامة، الحافظ، الفقيه، أبو الحسن، عبدالملك بن
عبد الحميد بن عبدالحميد بن شيخ الجزيرة ميمون بن
مهران، الميموني الرقي، تلميذ الامام أحمد، ومن كبار
الائمة.
سمع: إسحاق بن يوسف الازرق، وحجاج بن محمد، ومحمد بن عبيد
الطنافسي، وروح بن عبادة، ومكي بن إبراهيم، وعبد الله
القعنبي، وعفان، وخلقا كثيرا.
__________
(1) حلية الاولياء: 10 / 40.
* الجرح والتعديل: 5 / 358، طبقات الحنابلة: 1 / 212 -
216، تهذيب الكمال: خ: 857، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 250،
تذكرة الحفاظ: 2 / 603 - 604، عبر المؤلف: 2 / 53، تهذيب
التهذيب: 6 / 400، طبقات الحفاظ: 263، خلاصة تذهيب الكمال:
244، شذرات الذهب: 2 / 165 - 166.
(2) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/89)
حدث عنه: النسائي في " سننه " ووثقه، وأبو عوانة
الاسفراييني، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو علي محمد
بن سعيد الحراني، ومحمد ابن المنذر شكر، وإبراهيم بن محمد
بن متويه، وآخرون.
وكان عالم الرقة، ومفتيها في زمانه.
مات في شهر ربيع الاول، سنة أربع وسبعين ومئتين، وهو في
عشر
المئة.
رحمة الله عليه.
51 - الواسطي * الشيخ، المحدث
الثقة، أبو الحسين، علي بن إبراهيم بن عبد المجيد
الواسطي، نزيل بغداد.
حدث عن: يزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وجماعة.
وعنه: ابن صاعد، وعثمان بن السماك، وأبو سهل العطار، وأبو
بكر النجاد.
وثقه الدارقطني.
توفي في رمضان سنة أربع وسبعين ومئتين.
قال البخاري: حدثنا علي، حدثنا روح (1)، فقال الحاكم: هذا
هو
__________
* الجرح والتعديل: 6 / 175، تاريخ بغداد: 11 / 335 - 336،
تهذيب الكمال: خ: 956 - 957، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 53،
تهذيب التهذيب: 7 / 281 - 282، خلاصة تذهيب الكمال: 271.
(1) 9 / 65 في فضائل القرآن: باب اغتباط صاحب القرآن،
وتمامه: " حدثنا شعبة عن سليمان قال: سمعت ذكوان عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه
آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت
= (*)
(13/90)
الواسطي، وقال ابن عدي: يشبه أن يكون علي بن إشكاب (1).
قلت: ما المانع من أن يكون هو علي بن المديني (2) ؟.
52 - أبو أمية * [ ت، س ] (3)
الامام، الحافظ، المجود، الرحال، أبو أمية، محمد بن
إبراهيم بن مسلم البغدادي، ثم الطرسوسي، نزيل طرسوس
(4) ومحدثها، وصاحب
" المسند " والتصانيف.
ولد في حدود سنة ثمانين ومئة.
__________
= مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله
مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما
أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ".
(1) قال الحافظ في " المقدمة " 229: اختلفوا في تعيين علي
هذا، فقيل: هو علي بن إبراهيم بن عبد الله بن عبدالحميد
الواسطي حكاه الحاكم، ورجحه اللالكائي وابن السمعاني،
وقيل: هو علي بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي، وإنما نسب
إلى جده، حكاه الحاكم أيضا، وقد روى البخاري في باب إجابة
الداعي عن علي بن عبد الله بن إبراهيم، عن حجاج بن محمد
حديثا آخر، وقال أبو أحمد بن عدي: يشبه أن يكون علي بن
إبراهيم الذي في الفضائل هو علي ابن الحسين بن إبراهيم بن
إشكاب نسبه إلى جده، وقد حدث عن أخيه محمد في الجامع.
قلت (القائل الحافظ ابن حجر) الاول أصح وأصوب.
وقد حدث البخاري في " التاريخ " عن علي بن إبراهيم بحديث
آخر، ونقل في " الفتح " عن الدارقطني أنه علي بن عبد الله
بن إبراهيم نسب إلى جده، وهو قول أبي عبد الله بن مندة.
(2) لم يتابع المؤلف على هذا، ثم إن علي بن المديني والده
عبد الله وليس أحد من أجداده اسمه إبراهيم.
* الجرح والتعديل: 7 / 187، تاريخ بغداد: 1 / 394 - 396،
طبقات الحنابلة: 1 / 265 - 266، المنتظم: 5 / 90 - 91،
اللباب: 2 / 279، تهذيب الكمال: خ: 1158، تذهيب التهذيب:
خ: 3 / 179، تذكر الحفاظ: 2 / 581، ميزان الاعتدال: 3 /
447، عبر المؤلف: 2 / 51، تهذيب التهذيب: 9 / 15 - 16،
طبقات الحفاظ: 258، خلاصة تذهيب الكمال: 324 - 325، شذرات
الذهب: 2 / 164.
(3) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(4) طرسوس، بفتح الطاء والراء وضم السين:: مدينة بين
أنطاكية وحلب وبلاد الروم.
كانت موطنا للصالحين والزهاد يقصدونها لانها من ثغور
المسلمين.
" انظر: معجم البلدان).
(*)
(13/91)
وحدث عن: عبد الوهاب بن عطاء، وعمر بن يونس اليمامي، وروح
ابن عبادة، وجعفر بن عون، وعبد الله بن بكر السهمي، وعثمان
بن عمر بن فارس، وعبيد الله بن موسى، والحسن بن موسى
الاشيب، ويعقوب الحضرمي، وشبابة بن سوار، وأبي مسهر،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو حاتم، وابن صاعد، وأبو عوانة، وابن جوصا،
وأبو الدحداح، وأبو بكر بن زياد، وأبو الطيب بن عبادل،
وعثمان بن محمد السمرقندي، وأبو علي الحضائري، وحفيده محمد
بن إبراهيم بن أبي أمية، وخلق كثير.
قال النسائي: هو بغدادي، سكن طرسوس.
وقال ابن يونس: كان فهما، حسن الحديث (1).
وقال أبو داود: ثقة.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو أمية صدوق، كثير الوهم.
وقال أبو بكر الخلال الفقيه: أبو أمية رفيع القدر جدا، كان
إماما في الحديث.
قال ابن يونس: مات بطرسوس في جمادى الآخرة، سنة ثلاث
وسبعين ومئتين.
وقال أبو الحسين بن المنادي: جاءنا في رمضان نعي أبي أمية،
سنة ثلاث وسبعين (2).
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 396.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 396.
(*)
(13/92)
وقيل: مات في سنة ثمان وسبعين.
وهذا وهم.
ومات معه في سنة ثلاث: أحمد بن الوليد الفحام (1)، وإسحاق
بن سيار النصيبي (2)، وحنبل بن إسحاق (3)، والفتح بن شخرف
الزاهد (4)، وأبو عبد الله بن ماجة (5).
__________
(1) ترجمته في: عبر المؤلف: 2 / 51 - 52، شذرات الذهب: 2 /
164.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (194)، برقم: (111).
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (51)، برقم: (38) (4) ترجمته
في: تاريخ بغداد: 12 / 384 - 388.
(5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (277)، برقم: (133).
(*)
(13/93)
الطبقة الخامسة عشرة
53 - أحمد بن طولون * التركي،
صاحب مصر، أبو العباس.
ولد بسامراء، وقيل: بل تبناه الامير طولون.
وطولون قدمه صاحب ما وراء النهر (1) إلى المأمون، في عدة
مماليك، سنة مئتين، فعاش طولون إلى سنة أربعين ومئتين.
فأجاد ابنه أحمد حفظ القرآن، وطلب العلم، وتنقلت به
الاحوال، وتأمر، وولي ثغور الشام، ثم إمرة دمشق، ثم ولي
الديار المصرية في سنة أربع وخمسين، وله إذ ذاك أربعون
سنة.
وكان بطلا شجاعا، مقداما مهيبا، سائسا، جوادا، ممدحا، من
دهاة الملوك.
قيل: كانت مؤنته في اليوم ألف دينار، وكان يرجع إلى عدل
__________
* تاريخ الطبري: 9 / 363، 381، 543، 545، 627، 666،
المنتظم، 5 / 71 - 74، الكامل لابن الاثير: 7 / 408 - 409،
وفيات الاعيان: 1 / 173 - 174، عبر المؤلف: 2 / 43 - 44،
الوافي بالوفيات: 6 / 430 - 432، البداية والنهاية: 11 /
45 - 47، النجوم الزاهرة: 3 / 1 - 21، شذرات الذهب: 2 /
157 - 158.
(1) وهو: نوح بن أسد.
انظر: المنتظم: 5 / 71.
(*)
(13/94)
وبذل، لكنه جبار، سفاك للدماء.
قال القضاعي: أحصي من قتله صبرا، أو مات في سجنه، فبلغوا
ثمانية عشر ألفا (1).
وأنشأ بظاهر مصر جامعا، غرم عليه مئة ألف دينار (2)، وكان
جيد الاسلام، معظما للشعائر.
خلف من العين عشرة آلاف ألف دينار، وأربعة وعشرين (3) ألف
مملوك، وجماعة بنين، وست مئة بغل للثقل (4).
ويقال: بلغ ارتفاع خراج مصر في أيامه أزيد من أربعة آلاف
ألف دينار (5) وكان الخليفة مشغولا عن ابن طولون بحروب
الزنج، وكان يزري على أمراء الترك فيما يرتكبونه.
قال محمد بن يوسف الهروي: كنا عند الربيع المرادي، فجاءه
رسول ابن طولون بألف دينار، فقبلها.
قيل: إن ابن طولون نزل يأكل، فوقف سائل، فأمر له بدجاجة
وحلواء، فجاء الغلام، فقال: [ ناولته فما ] هش لها.
فقال: علي به.
فلما وقف بين يديه، لم يضطرب [ من الهيبة ]، فقال: أحضر
الكتب [ التي معك واصدقني ]، فأنت صاحب خبر، هاتوا السياط،
فأقر، فقال
__________
(1) عبر المؤلف: 2 / 43.
(2) انظر: وفيات الاعيان: 1 / 173.
وفيه: " وأنفق على عمارته مئة ألف وعشرين ألف دينار..."
(3) في " العبر ": 2 / 43: أربعة عشر ألفا.
(4) انظر: المنتظم: 5 / 73.
(5) انظر: المصدر السابق ففيه " درهم " بدلا من " دينار ".
(*)
(13/95)
بعض الامراء: هذا السحر ؟ فقال: لا، ولكن قياس صحيح (1).
قال ابن أبي العجائز، وغيره: وقع حريق بدمشق، فركب إليه
ابن طولون، ومعه أبو زرعة، وأحمد بن محمد الواسطي، كاتبه،
فقال أحمد لابي زرعة: ما اسم هذا المكان ؟ قال: خط كنيسة
مريم.
فقال الواسطي: ولمريم كنيسة ؟ قال: بنوها باسمها.
فقال ابن طولون: مالك وللاعتراض على الشيخ ؟ ثم أمر بسبعين
ألف دينار من ماله لاهل الحريق، فأعطوا، وفضل من الذهب !
وأمر بمال عظيم، ففرق في فقراء الغوطة، والبلد، فأقل من
أعطي دينار (2).
عن محمد بن علي المادرائي قال: كنت أجتاز بقبر ابن طولون،
فأرى شيخا ملازما له، ثم لم أره مدة، ثم رأيته، فسألته،
فقال: كان له علي أياد، فأحببت أن أصله بالتلاوة.
قال: فرأيته في النوم يقول: أحب أن لا تقرأ عندي، فما تمر
بي آية إلا قرعت بها، ويقال لي: أما سمعت هذه ؟.
توفي أحمد بمصر في شهر ذي القعدة، سنة سبعين ومئتين.
وقام بعده ابنه خمارويه، ثم جيش بن خمارويه، ثم أخوه
هارون.
54 - أحمد الخجستاني * جبار،
عنيد، ظالم متمرد، خرج عن طاعة صاحب خراسان يعقوب
__________
(1) النجوم الزاهرة: 3 / 13، والزيادة منه، وأضاف: " رأيت
سوء حاله، فسيرت له طعاما يشره له الشبعان، فما هش له،
فأحضرته، فتلقاني بقوة جأش، فعلمت أنه صاحب خبر لا فقير،
فكان كذلك ".
(2) انظر: النجوم الزاهرة: 3 / 13 - 14.
* تاريخ الطبري: 9 / 544، 552، 557، 589، 599، 660، 612،
معجم البلدان: " خجستان " وفيه وفاته (264)، الكامل لابن
الاثير: 7 / 296 - 304، اللباب: = (*)
(13/96)
الصفار، وتملك نيسابور وغيرها، وأظهر الانتماء إلى
الطاهرية، وجعل رافع بن هرثمة (1) أتابكه (2)، وجرت له
ملاحم، وظفر بيحيى بن الذهلي شيخ نيسابور، فقتله وعتا، ثم
ذبحه مملوكان له في سنة ثمان وستين (3).
تملك سبع سنين.
ومن جوره: أنه لما غلب على نيسابور، نصب رمحا وألزمهم أن
يزنوا من الدراهم ما يغطي رأس الرمح، فأفقر الخلق، وعذبهم
(4).
55 - داود بن علي * ابن خلف،
الامام، البحر، الحافظ، العلامة، عالم الوقت، أبو
سليمان البغدادي، المعروف بالاصبهاني، مولى أمير المؤمنين
المهدي، رئيس أهل الظاهر.
__________
= 1 / 424، عبر المؤلف 2 / 33، 36، 38، الوافي بالوفيات: 7
/ 80 - 81.
والخجستاني، بضم الخاء والجيم، وسكون السين: نسبة إلى
خجستان من جبال هراة.
(اللباب) (1) ستأتي ترجمته في الصفحة.
(406)، برقم: (196).
(2) الاتابك: لقب تركي معناه: الاب الوصي وقد أطلقه
السلجوقيون على بعض كبار رجال البلاط، وأراد هنا أنه صيره
قائدا.
(3) انظر الخبر مفصلا في: " الكامل ": 7 / 303.
(4) المصدر السابق: 7 / 304، وفيه: " نصب رمحا طويلا في
صحن داره، وقال: يحتاج أهل نيسابور أن يضعوا الدر حتى
يغمروا الرمح.
فخافوا منه ".
* الفهرست: المقالة السادسة: الفن الرابع، تاريخ بغداد: 8
/ 369 - 375، طبقات الفقهاء: 92، المنتظم: 5 / 75 - 77،
وفيات الاعيان: 2 / 255 - 257، ميزان الاعتدال: 2 / 14 -
16، عبر المؤلف: 2 / 45، طبقات السبكي: 2 / 284 - 293،
البداية والنهاية: 11 / 47 - 48، لسان المزان: 2 / 422 -
424، النجوم الزاهرة: 3 / 47 - 48، طبقات الحفاظ: 253 -
254، طبقات المفسرين للماوردي: 1 / 166 - 169، شذرات
الذهب: 2 / 158 - 159 تاريخ أصبهان 1 / 312.
(*)
(13/97)
مولده سنة مئتين.
وسمع: سليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، والقعنبي، ومحمد ابن
كثير العبدي، ومسدد بن مسرهد، وإسحاق بن راهويه، وأبا ثور
الكلبي، والقواريري، وطبقتهم.
وارتحل إلى إسحاق [ بن راهويه ] (1)، وسمع منه " المسند "
و " التفسير "، وناظر عنده، وجمع وصنف، وتصدر، وتخرج به
الاصحاب.
قال أبو بكر الخطيب: صنف الكتب، وكان إماما ورعا ناسكا
زاهدا، وفي كتبه حديث كثير، لكن الرواية عنه عزيزة جدا
(2).
حدث عنه: ابنه أبو بكر محمد بن داود، وزكريا الساجي، ويوسف
ابن يعقوب الداوودي، وعباس بن أحمد المذكر، وغيرهم.
قال أبو محمد بن حزم: إنما عرف بالاصبهاني، لان أمه
أصبهانية، وكان أبوه حنفي المذهب (3).
قال أبو عمرو المستملمي: رأيت داود بن علي يرد على إسحاق
بن راهويه، وما رأيت أحدا قبله ولا بعده يرد عليه، هيبة له
(4).
قال عمر بن محمد بن بجير الحافظ: سمعت داود بن علي يقول:
دخلت على إسحاق وهو يحتجم، فجلست، فرأيت كتب الشافعي،
__________
(1) زيادة من: تاريخ بغداد: 8 / 369.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 8 / 369 - 370.
(3) انظر: ميزان الاعتدال: 2 / 15، ولسان الميزان: 2 /
422.
(4) تاريخ بغداد: 8 / 370 - 371.
(*)
(13/98)
فأخذت أنظر، فصاح بي إسحاق: أيش تنظر ؟ فقلت: * (معاذ الله
أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده) * [ يوسف: 75 ].
قال: فجعل يضحك، أو يتبسم (1).
سعيد بن عمرو البرذعي، قال: كنا عند أبي زرعة الرازي،
فاختلف رجلان من أصحابنا في أمر داود الاصبهاني، والمزني،
والرجلان: فضلك الرازي، وابن خراش، فقال ابن خراش: داود
كافر.
وقال فضلك: المزني جاهل.
فأقبل أبو زرعة يوبخهما، وقال لهما: ما واحد منكما لهما
بصاحب.
ثم قال: ترى داود هذا، لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل
العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والآلة
(2)، ولكنه تعدى، لقد قدم علينا من نيسابور، فكتب إلي محمد
بن رافع، ومحمد بن يحيى،
وعمرو بن زرارة، وحسين بن منصور، ومشيخة نيسابور بما أحدث
هناك، فكتمت ذلك لما خفت من عواقبه، ولم أبد له شيئا من
ذلك، فقدم بغداد، وكان بينه وبين صالح بن أحمد بن حنبل
حسن، فكلم صالحا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى
صالح أباه، فقال: رجل سألني أن يأتيك، فقال: ما اسمه ؟
قال: داود.
قال: من أين هو ؟ قال: من أصبهان.
فكان صالح يروغ عن تعريفه، فما زال الامام أحمد يفحص، حتى
فطن به، فقال: هذا قد كتب إلي محمد بن يحيى في أمره أنه
زعم أن القرآن محدث، فلا يقربني.
فقال: يا أبة ! إنه ينتفي من هذا وينكره.
فقال: محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له (3).
__________
(1) طبقات السبكي: 2 / 285.
وقد قال هذا لان داود كان في أول أمره من المتعصبين
للشافعي، الآخذين بأقواله.
(2) في طبقات السبكي: " الادلة ".
(3) تاريخ بغداد: 8 / 373 - 374، و: طبقات السبكي: 2 / 285
- 286.
(*)
(13/99)
قال أبو عبد الله المحاملي: رأيت داود بن علي يصلي، فما
رأيت مسلما يشبهه في حسن تواضعه (1).
وقد كان محمد بن جرير الطبري يختلف إلى داود بن علي مدة،
ثم تخلف عنه، وعقد لنفسه مجلسا، فأنشأ داود يتمثل: فلو أني
بليت بهاشمي * خؤولته بنوة عبد المدان صبرت على أذاه لي
ولكن * تعالي فانظري بمن ابتلاني (2) قال أحمد بن كامل
القاضي: أخبرني أبو عبد الله الوراق: أنه كان يورق على
داود بن علي، وأنه سمعه يسأل عن القرآن، فقال: أما الذي في
اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس:
فمخلوق (3).
قلت: هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله، فيما علمت،
وما زال المسلمون على أن القرآن العظيم كلام الله، ووحيه
وتنزيله، حتى أظهر المأمون القول: بأنه مخلوق، وظهرت مقالة
المعتزلة، فثبت الامام أحمد ابن حنبل، وأئمة السنة على
القول: بأنه غير مخلوق، إلى أن ظهرت مقالة حسين بن علي
الكرابيسي (4)، وهي: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن
ألفاظنا به مخلوقة، فأنكر الامام أحمد ذلك، وعده بدعة،
وقال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن، فهو
جهمي (5).
وقال أيضا: من
__________
(1) تاريخ بغداد: 8 / 371.
(2) تاريخ بغداد: 8 / 373، وفيه.
" فلما أخبر بذلك داود، أنشأ يقول..."، والشطر الاول من
البيت الثاني: " صبرت على أذيته ولكن ".
(3) تاريخ بغداد: 8 / 374.
(4) عبر المؤلف: 1 / 450 - 451، والكرابيسي: نسبة إلى
الثياب الغلاظ.
(اللباب).
(5) الجهمية: نسبة إلى جهم بن صفوان، يكنى أبا محرز، وقد
نشأ في سمرقند = (*)
(13/100)
قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع.
فزجر عن الخوض في ذلك من الطرفين.
وأما داود فقال: القرآن محدث.
فقام على داود خلق من أئمة الحديث، وأنكروا قوله وبدعوه،
وجاء من بعده طائفة من أهل النظر، فقالوا: كلام الله معنى
قائم بالنفس، وهذه الكتب المنزلة دالة عليه، ودققوا
وعمقوا، فنسأل الله الهدى واتباع الحق، فالقرآن العظيم،
حروفه ومعانيه
وألفاظه كلام رب العالمين، غير مخلوق، وتلفظنا به وأصواتنا
به من أعمالنا المخلوقة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم
-: " زينوا القرآن بأصواتكم " (1).
ولكن لما كان الملفوظ لا يستقل إلا بتلفظنا، والمكتوب لا
ينفك عن كتابة، والمتلو لا يسمع إلا بتلاوة تال، صعب فهم
المسألة، وعسر إفراز اللفظ الذي هو الملفوظ من اللفظ الذي
يعنى به التلفظ، فالذهن يعلم الفرق بين هذا وبين هذا،
والخوض في هذا خطر.
نسأل الله السلامة في الدين.
وفي المسألة بحوث طويلة، الكف عنها أولى، ولا سيما في هذه
الازمنة المزمنة.
__________
= بخراسان ثم قضى فترة من حياته الاولى في ترمذ وكان مولى
لبني راسب من الازد وقد أطبق السلف على ذمه بسبب تغاليه في
التنزيه وإنكار صفات الله، وتأويلها المفضي إلى تعطيلها.
وأول من حفظ عنه مقالة التعطيل في الاسلام هو الجعد بن
درهم وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها فنسبت إليه، قد
قتل سنة (128 ه)، مع الحارث بن سريج في حربه ضد بني أمية.
(انظر: الطبري: 7 / 210، 221، 236، 237، وتاريخ الجهمية
والمعتزلة: 10، وما بعدها، للقاسمي).
والسلف كانوا يسمون كل من نفى الصفات وقال: إن القرآن
مخلوق، وإن الله لا يرى في الآخرة جهميا.
والامام أحمد يرى فيما يحكيه ابن جرير عنه - ان من قال:
لفظي بالقرآن مخلوق.
فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق، فهو مبتدع.
(1) أخرجه من حديث البراء بن عازب أحمد: 4 / 283، و 285، و
296، و 304، والدارمي: 2 / 474، وأبو داود: (1468)،
والنسائي: 2 / 179 - 180، وابن ماجة (1342) وإسناده صحيح،
وصححه ابن حبان: (660)، والحاكم.
(*)
(13/101)
قال أبو العباس ثعلب: كان داود بن علي عقله أكبر من علمه
(1).
وقال قاسم بن أصبغ الحافظ: ذاكرت ابن جرير الطبري، وابن
سريج
في كتاب ابن قتيبة في الفقه، فقالا: ليس بشئ، فإذا أردت
الفقه، فكتب أصحاب الفقه، كالشافعي، وداود، ونظرائهما.
ثم قالا: ولا كتب أبي عبيد (2) في الفقه، أما ترى كتابه في
" الاموال "، مع أنه أحسن كتبه (3) ؟ وقال ابن حزم: كان
داود عراقيا، كتب ثمانية عشر ألف ورقة، ومن أصحابه: أبو
الحسن عبد الله بن أحمد بن رويم، وأبو بكر بن النجار، وأبو
الطيب محمد بن جعفر الديباجي، وأحمد بن مخلد الايادي، وأبو
سعيد الحسن بن عبيد الله، صاحب التصانيف، وأبو بكر محمد بن
أحمد الدجاجي، وأبو نصر السجستاني.
ثم سر ؟ أسماء عدة من تلامذته.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم (4): عن أبي اليمن الكندي،
أخبرنا علي ابن عبد السلام، أخبرنا أبو إسحاق الفقيه، في "
طبقات الفقهاء " له، قال: ذكر فقهاء بغداد.
ومنهم: أبو سليمان داود بن علي بن خلف الاصبهاني، ولد في
سنة اثنتين ومئتين، ومات سنة سبعين ومئتين، أخذ العلم عن:
إسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وكان زاهدا متقللا (5)، وقيل:
إنه كان في مجلسه أربع مئة صاحب طيلسان أخضر، وكان من
المتعصبين للشافعي،
__________
(1) تاريخ بغداد: 8 / 371.
(2) هو: القاسم بن سلام الهروي، أبو عبيد، صاحب التآليف
النافعة، وشيخ الامام الشافعي.
من كبار العلماء بالحديث والادب والفقه.
توفي سنة: (224 ه).
(3) سيكرر المؤلف الخبر في ترجمة ابن قتيبة، في الصفحة:
301.
(4) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 107.
(5) زاد أبو إسحاق هنا: " قال أبو العباس أحمد بن يحيى
ثعلب: كان داود عقله أكثر من علمه ".
(*)
(13/102)
وصنف كتابين في فضائله والثناء عليه، وانتهت إليه رئاسة
العلم ببغداد، وأصله من أصفهان، ومولده بالكوفة، ومنشؤه
ببغداد، وقبره بها في الشونيزية (1).
وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا الحسين بن عبد الله، قال:
سألت المروذي عن قصة داود الاصبهاني، وما أنكر عليه أبو
عبد الله، فقال: كان داود خرج إلى خراسان، إلى ابن راهويه،
فتكلم بكلام شهد عليه أبو نصر بن عبدالمجيد وآخر، شهدا
عليه أنه قال: القرآن محدث.
فقال لي أبو عبد الله: من داود بن علي ؟ لا فرج الله عنه.
قلت: هذا من غلمان أبي ثور.
قال: جاءني كتاب محمد بن يحيى النيسابوري أن داود
الاصبهاني قال ببلدنا: إن القرآن محدث.
قال المروذي: حدثني محمد بن إبراهيم النيسابوري، أن إسحاق
بن راهويه لما سمع كلام داود في بيته، وثب على داود وضربه،
وأنكر عليه (2).
الخلال: سمعت أحمد بن محمد بن صدقة، سمعت محمد بن الحسين
بن صبيح، سمعت داود الاصبهاني يقول: القرآن محدث، ولفظي
بالقرآن مخلوق (3).
وأخبرنا سعيد بن أبي مسلم: سمعت محمد بن عبدة يقول: دخلت
إلى داود، فغضب علي أحمد بن حنبل، فدخلت عليه، فلم يكلمني،
فقال له رجل: يا أبا عبد الله ! إنه رد عليه مسألة.
قال: وما هي ؟ قال:
__________
(1) طبقات الفقهاء:: 92.
والشونيزية: مقبرة ببغداد، بالجانب الغربي، دفن فيها جماعة
كثيرة من الصالحين.
(2) طبقات الشافعية: 2 / 286.
(3) طبقات السبكي: 2 / 286.
(*)
(13/103)
قال: الخنثى إذا مات من يغسله ؟ قال داود: يغسله الخدم.
فقال محمد ابن عبدة: الخدم رجال، ولكن ييمم، فتبسم أحمد
وقال: أصاب، أصاب، ما أجود ما أجابه (1) ! قال محمد بن
إسحاق النديم: لداود من الكتب: كتاب " الايضاح " كتاب "
الافصاح "، كتاب " الاصول "، كتاب " الدعاوى "، كتاب كبير
في الفقه، كتاب " الذب عن السنة والاخبار " (2): أربع
مجلدات، كتاب " الرد على أهل الافك "، " صفة أخلاق النبي
"، كتاب " الاجماع "، كتاب " إبطال القياس "، كتاب " خبر
الواحد وبعضه موجب للعلم "، كتاب " الايضاح "، خمسة عشر
مجلدا، كتاب " المتعة "، كتاب " إبطال التقليد "، كتاب "
المعرفة "، كتاب " العموم والخصوص ".
وسرد أشياء كثيرة (3).
قلت: للعلماء قولان في الاعتداد، بخلاف داود وأتباعه: فمن
اعتد بخلافهم، قال: ما اعتدادنا بخلافهم لان مفرداتهم حجة،
بل لتحكى في الجملة، وبعضها سائغ وبعضها قوي، وبعضها ساقط،
ثم ما تفردوا به هو شئ من قبيل مخالفة الاجماع الظني،
وتندر مخالفتهم لاجماع قطعي.
ومن أهدرهم، ولم يعتد بهم، لم يعدهم في مسائلهم المفردة
خارجين بها من الدين، ولا كفرهم بها، بل يقول: هؤلاء في
حيز العوام، أو هم كالشيعة في الفروع، ولا نلتفت إلى
أقوالهم، ولا ننصب معهم الخلاف، ولا يعتني بتحصيل كتبهم،
ولا ندل مستفتيا من العامة عليهم.
وإذا تظاهروا
__________
(1) المصدر السابق: 2 / 286 - 287.
(2) في الفهرست: " كتاب الذب عن السنن والاحكام والاخبار،
ألف ورقة ".
(3) انظر: الفهرست: المقالة السادسة: الفن الرابع.
(*)
(13/104)
بمسألة معلومة البطلان، كمسح الرجلين، أدبناهم، وعزرناهم،
وألزمناهم بالغسل جزما.
قال الاستاذ أبو إسحاق الاسفراييني: قال الجمهور: إنهم -
يعني نفاة القياس - لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز
تقليدهم القضاء (1).
ونقل الاستاذ أبو منصور البغدادي، عن أبي علي بن أبي
هريرة، وطائفة من الشافعية، أنه لا اعتبار بخلاف داود،
وسائر نفاة القياس، في الفروع دون الاصول.
وقال إمام الحرمين أبو المعالي: الذي ذهب إليه أهل
التحقيق: أن منكري القياس لا يعدون من علماء الامة، ولا من
حملة الشريعة، لانهم معاندون، مباهتون فيما ثبت استفاضة
وتواترا، لان معظم الشريعة صادر عن الاجتهاد، ولا تفي
النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام.
قلت: هذا القول من أبي المعالي أداه إليه اجتهاده، وهم
فأداهم اجتهادهم إلى نفي القول بالقياس، فكيف يرد الاجتهاد
بمثله، وندري بالضرورة أن داود كان يقرئ مذهبه، ويناظر
عليه، ويفتي به في مثل بغداد، وكثرة الائمة بها وبغيرها،
فلم نرهم قاموا عليه، ولا أنكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا
سعوا في منعه من بثه، وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي، شيخ
المالكية، وعثمان بن بشار الانماطي، شيخ الشافعية،
والمروذي شيخ الحنبلية، وابني الامام أحمد، وأبي العباس
أحمد بن محمد البرتي (2)، شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران
القاضي، ومثل عالم
__________
(1) طبقات السبكي: 2 / 289: وتتمة الخبر فيه: " وإن ابن
أبي هريرة وغيره من
الشافعيين لا يعتدون بخلافهم في الفروع ".
(2) البرتي، بكسر الباء وسكون الراء: نسبة إلى برت: قرية
بنواحي بغداد.
(اللباب) (*)
(13/105)
بغداد إبراهيم الحربي.
بل سكتوا له، حتى لقد قال قاسم بن أصبغ: ذاكرت الطبري -
يعني ابن جرير - وابن سريج، فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في
الفقه أين هو عندكما ؟ قالا: ليس بشئ، ولا كتاب أبي عبيد،
فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود، ونظرائهما (1).
ثم كان بعده ابنه أبو بكر، وابن المغلس، وعدة من تلامذة
داود، وعلى أكتافهم مثل: ابن سريج، شيخ الشافعية، وأبي بكر
الخلال، شيخ الحنبلية، وأبي الحسن الكرخي شيخ الحنفية،
وكان أبو جعفر الطحاوي بمصر.
بل كانوا يتجالسون ويتناظرون، ويبرز كل منهم بحججه، ولا
يسعون بالداودية إلى السلطان.
بل أبلغ من ذلك، ينصبون معهم الخلاف، في تصانيفهم قديما
وحديثا، وبكل حال، فلهم أشياء أحسنوا فيها، ولهم مسائل
مستهجنة، يشغب عليهم بها، وإلى ذلك يشير الامام أبو عمرو
بن الصلاح، حيث يقول: الذي اختاره الاستاذ أبو منصور، وذكر
أنه الصحيح من المذهب، أنه يعتبر خلاف داود.
ثم قال ابن الصلاح: وهذا الذي استقر عليه الامر آخرا، كما
هو الاغلب الاعرف من صفو الائمة المتأخرين، الذين أوردوا
مذهب داود في مصنفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد
الاسفراييني، والماوردي، والقاضي أبي الطيب، فلولا
اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه في مصنفاتهم المشهورة.
قال: وأرى أن يعتبر قوله إلا فيما خالف فيه القياس الجلي،
وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله
التي قام الدليل القاطع على
بطلانها، فاتفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله في التغوط في
الماء
__________
(1) تقدم الخبر قبل صفحات.
(*)
(13/106)
الراكد (1)، وتلك المسائل الشنيعة، وقوله: لا ربا إلا في
الستة المنصوص عليها (2)، فخلافه في هذا أو نحوه غير معتد
به، لانه مبني على ما يقطع ببطلانه.
قلت: لا ريب أن كل مسألة انفرد بها، وقطع ببطلان قوله
فيها، فإنها هدر، وإنما نحكيها للتعجب، وكل مسألة له عضدها
نص، وسبقه إليها صاحب أو تابع، فهي من مسائل الخلاف، فلا
تهدر.
وفي الجملة، فداود بن علي بصير بالفقه، عالم بالقرآن، حافظ
للاثر، رأس في معرفة الخلاف، من أوعية العلم، له ذكاء
خارق، وفيه
__________
(1) وهو قول ابن حزم، ونص كلامه في " المحلى ": 1 / 135: "
إلا أن البائل في الماء الراكد الذي لا يجري حرام عليه
الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لغرض أو لغيره، وحكمه
التيمم إن لم يجد غيره...فلو أحدث في الماء أو بال خارجا
منه ثم جرى البول فيه فهو طاهر يجوز الوضوء منه والغسل له
ولغيره إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أوصاف
الماء فلا يجزئ حينئذ استعماله أصلا لا له ولا لغيره ".
وقد رد على داود بن علي الامام النووي - رحمه الله - في "
المجموع ": 1 / 118 - 119 فقال: " وهذا مذهب عجيب وفي غاية
الفساد، فهو أشنع ما نقل عنه، إن صح عنه - رحمه الله -
وفساده مغن عن الاحتجاج عليه، ولهذا أعرض جماعة من أصحابنا
المعتنين بذكر الخلاف عن الرد عليه بعد حكايتهم مذهبه،
وقالوا: فساده مغن عن إفساده.
وقد خرق الاجماع في قوله في الغائط إذ لم يفرق أحد بينه
وبين البول، ثم فرقه بين البول في نفس الماء والبول في
إناء يصب في الماء من أعجب الاشياء.
من أخصر ما يرد به عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه
بالبول على ما في معناه من التغوط وبول غيره، كما ثبت أنه
صلى الله عليه وسلم قال في الفأرة تموت
في السمن " إن كان جامدا فألقوها وما حولها " وأجمعوا أن
السنور كالفأرة في ذلك، وغير السمن من الدهن كالسمن، وفي "
الصحيح ": " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله "، فلو
أمر غيره فغسله، إن قال داود: لا يطهر لكونه ما غسله هو،
خرق الاجماع، وإن قال: يطهر، فقد نظر إلى المعنى وناقض
قوله.
والله أعلم ".
(2) الستة المنصوص عليها في حديث عبادة بن الصامت الذي
أخرجه مسلم: (1587)، والترمذي: (1240، وأبو داود: (3349)،
والنسائي: 7 / 274، وابن ماجه: (2254) أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر
بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح
مثلا بمثل سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الاصناف
فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدا بيد ".
(*)
(13/107)
دين متين.
وكذلك في فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر، وذكاء قوي،
فالكمال عزيز، والله الموفق.
ونحن: فنحكي قول ابن عباس في المتعة (1)، وفي الصرف (2)،
وفي إنكار العول (3)، وقول طائفة من الصحابة في ترك الغسل
من الايلاج (4)، وأشباه ذلك، ولا نجوز لاحد تقليدهم في
ذلك.
قال ابن كامل: مات داود في شهر رمضان سنة سبعين ومئتين.
فأما ابنه:
__________
(1) انظر البخاري بشرح الفتح: 12 / 296، في الحيل: باب
الحيلة في النكاح، و 9 / 143 في النكاح: باب نهي النبي صلى
الله عليه وسلم عن نكاح المتعة أخيرا، ومسند أحمد: 1 /
142، ومسلم: (27) في النكاح: باب نكاح المتعة، و (1407)
(29 و 31).
وانظر " تلخيص الحبير ": 3 / 154.
وروى البخاري: 9 / 148 عن أبي جمرة قال سمعت ابن عباس يسأل
عن متعة النساء
فرخص، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي
النساء قلة أو نحوه، فقال ابن عباس نعم.
وفي رواية الاسماعيلي: إنما كان ذلك في الجهاد والنساء
قليل، فقال ابن عباس: صدق.
(2) انظر: صحيح مسلم: رقم (596) (102)، وشرح السنة: 8 / 60
- 61.
(3) أخرج الحاكم في " المستدرك ": 4 / 340 من طريق ابن
إسحاق، حدثنا محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب، عن عبيد
الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
أول من أعال الفرائض عمر رضي الله عنه، وايم الله لو قدم
من قدم الله.
وأخر من أخر الله ما عالت فريضة، فقيل له: وأيها قدم الله
وأيها أخر ؟ فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة
إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله عزوجل، وكل فريضة إذا زات
عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي، فتلك التي أخر الله عز
وجل كالزوج والزوجة والام، والذي أخر كالاخوات والبنات،
فإذا اجتمع من قدم الله عزوجل ومن أخر بدئ بمن قدم فأعطي
حقه كاملا، فإن بقي شئ كان لمن أخر، وإن لم يبق شئ فلا شئ
له.
وهذا سند قوي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وأخرجه
البيهقي بأطول منه: 6 / 253، من طريق ابن إسحاق بهذا
الاسناد.
(4) انظر شرح السنة: 2 / 5 - 7.
(*)
(13/108)
56 - محمد بن داود * ابن علي الظاهري:
العلامة، البارع، ذو الفنون، أبو بكر: فكان أحد من يضرب
المثل بذكائه، وهو مصنف كتاب: " الزهرة " في الآداب
والشعر.
وله كتاب في الفرائض، وغير ذلك.
حدث عن: أبيه، وعباس الدوري، وأبي قلابة الرقاشي، وأحمد
ابن أبي خيثمة، ومحمد بن عيسى المدائني، وطبقتهم.
وله بصر تام بالحديث، وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا
يقلد أحدا.
حدث عنه: نفطويه، والقاضي أبو عمر محمد بن يوسف، وجماعة.
ومات قبل الكهولة، وقل ما روى.
تصدر للفتيا بعد والده، وكان يناظر أبا العباس بن سريج،
ولا يكاد ينقطع معه.
قال القاضي أبو الحسن الداوودي: لما جلس أبو بكر بن داود
للفتوى بعد والده استصغروه، فدسوا عليه من سأله عن حد
السكر، ومتى يعد الانسان سكران ؟ فقال: إذا عزبت (1) عنه
الهموم، وباح بسره المكتوم.
__________
* الفهرست: المقالة السادسة: الفن الرابع، تاريخ بغداد: 5
/ 256 - 263، طبقات الفقهاء: 175 - 176، المنتظم: 6 / 93 -
95، وفيات الاعيان: 4 / 259 - 261، عبر المؤلف: 2 / 108،
الوافي بالوفيات: 3 / 58 - 61، البداية والنهاية: 11 / 110
- 111، شذرات الذهب: 2 / 226.
(1) عزب: بعد وغاب.
(*)
(13/109)
فاستحسن ذلك منه (1).
قال أبو محمد بن حزم: كان ابن داود من أجمل الناس، وأكرمهم
خلقا، وأبلغهم لسانا، وأنظفهم هيئة، مع الدين والورع، وكل
خلة محمودة، محببا إلى الناس، حفظ القرآن وله سبع سنين،
وذاكر الرجال بالآداب والشعر وله عشر سنين، وكان يشاهد في
مجلسه أربع مئة صاحب
محبرة، وله من التآليف: كتاب " الانذار والاعذار "، وكتاب
" التقصي " في الفقه، وكتاب " الايجاز "، ولم يتم، وكتاب "
الانتصار من محمد بن جرير الطبري "، وكتاب " الوصول إلى
معرفة الاصول "، وكتاب " اختلاف مصاحف الصحابة "، وكتاب "
الفرائض " وكتاب " المناسك ".
عاش ثلاثا وأربعين سنة.
قال: ومات في عاشر رمضان سنة سبع وتسعين ومئتين.
قال أبو علي التنوخي: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البختري
الداوودي، حدثني أبو الحسن بن المغلس الداوودي، قال: كان
محمد بن داود، وابن سريج إذا حضرا مجلس أبي عمر القاضي، لم
يجر بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن و [ من ] ما يجري
بينهما (2)، فسأل أبا بكر عن العود الموجب لكفارة الظهار،
فقال: إعادة القول ثانيا، وهو مذهبه، ومذهب أبيه، فطالبه
بالدليل، فشرع فيه (3)، فقال ابن سريج: يا أبا بكر هذا قول
__________
(1) وفيات الاعيان: 4 / 259 - 260.
وزاد الخطيب في " تاريخ بغداد ": 5 / 256: " وعلم موضعه من
العلم ".
(2) زاد الخطيب البغدادي هنا: " وكان ابن سريج كثيرا ما
يتقدم أبا بكر في الحضور إلى المجلس، فتقدمه في الحضور أبو
بكر يوما، فسأله حدث من الشافعيين عن العود..." ويلاحظ أن
الذهبي قد أساء اختصار الخبر هنا فقد جعل السائل ابن سريج.
(3) وزاد هنا: " ودخل ابن سريج، فاستشرحهم ما جرى، فشرحوه
".
(*)
(13/110)
من من المسلمين [ تقدمكم فيه ] ؟ فغضب أبو بكر، وقال: أتظن
أن من اعتقدت قولهم إجماعا (1) في هذه المسألة عندي إجماع
؟ أحسن أحوالهم أن أعدهم خلافا [ وهيهات أن يكونوا كذلك ].
فغضب ابن سريج، وقال:
أنت بكتاب " الزهرة " أمهر منك بهذه الطريقة، قال: [
وبكتاب " الزهرة " تعيرني ؟ ] والله ما تحسن تستتم قراءته
قراءة من يفهم، وإنه لمن أحد المناقب لي إذ أقول فيه: أكرر
في روض المحاسن مقلتي * وأمنع نفسي أن تنال محرما وينطق
سري عن مترجم خاطري * فلو لا اختلاسي رده لتكلما رأيت
الهوى دعوى من الناس كلهم * فما إن أرى حبا صحيحا مسلما
فقال ابن سريج (1): فأنا الذي أقول: ومشاهد بالغنج من
لحظاته * قد بت أمنعه لذيذ سباته ضنا بحسن حديثه وعتابه *
وأكرر اللحظات في وجناته حتى إذا ما الصبح لاح عموده * ولى
بخاتم ربه وبراته فقال أبو بكر: أيد الله القاضي، قد أخبر
بحالة، ثم ادعى البراءة مما توجبه، عليه البينة، فقال ابن
سريج: [ من ] مذهبي أن المقر إذا أقر إقرارا ناطه بصفة،
كان إقراره موكولا إلى صفته تلك (3).
__________
(1) في الاصل: " إجماع ".
وكذا في " تاريخ بغداد ".
والوجه ما أثبتناه.
(2) زاد هنا الخطيب: " أو علي تفخر بهذا القول ؟ !
وأنا..".
(3) الخبر مفصل في: تاريخ بغداد: 5 / 260 - 263، والزيادة
منه.
كما ورد الخبر مختصرا في: المنتظم: 6 / 594 - 595.
وورد في: وفيات الاعيان: 4 / 260، والوافي بالوفيات: 3 /
60 - 61 على أن الخلاف كان في مجلس الوزير ابن الجراح،
والمناظرة كانت حول " الايلاء " فلينظر هناك.
(*)
(13/111)
قال محمد بن يوسف القاضي: كنت أساير محمد بن داود، فإذا
بجارية تغني بشئ من شعره، وهو:
أشكو غليل فؤاد أنت متلفه * شكوى عليل إلى إلف يعلله سقمي
تزيد مع الايام كثرته * وأنت في عظم ما ألقى تقلله (1)
الله حرم قتلي في الهوى سفها * وأنت يا قاتلي ظلما تحلله
(2) وقيل: كان ابن داود خصما لابن سريج في المناظرة، كانا
يترادان في الكتب، فلما بلغ ابن سريج موت محمد بن داود،
حزن له، ونحى مخاده، وجلس للتعزية، وقال: ما آسى إلا على
تراب يأكل لسان محمد بن داود (3).
قال محمد بن إبراهيم بن سكرة القاضي: كان محمد بن جامع
الصيدلاني محبوب محمد بن داود، وكان ينفق على ابن داود،
وما عرف معشوق ينفق على عاشقه سوا ؟، ومن شعره: حملت جبال
الحب فيك وإنني * لاعجز عن جمل القميص وأضعف وما الحب من
حسن ولا من سماحة * ولكنه شئ به الروح تكلف (4) قال
إبراهيم بن عرفة نفطويه: دخلت على محمد بن داود في مرضه،
فقلت: كيف تجدك ؟ قال: حب من تعلم أورثني ما ترى.
__________
(1) في " المنتظم "، و " البداية والنهاية ": " على الايام
".
(2) في " البداية والنهاية ": " أسفا " بدلا من " سفها ".
وتتمة الخبر في " تاريخ بغداد ": 5 / 258: " فقال محمد بن
داود: كيف السبيل إلى استرجاع هذا ؟ فقال القاضي أبو عمر:
هيهات: سارت به الركبان ".
وانظر الابيات في: " المنتظم ": 6 / 94، و " الوافي
بالوفيات ": 3 / 58 - 59، و " البداية والنهاية ": 11 /
111.
(3) تاريخ بغداد: 5 / 259.
(4) المصدر السابق: 5 / 260.
(*)
(13/112)
فقلت: ما منعك من الاستمتاع به، مع القدرة عليه ؟ قال:
الاستمتاع على وجهين، أحدهما: النظر، وهو أورثني ما ترى،
والثاني: اللذة المحظورة، ومنعني منها ما حدثني به أبي،
حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر، عن أبي يحيى، عن
مجاهد، عن ابن عباس، رفعه، قال: " من عشق، وعف، وكتم،
وصبر، غفر الله له، وأدخله الجنة " (1).
ثم أنشد لنفسه: انظر إلى السحر يجري في لواحظه * وانظر إلى
دعج في طرفه الساجي (2) وانظر إلى شعرات فوق عارضه * كأنهن
نمال دب في عاج (3) قال نفطويه: ومات من ليلته، أو في
اليوم الثاني.
رواها جماعة، عن نفطويه.
قال أبو زيد، علي بن محمد: كنت عند يحيى بن معين، فذكرت له
حديثا سمعته من سويد بن سعيد، فذكر الحديث المذكور، فقال:
والله لو كان عندي فرس ورمح لغزوت سويدا في هذا الحديث
(4).
قلت: هو مما نقموا على سويد.
__________
(1) هذا حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اتفق جهابذة المحدثين على ضعفه، وأعلوه بسويد بن عبد
العزيز، قال ابن معين عن سويد هذا: هو ساقط كذاب، لو كان
لي فرس ورمح كنت أغزوه.
وقال أحمد: متروك الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال البخاري: كان قد عمي فيلقن ما ليس من حديثه.
وقال ابن حبان: يأتي بالمعضلات عن الثقات يجب مجانبة ما
روى..والحديث في تاريخ بغداد: 5 / 156، 262، و: 6 / 50 -
51، و: 13 / 184.
وقد بسط الكلام عليه العلامة ابن القيم في " زاد المعاد ":
4 / 275 - 278، وفي روضة المحبين: 182.
(2) الدعج: بفتح الدال والعين: شدة سواد العين مع سعتها.
وطرف ساج: ساكن.
(3) تاريخ بغداد: 5 / 262.
(4) انظر: الوافي بالوفيات: 3 / 60.
(*)
(13/113)
قال [...] (1) توفي أبو بكر في عاشر رمضان، سنة سبع وتسعين
ومئتين.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم (2)، عن الكندي، وقرأت على أبي
الحسن علي بن الموفق الشافعي: أخبركم محمد بن علي بن
النشبي، قال: أخبرنا زيد بن الحسن الكندي، أخبرنا علي بن
هبة الله الكاتب، سمعت أبا إسحاق الشيرازي يقول: ثم انتهى
الفقه بعد ذلك، في جميع البلاد التي انتهى إليها الاسلام،
إلى أصحاب الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وداود،
وانتشر عنهم الفقه في الآفاق، وقام بنصرة مذاهبهم أئمة
ينتسبون إليهم، وينصرون أقوالهم.
وبه: قال أبو إسحاق - رحمه الله -: وأما داود: فقام بنقل
فقهه جماعة من أصحابه، منهم: ابنه أبو بكر محمد، وكان
فقيها أديبا شاعرا ظريفا، وكان يناظر إمام أصحابنا، أبا
العباس بن سريج، وخلف أباه في حلقته...وسمعت شيخنا القاضي
أبا الطيب [ الطبري ] يقول: سمعت أبا العباس الخضري (3)
قال: كنت جالسا عند أبي بكر محمد بن داود، فجاءته امرأة،
فقالت: ما تقول في رجل له زوجة، لا هو يمسكها، ولا هو
يطلقها ؟ فقال أبو بكر: اختلف في ذلك أهل العلم، فقال
قائلون: تؤمر بالصبر والاحتساب، وتبعث على الطلب
والاكتساب.
وقال قائلون: يؤمر بالانفاق، وإلا حمل على الطلاق.
فلم تفهم المرأة قوله، فأعادت سؤالها
__________
(1) ما بين معقوفين بياض لم نتبينه.
(2) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 107.
(3) الخضري، بضم الخاء وفتح الضاد: نسبة إلى بيع البقل،
وفي الاصل: " الحضري " وهو تحريف.
انظر: " الاكمال " 3 / 256، والمشتبه للمؤلف 1 / 238،
وتبصير المنتبه: 505، وتوضيح المشتبه 1 / 205 / 2.
(*)
(13/114)
عليه، فقال: يا هذه قد أجبتك...ولست بسلطان [ فأمضي، ولا
قاض ] فأقضي، ولا زوج فأرضي، فانصرفي (1).
قال لنا أبو العباس بن الظاهري، عن ابن النجار قال: وهب بن
جامع ابن وهب العطار الصيدلاني، صاحب محمد بن داود، كان قد
أحبه، وشعف به، حتى مات من حبه، ومن أجله صنف كتاب: "
الزهرة ".
حدث عن ابن داود: محمد بن موسى البربري، روى عنه ابنه
قاسم.
أنبأنا أحمد بن سلامة (2)، عن أحمد بن محمد التيمي، أنبأنا
عبد الغفار بن محمد النيسابوري، أخبرنا عبد الكريم بن محمد
بن أحمد الشيرازي الحافظ، سنة سبع وأربعين وأربع مئة
بالدامغان (3)، حدثنا الجد محمد بن جعفر الظاهري، حدثنا
أحمد بن محمد بن صالح المنصوري القاضي، أخبرنا القاسم بن
وهب الداوودي، حدثني وهب بن جامع العطار، حدثنا أبو بكر
محمد بن داود بن علي، حدثنا أبو سعيد البصري، حدثنا معاذ
بن هشام، حدثنا أبي، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الاسود،
عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرضيع: "
ينضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية " (4).
__________
(1) طبقات الفقهاء: 175 - 176، والزيادة منه.
وتتمة الخبر فيه: " قال: فانصرفت المرأة ولم تفهم جوابه ".
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) دامغان: بلد كبير بين الري ونيسابور.
(انظر معجم ياقوت).
(4) صحيح.
وأخرجه الترمذي: (610)، وابن خزيمة: (284)، وابن حبان:
(247)، ثلاثتهم من طريق بندار محمد بن بشار عن معاذ بن
هشام بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد: 1 / 97، من طريق معاذ بن هشام، به، وأخرجه
أيضا: 1 / 76 و 137، من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن
هشام، عن قتادة، به.
وأخرجه أبو داود: (377)، من طريق = (*)
(13/115)
وقال عبد الكريم بن محمد الحافظ (1): حدثنا عبدالرحمن بن
الحسين الفارسي الواعظ إملاء بالري، حدثنا محمد بن إسماعيل
العلوي، حدثني جدي، سمعت وهب بن جامع العطار، صديق ابن
داود، قال: دخلت على المتقي لله: فسألني عن أبي بكر بن
داود.
هل رأيت منه ما تكره ؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين، إلا أني
بت عنده ليلة، فكان يكشف عن وجهي، ثم يقول: اللهم ! إنك
تعلم إني لاحبه، وإني لاراقبك فيه.
قال: فما بلغ من رعايتك من حقه ؟ قلت: دخلت الحمام، فلما
خرجت، نظرت في المرآة، فاستحسنت صورتي فوق ما أعهد، فغطيت
وجهي، وآليت أن لا ينظر إلى وجهي أحد قبله، وبادرت إليه،
فكشف وجهي، ففرح وسر، وقال: سبحان خالقه ومصوره، وتلا: *
(هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء) *...الآية (2).
__________
= مسدد عن يحيى عن ابن أبي عروبة، عن قتادة.
وأخرجه ابن ماجة: (525)، من طريقين عن معاذ بن هشام، عن
أبيه.
وفي الباب عن أم قيس بنت محصن عند مالك: 1 / 64، والبخاري:
1 / 281، ومسلم: (287)، وعن أبي السمح عن أبي داود: (376)،
والنسائي: 1 / 158، وابن
ماجه: (526)، وصححه ابن خزيمة: (283)، والحاكم: 1 / 166،
ووافقه الذهبي.
وعن لبابة بنت الحارث أم الفضل بن العباس بن عبدالمطلب عند
أبي داود: (375)، وأحمد: 6 / 339، وابن ماجه: (522)، وسنده
حسن، وصححه الحاكم 1 / 166، ووافقه الذهبي، وابن خزيمة:
(282).
(1) ترجمته في مشيخة الذهبي خ ق: 84، 85.
(2) الآية: 6، سورة آل عمران، وتتمتها: * (لا إله إلا هو
العزيز الحكيم) *.
وقد أوجز الصفدي الخبر في " الوافي بالوفيات ": 3 / 59،
وعقب عليه بقوله: " قلت: لو حضرتها لانشدت ابن جامع: لئن
تلف المضنى عليك صبابة * يحق له - والله - ذاك ويعذر (*)
(13/116)
57 - أبو إبراهيم الزهري * الامام، الرباني، الثقة، أبو
إبراهيم، أحمد بن سعد
بن الامام إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، ابن صاحب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن بن عوف الزهري العوفي
البغدادي، أخو عبيد الله بن سعد، وعبد الله بن سعد.
ولد سنة ثمان وتسعين ومئة.
ولم يلحق أخذ العلم عن أبيه، ولا عن عمه يعقوب بن إبراهيم.
سمع من: عفان، وعلي بن الجعد، ويحيى بن بكير، ويحيى بن
سليمان الجعفي، وعلي بن بحر القطان، ومحمد بن سلام الجمحي،
وعدة.
روى عنه: ابن صاعد، وأبو عبد الله المحاملي، وأبو عوانة في
" صحيحه "، في مواضع، فقال في بعضها: وكان من الابدال.
وآخر من روى عنه: إسماعيل الصفار.
قال الخطيب: كان مذكورا بالعلم والفضل، موصوفا بالصلاح
والزهد، من أهل بيت كلهم علماء ومحدثون (1).
قال عبيد الله بن عبدالرحمن الزهري: حدثني أبي، قال: مضى
عمي أبو إبراهيم إلى أحمد بن حنبل، فلما رآه وثب، وقال
إليه، وأكرمه، فلما أن مضى، قال له ابنه عبد الله: يا أبه
! شاب تعمل به هذا، وتقوم إليه ؟ قال: لا
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 181 - 183، طبقات الحنابلة: 1 / 46 -
47، المنتظم: 5 / 88 - 89.
والزهري، بضم الزاي، وسكون الهاء: نسبة إلى زهرة بن كلاب
بن مرة.
(اللباب).
(1) تاريخ بغداد: 4 / 181.
(*)
(13/117)
تعارضني في مثل هذا، ألا أقوم إلى ابن عبدالرحمن بن عوف ؟
(1).
قال ابن صاعد: كان ثقة.
وقال ابن المنادي: توفي في المحرم، سنة ثلاث وسبعين
ومئتين، رحمه الله.
قلت: وإنما احترمه الامام أحمد لشرفه ونسبه، ولتقواه
وفضله، فمن جمع العمل والعلم، فناهيك به !.
58 - أبو يونس الجمحي *
مفتي المدينة، الامام، أبو يونس، محمد بن أحمد بن يزيد بن
عبد الله ابن يزيد القرشي الجمحي، المدني، الفقيه،
المالكي.
تفقه بأصحاب مالك.
وحدث عن: إسحاق بن محمد الفروي، وإسماعيل بن أبي أويس،
وإبراهيم بن المنذر، وأبي مصعب، وبشر بن عبيس العطار،
وعدة.
روى عنه: زكريا الساجي، ويحيى بن الحسن العلوي النسابة،
وأبو بشر الدولابي، وأبو عوانة الاسفراييني، وابن أبي
حاتم، ومحمد بن إبراهيم الديبلي (2)، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق، كان مفتي المدينة.
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 183.
وفيه زيادات.
* الجرح والتعديل: 7 / 183، تهذيب الكمال: خ: 1160، تذهيب
التهذيب: خ: 3 / 180، تهذيب التهذيب: 9 / 24، خلاصة تذهيب
الكمال: 325.
(2) الديبلي، بفتح الدال، وسكون الياء، وضم الباء: نسبة
إلى ديبل: مدينة على ساحل البحر الهندي قريبة من السند.
(اللباب).
(*)
(13/118)
توفي في حدود السبعين ومئتين (1).
وقيل: إن أبا داود روى عنه، عن الحميدي.
ولم يصح ذلك، بل شيخ أبي داود هو: محمد بن أحمد بن أنس
القرشي النيسابوري، لقي أبا عبد الرحمن المقرئ، وأقرانه
بمكة.
59 - ومحمد بن أحمد بن حسين
[ ت ] (2) * ابن مدوية، القرشي الترمذي، يكنى أبا
عبدالرحمن.
حدث عن: القاسم بن الحكم العرني، وعبيد الله بن موسى،
وأسود ابن شاذان.
روى عنه: الترمذي، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو بكر بن أبي
داود، وآخرون وثقه ابن حبان.
ذكرته للتمييز، وإلا فهو أكبر من الجمحي.
60 - المنتظر * * الشريف، أبو
القاسم، محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي ابن
محمد الجواد بن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق
بن
__________
(1) وفي رواية " تهذيب التهذيب ": 9 / 24، أنه مات سنة
(255 ه).
(2) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
* تهذيب الكمال: خ: 1160، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 180،
تهذيب التهذيب: 9 / 21 - 22، خلاصة تذهيب الكمال: 325.
* * الوفيات: 4 / 176، عبر المؤلف: 2 / 31، أخبار سنة
(265)، شذرات الذهب: 2 / 150.
(*)
(13/119)
محمد الباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين الشهيد بن
الامام علي بن أبي طالب، العلوي الحسيني.
خاتمة الاثني عشر سيدا، الذين تدعي الامامية عصمتهم - ولا
عصمة إلا لنبي - ومحمد هذا هو الذي يزعمون أنه الخلف
الحجة، وأنه صاحب الزمان، وأنه صاحب السرداب بسامراء، وأنه
حي لا يموت، حتى يخرج، فيملا الارض عدلا وقسطا، كما ملئت
ظلما وجورا.
فوددنا ذلك - والله - وهم في انتظاره من أربع مئة وسبعين
سنة، ومن أحالك على غائب لم ينصفك، فكيف بمن أحال على
مستحيل ؟ ! والانصاف عزيز.
فنعوذ بالله من الجهل والهوى.
فمولانا الامام علي: من الخلفاء الراشدين، المشهود لهم
بالجنة - رضي الله عنه - نحبه أشد الحب، ولا ندعي عصمته،
ولا عصمة أبي بكر الصديق.
وابناه الحسن والحسين: فسبطا رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وسيدا شباب أهل الجنة، لو استخلفا لكانا أهلا لذلك.
وزين العابدين: كبير القدر، من سادة العلماء العاملين،
يصلح للامامة، وله نظراء، وغيره أكثر فتوى منه، وأكثر
رواية.
وكذلك ابنه أبو جعفر الباقر: سيد، إمام، فقيه، يصلح
للخلافة.
وكذا ولده جعفر الصادق: كبير الشأن، من أئمة العلم، كان
أولى بالامر من أبي جعفر المنصور.
وكان ولده موسى: كبير القدر، جيد العلم، أولى بالخلافة من
هارون، وله نظراء في الشرف والفضل.
(13/120)
وابنه علي بن موسى الرضا: كبير الشأن، له علم وبيان، ووقع
في النفوس، صيره المأمون ولي عهده لجلالته، فتوفي سنة ثلاث
ومئتين.
وابنه محمد الجواد: من سادة قومه، لم يبلغ رتبة آبائه في
العلم والفقه.
وكذلك ولده الملقب بالهادي: شريف جليل.
وكذلك ابنه الحسن بن علي العسكري.
رحمهم الله تعالى.
فأما محمد بن الحسن هذا: فنقل أبو محمد بن حزم: أن الحسن
مات عن غير عقب.
قال: وثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنا أخفاه.
وقيل: بل ولد له بعد موته، من أمة اسمها: نرجس، أو سوسن،
والاظهر عندهم أنها صقيل، وادعت الحمل بعد سيدها، فأوقف
ميراثه لذلك سبع سنين، ونازعها في ذلك أخوه جعفر بن علي،
فتعصب لها جماعة، وله آخرون، ثم انفش ذلك الحمل، وبطل،
فأخذ ميراث الحسن أخوه جعفر،
وأخ له.
وكان موت الحسن سنة ستين ومئتين...إلى أن قال: وزادت فتنة
الرافضة بصقيل وبدعواها، إلى أن حبسها المعتضد بعد نيف
وعشرين سنة من موت سيدها، وجعلت في قصره إلى أن ماتت في
دولة المقتدر.
قلت: ويزعمون أن محمدا دخل سردابا في بيت أبيه، وأمه تنظر
إليه، فلم يخرج إلى الساعة منه، وكان ابن تسع سنين.
وقيل دون ذلك.
قال ابن خلكان: وقيل: بل دخل، وله سبع عشرة سنة، في سنة
خمس وسبعين ومئتين، وقيل: بل في سنة خمس وستين، وأنه حي
(1).
__________
(1) انظر: وفيات الاعيان: 4 / 176.
(*)
(13/121)
نعوذ بالله من زوال العقل.
فلو فرضنا وقوع ذلك في الف الدهر، فمن الذي رآه ؟ ومن الذي
نعتمد عليه في إخباره بحياته ؟ ومن الذي نص لنا على عصمته،
وأنه يعلم كل شئ ؟ هذا هوس بين.
إن سلطناه على العقول ضلت وتحيرت، بل جوزت كل باطل.
أعاذنا الله وإياكم من الاحتجاج بالمحال والكذب، أو رد
الحق الصحيح كما هو ديدن الامامية.
وممن قال: إن الحسن العسكري لم يعقب: محمد بن جرير الطبري،
ويحيى بن صاعد، وناهيك بهما معرفة وثقة.
61 - يوسف بن بحر *
الامام، الرحال، أبو القاسم، التميمي، البغدادي، ثم
الطرابلسي، قاضي حمص، ثم نزل جبلة.
سمع: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وأبا النضر، وحجاج بن
محمد، والاسود بن عامر، ومروان بن محمد.
وعنه: ابن صاعد، ومحمد بن المسيب الارغياني، ومحمد بن
سليمان، أخو خيثمة، وابن أبي حاتم، وآخرون.
وروى الكثير.
وجاء عن خيثمة: أنه ارتحل إليه بعيد سنة سبعين ومئتين إلى
جبلة، فأسره الفرنج.
قال ابن عدي: ليس هو بالقوي [ رفع أحاديث و ]، أتى عن
الثقات بمناكير (1).
__________
* الجرح والتعديل: 9 / 219 - 220، تاريخ بغداد: 14 / 305 -
306، طبقات الحنابلة: 1 / 420، ميزان الاعتدال: 4 / 462 -
463، لسان الميزان: 6 / 318 - 319.
(1) الكامل لابن عدي: خ (الظاهرية): 4 / 359.
والزيادة منه.
(*)
(13/122)
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال مرة: ليس بالقوي.
62 - الخصاف * العلامة، شيخ
الحنفية، أبو بكر، أحمد بن عمرو بن مهير الشيباني،
الفقيه الحنفي، المحدث.
حدث عن: وهب بن جرير، وأبي عامر العقدي، والواقدي، وأبي
نعيم، وعمرو بن عاصم، وعارم، ومسلم بن إبراهيم، والقعنبي،
وخلق كثير.
ذكره ابن النجار في " تاريخه ".
وقال محمد بن إسحاق النديم (1): كان فاضلا صالحا، فارضا
حاسبا، عالما بالرأي، مقدما عند المهتدي بالله، حتى قال
الناس: هو ذا يحيي دولة أحمد بن أبي دواد (2).
ويقدم الجهمية (3).
صنف للمهتدي كتاب: " الخراج "، فلما قتل المهتدي، نهبت دار
الخصاف، وذهبت بعض كتبه.
__________
(1) الفهرست: المقالة السادسة: الفن الثاني، طبقات
الفقهاء: 114، الوافي بالوفيات: 7 / 266 - 267.
(1) الفهرست: المقالة السادسة: الفن الثاني: وفيه: " وكان
فقيها فارضا حاسبا، عالما بمذاهب أصحابه، متقدما عند
المهتدي، حتى قال الناس...".
(2) أبو عبد الله الايادي، قاضي القضاة.
توفي سنة - (240 ه).
قال الذهبي في " عبره ": 1 / 431: " كان فصيحا مفوها شاعرا
جوادا ممدحا رأسا في التجهم: وهو الذي شغب على الامام أحمد
بن حنبل وأفتى بقتله.
وقد مرض بالفالج قبل موته بنحو أربع سنين، ونكب وصودر ".
(3) أي المعتزلة.
(*)
(13/123)
صنف كتاب: " الحيل " (1)، وكتاب: " الشروط الكبير "، ثم
اختصره، و " الرضاع " و " أدب القاضي "، و " العصير
وأحكامه "، و " أحكام الوقوف "، و " ذرع الكعبة والمسجد
والقبر ".
ويذكر عنه زهد وورع، وأنه كان يأكل من صنعته، رحمه الله.
وقل ما روى، وكان قد قارب الثمانين.
مات ببغداد سنة إحدى وستين ومئتين.
63 - ابن المدبر * الوزير
الكبير، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد، بن عبيد الله
بن المدبر الضبي.
أحد البلغاء والشعراء، وزر للمعتمد.
وهو أخو أحمد بن المدبر،
ومحمد.
حكى عنه: علي الاخفش، وجعفر بن قدامة، وأبو بكر الصولي،
وغيرهم.
ولم يكن أحد من كتاب الترسل يقاربه في فنه وتوسعه، ولم يزل
عالي
__________
(1) وقد طبع بألمانيا، بعناية المستشرق الهولندي يوسف شخت.
والمتأمل في " الحيل " التي تضمنها هذا الكتاب يجدها من
النوع الذي يحتال به على التوصل إلى الحق، أو على دفع
الظلم بطريقة مباحة لم توضع موصلة لذلك ولكن قصد بها ذلك
التوصل، وليست من النوع المذموم الذي يقصد به هدم مقاصد
الشارع في التحليل أو التحريم، وتفويت الغاية السامية التي
يرمي إليها الشرع الاسلامي فيما يشرع من أحكام وتكاليف.
* تاريخ الطبري: 9 / 472 - 743، 477، و: 10 / 31، الاغاني:
22 / 151 - 185 (ط.
دار الثقافة - بيروت 1960 م)، معجم الادباء: 1 / 226 -
232، فوات الوفيات: 1 / 45 - 47، الوافي بالوفيات: 6 / 107
- 110.
(*)
(13/124)
المكانة إلى أن ندب إلى الوزارة، في سنة ثلاث وستين
ومئتين، فاستعفي لكثرة المطالبة بالمال.
وكان وافر الحشمة، كثير البذل، وفيه يقول أبو هفان (1).
يا ابن المدبر أنت علمت الورى * بذل النوال وهم به بخلاء
لو كان مثلك في البرية واحد * في الجود لم يك فيهم فقراء
(2) وله أخبار طويلة في " تاريخ " ابن النجار.
مات سنة تسع وسبعين ومئتين.
ومات أخوه أحمد بن المدبر (3)، أبو الحسن الكاتب السامري
سنة
__________
(1) هو: عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي، راوية،
عالم بالشعر والادب.
من آثاره المطبوعة كتاب " أخبار أبي نواس "، وله غيره.
توفي سنة (257 ه) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 9 / 370 -
371، معجم الادباء: 12 / 54 - 55، لسان الميزان: 3 / 249 -
250.
(2) البيتان في: الوافي بالوفيات: 6 / 107، وهما في مجلة
المورد العراقية: المجلد التاسع، العدد الاول ص: 187، حيث
جمع شعره فيها هلال ناجي، وفيها:: " آخر " بدل: واحد، و "
بينهم "، بدل: منهم، وانظر التخريج ثمت.
(3) ترجمته في: الوافي بالوفيات: 8 / 38 - 40، النجوم
الزاهرة: 3 / 43، تهذيب بدران: 2 / 62 - 65.
ومن طريف ما ذكر في ترجمته في " تهذيب بدران ": " قال
الابيوردي: كان ابن المدبر إذا مدحه شاعر ولم يرض شعره،
قال لغلامه نجح: امض به إلى المسجد الجامع، فلا تفارقه حتى
يصلي مئة ركعة ثم خله.
فتجافاه الشعراء إلا المفرد المجيد، فجاءه الجمل الشاعر،
فاستأذنه في النشيد، فقال له: قد عرفت الشرط، قال: نعم.
قال: فهات إذا.
فأنشده: أردنا في أبي حسن مديحا * كما بالمدح ينتجع الولاة
فقلنا: أكرم الثقلين طرا * ومن كفيه دجلة والفرات وقالوا:
يقبل المدحات لكن * جوائزه عليهن الصلاة فقلت لهم: وما
يغني عيالي * صلاتي إنما الشأن الزكاة فيأمر لي بكسر الصاد
منها * فتصبح لي الصلاة هي الصلاة = (*)
(13/125)
سبعين، قبله.
وكان ولي مساحة الشام للمتوكل، وكان بليغا مترسلا، صاحب
فنون، يصلح للقضاء.
وللبحتري فيه مدائح (1).
ثم ولي خراج مصر مع دمشق، ثم قبض عليه أحمد بن طولون،
وسجنه وعذبه، ثم طلبه، وقال: كيف حالك ؟ فقال: أخذك الله
من مأمنك يا عدو
الله.
فأمر بقتله.
وقيل: بل هلك في السجن.
ولابراهيم أخبار مع عريب المغنية، في تعشقه لها (2)، وأنها
بعد أن عجزت زارته يوما في جواريها، فوصلها بنحو من ألفي
دينار ذلك اليوم.
64 - السكري * العلامة،
البارع، شيخ الادب، أبو سعيد، الحسن بن الحسين بن
عبد الله بن عبدالرحمن بن العلاء بن أبي صفرة بن الامير
المهلب بن أبي صفرة، الازدي المهلبي السكري النحوي، صاحب
التصانيف.
سمع من: يحيى بن معين، وجماعة.
وأخذ العربية عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، وعمر بن
شبة.
__________
= فضحك وقال: من أين لك هذا ؟ فقلت: من قول أبي تمام: هن
الحمام فإن كسرت عيافة * من حائهن فإنهن حمام فاستطرفه
ووصله ".
(1) انظر: " ديوان البحتري " (ط.
دار المعارف بمصر): 1 / 37 - 38، و: 2 / 771 - 773، و: 3 /
1958 - 1961 وهي قصيدة في مدح الاخوين أحمد وإبراهيم، و: 4
/ 2228 - 2232 وهي كذلك في مدح الاخوين معا.
(2) انظر مثلا في: الاغاني: 22 / 156 - 157، و: 160 - 163.
* طبقات النحويين واللغويين للزبيدي: 183، الفهرست:
المقالة الثانية: الفن الثالث، تاريخ بغداد: 7 / 296 -
297، المنتظم: 5 / 97، معجم الادباء: 8 / 94 - 99، إنباه
الرواة: 1 / 291 - 293، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 56 -
57، بغية الوعاة: 1 / 502.
(*)
(13/126)
روى عنه: محمد بن أحمد الحكيمي، ومحمد بن عبدالملك
التاريخي (1)، وأبو سهل بن زياد.
وصنف التصانيف.
قال الخطيب: كان ثقة دينا صادقا، يقرئ القرآن، وانتشر عنه
شئ كثير من كتب الادب (2).
له كتاب: " الوحوش "، وكتاب: " النبات ".
وكان عجبا في معرفة أشعار العرب، ألف لجماعة منهم دواوين،
فجمع شعر أبي نواس، وشرحه في ثلاث مجلدات، ودون شعر امرئ
القيس، وشعر النابغتين، وديوان قيس بن الخطيم، وديوان
تميم، وديوان هذيل، وديوان الاعشى، وديوان زهير، وديوان
الاخطل، وديوان هدبة بن خشرم، وأشياء سوى ذلك (3).
مولده سنة اثنتي عشرة ومئتين، وتوفي سنة خمس وسبعين
ومئتين.
65 - سليمان بن وهب *
ابن سعيد بن عمرو بن حصين: الوزير الكبير، أبو أيوب
الحارثي، الكاتب.
مولده بسواد واسط.
__________
(1) التاريخي: نسبة إلى التاريخ والعناية به وجمعه.
(اللباب).
(2) تاريخ بغداد: 7 / 296.
(3) انظر: الفهرست: المقالة الثانية: الفن الثالث.
* تاريخ الطبري: 9 / 125، 128، 169، 532، 540، 541، 543،
و: 10 / 9، الاغاني: 23 / 3 - 18 (ط.
دار الثقافة - بيروت 1960)، المنتظم: 5 / 86، وفيات
الاعيان: 2 / 415 - 418، النجوم الزاهرة: 3 / 37.
(*)
(13/127)
وتأدب في صغره، وكتب للمأمون وهو حدث.
وتنقلت به الايام، إلى أن وزر للمهتدي سنة ست وخمسين، ثم
وزر بعد في سنة (263)
للمعتمد، فعزل بعد سنة.
وهو أخو الحسن بن وهب (1)، وكان جدهما سعيد نصرانيا، يكتب
في دواوين الخراج، ثم استخدم الفضل بن سهل وهبا، ونوه
بذكره، وولاه نظر فارس، فولد سليمان في سنة تسعين ومئة،
وأخوه أسن منه.
وسمع سليمان حديثا كثيرا.
وكتب المنسوب.
قال حسين بن علي الكاتب: سمعت سليمان بن وهب يقول: اطلع
أبو تمام وأنا أكتب، فقال لي: يا أبا أيوب ! كلامك ذوب
شعري.
قال جرير بن أحمد بن أبي دواد: كنا في مجلس المهتدي بالله،
فدفع إلى سليمان بن وهب كتابا، وقال: أجب عنه.
فلما قام، قال المهتدي: ما في صناعته له نظير، غير أنه
يفسد نفسه بشره فييه على المال.
وفي " تاريخ الوزراء "، لابي عبد الله الجهشياري، قال: كان
سليمان حسن الخلق، كريم الطبع، لين العشرة (2).
وقال أبو العباس بن الفرات: كان سليمان بن وهب أكتب خلق
الله يدا ولسانا.
قلت: إلا أنه قليل الخير، ذكر محمد بن الضحاك بن الخصيب
أنه رآه ؟ قرأ في مصحف: * (من كان يريد حرث الآخره) * [
الشورى: 10 ]
__________
(1) انظر أخباره في: الاغاني: 22 / 533 - 563.
(2) مطبوع من " الوزراء والكتاب " للجهشياري ينتهي عند
خلافة المأمون، وقد أشار الناشر في مقدمته إلى فقدان الجزء
الثاني الذي ينتهي بأخبار سنة (296 ه).
(*)
(13/128)
فقال: اللهم ! ائتني حرثي في الدنيا، ولا تجعل لي في
الآخرة من نصيب.
فأجيب دعاؤه.
وقال محرز الكاتب: كان لسليمان غلام يحبه، فاستهتر به (1)،
فألحت عليه امرأته، فأبعده.
قال الصولي: نكبه الموفق وصادره، فلم يوجد معه ما ظن فيه،
وجرت له بعد نكبات، فمات محبوسا في صفر سنة اثنتين وسبعين
ومئتين في وزارة صاعد بن مخلد.
وهو والد الوزير عبيد الله، وجد الوزير القاسم بن عبيد
الله، وأبوجد.
الوزير الحسين.
66 - الخبيث * هو طاغية الزنج،
علي بن محمد بن عبدالرحمن (2) العبدي، من عبد
القيس.
افترى، وزعم أنه من ولد زيد بن علي العلوي، وكان منجما
طرقيا ذكيا، حروريا (3) ماكرا، داهية منحلا، على رأي فجرة
الخوارج، يتستر
__________
(1) استهتر به: فتن به.
وهو على خلاف المتداول على ألسنة الناس اليوم بمعنى الهزء
والسخرية.
* تاريخ الطبري: 9 / 622 - 626، 636 - 642، 645 - 652، 654
- 661، الكامل لابن الاثير: 7 / 205 - 215، 235 - 237،
وحتى 406، ففي هذه الصفحات أخبار متفرقة عنه، وعن أعمال
الزنج ومحاربة الدولة لهم عبر المؤلف: 2 / 34 - 35، 37،
39، 41 - 43، البداية والنهاية: 11 / 41 - 45، شذرات
الذهب: 2 / 154 - 156.
(2) في " الكامل " لابن الاثير: 7 / 206: " ابن عبدالرحيم
".
(3) نسبة إلى الحرورية: وهم الخوارج الذين خالفوا عليا -
رضي الله عنه - بعد رجوعه من صفين إلى الكوفة، إذ انحا ؟
وا إلى " حروراء " موضع بظاهر الكوفة، وكان أول اجتماعهم
به، فسموا " الحروريه ".
(*)
(13/129)
بالانتماء إليهم، وإلا فالرجل دهري فيلسوف زنديق.
ظهر بالبصرة (1)، واستغوى عبيد الناس وأوباشهم، فتجمع له
كل لص ومريب، وكثروا، فشد بهم على أهل البصرة، وتم له ذلك،
واستباحوا البلد، واسترقوا الذرية، وملكوا، فانتدب لحربهم
عسكر المعتمد، فالتقى الفريقان، وانتصر الخبيث، واستفحل
بلاؤه، وطوى البلاد، وأباد العباد، وكاد أن يملك بغداد،
وجرت بينه وبين الجيش عدة مصافات (2)، وأنشأ مدينة سماها:
المختارة، في غاية الحصانة، وزاد جيشه على مئة ألف، ولو لا
زندقته ومروقه لاستولى على الممالك.
وقد سقت من فتنته في دولة المعتمد، وكانت أبامه اربع عشرة
سنة.
قال نفطويه: كان ؟ ؟ ؟ ؟، وربما كتب العوذ، فأخذه محمد بن
أبي عون: فحبسه، ثم أطلقه، فما لبث أن خرج واستغوى الزنج -
يعني: عبيد الناس والذين يكسحون ويزبلون (3) - فصار من
أمره ما صار وحافته الخلفاء، ثم أظفرهم الله به بعد حروب
تشيب النراصي.
وقتل ولله الحمد في سنة سبعين ومئتين، في صفر، وله ثمان
وأربعون سنة.
؟ ؟ ؟ ؟ أفردت أخباره ووقائعه لبلغت مجلدا.
وكان مفرط الشجاعة،
__________
(1) ؟ ؟ ؟ أول ظهوره سنة (255 ه).
انظر: " الكامل " لابن الاثير: 7 / 205، وما بعد.
(2) يقال: صف الجيش يصفه صفا، وصافه فهو مصاف: إذا رتب
صفوفه في مقابل صفوف العدو.
والمصاف، بفتح الميم، وتشديد الفاء: جمع مصف: وهو موضع
الحرب الذي يكون فيه الصفوف.
(3) الكسح: الكنس.
والكساحة: الكناسة.
ويزبلون، أي: يصلحون الارض بالزبل.
(*)
(13/130)
حر ؟ داهيه، قد استوعب ابن النجار سيرته.
رئي أبوه أنه بال في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- بولة أحرقت نصف الدنيا.
وكانت أم الخبيث تقول: لم يدع ابني أحدا عنده علم بالري
حتى خالطهم، ثم خرج إلى خراسان، فغاب عني سنتين، وجاء، ثم
غاب عني غيبته التي خرج فيها.
فورد علي كتابه من البصرة.
وبعث إلي بمال، فلم أقبله، لما صح عندي من سفكه للدماء،
وخرابه للمدن.
قلت: وكان أبوه داهية شيطانا كولده.
فقال علي: ؟ ضت وأنا غلام، فجلس أبي يعودني.
وقال لامي: ما خبره ؟ قالت: يموت، قال: فإذا مات، من ؟ ؟
رب البصرة ؟ قال: فبقي ذاك في قلبي.
وقيل.
مات أبوه بسامراء سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
فقال علي الشعر.
ومدح به.
وص ؟ ر كاتبا، ودخل في ادعاء الامامة وعلم المغيبات، وخاف،
فرح من سامراء إلى الري لميراث في سنة تسع وأربعين.
قلت.
بعد مصرع المتوكل واب ؟ ؟، وأولئك الخلفاء المستضعفين
المقتولين، نقض أمر الخلافة جدا، وطمع كل شيطان في التوثب،
وخرج الصفار بخراسان (1)، واتسعت ممالكه، وخرج هذا الخبيث
بالبصرة، وفعل ما فعل وهاجت الروم، وعظم الخطب.
ثم بعد سنوات ثارت القرامطة (2) والاعراب، وظهر بالمغرب
عبيد
__________
(1) كان خروج الصفار سنة (253 ه) في سجستان، وقضي عليه سنة
(265 ه) وهو:
؟ منوب بن الليث الصفار.
انظر أخباره في: " الكامل " لابن الاثير: 7 / 184 - 326.
(2) كان ابتداء أمر القرامطة سنة (278 ه) في الكوفة، وسنة
(286 ه) في البحرين = (*)
(13/131)
الله، الملقب بالمهدي، وتملك.
ثم دامت الدولة في ذرية الباطنية إلى دولة نور الدين، رحمه
الله.
فادعى بعد الخمسين هذا الخبيث بهجر (1) أنه علي بن محمد بن
الفضل بن حسين بن عبد الله (2) بن عباس بن علي بن أبي
طالب.
ودعا إلى نفسه، فمال إليه رئيس هجر، ونابذه قوم، فاقتتلوا،
فتحول إلى الاحساء، واعتصم ببني الشماس، وإنما قصد البحرين
لغباوة أهلها، ورواج المخاريق عليهم، فحل منهم محل نبي،
وصدقوه بمرة، ثم تنكروا له لدبره، فشخص إلى البادية يستغوي
الاعاريب (3) بنفوذ حيله، وشعوذته، واعتقدوا فيه أنه يعلم
منطق الطير، وجعل يغير على النواحي، ثم تمت له وقعة كبيرة،
هزم فهيا وقتل كبراء أتباعه، وكرهته العرب، فقصد البصرة،
فنزل في بنى ضبيعة، والتف عليه جماعة في سنة أربع وخمسين،
وطمع في ميل البصريين إليه، فأمر أربعة، فدخلوا الجامع
يدعونهم إلى طاعته، فلم يجبه أحد، بل وثب الجند إليهم،
فهرب، وأخذ أتباعه وابنه الكبير وأمه وبنته، فحبسوا.
وذهب إلى بغداد فأقام سنة يستغوي الناس ويضلهم، فاستمال
عدة من الحاكة بمخاريقه، والجهلة أسبق شئ إلى أرباب
الاحوال الشيطانية،
__________
= على يد أبي سعيد الجنابي، وسنة (289 ه) بالشام.
انظر أخبارهم في " الكامل " لابن الاثير: 7 / 444 - 449،
493 - 495، 498 - 500، 511 - 513، 523 - 526، 541 - 546،
548 - 552: و: 8 / 83 - 84، 143 - 144، 147 - 149، 155 -
156، 170 - 175،
181 - 182، 186 - 187، 207 - 208، 311، 486، و: 9 / 42 -
43، و: 10 / 313 - 323.
(1) هجر: مدينة في البحرين: (انظر ياقوت).
(2) في " الكامل " لابن الاثير: 7 / 206: " ابن الحسن بن
عبيد الله..." (3) انظر: الكامل: 7 / 206 - 207.
(*)
(13/132)
ومات متولي البصرة، وهاجت الاعراب بها، وفتحوا السجون،
فتخلص قومه (1) فبادر إلى البصرة في رمضان سنة خمس، وحوله
جماعة، واستجاب له عبيد زنوج للناس، فأفسدهم وجسرهم، وعمد
إلى جريدة، فكتب على خرقة عليها * (إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) * [ التوبة: 111
].
وكتب اسمه، وخرج بهم في السحر لليلتين بقيتا من رمضان في
ألف نفس، فخطبهم، وقال: أنتم الامراء وستملكون...ووعدهم،
ومناهم، ثم طلب أستاذيهم، وقال: أردت ضرب أعناقكم لاذيتكم
لهؤلاء الغلمان.
قالوا: هؤلاء أبقوا (2) ولا يبقون عليك ولا علينا.
فأمر غلمانهم، فبطحوهم، وضربوا كل واحد خمس مئة، وحلفهم
بالطلاق أن لا يعلموا أحدا بموضعه.
وقيل: كان ثم خمسة عشر ألف عبد يعملون في أموال مواليهم،
فأنذروا ساداتهم بما جرى، فقيدوهم، فأقبل حزبه، فكسروا
قيودهم، وضموهم إليه، فلما كان يوم الفطر ركز علمه (3)،
وصلى بهم العيد، وخطبهم، وأعلمهم أن الله يريد أن يمكن لهم
ويملكهم، وحلف لهم على ذلك (4)، ثم نزل، فصلى بهم.
ثم لم يزل ينهب ويغير، ويكثر جمعه من كل مائق (5) وقاطع
طريق،
حتى استفحل أمره، وعظمت فتنته، وغنم الخيول والسلاح،
والامتعة والاموال والمواشي.
وصار من الملوك.
وصار كلما حاربه عسكر وانهزموا،
__________
(1) انظر: الكامل: 7 / 208.
(2) أبق العبد: هرب.
(3) ركز علمه: غرزه في الارض.
(4) انظر: الكامل: 7 / 209.
(5) مائق: حاقد، والمأقة: الحقد.
(*)
(13/133)
فر إليه غلمان العسكر.
فحشد له أهل البصرة في ذي القعدة من العام.
والتقوا، فهزمهم، وقتل منهم مقتلة، ووقع رعبه في النفوس،
فوجه الخليفة جيشا، فما ؟ نعوا.
ثم أوقع بأهل الابلة (1) في سنة ست، وأحرقها، فسلم أهل
عبادان (2) بأيديهم، وسالموه، فأخذ عبيدهم وسلاحهم.
ثم أخذ الاهواز، فخافه أهل البصرة، وانجفلوا، فأخذها
بالسيف في شوال، سنة سبع وخمسين، وقت صلاة الجمعة، وهرب
جندها فأحرق الجامع بمن حوى، ولم تزل الحرب بينه وبين
الموفق ؟ جالا (3).
واستباح واسط في سنة أربع وستين، وحصل للخبيث جواهر
وأموال، فاستأثر بها، فأنكر عليه المتقشفون من أصحابه،
وذكروا له سيرة أبي بكر وعمر، فقال: ليس فيهما قدوة.
وادعى أنه هو عبد الله المذكور في: * (قل أوحي) * [ الجن:
1 ]، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يمتاز عليه
إلا بالنبوة.
وزعم أنه تكلم في المهد، صيح به: يا علي ! فقال: يا لبيك.
وكان يجمع اليهود والنصارى، يسألهم عما في التوراة
والانجيل من ذكره، وهم يسخرون منه، ويقرؤون له فصولا،
فيدعي أنها فيه، وزاد من
__________
(1) الابلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية
الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة.
وهي أقدم من البصرة (انظر ياقوت).
(2) عبادان، بفتح العين، وتشديد الباء المفتوحة: موضع تحت
البصرة، قرب البحر الملح.
(انظر ياقوت).
(3) في الاصل ؟ ؟ ؟ سجال ".
(*)
(13/134)
الافك، فنفرت منه قلوب خلق من أتباعه ومقت ؟ ؟ ه.
؟ ثم يجد لجيشه لما كثروا بدا من أرزاق، ؟ ؟ رر للجندي في
الشهر عشرة دنانير، فحسد قواده الفرسان، وشغل بإنشاء
الابنية، وفتر عن الزنج، فهموا بالفتك به.
وأنشأ القائد الشعراني مدينة منيعة، فأخذت، وهرب الشعراني.
وأنشأ سليمان بن جامع مدينة سماها: " المنصورة "، وحصنها
بخمسة خنادق (1)، وطولها فرسخ، فأخذت، ونجا ابن جامع.
وبقي الموفق يكرم كل من فر إليه، ويخلع عليهم.
وكتب إلى الخبيث يدعوه إلى التوبة من ادعاء مخاطبة
الملائكة، ومن تحريفه القرأن وضلالته، فما أجاب بشئ، وحصن
مدينته " المختارة " التي بنهر أبي الخصيب، حتى بقيت ضرب
بها المثل، ونصب فيها المجانيق والاسلحة بما بهر العقول،
وبها نحو مئتي ألف مقاتل، فما قدر عليها الجيش إلا
بالمطاولة، وأنشأ تلقاءها الموفق مدينة وسكنها، ولم يزل
إلى أن أخذ " المختارة " فهرب الخبيث إلى مضائق في نهر أبي
الخصيب، لا تصل إليها سفينة ولا فارس،
ثم برز في أبطاله، وقاتل أشد قتال، وهو يقول: وعزيمتي مثل
الحسام، وهمتي * نفس أصول بها كنفس القسور وإذا تنازعني
أقول لها اسكتي * قتل يريحك أو صعود المنبر (2)
__________
(1) في الاصل، " بخمس ".
(2) البيتان في مجلة " المورد " العراقية، المجلد الثالث،
العدد الثالث (1974 م)، ص 170، وقد جمع فيها الاستاذ أحمد
جاسم صاحب النجدي أشعار صاحب الزنج بين الصفحات: 167 -
174.
فلينظر تخريج شعره هناك.
(*)
(13/135)
قال أحمد بن داود بن الجراح الكاتب: وصاحب الزنج: هو علي
بن محمد بن عبدالرحيم بن رجب، من أهل الري، له حظ من
الادب، وهو القائل: أما والذي أسرى إلى ركن بيته * حراجيج
بالركبان مقورة حدبا (1) لادرعن الحرب حتى يقال لي * قضيت
ذمام الحرب فاعتجر الحربا (2) وله إلى الخليفة: بني عمنا
إنا وأنتم أنامل * تضمنها من راحتيها عقودها بني عمنا لا
توقدوا نار فتنة * بطئ على مر الزمان خمودها بني عمنا
وليتم الترك أمرنا * ونحن قديما أصلها وعديدها (3)
67 - الزيدي * الامير، صاحب
جرجان، الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن
بن زيد بن الحسن بن الامام علي بن أبي طالب العلوي.
فجده إسماعيل هو أخو الست نفيسة.
ظهر هذا في سنة خمسين ومئتين، وكثر جيشه، واستولى على
جرجان
__________
(1) حراجيج: ج.
حرجوج: وهي الناقة الجسيمة الطويلة.
مقورة، من الاقوار وهو: الاسترخاء في الجلد.
والحدب: جمع حدباء، وهي الناقة التي بدت حراقفها وعظم
ظهرها: (2) اعتجر بالعمامة: لفها على رأسه ورد طرفها على
وجهه.
والبيتان في مجلة " المورد ": مجلد 3 / عدد 3 / ص 168.
(3) الابيات في مجلة " المورد ": مجلد 3 / عدد 3 / ص 169.
وانظرها في: زهر الآداب: 1 / 288.
* تاريخ الطبري: 9 / 271 - 276، 666، الكامل لابن الاثير:
7 / 130 - 134، 407 - 408، عبر المؤلف: 2 / 19 - 20،
البداية والنهاية: 11 / 6، أخبار سنة (150) وما بعدها.
(*)
(13/136)
وتلك الناحية، واستفحل أمره، وهزم جيوش الخلفاء، ثم أخذ
الري، وصاهر الديلم، وتمكن، وعظم، وامتدت أيامه، إلى أن
توفي في شهر شعبان، سنة سبعين ومئتين.
فتملك بعده أخوه محمد بن زيد، فطالت أيامه، وظلم وعسف، إلى
أن قتل - رحمه الله - قبل التسعين ومئتين (1).
68 - خالد بن أحمد * الامير،
أبو الهيثم الذهلي (2)، صاحب ما وراء النهر: له
آثار حميدة ببخارى أكرم بها المحدثين وأعطاهم، وطلب من
البخاري أن يحدث بقصره " بالصحيح " ليسمعه أولاده، فأبى،
فتألم، وأخرجه من بخارى.
ثم إنه والى يعقوب الصفار، وخرج على ابن طاهر، ثم حج سنة
تسع وستين، فأخذ وسجن ببغداد حتى مات.
روى عن: ابن راهويه، وعبيد الله القواريري، وجماعة.
روى عنه: سهل بن شاذويه، وابن أبي حاتم، وابن عقدة، وأحمد
بن محمد المنكدري، وجماعة آخرهم عبدالرحمن بن حمدان
الجلاب.
وكان يمشي في الطلب ولا يركب، وأنفق في ذلك ألف ألف درهم.
مات سنة سبعين ومئتين.
__________
(1) كان مقتله سنة (287 ه).
انظر سبب ذلك في: " الكامل " لابن الاثير: 7 / 504 - 505.
* الجرح والتعديل: 3 / 322، تاريخ بغداد: 8 / 314 - 316،
المنتظم: 5 / 68، اللباب: 1 / 536.
(2) الذهلي، بضم الذال، سكون الهاء: نسبة إلى ذهل بن
شيبان.
(اللباب).
(*)
(13/137)
69 - كربزان (1) * المحدث، المعمر، البقية، أبو سعيد،
عبدالرحمن بن محمد
بن منصور الحارثي، البصري، ثم البغدادي، ولقبه كربزان،
بتقديم الراء.
سمع: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وسالم بن نوح،
ووهب بن جرير، وطائفة.
حدث عنه: ابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، وحمزة
الهاشمي، وأبو جعفر بن البختري، وعبد الله بن إسحاق
الخراساني، وعدة.
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، تكلموا فيه، وسألت أبي
عنه فقال: شيخ (2).
وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
قلت: مات يوم الاضحى سنة إحدى وسبعين ومئتين، من أبناء
التسعين.
وكربزان، بضم الكاف، ثم راء ساكنة، ثم موحدة مضمومة، ثم
زاي (3).
__________
* الجرح والتعديل: 5 / 283، تاريخ بغداد: 10 / 273 - 274،
ميزان الاعتدال: 2 / 586 - 587، عبر المؤلف: 2 / 48، طبقات
القراء لابن الجزري: 1 / 379، شذرات الذهب: 2 / 161.
(1) كتب في الجانب الايسر من الاصل ما نصه: " بكاف مشوبة
بقاف ".
وعلى الهامش ما نصه: " فائدة: إذا كانت الكاف مشوبة بقاف
أو غيرها من الحروف إذا كان مشوبا بغيره، فالامثل أن ننقط
تحته ثلاث نقط ليعلم ذلك ".
(2) الجرح والتعديل: 5 / 283.
(3) وقد ضبط خطأ بالقلم بفتح الباء، في المطبوع من " مشتبه
" المؤلف، و " تبصير " = (*)
(13/138)
وقع لي من عواليه.
وقد روى عنه أبو عوانة في " صحيحه ".
أخبرنا عز الدين إسماعيل بن عبدالرحمن المرداوي (1)،
أخبرنا الامام عبد الله بن أحمد سنة ست عشرة وست مئة،
أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق، أخبرنا عبد الله بن علي
الدقاق، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو جعفر محمد
بن عمرو الرزاز، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد بن منصور، حدثنا
يحيى بن سعيد القطان، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي العلاء
- أراه عن مطرف - عن عمران بن حصين، أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال له، أو لغيره: " هل صمت من سرار هذا الشهر
" ؟ قال: لا.
قال: " فإذا أفطر الناس، أو أفطرت فصم يومين " (2).
70 - محمد بن أحمد بن أبي
المثنى *
يحيى بن عيسى بن هلال، الحافظ، المفيد، شيخ الموصل، أبو
__________
= ابن حجر.
وتصحف إلى " كريزان " بالياء، في المطبوع من: " تاريخ
بغداد ": 10 / 273، و " ميزان الاعتدال ": 2 / 586.
(1) ترجمه الذهبي في (مشيخته ": خ: ق: 36.
(2) إسناده ضعيف لضعف صاحب الترجمة عبدالرحمن بن محمد.
لكنه متابع، فقد أخرجه مسلم: (1161) (200) في الصوم: باب
صوم سرر شعبان من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن
هارون، عن الجريري، عن أبي العلاء بهذا الاسناد وأخرجه
البخاري 4 / 200، في الصوم، باب الصوم من آخر الشهر،: من
طريقين عن غيلان بن جرير، عن مطرف، عن عمران بن حصين، عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله أو سأل رجلا وعمران
يسمع فقال: " يا فلان أما صمت سرر هذا الشهر..." وسرر
الشهر: آخره.
وأخرجه مسلم: (1161) في الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة
أيام من كل شهر، من طريق غيلان بن جرير، عن مطرف، عن عمران
بن حصين مرفوعا بلفظ: " أصمت من سرة هذا الشهر...".
وسرة الشهر، وسطه، وأخرجه أيضا: (1161) (199) من طريق هداب
بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن مطرف بن عمران
بلفظ: " أصمت من سرر شعبان...".
* طبقات الحنابلة: 1 / 263.
(*)
(13/139)
جعفر، التميمي الموصلي، نسيب أبي يعلى الموصلي، وخاله.
ولد سنة نيف وثمانين ومئة.
وسمع: أبا بكر السكوني، وعبد الوهاب بن عطاء، وجعفر بن
عون، ومحمد بن عبيد، وأخاه يعلى بن عبيد، وأبا النضر،
ومحمد بن القاسم الاسدي، وينزل إلى أحمد بن حنبل، ونحوه.
حدث عنه، ابن أخته أيو يعلى، ومحمد بن العباس بياع الطعام،
ويزيد
ابن محمد بن إياس الحافظ، وعبد الله بن جعفر بن إسحاق
الجابري، وآخرون.
وعامة " جزء " الجابري عنه.
قال ابن إياس: كان من أهل الفضل والفقه، ومن آدب من رأينا
من المحدثين.
كان أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين يكرمونه...إلى أن قال:
وكانت الرحلة إليه بالموصل بعد علي بن حرب، سمعته يقول:
خرج أحمد بن حنبل يوما، فقمت، فقال، أما علمت أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - قال: " من أحب أن يتمثل له الرجال
قياما فليتبوأ مقعده من النار " (1).
فقلت: إنما قمت إليك، ولم أقم لك، فاستحسن ذلك.
توفي في شوال سنة سبع وسبعين ومئتين.
أخبرنا ابن الخلال (2): أخبرنا ابن المقير، أخبرنا عبد
الحق، أخبرنا
__________
(1) حديث صحيح أخرجه أبو داود (5229) والترمذي (2775)،
والبخاري في " الادب المفرد " (997) وأحمد 4 / 93 و 100،
والطحاوي في " مشكل الآثار " 2 / 40، وأبو نعيم في تاريخ
أصبهان 1 / 219 من طرق عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مجلز
لاحق بن حميد، عن معاوية، وهذا سند صحيح.
(2) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة، (85)، ت: 2، عن " مشيخة
" المؤلف.
(*)
(13/140)
ابن العلاف، أخبرنا أبو الحسن الحمامي، حدثنا محمد بن
العباس، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي المثنى، حدثنا قبيصة،
عن سفيان، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال: " من حج فلم يرفث ولم يفسق،
رجع كما ولدته أمه ".
متفق عليه (1).
71 - علان * [ س ] (2) الامام،
الحافظ، المتقن، النبيل، أبو الحسن، علي بن عبدالرحمن
ابن محمد بن المغيرة المخزومي المصري، علان.
سمع، آدم بن أبي إياس، وخلاد بن يحيى، وسعيد بن أبي مريم،
وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبا صالح.
وعنه: أبو جعفر الطحاوي، وزكريا خياط السنة، وأبو علي بن
حبيب الحصائري، وأبو بكر بن زياد، وأبو علي بن فضالة،
وأحمد بن مسعود الزنبري (3)، ومحمد بن يوسف الهروي،
وآخرون.
قال الطحاوي: توفي في شعبان سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
قلت: أغفله ابن يونس.
__________
(1) أخرجه البخاري: 3 / 302، 304، في الحج: باب فضل الحج
المبرور، وباب قول الله تعالى: * (فلا رفث) *، وباب قول
الله عزوجل: * (ولا فسوق ولا جدال في الحج) *، ومسلم:
(1350) في الحج: باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 12 / 33، ب، اللباب: 2 / 367، تهذيب
الكمال: خ: 985 - 986، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 70، تهذيب
التهذيب: 7 / 360 - 361، خلاصة تذهيب الكمال: 276، وفيه
وفاته سنة (272).
(2) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(3) الزنبري، بفتح الزاي، وسكون النون، وفتح الباء.
(اللباب).
(*)
(13/141)
قال النسائي " في " اليوم والليلة ": حدثنا زكريا السجزي،
حدثنا علي ابن عبدالرحمن.
فذكر حديثا، وهو من أنزل ما للنسائي.
72 - النفيلي الصغير *
[ س ] (1)
الامام، المحدث، أبو محمد، علي بن عثمان، بن محمد بن سعيد
ابن عبد الله بن عثمان بن نفيل، النفيلي الحراني، نسيب أبي
جعفر الحافظ النفيلي.
سمع: يعلى بن عبيد، وعلي بن عياش، وخالد بن مخلد القطواني
(2)، وأبا مسهر الغساني، وعدة.
وعنه: النسائي، وقال: لا بأس به، ومحمود بن محمد الرافعي،
وابن صاعد، وأبو عوانة، والقاضي أبو محمد بن زبر، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
73 - الكلاعي * * [ س ] (3)
الشيخ، المحدث، الحافظ، أبو موسى، عمران بن بكار بن
راشد الكلاعي، البراد الحمصي، المؤذن.
__________
* طبقات الحنابلة: 1 / 229، تاريخ ابن عساكر: خ: 12 / 238
أ - ب، تهذيب الكمال: خ: 987، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 71،
تهذيب التهذيب: 7 / 364 - 365، خلاصة تذهيب الكمال: 276.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(2) القطواني، بفتح القاف والطاء والواو: نسبة إلى قطوان:
وهو موضعان أحدهما بالكوفة وإليه ينسب خالد بن مخلد.
(اللباب).
* * تهذيب الكمال: خ: 1057، تذهيب التهذيب: 3 / 113، تهذيب
التهذيب: 8 / 124، خلاصة تذهيب الكمال: 295.
(3) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/142)
سمع: محمد بن حمير السليحي (1)، وأبا المغيرة الخولاني،
وأحمد
ابن خالد الوهبي، وعتبة بن السكن، وأبا اليمان، ولم يرحل
في الحديث.
حدث عنه: النسائي، وقال: ثقة، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو
عوانة، وأبو محمد بن زبر، وخيثمة بن سليمان، وآخرون.
توفي أيضا سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
74 - القنطري * [ ق ] (2)
الامام المحدث، أبو الحسن، علي بن داود بن يزيد
التميمي، البغدادي، القنطري، الادمي الحافظ.
سمع: محمد بن عبد الله الانصاري، وآدم بن أبي إياس، وعبد
الله بن صالح الكاتب، وسعيد بن أبي مريم، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن ماجة، وإبراهيم الحربي، رفيقه، والهيثم
الشاشي (3)، ومحمد بن أحمد الحكمي، وإسماعيل الصفار،
وآخرون.
وثقه أبو بكر الخطيب (4).
توفي سنة اثنتين، أيضا، وسبعين ومئتين.
__________
(1) السليحي: ضبطت في الاصل بفتح السين.
وجاء في " اللباب ": 2 / 131: أنها بضم السين، وفتح اللام،
وسكون الياء، وقيل: بفتح السين وكسر اللام: وهي إلى سليح
بطن من قضاعة.
* الجرح والتعديل: 6 / 185، تاريخ بغداد: 11 / 424 - 425،
المنتظم: 5 / 87، تهذيب الكمال: خ: 968، تذهيب التهذيب: خ:
3 / 61، تهذيب التهذيب: 7 / 317، خلاصة تذهيب الكمال: 273.
(2) زيادة من " التقريب ".
(3) الشاشي: نسبة إلى الشاش، وهي مدينة وراء نهر سيحون.
(اللباب).
(4) تاريخ بغداد: 11 / 424.
(*)
(13/143)
75 - الوراق * الامام، الحجة، الورع، الغازي، فارس
الاسلام، عيسى بن جعفر
الوراق البغدادي.
سمع: أبا بدر، وشبابة.
وعنه: المحاملي، وابن المنادي، وإسماعيل الصفار.
توفي سنة اثنتين (1) أيضا.
76 - العطار * * الشيخ،
المحدث، الحجة، أبو علي، الحسن بن إسحاق بن يزيد
البغدادي العطار.
يروي عن: عمر بن شبيب المسلي، وزيد بن الحباب، والحسن بن
موسى الاشيب، ومحمد بن بكير الحضرمي، وأبي نعيم، وعدة.
روى عنه، محمد بن مخلد، وأبو العباس الاصم، وإسماعيل
الصفار.
وقال الخطيب: ثقة (2).
قال ابن قانع: مات في صفر سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
الخطيب: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي، قال: حدثنا الاصم، حدثنا
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 168 - 169، طبقات الحنابلة: 1 / 247 -
248.
(1) أي: سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
* * تاريخ بغداد: 7 / 286، المنتظم: 5 / 86.
(2) تاريخ بغداد: 7 / 286.
(*)
(13/144)
الحسن بن إسحاق العطار، قال: سمعت عبدالرحمن بن هارون،
يقول: كنا في البحر سائرين إلى إفريقية، قال: فركدت علينا
الريح، فأرسينا إلى موضع يقال له: البرطون، ومعنا صبي
صقلبي يقال له: أيمن، معه شص (1) يصطاد به السمك، فاصطاد
سمكة نحوا من شبر، أو أقل، فكان على صنيفته اليمنى مكتوب:
لا إله إلا الله.
وعلى قذالها (2) وصنيفة أذنها اليسرى مكتوب: محمد رسول
الله.
وكان أبين من نقش على حجر، وكانت السمكة بيضاء، والكتابة
سوداء، كأنه كتب بحبر، قال، فقذفناها في البحر، ومنع الناس
أن يصيدوا من ذلك الموضع حتى أوغلنا (3).
أنبأنا المسلم بن محمد: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز،
أخبرنا أبو بكر الخطيب، فذكرها.
77 - إبراهيم بن أورمة
* الامام، الحافظ، البارع، أبو إسحاق الاصبهاني، مفيد
الجماعة ببغداد.
حدث عن: محمد بن بكار بن الريان، وصالح بن حاتم بن وردان،
وعاصم بن النضر، وعبيدالله بن معاذ، وعباس العنبري، وعمرو
بن علي الفلاس، وطبقتهم.
__________
(1) في الاصل: " شيص " ومعناه: ردئ التمر.
وهذا لا يستقيم مع سياق الكلام.
والشص، بكسر الشين وفتحها، وتشديد الصاد: حديدة عقفاء يصاد
بها السمك.
(2) القذال: جماع مؤخر الرأس.
(3) تاريخ بغداد: 7 / 286.
* الجرح والتعديل: 2 / 88، تاريخ بغداد: 6 / 42 - 44،
المنتظم: 5 / 56 - 57، تذكرة الحفاظ: 2 / 628 - 629، عبر
المؤلف، 2 / 33، طبقات الحفاظ، 277، شذرات
الذهب: 2 / 151.
(*)
(13/145)
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن يحيى بن مندة،
وأبو بكر ابن الباغندي، وآخرون.
قال الدارقطني، هو ثقة، حافظ نبيل.
وقال أبو الحسين: بن المنادي: ما رأينا في معناه مثله، مرض
وكان ينتخب على عباس الدوري.
قال أبو نعيم الحافظ: فاق إبراهيم بن أورمة أهل عصره في
المعرفة والحفظ، وأقام بالعراق يكتبون بفائدته.
قلت: لم ينتشر حديثه، لانه مات قبل محل الرواية.
عاش خمسا وخمسين سنة.
قال ابن المنادي: مات في أواخر سنة ست وستين ومئتين رحمه
الله.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم (1)، أخبرنا ابن الحرستاني،
أخبرنا ابن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن جميع،
حدثنا طاهر بن محمد بالبصرة، حدثنا الحسن بن علي السراج،
حدثنا إبراهيم بن أورمة، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا
أبي، حدثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس - رضي
الله عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن الوصال
" (2).
__________
(1) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 107.
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه من حديث أنس أحمد: 3 / 170، و 173، و 202، و 218، و
235، و 247، و 276، و 289، والبخاري: 4 / 176، في الصوم:
باب الوصال، ومسلم: (1104)، في الصيام: باب النهي عن
الوصال في الصوم، والدارمي: 2 / 8، والترمذي: (778):
والوصال: هو المواصلة في الصوم، بأن يصوم يومين أو ثلاثة
لا يفطر فيها.
(*)
(13/146)
78 - سليمان بن سيف
* [ س ] (1) ابن يحيى بن درهم: الحافظ، الكبير، أبو داود،
الحراني، الطائي، مولاهم، محدث حران.
سمع: يزيد بن هارون، وجعفر بن عون، وسعيد بن عامر، وبكر بن
عبد الله السهمي، والحسن بن محمد بن أعين، ووهب بن جرير،
ومحاضر ابن المورع، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وطبقتهم.
وعني بالعلم الشريف، وبرع فيه.
وجوده.
روى عنه: النسائي كثيرا، وقال: ثقة.
وأبو عروبة، وأبو عوانة، ومكحول البيروتي، وأبو نعيم بن
عدي، ومحمد بن المسيب الارغياني، وأبو علي محمد بن سعيد
الحراني، وأحمد بن عمرو الرملي، وهاشم بن أحمد بن مسرور،
وحفيده أحمد بن محمد بن سليمان، وعدة.
قال ابن عقدة: مات في شعبان سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد
حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا أبو نصر بن طلاب،
أخبرنا أبو الحسن بن جميع، حدثنا هاشم بن أحمد أبو الوليد
النصيبي، حدثنا سليمان بن سيف، حدثنا أبو عتاب سهل بن
حماد، حدثنا عزرة بن ثابت، عن عمرو ابن دينار: حدثني ابن
عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "
تابعوا بين
__________
* الجرح والتعديل: 4 / 122، تهذيب الكمال: خ: 542 - 543،
تذهيب التهذيب: خ: 2 / 50، تذكرة الحفاظ: 2 / 593 - 594،
عبر المؤلف: 2 / 50، تهذيب التهذيب: 4 / 199، طبقات
الحفاظ: 262، خلاصة تذهيب الكمال: 152، شذرات الذهب: 2 /
162.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/147)
الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي
الكير خبث الحديد " (1).
هذا حديث حسن عال من الموافقات، أخرجه النسائي عن سليمان
ابن سيف.
ومات فيها: أحمد بن عبد الجبار العطاردي (2)، وأحمد بن
عصام (3)، وأبو عتبة الحجازي (4)، وأحمد بن مهدي بن رستم
(5)، ومحمد ابن عبد الوهاب الفراء (6)، ومحمد بن عبيد بن
المنادي (7)، ومحمد بن عوف الطائي (8).
79 - محمد بن شداد *
ابن عيسى: الشيخ المعمر، المسند، أبو يعلى المسمعي البصري،
ثم البغدادي، المتكلم المعتزلي، الملقب بزرقان.
آخر من حدث عن يحيى بن سعيد القطان، وأبي زكير يحيى بن
محمد المدني.
__________
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي: 5 / 115، في الحج: باب فضل المتابعة بين
الحج والعمرة، من طريق أبي داود حدثنا أبو عتاب، بهذا
الاسناد.
وفي الباب عن ابن مسعود عند الترمذي: (810)، والنسائي: 5 /
115، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان: (967).
وعن عمر عند ابن ماجة: (2887)، واحمد، 1 / 25.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (55)، برقم: (43) (3) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (41)، برقم: (25) (4) تقدمت الاشارة
إليه في الصفحة: (58)، ت: (2) (5) تقدمت الاشارة إليه في
الصفحة، (58)، ت: (3)
(6) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (58)، ت: (6) (7) تقدمت
الاشارة إليه في الصفحة: (58)، ت: (7) (8) تقدمت الاشارة
إليه في الصفحة: (58)، ت: (4) * اللباب: 3 / 212، تذكرة
الحفاظ: 2 / 602، في نهاية ترجمة الديرعاقولي، ميزان
الاعتدال: 3 / 579، الوافي بالوفيات: 3 / 148 - 149.
(*)
(13/148)
وحدث عن: عباد بن صهيب، وروح بن عبادة، وجماعة.
حدث عنه: الحسين بن صفوان، ومكرم بن أحمد القاضي، وأبو بكر
الشافعي، وغيرهم.
قال أبو بكر البرقاني: ضعيف جدا، كان الدارقطني يقول: لا
يكتب حديثه.
قال أبو بكر الشافعي: مات سنة ثمان وسبعين ومئتين.
وقال أبو العباس بن عقدة: توفي سنة تسع وسبعين.
قلت: حديثه عال في " الغيلانيات " (1) بالمرة، فمن بلاياه:
قال: حدثنا أبو الهذيل العلاف، قال: أخذت ما أنا عليه من
العدل والتوحيد عن عثمان الطويل، وأخبرني أنه أخذه عن واصل
بن عطاء، وأخذه عن عبد الله ابن محمد بن الحنفية، وأخذه من
أبيه، وأخبره أنه أخذه عن أبيه علي، وأنه أخذه عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره أن جبريل نزل به عن
الله تعالى.
رواه جماعة عن زرقان، فهو متهم به.
80 - موسى بن سهل بن كثير
* المحدث، المعمر، أبوعمران البغدادي، الحرفي الوشاء، أحد
الضعفاء الذين يحتمل حالهم.
__________
(1) الغيلانيات: فوائد حديثيه من حديث أبي بكر محمد بن عبد
الله بن إبراهيم الشافعي المتوفى سنة (354 ه)، إملاء عن
شيوخه، رواية أبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان
البزار المتوفى سنة (354 ه).
(انظر: كشف الظنون: 2 / 1214).
* تاريخ بغداد: 13 / 48، ميزان الاعتدال 4 / 206، عبر
المؤلف: 2 / 60، تهذيب التهذيب: 10 / 348، لسان الميزان: 6
/ 119، شذارت الذهب، 2 / 172.
(*)
(13/149)
سمع: إسماعيل بن علية، وإسحاق الازرق، فكان آخر من حدث
عنهما.
وسمع أيضا من: أبي بدر السكوني، وعلي بن عاصم، ويزيد بن
هارون، وجماعة.
روى عنه: عثمان بن أحمد بن السماك، وأحمد بن عثمان الادمي،
وعمر بن الحسن الاشناني، وأبو بكر الشافعي، وآخرون.
ضعفه الدارقطني.
وقال البرقاني: ضعيف جدا.
قلت: حديثه أعلى شئ في " الغيلانيات " (1).
مات في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين ومئتين.
81 - ابن منيب * [ ق ] (2)
الامام، الحافظ، محدث مرو، أبو الدرداء، عبد العزيز
بن منيب ابن سلام المروزي.
حدث عن: عبيد الله بن موسى، وعثمان بن الهيثم المؤذن، وأبي
عبدالرحمن المقرئ، وعلي بن الحسين بن واقد، وعبدان بن
عثمان، وأصبغ بن الفرج، ويحيى بن بكير، وخلق.
وعنه: النسائي في: " اليوم واليلة "، وابن ماجه، فيما قاله
ابن
__________
(1) وقال في " الميزان " 4 / 206: " موسى بن سهل الوشاء
الذي حديثه في الغيلانيات " في السماء علوا ".
* الجرح والتعديل: 5 / 397 - 398، تاريخ بغداد: 10 / 450 -
451، تهذيب الكمال: خ: 846، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 244،
عبر المؤلف: 2 / 36، تهذيب التهذيب: 6 / 360 - 361، خلاصة
تذهيب الكمال: 241، شذرات الذهب: 2 / 153.
(2) زيادة من " التقريب ".
(*)
(13/150)
عساكر، ولم نره، والحسن بن سفيان، ومحمد بن عقيل البلخي،
والحسين المحاملي، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق.
قيل: توفي بعد سنة سبع وستين ومئتين.
وقيل: توفي فيها.
82 - ابن عبد الصمد * [ د، س ]
(1) الامام، المحدث، المتقن، أبو القاسم، يزيد بن محمد
بن عبد الصمد الدمشقي، مولى بني هاشم.
