سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 14
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 14

(14/)


سير أعلام النبلاء 14

(14/1)


جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة ان تطبع أو بقطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسة رسمية أو افراذا.
الطبعة التاسعة 1413 ه 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت شارع سوريا بناية صمدي وصالحة هاتف: 815112 319039 ص.
ب: 7460 برقيا: بيوشران

(14/2)


سير أعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه 1374 م الجزء الرابع عشر أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه شعيب الارنؤوط حقق هذا الجزء اكرم البوشيى مؤسسة الرسالة

(14/3)


بسم الله الرحمن الرحيم

(14/4)


1 - ثعلب * العلامة المحدث، إمام النحو، أبو العباس، أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم البغدادي، صاحب " الفصيح والتصانيف ".
ولد سنة مئتين، وكان يقول: ابتدأت بالنظر وأنا ابن ثماني عشرة سنة (1)، ولما بلغت خمسا وعشرين سنة، ما بقي علي مسألة للفراء، وسمعت من القواريري مئة ألف حديث.
قلت: وسمع من إبراهيم بن المنذر، ومحمد بن سلام الجمحي،
__________
* مروج الذهب: 2 / 497 496، طبقات النحويين واللغويين: 150 141، فهرست ابن النديم: 111 110، تاريخ بغداد: 5 / 212 204، الانساب: 555 / ب، نزهة الالباء: 232 228، المنتظم: 6 / 45 44، معجم الادباء: 5 / 146 102، إنباه الرواة: 1 / 151 138، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 275، وفيات الاعيان: 1 / 104 102، تذكرة الحفاظ: 2 / 667 666، العبر: 2 / 88، دول الاسلام: 1 / 176، الوافي بالوفيات: 8 / 245 243، مرآة الجنان: 2 / 220 218، البداية والنهاية: 11 / 98، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 35 34، طبقات القراء للجزري: 1 / 149 148، النجوم الزاهرة: 3 / 133، طبقات الحفاظ: 290، بغية الوعاة: 1 / 398 396، مفتاح السعادة: 1 / 146 145، شذرات الذهب: 2 / 208 207.
(1) في " معجم الادباء " 5 / 108: " ابتدأت النظر في العربية والشعر واللغة في سنة ست عشرة، ومولدي سنة مئتين " و " انظر إنباه الرواة " 10 / 139.
(*)

(14/5)


وابن الاعرابي، وعلي بن المغيرة، وسلمة بن عاصم، والزبير بن بكار.
وعنه نفطويه، ومحمد بن العباس اليزيدي، والاخفش الصغير، وابن الانباري، وأبو عمر الزاهد، وأحمد بن كامل، وابن مقسم الذي روى عنه أماليه.
قال الخطيب (1): ثقة حجة، دين صالح، مشهور بالحفظ.
وقيل: كان لا يتفاصح في خطابه.
قال المبرد: أعلم الكوفيين ثعلب.
فذكر له الفراء، فقال: لا يعشره (2).
وكان يزري على نفسه، ولا يعد نفسه.
قال ابن مجاهد: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، [ في المنام ] فقال لي: أقرئ أبا العباس السلام، وقل له: إنك صاحب العلم المستطيل (3).
قال القفطي (4): كان يكرر علي كتب الكسائي والفراء، ولا يدري مذهب البصريين، ولا كان مستخرطا (5) للقياس.
وقال الدينوري: كان المبرد أعلم بكتاب سيبويه من ثعلب.
__________
(1) في " تاريخه " 5 / 205.
(2) أي: لا يبلغ عشر علمه، والخبر في " إنباه الرواة " 1 / 142.
(3) أورد الخبر مطولا القفطي في " إنباه الرواة " 1 / 143، 144، وابن خلكان في " الوفيات " 1 / 102، 103، وابن مجاهد: هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس من شيوخ القراء توفي سنة 324 ه.
وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) في الانباه 1 / 144.
(5) في الاصل: مستخرط، وهو خطأ، وفي " الانباه " و " معجم الادباء ": ولا كان مستخرجا للقياس ولا طالبا له.
(*)

(14/6)


وقيل: كان ثعلب يبخل (1)، وخلف ستة آلاف دينار.
وكان صحب محمد بن عبد الله بن طاهر، وعلم ولده طاهرا، فرتب له ألفا في الشهر.
وله كتاب: " اختلاف النحويين "، وكتاب " القراءات "، وكتاب " معاني القرآن " وأشياء (2).
وعمر، وأصم، صدمته دابة، فوقع في حفرة، ومات منها في جمادى الاولى، سنة إحدى وتسعين ومئتين.

2 - أبو خليفة * الامام العلامة، المحدث الاديب الاخباري، شيخ الوقت، أبو خليفة، الفضل بن الحباب، واسم الحباب: عمرو بن محمد بن شعيب، الجمحي البصري الاعمى.
ولد في سنة ست ومئتين، وعني بهذا الشأن وهو مراهق، فسمع في سنة عشرين ومئتين، ولقي الاعلام، وكتب علما جما.
__________
(1) قال القفطي: " وأما إقتاره على نفسه، فكان غاية فيه.." ثم ساق خبرا في ذلك انظر " الانباه " 1 / 148.
(2) أنظرها في " فهرست " ابن النديم ص 111.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 151، فهرست ابن النديم: 165، طبقات الحنابلة: 1 / 251 249 مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 116 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 671 670، العبر: 2 / 130، ميزان الاعتدال: 3 / 350، دول الاسلام: 1 / 185، نكت الهميان: 227 226، مرآة الجنان: 2 / 246، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات القراء للجزري: 2 / 9 8، لسان الميزان: 4 / 440 438، طبقات
الحفاظ: 292، بغية الوعاة: 2 / 245، النجوم الزاهرة: 3 / 193، شذرات الذهب: 2 / 246 (*)

(14/7)


سمع القعنبي، ومسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، ومحمد بن كثير، وعمرو بن مرزوق، وأبا الوليد الطيالسي، وشاذ بن فياض، والوليد ابن هشام القحذمي، وحفص بن عمر الحوضي، ومسدد بن مسرهد، وعثمان بن الهيثم المؤذن، وأبا معمر المقعد، وعلي بن المديني، وعبد الله ابن عبد الوهاب الحجبي، ومحمد بن سلام الجمحي، وأخاه عبدالرحمن ابن سلام، وعبد الرحمن بن المبارك العيشي، وخلقا كثيرا.
وتفرد بالرواية عن أكثر هؤلاء.
ولقد كتب حتى روى عن أبي القاسم الطبراني تلميذه.
وكان ثقة صادقا مأمونا، أديبا فصيحا مفوها، رحل إليه من الآفاق، وعاش مئة عام سوى أشهر.
حدث عنه: أبو عوانة في " صحيحه "، وأبو بكر الصولي، وأبو حاتم ابن حبان، وأبو علي النيسابوري، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر الجعابي، وأحمد بن الحسين العكبري، وأبو الشيخ، وأبو أحمد الغطريفي، وعبد الله بن مظاهر، وأبو محمد بن عبدالرحمن بن خلاد الرامهرمزي (1)، وأبو إسحاق بن حمزة الاصبهاني، وعمر بن جعفر البصري، وأبو بكر أحمد بن محمد بن السني، وإبراهيم بن أحمد الميمذي، وعلي بن عبدالملك بن دهثم الطرسوسي، ومحمد بن سعيد الاصطخري، وإبراهيم بن محمد الابيوردي، نزيل مكة، شيخ لحقه أبو عمر الطلمنكي (2)، وسهل بن أحمد الديباجي، وأحمد بن
__________
(1) نسبة إلى مدينة " رامهرمز " إحدى كور الاهواز من بلاد خوزستان، وهو أبو محمد
الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الرامهرمزي الامام الحافظ المحدث الثبت صاحب التصانيف المتوفى سنة 360 ه وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب، وانظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 905، 907، و " العبر " 2 / 321، 322.
(2) بفتحات وسكون النون كما في " الشذرات " نسبة إلى طلمنكة: مدينة بالاندلس = (*)

(14/8)


محمد بن العباس البصري، وغيرهم.
قال أبو الحسين بن المحاملي: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي خليفة: سمعت أبي يقول: حضرنا يوما عند خليل أمير البصرة، فجرى بينه وبين أبي خليفة كلام.
فقال له: من أنت أيها المتكلم ؟ فقال: أيها الامير ! ما مثلك من جهل مثلي ! أنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، أفهل يخفى القمر ؟ ! فاعتذر إليه، وقضى حاجته، ولما خرج، سألوه، فقال: ما كان إلا خيرا، أحضرني مأدبته، فأبط، وأدج، وأفرخ، وفولج لوذج، ثم أتاني بالشراب، فقلت: معاذ الله، فعاهدني أن آتي مأدبته كل يوم.
فكان إنسان يأتي كل يوم، فيحمله إلى الامير.
قال الصولي: كنت أقرأ على أبي خليفة كتاب: " طبقات الشعراء " وغير ذلك، قال: فواعدنا يوما وقال: [ لا تخلفوني ف ] إني أتخذ لكم خبيصة، فتأخرت لشغل [ عرض لي ]، ثم جئت والهاشميون عنده، فلم يعرفني الغلام، وحجبني، فكتبت إليه: أبا خليفة تجفو من له أدب * وتؤثر الغر من أولاد عباس وأنت رأس الورى في كل مكرمة * وفى العلوم، وما الاذناب كالراس ما كان قدر خبيص لو أذنت لنا * فيه فيختلط الاشراف بالناس فلما قرأها صاح على الغلام، ثم دخلت، فقال: أسأت إلينا
بتغيبك، فظلمتنا في تعتبك، وإنما عقد المجلس بك، ونحن [ فيما فاتنا بتأخرك ] كما أنشدني التوزي لمن طلق امرأته.
ثم ندم، فتزوجت رجلا.
__________
= وهو الامام المقرئ المحقق المحدث الحافظ الاثري أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى المعافري الاندلسي المتوفى سنة 429 ه، وسترد ترجمته في الجزء السابع عشر من هذا الكتاب، وانظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1098، وغاية النهاية 1 / 120.
(*)

(14/9)


فمات حين دخل بها، فتزوجها الاول، فقال: فعادت لنا كالشمس بعد ظلامها * على خير أحوال كأن لم تطلق ثم صاح: يا غلام ! أعد لنا مثل طعامنا.
فأقمنا عنده يومنا (1).
قال أبو نعيم عبدالملك بن الحسن الاسفراييني ابن أخت أبي عوانة: سمعت أبي يقول لابي علي النيسابوري الحافظ: دخلت أنا وأبو عوانة البصرة، فقيل: إن أبا خليفة قد هجر، ويدعى عليه أنه قال: القرآن مخلوق.
فقال لي أبو عوانة: يا بني ! لا بد أن ندخل عليه.
قال: فقال له أبو عوانة: ما تقول في القرآن ؟ فاحمر وجهه وسكت، ثم قال: القرآن كلام الله غير مخلوق: ومن قال: مخلوق، فهو كافر، وأنا تائب إلى الله من كل ذنب إلا الكذب، فإني لم أكذب قط، أستغفر الله.
قال: فقام أبو علي إلى أبي، فقبل رأسه.
ثم قال أبي: قام أبو عوانة إلي أبي خليفة، فقبل كتفه.
توفي أبو خليفة في شهر ربيع الآخر، أو في الذي يليه، سنة خمس وثلاث مئة بالبصرة.
أخبرنا الامام شمس الدين ابن قدامة، وغيره إجازة، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك، وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي، قالا: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله
الشافعي، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف، سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة، حدثنا أبو خليفة، حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن همام وشعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العائد في كالعائد في قيئه " (2).
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 3 / 429، وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 5 / 173 من طريق مسلم بن إبراهيم، وأخرجه =

(14/10)


وبه: حدثنا أبو خليفة، حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كان العلم معلقا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس " (1).

3 - عبدوس * هو الحافظ الكبير، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن مالك النيسابوري، نزيل سمرقند، لا أكاد أعرفه، لكن ذكره أبو عبد الله غنجار في تاريخه، وأنه سمع من: يحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، وعمرو بن زرارة، وأبي حفص الفلاس، وطبقتهم.
روى عنه: محمد بن محمد بن نصر المروزي، وعمر بن محمد بن بجير، وسهل بن شاذويه، وغيرهم.
__________
= مسلم (1622) (7) في الهبات: باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض من طريقين، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
وانظر البخاري 5 / 160 في الهبة: باب هبة الرجل لامرأته، والمرأة لزوجها، و 12 / 304 في الحيل: باب في الهبة والشفعة.
(1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وهو في " المسند " 2 / 297، و 420، و
422، وأخرجه البخاري 8 / 492 و 493 في تفسير سورة الجمعة، ومسلم (2546) (231) في فضائل الصحابة: باب فضل فارس من طريق عبد العزير بن محمد، عن ثور بن يزيد المدني، عن أبي الغيث سالم، عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ (وآخرين لما يلحقوا بهم) قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله، فلم يراجععه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا، قال: وفينا سلمان الفارسي، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: " لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " وأخرجه مسلم " 2546 " من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن جعفر الجزري، عن يزيد بن الاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس أو قال من أبناء فارس حتى يتناوله ".
* تذكرة الحفاظ: 2 / 675، طبقات الحفاظ: 294، شذرات الذهب: 2 / 185.
(*)

(14/11)


قال أبو عمرو محمد بن إسحاق بن جبلة السمرقندي: مات عبدوس الحافظ بسمرقند، في سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
وقال غيره: مات في شعبان، سنة ثلاث وثمانين ومئتين، رحمه الله.
وفيها وقيل: في التي تليها مات شاعر عصره أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي البحتري (1) المنبجي، صاحب الديوان المشهور.

4 - صباح * ابن عبدالرحمن بن الفضل، الفقيه المحدث المعمر، مسند زمانه بالاندلس، أبو الغصن العتقي الاندلسي المرسي.
حدث عن: يحيى بن يحيى، ويحيى بن بكير، وأصبغ بن الفرج، وأبي مصعب الزهري، وسحنون، وطائفة.
وعمر دهرا طويلا.
روى عنه حفص بن محمد بن حفص، وغيره.
قال ابن الفرضي (2): لقي بمصر أصبغ بن الفرج، فسمع منه، وأقام عنده زمانا، ثم انصرف، وكان يرحل إليه للسماع والتفقه.
قال: وبلغني أنه توفي ابن مئة وثمانية عشر عاما، ومات في عاشر المحرم، سنة أربع وتسعين ومئتين.
__________
(1) ترجمته في " الاعاني " 21 / 29، " معجم الادباء " 19 / 248، 258، " وفيات الاعيان " 6 / 21، 31، " العبر " 2 / 73.
* تاريخ علماء الاندلس: 203 202، جذوة المقتبس: 245، بغية الملتمس: 324، العبر: 2 / 98 97، دول الاسلام: 1 / 178، شذرات الذهب: 2 / 216.
(2) في " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 202، 203.
(*)

(14/12)


وقال أبو سعيد بن يونس، ومحمد بن حارث: عاش مئة وخمس سنين.

5 - عبدان بن محمد * ابن عيسى، الاما الكبير، فقيه مرو، أبو محمد المروزي الزاهد.
سمع قتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، وأبا كريب، وعبد الله بن منير، وإسماعيل بن مسعود الجحدري، وعبد الجبار بن العلاة، ومحمد بن بشار، وطبقتهم، وتفقه بأصحاب الشافعي، الربيع وغيره، وبرع في المذهب، وبعد صيته.
روى عنه: أبو حامد بن الشرقي، والدغولي، وعلي بن حمشاذ، ويحيى بن محمد العنبري، وأبو أحمد العسال، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة.
وصنف كتاب: الموطأ، وغير ذلك.
قال أبو نعيم الغفاري: سمعته يقول: ولدت سنة عشرين ومئتين، ليلة عرفة.
قلت: لقيه الطبراني في الحج.
قال أبو سعد السمعاني في " الانساب " (1): عبدان الفقيه
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 136 135، الانساب: 138 / أ، المنتظم: 6 / 58، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 119 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 688 687، العبر: 2 / 95، مرآة الجنان: 2 / 221، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 298 297، طبقات الحفاظ: 299 298، حسن المحاضرة: 1 / 349، شذرات الذهب: 2 / 215، الرسالة المستطرفة: 126.
(1) 3 / 324.
(*)

(14/13)


الجنوجردي، وجنوجرد (1): من قرى مرو.
اسمه: عبد الله، وهو أحد من أظهر مذهب الشافعي بخراسان، وكان المرجوع إليه في الفتاوى والمعضلات بعد الامام أحمد بن سيار.
وكان أحمد قد حمل كتب الشافعي إلى مرو، وأعجب بها الناس، فأراد عبدان أن ينسخها، فلم يعره أحمد، فباع ضيعة له [ بجنوجرد ]، وسار إلى مصر، وحصل الكتب على الوجه وأكثر، فدخل أحمد بن سيار عليه مسلما ومهنئا واعتذر، فقال: لا تعتذر، فإن لك علي منة في ذلك، فلو دفعت إلي الكتب لما رحلت إلى مصر.
قال أبو نعيم عبدالرحمن بن محمد الغفاري: توفي عبدان ليلة عرفة أيضا، يعني كما ولد فيها، سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
وقال أبو بكر الخطيب (2): كان ثقة، حافظا، صالحا، زاهدا.
أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن الحداد، أخبرنا محمد بن إسماعيل،
وأخبرنا عبد الله بن أبي العيش، أخبرنا إبراهيم بن خليل قالا: أخبرنا يحيى ابن محمود، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية مرتين، وأبو عدنان محمد ابن أحمد حضورا، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا عبدان بن محمد المروزي بمكة سنة سبع وثمانين ومئتين، أخبرنا قتيبة، أخبرنا سحبل (3) بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي، عن أبيه، عن أبي حدرد الاسلمي قال: كان ليهودي علي أربعة دراهم، فلزمني ورسول
__________
(1) بضم الجيم والنون وكسر الجيم الاخرى كما في " الانساب " و " اللباب " و " لب اللباب ".
وقد انفرد ياقوت، فضبطها في " معجمه " 2 / 172 بالفتح ثم الضم.
(2) في " تاريخه " 11 / 135.
(3) بفتح السين وسكون الحاء المهملة بعدها باء ثم لام: لقب لعبد الله بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي، وقد تصحف في " معجم الطبراني الصغير " إلى سخيل.
(*)

(14/14)


الله صلى الله عليه وسلم يريد الخروج إلى خيبر، فاستنظرته إلى أن أقدم، فقلنا: لعلنا أن نغنم شيئا، فجاء بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أعطه حقه " مرتين.
وكان إذا قال الشي ء ثلاث مرار لم يراجع.
وعلي إزار، وعلى رأسي عصابة، فلما خرجت قلت: اشتر مني هذا الازار، فاشتراه بالدراهم التي له علي (1).
الحديث تفرد به قتيبة.

6 - جعفر بن أحمد * ابن أبي عبدالرحمن الشاماتي، الامام المحدث الرحال المصنف، أبو محمد النيسابوري، الفقيه الشافعي.
تفقه بأبي إبراهيم المزني، وسمع إسحاق بن راهويه، وإسماعيل بن
موسى الفزاري، وأبا كريب، ومحمد بن رافع، وأحمد بن عبدة الضبي، ومحمد بن بشار، وأبا موسى الزمن، وعبد الله بن عمر العابدي، وإسحاق الكوسج، ويونس بن عبدالاعلى، وطبقتهم، بالحجاز، ومصر، والعراق، وخراسان.
روى عنه: أبو عبد الله بن يعقوب الشيباني، وأبو الفضل بن إبراهيم، وأبو بكر بن جعفر،، وأبو الوليد جمعان بن محمد، وطائفة.
قال أبو عبد الله الحاكم: حدثني أبو بكر بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن أحمد الشاماتي، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا الهيثم بن عدي، قال: سمعت أبي يقول: سعى رجل برجل إلى الحجاج وقال: أعز الله الامير، هذا رجل خارجي، يشتم علي بن أبي سفيان، ويقع في معاوية بن أبي طالب.
__________
(1) أخرجه الطبراني في " معجمه الصغير " 1 / 234 برقم (645).
* الانساب: 327 / أ.
(*)

(14/15)


فقال الحجاج: لا أدري بأيهما أنت أعلم، بالانساب أو بالاديان ؟ ! قال: وحدثني أبو محمد بن أبي عبد الله، عن أبيه: أن الشاماتي مات في ذي القعدة: سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
وفيها مات محمد بن إبراهيم بن شبيب، وعلي بن محمد الجكاني بهراة، وأبو سعد يحيى بن منصور بهراة، وأبو مسلم الكجي، وأبو خازم عبدالحميد القاضي، ويحيى بن عبدا لباقي الاذني، وأبو بكر أحمد بن عمرو البزار، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وطاهر بن عيسى بن قيرس، وأبو الآذان عمر بن إبراهيم، وأحمد بن الحسن المصري، وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين.

7 - علي بن الحسين بن الجنيد * الامام الحافظ الحجة، أبو الحسن النجعي الرازي، المعروف، في بلده بالمالكي، لكونه جمع حديث مالك الامام، وكان من أئمة هذا الشأن.
سمع أبا جعفر النفيلي، والمعافى بن سليمان، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وأبا مصعب الزهري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، والقاسم ابن عثمان الجوعي، والوليد بن عتبة، وأحمد بن صالح المصري، وخلائق.
حدث عنه: ابن أبي حاتم، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن الحسن بن ماجه، ودعلج السجزي، وأبو أحمد العسال، وأبو جعفر العقيلي، وإسماعيل بن نجيد، وآخرون.
__________
* الجرح والتعديل: 6 / 179، مختصر طبقات علماء لحديث لابن عبد الهادي: الورقة 116 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 672 671، العبر: 2 / 89، دول الاسلام: 1 / 176، طبقات الحفاظ: 293 292، شذرات الذهب: 2 / 208.
(*)

(14/16)


وثقة ابن أبي حاتم (1)، وسماه حافظ حديث الزهري ومالك.
قال أبو الشيخ: توفي سنة إحدى وتسعين ومئتين بالري.
وأما الخليلي، فأرخ موته في سنة ثمان وثمانين ومئتين، وقال: هو حافظ علم مالك، صاحب ديانة.
قلت: الاصح وفاته في آخر سنة إحدى وتسعين ومئتين.
وفيها مات عدة من العلماء، منهم: مقرئ مكة أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن جرجة قنبل المكي، في عشر المئة.
ومقرئ دمشق هارون بن موسى بن شريك الدمشقي الاخفش، تلميذ ابن ذكوان.

8 - هارون بن خمارويه * ابن أحمد بن طولون التركي، الملك صاحب مصر، أبو موسى.
تملك إذ خلع أخوه جيش (2)، فحشد عمه ربيعة بن أحمد، وأقبل من الاسكندرية، فالتقوا، فقتل جماعة، وجرح فرس ربيعة، فسقط، فأسروه،
__________
(1) في " الجرح والتعديل " 6 / 179.
* تاريخ الطبري: 10 / 119 118، صلة تاريخ الطبري: 16، ولاة مصر للكندي: 266 - 269، العبر: 2 / 91، دول الاسلام: 1 / 176 - 177، مرآة الجنان: 2 / 220، البداية والنهاية: 11 / 99، النجوم الزاهرة: 3 / 93 حسن المحاضرة: 1 / 596، تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، شذرات الذهب: 2 / 209.
(2) يوم الاحد لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومئيتن.
وجيش هذا: هو أبو العساكر، جيش بن خمارويه، ولي مصر بعد وفاة والده خمارويه بن أحمد، ودامت ولايته ستة أشهر واثني عشر يوما.
انظر أخباره في: " ولاة مصر " ص 265 - 266، و " النجوم الزاهرة " 3 / 88، و " حسن المحاضرة " 1 / 596.
(*)

(14/17)


فسجن، ثم ضرب ومات سنة أربع وثمانين.
وناب لهارون على الشام بدر الحمامي، ثم إن المكتفي الخليفة بعث محمد بن سليمان الكاتب، فانضم إليه بدر وغيره، فتهيأ هارون للحرب، وخرج عن الطاعة، والتقوا، فقتل خلق من الفريقين، ودامت الفتنة، وضعف أمر هارون فقتله عماه: شيبان وعدي بأخيهما، في صفر سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
وكانت دولته ثمانية أعوام وأشهرا، وقتل شابا.
وتملك عمه شيبان أبو المقانب (1)، ثم تلاشى أمره بعد أيام، وزالت دولة آل طولون، وطرد من بقي
منهم بمصر، نحو من عشرين نفرا.

9 - القاسم بن عبيد الله * ابن سليمان بن وهب بن سعيد الحارثي الوزير.
ولي الوزارة للمعتضد بعد موت والده الوزير الكبير عبيد الله، في سنة ثمان وثمانين، وظهرت شهامته، وزاد تمكنه، فلما مات المعتضد في سنة تسع وثمانين ومئتين، قام القاسم بأعباء الخلافة، وعقد البيعة للمكتفي، وكان ظلوما عاتيا، يدخله من أملاكه في العام سبع مئة ألف دينار، وإنما تقدم بخدمته للمكتفي، وكان سفاكا للدماء، أباد جماعة، ولما مات شمت الناس بموته.
__________
(1) انظر في ذلك: " ولاة مصر " ص 270 - 271، و " النجوم الزاهرة " 3 / 134، و " حسن المحاضرة " 1 / 596 وهو فيه " أبو المغانم ".
* تاريخ الطبري: 10 / 107 - 108، صلة تاريخ الطبري: 11 / 12، مروج الذهب: 2 / 494 - 496، المنتظم: 6 / 47 46، الكامل في التاريخ: 7 / 533، إعتاب الكتاب: 185 182، وفيات الاعيان: 3 / 361 - 362، العبر: 2 / 89، دول الاسلام: 1 / 176، البداية والنهاية: 11 / 98، النجوم الزاهرة: 3 / 133.
(*)

(14/18)


وقال النوفلي: كنت أبغضه لكفره، ولمكروه نالني منه (1).
قال ابن النجار: أخذ البيعة للمكتفي، وكان غائبا بالرقة، وضبط له الخزائن، فلقبه ولي الدولة، وزوج ولده بابنة القاسم على مئة ألف دينار.
ثم قال ابن النجار: كان جوادا ممدحا، إلا أنه كان زنديقا، وكان مؤدبه أبو إسحاق الزجاج، فنال في دولته مالا جزيلا من الرشوة، فحصل أربعين ألف دينار.
هلك القاسم عن ثلاث وثلاثين سنة، لا رحمه الله.
قال الصولي: حدثنا شادي المغني قال: كنت عند القاسم وهو يشرب، فقرأ عليه ابن فراس من عهد أردشير (2)، فأعجبه، فقال له ابن فراس: هذا والله وأومأ إلي أحسن من بقرة هؤلاء وآل عمرانهم.
وجعلا يتضاحكان.
قال الصولي: وأخبرنا ابن عبدون: حدثني الوزير عباس بن الحسن قال: كنت عند القاسم بن عبيد الله، فقرأ قارئ: (كنتم خير أمة أخرجت) [ آل عمران: 110 ] فقال ابن فراس: بنقصان ياء، فوثبت فزعا، فردني القاسم وغمزه، فسكت.
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 362.
(2) كذا ضبطه الحافظ الدارقطني فيما نقله عنه ابن خلكان في " الوفيات " 4 / 360، وهو أردشير بن بابك بن ساسان: جد ملوك الفرس الذين آخرهم يزدجرد.
انظر ترجمته في " الاخبار الطوال " ص 45 42، و " تاريخ الطبري " 2 / 43 37، و " مروج الذهب " 1 / 245 وما بعدها.
و " عهد أردشير " طبع بتحقيق الدكتور إحسان عباس، وقد قام بنشره دار صادر وهو مجموعة وصايا خلفها أردشير لمن يليه في حكم فارس من الملوك، لتكون لهم عونا في إدارة شؤون ممالكهم، جمع فيها تجاربه في الحكم والادارة، وقد أصبح هذا العهد دستورا لمن جاء بعده من الملوك.
(*)

(14/19)


الصولي: أخبرنا علي بن العباس النوبختي قال: انصرف ابن الرومي الشاعر من عند القاسم بن عبيد الله، فقال لي: ما رأيت مثل حجة أوردها اليوم الوزير في قدم العالم، وذكر أبياتا.
قلت: هذه أمور مؤذنة بشقاوة هذا المعثر، نسأل الله خاتمة خير.
مات هذا في ذي القعدة، سنة إحدى وتسعين ومئتين، ووزر بعده العباس بن الحسن، الذي قتل مع ابن المعتز.
وقال شاعر: شربنا عشية مات الوزير * سرورا ونشرب في ثالثه فلا رحم الله تلك العظام * ولا بارك الله في وارثه (1)

10 - قاتل قتيبة * الامام الرحال، أبو بكر، عبد الصمد بن هارون القيسي، النيسابوري، المشهور بقاتل قتيبة.
سمع قتيبة، وأبا مصعب، وأحمد بن حنبل، وابن راهويه، وهشام بن عمار، والعدني.
وعنه: أبو حامد بن الشرقي، ومؤمل بن الحسين، ومحمد بن صالح ابن هانئ.
وأحمد بن إسحاق الصيدلاني، وآخرون.
قال: الحاكم: مات في شوال، سنة أربع وثمانين ومئتين.
__________
(1) البيتان لعبد الله بن الحسن بن سعد، وقد ذكرهما ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 3 / 362.
* الانساب: 468 / ب، تاريخ ابن عساكر: 10 / 173 / ب.
(*)

(14/20)


11 - محمد بن عثمان بن أبي شيبة * الامام الحافظ المسند، أبو جعفر العبسي الكوفي.
سمع أباه، وعميه: أبا بكر، والقاسم، وأحمد بن يونس اليربوعي، وعلي بن المديني، ويحيى الحماني، وسعيد بن عمرو الاشعثي، ومنجاب ابن الحارث، والعلاء بن عمرو الحنفي، وأبا كريب، وهنادا، وخلقا
سواهم.
وعنه: ابن صاعد، وابن السماك، والنجاد، وجعفر الخلدي، وابن أبي دارم، وإسماعيل الخطبي، وأبو بكر الشافعي، وسعد بن محمد الناقد، وأبو علي بن الصواف، وأبو القاسم الطبراني، والحسين بن عبيد الدقاق، والاسماعيلي، وخلق.
وجمع وصنف، وله تاريخ كبير، ولم يرزق حظا، بل نالوا منه.
وكان من أوعية العلم.
وقال صالح جزرة: ثقة.
وقال ابن عدي (1): لم أر له حديثا منكرا فأذكره.
وأما عبد الله بن أحمد بن حنبل فقال: كذاب.
__________
* الكامل لابن عدي: 4 / 82، فهرست ابن النديم: 320، تاريخ بغداد: 3 / 47 42، الانساب: 382، المنتظم: 6 / 96 95، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 114 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 662 661، العبر: 2 / 108، ميزان الاعتدال: 3 / 643 642، دول الاسلام: 1 / 181، الوافي بالوفيات: 4 / 82، مرآة الجنان: 2 / 230، البداية والنهاية: 11 / 111، لسان الميزان: 5 / 281 280، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 288 287، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 193 192، شذرات الذهب: 2 / 226.
(1) في " الكامل " 4 / 317.
(*)

(14/21)


وقال عبدالرحمن بن خراش: كان يضع الحديث.
وقال مطين: هو عصا موسى، يتلقف ما يأفكون.
وقال أبو الحسن الدارقطني: إنه أخذ كتاب غير محدث.
وقال أبو بكر البرقاني: لم أزل أسمع الشيوخ يذكرون أنه مقدوح فيه.
وعن عبدان قال: لا بأس به.
قال أبو الحسين بن المنادي: كنا نسمع الشيوخ يقولون: مات حديث الكوفة لموت محمد بن أبي شيبة، ومطين، وموسى بن إسحاق، وعبيد بن غنام.
قلت: اتفق موت الاربعة في عام.
مات ابن أبي شيبة في جمادى الاولى، سنة سبع وتسعين ومئتين، وقد قارب التسعين.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا مسعود الجمال، وأحمد بن محمد التيمي، ونبأني عنهما ابن سلامة، أن أبا علي الحداد أخبرهم: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا سعد بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن عبد خير، عن علي رضي الله عنه قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسمت أن لا أضع ردائي عن ظهري، حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعته عن ظهري حتى جمعت القرآن (1).
__________
(1) الحكم بن ظهير: متروك كما في " التقريب ".
وأخرجه ابن أبي داود في " المصاحف " ص: 1 من طريق ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف، (*)

(14/22)


أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، الفقيه المقدسي، في كتابه: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق، حدثنا أبو جعفر محمد بن
عثمان، سنة ست وتسعين ومئتين، حدثنا حمزة بن مالك، حدثني عمي سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الناس دثار والانصار شعار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الانصار.." الحديث (1).
ومات مع ابن أبي شيبة مطين، وعبيد بن غنام، وعبد الرحمن بن القاسم الرواس بدمشق، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وإسماعيل بن محمد ابن قيراط الدمشقي، والفقيه محمد بن داود الظاهري، ويوسف بن يعقوب القاضي، وموسى بن إسحاق الانصاري، وأحمد بن أبي عوف البزوري، ومحمد بن أحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن داود بن عثمان الصدفي.

12 - صالح بن محمد * ابن عمرو بن حبيب بن حسان بن المنذر بن أبي الاشرس، واسم أبي
__________
ففعل، فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن ؟ قال: لا والله، إلا اني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة.
فبايعه ثم رجع.
وأشعث: هو ابن سوار: ضعيف.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد في " مسنده " 2 / 419 من طريق قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبدالرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وفيه، " الانصار شعاري، والناس دثاري ".
وأخرجه مطولا البخاري: 8 / 38، ومسلم: (1061) من طريق عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح حنينا قسم الغنائم..* تاريخ بغداد: 9 / 328 322، تاريخ ابن عساكر: 8 / 111 / أ، المنتظم: 6 / 62، تذكرة الحفاظ: 2 / 642 641، العبر: 2 / 97، دول الاسلام: 1 / 198، البداية والنهاية: 11 / 102، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 282 281، شذرات الذهب: 2 / 216، تهذيب ابن عساكر: 6 / 381، 382.
(*)

(14/23)


الاشرس: عمار، مولى لبني أسد بن خزيمة.
الامام الحافظ الكبير الحجة، محدث المشرق، أبو علي الاسدي البغدادي، الملقب جزرة بجيم وزاي نزيل بخارى.
مولده سنة خمس ومئتين ببغداد.
وسمع سعيد بن سلمان سعدويه، وخالد بن خداش، وعلي بن الجعد، وعبيد الله بن محمد العيشي، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وأبا نصر التمار، ويحيى بن عبدالحميد الحماني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وهدبة بن خالد، ومنجاب بن الحارث، وأبا خيثمة، والازرق بن علي، وخلف بن هشام البزار، وهشام بن عمار، وطبقتهم، بالحرمين، والشام، والعراق، ومصر، وبخراسان، وما وراء النهر.
وجمع وصنف، وبرع في هذا الشأن.
حدث عنه: مسلم بن الحجاج خارج " الصحيح "، وهو أكبر منه بقليل، وأحمد بن علي بن الجارود الاصبهاني، وأبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وخلف بن محمد الخيام، وأبو أحمد علي بن محمد الحبيبي، وبكر ابن محمد بن حمدان الصيرفي، والهيثم بن كليب الشاسي، وأحمد بن سهل، ومحمد بن محمد بن صابر، وخلق سواهم.
واستوطن بخارى من سنة ست وستين ومئتين، وملكه أمير بخارى بالاحسان والاحترام.
قال الدارقطني: هو من ولد حبيب بن أبي الاشرس، أقام ببخارى، وحديثه عندهم.
قال: وكان ثقة حافظا غازيا.
وقال الحافظ أبو سعد الادريسي: صالح بن محمد، ما أعلم في
عصره بالعراق وخراسان في الحفظ مثله، دخل ما وراء النهر، فحدث مدة

(14/24)


من حفظه، وما أعلم أخذ عليه مما حدث خطأ، ورأيت أبا أحمد بن عدي يفخم أمره ويعظمه.
وقال محمد بن عبد الله الكتاني: سمعته يقول: أنا صالح بن محمد: فساق نسبه كما قدمنا.
وكذلك ساقه الخطيب (1) وقال: حدث من حفظه دهرا طويلا، ولم يكن استصحب معه كتابا، وكان صدوقا ثبتا، ذا مزاح ودعابة، مشهورا بذلك.
وقال أبو حامد بن الشرقي: كان صالح بن محمد يقرأ على محمد بن يحيى (2) في " الزهريات "، فلما بلغ حديث عائشة: أنها كانت تسترقي من الخرزة.
فقال: من الجزرة، فلقب به.
رواها الحاكم، عن أبي زكريا العنبري، عنه، ثم قال أبو بكر الخطيب: هذا غلط، لانه لقب بجزرة في حداثته، يعني قبل ارتحاله إلى محمد بن يحيى بزمان.
قال: فأخبرنا الماليني، حدثنا ابن عدي، سمعت محمد بن أحمد ابن سعدان، سمعت صالح بن محمد يقول: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام، وكان عنده عن حريز بن عثمان، فقرأت عليه: حدثكم حريز (3) بن عثمان قال: كان لابي أمامة خرزة يرقي بها المريض.
فقلت: جزرة، فلقبت جزرة (4).
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 9 / 322.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، أحد الحفاظ الاعيان.
له " الزهريات ": في مجلدين، جمع فيها حديث ابن شهاب الزهري وجوده، وكان قد اعتنى به، وتعب عليه.
انظر " الرسالة المستطرفة "
ص 111 110.
(3) قال الحافظ في " التقريب ": حريز: بفتح أوله وكسر الراء، وآخره زاي، ابن عثمان الرحبي الحمصي، ثقة ثبت، ورمي بالنصب، مات سنة 163 ه وله ثمانون سنة.
وقد تحرف في " تاريخ بغداد " إلى جرير.
(4) تاريخ بغداد 9 / 323.
(*)

(14/25)


وقال أحمد بن سهل البخاري الفقيه: سمعت أبا علي وسئل: لم لقبت جزرة ؟ فقال: قدم عمر بن زرارة الحدثي بغداد، فاجتمع عليه خلق، فلما كان عند فراغ المجلس سئلت: من أين سمعت ؟ فقلت: من حديث الجزرة، فبقيت علي.
وقال خلف بن محمد الخيام: حدثنا سهل بن شاذويه: أنه سمع الامير خالد بن أحمد يسأل أبا علي: لم لقبت جزرة ؟ قال: قدم علينا عمر ابن زرارة، فحدثهم بحديث عن عبد الله بن بسر: أنه كان له خرزة للمريض، فجئت وقد تقدم هذا الحديث، فرأيت في كتاب بعضهم، وصحت بالشيخ: يا أبا حفص ! يا أبا حفص ! كيف حديث عبد الله بن بسر: أنه كانت له جزرة يداوي بها المرضى، فصاح المحدثون المجان، فبقي علي حتى الساعة.
قلت: قد كان صالح صاحب دعابة، ولا يغضب إذا واجهه أحد بهذا اللقب.
قال أبو بكر البرقاني: أخبرنا أبو حاتم بن أبي الفضل الهروي قال: كان صالح ربما يطنز (1)، كان ببخارى رجل حافظ يلقب بجمل، فكان يمشي مع صالح بن محمد، فاستقبلهما بعير عليه جزر.
فقال: ما هذا يا أبا علي ؟
قال: أنا عليك هذه حكاية منقطعة.
وروى الحاكم: أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي: سمعت صالح بن محمد قال: كنت أساير الجمل الشاعر بمصر، فاستقبلنا جمل عليه جزر.
__________
(1) طنز يطنز بكسر النون كما في " اللسان ": سخر واستهزأ.
وقد ضبطت في الاصل بضم النون، ولم نر من نص على ذلك.
(*)

(14/26)


فقال: ما هذا يا أبا علي ؟ قلت: أنا عليك.
قال خلف الخيام: سمعت صالحا يقول: اختلفت إلى علي بن الجعد أربع سنين، وكان لا يقرأ ثلاثة أحاديث كل يوم، أو كما قال، وفي رواية: كان يحدث لكل إنسان بثلاثة أحاديث، عن شعبة.
وعن جعفر الطستي: أنه سمع أبا مسلم الكجي يقول، وذكر عنده صالح جزرة فقال: ما أهونه عليكم، ألا تقولون: سيد المسلمين !.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول لابي زرعة: حفظ الله أخانا صالح بن محمد، لا يزال يضحكنا شاهدا وغائبا، كتب إلي يذكر أنه مات محمد بن يحيى الذهلي، وجلس للتحديث شيخ يعرف بمحمد بن يزيد محمش، فحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا أبا عمير، ما فعل البعير ؟ " (1).
وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصحب الملائكة رفقة فيها خرس " (2)، فأحسن الله عزاءكم في الماضي، وأعظم أجركم في الباقي.
__________
(1) هذا اللفظ محرف عن " النغير " وهو تصغير " النغر ".
قال ابن الاثير في " النهاية ": " هو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، يجمع لفظه على " نغران ".
وقد أخرج الحديث البخاري: 10 / 436 في الادب: باب الانبساط إلى الناس، و 481: باب الكنية للصبي، ومسلم (2150) في الآداب، والترمذي (333) و (1989)،
وابن ماجه (3720) كلهم من طريق أبي التياح، عن أنس بن مالك رضي الله عنه..(2) هذه اللفظة محرفة عن " جرس " وهو ما يعلق في رقبة الدواب.
وقد أخرج حديث الجرس أبو داود (2554) في الجهاد: باب في تعليق الجرس، وأحمد: 6 / 327 عن أم حبيبة رضي الله عنها، وفي سنده أبو الجراح مولى أم حبيبة لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (2113) وأحمد: 2 / 311 و 327، والدارمي: 2 / 288 من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: " لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس ".
(*)

(14/27)


وروى البرقاني عن أبي حاتم بن أبي الفضل الهروي قال: بلغني أن صالحا سمع بعض الشيوخ يقول: إن السين والصاد يتعاقبان، فسأل [ بعض تلامذته ] عن كنيته، فقال [ له ]: أبو صالح.
قال: فقلت للشيخ: يا أبا سالح: أسلحك الله، هل يجوز أن يقرأ: (نحن نقس عليك أحسن القسس) ؟ فقال لي بعض تلامذته: تواجه الشيخ بهذا ؟ فقلت: فلا يكذب، إنما تتعاقب السين والصاد في مواضع.
وروي عن صالح بن محمد قال: الاحول في البيت مبارك، يرى الشئ شيئين.
قال بكر بن محمد الصيرفي: سمعت صالحا يقول: كان عبد الله ابن عمر بن أبان يمتين أصحاب الحديث، وكان غاليا في التشيع، فقال لي: من حفر بئر زمزم ؟ قلت: معاوية، قال: فمن نقل ترابها ؟ قلت: عمرو بن العاص، فصاح في وقام.
قال أبو النضر الفقيه: كنا نسمع من صالح بن محمد وهو عليل، فبدت عورته، فأشار إليه بعضنا بأن يتغطى، فقال: رأيته ؟ لاترمد أبدا.
قال أبو أحمد علي بن محمد: سمعت صالح بن محمد يقول: كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث، ولا يحدث ما لم يأخذ، فدخلت عليه يوما، فقال: يا أبا علي ! حدثني.
فقلت: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: علم مجانا كما علمت مجانا، فقال: تعرض بي ؟ فقلت: لا، بل قصدتك.
قال الحاكم: سمعت أبا النضر (1) الطوسي يقول: مرض صالح
__________
(1) بالضاد المعجمة كما في الاصل.
و " الانساب " وتصحف في اللباب إلى " النصر " بالصاد المهملة.
(*)

(14/28)


جزرة، فكان الاطباء يختلفون إليه، فلما أعياه الامر، أخذ العسل والشونيز (1)، فزادت حماه، فدخلوا عليه وهو يرتعد ويقول: بأبي أنت يا رسول الله، ما كان أقل بصرك بالطب.
قلت: هذا مزاح لا يجوز مع سيد الخلق، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالطب النبوي، الذي ثبت أنه قاله على الوجه الذي قصده فإنه قاله بوحي، " فإن الله لم ينزل داء، إلا وأنزل له دواء " (2) فعلم رسوله ما أخبر الامة به ولعل صالحا قال هذه الكلمة من الهجر (3) في حال غلبة الرعدة، فما وعى ما يقول، أو لعله تاب منها، والله يعفو عنه.
قال علي بن محمد المروزي: حدثنا صالح بن محمد: سمعت عباد ابن يعقوب يقول: الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة.
قلت: ويلك ! ولم ؟ قال: لانهما قاتلا عليا بعد أن بايعاه.
قال ابن عدي (4): بلغني أن صالح بن محمد وقف خلف الشيخ أبي الحسين عبد الله بن محمد السمناني، وهو يحدث عن بركة الحلبي بتلك
الاحاديث، فقال: يا أبا الحسين ! ليس ذا بركة، ذا نقمة.
__________
(1) الشونيز: هو الحبة السوداء في لغة الفرس، وانظر ما كتبه ابن القيم عن الشونيز في " زاد المعاد " 4 / 300 297.
(2) أخرجه البخاري: 10 / 114 113 في أول كتاب الطب عن أبي هريرة مرفوعا، وأخرجه ابن ماجه (3438) في الطب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه أبو داود في الطب (3855) عن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الاعراب من ها هنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله انتداوى ؟ فقال: " تداووا، فإن الله عزوجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم ".
وأخرجه أحمد: 4 / 278، وابن ماجه (3436)، والترمذي (2038) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال: وصححه ابن حبان (1395) و (1924).
(3) أي: من الهذيان.
انظر " اللسان " مادة " هجر ".
(4) في " الكامل " 1 / 39 / أ، في ترجمته لبركة الحلبي.
(*)

(14/29)


قلت: كان بركة يتهم بالكذب (1).
قال الحاكم: أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه: سمعت أبا علي يقول: كان بالبصرة أبو موسى الزمن، في عقله شئ، فكان يقول: حدثنا عبد الوهاب أعني ابن عبدالحميد حدثنا أيوب يعني السختياني.
فدخل عليه أبو زرعة، فسأله عن حديث، فقال: حدثنا حجاج.
فقلت: يعني ابن منهال.
فقال أبو زرعة: أي شئ تعذب المسكين ؟.
وقال: كنا في مجلس أبي علي، فلما قام قال له رجل من المجلس: يا شيخ ! ما اسمك ؟ قال: واثلة بن الاسقع.
فكتب الرجل: حدثنا واثلة بن الاسقع.
قال أبو الفضل بن إسحاق: كنت عند صالح بن محمد، ودخل عليه رجل من الرستاق (2)، فأخذ يسأله عن أحوال الشيوخ، ويكتب جوابه، فقال: ما تقول في سفيان الثوري ؟ فقال: ليس بثقة.
فكتب الرجل ذلك، فلمته، فقال لي: ما أعجبك ! من يسأل عن مثل سفيان لا تبال حكى عنك أو لم يحك.
قال أحمد بن سهل: كنت مع صالح بن محمد [ جالسا على باب داره ] إذ أقبل ابنه، عن يمينه رجل أقصر منه، وعن يساره صبي، فقال لي صالح: يا أبا نصر ! تبت (3) ؟.
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " للمؤلف: 1 / 304 303.
(2) فارسي معرب: يجمع على الرساتيق وهي السواد القرى.
قال ابن ميادة: تقول خود ذات طرف براق هلا اشتريت حنطة بالرستاق سمراء من ما درس ابن مخراق انظر " اللسان " " رستق "، و " المعرب " للجو اليقي: 158.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد " 9 / 328 327 وما بين حاصرتين منه.
(*)

(14/30)


ويقال: كان ولد صالح مغفلا، فقال صالح: سألت الله أن يرزقني ولدا، فرزقني جملا.
قال أبو عبد الله الحاكم في " تاريخه ": صالح بن محمد، أبو علي، أحد اركان الحفظ، سمع سعيد بن سليمان الواسطي.
قلت: هذا سعدويه، وهو أقدم شيخ له.
ثم سمى له الحاكم علي بن الجعد وجماعة، وقال: فهؤلاء من أتباع التابعين، ورحلته الدنيا بأسرها.
كتب من مصر إلى
سمرقند.
ورد نيسابور سنة ثلاث وخمسين ومئتين، فاستوطنها مدة، فلما توفي الذهلي كان في نفسه من أحاديث يسمعها من محمد بن عبد الله بن قهزاذ، فرحل إليه، فذكر له بمرو أحاديث عن عمر بن محمد البخاري أفراد، فخرج إليه.
قال: فثبطه الامير إسماعيل بن أحمد ببخارى، وأقبل عليه، فتأهل وولد له.
ومات بها في آخر سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
وسمعت محمد بن العباس الضبي، سمعت بكر بن محمد الصيرفي، سمعت أبا علي صالح بن محمد قال: دخلت مصر فإذا حلقة ضخمة، فقلت: من هذا ؟ قالوا: صاحب نحو.
فقربت منه، فسمعته يقول: ما كان بصاد، جاز بالسين.
فدخلت بين الناس وقلت: صلام عليكم يا أبا سالح، سليتم بعد ؟ فقال لي: يا رقيع ! أي كلام هذا ؟ قلت: هذا من قولك الآن، قال: أظنك من عياري بغداد.
قلت: هو ما ترى.
قال ابن عدي: سمعت عصمة بن بجماك، سمعت صالح بن محمد جزرة يقول: حضرت مجلس أحمد بن صالح، فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي.
فقلت: أما الماجن فأنا هو وكان يقال له: صالح الماجن قد حضر مجلسك.

(14/31)


ثم إن الحاكم مد النفس في ترجمة صالح بالغرائب والسؤالات، وحدث عن جماعة كثيرة سمعوا من صالح بن محمد، آخرهم وفاة أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر، بقي إلى سنة نيف وسبعين وثلاث مئة ببخارى، وكانت وفاة صالح في ذي الحجة، لثمان بقين منه، سنة ثلاث وتسعين ومئتين، وله تسع وثمانون سنة.
وفيها مات عمر بن حفص السدوسي.
ومحمد بن عبدوس بن كامل.
وعبدان بن محمد الفقيه بمرو.
وأبو بكر محمد بن جعفر بن أعين بمصر.
وسليمان بن المعافى بن سليمان، توفي بالثغر.
وداود بن الحسين.
قرأت على أبي القاسم عبدالرحمن بن عبد الحليم بن عمران، الفقيه سحنون بالثغر: أخبرنا عبدالرحمن بن عبدالمجيد الصفراوي، سنة إحدى وثلاثين وست مئة، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السفلي، أخبرنا القاضي أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، سنة إحدى وخمس مئة، أخبرنا عبد الصمد بن أبي نصر العاصمي ببخارى، أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد إملاء، حدثنا أبو علي صالح بن محمد البغدادي، حدثنا سريج بن يونس أبو الحارث، حدثنا سلم بن قتيبة، أخبرنا عبد الله بن المثنى، عن عمه ثمامة بن أنس، عن أنس بن مالك قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاث مرات، لتفهم عنه " أخرجه البخاري (1).
__________
(1) 1 / 169 في العلم: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، و 11 / 22 في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان ثلاثا.
وأخرجه الترمذي (2723)، والحاكم: 4 / 273 = (*)

(14/32)


أخبرنا عيسى بن أبي محمد، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا المبارك بن الطيوري، سمعت الصوري، سمعت أبا بكر بن نوح، سمعت أبا أحمد العسال، سمعت صالحا جزرة يقول: يحتاج المحدث أن يكتب مئة ألف ومئة ألف فلم يزل يقول: ومئة ألف ويرفع رأسه إلى فوق، حتى كادت
قلنسوته أن تسقط حديث بعلو، ومئة ألف ومئة ألف وجعل يخفض رأسه حتى عادت القلنسوة حديث بنزول، حتى يقال: إنه صاحب حديث.

13 - محمد بن نصر * ابن الحجاج المروزي الامام، شيخ الاسلام، أبو عبد الله الحافظ.
مولده ببغداد في سنة اثنتين ومئتين، ومنشؤه بنيسابور، ومسكنه سمرقند.
كان أبوه مروزيا، ولم يرفع لنا في نسبه.
ذكره الحاكم فقال: إمام عصره بلا مدافعة في الحديث.
سمع بخراسان من يحيى بن يحيى التميمي، وأبي خالد يزيد بن صالح، وعمر بن زرارة، وصدقة بن الفضل المروزي، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر.
وبالري: محمد بن مهران الحمال، ومحمد بن مقاتل،
__________
= وفيه: " لتعقل عنه " بدل " لتفهم عنه " ووهم الحاكم في استدراكه هذا الحديث، ودعواه ان البخاري لم يخرجه.
* طبقات العبادي: 49، تاريخ بغداد: 3 / 315 - 318، طبقات الشيرازي: 106 - 107، المنتظم: 6 / 66 63، تهذيب الاسماء واللغات: 1 / 94 92، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 112 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 650 - 653، العبر: 2 / 99، دول الاسلام: 1 / 178، الوافي بالوفيات: 5 / 111، مرآة الجنان: 2 / 223، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 246 - 255، البداية والنهاية: 11 / 103 102، تهذيب التهذيب: 9 / 489 - 490، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 284 285، حسن المحاضرة: 1 / 310 - 312، مفتاح السعادة: 2 / 71، شذرات الذهب: 2 / 216 - 217، الرسالة المستطرفة: 46.
(*)

(14/33)


ومحمد بن حميد، وطائفة.
وببغداد: محمد بن بكار بن الريان، وعبيد الله
ابن عمر القواريري، والطبقة.
وبالبصرة: شيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وعبد الواحد بن غياث، وعدة.
بالكوفة: محمد بن عبد الله بن نمير، وهناد، وابن أبي شيبة، وطائفة.
وبالمدينة: أبا مصعب، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وطائفة.
وبالشام: هشام بن عمار، ودحيما.
قلت: وبمصر من يونس الصدفي، والربيع المرادي، وأبي إسماعيل المزني، وأخذ عنه كتب الشافعي ضبطا وتفقها.
وكتب الكثير، وبرع في علوم الاسلام، وكان إماما مجتهدا علامة، من أعلم أهل زمانه باختلاف الصحابة والتابعين، قل أن ترى العيون مثله.
قال أبو بكر الخطيب (1): حدث عن عبدان بن عثمان.
ثم سمى جماعة، وقال: كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم [ في الاحكام ].
قلت: يقال: إنه كان أعلم الائمة باختلاف العلماء على الاطلاق.
حدث عنه: أبو العباس السراج، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو حامد ابن الشرقي، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الاخرم، وأبو النضر محمد ابن محمد الفقيه، وولده إسماعيل بن محمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق السمرقندي، وخلق سواهم.
قال أبو بكر الصيرفي من الشافعية: لو لم يصنف ابن نصر إلا كتاب: " القسامة " لكان من أفقه الناس.
وقال أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وقبل له: ألا تنظر إلى تمكن أبي
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 315، وما بن حاصرتين منه.
(*)

(14/34)


علي الثقفي عقله ؟ فقال: ذاك عقل الصحابة والتابعين من أهل المدينة.
قيل: وكيف ذاك ؟ قال: إن مالكا كان من أعقل أهل زمانه، وكان يقال: صار إليه عقل الذين جالسهم من التابعين، فجالسه يحيى بن يحيى النيسابوري، فأخذ من عقله وسمته، ثم جالس يحيى بن يحيى محمد بن نصر سنين، حتى أخذ من سمته وعقله، فلم ير بعد يحيى من فقهاء خراسان أعقل من ابن نصر، ثم إن أبا علي الثقفي جالسه أربع سنين، فلم يكن بعده أعقل من أبي علي.
قال عبد الله بن محمد الاسفراييني: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: كان محمد بن نصر بمصر إماما.
فكيف بخراسان ؟ وقال القاضي محمد بن محمد: كان الصدر الاول من مشايخنا يقولون: رجال خراسان أربعة: ابن المبارك، وابن راهويه، ويحيى بن يحيى، ومحمد بن نصر.
ومن كلام محمد بن نصر قال: لما كانت المعاصي بعضها كفرا، وبعضها ليس بكفر، فرق تعالى بينها، فجعلها ثلاثة أنواع: فنوع منها كفر، ونوع منها فسوق، ونوع منها عصيان، ليس بكفر ولا فسوق.
وأخبر أنه كرهها كلها إلى المؤمنين، ولما كانت الطاعات كلها داخلة في الايمان، وليس فيها شئ خارج عنه، لم يفرق بينها، فما قال: حبب إليكم الايمان والفرائض وسائر الطاعات، بل أجمل ذلك فقال: (حبب إليكم الايمان) [ الحجرات: 7 ] فدخل فيه جميع الطاعات، لانه قد حبب إليهم الصلاة والزكاة، وسائر الطاعات حب تدين، ويكرهون المعاصي كراهية تدين، ومنه قوله عليه السلام: " من سرته حسنته، وساءت ه سيئته، فهو مؤمن " (1).
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه الامام أحمد في " مسنده ": 1 / 18، 26، والترمذي (2165) في الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة من طريق محمد بن سوقة، عن عبد الله = (*)

(14/35)


وقال أبو عبد الله بن الاخرم: انصرف محمد بن نصر من الرحلة الثانية سنة ستين ومئتين، فاستوطن نيسابور، فلم تزل تجارته بنيسابور، أقام مع شريك له مضارب، وهو يشتغل بالعلم والعبادة، ثم خرج سنة خمس وسبعين إلى سمرقند، فأقام بها وشريكه بنيسابور، وكان وقت مقامه بنيسابور هو المقدم والمفتي بعد وفاة محمد بن يحيى، فإن حيكان (1) يعني يحيى ولد محمد بن يحيى ومن بعده أقروا له بالفضل والتقدم.
قال ابن الاخرم الحافظ: أخبرنا إسماعيل بن قتيبة: سمعت محمد بن يحيى غير مرة، إذا سئل عن مسألة يقول: سلوا أبا عبد الله المروزي.
وقال أبو بكر الصبغي: أدركت إمامين لم أرزق السماع منهما: أبو حاتم الرازي، ومحمد بن نصر المروزي، فأما ابن نصر، فما رأيت أحسن صلاة منه، لقد بلغني أن زنبورا قعد على جبهته، فسال الدم على وجهه، ولم يتحرك.
وقال محمد بن يعقوب بن الاخرم: ما رأيت أحسن صلاة من محمد ابن نصر، كان الذباب يقع على أذنه، فيسيل الدم، ولا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه
__________
= ابن دينار، عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: " أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بأمرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.
عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة، من سرته حسنته، وساءته سيئته فذلك المؤمن ".
وسنده صحيح، وصححه الحاكم: 1 / 114، ووافقه الذهبي، وقال
الترمذي: حسن صحيح.
(1) هو الحافظ يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي، شيخ نيسابور، المتوفى 267 ه، ويلقب: حيكان وقد تقامت ترجمته.
(*)

(14/36)


على صدره، فينتصب كأنه خشبة منصوبة.
قال: وكان من أحسن الناس خلقا، كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وعلى خديه كالورد، ولحيته بيضاء.
قال أحمد بن إسحاق الصبغي: سمعت محمد بن عبد الوهاب الثقفي يقول: كان إسماعيل بن أحمد والي خراسان يصل محمد بن نصر في العام بأربعة آلاف درهم، ويصله أخوه إسحاق بمثلها، ويصله أهل سمرقند بمثلها، فكان ينفقها من السنة إلى السنة، من غير أن يكون له عيال، فقيل له: لو ادخرت لنائبة ؟ فقال: سبحان الله ! أنا بقيت بمصر كذا كذا سنة، قوتي، وثيابي، وكاغذي (1)، وحبري وجميع ما أنفقه على نفسي في السنة عشرون (2) درهما، فترى إن ذهب ذا لا يبقى ذاك !.
قال الحافظ السليماني: محمد بن نصر إمام الائمة الموفق من السماء، سكن سمرقند، سمع يحيى بن يحيى، وعبدان، وعبد الله المسندي، وإسحاق، وله كتاب: " تعظيم قدر الصلاة، وكتاب: " رفع اليدين "، وغيرهما من الكتب المعجزة.
كذا قال السليماني، ولا معجز إلا القرآن.
ثم قال: مات هو وصالح جزرة في سنة أربع وتسعين.
أنبأني أبو الغنائم القيسي وجماعة سمعوا أبا اليمن الكندي: أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا الجوهري، أخبرنا ابن حيوية، حدثنا عثمان بن جعفر اللبان، حدثني محمد بن نصر قال: خرجت
من مصر ومعي جارية، فركبت البحر أريد مكة، فغرقت، فذهب مني ألفا
__________
(1) بفتح الغين المعجمة: هو القرطاس.
فارسي معرب.
(2) في الاصل " عشرين " وهو خطأ.
(*)

(14/37)


جزء، وصرت إلى جزيرة أنا وجاريتي، فما رأينا فيها أحدا، وأخذني العطش فلم أقدر على الماء، فوضعت رأسي على فخذ جارتي مستسلما للموت، فإذا رجل قد جاءني ومعه كوز، فقال لي: هاه.
فشربت وسقيتها، ثم مضى، فما أدري من أين جاء ؟ ولا من أين راح ؟.
وفي " الطبقات " لابي إسحاق: ولد محمد بن نصر ببغداد، ونشأ بنيسابور، واستوطن سمرقند.
وروي عنه [ أنه ] قال: لم يكن لي حسن رأي في الشافعي، فبينا أنا قاعد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أغفيت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم [ في المنام ]، فقلت: يا رسول الله ! أكتب رأي الشافعي ؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان وقال: تقول رأي ؟ ليس [ هو ] بالرأي، هو رد على من خالف سنتي.
فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي (1).
قال أبو إسحاق: وصنف ابن نصر كتبا، ضمنها الآثار والفقه، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الاحكام، وصنف كتابا فيما خالف أبو حنيفة عليا وابن مسعود.
قال أبو بكر الصيرفي: لو لم يصنف إلا كتاب: " القسامة " لكان من أفقه الناس، كيف وقد صنف سواه ؟ ! قال الوزير أبو الفضل محمد بن عبيد الله البلعمي (2): سمعت الامير إسماعيل بن أحمد يقول: كنت بسمرقند، فجلست يوما للمظالم، وجلس
__________
(1) الخبر مطولا في " طبقات الشيرازي " ص 107 106 وما بين حاصرتين منه.
وانظر أيضا " طبقات السبكي " 2 / 249.
(2) بفتح الباء الموحدة " وسكون اللام، وفتح العين المهملة وفي آخرها الميم: نسبة إلى " بلعم " بلدة من بلاد الروم.
وفي سبب نسبة جد الوزير أبي الفضل اختلاف انظره في " اللباب " 1 / 174.
(*)

(14/38)


أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر، فقمت له إجلالا للعلم، فلما خرج عاتبني أخي وقال: أنت والي خراسان تقوم لرجل من الرعية ؟ هذا ذهاب السياسة.
قال: فبت تلك الليلة وأنا متقسم القلب، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، كأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعضدي، فقال لي: ثبت ملكك وملك بنيك بإجلالك محمد بن نصر.
ثم التفت إلى إسحاق، فقال: ذهب ملك إسحاق، وملك بنيه باصتخفافه بمحمد بن نصر.
قلت: كان محمد بن نصر زوج أخت يحيى بن أكثم القاضي، واسمها: خنة، بمعجمة ثم نون (1)، مات بعد أيام قلائل من موت صالح بن محمد جزرة، وذلك في المحرم، سنة أربع وتسعين ومئتين.
قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة في مسألة الايمان: صرح محمد بن نصر في كتاب " الايمان " بأن الايمان مخلوق، وأن الاقرار، والشهادة، وقراءة القرآن بلفظه مخلوق.
ثم قال: وهجره على ذلك علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان والعراق.
قلت: الخوض في ذلك لا يجوز، وكذلك لا يجوز أن يقال: الايمان، والاقرار، والقراءة، والتلفظ بالقرآن غير مخلوق، فإن الله خلق العباد وأعمالهم، والايمان: فقول وعمل، والقراءة والتلفظ: من كسب
القارئ، والمقروء الملفوظ: هو كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق، وكذلك كلمة الايمان، وهي قول (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، داخلة في القرآن، وما كان من القرآن فليس بمخلوق، والتكلم بها
__________
(1) انظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 213.
(*)

(14/39)


من فعلنا، وأفعالنا مخلوقة، ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورا له، قمنا عليه، وبدعناه، وهجرناه، لما سلم معنا لا ابن نصر، ولا ابن مندة، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة.
قال أبو محمد بن حزم في بعض تواليفه: أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن، وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها، وأدراهم بصحتها، وبما أجمع الناس عليه مما اختلفوا فيه.
قال: وما نعلم هذه الصفة بعد الصحابة أتم منها في محمد بن نصر المروزي، فلو قال قائل: ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ولا لاصحابه إلا وهو عند محمد بن نصر، لما أبعد عن الصدق.
قلت: هذه السعة والاحاطة ما ادعاها ابن حزم لابن نصر إلا بعد إمعان النظر في جماعة تصانيف لابن نصر، ويمكن ادعاء ذلك لمثل أحمد بن حنبل ونظرائه، والله أعلم.

14 - الناشي * الكبير، العلامة، أبو العباس، عبد الله بن محمد بن شرشير الانباري، الملقب بالناشي (1).
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 93 92، الانساب: 551 / ب، المنتظم: 6 / 58 57، إنباه
الرواة: 2 / 129 128، وفيات الاعيان: 3 / 93 91، العبر: 2 / 95، البداية والنهاية: 11 / 101، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 93 82، النجوم الزاهرة: 3 / 159 158، حسن المحاضرة: 1 / 559، شذرات الذهب: 2 / 215 214.
(1) بفتح النون، وبعد الالف شين معجمة وياء: لقب غلب عليه.
وشرشير بكسر الشين الاولى والثانية المعجمتين، وبينهما راء ساكنة.
وشرشير: اسم طائر يصل إلى الديار = (*)

(14/40)


من كبار المتكلمين، وأعيان الشعراء، ورؤوس المنطق.
له التصانيف.
وكان قوي العربية والعروض، أدخل على قواعد الخليل شبها، ومثلها بغير أمثلة الخليل، وصنف في المنطق، وله قصيدة في عدة فنون، نحو أربعة آلاف بيت.
وكان من أذكياء العالم.
سكن مصر، وبها مات في سنة ثلاث وتسعين ومئتين.

15 - مطين * الشيخ الحافظ الصادق، محدث الكوفة، أبو جعفر، محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، الملقب بمطين.
رأى أبا نعيم الملائي، وسمع أحمد بن يونس، ويحيى بن بشر الحريري، وسعيد بن عمرو الاشعثي، ويحيى الحماني، وبني أبي شيبة، وعلي بن حكيم، وطبقتهم.
حدث عنه أبو بكر النجاد، وابن عقدة، والطبراني، وأبو بكر الاسماعيلي، وعلي بن عبدالرحمن البكائي، وعلي بن حسان الجديلي، وأبو بكر بن أبي دارم.
وقال ابن أبي دارم: كتبت بأصبعي عن مطين مئة ألف حديث.
__________
= المصرية في البحر زمن الشتاء، وهو أكبر من الحمام بقليل، كثير الوجود بساحل دمياط، وباسمه سمي الشاعر.
انظر " وفيات الاعيان " 3 / 92.
* فهرست ابن النديم: 324 323، طبقات الحنابلة: 1 / 301 300، الانساب: 534 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 114 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 663 662، العبر: 2 / 108، دول الاسلام: 1 / 181، ميزان الاعتدال: 3 / 607، الوافي بالوفيات: 3 / 345، لسان الميزان: 5 / 234 233، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 288، شذرات الذهب: 2 / 226، الرسالة المستطرفة: 63.
(*)

(14/41)


وسئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل.
قلت: صنف " المسند " و " التاريخ "، وكان متقنا.
وقد تكلم فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وتكلم هو في ابن عثمان، فلا يعتد غالبا بكلام الاقران، لا سيما إذا كان بينهما منافسة، فقد عدد ابن عثمان لمطين نحوا من ثلاثة أوهام، فكان ماذا ؟ ومطين أوثق الرجلين، ويكفيه تزكية مثل الدارقطني له.
عاش خمسا وتسعين سنة.
وقال الخليلي: ثقة حافظ.
سمعت جماعة سمعوا جعفرا الخلدي: قلت لمطين: لم لقبت بهذا ؟ قال: كنت صبيا ألعب مع الصبيان، وكنت أطولهم، فنسبح ونخوض، فيطينون ظهري، فبصر بي يوما أبو نعيم فقال لي: يا مطين ! لم لا تحضر مجلس العلم ؟ فلما طلبت الحديث مات أبو نعيم، وكتبت عن أكثر من خمس مئة شيخ.
توفي في ربيع الآخر، سنة سبع وتسعين ومئتين.

16 - عبد الله بن المعتز بالله *
محمد بن المتوكل، جعفر، ابن المعتصم، محمد بن الرشيد،
__________
* تاريخ الطبري: 10 / 140 - 141، أشعار أولاد الخلفاء: 107 - 296، مروج الذهب: 2 / 501 - 503، الاغاني: 10 / 286 - 296، فهرست ابن النديم: 168 - 169، تاريخ بغداد: 10 / 95 - 101، نزهة الالباء: 233 - 234، المنتظم: 6 / 84 - 88، الكامل في التاريخ: 8 / 16 14، وفيات الاعيان: 3 / 80 76، العبر: 2 / 104 - 105، دوالاسلام: 1 / 179 - 180، فوات الوفيات: 2 / 239 - 246، مرآة الجنان: 2 / 225 - 227، البداية والنهاية: 11 / 110 108، النجوم الزاهرة: 3 / 165 - 167، معاهد التنصيص: 2 / 38، مفتاح السعادة: 1 / 199 - 200، شذرات الذهب: 2 / 221 - 224.
(*)

(14/42)


هرون بن المهدي، الامير أبو العباس الهاشمي العباسي البغدادي الاديب، صاحب النظم الرائق.
تأدب بالمبرد وثعلب، وروى عن مؤدبة: أحمد بن سعيد الدمشقي.
روى عنه مؤدبة، ومحمد بن يحيى الصولي وغيرهما.
مولده في سنة تسع وأربعين ومئتين.
وفي سنة ست وتسعين، أنفت الكبار من خلافة المقدر، وهو حدث، فهاجوا وتوثبوا على المقتدر، وقتلوا وزيره، ونصبوا ابن المعتز في الخلافة، فقال: على شرط أن لا يقتل بسببي رجل مسلم.
وكان حول المقتدر خواصه، فلبسوا السلاح، وحملوا على أولئك، فتفرق عن ابن المعتز جمعه، وخاف، فاختفى، ثم قبض عليه، وقتل سرا في بيع الآخر سنة ست، سلموه إلى مؤنس الخادم، فخنقه، ولفه في بساط، وبعث به إلى أهله.
وكان شديد السمرة، مسنون الوجه، يخضب بالسواد.
ورثان علي بن بسام: لله درك من ملك بمضيعة * ناهيك في العقل والآداب والحسب ما فيه لولا ولا ليت فتنقصه * وإنما أدركته حرفة الادب (1) وله نثر بديع (2) منه: من تجاوز الكفاف لم يغنه الاكثار.
كلما عظم قدر المنافس، عظمت الفجيعة به.
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 10 / 101، و " وفيات الاعيان " 3 / 77، و " فوات الوفيات " 2 / 240.
(2) انظر نماذج منه في " أشعار أولاد الخلفاء " ص 287.
(*)

(14/43)


ربما أورد الطمع ولم يصدر.
من ارتحله الحرص، أنضاه الطلب.
الحظ يأتي من لا يأتيه.
أشقى الناس أقربهم من السلطان، كما أن أقرب الاشياء من النار أسرعها احتراقا.
من شارك السلطان في عز الدنيا، شاركه في ذل الآخرة.

17 - إدريس بن عبد الكريم * الحداد، مقرئ العراق، أبو الحسن البغدادي.
قرأ على خلف البزار وغيره.
وحدث عن عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومصعب الزبيري وطبقتهم.
تصدر للاقراء، ورحل إليه.
تلا عليه أبو الحسين أحمد بن بويان (1)، وأحمد بن حمدان، والحسن
ابن سعيد المطوعي، وغيرهم.
وروى عنه النجاد، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر بن مجاهد، وأبو بكر القطيعي وآخرون.
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 15 14، طبقات الحنابلة: 1 / 117 116، الانساب: 158 / أ، العبر: 2 / 93، طبقات القراء للذهبي: 1 / 205 204، الوافي بالوفيات: 8 / 318 317، طبقات القراء للجزري: 1 / 154، النشر في القراءات العشر: 1 / 166، شذرات الذهب: 2 / 210.
(1) بموحدة مضمومة ثم واو، ثم ياء آخر الحروف: وهو أحمد بن عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان الخراساني البغدادي الحربي القطان.
ثقة مشهور ضابط وقد تقدمت ترجمته.
(*)

(14/44)


سئل عنه الدارقطني، فقال: ثقة، وفوق الثقة بدرجة.
وقال أحمد بن المنادي: كتب الناس عنه لثقته وصلاحه.
توفي يوم عيد الاضحى، سنة اثنتين وتسعين ومئتين، وله ثلاث وتسعون سنة.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرئ، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا قيس بن الربيع، عن عاصم بن سليمان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدا صلى الله عليه وعليهما بالرؤية " (1).

18 - يحيى بن عبدا لباقي * ابن يحيى، المحدث المتقن، أبو القاسم الاذني.
حدث عن أبيه، ولوين، والمسيب بن واضح، ومؤمل بن إهاب، ومحمد بن وزير، وأبي عمير بن النجاس، وطبقتهم.
__________
(1) أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ص 199 من طريق عبد الوهاب بن الحكم الوراق، حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن الربيع، عن عاصم الاحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن الله..وأخرجه أيضا ص 197 من طريق محمد بن بشار، ومحمد ابن المثنى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لابراهيم، والكلام لموسى، والرؤيا لمحمد صلى الله عليه وآله وهذا رأي لا دليل عليه، وهو مخالف للادلة الكثيرة الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك.
انظر التفصيل في " زاد المعاد " 3 / 37 36.
* تاريخ بغداد: 14 / 228 227، تاريخ ابن عساكر: 18 / 76 / أ، معجم البلدان: 1 / 133.
(*)

(14/45)


وعنه ابن أخيه عدي بن أحمد، وابن صاعد، وابن المنادي، وابن قانع، وإسماعيل الخطبي، وأحمد بن جعفر بن سلم، وأبو بكر الشافعي، وابن سماك، وآخرون.
وحدث ببغداد.
وثقة الخطيب (1).
وقال ابن المنادي: جاء نبأ وفاته من أذنة، أنها كانت في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
كتب الناس عنه فأكثروا، لثقته وضبطه.

19 - النوشري * نائب المكتفي على مصر، الامير أبو موسى، عيسى بن محمد.
وليها خمس سنين، وحارب محمد بن الخليج، وتمكن، وضبط الاقليم إلى أن توفي في شعبان سنة سبع وتسعين ومئتين، وكانت دولته خمس سنين.

20 - جعفر بن محمد بن الحسين * * ابن عبيد الله بن محمد بن طغان، الامام الثبت المجود، أبو الفضل النيسابوري، المشهور بالترك.
__________
(1) في " تاريخه " 14 / 227.
* تاريخ الطبري: 10 / 47، 119 وغيرها، ولاة مصر للكندي: 286 278، الكامل في التاريخ: 8 / 23 22 و 38 37، حسن المحاضرة: 1 / 596، النجوم الزاهرة: 3 / 145، 153، تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، تاريخ حلب الشهباء: 1 / 233 232.
* * الاكمال لابن ماكولا: 1 / 250 249.
(*)

(14/46)


قال الحاكم: شيخ عشيرته في عصره، من الثقات الاثبات، ومن كبار أصحاب يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه، وعمرو بن زارة، ومحمد بن رافع، وأبي عمار المروزي، ومحمد بن أبان المستملي، وأقرانهم.
روى عنه أبو عمرو الحيري، والمؤمل بن الحسن، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو الفضل بن إبراهيم، وعبد الله بن سعد، وأبو الوليد الفقيه.
وسمعه أبو الوليد يقول: كان إسحاق الحنظلي يرفعني على جماعة من الشيوخ في مجلسه ويقول: جدهم أول من أظهر السنة بخراسان.
قال الحاكم: وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب غير مرة يقول: إذا وجدت الحديث عندي عن جعفر بن محمد ليحيى بن يحيى، لم أبال أن لا
أخرجه عن غيره، فإن يحيى بن يحيى كان يزور كل جمعة عند انصرافه من الصلاة بيت الحسين بن عبيد الله، فيقدمون إليه أولادهم، فيدعوا لهم.
قال الحاكم: وسمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم يقول: توفي جعفر الترك يوم السبت، ودفن يوم الاحد ثامن عشر شعبان، سنة خمس وتسعين ومئتين.
أخبرنا أحمد بن علي بن الزبير، ومحمد بن يوسف، وأحمد بن محمد، قالوا: أخبرنا عثمان بن عبدالرحمن الحافظ، أخبرنا منصور بن عبد المنعم، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا يحيى بن منصور، إملاء، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين، حدثنا يحيى بن يحيى: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يغتسل من إناء واحد وهو الفرق من الجنابة ".

(14/47)


أخرجه مسلم (1) عن يحيى بن يحيى النيسابوري.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن وغيره، قالا: أخبرنا الحسن بن صباح، أخبرنا ابن غدير الفرضي، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة، حدثنا جعفر بن محمد الترك، حدثنا يحيى بن يحيى،: قرأت على مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.." (2) الحديث.

21 - المروزي * الشيخ المحدث، أبو بكر، محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ثم
البغدادي.
سمع عاصم بن علي، وأبا عبيد القاسم بن سلام، وعلي بن الجعد، وخلف بن هشام، وبشر بن الوليد، وهو مكثر عن عاصم.
حدث عنه النجاد، وأبو بكر الشافعي، ومخلد الباقرحي، والطبراني،
__________
(1) برقم (319) في الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
وأخرجه البخاري: 1 / 213، وأبو داود (238)، وأحمد: 6 / 37 و 199، والنسائي: 1 / 128، والدارمي: 1 / 192 من طرق عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة بلفظ: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله من إناء واحد، وهو الفرق ".
والفرق بالتحريك: مكيال معروف بالمدينة، وهو ستة عشر رطلا.
انظر " النهاية " لابن الاثير.
(2) قطعة من حديث صحيح وتمامه: ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ".
وهو في " الموطأ " 3 / 100 في المهاجرة.
وأخرجه البخاري: 10 / 404، ومسلم (2563) و (2564)، وأبو داود (4917)، والترمذي (1988).
* تاريخ بغداد: 3 / 423 422، العبر: 2 / 112، طبقات القراء للجزري: 2 / 277 276، شذرات الذهب: 2 / 231.
(*)

(14/48)


وابن عبيد العسكري، وأبو بكر الاسماعيلي، وآخرون.
قال الدارقطني: صدوق.
قلت: مات في شوال سنة ثمان وتسعين ومئتين.

22 - ابن أبي سويد * الشيخ المحدث المعمر، أبو عثمان محمد بن عثمان بن أبي سويد البصري الذراع.
حدث عن عثمان بن الهيثم، والقعنبي، وسعيد بن سلام العطار، ومسلم بن إبراهيم، وبكار السيريني، وطبقتهم.
وعنه الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، والقاضي أبو الطاهر الذهلي، وآخرون.
ضعفه ابن عدي (1)، وقال: أصيب بكتبه، فكان يشبه عليه، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب.
وكان لا ينكر له لقي هؤلاء الشيوخ، إلا أنه حدث عن الثقات بما لا يتابع عليه.
وكان يقرأ عليه من نسخة [ له ] ما ليس من حديثه عن قوم رآهم ولم يرهم، وتقلب الاسانيد عليه، فيقر به.
ثم قال ابن عدي: سمعت أبا خليفة يثني عليه، ويذكر أنه كان سمع معه (2).
وسأل حمزة بن يوسف عنه الدارقطني، فقال: ضعيف.
قلت: توفي قبل ثلاث مئة، عن بضع وتسعين سنة.
__________
* الكامل لابن عدي: 4 / 318 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 642 641، لسان الميزان: 5 / 279.
(1) في " كامله " 4 / 318.
(2) في الاصل " معهم " وما أثبتناه من " الكامل ".
(*)

(14/49)


أخبرنا عبد الله بن أبي التائب، وبنت عبد السلام قالا: أخبرنا إبراهيم ابن خليل، أخبرنا يحيى بن محمود، أخبرتنا فاطمة الجوز دانية مرتين، وأبو عدنان محمد بن أحمد حضورا قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد البصري، حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا ابن عون، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه علمه التشهد: " التحيات لله، والصلوات
والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " (1).
لم يرفعه عن ابن عون إلا عثمان.

23 - حامد بن سهل * المحدث الحافظ، أبو محمد البخاري.
ارتحل وسمع هشام بن عمار، وعيسى بن حماد، وحرملة، وقتيبة بن سعيد، وأبا مصعب، وأحمد بن منيع، وطبقتهم.
وعنه سهل بن السري، ومحمد بن أحمد بى أبي حامد، وخلف بن
__________
(1) أخرجه الطبراني (9921) من طريق محمد بن عثمان بن أبي سويد الذارع بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا النسائي: 2 / 240 239، والطبراني (9920) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن ابراهيم، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه من طرق مختلفة عن ابن مسعود كل من البخاري: 2 / 258، 266 و 3 / 62 و 11 / 12، و 48، و 112 و 13 / 310، ومسلم (420) (58) في الصلاة، والترمذي (289)، وأبو داود (968)، والنسائي: 2 / 240، وابن ماجه (899)، وأحمد: 1 / 376، 382، 408، والدارمي: 1 / 309 308.
* تاريخ ابن عساكر: 4 / 75 / ب، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 4 / 17 16.
(*)

(14/50)


محمد الخيام البخاريون.
أرخ الخيام وفاته في سنة سبع وتسعين ومئتين.
وكان من أبناء الثمانين.

24 - يوسف بن موسى * المرو الروذي.
حدث عن إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، ويحيى بن درست، وأبي مصعب، وطبقتهم، وجمع فأوعى.
روى عنه: ابن أبي العقب، وابن البختري، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي النيسابوري، وأبو بكر بن خلاد، وآخرون.
ويقه الخطيب (1).
وقال الحاكم: مات بمرو الروذ بعد منصرفه من الحج في سنة ست وتسعين ومئتين.

25 - العباس * * الوزير الكبير، أبو أحمد، العباس بن الحسن بن أيوب بن سليمان الجرجرائي، وقيل: المادرائي.
اختص بالوزير القاسم بن عبيد الله، وغلب عليه بحسن حركاته وآدابه
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 309 308، الانساب: 523 / أ، المنتظم: 6 / 89.
(1) في " تاريخه " 14 / 309.
* * تاريخ الطبري: 10 / 141 140، الكامل في التاريخ: 8 / 8، 14، إعتاب الكتاب: 186.
(*)

(14/51)


وبلاغته وخطه.
فلما احتضر أوصى به المكتفي، فاستكتبه، وقربه، وأقطعه مغل خمسين ألف دينار، وأجرى عليه في كل شهر خمسة آلاف دينار.
قال الصولي: مولده ليلة قتل المتوكل، فعمل له أبو معشر مولدا، وقال: ما أعجب هذا الولد ! لو كان هاشميا لحكمت له بالخلافة، لكن أحكم له بالوزارة.
قال: ولم يزل في ارتقاء.
ومرض المكتفي، فأوصى إليه في ولده وأهله.
وكان ذا كرم وتحر للحق، كان يصل إليه رقاع أصحاب الاخبار في
أصحابه، فيرميها إلى أولئك ويضحك.
وعن القاسم الوزير: أنه كان يعجب من سرعة قلم العباس، ويقول: تسبق يده لفظي.
قال الصولي: وأنا ما رأيت أسرع م يده.
وقيل: أسر سرا إلى حماد بن إسحاق، فلما ولي قال: أوك وعاءك، وعم طريقك.
فقال: نسيت سقائي فكيف أوكيه، وضللت طريقه فكيف أعميه ؟ ومن شعره: يا قاتلي بالصدود منه ولو * يشاء بالوصل كان يحييني ومن يرى مهجتي تسيل على * تقبيل فيه ولا يواتبني واحربى للخلاف منه ومن * خلائق فيك ذات تلوين طيفك في هجعتي يصافيني * وأنت مستيقظا تعاديني قال الصولي: استد كبر العباس وجبريته، ثم مات المكتفي، فأمر

(14/52)


العباس أمر بيعة المقتدر، وملك الامور، وعلم الناس أنه يفعل ما يريد، فتفرغوا له، وألحقوا به اللوم، وقد أشاروا عليه بأن يختار للخلافة رجلا مهيبا، وإن أقمت من لم يخفه لم يخفك، ويطلب كل إنسان منك زيادة رزق، فإن منعته عاداك.
فكان الامر كذلك، وفسد الناس، وهو مع هذا ثقيل على قلب المقتدر وأمه وحاشيتها، لمنعه لهم من أشياء.
وكان الحسين بن حمدان الامير يزعم أن العباس دس من يفسد جاريته المغنية ويمنيها، وكان ابن حمدان شغفا بها، وكان محمد بن داود بن الجراح متولي ديوان الجيش، وكان الامراء يطيعونه فشغبهم على العباس، وواطأ من
يثق به أنه يريد أن يبايع ابن المعتز، وأن المقتدر صبي.
وكان لاحمد بن إسماعيل مملوك قد عتب عليه، فقدم كتابا إلى العباس، يعلمه أنه راغب في الطاعة، فبعث يعده بإمرة الامراة أعني المملوك فسار يريد الحضرة في ألفي فارس، وعلم العباس باضطراب الامر، فقال له المرزباني على رؤوس الملا: أعز الله الوزير، استفسدت مثل أحمد بن إسماعيل لاجل مملوكه بارس، ولاحمد الف غلام مثل بارس ؟ ! قال: أصطنعه وأؤمره فيعظم، أما كان النبي صلى الله عليه وسلم أجيرا لخديجة، ثم كان منه ما رأيت.
قال الصولي: لو لا أن أحمد بن طومار سمع هذا منه ما صدقت.
فخرج الحسين بن حمدان يقول: أو جدتني حجة، والله لاقتلنك، فلما قرب بارس خاف أعداء العباس، فعزموا على قتله في الماء، فركب معه أمير في طيار (1)، وركب عدة في طيارات
__________
(1) الطيار: نوع من الزوارق، يدل اسمه على أنه سريع الجريان.
قال جحظة البرمكي يعاتب وزيرا: قل للوزير أدام الله دولته * اذكر منادمتي والخبز خشكار إذ ليس بالباب برذون لدولتكم * ولا غلام ولا في الشط طيار انظر " تجارب الامم " 1 / 268، وما كتبه أحمد تيمور في مجلة المجمع العلمي العربي م 2 / ج 11.
(*)

(14/53)


ليقوموا له فيفتكون به، فبدر طياره، فسبق وخفي عليه عزمهم.
وكان علي بن عيسى الوزير يخوفه القتل وخاطبه ابن الفرات الوزير ببعض ذلك، فكان يستهين قولهم، ولا يقبل نصحا، ويدل بهيبته.
وحذروه من ابن حمدان، فقال: ما أؤمل دفع ما أخاف إلا به بعد الله.
وحدث فيه كبر لم يكن، كان يركب إلى باب عمار، والقواد والوجوه
مشاة، فلا يأمرهم بركوب ! وذلك مسافة بعيدة.
وحصن داره، وزخرفها، وسماها دار السرور، فلما كان في جمادى الاولى سنة ست وتسعين ومئتين ركب المقتدر، ورجع الوزير إلى داره، فسار بعض العازمين على الفتك به قدامه وخلفه، فجذب ابن حمدان سيفه، وضرب الوزير، فصاح فاتك المعتضدي: ما هذا يا كلاب ؟ ! فضربه وصيف ابن صوارتكين قتله، وضرب ابن كيغلغ ابنه أحمد في وجهه، فبادر الوزير، فرمى نفسه في بستان، وثنى عليه عبد الغفار، فتلف، فبادر حاجبه منصور سوقا، فلحق المقتدر فأخبره، فأجازه صافي إلى داخل الحلبة، وسار الجيش حول سورها، واجتمع الذين وثبوا بالعباس، فدخلوا بغداد، وصاروا كلهم إلى دار محمد بن داود بن الجراح، فركب معهم، فأجلسوه في دست الوزارة، وجاء ابن المعتز، فتلقاه الكل، وسلموا عليه بالخلافة، ومضوا به إلى دار سليمان بن وهب عند المغرب، ونهبت الجند دار العباس، وأحرقوها، وأخذ ابن الجراح البيعة، وأنشئت الكتب إلى النواب طول الليل، فصلى بهم ابن المعتز الصبح، وأتاه القضاة والكبار، ونفذوا إلى المقتدر: أن المرتضي بالله أمير المؤمنين قد أمنك وأمرك بلزوم دار ابن طاهر مع أمك وجواريك، فأقبل رسول خادم من المقتدر، فقال: سلام عليكم.
فصاح به ابن الجراح والقواد: سلم على أمير المؤمنين، فقال: أنا رسول، فإن سمعتم وإلا

(14/54)


انصرفت ! قال ابن المعتز: هات.
قال: إن أمير المؤمنين المقتدر يقول: إرجع إلى منزلك وأبق على نفسك ومدمك، فإني أؤمنك وأسي إقطاعك فلا تلهب نار الفتنة.
فقال للخادم: قل لمولاك يا بني: هذا كتابي إليك فاقرأه وامتثل ما أمرتك فيه.
فانصرف الخادم بالكتاب، وأمر ابن المعتز ابن حمدان
وابن عمرويه أن يصيرا إلى دار المقتدر، فبرز المماليك المقتدرية، عليهم: مؤنس الخادم، وغريب الخال، ومؤنس الخازن، وبذلوا الاموال، فالتقوا هم وحزب ابن المعتز، وأقبل ابن حمدان إلى باب الحلبة، فرمته الاتراك، فتحرج وانهزم، ورمت العامة أصحاب ابن المعتز من الاسطحة، فضج أصحاب المقتدر، وارتفع التكبير، وقصدوا ابن المعتز، فهرب من دار ابن وهب، ومعه جماعة يريدون سامراء.
قال عبيد الله بن أبي طاهر: ضرب ابن حمدان العباس، فطير قحف رأسه، ثم ثناه فسقط، ثم قطعوه.
وقيل: شد مملوكه على ابن حمدان، فأشار ابن حمدان إلى خاتم في يده وقال: هذا خاتم أمير المؤمنين، أمرني بقتل العباس، فكف المملوك عنه.
وكانت وزارة العباس أربع سنين ونصفا، وعاش نيفا وأربعين سنة.
قلت: ثم استقام أمر المقتدر، وأمسك جماعة، وأهلكوا، وعفا عن الحسين بن حمدان، واستوزر ابن الفرات، وقتل ابن المعتز.

26 - الغزي * الحسن بن الفرج الغزي المحدث.
__________
* تاريخ ابن عساكر: 4 / 290 / أ، تهذيب ابن عساكر: 4 / 238.
(*)

(14/55)


سمع عمرو بن خالد الحراني، ويحيى بن بكير، كتب عنه الموطأ، ويوسف بن عدي، وهشام بن عمار.
حدث عنه: محمد بن العباس بن الوصيف، والحسن مروان القيسراني، ومحمد بن علي النقاش الحافظ، وأبو عمر بن فضالة، وعلي بن أحمد المقدسي، والحافظ أبو علي النيسابوري، وآخرون، وعاش إلى سنة
إحدى وثلاث ومئة.
قال الحاكم: سألت أبا علي الحافظ عن الحسن بن الفرج، فقال: ما رأينا إلا الخير، قرأنا عليه الموطأ من أصل كتابه.
قلت: ذكره ابن عساكر ولم يطول.

27 -محمد بن يزيد * ابن محمد بن عبد الصمد، الامام أبو الحسن الهاشمي مولاهم الدمشقي.
سمع أباه، وسليمان بن بنت شرحبيل، وصفوان بن صالح، وموسى بن أيوب النصيبي، وأبا نعيم الحلبي، وعدة.
وعنه: سبطه عدي بن يعقوب، وجعفر بن محمد العدبسي، وأبو عمر ابن فضالة، ومظفر بن حاجب الفرغاني، وأبو أحمد بن الناصح، والطبراني، وعندي جزء لطيف له.
مات سنة وتسعين ومئتين.
__________
* تاريخ ابن عساكر: 16 / 63 / أ، العبر: 2 / 113، الوافي بالوفيات: 5 / 220، النجوم الزاهرة: 3 / 179 و 204، شذرات الذهب: 2 / 232.
(*)

(14/56)


28 - الحسين بن إسحاق * ابن إبراهيم التستري الدقيق.
سمع هشام بن عمار، وسعيد بن منصور، ويحيى الحماني، وشيبان ابن فروخ، وعبد الله بن ذكوان، ودحيما، وعلي بن بحر القطان، وطبقتهم.
حدث عنه: ابنه علي، وسهل بن عبد الله التستري الصغير، وأبو جعفر
العقيلي، وأبو محمد بن زبر، وسليمان الطبراني، وآخرون.
وكان من الحفاظ الرحالة.
أرخ أبو الشيخ وفاته في سنة تسعين ومئتين.
أكثر عنه أبو القاسم الطبراني.

29 - عمرو بن عثمان * * ابن كرب بن غصص، الامام الرباني، شيخ الصوفية، أبو عبد الله المكي الزاهد.
لقي النباجي فيما قيل، وصحب أبا سعيد الخراز (1)، وله تصانيف في
__________
* طبقات الحنابلة: 1 / 142، تاريخ ابن عساكر: 4 / 331 / أ، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.
* * طبقات الصوفية: 200 - 205، حلية الاولياء: 10 / 291 - 296، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 33، تاريخ بغداد: 12 / 223 - 225، الرسالة القشيرية: 21، المنتظم: 6 / 93، صفة الصفوة: 2 / 440 - 442، العبر: 2 / 107 - 108، دول الاسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 227 - 228، العقد الثمين: 6 / 410 - 411، طبقات الاولياء: 343 - 344، النجوم الزاهرة: 3 / 170، 184، شذرات الذهب: 2 / 225 - 226.
(1) في الاصل " الخزار " وهو تصحيف.
وأبو سعيد الخراز: هو أحمد بن عيسى، = (*)

(14/57)


الطريق، وسمع من يونس بن عبدالاعلى، والربيع المرادي، وسليمان بن سيف الحراني.
روى عنه: محمد بن أحمد الاصبهاني، وأبو الشيخ، وجعفر الخلدي.
قال أبو نعيم: توفي بعد الثلاث مئة.
ومن كلامه: العلم قائد والخوف سائق، والنفس بينهما حرون خداعة.
وقيل: كان من أئمة الفقه، ولما ولي قضاء جدة، هجره الجنيد.
وكان ينكر على الحلاج (1)، ويذمه.

30 - الشيعي * الداعي الخبيث، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا الصنعاني، من دهاة الرجال الخبيرين بالجدل، والحيل، وإغواء بني آدم.
قام بالدعوة العبيدية (2)، وحج، وصحب قوما من كتامة (3)، وربطهم
__________
وهو من أهل بغداد، مات سنة سبع وسبعين ومئتين.
انظر: " تاريخ بغداد " 4 / 278 276، و " طبقات الصوفية " للسلمي: 228، و " المنتظم " 5 / 105.
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة (313) من هذا الجزء وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر وانظر " العبر " 2 / 193.
* الكامل في التاريخ: 8 / 22 21 و 37 31، وغيرها، وفيات الاعيان: 2 / 193 192، البيان المغرب: 1 / 162 160، العبر: 2 / 110، الوافي بالوفيات: 12 / 329 328، البداية والنهاية: 11 / 116 و 180، ابن خلدون: 3 / 362 و 4 / 31، شذرات الذهب: 2 / 227.
(2) نسبة إلى المهدي عبيد الله، المتوفى سنة 322.
(3) قبيلة من البربر ببلاة المغرب.
(*)

(14/58)


وتأله، وتزهد، وشوق إلى إمام الوقت، فاستجاب له خلق من البربر، وعسكر، وحارب أمير المغرب ابن الاغلب، وهزمه غير مرة، وإلى أن جاء عبيد الله المهدي، فتسلم الملك، ولم يجعل لهذا الداعي ولا لاخيه أبي العباس كبير ولاية، فغضبا، وأفسدا عليه القلوب وحارباه، وجرت أمور، إلى
أن طفر بهما المهدي، فقتلهما في ساعة، سنة ثمان وتسعين ومئتين.

31 - الريوندي * الملحد، عدو الدين، أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق الريوندي، صاحب التصانيف في الحط على الملة، وكان يلازم الرافضة والملاحدة، فإذا عوتب قال: إنما أريد أن أعرف أقوالهم.
ثم إنه كاشف وناظر، وأبرز الشبه والشكوك.
قال ابن الجوزي (1): كنت أسمع عنه بالعظائم، حتى رأيت له ما لم يخطر على قلب، ورأيت له كتاب " نعت الحكمة "، وكتاب " قضيب الذهب "، وكتاب " الزمردة " (2)، وكتاب " الدامغ " الذي نقضه عليه الجبائي، ونقض عبد الرحمان بن محمد الخياط عليه كتابه " الزمردة ".
__________
* مقالات الاسلاميين: 2 / 240، تكملة الفهرست: ص 5 4، المنتظم: 6 / 99 - 105، وفيات الاعيان: 1 / 95 94، العبر: 2 / 116، دول الاسلام: 1 / 182، الوافي بالوفيات: 8 / 232 - 238، مرآة الجنان: 2 / 144 - 145 و 237 - 238، البداية والنهاية: 11 / 112 - 113، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 92، لسان الميزان: 1 / 323 - 324، النجوم الزاهرة: 3 / 175 - 177، شذرات الذهب: 2 / 235 - 236.
(1) في " المنتظم " 6 / 100 99.
(2) كذا الاصل وقد ورد أكثر من مرة أما في " المنتظم " و " هدية العارفين " فاسمه " الزمرد " (*)

(14/59)


قال ابن عقيل: عجبي كيف لم يقتل ! وقد صنف الدامغ يدمغ به القرآن، والزمردة يزري فيه على النبوات.
قال ابن الجوزي: فيه هذيان بارد (1) لا يتعلق بشبهة ! يقول فيه: إن كلام أكثم بن صيفي (2) فيه ما هو أحسن من سورة الكوثر !.
وإن الانبياء وقعوا بطلاسم.
وألف لليهود والنصارى يحتج لهم في إبطال نبوة سيد البشر.
قال أبو علي الجبائي: طلب السلطان أبا عيسى الوراق وابن الريوندي، فأما الوراق فسجن حتى مات، واسمه: محمد بن هارون، من رؤوس المتكلمين، وله تصانيف في الرد على النصارى وغيرهم.
واختفى ابن الريوندي عند ابن لاوي اليهودي، فوضع له كتاب " الدامغ "، ثم لم يلبث أن مرض ومات إلى اللعنة، وعاش نيفا وثمانين سنة، وقد سرد ابن الجوزي من بلاياه نحوا من ثلاثة أوراق.
قال ابن النجار: أبو الحسين ابن الراوندي المتكلم من أهل مرو الروذ، سكن بغداد، وكان معتزليا، ثم تزندق.
وقيل: كان أبوه يهوديا
__________
(1) الضمير في " فيه " عائد إلى كتاب " الزمردة ".
وعبارة ابن الجوزي في " المنتظم ": " وقد نظرت في كتاب " الزمرد " فرأيت فيه الهذيان البارد ".
(2) هو أكثم بن صيفي بن رياح بن الحارث..التميمي: حكيم العرب في الجاهلية، وأحد المعمرين أدرك الاسلام، فقصد المدينة في مئة من قومه يريدون الاسلام، فمات في الطريق، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقال: نزلت فيه هذه الآية: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أحره على الله) [ النساء: الآية 100 ] ويقال: عاش مئة وتسعين سنة، وأشد له المرزباني: وإن امرءا قد عاش تسعين حجة * إلى مئة لم يسأم العيش جاهل أتت مئتان غير عشر وفائها * وذلك من مر الليالي قلائل ولاكثم أخبار كثيرة انظرها في: " المعمرون والوصايا " ص 25 14، و " الاصابة " 1 / 115 113.
ولعبد العزيز بن يحيى الجلودي شيخ الامامية في البصرة في عصره، وفاته
سنة 332 ه كتاب: " أخبار أكثم ".
(*)

(14/60)


فأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول للمسلمين: لا يفسد هذا عليكم كتابكم، كما أفسد أبوه علينا التوراة.
قال أبو العباس بن القاص الفقيه: كان ابن الراوندي لا يستقر على مذهب ولا نحلة، حتى صنف لليهود كتاب النصرة على المسلمين لدراهم أعطيها من يهود.
فلما أخذ المال، رام نقضها، فأعطوه مئتي درهم حتى سكت.
قال البلخي: لم يكن في نظراء ابن الراوندي مثله في المعقول: وكان أول أمره حسن السيرة، كثير الحياء، ثم انسلخ من ذلك لاسباب، وكان علمه فوق عقله.
قال: وقد حكي عن جماعة أنه تاب عند موته.
قال في بعض المعجزات: يقول المنجم كهذا.
وقال: في القرآن لحن.
وألف في قدم العالم.
وفى الصانع.
وقال: يقولون: لا يأتي أحد بمثل القرآن.
فهذا إقليدس (1) لا يأتي أحد بمثله، وكذلك بطليموس (2).
وقيل: إنه اختلف إلى المبرد، فبعد أيام قال المبرد: لو اختلف إلي سنة لاحتجت أن أقوم وأجلسه مكاني.
قال ابن النجار: مات سنة ثمان وتسعين ومئتين.
__________
(1) ابن نوقطرس بن بزنيقس: مظهر الهندسة والمبرز فيها، وهو من الفلاسفة الرياضيين.
انظر " فهرست ابن النديم " 372 371، و " الملل والنحل " للشهرستاني: 2 / 115 114.
(2) فلكي، رياضي شهير، وهو الذي أخرج علم الهندسة من القوة إلى الفعل.
انظر
" فهرست ابن النديم " 375 374، و " الملل النحل " للشهرستاني: 2 / 116.
(*)

(14/61)


وقيل: ما طال عمره، بل عاش ستا وثلاثين سنة.
لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى.

32 - ابن طاهر * الامير، أبو أحمد، عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، من بيت إمارة وتقدم، ولي شرطة بغداد نيابة عن أخيه الامير محمد بن عبد الله، ثم استقل بها بعد موته أخيه.
وكان رئيسا جليلا، وشاعرا محسنا، ومترسلا بليغا.
له تصانيف منها: كتاب " الاشارة " في أخبار الشعرا، و " رئاسة السياسة " وكتاب: " البراعة في الفصاحة " (1) وغير ذلك.
مات في شوال سنة ثلاث مئة، وله سبع وسبعون سنة.

33 - أبو عثمان الحيري * * الشيخ الامام المحدث الواعظ القدوة، شيخ الاسلام، الاستاذ أبو
__________
* الاغاني: 9 / 47 39، فهرست ابن النديم: 170، تاريخ بغداد: 10 / 344 340، المنتظم: 6 / 119 117، الكامل في التاريخ: 7 / 181 و 8 / 75، وفيات الاعيان: 3 / 123 120، البداية والنهاية: 11 / 119، النجوم الزاهرة: 3 / 181 180.
(1) كذا ورد اسمه في الاصل، أما في " الفهرست " و " الوفيات " فاسمه: " البراعة والفصاحة ".
* * طبقات الصوفية: 175 170، حلية الاولياء: 10 / 246 244، تاريخ بغداد: 9 / 102 99، الرسالة القشيرية: 20 19، الانساب: 182 / ب، المنتظم:
6 / 108 106، صفة الصفوة: 4 / 107 103، وفيات الاعيان: 2 / 370 369، العبر: 2 / 111، دول اسلام: 1 / 181، الوافي بالوفيات: 15 / 200، مرآة الجنان: 2 / 236، = (*)

(14/62)


عثمان، سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور النيسابوري الحيري الصوفي.
مولده سنة ثلاثين ومئتين بالري، فسمع بها من محمد بن مقاتل الرازي، وموسى بن نصر.
وبالعراق من حميد بن الربيع، ومحمد بن إسماعيل الاحمسي وعدة، ولم يزل يطلب الحديث ويكتبه إلى آخر شئ.
حدث عنه الرئيس أبو عمرو أحمد بن نصر، وابناه: أبو بكر وأبو الحسن، وأبو عمرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وعدة.
قال الحاكم: قدم نيسابور لصحبة الاستاذ أبي حفص النيسابوري، ولم يختلف مشايخنا أن أبا عثمان كان مجاب الدعوة، وكان مجمع العباد والزهاد.
ولم يزل يسمع ويجل العلماء ويعظمهم.
سمع من أبي جعفر بن حمدان " صحيحه " المخرج على مسلم بلفظه، وكان إذا بلغ سنة لم يستعملها، وقف عندها حتى يستعملها.
قلت: هو للخراسانيين نظير الجنيد للعراقيين.
ومن كلامه: سرورك بالدنيا أذهب سرورك بالله [ عن قلبك ] (1).
قال ابن نجيد: سمعته يقول: لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوما.
قال أبو عمرو بن حمدان: سمعته يقول: من أمر السنة على نفسه قولا
__________
= البداية والنهاية: 11 / 115، طبقات الاولياء: 241 239، النجوم الزاهرة: 3 / 177، شذرات الذهب: 2 / 230.
(1) " الحلية " 10 / 245 وما بين حاصرتين منه.
(*)

(14/63)


وفعلا، نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه، نطق بالبدعة، قال تعالى: (وإن تطيعوه تهتدوا) [ النور: 54 ].
قلت: وقال تعالى: (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) [ ص: 26 ].
وعن أبي عثمان الحيري قال: لا يكمل الرجل حتى يستوي قلبه في المنع والعطاء، وفي العز والذل.
وعن أبي عثمان أنه قال لابي جعفر بن حمدان: ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ؟.
قال: بلى، قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الصالحين.
قال الحاكم: أخبرني سعيد عثمان السمرقندي العابد: سمع أبا عثمان يقول يعني عن الله: من طلب جواري ولم يوطن نفسه على ثلاث، أولها: إلقاء العز، وحمل الذل، الثاني: سكون قلبه على جوع ثلاثة أيام، الثالث: لا يغتم ولا يهتم إلا لدينه أو طلب إصلاح دينه (1).
الحاكم: سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: لما قتل يحيى بن الذهلي، منع الناس من حضور مجالس الحديث من جهة أحمد الخجستاني (2)، فلم يجسر أحد يحمل محبرة إلى أن ورد السري بن
__________
(1) لم يرد جواب الشري في هذا الخبر وربما يكون في الكلام نقص، ولم نوفق في العثور على هذا النص في المصادر التي ترجمت للحيري لنستكمله.
(2) بضم الخاء والجيم: نسبة إلى خجستان من جبال هراة.
وأحمد بن عبد الله الخجستاني ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 38 فقال: " كان من أمراء يعقوب الصفار، جبارا
عنيدا، خرج على يعقوب، وأخذ نيسابور، وله حروب ومواقف مشهودة، ذبحه غلمانه وقد سكر.
وذلك في شوال سنة ثمان وستين ومئتين ".
وانظر أيضا " اللباب " لابن الاثير.
1 / 424، و " وفيات الاعيان " 6 / 424 423.
(*)

(14/64)


خزيمة، فقام الزاهد أبو عثمان الحيري، وجمع المحدثين في مسجده، وعلق بيده محبرة وتقدمهم، إلى أن جاء إلى خان محمش، فأخرج السري وأجلس المستملي، فحزرناه مجلسه زيادة على ألف محبرة، فلما فرغ قاموا وقبلوا رأس أبي عثمان، ونثر الناس عليهم الدراهم والسكر سنة ثلاث وسبعين ومئتين.
قلت: ذكر الحاكم أخبار أبي عثمان [ في ] خمس وعشرين ورقة، وفي غضون ذلك من كلامه في التوكل واليقين والرضي، قال الحاكم: وسمعت أبي يقول: لما قتل أحمد بن عبد الله الخجستاني الذي استولى على البلاة الام ام حيكان (1) بن الذهلي، أخذ في الظلم والعسف، وأمر بحربة ركزت على رأس المربعة (2)، وجمع الاعيان، وحلف: إن لم يصبوا الدراهم حتى يغيب رأس الحربة، فقد أحلوا دماءهم، فكانوا يقتسمون الغرامة بينهم، فخص تاجر بثلاثين ألف درهم، فلم يكن يقدر إلا على ثلاثة آلاف درهم، فحملها إلى أبي عثمان وقال: أيها الشيخ ! قد حلف هذا كما بلغك، ووالله لا أهتدي إلا إلى هذه، قال: تأذن لي أن أفعل فيها ما ينفعك ؟ قال: نعم، ففرقها أبو عثمان، وقال للتاجر: امكث عندي.
وما زال أبو عثمان يتردد بين السكة والمسجد ليلته حتى أصبح، وأذن المؤذن، ثم قال لخادمه: اذهب إلى السوق، وانظر ماذا تسمع، فذهب، ورجع فقال: لم أر شيئا، قال: اذهب مرة أخرى، وهو في مناجاته يقول: وحقك لا أقمت ما
لم تفرج عن المكروبين، قال: فأتى خادمه الفرغاني يقول: وكفى الله
__________
(1) انظر التعليق رقم (1) من الصفحة 36.
(2) في " اللسان ": " والمربعة: خشيبة قصيرة يرفع بها العدل..وقال الازهري: هي عصا تحمل بها الاثقال حتى توضع على ظهر الدواب ".
(*)

(14/65)


المؤمنين القتال، شق بطن أحمد بن عبد الله.
فأخذ أبو عثمان في الاقامة.
قلت: بمثل هذا يعظم مشايخ الوقت.
قال أبو الحسين أحمد بن أبي عثمان: توفي أبي لعشر بقين من ربيع الآخر، سنة ثمان وتسعين ومئتين، وصلى عليه الامير أبو صالح.

وفيها في شوالها مات الاستاد العارف أبو القاسم:
34 - الجنيد * ابن محمد بن الجنيد النهاوندي (1) ثم البغدادي القواريري، والده الخزاز.
هو شيخ الصوفية، ولد سنة نيف وعشرين ومئتين، وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي (2) وصحبه، ومن الحسن بن عرفة، وصحب أيضا الحارث المحاسبي (3)، وأبا حمزة البغدادي، وأتقن العلم، ثم أقبل على شأنه، وتأله تعبد، ونطق بالحكمة، وقل ما ورى.
__________
* طبقات الصوفية: 163 155، حلية الاولياة: 10 / 287 255، تاريخ بغداد: 7 / 249 241، الرسالة القشيرية: 19 18، طبقات الحنابلة: 1 / 129 127، الانساب: 463 / ب، المنتظم: 6 / 106 105، صفة الصفوة: 2 / 424 416، وفيات الاعيان: 1 / 375 373، العبر: 2 / 111 110، دول الاسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 236 231، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 275 260، البداية والنهاية:
11 / 115 113، طبقات الاولياء: 136 126، النجوم الزاهرة: 3 / 170 168، شذرات الذهب: 2 / 230 228، روضات الجنات: 165 164.
(1) نسبة إلى " نهاوند ": مثلثة النون الاولى: مع فتح الهاء والواو بينهما ألف، وإسكان النون الثانية.
قال ياقوت في " معجمه " 5 / 313: " مدينة عظيمة في قبلة همذان، بينهما ثلاثة أيام.
(2) هو أبو الحسن، سري بن المغلس السقطي إمام البغداديين وشيخهم في وقته، المتوفى سنة 251 ه وقد تقدمت ترجمته.
(3) هو أبو عبد الله، الحارث بن أسد المحاسبي، البصري الاصل، الزاهد المشهور صاحب التصانيف المتوفى سنة 243 ه وقد تقدمت ترجمته في الجزء 12 برقم (35).
(*)

(14/66)


حدث عنه: جعفر الخلدي، وأبو محمد الجريري، وأبو بكر الشبلي، ومحمد بن علي بن جيش، وعبد الواحد بن علوان، وعدة.
قال ابن المنادي: سمع الكثير، وشاهد الصالحين، وأهل المعرفة، ورزق الذكاء وصواب الجواب.
لم ير في زمانه مثله في عفة وعزوف عن الدنبا.
قيل لي: إنه قال مرة: كنت أفتي في حلقه أبي ثور الكلبي ولي عشرون سنة.
وقال أحمد بن عطاء: كان الجنيد يفتي في حلقه أبي ثور.
عن الجنيد قال: ما أخرج الله إلى الارض علما وجعل للخلق إليه سبيلا، إلا وقد جعل لي في حظا.
وقيل: إنه كان في سوقه وورده كل يوم ثلاث مئة ركعة، وكذا كذا ألف تسبيحة.
أبو نعيم: حدثنا علي بن هارون وآخر قالا: سمعنا الجنيد غير مرة يقول: علمنا مضبوط بالكتاب.
والسنة من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقه، لا يقتدى به.
قال عبد الواحد بن علوان: سمعت الجنيد يقول: علمنا يعني التصوف مشبك بحديث رسول الله.
وعن أبي العباس بن سريج: أنه تكلم يوما فعجبوا ! فقال: ببركة مجالستي لابي القاسم الجنيد.
وعن أبي القاسم الكعبي أنه قال مرة: رأيت لكم شيخا ببغداد، يقال له الجنيد، ما رأت عيناي مثله ! كان الكتبة يعني البلغاء يحضرونه (*)

(14/67)


لالفاظه، والفلاسفة يحضرونه لدقة معانيه، والمتكلمون يحضرونه لزمام علمه، وكلامه بائن عن فهمهم وعلمهم.
قال الخلدي: لم نر في شيوخنا من اجتمع له علم وحال غير الجنيد.
كانت له حال خطيرة، وعلم غزير، إذا رأيت حاله رجحته على علمه، وإذا تكلم رجحت علمه على حاله.
أبو سهل الصعلوكي: سمعت أبا محمد المرتعش يقول: قال الجنيد: كنت بين يدي السري ألعب وأنا ابن سبع سنين، فتكلموا في الشكر، فقال: يا غلام ما الشكر ؟ قلت: أن لا يعصى الله بنعمه، فقال: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك.
قال الجنيد: فلا أزال أبكي على قوله.
السلمي: حدثنا جدي ابن نجيد (1) قال: كان الجنيد يفتح حانوته ويدخل، فيسبل الستر ويصلي أربع مئة ركعة.
وعنه قال: أعلى الكبر أن ترى نفسك، وأدناه أن تخطر ببالك يعني نفسك.
أبو جعفر الفرغاني: سمعت الجنيد يقول: أقل ما في الكلام سقوط هيبة الرب جل جلاله من القلب، والقلب إذا عري من الهيبة عري من الايمان.
قيل: كان نقش خاتم الجنيد: إن كنت تأمله فلا تأمنه.
وعنه: من خالفت إشارته معاملته، فهو مدع كذاب.
__________
(1) هو أبو عمرو، إسماعيل بن نجيد السلمي، جد أبي عبدالرحمن صاحب " الطبقات " وهو مترجم فيها ص 457 454.
وانظر أيضا " عبر المؤلف " 2 / 336.
(*)

(14/68)


وعنه: سألت الله أن لا يعذبني بكلامي ؟ وربما وقع في نفسي: أن زعيم القوم أرذلهم.
وعنه: أعطي أهل بغداد الشطح والعبارة، وأهل خراسان القلب والسخاء، وأهل البصرة الزهد والقناعة، وأهل الشام الحلم والسلامة، وأهل الحجاز الصبر والانابة.
وقيل لبعض المتكلمين ويقال، هو ابن كلاب (1)، ولم يصح: قد ذكرت الطوائف، وعارضتهم، ولم تذكر الصوفية، فقال: لم أعرف لهم علما ولا قولا، ولا ماراموه.
قيل: بل هم السادة.
وذكروا له الجنيد، ثم أتوا الجنيد فسألوه عن التصوف، فقال: هو إفراد القديم عن الحدث، والخروج عن الوطن، وقطع المحاب، وترك ما علم أو جهل، وأن يكون المرء زاهدا فيما عند الله، راغبا فيما لله عنده، فإذا كان كذلك حظاه إلى كشف العلوم، والعبارة عن الوجوه، وعلم السرائر، وفقه الارواح.
فقال
المتكلم: هذا والله علم حسن، فلو أعدته حتى نكتبه، قال: كلا، مر إلى المكان الذي منه بدأ النسيان، وذكر فصلا طويلا، فقال المتكلم: إن كان رجل يهدم ما يثبت بالعقل بكلمة من كلامه، فهذا، فإن كلامه لا يحتمل المعارضة.
قال أبو محمد الجريري: سمعت الجنيد يقول: ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، بل عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات.
قلت: هذا حسن، ومراده: قطع أكثر المألوفات، وترك فضول الدنيا، وجوع بلا إفراط.
أما من بالغ في الجوع كما يفعله الرهبان، ورفض
__________
(1) انظر الحاشية (1) من الصفحة (378) من هذا الجزء.
(*)

(14/69)


سائر الدنيا، ومألوفات النفس، من الغذاء والنوم والاهل، فقد عرض نفسه لبلاء عريض، وربما خولط في عقله، وفاته بذلك كثير من الحنيفية السمحة، وقد جعل الله لكل شئ قدرا، والسعادة في متابعة السنن، فزن الامور بالعدل، وصم وأفطر، ونم وقم، والزم الورع في القوت، وارض بما قسم الله لك، واصمت إلا من خير، فرحمة الله على الجنيد، وأين مثل الجنيد في علمه وحاله ؟.
قال ابن نجيد: ثلاثة لا رابع لهم، الجنيد ببغداد، وأبو عثمان بنيسابور، أبو عبد الله بن الجلاء بالشام (1).

وقد كان الجنيد يأنس بصديقه الاستاذ أبي الحسين:
35 - النوري * وهو أحمد بن محمد الخراساني البغوي الزاهد، شيخ الطائفة بالعراق، وأحذقهم بلطائف الحقائق، وله عبارات دقيقة، يتعلق بها من انحرف من الصوفية، نسأل الله العفو.
صحب السري السقطي وغيره، وكان الجنيد يعظمه، لكنه في الآخر رق له وعذره لما فسد دماغه.
__________
(1) " طبقات الصوفية " ص 176.
* طبقات الصوفية: 169 164، حلية الاولياء: 10 / 255 249، تاريخ بغداد: 5 / 136 130، الرسالة القشيرية: 20 الانساب: 570 / ب، صفة الصفوة: 2 / 440 439، المنتظم: 6 / 77، البداية والنهاية: 11 / 106، طبقات الاولياء: 70 62، النجوم الزاهرة: 3 / 163.
(*)

(14/70)


وقد ساح النوري إلى الشام، وأخذ عن أحمد بن أبي الحواري، وقد جرت له محنة، وفر عن بغداد في قيام غلام خليل على الصوفية، فأقام بالرقة مدة متخليا منعزلا.
حكى ذلك أبو سعيد بن الاعرابي، قال: ثم عاد إلى بغداد وقد فقد جلاسه وأناسه وأشكاله، فانقبض لضعف قوته، وضعف بصره.
وقال أبو نعيم: سمعت عمر البناء [ البغدادي ] بمكة يحكي محنة غلام خليل، قال: نسبوا الصوفية إلى الزندقة، فأمر الخليفة المعتمد في سنة أربع وستين ومئتين بالقبض عليهم، فأخذ في جملتهم النوري، فأدخلوا على الخليفة، فأمر بضرب أعناقهم، فبادر النوري إلى السياف، فقيل له في ذلك، فقال: آثرت حياتهم على نفسي ساعة، فتوقف السياف [ عن قتله، ورفع أمره إلى الخليفة ]، فرد الخليفة أمرهم إلى قاضي القضاة إسماعيل بن إسحاق، فسأل أبا الحسين النوري عن مسائل في العبادات، فأجاب، ثم قال: وبعد هذا، فلله عباد ينطقون بالله، ويأكلون بالله، ويسمعون بالله، فبكى إسماعيل القاضي، وقال: إن كان هؤلاء القوم زنادقة، فليس في
الارض موحد.
فأطلقوهم (1) أبو نعيم (2)، سمعت أبا الفرج الورثاني، سمعت علي بن عبدالرحيم يقول: دخلت على النوري، فرأيت رجليه منتفختين، فسألته [ عن أمره ] فقال: طالبتني نفسي بأكل تمر، فدافعتها، فأبت [ علي ] فشتريته، فلما أكلت، قلت: فومي فصلي، فأبت، فقلت: لله علي إن قعدت على الارض أربعين يوما، فما قعدت يعني إلا في صلاة.
__________
(1) الخبر مطولا في " حلية الاولياء " 10 / 251 250، و " تاريخ بغداد " 5 / 134 وما بين حاصرتين منهما.
(2) في " الحلية " 10 / 251.
(*)

(14/71)


وعن النوري قال: من رأيته يدعي مع الله حالة تخرج عن الشرع، فلا تقربن منه.
قال أبو العباس بن عطاء: سمعت أبا الحسين النوري يقول: كان في نفسي من هذه الكرامات، فأخذت من الصبيان قصبة، ثم قمت بين زورقين وقلت: وعزتك لئن لم تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال لاغرقن نفسي.
قال: فخرجت لي سمكة ثلاثة أرطال.
قال: فبلغ ذلك الجنيد، فقال كان حكمه أن تخرج له أفعى فتلدغه.
وعن النوري قال: سبيل الفانين الفناء في محبوبهم، وسبيل الباقين البقاء ببقائه، ومن ارتفع عن الفناء والبقاء، فحينئذ لا فناء ولا بقاء.
عن القناد قال: كتبت إلى النوري وأنا حدث: إذا كان كل المرء في الكل فانيا * أبن لي عن أي الوجودين يخبر فأجاب لوقته:
إذا كنت فيما ليس بالوصف فانيا * فوقتك في الاوصاف عندي تحير (1) قلت: هذا يحتاج إلى شرح طويل، وتحرز عن الفناء الكلي، ومرادهم بالفناء، فناء الاوصاف النفسانية ونحوها، ونسيانها بالاشتغال بالله تعالى وبعبادته، فإن ذات العارف وجسده لا ينعدم ما عاش، والكون وما حوى فمخلوق والله خالق كل شئ ومبدعه، أعاذنا الله وإياكم من قول
__________
(1) الخبر والبيتان في " حلية الاولياء " 10 / 254 253، ولفظ البيت الاول في " الحلية ": إذا كان كل الكل في النور فانيا * أبن لي عن أي الوجودين أخبر (*)

(14/72)


الاتحاد (1)، فإنه زندقة.
قال فارس الحمال: رأيت النوري خرج من البادية، ولم يبق منه إلا خاطره، فقال له رجل: هل يلحق الاسرار ما يلحق الصفات ؟ يريد الضنا الذي رأى به، فقال: إن الله (2) أقبل على الاسرار فحملها، وأعرض عن الصفات فمحقها، ثم أنشأ يقول: أهكذا صيرني * أزعجني عن وطني ! حتى إذا غبت به * وإذ بدا غيبني (3) واصلني.
حتى إذا * واصلته قاطعني يقول لا تشهد ما * تشهد أو تشهدني (4) قال: ولما مات النوري قال الجنيد: ذهب نصف العلم بموته.
وقيل: قال النوري للجنيد: غششتهم فصدروك، ونصحت لهم فرموني بالحجارة.
قيل: كان النوري يلهج بفناء صفات العارف، فكان ذلك أبو جاد فناء
ذات العارف كما زعمت الاتحادية، فقالوا بتعميم فناء السوى، وقالوا: ما في الكون سوى الله، وصرحوا بأنه تعالى اتحد لخلقه، وأنت أنا، وأنا أنت، وأنشدوا:
__________
(1) انظر في تعريف " الاتحاد " ما كتبه محمد فريد وجدي في " دائرة معارف القرن العشرين " 10 / 684 678.
(2) لفظ " الحلية ": إن الحق.
(3) رواية البيت في الحلية كما يلي: حتى إذا غبت بدا * وإن بدا غيبني (4) الخبر والابيات في " حلية الاولياء " 10 / 250.
(*)

(14/73)


وألتذ إن مرت على جسدي يدي * لاني في التحقيق لست سواكم فنعوذ بالله من الضلال.
قال ابن الاعرابي: مضيت يوما، أنا ورويم وأبو بكر العطار نمشي على شاطئ نهر، فإذا نحن برجل في مسجد بلا سقف.
فقال رويم: ما أشبه هذا بأبي الحسين النوري ! فملنا إليه، فإذا هو هو، فسلمنا وعرفنا، وذكر أنه ضجر من الرقة فانحدر، وأنه الآن قدم ولا يدري أين يتوجه، وكان قد غاب عن بغداد أربع عشرة سنة، فعرضنا عليه مسجدنا فقال: لا أريد موضعا فيه الصوفية، قد ضجرت منهم، فلم نزل نطلب إليه حتى طابت نفسه.
وكانت السوداء قد غلبت عليه، وحديث النفس، ثم ضعف بصره، وانكسر قلبه، وفقد إخوانه، فاستوحش من كل أحد.
ثم إنه تأنس وسألنا عن نصر بن رجاء، وعثمان، وكانا صديقين له، إلا أن نصرا تنكر له، فقال: ما أخاف بغداد، إلا من نصر، فعرفناه أنه بخلاف ما
فارقه، فجاء معنا إلى نصر، فلما دخل مسجده، قام نصر وما أبقى في إكرامه غاية، وبتنا عنده، ولما كان يوم الجمعة، ركبنا مع نصر زورقا من زوارقه إلى مكان، وصعدنا إلى الجنيد، فقام القوم وفرحوا، وأقبل عليه الجنيد، يذاكره ويمازحه، فسأله ابن مسروق مسألة، فقال: عليكم بأبي القاسم، فقال الجنيد: أجب يا أبا الحسين، فإن القوم أحبوا أن يسمعوا جوابك، قال: أنا قادم وأنا أحب أن أسمع، فتكلم الجنيد والجماعة، والنوري ساكت.
فعرضوا له ليتكلم، فقال: قد لقبتم ألقابا لا أعرفها، وكلاما غير ما كنت أعهد، فدعوني حتى أسمع، وأقف على مقصودكم، فسألوه عن الفرق الذي بعد الجمع: ما علامته ؟ وما الفرق بينه وبين الفرق الاول ؟ لا أدري سألوه بهذا اللفظ أو بمعناه.

(14/74)


وكنت قد لقيته بالرقة سنة سبعين ومئتين، فسألني عن الجنيد، فقلت: إنهم يشيرون إلى شئ يسمونه الفرق الثاني والصحو، فقال: اذكر لي شيئا منه، فذكرته، فضحك وقال: ما يقول ابن الخلنجي ؟ قلت: ما يجالسهم.
قال: فأبو أحمد القلانسي ؟ قلت: مرة يخالفهم، ومرة يوافقهم.
قال: فما تقول أنت ؟ قلت: ما عسى أن أقول أنا ؟ ثم قلت: أحسب أن هذا الذي يسمونه فرقا ثانيا هو عين من عيون الجمع، يتوهمون به أنهم قد خرجوا عن الجمع، فقال: هو كذلك، أنت إنما سمعت هذا من القلانسي.
قلت: لا.
فلما قدمت بغداد، حدثت أبا أحمد القلانسي بذلك، فأعجبه قول النوري.
وأما أبو أحمد فكان ربما يقول: هو صحو وخروج عن الجمع، وربما قال: بل هو شئ من الجمع.
ثم إن النوري شاهدهم فقال: ليس هو عين من عيون الجمع، ولا هو صحو من الجمع، ولكنهم رجعوا إلى ما
يعرفون، ثم يعد ذلك ذكر رويم وابن عطاء: أن النوري يقول الشئ وضده، ولا نعرف هذا إلا قول سوفسطا ومن قال بقوله (1).
وكان بينهم وحشة، وكان يكثر منهم التعجب، وقالوا للجنيد فأنكر عليهم وقال: لا تقولوا مثل هذا لابي الحسين، ولكنه رجل لعله قد تغير دماغه.
ثم إن أبا الحسين انقبض عن جميعهم، وجفاهم، وغلبت عليه العلة، وعمي، ولزم الصحارى، والمقابر، وكانت له في ذلك أحوال يطول شرحها.
وسمعت جماعة يقولون: من رأى النوري بعد قدومه من الرقة، ولم يكن رآه قبلها فكأنه لم يره لتغيره، رحمه الله.
__________
(1) وهم السوفسطائيون: فرقة من الفلاسفة، ينكرون المحسوسات والبدهيات، ويعدون الوجود خيالا في خيال.
انظر ما كتبه محمد فريد وجدي عن السوفسطائية في " دائرة معارف القرن العشرين " 5 / 173 171.
وقد عرف شيخ الاسلام السفسطة، فقال: هي نفي الحقيقة، أو التردد فيها، أو جعلها تابعة لظنون الغير.
(*)

(14/75)


قال ابن جهضم: حدثني أبو بكر الجلاء قال: كان النوري إذا رأى منكرا غيره، ولو كان فيه تلفه.
نزل يوما، فرأى زورقا فيه ثلاثون دنا، فقال للملاح: ما هذا ؟ قال: ما يلزمك ؟ فألح عليه، فقال: أنت والله صوفي كثير الفضول، هذا خمر للمعتضد، قال: أعطني ذلك المدري، فاغتاظ وقال لاجيره: ناوله حتى أبصر ما يصنع، فأخذه، ونزل فكسرها كلها غير دن، فأخذ وأدخل إلى المعتضد، فقال: من أنت ويلك ؟ قال: محتسب، قال: ومن ولاك الحسبة ؟ قال: الذي ولاك الامامة يا أمير المؤمنين ! فأطرق: وقال: ما حملك على فعلك ؟ قال: شفقة مني عليك ! قال: كيف سلم هذا الدن ؟ فذكر أنه كان يكسر الدنان ونفسه مخلصة خاشعة، فلما وصل إلى هذا الدن
أعجبته نفسه، فارتاب فيها، فتركه.
عن أبي أحمد المغازلي قال: ما رأيت أحدا قط أعبد من النوري.
قيل: ولا الجنيد ؟ قال: ولا الجنيد.
وقيل: إن الجنيد مرض مرة فعاده النوري، فوضع يده عليه، فعوفي لوقته.
توفي النوري قبل الجنيد، وذلك في سنة خمس وتسعين ومئتين، وقد شاخ رحمه الله.
وقد مر موت الجنيد في سنة ثمان وتسعين (1).
قال أبو بكر العطوي: كنت عند الجنيد لما احتضر، فختم القرآن ثم ابتدأ سورة البقرة، فتلا سبعين آية ومات.
قال الخلدي: رأيته في النوم فقلت: ما فعل الله بك ؟ فقال: طاحت
__________
(1) انظر الصفحة (66) من هذا الجزء، وما يجئ من الكلام بعد هذا فهو من تمام ترجمة الجنيد.
(*)

(14/76)


تلك الاشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، ونفدت تلك الرسوم، وما نفعنا إلا ركعات كنا نركعها في الاسحار.
قال أبو الحسين بن المنادي: ذكر لي أنهم حزروا الجمع يوم جنازة الجنيد، الذين صلوا عليه نحو ستين ألفا، وما زالوا ينتابون قبره في كل يوم نحو الشهر، ودفن عند السري السقطي.
قلت: غلط من ورخه في سنة سبع وتسعين، والله أعلم.

36 - البرذعي * الامام الحافظ، أبو عثمان سعيد بن عمرو بن عمار الازدي البرذعي.
رحال، جوال، مصنف.
سمع أبا كريب، وعبدة الصفار، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن المثنى، وبندارا، وأبا سعيد الاشج، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد ابن عبدالرحمن بن وهب، وأبا إسحاق الجوزجاني، وأحمد بن الفرات، وأبا زرعة، ولازمه، وفقه به وبمسلم بن الحجاج، وابن وارة (1).
حدث عنه: حفص بن عمر الاردبيلي (2)، وأحمد بن طاهر الميانجي،
__________
* معجم البلدان: 1 / 381 380، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 744 743، الوافي بالوفيات: 13 / 147، طبقات الحفاظ: 313، تهذيب ابن عساكر: 6 / 166.
(1) هو الحافظ المجود أبو عبد الله محمد بن مسلم بن عثمان بن وارة المتوفى سنة 270، قال الطحاوي: ثلاثة لم يكن في الارض مثلهم في وقتهم: أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن وارة.
وقد تقدمت ترجمته.
(2) نسبة إلى أردبيل من أشهر مدن أذربيجان.
(*)

(14/77)


والحسن بن علي بن عياش، وإبراهيم بن أحمد الميمذي (1) وآخرون.
قال ابن عقدة: توفي سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، أخبرنا أبو يعلى الخليلي الحافظ، أخبرنا عبد الله ابن محمد الحافظ، سمعت أحمد بن طاهر الحافظ، سمعت سعيد بن عمرو الحافظ يقول: لما رجعت من مصر، أقمت ثانيا عند أبي زرعة، فعرضت عليه كتاب المزني، فكلما قرأت عليه مما يخالف الشافعي بقي يتبسم ويقول: لم يعمل صاحبك شيئا في اختياره، لا يمكنه الانفصال فيما ادعى، قلت: هل سمعت منه شيئا ؟ قال: لا، وما جالسته إلا يومين.

37 - الوليد بن حماد * ابن جابر الحافظ، أبو العباس الرملي، مؤلف كتاب " فضائل بيت المقدس ".
حدث عن سليمان بن بنت شرحبيل، وهشام بن عمار، ويزيد بن موهب الرملي، وعبد الرحمن الحلبي، وإبراهيم بن محمد الفريابي، ويحيى ابن يعقوب، وعدة.
روى عنه: أبو بشر الدولابي، والفضل بن مهاجر، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وعبد الله بن أحمد بن وكيع قاضي طبرية،
__________
(1) نسبة إلى ميمذ مدينة بأذربيجان ذكرها السمعاني في " الانساب " دونما ضبط، وضبطها ابن الاثير، في " اللباب " والسيوطي في " لب اللباب " بفتح الميمين، أما ياقوت، فقد ضبطها في " معجمه " 5 / 244 بكسر الميم الاولى، وفتح الثانية.
* تاريخ ابن عساكر: 17 / 408 / ب.
(*)

(14/78)


وآخرون.
وكان ربانيا.
ذكره ابن عساكر مختصرا، ولا أعلم فيه مغمزا، وله أسوة غيره في رواية الواهيات.
بقي إلى قريب الثلاث مئة.

38 - إبراهيم بن محمود * ابن حمزة، شيخ المالكية بنيسابور، أبو إسحاق النيسابوري، تلميذ ابن عبد الحكم.
حدث عن يونس بن عبدالاعلى، والربيع، وعبد الجبار بن العلاء، وأحمد بن منيع، ومحمد بن رافع، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن أخيه محمود بن محمد، وأبو الطيب محمد بن أحمد ابن حمدون، وحسان بن محمد الفقيه، وأبو بكر بن زياد النقاش (1).
قال الحاكم: سمعت محمود بن محمد، سمعت عمي إبراهيم يقول: قال لي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: ما قدم علينا خراساني أعرف بطريقة مالك منك، فإذا رجعت إلى خراسان فادع الناس إلى رأي مالك.
قال: وكان عمي يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يدع الجهاد في كل ثلاث
__________
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 274 / أ، تهذيب ابن عساكر: 2 / 296 295.
(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، ثم البغدادي النقاش، شيخ المقرئين في عصره على ضعيف شديد فيه، فقد نقل المؤلف في " ميزانه " عن طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، وقال المؤلف في " العبر " 2 / 293: ومع جلالته في العلم ونبله، فهو ضعيف متروك الحديث.
توفي سنة 351 ه وسترد ترجمته في هذا الجزء.
(*)

(14/79)


سنين.
ثم قال الحاكم: كان يعرف بالقطان، ولم يكن بعده بنيسابور للمالكية مدرس.
وسمعت أبا الطيب الكرابيسي يقول: توفي الفقيه إبراهيم بن محمود في شعبان سنة تسع وتسعين ومئتين.

39 - الاصبهاني * إمام القراء، أبو بكر، محمد بن عبدالرحيم بن إبراهيم بن شبيب الاصبهاني.
اعتنى بقراءة ورش (1)، وحذق فيها، فتلا على عامر الحرسي (2)، وسليمان الرشديني، وعبد الرحمن بن داود [ بن ] أبي طيبة، وسمع الحروف من يونس بن عبدالاعلى.
وروى الحديث عن داود بن رشيد، وعبد الله بن عمر مشكدانة، وعثمان بن أبي شيبة وطبقتهم.
قرأ عليه: هبة الله بن جعفر، وعبد الله بن أحمد المطرز، ومحمد بن يونس، وإبراهيم بن جعفر.
وحدث عنه: ابن مجاهد، وأبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب الاصبهاني، وآخرون.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 226، تاريخ بغداد: 2 / 364، طبقات القراء للذهبي: 1 / 190 189، طبقات القراء للجزري: 2 / 170 169، طبقات المحدثين بأصبهان لوحة 233.
(1) لقبة شيخه نافع المدني بورش لشدة بياضه، والورش لبن يصنع، وقيل: لقبه بطائر اسمه " ورشان " ثم خفف، فقيل: ورش، وهو عثمان بن سعيد القرشي مولاهم القبطي المصري المتوفي سنة 197 ه وقد تقدمت ترجمته في الجزء التاسع رقم الترجمة (82).
(2) بالسين المهملة نسبة إلى " حرس " محلة شرقي مصر، وقد تصحفت في " طبقات القراء " إلى " الجرشي " انظر " المشتبه " 1 / 148.
(*)

(14/80)


وكان يقول: ارتحلت إلى مصر ومعي ثمانون ألف درهم، فأنفقتها على ثمانين ختمة.
ولقد بالغ في تعظيمه أبو عمرو الداني وقال: هو إمام عصره في قراءة ورش.
قلت: مات ببغداد في سنة ست وتسعين ومئتين، رحمه الله.

40 - المري * الامام أبو بكر، أحمد بن محمد بن الوليد بن سعد المري الدمشقي
المقرئ.
روى عن أبي مسهر الغساني، وأبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، وهشام بن عمار، وعدة.
وعنه أبو علي بن آدم، وابن أبي العقب، وأبو أحمد بن الناصح، والطبراني، وأبو عمر بن فضالة، وآخرون.
مات سنة سبع وتسعين ومئتين.
أرخه ابن زبر.

41 - أبو الآذان * * الحافظ العالم المتقن القدوة، أبو الآذن، عمر بن إبراهيم البغدادي.
__________
* الانساب: 525 / أ، تاريخ ابن عساكر: 2 / 111 / ب، تهذيب ابن عساكر: 2 / 79 78.
* * تاريخ بغداد: 11 / 215 - 216، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 744 - 745، طبقات الحفاظ: 313 - 314، شذرات الذهب: 2 / 205.
(*)

(14/81)


حدث عن محمد بن المثنى العنزي، وعبد الله بن محمد بن المسور، وإسماعيل بن مسعود الجحدري، ويحيى بن حكيم المقوم، ومحمد بن علي بن خلف العطار، وطبقتهم من أصحاب ابن عيينة ووكيع.
حدث عنه: النسائي في سننه، وهو أكبر سنا منه، وابن قانع، والطبراني، ومظفر بن يحيى، وطائفة.
أثنى عليه أبو بكر الاسماعيلي.
قال البرقاني: حدثنا أبو بكر الاسماعيلي قال: حكي أن أبا الآذان طالت خصومة بينه وبين يهودي أو غيره، فقال له: أدخل يدك ويدي في
النار، فمن كان محقا لم تحترق يده، فذكر أن يده لم تحترق، وأن يد اليهودي احترقت.
توفي أبو الآذان في سنة تسعين ومئتين، وله ثلاث وستون سنة.

42 - قرطمة * الحافظ المجود، أبو عبد الله، محمد بن علي البغدادي قرطمة.
سمع محمد بن حميد، وأبا سعيد الاشج، والزعفراني، ومحمد بن يحيى.
وله رحلة واسعة، وحفظ باهر، وقل ما روى.
قال أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن عقدة يقول: سمعت ابن يمان
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 66 65، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 745، الوافي بالوفيات: 4 / 107، طبقات الحفاظ: 314، شذرات الذهب: 2 / 205.
(*)

(14/82)


يقول: الناس يقولون: أبو زرعة وأبو حاتم في الحفظ ! والله ما رأيت أحفظ من قرطمة.
قال الخطيب (1): توفي في سنة تسعين ومئتين.

43 - ابن صدقة * الامام الحافظ المتقن الفقيه، أبو بكر، أحمد بن محمد بن عبد الله ابن صدقة البغدادي.
حدث عن أحمد بن حنبل بمسائل، وعن إسماعيل بن مسعود الحجدري، ومحمد بن مسكين اليمامي، ومحمد بن حرب النشاستجي، وصالح بن محمد بن يحيى القطان، وعدة.
حدث عنه عبدا لباقي بن قانع، وأبو بكر الشافعي، وسليمان
الطبراني، والفقيه أبو بكر الخلال، وأبو بكر بن مجاهد.
وكان نقالا لكتب من القراءات، ومسائله عن الامام أحمد مدونة، وكان موصوفا بالاتقان والتثبت.
توفي سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
أنبأنا ابن قدامة، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن علان، أخبرنا محمد بن عبد الله، حدثني أحمد بن محمد بن صدقة الحافظ، حدثنا صالح بن محمد بن يحيى، حدثنا أبي، عن عثمان بن
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 66.
* تاريخ بغداد: 5 / 41 40، طبقات الحنابلة: 1 / 65 64، تاريخ ابن عساكر: 2 / 92 / ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 746 745، طبقات القراء للجزري: 1 / 119، طبقات الحفاظ: 314، شذرات الذهب: 2 / 215، تهذيب ابن عساكر: 2 / 58.
(*)

(14/83)


مرة، عن القاسم، عن عائشة، قال: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون عذابا لا يعذبه أحد من العالمين، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم.
" (1).
قال ابن المنادي: كان ابن صدقة من الضبط والحذق على نهاية.

44 - قنبل * إمام في القراء مشهور، وهو أبو عمر، محمد بن عبدالرحمن المخزومي مولاهم المكي، عاش ستا وتسعين سنة.
تلا على أبي الحسن القواس وغيره، أخذ عنه ابن شنبوذ، وابن مجاهد، وابن عبد الرزاق، وابن شوذب الواسطي.
يقال: هرم وتغير.
وقد طولته في " طبقات القراء " (2).
مات سنة أحدى وتسعين ومئتين.
__________
(1) أخرجه من طرق عن نافع، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها كل من البخاري 9 / 216، و 10 / 327، 330، و 13 / 446، ومسلم (2106) (96)، وابن ماجه (2151)، والنسائي 8 / 215، وأحمد: 6 / 70، 80، 223.
ولفظ مسلم: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم " ثم قال: " إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ".
* معجم الادباء: 17 / 18 17، وفيات الاعيان: 3 / 42، العبر: 2 / 89، طبقات القراء للذهبي: 1 / 187 186، دول الاسلام: 1 / 176، الوافي بالوفيات: 3 / 227 226، البداية والنهاية: 11 / 99، القد الثمين: 2 / 110 109، طبقات القراء للجزري: 2 / 166 165، النشر في القراءات العشر: 1 / 121 120، شذرات الذهب: 2 / 208.
وإنما لقب قنبلا لانه كان يكثر من استعمال دواء يعرف بالقنبيل.
(2) 1 / 187 186.
(*)

(14/84)


45 - يوسف القاضي * صاحب التصانيف في السنن، الاما الحافظ الفقيه الكبير الثقة القاضي، أبو محمد، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الازدي مولاهم، البصري الاصل، البغدادي.
حرص عليه أهله، فإنهم بيت علم.
وسمع وهو حدث من مسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وعمرو ابن مرزوق، ومحمد بن كثير العبدي، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وهدبة بن خالد، وشيبان بن فروخ، وعلي بن المديني،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عمرو بن السماك، وأبو سهل القطان، وعبد الباقي ابن قانع، ودعلج بن أحمد، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الاسماعيلي، وأبو أحمد بن عدي، وعلي بن محمد بن كيسان، وخلق كثير.
وكان أسند أهل زمانه ببغداد.
قال الخطيب (1): كان ثقة، صالحا، عفيفا، مهيبا، سديد الاحكام.
ولي القضاء بالبصرة وواسط في سنة ست وسبعين [ ومئتين ]، وضم إليه قضاء الجانب الشرقي [ من بغداد ].
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 312 310، المنتظم: 6 / 97 96، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 113 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 660، العبر: 2 / 109، دول الاسلام: 1 / 181، البداية والنهاية: 11 / 112، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 287، شذرات الذهب: 2 / 227، الرسالة المستطرفة: 37.
(1) في " تاريخه " 14 / 310.
(*)

(14/85)


وفي " تاريخ الخطيب " (1).
أن أبا بكر بن أبي الدنيا (2) دخل على يوسف القاضي، فسأله عن قوته، فقال القاضي: أجدني كما قال سيبويه: لا ينفع الهليون والاطريفل انخرق الاعلى وخار الاسفل ونحن في جد وأنت تهزل فقال ابن أبي الدنيا: أراني في انتقاص كل يوم * ولا يبقى مع النقصان شي طوى العصران ما نشراه مني * فأخلق جدتي نشر وطي
مات يوسف القاضي رحمه الله في رمضان سنة سبع وتسعين ومئتين ومن تآليفه: كتاب " العلم " سمعناه، و " الزكاة " و " الصيام ".
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد وغيره إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا علي بن محمد بن كيسان، حدثنا يوسف القاضي، حدثنا مسدد، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا حريز بن عثمان، حدثني أبوخداش، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المسلمون شركاء في ثلاثة، في النار، والكلا، والماء ".
__________
(1) 14 / 311.
(2) هو عبيد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا القرشي مولاهم البغدادي.
صاحب التصانيف، كان صدوقا أديبا، أخباريا، كثير العلم.
توفي في جمادى الاولى سنة إحدى وثمانين ومئتين.
انظر " عبر الذهبي " 2 / 65، و " تهذيب التهذيب " 6 / 13 12.
(*)

(14/86)


أخرجه أبو داود (1) عن مسدد.
وأبو خداش هذا هو: حبان بن زيد الشعبي الحمصي، ما علمت روى عنه سوى حريز، وشيوخه قد وثقوا مطلقا.
وكان والده يعقوب (2) قاضي المدينة.
سمع ابن عيينة وجماعة.
حدث عنه: ابن ناجية وقاسم المطرز، وطائفة.
ولقن لحفيده أبي عمر محمد بن يوسف القاضي حديثا حفظه عنه.
ومات بفارس على قضائها سنة ست وأربعين ومئتين.
وهو ثقة.

46 - علي بن أبي طاهر * الامام الحافظ الاوحد الثقة، أبو الحسن، علي بن أبي طاهر أحمد بن الصباح القزويني.
سمع إسماعيل بن توبة، وهشام بن عمار، ودحيما، وبندارا، وطبقتهم.
حدث عنه أبو الحسن القطان، ومحمد بن الحسن القاضي،
__________
(1) برقم (3477) في البيوع والاجارات: باب في منع الكلا، ورجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " ثلاث لا يمنعن: الماء: والكلا: والنار " أخرجه ابن ماجه (2473) وسنده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 173.
وللطبراني بسند حسن فيما قاله الحافظ في " التلخيص " 3 / 65 من حديث ابن عمر " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء، والكلا، والنار ".
(2) هو يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم.
أبو يوسف.
ترجمته في " تاريخ بغداد " 14 / 276 275.
* تاريخ ابن عساكر: 11 / 422 / ل.
(*)

(14/87)


وغيرهما.
وروى عنه بالاجازة عبدالرحمن بن أبي حاتم.
وكان أحد الاثبات.
وثقة الخليلي، وقال: سمعت الحسن بن أحمد بن صالح يحكي عن سليمان بن يزيد: أن علي بن أبي طاهر لما رحل إلى الشام، وكتب الحديث جعل كتبه في صندوق، وقيره، وركب البحر، فاضطربت السفينة، وماجت، فألقى الصندوق في البحر، ثم سكنت السفينة، فلما خرج منها، أقام على الساحل ثلاثا يدعو الله، ثم سجد في الليلة الثالثة، وقال: إن كان
طلبي ذلك لوجهك وحب رسولك، فأغثني برد ذلك، فرفع رأسه فإذا بالصندوق ملقى عنده، فقدم، وأقام برهة، ثم قصدوه لسماع الحديث، فامتنع منه.
قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي، ومعه علي رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي من عامل الله بما عاملك به على شط البحر ؟ ! لا تمتنع من رواية أحاديثي.
قال: فقلت: قد تبت إلى الله.
فدعا لي، وحثني على الرواية.
ذكره الخليلي في مشايخ القطان، وقال: مات سنة نيف وتسعين ومئتين، رحمه الله.

47 - الخفاف * الحافظ العالم الثقة، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن عبد السلام النيسابوري الخفاف، نزيل مصر.
حدث عن أحمد بن سعيد الرباطي، ومحمد بن رافع، ومحمد بن
__________
* لم نقف له على ترجمة عند غير المؤلف في المصادر التي وقفنا عليها.
(*)

(14/88)


إسماعيل البخاري، وطبقتهم، ولازم البخاري.
حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي وهو أسند منه، ومحمد بن أبيض، وأبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، وأبو محمد عبد الله بن الورد، وآخرون.
ورواية النسائي عنه في كتاب " الكنى ".
وهو ممن فات الحاكم ذكره في " تاريخ نيسابور " و توفي بمصر في شهر ربيع الآخر سنة أربع وتسعين ومئتين.
وكان من البصراء بهذا الشأن.

48 - ابن الصفار * مفتي الاندلس مع ابن لبابة، وعبيد الله بن يحيى.
ارتحل وأخذ عن أحمد بن صالح المصري، ويونس، وابن أخي بن وهب، والعتبي، وابن وضاح.
مات سنة خمس وتسعين ومئتين، وهو أبو عبد الله، محمد بن غالب القرطبي، ابن الصفار.
ومات ابنه العلامة المفتي أبو الوليد أحمد بن محمد، سنة إحدى وثلاث مئة كهلا (1).
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 21 20، جذوة المقتبس: 81، بغية الملتمس: 119، الديباج المذهب: 2 / 227.
(1) انظر " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 26.
(*)

(14/89)


49 - عبيد العجل * الحافظ الامام المجود، أبو علي، الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي، تلميذ يحيى بن معين.
حدث عن: داود بن رشيد، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ويحيى بن معين، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وأبي همام الوليد بن شجاع، وإبراهيم ابن عبد الله الهروي، وعدة.
حدث عنه: عبد الصمد الطستي، وعثمان بن سنقه (1)، وأبو بكر الشافعي، والطبراني، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان [ ثقة ] متقنا، حافظا.
وقال أحمد بن المنادي: كان من المتقدمين في حفظ المسند خاصة.
قال أبو أحمد بن عدي: حدثنا ابن عقدة قال: كنا نحضر مع عبيد، فينتخب لنا، فإذا أخذ الكتاب بيده طار ما في رأسه، فنكلمه، فلا يرد، فإذا فرغ قلنا: كلمناك فلم تجبنا ؟ ! قال: إذا أخذت الكتاب بيدي يطير عني ما في رأسي، يمر بي حديث الصحابي، وأنا أحتاج أن أفكر في مسند ذلك
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 94 93، المنتظم: 6 / 62 61، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 116 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 673 672، العبر: 2 / 98، البداية والنهاية: 11 / 102، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 293، شذرات الذهب: 2 / 216.
(1) هو أبو عمرو، عثمان بن محمد بن بشر السقطي المعروف بابن سنقة المتوفى 356 ه ذكره الزبيدي في " تاج العروس " وضبطه بالتحريك.
وسترد ترجمته عند المؤلف وانظر العبر: 2 / 305، و " تاريخ بغداد " 11 / 305.
(2) في " تاريخه " 8 / 94.
(*)

(14/90)


الصحابي، من أوله إلى آخره، هل الحديث فيه أم لا، أخاف أن أزل في الانتخاب، وأنتم شياطين قد قعدتم حولي.
قيل: إن يحيى بن معين هو الذي لقبه عبيدا العجل.
قال ابن قانع: مات في صفر، سنة أربع وتسعين ومئتين.
قلت: كان من أبناء الثمانين.

50 - البربري * الامام الحافظ الباهر الاخباري، أبو أحمد، محمد بن موسى بن حماد البربري البغدادي.
مولده في سنة ثلاث عشرة ومئتين.
سمع علي بن الجعد، وعبيد الله بن عمر القواريري، وعبد الرحمن بن صالح، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن كامل القاضي، وإسماعيل الخطبي، وابن قانع، والطبراني، وعدة.
قال الخطيب: كان أخباريا فهما، ذا معرفة بأيام الناس، وكان يخضب بالحمرة.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
قلت: غيره أتقن منه، ولكنه من أوعية العلم، يذكر مع المعمري
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 243، ميزان الاعتدال: 4 / 51، الوافي بالوفيات: 5 / 92، لسان الميزان: 5 / 400، طبقات الحفاظ: 292.
(*)

(14/91)


والحفاظ، وقد أكثر عنه الطبراني، قال الخطيب (1): توفي سنة أربع وتسعين ومئتين.

51 - البراثي * الامام المقرئ، المحدث المجود، أبو العباس، أحمد بن محمد بن خالد البغدادي البراثي.
تلا على خلف بن هشام، فكان خاتمة أصحابه.
وسمع من علي بن الجعد، وكامل بن طلحة، وسريج بن يونس، وطبقتهم.
أخذ عنه الحروف عبد الواحد بن أبي هاشم، فهو أعلى من لقي.
وروى عنه: مخلد الباقرحي، والجعابي، والطبراني، وأحمد بن جعفر الختلي (2)، وأبو حفص بن الزيات، وعدة.
قال الدارقطني: ثقة مأمون.
قلت: توفي سنة ثلاث مئة.
وفيها مات أحوص بن المفضل الغلابي، وعلي بن سعيد العسكري، ومحمد بن الحسن بن سماعة، وأبو عمر محمد بن جعفر القتات، والحسين ابن أبي الاحوص الثقفي، وأحمد بن عبدالرحمن بن عقال الحراني.
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 243.
* تاريخ بغداد: 5 / 4 3، طبقات الحنابلة: 1 / 64، الانساب: 70 / أ، طبقات القراء للجزري: 1 / 113، النجوم الزاهرة: 3 / 181.
(2) كذا ضبطه ابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 44 فقال: بالمعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق وضمهما.
وانظر " أنساب " السمعاني: ص 189 188.
(*)

(14/92)


52 - محمد بن حبان * ابن الازهر، المسند المعمر المحدث، أبو بكر العبدي البصري القطان.
حدث عن: أبي عاصم النبيل، وعمرو بن مرزوق، وغيرهما.
حدث عنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الجعابي، والقاضي أبو الطاهر الذهلي، وأبو بكر الاسماعيلي، وعمر بن محمد بن سبنك، وجماعة سوى هؤلاء، ممن أخذوا عنه ببغداد.
ضعفه محمد بن علي الصوري الحافظ، وكان قد نزل بغداد.
قال ابن سبنك: أول ما كتبت سنة ثلاث مئة عن ابن حبان، ومات سنة إحدى وثلاث مئة.
قلت: جاوز مئة عام فيما أرى.

53 - ومحمد بن حبان * *
ابن بكر بن عمرو الباهلي البصري، نزيل المخرم، من بغداد.
حدث عن أمية بن بسطام، وكثير بن يحيى، وكامل بن طلحة، ومحمد بن المنهال، وطائفة.
روى عنه: أبو علي النيسابوري، وأبو القاسم الطبراني وغيرهما.
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 232 231، الانساب: 64 / ب، المنتظم: 6 / 127 126، العبر: 2 / 120 119، ميزان الاعتدال: 3 / 508، لسان الميزان: 5 / 115، شذرات الذهب: 2 / 237.
* * الاكمال لابن ماكولا: 2 / 308 307.
(*)

(14/93)


كأنه الاول إن شاء الله، بناء على أن الازهر لقب لبكر بن عمرو، أو هو جد أعلى له، أو وقع وهم في نسبه، وقد وهم الحافظ عبد الغني بن سعيد فقال: محمد بن حبان بالفتح، حدثنا عنه أبو الطاهر الذهلي.
قال: وبضم الحاء: محمد بن حبان، حدث عنه: أبو قتيبة سلم بن الفضل.
قال الصوري: هما واحد، وهو بالضم.
قلت: ليس عند الطبراني عنه سوى حديث واحد، عن كامل بن طلحة، أورده له في " معجمه الاوسط " و " معجمه الاصغر " (1).
قال أبو عبد الله بن مندة: ليس بذاك.
قال أبو نصر بن ماكولا (2): محمد بن حبان بن الازهر الباهلي بالفتح.
روى عن أبي عاصم، وعنه: أحمد بن عبيد الله النهرديري، ومحمد بن حبان أبو بكر، عن أبي عاصم.
ذكره عبد الغني، وهو متقن لا يخفى عليه أمر شيخ شيخه، وكان القاضي الذهلي من المتثبتين، لا يخفى عليه أمر شيوخه.
وقال الصوري: إنما هما واحد.
ثم قال ابن ماكولا: لا، بل هما اثنان، والنسبة تفرق بينهما، وكذلك الجد، فإن كان شيخنا الصوري قد أتقنه بالضم، فقد غلط في تصوره: أنهما هما واحد.
وهما اثنان، كل منهما محمد بن حبان، وإن لم يكن أتقنه،
__________
(1) 2 / 18 برقم (796) من طريقه ومن طريق معاذ بن المثنى قالا: حدثنا كامل بن طلحة الجحدري، حدثنا محمد بن عمر الانصاري، عن محمد بن سيرين قال: قال رجل لابي هريرة: قد أفتيتنا في كل شئ، يوشك أن تفتينا في الخرء، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من سل سخيمة على طريق من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".
لم يروه عن محمد بن سيرين إلا محمد بن عمر.
(2) في " الاكمال " 2 / 306.
(*)

(14/94)


فالاول بالفتح، وهذا بالضم.
قلت: ما قال الصوري: هما اثنان، إلا باعتبار المسمين المذكورين، أما باعتبار الرجل الآخر الذي ذكره الدارقطني، فيصيرون ثلاثة.
قال الدارقطني: محمد بن حبان بن بكر بن عمرو البصري، نزل بغداد في المخرم، وحدث عن أمية بن بسطام، ومحمد بن منهال، وغيرهما.
قلت: الظاهر كما قلنا: إنهما واحد، والذي لا أرتاب فيه أن محمد بن حبان، عن أبي عاصم، رجل واحد معمر، وهو بالضم، وقد يجوز أن يكون أبوه حبان بالضم وبالفتح.
فالله أعلم.

(14/95)


الطبقة السابعة عشر
54 - الفريابي * جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض.
الامام الحافظ الثبت،
شيخ الوقت، أبو بكر الفريابي (1) القاضي.
ولد سنة سبع ومئتين.
وقال: أول ما كتبت الحديث سنة أربع وعشرين ومئتين.
أرخ مولده القاضي أبو الطاهر الذهلي.
قلت: ارتحل من فيرياب (2) وهي مدينة من بلاد الترك إلى بلاد ما
__________
* فهرست ابن النديم: 324، تاريخ بغداد: 7 / 202 199، ترتيب المدارك: 3 / 188 187، الانساب: 426 / ب، المنتظم: 6 / 125 124، معجم البلدان: 4 / 284، الكامل في التاريخ: 8 / 85، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 1، تذكر الحفاظ: 2 / 694 692: العبر: 2 / 119، دول الاسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 238، البداية والنهاية: 11 / 122 121، الديباج المذهب: 1 / 322 321، طبقات الحفاظ: 302 301، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 48 47، شجرة النور الزكية: 1 / 77.
(1) بكسر الفاء، وسكون الراء، وفتح الياء، وبعد الالف باء موحدة: نسبة إلى " فارياب " بليدة بنواحي بلخ، ينسب إليها: الفريابي، والفاريابي، والفيريابي.
انظر " اللباب " 2 / 427.
(2) انظر " معجم البلدان " لياقوت: 4 / 284.
(*)

(14/96)


وراء النهر، وخراسان، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة، ولقي الاعلام، وتميز في العلم، وولي قضاء الدينور.
حدث عن: شيبان بن فروخ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وهدبة ابن خالد، وقتيبة بن سعيد، وأبي مصعب الزهري، وإسحاق بن راهويه، وأبي جعفر النفيلي، وسليمان بن بنت شرحبيل، ومحمد بن عائذ، وهشام بن
عمار، وصفوان بن صالح، وأبي بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعلي بن المديني، و عبدالاعلى بن حماد، وعثمان بن أبي شيبة، وأبي قدامة السرخسي، ويزيد بن موهب الرملي، وهدية بن عبد الوهاب المروزي، وإسحاق بن موسى الخطمي، ومحمد بن عثمان بن خالد العثماني، وعمرو بن علي الفلاس، وعبد الله بن جعفر البرمكي، والهيثم بن أيوب الطالقاني، وأبي كامل الجحدري، وأحمد بن عيسى التستري، ومحمد ابن عبيد بن حساب، وعبيد الله بن معاذ، وأبي كريب محمد بن العلاء، وتميم بن المنتصر، وأبي الاصبغ عبد العزيز بن يحيى، ومنجاب بن الحارث، ومحمد بن مصفى، وخلق كثير.
وصنف التصانيف النافعة.
حدث عنه: أبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الطاهر الذهلي، وأبو بكر القطيعي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر الجعابي، وأبو القاسم علي بن أبي العقب، وأبو علي بن هارون، وأبو حفص عمر بن الزيات، وأبو بكر الآجري، وعبد الباقي بن قانع، وأبو الحسين محمد بن عبد الله والد تمام الرازي، والحسن بن عبدالرحمن الرامهرمزي، وأبو الفضل عبيد الله بن عبد

(14/97)


الرحمن الزهري، وهو خاتمة أصحابه، وقع لنا من طريقه " صفة المنافق " (1) عاليا.
قال الخطيب (2): جعفر الفريابي قاضي الدينور كان ثقة حجة، من أوعية العلم، ومن أهل المعرفة والفهم، طوف شرقا وغربا، ولقي الاعلام.
وعن أبي حفص الزيات قال: لما ورد الفريابي إلى بغداد استقبل
بالطيارات (3)، والزبارب، ووعد له الناس إلى شارع المنار ليسمعوا منه.
قال: فحضر من حزروا، فقيل: كانوا نحو ثلاثين ألفا، وكان المستملون ثلاث مئة وستة عشر نفسا.
وقال أبو علي بن الصواف: سمعت الفريابي يقول: كل من لقيته لم أسمع منه إلا من لفظه، إلا ما كان من شيخين: أبي مصعب، فإنه ثقل لسانه، والمعلى بن مهدي، بالموصل.
وكتبت من سنة أربع وعشرين ومئتين.
قال أبو الفضل الزهري: لما سمعت من الفريابي كان في مجلسه من أصحاب المحابر، من يكتب حدود عشرة آلاف إنسان، ما بقي منهم غيري هذا سوى من لا يكتب.
ثم جعل يبكي.
قلت: سماعه منه كان في سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وقال أبو أحمد بن عدي: كنا نشهد مجلس جعفر الفريابي، وفيه عشرة آلاف أو أكثر.
__________
(1) اسم الكتاب " صفة النفاق وذم المنافقين " وهو مطبوع.
(2) في " تاريخه " 7 / 200 199.
(3) كذا الاصل، وهي كذلك في " تاريخ بغداد " 7 / 201، أما في " تذكرة الحفاظ " فلفظه: " بالطبارات ".
والطيارات والزباب: ضرب من السفن.
انظر الحاشية رقم (1) من الصفحة (53) من هذا الجزء.
(*)

(14/98)


قال أبو بكر الخطيب (1): الفريابي قاضي الدينور من أوعية العلم.
وقال الدارقطني: قطع الفريابي الحديث في شوال، سنة ثلاث مئة.
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: دخلت بغداد والفريابي حي، وقد أمسك عن التحديث، ودخلنا عليه غير مرة، ونكتب بين يديه، كنا نراه
حسرة.
قلت: نعم ما صنع، فإنه أنس من نفسه تغيرا، فتورع وترك الرواية.
وقد حدث عنه من شيوخه محمد بن يحيى الازدي البصري.
فأنبأنا المسلم بن محمد، وطائفة، عن القاسم بن علي: أخبرنا أبي، أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، وأبو منصور بن خيرون، قالا: أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ، حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، حدثنا محمد بن يحيى الازدي، حدثنا جعفر بن محمد الخراساني، حدثنا عمرو بن زرارة.
حدثنا أبو جنادة، عن الاعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى يوم القيامة بناس من الناس إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها واستنشقوا ريحها..".
وذكر الحديث (2).
__________
(1) في " تاريخه " 7 / 199.
(2) وتمامه، "..ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لهم فيها، نودوا: أن اصرفوهم عنها، لا نصيب لهم فيها.
قال: فيرجعون بحسرة ما رجع الاولون بمثلها، فيقولون: يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثوابك وما أعددت لهم فيها ؟ قال الله: ذلك أردت بكم، كنتم إذا خلوتم بي بارزتموني بالمعاصي العظائم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين، تراؤون الناس خلاف ما في قلوبكم، هبتم الناس ولم تهابوني، أجللتم الناس ولم تجلوني، ركنتم للناس ولم تركنوا لي، فاليوم أذيقكم أليم العذاب مع ما حرمتم من الثواب ".
وهو حديث موضوع، فيه أبو جنادة واسمه: حصين بن مخارق متهم بالكذب كما قال المؤلف في " ميزانه " (*)

(14/99)


ثم قال الشافعي (1) حدثناه جعفر الفريابي: حدثنا عمرو مثله.
قال القاضي أبو الطاهر السدوسي: سمعت الفريابي يقول: كل من
لقيته بخراسان والعراق والامصار لم أسمع منه إلا من لفظه، إلا أبا مصعب.
وسمى آخر يعني معلى بن مهدي فإنهما كانا قد كبرا وضعفا.
قال الحافظ عبد الله بن عدي: رأيت مجلس الفريابي يحزر فيه خمسة عشر ألف محبرة، وكان [ الواحد ] (2) يحتاج أن يبيت في المجلس، ليجد مع الغد موضعا.
قال أحمد بن كامل: كان الفريابي مأمونا موثوقا به.
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: جعفر الفريابي ثقة متقن.
قال الدارقطني: مات الفريابي في المحرم، سنة إحدى وثلاث مئة.
وقال أبو حفص ابن شاهين: توفي ليلة الاربعاء في محرم، وهو ابن أربع وتسعين سنة.
قال: وكان قد حفر لنفسه قبرا في مقابر أبي أيوب، قبل مؤته بخمس سنين، ولم يقض أن يدفن فيه.
قال إسماعيل الخطبي: مات لخمس خلون من المحرم.
وأما عيسى الرخجي فقال: مات لاربع بقين من المحرم.
ثم قال أبو بكر الخطيب: قول عيسى هو الصحيح.
كذلك ذكر غير واحد.
__________
= 4 / 511، وقال الدارقطني: " يضع الحديث ".
وذكره ابن حبان في " المجروحين " 3 / 155 فقال: " لا تجوز الرواية عنه، ولا الاحتجاج به إلا على سبيل الاعتبار "، ثم أورد له هذا الحديث.
(1) هو محمد بن عبد الله المذكور في سند الحديث.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(*)

(14/100)


وفيها مات أحمد بن الجعد الوشاء البغدادي.
والحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي.
والحافظ إبراهيم بن يوسف الهسنجاني.
والحافظ بكر بن أحمد بن مقبل البصري.
ومقرئ بغداد الحسن بن الحباب.
والمحدث أبو معشر الحسن بن سليمان الدارمي.
والحافظ أبو علي الحسين بن إدريس الهروي.
والحافظ عبد الله بن محمد بن ناجية البربري ببغداد.
وشيخ الحرم عمرو بن عثمان المكي الزاهد.
وزاهد دمشق أبو بكر محمد بن أحمد بن سيد حمدويه.
ومسند العراق أبو بكر محمد بن حبان بضم الحاء الباهلي.
مشيخة على المعجم للفريابي، التقطهم شيخنا المزي إبراهيم بن الحجاج السامي، إبراهيم بن سعيد الجوهري، إبراهيم بن عبد الله الهروي، إبراهيم بن عبد الله المروزي الخلال، إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، إبراهيم بن عبدالرحيم بن دنوقا، إبراهيم بن العلاء الزبيدي، إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، إبراهيم بن المنذر الحزامي، إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، أحمد بن إبراهيم الدورقي، أحمد بن أبي بكر: أبو مصعب، أحمد بن أبي الحواري الزاهد، أحمد بن خالد الخلال: بغدادي، أحمد بن عبدة الضبي، أحمد بن أبي العتكي

(14/101)


السمرقندي، أحمد بن عيسى المصري، أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي، أحمد بن الفرات الرازي، أحمد بن منصور الرمادي، أحمد بن منيع البغوي، أحمد بن الهيثم، إسحاق بن إبراهيم بن حبيب، إسحاق بن بهلول الانباري، إسحاق بن راهويه الحافظ، إسحاق بن الحسن الحربي،
إسحاق بن سيار النصيبي، إسحاق بن منصور الكوسج، إسحاق بن موسى الخطمي، إسماعيل بن سيف الرياحي، إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، أمية بن بسطام العيشي.
بشر بن هلال، بكر بن خلف أبو بشر.
تميم بن المنتصر.
جبان بن المنتصر.
حبان بن موسى المروزي، حجاج بن الشاعر، الحسن بن سهل الخياط، الحسن بن الصباح البزار، الحسن بن علي الحلواني، الحسين بن عبدالرحمن أبو علي، الحسين بن عيسى القومسي، الحكم بن موسى البغدادي، حكيم بن سيف، حميد بن مسعدة السامي، حنبل بن إسحاق.
خلف بن محمد الواسطي.
داود بن مخراق الفريابي.
رجاء بن محمد السقطي، روح بن الفرج أبوالزنباع، رياح بن الفرج الدمشقي.
زكريا بن يحيى البلخي، زيد بن أخزم، أبو خيثمة زهير بن حرب، زياد ابن يحيى الحساني.
سريج بن يونس العابد، سعيد بن يعقوب الطالقاني، سلام بن محمد المقدسي، سلمة بن شبيب، سليمان بن عبدالرحمن أبو أيوب، سويد بن

(14/102)


سعيد الحدثاني، سليمان بن معبد السنجي.
شيبان بن فروخ الابلي.
صفوان بن صالح المؤذن.
طاهر بن خالد بن نزار الايلي.
عاصم بن النضر الاحول، العباس بن عبد العظيم العنبري، العباس بن محمد الدوري، العباس بن الوليد بن مزيد، العباس بن الوليد النرسي، عبد الله بن جعفر البرمكي، عبد الله بن أبي زياد القطواني، عبد الله بن عبد الجبار الحمصي، عبد الله بن أبي زياد القطواني، عبد الله بن عبد الجبار الحمصي، عبد الله بن عبدالرحمن الدارمي، عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي، عبد الله بن عمرو بن أبي سعد الوراق، عبد الله بن أبي شيبة أبو بكر، عبد الله بن محمد النفيلي أبو جعفر، عبد الله بن محمد بن خلاد، عبد الله بن محمد بن وهب، عبدالاعلى بن حماد النرسي، عبدالحميد بن بيان، عبدالحميد بن حبيب الفريابي، عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم، عبد الرحمن بن صالح الازدي، عبد السلام بن عبدالحميد بحران، عبد العزيز ابن أبي يحيى الحراني، عبدالملك بن حبيب المصيصي، عبد الواحد بن غياث.
عبيد الله بن سعيد أبو قدامة، عبيد الله بن عمر القواريري، عبيد الله ابن معاذ، عبيد بن هشام أبو نعيم، عثمان بن أبي شيبة، عصام بن الحسين الجوزجاني، عقبة بن مكرم العمي، عقبة بن مكرم الضبي.
علي بن حكيم الاودي، علي بن حكيم السمرقندي، علي بن سهل بن المغيرة، علي بن عبد الله بن المديني، علي بن ميمون الرقي، علي بن نصر الجهضمي، عمر بن شبة، عمرو بن زرارة النيسابوري، عمرو بن عبدوس الاسكندراني، عمرو بن عثمان الحمصي، عمرو بن علي الفلاس، عمرو بن محمد الناقد، عمرو بن

(14/103)


هشام الحراني، عنبسة بن سعيد الشاشي أبو المنذر، عيسى بن محمد أبو عمير الرملي.
الفضل بن سهل، الفضل بن مقاتل البلخي، فضيل أبو كامل الجحدري.
القاسم بن محمد بن أبي شيبة، قتيبة بن سعيد.
محمد بن آدم المصيصي، محمد بن أحمد بن الجنيد، محمد بن إدريس أبو حاتم، محمد بن إسحاق أبو بكر الصغاني، محمد بن إسحاق الرافعي، محمد بن إسماعيل الترمذي، محمد بن بشار بندار، محمد بن بكار العيشي، محمد بن أبي بكر المقدمي، محمد بن حاتم بطرسوس، محمد بن حرب النشائي، محمد بن الحسن البلخي، محمد بن حميد الرازي، محمد ابن خلاد الباهلي، محمد بن أبي السري العسقلاني، محمد بن سلام الجمحي، محمد بن سماعة الرملي، محمد بن صالح كعب الذارع، محمد ابن الصباح الجرجرائي، محمد بن عباد المكي، محمد بن عبادة الواسطي، محمد بن عبد الله بن بكار البسري، محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، محمد بن عائذ الدمشقي، محمد بن عبدالاعلى الصنعاني، محمد بن عبد الملك بن زنجويه، محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب.
محمد بن عبيد بن حساب، محمد بن أبي عتاب الاعين، محمد بن عثمان العثماني، محمد بن عزيز الايلي، محمد بن العلاء أبو كريب، محمد ابن عوف الطائي، محمد بن فرقد الجزري، محمد بن ماهان المصيصي، محمد بن المثنى الزمن، محمد بن مجاهد، محمد بن مصفى الحمصي، محمد بن مهدي الايلي، محمد بن وزير الواسطي، محمد بن يحيى العدني، محمود بن غيلان، مزاحم بن سعيد المروزي، المسيب بن واضح، مطلب

(14/104)


ابن شعبة المصري، معلى بن مهدي الموصلي، المغيرة بن معمر، منجاب بن
الحارث التميمي، موسى بن عبدالرحمن القلاء، موسى بن السندي، موسى ابن حيان، ميمون بن أصبغ.
نافع بن خالد الطاحي، نصر بن عاصم، نصر بن علي الجهضمي.
هارون بن إسحاق، هارون بن عبد الله الحمال، هدبة بن خالد القيسي، هدية بن عبد الوهاب، هريم بن مسعر الترمذي، هشام بن خالد الازرق، هشام بن عبدالملك أبو تقي، هشام بن عمار، هناد بن السري، الهيثم بن أيوب الطالقاني.
الوليد بن شجاع أبو همام، الوليد بن عتبة الدمشقي، الوليد بن عبد الملك بن مسرح، وهب بن بقية.
أبو سلمة يحيى بن خلف، يحيى بن أيوب المقابري، يحيى بن عمار المصيصي، يزيد بن خالد بن موهب، يعقوب بن إبراهيم الدورقي، يعقوب ابن حميد بن كاسب، يوسف بن الفرح الكشي، يونس بن حبيب الاصبهاني، أبو بكر بن أبي النضر، الفريابي: هو عبد الله (1) بن محمد بن يوسف.
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق الهمذاني: أخبركم الفتح بن عبد الله بن محمد الكاتب ببغداد، أخبرنا القاضي محمد بن عمر الارموي، وأبو غالب محمد بن علي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، قالوا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، حدثنا عبيد الله بن عبدالرحمن الزهري
__________
(1) في الاصل " عبيد الله " والتصويب من " مشتبه " الذهبي، و " توضيح " ابن ناصر، و " تبصير " ابن حجر.
(*)

(14/105)


سنة ثمانين وثلاث مئة، حدثنا جعفر بن محمد سنة ثمان وتسعين ومئتين،
حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس، عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الاترجة " (1).
أخرجه البخاري ومسلم، عن هدبة بتمامه.
فصل وفي العلماء جماعة اسمهم جعفر بن محمد، وقد مر جماعة منهم، وأجلهم: جعفر الصادق: كان كبير الشأن.
وجعفر بن محمد بن عمران الثعلبي: كوفي صدوق، خرج له الترمذي، من طبقة أبي كريب.
وجعفر بن محمد بن فضيل الرسعني، شيخ ثقة، من مشيخة الترمذي.
وجعفر بن محمد بن الهذيل الكوفي القناد، من شيوخ النسائي.
وجعفر بن محمد الباهلي: نزيل حران، يروي عن أبي نعيم وطبقته.
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه البخاري: 9 / 59 58 في فضائل القران: باب فضل القرآن على سائر الكلام، و 86: باب إثم من راءى بقراءة القرآن، و 481 في الاطعمة: باب ذكر الطعام، و 13 / 447 في التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق، وأخرجه مسلم (797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، ولفظ الحديث بتمامه: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الاترجة: طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: طعمها مر ولا ريح لها ".
وأخرجه أيضا أبو داود (4829) والترمذي (2865) والنسائي: 8 / 125 124، والفريابي في " ذم النفاق ".
ص 54.
(*)

(14/106)


وجعفر بن محمد الواسطي الوراق، يروي عن يعلى بن عبيد، وعدة، ثقة مجود، أخذ عنه إسماعيل الصفار، والمحاملي.
وجعفر بن محمد بن ربال: يروي عن سعيد بن عامر الضبعي، ثقة.
وجعفر بن محمد القومسي: يروي عن عبيد الله بن موسى، وعدة.
وجعفر بن محمد بن نوح: يروي عن محمد بن عيسى بن الطباع، ثقة كبير، نزل مرابطا بأذنة، حدث عنه البرديجي، والاصم.
وجعفر بن محمد السامري البزاز: حدث عن أبي نعيم، وقبصة، حدث عنه: ابن أبي حاتم، وإسماعيل الصفار، صدوق.
وجعفر بن محمد بن عروة النيسابوري: سمع حفص بن عبدالرحمن، والجارود بن يزيد، قديم الموت، محله الصدوق.
وجعفر بن محمد بن القعقاع: ببغداد، عن سعيد بن منصور، وطبقته.
وجعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي: عن عاصم بن علي وأقرانه، روى عنه ولده أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، وغيره.
وجعفر بن محمد بن شاكر البغدادي الصائغ، العبد الصالح: سمع أبا نعيم، وعفان.
ثقة متقن شهير، عواليه في الغيلانيات (1).
__________
(1) والغيلانيات: أحد عشر جزءا، تخريج الدارقطني، من حديث أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي البزار، الامام الحجة، المفيد، والمتوفى سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
وهو القدر المسموع لابي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار المتوفى سنة أربعين وأربع مئة من أبي بكر المذكور.
وهي من أعلى الحديث وأحسنه.
انظر: " عبر الذهبي " 2 / 301، و " الرسالة المستطرفة " ص 93 92.
(*)

(14/107)


وجعفر بن محمد بن الحسن، أبويحيى الزعفراني، الرازي: حدث عن إبراهيم بن موسى الفراء وطبقته، ثقة مفسر، توفي سنة تسع وسبعين ومئتين.
وجعفر بن محمد بن الحجاج الرقي القطان: عن عبد الله بن جعفر وثق.
وجعفر بن محمد بن حماد، أبو الفضل الرملي القلانسي، عن عفان وآدم.
لقيه الطبراني وخيثمة.
صدوق عابد، كبير القدر.
وجعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي البغدادي: حافظ نبيل، يكنى أبا الفضل، عن عفان، وعارم، وطبقتهما، روى عنه أبو بكر الشافعي.
وجعفر بن محمد الخندقي الخباز: يروي عن خالد بن خداش، وطبقته.
وجعفر بن محمد بن حرب العباداني: عن سليمان بن حرب وطبقته، حدث عنه جعفر الخلدي، والطبراني.
وجعفر بن محمد بن كزال السمسار: عن عفان، وسعدويه، روى عنه أبو بكر الشافعي، والطستي، ليس بمتقن، يكتب حديثه.
وجعفر بن محمد بن بكر البالسي: سمع النفيلي، والحكم بن موسى.
وجعفر بن محمد بن هاشم المؤدب، عن عفان، لحقه الطستي.
وجعفر بن محمد البلخي المؤدب الوراق: عن سهل بن عثمان، وابن حميد.

(14/108)


وجعفر بن محمد المصري بن الحمار: يروي عن يحيى بن بكير، وغيره.
وجعفر بن محمد بن عرفة المعدل: بغدادي، من مشيخة عبد الصمد الطستي.
وجعفر بن محمد بن شريك: أصبهاني، عن لوين.
وعنه: أبو الشيخ، والعسال.
وجعفر بن محمد بن عمران بن بريق المخرمي: عن خلف البزار، وعنه: الطبراني، وغيره.
وجعفر بن محمد بن يمان المؤدب: عن أبي الوليد الطيالسي.
وعنه الشافعي (1).
وجعفر بن محمد الخياط: صاحب أبي ثور، روى عنه عثمان بن السماك.
وجعفر بن محمد بن ماجد: بغدادي، من شيوخ الطبراني، لا أعرفه.
وجعفر بن محمد بن الفرات الكاتب: أخو الوزير الشهير.
وجعفر بن محمد بن الازهر: بغدادي، عن وهب بن بقية.
وعنه: الاسماعيلي.
وجعفر بن محمد بن يزدين، أبو الفضل السوسي: عن علي بن بحر القطان، وسهل بن عثمان.
وعنه: الحسن بن رشيق، والمصريون، صدوق.
__________
(1) يعني أبا بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي البزار.
(*)

(14/109)


وجعفر بن محمد بن الليث الزيادي: بصري، عن مسلم بن إبراهيم،
وطبقته، تأخر حتى لقيه ابن عدي وأقرانه.
وجعفر بن محمد بن عيسى القبوري: بغدادي ثقة، سمع سويد بن سعيد، وعنه: الشافعي (1)، وأبو علي بن الصواف.
وجعفر بن محمد بن علي، أبو الفضل الحميري الزاهد، قاضي نسف.
روى عن إسحاق بن راهويه وطائفة.
ليس بمشهور.
وجعفر بن محمد بن عتيب، أبو القاسم البغدادي السكري: حدث عن محمد بن معمر القيسي وطبقته، روى عنه ابن المظفر.
وجعفر بن محمد بن يعقوب الاصبهاني، التاجر الاعور: عن ابن عرفة، والزعفراني.
وجعفر بن محمد بن سعيد البغدادي: سمع محمود بن خداش.
صدوق.
وجعفر بن محمد بن العباس الكرخي: عن جبارة بن المغلس، وطائفة، حدث عنه ابن عدي، وعلي بن عمر الحربي، وابن شاهين.
وجعفر بن محمد بن أبي هريرة: مصري، سمع حرملة وغيره.
وجعفر بن محمد بن بشار بن أبي العجوز: عن محمود بن خداش، حدث عنه: أبو الفضل الزهري، وابن شاهين.
وجعفر بن محمد بن يعقوب الصندلي الزاهد: عن الزعفراني، وعلي ابن حرب.
__________
(1) هو الشافعي البزار.
انظر التعليق السابق.
(*)

(14/110)


وجعفر بن محمد بن المغلس البغدادي، عن: حوثرة المنقري.
وخلق سوى هؤلاء من المتأخرين بهذا الاسم.
ولكن جعفر بن محمد
الخراساني الذي هو الفريابي يشتبه بهؤلاء الثلاثة: جعفر بن محمد بن حسين بن طغان، أبو الفضل النيسابوري، المعروف بالترك (1) ثقة حافظ ثبت، سمع من يحيى بن يحيى، وابن راهويه، والناس.
وعنه: ابن الشرقي، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، مات سنة خمس وتسعين ومئتين.
وجعفر بن محمد بن سوار النيسابوري الحافظ (2): رحل وكتب عن قتيبة، وعمرو بن زرارة، وأقرانهما.
كبير القدر.
فيجوز أن كل واحد من هذين الرجلين يكون هو الذي روى عنه محمد بن يحيى الازدي المذكور، فإنهما وجعفر بن محمد الفريابي طبقة واحدة.
ولنا: جعفر بن محمد بن موسى الحافظ، أبو محمد، النيسابوري الاعرج (3)، ويقال له: جعفرك المفيد، هو أصغر من الثلاثة، يروي عن الحسن بن عرفة، ومحمد بن يحيى الذهلي، مات بحلب، روى عنه أبو بكر بن المقرئ.

55 - ابن سيد حمدويه * الامام العارف، شيخ العباد، أبو بكر، محمد بن أحمد بن سيد حمدويه
__________
(1) سبقت ترجمته في الصفحة (46) من هذا الجزء.
(2) وثقه الخطيب البغدادي في " تاريخه " 7 / 191 وقال: توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين ومئتين.
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة (265) من هذا الجزء.
* تاريخ ابن عساكر: 14 / 345 / ب.
(*)

(14/111)


الهاشمي مولاهم وقيل: مولى بني تميم الصوفي الدمشقي، صاحب
الاحوال والكشف.
صحب قاسما الجوعي، وحدث عنه، وعن شعيب بن عمرو، ومؤمل ابن يهاب.
وعنه: أبو بكر بن أبي دجانة، وأبو زرعة أخوه، وأبو أحمد بن الناصح، وأبو هاشم المؤدب، وآخرون: والزاهد أبو صالح البابشرقي، وكان يلقب بالمعلم.
قال ابن الناصح: أقام خمسين سنة ما استند، ولا مد رجله هيبة لله تعالى.
ويقال: إنه بسط رداءه على الماء عند الحد عشرية (1) وصلى عليه، ولم يبتل الرداء.
رواها عبدالرحمن بن أبي نصر، عن عمر بن البري، فالله أعلم.
وقيل: كانت تطوى له الارض.
استوفى ابن عساكر أخباره.
توفي سنة إحدى وثلاث مئة، رحمة الله عليه، وكان من أبناء الثمانين.

56 - ابن بسام * العلامة الاديب البليغ الاخباري، صاحب الكتب، أبو الحسن، علي
__________
(1) والمقصود بالماء هنا نهر بردى فإنه يمر بهذا المكان الذي هو بداية غوطة دمشق الشرقية.
* مروج الذهب: 2 / 509 504، معجم الشعراء: 154، فهرست ابن النديم: 214، تاريخ بغداد: 12 / 63، الانساب: 80 / أ، معجم الادباء: 14 / 152 139، وفيات الاعيان: 3 / 363، فوات الوفيات: 3 / 92، مرآة الجنان: 2 / 239 238، البداية والنهاية: 11 / 126 125، النجوم الزاهرة: 3 / 190 189، مفتاح السعادة 1 / 191.
(*)

(14/112)


ابن محمد بن نصر بن منصور بن بسام البغدادي الشاعر.
يروي في تصانيفه عن الزبير بن بكار، وعمر بن شبة، وطبقتهما.
وعنه: الصولي، وأبو سهل القطان، وزنجي الكاتب.
وله هجاء خبيث في أبيه، وفي الخلفاء والوزراء.
وهو القائل في المعتضد: ترك الناس بحيرة * وتخلى في البحيره قاعدا يضرب بالط * بل على حر دريره (1) توفي سنة اثنتين وثلاث مئة.

57 - الحسين بن إدريس * ابن مبارك بن الهيثم، الامام المحدث الثقة الرحال، أبو علي الانصاري الهروي، كان صاحب حديث وفهم.
حدث عن: سعيد بن منصور، وخالد بن هياج، وداود بن رشيد، وهشام بن عمار، وسويد بن سعيد، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعثمان ابن أبي شيبة، وطبقتهم.
حدث عنه: بشر بن محمد المزني، ومنصور بن العباس، وأبو حاتم بن
__________
(1) البيتان مع خبر طريف في " معجم الادباء " 14 / 144 143.
* الجرح والتعديل: 3 / 47، الانساب: 589 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 696 695، العبر: 2 / 119، ميزان الاعتدال: 1 / 531 530، الوافي بالوفيات: 12 / 340، لسان الميزان: 2 / 273 272، النجوم الزاهرة: 3 / 184، طبقات الحفاظ: 302، شذرات الذهب: 2 / 235، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.
(*)

(14/113)


حبان، وأبو بكر النقاش المفسر، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه، والهرويون.
وله تاريخ كبير وتصانيف.
وثقة الدراقطني.
وقال أبو الوليد الباجي: لا بأس به.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم (1): يعرف بابن خرم، كتب إلي بجزء من حديثه، عن خالد بن هياج بن بسطام، فيه بواطيل، فلا أدري البلاء منه، أو من خالد ؟ قلت: بل من خالد، فإنه ذو مناكير عن أبيه، وأما الحسين فثقة حافظ.
أرخ موته أبو النضر الفامي، في سنة إحدى وثلاث مئة، ولعله جاوز التسعين.

58 - السامي * الامام المحدث الثقة الحافظ، أبو عبد الله، محمد بن عبدالرحمن الهروي.
سمع أحمد بن يونس اليربوعي وطبقته بالكوفة، وإسماعيل بن أبي أويس وغيره بالمدينة، وأحمد بن حنبل وطبقته ببغداد، وإبراهيم بن محمد
__________
(1) في " الجرح والتعديل " 3 / 47.
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 698 697، العبر: 2 / 120، الوافي بالوفيات: 3 / 226، طبقات الحفاظ: 304، شذرات الذهب: 2 / 235.
(*)

(14/114)


الشافعي بمكة، ومحمد بن معاوية النيسابوري، ومحمد بن مقاتل المروزي.
وجمع وصنف.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان في " صحيحه " والعباس بن الفضل النضروي، وبشر بن محمد المزني، وسائر علماء هراة.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وثلاث مئة على الاصح، وقيل: توفي في صفر سنة اثنتين وثلاث مئة، وقد قارب المئة.
وفيها توفي إبراهيم بن شريك الاسدي.
وإبراهيم بن محمد بن متويه.
وأبو قصي إسماعيل بن محمد العذري.
وحمزة بن محمد بن عيسى الكاتب.
وعبد الله بن الصقر السكري.

59 - الهسنجاني * إبراهيم بن يوسف بن خالد بن سويد، الامام الحافظ المجود، أبو إسحاق الرازي الهسنجاني (1).
__________
* الانساب: 590 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 286 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 692، العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 6 / 172، طبقات الحفاظ: 301 300، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 70، تهذيب ابن عساكر: 2 / 311.
(1) بكسر الهاء والسين المهملة، وسكون النون، وفتح الجيم، وبعد الالف نون ثانية هذه النسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها: هسنكان، فعربت فقيل: هسنجان.
انظر " اللباب " 3 / 388.
(*)

(14/115)


سمع طالوت بن عباد، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، وهشام بن
عمار، و عبد الواحد بن غياث، ومحمد بن عبيد بن حساب، وأحمد بن أبي الحواري، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، وأبو عمرو بن مطر، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو الحسين محمد بن عبد الله والدتمام الرازي، وعبد الله بن عدي، وأبو علي الحسين بن علي، الحفاظ، وأحمد بن علي الديلمي، والعباس بن الحسين الصفار خاتمة أصحابه، وآخرون.
قال أبو علي الحافظ: حدثنا إبراهيم بن يوسف الثقة المأمون.
وقال أبو يعلى الخليلي في " إرشاده ": للهسنجاني مسند يزيد على مئة جزء، رواه عنه ميسرة بن علي القزويني.
وقال أبو الشيخ: مات في سنة إحدى وثلاث مئة.
قرأت على عيسى بن عبد المنعم المؤدب: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد سنة ثلاث وعشرين وست مئة، أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار، أخبرنا أبي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الامام، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا إبراهيم بن يوسف، وأبو يعلى، قالوا: حدثنا محمد بن عبيد بن حساب، حدثنا أبو عوانة، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعدة من النار ".
رواه مسلم (1) عن محمد بن عبيد، فوافقناه.
__________
(1) برقم (3).
وهو حديث متواتر، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من سبعين صحابيا.
انظر " الجامع الصغير " و " الاسرار المرفوعة في الاخبار الموضوعة " لعلي القاري: ص 34 4.
(*)

(14/116)


وقد روى الهسنجاني عن أحمد بن أبي الحواري كتاب " الزهد "
وروى عن أبي مصعب، وأبي بكر بن أبي شيبة، وجمع فأوعى.

60 - الاسماعيلي * الامام الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر، محمد بن إسماعيل بن مهران النيسابوري، المعروف بالاسماعيلي.
وهذا أقدم من شيخ الشافعية بجرجان أبي بكر الاسماعيلي (1).
سمع هذا الكبير (2) من: إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، وحرملة ابن يحيى، وعيسى بن زغبة، ومحمد بن بكار، وأبي حمة محمد بن يوسف الزبيدي، ومحمد بن رمح، وأبي نعيم الحلبي، ودحيم، وأبي كريب، وطبقتهم، وجمع وصنف.
حدث عنه: رفيقه إبراهيم بن أبي طالب، وأبو العباس السراج، وابن الشرقي، وأحمد بن علي الرازي، ومحمد بن الاخرم، ودعلج السجزي، وإسماعيل بن نجيد، وعلي بن حمشاذ، وولده أحمد بن محمد.
قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بنيسابور: كثرة، ورحلة،
__________
* الانساب: 36 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 118 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 683 682، العبر: 2 / 103، ميزان الاعتدال: 3 / 485، مرآة الجنان: 2 / 225، لسان الميزان: 5 / 82 81، طبقات الحفاظ: 297 296، شذرات الذهب: 2 / 221.
(1) هو الحافظ أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو بكر الاسماعيلي، الفقيه الشافعي الجرجاني المتوفى سنة 376.
قال الحاكم: " كان الاسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء، وأجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء ".
وسترد ترجمته.
وهو مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 951 947، " تاريخ جرجان " للسهمي ص 77 69.
(2) يعني صاحب الترجمة، لانه أقدم من الحافظ أبي بكر المتوفى سنة 371.
(*)

(14/117)


واشتهارا.
وهو مجود عن المصريين (1) والشاميين، ثقة مأمون.
قال إبراهيم بن أبي طالب: لم يجود لنا حديث مالك كالاسماعيلي.
وقال الحاكم: سمعت ابنه أبا الحسن أحمد بن محمد يقول: مرض أبي في صفر، سنة تسع وثمانين ومئتين، فبقي في مرضه إلى أن توفي في ذي الحجة، سنة خمس وتسعين ومئتين.
وقيل: كان به اللقوة (2)، بقي فيها حتى مات، رحمه الله.
قلت: من الرواة عنه: أبو العباس بن حمدان، نزيل خوارزم.
وقد جمع حديث الزهري وجوده، وحديث مالك وجماعة.
وقد سقت في " التذكرة " (3) عنه حديثا عاليا من جزء ابن نجيد.

61 - إبراهيم بن أسباط * ابن السكن، الكوفي البزاز، شيخ معمر، محله الستر.
سمع من عاصم بن علي، وبشر بن الوليد، وجماعة.
روى عنه: ابن قانع، وأبو بكر الجعابي، وأبو حفص الزيات، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وثلاث مئة، وقيل: توفي سنة إحدى.
__________
(1) كذا الاصل، وفي " تذكرة الحفاظ ": البصريين.
(2) في " اللسان ": " اللقوة: داء يكون في الوجه، يعوج منه الشدق ".
(3) 2 / 683.
* تاريخ بغداد: 6 / 45 44.
(*)

(14/118)


62 - حماد بن مدرك *
المحدث الكبير، أبو الفضل الفارسي الفسنجاني، عمر دهرا، وحدث بشيراز عن عمرو بن مرزوق، وأبي عمر الحوضي، وطائفة.
روى عنه: محمد بن بدر الامير، والزاهد محمد بن خفيف (1).
توفي في جمادى الآخرة، سنة إحدى وثلاث مئة.

63 - مسدد بن قطن * * ابن إبراهيم، الامام المحدث المأمون، القدوة العابد، أبو الحسن النيسابوري المزكي.
سمع من يحيى بن يحيى النيسابوري، ولم يرو عنه لكونه سمع وهو حدث، فتورع عن الرواية عنه، وسمع من جده لامه بشر بن الحكم، وإسحاق ابن راهويه، وداود بن رشيد، والصلت بن مسعود الجحدري، وأبي مصعب الزهري، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعبد الله بن سعد، ودعلج السجزي، وعلي بن عيسى، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وآخرون.
وحدث عنه من أقرانه أبو العباس السراج.
قال الحاكم: كان مزكي عصره المقدم في الزهد، والورع، والتمكن
__________
* الانساب: 428 / أ، معجم البلدان: 4 / 266، اللباب: 2 / 432.
(1) هو أبو عبد الله، محمد بن خفيف بن إسفكشاد الشيرازي.
ترجمه السلمي في " طبقاته " ص 462 وقال فيه: كان أوحد المشايخ في وقته: حالا، وعلما، وخلقا، مات سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة ".
وانظر ترجمته في: " حلية الاولياء " 10 / 389 385.
* * النجوم الزاهرة: 3 / 181، شذرات الذهب: 2 / 237 236.
(*)

(14/119)


في العقل، تورع من الرواية عن يحيى بن يحيى لصغر سنة، توفي سنة إحدى
وثلاث مئة.
قلت: نيف على التسعين.
وكان أبوه صاحب حديث.

64 - إبراهيم بن شريك * ابن الفضل، الامام المحدث، أبو إسحاق الاسدي الكوفي، نزيل بغداد.
حدث عن: أحمد بن يونس اليربوعي، ومنجاب بن الحارث، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعقبة بن مكرم، وعثمان بن أبي شيبة، وعدة.
حدث عنه: مخلد بن جعفر الباقرحي، وأبو هاشم الحسين بن محمد الحداد، وأبو حفص بن الزيات، وأبو الحسن بن لؤلؤ الوراق، وعبيد الله بن عبدالرحمن الزهري، وآخرون.
قال ابن الزيات: سمعت أبا العباس بن عقدة يقول: ما دخل عليكم أحد أوثق من إبراهيم بن شريك.
وقال الدارقطني: ثقة.
قلت: مات ببغداد سنة إحدى وثلاث مئة، وحمل إلى الكوفة.
وقيل: مات في سنة وثلاث مئة، وكان في عشر المئة.
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 103 102، الكامل في التاريخ: 8 / 91، العبر: 2 / 122، شذرات الذهب: 2 / 238.
(*)

(14/120)


65 - النخعي * المحدث العالم، أبو علي، الحسين بن علي بن محمد بن مصعب النخعي البغدادي.
سمع سليمان بن بنت شرحبيل، وداود بن رشيد، وعبد الله بن خبيق،
وسويد بن سعيد، وطائفة.
وعنه: الطستي، وأبو بكر بن خلاد، والطبراني، وأبو الشيخ، وأبو بكر الاسماعيلي، وقال: كان شيخا كبيرا، قد غلب عليه البلغم.
ثم روى عنه حديثا، تابعه عليه أبو الجهم المشغرائي، عن العباس بن الوليد الخلال: حدثنا مروان بن محمد، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس مرفوعا: " فضلت على الناس بأربع: بالسخاء، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة البطش " (1).
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 70 69، ميزان الاعتدال: 1 / 543، لسان الميزان: 2 / 303.
(1) هذا خبر منكر، آفته سعيد بن بشير، فقد ضعفه غير واحد كما في " الميزان " 2 / 130 128.
وأورده المؤلف في ترجمة مروان بن محمد في " الميزان " 4 / 93 من طريق الطبراني في " معجمه الاوسط " عن محمد بن هارون بن محمد بن بكار، عن العباس بن الوليد، عن مروان بن محمد..وقال: هذا خبر منكر.
وقال ابن الجوزي فيما نقله عنه المناوي في " فيض القدير ": حديث لا يصح.
(*)

(14/121)


66 - البرديجي (1) * الامام الحافظ الحجة، أبو بكر، أحمد بن هارون بن روح البرديجي البرذعي، نزيل بغداد.
ولد بعد الثلاثين ومئتين، أو قبلها.
حدث عن: أبي سعيد الاشج، ونصر بن علي الجهضمي، والفضل الرخامي، وعلي بن إشكاب، وهارون بن إسحاق، وبحر بن نصر الخولاني،
والربيع بن سليمان، وسليمان بن سيف الحراني، والعباس بن الوليد البيروتي، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، ومحمد بن عوف الطائي، ويزيد ابن عبد الصمد، وطبقتهم، بالشام، والحرمين، والعجم، ومصر، والعراق، والجزيرة.
وجمع وصنف، وبرع في علم الاثر.
حدث عنه: أبو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأبو أحمد العسال، وأبو أحمد بن عدي، وأبو القاسم الطبراني، وعلي بن لؤلؤ الوراق، وآخرون.
ذكره الحاكم في " تاريخه " فقال: قدم على محمد بن يحيى الذهلي، فاستفاد وأفاد، وكتب عنه مشايخنا في ذلك الوقت، وقد قرأت بخط أبي عمرو
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 113، تاريخ بغداد: 5 / 195 194، الانساب: 72 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 133 / ب، معجم البلدان: 1 / 378، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 747 746، العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 8 / 223، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذرات الذهب: 2 / 234، تهذيب ابن عساكر: 2 / 107.
(1) ضبطت في الاصل بكسر الباء الموحدة، وضبطها السمعاني بفتحها.
أما ياقوت فلم يشر إلى ضبط الباء، وانتقل مباشرة إلى الحرف التالي فقال: بسكون الراء وكسر الدال: مدينة بأقصى أذربيجان، بينها وبين برذعة أربعة عشر فرسخا.
(*)

(14/122)


المستملي سماعة من أحمد بن هارون البرديجي في مسجد الذهلي، سنة خمس وخمسين ومئتين، وقد سمع منه شيخنا أبو علي الحافظ بمكة، وأظنه جاور بها حتى مات..إلى أن قال: لا أعرف إماما من أئمة عصره في الآفاق إلا وله عليه انتخاب يستفاد.
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عن أبي بكر البرديجي، فقال: ثقة، مأمون، جبل.
وقال الخطيب (1): كان ثقة [ فاضلا ] فهما، حافظا.
قال أبو الشيخ الاصبهاني: مات سنة إحدى وثلاث مئة ببغداد.
وقال أحمد بن كامل: مات في شهر رمضان، سنة إحدى.
كتب إلينا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، ومسلم بن محمد الكاتب، قالا: أخبرنا عمر بن محمد المعلم، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا أحمد بن هارون البرديجي، حدثنا يزيد بن جهور، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا الشافعي، أخبرنا مسلم بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " قضى أن الخراج بالضمان " (2).
هذا حديث حسن غريب.
__________
(1) في " تاريخه " 5 / 195 وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده حسن في الشواهد، ومسلم بن خالد: سئ الحفظ لكنه متابع.
وهو في " مسند الشافعي " وسنن أبي داود (3510) وصححه ابن حبان (1126) والحاكم: 2 / 15 14 ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو داود أيضا (3508) و (3509) والترمذي (1285) والنسائي: 7 / 255 254 من طرق عن ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف، عن عروة، عن عائشة.
، وهذا إسناد صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (1125) والحاكم: 2 / 15، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (1286) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث هشام بن عروة.
= (*)

(14/123)


قرأت على الحسن بن علي: أخبركم جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو الفتح عمر بن محمد بن علكويه، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن
عبدالرحمن إملاء، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن هارون البرديجي، حدثنا أبو زرعة الرازي، حدثنا عبدالرحمن بن عبدالملك بن شيبة، أخبرني أبو قتادة البدري، حدثني ابن أخي الزهري، عن عمه، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير، عن علي بن أبي طالب: أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحب الناس إلى الله ؟ قال: " أنفع الناس للناس " (1).
__________
= وتفسير الخراج بالضمان: قال الخطابي: " معنى الخراج " الدخل والمنفعة، ومعنى قوله: الخراج بالضمان: المبيع إذا كان مما له دخل وغلة، فإن مالك الرقبة الذي هو ضامن الاصل يملك الخراج بضمان الاصل.
فإذا ابتاع الرجل أرضا فأشغلها، أو ماشية فنتجها، أو دابة فركبها، أو عبدا فاستخدمه، ثم وجد به عيبا، فله أن يرد الرقبة ولا شئ عليه فيما انتفع به، لانها لو تلفت ما بين مدة العقد والفسخ لكانت من ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج من حقه.
وانظر الحاشية رقم (2) من سنن أبي داود: 3 / 777 لمعرفة أقوال العلماء في هذه المسألة.
(1) أبو قتادة البدري لم نظفر له بترجمة، وابن أخي الزهري واسمه محمد بن عبد الله ابن مسلم صدوق له أوهام، وباقي رجاله ثقات.
وله شاهد يتقوى به من حديث ابن عمر أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " ص 80، وأبو إسحاق المزكي في " الفوائد المنتخبة " 1 / 147 / 2، وابن عساكر 11 / 144 / 1 من طرق عن بكر بن خنيس، عن عبد الله ابن دينار، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند ابن أبي الدنيا، وقال الآخران: عن عبد الله بن عمر قال: قيل: يا رسول الله من أحب الناس إلى الله ؟ قال: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الاعمال إلى الله عزوجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولان امشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يميضه أمضاه ملا الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه
في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الاقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ".
وهذا سند حسن.
وانظر " المقاصد الحسنة " ص 201 200.
(*)

(14/124)


67 - النسائي * الامام الحافظ الثبت، شيخ الاسلام، ناقد الحديث، أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي، صاحب السنن.
ولد بنسا في سنة خمس عشرة ومئتين، وطلب العلم في صغره، فارتحل إلى قتيبة في سنة ثلاثين ومئتين، فأقام عنده ببغلان (1) سنة، فأكثر عنه.
وسمع من: إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، ومحمد بن النضر بن مساور، وسويد بن نصر، وعيسى بن حماد زغبة، وأحمد بن عبدة الضبي، وأبي الطاهر بن السرح، وأحمد بن منيع، وإسحاق بن شاهين، وبشر بن معاذ العقدي، وبشر بن هلال الصواف، وتميم بن المنتصر، والحارث [ بن ]
__________
* طبقات العبادي: 51، الانساب: 559 / أ، المنتظم: 6 / 132 131، الكامل في التاريخ: 8 / 96، وفيات الاعيان: 1 / 78 77، تهذيب الكمال: 1 / 25 23، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذهيب التهذيب: 1 / 12 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 701 698، العبر: 2 / 124 123، دول الاسلام: 1 / 184، الوافي بالوفيات: 6 / 417 416، مرآة الجنان: 2 / 241 240، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 16 14، طبقات الاسنوي: 2 / 481 480، البداية والنهاية: 11 / 124 123، العقد الثمين: 3 / 46 45، طبقات القراء للجزري: 1 / 61، تهذيب التهذيب: 1 / 37 36، النجوم الزاهرة: 3 / 188، طبقات الحفاظ: 303، حسن
المحاضرة: 1 / 350 349، خلاصة تذهيب التهذيب: ص 7، مفتاح السعادة: 2 / 12 11، شذرات الذهب: 2 / 241 239، الرسالة المستطرفة: 12 11.
(1) بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الغين المعجمة، وفي آخرها نون.
قال السمعاني في " الانساب ": " بلدة بنواحي بلخ، وظني أنها من طخارستان، وهي العليا والسفلى، وهما من أنزه بلاد الله على ما قيل.
ينسب إليها قتيبة بن سعيد بن جميل.
البغلاني، المحدث المشهور في الشرق والغرب ".
وانظر أيضا " معجم البلدان " 1 / 468.
(*)

(14/125)


مسكين، والحسن بن صباح، البزار، وحميد بن مسعدة، وزياد بن أيوب، وزياد بن يحيى الحساني، وسوار بن عبد الله العنبري، والعباس بن عبد العظيم العنبري، وأبي حصين عبد الله بن أحمد اليربوعي، وعبد الاعلى بن واصل، وعبد الجبار بن العلاء العطار، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي، ابن أخي الامام، وعبد الملك بن شعيب بن الليث، وعبدة بن عبد الله الصفار، وأبي قدامة عبيد الله بن سعيد، وعتبة بن عبد الله المروزي، وعلي ابن حجر، وعلي بن سعيد بن مسروق الكندي، وعمار بن خالد الواسطي، وعمران بن موسى القزاز، وعمرو بن زرارة الكلابي، وعمرو بن عثمان الحمصي، وعمرو بن علي الفلاس، وعيسى بن محمد الرملي، وعيسى بن يونس الرملي، وكثير بن عبيد، ومحمد بن أبان البلخي، ومحمد بن آدم المصيصي، ومحمد بن إسماعيل بن علية قاضي دمشق، ومحمد بن بشار، ومحمد بن زنبور المكي، ومحمد بن سليمان لوين، ومحمد بن عبد الله بن عمار، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ومحمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، ومحمد بن عبيد المحاربي، ومحمد بن العلاء الهمداني، ومحمد بن قدامة المصيصي، الجوهري،
ومحمد بن مثنى، ومحمد بن مصفى، ومحمد بن معمر القيسي، ومحمد بن موسى الحرشي، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وأبي المعافى محمد بن وهب، ومجاهد بن موسى، ومحمود بن غيلان، ومخلد بن حسن الحراني، ونصر بن علي الجهضمي، وهارون بن عبد الله الحمال، وهناد بن السري، والهيثم بن أيوب الطالقاني، وواصل بن عبدالاعلى، ووهب بن بيان، ويحيى بن درست البصري، ويحيى بن موسى خت، ويعقوب الدورقي، ويعقوب بن ماهان البناء، ويوسف بن حماد المعني، ويوسف بن عيسى

(14/126)


الزهري، ويوسف بن واضح المؤدب، وخلق كثير، وإلى أن يروي عن رفقائه.
وكان من بحور العلم، مع الفهم، والاتقان، والبصر، ونقد الرجال، وحسن التأليف.
جال في طلب العلم في خراسان، والحجاز، ومصر، والعراق، والجزيرة، والشام، والثغور، ثم استوطن مصر، ورحل الحفاظ إليه، ولم يبق له نظير في هذا الشأن.
حدث عنه: أبو بشر الدولابي، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي النيسابوري، وحمزة بن محمد الكناني، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس النجوي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الشافعي، وعبد الكريم بن أبي عبدالرحمن النسائي، والحسن بن الخضر، الاسيوطي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن السني، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد بن معاوية بن الاحمر الاندلسي، والحسن بن رشيق، ومحمد بن عبد الله بن حيويه النيسابوري، ومحمد بن موسى
المأموني، وأبيض بن محمد بن أبيض، وخلق كثير.
وكان شيخنا مهيبا، مليح الوجه، ظاهر الدم، حسن الشيبة.
قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبي العوام السعدي: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، أخبرنا إسحاق بن راهويه، حدثنا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إن فلانا يقول: من زعم أن قوله تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني) [ طه: 14 ] مخلوق، فهو كافر.
فقال ابن المبارك: صدق، قال النسائي: بهذا أقول.

(14/127)


وعن النسائي قال: أقمت عند قتيبة بن سعيد سنة وشهرين.
وكان النسائي يسكن بزقاق القناديل (1) بمصر.
وكان نضر الوجه مع كبر السن، يؤثر لباس البرود النوبية والخضر، ويكثر الاستمتاع، له أربع زوجات، فكان يقسم لهن، ولا يخلو مع ذلك من سرية، وكان يكثر أكل الديوك، تشترى له وتسمن وتخصى.
قال مرة بعض الطلبة: ما أظن أبا عبدالرحمن إلا أنه يشرب النبيذ للنضرة التي في وجهه.
وقال آخر: ليت شعري ما يرى في إتيان النساء في أدبارهن ؟ قال: فسئل عن ذلك، فقال: النبيذ حرام، ولا يصح في الدبر شئ.
لكن حدث محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس قال: اسق حرثك حيث شئت " (2).
فلا ينبغي أن يتجاوز قوله.
قلت: قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أدبار النساء (3)، وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مصنف كبير.
__________
(1) محلة بمصر مشهورة، فيها سوق الكتب والدفاتر والظرائف كالزجاج وغيرها مما
يستظرف.
قال الكندي: " سمي بذلك لانه كان منازل الاشراف، وكانت على أبوابهم القناديل ".
أنظر " معجم البلدان " 3 / 145.
(2) أخرجه البيهقي: 7 / 196 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ " اسق حرثك من حيث نباته ".
(3) قال الامام البغوي في " شرح السنة " 9 / 106 بتحقيقنا: اتفق أهل العلم على أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قبلها من جانب دبرها، وعلى أي صفة شاء، وفيه نزلت الآية.
قال ابن عباس: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: ائتها من بين يديها ومن خلفها بعد أن يكون في المأتى.
وقال عكرمة: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) إنما هو الفرج، ومثله عن الحسن.
وعن سعيد بن المسيب (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: إن شئت فاعزل.
وإن شئت فلا تعزل.
وقيل في قوله عز = (*)

(14/128)


وقال الوزير ابن حنزابة (1): سمعت محمد بن موسى المأموني صاحب النسائي قال: سمعت قوما ينكرون على أبي عبدالرحمن النسائي كتاب: " الخصائص " لعلي رضي الله عنه، وتركه تصنيف فضائل الشيخين، فذكرت له ذلك، فقال: دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير، فصنفت كتاب: " الخصائص "، رجوت أن يهديهم الله تعالى.
ثم إنه صنف بعد ذلك فضائل الصحابة، فقيل له وأنا أسمع: إلا تخرج فضائل معاوية رضي الله عنه ؟ فقال: أي شئ أخرج ؟ حديث: " اللهم ! لا تشبع بطنه " (2).
فسكت السائل.
__________
= وجل (نساؤكم حرث لكم) أي: هن لكم بمنزلة الارض تزرع، ومحل الحرث هو القبل.
أما الاتيان في الدبر فحرام، فمن فعله جاهلا بتحريمه نهي عنه، فإن عاد عزر، فروى الشافعي 2 / 360، وأحمد: 2 / 213، والطحاوي: 2 / 25 من حديث خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (1299) وابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ووصفه الحافظ في " الفتح " 8 / 143 بأنه من الاحاديث الصالحة الاسناد.
وأخرج أحمد: 2 / 244 و 479، وأبو داود (2162) في النكاح: باب جامع في النكاح، وابن ماجه (1923) في النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها ".
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 125: إسناده صحيح.
وله شاهد عند ابن عدي: 3 / 421، والطبراني في " الاوسط " كما في " المجمع " 4 / 299 من حديث عقبة بن عامر.
وسنده حسن، فيتقوى به.
وانظر الاحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن إتيان الرجل زوجته في الدبر في " زاد المعاد " 4 / 257 وما بعدها و " سير أعلام النبلاء " 7 / 131.
(1) بكسر الحاء المهملة، وسكون النون وبعدها زاي، وبعد الالف باء موحدة مفتوحة.
والحنزابة في اللغة: المرأة القصيرة الغليظة، وهي هنا أم الفضل بن جعفر بن الفرات.
انظر " وفيات الاعيان " 1 / 349 346.
(2) هو في " مسند الطيالسي " برقم (2688) من طريق أبي عوانة، عن أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له، فقال: إنه يأكل، ثم بعث إليه صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه يأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا = (*)

(14/129)


قلت: لعل أن يقال: هذه منقبة لمعاوية لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم ! من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة " (1).
قال مأمون المصري المحدث: خرجنا إلى طرسوس مع النسائي سنة الفداء، فاجتمع جماعة من الائمة: عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن إبراهيم مربع، وأبو الاذان، وكيلجة (2)، فتشاوروا: من ينتقي لهم على
الشيوخ ؟ فأجمعوا على أبي عبدالرحمن النسائي، وكتبوا كلهم بانتخابه.
قال الحاكم: كلام النسائي على فقه الحديث كثير، ومن نظر في سننه تحير في حسن كلامه.
قال ابن الاثير في أول " جامع الاصول " (3): كان شافعيا، له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعا متحريا.
قيل: إنه أتى الحارث بن مسكين في زي أنكره، عليه قلنسوة وقباء، وكان الحارث حانفا من (4) أمور تتعلق بالسلطان، فخاف أن يكون عينا عليه، فمنعه، فكان يجئ فيقعد خلف الباب ويسمع، ولذلك ما قال: حدثنا الحارث، وإنما يقول: قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع.
__________
= أشبع الله بطنه ".
وأخرجه مسلم (2604) في البر والصلة بلفظ آخر عن شعبة، عن أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس.
وانظر " أنساب الاشراف " 4 / 126 125.
(1) أخرجه مسلم برقم (2600) من حديث عائشة، و (2601) من حديث أبي هريرة، و (2602) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، ولفظ حديث أبي هريرة: " اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة ".
(2) بكسر الكاف وفتح اللام كما في " المغني ": هو محمد بن صالح بن عبدالرحمن البغدادي، أبو بكر الانماطي، الملقب كيلجة.
قال الحافظ في " التقريب " 2 / 170: ثقة حافظ..توفي سنة 271 ه.
(3) 1 / 197 196.
(4) في " جامع الاصول ": خائضا في.
(*)

(14/130)


قال ابن الاثير: وسأل أمير أبا عبدالرحمن عن سننه: أصحيح كله ؟ قال: لا.
قال: فاكتب لنا منه الصحيح.
فجر المجتنى (1).
قلت: هذا لم يصح، بل المجتنى اختيار ابن السني (2).
قال الحافظ أبو علي النيسابوري: أخبرنا الامام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي.
وقال أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي ؟ عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة يعنى عن قتيبة، عن ابن لهيعة قال: فما حدث بها.
قال أبو الحسن الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
قال الحافظ ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل، فوثقه، فقلت: قد ضعفه النسائي، فقال: يا بني ! إن لابي عبدالرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم.
قلت: صدق، فإنه لين جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم.
قال محمد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار، وأنه خرج إلى الفداء مع أمير مصر، فوصف
__________
(1) كذا الاصل " المجتنى " بالنون، وهو في " جامع الاصول " المجتبى بالباء، وكلاهما صحيح.
انظر في ذلك مقدمه " السنن " ص (د).
(2) وهو المطبوع المتداول بين أيدي الناس في هذا الزمان.
وأما كتاب " السنن " الذي ألفه النسائي، فلم يطبع بتمامه، وإنما طبع جزء منه في الهند فيما نعلم.
وابن السني: هو الحافظ الامام الثقة، أبو بكر، أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الدينوري.
مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 950 939.
(*)

(14/131)


من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين، واحترازه عن مجالس
السلطان الذي خرج معه، والانبساط في المأكل، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج.
قال الدارقطني: كان أبو بكر بن الحداد الشافعي كثير الحديث، ولم يحدث عن غير النسائي، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله تعالى.
قال الطبراني في " معجمه " (1): حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي القاضي بمصر.
فذكر حديثا.
وقال أبو عوانة في " صحيحه ": حدثنا أحمد بن شعيب النسائي قاضي حمص: حدثنا محمد بن قدامة.
فذكر حديثا.
روى أبو عبد الله بن مندة، عن حمزة العقبي المصري وغيره، أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية، وما جاء في فضائله، فقال: لا (2) يرضى رأسا برأس حتى يفضل ؟ قال: فما زالوا يدفعون في حضنيه (3) حتى أخرج من المسجد، ثم حمل إلى مكة فتوفي بها.
كذا قال، وصوابه: إلى الرملة.
قال الدارقطني: خرج حاجا فامتحن بدمشق، وأدرك الشهادة فقال:
__________
(1) 1 / 23 برقم (43): حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي القاضي بمصر، حدثنا أبو المعافى محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي عبدالرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن عبيد بن عمير، عن علي كرم الله وجهه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعصفر، والقسي، وخاتم الذهب، وعن المكفف بالدياج.
ثم قال: واعلم أني لك من الناصحين " قال الطبراني: لم يروه عن ابن جحادة إلا زيد، تفرد به خالد بن أبي يزيد، ولا يروى عن علي إلا بهذا الاسناد.
(2) كذا الاصل، وفي " تذكرة الحفاظ ": ألا.
(3) وهما جنباه، وفي " شذرات الذهب ": خصيتيه.
(*)

(14/132)


الحملوني إلى مكة.
فحمل وتوفي بها، وهو مدفون بين الصفا والمروة، وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث وثلاث مئة.
قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعلمهم بالحديث والرجال.
قال أبو سعيد ابن يونس في " تاريخه ": كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا، خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة أثنتين وثلاث مئة، وتوفي بفلسطين في يوم الاثنين لثلاث ؟ ؟ ؟ ؟ من صفر، سنة ثلاث.
قلت: هذا أصح، فإن ابن يونس حافظ يقظ، وقد أخذ عن النسائي، وهو به عارف.
ولم يكن أحد في رأس الثلاث مئة أحفظ من النسائي، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم، ومن أبي داود، ومن أبي عيسى، وهو جار في مضمار البخاري، وأبي زرعة، إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الامام علي، كمعاوية وعمرو، والله يسامحه.
وقد صنف " مسند علي " وكتابا حافلا في الكنى، وأما كتاب: " خصائص علي " فهو داخل في " سننه الكبير "، وكذلك كتاب: " عمل يوم وليلة " وهو مجلد، هو من جملة " السنن الكبير " في بعض النسخ، وله كتاب " التفسير " في مجلد، وكتاب " الضعفاء " وأشياء، والذي وقع لنا من سننه هو الكتاب المجتنى منه، انتخاب أبي بكر بن السني، سمعته ملفقا من جماعة سمعوه من ابن باقا بروايته عن أبي زرعة المقدسي، سماعا لمعظمه، وإجازة لفوت له محدد في الاصل.
قال: أخبرنا أبو محمد عبدالرحمن بن حمد الدوني قال: أخبرنا القاضي أحمد بن الحسين الكسار، حدثنا ابن السني
عنه.
ومما يروى اليوم في عام أربعة وثلاثين وسبع مئة من السنن عاليا جزآن،

(14/133)


الثاني من الطهارة والجمعة، تفرد البوصيري بعلوهما في وقته، وقد أنبأني أحمد بن أبي الخير بهما، عن البوصيري فبيني وبين النسائي فيهما خمسة رجال.
وعندي جزء من حديث الطبراني، عن النسائي، وقع لنا بعلو أيضا.
ووقع لنا جزء كبير انتخبه السلفي من السنن، سمعناه من الشيخ أبي المعالي بن المنجا التنوخي: أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا الدوني، وبدر بن دلف الفركي بسماعهما من الكسار قال: أخبرنا أبو بكر بن السني، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا قتيبة، أخبرنا الليث عن أبي الزبير، عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه نهى عن البول في الماء الراكد " (1).
أخبرنا علي بن حجر: أخبرنا عبيدة بن حميد، عن يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يأخذ شاربه فلبس منا " (2).
قال أبو علي الحافظ: سألت النسائي: ما تقول في بقية ؟ فقال: إن قال: حدثنا، وأخبرنا، فهو ثقة.
وقال جعفر بن محمد المراغي: سمعت النسائي يقول: محمد بن
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " سنن النسائي " 1 / 34 في الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، وأخرجه مسلم (281) من طريق يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح، وقتيبة، ثلاثتهم عن الليث به، وأخرجه ابن ماجه (343) من طريق محمد بن رمح عن
الليث.
(2) إسناده صحيح، وهو في " سنن النسائي " 1 / 15، و 8 / 130 129، وأخرجه أحمد: 4 / 366 و 368، والترمذي (2762) وقال الترمذي: حسن صحيح.
وفي الباب عن رجل من بني غفار عند أحمد: 5 / 410 وسنده حسن في الشواهد.
(*)

(14/134)


حميد الرازي كذاب.
قرأت علي بن محمد، وشهدة العامرية: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا محمد بن طاهر بهمذان، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق قال: قال لي أبو عبد الله بن مندة: الذين أخرجوا الصحيح، وميزوا الثابت من المعلول، والخطأ من الصواب أربعة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو عبد الرحمن النسائي.
وممن مات معه: المحدث أبو الحسن أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي الصغير ببغداد.
والمفسر أبو جعفر أحمد بن فرح البغدادي الضرير المقرئ.
والمفسر أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق النيسابوري الانماطي الحافظ.
والمسند أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الجوزي.
والمحدث إسحاق بن إبراهيم بن نصر النيسابوري البشتي.
والحافظ جعفر بن أحمد بن نصر الحصيري.
والحسن بن سفيان الحافظ.
والمحدث أبو الحسين عبد الله بن محمد بن يونس السمناني.
والمحدث عمر بن أيوب السقطي ببغداد.
ورأس المعتزلة أبو علي الجبائي.
والحافظ محمد بن المنذر الهروي شكر.

(14/135)


68 - ابن مجاشع * الامام المحدث الحجة الحافظ، أبو إسحاق، عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني السختياني.
ولد سنة بضع عشرة ومئتين.
وسمع من هدبة بن خالد، وشيبان بن فروخ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وابني أبي شيبة، وسويد بن سعيد، وأبي الربيع الزهراني، وطبقتهم.
حدث عنه: رفيقه إبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وأبو عبد الله بن الاخرم، والحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو عمرو بن نجيد، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو أحمد الغطريفي، وخلق كثير.
وحدث بنيسابور قديما، فأخذ عنه: أبو حامد بن الشرقي، والكبار.
قال الحاكم: هو محدث ثبت مقبول، كثير التصنيف والرحلة، روى عنه: أحمد بن خالد الدامغاني، والهسنجاني، وهما من أقرانه.
سمعت يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت عمران بن موسى الجرجاني يقول: سمعت سويد بن سعيد يقول: سمعت مالكا، وشريكا، وحماد بن زيد، وابن عيينة، والفضيل بن عياض، ومسلم بن خالد، وابن إدريس، وجميع من حملت عنه العلم يقولون: الايمان قول وعمل، يزيد وينقص.
__________
* تاريخ جرجان: 323 322، الانساب: 293 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث
لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 763 762، العبر: 2 / 130 129، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات الحفاظ: 321 320.
(*)

(14/136)


والقرآن كلام الله من صفة ذاته، غير مخلوق، من قال: إنه مخلوق، فهو كافر.
قال عمران: بهذا أدين، وما رأيت محدثا إلا وهو بقوله.
قلت: مات بجرجان في رجب، سنة خمس وثلاث مئة وهو في عشر المئة.
أخبرنا ابن عساكر: أنبأنا أبو روح، أخبرنا ابن طاهر، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا أبو عمرو الحيري، حدثني عمران بن موسى، أخبرنا إبراهيم ابن المنذر، أخبرنا معن، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حمل علينا السلاح فليس منا " (1).
قال حمزة السهمي (2): كان قد صنف المسند، وحدثنا عنه جماعة وحدثني الاسماعيلي قال: أبو إسحاق عمران بن موسى جرجاني صدوق، محدث البلد في زمانه.

69 - محمد بن علي بن مخلد * ابن فرقد، الشيخ المعمر الصدوق، أبو جعفر، الاصبهاني
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 20 في الفتن، ومسلم (98) في الايمان: باب قوله صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا، كلاهما من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وأخرجه الطيالسي: 1 / 290 289 من طريق عبيد الله المعمري، عن نافع، عن ابن عمر.
(2) في " تاريخه " 322.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 242 241، الانساب: 218 / أ، العبر: 2 / 135، شذرات الذهب: 2 / 251.
(*)

(14/137)


الداركي (1).
خاتمة أصحاب إسماعيل بن عمرو البجلي، وسمع أيضا من سليمان الشاذكوني، وما عملت به بأسا.
حدث عنه الطبراني، وأبو الشيخ بن حيان، وأبو بكر بن المقرئ، وجماعة.
مات في سنة سبع وثلاث مئة.

ومات قبله بعامين:
70 - محمد بن نصير * ابن أبان، أبو عبد الله المديني.
يروي أيضا عن إسماعيل بن عمرو، والشاذكوني.
حدث عنه: أبو الشيخ، والطبراني، وابن المقرئ أيضا.
وثقة أبو نعيم الحافظ.

71 - الوكيعي * * الامام المعمر الثقة، أبو العلاء، محمد بن أحمد بن جعفر بن أبي جميلة، الذهلي الوكيعي الكوفي، نزيل مصر.
__________
(1) بفتح الدال، وبعد الالف راء مفتوحة بعدها كاف، نسبة إلى " دارك " من قرى أصبهان.
انظر " أنساب السمعاني " 217 / ب.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 241، العبر: 2 / 130، شذارت الذهب: 2 / 246.
* * تاريخ ابن عساكر: 14 / 338 / ب، تهذيب الكمال: 1159، تذهيب التهذيب: 3 / 179 / 2، تهذيب التهذيب: 9 / 21، خلاصة تذهيب الكمال: 325، حسن
المحاضرة: 1 / 294، النجوم الزاهرة: 3 / 181.
(*)

(14/138)


ولد سنة أربع ومئتين، وسمع عاصم بن علي، ومحمد بن الصباح الدولابي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن الجعد، وعلي بن المديني، وأحمد ابن صالح، وعدة.
وكان من أئمة الحديث.
روى عنه: ابن عدي، وحمزة الكناني، والطبراني، والحسن الاسيوطي، وابن حيويه النيسابوري، وابن يونس، والحسن بن رشيق، وأبو إسحاق بن شعبان المالكي، وعدة.
قال ابن يونس: كان ثقة ثبتا، توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث مئة.

72 - البسامي * أبو الحسن، علي بن أحمد بن منصور بن نصر بن بسام الشاعر.
من كبار الشعراء، بارع في الثناء والهجاء، عاش نيفا وسبعين سنة، ومات في صفر سنة اثنتين وثلاث مئة.
وله تصانيف أدبية، أورد له ابن خلكان مقطعات.

73 - البشتي * * الامام الحافظ المجود الرجال، أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم بن نصر البشتي النيسابوري، من رستاق بشت (1).
__________
* سبق للمؤلف أن ترجمه في الصفحة (112) من هذا الجزء (الترجمة 56) لكن باسم: علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام.
فانظر مصادر ترجمته هناك.
* * الاكمال لابن ماكولا: 1 / 433، الانساب: 83، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 2، تذكر الحفاظ: 2 / 702 701، العبر: 2 / 125،
طبقات الحفاظ: 304، شذرات الذهب: 2 / 242 241، الرسالة المستطرفة: 71.
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 425.
(*)

(14/139)


سمع من: إسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف، وأبي كريب، وعبد الله بن عمران العابدي، وهشام بن عمار، ومحمد بن مصفى، وحميد بن مسعدة، وابن أبي عمر العدني، وخلق كثير.
وصنف المسند وغير ذلك.
روى عنه: محمد بن صالح بن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم الهاشمي، ومحمد بن أحمد بن يحيى، وآخرون.
وحدث في سنة ثلاث وثلاث مئة.
لم أقع بوفاته.

سميه: المحدث:
74 - إسحاق بن إبراهيم البستي * بمهملة.
سمع محمد بن الصباح البزار وطبقته، وهو منسوب إلى مدينة بست (1) من إقليم سجستان وراء ناحية هراة.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان البستي وغيره.
عاش إلى نحو الثلاث مئة.
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 514 415.
* الاكمال لابن ماكولا: 1 / 431، تاريخ ابن عساكر.
2 / 354 / ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 702 ضمن ترجمة البشتي، شذرات الذهب: 2 / 242، تهذيب ابن عساكر: 2 / 409.
(*)

(14/140)


75 - المنجنيقي * الامام المحدث الثقة المعمر، أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي الوراق، نزيل مصر، وعرف بالمنجنيقي لكونه كان يجلس بقرب منجنيق كان بجامع مصر.
مولده بعد سنة عشر ومئتين.
حدث عن: محمد بن بكار بن الريان، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، وداود بن رشيد، وأبي إبراهيم الترجماني، وسويد بن سعيد، ومحمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، وكثير بن عبيد، وعمرو بن عثمان، وأحمد بن منيع، وعبد الله بن مطيع، وابن أبي عمر العدني، وخلق كثير.
حدث عنه: النسائي، وجعفر الخلدي، وأبو سعيد بن يونس، ومحمد بن علي التنيسي النقاش، وابن عدي، والطبراني، والحسن بن رشيق، والحسن بن خضر السيوطي، وأحمد بن محمد الخياش، وآخرون.
قال ابن عدي: أخبرني بعض أصحابنا: أن النسائي انتقى على أبي يعقوب المنجنيقي مسنده، فكان يمنع النسائي أن يجئ إليه، وكان يذهب إلى منزل النسائي حتى سمع منه النسائي ما انتقاه حسبة في ذلك.
وكان شيخا صالحا، قال له النسائي يوما: يا أبا يعقوب ! لا تحدث عن سفيان بن وكيع.
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 386 385، تاريخ ابن عساكر: 2 / 371 / أ، المنتظم: 6 / 140، تهذيب الكمال: 1 / 83 82، تذهيب التذهيب: 1 / 53 / أ، العبر: 2 / 127، تهذيب التهذيب: 1 / 221 220، خلاصة تذهيب التهذيب: 27، شذرات الذهب: 2 / 243، الرسالة المستطرفة: 163، تهذيب ابن عساكر: 2 / 429.
(*)

(14/141)


فقال: اختر لنفسك يا أبا عبدالرحمن ما شئت، وأنا فكل من كتبت عنه فإني أحدث عنه.
قال النسائي: هو صدوق.
وقال ابن عدي: ثقة، كان في جامع مصر منجنيق يوقد فيه القوام ثريا، وكان هذا يجلس قريبا منه فنسب إليه.
وقال الدارقطني: ثقة.
وقال ابن يونس: صدوق، رجل صالح.
مات سنة أربع وثلاث مئة في جمادى الآخرة.

76 - ابن متويه * الامام المأمون القدوة، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الاصبهاني، إمام جامع أصبهان، كان من العباد والسادة، يسرد الصوم، وكان حافظا، حجة، من معادن الصدق، ويعرف أيضا بأبه (1)، وبان فيرة الطيان.
سمع بالشام، والعراق، والحرم، ومصر: سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وبشر بن معاذ، وأحمد بن منيع، ومحمد بن هاشم البعلبكي، و عبد الجبار بن العلاء العطار، وهشام بن خالد الازرق،
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 190 189، الاكمال لابن ماكولا: 1 / 11، تاريخ ابن عساكر: 2 / 253 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 127 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 740، العبر: 2 / 122، الوافي بالوفيات: 6 / 126 125، شذرات الذهب: 2 / 239 238، تهذيب ابن عساكر: 2 / 256، طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 229.
(1) بفتح الهمزة، وتشديد الموحدة مفتوحة، وآخرها هاء كما في " مشتبه النسبة " للمؤلف 1 / 9.
(*)

(14/142)


ومحمد بن إسماعيل بن علية، وهناد بن السري، وأبا همام الوليد بن شجاع، ويونس بن عبدالاعلى، والربيع بن سليمان، وطبقتهم، فأكثر وجود.
حدث عنه: أبو الشيخ بن حيان، وأبو القاسم الطبراني، وأبو علي بن هارون، وأبو أحمد العسال، وأحمد بن بندار الشعار، وأبو بكر بن المقرئ وقال: هو أول شيخ كتبت عنه الحديث.
وقال أبو الشيخ: كان من معادن الصدق.
وقال أبو نعيم: كان من العباد الفضلاء، مات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاث مئة.
قلت: نيف على الثمانين رحمه الله.