سمع: أبا مسهر، وأبا بكر الحميدي، وأبا اليمان، وأبا
الجماهر، وعبد الله بن يزيد بن راشد المقرئ، وآدم بن أبي
إياس، وسليمان بن حرب، ويحيى الوحاظي، ويسرة بن صفوان،
وطبقتهم.
وعنه: أبو داود، والنسائي، وأبو حاتم - وهو من أقرانه -
وأبو زرعة النصري رفيقه، وأبو علي الحصائري، وابن جوصا،
وأبو عوانة، وأبو العباس الاصم، وابن حذلم، وخلق، وابن أبي
حاتم، وقال: صدوق ثقة (2).
وقد اجتمع بالربيع المرادي فأكرمه، وأجلسه معه على سريره،
وألقى
__________
* الجرح والتعديل: 9 / 288 - 289، تاريخ ابن عساكر: خ: 18
/ 187 ب - 188 ب، تهذيب الكمال: خ: 1540 - 1541، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 180، عبر المؤلف: 2 / 58، أخبار سنة
(276)، تهذيب التهذيب: 11 / 357 - 358، وفيه وفاته سنة
(275 أو 276)، خلاصة تذهيب الكمال: 434، شذرات الذهب: 2 /
170، أخبار سنة (276).
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(2) الجرح والتعديل: 9 / 289.
(*)
(13/151)
عليه مسألة في الفقه، من كلام الشافعي، فأجابه بغير قول
الشافعي، فقال: يا أبا القاسم ! ينبغي لك أن تنظر في
الفقه.
قلت: مولده سنة ثمان وتسعين ومئة.
وتوفي بدمشق في شوال سنة (276).
ابنه: محمد بن يزيد (1): هو صاحب الجزء العالي الذي رواه
ابن غالب القواس.
توفي سنة تسع وتسعين ومئتين (2).
83 - الحوطي * [ س ] (3)
المحدث، العالم، أبو عبد الله، أحمد بن عبد الوهاب
بن نجدة الحوطي، الحمصي، نزيل مدينة جبلة.
سمع: أباه، وأحمد بن خالد الوهبي، وجنادة بن مروان، وأبا
المغيرة الخولاني، وعلي بن عياش، وجماعة روى عنه: النسائي
في: " اليوم والليلة "، وعلي بن سراج، وعبد
__________
(1) انظر ترجمته في: عبر المؤلف: 2 / 113، الوافي
بالوفيات: 5 / 220، شذرات
الذهب: 2 / 232.
(2) وقال الذهبي في " عبره ": " روى عن: صفوان بن صالح
وطبقته.
وكان صدوقا وقع لنا جزء من حديثه ".
* معجم البلدان: " حوط "، اللباب: 1 / 402، تهذيب الكمال:
خ: 31، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 19، تهذيب التهذيب: 1 / 58،
وفيه وفاته سنة (281)، خلاصة تذهيب الكمال: 9.
والحوطي، بفتح الحاء، وسكون الواو، وكسر الطاء: نسبة إلى
حوط.
قال صاحب " اللباب ": " والظن أنها من قرى حمص أو جبلة ".
(3) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/152)
الصمد بن سعيد القاضي، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة.
لقيه الطبراني في سنة تسع وسبعين ومئتين، فأكثر عنه.
و:
84 - أحمد بن عبدالرحيم
بن يزيد بن فصيل المحدث، أبو عبد الله الحوطي، نسيب الذي
قبله، سكن أيضا جبلة.
وروى عن: أبي المغيرة، وأبي اليمان، ومحمد بن مصعب
القرقساني (1)، وعلي بن عياش، وجماعة.
وعنه: أبو القاسم الطبراني، وجعفر بن محمد بن هشام،
وجماعة.
كان حيا في سنة تسع وسبعين أيضا.
85 - ابن الدورقي * عبد الله
بن أحمد بن إبراهيم بن كثير.
الامام، المحدث، أبو
العباس ابن الحافظ الدورقي.
حدث عن: عفان، ومسلم، وابن الوليد، وأحمد بن نصر الخزاعي،
وطائفة.
__________
(1) القرقساني، بفتح القافين وسكون الراء بينهما: نسبة إلى
قرقيسيا: مدينة على الفرات والخابور بالقرب من الرقة:
(اللباب).
* الجرح والتعديل: 5 / 6، تاريخ بغداد: 9 / 371 - 372،
الانساب: 5 / 354 - 355، المنتظم: 5 / 102، اللباب: 1 /
512.
والدورقي، بفتح الدال، وسكون الواو، وفتح الراء: نسبة إلى
شيئين: أحدهما بلد بخوزستان، والثاني إلى لبس القلانس
الدورقية، واختلف في نسبة عبد الله بن أحمد هذا إلى أيهما.
(انظر اللباب).
(*)
(13/153)
وعنه: محمد بن نجيح وأحمد بن خزيمة، وعبد الله بن إسحاق
الخراساني، وابن قانع، وأحمد بن جعفر بن حمدان السقطي (1).
قال ابن أبي حاتم: كتب إلي جزء من حديثه، وكان صدوقا (2).
وثقة الدارقطني.
توفي سنة (276).
ورخه جماعة في ربيع الاول منها.
86 - أبو معين * الحافظ
الامام، الحسين بن الحسن الرازي.
سمع: سعيد بن أبي مريم، وأبا سلمة موسى بن إسماعيل، وأبا
توبة، وأحمد بن يونس، ونعيم بن حماد، ويحيى بن معين،
وطبقتهم، وسمع " الموطأ " من يحيى بن بكير.
أخذ عنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم، وأبو نعيم بن عدي، ومحمد
ابن الفضل المحمد أباذي، وأحمد بن تشمرد، ويوسف بن إبراهيم
الهمذاني، وحفص بن عمر الاردبيلي، وآخرون.
قال أبو عبد الله الحاكم.
هو من كبار حفاظ الحديث.
وسماه ابن أبي حاتم كما قلنا.
وسماه أبو أحمد الحاكم في " الكنى " (3): محمد بن الحسين،
والاول أصح.
__________
(1) السقطي، بفتح السين والقاف، وكسر الطاء: نسبة إلى بيع
السقط، وهو رد: المتاع.
(انظر اللباب.
ولسان العرب) (2) الجرح والتعديل 5 / 6.
* الجرح والتعديل 50 3، تذكرة الحفاظ: 2 / 606 - 607، عبر
المؤلف: 2 / 49.
50، طبقات الحفاظ 269، شذرات الذهب: 2 / 162.
(3) وذكره المؤلف في: " المقتنى في الكنى ": خ: 72، ولم
يتعقبه كما فعل: ؟ ؟ ؟ ؟ (*)
(13/154)
توفي سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
أخبرنا عيسى بن أبي محمد (1)، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا
أبو طاهر السلفي، أخبرنا علي بن أحمد بسراي (2)، أخبرنا
عبد الله بن علي السفني بأردبيل، أخبرنا يحيى بن محمد
البزار، حدثنا حفص بن عمر الحافظ، حدثنا أبو معين الرازي،
حدثنا عبد السلام بن مطهر.
حدثنا حفص، عن هشام، عن الحسن، قال: قال صفوان (3): إذا
أكلت رغيفا سد بطني، وشربت كوزا من ماء، فعلى الدنيا
وأهلها العفاء.
87 - القومسي * الامام،
المحدث، الجوال، أبو عبد الله أحمد بن الخليل بن
حرب القرشي النوفلي، مولاهم القومسي.
حدث بأصبهان عن: أبي النضر، وعبيد الله بن موسى، وأبي عبد
الرحمن المقرئ، ومعلى بن أسد.
وعنه: محمد بن إبراهيم بن يزيد الزهري، والفضل بن الخصيب،
وعمر بن عبد الله بن حسن، وآخرون.
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 110.
(2) كذا الاصل، بالياء وفي تذكرة الحفاظ: 2 / 607: " بسراة
" بالهاء، وانظر معجم البلدان: (سراو) و (سراة).
(3) يغلب على الظن أنه أبو عبد الله صفوان بن سليم الزهري
المدني، الامام الثقة الحافظ الفقيه الذي تقدمت ترجمته في
الجزء الخامس: ص 364، من هذا الكتاب.
* الجرح والتعديل: 2 / 50، طبقات الحنابلة: 1 / 42، تهذيب
الكمال: خ: 21، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 10 - 11، ميزان
الاعتدال: 1 / 96، تهذيب التهذيب: 1 / 28 - 29، لسان
الميزان: 1 / 167.
والقومسي، بضم القاف وسكون الواو، وكسر الميم: نسبة إلى
قومس: مدينة كبيرة في ذيل جبال طبرستان.
(انظر: اللباب، وياقوت).
(*)
(13/155)
كذبه أبو زرعة، وأبو حاتم جميعا، وادعى لقي جماعة (1).
قال ابن مردويه، فيه لين.
88 - أبو الأحوص * [ ق
] (2) الامام، الحافظ، الثبت، قاضي عكبرى (3)، أبو عبد
الله، محمد ابن الهيثم بن حماد بن واقد، الثقفي مولاهم
البغدادي، المشهور بأبي الاحوص.
حدث عن: أبي نعيم، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء،
وسعيد بن أبي مريم، وعبد العزيز الاويسي، وموسى بن داود
الضبي، ومحمد بن كثير الصنعاني، وعارم، والقعنبي، وأبي
الوليد، وسعيد بن عفير، وأبي جعفر النفيلي، ومحمد بن عائذ
الكاتب، وطبقتهم.
وله رحلة واسعة، ومعرفة تامة.
روى عنه: ابن ماجة حديثا واحدا في الاستسقاء (4)، وموسى بن
هارون، وابن صاعد، وأبو عوانة، وعثمان بن السماك، وأبو بكر
النجاد، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر بن مالك الاسكافي،
وآخرون.
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل: 2 / 50.
* تاريخ بغداد: 3 / 362 - 364، تهذيب الكمال: خ: 1281،
تذهيب التهذيب: خ: 4 / 6، تذكرة الحفاظ: 2 / 605 - 606،
عبر المؤلف: 2 / 63، تهذيب التهذيب: 9 / 498 - 499، طبقات
الحفاظ: 263 - 264، خلاصة تذهيب الكمال: 362، شذرات
الذهب:: 2 / 175.
(2) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(3) عكبرى، بضم العين وسكون الكاف وفتح الباء والراء:
بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ.
(انظر: ياقوت، واللباب).
(4) رقم (1270)، وسيذكره المصنف بعد قليل.
(*)
(13/156)
قال أبو الحسن الدارقطني: كان من الحفاظ الثقات.
قلت: توفي بعكبرى في جمادى الاولى سنة تسع وسبعين ومئتين،
رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله (1)، أنبأنا القاسم بن أبي سعد،
أخبرنا أبو الاسعد القشيري، أخبرنا عبدالحميد بن
عبدالرحمن، (ح): وأخبرنا
أحمد، عن ابن السمعاني، أخبرنا عبد الله بن الفراوي،
أخبرنا عثمان بن محمد، قالا: أخبرنا أبو نعيم المهرجاني
(2)، أخبرنا أبو عوانة الحافظ، حدثنا أبو الأحوص قاضي
عكبرى، ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا الحسن ابن الربيع،
حدثنا ابن إدريس، حدثنا حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن
عباس، قال: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله ! لقد جئتك من
عند قوم ما يتزود لهم راع، ولا يخطر (3) لهم فحل.
فصعد المنبر، فحمد الله، ثم قال: " اللهم اسقنا غيثا مغيثا
مريعا مريا طبقا غدقا عاجلا غير رائث ".
ثم نزل.
فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قال: قد أحيينا.
أخرجه ابن ماجة (4) عن أبي الاحوص.
__________
(1) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 21.
ونقلت بعضها في الصفحة: (46)، ت: 1.
(2) المهرجاني، بكسر الميم، وسكون الهاء، وفتح الراء
والجيم: نسبة إلى شيئين: أحدهما مدينة أسفرايين، ويقال
لها: المهرجان.
والثاني: الجد.
(اللباب.
وانظر: ياقوت).
(3) لا يخطر لهم فحل: أي: ما يحرك ذنبه هزالا لشدة القحط
والجدب.
يقال: خطر البعير بذنبه يخطر: إذا رفعه ومطه.
وإنما يفعل ذلك عند الشبع والسمن.
(4) رقم: (1270)، باب ما جاء في الدعاء في الاستسقاء.
قال البوصيري في " الزوائد ": ورقة 81: " وهذا إسناد صحيح
رجاله ثقات ".
كذا قال مع أن حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن.
(*)
(13/157)
89 - الصائغ * العلامة، الثقه، أبو محمد، القاسم بن الحسن
الهمداني البغدادي، المتكلم، ويعرف بالصائغ.
سمع: يزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمي.
وعنه: ابن مجاهد، والهيثم الشاشي، وعلي بن إسحاق
المادرائي، وآخرون.
وثقه الخطيب (1).
وتوفي بمصر في سنة اثنتين وسبعين ومئتين (2).
هذا لا أعرفه.
90 - القزويني * * كثير بن
شهاب القزويني: أحد علماء الحديث.
روى عن: محمد بن سابق القزويني، وعبد الله بن الجراح.
وعنه: محمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، وأبو جعفر بن
البختري، وأبو الحسن القطان.
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 432 - 433.
(1) تاريخ بغداد: 12 / 432.
(2) في تاريخ بغداد: " مات في سنة اثنتين وسبعين ومئتين في
الجانب الشرقي في شارع باب الخراسان حذاء منزل بني إشكاب.
وقال ابن قانع: انه مات بمصر ".
ولعل الذهبي قصد بقوله: " هذا لا أعرفه " وفاته بمصر، لا
أنه يجهل المترجم، إذ وصفه بكونه ثقة في بداية الترجمة،
ونقل عن الخطيب توثيقه.
* * الجرح والتعديل: 7 / 153، تاريخ بغداد: 12 / 484 -
485.
(*)
(13/158)
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: صدوق، كتبت عنه بقزوين (1).
قلت: مات أيضا سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
91 - ترنجة * الامام، الحافظ،
أبو إسحاق، إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن سهل
القرشي، مولاهم الكوفي، نزيل مصر.
حدث عن: جعفر بن عون، ومحمد بن القاسم الاسدي، وأبي نعيم،
وطلق بن غنام، وإسحاق السلولي، وسعيد بن أبي مريم، وخلق.
روى عنه: ابن خزيمة، والطحاوي، وابن زياد النيسابوري، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم، وقال: هو صدوق (2).
وقال ابن يونس: أصابه فالج، ثم مات بعد يسير، في جمادى
الاولى سنة سبعين ومئتين.
92 - علي بن سهل * *
ابن المغيرة: المحدث، الامام، الثقة، أبو الحسن النسائي،
ثم البغدادي البزاز.
__________
(1) الجرح والتعديل: 7 / 153.
* الجرح والتعديل: 2 / 158، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 413 ب
- 414 أ، تهذيب بدر ؟ ن: 3 / 16 - 17.
(2) الجرح والتعديل: 2 / 8 ؟.
* * الجرح والتعديل: 6 / 189، تاريخ بغداد: 11 / 429 -
430، طبقات الحنابلة: 1 / 225، المنتظم: 5 / 83، تهذيب
الكمال: خ: 972، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 63، ميزان
الاعتدال: 3 / 131، تهذيب التهذيب: 7 / 329 - 330، خلاصة
تذهيب الكمال: 274.
(*)
(13/159)
سمع: أبا بدر السكوني، وعبد الوهاب بن عطاء، ومحمد بن
عبيد، ويحيى بن أبي بكير، وعبيد الله بن موسى، وعدة.
وعنه: ابن صاعد، وعلي بن عبيد الحافظ، ومحمد بن أحمد
الحكيمي، وإسماعيل الصفار، وجماعة.
قال ابن أبي حاتم: صدوق (1).
قلت: توفي في صفر سنة إحدى وسبعين ومئتين.
ومر: علي بن سهل الرملي (2)، وأخوه.
93 - ابن الطباع * المحدث،
الصادق، المسند، أبو بكر، محمد بن يوسف، بن عيسى
ابن الطباع.
حدث عن: يزيد بن هارون، ومحمد بن مصعب القرقساني وعبيد
الله ابن موسى، وطبقتهم.
وعنه: القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأحمد بن عثمان
الادمي، ومحمد بن العباس، بن نجيح، وآخرون.
وثقه الخطيب (3).
وقال الدارقطني: صدوق.
__________
(1) المصدر السابق: 6 / 189.
(2) وردت ترجمته في الجزء الثاني عشر من هذا الكتاب، ترجمة
رقم (145).
* تاريخ بغداد: 3 / 394 - 395، طبقات الحنابلة: 1 / 326،
الوافي بالوفيات: 5 / 243 - 244.
(3) تاريخ بغداد: 3 / 394.
(*)
(13/160)
توفي سنة ست وسبعين، وقيل: سنة خمس وسبعين ومئتين.
94 - أبو معشر * المنجم، جعفر
بن محمد البلخي: صاحب التصانيف في النجوم والهندسة.
قيل: كان محدثا، فمكر به، ودخل في النجوم، وقد صار ابن نيف
وأربعين، ثم جاوز المئة.
ومات في رمضان سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
وقد ضربه المستعين لكونه أصاب في أمر قبل أن يقع.
وصنف كتاب: " الزيج "، وكتاب " المواليد "، وكتاب "
القرانات "، وكتاب: " طبائع البلدان "، وأشياء كثيرة من
كتب الهذيان.
95 - الصائغ * * [ د ] (1)
الامام، المحدث، الثقة، شيخ الحرم، أبو جعفر، محمد بن
إسماعيل ابن سالم، القرشي، العباسي، مولى المهدي،
البغدادي، نزيل مكة.
سمع: أباه، وأبا أسامة، وأبا داود الحفري، وروح بن عبادة،
وحجاج ابن محمد الاعور، وعدة.
__________
* الفهرست: المقالة السابقة: الفن الثاني، وفيات الاعيان:
1 / 358 - 359، البداية والنهاية: 11 / 51، شذرات الذهب: 2
/ 161، أخبار سنة (271).
* * الجرح والتعديل: 7 / 190، تاريخ بغداد: 2 / 38 - 39،
المنتظم: 5 / 104، تهذيب الكمال: خ: 1173، تذهيب التهذيب:
خ: 3 / 189، تهذيب التهذيب: 9 / 58، خلاصة تذهيب الكمال:
327.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب " (*)
(13/161)
حدث عنه: أبو داود، وابن صاعد، وابن أبي حاتم.
وخلق آخرهم عبد الله بن الحسن بن بندار، شيخ أبي نعيم
الحافظ.
قال ابن أبي حاتم: صدوق (1).
قلت: كان من أبناء التسعين.
مات في جمادى الاولى سنة ست وسبعين ومئتين.
وكان والده الحافظ أبو محمد إسماعيل بن سالم بن دينار (2)،
من شيوخ مسلم، الذين روى عنهم في " صحيحه "، لقي عباد بن
عباد، وهشيما.
96 - البلاذري * العلامة،
الاديب، المصنف، أبو بكر، أحمد بن يحيى بن جابر
البغدادي البلاذري، الكاتب، صاحب " التاريخ الكبير ".
سمع: هوذة بن خليفة، وعبد الله بن صالح العجلي، وعفان،
وأبا عبيد، وعلي بن المديني، وخلف بن هشام، وشيبان بن
فروخ.
وهشام بن عمار، وعدة.
وجالس المتوكل، ونادمه.
__________
(1) الجرح والتعديل: 7 / 190.
(2) ترجمته في: تقريب التهذيب: 1 / 70، وتهذيب التهذيب: 1
/ 303.
* الفهرست: المقالة الثالثة: الفن الاول، تاريخ ابن عساكر:
خ: 2 / 135 ب - 136 أ معجم الادباء: 5 / 89 - 102، فوات
الوفيات: 10 / 155 - 157، الوافي بالوفيات: 8 / 239 - 241،
البداية والنهاية: 11 / 65 - 66، لسان الميزان: 1 / 322 -
323 تهذيب بدران: 2 / 112.
والبلاذري، بفتح الباء، وضم الذال، وكسر الراء، نسبة إلى
البلاذر: وهو شجر من فصيلة البطميات.
(*)
(13/162)
روى عنه: يحيى بن المنجم، وأحمد بن عمار، وجعفر بن قدامة،
ويعقوب بن نعيم قرقارة، وعبد الله بن أبي سعد الوراق.
وكان كاتبا بليغا، شاعرا محسنا، وسوس بأخرة لانه شرب
البلاذر للحفظ.
وله مدائح في المأمون وغيره.
وقد ربط في البيمارستان، وفيه مات.
وقيل: كان يكنى أبا الحسن.
وقيل: أبا جعفر.
توفي بعد السبعين ومئتين، رحمه الله.
وكان جده جابر كاتبا للخصيب (1) أمير مصر.
97 - محمد بن الجهم *
الامام، العلامة، الاديب، أبو عبد الله السمري، الكاتب،
تلميذ يحيى الفراء وراويه.
سمع: يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وجعفر بن عون
ويعلى بن عبيد وطبقتهم.
__________
(1) هو الذي مدحه أبو نواس برائيته السائرة ومطلعها: أجارة
بيتينا أبوك غيور * وميسور ما يرجى لديك عسير وفيها يقول
مخاطبا زوجته.
ذريني أكثر حاسديك برحلة * إلى بلد فيها الخصيب أمير *
تاريخ الطبري: 8 / 665، تاريخ بغداد: 2 / 161، المنتظم: 5
/ 108 - 109، معجم الادباء: 18 / 109 - 110، اللباب: 2 /
138، الوافي بالوفيات: 2 / 313 - 314، طبقات القراء لابن
الجزري: 2 / 113، لسان الميزان: 5 / 110 - 111.
(*)
(13/163)
حدث عنه: موسى بن هارون، وأبو بكر بن مجاهد، وإسماعيل
الصفار، وأبو العباس الاصم، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر
الشافعي، وخلق سواهم.
قال الدارقطني: ثقة.
وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا (1) عن عائذ بن
أبي عائذ، صاحب حمزة الزيات، وسمع الحروف من خلف بن هشام،
وسليمان الهاشمي.
أخذ عنه القراءة: ابن مجاهد، وجماعة.
وكان من أئمة العربية العارفين بها.
قلت: مات في جمادى الآخرة، سنة سبع وسبعين ومئتين، وعاش
تسعا وثمانين سنة.
يقع حديثه عاليا في " الغيلانيات ".
98 - محمد بن عيسى *
ابن يزيد، الحافظ، العالم، الجوال، أبو بكر التميمي،
الطرسوسي، الثغري، نزيل بلخ.
حدث عن: أبي عبدالرحمن المقرئ، وأبي نعيم، وأبي اليمان،
وعفان وطبقتهم.
__________
(1) القراءة على الشيخ حفظا، أو من كتاب، تسمى عند
المحدثين: " عرضا ".
والرواية بها سائغة عند العلماء: إلا عند من لا يعتد
بخلافهم.
انظر: " الباعث الحثيث ": 110.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 426 أ - ب، تذكرة الحفاظ: 2 /
601 - 602، ميزان الاعتدال: 3 / 679، وفيه وفاته (276)،
الوافي بالوفيات: 4 / 296، وفيه وفاته (280)، طبقات
الحفاظ: 268.
(*)
(13/164)
وعنه: ابن خزيمة، وأبو عوانة الاسفراييني، وأبو العباس
الدغولي، ومكي بن عبدان، ومحمد بن أحمد بن محبوب، وعبد
الله بن إبراهيم بن الصباح الاصبهاني، وآخرون.
قال الحاكم: مشهور بالرحلة والفهم والتثبت، أخذ عنه أهل
مرو.
وقال ابن عدي: هو في عداد من يسرق الحديث.
قلت: توفي سنة سبع وسبعين ومئتين.
أخبرنا يحيى بن أحمد المشهدي (1): أخبرنا الشرف المرسي،
أخبرنا منصور الفراوي، أخبرنا عبد الجبار بن محمد، أخبرنا
البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس
المحبوبي، حدثنا محمد بن عيسى الطرسوسي، حدثنا سنيد، حدثنا
يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر، قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم: " قالت أم سليمان لسليمان: يا
بني ! لا تكثر النوم بالليل، فإن ذلك يدع صاحبه فقيرا يوم
القيامة " (2).
99 - أبو حمزة البغدادي * شيخ
الشيوخ، أبو حمزة، محمد بن إبراهيم البغدادي الصوفي.
__________
(1) ترجمته في " مشيخة " الذهب: خ ق: 175.
(2) إسناده ضعيف لضعف سنيد واسمه حسين، وشيخه يوسف بن
محمد، وأخرجه ابن ماجة (1332) في إقامة الصلاة: باب ما جاء
في قيام الليل من طرق، عن سنيد بهذا الاسناد، قال البوصيري
في " زوائده " ورقة 85 / 2: هذا إسناد ضعيف لضعف يوسف بن
محمد بن المنكدر وسنيد بن داود، وأورده ابن الجوزي في "
الموضوعات " من طريق سنيد، وقال: لا يصح عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ويوسف لا يتابع على حديثه، وأخرجه
الطبراني في " الصغير " 1 / 121 من طريق جعفر بن سنيد عن
أبيه به، وقال: لم يروه عن محمد بن المنكدر الا ابنه يوسف
تفرد به سنيد.
* طبقات الصوفية: 295 - 298، حلية الاولياء: 10 / 320 -
322، الفهرست: = (*)
(13/165)
جالس بشرا الحافي، والامام أحمد.
وصحب السري بن المغلس.
وكان بصيرا بالقراءات.
وكان كثير الرباط والغزو.
حكى عنه: خير النساج، ومحمد بن علي الكتاني، وغير واحد.
ومن كلامه: قال: علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى،
ويذل بعد العز، ويخفى بعد الشهرة، وعلامة الصوفي الكاذب أن
يستغني بعد الفقر، ويعز بعد الذل، ويشتهر بعد الخفاء.
قال إبراهيم بن علي المريدي: سمعت أبا حمزة يقول: من
المحال أن تحبه ثم لا تذكره، وأن تذكره ثم لا يوجدك طعم
ذكره، ويشغلك بغيره (1).
قلت: ولابي حمزة انحراف وشطح (2)، له تأويل.
ففي " الحلية ": عن عبد الواحد بن بكر، حدثنا محمد بن عبد
العزيز، سمعت أبا عبد الله الرملي يقول: تكلم أبو حمزة في
جامع طرسوس، فقبلوه، فصاح غراب، فزعق أبو حمزة: لبيك لبيك،
فنسبوه إلى الزندقة، وقالوا: حلولي (3).
وشهدوا عليه، وطرد، وبيع فرسه [ بالمناداة على باب الجامع
]:
__________
= المقالة الخامسة: الفن الخامس، تاريخ بغداد: 1 / 390 -
394، طبقات الحنابلة: 1 / 268 - 269، المنتظم: 5 / 68 -
69، الوافي بالوفيات: 1 / 344 - 345.
(1) انظر: طبقات الصوفية: 296.
(2) الشطح: كلمة عامية، وليست في كتب اللغة، ويستعملها
المتصوفة، ويقصدون بها الكلمات التي تصدر عن الانسان في
حال غيبوبته مما يتنافى مع الشرع.
ويرى الشيخ أحمد رضا في كتابه " قاموس رد العامي إلى
الفصيح " أن الكلمة مقلوبة من: شحط: إذا بعد، أو أن أصلها:
شطر، من قولهم: شطر عنهم، أي: بعد مراغما ولم يوافقهم.
وقال: والحاء والراء
يتعاقبان في الفصيح، مثل: جحفه وجرفه السيل، بمعنى: جره
وذهب به.
وقال: الاشقح لغة في الاشقر.
(3) انظر الكلام عن أصناف الحلولية في " الفرق بين الفرق
": 254 - 266.
(ط.
مكتبة محمد علي صبيح بمصر.
تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد).
(*)
(13/166)
هذا فرس الزنديق (1).
قال أبو نصر السراج (2)، صاحب " اللمع ": بلغني أنه دخل
على الحارث المحاسبي، فصاحت شاة: ماع.
فشهق، وقال: لبيك لبيك يا سيدي.
فغضب الحارث، وأخذ السكين، وقال: إن لم تتب أذبحك.
أبو نعيم: حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم حدثنا أبو بدر
الخياط (3)، سمعت أبا حمزة قال: بينا أنا أسير، وقد غلبني
النوم، إذ وقعت في بئر، فلم أقدر أطلع لعمقها.
فبينا أنا جالس إذ وقف على رأسها رجلان، فقال أحدهما: نجوز
ونترك هذه في طريق السابلة ؟ قال: فما نصنع ؟ قال: نطمها.
فهممت أن أقول: أنا فيها، فتوقرت (4): تتوكل علينا وتشكو
بلاءنا إلى سوانا.
فسكت، فمضيا، ورجعا بشئ جعلاه على رأس البئر [ غطوها به ]،
فقالت لي نفسي: أمنت طمها، ولكن حصلت مسجونا فيها.
فمكثت يومي وليلتي، فلما كان من الغد، ناداني شئ، يهتف بي
ولا أراه: تمسك بي شديدا، فمددت يدي، فوقعت على شئ خشن،
فتمسكت به، فعلا، وطرحني، فتأملت [ فوق الارض ] فذا هو
سبع، فلما رأيته لحقني شئ، فهتف بي هاتف: يا أبا حمزة !
استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكفيناك ما تخاف بما تخاف
(5).
__________
(1) حلية الاولياء: 10 / 321، والزيادة منه.
وتتمة الخبر فيه: " فذكر أبو عمرو
البصري، قال: اتبعته والناس وراءه يخرجونه من باب الشام.
فرفع رأسه إلى السماء وقال: لك من قلبي المكان المصون * كل
صعب علي فيك يهون (2) هو: عبد الله بن علي الطوسي.
وفاته سنة (378 ه) وكتابه " اللمع " في التصوف.
مطبوع بعناية أرنولد ألن نيكلسون، في ليدن سنة (1914 م).
ويقع في مجلد واحد.
(3) في " الحلية ": " أبو بكر ".
(4) في " الحلية ": " فتوقفت، فنوديت ".
(5) انظر الخبر في " حلية الاولياء ": 10 / 320 - 321،
والزيادة منه.
و: " تاريخ بغداد " 1 / 391 - 392.
(*)
(13/167)
وقيل: إن أبا حمزة تكلم يوما على كرسيه ببغداد، وكان يذكر
الناس، فتغير عليه حاله وتواجد فسقط عن كرسيه، فمات بعد
أيام.
نقل الخطيب وفاته في سنة تسع وستين ومئتين (1).
وأما السلمي فقال: توفي سنة تسع وثمانين ومئتين (2).
قلت: تصحفت واحدة بالاخرى، والصواب: ستين لا ثمانين.
وكذا ورخه ابن الاعرابي، وقال: جاء من طرسوس، فاجتمعوا
عليه ببغداد، وما زال مقبولا، حضر جنازته أهل العلم
والنسك، وغسله جماعة من بني هاشم، وقدم الجنيد في الصلاة
عليه، فامتنع، فتقدم ولده، وكنت بائتا في مسجده ليلة موته،
فأخبرت أنه كان يتلو حزبه، حتى ختم تلك الليلة.
وكان صاحب ليل، مقدما في علم القرآن، وخاصة في قراءة أبي
عمرو، وحملها عنه جماعة.
وكان سبب علته أن الناس كثروا، فأتي بكرسي، فجلس، ومر في
كلامه شئ أعجبه، فردده وأغمي عليه، فسقط، وقد كان هذا
يصيبه كثيرا، فانصرف بين اثنين يوم الجمعة، فتعلل، ودفن في
الجمعة الثانية بعد الصلاة، وهو أول من تكلم في صفاء
الذكر، وجمع الهم والمحبة، والشوق،
والقرب والانس على رؤوس الناس، وهو مولى لعيسى بن أبان
القاضي، وقد سمعته غير مرة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: يا
صوفي ! ما تقول في هذه المسألة.
__________
(1) تاريخ بغداد: 1 / 394.
(2) طبقات الصوفية: 296.
(*)
(13/168)
100 - الموفق * ولي عهد المؤمنين، الامير الموفق، أبو أحمد
طلحة،
ومنهم من سماه: محمدا، ابن المتوكل على الله جعفر بن
المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي، أخو الخليفة
المعتمد، وولي عهده، ووالد أمير المؤمنين المعتضد، وأمه أم
ولد.
ولد سنة تسع وعشرين ومئتين.
وعقد له أخوه بولاية العهد من بعد ولده جعفر، في سنة إحدى
وستين ومئتين، فكان الموفق بيده العقد والحل، لا يبرم أمر
دونه، وكان من أعلاهم (1) رتبة، وأنبلهم رأيا، وأشجعهم
قلبا، وأوفرهم هيبة، وأجودهم كفا.
وكان محبوبا إلى الرعية، ولا سيما لما استؤصل الخبيث طاغوت
الزنج (2) على يديه، فإنه ما زال يحاربه حتى ظفر به، ولذا
لقبه الناس، الناصر لدين الله.
قال إسماعيل الخطبي: لم يزل أمر الموفق يقوى ويزيد، حتى
صار صاحب الجيش، وكلهم تحت يده، ولما غلب على الامر، حظر
على المعتمد، واحتاط عليه وعلى ولده، ووكل بهم، وأجرى
الامور مجاريها.
مات في صفر سنة ثمان وسبعين ومئتين.
__________
* تاريخ الخلفاء لابن ماجة: 45، 48، تاريخ الطبري: 9 /
290، 291، 316، 337، 349، 353، 361، 377، 475، 476، 490، و
10 / 22، تاريخ بغداد: 2 / 127 - 128، تاريخ ابن عساكر: خ:
15 / 91 أ - 92 أ، المنتظم: 5 / 121 - 122، الكامل لابن
الاثير: 7 / 441 - 444، عبر المؤلف: 2 / 39، 43، 47، 59 -
60، الوافي بالوفيات: 2 / 294 - 295، شذرات الذهب: 2 /
172.
(1) في الاصل: " أعلى ".
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة (129)، برقم (66).
(*)
(13/169)
وكان قد غضب على ابنه، وسجنه خوفا منه، فلما احتضر أخرجه،
وفوض إليه منصبه.
101 - أبو أحمد القلانسي * شيخ
الصوفية، القدوة، أبو أحمد، مصعب بن أحمد البغدادي،
صاحب أبي حمزة، وماتا في وقت.
حكى عنه: الواعظ علي بن محمد المصري، وغيره.
قال ابن الاعرابي: الحكايات عن أخلاقه ومذاهبه يطول بها
الكتاب، صحب أبا عثمان الوراق، وسافر مع عبد الله الرباطي،
وكان مقدما على جميع مريدي بغداد، لما كان فيه من السخاء
والاخلاق، ومراعاته مذاهب النسك، مع طيب القلب، ورقته وعلو
الاشارة، وشدة الاحتراق.
وعبارته كانت دون إشارته، وله نكت وإشارات، صحبته إلى أن
مات، فما رأيته بيت درهما.
يتكلم في الاحوال والمقامات، وكان النوري يقدمه في ذلك.
قال منبه البصري: سافرت مع أبي أحمد، فجعنا جوعا شديدا،
ففتح [ علينا ] بشئ [ من طعام ]، فأثرني به، وكان معنا
سويق (1)، فقال: يا
منبه ! تكون جملي ؟ يمزح، قلت: نعم، فكان يؤجرني السويق
(2).
__________
* حلية الاولياء 10 / 306 - 307، تاريخ بغداد: 13 / 114 -
115، المنتظم: 5 / 79 - 80، اللباب: 3 / 67.
والقلانسي، بفتح القاف وتخفيف اللام: نسبة إلى القلانس
وعملها.
والقلانس: جمع قلنسوة، وهي لباس للرأس مختلف الانواع
والاشكال.
(1) السويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، سمي بذلك
لانسياقه في الحلق.
(2) حلية الاولياء: 10 / 306، والزيادة منه، وتتمة الخبر
فيه: " يحتال بذلك أن يؤثرني على نفسه، وكان صحب أبا محمد
الرباطي المروزي، وسلك مع البادية، وورث عنه هذه الاخلاق
الحميدة..." (*)
(13/170)
قال ابن الاعرابي: كان أبو أحمد يكرمه من أدركت، كأبي
حمزة، وسعد الدمشقي، والجنيد، وابن الخلنجي، ويحبونه، ثم
إنه تزوج، فما أغلق بابا، ولا ادخر شيئا عن أصحابه، وحضرنا
ليلة عرسه (1) ومعنا الجنيد، ورويم، ومعنا قارئ يقول قصائد
في الزهد، فما زال أبو أحمد عامة ليله في النحيب والحركة.
إلى أن قال: وحج سنة سبعين ومئتين، فمات بمكة بعد ذهاب
الوفد، فصلى عليه أمير مكة.
قال الخلدي: قال لي أبو أحمد القلانسي: فرق رجل أربعين
ألفا على الفقراء، فقال لي سمنون: أما ترى [ ما أنفق هذا،
وما قد عمله ؟ ] ونحن لا نرجع إلى شئ ننفقه، فامض بنا إلى
موضع.
فذهبنا [ إلى المدائن ]، فصلينا أربعين ألف ركعة (2).
102 - صاحب الاندلس * مر مع
آبائه (3). وهو: الامير أبو عبد الله، محمد بن صاحب
الاندلس
عبدالرحمن بن الحكم بن هشام بن الداخل عبدالرحمن بن معاوية
بن الخليفة هشام بن عبدالملك بن مروان بن الحكم القرشي
الاموي المرواني القرطبي.
من خيار ملوك المروانية.
كان ذا فضل وديانة، وعلم وفصاحة، وإقدام وشجاعة، وعقل
وسياسة.
__________
(1) انظر قصة زواجه في " تاريخ بغداد ": 13 / 115.
(2) انظر الخبر في: " تاريخ بغداد ": 13 / 115.
والزيادة منه.
* الكامل لابن الاثير: 7 / 424، البيان المغرب: 2 / 141 -
169، عبر المؤلف: 2 / 52، الوافي بالوفيات: 3 / 224 - 225،
البداية والنهاية: 11 / 51 - 52، شذرات الذهب: 2 / 164 -
165.
(3) في الجزء الثامن من المطبوع من " سير أعلام النبلاء ".
(*)
(13/171)
بويع بعد أبيه في سنة ثمان وثلاثين ومئتين على مدائن
الاندلس.
وكان كثير الغزو والتوغل في بلاد الروم، يبقى في الغزوة
السنة والسنتين، قتلا وسبيا.
قال الحافظ بقي بن مخلد: ما رأيت ولا علمت أحدا من الملوك
أبلغ لفظا من الامير محمد بن عبدالرحمن.
ولا أفصح ولا أعقل منه.
قال سبط ابن الجوزي: هو صاحب وقعة سليط (1)، وهي ملحمة
عظمي، يقال: إنه قتل فيها ثلاث مئة ألف كافر، وهذا شئ ما
سمع بمثله قط، ومدحته الشعراء (2).
مات في صفر سنة ثلاث وسبعين ومئتين.
وقام بعده ابنه المنذر (3)، فلم تطل أيامه.
__________
(1) جاء في " البيان المغرب ": 2 / 168 - 169، حول وقعة
وادي سليط: " قال أبو عمر السالمي: كانت أولى غزواته إلى
بلد العدو، وحشد لها، وجند، وصوب كيف شاء وقد ألفى العدو
وقد ضاق بخيله الفضاء الواسع، والمكان الداني والشاسع، وهو
متأهب للقائه، متوجه إلى تلقائه.
فخامر الامير محمدا الجزع، وشابه الروع والفزع، وظن أن لا
منجاة من الكفار، وأن المسلمين هناك طعم الشفار.
فرأى من الحزم الاوكد، والنظر الاحمد الارشد الرجوع عن تلك
الحركة، لقوله تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) *
[ سورة البقرة: 195 ].
فقام رجل، فقال: أيها الامير: قال الله تبارك وتعالى: *
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم...) * [ آل
عمران: 173 ].
فقال له الامير محمد: والله ما حذرت نفسي، إلا أنه لا رأي
لمن لا يطاع، ولست أستطيع أن أجاهد وحدي: فقال له العتبي:
والله ما أراه قذف بها على لسانه إلا ملك، فاستخر الله في
ليلك هذا وفي يومك.
فأراه الله في مقابلة العدو الرشاد والهمة والتوفيق
والسداد، فندب الناس إلى لقاء أعداء الله ونصر دينه، وأن
يكون كل على أحسن ظنه من الظفر ويقينه.
فما انعقدت راياتهم، وتأكدت على المقارعة نياتهم، قدم
عليهم الامير محمد ابنه المنذر إذ كان مشهورا بالبأس،
محبوبا في الناس.
فسار المسلمون إلى أن التقى الجمعان، والتف الفريقان،
فأعقب الله لاوليائه ظفرا ونصرا، وجعل بعد عسر يسرا ".
(2) انظر بعض ما قيل فيه، في " البيان المغرب ": 2 / 166
وما بعدها.
(3) أخباره في " البيان المغرب ": 2 / 170 - 181.
(*)
(13/172)
103 - المروذي * الامام، القدوة، الفقيه، المحدث، شيخ
الاسلام، أبو بكر، أحمد بن محمد
بن الحجاج المروذي، نزيل بغداد، وصاحب الامام أحمد، وكان
والده خوارزميا، وأمه مروذية.
ولد في حدود المئتين.
وحدث عن: أحمد بن حنبل، ولازمه، وكان أجل أصحابه.
وعن: هارون بن معروف، ومحمد بن المنهال الضرير، وعبيد الله
بن عمر القواريري، وسريج بن يوسن، ومحمد بن عبد الله بن
نمير، وعثمان بن أبي شيبة، والعباس بن عبد العظيم ومحمد بن
عبد العزيز بن أبي رزمة، وخلق سواهم.
روى عنه: أبو بكر الخلال، ومحمد بن عيسى بن الوليد، ومحمد
بن مخلد العطار، وعبد الله الخرقي والد الفقيه أبي القاسم،
وأبو حامد أحمد ابن عبد الله الحذاء، وآخرون.
قال الخلال: أخبرنا محمد بن جعفر الراشدي، سمعت إسحاق بن
داود يقول: لا أعلم أحدا أقوم بأمر الاسلام من أبي بكر
المروذي (1).
وقال أبو بكر بن صدقة: ما علمت أحدا أذب عن دين الله من
المروذي (2).
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 423 - 425، طبقات الفقهاء: 170، طبقات
الحنابلة: 1 / 56 - 63، المنتظم: 5 / 94 - 95، تذكرة
الحفاظ: 2 / 631 - 633، عبر المؤلف: 2 / 54، الوافي
بالوفيات: 7 / 393، شذرات الذهب: 2 / 166.
(1) تاريخ بغداد: 4 / 423.
(2) المصدر السابق.
(*)
(13/173)
قال الخلال: سمعت المروذي يقول: كان أبو عبد الله يبعث بي
في الحاجة، فيقول: قل ما قلت، فهو على لساني، فأنا قلته
(1).
قال الخلال: خرج أبو بكر (2) إلى الغزو فشيعوه إلى سامراء،
فجعل يردهم فلا يرجعون.
قال: فحزروا فإذا هم بسامراء، سوى من جع، نحو
خمسين ألفا، فقيل له: يا أبا بكر: احمد الله فهذا علم قد
نشر لك، فبكى وقال: ليس هذا العلم لي، إنما هو لابي عبد
الله أحمد (3).
قال الخطيب في المروذي: هو المقدم من أصحاب أحمد لورعه
وفضله، وكان أحمد يأنس به، وينبسط إليه [ وهو الذي تولى
إغماضه لما مات، وغسله.
وقد ]، روى عنه مسائل كثيرة (4).
وقيل لعبد الوهاب الوراق: إن تكلم أحد في أبي طالب،
والمروذي، أما البعد منه أفضل ؟ قال: نعم، من تكلم في
أصحاب أحمد فاتهمه ثم اتهمه، فإن له خبئة سوء، وإنما يريد
أحمد.
الخلال: حدثنا أحمد بن حمدون، قال المروذي.
رأيت كأن القيامة قد قامت، والملائكة حول بني آدم،
ويقولون: قد أفلح الزاهدون اليوم، في الدنيا، والنبي - صلى
الله عليه وسلم - يقول: يا أحمد ! هلم إلى العرض على الله.
قال: فرأيت أحمد والمروذي وحده خلفه، وقد رؤي أحمد راكبا،
فقيل:
__________
(1) انظر: المصدر السابق: 4 / 424.
(2) في الاصل: " أبو عبد الله ".
وهو خطأ.
والصواب من " تاريخ بغداد "، وسياق الكلام يؤيده.
(3) تاريخ بغداد: 4 / 424.
(4) تاريخ بغداد: 4 / 423.
والزيادة منه.
وأضاف: " وأسند عنه أحاديث صالحة ".
(*)
(13/174)
إلى أين يا أبا عبد الله ؟ قال: إلى شجرة طوبى نجلو أبا
بكر المروذي (1).
قال الخلال: المروذي أول أصحاب أبي عبد الله، وأورعهم.
روى عن أبي عبد الله مسائل مشبعة كثيرة، وأغرب على أصحابه
في دقاق المسائل وفي الورع، وهو الذي غمض أبا عبد الله
وغسله، ولم يكن أبو عبد الله يقدم
عليه أحدا.
توفي أبو بكر في جمادى الاولى سنة خمس وسبعين ومئتين.
وكان إماما في السنة، شديد الاتباع، له جلالة عجيبة
ببغداد.
حدثنا إبراهيم بن إسماعيل القرشي (2) في كتابه، عن أسعد بن
روح، وعائشة بنت معمر، قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء،
أخبرنا أحمد ابن محمود، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا
محمد بن دبيس ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج
المروذي، حدثنا محمد بن أبي بكر البصري، حدثنا سلام، عن
ثابت، عن أنس، قال: أوحى الله تعالى إلى يوسف: يا يوسف: من
نجاك من القتل إذ هم إخوتك بقتلك ؟ قال: أنت يا رب.
قال: فمن نجاك من المرأة إذ هممت بها ؟ قال: أنت.
قال: فما بالك نسيتني، وذكرت مخلوقا ؟ قال: يا رب ! كلمة
تكلم بها لساني، ووجب قلبي.
قال: وعزتي لاخلدنك في السجن سنين.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 4 / 424 - 425.
وفيه: " نلحق " بدلا من: " نجلو ".
(2) هو: إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي،
الشيخ أبو إسحاق القرشي الدمشقي المعروف بابن ؟ لدرجي،
إمام المدرسة العزية قال عنه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق.
26: " ثقة مقرئ، خير، من بقايا الحنفية...وتوفي في صفر يوم
قدومه من الحج بدمشق سنة إحدى وثمانين وستمئة، وله اثنان
وثمانون عاما.
" (*)
(13/175)
غريب موقوف (1).
أنبأنا شيخ الاسلام عبدالرحمن بن أبي عمر (2): أخبرنا عمر
بن محمد، أخبرنا يحيى بن علي، أخبرنا محمد بن علي العباسي،
أخبرنا عمر ابن إبراهيم الكتاني، حدثنا أحمد بن عبد الله
الحذاء، حدثنا أحمد بن
أصرم، وأبو بكر المروذي، قالا: حدثنا محمد بن نوح، رفيق
أحمد بن حنبل، حدثنا إسحاق الازرق، عن عبيد الله، عن نافع
عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كل
أمة بعضها في الجنة، وبعضها في النار، إلا هذه الامة،
فإنها كلها في الجنة " (3).
ومات سنة (75) مع المروذي: أحمد بن ملاعب (4)، والحسين بن
محمد بن أبي معشر، وأبو داود صاحب " السنن " (5)، وأبو عوف
البزوري (6)، ويحيى بن أبي طالب (7)، وأحمد بن محمد بن
غالب (8)، غلام
__________
(1) أورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 20، ونسبه لابن
أبي شيبة، وعبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " وابن
المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(2) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق 75، وفيها: "
عبدالرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله ".
وفاته سنة (677 ه).
(3) رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني في " الصغير " 1 / 232،
والخطيب في " تاريخه " 3 / 322 من طريقين عن أبي بكر أحمد
بن محمد بن حجاج بهذا الاسناد، قال الخطيب: قال لنا
البرقاني: بلغني أن محمد بن نوح هذا جار أحمد بن حنبل، وأن
أحمد بن حنبل قال لمن سأله عنه: اكتب عنه، فإنه ثقة، قال
البرقاني: وقال الدارقطني: تفرد بهذا الحديث إسحاق الازرق،
ولم يحدث به غير محمد بن نوح المضروب، وتفرد به عنه أبو
بكر المروذي.
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (42)، برقم: (26).
(5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (203)، برقم: (117).
(6) ترجمته في: المنتظم: 5 / 98.
(7) ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 2 / 633، في آخر ترجمة
المروذي، وعبر المؤلف: 2 / 55، وشذرات الذهب: 2 / 168.
(8) ستأتي ترجمته في الصفحة: (282)، برقم: (136).
(*)
(13/176)
خليل، ومحمد بن أصبغ بن الفرج، وفهد بن سليمان الدلال.
104 - أبو قلابة * [ ق
] (1) الامام، الحافظ، القدوة، العابد، محدث البصرة، أبو
قلابة، عبد الملك بن الحافظ محمد بن عبد الله بن محمد بن
عبدالملك بن مسلم، الرقاشي (2)، البصري.
ولد سنة تسعين ومئة.
وسمع في حداثته من: يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وأبي
عامر العقدي، وعبد الله بن بكر السهمي، وأبي عاصم النبيل،
وأبي عتاب سهل ابن حماد الدلال، وعبيد بن عقيل الهلالي،
وعمر بن حبيب العدوي، ويعقوب الحضرمي، وسعد بن الربيع أبي
زيد الهروي، وعون بن عمارة، ووالده محمد بن عبد الله، وخلق
سواهم.
وكان أحد الاذكياء المذكورين.
حدث عنه: ابن ماجة، وابن صاعد، وأبو بكر النجاد، وأبو سهل
القطان، وإبراهيم بن علي الهجيمي، وأبو بكر الشافعي، وأبو
جعفر بن
__________
* الجرح والتعديل: 5 / 369 - 370، تاريخ بغداد: 10 / 425،
طبقات الحنابلة: 1 / 216، المنتظم: 5 / 102 - 103، تهذيب
الكمال: خ: 863، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 253 - 254، تذكرة
الحفاظ: 2 / 580، ميزان الاعتدال: 2 / 663 - 664، عبر
المؤلف 2 / 56 - 57، تهذيب التهذيب: 6 / 419 - 421، طبقات
الحفاظ: 258، خلاصة تذهيب الكمال: 245، شذرات الذهب: 2 /
170.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(2) الرقاشي، بفتح الراء والقاف المخففة: نسبة إلى امرأة
اسمها: رقاش بنت قيس،
كثر أولادها فنسبوا إليها.
(اللباب) (*)
(13/177)
البختري، والحافظ حفص بن عمر الاردبيلي (1)، وأبو سعيد بن
الاعرابي، وعلي بن الفضل البلخي الحافظ، وإسحاق بن إبراهيم
الجرجاني البحري، وخلق كثير.
قال الدارقطني: صدوق، كثير الخطأ، لكونه يحدث من حفظه.
وقال أحمد بن كامل القاضي: قيل إن أبا فلابة كان يصلي في
اليوم والليلة أربع مئة ركعة.
قال: ويقال: إنه حدث من حفظه بستين ألف حديث.
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عنه، فقال: أمين
مأمون، كتبت عنه.
وقال محمد بن جرير الطبري: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي قلابة
الرقاشي.
قلت: توفي في شوال سنة ست وسبعين ومئتين.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد (2) الفقيه في كتابه، أخبرنا عمر
بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا أبو طالب بن
غيلان، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله، حدثنا أبو قلابة،
سنة (276)، حدثنا يعقوب الحضرمي، وسعيد بن عامر، قالا:
حدثنا شعبة، عن سفيان، (ح): وحدثنا أبو قلابة، حدثنا أبو
عاصم، حدثنا سفيان، عن علي بن الاقمر،
__________
(1) الاردبيلي، بفتح الالف، وسكون الراء، وضم الدال، وكسر
الباء، وسكون الياء: نسبة إلى أردبيل: بلدة من أذربيجان.
(اللباب) وضبط ياقوت الدال بالفتح.
(2) هو: عبدالرحمن بن محمد بن محمد بن عمر،، الفقيه،
الزاهد أبو المجد، توفي
في سنة (701 ه) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 77.
(*)
(13/178)
عن أبي جحيفة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" أما أنا فلا آكل متكئا " (1).
قرأت على عبد الحافظ بن بدران (2)، أخبرنا أبو محمد بن
قدامة، أخبرنا محمد بن الحسين الحاجب، أخبرنا طراد بن
محمد، أخبرنا ابن حسنون، حدثنا محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا
عبدالملك بن محمد، حدثنا يحيى بن طلحة إملاء، سنة ست
ومئتين، سمعت سعيد بن جمهان يحدث عن سفينة، قال: قال النبي
- صلى الله عليه وسلم -: " إحملوا عليه فإنه سفينة ".
هذا حديث حسن (3) من العوالي، بل هو أعلى ما وقع لابي
قلابة.
قيل: إن أم أبي قلابة أريت وهي حامل به كأنها ولدت هدهدا،
فقال لها عابر: إن صدقت رؤياك تلدين ولدا يكثر الصلاة (4).
105 - رغيف * الامام، الحافظ،
أبو بكر، أحمد بن عبد الله بن القاسم التميمي
البصري الوراق، ولقبه رغيف.
سمع: عبيد الله بن معاذ، وصالح بن حاتم بن وردان.
وعنه: محمد بن مخلد، وأبو سعيد بن الاعرابي.
__________
(1) صحيح، وأخرجه أحمد 4 / 308 و 309، والبخاري 9 / 472 في
الاطعمة: باب الاكل متكئا، وأبو داود (3769) والترمذي
(1830) وابن ماجة (3262) من طرق عن علي الاقمر بهذا
الاسناد.
(2) عبد الحافظ بن بدران بن شبل بن طرخان، الامام عماد
الدين، أبو محمد النابلسي الحنبلي الزاهد.
مات في سنة (698 ه).
ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 70.
(3) وهو في المسند 5 / 121 و 122 وغيره، وقد تقدم تخريجه
في الجزء الثالث ص 173
في ترجمة سفينة.
(4) النظر: تاريخ بغداد: 10 / 426.
* تاريخ بغداد: 4 / 218.
(*)
(13/179)
توفي سنة تسع وستين ومئتين.
106 - الفسوي * [ ت، س
] (1) الامام، الحافظ، الحجة، الرحال، محدث إقليم فارس،
أبو يوسف، يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، من أهل مدينة
فسا، ويقال له: يعقوب بن أبي معاوية.
مولده في حدود عام تسعين ومئة، في دولة الرشيد: وله "
تاريخ " كبير (2)، جم الفوائد، و " مشيخته " في مجلد،
رويناها.
ارتحل إلى الامصار، ولحق الكبار.
وسمع: أبا عاصم النبيل، وعبيد الله بن موسى، والانصاري،
ومكي ابن إبراهيم، وأبا عبدالرحمن المقرئ، وأبا نعيم، وعبد
الله بن رجاء، وأبا مسهر الغساني، وعون بن عمارة، وحبان بن
هلال، وسعيد بن أبي مريم، وأبا الجماهر محمد بن عثمان،
وحجاج بن منهال، وسعيد بن منصور، وعبد الحميد بن بكار
البيروتي، وصفوان بن صالح، وطبقتهم.
__________
* الجرح والتعديل: 9 / 208، طبقات الحنابلة: 1 / 416،
اللباب: 2 / 432، تهذيب الكمال: خ: 1549 - 1550، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 185، تذكرة الحفاظ: 2 / 582 - 583، عبر
المؤلف: 2 / 58 - 59، البداية والنهاية: 11 / 59 - 60،
طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 390، تهذيب التهذب: 11 /
385 - 389، طبقات الحفاظ: 259،
خلاصة تذهيب الكمال: 436، شذرات الذهب: 2 / 171.
والفسوي، بفتح الفاء والسين: نسبة إلى فسا: مدينة من بلاد
فارس.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(2) وهو مطبوع في ثلاثة مجلدات، بتحقيق الدكتور أكرم ضياء
العمري، نشرته مؤسسة الرسالة سنة 1401 ه 1981 م.
(*)
(13/180)
حدث عنه: أبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الرحمن النسائي
وإبراهيم ابن أبي طالب، والحسن بن سفيان الفسوي، وعبد
الرحمن بن خراش، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو بكر بن خزيمة،
ومحمد بن حمزة بن عمارة الاصبهاني، وأبو عوانة
الاسفراييني، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وهو
راويته وخاتمة أصحابه.
قال الفسوي: وخرجت في سنة تسع عشرة، فسمعت من آدم بن أبي
إياس، وأبي اليمان، والوحاظي، ومشايخ فلسطين ودمشق.
قال: وسمعت من هشام بن عمار، في سنة اثنتين وأربعين.
قال النسائي: لا بأس به.
و " جوان "، قيده الامير بضم الجيم (1).
وروي عن الحافظ أبي عبدالرحمن النهاوندي، أنه سمع الفسوي
يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات.
قلت: ليس في " مشيخته " إلا نحو من ثلاث مئة شيخ، فأين
الباقي ؟ ثم في المذكورين جماعة قد ضعفوا.
قال الحافظ أبو إسحاق بن حمزة: سمعت أبي يقول: كنت رحلت
إلى يعقوب بن سفيان، فبقيت عنده ستة أشهر، فقلت له: طال
مقامي
عندك، ولي والدة.
فقال: رددت الباب على والدتي ثلاثين سنة.
وعن محمد بن القاسم بن بشر: سمعت محمد بن يزيد الفسوي
العطار، سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كنت في رحلتي في طلب
__________
(1) الاكمال: 3 / 201.
(*)
(13/181)
الحديث، فدخلت إلى بعض المدن، فصادفت بها شيخا، احتجت إلى
الاقامة عليه للاستكثار عنه، وقلت نفقتي، وبعدت عن بلدي،
فكنت أدمن الكتابة ليلا، وأقرا عليه نهارا، فلما كان ذات
ليلة، كنت جالسا أنسخ، وقد تصرم الليل، فنزل الماء في
عيني، فلم أبصر السراج ولا البيت، فبكيت على انقطاعي، وعلى
ما يفوتني من العلم، فاشتد بكائي حتى اتكأت على جنبي،
فنمت، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم،
فناداني، يا يعقوب بن سفيان ! لم أنت بكيت ؟ فقلت: يا رسول
الله ! ذهب بصري، فتحسرت على ما فاتني من كتب سنتك، وعلى
الانقطاع عن بلدي.
فقال: أدن مني.
فدنوت منه، فأمر يده على عيني، كأنه يقرأ عليهما.
قال: ثم استيقظت فأبصرت، وأخذت نسخي وقعدت في السراج أكتب
(1).
قال محمد بن إسماعيل الفارسي: حدثنا أبو زرعة الدمشقي،
قال: قدم علينا رجلان من نبلاء الرجال، أحدهما وأجلهما (2)
يعقوب بن سفيان أبو يوسف يعجز أهل العراق أن يروا مثله
رجلا، وذكر الثاني: حرب بن إسماعيل الكرماني، فقال: هذا من
الكتاب عني (3).
أبو بكر الاسماعيلي: حدثنا محمد بن داود بن دينار الفارسي،
حدثنا يعقوب بن سفيان، العبد الصالح، بحديث ساقه.
الحافظ أبو ذر: سمعت أبا بكر أحمد بن عبدان يقول: قدم
يعقوب بن
الليث الصفار، صاحب خراسان إلى فارس، فأخبر أن هناك رجلا
يتكلم في عثمان بن عفان، وأراد بالرجل يعقوب الفسوي، فإنه
كان يتشيع، فأمر
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب: 11 / 386 - 387.
(2) في الاصل: " أحدهم وأجلهم ".
وما أثبتناه من " التهذيب " (3) انظر.
تهذيب التهذيب: 11 / 387.
(*)
(13/182)
باحصاره من فسا إلى شيراز، فلما أن قدم، علم الوزير ما وقع
في قلب السلطان، فقال: أيها الملك ! إن هذا الرجل قد قدم،
ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا - يريد بشيخه
السجزي - وإنما يتكلم في عثمان ابن عفان صاحب النبي - صلى
الله عليه وسلم - فلما سمع ذلك قال: مالي ولاصحاب النبي -
صلى الله عليه وسلم - توهمت أنه يتكلم في عثمان بن عفان
السجزي فلم يعرض له.
قلت: هذه حكاية منقطعة، فالله أعلم، وما علمت يعقوب الفسوي
إلا سلفيا، وقد صنف كتابا صغيرا في السنة.
قال أبو الشيخ: سمعت أحمد بن محمود بن صبيح يقول: مات
يعقوب بن سفيان بفسا في سنة سبع وسبعين ومئتين، ومات قبل
أبي حاتم الرازي بشهر.
أخبرنا محمد بن محمد بن صاعد (1) القاضي، أخبرنا الحسن بن
أحمد (2) الاوقي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أحمد بن
علي الطريثيثي (3)، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عبد
الله بن درستويه، أخبرنا يعقوب بن سفيان، أخبرنا حاتم
القزاز، حدثنا زنفل العرفي (4)،
__________
(1) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 151 فقال: " محمد
بن محمد بن سالم ابن يوسف بن صاعد بن السلم القاضي الجليل
العالم، جمال الدين، أبو المكارم بن القاضي
الاوحد نجم الدين بن قاضي القضاة شمس الدين سالم القرشي
النابلسي الشافعي قاضي القدس ونابلس...توفي في ربيع الاول
سنة أربع وتسعين وستمئة ".
(2) في الاصل: " محمد ".
وصوابه من " مشيخة " المؤلف: خ: 151، والعبر: 5 / 119.
والاوقي: بفتح الالف والواو: نسبة إلى أوه: قرية بين زنجان
وهمذان، كما في " معجم " ياقوت.
(3) الطريثيثي، بضم الطاء، وفتح الراء، وسكون الياء، وكسر
التاء، وسكون الياء الثانية: نسبة إلى طريثيث: ناحية كبيرة
من نواحي نيسابور.
(4) هو: أبو عبد الله زنفل بن شداد.
والعرفي: بفتح العين والراء: نسبة إلى عرفات المكان
المبارك.
(*)
(13/183)
حدثنا ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن أبي بكر الصديق: أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أمرا قال: "
اللهم ! خر لي واختر لي " (1).
ومات معه: أبو حاتم الرازي (2)، ومحمد بن الجهم (3)،
وإبراهيم ابن أبي العنبس القاضي (4)، والحسن بن سلام
السواق، ومحمد بن الحسين الحنيني (5)، وعلي بن الحسن بن
عبدويه الخزاز، وعيسى زغات (6).
107 - ابن ديزيل * الامام،
الحافظ، الثقة، العابد، أبو إسحاق، إبراهيم بن الحسين
__________
(1) إسناده ضعيف، لضعف زنفل بن عبد الله العرفي قال ابن
معين: ليس بشئ، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال النسائي: ليس
بثقة.
وأخرجه أبو بكر المروزي في مسند أبي بكر رقم (44) وأبو
يعلى في مسنده ص 15، والترمذي (3516) كلهم من طريق زنفل بن
عبد الله، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من
حديث زنفل وهو ضعيف عند أهل الحديث وتفرد بهذا الحديث، ولا
يتابع عليه.
وضعفه النووي في " الاذكار " وابن حجر.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (247)، برقم: (129) (3) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (163)، برقم: (97) (4) ستأتي ترجمته في
الصفحة: (198)، برقم: (113) (5) انظر ترجمته في: اللباب: 1
/ 398، عبر المؤلف: 2 / 58، شذرات الذهب: 2 / 171.
والحنيني، بضم الحاء وفتح النون وسكون الياء: نسبة إلى
الجد، وهو: حنين، أو أبو حنين.
(6) هو: أبو موسى عيسى بن عبد الله بن سنان بن دلويه.
وزغات، كذا الاصل: وفي " تذكرة الحفاظ ": 2 / 610: " رعاب
"، وفي النسخة المكية من " التذكرة ": " زعاث " وفي: "
تاريخ بغداد ": 11 / 170: " رغاث ".
وفي: " شذرات الذهب ": 2 / 172: " غاث ".
ولم نجد في كتب " المشتبه " ضبطه.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 213 أ - 214 أ، تذكرة الحفاظ: 2
/ 608 - 610، عبر المؤلف: 2 / 65، الوافي بالوفيات: 5 /
346، البداية والنهاية: 11 / 71، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 11، لسان الميزان: 1 / 48 - 49، طبقات الحفاظ،
269 - 270، شذرات الذهب: 2 / 177، تهذيب بدران: 2 / 208 -
209.
وديزيل ضبط في الاصل بكسر الدال، وضبطه السمعاني بفتحها،
وتابعه على ذلك ابن الاثير والسيوطي.
(*)
(13/184)
ابن علي، الهمذاني الكسائي، ويعرف بابن ديزيل.
وكان يلقب بدابة عفان، لملازمته له، ويلقب بسيفنة، وسيفنة:
طائر ببلاد مصر، لا يكاد يحط على شجره إلا أكل ورقها، حتى
يعريها.
فكذلك كان إبرهيم، إذا ورد على شيخ لم يفارقه حتى يستوعب
ما عنده.
سمع بالحرمين ومصر والشام والعراق والجبال، وجمع فأوعى.
ولد قبل المئتين بمديدة.
وسمع: أبا نعيم، وأبا مسهر، ومسلم بن إبراهيم، وعفان، وأبا
اليمان، وسليمان بن حرب، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش،
وعمرو ابن طلحة القناد (1)، وعتيق بن يعقوب، وأبا الجماهر،
والقعنبي، وعبد السلام بن مطهر، وقرة بن حبيب، ويحيى
الوحاظي، وأصبغ بن الفرج، وإسماعيل بن أبي أويس، وعيسى
قالون (2)، ونعيم بن حماد، ويحيى بن بكير، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عوانة، وأحمد بن هارون البرديجي (3)، وأحمد
بن مروان الدينوري، وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان،
وعلي بن حمشاذ النيسابوري، وعمر بن حفص المستملي، وأحمد بن
صالح البروجردي،
__________
(1) القناد، بفتح القاف والنون المشددة: نسبة إلى بيع
القند، وهو السكر.
(اللباب).
(2) هو، عيسى بن ميناء الزرقي، مولى بني زهرة قارئ المدينة
ونحويها، يقال، إنه ربيب نافع، وقد احتفى به كثيرا، وهو
الذي لقبه: " قالون "، بمعنى: جيد، في الرومية، لجودة
قراءته.
قرأ عليه جماعة، وكان أصم، يقرئ القرآن، وينظر إلى شفتي
القارئ، ويرد عليه اللحن والخطأ.
وفاته سنة: (220 ه) (3) البرديجي، بفتح الباء، وسكون
الراء، نسبة إلى برديج: بليدة بأقصى أذربيجان.
(اللباب).
(*)
(13/185)
وعبد السلام بن عبديل، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وأحمد
بن عبيد، وأحمد بن محمد المقرئ، وإبراهيم بن أحمد بن أبي
غانم، وعمر ابن سهل الحافظ، وأحمد بن إسحاق بن نيخاب،
ومحمد بن عبد الله بن برزة الروذراوري (1)، وخلق كثير.
وكان يصوم يوما ويفطر يوما.
قال الحاكم: هو ثقة مأمون.
وقال ابن خراش: صدوق اللهجة.
قلت: إليه المنتهى في الاتقان، روي عنه أنه قال، إذا كان
كتابي بيدي، وأحمد بن حنبل عن يميني، ويحيى بن معين عن
شمالي، ما أبالي - يعني: لضبط كتبه (2) -.
قال صالح بن أحمد (3) في " تاريخ همذان ": سمعت جعفر بن
أحمد يقول: سألت أبا حاتم الرازي، عن ابن ديزيل، فقال: ما
رأيت، ولا بلغني عنه إلا صدق وخير، وكان معنا عند سليمان
بن حرب، وابن الطباع.
قلت: فعند أبي صالح ؟ قال: لا أحفظه.
قلت: فعند عفان ؟ قال: ولا أحفظه، غير أني قد التقيت معه
في غير موضع، وليس كل الناس رأيتهم أنا عند المحدثين.
قال جعفر: فعارضني رجل، فقال، يا أبا حاتم ! يذكر أن
__________
(1) الروذراوري، بضم الراء، وسكون الواو والذال، وفتح
الواو بعد الالف: نسبة إلى روذراور: بلدة بنواحي همذان.
(اللباب) (2) جاء في " تذكرة الحفاظ " 2 / 609: " كان يضرب
بضبط كتابه المثل ".
(3) هو: صالح بن صالح أحمد بن محمد بن أحمد الهمذاني، قدم
بغداد، وحدث بها، وكان حافظا ثقة، وكتابه سماه: " طبقات
الهمذانيين ".
وفاته سنة: (384 ه) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 331.
وسيترجمه المؤلف.
(*)
(13/186)
عنده عن عفان ثلاثين ألف حديث.
قال أبو حاتم: من ذكر أن عنده عن عفان ثلاثين ألف حديث،
فقد كذب، كان عسرا في التحديث، كنت أختلف إليه ثلاثة عشر
شهرا، ما كتبت عنه إلا مقدار خمس مئة حديث.
قلت: يا أبا حاتم نكذب على إبراهيم (1) ؟ !
قال صالح: سمعت القاسم بن أبي صالح، سمعت إبراهيم يقول،
سمعت حديث همام، عن أبي جمرة من عفان أربع مئة مرة، لانه
كان يسأل عنه، ولما دعي عفان للمحنة، كنت آخذا بلجام
حماره.
قال صالح: فمن تكون مواظبته هكذا لا يكاد أن يبقي عنده
شيئا (2).
وسمعت أبا جعفر بن عبيد يقول: سألت إبراهيم بن الحسين، عن
محمد بن عبد العزيز الدينوري، فقال: رأيته عند أبي نعيم،
وليس حده أن يكذب، ولعله أدخل عليه فيما أنكروا عليه.
قال (3): سمعت القاسم بن أبي صالح، سمعت إبراهيم يقول: كنت
بالمدينة، ووافى محمد بن عبد الجبار سندول، فأفدته عن
إسماعيل بن أبي أويس، وكان إسماعيل يكرمه، فلما دخل عليه،
أجلسه معه على السرير، وقمت أنا عند الباب، فجعل محمد يسأل
إسماعيل، فبصر بي، فقال: هذا من عمل ذاك المكدي، أخرجوه.
فأخرجت، ثم خرجت مع محمد إلى مكة، فجعلت أذاكره في الطريق،
فتعجب، وقال: من أين لك هذا ؟ قلت: هذا سماع المكدين.
وسمعت القاسم، سمعت يحيى الكرابيسي يقول، صححنا كتبنا
__________
(1) انظر: " لسان الميزان ": 1 / 48، وفيه "...إن هذا يكذب
على أبي إسحاق ".
(2) انظر: لسان الميزان: 1 / 48.
(3) أي: صالح.
(*)
(13/187)
بإبراهيم.
ومر يوما حديث، فقال يحيى: قد كنا سمعناه، فقال إبراهيم:
سمعتموه بالفارسية، وتسمعونه اليوم بالعربية.
وسمعت من أصحابنا من يحكي عن ابن وهب الدينوري، قال: كنا
نذاكر إبراهيم بالحديث، فتذاكرنا بالقماطر (1).
وسمعت أبي يحكي عن ابن ماجة القزويني، أنه قال: منعني
الخروج إلى إبراهيم قلة ذات اليد.
وسمعت أحمد بن محمد يقول: لما وافى إبراهيم، قال لي
الدحيمي: قد وافى إبراهيم بن الكسائي، فنحضر غدا مجلسه.
فلما حضرنا، قال إبراهيم: أول ما نذاكر: حدثنا آدم بن أبي
إياس، فصعب على الدحيمي وقال: لا قلت خيرا.
قلت: تقول هذا ؟ قال: قد سوانا مع الصبيان.
قال صالح بن أحمد الحافظ، سمعت أبي، سمعت علي بن عيسى
يقول: إن الاسناد الذي يأتي به إبراهيم، لو كان فيه أن لا
يؤكل الخبز، لوجب أن لا يؤكل لصحة إسناده.
قال الحاكم: بلغني أن ابن ديزيل قال: كتبت حديث أبي جمرة،
عن ابن عباس، عن عفان، وسمعته منه أربع مئة مرة.
قال القاسم بن أبي صالح: سمعت إبراهيم بن ديزيل يقول: قال
لي يحيى بن معين: حدثني بنسخة الليث عن ابن عجلان، فإنها
فاتتني على أبي صالح.
فقلت: ليس هذا وقته.
قال: متى يكون ؟ قلت: إذا مت.
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 214 ا، وفيه: " فتذاكرنا
بالقمطر كان يذاكر بحديث واحد فيقول: عندي منه قمطر ".
(*)
(13/188)
قلت: عنى أني لا أحدث في حياتك.
فأساء العبارة.
لا تلمني على ركاكة عقلي * إن تيقنت أنني همذاني (1) قال
القاسم بن أبي صالح: جاء أيام الحج أبو بكر محمد بن الفضل
القسطاني (2)، وحريش بن أحمد إلى إبراهيم بن الحسين،
فسألاه عن حديث الافك (3)، رواية الفروي عن مالك، فحانت
منه التفاتة، فقال له الزعفراني: يا أبا إسحاق ! تحدث
الزنادقة ؟ قال: ومن الزنديق ؟ قال: هذا، إن أبا حاتم
الرازي لا يحدث حتى يمتحن.
فقال: أبو حاتم عندنا أمير المؤمنين في الحديث، والامتحان
دين الخوارج، من حضر مجلسي، فكان من أهل السنة، سمع ما تقر
به عينه، ومن كان من أهل البدعة، يسمع ما يسخن الله بن
عينه.
فقاما، ولم يسمعا منه.
وقد طول الحافظ شيرويه (4) ترجمة إبراهيم، وذكر فيها بلا
سند أنه قال
__________
(1) البيت في " رسائل بديع الزمان الهمذاني ": ص 181، ط.
أولى، مطبعة الجوائب، سنة 1298).
وقد جاء في نهاية رسالة الهمذاني إلى الشيخ أبي الحسن أحمد
بن فارس جوابا عن كتاب كان ورد عليه منه يذم الزمان فيه.
(2) القسطاني، بضم القاف، وسكون السين: نسبة إلى قسطانة،
قرية بين الري وساوة.
(اللباب).
وانظر: معجم ياقوت.
(3) حديث الافك من طريق ابن ديزيل عن إسماعيل بن أبي إدريس
في جزئه ورقة 166 في آخر جزء من مجموع في المدرسة الاحمدية
بحلب فيه سماع تاريخه سنة 920 ه.
وحديث الافك من طرق عن الزهري، عن عروة بن الزبير وسعيد بن
المسيب، وعلقمة بن وقاص الليثي، وعبيد الله بن عبد الله بن
عتبة، عن عائشة أخرجه البخاري 5 / 198، 201 في الشهادات:
باب تعديل النساء بعضهن بعضا، و 8 / 342، 370 في تفسير
سورة النور: باب (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات
بأنفسهم خيرا...) ومسلم (2770) في التوبة: باب حديث الافك
وقبول توبة القاذف، والترمذي (3179) والنسائي 1 / 163،
164.
(4) هو المحدث الحافظ شيرويه بن شهردار بن شيرويه، قال
الذهبي في " التذكرة ": 1259: " مفيد همذان ومصنف تاريخها،
ومصنف كتاب الفردوس " توفي سنة (509 ه) (*)
(13/189)
إبراهيم: كتبت في بعض الليالي، فجلست كثيرا، وكتبت ما لا
أحصيه حتى عييت، ثم خرجت أتأمل السماء، فكان أول الليل،
فعدت إلى بيتي، وكتبت إلى أن عييت ثم خرجت فإذا الوقت آخر
الليل، فأتممت جزئي وصليت الصبح، ثم حضرت عند تاجر يكتب
حسابا له، فورخه يوم السبت فقلت، سبحان الله ! أليس اليوم
الجمعة ؟ فضحك، وقال: لعلك لم تحضر أمس الجامع ؟ قال:
فراجعت نفسي، فإذا أنا قد كتبت، لليلتين ويوما.
قال أبو يعلى الخليلي في مشايخ ابن سلمة القطان، قال:
إبراهيم يسمى: سيفنة، لكثرة ما يكون في كمه من الاجزاء،
قال: كان يكون في كمي خمسون جزئا، في كل جزء ألف
حديث...إلى أن قال: وهو مشهور بالمعرفة بهذا الشأن.
وقال: مات سنة سبع وسبعين ومئتين.
كذا قال فوهم.
وروي عن عبد الله بن وهب الدينوري، قال: كنا نذاكر إبراهيم
بن الحسين، فيذاكرنا بالقمطر، نذكر حديثا واحدا، فيقول:
عندي منه قمطر - يريد طرقه وعلله واختلاف الفاظه -.
والصحيح من وفاته ما أرخه علي بن الحسين الفلكي، فقال: في
آخر شعبان سنة إحدى وثمانين ومئتين.
وكذا أرخ القاسم بن أبي صالح.
أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن علوان (1) ببعلبك،
أخبرنا
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 71، فقال: " عبد
الخالق بن عبد السلام بن سعد بن علوان، القاضي، الامام تاج
الدين أبو محمد المعري، ثم البعلبكي الشافعي، الاديب.
ولي قضاء بلده مدة، وكان خيرا صالحا متواضعا زاهدا حسن
الاعتقاد، له نظم ونثر، مولده...سنة ثلاث وستمئة...أكثرت
عنه، ونعم الشيخ كان.
مات في تاسع
المحرم سنة ست وتسعين وستمئة ".
(*)
(13/190)
البهاء عبدالرحمن بن إبراهيم، أخبرنا عبد الحق اليوسفي،
أخبرنا علي بن محمد العلاف، أخبرنا عبدالملك بن محمد
الواعظ، أخبرنا أحمد بن إسحاق الطيبي، حدثنا إبراهيم بن
الحسين بهمذان، حدثنا عفان، حدثنا مبارك، عن الحسن، أخبرني
أبو بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فإذا
سجد، وثب الحسن بن علي على ظهره، أو على عنقه، فيرفعه رسول
الله صلى الله عليه وسلم رفعا رفيقا لئلا يصرع، فعل ذلك
غير مرة، فلما قضى صلاته، قالوا: يا رسول الله ! رأيناك
صنعت بالحسن شيئا ما رأيناك صنعته بأحد.
قال: " إنه ريحانتي من الدنيا، وإن ابني هذا سيد، وعسى
الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ".
هذا حديث حسن من حسنات الحسن، تفرد به عن أبي بكرة الثقفي
الحسن بن أبي الحسن.
ومبارك بن فضالة: شيخ حسن (1).
وفيها مات: أحمد بن إسحاق الوزان، وعبد الله بن محمد بن
سعيد ابن أبي مريم، وأبو بكر بن أبي الدنيا (2)، وعثمان بن
خرزاذ (3)، وأبو زرعة
__________
(1) لكنه مدلس، وأخرجه البخاري 5 / 224، 225 في الصلح: باب
قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن ابني هذا سيد، 7 / 74 في
فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب الحسن
الحسين، و 13 / 52، 57 في الفتن: باب قول النبي صلى الله
عليه وسلم للحسن بن علي إن ابني هذا سيد.
والنسائي 3 / 107 من طريق سفيان بن عيينة، عن إسرائيل، عن
الحسن البصري، عن أبي بكرة قال: رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على
الناس مرة وعليه أخرى، ويقول: " إن ابني هذا سيد، ولعل
الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " وأخرجه
البخاري 6 / 472 في علامات النبوة في الاسلام من طريق يحيى
بن آدم، عن حسين
الجعفي، عن إسرائيل بن موسى به، وأخرجه أبو داود (4662)
والترمذي (3773) من طريق محمد بن عبد الله الانصاري، عن
الاشعث بن عبدالملك، عن الحسن، عن أبي بكرة.
وقوله " إنه ريحانتي من الدنيا " أخرجه البخاري 7 / 77، 78
والترمذي (3770) من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ " هما
ريحانتاي من الدنيا ".
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (397)، برقم: (192) (3) ستأتي
ترجمته في الصفحة: (378)، برقم: (180) (*)
(13/191)
الدمشقي (1)، وعبد الله بن محمد بن النعمان بأصبهان (2).
108 - الحسن بن سلام *
الامام، الثقة، المحدث، أبو علي البغدادي السواق.
حدث عن: عبيد الله بن موسى، وأبي عبدالرحمن المقرئ، وعمرو
بن حكام، وأبي نعيم، وعفان بن مسلم، وعدة.
حدث عنه: ابن صاعد، وإسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك،
وأبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي.
وخلق سواهم.
قال أبو بكر الخطيب: ثقة صدوق (3).
قال أبو بكر الشافعي: مات في صفر سنة سبع وسبعين ومئتين.
109 - الحسن بن مكرم *
* الامام، الثقة، أبو علي البغدادي البزاز.
سمع: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وأبا
النضر هاشم بن القاسم، وطائفة.
حدث عنه: القاضي المحاملي، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر
النجاد، وأبو سهل بن زياد، وآخرون.
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة، (311)، برقم: (146) (2)
ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 2 / 56 - 57.
* تاريخ بغداد: 7 / 326، المنتظم: 5 / 107.
(3) نص الخطيب: " وذكره الدارقطني فقال: ثقة صدوق ".
7 / 326.
* * تاريخ بغداد: 7 / 432 - 433، المنتظم: 5 / 93، عبر
المؤلف: 2 / 53، شذرات الذهب: 2 / 165.
(*)
(13/192)
وثقه الخطيب (1).
توفي في شهر رمضان، سنة أربع وسبعين ومئتين.
110 - أبو عصيدة * [ د ] (2)
الشيخ، العالم، المحدث، أبو جعفر، أحمد بن عبيد بن
ناصح بن بلنجر (3) الديلمي، ثم البغدادي الهاشمي، مولاهم
النحوي، الملقب بأبي عصيدة.
حدث عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وأبي داود الطيالسي،
وعبد الله بن بكر، والاصمعي، ومحمد بن مصعب القرقساني،
وعدة.
حدث عنه: علي بن محمد المصري الواعظ، ومحمد بن جعفر
الادمي، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وعدة.
في حديثه مناكير.
قال ابن عدي: كان يسكن بسر من رأى، يحدث عن الاصمعي،
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 432.
* طبقات النحويين واللغويين للزبيدي: 204، الفهرست:
المقالة الثانية: الفن
الثاني، تاريخ بغداد: 4 / 258 - 260، نزهة الالباء: 207 -
208، معجم الادباء: 3 / 228 - 232، انباه الرواة: 1 / 84 -
86، تهذيب الكمال: خ: 32، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 19، ميزان
الاعتدال: 1 / 118، الوافي بالوفيات: 7 / 166 - 167،
البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 26، تهذيب التهذيب: 1 / 60،
بغية الوعاة: 1 / 333، خلاصة تذهيب الكمال: 10.
(2) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(3) بلنجر، بفتحتين وسكون النون، وضم الجيم، كما في "
اللباب "، وضبط الفيروز ابادي صاحب القاموس الجيم بالفتح،
وكذلك السيوطي في " البغية ".
وبالفتح: اسم مدينة ببلاد الخزر، أما بلنجر بضم الجيم فهو
اسم جد المترجم.
وقد ضبطت في الاصل بكسر الجيم.
(*)
(13/193)
ومحمد بن مصعب بمناكير، وهو صاحب موعظة الاوزاعي للمنصور،
وتفرد به.
قلت: قد تابعه أحمد الحوطي قال: وأبو عصيدة مع هذا كله من
أهل الصدق.
قلت: كان رأسا في العربية.
مات في سنة ثمان وسبعين ومئتين، وكان من أبناء التسعين،
رحمه الله.
وفيها مات: إبراهيم بن الهيثم البلدي (1)، وعبد الكريم
الديرعاقولي (2)، ومحمد بن شداد المسمعي (3)، وموسى بن سهل
الوشاء (4)، وهاشم بن مرثد الطبراني (5)، وموسى بن عيسى بن
المنذر الحمصي، وأبو أحمد الموفق بالله، ولي العهد (6).
111 - إسحاق بن سيار * ابن
محمد: الامام، الحافظ، الثبت، أبو يعقوب النصيبي.
سمع: عبد الله بن داود الخريبي، وأبا عاصم النبيل، وأبا
النضر هاشم بن القاسم، وطبقتهم، وجمع وصنف.
قال ابن عساكر (7): إسحاق بن سيار بن محمد بن مسلم
النصيبي،
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (411)، برقم: (199) (2) ستأتي
ترجمته في الصفحة: (335)، برقم: (154) (3) تقدمت ترجمته في
الصفحة: (148)، برقم: (79) (4) تقدمت ترجمته في الصفحة:
(149)، برقم: (80) (5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (270)،
برقم: (131) (6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (169)، برقم:
(100) * الجرح والتعديل: 2 / 223، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 /
380 أ - ب، عبر المؤلف: 2 / 51، شذرات الذهب: 2 / 163،
تهذيب بدران: 2 / 443.
(7) انظر: تاريخ دمشق: خ: 2 / 380 أ.
(*)
(13/194)
حدث عن: عبيد الله بن موسى، والخريبي، ويحيى البابلتي،
وأبي نعيم وأبي مسهر، وأبي النضر، ومحمد بن جهضم، وجنادة
بن محمد.
حدث عنه: جعفر الفريابي، وابن صاعد، ومحمد بن يوسف الهروي،
وأحمد بن نصر بن بجير، وخيثمة بن سليمان، ومحمد بن حمدون
ابن خالد، وآخرون، قال محمد بن حمدون في بعض أماليه: حدثنا
إسحاق بن سيار إمام الائمة، حدثنا إبراهيم بن زكريا...فذكر
حديثا (1).
وقال ابن أبي حاتم: كتب إلي إسحاق بن سيار ببعض حديثه،
وكان صدوقا ثقة (2).
قال أبو عروبة الحراني: مات بنصيبين في ذي الحجة سنة ثلاث
وسبعين ومئتين.
قال ابن أبي حاتم: كان إسماعيل القاضي يقول: ما بقي في
زماننا
__________
(1) تتمة السند والحدث كما في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 2 /
380 ب: "...عن همام، عن قتادة، عن قدامة بن وبرة عن الاصبغ
بن نباتة، عن علي قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم
في البقيع في يوم دجن ومطر، فمرت امرأة على حمار ومعها
مكاري، فهوت يد الحمار في وهدة من الارض فسقطت المرأة،
فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه، فقالوا: يا
رسول الله: إنها متسرولة، فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من
أمتي ثلاثا، أيها الناس: اتخذوا السراويلات، فإنها من أستر
ثيابكم، وخذوا بها نساءكم إذ خرجن ".
وأورده العقيلي في الضعفاء لوح 18، في ترجمة إبراهيم بن
زكريا وقال: صاحب مناكير وأغاليط، ولا يعرف هذا الحديث إلا
به، فلا يتابع عليه، وذكره ابن عدي في " الكامل " 4 / 1.
وقال: وهذا الحديث منكر لا يرويه عن همام غير إبراهيم ابن
زكريا ولا أعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم حدث عن الثقات
بالاباطيل، وقال ابن الجوزي في " الموضوعات " 3 / 45 بعد
أن أورده من طريق ابن عدي: موضوع والمتهم به إبراهيم.
(2) الجرح والتعديل: 2 / 323.
(*)
(13/195)
أحد تجب الرحلة إليه، غير إسحاق بن سيار، وأبي حاتم
الرازي، ويعقوب الفسوي.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي (1)، أخبرنا الفتح بن عبد
الله، حدثنا أبو الفضل الارموي (2)، ومحمد بن أحمد
الطرائفي، وابن الداية، قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن
المسلمة، أخبرنا أبو الفضل الزهري، حدثنا جعفر الفريابي،
حدثنا إسحاق بن سيار، حدثنا أبو صالح، حدثنا معاوية بن
صالح، عن المهاصر بن حبيب: أن عيسى بن مريم كان يقول: إن
الذي يصلي ويصوم، ولا يترك الخطايا مكتوب في الملكوت
كذابا.
وفيها مات: حنبل بن إسحاق (3)، وأحمد بن الوليد الفحام
(4)، والفتح بن شخرف العابد (5)، وأبو أمية الطرسوسي (6)
وأبو إبراهيم أحمد بن سعد الزهري (7)، وأحمد بن يوسف
التغلبي (8)، وأبو عبد الله بن ماجة القزويني (9)، وعبد
الله بن حماد الآملي (10).
وخلق.
__________
(1) الابرقوهي: نسبة إلى أبرقوه: بليدة بنواحي أصبهان.
(اللباب).
وقد ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: 4، 5.
(2) الارموي، بضم الالف، وسكون الراء، وفتح الميم: نسبة
إلى أرمية: من بلاد أذربيجان.
(اللباب).
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (51)، برقم: (38).
(4) انظر ترجمته في: عبر المؤلف: 2 / 51 - 52، شذرات
الذهب: 2 / 164.
(5) ترجمته في: تاريخ بغداد: 12 / 384 - 388، المنتظم: 5 /
89 - 90.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (91)، برقم: (52).
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (117)، برقم: (57).
(8) ترجمته في: تهذيب بدران: 2 / 123.
(9) ستأتي ترجمته في الصفحة: (277)، برقم: (133).
(10) انظره في: الانساب: 1 / 107.
(*)
(13/196)
112 - جعفر بن محمد بن شاكر
* الامام، المحدث، شيخ الاسلام، أبو محمد البغدادي الصائغ،
أحد الاعلام.
ولد قبل التسعين ومئة.
وسمع: حسين بن محمد المروذي، وأبا نعيم، وقبيصة بن عقبة،
وعفان بن مسلم، وأبا غسان النهدي، ومعاوية بن عمرو، وسريج
بن النعمان، وطبقتهم.
حدث عنه: موسى بن هارون، وابن صاعد، وأبو جعفر بن البختري،
وإسماعيل الصفار، وأبو بكر النجاد، وعثمان بن السماك، وابن
نجيح، وأبو بكر الشافعي، ومحمد بن جعفر الانباري، وخلق
سواهم.
قال الخطيب: كان زاهدا ثقة صادقا، متقنا ضابطا (1).
وقال أبو الحسين بن المنادي: كان ذا فضل وعبادة وزهد،
انتفع به خلق كثير في الحديث، وأكثروا عنه لثقته وصلاحه.
قال: وتوفي لاحدى عشرة خلت من ذي الحجة، سنة تسع وسبعين
ومئتين، وبلغ تسعين سنة سوى أشهر يسيرة، رحمه الله.
قلت: حديثه بعلو في " الغيلانيات ".
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 185 - 187، طبقات الحنابلة: 1 / 124 -
125، المنتظم: 5 / 140، تهذيب الكمال: خ: 205 - 206، تذهيب
التهذيب: خ: 1 / 110، عبر المؤلف: 2 / 62، تهذيب التهذيب:
2 / 102، خلاصة تذهيب الكمال: 63 - 64، شذرات الذهب: 2 /
174.
(1) تاريخ بغداد: 7 / 186.
(*)
(13/197)
وفيها: وفاة الخليفة المعتمد، وأحمد بن الخليل البرجلاني
(1)، وأحمد بن أبي خيثمة (2)، وأبو عيسى الترمذي (3)، وأبو
يحيى بن أبي مسرة (4)، وإبراهيم بن عبد الله القصار (5).
113 - ابن أبي العنبس *
الامام، المحدث، قاضي الكوفة، أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق
ابن أبي العنبس الزهري الكوفي.
سمع: جعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، وجماعة.
وعنه: أبو العباس بن عقدة، وخيثمة بن سليمان، وعلي بن محمد
ابن الزبير القرشي، وجماعة، وروى عن أبو بكر بن أبي الدنيا
- مع تقدمه - ومحمد بن خلف، ووكيع.
قال الخطيب: كان ثقة [ خيرا ] فاضلا [ دينا ] صالحا، ولي
القضاء بعد أحمد بن محمد بن سماعة (6).
قال محمد بن خلف: كتبت عنه سنة ثلاث وخمسين، وهو على قضاء
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (269)، برقم: (130) (2)
ترجمته في: المنتظم: 5 / 139، عبر المؤلف: 2 / 61 - 62،
شذرات الذهب: 2 / 174.
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (270) برقم: (132) (3) هو:
عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مسرة، محدث مكة.
ترجمته في: العقد الثمين: 5 / 99، عبر المؤلف: 2 / 62،
شذرات الذهب: 2 / 174، وقد تحرف في المطبوع من " العبر " و
" الشذرات " إلى: " ميسرة ".
(5) ترجمته في: عبر المؤلف: 2 / 62، شذرات الذهب: 2 / 174.
* تاريخ بغداد: 6 / 25 - 26، المنتظم: 5 / 105.
(6) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 25.
والزيادة منه.
(*)
(13/198)
مدينة المنصور، فبقي سنة، وصرف، لان الموفق أراد أن يقرضه
أموال
الايتام، فقال: لا والله، ولا حبة.
فعزله ورده إلى قضاء الكوفة (1).
مات في ربيع الآخر سنة سبع وسبعين ومئتين، عن نيف وتسعين
سنة.
وله أخ ماجن، صاحب نوادر.
114 - كردوس * [ ق ] (2)
الامام المتقن، أبو الحسين، خلف بن محمد بن عيسى
الواسطي.
سمع: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وروحا.
وعنه: ابن ماجة، وابن مخلد: وإسماعيل الصفار، وابن أبي
حاتم، وابن الاعرابي، وخيثمة.
وثقه الدارقطني.
توفي سنة أربع وسبعين ومئتين.
115 - ابن بلبل * * الوزير
الكبير، الاوحد، الاديب، أبو الصقر، إسماعيل بن بلبل
الشيباني.
__________
(1) انظر المصدر السابق.
* تاريخ بغداد: 8 / 330 - 331، المنتظم: 5 / 93، تهذيب
الكمال: خ: 379 - 380، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 199 - 200،
عبر المؤلف: 2 / 53، تهذيب التهذيب: 3 / 154، خلاصة تذهيب
الكمال: 106، شذرات الذهب: 2 / 165.
(2) زيادة من " التقريب ".
* * تاريخ الطبري: 10 / 10، 18، 20، 21، 22، الكامل لابن
الاثير: 7 / 328.
(*)
(13/199)
أحد الشعراء والبلغاء والاجواد الممدحين.
وزر للمعتمد في سنة خمس وستين ومئتين، بعد الحسن بن مخلد
(1)، ثم عزل، ثم وزر، ثم عزل، ثم وزر ثالثا عند القبض على
صاعد الوزير، سنة اثنتين وسبعين.
وكان في رتبة كبار الملوك، له راتب عظيم، في اليوم مئة
شاة، وسبعون جديا، وقنطار حلواء، ولما ولي العهد المعتضد،
قبض عليه وعذبه، حتى هلك في سنة ثمان وسبعين ومئتين.
قال عبيد الله بن أبي طاهر: وقع اختيار الموفق لوزارته على
أبي الصقر، فاستوزر رجلا قلما رؤي مثله، كفاية للمهم،
واستقلالا بالامور، وأمضى للتدبير في أصح سبله وأعودها
بالنفع، وأحوطها لاعمال السلطان، مع رفع قدره للادب وأهله،
وبذله لهم الكرائم، مع الشجاعة وعلو الهمة، وصغر الدنيا
عنده، إلا ما قدمه لمعاده، مع سعة حلمه وكظمه، وإفضاله على
من أراد تلف نفسه.
قال أبو علي التنوخي: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن أحمد،
حدثنا سليمان بن الحسن قال: قال أبو العباس بن الفرات:
حضرت مجلس ابن بلبل، وقد جلس جلوسا عاما، فدخل إليه
المتظلمون، فنظر في أمورهم، فما انصرف أحد إلا بصلة، أو
ولاية، أو قضاء حاجة، أو إنصاف، وبقي رجل في آخر المجلس
يسأله تسييب إجارة قريته، فقال: إن الموفق أمر أن لا أسيب
شيئا إلا عن أمره، فسأخبره.
قال: فراجعنا الرجل، وقال: متى أخرني الوزير فسد حالي.
فقال لكاتبه: اكتب حاجته في التذكرة.
فولى الرجل غير
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (7)، برقم: (4).
(*)
(13/200)
بعيد، ثم رجع، واستأذن، ثم قال:
ليس في كل دولة وأوان * تتهيأ صنائع الاحسان فإذا أمكنتك
يوما من الدهر * فبادر بها صروف الزمان فقال لي: يا أبا
العباس: اكتب له بتسييب إجارة ضيعته الساعة.
وأمر الصيرفي أن يدفع إليه خمس مئة دينار.
ويقال: إن فتاه ناوله مدة بالقلم، فنقطت على دراعة مثمنة،
فجزع، فقال: لا تجزع، ثم أنشد: إذا ما المسك طيب ريح قوم *
كفاني ذاك رائحة المداد فما شئ بأحسن من ثياب * على
حافاتها حمم السواد قلت: صدق، وهي خال في ملبوس الوزراء.
قال جحظة (1): قلت: بأبي الصقر علينا * نعم الله جليله ملك
في عينه الدني * ا لراجيه قليله فأمر لي بمئتي دينار.
قال الصولي: ولد ابن بلبل سنة ثلاثين ومئتين، ورأيته مرات،
فكان في نهاية الجمال، وتمام القد والجسم، فقبض عليه في
صفر، سنة ثمان وسبعين، وقيد، وألبس عباءة غمست في دبس
ومرقة كوارع، وأجلس في
__________
(1) هو: أحمد بن جعفر بن موسى، أبو الحسن، نديم أديب مغن،
من بقايا البرامكة.
كان في عينيه نتوء، فلقبه ابن المعتز بجحظة.
توفي سنة: (324 ه).
سيترجمه المؤلف، والبيتان في " جحظة البرمكي الاديب الشاعر
": 28، 214، (د.
مزهر السوداني: ط.
النجف الاشرف 1977) وتخريجهما فيه.
(*)
(13/201)
مكان حار، وعذب بأنواع العذاب، فمات في جمادى الاولى.
وقيل: رؤي
في النوم فقيل: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي بما لقيت، لم
يكن ليجمع علي عذاب الدنيا والآخرة.
وروى أبو علي التنوخي، عن أبيه، عن جماعة من أهل الحضرة
أخبروه: أن المعتضد أمر بابن بلبل، فاتخذ له تغارا (1)
كبيرا، وملئ اسفيذاجا وبله، ثم جعل رأسه فيه إلى عنقه،
ومسك عليه حتى خمد، فلم يزل روحه يخرج بالضراط من أسفله
حتى مات.
116 - أصبغ بن خليل * فقيه
قرطبة ومفتيها، أبو القاسم الاندلسي المالكي.
أخذ عن: الغازي بن قيس قليلا، وعن يحيى بن يحيى، وأصبغ بن
الفرج، وسحنون، وطائفة.
وبرع في الشروط، وكان لا يدري الاثر، وقد اتهم في النقل،
ووضع في عدم رفع اليدين - فيما قيل -.
وقال قاسم بن أصبغ: هو منعني السماع من بقي (2).
وسمعته يقول: أحب أن يكون في تابوتي خنزير، ولا يكون فيه
مصنف ابن أبي شيبة.
ثم دعا عليه قاسم.
__________
(1) التغار: وعاء كبير.
والكلمة فارسية.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 77 - 79 جذوة المقتبس: 173،
بغية الملتمس: 240، ميزان الاعتدال: 1 / 269 - 271، لسان
الميزان: 1 / 458 - 459، الديباج المذهب: 1 / 301.
(2) بقي بن مخلد.
ستأتي ترجمته في الصفحة: (285)، برقم: (137).
(*)
(13/202)
وقيل: قرأ عليه أحمد بن خالد الحافظ اسم أسيد بن الحضير،
فرد عليه
بخاء معجمة.
روى عنه: هو، وقاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبدالملك.
وكان ذا تعبد وورع، عفا الله عنه.
عاش نحو التسعين، ومات سنة ثلاث وسبعين ومئتين.
117 - أبو داود * [ ت، س ] (1) وابنه سليمان بن الاشعث بن
شداد بن عمرو بن عامر (2).
كذا أسماه عبد الرحمن بن أبي حاتم.
وقال محمد بن عبد العزيز الهاشمي: سليمان بن الاشعث بن بشر
بن شداد.
وقال ابن داسة (3)، وأبو عبيد الآجري: سليمان ابن الاشعث
بن إسحاق بن بشير بن شداد.
وكذلك قال أبو بكر الخطيب في " تاريخه " (4).
وزاد: ابن عمرو بن عمران.
الامام، شيخ السنة، مقدم الحفاظ، أبو داود، الازدي
السجستاني، محدث البصرة.
__________
* الجرح والتعديل: 4 / 101 - 102، تاريخ بغداد: 9 / 55 -
59، طبقات الحنابلة: 1 / 159 - 162، تاريخ ابن عساكر: خ: 7
/ 271 ب - 274 ب، المنتظم: 5 / 97 - 98، وفيات الاعيان: 2
/ 404 - 405، تذكرة الحفاظ: 2 / 591 - 593، عبر المؤلف: 2
/ 54 - 55، طبقات السبكي: 2 / 293 - 296، البداية
والنهاية: 11 / 54 - 56، تهذيب التهذيب: 4 / 169 - 173،
طبقات الحفاظ: 261 - 262، طبقات المفسرين: 1 / 201 - 202،
شذرات الذهب: 2 / 167 - 168، تهذيب بدران: 6 / 246 - 248.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(2) انظر: الجرح والتعديل: 4 / 101.
(3) هو أحد رواة " السنن " عنه.
(4) 9 / 55.
(*)
(13/203)
ولد سنة اثنتين ومئتين، ورحل، وجمع، وصنف، وبرع في هذا
الشأن.
قال أبو عبيد الآجري: سمعته يقول: ولدت سنة اثنتين، وصليت
على عفان (1) سنة عشرين، ودخلت البصرة وهم يقولون: أمس مات
عثمان بن الهيثم المؤذن (2).
فسمعت من أبي عمر الضرير مجلسا واحدا.
قلت: مات (3) في شعبان من سنة عشرين، ومات عثمان قبله
بشهر، قال: وتبعت عمر بن حفص بن غياث إلى منزله، ولم أسمع
منه (4) وسمعت من سعيد بن سليمان مجلسا واحدا، ومن عاصم بن
علي مجلسا واحدا (5).
قلت: وسمع بمكة من القعنبي، وسليمان بن حرب.
وسمع من: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، وأبي الوليد
الطيالسي، وموسى بن إسماعيل، وطبقتهم بالبصرة.
ثم سمع بالكوفة من: الحسن بن الربيع البوراني، وأحمد بن
يونس اليربوعي، وطائفة.
وسمع من: أبي توبة الربيع بن نافع بحلب، ومن: أبي جعفر
النفيلي، وأحمد بن أبي شعيب، وعدة، بحران.
ومن حيوة بن شريح، ويزيد بن عبد ربه، وخلق بحمص.
ومن صفوان بن صالح، وهشام بن
__________
(1) هو عفان بن مسلم، الحافظ البصري.
انظر: " عبر " المؤلف: 1 / 380.
(2) مؤذن جامع البصرة.
انظر " العبر ": 1 / 380.
(3) أي أبو عمر الضرير.
(4) زاد الخطيب البغدادي هنا: "...شيئا، ورأيت خالد بن
خداش ولم أسمع منه
شيئا ".
(5) تاريخ بغداد: 9 / 56.
(*)
(13/204)
عمار، بدمشق، ومن إسحاق بن راهويه وطبقته بخراسان.
ومن أحمد بن حنبل وطبقته ببغداد.
ومن قتيبة بن سعيد ببلخ.
ومن أحمد بن صالح وخلق بمصر.
ومن إبراهيم بن بشار الرمادي، وإبراهيم بن موسى الفراء،
وعلي بن المديني، والحكم بن موسى، وخلف بن هشام، وسعيد بن
منصور، وسهل بن بكار، وشاذ بن فياض، وأبي معمر عبد الله بن
عمرو المقعد، وعبد الرحمن بن المبارك العيشي، وعبد السلام
بن مطهر، وعبد الوهاب بن نجدة، وعلي بن الجعد، وعمرو بن
عون، وعمرو بن مرزوق، ومحمد بن الصباح الدولابي، ومحمد بن
المنهال الضرير، ومحمد بن كثير العبدي، ومسدد بن مسرهد،
ومعاذ بن أسد، ويحيى بن معين، وأمم سواهم.
حدث عنه: أبو عيسى، في " جامعه "، والنسائي، فيما قيل،
وإبراهيم ابن حمدان العاقولي (1)، وأبو الطيب أحمد بن
إبراهيم بن الاشناني البغدادي، نزيل الرحبة، راوي " السنن
" عنه (2)، وأبو حامد أحمد بن جعفر الاشعري الاصبهاني،
وأبو بكر النجاد، وأبو عمرو أحمد بن علي بن حسن البصري،
راوي " السنن " عنه، وأحمد بن داود بن سليم، وأبو سعيد بن
الاعرابي راوي " السنن " بفوت له، وأبو بكر أحمد بن محمد
الخلال الفقيه، وأحمد بن محمد بن ياسين الهروي، وأحمد بن
المعلى الدمشقي، وإسحاق بن موسى الرملي الوراق (3)،
وإسماعيل بن محمد الصفار، وحرب بن إسماعيل الكرماني،
والحسن بن صاحب الشاشي، والحسن بن عبد الله الذارع،
__________
(1) العاقولي: نسبة إلى دير العاقول: بليدة بالقرب من
بغداد.
وقد ينسب إليها بالديرعاقولي أيضا.
(اللباب).
(2) مترجم في " تاريخ بغداد " 4 / 16.
(3) وراق أبي داود.
(*)
(13/205)
والحسين بن إدريس الهروي، وزكريا بن يحيى الساجي، وعبد
الله بن أحمد الاهوازي عبدان، وابنه أبو بكر بن أبي داود،
وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعبد الله ابن أخي أبي زرعة، وعبد
الله بن محمد بن يعقوب، وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي،
وعلي بن الحسن بن العبد الانصاري، أحد رواة " السنن " (1)،
وعلي بن عبد الصمد ما غمه (2)، وعيسى بن سليمان البكري،
والفضل بن العباس بن أبي الشوارب، وأبو بشر الدولابي
الحافظ، وأبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي، راوي " السنن "
(3)، ومحمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي (4) البصري، راوي
كتاب " القدر " له، ومحمد بن بكر بن داسة التمار، من رواة
" السنن " (5)، ومحمد بن جعفر بن الفريابي، ومحمد بن خلف
بن المرزبان، ومحمد بن رجاء البصري، وأبو سالم محمد بن
سعيد الادمي، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي المكي،
وأبو أسامة محمد ابن عبدالملك الرواس، راوي " السنن "
بفواتات، وأبو عبيد محمد بن علي ابن عثمان الآجري الحافظ،
ومحمد بن مخلد العطار الخضيب (6)، ومحمد ابن المنذر شكر،
ومحمد بن يحيى بن مرداس السلمي، وأبو بكر محمد بن يحيى
الصولي، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني.
__________
(1) وفي روايته من الكلام على جماعة من الرواة والاسانيد
ما ليس في رواية اللؤلؤي.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (429)، برقم: (213).
(3) رواها عنه في سنة خمس وسبعين ومئتين، وتعد روايته من
أجود الروايات وأكملها لانها
من آخر ما أملى أبو داود، وهي المتداولة في المشرق والهند.
(4) المتوثي، بفتح الميم، وضم التاء المشددة، وسكون الواو:
نسبة إلى متوث: بلدة بين قرقوب وكور الاهواز (اللباب) (5)
وروايته تقارب رواية اللؤلؤي إلا انها تختلف عنها في
التقديم والتأخير، وهي المتداولة في المغرب، وعليها اعتمد
الخطابي في شرح " معالم السنن ".
(6) يطلق هذا الاسم على من يخضب لحيته بالحمرة.
(اللباب).
(*)
(13/206)
وقد روى النسائي في " سننه " مواضع يقول: حدثنا أبو داود،
حدثنا سليمان بن حرب، وحدثنا النفيلي، وحدثنا عبد العزيز
بن يحيى المدني، وعلي بن المديني، وعمرو بن عون، ومسلم بن
إبراهيم، وأبو الوليد، فالظاهر أن أبا داود في كل الاماكن
هو السجستاني، فإنه معروف بالرواية عن السبعة، لكن شاركه
أبو داود سليمان بن سيف الحراني في الرواية عن بعضهم،
والنسائي فمكثر عن الحراني.
وقد روى النسائي في كتاب " الكنى "، عن سليمان بن الاشعث،
ولم يكنه، وذكر الحافظ ابن عساكر في " النبل " (1) أن
النسائي يروي عن أبي داود السجستاني.
أنبأني جماعة سمعوا ابن طبرزد، أخبرنا أبو البدر الكرخي،
أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو عمر الهاشمي، أخبرنا
أبو علي اللؤلؤي، أخبرنا أبو دواد، حدثنا محمد بن كثير،
أخبرنا جعفر بن سليمان، عن عوف، عن أبي رجاء، عن عمران بن
حصين قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
السلام عليكم.
فرد عليه، ثم جلس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "
عشر ".
ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه،
فجلس، فقال: " عشرون ".
ثم
جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فرد عليه، فجلس، وقال: " ثلاثون " (2).
__________
(1) صفحة: 132.
(2) إسناده قوي وهو في سنن أبي داود: (5195)، في الادب:
باب كيف السلام، وعوف هو ابن أبي جميلة، وأبو رجاء هو
العطاردي، واسمه عمران بن ملحان، وأخرجه الترمذي: (2689)
في أول الاسستئذان من طريقين، عن محمد بن كثير بهذا
الاسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(*)
(13/207)
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد (1) - فيما أظن - وعمر بن
محمد الفارسي (2)، وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر،
أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن الداوودي،
أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا عيسى ابن عمر السمرقندي،
أخبرنا عبد الله بن عبدالرحمن الحافظ، أخبرنا محمد ابن
كثير، فذكره بنحوه.
أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي، عن أبي داود، عن محمد بن
كثير، وأخرجه أبو عيسى في " جامعه " عن الحافظ عبد الله
الدارمي، فوافقناهما بعلو.
أخبرنا أبو القاسم عبدالرحمن بن عبد الحليم (3) الفقيه
بقراءتي، أخبرنا علي بن مختار، أخبرنا أحمد بن محمد
الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي الصوفي، أخبرنا علي
بن أحمد الرزاز، حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو
داود سليمان بن الاشعث، بالبصرة، حدثنا أبو توبة الربيع بن
نافع، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن
أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " نهى عن تلقي
الجلب، فإن تلقاه متلق فاستراه، فصاحب السلعة
بالخيار إذا ورد السوق "
__________
(1) هو: " علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن
عيسى بن أحمد بن محمد ابن محمد بن محمد، الامام المحدث
الفقيه الاوحد، بقية السلف، شرف الدين أبو الحسين ابن
الامام الرباني الفقيه أبي عبد الله اليونيني الحنبلى
شيخنا ومفيدنا.
ولد " سنة إحدى وعشرين وستمئة " وكان شيخا مهيبا منورا حلو
المجالسة، كثير الافادة، قوي المشاركة في العلوم حسن
البشر، مليح التواضع، أكثرت عنه ببعلبك وبدمشق.
دخل في أول رمضان سنة إحدى وسبعمائة خزانة الكتب ببعلبك،
فدخل إليه رجل مضطرب العقل، فضربه بسكين صغيرة في دماغه
بقي أياما وتوفي إلى رحمة الله ".
" مشيخة " المؤلف: خ ق: 99 - 100.
(2) هو: عمر بن محمد بن عمر بن حسن بن خواجا.
أبو حفص الفارسي ثم الدمشقي.
وفاته سنة (702 ه).
" مشيخة المؤلف ": خ ق: 108.
(3) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 73 - 74.
(*)
(13/208)
هذا حديث صحيح غريب (1)، وأخرجه الترمذي من طريق عبيد الله
ابن عمرو، وهو من أفراده.
وقع لنا عدة أحاديث عالية لابي داود، وكتاب " الناسخ " له.
وسكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغية الزنج، فنشر بها العلم،
وكان يتردد إلى بغداد.
قال الخطيب أبو بكر: يقال: إنه صنف كتابه " السنن " قديما،
وعرضه على أحمد بن حنبل، فاستجاده، واستحسنه (2).
قال أبو عبيد: سمعت أبا داود يقول: رأيت خالد بن خداش، ولم
أسمع منه، ولم أسمع من يوسف الصفار، ولا من ابن الاصبهاني،
ولا من عمرو بن حماد، والحديث رزق (3).
قال أبو عبيد الآجري: وكان أبو داود لا يحدث عن ابن
الحماني، ولا عن سويد، ولا عن ابن كاسب، ولا عن محمد بن
حميد، ولا عن سفيان ابن وكيع (4).
وقال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - خمس مئة ألف حديث، انتخبت
منها ما ضمنته هذا الكتاب - يعني
__________
(1) هو في سنن أبي داود: (3437)، في البيوع والاجارات: باب
في التلقي، والترمذي: (1221)، وقال: " هذا حديث حسن غريب
".
وأخرجه مسلم في صحيحه: " 1519) (17)، في البيوع: باب تحريم
تلقي الجلب، من طريق هشام القردوسي عن ابن سيرين عن أبي
هريرة.
والجلب: فعل بمعنى مفعول.
وهو ما يجلب للبيع، أي شئ كان.
(2) تاريخ بغداد: 9 / 56.
(3) للخبر زيادات في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 7 / 272 ب -
273 ا.
(4) والخمسة ضعفاء قد تكلم فيهم.
(*)
(13/209)
كتاب " السنن " -، جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثماني مئة
حديث (1)، ذكرت الصحيح، وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الانسان
لدينه من ذلك أربعة أحاديث، أحدها: قوله - صلى الله عليه
وسلم -: " الاعمال بالنيات " (2).
والثاني: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " (3).
والثالث: قوله: " لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لاخيه ما
يرضى لنفسه " (4).
والرابع: " الحلال بين "...الحديث (5).
رواها الخطيب: حدثني أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم
القاري الدينوري بلفظه: سمعت أبا الحسين محمد بن عبد الله
بن الحسن الفرضي، سمع ابن داسة (6).
قوله: يكفي الانسان لدينه، ممنوع، بل يحتاج المسلم إلى عدد
كثير من السنن الصحيحة مع القرآن.
__________
(1) بلغ عددها في المطبوع من رواية اللؤلؤي: (5274).
(2) حديث صحيح مشهور، وأخرجه الستة من حديث عمر بن الخطاب.
(3) حديث صحيح بشواهده " أخرجه من حديث أبي هريرة الترمذي:
(2317)، وابن ماجه: (3976).
وأخرجه أحمد من حديث الحسين بن علي: 1 / 201.
وأخرجه من حديث أبي بكر أبو أحمد الحاكم في " الكنى "
وأخرجه الشيرازي في " الالقاب " من حديث أبي ذر.
وأخرجه الحاكم في " تاريخ نيسابور " عن علي بن أبي طالب،
وأخرجه الطبراني في " الاوسط " من حديث زيد بن ثابت،
وأخرجه ابن عساكر في " تاريخه " من حديث الحارث بن هشام.
(4) أخرجه من حديث أنس البخاري: 1 / 53 - 54، في الايمان:
باب علامة الايمان، ومسلم: (45) في الايمان: باب الدليل
على أن من خصال الايمان أن يحب لاخيه المسلم ما يحب لنفسه،
والترمذي: (2517)، والنسائي: 8 / 115، وابن ماجه: (66).
(5) أخرجه من حديث النعمان بن بشير: البخاري: 1 / 117، في
الايمان: باب فضل من استبرأ لدينه، ومسلم: (1599)، وأبو
داود: (3329) و: (3330)، والترمذي: (1205)، والنسائي: 7 /
241.
(6) تاريخ بغداد: 9 / 57.
(*)
(13/210)
قال أبو بكر الخلال: أبو داود الامام المقدم في زمانه، رجل
لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم، وبصره بمواضعه أحد في
زمانه، رجل ورع مقدم، سمع منه أحمد بن حنبل حديثا واحدا،
كان أبو داود يذكره.
قلت: هو حديث أبي داود، عن محمد بن عمرو الرازي، عن عبد
الرحمن بن قيس، عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه:
" أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن العتيرة، فحسنها ".
وهذا حديث منكر، تكلم في ابن قيس من أجله (1)، وإنما
المحفوظ عند حماد بهذا السند حديث: " أما تكون الذكاة إلا
من اللبة " (2).
ثم قال الخلال: وكان إبراهيم الاصبهاني ابن أورمة، وأبو
بكر بن صدقة يرفعون من قدره، ويذكرونه بما لا يذكرون أحدا
في زمانه مثله (3).
وقال أحمد بن محمد بن ياسين: كان أبو داود أحد حفاظ
الاسلام لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمه
وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف، والصلاح والورع،
من فرسان الحديث.
__________
(1) بل كذبه ابن مهدي وأبو زرعة، وقال البخاري: ذهب حديثه،
وقال أحمد: لم يكن بشئ، وقال مسلم: ذاهب الحديث.
وقال النسائي: متروك الحديث، وهذا الحديث أورده المصنف في
الميزان: 2 / 583، في ترجمة عبدالرحمن بن قيس، وذكر أنه
رواه أبو داود في غير سننه.
(2) وتمامه: " قال: لو طعنت في فخذها لاجزأ عنك ".
أخرجه أبو داود: (2825)، والترمذي: (1481) وابن ماجه:
(3184).
وأبو العشراء مجهول، وفي " التهذيب " قال الميموني: سألت
أحمد عن حديث أبي العشراء في الذكاة، قال: هو عندي غلط ولا
يعجبني ولا أذهب إليه إلا في موضع ضرورة.
قال: ما أعرف أنه يروى عن أبي العشراء حديث غير هذا.
وقال البخاري: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر.
وانظر ترجمة والد أبي العشراء في " أسد الغابة " 5 / 44،
45.
(3) تاريخ بغداد: 9 / 57.
(*)
(13/211)
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني، وإبراهيم الحربي:
لما صنف أبو داود كتاب " السنن " ألين لابي داود الحديث،
كما ألين لداود،
عليه السلام، الحديد (1).
الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى، سمعت محمد بن
مخلد يقول: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث، ولما
صنف كتاب " السنن "، وقرأه على الناس، صار كتابه لاصحاب
الحديث كالمصحف، يتبعونه ولا يخالفونه، وأقر له أهل زمانه
بالحفظ والتقدم فيه (2).
وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق أبو داود في الدنيا
للحديث، وفي الآخرة للجنة.
وقال علان بن عبد الصمد: سمعت أبا داود، وكان من فرسان
الحديث.
قال أبو حاتم بن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقها
وعلما وحفظا، ونسكا وورعا وإتقانا جمع وصنف وذب عن السنن
(3).
قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: الذين خرجوا وميزوا
الثابت من المعلول، والخطأ من الصواب أربعة: البخاري،
ومسلم، ثم أبو داود، والنسائي.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في
عصره بلا مدافعة، سمع بمصر والحجاز، والشام والعراقين (4)
وخراسان.
وقد كتب
__________
(1) تهذيب التهذيب: 4 / 172.
(2) انظر: تهذيب التهذيب: 4 / 172.
(3) انظر: المصدر السابق.
(4) العراقان: هما البصرة والكوفة.
(*)
(13/212)
بخراسان قبل خروجه إلى العراق، في بلده وهراة.
وكتب ببغلان (1) عن قتيبة، وبالري عن إبراهيم بن موسى، إلا
أن أعلى إسناده: القعنبي،
ومسلم بن إبراهيم...وسمى جماعة.
قال: وكان قد كتب قديما بنيسابور، ثم رحل بابنه أبي بكر
إلى خراسان.
روى أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، قال: دخلت الكوفة سنة
إحدى وعشرين، وما رأيت بدمشق مثل أبي النضر الفراديسي،
وكان كثير البكاء، كتبت عنه سنة اثنتين وعشرين.
قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي: سمعت أحمد بن محمد بن
الليث قاضي بلدنا يقول: جاء سهل بن عبد الله التستري إلى
أبي داود السجستاني، فقيل: يا أبا داود: هذا سهل بن عبد
الله جاءك زائرا - فرحب به، وأجلسه، فقال سهل: يا أبا داود
! لي إليك حاجة.
قال: وما هي ؟ قال: حتى تقول: قد قضيتها مع الامكان.
قال: نعم.
قال: أخرج إلي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - حتى أقبله.
فأخرج إليه لسانه فقبله (2).
روى إسماعيل بن محمد الصفار، عن الصاغاني، قال: لين لابي
داود السجستاني الحديث، كما لين لداود الحديد.
وقال موسى بن هارون: ما رأيت أفضل من أبي داود.
قال ابن داسة: سمعت أبا داود يقول: ذكرت في " السنن "
الصحيح وما يقاربه، فإن كان فيه وهن شديد [ بينته ] (3).
__________
(1) بغلان: بلدة بنواحي بلخ.
(انظر: ياقوت).
(2) وفيات الاعيان: 2 / 404 - 405.
(3) زيادة من " طبقات " السبكي.
وقال الحافظ ابن حجر: إن قول أبي داود:: فإن = (*)
(13/213)
قلت: فقد وفى - رحمه الله - بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما
ضعفه
شديد، ووهنه غير محتمل، وكاسر (1) عن ما ضعفه خفيف محتمل،
فلا يلزم من سكوته - والحالة هذه - عن الحديث أن يكون حسنا
عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد
الحادث، الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام
الصحيح، الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، أو الذي
يرغب عنه أبو عبد الله البخاري، ويمشيه مسلم، وبالعكس، فهو
داخل في أداني مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن
الاحتجاج، ولبقي متجاذبا بين الضعف والحسن، فكتاب أبي داود
أعلى ما فيه من (2) الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو من
شطر الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه
الآخر، ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيدا، سالما من
علة وشذوذ، ثم يليه ما كان إسناده صالحا، وقبله العلماء
لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا، يعضد كل إسناد منهما الآخر،
ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه.
فمثل هذا يمشيه أبو داود، ويسكت عنه غالبا، ثم يليه ما كان
بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا
__________
= كان فيه وهن شديد بينته ": يفهم أن الذي يكون فيه وهن
غير شديد أنه لا يبينه، ومن هنا يتبين أن جميع ما سكت عنه
أبو داود لا يكون من قبيل الحسن إذا اعتضد.
وهذان القسمان كثير في كتابه جدا، ومنه ما هو ضعيف، لكن من
رواية من لم يجمع على تركه غالبا، وكل من هذه الاقسام عنده
تصلح للاحتجاج بها كما نقل ابن مندة عنه أنه يخرج الحديث
الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، وأنه أقوى من رأي
الرجال.
وقال النووي، رحمه الله: في " سنن " أبي داود أحاديث ظاهرة
الضعف، لم يبينها، مع أنه متفق على ضعفها.
والحق أن ما وجدناه في " سننه " مما لم يبينه، ولم ينص على
صحته أو حسنه أحد ممن يعتمد، فهو حسن، وإن نص على ضعفه من
يعتمد، أو رأى العارف في سنده ما يقتضي الضعف ولا جابر له،
حكم بضعفه ولا يلتفت إلى سكوت أبي داود.
(1) كسر من طرفه: غض.
(2) في الاصل: (ما) وهو خطأ.
(*)
(13/214)
يسكت عنه، بل يوهنه غالبا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته
ونكارته، والله أعلم (1).
قال الحافظ زكريا الساجي: كتاب الله أصل الاسلام، وكتاب
أبي داود عهد الاسلام (2).
قلت: كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار
الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الامام
أحمد، لازم مجلسه مدة، وسأله عن دقاق المسائل في الفروع
والاصول (3).
وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها، وترك
الخوض
__________
(1) أبو داود يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء ويسكت عنها،
مثل: ابن لهيعة، وصالح مولى التوأمة، وعبد الله بن محمد بن
عقيل، وموسى بن وردان، وسلمة بن الفضل، وغيرهم.
فلا ينبغي للناقد ان يقلده في السكوت على أحاديثهم،
ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر: هل لذلك
الحديث متابع يعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه، لا سيما إن
كان مخالفا لرواية من هو أوثق منه، فإنه ينحط إلى قبيل
المنكر.
وقد يخرج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير، كالحارث بن دحية،
وصدقة الدقيقي، وعمرو بن واقد العمري، ومحمد بن عبدالرحمن
البيلماني، وأبي حيان الكلبي، وسليمان بن أرقم، وإسحاق بن
عبد الله بن أبي فروة، وأمثالهم من المتروكين، وكذلك ما
فيه من الاسانيد المنقطعة، وأحاديث المدلسين بالعنعنة،
والاسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم، فلا يتجه الحكم
لاحاديث هؤلاء بالحسن من أجل سكوت أبي داود، لان سكوته
تارة يكون اكتفاء بما تقدم من الكلام في ذلك الراوي في نفس
كتابه، وتارة يكون لذهول منه، وتارة يكون لظهور شدة
ضعف ذلك الراوي واتفاق الائمة على طرح روايته كأبي
الحويرث، ويحيى بن العلاء، وغيرهما، وتارة يكون من اختلاف
الرواة عنه، وهو الاكثر، فإن في رواية أبي السحن بن العبد
عنه من الكلام على جماعة من الرواة والاسانيد ما ليس في
رواية اللؤلؤي.
هذا، وقد قال العلامة محمد بن ابراهيم الوزير اليمني،
المتوفى سنة (840 ه)، في كتابه: " تنقيح الانظار ": 1 /
201: وقد جود الذهبي في شرط أبي داود، في ترجمته من "
النبلاء ".
ثم ساق كلام الذهبي بتمامه في الكتاب نفسه: 1 / 216.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 7 / 273 أ.
(3) وقد دون تلك الاسئلة في كتاب، وهو مطبوع باسم " مسائل
الامام أحمد رواية أبي داود ".
في مطبعة المنار بمصر (1353 ه).
وقد قدم له العلامة الشيخ محمد رشيد رضا.
(*)
(13/215)
في مضائق الكلام.
روى الاعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كان عبد الله بن
مسعود يشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هديه ودله.
وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك.
قال جرير بن عبدالحميد: وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة
في ذلك، وكان منصور يشبه بإبراهيم.
وقيل: كان سفيان الثوري يشبه بمنصور، وكان وكيع يشبه
بسفيان، وكان أحمد يشبه بوكيع، وكان أبو داود يشبه بأحمد
(1).
قال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي، حدثني أبو
بكر بن جابر خادم أبي داود - رحمه الله - قال: كنت مع أبي
داود ببغداد، فصلينا المغرب، فجاءه الامير أبو أحمد الموفق
- يعني ولي العهد - فدخل، ثم أقبل عليه أبو داود، فقال: ما
جاء بالامير في مثل هذا الوقت ؟ قال: خلال
ثلاث.
قال: وما هي ؟ قال: تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطنا، ليرحل
إليك طلبة العلم، فتعمر بك، فإنها قد خربت، وانقطع عنها
الناس، لما جرى عليها من محنة الزنج.
فقال: هذه واحدة.
قال: وتروي لاولادي " السنن ".
قال: نعم، هات الثالثة.
قال: وتفرد لهم مجلسا، فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع
العامة.
قال: أما هذه فلا سبيل إليها، لان الناس في العلم سواء.
قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون في كم حيري، عليه
ستر، ويسمعون مع العامة (2).
__________
(1) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 7 / 273 ب، و: البداية
والنهاية: 11 / 55.
(2) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 7 / 273 ب - 274 أ، و:
طبقات السبكي: 2 / 295 - 296.
(*)
(13/216)
قال ابن داسة: كان لابي داود كم واسع وكم ضيق، فقيل له في
ذلك، فقال: الواسع للكتب، والآخر لا يحتاج إليه (1).
قال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي يقول: خير الكلام ما
دخل الاذن بغير إذن.
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: الليث روى عن
الزهري، وروى عن أربعة، عن الزهري، حدث عن: خالد بن يزيد،
عن سعيد بن أبي هلال، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن
كيسان، عن الزهري.
وسمعت أبا داود يقول: كان عمير بن هانئ قدريا، يسبح كل يوم
مئة ألف تسبيحة، قتل صبرا بداريا أيام يزيد بن الوليد،
وكان يحرض عليه.
قال أبو داود: مسلمة بن محمد حدثنا عنه مسدد، قال أبو
عبيد: فقلت لابي داود: حدث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
عائشة: " إياكم والزنج، فإنه خلق مشوه " (2) ؟ فقال: من
حدث بهذا، فاتهمه.
وقال أبو داود: يونس بن بكير ليس هو عندي حجة، هو والبكائي
سمعا من ابن إسحاق بالري.
قال الحاكم: سليمان بن الاشعث السجستاني مولده بسجستان،
وله ولسلفه إلى الآن بها عقد وأملاك وأوقاف، خرج منها في
طلب الحديث إلى البصرة، فسكنها، وأكثر بها السماع عن
سليمان بن حرب، وأبي النعمان،
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 7 / 274.
(2) وذكره ابن القيم في " المنار السيف ".
101، في جملة الاحاديث الموضوعة.
(*)
(13/217)
وأبي الوليد، ثم دخل إلى الشام ومصر، وانصرف إلى العراق،
ثم رحل بابنه أبي بكر إلى بقية المشايخ، وجاء إلى نيسابور،
فسمع ابنه من إسحاق بن منصور، ثم خرج إلى سجستان.
وطالع بها أسبابه، وانصرف إلى البصرة واستوطنها.
وحدثنا محمد بن عبد الله الزاهد الاصبهاني، حدثنا أبو بكر
بن أبي داود، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عمرو الرازي، حدثنا
عبدالرحمن بن قيس، عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء
الدارمي، عن أبيه: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل
عن العتيرة، فحسنها " (1).
قيل: إن أحمد كتب عن أبي هذا، فذكرت له، فقال: نعم.
قلت: وكيف كان ذلك ؟ فقال: ذكرنا يوما أحاديث أبي العشراء،
فقال أحمد: لا أعرف له إلا ثلاثة أحاديث، ولم يرو عنه إلا
حماد حديث اللبة (2)، وحديث:
رأيت على أبي العشراء عمامة.
فذكرت لاحمد هذا، فقال: أمله علي.
ثم قال: لمحمد بن أبي سمينة عند أبي داود حديث غريب.
فسألني، فكتبه عني محمد بن يحيى بن أبي سمينة.
قال الحاكم: وأخبرنا أبو حاتم بن حبان، سمعت ابن أبي داود،
سمعت أبي يقول: أدركت من أهل الحديث من أدركت، لم يكن فيهم
أحفظ للحديث، ولا أكثر جمعا له من ابن معين، ولا أورع ولا
أعرف بفقه الحديث من أحمد، وأعلمهم بعلله علي بن المديني،
ورأيت إسحاق - على حفظه ومعرفته - يقدم أحمد بن حنبل،
ويعترف له.
__________
(1) تقدم في الصفحة: 211.
(2) تقدم في الصفحة: 211.
(*)
(13/218)
وحدثني أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة، حدثني عبد
الكريم بن النسائي، حدثني أبي، حدثنا أبو داود سليمان بن
الاشعث بالبصرة، قال: سمع الزهري من ثلاثة عشر رجلا، من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنس، سهل،
السائب، سنين أبي جميلة (1)، محمود بن الربيع، رجل من بلي،
ابن أبي صعير، أبو أمامة بن سهل، وقالوا: ابن عمر ؟ فقال:
رأيت ابن عمر سن على وجهه الماء سنا (2).
وقالوا: إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف يذكر النبي - صلى
الله عليه وسلم - يوم قبض، وعبد الرحمن بن أزهر (3).
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد (4)، وإسماعيل بن عبدالرحمن
(5)، ومحمد بن بيان بقراءتي، أخبركم الحسن بن صباح، أخبرنا
عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا
عبدالرحمن بن عمر النحاس، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن
محمد بن الاعرابي، حدثنا أبو داود
سليمان بن حرب، ومسدد، قالا: أخبرنا حماد، عن ثابت، عن أبي
بردة، عن الاغر - وكانت له صحبة - قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: " إنه ليغان على قلبي، وإني لاستغفر
الله في اليوم مئة مرة " (6).
__________
(1) ترجمته في الاصابة: 4 / 33.
(2) سن الماء على وجهه: صبه (3) أشار المؤلف إلى أن الذين
سمعهم الزهري من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة
عشر رجلا، والذين سرد أسماءهم أحد عشر صحابيا فحسب.
(4) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (209)، ت: 1.
عن " مشيخة " المؤلف.
(5) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 36.
(6) هو في سنن أبي داود: (1515)، في الصلاة: باب في
الاستغفار، وصحيح مسلم: (2702)، في الذكر والدعاء: باب
استحباب الاستغفار والاستكثار منه قال الخطابي: يغان
معناه: يغطي ويلبس على قلبي، وأصله من الغين وهو الغطاء،
وكل حائل بينك وبين شئ فهو غين، ولذلك قيل للغيم: غين.
(*)
(13/219)
أخرجه مسلم أيضا من حديث حماد هذا، وهو ابن زيد، وأخرجه
مسلم (1) من حديث عمرو بن مرة، عن أبي بردة، عن الاغر بن
يسار المزني، وقيل: الجهني، وما علمته روى شيئا سوى هذا
الحديث.
وأخبرناه أبو سعيد الثغري، أخبرنا، عبد اللطيف بن يوسف،
أخبرنا عبد الحق، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا أبو الحسن
الحمامي، أخبرنا ابن قانع، حدثنا علي بن محمد بن أبي
الشوارب، حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، قال: عمرو بن مرة
أخبرني، قال: سمعت أبا بردة يحدث عن رجل من جهينة، يقال
له: الاغر، وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه سمع النبي -
صلى الله عليه وسلم - يقول: " يا أيها الناس ! توبوا إلى
ربكم، فإني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة " (2).
قال أبو داود في " سننه ": شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر
شبرا، ورأيت أترجة على بعير، وقد قطعت قطعتين، وعملت مثل
عدلين.
فأما سجستان، الاقليم الذي منه الامام أبو داود: فهو إقليم
صغير منفرد، متاخم لاقليم السند، غربيه بلد هراة، وجنوبيه
مفازة، بينه وبين إقليم فارس وكرمان، وشرقية مفازة وبرية
بينه وبين مكران (3)، التي هي قاعدة السند، وتمام هذا الحد
الشرقي بلاد الملتان، وشمالية أول الهند.
فأرض سجستان كثيرة النخل والرمل، وهي من الاقليم الثالث من
السبعة، وقصبة سجستان هي: زرنج، وعرضها اثنتان وثلاثون
درجة، وتطلق
__________
(1) رقم: (2072) (42).
(2) إسناده صحيح، وهو في " صحيح " مسلم، كما تقدم.
(3) مكران، بضم الميم، وسكون الكاف: بلدة من بلاد كرمان.
قال ياقوت: " وأكثر ما تجئ في شعر العرب مشددة الكاف ".
(*)
(13/220)
زرنج، على سجستان، ولها سور، وبها جامع عظيم، وعليها نهر
كبير، وطولها من جزائر الخالدات تسع وثمانون درجة، والنسبة
إليها أيضا: " سجزي "، وهكذا ينسب أبو عوانة الاسفراييني،
أبا داود فيقول: السجزي، وإليها ينسب مسند الوقت أبو الوقت
السجزي.
وقد قيل - وليس بشئ - إن أبا داود من سجستان قرية من أعمال
البصرة، ذكره القاضي شمس الدين في " وفيات الاعيان " (1)،
فأبو داود أول ما قدم من البلاد، دخل بغداد، وهو ابن ثمان
عشرة سنة، وذلك قبل أن يرى البصرة، ثم ارتحل من بغداد إلى
البصرة.
قال أبو عبيد الآجري: توفي أبو داود في سادس عشر شوال، سنة
خمس وسبعين ومئتين.
قلت: كان أخوه محمد بن الاشعث أسن منه بقليل، وكان رفيقا
له في الرحلة.
يروي عن: أصحاب شعبة.
روى عنه: ابن أخيه أبو بكر بن أبي داود.
ومات كهلا.
قبل أبي داود بمدة.
118 - أبو بكر * عبد الله بن سليمان بن الاشعث: الامام
العلامة الحافظ، شيخ بغداد،
__________
(1) 2 / 405.
* الكامل لابن عدي: خ: 454، أخبار أصبهان: 2 / 66 - 67،
الفهرست: المقالة السادسة: الفن السادس، تاريخ بغداد: 9 /
464 - 468، طبقات الحنابلة: 2 / 51 - 55، تاريخ ابن عساكر:
خ: 9 / 185 أ - 189 أ - المنتظم: 6 / 218 - 219، وفيات
الاعيان: = (*)
(13/221)
أبو بكر السجستاني، صاحب التصانيف.
ولد بسجستان في سنة ثلاثين ومئتين.
وسافر به أبوه وهو صبي، فكان يقول: رأيت جنازة إسحاق بن
راهويه.
قلت: وكانت في سنة ثمان وثلاثين ومئتين في شعبان، فأول شيخ
سمع منه: محمد بن أسلم الطوسي، وسر أبوه بذلك لجلالة محمد
بن أسلم.
روى عن: أبيه، وعمه، وعيسى بن حماد زغبة، وأحمد بن صالح،
ومحمد بن يحيى الزماني، وأبي الطاهر بن السرح، وعلي بن
خشرم، ومحمد بن بشار، ونصر بن علي، وعمرو بن عثمان الحمصي،
وكثير بن عبيد، وموسى بن عامر المري، ومحمود بن خالد،
ومحمد بن سلمة المرادي، وهارون بن إسحاق، ومحمد بن معمر
البحراني، وأبي سعيد الاشج، وهارون بن سعيد الايلي، ومحمد
بن مصفى، وإسحاق الكوسج، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب،
وعمرو بن علي الفلاس، وهشام بن خالد الدمشقي، والحسن بن
محمد الزعفراني، وزياد بن أيوب، والحسن بن عرفة، ومحمد بن
يحيى الذهلي، وإسحاق بن إبراهيم شاذان، ويوسف بن موسى
القطان، وعباد بن يعقوب الرواجني (1)، وخلق كثير بخراسان
__________
2 / 404 - 405، ضمن ترجمة أبيه، طبقات السبكي: 3 / 307 -
309، تذكرة الحفاظ: 2 / 767 - 773، ميزان الاعتدال: 2 /
433 - 436، عبر المؤلف: 2 / 164 - 165، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 420 - 421، لسان الميزان: 3 / 293 - 297،
النجوم الزاهرة: 3 / 222، طبقات الحفاظ: 322 - 324، طبقات
المفسرين: 1 / 229 - 232، شذرات الذهب: 2 / 273.
(1) الرواجني، بفتح الراء: قيل: نسبة إلى الدواجن: ج.
داجن: وهي الشاة التي = (*)
(13/222)
والحجاز والعراق، ومصر والشام، وأصبهان وفارس.
وكان من بحور العلم، بحيث إن بعضهم فضله على أبيه.
صنف " السنن " و " المصاحف " و " شريعة المقارئ "، و "
الناسخ والمنسوخ "، و " البعث " وأشياء.
حدث عنه خلق كثير، منهم: ابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، وأبو
عمر بن حيويه، وابن المظفر، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن
الدارقطني، وعيسى بن علي الوزير، وابن المقرئ، وأبو القاسم
بن حبابة، وأبو طاهر المخلص، ومحمد بن عمر بن زنبور
الوراق، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وآخرون.
وكان يقول: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد، فأخذت به ثلاثين
مد باقلا (1)، فكنت آكل منه، وأكتب عن أبي سعيد الاشج، فما
فرغ الباقلا حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث، ما بين مقطوع
ومرسل (2).
قال أبو بكر بن شاذان: قدم أبو بكر بن أبي داود سجستان،
فسألوه أن يحدثهم، فقال: ما معي أصل.
فقالوا: ابن أبي داود وأصل ! ؟ قال: فأثاروني، فأمليت
عليهم من حفظي ثلاثين ألف حديث، فلما قدمت بغداد، قال
البغداديون: مضى إلى سجستان ولعب بهم، ثم فيجوا فيجا (3)
اكتروه بستة دنانير إلى سجستان، ليكتب لهم النسخة، فكتبت،
وجئ بها،
__________
= تسجن في البيت، فجعلها الناس: الرواجن، بالراء.
وقيل: الرواجن: بطن من بطون القبائل.
(انظر: اللباب).
(1) الباقلاء: باللهجة العراقية: الفول.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 466 - 467.
(3) الفيج: الجماعة من الناس.
(*)
(13/223)
وعرضت على الحفاظ (1)، فخطؤوني في ستة أحاديث، منها ثلاثة
أحاديث [ حدثت ] بها كما حدثت، وثلاثة أخطأت فيها (2).
هكذا رواها أبو القاسم الازهري، عن ابن شاذان.
ورواها غيره، فذكر أن ذلك كان بأصبهان.
وكذا روى أبو علي النيسابوري الحافظ، عن
ابن أبي داود.
فالازهري واهم (3).
قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحافظ، سمعت ابن
أبي داود يقول: حدثت من حفظي بأصبهان بستة وثلاثين ألفا،
ألزموني الوهم فيها في سبعة أحاديث، فلما انصرفت، وجدت في
كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به (4).
قال الحافظ أبو محمد الخلال: كان ابن أبي داود إمام أهل
العراق، ومن نصب له السلطان المنبر، وقد كان في وقته
بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والاتقان ما
بلغ هو (5).
أبو ذر الهروي: أنبأنا أبو حفص بن شاهين، قال: أملى علينا
ابن أبي داود [ سنين ]، وما رأيت بيده كتابا، إنما كان
يملي حفظا، فكان يقعد على
__________
(1) سقط هنا من الاصل الورقة (100) و (101)، بدءا من قوله:
" فخطؤوني ".
واستدركنا ذلك من المجلد السابع، من النسخة المصورة عن
الاصل الذي يملكه العلامة اللكنوي في الهند من صفحة 617 -
619.
وهو مكتوب في القرن التاسع، وعدد أوراقه (680) صفحة.
يبدأ بترجمة الحكم بن موسى أبو صالح البغدادي القنطري
الزاهد، من الطبقة الثانية عشرة، وجميع الطبقة الثالثة
عشره، وينتهي بترجمة إبراهيم الحربي البغدادي من الطبقة
الخامسة عشرة.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 466، والزيادة منه.
(3) في: تذكرة الحفاظ: 2 / 769: " فكأن الازهري وهم ".
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 769.
(5) المصدر السابق.
(*)
(13/224)
المنبر بعدما عمي، ويقعد دونه بدرجة ابنه أبو معمر - بيده
كتاب - فيقول له: حديث كذا، فيسرده من حفظه، حتى يأتي على
المجلس.
قرأ علينا يوما حديث " الفتون " (1) من حفظه، فقام أبو
تمام الزينبي، وقال: لله درك ! ما رأيت مثلك إلا أن يكون
إبراهيم الحربي.
فقال: كل ما كان يحفظ إبراهيم، فأنا أحفظه، وأنا أعرف
النجوم، وما كان هو يعرفها (2).
أنبأنا المسلم بن محمد (3)، وغيره: سمعوا أبا اليمن
الكندي، أنبأنا أبو منصور الشيباني، أنبأنا أبو بكر
الخطيب، قال: عبد الله بن أبي داود رحل به أبوه من سجستان،
يطوف به شرقا وغربا بخراسان والجبال وأصبهان وفارس والبصرة
وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر والجزيرة
والثغور، يسمع ويكتب واستوطن بغداد، وصنف " المسند " و "
السنن "، و " التفسير "، و " القراءات "، " والناسخ
والمنسوخ "، وغير ذلك.
وكان فقيها، عالما حافظا (4).
قلت: وكان رئيسا عزيز النفس، مدلا بنفسه.
سامحه الله.
__________
(1) هو حديث طويل جدا أخرجه النسائي في التفسير، وابن جرير
16 / 164، 167، وابن أبي حاتم من طريق يزيد بن هارون،
أنبأنا أصبغ بن زيد، حدثنا القاسم بن أبي أيوب، أخبرني
سعيد بن جبير، عن ابن عباس...قال الحافظ ابن كثير بعد أن
ذكره بطوله في تفسيره 3 / 148، 153: وهو موقوف من كلام ابن
عباس، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه، وكأنه تلقاه ابن عباس
رضي الله عنهما مما أبيح نقله عن الاسرائيليات عن كعب
الاحبار أو غيره والله أعلم، وسمعت شيخنا الحافظ أبا
الحجاج المزي يقول ذلك أيضا.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 296، وزاد نسبته
إلى ابن أبي عمر العدني في مسنده، وعبد بن حميد، وأبي
يعلى، وابن المنذر، وابن مردويه.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 769، وانظر: ميزان الاعتدال: 2 /
436.
(3) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (84)، ت: 3.
عن " مشيخة " المؤلف.
(4) تذكرة الحفاظ 2 / 769 - 770.
وانظر: تاريخ بغداد: 9 / 464 (*)
(13/225)
قال أبو حفص بن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح
بين ابن أبي داود، وابن صاعد، فجمعهما، وحضر أبو عمر
القاضي، فقال الوزير: يا أبا بكر ! أبو محمد أكبر منك، فلو
قمت إليه، فقال: لا أفعل، فقال الوزير: أنت شيخ زيف، فقال:
الشيخ الزيف: الكذاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-، فقال الوزير: من الكذاب ؟ قال: هذا.
ثم قام، وقال: تتوهم أني أدل لك لاجل رزقي، وأنه يصل [ إلي
] على يدك ؟ ! والله لا آخذ (1) من يدك شيئا.
قال: فكان الخليفة المقتدر يزن رزقه بيده، ويبعث به في طبق
على يد الخادم (2).
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت أبا بكر يقول: قلت لابي زرعة
الرازي: ألق علي حديثا غريبا من حديث مالك، فألقى علي حديث
وهب ابن كبسان، عن أسماء حديث: " لا تحصي فيحصى عليك "
(3).
رواه عن عبدالرحمن بن شيبة، وهو ضعيف.
فقلت له: يجب أن تكتبه عني، عن أحمد بن صالح، عن عبد الله
بن نافع، عن مالك.
فغضب أبو زرعة، وشكاني إلى أبي، وقال انظر ما يقول لي أبو
بكر (4).
ويروى بإسناد منقطع: أن أحمد بن صالح كان يمنع المرد من
حضور مجلسه، فأحب أبو داود أن يسمع ابنه منه، فشد على وجهه
لحية، وحضر، فعرف الشيخ، فقال: أمثلى يعمل معه هذا ؟ !
فقال أبو داود: لا
__________
(1) في " التذكرة " و " الميزان ": " لا أخذت ".
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 770.
ميزان الاعتدال: 2 / 434.
(3) الحديث صحيح من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر
عن أسماء بنت أبي بكر.
أخرجه البخاري: 3 / 238، في الزكاة: باب التحريض على
الصدقة، ومسلم:
(1029) في الزكاة أيضا: باب الحث في الانقاق وكراهية
الاحصاء.
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 770.
(*)
(13/226)
ينكر عني سوى جمع ابني مع الكبار، فإن لم يقاومهم
بالمعرفة، فاحرمه الس ؟ اع (1).
حدث بها أبو القاسم بن السمرقندي، حدثنا يوسف بن الحسن [
بن محمد التفكري الزنجاني قال ] (2): سمعت الحسن بن علي بن
بندار الزنجاني، قال (3): كان أحمد بن صالح يمنع المرد من
التحديث تنزها...فذكرها، وزاد: فاجتمع طائفة، فغلبهم الابن
بفهمه، ولم يرو له أحمد بعدها شيئا، وحصل له الجزء الاول،
فأنا أرويه.
قلت: بل أكثر عنه.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدار قطني عن ابن أبي
داود، فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث (4).
وقد ذكره أبو أحمد بن عدي في " كامله "، وقال: لولا أنا
شرطنا أن
__________
(1) المصدر السابق: 2 / 770 - 771.
(2) الزيادة من " تاريخ ابن عساكر ".
وفي الاصل موضع كلمة لم نتبينها.
(3) الخبر بإسناده في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 9 / 186 أ -
ب، وهو: " قال: كان أحمد بن صالح يمتنع على المرد من رواية
الحديث له تعففا وتنزها، ونفيا للظنة عن نفسه.
وكان أبو داود يحضر مجلسه، ويسمع منه.
وكان له ابن أمرد يحب أن يسمعه حديثه، وعرف عادته في
الامتناع عليه من الرواية، فاحتال أبو داود بأن شد على ذقن
ابنه قطعة من الشعر ليتوهم ملتحيا، ثم أحضره المجلس،
وأسمعه جزءا، فأخبر الشيخ بذلك، فقال لابي داود: أمثلي
يعمل معه مثل هذا ؟ ! فقال له: أيها الشيخ لا تنكر علي ما
فعلته، واجمع ابني هذا مع شيوخ الفقهاء والرواة،
فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه حينئذ من السماع.
قال: فاجتمع طائفة من الشيوخ، فتعرض لهم هذا الابن مطارحا،
وغلب الجميع بفهمه.
ولم يرو له الشيخ مع ذلك شيئا من حديثه، وحصل له ذلك الجزء
الاول.
قال الشيخ: أنا أرويه، وكان ابن أبي داود يفتخر برواية هذا
الجزء الواحد ".
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 771.
(*)
(13/227)
كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت ابن أبي داود (1).
قال: وقد تكلم فيه أبوه، وإبراهيم ابن أورمة، وينسب [ في
الابتداء ] إلى شئ من النصب.
ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط، ثم رده الوزير علي بن
عيسى، فحدث، وأظهر فضائل علي - رضي الله عنه - ثم تحنبل
فصار شيخا فيهم، وهو مقبول عند أصحاب الحديث.
وأما كلام أبيه فيه، فلا أدري أيش تبين له منه (2) ؟ وسمعت
عبدان يقول: سمعت أبا داود يقول: من البلاء أن عبد الله
يطلب القضاء.
ابن عدي: أنبأنا علي بن عبد الله الداهري، سمعت أحمد بن
محمد ابن عمرو كركرة، سمعت علي (3) بن الحسين بن الجنيد،
سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب (4).
قال ابن صاعد: كفانا ما قال فيه أبوه (5).
ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم الاشيب يقول: حدثني أبو بكر،
سمعت إبراهيم الاصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب
(6).
ابن عدي: سمعت أبا القاسم البغوي، وقد كتب إليه أبو بكر بن
أبي داود رقعة، يسأله عن لفظ حديث لجده، فلما قرأ رقعته،
قال: أنت عندي والله منسلخ من العلم (7).
__________
(1) نص ابن عدي في " كامله ": " وأبو بكر بن أبي داود لو
لا شرطنا في أول الكتاب أن
كل من تكلم فيه متكلم ذكرته في كتابي، وابن أبي داود قد
تكلم فيه أبوه..." (2) الكامل لابن عدي: خ: 454.
(3) إلى هنا ينتهي السقط.
(4) ميزان الاعتدال: 2 / 433.
(5) المصدر السابق.
(6) الكامل لابن عدي: خ: 454.
(7) انظر الرواية الكاملة للخبر عند ابن عدي في " كامله ":
خ: 454.
(*)
(13/228)
قال: وسمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهد
على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله تعالى أنه قال:
أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى
الزهري، عن عروة، قال: حفيت أظافير فلان، من كثرة ما كان
يتسلق على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (1).
قلت: هذا باطل وإفك مبين، وأين إسناده إلى الزهري ؟ ثم هو
مرسل، ثم لا يسمع قول العدو في عدوه، وما أعتقد أن هذا صدر
من عروة أصلا، وابن أبي داود إن كان حكى هذا، فهو خفيف
الرأس، فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر، لكونه تفوه بمثل
هذا البهتان، فقام معه، وشد منه رئيس أصبهان محمد بن عبد
الله بن حفص الهمداني الذكواني، وخلصه من أبي ليلى أمير
أصبهان، وكان انتدب له بعض العلوية خصما، ونسب إلى أبي بكر
المقالة، وأقام عليه الشهادة محمد بن يحيى بن مندة الحافظ،
ومحمد بن العباس الاخرم، وأحمد بن علي بن الجارود، واشتد
الخطب، وأمر أبو ليلى بقتله، فوثب الذكواني، وجرح الشهود
مع جلالتهم، فنسب ابن مندة إلى العقوق، ونسب أحمد إلى أنه
يأكل الربا، وتكلم في الآخر، وكان الهمداني الذكواني كبير
الشأن، فقام، وأخذ بيد أبي بكر، وخرج به
من الموت، فكان أبو بكر يدعو له طول حياته، ويدعو على
أولئك الشهود.
حكاها أبو نعيم الحافظ، ثم قال: فاستجيب له فيهم، منهم من
احترق، ومنهم من خلط وفقد عقله.
قال أحمد بن يوسف الازرق: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول:
كل الناس مني في حل، إلا من رماني ببغض علي - رضي الله
عنه.
(2).
__________
(1) الكامل لابن عدي: خ: 454.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 468.
(*)
(13/229)
قال الحافظ ابن عدي: كان في الابتداء ينسب إلى شئ من النصب
(1)، فنفاه ابن الفرات من بغداد [ إلى واسط ]، فرده ابن
عيسى، فحدث، وأظهر فضائل [ علي ] ثم (2) تحنبل، فصار شيخا
فيهم (3).
قلت: كان شهما، قوي النفس، وقع بينه وبين ابن جرير، وبين
ابن صاعد، وبين الوزير ابن عيسى الذي قربه.
قال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند ابن جرير، فقيل: ابن
أبي داود يقرأ على الناس فضائل الامام علي.
فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس.
قلت: لا يسمع هذا من ابن جرير للعداوة الواقعة بين
الشيخين.
قال أبو بكر الخطيب: سمعت الحافظ أبا محمد الخلال يقول:
كان أبو بكر أحفظ من أبيه أبي داود (4).
وروى الامام أبو بكر النقاش المفسر - وليس بمعتمد - أنه
سمع أبا بكر ابن أبي داود يقول: إن في تفسيره مئة ألف
وعشرين ألف حديث.
قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: كان ابن أبي داود إمام
العراق [ ونصب له السلطان المنبر ]، وكان في وقته ببغداد
مشايخ أسند منه، ولم
يبلغوا في الآلة والاتقان ما بلغ (5).
__________
(1) النصب: أي: بغضة علي - رضي الله عنه - من: نصب فلان
لفلان نصبا: إذا قصد له، وعاداه، وتجرد له.
(2) في الاصل: " من "، والتصويب من " الكامل ".
(3) تقدم الخبر قبل قليل، وهو في " الكامل ": خ: 454.
(4) تاريخ بغداد: 9 / 466.
(5) الخبر تقدم قبل قليل.
وانظره في: " طبقات المفسرين ": 1 / 231.
والزيادة منه.
(*)
(13/230)
قلت: لعل قول أبيه فيه - إن صح - أراد الكذب في لهجته، لا
في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب ويوري في
كلامه، ومن زعم أنه لا يكذب أبدا، فهو أرعن، نسأل الله
السلامة من عثرة الشباب، ثم إنه شاخ وارعوى، ولزم الصدق
والتقى.
قال محمد بن عبد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهدا
ناسكا، صلى عليه يوم مات نحو من ثلاث مئة ألف إنسان،
وأكثر.
قال: ومات في ذي الحجة، سنة ست عشرة وثلاث مئة، وخلف ثلاثة
بنين: عبدالاعلى، ومحمدا، وأبا معمر عبيد الله، وخمس بنات،
وعاش سبعا وثمانين سنة، وصلي عليه ثمانين مرة.
نقل هذا أبو بكر الخطيب (1).
قال المحدث يوسف بن الحسن التفكري: سمعت الحسن بن علي ابن
بندار الزنجاني قال: كان أحمد بن صالح يمتنع على المرد من
التحديث تورعا، وكان أبو داود يسمع منه، وكان له ابن أمرد،
فاحتال بأن شد على وجهه قطعة من شعر، ثم أحضره، وسمع،
فأخبر الشيخ بذلك، فقال:
أمثلي يعمل معه هذا ؟ قال أبو داود: لا تنكر علي، واجمع
ابني مع شيوخ الرواة، فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه
السماع (2).
إسنادها منقطع.
قال أبو أحمد بن عدي: سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول:
__________
(1) تاريخ بغداد: 9 / 468.
(2) تقدم الخبر في الصفحة: (226 - 227).
فانظره هناك.
(*)
(13/231)
سألت ابن أبي داود عن حديث الطير (1)، فقال: إن صح حديث
الطير فنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - باطل، لانه حكى
عن حاجب النبي - صلى الله عليه وسلم - خيانة - يعني أنسا -
وحاجب النبي لا يكون خائنا (2).
قلت: هذه عبارة رديئة، وكلام نحس، بل نبوة محمد - صلى الله
عليه وسلم - حق قطعي، إن صح خبر الطير، وإن لم يصح، وما
وجه الارتباط ؟ هذا أنس قد خدم النبي - صلى الله عليه وسلم
- قبل أن يحتلم، وقبل جريان القلم، فيجوز أن تكون قصة
الطائر في تلك المدة.
فرضنا أنه كان محتلما، ما هو بمعصوم من الخيانة، بل فعل
هذه الجناية الخفيفة متأولا، ثم إنه حبس عليا عن الدخول
كما قيل، فكان ماذا ؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت،
فلو حبسه، أو رده مرات، ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع
المصطفى سواه إلا، اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه
وسلم قصد بقوله: " إيتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي " عددا
من الخيار، يصدق على مجموعهم أنهم أحب الناس إلى الله، كما
يصح
__________
(1) ونصه: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: "
اللهم ائتني بأحب خلقك اليك يأكل معي هذا الطير " فجاء علي
فأكل معه.
أخرجه الترمذي: (3721)، من طريق سفيان بن وكيع، عن عبيد
الله بن موسى عن عيسى بن عمر، عن إسماعيل بن عبدالرحمن
السدي، عن أنس،
وقال: غريب: أي: ضعيف، لا نعرفه من حديث السدي إلا من هذا
الوجه.
وأخرجه الحاكم من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد،
عن أنس قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم
له فرخ مشوي، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي
هذا الطير، فقلت: اجعله رجلا من أهلي من الانصار، فجاء
علي، فقلت: إن رسول الله على حاجة، ثم جاء، فقلت ذلك،
فقال: اللهم ائتني كذلك، فقلت ذلك، فقال لي رسول الله صلى
الله عليه وسلم: افتح، فدخل، فقال: ما حبسك يا علي ؟،
فقال: إنه هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس، فقال: ما حملك على
ما صنعت ؟ قلت: أحببت أن يكون رجلا من قومي، فقال: إن
الرجل محب قومه " وانظر أجوبة الحافظ ابن حجر على أحاديث
وقعت في المصابيح 3 / 313، 314، " والفوائد المجموعة " ص
382.
وسيذكر المصنف رأيه فيه بعد قليل..(2) الكامل لابن عدي: خ:
454.
(*)
(13/232)
قولنا: أحب الخلق إلى الله الصالحون، فيقال: فمن أحبهم إلى
الله ؟ فنقول: الصديقون والانبياء.
فيقال: فمن أحب الانبياء كلهم إلى الله ؟ فنقول: محمد
وإبراهيم وموسى، والخطب في ذلك يسير.
وأبو لبابة - مع جلالته - بدت منه خيانة، حيث أشار لبني
قريظة إلى حلقه (1)، وتاب الله عليه.
وحاطب بدت منه خيانة، فكاتب قريشا بأمر تخفى به نبي الله -
صلى الله عليه وسلم - من غزوهم (2)، وغفر الله لحاطب مع
عظم فعله - رضي الله عنه -.
وحديث الطير - على ضعفه - فله طرق جمة، وقد أفردتها في
جزء، ولم يثبت، ولا أنا بالمعتقد بطلانه، وقد أخطأ ابن أبي
داود في عبارته وقوله، وله على خطئه أجر واحد، وليس من شرط
الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو.
والرجل فمن كبار علماء الاسلام، ومن أوثق الحفاظ - رحمه
الله تعالى -.
قال ابنه عبدالاعلى: توفي أبي وله ست وثمانون سنة وأشهر.
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبدالحميد، قال: أنشدنا الامام
أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مئة، أخبرتنا فاطمة
بنت علي الوقاياتي (3) أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا الحسين
بن علي الطناجيري حدثنا أبو حفص بن شاهين، أنشدنا أبو بكر
بن أبي داود لنفسه: تمسك بحبل الله واتبع الهدى * ولا تك
بدعيا - لعلك تفلح
__________
(1) خبر أبي لبابة في سيرة ابن هشام: 2 / 236 - 237،
وتفسير الطبري: 13 / 481 - 482، تحقيق محمود شاكر،
والواحدي في أسباب النزول: 175، (2) انظر خبره في البخاري:
6 / 100، في الجهاد: باب الجاسوس، و: 7 / 400، في المغازي:
باب فتح مكة، ومسلم: (2494)، في فضائل الصحابة: باب من
فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، وأبي داود: (2650)، و
(2651)، والترمذي (3302).
(3) الوقاياتي: نسبة إلى الوقاية، وهي المقنعة، ويقال لمن
يبيعها: الوقاياتي.
(اللباب).
(*)
(13/233)
ودن بكتاب الله والسنن التي * أتت عن رسول الله تنجو وتربح
وقل: غير مخلوق كلام مليكنا، * بذلك دان الاتقياء وأفصحوا
ولا تك في القرآن بالوقف قائلا * كما قال أتباع لجهم
وأسجحوا (1) ولا تقل: القرآن خلق قرأته * فإن كلام الله
باللفظ يوضح (2) وقل: يتجلى الله للخلق جهرة * كما البدر
لا يخفى وربك أوضح وليس بمولود وليس بوالد * وليس له شبه،
تعالى المسبح وقد ينكر الجهمي هذا وعندنا * بمصداق ما قلنا
حديث مصرح (3) رواه جرير، عن مقال محمد * فقل مثل ما قد
قال في ذاك تنجح (4) وقد ينكر الجهمي أيضا يمينه * وكلتا
يديه بالفواضل تنفح (5)
وقل: ينزل الجبار في كل ليلة * بلا كيف، جل الواحد المتمدح
إلى طبق الدنيا يمن بفضله * فتفرج أبواب السماء وتفتح
يقول: ألا مستغفر يلق غافرا * ومستمنح خيرا ورزقا فيمنح
(6)
__________
(1) في: " طبقات الحنابلة ": " ولا تغل في القرآن بالوقف
قائلا ".
(2) في: " طبقات الحنابلة ": " خلقا " بدلا من " خلق ".
(3) تقدم الحديث عن " الجهمية " في الصفحة: (100).
ت: (5).
(4) جرير: هو ابن عبد الله البجلي الصحابي الجليل.
وحديثه في رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة أخرجه البخاري:
2 / 27، في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة العصر، و 8 / 458،
في تفسير سورة (ق)، و: 13 / 356، في التوحيد: باب قول الله
تعالى: * (وجوه يومئذ ناضرة) *، ومسلم: (633)، في المساجد:
باب فضل صلاتي الصبح والعصر، وأبو داود: (4729)، والترمذي:
(2754).
(5) أخرج أحمد: 2 / 160، ومسلم في الصحيح: (7127)، في
الامارة: باب فضيلة الامام العادل، والنسائي: 8 / 221، من
حديث عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين
الرحمن عزوجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم
وأهليهم وما ولوا ".
(6) في طبقات الحنابلة: " فأمنح ".
وحديث نزول الرب سبحانه وتعالى إلى سماء الدنيا حين يبقى
ثلث الليل الآخر، أخرجه من حديث أبي هريرة مالك، 1 / 214،
والبخاري: = (*)
(13/234)
روى ذاك قوم لا يرد حديثهم * ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا
وقل: إن خير الناس بعد محمد * وزيراه قدما، ثم عثمان
الارجح ورابعهم خير البرية بعدهم * علي حليف الخير بالخير
منجح وإنهم للرهط لا ريب فيهم * على نجب الفردوس بالنور
تسرح (1)
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة * وعامر فهر والزبير الممدح وقل
خير قول في الصحابة كلهم * ولا تك طعانا تعيب وتجرح فقد
نطق الوحي المبين بفضلهم * وفي الفتح أي للصحابة تمدح
وبالقدر المقدور أيقن، فإنه * دعامة عقد الدين والدين أفيح
ولا تنكرن - جهلا - نكيرا ومنكرا * ولا الحوض والميزان،
إنك تنصح وقل: يخرج الله العظيم بفضله * من النار أجسادا
من الفحم تطرح على النهر في الفردوس تحيا بمائه * كحب حميل
السيل إذ جاء يطفح (2) وأن رسول الله للخلق شافع * وقل في
عذاب القبر: حق موضح ولا تكفرن أهل الصلاة وإن عصوا *
فكلهم يعصي، وذو العرش يصفح
__________
= 13 / 389 - 390، في التوحيد: باب قول الله تعالى: *
(يريدون أن يبدلوا كلام الله) *، ومسلم: (758)، في صلاة
المسافرين: باب الترغيب بالدعاء والذكر في آخر الليل، أبو
داود: (1315)، والترمذي: (3498).
(1) في " طبقات الحنابلة ": " والرهط " بدلا من " للرهط ".
و " في الخلد " بدلا من " بالنور ".
(2) في " طبقات الحنابلة ": " كحبة حمل السيل ".
وأخرج البخاري: 1 / 68، في الايمان: باب تفاضل أهل
الايمان، ومسلم: (184)، في الايمان: باب إثبات الشفاعة
وإخراج الموحدين من النار، من حديث أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدخل أهل الجنة
الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من
كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد
اسودوا فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في
جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية.
والحبة، بكسر أوله، قال أبو حنيفة الدينوري: جمع بزور
النبات، واحدتها حبة، بالفتح، وأما الحب فهو الحنطة
والشعير، واحدته حبة، بالفتح أيضا، وانما افترقا في الجمع.
(*)
(13/235)
ولا تعتقد أي الخوارج إنه * مقال لمن يهواه يردي ويفضح ولا
تك مرجيا لعوبا بدينه * ألا إنما المرجي بالدين يمزح (1)
وقل: إنما الايمان قول ونية * وفعل على قول النبي مصرح
وينقص طورا بالمعاصي وتارة * بطاعته ينمى وفي الوزن يرجح
ودع عنك آراء الرجال وقولهم * فقول رسول الله أولى وأشرح
ولا تك من قوم تلهو بدينهم * فتطعن في أهل الحديث وتقدح
إذا ما اعتقدت الدهر، يا صاح، هذه * فأنت على خير تبيت
وتصبح (2) أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد (3) بمصر،
أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن الحسين،
أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور البزاز، حدثنا عيسى بن علي،
حدثنا عبد الله بن سليمان بن الاشعث إملاء، سنة أربع عشرة
وثلاث مئة، حدثنا محمد بن سليمان لوين، حدثنا سليمان بن
بلال، عن أبي وجزة، عن عمر بن أبي سلمة، قال: قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " يا بني ! ادن، وكل بيمينك، وكل
مما يليك، واذكر اسم الله عزوجل " أخرجه أبو داود (4) عن
لوين، فوافقناه بعلو.
__________
(1) تقدم الحديث عن " المرجئة " في الصفحة: (36)، ت: 1.
(2) طبقات الحنابلة: 2 / 53 - 54.
(3) هو: أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد، شهاب الدين، أبو
المعالي الهمذاني، ثم المصري، المقرئ، المعروف بالابرقوهي
لكون ولد بها.
توفي سنة (701 ه).
ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 4 - 5 - (4) رقم (3777)
في الاطعمة: باب الاكل باليمين، وأبو وجزه: اسمه يزيد بن
عبيد السعدي
وأخرجه مالك 2 / 934 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب
جامع ما جاء في الطعام والشراب، ومن طريقه البخاري 9 / 458
في الاطعمة: باب الاكل مما يليه، عن وهب بن كيسان أبي نعيم
قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام ومعه ربيبه
عمر بن أبي سلمة..وأخرجه البخاري = (*)
(13/236)
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد (1)، وأحمد بن محمد الحافظ،
وسنقر الثغري (2)، وأحمد بن مكتوم، وعبد المنعم بن عساكر
(3)، وعلي بن محمد الفقيه (4)، وطائفة، قالوا: أخبرنا عبد
الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضورا، (ح):
وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أكمل بن أبي الازهر العلوي،
أخبرنا ابن البناء، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا
محمد بن عمر بن خلف، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا عبد
الله ابن سعيد، حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز، عن
أبيه، عن جده، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما في الجنة من شجرة إلا
وساقها من ذهب ".
أخرجه الترمذي (5) عن عبد الله، وهو أبو سعيد الاشج،
فوافقناه بعلو.
__________
= 9 / 455، 456 من طريق علي بن عبد الله، ومسلم (2022) في
الاشربة: باب آداب الطعام والشراب من طريق أبي بكر بن أبي
شيبة وابن أبي عمر، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، عن الوليد
ابن كثير، عن وهب بن كيسان سمعه عن عمر بن أبي سلمة...،
وأخرجه مسلم أيضا من طريقين عن ابن أبي مريم، عن محمد بن
جعفر، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن وهب بن كيسان، عن عمر
بن أبي سلمة.
وأخرجه الترمذي (1857) من طريق معمر، عن هشام بن عروة، عن
أبيه، عن عمر بن أبي سلمة...(1) هو: أحمد بن العماد
عبدالحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد.
توفي سنة
(700 ه).
ترجمه المؤلف في: " المشيخة ": خ: ق: 9 (2) ترجمته في "
مشيخة " المؤلف: خ: ق: 55.
(3) هو: عبد المنعم بن عبد اللطيف بن زين الامناء أبي
البركات الحسن بن محمد بن عساكر.
وفاته سنة (700 ه) انظر ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ ق:
86 - 87.
(4) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (208)، ت: 1.
(5) رقم (2525) في صفة الجنة: باب في صفة شجر الجنة، وقال:
هذا حديث حسن غريب، وصححه ابن حبان (624) من طريق أبي سعيد
الاشج عبد الله بن سعيد بهذا الاسناد.
وفي الباب عن ابن عمر عند أبي داود (479) في الصلاة: باب
في كراهية البزاق في المسجد = (*)
(13/237)
119 - عبيد الله بن واصل * ابن عبد الشكور
بن زين: الامام، الحافظ، البطل الكرار، أبو الفضل الزيني
البخاري، محدث بخارى في وقته.
رحل ولقي الاعلام.
وحدث عن: أبي الوليد الطيالسي، وعبد السلام بن مطهر،
والحسن ابن سوار البغوي، وعبدان بن عثمان المروزي، ومسدد
بن مسرهد، ويحيى بن يحيى، وطبقتهم.
روى عنه: محمد بن إسماعيل خارج " الصحيح "، وصالح بن محمد
جزرة، وأهل بخارى، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري
الاستاذ.
وكان والده (1) من علماء الحديث، رحل ولقي ابن عيينة وابن
وهب، أكثر عنه ولده عبيد الله.
قال أبو الفضل السليماني: روى عن عبيد الله شيوخنا، وكان
البخاري يتبجح به، لقي سهل بن بكار، وهلال بن فياض، وسعيد
بن
منصور...وسمى جماعة.
استشهد - رحمه الله - في وقعه خوكيجة في شوال، سنة اثنتين
وسبعين ومئتين، وقيل: قتل سنة سبع وسبعين ومئتين، وهو في
عشر الثمانين.
__________
= قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوما، إذ
رأى نخامة في قبلة المسجد، فتغيظ على الناس، ثم حكها، قال:
وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطخه به، وقال: " إن الله قبل
وجه أحدكم إذا صلى فلا يبزق بين يديه " وإسناده صحيح، وعن
جابر بن عبد الله عند مسلم (3008) في الزهد والرقائق،
وانظر " الفتح " 1 / 426.
* تذكرة الحفاظ: 2 / 604.
(1) انظره في اللباب: 2 / 88.
" الزيني ".
(*)
(13/238)
أخبرنا أبو الفضل بن قدامة، عن محمود بن مندة، أخبرنا محمد
بن أحمد، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد العبدي، أخبرنا أبي،
أخبرنا عبد الله ابن محمد بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن
واصل، عن الحسن بن سوار، عن قيس، عن عاصم بن سليمان، عن
عباس مولى بني هاشم، قال: " رأى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - نخامة في المسجد، فحكه ثم لطخه بزعفران " (1).
120 - ابن أبي غرزة * الامام،
الحافظ الصدوق، أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن
قيس بن أبي غرزة، أبو عمرو الغفاري الكوفي، صاحب " المسند
".
ولد سنة بضع وثمانين ومئة.
سمع: جعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، وعبيدالله بن موسى،
وإسماعيل بن أبان، وعفان، وأحمد بن يونس، وعدة.
حدث عنه: مطين، وابن دحيم الشيباني، وإبراهيم بن عبد الله
بن
أبي العزائم، وأبو العباس بن عقدة، وخلق كثير.
وله " مسند " كبير، وقع لنا منه جزء.
وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: كان متقنا.
__________
(1) في قيس - وهو ابن الربيع الاسدي - خلاف، وباقي رجاله
ثقات، وأورده الحافظ في " الاصابة " 2 / 272 في ترجمة عباس
مولى بني هاشم عن ابن منده من طريق قيس بن الربيع بهذا
الاسناد، وفي الباب عن ابن عمر.
* الجرح والتعديل: 2 / 48، اللباب: 2 / 377 - 378، تذكرة
الحفاظ: 2 / 594 - 595، عبر المؤلف: 2 / 55، الوافي
بالوفيات: 6 / 298 - 299، طبقات الحفاظ: 266، شذرات الذهب:
2 / 168 - 169.
(*)
(13/239)
قلت: توفي سنة ست وسبعين ومئتين، في ذي الحجة.
121 - ابن أبي الخناجر *
الامام، المحدث، مسند طرابلس، أبو علي، أحمد بن محمد
بن يزيد بن مسلم بن أبي الخناجر، الانصاري الشامي
الاطرابلسي.
حدث عن: يزيد بن هارون، ويحيى بن أبي بكير، ومؤمل بن
إسماعيل، ومحمد بن مصعب القرقساني، ومعاوية بن عمرو، وعدة.
روى عنه: أبو نعيم بن عدي، وابن جوصا، وابن صاعد، وابن أبي
حاتم، وخيثمة بن سليمان، وآخرون.
قال ابن أبي حاتم: صدوق (1).
وقيل: كان لبيبا حليما.
قال ابن دحيم: توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين
ومئتين.
وسمعه خيثمة يقول: وقف المأمون على مجلس يزيد - وكنت فيهم،
وفي المجلس ألوف - فالتفت إلى أصحابه، وقال: هذا الملك.
122 - النرسي * * الامام
المحدث، الثقة، أبو بكر، أحمد بن عبيد بن إدريس
الضبي، مولاهم البغدادي النرسي.
__________
* الجرح والتعديل: 2 / 73، تاريخ ابن عساكر: خ: 113 ب -
114 أ، شذرات الذهب: 2 / 165، تهذيب بدران: 2 / 84.
(1) الجرح والتعديل: 2 / 73.
* * تاريخ بغداد: 4 / 250 - 251، وفيه: أحمد بن عبيدالله.
وسيذكره المؤلف في = (*)
(13/240)
سمع: أبا بدر شجاع بن الوليد، ويزيد بن هارون، وروح بن
عبادة، ويحيى بن أبي بكير، وشبابة بن سوار، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن صاعد، وعثمان بن السماك، ومكرم بن أحمد
القاضي، وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وآخرون.
ويقع حديثه عاليا في " الغيلانيات ".
قال: أبو بكر الخطيب: كان ثقة أمينا (1).
وقال ابن كامل: توفي في خامس ذي الحجة، سنة ثمانين ومئتين.
وقال مرة أخرى: مات في خامس ذي الحجة، سنة تسع وسبعين (2).
وقال أبو الحسين بن المنادي: مات سنة ثمانين، وقد وثقه
الحافظ الدارقطني، وكان مولده في سنة ست وثمانين ومئة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق (3)، أخبرنا ظفر بن سالم، أخبرنا هبة
الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي بن أبي عثمان، سنة ثمان
وسبعين وأربع مئة، أخبرنا محمد بن أحمد بن القاسم
المحاملي، حدثنا أبو عمر الزاهد،
حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي، حدثنا يزيد بن هارون،
حدثنا حريز بن عثمان، سمعت حبيب بن عبيد الرحبي يقول:
تعلموا العلم واعقلوه، وتفقهوا به، ولا تعلموه لتجملوا به،
فإنه يوشك إن طال بكم عمر أن يتجمل
__________
= نهاية ترجمة البرتي باسم أحمد بن عبيد الله النرسي،
(انظره هناك ص 406، ت: 8).
والنرسي، بفتح النون، وسكون الراء: نسبة إلى نرس: نهر من
أنهار الكوفة عليه عدة قرى.
(اللباب).
(1) تاريخ بغداد: 4 / 251.
(2) المصدر السابق.
(3) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 4 - 5.
(*)
(13/241)
بالعلم، كما يتجمل ذو البز ببزه (1).
123 - محمد بن إسماعيل بن يوسف
* [ ت، س ] (2) الامام، الحافظ، الثقة، أبو إسماعيل السلمي
الترمذي، ثم البغدادي.
ولد بعد التسعين ومئة.
وسمع: محمد بن عبد الله الانصاري، وأبا نعيم، وقبيصة بن
عقبة، ومسلم بن إبراهيم، والحميدي، وسعيد بن أبي مريم،
وعارما، وحماد بن مالك الحرستاني، وإسحاق بن الا ركون،
ونعيم بن حماد، وطبقتهم بالحجاز والشام، ومصر والعراق.
وعني (3) بهذا الشأن، وجمع وصنف، وطال عمره، ورحل الناس
إليه.
حدث عنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن أبي الدنيا،
وموسى
ابن هارون، وابن صاعد، وابن مخلد، والمحاملي، وإسماعيل
الصفار،
__________
(1) الخبر مقطوع، فإنه من كلام حبيب بن عبيد الرحبي وهو
تابعي ثقة من رجال مسلم.
* الجرح والتعديل: 7 / 190 - 191، تاريخ بغداد: 2 / 42 -
44، طبقات الحنابلة: 1 / 279 - 280، تاريخ ابن عساكر: خ:
15 / 58 أ - 59 أ، الكامل لابن الاثير: 7 / 265، تهذيب
الكمال: خ: 1174، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 190، تذكرة
الحفاظ: 2 / 604 - 605، عبر المؤلف: 2 / 64، الوافي
بالوفيات: 2 / 212، البداية والنهاية: 11 / 69، طبقات
القراء لابن الجزري: 2 / 102، تهذيب التهذيب: 9 / 62 - 63،
طبقات الحفاظ: 263، خلاصة تذهيب الكمال: 328، طبقات
المفسرين: 2 / 104 - 105، شذرات الذهب: 2 / 176.
(2) زيادة من " التهذيب ".
(3) ضبطت العين في الاصل بالفتح، وفي " القاموس " وعني
بالضم عناية، وكرضي قليل.
(*)
(13/242)
وأحمد بن كامل، وخيثمة بن سليمان، وأبو سهل بن زياد، وأبو
بكر الشافعي، وأبو بكر النجاد، وأبو عبد الله بن محرم،
وخلق كثير.
قال النسائي: ثقة.
وقال الدارقطني: ثقة صدوق، تكلم فيه أبو حاتم.
وقال الخطيب: كان فهما متقنا، مشهورا بمذهب السنة (1).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمكة، وتكلموا فيه (2).
قلت: انبرم الحال على توثيقه وإمامته.
قال أبو الحسين بن المنادي: توفي في رمضان، سنة ثمانين
ومئتين.
124 - الحنيني * الامام
المحدث، الحافظ المتقن، أبو جعفر، محمد بن الحسين
بن
موسى بن أبي الحنين الحنيني الكوفي، صاحب " المسند "، وقع
لنا " مسند " أنس من " مسنده ".
سمع: عبيد الله بن موسى، وأبا نعيم، والقعنبي، وأبا غسان
النهدي، ومسددا.
وحدث " بالموطأ " عن القعنبي.
__________
(1) تاريخ بغداد: 2 / 42.
(2) الجرح والتعديل: 7 / 191.
* الجرح والتعديل: 7 / 230، تاريخ بغداد: 2 / 225 - 226،
المنتظم: 5 / 109، اللباب: 1 / 398، عبر المؤلف: 2 / 58،
شذرات الذهب: 2 / 171.
والحنيني، بضم الحاء، وفتح النون، وسكون الياء: نسبة إلى
الجد، وهو: حنين، أو أبو الحنين.
(*)
(13/243)
حدث عنه: ابن مخلد، وأبو عبد الله المحاملي، وعثمان بن
السماك، وأبو سهل بن زياد، ومكرم القاضي، ومحمد بن علي بن
دحيم، وطائفة سواهم.
وثقه الدارقطني وغيره.
مات في سنة سبع وسبعين ومئتين.
126 - المقدسي * المحدث،
الامام، أبو عبد الله، أحمد بن مسعود المقدسي
الخياط.
حدث عن: عمرو بن أبي سلمة التنيسي، والهيثم بن جميل
الانطاكي، ومحمد بن كثير المصيصي (1)، ومحمد بن عيسى
الطباع، وطبقتهم.
وعنه: أبو نعيم عبدالملك بن محمد بن عدي، وأبو عوانة
الاسفراييني، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.
لقيه الطبراني ببيت المقدس، سنة أربع وسبعين ومئتين.
127 - حرب * * الامام،
العلامة، أبو محمد، حرب بن إسماعيل الكرماني،
الفقيه، تلميذ أحمد بن حنبل.
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 130 ب، تهذيب بدران: 2 / 92.
(1) المصيصي، بكسر الميم، وتشديد الصاد المكسورة.
انظر ضبطها في الصفحة: (13)، ت: 2.
* * الجرح والتعديل: 3 / 253، طبقات الحنابلة، 1 / 145 -
146، تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 159 أ - ب، تذكرة الحفاظ: 2
/ 613، طبقات الحفاظ: 271، شذرات الذهب: 2 / 176، تهذيب
بدران: 4 / 108.
(*)
(13/244)
رحل، وطلب العلم.
وأخذ عن: أبي الوليد الطيالسي، وأبي بكر الحميدي، وأبي
عبيد، وسعيد بن منصور، وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
روى عنه: القاسم بن محمد الكرماني، نزيل طرسوس، وعبد الله
بن إسحاق النهاوندي، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وأبو
حاتم الرازي رفيقه، وأبو بكر الخلال، وآخرون.
قال الخلال: كان رجلا جليلا، حثني المروذي على الخروج
إليه.
قلت: " مسائل " حرب من أنفس كتب الحنابلة، وهو كبير في
مجلدين.
قيد تاريخ وفاته عبدا لباقي بن قانع، في سنة ثمانين
ومئتين.
قلت: عمر وقارب التسعين، وما علمت به بأسا، رحمه الله
تعالى.
128 - السري بن خزيمة ابن
معاوية، الامام الحافظ الحجة، أبو محمد الابيوردي،
محدث نيسابور.
سمع في الرحلة من: أبي عبدالرحمن المقرئ، وأبي نعيم،
وعبدان ابن عثمان، ومسلم بن إبراهيم، ومحمد بن الصلت،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر بن خزيمة، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو
حامد بن الشرقي ومحمد بن صالح بن هانئ، والحسن بن يعقوب،
وعدد كثير.
قال الحاكم: هو شيخ فوق الثقة، ورد نيسابور سنة سبعين
ومئتين، وبقي بها يحدث إلى سنة أربع وسبعين، ثم انصرف إلى
أبيورد، فسمعت
(13/245)
محمد بن صالح يقول: لما قتل حيكان - يعني ابن الذهلي -
رفضوا الحديث والمجالس، حتى لم يقدر أحدا أن يأخذ بنيسابور
محبرة، إلى أن من الله علينا بورود السري بن خزيمة،
فاجتمعنا لنذهب إليه، فلم نقدر، فقصدنا أبا عثمان الحيري
الزاهد، واجتمع الناس عنده، فأخذ هو محبرة بيده، وأخذنا
المحابر بأيدينا، فلم يقدر أحد من المبتدعة أن يتقرب منا،
فخرج السري فأملى علينا، وابن خزيمة ينتخب.
قال الحاكم: وسمعت الحسن بن يعقوب يقول: ما رأيت مجلسا
أبهى من مجلس السري بن خزيمة، ولا شيخا أبهى منه، كانوا
يجلسون بين يديه، وكأنما على رؤوسهم الطير، وكان لا يحدث
إلا من أصل كتابه، رحمه الله.
أخبرنا سنقر الزيني (1) بحلب، أخبرنا علي بن محمود، أخبرنا
أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا يحيى بن
إبراهيم أخبرنا محمد بن
يعقوب الحافظ، حدثنا السري بن خزيمة، حدثنا موسى بن
إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن ثابت
بن الضحاك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من حلف
بملة غير الاسلام كاذبا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشئ،
عذب به في جهنم، ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنا بكفر،
فهو كقتله " (2).
توفي - أظنه - في سنة خمس وسبعين ومئتين.
__________
(1) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 55.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 1 / 468، 469 في الايمان:
باب من حلف بملة سوى الاسلام من طريق معلى بن أسد، عن وهيب
بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (110) في الايمان: باب غلظ
تحريم قتل الانسان نفسه من طرق عن أبي قلابة، عن ثابت بن
الضحاك، وأخرجه أبو داود (3257) والترمذي (2636) والنسائي
7 / 5، 6.
(*)
(13/246)
129 - أبو حاتم الرازي * (د، س، ت) وابنه محمد بن إدريس
بن المنذر بن داود بن مهران: الامام الحافظ، الناقد، شيخ
المحدثين، الحنظلي الغطفاني، من تميم بن حنظلة بن يربوع،
وقيل: عرف بالحنظلي لانه كان يسكن في درب حنظلة، بمدينة
الري.
كان من بحور العلم.
طوف البلاد، وبرع في المتن والاسناد، وجمع وصنف، وجرح
وعدل، وصحح وعلل.
مولده سنة خمس وتسعين ومئة.
وأول كتابه للحديث كان في سنة تسع ومئتين، وهو من نظراء
البخاري، ومن طبقته، ولكنه عمر بعده أزيد من عشرين عاما.
سمع: عبيد الله بن موسى، ومحمد بن عبد الله الانصاري،
والاصمعي، وقبيصة، وأبا نعيم، وعفان، وعثمان بن الهيثم
المؤذن، وأبا مسهر الغساني، وأبا اليمان، وسعيد بن أبي
مريم، وزهير بن عباد، ويحيى بن بكير، وأبا الوليد، وآدم بن
أبي إياس، وثابت بن محمد الزاهد، وأبا زيد الانصاري
النحوي، وعبد الله بن صالح العجلي، وعبد الله بن صالح
الكاتب، وأبا الجماهر محمد بن عثمان، وهوذة بن خليفة،
ويحيى
__________
* الجرح والتعديل: 1 / 349 - 375، و 7 / 204، تاريخ بغداد:
2 / 73 - 77، طبقات الحنابلة: 1 / 284 - 286، تاريخ ابن
عساكر: خ: 15 / 24 ب - 28 ب، المنتظم: 5 / 107 - 108،
تهذيب الكمال: خ: 1163 - 1164، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 182
- 183، تذكرة الحفاظ: 2 / 567 - 569، عبر المؤلف: 2 / 58،
الوافي بالوفيات: 2 / 183، طبقات السبكي: 2 / 207 - 211،
البداية والنهاية: 11 / 59، طبقات القراء لابن الجزري: 2 /
97، وفيه وفاته سنة (275)، تهذيب التهذيب: 9 / 31 - 34،
طبقات الحفاظ: 255، خلاصة تذهيب الكمال: 326، شذرات الذهب:
2 / 171.
(*)
(13/247)
الوحاظي، وأبا توبة الحلبي، وخلقا كثيرا.
وينزل إلى بندار، وأبي حفص الفلاس، والربيع المرادي، ثم
إلى ابن وارة، ومحمد بن عوف.
ويتعذر استقصاء سائر (1) مشايخه.
فقد قال الخليلي: قال لي أبو حاتم اللبان الحافظ: قد جمعت
من روى عنه أبو حاتم الرازي، فبلغوا قريبا من ثلاثة آلاف.
حدث عنه: ولده الحافظ الامام أبو محمد عبدالرحمن بن أبي
حاتم، ويونس بن عبدالاعلى، والربيع بن سليمان المؤذن
شيخاه، وأبو زرعة الرازي رفيقه وقرابته، وأبو زرعة
الدمشقي، وإبراهيم الحربي، وأحمد
الرمادي، وموسى بن إسحاق الانصاري، وأبو بكر بن أبي
الدنيا، وأبو عبد الله البخاري - فيما قيل - وأبو داود،
وأبو عبد الرحمن النسائي في " سننهما "، وابن صاعد، وأبو
عوانة الاسفراييني، وحاجب بن أركين، ومحمد بن إبراهيم
الكناني، وزكريا بن أحمد البلخي، والقاضي المحاملي، ومحمد
بن مخلد العطار، وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، وأبو
عمرو محمد ابن أحمد بن حكيم، وسليمان بن يزيد الفامي (2)،
والقاسم بن صفوان، وأبو بشر الدولابي، وأبو حامد بن
حسنويه، وخلق كثير.
وقد حدث في رحلاته بأماكن، وارتحل بابنه، ولقي به أصحاب
ابن عيينة ووكيع.
قال الحافظ أبو نعيم عبدالملك بن محمد بن عدي: حدثنا
الربيع
__________
(1) سائر الشئ: بقيته، لا كما يستخدمه بعضهم اليوم بمعنى
الكل.
قال عنترة بن شداد: إني امرؤ من خير عبس منصبا * شطري،
وأحمي سائري بالمنصل (2) الفامي: نسبة إلى بيع الفواكه
اليابسة، ويقال لبائعها: البقال أيضا.
(اللباب).
(*)
(13/248)
المرادي، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا داود الجعفري،
حدثنا عبد العزيز ابن محمد، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب،
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" خير نساء العالمين مريم، وآسية امرأة فرعون، وخديجة،
وفاطمة " (1).
ثم قال ابن عدي: وحدثناه أبو حاتم.
قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي
صالح، وسليمان بن يزيد، قالا: حدثنا أبو حاتم، قال: حدثني
أبو زرعة عني، عن أبي الجماهر، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن
عبد العزيز بن
عبيد الله، عن مجاهد، عن ابن عباس، يرفعه، قال: " رفع
القلم عن ثلاثة " (2).
قال أبو حاتم: كان عندي هذا في قرطاس فضاع.
رواه الحافظ أبو بكر الخطيب، حدثنا علي بن طلحة، حدثنا
صالح.
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه أحمد 1 / 293 و 316 و 372 من طرق
عن داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمر اليشكري، عن
عكرمة، عن ابن عباس بلفظ " أفضل نساء أهل الجنة..." وأورده
الهيثمي في " المجمع " 9 / 223، وزاد نسبته إلى أبي يعلى
والطبراني، وقال: رجاله رجال الصحيح وله شاهد من طريق عبد
الرزاق، عن معمر، عن قتادة عن أنس عند الترمذي (388) وأحمد
بلفظ " حسبك من نساء العالمين " وصححه الترمذي، والحاكم 3
/ 157، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان (2222) بالسند ذاته
لكن بلفظ " خير نساء العالمين -.
" (2) إسناده ضعيف لضعف عبد العزيز بن عبيد الله، وأورده
الهيثمي في " المجمع " 6 / 251، ونسبه للطبراني في الكبير
والاوسط، وضعفه بعبد العزيز.
قلت: لكن متن الحديث صحيح عن غير ابن عباس، فقد أخرجه من
حديث عائشة أبو داود (4398) والدارمي 2 / 171، وابن ماجه
(46.
2) وأحمد 6 / 100، و 101 و 144، وصححه ابن حبان (1496)
والحاكم 2 / 59، ووافقه الذهبي، وأخرجه من حديث علي أبو
داود (4399) و (4401) وصححه ابن خزيمة (1003) وابن حبان
(1497) والحاكم 2 / 59 و 4 / 389، ووافقه الذهبي، وله
شواهد أخر انظرها في " نصب الراية " 4 / 161، 165، و "
مجمع الزوائد " 6 / 251.
(*)
(13/249)
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سمعت موسى بن إسحاق القاضي
يقول: ما رأيت أحفظ من والدك.
وكان قد لقي أبا بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، وابن معين،
ويحيى الحماني (1).
قال الخطيب: كان أبو حاتم أحد الائمة الحفاظ الاثبات..أول
سماعه سنة تسع ومئتين (2).
قال أبو الشيخ الحافظ: حكى لنا عبد الله بن محمد بن يعقوب:
سمعت أبا حاتم يقول: نحن من أهل أصبهان، من قرية جروكان
(3)، وأهلنا كانوا يقدمون علينا في حياة أبي، ثم انقطعوا
عنا (4).
قال الخليلي: كان أبو حاتم عالما باختلاف الصحابة، وفقه
التابعين، ومن بعدهم، سمعت جدي وجماعة، سمعوا علي بن
إبراهيم القطان يقول: ما رأيت مثل أبي حاتم ! فقلنا له: قد
رأيت إبراهيم الحربي، وإسماعيل القاضي ؟ قال: ما رأيت أجمع
من أبي حاتم، ولا أفضل منه.
علي بن إبراهيم الرازي: حدثنا أحمد بن علي الرقام (5)،
سمعت الحسن بن الحسين الدارستيني قال: سمعت أبا حاتم يقول:
قال لي أبو زرعة: ما رأيت أحرص على [ طلب ] الحديث منك.
فقلت له: إن عبد الرحمن ابني لحريص، فقال: " من أشبه أباه
فما ظلم " (6).
قال الرقام:
__________
(1) الجرح والتعديل: 7 / 204.
(2) تاريخ بغداد: 2 / 73.
وفيه: " وكان أول كتبه الحديث في سنة تسع ومئتين ".
(3) كذا الاصل، وفي " معجم " ياقوت: جرواءان، بالضم ثم
السكون وواو وألفين بينهما همزة وآخره نون: محلة كبيرة
بأصبهان، وانظر الانساب: 3 / 236.
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 26 ب.
(5) الرقام، بفتح الراء، والقاف المشددة: نسبة إلى رقم
الثياب.
(اللباب).
(6) معناه: فما وضع الشبه في غير موضعه.
قال الاصمعي: أصل الظلم وضع الشئ = (*)
(13/250)
فسألت عبدالرحمن عن اتفاق كثرة السماع له، وسؤالاته لابيه،
فقال: ربما
كان يأكل وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل الخلاء
وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شئ وأقرأ عليه (1).
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: ما رأيت بعد إسحاق، ومحمد بن
يحيى أحفظ للحديث من أبي حاتم الرازي، ولا أعلم بمعانيه
(2).
قال ابن عدي: سمعت القاسم بن صفوان، سمعت أبا حاتم يقول،
أورع من رأيت أربعة: آدم (3)، وأحمد بن حنبل، وثابت بن
محمد الزاهد، وأبو زرعة الرازي.
قال القاسم: فذكرته لعثمان بن خرزاذ.
فقال: أنا أقول أحفظ من رأيت أربعة: محمد بن المنهال
الضرير، وإبراهيم بن عرعرة، وأبو زرعة، وأبو حاتم (4).
قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبدالاعلى يقول: أبو زرعة
وأبو حاتم إماما خراسان، ودعا لهما، وقال: بقاؤهما صلاح
للمسلمين (5).
__________
= في غير موضعه.
وقد حكاه كعب بن زهير في بعض شعره فقال: أقول شبيهات بما
قال عالما * بهن ومن يشبه أباه فما ظلم والبيت من قصيدة
مطلعها: أتعرف رسما بين رهمان فالرقم * إلى ذي مراهيط كما
خط بالقلم انظر: ديوان كعب: 65 (ط.
دار الكتب 1950، نسخة مصورة)، و: أمثال أبي عبيد: 145،
260، (ط.
دار المأمون 1981)، أمثال أبي عكرمة الضبي: 67 - 70،
الحيوان: 1 / 332، الفاخر، 103، جمهرة الامثال: 2 / 244،
الوسيط في الامثال: 155 - 156، مجمع الامثال: 2 / 300 -
301، (ط 1955) المستقصى للزمخشري: 2 / 352 - 353، نهاية
الارب، 3 / 52.
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 27 أ، والزيادة منه.
(2) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 568.
(3) أي: آدم بن أبي إياس، من رجال الطبقة التاسعة.
(انظر: التقريب).
(4) تاريخ بغداد، 2 / 75.
(5) انظر: الجرح والتعديل، 1 / 334، و: 5 / 325.
(*)
(13/251)
وقال محمد بن الحسين بن مكرم: سمعت حجاج بن الشاعر، وذكرت
له أبا زرعة، وابن وارة، وأبا جعفر الدارمي، فقال: ما
بالمشرق أنبل منهم.
ابن أبي حاتم: سمعت أبي، قال لي هشام بن عمار، أي شئ تحفظ
من الاذواء ؟ قلت: ذو الاصابع، وذو الجوشن، وذو الزوائد،
وذو اليدين، وذو اللحية الكلابي، وعددت له ستة، فضحك،
وقال: حفظنا نحن ثلاثة، وزدت انت ثلاثة (1).
قال الحافظ عبدالرحمن بن خراش: كان أبو حاتم من أهل
الامانة والمعرفة.
وقال هبة الله اللالكائي (2): كان أبو حاتم إماما حافظا
متثبتا.
وذكره اللالكائي في شيوخ البخاري.
وقال النسائي، ثقة.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: جرى بيني وبين أبي زرعة
يوما تمييز الحديث ومعرفته، فجعل يذكر أحاديث وعللها،
وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها، وخطأ الشيوخ، فقال لي،
يا أبا حاتم ! قل من يفهم هذا، ما أعز هذا ! إذا رفعت هذا
من واحد واثنين فما أقل من [ تجد من ] يحسن هذا ! وربما
أشك في شئ، أو يتخالجني في حديث، فإلى أن التقي معك لا أجد
من يشفيني [ منه ].
قال أبي: وكذلك كان أمري (3).
__________
(1) الجرح والتعديل: 1 / 358 - 359.
وفيه: " وزدتنا أنت ثلاثة ".
(2) اللالكائي، بعد اللام ألف لام وكاف مفتوحة، نسبة إلى
بيع اللوالك التي تلبس في
الارجل.
(اللباب).
(3) الجرح والتعديل: 1 / 356.
والزيادة منه.
وانظر: تاريخ بغداد: 2 / 76.
(*)
(13/252)
صالح بن أحمد الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي صالح، سمعت أبا
حاتم يقول، قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت ؟ قلت:
لا، فترفع أنت ؟ قال: نعم.
قلت: فما حجتك ؟ قال: حديث ابن مسعود.
قلت (1): رواه ليث بن أبي سليم.
قال (2): فحديث أبي هريرة ؟ قلت (3): رواه ابن لهيعة.
قال: حديث ابن عباس ؟ قلت: رواه عوف.
قال: فما حجتك في تركه ؟ قلت: حديث أنس بن مالك: أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - " كان لا يرفع يديه في شئ من
الدعاء، إلا في الاستسقاء ".
فسكت (4).
وقال ابن أبي حاتم في أول كتاب " الجرح والتعديل " (5) له:
سمعت أبي يقول: جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي، من أهل
الفهم منهم، ومعه دفتر، فعرضه علي، فقلت في بعضه: هذا حديث
خطأ، قد دخل لصاحبه حديث في حديث، وهذا باطل، وهذا منكر،
وسائر ذلك صحاح، فقال: من أين علمت أن ذاك خطأ، وذاك باطل،
وذاك كذب ؟ أأخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت، أو بأني
كذبت في حديث كذا ؟ قلت: لا، ما أدري هذا الجزء من راويه،
غير أني أعلم أن هذا [ الحديث ] خطأ، وأن
__________
(1) (3): في الاصل: " قال ".
والتصحيح من " تاريخ بغداد ".
(2) في الاصل: " قلت " والتصحيح من " تاريخ بغداد ".
(4) الخبر في: تاريخ بغداد: 2 / 76، وحديث أنس أخرجه
البخاري 2 / 429 في الاستسقاء، باب رفع الامام يده في
الاستسقاء، ومسلم (895) (7) قال: كان النبي لا يرفع يديه
في شئ من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض
إبطه.
وظاهر هذا الحديث
نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالاحاديث
الثابتة في الرفع في غير الاستسقاء، وهي كثيرة أفردها
البخاري بترجمته في كتاب الدعوات من " صحيحه " 11 / 119،
121، وساق فيها عدة أحاديث، وألف الحافظ المنذري جزءا فيها
سرد منها النووي في " الاذكار " " وشرح المهذب " جملة،
والحافظ في " الفتح " وقد قال العلماء: إن المنفي في حديث
أنس صفة خاصة لا أصل الرفع.
(5) انظر: 1 / 349 - 350، والزيادة منه.
(*)
(13/253)
هذا باطل (1)، فقال: تدعي الغيب ؟ قلت: ما هذا ادعاء غيب.
قال: فما الدليل على ما قلت ؟ قلت: سل عما قلت، من يحسن
مثل ما أحسن، فإن اتفقنا علمت أنا لم نجازف [ ولم نقله إلا
بفهم ].
قال: (2) ويقول أبو زرعة كقولك ؟ قلت: نعم، قال: هذا عجب.
قال: فكتب في كاغد (3) ألفاظي في تلك الاحاديث، ثم رجع
إلي، وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الاحاديث،
فقال: ما قلت إنه كذب، قال أبو زرعة: هو باطل.
قلت: الكذب والباطل واحد، قال: وما قلت: إنه منكر، قال: هو
منكر، كما قلت، وما قلت: إنه صحيح، قال: هو صحيح.
ثم قال: ما أعجب هذا ! تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما.
قلت: فعند ذلك علمت أنا لم نجازف (4)، وأنا قلنا بعلم
ومعرفة قد أوتيناه، والدليل على صحة ما نقوله أن دينارا
بهرجا يحمل إلى الناقد، فيقول: هذا بهرج.
فإن قيل له: من أين قلت: إن هذا بهرج ؟ هل كنت حاضرا حين
بهرج هذا الدينار ؟ قال: لا.
وإن قيل: أخبرك الذي بهرجه ؟ قال: لا.
قيل: فمن أين قلت ؟ قال: علما رزقته.
وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك، وكذلك إذا حمل إلى جوهري فص
ياقوت وفص زجاج، يعرف ذا من ذا، ويقول كذلك.
وكذلك نحن
رزقنا علما، لا يتهيأ له أن نخبر [ ك ] كيف علمنا بأن هذا
كذب، أو هذا منكر، فنعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن
يكون كلاما يصلح أن يكون كلام النبوة، ونعرف سقمه وإنكاره
بتفرد من لم تصح عدالته.
__________
(1) زاد في " الجرح " هنا: " وأن هذا الحديث كذب ".
(2) وزاد هنا أيضا: " من هو الذي يحسن مثل ما تحسن ؟ قلت:
أبو زرعة.
قال: ويقول...".
(3) الكاغد: القرطاس.
(4) عبارة " الجرح ": " قلت: فقد ذلك أنا لم نجازف ".
(*)
(13/254)
قال: وسمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من
أغرب علي حديثا [ غريبا مسندا لم أسمع به ] صحيحا، فله علي
درهم يتصدق به، وكان ثم خلق: أبو زرعة، فمن دونه، وإنما
كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع به، فيقولون: هو عند
فلان، فأذهب وأسمعه (1)، فلم يتهيأ لاحد أن يغرب علي حديثا
(2).
وسمعت أبي يقول: كان محمد بن يزيد الاسفاطي قد ولع
بالتفسير وتحفظه، فقال يوما: ما تحفظون في قوله تعالى: *
(فنقبوا في البلاد) * [ ق: 36 ].
فبقي أصحاب الحديث ينظر بعضهم إلى بعض، فقلت: حدثنا أبو
صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن
عباس، قال: ضربوا في البلاد.
[ فاستحسن ] (3).
سمعت أبي يقول: قدم محمد بن يحيى النيسابوري الري، فألقيت
عليه ثلاثة عشر حديثا، من حديث الزهري، فلم يعرف منها إلا
ثلاثة أحاديث، وسائر ذلك لم تكن عنده، ولم يعرفها (4).
سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث، أقمت سبع
سنين، أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ.
قلت: مسافة ذلك نحو أربعة أشهر، سير الجادة.
قال: ثم تركت العدد بعد ذلك، وخرجت من البحرين إلى مصر
ماشيا، ثم إلى الرملة ماشيا، ثم إلى دمشق، ثم أنطاكية
وطرسوس، ثم
__________
(1) زاد في " الجرح " هنا: " وكان مرادي أن استخرج منهم ما
ليس عندي ".
(2) الجرح والتعديل: 1 / 355، والزيادة منه.
(3) الجرح والتعديل: 1 / 357.
والزيادة منه.
(4) الجرح والتعديل: 1 / 358.
(*)
(13/255)
رجعت إلى حمص، ثم إلى الرقة، ثم ركبت إلى العراق، كل هذا
في سفري الاول وأنا ابن عشرين سنة.
خرجت من الري، فدخلت الكوفة في رمضان سنة ثلاث عشرة،
وجاءنا نعي المقرئ (1) وأنا بالكوفة، ثم رحلت ثانيا سنة
اثنتين وأربعين، ثم رجعت إلى الري سنة خمس وأربعين، وحججت
رابع حجة في سنة خمس وخمسين.
وحج فيها عبدالرحمن ابنه (2).
سمعت أبي يقول: كتب عني محمد بن مصفى جزءا انتخبه (3).
وكلمني دحيم في حديث أهل طبرية، وكانوا سألوني التحديث،
فقلت: بلدة يكون فيها مثل دحيم القاضي أحدث أنا بها ؟ !
فكلمني دحيم، فقال: إن هذه بلدة نائية عن جادة الطريق، فقل
من يقدم عليهم يحدثهم (4).
سمعت أبي يقول: بقيت في سنة أربع عشرة ثمانية أشهر
بالبصرة،
وكان في نفسي أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع
ثيابي حتى نفدت، وبقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي
إلى المشيخة، وأسمع إلى المساء، فانصرف رفيقي، ورجعت إلى
بيتي، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت، فغدا علي
رفيقي، فجعلت أطوف معه [ في سماع الحديث ] على جوع شديد،
وانصرفت جائعا، فلما كان من الغد،
__________
(1) هو: أبو عبد الرحمن، عبد الله بن يزيد.
قال الذهبي في " عبره ": 1 / 364: " شيخ مكة وقارئها
ومحدثها...أقرأ القرآن سبعين سنة ".
(2) انظر " الجرح والتعديل: 1 / 359 - 360.
(3) المصدر السابق: 1 / 361.
(4) المصدر السابق.
(*)
(13/256)
غدا علي، فقال: مر بنا إلى المشايخ.
قلت: أنا ضعيف لا يمكنني.
قال: ما ضعفك ؟ قلت: لا أكتمك [ أمري، قد ] مضى يومان ما
طعمت فيهما شيئا، قفال: قد بقي معي دينار، فنصفه لك، ونجعل
النصف الآخر في الكراء، فخرجنا من البصرة، وأخذت منه النصف
دينار (1).
وسمعت أبي يقول: خرجنا من المدينة، من عند داود الجعفري،
وصرنا إلى الجار وركبنا البحر، فكانت الريح في وجوهنا،
فبقينا في البحر ثلاثة أشهر، وضاقت صدورنا، وفني ما كان
معنا (2)، وخرجنا إلى البر نمشي أياما، حتى فني ما تبقى
معنا من الزاد والماء، فمشينا يوما لم نأكل ولم نشرب، ويوم
الثاني كمثل، ويوم الثالث، فلما كان يكون المساء صلينا،
وكنا نلقي بأنفسنا [ حيث كنا ]، فلما أصبحنا في اليوم
الثالث، جعلنا نمشي على قدر طاقتنا، وكنا ثلاثة أنفس: شيخ
نيسابوري، وأبو زهير
المروروذي، فسقط الشيخ مغشيا عليه، فجئنا نحركه وهو لا
يعقل، فتركناه، ومشينا قدر فرسخ، فضعفت، وسقطت مغشيا علي،
ومضى صاحبي يمشي، فبصر من بعد قوما، قربوا سفينتهم من
البر، ونزلوا على بئر موسى، فلما عاينهم، لوح بثوبه إليهم،
فجاؤوه معهم ماء في إداوة (3).
فسقوه وأخذوا بيده، فقال لهم: الحقوا رفيقين لي، فما شعرت
إلا برجل يصب الماء على وجهي، ففتحت عيني، فقلت: اسقني،
فصب من الماء في مشربة قليلا، فشربت، ورجعت إلي نفسي، ثم
سقاني قليلا، وأخذ بيدي، فقلت: ورائي شيخ ملقى، فذهب جماعة
إليه، وأخذ بيدي، وأنا
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل: 1 / 363 - 364.
والزيادة منه.
(2) أضاف هنا في " الجرح ": " من الزاد، وبقيت بقية ".
(3) الاداوة: المطهرة، وهي أناء صغير يحمل فيه الماء.
(*)
(13/257)
أمشي وأجر رجلي، حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم، وأتوا
بالشيخ، وأحسنوا إلينا، فبقينا أياما حتى رجعت إلينا
أنفسنا، ثم كتبوا لنا كتابا إلى مدينة يقال لها: راية (1)،
إلى واليهم، وزودونا من الكعك والسويق والماء.
فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والقوت، فجعلنا
نمشي جياعا على شط البحر، حتى دفعنا إلى سلحفاة مثل الترس،
فعمدنا إلى حجر كبير، فضربنا على ظهرها، فانفلق، فإذا فيها
مثل صفرة البيض، فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع، ثم وصلنا إلى
مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملها، فأنزلنا في
داره، فكان يقدم لنا كل يوم القرع، ويقول لخادمه: هاتي لهم
اليقطين المبارك.
فيقدمه مع الخبز أياما، فقال واحد منا: ألا تدعو باللحم
المشؤوم ؟ ! فسمع صاحب الدار، فقال: أنا أحسن
بالفارسية، فإن جدتي كانت هروية، وأتانا بعد ذلك باللحم،
ثم زودنا إلى مصر (2).
وسمعت أبي يقول: كتبت الحديث سنة تسع، وأنا ابن أربع عشرة
سنة، وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي (3) سنة عشر، فلما قدم
علينا حاجا (4) وكنت أفيد الناس عن أبي عبدالرحمن المقرئ،
وأنا بالري، فيخرج الناس إليه، فيسمعون منه، ويرجعون وأنا
بالري (5).
__________
(1) الراية: محلة عظيمة بفسطاط مصر، وهي المحلة التي في
وسطها جامع عمرو بن العاص.
انظر سبب التسمية عند: ياقوت.
(2) انظر: الجرح والتعديل: 1 / 364 - 366.
والزيادة منه.
(3) في الاصل: " عتاب بن زهير الهروي ".
وهو خطأ.
والتصويب من " الجرح ".
وهو من رجال " التهذيب ".
(4) عبارة " الجرح ": " قدم علينا من خراسان يريد الحج ".
(5) الجرح والتعديل: 1 / 366.
(*)
(13/258)
وسمعت أبي يقول: كتبت عند عارم وهو يقرأ.
وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ، وسرت من الكوفة إلى
بغداد، ما لا أحصي كم مرة (1).
ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر، حدثنا محمد بن إدريس،
قال: كان أبو نعيم يوما جالسا، ورجل في ناحية المجلس يقول:
حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا ابن جريج، قال: فنظر إليه أبو
نعيم، وقال: كذب الدجال، ما سمعت من ابن جريج شيئا.
ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر، حدثنا محمد بن إدريس،
حدثنا مؤمل بن يهاب، عن يزيد بن هارون قال: كان بواسط رجل
يروي
عن أنس بن مالك، أحرفا، ثم قيل: إنه أخرج كتابا عن أنس،
فأتيناه، فقلنا له: هل عندك من شئ من تلك الاحرف ؟ فقال:
نعم، عندي كتاب عن أنس.
فقلنا: أخرجه، فأخرجه، فنظرنا، فإذا هي أحاديث شريك بن عبد
الله (2)، فجعل يقول: حدثنا أنس.
فقلنا: هذه أحاديث شريك.
فقال: صدقتم، حدثنا أنس بن مالك، عن شريك، قال: فأفسد
علينا تلك الاحرف التي سمعناها منه، وقمنا عنه.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم في كتاب " الرد على الجهمية "،
له: حدثنا أبي، وأبو زرعة، قال: كان يحكى لنا أن هنا رجلا
من قصته هذا، فحدثني أبو زرعة، قال: كان بالبصرة رجل، وأنا
مقيم سنة ثلاثين ومئتين، فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك
عنه، أنه قال: إن لم يكن القرآن مخلوقا فمحا الله ما في
صدري من القرآن.
وكان من قراء القرآن.
فنسي القرآن، حتى كان يقال له: قل: * (بسم الله الرحمن
الرحيم) *.
فيقول:
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل: 1 / 367.
(2) في الاصل: " عبيد الله ".
(*)
(13/259)
معروف، معروف.
ولا يتكلم به.
قال أبو زرعة: فجهدوا به أن أراه، فلم أره.
وقال الحافظ أبو القاسم اللالكائي: وجدت في كتاب أبي حاتم
محمد ابن إدريس الحنظلي، مما سمع منه، يقول: مذهبنا
واختيارنا اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
والتابعين، والتمسك بمذاهب أهل الاثر، مثل الشافعي، وأحمد،
وإسحاق، وأبي عبيد، ولزوم الكتاب والسنة، ونعتقد أن الله -
عزوجل - على عرشه * (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) *
[ الشورى: 11 ] وأن الايمان يزيد وينقص، ونؤمن بعذاب
القبر، وبالحوض، وبالمسائلة في القبر، وبالشفاعة، ونترحم
على جميع الصحابة...وذكر أشياء.
إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله، فإنه لا يوثق إلا رجلا
صحيح الحديث، وإذا لين رجلا، أو قال فيه: لا يحتج به.
فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد، فلا تبن على
تجريح أبي حاتم، فإنه متعنت في الرجال (1)، قد قال في
طائفة من رجال " الصحاح ": ليس بحجة، ليس بقوي، أو نحو
ذلك.
وآخر من حدث عنه هو: محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي، عاش
إلى بعد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق بن المؤيد (2)، أخبرنا زيد بن يحيى
بن هبة
__________
(1) وقد وصفه بذلك أيضا الحافظ في مقدمة الفتح ص 441، فقد
جاء فيها: محمد بن أبي عدي البصري من شيوخ أحمد، قال عمرو
بن علي: أحسن عبدالرحمن بن مهدي الثناء عليه، وقال أبو
حاتم والنسائي وابن سعد: ثقة، وفي " الميزان " ان أبا حاتم
قال: لا يحتج به، فينظر في ذلك، وأبو حاتم عنده عنت.
(2) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 4 - 5، وتقدمت
الاشارة إليه في الصفحة: (236)، ت: 3.
(*)
(13/260)
الله ببغداد، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن المبارك بن قفرجل،
أخبرنا عاصم ابن الحسن، قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي
الفارسي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل إملاء،
حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا أبو مسهر، أخبرنا إسماعيل بن
عياش، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن
نفير، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -
قال: " قال الله عزوجل: ابن آدم ! اركع لي أربع ركعات من
أول النهار أكفك آخره " (1).
أخبرنا المؤمل بن محمد (2)، وابن علان (3) كتابة، قالا:
أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا عبدالرحمن الشيباني،
أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا
ابن مخلد، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا خالد بن الحباب
بالشام، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أبي موسى،
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " احتج آدم وموسى،
فحج آدم موسى " (4).
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي (475) في الصلاة: باب ما
جاء في صلاة الضحى من طريق أبي جعفر السمناني، حدثنا أبو
مسهر بهذا الاسناد إلا أنه قال: عن أبي الدرداء وأبي ذر،
وأخرجه أحمد 6 / 440 و 451 من طريق أبي المغيرة وأبي
اليمان، كلاهما عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن أبي
الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عزوجل
يقول: ابن آدم لا تعجز من أربع ركعات أول النهار أكفك آخره
" وهذا إسناد صحيح، وفي الباب عن نعيم بن حماد عند أحمد 5
/ 286 و 287، وأبي داود (1289) والدارمي 1 / 338 وإسناده
صحيح.
وأخرجه أحمد 4 / 153 و 201 من طريق أخرى عن نعيم بن حماد،
عن عقبة بن عامر الجهني...وإسناده صحيح أيضا.
(2) هو في " مشيخة " المؤلف ": خ: ق: 171.
(3) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (84)، ت: 3.
عن " مشيخة " المؤلف.
(4) هو في " تاريخ بغداد " 5 / 104، وخالد بن الحباب مترجم
في " الجرح والتعديل " 3 / 326.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: هو بصري شيخ يكتب
حديثه.
وباقي = (*)
(13/261)
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن (1) سنة اثنتين وتسعين وست
مئة،
أخبرنا محمد بن خلف الحنبلي سنة ست عشرة وست مئة، أخبرنا
أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله بن
أحمد، قالا: أخبرنا علي بن محمد الفرضي، أخبرنا أبو عمرو
أحمد بن محمد بن حكيم، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد
بن عبد الله، حدثني حميد، عن أنس بن مالك، قال: افتتح أبو
بكر - رضي الله عنه (البقرة)، في يوم عيد فطر أو أضحى،
فقلت: يقرأ عشر آيات، فلما جاوز العشر، قلنا: يقرأ مئة
آية، حتى قرأها، فرأيت أشياخ أصحاب محمد - صلى الله عليه
وسلم - يميلون.
هذا حديث صحيح غريب.
قال أبو الحسين بن المنادي وغيره: مات الحافظ أبو حاتم في
شعبان، سنة سبع وسبعين ومئتين.
وقيل: عاش ثلاثا وثمانين سنة.
ولابي محمد الايادي الشاعر مرثية طويلة في أبي حاتم، رواها
عنه ابن أبي حاتم، أولها.
أنفسي مالك لا تجزعينا * وعيني مالك لا تدمعينا ألم تسمعي
بكسوف العلو * م من شهر شعبان محقا مدينا (2)
__________
= رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة عند مالك 2 / 898، والبخاري 11 /
441، ومسلم (2652) وأبي داود (4701) والترمذي (2135) وعن
عمر عند أبي داود (4702) وعن جندب بن عبد الله عند أبي
يعلى وأحمد والطبراني، قال الهيثمي في " المجمع " 7 / 191:
ورجالهم رجال الصحيح وعن أبي سعيد الخدري عند أبي يعلى
والبزار، وقال الهيثمي: ورجالهما رجال الصحيح.
(1) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ ق: 36.
(2) في الاصل: " العلم "، والتصويب من " الجرح "، وفيه: "
لكسوف "، و: " حقا " بدل: " محقا ".
(*)
(13/262)
ألم تسمعي خبر المرتضى * أبي حاتم أعلم العالمينا (1) 129
- ابنه عبدالرحمن * العلامة، الحافظ، يكنى: أبا محمد.
ولد سنة أربعين ومئتين، أو إحدى وأربعين.
قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الخطيب في ترجمة
عملها لابن أبي حاتم: كان - رحمه الله - قد كساه الله نورا
وبهاء، يسر من نظر إليه.
سمعته يقول: رحل بي أبي سنة خمس وخمسين ومئتين، وما احتلمت
بعد، فلما بلغنا ذا الحليفة (2) احتلمت، فسر أبي، حيث
أدركت حجة الاسلام، فسمعت في هذه السنة من محمد بن أبي
عبدالرحمن المقرئ (3).
قلت: وسمع من: أبي سعيد الاشج، والحسن بن عرفة،
والزعفراني، ويونس بن عبدالاعلى، وعلي بن المنذر الطريقي
(4)، وأحمد ابن سنان، ومحمد بن إسماعيل الاحمسي (5)، وحجاج
بن الشاعر، ومحمد
__________
(1) الجرح والتعديل: 1 / 369، في أبيات طويلة.
* طبقات الحنابلة: 2 / 55، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 82 أ
- 84 أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 829 - 832، ميزان الاعتدال: 2 /
587 - 588، عبر المؤلف: 2 / 208، فوات الوفيات: 2 / 287 -
288، طبقات السبكي: 3 / 324 - 328، البداية والنهاية: 11 /
191، لسان الميزان: 3 / 432 - 433، النجوم الزاهرة: 3 /
265، طبقات الحفاظ: 345 - 346، طبقات المفسرين: 1 / 279 -
281، شذرات الذهب: 2 / 308 - 309.
(2) هو ميقات أهل المدينة ومن يمر عليها.
(3) تذكرة الحفاظ: 3 / 830.
(4) الطريقي: نسبة لولادته في الطريق.
(اللباب).
(5) الاحمسي، بفتح الالف، وسكون الحاء المهملة، وفتح
الميم: نسبة إلى الاحمس، وهي طائفة من بجيلة نزلوا الكوفة.
(اللباب).
(*)
(13/263)
ابن حسان الازرق، ومحمد بن عبدالملك بن زنجويه، وإبراهيم
المزني، والربيع بن سليمان المؤذن، وبحر بن نصر، وسعدان بن
نصر، والرمادي، وأبي زرعة، وابن وارة، وخلائق من طبقتهم،
وممن بعدهم بالحجاز والعراق والعجم، ومصر والشام والجزيرة
والجبال.
وكان بحرا لا تكدره الدلاء.
روى عنه: ابن عدي، وحسين بن علي التميمي، والقاضي يوسف
الميانجي (1)، وأبو الشيخ بن حيان، وأبو أحمد الحاكم، وعلي
بن عبد العزيز بن مردك، وأحمد بن محمد البصير الرازي، وعبد
الله بن محمد بن أسد الفقيه، وأبو علي حمد بن عبد الله
الاصبهاني، وإبراهيم بن محمد بن يزداد، وأخوه أحمد،
وإبراهيم بن محمد النصر آباذي، وأبو سعيد بن عبد الوهاب
الرازي، وعلي بن محمد القصار، وخلق سواهم.
قال أبو يعلى الخليلي: أخذ أبو محمد علم أبيه، وأبي زرعة،
وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال.
صنف في الفقه، وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء
الامصار.
قال: وكان زاهدا، يعد من الابدال (2).
قلت: له كتاب نفيس في " الجرح والتعديل "، أربع مجلدات،
وكتاب " الرد على الجهمية "، مجلد ضخم، انتخبت منه، وله "
تفسير " كبير في عدة مجلدات، عامته آثار بأسانيده، من أحسن
التفاسير.
قال الحافظ يحيى بن مندة: صنف ابن أبي حاتم " المسند " في
ألف
__________
(1) الميانجي، بفتح الميم، والياء، والنون بعد الالف: نسبة
إلى ميانج: موضع بالشام.
(اللباب، وياقوت).
(2) انظر الحديث عن الابدال في الصفحة: (17)، ت: 2.
(*)
(13/264)
جزء، وكتاب " الزهد "، وكتاب " الكنى "، وكتاب " الفوائد
الكبير "، وفوائد " أهل الري "، وكتاب " تقدمة الجرح
والتعديل " (1).
قلت: وله كتاب " العلل " (2)، مجلد كبير.
وقال الرازي، المذكور في ترجمة عبدالرحمن: سمعت علي بن
محمد المصري - ونحن في جنازة ابن أبي حاتم - يقول: قلنسوة
عبدالرحمن من السماء، وما هو بعجب، رجل منذ ثمانين سنة على
وتيرة واحدة، لم ينحرف عن الطريق (3).
وسمعت علي بن أحمد الفرضي يقول: ما رأيت أحدا ممن عرف عبد
الرحمن ذكر عنه جهالة قط (4).
وسمعت عباس بن أحمد يقول: بلغني أن أبا حاتم قال: ومن يقوى
على عبادة عبدالرحمن ! لا أعرف لعبد الرحمن ذنبا (5).
وسمعت عبدالرحمن يقول: لم يدعني أبي أشتغل في الحديث حتى
قرأت القرآن على الفضل بن شاذان الرازي، ثم كتبت الحديث
(6).
قال الخليلي: يقال: إن السنة بالري ختمت بابن أبي حاتم،
وأمر بدفن الاصول من كتب أبيه وأبي زرعة، ووقف تصانيفه،
وأوصى إلى الدرستيني (7) القاضي.
__________
(1) طبقات السبكي: 3 / 325.
(2) وهو مطبوع في مجلدين.
بالقاهرة (1343 ه).
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 82 ب، و: طبقات السبكي: 3 /
325.
(4) تذكرة الحفاظ: 3 / 830.
(5) تذكرة الحفاظ: 3 / 830.
(6) المصدر السابق، وطبقات السبكي: 3 / 325.
(7) مر في الصفحة (250) في ترجمة أبيه: بلفظ: الحسن بن
الحسين الدارستيني.
بألف بعد الدال.
(*)
(13/265)
وسمعت أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ يحكي عن علي بن
الحسين الدرستيني، أن أبا حاتم كان يعرف الاسم الاعظم،
فمرض ابنه، فاجتهد أن لا يدعو به، فإنه لا ينال به الدنيا،
فلما اشتدت العلة، حزن، ودعا به، فعوفي، فرأى أبو حاتم في
نومه: استجبت لك ولكن لا يعقب ابنك.
فكان عبدالرحمن مع زوجته سبعين سنة، فلم يرزق ولدا، وقيل:
إنه ما مسها.
وقال الرازي: وسمعت علي بن أحمد الخوارزمي يقول: سمعت عبد
الرحمن بن أبي حاتم يقول: كنا بمصر سبعة أشهر، لم نأكل
فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل: النسخ
والمقابلة.
قال: فأتينا يوما أنا (1) ورفيق لي شيخا، فقالوا: هو عليل،
فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا، فاشتريناه، فلما صرنا إلى
البيت، حضر وقت مجلس، فلم يمكنا إصلاحه، ومضينا إلى
المجلس، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير،
فأكلناه نيئا، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه.
ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد (2).
قال الخطيب الرازي: كان لعبد الرحمن ثلاث رحلات: الاولى مع
أبيه سنة خمس، وسنة ست، ثم حج وسمع محمد بن حماد في سنة
ثنتين،
ثم رحل بنفسه إلى السواحل والشام ومصر، سنة اثنتين وستين
ومئتين، ثم رحل إلى أصبهان، في سنة أربع وستين، فلقي يونس
بن حبيب (3).
سمعت الواعظ أبا عبد الله القزويني يقول: إذا صليت مع
عبدالرحمن
__________
(1) في الاصل: " وأنا ".
والتصحيح من " التذكرة ".
(2) انظر: تذكرة الحفاظ: 3 / 830.
(3) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 83 أ، وتذكرة الحفاظ:
3 / 831.
(*)
(13/266)
فسلم إليه نفسك، يعمل بها ما شاء.
دخلنا يوما بغلس على عبدالرحمن في مرض موته، فكان على
الفراش قائما يصلي، وركع فأطال الركوع (1).
ومن كلامه: قال: وجدت ألفاظ التعديل والجرح مراتب: فإذا
قيل: ثقة: أو: متقن.
احتج به، وإن قيل: صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا بأس به،
فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه [ وهي المنزلة الثانية ]،
وإذا قيل: شيخ، فيكتب حديثه، وهو دون ما قبله، وإذا قيل:
صالح الحديث، فيكتب حديثه وهو دون ذلك يكتب للاعتبار، وإذا
قيل: لين، فدون ذلك، وإذا قالوا: ضعيف الحديث، فلا يطرح
حديثه، بل يعتبر به، فإذا قالوا: متروك الحديث، أو: ذاهب
الحديث، أو: كذاب، فلا يكتب حديثه (2).
قال عمر بن إبراهيم الهروي الزاهد: حدثنا الحسين بن أحمد
الصفار، سمعت عبدالرحمن بن أبي حاتم يقول: وقع عندنا
الغلاء، فأنفذ بعض أصدقائي حبوبا من أصبهان، فبعته بعشرين
ألفا، وسألني أن أشتري له دارا عندنا، فإذا جاء ينزل فيها،
فأنفقتها في الفقراء، وكتبت إليه: اشتريت لك بها قصرا في
الجنة، فبعث يقول: رضيت، فاكتب على
نفسك صكا، ففعلت، فأريت في المنام: قد وفينا بما ضمنت، ولا
تعد لمثل هذا (3).
قال الامام أبو الوليد الباجي: عبدالرحمن بن أبي حاتم ثقة
حافظ.
__________
(1) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 83 أ.
(2) ذكره في مقدمة الجرح والتعديل 2 / 37.
وانظر " الرفع والتكميل " للكنوي ص 70 وما بعدها، وخطبة
تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر.
(3) تذكرة الحفاظ: 3 / 831، طبقات السبكي: 3 / 326.
(*)
(13/267)
وقال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد
بن مهرويه الرازي، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت
يحيى بن معين يقول: إنا لنطعن على أقوام، لعلهم قد حطوا
رحالهم في الجنة، من أكثر من مئتي سنة.
قلت: لعلها من مئة سنة، فإن ذلك لا يبلغ في أيام يحيى هذا
القدر.
قال ابن مهرويه: فدخلت على عبدالرحمن بن أبي حاتم، وهو
يقرأ على الناس كتاب: " الجرح والتعديل "، فحدثته بهذا،
فبكى، وارتعدت يداه، حتى سقط الكتاب، وجعل يبكي، ويستعيدني
الحكاية (1).
قلت: أصابه على طريق الوجل وخوف العاقبة، وإلا فكلام
الناقد الورع في الضعفاء من النصح لدين الله، والذب عن
السنة.
وقد كتب إلي عبدالرحمن بن محمد وجماعة، سمعوا عمر بن محمد
يقول: أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن
غيلان، أخبرنا أبو إسحاق المزكي (2)، أخبرنا عبدالرحمن بن
محمد الحنظلي، حدثنا هارون بن حميد، حدثنا الفضل بن عنبسة،
أخبرنا شعبة عن الحكم، عن
عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: قال النبي - صلى الله عليه
وسلم -: " الجار أحق بسقب داره أو أرضه " (3).
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 3 / 831 (2) المزكي: يقال هذا لمن يزكي
الشهود، ويبحث عن حالهم، ويعرفه القاضي.
(اللباب).
(3) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 4 / 389 و 390، والنسائي 7 /
320 من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن عمرو بن
الرشيد، عن أبيه، وإسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 4 / 389، وابن الجارود (645)، والدارقطني:
510، والبيهقي 6 / 105، من طريق عبد الله ابن عبدالرحمن بن
يعلى الطائفي، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، وأخرجه البخاري
= (*)
(13/268)
أخرجه النسائي، عن زكريا خياط السنة، عن هارون هذا، فوقع
لنا بدلا عاليا بدرجتين.
توفي ابن أبي حاتم في المحرم، سنة سبع وعشرين وثلاث مئة
بالري، وله بضع وثمانون سنة.
130 - البرجلاني * الشيخ
الامام، الثقة، أبو جعفر، أحمد بن الخليل بن ثابت
البغدادي البرجلاني.
والبرجلانية: محلة من بغداد.
سمع: الواقدي، وأبا النضر، والاسود بن عامر شاذان، والحسن
الاشيب.
حدث عنه: عثمان بن السماك، وأبو بكر النجاد، ومحمد بن جعفر
ابن الهيثم الانباري، وآخرون.
وثقه أبو بكر الخطيب، وقال: توفي في ربيع الاول، سنة تسع
وسبعين ومئتين (1).
__________
= 4 / 360، 361 في الشفعة: باب عرض الشفعة على صاحبها،
وأحمد 6 / 390، وأبو داود (3516)، والنسائي 7 / 320 في
البيوع: باب ذكر الشفعة وأحكامها، وابن ماجه (2498)،
والبيهقي 6 / 105 من طرق عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن
الشريد، عن أبي رافع.
* معجم البلدان: " برجلان "، اللباب: 1 / 134، تاريخ
بغداد: 4 / 133، تهذيب الكمال: خ: 21، تذهيب التهذيب: خ: 1
/ 10، تهذيب التهذيب: 1 / 28، خلاصة تذهيب الكمال: 6.
والبرجلاني: بضم الباء، وسكون الراء وضم الجيم، كما ضبطها
ياقوت والسمعاني، وتابعه ابن الاثير، والسيوطي.
وقد ضبطت في الاصل بفتح الباء.
(1) تاريخ بغداد: 4 / 133.
وفيه وفاته سنة (277 ه)، لا كما ذكر الذهبي هنا، وكذلك ذكر
وفاته ابن حجر في " التقريب " أنها سنة (277 ه) (*)
(13/269)
131 - هاشم بن مرثد * أبو سعيد الطبراني
الطيالسي، مولى بني العباس.
سمع: آدم بن أبي إياس، والمعافى الرسعني، ويحيى بن معين،
وصفوان بن صالح.
وعنه: ابنه سعيد، وعبد الملك بن محمد الحراني، ويحيى بن
زكريا النيسابوري، وسليمان الطبراني، وهو من كبار شيوخه،
سمع منه بطبرية، في سنة ثلاث وسبعين ومئتين، وما هو بذاك
المجود.
قال ابن حبان: ليس بشئ.
مات في شوال، سنة ثمان وسبعين ومئتين.
132 - الترمذي * * محمد بن
عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك، وقيل: هو محمد ابن
عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن: الحافظ، العلم، الامام،
البارع، ابن عيسى السلمي الترمذي الضرير، مصنف " الجامع "،
وكتاب " العلل "، وغير ذلك.
اختلف فيه، فقيل: ولد أعمى، والصحيح أنه أضر في كبره، بعد
رحلته وكتابته العلم.
__________
* ميزان الاعتدال: 4 / 290.
* * وفيات الاعيان: 4 / 278، تهذيب الكمال: خ: 1254، 1255،
تذكرة الحفاظ: 2 / 633 - 635، ميزان الاعتدال: 3 / 678،
عبر المؤلف: 2 / 62 - 63، الوافي بالوفيات: 4 / 294 - 296،
البداية والنهاية: 11 / 66 - 67، تهذيب التهذيب: 9 / 387 -
389، النجوم الزاهرة: 3 / 88، طبقات الحفاظ: 278، خلاصة
تذهيب الكمال: 355، شدرات الذهب: 2 / 174 - 175.
(*)
(13/270)
ولد في حدود سنة عشر ومئتين.
وارتحل، فسمع بخراسان والعراق والحرمين، ولم يرحل إلى مصر
والشام.
حدث عن: قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عمرو
السواق البلخي، ومحمود بن غيلان، وإسماعيل بن موسى
الفزاري، وأحمد بن منيع، وأبي مصعب الزهري، وبشر بن معاذ
العقدي، والحسن ابن أحمد بن أبي شعيب، وأبي عمار الحسين بن
حريث، والمعمر عبد الله ابن معاوية الجمحي، وعبد الجبار بن
العلاء، وأبي كريب، وعلي بن حجر، وعلي بن سعيد بن مسروق
الكندي، وعمرو بن علي الفلاس،
وعمران بن موسى القزاز، ومحمد بن أبان المستملي، ومحمد بن
حميد الرازي، ومحمد بن عبدالاعلى، ومحمد بن رافع، ومحمد بن
عبد العزيز ابن أبي رزمة، ومحمد بن عبدالملك بن أبي
الشوارب، ومحمد بن يحيى العدني، ونصر بن علي، وهارون
الحمال، وهناد بن السري، وأبي همام الوليد بن شجاع، ويحيى
بن أكثم، ويحيى بن حبيب بن عربي، ويحيى ابن درست البصري،
ويحيى بن طلحة اليربوعي، ويوسف بن حماد المعني، وإسحاق بن
موسى الخطمي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وسويد بن نصر
المروزي.
قأقدم ما عنده حديث مالك والحمادين، والليث، وقيس بن
الربيع، وينزل حتى إنه أكثر عن البخاري، وأصحاب هشام بن
عمار ونحوه.