77 - ابن زنجويه * الامام المحدث، أبو بكر، محمد بن زنجويه بن الهيثم القشيري النيسابوري.
سمع أبا مصعب الزهري، و عبد العزيز بن يحيى، وابن راهويه، وعمرو بن زرارة.
وأبا مروان العثماني، وأبا كريب، ويحيى بن أكثم، وطبقتهم.
روى عنه: علي بن حمشاذ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وعبد الله بن سعد، وأبو عمرو بن حمدان، والشيوخ.
وما علمت به بأسا.
قال الحاكم: توفي سنة اثنتين وثلاث مئة.
__________
* طبقات الحنابلة: 1 / 306، العبر: 2 / 123، شذرات الذهب: 2 / 239.
(*)

(14/143)


78 - الرسعني * الامام المحدث، الحجة المجود، الرحال، أبو صالح، القاسم بن الليث بن مسرور العتابي الرسعني (1)، نزيل مدينة تنيس (2).
سمع المعافى بن سليمان، وهشام بن عمار، وعبد الله بن معاوية الجمحي، وابن أبي الشوارب، وعمرو بن علي الصيرفي، وبشر بن هلال، وطبقتهم.
حدث عنه: النسائي في كتاب " الكنى "، وأبو علي بن شعيب، وعلي ابن محمد المصري، ويوسف بن يعقوب الموصلي، ومحمد بن علي النقاش الحافظ، وابن عدي، والطبراني، ومحمد بن الحارث بن أبيض، ومحمد بن عبد الله بن حيويه النيسابوري، وعدة.
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه فقال: ثقة مأمون.
وقال ابن يونس: توفي بتنيس في سنة أربع وثلاث مئة، ثقة.

79 - ابن الاخرم * * الامام الكبير، الحافظ الاثري، أبو جعفر، محمد بن العباس بن أيوب
__________
* تاريخ ابن عساكر: 14 / 278 / ب، العبر: 2 / 128، شذرات الذهب: 2 / 243.
(1) هذه النسبة إلى " رأس عين " ويقال فيها: رأس العين، وهي مدينة كبيرة مشهورة من مدن الجزيرة، بين حران ونصيبين ودنيسر، فيها عيون كثيرة عجيبة صافية، تجتمع كلها في موضع فتصير نهر الخابور.
انظر " معجم البلدان " 3 / 14 13، و " اللباب " 2 / 26 25.
(2) بكسرتين وتشديد النون، وياء الساكنة، والسين مهملة: جزيرة في بحر مصر قريبة من البر، ما بين الفرما ودمياط.
انظر " معجم البلدان " 2 / 51.
* * ذكر أخبار أصبهان: 2 / 225 224، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد = (*)

(14/144)


ابن الاخرم الاصبهاني الفقيه.
ارتحل، وأخذ عن أبي كريب، والمفضل بن غسان الغلابي، وزياد بن يحيى الحساني، وعلي بن حرب، وعمار بن خالد، وعدة.
وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، وأحمد بن إبراهيم بن أفرجة، وعبد الله بن محمد بن عمر، وآخرون.
وله وصية أكثرها على قواعد السلف، يقول فيها: من زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فكأنه عنى باللفظ: الملفوظ لا التلفظ.
توفي سنة إحدى وثلاث مئة.

80 - علي بن سعيد * ابن بشير بن مهران، الحافظ البارع، أبو الحسن الرازي عليك (1)، نزيل مصر.
حدث عن عبدالاعلى بن حماد النرسي، وجبارة بن المغلس، وبشر ابن معاذ العقدي، ونوح بن عمرو السكسكي، ومحمد بن هاشم البعلي،
__________
= الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 747 - 748، العبر: 2 / 120، الوافي بالوفيات: 3 / 190 - 191، طبقات الحفاظ: 315، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذرات الذهب: 2 / 234 - 235.
طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 228.
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 750، ميزان الاعتدال: 3 / 131، لسان الميزان: 4 / 231 - 232، طبقات الحفاظ: 315 - 316، حسن المحاضرة 1 / 350، النجوم الزاهرة: 3 / 203، شذرات الذهب: 2 / 232.
(1) كذا ضبطه المؤلف في " المشتبه " وقال: " والكاف في لغة العجم هي حرف التصغير، وبعض الحفاظ قيده باختلاس كسرة اللام، وفتح الياء وخفف.
قال ابن نقطة: وهذا عندي أصح، وليس في كتاب الامير ابن ماكولا تشديد الياء، بل أهمل ذلك، وقد ضبطه
المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء ".
(*)

(14/145)


وعبد الرحمن بن خالد بن نجيح، ونصر بن علي الجهضمي، والهيثم بن مروان، وعدة.
حدث عنه: أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، ومحمد بن أحمد بن خروف، وأبو القاسم الطبراني، والحسن بن رشيق، وأبو منصور محمد بن سعيد الابيوردي، وآخرون.
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه: فقال: لم يكن بذاك في حديثه، سمعت بمصر أنه كان والي قرية، وكان يطالبهم بالخراج، فما كانوا يعطونه.
قال: فجمع الخنازير في المسجد.
قلت: فكيف هو في الحديث ؟ قال: حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وتكلم فيه أصحابنا بمصر.
وقال ابن يونس: كان يفهم ويحفظ، مات بمصر في ذي القعدة سنة تسع وتسعين ومئتين.
قلت: الكاف في عليك هي علامة التصغير في علي بالفارسية.
أما علي بن سعيد العسكري مؤلف كتاب: " السرائر ": فآخر، مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة (1).

81 - الفرهياني * الامام الحافظ الناقد، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن سيار
__________
(1) سيورد المؤلف له ترجمة مستقلة في الصفحة 463 من هذا الجزء، وقد ذكرنا مصادره هناك فارجع إليها.
* معجم البلدان: 4 / 259 258، اللباب: 2 / 427، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 717 716، طبقات
الحفاظ: 308، شذرات الذهب: 2 / 235.
(*)

(14/146)


الفرهاذاني، ويقال فيه: الفرهياني.
سمع هشام بن عمار، وقتيبة بن سعيد، وأبا كريب، ودحيما، ومحمد ابن وزير، وحرملة بن يحيى، و عبدالملك بن شعيب، وطبقتهم، وكان ذا رحلة واسعة، وعلوم نافعة.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن الحسن النقاش المفسر، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وبشر بن أحمد الاسفراييني، وأبو عمرو بن حمدان وجماعة.
قال ابن عدي: كان رفيق النسائي، وكان ذا بصر بالرجال، وكان من الاثبات، سألته أن يملي علي عن حرملة، فقال: يا بني ! وما تصنع بحرملة ؟ إنه ضعيف.
ثم أملى علي عنه ثلاثة أحاديث لم يزدني.
قرأت على أحمد بن هبة الله، وزينب بنت عمر، عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي: أخبرنا أبو عمرو ابن حمدان، أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار الفرهاذاني، أخبرنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رضى الله في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد " (1).
لم أظفر لهذا الحافظ بوفاة، توفي سنة نيف وثلاث مئة.
__________
(1) أخرجه الترمذي (1899) في البر والصلة: باب ما جاء من الفضل في رضى الوالدين من حديث خالد بن الحارث، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2026) والحاكم
4 / 151، 152 من حديث عبدالرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، ووافقه الذهبي.
(*)

(14/147)


82 - الوشاء * الشيخ الثقة العالم، أبو بكر، أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجعد الوشاء البغدادي.
سمع من سويد بن سعيد " موطأ " مالك، ومن محمد بن بكار بن الريان، وعبد الاعلى بن حماد، وأبي معمر الهذلي، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر محمد ابن غريب البزاز، وآخرون.
سمعنا " الموطأ " من طريقه.
وقد قال الدارقطني: لا بأس به.
قلت: توفي في سنة إحدى وثلاث مئة، وهو في عشر التسعين.

83 - أبو معشر الدارمي * * المحدث الثقة، أبو معشر، الحسن بن سليمان بن نافع الدارمي، شيخ بصري معمر، سكن بغداد، وحدث عن: أبي الربيع الزهراني، وهدبة بن خالد، وطبقتهما.
حدث عنه: ابن قانع، وعبد الصمد الطستي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وعلي بن لؤلؤ الوراق.
وثقة الدارقطني.
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 56، العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 8 / 55، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذارت الذهب: 2 / 237.
* * تاريخ بغداد: 7 / 327، المنتظم: 6 / 125.
(*)

(14/148)


توفي جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاث مئة.

84 - المطرز * الامام العلامة المقرئ، المحدث الثقة، أبو بكر، القاسم بن زكريا ابن يحيى البغدادي، المعروف بالمطرز.
مولده في حدود العشرين والمئتين، أو قبل ذلك.
تلا على أبي حمدون الطيب، وعلى أبي عمر الدوري، وحدث عن: سويد بن سعيد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وإسحاق بن موسى الانصاري، وأبي همام الوليد بن شجاع، وأبي كريب، وعباد بن يعقوب الرواجني، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر الجعابي، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، ومحمد ابن المظفر، وأبو حفص الزيات، وعدد كثير.
وصنف المسند والابواب، وعدد كثير.
وصنف المسند والابواب، وتصدر للاقراء وكان ثقة مأمونا، ثنى عليه الدارقطني وغيره، وذكر علي بن الحسين الغضائري شيخ لابي علي الاهوازي أنه تلا عليه ختمة بالادغام الكبير (1)
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 441، المنتظم: 6 / 146، تهذيب الكمال: الورقة 1109 - 1110 مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 2، تذهيب التهذيب: 3 / 145 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 717، العبر: 2 / 130، طبقات القراء للذهبي: 1 / 195، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات القراء للجزري: 2 / 17، تهذيب التهذيب: 8 / 314 - 315، طبقات الحفاظ: 308، خلاصة تذهيب التهذيب: 312،
شذرات الذهب: 2 / 246.
(1) الادغام: هو النطق بحرفين حرفا واحدا كالثاني، والادغام الكبير وهو لابي عمرو ابن العلاء البصري رواية السوسي هو ما كان الاول من الحرفين فيه متحركا، سواء أكان الحرفان مثلين، أم جنسين، أم متقاربين، مثال الاول قوله تعالى (والشمس والقمر = (*)

(14/149)


والابدال في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، فافتضح في دعواه، لان المطرز رحمه الله توفي في صفر سنة خمس وثلاث مئة، وهو في عشر التسعين.

85 - طريف * الشيخ أبو الوليد، طريف بن عبيد الله الموصلي، مولى بني هاشم.
رحل، وروى عن: علي بن الجعد، ويحيى بن بشر الحريري، ويحيى الحماني.
وعنه: أبو بكر الجعابي، وأبو الفتح بن بريدة الازدي، وأبو أحمد بن عدي، وآخرون.
ضعفه الدارقطني.
توفي سنة أربع وثلاث مئة.

86 - حمزة بن محمد * * ابن عيسى، الشيخ المعمر، أبو علي الجرجاني ثم البغدادي، الكاتب، لم يكن محدثا، وإنما حبس في شأن التصرف، فصادف في
__________
= رأيتهم لي ساجدين) ومثال الثاني قوله تعالى (حيث شئتم رغدا) ومثال الثالث قوله تعالى (تريد زينة الحياة الدنيا) والابدال وهو لابي عمرو رواية السوسي أيضا إبدال الهمز الساكن مدا مثل (يؤمنون) تقرأ (يومنون) بترك الهمز، وأبو عمرو يبدل الهمزة الساكنة بحرف مد في جميع القرآن إلا أن يكون سكون الهمزة للجزم أو للامر، وعدل عن الابدال أيضا في (تؤوي) لان
الابدال فيها أثقل من الهمز، وفي (رئيا) لان الابدال يوقع الالتباس بما لا يهمز، وفي (مؤصدة) لان الابدال يخرجها من لغة إلى لغة أخرى.
انظر " تحبير التيسير " ص 43 و 58، وشرح الطيبة: 58 و 101 لابن الجزري، وشرح الشاطبية: 33 و 75 لابن القاصح.
* تاريخ بغداد: 9 / 365 364، ميزان الاعتدال: 2 / 336، لسان الميزان: 3 / 209 208.
* * تاريخ بغداد: 8 / 180، العبر: 2 / 122، شذرات الذهب: 2 / 238.
(*)

(14/150)


الحبس الحافظ نعيم بن حماد (1)، فأملى عليه جزءا واحدا، وهو جزء عال طبرزدي، يعرف بنسخة نعيم بن حماد.
حدث عنه: محمد بن عمر الجعابي، وأبو حفص بن الزيات، وأبو الحسن بن لؤلؤ، وغيرهم.
وثقه الخطيب (2).
توفي في شهر رجب سنة اثنتين وثلاث مئة، وقد نيف على التسعين.

87 - عباد بن علي * ابن مرزوق، المعمر الكبير، أبويحيى السيريني، مولاهم البصري، نزيل بغداد.
فيه ضعف.
ولد سنة أربع ومئتين، وحدث عن: بكار بن محمد السيريني، ومحمد ابن جعفر المدائني.
روى عنه: أبو جعفر بن البختري، وأبو بكر الشافعي، وأبو حفص بن الزيات، وعلي بن عمر السكري، وأبو الفتح الازدي، وضعفه، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
مات في سنة تسع وثلاث مئة، وله مئة وخمس سنين، ولولا تأخر وفاته
لذكر مع أبي بن أبي عاصم ونظرائه.
__________
(1) الخزاعي المروزي، وهو على شهرته كثير الخطأ لا يحتج بما تفرد به، قال المؤلف في " ميزانه ": أحد الائمة الاعلام على لين في حديثه، وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ كثيرا، وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه، وقال: باقي حديثه مستقيم.
(2) في " تاريخه " 8 / 180.
* تاريخ بغداد: 11 / 110 109، الانساب: 322 / ب، ميزان الاعتدال: 2 / 370، لسان الميزان: 3 / 234 233.
(*)

(14/151)


88 - الصوفي * الشيخ المحدث الثقة المعمر، أبو عبد الله، أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد البغدادي، الصوفي الكبير، احترازا من أحمد بن الحسين الصوفي الصغير (1).
ولد في حدود سنة عشر ومئتين.
وسمع في سنة سبع وعشرين ومئتين من: علي بن الجعد، ويحيى بن معين، والهيثم بن خارجة، وأبي نصر التمار، وأحمد بن جناب، وسويد بن سعيد، وعدة.
حدث عنه: أبو الشيخ بن حيان، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو أحمد بن عدي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وأبو حفص ابن الزيات، ومحمد بن المظفر، وعلي بن عمر الحربي السكري.
مات في عشر المئة في شهر رجب سنة ست وثلاث مئة ببغداد.
وثقة أبو بكر الخطيب (2) وغيره، وكان صاحب حديث وإتقان.
روى عن: يحيى بن معين نسخة وقعت لنا بعلو باهر.
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق القرافي: أخبرنا أحمد بن
أبي الفتح، والفتح بن عبد السلام ببغداد، قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، أخبرنا علي بن عمر الحربي، سنة
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 86 82، طبقات الحنابلة: 1 / 37 36، المنتظم: 6 / 149، العبر: 2 / 131، ميزان الاعتدال: 1 / 91، الوافي بالوفيات:: 6 / 305، لسان الميزان: 1 / 153 151، شذرات الذهب: 2 / 247.
(1) انظر الترجمة التالية.
(2) في " تاريخه " 4 / 82.
(*)

(14/152)


خمس وثمانين وثلاث مئة في ذي القعدة، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثني أبو زكريا يحيى بن معين في شعبان سنة سبع وعشرين ومئتين، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد الله بن المثنى بن أنس، حدثنا ثمامة، عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بالكلمة رددها ثلاثا، وإذا أتى قوما فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا ".
هذا من غرائب صحيح البخاري (1)، رواه عن ثقة، عن عبد الصمد بن عبد الوارث.

89 - الصوفي الصغير * الشيخ العالم المحدث، أبو الحسن، أحمد بن الحسين بن إسحاق البغدادي، الصوفي الصغير.
سمع بشر بن الوليد، والربيع بن ثعلب، العابد، وأبا بكر بن أبي شيبة، وابن أبي الشوارب، وإسماعيل بن موسى الفراري، وأبا إبراهيم الترجماني وسويد بن سعيد، ومحمد بن حميد، وأبا كريب، وموسى بن إسحاق الخطمي، وداود بن رشيد، و عبدالاعلى بن حماد، وعدة.
وله رحلة
ومعرفة.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو حفص عمر بن محمد الزيات، وأبو أحمد بن عدي، وطائفة سواهم.
__________
(1) أخرجه في العلم 1 / 169: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، و 11 / 22 في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان ثلاثا.
وقد تقدم تخريجه في الصفحة (32) من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 4 / 99 98، العبر: 2 / 125، ميزان الاعتدال: 1 / 93 92، لسان الميزان: 1 / 156 155، شذرات الذهب: 2 / 241.
(*)

(14/153)


وثقة أبو عبد الله الحاكم وغيره، وبعضهم لينه.
توفي في آخر سنة اثنتين وثلاث مئة.
روى ابن بوش (1) جزءا من حديثه.
وقيل: توفي سنة ثلاث.

90 - صاحب خراسان * الامير أبو إبراهيم، إسماعيل بن الملك أحمد بن أسد بن سامان بن نوح.
كان ملكا فاضلا، عالما، فارسا، شجاعا، ميمون النقيبة، معظما للعلماء يلقب بالامير الماضي.
سمع من: أبيه، ومن محمد بن نصر المروزي عامة تصانيفة.
أخذ عنه ابن خزيمة وغيره.
قال ابن قانع: سمعت عيسى بن محمد الطهماني: سمعت الامير إسماعيل يقول: جاءنا أبونا بمؤدب، فعلمنا الرفض، فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، فقال لي: " لم تسب
صاحبي ؟ ".
فوقفت، فقال لي بيده، فنفضها في وجهي، فانتبهت فزعا
__________
(1) ترجمه المؤلف في " العبر " 4 / 283 فقال: " هو يحيى بن أسعد بن بوش، أبو القاسم الازجي الحنبلي الخباز.
سمع الكثير من أبي طالب اليوسفي، وأبي سعد بن الطيوري، وأبي علي الباقرحي، وطائفة، وكان عاميا، مات شهيدا: غص بلقمة فمات، وذلك في ذي القعدة سنة 593 للهجرة عن بضع وثمانين سنة، وله إجازة من ابن بيان ".
* الانساب: 286، المنتظم: 6 / 78 77، الكامل في التاريخ: 7 / 504 500 و 8 / 8 5، وفيات الاعيان: 5 / 161، العبر: 2 / 102، دول الاسلام: 1 / 178، البداية والنهاية: 11 / 106، ابن خلدون: / 334، النجوم الزاهرة: 3 / 163، شذرات الذهب: 2 / 219.
(*)

(14/154)


أرتعد من الحمى، فكنت على الفراش سبعة أشهر، وسقط شعري، فدخل أخي، فقال: أيش قصتك ؟ فأخبرته، فقال: اعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاعتذرت وتبت، فما مر لي إلا جمعة حتى نبت شعري.
قلت: كان هو وآباؤه ملوك بخارى وسمرقند، وله غزوات في الترك، وهو الذي ظفر بعمرو بن الليث وأسره، فجاءه من المعتضد التقليد بولاية خراسان وما يليها، وكانت سلطنته مدة سبع سنين.
توفي ببخارى في صفر سنة خمس وتسعين ومئتين (1)، فتملك بعده ابنه أحمد.
ومات ابنه السلطان أبو نصر أحمد في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاث مئة، قتله مماليكه (2)، ثم ملكوا ولده نصرا (3)، فدام ثلاثين عاما، فأحسن السيرة، وعظمت هيبته.

91 - صاحب الاندلس * وابن ملوكها، الامير أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن بن الحكم بن هشام بن الداخل عبدالرحمن بن معاوية بن الخليفة هشام بن
__________
(1) انظر " عبر الذهبي " 2 / 102.
(2) ولقب بعد موته بالشهيد.
انظر " الكامل " لابن الاثير: 8 / 87 77، و " العبر " 2 / 118.
(3) الملقب بالسعيد.
ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 227، وانظر " الكامل " لابن الاثير: 8 / 80 78.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 6، جذوة المقتبس: 12، الكامل في التاريخ: 8 / 73، الحلة السيراء: 1 / 124 120، البيان المغرب: 2 / 120 وما بعدها، العبر: 2 / 114، دول الاسلام: 1 / 182، مرآة الجنان: 2 / 236، ابن خلدون: 4 / 132، تاريخ الخلفاء: 831، النجوم الزاهرة: 3 / 181، نفخ الطيب: 1 / 353 352، شذرات الذهب: 2 / 233.
(*)

(14/155)


عبدالملك المرواني الاندلسي.
تملك بعد أخيه المنذر سنة خمس وسبعين، وامتدت دولته، وكان من أمراء العدل، مثابرا على الجهاد، ملازما للصوات في الجامع، له مواقف مشهودة، منها: ملحمة بلي (1): كان ابن حفصون قد حاصر حصن (بلي) ومعه ثلاثون ألفا، فسار عبد الله في أربعة عشر ألفا، فالتقوا، فانهزم ابن حفصون، واستحر بجمعه القتل، فقل من نجا، وكانوا على رأي الخوارج.
وكان عبد الله ذافقه وأدب.
ونقل ابن حزم أن الامير عبد الله استفتى بقي بن مخلد في الزنديق،
فأفتى أنه لا يقتل حتى يستتاب، وذكر حديثا في ذلك.
مات في أول ربيع الآخر سنة ثلاث مئة، ثم قام بعده ابن ابنه الناصر لدين الله، فدام خمسين سنة، وتلقب بإمرة المؤمنين، وهذا وآباؤه ذكرتهم مجتمعين في المئة الثانية، في عصر هشيم (2).
__________
(1) كذا الاصل، وهي كذلك في " العبر " 2 / 114.
وانظر " البيان المغرب " لابن عذاري: 2 / 123، وابن خلدون: 4 / 135.
(2) انظر الجزء الثامن 217، 241، وكان الناصر لدين الله واسمه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد أول من تلقب بالخلافة من رجال الدولة الاموية في الاندلس.
وكانت ولايته مما يستغرب، لانه كان شابا، وأعمامه وأعمام أبيه حاضرون، فتصدى لها، واحتازها دونهم، ووجد الاندلس مضطربة بالمخالفين، مضطرمة بنيران المتغلبين، فأطفأ تلك النيران، واستنزل أهل العصيان، واستقامت له الاندلس في سائر جهاتها بعد نيف وعشرين سنة من أيامه.
(*)

(14/156)


92 - الحسن بن سفيان * ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء، الامام الحافظ الثبت، أبو العباس الشيباني الخراساني النسوي، صاحب المسند.
ولد سنة بضع وثمانين ومئتين، وهو أسن من بلدية الامام أبي عبد الرحمن النسائي، وماتا معا في عام.
ارتحل إلى الآفاق، وروى عن: أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن معين، وشيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وعبد الاعلى بن حماد، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وسهل بن عثمان،
وإسحاق بن راهويه، وسعد بن يزيد الفراء، وحبان بن موسى، وهشام بن عمار، وصفوان بن صالح، وإبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، وعيسى ابن حماد، ومحمد بن رمح، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعبد الواحد ابن غياث، وأبي كامل الجحدري، وسويد بن سعيد، وعبيد الله بن معاذ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وخلق كثير.
وهو من أقران أبي يعلى، ولكن أبو يعلى أعلى إسنادا منه، وأقدم
__________
* الجرح والتعديل: 3 / 16، الانساب: 63 / أ، تاريخ ابن عساكر: 4 / 227 / ب، المنتظم: 6 / 136 132، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 705 703، العبر: 2 / 125 124، دول الاسلام: 1 / 184، ميزان الاعتدال: 1 / 493 492، الوافي بالوفيات: 12 / 33 32، مرآة الجنان: 2 / 341، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 265 263، البداية والنهاية: 11 / 125 124، لسان الميزان: 2 / 211، النجوم الزاهرة: 3 / 189، طبقات الحفاظ: 305، شذرات الذهب: 2 / 241، الرسالة المستطرفة: 7، 17، وغيرها، تهذيب ابن عساكر: 4 / 182 178.
(*)

(14/157)


لقاء، فإنه سمع من علي بن الجعد.
وقد سمع الحسن تصانيف الامام أبي بكر بن أبي شيبة منه، وسمع " السنن " من أبي ثور الفقيه، وتفقه به، ولازمه، وبرع، وكان يفتي بمذهبه.
حدث عنه: إمام الائمة ابن خزيمة، ويحيى بن منصور القاضي، ومحمد بن يعقوب بن الاخرم، وأبو علي الحافظ، ومحمد بن الحسن النقاش المقرئ، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو حاتم ابن حبان، وحفيده إسحاق بن سعد النسوي، ومحمد بن إبراهيم الهاشمي،
وعبد الله بن محمد النسوي، وخلق سواهم، رحلوا إليه وتكاثروا عليه.
قال محمد بن جعفر البستي: سمعت الحسن بن سفيان يقول: لولا اشتغالي بحبان بن موسى لجئتكم بأبي الوليد الطيالسي، وسليمان بن حرب يعنى أنه تعوق بإكبابه على تصانيف ابن المبارك عند حبان.
قال أبو علي الحافظ: سمعت الحسن بن سفيان يقول: إنما فاتني يحيى بن يحيى بالوالدة: لم تدعني أخرج إليه.
قال: فعوضني الله بأبي خالد الفراء، وكان أسند من يحيى بن يحيى.
قال الحاكم: كان الحسن بن سفيان محدث خراسان في عصره مقدما في الثبت، والكثرة، والفهم، والفقه، والادب.
وقال أبو حاتم بن حبان: كان الحسن ممن رحل، وصنف، وحدث، على تيقظ مع صحة الديانة، والصلابة في السنة.
وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الرازي: ليس للحسن في الدنيا نظير.
قال الحاكم: سمعت محمد بن داود بن سليمان يقول: كنا عند

(14/158)


الحسن بن سفيان، فدخل ابن خزيمة، وأبو عمرو الحيري، وأحمد بن علي الرازي، وهم متوجهون إلى فراوة (1) فقال الرازي: كتبت هذا الطبق من حديثك.
قال: هات.
فقرأ عليه، ثم أدخل إسنادا في إسناد، فرده الحسن، ثم بعد قليل فعل ذلك، فرده الحسن، فلما كان في الثالثة قال له الحسن: ما هذا ؟ ! قد احتملتك مرتين وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة.
فقال له ابن خزيمة: مه ! لا تؤذ الشيخ.
قال: إنما أردت أن تعلم أن أبا العباس يعرف حديثه.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم (2): الحسن بن سفيان سمع حبان بن موسى، وقتيبة، وابن أبي شيبة، كتب إلي وهو صدوق.
قال أبو الوليد (3) حسان بن محمد: كان الحسن بن سفيان أديبا فقيها، أخذ الادب عن أصحاب النضر بن شميل، والفقه عن أبي ثور، وكان يفتي بمذهبه.
وقال غيره: سمع الحسن من ابن راهويه أكثر " مسنده "، وسمع من محمد بن أبي بكر المقدمي " تفسيره ".
قال ابن حبان: حضرت دفنه في شهر رمضان سنة ثلاث وثلاث مئة،
__________
(1) كذا ضبطها السمعاني في " الانساب " بضم الفاء، وتبعه على ذلك صاحب " اللباب ".
أما ياقوت فقيدها في " معجمه " 4 / 245 بالفتح، وقال: هي بليدة من أعمال نسا، بينها وبين دهستان وخوارزم، خرج منها جماعة من أهل العلم، ويقال لها: رباط فراوة.
(2) في " الجرح والتعديل " 3 / 16.
(3) في الاصل " أبوالبد " وهو خطأ، وأبو الوليد هذا مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 895.
(*)

(14/159)


مات بقريته بالوز، وهي على ثلاثة فراسخ من مدينة نسا، رحمه الله تعالى (1).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء بأربعين الحسن سماعا، عن المؤيد بن محمد الطوسي، وزينب بنت عبدالرحمن بن حسن الشعري قال: أخبرتنا أم الخير فاطمة بنت علي بن زعبل سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي سنة إحدى
وأربعين وأربع مئة، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان في صفر سنة أربع وسبعين وثلاث مئة، حدثنا أبو العباس الحسن بن سفيان الحافظ، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن سالم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " (2).
أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي عن قتيبة، فوافقناهم بعلو.
وبه: إلى الحسن بن سفيان: حدثنا عبدالحميد بن بيان السكري، حدثنا هشيم، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 330 329.
(2) أخرجه مسلم (2580) في البر والصلة: باب تحريم الظلم، وأبو داود (4893) في الادب: باب المؤاخاة، والترمذي (1426) في الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم.
وأخرجه البخاري: 5 / 71 70 في المظالم: باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، من طريق يحيى بن بكير، عن الليث به.
وليس هو في " سنن النسائي " المطبوع باختصار ابن السني، ويغلب على الظن أنه في الكبرى، فإن المنذري نسبة أيضا في مختصر أبي داود إليه.
(*)

(14/160)


عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر " (1).
أخرجه ابن ماجة، عن عبدالحميد، فوافقناه بعلو.
روى بشرويه بن محمد المغفلي: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد الاسفراييني قال: حدثنا أبو الحسن الصفار الفقيه قال: كنا عند الحسن بن
سفيان، وقد اجتمع إليه طائفة من أهل الفضل، ارتحلوا إليه، فخرج يوما فقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل الاملاء: قد علمنا أنكم من أبناء النعم، هجرتم الوطن، فلا يخطرن ببالكم أنكم رضيتم بهذا التجشم للعلم حقا، فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم: ارتحلت من وطني، فاتفق حصولي بمصر في تسعة من أصحابي طلبة العلم، وكنا نختلف إلى شيخ أرفع أهل عصره في العلم منزلة، فكان يملي علينا كل يوم قليلا، حتى خفت النفقة، وبعنا أثاثنا، فطوينا ثلاثا، وأصبحنا لا حراك بنا، فأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه، فلم تسمح أنفسنا، فوقع الاختيار على قرعة، فوقعت علي، فتحيرت وعدلت، فصليت ركعتين، ودعوت، فلم أفرغ حتى دخل المسجد شاب معه خادم، فقال: من منكم الحسن بن سفيان ؟ قلت: أنا، قال: إن الامير طولون يقرئكم السلام ويعتذر من الغفلة عن تققد أحوالكم، وقد بعث بهذا، وهو زائركم غدا.
ووضع بين يدي كل واحد مئة دينار، فتعجبنا وقلنا: ما القصة ؟..قال: دخلت عليه بكرة فقال: أحب أن أخلو اليوم.
فانصرفنا، فبعد ساعة طلبني، فأتيته فإذا به يده على خاصرته لوجع ممض
__________
(1) إسناده صحيح، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الحاكم، وتابعه عبدالرحمن بن غزوان عنده أيضا.
وأخرجه ابن ماجه (293) في المساجد: باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، والدارقطني: 161، وصححه ابن حبان (426) والحاكم: 1 / 245، ووافقه الذهبي.
(*)

(14/161)


اعتراه، فقال لي: تعرف الحسن بن سفيان وأصحابه ؟ قلت: لا.
قال: اقصد المسجد الفلاني، واحمل هذه الصرر إليهم، فإنهم منذ ثلاثة أيام
جياع، ومهد عذري لديهم.
فسألته، فقال: انفردت فنمت، فرأيت فارسا في الهواء، في يده رمح، فنزل إلى باب هذا البيت، ووضع سافلة رمحه على خاصرتي وقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم فأردكهم، فإنهم منذ ثلاث جياع في المسجد الفلاني.
فقلت له: من أنت ؟ قال: أنا رضوان صاحب الجنة.
فمنذ أصاب رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد، فعجل إيصال هذا المال إليهم ليزول هذا الوجع عني.
قال الحسن: فعجبنا وشكرنا الله، وخرجنا تلك الليلة من مصر لئلا نشتهر، وأصبح كل واحد منا واحد عصره، وقربع دهره في العلم والفضل.
قال: فلما أصبح الامير طولون فأحس بخروجنا، أمر بابتياع تلك المحلة، ووقفها على المسجد، وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل، نفقة لهم، لئلا تختل أمورهم، وذلك كله من قوة الدين وصفاء العقيدة.
رواها الحافظ عبد الغني في الرابع من الحكايات، عن أبي زرعة إذنا، عن الحسن بن أحمد السمرقندي، عن بشرويه، فالله أعلم بصحتها.
ولم يل طولون مصر، وأما ابنه أحمد بن طولون فيصغر عن الحكاية، ولا أعرف ناقلها، وذلك ممكن.

(14/162)


93 - ابن رسته * الحافظ المحدث الصدوق، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن رسته بن الحسن بن عمر بن زيد الضبي المديني، من كبراء أصبهان.
حدث عن: شيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد القيسي، وأبي معمر الهذلي، وسليمان الشاذكوني، وفي دارهم نزل الشاذكوني لما قدم،
ومحمد بن حميد، وطائفة.
وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، والطبراني، وأبو الشيخ، ومحمد بن عبيد الله بن المرزبان، وآخرون.
مات في سنة إحدى وثلاث مئة.
أرخه أبو القاسم ابن مندة.

94 - ابن فرح * * العلامة الامام، المقرئ، المفسر، أبو جعفر، أحمد بن فرح بن جبريل العسكري ثم البغدادي، الضرير.
تلا على البزي، والدوري.
وحدث عن: علي بن المديني، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعدة.
وعنه: ابن سمعان، وأحمد بن جعفر الختلي.
وتلا عليه خلق منهم: زيد بن أبي بلال، وعمر بن بيان، وأبو بكر
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 226 225، طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 231.
* * تاريخ بغداد: 4 / 346 345، العبر: 2 / 125، طبقات القراء للذهبي: 1 / 194، طبقات القراء للجزري: 1 / 96 95، النشر في القراءات العشر: 1 / 134، شذرات الذهب: 2 / 241.
(*)

(14/163)


النقاش، وابن أبي هاشم.
وكان ثقة ثبتا، وذا فنون.
مات سنة ثلاث وثلاث مئة.

95 - ابن ناجية * الامام الحافظ الصادق، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن ناجية بن نجبة البربري، ثم البغدادي.
سمع سويد بن سعيد، وأبا معمر الهذلي، وعبد الواحد بن غياث، و عبدالاعلى بن حماد النرسي، وأبا بكر بن أبي شيبة، وبندارا، وطبقتهم، وصنف وجمع.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو بكر الجعابي، والطبراني، وأبو القاسم ابن النخاس المقرئ، وإسحاق النعالي، ومحمد بن المظفر الحافظ، وأبو حفص بن الزيات، وخلق كثير.
وكان إماما، حجة، بصيرا بهذا الشأن، له " مسند " كبير.
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: ناولني خلف بن القاسم " مسند " ابن ناجبة، وهو في مئة جزء واثنين وثلاثين جزءا، بروايته عن سلم بن الفضل عنه.
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 105 104، المنتظم: 6 / 125، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 697 696، العبر: 2 / 119، طبقات الحفاظ: 302، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 71.
(*)

(14/164)


قال الخطيب (1): كان ثقة ثبتا، توفي في شهر رمضان سنة إحدى وثلاث مئة.
قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله: أخبرنا زين الامناء حسن بن محمد، أخبرنا المبارك بن علي، أخبرنا أبو الحسن بن العلاف، أخبرنا أبو القاسم بن بشران، أخبرنا أبو بكر الآجري، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجية: حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا خالد الواسطي، عن مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء وبعدها، يغلط
أصحابه في الصلاة، والقوم يصلون ".
هذا حديث صالح الاسناد (2)، فيه النهي عن قراءة الاسباع التي في المساجد وقت صلوات الناس فيها، ففي ذلك تشويش بين على المصلين، هذا إذا قرؤوا قراءة جائزة مرتلة، فإن كانت قراءتهم دمجا وهذرمة (3) وبلعا
__________
(1) في " تاريخ " 10 / 104.
(2) كيف يكون صالح الاسناد وفيه الحارث بن عبد الله الهمداني الاعور، وقد ضعفه غير واحد من العلماء، منهم المصنف في " الميزان " 1 / 435، لكن معنى الحديث قد ثبت من وجه آخر، فقد أخرج أبو داود في سننه (1332) في الصلاة: باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة " أو قال: " في الصلاة ".
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 101 في العمل في القراءة، من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي حازم التمار، عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس، وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: " إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ".
وإسناده صحيح أيضا.
(3) في " اللسان ": " الهذرمة: السرعة في القراءة، قال ابن عباس: لان أقرأ القرآن في ثلاث أحب إلي من أن أقرأه في ليلة هذرمة ".
(*)

(14/165)


للكلمات، فهذا حرام مكرر، فقد والله عم الفساد، وظهرت البدع، وخفيت السنن، وقل القوال بالحق، بل لو نطق العالم بصدق وإخلاص لعارضه عدة من علماء الوقت، ولمقتوه وجهلوه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

96 - ابن شيرويه، الامام الحافظ الفقيه، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن ابن شيرويه بن أسد القرشي المطلبي النيسابوري، صاحب التصانيف.
ولد سنة بضع عشرة ومئتين.
وسمع إسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وعبد الله بن معاوية الجمحي، وأحمد بن منيع، وأبا كريب، وهناد بن السري، وابن أبي عمر العدني، وخالد بن يوسف السمتي، وأبا سعيد الاشج، وطبقتهم.
وسمع " المسند " كله من إسحاق.
حدث عنه: إمام الائمة ابن خزيمة، وأبو عبد الله بن الاخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو بكر بن علي، وعبد الله بن سعد، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو عمرو بن حمدان، وآخرون.
قال الحاكم: ابن شيرويه الفقيه أحد كبراء نيسابور، له مصنفات كثيرة تدل على عدالته واستقامته.
روى عنه حفاظ بلدنا.
ثم سمى جماعة وقال: واحتجوا به.
سمعت محمد بن حامد: سمعت أبا عبد الله العبدوي، سمعت عبد الله بن شيرويه يقول: قال لي بندار: يا ابن شيرويه: اعرض علي ما كتبته عني، فقد أكثرت عني.
قال: فجمعت ما كتبته عنه في
__________
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 706 705، العبر: 2 / 129، طبقات الحفاظ: 305، شذرات الذهب: 2 / 246.
(*)

(14/166)


أسفاط، وحملتها إليه على ظهر حمال: فنظر فيها وقال: أفلستني وأفلسك الوراقون.
قال أحمد بن الخضر الشافعي: سمعت ابن خزيمة يقول: كنت أرى
عبد الله بن شيرويه يناظر وأنا صبي، فكنت أقول: ترى ! أتعلم مثل ما تعلم ابن شيرويه قط.
قال الحاكم: سمع ابن شيرويه بالحجاز كتاب سفيان بن عيينة من العدني.
وقال إبراهيم بن أبي طالب: كان إسحاق لا يعيد لاحد، وأنا أتعجب كيف لم يفته يعني ابن شيرويه شئ (1) من " المسند ".
ثم قال: لقد رأيت له منزلة عند إسحاق لمكان أبيه.
قلت: جدهم شيرويه هو: ابن أسد بن أعين بن يزيد بن ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب المطلبي.
وركانة (2): صحابي مشهور: مفرط القوى، صارعه فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا عبد الله بن شيرويه، حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق
__________
(1) في الاصل " شيئا " وهو خطأ.
(2) أخرج أبو داود (4078) في اللباس: باب في العمائم، والترمذي (1784) في اللباس: باب العمائم على القلانس، كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن ربعة، عن أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر محمد بن ركانة، عن أبيه أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم، قال ركانة: وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس " قال الترمذي: هذا حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة، وانظر " الاصابة " 1 / 520، 521.
(*)

(14/167)


ومالك، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الايم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وإذنها صماتها " (1).
أخبرنا إسحاق الصفار: أخبرنا ابن خليل، أخبرنا أبو المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن شيرويه، حدثنا إسحاق، أخبرنا محمد ابن سلمة والمحاربي قالا: حدثنا ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقفه على كل آية أسأله: فيم نزلت، وكيف كانت ؟ (2).
مات ابن شيرويه سنة خمس وثلاث مئة.

97 - عبدان * عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد، الحافظ الحجة العلامة، أبو
__________
(1) أخرجه الامام مالك في " الموطأ " 2 / 62 في النكاح: باب استئذان البكر والايم في أنفسهما، ومسلم (1421) في النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، والترمذي (1108) في النكاح: باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، وأبو داود (2098) في النكاح: باب في الثيب، والنسائي: 6 / 84 في النكاح: باب استئذان البكر في نفسها.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه الطبري في تفسيره: 1 / 40 من طريق أبي كريب، حدثنا المحاربي ويونس بن بكير، كلاهما عن ابن إسحاق بهذا الاسناد.
وروى الطبري: 1 / 40 من طريق أبي كريب، عن طلق بين غنام، عن عثمان بن الاسود بن موسى المكي، عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه الواحد، فيقول له ابن عباس: اكتب.
قال حتى سأله عن التفسير كله.
وهذا سند صحيح.
* تاريخ بغداد: 9 / 379 378، الانساب: 139 / أ، تاريخ ابن عساكر:
8 / 512 / ب، المنتظم: 6 / 151 150، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 119 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 689 688، العبر: 2 / 133، مرآة الجنان: = (*)

(14/168)


محمد الاهوازي الجواليقي عبدان، صاحب المصنفات.
سمع محمد بن بكار بن الريان، وشيبان بن فروخ، وطالوت بن عباد، وهشام بن عمار السلمي، وسهل بن عثمان، وأبا بكر بن أبي شيبة، وأبا كامل الجحدري، وخليفة بن خياط، وعثمان بن أبي شيبة، وزيد بن الحريش، ومسروق بن المرزبان، ويعقوب الدورقي، وعبيد بن يعيش، وأحمد بن عبدالرحمن بحشل، وحميد بن مسعدة، ومحمد بن عبيد بن حساب، وأبا الطاهر بن السرح، ومحمد بن مصفى، وابن أبي عمر العدني، وعيسى بن زغبة، وأبا كريب، ووهب بن بيان، وبندارا، وخلقا سواهم بالحجاز، والشام، ومصر، والعراق، وكان من أئمة هذا الشأن.
حدث عنه ابن قانع، والطبراني، وحمزة الكناني، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عمرو بن حمدان، وإسماعيل بن عبد الله بن ميكال، وآخرون.
وارتحل إليه الحفاظ إلى عسكر مكرم، وهي قريبة من البصرة.
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: رأيت من أئمة الحديث أربعة: إبراهيم بن أبي طالب يعني رفيق مسلم وابن خزيمة بنيسابور، والنسائي بمصر، وعبدان بالاهواز قال: فأما عبدان، فكان يحفظ مئة ألف حديث، ما رأيت في المشايخ أحفظ منه.
وقال حمزة بن محمد الكناني: سمعت عبدان يقول: دخلت البصرة ثمان عشرة مرة من أجل حديث أيوب السختياني، وجمعت ما يجمعه
أصحاب الحديث يعني من حديث الكبار، قال: إلا حديث مالك، فإنه لم
__________
= 2 / 249، النجوم الزاهرة: 3 / 195، طبقات الحفاظ: 299، شذرات الذهب: 2 / 249، الرسالة المستطرفة: 96، تهذيب ابن عساكر: 7 / 287 - 288.
(*)

(14/169)


يكن عندي " الموطأ " بعلو، وإلا حديث أبي حصين.
قال حمزة: وسمعته يقول: جمعت لبشر بن المفضل ست مئة حديث، من شاء يزيد علي.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان أبو علي النيسابوري لا يسامح في المذاكرة، بل يواجه بالرد في الملا، فوقع بينه وبين عبدان لذلك، فسمعت أبا علي تقول: أتيت أبا بكر بن عبدان، فقلت له: الله الله ! تحتال لي في حديث سهل بن عثمان العسكري، عن جنادة، عن عبيد الله بن عمر.
فقال: قد حلف الشيخ أن لا يحدث بهذا الحديث وأنت بالاهواز.
قال: فأصلحت شأني للسفر، وودعت الشيخ، وشيعني أصحابنا، ثم اختفيت إلى يوم المجلس، ثم حضرت متنكرا لا يعرفي أحد، فأملى عبدان الحديث، وأملى غير ذلك مما كان قد امتنع علي منها.
ثم بلغه بعد أني كنت في المجلس، فتعجب.
قال أبو حاتم البستي: أخبرنا عبدان بعسكر مكرم، وكان عسرا نكدا.
وقال أبو محمد الرامهرمزي: كنا عند عبدان، فقال: من دعي فلم يجب فقد عصى الله، بفتح الياء.
فقال له ابن سريح: إن رأيت أن تقول: يجب.
فأبي، وعجب من صواب ابن سريج (1)، كما عجب ابن سريج من خطئه (2).
قال أبو أحمد بن عدي: عبدان كبير الاسم، قال لي: جاءني أبو بكر ابن أبي غالب، فذهب إلى شاذان الفارسي فلم يلحقه، فعطف إلى ابن أبي
عاصم بأصبهان، ثم جاءني فقال: فاتني شاذان، وذهبت إلى ابن أبي عاصم فلم أره ملئا بحديث البصرة، وجئتك لاكتب حديثهم عنك لانك ملئ
__________
(1) في الاصل " جريج " وهو خطأ.
(2) الخبر في " المحدث الفاصل " ص 527، و " الكفاية " ص 188.
(*)

(14/170)


بهم.
فأخرجت إليه حديثهم، وقاطعته كل يوم على مئة حديث.
ابن عدي: حدثنا عبدان، حدثنا محمد بن عمرو بن سلمة، حدثنا ابن وهب.
فذكر حديثا.
كذا قال: وإنما هو عمرو بن سواد (1)، كان عبدان يخطئ فيه، فيقول مرة كما ذكرنا، ومرة يقول: محمد بن عمرو.
وإنما هو عمرو بن سواد، وكانت هيبة عبدان تمنعا أن نقول له.
وحدثنا بحديث فيه أشرس، فقال: رشرس.
فتوقفت في الرد عليه.
قال الحاكم: سمعت أبا علي يقول: ورد العسكر أبو العباس بن سريج وأنا بها، فقصدته، فقال لي: سل إذا حضرت عبدان.
قال: فدخل، فسألت أبا محمد عن حديث، فقال: حدثنا به القطعي: أخبرنا محمد بن بكر البرساني، حدثنا ابن عون، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: في رفع اليدين في الصلاة إذا ركع ورفع (2).
قال الحاكم: فقلت لابي علي: ما علة هذا ؟ قال: لا أدري.
قلت: لعله ابن جريج بدل ابن عون.
قال: ليس ذا عند البرساني، عن ابن جريج.
ثم قال: وعبدان ثبت، وحدثنا به من أصل كتابه.
قيل: وسرقه
__________
(1) بتشديد الواو كما في " التقريب ".
هو عمرو بن سواد بن الاسود بن عمرو بن محمد ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري السرحي.
كان ثقة، توفي سنة خمس وأربعين ومئتين.
انظر " تهذيب التهذيب " 8 / 46 45.
(2) حديث رفع اليدين رواه البخاري: 2 / 183 181 في صفة الصلاة: باب رفع اليدين في التكبيرة الاولى مع الافتتاح سواء، وباب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع، وباب إلى أين يرفع يديه، وباب رفع اليدين إذا قام من الركعتين.
وأخرجه مسلم (390) في الصلاة: باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين..، ومالك في " الموطأ " 1 / 97: باب ما جاء في افتتاح الصلاة، كلهم عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وقيل أن يركع، وإذا رفع من الركوع، ولا يرفعهما بين السجدتين.
(*)

(14/171)


الحسن بن عثمان التستري، فرواه عن القطعي.
قلت: عبدان حافظ صدوق، ومن الذي يسلم من الوهم ! عاش تسعين عاما وأشهرا، وكانت وفاته في آخر سنة ست وثلاث مئة.
وقع إلي ثلاثة أجزاء من حديثه بعلو.
ومات معه في العام فقيه العصر أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج ببغداد ومسند العراق أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، والمسند علي بن إسحاق بن زاطيا، والقاضي محمد بن خلف وكيع، ومحمد بن مسعود الاسدي محدث قزوين، وشيخ الطريق أبو عبد الله أحمد بن الجلاء.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر بقراءتي، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى، حدثنا طالوت هو ابن عباد حدثنا حرب بن سريج، حدثنا أبو المهزم، عن أبي هريرة قال: " أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاث: الغسل في كل يوم جمعة،
والوتر قبل النوم، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر ".
متنه محفوظ (1)، وأبو المهزم يزيد بن سفيان متفق على ضعفه (2)،
__________
(1) فقد أخرجه البخاري: 3 / 47 في التطوع: باب صلاة الضحى في الحضر، وفي الصوم: باب صيام أيام البيض، ومسلم (721) في صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، وأبو داود (1432) في الصلاة: باب في الوتر قبل النوم، والترمذي (760) في الصوم: باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، والنسائي: 3 / 229 في قيام الليل: باب الحث على الوتر قبل النوم، كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أو أرقد ".
وأما الغسل في كل يوم جمعه، فقد أخرجه البخاري: 2 / 318، ومسلم (849) من حدث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: " حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده ".
(2) انظر " ميزان الاعتدال ": 4 / 426.
(*)

(14/172)


والعجب أن شعبة يروي عنه، ما أظنه تبين له حاله، والله أعلم.

98 - ابن الصقر * الامام الثقة المحدث، أبو سعيد، أحمد بن الصقر بن ثوبان الطرسوسي، ثم البصري المستملي.
حدث عن: أبي كامل الجحدري، ومحمد بن موسى الحرشي، ومحمد بن بشار، وكان مستملي ابن بشار (1).
حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو الفتح الازدي، وعلي بن لؤلؤ، وغيرهم.
وثقه الخطيب.
توفي سنة إحدي وثلاث مئة.

99 - ابن الصقر * * هو الامام الثقة، أبو العباس، عبد الله بن الصقر بن نصر البغدادي السكري.
سمع إبراهيم بن محمد الشافعي، وعبد الاعلى النرسي، وإبراهيم ابن المنذر.
وعنه: الخلدي، وأبو بكر القطيعي، وأبو حفص بن الزيات، وجماعة.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 206، طبقات القراء للجزري: 1 / 63.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 206: وكان مستملي بندار.
* * تاريخ بغداد: 9 / 483 482، المنتظم: 6 / 129، طبقات القراء للجزري: 1 / 423.
(*)

(14/173)


وثقة الخطيب (1)، وقال: توفي في جمادى الاولى سنة اثنتين وثلاث مئة.

100 - أبو يعلى * الامام الحافظ، شيخ الاسلام، أبو يعلى، أحمد بن علي بن المثنى ابن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي الموصلي، محدث الموصل، وصاحب المسند والمعجم.
ولد في ثالث شوال سنة عشر ومئتين، فهو أبر من النسائي بخمس سنين، وأعلى إسنادا منه.
لقي الكبار، وارتحل في حداثته إلى الامصار باعتناء أبيه وخاله محمد ابن أحمد بن أبي المثنى، ثم بهمته العالية.
وسمع من أحمد بن حاتم الطويل، وأحمد بن جميل، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن إبراهيم الموصلي، وأحمد بن منيع، وأحمد ابن محمد بن أيوب، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وإبراهيم ابن الحجاج النيلي صاحب سلام بن أبي مطيع، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وإبراهيم بن زياد سبلان، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإسحاق بن موسى الخطمي، وإسحاق ابن إسماعيل الطالقاني، وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، وأبي
__________
(1) في " تاريخه " 9 / 483.
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 708 707، العبر: 2 / 134، دول الاسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 7 / 241، مرآة الجنان: 2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 130، النجوم الزاهرة: 3 / 197، طبقات الحفاظ: 306، مفتاح السعادة: 2 / 16، الرسالة المستطرفة: 71.
(*)

(14/174)


إبراهيم إسماعيل الترجماني، وإسماعيل بن عبد الله بن خالد القرشي، وأيوب بن يونس البصري: عن وهيب، والازرق بن علي أبي الجهم، وأمية ابن بسطام.
وبشر بن الوليد الكندي، وبشر بن هلال، وبسام بن يزيد النقال.
وجعفر بن مهران السباك، وجبارة بن المغلس، وجعفر بن حميد الكوفي.
وحوثرة بن أشرس العدوي، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، والحكم بن موسى، والحارث بن مسكين، والحارث بن سريج، وحفص ابن عبد الله الحلواني، وحجاج بن الشاعر.
وخلف بن هشام البزار، وخالد بن مرداس، وخليفة بن خياط.
وداود بن عمرو الضبي، وداود بن رشيد.
وروح بن عبدالمؤمن المقرئ، والربيع بن ثعلب.
وأبي خيثمة زهير بن حرب، وزكريا بن يحيى زحمويه، وزكريا بن يحيى الرقاشي، وزكريا بن يحيى الكسائي الكوفي، وأبي الربيع الزهراني.
وأبي الربيع سليمان بن داود الختلي، وأبي أيوب سليمان بن داود الشاذكوني، وسليمان بن محمد المباركي، وسعيد بن عبد الجبار، وسعيد بن أبي الربيع السمان، وسعيد بن مطرف الباهلي، وسريج بن يونس، وسهل ابن زنجلة الرازي.
وشيبان بن فروخ.
والصلت بن مسعود الجحدري، وصالح بن مالك الخوارزمي،

(14/175)


وعبد الله بن محمد بن أسماء، وعبد الله بن معاوية الجمحي، وعبد الله بن سلمة البصري، عن أشعث بن براز الهجيمي، وعبد الله بن عون الخراز، وأبي بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن بكار البصري، وعبد الله بن عمر مشكدانة (1)، وعبيد الله بن عمر القواريري، وعبيد الله بن معاذ، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وعبد الرحمن بن صالح الازدي، وأبي نصر عبدالملك بن عبد العزيز التمار، وعبد الرواحد بن غياث، وعبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، وعلي بن الجعد، وعلي بن حمزة المعولي، وعلي بن المديني، وعمرو الناقد، وعمرو بن الحصين، وعمرو بن أبي عاصم النبيل، وعيسى بن سالم، وعثمان بن أبي شيبة.
وغسان بن الربيع.
والفضل بن الصباح.
وقطن بن نسير.
وكامل بن طلحة.
ومصعب بن عبد الله، ومنصور بن أبي مزاحم، ومعلى بن مهدي، ومسروق بن المرزبان، والمنتجع بن مصعب بصري، وموسى بن محمد بن حيان، ومحمد بن منهال الضرير، ومحمد بن منهال الانماطي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن سعيد القطان، ومحمد بن جامع
__________
(1) كذا ضبطه الحافظ في " التقريب " بضم الميم والكاف بينهما معجمة ساكنة وبعد الالف نون، وجاء في " خلاصة التذهيب " (مسكدانه) بالسين المهملة.
وانظر ترجمته في " العبر " 1 / 430.
(*)

(14/176)


العطار وضعفه، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن بكار مولى بني هاشم، ومحمد بن بكار البصري، ومحمد بن عباد المكي، ومحمد بن إسحاق المسيبي، وأبي كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن خالد الطحان، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي.
ونعيم بن الهيصم.
وهدبة بن خالد، وهارون بن معروف، وهاشم بن الحارث، والهذيل بن إبراهيم الجماني.
ووهب بن بقية.
ويحيى بن معين، ويحيى بن أيوب المقابري، ويحيى الحماني، وخلق كثير سواهم، مذكورين في " معجمه ".
قال أبو موسى المديني: أخبرنا هبة الله الابرقوهي عمن ذكره: أن والد أبي عبد الله بن مندة وحل إلى أبي يعلى، وقال له: إنما رحلت إليك لاجماع أهل العصر على ثقتك وإتقانك.
وقال السلمي: سألت الدارقطني عن أبي يعلى، فقال: ثقة مأمون.
حدث عنه: الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي في " الكنى " فقال: حدثنا أحمد بن المثنى، نسبة إلى جده، والحافظ أبو زكريا يزيد بن محمد الازدي، وأبو حاتم حبان، وأبو الفتح الازدي، وأبو علي الحسين بن محمد النيسابوري، وحمزة بن محمد الكناني، والطبراني، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي، وابن السني، وأبو عمرو بن حمدان الحيري، وأبوه، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، ومحمد بن النضر النخاس

(14/177)


بمعجمه، ونصر بن أحمد بن الخليل المرجي، وأبو الشيخ، وخلق كثير.
قال يزيد بن محمد الازدي في " تاريخ الموصل ": ومنهم أبو يعلى التميمي.
فذكر نسبه وكبار شيوخه، وقال: كان من أهل الصدق والامانة، والدين والحلم، روي عن غسان بن الربيع، ومعلى بن مهدي، وغيرهما من المواصلة.
إلى أن قال: وهو كثير الحديث، صنف المسند وكتبا في الزهد، والرقائق، وخرج الفوائد، وكان عاقلا، حليما صبورا، حسن الادب، سمعته يقول: سمعت ابن قدامة: سمعت سفيان يقول: ما تمتع متمتع بمثل ذكر الله، قال داود عليه السلام: ما أحلى ذكر الله في أفواه المتعبدين.
وحدثنا أبو يعلى: حدثنا ابن زنجويه: سمعت عبد الرزاق يقول:
الرافضي عندي كافر.
وقد بلغنا عن أبي عمرو بن حمدان: أنه كان يفضل أبا يعلى الموصلي على الحسن بن سفيان، فقيل له: كيف تفضله و " مسند " الحسن أكبر، وشيوخه أعلى ؟ قال: لان أبا يعلى كان يحدث احتسابا، والحسن بن سفيان كان يحدث اكتسابا.
وقد وثق أبا يعلى أبو حاتم البستي وغيره، قال ابن حبان: هو من المتقنين المواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعة.
وقال ابن عدي: ما سمعت " مسندا " على الوجه إلا " مسند " أبي يعلى، لانه كان يحدث لله عزوجل.
قال ابن المقرئ: سمعت أبا إسحاق بن حمزة يثني على " مسند " أبي يعلى ويقول: من كتبه قل ما يفوته من الحديث.

(14/178)


قال ابن المقرئ: سمعت أبا يعلى يقول: عامة سماعي بالبصرة مع أبي زرعة.
وقال الحافظ عبد الغني الازدي: أبو يعلى أحد الثقات الاثبات، كان على رأي أبي حنيفة.
قلت: نعم، لانه أخذ الفقه عن أصحاب أبي يوسف.
قال ابن مندة: أحمد بن علي بن المثنى بن عيسى بن هلال بن دينار التميمي، أبو يعلى، أحد الثقات، مات سنة سبع وثلاث مئة.
وقال أبو أحمد بن عدي في " كامله " (1) في ذكر محمد الطفاوي: سمعت أبا يعلى يقول: عندي عن أبي خيثمة المسند والتفسير والموقوفات، حديثه كله.
وقد وصف أبو حاتم البستي أبا يعلى بالاتقان والدين، ثم قال: وبينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنفس.
وقال أبو عبد الله الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى الموصلي وحفظه وإتقانه، وحفظه لحديثه، حتى كان لا يخفى عليه منه إلا اليسير.
ثم قال الحاكم: هو ثقة مأمون.
وقال أبو علي الحافظ: لو لم يشتغل أبو يعلى بكتب أبي يوسف على بشر بن الوليد الكندي لادرك بالبصرة سليمان بن حرب، وأبا الوليد الطيالسي.
قلت: قنع برفيقهما الحافظ علي بن الجعد.
__________
(1) 4 / 300 / أ، وفيه " الموقوف " بدل " الموقوفات ".
(*)

(14/179)


قال أبو سعد السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الحافظ يقول: قرأت المسانيد كمسند العدني، ومسند أحمد بن منيع، وهي كالانهار، ومسند أبي يعلى كالبحر يكون مجتمع الانهار.
قلت: صدق، ولا سيما " مسنده " الذي عنذ أهل أصبهان من طريق ابن المقرئ عنه، فإنه كبير جدا، بخلاف " المسند " الذي رويناه من طريق أبي عمرو بن حمدان عنه، فإنه مختصر.
ويقع حديثه عاليا بالاتصال للشيخ فخر الدين بن البخاري في أمالي الجوهري، ويقع حديثه بالاجازة العالية لاولادنا في أثناء جزء مأمون، وقد قرأت سماعه في سنة خمس وعشرين ومئتين ببغداد من أحمد بن حاتم الطويل صاحب مالك، وأبو الوليد الطيالسي حي بالبصرة إلى سنة سبع وعشرين، وعاش أبو يعلى إلى أثناء سنة سبع وثلاث مئة، فقده أبو الحسين بن المنادي في رابع عشر جمادى
الاولى.
قلت: وانتهى إليه علو الاسناد، وازدحم عليه أصحاب الحديث، وعاش سبعا وتسعين سنة.
ومات معه في سنة سبع عدة من الكبار، كالحافظ زكريا الساجي، وأبي عمران موسى بن سهل الجوني، شيخي الحديث بالبصرة، والحافظ محمد بن هارون الروياني، وشيخنا بلد واسط: جعفر بن أحمد بن سنان، ومحمود بن محمد، ومحدث دمشق جعفر بن أبي عاصم، ومسند بغداد الحسن بن الطيب الشجاعي البلخي، ومسند أصبهان المعمر أبو جعفر محمد بن علي بن مخلد بن فرقد الاصبهاني، وشيخ القراء أبو العباس أحمد ابن سهل الاشناني، والحافظ أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري بمكة، والمحدث أبو زكريا يحيى بن زكريا النيسابوري صاحب

(14/180)


قتيبة بمصر، والحافظ جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري الاعرج بحلب، ويقال له: جعفرك، ومقرئ مصر أبو بكر بن مالك بن سيف التجيبي، وشيخ بغداد أبو محمد الهيثم بن خلف الدوري.
ورفيقه محمد بن صالح بن ذريح العكبري، رحمهم الله تعالى.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد قراءة عليه، عن عبد المعز بن محمد البزاز: أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد الجرجاني سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الكنجروذي سنة تسع وأربعين وأربع مئة، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي بها سنة ست وثلاث مئة، حدثنا عبد الله بن بكار، حدثنا عكرمة بن عمار، عن الهرماس بن زياد قال: " رأيت رسول الله صلى الله
يوم العيد الاضحى يخطب على بعير ".
هذا حديث حسن عال جدا تساعي لنا (1).
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي: أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو الحيري، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن أبي عون: سمعت جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: قد شكوك في كل شئ حتى في الصلاة.
قال: أما أنا فإني أمد في الاوليين، وأحذف في الاخريين، وما آلوا ما اقتديت به من صلاة رسول الله.
قال:
__________
(1) وأورده ابن الاثير في " أسد الغابة " 5 / 393 من طريق أبي يعلى، وأخرجه أبو داود (1954) في المناسك: باب من قال: خطب يوم النحر من طريق هارون بن عبد الله، عن هشام بن عبدالملك، عن عكرمة، عن الهرماس بن زياد الباهلي، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته العضباء يوم الاضحى بمنى.
وهذا سند قوي.
(*)

(14/181)


ذاك الظن بك، أو كذاك ظني بك (1).
قال يزيد بن محمد: أخبرنا أبو يعلى الموصلي: أنشدنا عمر بن شبة، عن أبي غزية: لا يزهدنك في أخ * لك أن تراه زل زله والمرء يطرحه الذ * ين يلونه في شر إله ويخونه من كان من * أهل البطانة والدخله والموت أعظم حادث * مما يمر على الجبلة
101 - أحمد بن إبراهيم * ابن عبد الله، الامام المحدث، الصدر الانبل، أبو محمد
النيسابوري، أحد الكبراء والزعماء ببلده.
سمع من جده لامه القاضي نصر بن زياد، وإسحاق بن راهويه، وقرأ عليه " مسنده "، وعمرو بن زرارة، ومحمد بن مقاتل، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن حميد، وإبراهيم بن محمد الشافعي المكي، وسلمة بن شبيب، وطائفة.
وعنه: مؤمل بن الحسن، والحافظ أبو علي، وأحمد بن أبي عثمان الحيري، وأحمد بن الحسن، وأبو عمرو بن حمدان، وآخرون.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 208 في صفة الصلاة: باب يطول في الاوليين، ويحذف في الاخريين، ومسلم (453) في الصلاة: باب القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود (803) في الصلاة: باب تخفيف الاخريين، والنسائي 2 / 174 في الافتتاح: باب الركود في الركعتين الاوليين، والطيالسي (415) كلهم من طريق شعبة، عن أبي عون، عن جابر بن سمرة.
* لم نظفر له بترجمة عند غير المؤلف في المصادر المتيسرة لنا.
(*)

(14/182)


قال الحاكم: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد يقول: توفي جدي لامي أحمد بن إبراهيم سنة خمس وثلاث مئة.
قال الحاكم: كان من وجوه نيسابور وزعمائها، ومن المقبولين في الحديث والرواية.

102 - الجبائي * شيخ المعتزلة، وصاحب التصانيف، أبو علي، محمد بن عبد الوهاب البصري.
مات بالبصرة سنة ثلاث وثلاث مئة.
أخذ عن: أبي يعقوب الشحام، وعاش ثمانيا وستين سنة، ومات
فخلفه ابنه العلامة أبو هاشم (1) الجبائي، وأخذ عنه فن الكلام أيضا أبو الحسن الاشعري، ثم خالفه ونابذه وتسنن.
وكان أبو علي على بدعته متوسعا في العلم، سيال الذهن، وهو الذي ذلل الكلام وسهله، ويسر ما صعب منه.
وكان يقف في أبي بكر وعلي: أيهما أفضل ؟.
__________
* مقالات الاسلاميين: 1 / 236، الفرق بين الفرق: 169 167، فهرست ابن النديم: ص 6 من التكملة، الملل والنحل: 1 / 85 78، الانساب: 121 / أ، المنتظم: 6 / 137، وفيات الاعيان: 4 / 269 267، العبر: 2 / 125، دول الاسلام: 1 / 184، الوافي بالوفيات: 4 / 75 74، البداية والنهاية: 11 / 125، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 85 80، لسان الميزان: 5 / 271، النجوم الزاهرة: 3 / 189، طبقات المفسرين للسيوطي: 33، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 190 189، شذرات الذهب: 2 / 241.
(1) هو عبد السلام بن أبي علي محمد بن عبد الوهاب البصري المتكلم المشهور، قال المؤلف في " العبر " 2 / 187: هو شيخ المعتزلة وابن شيخهم، توفي ببغداد في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
وانظر " طبقات المعتزلة ": 94، و " والفرق بين الفرق ": 169، و " الملل والنحل " 1 / 78.
(*)

(14/183)


وله كتاب: " الاصول "، وكتاب: " النهي عن المنكر "، وكتاب: " التعديل والتجويز "، وكتاب: " الاجتهاد "، وكتاب: " الاسماء والصفات "، وكتاب: " التفسير الكبير "، وكتاب: " النقض على ابن الراوندي "، كتاب: " الرد على ابن كلاب "، كتاب: " الرد على المنجمين "، وكتاب: " من يكفر ومن لا يكفر "، وكتاب: " شرح
الحديث "، وأشياء كثيرة.
قيل: سأل الاشعري أبا علي: ثلاثة أخوة، أحدهم تقي، والثاني كافر، والثالث مات صبيا ؟ فقال: أما الاول ففي الجنة، والثاني ففي النار، والصبي فمن أهل السلامة.
قال: فإن أراد أن يصعد إلى أخيه ؟ قال: لا، لانه يقال [ له ]: إن أخاك إنما وصل إلى هناك بعمله.
قال: فإن قال الصغير: ما التقصير مني، فإنك ما أبقيتني، ولا أقدرتني على الطاعة.
قال: يقول الله له: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت، ولاستحقيت العذاب، فراعيت مصلحتك.
قال: فلو قال الاخ الاكبر: يا رب كما علمت حاله فقد علمت حالي، فلم راعيت مصلحته دوني ؟.
فانقطع الجبائي (1).
__________
(1) أورد هذه المناظرة السبكي في " طبقاته " 3 / 356، وقال: هذه مناظرة شهيرة، وقد حكاها شيخنا الذهبي، وهي دامغة لاصل من يقلده، لان الذي يقلده يقول: إن الله لا يفعل شيئا إلا بحكمة باعثة له على فعله، ومصلحة واقعة، وهو من المعتزلة في هذه المسألة، فلو يدري شيخنا هذا، لاضرب عن ذكر هذه المناظرة صفحا.
قلت: في كلام السبكي هذا مؤاخذات، فقوله " وهي دامغة لاصل من يقلده " يعني به شيخ الاسلام ابن تيمية، وهذا محض اقتراء على الذهبي، " فإنه وإن كان شديد الاعجاب به، كثير التنويه بعلمه وفضله، قوي الاعتداد بمنهجه القائم على الاخذ بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الثابتة، والاعتصام بهما، وفهمهما على النحو الذي فهمه السلف لم يكن معه على وفاق تام، فأحيانا يأخذ برأيه ويوافقه، وتارة يخطئة ويرد عليه ويقسو في الرد شأن العالم المتبصر المستقل الذي يرى أن كل أحد من أهل العلم يؤخذ من قوله ويترك، فكان ماذا ؟ ! = (*)

(14/184)


103 - أبو قصي * المحدث العالم، أبو قصي إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن
إسماعيل بن مسروق العذري.
حدث عن: أبيه، وعمه عبد الله، وعن سليمان بن بنت شرحبيل، وزهير بن عباد.
حدث عنه: أبو سعيد بن الاعرابي، والحافظ أبو علي النيسابوري،
__________
وقوله: " وهو من المعتزلة في هذه المسألة " فرية بلا مرية، فإنه رحمه الله متابع في هذه المسألة جمهور أهل السنة، والنصوص الكثيرة الوفيرة تشهد لما انتهى إليه.
فهل يكون مجانبا للصواب، ومعدودا من المعتزلة في هذه المسألة من يقول: إن لله تعالى حكمة تتعلق به يحبها ويرضاها، ويفعل لاجلها، فهو سبحانه يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها، وهو يلعم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه، وقد لا يعلمون ذلك، والامور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة، ورحمة عامة كإرساله محمدا صلى الله عليه وسلم، فإنه كما قال تعالى (وما أرسناك إلا رحمة للعالمين) وما يشاهد في الوجود من الضرر، فلا بد فيه من حكمة كما قال تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شئ) وكما قال (الذي أحسن كل شئ خلقه) والضرر الذي تحصل به حكمة مطلوبة لا يكون شرا مطلقا وإن كان شرا بالنسبة إلى من تضرر به، وكلما ازداد العبد علما وإيمانا، ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله، وتبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) راجع " مجموعة الرسائل والمسائل " 5 / 122 وما بعدها..وقوله: " فلو يدري شيخنا هذا لاضرب عن ذكر هذه المناظرة صفحا " اتهام للذهبي شيخه بسوء الفهم، وله من ذلك غير ما عبارة، والشيخ الذهبي ليس بحاجة إلى التدليل على جودة ذكائه، ووفور حفظه وفهمه للنصوص على الوجه الصحيح، وقدرته الفائقة على صوغها بأسلوبه الواضح العري عن الغموض والالتواء، فإن في كتابه هذا وغيره من مؤلفاته الكثير من ذلك، ولكن السبكي وهو لا يرى الحق إلا في ما انتهى إليه الاشاعرة يتجاهل كل ما ذكرت، وينعت شيخه بسوء الفهم، وأنه يدون ما لا يدري، وأنه لا خبرة له بمدلولات الالفاظ بدافع الحقد
والتعصب، وبالرجوع إلى ما كتب في مقدمة هذا الكتاب، وإلى ما كتبه السخاوي في الاعلان بالتوبيخ ص 76، 77 يتبين للقارئ الكريم أن ما يقوله السبكي في حق شيخه الذهبي مرفوض لانه صادر عن هوى وتعصب.
* تبصير المنتبه: 3 / 1000، والعذري: نسبة إلى عذرة بن سعد بن هذيم.
(*)

(14/185)


والطبراني، وابن عدي، وأبو عمر بن فضالة، وآخرون.
قيل: كان أصم.
مات سنة اثنتين وثلاث مئة بدمشق.

104 - ابن قيراط * الشيخ العالم المحدث، أبو علي، إسماعيل بن محمد بن عبيد الله ابن قيراط العذري الدمشقي.
حدث عن: سليمان بن بنت شرحبيل، وحرملة بن يحيى، وصفوان ابن صالح، وإبراهيم بن المنذر، وهشام بن عمار، وطبقتهم.
وكان صاحب رحلة ومعرفة.
حدث عنه: ابن جوصاء، وأبو عوانة، وخيثمة بن سليمان، وعلي بن أبي العقب، وابن هارون، وأبو عمر بن فضالة، والطبراني، وخاتمتهم أبو أحمد بن الناصح.
مات سنة سبع وتسعين ومئتين.

105 - ابن أبي غيلان * * الشيخ المحدث المتقن، أبو حفص، عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان الثقفي البغدادي.
سمع علي بن الجعد، وداود بن عمرو الضبي، وأبا إبراهيم
الترجماني، وطائفة.
__________
* تبصير المنتبه: 3 / 1000.
* * تاريخ بغداد: 11 / 224، العبر: 2 / 144.
(*)

(14/186)


حدث عنه: إسحاق النعالي، وابن عدي، وأبو حفص بن الزيات، وأبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وخلق سواهم.
وثقه الخطيب (1) وقال: توفي سنة تسع وثلاث مئة.
قلت: مات في عشر المئة.
يقع حديثه عاليا لنا بإجازة، ولشيخنا أبي الحجاج اللغوي بالسماع المتصل.

106 - الصفار * الشيخ المسند العالم، أبو محمد، خالد بن محمد بن خالد بن كولخش الختلي الصفار.
سمع بشر بن الوليد، ويحيى بن معين، وأبا إبراهيم الترجماني، وطائفة.
حدث عنه: محمد بن أحمد المفيد، وعلي بن لؤلؤ الوراق، وعلي بن عمر الحربي، وغيرهم.
قال الدارقطني: صالح.
وقد ذكر المفيد وهو تالف (2) أنه سمع من هذا الشيخ تفسير حديث
__________
(1) في " تاريخه " 11 / 224.
* تاريخ بغداد: 8 / 318 317.
(2) قال المؤلف في " العبر " 3 / 8: " أبو بكر المفيد، محمد بن أحمد بن محمد بن
يعقوب، كان يفهم ويحفظ ويذاكر، وهو بين الضعف ".
وانظر أيضا " ميزان الاعتدال " 3 / 461 460.
(*)

(14/187)


سمعة من أبي عبيد القاسم بن سلام.
مات سنة عشر وثلاث مئة، عاش بضعا وتسعين سنة.

107 - ابن مندة * الامام الكبير الحافظ المجود، أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن مندة، واسم مندة: إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار (1) بن جهار بخت العبدي مولاهم الاصبهاني، جد صاحب التصانيف الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد.
ولد في حدود العشرين ومئتين في حياة جدهم مندة.
سمع إسماعيل بن موسى السدي، وعبد الله بن معاوية الجمحي، ومحمد بن سليمان لوين، وأبا كريب محمد بن العلاء، وهناد بن السري، ومحمد بن بشار، وأبا سعيد الاشج، وأحمد بن الفرات، وطبقتهم بالكوفة والبصرة وأصبهان، وجمع وصنف.
حدث عنه: القاضي أبو أحمد العسال، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب، وولده إسحاق بن محمد، وخلق سواهم من شيوخ أبي نعيم الحافظ، الذين لقيهم بأصبهان.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 224 222، الاكمال لابن ماكولا: 1 / 331، طبقات الحنابلة: 1 / 328، وفيات الاعيان: 4 / 289، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 127 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 742 741، العبر: 2 / 120، الوافي
بالوفيات: 5 / 189، مرآة الجنان: 2 / 238، النجوم الزاهرة: 3 / 184، طبقات الحفاظ: 313، شذرات الذهب: 2 / 234.
(1) كذا الاصل، وهو كذلك في " ذكر أخبار أصبهان "، وقد ورد في " التذكرة ": اسبندار.
(*)

(14/188)


وكان ينازع الحافظ أحمد بن الفرات، ويذاكره، ويرادده وهو شاب.
قال أبو الشيخ في " تاريخه ": هو أستاذ شيوخنا وإمامهم، أدرك سهل بن عثمان.
قلت: سهل من شيوخ مسلم، مات سنة نيف وثلاثين ومئتين (1).
قال أبو الشيخ: ومات ابن مندة في رجب سنة إحدى وثلاث مئة.
أخبرنا محمد بن يوسف المقرئ: أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن الحافظ محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة، أخبرنا أبي وعماي قالوا: أخبرنا أبونا أبو عبد الله، أخبرنا أبي، حدثني أبي، حدثنا سعيد بن عنبسة، حدثنا بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن أبي زياد قال: سألت عائشة عن أكل البصل، فقالت: " آخر طعام أكله النبي صلى الله عليه وسلم فيه بصل ".
هذا حديث غريب صالح الاسناد، رواه الامام أحمد بن حنبل في مسنده (2)، عن حيوة بن شريح، عن بقية.
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر: أخبرنا ابن خليل، أخبرنا أبو المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن بحيى بن مندة، حدثنا أبو بكر بن أبي النضر، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو عقيل الثقفي، حدثنا مجالد، حدثنا عون بن عبد الله
__________
(1) ذكره المؤلف في " العبر " 1 / 414 في وفيات سنة 233، وهو مترجم في " التذكرة " 2 / 453 452.
(2) 6 / 89، وأبو داود (3829) في الاطعمة: باب في أكل الثوم، وقد صرح بقية بالتحديث عند أحمد.
وأبو زياد وهو خيار بن سلمة لم يوثقه غير ابن حيان.
(*)

(14/189)


ابن عتبة، عن أبيه قال: " ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى قرأ وكتب " (1).
قلت: لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم كتب شيئا، إلا ما في " صحيح البخاري " من أنه يوم صلح الحديبية كتب اسمه " محمد بن عبد الله " (2).
واحتج بذلك القاضي أبو الوليد الباجي (1)، وقام عليه طائفة من فقهاء الاندلس بالانكار، وبدعوه حتى كفره بعضهم.
والخطب يسير، فما خرج عن كونه أميا بكتابة اسمه الكريم، فجماعة من الملوك ما علموا من الكتابة سوى مجرد العلامة، وما عدهم الناس بذلك كاتبين، بل هم أميون، فلا عبرة بالنادر، وإنما الحكم للغالب، والله تعالى فمن حكمته لم يلهم نبيه تعلم الكتابة، ولا قراءة الكتب حسما لمادة المبطلين، كما قال تعالى: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) [ العنكبوت: 48 ] ومع هذا فقد افتروا وقالوا: (أساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه) [ الفرقان: 5 ] فانظر إلى قحة المعاند، فمن الذي كان بمكة وقت المبعث يدري أخبار الرسل والامم الخالية ؟ ما كان بمكة أحد بهذه الصفة أصلا.
ثم ما المانع من تعلم النبي صلى الله عليه وسلم كتابة اسمه واسم أبيه مع فرط ذكائه، وقوة فهمه، ودوام مجالسته لمن يكتب بين يديه الوحي والكتب إلى ملوك الطوائف، ثم هذا خاتمة في يده،
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف مجالد وهو ابن سعيد الهمداني الكوفي، وأورده الحافظ في " الفتح " 7 / 378 386 وقد تحرف فيه مجالد إلى مجاهد، ونسبه لابن أبي شيبة،
وضعفه.
(2) انظر البخاري: 5 / 223 في الصلح: باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان فلان بن فلان، و 7 / 386 في المغازي: باب عمرة القضاء.
(3) هو الحافظ العلامة، سليمان بن خلف بن سعد التجيبي المالكي الاندلسي الباجي، كان من كبار علماء الاندلس وحفاظها، رحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربع مئة، ثم عاد إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلم جم، وولي قضاء أماكن، وصنف التصانيف الكثيرة.
ترجمه المؤلف في " التذكرة " 3 / 1178، وانظر في ترجمته أيضا " معجم الادباء " 11 / 251 246، و " وفيات الاعيان " 2 / 409 408.
(*)

(14/190)


ونقشه: محمد رسول الله (1)، فلا يظن عاقل، أنه عليه السلام ما تعقل ذلك، فهذا كله يقتضي أنه عرف كتابة اسمه واسم أبيه، وقد أخبر الله بأنه صلوات الله عليه ما كان يدري ما الكتاب ؟ ثم علمه الله تعالى ما لم يكن يعلم.
ثم الكتابة صفة مدح، قال تعالى: (الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم) [ العلق: 5 4 ] فلما بلغ الرسالة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، شاء الله لنبيه أن يتعلم الكتابة النادرة التي لا يخرج بمثلها عن أن يكون أميا، ثم هو القائل: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " (2).
فصدق إخباره بذلك، إذ الحكم للغالب، فنفى عنه وعن [ أمته ] الكتابة والحساب لندور ذلك فيهم وقلته، وإلا فقد كان فيهم كتاب الوحي وغير ذلك، وكان فيهم من يحسب، وقال تعالى: (ولتعلموا عدد السنين والحساب) [ الاسراء: 12 ].
ومن علمهم الفرائض، وهي تحتاج إلى حساب وعول، وهو عليه السلام فنفى عن الامة الحساب، فعلمنا أن المنفي كمال علم ذلك ودقائقه
التي يقوم بها القبط والاوائل، فإن ذلك ما لم يحنج إليه دين الاسلام ولله الحمد، فإن القبط عمقوا في الحساب والجبر، وأشياء تضيع الزمان.
وأرباب
__________
(1) أخرجه البخاري: 10 / 273 في اللباس: باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشئ أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم، ومسلم (2092) (56) في اللباس والزينة: باب اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما لما أن يكتب إلى العجم، كلاهما من طريق شعبة عن قتادة، عن أنس قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، فقيل له: إنهم لن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، ونقشه: محمد رسول الله.
فكأنما إنظر إلى بياضه في يده.
(2) أخرجه البخاري: 4 / 108 في الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكتب ولا نحسب، ومسلم (1080) (15) في الصيام: باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، من طريق شعبة، عن الاسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو بن سعيد، عن ابن عمر رضي الله عنهما..وتمامة: الشهر هكذا وهكذا يعني: مرة تسعا وعشرين، ومرة ثلاثين ".
(*)

(14/191)


الهيئة تكلموا في سير النجوم والشمس والقمر، والكسوف والقران (1) بأمور طويلة لم يأت الشرع بها، فلما ذكر صلى الله عليه وسلم الشهور ومعرفتها، بين أن معرفتها ليست بالطرق التي يفعلها المنجم وأصحاب التقويم، وأن ذلك لا نعبأ به في ديننا، ولا نحسب الشهر بذلك أبدا.
ثم بين أن الشهر بالرؤية فقط، فيكون تسعا وعشرين، أو بتكملة ثلاثين (2)، فلا نحتاج مع الثلاثين إلى تكلف رؤية.
وأما الشعر: فنزهه الله تعالى عن الشعر، قال تعالى: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) [ يس: 69 ] فما قال الشعر مع كثرته وجودته في قريش، وجريان قرائحهم به، وقد يقع شئ نادر في كلامه عليه السلام
موزونا، فما صار بذلك شاعرا قط، كقوله: أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبدالمطلب (3) وقوله: هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت (4)
__________
(1) يعني قران الكواكب.
انظر " اللسان " مادة " قرن ".
(2) انظر تخريج الحديث السابق.
(3) قطعة من خبر مطول أخرجه البخاري: 8 / 24 في المغازي: باب قول الله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) ومسلم (1776) في الجهاد والسير: باب في غزوة حنين.
وانظر " سيرة ابن هشام " 2 / 444 و 445.
(4) أخرجه البخاري: 6 / 14 في الجهاد: باب من ينكب أو يطعن في سبيل الله، ومسلم (1796) في الجهاد والسير: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذي المشركين والمنافقين، من طريق أبي عوانة عن الاسود بن قيس، عن جندب بن سفيان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض المشاهد، وقد دميت أصبعه فقال: هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت (*)

(14/192)


ومثل هذا قد يقع في كتب الفقه والطب وغير ذلك مما يقع اتفاقا، ولا يقصده المؤلف ولا يشعر به، أفيقول مسلم قط: إن قوله تعالى: (وجفان كالجوابي (1)، وقدور راسيات) [ سبأ: 13 ] هو بيت ؟ ! معاذ الله ! وإنما صادف وزنا في الجملة، والله أعلم.

108 - الانماطي * الامام الحافظ المحقق، أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق بن يوسف النيسابوري الانماطي، صاحب التفسير الكبير.
سمع إسحاق بن راهويه، وعبد الله بن عمر بن الرماح، ومحمد بن رافع، وعدة ببلده، ومحمد بن حميد وطائفة بالري، وعمرو بن علي، وحميد ابن مسعدة، وجماعة بالبصرة، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا كريب بالكوفة، ومحمد بن يحيى العدني، وعبد الله بن عمران العابدي بمكة، ومحمد بن سليمان لوينا، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ببغداد.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن يعقوب بن الاخرم، ويحيى بن محمد العنبري، وآخرون.
وعاش نيفا وثمانين سنة، مات في سنة ثلاث وثلاث مئة، وكان من علماء الاثر، رحمه الله.
__________
(1) قراها ابن كثير ساء في الوصل والوقف، وقرأ أبو عمرو، وورش بياء في الوصل خاصة، وحذفها الباقون في الوصل والوقف.
انظر " الكشف عن وجوه القراءات السبع " 2 / 209.
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 701، العبر: 2 / 126 125، طبقات الحفاظ: 304، طبقات المفسرين للداودي: 1 / 6 5، شذرات الذهب: 2 / 242.
(*)

(14/193)


ما عرفت أنه وقع لي حديثه عاليا بعد.

109 - المهلبي * شيخ الشافعية بجرجان، العلامة الفقيه القدوة، أبوعمران، إبراهيم ابن هانئ بن خالد المهبلي الجرجاني.
سمع من أبي محمد الدارمي، وأحمد بن منصور الرمادي، وطائفة.
وعنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وإبراهيم بن موسى
السهمي، وآخرون.
وتفقه به الاسماعيلي وأهل البلد.
مات سنة إحدى وثلاث مئة.

110 - السمناني * * الامام الحافظ الكبير الصادق، أبو الحسين، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يونس السمناني.
سمع إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، وعيسى بن زغبة، ومحمد ابن حميد الرازي، وأبا كريب، وبركة الحلبي، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وطبقتهم وكان واسع الرحلة، غزير الفضيلة، حسن التصنيف.
روى عنه: علي بن حمشاذ، وأبو عمرو بن مطر، وأبو أحمد بن عدي،
__________
* تاريخ جرجان: 92 91، الانساب: 546 / ب، اللباب: 3 / 276.
* * مختصر طبقات علماء الا حديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 2، تذكرة الحفاظ.
2 / 718، العبر: 2 / 126، طبقات الحفاظ: 309، شذرات الذهب: 2 / 242 (*)

(14/194)


وأبو بكر الاسماعيلي، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبو عمرو بن حمدان وآخرون.
قال ابن عدي (1): بلغني عن صالح بن محمد جزرة: أنه وقف على حلقة أبي الحسين السمناني وهو يروي عن بركة بن محمد الحلبي يعني مناكير فقال صالح: يا أبا الحسين ! ليس ذا بركة، ذا نقمة.
قال أبو النضر محمد بن محمد: أنشدنا أبو الحسين عبد الله بن محمد السمناني لنفسه:
ترى المرء يهوى أن تطول حياته * وطول البقا ما ليس يشفي له صدرا ولو كان في طول البقاء صلاحنا * إذا لم يكن إبليس أطولنا عمرا مات أبو الحسين الحنظلي السمناني في سنة ثلاث وثلاث مئة.
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا تميم بن أبي سعيد، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو عمرو ابن حمدان، حدثنا عبد الله بن محمد السمناني، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا بقية، حدثني يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك من صلاة الجمعة أو غيرها يعني ركعة فقد أدرك الصلاة ".
صحيح غريب (2).
__________
(1) في " كامله " ؟ / 39 / أ، وقد تقدم الخبر في ترجمة صالح بن محمد جزرة ص 23 من هذا الجزء.
(2) وأخرجه ابن ماجه (1123) في إقامة الصلاة باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، ؟ ؟ طريق عمرو بن عثمان، عن بقية به.
(*)

(14/195)


111 - ابن الجرجرائي * المحدث الحجة، أبو الفضل، جعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي.
حدث ببغداد عن جده محمد بن الصباح، وعن بشر بن معاذ العقدي، وأبي مصعب الزهري، وطائفة.
حدث عنه: محمد بن المظفر، وأبو حفص بن الزيات، ومحمد بن الشخير، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
توفي سنة تسع وثلاث مئة، وقد قارب التسعين.

112 - المخرمي * * المحدث المعمر، أبو إسحاق، إبراهيم ابن المحدث عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي (1) البغدادي.
حدث عن: عبيد الله بن عمر القواريري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وطبقتهما.
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 206 205، الانساب: 126 / ب، المنتظم: ؟ / 160.
* * تاريخ بغداد: 6 / 125 124، الانساب: 513 / ب، المنتظم: 6 / 140 139، العبر: 2 / 127، ميزان الاعتدال: 1 / 42 41، لسان الميزان: 1 / 73 72، شذرات الذهب: 2 / 243.
(1) بضم الميم، وفتخ الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة: نسبة إلى المخرم، محلة ببغداد مشهورة انظر " أنساب السمعاني " 513 / ب، و " معجم البلدان " 5 / 72 71.
(*)

(14/196)


روى عنه: الاسماعيلي، وأبو حفص الزيات، وعبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وآخرون.
قال أبو بكر الاسماعيلي: صدوق.
وأما الدارقطني فقال: ليس بثقة، حدث عن ثقات بأحاديث باطلة.
قلت: توفي سنة أربع وثلاث مئة، في شهر رمضان منها.
وفيها متت إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي.
وصاحب المغرب زيادة الله بن الاغلب بالرملة فارا من المهدي.
وطريف بن عبيد الله الموصلي.
والقاسم بن الليث الرسعني.
ويموت بن المزرع الاخباري.
ويوسف بن الحسين الرازي الزاهد.

113 - الساجي * الامام الثبت الحافظ، محدث البصرة وشيخها ومفتيها، وأبو يحيى،
__________
* الجرح والتعديل: 3 / 601، فهرست ابن النديم: 300، طبقات العبادي: 61، طبقات الشيرازي: 104، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 123 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 710 709، العبر: 2 / 134، دول الاسلام: 1 / 186، ميزان الاعتدال: 2 / 79، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 301 299، طبقات الاسنوي: 2 / 22، البداية والنهاية: 11 / 131، تهذيب التهذيب: 3 / 334، لسان الميزان: 2 / 489 488، طبقات الحفاظ: 307 306، خلاصة تذهيب التهذيب: 122، طبقات ابن هداية الله: 44، شذرات الذهب: 2 / 251 250، الرسالة المستطرفة: 148، طبقات الاصوليين: 1 / 167.
(*)

(14/197)


زكريا بن يحيى بن عبدالرحمن بن بحر بن عدي عبدالرحمن بن أبيض بن الديلم بن باسل بن ضبة الضبي البصري الشافعي.
سمع طالوت بن عباد، وأبا الربيع الزهراني، وعبيد الله بن معاذ العنبري، وعبد الواحد بن غياث، و عبدالاعلى بن حماد النرسي، ومحمد بن أبي الشوارب، وأبا كامل الجحدري، وموسى بن عمر الجاري، وسليمان بن داود المهري، وهدبة بن خالد القيسي، ومحمد بن موسى الحرشي، ومحمد ابن بشار، ووالده يحيى الساجي، وخلقا بالبصرة.
ولم يرحل فيما أحسب.
حدث عنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وعبد الله بن محمد بن السقاء الواسطي، وأبو الحسن علي بن إسماعيل المتكلم، ويوسف
ابن يعقوب البختري، وأبو القاسم الطبراني، وأبو عمرو بن حمدان، والقاضي يوسف الميانجي، وعلي بن لؤ لؤ الوراق، وأبو الشيخ بن حيان، وخلق سواهم.
وكان من أئمة الحديث.
أخذ عنه أبو الحسن الاشعري مقالة السلف في الصفات، واعتمد عليها أبو الحسن في عدة تآليف.
وقال الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الشافعية " (1): ومنهم زكريا بن يحيى الساجي، أخذ عن الربيع والمزني، وله كتاب: " اختلاف العلماء " (2)،
__________
(1) ص 104.
(2) في " الطبقات ": اختلاف الفقهاء.
(*)

(14/198)


وكتاب " علل الحديث ".
قلت: وللساجي مصنف جليل في علل الحديث يدل على تبحره وحفظه، ولم تبلغنا أخباره كما في النفس، وقد هم بمن أدخل عليه، فقال الخليلي، سمعت عبدالرحمن بن أحمد الشيرازي الحافظ يقول: سألت ابن عدي عن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن مندة، فقال: كنا بالبصرة عند زكريا الساجي، فقرأ عليه إبراهيم حديثين، عن أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، عن عمه، عن مالك، فقلت: هما عن يونس، فأخذ الساجي كتابه، فتأمل وقال لي: هو كما قلت.
وقال لابراهيم: ممن أخذت هذا ؟ فأحال على بعض أهل البصرة، قال: علي بصاحب الشرطة حتى أسود وجه هذا.
فلكموه حتى عفا عنه، ومزق الكتاب.
مات بالبصرة سنة سبع وثلاث مئة وهو في عشر التسعين، رحمه الله.
قرأت على أبي الفضل بن عساكر، عن عبد المعز بن محمد الصوفي: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن أبي جعفر قال: أخبرنا أبويحيى زكريا بن يحيى الساجي وما كتبت عنه إلا هذا الحديث الواحد حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا سليم بن حيان، عن حميد بن هلال، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعن أحدا يمر بين يديه، فإن أبى فليدفعه، فإن معه شيطانا ".
صحيح غريب، تفرد به حميد بن هلال.
أخرجه الشيخان (1) من طريق
__________
(1) البخاري: 1 / 481 480 في سترة المصلي: باب يرد المصلي من مر بين يديه، = (*)

(14/199)


يونس بن عبيد، وسليمان بن المغيرة، عن حميد به.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن: أخبرنا ابن قدامة، وأخبرنا أبو جعفر السلمي، أخبرنا البهاء عبدالرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل، أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب القاضي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن السقاء، حدثنا زكريا الساجي، حدثنا محمد بن موسى الحرشي، حدثنا عامر بن يساف اليمامي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا هريرة ! ألا أخبرك بأمر هو حق، من تكلم به بعد الموت فقد نجا ؟ " فذكر حديثا منكرا (1)، وعامر ضعيف الحديث.
__________
ومسلم (505) في الصلاة: باب منع المار بين يدي المصلي، وأخرجه أيضا أبو داود (700) بلفظ: " إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان ".
وقد رقع في رواية للاسماعيلي فيما
قاله الحافظ " فإن معه الشيطان " ونحوه لمسلم برقم (506) من حديث ابن عمر بلفظ: " فإن معه القرين ".
(1) الخبر في " كامل ابن عدي " الورقة 266 / ب من طريق أبي نصر التمار، عن عامر به.
ونصه بتمامه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا هريرة ألا أحدثك بأمر هو حق من تكلم [ به ] في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار ؟ " قال: قلت: بلى بأبي وأمي أنت يا رسول الله.
قال: " فاعلم أنك إذا أصبحت لم تمس، وإذا أمسيت لم تصبح، وأنك إذا فعلت ذلك في أول مرضك من مضجعك نجاك الله من النار، أن تقول: لا إله إلا الله، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، سبحان الله رب العباد، والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على كل حال، الله أكبر كبيرا، كبرياء ربنا وجلالته وقدرته بكل مكان، اللهم إن أنت أمرضتني لتقبض روحي في أول مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى، وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى.
فإن مت في مرضك ذلك فلك رضوان الله عزوجل الجنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن اقترفت ذنوبا تاب الله عليك ".
(*)

(14/200)


114 - ابن سريج * الامام، شيخ الاسلام، فقيه العراقين (1)، أبو العباس، أحمد بن عمر ابن سريج البغدادي، القاضي الشافعي، صاحب المصنفات.
ولد سنة بضع وأربعين ومئتين، وسمع في الحداثة، ولحق أصحاب سفيان بن عيينة، ووكيع.
فسمع من: الحسن بن محمد الزعفراني تلميذ الشافعي، ومن علي بن إشكاب، وأحمد بن منصور الرمادي، وعباس بن محمد الدوري، وأبى يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار، وعباس بن عبد الله الترقفي، وأبي داود السجستاني، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، والحسن بن مكرم، وحمدان بن علي الوراق، ومحمد بن عمران الصانغ،
وأبي عوف البزوري، وعبيد بن شريك البزار، وطبقتهم.
وتفقه بأبي القاسم عثمان بن بشار الانماطي الشافعي، صاحب المزني، وبه انتشر مذهب الشافعي، ببغداد، وتخرج به الاصحاب.
وحدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني، وغيرهم.
__________
* فهرست ابن النديم: 300 299، طبقات العبادي: 62، تاريخ بغداد: 4 / 290 287، طبقات الشيرازي: 109 108، المنتظم: 6 / 150 149، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 252 251، وفيات الاعيان: 1 / 67 66، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 139 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 813 811، العبر: 2 / 132، دول الاسلام: 1 / 187 185، الوافي بالوفيات: 7 / 261 260، مرآة الجنان: 2 / 248 246، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 39 21، طبقات الاسنوي: 2 / 21 20، البداية والنهاية: 11 / 129، النجوم الزاهرة: 3 / 194، طبقات الحفاظ: 338، مفتاح السعادة: 2 / 174، شذرات الذهب: 2 / 248 247، طبقات الاصوليين: 1 / 166 165.
(1) يعني: البصرة والكوفة.
(*)

(14/201)


يقع لي من عالي روايته في جزء الغطريفي.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم: أنبأنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا علي بن عبد السلام، أخبرنا الامام أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " (1) قال: كان يقال لابن سريج: الباز الاشهب.
ولي القضاء بشيراز، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي، حتى على المزني.
وإن فهرست كتبه كان يشتمل على أربع مئة مصنف، وكان الشيخ أبو حامد الاسفراييني يقول: نحن نجري مع
أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه.
نفيه على أبي القاسم الانماطي، وأخذ عنه خلق، ومنه انتشر المذهب.
وقال أبو علي بن خيران: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: رأيت كأنما مطرنا كبريتا أحمر، فملات أكمامي وحجري، فعبر لي: أن أرزق علما عزيزا كعزة الكبريت الاحمر.
وقال أبو الوليد: الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام.
وقال الحاكم (2): سمعت حسان بن محمد يقول: كنا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاث مئة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد يعني للامة أمر دينها (3)، وإن الله تعالى بعث على رأس المئة عمر بن عبد العزيز، [ وبعث
__________
(1) ص 109.
(2) في " مستدركه " 4 / 523 522، وما بين حاصرتين منه.
والخبر مع أبياته أيضا في " تاريخ بغداد " 4 / 289، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 813 812.
(3) أخرجه أبو داود (4291) في أول كتاب الملاحم: باب ما يذكر في قرن المئة، والحاكم: 4 / 522، والخطيب في " تاريخه " 2 / 61 من طرق عن ابن وهب، عن سعيد بن = (*)

(14/202)


على رأس المئتين محمد بن إدريس الشافعي ] وبعثك على رأس الثلاث مئة، ثم أنشأ يقول: اثنان قد ذهبا فبورك فيهما * عمر الخليفة ثم حلف السؤدد الشافعي الالمعي (1) محمد * إرث النبوة وابن عم محمد أبشر أبا العباس إنك ثالث * من بعدهم سقيا لتربة أحمد
قال: فصاح أبو العباس، وبكى، وقال: لقد نعى إلي نفسي.
قال حسان الفقيه: فمات القاضي أبو العباس تلك السنة.
قلت: وقد كان على رأس الاربع مئة الشيخ أبو حامد الاسفراييني، وعلى رأس الخمس مئة أبو حامد الغزالي، وعلى رأس الست مئة الحافظ عبد الغني، وعلى رأس السبع مئة شيخنا أبو الفتح ابن دقيق العيد.
وإن جعلت " من يجدد " لفظا يصدق على جماعة وهو أقوى فيكون على رأس المئة عمر بن عبد العزيز خليفة الوقت، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو قلابة، وطائفة.
وعلى رأس المئتين مع الشافعي يزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي، وأشهب الفقيه، وعدة.
وعلى رأس الثلاث مئة مع ابن سريج أبو عبد الرحمن النسائي، والحسن بن سفيان، وطائفة.
وممن مات في سنة ست مسند بغداد أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وشيخ الصوفية أبو عبد الله بن الجلاء أحمد بن يحيى
__________
= أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة.
وإسناده صحيح.
(1) رواية " المستدرك ": الابطحي.
(*)

(14/203)


بالشام، والمحدث حاجب بن أركين الفرغاني، والحافظ عبدان بن أحمد بن موسى الاهوازي، والمحدث علي بن إسحاق بن زاطيا المخرمي، والقاضي محمد بن خلف وكيع الاخباري، ومحدث قزوين أبو عبد الله محمد بن مسعود بن الحارث الاسدي، ومفتي الشافعية بمصر أبو الحسن منصور بن إسماعيل الضرير.
أخبرنا أبو محمد بن أبي عمر إذنا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أحمد ابن محمد، ومحمد بن عبدا لباقي قالا: أخبرنا طاهر بن عبد الله، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد، حدثنا أبو العباس بن سريج، حدثنا علي بن إشكاب، حدثنا أبو بدر، حدثنا عمر بن ذر، حدثنا أبو الرصافة الباهلي من أهل الشام: أن أبا أمامة حدث عن رسول الله قال: " ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيتوضأ عندها، فيحسن الوضوء، ثم يصلي فيحسن الصلاة إلا غفر الله له بها ما كان بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه " (1).
وبه: حدثنا ابن سريج: حدثنا الزعفراني، حدثنا وكيع، حدثنا الثوري، عن ربيعة الرأي، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة ؟ فقال: " عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها ".
(2).
__________
(1) أبو الرصافة الباهلي مجهول، وباقي رجاله ثقات.
وأبو بدر: هو شجاع بن الوليد ابن قيس السكوني.
وأخرجه أحمد في " مسنده " 5 / 260 من طريق روح بهذا الاسناد.
وللحديث شاهد من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عند البخاري: 1 / 228 في الوضوء: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، ومسلم (227) في الطهارة: باب فضل الوضوء والصلاة عقبه، ولفظه: " لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة، إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها ".
(2) إسناده صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 226 في القضاء في اللقطة، والبخاري: 5 / 61 في اللقطة: باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، = (*)

(14/204)


115 - ابن مقبل * الحافظ الامام، أبو محمد، بكر بن أحمد بن مقبل الهاشمي مولاهم
البصري.
يروي عن: عبد الله بن معاوية الجمحي، وأبي حفص الفلاس، وبندار، وعبد الملك بن هوذة بن خليفة، وطبقتهم.
وعنه: أبو القاسم الطبراني، وجماعة.
توفي سنة إحدث وثلاث مئة في رمضان.

116 - ابن الحداد * * الامام، شيخ المالكية، أبو عثمان، سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد المغربي، صاحب سحنون (1)، وهو أحد المجتهدين، وكان بحرا في الفروغ، ورأسا في لسان العرب، بصيرا بالسنن.
__________
= وباب إذا صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه، وباب من عرف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان، وفي العلم: باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، وفي الطلاق: باب حكم المفقود في أهله وماله، وفي الادب: باب ما يجوز من الغضب والشدة لامر الله.
وأخرجه مسلم (1722) في أول كتاب اللقطة، كلهم من طريق ربيعة الرأي، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة ؟ فقال: " اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " قال: فضالة الغنم ؟ قال " هي لك أو لاخيك أو للذئب " قال: فضالة الابل ؟ قال: " مالك ولها ؟ ! معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها ".
* العبر: 2 / 119 118، شذرات الذهب: 2 / 234.
* * طبقات النحويين واللغويين: 241 239، إنباه الرواة: 2 / 54 53، معالم الايمان: 2 / 315 295، العبر: 2 / 122، الوافي بالوفيات: 15 / 180 179 و 256، مرآة الجنان: 2 / 240، شذرات الذهب: 2 / 238.
(1) بفتح السين المهملة وضمها، هو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد بن حبيب..= (*)

(14/205)


وكان يذم التقليد ويقول: هو من نقص العقول، أو دناءة الهمم.
ويقول: ما للعالم وملاءمة المضاجع.
وكان يقول: دليل الضبط الاقلال، ودليل التقصير الاكثار.
وكان من رؤوس السنة.
قال ابن حارث: له مقامات كريمة، ومواقف محمودة في الدفع عن الاسلام: والذب عن السنة، ناظر فيها أبا العباس المعجوقي أخا أبي عبد الله الشيعي الداعي إلى دولة عبيد الله، فتكلم ابن الحداد ولم يخف سطوة سلطانهم، حتى قال له ولده أبو محمد: يا أبة ! اتق الله في نفسك ولا تبالغ.
قال: حسبي من له غضبت، وعن دينه ذببت.
وله مع شيخ المعتزلة الفراء مناظرات بالقيروان، رجع بها عدد من المبتدعة.
وقيل: إنه صنف في الرد على " المدونة " (1) وألف أشياء.
قال أبو بكر بن اللباد: بينا سعيد بن الحداد جالس أتاه رسول عبيد الله يعني المهدي قال: فأتيته وأبو جعفر البغدادي واقف، فتكلمت بما حضرني، فقال: اجلس.
فجلست، فإذا بكتاب لطيف، فقال لابي
__________
= التنوخي، من كبار فقهاء المالكية انتهت إليه الرئاسة في العلم بالمغرب في زمانه، وحصل له من الاصحاب والتلامذة ما لم يحصل لاحد من أصحاب مالك مثله، وعنه انتشر علم مالك في المغرب.
توفي سنة أربعين ومئتين.
وسحنون: اسم طائر حديد بالمغرب، لقب به سحنون لحدته وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر رقم الترجمة (15).
(1) قال المؤلف في " العبر " 2 / 122 في معرض ترجمته لابن الحداد: " وأخذ يسمي " المدونة ": " المدودة ".
وانظر حول تصنيف " المدونة " ما كتبه ابن خلكان في " الوفيات "
3 / 182 181.
(*)

(14/206)


جعفر: اعرض الكتاب على الشيخ.
فإذا حديث غدير خم (1).
قلت: وهو صحيح، وقد رويناه.
فقال عبيد الله: فما للناس لا يكونون عبيدنا ؟ قلت: أعز الله السيد، لم يرد ولاية الرق، بل ولاية الدين، قال: هل من شاهد ؟ قلت: قال الله تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله) [ آل عمران: 79 ] فما لم يكن لنبي الله لم يكن لغيره.
قال: انصرف لا ينالك الحر.
فتبعني البغدادي فقال: اكتم هذا المجلس.
وقال موسى بن عبد الرحن القطان: لو سمعتم سعيد بن الحداد في تلك المحافل يعني مناظرته للشيعي وقد اجتمع له جهارة الصوت، وفخامة المنطق، وفصاحة اللسان، وصواب المعاني، لتمنيتم أن لا يسكت.
وقل: إن ابن الحداد تحول شافعيا من غير تقليد، ولا يعتقد مسألة إلا بحجة.
وكان حسن البزة، لكنه كان يتوقت باليسير، ولم يحج، وكان كثير الرد على الكوفيين.
__________
(1) أخرج الامام أحمد في " مسنده " 2 / 372 عن سفيان، ثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ميمون قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بواد يقال له: وادي خم، فأمر بالصلاة، فصلاها بهجير، قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فقال: ألستم تعلمون، أو لستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فإن عليا مولاه.
اللهم عاد من
عاداه، ووال من والاه ".
وإسناده صحيح، وهو في " المسند " أيضا: 4 / 364 و 370.
وفي الباب عن علي عند أحمد: 1 / 119 118، وعن البراء عند أحمد: 4 / 281، وابن ماجه (116).
وانظر حول غدير خم " معجم البلدان " 2 / 390 389.
(*)

(14/207)


وقيل: إنه سار لتلقي أبي عبد الله الشيعي، فقال له: يا شيخ ! بم كنت تقضي ؟ فقال إبراهيم بن يونس: بالكتاب والسنة.
قال: فما السنة ؟ قال: السنة السنة.
قال ابن الحداد: فقلت للشيعي: المجلس مشترك أم خاص ؟ قال: مشترك.
فقلت: أصل السنة في كلام العرب المثال، قال الشاعر: تريك سنة وجه غير مقرفة * ملساء ليس بها خال ولا ندب (1) أي صورة وجه ومثاله.
والسنة محصورة في ثلاث: الائتمار بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، والانتهاء عما نهى عنه، والائتساء بما فعل.
فقال الشيعي: فإن اختلف عليك النقل، وجاءت السنة من طرق ؟ قلت: أنظر إلى أصح الخبرين، كشهود عدول اختلفوا في شهادة، قال: فلو استووا في الثبات ؟ قلت: يكون أحدهما ناسخا للآخر.
قال: فمن أين قلتم بالقياس: (لعلمه الذين يستنبطونه) [ النساء: 83 ] والاستنباط غير منصوص.
ثم عطف على موسى القطان فقال: أين وجدتم حد الخمر في كتاب الله، تقول: اضربوه بالاردية وبالايدي ثم بالجريد ؟ (2).
فقلت أنا: إنما حد قياسا على حد القاذف، لانه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى (3)،
__________
(1) البيت لذي الرمة، وهو في ديوانه ص 8 من قصيدته التي مطلعها: ما بال عينك منها الماء ينسكب * كأنه من كلى مفرية سرب وقوله: سنة وجه: أي صورة وجه.
والندب: الاثر من الجراح.
(2) ثبت ذلك من حديث أنس عند البخاري: 12 / 54 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، ومسلم (1706) في الحدود: باب حد الخمر، من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين ".
(3) أخرجه مالك: 2 / 55 في الاشربة: باب الحد في الخمر، وعنه الشافعي: = (*)

(14/208)


فأوجب عليه ما يؤول إليه أمره.
قال: أو لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأقضاكم علي.
" فساق له موسى تمامه وهو: " وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأرأفكم أبو بكر، وأشدكم في دين الله عمر " (1).
قال: كيف يكون أشدهم وقد هرب بالراية يوم خيبر (2) ؟ قال موسى: ما سمعنا بهذا.
فقلت: إنما تحيز إلى فئة فليس بفار.
__________
= 2 / 304 من طريق ثور بن زيد الديلي " أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي: نرى أن نجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هدى افترى أو كما قال فجلد عمر في الخمر ثمانين ".
قال الحافظ في " تلخيص الحبير " 4 / 75: وهو منقطع، لان ثورا لم يلحق عمر بلا خلاف، لكن وصله النسائي في " الكبرى "، والحاكم: 4 / 375 من وجه آخر عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس.
ورواه عبد الرزاق (13542) عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة ولم يذكر ابن عباس.
وفي صحته نظر لما ثبت في " الصحيحين " عن أنس أن النبي صلى الله لعيه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر.
ولا يقال: يحتمل أن يكون عبدالرحمن وعلي أشارا بذلك جميعا، لما ثبت في صحيح مسلم (1707) (38) من طريق حضين بن المنذر أبي ساسان قال: شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم ؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران: أنه شرب الخمر، وشهد آخر: أنه رآه
يتقيأ.
فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها.
فقال: يا علي قم فاجلده.
فقال علي: قم يا حسن فاجلده.
فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها كأنه وجد عليه فقال: يا عبد الله ابن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين.
فقال: أمسك.
ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين.
وكل سنة، وهذا أحب إلي ".
(1) قطعة من حديث أخرجه الترمذي (3791) وابن ماجه (154) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، وإن أمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ".
وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2218) والحاكم: 3 / 422 ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
(2) كذا الاصل، وفي " معالم الايمان " حنين.
(*)

(14/209)


وقال في: (لا تحزن إن الله معنا) [ التوبة: 40 ] إنما نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن حزنه لانه كان مسخوطا.
قلت: لم يكن قوله إلا تبشيرا بأنه آمن على رسول الله وعلى نفسه، فقال أين نظير ما قلت ؟ قلت: قوله لموسى وهارون: (لا تخافا إنني معكما كسمع وأرى) [ طه: 46 ] فلم يكن خوفهما من فرعون خوفا بسخط الله.
ثم قال: يا أهل البلدة: إنكم تبغضون عليا ؟ قلت: على مبغضه لعنة الله.
فقال: صلى الله عليه.
قلت: نعم، ورفعت صوتي: صلى الله عليه وسلم، لان الصلاة في خطاب العرب الرحمة والدعاء، قال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " ؟ قلت: نعم، إلا أنه
قال: " إلا أنه لا نبي بعدي " (1).
وهارون كان حجة في حياة موسى، وعلي لم يكن حجة في حياة النبي، وهارون فكان شريكا، أفكان علي شريكا للنبي صلى الله عليه وسلم في النبوة ؟ ! وإنما أراد التقريب والوزارة والولاية.
قال: أو ليس هو أفضل ؟ قلت: أليس الحق متفقا عليه ؟ قال: نعم.
قلت: قد ملكت مدائن قبل مدينتنا، وهي أعظم مدينة، واستفاض عنك أنك لم تكره أحدا على مذهبك، فاسلك بنا مسلك غيرنا ونهضنا.
قال ابن الحداد: ودخلت يوما على أبي العباس، فأجلسني معه في مكانه وهو يقول لرجل: أليس المتعلم محتاجا إلى المعلم أبدا ؟ فعرفت أنه
__________
(1) أخرجه البخاري: 8 / 86 في المغازي: باب غزوة تبوك، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب علي بن أبي طالب، ومسلم (2404) في فضائل الصحابة: باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريق شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك.
فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ! غير أنه لا نبي بعدي ".
(*)

(14/210)


يريد الطعن على الصديق في سؤاله عن فرض الجدة (1)، فبدرت وقلت: المتعلم قد يكون أعلم من المعلم وأفقه وأفضل لقوله عليه السلام: " رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
" (2).
ثم معلم الصغار القرآن يكبر أحدهم ثم يصير أعلم من المعلم.
قال: فاذكر من عام القرآن وخاصه شيئا ؟ قلت: قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) [ البقرة: 221 ] فاحتمل المراد بها العام، فقال تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [ المائدة: 5 ] فعلمنا أن مراده بالآيد الاولى خاص، أراد: ولا
__________
(1) إشارة إلى الحديث الذي رواه مالك في " الموطأ " 2 / 54 في الفرائض: باب ميراث الجدة، وأبو داود (2894) في الفرائض: باب في الجدة، والترمذي (2102) فيه أيضا: باب ميراث الجدة وابن ماجه (2724) في الفرائض: باب ميراث الجدة، من حديث قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله من شئ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الانصاري فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر السدس.
ثم جاءت الجدة الاخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله من شئ، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئا، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها ".
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم: 4 / 338، وابن حبان (1224) وقال الحافظ في " التلخيص " 3 / 82: وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة.
(2) قطعة من حديث صحيح، أخرجه الشافعي: 1 / 14، والترمذي (2658) في العلم: باب في الحث على تبليغ السماع، من حديث ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نضر الله عبدا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ".
قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن زيد بن ثابت عند أحمد: 5 / 183، وأبي داود (3660) والترمذي (2656) وابن ماجه (230) والدارمي: 1 / 75، وقد صححه الحافظ ابن حجر وغيره.
وعن جبير بن مطعم عند أحمد: 4 / 80، وابن ماجه (231) والدارمي: 1 / 74 و 75.
وعن أبي الدرداء عند الدارمي: 1 / 76 75، وعن أنس عند أحمد: 3 / 225.
(*)

(14/211)


تنكحوا المشركات غير الكتابيات من قبلكم حتى يؤمن، قال: ومن هن المحصنات ؟ قلت: العفائف، قال: بل المتزوجات.
قلت: الاحصان في اللغة: الاحراز، فمن أحرز شيئا فقد أحصنه، والعتق يحصن المملوك لانه يحرزه عن أن يجري عليه ما على المماليك، والتزويج يحصن الفرج لانه أحرزه عن أن يكون مباحا، والعفاف إحصان للفرج.
قال: ما عندي الاحصان إلا التزويج.
قلت له: منزل القرآن يأبي ذلك، قال: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها) [ التحريم: 12 ] أي أعفته وقال: (محصنات غير مسافحات) [ النساء: 25 ] عفائف، قال: فقد قال في الاماء: (فإذا أحصن) [ النساء: 25 ] وهن عندك قد يكن عفائف.
قلت: سماهن بمتقدم إحصانهن قبل زناهن، قال تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) [ النساء: 12 ].
وقد انقطعت العصمة بالموت، يريد اللاتي كن أزواجكم، قال: يا شيخ ! أنت تلوذ قلت: لست ألوذ.
أنا المجيب لك، وأنت الذي تلوذ بمسألة أخرى، وصحت: ألا أحد يكتب ما أقول وتقول.
قال: فوقى الله شره.
وقال: كأنك تقول: أنا أعلم الناس.
قلت: أما بديني فنعم.
قال: فما تحتاج إلى زيادة فيه ؟ قلت: لا، قال: فأنت إذا أعلم من موسى إذ يقول: (هل أتبعك على أن تعلمني) [ الكهف: 66 ] قال: هذا طعن على نبوة موسى، موسى ما كان محتاجا إليه في دينه، كلا، إنما كان العلم الذي عند الخضر دنياويا: سفينة خرقها، وغلاما قتله، وجدارا أقامه، وذلك كله لا يزيد في دين موسى، قال: فأنا أسألك.
قلت: أورد وعلي الاصدار بالحق بلا مثنوية (1)، قال: ما تفسير الله ؟ قلت: ذو الالهية، قال: وما هي ؟ قلت: الربوبية، قال: وما الربوبية ؟ قلت: المالك الاشياء كلها،
__________
(1) أي: بلا استثناء.
(*)

(14/212)


قال: فقريش في جاهليتها كانت تعرف الله ؟ قلت: لا، قال: فقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله) [ الزمر: 3 ] قلت: لما أشركوا معه غيره، قالوا، وإنما يعرف الله من قال: إنه لا شريك له.
وقال تعالى: (قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون) [ الكافرون: 1 - 2 ] فلو كانوا يعبدونه ما قال: (لا أعبد ما تعبدون).
إلى أن قال: فقلت: المشركون عبدة الاصنام الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم عليا ليقرأ عليهم سورة براءة (1)، قال: وما الاصنام ؟ قلت: الحجارة، قال: والحجارة أتعبد ؟ قلت: نعم، والعزى كانت تعبد وهي شجرة، والشعرى كانت تعبد وهي نجم.
قال: فالله يقول: (أمن لا يهدي (2) إلا أن يهدى) [ يونس: 35 ] فكيف تقول: إنها الحجارة ؟ والحجارة لا تهتدي إذا هديت، لانها ليست من ذوات العقول.
قلت: أخبرنا الله أن الجلود تنطق وليست بذوات عقول، قال: نسب إليها النطق مجازا.
قلت: منزل القرآن يأبى ذلك فقال: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم) [ يس: 65 ] إلى أن قال: (قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ) [ فصلت: 21 ] وما الفرق
__________
(1) أخرج البخاري: 8 / 240 238 في أول سورة براءة، من حديث حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
قال حميد: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب، وأمره أن يؤذن ببراءة.
قال أبو هريرة: فأذن معنا علي يوم النحر في هل منى ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ".
وانظر " المسند " 2 / 299، والنسائي: 5 / 234، والطبري (16370) و (16371) و (16373) و (16375) و " المستدرك " 2 / 331، وابن كثير في " تفسيره "
2 / 332 331، والبداية: 5 / 39 36.
(2) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال المكسورة، وفي آخرها ياء، وهي قراءة حفص.
ولها أيضا قراءات متعددة انظرها في " النشر " 2 / 283.
(*)

(14/213)


بين جسمنا والحجارة ؟ ولو لم يعقلنا لم نعقل، وكذا الحجارة إذا شاء أن تعقل عقلت.
وقيل: لم ير أغزر دمعة من سعيد بن الحداد، وكان قد صحب النساك، وكان مقلا حتى مات أخ له بصقلية، فورث منه أربع مئة دينار، فبنى منها داره بمتئي دينار، واكتسى بخمسين دينارا.
وكان كريما حليما.
روى عنه ولده، أبو محمد، عبد الله شيخ ابن أبي زيد.
وكان يقول: القرب من السلطان في غير هذا الوقت حتف من الحتوف، فكيف اليوم ؟ وقال: من طالت صحبته للدنيا وللناس فقد ثقل ظهره.
خاب السالون عن الله، المتنعمون بالدنيا.
من تحبب إلى العباد بالمعاصي بغضه الله إليهم.
وقال: لا تعد لن بالوحدة شيئا، فقد صار الناس ذئابا.
وقال: ما صد عن الله مثل طلب المحامد، وطلب الرفعة.
وله: بعد سبعين * حجة وثمان * قد توفيتها من الازمان يا خليلي قد دنا الموت مني * فابكياني هديتما وانعياني قال القاضي عياض: مات أبو عثمان سنة اثنتين وثلاث مئة، وله ثلاث وثمانون سنة، رحمه الله.

(14/214)


117 - حماس * العلامة المفتي القاضي، أبو القاسم، حماس بن مروان بن سماك الهمداني المغربي.
اختلف في صغره إلى سحنون، وكان عادلا في حكمه، بصيرا بالفقه، علامة، وكان الامام يحيى بن عمر يثني على حماس ويطريه.
وقال ابن حارث: كان معدودا في العباد، صاحب تهجد وصيام، ولبس صوف، مع الفقه البارع.
وقال أبو العرب: سمع من سحنون، وابن عبدوس وغيرهما.
قيل: إنه قام من الليل، فوجد ولديه والعجوز والخادم يتهجدون، فسر بذلك.
ويؤثر عنه حكايات في زهده وقنوعه.
توفي سنة اثنتين وثلاث مئة أيضا بإفريقية.

118 - ابن البردون * * الامام الشهيد المفتي، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن البردون الضبي مولاهم الافريقي المالكي، تلميذ أبي عثمان بن الحداد.
قال القاضي عياض: كان يقول: إني أتكلم في تسعة أعشار قياس العلم (1).
__________
* معالم الايمان: 2 / 330 320، الديباج المذهب: 1 / 344 342.
* * معالم الايمان: 2 / 265 261، الديباج المذهب: 1 / 267 266.
(1) في " معالم الايمان " و " الديباج المذهب ": إني أتكلم في تسعة عشر فنا من العلم.
(*)

(14/215)


وكان مناقضا للعراقيين، فدارت عليه دوائر في أيام عبيد الله، وضرب بالسياط، ثم سعوا به عند دخول الشيعي إلى القيروان، وكانت الشيعة تميل إلى العراقيين لموافقتهم لهم في مسألة التفضيل ورخصة مذهبهم، فرفعوا إلى أبي عبد الله الشيعي: أن ابن البردون وأبا بكر بن هذيل يطعنان في دولتهم، ولا يفضلان عليا.
فحبسهما، ثم أمر متولي القيروان أن يضرب ابن هذيل خمس مئة سوط، ويضرب عنق ابن البردون، فغلط المتولي فقتل ابن هذيل، وضرب ابن البردون، ثم قتله من الغد.
وقيل لابن البردون لما جرد للقتل: أترجع عن مذهبك ؟ قال: أعن الاسلام أرجع ؟ ثم صلبا في سنة تسع وتسعين ومئتين.
وأمر الشيعي الخبيث أن لا يفتى بمذهب مالك، ولا يفتى إلا بمذهب أهل البيت، ويرون إسقاط طلاق البتة، فبقي من يتفقه لمالك إنما يتفقه خفية.
قال الحسين بن سعيد الخراط: كان ابن البردون بارعا في العلم، يذهب مذهب النظر، لم يكن في شباب عصره أقوى على الجدل وإقامة الحجة منه.
سمع من عيسى بن مسكين، ويحيى بن عمر، وجماعة.
ولما أتي به إلى ابن أبي خنزير، وقف، فقال له: يا خنزير.
فقال ابن البردون: الخنازير معروفة بأنيابها.
فغضب وضرب عنقه.
وقال محمد بن خراسان: لما وصل عبيد الله إلى رقادة (1)، طلب من القيروان ابن البردون، وابن هذيل، فأتياه وهو على السرير، وعن يمينه أبو عبد الله الشيعي، وأخوه أبو العباس عن يساره، فقال: أتشهدان أن هذا
__________
(1) كذا ضبطها ياقوت في " معجمه " 3 / 55، وقال: " بلدة كانت بإفريقية، بينها وبين القيروان أربعة أيام، وأكثرها بساتين، ولم يكن بإفريقية أطيب هواء، ولا أعدل نسيما، وأرق
تربة منها ".
(*)

(14/216)


رسول الله ؟ فقالا بلفظ واحد: والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله، ما قلنا ذلك.
فأمر بذبحهما.

119 - ابن خيرون * الامام أبو جعفر، محمد بن خيرون المعافري مولاهم القرطبي.
قال بعضهم: كنت جالسا عند ابن أبي خنزير فدخل شيخ ذو هيئة وخشوع، فبكى ابن أبي خنزير وقال: السلطان يعني عبيد الله وجه إلي يأمرني بدوس هذا حتى يموت.
ثم بطحه، وقفز عليه السودان حتى مات، لجهاده وبغضه لعبيد الله وجنده.
وكان سعى به المروذي اللعين، ولما رأى ابن أبي خنزير كثرة أذاه للعلماء، تحيل وسعى به، حتى قتله عبيد الله سنة ثلاث مئة، أو بعدها.
فيا ما لقي الاسلام وأهله من عبيد الله المهدي (1) الزنديق !
120 - الحصيري * * الحافظ الحجة القدوة، أبو محمد، جعفر بن أحمد بن نصر النيسابوري المعروف بالحصيري، أحد الاعلام.
سمع من: إسحاق بن راهويه، وأبي مصعب الزهري، وإسماعيل بن موسى السدي، وأبي مروان العثماني، وأبي كريب، وابن أبي عمر
__________
* جذوة المقتبس: 54، بغية الملتمس: 94 93.
(1) سبق التعريف به في الحاشية (2) من الصفحة (58).
* * الانساب: 169 / ب، وهو فيه (الحصري)، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 703 702، العبر: 2 / 126،
النجوم الزاهرة: 3 / 188، طبقات الحفاظ: 305 304، شذرات الذهب: 2 / 242.
(*)

(14/217)


العدني، ومحمد بن رافع، والذهلي، وخلائق.
روى عنه الحفاظ: أبو علي، وعبد الله بن سعد، ومحمد بن إبراهيم، وأبو حامد ابن الشرقي، وأحمد بن الخضر، وإسماعيل بن نجيد، وآخرون خاتمتهم أبو عمرو بن حمدان.
قرأت على محمد بن عبد السلام التميمي، عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا أبو القاسم المستملي، وتميم بن أبي سعيد قالا: أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الاديب، أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، أخبرنا جعفر بن أحمد الحافظ، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا شبابة، حدثني ورقاء، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله " (1).
قال الحاكم في " تاريخه ": الحصيري ركن من أركان الحديث في الحفظ، والاتقان، والورع.
سمع منه أخي محمد الكثير، وهو جده.
وسمعت أحمد بن الخضر الشافعي يقول: لما ورد أبو علي عبد الله بن
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 78 72 في الفتن، من طريق أبي اليمان، عن شعيب: عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم: 4 / 2239 2240 رقم الحديث الخاص (84) من طريقين عن عبدالرحمن بن مهدي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري: 6 / 454 في علامات النبوة في الاسلام، والترمذي (2218) من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام ابن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو داود (4333) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن
العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا (4334) من طريق عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(*)

(14/218)


محمد البلخي، عجز الناس عن مذاكرته لحفظه، فذاكر جعفر بن أحمد بأحاديث التمتع والحج، والافراد، والقران، فكان يسرد، فقال له جعفر: تحفظ عن سليمان التيمي، عن أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لبى بحجة وعمرة معا " (1) ؟ قال: فبقي [ واقفا ] وجعل يقول: التيمي عن أنس..فقال جعفر: حدثناه يحيى بن حبيب بن عربي: حدثنا معتمر، عن أبيه.
قال الحاكم: قال لي محمد بن أحمد السكري سبط جعفر: كان جدي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء ثلثا يصلي، وثلثا يصنف وثلثا ينام، وكان مرضه ثلاثة أيام، لا يفتر عن قراءة القرآن.
وسمعت أبا الحسن الشافعي يقول: كان أبو عمرو الخفاف حفظه أكثر من فهمه، وكان لا يقبل ممن يرد عليه غير جعفر الحافظ، فإنه كان يرجع إلى قوله.
وسمعت أحمد بن الخضر: سمعت جعفر بن أحمد يقول: كنا في مجلس محمد بن رافع تحت شجرة يقرأ علينا، وكان إذا رفع أحد صوته، أو تبسم قام ولا يراجع، فوقع ذرق طير على يدي وكتابي، فضحك خادم لاولاد طاهر بن عبد الله الامير، فنظر إليه ابن رافع، فوضع الكتاب، فانتهى الخبر إلى السلطان، فجاءني الخادم ومعه حمال على ظهره نبت سامان، فقال: والله ما أملك إلا هذا، وهو هدية لك، فإن سئلت عني فقل: لا أدري من تبسم.
فقلت: أفعل.
فلما كان الغد حملت إلى باب السلطان، فبرأت الخادم، ثم بعت السامان بثلاثين دينارا، واستعنت بذلك على
__________
(1) ذكره ابن القيم في " زاد المعاد " 2 / 116، ونسبه للبزار، وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من طرق أخرى عن أنس.
انظر " زاد المعاد " 2 / 117 وما بعدها.
(*)

(14/219)


الخروج إلى العراق، فلقبت بالحصري، وما بعت حصرا ولا آبائي (1).
قال الحاكم: توفي الحصيري سنة ثلاث وثلاث مئة.

121 - الخياط * شيخ المعتزلة البغداديين، له الذكاء المفرط، والتصانيف المهذبة، وكان قد طلب الحديث، وكتب عن يوسف بن موسى القطان وطبقته.
وهو أبو الحسين، عبدالرحيم بن محمد بن عثمان.
وكان من بحور العلم، له جلالة عجيبة عند المعتزلة، وهو من نظراء الجبائي (2).
صنف كتاب " الاستدلال "، ونقض كتاب ابن الراوندي في فضائح المعتزلة، وكتاب " نقض نعت الحكمة "، وكتاب: " الرد على من قال بالاسباب "، وغير ذلك.
لا أعرف وفاته.

122 - محمد بن محمد بن عقبه * * ابن الوليد، الامام الاوحد، أبو جعفر الشيباني الكوفي.
سمع أبا كريب، والحسن بن علي الحلواني، وطبقتهما.
__________
(1) الخبر بطوله في " أنساب السمعاني " ص 69.
* الفرق بين الفرق: 165 163، تاريخ بغداد: 11 / 87، الملل والنحل: 1 / 76، الانساب: 214 / ب، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 88 85، لسان الميزان: 4 / 9 8.
(2) سبقت ترجمته في الصفحة 183 من هذا الجزء.
* * الوافي بالوفيات: 1 / 99.
(*)

(14/220)


وعنه: الطبراني، وأبو عمرو بن حمدان، وابن المقرئ، والميانجي، وآخرون.
وكان كبير الشأن، ثقة، نافذ الكلمة، كثير النفع، انتاب الناس قبره نحو السنة، وعاش تسعا وثمانين سنة، توفي سنة تسع وثلاث مئة.

123 - شكر * الامام العالم، الحافظ المتقن، أبو عبدالرحمن، وأبو جعفر، محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان بن رجاء بن عبد الله بن الصحابي العباس بن مرداس السلمي الهروي، شكر الحافظ.
سمع محمد بن رافع القشيري، وعلي بن خشرم، وعمر بن شبة، وعلي بن حرب، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن عيسى المصري، وخلقا كثيرا.
وكان واسع الرواية، جيد التصنيف.
حدث عنه: أبو الوليد حسان بن محمد، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو بكر أحمد بن علي، وأبو عمر محمد بن جعفر بن مطر، ويحيى بن منصور، وآخرون.
قال الحاكم: حدث شكر بمرو، وطوس، وسرخس، ومرو الروذ،
__________
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 749 748، العبر: 2 / 126، الوافي بالوفيات: 5 / 67، طبقات الحفاظ: 315،
شذرات الذهب: 2 / 242.
(*)

(14/221)


وبخاري، ونيسابور حدث بها في سنة سبع وتسعين ومئتين.
ومات شكر في أحد الربيعين سنة ثلاث وثلاث مئة، وقيل: بل مات في سنة اثنتين وثلاث مئة.
وأظنه يسافر في التجارة أيضا.

124 - السراج * الامام الثقة المسند، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن أبان بن ميمون البغدادي السراج.
سمع يحيى الحماني، والحكم بن موسى، وعبيد الله القواريري، وعدة.
وعنه: علي بن لؤلؤ، وأبو حفص الزيات، ومحمد بن زيد الانصاري، وآخرون.
توفي سنة ست وثلاث مئة، وقيل: سنة خمس.

125 - المهلبي * * الامام الحافظ المفيد الثبت، أبو محمد، عبدالرحمن بن عبد المؤمن بن خالد المهلبي الازدي الجرجاني، عالم جرجان.
سمع محمد بن زنبور المكي، ومحمد بن حميد الرازي، وإبراهيم بن
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 401، المنتظم: 6 / 146، العبر: 2 / 130، شذرات الذهب: 2 / 246.
* * تاريخ جرجان: 214 213، الانساب: 546 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 757، طبقات الحفاظ:
318، شذرات الذهب: 2 / 258.
(*)

(14/222)


موسى الوزدولي، وإسماعيل بن أبي عمران، وأبو الحسن القصري، وعبد الله ابن عدي، وأبو أحمد الغطريفي، وأبو بكر الاسماعيلي، والجرجانيون.
وكان خالد جده من كبار الامراء والاعيان، وهو خالد بن يزيد بن عبد الله بن الملهب بن عيينة بن الامير المهلب بن أبي صفرة (1).
أثنى على أبي محمد أبو بكر الاسماعيلي وغيره، وكان مقدما في العلم والعمل.
وقال ابن ماكولا: كان ثقة، يعرف الحديث.
ثم قال: توفي في سلخ المحرم سنة تسع وثلاث مئة.
قلت: لعله توفي في عشر التسعين.

126 - تكين * الامير، أبو منصور التركي الخزري بخاء ثم زاي معجمتين.
ولي إمرة ديار مصر للمقتدر بعد عيسى النوشري (2)، وكان ملكا سائسا مهيبا، كبير الشأن، قدم على مصرفي شوال سنة سبع وتسعين ومئتين، وتهيأ
__________
(1) وهو مذكور في " تاريخ طبري " 6 / 540، 543، 585، و " الكامل لابن الاثير " 5 / 30، 34، 73.
* ولاة مصر للكندي: 299 286، الكامل في التاريخ: 8 / 273 وفيات الاعيان: 5 / 62، العبر: 2 / 186، دول الاسلام: 1 / 195، الوافي بالوفيات: 10 / 286، حسن المحاضرة: 1 / 596، تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، النجوم الزاهرة: 3 / 186 171، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 3 / 340.
(2) سبقت ترجمته في الصفحة (46) من هذا الجزء.
(*)

(14/223)


لامر المغرب وظهور دعاة الشيعة هناك، واهتم لذلك، وعقد لابي النمر (1) على برقة في جيش كثيف، ثم عزله بالامير خير، فالتقوا، فانهزم المصريون، ثم كتب تكين إلى عامل إفريقية يدعوه إلى الطاعة سنة ثلاث مئة لا ثم أقبل حباسة (2) في مئة ألف، فأخذ الاسكندرية سنة اثنتين وثلاث مئة، وأقبل من العراق القاسم بن سيماء مددا لتكين، وقد أحمد بن كيغلغ وأمراء، ثم التقى الجمعان، واستحر القتل (3) بالمغاربة، وانهزم حباسة، وكان المصاف بالجيزة، ثم خرج كمين لحباسة، ومالوا على المصريين، فقتل نحو عشرة آلاف، ثم أصبحوا على المصاف والسيف يعمل، وقاتلت العوام قتال الحريم، وكانت وقعة مشهودة.
ثم أقبل مؤنس الخادم (4) في جيوشه من بغداد إلى مصر، فعزل تكين في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاث مئة.
ثم في صفر سنة ثلاث ولي إمرة مصر ذه (5) الرومي الاعور، ورجعت المغاربة إلى إفريقية.
ثم عاد تكين إلى ولاية مصر سنة سبع، ثم عزل سنة تسع، ثم أعيد
__________
(1) أبوالنمر: هو أحمد بن صالح.
انظر " ولاة مصر " للكندي: 287 286.
(2) كذا الاصل، وهو كذلك في " مشتبه النسبة " و " تاريخ الاسلام " للمؤلف، وقد اختلفت المراجع في ضبط اسم هذا القائد: فقد ضم ابن الاثير حاءه، وجعله ياقوت بالشين وضم الحاء، أما صاحب " القاموس " فقال: هو بالخاء والسين.
وهو حباسة بن يوسف.
انظر " عبر الذهبي " 2 / 121، و " ولاة مصر " ص 287.
(3) أي: اشتد القتل وكثر.
(4) الملقب بالمظفر، قال المؤلف في " العبر " 2 / 188: " وكان أميرا معظما،
شجاعا منصورا، لم يبغ أحد من الخدام منزلته إلا كافور صاحب مصر.
توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة ".
(5) كذا الاصل، وفي " ولاة مصر " 291، و " النجوم الزاهرة " 3 / 186: وحسن المحاضرة 1 / 596 " ذكاء ".
(*)

(14/224)


مرات، وقل أن سمع بمثل هذا.
ثم بقي تكين على إمرة مصر أعواما إلى أن مات في ربيع الاول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

127 - القزويني * الامام المحدث المتقن، عالم قزوين، أبو عبد الله، محمد بن مسعود ابن الحارث الاسدي القزويني.
سمع عمرو بن رافع، ويوسف بن حمدان، وإسماعيل بن توبة، وسهل ابن زنجلة، وابن حميد، والحسن بن علي الحلواني، وعبد الله بن عمران العابدي، وهارون بن هزاري، وعبد السلام بن عاصم، وعدة.
وله رحلة ومعرفة، لقي بالكوفة إسماعيل سبط السدي، وبالمدينة أبا مصعب الزهري، وجمع فأوعى.
كتب عنه علي بن مهرويه، وابن سلمة القطان، وعلي بن عمر الصيدناني، وعبد العزيز بن ماك، وعلي بن أحمد بن صالح.
وكان عند أبي عبد اله بن إسحاق عنه ستة أحاديث.
وثقه الخليلي وأثنى عليه، ثم قال: توفي سنة ست وثلاث مئة.
قلت: لعله من أبناء التسعين.
__________
(*) لم نقف على ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.
(*)

(14/225)


128 - ابن حبيب * شيخ المالكية بأفريقية، العلامة قاضي أطرابلس الغرب، أبو الأسود، موسى بن عبدالرحمن بن حبيب الافريقي القطان المالكي.
أخذ عن محمد بن سحنون، وشجرة بن عيسى، وغيرهما.
روى عنه: تميم بن أبي العرب، وأبو محمد بن مسرور، وجماعة.
توفي في ذي القعدة سنة ست وثلاث مئة وكان من أوعية العلم والفقه.

129 - الاشناني * * الامام، شيخ القراء ببغداد، أبو العباس، أحمد بن سهل بن الفيرزان الاشناني، صاحب عبيد بن الصباح.
تلا على عبيد، ثم من بعده على جماعة من تلامذة عمرو بن الصباح، وبرع في علم الاداء، وعمر دهرا، وحدث عن بشر بن الوليد الكندي، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، وطائفة.
تلا عليه خلق، منهم: أبو بكر بن مقسم، و عبد الواحد بن أبي هاشم، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي، وابن زياد النقاش، والحسن بن سعيد المطوعي، وإبراهيم بن أحمد الخرقي.
وممن زعم أنه تلا على الاشناني: أبو أحمد السامري، وعلي بن
__________
* البيان المغرب: 1 / 181، معالم الايمان: 2 / 339 335، الديباج المذهب: 2 / 336 335، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 343 341، شجرة النور الزكية: 81.
* * تاريخ بغداد: 4 / 185، العبر: 2 / 134 133، طبقات القراء للذهبي: 1 / 201 200، الوافي بالوفيات: 6 / 407، طبقات القراء للجزري: 1 / 60 59،
شذرات الذهب: 2 / 250.
(*)

(14/226)


الحسين الغضائري، وعبد القدوس بن محمد، وأحمد بن محمد بن سويد المعلم، وثلاثتهم انفرد بذكرهم أبو علي الاهوازي (1)، فالله أعلم.
وقد حدث عنه عبد العزيز الخرقي، ومحمد بن علي بن سويد.
وثقه الدارقطني.
قال ابن أبي هاشم: قرأت القرآن كله على الاشناني، وكان خيرا، فاضلا، ضابطا، وقال لي: قرأت على عبيد بن الصباح.
قال أبو علي الاهوازي: قطع الاشناني الاقراء قبل موته بعشر سنين.
هكذا قال الاهوازي: فإن صح ذلك فأين قول ابي أحمد والغضائري: إنهم قرأوا عليه ؟ ! فقبح الله الكذب وذويه.
مات الاشناني في المحرم سنة سبع وثلاث مئة.

130 - ابن أبي الدميك * الشيخ العالم الصادق، أبو العباس، محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدميك البغدادي.
سمع علي بن المديني، وعبيد العيشي، وإبراهيم بن زياد سبلان.
حدث عنه: جعفر الخلدي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، ومحمد بن المظفر.
__________
(1) هو الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد، المقرئ المحدث، صاحب التصانيف، المتوفي 446 ه كذبه الخطيب البغدادي وغيره.
انظر " الميزان " 1 / 512، 513.
* تاريخ بغداد: 5 / 377، الانساب: 229 / ب، اللباب: 1 / 509.
(*)

(14/227)


وثقه الخطيب وقال: مات في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاث مئة.
فيها مات أبو محمد أحمد بن إبراهيم بن عبد الله النيسابوري، سبط القاضي نصر بن زياد، قرأ " المسند " على ابن راهويه.
وشيخ النحو أبو موسى سليمان بن محمد الحامض.
والمحدث عبد الله بن صالح البخاري البغدادي.
والحافظ علي بن سعيد العسكري.
ومقرئ بغداد عمر بن محمد بن نصر الكاغدي.
ومحدث جرجان أبو إسحاق عمران بن موسى بن مجاشع السختياني.
ومسند العصر أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي.
والمقرئ الحافظ أبو بكر القاسم بن زكريا المطرز.
والعلامة أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار والد أبي بكر بن الانباري.
والمحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبان البغدادي بن السراج.
والمحدث محمد بن إبراهيم بن شبيب الاصبهاني.
ومسند أصبهان محمد بن نصير بن أبان المديني.
وعالم الحنفية أبو الحسن علي بن موسى القمي، لحق محمد بن حميد الرازي

(14/228)


131 - المحدث الحجة، أبو إسحاق، إبراهيم بن علي بن إبراهيم العمري الموصلي.
سمع معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وهذه الطبقة.
وأكثر عن أصحاب ابن عيينة.
حدث عنه: أبو طاهر بن أبي هاسم المقرئ، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر النجاد، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
وثقة الدارقطني، والخطيب.
قدم بغداد، وحدث بها.
توفي سنة ست وثلاث مئة.

132 - الفزاري * * الحافظ المجود الناقد، أبو الفضل، العباس بن محمد القزاري مولاهم المصري.
حدث عن: محمد بن رمح، وزكريا كاتب العمري، وأحمد بن صالح، وطبقتهم.
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 133 132، المنتظم: 6 / 150، طبقات القراء للجزري: 1 / 20.
* * لم نقف على ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.
(*)

(14/229)


روى عنه: أبو سعيد بن يونس الطبراني، ولحقه الحافظ أبو علي النيسابوري، وابن عدي.
قال ابن يونس (1): أكثرت عنه، وكان يعرف بالبصري، ما رأيت أحدا قط أثبت منه.
توفي في شعبان سنة ست وثلاث مئة.

133 - ابن عبد الصمد * القاضي الامام، أبو محمد، عبد الصمد بن عبد الله بن محمد بن عبد
الصمد القرشي المدمشقي، ابن أخي المحدث يزيد بن محمد.
سمع هشام بن عمار، وإسحاق بن موسى الخطمي، ونوح بن حبيب، وعبد الرحمن دحيما، وطبقتهم.
روى عنه: ابن عدي، وأبو عمر بن فضالة، وجمح بن القاسم، ومحمد ابن سليمان الربعي، والفضل بن جعفر.
توفي سنة ست وثلاث مئة.

134 - ابن فياض * * المحدث الزاهد العابد، أبو سعيد، محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض العثماني المدمشقي.
__________
(1) هو الحافظ البارع، أبو سعيد، عبدالرحمن بن أحمد بن يونس بن عبدالاعلى الصدفي، مؤرخ محدث، له تاريخان: أحدهما كبير في " أخبار مصر ورجالها " والثاني صغير في " ذكر الغرباء الواردين على مصر ".
توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر.
* طبقات القراء للجزري: 1 / 390، النجوم الزاهرة: 3 / 193.
* * تاريخ ابن عساكر: 14 / 351 / أ.
(*)

(14/230)


عن صفوان بن صالح، وعيسى بن حماد، وهشام بن عمار، وخلق.
وعنه: ابن عدي، وابن السني، وحمزة الكناني، وابن المقرئ.
قال الدارقطني: ليس به بأس.
قلت: مات في ربيع الآخر سنة عشر وثلاث مئة.

135 - أبو زرعة القاضي * الامام الكبير القاضي، أبو زرعة، محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زرعة
الثقفي مولاهم الدمشقي، وكانت داره بناحية باب البريد (1)، وكان جده يهوديا فأسلم.
قل ما روى، أخذ عنه أبو علي الحصائري وغيره.
ذكره ابن عساكر (2).
وكان حسن المذهب، عفيفا، متثبتا.
ولي قضاء الديار المصرية سنة أربع وثمانين ومئتين، وكان شافعيا، وولي قضاء دمشق.
وقد كان قام مع الملك أحمد بن طولون، وخلع من العهد أبا أحمد الموفق لكونه نافس المعتمد أخاه، فقام أبو زرعة عند المنبر بدمشق قبل الجمعة، وقال: أيها الناس ! أشهدكم أني قد خلعت أبا أحمق
__________
* تاريخ ابن عساكر: 15 / 329 / أ، العبر: 2 / 123، الوافي بالوفيات: 4 / 83 82، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 198 196، البداية والنهاية: 11 / 123 122، النجوم الزاهرة: 3 / 184 183، حسن المحاضرة: 1 / 399 و 2 / 145، قضاة دمشق لابن طولون: 23 22، شذرات الذهب: 2 / 239.
(1) باب البريد: اسم لاحد أبواب جامع دمشق.
انظر " معجم البلدان " 1 / 306.
(2) في " تاريخه " 15 / 330 329.
(*)

(14/231)


كما يخلع الخاتم من الاصبع، فالعنوه.
ثم تمت ملحمة بالرملة بين الملك خمارويه بن أحمد بن طولون، وبين ابن الموفق، فانتصر فيها أحمد بن الموفق الذي ولي الخلافة، ولقب بالمعتضد، فلما انتصر دخل دمشق، وأخذ هذا، ويزيد بن عبد الصمد، وأبا زرعة النصري الحافظ في القيود، ثم استحضرهم في الطريق وقال: أيكم القائل: قد نزعت أبا أحمق ؟ قال: فربت ألسنتنا، وأيسنا من الحياة.
قال
الحافظ: فأبلست (1)، وأما يزيد فخرس وكان تمتاما.
وكان ابن عثمان أصغرنا، فقال: أصلح الله الامير.
فقال كاتبه: قف حتى يتكلم أكبر منك.
فقلت: أصلحك الله هو يتكلم عنا.
قال: قل.
فقال: والله ما فينا هاشمي صريح.
ولا قرشي صحيح، ولا عربي فصيح، ولكنا قوم ملكنا أي قهرنا.
وروى أحاديث في [ السمع و ] الطاعة، وأحاديث في العفو والاحسان.
وهو كان المتكلم بتيك اللفظة.
وقال: وإنى أشهد الامير أن نسائي طوالق، وعبيدي أحرار، ومالي حرام إن كان في هؤلاء القوم أحد قال هذه الكلمة، فوراءنا حرم وعيال، وقد تسامع الخلق بهلاكنا، وقد قدرت، وإنما العفو بعد المقدرة.
فقال لكاتبه: أطلقهم، لاكثر الله منهم.
قال: فاشتغلت أنا ويزيد في نزه أنطاكية عند عثمان بن خرزاذ، وسبق هو إلى حمص.
قال ابن زولاق في " تاريخ قضاة مصر ": ولي أبو زرعة، وكان يوالي على مذهب الشافعي ويصانع عليه، وكان عفيفا، شديد التوقف في إنفاذ الاحكام، وله مال كثير، وضياع كبار بالشام، واختلف في أمره، فقيل: إنه كان في عهد الملك هارون بن خمارويه متولي مصر: ان القضاء إلى أبي
__________
(1) أي: سكت.
(*)

(14/232)


زرعة، فولاه القضاء.
وقيل: إن المعتضد نفذ له عهدا.
قال: وكان أبو زرعة يرقي من وجع الضرس، ويعطي الموجوع حشيشة توضع عليه فيسكن.
وكان يوفي عن الغرماء الضعفي.
وسمعت الفقيه محمد بن أحمد بن الحداد يقول: سمعت منصورا الفقيه يقول: كنت عند القاضي أبي زرعة، فذكر الخلفاء، فقلت: أيجوز أن
يكون السفيه وكيلا ؟ قال: لا.
قلت: فوليا لامرأة ؟ قال: لا.
قلت: فخليفة ؟ قال: يا أبا الحسن ! هذه من مسائل الخوارج.
وكان أبو زرعة شرط لمن حفظ مختصر المزني مئة دينار وهو الذي أدخل مذهب الشافعي دمشق، وكان الغالب عليه قول الاوزاعي.
وكان من الاكلة: بأكل سل مشمش وسل تين.
بقي على قضاء مصر ثمان سنين.
فصرف، ورد إلى القضاء محمد بن عبدة (1).
قلت: مات بدمشق سنة اثنتين وثلاث مئة.

136 - أبو الخيار * ومات بالاندلس العلامة أبو الخيار، هارون بن نصر الاندلسي الفقيه الشافعي، تلميذ الامام بقي محمد بن مخلد (2)، صحبه زمانا، وأثر عنه، ثم مال
__________
(1) هو محمد بن عبدة بن حرب، والخبر في " ولاة مصر " ص 271.
وانظر " حسن المحاضرة " 2 / 145.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 169، جذوة المقتبس: 364، بغية الملتمس: 484.
(2) هو الامام الحافظ، أبو عبدالرحمن الاندلسي، أحد الائمة الاعلام، صنف (*)

(14/233)


إلى تصانيف الشافعي فحفظها، وكان إماما مناظرا.
توفي أبو الخيار الشافعي في عام اثنتين وثلاث مئة، رحمه الله.

137 - الجوزي * الامام الحجة المحدث، أبو إسحاق، إبراهيم بن موسى التوزي الجوزي، نزيل بغداد.
سمع بشر بن الوليد، وعبد الاعلى بن حماد، ومحمد بن عبد الله بن
عمار، وعبد الرحيم الديبلي وطائفة.
روى عنه أبو علي بن الصواف، وأبو حفص بن الزيات، وعلي بن لؤلؤ الوراق، وآخرون.
وانتخب عليه أبو بكر الباغندي.
توفي سنة ثلاث وثلاث مئة.
وهو من الثقات.

138 - رويم * * الامام الفقيه المقرئ، الزاهد العابد، أبو الحسن، رويم بن
__________
التفسير الكبير والمسند الكبير.
قال المؤلف في " العبر " 2 / 56: " قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الاسلام مثل تفسيره.
وكان بقي علامة، فقيها، مجتهدا، صواما، قواما، متبتلا، عديم المثيل ".
* تاريخ بغداد: 6 / 188 187، الانساب: 112 / أ، المنتظم: 6 / 140، اللباب: 1 / 309.
* * طبقات الصوفية: 184 180، حلية الاولياء: 10 / 302 296، تاريخ بغداد: 8 / 432 430، الرسالة القشيرية: 20 / 21، المنتظم: 6 / 137 136، صفة الصفوة: 2 / 443 442، البداية والنهاية: 11 / 125، طبقات الاولياء: 231 228، النجوم الزاهرة: 3 / 189.
(*)

(14/234)


أحمد، وقيل، رويم بن محمد بن يزيد بن رويم بن يزيد البغدادي، شيخ الصوفية، ومن الفقهاء الظاهرية، تفقه بداود.
وهو رويم الصغير، وجده هو رويم الكبير، كان في أيام المأمون.
وقد امتحن صاحب الترجمة في نوبة غلام خليل (1)، وقال عنه: أنا سمعته يقول: ليس بيني وبين الله حجاب.
ففر إلى الشام واختفى زمانا.
وأما الحجاب: فقول يسوغ بأعتبار أن الله لا يحجبه شئ قط عن رؤية خلقه، وأما نحن فمحجوبون عنه في الدنيا، وأما الكفار فمحجوبون عنه في الدارين.
أما إطلاق الحجب، فقد صح " أن حجابه النور " (2) فنؤمن بذلك، ولا نجادل، بل نقف.
ومن جيد قوله: السكون إلى الاحوال اغترار.
وقال: الصبر ترك الشكوى، والرضى استلذاذ البلوى.
مات رويم ببغداد سنة ثلاث وثلاث مئة.
قال ابن خفيف: ما رأيت في المعارف كرويم.
__________
(1) انظر حول محنة غلام خليل الصفحة (71) من هذا الجزء.
(2) أخرج مسلم في صحيحة (179) في الايمان: باب قوله عليه السلام: إن الله لا ينام وحجابه النور، وابن ماجه (195) و (196) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد: 4 / 401 و 405، كلهم من طرق عن أبي عبيدة، عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، ولو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ".
(*)

(14/235)


139 - القمي * الامام العلامة، شيخ الحنفية بخراسان، أبو الحسن، علي بن موسى ابن يزيد القمي النيسابوري، كان عالم أهل الرأي في عصره بلا مدافعة، وصاحب التصانيف، منها: كتاب " أحكام القرآن " كتاب نفيس.
تصدر بنيسابور للافادة، وتخرج به الكبار، وبعد صيته، وطال
عمره، وأملى الحديث، وكان صاحب رحلة ومعرفة.
سمع من محمد بن حميد الرازي، ومحمد بن معاوية بن مالج، وتفقه بمحمد بن شجاع الثلجي.
حدث عنه: أبو بكر أحمد بن سعد بن نصر، وأحمد بن أحيد الكاغدي، وآخرون.
ذكره الحاكم، فعظمه وفخمه وقال: توفي سنة خمس وثلاث مئة.
فهذا، وأبو سعيد المذكور كانا عالمي خراسان في مذهب أبي حنيفة، تخرج بهما جماعة من الكبار، وكان معهما في البلد من أئمة الاثر مثل ابن خزيمة، وأبي العباس السراج، وعدة، فكان المحدثون إذ ذاك أئمة عالمين بالفقه أيضا، وكان أهل الرأي بصراء بالحديث، قد رحلوا في طلبه، وتقدموا في معرفته.
وأما اليوم، فالمحدث قد قنع بالسكة والخطبة، فلا يفقه ولا يحفظ، كما أن الفقيه قد تشبث بفقه لا يجيد معرفته، ولا يدري ما هو الحديث، بل الموضوع والثابت عنده سواء، بل قد يعارض ما في
__________
* فهرست ابن النديم: 292، الانساب: 461 / ب، اللباب: 3 / 56، الجواهر المضية: 1 / 380، تاج التراجم: 31، طبقات المفسرين للسيوطي: 26، طبقات المفسرين للداودي: 1 / 436.
(*)

(14/236)


الصحيح بأحاديث ساقطة، ويكابر بأنها أصح وأقوى.
نسأل الله العافية.

140 - وكيع * الامام المحدث الاخباري المقاضي، أبو بكر، محمد بن خلف بن حيان بن صدقة الضبي البغدادي، الملقب بوكيع، صاحب التآليف المفيدة.
حدث عن: أبي حذافة السهمي، والزبير بن بكار، والحسن بن عرفة، وطبقتهم، فأكثر.
حدث عنه: أبو علي بن الصواف، ومحمد بن عمر الجعابي، ومحمد بن المظفر، وأبو الفرج صاحب الاغاني، وأبو جعفر بن المتيم، وآخرون.
قال أبو الحسين بن المنادي: أقلوا عنه للين شهر به.
وقال الدارقطني: كان نبيلا، فصيحا، فاضلا، من أهل القرآن والفقه والنحو، له تصانيف كثيرة.
قلت: ولي قضاء كور الاهواز كلها، وتوفي في ربيع الاول سنة ست وثلاث مئة.
__________
* فهرست ابن النديم: 166، تاريخ بغداد: 5 / 237 236، المنتظم: 6 / 152، الكامل في التاريخ: 8 / 115، العبر: 2 / 133، ميزان الاعتدال: 5 / 538، الوافي بالوفيات: 3 / 44 43، البداية والنهاية: 11 / 130، طبقات القراء للجزري: 2 / 137، لسان الميزان: 5 / 157 156، النجوم الزاهرة: 3 / 195، شذرات الذهب: 2 / 249.
(*)

(14/237)


141 - منصور بن إسماعيل * العلامة، فقيه مصر، أبو الحسن التميمي الشافعي الضرير الشاعر.
قال ابن خلكان (1): له مصنفات في المذهب، وشعر سائر، وهذا له: لي حيلة فيمن ينم * وليس في الكذاب حيلة من كان يخلق ما يقو * ل فحيلتي فيه طويلة
قال القضاعي: أصله من رأس عين، وكان متصرفا في كل علم، شاعرا مجودا، لم يكن في زمانه مثله، توفي سنة ست وثلاث مئة.
وقال ابن يونس: كان فهما، حاذقا، صنف مختصرات في الفقه، وكان شاعرا خبيث الهجو، يتشيع، وكان جنديا، ثم عمي.
وقال أبو إسحاق (2): له مصنفات في المذهب، أخذ عن أصحاب الشافعي، وأصحاب أصحابه، ثم قال: مات قبل العشرين وثلاث مئة.
قلت: بل سنة ست وثلاث مئة كما قدمنا.
__________
* معجم الشعراء: 280، طبقات العبادي: 64، طبقات الشيرازي: 108 107، المنتظم: 6 / 152، معجم الادباء: 19 / 190 185، وفيات الاعيان: 5 / 292 289، مرآة الجنان: 2 / 249 248، نكت الهميان: 298 297، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 483 478، طبقات الاسنوي: 1 / 301 299، البداية والنهاية: 11 / 130، شذرات الذهب: 2 / 250 249، حسن المحاضرة: 1 / 400، طبقات ابن هداية الله: 43 42.
(1) في " وفيات الاعيان " 5 / 290 289، والبيتان في " معجم الادباء " 19 / 186، و " نكت الهميان " ص 298.
(2) الشيرازي في " طبقاته " ص 107.
(*)

(14/238)


142 - الجارودي * الحافظ المتقن، صاحب التصانيف، أبو جعفر، أحمد بن علي بن محمد بن الجارود الاصبهاني.
له رحلة وهمة، ومعرفة تامة.
حدث عن أبي سعيد الاشج وعمر بن شبة وهارون بن إسحاق، وأحمد بن الفرات، وطبقتهم.
وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، والطبراني: وأبو الشيخ، وعبد الرحمن
ابن محمد بن سياه، وأهل أصبهان.
توفي سنة تسع وتسعين ومئتين.
وقيل: قبلها بعام.

143 - ابن الجارود * * صاحب كتاب: " المنتقى في السنن " مجلد واحد في الاحكام، لا ينزل فيه عن رتبة الحسن أبدا، إلا في النادر في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد (1).
ولد في حدود الثلاثين ومئتين.
واسمه: الامام أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 118 117، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 752 751، الوافي بالوفيات: 7 / 215.
* * مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 795 794، إيضاح المكنون: 2 / 570، هدية العارفين: 1 / 444، الرسالة المستطرفة: 25.
(1) كلام الامام الذهبي وهو العارف الخبير بهذه الصنعة يدل على أن التصحيح والتضعيف في غير ما حديث أمر اجتهادي، تختلف فيه الانظار، ولا يمكن البت فيه.
(*)

(14/239)


الحافظ المجاور بمكة.
كان من أئمة الاثر.
سمع من: أبي سعيد الاشج، والحسن بن محمد الزعفراني، وعلي ابن خشرم، ومحمود بن آدم، وإسحاق الكوسج، وزياد بن أيوب، ويعقوب الدورقي، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وأحمد بن الازهر، وأحمد بن
يوسف، ومحمد بن أبي عبدالرحمن المقرئ، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر ابن نصر الخولاني، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وخلق كثير، إلى أن ينزل إلى إمام الائمة ابن خزيمة.
فأما قول أبي عبد الله الحاكم فيه: سمع من إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وأحمد بن منيع: فلم أجد له شيئا عنهم، ولا أراه لحقهم.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن نافع الخزاعي المكي، ودعلج بن أحمد السجزي، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن جبريل العجيفي، وآخرون.
ويحيى بن منصور القاضي.
أثنى عليه الحاكم والناس.
مات سنة سبع وثلاث مئة.
وقع لي من حديثه: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الدائم، أخبرنا علي ابن هبة الله الخطيب، أخبرتنا شهدة الكاتبة، أخبرنا الحسن بن أحمد الدقاق، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا عبد الله ابن علي بن الجارود، حدثنا الربيع، حدثنا الشافعي، حدثنا مالك، عن

(14/240)


نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبيع حاضر لباد " (1).
متفق عليه، فوقع لنا عاليا.
أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل، وأحمد بن سلامة، عن محمد بن أحمد الصيدلاني: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو القاسم الطبراني، حدثنا عبد الله بن علي الجارودي، حدثنا أحمد بن حفص: حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن سماك، عن عبد الله
ابن عميرة، عن الاحنف بن قيس، عن العباس قال: مرت سحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هل تدرون ما هذا ؟ " قلنا: السحاب، قال: " والمزن ".
قالوا: والمزن.
قال: " أو العنان ".
قلنا: أو العنان.
قال: " هل تدرون بعد ما بين السماء والارض ؟ " قلنا: لا، قال: " إحدى وسبعين، أو ثنتين، أو ثلاث وسبعين سنة.." الحديث (2).
__________
(1) هو في مسند الشافعي: 2 / 154، وأخرجه البخاري: 4 / 312 من طريق عبد الله بن الصباح، عن أبي علي الحنفي، عن عبدالرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد.
ولم يخرجه مسلم من حديث ابن عمر، وإنما هو عنده (1520) في البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للبادي، وفي النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك، من حديث أبي هريرة، و (1521) من حديث ابن عباس، و (1522) من حديث جابر، و (1523) من حدث أنس رضي الله عنهم.
(2) وتمامه: " ثم السماء فوقها كذلك " حتى عد سبع سماوات.
" ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال، بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش، بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ".
وإسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عميرة، وقد أخرجه أبو داود (4723) في كتاب السنة: باب في الجهمية، والترمذي (3320) في التفسير: باب ومن سورة الحاقة، وابن ماجه (193) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد في " مسنده " 1 / 206 كلهم من طريق سماك، عن عبد الله بن عميرة به.
(*)

(14/241)


144 - محمود بن محمد بن منويه * الحافظ المفيد العالم، أبو عبد الله الواسطي.
سمع محمد بن أبان الواسطي، ووهب بن بقية، والعباس بن عبد العظيم، وعدة.
حدث عنه: الطبراني، ومحمد بن زنجويه القرويني، وابن عدي، وأبو الشيخ وآخرون.
وقد أسكت قبل موته بعامين.
وروى أيضا عنه: أبو بكر الاسماعيلي، ومحمد بن عمر بن الجعابي.
وحدث ببغداد.
وقد انقلب اسمه على عبد الغني بن سعيد الحافظ، فقال: محمد بن محمود بن منويه، نسبه لنا أبو الطاهر الذهلي.
وقال ابن ماكولا (1): هو محمد بن محمد بن منويه أبو عبد الله، يروي عن محمد بن أبان الواسطي، ومحمد بن الصباح الجرجرائي.
وقد نبه ابن نقطة على وهمهما في اسمه، لكن اعتذر عن عبد الغني وقال: كان لمحمود ابنان: أحمد ومحمد، كلاهما قد حدث.
قال: الدارقطني: كتبت عن أبي الحسين محمد بن محمود الواسطي.
قلت: توفي الحافظ محمود بن محمد في شهر رمضان سنة سبع
__________
* تاريخ بغداد: 13 / 95 94، الاكمال لابن ماكولا: 7 / 207.
(1) في " إكماله " 7 / 207.
(*)

(14/242)


وثلاث مئة، وكان من بقايا الحفاظ ببلده، من أبناء الثمانين، بل أزيد.
ومنويه: بنون.

145 - عبد الله بن صالح *
ابن عبد الله بن الضحاك، الامام الصدوق، أبو محمد البغدادي، ويلقب بالبخاري.
سمع لوينا، وعثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وطبقتهم.
وعنه: عبد الله الزبيبي، ومحمد بن المظفر، وابن الزيات، وأبو علي النيسابوري، وقال: هو ثقة.
قلت: توفي في رجب سنة خمس وثلاث مئة.

146 - الاعرج * * يحيى بن زكريا بن يحيى، الامام الكبير الحافظ الثقة، أبو زكريا النيسابوري الاعرج.
سمع قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر،
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 482 481.
* * المنتظم: 6 / 156، تهذيب الكمال: الورقة 1496، تذهيب التهذيب: 4 / 153 / 2، تذكر الحفاظ: 2 / 744، العبر: 2 / 135، تهذيب التهذيب، حسن المحاضرة: 1 / 350، خلاصة تذهيب التهذيب: 433، شذرات الذهب: 2 / 252 251.
(*)

(14/243)


وأقرانهم.
وسمع من يحيى بن موسى خت (1)، وارتحل في الشيخوخة ناشرا لعلمه.
حدث عنه: ابن أخيه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري نزيل مصر، ومكي بن عبدان، وأبو العباس بن عقدة، وأبو حامد ابن الشرقي، وآخرون.
وكان يطلب الحديث بمصر على كبر السن.
مات سنة سبع وثلاث مئة، ويشبهه من وجه نزيل حلب جعفرك النيسابوري الاعرج، الذي عاش إلى بعد سنة عشر وثلاث مئة، وسوف بأتي (2).

147 - أبو شيبة * الشيخ المحدث العالم الصدوق، أبو شيبة، داود بن إبراهيم بن داود ابن يزيد بن روزبة البغدادي، نزيل مصر.
سمع محمد بن بكار بن الريان، وعبد الاعلى بن حماد، وعثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن حميد الرازي.
حدث عنه: ابن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، وجعفر بن الفضل المؤذن، وأحمد بن محمد بن المهندس، وآخرون.
__________
(1) هو يحيى بن موسى البلخي، لقبه خت.
قال الحافظ في " التقريب ": بفتح المعجمة وتشديد المثناة، أصله من الكوفة، ثقة.
(2) في الصفحة 265 من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 8 / 379 378، العبر: 2 / 145، النجوم الزاهرة: 3 / 206، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات الذهب: 2 / 259.
(*)

(14/244)


قال الدارقطني: صالح.
قلت: مات بمصر سنة عشر وثلاث مئة.
يقع حديثه مع نسخه أبي مسهر، وغير ذلك.

148 - السقطي * الامام المتقن، أبو حفص، عمر بن أيوب بن إسماعيل البغدادي
السقطي، الرجل الصالح.
سمع بشر بن الوليد، ومحمد بن بكار بن الريان، وسريج بن يونس، وعدة.
روى عنه: أبو علي بن الصواف، وعبد العزيز بن الخرقي، وعلي بن لؤلؤ، ومحمد بن خلف بن جيان بجيم (1) وآخرون.
وثقه الدارقطني.
مات سنة ثلاث وثلاث مئة.

149 - ابن الدرفس (2) * * الامام الصالح الصادق، أبو عبد الرحمن، محمد بن العباس، بن
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 129، العبر: 2 / 126، شذرات الذهب: 2 / 242.
(1) هو أبو بكر، محمد بن خلف بن محمد بن جيان بن الطيب بن زرعة الفقيه المقرئ الخلال، وثقه الخطيب البغدادي في " تاريخه " 5 / 239 وقال: توفي في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
وانظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 131.
(2) كذا ضبطت في الاصل بكسر الدال، أما صاحب " الانساب " فقد قيدها بالضم، وتبعه على ذلك ابن الاثير.
* * الانساب: 225 / ب، تاريخ ابن عساكر: 15 / 250 / أ، العبر: 2 / 126، شذرات الذهب: 2 / 242.
(*)

(14/245)


الوليد بن محمد بن عمر بن الدرفس الغساني الدمشقي.
حدث عن: هشام بن عمار، ودحيم، وهشام بن خالد الازرق، ويونس بن عبدالاعلى، وخلق.
وعنه: أبو زرعة بن أبي دجانة، وأخوه أبو بكر، وجمح بن القاسم،
والفضل بن جعفر، وأبو عمر بن فضالة، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وآخرون.
والدرفس بمهملة من أسماء الاسد.

150 - ابن زنجويه * المحدث المتقن، أبو العباس، أحمد بن زنجويه بن موسى، وقيل أحمد بن عمر بن زنجويه بن موسى المخرمي القطان.
وفرق الخطيب بينهما (1)، وهما واحد.
سمع محمد بن بكار، وبشر بن الوليد، ولوينا، وداود بن رشيد، وهشاتم ابن عمار، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وطبقتهم.
وعنه: علي بن لؤلؤ، وابن المظفر، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، والطبراني، والآجري، وأبو أحمد بن عدي، وعدة.
وكان موثقا معروفا.
توفي سنة أربع وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 165 164.
(1) فأفرد للثاني ترجمة منفصلة.
انظر " تاريخ بغداد " 4 / 287.
(*)

(14/246)


151 - العامري * المحدث الرحال، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن حسن بن السكن القرشي العامري، أحد الحفاظ على لين فيه.
يروي عن: إبراهيم بن عبد الله الهروي، وإسحاق بن موسى الخطمي، ومحمد بن عبدالرحمن بن سهم، وطبقتهم.
وعنه: أبو بكر بن أبي دجانة، وعلي بن أبي العقب، وأبو أحمد
العسال، وأبو الشيخ، وأحمد بن عبدان الشيرازي، وقال: قدم علينا في سنة أربع وثلاث مئة، ولا أحدث عنه، كان لينا.

152 - يموت بن المزرع (1) * * ابن يموت بن عيسى، العلامة الاخباري، أبو بكر العبدي البصري الاديب، واسمه: محمد.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 425، تاريخ ابن عساكر: 2 / 57 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 138، لسان الميزان: 1 / 267 266، تهذيب ابن عساكر: 1 / 456 455.
(1) قال ابن خلكان في " وفياته " 7 / 59: " المزرع بضم الميم وفتح الزاي وبعدها راء مشددة مفتوحة ثم عين مهملة.
هكذا قاله لي الشيخ الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري، رحمه الله تعالى ".
وقال السيوطي في " البغية ": بفتح الراء، والمحدثون يكسرونها.
* * طبقات النحويين واللغويين: 216 215، معجم الشعراء: 506 505، جمهرة أنساب العرب: 2 / 298، تاريخ بغداد: 14 / 360 358، نزهة الالباء: 238، المنتظم: 6 / 143، معجم الادباء: 20 / 58 57، الكامل في التاريخ: 8 / 96 و 106، إنباه الرواة: 4 / 74، وفيات الاعيان: 7 / 59 53، العبر: 2 / 128، مرآة الجنان: 2 / 244 241، البداية والنهاية: 11 / 127، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 289، طبقات القراء للجزري: 2 / 392، النجوم الزاهرة: 2 / 191، بغية الوعاة: 2 / 353، شذرات الذهب: 2 / 244 243.
(*)

(14/247)


سكن طبرية مدة.
وحدث عن: خاله الجاحظ، وأبي حفص الفلاس، ومحمد بن حميد اليشكري، وأبي حاتم السجستاني، ونصر بن علي الجهضمي، والعباس
الرياشي، وعدة.
وعنه: أبو بكر الخرائطي، وسهل بن أحمد الديباجي، والحسن بن رشيق، وأبو بكر بن مجاهد، وآخرون.
وكان يروي القراءة عن محمد بن عمر القصبي صاحب عبد الوارث وعن السجستاني.
وكان لا يعود مريضا كيلا يقع في التطير باسمه.
وله تآليف.
وما أعلم به بأسا.
مات سنة أربع وثلاث مئة.

153 - يوسف بن الحسين * الرازي، الامام العارف، شيخ الصوفية، أبو يعقوب.
أكثر الترحال، وأخذ عن ذي النون المصري، وقاسم الجوعي، وأحمد ابن حنبل، وأحمد بن أبي الحواري، ودحيم، وأبي تراب عسكر النخشبي.
__________
* طبقات الصوفية: 191 185، حلية الاولياء: 10 / 243 238، تاريخ بغداد: 14 / 319 314، الرسالة القشيرية: 22، طبقات الحنابلة: 1 / 420 418، صفة الصفوة: 4 / 103 102، المنتظم: 6 / 143 141، الكامل في التاريخ: 8 / 106، العبر: 2 / 128، دول الاسلام: 1 / 185، البداية والنهاية: 11 / 127 126، طبقات الاولياء: 384 379، النجوم الزاهرة: 3 / 191 و 265، شذرات الذهب: 2 / 245.
(*)

(14/248)


وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن شاذان، وآخرون.
قال السلمي: كان إمام وقته، لم يكن في المشايخ أحد على طريقته في تذليل النفس وإسقاط الجاه.
قال أبو القاسم القشيري: كان نسيج وحده في إسقاط التصنع.
يقال: كتب إلى الجنيد: لا أذاقك الله طعم نفسك، فإن ذقتها لا تفلح (1).
وقال: إذا رأيت المريد يشتغل بالرخص فاعلم أنه لا يجئ منه شئ.
وقيل: كان يسمع الابيات ويبكي.
مات سنة أربع وثلاث مئة.
وقد سمع قوالا ينشد (2): رأيتك تبني دائما في قطيعتي * ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني (3) كأني بكم والليت أفضل قولكم * ألا ليتنا كنا إذا الليت لا تغني (4) فبكى كثيرا وقال للمنشد: يا أخي ! لا تلم أهل الري أن يسموني زنديقا، أنا من بكرة أقرأ في المصحف ما خرجت من عيني دمعة، ووقع مني إذ غنيت ما رأيت.
__________
(1) انظر " الرسالة القشيرية " ص 22، وفيها: " فإنك إن ذقتها لم تذق بعدها خيرا أبدا ".
(2) في معرفة اسم هذا المنشد اختلاف، فهو في " حلية الاولياء " 10 / 240: يتيمك الرازي، وفي " تاريخ بغداد " 14 / 317 و " طبقات الاولياء " ص 380: أبو الحسين الدراج.
انظر في ذلك الحاشية (9) من الصفحة 380 من " طبقات الاولياء ".
(3) كذا الاصل: وفي المصادر التي أشرنا إليها في التعليق السابق: " دائبا ".
(4) كذا الاصل: وهي كذلك في " طبقات ابن الملقن "، أما الحلية ففيها: " اللبث " بدل " الليت ".
(*)

(14/249)


قال السلمي: كان مع علمه وتمام حاله هجره أهل الري، وتكلموا فيه بالقبائح، خصوصا الزهاد، وأفشوا أمورا، حتى بلغني أن شيخا رأى في النوم كأن براءة نزلت من السماء، فيها مكتوب: هذه براءة ليوسف بن الحسين
مما قيل فيه.
فسكتوا.
قال الخطيب: سمع منه أبو بكر النجاد.
قلت: هو صاحب حكاية الفأرة مع ذي النون لما سأله الاسم الاعظم (1).
وقد عمر دهرا.
وعنه قال: بالادب تتفهم العلم، وبالعلم يصح لك العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة تفهم الزهد، وبالزهد تترك الدنيا، وترغب في الآخرة، وبذلك تنال رضى الله تعالى.
قال السلمي: مات سنة أربع وثلاث مئة، رحمه الله.
طول ابن عساكر ترجمته.
قال الخلدي: كتب الجنيد إلى يوسف بن الحسين: أوصيك بترك الالتفات إلى كل حال مضت، فإن الالتفات إلى ما مضى شغل عن الاولى.
وأوصيك بترك ملاحظة الحال الكائنة.
اعمل على تلخيص همك من همك لهمك، واعمل على محق شاهدك من شاهدك حتى يكون الشاهد عليك شاهدا لك وبك ومنك.
في كلام طويل.
وليوسف رسالة إلى الجنيد منها:
__________
(1) أنظر حكاية الفأرة في " تاريخ بغداد " 14 / 317 316.
(*)

(14/250)


كيف السبيل إلى مرضاة من غضبا * من غير جرم ولم أعرف له سببا قال والد تمام: سمعت يوسف بن الحسين يقول: قيل لي: ذو النون يعرف الاسم الاعظم.
فسرت إليه، فبصر بي وأنا طويل اللحية، ومعي ركوة طويلة، فاستشنع منظري.
قال والد تمام: يقال: كان يوسف أعلم أهل زمانه بالكلام وبعلم الصوفية.
قال: فجاء متكلم، فناظر ذا النون، فلم يقم له بحجة.
قال: فاجتذبته إلى، وناظرته، فقطعته، فعرف ذو النون مكاني، وعانقني، وجلس بين يدي وقال: اعذرني.
قال: فخمته سنة.

154 - ابن الجلاء * القدوة العارف، شيخ الشام، أبو عبد الله ابن الجلاء، أحمد بن يحيى، وقيل: محمد بن يحيى.
يقال: أصله بغدادي، صحب والده، وأبا تراب النخشبي، وذا النون المصري وحكى عنه.
أخذ عنه: أبو بكر الدقي، ومحمد بن سليمان اللباد، ومحمد بن الحسن اليقطيني.
__________
* طبقات الصوفية: 179 176، حلية الاولياء: 10 / 315 314، تاريخ بغداد: 5 / 215 213، الرسالة القشيرية: 20، الانساب: 146 / أ، تاريخ ابن عساكر: 2 / 137 / أ، المنتظم: 6 / 149 148، صفة الصفوة: 2 / 444 443، العبر: 2 / 132، دول الاسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 239، مرآة الجنان: 2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 129، طبقات الاولياء: 83 81، النجوم الزاهرة: 3 / 170.
194، شذرات الذهب: 2 / 249 248، تهذيب ابن عساكر: 2 / 115 111.
(*)

(14/251)


أقام بالرملة وبدمشق.
وكان يقال: الجنيد ببغداد، وابن الجلاء بالشام، وأبو عثمان الحيري بنيسابور يعني لا نظير لهم.
قال الدقي: ما رأيت شيخا أهيب من ابن الجلاء مع أني لقيت ثلاث مئة شيخ، فسمعته يقول: ما جلا أبي شيئا قط، ولكنه كان يعظ، فيقع كلامه
في القلوب، فسمي جلاء القلوب.
قال محمد بن علي بن الجلندي: سئل ابن الجلاء عن المحبة، فسمعته يقول: ما لي وللمحبة ؟ أنا أريد أن أتعلم التوبة.
قال أبو عمر الدمشقي: سمعت ابن الجلاء يقول: قلت لابوي: أحب أن تهباني لله.
قالا: قد فعلنا.
فغبت عنهم مدة، ثم جئت فدققت الباب، فقال أبي: من ذا ؟ قلت: ولدك، قال: قد كان لي ولد وهبناه لله.
وما فتح لي.
وعن ابن الجلاء قال: آلة الفقير صيانة فقره، وحفظ سره، وأداء فرضه.
توفي في سنة ست وثلاث مئة.

155 - ابن مطر * الامام، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن مطر البغدادي السكري.
سمع داود بن رشيد، وهشام بن عمار، وعبد الله بن معاوية، وطبقتهم.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 137.
(*)

(14/252)


حدث عنه: عبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، ويوسف الميانجي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
توفي في المحرم سنة ست وثلاث مئة.

156 - ابن زاطيا * المحدث، أبو الحسن، علي بن إسحاق بن عيسى بن زاطيا المخرمي
البغدادي.
سمع محمد بن بكار بن الريان، وداود بن رشيد، وعثمان بن أبي شيبة، وجماعة.
وعنه: أبو بكر الشافعي، وأبو حفص بن الزيات، وابن بخيت الدقاق، وعلي بن عمر الحربي، وأبو بكر السني وقال: لا بأس به.
قلت: كف بصره بأخرة.
توفي في جمادى الاولى سنة ست وثلاث مئة.

157 - ابن حمدويه * * الامام المحدث، أبو رجاء، محمد بن حمدويه بن موسى بن طريف السنجي المروزي الهورقاني.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 349، ميزان الاعتدال: 3 / 115 114، لسان الميزان: 4 / 205.
* * الانساب: 593 / أ، اللباب: 3 / 395، وانظر: الاكما لابن ماكولا: 2 / 557.
(*)

(14/253)


سمع سويد بن نصر، وعتبة بن عبد الله، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، وعلي بن حجر، ومحمد بن حميد.
روى عنه: عبد الله بن أحمد بن الصديق، وأبو عصمة محمد بن أحمد بن عباد، وأهل مرو.
توفي سنة ست وثلاث مئة.
ذكره ابن ماكولا.

158 - أبو حفص * القاضي المحدث، أبو حفص، عمر بن الحسن بن نصر بن طرخان
الحلبي، قاضي دمشق.
حدث عن: محمد بن أبي سمينة، وزهير بن حرب، ولوين، وعقبة ابن مكرم، ومحمد بن قدامة المصيصي، وعدة.
وعنه: أبو علي بن هارون، وأبو علي بن آدم، وأبو عبد الله بن مروان، وأبو بكر الآجري، وأبو أحمد بن عدي، والاسماعيلي، ومحمد ابن إسماعيل الوراق، وأبو حفص بن الزيات، وعلي بن عمر الحربي.
قال الدارقطني: ثقة صدوق.
قلت: سماع الوراق منه في سنة سبع.

159 - الدويري (1) * * المحدث، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 222 221 وهو فيه: أبوحفيص، تاريخ ابن عساكر: 12 / 351 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 15.
* * الانساب: 234 / أ، معجم البلدان: 2 / 491 490.
(1) كذا ضبط في الاصل و " اللباب " و " المشتبه " بفتح الدال، أما صاحب " البلدان " فقيده بضمها، ولم يتابع عليه.
(*)

(14/254)


النيسابوري الدويري، ودوير: على فرسخ من نيسابور.
سمع قتيبة، وإسحاق، ويحيى خت.
وعنه: ابن الشرقي، وأبو الوليد حسان بن محمد، ويحيى بن زكريا الدويري، وأبو عمرو بن حمدان، وآخرون.
توفي سنة سبع وثلاث مئة.

160 - ابن عطاء * الزاهد العابد المتأله، أبو العباس، أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الادمي البغدادي.
حدث عن: يوسف بن موسى القطان.
وعنه: محمد بن علي بن حبيش، وقال: كان له في كل يوم ختمة، وفي رمضان تسعون (1) ختمة، وبقي في ختمة مفردة بضع عشرة سنة يتفهم ويتدبر.
وقال حسين بن خاقان: كان ينام في اليوم والليلة ساعتين، مات في سنة تسع وثلاث مئة، في ذي القعدة.
قلت: لكنه راج عليه حال الحلاج، وصححه، فقال السلمي:
__________
* طبقات الصوفية: 272 265، حلية الاولياء: 10 / 305 302، تاريخ بغداد: 5 / 30 26، الرسالة القشيرية: 24 23، صفة الصفوة: 2 / 446 444، المنتظم: 6 / 160، العبر: 2 / 144، دول الاسلام: 1 / 187، الوافي بالوفيات: 8 / 25 24، مرآة الجنان: 2 / 261، البداية والنهاية: 11 / 144، طبقات الاولياء: 61 59، شذرات الذهب: 2 / 258 257.
(1) في الاصل: " تسعين ".
(*)

(14/255)


امتحن بسبب الحلاج، وطلبه حامد الوزير وقال: ما الذي تقول في الحلاج ؟ فقال: مالك ولذاك ؟ عليك بما ندبت له من أخذ الاموال، وسفك الدماء.
فأمر به، ففكت أسنانه، فصاح: قطع الله يديك ورجليك.
ومات بعد أربعة عشر يوما، ولكن أجيب دعاؤه، فقطعت أربعة حامد.
قال السلمي: سمعت أبا عمرو بن حمدان يذكر هذا.
قال: وكان ابن عطاء ينتمي إلى المارستاني إبراهيم.
وقيل: إن ابن عطاء فقد عقله ثمانية عشر عاما، ثم ثاب إليه عقله.
ثبت الله علينا عقولنا وإيماننا، فمن تسبب في زوال عقله بجوع، ورياضة صعبة، وخلوة، فقد عصى وأثم، وضاهى من أزال عقله بعض يوم بسكر.
فما أحسن التقيد بمتابعة السنن والعلم.

161 - الوشاء * الشيخ الراوي، أبو علي، الحسن بن محمد بن عنبر بن شاكر البغدادي الوشاء.
سمع علي بن الجعد، ومنصور بن أبي مزاحم، وعلي بن المديني، وعبد الله بن عون الخراز، وعدة.
حدث عنه: أبو القاسم بن النخاس، وابن الشخير، وعلي بن عمر السكري، وآخرون.
ضعفه عبدا لباقي بن قانع.
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 414، الانساب: 584 / أ، المنتظم: 6 / 157، ميزان الاعتدال: 1 / 520، لسان الميزان: 2 / 251 250.
(*)

(14/256)


وقال الدارقطني: تكلموا فيه من جهة سماعه.
وأما أبو بكر البرقاني فوثقه.
مات في سنة ثمان وثلاث مئة ببغداد.
وفيها توفي: أبو خبيب بن البرتي، وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه، والمفضل بن محمد الجندي، وشعيب بن محمد الذارع، ومحمد ابن الحسن بن بدينا، وعبد الكريم بن إبراهيم بن حبان المصري.

162 - ابن البرتي *
الامام المحدث، أبو خبيب، العباس بن القاضي العلامة أحمد بن محمد بن عيسى البرتي.
سمع عبدالاعلى بن حماد النرسي، وأبا بكر بن أبي شيبة، وسوار بن عبد الله العنبري، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وعبد العزيز بن أبي صابر، وأبو حفص ابن شاهين، وأبو بكر بن المقرئ.
أثنى عليه بعض الحفاظ.
ومات في شوال سنة ثمان وثلاث مئة، عن بضع وثمانين سنة أو أكثر.

163 الجندي * * المقرئ المحدث الامام، أبو سعيد، المفضل بن محمد بن إبراهيم
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 153 152، الانساب: 71 / أ، المنتظم: 6 / 159 158، طبقات القراء للجزري: 1 / 352.
* * الانساب: 137 / ب، معجم البلدان: 2 / 170، العبر: 2 / 137، مرآة = (*)

(14/257)


ابن مفضل بن سعيد بن الامام عامر بن شراحيل الشعبي الكوفي، ثم الجندي.
حدث عن: الصامت بن معاذ الجندي، ومحمد بن أبي عمر العدني، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وأبي حمة محمد بن يوسف، وسلمة بن شبيب.
وقد روى القراءات عن طائفة كالبزي وغيره.
أخذ عنه: أبو بكر بن مجاهد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وحدث عنه أيضا أبو القاسم الطبراني، وأبو حاتم البستي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو جعفر العقيلي، وآخرون.
قال العقيلي: قدمت مكة ولابي سعيد الجندي حلقة بالمسجد الحرام.
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: هو ثقة.
قال أبو القاسم بن مندة: توفي سنة ثمان وثلاث مئة.

164 - الفرغاني * المحدث الثقة، أبو العباس، حاجب بن مالك بن أركين الضرير الفرغاني التركي، نزيل دمشق.
__________
= الجنان: 2 / 250، البداية والنهاية: 11 / 131، طبقات القراء للجزري: 2 / 307، لسان الميزان: 6 / 82 81، شذرات الذهب: 2 / 253، الرسالة المستطرفة: 60.
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 302، تاريخ بغداد: 8 / 272 271، الانساب: 424، تاريخ ابن عساكر: 4 / 39 / أ، المنتظم: 6 / 150، العبر: 2 / 132، شذرات الذهب: 2 / 249، تهذيب ابن عساكر: 3 / 430 429.
(*)

(14/258)


حدث عن الفلاس، ومحمد بن المثنى، وأبي سعيد الاشج، وابي عمر الدوري، وعلي بن حرب، وابن عبد الحكم وطبقتهم.
وعنه: أبو علي بن هارون، وأبو عمر بن فضالة، ومحمد بن سليمان الربعي، والميانجي، والطبراني، وأبو الشيخ، وخلق، ومحمد بن المظفر.
وثقه الخطيب (1).
وقال الدارقطني: ليس به بأس.
مات سنة ست وثلاث مئة.

165 - ابن ذريح *
الامام المتقن الثقة، أبو جعفر، محمد بن صالح بن ذريح البغدادي العكبري.
سمع جبارة بن المغلس، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا مصعب الزهري، وأبا ثور الكلبي، وطبقتهم.
وكان صاحب حديث ورحلة.
حدث عنه: إسحاق النعالي، وأبو بكر الاسماعيلي، ومحمد بن المظفر، وأبو حفص بن الزيات، وابن بخيت الدقاق، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
__________
(1) في " تاريخه " 8 / 271.
* تاريخ بغداد: 5 / 361، الانساب: 396 / أ، المنتظم: 6 / 152، العبر: 2 / 134، طبقات القراء للجزري: 2 / 155، شذرات الذهب: 2 / 251.
(*)

(14/259)


مات سنة سبع وثلاث مئة.
وقيل: توفي سنة ثمان.
وقيل: سنة ست.
فالله أعلم.
وثقوه، واحتجوا به.

166 - الحسن بن الطيب * ابن حمزة، المحدث الرحال، أبو علي الشجاعي البلخي، نزيل بغداد، ابن أخي الحافظ الحسن بن شجاع.
حدث ببغداد عن قتيبة بن سعيد، وهدبة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبي كامل الجحدري، وخلق كثير.
حدث عنه: إسماعيل الخطبي، وأبو بكر القطيعي، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وطائفة.
قال الدارقطني: لا يساوي شيئا، لانه حدث بما لم يسمع.
وكذا تكلم فيه ابن عقدة.
وقال البرقاني: ذاهب الحديث.
وأما الاسماعيلي فكان حسن الرأي فيه.
وقال مطين: كذاب.
مات في سنة سبع وثلاث مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
__________
* الكامل لابن عدي: 1 / 93 / ب، تاريخ بغداد: 7 / 336 333، المنتظم: 6 / 154، ميزان الاعتدال: 1 / 501، المغني في الضعفاء: 1 / 161، لسان الميزان: 2 / 216 215 (*)

(14/260)


167 - الجوني * الامام المحدث الثقة الرحال، أبوعمران، موسى بن سهل بن عبد الحميد الجوني البصري، نزيل بغداد.
سمع طالوت بن عباد، وعبد الواحد بن غياث، وهشام بن عمار، وعيسى بن حماد زغبة، ومحمد بن رمح، وأبا همام السكوني، ومحمد بن مصفى، وطبقتهم بالشام، ومصر، والعراق.
وعمر دهرا، وكان من الحفاظ.
حدث عنه: دعلج السجزي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، ومحمد ابن المظفر، وأبو بكر بن المقرئ، وعلي بن عمر السكري، وآخرون.
وثقه الدارقطني.
مات في رجب سنة سبع وثلاث مئة.
وبقي إلى هذا العام بمصر من يروي عن يحيى بن بكير وهو الحسين بن سعيد بن كامل، كتب عنه ابن يونس.

168 - الهيثم بن خلف * * ابن محمد بن عبدالرحمن بن مجاهد، المتقن الثقة، أبو محمد
__________
* تاريخ بغداد: 13 / 57 56، الانساب: 143 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 764 763، العبر: 2 / 135، طبقات الحفاظ: 321، شذرات الذهب: 2 / 251.
* * تاريخ بغداد: 14 / 63، المنتظم: 6 / 156، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 766 765، العبر: 2 / 135، البداية والنهاية: 11 / 131، طبقات الحفاظ: 322 321، شذرات الذهب: 2 / 251.
(*)

(14/261)


الدوري البغدادي.
سمع عبدالاعلى بن حماد النرسي، وعبيد الله القواريري، وعثمان ابن أبي شيبة، وإسحاق بن موسى الخطمي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر بن المقرئ، وابن لؤلؤ الوراق، وآخرون.
وكان من أوعية العلم، ومن أهل التحري والضبط.
مات في أوائل سنة سبع وثلاث مئة.
وفيها مات أبو يعلى الموصلي، ومحمود بن محمد الواسطي، وجعفر ابن أحمد بن سنان، ومحمد بن صالح بن ذريح، وأبو عمران الجوني، والحسن بن الطيب الشجاعي، ومحمد بن علي الفرقدي، وعبد الله بن علي بن الجارود، وأسامة بن أحمد التجيبي.

169 - الشطوي * الامام الفاضل، أبو أحمد، هارون بن يوسف الشطوي، ويعرف
قديما بابن مقراض.
سمع ابن أبي عمر العدني، وأبا مروان محمد بن عثمان العثماني.
والحسن بن عيسى بن ماسرجس، وطائفة.
وعنه: أبو بكر الجعابي: وأبو عبد الله بن العسكري، وعلي بن لؤلؤ، وعمر بن الزيات، والاسماعيلي، ووثقه.
توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 29.
(*)

(14/262)


170 - محمد بن شادل (1) * ابن علي، الامام المحدث المقرئ المعمر، أبو العباس الهاشمي مولاهم النيسابوري.
سمع أبا مصعب الزهري، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن سليمان لوينا، وعمرو بن زرارة، وهناد بن السري، والحسين بن الضحاك، وأحمد ابن حرب، وأبا مروان العثماني، وحرملة بن يحيى لعله لقيه بمكة، فإنه لم يرحل إلى مصر.
قال الحاكم: أخبرنا أبو محمد بن زياد: سألنا ابن شادل عن نسبه، فقال: محمد بن شادل بن علي بن برد بن سوار بن جعفر بن يزيد بن عبد الله الهاشمي.
حدث عنه: علي بن عيسى، وأحمد بن الخضر الشافعي، وعبد الله ابن سعد الحافظ، وأحمد بن سهل الانصاري، والقاضي يوسف الميانجي، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
قال الحاكم: سمعت طاهر بن أحمد الوراق يقول: توفي أبو العباس ابن شادل، وكان يختم القرآن كل يوم، وذهب بصره قبل موته بعشرين سنة.
توفي في يوم الاحد الثاني عشر من ربيع الاول سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
قال الحاكم: وسمعت أبا سعيد المؤذن يقول: توفي في صفر سنة تسع.
__________
* العبر: 2 / 150، شذرات الذهب: 2 / 263، تاج العروس: مادة (شدل).
(1) ضبطت في الاصل بفتح الدال، ووضع فوقها كلمة " صح ".
وضبط في " المشتبه " 385، والتوضيح الورقة 91، والتبصير 764: بكسر الدال، وقال الزبيدي في " تاج العروس ": " شادل كصاحب: أهمله الجوهري، وصاحب اللسان، وقال الصاغاني: علم، ومحمد بن شادل ابن علي النيسابوري: صاحب إسحاق بن راهوية، كذا في " التبصير ".
(*)

(14/263)


وقال أبو حامد أحمد الحاكم: كان صحيح الاصول، سمع ابن راهويه، ومحمد بن عثمان العثماني.
سألنا أبا العباس الماسرجسي عنه، فثبت سماعه من إسحاق.

171 - ابن المرزبان * الامام العلامة الاخباري أبو بكر، محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام المحولي البغدادي الآجري، صاحب التصانيف.
حدث عن: الزبير بن بكار، وأحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن أبي السري الازدي لا العسقلاني، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر بن الانباري، وأبو الفضل بن المتوكل، وأبو عمر ابن حيويه، وآخرون.
وقع لي قطعة من تآليفه، وله كتاب: " الحاوي في علوم القرآن "، وكتاب في: " الحماسة:، وكتاب: " المتيمين "، وكتاب: " أخبار الشعراء "، وغير ذلك.
وكان صدوقا.
مات في سنة تسع وثلاث مئة، في عشر الثمانين، أو جاوزها.
وفيها توفي حامد بن محمد بن شعيب، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وإسماعيل بن موسى الحاسب، والحلاج قتل، وعمر بن إسماعيل ابن أبي غيلان، ومحمد بن أحمد بن راشد بن معدان، وأبو العباس بن عطاء
__________
* فهرست ابن النديم: 214 213، تاريخ بغداد: 5 / 239 237، الانساب: 513، المنتظم: 6 / 165، العبر: 2 / 144، ميزان الاعتدال: 3 / 538، الوافي بالوفيات: 3 / 45 44، لسان الميزان: 5 / 157، النجوم الزاهرة: 3 / 203، شذرات الذهب: 2 / 258.
(*)

(14/264)


الصوفي، وجعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي، وعباد بن علي ثقاب اللؤلؤ، وعبد الرحمن بن عبدالمؤمن المهلبي محدث جرجان، ومحمد بن محمد بن عقبة أبو جعفر الشبلي.
172 -جعفرك * الامام الحافظ الرحال، أبو محمد، جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري الاعرج، نزيل حلب.
ويقال له: جعفرك.
حدث عن الحسن بن عرفة، وعبد الله بن هاشم، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعلي بن حرب الطائي، وإسحاق بن عبد الله الخشك، وعدة.
وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو علي النيسابوري الحافظان، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
وثقه غير واحد، ونعتوه بالحفظ والمعرفة، ولقيه ابن المقرئ بالموصل.
توفي سنة نيف عشرة وثلاث مئة.

173 - ابن جميل * *
الشيخ الثقة المعمر.
أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 204 203، المنتظم: 6 / 154، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 751 750، طبقات الحفاظ: 317.
* * ذكر أخبار أصبهان: 1 / 218، العبر: 2 / 145، شذرات الذهب: 2 / 259.
(*)

(14/265)


جميل الاصبهاني.
روى عن: أحمد بن منيع " مسنده ".
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو بكر بن المقرئ، وحفيده عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق.
قال ابن مردويه: سمعت عبيد الله يقول: عاش جدي مئة وسبع عشرة سنة، ومات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قلت: إن صح هذا في مولده، فما سمع الحديث إلا في الكهولة.
وقال أبو نعيم الحافظ (1): مات سنة عشر وثلاث مئة.

174 - العثماني * المحدث الصدوق المعمر، أبو عمر، عبيد الله بن عثمان الاموي العثماني البغدادي.
منعوت بالصدق.
سمع علي بن المديني، وعبد الاعلى بن حماد.
وعنه: محمد بن المظفر، وأبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وجماعة.
وكان من بقايا المسندين ببغداد.
بقي إلى سنة عشر وثلاث مئة.
ولا أعلم فيه جرحا.
وفيها مات محمد بن جرير، وأبو شيبة داود بن إبراهيم، وأبو بشر
__________
(1) في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 218.
* تاريخ بغداد: 10 / 348 347، المنتظم: 6 / 197.
(*)

(14/266)


الدولابي، وأحمد بن يحيى بن زهير التستري، والوليد بن أبان، وعلي بن العباس المقانعي، وفقيه بغداد أبو إسحاق إبراهيم بن جابر، وإسحاق بن إبراهيم بن جميل، وخالد بن محمد بن كولخش الصفار، ومحمد بن خلف ابن المرزبان، والحسن بن الحسين الصواف، والعباس بن الفضل الرازي.

175 - محمد بن جرير * ابن يزيد بن كثير، الامام العلم المحتهد، عالم العصر، أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة، من أهل آمل (1) طبرستان.
مولده سنة أربع وعشرين ومئتين، وطلب العلم بعد الاربعين ومئتين، وأكثر الترحال، ولقي نبلاء الرجال، وكان من أفراد الدهر علما، وذكاء، وكثرة تصانيف.
قل أن ترى العيون مثله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن أبي روح الهروي: أخبرنا زاهر
__________
* فهرست ابن النديم: 326، تاريخ بغداد: 2 / 169 162، طبقات الشيرازي: 93، الانساب: 367 / أ، المنتظم.
6 / 172 170، معجم الادباء 18 / 94 40، إنباه الرواة: 3 / 90 89 تهذيب الاسماء واللغات: 1 / 79 78، وفيات الاعيان 4 / 192 191، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 123 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 716 710، العبر: 2 / 146، ميزان الاعتدال: 3 / 499 498، طبقات القراء للذهبي: 1 / 213 212، دول الاسلام: 1 / 187، الوافي بالوفيات: 2 / 284 287، مرآة الجنان: 2 / 260، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 128 120، البداية
والنهاية: 11 / 145، 147، طبقات القراء للجزري: 2 / 108 106، لسان الميزان: 5 / 103 100، النجوم الزاهرة: 3 / 205، طبقات المفسرين للسيوطي: 30، طبقات الحفاظ: 308 307، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 114 106، شذرات الذهب: 2 / 260، الرسالة المستطرفة: 43.
(1) اسم أكبر مدينة بطبرستان، في السهل، لان طبرسنان سهل وجبل، خرج منها كثير من العلماء، يقال في نسبتهم: الطبري.
أنظر " معجم البلدان " 1 / 57.
(*)

(14/267)


المستملي، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا محمد بن جرير الفقيه، ومحمد بن إسحاق الثقفي قالا: حدثنا أحمد ابن منيع، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " (1).
حديث حسن غريب من أعلى ما عندي عن ابن جرير.
سمع محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، وإسماعيل بن موسى السدي، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ومحمد بن أبي معشر، حدثه بالمغازي عن أبيه، ومحمد بن حميد الرازي، وأحمد بن منيع، وأبا كريب محمد بن العلاء، وهناد بن السري، وأبا همام السكوني، ومحمد بن عبد الاعلى الصنعاني، وبندارا، ومحمد بن المثنى، وسفيان بن وكيع، والفضل بن الصباح، وعبدة بن عبد الله الصفار، وسلم بن جنادة، ويونس ابن عبدالاعلى، ويعقوب الدورقي، وأحمد بن المقدام العجلي، وبشر بن معاذ العقدي، وسوار بن عبد الله العنبري، وعمرو بن علي الفلاس، ومجاهد بن موسى، وتميم بن المنتصر، والحسن عرفة، ومهنا بن
يحيى، وعلي بن سهل الرملي، وهارون بن إسحاق الهمداني، والعباس بن الوليد العذري، وسعيد بن عمرو السكوني، وأحمد بن أخي ابن وهب،
__________
(1) أخرجه أبو داود (1776) والدارمى: 2 / 35 34، والترمذي (941)، والنسائي: 5 / 168 167، كلهم من طريق هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد: 1 / 337، ومسلم (1208) من طرق عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاووسا وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس..، وفي الباب عن عائشة عند البخاري: 9 / 114، ومسلم (1209) وأحمد: 6 / 164 و 194، والنسائي: 5 / 168.
(*)

(14/268)


ومحمد بن معمر القيسي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن عبد الله بن بزيع، وصالح بن مسمار المروزي، وسعيد بن يحيى الاموي، ونصر بن عبدالرحمن الاودي، وعبد الحميد بن بيان السكري، وأحمد بن أبي السراج الرازي، والحسن بن الصباح البزار، وأبا عمار الحسين بن حريث، وأمما سواهم.
واستقر في أواخر أمره ببغداد.
وكان من كبار أئمة الاجتهاد.
حدث عنه: أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني وهو أكبر منه وأبو القاسم الطبراني، وأحمد بن كامل القاضي، وأبو بكر الشافعي، وأبو أحمد بن عدي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، والقاضي أبو محمد بن زبر، وأحمد بن القاسم الخشاب، وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، وأبو جعفر أحمد بن علي الكاتب، وعبد الغفار بن عبيد الله الحضيني، وأبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، والمعلى بن سعيد، وخلق كثير.
قال أبو أبو سعيد بن يونس: محمد بن جرير من أهل آمل، كتب
بمصر، ورجع إلى بغداد، وصنف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه.
وقال الخطيب (1): محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب: كان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في
__________
(1) في " تاريخه " 2 / 163.
(*)

(14/269)


" أخبار الامم وتاريخهم "، وله كتاب: " التفسير " لم يصنف مثله، وكتاب سماه: " تهذيب الآثار " لم أر سواه في معناه، لكن لم يتمه، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة واختيار من أقاويل الفقهاء، وتفرد بمسائل حفظت عنه.
قلت: كان ثقة، صادقا، حافظا، رأسا في التفسير، إماما في الفقه والاجماع والاختلاف، علامة في التاريخ وأيام الناس، عارفا بالقراءات وباللغة، وغير ذلك.
قرأ القرآن ببيروت على العباس بن الوليد.
ذكر أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني: أن مولده بآمل.
وقيل: إن المكتفي أراد أن يحبس وقفا تجتمع عليه أقاويل العلماء، فأحضر له ابن جرير، فأملى عليهم كتابا لذلك، فأخرجت له جائزة، فامتنع من قبولها، فقيل له: لا بد من قضاء حاجة.
قال: أسأل أمير المؤمنين أن يمنع السؤال يوم الجمعة، ففعل ذلك.
وكذا التمس منه الوزير أن يعمل له كتابا في الفقه، فألف له كتاب: " الخفيف "، فوجه إليه بألف دينار، فردها.
الخطيب: حدثني أبو الفرج محمد بن عبيد الله الشيرازي الخرجوشي: سمعت أحمد بن منصور الشيرازي، سمعت محمد بن أحمد الصحاف السجستاني، سمعت أبا العباس البكري يقول: جمعت الرحلة بين ابن جرير، وابن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن هارون الروياني بمصر، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضر بهما الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا

(14/270)


ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل [ لاصحابه ]: أمهلوني حتى أصلي صلاة الخيرة.
قال: فاندفع في الصلاة، فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والي مصر يدق الباب، ففتحوا، فقال: أيكم محمد بن نصر ؟ فقيل: هو ذا.
فأخرج صرة فيها خمسون دينارا، فدفعها إليه، ثم قال: وأيكم محمد ابن جرير ؟ فأعطاه خمسين دينارا، وكذلك للروياني، وابن خزيمة، ثم قال: إن الامير كان قائلا (1) بالامس، فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا كشحهم، فأنفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم: إذا نفدت، فابعثوا إلي أحدكم (2).
وقال أبو محمد الفرغاني (3) في " ذيل تاريخه " على تاريخ الطبري، قال: حدثني أبو علي هارون بن عبد العزيز، أن أبا جعفر لما دخل بغداد، وكانت معه بضاعة يتقوت منها، فسرقت فأفضى به الحال إلى بيع ثيابه وكمي قميصه، فقال له بعض أصدقائه: تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان ؟ قال: نعم.
فمضى الرجل، فأحكم
له أمره، وعاد فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه، فقربه الوزير ورفع مجلسه، وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر، فاشترط عليه أوقات طلبه للعلم والصلوات والراحة، وسأل إسلافه رزق شهر، ففعل، وأدخل في
__________
(1) أي: نائما في القائلة: وهي نصف النهار.
وفعله: قال يقيل.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 165 164، و " معجم الادباء " 18 / 47 46 وما بين حاصرتين منهما، وسيكرر المؤلف هذه القصة في ترجمة محمد بن هارون الروياني ص 508 من هذا الجزء.
(3) هو عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، حدث بدمشق عن ابن جرير وغيره، وتوفي في جمادى الاولى سنة 362 ه وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب.
(*)

(14/271)


حجرة التأديب، وخرج إليه الصبي وهو أبويحيى، فلما كتبه أخذ الخادم اللوح، ودخلوا مستبشرين، فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير، فرد الجميع وقال: قد شورطت على شئ، فلا آخذ سواه.
فدرى الوزير ذلك، فأدخلته إليه وسأله، فقال: هؤلاء عبيد وهم لا يملكون.
فعظم ذلك في نفسه.
وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشئ فيقبله، ويكافئه أضعافا لعظم مروءته.
قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي يذكر أن المكتفي قال للوزير: أريد أن أقف وقفا.
فذكر القصة وزاد: فرد الالف على الوزير ولم يقبلها، فقيل له: تصدق بها.
فلم يفعل، وقال: أنتم أولى بأموالكم وأعرف بمن تصدقون عليه.
قال الخطيب: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي: أن محمد
ابن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
قال الخطيب: وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الاسفراييني الفقيه أنه قال: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرا.
قال الحاكم: سمعت حسينك بن علي يقول: أول ما سألني ابن خزيمة فقال لي: كتبت عن محمد بن جرير الطبري ؟ قلت: لا، قال: ولم ؟ قلت: لانه كان لا يظهر، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه، قال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم، وسمعت من أبي جعفر.
قال الحاكم: وسمعت أبا بكر بن بالويه يقول: قال لي أبو بكر بن

(14/272)


خزيمة: بلغني أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير ؟ قلت: بلى، كتبته عنه أملاء، قال: كله ؟ قلت: نعم، قال: في أي سنة ؟ قلت: من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ومئتين.
قال: فاستعاره مني أبو بكر، ثم رده بعد سنين، ثم قال: لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الارض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.
قال أبو محمد الفرغاني: تم من كتب محمد بن جرير كتاب: " التفسير " الذي لو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب، كل كتاب منها يحتوي على علم مفرد مستقصى لفعل.
وتم من كتبه كتاب: " التاريخ " إلى عصره: وتم أيضا كتاب: " تاريخ الرجال " من الصحابة والتابعين، وإلى شيوخه الذين لقيهم، وتم له كتاب: " لطيف القول في أحكام شرائع الاسلام "، وهو مذهبه الذي اختاره: وجوده: واحتج له: وهو ثلاثة وثمانون كتابا، وتم له كتاب: " القراءات والتنزيل والعدد " وتم له كتاب: " اختلاف علماء الامصار "، وتم له
كتاب: " الخفيف في أحكام شرائع الاسلام "، وهو مختصر لطيف، وتم له كتاب: " التبصير "، وهو رسالة إلى أهل طبرستان، يشرح فيها ما تقلده من أصول الدين، وابتدأ بتصنيف كتاب: " تهذيب الآثار " وهو من عجائب كتبه، ابتداء بما أسنده الصديق مما صح عنده سنده، وتكلم على كل حديث منه بعلله وطرقه، ثم فقهه، واختلاف العلماء وحججهم، وما فيه من المعاني والغريب، والرد على الملحدين، فتم منه مسند العشرة وأهل البيت والموالي، وبعض مسند ابن عباس، فمات قبل تمامه.
قلت: هذا لو تم لكان يجئ في مئة مجلد.
قال: وابتدأ بكتابه " السيط " فخرج منه كتاب الطهارة، فجاء في نحو من ألف وخمس مئة ورقة، لانه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة

(14/273)


والتابعين، وحجة كل قول، وخرج منه أيضا أكثر كتاب الصلاة، وخرج منه آداب الحكام.
وكتاب: " المحاضر والسجلات " وكتاب: " ترتيب العلماء " وهو من كتبه النفيسة، ابتدأه بآداب النفوس وأقوال الصوفية، ولم يتمه، وكتاب " المناسك " وكتاب: " شرح السنة " وهو لطيف، بين فيه مذهبه واعتقاده، وكتابه: " المسند " المخرج، يأتي فيه على جميع ما رواه الصحابي من صحيح وسقيم، ولم يتمه، ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود تكلم في حديث غدير خم (1)، عمل كتاب: " الفضائل " فبدأ بفضل أبي بكر، ثم عمر، وتكلم على تصحيح حدث غدير خم، واحتج لتصحيحه، ولم يتم الكتاب.
وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الاذى والشناعات، من جاهل، وحاسد، وملحد، فأما أهل الدين والعلم، فغير منكرين علمه، وزهده في الدنيا، ورفضه لها، وقناعته رحمه الله بما كان
يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة.
وحدثني هارون بن عبد العزيز قال: قال أبو جعفر: استخرت الله وسألته العون على ما نويته من تصنيف التفسير قبل أن أعمله ثلاث سنين، فأعانني.
القاضي أبو عبد الله القضاعي: حدثنا علي بن نصر بن الصباح، حدثنا أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار، وأبو القاسم بن عقيل الوراق: أن أبا جعفر الطبري قال لاصحابه: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا ؟ قالوا: كم قدره ؟ فذكر نحوه ثلاثين ألف ورقة، فقالوا: هذا مما تفنى
__________
(1) تقدم تخريج حديث غدير خم في الصفحة (203) من هذا الجزء.

(14/274)


الاعمار قبل تمامه ! فقال: إنا لله ! ماتت الهمم.
فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ولما أن أراد أن يملي التفسير قال لهم نحوا من ذلك، ثم أملاه على نحو من قدر التاريخ.
قال أحمد بن كامل القاضي: أربعة كنت أحب بقاءهم: أبو جعفر بن جرير، والبربري، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة، والمعمري، فما رأيت أفهم منهم ولا أحفظ.
قال الفرغاني: وحدثني هارون بن عبد العزيز: قال لي أبو جعفر الطبري: أظهرت مذهب الشافعي، واقتديت به ببغداد عشر سنين، وتلقاه مني ابن بشار الاحول أستاذ ابن سريج.
قال هارون: فلما اتسع علمه أداه اجتهاده وبحثه إلى ما اختاره في كتبه.
قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي قال: لما تقلد الخاقاني الوزارة وجه إلى أبي جعفر الطبري بمال كثير، فامتنع من قبوله، فعرض عليه القضاء
فامتنع، فعرض عليه المظالم فأبى، فعاتبه أصحابه وقالوا: لك في هذا ثواب، وتحيي سنة قد درست.
وطمعوا في قبوله المظالم، فباكروه ليركب معهم لقبول ذلك، فانتهرهم وقال: قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه.
قال: فانصرفنا خجلين.
أبو الفتح بن أبي الفوارس: أخبرنا محمد بن علي بن سهل بن الامام صاحب محمد بن جرير: سمعت محمد بن جرير وهو يكلم ابن صالح الاعلم، وجرى ذكر علي رضي الله عنه، ثم قال محمد بن جرير: من قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى، أيش هو ؟ قال: مبتدع.
فقال ابن جرير إنكارا عليه: مبتدع مبتدع ! هذا يقتل.
وقال مخلد الباقرحي: أنشدنا محمد بن جرير لنفسه:

(14/275)


إذا أعسرت لم يعلم رفيقي * وأستغني فيستغني صديقي حيائي حافظ لي ماء وجهي * ورفقي في مطالبتي رفيقي ولو أني سمحت بماء وجهي * لكنت إلى العلى سهل الطريق (1) وله: خلقان لا أرضى فعالهما * بطر الغنى ومذلة الفقر فإذا غنيت فلا تكن بطرا * وإذا افتقرت فته على الدهر (2) قال أبو محمد الفرغاني: حدثني أبو بكر الدينوري قال: لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي فيه في آخره ابن جرير طلب ماء ليجدد وضوءه، فقيل له: تؤخر الظهر تجمع بينها وبين العصر.
فأبى وصلى الظهر مفردة، والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها.
وحضر وقت موته جماعة منهم: أبو بكر بن كامل، فقيل له قبل خروج
روحه: يا أبا جعفر ! أنت الحجة فيما بيننا وبين الله فيما ندين به، فهل من شئ توصينا به من أمر ديننا، وبينة لنا نرجو بها السلامة في معادنا ؟ فقال: الذي أدين الله به وأوصيكم هو ما ثبت في كتبي، فاعملوا به وعليه.
وكلاما هذا معناه، وأكثر من التشهد وذكر الله عزوجل، ومسح يده على وجهه، وغمض بصره بيده، وبسطها وقد فارقت روحه الدنيا.
وكان مولده سنة أربع وعشرين ومئتين، ورحل من آمل لما ترعرع وحفظ القرآن، وسمح له أبوه في أسفاره، وكان طول حياته يمده بالشئ بعد
__________
(1) الابيات في " تاريخ بغداد " 2 / 165 و " المنتظم " لابن الجوزي: 6 / 171، و " معجم الادباء " 18 / 43، و " وفيات الاعيان " 4 / 192.
(2) البيتان في " تاريخ بغداد " 2 / 165، و " المنتظم " 6 / 171، و " معجم الادباء " 18 / 43.
(*)

(14/276)


الشئ إلى البلدان، فيقتات به، ويقول فيما سمعته: أبطأت عني نفقة والدي، واضطررت إلى أن فتقت كمي فميصي فبعتهما.
قلت: جمع طرق حديث: غدير خم، في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعة رواياته، وجزمت بوقوع ذلك.
قيل لابن جرير: إن أبا بكر بن أبي داود يملي في مناقب علي.
فقال: تكبيرة من حارس.
وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود، وكان كل منهما لا ينصف الآخر، وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود، فكثروا وشغبوا على ابن جرير، وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى.
وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلا الخير منه وبعضهم ينقل عنه أنه كان يجيز مسح الرجلين في الوضوء، ولم نر
ذلك في كتبه.
ولابي جعفر في تآليفه عبارة وبلاغة، فمما قاله في كتاب: " الآداب النفيسة والاخلاق الحميدة ": القول في البيان عن الحال الذي يجب على العبد مراعاة حاله فيما يصدر من عمله لله عن نفسه، قال: (إنه لا حالة من أحوال المؤمن يغفل عدوة الموكل به عن دعائه إلى سبيله، والقعود له رصدا بطرق ربه المستقيمة، صادا له عنها، كما قال لربه عز ذكره أذ جعله من المنظرين: (لاقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم) [ الاعراف 17 16 ] طمعا منه في تصديق ظنه عليه إذ قال لربه: (لئن أخرتني إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا) [ الاسراء: 62 ] فحق على كل ذي حجى أن يجهد نفسه في تكذيب ظنه، وتخييبه منه أمله وسعيه فيما أرغمه، ولا شئ من فعل العبد أبلغ في مكروهه من طاعته ربه، وعصيانه أمره، ولا شئ أسر إليه من عصيانه ربه، واتباعه أمره.

(14/277)


فكلام أبي جعفر من هذا النمط، وهو كثير مفيد.
وقد حكى أبو علي التنوخي في " النشوار " له، عن عثمان بن محمد السلمي قال: حدثني ابن منجو القائد قال: حدثني غلام لابن المزوق قال: اشترى مولاي جارية، فزوجنيها، فأحببتها وأبغضتني حتى ضجرت، فقلت لها: أنت طالق ثلاثا، لا تخاطبيني بشئ إلا قلت لك مثله، فكم أحتملك ؟ فقالت في الحال: أنت طالق ثلاثا.
فأبلست، فدللت على محمد بن جرير، فقال لي: أقم معها بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثا إن طلقتك.
فاستحسن هذا الجواب.
وذكره شيخ الحنابلة ابن عقيل، وقال: وله جواب آخر: أن يقول كقولها سواء: أنت طالق.
ثلاثا بفتح التاء فلا يحنث.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: وما كان يلزمه أن يقول لها ذلك على الفور فله التمادي
إلى قبل الموت.
قلت: ولو قال: أنت طالق ثلاثا، وقصد الاستفهام أو عنى أنها طالق من وثاق، أو عنى الطلق لم يقع طلاق في باطن الامر.
وله جواب آخر على قاعدة مراعاة سبب اليمين ونية الحالف، فما كان عليه أن يقول لها ما قالته، إذ من المعلوم بقرينة الحال استثناء ذلك قطعا، لانه ما قصد إلا أنها إذا قالت له ما يؤذيه أن يؤذيها بمثله، ولو جاوبها بالطلاق لسرت هي، ولتأذى هو، كما استثني من عموم قوله تعالى: (وأوتيت من كل شئ) [ النمل: 23 ] بقرينة الحال أنها لم يؤت لحية ولا إحليلا.
ومن المعلوم استثناؤه بالضرورة التي لم يقصدها الحالف قط لو حلف: لا تقولي لي شيئا إلا قلت لك مثله، أنها لو كفرت وسبت الانبياء فلم يجاوبها بمثل ذلك لاحسن.
ثم يقول طائفة من الفقهاء: إنه لم يحنث إلا أن يكون والعياذ بالله

(14/278)


قصد دخول ذلك في يمينه.
وأما على مذهب داود بن علي، وابن حزم، والشيعة، وغيرهم، فلا شئ عليه، ورأوا الحلف والايمان بالطلاق من أيمان اللغو، وأن اليمين لا تنعقد إلا بالله.
وذهب إمام (1) في زماننا إلى أن من حلف على حض أو منع بالطلاق، أو العتاق، أو الحج ونحو ذلك فكفارته كفارة يمين، ولا طلاق عليه.
قال ابن جرير في كتاب " التبصير في معالم الدين ": القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا، وذلك نحو إخباره تعالى أن سميع بصير، وأن له يدين بقوله: (بل يداه مبسوطتان) [ المائدة: 64 ] وأن له وجها بقوله: (ويبقى وجه
ربك) [ الرحمن: 27 ] وأنه يضحك بقوله في الحديث: " لقي الله وهو يضحك إليه " (2).
و " أنه ينزل إلى سماء الدنيا " لخبر رسوله بذلك (3)، وقال
__________
(1) هو شيخ الاسلام ابن تيمية، وقد جاء في هامش الاصل ما نصه: " أخطأ هذا الامام فيما ذهب إليه، وبدع بذلك، وحجر عليه، واعتقل غير مرة إلى أن مات.
وقد نقل الاجماع في المسألة على خلاف قوله جماعة من الائمة، ورد عليه غير واحد من المحققين، وبالله المستعان ".
(2) الحديث في " الصحيحين " وسيذكر المؤلف نصه في الصفحة (562) من هذا الجزء.
(3) أخرج مالك في " الموطأ " 1 / 214 في القرآن: باب ما جاء في الدعاء، والبخاري: 3 / 26 25 في التهجد: باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، و 11 / 110 في الدعوات: باب الدعاء نصف الليل، و 13 / 389 في التوحيد: باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله)، ومسلم (758) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، والترمذي (3498) وأبو داود (1315) كلهم من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعن أبي عبد الله الاغر، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ؟ ".
وقد شرح هذا الحديث شيخ الاسلام شرحا مفصلا في كتابه " حديث النزول " وهو مطبوع.
(*)

(14/279)


عليه السلام: " ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن " (1).
إلى أن قال: فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله نفسه ورسوله ما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية، لا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهائها إليه.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أخبرنا زين الامناء الحسن بن محمد، أخبرنا أبو القاسم الاسدي، أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أخبرنا عبدالرحمن بن أبي نصر التميمي، أخبرنا أبو سعيد الدينوري مستملي ابن جرير، أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بعقيدته، فمن ذلك: وحسب امرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى، فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر وهذا " تفسير " هذا الامام مشحون في آيات الصفات بأقوال ؟ ؟ على الاثبات لها، لا على النفي والتأويل، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين أبدا.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا المسلم بن أحمد المازني، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ ببعلبك سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، أخبرنا علي بن إبراهيم الحسيني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، قال: قرأت على أبي الحسن هبة الله بن الحسن الاديب لابن دريد.
قلت: يرثي ابن جرير: لن تستطيع لامر الله تعقيبا * فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبا وافزع إلى كنف التسليم وارض بما * قضى المهيمن مكروها ومحبوبا إن الرزية لا وفر تزعزعه * أيدي الحوادث تشتيتا وتشذيبا
__________
(1) أخرج الامام أحمد في " مسنده " 2 / 168، ومسلم في " صحيحه " (2654) من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم مصرف القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ".
= (*)

(14/280)


ولا تفرق ألاف يفوت بهم * بين يغادر حبل الوصل مقضوبا لكن فقدان من أضحى بمصرعه * نور الهدى وبهاء العلم مسلوبا إن المنية لم تتلف به رجلا * بل أتلفت علما للدين منصوبا
أهدى الردى للثرى إذ نال مهجته * نجما على من يعادي الحق مصبوبا كان الزمان به تصفو مشاربه * فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا كلا وأيامه الغر التي جعلت * للعلم نورا وللتقوى محاريبا لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا * ما استوقف الحج بالانصاب أركوبا إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة * أعاد منهجها المطموس ملحوبا لا يولج اللغو والعوراء مسمعه * ولا يقارف ما يشغيه بأنيبا تجلو مواعظة رين القلوب كما * يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا لا يأمن العجز والتقصير مادحه * ولا يخاف على الاطناب تكذيبا ودت بقاع بلاد الله لو جعلت * قبرا له لحباها جسمه طيبا كانت حياتك للدنيا وساكنها * نورا فأصبح عنها النور محجوبا لو تعلم الارض من وارت لقد خشعت * أقطارها لك إجلالا وترحيبا إن يندبوك فقد ثلت عروشهم * وأصبح العلم مرثيا ومندوبا ومن أعاجيب ما جاء الزمان به * وقد يبين لنا الدهر الاعاجيبا
__________
= وأخرج الترمذي (2141) من حديث أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " فقلت: يا رسول الله قد آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا ؟ قال: " نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج أحمد 4 / 182 بإسناد صحيح عن النواس بن سمعان: سمعت رسول الله صلى إليه عليه وسلم يقول: " ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه " وكان يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
والميزان بيد الرحمن عزوجل يحفضه ويرفعه ".
(*)

(14/281)


أن قد طوتك غموض الارض في لحف * وكنت تملا منها السهل واللوبا (1) قال أحمد بن كامل: توفي ابن جرير عشية الاحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاث مئة، ودفن في داره برحبة يعقوب يعني ببغداد.
قال: ولم يغير شيبه، وكان السواد فيه كثيرا، وكان أسمر إلى الادمة، أعين، نحيف الجسم، طويلا، فصيحا.
وشيعه من لا يحصيهم إلا الله تعالى، وصلي على قبره عدة شهور ليلا ونهارا.
إلى أن قال: ورثاه خلق من الادباء وأهل الدين، ومن ذلك قول أبي سعيد بن الاعرابي: حدث ؟ ؟ فظع وخطب جليل * دق عن مثله اصطبار الصبور قام ناعي الع ؟ ؟ أجمع لما * قام ناعي محمد بن جرير (2)
176 - محمد بن جرير بن رستم * أبو جعفر الطبري.
قال عبد العزيز الكتاني: هو من الروافض، صنف كتبا كثيرة في ضلالتهم، له كتاب: " الرواة عن أهل البيت " وكتاب: " المسترشد في الامامة ".
نقلته من خط الصائن.
__________
(1) الابيات في " ديوان ابن دريد " ص 69 67.
وانظر أيضا: " تاريخ بغداد " 2 / 167 - 169.
(2) أورد البيتين ابن عبد الهادي في " مختصر طبقات علماء الحديث " في ترجمته.
* ميزان الاعتدال: 3 / 499، لسان الميزان: 5 / 103، طبقات أعلام الشيعة: 250 - 253.
(*)

(14/282)


177 - علي بن سراج *
الامام الحافظ البارع، أبو الحسن بن أبي الازهر الحرشي مولاهم المصري، صاحب التصانيف، جال وكتب العالي والنازل (1).
وأخذ عن أبي عمير عيسى بن النحاس، وسعيد بن أبي زيدون القيسراني، ويوسف بن بحر، وسعيد بن عمرو السكوني، ومحمد بن عبد الرحمن بن الاشعث، وفهد بن سليمان، وأبي زرعة الدمشقي، وخلق كثير.
ونزل بغداد، وجمع وصنف.
حدث عنه أبو بكر الشافعي، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو أحمد العسال، وأبو بكر الجعابي، وأبو عمرو بن حمدان، وعلي بن عمر السكري، وآخرون.
قال الدارقطني: كان يحفظ الحديث.
وقال الخطيب: كان عارفا بأيام الناس وأحوالهم، حافظا.
وقيل: مات سنة ثمان وثلاث مئة في ربيع الاول.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 433 431، تاريخ ابن عساكر: 12 / 51 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 757 756، ميزان الاعتدال: 3 / 131، لسان الميزان: 4 / 231 230، طبقات الحفاظ: 318، شذرات الذهب: 2 / 252.
(1) كان الائمة المتقدمون يطلبون علو الاسناد، ويرغبون فيه، ويرحلون من أجله، لانه أبعد عن الخطأ والعلة من الاسناد النازل.
وأجل أنواع العلو ما قرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح نظيف خال من الضعف، بخلاف ما إذا كان مع ضعف، فعندها لا يلتفت إليه، لا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممن ادعى سماعا من الصحابة.
وانظر حول العالي والنازل " شرح الالفية للسخاوي " 3 / 26 3.
(*)

(14/283)


إلا أن الدارقطني قال: كان يشرب ويسكر (1).
كتب إلينا علي بن أحمد: أخبرنا أبو حفص المعلم، أخبرنا أبو بكر القاضي، أخبرنا محمد بن علي العباسي، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا علي ابن سراج الحافظ، حدثنا أبو عمير الرملي، حدثنا رواد بن الجراح، حدثنا سعيد بن بشير، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: قال رجل: يا رسول الله ! رآني رجل وأنا أصلي في السر، فسرني ذلك.
قال: " لك أجران: أجر السر، وأجر العلانية " (2).
178 - عبدالرحمن بن الحسين * ابن خالد، القاضي العلامة، شيخ أهل الرأي، بخراسان، أبو سعيد النيسابوري الحنفي.
سمع الحسن بن عيسى بن ماسرجس، ومحمد بن رافع، وعلي بن
__________
(1) ربما كان يشرب الطلاء المختلف فيه، أما أن يشرب ما هو متفق على تحريمه، فيستعبد صدوره من مثله.
(2) سعيد بن بشير ضعيف لكنه متابع، فقد رواه الترمذي (2385) في الزهد: باب عمل السر، وابن ماجه (4226) في الزهد: باب الثناء الحسن، من طريقين عن أبي داود، عن سعيد بن سنان الشيباني، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
قال الترمذي: " وقد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إذا اطلع عليه فأعجبه، فإنما معناه أن يعجبه ثناء الناس عليه بالخير لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنتم شهداء الله في الارض " فيعجبه ثناء الناس عليه لهذا لما يرجو بثناء الناس عليه.
فأما إذا أعجبه ؟ ؟ الناس منه الخير ليكرم على ذلك، ويعظم عليه فهذا رياء.
وقال بعض أهل العلم: إذا اطلع عليه فأعجبه رجاء أن يعمل بعمله فيكون له مثل أجورهم، فهذا له مذهب أيضا ".
* لم ؟ ؟ ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.
(*)

(14/284)


سلمة اللبقي، وسعدان بن نصر، وأقرانه ببغداد، وأبا زرعة، وأبا حاتم بالري.
حدث عنه: ابنه القاضي عبدالحميد، وأحمد بن هارون الفقيه، وطائفة.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان إمام أهل الرأي في عصره بلا مدافعة.
قلت: مات في سنة تسع وثلاث مئة بنيسابور عن نيف وثمانين سنة وكان بينه وبين ابن خزيمة واقع، بحيث إن أبا بكر صنع تلك المأدبة التي ما سمع لشيخ بمثلها، وشهدها ألوف من التجار والفقهاء اثر وفاة هذا القاضي.
رحم الله الجميع.
179 - ابن جابر * الامام المجتهد، صاحب التصانيف، أبو إسحاق، إبراهيم بن جابر البغدادي، الفقيه الثبت.
يروي في " الخلافيات " (1) عن: الحسين بن أبي الربيع، والرمادي.
وعنه: الطبراني، وأبو الفضل الزهري.
توفي سنة عشر وثلاث مئة.
__________
* فهرست ابن النديم: 306 305، طبقات العبادي: 73: 73، تاريخ بغداد: 6 / 54 53، طبقات الاسنوي: 1 / 345 344.
(1) كتاب الخلافيات: لابي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الشافعي، المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
قال التاج السبكي: " لم يسبق إلى نوعه، ولم يصنف مثله ".
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 34 33.
(*)

(14/285)


180 - ابن مكرم * الامام الحافظ البارع الحجة، أبو بكر، محمد بن الحسين بن مكرم البغدادي، نزيل البصرة.
سمع بشر بن الوليد الكندي، ومحمد بن بكار بن الريان،، وعبيد الله القواريري، ومنصور بن أبي مزاحم، وطبقتهم.
حدث عنه: محمد بن مخلد العطار، وابن عدي، والطبراني، والحسن ابن علي القطان، وأهل البصرة.
قال الدارقطني: ثقة.
وقال إبراهيم بن فهد: ما قدم علينا من بغداد أحد أعلم بالحديث من ابن مكرم قلت: توفي سنة تسع وثلاث مئة، وله بضع وتسعون سنة.
أكثر عنه الطبراني.

181 - القطان * * الحافظ المسند الثقة، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن يزيد بن الازرق الرقي المالكي القطان الجصاص، رحال مصنف.
سمع هشام بن عمار: وإبراهيم بن هشام الغساني، والوليد بن عتبة،
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 233، المنتظم: 6 / 165، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 126 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 736 735، العبر: 2 / 844، شذرات الذهب: 2 / 258.
* * تاريخ ابن عساكر: 5 / 1، تهذيب ابن عساكر: 4 / 305.
(*)

(14/286)


وإسحاق بن موسى الخطمي، ومخلد بن مالك، وطبقتهم.
حدث عنه: جعفر الخلدي، والحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو بكر ابن السني، وأبو حاتم البستي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو الفتح محمد بن الحسين الازدي، وأبو بكر بن المقرئ وخلق.
وثقه الدارقطني.
توفي في حدود سنة عشر وثلاث مئة.
182 - الطوسي * الامام الحافظ المجود، أبو علي، الحسن بن علي بن نصر بن منصور الطوسي.
سمع محمد بن يحيى، وأحمد بن حفص بن عبد الله، وأحمد بن الازهر، والفضل بن عبد الله بن خرم الهروي، وبندارا، وابن مثنى، وإسحاق بن شاهين، وابن عرفة، والزعفراني، ومحمد بن عمرو بن أبي مذعور، وأبا سعيد الاشج، وابن المقرئ، وطبقتهم.
وحدث بقزوين كرتين.
روى عنه: إسحاق بن محمد الكيساني، وابن سلمة القطان، ومحمد ابن سليمان بن يزيد الفامي، وعدة.
وكتب عنه شيخه أبو حاتم.
__________
* تاريخ جرجان: 144 143، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 263 262، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 788 787، ميزان الاعتدال: 1 / 509، لسان الميزان: 2 / 233 232، طبقات الحفاظ: 330، شذرات الذهب: 2 / 264.
(*)

(14/287)


قال الخليلي: ثقة، عالم بهذ الشأن.
سئل عنه ابن أبي حاتم، فقال: ثقة معتمد عليه.
قال الخليلي: أدركت من أصحابه نحو عشرة.
وله تصانيف حسان.
وقال الحاكم: يعرف بكردوش.
وقال أبو النضر الفامي: يعرف بمكردش.
قلت: روى عنه: أبو سهل الصعلوكي، وأحمد بن محمد بن عبدوس.
توفي على ما قاله الحاكم: بطوس سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.
وقال الخليلي: مات في طريق الغزو سنة ثمان وثلاث مئة.