حدث عنه: أبو بكر أحمد بن إسماعيل السمرقندي، وأبو حامد
أحمد ابن عبد الله بن داود المروزي، وأحمد بن علي بن
حسنويه المقرئ، وأحمد
(13/271)
ابن يوسف النسفي، وأسد بن حمدويه النسفي، والحسين بن يوسف
الفربري (1)، وحماد بن شاكر الوراق، وداود بن نصر بن سهيل
البزدوي (2)، والربيع بن حيان الباهلي، وعبد الله بن نصر
أخو البزدوي، وعبد بن محمد بن محمود النسفي، وعلي بن عمر
بن كلثوم السمرقندي، والفضل بن عمار الصرام، وأبو العباس
محمد بن أحمد بن محبوب، راوي " الجامع "، وأبو جعفر محمد
بن أحمد النسفي، وأبو جعفر محمد بن سفيان بن النضر النسفي
الامين، ومحمد بن محمد بن يحيى الهروي القراب، ومحمد بن
محمود بن عنبر النسفي، ومحمد بن مكي بن نوح النسفي، ومسبح
بن أبي موسى الكاجري (3)، ومكحول بن الفضل
النسفي، ومكي بن نوح، ونصر بن محمد بن سبرة، والهيثم بن
كليب الشاشي الحافظ، راوي " الشمائل " عنه، وآخرون.
وقد كتب عنه شيخه أبو عبد الله البخاري، فقال الترمذي في
حديث عطية، عن أبي سعيد، " يا علي: لا يحل لاحد أن يجنب في
المسجد غيري وغيرك: " (4): سمع مني محمد بن إسماعيل هذا
الحديث.
__________
(1) الفربري، بفتح الفاء والراء، وسكون الباء: نسبة إلى
فربر: بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى.
(الانساب).
(2) البزدوي، بفتح الباء، وسكون الزاي، وفتح الدال: نسبة
إلى بزدة: قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف.
(اللباب).
(3) الكاجري، بفتح الجيم: نسبة إلي كاجر: قرية قرب نسف.
(اللباب).
(4) هو في " سنن الترمذي " (3727) من طريق علي بن المنذر،
حدثنا محمد بن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن عطية، عن أبي
سعيد...قال علي بن المنذر: قلت لضرار بن صرد: ما معنى هنا
الحديث ؟ قال: لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك.
وعطية وهو ابن سعد العوفي ضعيف، ومع ذلك فقد قال الترمذي:
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال النووي:
إنا حسنه الترمذي بشواهده، وقال ابن حجر في " أجوبة
المشكاة " 3 / 316: وورد لحديث أبي سعيد شاهد نحوه من حديث
سعد بن أبي وقاص أخرجه البزار من رواية خارجة بن سعد، عن
أبيه، ورواته ثقات، وانظر " الفتح " 7 / 13.
(*)
(13/272)
وقال ابن حبان في " الثقات ": كان أبو عيسى ممن جمع،
وصنف، وحفظ، وذاكر.
وقال أبو سعد الادريسي: كان أبو عيسى يضرب به المثل في
الحفظ.
وقال الحاكم: سمعت عمر بن علك يقول: مات البخاري، فلم
يخلف بخراسان مثل أبي عيسى، في العلم والحفظ، والورع
والزهد.
بكى حتى عمي، وبقي ضريرا سنين (1).
ونقل أبو سعد الادريسي بإسناد له، أن أبا عيسى قال:
كنت في طريق مكة، فكتبت جزأين من حديث شيخ، فوجدته
فسألته، وأنا أظن أن الجزأين معي، فسألته، فأجابني،
فإذا معي جزآن بياض، فبقي يقرأ علي من لفظه، فنظر،
فرأى في يدي ورقا بياضا، فقال: أما تستحي مني ؟
فأعلمته بأمري، وقلت: أحفظه كله.
قال: اقرأ.
فقرأته عليه، فلم يصدقني، وقال: استظهرت قبل أن تجئ ؟
فقلت: حدثني بغيره.
قال: فحدثني بأربعين حديثا، ثم قال: هات.
فأعدتها عليه، ما أخطأت في حرف (2).
قال شيخنا أبو الفتح القشيري الحافظ (3): ترمذ،
بالكسر، وهو
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 634، وتهذيب التهذيب: 9 / 389،
وفيه: " عمران بن علان " بدلا من " عمر بن علك ".
(2) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 635، وتهذيب التهذيب: 9 /
388 - 389.
(3) هو شيخ الاسلام، تقي الدين، أبو الفتح، محمد بن
علي بن وهب القشيري المصري المعروف بابن دقيق العيد.
قال المؤلف في " معجمه ": خ: 146: " هو قاضي القضاة
بالديار المصرية وشيخها وعالمها، الامام العلامة
الحافظ القدوة الورع، شيخ العصر، كان علامة في
المذهبين: المالكي والشافعي، عارفا بالحديث وفنونه،
سارت بمصنفاته الركبان، مولده في شعبان سنة (625 ه)
ووفاته في صفر سنة (702 ه) ".
(*)
(13/273)
المستفيض على الالسنة حتى يكون كالمتواتر.
وقال المؤتمن الساجي: سمعت عبد الله بن محمد الانصاري
يقول: هو بضم التاء.
ونقل الحافظ أبو
الفتح بن اليعمري (1)، أنه يقال فيه: ترمذ، بالفتح.
وعن أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي، قال: قال أبو
عيسى صنفت هذا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز،
والعراق وخراسان، فرضوا به، ومن كان هذا الكتاب - يعني
" الجامع " - في بيته، فكأنما في بيته نبي يتكلم (2).
قلت: في " الجامع " علم نافع، وفوائد غزيرة، ورؤوس
المسائل، وهو أحد أصول الاسلام، لو لا ما كدره بأحاديث
واهية، بعضها موضوع، وكثير منها في الفضائل.
وقال أبو نصر عبدالرحيم بن عبد الخالق: " الجامع " على
أربعة أقسام: قسم مقطوع بصحته، وقسم على شرط أبي داود
والنسائي كما بينا، وقسم أخرجه للضدية، وأبان عن علته،
وقسم رابع أبان عنه، فقال: ما أخرجت في كتابي هذا إلا
حديثا قد عمل به بعض الفقهاء، سوى حديث: " فإن شرب في
الرابعة فاقتلوه " (3).
وسوى حديث: " جمع بين الظهر
__________
(1) هو: أبو الفتح محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد
اليعمري الاندلسي الاشبيلي، المعروف بابن سيد الناس.
ذكره المؤلف في " معجمه المختص " وقال: " أحد أئمة هذا
الشأن.
كتب بخطه المليح كثيرا، وخرج وصنف، وصحح وعلل، وفرع
وأصل.
وكان حلو النادرة، حسن المحاضرة، جالسته وسمعت قراءته،
وأجاز لي مروياته " صنف كتبا نفيسة، منها: " عيون
الاثر في المغازي والشمائل والسير "، وشرح قطعة من
كتاب الترمذي، إلى كتاب الصلاة في مجلدين.
توفي سنة (734 ه).
وكان أثريا في المعتقد، يحب الله ورسوله.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 634 (3) أخرجه الترمذي (1444)
في الحدود من طريق أبي كريب، عن أبي بكر بن عياش، عن
عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن معاوية، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " من = (*)
(13/274)
والعصر بالمدينة، من غير خوف ولا سفر " (1).
__________
= شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة، فاقتلوه ".
وأخرجه من حديث معاوية: أبو داود (4482)، وأحمد 4 / 93
".
و 95 و 96 و 97 و 101 والطحاوي في " شرح معاني الآثار
" 3 / 159، وابن ماجه (2573) والحاكم 4 / 372،
والبيهقي 8 / 313، وابن حبان (1519).
قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة، والشريد،
وشرحبيل بن أوس، وجرير، وأبي الرمداء البلوي، وعبد
الله بن عمرو.
قلت: حديث أبي هريرة أخرجه أحمد 2 / 280 و 291، وأبو
داود (4484)، والنسائي 8 / 314، وابن ماجه (2572)،
وابن الجارود في " المنتقي " (831) والطحاوي في " شرح
معاني الآثار " 3 / 159، والحاكم 4 / 371، وابن حبان
(1517) والطيالسي في مسنده (2337).
وحديث الشريد رواه أحمد 4 / 388، 389، والدارمي 2 /
175، 176.
وحديث شرحبيل بن أوس رواه أحمد 4 / 232، والحاكم 4 /
373.
وحديث جرير رواه البخاري في " التاريخ الكبير " 2 / 1
/ 131، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3 / 159،
والحاكم 4 / 371.
وحديث أبي الرمداء البلوي رواه ابن عبد الحكم في "
فتوح مصر " 302، والدولابي في " الكنى " 1 / 30.
وحديث عبد الله بن عمرو رواه أحمد 2 / 166، و 214،
والحاكم 4 / 372، والطحاوي 3 / 159، وانظر نصب الراية
3 / 346، 349، ومجمع الزوائد 6 / 277،، 278، وشرح
العلل 1 / 4، 5 لابن رجب.
(1) هو في " سنن الترمذي " (187) في الصلاة: باب ما
جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر من طريق هناد، عن
أبي معاوية، عن الاعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد
ابن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء
بالمدينة من غير خوف ولا مطر.
قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك ؟ قال: أراد أن لا
يحرج أمته.
وهو حديث صحيح أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 161 بشرح
السيوطي، ومسلم (705)، وأبو داود (1210) و (1211) وابن
خزيمة (972) والبيهقي 3 / 166 والطيالسي (2614) و
(2629) وأحمد 1 / 223 و 283 و 349، و 354، والطحاوي في
" شرح معاني الآثار " 1 / 160.
وقول الترمذي: لم يعمل به أحد من الفقهاء، مردود بما
قاله الامام النووي في " شرح مسلم (5 / 218، 219):
وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به، بل
لهم أقوال، ثم سرد تلك الاقوال وبين وهاءها إلى أن
قال: ومنهم من قال: هو محمول على الجمع = (*)
(13/275)
قلت: " جامعه " قاض له بإمامته وحفظه وفقهه، ولكن
يترخص في قبول الاحاديث، ولا يشدد، ونفسه في التضعيف
رخو (1).
__________
= بعذر المرض أو نحوه مما في معناه من الاعذار، وهذا
قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره
الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار
في تأويله.
وذهب جماعة من الائمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة
لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب
مالك، وحكاه الخطابي عن القفال، عن أبي إسحاق المروزي،
عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده
ظاهر قول ابن عباس: " أراد ان لا يحرج أمته " فلم
يعلله بمرض ولا غيره.
(1) وقد انتقد الذهبي - رحمه الله - في أكثر من ترجمة
في كتابه " ميزان الاعتدال " تصحيح الترمذي، أو
تحسينه، وبين أنه لا يعتمد قوله في ذلك إذا انفرد، وفي
الحديث علة تمنع من القول بصحته.
فقد قال في ترجمة كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف
المزني - 3 / 407 -: قال ابن معين: ليس بشئ، وقال
الشافعي وأبو داود: ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد على
حديثه، وقال الدارقطني وغيره: متروك.
وقال أبو حاتم: ليس بالمتين.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال مطرف بن عبد الله المدني: رأيته، وكان كثير
الخصومة، لم يكن أحد من أصحابنا يأخذ عنه...وأما
الترمذي: فروى من حديثه: " الصلح جائز بين المسلمين "
وصححه.
فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.
وقال في ترجمة يحيى بن يمان: 4 / 416، بعد ذكر حديث
ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم دخل قبرا
ليلا، فأسرج له سراج،: حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه،
فلا يعتد بتحسين الترمذي، فعند المحاققة غالبها ضعاف
".
وقال في ترجمة محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني
الكوفي: 3 / 514: قال ابن معين: قد سمعنا منه، ولم يكن
بثقة، وقال مرة: كان يكذب وقال أحمد: ما أراه يسوى
شيئا، وقال النسائي: متروك.
وقال أبو داود: ضعيف، وقال مرة: كذاب.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي...ثم قال، بعد ذكر حديث أبي
سعيد الخدري مرفوعا: يقول الله: من شغله قراءة القرآن
عن دعائي ومسألتي أعطيته افضل ثواب الشاكرين: حسنه
الترمذي، فلم يحسن.
وقال ابن رجب في " شرح العلل ": 1 / 395: واعلم ان
الترمذي - رحمه الله - خرج في كتابه الحديث الصحيح،
والحديث الحسن - وهو ما نزل عن درجة الصحيح وكان فيه
بعض ضعف - والحديث الغريب...والغرائب التي خرجها، فيها
بعض الكبائر، ولا سيما في كتاب الفضائل، ولكنه يبين
ذلك غالبا، ولا يسكت عنه، ولا أعلمه خرج عن متهم
بالكذب، متفق على اتهامه حديثا بإسناد منفرد، إلا أنه
قد يخرج حديثا، مرويا من طرق، أو مختلفا في إسناده =
(*)
(13/276)
وفي " المنثور " لابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل شيخ
الاسلام يقول: " جامع " الترمذي أنفع من كتاب البخاري
ومسلم، لانهما لا يقف
على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم، و " الجامع "
يصل إلى فائدته كل أحد.
قال غنجار وغيره: مات أبو عيسى في ثالث عشر رجب، سنة
تسع وسبعين ومئتين بترمذ.
133 - ابن ماجة * محمد بن
يزيد: الحافظ، الكبير، الحجة، المفسر، أبو عبد
الله ابن ماجة، القزويني، مصنف " السنن "، و " التاريخ
" و " التفسير "، وحافظ قزوين في عصره.
ولد سنة تسع ومئتين.
وسمع من: علي بن محمد الطنافسي الحافظ، أكثر عنه، ومن:
جبارة بن المغلس، وهو من قدماء شيوخه، ومن: مصعب بن
عبد الله
__________
= وفي بعض طرقه متهم، وعلى هذا الوجه خرج حديث محمد بن
سعيد المصلوب، ومحمد بن السائب الكلبي.
نعم، قد يخرج عن سئ الحفظ، وعمن غلب على حديثه الوهم،
ويبين ذلك غالبا، ولا يسكت عنه.
ويخرج حديث الثقة الضابط، ومن يهم قليلا، ومن يهم
كثيرا، ومن يغلب عليه الوهم يخرج حديثه نادرا، ويبين
ذلك، ولا يسكت عنه.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 63 ب - 64 أ، المنتظم: 5 /
90، وفيات الاعيان: 4 / 279، تهذيب الكمال: خ: 1290 -
1291، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 13، تذكرة الحفاظ: / 636
- 637، عبر المؤلف: 2 / 51، الوافي بالوفيات: 5 / 220،
البداية والنهاية: 11 / 52، تهذيب التهذيب: 9 / 530 -
532، النجوم الزاهرة: 3 / 70، طبقات الحفاظ: 278 -
279، خلاصة تذهيب الكمال: 365، طبقات المفسرين: 2 /
272 -
273، شذرات الذهب: 2 / 164.
(*)
(13/277)
الزبيري، وسويد بن سعيد، وعبد الله معاوية الجمحي،
ومحمد بن رمح، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن
عبد الله بن نمير، وأبي بكر بن أبي شيبة، وهشام بن
عمار، ويزيد بن عبد الله اليمامي، وأبي مصعب الزهري،
وبشر بن معاذ العقدي، وحميد بن مسعدة، وأبي حذافة
السهمي، وداود بن رشيد، وأبي خيثمة، وعبد الله بن
ذكوان المقرئ، وعبد الله بن عامر بن براد، وأبي سعيد
الاشج، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وعبد السلام بن
عاصم الهسنجاني (1)، وعثمان بن أبي شيبة، وخلق كثير
مذكورين في " سننه " وتآليفه.
حدث عنه: محمد بن عيسى الابهري، وأبو الطيب أحمد بن
روح البغدادي، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم
المديني، وأبو الحسن علي ابن إبراهيم القطان، وسليمان
بن يزيد الفامي، وآخرون.
قال القاضي أبو يعلى الخليلي: كان أبوه يزيد يعرف
بماجة، وولاؤه لربيعة.
وعن ابن ماجة، قال: عرضت هذه " السنن " على أبي زرعة
الرازي، فنظر فيه، وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس
تعطلت هذه الجوامع، أو أكثرها.
ثم قال: لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا، مما في
إسناده ضعف، أو نحو ذا (2).
قلت: قد كان ابن ماجة حافظا ناقدا صادقا، واسع العلم،
وإنما
__________
(1) الهسنجاني، بكسر الهاء والسين، وسكون النون: نسبة
إلى هسنجان: من قرى الري.
(اللباب).
وضبطها ياقوت بفتح السين.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 636.
(*)
(13/278)
غض من رتبة " سننه " ما في الكتاب من المناكير، وقليل
من الموضوعات، وقول أبي زرعة - إن صح - فإنما عنى
بثلاثين حديثا، الاحاديث المطرحة الساقطة، وأما
الاحاديث التي لا تقوم بها حجة، فكثيرة، لعلها نحو
الالف.
قال أبو يعلى الخليلي: هو ثقة كبير، متفق عليه، محتج
به، له معرفة بالحديث وحفظ، ارتحل إلى العراقين، ومكة
والشام، ومصر والري لكتب الحديث (1).
وقال الحافظ محمد بن طاهر: رأيت لابن ماجة بمدينة
قزوين " تاريخا " على الرجال والامصار، إلى عصره، وفي
آخره بخط صاحبه جعفر بن إدريس: مات أبو عبد الله يوم
الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان، وصلى
عليه أخوه أبو بكر، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد
الله، وابنه عبد الله (2).
قلت: مات في رمضان سنة ثلاث وسبعين ومئتين، وقيل: سنة
خمس.
والاول أصح.
وعاش أربعا وستين سنة.
وقع لنا رواية " سننه " بإسناد (3)، متصل عال، وفي
غضون كتابه أحاديث، يعلها صاحبه الحافظ أبو الحسن بن
القطان (4).
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 636.
(2) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 64 أ.
وكتابه " تاريخ الخلفاء " طبعه مجمع اللغة العربية
بدمشق، تحقيق الاستاذ محمد مطيع الحافظ (1399 ه - 1979
م).
(3) في الاصل: " بالاسناد ".
(4) وقد أفرد زوائد السنن العلامة المحدث شهاب الدين
أحمد بن زين الدين البوصيري في كتاب وخرجها، وتكلم على
أسانيدها بما يليق بحالها من صحة وحسن وضعف.
وعندنا منه نسخة مصورة عن الاصل الموجود في المكتبة
الاحمدية.
(*)
(13/279)
وقد حدث ببغداد أخوه أبو محمد الحسن بن يزيد بن ماجة
(1) القزويني، في حدود سنة ثمانين ومئتين، إذ حج عن
إسماعيل بن توبة القزويني الحافظ.
سمع منه: الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر.
سمعت كتاب " سنن " ابن ماجة ببعلبك، من القاضي تاج
الدين عبد الخالق بن عبد السلام (2)، ومن ذلك بقراءتي
نحو الثلث الاول من الكتاب.
وحدثني بالكتاب كله عن الشيخ الامام، موفق الدين عبد
الله بن قدامة، سماعا في سنة إحدى عشرة وست مئة.
وسمعته كله بحلب من أبي سعيد سنقر الزيني (3)، بسماعه
من الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف، بسماعهما من
أبي زرعة المقدسي، عن محمد بن الحسين المقومي، عن
القاسم بن أبي المنذر الخطيب، عن أبي الحسن القطان،
عنه.
وعدد كتب " سنن " ابن ماجة اثنان وثلاثون كتابا.
وقال أبو الحسن القطان: في " السنن " ألف وخمس مئة
باب، وجملة ما فيه أربعة آلاف حديث (4).
فبالاسناد المذكور إلى ابن ماجة، قال: حدثنا إسماعيل
بن حفص، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الاعمش، عن أبي
سفيان، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
" إذا دخل الميت القبر، مثلت له الشمس عند غروبها،
__________
(1) ترجمته في: تاريخ بغداد: 7 / 453.
(2) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (190)، ت: 1، عن "
مشيخة " المؤلف.
(3) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 55.
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 636.
وبلغ عدد أحاديث " سنن ابن ماجة " المطبوع بتحقيق محمد
فؤاد عبدا لباقي: " 4341 " حديثا.
(*)
(13/280)
فيجلس يمسح عينيه، ويقول: دعوني أصلي " (1).
أخرجه الضياء الحافظ في " المختارة " (2)، عن موفق
الدين بن قدامة.
134 - محمد بن جابر * ابن
حماد: الامام، الحافظ، الفقيه الكبير، أبو عبد
الله المروزي.
سمع: هدبة بن خالد، وعلي بن المديني، وشيبان بن فروخ،
وأحمد بن حنبل، وأبا مصعب الزهري، وحبان بن موسى، وعلي
بن حجر، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن صالح، وطبقتهم
بخراسان، والحجاز والعراق، ومصر والشام.
وجمع وصنف وبرع.
حدث عنه: البخاري في " تاريخه "، وابن خزيمة، وأبو
حامد بن الشرقي، وأبو العباس الدغولي، وأبو العباس
المحبوبي، وآخرون.
ذكره الحاكم، وقال: هو أحد أئمة زمانه، أدركته المنية
في حد
__________
(1) هو في سنن ابن ماجه (4272) في الزهد: باب ذكر
القبر والبلى، ورجاله ثقات إلا ان أبا سفيان - واسمه
طلحة بن نافع القرشي - لم يسمع من جابر سوى أربعة
أحاديث أخرجها البخاري، وقال البوصيري في " الزوائد "
ورقة 271: إسناده حسن إن كان أبو سفيان - واسمه طلحة
بن نافع - سمع من جابر.
وليس هذا منها، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه موارد "
(779) من طريق إسماعيل بن حفص الابلي بهذا الاسناد،
وقد تصحف فيه " الابلي " إلى " الايلي "
(2) هو: محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي الحافظ:
أحد الاعلام، له تصانيف مفيدة.
وكتابه هذا منه أجزاء في المكتبة الظاهرية بدمشق، ولم
يتمه.
قال الحافظ ابن كثير في " الباعث الحثيث ": 29: " وكان
بعض الحفاظ من مشايخنا يرجحه على مستدرك الحاكم.
وذكر الزركشي في تخريج الرافعي، فيما نقله عنه السيوطي
في: " اللآلي " أنه تصحيحه أعلى مزية من تصحيح الترمذي
وابن حبان.
توفي سنة (643 ه).
* تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 87 أ - 79 أ، تذكرة
الحفاظ: 2 / 644 - 645، طبقات الحفاظ: 283، شذرات
الذهب: 2 / 175.
(*)
(13/281)
الكهولة.
مات بمرو لسبع بقين من شوال، سنة تسع وسبعين ومئتين -
رحمه الله - قلت: قارب سبعين سنة.
135 - المنجم * أبو الحسن،
علي بن يحيى (1)، [ بن أبي منصور ]، الاخباري،
الشاعر نديم المتوكل، ثم من بعده.
وكان ذا فنون وعقليات وهذيان، وتوسع في الادبيات.
وله تصانيف، ومنها: كتاب " أخبار إسحاق النديم ".
مات سنة خمس وسبعين ومئتين، وخلف عدة أولاد أدباء، وهم
أهل بيت.
136 - غلام خليل * *
الشيخ، العالم، الزاهد، الواعظ، شيخ بغداد، أبو عبد
الله، أحمد بن محمد بن غالب بن خالد بن مرداس،
الباهلي البصري، غلام خليل.
__________
* الاغاني: 8 / 369 وما بعدها، الفهرست: المقالة
الثالثة: الفن الثالث، تاريخ
بغداد: 12 / 121 - 122، معجم الادباء: 15 / 144 - 175،
وفيات الاعيان: 3 / 373 - 374.
(1) كان اسمه في الاصل: " علي بن هارون بن علي بن يحيى
".
وهو خطأ، التبس على المؤلف بجده: علي بن هارون بن علي
بن يحيى، الذي أشار إليه في ترجمة أبيه هارون بن علي
التي ستأتي في الصفحة: (404)، برقم: (193).
وتتمة اسمه من مصادره.
* * الجرح والتعديل: 2 / 73، كتاب المجروحين والضعفاء:
1 / 150 - 151، تاريخ بغداد: 5 / 78 - 80، المنتظم: 5
/ 95 - 96، ميزان الاعتدال، 1 / 141 - 142، لسان
الميزان، 1 / 272 - 274.
(*)
(13/282)
سكن بغداد.
وكان له جلالة عجيبة، وصولة مهيبة، وأمر بالمعروف،
واتباع كثير، وصحة معتقد، إلا أنه يروي الكذب الفاحش،
ويرى وضع الحديث.
نسأل الله العافية.
روى عن، دينار (1) الذي زعم أنه لقي أنسا، وعن قرة بن
حبيب، وسهل بن عثمان، وشيبان، وسليمان الشاذكوني.
وخفي حاله على الكبار أولا.
حدث عنه: محمد بن مخلد، وعثمان السماك، وأحمد بن كامل،
وطائفة.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: رجل صالح، لم
يكن عندي ممن يفتعل الحديث (2).
وقال ابن خراش: سرق غلام خليل هذه الاحاديث من عبد
الله بن شبيب (3).
وقال الامام أبو بكر الصبغي: غلام خليل ممن لا أشك في
كذبه (4).
وروي عن أبي داود السجستاني أنه قال: ذاك دجال بغداد،
نظرت في أربع مئة حديث له، عرضت علي، كلها كذب، متونها
وأسانيدها (5).
وقال ابن عدي: سمعت أبا عبد الله النهاوندي يقول: كلمت
غلام
__________
(1) هو: دينار بن عبد الله.
(2) الجرح والتعديل: 2 / 73.
(3) انظر: تاريخ بغداد: 5 / 79.
(4) انظر: المصدر السابق.
(5) في تاريخ بغداد: 5 / 79: قال: " ذاك - يعني صاحب
الزنج - كان دجال البصرة، وأخشى ان يكون هذا - يعني
غلام خليل - دجال بغداد ".
(*)
(13/283)
خليل في هذه الاحاديث، فقال: وضعناها لترقق القلوب
(1).
وفي " تاريخ بغداد " (2): أن أبا جعفر الشعيري قال:
قلت لغلام خليل لما روى عن بكر بن عيسى، عن أبي عوانة:
يا أبا عبد الله ! هذا شيخ قديم الوفاة، لم تلحقه،
ففكر، وخفت أنا، فقلت: كأنك سمعت من رجل باسمه ؟ فسكت،
فلما كان من الغد، قال لي: إني نظرت البارحة فيمن سمعت
منه بالبصرة، ممن يقال له: بكر بن عيسى، فوجدتهم ستين
رجلا.
قال ابن الاعرابي: قدم من واسط غلام خليل، فذكرت له
هذه الشناعات - يعني خوض الصوفية - ودقائق الاحوال
التي يذمها أهل الاثر، وذكر له قولهم بالمحبة، ويبلغه
قول بعضهم: نحن نحب ربنا ويحبنا، فأسقط عنا خوفه بغلبة
حبه - فكان ينكر هذا الخطأ بخطأ أغلظ منه، حتى جعل
محبة الله بدعة، وكان يقول: الخوف أولى بنا.
قال: وليس كما
توهم، بل المحبة والخوف أصلان، لا يخلو المؤمن منهما،
فلم يزل يقص بهم، ويحذر منهم، ويغري بهم السلطان
والعامة، ويقول: كان عندنا بالبصرة قوم يقولون
بالحلول، وقوم يقولون بالاباحة، وقوم يقولون كذا.
فانتشر في الافواه أن ببغداد قوما يقولون بالزندقة.
وكانت تميل إليه والدة الموفق، وكذلك الدولة والعوام،
لزهده وتقشفه، فأمرت المحتسب أن يطيع غلام خليل، فطلب
القوم، وبث الاعوان في طلبهم، وكتبوا، فكانوا نيفا
وسبعين نفسا، فاختفى عامتهم، وبعضهم خلصته العامة،
وحبس منهم جماعة مدة.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 5 / 79.
(2) 5 / 78 - 79.
(*)
(13/284)
قلت وهرب النوري (1) إلى الرقة.
قال ابن كامل: مات غلام خليل في رجب سنة خمس وسبعين
ومئتين، وغلقت الاسواق، وخرج الرجال والنساء للصلاة
عليه، ثم حمل في تابوت إلى البصرة، وبنيت عليه قبة.
قال: وكان فصيحا معربا، يحفظ علما كثيرا، ويخضب
بالحناء، ويقتات بالباقلا صرفا (2).
137 - بقي بن مخلد * ابن
يزيد: الامام، القدوة، شيخ الاسلام، أبو عبد الرحمن
الاندلسي القرطبي، الحافظ، صاحب " التفسير " و
" المسند " اللذين لا نظير لهما.
ولد في حدود سنة مئتين، أو قبلها بقليل.
وسمع من: يحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن عبد الله بن
بكير، ومحمد بن عيسى الاعشى، وأبي مصعب الزهري، وصفوان
بن صالح،
وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وهشام بن عمار، وزهير بن
عباد الرؤاسي، ويحيى بن بن عبدالحميد الحماني، ومحمد
بن عبد الله بن نمير، وأحمد بن
__________
(1) هو أبو الحسين أحمد بن محمد النوري.
انظر ترجمته في: طبقات الصوفية: 164 / 169، ومصادره
فيه.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 5 / 10.
* تاريخ علماء الاندلس:: 1 / 91 - 93، طبقات الحنابلة:
1 / 120، تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 203 ب - 205 أ،
الصلة لابن بشكوال: 1 / 116 - 119، المنتظم: 5 / 100 -
101، معجم الادباء: 7 / 75 - 85، تذكرة الحفاظ، 2 /
629 - 631، عبر المؤلف: 2 / 56، البداية والنهاية: 11
/ 56 - 57، النجوم الزاهرة: 3 / 75، طبقات الحفاظ:
277، طبقات المفسرين: 1 / 116 - 117، نفح الطيب: 2 /
47، و 518 - 520، شذرات الذهب: 2 / 169، تهذيب بدران:
3 / 280 - 283.
(*)
(13/285)
حنبل - مسائل وفوائد - ولم يرو له شيئا مسندا، لكونه
كان قد قطع الحديث - وسمع من: أبي بكر بن أبي شيبة،
فأكثر، ومن: جبارة بن المغلس، ويحيى بن بشر الحريري،
وشيبان بن فروخ، وسويد بن سعيد، وهدبة بن خالد، ومحمد
بن رمح، وداود بن رشيد، ومحمد بن أبان الواسطي، وحرملة
بن يحيى، وإسماعيل بن عبيد الحراني، ويعقوب بن حميد بن
كاسب، وعيسى بن حماد زغبة، وسحنون بن سعيد الفقيه،
وهريم بن عبد الاعلى، ومنجاب بن الحارث، وعثمان بن أبي
شيبة، وعبيد الله القواريري، وأبي كريب، وبندار،
وهناد، والفلاس، وكثير بن عبيد، وخلق.
وعني بهذا الشأن عناية لا مزيد عليها، وأدخل جزيرة
الاندلس علما
جما، وبه، وبمحمد بن وضاح (1) صارت تلك الناحية دار
حديث، وعدة مشيخته الذين حمل عنهم مئتان وأربعة
وثمانون رجلا.
حدث عنه: ابنه أحمد، وأيوب بن سليمان المري، وأحمد بن
عبد الله الاموي، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن وزير،
ومحمد بن عمر بن لبابة، والحسن بن سعد الكناني، وعبد
الله بن يونس المرادي القبري، وعبد الواحد بن حمدون،
وهشام بن الوليد الغافقي، وآخرون.
وكان إماما مجتهدا صالحا، ربانيا صادقا مخلصا، رأسا في
العلم والعمل، عديم المثل، منقطع القرين، يفتي بالاثر،
ولا يقلد أحدا.
وقد تفقه بإفريقية على سحنون بن سعيد.
ذكره أحمد بن أبي خيثمة، فقال: ما كنا نسميه إلا
المكنسة، وهل
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة، (445)، برقم: (219).
(*)
(13/286)
احتاج بلد فيه بقي إلى أن يرحل إلى هاهنا منه أحد ؟ !
(1) قال طاهر بن عبد العزيز الاندلسي: حملت معي جزءا
من " مسند " بقي بن مخلد إلى المشرق، فأريته محمد بن
إسماعيل الصائغ، فقال: ما اغترف هذا إلا من بحر.
وعجب من كثرة علمه.
وقال إبراهيم بن حيون، عن بقي بن مخلد، قال: لما رجعت
من العراق، أجلسني يحيى بن بكير إلى جنبه، وسمع مني
سبعة أحاديث.
وقال أبو الوليد بن الفرضي في " تاريخه ": ملا بقي بن
مخلد الاندلس حديثا، فأنكر عليه أصحابه الاندلسيون:
أحمد بن خالد (2)، ومحمد بن الحارث، وأبو زيد، ما
أدخله من كتب الاختلاف، وغرائب الحديث، فأغروا به
السلطان وأخافوه به، ثم إن الله أظهره عليهم، وعصمه
منهم، فنشر حديثه وقرأ لناس روايته (3).
ثم تلاه ابن وضاح، فصارت الاندلس دار حديث وإسناد (4).
ومما انفرد به، ولم يدخله سواه " مصنف " أبي بكر بن
أبي شيبة [ بتمامه ]، و " كتاب الفقه " للشافعي بكماله
- يعني " الام " - و " تاريخ " خليفة، و " طبقات "
خليفة، وكتاب " سيرة عمر بن عبد العزيز "، لاحمد بن
إبراهيم الدورقي...وليس لاحد مثل " مسنده ".
وكان ورعا فاضلا زاهدا...قد ظهرت له إجابات الدعوة في
غير ما شئ.
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 630.
(2) في رواية ابن الفرضي: " عبد الله بن خالد ".
(3) زاد هنا ابن الفرضي: " فمن يومئذ انتشر الحديث
بالاندلس ".
(4) وزاد هنا: " وإنما كان الغالب عليها قبل ذلك حفظ
رأي مالك وأصحابه ".
(*)
(13/287)
قال: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضاح لا يسمعون منه،
للذي بينهما من الوحشة...ولد في شهر رمضان سنة إحدى
ومئتين (1).
وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: لم يقع إلي حديث مسند
من حديث بقي (2).
قلت: عمل له ترجمة حسنة في " تاريخه ".
قال الامام أبو محمد بن حزم الظاهري: أقطع أنه لم يؤلف
في الاسلام مثل " تفسير " بقي، لا " تفسير " محمد بن
جرير، ولا غيره (3).
قال: وكان محمد بن عبدالرحمن الاموي صاحب الاندلس محبا
للعلوم عارفا، فلما دخل بقي الاندلس " بمصنف " أبي بكر
بن أبي شيبة،
وقرئ عليه، أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف،
واستبشعوه ونشطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته،
فاستحضره صاحب الاندلس محمد وإياهم، وتصفح الكتاب كله
جزءا جزءا، حتى أتى على آخره، ثم قال لخازن الكتب: هذا
كتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا.
ثم قال لبقي: انشر علمك، وارو ما عندك.
ونهاهم أن يتعرضوا له.
قال أسلم بن عبد العزيز: حدثنا بقي بن مخلد، قال: لما
وضعت " مسندي "، جاءني عبيد الله بن يحيى بن يحيى،
وأخوه إسحاق، فقالا: بلغنا أنك وضعت " مسندا "، قدمت
فيه أبا مصعب الزهري، ويحيى بن بكير، وأخرت أبانا ؟
فقال: أما تقديمي أبا مصعب، فلقول رسول الله -
__________
(1) انظر: تاريخ علماء الاندلس: 1 / 92 - 93، والزيادة
منه.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 203 ب.
(3) انظر: معجم الادباء: 7 / 77 - 78.
(*)
(13/288)
صلى الله عليه وسلم -: " قدموا قريشا، ولا تقدموها "
(1).
وأما تقديمي ابن بكير، فلقول رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -: " كبر كبر " (2) يريد السن - ومع أنه سمع
" الموطأ " من مالك سبع عشرة مرة، وأبوكما لم يسمعه
إلا مرة واحدة.
قلت: وله فيه فوت معروف (3).
قال: فخرجا، ولم يعودا، وخرجا إلى حد العداوة (4).
وألف أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البر القرطبي،
الميت في عام ثمانية وثلاثين وثلاث مئة كتابا (5) في
أخبار علماء قرطبة، ذكر فيه بقي بن مخلد، فقال: كان
فاضلا تقيا، صواما قواما متبتلا، منقطع القرين في
عصره، منفردا عن النظير في مصره، كان أول طلبه عند
محمد بن عيسى
__________
(1) أخرجه البيهقي في " السنن " 3 / 121، وفي " مناقب
الشافعي " 1 / 21 من طريق معمر، عن الزهري، عن ابن أبي
حثمة أبي بكر بن سليمان مرفوعا، وقال: وهو مرسل جيد،
وأورده ابن حجر في " توالي التأسيس " ص 45، وقال: هذا
مرسل قوي الاسناد، وله شاهد موصول من حديث أنس عند أبي
نعيم في " الحلية " 9 / 64، وآخر من حديث علي عند
البزار، وثالث من حديث عبد الله بن السائب عند
الطبراني في " الكبير " ورابع عن جبير بن مطعم عند
البيهقي في مناقب الشافعي 1 / 22، 23.
(2) قطعة من حديث مطول أخرجه مالك في " الموطأ " 2 /
877، 878 في القسامة، والبخاري 2 / 203، 206 في
الديات، ومسلم (1669) في القسامة، وأبو داود (4520) و
(4521) و (4523) والترمذي (1422) والنسائي 8 / 5، 12.
(3) رواية يحيى بن يحيى الليثي " للموطأ "، وهي
المطبوعة المتداولة بين أيدي طلبة العلم في هذا الزمن.
ورواية أبي مصعب الزهري غير مطبوعة، والبغوي يعتمدها
كثيرا في " شرح السنة ".
وقد روى " الموطأ " عن مالك جماعات كثيرة، وبين
رواياتهم اختلاف، من تقديم وتأخير، وزيادة ونقص، ومن
أكبرها وأكثرها زيادات رواية أبي مصعب، فقد قال ابن
حزم: في " موطأ " أبي مصعب زيادة على سائر الموطآت نحو
مئة حديث.
وقوله: " فيه فوت معروف ": يريد أن يحيى بن يحيى لم
يسمع " الموطأ " كله من مالك.
(4) انظر: معجم الادباء: 7 / 81 - 82.
(5) في الاصل: " كتاب ".
(*)
(13/289)
الاعشى، ثم رحل، فحمل عن أهل الحرمين، ومصر، والشام،
والجزيرة، وخلوان، والبصرة، والكوفة، وواسط وبغداد،
وخراسان - كذا قال، فغلط، لم يصل إلى خراسان، بل ولا
إلى همذان، وما أدري هل
دخل الجزيرة أم لا ؟ ويظهر ذلك لمن تأمل شيوخه - ثم
قال: وعدن والقيروان - قلت: وما دخل الرجل إلى اليمن -
قال: وذكر عبدالرحمن بن أحمد، عن أبيه: أن امرأة جاءت
إلى بقي، فقالت: إن ابني في الاسر، ولا حيلة لي، فلو
أشرت إلى من يفديه، فإنني والهة.
قال: نعم، انصرفي حتى أنظر في أمره.
ثم أطرق، وحرك شفتيه، ثم بعد مدة جاءت المرأة بابنها،
فقال: كنت في يد ملك، فبينا أنا في العمل، سقط قيدي.
قال: فذكر اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشيخ.
قال: فصاح على المرسم بنا، ثم نظر وتحير، ثم أحضر
الحداد وقيدني، فلما فرغه ومشيت سقط القيد، فبهتوا،
ودعوا رهبانهم، فقالوا: ألك والدة ؟ قلت: نعم، قالوا:
وافق دعاءها الاجابة (1).
هذه الواقعة حدث بها الحافظ حمزة السهمي، عن أبي الفتح
نصر بن أحمد بن عبدالملك، قال: سمعت عبدالرحمن بن
أحمد، حدثنا أبي...فذكرها، وفيها: ثم قالوا: قد أطلقك
الله، فلا يمكننا أن نقيدك.
فزودوني، وبعثوا بي.
قال: وكان بقي أول من كثر الحديث بالاندلس ونشره،
وهاجم به شيوخ الاندلس، فثاروا عليه، لانهم كان علمهم
بالمسائل ومذهب مالك، وكان بقي يفتي بالاثر، فشذ عنهم
شذوذا عظيما، فعقدوا عليه الشهادات،
__________
(1) انظر: المنتظم: 5 / 100 - 101، ومعجم الادباء: 7 /
84 - 85، والبداية والنهاية: 11 / 56 - 57.
(*)
(13/290)
وبدعوه، ونسبوا إليه الزندقة، وأشياء نزهه الله منها.
وكان بقي يقول: لقد غرست لهم بالاندلس غرسا لا يقلع
إلا بخروج الدجال (1).
قال: وقال بقي: أتيت العراق، وقد منع أحمد بن حنبل من
الحديث، فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خلة، فكان
يحدثني بالحديث في زي السؤال، ونحن خلوة، حتى اجتمع لي
عنه نحو من ثلاث مئة حديث.
قلت: هذه حكاية منقطعة.
قال ابن حزم: و " مسند " بقي روى فيه عن ألف وثلاث مئة
صاحب ونيف، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه، فهو
مسند ومصنف، وما أعلم هذه الرتبة لاحد قبله، مع ثقته
وضبطه، وإتقانه واحتفاله في الحديث.
وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم، الذي
قد أربى فيه على " مصنف " ابن أبي شيبة، وعلى " مصنف "
عبد الرزاق، وعلى " مصنف " سعيد بن منصور...ثم إنه نوه
بذكر " تفسيره "، وقال: فصارت تصانيف هذا الامام
الفاضل قواعد الاسلام، لا نظير لها، وكان متخيرا لا
يقلد أحدا، وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجاريا في
مضمار البخاري ومسلم والنسائي (2).
وقال أبو عبد الملك المذكور في " تاريخه ": كان بقي
طوالا أقنى (3)، ذا لحية مضبرا (4) قويا جلدا على
المشي، لم ير راكبا دابة قط،
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 630.
(2) معجم الادباء: 7 / 78 - 80.
(3) القنا: احديداب في الانف.
يقال: رجل أقنى الانف، وامرأة ؟ قنواء.
(4) الضبر: تلزيز العظام، واكتناز اللحم.
(*)
(13/291)
وكان ملازما لحضور الجنائز، متواضعا، وكان يقول إني
لاعرف رجلا، كان
تمضي عليه الايام في وقت طلبه العلم، ليس له عيش إلا
ورق الكرنب الذي يرمي، وسمعت من كل من سمعت منه في
البلدان ماشيا إليهم على قدمي (1).
قال ابن لبابة الحافظ: كان بقي من عقلاء الناس
وأفاضلهم، وكان أسلم بن عبد العزيز يقدمه على جميع من
لقيه بالمشرق، ويصف زهده، ويقول: ربما كنت أمشي معه في
أزقة قرطبة، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج
أعطاه أحد ثوبيه (2).
وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة (3)، قال: كان بقي يختم
القرآن كل ليلة، في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار
مئة ركعة، ويصوم الدهر.
وكان كثير الجهاد، فاضلا، يذكر عنه أنه رابط اثنتين
وسبعين غزوة (4).
ونقل بعض العلماء من كتاب لحفيد بقي عبدالرحمن بن
أحمد: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكة إلى بغداد، وكان
رجلا بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال: فلما قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع، فاغتممت
غما شديدا، فاحتللت بغداد، واكتريت بيتا في فندق، ثم
أتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس، فدفعت إلى
حلقة نبيلة، فإذا برجل يتكلم في
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 630.
(2) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 631.
(3) هو مسلم بن أحمد المعروف بصاحب القبلة، لانه كان
يشرق في صلاته، وكان عالما بحركات الكواكب وأحكامها،
وكان صاحب فقه وحديث.
وهو أول من اشتهر في الاندلس بعلم الاوائل والحساب
والنجوم، انظر: نفح الطيب: 3 / 375.
(4) انظر: المصدر السابق.
(*)
(13/292)
الرجال، فقيل لي: هذا يحيى بن معين.
ففرجت لي فرجة، فقمت إليه، فقلت: يا أبا زكريا: - رحمك
الله - رجل غريب ناء عن وطنه، يحب السؤال، فلا
تستجفني، فقال: قل.
فسألت عن بعض من لقيته، فبعضا زكى، وبعضا جرح، فسألته
عن هشام بن عمار،، فقال لي: أبو الوليد، صاحب صلاة
دمشق، ثقة، وفوق الثقة، لو كان تحت ردائه كبر، أو
متقلدا كبرا، ما ضره شيئا لخيره وفضله، فصاح أصحاب
الحلقة: يكفيك - رحمك الله - غيرك له سؤال.
فقلت - وأنا واقف على قدم: اكشف عن رجل واحد: أحمد بن
حنبل، فنظر إلي كالمتعجب، فقال لي: ومثلنا، نحن نكشف
عن أحمد ؟ ! ذاك إمام المسلمين، وخيرهم وفاضلهم.
فخرجت أستدل على منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه، فقرعت
بابه، فخرج إلي، فقلت: يا أبا عبد الله: رجل غريب،
نائي الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث
ومقيد سنة، ولم تكن رحلتي إلا إليك، فقال: ادخل
الاصطوان ولا يقع عليك عين.
فدخلت، فقال لي: وأين موضعك ؟ قلت: المغرب الاقصى.
فقال: إفريقية ؟ قلت: بعد من إفريقية، أجوز من بلدي
البحر إلى إفريقية، بلدي الاندلس، قال: إن موضعك
لبعيد، وما كان شئ أحب إلي من أن أحسن عون مثلك، غير
أني ممتحن بما لعله قد بلغك.
فقلت: بلى، قد بلغني، وهذا أول دخولي، وأنا مجهول
العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي كل يوم في زي السؤال،
فأقول عند الباب ما يقوله السؤال، فتخرج إلى هذا
الموضع، فلو لم تحدثني كل يوم إلا بحديث واحد، لكان لي
فيه كفاية.
فقال لي: نعم، على شرط أن لا تظهر في الخلق، ولا عند
المحدثين.
فقلت: لك شرطك، فكنت آخذ عصا بيدي، وألف رأسي بخرقة
مدنسة، وآتي بابه فأصيح:
الاجر - رحمك الله - والسؤال هناك كذلك، فيخرج إلي،
ويغلق،
(13/293)
ويحدثني بالحديثين والثلاثة والاكثر، فالتزمت ذلك حتى
مات الممتحن له، وولي بعده من كان على مذهب السنة،
فظهر أحمد، وعلت إمامته، وكانت تضرب إليه آباط الابل،
فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي،
ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه، فكان يناولني الحديث
مناولة (1)، ويقرؤه علي وأقرؤه عليه، واعتللت في خلق
معه.
ذكر الحكاية بطولها.
نقلها القاسم بن بشكوال في بعض تآليفه، ونقلتها أنا من
خط شيخنا أبي الوليد بن الحاج، وهي منكرة، وما وصل ابن
مخلد إلى الامام أحمد إلا بعد الثلاثين ومئتين، وكان
قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين، وما روى بعد
ذلك ولا حديثا واحدا، إلى أن مات، ولما زالت المحنة
سنة اثنتين وثلاثين، وهلك الواثق، واستخلف المتوكل،
وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية (2) وغيرها، امتنع
الامام أحمد من التحديث، وصمم على ذلك، ما عمل شيئا
غير أنه كان يذاكر بالعلم والاثر، وأسماء الرجال
والفقه، ثم لو كان بقي سمع منه ثلاث مئة حديث، لكان
طرز بها " مسنده "، وافتخر بالرواية عنه.
فعندي مجلدان من " مسنده "، وما فيهما عن أحمد كلمة.
ثم بعدها حكاية أنكر منها، فقال: نقلت من خط حفيده
عبدالرحمن
__________
(1) المناولة: أن يعطي الشيخ الطالب أصل سماعه، أو
فرعا مقابلا به، ويقول له: هذا سماعي عن فلان فاروه
عني، أو: أجزت لك روايته عني، ثم يبقيه معه ملكا له،
أو يعيره إياه لينسخه ويقابل به.
أو يأتيه الطالب بكتاب من سماعه، فيتأمله، ثم يقول:
ارو عني هذا.
(انظر: الباعث الحثيث: 123، 124).
(2) أي رؤية المؤمنين الله سبحانه وتعالى في الآخرة.
(*)
(13/294)
ابن أحمد بن بقي، حدثني أبي، أخبرتني أمي أنها رأت أبي
مع رجل طوال جدا، فسألته عنه، فقال: أرجو أن تكوني
امرأة صالحة، ذاك الخضر - عليه السلام (1) - ونقل
عبدالرحمن هذا عن جده أشياء، الله أعلم بصحتها، ثم
قال: كان جدي قد قسم أيامه على أعمال البر: فكان إذا
صلى الصبح قرأ حزبه من القرآن في المصحف، سدس القرآن،
وكان أيضا يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة،
ويخرج كل ليلة في الثلث الاخير إلى مسجده، فيختم قرب
انصداع الفجر، وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة
طويلة جدا، ثم ينقلب إلى داره - وقد اجتمع في مسجده
الطلبة - فيجدد الوضوء، ويخرج إليهم، فإذا انقضت
الدول، صار إلى صومعة المسجد، فيصلي إلى الظهر، ثم
يكون هو المبتدئ بالاذان، ثم يهبط ثم يسمع إلى العصر،
ويصلي ويسمع، وربما خرج في بقية النهار، فيقعد بين
القبور يبكي ويعتبر، فإذا غربت الشمس أتى مسجده، ثم
يصلي ويرجع إلى بيته فيفطر، وكان يسرد الصوم إلا يوم
الجمعة، ويخرج إلى المسجد، فيخرج إليه جيرانه، فيتكلم
معهم في دينهم ودنياهم، ثم يصلي العشاء، ويدخل بيته،
فيحدث أهله، ثم ينام نومة قد أخذتها نفسه، ثم يقوم.
هذا دأبه إلى أن توفي.
وكان جلدا، قويا على المشي، قد مشى مع ضعيف في مظلمة
إلى إشبيلية، ومشى مع آخر إلى إلبيرة، ومع امرأة ضعيفة
إلى جيان.
__________
(1) قد صرح بموت الخضر جمهور أهل العلم فيما نقله أبو
حيان في " البحر المحيط "
وذكر الحافظ ابن حجر في " الاصابة " منهم إبراهيم
الحربي، وعبد الله بن المبارك، والبخاري، وأبا طاهر بن
العبادي، وأبا الفضل بن ناصر، وأبا بكر بن العربي وابن
الجوزي وغيرهم.
(*)
(13/295)
قلت: وهم بعض الناس، وقال: مات سنة ثلاث وسبعين
ومئتين.
بل الصواب أنه توفي لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة،
سنة ست وسبعين ومئتين.
ورخه عبد الله بن يونس وغيره.
ومن مناقبه أنه كان من كبار المجاهدين في سبيل الله،
يقال: شهد سبعين غزوة.
ومن حديثه: أخبرني محمد بن عطاء الله (1) بالاسكندرية،
أخبرنا عبد الرحمن ين مكي في سنة ست وأربعين وست مئة،
أنبأنا خلف بن عبدالملك الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن
عتاب، أخبرنا الحافظ أبو عمر النمري، أخبرنا محمد بن
عبدالملك، حدثنا عبد الله بن يونس، حدثنا بقي بن مخلد،
حدثنا هانئ بن المتوكل، عن معاوية بن صالح، عن رجل، عن
مجاهد، عن علي - رضي لله عنه - قال: لولا (2) أني أنسى
ذكر الله، ما تقربت إلى الله إلا بالصلاة على النبي -
صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: " قال جبريل: يا محمد ! إن الله يقول: من
صلى عليك عشر مرات استوجب الامان من سخطه " (3).
138 - ابن قتيبة * العلامة
الكبير، ذو الفنون، أبو محمد، عبد الله بن مسلم
بن قتيبة
__________
(1) ترجمة الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 142، فقال: "
محمد بن عطاء الله بن أبي منصور مظفر بن المفضل الشيخ
ناصر الدين بن الخطيب الكندي الاسكندراني، شيخ متميز
وقور...مولده في أول رمضان سنة سبع وثلاثين
وستمئة...توفي سنة اثنتي عشرة وسبعمئة ".
(2) في الاصل: لو.
(3) في سنده مجهول.
* طبقات النحويين واللغويين للزبيدي: 116، الفهرست:
المقال الثانية: الفن = (*)
(13/296)
الدينوري، وقيل: المروزي، الكاتب، صاحب التصانيف.
نزل بغداد، وصنف وجمع، وبعد صيته.
حدث عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن زياد بن عبيدالله
الزيادي، وزياد بن يحيى الحساني، وأبي حاتم السجستاني،
وطائفة.
حدث عنه: ابنه القاضي أحمد بن عبد الله، بديار مصر،
وعبيد الله السكري، وعبيد الله بن أحمد بن بكر، وعبد
الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وغيرهم.
قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة دينا فاضلا (1).
ذكر تصانيفه: " غريب القرآن "، " غريب الحديث "، كتاب
" المعارف "، كتاب " مشكل القرآن "، كتاب " مشكل
الحدييث "، كتاب " أدب الكاتب "، كتاب " عيون الاخبار
"، كتاب " طبقات الشعراء "، كتاب " إصلاح الغلط "،
كتاب " الفرس "، كتاب " الهجو "، كتاب " المسائل "،
كتاب " أعلام النبوة "، كتاب " الميسر "، كتاب " الابل
"، كتاب " الوحش "، كتاب " الرؤيا "، كتاب " الفقه "،
كتاب " معاني الشعر "، كتاب " جامع النحو "، كتاب "
الصيام "، كتاب " أدب القاضي "، كتاب " الرد على من
يقول بخلق القرآن "، كتاب " إعراب
__________
= الثالث، تاريخ بغداد: 10 / 170 - 171، المنتظم: 5 /
102، إنباه الرواة: 2 / 143 -
147، وفيات الاعيان: 3 / 42 - 44، تذكرة الحفاظ: 2 /
633، ميزان الاعتدال: 2 / 503، عبر المؤلف: 2 / 56،
البداية والنهاية: 11 / 48، البلغة في تاريخ أئمة
اللغة: 116، لسان الميزان: 3 / 357 - 359، النجوم
الزاهرة: 3 / 75 - 76، بغية الوعاة: 2 / 63 - 64،
شذرات الذهب: 2 / 169 - 170.
(1) تاريخ بغداد: 10 / 170.
(*)
(13/297)
القرآن "، كتاب " القراءات "، كتاب " الانواء "، كتاب
" التسوية بين العرب والعجم "، كتاب " الاشربة " (1).
وقد ولي قضاء الدينور، وكان رأسا في علم اللسان
العربي، والاخبار وأيام الناس.
وقال أبو بكر البيهقي: كان يرى رأي الكرامية (2).
ونقل صاحب (3) " مرآة الزمان "، بلا إسناد عن
الدارقطني، أنه قال: كان ابن قتيبة يميل إلى التشبيه
(4).
قلت: هذا لم يصح، وإن صح عنه، فسحقا له، فما في الدين
محاباة.
__________
(1) انظر مقدمة كتاب " المعارف " لابن قتيبة تحقيق د.
ثروة عكاشة، وما قاله فيها عن مؤلفات ابن قتيبة.
(2) الكرامية: تنسب إلى مؤسسها محمد بن كرام، المتوفي
سنة (255 ه).
وقد بدأ صفاتيا، ثم غلا في إثبات الصفات، حتى انتهى
فيها - فيما يؤثر عنه - إلى التشبيه والتجسيم.
وقد قال المؤلف في " ميزانه ": ومن بدع الكرامية قولهم
في المعبود تعالى: إنه جسم لا كالاجسام.
وللدكتورة سهيل مختار كتاب مطبوع في الكرامية وفلسفتهم
يجدر الاطلاع عليه.
وانظر
ترجمة محمد بن كرام في " ميزان الاعتدال ": 4 / 21 -
22، و " لسان الميزان ": 5 / 353 - 356.
(3) هو، الشيخ يوسف قز أو غلي، أبو المظفر، المعروف
بسبط ابن الجوزي.
المتوفى سنة (654 ه).
(4) كيف يسوغ نسبة هذا الرأي إليه، وفي كتابه الذي
ألفه في الرد على الجهمية والمشبهة ما ينفيه عنه ؟ !
فقد جاء فيه، (ص: 243)، ما نصه: وعدل القول في هذه
الاخبار ان نؤمن بما صح منها بنقل الثقات لها، فنؤمن
بالرؤية، والتجلي، وأنه يعجب، وينزل إلى السماء، وأنه
على العرش استوى، وبالنفس واليدين، من غير ان نقول في
ذلك بكيفية أو بحد، أو أن نقيس على ما جاء مما لم يأت،
فنرجو أن نكون في ذلك القول والعقد على سبيل النجاة
غدا إن شاء الله.
(*)
(13/298)
وقال مسعود السجزي: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول:
أجمعت الامة على أن القتبي كذاب.
قلت: هذه مجازفة وقلة ورع، فما علمت أحدا اتهمه بالكذب
قبل هذه القولة، بل قال الخطيب: إنه ثقة (1).
وقد أنبأني أحمد بن سلامة، عن حماد الحراني أنه سمع
السلفي ينكر على الحاكم في قوله: لا تجوز الرواية عن
ابن قتيبة.
ويقول: ابن قتيبة من الثقات، وأهل السنة.
ثم قال: لكن الحاكم قصده لاجل المذهب.
قلت: عهدي بالحاكم يميل إلى الكرامية، ثم ما رأيت لابي
محمد في كتاب " مشكل الحديث " ما يخالف طريقة المثبتة
والحنابلة، ومن أن أخبار الصفات تمر ولا تتأول، فالله
أعلم.
وكان ابنه أحمد (2) حفظة، فحفظ مصنفات أبيه، وحدث بها
بمصر لما
ولي قضاءها من حفظه، واجتمع لسماعها الخلق سنة نيف
وعشرين وثلاث مئة، وكان يقول: إن والده أبا محمد لقنه
إياها.
وما أحسن قول نعيم بن حماد، الذي سمعناه بأصح إسناد عن
محمد ابن إسماعيل الترمذي، أنه سمعه يقول: من شبه الله
بخلقه، فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه، فقد
كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها.
قلت: أراد أن الصفات تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف
تعالى: * (ليس كمثله شئ) * [ الشورى: 11 ]، في ذاته
المقدسة، فكذلك
__________
(1) تقدم قول الخطيب هذا قبل قليل.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 3 / 43، نهاية
ترجمة أبيه.
(*)
(13/299)
صفاته لا مثل لها، إذ لا فرق بين القول في الذات
والقول في الصفات، وهذا هو مذهب السلف.
قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي: مات أبو محمد
بن قتيبة فجاءة، صاح صيحة سمعت من بعد، ثم أغمي عليه،
وكان أكل هريسة، فأصاب حرارة، فبقي إلى الظهر، ثم
اضطرب ساعة، ثم هدأ، فما زال يتشهد إلى السحر، ومات -
سامحه الله - وذلك في شهر رجب، سنة ست وسبعين ومئتين.
والرجل ليس بصاحب حديث، وإنما هو من كبار العلماء
المشهورين، عنده فنون جمة، وعلوم مهمة.
قرأت على مسند حلب أبي سعيد سنقر بن عبد الله (1):
أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، أخبرنا أحمد بن المبارك
المرقعاتي، أخبرنا جدي لامي
ثابت بن بندار، أخبرنا عبد الله بن إسحاق اللبان، في
سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، أخبرنا أبو عبد الله محمد
بن إسحاق الحافظ، أخبرنا الهيثم بن كليب ببخارى سنة
(334)، حدثنا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة،
حدثني الزيادي، حدثني عيسى بن يونس، عن الاعمش، عن أبي
إسحاق، عن عبد خير، قال: قال علي بن أبي طالب: ما كنت
أرى أن أعلى القدم أحق من باطنها، حتى رأيت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يمسح على قدميه (2).
__________
(1) انظر ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 55.
(2) ورجاله ثقات والزيادي: هو محمد بن زياد بن عبيد
الله - وأخرجه أحمد 1 / 95 من طريق وكيع عن الاعمش
بهذا الاسناد وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند
1 / 114 من طريق إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان، عن ابن
عبد خير، عن أبيه، قال: رأيت عليا توضأ = (*)
(13/300)
قال قاسم بن أصبغ: سمعت ابن قتيبة يقول: أنا أكثر
أوضاعا من أبي عبيد، له اثنان وعشرون وضعا، ولي سبعة
وعشرون.
ثم قال قاسم: وله في الفقه كتاب، وله عن ابن راهويه شئ
كثير.
قيل لابن أصبغ: فكتابه في الفقه كان ينفق عنه ؟ قال:
لا والله، لقد ذاكرت الطبري، وابن سريج، وكانا من أهل
النظر، وقلت: كيف كتاب ابن قتيبة في الفقه ؟ فقالا:
ليس بشئ، ولا كتاب أبي عبيد في الفقه، أما ترى كتابه
في " الاموال "، وهو أحسن كتبه، كيف بني على غير أصل،
واحتج بغير صحيح ؟ ثم قالا: ليس هؤلاء لهذا، بالحرى أن
تصح لهما اللغة، فإذا أردت الفقه، فكتب الشافعي وداود
ونظرائهما (1).
قال قاسم بن أصبغ: كنا عند ابن قتيبة، فأتوه بأيديهم
المحابر، فقال:
اللهم سلمنا منهم.
فقعدوا، ثم قالوا: حدثنا - رحمك الله - قال: ليس أنا
ممن يحدث، إنما هذه الاوضاع، فمن أحب ؟ قالوا له: ما
يحل لك هذا، فحدثنا بما عندك عن إسحاق بن راهويه، فإنا
لا نجد فيه إلا طبقتك، وأنت
__________
= فغسل ظهر قدميه: وقال: لو لا أني رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يغسل ظهر قدميه لظننت أن بطونهما أحق
بالغسل.
وأخرجه أحمد 1 / 116 من طريق إسحاق بن يوسف، عن شريك
عن السدي، عن عبد خير قال: رأيت عليا دعا بماء ليتوضأ،
فمسح به تمسحا، ومسح على ظهر قدميه، ثم قال: هذا وضوء
من لم يحدث، ثم قال: لو لا أني رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم مسح ظهر قدميه رأيت أن بطونهما أحق.
ثم شرب فضل وضوئه وهو قائم، ثم قال: أين الذين يزعمون
انه لا ينبغي لاحد أن يشرب قائما ؟.
وأخرج أبو داود (162) والدارقطني 1 / 199، والبيهقي 1
/ 292 من طريق حفص بن غياث، عن الاعمش، عن أبي إسحاق،
عن عبد خير، عن علي رضي الله عنه قال: لو كان الدين
بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه.
صححه الحافظ في " التلخيص " 1 / 160، وحسنه في " بلوغ
المرام " وانظر ما قاله البيهقي في " السنن " 1 / 75 و
292.
(1) تقدم الخبر في ترجمة داود بن علي، في الصفحة: 102.
(*)
(13/301)
عندنا أوثق.
قال: لست أحدث.
ثم قال لهم: تسألوني أن أحدث، وببغداد ثمان مئة محدث،
كلهم مثل مشايخي !، لست أفعل.
فلم يحدثهم بشئ.
139 - الكديمي * [ د ] (1)
الشيخ، الامام، الحافظ الكبير، المعمر، أبو العباس،
محمد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيد بن
ربيعة بن كديم، القرشي السامي الكديمي البصري الضعيف.
ولد سنة ثلاث وثمانين ومئة، وقيل: سنة خمس.
وهو ابن امرأة روح بن عبادة، فسمع بسبب ذلك من الكبار
في حداثته.
روى عن: أبي داود الطيالسي، وعبد الله الخريبي، وأزهر
السمان، وأبي زيد الانصاري، وروح بن عبادة، وأبي عاصم،
والاصمعي، وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي، والحميدي،
وأبي نعيم، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو بكر بن الانباري، وإسماعيل الصفار، وأبو
بكر
__________
* الجرح والتعديل: 8 / 122، كتاب المجروحين والضعفاء:
2 / 312 - 314، تاريخ بغداد: 3 / 435 - 445، طبقات
الحنابلة: 1 / 326، المنتظم: 6 / 22 - 23 اللباب: 3 /
87، تهذيب الكمال: خ: 1293 - 1294، تذهيب التهذيب: خ:
4 / 14، تذكرة الحفاظ: 2 / 618 - 619، ميزان الاعتدال:
4 / 74 - 76، عبر المؤلف: 2 / 78، الوافي بالوفيات: 5
/ 291 - 292، البداية والنهاية: 11 / 82، تهذيب
التهذيب: 9 / 539 - 544، طبقات الحفاظ: 266، شذرات
الذهب: 2 / 194.
والكديمي، بضم الكاف وفتح الدال، وسكون الياء: نسبة
إلى كديم: وهو جد المترجم.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/302)
الشافعي، وأحمد بن يوسف بن خلاد، وأحمد بن الريان
اللكي، وخيثمة ابن سليمان، وعثمان بن سنقة، وأبو عبد
الله بن محرم، وعمر بن سلم الختلي، وأبو بكر القطيعي،
وخلق سواهم.
روى ابن خلاد النصيبي، عن الكديمي، قال: قال لي علي بن
المديني: عندك ما ليس عندي (1).
وقال الكديمي: كتبت عن ألف شيخ ومئة وستة وثمانين،
وحججت سنة ست ومئتين، فرأيت عبد الرزاق، ولم أسمع منه
(2).
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كان محمد بن
يونس الكديمي حسن الحديث، حسن المعرفة، ما وجد عليه
إلا صحبته لسليمان الشاذكوني (3).
وروى الحسن الصائغ: حدثنا الكديمي، قال: خرجت أنا وعلي
بن المديني وسليمان الشاذكوني نتنزه، ولم يبق لنا موضع
غير بستان الامير، وكان الامير قد منع من الخروج إلى
الصحراء فكما (4) قعدنا، وافى الامير [ فقال: خذوهم ]،
فأخذونا، وكنت أصغرهم، فبطحوني، وقعدوا على أكتافي،
فقلت: أيها الامير ! اسمع: حدثنا الحميدي، أخبرنا
سفيان، عن عمرو، عن أبي قابوس، عن ابن عباس، عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال: " ارحموا من في الارض
يرحمكم من في السماء " (5).
قال: أعده.
__________
(1) تاريخ بغداد: 3 / 436 - 437.
(2) انظر: المصدر السابق: 3 / 437.
(3) تاريخ بغداد: 3 / 439.
(4) " كما "، هنا بمعنى: حين.
(5) أخرجه من حديثه أحمد 2 / 160، والحميدي (591) وأبو
داود (4941) والترمذي = (*)
(13/303)
فأعدته، فقال: قوموا عنه، وقال: أنت تحفظ مثل هذا
وتخرج تتنزه.
كذا فيه ابن عباس، وصوابه: عبد الله بن عمرو (1).
قال ابن عدي: أتهم الكديمي بوضع الحديث.
وقال ابن حبان: لعله قد وضع أكثر من ألف حديث.
قال ابن عدي: وادعى رؤية قوم لم يرهم، ترك عامة
مشايخنا الرواية عنه.
وقال أبو الحسين بن المنادي: كتبنا عن الكديمي، ثم
بلغنا كلام أبي داود فيه، فرمينا بما سمعنا منه (2).
قال أبو عبيد الآجري: رأيت أبا داود يطلق في محمد بن
يونس الكذب، وكان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع
من الكديمي.
وقال موسى، وهو متعلق بأستار الكعبة: اللهم ! إني
أشهدك أن الكديمي كذاب، يضع الحديث (3).
قال القاسم بن زكريا المطرز: أنا أجاثي الكديمي بين
يدي الله،
__________
= (2924)، والخطيب في تاريخه 3 / 260 كلهم من طريق
سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس مولى
عبد الله بن عمرو، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه
الحاكم 4 / 159، ووافقه الذهبي، وصححه الحافظان
العراقي وابن ناصر الدين الدمشقي، وقال الاخير: ولابي
قابوس متابع رويناه في مسندي أحمد بن حنبل وعبد بن
حميد من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي الحمصي أحد
الثقات عن عبد الله بن عمرو بمعناه، وله شاهد من حديث
جرير عند الطبراني في " المعجم الكبير " برقم (2497) و
(2502) ورجاله ثقات (1) تاريخ بغداد: 3 / 438 - 439،
والزيادة منه.
(2) انظر: المصدر السابق: 3 / 440.
(3) المصدر السابق: 3 / 441.
(*)
(13/304)
وأقول: كان يكذب على رسولك وعلى العلماء (1).
وأما إسماعيل الخطبي فتبارد (2)، وقال: كان ثقة، ما
رأيت ناسا أكثر من مجلسه.
مات الكديمي في جمادى الآخرة، سنة ست وثمانين ومئتين،
فإن كان مولده كما مر، فقد جاوز مئة عام.
يقع عواليه لابن البخاري ونحوه.
140 - العسكري * الامام،
المحدث، أبو إسحاق، إبراهيم بن حرب العسكري
السمسار، مؤلف " مسند أبي هريرة ".
حدث عن: القعنبي، وعارم، وإبراهيم بن حميد الطويل،
وأبي الوليد الطيالسي، ومسدد، وعلي بن عثمان اللاحقي،
وسهل بن عثمان، وأبي معمر المقعد، وحجاج بن منهال،
ويعقوب بن كاسب، وعبيد الله بن عائشة، وعلي بن بحر
القطان، وعدة.
حدث عنه: أبو الحسين أحمد بن سهل بن عمر بن سهل بن بحر
العسكري، شيخ الحافظ أبي نعيم، وذكر ابن سهل أنه قدم
عليهم البصرة في سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
__________
(1) تاريخ بغداد: 3 / 442.
وقال ابن أبي حاتم في " الجرح ": 8 / 122: سمعت أبي -
وعرض عليه شئ من حديثه - فقال: " ليس هذا من حديث أهل
الصدق ".
(2) في " ميزان " المؤلف: " فقال بجهل: كان ثقة ".
* كشف الظنون: 2 / 1679.
(*)
(13/305)
أخبرنا أحمد بن سلامة (1)، وعلي بن أحمد إجازة (2)، عن
أحمد بن محمد التيمي، أخبرنا أبو علي الحداد سنة إحدى
عشرة وخمس مئة، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أحمد بن سهل،
حدثنا إبراهيم بن حرب، حدثنا القعنبي، حدثنا ابن أبي
ذئب، عن عجلان مولى المشمعل، عن أبي
هريرة، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
ركوب البدنة، قال: " اركبها ".
قال: يا رسول الله ! إنها بدنة ! قال: " اركبها ويلك "
(3).
وبه: حدثنا إبراهيم بن حرب، حدثنا علي بن بحر، حدثنا
حكام، حدثنا عنبسة، عن كثير بن زاذان، عن أبي حازم، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" قال لي جبريل: لو رأيتني يا محمد وأنا أغطه بإحدى
يدي، وأدس من الحال في فيه، مخافة أن تدركه رحمة ربه
فيغفر له " حديث غريب، وكثير فيه جهالة (4).
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 6.
(2) هو: علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد، أبو الحسن
المقدسي الصالحي الحنبلي: وفاته سنة (690 ه).
ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 94.
(3) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 2 / 473، 474، و 505 من
طريقين، عن ابن أبي ذئب بهذا الاسناد.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 387 في الحج: باب ما
يجوز من الهدي، ومن طريقه البخاري 3 / 428، 429 و 5 /
287 و 10 / 456، ومسلم (1322)، وأبو داود (1760)،
والنسائي 5 / 176، وأحمد 2 / 487 عن أبي الزناد، عن
الاعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 245 و 254 من
طريقين، عن أبي الزناد به، وأخرجه عبد الرزاق ومن
طريقه أحمد 2 / 278، والبخاري 3 / 438 عن معمر، عن
يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة، وأخرجه عبد
الرزاق ومن طريقه أحمد 2 / 312، ومسلم (1322) (372) عن
معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، وهو في " المسند
" من طرق أخرى عن أبي هريرة 2 / 464 و 478 و 481، وابن
ماجه (3103).
(4) قال ابن معين: لا أعرفه، وقال أبو حاتم وأبو زرعة:
هو شيخ مجهول لا نعلم أحدا حدث عنه إلا ما روى ابن
حميد، عن هارون بن المغيرة، عن عنبسة عنه، وأورده ابن
جرير في " تفسيره " برقم (17860) من طريق ابن حميد عن
حكام بهذا الاسناد.
وذكر نحوه الهيثمي في = (*)
(13/306)
والعسكري: نسبة إلى مدينة عسكر مكرم: قريبة من البصرة.
141 - المصيصي * الامام،
المحدث، أبو محمد، عبد الله بن الحسين بن جابر
البغدادي، ثم المصيصي، الثغري، البزاز.
حدث بدمشق وبالثغور عن: هوذة، وعفان، وموسى بن داود،
وآدم، وأبي اليمان، وسعيد بن أبي مريم، وعبد الله بن
جعفر الرقي، ومحمد بن سابق، والحسن الاشيب، وعلي بن
عياش وخلق.
وكان صاحب رحلة وفضل.
روى عنه: ابن حذلم، وخيثمة، ومحمد بن محمد بن أبي
حذيفة، وأبو
__________
= " المجمع " 7 / 36 عن أبي هريرة وقال: رواه الطبراني
في " الاوسط "، وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري،
وضعفه جماعة، والحال: الطين الاسود والحمأة، وهو حال
البحر.
وأخرجه أحمد 1 / 240 و 340 من طريق محمد بن جعفر، عن
شعبة، عن عدي بن ثابت، وعطاء بن السائب، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس قال: رفعه أحدهما إلى النبي صلى
الله عليه وسلم: قال: " إن جبريل كان يدس في فم فرعون
الطين مخافة أن يقول لا إله إلا الله ".
ورواه الطيالسي (2618) بنحوه عن شعبة مرفوعا، وأورده
ابن كثير في تفسيره 2 / 430 من طريق الطيالسي، وقال:
وقد رواه أبو عيسى الترمذي (3108) أيضا، وابن جرير
أيضا برقم (17858) من غير وجه عن شعبة به، فذكر مثله،
وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، ورواه الحاكم في "
المستدرك " 2 / 340، وقال: هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه إلا أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على
ابن عباس، وأخرجه أحمد 1 / 245 و 309، والترمذي
(3107)، وابن جرير (17861) من طريق حماد بن سلمة، عن
علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس،
وعلي بن زيد ضعيف، ومع ذلك فقد قال الترمذي: حديث حسن،
ولعله حسنه
بالطريق السابقة.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 70 ب - 71 أ، ميزان
الاعتدال: 2 / 408، لسان الميزان: 3 / 272 - 273،
تهذيب بدران: 7 / 369 - 370.
والمصيصي: بكسر الميم والصاد المشددة، وياء ساكنة،
وكسر الصاد الثانية المخففة، نسبة إلى مصيصة: انظر: ص:
8، ت: 2.
من هذا الكتاب.
(*)
(13/307)
عوانة الحافظ، وأبو الميمون راشد، وأحمد بن عيسى
السكين، وخلق آخرهم: أبو القاسم الطبراني.
قال ابن حبان: كان يقلب الاخبار ويسرقها، لا يجوز
الاحتجاج به إذا انفرد.
قلت: توفي بعد الثمانين ومئتين.
142 - أبو العيناء *
العلامة، الاخباري، أبو العيناء، محمد بن القاسم
بن خلاد البصري، الضرير النديم.
ولد بالاهواز، ونشأ بالبصرة.
وأخذ عن: أبي عبيدة، وأبي زيد، وأبي عاصم النبيل،
والاصمعي.
وعنه: الحكيمي، وأبو بكر الصولي، وأبو بكر الادمي،
وأحمد بن كامل، وابن نجيح، وآخرون.
قال الدارقطني: ليس بالقوي (1).
أضر أبو العيناء وله أربعون سنة، وكان يخضب بالحمرة
(2).
__________
* طبقات الشعراء لابن المعتز: 415 - 416، الفهرست:
المقالة الثالثة: الفن الثاني، تاريخ بغداد: 3 / 170 -
179، المنتظم: 5 / 156 - 160، معجم الادباء:
18 / 286 - 306، وفيات الاعيان: 4 / 343 - 348، ميزان
الاعتدال: 4 / 13، عبر المؤلف: 2 / 69، أخبار سنة
(282)، الوافي بالوفيات: 4 / 341 - 344، وفيه وفاته
(282)، البداية والنهاية: 11 / 73، لسان الميزان: 5 /
344 - 346، شذرات الذهب: 2 / 180 - 182.
(1) انظر: تاريخ بغداد: 3 / 172.
(2) معجم الادباء: 18 / 289.
(*)
(13/308)
مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومئتين، وقد
جاوز التسعين.
قلما روى من المسندات، ولكنه كان ذا ملح ونوادر وقوة
ذكاء.
قال له الوزير أبو الصقر: ما أخرك عنا ؟ قال: سرق
حماري.
قال: وكيف سرق ؟ قال: لم أك مع اللص فأخبرك.
قال: فهلا جئت على غيره ؟ قال: أخرني عن السرى قلة
يساري، وكرهت ذلة العواري، ونزق المكاري (1).
وقيل: عاش اثنتين وتسعين سنة.
143 - هلال بن العلاء
* [ س ] (2) ابن هلال بن عمر بن هلال بن أبي عطية:
الحافظ الامام، الصدوق، عالم الرقة، أبو عمر الباهلي،
مولى قتيبة بن مسلم، الامير الرقي الاديب.
سمع: أباه أبا محمد العلاء، وحجاج بن محمد الاعور،
ومحمد بن مصعب القرقساني، وحسين بن عياش، وعبد الله بن
جعفر الرقي، وأبا جعفر النفيلي، وخلقا سواهم.
حدث عنه: النسائي، وخيثمة بن سليمان، وأبو بكر النجاد،
والعباس
__________
(1) المصدر السابق: 18 / 293 - 294، وفيه: " وكرهت ذل
المكاري، ومنة
العواري ".
* تاريخ الرقة: 160، طبقات الحنابلة: 1 / 395، معجم
الادباء: 19 / 294، تهذيب الكمال: خ: 1451 - 1452،
تذهيب الكمال: خ: 4 / 124 - 125، تذكرة الحفاظ: 2 /
612 - 613، ميزان الاعتدال: 4 / 315 - 316، تهذيب
التهذيب: 11 / 83 - 84، طبقات الحفاظ: 264 - 265، بغية
الوعاة: 2 / 329، وكنيته فيه: أبو عمرو، خلاصة تذهيب
الكمال: 412، شذرات الذهب: 2 / 176.
(2) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/309)
ابن محمد الرافقي، ومحمد بن أيوب الصموت، وعدة.
قال النسائي: ليس به بأس.
روى أحاديث منكرة عن أبيه، ولا أدري: الريب منه، أو من
أبيه (1).
قيل: توفي يوم عيد النحر، سنة ثمانين ومئتين.
وقيل: مات في ربيع الاول، سنة إحدى وثمانين ومئتين.
وله شعر رائق، لائق بكل ذائق، فمنه: سيبلى لسان كان
يعرب لفظه * فيا ليته من وقفة العرض يسلم وما تنفع
الآداب إن لم يكن تقى * وما ضر ذا تقوى لسان معجم وله
مما رواه عنه خيثمة بن سليمان: اقبل معاذير من يأتيك
معتذرا * إن بر عندك فيما قال أو فجرا فقد أطاعك من
أرضاك ظاهره * وقد أجلك من يعصيك مستترا وكان من أبناء
التسعين.
وقع لنا جملة من حديثه.
ومات أخوه:
144 - أحمد بن العلاء *
قاضي ديار مضر، كالرقة وغيرها في سنة ست وسبعين
ومئتين، على القضاء.
حدث عن: عبد الله بن جعفر، وعبيد بن جناد.
وعنه: ابن حذلم، وخيثمة بن سليمان، وأبو الميمون
البجلي، وعدة.
__________
(1) ميزان الاعتدال: 4 / 316.
* تاريخ الرقة: 160.
(*)
(13/310)
145 - الانطاكي * الامام، الثبت، الرحال، أبو الوليد،
محمد بن أحمد
بن الوليد بن برد الانطاكي.
حدث عن: رواد بن الجراح، والهيثم بن جميل، ومحمد بن
كثير الصنعاني، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وجماعة.
وعنه: أحمد بن المنادي، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر
الشافعي، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
حج، وقدم، فمات في سنة ثمان وسبعين ومئتين بأنطاكية،
من أبناء التسعين.
146 - أبو زرعة الدمشقي *
* [ د ] (1) الشيخ، الامام، الصادق، محدث الشام، أبو
زرعة، عبدالرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان
بن عمرو النصري - بنون - الدمشقي، وكانت داره عند باب
الجابية.
__________
* الجرح والتعديل: 7 / 183 - 184، تاريخ بغداد: 1 /
367 - 368، المنتظم:
5 / 121، اللباب: 1 / 90.
والانطاكي، بفتح الالف، وسكون النون: نسبة إلى
أنطاكية: بلدة من ثغور الشام.
* * الجرح والتعديل: 5 / 267، طبقات الحنابلة: 1 / 205
- 206، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 32 ب - 33 ب، تذكرة
الحفاظ: 2 / 624 - 625، عبر المؤلف: 2 / 65 - 66،
تهذيب التهذيب: 6 / 236 - 237، النجوم الزاهرة: 3 /
87، طبقات الحفاظ: 266، شذرات الذهب: 2 / 177.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/311)
ولد قبل المئتين.
وروى عن: أبي نعيم الفضل بن دكين، وهوذة بن خليفة،
وعفان بن مسلم، وأبي مسهر الغساني، وأحمد بن خالد
الوهبي، وسليمان بن حرب، وعلي بن عياش، وأبي اليمان
الحكم بن نافع، وأبي بكر الحميدي، وأبي غسان النهدي،
وسعيد بن سليمان سعدويه، وعبد الغفار بن داود، وأبي
الجماهر محمد بن عثمان التنوخي، وإسحاق بن إبراهيم
الفراديسي (1)، وسعيد بن منصور، وسليمان بن داود
الهاشمي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وهشام بن
عمار، ويحيى بن صالح الوحاظي، وخلق كثير بالشام
والعراق والحجاز.
وجمع وصنف، وذاكر الحفاظ، وتميز، وتقدم على أقرانه،
لمعرفته وعلو سنده.
حدث عنه: أبو داود في " سننه "، ويعقوب الفسوي، وأحمد
بن المعلى القاضي، وأبو بكر بن أبي داود، وإسحاق بن
أبي الدرداء الصرفندي (2)، وأبو الحسن بن جوصا، ويحيى
بن صاعد، وأبو العباس
الاصم، وأبو الحسن بن حذلم، وأبو يعقوب الاذرعي، وعلي
بن أبي العقب، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو القاسم
الطبراني، وخلق كثير.
أنبأنا أحمد بن سلامة (3)، عن أبي المكارم أحمد بن
محمد، عن عبد
__________
(1) الفراديسي، بفتح الراء: نسبة إلى الفراديس: موضع
بدمشق، ولها باب يقال له: باب الفراديس، وهو المعروف
بباب العمارة - اليوم - ويقع شمال الجامع الاموي.
(2) الصرفندي، بفتح الصاد والراء والفاء، وسكون النون:
نسبة إلى صرفندة: من قرى صور على الساحل الشامي.
(اللباب).
(3) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(*)
(13/312)
الغفار بن محمد بن شيرويه، أخبرنا أبو بكر الحيري،
حدثنا أبو العباس الاصم، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أحمد
بن خالد، حدثنا ابن إسحاق، عن عياض بن دينار، قال:
دخلت المسجد وأبو هريرة يخطب الناس خليفة لمروان أيام
الحج، في يوم الجمعة، فقال: قال أبو القاسم - صلى الله
عليه وسلم -: " أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة
القمر ليلة البدر، ثم التي تليها على أشد نجوم السماء
إضاءة " (1).
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: كان أبو زرعة الدمشقي [
رفيق أبي، و ]، كتبت عنه أنا وأبي، وكان ثقة صدوقا
(2).
قال أبو الميمون بن راشد: سمعت أبا زرعة يقول: أعجب
أبو مسهر بمجالستي إياه صغيرا (3).
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، قال: ذكر أحمد بن أبي
الحواري أبا زرعة الدمشقي، فقال: هو شيخ الشباب.
وسئل أبي عنه، فقال: صدوق (4).
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 2 / 257 من طريق يعقوب،
عن أبيه، عن ابن إسحاق
حدثني عياض بن دينار الليثي وكان ثقة قال: سمعت أبا
هريرة...وأخرجه البخاري 6 / 232 في بدء الخلق: باب ما
جاء في صفة الجنة من طريق أبي اليمان، أخبرنا شعيب،
حدثنا أبو الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة...وأخرجه
مسلم (2834) في الجنة باب أول زمرة يدخلون الجنة...من
طريقين عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة،
وأخرجه أيضا (2834) (15) وابن ماجة (4333) عن عمارة بن
القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، وأخرج أيضا (16)
من طريقين عن أبي معاوية، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (2537) من طريق سويد بن
نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن همام بن
منبه عن أبي هريرة وهو في " المسند " من حديث أبي
هريرة 2 / 230 و 232 و 253 و 316 و 473 و 502 و 504 و
507.
(2) الجرح والتعديل: 5 / 267.
والزيادة منه.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 624.
(4) الجرح والتعديل: 5 / 267.
(*)
(13/313)
قلت: لابي زرعة " تاريخ " مفيد في مجلد (1)، ولما قدم
أهل الري إلى دمشق، أعجبهم علم أبي زرعة، فكنوا صاحبهم
الحافظ عبيد الله بن عبد الكريم (2) بكنيته.
أخبرتنا نخوة بنت محمد (3)، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا
محمد بن إسماعيل الطرسوسي، وأنبأني أحمد بن أبي الخير،
عن الطرسوسي، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم
الحافظ، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو زرعة، حدثنا
أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، قال: قال طاووس:
قلت لابن عباس: ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال: " اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم،
وإن لم تكونوا جنبا، وأصيبوا من الطيب ".
فقال: أما الغسل: فنعم، وأما الطيب: فلا أدري (4).
__________
(1) وقد طبعه مجمع اللغة العربية بدمشق، في مجلدين،
بتحقيق: شكر الله بن نعمة الله القوجاني.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (65)، برقم: (48).
(3) ترجمها المؤلف في " مشيخته ": خ: 173، فقال: " هي
نخوة بنت محمد بن عبد القاهر بن هبة الله، أم محمد
النصيبية، ثم الحلبية، نزيلة حماة، مولدها بطريق مكة
في سنة أربع وثلاثين وستمئة، وسمعت من الحافظ ابن
خليل، وما أظن روى عنه امرأة سواها، وكانت زوجة ناظر
الجيش عز الدين بن قرناص الحموي.
ماتت في جمادى الاولى سنة تسع عشرة وسبع مئة ".
(4) أخرجه البخاري (884) في الجمعة.
وقد روى التطيب يوم الجمعة عن النبي صلى الله عليه
وسلم سلمان الفارسي أخرجه البخاري 2 / 308، 309،
ولفظه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يغتسل رجل
يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهر، ويدهن من دهنه
أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم
يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الامام إلا غفر له
ما بينه وبين الجمعة الاخرى ".
واخرجه أحمد 3 / 81، وأبو داود (343) عن أبي سعيد
الخدري، وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومس
من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق
الناس، ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه
حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين جمعته
التي قبلها "، وصححه الحاكم 1 / 283، ووافقه الذهبي.
(*)
(13/314)
أخرجه البخاري، عن أبي اليمان.
قال أبو القاسم بن عساكر: قرأت في كتاب أبي الحسين
الرازي - يعني والد تمام - قال: سمعت جماعة قالوا: لما
اتصل الخبر بأبي أحمد الواثق، أن
أحمد بن طولون قد خلعه بدمشق، أمر بلعن أحمد بن طولون
على المنابر، فلما بلغ أحمد، أمر بلعن الموفق على
المنابر بمصر والشام، وكان أبو زرعة محمد ابن عثمان
القاضي ممن خلع الموفق - يعني من ولاية العهد - ولعنه،
ووقف عند المنبر بدمشق، ولعنه، وقال: نحن أهل الشام،
نحن أهل صفين، وقد كان فينا من حضر الجمل، ونحن
القائمون بمن عاند أهل الشام، وأنا أشهدكم أني قد خلعت
أبا أحمق - يعني أبا أحمد - كما يخلع الخاتم من
الاصبع، فالعنوه، لعنه الله.
قال الرازي: وحدثني إبراهيم بن محمد بن صالح، قال: لما
رجع أحمد بن الموفق من وقعة الطواحين (1) إلى دمشق، من
محاربة خمارويه بن أحمد بن طولون - يعني بعد موت أبيه
أحمد، وذلك في سنة إحدى وسبعين - قال لابي عبد الله
الواسطي: انظر ما انتهى إليك ممن كان يبغضنا فليحمل.
فحمل يزيد بن عبد الصمد، وأبو زرعة الدمشقي، والقاضي
أبو زرعة بن عثمان، حتى صاروا بهم مقيدين إلى أنطاكية،
فبينا أحمد بن أبي الموفق - وهو المعتضد - يسير يوما،
إذ بصر بمحامل هؤلاء، فقال للواسطي: من هؤلاء ؟ قال:
أهل دمشق.
قال: وفي الاحياء هم ؟ إذا نزلت فاذكرني بهم.
قال ابن صالح: فحدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: فلما
نزل، أحضرنا بعد أن فكت القيود، وأوقفنا مذعورين،
فقال: أيكم القائل: قد نزعت أبا
__________
(1) انظر: الكامل لابن الاثير: 7 / 414 - 415.
(*)
(13/315)
أحمق ؟ قال: فربت ألسنتنا حتى خيل إلينا أننا مقتولون
(1)، فأما أنا: فأبلست (2)، وأما ابن عبد الصمد: فخرس،
وكان تمتاما، وكان أبو زرعة القاضي أحدثنا سنا، فقال:
أصلح الله الامير.
فالتفت إليه الواسطي، فقال:
أمسك حتى يتكلم أكبر منك.
ثم عطف علينا، وقال: ماذا عندكم ؟ فقلنا: أصلحك الله !
هذا رجل متكلم يتكلم عنا، قال: تكلم: فقال: والله ما
فينا هاشمي، ولا قرشي صحيح، ولا عربي فصيح، ولكن قوم
ملكنا حتى قهرنا.
وروى أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في
السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وأحاديث في العفو
والاحسان، وكان هو الذي تكلم بالكلمة التي نطالب
بخزيها، ثم قال: أصلح الله الامير، وأشهدك أن نسواني
طوالق، وعبيدي أحرار، ومالي حرام إن كان في هؤلاء
القوم أحد قال هذه الكلمة، ووراءنا عيال وحرم، وقد
تسامع الناس بهلاكنا، وقد قدرت، وإنما العفو بعد
المقدرة.
فقال للواسطي: يا أبا عبد الله ! أطلقهم، لا كثر الله
في الناس مثلهم.
فأطلقنا، فاشتغلت أنا ويزيد بن عبد الصمد عند عثمان بن
خرزاذ في نزه أنطاكية وطيبها وحماماتها، وسبق أبو زرعة
القاضي إلى حمص.
قال ابن زبر والدمشقيون: مات أبو زرعة النصري سنة إحدى
وثمانين ومئتين، وغلط من قال: سنة ثمانين.
__________
(1) في الاصل: " مقتولين ".
(2) الابلاس: الانكسار والحزن، والمبلس: اليائس
المنقطع رجاؤه، ولذلك قيل للذي يسكت عن انقطاع حجته
ولا يكون عنده جواب: قد أبلس.
(*)
(13/316)
147 - الشعراني * الامام، الحافظ، المحدث، الجوال،
المكثر، أبو محمد، الفضل بن محمد
بن المسيب بن موسى بن زهير بن يزيد بن كيسان بن الملك
باذان (1)، صاحب اليمن، الذي أسلم بكتاب رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - الخراساني النيسابوري الشعراني.
عرف بذلك لكونه كان يرسل شعره، وهو من قرية
ريوذ: من معاملة بيهق.
سمع بمصر: سعيد بن أبي مريم، وعبد الله بن صالح، وسعيد
بن عفير، وطبقتهم.
وبالبصرة: سليمان بن حرب، وسهل بن بكار، وقيس ابن حفص،
وعدة.
وبالكوفة: أحمد بن يونس، ووضاح بن يحيى، وضرار بن صرد.
وبالمدينة: قالون، وإسماعيل بن أبي أويس، وإسحاق
الفروي.
وبحلب: أبا توبة الربيع بن نافع.
وبحمص: حيوة بن شريح.
وبالثغر: سنيد بن داود.
وبخراسان: يحيى بن يحيى التميمي، وابن راهويه.
وبواسط: عمرو بن عون وبحران: أبا جعفر النفيلي.
وتخرج: بعلي بن المديني، وابن معين.
وبرع في هذا الشأن، وسأل أحمد بن حنبل.
وأخذ اللغة عن ابن الاعرابي.
وتلا على خلف بن هشام، وقدم بعلم جم.
حدث عنه: ابن خزيمة، وأبو العباس الثقفي، والمؤمل بن
__________
* المنتظم: 5 / 155 - 156، اللباب: 2 / 199، تذكرة
الحفاظ: 2 / 626 - 627، ميزان الاعتدال: 3 / 358، عبر
المؤلف: 2 / 69، طبقات الحفاظ: 276، شذرات الذهب: 2 /
179 - 180.
(1) انظر: السيرة النبوية لابن هشام: 1 / 69، (ط.
ثانية، مصر 1955، تراث الاسلام).
(*)
(13/317)
الحسن، وأبو عمرو أحمد بن محمد الحيري، وأبو حامد بن
الشرقي، ومحمد بن هانئ، شيخ الحاكم، وأبو منصور محمد
بن القاسم العتكي، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن يعقوب
الشيباني، ومحمد بن المؤمل الماسرجسي (1)، وأحمد بن
إسحاق الصيدلاني، وحفيده إسماعيل بن
محمد بن الفضل، وعدة.
وجمع وصنف.
قال أبو نصر بن ماكولا (1): قرأ القرآن على خلف، وعنده
عن أحمد ابن حنبل " تاريخه "، وعن سنيد المصيصي "
تفسيره ".
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: تكلموا فيه (3).
وقال أبو عبد الله بن الاخرم: صدوق غال في التشيع.
قال الحاكم: لم أر خلافا بين الائمة الذين سمعوا منه
في ثقته وصدقه - رضوان الله عليه -.
وكان أديبا فقيها، عالما عابدا، كثير الحلة في طلب
الحديث، فهما، عارفا بالرجال، تفرد برواية كتب لم
يروها أحد بعده: " التاريخ الكبير " عن أحمد، و "
التفسير " عن سنيد، و " القراءات " عن خلف، و "
التنبيه " عن يحيى بن أكثم، و " المغازي " عن إبراهيم
الحزامي، و " الفتن " عن نعيم بن حماد.
سمعت إسماعيل بن محمد يقول: توفي جدي الفضل في المحرم
سنة اثنتين وثمانين.
__________
(1) الماسرجسي، بفتح السين، وسكون الراء، وكسر الجيم:
نسبة إلى ما سرجس: وهو جد أبي علي الحسن بن عيسى بن
ماسرجس النيسابوري.
(اللباب).
(2) الاكمال: 4 / 571.
وللخبر تتمة فيه، فلينظر هناك.
(3) الجرح والتعديل: 7 / 69.
(*)
(13/318)
وسمعت محمد بن المؤمل يقول: كنا نقول: ما بقي في
الدنيا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث، إلا
الاندلس.
سمعت محمد بن القاسم العتكي، سمعت الفضل الشعراني،
سمعت يحيى بن أكثم يقول: من قال: القرآن مخلوق.
يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه.
وقال ابن الاخرم: كان ابن خزيمة يتولى الانتخاب على
الفضل بن محمد.
وقال مسعود السجزي: سألت الحاكم عن الفضل بن محمد،
فقال: ثقة مأمون، لم يطعن في حديثه بحجة (1).
وأما الحسين القباني فرماه بالكذب، فبالغ.
148 - الدارمي * عثمان بن
سعيد بن خالد بن سعيد: الامام، العلامة، الحافظ،
الناقد، شيخ تلك الديار، أبو سعيد، التميمي، الدارمي،
السجستاني، صاحب " المسند " الكبير والتصانيف.
ولد قبل المئتين بيسير، وطوف الاقاليم في طلب الحديث.
وسمع: أبا اليمان، ويحيى بن صالح الوحاظي، وسعيد بن
أبي
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 627.
* الجرح والتعديل: 6 / 153، طبقات الحنابلة: 1 / 221،
تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 49 أ - 50 أ، تذكرة الحفاظ:
2 / 621 - 622، عبر المؤلف: 2 / 64، طبقات السبكي: 2 /
305 - 306، البداية والنهاية: 11 / 69، طبقات الحفاظ:
274، شذرات الذهب: 2 / 176.
(*)
(13/319)
مريم، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الغفار بن داود الحراني،
وسليمان بن حرب، وأبا سلمة التبوذكي، ونعيم بن حماد،
وعبد الله بن صالح، كاتب الليث، ومحمد بن كثير، ومسدد
بن مسرهد، وأبا توبة الحلبي، وعبد الله
ابن رجاء الغداني، وأبا جعفر النفيلي، وأحمد بن حنبل،
ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه،
وفروة بن المغراء، وأبا بكر بن أبي شيبة، ويحيى
الحماني، وسهل بن بكار، وأبا الربيع الزهراني، ومحمد
بن المنهال، والهيثم بن خارجة، وخلقا كثيرا، بالحرمين
والشام، ومصر والعراق، والجزيرة وبلاد العجم.
وصنف كتابا في " الرد على بشر المريسي " (1)، وكتابا
في " الرد على الجهمية "، رويناهما.
وأخذ علم الحديث وعلله عن علي ويحيى وأحمد، وفاق أهل
زمانه، وكان لهجا بالسنة، بصيرا بالمناظرة.
حدث عنه: أبو عمرو: أحمد بن محمد الحيري، ومحمد بن
إبراهيم الصرام (2)، ومؤمل بن الحسين، وأحمد بن محمد
بن الازهر،
__________
(1) رد فيه على بشر بن غياث المريسي، وهو من أصحاب
الرأي.
درس الفقه على أبي يوسف، واتجه اهتمامه إلى الاشتغال
بالكلام، وغلا في القول بخلق القرآن.
وكتابه هذا يعد من أجل الكتب المصنفة في بابها
وأنفعها، إلا أنه اشتمل على الفاظ منكرة أطلقها على
الله، كالجسم، والحركة، والمكان، والحيز، (ص: 379 وما
بعدها).
دعاه إليها عنف الرد، وشدة الحرص على إثبات صفات الله
وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي في نفيها، وكان
الاجدر به أن لا يتفوه بها، وينهج منهج السلف في
الاقتصار على إثبات ما ورد في كتاب الله والسنة
الصحيحة في باب الصفات.
قال الامام الذهبي في هذا الكتاب: فيه بحوث عجيبة مع
المريسي يبالغ فيها في الاثبات، والسكوت عنها أشبه
بمنهج السلف في القديم والحديث.
(2) الصرام: بفتح الصاد والراء المشددة: نسبة إلى بيع
الصرم: وهو الذي تنعل به الخفاف.
(اللباب).
(*)
(13/320)
ومحمد بن يوسف الهروي، وأبو إسحاق بن ياسين، ومحمد بن
إسحاق الهروي، وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي (1)،
وأبو النضر محمد بن محمد الطوسي الفقيه، وحامد الرفاء،
وأحمد بن محمد العنبري، وأبو الفضل يعقوب القراب، وخلق
كثير من أهل هراة، وأهل نيسابور.
قال الحاكم: سمعت محمد بن العباس الضبي، سمعت أبا
الفضل يعقوب بن إسحاق القراب يقول: ما رأينا مثل عثمان
بن سعيد، ولا رأى عثمان مثل نفسه، أخذ الادب عن ابن
الاعرابي، والفقه عن أبي يعقوب البويطي، والحديث عن
ابن معين وابن المديني، وتقدم في هذه العلوم، رحمه
الله (2).
وقال أبو حامد الاعمشي: ما رأيت في المحدثين مثل محمد
بن يحيى وعثمان بن سعيد، ويعقوب الفسوي (3).
وقال أبو عبد الله بن أبي ذهل: قلت لابي الفضل القراب:
هل رأيت أفضل من عثمان بن سعيد الدارمي ؟ فأطرق ساعة،
ثم قال: نعم، إبراهيم الحربي، وقد كنا في مجلس الدارمي
غير مرة، ومر به الامير عمرو بن الليث، فسلم عليه،
فقال: وعليكم، حدثنا مسدد...ولم يزد على رد السلام
(4).
قال ابن عبدوس الطرائفي: لما أردت الخروج إلى عثمان بن
سعيد -
__________
(1) الطرائفي: نسبة إلى بيع الطرائف وشرائها، وهي:
الاشياء الحسنة المتخذة من الخشب.
(اللباب).
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 49 ب.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 622.
(4) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 49 ب.
(*)
(13/321)
يعني إلى هراة - أتيت ابن خزيمة، فسألته أن يكتب لي
إليه، فكتب إليه، فدخلت هراة في ربيع الاول، سنة
ثمانين ومئتين، فأوصلته الكتاب، فقرأه، ورحب بي، وسأل
عن ابن خزيمة، ثم قال: يا فتى ! متى قدمت ؟ قلت: غدا.
قال: يا بني ! فارجع اليوم، فإنك لم تقدم بعد، حتى
تقدم غدا (1).
قال أحمد بن محمد بن الازهر: سمعت عثمان بن سعيد
الدارمي يقول: أتاني محمد بن الحسين السجزي، وكان قد
كتب عن يزيد بن هارون، وجعفر بن عون، فقال: يا أبا
سعيد ! إنهم يجيؤوني، فيسألوني أن أحدثهم، وأنا أخشى
أن لا يسعني ردهم.
قلت: ولم ؟ قال: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "
من سئل عن علم، فكتمه، ألجم بلجام من نار " (2).
فقال: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
علم تعلمه، وأنت لا تعلمه (3).
قال يعقوب القراب: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول:
قد نويت أن لا أحدث عن أحد أجاب إلى خلق القرآن.
قال: فتوفي قبل ذلك.
قلت: من أجاب تقية، فلا بأس عليه، وترك حديثه لا
ينبغي.
قلت: كان عثمان الدارمي جذعا في أعين المبتدعة، وهو
الذي قام
__________
(1) في: تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 50 ؟: " قال: يا بني
فارجع إليهم، فإنك تقدم غدا، فسودت، ثم قال لي: لا
تخجل يا بني، فإني أقمت في بلدكم سنتين، فكان مشايخكم
إذ ذاك يحتملون عني مثل هذا ".
(2) حديث صحيح أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2 / 263 و
305 و 344 و 353 و 495، وأبو داود (3658) في العلم:
باب كراهية منع العلم، والترمذي (2651) في
العلم: باب ما جاء في كتمان العلم، وابن ماجه (261) و
(266) وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (95) وله شاهد من
حديث عبد الله بن عمرو، صححه ابن حبان (96) والحاكم 1
/ 102، ووافقه الذهبي.
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 50 ؟.
(*)
(13/322)
على محمد بن كرام (1)، وطرده عن هراة، فيما قيل.
قال عثمان بن سعيد: من لم يجمع حديث شعبة وسفيان
ومالك، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، فهو مفلس في
الحديث - يريد أنه ما بلغ درجة الحفاظ -.
وبلا ريب، أن من جمع علم هؤلاء الخمسة، وأحاط بسائر
حديثهم، وكتبه عاليا ونازلا، وفهم علله، فقد أحاط بشطر
السنة النبوية، بل بأكثر من ذلك، وقد عدم في زماننا من
ينهض بهذا، وببعضه، فنسأل الله المغفرة.
وأيضا فلو أراد أحد أن يتتبع حديث الثوري وحده، ويكتبه
بأسانيد نفسه على طولها، ويبين صحيحه من سقيمه، لكان
يجئ " مسنده " في عشر مجلدات، وإنما شأن المحدث اليوم
الاعتناء بالدواوين الستة، و " مسند " أحمد بن حنبل، و
" سنن " البيهقي، وضبط متونها وأسانيدها، ثم لا ينتفع
بذلك حتى يتقي ربه، ويدين بالحديث، فعلى علم الحديث
وعلمائه ليبك من كان باكيا، فقد عاد الاسلام المحض
غريبا كما بدأ (2)، فليسع امرؤ في فكاك رقبته من
النار، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية، ولكنه نور يقذفه الله
في القلب، وشرطه الاتباع، والفرار من الهوى والابتداع.
وفقنا الله وإياكم لطاعته.
قال المحدث يحيى بن أحمد بن زياد الهروي، صاحب ابن
معين:
__________
(1) انظر: الصفحة: (298)، ت: 2.
من هذا الجزء.
(2) قال هذا الامام الذهبي وكان في عصره من أعلام
الحديث وحفاظه ونقاده من أمثال المزي والبرزالي وابن
تيمية وابن عبد الهادي وغيرهم، فماذا عساه أن يقول لو
أنه بعث في زماننا هذا الذي ندر أن تجد فيه من يعنى
بالحديث أو يدريه ويحفظ أسانيده ومتونه، ويميز بين
صحيحه وسقيمه، فكان من جراء ذلك انتشار الاحاديث
الضعيفة والموضوعة، في الكتب والمجلات ودورانها على
ألسنة الكثير من الخطباء والوعاظ، والعوام.
(*)
(13/323)
رأيت في النوم كأن قائلا يقول: إن عثمان - يعني
الدارمي - لذو حظ عظيم.
وقال محمد بن المنذر شكر: سمعت أبا زرعة الرازي،
وسألته عن عثمان بن سعيد، فقال: ذاك رزق حسن التصنيف.
وقال أبو الفضل الجارودي: كان عثمان بن سعيد إماما
يقتدى به في حياته وبعد مماته.
قال محمد بن إبراهيم الصرام: سمعت عثمان بن سعيد يقول:
لا نكيف هذه الصفات، ولا نكذب بها، ولا نفسرها.
وبلغنا عن عثمان الدارمي، أنه قال له رجل كبير يحسده:
ماذا أنت لولا العلم ؟ فقال له: أردت شينا فصار زينا.
أخبرنا الحسن بن علي (1)، أخبرنا عبد الله بن عمر،
أخبرنا [ أبو ] (2) الوقت السجزي، أخبرنا أبو إسماعيل
الانصاري، حدثنا محمد ابن أحمد الجارودي، ويحيى بن
عمار، ومحمد بن جبريل أملوه، وأخبرنا محمد بن عبد
الرحمن، قالوا: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن محمد الواشقي
هروي، أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي، أخبرنا يحيى
الحماني، عن ابن نمير عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر،
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء
السبيل، ولو كان حيا ثم أدرك نبوتي لاتبعني " (3).
__________
(1) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (85)، ت: 2 عن "
مشيخة " المؤلف.
(2) زيادة لا بد منها.
(3) أخرجه أحمد 3 / 338 و 387، والدارمي 1 / 115
والبزار (124) من طرق عن مجالد بهذا الاسناد، ومجالد
ضعيف كما قال الامام الذهبي، لكن الحديث يتقوى
بشواهده، منها حديث عبد الله بن شداد عند أحمد 3 /
470، 471، وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف، = (*)
(13/324)
هذا حديث غريب، ومجالد ضعيف الحديث.
ومن كلام عثمان - رحمه الله - في كتاب " النقض " له:
اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه، فوق
سماواته.
قلت: أوضح شئ في هذا الباب قوله عزوجل: * (الرحمن على
العرش استوى) * [ طه: 5 ].
فليمر كما جاء، كما هو معلوم من مذهب السلف، وينهى
الشخص عن المراقبة والجدال، وتأويلات المعتزلة، *
(ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول) * [ آل عمران:
53 ].
قال يعقوب بن إسحاق: سمعت عثمان بن سعيد يقول: ما خاض
في هذا الباب أحد ممن يذكر إلا سقط، فذكر الكرابيسي
فسقط حتى لا يذكر، وكان معنا رجل حافظ بصير، وكان
سليمان بن حرب والمشايخ بالبصرة يكرمونه، وكان صاحبي
ورفيقي - يعني فتكلم فيه - فسقط.
وقال الحسن بن صاحب (1) الشاشي: سألت أبا داود
السجستاني عن عثمان بن سعيد، فقال: منه تلعمنا الحديث.
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس: توفي عثمان
الدارمي في
ذي الحجة سنة ثمانين ومئتين.
وهكذا أرخه إسحاق القراب وغيره، وما رواه أبو عبد الله
الضبي عن
__________
= وحديث عمر عند أبي يعلى وفيه عبدالرحمن بن إسحاق
الواسطي، وحديث عقبة بن عامر عند الروياني في " مسنده
".
9 / 50 / 2 وفيه ابن لهيعة، وحديث أبي الدرداء عند
الطبراني في " الكبير " انظر " مجمع الزوائد " 1 /
173، 174.
(1) قال السمعاني: 7 / 245 " وأبو علي الحسن بن صاحب
بن حميد الشاشي، أحد الرحالين إلى خراسان والجبال
والعراق والحجاز والشام.
كثير السماع...وكان ثقة، وتوفي بالشاش سنة (314) وقد
تحرف في المطبوع من " اللباب " إلى " حاجب " بدل "
صاحب ".
(*)
(13/325)
شيوخه، أنه مات سنة اثنتين وثمانين ومئتين، فوهم ظاهر.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم (1) قراءة، عن أبي القاسم بن
الحرستاني، عن أبي نصر أحمد بن عمر الحافظ، أخبرنا
عبدالرحمن بن الاحنف، أخبرنا إسحاق بن يعقوب القراب،
أخبرنا محمد بن الفضل المزكي، أخبرنا محمد بن إبراهيم
الصرام، حدثنا عثمان بن سعيد الحافظ، حدثنا عبد الله
ابن صالح، عن ليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن خالد بن
أبي عمران، عن أبي عياش بن أبي مهران، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنما
قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل ".
هذا حديث غريب جدا، والمتن قد روي من وجوه، وهو في "
صحيح " مسلم (2).
قال الحاكم أبو عبد الله: والدارمي سجزي، سكن هراة،
سمع: ابن أبي مريم، وأ ؟ ا صالح بمصر، وابن أبي أويس
بالحجاز، وسليمان بن
حرب، ومحمد بن كثير، وأبا سلمة بالبصرة، وأبا غسان،
وأحمد بن يونس بالكوفة، ويحيى بن صالح، والربيع بن
روح، ويزيد بن عبد ربه بالشام.
149 - صاعد بن مخلد *
الوزير الكبير، أبو العلاء الكاتب: أسلم، وكتب
للموفق، ثم وزر
__________
(1) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 107.
(2) رقم (2654) في القدر: باب تصريف الله القلوب كيف
يشاء من حديث عبد الله بن عمرو، وفي الباب عن أنس عند
الترمذي (2140) وعن النواس بن سمعان عند ابن ماجة
(199) وعن عائشة عند أحمد 6 / 250، 251، وعن أم سلمة
عند أحمد 6 / 302.
* تاريخ الطبري: 9 / 544، 628، 667، و 10 / 7، 10،
المنتظم: 5 / 101، الكامل لابن الاثير: 7 / 327، 411،
414، 419، (*)
(13/326)
للمعتمد، وهو من نصارى كسكر (1).
وله صدقات وبر، وقيام ليل، لكنه نزر الادب.
وزر سنة ست وستين، ولقب ذا الوزارتين.
قال الصولي: قبض عليه الموفق سنة ثمان وسبعين، فحدثوني
أن الذي أخذ منه نحو ألفي ألف دينار، وخمسة آلاف رأس،
وأخذ ذلك الموفق منه بلين وملاطفة، ولم يؤذه، ومما أخذ
له من المماليك البيض والسود ثلاثة آلاف مملوك، وحبسه
مكرما، وترك له من ضياعه مغل عشرين ألف دينار.
وقال أحمد بن أبي ظاهر: المقبوض منه من العين ألف ألف
دينار، وأخذ له مخيم قوم بمئة وعشرين ألفي ألف دينار،
فيه من الخز ثمانية عشر ألف ثوب، وأربعون رطل ذهب،
وأخذ منه جوهر يساوي خمسين ألف دينار، وآنية بمئتي ألف
درهم، وثلاثة آلاف ثوب حرير، وستة بسط خز، أكبرها طول
خمسة وأربعين ذراعا في عرض ستة وعشرين ذراعا، وأكثر من
مئة ألف قطعة صيني.
وسرد أشياء من هذا الضرب مما لم يوجد الملوك.
ذكره ابن النجار في " تاريخه "، وقال: توفي في صفر سنة
ست وسبعين ومئتين.
وكان يتردد إليه أبو العيناء، فيقولون: هو الساعة
يصلي.
فقال: كل جديد له لذة.
150 - البياني * الامام،
المجتهد، الحافظ، عالم الاندلس، أبو محمد،
القاسم
__________
(1) كسكر: قرية قديمة بالعراق.
يظن انها بنواحي المدائن.
(ياقوت، اللباب).
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 355 - 357، جذوة المقتبس:
329، بغية الملتمس: = (*)
(13/327)
ابن محمد بن القاسم بن محمد بن سيار، مولى الخليفة
الوليد بن عبد الملك، الاموي الاندلسي القرطبي
البياني، أحد الاعلام.
غطى معرفته بالحديث براعته في الفقه والمسائل، وفاق
أهل العصر، وضرب بإمامته المثل، وصار إماما مجتهدا، لا
يقلد أحدا، مع قوة ميله إلى مذهب الشافعي وبصره به،
فإنه لازم التفقه على الامامين: أبي إبراهيم المزني،
ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم.
مولده بعد سنة عشرين ومئتين، فيما أرى.
وروى عن: إبراهيم بن محمد الشافعي، وأبي الطاهر بن
السرح، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحارث بن مسكين،
ويونس بن عبد الاعلى، والمزني والربيع، وابن عبد
الحكم، وخلق.
وأدرك بقايا أصحاب الليث، ومالك.
تفقه به علماء قرطبة.
وحدث عنه: سعيد بن عثمان الاعناقي، وأحمد بن خالد بن
الجباب، ومحمد بن عمر بن لبابة، وابنه محمد بن قاسم،
ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وآخرون.
قال ابن الفرضي في " تاريخه ": لزم قاسم البياني ابن
عبد الحكم، للتفقه والمناظرة، [ وصحبه ]، وتحقق به
وبالمزني.
وكان يذهب مذهب الحجة والنظر، وترك التقليد، ويميل إلى
فقه الشافعي...لم يكن
__________
= 446، تذكرة الحفاظ: 2 / 648، عبر المؤلف: 2 / 57،
الديباج المذهب: 2 / 143 - 144، طبقات السبكي: 2 / 344
- 345، طبقات الحفاظ: 283 - 284، شذرات الذهب: 2 /
170.
(*)
(13/328)
بالاندلس أحد مثله في حسن النظر، والبصر بالحجة (1).
وقال أحمد بن الجباب: ما رأيت مثل قاسم في الفقه ممن
دخل الاندلس من أهل الرحل (2).
وقال: محمد بن عبد الله بن قاسم الزاهد: سمعت بقي بن
مخلد يقول: قاسم بن محمد أعلم من محمد بن عبد الله بن
عبد الحكم (3).
قال أسلم بن عبد العزيز: سمعت ابن عبد الحكم يقول: لم
يقدم علينا من الاندلس أحد أعلم من قاسم بن محمد، ولقد
عاتبته حين رجوعه إلى الاندلس، قلت: أقم عندنا، فإنك
تعتقد هنا رئاسة، ويحتاج الناس إليك.
فقال، لا بد من الوطن (4).
قال ابن الفرضي: ألف قاسم في الرد على يحيى بن مزين،
والعتبي، وعبد الله بن خالد كتابا نبيلا، يدل على
علمه.
قال، وله كتاب
شريف في خبر الواحد، وكان يلي وثائق الامير محمد -
يعني ملك الاندلس - طول (5) أيامه.
قلت: وصنف كتاب " الايضاح " في الرد على المقلدين،
وكان ميالا إلى الآثار.
قال أبو علي الغساني: سمعت ابن عبد البر يقول: لم يكن
أحد ببلدنا أفقه من قاسم بن محمد، وأحمد بن الجباب.
__________
(1) انظر: تاريخ علماء الاندلس: 1 / 355 - 356.
والزيادة منه.
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق 1 / 356.
(5) المصدر السابق 1 / 356 - 357.
(*)
(13/329)
مات في آخر سنة ست وسبعين ومئتين، هو وبقي بن مخلد (1)
في عام، وما خلفا مثلهما.
151 - سهل بن عبد الله *
ابن يونس، شيخ العارفين، أبو محمد التستري،
الصوفي الزاهد.
صحب خاله محمد بن سوار، ولقي في الحج ذا النون (2)
المصري وصحبه.
روى عنه الحكايات: عمر بن واصل، وأبو محمد الجريري،
وعباس ابن عصام، ومحمد بن المنذر الهجيمي (3)، وطائفة.
[ له ] (4) كلمات نافعة، ومواعظ حسنة، وقدم راسخ في
الطريق.
روى أبو زرعة الطبري، عن ابن درستويه، صاحب سهل، قال:
قال
سهل، ورأى أصحاب الحديث، فقال: اجهدوا أن لا تلقوا
الله إلا ومعكم المحابر.
وروي في كتاب " ذم الكلام " (5): سئل سهل: إلى متى
يكتب
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (285)، برقم: (137).
* طبقات الصوفية: 206 - 211، حلية الاولياء: 10 / 189
- 212، الفهرست: المقالة الخامسة: الفن الخامس،
المنتظم: 5 / 162، معجم البلدان: " تستر "، اللباب: 1
/ 216، وفيات الاعيان: 2 / 429 - 430، عبر المؤلف: 2 /
70، طبقات الاولياء: 222 - 226، النجوم الزاهرة: 3 /
98، طبقات المفسرين: 1 / 210، شذرات الذهب: 2 / 182 -
184.
(2) انظر أخباره في: حلية الاولياء: 9 / 331، 10 / 4.
(3) الهجيمي، بضم الهاء، وفتح الجيم، وسكون الياء:
نسبة إلى محلة بالبصرة نزلها بنو الهجيم بن عمران، بطن
من الازد.
(اللباب).
(4) زياده لابد منها.
(5) هو لابي إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري الهروي
المعروف بشيخ الاسلام = (*)
(13/330)
الرجل الحديث ؟ قال: حتى يموت، ويصب باقي حبره في
قبره.