183 - الوليد بن أبان * ابن بونة، الحافظ المجود العلامة، أبو العباس الاصبهاني، صاحب المسند الكبير والتفسير.
حدث عن: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأحمد بن الفرات، وعباس الدوري، وأسيد بن عاصم، ويحيى بن عبدك القزويني، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو الشيخ، والطبراني، ومحمد بن عبدالرحمن بن مخلد
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 335 334، الاكمال لابن ماكولا: 1 / 371، الانساب: 95 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 784، العبر: 2 / 147، مرآة الجنان: 2 / 250، النجوم الزاهرة: 3 / 206، طبقات الحفاظ: 329، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 360، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 72.
(*)

(14/288)


وأحمد بن عبيد الله بن محمود، والاصبهانيون.
مات سنة عشر وثلاث مئة، عن بضع وسبعين سنة.
وقد روى عنه أبو الشيخ كثيرا في تآليفه، وكان بصيرا بهذا الشأن، لا
يقع لنا حديثه إلا بنزول.

184 - الخزاعي الامام المقرئ، المحدث، أبو محمد، إسحاق بن أحمد بن إسحاق ابن نافع الخزاعي المكي، شيخ الحرم، جود القرآن على البزي، وعبد الوهاب بن فليح.
وحدث عن: ابن أبي عمر العدني بمسنده، وعن محمد بن زنبور، وأبي الوليد الازرقي.
وكان متقنا، ثقة، ذكر أنه تلا على ابن فليح مئة وعشرين ختمة.
وله مصنفات في القراءات.
قرأ عليه ابن شنبوذ، والمطوعي، ومحمد بن موسى الزينبي، وعدة.
وحدث عنه: ابن المقرئ، وإبراهيم بن عبد الرزاق الانطاكي.
وآخرون.
مات بمكة في ثامن رمضان سنة ثمان وثلاث مئة.
__________
* طبقات القراء للذهبي: 1 / 185 184، العبر: 2 / 137 136، الوافي بالوفيات: 8 / 403، البداية والنهاية: 11 / 131، العقد الثمين: 3 / 290، طبقات القراء للجزري: 1 / 156، شذرات الذهب: 2 / 252.
(*)

(14/289)


185 - المنبجي * الامام المحدث، القدوة العابد، أبو بكر، عمر بن سعيد، بن أحمد بن سعد بن سنان الطائي المنبجي.
سمع أبا مصعب الزهري، وهشام بن عمار، ودحيما، وأحمد بن أبي شعيب الحراني، ومحمد بن قدامة، وطبقتهم.
حدث عنه: الطبراني، وأبو حاتم بن حبان، وعبدان بن حميد المنبجي، وأبو أحمد بن عدي، وعبد الله بن عبدالملك المنبجي، وأبو الاسد محمد بن إلياس البالسي، وآخرون.
قال ابن حبان: كان قد صام النهار وقام الليل ثمانين سنة، غازيا مرابطا، رحمة الله عليه.
لم أظفر له بوفاة.
أخبرنا محمد بن علي الصالحي، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين ابن الحسن الاسدي، أخبرنا جدي، أخبرنا علي بن أبي العلاء الفقيه، أخبرنا عمر بن أحمد بن الوليد بمنبج، حدثنا أبو الأسد محمد بن إلياس، حدثنا عمر ابن سعيد المنبجي في سنة ست وثلاث مئة، حدثنا عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم، حدثنا الوليد، حدثنا عثمان بن المنذر، سمع القاسم بن محمد يحدث عن معاوية: " أنه أراهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ مسح الرأس وضع كفيه على مقدم رأسه، ثم مر بهما حتى بلغ القفا، ثم ردهما حتى بلغ المكان الذي منه بدأ ".
غريب (1)، والقاسم هذا: ثقفي من أهل دمشق،
__________
* الانساب: 542 / ب، تاريخ ابن عساكر: 13 / 114 / أ، معجم البلدان: 5 / 207، اللباب: 3 / 259.
(1) وأخرجه الامام أحمد: 4 / 94، وأبو داود (124) في الطهارة: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين عن الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء، حدثنا أبو الأزهر = (*)

(14/290)


روى عنه أيضا قيس بن الاحنف (1).

186 - البلخي * الامام المحدث الثبت، أبو العباس، حامد بن محمد بن شعيب بن
زهير البلخي ثم البغدادي، المؤدب.
حدث عن: محمد بن بكار بن الريان، وعبيد الله القواريري، وسريج بن يونس، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، وعلي بن لؤلؤ الوراق، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وعلي بن عمر السكري، وآخرون.
وثقه الدارقطني وغيره.
مولده في سنة ست عشرة ومئتين، ومات سنة تسع وثلاث مئة، عن ثلاث وتسعين سنة، وكان من بقايا المسندين.
__________
= المغيرة بن فروة وزاد أبو داود: ويزيد بن أبي مالك أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء، فتلقاها بشماله حتى وضعها على مقدم رأسه، حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه ".
وسنده صحيح، فقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث.
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 7 / 118: القاسم بن محمد الثقفي: روى عن معاوية وأسماء ابنة أبي بكر، روى عنه قيس بن الاحنف وعثمان بن المنذر.
سمعت أبي يقول ذلك.
* تاريخ بغداد: 8 / 170 169، المنتظم: 6 / 164، العبر: 2 / 144، شذرات الذهب: 2 / 258.
(*)

(14/291)


187 - ابن ميسر (1) * شيخ المالكية، أبو بكر، أحمد بن محمد بن خالد بن ميسر، الفقيه الاسكندراني، صاحب ابن المواز، وراوي كتابه.
صنف التصانيف، وانتهت إليه رئاسة المذهب بمصر.
توفي في رمضان سنة تسع وثلاث مئة لا وقيل: إنه حدث عن يزيد بن سعيد الاسكندراني.

188 - الحاسب * * الثقة المتقن، أبو أحمد، إسماعيل بن موسى البغدادي الحاسب.
سمع بشر بن الوليد، وجبارة بن المغلس، والقواريري.
وعنه: ابن المظفر، وأبو بكر الوراق.
توفي سنة تسع وثلاث مئة.

189 - ابن قتيبة * * * الامام الثقة، المحدث الكبير، أبو العباس، محمد بن الحسن بن قتيبة ابن زيادة اللخمي العسقلاني.
__________
(1) في الاصل " مبشر " بالشين المعجمة، وهو تصحيف، والتصويب من " مشتبه " المؤلف، و " تبصير " ابن حجر، وجميع المصادر التي ترجمت له.
* الديباج المذهب: 1 / 169، حسن المحاضرة: 1 / 449، شجرة النور الزكية: 1 / 80.
* * تاريخ بغداد: 6 / 297 296، المنتظم: 6 / 160.
* * * تاريخ ابن عساكر: 15 / 120 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 765 764، العبر: 2 / 147، طبقات الحفاظ: 321، شذرات الذهب: 2 / 261 260.
(*)

(14/292)


سمع صفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وإبراهيم بن هشام الغساني، ويزيد بن عبد الله بن موهب الرملي، ومحمد بن رمح، وعيسى ابن حماد، وحرملة بن يحيى، ومحمد بن يحيى الزماني، وعدة.
حدث عنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو علي النيسابوري، وأبو هاشم المؤدب، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
أكثر عنه ابن المقرئ، وكان مسند أهل فلسطين، ذا معرفة وصدق.
فارقه ابن المقرئ في سنة تسع وثلاث مئة، فلعله توفي سنة عشر، أو نحوها.
أخبرنا أحمد بن أبي الحسين، وسليمان بن أبي عمر، وغيرهما قالوا: أخبرنا محمد بن عبد الواحد كتابة، أخبرنا إسماعيل بن علي، أخبرنا محمد بن علي النحوي سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة، أخبرنا ابن قتيبة، وأبو عروية، وابن جوصاء قالوا: حدثنا كثير بن عبيد، أخبرنا الحسن، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب بالبنات " (1).
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عن ابن قتيبة اللخمي، فقال: ثقة.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 10 / 437 في الادب: باب الانبساط إلى الناس، ومسلم (2440) في فضائل الصحابة، من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن يتغيين منه، فيسر بهن يرسلهن إلي، فيلعبن معي ".
(*)

(14/293)


190 - عبد الله بن عروة *
الحافظ الامام البارع، أبو محمد الهروي، مصنف كتاب " الاقضية ".
سمع أبا سعيد الاشج، والزعفراني، ومحمد بن الوليد البسري، والحسن بن عرفة، وطبقتهم.
حدث عنه: محمد بن أحمد بن الازهري اللغوي، ومحمد بن عبد الله السياري، وأبو منصور محمد بن عبد الله البزار، وأهل هراة.
توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
أخبرنا الحسن بن علي بن الخلال.
أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، حدثنا عبد الله بن محمد الانصاري، حدثنا علي بن أحمد بن خميرويه، أخبرنا محمد بن أحمد بن الازهر إملاء، أخبرنا عبد الله ابن عروة، حدثنا محمد بن الوليد، عن غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم قال: " شهدت عثمان وعليا بمكة والمدينة، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى علي ذلك أهل بهما فقال: لبيك بحجة وعمرة.
فقال عثمان: تراني أنهى الناس وأنت تفعله ! قال: لم أكن لادع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس " (1).
__________
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 787 786، العبر: 2 / 148، طبقات الحفاظ: 330، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) أخرجه البخاري: 3 / 337 336 في الحج: باب التمتع والقران، من طريق محمد بن بشار، حدثنا غندر وهو محمد بن جعفر حدثنا شعبة، عن الحكم هو ابن عتبة عن علي بن الحسين، عن مروان.
وأخرجه الدارمي: 2 / 70 69 في الحج: باب القران، من = (*)

(14/294)


191 - ابن النفاح * الامام المحدث الثبت، المجود الزاهد القدوة، أبو الحسن، محمد ابن محمد بن عبد الله بن النفاح بن بدر الباهلي البغدادي، نزيل مصر ومحدثها.
سمع إسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وحفص ابن عمر الدوري المقرئ، وأخذ عنه الحروف، وجماعة.
حدث عنه: أبو سعيد بن يونس، وعبيد الله بن محمد بن خلف البزاز، وأبو الطيب العباس بن أحمد الهاشمي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر أحمد بن محمد المهندس، وآخرون.
قال ابن يونس: توفي في ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
قال: وكان ثقة، ثبتا، صاحب حديث، متللا من الدنيا.
وقال الحافظ حمزة الكناني: سمعت محمد بن محمد الباهلي يقول: بضاعتي قليلة، والله يجعل فيها البركة.
قلت: وقد سمع بدمشق من محمود بن خالد، وجود القرآن على أبي عمر الدوري، وعاش بضعا وثمانين سنة.
__________
= طريق سهل بن حماد، عن شعبة به.
وأخرجه النسائي: 5 / 148 في الحج: باب القران، من طريق إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا أبو عامر، عن شعبة.
وأخرجه أيضا من طريق عمران بن يزيد، عن عيسى بن يونس، عن الاشعث، عن مسلم البطين، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم.
* تاريخ بغداد: 3 / 214، الانساب: 565 / ب، المنتظم: 6 / 204، العبر: 2 / 159، طبقات القراء للذهبي: 1 / 198، الوافي بالوفيات: 1 / 99، البداية والنهاية: 11 / 154، طبقات القراء للجزري: 2 / 242، النشر في القراءات العشر: 1 / 180،
النجوم الزاهرة: 3 / 216، حسن المحاضرة: 1 / 350، شذرات الذهب: 2 / 269.
(*)

(14/295)


192 - السجزي * الامام الحافظ، أبو العباس، أحمد بن محمد بن الازهر بن حريث السجزي.
عن: سعيد بن يعقوب الطالقاني، وعلي بن حجر، وأبي حفص الفلاس، ومحمد بن رافع، والكوسج.
وعنه: أبو بكر بن علي الحافظ، وعبد العزيز بن محمد بن مسلم، وطائفة.
لكنه واه، ذكرته في " الميزان " (1).
توفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.
روى عنه ابن حبان، وتعجب من حفظه ومذاكرته، واتهمه.
فأما الثقة أبو الحسن أحمد بن محمد بن الفضل السجستاني (2) نزيل دمشق، فيروي عن: محمد بن المقرئ، وعلي بن خشرم، وأبي محمد الدارمي، وطبقتهم.
وعنه: جمح، والربعي، وابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، والقاضي الابهري.
مات سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 138، الانساب: 291 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 132 130، لسان الميزان: 1 / 254 253.
(1) 1 / 131 130.
(2) أفرد له المؤلف ترجمة خاصة في الصفحة 426 من هذا الجزء.
(*)

(14/296)


193 - الخلال * الامام العلامة الحافظ الفقيه، شيخ الحنابلة وعالمهم، أبو بكر، أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي الخلال.
ولد في سنة أربع وثلاثين ومئتين، أو في التي تليها، فيجوز أن يكون رأى الامام أحمد، ولكنه أخذ الفقه عن خلق كثير من أصحابه، وتلمذ لابي بكر المروذي.
وسمع من الحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، ويحيى بن أبي طالب، وحرب بن إسماعيل الكرماني، ويعقوب بن سفيان الفسوي لقيه بفارس، وأحمد بن ملاعب، والعباس بن محمد الدوري، وأي داود السجستاني، وعلي بن سهل بن المغيرة البزاز، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبي يحيى زكريا بن يحيى الناقد، وأبي جعفر محمد بن عبيد الله ابن المنادي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والحسن بن ثواب المخرمي، وأبي الحسن الميموني، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، ومحمد بن عوف الطائي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وأبي بكر الصاغاني، وخلق كثير.
ورحل إلى فارس، وإلى الشام، والجزيرة يتطلب فقه الامام أحمد وفتاويه وأجوبته، وكتب عن الكبار والصغار، حتى كتب عن تلامذته، وجمع فأوعى، ثم إنه صنف كتاب: " الجامع في الفقه " من كلام الامام، بأخبرنا وحدثنا، يكون عشرين مجلدا، وصنف كتاب: " العلل " عن أحمد
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 113 112، طبقات الشيرازي: 171، طبقات الحنابلة: 2 / 15 12، المنتظم: 6 / 174، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 786 785، العبر: 2 / 148، دول الاسلام: 1 / 188،
الوافي بالوفيات: 8 / 99، البداية والنهاية: 11 / 148، النجوم الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 330 329، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 38 37.
(*)

(14/297)


في ثلاث مجلدات، وألف كتاب: " السنة، وألفاظ أحمد، والدليل على ذلك من الاحاديث " في ثلاث مجلدات، تدل على إمامته وسعة علمه، ولم يكن قبله للامام مذهب مستقل، حتى تتبع هو نصوص أحمد، ودونها، وبرهنها بعد الثلاث مئة، فرحمه الله تعالى.
قال أبو بكر بن شهريار: كلنا تبع لابي بكر الخلال، لم يسبقه إلى جمع علم الامام أحمد أحد.
قلت: الرواية عزيزة عنه.
حدث عنه: الامام أبو بكر عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال، وأبو الحسين محمد بن المظفر، وطائفة.
قال الخطيب في " تاريخه " (1): جمع الخلال علوم أحمد وتطلبها، وسافر لاجلها، وكتبها، وصنفها كتبا، لم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أحد أجمع لذلك منه.
قال لي أبو يعلى بن الفراء: دفن أبو بكر الخلال إلى جنب أبي بكر المروذي.
قلت: توفي في شهر ربيع الاول سنة إحدى عشرة وثلاث مئة، وله سبع وسبعون سنة، ويقال: بل نيف على الثمانين.
أخبرنا الحسن بن يونس، وعيسى بن عبدالرحمن قالا: أخبرنا جعفر ابن علي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أنبأنا عبد العزيز بن جعفر، أخبرنا أحمد بن محمد بن هارون، حدثنا المروذي، حدثنا أحمد بن حنبل: سمعت سفيان
ابن عيينة يقول: فكرك في رزق غد يكتب عليك خطيئة.
__________
(1) 5 / 113 112.
(*)

(14/298)


194 - أبو جعفر بن حمدان * الامام الحافظ الزاهد القدوة، المجاب الدعوة، شيخ الاسلام، أبو جعفر، أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري النيسابوري، والد الشيخين: أبي العباس محمد، وأبي عمرو محمد.
مولده في حدود الاربعين ومئتين، أو قبل ذلك.
وسمع أحمد بن الازهر، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وعبد الرحمن ابن بشر، ومحمد بن يحيى الذهلي، فمن بعدهم ببلده، وارتحل وحج، وأخذ عن: أبي يحيى بن أبي ميسرة، وأبي عمرو بن أبي غرزة الغفاري، وإسماعيل القاضي، وعثمان بن سعيد الدارمي، والحسن بن علي بن زياد، ومعاذ بن نجدة، وأمثالهم.
وارتحل بولده أبي العباس إلى محمد بن أيوب البجلي وغيره، ثم ارتحل بابنه أبي عمرو إلى الحسن بن سفيان وأقرانه وصنف " الصحيح " المستخرج على " صحيح مسلم "، وكان من أوعية العلم.
حدث عنه: أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري الزاهد، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ، وعبد الله بن سعد، وأبو الوليد حسان بن محمد، وأبو العباس بن عقدة، وابناه، وطائفة.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول: لما بلغ أبي من
__________
* طبقات الصوفية: 334 332، تاريخ بغداد: 4 / 116 115، المنتظم: 6 / 176، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة
الحفاظ: 2 / 762 761، العبر: 2 / 148 147، الوافي بالوفيات: 6 / 360، مرآة الجنان: 2 / 264، طبقات الاولياء: 49 48، طبقات الحفاظ: 320، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 27.
(*)

(14/299)


كتاب مسلم إلى حديث محمد بن عباد، عن سفيان: " يسرا ولا تعسرا " (1) لم يجده عند أحد عن ابن عباد، فقيل له: هو عند أبي يعلى الموصلي، عن ابن عباد: فرحل إليه قاصدا من نيسابور لسماع هذا الحديث.
قلت: ورحل لاجل ولديه، قال: وخرج أبي على كبر السن إلى جرجان ليسمع من عمران بن موسى بن مجاشع حديث سويد بن سعيد، عن حفص بن ميسرة [ عن موسى بن عقبة ]، عن نافع، عن ابن عمر قال: " بينما الناس في صلاة الصبح إذ أتاهم آت.." وذكر الحديث (2)، وسمعته مع أبي.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو، سمعت أبي يقول: كل ما قال البخاري: قال لي فلان.
فهو مناولة وعرض (3).
وسمعت أبا عمرو يقول: كان أبي يحيي الليل.
__________
(1) أخرجه مسلم (1733) في الجهاد: باب في الامر بالتيسير وترك التنفير، من حديث أبي موسى الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: " يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا ".
(2) أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 195 في القبلة: باب ما جاء في القبلة، والبخاري: 1 / 424 في الصلاة: باب ما جاء في القبلة، و 8 / 131 في التفسير: با (وما جعلنا القبلة..) وباب (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب..) وباب (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه..) وباب (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام) وفي خبر
الواحد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم (526) في المساجد: باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، وأحمد: 2 / 16 و 26، والترمذي (341) والنسائي: 2 / 61 كلهم من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
(3) القراءة على الشيخ تسمى عندهم عرضا.
والمناولة: أن يعطي الشيخ للطالب أصل سماعه، أو فرعا مقابلا به ويقول له: هذا سماعي عن فلان فاروه عني، أو أجزت لك روايته عني.
ثم يبقيه معه ملكا له، أو يعيره إياه لينسخه، ويقابل به ثم يعيده إلى الشيخ.
أو (*)

(14/300)


الحاكم: سمعت أبا سعيد (1) الشعيبي، سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول: عرضت هذا الحديث يعني الحديث الذي أسنده بعد على ابن عقدة فقال: حدثناه شيخ طوال يقال له: ابن سنان.
فقلت: ذاك أبي.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله في سنة أربع وتسعين، عن عبد المعز بن محمد الهروي: أخبرنا زاهر بن طاهر في سنة سبع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو الحيري، حدثني أبي أبو جعفر، حدثنا أحمد بن الازهر بن منيع، حدثنا أبو النضر، حدثنا عبدالرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فسأل عن ذلك عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " مره: فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها إن شاء أو يمسكها، فإن تلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء " (2).
رواه الحاكم، عن أبي عمرو الحيري، فوافقناه بعلو.
__________
= يعطي الطالب للشيخ الكتاب، فينظره الشيخ ويتأمله وهو عارف متيقظ، ويوقن أنه أصل صحيح
وأنه من روايته، ثم يعيده الشيخ للطالب ويخبره بأنه من روايته، ويأذن له بأن يرويه عنه.
فهذه الصور كلها مناولة مقرونة بالاجازة، وهي أعلى أنواع الاجازة.
قال النووي: وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الزهري، وبيعة، ويحيى بن سعيد الانصاري، ومجاهد، والشعبي، وعلقمة، وإبراهيم، وأبي العالية، وأبي الزبير، وأبي المتوكل، ومالك، وابن وهب، وابن القاسم، وجماعات آخرين.
وقال الحافظ في " الفتح " 1 / 143: وقد ادعى ابن مندة أن كل ما يقول البخاري فيه: قال لي، فهو إجازة، وهي دعوى مردودة بدليل أني استقرأت كثيرا من المواضع التي يقول فيها في الجامع: قال لي، فوجدته في غير الجامع يقول فيها: حدثنا.
والبخاري لا يستجيز في الاجازة إطلاق التحديث، فدل على أنها عنده من المسموع، لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ.
واله أعلم.
(1) في الاصل " سعد " وما أثبتناه من " الانساب " و " تبصير المنتبه " و " اللباب ".
(2) سنده حسن وأورده المؤلف أيضا في " تذكرة الحفاظ " 2 / 762 بهذا الاسناد وقال: هذا غريب من هذا الوجه، قد رواه الحافظ ابن عقدة، عن أبي جعفر الحيري هذا = (*)

(14/301)


وبه: قال: أخبرني أبي أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا يحيى بن سعيد القطان.
وبه: قال: وأخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا عباس النرسي، حدثنا القطان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: " أنت جميلة ".
وبه: قال: أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الانماطي، حدثنا أبو قدامة، حدثنا يحيى القطان بهذا.
خرجه مسلم (1) عن أبي قدامة السرخسي.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: صحب الشيخ أبو جعفر أبا حفص
النيسابوري، والشاة بن شجاع (2).
وكان الجنيد يكاتبه، وكان أبو عثمان الحيري يقول: من أحب أن ينظر إلى سبل الخائفين فلينظر إلى أبي جعفر.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو يقول: توفي أبي في سنة إحدى عشرة
__________
= وقد صح هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
انظر " صحيح البخاري " 9 / 306 301 في أول الطلاق، ومسلم (1471) في أول الطلاق أيضا، و " الموطأ " 2 / 576 في الطلاق: باب ما جاء في الاقراء، وأبو داود (2179) (2180) (2182) (2183) (2184) (2185) والترمذي (1175) والنسائي: 6 / 141 137، و " المسند " 2 / 26 و 43 و 51 و 54 و 58 و 63 و 74 و 68 و 78 و 79 و 80 و 81 و 128 و 130 و 145.
(1) برقم (2139) في الآداب: باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن.
واسم أبي قدامة السرخسي: عبيد الله بن سعيد بن يحيى اليشكري.
وأخرجه أحمد في " مسنده " 2 / 18، وأبو داود (4952) والترمذي (2838) من طريق يحيى، عن عبيد الله، عن ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (3733) من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.
(2) هو أبو الفوارس شاه بن شجاع الكرماني.
ذكره السلمي في " طبقاته " ص 194 192 وقال: " كان من أولاد الملوك، وكان من أجلة الفتيان، وله رسالات مشهورة، والمثلثة التي سماها " مرآة الحكماء " مات قبل الثلاث مئة.
وانظر في ترجمته أيضا: " حلية الاولياء " 10 / 238 237.
(*)

(14/302)


وثلاث مئة، قبل ابن خزيمة بأيام، وكان أبي يختلف مع أبي عثمان إلى أبي حفص النيسابوري مدة.
قلت: مات ابن خزيمة في ثاني ذي القعدة من سنة إحدى عشرة وثلاث مئة، وقد كان الامام أبو جعفر ذكره يملا الفم.
خلف ولدين مشهورين: أبا العباس بن حمدان شيخ خوارزم، ومسند نيسابور أبا (1) عمرو بن حمدان.

195 - ابن الاشقر * الشيخ العالم الصدوق، أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الخليل ابن الاشقر، راوي " التاريخ الصغير " للبخاري عن مؤلفه، كان محدثا، معمرا، إماما، مفتيا.
سمع من: محمد بن سليمان لوين، والحسن بن عرفة، ويوسف بن موسى القطان، والحسين بن مهدي، ورجاء بن مرجى، وطائفة.
حدث عنه: محمد بن المظفر، وجبريل بن محمد الهمداني، وأبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأبو العباس أحمد بن زنبيل، وجماعة.
وولي قضاء كرخ بغداد.
وقد حدث بهمذان وبأصبهان، ورواياته في أهل تلك النواحي.
توفي سنة بضع عشرة وثلاث مئة.
__________
(1) في الاصل (أبو).
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 72، تاريخ بغداد: 10 / 118 117، الانساب: 39 / ب.
(*)

(14/303)


196 - أبو قريش * الامام العلامة الحافظ الكبير، أبو قريش، محمد بن جمعة بن خلف
القستاني الاصم، صاحب التصانيف.
ولد سنة نيف وعشرين ومئتين.
سمع أبا مسلم القهستاني، ومحمد بن حميد الرازي، وأحمد بن منيع، وأبا كريب محمد بن العلاء، ويحيى بن سليمان بن نضلة، ومحمد ابن زنبور، و عبد الجبار بن العلاء العطار، وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي، ويحيى بن حكيم، وأحمد بن المقدام العجلي، ومحمد بن المثنى، وسلم بن جنادة، ومحمد بن سهل بن عسكر، وسلمة بن شبيب، وطبقتهم بالري، والكوفة، والبصرة، والحجاز.
حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله بن يعقوب الاخرم، وأبو بكر بن علي الرازي، وأبو الحسين بن يعقوب الحجاجي، وأبو بكر الشافعي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو علي النيسابوري، وأحمد بن محمد ابن بالويه، وأبو حامد أحمد بن سهل الانصاري، وأبو عمرو بن حمدان، وخلق سواهم.
قال الحاكم: كان أبو قريش من الحفاظ المتقنين، كثير السماع والرحلة، جمع المسندين على الرجال وعلى الابواب، وصنف حديث الشيوخ الائمة: مالك، والثوري، وشعبة، ويحيى بن سعيد، وغيرهم،
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 170 169، الانساب: 466 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 132 / أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 767 766، العبر: 2 / 158، الوافي بالوفيات: 2 / 310 309، النجوم الزاهرة: 3 / 215، طبقات الحفاظ: 322، شذرات الذهب: 2 / 268.
(*)

(14/304)


وكان يذاكر بحديثهم، ويغلب كثيرا من الحفاظ.
إلى أن قال: وسمع
بواسط محمد بن حسان الازرق، وإسحاق بن حاتم.
وقال أبو بكر الخطيب (1): كان [ ضابطا ] حافظا، متقنا، كثير السماع والرحلة، يذاكر الحفاظ فيغلبهم.
وقال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: حدثنا أبو قريش الحافظ الثقة الايمن.
وقال الحاكم: توفي أبو قريش بقهستان سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قلت: فيها مات: أبو العباس السراج صاحب المسند.
ومحدث الكوفة عبد الله بن زيدان البجلي.
ومحدث سرخس أبو لبيد محمد بن إدريس السامي.
ومحدث حلب أبو الحسن علي بن عبدالحميد الغضائري.
ومحدث نسا أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون النسوي.
ومحدث دمشق جماهر بن محمد الازدي الزملكاني.
والمسند محدث نيسابور أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي.
والمسند أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أخبرنا عبد المعز بن محمد في كتابه، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد البالويي، حدثنا أبو قريش محمد بن جمعة، حدثنا عبدة بن عبد الله الصفار، حدثنا عبد الله بن حمران، حدثنا شعبة، حدثنا بيان بن بشر:
__________
(1) في " تاريخه " 2 / 169، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(14/305)


سمعت حمران يحدث عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من علم أن لا
إله إلا الله دخل الجنة " (1).
غريب تفرد به ابن حمران.
ولا يعلم العبد أنه لا إله إلا الله حتى يبرأ من كل دين غير الاسلام، وحتى بتلفظ بلا إله إلا الله موقنا بها، فلو علم وأبى أن يتلفظ مع القدرة يعد كافرا.

197 - المقدسي * الامام المحدث العابد الثقة، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن سلم ابن حبيب الفريابي الاصل المقدسي.
سمع محمد بن رمح، وحرملة بن يحيى، وجماعة بمصر، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيما، وعبد الله بن ذكوان بدمشق.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان ووثقه، والحسن بن رشيق، وأبو أحمد ابن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
وصفه ابن المقرئ بالصلاح والدين.
مات سنة نيف عشرة وثلاث مئة.
__________
(1) إسناده حسن ومتنه صحيح، فقد أخرجه أحمد في " مسنده " 1 / 65 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن أبي بشر العنبري، عن حمران بن أبان، عن عثمان.
وأخرجه أيضا 1 / 69، ومسلم (26) في الايمان: باب الدليل على ان من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، من طريق ابن علية، عن خالد الحذاء عن الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري، عن حمران، عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ".
* الانساب: 426 / ب، اللباب: 3 / 246.
(*)

(14/306)


198 - ابن أخي الامام * الشيخ المحدث، أبو محمد، عبدالرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز ابن الفضل الهاشمي الحلبي، ويعرف بابن أخي الامام.
سمع من عبدالرحمن بن عبيد الله الاسدي الحلبي ابن أخي الامام وهو سميه، ومحمد بن قدامة المصيصي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وبركة بن محمد الحلبي، وجماعة.
حدث عنه: أبو أحمد بن عدي، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبو بكر بن المقرئ، والقاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وآخرون.
وقيل: يكني أبا القاسم أيضا.
مات سنة بضع عشرة وثلاث مئة.

فأما سميه المحدث: أبو محمد
199 - عبدالرحمن بن عبيد الله * * ابن أحمد الاسدي الحلبي المعدل.
حدث عن: إبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن قدامة المصيصي، وأحمد بن حرب الطائي.
حدث عنه: عبد الله بن عبدي، ومحمد بن المظفر، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو طاهر محمد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان، وآخرون.
__________
* تاريخ ابن عساكر: 10 / 20 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 19.
* * تاريخ ابن عساكر: 10 / 20 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 18.
(*)

(14/307)


ويعرف هذا أيضا فيما قيل بابن أخي الامام، فصاروا ثلاثة، فهذان المتعاصران يشتبهان، بخلاف الكبير الذي هو شيخ أبي داود والنسائي.

200 - جعفر بن أحمد بن سنان * ابن أسد الواسطي القطان الحافظ، أبو محمد.
سمع أباه الحافط أبا جعفر القطان، وتميم بن المنتصر، وأبا كريب، وهناد بن السري، وسليمان بن عبيد الله، ومحمد بن بشار بندارا، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن عدي، والقاضي يوسف الميانجي، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو بكر بن المقرئ، وخلق كثير.
توفي سنة سبع وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الامناء، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الطيب، أخبرنا محمد بن أحمد الحيري، أخبرنا جعفر بن أحمد الحافظ، بواسط، أخبرنا تميم بن المنتصر، حدثنا إسحاق، عن سفيان، وشريك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء.." الحديث (1).
__________
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 752، طبقات الحفاظ: 316.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 1 / 175 174 في العلم: باب كيف يقبض العلم، وفي الاعتصام: باب ما يذكر من ذم الرأي..، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه، والترمذي (2654) في العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، من طرق = (*)

(14/308)


201 - الدولابي (1) *
الامام الحافظ البارع، أبو بشر، محمد بن أحمد بن حماد بن سعيد ابن مسلم الانصاري الدولابي الرازي الوراق.
سمعه الحسن بن رشيق يقول: ولدت في سنة أربع وعشرين ومئتين.
سمع محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وأحمد بن أبي سريج الرازي، وزياد بن أيوب، ومحمد بن منصور الجواز، وهارون بن سعيد الايلي، وموسى بن عامر المري، وأبا غسان زنيج، ومحمد بن إسماعيل بن علية.
وأبا إسحاق الجوزجاني، وأبا بكر محمد بن عبدالرحمن الجعفي، ويزيد بن عبد الصمد، ومحمد بن عوف الحمصي، وطبقتهم.
حدث عنه عبدالرحمن بن أبي حاتم، وأبو أحمد بن عدي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الحسن بن حيويه، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر أحمد بن محمد المهندس، وأبو حاتم بن حبان، وهشام بن محمد بن قرة
__________
= عن هشام بن عروة، عن أبيه: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ".
(1) ضبطت الدال في الاصل بالضم والفتح، وكتب فوق الحركتين " معا " إشارة إلى جواز الوجهين.
ولكن المؤلف نقل عن السمعاني في نهاية الترجمة روايته بالفتح، وتصحيح لذلك.
* الانساب: 233 / ب، المنتظم: 6 / 169، وفيات الاعيان: 4 / 353 352، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 760 759، العبر: 2 / 146 145، دول الاسلام: 1 / 187، ميزان الاعتدال: 3 / 459، الوافي بالوفيات: 2 / 36، البداية والنهاية: 11 / 145، لسان الميزان:
5 / 42 41، النجوم الزاهرة: 3 / 206، طبقات الحفاظ: 319، شذرات الذهب: 2 / 260، الرسالة المستطرفة: 120.
(*)

(14/309)


الرعيني، وآخرون.
قال الدارقطني: يتكلمون فيه، وما يتبين من أمره إلا خير.
وقال ابن عدي: هو متهم فيما يقوله في نعيم بن حماد لصلابته في أهل الرأي.
وقال ابن يونس: كان أبو بشر من أهل الصنعة، وكان يضعف.
قال: ومات بالعرج بين مكة والمدينة في ذي القعدة سنة عشر وثلاث مئة.
أخبرنا علي بن محمد، وإسماعيل بن عميرة قالا: أخبرنا الحسن بن صباح، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر، أخبرنا أحمد بن بهزاد الفارسي، حدثنا أبو بشر الدولابي، حدثنا محمد بن خلف، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أبدأ بما بدأ الله به: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) " (1).
أخبرنا ابن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا المؤيد بن الاخوة، أخبرنا سعيد بن أبي الرخاء، أخبرنا أحمد بن محمود، ومنصور بن الحسين قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد، حدثنا محمد بن عمرو أبو غسان، حدثنا حكام بن سلم، حدثنا عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدي، عن أنس قال: " قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 372 في الحج: باب البدء بالصفا في السعي، ومسلم (1218) في الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (1905)
وأحمد: 3 / 321 320، والطيالسي (1688) وابن ماجه (3074) والدارمي: 2 / 44، 49، والبيهقي: 5 / 9 7 كلهم من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.
(*)

(14/310)


وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين، وعمرو هو ابن ثلاث وستين ".
أخرجه مسلم (1)، عن أبي غسان.
قال السمعاني: فتح دال الدولابي أصح، ودولاب: من قرى الري.

202 - المروزي * الحافظ المجود، أبو عبد الله، محمد بن علي إبراهيم المروزي.
رحل وحمل عن بندار، وعلي بن خشرم، وخلق.
وعنه: ابن عقدة، والطبراني، وأبو بكر بن أبي دارم، وآخرون.
مات سنة ست وثلاث مئة.

203 - ابن سفيان * * الامام القدوة الفقيه، العلامة المحدث الثقة، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، من تلامذة أيوب بن الحسن الزاهد الحنفي.
وكان من أئمة الحديث.
سمع " الصحيح " من مسلم بفوت، رواه وجادء (2) وهو في الحج، وفي
__________
(1) برقم (2348) في الفضائل: باب كم سن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض.
* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
* * الكامل في التاريخ: 8 / 123، العبر: 2 / 136، دول الاسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 6 / 129 128، البداية والنهاية: 11 / 131، شذرات الذهب: 2 / 252.
(2) الوجادة: هي أن يأخذ الحديث من صحيفة من غير سماع، ولا إجازة، ولا مناولة.
وقوله: " بفوت " أي: فاته السماع في بعضه.
(*)

(14/311)


الوصايا، وفي الامارة، وذلك محرر مقيد في النسخ، يكون مجموعه سبعا وثلاثين قائمة.
وسمع من سفيان بن وكيع، وعمرو بن عبد الله الاودي، وعدة بالعراق، ومن محمد بن مقاتل الرازي، وموسى بن نصر بالري، ومن محمد ابن أبي عبدالرحمن المقرئ، وأقرانه بمكة، ومن محمد بن رافع، ومحمد ابن أسلم الطوسي ببلده، ولازم مسلما مدة، وبرع في علم الاثر.
حدث عنه: أحمد بن هارون الفقيه، والقاضي عبدالحميد بن عبد الرحمن، ومحمد بن أحمد بن شعيب، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، ومحمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، وآخرون.
قال ابن شعيب: ما كان في مشايخنا أزهد ولا أعبد من ابن سفيان.
وقال محمد بن يزيد العدل: كان ابن سفيان مجاب الدعوة.
وقال الحاكم: كان من العباد المجتهدين الملازمين لمسلم.
قال: وسمعت محمد بن أحمد بن شعيب يقول: توفي ابن سفيان عشية الاثنين، ودفن يومئذ، في رجب سنة ثمان وثلاث مئة، رحمه الله.
أخبرنا أبو الفضل بن عساكر: أنبأنا أبو روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد الاديب، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الفقيه، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا أبو سعيد الاشج، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، حدثنا أبي، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من شعر حكمة " (1)، غريب فرد دار على الاشج، وقد حدث
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي (2844) في الادب: باب ما جاء ان من الشعر
حكمة، من طريق أبي سعيد الاشج واسمه عبد الله بن سعيد عن يحيى بن عبدالملك به.
وفي الباب عن أبي بن كعب عند البخاري: 10 / 446 445 في الادب، وأبي داود (5010) وعن عبد الله بن عباس عند الترمذي (2848) وأبي داود (5011) بلفظ: " إن من الشعر حكما " قال ابن الاثير: " الحكم: الحكمة.
والمعنى: إن من الشعر كلاما يمنع عن الجهل والسفه، وينهى عنهما ".
(*)

(14/312)


به عنه أبو زرعة الرازي.

204 - الكعبي * العلامة، شيخ المعتزلة، أبو القاسم، عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي، المعروف بالكعبي، من نظراء أبي علي الجبائي، وكان يكتب الانشاء لبعض الامراء وهو أحمد بن سهل متولي نيسابور، فثار أحمد، ورام الملك، فلم يتم له، وأخذ الكعبي وسجن مدة، ثم خلصه وزير بغداد علي ابن عيسى، فقدم بغداد، وناظر بها.
وله من التصانيف كتاب: " المقالات "، وكتاب " الغرر "، وكتاب: " الاستدلال بالشاهد على الغائب "، وكتاب: " الجدل "، وكتاب: " السنة والجماعة "، وكتاب: " التفسير الكبير "، وكتاب في الرد على متنبئ بخراسان، وكتاب في النقض على الرازي في الفلسفة الالهية، وأشياء سوى ذلك.
قال محمد بن إسحاق النديم: توفي في أول شعبان سنة تسع وثلاث مئة.
كذا قال، وصوابه: سنة تسع وعشرين، وسيعاد.

205 - الحلاج * * هو الحسين بن منصور بن محمي، أبو عبد الله، ويقال: أبو مغيث،
__________
* الفرق بين الفرق: 167 165، الفصل في الملل والنحل: 4 / 203، تاريخ بغداد: 9 / 384، الملل والنحل: 1 / 78 76، الانساب: 485 / أ، المنتظم: 6 / 238، الكامل في التاريخ: 8 / 236، وفيات الاعيان: 3 / 45 العبر: 2 / 176، مرآة الجنان: 2 / 278، البداية والنهاية: 11 / 174، طبقات المعتزلة لابن المرتضي: 89 88، لسان الميزان: 3 / 256 255، شذرات الذهب: 2 / 281، طبقات الاصوليين: 1 / 171 170 * * صلة تاريخ الطبري: 94 79، طبقات الصوفية: 311 307، تجارب الامم 1 / 76 حوادث سنة 309، فهرست ابن النديم: 272 269، تاريخ بغداد: = (*)

(14/313)


الفارسي البيضاوي الصوفي.
والبيضاء: مدينة ببلاد فارس (1).
وكان جده محمي مجوسيا.
نشأ الحسين بتستر، فصحب سهل بن عبد الله التستري، وصحب ببغداد الجنيد، وأبا الحسين النوري، وصحب عمرو بن عثمان المكي.
وأكثر الترحال والاسفار والمجاهدة.
وكان يصحح حاله أبو العباس بن عطاء، ومحمد بن خفيف، وإبراهيم أبو القاسم النصر آباذي.
وتبرأ منه سائر الصوفية والمشايخ والعلماء لما سترى من سوء سيرته ومروقه، ومنهم من نسبه إلى الحلول، ومنهم من نسبه إلى الزندقة، وإلى الشعبذة والزوكرة، وقد تستر به طائفة من ذوي الضلال والانحلال، وانتحلوه وروجوا به على الجهال.
نسأل الله العصمة في الدين.
أنبأني ابن علان وغيره: أن أبا اليمن الكندي أخبرهم قال: أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني مسعود بن ناصر
__________
= 8 / 112 - 141، الانساب: 181، المنتظم: 6 / 164 160، الكامل في التاريخ: 8 / 126 - 129، وفيات الاعيان: 2 / 140 - 146، العبر: 2 / 138 - 144، ميزان الاعتدال: 1 / 548، دول الاسلام: 1 / 187، مرآة الجنان: 2 / 253 - 261، البداية والنهاية: 11 / 132 - 144، المختصر في أخبار البشر: 2 / 71 70، طبقا ت الاولياء: 187 - 188، لسان الميزان: 2 / 314 - 315، النجوم الزاهرة: 3 / 182 و 202 - 203، شذرات الذهب: 2 / 253 - 257، روضات الجنات: 226 - 237.
وانظر " أخبار الحلاج من جمع ماسبنيون (باريس 1957) و " ديوان الحلاج " جمع ما سينيون أيضا، نشر في المجلة الاسيوبة (باريس 1931) كما نشر ماسينيون " الاصول الاربعة " وهي تتعلق بسيرة الحلاج.
[ (1) قال ياقوت في " البلدان " 1 / 529: " وقال الاصطخري: البيضاء: أكبر مدينة في كورة اصطخر، وإنما سميت البيضاء، لان لها قلعة تبين من بعد ويرى بياضها، و ؟ ؟ ] (*) (دو سطر فوق نامفهوم)

(14/314)


السجزي، حدثنا ابن باكويه، أخبرني حمد بن الحلاج قال: مولد أبي بطور البيضاء، ومنشؤه تستر، وتلمذ لسهل سنتين، ثم صعد إلى بغداد.
كان يلبس المسوح، ووقا يلبس الدراعة، والعمامة والقباء، ووقتا يمشي بخرقتين، فأول ما سافر من تستر إلى البصرة كان له ثمان عشرة سنة، ثم خرج إلى عمرو المكي، فأقام معه ثمانية عشر شهرا، ثم إلى الجنيد، ثم وقع بينه وبين الجنيد لاجل مسألة، ونسبه الجنيد إلى أنه مدع، فاستوحش وأخذ والدتي، ورجع إلى تستر، فأقام سنة، ووقع له القبول التام، ولم يزل عمرو بن عثمان يكتب الكتب فيه بالعظائم حتى حرد أبي ورمى بثياب الصوفية، ولبس قباء، وأخذ في صحبة أبناء الدنيا.
ثم إنه خرج وغاب عنا خمس سنين، بلغ إلى ما وراء النهر، ثم رجع
إلى فارس، وأخذ يتكلم على الناس، ويعمل المجلس ويدعو إلى الله تعالى، وصنف لهم تصانيف، وكان يتكلم على ما في قلوب الناس، فسمي بذلك حلاج الاسرار، ولقب به.
ثم قدم الاهواز وطلبني، فحملت إليه، ثم خرج إلى البصرة، ثم خرج إلى مكة ولبس المرقعة، وخرج معه خلق، وحسده أبو يعقوب النهرجوري، وتكلم فيه، ثم جاء إلى الاهواز، وحمل أمي وجماعة من كبار أهل الاهواز إلى بغداد، فأقام بها سنة.
ثم قصد إلى الهند وما وراء النهر ثانيا، ودعا إلى الله، وألف لهم كتبا، ثم رجع، فكانوا يكاتبونه من الهند بالمغيث، ومن بلاد ماصين وتركستان بالمقيت، ومن خراسان بأبي عبد الله الزاهد، ومن خوزستان بالشيخ حلاج الاسرار.
__________
= معسكرا للمسلمين يقصدونها في فتح إصطخر..وهي تامة العمارة، خصبة جدا، بينها وبين شيراز ثمانية فراسخ ".
(*)

(14/315)


وكان ببغداد قوم يسمونه المصطلم، وبالبصرة المحير، ثم كثرت الاقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة، فقام وحج ثالثا، وجاور سنتين، ثم رجع وتغير عما كان عليه في الاول، واقتنى العقار ببغداد، وبنى دارا، ودعا الناس إلى معنى لم أقف عليه، إلا على شطر منه، ثم وقع بينه وبين الشبلي وغيره من مشايخ الصوفية، فقيل: هو ساحر.
وقيل: هو مجنون.
وقيل: هو ذو كرامات، حتى أخذه السلطان.
انتهى كلام ولده.
وقال السلمي: إنما قيل له: الحلاج، لانه دخل واسطا حلاج، وبعثه في شغل، فقال: أنا مشغول بصنعتي.
فقال: اذهب أنت حتى أعينك.
فلما رجع وجد كل قطن عنده محلوجا.
قال إبراهيم بن عمر بن حنظلة الواسطي السماك، عن أبيه: قال: دخل الحسين بن منصور واسطا، فاستقبله قطان، فكلفه الحسين إصلاح شغله والرجل يتثاقل فيه، فقال: اذهب فإني أعينك.
فذهب، فلما رجع، رأى كل قطن عنده محلوجا مندوفا، وكان أربعة وعشرين ألف رطل.
وقيل: بل لتكلمه على الاسرار.
وقيل: كان أبوه حلاجا.
وقال أبو نصر السراج: صحب الحلاج عمرو بن عثمان، وسرق منه كتبا فيها شئ من علم التصوف، فدعا عليه عمرو: اللهم اقطع يديه ورجليه.
قال ابن الوليد: كان المشايخ يستثقلون كلامه، وينالون منه لانه كان يأخذ نفسه بأشيائ تخالف الشريعة، وطريقة الزهاد، وكان يدعي المحبة لله، ويظهر منه ما يخالف دعواه.
قلت: ولا ريب أن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم علم لمحبة الله لقوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) [ آل عمران: 31 ].

(14/316)


أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا محمد بن الحضرمي، عن أبيه قال: كنت جالسا عند الجنيد، إذ ورد شاب عليه خرقتان، فسلم وجلس ساعة، فأقبل عليه الجنيد، فقال له: سل ما تريد أن تسأل.
فقال له: مالذي باين الخليقة عن رسوم الطبع ؟ فقال الجنيد له: أرى في كلامك فضولا، لم لا تسأل عن ما في ضميرك من الخروج والتقدم على أبناء جنسك ؟ فأقبل الجنيد يتكلم، وأخذ هو يعارضه، إلى أن قال له الجنيد، أي خشبة تفسدها ؟ يريد أنه يصلب.
قال السلمي: وسمعت أبا علي الهمداني يقول: سألت إبراهيم بن شيبان عن الحلاج، فقال: من أحب أن ينظر إلى ثمرات الدعاوي الفاسدة فلينظر إلى الحلاج وما صار إليه.
أبو عبد الله بن باكويه: حدثنا أبو الفوارس الجوزقاني: حدثنا إبراهيم ابن شيبان قال: سلم أستاذي أبو عبد الله المغربي على عمرو بن عثمان، فجاراه في مسألة، فجرى في عرض الكلام أن قال: هاهنا شاب عليذ جبل أبي قبيس.
فلما خرجنا من عند عمرو صعدنا إليه، وكان وقت الهاجرة، فدخلنا عليه، فإذا هو جالس [ في صحن الدار ] على صخرة في الشمس، والعرق يسيل منه على الصخرة، فلما نظر إليه المغربي رجع وأشار بيده: ارجع.
فنزلنا المسجد، فقال لي أبو عبد الله: إن عشت ترى ما يلقى هذا، قد قعد بحمقه يتصبر مع الله.
فسألنا عنه، فإذا هو الحلاج.
قال السلمي: حدثنا محمد بن عبد الله بن شاذان: سمعت محمد بن علي الكناني يقول: دخل الحلاج مكة، فجهدنا حتى أخذنا مرقعته، فأخذنا منها قملة، فوزناها، فإذا فيها نصف دانق (1) من شدة مجاهدته.
__________
(1) الدانق والدانق: من الا زان.
قال صاحب " اللسان ": هو سدس الدرهم، وأنشد ابن بري: = (*)

(14/317)


قلت: ابن شاذان متهم، وقد سمعنا بكثرة القمل، أما كبر القمل، فما وقع، ولو كان يقع، لتداوله الناس.
قال علي بن المحسن التنوخي (1): أخبرنا أبي: حدثني محمد بن عمر القاضي قال: حملني خالي معه إلى الحلاج، فقال لخالي: قد عملت على الخروج من البصرة.
قال: ولم ؟ قال: قد صيرني أهلها حديثا، حتى إن رجلا
حمل إلي دراهم وقال: اصرفها إلى الفقراء، فلم يكن بحضرتي أحد، فجعلتها تحت بارية (2)، فلما كان من غد احتف بي قوم من الفقراء، فشلت البارية وأعطيتهم تلك الدراهم، فشنعوا وقالوا: إني أضرب بيدي إلى التراب فيصير دراهم.
وأخذ يعدد مثل هذا، فقام خالي وقال: هذا متنمس (3).
قال النديم: قرأت بخط عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر: كان الحلاج مشعبذا محتالا، يتعاطى التصرف، ويدعي كل علم، وكان صفرا من ذلك، وكان يعرف في الكيمياء، وكان مقداما جسورا على السلاطين، مرتكبا للعظائم، يروم إقلاب الدول، ويدعي عند أصحابه الالهية، ويقول بالحلول، ويظهر التشيع للملوك، ومذاهب الصوفية للعامة، وفي تضاعيف ذلك يدعي أن الالهية حلت فيه، تعالى الله وتقدس عما يقول.
وقال ابن باكويه: سمعت أبا الحسن بن أبي توبة يقول: سمعت علي بن
__________
= يا قوم من يعذر من عجرد * القاتل المرء على الدانق (1) هو القاضي أبو القاسم، علي بن المحسن التنوخي.
من علماء المعتزلة، تقلد القضاء في عدة نواح، منها: المدائن وأذربيجان، وكان ظريفا نبيلا جيد النادرة.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
وسترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
وأبوه هو القاضي أبو علي المحسن بن أبي القاسم التنوخي الاديب الشاعر الاخباري صاحب " نشوار المحاضرة "، " والفرج بعد الشدة " المتوفي سنة 384 ه.
(2) هي الحصير المنسوج.
انظر " تاج العروس " مادة: بور، والمعرب ص 46 للجواليقي.
(3) أي: محتال.
(*)

(14/318)


أحمد الحاسب يقول: سمعت والدي يقول: وجهني المعتضد إلى الهند لامور أتعرفها له، فكان معي في السفينة رجل يعرف بالحسين بن منصور،
وكان حسن العشرة، فلما خرجنا من المركب قلت: لم جئت ؟ قال: لاتعلم السحر وأدعو الخلق إلى الله.
وكان على سطح كوخ فيه شيخ، فقال له: هل عندكم من يعرف شيئا من السحر ؟ قال: فأخرج الشيخ كبة من غزل، وناول طرفها الحسين، ثم رمى الكبة في الهواء، فصارت طاقة واحدة، ثم صعد عليها ونزل، وقال للحسين: مثل هذا تريد ؟.
وقال أبو القاسم التنوخي (1): سمعت أحمد بن يوسف الازرق: حدثني غير واحد من الثقات: أن الحلاج كان قد أنفذ أحد أصحابه إلى بلاد الجبل، ووافقه على حيلة يعملها، فسافر، وأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة، وإقراء القرآن والصوم، حتى إذا علم أنه قد تمكن أظهر أنه قد عمي، فكانى يقاد إلى مسجد، ويتعامى شهورا، ثم أظهر أنه قد زمن، فكان يحمل إلى المسجد، حتى مضت سنة على ذلك، وتقرر في النفوس زمانته وعماه، فقال [ لهم بعد ذلك ]: رأيت في النوم كأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي: إنه يطرق هذا البلد عبد مجاب الدعوة، تعافي على يده، فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء، فلعل الله أن أعافي.
فتعلقت النفوس بذلك العبد، ومضى الاجل الذي بينه وبين الحلاج، فقدم البلد، ولبس الصوف، وعكف في الجامع، فتنبهوا له، وأخبرو الاعمى، فقال: أحملوني إليه، فلما حصل عنده وعلم أنه الحلاج قال: يا عبد الله: إني رأيت مناما.
وقصه عليه، فقال: من أنا وما محلي ؟ ثم أخذ يدعو له، ومسح يده عليه، فقام
__________
(1) الخبر في " نشوار المحاضرة " 6 / 78 76، و " تاريخ بغداد " 8 / 123 122 وما بين حاصرتين منهما.
(*)

(14/319)


[ المتزامن ] صحيحا بصيرا، فانقلب البلد، وازدحموا على الحلاج،
فتركهم وسافر، وأقام المعافى شهورا، ثم قال لهم: إن من حق الله عندي، ورده جوارحي [ علي ] أن أنفرد بالعبادة، وأن أقيم في الثغر، وأنا أستودعكم الله.
فأعطاه هذا ألف درهم وقال: اغز بها عني.
وأعطاه هذا مئة دينار وقال: اخرج بها في غزوة.
وأعطاه هذا [ مالا، وهذا مالا ] حتى اجتمع له ألوف دنانير ودراهم، فلحق بالحلاج، وقاسمه عليها.
قال التنوخي: أخبرنا أبي قال: من مخاريق الحلاج: أنه كان إذا أراد سفرا ومعه من يتنمس عليه ويهوسه، قدم قبل ذلك من أصحابه الذين يكشف لهم الامر، ثم يمضي إلى الصحراء، فيدفن فيها كعكا، وسكرا، وسويقا، وفاكهة يابسة، ويعلم على مواضعها بحجر، فإذا خرج القوم وتعبوا قال أصحابه: نريد الساعة كذا وكذا.
فينفرد ويري أنه يدعو، ثم يجئ إلى الموضع فيخرج الدفين المطلوب منه.
أخبرني بذلك الجم الغفير.
وأخبروني قالوا: ربما خرج إلى بساتين البلد، فيقدم من يدفن الفالوذج الحار في الرقاق، والسمك السخن في الرقاق، فإذا خرج طلب منه الرجل في الحال الذي دفنه، فيخرجه هو.
ابن باكويه: سمعت محمد بن خفيف: سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول: دخل الحلاج مكة ومعه أربع مئة رجل، فأخذ كل شيخ من شيوخ الصوفية جماعة، فلما كان وقت المغرب جئة إليه، قلت: قم نفطر، فقال: نأكل على رأس أبي قبيس.
فصعدنا فلما أكلنا قال الحسين: لم نأكل شيئا حلوا ! قلت: أليس قد أكلنا التمر ؟ فقال (1): أريد شيئا مسته النار.
فهام وأخذ
__________
(1) في الاصل: قلت، وهو تصحيف.
(*)

(14/320)


ركوه، وغاب ساعة، ثم رجع ومعه جام حلواء، فوضعه بين أيدينا وقال:
بسم الله.
فأخذ القوم يأكلون وأنا أقول: قد أخذ في الصنعة التي نسبها إليه عمرو بن عثمان، فأخذت قطعة، ونزلت الوادي، ودرت على الحلاويين أريهم تلك الحلواء، وأسألهم، حتى قالت لي طباخة: لا يعمل هذا إلا بزبيد، إلا أنه لا يمكن حمله، فلا أدري كيف حمل ؟ فرجع رجل من زبيد إلى زبيد، فتعرف الخبر بزبيد: هل ضاع لاحد من الحلاويين جام علامته كذا وكذا ؟ وإذا به قد حمل من دكان إنسان حلاوي، فصح عندي أن الرجل مخدوم.
قال أبو علي ابن البناء فيما رواه عنه ابن ناصر بالاجازة: حرك الحلاج يده يوما، فنثر على من عنده دراهم.
فقال بعضهم: هذه دراهم معروفة، ولكن أؤمن بك إذا أعطيتني درهما عليه اسمك واسم أبيك.
فقال: وكيف وهذا لم يصنع ؟ قال: من أحضر من ليس بحاضر صنع ما لم يصنع.
فهذه حكاية منقطعة.
وقال التنوخي: أخبرنا أبي: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن زنجي الكاتب، عن أبيه قال: حضرت مجلس حامد الوزير، وقد أحضر السمري صاحب الحلاج وسأله عن أشياء من أمر الحلاج، وقال له: حدثني بما شاهدت منه.
فقال: إن رأى الوزير أن يعفيني، فعل.
فألح عليه، فقال: أعلم أني إن حدثتك كذبتني، ولم آمن عقوبة.
فأمنه، فقال: كنت معه بفارس فخرجنا إلى إصطخر (1) في الشتاء، فاشتهيت عليه
__________
(1) قال ياقوت: " إصطخر بالكسر وسكون الخاء المعجمة: بلدة من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها، قيل: كان أول من أنشأها إصطخر بن طهمورث ملك الفرس.
قال الاصطخري: بها كان مسكن ملك فارس حتى تحول أردشير إلى جور ".
انظر " معجم البلدان " 1 / 211.
(*)

(14/321)


خيارا، فقال لي: في مثل هذا المكان والزمان ؟ قلت: هو شئ عرض لي، فلما كان بعد ساعة قال: أنت على شهوتك ؟ قلت: نعم، فسرنا إلى جبل ثلج، فأدخل يده فيه، وأخرج إلي خيارة خضراء، فأكلتها.
فقال حامد: كذبت يا ابن مئة ألف زانية، أوجعوا فكه.
فأسرع إليه الغلمان، وهو يصيح [: أليس من هذا خفنا ؟ ] وأخرج، فأقبل حامد الوزير يتحدث عن قوم من أصحاب النيرنجات (1) أنهم كانوا يغدون بإخراج التين وما يجري مجراه من الفواكه، فإذا حصل في يد الانسان وأراد أن يأكله صار بعرا (2).
قلت: صدق حامد، هذا هو شغل أرباب السحر والسيمياء، ولكن قد يقوى فعلهم بحيث يأكل الرجل البعر ولا يشعر بطعمه.
قال ابن باكويه: حدثنا أبو عبد الله بن مفلح، حدثنا طاهر بن عبد الله التستري قال: تعجبت من أمر الحلاج، فلم أزل أتتبع وأطلب الحيل، وأتعلم النارنجيات لاقف على ما هو عليه، فدخلت عليه يوما من الايام، وسلمت وجلست ساعة، فقال لي: يا طاهر ! لا تتعن، فإن الذي تراه وتسمعه من فعل الاشخاص لا من فعلي، لا تظن أنه كرامة أو شعوذة.
فعل الاشخاص: يعني به الجن.
وقال التنوخي: أخبرنا أبي: سمعت أحمد بن يوسف الازرق: أن الحلاج لما قدم بغداد استغوى خلقا من الناس والرؤساء، وكان طعمه في الرافضة أقوى لدخوله في طريقهم، فراسل أبا سهل بن نوبخت
__________
(1) النيرنجات، بكسر النون: ضرب من الشعوذة والاحتيال والخداع فارسي معرب عن نيرنك، وفي الاصل: عن قوم كفاريجيات، وما أثبتناه من نشوار المحاضرة، وتاريخ بغداد.
(2) الخبر في " نشوار المحاضرة " 6 / 84 83، و " تاريخ بغداد " 8 / 136.
(*)

(14/322)


يستغويه، وكان أبو سهل فطنا، فقال لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها يمكن فيها الحيل، ولكني رجل غزل، ولا لذة لي أكبر من النساء، وأنا مبتلى بالصلع، فإن جعل لي شعرا ورد لحيتي سوداء، آمنت بما يدعوني إليه وقلت: إنه باب الامام، وإن شاء قلت: إنه الامام، وإن شاء قلت: إنه النبي، وإن شاء قلت: إنه الله.
فأيس الحلاج منه وكف.
قال الازرق: وكان يدعو كل قوم إلى شئ [ من هذه الاشياء ] حسب ما يستبله طائفة طائفة.
أخبرني جماعة من أصحابه: أنه لما افتتن به الناس بالاهواز وكورها بما يخرج لهم من الاطعمة والاشربة في غير حينها، والدراهم التي سماها دراهم القدرة، فحدث أبو علي الجبائي بذلك، فقال: هذه الاشياء يمكن الحيل فيها في منازل، لكن أدخلوه بيتا من بيوتكم وكلفوه أن يخرج منه جرزتين شوكا.
فبلغ الحلاج قوله، وأن قوما قد عملوا على ذلك، فسافر.
وفي " النشوار " للتنوخي (1): أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق الاهوازي قال: حدثني منجم ماهر قال: بلغني خبر الحلاج، فجئته كالمسترشد، فخاطبني [ وخاطبته ] ثم قال: تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به.
وكنا في بعض بلدان الجبل التي لا يكون فيها الانهار، فقلت: أريد سمكا طريا حيا، فقام، فدخل البيت، وأغلق بابه، وأبطأ ساعة، ثم جاءني وقد خاض وحلا إلى ركبته، ومعه سمكة تضطرب، وقال: دعوت الله، فأمرني أن أقصد البطائح، فجئت بهذه.
قال: فعلمت أن هذا حيلة، فقلت له: فدعني أدخل البيت، فإن لم تنكشف لي حيلة آمنت بك ؟.
قال:
شأنك.
فدخلت [ البيت ] وغلقت على نفسي، فلم أجد طريقا ولا حيلة،
__________
(1) 1 / 168 165 وما بين حاصرتين منه.
(*)

(14/323)


ثم قلعت من التأزير، ودخلت إلى دار كبيرة فيها بستان عظيم، فيه صنوف الاشجار، والثمار، والريحان، التي هو وقتها، وما ليس وقتها [ مما ] قد غطي وعتق واحتيل في بقائه، وإذا الخزائن مفتحة، فيها أنواع الاطعمة وغير ذلك، وإذا بركة كبيرة، فخضتها، فإذا رجلي قد صارت بالوحل كرجليه، فقلت: الآن إن خرجت ومعي سمكة قتلني، فصدت سمكة، فلما صرت إلى باب البيت أقبلت أقول: آمنت وصدقت، ما ثم حيلة، وليس إلا التصديق بك.
قال: فخرج.
وخرجت وعدوت، فرأى السمكة معي، فعدا خلفي، فلحقني، فضربت بالسمكة في وجهه وقلت له: أتعبتني حتى مضيت إلى البحر فاستخرجت هذه، فاشتغل بما لحقه من السمكة، فلما صرت في الطريق رميت بنفسي [ لما لحقني من الجزع والفزع ] فجاء إلي، وضاحكني وقال: ادخل.
فقلت: هيهات.
فقال: اسمع، والله لئن شئت قتلتك على فراشك، ولكن إن سمعت بهذه الحكاية لاقتلنك.
فما حكيتها حتى قتل.
قلت: هذا المنجم مجهول، أنا أستبعد صدقه.
ابن باكويه: سمعت علي بن الحسين الفارسي بالموصل، سمعت أبا بكر بن سعدان يقول: قال لي الحلاج: تؤمن بي حتى أبعث إليك بعصفور أطرح من ذرقها وزن حبة على كذا منا (1) نحاسا فيصير ذهبا ؟.
فقلت له: بل أنت تؤمن بي حتى أبعث إليك بفيل يستلقي فتصير قوائمه في السماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في إحدى عينيك.
قال: فبهت وسكت.
ويروى أن رجلا قال لحلاج: أريد تفاحة، ولم يكن وقته، فأومأ بيده
__________
(1) في " اللسان ": المن: لغة في المنا الذي يوزن به.
ونقل عن الجوهري قوله: المن: المنا، وهو رطلان، والجمع أمنان، وجمع المنا: أمناء.
(*)

(14/324)


إلى الهواء، فأعطاهم تفاحة وقال: هذه من الجنة.
فقيل له: فاكهة الجنة غير متغيرة، وهذه فيها دودة.
فقال: لانها خرجت من دار البقاء إلى دار الفناء، فحل بها جزء من البلاء.
فانظر إلى ترامي هذا المسكين على الكرامات والخوارق، فنعوذ بالله من الخذلان، فعن عمر رضي الله عنه أنه كان يتعوذ من خشوع النفاق.
قال ابن باكويه: حدثنا حمد بن الحلاج قال: ثم قدم أبي بغداد، وبنى دارا، ودعا الناس إلى معنى لم أقف إلا على شطر منه، حتى خرج عليه محمد ابن داود وجماعة من العلماء، وقتحوا صورته، ووقع بينه وبين الشبلي.
قال ابن باكويه: سمعت عيسى بن بزول القزويني يقول: إنه سأل ابن خفيف عن معنى هذه الابيات: سبحان من أظهر ناسوته * سر سنا لاهوته الثاقب تم بدا في خلقه ظاهرا * في صورة الآكل والشارب حتى لقد عاينه خلقه * كلحظة الحاجب بالحاجب فقال ابن خفيف: على قائل ذا لعنة الله.
قال: هذا شعر الحسين الحلاج.
قال: إن كان هذا اعتقاده، فهو كافر فربما يكون مقولا عليه (1).
السلمي (2) أخبرنا عبد الواحد بن بكر، سمعت أحمد بن فارس، سمعت الحلاج يقول: حجبهم الاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علوم القدرة لطاشوا.
__________
(1) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 41، والخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 8 / 129.
وانظر أيضا " المنتظم " لابن الجوزي: 6 / 162، و " البداية والنهاية " لابن كثير: 11 / 134.
(2) في " طبقات الصوفية " ص 308.
(*)

(14/325)


وقال: أسماء الله من حيث الادراك رسم (1)، ومن حيث الحق حقيقه.
وقال: إذا تخلص العبد إلى مقام المعرفة، أوحي إليه بخاطرة.
و [ قال: ] من التمس الحق بنور الايمان، كان كمن طلب الشمس بنور الكواكب.
وقال: ما انفصلت البشرية عنه، ولا اتصلت به.
ومما روي للحلاج: أنت بين الشغاف والقلب تجري * مثل جري الدموع من أجفاني وتحل الضمير جوف فؤادي * كحلول الارواح في الابدان يا هلالا بدا لاربع عشر * لثمان وأربع واثنتان (2) وله: مزجت روحي في روحك كما * تمزج الخمرة بالماء الزلال فإذا مسك شئ مسني * فإذا أنت أنا في كل حال (3) وعن القناد قال: لقيت يوما الحلاج في حالة رثة، فقلت له: كيف حالك ؟ فأنشأ يقول:
__________
(1) في " طبقات السلمي ": اسم.
(2) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 97 96، و " طبقات الصوفية " ص 309 و " أخبار الحلاج " ص 114 113.
(3) البيتان في " ديوان الحلاج " ص 82، و " تاريخ بغداد " 8 / 115 ورواية البيت الاول فيهما: مزجت روحك في روحي كما * تمزج الخمرة بالماء الزلال (*)

(14/326)


لئن أمسيت في ثوبي عديم * لقد بليا على حر كريم فلا يحزنك أن أبصرت حالا * مغيرة عن الحال القديم فلي نفس ستذهب أو سترقى * لعمرك بي إلى أمر جسيم (1) وفي سنة إحدى وثلاث مئة أدخل الحلاج بغداد مشهورا على جمل، قبض عليه بالسوس، وحمل إلى الرائشي، فبعث به إلى بغداد، فصلب حيا، ونودي عليه: هذا أحد دعاة القرامطة فاعرفوه.
وقال الفقيه أبو علي بن البناء: كان الحلاج قد ادعى أنه إله، وأنه يقول بحلول اللاهوت في الناسوت، فأحضره الوزير علي بن عيسى فلم يجده إذ سأله يحسن القرآن والفقه ولا الحديث.
فقال: تعلمك الفرض والطهور أجدى عليك من رسائل لا تدري ما تقول فيها.
كم تكتب ويلك إلى الناس: تبارك ذو النور الشعشعاني ؟ ! ما أحوجك إلى أدب ! وأمر به فصلب في الجانب الشرقي، ثم في الغربي.
ووجد في كتبه: إني معرق قوم نوح، ومهلك عاد وثمود.
وكان يقول للواحد من أصحابه: أنت نوح.
ولآخر: أنت موسى.
ولآخر: أنت محمد.
وقال: من رست قدمه في مكان المناجاة، وكوشف بالمباشرة، ولوطف بالمجاورة، وتلذذ بالقرب، وتزين بالانس، وترشح بمرأى الملكوت، وتوشح بمحاسن الجبروت، وترقى بعد أن توقى، وتحقق بعد أن تمزق، وتمزق بعد
أن تزندق، وتصرف بعد أن تعرف، وخاطب وما راقب، وتدلل بعد أن تذلل، ودخل وما استأذن، وقرب لما خرب، وكلم لما كرم، ما قتلوه وما صلبوه.
__________
(1) " ديوان الحلاج 2 ص 118 117.
وانظر أيضا " تاريخ بغداد " 8 / 117، و " البداية والنهاية " 11 / 134.
(*)

(14/327)


ابن باكويه: سمعت الحسين بن محمد المذاري يقول: سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول: دخل الحسين بن منصور مكة، فجلس في صحن المسجد لا يبرح من موضعه إلا للطهارة أو الطواف، لا يبالي بالشمس ولا بالمطر، فكان يحمل إليه كل عشية كوز وقرص، فيعض من جوانبه أربع عضات ويشرب.
أخبرنا المسلم بن محمد القيسي كتابة، أخبرنا الكندي، أخبرنا ابن زريق، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني محمد بن أبي الحسن الساجلي، عن أحمد بن محمد النسوي، سمعت محمد بن الحسين الحافظ، سمعت أبراهيم بن محمد الواعظ يقول: قتل أبو القاسم الرازي: قال أبو بكر بن ممشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل معه مخلاة، ففتشوها، فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه: من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان.
فوجه إلى بغداد فأحضر وعرض عليه، فقال: هذا خطي وأنا كتبته.
فقالوا: كنت تدعي النبوة صرت تدعي الربوبية ؟ ! قال: لا، ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله وأنا ؟ فاليد فيه آلة.
فقيل: هل معك أحد، قال: نعم، ابن عطاء، وأبو محمد الجريري، والشبلي.
فأحضر الجريري وسئل، فقال: هذا كافر، يقتل من يقول هذا.
وسئل الشبلي، فقال: من يقول هذا يمنع.
وسئل ابن عطاء، فوافق الحلاج، فكان سبب قتله.
قلت: أما أبو العباس بن عطاء فلم يقتل، وكلم الوزير بكلام غليظ لما سأله وقال: ما أنت وهذا، اشتغلت بظلم الناس.
فعزره.
وقال السلمي: حدثنا محمد بن عبد الله بن شاذان قال كان الوزير حين أحضر الحلاج للقتل حامد بن العباس، فأمره أن يكتب اعتقاده، فكتب اعتقاده، فعرضه الوزير على الفقهاء ببغداد، فأنكروه، فقيل لحامد: إن ابن عطاء يصوب قوله.
فأمر

(14/328)


به.
فعرض على ابن عطاء فقال: هذا اعتقاد صحيح، ومن لم يعتقد هذا فهو بلا اعتقاد.
فأحضر [ إلى ] الوزير، فجاء، وتصدر في المجلس، فغاظ الوزير ذلك، ثم أخرج ذلك الخط فقال: أتصوب هذا ؟ قال: نعم، مالك ولهذا ؟ عليك بما نصبت له من المصادرة والظلم، مالك وللكلام في هؤلاء السادة ؟ فقال الوزير: فكيه.
فضرب فكاه، فقال أبو العباس: اللهم إنك سلطت هذا علي عقوبة لدخولي عليه.
فقال الوزير: خفه يا غلام.
فنزع خفه.
فقال: دماغه.
فما زال يضرب دماغه حتى سال الدم من منخريه.
ثم قال: الحبس.
فقيل: أيها الوزير ؟ يتشوش العامة.
فحمل إلى منزله.
وروى أبو إسحاق البرمكي، عن أبيه، عن جده قال: حضرت بين يدي أبي الحسن بن بشار، وعنده أبو العباس الاصبهاني، فذاكره بقصة الحلاج، وأنه لما قتل كتب ابن عطاء إلى ابن الحلاج كتابا يعزيه عن أبيه، وقال: رحم الله أباك، ونسخ روحه في أطيب الاجساد.
فدل هذا على أنه يقول بالتناسخ، فوقع الكتاب في يد حامد، فأحضر أبا العباس بن عطاء وقال: هذا خطك ؟ قال: نعم.
قال: فإقرارك أعظم.
قال: فشيخ يكذب ؟ ! فأمر به، فصفع، فقال أبو الحسن بن بشار: إني لارجو أن يدخل الله حامد بن العباس الجنة بذلك الصفع.
قال السلمي (1): أكثر المشايخ ردوا الحلاج ونفوه، وأبوا أن يكون له قدم في التصوف، وقبله ابن عطاء، وابن خفيف، والنصر آباذي.
قلت: قد مر أن ابن خفيف عرض عليه شئ من كلام الحلاج، فتبرأ منه.
__________
(1) في " الطبقات " 308 307.
(*)

(14/329)


وقال محمد بن يحيى الرازي: سمعت عمرو بن عثمان يلعن الحلاج ويقول: لو قدرت عليه لقتلته بيدي.
فقلت: أيش وجد الشيخ عليه، قال: قرأت آية من كتاب الله فقال: يمكنني أن أؤلف مثله.
وقال أبو يعقوب الاقطع: زوجت ابنتي من الحسين بن منصور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر، محتال كافر.
وقال أبو يعقوب النعماني: سمعت أبا بكر محمد بن داود الفقيه يقول: إن كان ما أنزل الله على نبيه حقا، فما يقول الحلاج باطل.
وكان شديدا عليه.
السلمي: سمعت علي بن سعيد الواسطي بالكوفة يقول: ما تجرد أحد على الحلاج وحمل السلطان على قتله كما تجرد له ابن داود.
وبلغني أنه لما أخرج إلى القتل تغير وجه حامد بن العباس، فقال له بعض الفقهاء: لا تشكن أيها الوزير، إن كان ما جاء به محمد حقا، فما يقول هذا باطل.
السلمي: سمعت الحسين بن يحيى، سمعت جعفرا الخلدي وسئل عن الحلاج فقال: أعرفه وهو حدث، كان هو والفوطي يصحبان عمرا المكي وهو يحلج.
السلمي: سمعت جعفر بن أحمد يقول: سمعت أبا بكر بن أبي سعدان يقول: الحلاج مموه ممخرق.
قال السلمي: وبلغني أنه وقف على الجنيد، فقال: أنا الحق.
قال: بل أنت بالحق، أي خشبة تفسد.
السلمي: سمعت أبا بكر بن غالب يقول: سمعت بعض أصحابنا

(14/330)


يقول: لما أرادوا قتل الحلاج، أحضر لذلك الفقهاء، فسألوه: ما البرهان ؟ قال: شواهد يلبسها الحق لاهل الاخلاص، يجذب في النفوس إليها جاذب القبول.
فقالوا بأجمعهم: هذا كلام أهل الزندقة.
فنقول: بل من وزن نفسه، وزمها (1) بالكتاب والسنة، فهو صاحب برهان وحجة، فما أخيب سهم من فاته ذلك ! قال ابن الجوزي فيما أنبأوني عنه: إن شيخه أبا بكر الانصاري أنبأه قال: شهدت أنا وجماعة على أبي الوفاء بن عقيل قال: كنت قد اعتقدت في الحلاج ونصرته في جزء، وأنا تائب إلى الله منه، وقد قتل بإجماع فقهاء عصره، فأصابوا وأخطأ هو وحده.
السلمي: سمعت منصور بن عبد الله: سمعت الشبلي يقول: كنت أنا والحلاج شيئا واحدا، إلا أنه أظهر وكتمت.
وسمعت منصورا يقول: وقت الشبلي عليه وهو مصلوب، فنظر إليه وقال: ألم ننهك عن العالمين ؟ ! أبو القاسم التنوخي: أخبرنا أبي: حدثني حسين بن عباس عمن حضر مجلس حامد وجاؤوه بدفاتر الحلاج، فيها: إن الانسان إذا أراد الحج فإنه يستغني عنه بأن يعمد إلى بيت في داره، فيعمل فيه محرابا، ويغتسل ويحرم، ويقول كذا وكذا، ويصلي كذا وكذا، ويطوف بذلك البيت، فإذا فرغ فقد
سقط عنه الحج إلى الكعبة.
فأقر به الحلاج وقال: هذا شئ رويته كما سمعته.
فتعلق بذلك عليه الوزير، واستفتى القاضيين: أبا جعفر أحمد بن البهلول، وأبا عمر محمد بن يوسف، فقال أبو عمر: هذه زندقة بجب بها القتل.
وقال أبو جعفر: لا يجب بهذا قتل إلا أن يقر أنه يعتقده، لان الناس قد
__________
(1) أي قيدها وجعل لها زماما.
(*)

(14/331)


يروون الكفر ولا يعتقدونه، وإن أخبرنا أنه يعتقده استتيب منه، فإن تاب فلا شئ عليه، وإلا قتل.
فعمل الوزير على فتوى أبي عمر على ما شاع وذاع من أمره، وظهر من إلحاده وكفره، فاستؤذن المقتدر في قتله، وكان قد استغوى نصرا القشوري من طريق الصلاح والدين، لا بما كان يدعو إليه، فخوف نصر السيدة أم المقتدر من قتله وقال: لا آمن أن يلحق ابنك عقوبة هذا الصالح.
فمنعت المقتدر من قتله، فلم يقبل، وأمر حامدا بقتله، فحم المقتدر يومه ذلك، فازداد نصر وأم المقتدر افتتانا، وتشكك المقتدر، فأنفذ إلى حامد يمنعه من قتله، فأخر ذلك أياما إلى أن عوفي المقتدر.
فألح عليه حامد وقال: يا أمير المؤمنين ! هذا إن بقي قلب الشريعة، وارتد خلق على يده، وأدى ذلك إلى زوال سلطانك، فدعني أقتله، وإن أصابك شئ فاقتلني.
فأذن له في قتله، فقتله من يومه، فلما قتل قال أصحابه: ما قتل وإنما قتل برذون كان لفلان الكاتب، نفق (1) يومئذ وهو يعود إلينا بعد مدة، فصارت هذه الجهالة مقالة طائفة.
قال: وكان أكثر مخاريق الحلاج أنه يظهرها كالمعجزات، يستغوي بها ضعفة الناس.
قال أبو علي التنوخي: أخبرني أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي قال: أخبرني جماعة أن أهل مقالة الحلاج يعتقدون أن اللاهوت الذي كان فيه
حال في ابن له بتستر، وأن رجلا فيها هاشم يقال له: أبو عمارة محمد بن عبد الله قد حلت فيه روح محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يخاطب فيهم بسيدنا.
قال التنوخي الازرق: فأخبرني بعض من استدعاه من الحلاجية إلى أبي عمارة هذا إلى مجلس، فتكلم فيه على مذهب الحلاج ويدعو إليه.
قال: فدخلت وظنوا أني مسترشد، فتكلم بحضرتي والرجل أحول، فكان
__________
(1) أي: مات.
قال في اللسان: نفق الفرس والدابة وسائر البهائم ينفق نفوقا: مات.
(*)

(14/332)


يقلب عينيه إلي فيجيش خاطره بالهوس، فلما خرجنا قال لي الرجل: آمنت ؟ فقلت: أشد ما كنت تكذيبا لقولكم الآن، هذا عندكم بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم ! ؟ لم لا يجعل نفسه غير احول ؟ فقال: يا أبله ! وكأنه أحول، إنما يقلب عينيه في الملكوت.
قال أبو علي التنوخي: أخبرني أبو العباس المتطبب أحد مسلمي الطب الذين شاهدتهم: إن حي نور بن الحلاج بتستر، وإنه يلتقط دراهم من الهواء ويجمعها ويسميها دراهم القدرة، فأحضروا منها إلى مجمع كان لهم، فوضعوها واتخذوا أولئك يشهدون له أنه التقطها من الجو، يغرون بها قوما غرباء، يستدعونهم بذلك، ويرون أن قدر حي نور أجل من أن يمتحن كل وقت، فما وضعت الدراهم في منديل قلبتها فإذا فيها درهم زائف، فقلت: أهذه دراهم القدرة كلها ؟ قالوا: نعم.
فأريتهم الدرهم الزيف، فتفرقت الجماعة وقمنا، وكان حي نور قد استغوى قائدا ديلميا على تستر، ثم زاد عليه في المخرقة الباردة، فانهتك له، فقتله.
فمن بارد مخاريقه: أنه أحضر جرابا وقال له: إذا حزبك أمر أخرجت لك من هذا الجراب ألف تركي بسلاحهم ونفقتهم.
فسقط من عينه واطرحه، فجاء إليه بعد مدة وقال: أنا أرد يد الملك
أحمد بن بويه المقطوعة صحيحة، فأدخلني إليه.
فصاح عليه وقال: أريد أن أقطع يدك، فإن رددتها حملتك إليه، فاضطرب من ذلك، فرماه بشئ كانت فيه منيته، فبعثه سرا فغرقه.
قال علي بن محمود الزوزني: سمعت محمد بن محمد بن ثوابة يقول: حكى لي زيد القصري قال: كنت بالقدس، إذ دخل الحلاج، وكان يومئذ يشعل فيه قنديل قمامة بدهن البلسان (1)، فقام الفقراء إليه يطلبون منه
__________
(1) البلسان: شجر كثير الاوراق، ينبت بمصر، وله دهن معروف.
(*)

(14/333)


شيئا، فدخل بهم إلى القمامة، فجلس بين الشمامسة (1)، وكان عليه السواد، فظنوه منهم، فقال لهم: متى يشعل القنديل ؟ قالوا: إلى أربع ساعات.
فقال: كثير.
فأومأ بأصبعه، فقال: الله.
فخرجت نار من يده، فأشعلت القنديل، واشتعلت ألف قنديل حواليه، ثم ردت النار إلى أصبعه، فقالوا: من أنت ؟ قال: أنا حنيفي، أقل الحنيفيين، تحبون أن أقيم أو أخرج ؟ فقالوا: ما شئت.
فقال: أعطوا هؤلاء شيئا.
فأخرجوا بدرة (2) فيها عشرة آلاف درهم للفقراء.
فهذه الحكاية وأمثالها ما صح منها فحكمه أنه مخدوم من الجن.
قال التنوخي (3): وحدثني أحمد بن يوسف الازرق قال: بلغني أن الحلاج كان لا يأكل شيئا شهرا، فهالني هذا، وكان بين أبي الفرج وبين روحان الصوفي مودة (4)، وكان محدثا صالحا، وكان القصري غلام الحلاج زوج أخته، فسألته [ عن ذلك ] فقال: أما ما كان الحلاج يفعله فلا أعلم كيف كان يتم له، ولكن صهري القصري قد أخذ نفسه، ودرجها، حتى صار يصبر عن الاكل خمسة عشر يوما، أقل أو أكثر.
وكان يتم له ذلك
بحيلة تخفى علي، فلما حبس في جملة الحلاجية، كشفها لي، وقال لي: إن الرصد إذا وقع بالانسان، وطال فلم تنكشف معه حيلة، ضعف عنه الرصد، ثم لا يزال يضعف كلما لم تنكشف حيلته، حتى يبطل أصلا،
__________
(1) الشمامسة: جمع شماس، رؤوس النصارى.
قال صاحب اللسان: هو الذي يحلق وسط رأسه ويلزم البيعة.
(2) في اللسان: البدرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف، سميت ببدرة السخلة، أي: جلد السخلة.
(3) في " نشوار المحاضرة " 1 / 160 159.
(4) عبارة " النشوار ": وكان بيني وبين أبي الرج بن روحان الصوفي مودة.
(*)

(14/334)


فيتمكن حينئذ من فعل ما يريد، وقدر صدني هؤلاء منذ خمسة عشر يوما، فما رأوني آكل شيئا بتة، وهذا نهاية صبري، فخذ رطلا من الزبيب ورطلا من اللوز، فدقهما، واجعلهما مثل الكسب (1) وابسطه كالورقة، واجعلها بين ورقتين كدفتر، وخذ الدفتر في يدك مكشوفا مطويا ليخفى، وأحضره لي خفية لآكل منه وأشرب الماء في المضمضة، فيكفيني ذلك خمسة عشر يوما أخرى.
فكنت أعمل ذلك له طول حبسه.
قال إسماعيل الخطبي في " تاريخه ": وظهر رجل يعرف بالحلاج، وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت به في وزارة علي بن عيسى، وذكر عنه ضروب من الزندقة، ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر وادعاء النبوة، فكشفه الوزير، وأنهى خبره إلى المقتدر، فلم يقر بما رمي به، وعاقبه، وصلبه حيا أياما، ونودي عليه، ثم حبس سنين، ينقل من حبس إلى حبس، حتى حبس بأخرة في دار السلطان،
فاستغوى جماعة من الغلمان، وموه عليهم، واستمالهم بحيلة، حتى صاروا يحمونه ويدفعون عنه، ثم راسل جماعة من الكبار، فاستجابوا له، وترامى به الامر حتى ذكر عنه أنه ادعى الربوبية، فسعي بجماعة من أصحابه فقبض عليهم، ووجد عند بعضهم كتب له تدل على ما قيل عنه، وانتشر خبره، وتكلم الناس في قتله، فسلمه الخليفة إلى الوزير حامد، وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة، ويجمع بينه وبين أصحابه، فجرت في ذلك خطوب، ثم تيقن السلطان أمره، فأمر بقتله وإحراقه لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاث مئة، فضرب بالسياط نحوا من ألف، وقطعت يداه ورجلا، وضربت
__________
(1) الكسب: عصارة الدهن، فارسي معرب.
أنظر " المعرب " للجواليقي: ص 285.
(*)

(14/335)


عنقه، وأحرق بدنه، ونصب رأسه للناس، وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه.
قال أبو علي التنوخي (1): أخبرني أبو الحسين بن عياش [ القاضي ] عمن أخبره: أنه كان بحضرة حامد بن العباس لما قبض على الحلاج، وقد جئ بكتب وجدت في داره من دعاته في الاطراف يقولون فيها: وقد بذرنا لك في كل أرض ما يزكو فيها، وأجاب قوم إلى [ أنك ] الباب يعني الامام - وآخرون يعنون أنك صاحب الزمان [ يعنون الامام الذي تنتظره الامامية ]، وقوم إلى أنك صاحب الناموس الاكبر يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، وقوم يعنون أنك هو هو يعني الله عزوجل.
[ قال: ] فسئل الحلاج عن تفسير هذه الكتب، فأخذ يدفعه ويقول: هذه الكتب لا أعرفها، هذه مدسوسة علي، ولا أعلم ما فيها، ولا معنى هذا الكلام.
وجاؤوا بدفاتر للحلاج فيها أن الانسان إذا أراد
الحج فإنه يكفيه أن يعمد إلى بيت.
وذكر القصة.
قال أبو علي بن البناء الحنبلي: كان عندنا بسوق السلاح رجل يقول: القرآن حجاب، والرسول حجاب، وليس إلا عبد ورب، فافتتن به جماعة وتركوا العبادات، ثم اختفى مخافة القتل.
وقال الخطيب " في تاريخه " (2): ثم انتهى إلى حامد أن الحلاج قد موه على الحشم والحجاب بالدار بأنه يحيي الموتى، وأن الجن يخدمونه، وأظهر أنه قد أحيى عدة من الطير.
وقيل: إن القنائي الكاتب يعبد الحلاج ويدعو إليه، فكبس بيته، وأحضروا من داره دفاتر ورقاع بخط الحلاج، فنهض حامد، فدفعه المقتدر إلى حامد، فاحتفظ به، وكان يخرجه كل يوم
__________
(1) في " نشوار المحاضرة " 1 / 162، وما بين حاصرتين منه.
(2) 8 / 132.
(*)

(14/336)


إلى مجلسه ليظفر له بسقطه، فكان لا يزيد على إظهار الشهادتين والتوحيد والشرائع، وقبض حامد على جماعة يعتقدون إلهية الحلاج، فاعترفوا أنهم دعاة الحلاج، وذكروا لحامد أنه قد صح عندهم أنه إله، وأنه يحيي الموتى، وكاشفوا بذلك الحلاج، فجحد وكذبهم وقال: أعوذ بالله أن أدعي النبوة والربوبية، إنما أنا رجل أعبد الله وأكثر الصلاة والصوم وفعل الخير، ولا أعرف غير ذلك.
قال إسماعيل بن محمد بن زنجي: أخبرنا أبي قال: كان أول ما انكشف من أمر الحلاج لحامد أن شيخا يعرف بالدباس كان ممن استجاب له، ثم تبين مخرقته، ففارقه، واجتمع معه على هذه الحال أبو علي الاوارجي الكاتب، وكان قد عمل كتابا ذكر فيه مخاريق الحلاج والحيل
فيها، والحلاج حينئذ مقيم عند نصر القشوري في بعض حجره، موسع عليه، مأذون لمن يدخل إليه، وكان قد استغوى القشوري، فكان يعظمه ويحدث أن علة عرضت للمقتدر في جوفه، فأدخل إليه الحلاج، فوضع يده عليها فعوفي، فقام بذلك للحلاج سوق في الدار وعند أم المقتدر، ولما انتشر كلام الدباس والاوراجي في الحلاج، أحضر إلى الوزير ابن عيسى، فأغلظ له، فحكي في ذلك الوقت أنه تقدم إلى الوزير وقال له سرا: قف حيث انتهيت ولا تزد، وإلا قلبت الارض عليك.
فتهيبه الوزير، فنقل حيئذ إلى حامد بن العباس.
وكانت بنت السمري صاحب الحلاج قد أدخلت إليه، وأقامت عنده في دار الخلافة، وبعث بها إلى حامد ليسألها عن ما رأت.
فدخلت إلى حامد، وكانت عذبة العبارة، فسألها، فحكت أنها حملها أبوها إلى الحلاج، وأنها لما دخلت عليه وهب لها أشياء مثمنة، منها ريطة خضراء

(14/337)


وقال لها: زوجتك ابني سليمان، وهو أعز ولدي [ علي ] وهو مقيم بنيسابور، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، أو تنكر منه حالا، وقد أو صبته بك، فمتى جرى عليك شئ، فصومي يومك، واصعدي إلى السطح، وقومي على الرماد، واجعلي فطرك عليه مع ملح، واستقبلي ناحيتي، واذكري ما أنكرتيه، فإني أسمع وأرى.
قالت: وكنت ليلة نائمة، فما أحسست به إلا وقد غشيني، فانتبهت مذعورة منكرة لذلك، فقال: إنما جئت لاوقظك للصلاة.
ولما أصبحنا ومعي بنته، نزل، فقالت بنته: اسجدي له.
فقلت: أو يسجد لغير الله ؟ ! فسمع كلامي، فقال: نعم، إله في السماء وإله في الارض.
قالت: ودعاني إليه وأدخل يده في كمه وأخرجها مملوءة مسكا، فدفعه إلي وقال: هذا تراب اجعليه في طيبك.
وقال مرة: ارفعي الحصير، وخذي ما تريدين.
فرفعتها، فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت، فبهرني ما رأيت (1).
ولما حصل الحلاج في يد حامد، جد في تتبع أصحابه، فأخذ منهم حيدرة، والسمري، ومحمد بن علي القنائي، وأبا المغيث الهاشمي، وابن حماد، وكبس بيته، وأخذت منه دفاتر كثيرة، وبعضها مكتوب بالذهب، مبطنة بالحرير، فقال له حامد: أما قبضت عليك بواسط فذكرت لي دفعة أنك المهدي، وذكرت مرة أنك تدعو إلى عبادة الله، فكيف ادعيت بعدي الالهية ؟.
وكان في الكتب عجائب من مكاتباته إلى أصحابه النافذين إلى
__________
(1) انظر أقوال بنت السمري في: " نشوار المحاضرة " 6 / 82 81، و " تاريخ بغداد " 8 / 135 134.
(*)

(14/338)


النواحي، يوصيهم بما يدعون [ الناس ] إليه، و [ ما ] يأمرهم [ به ] من نقلهم من حال إلى حال، ورتبة إلى رتبة، وأن يخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم وقدر استجابتهم وانقيادهم، وأجاب بألفاظ مرموزة، لا يعرفها غير من كتبها وكتبت إليه، وفي بعضها صورة فيها اسم الله على تعويج، وفي [ داخل ذلك ] التعويج مكتوب: علي عليه السلام (1).
إلى أن قال: وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط من دار القنائي، فإذا فيه قدر جافة، وقوارير فيها شئ كالزئبق، وكسر جافة، فعجب الوزير من تلك القدر، وجعلها فط سفط مختوم، فسئل السمري، فدافع، فألحوا عليه، فذكر أنها
رجيع الحلاج، وأنه يشفي، وأن الذي في القوارير بوله.
فقال السمري لي: فكل من هذه الكسر، ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج.
ثم أحضر حامد الحلاج وقال: أيش في هذا السفط ؟ قال: ما أدري (2).
وجاء غلام حامد الذي كان يخدم الحلاج، فأخبر أنه دخل بطبق.
قال: فوجده ملء البيت من سقفه إلى أرضه، فهاله ما رأى، ورمى بالطبق من يده وحم.
قال ابن زنجي: وحملت دفاتر من دور أصحاب الحلاج، فأمرني حامد أن أقرأها والقاضي أبو عمر حاضر، والقاضي أبو الحسين بن الاشناني، فمن ذلك: أن الانسان إذا أراد الحج أفرد في داره بيتا وطاف به أيام الموسم، ثم جمع ثلاثين يتيما، وكساهم قميصا قميصا، وعمل لهم طعاما طيبا، فأطعمهم وخدمهم وكساهم، وأعطى لكل واحد سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك، قام له ذلك مقام الحج.
فلما قرأ ذلك الفصل التفت القاضي أبو عمر إلى الحلاج، وقال له: من أين لك هذا ؟ قال: من
__________
(1) " نشوار المحاضرة " 6 / 83 82، و " تاريخ بغداد " 8 / 136 135.
(2) " نشوار المحاضرة " 6 / 85 84، و " تاريخ بغداد " 8 / 137 136.
(*)

(14/339)


كتاب " الاخلاص " للحسن البصري.
قال: كذبت يا حلال الدم ! قد سمعنا كتاب " الاخلاص " وما فيه هذا.
فلما قال [ أبو عمر ]: كذبت يا حلال الدم، قال له حامد: اكتب بهذا.
فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلاج، فألح عليه حامد، وقدم له الدواة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس، فقال الحلاج: ظهري حمى، ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا علي، واعتقادي الاسلام، ومذهبي السنة، فالله الله في دمي.
ولم يزل يردد هذا القول وهم يكتبون خطوطهم، ثم نهضوا، ورد
الحلاج إلى الحبس، وكتب إلى المقتدر بخبر المجلس، فأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، وندم وتخوف، فكتب رقعة إلى المقتدر في ذلك ويقول: إن ما جرى في المجلس قد شاع، ومتى لم تتبعه قتل هذا افتتن به الناس، ولم يختلف عليه اثنان.
فعاد الجواب من الغد من جهة مفلح: إذا كان القضاة قد أباحوا دمه فليحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة، ويتقدم بتسليمه وضربه ألف سوط، فإن هلك وإلا ضربت عنقه.
فسر حامد، وأحضر صاحب الشرطة، وأقرأه ذلك، وتقدم إليه بتسليم الحلاج، فامتنع، وذكر أنه يتخوف أن ينتزع منه، فبعث معه غلمانه حتى يصيروه إلى مجلسه، ووقع الاتفاق على أن يحضر بعد عشاء الآخرة، ومعه جماعة من أصحابه، وقوم على بغال موكفة مع سياس، فيحمل على واحد منها، ويدخل في غمار القوم.
وقال حامد له: إن [ قال لك: ] أجري لك الفرات ذهبا، فلا ترفع عنه الضرب.
فلما كان بعد العشاء، أتى محمد بن عبد الصمد إلى حامد، ومعه الرجال والبغال، فتقدم إلى غلمانه بالركوب معه إلى داره، وأخرج له الحلاج، فحكى الغلام: أنه لما فتح الباب عنه وأمره بالخروج، قال: من عند

(14/340)


الوزير ؟ قال: محمد بن عبد الصمد.
قال: ذهبنا والله.
وأخرج، فأركب بغلا، واختلط بجملة الساسة، وركب غلمان حامد حوله حتى أوصلوه، فبات عند ابن عبد الصمد، ورجاله حول المجلس.
فلما أصبح، أخرج الحلاج إلى رحبة المجلس، وأمر الجلاد بضربه، واجتمع خلائق، فضرب تمام ألف سوط وما تأوه، بلى لما بلغ ست مئة سوط، قال لابن عبد الصمد: ادع بي إليك، فإن عندي نصيحة تعدل فتح قسطنطينية.
فقال [ له
محمد ]: قد قيل لي: إنك ستقول ما هو أكبر من هذا، وليس إلى رفع الضرب سبيل.
ثم قطعت يده، ثم رجله، ثم حز رأسه، وأحرقت جثته.
وحضرت في هذا الوقت راكبا والجثة تقلب على الجمر، ونصب الرأس يومين ببغداد، ثم حمل إلى خراسان وطيف به.
وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما.
واتفق زيادة دجلة تلك السنة زيادة فيها فضل، فادعى أصحابه أن ذلك بسببه، لان رماده خالط الماء.
وزعم بعضهم: أن المقتول عدو للحلاج ألقي عليه شبهه.
وادعى بعضهم أنه في ذلك اليوم بعد قتله رآه راكبا حمارا في طريق النهروان، وقال: لعلكم مثل هؤلاء البقر الذين ظنوا أني أنا المضروب المقتول.
وزعم بعضهم أن دابة حولت في صورته.
وأحضر جماعة من الوراقين، فأحلفوا أن لا يبيعوا من كتب الحلاج شيئا ولا يشتروها (1).
__________
(1) انظر خبر استدعاء الحلاج وقتله في " نشوار المحاضرة " 6 / 92 87، و " تاريخ بغداد " 8 / 141 138.
(*)

(14/341)


عن فارس البغدادي قال: قطعت أعضاء الحلاج وما تغير لونه.
وعن أبي بكر العطوفي قال: قطعت يدا الحلاج ورجلاه وما نطق.
السلمي: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان: سمعت محمد بن علي الكتاني يقول: سئل الحلاج عن الصبر فقال: أن تقطع يدا الرجل ورجلاه، ويسمر ويصلب على هذا الجسر.
قال: ففعل به كل ذلك.
وعن أبي العباس بن عبد العزيز رجل مجهول قال: كنت أقرب الناس من الحلاج حين ضرب، فكان يقول مع كل سوط: أحد أحد.
السلمي: سمعت عبد الله بن علي، سمعت عيسى القصار يقول: آخر كلمة تكلم بها الحسين بن منصور عند قتله: حسب الواحد إفراد الواحد له.
فما سمع بهذه الكلمة فقير إلا رق له واستحسنها منه.
قال السلمي: وحكي عنه أنه روي واقفا في الموقف، والناس في الدعاء، وهو يقول: أنزهك عما قرفك به عبادك، وأبرأ إليك مما وحدك به الموحدون.
قلت: هذا عين الزندقة، فإنه تبرأ مما وحد الله به الموحدون الذين هم الصحابة والتابعون، وسائر الامة، فهل وحدوه تعالى إلا بكلمة الاخلاص التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قالها من قلبه، فقد حرم ماله ودمه " (1)
__________
(1) حديث متواتر، روي عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وجابر، وأنس، والنعمان ابن بشير، وأوس بن حذيفة، وطارق بن أشيم الاشجعي.
فأما حديث ابن عمر، فأخرجه البخاري: 1 / 71 70، ومسلم (22) كلاهما في الايمان وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري: 3 / 211 في أول الزكاة، ومسلم (21) في الايمان، وأبو داود (2640) والنسائي: 5 / 14، وأما حديث جابر، فأخرجه مسلم (21) (35) والترمذي (3338).
وأما حديث أنس، فأخرجه البخاري: 1 / 417 في الصلاة: باب فضل استقبال = (*)

(14/342)


وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
فإذا برئ الصوفي منها، فهو ملعون زنديق، وهو صوفي الزي، والظاهر، متستر بالنسب إلى العارفين، وفي الباطن فهو من صوفية الفلاسفة أعداء الرسل، كما كان جماعة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم منتسبون إلى صحبته وإلى ملته، وهم في الباطن من
مردة المنافقين، قد لا يعرفهم نبي الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعلم بهم.
قال الله تعالى: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين) [ التوبة: 101 ] فإذا جاز على سيد البشر أن لا يعلم ببعض المنافقين وهم معه في المدينة سنوات، فبالاولى أن يخفى حال جماعة من المنافقين الفارغين عن دين الاسلام بعده عليه السلام على العلماء من أمته، فما ينبغي لك يا فقيه أن تبادر إلى تكفير المسلم إلا ببرهان قطعي، كما لا يسوغ لك أن تعتقد العرفان والولاية فيمن قد تبرهن زغله، وانهتك باطنه وزندقته، فلا هذا ولا هذا، بل العدل أن من رآه المسلمون صالحا محسنا، فهو كذلك، لانهم شهداء الله في أرضه (1)، إذ الامة لا تجتمع على
__________
= القبلة، وأبو داود (2641) والنسائي: 8 / 109، والترمذي (2609).
وأما حديث النعمان بن بشير فأخرجه النسائي: 7 / 80 79.
وأما حديث أوس بن حذيفة، فأخرجه النسائي: 7 / 80 81، وأما حديث طارق بن أشيم الاشجعي، فأخرجه أحمد: 3 / 472، ومسلم (23) ولفظه بتمامه: " من قال: لا إليه إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله ".
(1) أخرج البخاري: 3 / 181 في الجنائز: باب ثناء الناس على الميت، ومسلم (949) في الجنائز: باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر بجنازة، فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " وجبت " ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرا، فقال: " وجبت " فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت ؟ قال: " هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار.
أنتم شهداء الله في الارض ".
وأخرجه البخاري أيضا: 5 / 185 في الشهادات: باب تعديل كم يجوز، بلفظ: " المؤمنون شهداء الله في الارض " وانظر " المسند " 3 / 179 و 186 و 197 و 211 و 245 و 281، والترمذي (1058) والنسائي: 4 / 50 49، و " المستدرك " 1 / 377، ومسند الطيالسي = (*)

(14/343)


ضلالة (2)، وأن من رآه المسلمون فاجرا أو منافقا أو مبطلا، فهو كذلك، وأن من كان طائفة من الامة تضلله، وطائفة من الامة تثني عليه وتبجله، وطائفة ثالثة تقف فيه وتتورع من الحط عليه، فهو ممن ينبغي أن يعرض عنه، وأن يفوض أمره إلى الله، وأن يستغفر له في الجملة، لان إسلامه أصلي بيقين، وضلاله مشكوك فيه، فبهذا تستريح ويصفو قلبك من الغل للمؤمنين.
ثم اعلم أن أهل القبلة كلهم، مؤمنهم وفاسقهم، وسنيهم ومبتدعهم سوى الصحابة لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيد ناج، ولم يجمعوا على مسلم بأنه شقي هالك، فهذا الصديق فرد الامة، قد علمت تفرقهم فيه، وكذلك عمر، وكذلك عثمان، وكذلك علي، وكذلك ابن الزبير، وكذلك الحجاج، وكذلك المأمون، وكذلك بشر المريسي، وكذلك أحمد بن حنبل، والشافعي، والبخاري، والنسائي، وهلم جرا من الاعيان في الخير والشر إلى يومك هذا، فما من إمام كامل في الخير إلا وثم أناس من جهة المسلمين ومبتدعيهم يذمونه ويحطون عليه، وما من رأس في
__________
= (2062) وابن ماجه (1491).
وأخرج البخاري: 3 / 182 و 5 / 185، والترمذي (1059) والنسائي: 4 / 51 من طريق أبي الاسود الديلي قال: أتيت المدينة وقد وقع بها مرض، وهم يموتون موتا ذريعا، فجلست إلى عمر رضي الله عنه، فمرت جنازة، فأثني على صاحبها خيرا، فقال رضي الله عنه: وجبت.
ثم مر بأخرى، فأثني على صاحبها خيرا، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مر بالثالثة، فأثني على صاحبها شرا، فقال: وجبت.
فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين ؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة "، فقلنا: وثلاثة ؟ قال: " وثلاثة ".
فقلنا: واثنان ؟ قال: " واثنان ".
ثم لم نسأله عن الواحد.
(2) حديث " لا تجتمع أمتي على ضلالة " رواه الترمذي (2167) والحاكم: 1 / 115 من حديث ابن عمر، ورواه أبو داود (4253) وأحمد في " مسنده " 6 / 397 من حديث أبي بصرة الغفاري، ورواه ابن ماجه (3950) والحاكم: 1 / 117 116 من حديث أنس، ورواه أحمد: 5 / 145 من حديث أبي ذر، ورواه الحاكم: 1 / 116 من حديث ابن عباس، وفي كلها مقال، لكن يحدث منها قوة للحديث.
انظر " المقاصد الحسنة " ص 460.
(*)

(14/344)


البدعة والتجهم والرفض إلا وله أناس ينتصرون له، ويذبون عنه، ويدينون بقوله بهوى وجهل، وإنما العبرة بقول جمهور الامة الخالين (1) من الهوى والجهل، المتصفين (2) بالورع والعلم، فتدبر يا عبد الله نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع واتق ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للاسلام، محب للرسائة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك والعياذ بالله، أنه كان والحالة هذه محقا هاديا مهديا (3)، فجدد إسلامك واستغث بربك أن يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، وأرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا.
السلمي: سمعت محمد بن أحمد بن الحسن الوراق: سمعت إبراهيم بن عبد الله القلانسي الرازي يقول: لما صلب الحلاج يعني في النوبة الاولى - وقفت عليه، فقال: إلهي ! أصبحت في دار الرغائب أنظر إلى العجائب، إلهي ! إنك تتودد إلى من يؤذيك، فكيف لا تتودد إلى من يؤذى فيك.
السلمي: سمعت أبا العباس الرازي يقول: كان أخي خادما للحلاج، فلما كانت الليلة التي يقتل فيها من الغد قلت: أوصني يا سيدي.
فقال: عليك نفسك، وإن لم تشغلها شغلتك.
فما أخرج كان يتبختر في قيده ويقول:
__________
(1) في الاصل: " الخالون ".
(2) في الاصل: " المتصفون ".
(3) في الاصل: " محق هاد مهدي ".
(*)

(14/345)


نديمي غير منسوب * إلى شئ من الحيف سقاني مثل ما يشر * ب فعل الضيف بالضيف فلما دارت الكأس * دعا بالنطع والسيف كذا من يشرب الكأس * مع التنين في الصيف (1) ثم قال: (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها، والذين آمنوا مشفقون منها، ويعلمون أنها الحق) [ الشورى: 18 ] ثم ما نطق بعد.
وله أيضا (2).
يا نسيم الريح قولي (3) للرشا * لم يزدني الورد إلا عطشا روحه روحي وروحي فله * إن يشا شئت وإن شئت يشا وقال أبو عمر بن حيوية: لما أخرج الحلاج ليقتل، مضيت وزاحمت حتى رأيته، فقال لاصحابه: لا يهولنكم، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما.
فهذه حكاية صحيحة توضح لك أن الحلاج ممخرق كذاب، حتى عند قتله.
وقيل: إنه لما أخرج للقتل أنشد: طلبت المستقر بكل أرض * فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني * ولو أني قنعت لكنت حرا (4) قال أبو الفرج بن الجوزي: جمعت كتابا سميته: " القاطع بمحال
__________
(1) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 73، وانظر الخبر أيضا في " تاريخ بغداد " 8 / 131 132، و " المنتظم " 6 / 164 163، و " أخبار الحلاج " ص 35 34.
(2) والبيتان في " ديوانه " ص 69 68.
(3) في الاصل " قولا " وما أثبتناه من الديوان.
(4) الخبر والبيتان في " تاريخ بغداد " 8 / 130، و " المنتظم " 6 / 164، و " وفيات الاعيان " 2 / 144.
(*)

(14/346)


المحاج بحال الحلاج ".
وبلغ من أمره أنهم قالوا: إنه إله، وإنه يحيي الموتى.
قال الصولي: أول من أوقع بالحلاج الامير أبو الحسين علي بن أحمد الراسبي، وأدخله بغداد وغلاما له على جملين قد شهرهما في سنة إحدى وثلاث مئة، وكتب معهما كتابا: إن البينة قامت عندي أن الحلاج يدعي الربوبية، ويقول بالحلول.
فحبس مدة.
قال الصولي: قيل: إنه كان في أول أمره يدعو إلى الرضى من آل محمد، وكان يري الجاهل أشياء من شعبذته، فإذا وثق منه دعاه إلى أنه إله.
وقيل: إن الوزير حامدا وجد في كتبه: إذا صام الانسان وواصل ثلاثة أيام وأفطر في رابع يوم على ورقات هندبا أغناه عن صوم رمضان، وإذا صلى في ليلة ركعتين من أول الليل إلى الغداة أغنته عن الصلاة بعد ذلك، وإذا تصدق بكذا وكذا أغناه عن الزكاة.
ذكر ابن حوقل قال: ظهر من فارس الحلاج ينتحل النسك والتصوف،
فما زال يترقى طبقا عن طبق حتى آل به الحال إلى أن زعم: أنه من هذب في الطاعة جسمه، وشغل بالاعمال قلبه، وصبر عن اللذات، وامتنع من الشهوات يترق في درج المصافاة، حتى يصفو عن البشرية طبعه، فإذا صفا حل فيه روح الله الذي كان منه إلى عيسى، فيصير مطاعا، يقول للشئ: كن، فيكون، فكان الحلاج يتعاطى ذلك ويدعو إلى نفسه حتى استمال جماعة من الامراء والوزراء، وملوك الجزيرة والجبال والعامة، ويقال: إن يده لما قطعت كتب الدم على الارض: الله الله.
قلت: ما صح هذا، ويمكن أن يكون هذا من فعله بحركة زنده.
قال محمد بن علي الصوري الحافظ: سمعت إبراهيم بن محمد بن

(14/347)


جعفر البزاز يقول: سمعت أبا محمد الياقوتي يقول: رأيت الحلاج عند الجسر على بقرة ووجهه إلى ذنبها، فسمعته يقول: ما أنا الحلاج، ألقى الحلاج شبهه علي وغاب.
فلما أدني من الخشبة التي يصلب عليها، سمعته يقول: يا معين الضنا علي أعني على الضنا قال أبو الحسين بن سالم: جاء رجل إلى سهل بن عبد الله، وبيده محبرة وكتاب، فقال لسهل: أحببت أن أكتب شيئا ينفعني الله به.
فقال: اكتب: إن استطعت أن تلقى الله وبيدك المحبرة فافعل.
فقال: يا أبا محمد ! فائدة.
فقال: الدنيا كلها جهل إلا ما كان علما، والعلم كله حجة إلا ما كان عملا، والعمل موقوف إلا ما كان على السنة، وتقوم السنة على التقوى.
وعن أبي محمد المرتعش قال: من رأيته يدعي حالا مع الله باطنة، لا
يدل عليها أو يشهد لها حفظ ظاهر، فاتهمه على دينه.
قيل: إن الحلاج كتب مرة إلى أبي العباس بن عطاء: كتبت ولم أكتب إليك وإنما * كتبت إلى روحي بغير كتاب وذاك لان الروح لا فرق بينها * وبين محبيها بفصل خطاب فكل كتاب صادر منك وارد * إليك بلا رد الجواب جوابي (1) وقد ذكر الحلاج أبو سعيد النقاش في " طبقات الصوفية " له، فقال: منهم من نسبه إلى الزندقة، ومنهم من نسبه إلى السحر والشعوذة.
__________
(1) " ديوان الحلاج " ص 42، و " تاريخ بغداد " 8 / 115، و " أخبار الحلاج " ص 119 - 120.
(*)

(14/348)


وقفت على تأليف أبي عبد الله بن باكويه الشيرازي في حال الحلاج فقال: حدثني حمد بن الحلاج: أن نصرا القشوري لما اعتقل أبي استأذن المقتدر أن يبني له بيتا في الحبس، فبنى له دارا صغيرة بجنب الحبس، وسدوا باب الدار، وعملوا حواليه سورا، وفتحوا بابه إلى الحبس، وكان الناس يدخلون عليه سنة، ثم منعوا، فبقي خمسة أشهر لا يدخل عليه أحد إلا مرة رأيت أبا العباس بن عطاء دخل عليه بالحيلة، ورأيت مرة أبا عبد الله بن خفيف وأنا برا عند والدي، ثم حبسوني معه شهرين ولي يومئذ ثمانية عشر عاما، فما كانت الليلة التي أخرج من صبيحتها، قام فصلى ركعات، ثم لم يزل يقول: مكر مكر، إلى أن مضى أكثر الليل، ثم سكت طويلا، ثم قال: حق حق، ثم قام قائما وتغطى بإزار، واتزر بمئزر، ومد يديه نحو القبلة، وأخذ في المناجاة يقول: نحن شواهدك نلوذ بسنا عزتك لتبدي ما شئت من مشيئتك، أنت الذي في السماء إله وفي الارض إله، يا مدهر الدهور،
ومصور الصور، يا من ذلت له الجواهر، وسجدت له الاعراض، وانعقدت بأمره الاجسام، وتصورت عنده الاحكام، يا من تجلى لما شاء كما شاء كيف شاء، مثل التجلي في المشيئة لاحسن الصورة.
وفي نسخة: مثل تجليك في مشيئتك كأحسن الصورة.
والصورة هي الروح الناطقة التي أفردته بالعلم والبيان والقدرة.
ثم أوعزت إلي شاهدك [ لاني ] في ذاتك الهوي لما أردت بدايتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدا في معارجي إلى عروش أوليائي عند القول من برياتي.
إني أحتضر وأقتل وأصلب وأحرق، وأحمل على السافيات الذاريات، وإن الذرة من ينجوج مظان هيكل متجلياتي لاعظم من الراسيات.
ثم أنشأ يقول: أنعى إليك نفوسا طاح شاهدها * فيما ورا الغيب أو في شاهد القدم

(14/349)


أنعى إليك علوما طالما هطلت * سحائب الوحي فيها أبحر الحكم أنعى إليك لسان الحق مذ زمن * أودى وتذكاره كالوهم في العدم أنعى إليك بيانا تستسر له * أقوال كل فسيح مقول فهم أنعى إليك إشارات العقول معا * لم يبق منهن إلا دارس العلم أنعى وحقك أحلاما لطائفة * كانت مطاياهم من مكمد الكظم مضى الجميع فلا عين ولا أثر * مضي عاد وفقدان الاولى إرم وخلفوا معشرا يجدون لبستهم * أعمى من البهم بل أعمى من النعم (1) ثم سكت، فقال له خادمه أحمد بن فاتك: أوصني.
قال: هي نفسك، إن لم تشغلها شغلتك.
ثم أخرج وقطعت يداه ورجلاه بعد أن ضرب خمس مئة سوط، ثم صلب، فسمعته وهو على الجذع يناجي ويقول: أصبحت في دالر الرغائب أنظر إلى العجائب.
فهكذا هذا السياق أنه
صلب قبل قطع رأسه.
فلعل ذلك فعل بعض نهار.
قال: ثم رأيت الشبلي وقد تقدم تحت الجذع وصاح بأعلى صوته يقول: أو لم ننهك عن العالمين.
ثم قال له: ما التصوف ؟ قال: أهون مرقاة فيه ما ترى.
قال: فما أعلاه ؟ قال: ليس لك إليه سبيل، ولكن سترى غدا ما يجري، فإن في الغيب ما شهدته وغاب عنك.
فلما كان العشي جاء الاذن من الخليفة أن تضرب رقبته، فقالوا: قد أمسينا ويؤخر إلى الغداة.
فلما أصبحنا أنزل وقدم لتضرب عنقه، فسمعته يصيح بأعلى صوته: حسب الواحد إفراد الواحد له.
ثم تلا: (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها، والذين آمنوا مشفقون منها)
__________
(1) الابيات في " ديوانه " ص 25 24، وانظر أيضا " تاريخ بغداد " 8 / 130، و " أخبار الحلاج " ص 12، و " البداية والنهاية " 11 / 142، وقد وردت في الديوان كلمة " الرمم " بدل " العلم " في البيت الخامس.
(*)

(14/350)


[ الشورى: 18 ] فهذا آخر كلامه، ثم ضربت رقبته، ولف في بارية، وصب عليه النفط، وأحرق، وحمل رماده إلى رأس المنارة لتسفيه الرياح.
فسمعت أحمد بن فاتك تلميذ والدي يقول بعد ثلاث: قال: رأيت كأني واقف بين يدي رب العزة، فقلت: يا رب ما فعل الحسين بن منصور ؟ فقال: كاشفته بمعنى، فدعا الخلق إلى نفسه، فأنزلت به ما رأيت.
قال ابن باكويه: سمت ابن خفيف يسأل: ما تعتقد في الحلاج ؟ قال: أعتقد أنه رجل من المسلمين فقط.
فقيل له: قد كفره المشايخ وأكثر المسلمين.
فقال: إن كان الذي رأيته منه في الحبس لم يكن توحيدا، فليس في الدنيا توحيد.
قلت: هذا غلط من ابن خفيف، فإن الحلاج عند قتله ما زال يوحد
الله ويصيح: الله الله في دمي، فأنا على الاسلام.
وتبرأ مما سوى الاسلام.
والزنديق فيوحد الله علانية، ولكن الزندقة في سره.
والمنافقون فقد كانوا يوحدون ويصومون ويصلون علانية، والنفاق في قلوبهم، والحلاج فما كان حمارا حتى يظهر الزندقة بإزاء ابن خفيف وأمثاله، بل كان يبوح بذلك لمن استوثق من رباطه، ويمكن أن يكون تزندق في وقت، ومرق وادعى الالهية، وعمل السحر والمخاريق الباطلة مدة، ثم لما نزل به البلاء ورأى الموت الاحمر أسلم ورجع إلى الحق، والله أعلم بسره، ولكن مقالته نبرأ إلى الله منها، فإنها محض الكفر، نسأل الله العفو والعافية، فإنه يعتقد حلول البارئ عزوجل في بعض الاشراف، تعالى الله عن ذلك.
كان مقتل الحلاج في ستة تسع وثلاث مئة لست بقين من ذي القعدة.
قرأت بخط العلامة تاج الدين الفزاري قال: رأيت في سنة سبع وستين وست مئة كتابا فيه قصة الحلاج، منه: عن إبراهيم الحلواني قال: دخلت

(14/351)


على الحسين بن منصور بين المغرب والعتمة، فوجدته يصلي، فجلست كأنه لم يحس بي، فسمعته يقرأ سورة البقرة، فلما ختمها، ركع وقام في الركوع طويلا، ثم قام إلى الثانية، قرأ الفاتحة وآل عمران، فلما سلم تكلم بأشياء لم أسمعها، ثم أخذ في الدعاء، ورفع صوته كأنه مأخوذ من نفسه وقال: يا إله الآلهة ! ورب الارباب ! ويا من لا تأخذه سنة ! رد إلي نفسي لئلا يفتتن في عبادك، يا من هو أنا وأنا هو ! ولا فرق بين إنيتي وهويتك إلا الحدث والقدم.
ثم رفع رأسه ونظر إلي وضحك في وجهي ضحكات، ثم قال لي: يا أبا إسحاق ! أما ترى إلى ربي ضرب قدمه في حدثي حتى استهلك حدثي في قدمه، فلم تبق لي صفة إلا صفة القدم، ونطقي من تلك الصفة،
فالخلق كلهم أحداث ينطقون عن حدث، ثم إذا نطقت عن القدم ينكرون علي ويشهدون بكفي، وسيسعون إلى قتلي، وهم في ذلك معذورون، وبكل ما يفعلون مأجورون.
وعن عثمان بن معاوية قيم جامع الدينور قال: بات الحسين بن منصور في هذا الجامع ومعه جماعة، فسأله واحد منهم فقال: يا شيخ ! ما تقول فيما قال فرعون ؟ قال: كلمة حق.
قال: فما تقول فيما قال موسى عليه السلام ؟ قال: كلمة حق، لانهما كلمتان جرتا في الابد كما أجريتا في الازل.
وعن الحسين قال: الكفر والايمان يفترقان من حيث الاسم، فأما من حيث الحقيقة، فلا فرق بينهما.
عن جندب بن زاذان تلميذ الحسين قال: كتب الحسين إلي: بسم الله المتجلي عن كل شئ لمن يشاء، والسلام عليك يا ولدي، ستر الله عنك ظاهر الشريعة، وكشف لك حقيقة الكفر، فإن ظاهر الشريعة كفر، وحقيقة

(14/352)


الكفر معرفة جلية، وإني أوصيك أن لا تغتر بالله، ولا تأيس منه، ولا ترغب في محبته، ولا ترضى أن تكون غير محب، ولا تقل بإثباته، ولا تمل إلى نفيه، وإياك والتوحيد، والسلام.
وعنه قال: من فرق بين الايمان والكفر، فقد كفر، ومن لم يفرق بين المؤمن والكافر، فقد كفر.
وعنه قال: ما وحد الله غير الله.
آخر ما نقلته من خط الشيخ تاج الدين.
ذكر محمد بن إسحاق النديم (1) الحسين الحلاج وحط عليه، ثم سرد
أسماء كتبه: كتاب " طاسين الاول "، كتاب " الاحرف المحدثة والازلية "، كتاب " ظل ممدود "، كتاب " حمل النور والحياة والارواح "، كتاب " الصهور "، كتاب " تفسير: قل هو الله أحد "، كتاب " الابد والمأبود "، كتاب " خلق الانسان والبيان "، كتاب " كيد الشيطان "، كتاب " سر العالم والمبعوث "، كتاب " العدل والتوحيد "، كتاب " السياسة "، كتاب " علم الفناء والبقاء "، كتاب " شخص الظلمات "، كتاب " نور النور "، كتاب " الهياكل والعالم "، كتاب " المثل الاعلى " كتاب " النقطة وبدو الخلق " كتاب " القيامات ".
كتاب " الكبر والعظمة "، كتاب " خزائن الخيرات "، كتاب " موائد العارفين "، كتاب " خلق خلائق القرآن "، كتاب " الصدق والاخلاص "، كتاب " التوحيد "، كتاب " النجم إذا هوى "، كتاب " الذاريات ذروا "، كتاب " هو هو " كتاب " كيف كان وكيف يكون "، كتاب " الوجود الاول "، كتاب " لا كيف "، كتاب " الكبريت الاحمر "، كتاب
__________
(1) في الفهرست ص 272 269.
(*)

(14/353)


" الوجود الثاني "، كتاب " الكيفية والحقيقة "، وأشياء غير ذلك.