أخبرنا أبو علي بن الخلال (1): أخبرنا ابن اللتي،
أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري،
أخبرنا عبدالرحمن بنيسابور، حدثنا الحسن ابن أحمد
الاديب بتستر، حدثنا علي بن الحسين الدقيقي، سمعت سهل
بن عبد الله يقول: من أراد الدنيا والآخرة فليكتب
الحديث، فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة.
وقيل: إن سهل بن عبد الله أتى أبا داود، فقال: أخرج لي
لسانك هذا الذي حدثت به أحاديث رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - حتى أقبله.
فأخرجه له.
ومن كلام سهل: لا معين إلا الله، ولا دليل إلا رسول
الله، ولا زاد إلا التقوى، ولا عمل إلا الصبر عليه.
وعنه قال: الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران،
والمصر هالك.
وعنه قال: الجوع سر الله في أرضه، لا يودعه عند من
يذيعه.
قال إسماعيل بن علي الابلي: سمعت سهل بن عبد الله
بالبصرة في سنة ثمانين ومئتين يقول: العقل وحده لا يدل
على قديم أزلي فوق عرش محدث، نصبه الحق دلالة وعلما
لنا، لتهتدي القلوب به إليه ولا تتجاوزه، ولم يكلف
القلوب علم ماهية هويته، فلا كيف لاستوائه عليه، ولا
يجوز أن يقال: كيف الاستواء لمن أوجد الاستواء ؟ وإنما
على المؤمن الرضى
__________
= المتوفى سنة (481 ه).
وهو صاحب كتاب " منازل السائرين " الذي شرحه العلامة
ابن القيم شرحا نفيسا سماه: " مدارج السالكين ".
(1) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة، (85)، ت: 2، عن "
مشيخة " المؤلف.
(*)
(13/331)
والتسليم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنه
على عرشه " (1).
وقال: إنما سمي الزنديق زنديقا، لانه وزن دق الكلام
بمخبول عقله وقياس هوى طبعه، وترك الاثر والاقتداء
بالسنة، وتأول القرآن بالهوى، فسبحان من لا تكيفه
الاوهام، في كلام نحو هذا.
قال أبو نعيم في " الحلية ": حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر
الجوربي، سمعت سهل بن عبد الله يقول: أصولنا ستة:
التمسك بالقرآن، والاقتداء بالسنة، وأكل الحلال، وكف
الاذى [ واجتناب الآثام ]، والتوبة، وأداء الحقوق (2).
عن سهل: من تكلم فيما لا يعنيه حرم الصدق، ومن اشتغل
بالفضول حرم الورع، ومن ظن ظن السوء حرم اليقين، ومن
حرم هذه الثلاثة هلك (3).
وعنه قال: من أخلاق الصديقين أن لا يحلفوا بالله، وأن
لا يغتابوا، ولا يغتاب عندهم، وأن لا يشبعوا، وإذا
وعدوا لم يخلفوا، ولا يمزحون أصلا (4).
قال ابن سالم الزاهد، شيخ البصرة: قال عبدالرحمن لسهل
بن عبد الله: إني أتوضأ فيسيل الماء من يدي، فيصير
قضبان ذهب، فقال:
__________
(1) أخرجه أبو داود (4776) في السنة: باب في الجهمية
من طريق جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن
جده...وفيه " إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سماواته "
وجبير ابن محمد لم يوثقه غير ابن حبان، وأخرجه أبو
داود (4732) من حديث العباس بن عبدالمطلب وفيه: " ثم
الله تبارك وتعالى فوق ذلك ".
وفي سنده عبد الله بن عميرة وهو مجهول.
(2) حلية الاولياء: 10 / 190، والزيادة منه.
(3) المصدر السابق: 10 / 196، وزاد: " وهو مثبت في
ديوان الاعداء ".
(4) كيف ؟ وأول الصديقين، وأفضل الخلق على الاطلاق -
صلى الله عليه وسلم - كان يمزح، كما جاء في غير ما
حديث عنه، لكنه كان يمزح ولا يقول إلا حقا.
(*)
(13/332)
الصبيان يناولون خشخاشة.
قيل: توفي سهل بن عبد الله في سنة ثلاث وسبعين.
وليس بشئ، بل الصواب: موته في المحرم سنة ثلاث وثمانين
ومئتين، ويقال: عاش ثمانين سنة أو أكثر.
سميه: الزاهد المحدث:
152 - أبو طاهر *سهل بن
عبد الله بن الفرخان الاصبهاني، أحد الثقات.
ارتحل، وأخذ عن: سليمان بن بنت شرحبيل، وصفوان بن
صالح، وهشام بن عمار، ومحمد بن أبي السري العسقلاني،
وحرملة بن يحيى، وطبقتهم.
وعنه: محمد بن أحمد بن يزيد الزهري، ومحمد بن عبد الله
الصفار، وأبو علي الصحاف، وأحمد بن إبراهيم بن أفرجة،
وآخرون.
وكان من حملة الحجة، كبير القدر.
ويقال: كان من الابدال - رحمة الله عليه.
قال أبو نعيم: لقيت أصحابه، وكان مجاب الدعوة...كان
أهل بلدنا مفزعهم إلى دعائه [ عند النوائب والمحن...]
له آثار مشهورة في إجابة الدعاء.
وأما رفيع حاله من إدمان الذكر، والمشاهدة، والحضور،
والتعري من حظوظ النفس...فشائع ذائع، وهو أول من حمل
__________
* حلية الاولياء: 10 / 212 - 213، ذكر أخبار أصبهان، 1
/ 339.
طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 319.
(*)
(13/333)
" مختصر " حرملة من علم الشافعي...إلى أن قال: ومات في
سنة ست وسبعين ومئتين (1).
لم يذكر مولده.
وفيها مات: أحمد بن حازم بن أبي غرزة (2)، وبقي بن
مخلد (3)، وأبو محمد بن قتيبة الدينوري (4)، وأبو
قلابة الرقاشي (5)، ومحمد بن إسماعيل الصائغ (6)،
ومحمد بن سعد العوفي (7)، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد
(8)، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام.
153 - ابن أبي عمران *
الامام، العلامة، شيخ الحنفية، أبو جعفر، أحمد بن أبي
عمران - موسى بن عيسى البغدادي - الفقيه
المحدث، الحافظ.
ولد في حدود المئتين، وسكن مصر.
وحدث عن: عاصم بن علي، ومحمد بن عبد الله بن سماعة،
وسعدويه الواسطي، وبشر بن الوليد الكندي، وجماعة.
__________
(1) انظر: حلية الاولياء: 10 / 212.
والزيادة منه.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (239)، برقم: (120) (3)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (285)، برقم: (137) (4) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (296)، برقم: (138) (5) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (177)، برقم: (104) (6) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (161)، برقم: (95) (7) ترجمته في:
الانساب: 9 / 89 - 90.
(8) تقدمت ترجمته في الصفحة: (151)، برقم: (82).
* طبقات الفقهاء: 140، المنتظم: 5 / 146، عبر المؤلف:
2 / 63، شذرات الذهب: 2 / 175.
(*)
(13/334)
وتفقه على بشر، وابن سماعة، وأصحاب أبي يوسف، ومحمد.
لازمه أبو جعفر الطحاوي، وتفقه به، وولي قضاء مصر مدة
بعد بكار ابن قتيبة، وكان من بحور العلم، يوصف بحفظ
وذكاء مفرط.
قال الامام أبو عبد الله الصيمري الحنفي: كان شيخ
أصحابنا بمصر في زمانه، أخذ عن أصحاب أبي يوسف.
قلت: روى شيئا كثيرا من الحديث من حفظه.
وتوفي في المحرم، سنة ثمانين ومئتين.
154 - الدير عاقولي *
الامام، الحافظ، الحجة، أبويحيى، عبد الكريم بن الهيثم
بن زياد ابن عمران الدير عاقولي، ثم البغدادي، القطان.
ولد بعد التسعين ومئة، وطوف، وكتب الكثير.
سمع: أبا نعيم، وأبا اليمان الحمصي، وأبا بكر الحميدي،
ومسلم ابن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وعلي بن عياش،
وطبقتهم.
حدث عنه: موسى بن هارون، ويحيى بن صاعد، وعثمان بن
السماك، وأحمد بن كامل، وأبو سهل بن زياد، وآخرون.
قال أحمد بن كامل القاضي: كتبنا عنه، وكان ثقة مأمونا.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 78 - 79، طبقات الحنابلة: 1 / 216
- 217، المنتظم: 5 / 120، اللباب: 1 / 523، تذكرة
الحفاظ: 2 / 602 - 603، عبر المؤلف: 2 / 60، طبقات
الحفاظ: 269، شذرات الذهب: 2 / 172.
والدير عاقولي، بفتح الدال وسكون الياء: نسبة إلى دير
العاقول: قرية من أعمال بغداد.
(*)
(13/335)
وقال الخطيب: كان الدير عاقولي ثقة ثبتا...مات في
شعبان سنة ثمان وسبعين ومئتين (1).
قلت: وفيها مات: محدث طبرية هاشم بن مرثد الطبراني
(2)، ومحدث حمص موسى بن عيسى بن المنذر، ومسندا بغداد
موسى بن سهل الوشاء (3)، صاحب ابن علية، ومحمد بن شداد
(4) أبو يعلى المسمعي،
صاحب يحيى القطان، وأحمد بن عبيد بن ناصح (5) النحوي،
وإبراهيم بن الهيثم البلدي (6)، وولي العهد أبو أحمد
الموفق (7).
155 - المغامي * العلامة،
المفتي، شيخ المالكية، أبو عمرو، يوسف بن يحيى
الازدي الاندلسي القرطبي المالكي، المعروف بالمغامي،
أحد الاعلام.
وقد نسبه بعض الائمة، فقال: هو يوسف بن يحيى بن يوسف
بن
__________
(1) تاريخ بغداد: 11 / 78، 79.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (270)، برقم: (131) (3)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (149)، برقم: (80) (4) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (148)، برقم: (79) (5) تقدمت ترجمته
في الصفحة: (193)، برقم: (110) (6) ستأتي ترجمته في
الصفحة: (411)، برقم: (199) (7) تقدمت ترجمته في
الصفحة: (169)، برقم: (100) * تاريخ علماء الاندلس: 2
/ 201 - 202، طبقات الفقهاء: 162، جذوة المقتبس: 373،
بغية الملتمس: 496 - 497، معجم البلدان: " مغام "،
اللباب: 3 / 240،، عبر المؤلف: 2 / 81، بغية الوعاة: 2
/ 363 - 364، نفح الطيب، 2 / 520 - 521، شذرات الذهب:
2 / 198.
والمغامي، بفتح الميم: نسبة إلى مغام: بلد بالاندلس،
وقد ضبطت الميم في " اللباب " بالضم، وأجازها الزبيدي
في " التاج ".
(*)
(13/336)
محمد بن منصور بن السمح الازدي، ثم الدوسي، من ولد أبي
هريرة، رضي الله عنه.
سمع: يحيى بن يحيى الليثي الفقيه، وسعيد بن حسان، وعبد
الملك بن حبيب، فأكثر عنه، وحمل عنه تصانيفه، وارتحل
في الشيخوخة، وسمع، وبث علمه بمصر.
وسمع من: إسحاق الدبري (1)، وعلي بن عبد العزيز
البغوي، ويوسف بن يزيد القراطيسي.
وكان رأسا في الفقه لا يجارى، بصيرا بالعربية فصيحا،
مدركا، مصنفا، أقام بمكة، وروى بها " الواضحة " (2)
لابن حبيب، وعظم قدره هناك.
وروى تميم بن محمد القيرواني، عن أبيه، قال: كان أبو
عمرو المغامي ثقة إماما، جامعا لفنون العلم، عالما
بالذب عن مذاهب أهل الحجاز، فقيه البدن، عاقلا وقورا،
قل من رأيت مثله في عقله وأدبه وخلقه، رحمه الله، رحل
في الحديث وهو شيخ، رأيته وقد جاءت كتب كثيرة نحو
المئة، من أهل مصر يسألونه الاجازة، وبعضهم يسأل منه
الرجوع إليهم.
سألته عن مولده، فأبى أن يخبرني، وعندنا توفي
بالقيروان في سنة ثمان وثمانين ومئتين.
قلت: قد ألف هذا في الرد على الامام الشافعي كتابا في
عشرة أجزاء، وصنف كتاب " فضائل مالك ".
__________
(1) الدبري، بفتح الدال والباء: نسبة إلى دبر: من قرى
صنعاء اليمن.
(اللباب).
(2) كتاب: " الواضحة في السنن والفقه، وإعراب القرآن "
لمؤلفه: عبدالملك بن حبيب المالكي القرطبي المتوفى سنة
(239 ه).
(*)
(13/337)
تفقه به خلق، منهم: سعيد بن فحلون (1)، ومحمد بن فطيس،
وقيل: يكنى أبا عمر.
نقله الحميدي (2).
ومغامة: قربة من ناحية طليطلة.
وقال الحميدي: قيل: مات سنة ثلاث وثمانين.
وقيل: مات سنة خمس وثمانين ومئتين (3).
156 - ابن أخت غزال *
الامام، الحافظ، المجود، أبو بكر، محمد بن علي
بن داود بن عبد الله البغدادي، نزيل مصر، ويعرف بابن
أخت غزال.
حدث عن: سعيد بن داود الزنبري (4)، وأحمد بن عبدالملك
الحراني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعدة.
وعنه: أبو جعفر الطحاوي، وعلي بن أحمد الصيقل،
وغيرهما.
قال أبو سعيد بن يونس: كان يحفظ الحديث ويفهم، حدث
بمصر، وخرج إلى قرية من أسفل بلاد مصر، فتوفي بها في
ربيع الاول سنة أربع وستين ومئتين.
قال: وكان ثقة، حسن الحديث (5).
__________
(1) انظر ترجمته في: الديباج المذهب: 1 / 391.
(2) جذوة المقتبس: 373.
(3) المصدر السابق.
* تاريخ بغداد: 3 / 59 - 60، طبقات الحنابلة: 1 / 307
- 308، تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 362 ب - 363 أ،
المنتظم: 5 / 49، تذكرة الحفاظ: 2 / 659، طبقات
الحفاظ: 286.
(4) تحرفت في المطبوع من " تاريخ بغداد " إلى " الديري
".
والزنبري، بفتح الزاي، وسكون النون، وفتح الباء: نسبة
إلى الجد.
(اللباب) (5) تاريخ بغداد: 3 / 59 - 60.
(*)
(13/338)
قلت: وذكره الخطيب في " تاريخه "، وساق له حديثا غريبا
(1).
157 - إسماعيل القاضي *
الامام العلامة، الحافظ، شيخ الاسلام أبو إسحاق،
إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن محدث البصرة
حماد بن زيد بن درهم الازدي، مولاهم البصري، المالكي،
قاضي بغداد، وصاحب التصانيف.
مولده سنة تسع وتسعين ومئة، واعتنى بالعلم من الصغر.
وسمع من: محمد بن عبد الله الانصاري، ومسلم بن
إبراهيم، والقعنبي، وعبد الله بن رجاء الغداني، وحجاج
بن منهال، وإسماعيل بن أبي أويس، وسليمان بن حرب،
وعارم، ويحيى الحماني، ومسدد بن مسرهد، وأبي مصعب
الزهري، وقالون عيسى، وتلا عليه بحرف نافع.
وأخذ الفقه عن أحمد بن المعذل، وطائفة، وصناعة الحديث
عن علي ابن المديني، وفاق أهل عصره في الفقه.
روى عنه: أبو القاسم البغوي، وابن صاعد، والنجاد،
وإسماعيل الصفار، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر الشافعي،
والحسن بن محمد بن كيسان، وأبو بحر محمد بن الحسن
البربهاري (2)، وعدد كثير.
__________
(1) انظره في تاريخ بغداد: 3 / 59.
* الجرح والتعديل: 2 / 158، الفهرست: المقالة السادسة:
الفن الاول: تاريخ بغداد: 6 / 284 - 290، طبقات
الفقهاء: 164 - 165، المنتظم: 5 / 151 - 153، معجم
الادباء: 6 / 129 - 140، تذكرة الحفاظ: 2 / 625 - 626،
عبر المؤلف: 2 / 67، البداية والنهاية: 11 / 72،
الديباج المذهب: 1 / 282 - 290، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 162، طبقات الحفاظ: 275، بغية الوعاة: 1 /
443، طبقات
المفسرين: 1 / 105 - 107، شذرات الذهب: 2 / 178.
(2) البربهاري، بفتح الباء، وسكون الراء، وفتح الباء
الثانية، نسبة إلى بربهار: وهي الادوية التي تجلب من
الهند.
(اللباب).
(*)
(13/339)
وقد روى النسائي، في كتاب " الكنى "، عن إبراهيم بن
موسى، عنه.
وتفقه به مالكية العراق.
قال أبو بكر الخطيب (1): كان عالما متقنا فقيها، شرح
المذهب واحتج له، وصنف " المسند " وصنف علوم القرآن،
وجمع حديث أيوب، وحديث مالك.
ثم صنف " الموطأ "، وألف كتابا في الرد على محمد بن
الحسن (2)، يكون نحو مئتي جزء ولم يكمل.
استوطن بغداد، وولي قضاءها إلى أن توفي.
وتقدم حتى صار علما، ونشر مذهب مالك بالعراق.
وله كتاب " أحكام القرآن "، لم يسبق إلى مثله، وكتاب "
معاني القرآن "، وكتاب في القراءات (3).
قال ابن مجاهد: سمعت المبرد يقول: إسماعيل القاضي أعلم
مني بالتصريف (4).
وعن إسماعيل القاضي، قال: أتيت يحيى بن أكثم، وعنده
قوم يتناظرون، فلما رآني، قال: قد جاءت المدينة (5).
قال نفطويه: كان إسماعيل كاتب محمد بن عبد الله بن
طاهر،
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 284، وما فيه من زيادات.
(2) هو: تلميذ الامام أبي حنيفة.
(3) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 285 - 286.
(4) المصدر السابق.
(5) تاريخ بغداد: 6 / 286.
(*)
(13/340)
فحدثني أن محمدا سأله عن حديث: " أنت مني بمنزلة هارون
من موسى " (1).
وحديث: " من كنت مولاه " (2).
فقلت: الاول أصح، والآخر دونه، قال: فقلت لاسماعيل:
فيه طرق، رواه البصريون والكوفيون ؟، فقال: نعم، وقد
خاب وخسر من لم يكن علي مولاه.
قال محمد بن إسحاق النديم: إسماعيل هو أول من عين
الشهادة ببغداد لقوم، ومنع غيرهم، وقال: قد فسد الناس.
قال أبو سهل القطان: حدثنا يوسف القاضي، قال: خرج
توقيع المعتضد إلى وزيره: استوص بالشيخين الخيرين
الفاضلين خيرا، إسماعيل بن إسحاق، وموسى بن إسحاق،
فإنهما ممن إذا أراد الله بأهل الارض عذابا، صرف عنهم
بدعائهما.
قلت: ولي قضاء بغداد ثنتين وعشرين سنة، وولي قبلها
قضاء الجانب الشرقي، في سنة ست وأربعين ومئتين، وكان
وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، كبير الشأن، يقع حديثه
عاليا في " الغيلانيات ".
توفي فجأة في شهر ذي الحجة، سنة اثنتين وثمانين
ومئتين.
قال عوف الكندي: خرج علينا إسماعيل القاضي لصلاة
العشاء، وعليه جبة وشي يمانية، تساوي مئتي دينار.
__________
(1) وتمامه " غير أنه لا نبي بعدي " أخرجه من حديث سعد
بن أبي وقاص البخاري 8 / 86 في المغازي: باب غزوة
تبوك، 7 / 59، 60 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم: باب مناقب علي
ابن أبي طالب رضي الله عنه، ومسلم (2404) والترمذي
(3731).
(2) صحيح أخرجه أحمد 4 / 281 وابن ماجه (116) من حديث
البراء، وأخرجه أحمد 5 / 347 و 350 و 358 من حديث
بريدة، وأخرجه الترمذي (3714) وأحمد 4 / 368 و 370 عن
زيد بن أرقم، وأخرجه ابن ماجه (121) من حديث سعد بن
أبي وقاص.
(*)
(13/341)
وفيها مات: جعفر بن أبي عثمان الطيالسي (1)، والحارث
بن أبي أسامة (2)، وخمارويه صاحب مصر (3)، والفضل بن
محمد الشعراني (4)، ومحمد بن الفرج الازرق (5)، ومحمد
بن القاسم أبو العيناء (6)، ومحمد بن مسلمة الواسطي
(7)، ويحيى بن عثمان بن صالح (8).
158 - الختلي * الامام،
المحدث، مصنف كتاب " الديباج " - الذي يرويه
أبو القاسم - إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن خازم بن
سنين الختلي، نزيل بغداد.
حدث عن: علي بن الجعد، وأبي نصر التمار، وكامل بن
طلحة، وداود بن عمر الضبي، وهشام بن عمار، وطبقتهم
بالعراق والشام والجزيرة.
حدث عنه: أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، وأبو سهل بن
زياد، وأبو عمرو بن السماك، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم.
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (346)، برقم: (162) (2)
انظر ترجمته في: المنتظم: 2 / 155، تذكرة الحفاظ: 2 /
619 - 620، عبر المؤلف: 2 / 68، شذرات الذهب: 2 / 178.
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (446)، برقم: (220)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (317)، برقم: (147) (5)
ستأتي ترجمته في الصفحة: (394)، برقم: (190) (6) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (308)، برقم: (142) (7) ستأتي
ترجمته في الصفحة: (395)، برقم: (191) (8) ستأتي
ترجمته في الصفحة: (354)، برقم: (171) * تاريخ ابن
عساكر: خ: 2 / 357 أ - ب، المنتظم: 5 / 163، الوافي
بالوفيات: 8 / 386، لسان الميزان: 1 / 348، تهذيب
بدران: 2 / 411.
(*)
(13/342)
قال الدارقطني: ليس بالقوي.
قلت: مات في شوال سنة ثلاث وثمانين ومئتين، وقد بلغ
الثمانين.
وفي كتابه " الديباج " أشياء منكرة.
قال الحاكم: ضعيف.
وقال مرة: ليس بالقوي.
159 - الجبلي * الحافظ،
أبو القاسم، إسحاق بن إبراهيم بن الجبلي، وجبل:
بليدة من سواد العراق.
سمع: منصور بن أبي مزاحم، وطبقته.
روى عنه: أبو سهل بن زياد.
قال الخطيب: كان [ يذكر بالفهم، و ] يوصف بالحفظ، ولم
يحدث إلا بشئ يسير (1).
وقال ابن المنادي: كان في أكثر عمره بالجانب الشرقي
(2)، وكان بوجهه وبدنه وضح، وكان يفتي بالحديث، ويذاكر
ولا يحدث.
مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين ومئتين، عن سبعين
سنة (3).
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 378، طبقات الحنابلة: 1 / 110،
المنتظم: 5 / 148، الوافي بالوفيات: 8 / 395، البداية
والنهاية: 11 / 71.
(1) تاريخ بغداد: 6 / 378.
والزيادة منه.
(2) جاء في " تاريخ بغداد " زيادة هنا: " ثم انتقل إلى
بركة زلزل من الجانب الغربي، وكان بوجهه ويديه وذراعيه
وضح..." والوضح: الضوء، والبياض، وقد يكنى به عن
البرص.
وهو المقصود هنا.
(3) تاريخ بغداد: 6 / 378.
(*)
(13/343)
قلت: ذكرته للتمييز، ولانه من أئمة الاثر، وسأكشف إن
كان وقع لنا من روايته من جهة أبي سهل القطان، إن شاء
الله.
160 - إسماعيل بن قتيبة *
ابن عبدالرحمن: الامام، القدوة، المحدث، الحجة،
أبو يعقوب السلمي النيسابوري.
سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفراء، ويزيد بن
صالح الفراء، ويحيى الحماني، وأحمد بن حنبل، وعبد الله
بن محمد المسندي (1)، وأبا بكر بن أبي شيبة،
والقواريري، وطبقتهم.
حدث عنه: إبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو حامد
بن الشرقي، وأبو العباس السراج، ومحمد بن صالح بن
هانئ، وأحمد بن إسحاق الصبغي، وخلق كثير.
قال الحاكم: إسماعيل بن قتيبة البشتنقاني، وهي: قرية
على نصف فرسخ من البلد.
سمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: أول من اختلفت إليه في
سماع الحديث إسماعيل بن قتيبة، وذلك سنة ثمانين، وكان
الانسان إذا رآه
يذكر السلف، لسمته وزهده وورعه.
كنا نختلف إلى بشتنقان، فيخرج، فيقعد على حصباء النهر،
والكتاب بيده، فيحدثنا وهو يبكي، وإذا قال: حدثنا يحيى
بن يحيى، يقول: رحم الله أبا زكريا.
قال الحاكم: قرأ إسماعيل على ابن أبي شيبة المصنفات
كلها، وهي
__________
* طبقات الحنابلة: 1 / 106 - 107، معجم البلدان: "
بشتنقان " (1) المسندي، بضم الميم، وسكون السين، وفتح
النون: نسبة إلى المسند من الحديث دون المنقطع
والمرسل.
(اللباب).
(*)
(13/344)
أجل رواية عندنا لابن أبي شيبة.
قال ابن هانئ: توفي ابن قتيبة في رجب، سنة أربع
وثمانين ومئتين، وشهدت جنازته.
قلت: لعله جاوز الثمانين، وكان من حملة الحجة، ومن
سالكي المحجة، رحمه الله.
161 - مقدام بن داود * ابن
عيسى بن تليد: الفقيه، العلامة، المحدث، أبو
عمرو الرعيني المصري.
حدث عن: عمه عيسى بن تليد، وأسد بن موسى، وعبد الله بن
محمد بن المغيرة، وخالد بن نزار الايلي، ويحيى بن
بكير، وعبد الله بن يوسف، وعدة.
حدث عنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم، وأحمد بن الحسن بن
عتبة الرازي، وعلي بن أحمد البغدادي، ومحمد بن أحمد بن
أبي الاصبغ، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.
قال النسائي في " الكنى ": ليس بثقة.
وقال أبو عمرو محمد بن يوسف الكندي: كان فقيها مفتيا،
لم يكن بالمحمود في الرواية.
وقال الدارقطني: ضعيف.
__________
* الجرح والتعديل: 8 / 303، ميزان الاعتدال: 4 / 175 -
176، لسان الميزان: 6 / 84 - 85.
(*)
(13/345)
وقال ابن يونس: تكلموا فيه.
مات في رمضان سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
وقال غيره: كان من كبار المالكية.
حدث أبو العباس بن دلهاث العذري: حدثنا محمد بن نوح
الاصبهاني بمكة، حدثنا الطبراني، حدثنا المقدام بن
داود، حدثنا عبد الله ابن يوسف، عن مالك، عن نافع، عن
ابن عمر مرفوعا: " طعام البخيل داء، وطعام السخي شفاء
" (1).
فهذا باطل، ما حدث به ابن يوسف أبدا.
162 - جعفر بن محمد بن أبي
عثمان * الامام، الحافظ، المجود، أبو الفضل
الطيالسي البغدادي، أحد الاعلام.
سمع: عفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، ومسلم بن إبراهيم،
ومحمد بن الفضل عارما، وإسحاق بن محمد الفروي، ويحيى
بن معين، وخلقا كثيرا.
__________
(1) أورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 272، وقال:
رواه الدارقطني في
" غرائب مالك " والخطيب في " المؤتلف " والديلمي في "
مسنده " من جهة الحاكم، وأبو علي الصدفي في " عواليه "
وابن عدي في " كامله " من طريق أحمد بن محمد بن شعيب
السجزي، عن محمد بن معمر البحراني، عن روح بن عبادة،
عن الثوري، عن مالك عن نافع، عن ابن عمر...قال شيخنا
(يعني الحافظ ابن حجر): وهو حديث منكر، وقال الذهبي:
كذب، وقال ابن عدي: إنه باطل عن مالك، فيه مجاهيل
وضعفاء ولا يثبت.
* تاريخ بغداد: 7 / 188 - 189، طبقات الحنابلة: 1 /
123 - 124، المنتظم: 5 / 154، تذكرة الحفاظ: 2 / 626،
عبر المؤلف: 2 / 67 - 68، طبقات الحفاظ: 275 - 276،
شذرات الذهب: 2 / 178.
(*)
(13/346)
حدث عنه: ابن صاعد، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر النجاد،
ومحمد بن العباس بن نجيح، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر
الشافعي، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتا، صعب الاخذ، حسن
الحفظ (1).
وقال أبو الحسين بن المنادي: كان مشهورا بالاتقان
والحفظ والصدق.
قال: وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
قلت: توفي في عشر التسعين.
163 - أبو الموجه * الشيخ،
الامام، محدث مرو، أبو الموجه، محمد بن عمرو
الفزاري، المروزي، اللغوي، الحافظ.
سمع: عبدان بن عثمان، وعلي بن الجعد، وسعدويه الواسطي،
وسعيد بن منصور، وصدقة بن الفضل، وسعيد بن هبيرة،
وأمثالهم.
وعنه: الحسن بن محمد بن حليم، وعبد الرحمن بن أبي
حاتم، وعلي بن محمد الحبيبي، وأبو بكر بن أبي نصر
المروزيان، وعدة.
توفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
قال ابن الصلاح: قيده بكسر الجيم أبو سعد السمعاني
بخطه في
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 188.
* الجرح والتعديل: 8 / 35، تذكرة الحفاظ: 2 / 615 -
616، الوافي بالوفيات: 4 / 290، طبقات الحفاظ: 270.
(*)
(13/347)
مواضع، وهو بلدية، ويقال: بالفتح.
قال: وهو محدث كبير، أديب، كثير الحديث، صنف السنن
والاحكام، رحمه الله.
164 - علي بن عبد العزيز *
ابن المرزبان ابن سابور: الامام، الحافظ،
الصدوق، أبو الحسن البغوي، نزيل مكة.
ولد سنة بضع وتسعين ومئة.
وسمع: أبا نعيم، وعفان، والقعنبي، ومسلم بن إبراهيم،
وموسى ابن إسماعيل، وأبا عبيد، وأحمد بن يونس، وعلي بن
الجعد، وعاصم بن علي، وطبقتهم.
وجمع، وصنف " المسند " الكبير، وأخذ القراءات عن أبي
عبيد، وغيره.
سمع منه الحروف: أحمد بن التائب، وإبراهيم بن عبد
الرزاق، وأبو سعيد بن الاعرابي، وأبو إسحاق بن فراس،
ومحمد بن عيسى بن رفاعة، وأحمد بن خالد بن الجباب.
وحدث عنه أيضا: علي بن محمد بن مهرويه القزوني، وأبو
علي حامد الرفاء، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وأبو
الحسن، علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، وأبو القاسم
الطبراني، وخلق كثير من الرحالة والوفد.
__________
* الجرح والتعديل: 6 / 196، معجم الادباء: 14 / 11 -
14، تذكرة الحفاظ: 2 / 622 - 623، ميزان الاعتدال: 3 /
143، عبر المؤلف: 2 / 77، لسان الميزان: 4 / 241،
شذرات الذهب: 2 / 193.
(*)
(13/348)
وكان حسن الحديث.
قال الدارقطني: ثقة مأمون.
وقال ابن أبي حاتم: كتب إلينا بحديث أبي عبيد، وكان
صدوقا (1).
وقال أبو بكر بن السني: سمعت النسائي يسأل عن علي بن
عبد العزيز، فقال: قبحه الله، ثلاثا، فقيل: أتروي عنه
؟ قال: لا.
فقيل: أكان كذابا ؟ قال: لا، ولكن قوما اجتمعوا
ليقرؤوا عليه شيا، وبروه بما سهل، وكان فيهم إنسان [
غريب ] فقير [ لم يكن في جملة من بره ]، فأبى أن يحدث
بحضرته، فذكر [ الغريب ] أنه ليس معه إلا قصعة، فأمره
بإحضارها، وحدث (2).
ثم قال ابن السني: بلغني أنهم عابوه على الاخذ، فقال:
يا قوم: إنا قوم بين الاخشبين (3)، إذا خرج الحاج نادى
أبو قبيس قعيقعان، يقول: من بقي ؟ فيقول: بقي
المجاورون.
فيقول: أطبق (4).
مات سنة ست وثمانين ومئتين، وقيل: سنة سبع.
165 - الكشوري * المحدث،
العالم المصنف، أبو محمد، عبد الله بن محمد،
ويقال
__________
(1) الجرح والتعديل: 6 / 196.
(2) معجم الادباء: 14 / 12 - 13، والزيادة منه.
(3) الاخشبان: جبلا مكة، أبو قبيس والاحمر، والاحمر
اسمه: قعيقعان.
(4) انظر: معجم الادباء: 14 / 13.
* الانساب: 10 / 439، اللباب: 3 / 100.
والكشوري، بكسر الكاف، وسكون الشين، وفتح الواو: نسبة
إلى كشور: من قرى صنعاء اليمن.
ويقال بفتح كافها.
(*)
(13/349)
له: عبيد الكشوري الصنعاني.
حدث عن: عبد الله بن أبي غسان، وبكر بن الشرود، ومحمد
بن عمر السمسار، وعبد الحميد بن صبيح، ولم يلحق عبد
الرزاق.
حدث عنه: خيثمة الاطرابلسي، ومحمد بن أحمد بن مسعود
البذشي (1)، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن محمد بن
حمزة الجمال، وآخرون من الرحالين.
وكان يقال: له تاريخ اليمن، وقد جمعه.
قال أبو يعلى الخليلي: هو عالم حافظ، له مصنفات.
مات سنة ثمان وثمانين.
وقال غيره: بل مات في سنة أربع وثمانين ومئتين.
166 - ابن رزين العلاء بن
أيوب بن رزين: الامام المجود الحافظ، أبو الفضل
الموصلي، صاحب " المسند " و " السنن "، وغير ذلك.
حدث عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وعبد الله بن عبد
الصمد بن أبي خداش، ويعقوب الدورقي، وأبي سعيد الاشج،
وخلق.
وكان عابدا خاشعا مخبتا (2)، من أحسن الناس صوتا
بالقرآن.
قاله يزيد بن محمد الازدي، وحدث عنه.
__________
(1) البذشي، بفتح الباء والذال: نسبة إلى بذش: قرية
قرب بسطام.
(اللباب).
(2) الخبت: الخشوع والتواضع.
يقال: أخبت لله: خشع، وتواضع، واخبت إلى ربه، أيضا:
اطمأن إليه.
وفي التنزيل الحكيم، قال تعالى: * (وبشر المخبتين) * [
الحج: 34 ].
قيل: هم المطمئنون، أو المتواضعون.
(*)
(13/350)
167 - البوسي * المسند، المعمر، أبو محمد، الحسن بن
عبدالاعلى
بن إبراهيم بن عبيد الله الا بناوي (1) اليمني
الصنعاني البوسي، صاحب عبد الرزاق، سمع منه نحو خمسين
حديثا، قاله الخليلي.
قال أبو الحسن بن سلمة القطان، عنه: ولدت سنة أربع
وتسعين ومئة، وسمعت من عبد الرزاق سنة عشر ومئتين.
قلت: روى عنه أبو عوانة في " صحيحه "، وأحمد بن شعيب
الانطاكي، وأبو جعفر محمد بن محمد الجمال، نزيل بخارى،
وحفيده عبد الاعلى بن محمد بن حسن البوسي، وأبو الحسن
بن سلمة، وأبو القاسم الطبراني، وعدة.
وما علمت به بأسا.
والبوسي: بباء مفتوحة وسين مهملة.
قال أبو القاسم بن مندة: توفي سنة ست وثمانين ومئتين.
168 - ابن برة إبراهيم بن
محمد بن برة الصنعاني.
سمع من: عبد الرزاق، وهو أحد الشيوخ الاربعة الذين
لقيهم الطبراني من أصحاب عبد الرزاق.
توفي أيضا في سنة ست (2) باليمن.
__________
(1) الا بناوي: نسبة إلى الابناء وهم قوم يكونون
باليمن من ولد الفرس.
(الانساب 1 / 122).
* الانساب: 1 / 123، و: 2 / 332، معجم البلدان: " بوس
"، اللباب 1 / 187 (2) أي في سنة ست وثمانين ومئتين.
(*)
(13/351)
169 - الشبامي وشبام: على مرحلة من صنعاء. أبو إسحاق،
إبراهيم بن محمد
بن عبد الله بن سويد الشبامي.
ولد سنة تسعين ومئة.
وسمع من: عبد الرزاق.
توفي سنة ست أيضا.
روى عنه: محمد بن محمد الجمال، والطبراني، وجماعة.
170 - بشر بن موسى * ابن
صالح بن شيخ بن عميرة: الامام، الحافظ، الثقة،
المعمر، أبو علي الاسدي البغدادي.
ولد سنة تسعين ومئة.
وسمع من: روح بن عبادة حديثا واحدا، ومن حفص بن عمر
العدني، والاصمعي، وهوذه بن خليفة، والحسن بن موسى
الاشيب،
وأبي عبدالرحمن المقرئ، وعمرو بن حكام، وعبد الصمد بن
حسان، وأبي نعيم، ويحيى بن إسحاق السيلحيني (1)، وسعيد
بن منصور، والحميدي، وخلق كثير.
__________
* الجرح والتعديل: 2 / 367، تاريخ بغداد: 7 / 86 - 88،
طبقات الحنابلة: 1 / 121 - 221، المنتظم: 6 / 28،
تذكرة الحفاظ: 2 / 611 - 612، عبر المؤلف: 2 / 80 -
81، البداية والنهاية: 11 / 85، طبقات الحفاظ: 270 -
271، شذرات الذهب: 2 / 196.
(1) السيلحيني، بفتح السين، وسكون الياء، وفتح اللام،
وكسر الحاء، وسكون الباء الثانية: نسبة إلى سيلحين:
قرية قديمة من سواد العراق.
(اللباب).
(*)
(13/352)
حدث عنه: إسماعيل الصفار، وابن نجيح، وأبو عمر الزاهد،
وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم
الطبراني، وأبو بكر القطيعي، وخلائق.
وهو من بيت حشمة وأصالة.
قال الخطيب: كان ثقة أمينا، عاقلا ركينا (1).
قال ابن المقرئ: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي خبزة،
سمعت بشر بن موسى يقول: سمعت أبا أسامة يقول: حدثنا
هشام بن عروة، فلم أحفظ عنه غير هذا (2).
وقال إسماعيل الخطبي (3): سمعت بشر بن موسى يقول: ذهب
بي خالي حيان بن بشر الاسدي إلى يحيى بن آدم، وصليت
خلف أبي عمرو الشيباني النحوي، فقرأ سورة السجدة، فسجد
(4).
قال أبو بكر الخلال الفقيه: كان أحمد بن حنبل يكرم بشر
بن موسى،
وكتب له إلى الحميدي إلى مكة (5).
وقال الدارقطني: ثقة.
قال إسماعيل الخطبي: مات لاربع بقين من ربيع الاول،
سنة ثمان وثمانين ومئتين.
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 86.
(2) المصدر السابق: 7 / 87.
(3) الخطبي، بضم الخاء، وفتح الطاء: نسبة إلى الخطب
وانشائها.
(اللباب).
(4) تاريخ بغداد: 7 / 87.
(5) انظر المصدر السابق.
(*)
(13/353)
قلت: عمر ثمانيا وتسعين سنة، وفي " القطيعيات " و "
الغيلانيات " جملة من عواليه.
وفيها توفي: إسحاق بن إسماعيل الرملي بأصبهان (1)،
وجعفر بن محمد بن سوار النيسابوري (2)، ومعاذ بن
المثنى العنبري (3)، وعثمان بن سعيد بن بشار (4)، شيخ
الشافعية.
171 - يحيى بن عثمان * [ ق
] (5) ابن صالح بن صفوان: العلامة، الحافظ،
الاخباري، أبو زكريا السهمي المصري.
حدث عن: أبيه عثمان بن صالح، وسعيد بن أبي مريم، وعبد
الله بن صالح، ونعيم بن حماد، وأصبغ بن الفرج، والنضر
بن عبد الجبار، وإسحاق بن بكر بن مضر، وطبقتهم من
أصحاب الليث، وابن لهيعة.
حدث عنه: ابن ماجة، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وأبو
جعفر
محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الجمال، وعلي بن
محمد المصري الواعظ، ومحمد بن جعفر بن كامل، وعلي بن
حسن بن قديد، وأبو القاسم الطبراني، وخلق كثير.
__________
(1) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 1 / 217.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (574)، برقم: (298) (3)
ستأتي ترجمته في الصفحة: (527) برقم: (259) (4) ستأتي
ترجمته في الصفحة: (429)، برقم: (214).
* الجرح والتعديل: 9 / 175، المنتظم: 5 / 161، تهذيب
الكمال: خ: 1511، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 162، ميزان
الاعتدال: 4 / 396، تهذيب التهذيب: 11 / 257، خلاصة
تذهيب الكمال: 426.
(5) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/354)
قال ابن يونس: كان عالما بأخبار مصر، وبموت العلماء،
حافظا للحديث، وحدث بما لم يكن يوجد عند غيره.
وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، [ وكتب عنه أبي ]
وتكلموا فيه (1).
قلت: هذا جرح غير مفسر، فلا يطرح به مثل هذا العالم.
قال ابن يونس: مات في ذي القعدة، سنة اثنتين وثمانين
ومئتين.
172 - إبراهيم بن نصر *
ابن عبد العزيز: الحافظ، الامام، المجود، أبو
إسحاق الرازي.
محدث نهاوند.
يروي عن: أبي نعيم، وعمرو بن مرزوق، وعبد الله بن
رجاء، وحجاج بن منهال، وأبي الوليد، وأبي حذيفة،
والتبوذكي، وخلق.
وعنه: أحمد بن محمد بن أوس، والقاسم بن أبي صالح، وعبد
الرحمن بن حمدان.
قال جعفر بن أحمد: سألت أبا حاتم عن إبراهيم بن نصر،
فقال: كان معنا عند أبي سلمة بالبصرة، وكان يورق.
وقيل: إن إبراهيم بن نصر، لطول مقامه بالبصرة، فتح بها
دكانا، وقد صنف " المسند "، وقدم همدان وحدث بها، وكان
كبير الشأن، عالي الاسناد.
توفي في حدود الثمانين ومئتين.
__________
(1) الجرح والتعديل: 9 / 175.
والزيادة منه.
* طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 28.
(*)
(13/355)
قال الخليلي: " مسنده " نيف وثلاثون جزءا، وهو صدوق،
سمع منه: أبو الحسن القطان، وعلي بن مهرويه، وسليمان
بن يزيد الفامي، وجدي أحمد بن إبراهيم، وغيرهم.
173 - إبراهيم الحربي *
هو: الشيخ، الامام، الحافظ، العلامة، شيخ الاسلام، أبو
إسحاق، إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير
(1)، البغدادي، الحربي، صاحب التصانيف.
مولده في سنة ثمان وتسعين ومئة.
وطلب العلم وهو حدث، فسمع من: هوذة بن خليفة، وهو أكبر
شيخ لقيه، وعفان بن مسلم، وأبي نعيم وعمرو بن مرزوق،
وعبد الله بن صالح العجلي، وأبي عمر الحوضي، وعمر بن
حفص، وعاصم بن علي،
ومسدد بن مسرهد، وموسى بن إسماعيل المنقري، وشعيب بن
محرز، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، وأحمد
بن شبيب، وابن نمير، والحكم بن موسى، وأبي معمر
المقعد، وأبي الوليد الطيالسي،
__________
* الفهرست: المقالة السادسة: الفن السادس، تاريخ
بغداد: 6 / 28 - 40، طبقات الفقهاء: 171، طبقات
الحنابلة: 1 / 86 - 93، المنتظم: 6 / 3 - 7، معجم
الادباء: 1 / 112 - 129، اللباب: 1 / 355، إنباه
الرواة: 1 / 155 - 158، تذكرة الحفاظ: 2 / 584 - 586،
عبر المؤلف: 2 / 74، فوات الوفيات: 1 / 14 - 17،
الوافي بالوفيات: 5 / 320 - 324، طبقات السبكي: 2 /
256 - 257، البداية والنهاية: 11 / 79، البلغة في
تاريخ أئمة اللغة: 4 - 5، طبقات الحفاظ: 259، بغية
الوعاة: 1 / 418، طبقات المفسرين: 1 / 5، شذرات الذهب:
2 / 190.
والحربي، بفتح الحاء، وسكون الراء: نسبة إلى محلة غربي
بغداد، بها جامع وسوق.
(اللباب) (1) في: طبقات الحنابلة: 1 / 86: " بشر ".
(*)
(13/356)
وسليمان بن حرب، وسريج بن النعمان، وعلي بن الجعد،
ومحمد بن الصباح، وخلف بن هشام، وأبي بكر بن أبي شيبة،
وبندار، وخلق كثير.
حدث عنه خلق كثير، منهم: أبو محمد بن صاعد، وأبو عمر
بن السماك، وأبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وعمر
بن جعفر الختلي، وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وعبد
الرحمن بن العباس والد المخلص، وسليمان بن إسحاق
الجلاب، ومحمد بن مخلد العطار، وجعفر الخلدي، ومحمد بن
جعفر الانباري، وأبو بحر محمد بن الحسن البربهاري،
وأمثالهم.
قال أبو بكر الخطيب: كان إماما في العلم، رأسا في
الزهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالاحكام، حافظا للحديث،
مميزا لعلله، قيما بالادب، جماعة للغة، صنف " غريب
الحديث "، وكتبا كثيرة، وأصله من مرو (1).
روى المخلص، عن أبيه، قال: كان إسماعيل القاضي يشتهي
أن يلتقي إبراهيم، فالتقيا يوما، وتذاكرا، فلما
افترقا، سئل إبراهيم عن إسماعيل، فقال: إسماعيل جبل
نفخ فيه الروح.
وقال إسماعيل: ما رأيت مثل إبراهيم.
قلت: إسماعيل هو ابن إسحاق القاضي، عالم العراق.
ويروى أن أبا إسحاق الحربي لما دخل على إسماعيل
القاضي، بادر أبو عمر محمد بن يوسف القاضي إلى نعله،
فأخذها، فمسحها من الغبار، فدعا له، وقال: أعزك الله
في الدنيا والآخرة، فلما توفي أبو عمر، رؤى في
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 28.
(*)
(13/357)
النوم، فقيل: ما فعل الله بك ؟ قال: أعزني في الدنيا
والآخرة بدعوة الرجل الصالح.
قال محمد بن مخلد العطار: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
لا أعلم عصابة خيرا من أصحاب الحديث، إنما يغدو أحدهم،
ومعه محبرة، فيقول: كيف فعل النبي - صلى الله عليه
وسلم - وكيف صلى، إياكم أن تجلسوا إلى أهل البدع، فإن
الرجل إذا أقبل ببدعة ليس يفلح.
وقال أبو أيوب الجلاب سليمان بن إسحاق: قال لي إبراهيم
الحربي: ينبغي للرجل إذا سمع شيئا من أدب رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - أن يتمسك به.
قال: فقيل لابراهيم: إنهم يقولون: صاحب السوداء يحفظ ؟
قال: لا، هي أخت
البلغم، صاحبها لا يحفظ شيئا، إنما يحفظ صاحب الصفراء.
وقال عثمان بن حمدويه البزاز: سمعت إبراهيم الحربي
يقول: خرج أبو يوسف القاضي يوما - وأصحاب الحديث على
الباب - فقال: ما على الارض خير منكم، قد جئتم أو
بكرتم تسمعون حديث رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -.
هبة الله اللالكائي: سمعت أحمد بن محمد بن الصقر، سمعت
أبا الحسن بن قريش يقول: حضرت إبراهيم الحربي - وجاءه
يوسف القاضي، ومعه ابنه أبو عمر - فقال له: يا أبا
اسحاق ! لو جئناك على مقدار واجب حقك، لكانت أوقاتنا
كلها عندك.
فقال: ليس كل غيبة جفوة، ولا كل لقاء مودة، وإنما هو
تقارب القلوب.
الحاكم: سمعت محمد بن عبد الله الصفار، سمعت إبراهيم
الحربي - وحدث عن حميد بن زنجويه، عن عبد الله بن صالح
العجلي بحديث - فقال: اللهم لك الحمد، ورفع يديه فحمد
الله، ثم قال: عندي
(13/358)
عن عبد الله بن صالح قمطر، وليس عندي عن حميد غير هذا
الطبق، وأنا أحمد الله على الصدق (1).
زادني فيه بعض أصحابنا: عن الصفار، فقال رجل: يا أبا
إسحاق ! لو قلت فيما لم تسمع: سمعت، لما أقبل الله
بهذه الوجوه عليك.
ثم قال الحاكم: وسمعت محمد بن صالح القاضي يقول: لا
نعلم بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي، في الادب والفقه
والحديث والزهد.
ثم ذكر له كتابا في غريب الحديث، لم يسبق إليه (2).
قال القاضي أبو المطرف بن فطيس: سمعت أبا الحسن
المقرئ، سمعت محمد بن جعفر بن محمد بن بيان البغدادي،
سمعت إبراهيم
الحربي - ولم يكن في وقته مثله - يقول، وقد سئل عن
الاسم والمسمى: لي مذ أجالس أهل العلم سبعون سنة، ما
سمعت أحدا منهم يتكلم في الاسم والمسمى (3).
عمر بن عراك المقرئ: حدثنا إبراهيم بن المولد، حدثنا
أحمد بن عبد الله بن خالد، حدثني إبراهيم الحربي، قال:
كنا عند عبيد الله بن عائشة في مسجده، إذ طرقه سائل،
فسأله شيئا، فلم يكن معه ما يعطيه،
__________
(1) زاد هنا في: " تاريخ بغداد ": " قال أبو عبد الله
الحافظ: زادني..." (2) تاريخ بغداد: 6 / 30.
(3) وفصل القول في هذه المسألة: أن الاسم يراد به
المسمى ؟ ؟ رة، ويراد به اللفظ الدال عليه أخرى.
فإذا قلت: قال الله: كذا أو: سمع الله لمن حمده، ونحو
ذلك، فهذا المراد به " المسمى " نفسه.
وإذا قلت: " الله " اسم عربي، والرحمن اسم عربي،
والرحيم من أسماء الله تعالى، ونحو ذلك، فالاسم ها هنا
هو المراد لا المسمى، ولا يقال غيره، لما في لفظ "
الغير " من الاجمال، فإن أريد بالمغايرة أن اللفظ غير
المعنى، فحق، وإن أريد أن الله سبحانه كان، ولا اسم
له، حتى خلق لنفسه أسماء، أو حتى سماه خلقه بأسماء من
صنعهم، فهذا من الخطأ المجانب للصواب.
(*)
(13/359)
فدفع إليه خاتمه، فلما أن ولى السائل دعاه، فقال له:
لا تظن أني دعوتك ضنة مني بما أعطيتك، إن هذا الفص
شراؤه علي خمس مئة دينار، فانظر كيف تخرجه.
فضرب السائل بيده إلى الخاتم، فكسره، ورمى بالفص إليه،
وقال: بارك الله لك في فصك، هذه الفضة تكفيني لقوتي
وقوت عيالي اليوم.
قال أبو العباس ثعلب: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس
لغة ولا
نحو، من خمسين سنة (1).
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن إبراهيم
الحربي، فقال: كان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه
وورعه (2).
وقيل: إن المعتضد نفذ إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف،
فردها.
ثم سير له مرة أخرى ألف دينار، فردها (3).
وروى أبو الفضل عبيد الله الزهري، عن أبيه عبدالرحمن،
عن إبراهيم الحربي، قال: ما أنشدت بيتا قط إلا قرأت
بعده: * (قل هو الله أحد) * ثلاثا (4).
قال أبو الحسن الدارقطني: وإبراهيم إمام بارع في كل
علم، صدوق.
أبو ذر الهروي: سمعت أبا طاهر المخلص، سمعت أبي: سمعت
__________
(1) معجم الادباء: 1 / 118.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 585.
(3) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 32، و: إنباه الرواة: 1 /
157.
(4) تاريخ بغداد: 6 / 39.
(*)
(13/360)
إبراهيم الحربي، وكان وعدنا أن يمل علينا مسألة في
الاسم والمسمى، وكان يجتمع في مجلسه ثلاثون ألف محبرة،
وكان إبراهيم مقلا، وكانت له غرفة، يصعد، فيشرف منها
على الناس، فيها كوة إلى الشارع، فلما اجتمع الناس،
أشرف عليها، فقال لهم: قد كنت وعدتكم أن أملي عليكم في
الاسم والمسمى، ثم نظرت فإذا لم يتقدمني في الكلام
فيها إمام يقتدى به، فرأيت الكلام فيه بدعة، فقام
الناس، وانصرفوا، فلما كان يوم
الجمعة، أتاه رجل، وكان إبراهيم لا يقعد إلا وحده،
فسأله عن هذه المسألة، فقال، ألم تحضر مجلسنا بالامس ؟
قال: بلى.
فقال: أتعرف العلم كله ؟ قال: لا.
قال: فاجعل هذا مما لم تعرف.
وبالاسناد: قال إبراهيم: ما انتفعت من علمي قط إلا
بنصف حبة، وقفت على إنسان، فدفعت إليه قطعة أشتري
حاجة، فأصاب فيها دانقا، إلا نصف حبة، فسألني عن
مسألة، فأجبته، ثم قال للغلام: أعط أبا إسحاق بدانق،
ولا تحطه بنصف حبة (1).
وسمعته يقول: أقمت ثلاثين سنة، كل ليلة إذا أويت إلى
فراشي، لو أعطيت رغيفي جارتي لاحتجت إليهما (2).
ويروى: أن إبراهيم لما صنف " غريب الحديث "، وهو كتاب
نفيس كامل في معناه.
قال ثعلب: ما لابراهيم وغريب الحديث ؟ ! رجل محدث.
ثم حضر ملجسه، فلما حضر المجلس سجد ثعلب، وقال: ما
ظننت أن على وجه الارض مثل هذا الرجل.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 33 - 34.
(2) انظر الخبر مفصلا في: تاريخ بغداد: 6 / 31.
(*)
(13/361)
قال أبو ذر الهروي: حكى لي بعض أصحابنا ببغداد، أن
إبراهيم الحربي كان سمع مسائل ابن القاسم علي بن
الحارث بن مسكين، وحصل سماعه مع رجل، ثم مال إلى طريقة
الكلام، فلم يستعرها منه إبراهيم، ورجع، فسمعها من
الحسن بن عبد العزيز الجروي (1)، عن ابن أبي الغمر، عن
ابن القاسم.
قلت: نعم، يظهر في تصانيف الحربي أنه ينزل في أحاديث،
ويكثر
منها، وهذا يدل على أنه لم يزل طلابة للعلم.
وروى المخلص، عن أبيه: أن المعتضد بعث إلى إبراهيم
الحربي بمال، فرده عليه أوحش رد، وقال: ردها إلى من
أخذتها منه، وهو محتاج إلى فلس (2).
وكان لا يغسل ثوبه إلا في كل أربعة أشهر مرة.
ولقد زلق مرة في الطين، فلقد كنت أرى عليه أثر الطين
في ثوبه إلى أن غسله.
قال عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي الحنبلي: أخبرنا
أبو الحسين العتكي، قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول
لجماعة عنده: من تعدون الغريب في زمانكم ؟ فقال رجل:
الغريب: من نأى عن وطنه.
وقال آخر: الغريب: من فارق أحبابه.
فقال إبراهيم: الغريب في زماننا: رجل صالح، عاش بين
قوم صالحين، إن أمر بمعرف آزروه، وإن نهى عن منكر
أعانوه، وإن احتاج إلى سبب من الدنيا مانوه، ثم ماتوا
وتركوه (3).
قال أحمد بن مروان الدينوري: أتينا إبراهيم الحربي،
وهو جالس
__________
(1) انظر ترجمته، والحديث عن نسبته في: الانساب: 3 /
237 - 239.
(2) تقدم مثل هذا قبل قليل.
(3) طبقات الحنابلة: 1 / 89.
(*)
(13/362)
على باب داره، فسلمنا وجلسنا، فجعل يقبل علينا، فلما
أكثرنا عليه، حدثنا حديثين، ثم قال لنا: مثل أصحاب
الحديث مثل الصياد الذي يلقي شبكته في الماء، فيجتهد،
فإن أخرج سمكة، وإلا أخرج صخرة.
قال أحمد بن جعفر بن سلم: حدثنا شيخ لنا، قال: قيل
لابراهيم الحربي: هل كسبت بالعلم شيئا ؟ قال: كسبت به
نصف فلس: كانت أمي تجري علي كل يوم رغيفين، وقطيعة
فيها نصف دانق، فخرجت في يوم
ذي طين، وأجمع رأيي على أن آكل شيئا حلوا، فلم أر شيئا
أرخص من الدبس، فأتيت بقالا، فدفعت إليه القطيعة، فإذا
فيها قيراط إلا نصف فلس، وتذاكرنا حديث السخاء والكرم،
فقال البقال: يا أبا إسحاق ! أنت تكتب الاخبار
والحديث، حدثنا في السخاء بحديث، قلت: نعم.
حدثني أبو بكر عبد الله بن الزبير، حدثنا أبي، عن شيخ
له، قال: خرج عبد الله ابن جعفر إلى ضياعه ينظر إليها،
فإذا في حائط لنسيب له عبد أسود، بيده رغيف وهو يأكل
لقمة، ويطرح لكلب لقمة، فلما رأى ذلك استحسنه، فقال:
يا أسود ! لمن أنت ؟ قال: لمصعب بن الزبير.
قال: وهذه الضيعة لمن ؟ قال: له.
قال: لقد رأيت منك عجبا، تأكل لقمة، وتطرح للكلب لقمة
! قال: إني لاستحيي من عين تنظر إلي أن أوثر نفسي
عليها.
قال: فرجع إلى المدينة، فاشترى الضيعة والعبد، ثم رجع،
وإذا بالعبد، فقال: يا أسود ! إني قد اشتريتك من مصعب.
فوثب قائما، وقال: جعلني الله عليك ميمون الطلعة.
قال: وإني اشتريت هذه الضيعة.
فقال: أكمل الله لك خيرها.
قال: وإني أشهد أنك حر لوجه الله.
قال: أحسن الله جزاءك.
قال: وأشهد الله أن الضيعة مني هدية إليك.
قال: جزاك الله بالحسنى.
ثم قال العبد: فأشهد الله وأشهدك أن هذه الضيعة وقف
مني على الفقراء.
(13/363)
فرجع وهو يقول: العبد أكرم منا (1).
قال سليمان بن إسحاق الجلاب: سمعت الحربي يقول:
الابواب تبنى على أربع طبقات: طبقة المسند، وطبقة
الصحابة، وطبقة التابعين، فيقدم كبارهم، كعلقمة
والاسود، وبعدهم من هو أصغر منهم، وبعدهم تابع
التابعين، مثل سفيان، ومالك، والحسن بن صالح، وعبيد
الله بن
الحسن، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والاوزاعي.
وروي عن إبراهيم الحربي، قال: الناس على أربع طبقات:
مليح يتملح، ومليح يتبغض، وبغيض يتملح، وبغيض يتبغض،
فالاول: هو المنى، الثاني: يحتمل، وأما بغيض يتملح،
فإني أرحمه، وأما البغيض، الذي يتبغض، فأفر منه.
قال ابن بشكوال في أخبار ابراهيم الحربي: نقلت من كتاب
ابن عتاب: كان إبراهيم الحربي رجلا صالحا من أهل
العلم، بلغه أن قوما من الذين كانوا يجالسونه يفضلونه
على أحمد بن حنبل، فوقفهم على ذلك، فأقروا به، فقال:
ظلمتموني بتفضيلكم لي على رجل لا أشبهه، ولا ألحق به
في حال من أحواله، فأقسم بالله، لا أسمعكم شيئا من
العلم أبدا، فلا تأتوني بعد يومكم.
مات الحربي ببغداد، فدفن في داره يوم الاثنين، لسبع
بقين من ذي الحجة، سنة خمس وثمانين ومئتين، في أيام
المعتضد.
قال المسعودي: كانت وفاة الحربي المحدث الفقيه في
الجانب
__________
(1) انظر رواية تاريخ بغداد: 6 / 34، ومعجم الادباء: 1
/ 119 - 120.
(*)
(13/364)
الغربي، وله نيف (1) وثمانون سنة...وكان صدوقا، عالما،
فصيحا، جوادا، عفيفا، زاهدا، عابدا، ناسكا، وكان مع
ذلك ضاحك السن، ظريف الطبع...ولم يكن معه تكبر ولا
تجبر، [ و ] ربما مزح مع أصدقائه بما يستحسن (2) منه،
ويستقبح من غيره، وكان شيخ البغداديين في وقته،
وظريفهم، وزاهدهم، وناسكهم، ومسندهم في الحديث، وكان
يتفقه لاهل العراق، وكان له مجلس في [ المسجد ] الجامع
الغربي يوم
الجمعة، فأخبرني إبراهيم بن جابر، قال: كنت أجلس في
حلقة إبراهيم الحربي، وكان يجلس إلينا غلامان في نهاية
الحسن والجمال من الصورة والبزة (3)، وكأنهما روح (4)
في جسد، إن قاما قاما معا، وإن حضرا، فكذلك، فلما كان
في بعض الجمع، حضر أحدهما [ و ] قد بان الاصفرار بوجهه
والانكسار [ في عينيه ]...، فلما كانت الجمعة [
الثانية ]، حضر الغائب، ولم يحضر الذي جاء في الجمعة
الاولى منهما، وإذ الصفرة والانكسار بين (5) في
لونه...وقلت: إن ذلك للفراق الواقع بينهما، وذلك
للالفة الجامعة لهما، فلم يزالا يتسابقان في كل جمعة
إلى الحلقة، فأيهما سبق [ صاحبه ] إلى الحلقة لم يجلس
الآخر...فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما فجلس [
إلينا ]، ثم جاء الآخر [ فأشرف على الحلقة ] فوجد
صاحبه قد سبق، وإذا المسبوق قد أخذته (6) العبرة،
فتبينت ذلك منه في دائرة (7) عينيه، وإذا في يسراه
رقاع صغار
__________
(1) في " مروج الذهب ": " خمس ".
(2) في الاصل: " يستحيى "، وما أثبتناه هو الصواب،
والموافق لما في " المروج ".
(3) في " مروج الذهب " زيادة هنا: " من أبناء التجار
من الكرخيين، وبزتهما واحدة ".
(4) في " المروج ": " روحان ".
(5) في " المروج ": " أبين ".
(6) في " المروج ": " خنقته ".
(7) في " المروج ": " حماليق ".
(*)
(13/365)
مكتوبة، فقبض بيمينه رقعة منها، وحذف بها في وسط
الحلقة، وانساب بين الناس مستخفيا (1)، وأنا أرمقه،
وكان ثم أبو عبيدة بن حربويه، فنشر الرقعة
وقرأها...وفيها دعاء، أن يدعو لصاحبها مريضا كان أو
غير
ذلك، ويؤمن على الدعاء من حضر، فقال الشيخ: اللهم اجمع
بينهما، وألف قلوبهما، واجعل ذلك فيما يقرب منك، ويزلف
لديك.
وأمنوا على دعائه..ثم طوى الرقعة وحذفني بها، فتأملت
ما فيها...فإذا فيها مكتوب: عفا الله عن عبد أعان
بدعوة * لخلين كانا دائمين على الود إلى أن وشى واشي
الهوى بنميمة * إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد...فلما
كان في الجمعة الثانية حضرا جميعا، وإذا الاصفرار
والانكسار قد زال، فقلت لابن حربويه: إني أرى الدعوة
قد أجيبت، وأن دعاء الشيخ كان على التمام...فلما كان
في تلك السنة كنت فيمن حج، فكأني أنظر إلى الغلامين
محرمين..بين منى وعرفة، فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن
تكهلا (2).
قال القفطي في " تاريخ النحاة " له: كان إبراهيم
الحربي رأسا في الزهد، عارفا بالمذاهب، بصيرا بالحديث،
حافظا له...له في اللغة كتاب: " غريب الحديث "، وهو من
أنفس الكتب وأكبرها في هذا النوع (3).
__________
(1) في " المروج ": " مارا مستحيا ".
(2) انظر الخبر مفصلا في: مروج الذهب: 2 / 482 - 483.
وتتمة الخبر فيه: " وأرى أنهما في صف أصحاب الديباج في
الكرخ أو غيره من الصفوف ".
(3) انظر نص القفطي: 1 / 155.
(*)
(13/366)
أبو الحسن بن جهضم - واه -: حدثنا جعفر الخلدي، حدثنا
أحمد ابن عبد الله بن ماهان: سمعت إبراهيم بن إسحاق
يقول: أجمع عقلاء كل
ملة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه.
وكان يقول: قميصي أنظف قميص، وإزاري أوسخ إزار، ما
حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي (1) صحيح
والآخر مقطوع، ولا أحدث نفسي أني أصلحهما، ولا شكوت
إلى أهلي وأقاربي حمى أجدها، لا يغم الرجل نفسه
وعياله، ولي عشر سنين أبصر بفرد عين، ما أخبرت به
أحدا، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني
بهما أمي أو أختي، وإلا بقيت جائعا إلى الليلة
الثانية، وأفنيت ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة،
إن جاءتني امرأتي أو بناتي به، وإلا بقيت جائعا، والآن
آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة، وقام إفطاري في رمضان
هذا بدرهم ودانقين ونصف (2).
قال أبو القاسم بن بكير: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما
كنا نعرف من هذه الاطبخة شيئا، كنت أجئ [ من ] عشي إلى
عشي، وقد هيأت لي أمي باذنجانة مشوية، أو لعقة بن (3)،
أو باقة (4) فجل (5).
محمد بن أيوب العكبري: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما
تروحت ولا روحت قط، ولا أكلت من شئ في يوم مرتين (6).
__________
(1) العقب هنا: النعل، على سبيل المجاز.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 30 - 31، وطبقات الحنابلة:
86 - 87، معجم الادباء: 1 / 113 - 115.
(3) البن، بكسر الباء: الطبقة من ؟ ؟ سحم.
(4) الباقة: الحزمة من البقل، وكثيرا ما تستخدم خطأ
للحزمة من الورود والريحان وغيرهما من الورد، والصواب
في الثانية: " الطاقة ".
(5) تاريخ بغداد: 6 / 31.
(6) المصدر السابق.
(*)
(13/367)
قال أبو الحسين بن سمعون: حدثنا أحمد بن سليمان
القطيعي قال: أضقت إضاقة، فأتيت إبراهيم الحربي لابثه
(1)، فقال لي: لا يضيق صدرك، فإن الله من وراء
المعونة، فإني أضقت مرة، حتى انتهى أمري إلى أن عدم
عيالي قوتهم، فقالت الزوجة: هب أني أنا وأنت نصبر،
فكيف بالصبيتين ؟ هات شيئا من كتبك نبيعه أو نرهنه.
فضننت بذلك، وقلت: أقترض غدا، فلما كان الليل، دق
الباب، فقلت: من ذا ؟ قال: رجل من الجيران [ فقلت:
ادخل.
فقال: ]، فأطفئ السراج حتى أدخل.
فكببت شيئا على السراج، فدخل، وترك شيئا، وقام، فإذا
هو منديل فيه أنواع من المآكل، وكاغد (2) فيه خمس مئة
درهم، فأنبهنا الصغار وأكلوا، ثم من الغد (3)، إذا
جمال يقود جملين، عليهما حملان ورقا، وهو يسأل عن
منزلي، فقال: هذان الجملان أنفذهما لك رجل من خراسان،
واستحلفني أن لا أقول من هو (4).
إسنادها مرسل.
قال الحسين بن فهم الحافظ: لا ترى عيناك مثل إبراهيم
الحربي، إمام الدنيا، لقد رأيت، وجالست العلماء، فما
رأيت رجلا أكمل منه.
قال الحاكم: سمعت محمد بن صالح القاضي يقول: لا نعلم
بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الادب والفقه
والحديث والزهد.
قلت: يريد من اجتمع فيه هذه الامور الاربعة.
__________
(1) البث: شدة الحزن، كأنه من شدته يبثه صاحبه.
(2) الكاغد: القرطاس.
لفظ فارسي معرب.
(3) في: تاريخ بغداد: " ولما كان من الغد ".
(4) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 31 - 32، والزيادة منه.
(*)
(13/368)
قال سليمان بن الخليل: سمعت الحربي يقول: في [ كتاب
أبي عبيد ] " غريب الحديث " ثلاثة وخمسون حديثا ليس
لها أصل (1).
قال أبو الحسن الدارقطني: الحربي إمام، مصنف، عالم بكل
شئ، بارع في كل علم، صدوق.
قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: عندي
عن علي ابن المديني قمطر، ولا أحدث عنه بشئ، لاني
رأيته المغرب وبيده نعله مبادرا، فقلت: إلى أين ؟ قال:
ألحق الصلاة مع أبي عبد الله.
فظننته يعني أحمد بن حنبل، ثم قلت: من أبو عبد الله ؟
قال: ابن أبي دؤاد (2).
وقيل: إن المعتضد لما نفذ إلى الحربي بالعشرة آلاف
فردها، فقيل له: ففرقها، فأبى، ثم لما مرض، سير إليه
المعتضد ألف دينار، فلم يقبلها، فخاصمته بنته، فقال:
أتخشين إذا مت الفقر ؟ قالت: نعم.
قال: في تلك الزاوية اثنا عشر ألف جزء حديثية ولغوية
وغير ذلك كتبتها
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 35 - 36، والزيادة منه، وتتمة
الخبر فيه: " قد علمت عليها في كتاب السروي ".
ولهذا لا يجوز لطالب العلم أن يعتمد على الاحاديث
المنثورة في كتب الغريب جميعا دونما بحث عن من خرجها،
وفحص لاسانيدها.
(2) انظر الخبر في: تاريخ بغداد: 6 / 37، وميزان
الاعتدال: 3 / 138.
وعد صلته بابن أبي دؤاد وقبول الجائزة منه قدحا في
حقه، من التهور البالغ الذي يستوجب قائله الذم
والتوبيخ والتقريع، ونسبة تضعيف قيس بن أبي حازم إليه،
ردها الخطيب في " تاريخه ".
وقد قال المؤلف - رحمه الله - في " ميزانه ": 3 / 141،
وهو بصدد الرد على العقيلي: ثم ما كل أحد فيه بدعة،
أوله هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من
شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ، بل فائدة
ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة
أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم
أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم.
وأما علي بن المديني، فإليه المنتهى في معرفة علل
الحديث النبوي، مع كمال المعرفة بنقد الرجال، وسعة
الحفظ والتبحر في هذا الشأن، بل لعله فرد زمانه في
معناه.
(*)
(13/369)
بخطي، فبيعي منها كل يوم جزءا بدرهم وأنفقيه.
نقل الخطيب (1)، وطائفة: أن الحربي توفي لسبع بقين من
ذي الحجة، سنة خمس وثمانين ومئتين، وكانت جنازته
مشهودة، صلى عليه يوسف القاضي، صاحب كتاب " السنن "،
وقبره يزار ببغداد.
وفيها مات: إسحاق الدبري (2)، صاحب عبد الرزاق، وعبيد
بن عبد الواحد البزار (3)، وأبو العباس محمد بن يزيد
المبرد (4).
أخبرتنا أم عبد الله (5)، زينب بنت علي الصالحية سنة
ثلاث وتسعين وست مئة، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن
قدامة، في سنة إحدى عشرة وست مئة، أخبرنا محمد بن عبد
الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا أحمد بن
عبد الله المحاملي، أخبرنا عمر بن جعفر الختلي، أخبرنا
إبراهيم ابن إسحاق الحربي، حدثنا مسدد، حدثنا سفيان،
عن الزهري، عن عطاء ابن يزيد، عن أبي أيوب: أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يهجر أحدكم أخاه فوق
ثلاث، يلتقيان: فيصد هذا، ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ
بالسلام " (6).
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 40.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (416)، برقم: (203).
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (385)، برقم: (185).
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (576)، برقم: (299).
(5) كناها المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 50: " أم محمد
"، فقال: " زينب بنت علي بن أحمد بن فضل، أم محمد بنت
الواسطي.
امرأة عابدة صوامة قوامة خاشعة قانتة.
كان أخوها الامام تقي الدين بن الواسطي يقصد زيارتها
والتبرك بها، وهي والدة المسند المعمر أبي عبد الله بن
الزراد...وتوفيت في المحرم سنة خمس وتسعين وستمئة وقد
قاربت التسعين أو كملتها ".
(6) إسناده صحيح، وأخرجه مالك 2 / 906، 907 في حسن
الخلق: باب ما جاء في = (*)
(13/370)
وبه: قال الحربي: حدثناه [ أبو ] (1) مصعب، أخبرنا
مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك: أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل لمسلم أن يهجر
أخاه فوق ثلاث ".
أخبرنا عيسى بن عبد المنعم (2)، أخبرنا عبد الغفار بن
شجاع، (ح): وأخبرنا محمد بن أبي العز، والحسن بن علي
القلانسي (3)، قالا: أخبرنا أبو الوفاء عبدالملك بن
الحنبلي، وأخبرنا علي بن محمد الجذامي (4)، أخبرنا
يوسف بن عبد المعطي، وأخبرنا عمر بن نصير السهمي (5)،
__________
= المهاجرة، ومن طريقه البخاري 10 / 413 في الادب: باب
الهجرة، ومسلم (2560) في البر: باب تحريم الهجر فوق
ثلاث، وأبو داود (4911) عن الزهري بهذا الاسناد،
وأخرجه البخاري 11 / 18 في الاستئذان: باب السلام
للمعرفة وغير المعرفة، ومسلم، والترمذي (1932) من طرق
عن سفيان به.
وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم (2561)، وعن أبي هريرة
عند أبي داود (4912) و (4914) وعن عائشة عند أبي داود
أيضا (4913) وعن أنس عند مالك 2 / 907، والبخاري 10 /
403، ومسلم (2559) وأبي داود (4910) والترمذي (1935).
(1) سقطت من الاصل.
(2) عيسى بن عبد المنعم بن شهاب بن ناصر، أبو الروح
القاهري الشافعي المؤدب.
ويعرف بابن الحداد.
ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 110.
(3) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (85)، ت: 2.
عن " مشيخة " المؤلف.
(4) الجذامي، بالجيم المضمومة والذال: نسبة إلى قبيلة
جذام، وقد ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ 102، فقال،
هو علي بن محمد بن منصور بن أبي القاسم، الامام
المبجل، القاضي، زين الدين، أبو الحسن بن أبي المعالي
الجذامي، الثغري المالكي، المعروف بابن المنير.
ولي قضاء الاسكندرية مدة، كان من أحسن الرجال صورة،
وأملحهم شكلا.
ولد في ربيع الاول سنة (629).
روى لنا الاربعين السلفية عن يوسف بن عبد المعطي.
وتوفي في يوم عيد النحر، سنة (697 ه).
(5) ترجمه المؤلف في " المشيخة ": خ 1070، فقال: عمر
بن عبد النصير بن محمد ابن هشام بن عز العرب، الزاهد
العابد الاديب، أبو حفص القرشي القوصي المالكي.
ولد سنة (615)، وسمع بتوص من: ابن المقير، وابن
الجميزي وغيرهما، وله نظم كثير، وديوان.
وقدم علينا مع ركب الحاج، وانصرف بعد أيام، توفي
بالاسكندرية في منتصف محرم سنة (711 ه) عن ست وتسعين
سنة.
وكان على قدم من التقوى.
(*)
(13/371)
[ و ] (1) عبدالرحمن بن سليمان: أخبرنا أبو الحسن بن
الجميزي (2)، وأخبرنا سنقر الزيني (3)، وعبد الرحمن
ومحمد ابنا سليمان، قالوا: أخبرنا علي بن محمود،
وأخبرنا محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن
الصواف (4)، أخبرنا جدي، وأخبرنا عبد الولي بن رافع
(5)، وعثمان بن موسى (6)، وفاطمة بنت إبراهيم (7)،
قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن رواحة، وأخبرنا عبد
الواحد بن كثير (8)، وجماعة، قالوا: أخبرنا علي بن
محمد المفسر، قالوا جميعا: أخبرنا أبو طاهر السلفي،
أخبرنا حمد بن إسماعيل الزكي بمكة،
(ح): وأخبرنا ابن قدامة، وعدة إجازة، قالوا: أخبرنا
عمر بن طبرزد، أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قالا:
أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد البزاز، أخبرنا محمد بن
عبد الله الشافعي، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا سليمان
بن داود الهاشمي، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب،
عن القاسم، عن عائشة، قالت: " كنت أغتسل معه - صلى
الله عليه وسلم - من الاناء الواحد " (9).
__________
(1) سقطت من الاصل، ولابد منها.
وهو مترجم في " مشيخة " الذهبي: خ ق: 73.
(2) الجميزي، بضم الجيم، وفتح الميم المشددة، وآخره
زاي: نسبة إلى بيع الجميز، وهو شبيه بالتين، واسمه:
علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم اللخمي المصري
الشافعي المقرئ الخطيب وفاته سنة (649 ه).
وهو مترجم في " العبر ": 5 / 203.
(3) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 55 (4) هو في "
مشيخة " الذهبي:: خ: ق: 123.
(5) هو: عبد الولي بن عبدالرحمن بن رافع الخطيب، أبو
نصر الحنبلي الزاهد.
ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 88.
(6) هو: عثمان بن موسى بن رافع بن منهال، أبو عمر
اليونيني.
وفاته سنة (696 ه).
ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 60.
(7) فاطمة بنت إبراهيم بن محمود بن جوهر، أم محمد.
وفاتها سنة (711 ه).
وهي مترجمة في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 113.
(8) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 87.
(9) إسناده صحيح، وأخرجه من حديث عائشة البخاري 1 /
213 في الغسل: باب غسل = (*)
(13/372)
174 - أحمد بن سلمة * ابن عبد الله:
الحافظ، الحجة، العدل، المأمون، المجود، أبو
الفضل النيسابوري البزاز، رفيق مسلم في الرحلة.
سمع: قتيبة، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن مهران الجمال،
وعبد الله بن معاوية، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا كريب،
وابن حميد، وأحمد بن منيع، وخلقا كثيرا، وجمع وصنف.
حدث عنه: ابن وارة، وأبو زرعة، وأبو حاتم - وهو من
صغار شيوخه - وأبو حامد بن الشرقي، ويحيى بن منصور
القاضي، وسليمان بن محمد بن ناجية، وعلي بن عيسى، وأبو
الفضل محمد بن إبراهيم، وعدة.
قال أبو القاسم النضر آباذي: رأيت أبا علي الثقفي في
النوم، وهو يقول: عليك " بصحيح " أحمد بن سلمة.
قال أبو الفضل الهاشمي: توفي ابن سلمة في غرة جمادى
الآخرة، سنة ست وثمانين ومئتين، رحمه الله.
175 - المستملي * *
الحافظ، العالم، الزاهد، العابد، المجاب
الدعوة، أبو عمرو،
__________
= الرجل مع امرأته و 320، 321: باب هل يدخل الجنب يده
في الاناء قبل أن يغسلها، ومسلم (319) و (321) في
الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة،
وأبو داود (77) والنسائي 1 / 127 و 128 و 129.
* الجرح والتعديل: 2 / 54، تاريخ بغداد: 4 / 186 -
187، تذكرة الحفاظ: 2 / 637 - 638، عبر المؤلف: 2 / 76
- 77، طبقات الحفاظ: 279، شذرات الذهب: 2 / 192.
* * المنتظم: 5 / 173، تذكرة الحفاظ: 2 / 644، عبر
المؤلف: 2 / 73، الوافي = (*)
(13/373)
أحمد بن المبارك، المستملي النيسابوري، عرف بحمكويه.
سمع: يزيد بن صالح الفراء، وأحمد بن حنبل، وقتيبة بن
سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وعبيد الله القواريري،
وإسحاق بن راهويه، وأبا مصعب، وسريج بن يونس، وطبقتهم،
ومن بعدهم.
وكتب الكثير، وما زال يعالج هذا الفن حتى توفي.
حدث عنه: أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف، وجعفر بن محمد
بن سوار، وأبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري، وأبو
حامد بن الشرقي، وزنجويه بن محمد، ومحمد بن صالح بن
هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الاخرم، وأبو الطيب بن
المبارك، ومحمد بن داود الزاهد، وغيرهم.
قال الحاكم: كان مجاب الدعوة، راهب عصره، حدثنا محمد
بن صالح، قال: كنا عند أبي عمرو المستملي، فسمع جلبة،
فقال: ما هذا ؟ قالوا: أحمد بن عبد الله (1) - يعني
الخجستاني في عسكره - فقال: اللهم مزق بطنه.
فما تم الاسبوع حتى قتل.
وسمعت علي بن محمد الفامي يقول: حضرت مجلس أبي عثمان
الزاهد، ودخل أبو عمرو المستملي، وعليه أثواب رثة،
فبكى أبو عثمان، فلما كان يوم مجلس الذكر، قال: دخل
عليه (2) رجل من مشايخ العلم، فاشتغل قلبي برثاثة
حاله، ولولا أني أجله لسميته.
قال: فرمى الناس
__________
= بالوفيات: 7 / 302، البداية والنهاية: 11 / 77 - 78،
طبقات الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 / 186.
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (96)، برقم: (54) (2) في
" المنتظم ": " علي ".
(*)
(13/374)
بالخواتيم والدراهم والثياب [ بين يديه ]، فقام أبو
عمرو على رؤوس
الناس، وقال: أنا الذي عنى أبو عثمان، ولولا أني كرهت
أن يتهم به غيري لسكت.
ثم إنه أخذ جميع ذلك، وحمل معه، فما بلغ باب الجامع
حتى وهب جميعه للفقراء (1).
قد استملى أبو عمرو على جماعة عاشوا بعده، وأول ما
استملى كان في سنة ثمان وعشرين ومئتين.
قال الحاكم: وسمعت أبا بكر الصبغي يقول: كان أبو عمرو
يصوم النهار، ويحيي الليل (2).
ثم قال الصبغي: فأخبرني غير واحد أن الليلة التي قتل
فيها أحمد بن عبد الله - يعني الظالم الذي استولى على
نيسابور - صلى أبو عمرو العتمة، ثم صلى طول ليله، وهو
يدعو على أحمد بصوت عال: اللهم شق بطنه، اللهم شق
بطنه.
مات محدث نيسابور أبو عمرو في جمادى الآخرة، سنة أربع
وثمانين ومئتين.
176 - ابن عاصم * الامام،
الحافظ، المصنف، الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد
ابن عاصم الرازي.
سمع: أباه، أحد من رحل إلى عبد الرزاق، وسمع: علي بن
المديني، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وأبا الربيع
الزهراني، وهدبة بن
__________
(1) انظر: المنتظم: 5 / 173.
والزيادة منه.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 644.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 92 أ، تهذيب بدران: 2 / 60.
(*)
(13/375)
خالد، وقتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وطبقتهم.
وهو من أقران أبي عيسى الترمذي.
حدث عنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم، وعلي بن إبراهيم بن
سلمة القطان، وعمر بن إسحاق، والقاضي أبو أحمد العسال،
وأبو جعفر النفيلي.
توفي سنة تسع وثمانين ومئتين.
177 - الحمار * الامام،
المحدث، الصدوق، أبو جعفر، أحمد بن موسى بن
إسحاق التميمي، الكوفي، الحمار البزاز.
حدث عن: أبي نعيم، وقطبة بن العلاء، ووضاح بن يحيى،
ومخبول بن إبراهيم، والحسن بن الربيع، وعلي بن ثابت
الدهان، وطائفة.
حدث عنه: أحمد بن عمرو بن جابر الرملي، وأبو الحسن بن
سلمة القزويني القطان، ومحمد بن أحمد بن يوسف، وأبو
العباس بن عقدة، وابن أبي دارم، وآخرون كثيرون.
وما علمت به بأسا.
مات في شهر رمضان، سنة ست وثمانين ومئتين، وهو في عشر
التسعين.
__________
* الانساب: 4 / 203، اللباب: 1 / 384.
والحمار، بفتح الحاء، وتشديد الميم: نسبة إلى بيع
الحمير.
(*)
(13/376)
وقال الخليلي في " إرشاده ": سنة خمس.
والاول أصح، وللخليلي أوهام كثيرة في كتابه، كأنه
أملاه من حفظه.
178 - العنبري * الامام،
القدوة، الرباني، الحافظ، المجود، أبو إسحاق، إبراهيم
ابن إسماعيل العنبري الطوسي: محدث طوس، وأزهدهم
بعد محمد بن أسلم، وأخصهم بصحبته، وأكثرهم رحلة.
سمع: يحيى بن يحيى التميمي، وابن راهويه، وعلي بن حجر،
وابن حميد، والحسين بن حريث، وعبيد الله القواريري،
وهناد بن السري، وأبا مصعب، ومحمد بن رمح، وهشام بن
عمار، وقتيبة بن سعيد، وإبراهيم ابن يوسف الفقيه،
ومحمد بن أسلم، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو النضر الفقيه، وأبو الحسن بن زهير، ومحمد
بن صالح بن هانئ، وآخرون.
ذكره الحاكم، ولم يذكر تاريخا لموته، وكذلك مؤرخ حلب
الصاحب كمال الدين العقيلي.
قال أبو النضر الفقيه: كتبت عنه " مسنده " بخطي، في
مئتين وتسعين جزءا.
قلت: موته تخمينا بعد الثمانين ومئتين، وكان من أبناء
الثمانين، أو دونها بيسير، وهو من أئمة الهدى، رضي
الله عنه.
__________
* تذكرة الحفاظ: 2 / 679، عبر المؤلف: 2 / 67، وفيات
سنة (282)، طبقات الحفاظ: 295، شذرات الذهب: 2 / 205،
تهذيب بدران: 2 / 200 - 201.
(*)
(13/377)
179 - الجلاجلي * المحدث، المقرئ، أبو السري، موسى بن
الحسن
بن عباد النسائي، ثم البغدادي، الملقب بالجلاجلي لطيب
صوته.
سمع: روح بن عبادة، وعبد الله بن بكر السهمي، ومحمد بن
مصعب القرقساني، وأبا نعيم، وعدة.
وعنه: ابن البختري، والنجاد، وابن قانع، وعمر بن سلم،
وعبد الصمد الطستي.
قال الدارقطني: لا بأس به.
قال ابن المنادي: قيل: إن القعنبي قدم الجلاجلي في
التراويح، فأعجبه صوته، وقال: كأنه صوت جلاجل.
قلت: توفي سنة سبع وثمانين ومئتين.
180 - عثمان بن خرزاد
* * [ س ] (1) هو: الحافظ، الثبت، شيخ الاسلام، أبو
عمرو بن أبي أحمد، وهو: عثمان بن عبد الله بن محمد بن
خرزاذ الطبري، ثم البصري، نزيل أنطاكية وعالمها.
__________
* تاريخ بغداد: 13 / 49 - 50، تاريخ ابن عساكر: خ: 17
/ 133 أ - ب، المنتظم: 6 / 26.
* * تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 64 - 65 ب، تهذيب
الكمال: خ: 914 - 915، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 31،
تذكرة الحفاظ: 2 / 623 - 624، عبر المؤلف: 2 / 66،
طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 506 - 507، تهذيب
التهذيب: 7 / 131 - 132، طبقات الحفاظ: 265، خلاصة
تذهيب الكمال: 260، شذرات الذهب: 2 / 177 (1) زيادة من
" تهذيب التهذيب " (*)
(13/378)
ولد قبل المئتين.
وسمع من: عفان بن مسلم، وقرة بن حبيب، وعمرو بن مرزوق،
وعمرو بن خالد الحراني، وفروة بن أبي المغراء، وأبي
الوليد الطيالسي، وسعيد بن منصور، وعبد السلام بن
مطهر، وموسى بن إسماعيل، ويحيى ابن بكير، ويحيى
الحماني، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وإبراهيم بن محمد
بن عرعرة، وأحمد بن جناب، وأحمد بن يونس، وأمية بن
بسطام، وبكار بن محمد السيريني (1)، والحكم بن موسى،
وسعيد بن كثير بن عفير، وسهل بن بكار، وشيبان بن فروخ،
وسليمان بن بنت شرحبيل، وأبي معمر المقعد، وعبيد الله
بن عائشة، وعمرو بن عون الواسطي، ومحمد بن سنان
العوقي، ومسدد، وعدة.
وجمع وصنف.
حدث عنه: النسائي، وأبو حاتم الرازي - مع تقدمه - وأبو
عوانة في " صحيحه "، ومحمد بن المنذر شكر، وحاجب بن
أركين، وأحمد بن عمرو ابن جابر الرملي، وأبو الحسن بن
جوصا، وخيثمة الاطرابلسي، وعلي بن الحسن بن العبد
البصري، صاحب أبي داود، وأبو بكر محمد بن أحمد بن
محمويه الاهوازي، ومحمد بن إسماعيل الفارسي، ومحمد بن
علي بن حمزة الانطاكي، وهشام بن محمد بن جعفر الكندي،
وأبو القاسم الطبراني بالاجازة، وخلق كثير.
قال عبد الغني بن سعيد الحافظ: عثمان بن خرزاذ هو
عثمان بن عبد الله.
كذا يقول أبو عبد الرحمن - وهو عثمان بن صالح - كما
حدثني أبو
__________
(1) السيريني، بكسر السين، وسكون الياء، وكسر الراء:
نسبة إلى سيرين والد محمد ابن سيرين.
(اللباب).
(*)
(13/379)
طاهر السدوسي: حدثنا أبي، حدثني عثمان بن صالح، ويعرف
صالح بخرزاذ (1).
وقال ابن أبي حاتم: كان رفيق أبي في كتابة الحديث، في
بعض الجزيرة والشام، وهو صدوق، أدركته ولم أسمع منه.
وقال أبو بكر بن محمويه الاهوازي: أحفظ من رأيت عثمان
بن خرزاذ (2).
قال ابن مندة: كان أحد الحفاظ.
وقال الحاكم: ثقة مأمون.
قال محمد بن بركة الحلبي: سمعت عثمان بن خرزاذ يقول:
يحتاج صاحب الحديث إلى خمس، فإن عدمت واحدة، فهي نقص،
يحتاج إلى عقل جيد، ودين وضبط وحذاقة بالصناعة، مع
أمانة تعرف منه (3).
قلت: الامانة جزء من الدين، والضبط داخل في الحذق،
فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقيا ذكيا، نحويا
لغويا، زكيا حييا، سلفيا، يكفيه أن يكتب بيده مئتي
مجلد، ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مئة مجلد، وأن
لا يفتر من طلب العلم إلى الممات، بنية خالصة وتواضع،
وإلا فلا يتعن.
قال سليمان بن أحمد الطبراني: أخبرنا عثمان بن خرزاذ
في كتابه - وقد رأيته -: دخلنا عليه بأنطاكية وهو عليل
مسبوت، فلم أسمع منه شيئا،
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 65 أ (2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 11 / 65 أ - ب.
(*)
(13/380)
وعاش بعد خروجي من أنطاكية ثلاث سنين ونيفا (1).
وقال أبو يعقوب الاذرعي: توفي عثمان بن خرزاذ بأنطاكية
في ذي
الحجة، سنة إحدى وثمانين ومئتين.
وأما أبو سعيد بن يونس، فقال: مات في المحرم سنة
اثنتين وثمانين.
وكذا أرخه عمرو بن دحيم.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن عذير
الدمشقي (2) مرات، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي،
سنة تسع وست مئة، وأنا في الرابعة، أخبرنا علي بن
المسلم الفقيه، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن
أحمد الغساني، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن صدقة، حدثنا
عثمان بن خرزاذ، حدثنا المشرف بن أبان، حدثنا عمرو بن
جرير، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " خير موضع
في المسجد خلف الامام ".
عمرو بن جرير هو: أبو سعيد البجلي، كذبه أبو حاتم (3).
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 65 ب.
(2) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 107، فقال: "
مسند وقته، ناصر الدين، أبو القاسم وأبو حفص الطائي
الدمشقي...تفرد في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، ونعم
الشيخ كان دينا وتواضعا ولطفا وحسن أخلاق ومحبة
للحديث...ومات في ثاني ذي القعدة سنة ثمان وتسعين
وستمئة ".
(3) وقال الدارقطني: متروك الحديث، وأورد له المؤلف في
" الميزان " 3 / 250، 251 ثلاثة أحاديث، وقال: فهذه
أباطيل، وقد أورد الحديث السيوطي في " الجامع الكبير "
ص 517 بلفظ " خير يقعة في المسجد خلف الامام، وإن
الرحمة إذا انزلت بدأت بالامام، ثم الذين خلفه، ثم
يمنة، ثم يسرة ثم يتغاص المسجد بأهله " ونسبه للديلمي،
ولم ينبه على بطلانه اكتفاء بما ذكره في " المقدمة ".
(*)
(13/381)
181 - عمرو بن منصور
* [ س ] (1) الحافظ، المجود، المصنف، أبو سعيد
النسائي، أحد من يضرب به المثل في الحفظ، وهو قديم
الوفاة.
حدث عن: أبي مسهر الغساني، وأبي نعيم، وأبي اليمان،
وآدم بن أبي إياس، ومسلم بن إبراهيم، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي كثيرا، وعبد الله بن محمد بن سيار،
وقاسم بن زكريا المطرز، وآخرون.
قال النسائي: ثقة، مأمون، ثبت.
وقال ابن سيار الفرهياني (2): سمعت عباسا العنبري
يقول: ما قدم علينا مثل عمرو بن منصور، وأبي بكر
الاثرم فقلت له: تقرن صاحبنا بالاثرم ؟ ! - يعني أن
هذا فوق الاثرم -.
قلت: لم أقع له بتاريخ وفاة، وينبغي أن يذكر مع
البخاري.
182 - عبد العزيز بن
معاوية * * ابن عبد العزيز بن محمد بن أمية:
الامام، الصدوق، المسند، أبو
__________
* تهذيب الكمال: خ: 1052، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 111،
ميزان الاعتدال: 3 / 289، تهذيب التهذيب: 8 / 107،
طبقات الحفاظ: 256، خلاصة تذهيب الكمال: 294.
(1) زيادة من تهذيب التهذيب.
(2) في الاصل: " والفرهياني، بزيادة الواو، وهو خطأ،
والتصحيح من مصادر المترجم، واسم ابن سيار محمد بن عبد
الله بن سيار الفرهياني.
* * تاريخ بغداد: 10 / 452 - 453، تاريخ ابن عساكر: خ:
10 / 198 أ - 199 أ، المنتظم: 5 / 174 - 175، اللباب:
2 / 319، ميزان الاعتدال: 2 / 636، تهذيب = (*)
(13/382)
خالد القرشي الاموي العتابي البصري، من ولد عتاب بن
أسيد أمير مكة.
حدث عن: أبي عاصم النبيل، وأزهر السمان، وأشهل بن
حاتم، وجعفر بن عون، والانصاري، وبدل بن المحبر،
وطبقتهم.
وعنه: أبو العباس السراج، وأبو سعيد بن الاعرابي، وأبو
علي الحصائري، وخيثمة الاطرابلسي، وأبو عمرو بن
السماك، وإبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء، وفاروق بن
عبد الكبير الخطابي، وآخرون.
قال الدارقطني: لا بأس به.
وقال أبو أحمد الحاكم: روى عن أبي عاصم ما لا يتابع
عليه.
قال أبو سعيد بن يونس: حدث بمصر، ومات بالبصرة في ربيع
الاول، سنة أربع وثمانين ومئتين.
قلت: كان من المعمرين، مات في عشر المئة.
183 - محمد بن المغيرة *
ابن سنان الضبي الهمذاني، السكري، الحنفي،
الفقيه.
ويلقب بحمدان، شيخ المحدثين بهمذان وأهل الرأي.
حدث عن: القاسم بن الحكم العرني، وهشام بن عبيد الله
الرازي، وعبيد الله بن موسى، ومكي بن إبراهيم، وقبيصة،
وطائفة.
__________
= التهذيب: 6 / 358 - 359.
والعتابي، بفتح العين والتاء المشددة: نسبة إلى عتاب
بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس.
* ميزان الاعتدال: 4 / 46، الوافي بالوفيات: 5 / 50.
(*)
(13/383)
وعنه: أبو الحسن بن سلمة القطان، وعبد السلام بن محمد،
وأبو جعفر أحمد بن عبيد، وحامد الرفاء، وآخرون.
قال صالح بن أحمد: صدوق.
وقال السليماني: فيه نظر.
قلت: يشير إلى أنه صاحب رأي (1).
توفي سنة أربع وثمانين ومئتين.
184 - أحمد بن أصرم * ابن
خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن الصحابي
عبد الله بن مغفل المزني، المغفلي البصري، ثم الهمذاني
حدث عن: أحمد بن حنبل، وابن معين، وعبد الاعلى بن
حماد، والقواريري، وسريج، وأبي إبراهيم الترجماني،
وعدة.
وعنه: أبو عوانة في " صحيحه "، وابن أبي حاتم، والقاسم
بن أبي صالح، وأبو جعفر العقيلي، وأبو عبد الله بن
مروان الدمشقي، وأبو بكر النجاد، وآخرون.
وثقه أبو بكر الخلال، وقال: حدثنا أبو بكر المروذي
عنه.
__________
(1) جرح الراوي الثقة العدل الضابط بأنه من أهل الرأي
مردود على قائله، لا يلتفت إليه، ولا يعبأ به، لانه
صادر عن تعصب وهوى.
فأبو حنيفة ومالك وربيعة والشافعي وأحمد، وكثير غيرهم
يدخلون في عداد أهل الرأي، لان كل واحد منهم له تأويل
في آية، أو مذهب في سنة رد من أجل ذلك المذهب سنة أخرى
بتأويل سائغ، أو ادعاء نسخ، أو بوجه من الوجوه
المعروفة عند أهل العلم.
(انظر: جامع بيان العلم وفضله: 321 وما بعدها، لابن
عبد البر).
* الجرح والتعديل: 2 / 42، تاريخ بغداد: 4 / 44 - 45،
طبقات الحنابلة: 1 / 22، المنتظم: 6 / 3، اللباب: 3 /
241.
(*)
(13/384)
وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وسمعت موسى بن
إسحاق القاضي يعظم شأنه، ويرفع منزلته (1) وقال صالح
بن أحمد الحافظ: كان ثبتا، شديدا على أصحاب البدع.
قلت: توفي في جمادى الاولى، سنة خمس وثمانين ومئتين،
وهو من طبقة الفريابي ونحوه، وإنما قدمته لقدم وفاته.
مات في عشر الثمانين.
185 - عبيد بن عبد الواحد
* ابن شريك: المحدث، المفيد، أبو محمد البغدادي
البزار.
سمع: سعيد بن أبي مريم، وأبا صالح، وآدم بن أبي إياس،
وأبا الجماهر الكفرسوسي، ونعيم بن حماد، وعدة.
وعنه: عثمان بن السماك، وابن نجيح، والطستي (2)،
والنجاد، وأبو بكر الشافعي، وآخرون.
قال الدارقطني: صدوق.
وقال الخطيب (3): مات في رجب، سنة خمس وثمانين ومئتين.
قلت: يقع من عواليه في " الغيلانيات ".
__________
(1) الجرح والتعديل: 2 / 42.
* تاريخ بغداد: 11 / 99 - 100، تاريخ ابن عساكر: خ: 11
/ 11 أ - ب، المنتظم: 6 / 8 - 9، لسان الميزان: 4 /
120.
(2) الطستي: نسبة إلى الطست وعمله.
(اللباب).
(3) تاريخ بغداد: 11 / 100.
(*)
(13/385)
186 - الباغندي * الامام، المحدث، العالم، الصادق، أبو
بكر، محمد بن سليمان
ابن الحارث الواسطي، المعروف بالباغندي، والد الحافظ
الكبير محمد بن محمد.
حدث عن: عبيد الله بن موسى، وأبي عاصم، ومحمد بن عبد
الله الانصاري، وأبي نعيم، وقبيصة، وحجاج بن منهال،
وعبد الله بن رجاء، وخلاد بن يحيى، والقعنبي، وغيرهم.
حدث عنه: ابنه الحافظ أبو بكر، والقاضي المحاملي،
وإسماعيل الصفار، وأبو بكر النجاد، وابن مقسم، وأبو
بكر الشافعي، وعبد الخالق بن الحسن بن أبي روبا (1)،
وآخرون.
وقيل: إن أبا داود جلس بين يديه، وحمل عنه.
قال الخطيب: سمعت أبا الفتح بن أبي الفوارس يقول: هو
ضعيف.
وقال السلمي: سألت الدارقطني عنه، فقال: لا بأس به.
وقال الخطيب: رواياته كلها مستقيمة (2).
مات في آخر سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
قلت: كان من أبناء التسعين..
__________
* المنتظم: 5 / 169، تذكرة الحفاظ: 2 / 685 - 686، في
نهاية ترجمة ابن خراش، ميزان الاعتدال: 3 / 571، عبر
المؤلف: 2 / 71، البداية والنهاية: 11 / 75 - 76، لسان
الميزان: 5 / 186 - 187، شذرات الذهب: 2 / 185.
(1) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 11 / 124، وعبر
المؤلف: 2 / 305.
(2) ميزان الاعتدال: 3 / 571.
(*)
(13/386)
وفيها مات: إسحاق بن إبراهيم الختلي (1)، وسهل بن عبد
الله التستري الزاهد، (2)، وتمتام (3)، ومقدام بن داود
الرعيني (4)، وعلي بن محمد بن أبي الشوارب (5)، وعبد
الرحمن بن خراش (6)، والعباس بن الفضل الاسفاطي (7).
أخبرنا سنقر الاسدي (8) بحلب، أخبرنا علي بن محمود،
أخبرنا أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ، أخبرنا أبو ياسر
محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عبدالملك بن بشران، أخبرنا
عبد الخالق بن الحسن، حدثنا محمد ابن سليمان الواسطي،
حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق: سمعت
سليمان بن صرد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يوم الاحزاب: " الآن نغزوهم ولا يغزونا " (9).
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (342)، برقم: (158) (2)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (330)، برقم: (151) (3) هو:
محمد بن غالب بن حرب الضبي.
ستأتي ترجمته في الصفحة: (390)، برقم: (188).
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (345)، برقم: (161) (5)
ستأتي ترجمته في الصفحة: (412)، برقم: (200) (6) ستأتي
ترجمته في الصفحة: (508)، برقم: (253) (7) انظر:
اللباب: 1 / 54.
والاسفاطي: نسبة إلى بيع الاسفاط وعملها.
(7) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 55.
(9) وأخرجه البخاري: 7 / 311 في المغازي، باب غزوة
الخندق من طريق أبي نعيم بهذا الاسناد.
وسليمان بن صرد: بضم الصاد المهملة وفتح الراء بعدها
دال مهملة ابن الحون الخزاعي: صحابي مشهور، يقال: كان
اسمه يسار فغيره النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ في الفتح: ليس له في البخاري سوى هذا
الحديث وآخر تقدم في صفة إبليس.
وكان سليمان أسن من خرج من أهل الكوفة في طلب ثأر
الحسين بن علي، فقتل هو وأصحابه بعين الوردة في سنة
خمسة وستين.
(*)
(13/387)
187 - الحارث بن محمد * ابن أبي أسامة
- واسم أبي أسامة: داهر -: الحافظ، الصدوق، العالم،
مسند العراق، أبو محمد التميمي، مولاهم البغدادي
الخصيب، صاحب " المسند " المشهور (1)، ولم يرتبه على
الصحابة، ولا على الابواب.
ولد في سنة ست وثمانين ومئة.
وسمع من: عبد الوهاب بن عطاء، وبشر بن عمر الزهراني،
ويزيد ابن هارون، روح بن عبادة، وكثير بن هشام، وعبد
الله بن بكر السهمي، ومحمد بن عمر الواقدي، وسعيد بن
عامر الضبعي، وأبي النضر، وعثمان ابن عمر بن فارس،
وأبي نوح قراد، وعبيد الله بن موسى، ويحيى بن أبي بكير
الكرماني، وأبي جابر محمد بن عبدالملك، ومحمد بن عبد
الله بن كناسة، والاسود بن عامر شاذان، ومحمد بن مصعب
القرقساني، وقبيصة، وأبي نعيم، وعفان، ومسلم بن
إبراهيم، وأبي عبيد، وخلق سواهم.
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن جرير
الطبري، ومحمد ابن مخلد، وأبو بكر النجاد، وعبد الصمد
الطستي، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر بن خلاد النصيبي،
وعبد الله بن الحسين النضري المروزي، وخلق.
ذكره ابن حبان في " الثقات ".
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 218 - 219، المنتظم: 5 / 155،
تذكرة الحفاظ: 2 / 619 - 620، ميزان الاعتدال: 1 / 442
- 443، عبر المؤلف: 2 / 68، لسان الميزان: 2 / 157 -
159، طبقات الحفاظ: 272 - 273، شذرات الذهب: 2 / 178.
(1) وقد جرد زوائده الحافظ ابن حجر في: " المطالب
العالية ".
(*)
(13/388)
وقال الدارقطني: صدوق.
قال غنجار البخاري: حدثنا محمد بن موسى الرازي: سمعت
الحارث بن أبي أسامة يقول: لي ست بنات، أصغرهن بنت
ستين سنة، ما زوجت واحدة منهن لانني فقير، وما جاءني
إلا فقير، وكرهت أن أزيد في عيالي، وها كفني على الوتد
من ثلاثين سنة، خفت أن لا يجدوا لي كفنا.
ورواها غير غنجار عن الرازي.
وقال محمد بن محمد بن مالك الاسكافي: سألت إبراهيم
الحربي عن الحارث بن محمد، وقلت: إنه يأخذ الدراهم،
فقال: اسمع منه، فإنه ثقة (1).
وقال أبو الفتح الازدي: هو ضعيف، لم أر في شيوخنا من
يحدث عنه.
قلت: هذه مجازفة، ليت الازدي عرف ضعف نفسه.
وقال البرقاني: أمرني الدارقطني أن أخرج حديث الحارث
في " الصحيح ".
وقال ابن حزم في " المحلى ": ضعيف.
قلت: لا بأس بالرجل، وأحاديثه على الاستقامة، وهو الذي
روى كتاب " العقل " عن ابن المحبر، وقيل: إنه سمع من
علي بن عاصم.
وأظنني رأيت ذلك له، وكذا قيل: إنه روى عن أبي بدر
السكوني.
وقد سمعنا جملة من " مسنده "، وذنبه أخذه على الرواية،
فلعله وهو الظاهر أنه
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 619.
(*)
(13/389)
كان محتاجا، فلا ضير، ولهذا عمل فيه محمد بن خلف بن
المرزبان الاخباري هذه القطعة: أبلغ الحارث المحدث
قولا * عن أخ صادق شديد المحبه ويك قد كنت تعتزي سالف
الده * ر قديما إلى قبائل ضبه (1) وكتبت الحديث عن
سائر النا * س وحاذيت في اللقاء ابن شبه عن يزيد
والواقدي وروح * وابن سعد والقعنبي وهدبه ثم صنفت من
أحاديث سفيا * ن وعن مالك و " مسند " شعبه وعن ابن
المديني فمازل * - ت قديما تبث في الناس كتبه (2)
أفعنهم أخذت بيعك للعل * - م وإيثار من يزيدك حبه (3)
في أبيات آخر، فلما وصلت الابيات إليه، قال: أدخلوه،
فضحني قاتله الله.
توفي الحارث يوم عرفة، سنة اثنتين وثمانين ومئتين في
عشر المئة.
188 - تمتام * الامام،
المحدث، الحافظ، المتقن، أبو جعفر، محمد بن غالب
__________
(1) في الاصل: " تغتربي ".
والتصحيح من الميزان.
(2) في " الميزان ": " المدائني " بدلا من: " المديني
".
(3) ميزان الاعتدال: 1 / 443، وزاد بيتين: سوءة سوءة
لشيخ قديم * ملك الحرص والضراعة قلبه
فهو كالقفر في المعيشة يبسا * وأمانيه بعد تسعين رطبه
* الجرح والتعديل: 8 / 5، تاريخ بغداد: 3 / 143 - 146،
المنتظم: 5 / 169، اللباب: 1 / 222، تذكرة الحفاظ: 2 /
615، ميزان الاعتدال: 3 / 681، عبر المؤلف: 2 / 71،
الوافي بالوفيات: 4 / 307، لسان الميزان: 5 / 337 -
338، طبقات الحفاظ: 270، شذرات الذهب: 2 / 185.
(*)
(13/390)
ابن حرب، الضبي البصري، التمار التمتام، نزيل بغداد.
ولد سنة ثلاث وتسعين ومئة.
وسمع: أبا نعيم، ومسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وعفان بن
مسلم، وعبد الصمد بن النعمان، وأبا حذيفة النهدي،
وعمرو بن مرزوق، ومسددا، والحوضي، وظبقتهم.
حدث عنه: أبو جعفر بن البختري، وإسماعيل الصفار،
وعثمان بن السماك، وأبو سهل القطان، وابن كوثر
البربهاري، وأبو بكر الشافعي، وخلق كثير.
قال الدارقطني: ثقة مأمون، إلا أنه كان يخطئ.
وقال في موضع آخر: ثقة، مجود، سمعت أبا سهل بن زياد،
سمعت موسى بن هارون يقول في حديث محمد بن غالب، عن
الوركاني، عن حماد الابح، عن ابن عون، عن ابن سيرين،
عن عمران بن حصين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: " شيبتني هود وأخواتها ": إنه حديث موضوع.
قلت: يريد: موضوع السند لا المتن (1).
__________
(1) فإنه صحيح فقد أخرجه أبو بكر المروزي في مسند أبي
بكر برقم (30) والترمذي في سننه (3293) وفي الشمائل
برقم (40) وابن سعد في الطبقات (1 / 435 - 436) وأبو
نعيم
في الحلية (4 / 350) من طريق شيبان عن أبي إسحاق عن
عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه يا
رسول الله: قد شبت، قال: شيبتني هود والواقعة
والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ".
وصححه الحاكم: 2 / 343 - 476 ووافقه الذهبي.
وأورده الضياء في الاحاديث المختارة.
وفي الباب عن عقبة بن عامر عند الطبراني كما في المجمع
(7 / 37) وعن أنس عند ابن سعد في الطبقات (1 / 436)
وعن أبي جحيفة عند الترمذي في الشمائل برقم (41).
قال العلماء: لعل ذلك لما فيهن من التخويف الفظيع
والوعيد الشديد لاشتمالهن مع قصرهن على حكاية أهوال
الآخرة وعجائبها وفظائعها وأحوال الهالكين والمعذبين
مع ما في بعضهن من الامر بالاستقامة.
(*)
(13/391)
قال أبو سهل: فحضرنا مجلس إسماعيل القاضي - موسى عنده
- والمجلس غاص بأهله، فدخل محمد بن غالب، فلما بصر به
إسماعيل، قال: إلي يا أبا جعفر إلي، ووسع له معه على
السرير، فلما جلس، أخرج كتابا، فقال: أيها القاضي !
تأمله، وعرض عليه الحديث، وقال: أليس الجزء كله بخط
واحد ؟ قال: نعم.
قال: هل ترى شيئا على الحاشية ؟ قال: لا.
قال: فترضى هذا الاصل ؟ قال: إي والله.
قال: فلم أوذى وينكر علي ؟ فصاح موسى بن هارون، وقال:
الحديث موضوع.
قال: فحدث به محمد بن غالب بحضرة القاضي، وهو ساكت،
وما زال القاضي يذكر من فضل محمد بن غالب وتقدمه.
وفي رواية أخرى (1): قال الدارقطني: فقال إسماعيل
القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة، فلو تركته
لم يضرك.
قال: لا أرجع عما في أصلي.
قال الدارقطني: كان يتقى لسان تمتام.
والصواب: أن الوركاني حدث بهذا الاسناد عن عمران بن
حصين مرفوعا: " لا طاعة لملخوق..." (2) وحدث على أثره
الابح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس: " شيبتني هود ".
قلت: مات في شهر رمضان، سنة ثلاث وثمانين ومئتين، وله
تسعون عاما.
__________
(1) في: تاريخ بغداد: 3 / 145.
(2) حديث صحيح.
أخرجه أحمد 4 / 426، و 432 و 436، و 5 / 66، والطيالسي
(850) و (856)، والحاكم 3 / 443 وصححه ووافقه الذهبي،
وانظر المجمع 5 / 226.
ولفظه بتمامه " لا طاعة لمخلوق في معصية الله ".
(*)
(13/392)
وقع لنا حديثه كثيرا، وبالاجازة في " الغيلانيات ".
189 - البرلسي * الشيخ،
الامام، الحافظ، المجود، أبو إسحاق، إبراهيم بن أبي
داود سليمان بن داود الاسدي، الشامي، الصوري
المولد.
البرلسي، بفتحتين ثم لام مضمومة (1).
سمع: آدم بن أبي إياس، وسعيد بن أبي مريم، وأبا مسهر
الغساني، وطبقتهم.
وكان من أوعية العلم.
قال ابن جوصا: ذاكرته، وكان من أوعية الحديث.
قلت: روى عنه: محمد بن يوسف الهروي، وأبو جعفر
الطحاوي، وأبو العباس الاصم، وأبو الفوارس السندي،
وجماعة.
قال أبو سعيد بن يونس: هو أحد الحفاظ المجودين
الاثبات.
توفي بمصر في شعبان، سنة سبعين ومئتين.
قال ابن عساكر (2): سمع أبا مسهر، ورواد بن الجراح،
وبكار بن عبد الله السيريني، ويحيى الوحاظي، ويزيد بن
عبد ربه، وسمى عدة.
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 218 ب - 219 أ، المنتظم: 5
/ 85، معجم البلدان: " برلس "، اللباب: 1 / 142، شذرات
الذهب: 2 / 162، تهذيب بدران: 2 / 215.
(1) وكذا ضبطها ياقوت في " معجمه " وضبطها السمعاني في
" الانساب " وابن الاثير في " اللباب " والفيروزبادي
في " القاموس " بثلاث ضمات مع تشديد اللام، وبرلس:
بليدة على شاطئ نيل مصر قرب البحر من جهة الاسكندرية.
(2) انظر ترجمته فيه.
(*)
(13/393)
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن جوصا يقول: ذاكرت أبا
إسحاق البرلسي، وكان من أوعية الحديث.
فذكر حكاية.
أبو إسحاق أبوه كوفي، وولد هو بصور، وقيل: توفي سنة
اثنتين وسبعين ومئتين.
190 - الازرق * المحدث،
العالم، المسند، أبو بكر، محمد بن الفرج بن
محمود الازرق البغدادي.
حدث عن: حجاج بن محمد الاعور، ومحمد بن عمر الواقدي،
وأبي النضر هاشم بن القاسم، ومحمد بن يحيى بن كناسة،
وعبيد الله بن موسى، وعبد الله بن بكر السهمي، ومحمد
بن مصعب القرقساني،
والاسود بن عامر شاذان، ويونس بن محمد المؤدب، وكثير
بن هشام، وحفص بن عمر الحبطي، وخلف بن تميم، وجماعة.
حدث عنه: عبد الصمد بن علي الطستي، ومحمد بن العباس بن
نجيح، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن يوسف بن خلاد
العطار، وآخرون.
قال الحاكم: سمعت الدار قطني يقول: لا بأس به، وهو من
أصحاب حسين الكرابيسي، يطعن عليه في اعتقاده.
قال الخطيب: أما أحاديثه فصحاح (1).
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 159 - 160، ميزان الاعتدال: 4 / 4،
عبر المؤلف: 2 / 69، الوافي بالوفيات: 4 / 318، تهذيب
التهذيب: 9 / 399، لسان الميزان: 5 / 339 - 340، شذرات
الذهب: 2 / 180.
(1) تاريخ بغداد: 3 / 159.
(*)
(13/394)
قلت: له أسوة بخلق كثير من الثقات الذين حديثهم (1) في
" الصحيحين " أو أحدهما، ممن له بدعة خفيفة بل ثقيلة،
فكيف الحيلة ؟ نسأل الله العفو والسماح.
مات الازرق في آخر سنة إحدى وثمانين ومئتين (2).
أنبأني أحمد بن سلامة (3)، وحدثني عنه أبو سليمان بن
إبراهيم الوراق، قال: أنبأنا أحمد بن أبي عيسى التيمي،
(ح): وأخبرنا أحمد بن عبد الله ابن عبد العزيز الفقيه،
أخبرنا إسماعيل بن ظفر، أخبرنا التيمي، أخبرنا أبو علي
الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن يوسف النصيبي،
حدثنا محمد بن الفرج، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر
بن برقان، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة، قالت: "
أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
أحل في حجته التي حج " (4).
191 - محمد بن مسلمة * ابن
الوليد: المحدث المعمر، أبو جعفر الواسطي،
الطيالسي.
ولد سنة ثمان وسبعين ومئة.
وحدث ببغداد عن: يزيد بن هارون، وأبي جابر محمد بن عبد
الملك، وأبي عبدالرحمن المقرئ، وموسى الطويل، الذي زعم
أنه سمع من أنس بن مالك.
__________
(1) في الاصل: " حديثه ".
(2) في: " الميزان " و " العبر " و " الوافي بالوفيات
": وفاته سنة (282) (3) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ":
خ: ق: 6.
(4) وأخرجه أحمد 6 / 285 من طريق كثير بن هشام بهذا
الاسناد، وإسناده صحيح.
* تاريخ بغداد: 3 / 305 - 307، ميزان الاعتدال: 4 / 41
- 42، الوافي بالوفيات: 5 / 30 (*)
(13/395)
حدث عنه: أبو جعفر بن البختري، ومحمد بن مخلد العطار،
وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن ثابت الواسطي، وعدة.
روى الحاكم، عن الدارقطني: لا بأس به.
قال الخطيب: رأيت أبا القاسم اللالكائي (1)، والحسن بن
محمد الخلال يضعفانه.
وقال الخطيب: له مناكير (2).
توفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين، وقد نيف على المئة،
فإنه ذكر أنه سمع من موسى الطويل مولى أنس بواسط، سنة
إحدى وتسعين ومئة، قال:
وكان لي ثلاث عشرة سنة (3).
وقال ابن عدي في " كامله ": أخبرنا عبدالحميد الوراق،
قال: قاطعنا محمد بن مسلمة على أجزاء، فقرأنا عليه،
وفيها حديث طويل، فقال: ما أحسن هذا ! والله إن سمعت
هذا الحديث قط إلا الساعة.
وقال له رجل: قل عن هشام بن عروة.