206 - محمد بن زكريا * الاستاذ الفيلسوف، أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي الطبيب، صاحب التصانيف، من أذكياء أهل زمانه، وكان كثير الاسفار، وافر الحرمة، صاحب مروءة وإيثار ورأفة بالمرضى، وكان واسع المعرفة، مكبا على الاشتغال، مليح التأليف، وكان في بصره رطولة لكثرة أكله الباقلى، ثم عمي.
أخذ عن البلخي الفيلسوف، وكان إليه تدبير بيمارستان الري، ثم كان على بيمارستان بغداد في دولة المكتفي، بلغ الغاية في علوم الاول.
نسأل الله
العافية.
وله كتاب: " الحاوي " ثلاثون مجلدا في الطب، وكتاب " الجامع "، وكتاب " الاعصاب ".
وكتاب " المنصوري " صنفه للملك منصور بن نوح الساماني (1).
وقيل: إن أول اشتغاله كان بعد مضي أربعين سنة من عمره، ثم اشتغل على الطبيب أبي الحسن علي بن ربن الطبري (2)، الذي كان مسيحيا، فأسلم، وصنف.
__________
* فهرست ابن النديم: 504، تاريخ الحكماء: 271 - 277، عيون الانباء: 414 - 427، وفيات الاعيان: 5 / 157 - 161، العبر: 2 / 150، دول الاسلام: 1 / 188، الوافي بالوفيات: 3 / 75 - 77، نكت الهميان 249 - 250، مرآة الجنان: 2 / 263 - 264، البداية والنهاية: 11 / 149، النجوم الزاهرة: 3 / 209، مفتاح السعادة: 1 / 268 - 269، شذرات الذهب: 2 / 263، روضات الجنات: 165 - 166.
(1) أخبار الملك منصور مبثوثة في الجزء الثامن من " الكامل في التاريخ ".
انظر: ص 577، 626، 673..(2) انظر ترجمته في " عيون الانباء " ص 414.
والربن: المتقدم في شريعة اليهود.
(*)

(14/354)


وكان لابن زكريا عدة تلامذة، ومن تآليفه كتاب: " الطب الروحاني "، وكتاب: " إن للعبد خالقا "، وكتاب: " المدخل إلى المنطق "، وكتاب: " هيئة العالم "، ومقالة في اللذة، وكتاب: " طبقات الابصار "، وكتاب: " الكيمياء وأنها إلى الصحة أقرب " وأشياء كثيرة.
وقد كان في صباه مغنيا يجيد ضرب العود.
توفي ببغداد سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.

207 - ابن المغلوب * القاضي المعمر، أبو عمر، ميمون بن عمر بن المغلوب المغربي الافريقي، خاتمة تلامذة سحنون، وقد حج وسمع " الموطأ " من أبي مصعب الزهري.
ذكره القاضي عياض في المالكية.
قال ابن حارث: أدركته شيخا كبيرا مقعدا، ولي قضاء القيروان، وقضاء صقلية.
وقال عبد الله بن محمد المالكي في " تاريخه ": كان صالحا، دينا، فاضلا، معدودا في أصحاب سحنون.
ولي مظالم القيروان ثم قضاء صقلية، فأتاها بفروة وجبة وخرج فيه كتبه، وسوداء تخدمه، فكانت تغزل وتنفق عليه من ذلك، ثم خرج من صقلية كما دخل إليها.
__________
* معالم الايمان: 2 / 357 356، العبر: 2 / 184، الديباج المذهب: 2 / 328، شذرات الذهب: 2 / 287.
(*)

(14/355)


توفي سنة عشر وثلاث مئة، وكان أسند شيخ بالمغرب.
208 - حامد بن العباس * الوزير الكبير، أبو الفضل الخراساني ثم العراقي، كان من رجال العالم، ذا شجاعة وإقدام، ونقض وإبرام.
قال الصولي: تقلد أعمالا جليلة من طساسيج (1) السواد، ثم ضمن خراج البصرة وكور دجلة مع إشراف كسكر (2) مدة في دولة ابن الفرات، فكان يعمر ويحسن إلى الاكارين، ويرفع المؤن حتى صار لهم كالاب، وكثرت
صدقاته، ثم وزر وقد شاخ.
قلت: وكان قبل على نظر فارس، وكان كثير الاموال والحشم، بحيث صار له أربع مئة مملوك في السلاح، تأمر منهم جماعة، فعزل المقتدر ابن الفرات بحامد في سنة ست وثلاث مئة، فقدم في أبهة عظيمة، ودبر الامور، فظهر منه نقص في قوانين الوزارة وحدة، فضموا إليه علي بن عيسى الوزير، فمشى الحال.
ولحامد أثر صالح في إهلاك حسين الحلاج يدل على إسلام وخير.
يقال: مولده في سنة ثلاث وعشرين، وسمع من عثمان بن أبي شيبة.
وما حدث.
__________
* ذيول تاريخ الطبري: 215 213، نشوار المحاضرة: 1 / 24 22 وغيرها، المنتظم: 6 / 184 180، الكامل في التاريخ: 8 / 12 10 و 141 139، العبر: 2 / 152 151، البداية والنهاية: 11 / 149، النجوم الزاهرة: 3 / 209 208، شذرات الذهب: 2 / 263.
(1) الطساسيج: جمع طسوج، وهو الناحية.
واللفظ معرب، انظر " تاج العروس " مادة: طسج.
(2) انظر " معجم البلدان " 4 / 461.
(*)

(14/356)


وفي سنة ثمان ضمن حامد سائر السواد، وعسف، وغلت الاسعار، فثارت الغوغاء وهموا به، فشد عليهم مماليكه، فثبتوا لهم، وعظم الخطب، وقتل جماعة فاستضرت الغوغاء، وأحرقوا الجسر، ورجموا حامدا في الطيار (1).
وكان مع جبروته جوادا معطاءا.
قال هاشمي (2): كان من أوسع من رأيناه نفسا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، ينصب في داره عدة موائد، ويطعم حتى العامة والخدم، يكون نحو أربعين مائدة.
رأى في دهليزه قشر باقلى، فقال لوكيله: ما هذا ؟ قال: فعل البوابين.
فسئلوا، فقالوا: لنا جراية ولحم نؤديه إلى بيوتنا ؟ فرتب لهم.
ثم رأى بعد قشورا فشاط، وكان يسفه، ثم رتب لهم مائدة وقال: لئن رأيت بعدها قشرا لاضربنك بالمقارع.
وقيل: وجد في مرحاض له أكياس فيها أربع مئة ألف دينار.
كان يدخل للحاجة في كمه كيس فيلقيه، فأخذوا في نكبته (3).
ولما عزل حامد وابن عيسى وأعيد ابن الفرات عذب حامدا.
قال المسعودي: كان في حامد طيش، كلمه إنسان، فقلب حامد ثيابه على كتفه وصاح: ويلكم ! علي به.
قال: ودخلت عليه أم موسى القهرمانة، وكانت عظيمة المحل، فخاطبته في طلب المال، فقال: اضرطي والتقطي، واحسبي لا تغلطي.
__________
(1) الخبر في " النجوم الزاهرة " 3 / 198، والطيار: زورق فخم لركوب العظماء، يدل اسمه على أنه سريع الجريان.
(2) هو القاضي أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد الهاشمي، والخبر في " نشوار المحاضرة " 1 / 23 22.
(3) " نشوار المحاضرة " 1 / 24.
(*)

(14/357)


فخجلها، وسمع المقتدر فضحك، وأمر قيانه فغنين بذلك.
ولقد تجلد حامد على العذاب، ثم نفذ إلى واسط، فسم في بيض، فتلف بالاسهال.
وقيل: تكلم الملا بما فيه من الحدة وقلة الخبرة، فعاتب المقتدر أبا القاسم الحواري، وكان أشار به.
وقيل: أقبل حامد على مصادرة ابن الفرات، ووقع بينه وبين شريكه ابن عيسى مشاجرات في الاموال حتى قيل: أعجب من ما تراه * أن وزيرين في بلاد هذا سواد بلا وزير * وذا وزير بلا سواد ثم عذب حامد المحسن ولد ابن الفرات، وأخذ منه ألف ألف دينار، ثم صار أعباء الوزارة إلى ابن عيسى، وبقي حامد كالبطال إلا من الاسم وركوب الموكب، وبان للمقتدر ذلك، فأفرد ابن عيسى بالامر، واستأذن حامد في ضمان أصبهان وغيرها، فأذن له، وقيل: صار الوزير عاملا لكاتبه يأمل أن يرفق في مطالبه ليستدر النفع من مكاسبه قال التنوخي: حدثني أبو عبد الله الصيرفي، حدثني أبو علي التاجر قال: ركب حامد بواسط إلى بستانه، فرأى شيخا يولول وحوله عائلة، قد احترق بيته، فرق له، وقال لوكيله: أريد منك أن لا أرجع العشية إلا وداره جديدة بآلاتها، وقماشها، فبادر وطلب الصناع وصب الدراهم، ففرغت العصر، فرد

(14/358)


العتمة فوجدها مفروغة، وضجوا له بالدعاء، وزاد رأس مال صاحبها خمسة آلاف درهم.
وقيل: إن تاجرا أخذ خبزا بدرهم ليتصدق به بواسط، فما رأى فقيرا يعطيه، فقال له الخباز: لا تجد أحدا، لان جميع الضعفاء في جراية حامد.
قال الصولي: وكان كثير المزاح، سخيا، وكان لا يرغب في استماع الشعر، وكان إذا خولف في أمر يصيح ويحرد، فمن داراه انتفع به.
قال نفطويه: سمعته يقول: قيل لبعض المجانين: في كم يتجنن الرجل ؟ فقال: ذاك إلى صبيان المحلة.
وكان ثالث يوم من وزارته قد ناظر ابن الفرات، وجبهه، وأفحش له، وجذب بلحيته، وعذب أصحابه، فلما انعكس الدست، وعزل بابن الفرات، تنمر له ابن الفرات، ووبخه على فعاله، فقال: إن كان ما استعملته فيكم أثمر لي خيرا فزيدوا منه، وإن كان قبيحا وصيرني إلى التحكم في، فالسعيد من وعظ بغيره.
قال الصولي: فسلم حامد إلى المحسن، فعذبه بألوان العذاب، وكان إذا شرب أخرجه وألبسه جلد قرد، ويرقص فيصفع، وفعل به ما يستحيى من ذكره، ثم أحدر إلى واسط، فسقي، وصلى الناس على قبره أياما.
قال أحمد بن كامل: توفي بواسط، ثم بعد أيام ابن الفرات نقل فدفن ببغداد.
وسمعته يقول: ولدت سنة ثلاث وعشرين، وأبي من الشهاردة.
قلت: موته كان في رمضان سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.

(14/359)


209 - الزجاج * الامام، نحوي زمانه، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن السري الزجاج البغدادي، مصنف كتاب: " معاني القرآن "، وله تآليف جمة.
لزم المبرد، فكان يعطيه من عمل الزجاج كل يوم درهما، فنصحه وعلمه.
ثم أدب القاسم بن عبيد الله الوزير، فكان سبب غناه، ثم كان من ندماء المعتضد.
مات سنة إحدى عشرة وثلاث مئة، وقيل: مات في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة عشرة.
وله كتاب: " الانسان وأعضائه "، وكتاب: " الفرس "، وكتاب: " العروض "، وكتاب: " الاشتقاق "، وكتاب: " النوادر "، وكتاب: " فعلت وأفعلت ".
وكان عزيزا على المعتضد، له رزق في الفقهاء، ورزق في العلماء، ورزق في الندماء، نحو ثلاث مئة دينار.
ويقال: توفي سنة ست عشرة.
أخذ عنه العربية أبو علي الفارسي، وجماعة.
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 112 111، فهرست ابن النديم: 91 90، تاريخ بغداد: 6 / 93 80، الانساب: 272 / أ، نزهة الالباء: 246 244، المنتظم: 6 / 180 176، معجم الادباء: 1 / 151 130، الكامل في التاريخ: 8 / 145، إنباه الرواة: 1 / 166 159، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 171 170، وفيات الاعيان: 1 / 50 49، العبر: 2 / 148، دول الاسلام: 1 / 188، الوافي بالوفيات: 5 / 350 345، مرآة الجنان: 2 / 262، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 6 5، النجوم الزاهرة: 3 / 208، بغية الوعاة: 1 / 413 411، مفتاح السعادة: 1 / 135 134، شذرات الذهب: 2 / 260 259.
(*)

(14/360)


210 - ابن اليزيدي * العلامة، شيخ العربية أبو عبد الله، محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد يحيى (1) بن المبارك اليزيدي البغدادي.
كان رأسا في نقل النوادر وكلام العرب، إماما في النحو.
أدب أولاد المقتدر.
توفي في جمادى الآخرة سنة عشر وثلاث مئة عن ثنتين وثمانين سنة وثلاثة أشهر.

211 - الضبي * * العلامة، أبو الطيب، محمد بن المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي البغدادي الشافعي، أكبر تلامذة ابن سريج، له ذهن وقاد، ومات شابا.
صنف الكتب، وله وجوه في المذهب، منها: أنه كفر تارك الصلاة، ومنها: أن الولي إذا أذن للسفيه في أن يتزوج لم يجز كالصبي.
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 65، فهرست ابن النديم: 51، تاريخ بغداد: 3 / 113، الانساب: 600 / أ، نزهة الالباء: 243، الكامل في التاريخ: 8 / 138، إنباه الرواة: 3 / 199 198، وفيات الاعيان: 4 / 339 337، الوافي بالوفيات: 3 / 199، مرآة الجنان: 2 / 262، طبقات القراء للجزري: 2 / 158، بغية الوعاة: 1 / 124.
(1) في الاصل: محمد بن العباس بن محمد بن محمد بن يحيى..والصواب ما أثبتناه.
* * طبقات العبادي: 72، تاريخ بغداد: 3 / 308، طبقات الشيرازي: 109، وفيات الاعيان: 4 / 205، العبر: 2 / 137، الوافي بالوفيات: 5 / 51 50، مرآة الجنان: 2 / 250، شذرات الذهب: 2 / 253.
(*)

(14/361)


وكان ابن سريج يعتني بإقرائه، توفي في المحرم سنة ثمان وثلاث مئة.

وكان أبوه:
212 - أبو طالب [ المفضل بن سلمة ] * لغويا، أديبا، علامة، له تصانيف في معاني القرآن والآداب.
أخذ عن ابن الاعرابي، وغيره من مشاهير العلماء.
أخذ عنه الصولي وغيره.
ومات بعد التسعين ومئتين.
وأبوه سلمة بن عاصم (1) النحوي، هو راوية الفراء.
وفي القدماء: المفضل بن محمد الضبي المقرئ (2) صاحب عاصم.

213 - التستري * * الامام الحجة المحدث البارع، علم الحفاظ، شيخ الاسلام، أبو جعفر، أحمد بن يحيى بن زهير التستري الزاهد.
__________
* معجم الشعراء: 298 297، فهرست ابن النديم: 110 109، تاريخ بغداد: 13 / 125 124، نزهة الالباء: 202، معجم الادباء: 19 / 163، إنباه الرواة: 3 / 311 305، وفيات الاعيان: 4 / 206 205، بغية الوعاة: 2 / 297 296، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 329 328.
(1) مترجم في " معجم الادباء " 11 / 243 242، و " إنباه الرواة " 2 / 56، و " غاية النهاية " 1 / 311.
(2) ترجمته في " غاية النهاية " 1 / 307.
* * الانساب: 106 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي الورقة 130 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 759 757، العبر: 2 / 145، دول الاسلام: 1 / 187، النجوم الزاهرة: 3 / 205، طبقات الحفاظ: 319 318، شذرات الذهب: 2 / 258.
(*)

(14/362)


سمع أبا كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن حرب النشائي، والحسين ابن أبي زيد الدباغ، ومحمد بن عمار الرازي، وعمرو بن عيسى الضبعي، ومحمد ابن بشار، ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، وخلقا كثيرا من أصحاب سفيان
ابن عيينة، وأبي معاوية الضرير.
وكانت رحلته قبل الخمسين ومئتين.
جمع، وصنف، وعلل، وصار يضرب به المثل في الحفظ.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان، وأبو إسحاق بن حمزة، وسليمان بن أحمد الطبراني، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت جعفر بن أحمد المراغي يقول: أنكر عبدان الاهوازي حديثا مما عرض عليه لابي جعفر بن زهير، فدخل عليه وقال: هذا أصلي، ولكن من أين لك أنت: ابن عون، عن الزهري، عن سالم ؟ فذكر حديثا، فما زال عبدان يعتذر إليه ويقول: يا أبا جعفر إنما استغربت الحديث.
قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبي إسحاق بن حمزة، وسمعته يقول: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبي جعفر بن زهير التستري.
وقال أبو جعفر: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة الرازي.
وقال أبو بكر بن المقرئ: حدثنا تاج المحدثين أحمد بن يحيى بن زهير، فذكر حديثا.
توفي أبو جعفر في سنة عشر وثلاث مئة، وكان من أبناء الثمانين.
قرأت على محمد بن عبد السلام التميمي: عن عبد المعز بن محمد البزاز، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، ورجل آخر، قالا: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبدالرحمن الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري، أخبرني

(14/363)


أحمد بن يحيى بن زهير التستري، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي المسهر، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام يوما قبل موته يريد وجه
الله دخل الجنة ".
هذا حديث غريب، ولا أعرف هذا التابعي، ولا ذكره أبو أحمد (1) في " الكنى ".
ومات معه في العام: محمد بن جرير.
ومقرئ بغداد أبو علي الحسن بن الحسين الصواف صاحب أبي حمدون.
وأبو محمد خالد بن محمد بن خالد الصفار صاحب يحيى بن معين.
ومسند مصر أبو شيبة داود بن إبراهيم البغدادي.
والعباس بن الفضل بن شاذان مقرئ الري.
وعلي بن أحمد بن بسطام الزعفراني.
وعلي بن العباس البجلي المقانعي.
والحافظ أبو بشر الدولابي.
ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض الدمشقي.
والمحدث أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني.
__________
(1) وهو الحاكم الكبير، شيخ صاحب " المستدرك "، وقد اختصر المؤلف كتابه " الكنى " بكتاب سماه: " المنتقى من الكنى " ومنه نسخة في المكتبة الاحمدية بحلب، وعندنا مصورة عنها.
والحديث أخرجه أحمد: 5 / 391 بإسقاط أبي مسهر هذا من طريق حسن وعفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن عثمان البتي، عن نعيم بن أبي هند، عن حذيفة.
(*)

(14/364)


ومقرئ الرقة أبوعمران موسى بن جرير النحوي.
والحافظ أبو العباس الوليد بن أبان الاصبهاني.

214 - ابن خزيمة * محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر.
الحافظ الحجة الفقيه، شيخ الاسلام، إمام الائمة، أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي، صاحب التصانيف.
ولد سنة ثلاث وعشرين ومئتين، وعني في حداثته بالحديث والفقه، حتى صار يضرب به المثل في سعة العلم والاتقان.
سمع من إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد، ولم يحدث عنهما، لكونه كتب عنهما في صغره وقبل فهمه وتبصره، وسمع من محمود بن غيلان، وعتبة بن عبد الله المروزي، وعلي بن حجر، وأحمد بن منيع، وبشر بن معاذ، وأبي كريب، وعبد الجبار بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وأخيه يعقوب، وإسحاق بن شاهين، وعمرو بن علي، وزياد بن أيوب، ومحمد بن مهران الجمال، وأبي سعيد الاشج، ويوسف بن واضح الهاشمي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن مثنى، والحسين بن حريث، ومحمد بن عبدالاعلى الصنعاني، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن عبدة الضبي، ونصر بن علي،
__________
* الجرح والتعديل: 7 / 196، تاريخ جرجان: 413، طبقات الشيرازي: 105 - 106، المنتظم: 6 / 184 - 186، تهذيب الاسماء واللغات: 1 / 78، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي الورقة 125 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 720 - 731، العبر: 2 / 149 - 150، دول الاسلام: 1 / 188، الوافي بالوفيات: 2 / 196، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 109 - 110، البداية والنهاية: 11 / 149، طبقا ت القراء للجزري: 2 / 97 - 98، النجوم الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 310 - 311، شذرات الذهب: 2 / 262 - 263، الرسالة المستطرفة: 20.
(*)

(14/365)


ومحمد بن علي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ويونس بن عبدالاعلى،
وأحمد بن عبدالرحمن الوهبي، ويوسف بن موسى، ومحمد بن رافع، ومحمد ابن يحيى القطعي، وسلم بن جنادة، ويحيى بن حكيم، وإسماعيل بن بشر بن منصور السليمي (1)، والحسن بن محمد الزعفراني، وهارون بن إسحاق الهمداني، وأمم سواهم، ومنهم: إسحاق بن موسى الخطمي، ومحمد بن أبان البلخي.
حدث عنه: البخاري، ومسلم في غير " الصحيحين "، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم أحد شيوخه، وأحمد بن المبارك المستملي، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو العباس الدغولي، وأبو علي الحسين بن محمد النيسابوري، وأبو حاتم البستي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو عمرو بن حمدان، وإسحاق بن سعد النسوي، وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن مهران المقرئ، وحفيده محمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة، ومحمد بن أحمد بن علي بن نصير المعدل، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، وأبو سهل الصعلوكي، والحسين بن علي التميمي حسينك، وبشر بن محمد بن محمد بن ياسين، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني، وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري، والخليل بن أحمد السجزي القاضي، وأبو سعيد محمد بن بشر الكرابيسي، وأبو أحمد محمد بن محمد الكرابيسي الحاكم، وأبو نصر أحمد بن الحسين المرواني، وأبو العباس أحمد بن محمد الصندوقي، وأبو الحسن محمد بن الحسين الآبري، وأبو الوفاء أحمد بن محمد
__________
(1) كذا ضبطت في الاصل بفتح السين.
وضبطها السمعاني بضمها، ولم يتابعه على ذلك صاحب " اللباب " بل تعقبه بقوله: " وأما قوله عن أبي محمد بشر ابن منصور: إنه سليمي بالضم فليس كذلك، وإنما هو سليمي بالفتح من سليمة بن مالك..".
وانظر " تبصير المنتبه " 2 / 746.
(*)

(14/366)


ابن حمويه المزكي، وخلق كثير.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله فيما قرأت عليه سنة ست وتسعين وست مئة عن عبد المعز بن محمد الهروي: أخبرنا تميم بن أبي سعيد القصار، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن سنة تسع وأربعين وأربع مئة، أخبرنا محمد بن محمد النيسابوري الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا علي بن حجر، حدثنا عبد العزيز بن حصين، عن أبي أمية: أن حبيبا أخبره، عن زر بن حبيش: أنه أتى صفوان بن عسال، وكان من الصحابة، فقال له: ما جاء بكم ؟ قالوا: خرجنا من بيوتنا لابتغاء العلم.
قال: إنه من خرج من بيته لابتغاء العلم، فإن الملائكة تضع أجنحتها لمبتغي العلم.
فسأله عن المسح على الخفين، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، لا أقول من جنابة، ولكن من غائط، أو بول، أو نوم.
قال محمد بن محمد الحافظ: غريب من حديث حبيب بن أبي ثابت، لا أعلم حدث به غير أبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق (1)، واسم أبيه قيس.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر ابن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، حدثنا بشر بن محمد الحاكم، أخبرنا ابن خزيمة، أخبرنا أحمد بن نصر المقرئ، أخبرنا محمد بن الحسن البصري محبوب، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة قال: كانت الركبان تأتينا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتلقى منهم الآية والآيتين، فكانوا يخبرونا أن
__________
(1) وهو ضعيف كما في " التقريب ".
وأخرج الحديث مطولا أحمد: 4 / 240، والترمذي (3529) في الدعوات: باب في فضل التوبة والاستغفار، من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي..وهذا سند
حسن، وصححه ابن حبان (186) وابن خزيمة (196).
(*)

(14/367)


رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليؤمكم أكثركم قرآنا ".
وكنت أؤم قومي وأنا صغير السن (1).
وبه إلى ابن خزيمة: حدثنا أبو حصين بن أحمد بن يونس، حدثنا عبثر بن القاسم، حدثنا حصين، عن الشعبي، عن محمد بن صيفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء: " أمنكم أحد أكل اليوم ؟ قالوا: منا من صام، ومنا من لم يصم.
قال: فأتموا بقية يومكم، وابعثوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم ".
هذا حديث صحيح غريب، أخرجه النسائي (2)، عن أبي حصين، فوافقناه.
قال الحاكم في " تاريخه ": أخبرني محمد بن أحمد بن واصل الجعفي ببيكند (3)، حدثني أبي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني محمد، حدثنا أحمد بن سنان، حدثني مهدي والد عبدالرحمن بن مهدي قال: كان عبد الرحمن يكون عند سفيان عشرة أيام أو أكثر، لا يجئ إلى البيت، فإذا جاءنا ساعة جاء رسول سفيان، فيذهب ويتركنا.
وقال الحاكم: محمد: هو ابن إسحاق بن خزيمة بلا شك، فقد حدثنا أبو
__________
(1) صحيح، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1512) وأحمد في " مسنده " 5 / 30، وأبو داود (585) من طريق أيوب، عن عمرو بن سلمة.
وأخرجه البخاري: 8 / 18 في المغازي: باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، والنسائي: 2 / 10 9 من طريق أيوب: عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة قال: قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله ؟ قال: فلقيته، فسألته، فقال: لما كان عام الفتح..الحديث.
(2) 4 / 193 في الصيام: باب إذا طهرت الحائض أو قدم المسافر في رمضان هل يصوم
بقية يومه ؟ وهو في صحيح ابن خزيمة (2091).
وأهل العروض: قال ابن الاثير: " أراد من بأكناف مكة والمدينة، يقال لمكة والمدينة واليمن: العروض ".
(3) كذا ضبطها ياقوت وقال: " بلدة بين بخارى وجيحون، على مرحلة من بخارى، لها ذكر في الفتوح.
وكانت بلدة كبيرة حسنة، كثيرة العلماء، خربت منذ زمان ".
انظر " معجم البلدان " 1 / 533.
(*)

(14/368)


أحمد الدارمي، حدثنا ابن خزيمة بالحكاية.
قال الحاكم: قرأت بخط مسلم: حدثني محمد بن إسحاق صاحبنا، حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا إسماعيل بن ربيعة (1) بحديث في الاستسقاء.
قال الحاكم: كتب إلي أحمد بن عبدالرحمن بن القاسم من مصر: أن محمد بن الربيع الجيزي حدثهم: حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثني محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا موسى بن خاقان، حدثنا إسحاق الازرق، عن سفيان، عن الاعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد، عن ابن عباس قال: لما أخرجوا نبيهم، قال أبو بكر رضي الله عنه: علمت أنه سيكون قتال.
قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري: حدثنا ابن خزيمة قال: كنت إذا أردت أن أصنف الشئ أدخل في الصلاة مستخيرا حتى يفتح لي، ثم أبتدئ التصنيف.
ثم قال أبو عثمان: إن الله ليدفع البلاء عن أهل هذه المدينة لمكان أبي بكر محمد بن إسحاق.
__________
(1) وتمامه عند ابن خزيمة (1419): عن عامر بن لؤي المديني أنه سمع جده هشام ابن إسحاق يحدث عن أبيه إسحاق بن عبد الله: أن الوليد بن عتبة أمير المدينة أرسله إلى
ابن عباس، فقال: با ابن أخي سله كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء يوم استسقى بالناس ؟ قال إسحاق: فدخلت على ابن عباس، فقلت: با أبا العباس كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء يوم استسقى ؟ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متخشعا متبذلا، فصنع فيه كما صنع في الفطر والاضحى ".
وأخرجه أبو داود (1165) والترمذي (558) والنسائي: 3 / 157 156، وابن ماجه (1266) والطحاوي: 192 191، والحاكم: 1 / 327 326، كلهم من طريق هشام بن إسحاق، عن أبيه، عن ابن عباس وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (603) وابن خزيمة (1405).
(*)

(14/369)


الحاكم: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر، سمعت ابن خزيمة وسئل: من أين أوتيت العلم ؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ماء زمزم لما شرب له " (1).
وإني لما شربت سألت الله علما نافعا.
الحاكم: سمعت أبا بكر بن بالويه، سمعت أبا بكر بن إسحاق وقيل له: لو حلقت شعرك في الحمام ؟ فقال: لم يثبت عندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حماما قط، ولا حلق شعره، إنما تأخذ شعري جارية لي بالمقراض.
قال الحاكم: وسألت محمد بن الفضل بن محمد عن جده ؟ فذكر أنه لا يدخر شيئا جهده، بل ينفقه على أهل العلم، وكان لا يعرف سنجة (2) الوزن، ولا يميز بين العشرة والعشرين، ربما أخذنا منه العشرة، فيتوهم أنها خمسة.
الحاكم: سمعت أبا بكر القفال يقول: كتب ابن صاعد إلى ابن خزيمة
__________
(1) هو في " تاريخ بغداد " 10 / 166، وأخرجه ابن ماجه (3062) وأحمد: 3 / 357، والبيهقي: 5 / 148 من طريق عبد الله بن المؤمل، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ماء زمزم لما شرب له ".
وعبد الله ضعيف، لكنه لم ينفرد به،
بل تابعه عبدالرحمن بن أبي الموالي، وإبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير عن جابر عند البيهقي: 5 / 202 بسند جيد، فالحديث صحيح.
وقد صححه الحاكم، والمنذري، والدمياطي، وحسنه الحافظ ابن حجر.
وفي صحيح مسلم (4473) من حديث أبي ذر: " إنها طعام طعم ".
ورواه الطيالسي: 2 / 158، والبيهقي: 5 / 148 وزاد فيه: " وشفاء سقم " وإسناده صحيح.
وقد أخرج الترمذي (963) والحاكم: 1 / 485، والبيهقي: 5 / 202 عن عائشة رضي الله عنها " أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحمله ".
وحسنة الترمذي، وهو كما قال.
وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 3 / 189 بلفظ: " إنها حملت ماء زمزم في القوارير، وقالت: حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاداوى والقرب، فكان يصب على المرضى ويسقيهم.
(2) في " القاموس " و " اللسان ": " سنجة الميزان: لغة في صنجته، والسين أفصح "، وهذا خلاف لما نقله الجوهري عن ابن السكيت على أنها بالصاد حيث قال: " ولا تقل سنجة يعني بالسين ".
وهذه اللفظة فارسية معربة.
انظر " المعرب " للجواليقي: ص 215.
(*)

(14/370)


يستجيزه كتاب الجهاد، فأجازه له.
قال محمد بن سهل الطوسي: سمعت الربيع بن سليمان وقال لنا: هل تعرفون ابن خزيمة ؟ قلنا: نعم.
قال: استفدنا منه أكثر ما استفاد منا.
محمد بن إسماعيل السكري: سمعت ابن خزيمة يقول: حضرت مجلس المزني، فسئل عن " شبه العمد " فقال له السائل: إن الله وصف في كتابه القتل صنفين: عمدا وخطأ، فلم قلتم: إنه على ثلاثة أقسام، وتحتج بعلي بن زيد بن جدعان (1) ؟ فسكت المزني، فقلت لمناظره: قد روى الحديث أيضا
أيوب وخالد الحذاء، فقال لي: فمن عقبة بن أوس ؟ قلت: شيخ بصري قد روى عنه ابن سيرين مع جلالته، فقال للمزني: أنت تناظر أو هذا ؟ قال: إذا جاء الحديث، فهو يناظر، لانه أعلم به مني، ثم أتكلم أنا.
قال محمد بن الفضل بن محمد: سمعت جدي يقول: استأذنت أبي في الخروج إلى قتيبة، فقال: اقرإ القرآن أولا حتى آذن لك.
فاستظهرت القرآن، فقال لي: امكث حتى تصلي بالختمة.
ففعلت، فلما عيدنا، أذن لي،
__________
(1) أخرجه من طريقه الشافعي: 2 / 263، وأبو داود (4549) والنسائي: 8 / 42، وأحمد: (4583) و (4926)، وابن ماجه (2628) والدارقطني: 333 من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا مئة من الابل مغلظة، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ".
وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
لكن الحديث صحيح من وجه آخر بنحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه أحمد: (6533)، (6552)، وأبو داود (4547) والنسائي: 8 / 41 من طريق خالد الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط أو العصا مئة من الابل منها أربعون في بطونها أولادها ".
وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1526) وابن القطان، وأخرجه ابن ماجه (2627) من طريق محمد بن بشار، عن عبدالرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة، عن أيوب: سمعت القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو.
وهذا سند صحيح أيضا.
(*)

(14/371)


فخرجت إلى مرو، وسمعت بمرو الروذ من محمد بن هشام صاحب هشيم، فنعي إلينا قتيبة.
قال الحافظ أبو علي النيسابوري: لم أر أحدا مثل ابن خزيمة.
قلت: يقول مثل هذا وقد رأى النسائي.
قال أبو أحمد حسينك: سمعت إمام الائمة أبا بكر يحكي عن علي بن خشرم، عن ابن راهويه: أنه قال: أحفظ سبعين ألف حديث.
فقلت لابن خزيمة: كم يحفظ الشيخ ؟ فضربني على رأسي وقال: ما أكثر فضولك ! ثم قال: يا بني ! ما كتبت سوداء في بياض إلا وأنا أعرفه.
قال أبو علي الحافظ: كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارئ السورة.
أخبرنا أبو علي الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا شيخ الاسلام أبو إسماعيل الانصاري (1)، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد بن محمد بن صالح، حدثنا أبي، حدثنا أبو حاتم بن حبان التميمي قال: ما رأيت على وجه الارض من يحفظ صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح، وياداتها، حتى كأن السنن كلها بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط.
قال أبو الحسن الدارقطني: كان ابن خزيمة إماما ثبتا، معدوم النظير.
حكى أبو بشر القطان قال: رأى جار لابن خزيمة من أهل العلم كأن لوحا
__________
(1) هو عبد الله بن محمد بن علي الهروي الحنبلي الصوفي، المتوفي سنة 481 هجرية، صاحب كتاب " منازل السائرين " الذي شرحه العلامة ابن القيم في كتابه " مدارج السالكين " الذي يعد من خير ما كتب في تهذيب النفوس.
ولم يخل كتاب " منازل السائرين " من هفوات وأخطأ نبه عليها ابن القيم وتعقبه فيها.
(*)

(14/372)


عليه صورة نبينا صلى الله عليه وسلم وابن خزيمة يصقله.
فقال المعبر: هذا رجل يحيي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الامام أبو العباس بن سريج وذكر له ابن خزيمة فقال: يستخرج
النكت من حديث رسول الله بالمنقاش.
وقد كان هذا الامام جهبذا بصيرا بالرجال، فقال فيما رواه عنه أبو بكر محمد بن جعفر شيخ الحاكم: لست أحتج بشهر بن حوشب، ولا بحريز بن عثمان لمذهبه (1)، ولا بعبد الله بن عمر، ولا ببقية، ولا بمقاتل بن حيان، ولا بأشعث بن سوار، ولا بعلي بن جدعان لسوء حفظه، ولا بعاصم بن عبيد الله، ولا بابن عقيل، ولا بيزيد بن أبي زياد، ولا بمجالد، ولا بحجاج بن أرطاة إذا قال: عن، ولا بأبي حذيفة النهدي، ولا بجعفر بن برقان، ولا بأبي معشر نجيح، ولا بعمر بن أبي سلمة، ولا بقابوس بن أبي ظبيان.
ثم سمى خلقا دون هؤلاء في العدالة، فإن المذكورين احتج بهم غير واحد.
وقال أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري: سمعت ابن خزيمة يقول: ليس لاحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول إذا صح الخبر.
قال الحاكم: سمعت محمد بن صالح بن هانئ، سمعت ابن خزيمة يقول: من لم يقر بأن الله على عشرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر حلال الدم، وكان ماله فيئا.
قلت: من أقر بذلك تصديقا لكتاب الله، ولاحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمن به مفوضا معناه إلى الله ورسوله، ولم يخض في التأويل ولا عمق، فهو المسلم المتبع، ومن أنكر ذلك، فلم يدر بثبوت ذلك في الكتاب والسنة فهو
__________
(1) أي: لما اتهم به من النصب.
(*)

(14/373)


مقصر، والله يعفو عنه، إذ لم يوجب الله على كل مسلم حفظ ما ورد في ذلك، ومن أنكر ذلك بعد العلم، وقفا غير سبيل السلف الصالح، وتمعقل على النص، فأمره إلى الله، نعوذ بالله من الضلال والهوى.
وكلام ابن خزيمة هذا وإن كان حقا فهو فج، لا تحتمله نفوس كثير من متأخري العلماء.
قال أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه: سمعت ابن خزيمة يقول: القرآن كلام الله تعالى، ومن قال: إنه مخلوق.
فهو كافر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
ولابن خزيمة عظمة في النفوس، وجلالة في القلوب لعلمه ودينه، واتباعه السنة.
وكتابه في " التوحيد " مجلد كبير، وقد تأول في ذلك حديث الصورة (1)،
__________
(1) حديث الصورة، أخرجه البخاري في " صحيحه " 11 / 2 في أول الاستئذان، ومسلم (2841) في الجنة: باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، وأحمد: 2 / 315، وابن خزيمة في " التوحيد " 40 39 من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه، قال: اذهب، فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم: فقالوا: السلام عليك ورحمة الله.
فزادة: " ورحمة الله " فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن ".
وأخرجه مسلم (2612) (115) وأحمد: 2 / 463 و 519، وابن خزيمة ص 37 من طريق قتادة، عن أبي أيوب المراغي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته ".
وأخرجه أحمد: 2 / 244، والآجري في " الشريعة " 143، والبيهقي في " الاسماء والصفات " 290 من طريق سفيان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة..وأخرجه أحمد: 2 / 323 من طريق المغيرة بن عبدالرحمن، عن أبي الزناد، عن موسى = (*)

(14/374)


__________
= ابن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة..وأخرجه أحمد: 2 / 251، 434، وابن خزيمة 36 من طريق يحيى، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وأخرج البخاري في " الادب المفرد " رقم (173) وابن خزيمة ص 36 من حديث ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته ".
قال ابن خزيمة بعد أن أورد هذه الاحاديث: " توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله: " على صورته " يريد صورة الرحمن، عز ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر، بل معنى قوله: خلق آدم على صورته: الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم.
أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح وجهه، فزجر صلى الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لان وجه آدم شبيه وجه بنيه.
فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، كان مقبحا وجه آدم صلوات الله وسلامه عليه.
ثم أورد حديث ابن عمر، من طريق الاعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر مرفوعا بلفظ: " لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن ".
ورواه أيضا من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء مرسلا، وقال: في هذا الخبر علل ثلاث، أولاهن: أن الثوري قد خالف الاعمش في إسناده فأرسل الثوري ولم يقل: عن ابن عمر.
والثانية: أن الاعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت، والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس، لم يعلم أنه سمعه من عطاء " وانظر تمام كلامه فيه.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 11 / 3 2 في أول الاستئذان: " واختلف إلى ماذا يعود الضمير ؟ فقيل: إلى آدم، أي: خلقه على صورته التي استمر عليها إلى أن أهبط، وإلى أن مات، دفعا لتوهم من يظن أنه لما كان في الجنة كان على صفة أخرى، أو ابتدأ خلقه كما
وجد، لم ينتقل في النشأة كما ينتقل ولده من حالة إلى حالة.
وقيل: للرد على الدهرية أنه لم يكن إنسان إلا من نطفة، ولا تكون نطفة إنسان إلا من إنسان، ولا أول لذلك، فبين أنه خلق من أول الامر على هذه الصورة.
وقيل: للرد على الطبائعيين الزاعمين أن الانسان قد يكون من فعل الطبع وتأثيره.
وقيل: الضمير لله، وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرقه " على صورة الرحمن " والمراد بالصورة: الصفة، والمعنى: أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شئ.
وراجع ما كتبه الحافظ ابن حجر أيضا عن عود الضمير في " صورته " في " الفتح " 5 / 133، و 6 / 260.
(*)

(14/375)


فليعذر من تأول بعض الصفات.
وأما السلف، فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفوا، وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه، وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه، وبدعناه، لقل من يسلم من الائمة معنا.
رحم الله الجميع بمنه وكرمه.
قال الحاكم: فضائل إمام الائمة ابن خزيمة عندي مجموعة في أوراق كثيرة، ومصنفاته تزيد على مئة وأربعين كتابا سوى المسائل، والمسائل المصنفة أكثر من مئة جزء.
قال: وله فقه حديث بريرة (1) في ثلاثة أجزاء.
قال حمد بن عبد الله المعدل: سمعت عبد الله بن خالد الاصبهاني يقول: سئل عبدالرحمن بن أبي حاتم عن أبي بكر بن خزيمة فقال: ويحكم ! هو
__________
(1) ونصه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت بريرة تستعين بها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي، فعلت.
فذكرت ذلك بريرة لاهلها، فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك، فلتفعل، ويكون لنا ولاؤك.
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابتاعي وأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق " ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟ من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مئة مرة.
شرط الله أحق وأوثق ".
أخرجه البخاري: 1 / 458 في المساجد: باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد، وفي البيوع: باب البيع والشراء مع النساء، وفي العتق: باب بيع الولاء وهبته، وباب ما يجوز من شروط المكاتب، وباب استعانة المكاتب وسؤال الناس، وباب بيع المكاتب إذا رضي، وفي الشروط: باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق، وفي الطلاق: باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة، وفي الفرائض: باب الولاء لمن أعتق، وباب ما يرث النساء من الولاء.
وأخرجه مسلم (1504) في العتق: باب الولاء لمن أعتق، و " مالك " 2 / 780 في العتق والولاء: باب مصير الولاء لمن أعتق، وأبو داود (3929) و (3930) في العتق: باب بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، والنسائي: 7 / 300 في البيوع: باب البيع يكون فيه الشرط الفاسد فيصح البيع ويبطل الشرط، والترمذي (1256) في البيوع: باب ما جاء في اشتراط الولاء والزجر عن ذلك، وابن ماجه (2521) في العتق: باب المكاتب.
(*)

(14/376)


يسأل عنا ولا نسأل عنه ! هو إمام يقتدى به.
قال الامام أبو بكر محمد بن علي الشاشي: حضرت ابن خزيمة، فقال له أبو بكر النقاش المقرئ: بلغني أنه لما وقع بين المزني وابن عبد الحكم، قيل للمزني: إنه يرد على الشافعي.
فقال المزني: لا يمكنه إلا بمحمد بن إسحاق النيسابوري.
فقال أبو بكر: كذا كان.
وعن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن المضارب قال: رأيت ابن خزيمة في النوم، فقلت: جزاك الله عن الاسلام خيرا، فقال: كذا قال لي جبريل في
السماء.
قال الحاكم: حدثني أبو بكر محمد بن حمدون وجماعة من مشايخنا إلا أن ابن حمدون كان من أعرفهم بهذه الواقعة، قال: لما بلغ أبو بكر بن خزيمة من السن والرئاسة والتفرد بهما ما بلغ، كان له أصحاب صاروا في حياته أنجم الدنيا، مثل أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وهو أول من حمل علوم الشافعي ودقائق ابن سريج إلى خراسان، ومثل أبي بكر أحمد بن إسحاق يعني الصبغي خليفة ابن خزيمة في الفتوى، وأحسن الجماعة تصنيفا، وأحسنهم سياسة في مجالس السلاطين، وأبي بكر بن أبي عثمان، وهو آدبهم، وأكثرهم جمعا للعلوم، وأكثرهم رحلة، وشيخ المطوعة والمجاهدين، وأبي محمد يحيى بن منصور، وكان من أكابر البيوتات، وأعرفهم بمذهب ابن خزيمة وأصلحهم للقضاء.
قال: فلما ورد منصور بن يحيى الطوسي نيسابور، وكان يكثر الاختلاف إلى ابن خزيمة للسماع منه، وهو معتزلي، وعاين ما عاين من الاربعة الذين سميناهم حسدهم، واجتمع مع أبي عبدالرحمن الواعظ القدري بباب معمر في أمورهم غير مرة فقالا: هذا إمام لا يسرع في الكلام، وينهى أصحابه عن التنازع في الكلام وتعليمه، وقد نبغ له أصحاب يخالفونه وهو لا يدري، فإنهم

(14/377)


على مذهب الكلابية (1)، فاستحكم طمعهما في إيقاع الوحشة بين هؤلاء الائمة.
قال الحاكم: سمعت الامام أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول: كان من قضاء الله تعالى أن الحاكم أبا سعيد لما توفي أظهر ابن خزيمة الشماته بوفاته، هو وجماعة من أصحابه جهلا منهم فسألوه أن يتخذ ضيافة، وكان لابن خزيمة بساتين نزهة.
قال: فأكرهت أنا من بين الجماعة على الخروج في الجملة إليها.
وحدثني أبو أحمد الحسين بن علي التميمي: أن الضيافة كانت في جمادى الاولى سنة تسع وثلاث مئة، وكانت لم يعهد مثلها، عملها ابن خزيمة، فأحضر جملة من الاغنام والحملان، وأعدال السكر، والفرش، والآلات، والطباخين، ثم إنه تقدم إلى جماعة المحدثين من الشيوخ والشباب، فاجتمعوا بجنزروذ (2) وركبوا منها، وتقدمهم أبو بكر يخترق الاسواق سوقا سوقا، يسألهم أن يجيبوه، ويقول لهم: سألت من يرجع إلى الفتوة والمحبة لي أن يلزم جماعتنا اليوم.
فكانوا يجيئون فوجا فوجا حتى لم يبق كبير أحد في البلد يعني نيسابور والطباخون يطبخون، وجماعة من الخبازين يخبزون، حتى حمل أيضا جميع ما وجدوا في البلد من الخبز والشواء على الجمال والبغال والحمير، والامام رحمه الله قائم يجري أمور الضيافة على أحسن ما يكون، حتى شهد من حضر أنه لم يشهد مثلها.
فحدثني أبو بكر أحمد بن يحيى المتكلم قال: لما انصرفنا من
__________
(1) نسبة إلى أبي محمد، عبد الله بن سعيد بن كلاب، المتوفى بعد عام 240 هجرية.
كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعهم، ناقش المعتزلة في مجلس المأمون على طريقة كلامية عقلية، فدحرهم.
مترجم في " طبقات الشافعية " للسبكي: 2 / 299 - 300، وانظر آراءه في الاسماء والصفات في " مقالات الاسلاميين " 1 / 249 وما بعدها.
(2) قرية من قرى نيسابور.
انظر " معجم البلدان " 2 / 171.
(*)

(14/378)


الضيافة اجتمعنا عند بعض أهل العلم، وجرى ذكر كلام الله: أقديم هو لم يزل، أو نثبت عند إخباره تعالى أنه متكلم به ؟ فوقع بيننا في ذلك خوض، قال جماعة منا: كلام البارئ قديم لم يزل.
وقال جماعة: كلامه قديم غير أنه لا يثبت إلا بإخباره وبكلامه.
فبكرت إلى أبي علي الثقفي، وأخبرته بما جرى فقال: من أنكر أنه لم يزل فقد اعتقد أنه محدث.
وانتشرت هذه المسألة في
البلد، وذهب منصور الطوسي في جماعة إلى ابن خزيمة، وأخبروه بذلك حتى قال منصور: ألم أقل للشيخ: إن هؤلاء يعتقدون مذهب الكلابية ؟ وهذا مذهبهم.
قال: فجمع ابن خزيمة أصحابه وقال: ألم أنهكم غير مرة عن الخوض في الكلام ؟.
ولم يزدهم على هذا ذلك اليوم.
قال الحاكم: وحدثني عبد الله بن إسحاق الانماطي المتكلم قال: لم يزل الطوسي بأبي بكر بن خزيمة حتى جرأه على أصحابه، وكان أبو بكر ابن إسحاق وأبو بكر بن أبي عثمان يردان على أبي بكر ما يمليه، ويحضران مجلس أبي علي الثقفي، فيقرؤون ذلك على الملا، حتى استحكمت الوحشة.
سمعت أبا سعد عبدالرحمن بن أحمد المقرئ، سمعت ابن خزيمة يقول: القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال: شئ منه مخلوق.
أو يقول: إن القرآن محدث، فهو جهمي، ومن نظر في كتبي، بان له أن الكلابية لعنهم الله كذبة فيما يحكون عني بما هو خلاف أصلي وديانتي، قد عرف أهل الشرق والغرب أنه لم يصنف أحد في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي، وقد صح عندي أن هؤلاء الثقفي، والصبغي، ويحيى بن منصور كذبة، قد كذبوا علي في حياتي، فمحرم على كل مقتبس علم أن يقبل منهم شيئا يحكونه عني، وابن أبي عثمان أكذبهم عندي، وأقولهم علي ما لم أقله.

(14/379)


قلت: ما هؤلاء بكذبة، بل أئمة أثبات، وإنما الشيخ تكلم على حسب ما نقل له عنهم.
فقبح الله من ينقل البهتان، ومن يمشي بالنميمة.
قال الحاكم: وسمعت محمد بن أحمد بن بالويه، سمعت ابن خزيمة يقول: من زعم بعض هؤلاء الجهلة: أن الله لا يكرر الكلام، فلا
هم يفهمون كتاب الله.
إن الله قد أخبر في مواضع أنه خلق آدم، وكرر ذكر موسى، وحمد نفسه في مواضع، وكرر (فبأي آلاء ربكما تكذبان) [ سورة الرحمن ] ولم أتوهم أن مسلما يتوهم أن الله لا يتكلم بشئ مرتين، وهذا قول من زعم أن كلام الله مخلوق، ويتوهم أنه لا يجوز أن يقول: خلق الله شيئا واحدا مرتين.
قال الحاكم: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول: لما وقع من أمرنا ما وقع، وجد أبو عبدالرحمن ومنصور الطوسي الفرصة في تقرير مذهبهم، واغتنم أبو القاسم، وأبو بكر بن علي، والبردعي السعي في فساد الحال، انتصب أبو عمرو الحيري للتوسط فيما بين الجماعة، وقرر لابي بكر بن خزيمة اعترافنا له بالتقدم، وبين له غرض المخالفين في فساد الحال، إلى أن وافقه على أن نجتمع عنده، فدخلت أنا، وأبو علي، وأبو بكر بن أبي عثمان، فقال له أبو علي الثقفي: ما الذي أنكرت أيها الاستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه ؟ قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب (1)، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره.
حتى طال الخطاب بينه وبين أبي علي في هذا الباب، فقلت: قد جمعت أنا أصول مذاهبنا في طبق، فأخرجت إليه الطبق، فأخذه وما زال يتأمله وينظر فيه، ثم قال: لست أرى هاهنا شيئا لا
__________
(1) سبق التعريف به في الحاشية (1) من الصفحة (378).
(*)

(14/380)


أقول به.
فسألته أن يكتب عليه خطه أن ذلك مذهبه، فكتب آخر تلك الاحرف، فقلت لابي عمرو الحيري: احتفظ أنت بهذا الخط حتى ينقطع الكلام، ولا يتهم واحد منا بالزيادة فيه.
ثم تفرقنا، فما كان بأسرع من أن
قصده أبو فلان وفلان وقالا: إن الاستاذ لم يتأمل ما كتب في ذلك الخط، وقد غدروا بك وغيروا صورة الحال.
فقبل منهم، فبعث إلى أبي عمرو الحيري لاسترجاع خطه منه، فامتنع عليه أبو عمرو، ولم يرده حتى مات ابن خزيمة، وقد أوصيت أن يدفن معي، فأحاجه بين يدي الله تعالى فيه وهو: القرآن كلام الله تعالى، وصفة من صفات ذاته، ليس شئ من كلامه مخلوق، ولا مفعول، ولا محدث، فمن زعم أن شيئا منه مخلوق أو محدث، أو زعم أن الكلام من صفة الفعل، فهو جهمي ضال مبتدع، وأقول: لم يزل الله متكلما، والكلام له صفة ذات، ومن زعم أن الله لم يتكلم إلا مرة، ولم يتكلم إلا ما تكلم به، ثم انقضى كلامه، كفر بالله، وأنه ينزل تعالى إلى سماء الدنيا فيقول: " هل من داع فأجيبه " (1).
فمن زعم أن علمه تنزل أوامره، ضل، ويكلم عباده بلا كيف (الرحمن على العرش الستوى) [ طه: 5 ] لا كما قالت الجهمية (2): إنه على الملك احتوى، ولا استولى.
وإن الله يخاطب عباده عودا وبدءا، ويعيد عليهم قصصه وأمره ونهيه، ومن زعم غير ذلك، فهو ضال مبتدع.
وساق سائر الاعتقاد.
قلت: كان أبو بكر الصبغي هذا عالم وقته، وكبير الشافعية
__________
(1) تقدم تخريج هذا الحديث في الصفحة 279، الحاشية رقم (3).
(2) هم أصحاب جهم بن صفوان، تلميذ الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري سنة 124 ه.
انظر عن هذه الفرقة ما كتبه الشهرستاني في " الملل والنحل " 1 / 88 86.
(*)

(14/381)


بنيسابور، حمل عنه الحاكم علما كثيرا.
ولابن خزيمة ترجمة طويلة في " تاريخ نيسابور " تكون بضعا وعشرين ورقة، من ذلك وصيته، وقصيدتان رثي بهما.
وضبط وفاته في ثاني ذي القعدة سنة إحدى عشرة وثلاث مئة، عاش تسعا وثمانين سنة.
وقد سمعنا " مختصر المختصر " له عاليا بفوت لي.
وفيها مات: أبو جعفر بن حمدان الحيري صاحب الصحيح، وأبو جعفر أحمد بن عمرو الالبيري حافظ أهل الاندلس، وشيخ الحنابلة أبو بكر الخلال، وشيخ الصوفية بالعراق أبو محمد أحمد بن محمد الجريري، وقيل: اسمه حسن، وشيخ العربية أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج البغدادي، وصدر الوزراء حامد بن العباس، وحماد بن شاكر النسفي صاحب البخاري، ومسند بغداد أبو محمد عبد الله بن إسحاق المدائني الانماطي، وحافظ هراة أبو محمد عبد الله بن عروة، وحافظ مرو عبد الله بن محمود، ومحدث أنطالية أبو طاهر بن فيل الهمداني، وشيخ الطب محمد بن زكريا الرازي الفيلسوف، ومسند نيسابور أبو العباس محمد بن شادل بن علي مولى بني هاشم.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر المستملي، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم المقرئ، أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة، أخبرنا جدي، حدثنا أبو موسى، حدثنا عبدالاعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها " (1).
__________
(1) هو في صحيح ابن خزيمة برقم (992)، وأخرجه مسلم (684) في المساجد: = (*)

(14/382)


215 - الباغندي * محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث، الامام الحافظ الكبير، محدث العراق أبو بكر، ابن المحدث أبي بكر، الازدي الواسطي الباغندي، أحد أئمة هذا الشأن ببغداد.
ولد سنة بضع عشرة ومئتين، وكان أول سماعه بواسط في سنة سبع وعشرين ومئتين.
سمع علي بن المديني، وشيبان بن فروخ، وأبا بكر بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، وسويد بن سعيد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، والصلت بن مسعود الجحدري، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي، ومحمد بن سليمان لوين، ودحيما، وأحمد ابن أبي الحواري، وعثمان بن أبي شيبة، و عبدالملك بن شعيب بن الليث، والحارث بن مسكين، ومحمد بن زنبور المكي، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمود بن خالد الدمشقي، وخلقا كثيرا.
وجمع، وصنف، وعمر، وتفرد.
__________
= باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، من طريق عبدالاعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
* تاريخ بغداد: 3 / 213 209، الانساب: 61 / أ، المنتظم: 6 / 194 193، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 126 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 737 736، العبر: 2 / 154 153، دول الاسلام: 1 / 189، ميزان الاعتدال: 4 / 27 26، الوافي بالوفيات: 1 / 99، البداية والنهاية: 11 / 152، طبقات القراء للجزري: 2 / 240، لسان الميزان: 5 / 362 360، النجوم الزاهرة: 3 / 213 212، طبقات الحفاظ: 311، شذرات الذهب: 2 / 265.
(*)

(14/383)


حدث عنه: ابن عقدة، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، ودعلج السجزي، وأبو بكر الشافعي، والطبراني، وأبو علي بن الصواف، وأبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وعلي بن عمر السكري، ومحمد بن المظفر، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر أحمد بن عبدان، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري النيسابوري، وخلق سواهم.
قال أبو بكر الخطيب (1): رحل في الحديث إلى الامصار البعيدة، وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والائمة، وكان حافظا فهما عارفا، فسمعت أحمد بن علي البادا (2) مذاكرة يقول: سمعت أبا بكر الابهري يقول: سمعت أبا بكر الباغندي يقول: أنا أجيب في ثلاث مئة ألف مسألة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأخبرت ابن المظفر بقول الابهري فقال: صدق، سمعته منه.
قال الخطيب: وسمعت هبة الله اللالكائي يقول: إن الباغندي كان يسرد الحديث من حفظه، ويهذه مثل تلاوة القرآن السريع القراءة، وكان يقول: حدثنا فلان قال: حدثنا فلان، وحدثنا فلان.
وهو يحرك رأسه حتى تسقط عمامته.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورا، أخبرنا أبو الحسن السلمي، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 210 209.
(2) هو أبو الحسن، أحمد بن علي بن الحسن بن الهيثم البغدادي، المعروف بابن البادا.
ترجمه الخطيب في " تاريخه " 4 / 322 وقال: كتبنا عنه، وكان ثقة فاضلا، من أهل القرآن والادب، مات في ذي الحجة سنة عشرين.
وأربع مئة ".
وانظر أيضا " عبر الذهبي "
3 / 136.
(*)

(14/384)


جميع، حدثنا أحمد بن محمد بن شجاع بالاهواز قال: كنا عند إبراهيم ابن موسى الجوزي ببغداد، وكان عنده أبو بكر الباغندي ينتقي عليه، فقال له إبراهيم: هوذا تضجرني (1)، أنت أكثر حديثا مني، وأحفظ وأعرف.
فقال له: لقد حبب إلي هذا الحديث، حسبك أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فلم أقل له: ادع لي، وقلت: يا رسول الله ! أيما أثبت في الحديث: منصور، أو الاعمش ؟ فقال: منصور، منصور.
وقال العتيقي (2): سمعت عمر بن شاهين يقول: قام أبو بكر الباغندي ليصلي، فكبر، ثم قال: أخبرنا محمد بن سليمان لوين (3).
فسبحنا به فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.
قال حمزة السهمي: سألنا الوزير جعفر بن الفضل بمصر عن الباغندي فقال: لم أسمع منه، ولحقته، وكان للوزير الماضي حجرتان، إحداهما للباغندي، يجيئه ويقرأ له، [ والاخرى لليزيدي ] ثم قال جعفر: فسمعت أبي يقول: كنت [ يوما ] مع الباغندي [ في الحجرة ] يقرأ لي كتب أبي بكر بن أبي شيبة، فقام إلى الطهارة، فأخذ جزءا [ من حديث أبي بكر ابن أبي شيبة، فإذا ] على ظهره مكتوب: مربع، والباقي محكوك، فرجع فرأى في يدي الجزء، فتغير [ وجهه ] فقلت: أيش هذا مربع ؟ فغير ذلك ولم أفطن [ له لاني أول ما كنت دخلت في كتب الحديث ] ثم سألت عنه،
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": هو ذا تسخر بي.
(2) في الاصل " العقيقي " بالقاف، وهو تصحيف، وما أثبتناه من " تاريخ بغداد " 3 / 211.
والعتيقي: هو أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي، ترجمه الخطيب
في " تاريخه " 4 / 379 وقال: " قلت له: فالعتيقي نسبة إلى أيش ؟ قال: بعض أجدادي كان يسمى عتيقا فنسبنا إليه ".
(3) في الاصل " لون " وهو تحريف.
(*)

(14/385)


فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع (1)، فحكه، وترك " مربع " فبرد عندي، ولم أخرج عنه شيئا (2).
قال عمر بن حسن الاشناني: سمعت محمد بن أحمد بن أبي خيثمة وذكر عنده أبو بكر الباغندي فقال: ثقة، كثير الحديث، لو كان بالموصل لخرجتم إليه، ولكنه يتطرح عليكم ولا تريدونه.
قال الدارقطني في كتاب " المصحفين ": حدثني أبي أنه سمع أبا بكر الباغندي أملى عليهم في الجامع في حديث ذكره (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض) " هويا " (3) بالياء وضم الهاء.
وقال الدارقطني في " الضعفاء ": الباغندي مدلس مخلط، يسمع من بعض رفاقه، ثم يسقط من بينه وبين شيخه، وربما كانوا اثنين وثلاثة.
وهو كثير الخطأ.
قال البرقاني: سألت أبا بكر الاسماعيلي عن ابن الباغندي، فقال: لا أتهمه في قصد الكذب، ولكنه خبث التدليس، ومصحف أيضا، كأنه تعلم من سويد (4) التدليس.
وقال حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان عن محمد بن محمد الباغندي، [ هل يدخل في الصحيح ]، فقال: لو خرجت " الصحيح " لم
__________
(1) بالتثقيل، بوزن محمد كما في " مشتبه النسبة " للمؤلف.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 3 / 212 211، والزيادات منه.
(3) [ الفرقان: 63 ] والتلاوة الصحيحة: " هونا ".
(4) هو سويد بن سعيد بن سهل الهروي، ثم الحدثاني، وهو صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وقد أفحش فيه ابن معين القول.
وهو صاحب الحديث الموضوع " من عشق، فعف، فكتم، فمات، فهو شهيد ".
انظر حول هذا الحديث ما كتبه ابن القيم في " زاد المعاد " 4 / 275 وما بعدها، وتخريجه هناك.
(*)

(14/386)


أدخله فيه، كان يخلط ويدلس، وليس ممن كتبت عنه آثر عندي ولا أكثر حديثا منه، إلا أنه شره، وهو أحفظ من أبي بكر بن أبي داود.
وسألت أبا الحسن الدارقطني عنه، فقال: كثير التدليس، يحدث بما لم يسمع، وربما سرق.
قال الخطيب (1): لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجون به، ويخرجونه في الصحيح.
قلت: يقع حديثه عاليا للفخر بن البخاري وطبقته.
قال ابن شاهين: مات في يوم الجمعة، في عشرين شهر ذي الحجة، سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر، أنبأنا أبو روح الهروي، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو الحسين البحيري، أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا شيبان، حدثنا حماد، حدثنا ثابت وسليمان التيمي، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الاحمر، وهو قائم يصلي في قبره " أخرجه مسلم (2) عن شيبان.
أخبرنا علي بن أحمد في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا محمد بن المظفر، حدثنا أبو بكر الباغندي، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 213.
(2) برقم (2375) في الفضائل: باب فضائل موسى عليه السلام.
(*)

(14/387)


البراء بن عبد الله الغنوي، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بشرار هذه الامة ؟ هم الثرثارون المتفيهقون.
ألا أنبئكم بخياركم ؟ أحسنكم خلقا " تفرد به البراء.
أخرجه البخاري في كتاب " الادب " (1) له.
وفيها مات الحافظ أحمد بن عمرو الالبيري الاندلسي، وأحمد بن محمد بن الازهر، والحسن بن علي بن نصر الطوسي، والوزير أبو الحسن ابن الفرات، وعبدوس بن أحمد بن عباد الهمذاني، وعلي بن الحسن بن قديد بمصر، ومحمد بن سليمان بن فارس الدلال، وأبو بكر محمد بن هارون ابن المجدر، وشيخ الطريق أبو محمد الجريري.

216 - السراج * محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران، الامام الحافظ الثقة، شيخ الاسلام، محدث خراسان، أبو العباس الثقفي مولاهم الخراساني
__________
(1) رقم (1308) وهو في " المسند " 2 / 369، والبراء بن عبد الله الغنوي ضعيف، وباقي رجاله ثقات.
وفي الباب ما يشهد له، عن جابر عند الترمذي (2018) في البر والصلة، وحسنه.
وفي " المسند " 4 / 194 193 من حديث أبي ثعلبة الخشني، فالحديث بهذين الشاهدين صحيح.
والثرثار: الكثير الكلام، والمتشدق الذي يتطاول على الناس في
الكلام ويبذو عليهم.
والمتفيهق: المتكبر.
* الجرح والتعديل: 7 / 196، فهرست ابن النديم: 220، تاريخ بغداد: 1 / 252 248، الانساب: 115 / ب و 295 / ب، المنتظم: 6 / 200 199، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 126 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 735 731، العبر: 2 / 158 157، دول الاسلام: 1 / 189، الوافي بالوفيات: 2 / 188 187، مرآة الجنان: 2 / 267 266، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 109 108، البداية والنهاية: 11 / 153، طبقات القراء للجزري: 2 / 97، النجوم الزاهرة: 3 / 214، طبقات الحفاظ: 311، شذرات الذهب: 2 / 268، الرسالة المستطرفة: 75.
(*)

(14/388)


النيسابوري، صاحب المسند الكبير على الابواب والتاريخ وغير ذلك، وأخو إبراهيم المحدث وإسماعيل.
مولده في سنة ست عشرة ومئتين.
رأى يحيى بن يحيى التميمي، ولم يسمعه.
وسمع من إسحاق، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن بكار بن الريان، وبشر بن الوليد الكندي، وأبي معمر القطيعي، وداود بن رشيد، ومحمد بن حميد الرازي، ومحمد ابن الصباح الجرجرائي، وعمرو بن زرارة، وأبي همام السكوني، وهناد ابن السري، وأبي كريب، ومحمد بن أبان البلخي، والحسن بن عيسى ابن ماسرجس، ومحمد بن عمرو زنيج، وأحمد بن المقدام، ومحمد بن رافع، ومجاهد بن موسى، وأحمد بن منيع، وزياد بن أيوب، ويعقوب الدورقي، وسوار بن عبد الله، وهارون الحمال، وعقبة بن مكرم العمي، وابن كرامة، وعبد الجبار بن العلاء، وعبد الله بن عمر بن أبان، وأبي سعيد الاشج، وعبد الله بن الجراح، وأحمد بن سعيد الدارمي،
وعباد بن الوليد، وخلق سواهم، وينزل إلى أحمد بن محمد البرتي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، والحسن بن سلام.
وسكن بغداد مدة طويلة، وحدث بها.
ثم رد إلى وطنه.
حدث عنه البخاري ومسلم بشئ يسير خارج الصحيحين، وأبو حاتم الرازي أحد شيوخه، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعثمان بن السماك، والحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو حاتم البستي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو إسحاق المزكي، وإبراهيم بن عبد الله الاصبهاني، وأبو أحمد الحاكم، وعبيد الله بن محمد الفامي، وحسينك بن علي التميمي، وأبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي، وأبو بكر محمد بن محمد بن هانئ

(14/389)


البزاز، والخليل بن أحمد السجزي، القاضي، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وعبد الله بن أحمد الصيرفي، وسهل بن شاذويه البخاري ومات قبله، وأبو العباس بن عقدة، وأبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان، ويحيى بن محمد العنبري، وأبو بكر بن مهران المقرئ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه، وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن محفوظ العابد، وبشر بن محمد بن محمد بن ياسين الباهلي، والحسن بن أحمد بن محمد والد أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري، والحافظ أبو علي الحسين بن محمد الماسرجسي، وعبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني، وأبو عمرو بن حمدان الحيري، وأبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة، وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي، ومحمد بن محمد بن سمعان الواعظ، ويحيى ابن إسماعيل المزكي عرف بالحربي، وخلق آخرهم موتا الشيخ أبو الحسين
أحمد بن محمد الخفاف القنطري راوي بعض مسنده عنه.
قال الخطيب (1): كان من الثقات الاثبات، عني بالحديث، وصنف كتبا كثيرة، وهي معروفة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عساكر قراءة عليه أنبأنا المفتي أبو بكر القاسم بن عبد الله بن عمر النيسابوري ابن الصفار، أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأحمد بن عبدالرحيم الاسماعيلي قالوا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا
__________
(1) في " تاريخه " 1 / 248.
(*)

(14/390)


إسحاق بن إبراهيم الحنظل ي، أخبرنا عبدالاعلى، حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: سألت علقمة: هل كان عبد الله بن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ فقال: لا، وكنا معه ليلة ففقدناه، فبتنا بشر ليلة، فلما أصبحنا إذا هو جاء من حراء، فقال: " إنه أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن ".
فانطلق بنا حتى أرانا آثارهم ونيرانهم، فسألوه عن الزاد، فقال: " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في يد أحدكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم من الجن ".
هذا حديث صحيح عال (1)، أخرجه مسلم، وأبو داود، وأبو عيسى، والنسائي، من حديث عبد الله بن إدريس، وابن علية، وجماعة سمعوه من داود بن أبي هند، وفي روايتنا اختصار، وصوابه: فقال ابن
مسعود: كنا معه.
ويقع حديث السراج عاليا بالاتصال لابن البخاري.
أنبأنا المسلم بن علان، والمؤمل بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أحمد ابن أبي عمران، أخبرنا علي بن الحسن بن خالد المروزي، أخبرنا محمد ابن إسماعيل البخاري، أخبرنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا أخي إبراهيم، حدثنا محمد بن أبان، حدثنا جرير بن حازم عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أتى الجمعة فليغتسل " (2).
__________
(1) أخرجه مطولا مسلم (450) في الصلاة: باب الجهر في القراءة في الصبح والقراءة على الجن، والترمذي (3258) في التفسير: باب ومن سورة الاحقاف، وأخرج طرفا منه أبو داود (85) في الطهارة: باب الوضوء بالنبيذ.
(2) هو في " تاريخ بغداد " 1 / 249، وأخرجه مالك: 1 / 102 في الجمعة: باب = (*)

(14/391)


قال أبو بكر بن جعفر المزكي: سمعت السراج يقول: نظر محمد ابن إسماعيل البخاري في التاريخ لي، وكتب منه بخطه أطباقا، وقرأتها عليه.
وروي عن أبي العباس السراج: أنه أشار إلى كتب له فقال: هذه سبعون ألف مسألة لمالك، ما نفضت عنها الغبار مذ كتبتها.
قال أبو الوليد حسان بن محمد: دخل أبو العباس السراج على أبي عمرو الخفاف فقال له: يا أبا العباس ! من أين جمعت هذا المال ؟ قال: بغيبة دهر أنا وأخواي إبراهيم وإسماعيل، غاب أخي إبراهيم أربعين سنة، وغاب أخي إسماعيل أربعين سنة، وغبت أنا مقيما ببغداد أربعين سنة،
أكلنا الجشب (1)، ولبسنا الخشن، فاجتمع هذا المال، لكن أنت يا أبا عمرو ! من أين جمعت هذا المال ؟ وكان لابي عمرو مال عظيم ثم قال متمثلا: أتذكر إذ لحافك جلد شاة * وإذ نعلاك من جلد البعير فسبحان الذي أعطاك ملكا * وعلمك الجلوس على السرير (2) قال أبو العباس بن حمدان شيخ خوارزم: سمعت السراج يقول:
__________
= العمل في غسل يوم الجمعة، ومن طريقه البخاري: 2 / 295 في الجمعة: باب فضل الغسل يوم الجمعة، والنسائي: 3 / 93 عن نافع، عن عبد الله بن عمر.
وأخرجه مسلم (844) من طرق عن الليث، عن نافع، عن عبد الله بن عمر.
وأخرجه أيضا من طريق ابن شهاب، عن سالم وعبد الله ابني عبد الله بن عمر، عن عمر.
وأخرجه الترمذي (492) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر.
(1) طعام جشب ومجشوب، أي: غليظ خشن، وقيل: هو الذي لا أدم له.
(2) البيتان مع سبعة أبيات أخر في " زهر الآداب " 3 / 263، في قصة جرت لمعن بن زائدة مع أعرابي فانظرها فيه.
(*)

(14/392)


رأيت في المنام كأني أرقي في سلم طويل، فصعدت تسعا وتسعين درجة، فكل من أقصها عليه يقول: تعيش تسعا وتسعين سنة.
قال ابن حمدان: فكان كذلك.
قلت: بل بلغ سبعا أو خمسا وتسعين سنة، فقد قال أبو إسحاق المزكي عنه: ولدت سنة ثماني عشرة ومئتين، وختمت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألف ختمة، وضحيت عنه اثني عشر ألف أضحية.
قلت: دليله حديث شريك، عن أبي الحسناء، عن الحكم، عن
حنش قال: رأيت عليا رضي الله عنه يضحي بكبشين، فقلت له: ما هذا ؟ قال: " أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه " (1).
زاد الترمذي: واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وواحد عن نفسه.
أخبرنا المسلم بن علان، والمؤمل بن محمد كتابة قالا: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا رضوان بن محمد بالدينور، أخبرنا حمد بن عبد الله الاصبهاني، حدثنا أبو العباس بن أحمد الاردستاني، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي: سمعت أحمد بن سعيد الدرامي يقول: عادني محمد بن كثير الصنعاني فقال: أقالك الله عثرتك، ورفع جنتك، وفرغك لعبادة ربك.
بلغنا أنه قيل لابي العباس السراج، وهو يكتب في كهولته عن يحيى ابن أبي طالب: إلى كم هذا ؟ فقال: أما علمت أن صاحب الحديث لا يصبر ؟ !
__________
(1) أخرجه أبو داود (2790) والترمذي (1495) كلاهما في الاضاحي: باب الاضحية عن الميت، وأحمد: 1 / 107 و 149 و 150.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي سئ الحفظ.
وأبو الحسناء: مجهول.
وحنش هو ابن المعتمر مختلف فيه.
(*)

(14/393)


قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: أبو العباس السراج صدوق ثقة.
وقال أبو إسحاق المزكي: كان السراج مجاب الدعوة.
قال محمد بن أحمد الدقاق: رأيت السراج يضحي كل أسبوع أو أسبوعين أضحية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يصيح بأصحاب الحديث، فيأكلون.
وكان أبو سهل الصعلوكي يقول: حدثنا أبو العباس السراج، الاوحد
في فنه، الاكمل في وزنه.
قال الحافظ أبو علي بن الاخرم الشيباني: استعان بي السراج في التخريج على " صحيح مسلم "، فكنت أتحير من كثرة الحديث الذي عنده، وحسن أصوله، وكان إذا وجد حديثا عاليا يقول: لا بد أن تكتبه.
فأقول: ليس من شرط صاحبنا، فيقول: فشفعني في هذا الحديث الواحد.
قال إسماعيل بن نجيد: رأيت أبا العباس السراج يركب حماره، وعباس المستملي بين يديه، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يقول: يا عباس ! غير كذا، اكسر كذا: قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبي يقول: لما ورد الزعفراني، وأظهر خلق القرآن، سمعت السراج يقول: العنوا الزعفراني.
فيضج الناس بلعنته.
فنزح إلى بخارى.
قال الصعلوكي: كنا نقول: السراج كالسراج.
قال الحاكم: أخبرنا أبو أحمد بن أبي الحسن: أرسلني ابن خزيمة إلى السراج، فقال: قل له: أمسك عن ذكر أبي خليفة وأصحابه، فإن

(14/394)


أهل البلد قد شوشوا.
فأديت الرسالة، فزبرني (1).
قال الحاكم: وسمعت أبا سعيد بن أبي بكر يقول: لما وقع من أمر الكلابية ما وقع بنيسابور، كان أبو العباس السراج، يمتحن أولاد الناس، فلا يحدث أولاد الكلابية، فأقامني في المجلس مرة فقال: قل: أنا أبرأ إلى الله تعالى من الكلابية.
فقلت: إن قلت هذا لا يطعمني أبي الخبز، فضحك وقال: دعوا هذا.
أبو زكريا العنبري: سمعت أبا عمرو الخفاف يقول لابي العباس السراج: لو دخلت على الامير ونصحته.
قال: فجاء وعنده أبو عمرو، فقال أبو عمرو: هذا شيخنا وأكبرنا، وقد حضر ينتفع الامير بكلامه.
فقال السراج: أيها الامير ! إن الاقامة كانت فرادى، وهي كذلك بالحرمين، وهي في جامعنا مثنى مثنى (2)، وإن الذين خرج من الحرمين.
قال: فخجل الامير وأبو عمرو والجماعة، إذ كانوا قصدوا في أمر البلد، فلما خرج، عاتبوه، فقال: استحييت من الله أن أسأل أمر الدنيا، وأدع أمر الدين.
قال أبو الوليد حسان بن محمد: سمعت أبا العباس السراج يقول: وا أسفي على بغداد ! فقيل له: ما حملك على فراقها ؟ قال: أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة، فلما توفي ورفعت جنازته سمعت رجلا على باب
__________
(1) أي: انتهرني.
(2) إفراد الاقامة ثابت في حديث أنس رضي الله عنه، أخرجه البخاري: 2 / 62، 68، ومسلم (378).
وتثنيتها ثابتة أيضا في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه الانصاري، رواه ابن أبي شيبة في " مسنده " (136) والطحاوي: 80 79، والبيهقي: 1 / 240، وإسناده صحيح.
فهو من الاختلاف المباح كما هو مذهب أحمد، وإسحاق، وداود، وابن جرير.
(*)

(14/395)


الدرب يقول لآخر: من هذا الميت ؟ قال: غريب كان هاهنا.
فقلت: إنا لله، بعد طول مقام أخي بها واشتهاره بالعلم والتجارة يقال له: غريب كان هنا.
فحملتني هذه الكلمة على الانصراف إلى الوطن (1).
قلت: كان أخوه إسماعيل السراج (2)، ثقة، عالما، مختصا بأحمد
ابن حنبل، يروي عن يحيى بن يحيى وجماعة.
روى عنه: إسماعيل الخطبي وابن قانع، وطائفة.
أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه: أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك، أخبرنا أبو روح بهراة، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليجي، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من لم يقر بأن الله تعالى يعجب، ويضحك (3)، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول: " من يسألني فأعطيه " (4) فهو زنديق كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
قلت: لا يكفر إلا إن علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، فإن جحد بعد ذلك فهذا معاند، نسأل الله الهدى، وإن اعترف أن هذا حق، ولكن.
أخوض في معانيه، فقد أحسن، وإن آمن وأول ذلك كله، أو تأول
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 293.
(2) ترجمه الخطيب في " تاريخه " 6 / 292 - 293.
(3) في البخاري: 6 / 101 في الجهاد: باب الاسارى في السلاسل، من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل ".
وفيه أيضا: 8 / 484 - 482 من حديث أبي هريرة قال " لقد عجب الله عزوجل أو ضحك من فلان وفلانة ".
وانظر الاحاديث في هذا الباب في كتاب " التوحيد " لابن خزيمة ص 230 - 238.
(4) تقدم تخريجه في الحاشية (3) من الصفحة (279).
(*)

(14/396)


بعضه، فهو طريقة معروفة.
وقد كان السراج ذا ثروة وتجارة، وبر ومعروف، وله تعبد وتهجد،
ألا أنه كان منافرا للفقهاء أصحاب الرأي، والله يغفر له.
قال الحاكم: سمعت أبا سعيد المقرئ، سمعت السراج يقول عند حركاته إذا قام أو قعد: يا بغداد ! وا أسفى عليك، متى يقضى لي الرجوع إليك.
نقل الحاكم وغيره: أن أبا العباس السراج مات في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة بنيسابور.
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، وأحمد بن هبة الله بن تاج الامناء قراءة، عن عبد المعز بن محمد البزاز، أخبرنا محمد بن إسماعيل الفضيلي، أخبرنا سعيد بن أبي سعيد العيار، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد، أخبرنا أبو العباس السراج، أخبرنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا الليث.
عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة أنه قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها " (1).
أخرجه البخاري،
__________
(1) أخرجه البخاري: 12 / 20 في الفرائض: باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره، ومسلم (1681) (35) في القسامة: باب دية الجنين، وأبو داود (4277) في الديات: باب دية الجنين، والنسائي: 8 / 47 في القسامة: باب دية جنين المرأة.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 855 في العقول: باب عقل الجنين، ومن طريقه البخاري: 12 / 218 في الديات، ومسلم (1681) والنسائي: 8 / 49 48 عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (1861) (36) والنسائي: 8 / 48، وأبو داود (4576) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن (*)

(14/397)


ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنسائي، عن قتيبة.
وقال أبو يعلى الخليلي في " إرشاده ": محمد بن إسحاق بن إبراهيم ابن مهران بن عبد الله بن العباس الثقفي ثقة متفق عليه من شرط الصحيح، سمع حتى كتب عن الاقران، ومن هو أصغر منه سنا، لعلمه وتبحره، سمعت أنه كتب عن ألف وخمس مئة وزيادة.
سمع منه البخاري، وأبو حاتم، والحسن بن سفيان، وابن خزيمة.
ومات مع السراج الثقة أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق، ومسند نيسابور أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي، والعلامة أبو القاسم ثابت حزم بن مطرف السرقسطي اللغوي، ومحدث الكوفة أبو محمد عبد الله بن زيدان بن بريد البجلي العابد، وأبو عمر عبد الله بن عثمان العثماني صاحب ابن المديني، والفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن بشار البغدادي الزاهد، والمحدث أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون النسوي، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، وأبو لبيد محمد بن إدريس بن إياس السامي السرخسي، والحافظ أبو قريش محمد بن جمعة القهستاني، والقاضي أبو عبيد الله محمد بن عبدة بن حرب وليس بثقة، وإمام جامع واسط يوسف ابن يعقوب الواسطي.
__________
= المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري: 12 / 223 من طريق الليث، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (1410) في الديات: باب ما جاء في دية الجنين، من طريق ابن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
(*)

(14/398)


217 - السعدي * الشيخ العالم الحافظ، محدث مرو، أبو عبد الرحمن، عبد الله بن محمود بن عبد الله السعدي المروزي.
سمع حبان بن موسى، وعلي بن حجر، وعتبة بن عبد الله، ومحمود بن غيلان، وعمر بن شبة، وعدة.
حدث عنه: أبو منصور الازهري، والفقيه أحمد بن سعيد المعداني، وأبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي، وآخرون.
وقد سمع منه إمام الائمة ابن خزيمة، وماتا في عام سنة إحدى عشرة.
قال أبو عبد الله الحاكم: ثقة مأمون.
وقال الخليلي: حافظ عالم بهذا الشأن، كان أبوه قد سمع من سفيان بن عيينة.
قرأت على أبي الفضل بن عساكر، عن أبي روح الهروي: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسين، وأبو النضر الفامي قالا: أخبرنا الحسين بن محمد الكتبي، أخبرنا أبو نصر محمد بن بكر الخلال المروزي، أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي، أخبرنا عبد الله بن محمود، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا الفضل بن موسى، أخبرنا عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " (1).
__________
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 718 - 719، العبر: 2 / 148، طبقات الحفاظ: 309، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) أخرجه البخاري: 11 / 196 في أول الرقاق، وأحمد: 1 / 258، والدارمي:
2 / 297..أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس.
وأخرجه = (*)

(14/399)


وقع هذا لنا في الصحيح عاليا من رواية مكي بن إبراهيم.

218 - ابن وهب * العالم الحافظ البارع الرحال، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري.
سمع أبا عمير بن النحاس الرملي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبا سعيد الاشج، ومحمد بن الوليد البسري، وأحمد بن أخي ابن وهب، ويونس بن عبدالاعلى، وطبقتهم بمصر، والشام، والعراق، والحجاز.
وصنف وخرج.
حدث عنه: جعفر الفريابي وهو أكبر منه، والحافظ أبو علي النيسابوري، والقاضي يوسف الميانجي، والقاضي أبو بكر الابهري، وعمر بن سهل الدينوري، وعبد الله بن سعيد البروجردي، وهو آخر من حدث عنه.
قال الحافظ أبو علي: بلغني أن أبا زرعة الرازي كان يعجز عن مذاكرة ابن وهب الدينوري.
__________
= الترمذي (2304) في أول الزهد من طريق صالح بن عبد الله وسويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس.
وأخرجه أحمد أيضا: 1 / 344 من طريق وكيع، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند به.
وأخرجه ابن ماجه (4170) من طريق العباس بن عبد العظيم العنبري، حدثنا صفوان بن عيسى، عن عبد الله بن سعيد.
* الكامل لابن عدي: 3 / 288 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 756 754، العبر: 2 / 137، ميزان الاعتدال:
2 / 495 494، المغني في الضعفاء: 1 / 355، البداية والنهاية: 11 / 131، لسان الميزان: 3 / 345 344، طبقات الحفاظ، شذرات الذهب: 2 / 253 252.
(*)

(14/400)


وقال أبو أحمد بن عدي (1): كان ابن وهب يحفظ، وسمعت عمر ابن سهل يرميه بالكذب، وسمعت أبا العباس بن عقدة يقول: كتب إلي ابن وهب الدينوري جزءين من غرائبه عن سفيان الثوري، فلم أعرف منهما إلا حديثين، وكنت أتهمه.
وقال الدارقطني: متروك الحديث.
قال أبو علي الحافظ: سمعت ابن وهب الدينوري يقول: حضرت أبا زرعة وخراساني يلقي عليه الموضوعات، وهو يقول: باطل.
والرجل يضحك ويقول: كل ما لا تحفظه تقول: باطل.
فقلت: يا هذا ! ما مذهبك ؟ قال: حنفي.
قلت: ما أسند أبو حنيفة عن حماد ؟ فوقف، فقلت: يا أبا زرعة ! ما تحفظ لابي حنيفة عن حماد ؟ فسرد له أحاديث، فقلت للعلج: ألا تستحي، تقصد إمام المسلمين بالموضوعات وأنت لا تحفظ حديثا لامامك ؟ ! قال: فأعجب ذلك أبا زرعة وقبلني.
قال الحافظ ابن عدي: وقد قبل قوم ابن وهب الدينوري وصدقوه.
وقال الحاكم: سألت أبا علي الحافظ عن ابن وهب الدينوري، فقال: كان حافظا.
وقال السلمي: سألت الدارقطني عنه، فقال: كان يضع الحديث.
وقال ابن أبي الفوارس، والبرقاني عن الدارقطني: متروك.
قلت: هو عبد الله بن حمدان بن وهب، وما عرفت له متنا يتهم به فأذكره، أما في تركيب الاسناد، فلعله.
مات سنة ثمان وثلاث مئة.
__________
(1) في " كامله " 3 / 288 / ب.
(*)

(14/401)


حدثنا أحمد بن إسحاق: أخبرنا عمر بن كرم، أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا عبد الوهاب بن أحمد، حدثنا محمد بن الحسين السلمي، حدثنا الحسين بن علي بن يزيد الحافظ، حدثنا عبد الله بن حمدان بن وهب، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد الاصم، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن زياد بن سعد: أن ابن شهاب أخبره، عن عروة، عن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل فيما بين صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بركعة واحدة ".
غريب (1).

219 - ابن بجير * الامام الحافظ الثبت الجوال، مصنف المسند، أبو حفص، عمر ابن محمد بن بجير الهمداني السمرقندي، محدث ما وراء النهر، ومصنف التفسير أيضا، والصحيح، وغير ذلك.
كان من أوعية العلم.
ولد سنة ثلاث وعشرين ومئتين، وكان أبوه
__________
(1) لكن رواه مسلم في صحيحه (736) (122) في صلاة المسافرين: باب صلاة الليل، من طريق حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء وهي التي يدعو الناس العتمة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة..".
* الانساب: 66 / ب، تاريخ ابن عساكر: 13 / 175 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 125 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 720 719، العبر:
2 / 149، دول الاسلام: 1 / 188، البداية والنهاية: 11 / 149، النجوم الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 310 309، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 8 7، شذرات الذهب: 2 / 262.
(*)

(14/402)


صاحب حديث، ومن أصحاب عارم وطبقته، فرحل بابنه عمر إلى الاقاليم.
حدث عن: عيسى بن حماد زغبة، وبشر بن معاذ العقدي، وعمرو ابن علي الفلاس، ومحمد بن معاوية خال الدارمي، وأحمد بن عبدة الضبي، وأبي الاشعث أحمد بن المقدام، وبندار، وطبقتهم.
حدث عنه: محمد بن محمد بن صابر، ومحمد بن بكر الدهقان، ومحمد بن أحمد بن عمران الشاشي، ومحمد بن علي المؤدب، ومعمر ابن جبريل الكرميني، وأعين بن جعفر السمرقندي، وعيسى بن موسى الكسائي، وآخرون.
ولما أن وصل إلى مصر صادفته جنازة الحافظ أحمد بن صالح، فشيعها، وتألم لفواته.
قال أبو سعد الادريسي: كان فاضلا، خيرا، ثبتا في الحديث، له الغاية في طلب الآثار والرحلة.
قلت: لم يقع لي حديثه عاليا، وهو تفرد مع صدقه بحديث غريب صالح الاسناد، فقال: أخبرنا العباس بن الوليد الخلال، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعا قال: " إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير من حمر النعم، ألا وهي الركعتان قبل صلاة الفجر " (1).
__________
(1) هو في " سنن البيهقي " 2 / 469 في الصلاة: باب تأكيد صلاة الوتر.
وقال في نهايته: قال العباس بن الوليد: قال لي يحيى بن معين: هذا حديث غريب من حديث معاوية ابن سلام، ومعاوية بن سلام محدث أهل الشام، وهو صدوق الحديث، ومن لم يكتب حديثه مسنده ومنقطعه فليس بصاحب حديث.
وبلغني عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه قال: لو أمكنني أن أرحل إلى ابن بجير لرحلت إليه في هذا الحديث.
(*)

(14/403)


توفي ابن بجير في سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبدالرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عثمان ابن علي، أخبرنا علي بن محمد بن خذام الواعظ، حدثنا جدي القاضي أبو علي النسفي، أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن بجير، أخبرنا جدي أبو حفص، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا فليح (1)، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل أمتي تدخل الجنة إلا من أبي.
قالوا: ومن يأبي يا رسول الله ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ".

220 - ابن معدان * الامام الحافظ المصنف، أبو بكر، محمد بن أحمد بن راشد بن معدان، الثقفي مولاهم الاصبهاني.
__________
(1) هو فليج بن سليمان الخزاعي أو الاسلمي، أبويحيى المدني، يعد من طبقة مالك، احتج به البخاري وأصحاب السنن، وروى له مسلم حديثا واحدا وهو حديث الافك، وضعفه ابن معين والنسائي وأبو داود، وقال الساجي: هو من أهل الصدق وكان يهم.
وقال الدارقطني: مختلف فيه ولا بأس به.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب،
وهو عندي لا بأس به.
قال الحافظ في مقدمة " فتح الباري " ص 435: لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما، وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب وبعضها في الرقاق.
وحديثه هذا أخرجه البخاري في صحيحه: 13 / 214 في الاعتصام: باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق محمد بن سنان، عن فليح، حدثنا هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 244 243، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 814، الوافي بالوفيات: 3 / 68، النجوم الزاهرة: 3 / 203، طبقات الحفاظ: 339، شذرات الذهب: 2 / 258.
(*)

(14/404)


سمع سلم بن جنادة، وموسى بن عامر الدمشقي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، والربيع المرادي، وأحمد بن الفرات، وعدة.
وعنه: أبو الشيخ، والطبراني، وأبو بكر المقرئ، وأهل بلده.
قال أبو الشيخ: هو محدث ابن محدث، كثير التصانيف، توفي بكرمان سنة تسع وثلاث مئة.

221 - الماسرجسي * الامام المحدث، العالم الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى الماسرجسي، سبط الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري.
سمع جده، وإسحاق بن راهويه، وشيبان بن فروخ، والربيع بن ثعلب، ووهب بن بقية، وعمرو بن زرارة، وطبقتهم.
حدث عنه: الحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو إسحاق المزكي،
وأبو سهل الصعلوكي، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
مات في صفر سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، وهو في عشر المئة، وكان من وجوه أهل بلده وعلمائهم، رحمه الله.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء بقراءتي، أخبرنا عبد المعز بن محمد في كتابه، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، أخبرنا محمد ابن عبدالرحمن الكنجروذي سنة تسع وأربعين وأربع مئة، أخبرنا محمد
__________
* العبر: 2 / 155، النجوم الزاهرة: 3 / 215، شذرات الذهب: 2 / 266، وانظر " الانساب " 502 501.
(*)

(14/405)


ابن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي، حدثنا إسحاق الحنظلي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أشرك بالله فليس بمحصن " (1).
قال أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ: لا أعلم حدث به غير إسحاق عن الدراوردي.
222 - جماهر بن محمد * ابن أحمد بن حمزة، الشيخ الثقة المحدث، أبو الأزهر الغساني الزملكاني الدمشقي.
حدث عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الجواري، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، ومحمود بن خالد، وطائفة.
حدث عنه: أبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجاجة، وأبو بكر بن السني، وحمزة الكناني، وأبو سليمان بن زبر، وجمح بن القاسم، وأبو بكر بن
المقرئ، ومحمد بن سليمان الربعي، وآخرون.
وثقه حمزة الكناني.
مات في المحرم سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
__________
(1) رجاله ثقات، وانظر " سنن البيهقي " 8 / 216 215، وقد رجح الدارقطني وقفه على ابن عمر.
* الانساب: 277 / ب، تاريخ ابن عساكر: 4 / 3 / أ، معجم البلدان: 3 / 150، العبر: 2 / 155، شذرات الذهب: 2 / 266، تهذيب ابن عساكر: 3 / 393.
(*)

(14/406)


223 - الغازي * الامام الثقة الحافظ، أبو الحسين، محمد بن إبراهيم بن شعيب الجرحاني الغازي.
سمع محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن حميد الرازي، ومحمد بن عبدالملك بن زنجويه، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وأبا زرعة الرازي.
وعنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة.
لم أقع بتاريخ وفاته وهي سنة نيف عشرة لا قرأنا على ابن تاج الامناء، عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا تميم المؤدب، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا محمد بن الحافظ، أخبرنا محمد بن إبراهيم الغازي، حدثنا محمد هو ابن حميد، حدثنا الحكم بن بشير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان رمضان تفتح
أبواب الجنة جميعا، وتغلق أبواب النار كلها، وتغل مردة الشياطين " (1).
__________
* الانساب: 405 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 761 760، طبقات الحفاظ: 320، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) إسناده ضعيف لضعف محمد بن حميد، وهو الرازي.
وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري: 4 / 97 في الصوم: باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، ومسلم (1097) في الصوم: باب فضل شهر رمضان، ومالك: 1 / 310 في الصوم: باب جامع الصيام، والنسائي: 4 / 128 126 في الصوم: باب فضل شهر رمضان، بلفظ: " إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وأغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين " وفي رواية: " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة " وفي أخرى: " فتحت أبواب الرحمة ".
(*)

(14/407)


224 - ابن عبدة * قاضي القضاة، أبو عبيد الله، محمد بن عبدة بن حرب العباداني البصري.
حدث عن: علي بن المديني، وهدبة بن خالد، وعبد الاعلى بن حماد، وكامل بن طلحة، وعدة.
حدث عنه: عبد العزيز بن جعفر الخرقي، وعلي بن لؤلؤ الوراق، وأبو حفص بن الزيات، وعلي بن عمر الحربي، وآخرون.
وهو واه.
قال الحسن بن زولاق: أقامت مصر بعد بكار بن قتيبة بغير قاض ثلاثة أعوام، ثم ولى خمارويه يعني صاحب مصر أبا عبيد الله محمد بن عبدة المظالم بمصر، فنظر بين الناس إلى آخر سنة سبع وسبعين ومئتين، ثم ولاه القضاء، فأخبرنا محمد بن الربيع قال: ثم ولي محمد بن عبدة،
فأظهر كتابه من قبل المعتمد، وكان جبارا متملكا، جوادا مفضلا.
وذكر أنه كان له مئة مملوك ما بين خصي وفحل، وكان يذهب إلى قول أبي حنيفة، وكان عارفا بالحديث، استكتب أبا جعفر الطحاوي، واستخلفه، وأغناه، وكان الشهود يرهبون أبا عبيد الله ويخافونه، وأنشأ دارا، قيل: أنفق عليها مئة ألف دينار سوى ثمن مكانها، وكان يقول: السعيد من قضى لي حاجة.
وكان خمارويه يعظمه ويجله، ويجري عليه في الشهر ثلاثة آلاف دينار.
__________
* الولاة والقضاة: 480 479، الكامل لابن عدي: 4 / 317 / ب، تاريخ بغداد: 2 / 380 379، ميزان الاعتدال: 3 / 343، المغني في الضعفاء: 2 / 610، الوافي بالوفيات: 3 / 203، لسان الميزان: 5 / 273 272، حسن المحاضرة: 2 / 145.
(*)

(14/408)


وكان ينظر في القضاء، والمظالم، والمواريث، والحسبة، والاوقاف.
وكان له مجلس في الفقه، ومجلس للحديث.
وحدثني إبراهيم بن أحمد بن أحمد المعدل: أن أبا عبيد الله وهب رجلا اختلت حاله لا يعرفه في ساعة واحدة ما مبلغه ألف دينار.
وكان يطعم الناس في داره في العيد، فقل من يتأخر عنه من الكبار.
وتأخر شاهد عن مجلسه، فأمر بحبسه.
وكان أبو جعفر الطحاوي يكتب له، ويقول بحضرته للخصوم: من مذهب القاضي أيده الله كذا وكذا، ومن مذهبه كذا وكذا.
حاملا عنه المؤنة، إلى أن قال: وأحس أبو عبيد الله تيها من الطحاوي، فقال: ما
هذا الذي أنت فيه ؟ ! وقد حدث بمصر وببغداد، وكانت له ببغداد لوثة مع أصحاب الحديث.
وكان قوي القلب واللسان، رأى من خمارويه انكسارا فقال: ما الخبر ؟ قال: ضيق مال، واستئثار القواد بالضياع.
فخرج إليهم القاضي، وكلمهم في مكان من الدار لبدر، وفائق، وصافي، وجماعة وقال: ما هذا الذي يلقاه الامير ! ؟ والله أشد السيف والمنطقة وأحمل عنه.
ثم وافقهم على أمور رضيها خمارويه.
وشكره عليها.
ولم يزل أمر أبي عبيد الله يقوى إلى أن زالت أيامه، وانحرف أهل البلد عن أصحابه، وشنؤوهم بالطهماني.
ولم يزل على حاله حتى قتل خمارويه بدمشق، ووصل تابوته، فصلى عليه أبو عبيد الله.
ثم جرت

(14/409)


أمور، واختفي القاضي في داره مدة سنتين، فكانت مدة ولايته سبع سنين سوى أشهر.
ثم ظهر وتغيرت الدولة، وولي قضاء مصر ثانيا في سنة اثنتين وتسعين، فحكم شهرين، ثم ذهب إلى بغداد.
قلت رماه ابن عدي بالكذب.
وقال أبو بكر البرقاني: هو من المتروكين.
وحدث أيضا بالموصل، وعمر، وبقي إلى سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، وعاش نيفا وتسعين سنة، وبقي بطالا عشرين سنة.
قال إبراهيم بن المعدل: قال ابن عبدة للطحاوي: ما هذا ؟ والله لئن أرسلت بقصبة، فنصبت في حارتك، لترين الناس يقولون: قصبة القاضي.
يعني: يعظمونها.
قلت إلى صرامته المنتهى، وهو في باب
الرواية تالف متهم.

225 - ابن عبيدة * الامام الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر، أحمد بن محمد بن عبيدة بن زياد، النيسابوري الشعراني المستملي.
سمع علي بن خشرم، ومحمد بن رافع، وعمر بن شبة، ويونس بن عبدالاعلى وطبقتهم.
روى عنه محمد بن الاخرم، ويحيى العنبري، وأبو بكر الصبغي، ومحمد بن صالح بن هانئ، والجعابي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي،
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 56 55، تاريخ ابن عساكر: 2 / 97 / ب، تهذيب ابن عساكر: 2 / 64.
(*)

(14/410)


وعدة من البغدادين والنيسابوريين.
وثقه الخطيب، وما ذكر له وفاة.
226 - ابن سلم * الحافظ العالم الثبت، أبو الحسن، علي بن الحسن بن سلم الاصبهاني.
سمع محمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن الازهر، ومحمد بن الوليد البسري، ويحيى بن حكيم المقوم، وأحمد بن الفرات، ومحمد ابن عاصم، وإسماعيل بن يزيد القطان وطبقتهم.
حدث عنه القاضي أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، والحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو بكر بن المقرئ، وجماعة.
قال الحاكم: توفي بالري سنة تسع وثلاث مئة.
قرأت على فاطمة بنت سليمان، أخبرنا المسلم بن أحمد سنة ثمان وعشرين وست مئة، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، أخبرنا أبو القاسم النسيب، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن التميمي، أخبرنا يوسف القاضي، أخبرنا علي بن الحسن بن سلم الاصبهاني بالري، حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبدالرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كريب (1)، عن جابر،
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 9، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 136 / 2، تذكرة الحافظ: 3 / 800 799، طبقات الحفاظ: 334 333.
(1) في الاصل " كرب " وما أثبتناه من " التهذيب " وفروعه.
(*)

(14/411)


سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ويل للعراقيب من النار " (1) قال الحافظ أبو علي النيسابوري: خرجت إلى الري، وبها علي بن الحسن بن سلم، وكان من أحفظ مشايخنا، فأفادني عن إبراهيم بن يوسف الهسنجاني وغيره.

227 - ابن حيون * الامام الحافظ البارع المتقن، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حيون الاندلسي الحجازي بالراء نسبة إلى مدينة وادي الحجارة (2).
كان من الحفاظ النقاد.
سمع محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وإسحاق ابن إبراهيم الدبري اليمني، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وطبقتهم.
__________
(1) رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد: 3 / 369 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة،
عن أبي إسحاق، و 393 من طريق حسين، عن يزيد بن عطاء، عن أبي إسحاق.
وابن ماجه (454) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن الاحوص، عن أبي إسحاق، بلفظ: " ويل للعراقيب من النار ".
وأخرجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص البخاري: 1 / 132، ومسلم (241) وأبو داود (97) والنسائي: 1 / 78.
وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري: 1 / 233، ومسلم (242) والترمذي (41) والنسائي: 1 / 77.
وأخرجه مسلم (240) من حديث عائشة، بلفظ: " ويل للاعقاب من النار " وفي رواية لمسلم: " ويل للعراقيب ".
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 27 26، جذوة المقتبس: 41، الانساب: 156 / أ، بغية الملتمس: 55، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 133 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 782 781، طبقات الحفاظ: 328، نفخ الطيب: 2 / 52، شذرات الذهب: 2 / 246.
(2) وهي بلدة بالاندلس.
انظر " معجم البلدان " 5 / 343.
(*)

(14/412)


فأكثر وجود، وفيه تشيع بلا غلو.
حدث عنه قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وأبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، وخالد بن سعد، وآخرون.
قال خالد بن سعد: لو كان الصدق إنسانا، لكان ابن حيون.
وقال ابن الفرضي في " تاريخه " (1): لم يكن بالاندلس قبله أبصر بالحديث منه.
قلت: قد كان قبله مثل بقي بن مخلد، وابن وضاح، وما قال ابن الفرضي هذا القول إلا وابن حيون رأس في الحفظ.
مات في آخر الكهولة في سنة خمس وثلاث مئة، وهو من أقران
الطبراني، وإنما قدمه إلى هنا كونه مات قبل أوان الرواية، ولقد كان من فرسان الحديث رحمه الله.
وأما الطبراني (2)، فقد عاش إلى سنة ستين وثلاث مئة، وصار شيخ الاسلام.

228 - السنجي * الامام الحافظ الكبير أبو علي، الحسين بن محمد بن مصعب، بن
__________
(1) 2 / 26.
(2) هو الامام العلامة الحجة الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني صاحب التصانيف الجيدة المتوفى سنة 360 ه وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر.
* الاكمال لابن ماكولا: 4 / 53، الانساب: 313 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 136 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 802 801، طبقات الحفاظ: 334.
(*)

(14/413)


رزيق المروزي السنجي.
حدث عن علي بن خشرم، ويحيى بن حكيم المقوم، وأبي سعيد الاشج، ومحمد بن الوليد البسري، ويونس بن عبدالاعلى، والربيع، ومحمد بن عبد الله بن قهزاد وطبقتهم فأكثر حتى قيل: ما كان بخراسان أحد أكثر حديثا منه، قاله ابن ماكولا.
وكف بصره بأخرة.
وكان لا يكاد يحدث أهل الرأي، لانهم يسمعون الحديث، ويعدلون عنه إلى القياس (1).
حدث عنه أبو حاتم البستي في كتبه، وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبو حامد أحمد بن عبد الله النعيمي وطائفة.
مات سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
أخبرنا أبو بكر بن أحمد، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا عبد المعز بن محمد (ح) وأخبرنا ابن هبة الله، أخبرنا عبد المعز في كتابه، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا سعيد بن محمد البحيري، أخبرنا زاهر بن أحمد الفقيه، أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن مصعب بسنج، حدثنا علي بن خشرم، أخبرنا عيسى بن يونس، عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام الانصاري، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا، أثبته، وكان إذا نام من الليل،
__________
(1) الذي عليه أهل الرأي من الفقهاء كأبي حنيفة ومالك وربيعة وغيرهم أنهم لا يعدلون عن النص إلى القياس إذا كان الحديث صحيحا وسالما من المعارض، كما هو مبسوط في مكانه من كتب الاصول، وما أكثر ما نال منهم خصومهم، ونعتوهم بما هم برآء منه إما لجهل بمقالاتهم، أو بدافع من التعصب والهوى.
(*)

(14/414)


أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وما رأيت رسول الله قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهرا متتابعا إلا رمضان " مسلم (1) عن علي بن خشرم.
وقيل: مات ابن مصعب في رجب سنة ست عشرة وثلاث مائة.

229 - محمد بن عقيل * ابن الازهر بن عقيل، الحافظ الامام، الثقة الاوحد، أبو عبد الله البلخي، محدث بلخ، وصاحب " المسند الكبير " و " التاريخ "
و " الابواب ".
سمع علي بن خشرم، وحم بن نوح، وعباد بن الوليد الغبري، وعلي بن إشكاب، ومحمد بن الفضل، وطبقتهم بخراسان، والعراق.
حدث عنه: محمد بن عبد الله الهندواني، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وجماعة من أهل تلك الديار.
وكان من أوعية الحديث.
لم تتصل بنا أخباره كما ينبغي.
__________
(1) رقم (746) (141) في صلاة المسافرين: باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض، وأخرجه أبو داود (342) في الصلاة: باب في الصلاة الليل، والنسائي: 3 / 201 199 في قيام الليل.
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 135 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 791، العبر: 2 / 165، الوافي بالوفيات: 4 / 98 97، البداية والنهاية: 11 / 159، النجوم الزاهرة: 3 / 222، طبقات الحفاظ: 331، شذرات الذهب: 2 / 274، الرسالة المستطرفة: 72.
(*)

(14/415)


توفي في شوال سنة ست عشرة وثلاث مئة، من أبناء الثمانين رحمه الله.
ومن حديثه: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، وأحمد بن محمد، ومحمد بن إبراهيم النحوي، وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا زكريا بن علي العلبي قالا: أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرتنا بيبى بنت عبد الصمد، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، حدثنا محمد بن عقيل، حدثنا علي بن إشكاب،
حدثنا إسحاق الازرق، عن سفيان، عن زبيد، عن أبى وائل، عن مسروق، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قتال المسلم كفر، وسبابه فسوق " (1).

230 - ابن أسيد * الامام المجود الحافظ الرحال، صاحب " المسند الكبير " أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن أسيد الاصبهاني.
سمع نصر بن علي الجهضمي، وسلم بن جنادة، وعبد الرحمن بن عمر رسته، وابن الفرات.
__________
(1) إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري: 1 / 103 في الايمان: باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر، و 10 / 387 في الادب: باب ما ينهى من السباب واللعن، و 13 / 21 20 في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأخرجه مسلم (64)، والترمذي (2636) كلاهما في الايمان، والنسائي: 7 / 122 في تحريم الدم: باب قتال المسلم، من حديث عبد الله بن مسعود، بلفظ: " سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ".
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 66 65، تاريخ بغداد: 9 / 380.
(*)

(14/416)


وعنه: الطستي، وعثمان بن السماك، وأحمد بن بندار، وأبو الشيخ، وأبو بكر الطلحي، وآخرون.
توفي سنة عشر وثلاث مئة.