فقال: بدرهمين صحاح.
ثم ساق له ابن عدي مناكير.
وحديثه عال في " الغيلانيات ".
__________
(1) هو هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي
الحافظ، محدث بغداد، توفي سنة 418 ه.
انظره في " تذكرة الحفاظ: 3 / 1083 - 1085.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 3 / 305.
(3) المصدر السابق: 3 / 305 - 306.
(*)
(13/396)
192 - ابن أبي الدنيا * عبد الله بن محمد بن عبيد
بن سفيان بن قيس القرشي، مولاهم البغدادي، المؤدب،
صاحب التصانيف السائرة، من موالي بني أمية.
ولد سنة ثمان ومئتين.
وأقدم شيخ له سعيد بن سليمان سعدويه الواسطي.
وسمع من: علي بن الجعد، وخالد بن خداش، وعبد الله بن
خيران، صاحب المسعودي، وطبقتهم.
وقد جمع شيخنا أبو الحجاج (1) الحافظ أسماء شيوخه على
المعجم، وهم خلق كثير، فمنهم: أحمد بن إبراهيم
الدورقي، وأحمد بن جناب، وأحمد بن حاتم الطويل، وأحمد
بن عبدة الضبي، وأحمد بن عمران
الاخنسي، وأحمد بن عيسى المصري، وأحمد بن محمد بن
أيوب، وأحمد بن محمد البرتي، وأحمد بن منيع، وأحمد بن
زياد سبلان، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وإبراهيم بن
عبد الله الهروي، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، وإبراهيم
بن أورمة، وهو أصغر منه، وإسحاق بن أبي إسرائيل،
وإسماعيل بن إبراهيم الترجماني، وإسماعيل القاضي،
وتأخر بعده، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي،
وإسماعيل بن عبيد بن أبي
__________
* الجرح والتعديل: 5 / 163، الفهرست: المقالة الخامسة:
الفن الخامس، تاريخ بغداد: 10 / 89 - 91، طبقات
الحنابلة: 1 / 192 - 195، المنتظم: 5 / 148 - 149،
تهذيب الكمال: خ: 736 - 737، تذهيب التهذيب: خ: 2 /
184، تذكرة الحفاظ: 2 / 677 - 679، عبر المؤلف: 2 /
65، فوات الوفيات: 2 / 228 - 229، البداية والنهاية:
11 / 71، تهذيب التهذيب: 6 / 12 - 13، النجوم الزاهرة:
3 / 86، طبقات الحفاظ: 294 - 295، خلاصة تذهيب الكمال:
213.
(1) انظر: تهذيب الكمال: خ: 736.
(*)
(13/397)
كريمة، وإسماعيل بن عيسى العطار، وبسام بن يزيد
النقال، وبشار بن موسى، وبشر بن الوليد الكندي، وحاجب
بن الوليد، والحارث بن سريج النقال، والحارث بن أبي
أسامة، رفيقه، والحكم بن بموسى، وخالد بن خداش، وخلف
بن سالم المخرمي، وخلف بن هشام البزار، وداود بن رشيد،
وداود بن عمرو الضبي، والربيع بن ثعلب، وزهير بن حرب،
وسريج بن يونس، وسعيد بن زنبور الهمداني، وسعيد بن
سليمان المخرمي الاحول، وسعيد بن سليمان سعدويه، وسعيد
بن محمد الجرمي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وسويد
بن سعيد، وعبد الله بن
خيران، وعبد الله بن عون الخراز، وعبد الله بن معاوية
الجمحي، وعبد الاعلى بن حماد، وعبد الصمد بن يزيد
مردويه، و عبد العزيز بن بحر، وعبد المتعالي بن طالب،
وأبي نصر بن عبد العزيز التمار، وعبيد الله القواريري،
وعبيد الله العيشي، وعلي بن الجعد، وعمار بن نصر، وأبو
عبيد القاسم بن سلام، وهو من قدماء شيوخه، وكامل بن
طلحة، ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، ومحمد بن بكار
بن الريان، ومحمد بن جعفر المدائني، عن حمزة الزيات في
" اصطناع المعروف "، ومحمد بن زياد بن الاعرابي، ومحمد
بن سعيد الكاتب، ومحمد بن سلام الجمحي، ومحمد ابن
الصباح الدولابي، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، ومحمد بن
عاصم، صاحب الخان، حدثه عن: حريز بن عثمان، وعن كثير
بن سليم، ومحمد ابن عباد المكي، ومحمد بن عبد الواهب
الحارثي، ومحمد بن عبيد والده، ومحمد بن عمران بن أبي
ليلى الانصاري، ومحمد بن يونس الكديمي،
__________
(1) البرتي، بكسر الباء، وسكون الراء: نسبة إلى برت:
قرية بنواحي بغداد.
(اللباب) (*)
(13/398)
ومحمود بن الحسن الوراق، من نظمه، ومحمود بن محمد بن
محمود بن عدي بن ثابت بن قيس بن الخطيم الظفري، ومنصور
بن أبي مزاحم، ومهدى بن حفص، وموسى بن محمد بن حيان
البصري، والنضر بن طاهر البصري، ونعيم بن الهيصم،
وهارون بن معروف، والهيثم بن خارجة، ويحيى بن أيوب
العابد، ويحيى بن درست القرشي، ويحيى بن عبدالحميد
الحماني، ويحيى بن عبدويه، صاحب شعبة، ويحيى بن يوسف
الزمي (1)، وأبو بلال الاشعري مرداس، وأبو عبيدة بن
فضيل بن عياض.
ويروي عن خلق كثير لا يعرفون، وعن طائفة من المتأخرين،
كيحيى ابن أبي طالب، وأبي قلابة الرقاشي، وأبي حاتم
الرازي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعباس الدوري، لانه
كان قليل الرحلة، فيتعذر عليه رواية الشئ، فيكتبه
نازلا وكيف اتفق.
وتصانيفه كثيرة جدا، فيها مخبآت وعجائب.
حدث عنه: الحارث بن أبي أسامة، أحد شيوخه، وابن أبي
حاتم، وأحمد بن محمد اللنباني (2)، وأبو بكر أحمد بن
سلمان النجاد، والحسين ابن صفوان البرذعي، وأحمد بن
خزيمة، وأبو جعفر عبد الله بن برية الهاشمي، وأبو بكر
محمد بن عبد الله الشافعي، وعيسى بن محمد الطوماري،
وأبو علي أحمد بن محمد الصحاف، وأبو العباس بن عقدة،
وأبو سهل بن زياد، وأحمد بن مروان الدينوري، وعثمان بن
محمد
__________
(1) الزمي، بفتح الزاي، وتشديد الميم: نسبة إلى زم:
بليدة على طرف جيحون.
(اللباب).
(2) اللنباني، بضم اللام، وسكون النون: نسبة إلى محلة
كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.
(اللباب) (*)
(13/399)
الذهبي، وعلي بن الفرج بن أبي روح، وإبراهيم بن موسى
بن جميل الاندلسي، وإبراهيم بن عثمان الخشاب، بصري،
وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد - ومات قبله - أبو
الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، وابن أبي حاتم،
وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، ومحمد بن عبد الله بن
أحمد الاصبهاني الصفار، وأبو بشير الدولابي، وأبو جعفر
بن البختري، ومحمد بن أحمد بن خنب (1) البخاري، وابن
المرزبان، ومحمد بن خلف
وكيع، وآخرون.
وقد روى عنه ابن ماجة في " تفسيره ".
وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وقال أبي: هو
صدوق (2).
وقال الخطيب: كان يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء (3).
وقال غيره: كان ابن أبي الدنيا إذا جالس أحدا، إن شاء
أضحكه، وإن شاء أبكاه في آن واحد، لتوسعه في العلم
والاخبار.
قال أحمد بن كامل: كان ابن أبي الدنيا مؤدب المعتضد.
قال أبو بكر بن شاذان البزاز: حدثنا أبو ذر القاسم بن
داود، حدثني ابن أبي الدنيا، قال: دخل المكتفي (4) على
الموفق ولوحه بيده، فقال: مالك لوحك بيدك ؟ قال: مات
غلامي واستراح من الكتاب.
قال: ليس [ هذا ] من كلامك، كان الرشيد أمر أن تعرض
عليه ألواح أولاده (5)، فعرضت
__________
(1) خنب: بفتح الخاء وسكون النون، كذا ضبط في "
التبصير ".
(2) الجرح والتعديل: 5 / 163.
(3) تاريخ بغداد: 10 / 89.
(4) كتب في حاشية الاصل وبجانب كلمة " المكتفي ":
كلمة: " المعتضد ".
والمكتفي هو ابن المعتضد وحفيد الموفق، والمعتضد هو
ابن الموفق (5) زاد الخطيب هنا: " في كل يوم اثنين
وخميس ".
(*)
(13/400)
عليه، فقال لابنه: ما لغلامك ليس لوحك معه ؟ قال: مات
واستراح من الكتاب.
قال: وكأن الموت أسهل عليك من الكتاب ؟ قال: نعم.
قال: فدع الكتاب.
قال: ثم جئته، فقال: كيف محبتك لمؤدبك ؟ قلت: كيف لا
أحبه، وهو أول من فتق لساني بذكر الله، وهو مع ذاك إذا
شئت
أضحكك، وإذا شئت أبكاك.
قال: يا راشد: أحضر (1) هذا.
فأحضرني، فابتدأت في أخبار الخلفاء ومواعظهم، فبكى
بكاء شديدا...ثم ابتدأت، فذكرت نوادر الاعراب، فضحك
ضحكا كثيرا، ثم قال لي: شهرتني شهرتني.
وقع لي من تصانيف ابن أبي الدنيا: " القناعة "، " قصر
الامل "، " مجابي الدعوة "، " التوكل "، " الوجل "، "
ذم الملاهي "، " الصمت "، " الفرج بعد الشدة "، " قرى
الضيف "، " من عاش بعد الموت "، " المحتضرين "، "
المدارة " بفوت، " محاسبة النفس "، " ذم المسكر "، "
اليقين "، " التوبة "، " الشكر "، " الموت "، " القبور
"، " العزلة "، وأشياء.
ترتيب مصنفاته على المعجم: كتاب " الادب "، " اصطناع
المعروف "، " الاشراف "، " أخبار ضيغم "، " إصلاح
المال "، " الانواء "، " أخبار الملوك "، " الاخلاق "،
" الاخوان "، " الانفراد "، " أخبار الثوري "، "
الالوية "، " الاولياء "، " الامر بالمعروف "، "
الالحان "، " الاحزان "، " أخبار أويس "، " أخبار
معاوية "، " الاضحية "، " الاخلاص "، " الايام
والليالي "، " أهوال القيامة "، " أعلام النبوة "، "
إنزال الحاجة بالله "، " أخبار قريش "، " أخبار
__________
(1) في تاريخ بغداد 10 / 90: أحضرني.
(*)
(13/401)
الاعراب "، " إعطاء السائل "، " انقلاب الزمان "، "
أعقاب السرور والاحزان والبكاء ".
" التوبة "، " النهجد "، " التفكر والاعتبار "، "
التعازي "، " تاريخ
الخلفاء "، " التاريخ "، " تغير الاخوان "، " تغيير
الزمان "، " التقوى "، " تعبير الرؤيا "، " التشمس "،
" التوكل ".
" الجوع "، " الجهاد "، " الجفاة عند الموت "، "
الجيران ".
" حسن الظن "، " الحذر والشفقة "، " حلم الحكماء "، "
الحلم "، " حلم الاحنف "، " حروف خلف "، " الحوائج ".
" الخلفاء "، " الخافقين "، " الخمول "، " الخبز
الخاتم ".
" دلائل النبوة "، " الدين والوفاء "، " الدعاء ".
" ذم الدنيا "، " ذم الشهوات "، " ذم المسكر "، " ذم
البغي "، " ذم الغيبة "، " ذم الحسد "، " ذم الفقر "،
" ذم الرياء "، " ذم الربا "، " ذم الضحك "، " ذم
البخل "، " الذكر ".
" الرهبان " " الرخصة في السماع "، " الرمي "، "
الرهائن "، " الرضا "، " الرقة ".
" الزهد "، " الزفير ".
" السنة "، " السخاء ".
" الشكر "، " الشيب "، " شرف الفقر ".
" الصمت "، " الصدقة "، " صدقة الفطر "، " الصبر "، "
صفة الجنة "، " صفة النار "، " صفة النبي - صلى الله
عليه وسلم - "، " الصلاة على النبي - صلى الله عليه
وسلم - ".
(13/402)
" الطبقات "، " الطواعين ".
" العزلة "، " العزاء "، " عقوبة الانبياء "، " العقل
"، " العوائد "، " العقوبات "، " العيال "، " العباد
"، " العوذ "، " العيدين "، " العلم "، " عاشوراء " "
العفو "، " عطاء السائل "،
" العمر والشباب ".
" فضل العباس "، " الفتوى "، " الفرج بعد الشدة "،، "
" فضل العشر "، " فضل رمضان "، " فضائل علي "، " فضل
لا إله إلا الله "، " الفوائد "، " الفتون "، " فضائل
القرآن ".
" القصاص "، " قضاء الحوائج "، " قصر الامل "، " قرى
الضيف "، " القبور "، " القناعة ".
" كرامات الاولياء ".
" المدارة "، " من عاش بعد الموت "، " المحتضرين "، "
المرض والكفارات "، " الموت "، " المتمنين "، " مكائد
الشيطان "، " المطر "، " المنامات "، " مقتل علي "، "
مقتل عثمان "، " مقتل الحسين "، " مقتل طلحة "، " مقتل
الزبير "، " مقتل ابن الزبير "، " مقتل ابن جبير "، "
كتاب المروءة "، " المجوس "، " معارض الكلام "، "
المملوكين "، " المغازي "، " المنتظم "، " المناسك "،
" مكارم الاخلاق "، " مجابي الدعوة "، " محاسبة النفس
"، " المعيشة ".
" النوادر "، " النوازع ".
" الهم والحزن "، " الهدايا ".
(*)
(13/403)
" الورع "، " الوصايا "، " الوقف والابتداء "، " الوجل
".
" اليقين ".
193 - المنجم * الاديب،
الاخباري، أبو عبد الله، هارون بن علي بن يحيى
بن أبي
منصور بن المنجم، البغدادي، النديم.
مصنف كتاب: " البارع " في الشعراء المولدين، فبدأ
ببشار، وختم بابن الزيات، وهم مئة وستون شاعرا،
فالعماد في " الخريدة "، والحظيري، والباخرزي،
والثعالبي، نسجوا على منواله، وفرعوا عليه.
وله كتاب: " النساء وما فيهن " (1)، وغير ذلك.
وهو من بيت أدب ومجالسة (2) للخلفاء.
توفي سنة ثمان وثمانين ومئتين، ولم يطل عمره.
وكان أبوه أبو الحسن أديبا شاعرا.
وكان جده منجما، واصلا عند المأمون، ومات بحلب سنة بضع
عشرة ومئتين.
وكان جدهم أبو منصور منجم أبي جعفر المنصور، وكان
مجوسيا شقيا، وأسلم ابنه يحيى على يد المأمون، وصار
مولاه ونديمه وأنيسه.
__________
* الفهرست: المقالة الثالثة: الفن الثالث، معجم
الادباء: 19 / 262 - 263، وفيات الاعيان: 6 / 78 - 79.
(1) في: وفيات الاعيان: 6 / 78 - 79: " وله كتاب "
النساء وما جاء فيهن من الخبر ومحاسن ما قيل فيهن من
الشعر والكلام الحسن ".
ولم أظفر له بشئ من الشعر حتى أورده (2) في الاصل: "
مخالسة ".
(*)
(13/404)
ولعلي بن هارون بن علي ترجمة في " تاريخ " (1) ابن
خلكان.
أخوه: العلامة النديم، أبو أحمد:
194 - يحيى بن علي بن يحيى
المنجم * نادم جماعة، آخرهم المكتفي.
وصنف كتبا عدة، وعلت رتبته.
وكان معتزليا مبتدعا.
رأسا في ذلك.
وله كتاب: " الباهر في شعراء الدولتين "، ثم تممه ولده
أحمد بن يحيى، وله كتاب: " الاجماع في الفقه ".
وكان من كبار تلامذة محمد بن جرير، وله مع المعتضد
وقائع ونوادر، وحرد عليه المكتفي مرة فألزمه بصيد
الاسد، فعمل أبياتا، منها: كلفونا صيد السباع، وإنا *
لبخير إن لم تصدنا السباع (2) عاش تسعا وخمسين سنة،
وتوفي في ربيع الاول، سنة ثلاث مئة.
195 - سنجة * * الامام،
المحدث، الصادق، شيخ الرقة، أبو عمر، حفص بن عمر
__________
* الفهرست: المقالة الثالثة: الفن الثالث، تاريخ
بغداد: 14 / 230، نزهة الالباء: 236، معجم الادباء: 20
/ 28 - 29، وفيات الاعيان: 6 / 198 - 201.
(1) 3 / 375 - 376، وهو مترجم أيضا في: " يتيمة الدهر
": 3 / 119، ومعجم الادباء: 15 / 112.
(2) وفيات الاعيان: 6 / 200.
والبيت من قصيدة أولها: نفس الدهر أن نسر وأن
ي...سعدنا بالاحبة الاجتماع * * ميزان الاعتدال: 1 /
566، لسان الميزان: 2 / 328 - 329.
(*)
(13/405)
ابن الصباح الرقي الجزري، ويلقب بسنجة (1) ألف.
ارتحل، وسمع: أبا نعيم، وقبيصة بن عقبة، وعبد الله بن
رجاء الغداني، وفيض بن الفضل، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عوانة الاسفراييني، ويحيى بن صاعد،
والعباس بن محمد الرافقي، وأبو القاسم الطبراني،
وآخرون، وأكثر عنه الطبراني.
قال أبو أحمد الحاكم: حدث بغير حديث لم يتابع عليه.
قلت: احتج به أبو عوانة.
وتوفي سنة ثمانين ومئتين.
وهو صدوق في نفسه، وليس بمتقن.
196 - رافع بن هرثمة *
الامير: ولي خراسان من قبل محمد بن طاهر، في
سنة إحدى وسبعين ومئتين عندما عزل الموفق عمرو بن
الليث الصفار عن إمرة خراسان، ثم وردت كتب الموفق على
رافع بقصد جرجان، وهي للحسن بن زيد، فحاصرها رافع
سنتين، واستولى رافع على طبرستان، في سنة سبع وسبعين،
ثم استخلف المعتضد، فعزل عن خراسان رافعا، وأعاد عمرو
بن
__________
(1) ضبطت السين في الاصل بالفتح، وكذلك ضبطها ابن
ماكولا في " الاكمال ": 4 / 385.
أما المؤلف في " مشتبهه " فقد ضبطها بكسر السين،
وتابعه على ذلك صاحب: " التوضيح " و " التبصير ".
ويترجح الفتح إذا كانت الكلمة مأخوذة من " سنجة
الميزان "، فإن سينها مفتوحة كما في كتب اللغة.
* تاريخ الطبري: 9 / 621، و 10 / 31، 44، 50، الكامل
لابن الاثير: 7 / 367 - 369، 457 - 459، عبر المؤلف: 2
/ 70، البداية والنهاية: 11 / 76، شذرات الذهب: 2 /
182.
(*)
(13/406)
الليث، فحشد رافع، واستعان بملوك، فالتقى عمرا في سنة
ثلاث وثمانين، فهزمه عمرو، وساق وراءه أياما، وضايقه
إلى أن تفرق جنده، وقتل رافع في شوال من سنة ثلاث،
ونفذ رأسه إلى المعتضد.
وقيل: لم يكن هرثمة أباه، بل كان زوج أمه، وإنما هو
رافع بن
نومرد.
وقد امتدحه البحتري (1)، فبعث إليه بألف دينار إلى
بغداد.
وكان ملكا جوادا، عالي الهمة، واسع الممالك، وتمكن
بعده الصفار.
197 - البرتي * القاضي،
العلامة، الحافظ، الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد
ابن عيسى بن الازهر، البرتي البغدادي، الحنفي العابد.
ولد سنة نيف وتسعين ومئة.
سمع: أبا نعيم، والقعنبي، وعفان، وعصام بن علي، وأبا
الوليد الطيالسي، ومسلم بن إبراهيم، وأبا سلمة،
وسليمان بن حرب، وأبا حذيفة النهدي، وأبا عمر الحوضي،
وأبا حذيفة، وأبا غسان مالك بن
__________
(1) انظر القصيدة في ديوانه: 3 / 2046.
(ط.
دار المعارف بمصر) ومطلعها: بالله أولي يمينا برقة
قسما * ما كان ما زعم الواشي كما زعما وتقع في ستة
وثلاثين بيتا.
* تاريخ بغداد: 5 / 61 - 63، طبقات الفقهاء: 140،
طبقات الحنابلة: 1 / 66، المنتظم: 5 / 145 - 146،
اللباب: 1 / 133، تذكرة الحفاظ: 2 / 596 - 597، عبر
المؤلف: 2 / 63، البداية والنهاية: 11 / 69، طبقات
الحفاظ: 267، شذرات الذهب: 2 / 175.
(*)
(13/407)
إسماعيل، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن كثير، ويحيى
الحماني، وعدة.
وتفقه بأبي سليمان الجوزجاني الفقيه، صاحب محمد بن
الحسن.
وجمع وصنف.
وتفقه به أئمة وعلماء.
حدث عنه: أبو محمد بن صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل
الصفار النحوي، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر النجاد،
وجماعة سواهم.
قال الخطيب: ولي قضاء بغداد بعد أبي هشام الرفاعي، لما
توفي في سنة تسع وأربعين ومئتين (1).
قال طلحة بن محمد بن جعفر: وكان البرتي من خيار
المسلمين، دينا عفيفا، على مذهب أهل العراق، وكان من
أصحاب يحيى بن أكثم، وكان قبل ذلك يتقلد قضاء واسط،
روى تآليف محمد عن الجوزجاني، وحدث بحديث كثير.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا حجة، يذكر بالصلاح
والعبادة...إلى أن قال: أخبرنا القاضي الصيمري، أخبرنا
القاضي أبو عبد الله الضبي، أخبرنا القاضي محمد بن
صالح الهاشمي، أخبرنا أبو عمر محمد بن يوسف القاضي،
قال: ركبت يوما مع إسماعيل القاضي إلى أحمد بن محمد
البرتي، وهو ملازم لبيته، فرأيت شيخا مصفارا، أثر
العبادة عليه، ورأيت إسماعيل أعظمه إعظاما شديدا،
وسأله عن نفسه وأهله وعجائزه، وجلسنا عنده ساعة،
وانصرفنا، فقال لي إسماعيل: يا بني ! تدري من هذا
الشيخ ؟ قلت: لا.
قال: هذا القاضي البرتي، لزم بيته، واشتغل بالعبادة،
هكذا
__________
(1) تاريخ بغداد: 5 / 61.
(*)
(13/408)
تكون القضاة، لا كما نحن (1).
عن العلاء بن صاعد، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه
وسلم - وقد دخل عليه القاضي البرتي، فقام إليه،
وصافحه، وقال: مرحبا بالذي يعمل بسنتي
وأثري.
فذهبت وبشرته بالرؤيا (2).
قال الدارقطني: ثقة.
وقال أحمد بن كامل: كان إسماعيل القاضي يقدم البرتي
على كافة أقرانه في القضاء والرواية والعدالة.
قلت: مات في ذي الحجة سنة ثمانين ومئتين.
وقع لنا من عواليه في " الغيلانيات ".
قرأت على عبد الحافظ بن بدران (3)، أخبرنا ابن قدامة،
أخبرنا ابن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا
الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو سهل بن زياد، حدثنا أحمد بن
محمد، حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد،
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم بخمس وعشرين
جزءا " (4).
__________
(1) تاريخ بغداد: 5 / 61 - 62 (2) انظر الخبر بزياداته
في " تاريخ بغداد ": 5 / 62 - 63.
(3) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (179)، ت: 2، وهو
في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 70.
(4) هو في الموطأ 1 / 149 - 150 في الجماعة باب فضل
صلاة الجماعة على صلاة الفذ وأخرجه من طريق مالك مسلم
برقم (649) في المساجد: باب فضل صلاة الجمعة، الترمذي
(216) في الصلاة: باب ما جاء في فضل الجماعة، والنسائي
2 / 103 في الامامة: باب فضل الجماعة.
(*)
(13/409)
ومات معه: عثمان بن سعيد الدارمي (1)، وأبو إسماعيل
الترمذي (2)، وهلال بن العلاء الرقي (3)، وحفص بن عمر
الرقي سنجة (4)،
وجعفر بن محمد القلانسي بالرملة، وأحمد بن عبيد الله
النرسي (5)، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل
الانطاكي.
198 - الحربي * الامام،
الحافظ، الصدوق، أبو يعقوب، إسحاق بن الحسن بن
ميمون، البغدادي الحربي.
ولد سنة نيف وتسعين ومئة.
سمع: هوذة بن خليفة، وحسين بن محمد المروذي، وموسى بن
داود، وعفان بن مسلم، وأبا نعيم، وأبا حذيفة موسى بن
مسعود، والقعنبي.
وسمعنا " الموطأ " من روايته عنه.
حدث عنه: محمد بن مخلد، وأبو بكر النجاد، وأبو سهل بن
زياد، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر
القطيعي، وخلق كثير.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (319)، برقم: (148) (2)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (270)، برقم: (132) (3) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (309)، برقم: (143) (4) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (405)، برقم: (195) (5) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (240)، برقم، (122) (6) من رجال "
التقريب ".
* طبقات الحنابلة: 1 / 112 - 113، المنتظم: 5 / 174،
ميزان الاعتدال: 1 / 190، عبر المؤلف: 2 / 73، الوافي
بالوفيات: 8 / 409، البداية والنهاية: 11 / 78، لسان
الميزان: 1 / 360، شذرات الذهب: 2 / 186.
(*)
(13/410)
قال الدارقطني: قال: لنا أبو بكر الشافعي: سئل إبراهيم
الحربي عن إسحاق بن الحسن، فقال: هو ينبغي أن يسأل
عنا.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: هو ثقة، وقد سئل
إبراهيم الحربي مرة عنه، فقال: هو أكبر مني بثلاث
سنين، وأنا قد لقيت حسين بن محمد، أفلا يلقاه هو ؟ لو
أن الكذب حلال، ما كذب إسحاق (1).
قلت: كان من العلماء السادة.
مات في شوال سنة أربع وثمانين ومئتين، وقد جاوز
التسعين.
وقع حديثه عاليا لابن طبرزد.
وفيها مات: أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي (2)،
وعبد العزيز ابن معاوية القرشي (3)، ومحمود بن الفرج
الاصبهاني (4)، ويزيد بن الهيثم الباداء (5)، وهشام بن
علي السيرافي، ورافع بن هرثمة (6) مقتولا.
199 - البلدي * المحدث،
الرحال، الصادق، أبو إسحاق، إبراهيم بن الهيثم
البلدي، نزيل بغداد.
__________
(1) انظر: طبقات الحنابلة: 1 / 112.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (373)، برقم: (175) (3)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (382)، برقم: (182) (4)
ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 2 / 314 - 315، تاريخ
بغداد: 13 / 93 - 94.
(5) المنتظم: 5 / 175، وقال فيه: " يعرف بالباداء، كذا
يقول المحدثون، وصوابه: البادي، بكسر الدال، لانه ولد
هو وأخ له يوما، وكان هو البادي في الولادة.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (406) برقم: (196).
* الكامل لابن عدي: خ: 13، تاريخ بغداد: 6 / 207 -
209، المنتظم:
5 / 119، ميزان الاعتدال: 1 / 73، الوافي بالوفيات: 6
/ 163، لسان الميزان: 1 / 123.
(*)
(13/411)
سمع: أبا اليمان، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش،
وأبا صالح الكاتب، وطبقتهم.
وعنه: إسماعيل الصفار، والنجاد، وأبو بكر الشافعي،
وأبو عبد الله ابن مخرم، وآخرون.
قال ابن عدي: أحاديثه مستقيمة، سوى حديث الغار " (1)،
فنالوا منه (2).
قال الخطيب: هو ثقة، ثبت عندنا (3).
توفي في جمادى الآخرة، سنة ثمان وسبعين (4).
200 - علي بن محمد بن
عبدالملك * ابن أبي الشوارب: الحافظ، الامام،
قاضي القضاة، أبو الحسن الاموي البصري.
__________
(1) حديث الغار: وهو حديث الثلاثة الذين أووا إلى غار
فانطبق عليهم.
وقد رواه الهيثم بن ؟ ؟ ؟ ؟ ؟، عن مبارك بن فضالة، عن
الحسن البصري، عن أنس.
انظر تاريخ بغداد 6 / 207 - 209.
وهو صحيح من رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقد
أخرجه بطوله البخاري 4 / 369 - 370 و 5 / 12 و 6 / 367
و 10 / 338، ومسلم (2743).
(2) انظر: الكامل لابن عدي: خ: 13.
وقد علق على قول ابن عدي الخطيب في تاريخه 6 / 207
فقال: قلت: قد روى حديث الغار عن الهيثم جماعة.
وإبراهيم بن الهيثم ثقة ثبت لا يختلف شيوخنا فيه، وما
حكاه ابن عدي من الانكار عليه لم أر أحدا من علمائنا
يعرفه، ولو ثبت لم يؤثر قدحا فيه، لان جماعة من
المتقدمين أنكر عليهم بعض رواياتهم، ولم يمنع ذلك من
الاحتجاج بهم، وانظر تمام كلامه فيه.
(3) تاريخ بغداد: 6 / 207.
(4) أرخ وفاته الصفدي في " الوافي بالوفيات ": 6 /
163، سنة (279).
* تاريخ الطبري: 9 / 526، و 10 / 49، تاريخ بغداد: 12
/ 59 - 60، المنتظم: 5 / 164 - 165، عبر المؤلف: 2 /
71، شذرات الذهب: 2 / 185.
(*)
(13/412)
سمع: أباه، وأبا الوليد الطيالسي، وأبا سلمة المنقري،
وأبا عمر الحوضي، وسهل بن بكار، وطبقتهم.
حدث عنه: يحيى بن محمد بن صاعد، وأبو بكر النجاد،
وإسحاق ابن أحمد الكاذي (1)، وعبد الباقي بن قانع،
وأبو بكر الشافعي، وآخرون وثقه الخطيب (2)، وغيره.
وقال طلحة الشاهد: لما مات إسماعيل القاضي مكثت بغداد
ثلاثة أشهر ونصف بغير قاض، حتى ولي القضاء علي بن أبي
الشوارب، مضافا إلى قضاء سامراء، وكان ولي سامراء بعد
أخيه الحسن.
قال: وكان علي بن محمد رجلا صالحا، عظيم الخطر، كثير
الطلب للحديث، ثقة أمينا، بقى على قضاء بغداد أشهرا
(3).
مات في شوال سنة ثلاث وثمانين ومئتين، رحمه الله.
201 - خير بن عرفة *
المحدث، الصدوق، أبو طاهر المصري.
روى عن: عبد الله بن صالح الكاتب، ويحيى بن بكير،
ويزيد بن عبد ربه، وحيوة بن شريح، وسليمان بن
عبدالرحمن، وعدة.
روى عنه: علي بن محمد الواعظ، وأبو يعقوب الاذرعي،
والطبراني، وآخرون.
__________
(1) الكاذي: نسبة إلى كاذة، من قرى بغداد.
(اللباب).
(2) انظر: تاريخ بغداد: 12 / 59.
(3) المصدر السابق: 12 / 59 - 60.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 5 / 350 أ - ب، تهذيب بدران: 5
/ 188 - 189.
(*)
(13/413)
وعمر طويلا، ومن قدماء شيوخه: عروة بن مروان.
ومات في أول سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
202 - الحسين بن الفضل *
ابن عمير: العلامة، المفسر، الامام، اللغوي،
المحدث، أبو علي البجلي الكوفي، ثم النيسابوري، عالم
عصره.
ولد قبل الثمانين ومئة.
وسمع: يزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمي، والحسن
بن قتيبة المدائني، وشبابة بن سوار، وأبا النضر هاشم
بن القاسم، وهوذة بن خليفة، وإسماعيل بن أبان، وطائفة.
حدث عنه: أبو الطيب محمد بن عبد الله بن المبارك،
ومحمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن القاسم العتكي، ومحمد
بن علي العدل، وعمرو بن محمد بن منصور، وأحمد بن شعيب
الفقيه، ومحمد بن يعقوب ابن الاخرم، وآخرون.
قال الحاكم: الحسين بن الفضل بن عمير بن قاسم بن كيسان
البجلي، المفسر: إمام عصره في معاني القرآن، أقدمه ابن
طاهر معه نيسابور، وابتاع له دار عزرة، فسكنها، وهذا
في سنة سبع عشرة ومئتين،
فبقي يعلم الناس، ويفتي في تلك الدار إلى أن توفي،
ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ، في سنة اثنتين وثمانين
ومئتين، وهو ابن مئة وأربع
__________
* عبر المؤلف: 2 / 68.
لسان الميزان: 2 / 307 - 308، طبقات المفسرين: 1 /
156، شذرات الذهب: 2 / 178.
(*)
(13/414)
سنين، وقبره مشهور يزار، وشيعه خلق عظيم.
وسمعت محمد بن أبي القاسم المذكر يقول: سمعت أبي يقول:
لو كان الحسين بن الفضل في بني إسرائيل لكان ممن يذكر
في عجائبهم.
وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: ما رأيت أفصح لسانا
من الحسين بن الفضل (1).
قال محمد بن يعقوب الكرابيسي: كان الحسين بن الفضل في
آخر عمره يأمرنا أن نبسط بحذاء سكة عمار، فكنا نحمله
في المحفة (2)، فمر به جماعة من الفرسان على زي أهل
العلم، فرفع حاجبه، ثم قال لي: من هؤلاء ؟ قلت: هذا
أبو بكر بن خزيمة وجماعة معه، فقال: يا سبحان الله !
بعد أن كان يزورنا في هذه الدار إسحاق بن راهويه،
ومحمد بن رافع، يمر بنا ابن خزيمة فلا يسلم.
الحاكم: سمعت إبراهيم بن مضارب، سمعت أبي يقول: كان
علم الحسين بن الفضل بالمعاني إلهاما من الله، فإنه
كان قد تجاوز حد التعليم.
قال: وكان يركع في اليوم والليلة ست مئة ركعة، ويقول:
لو لا الضعف والسن لم أطعم بالنهار.
وسمعت أبا زكريا العنبري: سمعت أبي يقول: لما قلد
المأمون عبد الله بن طاهر خراسان، قال: يا أمير
المؤمنين ! حاجة.
قال: مقضية.
قال: تسعفني بثلاثة: الحسين بن الفضل، وأبو سعيد
الضرير، وأبو
إسحاق القرشي، قال: أسعفناك، وقد أخليت العراق من
الافراد (3).
__________
(1) انظر: لسان الميزان: 2 / 308.
(2) المحفة: هودج لا قبة له.
(3) انظر لسان الميزان: 2 / 308.
(*)
(13/415)
ثم إن الحاكم ساق في ترجمته بضعة عشر حديثا غرائب،
فيها حديث باطل، رواه عن محمد بن مصعب، حدثنا
الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من
فرج عن مؤمن كربة، جعل الله له يوم القيامة شعبتين من
نور على الصراط يستضئ بهما من لا يحصيهم إلا رب العزة
" (1).
قال محمد بن صالح بن هانئ: توفي الحسين في شعبان، سنة
اثنتين وثمانين ومئتين، وهو ابن مئة وأربع سنين، وصلى
عليه محمد بن النضر الجارودي.
203 - الدبري * الشيخ،
العالم، المسند، الصدوق، أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم
بن عباد الصنعاني الدبري: راوية عبد الرزاق، سمع
تصانيفه منه في سنة عشر ومئتين باعتناء أبيه به، وكان
حدثا، فإن مولده - على ما ذكره الخليلي - في سنة خمس
وتسعين ومئة، وسماعه صحيح.
حدث عنه: أبو عوانة الاسفراييني في " صحيحه "، وخيثمة
بن سليمان، ومحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الحمال،
ومحمد بن عبد الله
__________
(1) محمد بن مصعب: كثير الغلط، كما في " التقريب "
وقال صالح جزرة: عامة حديثه عن الاوزاعي مقلوبة، وقال
أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير ": 850، ونسبه
للحاكم في " تاريخ نيسابور "، والخطيب في " تاريخه ".
* اللباب: 1 / 489، الكامل لابن عدي: خ: 36، ميزان
الاعتدال: 1 / 181 - 182، عبر المؤلف: 2 / 74، الوافي
بالوفيات: 8 / 394 - 395، لسان الميزان: 1 / 349 -
350، شذرات الذهب: 2 / 190.
والدبري، بفتح الدال والباء: نسبة إلى دبر: من قرى
صنعاء اليمن.
(*)
(13/416)
النقوي (1)، وأبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، وأبو
القاسم الطبراني، وخلق كثير من المغاربة والرحالة.
قال ابن عدي: استصغر في عبد الرزاق، أحضره أبوه عنده
وهو صغير جدا (2)، فكان يقول: قرأنا على عبد الرزاق [
أي ] قرأ غيره، وهو يسمع.
قال: وحدث عنه بأحاديث منكرة (3).
قلت: ساق له ابن عدي حديثا واحدا من طريق ابن أنعم
الافريقي (4)، يحتمل مثله، فأين المناكير ؟ والرجل فقد
سمع كتبا، فأداها كما سمعها، ولعل النكارة من شيخه،
فإنه أضر بأخرة، فالله أعلم.
قال الحاكم: سألت الدارقطني عن إسحاق الدبري: أيدخل في
الصحيح ؟ قال: إي والله، هو صدوق، ما رأيت فيه خلافا.
قلت: مات بصنعاء في سنة خمس وثمانين ومئتين (5)، وله
تسعون سنة.
وألف القاضي أبو عبد الله بن مفرج (6) كتابا في الحروف
التي أخطأ فيها الدبري، وصحف في " جامع " عبد الرزاق.
__________
(1) النقوي، بفتح النون والقاف: نسبة إلى نقو: من قرى
صنعاء.
(اللباب).
وضبطها ياقوت بتسكين القاف.
(2) وقد حدد المؤلف سنه إذ ذاك في " الميزان ": 1 /
181، بأنه سبع سنين أو نحوها.
(3) في " الكامل ": خ: 6 / 36، وفيه: " وحدث عنه بحديث
منكر ".
والزيادة منه.
(4) وتتمة السند في " الكامل ": عن عطاء بن يسار، عن
سليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا
يدخل الجنة أحد إلا بجواز: بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنة عالية،
قطوفها دانية ".
وقد أورد ابن عدي حديثا آخر.
(5) ذكر وفاته في " الميزان ": 1 / 182، سنة (287).
(6) انظر: فهرست الاشبيلي: 131.
(*)
(13/417)
وقد كان المغاربة يدعون للدبري، ويعدونه بأنهم يطوفون
عنه، إذا أتوا مكة، ويعتمرون عنه، فيسر بذلك.
204 - محمد بن يحيى بن
المنذر * المحدث، المعمر، أبو سلمان البصري
القزاز.
حدث عن: سعيد بن عامر الضبعي، وأبي عاصم النبيل، ويزيد
بن بيان العقيلي، ومسلم بن إبراهيم، وطائفة.
وطال عمره، وتفرد.
روى عنه: محمد بن علي بن مسلم العقيلي، وفاروق
الخطابي، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.
ما علمت بعد فيه جرحا.
مات في رجب سنة تسعين ومئتين.
205 - الخزاز * * الشيخ،
الامام، المقرئ، المحدث، أبو جعفر أحمد بن علي
البغدادي الخزاز.
سمع: هوذة بن خليفة، وسريج بن النعمان، وعاصم بن علي،
وسعدويه، وأحمد بن يونس، وأسيد بن زيد الجمال وطبقتهم.
__________
* تذكرة الحفاظ: 2 / 639 - 640، في نهاية ترجمة
الابار، شذرات الذهب: 2 / 206.
* * طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 87.
(*)
(13/418)
وتلا على هبيرة التمار (1)، صاحب حفص.
أخذ عنه الحروف: ابن مجاهد، وابن شنبوذ، وأحمد بن
عجلان.
وحدث عنه: ابن صاعد، وجعفر الخلدي، وأبو عمرو بن
السماك، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر بن خلاد، وآخرون.
وثقه الدارقطني، وغيره.
توفي في المحرم، سنة ست وثمانين ومئتين.
وكان بدمشق سنة نيف وستين ومئتين من المشايخ.
206 - أحمد بن علي *
الدمشقي الخراز، بالراء ثم الزاي، أبو بكر
المري.
حدث عد: الفريابي، وأبي المغيرة الحمصي، وجماعة.
حدث عنه: ابن جوصا، وأبو عوانة، وجماعة.
207 - الخراز * * شيخ
الصوفية، القدوة، أبو سعيد، أحمد بن عيسى
البغدادي الخراز.
__________
(1) هو: هبيرة بن محمد التمار الابرش البغدادي، مترجم
في: " غاية النهاية " لابن
الجزري: 2 / 353.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 20 أ، تهذيب بدران: 1 /
413.
* * طبقات الصوفية: 228 - 232، حلية الاولياء: 10 /
246 - 249، تاريخ بغداد: 4 / 276 - 278، شرح الرسالة
القشيرية: 1 / 167 - 168، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 31
أ - 35 ب، المنتظم: 5 / 105، اللباب: 1 / 429، عبر
المؤلف: 2 / 77، الوافي بالوفيات: 7 / 275، البداية
والنهاية: 11 / 58، طبقات الاولياء: 40 - 45، شذرات
الذهب: 2 / 192 - 193، تهذيب بدران: 1 / 427.
والخراز، بفتح الخاء والراء المشددة: نسبة إلى خرز
الجلود كالقرب، وغيرها.
(*)
تعليق المستخدم :[260
- أحمد بن علي * الدمشقي الخراز]
هكذا في الأصل ، وهو خطأ ، وصوابه 206 تماشياً مع
التسلسل ، وقمت بالتصحيح .
حرره: عبد الرحمن الشامي
(13/419)
أخذ عن: إبراهيم بن بشار الخراساني، ومحمد بن منصور
الطوسي.
روى عنه: علي بن محمد الواعظ المصري، وأبو محمد
الجريري، وعلي بن حفص الرازي، ومحمد بن علي الكتاني،
وآخرون.
وقد صحب سريا السقطي، وذا النون المصري.
ويقال: إنه أول من تكلم في علم الفناء والبقاء (1)،
فأي سكتة فاتته، قصد خيرا، فولد أمرا كبيرا، تشبث به
كل اتحادي ضال به.
قال أبو القاسم عثمان بن مردان النهاوندي: أول ما لقيت
أبا سعيد الخراز سنة اثنتين وسبعين، فصحبته أربع عشرة
سنة.
قال: وتوفي سنة ست وثمانين ومئتين.
وقال غيره: بل توفي سنة سبع وسبعين ومئتين.
قال السلمي: هو إمام القوم في كل فن من علومهم، له في
مبادئ أمره عجائب وكرامات، وهو أحسن القوم كلاما، خلا
الجنيد، فإنه الامام.
قال القشيري (2): صحب ذا النون، والسري، والنباجي،
وبشرا الحافي.
قال: ومن كلامه: كل باطن يخالفه ظاهر، فهو باطل (3).
__________
(1) انظر ما كتبه ابن القيم رحمه الله في مدارج
السالكين: 1 / 148 - 173 عن الفناء وأقسامه ومراتبه
وما هو مذموم وما هو محمود.
(2) شرح الرسالة القشيرية: 1 / 167.
(3) قال العروسي في حاشيته على شرح الرسالة القشيرية:
1 / 168: " فعلى العاقل أن يدوم على اتهام نفسه، وعدم
الوثوق بها وبوارداتها حتى يعرضها على الكتاب والسنة،
فإن شهدا بها عمل بها، وإلا رجع عنها " قلت: وهذا حق
لا مراء فيه، فيجب على طالب العلم أن يقيد = (*)
(13/420)
وقال ابن الطرسوسي: أبو سعيد الخراز قمر الصوفية.
وعنه قال: أوائل الامر التوبة، ثم ينتقل إلى مقام
الخوف، ثم إلى مقام الرجاء، ثم منه إلى مقام الصالحين،
ثم إلى مقام المريدين، ثم إلى مقام المطيعين، ثم منه
إلى المحبين، ثم ينتقل إلى مقام المشتاقين، ثم منه إلى
مقام الاولياء، ثم منه إلى مقام المقربين (1).
قال السلمي: أنكر أهل مصر على أبي سعيد، وكفروه
بألفاظ.
فإنه قال في كتاب " السر ": فإذا قيل لاحدهم: ما تقول
؟ قال: الله.
وإذا تكلم قال: الله، وإذا نظر قال: الله، فلو تكلمت
جوارحه، قالت: الله.
وأعضاؤه مملوءة من الله.
فأنكروا عليه هذه الالفاظ، وأخرجوه من مصر.
قال: ثم رد بعد عزيزا (2).
ويروى عن الجنيد، قال: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه
أبو سعيد لهلكنا.
فقيل لابراهيم بن شيبان: ما كان حاله ؟ قال، أقام سنين
ما فاته
الحق بين الخرزتين.
وعن المرتعش قال: الخلق عيال على أبي سعيد الخراز إذا
تكلم في الحقائق.
وقال الكتاني: سمعت أبا سعيد يقول: من ظن أنه يصل بغير
بذل المجهود فهو متمني، ومن ظن أنه يصل ببذل المجهود
فهو متعني.
__________
= أقواله وأفعاله ونياته بالكتاب والسنة الصحيحة،
ويطرد الاوهام والوساوس التي تعرض له في أثناء خلواته
ورياضاته.
(1) انظر: حلية الاولياء: 10 / 248.
(2) تاريخ بغداد: 4 / 277، وحاشية شرح الرسالة
القشيرية: 1 / 167.
(*)
(13/421)
سمعها السلمي، والماليني، وأبو حازم العبدوي، من محمد
بن عبد الله الرازي، عن الكتاني.
له ترجمة في " تاريخ دمشق " (1) طويلة.
208 - أبو حنيفة *
العلامة، ذو الفنون، أبو حنيفة، أحمد بن داود الدينوري
النحوي، تلميذ ابن السكيت.
صدوق، كبير الدائرة، طويل الباع، ألف في النحو واللغة
والهندسة والهيئة والوقت، وأشياء.
مات في جمادى الاولى سنة اثنتين وثمانين ومئتين (2).
له كتاب: " النبات "، كبير جميع، وكتاب: " الانواء "،
وغير ذلك (3).
وقيل: كان من كبار الحنفية.
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 31 آ - 35 ب.
* الفهرست: المقالة الثانية: الفن الثالث، نزهة
الالباء: 240، معجم الادباء: 3 / 26 - 32، إنباه
الرواة: 1 / 41 - 44، الوافي بالوفيات: 6 / 377 - 379،
البداية والنهاية: 11 / 72، البلغة في تاريخ أئمة
اللغة: 20، بغية الوعاة: 1 / 306، طبقات المفسرين: 1 /
41.
(2) ذكر الفيروز أبادي وفاته في " البلغة ": 20، سنة
(286).
(3) ومما طبع من كتبه، كتاب: " الاخبار الطوال " تحقيق
عبد المنعم عامر، بمصر (1959 م).
(*)
(13/422)
الطبقة السادسة عشرة
209 - الكجي * الشيخ، الامام، الحافظ، المعمر، شيخ
العصر، أبو مسلم، إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز
(1) بن مهاجر، البصري الكجي، صاحب " السنن ".
ولد سنة نيف وتسعين ومئة.
وسمع في الحداثة من: أبي عاصم النبيل، ومحمد بن عبد
الله الانصاري، ومعاذ بن عوذ الله، وعبد الرحمن بن
حماد الشعيثي، وعبد الملك بن قريب الاصمعي، وسعيد بن
سلام العطار، وأبي زيد سعيد بن أوس الانصاري، وبدل بن
المحبر، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، وحجاج
بن نصير، وأبي الوليد، وحجاج بن منهال، وأبي عمر
__________
* الفهرست: المقالة السادسة: الفن السادس، تاريخ
بغداد: 6 / 120 - 124، المنتظم: 6 / 50 - 52، اللباب:
3 / 85، تذكرة الحفاظ: 2 / 620 - 261، عبر
المؤلف: 2 / 92 - 93، الوافي بالوفيات: 6 / 29 - 30،
البداية والنهاية: 11 / 99، طبقات الحفاظ، 273، طبقات
المفسرين: 2 / 11، شذرات الذهب: 2 / 210.
طبقات الحفاظ: 273، طبقات المفسرين: 2 / 11، شذرات
الذهب: 2 / 210، الانساب 10 / 359.
والكجي، بفتح الكاف، وتشديد الجيم: نسبة إلى الكج: وهو
الحص.
(1) في " اللباب ": " باعز " وهو تحريف.
(*)
(13/423)
الضرير، وسليمان بن داود الهاشمي، وعثمان بن الهيثم
المؤذن، وخلق كثير.
وعنده عدة أحاديث ثلاثية السند.
حدث عنه: أبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وفاروق
الخطابي، وحبيب القزاز، أبو القاسم الطبراني، وأبو بكر
أحمد بن جعفر القطيعي، والحسن بن سعد القرطبي، والقاضي
أبو أحمد العسال، وأحمد بن طاهر الميانجي، وأبو بكر
الآجري، وأبو محمد بن ماسي، وخلق سواهم.
وثقه الدارقطني، وغيره.
وكان سريا نبيلا متمولا، عالما بالحديث وطرقه، عالي
الاسناد، قدم بغداد وازدحموا عليه، فقال أحمد بن جعفر
الختلي: لما قدم علينا أبو مسلم الكجي، أملى علينا في
رحبة غسان، وكان في مجلسه سبعة مستملين، يبلغ كل واحد
منهم صاحبه الذي يليه، وكتب الناس عنه قياما، ثم مسحت
الرحبة، وحسب من حضره بمحبرة، فبلغ ذلك نيفا وأربعين
ألف محبرة، سوى النظارة.
إسنادها صحيح، سمعه أبو بكر الخطيب (1) من بشرى
الفاتني (2)،
قال: سمعت الختلي يقول ذلك.
وقال غنجار في " تاريخ بخارى ": أخبرنا أبو نصر أحمد
بن محمد:
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 121 - 122.
(2) الفاتني: نسبة إلى: فاتن مولى المطيع لله.
قال ابن الاثير في " اللباب ": 1 / 401: " والمشهور
بها بشرى الرومي أبو الحسن الفاتني، مولى فاتن، وكان
أسر من بلاد الروم، فأهداه بعض أمراء بني حمدان إلى
فاتن، فاشتغل بالعلم وسماع الحديث...وتوفي يوم عيد
الفطر، سنة إحدى وثلاثين وأربعمئة ".
(*)
(13/424)
سمعت جعفر بن محمد الطبسي (1) يقول: كنا ببغداد، ومعنا
عبد الله مستملي صالح جزرة، فقيل لابي مسلم الكجي: هذا
مستملي صالح.
قال: ومن صالح ؟ فقيل: صالح الجزري.
قال: ويحكم، ما أهونه عندكم ! ألا تقول: سيد المسلمين.
وكنا في أخريات الناس فقدمنا، فقال: كيف أخي وكبيري ؟
ما تريدون ؟ فقلنا: أحاديث محمد بن عرعرة، وحكايات
الاصمعي، فأملى علينا عن ظهر قلب، وكان ضريرا مخضوب
اللحية.
عن فاروق الخطابي، قال: لما فرغنا من السنن على الكجي،
عمل لنا مأدبة، أنفق عليها ألف دينار، وقد مدح الكجي
أبو عبادة البحتري (2)، فأجازه بمال.
وقيل: إنه لما حدث، تصدق بعشرة آلاف درهم شكرا لله.
مات ببغداد في سابع المحرم، سنة اثنتين وتسعين ومئتين،
فنقل إلى البصرة، ودفن بها، وقد قارب المئة، رحمه
الله.
210 - بكر بن سهل * ابن
إسماعيل بن نافع: الامام، المحدث، أبو محمد
الهاشمي،
مولاهم الدمياطي، المفسر، المقرئ.
__________
(1) الطبسي، بفتح الطاء والباء: نسبة إلى طبس: مدينة
بين نيسابور وأصبهان وكرمان (اللباب).
وانظر: " المشتبه ": 420، و " التبصير ": 875.
(2) للبحتري غير قصيدة يمدح بها الكجي.
انظر ديوانه (ط.
دار المعارف بمصر): 1 / 457 - 459، 514 - 515، 561 -
562، و: 3 / 1539 - 1540.
* تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 309 ب - 310 أ، ميزان
الاعتدال: 1 / 345 - 346، عبر المؤلف: 832، طبقات
القراء لابن الجزري: 1 / 178، لسان الميزان: 2 / 51 -
52، طبقات المفسرين: 1 / 117 - 118، شذرات الذهب 2 /
201، تهذيب بدران: 3 / 288 - 289.
(*)
(13/425)
ولد سنة ست وتسعين ومئة.
وسمع: نعيم بن حماد، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد
الله بن صالح، كاتب الليث، وسليمان بن أبي كريمة،
وشعيب بن يحيى، ومحمد ابن مخلد الرعيني، وصفوان بن
صالح، وطائفة.
وتلا على تلامذة ورش.
قرأ عليه: أبو الحسن بن شنبوذ، وزكريا بن يحيى
الاندلسي.
وحمل عنه أحمد بن يعقوب التائب الحروف، وإبراهيم بن
عبد الرزاق في كتابه إليهما.
وحدث عنه: أبو جعفر الطحاوي، وأبو العباس الاصم، وعلي
بن محمد الواعظ، وأحمد بن عتبة الرازي، وأبو أحمد
العسال، وأبو القاسم سليمان الطبراني، وخلق كثير.
وكان أسمر، ربعة (1)، كبير الاذنين.
قال أبو الشيخ: كانوا قد جمعوا له بالرملة خمس مئة
دينار، ليقرأ لهم
التفسير، فامتنع، وقدم بيت المقدس، فجمع له منها ومن
الرملة ألف دينار، فقرأ عليهم الكتاب، ومات في هذه
السنة، أي سنة سبع وثمانين ومئتين.
قال النسائي: ضعيف.
وقال أبو سعيد بن يونس: مات بدمياط في ربيع الاول، سنة
تسع وثمانين ومئتين.
قلت: هذا أصح.
__________
(1) رجل ربعة: مربوع الخلق لا طويل ولا قصير.
(*)
(13/426)
قال أبو بكر القباب: سمعت أبا الحسن بن شنبوذ، سمعت
بكر بن سهل الدمياطي يقول: هجرت - أي بكرت - يوم
الجمعة، فقرأت.
إلى العصر ثمان ختمات (1).
حكاه يحيى بن مندة في " تاريخه ".
211 - الحسين بن فهم * هو:
الحافظ، العلامة، النسابة، الاخباري، أبو علي، الحسين
ابن محمد بن عبدالرحمن بن فهم بن محرز
البغدادي.
روى عن: محمد بن سلام الجمحي، وخلف بن هشام، ويحيى بن
معين ومحمد بن سعد الكاتب، ولزمه وأكثر عنه، ومحرز بن
عون، ومصعب بن عبد الله، وزهير بن حرب، وطبقتهم.
وجمع وصنف.
حدث عنه: أحمد بن معروف الخشاب، وأحمد بن كامل،
وإسماعيل الخطبي، وأبو علي الطوماري، وطائفة.
وكان له جلساء من أهل العلم يذاكرهم، لكنه عسر في
الرواية.
وقد قال الدارقطني: ليس بالقوي.
وقال الخطبي: مولده في سنة إحدى عشرة ومئتين، ومات في
رجب سنة تسع وثمانين ومئتين.
__________
(1) هذا غير معقول، ولا هو داخل في نطاق الجائز، فإن
الحافظ مهما كان قوي الحفظ لا يتيسر له أن يختم القرآن
مرة واحدة بأقل من عشر ساعات، كما هو معلوم أو مشاهد،
فكيف يقرأ في هذه الفترة ثمان ختمات ؟ ! ! * تاريخ
بغداد: 8 / 92 - 93، المنتظم: 6 / 36، تذكرة الحفاظ، 2
/ 680، عبر المؤلف: 2 / 83، البداية والنهاية: 11 / 95
- 96، طبقات الحفاظ: 295 - 296، شذرات الذهب: 2 / 201.
(*)
(13/427)
وقال ابن كامل القاضي: كان حسن المجلس، مفننا في
العلوم، كثير الحفظ للحديث، مسنده ومقطوعه، ولاصناف
الاخبار والنسب والشعر والمعرفة بالرجل، فصيحا، متوسطا
في الفقه، يميل إلى مذهب العراقيين، سمعنه يقول: صحبت
يحيى بن معين، فأخذت عنه معرفة الرجال، وصحبت مصعبا،
فأخذت عنه النسب، وصحبت أبا خيثمة، فأخذت عنه المسند،
وصحبت سجادة (1)، فأخذت عنه الفقه (2).
212 - الصائغ * المحدث،
الامام، الثقة، أبو عبد الله، محمد بن علي بن
زيد المكي، الصائغ.
سمع: القعنبي، وخالد بن يزيد العمري، وحفص بن عمر
الحوضي، وسعيد بن منصور، ومحمد بن معاوية، ويحيى بن
معين، ومحمد بن بشر التنيسي، وأحمد بن شبيب، وحفص بن
عمر الجدي (3).
وإبراهيم بن المنذر، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعدة، مع
الصدق
والفهم وسعة الرواية.
حدث عنه: دعلج بن أحمد، وأبو محمد الفاكهي، وسليمان
الطبراني، وخلق كثير من الرحالين.
__________
(1) هو: الحسن بن حماد، أبو علي الحضرمي البغدادي
المتوفى سنة (240 ه).
انظر: عبر المؤلف: 1 / 435 - 436.
(2) تاريخ بغداد: 8 / 93.
* تذكرة الحفاظ: 2 / 659، في نهاية ترجمة البوشنجي،
عبر المؤلف: 2 / 90، شذرات الذهب: 2 / 209.
(3) بضم الجيم، كما في " التبصير ": 309 (*)
(13/428)
أرخ أبو يعلى الخليلي وفاته سنة سبع وثمانين ومئتين.
والصواب: وفاته بمكة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين
ومئتين.
213 - ما غمه * الشيخ،
المحدث، الحافظ، أبو الحسن، علي بن عبد الصمد الطيالسي
البغدادي علان، ويلقب أيضا: ما غمه، وما غمها.
سمع: مسروق بن المرزبان، وعبيد الله القواريري، وأبا
معمر الهذلي، والجراح بن مخلد، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بن كامل، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر
الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.
وثقه أبو بكر الخطيب (1).
توفي في شعبان سنة تسع وثمانين ومئتين.
214 - ابن بشار * *
الامام، العلامة، شيخ الشافعية، أبو القاسم، عثمان بن
سعيد بن بشار البغدادي، الفقيه، الانماطي،
الاحول.
ارتحل، وتفقه على المزني، والربيع المرادي، وروى
عنهما.
__________
* تاريخ بغداد: 12: 28، طبقات الحنابلة: 1 / 228 -
229، اللباب: 2 / 367، عبر المؤلف: 2 / 83، شذرات
الذهب: 2 / 201.
(1) تاريخ بغداد: 12 / 28.
* * تارخ بغداد: 11 / 292 - 293، وفيات الاعيان: 3 /
241، عبر المؤلف: 2 / 81، طبقات الشافعية للسبكي: 2 /
301 - 302، البداية والنهاية: 11 / 85، شذرات الذهب: 2
/ 198.
(*)
(13/429)
ويعز وقوع شئ من حديثه، لانه مات قبل أوان الرواية.
وعليه تفقه أبو العباس بن سريج، وغيره.
قال الشيخ أبو إسحاق: هو كان السبب في نشاط الناس
ببغداد لكتب فقه الشافعي وتحفظه.
توفي في شوال سنة ثمان وثمانين ومئتين ببغداد.
215 - ابن أبي عاصم * حافظ
كبير، إمام بارع متبع للآثار، كثير التصانيف.
قدم أصبهان على قضائها، ونشر بها علمه.
قال أبو الشيخ: كان من الصيانة والعفة بمحل عجيب.
وقال أبو بكر بن مردويه: حافظ، كثير الحديث، صنف "
المسند " والكتب.
وقال أبو العباس النسوي: أبو بكر بن أبي عاصم، وهو:
أحمد بن
عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني، من أهل البصرة، من
صوفية المسجد، من أهل السنة والحديث والنسك والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، صحب النساك، منهم: أبو
تراب، وسافر معه، وكان مذهبه القول بالظاهر، وكان ثقة
نبيلا معمرا.
__________
* الجرح والتعديل: 2 / 67، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 100
- 101، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 أ - 26 أ، تذكرة
الحفاظ: 2 / 640 - 641، عبر المؤلف: 2 / 79، الوافي
بالوفيات: 7 / 269 - 270، لسان الميزان: 6 / 349 -
350، شذرات الذهب: 2 / 195 - 196، تهذيب بدران: 1 /
418، طبقات المحدثين بأصبهان ورقة 108.
(*)
(13/430)
وقال الحافظ أبو نعيم: كان فقيها، ظاهري المذهب (1).
وفي هذا نظر، فإنه صنف كتابا على داود الظاهري أربعين
خبرا ثابتة، مما نفى داود صحتها.
قالت بنته عاتكة: ولد أبي في شوال سنة ست ومئتين،
فسمعته يقول: ما كتبت الحديث حتى صار لي سبع عشرة سنة،
وذلك أني تعبدت وأنا صبي، فسألني إنسان عن حديث، فلم
أحفظه، فقال لي: ابن أبي عاصم لا تحفظ حديثا ؟ !
فاستأذنت أبي، فأذن لي، فارتحلت.
قلت: كان يمكنه أن يحفظ أحاديث يسيرة من جده أبي عاصم.
وأمه هي: أسماء بنت الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي،
فسمع من جده التبوذكي، ومن والده، ومات والده بحمص على
قضائها، في سنة اثنتين وأربعين ومئتين، وله نيف وستون
سنة.
وكان أخوه عثمان بن عمرو بن أبي عاصم من كبار العلماء.
قال ابن عبد كويه: سمعت عاتكة بنت أحمد تقول: سمعت أبي
يقول: جاء أخي عثمان عهده بالقضاء على سامراء، فقال:
أقعد بين يدي الله تعالى قاضيا ؟ ! فانشقت مرارته،
فمات.
قال ابن عبد كويه: أخبرتنا عاتكة: سمعت أبي يقول: خرجت
إلى مكة من الكوفة، فأكلت أكلة بالكوفة، والثانية
بمكة.
قلت: إسنادها صحيح.
قال أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أبي عبد
الله
__________
(1) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 100.
(*)
(13/431)
الكسائي، قال: كنت عنده - يعني ابن أبي عاصم - فقال
واحد: أيها القاضي ! بلغنا أن ثلاثة نفر كانوا
بالبادية، وهم يقلبون الرمل، فقال واحد منهم: اللهم
إنك قادر على أن تطعمنا خبيصا (1) على لون هذا الرمل.
فإذا هم بأعرابي بيده طبق، فوضعه بينهم، خبيص حار،
فقال ابن أبي عاصم: قد كان ذاك.
قال أبو (2) عبد الله: كان الثلاثة: عثمان بن صخر
الزاهد، وأبو تراب، وابن أبي عاصم، وكان هو الذي دعا
(3).
عن محمد بن إبراهيم، عن ابن أبي عاصم قال: صحبت أبا
تراب، فقطعوا البادية، فلم يكن زاد إلا هذين البيتين:
رويدك جانب ركوب الهوى * فبئس المطية للراكب وحسبك
بالله من مؤنس * وحسبك بالله من صاحب وكان ابن أبي
عاصم مجودا للقراءة، وكان يقول: أنا أقدم نافعا في
القراءة، وكان يقول: ما بقي أحد قرأ على روح بن
عبدالمؤمن غيري - يعني صاحب يعقوب -.
ابن مردويه: سمعت عبد الله بن محمد ين عيسى، سمعت أحمد
بن محمد بن محمد المديني البزاز يقول: قدمت البصرة
وأحمد بن حنبل حي، فسألت عن أفقههم، فقالوا: ليس
بالبصرة أفقه من أحمد بن عمرو بن أبي عاصم.
__________
(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
(2) في الاصل: " ابني ".
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.
(*)
(13/432)
أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أحمد بن محمد
بن عاصم: سمعت ابن أبي عاصم يقول: وصل إلي منذ دخلت
إلى أصبهان من دراهم القضاء زيادة على أربع مئة ألف
درهم، لا يحاسبني الله يوم القيامة أني شربت منها شربة
ماء، أو أكلت منها، أو لبست.
وأورد هذه الحكاية ابن مردويه، فقال: أرى أني سمعتها
من أحمد بن محمد بن عاصم.
أبو الشيخ: وسمعت ابني يحكي عن أبي عبد الله الكسائي:
سمعت ابن أبي عاصم يقول: لما كان من أمر العلوي
بالبصرة ما كان، ذهبت كتبي، فلم يبق منها شئ، فأعدت عن
ظهر قلبي خمسين ألف حديث، كنت أمر إلى دكان البقال،
فكنت أكتب بضوء سراجه، ثم تفكرت أني لم أستأذن صاحب
السراج، فذهبت إلى البحر فغسلته، ثم أعدته ثانيا (1).
قال أبو الشيخ: فولي القضاء بأصبهان مدة لابراهيم بن
أحمد الخطابي، ثم ولي القضاء بعد موت صالح بن أحمد إلى
سنة اثنتين وثمانين ومئتين، ثم بقي يحدث ويسمع منه إلى
أن توفي.
وكان قاضيا ثلاث عشرة
سنة، وكثرت الشهود في أيامه.
قال ابن مردويه: عزل سنة اثنتين وثمانين.
قال أبو عبد الله بن خفيف: قال ابن أبي عاصم: صحبت أبا
تراب.
فكان يقول: كم تشقى ! لا يجئ منك إلا قاضي.
وكان بعد ما دخل في القضاء إذا سئل عن مسألة الصوفية،
يقول: القضاء والدنية والكلام في علم الصوفية محال
(2).
__________
(1) انظر: شذرات الذهب: 2 / 195.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.
(*)
(13/433)
قال أبو الشيخ: كثرت الشهود في أيامه، واستقام أمره،
إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه، وكان صديقه طول
أيامه، فاتفق أنه صار إلى ابن متويه قوم من المرابطين،
فشكوا إليه خراب الرباطات، وتأخر الاجراء عنهم، فاحتد
علي بن متويه، فذكر ابن أبي عاصم حتى قال: إنه لا يحسن
يقوم سورة * (الحمد) *.
فبلغ الخبر ابن أبي عاصم، فتغافل عنه إلى أن حضر
الشهود عنده، فاستدرجهم، وقرأ عليهم سورة * (الحمد) *،
فقومها، ثم ذكر ما فيها من التفسير والمعاني، ثم أقبل
عليهم، فقال: هل ارتضيتم ؟ قالوا: بلى.
قال: فمن زعم أني لا أحسن تقويم سورة * (الحمد) * كيف
هو عندكم ؟ قالوا: كذاب.
ولم يعرفوا قصده، فحجر ابن أبي عاصم على علي بن متويه
لهذا السبب.
فماج الناس، واجتمعوا على باب أبي ليلى - يعني الحارث
بن عبد العزيز - وكان خليفة أخيه عمر بن عبد العزيز
على البلد، وذلك في سنة (281)، فأكرهه أبو ليلى على
فسخه، ففسخه ثم ضعف بصره، فورد صرفه.
قال أبو بكر بن أبي علي: سمعت بعض مشايخنا يحكون أنه
حكم
بحجره، ووضعه في جونته (1)، فأنفذ إليه السلطان،
يكرهونه على فسخه، فامتنع حتى منع من الخروج إلى
المسجد أياما، فصبر، وكانت الرسل تختلف إليه في ذلك،
فيقول: قد حكمت بحكم وهو في جونتي مختوم، فمن أحب
إخراج ذلك منها فليفعل من دون أمري.
فلم يقدروا إلى أن طيب قلبه، فأخرجه وفسخه.
قال أبو موسى المديني: وجدت بخط بعض قدماء علماء
أصبهان، فيما جمع من قضاتها، قال: إبراهيم بن أحمد
الخطابي.
وافى أصبهان من
__________
(1) الجونة: سليلة مستديرة مغشاة أدما.
(*)
(13/434)
قبل المعتز، وكان من أهل الادب والنظر، فلما قدمها
صادف بها ابن أبي عاصم، فجعله كاتبه، وعليه كان يعول،
ثم وافى صالح بن أحمد بن حنبل من قبل المعتمد، وانقطع
القضاة عن أصبهان مدة، إلى أن ورد كتاب المعتمد على
ابن أبي عاصم بتوليته القضاء، وكان في رجب سنة تسع
وستين ومئتين، فبقي عليها ثلاث عشرة سنة، واستقام أمره
إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه زاهد البلد.
قال: وولي بعده القضاء الوليد بن أبي داود.
أبو العباس النسوي: سمعت أبا بكر محمد بن مسلم، سمعت
محمد ابن خفيف يقول: سمعت الحكيمي يقول: ذكروا عند
ليلي (1) الديلمي أن أبا بكر بن أبي عاصم ناصبي (2)،
فبعث غلاما له ومخلاة وسيفا (3)، وأمره أن يأتيه
برأسه، فجاء الغلام، وأبو بكر يقرأ الحديث، والكتاب في
يده، فقال: أمرني أن أحمل إليه رأسك.
فنام على قفاه، ووضع الكتاب الذي كان في يده على وجهه،
وقال: افعل ما شئت.
فلحقه إنسان، وقال: لا تفعل، فأن الامير قد نهاك.
فقام أبو بكر وأخذ الجزء، ورجع إلى الحديث
الذي قطعه، فتعجب الناس (4).
قال أبو بكر بن مردويه: سمعت أحمد بن إسحاق يقول: مات
أحمد ابن عمرو سنة سبع وثمانين، ليلة الثلاثاء، لخمس
خلون من ربيع الآخر.
وذكر عن أبي الشيخ، قال: حضرت جنازة أبي بكر، وشهدها
مئتا
__________
(1) في تاريخ ابن عساكر: خ: " ليل ".
(2) ناصبي: أي مبغض لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه
-.
(3) في تاريخ ابن عساكر: خ: " معه سيف ومخلاة ".
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.
(*)
(13/435)
ألف من بين راكب وراجل، ما عدا رجلا كان يتولى القضاء،
فحرم شهود جنازته، وكان يرى رأي جهم (1).
قال أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أبي عبد
الله الكسائي، قال: رأيت ابن أبي عاصم فيما يرى
النائم، كأنه كان جالسا في مسجد الجامع، وهو يصلي من
قعود، فسلمت عليه، فرد علي، وقلت له: أنت أحمد بن أبي
عاصم ؟ قال: نعم.
قلت: ما فعل الله بك ؟ قال: يؤنسني ربي.
قلت: يؤنسك ربك ؟ قال: نعم.
فشهقت شهقة.
وانتبهت (2).
ذكر تصانيفه: جمع جزء فيها فيه زيادة على ثلاث مئة
مصنف، رواها عنه أبو بكر القباب، من ذلك: " المسند
الكبير " نحو خمسين ألف حديث، و " الآحاد والمثاني "
نحو عشرين ألف حديث في الاصناف، " المختصر من المسند "
نيف وعشرون ألفا، فذكر نحوا من هذا إلى أن عد مئة
وأربعين ألفا ونيفا.
شيوخه: أبو الوليد الطيالسي، وعمرو بن مرزوق، وأبو عمر
الحوضي، ومحمد بن كثير، ومحمد بن أبي بكر المقدمي،
وشيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن
نمير، وإبراهيم بن محمد الشافعي، ويعقوب بن حميد بن
كاسب، وإبراهيم بن الحجاج السامي، والحوطي عبد الوهاب
بن نجدة، ودحيم، وهشام بن عمار، وأبو بكر بن أبي شيبة،
وعبد الاعلى بن حماد، وكامل بن طلحة الجحدري، وأبو
كامل
__________
(1) تقدم الحديث عن " الجهمية " في الصفحة: (100)، ت:
5.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 26 آ.
(*)
(13/436)
الجحدري، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وطبقتهم، وينزل
إلى طبقة أبي حاتم الرازي، والبخاري، ويكثر عن ابن أبي
شيبة، وابن كاسب، وهشام.
حدث عنه: ابنته أم الضحاك عاتكة، وأحمد بن جعفر بن
معبد، والقاضي أبو أحمد العسال، ومحمد بن إسحاق بن
أيوب، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه، وأحمد بن محمد بن
عاصم، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن معمر بن ناصح،
وأبو الشيخ، وأبو بكر القباب، وهو آخر أصحابه وفاة،
وأبو عبد الله محمد بن أحمد الكسائي.
قال أبو سعيد بن الاعرابي في كتاب " طبقات النساك "
له: فأما أبو بكر ابن أبي عاصم، فسمعت من يذكر أنه كان
يحفظ لشقيق البلخي ألف مسألة، وكان من حفاظ الحديث
والفقه، وكان مذهبه القول بالظاهر ونفي القياس.
قرأت على أحمد بن محمد الدشتي (1): أخبركم يوسف
الحافظ، أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال، (ح):
وأنبأنا أحمد بن سلامة (12)،
عن الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو
نعيم الحافظ، قال: أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد بن
مسلم بن رافع بن رفيع بن ذهل بن شيبان أبو بكر، كان
فقيها ظاهري المذهب، ولي القضاء بأصبهان ثلاث عشسرة
سنة، بعد صالح بن أحمد، توفي فصلى عليه ابنه
الحكم...سمع من جده لامه موسى بن إسماعيل كتب حماد بن
سلمة، ومن أبي الوليد، وعمرو بن مرزوق، والحوضي (3).
__________
(1) ترجمه الذهبي في: " مشيخته ": خ: ق: 20.
(2) ترجمه الذهبي في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 26 ا.
(*)
(13/437)
وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا القاضي أبو أحمد، حدثنا أحمد
بن عمرو ابن أبي عاصم، حدثنا الازرق بن علي أبو الجهم،
حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، حدثنا خالد بن سعيد
المدني، عن أبي حازم، عن سهل، قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: " إن لكل عمل سناما، وسنام
القرآن البقرة، من قرأها في بيته ليلا لم يدخل الشيطان
بيته ثلاث ليال.
ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة
أيام " (1).
وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن سياه،
حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا هدبة، حدثنا أبان، عن يحيى
بن أبي كثير، قال: بلغني أن القرآن يرفع يوم القيامة،
غير سورة يوسف، وسورة مريم، يتكلم بها أهل الجنة (2).
أخبرنا بلال الحبشي (3): أخبرنا ابن رواج، أخبرنا
السلفي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا أبي القاسم
السوذرجاني، أخبرنا علي بن ميلة الفرضي
إملاء، حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا أبو
بكر بن أبي عاصم، حدثنا المقدمي، حدثنا عبد ربه
الحنفي، حدثنا سماك الحنفي، سمعت ابن عباس يقول: قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا عائشة ! من
كان له فرطان من أمتي دخل الجنة ".
قالت: يا نبي الله ! فمن كان له فرط ؟ قال:
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف خالد بن سعيد المدني، وهو في
أخبار أصبهان: 1 / 101، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه "
(1727) من طريق أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا الازرق
ابن علي بهذا الاسناد، وأورده السيوطي في الجامع
الصغير، وزاد نسبته لابي يعلى والطبراني والبيهقي،
وأورده الهيثمي في " المجمع " 6 / 312 وقال: رواه
الطبراني، وفيه سعيد بن خالد الخزاعي المدني وهو ضعيف.
كذا قال، وصوابه خالد بن سعيد كما تقدم، ونقله عنه
المناوي في " فيض القدير " 2 / 512 ولم ينبه عليه.
(2) أخبار أصبهان 1 / 101.
(3) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (31): 4، عن "
مشيخة " المؤلف.
(*)
(13/438)
" ومن كان له فرط يا موفقة ".
قالت: يا نبي الله ! فمن لم يكن له فرط من أمتك ؟ قال:
" أنا فرط أمتي، لم يصابوا بمثلي ".
رواه الترمذي (1) محسنا مغربا له، عن نصر بن علي،
وزياد بن يحيى، وعن أحمد بن سعيد المرابطي، عن حبان،
جميعا عن عبد ربه، عن سماك بن الوليد أبي زميل الحنفي.
وعبد ربه هذا: ضعفه ابن معين، وقال أحمد: ما به بأس.
أخبرنا إسحاق بن طارق (2)، أخبرنا يوسف بن خليل،
أخبرنا ناصر بن محمد، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد،
أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله
بن محمد أبو الشيخ بقراءة أبي، حدثنا أبو بكر بن
أبي عاصم، حدثنا عمرو بن مرزوق، عن عمران القطان، عن
قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة، قالت: ذكر
عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له:
شهاب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنت هشام
".
(3).
إسناده جيد.
216 - الحكيم * الامام،
الحافظ، العارف، الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن علي
__________
(1) رقم (1062) في الجنائز: باب ما جاء في ثواب من قدم
ولدا، وأخرجه أحمد 1 / 334 من طريق عبد الصمد، عن عبد
ربه بهذا الاسناد.
(2) هو: إسحاق بن أبي بكر بن طارق تقدمت الاشارة إليه
في الصفحة: (11)، ت: 3، عن " مشيخة " المؤلف.
(3) وأخرجه أحمد 6 / 75.
من طريق سليمان بن داود عن عمران بهذا الاسناد، وصححه
الحاكم 4 / 276، 277 وأقره الذهبي وذكره في " المجمع "
8 / 51، وزاد نسبته للطبراني، وأعله بعمران القطان،
وليس بشئ، فإن حديثه من قبيل الحسن.
* طبقات الصوفية: 217 - 220، حلية الاولياء: 10 / 233
- 235، تذكرة الحفاظ: = (*)
(13/439)
ابن الحسن بن بشر، الحكيم الترمذي.
حدث عن: أبيه، وقتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، وصالح بن
عبد الله الترمذي، وعتبة بن عبد الله المروزي، ويحيى
خت، وسفيان بن وكيع، وعباد بن يعقوب الرواجني (1)،
وطبقتهم.
وكان ذا رحلة ومعرفة، وله مصنفات وفضائل.
حدث عنه: يحيى بن منصور القاضي، والحسن بن علي،
وغيرهما من مشايخ نيسابور، فإنه قدمها وحدث بها في سنة
خمس وثمانين ومئتين.
وقد لقي أبا تراب النخشبي، وصحب أحمد بن خضرويه (2)،
ويحيى ابن الجلاء (3).
وله حكم ومواعظ وجلالة، لولا هفوة بدت منه.
ومن كلامه: ليس في الدنيا حمل أثقل من البر، فمن برك،
فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك (4).
وقال: كفى بالمرء عيبا أن يسره ما يضره (5).
وقال: من جهل أوصاف العبودية، فهو بنعوت أوصاف
الربانية أجهل (6).
__________
= 2 / 645، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 245 - 246،
طبقات الاولياء: 362، لسان الميزان: 5 / 308 - 310،
طبقات الحفاظ: 282.
(1) جاء في " الانساب ": " أصل هذه النسبة: الدواجن،
بالدال المهملة، وهي جمع داجن، وهي الشاة التي تسجن في
البيوت، فجعلها الناس: الرواجن، بالراء ".
(2) انظر ترجمته في: طبقات الصوفية: 103 - 106.
(3) الجلاء، بفتح الجيم واللام المشددة: اسم لمن يجلو
الاشياء، كالمرآة والسيف ونحوهما.
(اللباب).
(4) حلية الاولياء: 10 / 235.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق، وفيه: " فهو بنعوت الربوبية أجهل
".
(*)
(13/440)
وقال: صلاح خمسة في خمسة: صلاح الصبي في المكتب، وصلاح
الفتى في العلم، وصلاح الكهل في المسجد، وصلاح المرأة
في البيت، وصلاح المؤذي في السجن (1).
وسئل عن الخلق: فقال: ضعف ظاهر، ودعوى عريضة.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخرجوا الحكيم من ترمذ،
وشهدوا
عليه بالكفر، وذلك بسبب تصنيفه كتاب: " ختم الولاية "
(2)، وكتاب " علل الشريعة "، وقالوا: إنه يقول: إن
للاولياء خاتما كالانبياء لهم خاتم.
وإنه يفضل الولاية على النبوة، واحتج بحديث: " يغبطهم
النبيون والشهداء " (3).
فقدم بلخ، فقبلوه لموافقته لهم في المذهب (4).
وذكره ابن النجار، فوهم في قوله: روى عنه علي بن محمد
بن ينال العكبري.
فإن ابن ينال إنما سمع من محمد الترمذي، شيخ حدثهم في
سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
قال السلمي: حدثنا علي بن بندار الصيرفي، سمعت أحمد بن
عيسى الجوزجاني، سمعت محمد بن علي الترمذي يقول: ما
صنفت شيئا عن
__________
(1) انظر: طبقات الصوفية: 219.
(2) زاد السبكي في " طبقاته ": وقال: لو لم يكونوا
أفضل منهم لم يغبطوهم ".
لم يصل إلينا مستقلا إلا أن ابن عربي الحاتمي حفظ لنا
صورة عنه في كتاب الفتوحات المكية في مجموعة المئة
والخمس ؟ بخمسين سؤالا.
(3) حديث صحيح أخرجه الترمذي رقم " 2390 " في الزهد
باب ما جاء في الحب في الله من حديث معاذ بن جبل قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله
عزوجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم
النبيون والشهداء " وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في المسند 5 / 229 و 239 و 238 مطولا.
(4) الخبر في: طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 245.
(*)
(13/441)
تدبير، ولا لان ينسب إلي شئ منه، ولكن كان إذا اشتد
علي وقتي كنت أتسلى بمصنفاتي.
وقال السلمي: هجر لتصنيفه كتاب: " ختم الولاية "، و "
علل
الشريعة "، وليس فيه ما يوجب ذلك، ولكن لبعد فهمهم
عنه.
قلت: كذا تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب: " حقائق
التفسير "، فياليته لم يؤلفه، فنعوذ بالله من الاشارات
الحلاجية، والشطحات البسطامية، وتصوف الاتحادية،
فواحزناه على غربة الاسلام والسنة، قال الله تعالى: *
(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
فتفرق بكم عن سبيله...) * [ الانعام: 153 ].
217 - الصوري * الامام،
المحدث، أبو علي، الحسن بن جرير الصوري
الزنبقي، البزاز.
حدث عن: سلام المدائني، وقالون، وسعيد بن منصور،
وإسماعيل بن أبي أويس، وعدة.
وعنه: خيثمة، وأبو محمد بن زبر، وعلي بن أبي العقب،
والطبراني، وآخرون.
بقي إلى سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 211 ب - 212 أ، تهذيب
بدران: 4 / 159.
(*)
(13/442)
218 - الابار * الحافظ، المتقن، الامام، الرباني، أبو
العباس، أحمد بن علي
بن مسلم الابار، من علماء الاثر ببغداد.
حدث عن: مسدد بن مسرهد، ومحمد بن المنهال، وعلي بن
الجعد، وأمية بن بسطام، وهدبة، وإبراهيم بن هشام
الغساني، ويحيى الحماني، وعلي بن عثمان اللاحقي،
وشيبان بن فروخ، ودحيم، وهشام
ابن عمار، وطبقتهم بالشام والعراق وخراسان.
وجمع وصنف وأرخ.
حدث عنه: يحيى بن صاعد، وأبو بكر النجاد، ودعلج
السجزي، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر القطيعي، وجعفر
الخلدي، وخلق.
قال الخطيب: كان ثقة حافظا متقنا، حسن المذهب (1).
وقال جعفر الخلدي: كان الابار من أزهد الناس، استأذن
أمه في الرحلة إلى قتيبة، فلم تأذن له، ثم ماتت، فخرج
إلى خراسان، ثم وصل إلى بلخ وقد مات قتيبة، فكانوا
يعزونه على هذا، فقال: هذا ثمرة العلم، إني اخترت رضى
الوالدة (2).
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 306 - 307، طبقات الحنابلة: 1 /
52، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 18 أ - ب، اللباب: 1 /
23، تذكرة الحفاظ: 2 / 639 - 640، عبر المؤلف: 2 / 85
- 86، طبقات الحفاظ: 280.
والابار، بفتح الالف وتشديد الباء: نسبة إلى عمل
الابر، وهي جمع الابرة التي يخاط بها الثوب.
(1) تاريخ بغداد: 4 / 306.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 639.
(*)
(13/443)
وقال أبو سهل بن زياد: سمعت أحمد الابار يقول: بايعت
النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم على إقام
الصلاة، وإيتاء الزكاة، والامر بالمعروف، والنهي عن
المنكر (1).
وقال أحمد بن جعفر بن سلم: سمعت الابار يقول: كنت
بالاهواز، فرأيت رجلا قد حف شاربه - وأظنه قال: قد
اشترى كتبا وتعين للفتيا - فذكر له
أصحاب الحديث، فقال: ليسوا بشئ، وليس يسوون شيئا.
فقلت: أنت لا تحسن تصلي.
قال: أنا ؟ قلت: نعم، أيش تحفظ عن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إذا افتتحت ورفعت يديك ؟ فسكت (2)،
قلت: فما تحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إذا سجدت ؟ فسكت، فقلت (3): ألم أقل: إنك لا تحسن تصلي
؟ (4) فلا تذكر أصحاب الحديث (5).
قال الخطيب: توفي الابار يوم النصف من شعبان، سنة
تسعين ومئتين (6).
قلت: عاش نيفا وثمانين سنة.
وله تاريخ مفيد رأيته.
وقد وثقه الدارقطني، وجمع حديث الزهري.
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 306.
(2) زاد ابن عساكر هنا: " فقلت له: فأيش تحفظ عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت يديك على ركبتيك ؟
فسكت ".
(3) وزاد هنا ابن عساكر: " مالك لا تتكلم ؟ ".
(4) وزاد هنا ابن عساكر أيضا: " انت إنما قيل: تصلي
الغداة ركعتين، والظهر أربعا، فالزم ذا خير لك من أن
تذكر أصحاب الحديث، فلست بشئ، ولا تحسن شيئا ".
(5) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 18 ت (6) تاريخ بغداد: 4
/ 307.
(*)
(13/444)
219 - ابن وضاح * الامام الحافظ، محدث الاندلس مع بقي،
أبو عبد الله، محمد بن وضاح
بن بزيع (1) المرواني، مولى صاحب الاندلس عبدالرحمن بن
معاوية الداخل.
ولد سنة تسع وتسعين ومئة.
وسمع: يحيى بن معين، وإسماعيل بن أبي أويس، وأصبغ بن
الفرج، وزهير بن عباد، وحرملة، ويعقوب بن كاسب، وإسحاق
بن أبي إسرائيل، ومحمد بن رمح، وطبقتهم.
وقيل: إنه ارتحل قبل ذلك في حياة آدم بن أبي إياس، فلم
يسمع شيئا، وقد ارتحل إلى العراق والشام ومصر، وجمع
فأوعى.
روى عنه: أحمد بن خالد الجباب، وقاسم بن أصبغ، ومحمد
بن أيمن، وأحمد بن عبادة، ومحمد بن المسور، وخلق.
قال ابن حزم: كان يواصل أربعة أيام.
وقال ابن الفرضي: كان عالما بالحديث، بصيرا بطرقه
وعلله، كثير الحكاية عن العباد، ورعا، زاهدا، صبورا
على نشر العلم، متعففا، نفع
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 15 - 17، جذوة المقتبس: 93
- 94، تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 42 أ - 43 أ، بغية
الملتمس: 133 - 134، تذكرة الحفاظ: 2 / 646 - 648،
ميزان الاعتدال: 4 / 59، الوافي بالوفيات: 5 / 174،
طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 275، لسان الميزان: 5 /
416 - 417، النجوم الزاهرة: 3 / 121، طبقات الحفاظ:
283، شذرات الذهب: 2 / 194.
(1) في: " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 15: " بزيغ ".
وهو تصحيف.
(*)
(13/445)
الله أهل الاندلس به، وكان ابن الجباب يعظمه، ويصف
عقله وفضله، ولا يقدم عليه أحدا، غير أنه ينكر رده
لكثير من الحديث (1).
قال ابن الفرضي: كان كثيرا ما يقول: ليس هذا من كلام
النبي - صلى الله عليه وسلم - في شئ، ويكون ثابتا من
كلامه (2).
قال: وله خطأ كثير محفوظ عنه، ويغلط ويصحف، ولا علم له
بالعربية، ولا بالفقه.
توفي ابن وضاح في المحرم، سنة سبع وثمانين ومئتين (3).
أنبأنا ابن هارون، عن أبي القاسم بن بقي، عن شريح بن
محمد: أن أبا محمد بن حزم أجاز له: أخبرنا أحمد بن
الجسور، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم، حدثنا
محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا
يزيد، أخبرنا حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر،
قال: إنما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بالحج، وأهللنا معه، فلما قدم، قال: " من لم يكن معه
هدي فليحل " (4).
220 - خمارويه * ابن أحمد
بن طولون التركي: صاحب مصر والشام.
__________
(1) انظر الخبر في " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 16 -
17.
(2) انظر المصدر السابق: 2 / 17.
(3) وفي " جذوة المقتبس "، و " بغية الملتمس "، و "
شذرات الذهب "، وفاته سنة (286)، أما الذهبي في "
ميزانه "، فذكر وفاته في حدود (280).
(4) إسناده صحيح، ويزيد هو ابن هارون، وحميد هو ابن
أبي حميد الطويل.
* تاريخ الطبري: 10 / 8، 18، 30، 42، تاريخ ابن عساكر:
خ: 5 / 342 أ - 343 ب، المنتظم: 5 / 155، الكامل لابن
الاثير: 7 / 409، 429 - 430، 477 - 478، وفيات الاعيان
2 / 249 - 251، عبر المؤلف: 2 / 47، 55، 66، 68،
البداية والنهاية: = (*)
(13/446)
ولي بعد أبيه وله عشرون سنة، فكانت دولته ثنتي عشرة
سنة.
وكان بطلا شجاعا جوادا مبذرا مسرفا على نفسه.
روي علي بن محمد الماذرائي، عن عم أبيه (1)، قال: تنزه
خمارويه بعذراء (2)، فغناه المغني (3)، فطرب، فأمر له
بمئة ألف دينار، فكلمه خازنه في ذلك، فقال: كيف أرجع
عما قلت ؟ لكن عجل له مئة ألف درهم، وفرق ما تبقى،
وابسطه له (4).
وروى الماذرائي، عن أبيه، قال: كنا مع أبي الجيش
خمارويه على نهر ثورا، فأتاه أعرابي (5)، فأخذ بلجامه،
وقال: اسمع لي.
قال: قل.
قال: إن السنان وحد السيف لو نطقا * لحدثا عنك بين
الناس بالعجب أتلفت مالك تعطيه وتنهبه * يا آفة الفضة
البيضاء والذهب (6)
__________
= 11 / 72 - 73، النجوم الزاهرة: 3 / 49، وأحداث
ولايته حتى صفحة (87).
شذرات الذهب: 2 / 178 - 179، تهذيب بدران: 5 / 179 -
181.
(1) في " تاريخ ابن عساكر ": " عن عم أبي المعروف بأبي
زنبور ".
(2) في " تاريخ ابن عساكر ": " في مرج عذراء بدمشق،
قال أبو محمد: وكان أبو زنبور عامل أبي الجيش، قال..."
(3) ذكر ابن عساكر الصوت الذي غناه، وهو: " قد قلت لما
هاج قلبي الذكرى * وأعرضت وسط السماء الشعرى كأنها
ياقوتة في مزرى * ما أطيب الليل بسر من راى " وقال:
إنه أبدل مرج عذرا، بسر من رأى.
(4) الخبر في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 5 / 342 ب، وفيه
زيادات.
وقوله: " وابسطه له " أي: ابسط له باقي المئة ألف
دينار على سنين، حتى يحصل عليها كلها، ويبر بوعده
وأمره.
(5) زاد ابن عساكر هنا: " عليه كساء، فجاء حتى أخذ
بشكيمة لجامه وهو منفرد على يده بازي، فنفر البازي،
فصاح عليه الغلمان، فقال لهم: دعوه.
فقال له: أيها الملك: قف،
واستمع، فقال له: قل.
فقال:...".
(6) الخبر في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 5 / 342 ب،
وفيه: " أفنيت " بدلا من (*)
(13/447)
فأعطاه خمس مئة دينار، فقال: أيها الملك ! زدني.
فقال للغلمان: اطرحوا له سيوفكم ومناطقكم.
وقد ملك من النوبة إلى الفرات.
ولما استخلف المعتضد، سارع خمارويه بالتحف إليه، فتزوج
المعتضد بابنته.
قيل: أراد أن يفقره بجهازها.
يقال: قتله مماليكه (1) للفاحشة في ذي الحجة، سنة
اثنتين وثمانين ومئتين بدير مران، ثم ضربت رقابهم.
221 - السرخسي * الفيلسوف،
البارع، ذو التصانيف، أبو العباس، أحمد بن الطيب،
__________
= " أتلفت ".
وتتمة الخبر فيه: " قال: فالتفت أبو الجيش إلى الخادم
الذي معه الخريطة، فقال: فرغها، قال: وكان رسم الخريطة
(500) دينار، ففرغها في كسائه، فقال له: أيها الملك:
زدني، فالتفت إلى الغلمان، فقال لهم: اطرحوا سيوفكم
ومناطقكم عليه، قال: فطرحوا، قال: فقال له: أيها الملك
اثقلتني، فقال: اعطوه بغلا يحمله عليه، قال: فلما
انصرف أمرني أن أعطي كل من طرح سيفه ومنطقته عليه سيفا
ومنطقة ذهب، قال: فصنعناها لهم، ودفعناها إليهم ".
وانظر: تهذيب بدران: 5 / 180.
(1) في " الكامل " لابن الاثير: مقتله سنة: (283).
ودير مران: جاء ذكره في " القلائد الجوهرية في تاريخ
الصالحية ": 1 / 44 - 48، (ط.
مجمع اللغة العربية بدمشق: 1980)، قال: " ومحلها اليوم
في السفح الواقع أسفل قبة سيار، وأعلى بستان الدواسة،
يطل منها الانسان على الربوة وحدائقها ذات
البهجة...وعرفت تلك الجهة بهذا الاسم لوجود دير
يدعى بدير مران، ذكره أبو الفرج الاصبهاني في "
الاغاني " وقال: إنه دير على تلعة مشرفة عالية تحتها
مروج ومياه حسنة...".
قال: وقد تغنى الشعراء قديما بدير مران، وجمال منظره،
وطيب هوائه، نكتفي منها بقول الببغاء الشاعر: يا صباحا
بدير مران راقا * هجت منا القلوب والاحداقا ومشت نسمة
تؤمك حتى * رفعت بالعبير فيك رواقا * الفهرست: المقالة
السابعة: الفن الاول، معجم الادباء: 3 / 98 - 102،
الوافي بالوفيات: 7 / 5 - 8، لسان الميزان: 1 / 189 -
192.
(*)
(13/448)
وقيل: أحمد بن محمد السرخسي، من بحور العلم الذي لا
ينفع.
وكان مؤدب المعتضد، ثم صار نديمه وصاحب سره ومشورته،
وله رئاسة وجلالة كبيرة.
وهو تلميذ يعقوب بن إسحاق الكندي الفيلسوف.
روى عنه: أحمد بن إسحاق الملحمي، ومحمد بن أبي الازهر،
وعم صاحب الاغاني، ومحمد بن أحمد الكاتب.
ثم إن المعتضد انتخى لله، وقتل السرخسي لفلسفته وخبث
معتقده.
فقيل: إنه تنصل إليه، وقال: قد بعت كتب الفلسفة
والنجوم والكلام، وما عندي سوى كتب الفقه والحديث.
فلما خرج قال المعتضد: والله إني لاعلم أنه زنديق، فعل
ما زعم رياء.
ويقال: إنه قال له: لك سالف خدم، فكيف تختار أن نقتلك.
فاختار أن يطعم كباب اللحم، وأن يسقى خمرا كثيرا حتى
يسكر، ويفصد في يديه، ففعل به ذلك، فصفي من الدم،
وبقيت فيه حياة، وغلبت عليه
الصفراء، وجن، وصاح، وبقي ينطح الحائط لفرط الآلام،
ويعدو كثيرا حتى مات، وذلك في أول سنة ست وثمانين
ومئتين.
222 - ابن الضريس *
الحافظ، المحدث، الثقة، المعمر، المصنف، أبو عبد الله،
محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس، البجلي، الرازي،
صاحب كتاب: " فضائل القرآن ".
__________
* الجرح والتعديل: 7 / 198، تذكرة الحفاظ: 2 / 643 -
644، عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 2 / 234،
طبقات الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 / 216.
(*)
(13/449)
مولده في حدود عام مئتين.
وسمع: مسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وأبا الوليد
الطيالسي، ومحمد ابن كثير العبدي، وعلي بن عثمان
اللاحقي، ومسدد بن مسرهد، وأبا سلمة التبوذكي، وأحمد
بن يونس، ومحمد بن سنان العوقي، وعبيد الله بن محمد
العيشي، وإسحاق بن محمد الفروي، ويحيى بن هاشم
السمسار، وحفص ابن عمر الحوضي، وعبد الله بن الجراح،
وعبد الاعلى بن حماد، وأبا الربيع الزهراني، وسهل بن
بكار، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد ابن المنهال،
وطبقتهم.
وانتهى إليه علو الاسناد بالعجم مع الصدق والمعرفة.
روى عنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم، وقال: هو ثقة، وعلي
بن شهريار، وأحمد بن إسحاق الطيبي (1)، وأبو عمرو
إسماعيل بن نجيد، وأحمد بن عبيد الهمذاني، وخلق كثير
آخرهم موتا: أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
الرازي.
قال أبو يعلى الخليلي: ابن الضريس ثقة، وهو محدث ابن
محدث، وجده يحيى بن الضريس من أصحاب سفيان الثوري.
ولما سمع أبو بكر الاسماعيلي بموت ابن الضريس - وكان
يود أن يرحل إليه - صاح، ولطم، وقال لاهله: منعتموني
من الرحلة إليه.
قال: فرقوا وسفروني مع خالي إلى الحسن بن سفيان.
مات ابن الضريس يوم عاشوراء، سنة أربع وتسعين ومئتين
بالري.
__________
(1) الطيبي، بكسر الطاء وسكون الياء: نسبة إلى الطيب:
وهو بلدة من واسط وكور الاهواز.
(اللباب).
(*)
(13/450)
وأما ابن عقدة، فأورد وفاته في سنة خمس وتسعين، والاول
أصح.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله (1)، وأبو عبد الله
بن أبي عصرون، وزينب بنت عمر (2)، عن المؤيد بن محمد
الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي (3)، (ح):
وأخبرونا عن أبي روح الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعيد،
(ح): وأخبرونا عن زينب الشعرية، أخبرنا إسماعيل بن أبي
القاسم، قالوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا
إسماعيل بن نجيد، حدثنا محمد بن أيوب بن ضريس، حدثنا
محمد بن سنان العوقي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن
بديل، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفجر، قال: قلت:
يا رسول الله ! متى كتبت نبيا ؟ قال: " كتبت نبيا وآدم
بين الروح والجسد " (4).
وبه، إلى محمد بن الضريس: أخبرنا محمد بن كثير، حدثنا
__________
(1) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (46)، ت: 1، وهو في
" المشيخة ": خ: 21.
(2) هي: " زينب بنت عمر بن كندي بن سعد بن علي، أم
محمد الدمشقية الكندية، نزيلة بعلبك، شيخة صالحة
جليلة، كثيرة المعروف، حجت وبنت رباطا ووقفت على
البر...توفيت في أواخر شهر جمادى الآخرة سنة تسع
وتسعين وست مئة ".
" مشيخة " الذهبي: خ: ق 50 - 51.
(3) قال الحافظ ابن حجر في " التبصير ": 1100: " اختلف
في ضم الفاء وفتحتها، قال ابن نقطة: الفتح أكثر وأشهر.
والفراوي: نسبة إلى فراوة: بليدة متطرفة جهة خوارزم
بناها ابن طاهر، رابط بها جماعة ".
(4) إسناده صحيح، وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 7 /
60 من طريق معاذ بن هانئ البهراني، حدثنا إبراهيم بن
طهمان بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 5 / 59 من طريق
عبدالرحمن ابن مهدي، عن منصور بن سعد، عن بديل بن
ميسرة به، وهذا سند صحيح.
وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي برقم (3613)، وعن
رجل من الصحابة عند أحمد 4 / 66 و 5 / 37، وعن العرباض
بن سارية عند أحمد 4 / 127، وابن حبان (2093)، والحاكم
2 / 600، وعن عبد الله بن أبي الجدعاء عند ابن سعد 7 /
59.
(*)
(13/451)
سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال:
رفعت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيا لها
في محفة، فقالت: يا رسول الله ! ألهذا حج ؟ قال: "
نعم، ولك أجر " (1).
أخبرنا عيسى بن يحيى، أخبرنا منصور بن الدماغ، أخبرنا
السلفي، أخبرنا ابن مردويه، أخبرنا محمد بن سليمان
الوكيل، أخبرنا علي بن الفصل بن شهريار، حدثنا محمد بن
أيوب، حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا خالد، عن
أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث: قال لي رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -: " إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم
أقيما، ثم ليؤمكما
أكبركما " (2).
ومات في سنة أربع معه: جبرون بن عيسى البلوي (3)،
ومحمد بن إسحاق بن راهويه (4)، وعبيد بن محمد العجل
(5)، والحسن بن مثنى العنبري (6)، ومحمود بن أحمد بن
الفرج (7) بأصبهان، وعبد الله بن أحمد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1336) (410)، والنسائي
5 / 120، وأبو داود (1736) من طرق عن سفيان بن عيينة
بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 1 / 219، ومسلم (1336)،
والنسائي 5 / 120، من طريق سفيان، عن إبراهيم بن عقبة
عن كريب، عن ابن عباس، واخرجه مالك 1 / 368 بشرح
السيوطي من طريق إبراهيم بن عقبة، عن كريب به، وانظر "
المسند " 1 / 244 و 288 و 343 و 344.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 92، 93 و 118،
ومسلم (674) (293)، وأبو داود (589)، والترمذي (205)،
والنسائي 2 / 17 من طرق عن خالد - وهو الحذاء - بهذا
الاسناد.
وأخرجه البخاري 2 / 93، ومسلم (674) من طريقين عن
أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث.
(3) المشتبه: 1 / 277.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (544)، برقم: (275).
(5) عبر المؤلف: 2 / 98، شذرات الذهب: 2 / 216.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (526)، برقم: (258) (7)
ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 2 / 315 - 316.
(*)
(13/452)
ابن عبد السلام الخفاف بمصر، وأحمد بن يحيى بن خالد
الرقي، ومحمد ابن نصر المروزي (1) الفقيه، وموسى بن
هارون الحافظ (2).
223 - العلاف * [ س ] (3)
الامام، المحدث، الحجة، الفقيه، أبو زكريا، يحيى بن
أيوب بن بادي، المصري العلاف.
حدث عن: سعيد بن أبي مريم: وعبد الغفار بن داود
الحراني، ويوسف بن عدي، ويحيى بن بكير، وأحمد بن يزيد
المكي، وطائفة.
حدث عنه: النسائي، ومحمد بن جعفر الحضرمي، وأبو القاسم
الطبراني، وأحمد بن خالد بن الجباب، وعلي بن محمد
الواعظ، وآخرون.
وكان شيخا آدم - شديد الادمة - أعور، ثقة، بصيرا
بالفقه.
قال أحمد بن خالد الحافظ: أخبرنا يحيى بن أيوب العلاف،
فقيه أهل مصر.
قلت: مات في المحرم سنة تسع وثمانين ومئتين، وكان مسنا
من أبناء التسعين.
__________
(1) ترجمته في: طبقات الفقهاء: 106 - 107، تذكرة
الحفاظ: 2 / 650 - 653، عبر المؤلف: 2 / 99، طبقات
السبكي: 2 / 246 - 255، شذرات الذهب: 2 / 216 - 217.
(2) ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 2 / 669 - 670، عبر
المؤلف: 2 / 99 - 100، شذرات الذهب: 2 / 217 - 218.
* تهذيب الكمال: خ: 1488، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 149،
عبر المؤلف: 2 / 83، تهذيب التهذيب: 11 / 185، خلاصة
تذهيب الكمال: 421، شذرات الذهب: 2 / 202.
(3) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/453)
وفيها مات: أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري (1)،
والمعتضد
بالله (2)، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي
(3)، وأمير القيروان إبراهيم بن الاغلب (4)، وأنس بن
السلم الدمشقي (5)، والحسين بن محمد ابن زياد القباني
(6).
224 - الحكاني * الشيخ،
المحدث، الثقة، مسند هراة، أبو الحسن، علي بن محمد
بن عيسى، الخزاعي الهروي الحكاني.
وحكان: محلة على باب مدينة هراة.
رحل، وسمع من: أبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، ومحمد بن
وهب بن عطية، ويحيى بن صالح الوحاظي، ومحمد بن أبي
السري.
وعنه: أبو علي حامد الرفاء، وأبو محمد أحمد بن عبد
الله المغفلي، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه، وأحمد بن
إسحاق، الهرويون.
ووثقه بعض الحفاظ.
مات سنة اثنتين وتسعين ومئتين، في عشر المئة.
__________
(1) المشتبه: 1 / 74.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (463)، برقم: (230).
(3) البتلهي، بفتح الباء والتاء، وسكون اللام: نسبة
إلى بيت لهيا من أعمال دمشق بالغوطة.
وانظر ترجمته في تهذيب بدران: 2 / 83 - 84.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (487)، برقم: (234).
(5) ترجمته في: تهذيب بدران: 3 / 138.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (499)، برقم: (247) *
تاريخ ابن عساكر: خ: 12 / 265 ب - 266 ب، (*)
(13/454)
225 - القراطيسي * [ س ] (1) الامام، الثقة، المسند،
أبو يزيد، يوسف بن يزيد
بن كامل بن حكيم، الاموي المصري القراطيسي: مولى أمير
مصر عبد العزيز بن مروان.
سمع: أسد بن موسى السنة، وسعيد بن أبي مريم، وعبد الله
بن صالح الكاتب، وحجاج بن إبراهيم الازرق، وعدة.
وكان عالما مكثرا مجودا.
حدث عنه: عبد الله بن جعفر بن الورد، وعلي بن محمد
الواعظ، وسليمان بن أحمد الطبراني، وآخرون.
وقيل: إن النسائي روى عنه.
وثقه ابن يونس.
وكان معمرا، رأى الشافعي.
قال الحافظ أحمد بن خالد الجباب: أبو يزيد من أوثق
الناس، لم أر مثله، ولا لقيت أحدا إلا وقد مس، أو تكلم
فيه إلا هو، ويحيى بن أيوب العلاف.
ورفع أحمد الجباب من شأن القراطيسي.
مات - فيما أرخه ابن يونس - في ربيع الاول، سنة سبع
وثمانين
__________
* المنتظم: 6 / 27، تهذيب الكمال: خ: 1563، تذهيب
التهذيب: خ: 4 / 192، تذكرة الحفاظ: 2 / 680، في نهاية
ترجمة الحسين بن فهم، وفيه وفاته سنة (289 ه).
عبر المؤلف: 2 / 84، أخبار سنة (289)، تهذيب التهذيب:
11 / 429، خلاصة تذهيب الكمال: 440، شذرات الذهب: 2 /
202.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/455)
ومئتين، عن مئة سنة، رحمه الله.
وفيها مات: أحمد بن إسحاق بن نبيط (1)، وأبو بكر بن
أبي عاصم (2)، ومحمد بن وضاح (3) محدث الاندلس، وأبو
السري موسى بن الحسن الجلاجلي (4).
226 - إسحاق بن أبي عمران
* الامام، الفقيه، الحافظ، شيخ خراسان، أبو يعقوب
الاسفراييني.
أخبرنا المؤمل بن محمد (5) كتابة، أخبرنا أبو اليمن
الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر
الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا محمد بن نعيم
الضبي، حدثني محمد بن محمد بن يحيى الاسفراييني
الفقيه، حدثنا محمد عبدك الاسفراييني، حدثنا إسحاق بن
أبي عمران، حدثنا أبو محمد المروزي وراق محمود بن
غيلان، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا علي بن المديني،
حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن
يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ: " أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - خرج في غزوة تبوك، فكان يؤخر
الظهر حتى يدخل وقت العصر، فيجمع بينهما (6) ".
__________
(1) ترجمته في: المنتظم: 6 / 25، وفي الميزان: 1 / 82:
حدث عن أبيه، عن جده بنسخة فيها بلايا...لا يحل
الاحتجاج به فإنه كذاب ".
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (430)، برقم: (215).
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (445)، برقم: (219) (4)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (378)، برقم: (179) * الوافي
بالوفيات: 8 / 419، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 258 -
259.
(5) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 171.
(6) وأخرجه أحمد 5 / 241، وأبو داود (1220)، والترمذي
(553)، والبيهقي 3 / 163، والدارقطني 1 / 392 كلهم من
طريق قتيبة بهذا الاسناد، وهو إسناد صحيح.
(*)
(13/456)
رواه البيهقي بلفظه عن الحاكم محمد بن نعيم الضبي.
قال الحاكم: هو إسحاق بن موسى بن عمران، أحد أئمة
الشافعية، والرحالة في طلب الحديث، من رستاق إسفرايين،
تفقه عند أبي إبراهيم المزني، وسمع " المبسوط " من
الربيع، وكتب الحديث بخراسان والعراقين والحجاز ومصر
والشام.
قال: وله مصنفات كثيرة.
سمع بخراسان: قتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف، وإسحاق
بن راهويه، وعلي بن حجر وأقرانهم.
وبالجبال: محمد بن مقاتل، وابن أحمد وطائفة.
وببغداد: منصور بن أبي مزاحم، ومحمد بن بكار، وعبيد
الله القواريري، وأحمد بن عمران الاخنسي، وأبا مسلم
الواقدي، وبالبصرة: عبدالاعلى بن حماد النرسي، وعبد
الله بن معاوية، وبندارا، وأبا موسى.
وبالكوفة: عثمان بن أبي شيبة، وأخاه القاسم، وجبارة بن
المغلس، وأبا كريب، وعبد الله بن عمر ابن أبان،
وبالحجاز: إبراهيم بن محمد الشافعي، وإبراهيم بن
المنذر، وأبا مصعب، ويعقوب بن حميد، وعدة.
وبالشام: هشام بن عمار، ودحيما، وأحمد بن أبي الحواري،
وطبقتهم.
وبمصر: محمد بن رمح، وعيسى بن حماد، وحرملة، وأبا
الطاهر بن السرح، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عمرو الحيري، وأبو عوانة الاسفرايني،
ومؤمل بن الحسن، ومحمد بن عبدك وغيرهم، وأبو عبد الله
محمد بن يعقوب الشيباني.
قال محمد بن عبدك الاسفراييني: توفي أبو يعقوب
الاسفراييني بها، في شهر رمضان، سنة أربع وثمانين
ومئتين.
ثم قال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
الحافظ، حدثنا
(13/457)
إسحاق بن موسى الاسفراييني، حدثنا إسحاق، أخبرنا جرير،
عن مغيرة، عن الشعبي، قال: أول من خطب جالسا: معاوية،
وذلك حين عظم بطنه، وكثر شحمه.
قلت: عاش ابن أبى عمران هذا نحوا من سبعين سنة، وكان
من الائمة الاثبات، وتخيل إلي أنه والد أبي عوانة، لكن
والد أبي عوانة اسمه: إسحاق بن إبراهيم بن يزيد
الاسفرابيني، يروي عن: إسحاق بن راهويه، وابن حجر،
وأبي مروان العثماني.
أكثر عنه: ولده أبو عوانة في " صحيحه "، ثم إني لم
أظفر لابي عوانة برواية عن إسحاق بن أبي عمران، ولا
ذكر الحاكم لوالد أبي عوانة ترجمة في " تاريخه "،
فلهذا جوزت في البديهة أنهما واحد، وكلاهما طبقة
واحدة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله (1)، عن القاسم بن أبي سعد،
أخبرنا أبو الاسعد القشيري، أخبرنا عبدالحميد البحيري،
أخبرنا أبو نعيم عبدالملك ابن الحسن، حدثنا أبو عوانة،
حدثني أبي: حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان: حدثنا عبد
العزيز بن محمد، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم
التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنه سمع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يقول: " قالت النار: يا رب !
أكل بعضي بعضا.
فأذن لها بنفسين.." (2).
الحديث.
__________
(1) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (46) ت: 1.
عن " مشيخة " المؤلف.
(2) وأخرجه مسلم (617) (187) من طريق حرملة بن يحيى،
عن عبد الله بن وهب، عن حيوة، عن ابن الهاد - وهو يزيد
بن عبد الله بن أسامة بن الهاد - بهذا الاسناد،
وتمامه: " نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فما وجدتم من
برد أو زمهرير، فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو
حرور، فمن نفس جهنم ".
وهو في " المسند " 2 / 503.
وأخرجه البخاري 6 / 238، والدارمي 2 / 340 من طريق
شعيب عن الزهري، عن أبي = (*)
(13/458)
227 - الخشني * الامام، الحافظ، المتقن، اللغوي،
العلامة، أبو الحسن، محمد ابن عبد السلام
بن ثعلبة الخشني الاندلسي القرطبي، صاحب التصانيف.
حدث عن: يحيى بن يحيى الليثي، وغيره.
وحج، ولقي الكبار، وحمل عن محمد بن يحيى بن أبي عمر
العدني، ومحمد بن بشار، وسلمة بن شبيب، وطبقتهم، فأكثر
وجود.
حدث عنه: أسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن قاسم بن محمد،
وابنه محمد الخشني، وقاسم بن أصبغ، وآخرون.
وأريد على قضاء الجماعة، فامتنع، وتصدر لنشر الحديث،
وكان أحد الثقات الاعلام.
أنبأنا ابن هارون الطائي، عن ابن بقي، عن شريح بن
محمد، عن أبي محمد بن حزم، حدثنا محمد بن سعيد، حدثنا
أحمد بن عون الله، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن
عبد السلام، حدثنا بندار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن
أبي قزعة، عن أنس، قال: كنت رديف أبي
__________
= سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 2 / 15، وأحمد 2
/ 238 من طريق سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب،
عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2 / 276 و 277 من طريق عبد
الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة، وأخرجه الترمذي (2592)، وابن ماجه (4319) من
طريقين عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
* طبقات النحويين واللغويين: 268، تاريخ علماء
الاندلس: 2 / 14 - 15، جذوة المقتبس: 68 - 70، بغية
الملتمس: 103 - 105، اللباب: 1 / 446 - 447، تذكرة
الحفاظ: 2 / 649، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 226،
وفيه وفاته سنة (209) وهو وهم بين.
طبقات الحفاظ: 284، بغية الوغاة: 1 / 160.
والخشني، بضم الخاء، وفتح الشين: نسبة إلى خشين بن
النمر بن وبرة، من قضاعة.
(*)
(13/459)
طلحة، وكانت ركبة أبي طلحة تكاد تمس ركبة النبي - صلى
الله عليه وسلم - فكان يهل بهما جيمعا (1).
توفي الخشني سنة ست وثمانين ومئتين، وكان من أبناء
الثمانين، رحمه الله.
وجده ثعلبة هو: ابن زيد بن حسن بن كلب بن صاحب النبي
أبي ثعلبة الخشني قاله ابن الفرضي (2)، وولده محمد بن
محمد بقي إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
سميه: الامام المحدث، أبو عبد الله:
228 - محمد بن عبد السلام
* ابن بشار النيسابوري، الوراق، الزاهد.
سمع الكتب من: يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري،
والتفسير من: إسحاق.
وكان ينسخ التفسير ويتقوت.
وسمع من: الحسن بن عيسى، وعمرو بن زرارة، ومحمد بن
رافع.
وعنه: مؤمل بن الحسن، وأبو حامد بن الشرقي.
قال ولده عبدان: كان يقول أبي: نحن في مرحلة.
وكان يصوم النهار، ويقوم الليل، ويقول: هذا ما أوصانا
به يحيى بن يحيى.
قال الحاكم: حدثنا أبوزكيريا العنبري، سمعت محمد بن
يونس،
__________
(1) إسناده صحيح.
(2) تاريخ علماء الاندلس: 2 / 14.
* تذكرة الحفاظ: 2 / 649، في نهاية ترجمة الخشني.
(*)
(13/460)
سمعت الحسين بن محمد القباني يقول: حدثنا محمد بن
بشار، حدثنا يحيى...فلما فرغ، قال: أتدرون عمن حدثتكم
؟ قالوا: حدثتنا عن بندار، عن يحيى القطان.
قال: لا والله، حدثنا محمد بن عبد السلام بن بشار،
حدثنا يحيى بن يحيى.
توفي محمد بن عبد السلام في رمضان، سنة ست أيضا
وثمانين ومئتين، فتوافق هو والذي قبله في الاسم والاب
والحفظ وعام الوفاة، وفي اسم شيخيهما الليثي والتميمي.
والله أعلم.
وفيها مات: أحمد بن سلمة النيسابوري (1)، وأحمد بن علي
الخزاز (1)، وشيخ الصوفية أبو سعيد الخزاز (3)، وأحمد
بن المعلى الدمشقي (4)، وإبراهيم بن سويد الشامي،
ورفيقه إبراهيم بن برة الصنعاني (5)، ورفيقهما الحسن
بن عبدالاعلى البوسي (6)، أصحاب عند الرزاق، وعبد
الرحيم بن البرقي (7)، راوي " السيرة "، وعلي بن عبد
العزيز البغوي (8) بمكة، ومحمد بن وضاح القرطبي (9)،
ومحمد بن يونس الكديمي (10)، والزاهد محمد بن يوسف
البناء، وأبو عبادة
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (373)، برقم: (174).
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (418)، برقم: (205) (3)
تقدمت ترجمته في الصفحة (419)، برقم: (207) (4) ترجمته
في: تهذيب بدران: 2 / 97.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (351)، برقم: (168) (6)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (351)، برقم: 167) (7) تقدمت
ترجمته في الصفحة: (48)، برقم: (34) (8) تقدمت ترجمته
في الصفحة: (348)، برقم: (164) (9) تقدمت ترجمته في
الصفحة: (445)، برقم: (219) (10) تقدمت ترجمته في
الصفحة: (302)، برقم: (139) (*)
(13/461)
البحتري (1) الشاعر، ومحمد بن محمد بن رجاء
الاسفراييني (2).
229 - يحيى بن عمر * ابن
يوسف: الامام، شيخ المالكية، أبو زكريا الكناني
الاندلسي الفقيه.
قال ابن الفرضي: ارتحل، وسمع بإفريقية من: سحنون، وأبي
زكريا الحفري، وعون بن يوسف صاحب الدراوردي.
وسمع بمصر من: يحيى بن بكير، وحرملة، وابن رمح،
وبالمدينة من: أبي مصعب، وطائفة.
وسكن القيروان، وكان حافظا للفروع، ثقة، ضابطا لكتبه
(3).
أخذ عنه: أحمد بن خالد الحافظ، وجماعة، وأهل القيروان.
وكانت الرحلة إليه في وقته.
سكن سوسة في آخر عمره، وبها مات.
قال الحميدي: هو من موالي بني أمية (4).
روى عنه: سعيد بن عثمان الاعناقي (5)، وإبراهيم بن
نصر، ومحمد
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (486)، برقم: (233).
وذكر وفاته هناك سنة (283) أو (284)، خلافا لما هنا.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (492)، برقم: (240).
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 184، رياض النفوس: 1 / 396
- 406، طبقات الفقهاء: 163، جذوة المقتبس: 377 - 378،
بغية الملتمس: 505 - 506، لسان الميزان: 6 / 270 -
272.
(3) انظر نص ابن الفرضي في " تاريخه ": 2 / 184.
(4) جذوة المقتبس: 377.
(5) في " الجذوة "، و " البغية ": " العناقي ".
وقال المقري في ترجمته في " نفح الطيب ": 2 / 633: "
والاعناقي: نسبة إلى موضع يقال له: أعناق وعناق ".
(*)
(13/462)
ابن مسرور، وقمود بن مسلم القابسي، وعبد الله بن محمد
القرباط، وتوفي سنة خمس وثمانين.
وقال ابن الفرضي: مات في ذي الحجة سنة تسع وثمانين
ومئتين (1).
وقال أبو بكر بن اللباد: كان من أهل الصيام والقيام،
مجاب الدعاء، كانت له براهين.
وقال أبو العباس الا بياني: ما رأيت مثل يحيى بن عمر
في علمه وزهده، ودعائه وبكائه، فالوصف - والله - يقصر
عن ذكر فضله.
وقال محمد بن حارب: كان متقدما في الحفظ، لقي يحيى بن
بكير، وكان يقول: سألت سحنون، فرأيت بحرا لا تكدره
الدلاء، والله ما رأيت مثله قط، كأن العلم جمع بين
عينيه وفي صدره.
قال يحيى الكانشي: أنفق يحيى بن عمر في طلب العلم ستة
آلاف دينار.
قلت: له شهرة كبيرة بإفريقية، وحمل عنه عدد كثير، رحمه
الله.
230 - المعتضد بالله *
الخليفة، أبو العباس، أحمد بن الموفق بالله،
ولي العهد، أبي أحمد،
__________
(1) انظر: تاريخ علماء الاندلس: 2 / 184.
* تاريخ الخلفاء لابن ماجه: 49 - 50، تاريخ الطبري: 10
/ 20 - 22، 28، 30 - 87، مروج الذهب: 2 / 462 - 490،
الاغاني: 10 / 41 - 42 (ط.
مصورة عن دار الكتب)، تاريخ بغداد: 4 / 403 - 407،
المنتظم: 5 / 123 - 138، و 6 / 34، الكامل لابن
الاثير: 7 / 444، 452 - 453، 456، 513 - 515، عبر
المؤلف: 2 / 82، فوات الوفيات: 1 / 72 - 73، الوافي
بالوفيات: 6 / 428 - 430، البداية والنهاية: 11 / 66،
86 - 94، النجوم الزاهرة: 3 / 126، تاريخ الخلفاء: 588
- 599، شذرات الذهب: 2 / 199 - 201.
(*)
(13/463)
طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد
الهاشمي العباسي.
ولد في أيام جده سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
ودخل دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب ابن طولون، واستخلف
بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع.
وكان ملكا مهيبا، شجاعا، جبارا، شديد الوطأة، من رجال
العالم، يقدم على الاسد وحده.
وكان أسمر، نحيفا، معتدل الخلق، كامل العقل.
قال المسعودي: كان قليل الرحمة (1)، إذا غضب على أمير
حفر له
حفيرة، وألقاه حيا، وطم عليه (2).
وكان ذا سياسة عظيمة، قيل: إنه تصيد، فنزل إلى جانب
مقثأة، فصاح الناطور، فطلبه، فقال: إن ثلاثة غلمان
دخلوا المقثأة، وأخذوا (3)، فجئ بهم، فاعتقلوا، ومن
الغد ضربت أعناقهم، فقال لابن حمدون: اصدقني عني،
فذكرت الثلاثة، فقال: والله ما سفكت دما حراما منذ
وليت الخلافة، وإنما قتلت حرامية قد قتلوا، أوهمت أنهم
الثلاثة.
قلت: فأحمد ابن الطيب (4) ؟ قال: دعاني إلى الالحاد
(5).
__________
(1) جاء عند المسعودي هنا: " كثير الاقدام، سفاكا
للدماء، شديد الرغبة في أن يمثل بمن يقتله، وكان إذا
غضب...".
(2) انظر النص في: مروج الذهب: 2 / 462.
(3) في: تاريخ الخلفاء للسيوطي:: 588: " فأخربوها "
وفيه أيضا: " اصدقني فيم ينكر علي الناس ".
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (448)، برقم: (221).
وكان المعتضد قد قتله لفلسفته وخبث معتقده سنة (286 ه)
كما قال المؤلف هناك.
(5) انظر الخبر مفصلا في " المنتظم ": 5 / 123 - 124،
و " البداية والنهاية ": 11 / 86 - 87.
(*)
(13/464)
روى أبو العباس بن سريج، عن إسماعيل القاضي، قال: دخلت
على المعتضد، وعلى رأسه أحداث روم ملاح، فنظرت إليهم،
فرآني المعتضد أتأملهم، فلما أردت الانصراف، أشار إلي،
ثم قال: أيها القاضي ! والله ما حللت سراويلي على حرام
قط (1).
ودخلت مرة، فدفع إلي كتابا، فنظرت فيه، فإذا قد جمع له
فيه
الرخص من زلل العلماء، فقلت، مصنف هذا زنديق.
فقال: ألم تصح هذه الاحاديث ؟ قلت: بلى، ولكن من أباح
المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء،
وما من عالم إلى وله زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب
دينه.
فأمر بالكتاب فأحرق (2).
قال أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المعتضد أنه كان
جالسا في بيت يبنى له، فرأى فيهم أسود منكر الخلقة
يصعد السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحمله غيره،
فأنكر ذلك، وطلبه، وسأله عن سبب ذلك، فتلجلج، فكلمه
ابن حمدون فيه، وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه ؟
قال: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلا، ثم أمر به،
فضرب مئة، وتهدده بالقتل، ودعا بالنطع (3) والسيف،
فقال: الامان، أنا أعمل في أتون الآجر، فدخل من شهور
رجل في وسطه هميان (4)، فأخرج دنانير، فوثبت عليه،
وسددت فاه، وكتفته، وألقيته في الاتون، والذهب معي
يقوى به قلبي، فاستحضرها، فإذا على الهميان اسم صاحبه،
فنودي في
__________
(1) البداية والنهاية: 11 / 87.
(2) انظر المصدر السابق.
وتاريخ الخلفاء: 589.
(3) النطع، بفتح النون وكسرها، وفتح الطاء وكسرها
وسكونها: بساط من الجلد، كثيرا ما كان يقتل فوقه
المحكوم عليه بالقتل.
(4) الهميان: كيس للنفقة يشد في الوسط.
(*)
(13/465)
البلد، فجاءت امرأة، فقالت: هو زوجي ولي منه طفل، فسلم
الذهب إليها، وقتله.
قال التنوخي: وبلغني أنه قام ليلة، فرأى المماليك
المرد، واحد
منهم فوق آخر، ثم دب على ثلاثة، واندس بين الغلمان،
فجاء، فوضع يده على صدره، فإذا بفؤاده يخفق، فرفسه
برجله، فجلس، فذبحه.
وأن خادما أتاه، فأخبره أن صيادا أخرج شبكته، فثقلت،
فجذبها، فإذا فيها جراب، فظنه مالا، فإذا فيه آجر بينه
كف مخضوبة، فهال ذاك المعتضد، وأمر الصياد، فعاود طرح
الشبكة، فخرج جراب آخر فيه رجل، فقال: معي في بلدي من
يفعل هذا ؟ ما هذا بملك !.
فلم يفطر يومه، ثم أحضر ثقة له، وأعطاه الجراب، وقال:
طف به على من يعمل الجرب: لمن باعه ؟ فغاب الرجل، وجاء
وقد عرف بائعه، وأنه اشترى منه عطار جرابا، فذهب إليه،
فقال: نعم، اشترى مني فلان الهاشمي عشرة جرب، وهو
ظالم...إلى أن قال: يكفيك أنه كان يعشق مغنية،
فاكتراها من مولاها، وادعى أنها هربت ! فلما سمع
المعتضد ذلك سجد، وأحضر الهاشمي، فأخرج له اليد
والرجل، فاصفر واعترف، فدفع إلى صاحب الجارية ثمنها،
وسجن الهاشمي، فيقال: قتله.
وروى التنوخي، عن أبيه، قال: رأيت المعتضد، وكان صبيا،
عليه قباء أصفر، وقد خرج إلى قتال وصيف بطرسوس.
وعن خفيف السمرقندي، قال: خرجت مع المعتضد للصيد،
وانقطع عنه العسكر فخرج علينا الاسد، فقال: يا خفيف !
أمسك فرسي.
ونزل، فتحزم، وسل سيفه، وقصد الاسد، فقصده الاسد،
فتلقاه، المعتضد، فقطع يده، فتشاغل بها الاسد، فضربه
فلق هامته، ومسح سيفه في
(13/466)
صوفه، وركب، وصحبته إلى أن مات، فما سمعته يذكر الاسد،
لقلة احتفاله به (1).
قلت: وكان في المعتضد حرص، وجمع للمال.
حارب الزنج، وله مواقف مشهودة، وفي دولته سكتت الفتن،
وكان فتاه بدر على شرطته، وعبيد الله بن سليمان على
وزارته، ومحمد بن شاه على حرسه، وأسقط المكس (2)، ونشر
العدل، وقلل من الظلم، وكان يسمى السفاح الثاني، أحيا
رميم الخلافة التي ضعفت من مقتل المتوكل، وأنشأ قصرا
غرم عليه أربع مئة ألف دينار، وكان مزاجه قد تغير من
فرط الجماع وعدم الحمية، حتى إنه أكل في مرضه زيتونا
وسمكا.
ونقل المسعودي (3) أنهم شكوا في موته، فتقدم الطبيب،
فجس نبضه، ففتح عينيه، فرفس الطبيب دحرجه أذرعا، فمات
الطبيب، ثم مات المعتضد من ساعته.
كذا قال.
وقال الخطبي في " تاريخه ": حبس الموفق ابنه أبا
العباس، فلما اشتدت علة الموفق، عمد غلمان أبي العباس،
فأخرجوه، وأدخلوه إلى أبيه، فلما رآه، أيقن بالموت،
فقيل: إنه قال: لهذا اليوم خبأتك.
ثم فوض إليه، وضم الجيش إليه، وخلع عليه قبل موته
بثلاث.
قال: وكان أبو العباس شهما، جلدا، رجلا بازلا، موصوفا
بالرجلة والجزالة، قد لقي الحروب، وعرف فضله، فقام
بالامر أحسن قيام، وهابه
__________
(1) انظر: المنتظم: 5 / 129.
(2) المكس: الجباية.
(3) 2 / 490.
(*)
(13/467)
الناس ورهبوه، ثم عقد له المعتمد مكان الموفق، وجعل
أولاده تحت يده، ثم إن المعتمد جلس مجلسا عاما، أشهد
فيه على نفسه بخلع ولده المفوض
إلى الله جعفر من ولاية عهده، وإفراد أبي العباس
بالعهد في المحرم، وتوفي في رجب - يعني المعتمد -
فقيل: إنه غم في بساط.
وكان المعتضد أسمر نحيفا، معتدل الخلق، أقنى الانف
(1)، في مقدم لحيته طول، وفي مقدم رأسه شامة بيضاء،
تعلوه هيبة شديدة، رأيته في خلافته.
قلت: لما بويع، قدمت هدايا خمارويه، وخضع ! وذلك عشرون
بغلا تحمل الذهب، سوى الخيل والجواهر والنفائس،
وزرافة، وقدمت هدية الصفار، فولاه خراسان، وتزوج
المعتضد ببنت خمارويه، فقدمت في تجمل لا يعبر عنه،
وصلى بالناس يوم النحر، فكبر في الاولى ستا، وفي
الثانية نسي تكبيرها، ولم يكد يسمع صوته (2).
وفي سنة ثمان وسبعين: كان أول شأن القرامطة.
ولا ريب أن أول وهن على الامة قتل خليفتها عثمان صبرا،
فهاجت الفتنة، وجرت وقعة الجمل بسببها، ثم وقعة صفين،
وجرت سيول الدماء في ذلك.
ثم خرجت الخوارج، وكفرت عثمان وعليا، وحاربوا، ودامت
__________
(1) القنا: احديداب في الانف.
(2) وجاء في " مروج الذهب ": 2 / 463، أنه صعد المنبر
بعدها، فحصر ولم تسمع له خطبة، وفي ذلك يقول بعض
الشعراء: حصر الامام ولم يبين خطبة * للناس في حل ولا
إحرام ما ذاك إلا من حياء لم يكن * ما كان من عي ولا
إفحام (*)
(13/468)
حروب الخوارج سنين عدة.
ثم هاجت المسودة بخراسان، وما زالوا حتى قلعوا دولة
بني أمية، وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا
يحصيهم إلا الله.
ثم اقتتل المنصور وعمه عبد الله.
ثم خذل عبد الله، وقتل أبو مسلم صاحب الدعوة.
ثم خرج ابنا حسن (1)، وكادا أن يتملكا، فقتلا.
ثم كان حرب كبير بين الامين والمأمون (2)، إلى أن قتل
الامين.
وفي أثناء ذلك قام غير واحد يطلب الامامة: فظهر بعد
المئتين بابك الخرمي زنديق بأذربيجان، وكان يضرب بفرط
شجاعته الامثال، فأخذ عدة مدائن، وهزم الجيوش إلى أن
أسر بحيلة، وقتل (3).
__________
(1) هما: محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن
أبي طالب، وأخوه إبراهيم، وكان خروجهما على المنصور،
ذلك أنهما تخلفا عن الحضور عنده عندما حج في ذلك
العام، فطلبهما، وبالغ في ذلك، وقبض على أبيهما مع عدد
من أهل البيت، وسجنهم، وماتوا في سجنه.
فثار محمد في المدينة، وسجن متوليها، وصار له شأن
وعمال على المدن، إلى أن أرسل إليه المنصور جيشا
بقيادة ابن عمه عيسى بن موسى قضى عليه سنة (145 ه).
انظر: تاريخ الطبري: 7 / 17، وما بعدها، أخبار سنة
(144)، والكامل لابن الاثير: 5 / 513 - 527، والوافي
بالوفيات: 3 / 297 - 300، شذرات الذهب: 1 / 313، أخبار
سنة (144).
(2) كان ذلك سنة (195 ه) عند ما أعلن الامين خلع أخيه
المأمون عن خراسان، فنادى المأمون بخلع الامين أيضا
ونشأت الحرب بينهما.
(3) انظر تفصيل خبر مقتله في ترجمة المأمون في الجزء
العاشر من هذا الكتاب 293.
(*)
(13/469)
ولما قتل المتوكل غيلة (1)، ثم قتل المعتز (2)، ثم
المستعين (3) والمهتدي (4)، وضعف شأن الخلافة توثب
ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان، بعد أن كانا يعملان
في النحاس، وأقبلا لاخذ العراق وقلع المعتمد.
وتوثب طرقي داهية بالزنج على البصرة (5)، وأباد العباد
ومزق الجيوش، وحاربوه بضع عشرة سنة إلى أن قتل.
وكان مارقا، بلغ جنده مئة ألف.
فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة، ويتحيل على
الامة ليرديهم في دينهم ودنياهم، فتحرك بقرى الكوفة
رجل أظهر التعبد والتزهد، وكان يسف الخوص ويؤثر، ويدعو
إلى إمام أهل البيت، فتلفق له خلق وتألهوه إلى سنة ست
وثمانين، فظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي، وكان قماحا،
فصار معه عسكر كبير، ونهبوا، وفعلوا القبائح،
وتزندقوا، وذهب الاخوان يدعوان إلى المهدي بالمغرب،
فثار معهما البربر، إلى أن ملك عبد الله الملقب
بالمهدي غالب المغرب، وأظهر الرفض، وأبطن الزندقة،
وقام
__________
(1) كان ذلك سنة (247 ه) قال الذهبي في " العبر " 1 /
449، فتكوا به في مجلس لهو بأمر ابنه المنتصر.
(2) كان ذلك سنة (244 ه).
قال الذهبي في " العبر ": 2 / 9: " خلعوه، فأشهد على
نفسه مكرها، ثم أدخلوه بعد خمسة أيام إلى الحمام فعطش،
حتى عاين الموت وهو يطلب الماء، فيمنع، ثم أعطوه ماء
بثلج فشربه وسقط ميتا ".
(3) كان ذلك سنة (252 ه).
ولعل الذهبي أراد من (ثم) هنا الجمع المطلق لا
الترتيب، لما تراه من تقدم قتل المستعين على المعتز.
(4) وذلك سنة (256 ه).
(5) وللشاعر ابن الرومي قصيدة رائعة في رثاء البصرة
بعد تخريبها من قبل الزنج فلتنظر في ديوانه.
(*)
(13/470)
بعده ابنه، ثم ابن ابنه، ثم تملك المعز وأولاده مصر
والمغرب واليمن والشام دهرا طويلا فلا حول ولا قوة إلا
بالله.
وفي سنة ثمانين: أخذ المعتضد محمد بن سهل من قواد
الزنج فبلغه أنه يدعو إلى هاشمي، فقرره، فقال: لو كان
تحت قدمي ما رفعتها عنه.
فقتله (1).
وعاثت بنو شيبان، فسار المعتضد، فلحقهم بالسن، فقتل
وغرق، ومزقهم، وغنم العسكر من مواشيهم ما لا يوصف، حتى
أبيع الجمل بخمسة دراهم، وصان نساءهم وذراريهم، ودخل
الموصل، فجاءته بنو شيبان، وذلوا، فأخذ منهم رهائن،
وأعطاهم نساءهم، ومات في السجن المفوض إلى الله، وقيل:
كان المعتضد ينادمه في السر.
قيل: كان لتاجر عل أمير مال، فمطله، ثم جحده، فقال له
صاحب له: قم معي، فأتى بي خياطا في مسجد.
فقام معنا إلى الامير، فلما رآه، هابه، ووفاني المال،
فقلت للخياط: خذ مني ما تريد، فغضب، فقلت له: فحدثني
عن سبب خوفه منك، قال: خرجت ليلة، فإذا بتركي قد صاد
امرأة مليحة، وهي تتمنع منه وتستغيث، فأنكرت عليه،
فضربني، فلما صليت العشاء جمعت أصحابي، وجئت بابه،
فخرج في غلمانه، وعرفني، فضربني وشجني، وحملت إلى
بيتي، فلما تنصف الليل، قمت فأذنت في المنارة، لكي يظن
أن الفجر طلع، فيخلي المرأة، لانها قالت: زوجي حالف
علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي، فما نزلت حتى أحاط
بي
بدر وأعوانه، فأدخلت على المعتضد، فقال: ما هذا الاذان
؟ فحدثته
__________
(1) البداية والنهاية: 11 / 67 - 68.
(*)
(13/471)
بالقصة، فطلب التركي، وجهز المرأة إلى بيتها، وضرب
التركي في جوالق حتى مات، ثم قال لي: أنكر المنكر، وما
جرى عليك فأذن كما أذنت، فدعوت له، وشاع الخبر، فما
خاطبت أحدا في خصمه إلا أطاعني وخاف (1).
وفيها: ولد بسلمية القائم محمد بن المهدي العبيدي،
الذي تملك هو وأبوه المغرب.
وفيها: غزا صاحب ما وراء النهر إسماعيل بن أحمد بن أسد
بلاد الترك، وأسر ملكهم في نحو من عشرة آلاف نفس، وقتل
مثلهم، وزلزلت ديبل (2)، فسقط أكثر البلد، وهلك نحو من
ثلاثين ألفا، ثم زلزلت مرات، ومات أزيد من مئة ألف.
وغزا المسلمون أرض الروم، فافتتحوا ملورية (3).
وفي سنة إحدى وثمانين ومئتين: غارت مياه طبرستان، حتى
لابيع الماء ثلاثة أرطال بدرهم، وجاعوا، وأكلوا
الميتة.
وفيها، سار المعتضد إلى الدينور ورجع.
ثم قصد الموصل لحرب حمدان بن حمدون، جد بني حمدان،
وكانت الاعراب والاكراد قد تحالفوا، وخرجوا، فالتقاهم
المعتضد، فهزمهم، فكان من غرق أكثر.
ثم
__________
(1) انظر: البداية والنهاية: 11 / 89 - 90.
(2) كذا الاصل، وفي تاريخ الطبري: 10 / 34، والمنتظم:
5 / 143، والكامل لابن الاثير: 7 / 465: " دبيل ".
وفي البداية والنهاية: 11 / 68: " أردبيل ".
(3) غزو الروم وفتح ملورية من أحداث سنة (281 ه) كما
جاء في " تاريخ الطبري "، و " المنتظم "، و " الكامل "
لابن الاثير، و " تاريخ الخلفاء " للسيوطي، وفيه "
مكورية " بدلا من: " ملورية ".
(*)
(13/472)
قصد ماردين، فهرب منه حمدان، فحاصر ماردين، وتسلمها،
ثم ظفر بحمدان، فسجنه، ثم حاصر قلعة للاكراد وأميرهم
شداد، فظفر به، وهدمها.
وهدم دار الندوة بمكة، وصيرها مسجدا.
وفي سنة أثنتين وثمانين: أبطل المعتضد، وقيل النيران،
وشعار النيروز.
وقدمت قطر الندى (1) بنت صاحب مصر مع عمها، وقيل: مع
عمتها العباسة، فدخل بها المعتضد، فكان جهازها بأزيد
من ألف (2) ألف دينار، وكان صداقها خمسين ألف دينار،
وقيل: كان في جهازها أربعة آلاف تكة مجوهرة، وكانت
بديعة الحسن، جيدة العقل.
قيل: خلا بها المعتضد يوما، فنام على فخذها، قال:
فوضعت رأسه على مخدة، وخرجت، فاستيقظ، فناداها وغضب،
وقال: ألم أحلك إكراما لك، فتفعلين هذا ؟ قالت: ما
جهلت إكرامك لي، ولكن فيما أدبني أبي أن قال: لا تنامي
بين جلوس، ولا تجلسي مع النائم.
ويقال: كان لها ألف هاون ذهب.
وفيها: قتل خمارويه صاحب مصر والشام غلمانه، لانه
راودهم، ثم أخذوا، وصلبوا، وتملك ابنه جيش، فقتلوه بعد
يسير، وملكوا أخاه هارون، وقرر على نفسه أن يحمل إلى
المعتضد في العام ألف ألف دينار، وخمس مئة ألف دينار.
__________
(1) هي أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون، من شهيرات
النساء عقلا وجمالا وأدبا.
تزوجها المعتضد، وجهزها بجهاز لم يعمل مثله.
توفيت ببغداد، ودفنت في قصر الرصافة سنة (287 ه).
(2) كتب بهامش الاصل كلمة: " ألفي ".
(*)
(13/473)
وفيها: قتل المعتضد عمه محمدا، لانه بلغه أنه يكاتب
خمارويه.
وفي سنة ثلاث وثمانين ومئتين: سار المعتضد إلى الموصل،
لاجل هارون الشاري (1)، وكان قد عاث وأفسد، وامتدت
أيامه، فقال الحسين بن حمدان للمعتضد: إن جئتك به فلي
ثلاث حوائج.
قال: سمها.
قال: تطلق أبي، والحاجتان: أذكرهما إذا أتيت به.
قال: لك ذلك، قال: وأريد أن أنتقي ثلاث مئة بطل.
قال: نعم.
ثم خرج الحسين في طلب هارون، فضايقه في مخاضة،
والتقوا، فانهزم أصحاب هارون، واختفى هو، ثم دل عليه
أعراب، فأسره الحسين وقدم به، وخلع المعتضد على
الحسين، وطوقه وسوره، وعملت الزينة، وأركب هارون فيلا،
وازدحم الخلق، حتى سقط كرسي جسر بغداد، وغرق خلق ووصلت
تقادم الصفار منها مئتا حمل مال، وكتبت الكتب إلى
الامصار بتوريث ذوي الارحام.
وفيها: غلب رافع بن هرثمة (2) على نيسابور، وخطب بها
لمحمد بن زيد العلوي، فأقبل الصفار، وحاصره، ثم
التقوا، فهزمه الصفار، وساق خلفه إلى خوارزم، فأسر
رافعا، وقتله، وبعث برأسه إلى المعتضد، وليس هو بولد
لهرثمة بن أعين، بل ابن زوجته.
قال ابن جرير: وفي سنة (284): عزم المعتضد على لعنة
معاوية على المنابر، فخوفه الوزير، فلم يلتفت، وحسم
مادة اجتماع الشيعة وأهل
البيت، ومنع القصاص من الكلام جملة، وتجمع الخلق يوم
الجمعة لقراءة ما كتب في ذلك، وكان من إنشاء الوزير،
فقال يوسف القاضي: راجع أمير المؤمنين.
فقال: يا أمير المؤمنين ! تخاف الفتنة ؟ فقال: إن
تحركت
__________
(1) انظر: تاريخ الطبري: 10 / 43، 44، و: البداية
والنهاية: 11 / 73.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (402):، برقم: (196) (*)
(13/474)
العامة وضعت السيف فيهم.
قال: فما تصنع بالعلوية الذين هم في كل قطر قد خرجوا
عليك ؟ فإذا سمع الناس هذا من مناقبهم كانوا إليهم
أميل وأبسط ألسنة.
فأعرض المعتضد عن ذلك.
وعقد المعتضد لابنه علي المكتفي، فصلى بالناس يوم
النحر (1).
وفي سنة ست: سار المعتضد بجيوشه، فنازل آمد (2)، وقد
عصى بها ابن الشيخ، فطلب الامان، فآمنه، وفي وسط العام
جاء الحمل من الصفار، فمن ذلك أربعة آلاف ألف درهم.
وفيها: تحارب الصفار وابن أسد صاحب سمرقند، وجرت أمور
ثم ظفر ابن أسد بالصفار أسيرا، فرفق به، واحترمه،
وجاءت رسل المعتضد تحث في إنفاذه، فنفذ، وأدخل بغداد
أسيرا على جمل، وسجن بعد مملكة العجم عشرين سنة.
ومبدأه: كان هو وأخوه يعقوب صانعين في ضرب النحاس،
وقيل: بل كان عمرو يكري الحمير، فلم يزل مكاريا حتى
عظم شأن أخيه يعقوب، فترك الحمير، ولحق به، وكان
الصفار يقول: لو شئت أن أعمل على نهر جيحون جسرا من
ذهب لفعلت، وكان مطبخي يحمل على ست مئة جمل، وأركب في
مئة ألف، صيرني الدهر إلى القيد والذل.
فيقال: إنه خنق عند وفاة المعتضد.
وبنى المعتضد على البصرة سورا وحصنها.
وظهر بالبحرين رأس القرامطة أبو سعيد الجنابي، وكثرت
جموعه،
__________
(1) تاريخ الطبري: 10 / 54.
وانظر الخبر مفصلا عن الطبري في: تاريخ الخلفاء،
للسيوطي: 591 - 592.
(2) آمد، بكسر الميم: أعظم مدن ديار بكر، وأجملها
قدرا، وأشهرها ذكرا.
(انظر: معجم ياقوت).
(*)
(13/475)
وانضاف إليه بقايا الزنج، وكان كيالا بالبصرة، فقيرا
يرفو الاعدال، وهم يستخفون به، ويسخرون منه، فآل أمره
إلى ما آل، وهزم عساكر المعتضد مرات، وفعل العظائم، ثم
ذبح في حمام قصره.
فخلفه ابنه سليمان (1) الذي أخذ الحجر الاسود، وقتل
الحجيج حول الكعبة، وهو جد أبي علي الذي غلب على
الشام، وهلك بالرملة في سنة خمس وستين وثلاث مئة.
وفي سنة سبع: استفحل شأن القرامطة، وأسرفوا في القتل
والسبي، والتقى الجنابي وعباس الامير، فأسره الجنابي،
وأسر عامة عسكره، ثم قتل الجميع سوى عباس، فجاء إلى
المعتضد وحده في أسوا حال.
ووقع الفناء بأذربيجان، حتى عدمت الاكفان جملة، فكفنوا
في اللبود.
واعتل المعتضد في ربيع الآخر، ثم تماثل، وانتكس، فمات
في الشهر (2)، وقام المكتفي لثمان بقين من الشهر، وكان
غائبا بالرقة، فنهض بالبيعة له الوزير القاسم بن عبيد
الله.
وعن وصيف الخادم، قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:
__________
(1) سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري، أبو
طاهر.
وكانت إغارته على
مكة وأخذ الحجر الاسود يوم التروية سنة (317 ه) والناس
محرمون.
توفي سنة (332 ه) بعد ان أصابه الجدري.
انظر: الكامل لابن الاثير: 7 / 415، فوات الوفيات: 2 /
59 - 62.
وسيترجمه المؤلف في الجزء الرابع عشر.
(2) ربما يوهم من كلام الذهبي هنا أن وفاة المعتضد
كانت سنة سبع وثمانين ومئتين، وهذا يخالف ما أجمعت
عليه مصادر ترجمته من أنها كانت سنة (289 ه) كما أن
الذهبي نفسه قد أشار إلى أن تولي المكتفي الخلافة بعد
أبيه المعتضد كان سنة (289 ه)، وذلك في ترجمة المكتفي
اللاحقة هنا.
(*)
(13/476)
تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى * وخذ صفوها ما إن صفت
ودع الرنقا (1) ولا تأمنن الدهر إني أمنته * فلم يبق
لي حالا ولم يرع لي حقا (2) قتلت صناديد الرجال فلم
أدع * عدوا، ولم أمهل على ظنة خلقا (3) وأخليت دور
الملك من كل بازل * وشتتهم غربا ومزقتهم شرقا (4) فلما
بلغت النجم عزا ورفعة * ودانت رقاب الخلق أجمع لي رقا
(5) رماني الردى سهما فأخمد جمرتي * فها أنا ذا في
حفرتي عاجلا ملقى (6) فأفسدت دنياي وديني سفاهة * فمن
ذا الذي مني بمصرعه أشقى (7) فياليت شعري بعد موتي ما
أرى * إلى رحمة لله أم ناره ألقى ؟ (8) وقال الصولي،
قال المعتضد: يا لا حظي بالفتور والدعج * وقاتلي
بالدلال والغنج (9)
__________
(1) الرنق، بسكون النون: الكدر.
ماء رنق، أي: كدر.
(2) في " الكامل " لابن الاثير: " ولا تأمن الدهر إنني
قد أمنته "، وفي " البداية ": " إني ائتمنته ".
(3) في " الكامل ": " على طغيه "، وفي " البداية ": "
على خلق ".
(4) في " الكامل " و " البداية ": " وأخليت دار...نازع
".
وفي " الكامل " أيضا " فشردتهم ".
(5) في " الكامل " و " البداية ": " وصارت رقاب ".
(6) في المصدرين السابقين: " ألقى ".
(7) في " البداية ": " فمن ذا الذي مثلي ".
ولم يرد هذا البيت في " الكامل "، إنما أورد بدلا عنه:
ولم يغن عني ما جمعت ولم أجد * لذي الملك والاحياء في
حسنها رفقا (8) في " الكامل ": " إلى نعم الرحمن
أم.."، وفي " تاريخ الخلفاء ": " إلى نعمة لله "، وفي
" البداية ": " بعد موتي هل أصر...".
والابيات في الكامل: 7 / 514 - 515، والبداية
والنهاية: 11 / 94، وتاريخ الخلفاء: 595 - 596.
(9) الدعج:: السواد، وقيل: شدة السواد، وقيل، شدة سواد
سواد العين وشدة بياض بياضها، وقيل: شدة سوادها مع
سعتها.
(*)
(13/477)
أشكو إليك الذي لقيت من ال * - وجد فهل لي إليك من فرج
حللت بالظرف والجمال من النا * س محل العيون والمهج
(1) وكانت خلافة المعتضد تسع سنين، وتسعة أشهر وأياما،
ودفن في دار الرخام.
ولعبد الله بن المعتز يرثيه: يا ساكن القبر في غبراء
مظلمة * بالظاهرية مقصى الدار منفردا (2) أين الجيوش
التي قد كنت تسحبها ؟ * أين الكنوز التي أحصيتها عددا
(3) ؟
أين السرير الذي قد كنت تملؤه * مهابة من رأته عينه
ارتعدا ؟ أين الاعادي الاولى ذللت مصعبهم ؟ * أين
الليوث التي صيرتها بعدا (4) ؟ أين الجياد التي حجلتها
بدم ؟ * وكن يحملن منك الضيغم الاسدا أين الرماح التي
غذيتها مهجا ؟ * مذ مت ما وردت قلبا ولا كبدا أين
الجنان التي تجري جداولها * وتستجيب إليها الطائر
الغردا ؟ أين الوصائف كالغزلان رائحة ؟ * يسحبن من حلل
موشية جددا (5) أين الملاهي ؟ وأين الراح تحسبها *
ياقوتة كسيت من فضة زردا ؟ أين الوثوب إلي الاعداء
مبتغيا * صلاح ملك بني العباس إذ فسدا ؟ مازلت تقسر
منهم كل قسورة * وتخبط العالي الجبار معتمدا (6)
__________
(1) تاريخ الخلفاء، 596.
(2) الظاهرية: قرية ببغداد.
(انظر: معجم ياقوت).
(3) في " البداية والنهاية ": " تشحنها ".
(4) في " البداية ": " صعبهم " و " صيرتها نقدا ".
وفي " تاريخ الخلفاء ": " صيرتها بردا ".
(5) في " تاريخ الخلفاء ": " راتعة ".
(6) في " البداية ": " وتحطم العاتي ".
وفي " تاريخ الخلفاء " أيضا: " تحطم ".
(*)
(13/478)
ثم انقضيت فلا عين ولا أثر * حتى كأنك يوما لم تكن
أحدا (1) وقد ولي الخلافة من بنيه: المكتفي علي،
والمقتدر جعفر، والقاهر محمد، وله عدة بنات، وهارون.
231 - المكتفي بالله *
الخليفة، أبو محمد، علي بن المعتضد بالله أبي
العباس أحمد بن
الموفق طلحة بن المتوكل العباسي.
مولده في سنة أربع وستين ومئتين.
وكان يضرب بحسنه المثل في زمانه.
كان معتدل القامة، دري اللون، أسود الشعر، حسن اللحية.
بويع بالخلافة عند موت والده بعهد منه، في جمادى
الاولى، سنة تسع وثمانين، فاستخلف ستة أعوام ونصفا.
وتوفي أبوه وهذا غائب، فقام له بالبيعة الوزير أبو
الحسين القاسم بن عبيد الله، وضبط له ما خلف أبوه في
بيوت المال، فكان من ذلك من الذهب المصري عشرة آلاف
ألف دينار، ومن الجواهر ما قيمته مثل ذلك، ومن الدراهم
والخيل والثياب نسبة ذلك، وقسم القاسم في الجند
العطاء،
__________
(1) لم نجد الابيات في " ديوان " ابن المعتز، طبعة
الشركة اللبنانية للكتاب في بيروت (1969 م).
وهي ضمن أبيات في: البداية والنهاية: 11 / 92 - 93، و:
تاريخ الخلفاء: 597 - 598.
* تاريخ الخلفاء لابن ماجه: 50، تاريخ بغداد: 11 / 316
- 318، المنتظم: 6 / 31 - 33، 79 - 80، الكامل لابن
الاثير: 7 / 516، و 8 / 8، عبر المؤلف: 2 / 102، فوات
الوفيات: 3 / 5 - 6، البداية والنهاية: 11 / 94 - 95،
104 - 105، النجوم الزاهرة: 3 / 183، تاريخ الخلفاء:
600 - 603، شذرات الذهب: 2 / 219 - 220.
(*)
(13/479)
فسكنوا، وقدم المكتفي بغداد منحدرا في سميرية (1)،
وكان يوما مشهودا، سقط طائفة من الجسر في دجلة، منهم:
أبو عمر القاضي، فأخرج سالما ونزل المكتفي بقصر
الخلافة، وتكلمت الشعراء، فخلع على القاسم سبع خلع،
وقلده سيفا، وهدم المطامير التي عملها أبوه، وصيرها
مساجد، ورد
أملاك الناس إليهم، وكان أبوه قد أخذها لعمل قصر،
وأحسن السيرة، فأحبه الناس (2).
وفيها: عسكر محمد بن هارون وبيض، والتقى متولي الري،
فهزم جيشه وقتله، وقتل ولديه وقواده، وتملك (3).
ودامت الزلزلة ببغداد أياما.
وهبت بالبصرة ريح قلعت أكثر نخلها.
وظهر زكرويه القرمطي، واستغوى عرب السواد، وأخاف
السبل، وقطع الطرق.
وأما ابن هارون: فاشتد بأسه، وبلغ عسكره مئة ألف، فسار
لحربه عسكر خراسان، فهزموه إلى الديلم، وتفلل ذلك
الجمع، فالتجأ في نحو من ألف إلى الديلم (4).
وقوي أمر أبي عبد الله الشيعي، داعي العبيدية بالمغرب.
وصلى المكتفي بالناس يوم الاضحى بالمصلى.
__________
(1) السميرية: ضرب من السفن (2) انظر: تاريخ الخلفاء:
600 - 601.
(3) انظر: الكامل لابن الاثير: 7 / 517.
(4) انظر: الكامل لابن الاثير: 7 / 522، أخبار سنة
(289)، و: 7 / 527 - 528، أخبار سنة (290).
(*)
(13/480)
وقتل الامير بدر (1)، وكان المعتضد يحبه، وكان شجاعا
جوادا، وقد كان القاسم الوزير هم عند موت المعتضد بنقل
الخلافة إلى غير ابنه، وناظر بدرا في ذلك، فأبى عليه،
ثم خاف منه، ومات المعتضد، واتفق غيبة بدر
بفارس، وكان بينه وبين المكتفي شئ، فأشار القاسم على
المكتفي أن يأمر بإقامة بدر هناك، وخوف المكتفي منه،
فكتب إليه مع يانس الموفقي، وبعث إليه بخلع وعشرة آلاف
ألف درهم، فقال: لا بد من القدوم لا شاهد مولاي.
فقال الوزير للمكتفي: قد جاهرك، ولا نأمنه.
وكاتب الوزير الامراء الذين مع بدر بالمجئ، فأروا بدرا
الكتب، وقالوا: قم معنا حتى نجمع بينكما، ثم فارقوه
وقدموا، ثم جاء بدر، فنزل واسطا، فبعث إليه أبو خازم
القاضي، وقال: اذهب إلى بدر بالامان والعهود.
فامتنع أبو خازم، وقال: لا أؤدي عن الخليفة إلا ما
أسمعه منه.
فندب الوزير أبا عمر القاضي، فسارع واجتمع ببدر،
وأعطاه الامان عن المكتفي، فنزل في طيار ليأتي، فتلقاه
لؤلؤ غلام الوزير في جماعة، فأصعدوه إلى جزيرة، فلما
عاين الموت، قال: دعوني أصلي ركعتين وأوصي، فذبحوه وهو
في الركعة الثانية ليلة الجمعة، السابع والعشرين من
رمضان، وذم الناس أبا عمر.
وفيها (2): دخل عبيد الله المهدي إلى المغرب متنكرا،
فقبض عليه متولي سجلماسة.
وسار يحيى بن زكرويه القرمطي، وحاصر دمشق، وبها طغج.
__________
(1) انظره في: المنتظم: 6 / 34 - 36، و: الكامل: 7 /
517، 519، و: البداية والنهاية: 11 / 95.
(2) تداخلت أحداث سنة (289) مع سنة (290)، فالخبر الذي
يذكره الذهبي هنا هو من حوادث سنة (290) وقد ذكره
الذهبي في " عبره ": 2 / 95، في أخبارها.
(*)
(13/481)
فضعف عن القرامطة، فقتل يحيى في الحصار، وقام بعده
أخوه الحسين، وسار المكتفي بجيوشه إلى الموصل، وتقدمه
إلى حلب أبو الأغر، فبيتهم
القرمطي، فقتل من المسلمين تسعة آلاف، ووصل المكتفي
إلى الرقة، وعظم البلاء بالقرامطة، ثم أوقع بهم
العسكر، وهربوا إلى البادية يعيثون وينهبون، وتبعهم
الحسين بن حمدان وعدة أمراء يطردونهم، وكان يحيى
المقتول يدعي أنه حسيني.
رماه بربري بحربة، ثم قتل أخوه الحسين صاحب الشامة
(1).
وفي سنة إحدى وتسعين ومئتين: زوج المكتفي ولده ببنت
الوزير على مئة ألف دينار، وخلع الوزير يومئذ على
الاعيان أربع مئة خلعة.
وفيها: أقبلت جموع الترك، فبيتهم والي خراسان إسماعيل،
وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأقبلت الروم في مئة ألف،
وأتوا إلى الحدث (2)
__________
(1) انظر: الكامل لابن الاثير: 7 / 523 - 526، 530 -
532، أخبار سنتي (290 - 291)، والبداية والنهاية: 11 /
96، وعبر المؤلف: 2 / 84، وشذرات الذهب: 2 / 202.
(2) الحدث: قلعة حصينة من الثغور الشامية، ويقال لها:
الحمراء، لان تربتها جميعا حمراء، وقلعتها على جبل
يقال له: الاحيدب.
وقد جرت فيها عدة معارك بين العرب المسلمين والروم،
ومنها تلك التي كان على رأس جيشها العربي المسلم سيف
الدولة الحمداني سنة (343 ه)، والتي خلدها المتنبي
بقصيدة طويلة له، يقول في مطلعها: على قدر أهل العزم
تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم ومنها
قوله: هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم أي
الساقيين الغمائم سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما
دنا منها سقتها الجماجم ويمدح شجاعة سيف الدولة فيها
قائلا: وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن
الردى وهو نائم
تمر بك الابطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم
انظر: ديوان المتنبي، بشح البرقوقي: 4 / 94 - 108.
(*)
(13/482)
فأحرقوه، وقتلوا وسبوا.
وفيها: سار عسكر طرسوس، فافتتحوا أنطاكية، وحصل سهم
الفارس ألف دينار، وأسر صاحب الشامة وقرابته المدثر
وعدة، فقتلوا وأحرقوا (1).
وفي سنة اثنتين وتسعين: سار محمد بن سليمان بجيوش
المكتفي إلى مصر، فالتقوا غير مرة، ثم اختلف جيش مصر،
فخرج ملكهم هارون بن خمارويه ليسكنهم، فرماه مغربي
بسهم قتله، واستولى محمد بن سليمان على مصر، وأسر بضعة
عشر قائدا، ودانت البلاد للمكتفي، وزادت دجلة حتى بلغت
أحدا وعشرين ذراعا، وأخرجت مالا يعبر عنه.
وفي آخرها: خرج بمصر الخلنجي (2) وتمكن، فتجهز فاتك
لحربه.
وفي سنة ثلاث: التقى الخلنجي وجيش المكتفي بالعريش،
فهزمهم أقبح هزيمة، ونازل دمشق أخو القرمطي، واستباح
طبرية، وساروا على السماوة (3)، فنهبوا هيت (4)، ووثبت
القرامطة يوم النحر على الكوفة، فحاربهم أهلها، ثم
حاربوا عسكر المكتفي أيضا وهزموه.
__________
(1) انظر: عبر الذهبي: 2 / 87 - 88.
(2) هو: محمد بن علي، أبو عبد الله، كانت له أحداث
ووقائع مع الخلافة العباسية، ثم سجن وقتل سنة (293 ه).
انظر: البداية والنهاية: 11 / 100، والنجوم الزاهرة: 3
/ 153.
(3) السماوة: ماءة بالبادية، وبادية السماوة: بين
الكوفة والشام.
(انظر: معجم ياقوت).
(4) هيت، بكسر الهاء: بلدة على الفرات من نواحي بغداد،
فوق الانبار، ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وهي مجاورة
للبرية (معجم ياقوت).
(*)
(13/483)
والتقى فاتك المعتضدي والخلنجي، فانهزم عسكر الخلنجي،
واختفى هو، ثم أسر هو وعدة.
وفي سنة أربع وتسعين ومئتين: أخذ زكرويه القرمطي ركب
العراق، وكن نساء العرب يجهزن على الجرحى، فيقال:
قتلوا عشرين ألفا، وأخذوا ما قيمته ألفا ألف دينار،
ووقع النوح في المدن، وجهز المكتفي جيشا لحربه، فلا
تسأل ما فعل هذا الكلب بالوفد ! ثم التقوا فقتل عامة
أصحاب زكرويه، وأسر هو وعدة، ثم مات من جراحه، وأحرق
هو وجماعة.
وفي سنة خمس وتسعين: كان الفداء بين المسلمين والروم،
فافتك نحو ثلاثة آلاف نفر.
ومات المكتفي شابا، في سابع ذي القعدة من السنة.
ذكر أبو منصور الثعالبي، قال: حكى إبراهيم بن نوح أن
المكتفي خلف من الذهب مئة ألف ألف دينار.
هكذا قال.
وهو بعيد جدا.
قال: وخلف ثلاثة وستين ألف ثوب، وبويع بعده أخوه
المقتدر.
واسم أم المكتفي: جنجق (1) التركية.
مات في ثالث عشر ذي القعدة، وعاش إحدى وثلاثين سنة
وأشهرا.
وخلف من الاولاد: محمدا، وجعفرا، والفضل، وعبد الله،
وعبد الملك، وعبد الصمد، وموسى، وعيسى.
ومات وزيره القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب في
ذي القعدة، سنة إحدى وتسعين ومئتين، فوزر له العباس بن
الحسن.
__________
(1) في: تاريخ بغداد: 11 / 218، والمنتظم: 6 / 31، "
خنجو ".
(*)
(13/484)
وكان على شرطته مؤنس والواثقي ثم سوسن مولاه وحاجبه،
وعلى قضاء بغداد يوسف بن يعقوب القاضي وابنه محمد،
وأبو خازم عبدالحميد، وعبد الله بن علي بن أبي الشوارب
بعد أبي خازم.
232 - ثابت بن قرة *
الصابئ، الشقي، الحراني، فيلسوف عصره.
كان صيرفيا، فصحب ابن شاكر، وكان يتوقد ذكاء، فبرع في
علم الاوائل، وصار منجم المعتضد، فكان يجلس مع
الخليفة، ووزيره واقف، ونال من الرئاسة والاموال
فنونا.
قال ابن أبي أصيبعة: لم يكن في زمانه من يماثله في
الطب وجميع الفلسفة (1).
وتصانيفه فائقة، أقطعه المعتضد ضياعا جليلة.
ومن تلامذته: عيسى بن أسيد، النصراني المشهور.
قلت: كان عجبا في الرياضي، إليه المنتهى في ذلك، وكان
ابنه إبراهيم رأس الاطباء، وكذلك حفيده ثابت بن سنان
الطبيب، صاحب " التاريخ " المشهور.
ماتوا على ضلالهم، ولهم عقب صابئة، فابن قرة هو أصل
رئاسة الصابئة المتجددة بالعراق فتنبه الامر.
__________
* الفهرست: المقالة السابعة: الفن الثاني، المنتظم: 6
/ 29، عيون الانباء في طبقات الاطباء: 295 - 300، (ط.
بيروت، 1965، تحقيق د.
نزار رضا)، وفيات الاعيان:
1 / 313 - 315، البداية والنهاية: 11 / 85، شذرات
الذهب: 2 / 196 - 198.
(1) نص ابن أبي أصيبعة: "...من يماثله في صناعة الطب
ولا في غيره من جميع أجزاء الفلسفة "، ص: 295.
(*)
(13/485)
مات سنة ثمان وثمانين ومئتين.
233 - البحتري * شاعر
الوقت، وصاحب الديوان المشهور، أبو عبادة، الوليد بن
عبيد ابن يحيى بن عبيد الطائي البحتري المنبجي.
مدح الخلفاء والوزراء وصاحب مصر خمارويه.
حكى عنه: القاضي المحاملي، والصولي، وأبو الميمون
راشد، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي.
وعاش نيفا وسبعين سنة.
ونظمه في أعلى الذروة.
وقد اجتمع بأبي تمام الطائي، وأراه شعره، فأعجب به،
وقال: أنت أمير الشعر بعدي.
قال: فسررت بقوله.
وقال المبرد: أنشدنا شاعر دهره، ونسيج وحده، أبو عبادة
البحتري.
وقيل: كان في صباه يمدح أصحاب البصل والبقل (1).
وقيل: أنشد أبا تمام قصيدة له، فقال: نعيت إلي نفسي
(2).
__________
الاغاني: 21 / 39 - 57، (ط.
دار الثقافة)، الفهرست: المقالة الرابعة: الفن الثاني،
تاريخ بغداد: 13 / 476 - 481، تاريخ ابن عساكر:: خ: 17
/ 426 ب - 431 أ، المنتظم: 6 / 11 - 14، معجم الادباء:
9 / 248 - 258، ومعجم البلدان: " منبج "، وفيات
الاعيان: 6 / 21 - 30، عبر المؤلف: 2 / 73، البداية
والنهاية: 11 / 76، النجوم الزاهرة:
3 / 99، شذرات الذهب: 2 / 186 - 190.
وطبع المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1378 ه - 1958 م،
كتاب: " أخبار البحتري " للصولي، بتحقيق الدكتور صالح
الاشتر.
(1) انظر: تاريخ بغداد: 13 / 476.
(2) المصدر السابق: 13 / 477.
(*)
(13/486)
وقيل: سئل أبو العلاء المعري: من أشعر الثلاثة: أبو
تمام، والبحتري، والمتنبي ؟ فقال: حكيمان، والشاعر:
البحتري.
وللبحتري " حماسة " ك " حماسة " أبي تمام، وكتاب "
معاني الشعر ".
مات بمنبج (1)، وقيل: بحلب، سنة ثلاث، أو أربع وثمانين
ومئتين (2).
وله أملاك بمنبج وحفيدان، هما: أبو عبادة، وعبيد الله،
ابنا يحيى ابن البحتري اللذان مدحهما المتنبي، وكانا
رئيسين في زمانهما.
مات معه: شاعر زمانه أبو الحسن علي بن العباس بن
الرومي (3)، صاحب التشبيهات البديعة.
234 - ابن الاغلب * صاحب
المغرب، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن الاغلب
بن إبراهيم بن الاغلب بن تميم، التميمي الاغلبي
القيرواني، ابن أمراء القيروان.
ولي سنة إحدى وستين ومئتين.
وكان ملكا حازما صارما مهيبا، كانت التجار تسير في
الامن من مصر
__________
(1) منبج، بفتح الميم، وسكون النون، وكسر الباء: مدينة
شمال حلب، بينها وبين
الفرات ثلاثة فراسخ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ.
(انظر: معجم ياقوت).
(2) ذكر الذهبي وفاته في نهاية ترجمة محمد بن عبد
السلام بن بشار السابقة، في الصفحة: (458)، برقم:
(228)، أنها سنة (286).
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (495)، برقم: (244).
* الكامل: 7 / 283 - 287، البيان المغرب: 1 / 116 -
124.
(*)
(13/487)
إلى سبتة (1)، لا تعارض، ولا تروع.
ابتنى الحصون والمحارس، بحيث كانت توقد النار، فتتصل
في ليلة إذا حدث أمر من سبتة إلى الاسكندرية، بحيث إنه
يقال: قد أنشئ في البلاد من بنائه وبناء آبائه ثلاثون
ألف معقل، وهو الذي مصر مدينة سوسة.
وقد دونت أيامه وعدله وجوده، وكان سديد السيرة، شهما،
ظفر بامرأة متعبدة قادت قودة، فدفنها حية، وشنق سبعة
أجناد أخذوا لتاجر ثلاثة آلاف دينار، بعد أن قررهم،
وأخذ الذهب لم ينقص سوى سبعة دنانير، فوزنها من عنده.
وقيل: جاء رجل، فقال: قد عشقت جارية، وثمنها خمسون
دينارا، وما معي إلا ثلاثون.
فوهبه مئة دينار، فسمع به آخر، فجاء، وقال: إني عاشق.
قال: فما تجد ؟ قال: لهيبا.
قال: اغمسوه في الماء، فغمسوه مرات، وهو يصيح: ذهب
العشق.
فضحك، وأمر له بثلاثين دينارا.
ثم إنه تسودن، وقتل إخوته، ثم عوفي، وتاب، وتصدق.
ثم ظهر عليه الشيعي (2) داعي عبيد الله المهدي،
وحاربه، وجرت أمور طويلة، بعضها في " تاريخ الاسلام ".
توفي غازيا بصقلية في ذي القعدة، سنة تسع وثمانين
ومئتين.
__________
(1) سبتة: بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب، ومرساها
أجود مرسى على البحر، وهي تقابل جزيرة الاندلس.
(انظر: ياقوت) (2) هو الحسين بن أحمد بن محمد بن
زكريا، أبو عبد الله، كان مقتله سنة (298 ه).
انظر: وفيات الاعيان: 2 / 192 - 194.
(*)
(13/488)
وتملك ابنه عبد الله (1)، فكان دينا، عالما، بطلا،
شجاعا، شاعرا، فقتله غلمانه غيلة بعد عام، وتملك بعده
ابنه زيادة الله.
235 - أحمد بن خليد أبو
عبد الله الكندي الحلبي.
سمع: أبا نعيم، وأبا اليمان، ويحيى الوحاظي، والحميدي،
ومحمد بن عيسى بن الطباع، وزهير بن عباد، وطبقتهم.
وكان صاحب رحلة ومعرفة.
وطال عمره.
روى عنه: علي بن أحمد المصيصي، وأحمد بن مروان
الدينوري، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.
ما علمت به بأسا.
236 - أخو السراج *
إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم، الثقفي السراج،
شيخ، إمام، ثقة، نيسابوري، سكن بغداد.
وحدث عن: يحيى بن يحيى، ويزيد بن صالح الفراء، وأحمد
بن حنبل، ويحيى الحماني.
وعنه: أخوه أبو العباس السراج، وأحمد بن المنادي، وأبو
سهل بن
زياد، وأبو بكر الشافعي.
وثقه الدارقطني.
__________
(1) انظره في: " الكامل ": 7 / 520 - 521، والبيان
المغرب: 1 / 134 - 173.
* تاريخ بغداد: 6 / 26 - 27، طبقات الحنابلة: 1 / 86،
المنتظم: 5 / 162 - 163.
(*)
(13/489)
وكان الامام أحمد يأنس به، وينبسط في منزله، وهو من
تلامذة أحمد.
توفي سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
أخوه: الامام أبو محمد.
237 - إسماعيل بن إسحاق
الثقفي السراج * سكن هو وأخوه بغداد.
فحدث عن: يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وعدة،
ولازم الامام أحمد.
حدث عنه: دعلج، وابن قانع، وأبو بكر الصبغي، وجماعة.
وثقه الدارقطني.
توفي سنة ست وثمانين ومئتين، ويقال: سنة ثلاث وتسعين.
والاول أصح.
238 - المغازلي * *
الامام، الولي، أبو بكر بن المنذر المغازلي البغدادي،
العابد، صاحب الامام أحمد.
أسمه: بدر، وقيل: احمد.
حدث عن: معاوية بن عمرو الازدي، وغيره.
__________
* طبقات الحنابلة: 1 / 103، المنتظم: 6 / 19.
* * حلية الاولياء: 10 / 305 - 306، طبقات الحنابلة: 1
/ 77 - 78، وفيه: أحمد بن أبي بدر المنذر بن بدر بن
النضر أبو بكر المغازلي، المنتظم: 5 / 153 - 154.
(*)
(13/490)
وعنه: النجاد، وأحمد بن يوسف العطار، وأبو بكر
الشافعي.
وكان ثقة، ربانيا، قانعا بكسرة.
قال أبو نعيم الحافظ: أطبقت الالسنة من الحنابلة
والمحدثين أنه كان من البدلاء، له أحوال عجيبة (1).
وكان الخلال يقول: كان أبو عبد الله يقدم بدرا ويكرمه،
وكنت إذا رأيته ورأيت منزله شهدت له بالصبر والصلاح.
وقيل: كان أحمد يتعجب منه، ويقول: من مثله ؟ !، قد ملك
لسانه.
ويقال: باعت زوجة بدر بيتها بثلاثين دينارا، فأشار
عليها، فتصدقت بها، وصبرا على قوت يوم بيوم.
توفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
كان يتقوت من كسبه.
239 - أبو قبيصة * الامام،
الخير، الصادق، أبو قبيصة، محمد بن عبدالرحمن
بن محمد بن عمارة بن القعقاع، الضبي الكوفي، ثم
البغدادي، المقرئ.
سمع من: سعدويه الواسطي، وعاصم بن علي، وسعيد بن محمد
الجرمي، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي، والخطبي،
وآخرون.
__________
(1) حلية الاولياء: 10 / 305، وفيه: " عرف له أحوال
عجيبة: ".
* تاريخ بغداد: 2 / 314 - 315، المنتظم: 5 / 156،
الوافي بالوفيات: 3 / 225.
(*)
(13/491)
قال الدارقطني: لا بأس به.
وروى الخطيب، عن الحسن بن أبي طالب، عن يوسف القواس:
حدثنا إسماعيل الخطبي: سألت أبا قبيصة الضبي - وكان من
أدرس من رأيناه للقرآن - عن أكثر ما قرأ في يوم - وكان
يوصف بسرعة القراءة.
فامتنع أن يخبرني، فلم أزل به حتى قال: قرأت في يوم من
أيام الصيف أربع ختم، وبلغت في الخامسة إلى * (براءة)
*، وأذنت العصر (1).
قال: وكان من أهل الصدق (2).
قال: وتوفي في ربيع الاول، سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
240 - محمد بن محمد بن
رجاء * ابن السندي: الامام، الحافظ، أبو بكر
الاسفراييني، مصنف " الصحيح " المخرج على كتاب مسلم.
سمع: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن
المديني، وأبا بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن
نمير، وأقرانهم.
وأكثر الترحال، وبرع في هذا الشأن.
حدث عنه: أبو عوانة الحافظ، وابن الشرقي، وابن الاخرم،
وأبو النضر محمد بن محمد الفقيه، ومحمد بن صالح بن
هانئ، وآخرون.
ذكره الحاكم، فقال: كان دينا، ثبتا، مقدما في عصره،
سمع من
__________
(1) في تاريخ بغداد: " وأذن مؤذن العصر ".
(2) تاريخ بغداد: 2 / 315.
وهذا لا يدخل في نطاق المعقول.
والحفظة للقرآن في
عصرنا هذا قالوا: إنه لا يمكن أن يقرأ في الساعة
الواحدة أكثر من أربعة أجزاء.
* الجرح والتعديل: 8 / 87، تاريخ ابن عساكر، خ: 15 /
451 ب - 452 أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 686، طبقات الحفاظ:
298، شذرات الذهب: 2 / 193 - 194.
(*)
(13/492)
جده رجاء بن السندي...ثم سمى طائفة قال بشر بن أحمد
الاسفراييني: مات أبو بكر في سنة ست وثمانين ومئتين،
وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.
241 - إبراهيم بن معقل *
ابن الحجاج: الامام، الحافظ، الفقيه، القاضي،
أبو إسحاق النسفي، قاضي مدينة نسف التي يقال لها أيضا:
نخشب.
سمع: قتيبة بن سعيد، وجبارة بن المغلس، وهشام بن عمار،
وأبا كريب، وأحمد بن منيع، وطبقتهم.
وله رحلة واسعة.
حدث عن: علي بن إبراهيم الطغامي (1)، وخلف بن محمد
الخيام، وعبد المؤمن بن خلف، ومحمد بن زكريا، وولده
سعيد بن إبراهيم.
قال أبو يعلى الخليلي: هو ثقة حافظ، مات في ذي الحجة،
سنة خمس وتسعين ومئتين.
قلت: له " المسند الكبير "، و " التفسير "، وغير ذلك.
وحدث بصحيح البخاري عنه، وكان فقيها مجتهدا.
242 - الغسيلي * * الامام،
الحافظ، المصنف، أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق
بن
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 275 ب، تذكرة الحفاظ: 2 /
686 - 687، عبر المؤلف: 2 / 100 - 101، الوافي
بالوفيات: 6 / 149، النجوم الزاهرة: 3 / 164،
طبقات الحفاظ: 298، طبقات المفسرين: 1 / 22، شذرات
الذهب: 2 / 218، تهذيب بدران: 2 / 300.
(1) الطغامي، بفتح الطاء: نسبة إلى طغامى من سواد
بخارى.
(اللباب).
* * كتاب المجروحين والضعفاء: 1 / 119 - 120، اللباب:
2 / 382 - 383، ميزان الاعتدال: 1 / 18 - 19، لسان
الميزان: 1 / 30 - 31، طبقات الحفاظ: 301.
(*)
(13/493)
عيسى بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل،
الانصاري البغدادي الغسيلي.
سمع: أبا إبراهيم الترجماني، ومحمد بن سليمان لوينا،
وأحمد بن منيع، ومجاهد بن موسى، وطبقتهم.
وخرج وجمع.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله بن
الاخرم، وحسان ابن محمد الفقيه، وآخرون، ومحمد بن يحيى
البوشنجي.
وحدث بهراة، ونيسابور بتصانيفه.
وحضر أجله ببوشنج (1) في سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
243 - ابن مسروق * الشيخ،
الزاهد، الجليل، الامام، أبو العباس، أحمد بن محمد
بن مسروق (2) البغدادي، شيخ الصوفية.
يروي عن: علي بن الجعد، وخلف بن هشام، وأحمد بن حنبل،
وعلي بن المديني، ومن بعدهم.
وعنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر الخلدي، وحبيب القزاز،
ومخلد
__________
(1) بو شنج، بضم الباء، وسكون الواو، وفتح الشين،
وسكون النون: بلدة على سبعة فراسخ من هراة.
(انظر: اللباب، ومعجم ياقوت).
* طبقات الصوفية: 237 - 241، حلية الاولياء: 10 / 213
- 216، تاريخ بغداد: 5 / 100 - 103، المنتظم: 6 / 98 -
99، ميزان الاعتدال: 1 / 150، عبر المؤلف: 2 / 110،
طبقات الاولياء: 89 - 90، لسان الميزان: 1 / 292 -
293، النجوم الزاهرة 3 / 177، شذرات الذهب: 2 / 227.
(2) في " شذرات الذهب ": أحمد بن مسروق.
(*)
(13/494)
الباقرحي (1)، وابن عبيد العسكري، وأبو بكر
الاسماعيلي، وآخرون.
سمعنا " القناعة " من تأليفه.
قال أبو نعيم: صحب الحارث المحاسبي، ومحمد بن منصور
الطوسي، والسري السقطي (2).
وهو القائل: التصوف: خلو الاسرار مما منه بد، وتعلقها
بما لا بد منه.
وقد كان الجنيد يحترم ابن مسروق، ويعتقد فيه.
قال الدارقطني: ليس بالقوي.
وقيل: إنه قال لضيف: الضيافة ثلاث، فما زاد فهو صدقة
علي.
توفي في صفر، سنة ثمان وتسعين ومئتين (3)، وعاش أربعا
وثمانين سنة.
رحمه الله.
244 - ابن الرومي * شاعر
زمانه مع البحتري، أبو الحسن، علي بن العباس بن
جريج، مولى آل المنصور.
__________
(1) الباقرحي، بفتح القاف، وسكون الراء: نسبة إلى
باقرح: قرية من نواحي بغداد.
(اللباب).
(2) ترجمته في: حلية الاولياء: 10 / 213.
(3) في: " ميزان الاعتدال "، و " لسان الميزان ":
وفاته سنة (299).
* الفهرست: المقالة الرابعة: الفن الثاني، تاريخ
بغداد: 12 / 23 - 26، رسالة الغفران: 476 - 483، (ط.
الخامسة) دار المعارف، المنتظم: 5 / 165 - 168، وفيات
الاعيان: 3 / 358 - 362، البداية والنهاية: 11 / 74 -
75، معاهد التنصيص: 1 / 108 - 118، شذرات الذهب: 2 /
188 - 190.
وانظر ما كتب عنه حديثا من مثل كتاب " ابن الرومي
حياته من شعره " لعباس محمود العقاد.
(*)
(13/495)
له النظم العجيب، والتوليد الغريب.
رتب شعره الصولي.
وكان رأسا في الهجاء، وفي المديح، وهو القائل: آراؤكم،
ووجوهكم، وسيوفكم * في الحادثات إذا دجون نجوم منها
معالم للهدى ومصابح * تجلو الدجى والاخريات رجوم (1)
مولده: سنة إحدى وعشرين ومئتين.
ومات لليلتين بقيتا من جمادى الاولى، سنة ثلاث
وثمانين، وقيل: سنة أربع.
قيل: إن القاسم بن عبيد الله الوزير كان يخاف من هجو
ابن الرومي، فدس عليه من أطعمه خشكناكة (2) مسمومة،
فأحس بالسم، فوثب، فقال الوزير: إلى أين ؟ قال: إلى
موضع بعثتني إليه.
قال: سلم على أبي.
قال: ما طريقي على النار.
فبقي أياما، ومات (3).
245 - تميم بن محمد بن
طمغاج * الحافظ، الامام، الجوال، الثقة، أبو
عبد الرحمن الطوسي، صاحب " المسند " الكبير على
الرجال.
طوف، وسمع من: شيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وأحمد بن
حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وإبراهيم بن
الحجاج
__________
(1) في الاصل: " ومصالح ".
والتصويب من " الوفيات ": 2 / 359.
(2) في " الوفيات ": " حشكنانجة ".
والخشكنان: خبزة تصنع من خالص دقيق الحنطة، وتملا
بالكسر واللوز، أو الفستق، وتغلى.
(فارسي).
(3) انظر: وفيات الاعيان: 3 / 361.
* طبقات الحنابلة: 1 / 122، تاريخ ابن عساكر: خ: 3 /
275 أ - ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 675 - 676، تهذيب بدران:
3 / 361.
(*)
(13/496)
السامي، ومحمد بن رمح، وحرملة، وعيسى بن حماد، وأبي
الربيع الرشديني، والحارث بن مسكين، وسليمان بن سلمة
الخبائري، وطبقتهم بخراسان والحجاز ومصر والشام
والعراق.
حدث عنه: الحسن بن سفيان رفيقه، وعلي بن حمشاذ، وأبو
عبد الله بن الاخرم، نعم سهوت، وإنما حدث الحسن بن
سفيان عن ولده أبي بكر بن الحسن، عن تميم.
قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: هو محدث، ثقة، مصنف،
جمع " المسند " الكبير.
ولم يذكر له وفاة.
وممن روى عنه: أبو النضر الفقيه.
ولعله توفي في حدود الثمانين أو التسعين ومئتين.
وطمغاج.
بضم أوله.
246 - عبيد الله بن سليمان
* ابن وهب: الوزير الكبير، أبو القاسم، وزير
المعتضد.
كان شهما، مهيبا، شديد الوطأة، قوي السطوة، ناهضا
بأعباء الامور، متمكنا من المعتضد.
مات في ربيع الآخر، سنة ثمان وثمانين ومائتين.
وهو ولد الوزير الكبير الذي مات أيام المعتمد، ووالد
الوزير الكبير القاسم بن عبيد الله.
__________
* تاريخ الطبري: 9 / 532، و 10 / 22، 30، 47، 73،
الكامل لابن الاثير: 7 / 510، وفيات الاعيان: 3 / 122،
ضمن ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فوات
الوفيات: 2 / 434 - 436.
(*)
(13/497)
وقد عمل الوزارة لابي العباس قبل أن يستخلف، فوجده فوق
ما في النفس، فرد أعباء الامور إليه، وبلغ من الرتبة
ما لم يبلغه وزير، وكان عديم النظير في السياسة
والتدبير والاعتناء بالصديق.
اختفى مرة عند تاجر، فلما وزر، وصله في يوم بمئة ألف
دينار من غلة عظيمة باعه إياها برخص، فربح فيها مئة
ألف دينار (1).
وقد علم لاسماعيل القاضي في ساعة على ستين قصة.
وكان مولده سنة ست وعشرين ومئتين.
وعند دفنه، قال ابن المعتز: هذا أبو القاسم في لحده *
قفوا انظروا كيف تزول الجبال (2) وقال أيضا فيه: وما
كان ريح المسك ريح حنوطه * ولكنه هذا الثناء المخلف
وليس صرير النعش ما تسمعونه * ولكنه أصلاب قوم تقصف
(3)
__________
(1) انظر تفصيل الخبر في " فوات الوفيات ": 2 / 435.
(2) ديوان ابن المعتز: 344، (ط.
الشركة اللبنانية للكتاب - بيروت - 1969)، ورواية
البيت فيه: هذا أبو القاسم في نعشه * قوموا انظروا كيف
تسير الجبال وهو ضمن مقطوعة من ثلاثة أبيات.
(3) وكذلك نسبهما لابن المعتز الكتبي في فوات الوفيات:
2 / 434، ولم نجدهما في المطبوع من ديوان ابن المعتز
السابق الذكر.
وهما منسوبان للعطوي في أمالي الزجاجي: 85 - 86،
والمنصف في شعر المتنبي لابن وكيع (طبع دار قتيبة)،
وهما في مجموع شعره (قسم الشعر المنسوب): 91.
وهما كذلك في أمالي القالي: 1 / 112، لمجهول، قال: "
مات رجل كان يقود اثني عشر ألف إنسان، فلما حمل على
النعش صر على أعناق الرجال فقال رجل في الجنازة...".
والعطوي هو: أبو عبد الرحمن محمد بن عطية، ولد ونشأ
بالبصرة، ثم انتقل إلى = (*)
(13/498)
247 - القباني * [ خ ] (1) الامام، الحافظ، الثقة، شيخ
المحدثين بخراسان، أبو علي، الحسين بن محمد
بن زياد النيسابوري.
أخبرنا العز بن الفراء، أخبرنا الامام موفق الدين بن
قدامة، أخبرنا ابن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون،
وقرأت على التاج عبد الخالق: أخبرنا البهاء عبدالرحمن،
وأخبرنا إسماعيل بن عميرة، أخبرنا محمد بن خلف بن
راجح، قالا: أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا محمد بن
عبد السلام، قالا: أخبرنا أبو بكر البرقاني، قرأت على
أبي العباس بن حمدان، حدثكم الحسين بن محمد بن زياد،
حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا
شعبة، عن الحكم: سمعت ذرا، عن
ابن عبدالرحمن بن أبزى، قال الحكم، وقد سمعت من ابن
عبدالرحمن ابن أبزى، عن أبيه: أن رجلا أتى عمر، فقال:
إني أجنبت، فلم أجد الماء.
قال: لا تصل حتى تغتسل.
فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في
سرية فأجنبنا، فلم نجد ماء، فأما أنت، فلم تصل، وأما
أنا،
__________
= بغداد وأقام بسر من رأى، واختص بأحمد بن أبي دواد،
وتوفي قريبا من سنة (250 ه).
انظر ترجمته في: طبقات ابن المعتز: 395، الاغاني: 22 /
572، معجم الشعراء: 377، تاريخ بغداد: 3 / 137.
وقد جمع شعره ونشر في مجلة المورد (ج 1، ع 1 - 2 /
74).
* اللباب: 3 / 12، تهذيب الكمال: خ: 298 - 299، تذهيب
التهذيب: خ: 1 / 159، تذكرة الحفاظ: 2 / 680 - 682،
ميزان الاعتدال: 1 / 545 - 546، عبر المؤلف: 2 / 83،
تهذيب التهذيب: 2 / 368 - 369، طبقات الحفاظ: 296،
خلاصة تذهيب الكمال: 84، شذرات الذهب: 2 / 201.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
وقد خالف الذهبي، - رحمه الله - طريقته المألوفة في
سرد الترجمة هذه، فقد بدأ بذكر بعض أخباره، ثم ذكر بعد
ذلك مشايخه وتلامذته، وختم ببقية تلك الاخبار.
(*)
(13/499)
فتمعكت في التراب، فصليت، فلما أتينا النبي - صلى الله
عليه وسلم - ذكرت ذلك له، فقال: " إنما كان يكفيك "،
وضرب بيديه إلى الارض، ثم نفخ فيهما، ومسح بهما وجهه
وكفيه.
فقال عمر: اتق الله يا عمار.
فقال: يا أمير المؤمنين ! إن شئت - لما جعل الله علي
من حقك - لا أحدث به أحدا.
رواه البخاري (1) من حديث شعبة، ثم قال: وقال النضر،
عن شعبة، عن الحكم...وذكره.
فقد وصله الحسين أحد الاثبات.
ذكره الحاكم، فقال: أحد أركان الحديث وحفاظ الدنيا،
رحل، وأكثر السماع، وصنف " المسند "، و " الابواب "، و
" التاريخ "، و " الكنى "، ودونت في الدنيا.
قلت: ولد سنة بضع عشرة ومئتين.
وسمع: إسحاق بن راهويه، وسهل بن عثمان، ومنصور بن أبي
مزاحم، وعمرو بن زرارة، والحسين بن الضحاك، وسريج بن
يونس، وأبا مصعب، وأبا معمر الهذلي، وأبا بكر بن أبي
شيبة، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن عباد
المكي، وعبيد الله بن عمر القواريري، وإبراهيم ابن
محمد الشافعي، وطبقتهم بخراسان والحرمين والعراق،
وتقدم في هذا الشأن.
حدث عنه: محمد بن إسماعيل البخاري شيخه، وزكريا بن
محمد ابن بكار، وأحمد بن محمد بن عبيدة، وأبو حامد بن
الشرقي، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم الهاشمي، ويحيى بن
محمد العنبري، ومحمد بن يعقوب الشيباني، وآخرون.
__________
(1) 1 / 376، 377 في التيمم: باب التيمم للوجه
والكفين.
(*)
(13/500)
قال البخاري في الطب من " صحيحه " (1): حدثنا حسين،
حدثنا أحمد بن منيع...فذكر حديثا، فقال أبو نصر
الكلاباذي والحاكم: هو القباني (2).
وقال أحمد بن محمد بن عبيدة: سمعت الحسين بن محمد
يقول: كان لزياد جدي قبان، ولم يكن وزانا، ولم يكن
بنيسابور إذا ذاك كبير قبان، وكان الناس إذا أرادوا أن
يزنوا شيئا، استعاروا قبان جدي، فشهر بالقباني،
وكان حمل القبان معه من بلاد فارس إلى نيسابور (3).
قلت: كان أبو علي القباني قد سمع " مسند " أحمد بن
منيع منه، وكان ملازما للبخاري في إقامته بنيسابور،
فهذا يرجح أنه هو، وقيل: بل هو الحسين بن يحيى بن جعفر
البيكندي.
وممن روى عنه: دعلج السجزي.
__________
(1) 10 / 115: باب الشفاء في ثلاث، ونصه: حدثني
الحسين، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا مروان بن شجاع،
حدثنا سالم الافطس عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي
الله عنهما " الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم،
وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي " رفع الحديث.
(2) قال الحافظ: كذا لهم غير منسوب، وجزم جماعة بأنه
القباني، قال الكلاباذي: كان يلازم البخاري لما كان
بنيسابور، وكان عنده مسند أحمد بن منيع سمعه منه بغير
شيخه في هذا الحديث، وقد ذكر الحاكم في " تاريخه " من
طريق الحسين المذكور أنه روى حديثا، فقال: كتب عني
محمد بن إسماعيل هذا الحديث، ورأيت في كتاب بعض الطلبة
قد سمعه منه عني.
قال الحافظ: وقد عاش الحسين القباني بعد البخاري ثلاثا
وثلاثين سنة، وكان من أقران مسلم، فرواية البخاري عنه
من رواية الاكابر عن الاصاغر.
وقد جزم الحاكم فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " بأن
الحسين المذكور هو ابن يحيى بن جعفر البيكندي، وقد
أكثر البخاري الرواية عن أبيه يحيى بن جعفر، وهو من
صغار شيوخه، والحسين أصغر من البخاري بكثير قال
الحافظ: وليس في البخاري عن الحسين سواء كان القباني
أو البيكندي سوى هذا الحديث.
(3) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 681.
(*)
(13/501)
قال أبو عبد الله بن الاخرم: كان أبو علي مجمع أهل
الحديث عنده بعد مسلم بن الحجاج.
وقال محمد بن صالح بن هانئ: سمعت الحسين القباني يقول:
حدثت البخاري بحديث عن سريج بن يونس، فرأيت في كتاب
بعض الطلبة: قد سمعه من البخاري، عني (1).
قال ابن الاخرم: سمعت أبا علي القباني - وسئل عن محمد
بن قيس شيخ أبي معشر - فقال: هو والد أبي زكير.
الحاكم: سمعت الحسن بن يعقوب، سمعت القباني يقول: أبو
الزعراء الكبير: عبد الله بن عبد الوهاب، وأبو الزعراء
الجشمي: عمرو بن عمرو، وقيل: عمرو بن عامر، عن عمه أبي
الاحوص، وأبو الزعراء يحيى ابن الوليد الطائي: كوفي،
يروي عنه ابن مهدي.
قلت: ورابعهم: أبوالزعراء عبدالرحمن بن عبدوس المقرئ
تلميذ الدوري، وخامسهم: محمد بن عبدوس بن كامل السراج
صاحب علي بن الجعد.
الحاكم: سمعت عبد الله بن علي الحضرمي يقول: توفي جدي
الحسين بن محمد سنة تسع وثمانين ومئتين.
وقيل: صلى عليه أبو عبد الله البوشنجي.
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 681 (*)
(13/502)
248 - عبد الله بن أبي الخوارزمي
* [ خ ] (1) قاضي خوارزم ومحدثها، رحال، حافظ.
سمع: أحمد بن يونس اليربوعي، وسعيد بن منصور، وسليمان
بن عبدالرحمن، وإسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد،
وطبقتهم.
حدث عنه: البخاري، ومحمد بن علي الساني الحساني
الخوارزمي، وأبو العباس بن حمدان الحيري، وهما من
مشيخة البرقاني.
وقد روى البخاري عن ابن أبي في كتاب " الضعفاء "
أحاديث رواية وتعليقا، فإنه مر بخوارزم، فنزل على هذا
الرجل، فقول البخاري في " الصحيح ": حدثنا عبد الله،
حدثنا سليمان بن عبدالرحمن...فذكر حديثا (2)، فهو عبد
الله بن أبي (3).
__________
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
* تهذيب الكمال: خ: 663، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 129،
تذكرة الحفاظ: 2 / 656 - 657، تهذيب التهذيب: 5 / 139،
طبقات الحفاظ: 286، خلاصة تذهيب الكمال: 190.
(2) وتمامه: وموسى بن هارون، قالا: حدثنا الوليد بن
مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء ابن زبر، قال: حدثني
بسر بن عبيد الله، قال: حدثني أبو إدريس الخولاني،
قال: سمعت أبا الدرداء يقول: كان بين أبي بكر وعمر
محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه عمر مغضبا،
فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق
بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقال أبو الدرداء: ونحن عنده، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " أما صاحبكم هذا، فقد غامر
" قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس
إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقص على رسول الله صلى
الله عليه وسلم الخبر، قال أبو الدرداء: وغضب رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول: والله يا
رسول الله لانا كنت أظلم، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " هل أنتم تاركو لي صاحبي، هل أنتم تاركو
لي صاحبي، إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم
جميعا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت.
أخرجه البخاري 8 / 228 في تفسير سورة الاعراف: باب
(واتقوه لعلكم تهتدون).
قلت: أذكر أني قرأت شرحا لهذا الحديث قديما بمجلة
الازهر للشيخ طه الساكت، وقد جعل عنوانه: خصومة
الاكابر.
وقد وفق لهذا العنوان أيما توفيق.
(3) خالفة الحافظ في " الفتح " 8 / 228، والمقدمة 227
فقال: كذا وقع غير منسوب = (*)
(13/503)
وكذلك قوله: حدثنا عبد الله، حدثنا يحيى بن معين،
حدثنا أسماعيل بن مجالد، عن بيان، عن وبرة، عن همام،
قال: قال عمار: " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وما معه إلا خمسة أعبد، وامرأتان، وأبو بكر " (1).
وقيل: بل عبد الله هذا هو ابن حماد الآملي.
والارجح عندي: أنه ابن أبي.
وأخبرنا الابرقوهي، أخبرنا الفتح، وأحمد بن صرما،
قالا: أخبرنا الارموي (2)، أخبرنا ابن النقور، أخبرنا
الحربي، حدثنا أحمد الصوفي، حدثنا يحيى..فذكره.
عاش ابن أبي نحوا من تسعين سنة، وبقي إلى حدود التسعين
ومئتين، وإلى بعدها، والله أعلم.
__________
= عند الاكثر، ووقع عند ابن السكن، عن الفربري، عن
البخاري: حدثني عبد الله بن حماد، وبذلك جزم الكلاباذي
وطائفة.
وعبد الله بن حماد هذا: هو الآملي بالمد وضم الخفيفة،
يكنى أبا عبدالرحمن، قال الاصيلي: هو من تلامذة
البخاري، وكان يورق بين يديه.
(1) أخرجه البخاري 7 / 129 في المناقب: باب إسلام أبي
بكر.
قال الحافظ: وعبد الله شيخه قال ابن السكن في روايته:
حدثني عبد الله بن محمد.
فتوهم أبو علي الجياني أنه أراد " المسندي " فقال: فلم
يصنع شيئا.
قلت (القائل ابن حجر): وفي كلامه نظر فقد وقع في تفسير
التوبة: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يحيى بن معين،
لكن عمدة الجباني هنا أن أبا نصر الكلاباذي جزم بأن
عبد الله هنا: هو ابن حماد الآملي، وكذا وقع في رواية
أبي ذر الهروي منسوبا، وهو عبد الله بن حماد، وهو من
أقران البخاري، بل هو أصغر منه، فلقد لقي البخاري يحيى
بن معين، وهو أقدم من ابن معين.
(2) الارموي، بضم الالف، وسكون الراء، وفتح الميم:
نسبة إلى أرمية: من بلاد أذربيجان.
(اللباب).
(*)
(13/504)
249 - ابن الرواس * المحدث، العالم، الثقة، أبو بكر،
عبدالرحمن بن القاسم
بن الفرج بن عبد الواحد الهاشمي الدمشقي، مسند وقته
بدمشق.
سمع: أبا مسهر الغساني، ويحيى بن صالح الوحاظي، وزهير
بن عباد، وإبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، وهشام بن
عمار، وعبد الله ابن ذكوان، وخاله إبراهيم بن أيوب
الحوراني، وطائفة.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مروان، وأبو بكر بن أبي
دجانة، وأبو عمر ابن فضالة، وعلي بن أبي العقب، وأبو
أحمد بن عدي، وجمح بن القاسم، وأبو أحمد بن الناصح،
والفضل بن جعفر المؤذن، وخلق.
قال جمح: سمعت ابن الرواس يقول: سمعت من أبي مسهر وأنا
ابن إحدى عشرة سنة (1).
قلت: لم أظفر لابن الرواس بوفاة، لكن رحلة ابن عدي
كانت إلى الشام في سنة سبع وتسعين ومئتين فأدركه (2)،
وهو راوي نسخة أبي مسهر.
250 - الخزاعي * * الشيخ،
الصدوق، المحدث، أبو العباس، أحمد بن محمد بن
علي بن أسيد، الخزاعي الاصبهاني.
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 75 ب - 76 أ.
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 76 أ.
(2) جاء في المصدر السابق ما نصه: " ذكر أبو الفضل
محمد بن طاهر المقدسي أنه توفي
بعد سنة ثمانين ومئتين ".
* * ذكر أخبار أصبهان: 1 / 106 - 107، طبقات المحدثين
بأصبهان ورقة 112.
(*)
(13/505)
حدث عن: القعنبي، ومسلم بن إبراهيم، وقرة بن حبيب،
وأبي الوليد الطيالسي، وأبي عمر الحوضي، وعدة.
حدث عنه: القاضي، وأحمد العسال، وعبد الرحمن بن سياه،
وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ بن حيان، وآخرون.
قال أبو الشيخ: هو ثقة مأمون، توفي في صفر، سنة إحدى
وتسعين ومئتين.
وفيها مات: أبو العباس ثعلب (1)، وعثمان بن عمر الضبي،
وأحمد ابن سهل الاهوازي، ومحمد بن علي الصائغ (2)،
وأحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي، ومحمد بن إبراهيم
البوشنجي (3)، وعلي بن الحسين بن الجنيد (4)، وعلي بن
جبلة بن رسته، والقاضي محمد بن محمد الجذوعي (5)، وعبد
الرحمن بن محمد بن سلم الرازي (6).
251 - القطراني الشيخ،
المحدث، المعمر، الثقة، أبو بكر، أحمد بن عمرو
بن حفص بن عمر بن النعمان، القريعي البصري القطراني.
__________
(1) هو: أحمد بن يحيى الشيباني.
وسترد ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب ص 5
رقم الترجمة (1).
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (428)، برقم: (221).
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (581)، برقم: (303).
(4) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 671 - 672، عبر الذهبي: 2
/ 89، شذرات الذهب:
2 / 208.
(5) انظر: الانساب: 3 / 212.
والجذوعي، بضم الجيم والذال: نسبة إلى الجذوع: وهي جمع
جذع.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (530)، برقم: (262) (*)
(13/506)
سمع: القعنبي، وعمرو بن مرزوق، وأبا الوليد الطيالسي،
وسليمان بن حرب، وهدبة بن خالد، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وقاضي مصر أبو الطاهر
الذهلي، وآخرون.
وذكره ابن حبان في ديوان " الثقات ".
توفي في شوال سنة خمس وتسعين ومئتين.
252 - خياط السنة * [ س ]
(1) الامام الحافظ، المجود الرحال، أبو عبد الرحمن،
زكريا بن يحيى ابن إياس بن سلمة السجزي، نزيل
دمشق، ويعرف: بخياط السنة.
ولد سنة خمس وتسعين ومئة.
وسمع: بشر بن الوليد، وشيبان بن فروخ، وقتيبة بن سعيد،
وصفوان بن صالح، وإسحاق بن راهويه، وحكيم بن سيف
الرقي، وأبا مصعب، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وهشام بن
عمار وسويد بن سعيد، وخلقا كثيرا.
وكان واسع الرحلة، متبحرا في الحديث.
روى عنه: النسائي فأكثر، وإسحاق المنجنيقي، وابن صاعد،
وابن
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 219 ب - 220 ب، تهذيب
الكمال: خ: 434 -
435، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 238، تذكرة الحفاظ: 2 /
650، عبر المؤلف: 2 / 79، تهذيب التهذيب: 3 / 334،
طبقات الحفاظ: 284، خلاصة تذهيب الكمال: 122، شذرات
الذهب: 2 / 196، أخبار سنة (287) تهذيب بدران: 5 / 385
- 386.
وإنما لقب بخياط السنة، لانه كان يخيط أكفان أهل
السنة.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/507)
جوصا، وأبو علي بن هارون، وعلي بن أبي العقب، ومحمد بن
إبراهيم بن زوران، وأبو القاسم الطبراني.
وثقة النسائي، وغيره.
وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: كان ثقة حافظا، حدثنا
عنه أحمد وإسحاق ابنا إبراهيم بن الحداد.
مات خياط السنة سنة تسع وثمانين ومئتين، أرخه ابن زبر،
وعاش أربعا وتسعين سنة.
ومن غرائبه: قال: حدثنا سعيد بن كثير، حدثنا إسحاق بن
إبراهيم مولى مزينة، عن صفوان بن سليم، حدثنا ابن أبي
ذئب، حدثنا عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده: أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يأخذ أحدكم
متاع أخيه لا عبا ولا جادا " (1).
253 - ابن خراش * الحافظ،
الناقد، البارع، أبو محمد، عبدالرحمن بن يوسف
بن سعيد بن خراش، المروزي ثم البغدادي.
__________
(1) الحديث في: تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 220 أ وفيه
تتمة.
وأخرجه أحمد 4 / 221، وأبو داود (5003) في الادب: باب
من يأخذ الشئ على
المزاح، والترمذي (2160) في الفتن: باب ما جاء لا يحل
لمسلم أن يروع مسلما من طرق عن ابن أبي ذئب بهذا
الاسناد، وهو إسناد صحيح.
* الكامل ابن عدي: (خ - ظاهرية): 2 / 236، تاريخ
بغداد: 10 / 280 - 281، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 136
ب - 138 أ، المنتظم: 5 / 164، تذكرة الحفاظ: 2 / 684 -
286، مزان الاعتدال: 2 / 600 - 601، عبر المؤلف: 2 /
70 - 71، لسان الميزان: 3 / 444 - 445، طبقات الحفاظ:
297 - 298، شذرات الذهب: 2 / 184.
(*)
(13/508)
روى عن: خالد بن يوسف السمتي (1)، وعبد الجبار بن
العلاء، وأبي عمير بن النحاس الرملي، وأبي حفص الفلاس،
ونصر بن علي، وأبي التقي (2) هشام بن عبدالملك اليزني
(3)، وعلي بن خشرم، ويعقوب الدورقي، وطبقتهم.
وعنه: ابن عقدة، وبكر بن محمد الصيرفي، وأبو سهل بن
زياد، وآخرون.
قال بكر بن محمد: سمعته يقول: شربت بولي في هذا الشأن
- يعني الحديث - خمس مرات.
قال أبو نعيم بن عدي: ما رأيت أحدا أحفظ من ابن خراش.
وقال ابن عدي: قد ذكر بشئ من التشيع، وأرجو أنه لا
يتعمد الكذب.
سمعت ابن عقدة يقول: كان ابن خراش عندنا إذا كتب شيئا
في التشيع يقول: هذا لا ينفق إلا عندي وعندك.
وسمعت عبدان يقول: حمل ابن خراش إلى بندار عندنا جزءين
صنفهما في مثالب الشيخين، فأجازه بألفي درهم، بنى له
بها حجرة ببغداد ليحدث فيها، فمات حين فرغ منها (4).
وقال أبو زرعة محمد بن يوسف الحافظ: حرج ابن خراش
مثالب الشيخين، وكان رافضيا.
__________
(1) السمتي، بفتح السين، وسكون الميم: نسبة إلى السمت
والهيئة.
(اللباب).
(2) في " توضيح المنتبه ": خ: 97 ب، قال ابن ناصر
الدين: " المعروف تنكير كنيته، وكذلك ذكره عبد الغني
بن سعيد، والامير، وعبد الغني المقدسي، والجمهور،
والذهبي المؤلف في " الكاشف " وكناه معرفا: أبا التقي،
الحافظ أبو القاسم بن عساكر في " معجم النبل " ص: 312.
(3) اليزني: نسبة إلى ذي يزن: وهو بطن من حمير.
(انظر: اللباب).
(4) الكامل لابن عدي: خ - ظاهرية: 2 / 236.
(*)
(13/509)
وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش حديث: "
ما تركنا صدقة " (1)، فقال: باطل، أتهم مالك بن أوس
(2).
قال عبدان: وقد حدث بمراسيل وصلها، ومواقيف رفعها (3).
قلت: هذا معثر مخذول، كان علمه وبالا، وسعيه ضلالا،
نعوذ بالله من الشقاء.
قال ابن المنادي: مات في رمضان سنة ثلاث وثمانين
ومئتين.
254 - المعمري * الامام،
الحافظ، المجود، البارع، محدث العراق، أبو علي،
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 141 في فرض الخمس، و 7 / 257 في
المغازي: باب حديث بني النضير، و 12 / 504 في الفرائض:
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا
صدقة "، ومسلم " 1757) في الجهاد: باب حكم الفئ، وأبو
داود (2963) و (2964)، والنسائي 7 / 136، 137،
والترمذي (1610)، وأبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر
" (1) و (2) و
(3)، وعبد الرزاق في " المصنف " (9772)، والبيهقي 6 /
298.
(2) انظر: الكامل لابن عدي: خ - ظاهرية: 2 / 236،
ومالك بن أوس ثقة عند الجميع، وقد رواه عن عمر،
وعثمان، وسعد، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف.
وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أبو هريرة
عند مالك 2 / 993، والبخاري 12 / 5، ومسلم (1760)
وعائشة عند البخاري 7 / 63، ومسلم (1758)، ومالك 2 /
993، وأبو الطفيل عند أبي داود (2973).
(3) المصدر السابق.
* تاريخ بغداد: 7 / 369 - 372، تاريخ ابن عساكر: خ: 4
/ 242 ب - 244 ب، المنتظم: 6 / 78 - 79، اللباب: 3 /
236 - 237، تذكرة الحفاظ: 2 / 667 - 668، ميزان
الاعتدال: 1 / 504، عبر المؤلف: 2 / 101، البداية
والنهاية: 11 / 106، لسان الميزان: 2 / 221 - 225،
طبقات الحفاظ: 290 - 291، شذرات الذهب: 2 / 218، تهذيب
بدران: 4 / 201 - 202.
والمعمري، بفتح الميم، وسكون العين، وفتح الميم
الثانية: نسبة إلى معمر بن راشد، ونسب إليه لانه عني
بجمع حديثه، وقيل: لانه ابن بنت سفيان بن أبي سفيان
المعمري.
(*)
(13/510)
الحسن بن علي بن شبيب البغدادي المعمري.
ولد في حدود سنة عشر ومئتين.
سمع: شيبان بن فروخ، وأبا نصر التمار، وعلي بن
المديني، وخلف بن هشام، وهدبة بن خالد، وسعيد بن عبد
الجبار، وسويد بن سعيد، وجبارة بن المغلس، وعيسى بن
زغبة، ودحيما، وطبقتهم بالشام ومصر والعراق، وجمع وصنف
وتقدم.
حدث عنه: أبو بكر النجاد، وأبو سهل بن زياد، وأحمد بن
كامل القاضي، وابن قانع، وأحمد بن عيسى التمار، ومحمد
بن أحمد المفيد، وأبو القاسم الطبراني، وخلق.
قال الخطيب (1): كان من أوعية العلم، يذكر بالفهم،
ويوصف بالحفظ، وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها.
قال الدارقطني: صدوق حافظ، جرحه موسى بن هارون، وكانت
العداوة بينهما، وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصوله
بها، ثم إنه ترك روايتها (2).
وقال عبدان الاهوازي: ما رأيت صاحب حديث في الدنيا مثل
المعمري (3).
وقال موسى بن هارون: استخرت الله سنتين حتى تكلمت في
المعمري، وذلك أني كتبت معه عن الشيوخ، وما افترقنا،
فلما رأيت تلك
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 370 (2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 7 / 371.
(*)
(13/511)
الاحاديث، قلت: من أين أتى بها (1).
رواها أبو عمرو بن حمدان، عن أبي طاهر الجنابذي (2)،
عنه.
ثم قال الجنابذي: كان المعمري يقول: كنت أتولى لهم
الانتخاب، فإذا مر حديث غريب، قصدت الشيخ وحدي، فسألته
عنه (3).
قلت: فعوقب بنقيض قصده، ولم ينتفع بتلك الغرائب، بل
جرت إليه شرا، فقبح الله الشره.
قال ابن عقدة: سألت عبد الله بن أحمد عن المعمري،
فقال: لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قوما يوصلون
- يعني المراسيل - (4).
قال الحاكم: سمعت الحافظ أبا بكر بن أبي دارم يقول:
كنت ببغداد لما أنكر موسى بن هارون على المعمري تلك
الاحاديث، وأنهى (5) أمرهم إلى يوسف القاضي، بعد أن
كان إسماعيل (6) القاضي توسط بينهما، فقال موسى بن
هارون: هذه أحاديث شاذة عن شيوخ ثقات، لا بد من إخراج
الاصول بها.
فقال المعمري: قد عرف من عادتي أني كنت إذا رأيت حديثا
غريبا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه، إنما كنت أقرأ من
كتاب الشيخ وأحفظه، فلا سبيل إلى إخراج الاصول بها
(7).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) الجنابذي، بضم الجيم، وبكسر الباء: نسبة إلى:
كونابذ، ويقال لها بالعربية: جونابذ: قرية بنواحي
نيسابور.
(اللباب).
(3) تاريخ بغداد: 7 / 371 (4) المصدر السابق.
(5) في: تاريخ ابن عساكر: " وانتهى ".
(6) زاد ابن عساكر هنا: " ابن إسحاق ".
(7) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 243 ب (*)
(13/512)
قال علي بن حمشاذ: كنت ببغداد حينئذ، فأخرج نيفا (1)
وسبعين حديثا، ذكر أنه لم يشركه فيها أحد، ورفض
المعمري مجلسه، فصار الناس (2) حزبين: حزب للمعمري،
وحزب لموسى، فكان من حجة المعمري: أن هذه أحاديث
حفظتها عن الشيوخ (3)، لم أنسخها.
ثم اتفقوا
بأجمعهم على عدالة المعمري، وتقدمه (4).
قال أبو أحمد بن عدي: كان المعمري كثير الحديث، صاحب
حديث بحقه، كما قال عبدان: إنه لم ير مثله، وما ذكر
عنه أنه رفع أحاديث وزاد في متون، قال: هذا (5) شئ
موجود في البغداديين خاصة، وفي حديث ثقاتهم، وانهم
يرفعون الموقوف، ويصلون المرسل، ويزيدون في الاسناد
(6).
قلت: بئست الخصال هذه، وبمثلها ينحط الثقة عن رتبة
الاحتجاج به، فلو وقف المحدث المرفوع، أو أرسل المتصل،
لساغ له، كما قيل: أنقص من الحديث ولا تزد فيه.
قال أحمد بن كامل القاضي: مات أبو علي المعمري (7)
لاحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم، سنة خمس وتسعين
ومئتين (8).
__________
(1) في: تاريخ دمشق: " كنت ببغداد لما وقع بين الحسن
بن علي بن شبيب المعمري، وموسى بن هارون ما وقع فأخرج
عليه أبوعمران نيفا...".
(2) زاد ابن عساكر هنا: "...الغرباء وأهل بغداد...".
(3) وزاد هنا أيضا: "...وقت السماع، و...".
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب، وتتمة الخبر فيه:
"...وعلى زيادة معرفته أبي عمران، وأنه لما رأى أحاديث
شاذة لم يتبعها إلا أن يتثبتها ويبحث عنها ".
(5) في " تاريخ بغداد ": 7 / 371: " وزاد في المتون،
فإن هذا...".
(6) تاريخ بغداد: 7 / 371 - 372.
(7) "...في ليلة الجمعة..." زيادة من " تاريخ ابن
عساكر ".
(8) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب (*)
(13/513)
قال: وكان في الحديث وجمعه وتصنيفه إماما ربانيا، وقد
شد أسنانه بالذهب، ولم يغير شيبه.
وقيل: عاش اثنتين وثمانين سنة.
وقد كان ناب في القضاء عن البرتي بالقصر وأعمالها (1)،
وشهر بالمعمري لانه ابن أم الحسن بنت سفيان بن الشيخ
أبي سفيان محمد بن حميد المعمري، وكان أبو سفيان ارتحل
إلى اليمن إلى معمر، فلذا قيل له: المعمري.
والله أعلم (2).
أخبرنا أبو سعيد الثغري (3) بحلب، أخبرنا عبد اللطيف
بن يوسف، أخبرنا عبد الحق بن يوسف، أخبرنا علي بن
محمد، أخبرنا أبو الحسن الحمامي، أخبرنا ابن قانع،
حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا هشام ابن عمار،
حدثنا عمرو بن واقد، عن موسى بن يسار، عن مكحول، عن
جنادة بن أبي أمية، عن حبيب بن مسلمة: " أن النبي صلى
الله عليه وسلم جعل السلب للقاتل " (4).
__________
(1) كذا الاصل، ومثله في " البداية والنهاية ": 11 /
106، وفي المنتظم: 6 / 79، وتهذيب بدران: 4 / 202: "
على البصرة وأعمالها ".
(2) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب.
(3) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 55.
(4) إسناده على انقطاعه ضعيف جدا، فإن عمرو بن واقد
متروك، وأخرجه الطبراني في " الكبير " من ثلاثة طرق عن
هشام بن عمار بهذا الاسناد، وأورده الهيثمي في "
المجمع " 5 / 331، ونسبه للطبراني في " الكبير " و "
الاوسط " وأعله بعمرو بن واقد، وقد ثبت متن الحديث من
حديث أبي قتادة بن ربعي أخرجه مالك في " الموطأ " 2 /
454، 455، وعنه البخاري 8 / 29 في المغازي، ومسلم
(1751)، وأبو داود (2717)، والترمذي (1562) بلفظ: " من
قتل قتيلا له عليه بينة، فله سلبه ".
(*)
(13/514)
255 - ابن سهل * الحافظ، الامام، المتقن، أبو العباس،
أحمد بن سهل
بن بحر النيسابوري.
سمع: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وداود بن رشيد،
وعبد الله بن معاوية الجمحي، والقواريري، وهشام بن
عمار، وحرملة، وطبقتهم.
وله رحلة واسعة، ومعرفة جيدة.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله بن
الاخرم، وأبو عمرو الحيري.
قال الحاكم: ليس في مشايخ بلدنا من أقرانه أكثر سماعا
بالشام منه، وهو مجود في الشاميين.
وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت أحمد بن سهل
يقول: دخلت على أحمد بن حنبل في المحنة، فسمعته يقول:
كان وكيع إمام المسلمين في وقته، وكان ابن يعقوب يعتمد
أحمد بن سهل أي اعتماد.
قلت: يقع حديثه في تصانيف البيهقي.
وتوفي في سنة اثنتين وثمانين ومئتين، رحمه الله.
ومن الرواة عن ابن سهل: علي بن حمشاذ، ومحمد بن صالح
بن هانئ.
وله ترجمة في " تاريخ دمشق (1) ".
__________
* طبقات الحفاظ: 296.
(1) لم نجدها في النسخة الموجودة بدار الكتب الظاهرية
في دمشق، وكذلك ليست موجودة في " تهذيب بدران "،
ولعلها في القسم المفقود منه (*)
(13/515)
256 - ابن سهل * الامام، المحدث الكبير، أبو بكر، محمد
بن علي
بن سهل الانصاري، البغدادي ثم المروزي.
ولد سنة مئتين.
حدث عن: عمرو بن مرزوق،، وأبي عمر الحوضي، ويحيى بن
يحيى، وعلي بن الحسن بن شقيق، ومسدد، وعلي بن الجعد،
وقتيبة.
وعنه: أحمد بن سعيد ومحمد بن يوسف البخاريان، وابن
عدي، والاسماعيلي.
وكان إماما في التفسير.
لينه ابن عدي، ثم قال: أرجو أنه لا بأس به.
قيل: توفي سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
257 - عبد الله بن أحمد *
* [ س ] (1) ابن محمد بن حنبل بن هلال: الامام،
الحافظ، الناقد، محدث بغداد، أبو عبد الرحمن ابن شيخ
العصر أبي عبد الله الذهلي الشيباني المروزي، ثم
البغدادي.
__________
* ميزان الاعتدال: 3 / 652، لسان الميزان: 5 / 295.
* * الجرح والتعديل: 5 / 7، تاريخ بغداد: 9 / 375 -
376، طبقات الفقهاء: 169 - 170، طبقات الحنابلة: 1 /
180 - 188، المنتظم: 6 / 39 - 40، معجم البلدان: " باب
التبن "، تهذيب الكمال: خ: 664، تذهيب التهذيب: خ: 2 /
129 - 130، تذكرة الحافظ: 2 / 665 - 666، عبر المؤلف:
2 / 86، البداية والنهاية: 11 / 96 - 97، طبقات القراء
لابن الجزري: 1 / 408، تهذيب التهذيب: 5 / 141 -
143، خلاصة تذهيب الكمال: 190، شذرات الذهب: 2 / 203 -
204.
(1) زيادة من: تهذيب التهذيب: (*)
(13/516)
ولد سنة ثلاث عشرة ومئتين، فكان أصغر من أخيه صالح بن
أحمد قاضي الاصبهانيين.
روى عن أبيه شيئا كثيرا، من جملته " المسند " كله، و "
الزهد "، وعن يحيى بن عبدويه صاحب شعبة، وامتنع من
الاخذ عن علي بن الجعد لوقفه (1) في مسألة القرآن،
وعن: شبان بن فروخ، وحوثرة بن أشرس، وسويد بن سعيد،
ويحيى بن معين، ومحمد بن الصباح الدولابي، والهيثم ابن
خارجة، وعبد الاعلى بن حماد، وأبي الربيع الزهراني،
وأبي بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن الحجاج السامي،
وعبيد الله القواريري، ومحمد بن أبي بكر المقدمي،
ومحمد بن جعفر الوركاني، وأحمد بن محمد بن أيوب، وأحمد
بن إبراهيم الموصلي، وإسحاق بن موسى الخطمي، وأبي معمر
إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، وإسماعيل بن عبيد بن أبي
كريمة، والحكم بن موسى القنطري، وخلف بن هشام البزار،
وداود بن رشيد، وداود بن عمرو الضبي، وروح بن
عبدالمؤمن، وأبي خيثمة، وسريج بن يونس، وعباد بن
يعقوب، وعبد الله بن عون الخراز، وعبيد الله بن معاذ،
وكامل بن طلحة، ومحمد بن أبان الواسطي، ومحمد بن أبان
البلخي، ومحمد بن عباد المكي، ومحمد بن عبد الله بن
عمار، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ومنصور بن
أبي مزاحم، ووهب بن بقية، وخلق كثير.
حدث عنه: النسائي حديثين في " سننه " والبغوي، وابن
صاعد،
وأبو عوانة الاسفراييني، والخضر بن المثنى الكندي،
وأبو بكر بن زياد،
__________
(1) وهذا من تشدداته التي ورثها عن أبيه.
(*)
(13/517)
ومحمد بن مخلد، والمحاملي، ودعلج، وإسحاق بن أحمد
الكاذي (1)، وأبو بكر النجاد، وسليمان الطبراني، وأبو
علي بن الصواف، وأبو أحمد العسال، وقاسم بن أصبغ،
وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر القطيعي،
وخلق كثير.
قال إبراهيم بن محمد بن بشير: سمعت عباسا الدوري يقول:
كنت يوما عند أحمد بن حنبل، فدخل ابنه عبد الله، فقال
لي أحمد: يا عباس ! إن أبا عبدالرحمن قد وعى علما
كثيرا (2).
ومن شيوخه: أحمد الدورقي، وأحمد بن أيوب بن راشد،
وأحمد ابن بديل، وأحمد بن جناب، وأحمد بن الحسن بن
جنيدب، وأحمد بن الحسن بن خراش، وأحمد بن خالد الخلال،
وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن حميد، وأحمد بن حاتم،
وأحمد بن عبدة البصري، وأحمد بن عمر الوكيعي، وابن
عيسى التستري، وأحمد بن محمد بن المغيرة، الحمصي،
وأحمد بن محمد بن يحيى القطان، وإبراهيم بن الحسن
الباهلي، وإبراهيم بن زياد سبلان، وإبراهيم بن سعيد
الجوهري، وإبراهيم ابن عبد الله بن بشار واسطي،
وإبراهيم بن نصر، وهو ابن أبي الليث، وإسحاق بن
إسماعيل الطالقاني، وإسحاق الكوسج، وإسماعيل بن
إبراهيم الترجماني، وأبو معمر الهذلي، وإسماعيل بن
عبيد بن أبي كريمة، وإسماعيل بن محمد المعقب، وإسمايعل
بن مهدي، وإسماعيل بن موسى، وحميد، وجعفر بن محمد بن
فضيل، وجعفر بن مهران بن السباك،
وجعفر بن أبي هريرة، وحجاج بن الشاعر، والحسن بن قزعة،
والحسن بن أبي الربيع، وحوثرة بن أشرس، وأبو مسلم
الخليل بن سلم - لقي عبد
__________
(1) الكاذي: نسبة إلى كاذة، من قرى بغداد.
(اللباب) (2) تاريخ بغداد: 9 / 376.
(*)
(13/518)
الوارث - وخلاد بن أسلم، وروح بن عبدالمؤمن، وزكريا بن
يحيى زحمويه، وزكريا بن يحيى الرقاشي، وزياد بن أيوب،
وسعيد بن أبي الربيع السمان، وسعيد بن محمد الجرمي،
وسعيد بن يحيى الاموي، وسفيان بن وكيع، وسليمان بن
أيوب صاحب البصري، وأبو الربيع الزهراني، وسليمان ابن
محمد المبارك، وشجاع بن مخلد، وصالح بن عبد الله
الترمذي، والصلت بن مسعود، وعاصم بن عمر المقدمي،
وعباس العنبري، وعباس الدوري، والعباس بن الوليد
النرسي، وعبد الله بن أبي زياد، وعبد الله بن سالم
المفلوج، وعبد الله بن سعد الزهري، وعبد الله بن صندل،
عن الفضيل بن عياض، وعبد الله بن عامر بن زرارة، وعبد
الله مشكدانة، وعبد الله بن عمران الرازي، وعبد الواحد
بن غياث، والقواريري، وعثمان بن أبي شيبة، وعقبة بن
مكرم العمي، وعلي بن إشكاب، وأبو الشعثاء علي ابن
الحسن، وعلي بن حكيم، وعلي بن مسلم، وعمران بن بكار
الحمصي، وعمرو الفلاس، وعمرو الناقد، وعيسى بن سالم،
وأبو كامل الفضيل الجحدري، وفطر بن حماد، وقاسم بن
دينار، وقتيبة بن سعيد كتابة، وقطن بن نسير، وكثير بن
يحيى الحنفي، وليث بن خالد البلخي، وأبو بكر الصاغاني،
ومحمد بن إسحاق المسيبي، وبندار، ومحمد بن أبي بكر
المقدمي، ومحمد بن بكار مولى بني هاشم، ومحمد بن تميم
النهشلي، ومحمد بن ثعلبة بن سواء، ومحمد بن حسان
السمتي، ومحمد ابن إشكاب، ومحمد لوين، ومحمد بن صدران،
ومحمد بن عبد الله - جار لهم يكنى أبا بكر - ومحمد بن
عبد الله المخرمي، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد
بن عبد الله الرزي (1)، ومحمد بن عبدالرحيم صاعقة،
__________
(1) الرزي، بضم الراء، وتشديد الزاي: نسبة إلى الرز،
ويقال له: الارزي، أيضا.
(اللباب).
(*)
(13/519)
ومحمد بن عبيد بن حسان، ومحمد بن عبيد المحاربي، ومحمد
بن عثمان العثماني، ومحمد بن علي بن الحسن بن شقيق،
ومحمد بن عمرو الباهلي، وأبو كريب محمد بن العلاء،
ومحمد بن أبي غالب، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن المنهال
أخو حجاج، ومحمد بن يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن
يحيى بن أبي سمينة، ومحمد بن يزيد العجلي، ومحمد بن
يعقوب أبو الهيثم - سمع: معتمرا - ومحرز بن عون، ومخلد
بن الحسن، ومصعب الزبيري، ومعاوية بن عبد الله بن
معاوية الزبيري، عن سلام أبي المنذر، ونصر بن علي،
ونوح بن حبيب، وهارون بن معروف، وهدبة بن خالد، وهدية
بن عبد الوهاب، وهريم (1) بن عبدالاعلى، وهناد، ويحيى
بن أيوب البلخي، ويحيى بن داود الواسطي، ويحيى بن
عثمان الحربي، ويعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد،
ويوسف بن يعقوب الصفار، وأبو عبد الله البصري العنبري،
كأنه محمد بن عبدالرحمن، وأبو عبيدة بن الفضيل، وأبو
موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم.
وسائر هؤلاء حدث عنهم في " مسند " أبيه، سوى بعض
الاحمدين.
قال أبو يعلى بن الفراء: وجدت على ظهر كتاب رواه أبو
الحسين
السوسنجردي، عن إسماعيل الخطبي، قال: بلغني عن أبي
زرعة أنه قال: قال لي أحمد بن حنبل: ابني عبد الله
محظوظ من علم الحديث، الخطبي يشك، لا يكاد يذاكرني إلا
بما لا أحفظ (2).
قال أبو علي بن الصواف: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل:
كل شئ أقول: قال أبي، فقد سمعته مرتين وثلاثة، وأقله
مرة (3).
__________
(1) في الاصل: " هريمة "، والتصحيح من " التهذيب "
وفروعه.
(2) تاريخ بغداد: 9 / 376 (3) المصدر السابق.
(*)
(13/520)
قال ابن أبي حاتم: كتب إلي عبد الله بمسائل أبيه،
وبعلل الحديث (1).
وقال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي: لم يكن في
الدنيا أحد أروى عن أبيه من عبد الله بن أحمد، لانه
سمع منه " المسند "، وهو ثلاثون ألفا، و " التفسير "،
وهو مئة ألف وعشرون ألفا، سمع منه ثمانين ألفا،
والباقي وجادة (2)، وسمع " الناسخ والمنسوخ " و "
التاريخ "، و " حديث شعبة "، و " المقدم والمؤخر في
كتاب الله "، و " جوابات القرآن "، و " المناسك الكبير
" و " الصغير "، وغير ذلك من التصانيف، وحديث الشيوخ.
قال: وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة
الرجال وعلل الحديث، والاسماء والكنى، والمواظبة على
طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم
الاقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف في تقريطه إياه
بالمعرفة، وزيادة السماع للحديث على أبيه (3).
__________
(1) الجرح والتعديل: 5 / 7.
(2) الوجادة: أن يجد طالب العلم أحاديث بخط راويها،
سواء لقيه أو سمع منه، أو لم
يلقه ولم يسمع منه، أو أن يجد أحاديث في كتب لمؤلفين
معروفين، ولا يجوز له أن يرويها عن أصحابها، بل يقول:
وجدت بخط فلان، إذا عرف الخط ووثق منه، أو يقول: قال
فلان، أو نحو ذلك.
وفي " مسند " أحمد شئ كثير من ذلك، نقلها عنه ابنه عبد
الله، يقول فيها: وجدت بخط أبي في كتابه.
وجزم غير واحد من المحققين بوجوب العمل بالوجادة عند
حصول الثقة بما يجده، أي: يثق بأن هذا الخبر أو الحديث
بخط الشيخ الذي يعرفه، أو يثق بأن الكتاب الذي ينقل
منه ثابت النسبة إلى مؤلفه، ولا بد بعد ذلك من اشتراط
أن يكون المؤلف ثقة مأمونا، وأن يكون إسناد الخبر
صحيحا حتى يجب العمل به.
والوجادة الجيدة، المستوفية للشروط السابقة، لا تقل في
الثقة عن الاجازة بأنواعها، والكتب الاصول الامات في
السنة وغيرها، تواترت روايتها إلى مؤلفيها بالوجادة
ومختلف الاصول الخطية العتيقة الموثوق بها.
(3) انظر تهذيب التهذيب: 5 / 142 - 143.
(*)
(13/521)
قلت: ما زلنا نسمع بهذا " التفسير " الكبير لاحمد على
ألسنة الطلبة، وعمدتهم حكاية ابن المنادي هذه، وهو
كبير قد سمع من جده وعباس الدوري، ومن عبد الله بن
أحمد، لكن ما رأينا أحدا أخبرنا عن وجود هذا " التفسير
"، ولا بعضه ولا كراسة منه، ولو كان له وجود، أو لشئ
منه لنسخوه، ولاعتنى بذلك طلبة العلم، ولحصلوا ذلك،
ولنقل إلينا، ولاشتهر، ولتنافس أعيان البغداديين في
تحصيله، ولنقل منه ابن جرير فمن بعده في تفاسيرهم، ولا
- والله - يقتضي أن يكون عند الامام أحمد في التفسير
مئة ألف وعشرون ألف حديث، فإن هذا يكون في قدر " مسنده
"،
بل أكثر بالضعف، ثم الامام أحمد لو جمع شيئا في ذلك،
لكان يكون منقحا مهذبا عن المشاهير، فيصغر لذلك حجمه،
ولكان يكون نحوا من عشرة آلاف حديث بالجهد، بل أقل.
ثم الامام أحمد كان لا يرى التصنيف، وهذا كتاب "
المسند " له لم يصنفه هو، ولا رتبه، ولا اعتنى
بتهذيبه، بل كان يرويه لولده نسخا وأجزاءا، ويأمره: أن
ضع هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان، وهذا "
التفسير " لا وجود له، وأنا أعتقد أنه لم يكن، فبغداد
لم تزل دار الخلفاء، وقبة الاسلام، ودار الحديث، ومحلة
السنن ولم يزل أحمد فيها معظما في سائر الاعصار، وله
تلامذة كبار، وأصحاب أصحاب، وهلم جرا إلى بالامس، حين
استباحها جيش المغول (1)، وجرت بها من الدماء سيول،
وقد اشتهر ببغداد " تفسير " ابن جرير، وتزاحم على
تحصيله العلماء، وسارت به الركبان، ولم نعرف مثله في
معناه، ولا ألف قبله أكبر منه، وهو في عشرين مجلدة،
وما يحتمل أن يكون عشرين ألف حديث، بل لعله خمسة عشر
ألف إسناد، فخذه، فعده إن شئت.
__________
(1) كان سقوط بغداد أمام المغول بقيادة هولاكو، سنة
(656 ه).
وكان آخر الخلفاء العباسيين فيها: المستعصم بالله، عبد
الله بن المستنصر منصور بن محمد.