231 - أبو عوانة * الامام الحافظ الكبير الجوال، أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري الاصل، الاسفراييني، صاحب " المسند
الصحيح " (1) الذي خرجه على " صحيح مسلم " وزاد أحاديث قليلة في أواخر الابواب.
مولده بعد الثلاثين ومئتين، وسمع بالحرمين، والشام، ومصر، واليمن، والثغور، والعراق، والجزيرة، وخراسان، وفارس، وأصبهان، وأكثر الترحال، وبرع في هذا الشأن، وبذ الاقران.
__________
* تاريخ جرجان: 448، الانساب: 33 / ب، وفيات الاعيان: 6 / 394 393، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 133 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 780 779، العبر: 2 / 165، دول الاسلام: 1 / 190، مرآة الجنان: 2 / 270 269، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 488 487، البداية والنهاية: 11 / 159، المختصر في أخبار البشر: 2 / 73، النجوم الزاهرة: 3 / 222، طبقات الحفاظ: 327، شذرات الذهب: 2 / 274، الرسالة المستطرفة: 27.
(1) طبع منه الجزء الاول، والثاني، والرابع، والخامس بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن في الهند.
والتخريج كما قال الحافظ العراقي: أن يأتي المصنف إلى الكتاب، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه.
قال الحافظ ابن حجر: " وشرطه ألا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سندا يوصله إلى الاقرب ".
وربما عز على المصنف وجود بعض الاحاديث، فيتركه أصلا، أو يذكره من طريق مصنف الاصل.
قال الحافظ ابن كثير: " وقد خرجت كتب كثيرة على الصحيحين، يؤخذ منها زيادات مفيدة وأسانيد جيدة، كصحيح أبي عوانة، وأبي بكر الاسماعيلي، والبرقاني، وأبي نعيم الاصبهاني وغيرهم ".
(*)

(14/417)


سمع يونس بن عبد الاعلى، وعلي بن حرب الطائي، ومحمد بن
يحيى الذهلي، وأحمد بن عبدالرحمن بن وهب، وشعيب بن حرب الضبعي، وزكريا بن يحيى بن أسد المروزي، وسعد بن مسعود المروزي، وسعدان بن نصر، وعمر بن شبة، وعيسى بن أحمد البلخي، وعلي بن إشكاب، وعبد السلام بن أبي فروة النصيبي صاحبا لابن عيينة، وعطية بن بقية بن الوليد، وأبا ثور عمرو بن سعد بن عمرو الشعباني، صاحبا لابن وهب، ومحمد بن سليمان بن بنت مطر، وأبا زرعة الرازي، وأبا جعفر بن المنادي، ومحمد بن عقيل النيسابوري، ومحمد بن إسماعيل الاحمسي، ومحمد بن عبد الله بن ميمون الاسكندراني، وموسى بن نصر الرازي، وأبا سلمة المسلم [ بن ] (1) محمد بن المسلم بن عفان الصنعاني الفقيه، حدثه عن عبدالملك بن عبد الرحمن الذماري، وموهب بن يزيد بن موهب الرملي: حدثني ابن وهب.
وأحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن شيبان الرملي، وأحمد بن محمد بن عثمان الثقفي: عن الوليد بن مسلم.
وأخطل بن الحكم: عن بقية، وإسماعيل بن عباد الارسوفي: عن ضمرة، وأحمد بن ملاعب، وأحمد ابن الجبار العطاردي، وأحمد بن حسن بن عبد القاسم رسول نفسه من أصحاب ابن عيينة، وبحر بن نصر الخولاني، والربيع المرادي، وبشر بن مطر، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وخلقا كثيرا.
وينزل إلى أن يروي عن عبد الله بن أحمد، وعبد الرحمن بن خراش، وعبدان.
حدث عنه: أحمد بن علي الرازي الحافظ، وأبو علي
__________
(1) هذه الزيادة من " مشتبه النسبة " للمؤلف: 2 / 588.
(*)

(14/418)


النيسابوري الحافظ، ويحيى بن منصور، وسليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وحسينك بن علي التميمي، وولده أبو مصعب محمد بن أبي عوانة، وأبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، وجماعة خاتمتهم ابن ابن أخته أبو نعيم عبدالملك بن الحسن.
وقد دخل دمشق مرات.
قال أبو عبد الله الحاكم: أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم، سمعت ابنه محمدا يقول: إنه توفي سنة ست عشرة وثلاث مئة.
وقال ابن أخت أبي عوانة المحدث الحسن بن محمد الاسفراييني: توفي أبو عوانة في سلخ ذي الحجة سنة ست عشرة.
وقال غيره: بني على قبر أبي عوانة مشهد (1) بإسفرايين يزار، وهو
__________
(1) هو من صنيع العامة الذين لا علم عندهم، فإن ذلك من البدع المنهي عنها.
فقد أخرج مسلم في " صحيحه " (969) في الجنائز: باب الامر بتسوية القبور، وأبو داود (3218) والنسائي: 4 / 89 88، والترمذي (1049) والحاكم: 1 / 369، والبيهقي: 4 / 3، وأحمد (741) (1061) من طريق أبي وائل، عن أبي الهياج الاسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه " ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته ".
قال الشوكاني في " نيل الاوطار " 4 / 95 في شرح هذا الحديث: في هذا الحديث أن السنة أن القبر لا يرفع رفعا كبيرا، من غير فرق بين من كان فاضلا ومن كان غير فاضل، والظاهر أنه رفع القبور على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك.
وقال الامام محمد بن الحسن الشيباني في كتابه " الآثار " ص 45: أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد عن إبراهيم قال: كان يقال: ارفعوا القبر حتى يعرف أنه قبر فلا يوطأ.
وقال محمد: وبه نأخذ، ولا نرى أن يزاد على ما خرج منه، ونكره ابن يجصص أو يجعل عنده مسجد أو علم، وهو قول أبي حنيفة.
ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أوليا القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وهو من اتخاذ القبور مساجد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعن فاعله كما في الصحيح وكم كان لهذه المشاهد من مفاسد يبكي لها (*)

(14/419)


في داخل المدينة، وكان رحمه الله، أول من أدخل إسفرايين مذهب الشافعي وكتبه، حملها عن الربيع المرادي والمزني.
ومن عبارة الحاكم في " تاريخه ": أبو عوانة سمع محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأبا زرعة، وأبا حاتم، وابن وارة، ويعقوب بن سفيان، وسعدان، وابن عبد الحكم، والمزني، وصالح بن أحمد بن حنبل، وعمرو بن عبد الله الاودي، ومحمد بن المقرئ، وأحمد بن سنان، وأسيد بن عاصم، وهارون بن سليمان.
وسمى جماعة ثم أثنى عليه.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد قراءة عليه، عن القاسم بن أبي سعد الصفار: أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا عبد الحميد بن عبدالرحمن البحيري، وأخبرنا أحمد، عن أبي المظفر بن السمعاني، أخبرنا عبد الله بن محمد الصاعدي، أخبرنا عثمان بن محمد المحمي قالا: أخبرنا عبدالملك بن الحسن، أخبرنا أبو عوانة الحافظ، حدثنا بشر بن مطر، حدثنا سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: " أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان ملك مئة سهم من خيبر اشتراها حتى استجمعها، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: قد أصبت مالا لم أصب مثله قط، وقد أردت أن أتقر إلى الله ؟ قال: " فاحبس الاصل وسبل
الثمر " (1).
__________
= الاسلام، فإن كثيرا من الجهلة قد افتتنوا بها، وظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها واستغاثوا..والله المستعان.
(1) إسناده صحيح.
وبشر بن مطر هو الواسطي نزيل سامرا: قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 / 368: روى عن سفيان بن عيينة، وإسحاق الازرق، ويزيد بن = (*)

(14/420)


وبه أخبرنا أبو عوانة: حدثنا عبدالرحمن بن بشر، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرنا يحيى بن سعيد، وسهيل، سمعا النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صام يوما في سبيل الله باعده الله عن النار سبعين خريفا ".
أخرجه مسلم (1) عن عبدالرحمن.
وبه: أخبرنا أبو عوانة، أخبرنا الزعفراني، أخبرنا عبيدة بن حميد، حدثني منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عائشة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم.
وأظنه قال: وكان يقبل وهو صائم، وكان أملككم لاربه ".
أخرجه النسائي (2)، عن الزعفراني.
__________
= هارون وكان صدوقا، سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
وأخرج الحديث البخاري: 5 / 263 في الشروط: باب الشروط في الوقف، و 299: باب الوقف كيف يكتب، وباب الوقف للغني والفقير، ومسلم (1632) في الوصية: باب الوقف، والترمذي (1375) وأبو داود (2878) والنسائي: 6 / 231 230 كلهم من طريق ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر أصاب أرضا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس عندي
منه، فما تأمرني به ؟ قال: " إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها " قال: فتصدق بها عمر: أنه لا يباع أصلها، ولا يبتاع، ولا يورث، ولا يوهب.
قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقا، غير متمول فيه ".
(1) برقم (1153) في الصيام: باب فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت حق.
وهو في صحيح البخاري: 6 / 35 في الجهاد: باب فضل الصوم في سبيل الله، وأخرجه الترمذي (1622) والنسائي: 4 / 173.
(2) في الكبرى، لا في المطبوع الذي اختصره تلميذه ابن السني.
وإسناده صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 274 273 في الصيام: باب ما جاء في الرخصة في القبلة للصائم، والبخاري: 4 / 131 في الصوم: باب القبلة للصائم، ومسلم (1106) في الصيام: باب بيان أن القبة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، وأبو داود (2382) في الصوم: باب القبلة للصائم، والترمذي (727) و (729) كلهم من حديث = (*)

(14/421)


ومات معه أبو بكر بن أبي داود السجستاني، وقد مر مع والده.
وزاهد مصر أبو الحسن بنان بن محمد بن حمدان الحمال.
وصالح بن أبي مقاتل أحمد القيراطي ببغداد.
ومحدث دمشق أبو بكر محمد بن خريم بن محمد بن عبدالملك العقيلي.
وشيخ العربية أبو بكر محمد بن السري البغدادي السراج.
وحافظ بلخ أبو عبد الله محمد بن عقيل بن الازهر البلخي.
ومسند هراة أبو جعفر محمد بن معاذ الماليني.

232 - الارغياني * محمد بن المسيب بن إسحاق بن عبد الله بن إسماعيل بن إدريس الحافظ الامام شيخ الاسلام أبو عبد الله النيسابوري ثم الارغياني الاسفنجي العابد.
قال ولده المسيب: سمعت أبي يقول: ولدت سنة ثلاث وعشرين ومئتين.
__________
= عائشة.
وقوله: لاربه، يروى على وجهين: أربه مفتوحة الالف والراء.
وإربه مكسورة الالف ساكنة الراء، ومعناهما واحد، وهو حاجة النفس ووطرها.
يقال: لفلان عند فلان أرب وإرب وإربة ومأربة: أي حاجة، والارب أيضا: العضو.
* الانساب: 26 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 135 / 1، تذكرة الحافظ: 3 / 791 789، العبر: 2 / 163 162، دول الاسلام: 1 / 190، الوافي بالوفيات: 5 / 30، نكت الهميان: 274، البداية والنهاية: 11 / 157، النجوم الزاهرة: 3 / 219، طبقات الحفاظ: 331، شذرات الذهب: 2 / 271.
(*)

(14/422)


سمع إسحاق بن شاهين، و عبد الجبار بن العلاء، ومحمد بن هاشم البعلبكي، والهيثم بن مروان العنسي، وأبا سعيد الاشج، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن بشار، وزيد بن أخزم، وسهل بن صالح الانطاكي، ومحمد بن المثنى الزمن، ومحمد بن رافع، وإسحاق الكوسج، وعبد الله بن محمد الزهري، ويونس بن عبدالاعلى، وأحمد ابن عبدالرحمن الوهبي، وسعيد بن رحمة المصيصي، والحسين بن سيار الحراني صاحب إبراهيم بن سعد وأمما سواهم بخراسان، والعراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة.
وصنف التصانيف الكبار، وكان ممن برز في العلم والعمل.
حدث عنه إمام الائمة أبو بكر بن خزيمة مع سنه وفضله، وأبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن يعقوب الاخرم، والحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو إسحاق المزكي، وأبو أحمد الحاكم، وأبو عمرو بن حمدان، وحسينك بن علي التميمي، وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبو الحسين الحجاجي، وأحمد بن محمد البالوبي، وخلق سواهم.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان من الجوالين في طلب الحديث على الصدق والورع، وكان من العباد المجتهدين.
سمعت أبا الحسين بن يعقوب الحافظ يقول: كان محمد بن المسيب يقرأ علينا، فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكى حتى نرحمه.
قال: وسمعت محمد بن علي الكلابي يقول: بكى محمد بن المسيب الارغياني حتى عمي.
وسمعت أبا إسحاق المزكي، سمعت محمد بن المسيب، سمعت الحسن بن عرفة يقول: رأيت يزيد بن هارون بواسط وهو من أحسن الناس عينين، ثم رأيته بعين واحدة، ثم رأيته وقد عمي، فقلت له: يا أبا خالد ! ما فعلت العينان

(14/423)


الجميلتان ؟ قال ذهب بهما بكاء الاسحار.
سمعت أبا علي الحافظ: سمعت محمد بن المسيب الارغياني، سمعت أبا علي الضرير يقول: قلت لاحمد بن حنبل: كم يكفي الرجل من الحديث للفتوى ؟ مئة ألف ؟ قال:.
قلت: مئتا ألف ؟ قال: لا.
قلت: ثلاث مئة ألف ؟ قال: لا.
قلت: أربع مئة ألف ؟ قال: لا.
قلت: خمس مئة ألف ؟ قال: أرجو (1).
وسمعت أبا أحمد الحافظ بطوس، وحدثني به عنه علي بن حمشاد في سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة، ثم حدثني أبو أحمد قال: حدثنا محمد
ابن المسيب، حدثنا إسحاق بن الجراح الاذني، حدثنا الحسن بن زياد قال: أخذ الفضيل بن عياض بيدي فقال: يا حسن: ينزل الله إلى سماء الدنيا: فيقول: كذب من ادعى محبتي، فإذا جنه الليل نام عني.
سمعت المزكي: سمعت محمد بن المسيب، سمعت يونس بن عبدالاعلى يقول: كتب الخليفة إلى ابن وهب في قضاء مصر يليه، فجنن نفسه، ولزم البيت، فاطلع عليه رشدين بن سعد من السطح فقال: يا أبا محمد ! ألا تخرج إلى الناس فتحكم بينهم كما أمر الله ورسوله ؟ قد جننت نفسك ولزمك البيت ! قال: إلى ها هنا انتهى عقلك ؟ ألم تعلم أن القضاة يحشرون يوم القيامة مع السلاطين، ويحشر العلماء مع الانبياء ؟ ! قال الحاكم: سمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عن الارغياني
__________
(1) هذا محمول على الحديث المرفوع، والحديث الموقوف، وفتاوى الصحابة والتابعين، والطرق المتعددة.
فقد قالوا: يكفي المجتهد أن يلم بأحاديث الاحكام التي لا تزيد على ثلاثة آلاف حديث، وهذا في المجتهد فكيف بالمفتي ؟ !.
(*)

(14/424)


أنه قال: ما أعلم منبرا من منابر الاسلام بقي علي لم أدخله لسماع الحديث.
أقول: هذا يقوله الرجل على وجه المبالغة، وإلا فهو لم يدخل الاندلس ولا المغرب، ولا أظن أنه عنى إلا المنابر التي بحضرتها رواية الحديث.
قال: وسمعت أبا إسحاق المزكي، سمعت محمد بن المسيب يقول: كنت أمشي بمصر وفي كمي مئة جزء، في كل جزء ألف حديث.
قلت: هذا يدل على دقة خطه، وإلا فألف حديث بخط مفسر تكون
في مجلد، والكم إذا حمل فيه أربع مجلدات فبالجهد.
قال الحاكم: وسمعت أبا علي الحافظ يقول: كان محمد بن المسيب يمشي بمصر وفي كمه مئة ألف حديث، كانت أجزاؤه صغارا بخط دقيق، قي الجزء ألف حديث معدودة، وصار هذا كالمشهور من شأنه.
وسمعت أبا عمر المسيب بن محمد يقول: توفي أبي يوم السبت، النصف من جمادى الاولى، سنة خمس عشرة وثلاث مئة، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة.
قلت: مات معه في العام: محدث دمشق أبو الحسن محمد بن الفيض الغساني عن ست وتسعين سنة.
ومحدث الكوفة أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي الاشناني.
والاخفش الصغير علي بن سليمان النحوي البغدادي.
والمحدث القاضي أبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني.

(14/425)


والحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الرازي ثم النيسابوري.
والحسين بن محمد بن عفير.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أحمد ابن محمد بن أحمد البالويي، حدثنا محمد بن المسيب، حدثنا إبراهيم ابن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة، حدثنا بريد بن عبد الله، حدثنا أبو بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها، وإذا أراد
هلكة أمة عذبها ونبيها حي، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا كمره " (1).
وبالاسناد: قال ابن المسيب: كتب عني هذا الحديث ابن خزيمة، ويقال: إن إبراهيم الجوهري تفرد به.

233 - السجستاني * المحدث الامام، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن الفضل السجستاني، نزيل دمشق.
حدث عن نصر بن علي، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن
__________
(1) إسناده صحيح، وعلقه مسلم في " صحيحه " (2288) في الفضائل: باب إذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها، فقال: وحدثت عن أبي أسامة، وممن روى ذلك عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة، حدثني بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى.
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 107 / ب، ميزان الاعتدال: 1 / 149، لسان الميزان: 1 / 289، تهذيب ابن عساكر: 2 / 74.
(*)

(14/426)


المقرئ، وعبد الله الدارمي، والبخاري، وخلق.
وعنه: جمح المؤذن، وأبو بكر الربعي، وأبو بكر بن المقرئ، وابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
توفي في جمادى الاولى سنة أربع عشرة وثلاث مئة.

234 - محمد بن الفيض * ابن محمد بن الفياض، المحدث المعمر المسند، أبو الحسن الغساني الدمشقي.
ولد سنة تسع عشرة ومئتين.
وحدث عن: صفوان بن صالح المؤذن، وهشام بن عمار، وإبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، ودحيم، ومحمد بن يحيى بن حمزة، والوليد بن عتبة، وأحمد بن أبي الحواري، وجده محمد بن فياض، وأحمد بن عاصم الانطاكي، وعدة.
حدث عنه: موسى بن سهل الرملي مع تقدمه، وأبو عمر بن فضالة، وجمح بن القاسم، وأبو سليمان بن زبر، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم.
وآخرون.
وهو صدوق إن شاء الله، ما علمت فيه جرحا.
مات في شهر رمضان سنة خمس عشرة وثلاث مئة، وكان صاحب حديث ومعرفة، وجده ليس بمشهور، يحدث عن أبي مسهر فقط.
__________
* تاريخ ابن عساكر: 15 / 433 / ب، العبر: 2 / 162، النجوم الزاهرة: 3 / 219، شذرات الذهب: 2 / 271.
(*)

(14/427)


أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم، أخبرنا محمد بن الفيض الغساني، حدثنا هشام يعني ابن خالد، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد بن عبد العزيز: أن هشام بن عبدالملك قضى عن الزهري سبعة آلاف دينار وقال: لا تعد لمثلها تدان.
قال: يا أمير المؤمنين ! حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يلسع المؤمن من جحر مرتين " (1).
غريب تفرد به الوليد.

235 - محمد بن خريم * ابن محمد بن عبدالملك بن مروان، الامام المحدث الصدوق، مسند دمشق، أبو بكر العقيلي الدمشقي.
حدث عن: هشام بن عمار، وعبد الرحمن دحيم، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن يحيى الزماني، وهشام بن خالد الازرق، ومحمود ابن خالد، ومؤمل بن يهاب، وعدة.
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " من طريق سعيد بن عبد العزيز فيما ذكره الحافظ في " الفتح " 10 / 439.
وأخرجه البخاري: 10 / 439 في الادب: باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ومسلم (2998) في الزهد والرقائق، وأبو داود (4862) في الادب: باب في الحذر من الناس، وابن ماجه (3982) كلهم من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يلدع المؤمن من جحر مرتين ".
قال الخطابي: هذا خبر، ومعناه أمر، أي: ليكن المؤمن حازما حذرا، لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى، وقد يكون ذلك في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاهما بالحذر.
* تاريخ ابن عساكر: 15 / 144 / ب، العبر: 2 / 165، النجوم الزاهرة: 3 / 222، شذرات الذهب: 2 / 273.
(*)

(14/428)


حدث عنه: حميد بن الحسن الوراق، وأحمد بن عتبة، وأبو أحمد ابن عدي، وابن حبان، وأبو سليمان بن زبر، وأبو علي النيسابوري، ومحمد بن موسى السمسار، والقاضي محمد بن عبد الله الابهري، والفضل بن جعفر المؤذن، وعلي بن الحسين الانطاكي، وأبو بكر بن
المقرئ.
وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهاب الكلابي، وخلق كثير، وقد كان أبو أحمد الحاكم يغلط في نسبه، وينسبه إلى جد جده.
مات لست بقين من جمادى الآخرة سنة عشرة وثلاث مئة، وهو من أبناء التسعين.
قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد: أخبرنا تميم بن أبي سعيد المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن سنة تسع وأربعين وأربع مئة، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر محمد بن مروان البزاز بدمشق، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا علي بن سليمان، حدثني هشام بن حسان، عن ثابت، عن أنس قال: " خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فلم يقل لشئ فعلته: مالك فعلت كذا وكذا، أو لشئ لم أفعله: لم لم تفعل كذا وكذا ".
غريب لم يروه عن هشام غير أبي نوفل علي بن سليمان الكيساني (1).
__________
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 6 / 189 188: روى عن أبي إسحاق الهمداني، والاعمش.
روى عنه الوليد بن مسلم، وهشام بن عمار.
سألت أبي عنه، فقال: يقال له: أبو نوفل الكيساني، أصله كوفي، سكن دمشق.
قلت ما حاله ؟ قال: ما أرى بحديثه بأسا، صالح الحديث، ليس المشهور.
وحديث أنس هذا صحيح، روي من طرق عنه.
انظر البخاري: 10 / 383 في الادب: باب حسن الخلق، ومسلما (2309) في الفضائل، وأبا داود (4774) والترمذي في سننه (2015) وفي الشمائل المحمدية (338) وأخلاق النبي لابي الشيخ ص 37 36.
(*)

(14/429)


236 - المقانعي * الشيخ المحدث الصدوق، أبو الحسن، علي بن العباس بن الوليد
البجلي المقانعي الكوفي.
سمع إسماعيل بن موسى السدي، وعباد بن يعقوب الرواجني، ويحيى بن حسان بن سهيل من أصحاب ابن عيينة، وأبا كريب، وهشام ابن يونس، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن بشار، وأبا سعيد الاشج، ومحمد بن معمر القيسي، وأبا موسى الزمن، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر النقاش المفسر، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، ومحمد بن أحمد بن حماد الحافظ، وآخرون.
توفي سنة عشر وثلاث مئة.
أنبأني علي بن عثمان البربري، وحدثني عنه محمد بن إبراهيم الخلاطي: أخبرنا محمد بن إبراهيم الاربلي، أخبرنا عبد الحق اليوسفي، أخبرنا أبو الغنائم النرسي، أخبرنا محمد بن علي العلوي، ومحمد ومحمد ابنا محمد بن عيسى الحذاء قالوا: أخبرنا أبو الطيب التيملي، حدثنا علي بن العباس البجلي، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا سفيان بن عيينة، عن قعنب، عن رجل قال: بارز الزبير رجلا وهما على جبل، فاعتنقا، فتدهدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيهما يعلو صاحبه فهو الذي..فعلا الزبير، فقتله، فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:
__________
* الانساب: 539 / أ، العبر: 2 / 145، طبقات القراء للجزري: 1 / 548 547، النجوم الزاهرة: 3 / 206، شذرات الذهب: 2 / 259.
(*)

(14/430)


" فداك عمي وخالي ".
غريب (1).

237 - ابن صاحب * الامام الحافظ الجوال، أبو علي، الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي.
سمع علي بن خشرم، وأبا زرعة الرازي، وابن وارة، ومحمد بن عوف الطائي، وإسحاق الدبري، ويونس بن إبراهيم العدني، وطبقتهم بخراسان، والعراق، والشام، والحرمين، واليمن، ومصر.
حدث عنه: أبو علي النيسابوري، ومحمد بن علي القفال الشاشي، وأبو بكر الجعابي، وأبو الحسين بن المظفر، وآخرون، وأبو بكر الشافعي.
وثقه الخطيب (2) وقال: توفي سنة أربع عشرة وثلاث مئة، وهو في عشر الثمانين.
أخبرنا الحسن بن علي: حدثنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، حدثني أبو حاتم محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي القفال، حدثنا الحسن بن صاحب الشاشي، أخبرنا يونس بن إبراهيم
__________
(1) أي ضعيف، لانقطاعه وجهالة شيخ قعنب.
* تاريخ بغداد: 7 / 333، الانساب: 325 / أ، المنتظم: 6 / 203، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 133 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 781 780، طبقات الحفاظ: 328 327.
(2) في " تاريخه " 7 / 333.
(*)

(14/431)


بعدن، حدثنا عبدالحميد بن صالح، حدثنا صالح بن عبد الجبار الحضرمي، حدثني محمد بن عبدالرحمن البيلماني عن أبيه، عن
ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعلموا الشعر، فإن فيه حكما وأمثالا ".
هذا حديث واهي الاسناد (1).

238 - الغضائري * الامام الثقة العابد، أبو الحسن، علي بن عبدالحميد بن عبد الله ابن سليمان الغضائري، محدث حلب، ومسند الشام.
حدث عن: عبدالاعلى بن حماد النرسي، وبشر بن الوليد، وعبد الله بن معاوية الجمحي، وأبي إبراهيم الترجماني، وعبيد الله بن عمر القواريري، وبندار، وعدة.
حدث عنه: عبد الله بن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، والقاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وخلق سواهم.
وثقة الخطيب.
__________
(1) بل موضوع، صالح بن عبد الجبار يروي عن محمد بن عبدالرحمن البيلماني مناكير، ومحمد بن عبدالرحمن البيلماني: قال البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال ابن حبان في " المجروحين والضعفاء " 2 / 264: " حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمئتي حديث كلها موضوعة.
لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب ".
وقال ابن عدي: " كل ما يرويه ابن البيلماني فإن البلاء فيه منه ".
وأبوه عبدالرحمن البيلماني ضعيف أيضا.
* تاريخ بغداد: 12 / 30 29، الانساب: 409 / ب، المنتظم: 6 / 198، العبر: 2 / 156، البداية والنهاية: 11 / 153، النجوم الزاهرة: 3 / 214 213، شذرات الذهب: 2 / 266، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 16 15.
(*)

(14/432)


وقد ورد عنه أنه قال: حججت على رجلي ذاهبا من حلب وراجعا
أربعين حجة.
توفي في شوال سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
وقع لي من عواليه.

239 - الاستراباذي * المحدث المعمر، أبو بكر، محمد بن يوسف بن حماد الاستراباذي.
حدث عن: عبدالاعلى بن حماد، وأبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن حميد، وطبقتهم.
وعني بالحديث.
روى عنه: أبو نعيم بن عدي، ومحمد بن الحسن بن حمويه، وغيرهما.
قال حمزة السهمي: مات بجرجان في رمضان سنة ثماني عشرة وثلاث مئة.
قال: وكان عنده كتب أبي بكر بن أبي شيبة عنه.
قلت: وفيها أرخه أيضا أبو القاسم بن مندة، وأظنه بلغ المئة أو جاوزها.

240 - الرياني * * الحافظ المحدث الثقة، أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون
_________________
* (هامش *)
* تاريخ جرجان: 366 351، الوافي بالوفيات: 5 / 244.
* * تاريخ جرجان: 372، تاريخ بغداد: 1 / 311، الانساب: 264 / ب، العبر: 2 / 157.
(*)

(14/433)


النسوي الرياني بالتخفيف، وقيده الامير أبو نصر بالتثقيل (1).
وقيل: الرذاني، وهو أصح، ورذان بذال معجمة قرية من أعمال نسا.
سمع علي بن حجر، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وحميد بن زنجويه، وطبقتهم.
وقيل: إنه سمع من أبي مصعب.
وحدث عن ابن زنجويه بكتاب: " الترغيب والترهيب ".
حدث عنه: يحيى بن منصور القاضي، وعبد الباقي بن قانع، وعبد الله بن سعد، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وسليمان الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو أحمد بن الغطريف، ومحمد ابن محمد بن سمعان، وآخرون.
وثقه الخطيب.
وقال الحاكم: سألت ابن ابنه ونحن بالرذان عن وفاة جده، فقال: في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
وقولنا: إن الطبراني روى عنه، ذكره الخطيب (2)، وأنا فلم أجده.
وقال الحاكم: حدث غير مرة بنيسابور بكتاب: الترغيب ".
قرأت على أحمد بن هبة الله: أخبرنا المسلم بن أحمد، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ في سنة 551 ببعلبك، أخبرنا محمد بن الفضل، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمر الهروي، أخبرنا عبدالرحمن بن أبي
__________
(1) وكذلك السمعاني في " الانساب " وتابعه في ذلك صاحب " اللباب ".
(2) في " تاريخه " 1 / 311.
(*)

(14/434)


شريح، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل (1)، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: " الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة " (2) وذكر الحديث.
قيل: إن أبا جعفر هذا هو صاحب الترجمة، وإن جده هو أبو عون عبد الجبار.
وقيل: بل هو آخر.
فإن صح موت صاحب الترجمة كما ذكرنا فما أظنه إلا آخر، لان سماعات ابن أبي شريح بعد ذلك، والله أعلم.

241 - ابن قديد * الامام المحدث الثقة المسند، أبو القاسم، علي بن الحسن بن خلف بن قديد المصري.
سمع محمد بن رمح، وحرملة بن يحيى، وطبقتهما.
__________
(1) بفتح القاف وكسر الباء بعدها ياء ساكنة، هو حيي بن هانئ بن ناضر المعافري المصري، من رجال " التهذيب ".
قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يهم.
(2) وأخرجه أحمد: 2 / 174 من طريق موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن حيي بن عبد الله المعافرى، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو..أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الصيام والقرآ يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب: منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان ".
وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 181، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال الطبراني رجال الصحيح، وأخرجه الحاكم: 1 / 554 من طريق عبد الله بن وهب وهو ممن سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه عن ابن لهيعة، عن حيي بن عبد الله، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص يرفعه..وهذا سند قوي.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي ورواه أبو نعيم في " الحلية " 8 / 161 من طريق رشدين بن سعد، عن حيي بن عبد اله به.
* العبر: 2 / 153، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات الذهب: 2 / 265.
(*)

(14/435)


حدث عنه: أبو سعيد بن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، وابن عدي، وخلق كثير.
مات في سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وله ثلاث وثمانون سنة.

242 - ابن المجدر * الشيخ المحدث، أبو بكر، محمد بن هارون بن حميد البغدادي، ابن المجدر.
سمع بشر بن الوليد، وعبد الاعلى بن حماد، وأبا الربيع الزهراني، وداود بن رشيد، ومحمد بن أبي عمر العدني، وعدة.
حدث عنه: محمد بن المظفر، وأبو عمر بن حيويه، وأبو الفضل عبيد الله الزهري، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
وثقه الخطيب (1)، وقيل، كان فيه انحراف بين عن الامام علي، ينقم أمورا.
مات في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.

243 - عبد الله بن زيدان * * ابن بريد بن رزين بن ربيع بن قطن، الامام الثقة القدوة العابد، أبو
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 357، الانساب: 508 / ب، العبر: 2 / 154، ميزان الاعتدال: 4 / 57، المغني في الضعفاء: 2 / 640، لسان الميزان: 5 / 411 410، النجوم الزاهرة: 3 / 213، شذرات الذهب: 2 / 265.
(1) في " تاريخه " 3 / 357.
* * العبر: 2 / 156، مرآة الجنان: 2 / 266، طبقات القراء للجزري: 1 / 419، النجوم الزاهرة: 3 / 215، شذرات الذهب: 2 / 266.
(*)

(14/436)


محمد البلخي الكوفي.
سمع أبا كريب، وهناد بن السري، ومحمد بن طريف، ومحمد ابن عبيد المحاربي، وإبراهيم بن يوسف الصيرفي، وجماعة.
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، ويوسف الميانجي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وخلق كثير.
قال الحافظ محمد بن أحمد بن حماد: توفي ابن زيدان في يوم الجمعة وقت الزوال، لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الاول، سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، وله إحدى وتسعون سنة، حضرته وحضره من الناس أمر عظيم.
وكان ثقة، حجة، كثير الصمت، وكان أكثر كلامه منذ يقعد إلى أن يقوم: يا مقلب القلوب ! ثبت قلبى على طاعتك.
لم تر عيني مثله.
وولد سنة اثنتين وعشرين ومئتين.
قال: وأخبرت أنه مكث ستين سنة أو نحوها لم يضع جنبه على مضربة (1)، صاحب صلاة بالليل، وكان حسن المذهب صاحب جماعة، رحمه الله.

244 - المدائني * الشيخ المحدث الثقة، أبو محمد، عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المدائني الانماطي، نزيل بغداد.
سمع محمد بن بكار بن الريان، والصلب بن مسعود، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا كامل الجحدري، وطبقتهم.
__________
(1) المضرب: هو البساط إذا كان مخيطا.
انظر " اللسان " مادة: ضرب.
* تاريخ بغداد: 9 / 414 413، المنتظم: 6 / 184، العبر: 2 / 148، النجوم الزاهرة: 3 / 209، شذرات الذهب: 2 / 262.
(*)

(14/437)


وثقه الدارقطني.
حدث عنه: أبو بكر الجعابي، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن الشخير، وأبو عمر بن حيويه، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وآخرون.
مات سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.

245 - عبدوس * ابن أحمد بن عباد، الامام الحافظ الاوحد، أبو محمد الثقفي الهمذاني، واسمه: عبدالرحمن.
محدث همذان.
حدث عن: محمد بن عبيد الاسدي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبي سعيد الاشج، وزياد بن أيوب، وحميد بن الربيع، وعبد الرحمن بن عمر رستة، ومحمود بن خداش، والعباس بن يزيد البحراني، وطبقتهم.
حدث عنه: أحمد بن عبيد الاسدي، وأحمد بن محمد بن صالح، ومحمد بن حيويه الكرجي، والقاسم بن حسن الفلكي، وعلي بن الحسن بن الربيع، وجبريل العدل، وأبو أحمد بن الغطريف، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
قال شيرويه الديلمي في " تاريخه ": روى عنه عامة أهل الحديث ببلدنا، وكان ثقة، متقنا، يحسن هذا الشأن.
وقال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبي يقول: كان عبدوس ميزان
__________
* تذكرة الحفاظ: 2 / 774 773، طبقات الحفاظ: 324، شذرات الذهب: 2 / 265.
(*)

(14/438)


بلدنا في الحديث، ثقة، يحسن هذا الشأن، مات عبدوس في صفر سنة
اثنتي عشرة وثلاث مئة، وداره في مدينة، الساجي.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا أبو روح، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا محمد بن محمد الحافظ حدثنا عبدوس بن أحمد الحافظ، حدثنا محمد بن عبيد الهمذاني، حدثنا الربيع بن زياد، حدثنا محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الاعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى [ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ] " الحديث، حديث غريب جدا تفرد به محمد بن عبيد، وهو صدوق (1).
__________
(1) والربيع بن زياد شيخه قال المؤلف في " الميزان " 2 / 40: ما رأيت لاحد فيه تضعيفا وهو جائز الحديث ونقل عن ابن عدي كن له عن يحيى بن سعيد المدنيين أحاديث ولا يتابع عليها.
وقد أخرجه من طرق عن يحيى بن سعيد الانصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي بهذا الاسناد البخاري 1 / 7، 15 في بدء الوحي: باب كيف كان بدء الوحي، وفي الايمان: باب ما جاء أن الاعمال بالنية، وفي العتق: باب الخطأ والنسيان في العتاق والطلاق ونحوه، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وفي النكاح: باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة، فله ما نوى، وفي الايمان والنذور: باب النية في الايمان، وفي الحيل: باب ترك الحيل، وأخرجه مسلم (1907) في الامارة: باب قوله صلى الله عليه وسلم " إنما الاعمال بالنية "، وأبو داود (2201) والترمذي (1647) وابن ماجة (4427) والنسائي 1 / 58، 60، ومالك في " الموطأ " ص 401 برواية محمد بن الحسن.
وقد قال الحافظ ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " ص 5: هذا الحديث تفرد بروايته يحيى بن سعيد الانصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن أبي وقاص الليثي،
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وليس له طريق يصح غير هذا الطريق.
وقد رواه عن يحيى بن سعيد الجم الغفير، فهو غريب في أوله، مشهور في آخره.
(*)

(14/439)


246 - ابن سيف * الامام المقرئ الكبير، أبو بكر، عبد الله بن مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، صاحب أبي يعقوب الازرق، وكان خاتمة من تلا عليه، وحدث أيضا عن: محمد بن رمح، وغيره.
قرأ عليه: إبراهيم بن محمد بن مروان، ومحمد بن عبدالرحمن الظهراوي، وأبو عدي عبد العزيز بن علي بن الامام، وشيخ للاهوازي اسمه: محمد بن عبد الله بن القاسم الخرقي، وآخرون.
وسماه طاهر بن غلبون: محمدا (1).
توفي بمصر في جمادى الآخرة، سنة سبع وثلاث مئة.
وقعت لنا روايته بحرف ورش بإسناد عال.

247 - البغوي * * عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن
__________
* العبر: 2 / 134، طبقات القراء للذهبي: 1 / 188، طبقات القراء للجزري: 1 / 445، النشر في القراءات العشر: 1 / 114، شذرات الذهب: 2 / 251.
(1) قال ابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 445، " وقد غلط فيه أبو الطيب بن غلبون فسماه محمدا، وتبعه على ذلك ابنه أبو الحسن ومن تبعهما ".
* * الكامل لابن عدي: 3 / 228 / ب، فهرست ابن النديم: 325، تاريخ بغداد: 10 / 117 111، طبقات الحنابلة: 1 / 192 190، الانساب: 86 / ب، المنتظم: 6 / 230 227، الكامل في التاريخ: 8 / 161، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد
الهادي: الورقة 127 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 740 737، العبر: 2 / 170، دول الاسلام: 1 / 192، ميزان الاعتدال: 2 / 493 492، البداية والنهاية: 11 / 164 163، طبقات القراء للجزري: 1 / 450، لسان الميزان: 3 / 341 338، النجوم الزاهرة: 3 / 226، طبقات الحفاظ: 313 312، شذرات الذهب: 2 / 276 275، الرسالة المستطرفة: 78.
(*)

(14/440)


شاهنشاه، الحافظ الامام الحجة المعمر، مسند العصر، أبو القاسم البغوي الاصل، البغدادي الدار والمولد.
منسوب إلى مدينة بغشور من مدائن إقليم خراسان، وهي على مسيرة بوم من هراة.
كان أبوه وعمه الحافظ علي بن عبد العزيز البغوي منها.
وهو أبو القاسم بن منيع نسبة إلى جده لامه الحافظ أبي جعفر أحمد ابن منيع البغوي الاصم، صاحب " المسند " ونزيل بغداد، ومن حدث عنه: مسلم، وأبو داود، وغيرهما.
ولد أبو القاسم يوم الاثنين أول يوم من شهر رمضان، سنة أربع عشرة ومئتين.
هكذا أملاه أبو القاسم على عبيد الله بن محمد بن حبابة البزاز، وأخبره أنه رآه بخط جده يعني أحمد بن منيع.
حرص عليه جده، وأسمعه في الصغر، بحيث إنه كتب بخطه إملاء، في ربيع الاول، سنة خمس وعشرين ومئتين، فكان سنه يومئذ عشر سنين ونصفا، ولا نعلم أحدا في ذلك العصر طلب الحديث وكتبه أصغر من أبي القاسم، فأدرك الاسانيد العالية، وحدثه جماعة عن صغار التابعين.
سمع من: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعلي بن الجعد،
وأبي نصر النمار، وخلف بن هشام البزار، وهدبة بن خالد، وشيبان بن فروخ، ومحمد بن عبد الواهب الحارثي، ويحيى بن عبدالحميد الحماني، وبشر بن الوليد الكندي، وعبيد الله بن محمد العيشي، وحاجب بن الوليد، وأبي الاحوص محمد بن حيان، البغوي، ومحرز بن عون، وسويد ابن سعيد، وداود بن عمرو الضبي، وداود بن رشيد، وأبي بكر بن شيبة، ومحمد بن حسان السمتي، وأبي الربيع الزهراني، وعبيد الله بن عمر

(14/441)


القواريري، ومحمد بن جعفر الوركاني، وهارون بن معروف، وسريج بن يونس، وأبي خيثمة، و عبد الجبار بن عاصم، ومحمد بن أبي سمينة، وجده أحمد بن منيع، ومصعب بن عبد الله الزبير، ومحمد بن بكار بن الريان، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعمرو بن محمد الناقد، والعلاء ابن موسى الباهلي، وطالوت بن عباد الصيرفي، ونعيم بن الهيصم، وقطن بن نسير الغبري، وكامل بن طلحة، وعبد الاعلى بن حماد، وعبيد الله بن معاذ، وإسحاق بن أبي إسرائيل المروزي، وعمار بن نصر، وخلق كثير، حتى إنه كتب عن أقرانه.
وصنف كتاب: " معجم الصحابة " وجوده، وكتاب: " الجعديات (1) " وأتقنه.
وكان علي بن الجعد أكبر شيخ له، وهو ثبت فيه، مكثر عنه.
حدث عنه: يحيى بن صاعد، وابن قانع، وأبو علي النيسابوري، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الشافعي، ودعلج السجزي، والطبراني، وأبو بكر الجعابي، وأبو علي بن السكن، وأبو بكر بن السني، وأبو أحمد حسينك النيسابوري، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بن المظفر، وأبو حفص بن الزيات، وأبو
عمر بن حيويه، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، وأبو حفص ابن شاهين، وأبو القاسم بن حبابة، وأبو بكر بن المهندس المصري، لقيه بمكة سنة عشر وثلاث مئة، وأبو الفتح القواس، وأبو عبد الله بن بطة، وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبو بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبو
__________
(1) الجعديات: هي اثنا عشر جزءا من جمع أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي لحديث شيخ بغداد أبي الحسن علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي مولاهم الجوهري، المتوفى سنة ثلاثين ومئتين، عن شيوخه مع تراجمهم وتراجم شيوخهم.
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 91.
(*)

(14/442)


القاسم عيسى بن علي الوزير، وأبو محمد عبدالرحمن بن أبي شريح الهروي، وأبو حفص الكتاني، وأبو طاهر المخلص، وأبو بكر بن المقرئ الاصبهاني، وأبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وأبو سليمان ابن زبر، وأبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي محدث الاهواز، والمعافى بن زكريا الجريري، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب بمصر خاتمة أصحابه، وخلق كثير إلى الغاية، وبقي حديثه عاليا بالاتصال إلى سنة خمس وثلاثين وست مئة عند أبي المنجا بن اللتي، وبعد ذلك بالاجازة العالية عند أبي الحسن بن المقير، ثم كان في الدور الآخر المعمر شهاب الدين أحمد بن أبي طالب الحجار، فكان خاتمة من روى حديثه عاليا بالسماع، بل وبالاجازة، كان بينه وبينه أربعة أنفس، نعم وبعده يمكن اليوم أن يسمع حديثه بعلو بثلاث إجازات متواليات، لا بل بإجازتين، فإن عجيبة الباقدارية (1) لها إجازة هبة الله بن الشبلي، والله أعلم.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بمصر، أخبرنا الفتح بن عبد الله
الكاتب، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور قال: حدثنا عيسى بن علي الوزير إملاء، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا زهير هو ابن معاوية، عن سماك، وزياد (2) بن علاقة، وحصين، كلهم عن جابر بن سمرة وضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يكون بعدي اثنا عشرا أميرا.
__________
(1) قال المؤلف في " العبر " 5 / 194: هي عجيبة بنت الحافظ محمد بن أبي غالب الباقداري البغدادية، سمعت من عبد الحق وعبد الله ابني منصور الموصلي، وهي آخر من روى بالاجازة عن مسعود الرستمي وجماعة.
توفيت في صفر سنة سبع وأربعين وست مئة عن ثلاث وتسعين سنة.
ولها مشيخة في عشرة أجزاء.
(2) في الاصل " يزيد " وهو خطأ.
(*)

(14/443)


ثم تكلم بشئ لم أفهمه، فسألت أبي وقال بعضهم في حديثه: فسألت القوم، فقالوا: قال: كلهم من قريش ".
هذا حديث صحيح (1) من العوالي لنا ولصاحب الترجمة.
أخبرنا أبو محمد عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد بقراءتي قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد بن الحسن، أخبرنا، علي بن أحمد بن البسري، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن حنبل، وعبيد الله بن عمر القواريري قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله ! إني شيخ كبير، شق علي القيام، فمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر.
فقال:
عليك بالسابعة " (2).
قال البغوي: لفظ أحمد بن حنبل، ولا أعلمه روى هذا الحديث بهذا الاسناد غير معاذ.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد المحسن العلوي بالثغر، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر المؤرخ، أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبيد الله بن الزاغواني (ح) وأخبرنا أبو المعالى أحمد بن أبي محمد الزاهد: أخبرنا شيخنا أبو حفص عمر بن محمد السهروردي، أخبرنا أبو المظفر هبة الله بن أحمد القصار قالا: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبدالرحمن الذهبي، وقال
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 181، ومسلم (1821) والترمذي (2224) وأحمد في " مسنده " 5 / 87، و 90، و 92، و 95، و 97، و 99، و 101، و 107، و 108.
(2) إسناده صحيح، وهو في " المسند " 1 / 240.
(*)

(14/444)


الشيخ رشيد الدين أحمد بن مسلمة: أنبأنا أبو الفتح بن البطي، عن أبي نصر الزينبي، أخبرنا الذهبي، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سغيد، عن شعبة، أخبرني أبو جمرة، سمعت ابن عباس يقول: قدم وفد عبدالقيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالايمان بالله قال: " تدرون ما الايمان بالله ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم ".
متفق على ثبوته (1)، أخرجه أبو داود عن الامام أحمد.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد اليونيني (2)، وأبو العباس أحمد
__________
(1) هو في " المسند " 1 / 228، وأخرجه البخاري: 1 / 120، 125 في الايمان:
باب أداء الخمس من الايمان، وفي العلم: باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبدالقيس على أن يحفظوا الايمان والعلم ويخبروا من وراءهم، وفي مواقيت الصلاة: باب قول الله تعالى (منيبين إليه واتقوه) وفي الزكاة: باب وجوب الزكاة، وفي الجهاد: باب أداء الخمس من الدين، وفي الانبياء: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، وفي الادب: باب قول الرجل مرحبا، وفي خبر الواحد: باب وصاة النبي صلى الله عليه وسلم وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم، وفي التوحيد: باب قول الله تعالى (والله خلقكم وما تعملون).
ومسلم (17) في الايمان: باب الامر بالايمان بالله تعالى، وفي الاشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت، وأبو داود (3692) في الاشربة: باب في الاوعية، و (4677) في السنة: باب في رد الارجاء، والنسائي: 8 / 323 في الاشربة: باب الاخبار التي اعتل بها من أباح شراب المسكر، وباب خليط البلح والزهو، وباب خليط البسر والتمر، وباب ذكر الدلالة على النهي للموصوف من الاوعية، والترمذي (2611) في الايمان: باب ما جاء في إضافة الفرائض إلى الايمان.
(2) هو علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد ابن محمد بن محمد الامام المحدث، الفقيه الاوحد، بقية السلف، شرف الدين أبو الحسين بن الامام الرباني الفقيه أبي عبد الله اليونيني الحنبلي.
قال الذهبي: شيخنا ومفيدنا، ولد في رجب سنة إحدى وعشرين وستمئة، وسمع من البهاء عبدالرحمن حضورا، ومن ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، وعبد الواحد بن أبي المضاء، وابن رواج وخلق سواهم بمصر والشام، واستنسخ صحيح البخاري، وحرره، حدثني أنه قابله في سنة واحدة، وأسمعه إحدى عشرة مرة، وروى الكثير.
وكان شيخا مهيبا منورا، حلو المجالسة، = (*)

(14/445)


ابن محمد الحلبي، ومحمد بن إبراهيم النحوي، وسليمان بن قدامة الحاكم، وأخوه داود، وعبد المنعم بن عبد اللطيف، وعبد الرحمن بن عمر، وعيسى بن أبي محمد، وعبد الحميد بن أحمد، وإبراهيم بن
صدقة، وعيسى بن حمد قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر (ح) وأخبرنا أحمد بن إسحاق الابرقوهي، أخبرنا زكريا بن حسان قالا: أخبرنا أبو الوقت السجزي أخبرتنا أم الفضل بيبي بنت عبد الصمد، أخبرنا عبدالرحمن بن أحمد بن محمد الانصاري، أخبرنا عبد الله محمد البغوي، حدثنا مصعب بن عبد الله، حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الولاء لمن أعتق " (1).
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبدالرحمن الحسيني، وأحمد بن
__________
= كثير الافادة، قوي المشاركة في العلوم، حسن البشر، مليح التواضع، أكثرت عنه ببعلبك، وبدمشق توفي سنة 107 ه.
معجم الشيوخ الورقة 99 / 2.
ونسخة اليونيني من صحيح البخاري هي أعظم أصل يوثق به، ويطمأن إليه، فإنه رحمه الله قد عقد مجالس في دمشق لاسماع صحيح البخاري بحضرة النحوي الكبير ابن مالك الطائي، ويحضره جماعة من الفضلاء، وجمع منه أصولا معتمدة، وكان اليونيني في هذه المجالس شيخا قارئا مسمعا، وكان ابن مالك وهو أكبر منه بأكثر من عشرين سنة تلميذا، سامعا، راويا.
هذا من جهة الرواية والسماع على عادة العلماء السابقين الصالحين في التلقي عن الشيوخ الثقات الاثبات، وإن كان السامع أكبر من الشيخ.
وكان اليونيني في هذه المجالس نفسها تلميذا مستفيدا من ابن مالك فيما يتعلق بضبط ألفاظ الكتاب من جهة العربية والتوجيه والتصحيح.
والاصول المعتمدة التي قابل عليها الحافظ اليونيني ومن معه قد بينها هو في ثبت السماع الذي نقله القسطلاني في شرحه، ونقله عنه مصححو الطبعة السلطانية التي طبعت بمصر في سنتي 1313 1311 ه.
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 2 / 586 في الطلاق: باب ما جاء في الخيار، والبخاري: 5 / 138 في العتق: باب ما يجوز من شروط المكاتب، ومسلم (1504) في
العتق: باب إنما الولاء لمن أعتق.
(*)

(14/446)


محمد الحافظ قالا: أخبرنا أبوالمنجا عبد الله بن عمر الحريمي، أخبرنا عبد الاول بن عيسى، أخبرنا أبو منصور عبدالرحمن بن محمد البوشنجي، أخبرنا عبدالرحمن بن أحمد الهروي، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر قال: سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان ابن أبي عياش خمس مئة حديث أو ذكر أكثر (1) فأخبرني حمزة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فعرضتها عليه، فما عرف منها إلا اليسير، خمسة أو سبة أحاديث، فتركت الحديث عنه.
أخرجها مسلم في مقدمة صحيحه (2)، عن سويد، فوافقناه بعلو.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن بقاء، وجماعة قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك، وعبد الله بن عمر، وأخبرنا علي بن عثمان، وجماعة قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك، وأخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا موسى بن عبد القادر، وأخبرنا أحمد بن بيان الديرمقري، وخلق، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، وأخبرنا أحمد بن المؤيد، أخبرنا عبد اللطيف بن عسكر، ونفيس بن كرم، وحسن بن أبي بكر اليمني قالوا جميعا: أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا محمد بن أبي مسعود، أخبرنا عبدالرحمن بن أبي شريح، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا العلاء بن موسى الباهلي، حدثنا الليت، عن نافع، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ".
__________
(1) رواية مسلم: " نحوا من ألف حديث ".
(2) 1 / 25: باب بيان أن الاسناد من الدين، وأن الرواية لا تكون إلا عن
الثقات..(*)

(14/447)


هذا حديث صحيح متفق عليه (1)، وإسناده كالشمس وضوحا.
قال الحافظ أحمد بن عبدالرحمن الشيرازي: سمعت أحمد بن يعقوب الاموي يقول: سمعت ابن منيع يقول: رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام، إلا أني لم أسمع منه شيئا، وشهدت جنازته في سنة أربع وعشرين ومئتين.
قلت: الاموي كذبه أبو بكر البيهقي.
وقال أبو بكر بن شاذان: سمعت البغوي يقول: ولدت سنة ثلاث عشرة ومئتين.
قال الخطيب: وقال ابن شاهين: سمعته يقول: ولدت سنة أربع عشرة.
قال الخطيب: وابن شاهين أتقن.
قال ابن شاهين: وسمعته يقول: أول ما كتبت الحديث سنة خمس وعشرين، عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني.
قال أبو محمد الرامهرمزي: لا يعرف في الاسلام محدث وازى البغوي في قدم السماع.
قلت: أما إلى وقته فنعم، وأما بعده، فاتفق ذلك لطائفة منهم: عبد الواحد الزبيري مسند ما وراء النهر ولابي علي الحداد، وبالامس لابي العباس بن الشحنة.
قال أبو أحمد الحاكم: قال لي البغوي: ما خبر شيخكم ذاك ؟ قلت: عن أي الشيخين تسأل ؟ قال: الذي يحدث عن قتيبة يعني أبا العباس السراج قلت، خلفته حيا، قال: كم عنده عن قتيبة ؟ قلت:
__________
(1) هو في " الموطأ " 2 / 467 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها، والبخاري: 6 / 40 في الجهاد: باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ومسلم
(1873) في الامارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي: 6 / 222 221 في الخيل: باب فتل ناصية الفرس.
(*)

(14/448)


جملة.
قال: كم عنده عن إسحاق بن راهويه ؟ قلت: كثير.
قال: عمن كتب من مشايخنا ؟ ففكرت قلت: إن ذكرت له شيخا كتب عنه يزري به قلت: كتب عن محمد بن إسحاق المسيبي، ومحفوظ بن أبي توبة، وعيسى ابن مساور الجوهري، قال: أي سنة دخل بغداد، قلت: سنة أربع وثلاثين ومئتين أظن، فاهتز لذاك وقال: أمرت أن يثبت لي أسماء مشايخي الدين لا يحدث عنهم غيري اليوم، فبلغوا سبعة وثمانين شيخا.
قال الحاكم: وكان إذ ذاك ببغداد الباغندي، وأبو الليث الفرائضي، والحسين بن محمد بن عفير، وعلي بن المبارك المسروري، وغيرهم.
قلت: عاش البغوي بعد قوله ستة أعوام، وتفرد عن خلق سوى من ذكر.
وقيل: إنه لم يرو عن يحيى بن معين غير قوله: لما خرج من عند يحيى بن عبدالحميد، فقلنا: ما تقول في الرجل ؟ فقال: الثقة وابن الثقة.
قال أحمد بن عبدان الحافظ: سمعت أبا القاسم البغوي يقول: كنت يوما ضيق الصدر، فخرجت إلى الشط، وقعدت وفي يدي جزء عن يحيى بن معين أنظر فيه، فإذا بموسى بن هارون، فقال لي: أيش معك ؟ قلت: جزء عن ابن معين، فأخذه من يدي، فرماه في دجلة وقال: تريد أن تجمع بين أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني ! قلت: بئس ما صنع موسى ! عفا الله عنه.
وروينا عن البغوي قال: حضرت مع عمي مجلس عاصم بن علي.
أخبرنا أبو الغنائم القيسي، ومؤمل بن محمد، ويوسف الشيباني إجازة قالوا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا

(14/449)


أبو بكر الحافظ قال: حدثنا علي بن أبي علي المعدل، حدثنا علي بن الحسن بن جعفر البزاز، حدثني البغوي قال: كنت أورق، فسألت جدي أحمد بن منيع أن يمضي معي إلى سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي، يسأله أن يعطيني الجزء الاول من المغازي، عن أبيه، حتى أو رقه عليه، فجاء معي، وسأله، فأعطاني، فأخذته وطفت به، فأول ما بدأت بأبي عبد الله ابن مغلس، أريته الكتاب، وأعلمته أني أريد أن أقرأ المغازي على الاموي، فدفع إلي عشرين دينارا وقال: اكتب لي منه نسخة.
ثم طفت بعده بقية يومي، فلم أزل آخذ من عشرين دينارا وإلى عشرة دنانير [ وأكثر ] وأقل إلى أن حصل معي في ذلك اليوم مئتا دينار، فكتبت نسخا لاصحابها بشئ يسير، وقرأتها لهم، واستفضلت الباقي.
وبه: إلى الحافظ أبي بكر: حدثني أبو الوليد الدربندري: سمعت عبدان بن أحمد الخطيب سبط أحمد بن عبدان الشيرازي سمعت جدي يقول: اجتاز أبو القاسم البغوي بنهر طابق (1) على باب مسجد، فسمع صوت مستمل، فقال: من هذا ؟ فقالوا: ابن صاعد.
قال: ذاك الصبي ؟ قالوا: نعم.
قال: والله لا أبرح حتى أملي هاهنا.
فصعد دكة وجلس، ورآه أصحاب الحديث، فقاموا وتركوا ابن صاعد.
ثم قال: حدثنا أحمد بن حنبل قبل أن يولد المحدثون، وحدثنا طالوت قبل أن يولد المحدثون، وحدثنا أبو نصر التمار.
فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر
شيخا، ما بقي من يروي عنهم سواه (2).
__________
(1) محلة كانت في الجانب الغربي من بغداد، قرب نهر القلائين، أحرقت سنة 488 ه وصارت تلولا.
انظر " معجم البلدان " 5 / 321.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 114.
(*)

(14/450)


وبه: أخبرنا أحمد بن أحمد بن محمد القصري، سمعت أبا زيد الحسين بن الحسن بن عامر الكوفي يقول: قدم البغوي إلى الكوفة، فاجتمعنا مع ابن عقدة إليه لنسمع منه، فسألنا عنه، فقالت الجارية: قد أكل سمكا، وشرب فقاعا (1)، ونام، فعجب ابن عقدة من ذلك لكبر سنه، ثم أذن لنا، فدخلنا، فقال: يا أبا العباس ! حدثتني أختي أنها كانت نازلة في بني جمان، وكان في الموضع طحان، فكان يقول لغلامه: اصمد أبا بكر.
فيصمد البغل إلى أن يذهب بعض الليل، ثم يقول: اصمد عمر.
فيصمد الآخر.
فقال له ابن عقدة: يا أبا القاسم: لا تحملك عصبيتك لاحمد بن حنبل أن تقول في أهل الكوفة ما ليس فيهم، ما روي: " خير هذه الامة، بعد نبيها، أبو بكر وعمر " (2) عن علي إلا أهل الكوفة، ولكن أهل المدينة رووا: " أن عليا لم يبايع أبا بكر إلا بعد ستة أشهر " (3).
فقال له أبو القاسم: " يا أبا العباس ! لا تحملك عصبيتك لاهل الكوفة على أن تتقول على أهل المدينة.
ثم بعد ذلك أخرج الكتب، وانبسط، وحدثنا (4).
__________
(1) الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي به لما يعلوه من الزبد.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 10 / 26، وأخرج البخاري: 7 / 26 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، وأبو داود (4629) في السنة: باب في
التفضيل، من طريق محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا جامع بن راشد، حدثنا أبو يعلى، عن محمد بن الحنفية قال: قلت لابي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من ؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت ؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
وأخرجه ابن ماجه (106) في المقدمة، من طريق علي بن محمد: حدثنا وكيع، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: " سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وخير الناس بعد أبي بكر عمر ".
(3) الخبر في تاريخ بغداد 10 / 114، وانظر صحيح مسلم (1759) في الجهاد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا صدقة.
(4) " تاريخ بغداد " 10 / 115 114.
(*)

(14/451)


وبه: حدثني علي بن محمد: سمعت حمزة بن يوسف، سمعت أبا الحسين يعقوب الاردبيلي يقول: سألت أحمد بن طاهر، قلت: أيش كان موسى بن هارون يقول في ابن بنت منيع ؟ فقال: أيش كان يقول ابن بنت منيع في موسى بن هارون ؟ قلت: كيف هذا ؟ قال: لانه كان يرضى منه رأسا برأس.
قال الخطيب (1): المحفوظ عن موسى توثيق البغوي، وثناؤه عليه، ومدحه له.
قال عمر بن الحسن الاشناني: سألت موسى بن هارون عن البغوي، فقال: ثقة صدوق، لو جاز لانسان أن يقال له: فوق الثقة، لقيل له.
قلت: يا أبان عمران ! إن هؤلاء يتكلمون فيه ؟ فقال: يحسدونه، سمع من ابن عائشة ولم نسمع.
ابن منيع لا يقول إلا الحق.
وبه: إلى أبي بكر: حدثني العلاء بن أبي المغيرة الاندلسي، أخبرنا علي بن بقاء، أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: سألت أبا بكر محمد
ابن علي النقاش: تحفظ شيئا مما أخذ على ابن بنت منيع ؟ فقال: غلط في حديث عن محمد بن عبد الواهب، عن أبي (2) شهاب، عن أبي إشحاق الشيباني، عن نافع، عن ابن عمر.
حدث به عن ابن عبد الواهب، وإنما سمعه من إبراهيم بن هانئ عنه، فأخذه عبدالحميد الوراق بلسانه، ودار على أصحاب الحديث، فبلغ ذلك أبا القاسم، فخرج إلينا يوما، فعرفنا أنه غلط فيه، وأنه أراد أن يكتب: [ حدثنا ] إبراهيم بن هانئ، فمرت يده.
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 115.
(2) في " تاريخ بغداد " 10 / 115 ابن شهاب، وهو خطأ، واسم أبي شهاب عبد ربه بن نافع.
(*)

(14/452)


قلت: هذه الحكاية تدل على تثبت أبي القاسم وورعه، وإلا فلو كاشر ورواه عن محمد بن عبد الواهب شيخه على سبيل التدليس من كان يمنعه ؟ ! ثم قال النقاش: ورأيت فيه الانكسار والغم، وكان ثقة.
قلت: متن الحديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتناجى اثنان دون الثالث إذا كانوا جميعا " (1).
ورواه أبو العباس السراج: أخبرنا إبراهيم بن هانئ.
فذكره.
وقال الاردبيلي: سئل ابن أبي حاتم عن أبي القاسم البغوي: أيدخل في الصحيح ؟ قال: نعم.
وقال حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان عن البغوي، فقال: لا شك أنه يدخل في الصحيح.
وبه قال أبو بكر: حدثنا حمزة بن محمد الدقاق: سمعت الدارقطني يقول: كان أبو القاسم بن منيع قل ما يتكلم على الحديث، فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن البغوي، فقال: ثقة جبل، إمام من الائمة ثبت، أقل المشايخ خطأ، وكلامه في
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 116، والحديث أخرجه من طريق نافع، عن ابن عمر: مالك في " الموطأ " 3 / 152 151، والبخاري: 11 / 68 في الاستئذان: باب لا يتناجى اثنان دون الثالث، ومسلم (2183) في السلام: باب تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث، وأحمد: 2 / 32، و 121، و 123، و 126، و 141.
وأخرجه مالك: 3 / 151، وأحمد: 2 / 9، و 73، و 79، وابن ماجه (3776) من طريقين عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.
وأخرجه أحمد: 2 / 141، وأبو داود (4852) من طريق الاعمش، عن أبي صالح، عن ابن عمر.
(*)

(14/453)


الحديث أحسن من كلام ابن صاعد.
ابن الطيوري: سمعت ابن المذهب، سمعت ابن شاهين، سمعت البغوي، وقال له مستمليه: أرجو أن أستملي عليك سنة عشرين وثلاث مئة، قال: قد ضيقت علي عمري، أنا رأيت رجلا في الحرم له مئة وست وثلاثون سنة يقول: رأيت الحسن وابن سيرين، أو كما قال.
قلت: كان يسر البغوي أن لو قال له مستمليه: أرجو أن أستملي عليك سنة خمسين وثلاث مئة.
قال أبو أحمد بن عدي في " الكامل " (1) له: كان أبو القاسم صاحب حديث، وكان وراقا من ابتداء أمره، يورق على جده وعمه وغيرهما،
وكان يبيع أصل نفسه كل وقت.
ووافيت العراق سنة سبع وتسعين ومئتين، وأهل العلم والمشايخ منهم مجتمعون على ضعفه، وكانوا زاهدين في حضور مجلسه، وما رأيت مجلسه قط في ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء، بعد أن يسأل بنوه الغرباء مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم، فيقرأ عليهم لفظا.
قال: وكان مجانهم يقولون: في دار ابن منيع سحرة تحمل داود بن عمر الضبي من كثرة ما يروي عنه، وما علمت أحدا حدث عن علي بن الجعد أكثر مما حدث هو.
قال: وسمعه قاسم المطرز يقول: حدثنا عبيد الله العيشي، فقال: في حر أم من يكذب.
وتكلم فيه قوم، ونسبوه إلى الكذب عند عبدالحميد الوراق، فقال: هو أنعش من أن يكذب يعني ما يحسن، قال: وكان بذئ اللسان، يتكلم في الثقات، سمعته يقول يوم مات محمد بن يحيى المروزي: أنا قد ذهب بي
__________
(1) 3 / 228 / ب.
(*)

(14/454)


عمي إلى أبي عبيد، وعاصم بن علي، وسمعت منهما.
قال: ولما مات أصحابه احتمله الناس، واجتمعوا عليه، ونفق عندهم، ومع نفاقه وإسناده كان مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه.
قلت: قد أسرف ابن عدي وبالغ، ولم يقدر أن يخرج له حديثا غلط فيه، سوى حديثين، وهذا مما يقضي له بالحفظ والاتقان، لانه روى أزيد من مئة ألف حديث لم يهم في شئ منها، ثم عطل وأنصف، وقال: وأبو القاسم كان معه طرف من معرفة الحديث، ومن معرفة التصانيف، وطال عمره، واحتاجوا إليه، وقبله الناس، ولولا أني شرطت أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته يعني في الكامل وإلا كنت لا أذكره.
قال أبو يعلى الخليلي: أبو القاسم البغوي من العلماء المعمرين، سمع داود بن رشيد، والحكم بن موسى، وطالوت بن عباد، وابني أبي شيبة.
إلى أن قال: وعنده مئة شيخ لم يشاركه أحد فيهم، في آخر عمره لم ينزل إلى الشيوخ.
قال: وهو حافظ عارف، صنف مسند عمه علي بن عبد العزيز، وقد حسدوه في آخر عمره، فتكلموا فيه بشئ لا يقدح فيه، وقد سمعت عبدالرحمن بن محمد يقول: سمعت أبا أحمد الحاكم، سمعت البغوي يقول: ورقت لالف شيخ.
قال أحمد بن علي السليماني الحافظ: البغوي يتهم بسرقة الحديث.
قلت: هذا القول مردود، وما يتهم أبا القاسم أحد يدري ما يقول، بل هو ثقة مطلقا.
قال إسماعيل بن علي الخطبي: مات أبو القاسم البغوي الوراق ليلة الفطر من سنة سبع عشرة وثلاث مئة، ودفن يوم الفطر، وقد استكمل مئة

(14/455)


سنة وثلاث سنين وشهرا واحدا.
قال الخطيب (1): ودفن في مقبرة باب التبن، رحمه الله.
قلت: قد سمعوا عليه يوم وفاته، فذكر محمد بن أبي شريح في غالب ظني قال: كنا نسمع على البغوي ورأسه بين ركبتيه، فرفع رأسه وقال: كأني بهم يقولون: مات أبو القاسم البغوي، ولا يقولون: مات مسند الدنيا.
ثم مات عقيب ذلك أو يومئذ، رحمه الله.
قلت: وهو من الذين جاوزوا المئة بيقين كالطبراني والسلفي، وقد أفردتهم في جزء (2) ختمته بالشيخ شهاب الدين الحجار.
ومات مع البغوي في سنة سبع عشرة أبو حامد أحمد بن جعفر الاشعري الاصبهاني، وشيخ الحنفية أبو سعيد أحمد بن الحسين البرذعي ببغداد، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص الحيري النيسابوري، وحرمي بن أبي العلاء المكي ببغداد، والقاضي أبو القاسم بدر الدين بن الهيثم بن خلف الكوفي، ومسند أصبهان أبو علي الحسن بن محمد بن دكة الفرضي.
وشيخ الشافعية الزبير بن أحمد بن سليمان البصري الزبيري، ومحدث مصر أبو الحسن علي بن أحمد بن سليمان بن الصيقل علان، والثقة أبو العباس الفضل بن أحمد بن منصور الزبيدي صاحب أحمد بن حنبل والحافظ أبو الحسن محمد بن أحمد ابن زهير الطوسي، والحافط الشهيد أبو الفضل محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن عمار الهروي بمكة، ومسند مصر أبو بكر محمد بن
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 117.
(2) واسمه: " أهل المئة فصاعدا " وقد حققه الدكتور " بشار عواد " ونشره سنة 1973 في مجلة " المورد " البغدادية، المجلد الثاني، العدد الرابع، من ص 107 إلى ص 143.
(*)

(14/456)


زيان بن حبيب الحضرمي، والزاهد الواعظ أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي خاتمة أصحاب قتيبة بن سعيد.

248 - أبو صخرة * المحدث الصدوق، أبو صخرة، عبدالرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن هلال، أبو محمد السامي القرشي، ولقبه: أبو صخرة الكاتب، من المعمرين ببغداد.
سمع من: علي بن المديني، وإبراهيم بن عبد الله الهروي،
ومحمد بن سليمان لوين، ويحيى بن أكثم.
روى عنه: ابن المظفر، وأبو بكر الوراق، وعلي بن عمر الحربي.
وقد كتب عنه من القدماء يحيى بن صاعد.
وثقه الخطيب.
توفي في شوال سنة عشر وثلاث مئة.

249 - عيسى * * المحدث عيسى بن سليمان بن عبدالملك القرشي، وراق داود بن رشيد.
يروي عنه، وعن أحمد بن إبراهيم الموصلي، وأحمد بن منيع.
وعنه: أبو القاسم بن النخاس، ومحمد بن المظفر، وعلي بن عمر
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 286 285، المنتظم: 6 / 169.
* * تاريخ بغداد: 11 / 175 174، المنتظم: 6 / 169.
(*)

(14/457)


الحربي، ومحمد بن الشخير.
وكان ثقة.
مات في شعبان سنة عشر وثلاث مئة.

250 - الطيالسي * المحدث المعمر، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي الطيالسي، نزيل قرميسين (1).
حدث عن: يحيى بن معين، وإبراهيم بن موسى الفراء، وأبي مصعب، والقواريري، وعلي بن حكيم الاودي، ومحمد بن حميد، وأحمد بن حنبل، وهارون الحمال، وعدة.
وعنه: أبو بكر الجعابي، وأحمد بن محمد الهمذاني المقرئ، وجعفر الخلدي، وأحمد بن إسحاق الحلبي والد علي، وأبو أحمد الحاكم، وقال: هو ضعيف لو اقتصر على سماعه.
وقال الدارقطني: متروك الحديث.
وقال صالح بن أحمد: سمعت أحمد بن عبيد يقول: تكلموا فيه، وكان فهما مسنا.
قلت: عاش إلى سنة ثلاث عشرة.
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 407 404، الانساب: 375 / أ، المنتظم: 6 / 204 203، العبر: 2 / 157، ميزان الاعتدال: 3 / 448، المغني في الضعفاء: 2 / 546، لسان الميزان: 5 / 23 22، شذرات الذهب: 2 / 268.
(1) قال ياقوت في " معجم البلدان " 4 / 330: " قرميسين: تعريب كرمان شاهان، بلد معروف، بينه وبين همذان ثلاثون فرسخا قرب الدينور، وهي بين همذان وحلوان على جادة الحاج ".
(*)

(14/458)


أنبأنا ابن البخاري: أخبرنا ابن الحرستاني، أخبرنا عبد الكريم بن حمزة، أخبرنا الكتاني، حدثنا تمام، حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن زياد بحلب، حدثنا أحمد بن حنبل (1)، حدثنا عبدالرحمن بن غزوان، حدثنا الليث، حدثنا مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: " أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لي مملوكين يخونوني ويضربونني ويكذبونني، فأسبهم وأضربهم، فأين أنا منهم ؟ قال: ينظر في عقابك وذنوبهم، فإن كان عقابك دون ذنوبهم كان لك الفضل عليهم، وإلا اقتص منك.
فبكى.
فقال: أما تقرأ: (ونضع
الموازين القسط) [ الانبياء: 47 ].
هذا منكر جدا (2).
أخبرنا محمد بن عبد السلام: أنبأتنا زينب الشعرية، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا أبو أحمد الحافظ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن زياد، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا الدراوردي، عن عبيد
__________
(1) هو في " المسند " 6 / 281 280 بهذ السند، وأخرجه الترمذي (3165) في تفسير سورة الانبياء، من طريق مجاهد بن موسى، والفضل بن سهل الاعرج، وغير واحد، قالوا: حدثنا عبدالرحمن بن غزوان قراد وقال الترمذي: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبدالرحمن بن غزوان ".
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 320 319 وزاد نسبته إلى ابن جرير في " تهذيبه " وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في " شعب الايمان ".
(2) في " ميزان الاعتدال " للمؤلف: 2 / 581 في ترجمة عبدالرحمن بن غزوان قراد: سئل أحمد بن صالح عن حديثه هذا فقال: هذا حديث موضوع.
وقال أبو أحمد الحاكم: روى عن الليث حديثا منكرا.
وقال ابن حيان: كان يخطئ، يتخالج في القلب منه لروايته عن الليث، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قصة المماليك.
وقال الحافظ ابن حجر في " مقدمة فتح الباري ": أخطأ في سنده، وإنما رواه عن الليث، عن زياد بن عجلان، عن زياد مولى ابن عباس مرسلا، بينه الدارقطني في غرائب = (*)

(14/459)


الله، عن نافع، عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى وهو بالعقيق، فقيل: إنك بواد مبارك " (1).
__________
= مالك، والحاكم أبو أحمد في " الكنى " وغير واحد.
وقال الخليلي: قراد قديم، ينفرد عن الليث بحديث لا يتابع عليه يعني هذا الحديث.
(1) إسناده ضعيف لضعف المترجم، وأخرجه البخاري: 3 / 310 في الحج: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العيق واد مبارك، وأبو داود (1800) وأحمد: 1 / 24 من طرق عن الاوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني عكرمة: أنه سمع ابن عباس يقول: سمع عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: " أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة ".
(*)

(14/460)


الطبقة الثامنة عشر
251 - الذهبي * الحافظ العالم الجوال، أبو بكر، أحمد بن محمد بن حسن بن أبي حمزة البلخي ثم النيسابوري.
حدث عن: أبي حفص الفلاس، ومحمد بن بشار، وحجاج بن الشاعر، وسلم بن جنادة، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن سعيد الدارمي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو علي الحافظ، ومحمد بن جعفر البستي، وأبو بكر الاسماعيلي، ومحمد بن عبد الله القزاز، وأبو أحمد بن الغطريف، وأبو محمد المخلدي، وآخرون.
لكنه مطعون فيه.
قال الاسماعيلي: كان مستهترا بالشرب (1).
وقال الحاكم: وقع إلي من كتبه وفيها عجائب.
وكان أبو علي سئ الرأي فيه.
__________
* تاريخ جرجان: 36، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 137 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 801 800، ميزان الاعتدال: 1 / 134، لسان الميزان: 1 / 260، طبقات الحفاظ: 334.
(1) في اللسان: " فلان مستهتر بالشراب: أي مولع به، لا يبالي ما قيل فيه ".
(*)

(14/461)


قال الحاكم: توفي سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا أحمد بن سهل المساجدي (ح) وأخبرنا أحمد بعن القاسم بن عبد الله، أخبرنا وجيه بن طاهر، وأخبرنا عن زينب الشعرية: أن محمد بن منصور الحرضي أخبرها ووجيها أيضا قالوا: أخبرنا يعقوب بن أحمد، أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي، أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي حمزة البلخي، حدثنا موسى بن الحكم الشطوي، حدثنا حفص بن غياث، عن طلحة بن يحيى، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة صبي من الانصار، فقالت عائشة: طبى له: عصفور من عصافير الجنة، قال: " وما يدريك يا عائشة ! إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا، وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا، وهم في أصلاب آبائهم ".
رواه جماعة عن طلحة، وهو مما ينكر من حديثه، لكن أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة (1).

252 - ابن سابور * الشيخ الامام الثقة المحدث، أبو العباس، أحمد بن عبد الله بن سابور البغدادي الدقاق.
سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، ونصر ابن علي الجهضمي، وعدة.
__________
(1) أخرجه مسلم (2662) في القدر: باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وأبو داود (4713) في السنة: باب في ذراري المشركين، والنسائي: 4 / 57 في الجنائز: باب
الصلاة على الصبيان، وابن ماجه (82) في المقدمة.
* تاريخ بغداد: 4 / 225، العبر: 2 / 155، شذرات الذهب: 2 / 266.
(*)

(14/462)


حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، والقاضي أبو بكر الابهري، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
نقل الخطيب توثيقه، وأنه توفي في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة.

253 - العسكري * الامام المحدث الرحال، أبو الحسن، علي بن سعيد بن عبد الله العسكري، نزيل الري.
حدث عن: عمرو بن علي الصيرفي، ومحمد بن المثنى، ويعقوب الدورقي، والزبير بن بكار، وطبقتهم.
روى عنه: أبو الشيخ، وأبو بكر القباب، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو عمرو بن مطر، وآخرون.
ومن تآليفه كتاب: " السرائر "، وغير ذلك.
توفي سنة خمس وثلاث مئة، وقيل: توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة بالري.
وآخر من حدث عنه وفاة مأمون الرازي.
قال ابن مردويه في " تاريخه ": كان العسكري من الثقات، يحفظ ويصنف.
__________
* الانساب: 391 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 749، طبقات الحفاظ: 315، شذرات الذهب: 2 / 246،
الرسالة المستطرفة: 55.
(*)

(14/463)


وقال الشيرازي في " الالقاب ": كان العسكري يقال له: شقير الحافظ.
وقال الحاكم أبو عبد الله: كان أحد الجوالين، كثير التصنيف، أقام بنيسابور على تجارة له مدة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر ابن طاهر، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا محمد بن أحمد الزاهد، أخبرنا علي بن سعيد العسكري، حدثنا الحسين بن الحسن بن حماد، حدثتني جدتي بانة بنت بهز بن حكيم، عن أبيها، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة غفر الله له سائر عمله ".
حديث منكر، وبانة مجهولة (1).

254 - أبو لبيد * الامام المحدث الرحال الصادق، أبو لبيد، محمد بن إدريس إياس السامي السرخسي.
سمع سويد بن سعيد، وأبا مصعب الزهري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وهناد بن السري، ومحمود بن غيلان، وأبا كريب، وطبقتهم.
وعمر دهرا، ورحل الناس إليه.
حدث عنه: إمام الائمة ابن خزيمة، وأحمد بن سلمة الحافظ،
__________
(1) في " الاستدراك " لابن نقطة: ان بانة هذه روت عن أخيها عبدالملك بن بهز، وروى عنها الحسين بن الحسن بن حماد، وهشام بن علي السيرافي، وأبوبهز الصقر بن عبد الرحمن بن بنت مالك بن مغول، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 782، ونسبه للديلمي.
* العبر: 2 / 157، الوافي بالوفيات: 2 / 181، النجوم الزاهرة: 3 / 215.
(*)

(14/464)


وإبراهيم بن محمد الهروي الوراق، واهر بن أحمد السرخسي، وأبو سعيد محمد بن بشر الكرابيسي البصري، وآخرون.
مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، وله نيف وتسعون سنة، رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا أبو روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا محمد بن بشر التميمي، أخبرنا أبو لبيد السامي، حدثنا سويد بن سعيد، أخبرنا علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس الثقفي قال: دخلت على عنبسة بن أبي سفيان وهو في الموت، فحدثني قال: حدثتني أم حبيبة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة تطوعا بني له بهن بيت في الجنة ".
قالت: فو الله: ما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال عنبسة: وأنا والله ما تركتهن.
وقال عمرو مثل ذلك، وقال النعمان مثل ذلك.
أخرجه مسلم (1) عن ابن نمير، عن أبي خالد الاحمر، عن داود بن أبي هند.

255 - الفرائضي * الامام العلامة المحدث المقرئ، أبو الليث، نصر بن القاسم بن
__________
(1) برقم (728) في صلاة المسافرين: باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وأبو داود (1250) في الصلاة: باب تفريع أبواب التطوع، والترمذي (415) في الصلاة: باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة، والنسائي: 3 / 261 في قيام الليل: باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة، وابن ماجه (1141)
في إقامة الصلاة: باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة.
* تاريخ بغداد: 13 / 295، الانساب: 421 / ب، المنتظم: 6 / 204، العبر: 2 / 160، البداية والنهاية: 11 / 154، طبقات القراء للجزري: 2 / 338، النجوم الزاهرة: 3 / 216، شذرات الذهب: 2 / 269.
(*)

(14/465)


نصر البغدادي الفقيه الفرائضي.
سمع عبدالاعلى بن حماد النرسي، وسريج بن يونس، وعبيد الله القواريري، وأبا بكر بن أبي شيبة، وعدة.
وكان بصيرا بحرف أبي عمرو بن العلاء، إماما في الفقه، كبير الشأن.
حدث عنه: أبو الحسين بن البواب، وأبو الفضل عبيد الله الزهري، وأبو حفص بن شاهين، وجماعة.
وقد وثق.
مات سنة أربع عشرة وثلاث مئة.

أخوه: المحدث الثقة، أبو بكر:
256 - أحمد بن القاسم * أخو أبي الليث.
سمع محمد بن سليمان لوينا، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأبا همام، والحسن بن حماد سجادة.
حدث عنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو حفص الكتاني.
وثقه الخطيب.
وعاش ثمانيا وتسعين سنة.
مات سنة عشرين وثلاث مئة في ذي
الحجة.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 352، العبر: 2 / 181، شذرات الذهب: 2 / 285.
(*)

(14/466)


ومات مع أبي الليث: الحسن بن دكة الاصبهاني، والقاضي أبو ذر محمد بن محمد بن يوسف البخاري، وإسحاق بن إبراهيم بن الخليل الجلاب، ومحمود بن عنبر النسفي، ومحمد بن محمد بن الاشعث الكوفي بمصر، ومحمد بن عمر بن لبابة الاندلسي، وأحمد بن محمد البلخي الذهبي.

257 - الجريري * شيخ الصوفية، أبو محمد الجريري الزاهد.
قيل: اسمه أحمد بن محمد بن حسين.
وقيل: عبد الله بن يحيى.
وقيل: حسن بن محمد.
لقي السري السقطي والكبار، ورافق الجنيد، وكان الجنيد يتأدب معه، وإذا تكلم في شئ من الحقائق قال: هذا من بابة أبي محمد.
فلما توفي الجنيد أجلسوه مكانه، وأخذوا عنه آداب القوم.
حج في سنة إحدى عشرة، فقتل في رجوعه يوم وقعة الهبير (1)، وطئته الجمال النافرة، فمات شهيدا، وذلك في أوائل المحرم سنة اثنتي عشرة، وهو في عشر التسعين.
__________
* طبقات الصوفية: 264 259، حلية الاولياء: 10 / 348 347، تاريخ بغداد: 4 / 434 430، الرسالة القشيرية: 23، المنتظم: 6 / 176 174، صفة الصفوة: 2 / 448 447، الكامل في التاريخ: 8 / 145 الوافي بالوفيات: 7 / 378، البداية والنهاية: 11 / 148، طبقات الاولياء: 75 70.
(1) الهبير: قال ياقوت: رمل زرود في طريق مكة، كانت عنده وقعة ابن أبي سعيد
الجنابي الزنديق القرمطي بالحاج يوم الاحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة 312 ه، قتلهم، وسباهم وأخذ أموالهم.
وانظر التفصيل عن هذه الوقعة في " الكامل " 8 / 147 لابن الاثير.
(*)

(14/467)


258 - البهراني * محمد بن تمام بن صالح، المحدث العالم، أبو بكر البهراني الحمصي.
سمع من: محمد بن مصفى، والمسيب بن واضح، ومحمد بن قدامة المصيصي، وعبد الله بن خبيق الانطاكي، وطبقتهم، ومحمد بن آدم.
روى عنه: أبو أحمد بن عدي، والحسن بن منير، والفضل بن جعفر التميمي، وأبو بكر الربعي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
قال أبو عبد الله بن مندة: حدث عن محمد بن آدم المصيصي بمناكير.
قلت: لا أظن به بأسا.
مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
ويكشف هل خرج له ابن حبان في صحيحه ؟
259 - الشعراني * * الامام أبو عبد الله، محمد بن حفص بن محمد بن يزيد النيسابوري الشعراني الجويني الاصل، أحد الاثبات.
سمع إسحاق بن راهويه، وأبا كريب، وعبد الجبار بن العلاء،
__________
* تاريخ ابن عساكر: 15 / 75 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 494، لسان الميزان:
5 / 97.
* * الانساب: 14 / ب.
(*)

(14/468)


ومحمد بن رافع، وأمثالهم.
روى عنه: أبو علي الحافظ، وعبد الله بن أبي عثمان الزاهد، وزاهر السرخسي، وعدة.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو شيخ ثقة، توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
قال أبو سعد في " الانساب ": هو محمد بن حفص الآزاذواري، وآزاذوار: قرية من قرى جوين.
قلت: هو مشهور بالشعراني.

260 - ابن الجصاص * الصدر الرئيس، ذو الاموال، أبو عبد الله، الحسين بن عبد الله بن الجصاص، البغدادي الجوهري التاجر الصفار.
قال ابن طولون: لا يباع لنا شئ إلا على يد ابن الجصاص.
وعنه قال: كنت يوما في الدهليز، فخرجت قهرمانة معها مئة حبة جوهر، تساوي الحبة ألف دينار، فقالت: نريد أن تخرط هذا الحب حتى يصغر، فأخذته منها مسرعا، وجمعت سائر نهاري من الحب بمئة ألف درهم، الواحدة بألف، وأتيت به القهرمانة، وقلت، قد خرطنا هذا.
__________
* نشوار المحاضرة: أخبار الجصاص مبثوثة في أماكن كثيرة منه، انظر مثلا: 1 / 37 25، و 2 / 36، 39 وغيرها، الانساب: 130 / ب، المنتظم: 6 / 214 211، أخبار الحمقى والمغفلين: 58 50، الكامل في التاريخ: 8 / 16، 18، 86، وفيات
الاعيان: 3 / 77 ضمن ترجمة عبد الله بن المعتز، العبر: 2 / 122 121، فوات الوفيات: 1 / 376 372، الوافي بالوفيات: 12 / 391 386، البداية والنهاية: 11 / 157 156، النجوم الزاهرة: 3 / 185 و 218، شذرات الذهب: 2 / 238.
(*)

(14/469)


يعني: فربح فيه في يوم بضعة وتسعين ألف دينار.
ولما تزوج المعتضد بالله بقطر الندى بنت خمارويه صاحب مصر، نفذها أبوها مع ابن الجصاص في جهاز عظيم وتحف وجواهر تتجاوز الوصف، فنصحها ابن الجصاص وقال: هذا شئ كثير، والاوقات تتغير، فلو أودعت من هذا ؟ فقالت: نعم يا عم.
وأودعته نفائس ثمينة، فاتفق أنها أدخلت على المعتضد، وكرمت عليه، وحملت منه، ثم ماتت في النفاس بغتة، وزادت أموال ابن الجصاص إلى الغاية، ونظرت إليه الاعين، فلما كان في سنة اثنتين وثلاث مئة قبض عليه المقتدر، وكبست داره، وأخذوا له من الذهب والجوهر ما قوم بأربعة آلاف ألف دينار.
وقال أبو الفرج في " المنتظم " (1): أخذوا منه ما مقداره ستة عشر ألف ألف دينار عينا، وورقا، وخيلا، وقماشا، فقيل: كان جل ماله من بنت خمارويه.
وحكى بعضهم قال: دخلت دار ابن الجصاص والقباني بين يديه يقبن سبائك الذهب.
قال التنوخي (2): حدثني أبو الحسين بن عياش أنه سمع جماعة من ثقات الكتاب يقولون: إنهم حضروا مصادرة ابن الجصاص، فكانت ستة آلاف ألف دينار، هذا سوى ما أخذ من داره وبعد ما بقي له.
قال التنوخي: لما صودر كان في داره سبع مئة مزملة خيزران.
ويحكى عنه بله وتغفيل، مر به صديق فقال له: كيف أنت ؟ فقال
__________
(1) 6 / 214 211.
(2) في " نشوار المحاضرة " 1 / 25.
(*)

(14/470)


ابن الجصاص: الدنيا كلها محمومة.
وكان قد حم.
ونظر مرة في المرآة، فقال لصاحبه: ترى لحيتي طالت ؟ فقال: المرآة في يدك.
قال: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
ودخل يوما على الوزير ابن الفرات فقال: عندنا كلاب يحرموننا ننام.
فقال الوزير: لعلهم جراء ؟ قال: بل كل واحد في قدي وقدك.
ودعا فقال: حسبي الله وأنبياؤه وملائكته، اللهم، أعد من بركة دعائنا على أهل القصور في قصورهم، وعلى أهل الكنائس في كنائسهم.
وفرغ من الاكل فقال: الحمد لله الذي لا يحلف بأعظم منه.
وكان مع الخاقاني في مركب وبيده كرة كافور، فبصق في وجه الوزير، وألقى الكافورة في دجلة، ثم أفاق واعتذر، وقال: إنما أردت أن أبصق في وجهك وألقيها في الماء فغلطت.
فقال: كان كذلك يا جاهل.
قال التنوخي (1): حدثنا جعفر بن ورقاء الامير قال: اجتزت بابن الجصاص وكان مصاهري، فرأيته على حوش (2) داره حافيا حاسرا، يعدو كالمجنون، فلما رآني استحيى، فقلت: مالك ؟ قال: يحق لي، أخذوا مني أمرا عظيما، فسلمته وقلت: ما بقي يكفي، وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الحاجة، فاصبر حتى أبين لك غناك.
قال: هات.
قلت: أليس دارك هذه بآلتها وفرشها لك ؟ وعقارك بالكرخ وضياعك ؟ قال: بلى.
فما زلت أحاسبه حتى بلغ قيمة سبع مئة ألف دينار، ثم قلت: واصدقني عما
سلم لك، فحسبناه، فإذا هو بثلاث مئة ألف دينار، قلت: فمن له ألف
__________
(1) في " النشوار " 1 / 26، وما بين حاصرتين منه.
(2) كذا الاصل، وفي " النشوار ": روشن.
(*)

(14/471)


ألف دينار ببغداد ؟ ! هذا وجاهك قائم، [ فلم تغتم ؟ ] فسجد [ لله، وحمده ] وبكى، وقال: أنقذني الله بك، [ ما عزاني أحد بأنفع من تعزيتك ] ما أكلت شيئا منذ ثلاث، فأقم عندي لنأكل ونتحدث.
فأقمت عنده يومين.
قال التنوخي (1): اجتمعت بأبي علي ولد ابن الجصاص فسألته عما يحكى عن أبيه من أن الامام قرأ: (ولا الضالين) فقال: إي لعمري [ بدلا من آمين ].
وأنه أراد أن يقبل رأس الوزير، فقال: إن فيه دهنا.
فقال: أقبله ولو كان فيه خرا.
وأنه وصف مصحفا عتيقا فقال: كسروي ؟ فقال (2): غالبه كذب، وما كانت فيه سلامة (3) تخرجه إلى هذا، كان من أدهى الناس، ولكن كان يفعل بحضرة الوزير، وكان يحب أن يصور نفسه ببلة ليأمنه الوزراء لكثرة خلوته بالخلفاء.
فأنا أحدثك بحديث: حدثني أبي أن ابن الفرات لما وزر، قصدني قصدا قبيحا كان في نفسه علي، وبالغ، وكان عندي ذلك الوقت سبعة آلاف ألف دينار، عينا وجوهرا، ففكرت، فوقع لي [ الرأي ] في السحر، فمضيت إلى داره، فدققت، فقال البوابون: ما ذا وقت وصول إليه ؟ فقلت: عرفوا الحجاب أني جئت [ لمهم ]، فعرفوهم، فخرج إلي حاجب فقال: إلى ساعة.
فقلت: الامر أهم من ذلك، فنبه
الوزير، ودخلت وحول سريره خمسون نفسا حفظة وهو مرتاع، فرفعني
__________
(1) في " النشوار " 1 / 35 29، وما بين حاصرتين منه.
(2) يعني ولد ابن الحصاص.
(3) أي: غفلة.
(*)

(14/472)


وقال: ما الامر ؟ قلت: خير، هو أمر يخصني، فسكن، وصرف من حوله، فقلت: إنك قصدتني وشرعت يا هذا تؤذيني وتتفرغ لي، وتعمل في هلاكي، ولعمري لقد أسأت في خدمتك، وقد جهدت في استصلاحك، فلم يغن، وليس شئ أضعف من الهر، وإذا عاث في دكان الفامي فظفر به ولزه، وثب وخمش، فإن صلحت لي وإلا والله لاقصدن الخليفة، وأحمل إليه ألفي ألف دينار، وأقول: سلم ابن الفرات إلى فلان وأعطه الوزارة، فيفعل ويعذبك ويأخذ منك في قدرها، ويعظم قدري بعزلي وزيرا وإقامتي وزيرا، فقال: يا عدو الله ! وتستحل هذا ؟ قلت: أنت أحوجتني، وإلا فاحلف لي الساعة على إنصافي، فقال: وتحلف أنت كذلك: وعلي حسن الطاعة والمؤازرة.
قلت: نعم، فقال: لعنك الله يا إبليس، لقد سحرتني.
وأخذ دواة، وعملنا نسخة اليمين، وحلفته أولا، ثم قال: يا أبا عبد الله ! لقد عظمت في نفسي، ما كان المقتدر عنده فرق بين كفاءتي وبين أصغر كتابي مع الذهب، فاكتم ما جرى.
فقلت: سبحان الله ! ثم قال: تعال غدا، فسترى ما أعاملك به.
فعدت إلى داري.
وما طلع الفجر.
فقال ابنه: أفهذا فعل من يحكى عنه تلك الحكايات ؟ قلت: لا.
قلت: لعل بهذه الحركة أضمر له الوزير الشر، فنسأل الله
السلامة.
توفي ابن الجصاص في شوال سنة خمس عشرة وثلاث مئة، وقد أسن.

(14/473)


261 - ابن خاقان * الوزير الكبير، أبو القاسم عبد الله، ابن الوزير أبي علي محمد، ابن الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الخاقاني.
من بيت وزارة.
وكان ذا لسن، وبلاغة، وآداب، وحسن كتابة، وجود وإفضال، وثروة وأموال.
ولي الوزارة للمقتدر في ربيع الاول سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة بإشارة مؤنس الخادم، وكان سائسا ممارسا، خبيرا بالامور، ثم قبض عليه بعد ثمانية عشر شهرا، ورسم عليه، ثم تعلل، ومات في شهر رجب سنة أربع عشرة وثلاث مئة.

262 - ابن الفرات * * الوزير الكبير، أبو الحسن، علي بن أبي جعفر محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات العاقولي الكاتب.
قال الصولي: ابتاع جدهم ضياعا بالعقول، وانتقل إليها، فنسبوا إلى العاقول.
كان ابن الفرات يتولى أمر الدواوين زمن المكتفي، فلما ولي المقتدر ووزر له العباس بن الحسن، بقي ابن الفرات على ولايته، فجرت
__________
* المنتظم: 6 / 195، الكامل في التاريخ: 8 / 155 150، العبر: 2 / 151،
شذرات الذهب: 2 / 264.
* * المنتظم: 6 / 192 190، الكامل في التاريخ: 8 / 9، إعتاب الكتاب: 180، وفيات الاعيان: 3 / 429 421، العبر: 2 / 153 152، البداية والنهاية: 11 / 152 151، النجوم الزاهرة: 3 / 213.
(*)

(14/474)


فتنة ابن المعتز، وقتل العباس الوزير، فوزر ابن الفرات سنة ست وتسعين، وتمكن، فأحسن وعدل، وكان سمحا مفضالا محتشما، رأسا في حساب الديوان، له ثلاثة بنين، المحسن والفضل والحسين، ثم عزل في ذي الحجة سنة تسع وتسعين، ثم وزر في سنة أريع وثلاث مئة إثر عزل علي بن عيسى، ثم عزل بعد سبعة عشر شهرا بحامد بن العباس، ثم وليها سنة 311، وولى ولده المحسن الدواوين، فعسف وصادر وعذب، وظلم أبوه أيضا، واستأصل جماعة، فعزل بعد سنة إلا أياما، وقيل: إنه وصل المحدثين بعشرين ألف درهم.
وذكر جماعة أن صاحب خبر ابن الفرات رفع إليه أن رجلا من أرباب الحوائج اشترى خبزا وجبنا فأكله في الدهليز، فأقلقه هذا، وأمر بنصب مطبخ لمن يحضر من أرباب الحوائج، فلم يزل ذلك طول أيامه.
قال ابن فارس اللغوي: حدثنا أبو الحسن البصري: قال لي رجل: كنت أخدم الوزير بن الفرات، فحبس وله عندي خمس مئة دينار، فتلطفت بالسجان حتى أدخلت، فلما رآني تعجب وقال: ألك حاجة ؟ فأخرجت الذهب وقلت: تنتفع بهذا، فأخذه مني، ثم رده وقال: يكون عندك وديعة.
فرجعت.
ثم أفرج عنه بعد مدة، وعاد إلى دسته، فأتيته، فطأطأ رأسه ولم يملا عينيه مني، وطال إعراضه، حتى
أنفقت الذهب، وساءت حالي إلى يوم، فقال لي: وردت سفن من الهند، ففسرها واقتض حق بيت المال، وخذ رسمنا، فعدت إلى بيتي، فأعطتني المرأة خمارا وقرطتين، فبعت ذلك، وتجهزت به، وانحدرت وفسرت السفن، وقبضت الحق ورسم الوزير، وأتيت البغداد، فقال الوزير: سلم حق بيت المال، واقبض الرسم إلى بيتك.
قلت: هو خمسة وعشرون

(14/475)


ألف دينار.
قال: فحفظتها، وطالت المدة.
ورأى في وجهي ضرا فقال: ادن مني، ما لي أراك متغير اللون، سيئ الحال ؟ فحدثته بقصتي.
قال: ويحك ! وأنت ممن ينفق في مدة يسيرة خمسة وعشرين ألفا ؟ ! قلت: ومن أين لي ذلك ؟ قال: يا جاهل ! ما قلت لك احملها إلى منزلك، أتراني لم أجد من أودعه غيرك ؟ ويحك ! أما رأيت إعراضي عنك ؟ إنما كان حياء منك، وتذكرت جميل صنعك وأنا محبوس، فصر إلى منزلك، واتسع في النفقة، وأنا أفكر لك في غير ذلك.
ذكر ابن مقلة أنه حضر مجلس ابن الفرات في أول وزراته، فأدخل إليه عبيد الله بن عبد الله بن طاهر في محفة، فدفع الوزير إليه عشرة آلاف درهم سرا، فأنشد: أياديك عندي معظمات جلائل * طوال المدى شكري لهن قصير فإن كنت عن شكري غنيا فإنني * إلى شكر ما أوليتني لفقير قيل: كان ابن الفرات يلتذ بقضاء حوائج الرعية، وما رد أحدا قط عن حاجة رد آيس، بل يقول: تعاودني.
أو يقول: أعوضك من هذا.
سمع الصولي عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول: حين وزر ابن الفرات ما افتقرت الوزارة إلى أحد قط افتقارها إليه.
قال الصولي: لما قبض علي ابن الفرات، نظرنا فإذا هو يجري على خمسة آلاف نفس، أقل جاري أحدهم في الشهر خمسة دراهم ونصف قفيز دقيق، وأعلاهم مئة دينار وعشرة أقفزة.
الصولي: حدثني أحمد بن العباس النوفلي: أنهم كانوا يجالسون ابن الفرات قبل الوزارة، وجلس معهم ليلة لما وزر، فلم يجئ الفراشون

(14/476)


بالتكأ، فغضب عليهم وقال: إنما رفعني الله لاضع من جلسائي ؟ ! والله ! لا جالسوني إلا بتكاءين.
فكنا كذلك ليالي حتى استعفينا، فقال: والله ما أريد الدينا إلا لخير أقدمه أو صديق أنفعه، ولولا أن النزول عن الصدر سخف لا يصلح لمثل حالي لساويتكم في المجلس.
قال الصولي: لم أسمعه قط.
دعا أحدا من كتابه بغير كنيته ومرض مرة فقال: ما غمي بعلتي بأشد من غمي بتأخر حوائج الدنيا وفيهم المضطر.
وكان يمنع الناس من المشي بين يديه.
ومن شعره ويقال ما عمل غيرهما: معذبتي هل لي إلى الوصل حيلة * وهل إلى استعطاف قلبك من وجه فلا خير في الدنيا وأنت بخيلة * ولا خير في وصل يجئ على كره وبلغنا أن ابن الفرات كان يستغل من أملاكه إلى أن أعيد إلى الوزارة سبعة آلاف ألف دينار، لانه فيما قيل: كان يحصل من ضياعه في العام ألفي ألف دينار.
وقيل عنه: إنه كاتب العرب أن يكبسوا بغداد.
فالله أعلم.
ولما وزر في سنة أربع خلع عليه سبع خلع، وسقي يومئذ في داره
أربعون ألف رطل ثلج.
قال الصولي: مدحته فوصلني بست مئة دينار.
قال علي بن هشام الكاتب: دخلت على ابن افرات في وزارته الثالثة وقد غلب ابنه المحسن عليه في أكثر أموره، فقيل له: هو ذا يسرف

(14/477)


أبو أحمد المحسن في مكاره الناس بلا فائدة، ويضرب من يؤدي بغير ضرب.
فقال: لو لم يفعل هذا بأعدانه ومن أساء إليه لما كان من أولاد الاحرار، ولكان ميتا، وقد أحسنت إلى الناس دفعتين فما شكروني، والله لاسيئن.
فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قبض عليه.
قال الصولي: لما وزر ابن الفرات ثالثا خرج متغيظا على الناس لما كان فعله حامد الوزير بابنه المحسن، فأطلق يد ابنه على الناس، فقتل حامدا بالعذاب، وأبار العالم، وكان مشؤوما على أهل، ماحيا لمناقبهم.
قال المعتضد لعبد الله وزيره: أريد أعرف ارتفاع الدنيا.
فطلب الوزير ذلك من جماعة، فاستمهلوه شهرا، وكان ابن الفرات وأخوه أبو العباس محبوسين، فأعلما بذلك، فعملاه في يومين وأنفذاه، فأخرجا وعفي عنهما.
وكان أخوه أبو العباس أحمد (1) أكتب أهل زمانه، وأوفرهم أدبا، امتدحه البحتري (2)، ومات سنة إحدى وتسعين ومئتين.
وأخوهما جعفر عرضت عليه الوزارة فأباها (3).
قال الصولي: قبض المقتدر على ابن الفرات، وهرب ابنه،، فاشتد السلطان وجميع الاولياء في طلبه، إلى أن وجد، وقد حلق لحيته، وتشبه بامرأة في خف وإزار، ثم طولب هو وأبوه بالاموال، وسلما إلى الوزير عبيد
__________
(1) هو أحمد بن محمد بن الفرات، ذكر له ابن خلكان في " وفياته " 3 / 424 ترجمة عارضة ضمن ترجمة أخيه علي بن محمد.
(2) وله فيه القصيدة التي في " ديوانه " 1 / 240 ومطلعها.
بت أبدي وجدا وأتم وجدا * لخيال قد بات لي منك يهدى (3) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 424.
(*)

(14/478)


الله بن محمد،، فعلما أنهما لا يفلتان، فما أذعنا بشئ، ثم قتلهما نازوك، وبعث برأسيهما إلى المقتدر في سفط، وغرق جسديهما.
وقال القاضي أحمد بن إسحاق بن البهلول بعد أن عزل ابن الفرات من وزارته الثالثة: قل لهذا الوزير قول محق * بثه النصح أيما إبثاث قد تقلدتها ثلاثا ثلاثا * وطلاق البتات عند الثلاث ضربت عنق المحسن بعد أنواع العذاب في ثالث عشر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وألقي رأسه بين يدي أبيه، فارتاع، ثم قتل، ثم ألقي الرأسان في الفرات، وكان للوزير إحدى وسبعون سنة وشهور، وللمحسن ثلاث وثلاثون سنة.
ابن أخيه: الوزير الاكمل:
263 - أبو الفتح الفضل بن جعفر * ابن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، ويعرف بابن حنزابة، وهي أمه أم ولد رومية.
كان كاتبا بارعا، دينا خيرا، استوزره المقتدر في ربيع الاول سنة عشرين إلى أن قتل المقتدر، واستخلف القاهر فولاه الدواوين، فلما ولي
الراضي ولاه الشام، ثم إن الراضي قلده الوزارة سنة 325، وهو مقيم بحلب، فوصل إلى بغداد، ووزر مديدة، ثم رأى اضطراب الامور، واستيلاء ابن رائق، فأطمع ابن رائق في أن يحمل إليه الاموال من مصر والشام،
__________
* الكامل في التاريخ: 8 / 327 و 354، وفيات الاعيان: 3 / 425 324 ضمن ترجمة عمه علي، العبر: 2 / 208، دول الاسلام: 1 / 201، شذرات الذهب: 2 / 309.
(*)

(14/479)


واستخلف بالحضرة أبا بكر النفري، وسار فأدركه أجله بالرملة في جمادى الاولى سنة سبع وعشرين وثلاث مئة، وله سبع وأربعون سنة.
وهو والد المحدث وزير مصر أبي الفضل جعفر بن حنزابة.

264 - الصيمري * شيخ المعتزلة، العلامة، صاحب المصنفات، أبو عبد الله، محمد بن عمر الصيمري، عداده في معتزلة البصريين.
أخذ عن: أبي علي الجبائي، وانتهت إليه رئاسة الكلام بعد الجبائي، وكان شيخا مسنا ذكيا، له كتاب كبير في الرد على ابن الريوندي، وكتاب " المسائل " وغير ذلك.
قال محمد بن إسحاق النديم: توفي سنة خمس عشرة وثلاث مئة.

265 - الاخفش * * العلامة النحوي: أبو الحسن، علي بن سليمان بن الفضل البغدادي.
والاخفش: هو الضعيف البصر مع صغر العين.
__________
* فهرست ابن النديم: ضمن ترجمة الحسن بن عبد الله السيرافي، طبقات المعتزلة لابن المرتضي: ص 96.
* * طبقات النحويين واللغويين: 116 115، فهرست ابن النديم: 123،
الانساب: 21 / ب، تاريخ ابن عساكر: 12 / 54 / ب، نزهة الانباء: 248، المنتظم: 6 / 215 214، معجم الادباء: 13 / 257 246، إنباه الرواة: 2 / 278 276، وفيات الاعيان: 3 / 303 301، العبر: 2 / 162، مرآة الجنان: 2 / 168 267، البداية والنهاية: 11 / 157، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 158، النجوم الزاهرة: 3 / 219، بغية الوعاة: 2 / 168 167، شذرات الذهب: 2 / 270.
(*)

(14/480)


لازم ثعلبا والمبرد، وبرع في العربية وما أظنه صنف شيئا (1)، وهذا هو الاخفش الصغير.
روى عنه: المعافى الجريري، والمرزباني، وغيرهما.
وكان موثقا.
وكان بينه وبين ابن الرومي وحشة، فلابن الرومي فيه هجو في مواضع من ديوانه (2)، وكان هو يعبث بابن الرومي، ويمر ببابه فيقول كلاما يتطير منه ابن الرومي، ولا يخرج يومئذ.
وقد سار الاخفش إلى مصر سنة سبع وثمانين ومئتين، فأقام إلى سنة ست وثلاث مئة، وقدم إلى حلب، وغيره أوسع في الآداب منه.
قال ثابت بن سنان: كان يواصل المقام عند ابن مقلة قبل الوزارة، فشفع له عند ابن عيسى الوزير في تقرير رزق، فانتهره [ الوزير انتهارا شديدا ] فتألم ابن مقلة، ثم آل الحال بالاخفش إلى أن أكل السلجم (3) نيئا.
مات فجأة في شعبان سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
وقيل: سنة ست عشرة.
وكان بدمشق قبل الثلاث مئة الاخفش المقرئ (4)، صاحب ابن ذكوان.
__________
(1) كيف يكون هذا وقد قال ابن النديم في " الفهرست " ص 123: " وله من الكتب كتاب الانواء، وكتاب التثنية والجمع، وكتاب الجراد ".
وانظر ايضا " هدية العارفين " 1 / 676.
(2) من ذلك قصيدته التي ذكرها ياقوت في " معجمه " والتي مطلعها: ألا قل لنحويك الاخفش * أنست فأقصر ولا توحش وما كنت عن غيه مقصرا * وأشلاء أمك لم تنبش (3) السلجم بالسين المهملة: نبات معروف، أو ضرب من البقول يؤكل.
(4) هو أبو عبد الله، هارون بن موسى بن شريك التغلبي، شيخ القراء بدمشق، يعرف = (*)

(14/481)


وكان في أيام المأمون الاخفش الاوسط، شيخ العربية، وهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة (1)، صاحب سيبويه.
وكان الاخفش الكبير في دولة الرشيد، أخذ عنه: سيبويه، وأبو عبيدة، وهو أبو الخطاب، عبدالحميد بن عبدالمجيد الهجري اللغوي (2).

266 - ابن وقدان * المحدث الصدوق المعمر، أبو محمد، سليمان بن داود بن كثير ابن وقدان الطوسي، نزيل بغداد.
روى عن: إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، والوليد بن شجاع، ولوين، وسوار بن عبد الله، وطبقتهم.
وعنه: أبو الفضل الزهري، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وأبو حفص بن شاهين، وآخرون.
توفي سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
__________
= بالاخفش الدمشقي، أو أخفش باب الجابية.
ذكر المؤلف في " طبقات القراء " وقال: كان ثقة معمرا.
توفي سنة 292 ه.
انظر في ترجمته: " طبقات القراء ": 2 / 347، و " مرآة الجنان ": 2 / 220.
(1) المجاشعي بالولاء، النحوي البلخي، عالم باللغة والادب، سكن البصرة، وأخذ العربية عن سيبويه، وصنف كتبا منها: " تفسير معاني القرآن " و " الاشتقاق " وغيرها.
توفي سنة 251 ه.
انظر " معجم الادباء " 11 / 224، " إنباه الرواة " 2 / 36، " وفيات الاعيان " 2 / 381 380.
(2) ترجمته في " إنباه الرواة " 2 / 157، و " بغية الوعاة " 2 / 74.
* تاريخ بغداد: 9 / 63 62، المنتظم: 6 / 214.
(*)

(14/482)


267 - ابن بهلول * العلامة البارع، أبو سعد، داود بن الهيثم بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي الانباري.
ولد سنة تسع وعشرين ومئتين.
وسمع من: جده إسحاق بن بهلول، وعمر بن شبة، وزياد بن يحيى الحساني، وطائفة.
روى عنه: طلحة بن محمد، وابن المظفر، وأحمد بن إسحاق الازرق.
وأخذ الادب عن ثعلب: وسمع المتوكل بقراءته من جده كتاب: " فضائل العباس "، وكان نحويا لغويا مفوها.
له تصانيف، وبلاغة، وبصر باستخراج المعمى.
توفي سنة ست عشرة وثلاث مئة.

268 - ابن السراج * * إمام النحو، أبو بكر، محمد بن السري البغدادي النحوي، ابن
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 379 - 380، المنتظم: 6 / 217 - 218، معجم الادباء: 11 / 99 98، الجواهر المضية: 1 / 240، تاج التراجم: 21، النجوم الزاهرة: 3 / 221، بغية الوعاة: 1 / 563، روضات الجنات: 276.
* * طبقات النحويين واللغويين: 112 - 114، فهرست ابن النديم: 93 92، تاريخ بغداد: 5 / 319 - 320، الانساب: 295 / أ، نزهة الالباء: 249 - 250، المنتظم: 6 / 220، معجم الادباء: 18 / 197 - 201، الكامل في التاريخ: 8 / 180، 199 315 - 316، إنباه الرواة: 3 / 149 145، وفيات الاعيان: 4 / 339 - 340، العبر 2 / 165، الوافي بالوفيات: 3 / 88 86، مرآة الجنان: 2 / 271 270، البداية (*)

(14/483)


السراج، صاحب المبرد، انتهى إليه علم اللسان.
أخذ عنه: أبو القاسم الزجاجي، وأبو سعيد السيرافي، وعلي بن عيسى الرماني، وطائفة.
وثقه الخطيب (1).
وله كتاب: " أصول العربية " وما أحسنه، وكتاب: " شرح سيبويه "، وكتاب: " احتجاج القراء "، وكتاب: " الهواء والنار " وكتاب: " الجمل "، وكتاب: " الموجز "، وكتاب: " الاشتقاق "، وكتاب: " الشعر والشعراء ".
وكان يقول الراء غينا.
وله شعر رائق (2)، وكان مكبا على الغناء، واللذة، هوي ابن يانس المطرب، وله أخبار سامحه الله.
مات في الكهولة في شهر ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاث مئة.

269 - الماليني * الشيخ المعمر، أبو جعفر، محمد بن معاذ بن فره، وقيل: فرح، الهروي الماليني.
__________
= والنهاية: 11 / 157، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 223 222، النجوم الزاهرة: 3 / 222، بغية الوعاة: 1 / 110 109، مفتاح السعادة: 1 / 136، شذرات الذهب: 2 / 274 273.
(1) في " تاريخه " 5 / 319.
(2) منه ما قاله في أم ولده وكان يحبها، وأنفق عليها ماله وجفته: قايست بين جمالها وفعالها * فإذا الملاحة بالخيانة لا تفي حلفت لنا ألا تخون عهودنا * فكأنما حلفت لنا ألا تفي والله لا كلمتها ولو انها * كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي * الاكمال لابن ماكولا: 7 / 112، مشتبه النسبة: 2 / 527.
(*)

(14/484)


حدث عن: الحسين بن الحسن المروزي، والفقيه محمد بن مقاتل، وأحمد بن حكيم، ومحمد بن حفص بن ميسرة، وأبي داود السنجي.
وعنه: أحمد بن بشر المزني، وعبد الله بن يحيى الطلحي، وأبو بكر المفيد، وزاهر السرخسي، والخليل بن أحمد القاضي، ومحمد بن محمد بن داود التاجر.
مات في رجب سنة ست عشرة وثلاث مئة، وله نيف وتسعون سنة.

270 - حرمي بن أبي العلاء * المكي، هو المحدث، أبو عبد الله، أحمد بن إسحاق
ابن أبي خميصة، نزيل بغداد.
حدث عن: سعيد بن عبدالرحمن المخزومي، ومحمد بن منصور الجواز، ويحيى بن الربيع، والزبير بن بكار، وطائفة، ومحمد بن عزيز الايلي، وحدث بكتاب " النسب " عن الزبير.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وعبيد الله ابن حبابة، وجماعة.
وكان كاتب الحكم للقاضي أبي عمر محمد بن يوسف.
وثقه أبو بكر الخطيب وغيره (1).
مات في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 391 390، العبر: 2 / 169، شذرات الذهب: 2 / 275.
(1) في " تاريخه " 4 / 391.
(*)

(14/485)


وقع لنا بالاجازة جزء له، وجده أبو خميصة من الكنى المفردة يتصحف بحميضة (1) وحرمي: لقب له.

271 - الداركي * الشيخ المسند الثقة المتقن، أبو علي، الحسن بن محمد بن الحسن بن زياد الاصبهاني الداركي.
سمع محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ومحمد بن حميد الرازي، وأبا عمار الحسين بن حريث، وصالح بن مسمار، ومحمد بن إسماعيل البخاري.
حدث عنه: القاضي أبو أحمد الغسال، وأبو الشيخ، وأبو بكر محمد بن جشنس، وآخرون.
مات في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
وهو جد الداركي شيخ الشافعية.
لعله عاش نيفا وتسعين سنة.

272 - إبراهيم بن خزيم * * ابن قمير بن خاقان، المحدث الصدوق، أبو إسحاق الشاشي، المروزي الاصل.
سمع من عبد بن حميد " تفسيره " و " مسنده " في سنة تسعذ وأربعين
__________
(1) انظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 252.
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 268، الانساب: 217 / ب، العبر: 2 / 170، شذرات الذهب: 2 / 528.
* * الاكمال 1 / 134، المشتبه 1 / 263، تبصير المنتبه 8 / 529.
(*)

(14/486)


ومئتين، وحدث بهما، وطال عمره.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان، وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، وغيرهما.
وسماع ابن حمويه منه بالشاش (1) مدينة من مدائن الترك وكان ذلك في سنة ثماني عشرة وثلاث مئة في شعبان، ولم تبلغنا وفاة ابن خزيم ولا شئ من سيرته.
وهو في عداد الثقات، ومن أبناء التسعين، رحمه الله.