(*)
(13/522)
قال أبو أحمد بن عدي: نبل عبد الله بن أحمد بأبيه، وله
في نفسه محل في العلم، أحيا علم أبيه من " مسنده "
الذي قرأه عليه أبوه خصوصا قبل أن يقرأه على غيره،
ومما سأل أباه عن رواة الحديث، فأخبره به ما لم يسأله
غيره، ولم يكتب عن أحد، إلا من أمره أبوه أن يكتب عنه.
قال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ
ابن جهبذ.
وقال الخطيب (1): كان ثقة ثبتا فهما.
قال أبو علي بن الصواف: ولد سنة ثلاث عشرة، ومات سنة
تسعين ومئتين (2).
قلت: عاش في عمر أبيه سبعا وسبعين سنة.
قال إسماعيل الخطبي: مات يوم الاحد، ودفن في آخر
النهار لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة تسعين،
وصلى عليه ابن أخيه زهير بن صالح، ودفن في مقابر باب
التبن (3)، وكان الجمع كثيرا فوق المقدار.
وقيل: إن عبد الله أمرهم أن يدفنوه هناك، وقال: بلغني
أن هناك قبر نبي، ولان أكون في جوار نبي أحب إلي أن
أكون في جوار أبي (4).
ولعبد الله كتاب: " الرد عى الجهمية "، في مجلد، وله
كتاب: " الجمل ".
__________
(1) تاريخ بغداد: 9 / 375.
(2) المصدر السابق: 9 / 376.
(3) باب التبن: محلة كبيرة كانت ببغداد على الخندق
بإزاء قطيعة أم جعفر.
قال ياقوت: " وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل، رضي
الله عنه، دفن هناك بوصية منه.." (4) انظر: معجم
البلدان: " باب التبن ".
(*)
(13/523)
وكان صينا دينا صادقا، صاحب حديث واتباع وبصر بالرجال،
لم يدخل في غير الحديث، وله زيادات كثيرة في " مسند "
والده واضحة عن عوالي شيوخه، ولم يحرر ترتيب " المسند
" ولا سهله، فهو محتاج إلى عمل وترتيب، رواه عنه
جماعة، وسمع أبو نعيم الحافظ كثيرا منه من أبي علي بن
الصواف، وعامته من أبي بكر القطيعي، وحدث القطيعي
مرات، وقرأه عليه أبو عبد الله الحاكم، وغيره، ولم يكن
القطيعي من فرسان
الحديث، ولا مجودا، بل أدى ما تحمله، إن سلم من أوهام
في بعض الاسانيد والمتون.
وآخر من روى " المسند " كاملا عنه - سوى نزر يسير منه،
أسقط من النسخ - الشيخ الواعظ أبو علي بن المذهب، ولم
يكن صاحب حديث، بل احتيج إليه في سماع هذا الكتاب،
فرواه في الجملة، وعاش بعده عشرة أعوام الشيخ أبو محمد
الجوهري، فكان خاتمة أصحاب القطيعي، وتفرد عنه بعدة
أجزاء عالية، وبسماع مسند العشرة من " المسند ".
ثم حدث بالكتاب كله آخر أصحاب ابن المذهب وفاة: الشيخ
الرئيس الكاتب أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني
بن الحصين، شيخ جليل مسند، انتهى إليه علو الاسناد،
بمثل قبة الاسلام بغداد، وكان عريا من معرفة هذا الشأن
أيضا، روى الكتاب عنه خلق كثير، من جملتهم: أبو محمد
بن الخشاب إمام العربية، والحافظ أبو الفضل بن ناصر،
والامام ذو الفنون أبو الفرج بن الجوزي، والحافظ
الكبير أبو موسى المديني، والحافظ العلامة شيخ همذان
أبو العلاء العطار، والحافظ الكبير أبو القاسم بن
عساكر، والقاضي أبو الفتح بن المندائي الواسطي، والشيخ
عبد الله بن أبي المجد الحربي، والمبارك بن المعطوش،
والشيخ المبارك حنبل بن عبد الله
(13/524)
الرصافي في آخرين.
فأما الحافظ أبو موسى: فروى منه الكثير في تآليفه، ولم
يقدم على ترتيبه ولا تحريره.
وأما ابن عساكر: فألف كتابا في أسماء الصحابة الذين
فيه على المعجم، ونبه على ترتيب الكتاب.
وأما ابن الجوزي: فطالع الكتاب مرات عدة، وملا تآليفه
منه، ثم صنف " جامع المسانيد "، وأودع فيه أكثر متون "
المسند "، ورتب وهذب، ولكن ما استوعب.
فلعل الله يقيض لهذا الديوان العظيم من يرتبه ويهذبه،
ويحذف ما كرر فيه، ويصلح ما تصحف، ويوضح حال كثير من
رجاله، وينبه على مرسله، ويوهن ما ينبغي من مناكيره،
ويرتب الصحابة على المعجم، وكذلك أصحابهم على المعجم،
ويرمز على رؤوس الحديث بأسماء الكتب الستة، وإن رتبه
على الابواب فحسن جميل، ولولا أني قد عجزت عن ذلك لضعف
البصر، وعدم النية، وقرب الرحيل، لعملت في ذلك (1).
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، والمسلم بن محمد
الكاتب كتابة، قالا: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أخبرنا
هبة الله بن الحصين، أخبرنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا
أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني
أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا سفيان، عن سمي، عن
__________
(1) وقد تولى تحقيق " المسند " في هذا العصر العلامة
الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - فأخرج منه قدر الثلث،
واخترمته المنية دون أن يكمله.
يسر الله لهذا " المسند " من يتمه على النحو الذي صنعه
الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -.
متجنبا التساهل الذي وقع له في توثيق بعض الضعفاء
والمجهولين.
(*)
(13/525)
النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: " لا يصوم عبد يوما في سبيل
الله، إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين
خريفا " (1).
وبه: حدثني أبي، أخبرنا محمد بن جعفر، عن ابن أبي
عروبة، عن
قتادة، عن طارق بن مرقع، عن صفوان بن أمية: أن رجلا
سرق بردة، فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
فأمر بقطعه، فقال: يا رسول الله ! قد تجاوزت عنه.
قال: " فلو لا كان هذا قبل أن تأتيني به يا أبا وهب ".
فقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2).
أخرجهما النسائي في " سننه " (3)، عن عبد الله بن
أحمد، فوقعا عاليين.
258 - الحسن بن المثنى *
ابن معاذ بن معاذ العنبري، أبو محمد، أخو معاذ:
من نبلاء الثقات.
سمع: عفان، وأبا حذيفة النهدي، وعدة.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في المسند 3 / 26، وأخرجه من
حديث أبي سعيد، البخاري 6 / 35 في الجهاد: باب الصوم
في سبيل الله، ومسلم (1153) في الصوم: باب فضل الصيام
في سبل الله لمن يطيقه، والترمذي (1623) وفي الباب عن
أبي هريرة عند أحمد 2 / 357 و 526، والترمذي (1622)
والنسائي 4 / 172، 173 (2) هو في " المسند " 3 / 401
وله طرق عن صفوان بن أمية انظر " المسند " 6 / 465 و
466، وأبا داود (4394) وابن الجارود (828) والدارمي 2
/ 172، والنسائي 8 / 68، والحاكم 4 / 380، والبيهقي 8
/ 265، والدارمي 2 / 172، والدارقطني 3 / 204، 205.
وهو حديث صحيح صححه غير واحد من الحفاظ منهم الحاكم
والذهبي وابن عبد الهادي.
(3) الاول في 4 / 174 والثاني في 8 / 68 في السرقة:
باب الرجل يتجاوز للسارق عن سرقته بعد أن يأتي به
الامام، وذكر الاختلاف على عطاء في حديث صفوان بن أمية
فيه.
* الجرح والتعديل: 3 / 39.
(*)
(13/526)
وعنه: الطبراني، ويوسف البختري، وجماعة.
وكان ورعا عابدا، يمتنع من الرواية، ثم أمر في النوم
بالرواية.
مات في رجب سنة أربع وتسعين.
وولد سنة مئتين.
أخوه:
259 - معاذ بن المثنى *
أبو المثنى: ثقة، متقن.
سمع: القعنبي، ومحمد بن كثير، ومسلم بن إبراهيم، وعدة.
وعنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر المؤدب، والطبراني،
وآخرون.
عاش ثمانين سنة.
توفي سنة ثمان وثمانين ومئتين.
260 - المروزي * * [ س ]
(1) الامام، الحافظ، القاضي، أبو بكر، أحمد بن علي
بن سعيد بن إبراهيم الاموي المروزي، قاضي حمص.
ولد بعد المئتين.
__________
* تاريخ بغداد: 13 / 136 - 137، طبقات الحنابلة: 1 /
339.
* * تاريخ بغداد: 4 / 304 - 305، طبقات الحنابلة: 1 /
52، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 14 أ - ب، تهذيب الكمال:
خ: 32 - 33، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 19 - 20، تذكرة
الحفاظ: 2 / 663 - 664، عبر المؤلف: 2 / 91 - 92،
تهذيب التهذيب: 1 / 62، طبقات الحفاظ: 289، خلاصة
تذهيب الكمال: 10.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/527)
حدث عن: علي بن الجعد، وأبي نصر التمار، وإبراهيم بن
الحجاج السامي، ويحيى بن معين، وكامل بن طلحة، وسويد
بن سعيد،
ومنصور بن أبي مزاحم، وعبيد الله القواريري، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي، وقال: لا بأس به.
وأبو عوانة، وابن جوصا، وأبو علي بن معروف، وأبو
القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن الناصح، وأحمد بن عبيد
الحمصي، وأبو عبد الله بن مروان، وخلق كثير.
قال أبو علي بن معروف: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي
القرشي، وكان قاضيا على دمشق وحمص، وهو من بني أمية بن
عبد شمس.
قلت: ناب بدمشق عن قاضيها أبي زرعة محمد بن عثمان.
وقال الخطيب: بلغني أنه بغدادي، وأصله من مرو (1).
وقال النسائي أيضا: ثقة.
وقال أبو أحمد بن الناصح: توفي في نصف ذي الحجة، سنة
اثنتين وتسعين ومئتين.
وقيل: بلغ التسعين، أو دونها بيسير.
وله تصانيف، ومنها: كتاب " العلم "، و " مسند " عائشة،
وغير ذلك (2).
وكان إماما، أكثر عنه النسائي.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 4 / 304.
(2) ومنها: " مسند أبي بكر الصديق " رضي الله عنه، وقد
طبع بتحقيقنا.
(*)
(13/528)
261 - البلخي * الامام الكبير، حافظ بلخ، أبو علي، عبد
الله بن محمد
بن علي البلخي.
سمع: قتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف الفقيه، وعلي بن
حجر،
وهدية بن عبد الوهاب، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو بكر أحمد بن علي،
وأهل نيسابور، وابن قانع، والجعابي (1)، وأبو بكر
الشافعي، والبغاددة.
وجمع، وصنف: كتاب " العلل "، وكتاب " التاريخ ".
عظمه الحاكم وفخمه.
وقال الخطيب: كان أحد أئمة (2) الحديث حفظا وإتقانا
(3) وثقة وإكثارا، وله تصانيف (4).
قال أحمد بن الخضر الشافعي: لما قدم عبد الله بن محمد
البلخي نيسابور، عجزوا عن مذاكراته، فذاكره جعفر بن
أحمد بن نصر بأحاديث الحج، فكان عبد الله يسردها، فقال
له جعفر: تحفظ للتيمي، عن أنس: " أن رسول الله لبى
بحجة وعمرة " (5).
فبهت، فقال جعفر: حدثناه يحيى
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 93 - 94، المنتظم: 6 / 79، تذكرة
الحفاظ: 2 / 690، عبر المؤلف: 2 / 102، شذرات الذهب: 2
/ 219.
(1) هو: محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي.
انظر: اللباب: 1 / 282.
(2) زاد الخطيب هنا: " أهل ".
(3) في " تاريخ بغداد ": " وإثباتا ".
(4) انظر: تاريخ بغداد: 10 / 94.
(5) أورده ابن القيم في " زاد المعاد " من حديث سليمان
التيمي عن أنس، ونسبه للبزار، = (*)
(13/529)
ابن حبيب، حدثنا معتمر، عن أبيه.
استشهد أبو علي - رحمه الله - على يد القرامطة، في سنة
أربع وتسعين ومئتين.
وأما أبو عبد الله الحاكم، فقال: توفي في سلخ سنة خمس
وتسعين.
262 - ابن سلم * الحافظ،
المجود، العلامة، المفسر، أبويحيى، عبدالرحمن بن محمد
بن سلم الرازي، ثم الاصبهاني، إمام جامع أصبهان.
حدث عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى، والحسين
بن عيسى الزهري، وعدة.
وينزل إلى الرواية عن أصحاب يزيد بن هارون، وأبي داود.
حدث عنه: القاضي أبو أحمد العسال، وأبو القاسم
الطبراني، وأبو الشيخ بن حيان (1)، وعبد الرحمن بن
سياه، وآخرون.
__________
= وأخرجه مسلم في " صحيحه " (1251) في الحج: باب إهلال
النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، والنسائي 3 / 150 من
طريق هشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن
صهيب، وحميد أنهم سمعوا أنسا قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم أهل بهما جميعا: " لبيك عمرة وحجا،
لبيك عمرة وحجا " وأخرجه أحمد 3 / 207 من طريقين عن
سعيد عن قتادة، عن أنس، وأخرجه البخاري 3 / 327 في
الحج: باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الاهلال عند
الركوب على الدابة و 442 باب نحر البدن قائمة من طريق
وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس * ذكر أخبار
أصبهان: 2 / 112 - 113، تذكرة الحفاظ: 2 / 690 - 691،
النجوم الزاهرة: 3 / 133، وفيه: " ابن مسلم "، طبقات
الحفاظ: 300، طبقات المفسرين: 1 / 282، طبقات المحدثين
بأصبهان ورقة: 124.
(1) هو حافظ أصبهان، مسند زمانه، أبو محمد، عبد الله
بن محمد بن جعفر بن حيان الاصبهاني، المعروف بأبي
الشيخ، المتوفى سنة (369 ه)، صاحب كتاب: " أخلاق النبي
" صلى الله عليه وسلم وغيره من التواليف.
(*)
(13/530)
وكان من أوعية العلم.
صنف " المسند " و " التفسير "، وغير ذلك.
مات في سنة إحدى وتسعين ومئتين، وهو من أبناء
الثمانين.
263 - ابن عبدوس * الامام،
الحجة، الحافظ، أبو أحمد، محمد بن عبدوس بن
كامل السراج، السلمي البغدادي، صديق عبد الله بن أحمد،
وقيل: اسم أبيه: عبد الجبار، ولقبه: عبدوس.
سمع: علي بن الجعد، وأحمد بن جناب، وداود بن عمرو
الضبي، وأبا بكر بن أبي شيبة، وخلقا كثيرا.
روى عنه: جعفر الخلدي، وأبو بكر النجاد، ودعلج،
والطبراني، وابن ماسي، وآخرون.
قال أبو الحسين بن المنادي: كان من المعدودين في
الحفظ، وحسن المعرفة بالحديث، أكثر الناس عنه لثقته
وضبطه.
قال: وكان كالاخ لعبد الله ابن أحمد بن حنبل.
مات في آخر رجب، أو أول شعبان، سنة ثلاث وتسعين
ومئتين.
رحمه الله.
264 - عبيد الله بن يحيى
بن يحيى * * ابن كثير بن وسلاس: الفقيه، الامام
المعمر، أبو مروان الليثي،
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 380 - 381، طبقات الحنابلة: 1 /
314، تذكرة الحفاظ: 2 / 683 - 684، عبر المؤلف: 2 /
96، طبقات الحفاظ: 297، شذرات الذهب: 2 / 215.
* * تاريخ علماء الاندلس: 1 / 250 - 251، جذوة
المقتبس، 268 - 269، بغية الملتمس: 355، عبر المؤلف: 2
/ 111 - 112، شذرات الذهب: 2 / 231.
(*)
(13/531)
مولاهم الاندلسي، الفرطبي، مسند قرطبة.
روى عن: والده الامام يحيى " الموطأ " (1)، وتفقه به،
وارتحل للحج والتجارة، فسمع من: أبي هشام الرفاعي،
ومحمد بن عبد الله بن البرقي، وطائفة.
وطال عمره، وتنافسوا في الاخذ عنه، وكان كبير القدر،
وافر الجلالة.
قال ابن الفرضي (2): روى عن أبيه علمه، ولم يسمع ببلده
من غير أبيه، وكان كريما عاقلا، عظيم الجاه والمال،
مقدما في الشورى، منفردا برئاسة البلد، غير مدافع، روى
عنه: أحمد بن خالد، ومحمد بن أيمن، (3) وأحمد بن مطرف،
وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، وابن أخيه يحيى بن عبد
الله بن يحيى الليثي...إلى أن قال: وكان آخر من حدث
عنه: شيخنا أبو عيسى يحيى - يعني ابن أخيه - توفي في
عاشر رمضان، سنة ثمان وتسعين ومئتين، وصلى عليه ولده
يحيى، وكانت جنازته مشهودة.
وقال ابن بشكوال في بعض كتبه: كان متمولا، سمحا،
جوادا، كثير الصدقات والاحسان، كامل المروءة، رأى مرة
شيخا حطابا ضعيفا، فوهبه مئة دينار.
ولقد قيل: إنه شوهد يوم موته البواكي عليه من كل ضرب،
حتى
__________
(1) وهي الرواية المطبوعة المتداولة اليوم.
(2) انظر نص ابن الفرضي في " تاريخ علماء الاندلس ": 1
/ 250 - 251، فبين النصين فروق.
(3) من قوله: " وأحمد...إلى ان قال..." ليس في المطبوع
من " تاريخ " ابن
الفرضي، وعبارته فيه: " وابن أيمن وغيرهما من الشيوخ
وكان..." (*)
(13/532)
اليهود والنصارى، وما شوهد قط مثل جنازته، ولا سمع
بالاندلس بمثلها، رحمه الله.
قلت: مات في عشر التسعين.
265 - زغبة * [ س ] (1)
المحدث، المعمر، الصدوق، أبو جعفر، أحمد بن حماد
بن مسلم التجيبي البصري، أخو عيسى بن حماد زغبة، وهذا
لقب لابيهما ولهما.
حدث عن: سعيد بن أبي مريم، وأبي صالح، ويحيى بن بكير،
وسعيد بن أبي عفير، وأخيه عيسى، وعدة.
حدث عنه: النسائي، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وعلي بن
محمد الواعظ، وأبو سعيد بن يونس، وسليمان بن أحمد
الطبراني، والحسن بن رشيق، وخلق.
وعاش أربعا وتسعين سنة.
توفي بمصر في جمادى الاولى، سنة ست وتسعين ومئتين.
أرخه ابن يونس، وقال: كان ثقة مأمونا.
266 - ابن ملحان * *
الشيخ، المحدث، المتقن، أبو عبد الله، أحمد بن إبراهيم
بن
__________
* تهذيب الكمال: خ: 20، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 10، عبر
المؤلف: 2 / 105 - 106، تهذيب التهذيب: 1 / 25 - 26،
خلاصة تذهيب الكمال: 5، شذرات الذهب: 2 / 224.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
* * تاريخ بغداد: 4 / 11.
(*)
(13/533)
ملحان البلخي، ثم البغدادي.
صاحب يحيى بن بكير.
حدث عنه، أبو بكر الشافعي، وابن قانع، والطبراني، وأبو
بكر ابن خلاد النصيبي، وجماعة.
وثقه الدارقطني.
وتوفي سنة تسعين ومئتين.
وفيها مات: عبد الله بن أحمد بن حنبل (1)، وأحمد بن
علي الابار (2)، والحسن بن سهل المجوز (3)، والحسين بن
إسحاق التستري، ومحمد بن زكريا الغلابي (4)، ومحمد بن
العباس المؤدب (5)، ومحمد بن يحيى بن المنذر (6).
267 - ابن أسد * الشيخ،
المعمر، أبو عبد الله، محمد بن أسد بن يزيد،
المديني الاصبهاني الزاهد، آخر من حدث عن أبي داود
الطيالسي، عنده عنه مجلس معروف سمعناه.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (516)، برقم: (257).
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (443)، برقم: (218).
(3) اللباب: 3 / 169، تذكرة الحفاظ: 2 / 639 في نهاية
ترجمة الابار.
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 639، في نهاية ترجمة الابار،
عبر المؤلف: 2 / 86، شذرات الذهب: 2 / 206 (5) تذكرة
الحفاظ: 2 / 639، في نهاية ترجمة الابار.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (418)، برقم: (204)
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 232 - 233، تذكرة الحفاظ: 2 /
643، في نهاية ترجمة صالح جزرة، ميزان الاعتدال: 3 /
480، عبر المؤلف: 2 / 96، الوافي بالوفيات: 2 / 201،
لسان الميزان: 5 / 73، شذرات الذهب: 2 / 215، طبقات
المحدثين بأصبهان الورقة 119 و 120.
(*)
(13/534)
روى عنه: أبو أحمد العسال، والطبراني، وأحمد بن بندار،
وأبو الشيح، وجماعة.
توفي سنة ثلاث وتسعين ومئتين، عن أزيد من مئة عام.
قال أبو عبد الله بن مندة: حدث عن أبي داود بمناكير.
قلت: كان متعبدا، مجاب الدعوة.
268 - بهلول * ابن إسحاق
بن بهلول بن حسان: الشيخ، المسند، الصدوق، أبو
محمد بن الحافظ الكبير أبى يعقوب التنوخي، خطيب
الانبار، وقاضيها ورئيسها وعالمها، ومن يضرب المثل
ببلاغته في خطابته.
ارتحل في حداثته باعتناء والده، وسمع من: سعيد بن
منصور، وإسماعيل بن أبي أويس، وإبراهيم بن حمزة
الزبيري، وأحمد بن حاتم الطويل، ومحمد بن معاوية
النيسابوري، وطبقتهم.
حدث عنه: أخوه أبو جعفر أحمد بن إسحاق، وابن أخيه يوسف
بن يعقوب الازرق، وإسماعيل أخو الازرق، وأبو بكر
الشافعي، والطبراني، وابن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي،
وخلق من الرحالين.
وثقه الدارقطني.
مولده سنة أربع ومئتين.
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 109 - 110، المنتظم: 6 / 110 -
111، عبر المؤلف: 2 / 110، البداية والنهاية: 11 /
117، أخبار سنة (299 ه)، شذرات الذهب: 2 / 228 - 230.
(*)
(13/535)
ومات في شوال سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وهو من كبار شيوخ الاسماعيلي.
269 - دران * الامام،
المحدث، المعمر، الصدوق، أبو بكر، محمد بن معاذ
بن سفيان بن المستهل، العنزي البصري، ثم الحلبي، دران.
سمع: القعنبي، ومسلم بن إبراهيم، وعمرو بن مرزوق، وعبد
الله ابن رجاء، ومحمد بن كثير العبدي، وأبا سلمة
المنقري، وعدة.
وعنه: النجاد، ومحمد بن أحمد الرافقي، وعلي بن أحمد
المصيصي، وسليمان الطبراني، ومحمد بن جعفر بن السقاء،
وجماعة.
توفي سنة أربع وتسعين ومئتين، وهو في عشر المئة.
270 - أبو شعيب الحراني *
* الشيخ، المحدث، المعمر، المؤدب، عبد الله بن الحسن
بن أحمد بن أبي شعيب.
نزل بغداد، وحدث عن: أبيه، وجده، وأحمد بن عبدالملك بن
واقد، وعفان بن مسلم، ويحيى البابلتي، وجماعة.
وطال عمره وتفرد.
__________
* عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 5 / 39، شذرات
الذهب: 2 / 216.
* * تاريخ بغداد: 9 / 435 - 437، المنتظم: 6 / 79،
ميزان الاعتدال:
2 / 406، عبر المؤلف: 2 / 101، البداية والنهاية: 11 /
107، لسان الميزان: 3 / 271، شذرات الذهب: 2 / 218 -
219.
(*)
(13/536)
حدث عنه: إسماعيل الخطبي، وأبو علي بن الصواف، وأبو
بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر الآجري،
والحسن بن جعفر الحرفي (1)، وخلق سواهم.
وكان يحيى البابلتي زوج أمه، وكان الاوزاعي زوج أم
البابلتي، واسم جدهم: عبد الله بن مسلم، ومسلم من سبي
سمرقند، وقع لعمر بن عبد العزيز، فأعتقه، فولد له ولد،
فجاء به عمر، فسماه عبد الله، وفرض له في الذرية، فعاش
عبد الله مئة وعشرين سنة (2).
ولد أبو شعيب في سنة ست ومئتين.
وقال الصواف: سماعه من البابلتي في سنة ثماني وعشرة.
قلت: وقد كان زوج أمه، فسمع منه وهو حدث.
وقال الدارقطني: ثقة مأمون.
قال أحمد بن كامل: كان يأخذ على الحديث، أخبرني نصر
الصائغ، قال: سألت أبا شعيب أن يحدثني بحديث عن عفان،
فقال: أعط السقاء ثمن الراوية.
فأعطيته دانقا، وحدثني بالحديث (3).
قال أحمد بن كامل: مات في ذي الحجة، سنة خمس وتسعين
ومئتين - يعني ببغداد - وكان أسند من بقي بها (4).
__________
(1) الحرفي، بضم الحاء، وسكون الراء: بياع البزور.
" المشتبه ".
(2) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 435 - 436.
(3) المصدر السابق: 9 / 436.
وميزان الاعتدال: 2 / 406.
(4) في: تاريخ بغداد: 9 / 436: " وكان مسندا غير متهم
في روايتة ".
وانظر: ميزان الاعتدال: 2 / 406.
(*)
(13/537)
271 - نصرك * هو: الحافظ، المجود، الماهر، الرحال، أبو
محمد، نصر بن أحمد
بن نصر، الكندي البغدادي، نصرك، نزيل بخاري.
سمع: محمد بن بكار بن الريان، وعبد الاعلى بن حماد،
وعبيد الله ابن عمر القواريري، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن عقدة الحافظ، وخلف بن محمد الخيام،
وآخرون.
جمع وخرج، وصنف المسند، وبرع في هذا الشأن.
قال أبو الفضل السليماني: يقال: إنه كان أحفظ من صالح
بن محمد جزرة، إلا أنه كان يتهم بشرب المسكر (1).
قلت: قلما يوجد من علم هذا الرجل.
توفي سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
أخبرنا الحسن بن علي (2)، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي،
أخبرنا أبو علي البرداني، أخبرنا هناد النسفي، حدثنا
محمد بن أحمد الحافظ، حدثنا خلف بن محمد، حدثنا نصر بن
أحمد الكندي، وسهل بن شاذويه، قالا: حدثنا محمد بن سهل
بن عثمان، حدثنا أبي، حدثنا عيسى غنجار، عن أبي حمزة،
عن الاعمش، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة
__________
* تاريخ بغداد: 13 / 293 - 294، المنتظم: 6 / 59،
تذكرة الحفاظ: 2 / 676 - 677، طبقات الحفاظ: 295.
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 676.
(2) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (85)، ت: 2، عن "
مشيخة " المؤلف.
(*)
(13/538)
مرفوعا: " لا تسموا العنب الكرم، فإن الكرم الرجل
المسلم ".
غريب (1).
272 - القاضي أبو خازم *
الفقيه، العلامة، قاضي القضاة، أبو خازم، عبدالحميد بن
عبد العزيز السكوني البصري، ثم البغدادي
الحنفي.
حدث عن: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وشعيب بن
أيوب، وطائفة.
روى عنه: مكرم بن أحمد، وأبو محمد بن زبر.
وكان ثقة، دينا، ورعا، عالما، أحذق الناس بعمل المحاضر
والسجلات، بصيرا بالجبر والمقابلة، فارضا، ذكيا، كامل
العقل.
أخذ عن هلال الرأي، وبكر العمي، ومحمود الانصاري،
الفقهاء، أصحاب محمد بن شجاع وغيره.
وبرع في المذهب (2) حتى فضل على مشايخه، وبه يضرب
المثل في العقل.
__________
(1) أي: بهذا السند، ولكنه صحيح من غيره، فقد أخرجه
البخاري 10 / 465 في الادب: باب لا تسبوا الدهر، ومسلم
(2247) في الادب: باب كراهة تسمية العنب كرما، وأبو
داود (4974).
* طبقات الفقهاء: 141، تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 400 أ
- 402 ب، المنتظم: 6 / 52 - 56، تذكرة الحفاظ: 2 /
654، في نهاية ترجمة أحمد بن عمرو البزاز، شذرات
الذهب: 2 / 210.
(2) أي المذهب الحنفي.
(*)
(13/539)
قال أبو إسحاق الشيرازي في " طبقات الفقهاء " (1):
ومنهم أبو خازم...أخذ عن شيوخ البصرة، وولي القضاء
بالشام وبالكوفة وكرخ بغداد.
قال أبو علي التنوخي: حدثنا القاضي أبو بكر بن مروان،
حدثني مكرم بن بكر، قال: كنت في مجلس أبي خازم القاضي،
فتقدم شيخ معه غلام، فادعى عليه بألف دينار، فأقر
الحدث، فقال القاضي للشيخ: ما تشاء ؟ قال: حبسه.
فقال للحدث: قد سمعت فهل توفيه البعض ؟ قال: لا.
ففكر ساعة، ثم قال: تلازما حتى أنظر.
فقلت: لم أخر القاضي الحبس ؟ قال: ويحك ! إني أعرف في
أكثر الاحوال وجه المحق من المبطل، وقد وقع لي أن
سماحته بالاقرار شئ بعيد من الحق، أما رأيت قلة
تغاضبهما في المحاورة مع عظم المال ؟ فبينا نحن كذلك،
إذ استبان الامر، فاستأذن تاجر موسر، فأذن له القاضي،
فدخل، وقال: قد بليت بابن لي حدث، يتلف مالي عند فلان
المقبن، فإذا منعته مالي احتال بحيل يلجئني إلى التزام
غرم، وأقربه أنه نصب المقبن اليوم لمطالبته بألف
دينار، وأقع مع أمه - إن حبس - في نكد.
فتبسم القاضي، وطلب الغلام والشيخ، فأدخلا، فوعظ
الغلام، فأقر الشيخ، وأخذ التاجر بيد ابنه، وانصرف
(2).
قال أبوبرزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي
خازم القاضي.
قال القاضي أبو الطاهر الذهلي: بلغني أن أبا خازم،
القاضي جلس
__________
(1) في الاصل: " طبقات الحنفية ": وهو سبق قلم من
الناسخ، وانظر النص مفصلا في: " طبقات الفقهاء ": 141.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 402 آ.
(*)
(13/540)
في الشرقية، فأدب خصما لامر، فمات، فكتب رقعة إلى
المعتضد يقول: إن دية هذا في بيت المال، فإن رأى أمير
المؤمنين أن يحملها إلى ورثته فعل.
فحمل إليه عشرة آلاف، فدفعها إلى ورثته (1).
قلت: قد كان المعتضد يحترم أبا خازم ويجله، قيل: إن
أبا خازم لما احتضر بكى، وجعل يقول: يا رب ! من القضاء
إلى القبر.
وله شعر رقيق.
قال محمد بن الفيض: ولي قضاء دمشق أبو خازم، سنة أربع
وستين ومئتين، إلى أن قدم المعتضد قبل الخلافة دمشق
لحرب ابن طولون، فسار معه أبو خازم إلى العراق.
قال الطحاوي: مات ببغداد في جمادى الاولى سنة اثنتين
وتسعين ومئتين.
ولنا: أبو حازم، بحاء مهملة: أحمد بن محمد بن نصر (2).
مات سنة ست عشرة وثلاث مئة.
273 - الجارودي * الامام
الاوحد، الحافظ، المتقن الامجد، صدر خراسان،
أبو
__________
(1) المصدر السابق، والمنتظم: 6 / 54 - 55.
(2) ترجمته في: تاريخ بغداد: 5 / 108.
* الجرح والتعديل: 8 / 111، اللباب: 1 / 249 - 250،
تهذيب الكمال: خ:
1279، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 5، تذكرة الحفاظ: 2 / 673
- 674، تهذيب التهذيب: 9 / 490 - 491، طبقات الحفاظ:
293، خلاصة تذهيب الكمال: 361 - 362، شذرات الذهب: 2 /
208.
والجارودي: نسبة إلى الجارود: وهو: اسم لبعض أجداد
المنتسب إليه.
(*)
(13/541)
بكر، محمد بن النضر بن سلمة بن الجارود بن يزيد
الجارودي النيسابوري.
ذكره الحاكم، فقال: شيخ وقته، وعين علماء عصره حفظا
وكمالا، وقدوة ورئاسة، وثروة.
سمع: إسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وسويد بن سعيد،
وإسماعيل بن موسى السدي، وابن أبي الشوارب، وعمرو بن
علي الفلاس، وأبا كريب، وحميد بن مسعدة، وأحمد بن
إبراهيم الدورقي، ومحمد بن الصباح الجرجرائي (1)،
وخلقا كثيرا.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، والمؤمل بن
الحسن، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو الفضل محمد بن
إبراهيم، ويحيى بن منصور القاضي، وآخرون.
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سمعت منه بالري، وهو صدوق
من الحفاظ (2).
وقال الحاكم: أهل بيته حنفيون.
قال أبو أحمد الحاكم: كان محمد بن يحيى الذهلي يستعين
بعربية أبي بكر الجارودي ويبيته عنده (3).
وقال أبو عبد الله الحاكم: كان رحلته مع مسلم، يتبجح
بذلك، ويعتمده في جميع أسبابه، إلى أن توفي مسلم.
__________
(1) الجرجرائي، بفتح الجيمين، وسكون الراء الاولى،
وفتح الثانية: نسبة إلى جرجرايا: بلدة قريبة من دجلة
بين بغداد وواسط.
(اللباب).
(2) الجرح والتعديل: 8 / 111.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 673.
(*)
(13/542)
وقال أبو حامد بن الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي،
وأملى حديثا، فرد عليه الجارودي، فزبره (1) محمد بن
يحيى، فلما كان المجلس الثاني، قال الذهلي: ها هنا أبو
بكر ؟ قال: نعم.
قال: الصواب ما قلت، فإني رجعت إلى كتابي، فوجدته على
ما قلت (2).
قال يحيى بن محمد العنبري: توفي محمد بن النضر
الجارودي، فدفن عشية الخميس، السابع عشر من شهر ربيع
الاول، سنة إحدى وتسعين ومئتين، وصلى عليه رئيسنا أبو
عمر الخفاف، وخرج أحمد بن أسد الامير، فصلى عليه،
وانصرف راجلا.
ومحمد بن النضر بن عبد الوهاب: مر آنفا.
ومن حديث الجارودي: أخبرنا الحسن بن علي بن الخلال،
أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد بن سلفة،
أخبرنا ابن ماك (3)، حدثنا أيو يعلى الخليلي، حدثنا
أبو عبد الله الحاكم، حدثنا يحيى بن منصور، حدثنا محمد
بن النضر الجارودي، أخبرنا عبد الله بن عبدالرحمن
السمرقندي، حدثنا محمد بن بكر، عن صدقة بن أبي عمران،
عن إياد بن لقيط، عن البراء، قال: مر النبي - صلى الله
عليه وسلم -: بفلاة بميتة، فقال: " الدنيا أهون على
الله من هذه على أهلها ".
محمد بن بكر: ليس هو البرساني (4)، بل يقال له:
الحصني،
__________
(1) زبره يزبره (بالضم) زبرا: نهاه وانتهره.
(2) انظر: تهذيب التهذيب: 9 / 491.
(3) في الاصل: " ماكي ".
وهو: أبو الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد بن ماك
القزويني.
(4) البرساني، بضم الباء، وسكون الراء: نسبة إلى
برسان: قبيلة من الازد.
(انظر: اللباب).
(*)
(13/543)
والحديث غريب جدا، وإنما المعروف من حديث المستورد
الفهري (1).
الجارودي آخر، هو: الحافظ، الامام، صاحب التصانيف، أبو
جعفر أحمد بن علي بن محمد الجارود الاصبهاني: سيأتي.
274 - القاسم بن خالد ابن
قطن: الامام، الحافظ، المحدث، أبو سهل المروزي،
أحد المشاهير والاعيان.
سمع: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معروف،
وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبا
بكر بن أبي شيبة، وعبد الوهاب بن نجدة، وأبا مصعب
الزهري، وأبا كامل الجحدري، وعلي ابن حجر، وحبان بن
موسى، وطبقتهم.
وأكثر الترحال، وجمع وصنف.
حدث عنه: الدغولي، وعمر بن علك، وأحمد بن علي الرازي،
وأبو عبد الله بن الاخرم، ومحمد بن صالح بن هانئ،
وآخرون.
مات في شوال، سنة سبع وتسعين ومئتين.
275 - محمد بن إسحاق * ابن
راهويه الحنظلي: الامام العالم، الفقيه،
الحافظ، قاضي
__________
(1) أخرجه من حديثه أحمد 4 / 229 و 230، والترمذي
(2322)، وابن ماجة (4111) وفي سنده مجالد بن سعيد
الهمداني ليس بالقوي، لكن له شاهد يتقوى به من حديث
جابر بن عبد الله عند أحمد 3 / 365، ومسلم (2957) وآخر
عن ابن عباس عند أحمد 1 / 329 وسنده ضعيف، وثالث عن
أبي هريرة عند أحمد أيضا 2 / 338 وسنده ضعيف.
ورابع عن عبد الله بن ربيعة السلمي عند أحمد 4 / 336،
وعن أبي الدرداء عند البزار، وعن أبي موسى وابن عمر
عند الطبراني في " الكبير " كما في المجمع 10 / 287.
* الجرح والتعديل: 7 / 196، طبقات الحنابلة: 1 / 269،
المنتظم: 6 / 63، = (*)
(13/544)
نيسابور، أبو الحسن.
سمع: أباه الامام أبا يعقوب، وأحمد بن حنبل، وعلي بن
المديني، وأبا مصعب، وعلي بن حجر، وجماعة.
وعنه: إسماعيل الخطبي، وابن قانع، وأحمد بن خزيمة،
وأحمد ابن سلم الختلي، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.
ولي قضا مرو، ثم قضاء نيسابور.
وتوفي والده وهذا في الرحلة.
قال الحافظ أبو عبد الله بن الاخرم: سمعته يقول: دخلت
على أحمد ابن حنبل، فقال لي: أنت ابن أبي يعقوب ؟ قلت:
نعم.
قال: أما إنك لو لزمته كان أكثر لفائدتك، فإنك لن ترى
مثله (1).
قال الحاكم: توفي بمرو.
هذا وهم، فإن ابن قانع وابن المنادي، قالا: قتلته
القرامطة بطريق مكة، سنة أربع وتسعين ومئتين.
قلت: قارب الثمانين.
276 - أبو جعفر الترمذي *
هو: الامام، العلامة، شيخ الشافعية بالعراق في
وقته، أبو جعفر،
__________
= ميزان الاعتدال: 3 / 475، عبر المؤلف: 2 / 98،
الوافي بالوفيات: 2 / 196، لسان الميزان: 5 / 65 - 66،
شذرات الذهب: 2 / 216.
(1) طبقات الحنابلة: 1 / 269، وفيه: " فإنك لم تر مثله
".
* تاريخ بغداد: 1 / 365 - 366، طبقات الفقهاء: 105،
المنتظم: 6 / 80، وفيات الاعيان: 4 / 195 - 196، عبر
المؤلف: 2 / 103، الوافي بالوفيات: 2 / 70، طبقات
السبكي: 2 / 187 - 188، لسان الميزان: 5 / 46، شذرات
الذهب: 2 / 220 - 221.
(*)
(13/545)
محمد بن أحمد بن نصر الترمذي الشافعي الزاهد.
ولد سنة إحدى ومئتين.
وارتحل، وسمع: يحيى بن بكير، ويوسف بن عدي، وإسحاق بن
إبراهيم الصيني، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وعبيد
الله القواريري، وتفقه بأصحاب الشافعي، وله وجه في
المذهب.
حدث عنه: أحمد بن كامل، وابن قانع، وأبو بكر بن خلاد،
وأبو القاسم الطبراني، وعدة.
قال الدارقطني: ثقة مأمون ناسك.
وذكر إبراهيم بن السري الزجاج: أنه كان يجرى على أبي
جعفر في الشهر أربعة دراهم، يتقوت بها.
قال: وكان لا يسأل أحدا شيئا (1).
وقال محمد بن موسى البربري: أخبرني أبو جعفر أنه تقوت
بضعة عشر يوما بخمس حبات، قال: ولم أكن أملك غيرها،
أخذت بها لفتا (2).
ونقل الشيخ محيي الدين النووي: أن أبا جعفر جزم بطهارة
شعر
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد خالف في هذه المسألة جمهور الاصحاب.
قلت: يتعين على كل مسلم القطع بطهارة ذلك، وقد ثبت أنه
صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه، فرق شعره المطهر على
أصحابه، إكراما لهم بذلك (3).
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 366.
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) أخرج مسلم (1305) في الحج من حديث أنس بن مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة
فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: " خذ
" وأشار إلى جانبه الايمن، ثم الايسر، ثم جعل يعطيه
الناس، وفي رواية: ناول الحلاق شقه الاعلى، ثم دعا أبا
طلحة = (*)
(13/546)
فوالهفي على تقبيل شعرة منها.
قال والد أبي حفص بن شاهين: حضرت أبا جعفر، فسئل عن
حديث النزول (1)، فقال: النزول معقول، والكيف مجهول،
والايمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
قال أحمد بن كامل القاضي: لم يكن للشافعية بالعراق
أرأس، ولا أورع، ولا أنقل من أبي جعفر الترمذي (2).
قلت: توفي في المحرم، سنة خمس وتسعين ومئتين، وقيل:
إنه اختلط بأخرة.
277 - إبراهيم بن أبي طالب
* الامام الحافظ، المجود، الزاهد، شيخ نيسابور،
وإمام المحدثين في زمانه، أبو إسحاق بن أبي طالب محمد
بن نوح بن عبد الله بن خالد النيسابوري المزكي.
__________
= الانصاري، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الايسر، فقال:
" احلق " فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال:
" اقسمه بين الناس " ولمسلم (2325) عن أنس قال: رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلق، وأطاف به
أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.
(1) ولفظه بتمامه: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء
الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني
فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له
؟ " أخرجه مالك 1 / 214، ومن طريقه البخاري 3 / 25، 26
في التهجد: باب إذا نام ولم يصل..، ومسلم (758) في
المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل
والاجابة فيه، وأبو داود (1315) والترمذي (3498) عن
ابن شهاب، عن أبي عبد الله الاغر، وعن أبي سلمة بن
عبدالرحمن، عن أبي هريرة.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 366.
* المنتظم: 6 / 76 - 77، تذكرة الحفاظ: 2 / 638 - 639،
عبر المؤلف: 2 / 100، الوافي بالوفيات: 6 / 128، طبقات
الحفاظ: 279 - 280، شذرات الذهب: 2 / 218.
(*)
(13/547)
ذكره الحاكم، فقال: إمام عصره بنيسابور في معرفة
الحديث والرجال، جمع الشيوخ والعلل (1).
قال: وسمع: إسحاق بن راهويه، وأبا قدامة السرخسي،
وعمرو بن زرارة، والحسين بن الضحاك، وعبد الله بن
الجراح، وعبد الله بن عمر بن الرماح، ومحمد بن أبان
البلخي، وأقرانهم بنيسابور، ومحمد بن مهران الجمال،
ومحمد بن حميد، ومحمد بن عمرو، وزنيج بالري، وأحمد بن
حنبل - سؤالات - وداود بن رشيد، وأحمد بن منيع،
وطبقتهم ببغداد.
وإسحاق بن شاهين، وبشر بن آدم بواسط.
وعمرو بن علي الفلاس، وبندارا، ونصر بن علي بالبصرة.
وعثمان بن أبي شيبة، وأبا كريب، عبد
الله بن عمر بن أبان بالكوفة.
وأبا مصعب، ويحيى بن سليمان بن نضلة، وهارون بن موسى
الفروي، وإسماعيل بن أبي خبزة، ومحمد بن عباد، وعبد
الله بن عمران، وابن أبي عمر العدني بمكة.
حدث عنه: أبويحيى الخفاف، وإمام الائمة ابن خزيمة،
وأكثر مشايخنا.
سمعت عبد الله بن سعد يقول: ما رأيت مثل إبراهيم بن
أبي طالب، ولا رأى مثل نفسه.
اختلفت إليه ست سنين.
قال: وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة
يقول: إنما أخرجت مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة:
محمد بن يحيى، ومسلم ابن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب
(2)
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 638، وزاد فيه: "...ودخل على
أحمد بن حنبل، وذاكره، وعلق عنه ".
(2) انظر: تذكرة الحفاظ 2 / 638.
(*)
(13/548)
وسمعت أبا بكر الصبغي يقول: ما رأيت في المحدثين أهيب
من إبراهيم ابن أبي طالب، كنا نجلس بن يديه وكأن على
رؤوسنا الطير.
بينا نحن في مسجده، إذ عطس أبو زكريا العنبري، فأخفى
عطاسه، فقلت له: قليلا قليلا، لا تخف فلست بين يدي
الله عزوجل (1).
وسمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم، سمعت ابن أبي طالب
يقول: قال لي محمد بن يحيى: من أحفظ من رأيت بالعراق ؟
قلت: لم أر بعد أحمد بن حنبل مثل أبي كريب.
ثم قال أبو الفضل: كان إبراهيم بن أبي طالب يهاب بمرة،
وكان لا يحضر مجلس القضاة إلا لشهادة تلزمه.
وحدثنا حسان بن محمد الفقيه، سمعت إبراهيم بن أبي طالب
يقول: دخلت على أحمد بعد المحنة غير مرة، وذاكرته رجاء
أن آخذ عنه حديثا، حتى قلت له: يا أبا عبد الله ! حديث
أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " امرؤ القيس قائد لواء الشعراء إلى النار ".
(2) فقال: قيل: عن الزهري، عنه.
قلت: من عن الزهري ؟ قال: أبو الجهم.
قلت: من رواه عن أبي الجهم ؟ فسكت، فعاودته، فقال:
اللهم سلم.
فسكت.
قال: وسمعت أبا علي النيسابوري يقول: كنت أختلف إلى
الولي
__________
(1) المصدر السابق.
(2) أخرجه أحمد في " المسند " 2 / 228 من طريق هشيم،
حدثنا أبو الجهم الواسطي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن
ابي هريرة.
وأبوالجهم قال فيه أبو زرعة: واه، وقال ابن عدي: شيخ
مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف له غيره،
وقال ابن حبان في " المجروحين " 3 / 150: أبو الجهم
شيخ من أهل واسط يروي عن الزهري ما ليس من حديثه روى
عنه هشيم بن بشير، لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا
انفرد، وقال ابن عبد البر: لا يصح حديثه.
وانظر " مجمع الزوائد " 8 / 119، و " البداية والنهاية
" 2 / 118، وله في " تاريخ بغداد " 9 / 370 طريق آخر
لا يصح.
(*)
(13/549)
بباب معمر، فقال لي بعض مشايخنا: ألا تحضر مجلس
أبراهيم بن أبي طالب، فترى شمائله ومحاسنه ! فأحضرني،
فرأيت شيخا لم تر عيناي مثله.
قال أبو حامد بن الشرقي: إنما أخرجت خراسان من أئمة
الحديث خمسة: الذهلي، والدارمي، والبخاري، ومسلم،
وإبراهيم بن أبي طالب (1).
قال الحاكم: كان إبراهيم بن أبي طالب يعيش من كراء
حانوت له، في الشهر بسبعة عشر درهما يتبلغ بها، وقد
أملى كتابي " العلل "، وغير شئ (2).
وسمعت أبا الطيب محمد بن أحمد بن حمدون، سمعت إبراهيم
بن أبي طالب، سمعت من يسأل أحمد بن حنبل، فقال: إن
أصحاب الحديث يكتبون كتب الشافعي ؟ فقال: لا أرى لهم
ذلك - يعني أنهم يشتغلون بذلك عن الحديث - (3).
وسمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي، سمعت إبراهيم،
سمعت ابن حنبل يقول: كان وكيع لا يقدم على زائدة في
الحفظ أحدا.
وسمعت العنبري: سمعت ابن أبي طالب يقول: سألت أحمد عن
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 638.
(2) المصدر السابق: 2 / 638 - 639.
(3) وجاء في طبقات أبي يعلى 1 / 57 في ترجمة تلميذ
أحمد أبي بكر المروذي: قلت لابي عبد الله: أترى يكتب
الرجل كتب الشافعي ؟ قال: لا، قلت: أترى أن يكتب
الرسالة ؟ قال: لا تسألني عن شئ محدث، قلت: كتبتها،
قال: معاذ الله، وقال أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا
سفيان ولا الشافعي، ولا إسحاق بن راهويه، ولا أبي
عبيد.
(*)
(13/550)
القراءة فيما يجهر فيه الامام، فقال: يقرأ بفاتحة
الكتاب (1).
وسمعت عبد الله بن سعد يقول: توفي إبراهيم في ثاني
رجب، سنة خمس وتسعين ومئتين، وصلى عليه ابن أخيه
ووارثه، ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ.
أخبرنا ابن أبي عصرون، وابن عساكر، وبنت كندي سماعا،
عن
المؤيد بن محمد، وأبي روح، وزينب الشعرية: قال المؤيد:
أخبرنا محمد بن الفضل، وقال أبو روح: أخبرنا تميم
المؤدب، وقالت الشعرية: أخبرنا إسماعيل القارئ، قالوا:
أخبرنا عمر بن مسرور، أخبرنا إسماعيل ابن نجيد، حدثنا
إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو خالد،
عن شعبة، عن عاصم، عن زر، عن علي - رضي الله عنه -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي ! سل
الله الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق،
وبالسداد تسديدك السهم ".
إسناده قوي، ولم يخرجه أرباب الكتب الستة (2).
وفيها مات معه: الحسن بن علي المعمري (3)، وأبو جعفر
الترمذي
__________
(1) ربما قال هذا أحمد فيمن لا يسمع قراءة الامام، أما
إذا كان الامام يجهر والمأموم يسمع قراءته، فلا تجب
عيه القراءة ولا تستحب عند الامام أحمد فيما قاله ابن
قدامة المقدسي في " المغني " 1 / 563.
وانظر التفصيل فيه.
(2) مراد الامام الذهبي - والله أعلم - أنهم لم يخرجوه
بهذا السند، وإلا فقد أخرجه مسلم في " صحيحه " (2725)
في الذكر والدعاء: باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما
لم يعمل من طريقين عن عاصم بن كليب عن أبي بردة، عن
علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: "
اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق،
والسداد سداد السهم " وهو في " المسند " 1 / 88 و 134
و 138، والنسائي 8 / 177 من طريق عاصم بن كليب، وأورده
السيوطي في " الجامع الكبير " 969، ونسبه لاحمد
والنسائي فقصر.
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (510)، برقم (254).
(*)
(13/551)
الفقيه (1)، وأبو شعيب الحراني (2)، والمكتفي بالله
(3)، والحكم بن معبد الخزاعي (4)، والزاهد أبو الحسين
النوري (5)، وقاضي نسف: إبراهيم بن
معقل النسفي (6).
278 - ابن مساور * الامام،
الحافظ، الثقة، أبو جعفر، أحمد بن القاسم بن
مساور البغدادي الجوهري.
حدث عن: عفان بن مسلم، وخالد بن خداش، وعلي بن الجعد،
وطبقتهم.
حدث عنه: عبدا لباقي بن قانع، وأحمد بن كامل، ومحمد بن
علي ابن حبيش، وسليمان الطبراني، وآخرون.
قال أحمد بن المنادي: قال لي: إنه كتب عن علي بن الجعد
خمسة عشر ألف حديث (7).
قال: ومات في المحرم سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
__________
(1) تقدم في الترجمة السابقة.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة (536)، برقم (270).
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (479)، برقم (231).
(4) انظر: عبر المؤلف: 2 / 101، شذرات الذهب: 2 / 218.
(5) هو: أحمد بن محمد، أبو الحسين النوري، ويعرف بابن
البغوي.
انظر: المنتظم: 6 / 77.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (493)، برقم (241).
* تاريخ بغداد: 4 / 349 - 350، طبقات القراء لابن
الجزري: 1 / 97.
(7) تاريخ بغداد: 4 / 350.
(*)
(13/552)
279 - بحشل * الحافظ، الصدوق، المحدث، مؤرخ مدينة واسط
(1)، أبو الحسن، أسلم بن سهل
بن سلم بن زياد بن حبيب الواسطي الرزاز، ويعرف ببحشل،
وهو أيضا لقب لاحمد بن أخي ابن وهب.
سمع من: جده لامه وهب بن بقية، ومن عم أبيه سعيد بن
زياد، ومحمد بن أبي نعيم الواسطي، ومحمد بن خالد
الطحان، وسليمان بن أحمد، وعدة.
حدث عنه: محمد بن عثمان بن سمعان، ومحمد بن عبد الله
بن يوسف، وإبراهيم بن يعقوب، وعلي بن حميد البزاز،
ومحمد بن جعفر بن الليث، وأبو القاسم الطبراني.
قال خميس الحوزي (2): هو منسوب إلى محلة الرزازين،
ومسجده هناك، وهو ثقة، ثبت، إمام، يصلح للصحيح (3).
قلت: توفي سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
__________
* معجم الادباء: 6 / 127 - 128، تذكرة الحفاظ: 2 /
664، ميزان الاعتدال: 1 / 211، عبر المؤلف: 2 / 93،
لسان الميزان: 1 / 388، طبقات الحفاظ: 289، شذرات
الذهب: 2 / 210.
(1) كتابه " تاريخ واسط " طبع في مطبعة المعارف ببغداد
سنة (1967 م)، بتحقيق كوركيس عواد، ويقع في مجلد واحد.
(2) هو: الحافظ، الامام، محدث واسط، أبو الكرم، خميس
بن علي بن أحمد الواسطي، توفي سنة (510 ه)، وقد التقى
به الحافظ السلفي بواسط سنة 500 ه، فسأله عن جماعة من
أهل واسط ومن الغرباء القادمين إليها، فأجابه عنهم،
فدون إجاباته في جزء، وقد صدر سنة 1976 بتحقيق مطاع
طرابيشي، وهو من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
(3) سؤالات الحافظ السلفي ص 90.
(*)
(13/553)
280 - أبوعلاثة * محمد بن أحمد بن عياض
بن أبي طيبة: الاخباري، الاديب، من مشيخة المصريين.
كان ذا عارضة ولسان، وكان ممقوتا عند كثير من الناس،
فشهد عليه أقوام بأمور، قبل منهم السلطان، فضرب مرارا،
فمات، ثم تبين أنه ظلم، وكان ثار عليه أهل المسجد
العوام، فتوفي في رمضان، سنة إحدى وتسعين ومئتين.
حدث عن: أبيه، وطائفة.
روى عنه: الطبراني، والواعظ علي بن محمد، ومحمد بن
أحمد الصفار، وحميد بن يونس، وعدة.
ومن شيوخه: محمد بن رمح، ومكي بن عبد الله الرعيني،
وحرملة.
توفي من الضرب، رحمه الله.
281 - البزار * * الشيخ،
الامام، الحافظ الكبير، أبو بكر، أحمد بن عمرو
بن عبد الخالق، البصري، البزار، صاحب " المسند "
الكبير، الذي تكلم على أسانيده (1).
__________
* ميزان الاعتدال: 3 / 465، لسان الميزان: 5 / 57 -
58.
* * تاريخ بغداد: 4 / 334 - 335، المنتظم: 6 / 50،
تذكرة الحفاظ: 2 / 653 - 654، عبر المؤلف: 2 / 92،
الوافي بالوفيات: 7 / 268، لسان الميزان: 1 / 237 -
239، النجوم الزاهرة: 3 / 157 - 158، طبقات الحفاظ:
285، شذرات الذهب: 2 / 209.
(1) وقد جرد زوائده الحافظ الهيثمي، وسماه: " كشف
الاستار عن زوائد البزار " وقد نشرت مؤسسة الرسالة
الاول والثاني منه، بتحقيق العلامة حبيب الرحمن
الاعظمي.
(*)
(13/554)
ولد سنة نيف عشرة ومئتين.
وسمع: هدبة بن خالد، وعبد الاعلى بن حماد، وعبد الله
بن معاوية الجمحي، ومحمد بن يحيى بن فياض الزماني،
ومحمد بن معمر القيسي، وبشر بن معاذ العقدي، وعيسى بن
هارون القرشي، وسعيد بن يحيى الاموي، وعبد الله بن
جعفر البرمكي، وعمرو بن علي الفلاس، وزياد بن أيوب،
وأحمد بن المقدام العجلي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري،
وبندارا، وابن مثنى، وعبد الله بن الصباح، وعبد الله
بن شبيب، ومحمد ابن مرداس الانصاري، ومحمد بن
عبدالرحمن بن الفضل الحراني، وخلقا كثيرا.
حدث عنه: ابن قانع، وابن نجيع، وأبو بكر الختلي، وأبو
القاسم الطبراني، وأبو الشيخ، وأحمد بن الحسن بن أيوب
التميمي، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وأحمد بن
جعفر بن سلم الفرساني، وعبد الله بن خالد بن رستم
الراراني (1)، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف الضرير، ومحمد
ابن أحمد بن الحسن الثقفي، وأحمد بن جعفر بن معبد
السمسار، وعبد الرحمن بن محمد بن جعفر الكسائي، وأبو
بكر محمد بن الفضل بن الخصيب، وأبو مسلم عبدالرحمن بن
محمد بن سياه، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن
عطاء القباب، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، ومحمد بن عبد
الله بن ممشاذ القارئ، ومحمد بن عبد الله بن حيوية
النيسابوري، وخلق سواهم.
وقد أملى أبو سعيد النقاش مجلسا عن نحو من عشرين شيخا،
حدثوه * (هامش * (1) الراراني، براءين مهملتين
مفتوحتين: نسبة إلى راران: قرية من قرى أصبهان.
انظر ترجمته في " الانساب ": 6 / 32.
(*)
(13/555)
عن أبي بكر البزار.
وقد ارتحل في الشيخوخة ناشرا لحديثه، فحدث بأصبهان عن
الكبار، وبغداد، ومصر، ومكة، والرملة.
وأدركه بالرملة أجله، فمات في سنة اثنتين وتسعين
ومئتين.
وقد ذكره أبو الحسن الدارقطني، فقال: ثقة، يخطئ ويتكل
على حفظه.
وقال أبو أحمد الحاكم: يخطئ في الاسناد والمتن.
وقال الحاكم أبو عبد الله: سألت الدارقطني عن أبي بكر
البزار، فقال: يخطئ في الاسناد والمتن، حدث بالمسند
بمصر حفظا، ينظر في كتب الناس، ويحدث من حفظه، ولم يكن
معه كتب، فأخطأ في أحاديث كثيرة (1).
جرحه النسائي.
وقال أبو سعيد بن يونس: حافظ للحديث.
توفي بالرملة.
ثم أرخ كما مر (2).
أخبرنا علي بن بقاء، وعبد الدائم بن أحمد الوزان (3)،
قالا: أخبرنا علي بن محمود، سنة سبع وعشرين وست مئة،
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن عبد الواحد
المصري، أخبرنا محمد بن علي الحافظ إملاء، سنة عشر
وأربع مئة، أخبرنا جدي أبو الحسن أحمد بن الحسن بن
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 335، وزاد: "..يتكلمون فيه.
".
(2) أي سنة (292 ه).
(3) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 71 - 72.
(*)
(13/556)
أيوب التميمي، حدثنا أحمد بن عمرو البزار.
حدثنا محمد بن عبدالرحمن ابن الفضل الحراني، حدثنا
الوليد بن المهلب الحراني، حدثنا النضر بن محرز، حدثنا
محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك، قال: خطبنا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته العضباء، وليست
بالجدعاء، فقال: " يا أيها الناس ! كأن الموت فيها على
غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن من
نشيع من الموتى سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم
أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم، قد نسيتم
كل واعظة، وأمنتم كل جائحة.
طوبى لمن شغله عيبه عن عيب أخيه، وتواضع لله في غير
منقصة، وأنفق من مال جمعه من غير معصية، وخالط أهل
الفقه والحكمة، وجانب أهل الشك والبدعة، وحسنت سريرته،
وصلحت علانيته، وأمن الناس شره " (1).
هذا حديث واهي الاسناد، فالنضر: قال أبو حاتم: مجهول.
والوليد: لا يعرف، ولا يصح لهذا المتن إسناد.
أخبرنا أحمد بن سلامة (2)، إجازة، عن مسعود الجمال،
أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا
محمد بن إسحاق بن أيوب، حدثنا أحمد بن عمرو البزار،
حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكوفي، حدثنا أبويحيى
التيمي، حدثنا سيف بن وهب، عن أبي الطفيل، قال: قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنا محمد، وأنا
أحمد وأبو القاسم، والماحي، والحاشر " (3).
__________
(1) وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 373، ونسبه
للحكيم الترمذي، وهو من المصادر التي قال عن أحاديثها
في مقدمته: إنها ضعيفة، فيستغنى بالعزو إليها عن بيان
ضعفها.
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) إسناده تالف، ابراهيم بن يوسف صدوق فيه لين، وشيخه
أبويحيى التيمي.
واسمه = (*)
(13/557)
282 - عبيد بن غنام * ابن القاضي حفص بن غياث:
الامام، المحدث، الصادق، أبو محمد، النخعي، الكوفي.
قيل: اسمه عبد الله.
حدث عن: أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن
نمير، وجبارة بن المغلس، وعلي بن حكيم الاودي، وأبي
كريب، وعدة.
حدث عنه: أبو العباس بن عقدة، ويزيد بن محمد بن إياس
الموصلي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر عبيد الله بن
يحيى الطلحي، وآخرون.
وكان مكثرا عن ابن أبي شيبة (1).
مولده في سنة إحدى عشرة ومئتين، قاله ابن عقدة.
ومات في نصف ربيع الآخر، سنة سبع وتسعين ومئتين.
وتآليف أبي نعيم مشحونة بحديث ابن غنام، وهو ثقة.
__________
= إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله - اتهمه غير واحد من
الحفاظ بالكذب، وسيف بن وهب ضعيف الحديث، وقد أورد
الحديث ابن عدي في ترجمته في " كامله " لوحة 374.
ويغني عنه حديث جبير بن مطعم عند مالك 2 / 1004،
والبخاري 6 / 404، ومسلم (2354) والترمذي (2840) أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي خمسة اسماء أنا محمد
وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا
الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب ".
وفي الباب
عن أبي موسى الاشعري عند مسلم (2355) وعن حذيفة عند
أحمد 5 / 405، وعن جابر بن عبد الله عند الطبراني في "
الكبير " (1750) و " الاوسط " وعن ابن عباس عند
الطبراني في " الصغير " و " الاوسط " كما في " المجمع
" 8 / 284.
* تذكرة الحفاظ: 2 / 660، في نهاية ترجمة يوسف القاضي،
عبر المؤلف: 2 / 107، شذرات الذهب: 2 / 225.
(1) قال المؤلف في " العبر ": 2 / 107: " رواية الكتب
عن أبي بكر بن أبي شيبة،.
وكان محدثا صدوقا ".
(*)
(13/558)
283 - ابن علويه * الشيخ، الامام، الثقة، أبو محمد،
الحسن بن علي
بن محمد بن سليمان بن علويه، البغدادي القطان.
سمع: عاصم بن علي، وبشار بن موسى، وعبيد الله بن
عائشة، وبشر بن الوليد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي،
وإسماعيل بن عيسى العطار، راوي " المبتدأ "، وجماعة.
وعنه: النجاد، والشافعي، وأحمد بن سندي الحداد، وأبو
علي بن الصواف، والآجري، ومخلد الباقرحي، وعبد الله بن
إبراهيم الزبيبي (1).
وثقه الدارقطني والخطيب (2).
ولد سنة خمس ومئتين.
ومات سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وفيها توفي: أبو (3) العباس بن مسروق، وبهلول بن إسحاق
(4)، والجنيد بن محمد شيخ الصوفية (5)، وأبو عثمان
الحيري الزاهد (6)،
__________
* تاريخ بغداد 7 / 375، المنتظم: 6 / 106
(1) في ؟ ؟ ؟ ؟ وع من " العبر " 2 / 359 - 360: إلى "
الزيدي ".
(2) انظر: تاريخ بغداد: 7 / 375.
(3) سقط من الاصل كلمة أبو وهو ؟ ؟ جم في الصفحة (494)
برقم: (243).
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (؟ 53)، برقم (268).
(5) انظر: طبقات الصوفي ؟: 155 - 163، ومصادره فيه، و:
حلية الاولياء: 10 / 255 - 287، تاريخ بغداد: 7 / 241
- 249، المنتظم: 6 / 105 - 106، وفيات الاعيان: 1 /
373 - 375، عبر المؤلف: 2 / 110 - 111، شذرات الذهب: 2
/ 228 - 230.
(6) هو: سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور الحيري،
انظر طبقات الصوفية: 170 - 175، ومصادره فيه.
(*)
(13/559)
وسمنون المحب (1)، ومحمد بن علي بن طرخان البلخي،
ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي (2)، ويوسف بن عاصم
الرازي، والامير محمد ابن طاهر بن عبد الله بن طاهر
(3).
284 - أبو عمرو الخفاف *
الامام، الحافظ الكبير، القدوة، شيخ الاسلام، أبو
عمرو، أحمد ابن نصر بن إبراهيم، النيسابوري،
المعروف بالخفاف.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان نسيج وحده جلالة،
ورئاسة، وزهدا وعبادة، وسخاء نفس.
سمع: إسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وأبا عمار
الحسين بن حريث، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة،
والحسين بن الضحاك، ومحمد بن رافع، ومحمد بن علي بن
شقيق، وأقرانهم بنيسابور.
وأحمد بن منيع، وأبا همام السكوني، والطبقة ببغداد.
وأبا كريب، وعباد بن
يعقوب، وهناد بن السري، وإبراهيم بن يوسف الصيرفي،
وطبقتهم بالكوفة.
ويعقوب بن حميد بن كاسب، وأبا معصب الزهري، وعبد الله
__________
(1) هو: " سمنون حمزة "، ويقال: سمنون بن عبد الله أبو
الحسن الخواص، ويقال: كنيته أبو القاسم، سمى نفسه
سمنون الكذاب لكتمه عسر البول بلا تضرر ".
انظر: طبقات الصوفية: 165 - 199، ومصادره فيه، و: "
حلية الاولياء ": 10 / 309 - 312، تاريخ بغداد 9 / 234
- 237، المنتظم: 6 / 108.
(2) انظر: عبر المؤلف: 2 / 112، شذرات الذهب: 2 / 231.
(3) انظر: شذرات الذهب: 2 / 231.
* الجرح والتعديل: 2 / 79، طبقات الفقهاء: 114،
المنتظم: 6 / 110، تذكرة الحفاظ: 2 / 654 - 656، عبر
المؤلف: 2 / 112 - 113، البداية والنهاية: 11 / 117،
طبقات الحفاظ: 285 - 286، شذرات الذهب: 2 / 231 - 232
- (*)
(13/560)
ابن عمران العابدي، وعدة بالمدينة.
ومحمد بن يحيى العدني، وغيره بمكة.
وجمع وصنف، وبرع في هذا الشأن.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن سليمان بن
فارس، وأبو عبد الله بن الاخرم، وأبو بكر الصبغي،
ومحمد بن أحمد بن حمدون الذهلي، وأبو سعيد أحمد بن أبي
بكر الحيري، وخلق من مشيخة الحاكم.
قال الحاكم: سمعت أبا إسحاق المزكي، سمعت أبا العباس
السراج يقول: ما رأيت أحفظ من أبي عمرو الخفاف، كان
يسرد الحديث سردا، حتى المنقطع والمرسل (1).
قال الحاكم: وسمعت الصبغي يقول: صام أبو عمرو الخفاف
الدهر
نيفا وثلاثين سنة (2).
قلت: ليته أفطر وصام، فما خفي والله عليه النهي عن
صيام الدهر.
ولكن له سلف، ولو صاموا أفضل الصوم، للزموا صوم داود
عليه السلام (3).
قال: وسمعت الصبغي غير مرة يقول: كنا نقول: إن أبا
عمران يفي بمذاكرة مئة ألف حديث.
قال: وسمعت أبا زكريا العنبري يقول: كان ابتداء حال
أبي عمرو
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 655 - 656.
(2) المصدر السابق: 2 / 655.
(3) وهو صوم يوم، وإفطار يوم، فقد قال صلى الله عليه
وسلم لعبد الله بن عمر بعد أن نهاه عن صوم الدهر: " صم
صوم داود عليه السلام، صم يوما وأفطر يوما " انظر
البخاري 4 / 191 في الصوم: باب صوم الدهر: وباب صوم
يوم وإفطار يوم، ومسلم (1159).
(*)
(13/561)
وأحمد بن نصر الرئيس الزهد والورع، وصحبة الابدال، إلى
أن بلغ من العلم والرئاسة والجلالة ما بلغ، ولم يكن
يعقب.
قال: فلما أيس من الولد، تصدق بأموال، كان يقال: إن
قيمتها خمسة آلاف ألف درهم، على الاشراف والفقراء
والموالي (1).
قال: وسمعت أبا الطيب الكرابيسي: سمعت ابن خزيمة يقول
على رؤوس الملا يوم مات أبو عمرو الخفاف: لم يكن
بخراسان أحفظ منه للحديث (2).
قال: وسمعت محمد بن المؤمل بن الحسن الماسرجسي، سمعت
أبا عمرو الخفاف يقول: كان عمرو بن الليث الصفار -
يعني السلطان - يقول
لي: يا عم ! متى ما علمت شيئا لا يوافقك فاضرب رقبتي،
إلى أن أرجع إلى هواك (3).
قلت: كذا فليكن السلطان مع الشيخ، وقد كان عمرو بن
الليث صانعا في الصفر، فتنقلت به الاحوال إلى أن تملك
خراسان، وتملك بعده أخوه يعقوب، فانظر في " تاريخ
الاسلام " تسمع العجب من سيرتهما.
وكان الرئيس أبو عمرو عظيم القدر، سيدا مطاعا ببلده،
نال رئاسة الدين والدنيا، وكانوا يلقبونه بزين
الاشراف.
وكانت وفاته في شهر شعبان، سنة تسع وتسعين ومئتين، من
أبناء الثمانين.
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 655.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 655 (3) المصدر السابق: 2 /
656.
(*)
(13/562)
وقع لي حديثه عاليا.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء
(1)، أنبأنا عبد المعز ابن محمد، أخبرنا أبو عمرو بن
حمدان، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف، حدثنا نصر
بن علي، حدثنا عبد الله بن داود، عن ثور، عن خالد بن
معدان، عن ربيعة الجرشي، عن عائشة - رضي الله عنها: أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرى صوم
الاثنين والخميس، ويصوم شعبان ورمضان (2).
هذا حديث صحيح، وربيعة: قيل: له صحبة.
وفيها توفي: أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي (3)، والحسين
بن عبد
الله الفقيه والد الخرقي (4)، وعلي بن سعيد بن بشير
الرازي (5)، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد (6)، والعارف
ممشاذ الدينوري (7)، وحسين بن حميد العكي المصري، وعبد
الرحمن بن عبد الوارث بن مسلم التجيبي، ومحمد
__________
(1) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (46)، ت: 1.
عن " مشيخة " المؤلف.
(2) وأخرجه النسائي 4 / 153 من طريق عمرو بن علي،
حدثنا عبد الله بن داود بهذا الاسناد، وأخرجه دون
قوله: " ويصوم شعبان ورمضان " الترمذي (745) والنسائي
4 / 202، 203 كلاهما من طريق عمرو بن علي عن عبد الله
بن داود به وأخرجه كذلك أحمد 6 / 80 و 89 و 106، وابن
ماجه (1739) والنسائي 4 / 202 عن خالد بن معدان، عن
جبير بن نفير، عن عائشة.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 656، آخر ترجمة الخفاف.
(4) المنتظم: 6 / 111.
(5) تذكرة الحفاظ: 2 / 750، وفيه وفاته (297 ه) (6)
تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (152) في الاصل، وت: 1.
(7) طبقات الصوفية: 316 - 318، وانظر مصادره فيه، و:
حلية الاولياء: 10 / 353 - 354.
(*)
(13/563)
ابن الليث الجوهري (1)، وأبو جعفر أحمد بن الحسين
الحذاء (2)، وأحمد بن علي بن محمد بن الجارود
الاصبهاني (3)، ويحيى بن محمد بن البختري الحنائي (4)،
والحسن بن أحمد الصيقل المصري.
285 - أحمد بن النضر * [ خ
] (5) ابن عبد الوهاب: الحافظ، المجود،
العلامة، أبو الفضل النيسابوري، أحد الائمة والمصنفين.
قال الحاكم: كان أبو عبد الله البخاري: إذا ورد
نيسابور، نزل عند الاخوين أحمد ومحمد ابني النضر.
وقد روى عنهما في " صحيحه "، وإسنادهما وسماعهما معا،
وهما سيان.
سمع: هدبة بن خالد، وشيبان بن فروخ، وسهل بن عثمان
العسكري، وأبا مصعب الزهري، وإسحاق بن راهويه، وعبيد
الله بن معاذ، وعمرو بن زرارة، وخلقا كثيرا ذكرهم
الحاكم، ثم قال: وأحمد مجود في البصريين.
حدث عنه: البخاري: وأبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله
بن الاخرم، وأحمد بن إسحاق الصيدلاني، ومحمد بن صالح
بن هانئ، وأبو
__________
(1) ترجمته في: تاريخ بغداد: 3 / 196.
(2) ترجمته في: تاريخ بغداد: 4 / 97 - 98.
(3) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 1 / 110 - 118 (4)
ترجمته في: تارخ بغداد: 14 / 229.
* تهذيب الكمال: خ: 46، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 29 -
30، تذكرة الحفاظ: 2 / 645 - 646، تهذيب التهذيب: 1 /
87 - 88، طبقات الحفاظ: 282، خلاصة تذهيب الكمال: 13،
شذرات الذهب: 2 / 205، أخبار سنة (290) (5) زيادة من:
" تهذيب التهذيب ".
(*)
(13/564)
الفضل محمد بن إبراهيم، وآخرون.
ولما روى البخاري حديث الافك عن أبي الربيع الزاهراني،
قال: وثبتني أحمد في بعضه (1).
فأحمد هنا ابن النضر (2)، وما هو بابن حنبل (3).
وقال البخاري: حدثنا محمد (4)، حدثنا عبيدالله بن
معاذ...فذكر
حديثا، فهذا محمد بن النضر، فأما هذا، فقديم الوفاة،
وأما أحمد فطال عمره، وبقي إلى سنة بضع وثمانين
ومئتين.
__________
(1) الذي في صحيح البخاري 5 / 199 في الشهادات: باب
تعديل النساء بعضهن بعضا: " وأفهمني بعضه أحمد " (2)
وكذلك جزم المؤلف في " طبقات القراء " أنه أحمد بن
النضر.
قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 219: لم يبين أبو علي
الجياني من هو أحمد هذا، ووقع في كتاب خلف الواسطي في
" الاطراف ": وأفهمني بعضه أحمد بن يونس، وبهذا جزم
الدمياطي، وقال ابن عساكر والمزي: إنه وهم.
قلت (القائل ابن حجر): ورأيته في نسخة الحافظ أبي
الحسين اليونيني، وقد أهمله في جميع الروايات التي
وقعت له إلا رواية واحدة، فإنه كتب عليها علامة (ق)
ونسبه، فقال: أحمد بن يونس.
(3) الذي جوز أن يكون أحمد بن حنبل: هو أبو عبد الله
بن خلفون، ولم يتابع.
(4) كذا قال المؤلف: حدثنا محمد، وهو خطأ والصواب:
أحمد، فقد ذكر البخاري في " صحيحه " 8 / 231 و 232 في
تفسير سورة الانفال، الحديث من طريق أحمد، ومن طريق
محمد كلاهما عن عبيد الله بن معاذ، فلم ينسب الاول،
ونسب الثاني.
قال الحافظ تعليقا على قول البخاري: " حدثنا أحمد ":
كذا في جميع الروايات غير منسوب، وجزم الحاكمان أبو
أحمد وأبو عبد الله انه ابن النضر بن عبد الوهاب
النيسابوري، وقد روى البخاري الحديث المذكور بعينه عقب
هذا عن محمد بن النضر ؟ خي أحمد هذا.
قال الحاكم: بلغني أن البخاري كان ينزل عليهما، ويكثر
الكمون عندهما إذا قدم نيسابور، قال الحافظ: وهما من
طبقة مسلم وغيره من تلامذة البخاري، وإن شاركوه في بعض
شيوخه، وقد أخرج مسلم هذا الحديث بعينه عن شيخهما عبيد
الله بن معاذ نفسه.
ونص الحديث مع سنده: حدثني أحمد، حدثنا عبيد الله بن
معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبدالحميد صاحب
الزيادي سمع أنس بن مالك رضي الله عنه قال أبو جهل:
اللهم
إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من
السماء أو ائتنا بغذاب أليم، فنزلت: (وما كان الله
ليعذبهم وأنت فيهم.
وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون، وما لهم أن لا
يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام...) الآية.
(*)
(13/565)
286 - الاخفش * مقرئ دمشق، الامام الكبير، أبو عبد
الله، هارون بن موسى
بن شريك التغلبي الدمشقي.
قرأ على ابن ذكوان، وهشام.
وحدث عن: سلام المدائني، وأبي مسهر الغساني.
تلا عليه: ابن شنبوذ، وأبو علي الحصائري، وأبو الحسن
بن مر الاخرم، وجعفر أبي داود، وعدة.
وروى عنه: أبو أحمد بن الناصح، والطبراني، وأبو طاهر
بن ذكوان، وآخرون.
مولده سنة مئتين.
ومات في صفر سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
وكان إماما صاحب فنون، وله تصانيف في القراءات
والعربية، ارتحل إليه المقرئون كهبة الله بن جعفر،
وأبي بكر النقاش، وإبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن
أحمد الداجوني (1)، وغيرهم.
287 - محمد بن جعفر * *
ابن أعين: المحدث، الصادق، أبو بكر البغدادي.
__________
* معجم الادباء: 19 / 263، إنباه الرواة: 3 / 361 -
362، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 277، طبقات القراء
لابن الجزري: 2 / 347 - 348، النجوم الزاهرة: 3 / 133،
طبقات المفسرين: 2 / 347، شذرات الذهب: 2 / 209، أخبار
سنة (291).
(1) الداجوني، بفتح الجيم: نسبة إلى داجون: قرية من
قرى الرملة.
(انظر: الانساب).
* * تاريخ بغداد: 2 / 128 - 129، المنتظم: 6 / 59.
(*)
(13/566)
حدث بمصر عن: عفان بن مسلم، وعاصم بن على، وأبي بكر بن
أبي شيبة.
حدث عنه: الطبراني، ومحمد بن عبد الله بن حبوية،
وجماعة.
وثقه الخطيب (1).
توفي سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
288 - القتات * المعمر،
المسند، أبو عمر، محمد بن جعفر الكوفي.
سمع: أبا نعيم، وأحمد بن يونس، وجماعة.
وعنه: أبو بكر الشافعي، ومحمد بن عمر الجعابي، وسليمان
الطبراني، والحسن بن جعفر الحرفي، وهو أخو الحسين بن
جعفر بن محمد ابن حبيب الكوفي.
قال أبو بكر الخطيب: كان ضعيفا...تكلموا في سماعه من
أبي نعيم (2).
توفي ببغداد في جمادى الاولى، سنة ثلاث مئة.
وفي الشهر توفي معه: المعمر:
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 2 / 129.
* تاريخ بغداد: 2 / 129 - 130، المنتظم: 6 / 120،
ميزان الاعتدال: 3 / 501،
عبر المؤلف: 2 / 115، لسان الميزان: 5 / 106، شذرات
الذهب: 2 / 236.
(2) تاريخ بغداد: 2 / 129، 130.
(*)
(13/567)
289 - أبو عبد الله * محمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي،
الراوي أيضا عن أبي نعيم.
حدث عنه: الجعابي، والاسماعيلي، والحسن بن جعفر
الحرفي، وجماعة.
وهو أصلح حالا من القتات.
قال الدارقطني: ليس بالقوي.
290 - ابن الامام * * [ س
] (1). الشيخ، المحدث، الثقة، أبو بكر، محمد بن جعفر
بن محمد الربعي، الحنفي، البغدادي، ابن الامام، نزيل
دمياط.
سمع: أحمد بن يونس اليربوعي، وإسماعيل بن أبي أويس،
وعلي ابن المديني، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي في " سننه "، وقال: هو ثقة، وأبو علي
بن هارون، وابن عدي، وأبو بكر محمد بن علي النقاش،
وسليمان الطبراني، وآخرون.
توفي يوم عيد النحر، سنة ثلاث مئة.
__________
* الفهرست: المقالة السادسة: الفن الثاني، تاريخ
بغداد: 2 / 188 - 189، وفيه أنه يكنى: أبا الحسن أو
أبا الحسين، المنتظم: 6 / 120، عبر المؤلف: 2 / 115،
الوافي بالوفيات: 2 / 337، شذرات الذهب: 2 / 236.
* * تاريخ بغداد: 2 / 130 - 131، المنتظم: 6 / 120،
تهذيب الكمال: خ: 1182،
تذهيب التهذيب: خ: 3 / 194، عبر المؤلف: 2 / 115،
تهذيب التهذيب: 9 / 95، خلاصة تذهيب الكمال: 330،
شذرات الذهب: 2 / 236.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب " (*)
(13/568)
291 - الوادعي * المحدث، الحافظ، الامام، القاضي، أبو
حصين، محمد بن الحسين
بن حبيب، الوادعي الكوفي، صاحب " المسند ".
سمع: أحمد بن يونس، وجندل بن والق، ويحيى بن
عبدالحميد، وعون بن سلام، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عمرو بن السماك، وأبو بكر بن النجاد،
وجعفر بن محمد بن عمرو، وأبو بكر عبد الله بن يحيى
الطلحي، والطبراني، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
توفي بالكوفة في رمضان، سنة ست وتسعين ومئتين.
292 - المازني الشيخ،
الصدوق، المحدث، أبو العباس، محمد بن حيان
المازني البصري.
حدث عن: عمرو بن مرزوق، وأبي الوليد الطيالسي، ومسدد
بن مسرهد، وطبقتهم.
روى عنه: دعلج السجزي، وابن قانع، والطبراني، وفاروق
الخطابي، وآخرون.
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 229، المنتظم: 6 / 88، اللباب: 3 /
344 - 345، عبر
المؤلف: 2 / 106، الوافي بالوفيات: 2 / 372، البداية
والنهاية: 11 / 110، شذرات الذهب: 2 / 225.
والوادعي: نسبة إلى وادعة بن عمرو بن عامر بن
ناشج...بطن من همدان.
(*)
(13/569)
بقي إلى بعد التسعين ومئتين.
293 - يحيى بن منصور * ابن
حسن السلمي: الامام، الحافظ، الثقة، الزاهد،
القدوة، محدث هراة، أبو سعد (1) الهروي.
سمع من: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وأبي مصعب،
وابن راهويه، وابن نمير، وسود بن سعيد، ويعقوب بن
كاسب، وحبان ابن موسى، وعدد كثير من طبقتهم.
حدث عنه: عبد الصمد الطستي، وأبو بكر أحمد بن خلف،
ومحمد ابن صالح بن هانئ، وعلي بن حمشاذ، وأحمد بن عيسى
الغيزاني، وأبو بكر الشافعي، وإسماعيل الخطبي، وآخرون.
وحدث ببغداد.
ذكره أبو بكر الخطيب، وقال: توفي بهراة في سنة سبع
وثمانين ومئتين (2).
قال: وكان ثقة، حافظا، زاهدا.
قلت: بل الصحيح وفاته في ذي الحجة، سنة اثنتين وتسعين
ومئتين.
وكان عجبا في التأله والعبادة، حتى قيل: إنه لم ير مثل
نفسه، رحمة الله عليه.
ولد سنة خمس عشرة ومئتين.
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 225 - 226، طبقات الحنابلة: 1 /
410، المنتظم: 6 / 26،
تذكرة الحفاظ: 2 / 691 - 692، عبر المؤلف: 2 / 94،
طبقات الحفاظ: 300، النجوم الزاهرة: 3 / 123، شذرات
الذهب: 2 / 213.
(1) في طبقات الحنابلة: أبو سعيد.
(2) تاريخ بغداد: 14 / 225 - 226.
(*)
(13/570)
وله كتاب: " أحكام القرآن ".
قال الرهاوي: لم يسبق إلى مثلها، وكتاب: " شرف النبوة
"، وكتاب: " الايمان ".
وله أحفاد وأسباط علماء أكابر.
294 - أحمد بن نجدة * ابن
العريان: المحدث، القدوة، أبو الفضل الهروي.
رحل، وجاور، وسمع من: سعيد بن منصور، وسعيد بن سليمان
الواسطي، وجماعة.
حدث عنه: أبو إسحاق البزاز، وأبو محمد المغفلي،
وآخرون.
وكان من الثقات.
توفي بهراة، سنة ست وتسعين ومئتين، عن سن عالية.
وهو أخو معاذ بن نجدة، الراوي عن قبيصة وطبقته، ومات
سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
295 - الطهماني * *
العلامة، إمام اللغة، أبو العباس، عيسى بن محمد
الطهماني المروزي، الكاتب.
سمع: إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وجماعة.
وعنه: أحمد بن الخضر، ويحيى بن محمد العنبري، وعمر بن
علك.
__________
* شذرات الذهب: 2 / 224.
* * تاريخ بغداد: 11 / 170 - 171، اللباب: 2 / 291 -
292، عبر المؤلف: 2 / 96، شذرات الذهب: 2 / 210 - 211.
والطهماني، بفتح الطاء، وسكون الهاء: نسبة إلى إبراهيم
بن طهمان.
(*)
(13/571)
وكان من رؤساء المراوزة.
قال الحاكم: حدثنا أبي، سمع الطهماني يقول: رأيت
بخوارزم امرأة لا تأكل ولا تشرب، ولا تروث.
وقال ولده أبوه صالح محمد بن عيسى: مات أبي في صفر،
سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
وقال يحيى العنبري: سمعت الطهماني يحكي شأن التي لا
تأكل ولا تشرب، وأنها عاشت كذلك نيفا وعشرين سنة، وأنه
عاين ذلك.
قلت: سقت قصتها في " تاريخ الاسلام "، وهي: رحمة بنت
إبراهيم، قتل زوجها، وترك ولدين، وكانت مسكينة، فنامت
فرأت زوجها مع الشهداء، يأكل على موائد، وكانت صائمة،
قالت: فاستأذنهم، وناولني كسرة، أكلتها، فوجدتها أطيب
من كل شئ، فاستيقظت شبعانة.
واستمرت.
وهذه حكاية صحيحة، فسبحان القادر على كل شئ.
وحكى الشيخ عز الدين الفاروثي: أن رجلا بعد الست مئة
كان بالعراق، دام سنين لا يأكل.
وحكى لي ثقات ممن لحق عائشة الصائمة بالاندلس، وكانت
حية سنة
سبع مئة، دامت أعواما لا تأكل.
(13/572)
296 - عيسى بن مسكين * شيخ المالكية بالمغرب، أبو محمد
الافريقي، صاحب سحنون.
أخذ عنه: تميم بن محمد، وحمدون بن مجاهد الكلبي،
ولقمان الفقيه، وعبد الله بن مسرور بن الحجام.
وكان ثقة، ورعا، عابدا، مجاب الدعوة.
ولي القضاء مكرها، فكان يستقي بالجرة، ويترك التكلف.
وله تصانيف.
مات سنة خمس وتسعين ومئتين.
رحمه الله.
297 - القاضي * * الامام،
الحافظ، المفيد، القاضي، أبو نعيم، الفضل بن عبد الله
ابن مخلد التميمي الجرجاني.
سمع: قتيبة بن سعيد، وطبقته بخراسان، وعيسى بن حماد،
وأبا الطاهر بن السرح بمصر.
ومحمد بن مصفى، وهشام بن خالد بالشام.
وعنه: أبو جعفر العقيلي، والزبير بن عبد الواحد، وأبو
أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وآخرون.
قال الاسماعيلي: صدوق جليل.
__________
* عبر المؤلف: 2 / 102 - 103، الديباج المذهب: 2 / 66
- 70، شذرات الذهب: 2 / 220.
* * تاريخ جرجان: 288 - 289.
(*)
(13/573)
وقال حمزة (1) في " تاريخه ": مات في ربيع الاول، سنة
ثلاث وتسعين ومئتين (2).
298 - جعفر بن محمد بن
سوار * الامام، الحجة، أبو محمد النيسابوري.
ذكره الحاكم، فقال: من أكابر الشيوخ، وأكثرهم حديثا
وإتقانا.
سمع: قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن
يوسف، وعلي بن حجر، وأبا مصعب الزهري، وأبا مروان محمد
بن عثمان بن خالد، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعثمان بن
أبي شيبة، وأحمد بن منيع، وأبا كريب، وخلقا سواهم.
ودخل الشام بأخرة، فكتب عن: محمد بن عوف الطائي، ويوسف
ابن سعيد بن مسلم.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، والمؤمل بن
الحسن، وأبو حامد بن الشرقي، والشيوخ.
قلت: روى عنه أيضا: محمد بن صالح بن هانئ، وأبو الفضل
محمد بن إبراهيم، ويحيى بن منصور، وأبو العباس بن
حمدان - نزيل خوارزم -، وأبو عمرو إسماعيل بن نجيد،
ومحمد بن العباس بن نجيح البغدادي، وآخرون.
__________
(1) هو: حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي، الحافظ،
الامام، الثبت، أبو القاسم، المتوفى سنة (427).
وهو صاحب كتاب " تاريخ جرجان " أو: " معرفة علماء أهل
جرجان ".
انظر: تذكرة الحفاظ: 3 / 1089 - 1091.
(2) تاريخ جرجان: 288 - 289.
* تاريخ بغداد: 7 / 191، المنتظم: 6 / 29.
(*)
(13/574)
حدث بنيسابور وبغداد.
وكان من علماء هذا الشأن.
يقع لنا حديثه عاليا في جزء ابن نجيد.
قال الحاكم: سمعت أبا الفضل بن إبراهيم يقول: توفي
جعفر بن محمد بن سوار يوم الثلاثاء، لاحدى عشرة ليلة
مضت من ذي القعدة، سنة ثمان وثمانين ومئتين، وصلى عليه
ابن خزيمة.
قلت: هو من أبناء السبعين وزيادة.
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي (1)، وأحمد بن هبة
الله بن أحمد (2)، وزينب بنت كندي (3) سماعا، عن
المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل الفقيه،
(ح): وأخبرنا الثلاثة، عن عبد المعز بن محمد البزاز،
أخبرنا تميم بن أبي سعيد، (ح): وأخبرونا عن زينب بنت
أبي القاسم، قالت: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم،
قالوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا إسماعيل
بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا جعفر بن محمد
بن سوار، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة بن
عبدالرحمن، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفس محمد
بيده، لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا
" (4).
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 139.
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق 21.
(3) تقدمت الاشارة إليها في الصفحة: (451)، ت: 2، عن "
مشيخة " المؤلف.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 257 و 418 من طريقين
عن أبي الزناد بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 11 / 459
في الايمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله
عليه وسلم من
طريق إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر،
عن همام، عن أبي هريرة، وهو في " المسند " 2 / 312 من
طريق عبد الرزاق عن معمر به، وأخرجه أحمد 2 / 453
والبخاري = (*)
(13/575)
وبإسناده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال
الله عزوجل: أنفق أنفق عليك " (1).
299 - المبرد * إمام
النحو، أبو العباس، محمد بن يزيد بن عبد الاكبر
الازدي، البصري، النحوي، الاخباري، صاحب " الكامل ".
أخذ عن: أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني.
وعنه: أبو بكر الخرائطي، ونفطويه، وأبو سهل القطان،
وإسماعيل الصفار، والصولي، وأحمد بن مروان الدينوري،
وعدة.
وكان إماما، علامة، جميلا، وسيما، فصيحا، مفوها،
موثقا،
__________
= 11 / 273 في الرقاق من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن
شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وأخرجه الترمذي
(2313) من طريق عمرو بن علي الفلاس، عن عبد الوهاب
الثقفي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
وهو في " المسند " 2 / 502 من طريق يزيد، عن محمد بن
عمرو به، وهو فيه أيضا 2 / 432 من طريق ابن عجلان عن
أبيه.
وفي الباب عن أنس عند البخاري 8 / 211، ومسلم (2359)
وأحمد 3 / 102 و 126 و 154، و 180 و 192، وعن أبي
هريرة عند أحمد 2 / 21 و 240 و 245 و 251 و 268 و 290
وعن عائشة عند البخاري 11 / 458، ومسلم (901) وأحمد 6
/ 164.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 8 / 265 في التفسير،
و 13 / 390 في التوحيد من طريق أبي اليمان، عن شعيب،
عن أبي الزناد بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (993) في
الزكاة من طريقيين، عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد.
* طبقات النحويين واللغويين: 101 - 110، الفهرست:
المقالة الثانية: الفن الاول، تاريخ بغداد: 3 / 380 -
387، المنتظم: 6 / 9 - 11، ضمن وفيات سنة (285)، معجم
الادباء: 19 / 111 - 122، إنباه الرواة: 3 / 241 -
253، وفيات الاعيان: 4 / 313 - 322، عبر المؤلف: 2 /
74 - 75، الوافي بالوفيات: 5 / 216 - 218 - البداية
والنهاية: 11 / 79 - 80، البلغة في تاريخ أئمة اللغة:
250 - 251، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 280، لسان
الميزان: 5 / 430 - 432، النجوم الزاهرة: 3 / 117،
بغية الوعاة: 1 / 269 - 271، طبقات المفسرين: 2 / 267
- 271، شذرات الذهب: 2 / 190 - 191.
(*)
(13/576)
صاحب نوادر وطرف.
قال ابن حماد النحوي: كان ثعلب أعلم باللغة، وبنفس
النحو من المبرد، وكان المبرد أكثر تفننا في جميع
العلوم من ثعلب، قلت: له تصانيف كثيرة، يقال: إن
المازني أعجبه جوابه، فقال له: قم فأنت المبرد، أي:
المثبت للحق، ثم غلب عليه: بفتح الراء (1).
وكان آية في النحو.
كان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه.
مات المبرد في أول سنة ست وثمانين ومئتين.
300 - العكبري * الشيخ،
المحدث، الثقة، الجليل، أبو محمد، خلف بن عمرو
العكبري.
حج، وسمع من: أبي بكر الحمدي، وسعيد بن منصور، وحسن
ابن الربيع، ومحمد بن معاوية النيسابوري.
__________
(1) ونقل ابن خلكان في " الوفيات ": 4 / 231، عن ابن
الجوزي في " الالقاب " أنه
قال: " سئل المبرد: لم لقبت بهذا اللقب ؟ فقال: كان
سبب ذلك أن صاحب الشرطة طلبني للمنادمة والمذاكرة،
فكرهت الذهاب إليه، فدخلت إلى أبي حاتم السجستاني،
فجاء رسول الوالي يطلبني، فقال لي أبو حاتم: ادخل في
هذا - يعني: غلاف مزملة فارغا - فدخلت فيه، وغطى رأسه.
ثم خرج إلى الرسول وقال: ليس هو عندي، فقال: أخبرت أنه
دخل إليك فقال: ادخل الدار وفتشها، فدخل، فطاف كل موضع
في الدار، ولم يفطن لغلاف المزملة، ثم خرج، فجعل أبو
حاتم يصفق وينادي على المزملة: المبرد، المبرد، وتسامع
الناس بذلك، فلهجوا به ".
والمزملة: بضم الميم، وفتح الزاي، والميم المشددة: جرة
خضراء يبرد فيها الماء.
* تاريخ بغداد: 8 / 331 - 332، المنتظم: 6 / 84، عبر
المؤلف: 2 / 106، البداية والنهاية: 11 / 108، شذرات
الذهب: 2 / 225.
(*)
(13/577)
وعنه: جعفر الخلدي، وعبد الصمد الطستي، وأبو بكر
الآجري، وأبو القاسم الطبراني، وحبيب القزاز، ومحمد بن
عبد الله بن بخيت، وآخرون.
وثقة الدارقطني.
ونقل الخطيب: أن العكبري هذا كان له ثلاثون خاتما،
وثلاثون عكازا، يلبس كل يوم خاتما، ويأخذ عكازا، كان
من ظرفاء بغداد ومحتشميهم (1).
مات سنة ست وتسعين ومئتين.
وفيها مات: أحمد بن نجدة العريان الهروي (2)، وأحمد بن
حماد زغبة التجيبي (3)، وأحمد بن يحيى الحلواني أبو
جعفر، وعبد الله بن المعتز (4)، وأبو حصين الوادعي
محمد بن الحسين (5)، وأبو شهاب معمر بن
محمد البلخي، ويوسف بن موسى القطان الصغير (6)، وأحمد
بن عمرو القطراني (7)، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان
بمصر.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 8 / 332.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (571)، برقم: (294) (3)
تقدمت ترجمته في الصفحة: (533)، برقم: (265) (4) انظر:
المنتظم 6 / 84 - 88، وفيات الاعيان: 3 / 76 - 80،
ومصادره فيه، و: شذرات الذهب: 2 / 221 - 224.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (569)، برقم: (291) (6)
انظر: المنتظم: 6 / 89.
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (506)، برقم: (251).
وفيها ذكر الذهبي وفاته سنة (295) (*)
(13/578)
301 - البيهقي * المحدث، الامام الثقة، مسند نيسابور،
أبو سليمان، داود بن الحسين
بن عقيل بن سعيد الخسروجردي البيهقي.
قال: ولدت سنة مئتين.
سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفراء، وقتيبة،
وإسحاق، وعلي بن حجر، وأبا مصعب الزهري، ويعقوب بن
كاسب، ومحمد بن رمح، وأبا التقي اليزني.
ورحل، وكتب الكثير، وجود.
وعنه: أبو علي النيسابوري، وأبو بكر بن علي، وعبد الله
بن محمد ابن مسلم، وبشر بن أحمد الاسفراييني، وخلق
كثير.
خرج البيهقي له كثيرا في كتبه.
مات بخسروجرد، وهي: قرية كبيرة، في سنة ثلاث وتسعين
ومئتين.
302 - موسى بن إسحاق * *
ابن موسى بن عبد الله بن موسى بن الصحابي عبد
الله بن يزيد، الانصاري الخطمي: الامام، العلامة،
القدوة، المقرئ، القاضي، أبو
__________
* تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 2 أ - ب، تهذيب بدران: 5 /
199.
* * الجرح والتعديل: 8 / 135، تاريخ بغداد: 13 / 52 -
54، تاريخ ابن عساكر: خ: 17 / 129 ب - 130 ب، المنتظم:
6 / 96، تذكرة الحفاظ: 2 / 668 - 669، عبر المؤلف: 2 /
109، طبقات السبكي: 2 / 345، البداية والنهاية: 11 /
111 - 112، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 317، طبقات
الحفاظ: 291 - 292، شذرات الذهب: 2 / 226 - 227.
(*)
(13/579)
بكر ابن القاضي الامام أبي موسى، الفقيه الشافعي، قاضي
نيسابور، وقاضي الاهواز.
ولد سنة نيف ومئتين.
وحدث عن: قالون عيسى بن مينا، فهو خاتمة أصحابه، وعن:
أحمد بن يونس اليربوعي، وعلي بن الجعد، وعلي بن
المديني، ويحيى ابن بشر الحريري، وأبي نصر التمار،
وأبيه إسحاق الخطمي، وخلق كثير.
حدث عنه: عبدا لباقي بن قانع، وحبيب القزاز، وأبو محمد
بن ماسي، وجماعة.
قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق (1).
وقال ولده أحمد: قال أبي: سمعت من أبي كريب ثلاث مئة
ألف
حديث.
وقال أحمد بن كامل: كان فصيحا، كثير السماع، محمودا،
ينتحل مذهب الشافعي (2).
وقال ابن المنادي: بلغني أنه أقرأ الناس [ القرآن ]،
وله ثمان عشرة سنة (3).
وروي أن المعتضد وصى وزيره بإسماعيل القاضي، وبموسى بن
إسحاق، وقال: بهما يدفع عن أهل الارض (4).
__________
(1) الجرح والتعديل: 8 / 135.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 669.
(3) المصدر السابق، والزيادة منه.
(4) المصدر السابق.
(*)
(13/580)
قلت: يقع حديثه عاليا في " القطيعيات ".
وجاء عن موسى بن إسحاق أنه كان لا يرى متبسما، فقالت
له امرأة: لا يحل لك أن تقضي، فإن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: " لا يقضي القاضي بين اثنين وهو
غضبان " (1).
فتبسم.
وكان يضرب به المثل في ورعه.
توفي سنة سبع وتسعين ومئتين بالاهواز.
303 - البوشنجي (2)
* [ خ ] (3) الامام، العلامة، الحافظ، ذو الفنون، شيخ
الاسلام، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعيد بن
عبدالرحمن بن موسى العبدي، الفقيه المالكي، البوشنجي،
شيخ أهل الحديث في عصره بنيسابور.
مولده في سنة أربع ومئتين.
وارتحل شرقا وغربا، ولقي الكبار، وجمع، وصنف، وسار
ذكره، وبعد صيته.
__________
(1) أخرجه من حديث أبي بكرة البخاري 13 / 120، 121 في
الاحكام: باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان، ومسلم
(1717) في الاقضية: باب كراهية قضاء القاضي وهو غضبان،
وأبو داود (3589) والترمذي (1334) والنسائي 8 / 237.
(2) في الاصل: بالسين والشين، وكتب فوقها: " معا ".
* الجرح والتعديل: 7 / 187، طبقات الحنابلة: 1 / 264 -
265، المنتظم: 6 / 48، تهذيب الكمال: خ: 1156، تذهيب
التهذيب:: خ: 3 / 178، تذكرة الحفاظ: 2 / 657 - 659،
عبر المؤلف: 2 / 90، الوافي بالوفيات: 1 / 342، طبقات
السبكي: 2 / 189 - 207، تهذيب التهذيب: 9 / 8 - 10،
طبقات الحفاظ: 286 - 287، خلاصة تذهيب الكمال: 324،
شذرات الذهب: 2 / 205.
(3) زيادة من: " تهذيب التهذيب " (*)
(13/581)
سمع: يحيى بن بكير، وروح بن صلاح، ويوسف بن عدي، ومحمد
بن سنان العوقي، ومسددا، وإسماعيل بن أبي أويس، وسعيد
بن منصور، وأحمد بن عبد الله بن يونس، ومحمد بن
المنهال الضرير، وهدبة ابن خالد، وعبد الله بن محمد بن
أسماء، وأمية بن بسطام، وأبا نصر التمار، وأحمد بن
حنبل، وعبيد الله بن محمد العيشي، وإبراهيم بن حمزة
الزبيري، وسليمان بن بنت شرحبيل، ومحبوب بن موسى
الانطاكي، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وإبراهيم بن
المنذر الحزامي، وأبا الربيع الزهراني، وطبقتهم.
حدث عنه: محمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن إسماعيل
البخاري - وهما أكبر منه - وأبو حامد بن الشرقي، وابن
خزيمة، وأبو العباس الدغولي، وأبو بكر بن إسحاق
الصبغي، وأبو عبد الله بن الاخرم، ويحيى بن محمد
العنبري، ودعلج السجزي، وعلي بن حمشاذ، وإسماعيل بن
نجيد، وخلق خاتمتهم: أبو الفوارس أحمد بن محمد بن
جمعة، المتوفى بعد ابن نجيد بعام.
قال دعلج: حدثني فقيه من أصحاب داود بن علي: أن أبا
عبد الله دخل عليهم يوما، وجلس في أخريات الناس، ثم
إنه تكلم مع داود، فأعجب به، وقال: لعلك أبو عبد الله
البوشنجي ؟ قال: نعم.
فقام إليه، وأجلسه إلى جنبه، وقال: قد حضركم من يفيد
ولا يستفيد (1) وقال أبو زكريا العنبري: شهدت جنازة
الحسين القباني، فصلى بنا عليه أبو عبد الله البوشنجي،
فلما أرادوا الانصراف، قدمت دابة أبي عبد
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب: 9 / 8 - 9 (*)
(13/582)
الله، وأخذ أبو عمرو الخفاف بلجامه، وأخذ إمام الائمة
بركابه، وأبو بكر الجارودي، وإبراهيم بن أبي طالب
يسويان عليه ثيابه، فلم يمنع واحدا منهم، ومضى (1).
قال أبو زكريا العنبري: قال لي البوشنجي مرة: أحسنت.
ثم التفت إلى أبي، وقال: قلت لابنك: أحسنت، ولو قلت
هذا لابي عبيد لفرح به (2).
قال أبو عمرو بن نجيد: سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل
يقول: تقدمت لاصافح أبا عبد الله البوشنجي تبركا به،
فقبض عني يده، ثم قال: يا
أبا عثمان ! لست هناك (3).
قال أبو بكر محمد بن جعفر المزكي: أخبرنا البوشنجي، عن
أحمد ابن حنبل، عن ابن مهدي، عن زهير بن محمد، عن صالح
بن كيسان، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه: أن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " البذاذة من
الايمان " (4).
فقال البوشنجي: البذاء خلاف البذاذة، إنما البذاء: طول
__________
(1) انظر الخبر في: تذكرة الحفاظ: 2 / 658، و: تهذيب
التهذيب: 9 / 9 (2) تهذيب التهذيب: 9 / 9 (3) طبقات
السبكي: 2 / 191.
(4) رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1 / 9
من طريق أحمد بهذا الاسناد إلا أنه قال: عن صالح بن
أبي صالح بدل " صالح بن كيسان " وهو خطأ منه أو من بعض
الرواة، ولم ينبه عليه الامام الذهبي في " مختصره ".
وأخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " لوحة 307 من طريق
زهير بن محمد عن صالح بن كيسان.
وأخرجه ابن ماجه (4118) من طريق أسامة بن زيد،
والطبراني في " الكبير " 1 / 40 / 1 من طريق شبيب بن
سلمة كلاهما عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه.
وأخرجه أبو داود (4161) من طريق ابن إسحاق عن عبد الله
بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي
أمامة وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 478، و 4
/ 151 من طريق عبدالحميد بن جعفر، عن = (*)
(13/583)
اللسان برمي الفواحش والبهتان، والبذاذة: رثاثة الثياب
في الملبس والمفرش، وتواضعا عن رفيع الثياب وثمين
الملابس والمفترش، وهي ملابس أهل الزهد، يقال: فلان بذ
الهيئة: رث الملبس (1).
قال أبو بكر محمد بن جعفر: سمعت البوشنجي يقول
للمستملي:
الزم لفظي، وخلاك ذم (2).
الحاكم: سمعت الحسن بن أحمد بن موسى، وسمعت أبا عبد
الله البوشنجي يقول في معنى قول النبي - صلى الله عليه
وسلم -: " لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار " (3).
قال: معناه: أن من حمل القرآن وقرأه، لم تمسه النار.
الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني،
سمعت البوشننجي غير مرة يقول: حدثنا يحيى بن عبد الله
بن بكير، وذكره يملا الفم.
وقال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر، سمعت البوشنجي غير
مرة يقول: عبد العزيز بن محمد الاندراوردي.
قال: وحدثنا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا البوشنجي،
حدثنا النفيلي، حدثنا عكرمة بن إبراهيم الازدي قاضي
الري، عن عبدالملك بن
__________
= عبد الله بن أبي أمامة، عن عبدالرحمن بن كعب بن
مالك، عن أبي أمامة.
وعبد الله وعبد الرحمن كلاهما ثقة.
(1) قال الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 478: فكان
معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم " البذاذة من
الايمان " أي: أنها من سيماء أهل الايمان، إذ معهم
الزهد والتواضع وترك التكبر كما كان الانبياء صلوات
الله عليهم في مثل ذلك.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 658 (3) أخرجه أحمد 4 / 155 من
طريق حجاج، وحميد بن زنجويه من طريق إسحاق بن عيسى،
والدارمي 2 / 430 من طريق عبد الله بن يزيد، ثلاثتهم
عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن
عامر وسند الدارمي قوي، لان عبد الله بن يزيد أحد
العباد له الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل احتراق كثبه،
فحديثهم عنه صحيح.
(*)
(13/584)
عمير، عن موسى بن طلحة، قال: ما رأيت أخطب من عائشة
ولا أعرب،
لقد رأيتها يوم الجمل، وثار إليها الناس، فقالوا: يا
أم المؤمنين ! حدثينا عن عثمان وقتله.
فاستجلست الناس، ثم حمدت الله، وأثنت عليه، ثم قالت:
أما بعد...فإنكم نقمتم على عثمان خصالا ثلاثا: إمرة
الفتى، وضربة السوط، وموقع الغمامة المحماة، فلما
أعتبنا منهن، مصتموه موص الثوب بالصابون، عدوتم به
الفقر الثلاث: حرمة الشهر الحرام، وحرمة البلد الحرام،
وحرمة الخلافة، والله لعثمان كان أتقاكم للرب، وأوصلكم
للرحم، وأحصنكم فرجا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (1).
قال البوشنجي: إمرة الفتى: عزله سعدا، وتوليته مكانه
الوليد بن عقبة، لقرابته منه.
وضربة السوط: فإنه تناول عمارا، وأبا ذر ببعض التقويم.
وموقع الغمامة: فإنه حمى أحماء في بلاد العرب لابل
الصدقة، وقد فعله عمر، فما أنكره الناس، والموص:
الغسل، والفقر: الفرص (2).
الحاكم: حدثنا محمد بن أحمد بن موسى الاديب، حدثنا
محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا عبد الله بن يزيد
الدمشقي، حدثنا عبدالرحمن ابن يزيد بن جابر، قال: رأيت
في المقسلاط صنما من نحاس، إذا عطش، نزل، فشرب.
ثم قال البوشنجي: ربما تكلمت العلماء على سبيل تفقدهم
مقدار أفهام حاضريهم، تأديبا لهم، وتنبيها على العلم،
وامتحانا لاوهامهم، فهذا ابن جابر، وهو أحد علماء
الشام، وله كتب في العلم،
__________
(1) طبقات السبكي: 2 / 199 (2) انظر: المصدر السابق: 2
/ 199 - 200 وفي " النهاية " قال الازهري: الفقر: جمع
فقرة: وهي الامر العظيم الشنيع.
(*)
(13/585)
يقول هذا، والمقسلاط: موضع بدمشق بسوق الدقيق، يريد أن
الصنم لا يعطش، ولو عطش نزل فشرب، فينفي عنه النزول
والعطش (1).
قال: وسمعت أبا زكريا العنبري، سمعت البوشنجي، سمعت
قتيبة ابن سعيد، سمعت يونس بن سليم يقول: الارز من
طعام الكرام.
قال قتيبة: فلما حججت صيروه حديثا، فكانوا يجيئون
ببغداد، فيقولون: حديث الارز، حديث الارز.
سمعت العنبري، سمعت البوشنجي، سمعت أبا صالح الفراء،
سمعت يوسف بن أسباط يقول: قال لي سفيان: إذا رأيت
القارئ يلوذ بالسلطان، فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ
بالاغنياء فاعلم أنه مراء، وإياك أن تخدع، ويقال لك:
ترد مظلمة، وتدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس،
اتخذها القراء سلما.
وسمعت العنبري، سمعت البوشنجي يقول: ابن إسحاق عندنا
ثقة ثقة.
قال: وسمعت أبا عمرو بن حمدان، سمعت أبا بكر محمد بن
إسحاق يقول: لو لم يكن في أبي عبد الله من البخل
بالعلم ما كان، ما خرجت إلى مصر (2).
قال أبو النضر الفقيه: سمعت البوشنجي يقول: من أراد
العلم والفقه بغير أدب، فقد اقتحم أن يكذب على الله
ورسوله.
ذكر السليماني الحافظ أبا عبد الله البوشنجي، فقال:
أحد أئمة اصحاب مالك.
__________
(1) انظر: طبقات السبكي: 2 / 194.
(2) المصدر السابق: 2 / 190 (*)
(13/586)
وقال الحسن بن يعقوب: كان مقام أبي عبد الله البوشنجي
بنيسابور على الليثية، فلما انقضت أيامهم، خرج إلى
بخارى، إلى حضرة الامير إسماعيل، فالتمس منه - بعد أن
أقام عنده برهة - أن يكتب أرزاقه بنيسابور.
الحاكم: سمعت الحسين بن الحسن الطوسي، سمعت أبا عبد
الله البوشنجي يقول: وصلني من الليثية سبع مئة ألف
درهم (1).
وقال دعلج: سمعت أبا عبد الله يقول - وأشار إلى ابن
خزيمة -: كيس، وأنا لا أقول ذا لابي ثور.
قال أبو عبد الله بن الاخرم: روى البخاري حديثا في "
الصحيح "، عن أبي عبد الله البوشنجي.
قال ابن الذهبي (2): في " الصحيح " (3): حدثنا محمد،
حدثنا أبو جعفر النفيلي...فذكر حديثا في تفسير سورة *
(البقرة) *، فإن لم يكن البوشنجي، فهو محمد بن يحيى،
والاغلب أنه البوشنجي، لان الحديث بعينه قد رواه
الحاكم: حدثنا أبو بكر بن أبي نصر، حدثنا البوشنجي،
حدثنا النفيلي، حدثنا مسكين بن بكير، حدثنا شعبة، عن
خالد الحذاء، عن مروان الاصفر، عن رجل، وهو ابن عمر:
أنها نسخت: * (إن تبدوا ما في أنفسكم..) * الآية [
284، من سورة البقرة ].
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 658 (2) هو المؤلف نسبة إلى
صنعة أبيه، وقد قيد اسمه في كثير من مؤلفاته " بابن
الذهبي " وكثير ممن عاصر المؤلف يلقبه بالذهبي، فلعله
كان يمارس صنعة أبيه.
(3) 8 / 153، 154 في تفسير سورة البقرة: باب (وإن
تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه...) قال الحافظ: اختلف في
محمد هذا، فقال الكلاباذي: هو ابن يحيى الذهلي فيما
أراه، قال: وقال لي الحاكم: هو محمد بن إبراهيم
البوشنجي، قال: وهذا الحديث مما أملاه البوشنجي
بنيسابور...وكلام أبي نعيم يقتضي أنه محمد بن إدريس
أبو حاتم الرازي، فإنه أخرجه من طريقه، ثم قال: أخرجه
البخاري عن محمد، عن النفيلي.
(*)
(13/587)
الحاكم: حدثنا الاصم، حدثنا الصغاني، حدثنا محمد بن
إبراهيم، حدثنا النفيلي...فذكر حديثا، ثم قال الحاكم:
حدثناه محمد ابن جعفر، حدثنا البوشنجي...فذكره.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميم مدرس
الشامية (1)، وأبو الفضل بن تاج الامناء (2)، وزينب
بنت كندي (3) قراءة عليهم، عن المؤيد بن محمد الطوسي،
وعبد المعز بن محمد الهروي، وزينب بنت أبي القاسم
الشعري.
قال المؤيد: أخبرنا محمد بن الفضل الصاعدي.
وقال عبد المعز: أخبرنا تميم بن أبي سعيد المعلم.
وقالت زينب: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم، قالوا:
أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا أبو عمرو بن
نجيد، سنة أربع وستين وثلاث مئة، حدثنا محمد ابن
إبراهيم البوشنجي، حدثنا روح بن صلاح المصري، حدثنا
موسى بن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " الحسد في اثنتين:
رجل آتاه الله القرآن، فقام به، وأحل حلاله، وحرم
حرامه، ورجل آتاه الله مالا، فوصل منه أقرباءه ورحمه،
وعمل بطاعة الله، تمنى أن يكون مثله.
ومن تكن فيه أربع، لم يضره ما زوي عنه من الدنيا: حسن
خليقة، وعفاف، وصدق حديث، وحفظ أمانة " (4).
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 139
(2) تقدمت الاشارة إليه في الصفحة: (46)، ت: 1، عن "
مشيخة " المؤلف.
(3) تقدمت الاشارة إليها في الصفحة: (451)، ت: 2، عن "
مشيخة " المؤلف.
(4) وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه لابن
عساكر في تاريخه، وذكره المصنف في " الميزان " 2 / 58
في ترجمة روح بن صلاح، ورواه السبكي في " طبقاته " 2 /
192 من طريق المؤلف بهذا الاسناد.
وللبخاري في " صحيحه " 9 / 65، ومسلم " 815) من حديث
ابن عمر مرفوعا: = (*)
(13/588)
حديث غريب، عال جدا.
وروح: ضعفه ابن عدي، وذكره ابن حبان في " الثقات "،
وبالغ الحاكم، فقال: ثقة مأمون.
وقد طول الحاكم ترجمة البوشنجي بفنون من الفوائد.
قال: وتوفي في غرة المحرم سنة إحدى وتسعين ومئتين.
وقيل: مات في سلخ ذي الحجة من سنة تسعين، فدفن من
الغد، وصلى عليه ابن خزيمة.
وبوشنج، بشين معجمة: قيده أبو سعد السمعاني (1) وقال:
بلدة على سبعة فراسخ من هراة.
قلت: وبعضهم يقولها بسين مهملة.
__________
= " لا حسد إلا على اثنتين رجل آتا الله القرآن، فقام
به آناء الليل وآناء النهار، ورجل أعطاه الله مالا،
فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار " والحسد: أن يرى
الرجل لاخيه نعمة، فيتمنى أن تزول عنه، وتكون له دونه،
وهذا مذموم ومنهي عنه، والمراد من الحسد في هذا
الحديث: هو أن يتمنى الرجل أن يكون له مثل النعمة التي
يراها في غيره، ولا يتمنى زوالها عن.
(1) الانساب: 2 / 332.
(*)
(13/589)
بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء الثالث عشر من سير أعلام
النبلاء ويليه الجزء الرابع عشر وأوله ترجمة ثعلب،
أحمد بن يحيى
(13/590)
|