273 - عيسى بن عمر * ابن العباس بن حمزة بن عمرو بن أعين، المحدث الصدوق، أبو عمران السمرقندي، صاحب أبي محمد الدارمي، وراوي مسنده عنه، شيخ مقبول، لا نعلم شيئا من أمره.
حدث عنه: أبو الحسن محمد بن عبد الله الكاغدي، وعبد الله بن
أحمد بن حمويه السرخسي، ولا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيا في قرب سنة عشرين وثلاث مئة بسمرقند، فهو والشاشي إنما عرفا وشهرا بالكتابين اللذين سمعناهما، وكانا متعاصرين بما وراء النهر، فهما من طبقة الفربري (2)، ووفياتهم متقاربة، والله أعلم.
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 3 / 309 308.
* لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(2) بكسر الفاء كما في الاصل، وكذا هي في " البلدان " أما صاحب " اللباب " فضبطها بفتح الفاء.
وهذه النسبة إلى فربر: بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى.
والفربري هذا: هو محمد بن يوسف بن مطر بن صالح، راوية صحيح البخاري عنه، وكان سماعه للصحيح مرتين: مرة بفربر سنة 248، ومرة ببخارى سنة 252.
= (*)

(14/487)


274 - بنان الحمال * الامام المحدث الزاهد، شيخ الاسلام، أبو الحسن، بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد الواسطي، نزيل مصر، ومن يضرب بعبادته المثل.
حدث عن: الحسن بن محمد الزعفراني، والحسن بن عرفة، وحميد بن الربيع، وطائفة.
حدث عنه: ابن يونس، والحسن بن رشيق، والزبير بن عبد الواحد الاسد اباذي، وأبو بكر بن المقرئ، وجماعة.
وثقه أبو سعيد بن يونس.
صحب الجنيد وغيره.
وقيل: إنه هو أستاذ الحسين أبي النوري، وهو رفيقه ومن أقرانه.
وكان كبير القدر، لا يقبل من الدولة شيئا، وله جلالة عجيبة عند الخاص والعام.
__________
= قال أبو الوليد الباجي في مقدمة كتابه " في أسماء رجال البخاري ": أخبرني الحافظ أبو ذر عبدالرحيم بن أحمد الهروي، قال: حدثنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي قال: انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرأيت فيه أشياء لم تتم، وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا، ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض..".
انظر " مقدمة فتح الباري " ص 6.
* طبقات الصوفية: 294 291، حلية الاولياء: 10 / 325 324، تاريخ بغداد 7 / 102 100، الرسالة القشيرية: 24، المنتظم: 6 / 217، صفة الصفوة 2 / 450 448، العبر: 2 / 164 163، دول الاسلام: 1 / 191 190، الوافي بالوفيات 10 / 290 289، مرآة الجنان: 2 / 269 268، البداية والنهاية: 11 / 159 158 طبقات الاولياء: 124 122، النجوم الزاهرة: 3 / 221 220، حسن المحاضرة 1 / 513 512، شذرات الذهب: 2 / 273 271.
(*)

(14/488)


وقد امتحن في ذات الله، فصبر، وارتفع شأنه، فنقل أبو عبد الرحمن السلمي في " محن الصوفية " أن بنانا الحمال قام إلى وزير خمارويه صاحب مصر وكان نصرانيا، فأنزله عن مركوبه وقال: لا تركب الخيل وعير، كما هو مأخوذ عليكم في الذمة.
فأمر خمارويه بأن يؤخذ ويوضع بين يدي سبع، فطرح، فبقي ليلة، ثم جاؤوا والسبع يلحسه، وهو مستقبل القبلة، فأطلقه خمارويه واعتذر إليه.
قال الحسين بن أحمد الرازي: سمعت أبا علي الروذباري يقول: كان سبب دخولي مصر حكاية بنان الحمال، وذلك أنه أمر ابن طولون
بالمعروف فأمر به أن يلقى بين يدي سبع، فجعل السبع يشمه ولا يضره، فما أخرج من بين يدي السيع قيل له: ما الذي كان في قلبك حيث شمك ؟ قال: كنت أتفكر في سؤر السباع ولعابها.
قال: ثم ضرب سبع درر، فقال له يعني للملك حبسك الله بكل درة سنة، فحبس ابن طولون سبع سنين، كذا قال.
وما علمت خمارويه ولا أباه حبسا.
وذكر إبراهيم بن عبدالرحمن: أن القاضي أبا عبيد الله احتال على بنان حتى ضربه سبع درر، فقال: حبسك الله بكل درة سنة، فحبسه ابن طولون سبع سنين.
قال الزبير بن عبد الواحد: سمعت بنانا يقول: الحر عبد ما طمع، والعبد حر ما ينع.
ومن كلام بنان: متى يفلح من يسره ما يضره ؟ !.
وقال: رؤية الاسباب على الدوام قاطعة عن مشاهدة المسبب، والاعراض عن الاسباب جملة يؤدي [ بصاحبه ] إلى ركوب الباطل.
يروى أنه كان لرجل على آخر دين مئة دينار، فطلب الرجل الوثيقة،

(14/489)


فلم يجدها، فجاء إلى بنان ليدعو له، فقال: أنا رجل قد كبرت، وأحب الحلواء، اذهب اشتر لي من عند دار فرج رطل حواء حتى أدعو لك.
ففعل الرجل وجاء، فقال بنان: افتح ورقة الحلواء، ففتح، فإذا هي الوثيقة فقال: هي وثيقتي.
قال: خذها، وأطعم الحلواء صبيانك.
قال ابن يونس: توفي بنان في رمضان سنة ست عشرة وثلاث مئة، وخرج في جنازته أكثر أهل مصر، وكان شيئا عجبا من ازدحام الخلائق.

275 - ابن المنذر *
الامام الحافظ العلامة، شيخ الاسلام، أبو بكر، محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة، وصاحب التصانيف ك " الاشراف في اختلاف العلماء "، وكتاب: " الاجماع "، وكتاب: " المبسوط "، وغير ذلك.
ولد في حدود موت أحمد بن حنبل.
وروى عن: الربيع بن سليمان، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، ومحمد بن ميمون، وعلي بن عبد العزيز، وخلق كثير مذكورين في كتبه.
حدث عنه: أبو بكر بن المقرئ، ومحمد يحيى بن عمار
__________
* طبقات العبادي: 67، طبقات الشيرازي: 108، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 197 196، وفيات الاعيان: 4 / 207، تذكرة الحافظ: 3 / 783 782، ميزان الاعتدال: 3 / 451 450، الوافي بالوفيات: 1 / 336، مرآة الجنان: 2 / 262 261، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 108 102، العقد الثمين: 1 / 408 407، لسان الميزان: 5 / 28 27، طبقات المفسرين للسيوطي: 28، طبقات الحفاظ: 328، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 51 50، شذرات الذهب: 2 / 280، الرسالة المستطرفة: 77، طبقات الاصوليين: 1 / 169 168.
(*)

(14/490)


الدمياطي، والحسين والحسن ابنا علي بن شعبان.
ولم يذكره الحاكم في " تاريخه " نسيه، ولا هو في " تاريخ بغداد "، ولا " تاريخ دمشق "، فإنه ما دخلها.
وعداده في الفقهاء الشافعية.
قال الشيخ محيي الدين النواوي: (1) له من التحقيق في كتبه ما لا
يقاربه فيه أحد، وهو في نهاية من التمكن من معرفة الحديث، وله اختيار فلا يتقيد في الاختيار بمذهب بعينه، بل يدور مع ظهور الدليل.
قلت: ما يتقيد بمذهب واحد إلا من هو قاصر في التمكن من العلم كأكثر علماء زماننا، أو من هو متعصب، وهذا الامام فهو من حملة الحجة، جار في مضمار ابن جرير، وابن سريج، وتلك الحلبة رحمهم الله.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو اليمن الكندي سنة ثمان وست مئة كتابة، أخبرنا علي بن هبة الله بن عبد السلام، حدثنا الامام أبو إسحاق في كتاب " الطبقات " (2) قال: ومنهم أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، مات بمكة سنة تسع أو عشر وثلاث مئة، وصنف في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف أحد مثلها، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف، ولا أعلم عمن أخذ الفقه.
قلت: قد أخذ عن أصحاب الامام الشافعي، وما ذكره الشيخ أبو إسحاق من وفاته فهو على التوهم، وإلا فقد سمع منه ابن عمار في سنة
__________
(1) في " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 197.
(2) ص 108.
(*)

(14/491)


ست عشرة وثلاث مئة، وأرخ الامام أبو الحسن بن قطان الفاسي وفاته في سنة ثماني عشرة.
أخبرنا جماعة إذنا، عن عائشة بنت معمر (ح) وقال أحمد بن محمد العلاني، أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا المؤيد بن الاخوة قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، أخبرنا أبو طاهر
أحمد بن محمود، ومنصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المنذر فقيه مكة حدثنا محمد بن ميمون، حدثنا عبد الله بن يحيى البرسلي، عن حيوة بن شريح، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اله عليه وسلم قال: " من جر لنفسه شيئا ليقتلها، فإنما يجعلها في النار، ومن طعن نفسه يشئ، فإنما يطعنها في النار، ومن اقتحم، فإنما يقتحم في النار " (1).
غريب.
ولابن المنذر " تفسير " كبير في بضعة عشر مجلدا، يقضي له بالامامة في علم التأويل أيضا.

276 -أبو عمرو الحيري * الامام المحدث العدل الرئيس، أبو عمرو أحمد بن محمد بن
__________
(1) إسناده حسن، وقد رواه البخاري: 10 / 211 في الطب: باب شرب السم والدواء به، ومسلم (109) في الايمان: باب غلظ تحريم قتل الانسان نفسه، وأبو داود (3872) والترمذي (2043) والنسائي: 4 / 67 66 من طرق عن الاعمش سليمان بن مهران عن أبي صالح ذكوان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تردى من جبل، فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما، فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ فيها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ".
* تاريخ جرجان: 83، المنتظم: 6 / 225، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد = (*)

(14/492)


أحمد بن منصور بن مسلم بن يزيد النيسابوري الحيري، سبط الامام أحمد ابن عمرو الحرشي.
سمع محمد بن رافع، وإسحاق بن منصور، وعبد الله بن هاشم، وعيسى بن أحمد العسقلاني، وبحر بن نصر الخولاني، لقيه بمكة، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبا زرعة الرازي، وابن وارة، وخلقا سواهم.
سمع منه: شيخه أحمد بن المبارك المستملي، ودعلج السجزي، وأبو علي النيسابوري، وأبو بكر الاسماعيلي، وأبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف، ومحمد بن أحمد بن عبدوس، وآخرون.
وكان صدرا معظما، وعالما محتشما.
توفي في ذي القعدة سنة سبع عشرة وثلاث مئة، وهو في عشر التسعين.
فالقاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري شيخ البيهقي هو حفيده.

277 - الطوسي * الامام الحافظ المحدث المصنف، أبو الحسن، محمد بن أحمد ابن زهير بن طهمان القيسي الطوسي.
سمع عبد الله بن هاشم الطوسي، وإسحاق بن منصور الكوسج، وعبد الرحمن بن بشر، ومحمد بن يحيى الذهلي، وطبقتهم.
__________
= الهادي: الورقة 126 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 799 798، العبر: 2 / 169، طبقات الحفاظ: 333، شذرات الذهب: 2 / 275.
* العبر: 2 / 171، الوافي بالوفيات: 2 / 36، شذرات الذهب: 2 / 276.
(*)

(14/493)


حدث عنه: أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، والحافظ أبو علي النيسابوري، وأحمد بن منصور الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وزاهر بن
أحمد السرخسي، وآخرون.
مات بنوقان (1) في سنة سبع عشرة وثلاث مئة، وقد نيف على الثمانين.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر ابن طاهر، أخبرنا سعيد بن محمد البحيري، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا محمد بن أحمد بن زهير بطوس، حدثنا عبدالرحمن بن بشر، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، فذكر حديث: أرب ما له ؟ (2).
__________
(1) نوقان.
بالضم والقاف وآخره نون: إحدى قصبتي طوس.
لان " طوس " ولاية ولها مدينتان، إحداهما: طابران، والاخرى نوقان.
انظر " معجم البلدان " 5 / 311.
(2) أخرجه البخاري: 10 / 347 في الادب: باب فضل صلة الرحم، ومسم (13) في الايمان: باب بيان الايمان الذي يدخل به الجنة، كلاهما من طريق عبدالرحمن بن بشر، حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، وأبوه عثمان بن عبد الله: أنهما سمعا موسى بن طلحة، عن أبي أيوب الانصاري رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ؟ فقال القوم: ماله ماله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرب ماله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم.
ذرها قال: كأنه كان على راحلته.
وأخرجه البخاري: 3 / 209 208 في أول الزكاة، من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، وأخرجه مسلم (13) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن موسى بن طلحة، وعن أبي أيوب.
وأخرجه أيضا من طريق أبي الاحوص، عن أبي إسحاق، عن موسى بن طلحة، عن أبي أيوب.
وأخرجه النسائي: 1 / 234 في ثواب من أقام الصلاة، من طريق محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، عن بهز، عن شعبة.
وقوله: " أرب " روي بكسر الراء وفتح الباء.
قال الحافظ في " الفتح " 3 / 209
وظاهره الدعاء، والمعنى التعجب من السائل.
وقال النضر بن شميل: يقال: أرب الرجل في الامر: إذا بلغ فيه جهده.
وقال الاصمعي: أرب في الشئ: أي صار ماهرا فيه، فهو أريب، وكأنه تعجب من حسن فطنته والتهدي إلى موضع حاجته.
ويؤيده قوله في رواية لمسلم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد وفق " أو: " لقد هدي ".
وقال في " مقدمة الفتح " 76 75: قوله: أرب = (*)

(14/494)


278 - ابن لبابة * شيخ المالكية، أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة القرطبي، مولى آل عبيد الله بن عثمان.
روى عن: عبدالاعلى بن وهب، وأبان بن عيسى، وأصبغ بن خليل، والعتبي، وابن صباح.
وسمع " الموطأ " من يحيى بن مزين صاحب مطرف بن عبد الله.
انتهت إليه الامامة في المذهب.
قال ابن الفرضي: وكان حافظا لاخبار الاندلس، له حظ من النحو والشعر، ولي الصلاة بقرطبة.
وروى عنه خلق كثير، ولم يكن له علم بالحديث، بل ينقل بالمعنى.
مات في شعبان سنة أربع عشرة وثلاث مئة، وله تسعون سنة.
روى عنه: عبد الله بن محمد الباحي.
__________
= ماله: بفتح الالف والموحدة بينهما راء مكسورة، وبفتح أوله وثانية وتنوين الموحدة، ولابي ذر: بفتح الجميع.
فمن جعله فعلا، فمعناه: احتاج أو تفطن.
يقال: أرب، إذا عقل، فهو أريب.
وقيل: معناه: تعجب من حرصه.
وقيل: دعاء عليه بسقوط آرابه وهي أعضاؤه وهو كقول عمر رضي الله عنه: أربت عن بدنك، أي: تقطعت آرابك عن بدنك.
ومن جعله
اسما، فمعناه: حاجة جاءت به، وتكون " ما " فيه زائدة.
وأنكر عياض توجيه رواية أبي ذر، ووجهها ابن الاثير بأن معناه: أنه ذو خبرة وعلم.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 35 34، جذوة المقتبس: 98، بغية الملتمس: 144، العبر: 2 / 160 159، الديباج المذهب: 2 / 191 189، نفح الطيب: 3 / 171، شذرات الذهب: 2 / 269.
(*)

(14/495)


279 - علان * الامام المحدث العدل، أبو الحسن، علي بن أحمد بن سليمان بن ربيعة بن الصيقل علان المصري.
ولد سنة سبع وعشرين ومئتين، وكتب وهو مراهق في سنة أربعين ومئتين.
حدث عن: محمد بن رمح، وعمرو بن سواد، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن هشام بن أبي خيرة، وخلق من أقرانهم.
وكان ثقة، كثير الحديث، قاله ابن يونس.
قال: وكان أحد كبراء العدول، وفي خلقه زعارة (1).
مات في شوال سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
قلت: حدث عنه: ابن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، وعبيد الله ابن محمد بن أبي غالب البزار، ومحمد بن أحمد الاخميمي، وآخرون.
عاش تسعين سنة.

280 - وصيف بن عبد الله * * الحافظ الامام الثقة، أبو علي الرومي الانطاكي الاشروسني (2)، رحال جوال.
__________
(1) في " اللسان ": في خلقه زعارة بتشديد الراء وزعارة بالتخفيف: أي شراسة وسوء خلق.
* العبر: 2 / 171 170، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات الذهب: 2 / 276.
* * تاريخ ابن عساكر: 17 / 388 / أ.
(2) نسبة إلى " أشر وسنة " بالشين المعجمة كما في " البلدان ".
وضبطها السمعاني بالسين المهملة.
وهي بلدة كبيرة فيما وراء النهر، بين سيحون وسمرقند.
(*)

(14/496)


حدث عن: أحمد بن حرب الطائي، وحاجب بن سليمان المنبجي، وعلي بن سراج، وسليمان بن سيف الحراني، وطبقتهم.
روى عنه: أبو زرعة، وأبو بكر ابنا أبي دجانة، وأبو أحمد بن عدي، وحمزة الكناني، وأبو القاسم الطبراني، وأبو جعفر محمد بن الحسن اليقطيني.
حدث في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
281 - ابن بهلول * الامام العلامة المتفنن القاضي الكبير، أبو جعفر، أحمد بن إسحاق ابن بهلول بن حسان التنوخي الانباري، الفقيه الحنفي.
ولد سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
وسمع أبا كريب، ومحمد بن زنبور المكي، ويعقوب الدورقي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن المثنى، وأبا سعيد الاشج، وأباه إسحاق بن بهلول الحافظ، وعدة.
حدث عنه: محمد بن إسماعيل الوراق، وأبو حفص بن شاهين،
وأبو الحسن الدارقطني، وأبو طاهر المخلص، وآخرون.
وكان من رجال الكمال، إماما ثقة، عظيم الخطر، واسع الادب، تام المروءة، بارعا في العربية.
ولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة،
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 34 30، نزهة الالباء: 257 253، المنتظم: 6 / 234 231، معجم الادباء: 2 / 161 138، الكامل في التاريخ: 8 / 223، العبر: 2 / 171، الوافي بالوفيات: 6 / 237 235، البداية والنهاية: 11 / 165، الجوانر المضية: 1 / 59 57، بغية الوعاة: 1 / 296 295، شذرات الذهب: 2 / 276.
(*)

(14/497)


وعزل قبل موته بعام.
وكان له مصنف في نحو الكوفيين، وكان أديبا بليغا مفوها شاعرا.
قال ابن الانباري: ما رأيت صاحب طيلسان أنحى منه.
مات في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وكان أبوه (1) من كبار الحفاظ، لقي ابن عيينة وطبقته، وهم من بيت العلم والجلالة.
وكان أخوه بهلول بن إسحاق (2) ثقة مسندا، يروي عن سعيد بن منصور، وطبقته.
قال أبو بكر الخطيب (3): كان عند أبي جعفر حديث واحد عن أبي كريب، وكان ثقة.
وقال طلحة بن محمد: كان عظيم القدر، واسع الادب، تام المروءة، حسن الفصاحة والمعرفة بمذهب أهل العراق، ولكنه غلب عليه الادب، وكان لابيه مسند كبير.
إلى أن قال: وكان داود بن الهيثم بن إسحاق أسن من عمه أحمد، دام أحمد على قضاء المدينة من سنة ست
وتسعين ومئتين، وكان ثقة ثبتا، جيد الضبط، متفننا في علوم شتى، منها: الفقه لابي حنيفة، وربما خالفه، وكان تام اللغة، حسن القيام
__________
(1) هو الحافظ الناقد أبو يعقوب، إسحاق بن بهلول التنوخي الانباري، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 519 518، وفيها: وفاته في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين ومئتين، وله ثمان وثمانون سنة.
(2) قاضي الانبار، وخطيبها البليغ، ذكره المؤلف في " العبر " 2 / 110 وقال: " كان ثقة، صاحب حديث " توفي سنة ثمان وتسعين ومئتين.
(3) في " تاريخ بغداد " 4 / 30.
(*)

(14/498)


بنحو الكوفيين، صنف فيه، وكان واسع الحفظ للاخبار والسير والتفسير والشعر، وكان خطيبا مفوها، شاعرا لسنا، ذا حظ من الترسل والبلاغة، ورعا، متخشنا في الحكم، وقد ولي قضاء هيت (1) والانبار في سنة ست وسبعين، ثم قضاء بعض الجبل.
قال القاضي أبو نصر يوسف بن عمر: كنت أحضر دار المقتدر مع أبي وهو ينوب عن والده أبي عمر القاضي، فكنت أرى أبا جعفر القاضي يأتيه أبي فيجلس عنده، فيتذكران حتى يجتمع عليهما عدد من الخدم، فسمعت أبا جعفر يقول: أحفظ [ لنفسي من شعري ] خمسة عشر ألف بيت (2)، وأحفظ للناس أضعاف ذلك.
وقال القاضي أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر: كنت مع أبي في جنازة، وإلى جانبه أبو جعفر الطبري، فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسليه، فداخله الطبري في ذلك وذنب (3) معه، ثم اتسع الامر بينهما، وخرجا إلى فنون أعجبت من حضر، وتعالى النهار، فلما قمنا قال لي: يا
بني ! من هذا الشيخ ؟ قلت: هذا محمد بن جرير الطبري، فقال: إنا لله ! ما أحسنت عشرتي، ألا قلت لي، فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة ؟
__________
(1) قال ابن السكيت: سميت " هيت " لانها في هوة من الارض، انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، قال رؤبة: في ظلمات تحتهن هيت أي هوة من الارض.
وذكر أهل الاثر أنها سميت باسم بانيها وهو هيت بن السبندى..وهي بلدة على الفرات من نواحي بغداد، فوق الانبار، ذات نخل كثير، وخيرات واسعة، وبها قبر عبد الله بن المبارك رحمه الله.
انظر " معجم البلدان " 5 / 421 420.
(2) في الاصل: خمسة عشر ألف حديث، وما أثبتناه من " تاريخ بغداد " 4 / 32، و " معجم الادباء " 2 / 141.
(3) كذا الاصل، وفي " تاريخ بغداد ": دأب.
(*)

(14/499)


هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع.
فمضت مدة ثم حضرنا في حق رجل آخر، وجلسنا، وجاء الطبري، فجلس إلى جانب أبي، وتجاريا، فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري بعضها وينشدها أبي، وكلما ذكر شيئا من السير فكذلك، فربما تلعثم وأبي يمر في جميعه، فما سكت إلى الظهر.
أرخ موته ابن قانع، ويوسف القواس كما مر.
وقيل: مات سنة سبع عشرة، وهو وهم.

282 - الطرميسي * المحدث المعمر، أبو سعيد، الحسن بن يوسف بن يعقوب الهاشمي مولاهم الطرميسي، ولاؤه للحسين بن علي.
حدث عن: هشام بن عمار وغيره.
وعنه: عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان، ومحمد بن مسلم بن السمط، وعبد الوهاب الكلابي.
قال أبو الحسين الرازي: مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
قلت: له خبر منكر رواه ابن ذكوان المذكور عنه: حدثنا هشام، حدثنا بقية، حدثنا بحير، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " من بات كالا من عمله بات مغفورا له " (1).
__________
* تاريخ ابن عساكر: 4 / 324 / أ، معجم البلدان: 4 / 32، تهذيب ابن عساكر: 4 / 281.
(1) أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " خ 4 / 324 / أ، وهو ضعيف لضعف عبد الله بن محمد ابن عبد الغفار.
(*)

(14/500)


283 - ابن صاعد * يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب، الامام الحافظ المجود، محدث العراق، أبو محمد الهاشمي البغدادي، مولى الخليفة أبي جعفر المنصور، رحال جوال، عالم بالعلل والرجال.
قال: ولدت في سنة ثمان وعشرين ومئتين، وكتبت الحديث عن ابن ماسرجس سنة تسع وثلاثين.
قلت: سمع يحيى بن سليمان بن نضلة، وعبد الله بن عمران العابدي، ومحمد بن سليمان لوينا، وأحمد بن منيع، وسوار بن عبد الله القاضي، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، ويعقوب الدورقي، ومحمد ابن بشار، وعبد الجبار بن العلاء العطار، وعمرو بن علي الصيرفي،
وجميل بن الحسن الجهضمي، والحسن بن عرفة، ومؤمل بن هشام اليشكري، ومحمد بن عبد الله بن حفص الانصاري، وأبا هشام الرفاعي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن هشام المروزي، وسفيان ابن وكيع، والقاسم بن محمد المروزي، وعمر بن شبة، ومحمد بن يحيى ابن أبي حزم القطعي، وأزهر بن جميل، وأبا عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي المكي، وعلي بن الحسين الدرهمي، ومحمد بن عمرو بن سليمان، وأبا همام الوليد بن شجاع، وسعيد بن يحيى الاموي، وإسحاق بن شاهين، وعبيد الله بن يوسف الجبيري، والربيع بن سليمان
__________
* فهرست ابن النديم: 325، تاريخ بغداد: 14 / 234 231، تاريخ ابن عساكر: 18 / 89 / أ، المنتظم: 6 / 236 235، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 133 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 778 776، العبر: 2 / 174 173، دول الاسلام: 1 / 192، مرآة الجنان: 2 / 277، البداية والنهاية: 11 / 166، النجوم الزاهرة: 3 / 288، طبقات الحفاظ: 236 235، شذرات الذهب: 2 / 280.
(*)

(14/501)


المرادي، وبحر بن نصر الجولاني، وبكار بن قتيبة، وأبا مسلم الحسن ابن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وعبد الله بن شبيب الربعي، ويحيى ابن المغيرة المخزومي، ومحمد بن أبي عبدالرحمن المقرئ، وأبا سعيد الاشج، وأحمد بن المقدام العجلي، وحميد بن الربيع، وزيد بن أخزم، وعباد بن الوليد الغبري، وعبد الوهاب بن فليح المقرئ، ومحمد بن ميمون الخياط المكي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن منصور الجواز، والحسين بن الحسن المروزي، والزبير بن بكار، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن زنبور المكي، ومحمد بن إسماعيل البخاري،
ومحمد بن هشام بن ملاس الدمشقي، وسعيد بن محمد البيروتي، وخلقا كثيرا، وجمع، وصنف، وأملى.
حدث عنه: أبو القاسم البغوي وهو أكبر منه، والجعابي، والشافعي، والطبراني، وابن عدي، والاسماعيلي، وأبو سليمان بن زبر، وأبو عمر بن الحيويه، وأبو طاهر المخلص، وعيسى بن الوزير، وأبو مسلم الكاتب، وخلق كثير، وعبد الرحمن بن أبي شريح.
قال أبو يعلى الخليلي: كان يقال: أئمة ثلاثة في زمان واحد: ابن أبي داود، وابن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم.
قال الخليلي: ورابعهم أبو محمد بن صاعد، ثقة إمام يفوق في الحفظ أهل زمانه، ارتحل إلى مصر والشام والحجاز والعراق، منهم من يقدمه في الحفظ على أقرانه، منهم: أبو الحسن الدارقطني، مات في سنة ثمان عشرة.
قلت: ويقع لنا بل لاولادنا ولمن سمع منا جملة من عوالي حديثه.
كتب إلينا المسلم بن علان، عن القاسم بن عساكر، أخبرنا أبي،

(14/502)


أخبرنا علي بن أحمد بن البقشلان، أخبرنا أبو الحسن بن الابنوسي، أخبرنا عيسى بن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد ثقة من أصحابنا، حدثنا الحسن بن مدرك الطحان، حدثنا يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن داود بن عبد الله الاودي، عن حميد بن عبدالرحمن قال: دخلنا على أسير (1) رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قال رسول الله: " لا يأتيك من الحياء إلا خير " (2).
قال الدارقطني: لابن صاعد أخوان: يوسف بن محمد، يروي عن
خلاد بن يحيى وغيره، وأحمد الاوسط، حدث عن أبي بكر بن أبي شيبة، ولهم عم اسمه: عبد الله بن صاعد.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن يحيى بن محمد ابن صاعد، فقال: ثقة ثبت حافظ، وعمهم يحدث عن سفيان بن عيينة في التصوف والزهد.
وقال حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا بكر أحمد بن عبدان، فقلت: ابن صاعد أكثر حديثا أو الباغندي ؟ فقال: ابن صاعد [ أكثر
__________
(1) هو أسير بن عمرو الدرمكي، ويقال: يسير بالياء.
قال علي بن المديني: " أهل الكوفة يسمونه أسير بن عمرو، وأهل البصرة يسمونه أسير بن جابر ".
ولد مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات سنة خمس وثمانين، وهو معدود في كبار أصحاب ابن مسعود.
انظر " أسد الغابة " 1 / 116.
(2) رجاله ثقات، وهو في " تاريخ بغداد " 11 / 295.
وأخرجه ابن سعد في " طبقات الكبرى " 7 / 68 67 من طريق يحيى بن حماد بهذا الاسناد.
وذكره الحافظ ابن حجر في " الاصابة " 1 / 50 في ترجمة أسير وزاد نسبته للبخاري في " تاريخه " والبغوي، وابن السكن، وابن شاهين، من طريق أبي عوانة.
وهو في " أسد الغابة " 1 / 116.
وفي اللباب عن عمران بن حصين بلفظ: " الحياء لا يأتي إلا بخير " أخرجه البخاري: 10 / 433 في الادب: باب الحياء، ومسلم (37) في الايمان: باب بيان عدد شعب الايمان.
(*)

(14/503)


حديثا ]، ولا يتقدمه أحد في الدراية، والباغندي أعلى إسنادا منه.
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: لم يكن بالعراق في أقران أبي محمد بن صاعد أحد في فهمه، والفهم عندنا أجل من الحفظ.
قال الحاكم: وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: كان أبو عروبة لحقه
وصدقه، فقال لي: بلغني أن أبا محمد بن صاعد حدث عن محمد بن يحيى القطعي، عن عاصم بن هلال، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: " لا طلاق قبل نكاح ".
فقلت: حدثنا به من أصله فقال: هذه مسألة مختلف فيها من لدن التابعين، لو كان ثم أيوب، عن نافع، عن ابن عمر لكان علم النظار في الشهرة، ولما كانوا يحتجون ضرورة لحسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده (1).
وقال محمد بن المظفر الحافظ: حدثنا ابن صاعد من أصله بحديث محمد بن يحيى القطعي في: لا طلاق قبل نكاح ".
قال: فارتجت بغداد، وتكلم الناس بما تكلموا به، فبينما نحن ذات يوم عند علي بن الحسين الصفار نكتب من أصوله، إذ وقع بيدي جزء من حديث محمد بن يحيى القطعي، فنظرت فوجدت الحديث في الجزء، فلم أخبر أصحابي، وعدوت إلى باب ابن صاعد، فسلمت عليه وقلت: البشارة.
فأخذ الجزء ورمى به، ثم أسمعني فقال: يا فاعل ! حديث أحدث به، أنا، أحتاج أن يتابعني عليه علي بن الحسين الصفار.
__________
(1) حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا طلاق إلا فيما تملك.
" أخرجه أحمد في " المسند " 2 / 189 و 190 و 207، وأبو داود (2190) في الطلاق: باب الطلاق قبل النكاح، وابن ماجه (2047) والترمذي (1181) في الطلاق: باب ما جاء لا طلاق قبل نكاح، وسنده حسن.
وانظر " زاد المعاد " 5 / 215 وما بعدها.
(*)

(14/504)


قال البرقاني: قال لي الفقيه أبو بكر الابهري: كنت عند ابن صاعد، فجاءته امرأة، فقالت له: أيها الشيخ ! ما تقول في بئر سقطت فيه
دجاجة فماتت، هذا الماء طاهر أو نجس ؟ فقال يحيى: ويحك ! كيف سقطت الدجاجة ؟ ألا غطيتيه ؟ قال الابهري: فقلت لها: إن لم يكن الماء تغير، فهو طاهر، ولم يكن عند يحيى من الفقه ما يجيب المرأة.
قال الخطيب (1): قد كان ابن صاعد ذا محل من العلم عظيم، وله تصانيف في السنن و [ ترتيبها على ] الاحكام، ولعله لم يجب المرأة ورعا، فإن المسألة فيها خلاف.
قال ابن شاهين وغيره: توفي ابن صاعد بالكوفة في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وثلاث مئة عن تسعين سنة وأشهر.
وقد ذكرنا مخاصمة بينه وبين ابن أبي داود، وحط كل واحد منهما على الآخر في ترجمة ابن أبي داود، وحط كل واحد منهما على الآخر في ترجمة ابن أبي داود، ونحن لا نقبل كلام الاقران بعضهم في بعض، وهما بحمد الله ثقتان.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي بالثغر: أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن خالدا الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن أسامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الربا في النساء " (2).
__________
(1) في " ترجمة " 14 / 233، وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 4 / 318 في البيوع: باب بيع الدينار بالدينار نساء، من طريق ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، عن أبي صالح أنه سمع أبا سعيد = (*)

(14/505)


وبه: عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا، ولا ركب الكور رجل أفضل من جعفر (1).
هذا ثابت عن أبي هريرة ولا ينبغي أن يزعم زاعم أن مذهبه: أن جعفرا أفضل من أبي بكر وعمر.
فإن هذا الاطلاق ليس هو على عمومه، بل يخرج منه الانبياء والمرسلون، فالظاهر أن أبا هريرة لم يقصد أن يدخل أبا بكر ولا عمر رضي الله عنهم.
ومات مع ابن صاعد أبو عروبة الحراني الحافظ، والقاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول التنوخي، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن المغلس البغدادي صاحب لوين.
وإسماعيل بن داود بن وردان المصري صاحب ابن رمح.
والحسن بن علي بن أحمد بن بشار البغدادي العلاف المقرئ، والمسند أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي، والحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الاسفراييني، وأبو
__________
= الخدري يقول: " الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم " فقلت له: إن ابن عباس لا يقوله، فقال أبو سعيد: سألته فقلت: سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله تعالى ؟ فقال: كل ذلك، لا أقول وأنتم أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولكني أخبرني أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لاربا إلا في النسيئة ".
وأخرجه مسلم (1596) في المساقاة، والنسائي: 7 / 281، وأحمد: 5 / 200 و 209 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح به.
وأخرجه أحمد: 5 / 204، ومسلم (1596) (102) من طريق سفيان، عن عبد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس، عن أسامة.
وأخرجه أحمد: 5 / 202 من طريق ابن إسحاق، حدثنى عبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن سعيد بن المسيب، عن أسامة.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي (3768) في المناقب: باب مناقب جعفر بن أبي طالب، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم: 3 / 209 ووافقه الذهبي.
والاحتذاء: لبس الحذاء.
والمطايا: جمع مطية، وهي ما يركب من الابل، أي: يركب مطاها وهو ظهرها.
والكور بضم الكاف سرج البعير، واسمه الرحل.
(*)

(14/506)


بكر محمد بن إبراهيم بن نيروز الانماطي، وشيخ الفقهاء أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بمكة.
وأبو بكر محمد بن يوسف بن حماد الاستراباذي روى عن: أبي بكر بن أبي شيبة الكتب، وزنجويه بن محمد النيسابوري اللباد، وأبو يعلى محمد بن زهير الابلي.

284 - الروياني * الامام الحافظ الثقة، أبو بكر، محمد بن هارون الروياني، صاحب المسند المشهور.
قرأت على محمد بن يوسف الذهبي، أخبرنا إبراهيم بن بركات، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعدويه، أخبرنا أبو الفضل عبدالرحمن بن أحمد، أخبرنا جعفر بن عبد الله، أخبرنا محمد بن هارون الروياني، حدثنا مبشر بن حسن البصري، أخبرنا أبو داود، حدثنا حميد بن مهران، عن سعد بن أوس، عن زياد بن كسيب، العدوي قال: خرج عبد الله بن عامر إلى الجمعة وعليه ثياب رقاق، وأبو بلال تحت المنبر، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميركم يلبس لباس الفساق.
فقال أبو بكرة وهو تحت المنبر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أهان سلطان الله في الارض، أهانه الله " (1).
__________
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة: 129 / 2، تذكرة الحافظ: 2 / 754 752، العبر: 2 / 135، الوافي بالوفيات: 5 / 148، مرآة الجنان: 2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 131، طبقات الحفاظ: 317 316، شذرات الذهب: 2 / 251، الرسالة المستطرفة: 72.
(1) إسناده حسن، وهو في " مسند الطيالسي " 2 / 167، وأحمد: 5 / 42 و 49، والترمذي (2224) في الفتن، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(*)

(14/507)


أبو بلال هذا هو مرداس ابن أدية، خارجي، ومن جهله عد ثياب الرجال الرقاق لباس الفساق.
أخرجه الروياني في " مسنده ".
وقد حدث عن أبي الربيع الزهراني، وإسحاق بن شاهين، وأبي كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن حميد الرازي، وعمرو بن علي الفلاس، ويحيى بن حكيم المقوم، وأبي زرعة الرازي، وابن وارة، وخلق سواهم.
وله الرحلة الواسعة، والمعرفة التامة.
حدث عنه: أبو بكر الاسماعيلي، وإبراهيم بن أحمد القرميسيني، وجعفر بن عبد الله بن فناكي، وآخرون.
وثقه أبو يعلى الخليلي، وذكر أن له تصانيف في الفقه، وأنه مات سنة سبع وثلاث مئة.
وحكى الحافظ أحمد بن منصور الشيرازي أنه سمع محمد بن أحمد الصحاف قال: سمعت أبا العباس البكري يقول: جمعت الرحلة بمصر بين محمد بن جرير، وابن خزيمة، ومحمد بن نصر، ومحمد بن هارون الروياني، فأرملوا، ولم يبق عندهم قوت، وجاعوا، فاجتمعوا في بيت، واقترعوا على أن من خرجت عليه القرعة يسأل لهم، قال: فخرجت على
ابن خزيمة.
فقال: أمهلوني حتى أصلي.
وقام، فإذا هم بسمعة وخصي من قبل أمير مصر، ففتحوا له، فقال: أيكم محمد بن نصر ؟ فقيل: هذا.
فأخرج صرة فيها خمسون دينارا، فدفعها إليه، ثم قال: أيكم محمد بن جرير ؟ قالوا: هذا.
فأعطاه مثلها، ثم أعطى كذلك لابن خزيمة والروياني، ثم حدثهم أن الامير كان قائلا بالامس، فرأى في نومه أن المحامد جياع قد طووا، فأنفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم: إذا

(14/508)


نفدت أن تعرفوني (1).
أخبرنا قاضي القضاة تقي الدين سليمان بن حمزة غير مرة: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا أبو زرعة عبيد الله بن محمد، أخبرنا الحسين بن عبدالملك، أخبرنا عبدالرحمن بن أحمد الرازي، أخبرنا جعفر بن عبد الله، حدثنا محمد بن هارون الروياني، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا فليح، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد: أن وليدة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حملت من الزنى، فسئلت: من أحبلك ؟ قالت: أحبلني المقعد.
فسئل، فاعترف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه لضعيف عن الجلد " فأمر بمئة عثكول، فضرب بها ضربة واحدة.
هذا حديث غريب صالح الاسناد (2)، أخرجه النسائي من طريق أبي
__________
(1) سبق ذكر هذا الخبر في ترجمة محمد بن جرير الطبري.
انظر الحاشية (2) من الصفحة 271 من هذا الجزء.
(2) كيف وفيه فليح بن سليمان، وهو كثير الخطأ.
ونقل الحافظ في " التلخيص " 4 / 59 أن الدارقطني قال بعد أن رواه من حديث فليح، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد:
" وهم فيه فليح، والصواب: عن أبي حازم، عن أبي أمامة بن سهل ".
ورواه أبو داود (4472) من حديث الزهري، عن أبي أمامة، عن رجل من الانصار، ورواه النسائي: من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة بن سهل، عن أبي سعيد الخدري.
قال الحافظ: فإن كانت الطرق كلها محفوظة، فيكون أبو أمامة قد حمله عن جماعة من الصحابة، وأرسله مرة.
وقال في " بلوغ المرام ": إسناد هذا الحديث حسن، ولكن اختلف في وصله وإرساله.
وأخرجه أحمد: 5 / 222، وابن ماجه (2574) من طريق ابن إسحاق، عن يعقوب بن عبد الله بن الاشج، عن أبي أمامة بن سهل، عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: كان بين أبياتنا رجل مخدج ضعيف، فلم يرع إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث بها، فرفع شأنه سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: " اجلدوه ضرب مئة سوط " قالوا: يا نبي الله هو أضعف من ذلك.
لو ضربناه مئة سوط مات.
قال: " فخذوا له عثكالا فيه مئة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة ".
(*)

(14/509)


حازم، ويحتج به من يسوغ الحيل (1).

285 - أبو عروبة * الامام الحافظ المعمر الصادق، أبو عروبة، الحسين بن محمد بن أبي معشر مودود السلمي الجزري الحراني، صاحب التصانيف.
ولد بعد العشرين ومئتين، وأول سماعه في سنة ست وثلاثين ومئتين.
سمع مخلد بن مالك السلمسيني، ومحمد بن الحارث الرافقي، ومحمد بن وهب ابن أبي كريمة، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وعبد الجبار بن العلاء، والمسيب بن واضح، وأحمد بن بكار بن أبي ميمونة،
ومحمد بن سعيد بن حماد الانصاري، وأبا يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن زنبور المكي، وأيوب بن محمد الوزان، وعمرو ابن عثمان الحمصي، وكثير بن عبيد، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، ومعلل بن نفيل النهدي صاحب زهير بن معاوية، ومحمد بن بشار، وعبد الوهاب بن الضحاك، ومحمد بن مصفى الحمصي، وخلقا سواهم
__________
(1) جمهور العلماء من الائمة يستدلون بهذا الحديث وبغيره على إباحة الحيل التي تكون وسيلة إلى منفعة مشروعة، وأما الحيل التي تتضمن إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وجعل ما ليس بشرعي لابسا المظهر الشرعي، فلا يستريب أحد في أنها من كبائر الاثم، وأقبح المحرمات، وهي من التلاعب بدين الله، واتخاذ آياته هزوا، وهي حرام في نفسها لكونها كذبا وزورا، وحرام من جهة المقصود بها وهو إبطال حق وإثبات باطل.
وقد بسط القول في الحيل وأنواعها ما هو محرم منها وما هو مباح بسطا وافيا الامام ابن القيم في كتابه " إعلام الموقعين " 3 / 159 وما بعده فليراجع.
* مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 775 774، العبر: 2 / 173 172، دول الاسلام: 1 / 192، مرآة الجنان: 2 / 277، طبقات الحفاظ: 325، شذرات الذهب: 2 / 279، الرسالة المستطرفة: 55.
(*)

(14/510)


بالجزيرة، والشام.
والحجاز، والعراق.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان، وأبو أحمد بن عدي، وأبو الحسين محمد بن المظفر، والقاضي أبو بكر الابهري، وعمر بن علي القطان، وأبو أحمد الحاكم، وأبو مسلم عبدالرحمن بن محمد بن مهران، وأحمد ابن محمد بن الجراح المصري ابن النحاس، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو الحسن علي بن الحسن بن علان الحراني، وأبو علي سعيد بن عثمان بن
السكن، وأبو بكر أحمد بن محمد بن السني، وأبو الشيخ بن حيان، وأبو الحسن محمد بن الحسين الآبري، ومحمد بن جعفر البغدادي غندر الوراق، وأبو الفتح محمد بن الحسين بن بريدة الازدي، وخلق سواهم.
وله كتاب: " الطبقات "، وكتاب: " تاريخ الجزيرة "، سمعناه.
قال ابن عدي: كان عارفا بالرجال وبالحديث، وكان مع ذلك مفتي أهل حران، شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين.
وقال أبو أحمد الحاكم في " الكنى ": أبو عروبة الحسين بن محمد ابن مودود بن حماد السلمي، سمع عبدالرحمن بن عمرو البجلي، وأبا وهب بن مسرح، وكان من أثبت من أدركناه، وأحسنهم حفظا، يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث، والفقه، والكلام.
وقد ذكره أبو القاسم بن عساكر في ترجمة معاوية، فقال: كان أبو عروبة غاليا في التشيع، شديد الميل على بني أمية.
قلت: كل من أحب الشيخين فليس بغال، بلى من تعرض لهما بشئ من تنقص، فإنه رافضي غال، فإن سب، فهو من شرار الرافضة، فإن كفر، فقد باء بالكفر، واستحق الخزي، وأبو عروبة فمن أين يجيئه الغلو وهو صاحب حديث وحراني ؟ بلى لعله ينال من المروانية فيعذر.

(14/511)


قال القراب: مات سنة ثماني عشرة وثلاث مئة.
قرأت على أحمد بن هبة الله، عن أبي روح الهروي: أخبرنا زاهر، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا أبو عروبة، حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا خالد بن حيان، حدثنا سالم أبو المهاجر، عن ميمون بن مهران، عن أبي هريرة وعائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم
توضأ ثلاثا ثلاثا " (1).

286 - ابن طلاب * الشيخ العالم، الخطيب الصدوق، أبو الجهم، أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاب الدمشقي ثم المشغراني، خطيب مشغرا.
أصله من قرية بيت لهيا (2)، وكان يؤدب بها، ثم تحول إلى مشغرا.
وكان يقدم دمشق ويحدث عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وهشام بن خالد الازرق، وعلي بن سهل الرملي، وعدة.
__________
(1) إسناده حسن.
وفي الباب عن علي رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا " أخرجه الترمذي (44) وأبو داود (116) وغيرهما، وإسناده صحيح.
وفي صحيح مسلم برقم (230) أن عثمان توضأ بالمقاعد اسم موضع بالمدينة فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ثم توضأ ثلاثا ثلاثا.
ورواه البخاري: 1 / 226 بأطول من هذا، وبوب له باب الوضوء ثلاثا ثلاثا.
* الانساب: 531 / ب، معجم البلدان: 5 / 134، العبر: 2 / 175، الوافي بالوفيات: 6 / 334، النجوم الزاهرة: 3 / 232، شذرات الذهب: 2 / 281.
(2) قال ياقوت: بكسر اللام، وسكون الهاء، وياء وألف، كذا يتلفظ بها، والصحيح: بيت الالاهة.
وهي قرية مشهورة بغوطة دمشق، وللشعراء فيها أشعار كثيرة، منها قول الاطرابلسي: سقاها وروى من النيرين * إلى الغيضتين وحمورية إلى بيت لهيا إلى برزة * دلاح مكفكفة الاوعبة والنسبة إلى بيت لهيا: بتلهي.
انظر " معجم البلدان " 1 / 522.
(*)

(14/512)


حدث عنه: أبو الحسن الرازي والد تمام، وأبو بكر بن المقرئ،
وأبو أحمد الحاكم، وأبو سليمان بن زبر، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون.
قال أبو الحسين الرازي: أصله من بيت لهيا، كان يعلم بها، ثم انتقل إلى مشغرا (1) قرية على سفح جبل لبنان، فصار خطيبها، وكان كثيرا ما يأتي إلى دمشق، فمات بها في سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
وذكر ابن زبر أن طلاب سقط من دابته، فمات لوقته.
قلت: وجدهم هو طلاب بن كثير.
وفيها توفي سفيان بن محمد بن يحيى بن مندة، والفضل بن الخصيب بن نصر، ووالد أبي الشيخ، والمؤمل بن الحسن الماسرجسي، وأحمد بن محمد بن إسحاق العنزي، صاحب علي بن حجر، وعلي بن الحسين بن معدان الفسوي، وأبو بكر أحمد بن محمد ابن عمر المنكدري، وأبو عبيد بن حربويه القاضي، وأسلم بن عبد العزيز الاندلسي.

287 - سعيد بن عبد العزيز * ابن مروان، المحدث الصادق الزاهد القدوة، أبو عثمان الحلبي، نزيل دمشق.
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 5 / 134.
* تاريخ ابن عساكر: 7 / 148 / أ، العبر: 2 / 173، الوافي بالوفيات: 15 / 239 238، النجوم الزاهرة: 3 / 227، شذرات الذهب: 2 / 279، تهذيب ابن عساكر: 6 / 152، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 17.
(*)

(14/513)


سمع أحمد بن أبي الحواري، وأبا نعيم عبيد بن هشام، وعبد
الرحمن بن عبيد الله الحلبي، والقاسم بن عثمان الجوعي، ومحمد بن مصفي، والسري السقطي، وبركة بن محمد الحلبي، وعدة، وصحب سريا السقطي.
وهو من جلة مشايخ الشام وعلمائهم، قاله السلمي.
حدث عنه: أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي، وأبو بكر الربعي، وأبو سليمان بن زبر، والقاضي علي بن الحسين الاذني، والحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر بن المقرئ، والقاضي أبو بكر الابهري، وأبو بكر بن السني، وخلق خاتمتهم عبد الوهاب الكلابي أخو تبوك.
قال الحاكم في " الكنى ": كان من عباد الله الصالحين.
وقال أبو نعيم (1) الحافظ: تخرج به جماعة من الاعلام كإبراهيم بن المولد.
وكان ملازما للشرع، متبعا له.
قلت: يعني أنه كان سليما من تخبيطات الصوفية وبدعهم.
قال ابن زبر: مات سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وقال أبو الحسين الرازي: مات سنة سبع عشرة.
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة.

288 - العلاف * الامام المقرئ الاديب، أبو بكر، الحسن بن علي بن أحمد بن
__________
(1) في " الحلية " 10 / 366.
* تاريخ بغداد: 7 / 380 379، الانساب: 402 / ب، المنتظم: 6 / 238 237، = (*)

(14/514)


بشار النهرواني ثم البغدادي الضرير، نديم المعتضد.
تلا على أبي عمر الدوري، وأقرأ، فتلا عليه أبو بكر الشذائي، وأبو
الفرج الشنبوذي، وطائفة.
وحدث عن: الدوري، ونصر بن علي، وحميد بن مسعدة، ومحمد بن إسماعيل الحساني.
فروى عنه: ابن حيويه، وعمر بن شاهين، وعبد الله بن النخاس، وأبو الحسن الجراحي، وآخرون.
وعمر دهرا، وأضر.
وكان له قط يحبه ويأنس به، فدخل برج حمام غير مرة، وأكل الفراخ، فاصطادوه وذبحوه، فرثاه بقصيدة طنانة.
ويقال: بل رثى بها ابن المعتز، وورى بالهر، وكان ودودا له.
وعن ابنه أبي الحسن بن العلاف قال: إنما كنى أبي بالهر عن ابن الفرات المحسن ولد الوزير.
وعن آخر قال: هويت جارية للوزير علي بن عيسى غلاما لابن العلاف الضرير، فعلم بهما الوزير، فقتلهما، وسلخهما وحشاهما تبنا، فرثاه أستاذه ابن العلاف وكنى عنه بالهر فالله أعلم فقال: يا هر فارقتنا ولم تعد * وكنت عندي بمنزل (1) الولد
__________
= وفيات الاعيان: 2 / 111 107، العبر: 2 / 172، طبقات القراء للذهبي: 1 / 197، الوافي بالوفيات: 12 / 173 169، نكت الهميان: 142 139، مرآة الجنان: 2 / 278 277، البداية والنهاية: 11 / 166، طبقات القراء للجزري: 1 / 222، النجوم الزاهرة: 3 / 231 230، شذرات الذهب: 2 / 279 277.
(1) في الاصل " بمنزلة " وهي خطأ، لا يستقيم بها الوزن.
وما أثبتناه من مصادر تخريج القصيدة.
(*)

(14/515)


وكيف ننفك عن هواك وقد * كنت لنا عدة من العدد
وتخرج الفأر من مكامنها * ما بين مفتوحها إلى السدد يلقاك في البيت منهم مدد * وأنت تلقاهم بلا مدد حتى اعتقدت الاذى لجيرتنا * ولم تكن للاذى بمعتقد (1) وحمت حول الردى بظلمهم * ومن يحم حول حوضه يرد وكان قلبي عليك مرتعدا * وأنت تنساب غير مرتعد تدخل برج الحمام متئدا * وتبلع الفرخ غير متئد وتطرح الريش في الطريق لهم * وتبلع اللحم بلع (2) مزدرد أطعمك الغي لحمها فرأى * قتلك أصحابها من الرشد كادوك دهرا فما وقعت وكم * أفلت من كيدهم ولم تكد فحين أخفرت وانهمكت وكا * شفت وأشرفت غير مقتصد صادوك غيظا علك وانتعموا * منك وزادوا ومن يصد يصد ثم شفوا بالحديد أنفسهم منك * ولم يرعووا على أحد ولم تزل للحمام مرتصدا * حتى سقيت الحمام بالرصد لم يرحموا صوتك الضعيف كما * لم ترث يوما لصوتها الغرد (3) أذاقك الموت ربهن كما * أذقت أفراخه بيدا بيد كأن حبلا حوى بجودته * جيدك للخنق كان من مسد كأن عيني تراك مضطربا * فيه وفي فيك رغوة الزبد
__________
(1) ورد الشطر الاول في الاصل.
حتى اعتقدت الاذى منها لجيرتنا.
وبهذا يخرج الشطر من المنسرح إلى البسيط.
(2) في " الوافي بالوفيات ": غير.
(3) في " الاصل " الرغد، وهو خطأ، وما أثبتناه من مصادر تخريج القصيدة.
(*)

(14/516)


وقد طلبت الخلاص منه فلم * تقدر على حيلة ولم تجد فجدت بالنفس والبخيل بها * كنت ومن لم يجد بها يجد فما سمعنا بمثل موتك إذ * مت ولا مثل حالك النكد عشت حريصا يقوده طمع * ومت ذا قاتل بلا قود يا من لذيذ الفراخ أوقعه * ويحك ! هلا قنعت بالغدد ألم تخف وثبة الزمان وقد * وثبت في البرج وثبة الاسد عاقبة البغي (1) لا تنام وإن * تأخرت مدة من المدد أردت أن تأكل الفراخ ولا * يأكلك الدهر أكل مضطهد (2) هذا بعيد من القياس وما * أعزه في الدنو والبعد لا بارك الله في الطعام إذا * كان هلاك النفوس في المعد كم دخلت لقمة حشا شره * فأخرجت روحه من الجسد ما كان أغناك عن تسلقك ال * بروج ولو كان جنة الخلد قد كنت في نعمة وفي دعة * من العزيز المهيمن الصمد تأكل من فأر دارنا رغدا * أكل جزاف نام بلا عدد (3) وكنت بددت شملهم زمنا * فاجتمعوا بعد ذلك البدد ولم يبقوا لنا على سبد * في جوف أبياتنا ولا لبد وفرغوا قعرها وما تركوا * ما علقته يد على وتد وفتتوا الخبز في السلال فكم * تفتتت للعيال من كبد ومزقوا من ثيابنا جددا * فكلنا في مصائب جدد
__________
(1) في " الوافي بالوفيات ": الظلم.
(2) في " نكت الهميان ": مصطيد.
(3) ورد هذا البيت في " الوافي بالوفيات " كما يلي: تأكل من فأر بيتنا رغدا * وأين بالشاكرين للرغد (*)

(14/517)


وهي خمسة وستون بيتا (1).
توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مئة، وله مئة عام.
والنهرواه: بالفتح، ووهم السمعاني فضم راءة.

289 - البتاني * صاحب الزيج المشهور، أبو عبد الله، محمد بن جابر بن سنان الحراني البتاني، الحاسب المنجم، له أعمال وأرصاد وبراعة في فنه، وكان صابئا ضالا، فكأنه أسلم وتسمى بمحمد، وله تصانيف في علم الهيئة.
وبتان بمثناة مثقلة (2) قرية من نواحي حران، مات راجعا من بغداد بقصر الحضر (3)، وهي بليدة بقرب تكريت، وفي ذلك يقول عدي بن زيد: وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج * لة تجبى إليه والخابور وهو الملك ضيزن، ويلقب بالساطرون، لفظة سريانية، معناه الملك، وكان هذا من الملك الطوائف، أقام أزدشير يحاصره أربع سنين ولا يقدر عليه.
وكانت لضيزن بنت فائقة الجمال، فلمحت من الحصن
__________
(1) وردت مقطعات من هذه القصيدة في " وفيات الاعيان " 2 / 111 109، و " نكت الهميان " 142 140، و " الوافي بالوفيات " 12 / 172 170، و " شذرات الذهب " 2 / 279 278.
* فهرست ابن النديم: 390 389، معجم البلدان: 1 / 334، تاريخ الحكماء:
280، وفيات الاعيان: 5 / 167 164، الوافي بالوفيات: 2 / 283، مرآة الجنان: 2 / 275 274، شذرات الذهب: 2 / 276.
(2) انظر " معجم البلدان " 1 / 334.
(3) " معجم البلدان " 2 / 269 267.
(*)

(14/518)


أزدشير، فأعجبها وهويته، فأرسلت إليه يتزوجها، وتفتح له الحصن، فقيل: كان عليه طلسم، فلا يفتح حتى تؤخذ حمامة، تخضب رجلاها بحيض بكر زرقاء، ثم تسيب الحمامة فتحط على السور، فيقع الطلسم، ففعل ذلك، وأخذ الحصن، ثم لما رآها أزدشير قد أسلمت أباها مع فرط كرامتها عليه قال: أنت أسرع إلي بالغدر.
فربط ضفائرها بذنب فرس، وركضه، فهلكت (1).
توفي البتاني سنة سبع عشرة وثلاث مئة.

290 - محمد بن زبان * ابن حبيب، الامام القدوة الحجة، أبو بكر الحضرمي، محدث مصر.
سمع أباه، ومحمد بن رمح، وأبا الطاهر بن السرح، وزكريا بن يحيى كاتب العمري، والحارث بن مسكين، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو سعيد بن يونس، وطاهر بن أحمد الخلال، وأبو بكر بن المقرئ، وإبراهيم بن أحمد رئيس المؤذنين، وأبو عدي عبد العزيز بن الامام، ومحمد بن محمد بن عمار الدمياطي، ومحمد بن أحمد ابن العباس الاخميمي، وخلق سواهم.
قال ابن يونس: قال لي: ولدت في سنة خمس وعشرين ومئتين.
__________
(1) ذكر القصة ابن هشام في " السيرة " 1 / 73 72، وعنده " سابور " بدل " أردشير " وانظر أيضا: " الروض الانف " 1 / 93 91، و " الاخبار الطوال " 49 48، و " معجم البلدان " 2 / 268.
* الاكمال لابن ماكولا: 4 / 115، العبر: 2 / 171، المنتظم: 6 / 230، حسن المحاضرة: 1 / 368، شذرات الذهب: 2 / 276 (*)

(14/519)


وكان رجلا صالحا، متقللا، فقيرا، لا يقبل من أحد شيئا، وكان ثقة ثبتا.
توفي في جمادى الاولى سنة سبع عشرة وثلاث مئة.

291 - ابن معدان * الشيخ أبو الحسن، علي بن الحسين بن معدان الفارسي الفسوي.
حدث عن: إسحاق بن راهويه، وأبي عمار الحسين بن حريث.
وعنه: شيخ النحو أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي، وأبو بكر محمد بن أحمد الاصبهاني السمسار، ومحمد بن القاسم بن بشر الفارسي شيخ لابن باكويه.
أرخ موته أبو القاسم بن مندة في سنة تسع عشرة وثلاث مئة في شهر ربيع الاول.
ما علمت فيه ضعفا بعد.

292 - ابن المغلس * * الامام المحدث الثقة، أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن المغلس البغدادي البزاز، أخو جعفر.
سمع من محمد بن سليمان لوين، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأبي
__________
* لن نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
* * تاريخ بغداد: 5 / 105 104، العبر: 2 / 172، شذرات الذهب: 2 / 277 276.
(*)

(14/520)


همام الوليد بن شجاع، وطائفة.
حدث عنه: أبو الفتح يوسف القواس، وأبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وآخرون.
وكان من المكثرين عن لوين.
مات في عشر المئة في جمادى الاولى سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.

أخوه:
293 جعفر بن محمد بن المغلس * وثقة الدارقطني.
سمع حوثرة بن محمد المنقري، وأبا سعيد الاشج، وأحمد بن سنان القطان.
روى عنه: ابن شاهين، وأبو حفص الكتاني.
مات سنة تسع عشرة، وكان أصغر من أخيه.
وابنه: عبد الله بن أحمد فقيه الظاهرية سيأتي.

294 - ابن وردان * * الشيخ العالم المسند، أبو العباس، إسماعيل بن داود بن وردان المصري البزاز.
سمع عيسى بن حماد، ومحمد بن رمح، وزكريا كاتب العمري، وغيرهم.
حدث عنه: أبو سعيد بن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 211 - 212، المنتظم: 6 / 237.
* * العبر: 2 / 172، حسن المحاضرة: 1 / 368، شذرات الذهب: 2 / 277.
(*)

(14/521)


أحمد الاخميمي، وآخرون.
توفي في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.

295 - زنجويه * الشيخ القدوة، الزاهد العابد، الثقة، أبو محمد، زنجويه بن محمد بن الحسن النيسابوري اللباد.
سمع محمد بن رافع، ومحمد بن أسلم الطوسي، وحسين بن عيسى البسطامي، وحميد بن الربيع، وأحمد بن منصور الرمادي، وكان صاحب رحلة ومعرفة.
حدث عنه أبو علي الحافظ، وأبو الفضل بن إبراهيم، والحسن بن أحمد المخلدي، وآخرون.
توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.

296 - عبد الحكم * * ابن أحمد بن محمد بن سلام، الشيخ الصدوق، أبو عثمان الصدفي مولاهم المصري.
حدث عن: عيسى بن حماد زغبة، وأبي الطاهر بن السرح، وذي النون المصري، وطائفة.
__________
* الانساب: 493 / ب.
* * لم نقف له على ترجمة فيما وقفنا عليه من المصادر.
(*)

(14/522)


روى عنه: ابن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، وجماعة.
قال ابن يونس: كان صدوقا إلا أنه انقطع من أوائل أصوله شئ، ولم يكن ممن يميز، فروى ما لم يسمع، فثبتناه، فرجع.
وكان كثير الحديث، قال لي: إنه ولد سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
توفي سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.

297 - الباشاني * المحدث الثقة، أبو علي، أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباشاني الهروي.
سمع علي بن خشرم، وسفيان بن وكيع، وأحمد بن عبد الله الفرياناني، وغيرهم.
وعنه: أبو عبد الله بن أبي ذهل، وأبو بكر بن أبي إسحاق القراب، وزاهر السرخسي، ومحمد بن محمد بن جعفر الماليني، وآخرون.
وقد وثق.
توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

298 - واعظ بلخ * * الامام الكبير الزاهد، العلامة، شيخ الاسلام، أبو عبد الله،
__________
* العبر: 2 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 63، شذرات الذهب: 2 / 288.
* * طبقات الصوفية: 216 212، حلية الاولياء: 10 / 233 232، الرسالة القشيرية: 21، المنتظم: 6 / 240 239، صفة الصفوة: 4 / 165، العبر: 2 / 176، الوافي بالوفيات: 4 / 322، مرآة الجنان: 2 / 278، البداية والنهاية: 11 / 167، طبقات الاولياء: 301 300، النجوم الزاهرة: 3 / 231، شذرات الذهب: 2 / 283 282، الرسالة المستطرفة: 21 (*)

(14/523)


محمد بن الفضل بن العباس البلخي الواعظ، نزيل سمرقند وتلك الديار.
صحب أحمد بن خضرويه البلخي، وكان آخر من حدث في الدنيا عن قتيبة بن سعيد.
قال السلمي (1): حدثنا علي بن القاسم الخطابي الواعظ بمرو حدثنا محمد بن الفضل البلخي الصوفي بسمرقند، حدثنا قتيبة بن سعيد.
فذكر حديثا (2).
قال السلمي: سمعت محمد بن علي الحيري يقول: سمعت أبا عثمان الحيري يقول: لو وجدت من نفسي قوة لرحلت إلى أخي محمد بن الفضل، فأستروح برؤيته.
وقد روى عن هذا الشيخ البلخي أبو بكر محمد بن عبد الله الرازي، وروى عنه أبو بكر بن المقرئ، في " معجمه " بالاجازة.
ومن مشايخه أبو بشر محمد بن مهدي صاحب ابن السماك الواعظ، وقد حدث عنه أيضا، إسماعيل بن نجيد، وإبراهيم بن محمد
__________
(1) في " طبقات الصوفية " ص 213.
(2) وتمامه: حدثنا الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من الانبياء من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر.
وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ".
وإسناده صحيح، وأخرجه البخاري في صحيحه: 9 / 6 4 في أول فضائل القرآن، من طريق عبد الله بن ويوسف، ومسلم (152) في الايمان: باب وجوب الايمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من طريق قتيبة بن سغيد، كلاهما عن الليث به.
وأخرجه أحمد: 2 / 341 و 451 من طريق يونس وحجاج عن الليث.
وقوله: " وإنما كان الذي أوتيته وحيا " أراد أن معجزتي التي تحديث بها هي الوحي الذي
أنزل علي، وهو القرآن، وذلك لما اشتمل عليه من الاعجاز الواضح.
وليس المراد حصر معجزاته فيه، ولا أنه لم يؤت من المعجزات ما أوتي من تقدمه، بل المراد: أنه المعجزة العظمى المستمرة الباقية التي اختص بها دون غيره.
(*)

(14/524)


ابن عمرويه، ومحمد بن مكي النيسابوري، وعبيد الله بن محمد الصيدلاني البلخي شيخ لقيه أبو ذر الهروي.
قال أبو نعيم الحافظ (1): سمع الكثير من قتيبة بن سعيد.
وسمعت محمد بن عبد الله الرازي بنسا أنه سمعه يقول: ذهاب الاسلام من أربعة: لا يعملون بما يعلمون، ويعملون بما لا يعلمون، ولا يتعلمون ما لا يعلمون، ويمنعون الناس من العلم.
قلت: هذه نعوت رؤوس العرب والترك، وخلق من جهلة العامة، فلو عملوا بيسير ما عرفوا، لافلحوا، ولو وقفوا عن العمل بالبدع لوفقوا، ولو فتشوا عن دينهم وسألوا أهل الذكر لا أهل الحيل والمكر لسعدوا.
بل يعرضون عن التعلم تيها وكسلا، فواحدة من هذه الخلال مردية، فكيف بها إذا اجتمعت ؟ ! فما ظنك إذا انضم إليها كبر، وفجور، وإجرام، وتجهرم على الله ؟ ! نسأل الله العافية.
قال السلمي في " محن الصوفية ": لما تكلم محمد بن الفضل ببلخ في فهم القرآن وأحوال الائمة، أنكر عليه فقهاء بلخ، وقالوا: مبتدع.
وإنما ذاك بسبب اعتقاده مذهب أهل الحديث، فقال: لا أخرج حتى تخرجوني، وتطوفوا بي في الاسواق.
ففعلوا به ذلك، فقال: نزع الله من قلوبكم محبته ومعرفته.
فقيل: لم يخرج منها صوفي من أهلها.
فأتى سمرقند، فبالغوا في إكرامه، وقيل: إنه وعظ يوما،
فمات في المجلس أربعة أنفس.
مات سنة عشرة وثلاث مئة.
أرخه السلمي، وعبد الرحمن بن
__________
(1) في " الحلية " 10 / 233 232.
(*)

(14/525)


مندة، ووهم من قال: سنة تسع عشرة.
299 - ابن فيل * الشيخ الامام المحدث الرحال، أبو طاهر، الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي الامام بمدينة أنطاكية.
ارتحل بعد الاربعين ومئتين.
وسمع أبا كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن سليمان لوينا، ومالك ابن سليمان الحمصي، وسفيان بن وكيع، وعبد الجبار بن العلاء المكي، وعقبة بن مكرم، ومحمد بن مصفى، وكثير بن عبيد، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ومؤمل بن إهاب، وأحمد بن عبد الله البزي، والحسين بن الحسن المروزي، وإسحاق بن موسى الخطمي، ومحمد بن قدامة المصيصي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وشاكر بن عبد الله المصيصي، وأبو بكر بن المقرئ، وقاضي أذنة علي بن الحسين بن بندار، وآخرون.
وما علمت فيه جرحا، وله جزء مشهور فيه غرائب.
مات سنة بضع عشرة وثلاث مئة، وقد قارب التسعين.
وكان أبوه (1) صاحب حديث إيضا.
يروي عن: أبي جعفر النفيلي، وأحمد بن يونس اليربوعي، وأبي
__________
* الانساب: 62 / ب، اللباب: 2 / 453، الرسالة المستطرفة: 89.
(1) هو أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي ثم الانطاكي.
ترجمته في " تهذيب الكمال " 1 / 15.
(*)

(14/526)


توبة الحلبي، والمعافى بن سليمان الرسعني، وسليمان بن بنت شرحبيل، وخلق.
حدث عنه: النسائي، وأبو عوانة الاسفراييني، وأبو سعيد بن الاعرابي، وأبو القاسم الطبراني، وعدة.
مات أحمد في سنة أربع وثمانين ومئتين.
ثم وجدت في فوائد عمر بن علي العتكي الانطاكي قال: حدثنا أبو الطاهر بن فيل سنة ثلاث مئة وكات إمام جامعنا، وتوفي سنة إحدى عشرة وثلاث مئة، ثم روى العتكي فقال: حدثني أبو بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن فيل، حدثنا جدي، ومحمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، ومحمد بن أحمد بن برد، وأحمد بن هاشم، وإسحاق بن خلدون بن مرثد البالسي.
وقد روى العتكي أيضا عن عم ابن فيل فقال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم أنطاكية سنة تسع وتسعين ومئتين.
فروى عن جماعة.

300 - أحمد بن خطيب دمشق * وعالمها أبي الوليد هشام بن عمار بن نصير، الامام المقرئ، المحدث المعمر، أبو عبد الله السلمي الدمشقي.
كان آخر من قرأ القرآن على والده وفاة، وحدث عنه أيضا.
روى عنه الطبراني، وأبو هاشم عبد الجبار المؤدب، وأبو بكر بن المقرئ، وحميد بن الحسن الوراق، وغيرهم.
توفي هو وأبو بكر محمد بن خريم المحدث في يوم واحد، يوم
__________
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 135 / أ، تهذيب ابن عساكر: 2 / 106.
(*)

(14/527)


الخميس من جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثلاث مئة، وهو في عشر التسعين.
وما علمت أبا أحمد الحاكم روى عنه شيئا.

301 - ابن ذيال * هو المحدث الثقة، بقية المشايخ، أبو العباس، الفضل بن أحمد ابن منصور بن ذيال الزبيدي البغدادي.
سمع أحمد بن حنبل، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، وغيرهما.
روى عنه: أبو الفتح القواس، وابن معروف القاضي، ومحمد بن جعفر النجار، وأبو الحسن الدارقطني وقال: هو ثقة مأمون.
قلت: العجب أنهم ما أرخوا وفاته.
قال يوسف بن عمر القواش: حدثنا الفضل بن أحمد إملاء سنة سبع عشرة وثلاث مئة، حدثنا عبدالاعلى بن حماد، حدثنا حماد بن سلمة بحديث أبي العشراء الدارمي (1)..فذكره.
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 377، الانساب: 241 / ب، اللباب: 1 / 537.
(1) حديث أبي العشراء الدارمي: أخرجه أبو داود (2825) في الاضاحي: باب ما جاء في ذبيحة المتردية، والترمذي (1481) في الاطعمة: باب ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة، وابن ماجه (3184) في الذبائح: باب ذكاة الناد من البهائم، من طريق أبي العشراء، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة ؟ قال: " لو طعنت في فخذها لاجزأك ".
وأبو العشراء: مجهول.
وفي " التهذيب " قال الميموني: سألت أحمد عن حديث أبي العشراء في الذكاة، قال: ما أعرف أنه يروى عن أبي العشراء حديث غير
هذا.
وقال البخاري: في حديثه، واسمه، وسماعه من أبيه نظر.
(*)

(14/528)


302 - الخثعمي * الامام الحجة المحدث، أبو جعفر، محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي الاشناني.
قدم بغداد.
وحدث عن: أبي كريب، وعباد بن يعقوب الرواجني، ومحمد بن عبيد المحاربي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر الجعابي، وأبو الحسين ابن النواب، ومحمد ابن المظفر، وأبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن جعفر بن النجار الكوفي، الذي عاش إلى سنة اثنتين وأربع مئة.
قال الدارقطني: أبو جعفر ثقة مأمون.
قلت: ولد سنة إحدى وعشرين ومئتين، ومات سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
وفيها مات الحسين بن محمد بن محمد بن عفير، ومحمد بن المسيب الارغياني.

303 - ابن عليل * * الامام المعمر، إمام جامع دمشق، أبو هاشم، محمد بن عبد الاعلى بن محمد الانصاري مولاهم الدمشقي.
عرف بابن عليل.
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 235 234، الانساب: 40 / أ، المنتظم: 6 / 215، العبر: 2 / 162، طبقات القراء للجزري: 2 / 130، النجوم الزاهرة: 3 / 219، شذرات الذهب: 2 / 271.
* * تاريخ ابن عساكر: 15 / 291 / ب، الوافي بالوفيات: 3 / 208.
(*)

(14/529)


حدث عن: هشام بن عمار، وقاسم بن عثمان الجوعي، وطائفة.
روى عنه: ولده إبراهيم، وأبو محمد بن ذكوان، وأبو هاشم عبد الجبار المؤدب، وأبو سليمان بن زبر، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وعبد الوهاب الكلابي، وغيرهم.
قيل: كان يخضب بالحمرة.
وقع لنا من حديثه.
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
قاله أبو سليمان ابن زبر.

304 - بدر بن الهيثم * ابن خلف، القاضي الفقيه الصدوق المعمر، أبو القاسم اللخمي الكوفي، نزيل بغداد.
ولد بالكوفة سنة مئتين أو بعدها بعام، ولو سمع كما ينبغي لاخذ عن عبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، والكبار، ولكنه سمع في الكهولة من أبي كريب، وأبي سعيد الاشج، وهارون بن إسحاق، وهشام بن يونس، وعمرو بن عبد الله الاودي، وغير واحد.
حدث عنه: أبو عمرو بن حيويه، وعمر بن شاهين، وأبو بكر بن المقرئ، وعيسى بن الوزير، وجماعة.
قال الدارقطني: بلغ مئة وسبع عشرة سنة.
قال: وكان ثقة نبيلا،
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 108 107، المنتظم: 6 / 226، العبر: 2 / 169، الوافي بالوفيات: 10 / 94، البداية والنهاية: 11 / 163.
(*)

(14/530)


أدرك أبا نعيم.
قال: ودخل على الوزير علي بن عيسى، فقال له: كم سن القاضي ؟ قال: ما أدري، لكن ظهر بالكوفة أعجوبة، فركبت مع أبي سنة خمس عشرة ومئتين.
رواها بعضهم فزاد: وركبت مع أبي إلى عامل المأمون، وركبت الآن إلى حضرة الوزير، وبين الركبتين مئة سنة.
وقال أبو حفص بن شاهين: بلغ مئة وست عشرة سنة.
قلت: توفي في شوال سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق: أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا هبة الله ابن أبي شريك، أخبرنا أحمد بن محمد، حدثنا عيسى بن الوزير، أخبرنا بدر بن الهيثم، حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، حدثنا المغيرة بن جميل الكندي، حدثني سليمان بن علي بن عبد الله، حدثني أبي، عن جدي ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الولاء ليس بمتحول ولا بمنتقل " (1).
قال العقيلي (2): المغيرة منكر الحديث.
ثم ساق له هذا عن شيخ، عن الاشج.

305 - المير ماهاني * الامام المحدث، الثقة العالم.
سمع من إسحاق بن راهويه " تفسيره "، ومن محمد بن عبد العزيز ابن أبي رزمة، وعلي بن حجر، ومحمد بن حميد الرازي، ومحمد بن
__________
(1) في " الضعفاء ": " ليس يتحول ولا ينتقل ".
(2) في " الضعفاء " ص 413 في ترجمة المغيرة بن جميل.
* الانساب: 548 / أ، اللباب: 3 / 282.
(*)

(14/531)


رافع، ومحمود بن غيلان، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر أحمد بن علي الرازي، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعبد الله بن عدي، ومحمد بن الحسين الحدادي المروزي، وجماعة.
وحدث بنيسابور وبمرو.
وتوفي في المحرم سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
واسمه: أبو يزيد، محمد بن يحيى بن خالد بن يزيد بن متى الخالدي المروزي المير ماهاني.
قيل: إنه عاش ستا وثمانين سنة.
يقع حديثه في تآليف محيي السنة البغوي.
سميه: محمد بن يحيى بن خالد بن مهران النيسابوري، هو ابن أخت سلمة بن شبيب.
يروي عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن رافع أيضا.
حدث في حدود سنة تسعين ومئتين.
306 - المنكدري * الامام الحافظ البارع، أبو بكر، أحمد بن محمد بن عمر بن عبد
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 115، الانساب: 543 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 102 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 135 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 794 793، العبر: 2 / 159، ميزان الاعتدال: 1 / 147، لسان الميزان: 1 / 288 287، النجوم الزاهرة: 3 / 216، طبقات الحفاظ: 332، شذرات الذهب: 2 / 269 268، تهذيب ابن عساكر: 2 / 70.
(*)

(14/532)


الرحمن بن عمر بن الامام القدوة محمد بن المنكدر، القرشي، التيمي، المدني المنكدري، نزيل خراسان.
سمع عبد الجبار بن العلاء وهو أقدم شيخ عنده، ويونس بن عبد الاعلى، وهارون بن إسحاق الهمداني، وعلي بن حرب، وأبا زرعة الرازي، وخلقا كثيرا من طبقتهم من أصحاب سفيان بن عيينة، ووكيع، ويزيد بن هارون.
حدث عنه محمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن خالد المطوعي البخاري، ومحمد بن مأمون المروزي الحافظ، وخلق كثير، وابنه عبد الواحد، ومحمد بن علي بن شاه.
وله رحلة واسعة وجولان في شبابه وشيخوخته.
قال الحاكم: له أفراد وعجائب.
قلت: وهو في " تاريخ دمشق " لانه سمع في بيروت من العباس بن الوليد، وقد سمع في شيراز من إسحاق بن شاذان.
وسكن البصرة مدة، ثم أصبهان، ثم الري، ثم نيسابور.
ومات بمرو في سنة أربع عشرة وثلاث مئة، عن نيف وثمانين سنة.

307 - الكتاني * القدوة العارف، شيخ الصوفية، أبو بكر، محمد بن علي بن جعفر البغدادي.
الكتاني.
__________
* طبقات الصوفية: 377 373، حلية الاولياء: 10 / 358 357، تاريخ بغداد: 3 / 76 74، الرسالة القشيرية: 27 26، الانساب: 475 / أ، صفة الصفوة: 2 / 257، = (*)

(14/533)


حكى عن: أبي سعيد الخراز، وإبراهيم الخواص.
حكى عنه: جعفر الخلدي، ومحمد بن علي التكريتي، وأبو القاسم البصري، وآخرون.
ومات مجاورا بمكة.
ومن كلامه قال: من يدخل في هذه المفازة يحتاج إلى أربع: حال تحميه، وعلم يسوسه، وورع يحجزه، وذكر يؤنسه.
وقال: التصوف خلق، فمن زاد عليك في الخلق، وزاد عليك في التصوف.
وعنه قال: من حكم المريد أن يكون نومه غلبة، وأكله فاقه، وكلامه ضرورة.
قلت: نعم للصادق أن يقل من الكلام والاكل والنوم والمخالطة، وأن يكثر من الاوراد، والواضع، وذكر الموت، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله (1).
__________
= العبر: 2 / 195 194، الوافي بالوفيات: 4 / 112 111، طبقات الاولياء: 148 144، النجوم الزاهرة: 3 / 248، شذرات الذهب: 2 / 296.
(1) أخرج البخاري: 11 / 159 في الدعوات: باب الدعاء إذا علا عقبة، و 11 / 180: باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله، و 11 / 438 437 في القدر، من طريقين عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الاشعري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فجعلنا لا نصعد شرفا، ولا نعلو شرفا، ولا نهبط في واد، إلا رفعنا أصواتنا في التكبير.
قال: فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس ! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا ".
ثم قال: " يا عبد الله بن قيس ! ألا أعلمك كلمة هي كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ".
= (*)

(14/534)


يقال: ختم الكتاني في الطواف اثني عشر ألف ختمة.
وكان من الاولياء.
توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، ويقال: توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

308 - أبو علي الروذباري * شيخ الصوفية.
قيل: اسمه: أحمد بن محمد بن القاسم بن منصور، وقيل: اسمه حسن بن هارون.
سكن مصر، صحب الجنيد، وأبا الحسين النوري، وأبا حمزة البغدادي، وابن الجلاء.
وحدث عن: مسعود الرملي وغيره، وقال: أستاذي في الفقه ابن سريج، وفي الادب ثعلب، وفي الحديث إبراهيم الحربي.
وعن الجعابي قال: رحلت إلى عبدان، فأتيت مسجده، فوجدت شيخا، فكلمته، فذاكرني بأكثر من مئتي حديث في الابواب، وكنت قد
__________
= وأخرج الحاكم في (مستدركه " من حديث أبي هريرة بسند قوي: " إذا قال العبد: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله: أسلم عبدي واستسلم ".
وفي رواية له: " قال لي: يا أبا هريرة ! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: " تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم ".
وزاد في رواية له: "..ولا منجى ولا ملجأ من الله إلا إليه ".
* طبقات الصوفية: 360 354، حلية الاولياء: 10 / 357 356، تاريخ بغداد: 1 / 333 329، الرسالة القشيرية: 26، الانساب: 266 / ب، المنتظم: 6 / 272، صفة
الصفوة: 2 / 455 454، العبر: 2 / 195، دول الاسلام: 1 / 198، البداية والنهاية: 11 / 181 180، طبقات الاولياء: 53 50، النجوم الزاهرة: 3 / 248، حسن المحاضرة: 1 / 401 400، شذرات الذهب: 2 / 297 296.
(*)

(14/535)


سلبت في الطريق، فأعطاني ما عليه، فلما دخل عبدان المسجد اعتنقه وبش به، فقلت لهم: من هذا ؟ قالوا: هذا أبو علي الروذباري.
قيل: سئل أبو علي عمن يسمع الملاهي ويقول: هي حلال لي لاني قد وصلت إلى رتبة لا يؤثر فيه اختلاف الاحوال ؟ فقال: نعم قد وصل، ولكن إلى سقر (1).
وقال: أنفع اليقين ما عظم الحق في عينك، وصغر ما دونه عندك، وثبت الرجاء والخوف في قلبك.
قال أبو علي الكاتب: ما رأيت أحدا أجمع لعلم الشريعة والحقيقة من أبي علي.
قال أحمد بن عطاء الروذباري: كان خالي أبو علي يفتي بالحديث.
قلت: توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
أخذ عنه: ابن أخته، ومحمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن علي الوجيهي، ومعروف الزنجاني، وآخرون.

309 - ابن حربويه * القاضي العلامة، المحدث الثبت، قاضي القضاة، أبو عبيد،
__________
(1) الخبر في " الحلية " 10 / 356.
* الولاة والقضاة: 523، تاريخ بغداد: 11 / 398 395، طبقات الشيرازي: 110، الانساب: 161 / ب، المنتظم: 6 / 239 238، تهذيب الاسماء واللغات:
2 / 259 258، العبر، 2 / 176، دول الاسلام: 1 / 193، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 455 446، طبقات الاسنوي: 1 / 397، البداية والنهاية: 11 / 167، تهذيب التهذيب: 7 / 304 303، رفع الاصر: 2 / 389، النجوم الزاهرة: 3 / 231، حسن المحاضرة: 1 / 312، و 2 / 145، طبقات ابن هداية الله: 54 53، شذرات الذهب: 2 / 282 281.
(*)

(14/536)


علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي.
سمع أحمد بن المقدام، والحسن بن عرفة، وزيد بن أخزم، ويوسف بن موسى القطان، والحسن بن محمد الزعفراني، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو حفص ابن شاهين، وعدة.
قال أبو بكر البرقاني: ذكرت ابن حربويه للدارقطني، فذكر من جلالته وفضله، وقال: حدث عنه النسائي في الصحيح [ ثم قال ] لم يحصل لي عنه حرف [ واحد ]، وقد مات بعد أن كتبت الحديث بخمس سنين (1).
قلت: ولي قضاء مصر، فقدمها سنة ثلاث وتسعين.
قال ابن زولاق: كان عالما بالاختلاف، والمعاني، والقياس، عارفا بعلم القرآن والحديث، فصيحا، عاقلا، عفيفا، قوالا بالحق، سمحا، متعصبا، كان أمير مصر تكين (2) يأتي مجلسه ولا يدعه أن يقوم له، فإذا جاء هو إلى مجلس تكين، مشى له وتلقاه.
ولم يكن في زيه ولا منظره بذاك، وكان بوجهه جدري، ولكنه كان من فحول العلماء.
قال الامام أبو بكر بن الحداد: سمعت أبا عبيد القاضي يقول: ما لي وللقضاء ! لو
اقتصرت على الوراقة، ما كان خطي بالردئ.
وكان رزقه في الشهر مئة وعشرين دينارا.
قال ابن زولاق: قال أبو عبيد القاضي: ما يقلد إلا عصبي أو
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 387، وما بين حاصرتين منه.
(2) انظر ترجمته في الصفحة (223) من هذا الجزء.
(*)

(14/537)


غبي.
قال: فجمع أحكامه بمصر بما اختاره، وكان أولا يذهب إلى قول أبي ثور.
وكان يورث ذوي الارحام، وولي قضاء واسط أولا.
إلى أن قال: وأبو عبيد آخر قاض ركب إليه الامراء بمصر، وقد تسرى بمصر بجارية، فتجنت عليه، وطلبت البيع، وكان به فتق.
ثم ذكر ابن زولاق عدة حكايات تدل على وقار أبي عبيد، ورزانته، وورعه التام، وسعة علمه.
قال: وحدث عنه في سنة ثلاث مئة النسائي.
قال الشيخ محيي الدين النواوي (1): كان من أصحاب الوجوه، تكرر ذكره في " المهذب " و " الروضة ".
وقال أبو سعيد بن يونس: هو قاضي مصر، أقام بها طويلا، كان شيئا عجبا، ما رأينا مثله، لا قبله ولا بعده، وكان يتفقه لابي ثور، وعزل عن القضاء سنة إحدى عشرة لانه كتب يستعفي من القضاء، ووجه رسولا إلى بغداد يسأل في عزله، وأغلق بابه، وامتنع من الحكم، فأعفي، فحدث حين جاء عزله، وأملى مجالس، ورجع إلى بغداد.
وكان ثقة ثبتا.
حدث عن زيد بن أخزم، وأحمد بن المقدام، وطبقتهما.
قال الخطيب (2): توفي ابن حربويه في صفر سنة تسع عشرة وثلاث مئة، وصلى عليه أبو سعيد الاصطخري.

310 - الشهيد * الامام الحافظ، الناقد المجود، أبو الفضل، محمد بن أبي
__________
(1) في " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 258.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 398.
* الانساب: 119 / أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 835 834، العبر: 2 / 169، الوافي بالوفيات: 2 / 37، طبقات الحفاظ: 347، شذرات الذهب: 2 / 275.
(*)

(14/538)


الحسين أحمد بن محمد بن عمار بن محمد بن حازم بن المعلى بن الجارود الجارودي الهروي الشهيد.
سمع أحمد بن نجدة بن العريان، والحسين بن إدريس، ومعاذ بن المثنى، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم انصاري، وأقرانهم بخراسان وبالعراق.
وهو من أقران الطبراني، وابن عدي، وإنما كتب هنا لقدم وفاته، فافهم ذلك، ولو أنني أخرته إلى عصر أقرانه لساغ أيضا.
وقد سمع بنيسابور من أبي العباس الثقفي.
حدث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو الحسين الحجاجي، وعبد الله ابن سعد حفاظ نيسابور ومحمد بن أحمد بن حماد الكوفي، وأبو الحسين بن المظفر، وغيرهم.
قال الحاكم: سمعت بكير بن أحمد الحداد بمكة يقول: كأني أنظر إلى الحافظ محمد بن أبي الحسين وقد أخذته السيوف، وهو متعلق بيديه جميعا بحلقتي الباب، حتى سقط رأسه على عتبة الكعبة سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة، هكذا قال، فوهم، إنما كان ذلك سنة سبع عشرة
وثلاث مئة في ذي الحجة عام اقتلع الحجر الاسود، وردم بئر زمزم بالقتلى على يد القرامطة (1).
وقتل معه أخوه المحدث أبو نصر أحمد، وقد سمعا من جدهما للام أبي سعد يحيى بن منصور الزاهد الهروي.
__________
(1) انظر تفصيل هذه الاحداث في " الكامل في التاريخ " 8 / 208 207، و " المنتظم " 6 / 224 222، و " العبر " 2 / 168 167، و " البداية والنهاية " 11 / 162 160.
(*)

(14/539)


وقد خرج الحافظ أبو الفضل " صحيحا " على رسم " صحيح مسلم "، ورأيت له جزءا مفيدا، فيه بضعة وثلاثون حديثا من الاحاديث التي بين عللها في " صحيح مسلم ".
وأقدم شيخ لقيه: عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ.
ولعله لم يبلغ خمسين سنة رحمه الله، ولهذ لم يشتهر حديثه.
أخبرنا إبراهيم بن علي الفقيه في " كتابه ": أخبرنا محمد بن عصية، وزكريا العلبي، وعبد الرحمن بن صيلاء قالوا: أخبرنا عبد الاول ابن عيسى، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ، أخبرنا الحسين بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عمر بن حفصويه، حدثنا أبو الفضل الشهيد، حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، حدثنا علي بن عثمان اللاحقي، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ذروني ما تركتكم " (1).
__________
(1) أخرجه مسلم (1337) في الحج: باب فرض الحج مرة في العمر، من حديث زهير بن حرب، عن يزيد بن هارون.
وأخرجه النسائي: 5 / 110 في أول الحج، من طريق
محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، عن أبي هشام المغيرة بن سلمة، كلاهما عن الربيع ابن مسلم، حدثنا محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس ! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " فقال رجل: أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت نعم، لوجبت ولما استطعتم ".
ثم قال: " ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه ".
وأخرجه البخاري: 13 / 220 219 في الاعتصام، ومسلم (131) في الفضائل باب توقيره صلى الله عليه وسلم من طريق أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " دعوني ما تركتكم، فإنما اهلك من كان قبلكم سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم ".
(*)

(14/540)


311 - الجوهري * القاضي العلامة، أبو علي، عبدالرحمن بن إسحاق بن محمد بن معمر بن حبيب السامري الجوهري.
[ روى ] عن: علي بن حرب، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان.
وثقه ابن يونس.
روى عنه: الطبراني، وابن المقرئ، وجماعة.
توفي سنة عشرين وثلاث مئة، من أبناء السبعين.
ناب في القضاء بمصر، بل استقل به، وكان الذي استنابه مقيما ببغداد، وهو هارون بن إبراهيم بن حماد.
قال ابن زولاق: كان فقيها، حاسبا، خبيرا، عاقلا، له حلقة،
وكان يتأدب مع الطحاوي ويقول: هو أسن مني، والقضاء أقل من أن أفخر به.
ثم عزل بعد سنة وشهرين.
حدث عن علي بخمسين جزءا، وعن الربيع بأكثر كتب الشافعي.
مات في ربيع الآخر من العام.

312 - أبو نعيم بن عدي * * الامام الحافظ الكبير الثقة، أبو نعيم، عبدالملك بن محمد بن
__________
* حسن المحاضرة: 2 / 145.
* * تاريخ جرجان: 236 235، طبقات العبادي: 55، تاريخ بغداد: 10 / 429 428، طبقات الشيرازي: 105 104، الانساب: 30 / أ، المنتظم: (*)

(14/541)


عدي الجرجاني الاستراباذي، الفقيه الشافعي.
قال حمزة بن يوسف، ولد سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
قال: وكان مقدما في الفقه والحديث، وكانت الرحلة إليه.
قلت: سمع علي بن حرب الطائي، والحسن بن محمد الزعفراني، وعمر بن شبة النميري، والربيع المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والعباس بن الوليد البيروتي، وعلي بن عثمان النفيلي، ومحمد بن عيسى الدامغاني، وأبا عتبة أحمد بن الفرج الحجازي، وأحمد بن منصور الرمادي، وسليمان بن سيف، ويزيد بن عبد الصمد، ويوسف بن مسلم، وإسحاق بن إبراهيم الطلقي، وعمار ابن رجاء، وخلقا كثيرا.
بخراسان، والعراق، والحجاز، والشام، والجزيرة.
ولقي بمكة أبا يحيى بن أبي مسرة.
حدث عنه: أبو محمد بن صاعد، والحافظ أبو علي النيسابوري،
وأبو القاسم الطبراني، وأبو إسحاق المزكي، وأبو بكر الجوزقي، وأبو محمد المخلدي، وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري، وأبو بكر ابن مهران المقرئ، وعدة.
قال الحاكم: هو الفقيه، الحافظ للمسانيد والفقهيات عن الصحابة والتابعين.
وقال الخطيب: كان أحد أئمة المسلمين، ومن الحفاظ لشرائع
__________
= 6 / 245، معجم البلدان: 1 / 175، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 140 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 818 816، العبر: 2 / 199 198، مرآة الجنان: 2 / 287، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 337 335، طبقات الاسنوي: 1 / 71 70، البداية والنهاية: 11 / 183، النجوم الزاهرة: 3 / 251، طبقات الحفاظ: 341 340، شذرات الذهب: 2 / 299، الرسالة المستطرفة: 144.
(*)

(14/542)


الدين، مع صدق وتورع، وضبط وتيقظ.
قال الحاكم: سمعت الاستاذ أبا الوليد يقول: لم يكن في عصرنا أحد من الفقهاء أحفظ للفقهيات وأقاويل الصحابة بخراسان من أبي نعيم الجرجاني، وبالعراق من أبي زياد النيسابوري.
الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: كان أبو نعيم الجرجاني أحد الائمة، ما رأيت بخراسان بعد ابن خزيمة مثله.
أو قال: أفضل منه، كان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد.
وقال أبو نعيم الجرجاني: قد تواترت الاخبار في عدد التكبير على الجنائز أربعا، وأشهرها وأصحها حديث الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة (1)، إلا أنه في التكبير على الغائب (2).
__________
(1) أخرجه البخاري: 3 / 163 في الجنائز: باب التكبير على الجنازة أربعا، وباب الرجل ينعى إلى الميت نفسه، وباب الصفوف على الجنازة، وباب الصلاة على الجنازة بالمصلى والمسجد، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب موت النجاشي، وأخرجه مسلم (921) في الجنائز: باب في التكبير على الجنازة، ومالك: 1 / 226 في الجنائز: باب التكبير على الجنائز، وأبو داود (3204) وابن ماجة (1534) والطيالسي (2300) وأحمد: 2 / 241 و 280، و 289 و 348 و 439 و 479 و 529، والبيهقي: 4 / 49.
(2) لكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كبر أربعا على الميت الحاضر في غير ما حديث، فقد رو مسلم (954) في الجنائز، من حديث ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد ما دفن، فكبر عليه أربعا " وأخرج النسائي: 4 / 84، وابن ماجه (1528) كلاهما في الجنائز: باب ما جاء في الصلاة على القبر، عن يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ورد البقيع، فإذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقالوا: فلانة قال: فعرفها: وقال: " ألا آذنتموني بها ؟ ! " قالوا: كنت قائلا صائما، فكرهنا أن نؤذيك، قال: " فلا تفعلوا، لا أعرفن ما مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه له رحمة " ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، فكبر عليها أربعا.
وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (759).
وأخرج البيهقي بسند صحيح: 4 / 48، والنسائي: 4 / 69 عن أبي أمامة بن سهل بن = (*)

(14/543)


وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الطلقي: حدثنا محمد بن خالد الرازي، حدثنا أبو يوسف القاضي، عن عطاء بن عجلان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على ابنه أربعا " (1).
قال: وتواترت الاخبار على شدة حزنه عليه يعني ابنه وأنه مشى خلف جنازته حافيا، وأنه أخذ عن جبريل، عن الله تعالى: " أن له في
الجنة مرضعا تتم رضاعه " (2).
__________
= حنيف، أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره..وفيه: فانطلقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قاموا على قبرها، فصفوا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يصف للصلاة على الجنائز، فصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر أربعا، كما يكبر على الجنائز.
وأخرج النسائي: 4 / 75 في الجنائز: باب الدعاء، من طريق قتيبة، عن الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: " السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الاولى بأم القرآن مخافتة، ثم يكبر ثلاثا، والتسلم عند الآخرة ".
وإسناده صحيح، وصححه النووي، والحافظ في " الفتح " 3 / 164.
وأخرج البيهقي: 4 / 35 بسند صحيح.
عن عبد الله بن أبي أوفى..وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربعا.
(1) عطاء بن عجلان: هو الحنفي أبو محمد البصري العطار.
قال المؤلف في " ميزانه " 3 / 75: " قال ابن معين: ليس بشئ، كذاب.
وقال مرة: كان يوضع له الحديث، فيحدث به.
وقال الفلاس: كذاب.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم والنسائي: متروك.
وقال الدارقطني: ضعيف، لا يعتبر به، وقال مرة: متروك.
والحديث رواه البزار في " مسنده " (816) من طريق عبدالرحمن بن مالك بن مغول، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 3 / 35، وقال: " رواه البزار والطبراني في الاوسط، وفيه عبدالرحمن بن مالك بن مغول، وهو متروك ".
وأخرج أبو داود (3187) في الجنائز: باب في الصلاة على الطفل، وأحمد 6 / 267، من طريق ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبدالرحمن، عن عائشة قالت: " مات إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا، فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وسنده حسن كما قال الحافظ في " الاصابة " 1 / 93.
وروى الامام أحمد: 3 / 281 بإسناد صحيح، عن أنس بن مالك، أنه سئل: صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ؟ قال: لا أدري.
(2) أخرج أحمد في " مسنده " 4 / 284 و 288 و 297 و 300 و 302 و 304، = (*)

(14/544)


وحدثنا أبو معين الحسين بن الحسن الرازي، حدثنا ابن أبي مريم قال: كنا عند مالك، فجعل الناس يذكرون أحاديث لا يأخذ بها أهل المدينة، فقال مالك: ماذا عند الناس من هذه الاحاديث ؟ ثم قال مالك: وددت بأني أضرب بكل حديث حدثت به مما لا يوخذ به سوطا وأني لم أحدث به.
قال حمزة السهمي: توفي أبو نعيم بأستر اباذ في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة، عن نيف وثمانين سنة.
قال الحاكم: سمعت علي بن محمد بن شعيب الاستراباذي يقول: توفي أبو نعيم بعد منصرفه من بخارى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
قال الحاكم: سعت إسماعيل بن أحمد الجرجاني، سمعت أبا نعيم، سمعت عمار بن رجاء، سمعت يزيد بن هارون يقول وسئل عن حديث فقال: إنا واسطيون.
يعني: تغافل كأنك واسطي.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا علي ابن عبد السلام، حدثنا الشيخ أبو إسحاق قال: ومنهم أبو نعيم الاستراباذي صاحب الربيع.
أخبرن أبو الفضل أحمد بن هبة الله: أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر المستملي، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الاديب،
__________
= والبخاري: 3 / 194 في الجنائز: باب ما قيل في أولاد المسلمين، و 10 / 477 في الادب:
باب من سمي بأسماء الانبياء، من حديث البراء قال: لما توفي إبراهيم عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن له مرضعا في الجنة ".
وفي لفظ لاحمد: " فإن له مرضعا تتم رضاعه في الجنة " (*)

(14/545)


أخبرنا الاستاذ أبو بكر بن مهران المقرئ، حدثنا أبو نعيم عبدالملك بن محمد الفقيه، حدثنا محمد بن سعيد بن غالب العطار، حدثنا أبو قطن، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو يعلمون ما في الصف المقدم، كانت قرعة ".
غريب، تفرد به أبو قطن عمرو بن الهيثم، أخرجه مسلم (1) عن ابن حرب النشائي عنه، واسم [ أبي ] رافع: نفيع الصائغ.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز: أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد البحيري، حدثنا أبو نعيم عبدالملك بن محمد، حدثنا محمد بن عوف، حدثنا عثمان بن سعد الحمصي، أخبرنا عيسى بن إبراهيم القرشي، عن زهير ابن محمد، عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقولن أحدكم للمسجد: مسيجد، فإنه بيت الله، يذكر الله فيه، ولا يقولن أحدكم: مصيحف، فإن كتاب الله أعظم من أن يصغر، ولا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، كلكم عباد وإماء، ولا يقولن للرجل رويجل، ولا للمرأة: مرية ".
هذا حديث منكر شبه موضوع، لا يحتمله زهير التميمي، وإن كان كثير المناكير، بل آفته عيسى (2)، فإنه غير ثقة.
__________
(1) برقم (439) في الصلاة: باب تسوية الصفوف وإقامتها..(2) ترجمه المصنف في " الميزان " 3 / 309 308، ونقل عن البخاري والنسائي أنه منكر الحديث، وعن يحى بن معين أنه ليس بشئ، وعن أبي حاتم والنسائي أنه متروك.
وأورد له هذا الحديث في جملة منكراته.
(*)

(14/546)


وفي سنة ثلاث: مات الحافظ المتهم (1) أبو بشر أحمد بن محمد ابن عمرو الكندي المصعبي المروزي.
وحافظ بغداد أبو طالب أحمد بن نصر بن طالب.
وشيخ النحو إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي نفطويه.
والمحدث أبو علي إسماعيل بن العباس الوراق ببغداد.
والفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن هارون الحميري الكوفي، صاحب أبي كريب.
وأبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي.
وأبو الحسن محمد بن أحمد بن عمارة الدمشقي.
والمحدث أبوعمران موسى بن العباس الجويني.
وعبيد الله بن عبدالرحمن السكري البغدادي.

313 - الاسفراييني * الامام الحافظ الناقد المتقن الاوحد، أبو بكر، عبد الله بن محمد ابن مسلم الاسفراييني، أحد الرحالين، ويقال له: الجوربذي (2)، من قرية جوربذ.
__________
(1) ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 197 وقال: " هو أحد الوضاعين الكذابين مع كونه كان محدثا، إماما في السنة والرد على المبتدعة ".
وانظر أيضا " ميزان الاعتدال "
للمولف: 1 / 149.
* معجم البلدان: 2 / 180، اللباب: 1 / 306، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 135 / 2، تذكرة الحفاظ: 793 792، العبر: 2 / 173، النجوم الزاهرة: 3 / 228، طبقات الحفاظ: 331، شذرات الذهب: 2 / 279.
(2) كذا ضبطها ياقوت في " معجم البلدان " 2 / 180 بسكون الواو والراء، وقال: = (*)

(14/547)


سمع يونس بن عبدالاعلى، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن يحيى، وأبا زرعة، والعباس بن الوليد البيروتي، وأبا بكر الصغاني، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عبد الله بن الاخرم، وأبو علي النيسابوري، وأبو أحمد الحاكم، وأبو طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن مهران المقرئ، وآخرون.
ولقي بمنبج حاجب بن سليمان.
وجمع وصنف.
ولد سنة تسع وثلاثين ومئتين، ومات في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة، أرخه الحاكم أبو عبد الله وقال: هو ختن بديل الاسفراييني، من الاثبات المجودين في أقطار الارض.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الامناء، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الاديب، أخبرنا أبو بكر ابن مهران، حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم، حدثنا يوسف بن مسلم، حدثنا خلف بن تميم، حدثنا أبو رجاء عبد الله بن واقد الهروي، عن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من
يوم إلا ولله فيه عتقاء يعتقهم من النار، إلا يوم الجمعة، فإنه ما فيه ساعة إلا ولله عتقاء يعتقهم من النار ".
تفرد به أبو رجاء، وهو لين الحديث (1).
__________
= " من قرى إسفرايين، من أعمال نيسابور ".
أما صاحب " اللباب " فقيدها بسكون الواو وفتح الراء.
(1) كذا قال المؤلف هنا، وقال في " الميزان " 2 / 520 بعد أن نقل قول ابن عدي: مظلم الحديث: قلت: وثقة أحمد ويحيى، وقال أبو زرعة: لم يكن به بأس.
وقال في = (*)

(14/548)


314 - أسلم * ابن عبد العزيز بن هاشم بن خالد، العلامة الحافظ، قاضي القضاة بالاندلس، أبو الجعد الاموي مولاهم الاندلسي القرطبي، الفقيه المالكي، أحد الاعلام، من ذرية أبان مولى عثمان رضي الله عنه.
ارتحل سنة ستين ومئتين.
وأخذ عن يونس بن عبدالاعلى، وأبي إبراهيم المزني، والربيع المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ورجع بإسناد عال، وعلم جم، ولازم بقي بن مخلد مدة طويلة.
وكان إماما فقيها، محدثا رئيسا، نبيلا معظما، بعيد الصيت.
ولي قضاء الجماعة (1) للناصر لدين الله، وكان حميد السيرة، شديدا على الشهود المريبين، وهو أخو هاشم بن عبد العزيز.
حدث عنه جماعة.
قال أبو سعيد بن يونس: مات في رجب سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
__________
= " الكاشف ": وثقة أحمد.
وفي " التهذيب ": وقال أبو داود: ليس به بأس، وقال في موضع آخر: ثقة.
وقال النسائي: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الحاكم: فقيه، عالم، صدوق، مقبول.
وقيل لاسحاق بن منصور: كان أبو رجاء ثقة ؟ فقال: فوق الثقة.
وقول ابن عدي: مظلم الحديث، لم يتابع عليه.
وقد ذكر المؤلف الحديث في " ميزانه ".
* تاريخ علماء الاندلس: 89، جذوة المقتبس: 173 172، المنتظم: 6 / 237، بغية الملتمس: 240 239، العبر: 2 / 175، الاحاطة في أخبار غرناطة: 1 / 422 419، تاريخ قضاة الاندلس: 1 / 63، الديباج المذهب: 1 / 309 308، شذرات الذهب: 2 / 281، شجرة النور الزكية: 1 / 87 86.
(1) أي: رئاسة القضاء، أو منصب قاضي القضاة.
(*)

(14/549)


315 - ابن عمروس * الامام، محدث همذان، أبو إسحاق، إبراهيم بن عمروس بن محمد الفسطاطي الفقيه.
[ روى ] عن: أبي عمار المروزي، وعبد الرحمن بن بشر، والعباس بن يزيد البحراني، وعبد الحميد بن عصام، وأحمد بن بديل، وحميد بن زنجويه، والبخاري، وخلق.
قال صالح بن أحمد التميمي: سمعت منه مع أبي، وقرأت عليه بعض فوائده، وهو صدوق.
توفي في سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

316 - المروزي * * الشيخ الامام، المسند الصدوق، أبو الحسن، محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم المروزي، خاتمة أصحاب علي بن
حجر.
حدث عن: علي بن حجر، وعلي بن خشرم، والحسن بن أبي الربيع، وسلمة بن شبيب لقيه بمكة والربيع بن سليمان المرادي، ويونس بن عبدالاعلى، وعبيد الله بن جرير بن جبلة، وعباس الدوري، وطائفة في رحلته.
__________
* لن نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة.
* * لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.
(*)

(14/550)


وقدم نيسابور سنة نيف وعشرين وثلاث مائة، فأملى بها، ولم أر الحاكم ذكره في " تاريخه ".
روى عنه: أبو أحمد محمد بن محمد بن مكي الجرجاني، وطاهر ابن محمد بن سهلويه، وأبو محمد بن الحسن بن أحمد المخلدي، ومحمد بن الحسين العلوي شيخ البيهقي والعلوي خاتمة من روى عنه، فحديثه أعلى شئ وقع للحافظ البيهقي.
ولم أظفر له بوفاة.
كتب إلي أبو حامد محمد بن عبد الكريم الخطيب وجماعة: أنبأهم القاسم بن أبي سعيد الشافعي، أخبرنا وجيه بن طاهر، أخبرنا أبو حامد الازهري، أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق المروزي إملاء بنيسابور، حدثنا علي بن حجر، حدثنا محمد بن عمار الانصاري، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله شيئا ما أعطى كافرا منها شيئا " (1).

317 - الفضل بن الخصيب *
ابن العباس بن نصر، المحدث الصدوق الرحال، أبو العباس الاصبهاني الزعفراني.
__________
(1) صالح مولى التوأمة: صدوق، لكنه اختلط بأخرة، وباقي رجاله ثقات.
وللحديث شواهد يتقوى بها، فقد أخرجه الترمذي (2320) في الزهد: باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عزوجل، وابن ماجه (4110) من حديث سهل بن سعد الساعدي، وأخرجه الخطيب في " تاريخه " 4 / 92 من حديث ابن عمر، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 3 / 304 من حديث ابن عباس، وأخرجه ابن المبارك في " الزهد " برقم (509) عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فالحديث قوي بهذه الشواهد.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 154، طبقات المحدثين بأصبهان لوحة: 252.
(*)

(14/551)


حدث عن: أبي يحيى بن المقرئ، وأحمد البزي، وسلمة بن شبيب، وحميد بن مسعدة، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن عبد الله بن المستورد، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن وزير الواسطي، وأحمد بن الخليل، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وهارون بن موسى الفروي، والنضر بن سلمة، وطبقتهم.
حدث عنه: عبد الله بن أحمد والد أبي نعيم، والقاضي أبو أحمد العسال، والحسن بن عبد الله بن سعيد، وأبو بكر بن المقرئ، والحسن بن علي بن أحمد بن البغدادي، وآخرون.
وهو من مشاهير الاصبهانيين.
قال أبو نعيم: توفي في شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي جعفر القرطبي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن أحمد
ابن سليمان بن البغدادي، أخبرنا محمود بن جعفر الكوسج، أخبرنا الحسن بن علي بن البغدادي، حدثنا الفضل بن الخصيب، حدثنا محمد بن الوزير الواسطي، حدثنا معتمر، عن ليث، عن عدي بن عدي قال: قال عمر بن الخطاب: " لقد هممت أن أنظر: فمن أتى له أربعون سنة فلم يحج ولم يكن له عهد، إلا ضربت عليه الجزية " (1).
غريب.
__________
(1) ليث: هو ابن أبي سليم، سئ الحفظ.
وعدي بن عدي: لم يدرك عمر.
فالخبر ضعيف ومنقطع.
(*)

(14/552)


318 - الاعمشي * الامام الحافظ الثبت المصنف، أبو حامد، أحمد بن حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم النيسابوري الاعمشي، لقب ببغداد بالاعمشي لحفظه حديث الاعمش، واعتنائه به.
سمع محمد بن رافع، وإسحاق بن منصور، وعلي بن خشرم، والزعفراني، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأبا سعيد الاشج، ويحيى بن حكيم، وزياد بن يحيى الحساني، وأبا زرعة الرازي، ومحمد بن المهلب السرخسي، وطبقتهم.
وكان من كبار الحفاظ.
روى عنه: أبو الوليد الفقيه، وأبو علي الحافظ، وعبد الله بن سعد، وأبو إسحاق المزكي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو أحمد الحاكم، ويحيى بن إسماعيل الحراني، وآخرون.
قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: حدثنا أحمد بن حمدون إن حلت الرواية عنه قلت: وكان يلقب أبا تراب قال
الحاكم: فقلت لابي علي: أهذا الذي تذكره من جهة المجون والسخف الذي كان، أو لشئ أنكرته منه في الحديث ؟ قال: بل من جهة الحديث.
قلت: فما أنكرت عليه ؟ قال: حديث عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن الفضل.
قلت: قد حدث به غيره، فأخذ يذكر أحاديث
__________
* الانساب: 45 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 138 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 805 - 807، العبر: 2 / 185، ميزان الاعتدال: 1 / 95 94، الوافي بالوفيات: 6 / 361، لسان الميزان: 1 / 165 164، النجوم الزاهرة: 3 / 241، طبقات الحفاظ: 336، شذرات الذهب: 2 / 288.
(*)

(14/553)


حدث بها غيره، فقلت: أبو تراب مظلوم في كل ما ذكرته.
ثم حدثت أبا الحسين الحجاجي بهذا.
فرضي كلامي فيه، وقال: القول ما قلته.
ثم تأملت أجزاء كثيرة بخطه فلم أجد فيها حديثا يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه كلها مستقيمة.
وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت ابن خزيمة يسأل أبا حامد الاعمشي: كم روى الاعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد ؟ فأخذ أبو حامد يسرد الترجمة، حتى فرغ منها، وأبو بكر يتعجب منه.
وسمعت محمد بن حامد البزاز يقول: دخلنا على أبي حامد الاعمشي، وهو عليل، فقلت: كيف تجدك ؟ قال: أنا بخير، لولا هذا الجار يعني أبا حامد الجلودي، راوية أحمد بن حفص ثم قال: يدعي أنه عالم ولا يحفظ إلا ثلاثة كتب: كتاب: " عمى القلب "، وكتاب: " النسيان "، وكتاب: " الجهل ".
دخل علي أمس وقد اشتدت بي العلة، فقال: يا أبا حامد ! علمت أن زنجويه مات ؟
فقلت: رحمه الله، فقال: دخلت اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع، ثم قال: يا أبا حامد ! كم لك ؟ قلت: أنا في السادس والثمانين فقال: إذا أنت أكبر من أبيك يوم مات.
فقلت: أنا بحمد الله في عافية، جامعت البارحة مرتين، واليوم فعلت كذا، فخجل وقام.
قلت: قيل: إن صاحب الترجمة هو ولد الزاهد حمدون القصار، أحد مشايخ الطريق.
مات أبو حامد في ربيع الاول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة، وقد قارب التسعين.

(14/554)


أخبرنا علي بن بقاء ومحمد بن حازم قالا: أخبرنا عبدالرحمن بن نجم، أخبرتنا الكاتبة شهدة، أخبرنا ظريف بن محمد، أخبرنا عمرو بن محمد بن أحمد البجيري، أخبرنا أبراهيم بن محمد المحفوظي، أخبرنا أحمد بن حمدون، أخبرنا محمد بن يحيى، ومحمد بن مسلم، وأبو زرعة، ويعقوب بن سليمان، وعباس بن محمد، والصغاني، قالوا: حدثنا عارم، حدثنا حماد بن زيد، عن أبان بن تغلب، عن الاعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من دل على خير كان له كأجر فاعله ".
رواه مسلم (1) من وجه آخر عن الاعمش.

319 - أبو عمر القاضي * الامام الكبير، قاضي القضاة، أبو عمر، محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل ابن عالم البصرة حماد بن زيد بن درهم الازدي
مولاهم البصري، ثم البغدادي المالكي.
سمع أباه الحافظ يوسف القاضي صاحب السنن ومحمد بن الوليد البسري، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، وزيد بن أخزم.
وطبقتهم.
__________
(1) برقم (1893) في الامارة: باب فضل إعانة الغازي.
وهو في سنن أبي داود برقم (5129) في الادب: باب في الدال على الخير، والترمذي (2675) في العلم: باب فيمن دعا إلى هدى فاتبع أو إلى ضلالة.
* تاريخ بغداد: 2 / 405 401، المنتظم: 6 / 248 246، الكامل في التاريخ: 8 / 213 و 247، العبر: 2 / 184 183، دول الاسلام: 1 / 194، الوافي بالوفيات: 5 / 246 245، البداية والنهاية: 11 / 172 171، النجوم الزاهرة: 3 / 235، شذرات الذهب: 2 / 287 286.
(*)

(14/555)


حدث عنه: الدارقطني، والقاضي أبو بكر الابهري، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو القاسم بن حبابة، وعيسى بن الوزير، وعدة.
مولده بالبصرة في سنة ثلاث وأربعين ومئتين، وولي قضاء مدينة المنصور في سنة أربع وثمانين، وكان عديم النظير عقلا وحلما وذكاء، بحيث إن الرجل كان إذا بالغ في وصف شخص، قال: كأنه أبو عمر القاضي.
ثم قلده المقتدر بالله قضاء الجانب الشرقي وعدة نواح، ثم قلده قضاء القضاة سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
حمل الناس عنه علما واسعا من الحديث والفقه، ولم ير أجل من مجلسه للحديث: البغوي عن يمينه، وابن صاعد عن شماله، وابن زياد النيسابوري وغيره بين يديه.
وكان يذكر أن جده لقنه حديثا، فحفظه.
وله أربع سنين عن وهب ابن جرير، عن أبيه، عن الحسن، قال: لا بأس بالكحل للصائم (1).
قال الخطيب: هو ممن لا نظير له في الاحكام عقلا، وذكاء، واستيقاء للمعاني الكثيرة بالالفاظ اليسيرة (2).
وقيل: كان الرجل إذا امتلا غيظا يقول: لو أني أبو عمر القاضي ما صبرت.
استخلف ولده على قضاء الجانب الشرقي.
وقد كتب الفقه عن إسماعيل القاضي سوى قطعة من التفسير،
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (7516) وإسناده صحيح، وعلقه البخاري في " صحيحه " 4 / 133.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 401 وفيه: " هو ممن لا نظير له في الحكام.." (*)

(14/556)


وعمل مسندا كبيرا قرأ أكثره على الناس.
ومات سنة عشرين وثلاث مئة، رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى بن الوزير: قرئ على القاضي أبي عمر محمد بن يوسف وأنا أسمع، قيل له: حدثكم الحسن بن أبي الربيع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: " فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به خمسين صلاة، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، فقال الله عزوجل: " إن لك بالخمس خمسين، الحسنة بعشر أمثالها ".
أصل الحديث في الصحاح (1) لانس بن مالك وغيره، وهذا إسناد لين من جهة أبي هارون (2).

320 - الدغولي * الامام العلامة، الحافظ المجود، شيخ خراسان، أبو العباس،
__________
(1) حديث أنس أخرجه البخاري: 6 / 217، 220 في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، وفي الانبياء: باب قول الله تعالى: وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا، وباب قول الله تعالى: ذكر رحمة ربك عبده زكريا، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب المعراج، ومسلم (162) في الايمان: باب الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم: والترمذي (213) والنسائي: 1 / 217، 223 كلاهما في الصلاة: باب فرض الصلاة.
(2) واسمه: عمارة بن جوين.
قال في " التقريب ": متروك، ومنهم من كذبه.
* الانساب: 227 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 140 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 824 823، العبر: 2 / 205، الوافي بالوفيات: 3 / 226، طبقات الحفاظ: 343، شذرات الذهب: 2 / 307، الرسالة المستطرفة: 136.
(*)

(14/557)


محمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عبد الله السرخسي الدغولي.
قال الحاكم في كتاب: " مزكي الاخبار ": كان أبو العباس أحد أئمة عصره بخراسان في اللغة، والفقه، والرواية.
أقام بنيسابور مستفيدا على محمد بن يحيى الذهلي، وعبد الرحمن بن بشر وأقرانهما سنين، وكتب بالعراق والحجاز عن محمد بن إسماعيل الاحمسي وأقرانه.
قلت: روى عن الزعفراني، وسعدان بن نصر، وأحمد بن المقدام العجلي، وأحمد بن سيار، وأحمد بن زهير، ومسلم بن
الحجاج، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ، ومحمد بن مشكان، وأحمد ابن حفص بن عبد الله، ومحمد بن عبد الكريم العبدي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، ومحمد بن الجهم، وأبي قلابة، والحسن بن أبي ربيع، وعلي بن الحسين بن أبي عيسى، وأبي يحيى بن أبي مسرة، وأحمد بن أبي غرزة، ومحمد بن المهلب السرخسي، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وأبي زرعة الرازي، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الازهر، وطبقتهم.
وصنف، وجمع.
حدث عنه: أبو حاتم بن حبان، وأبو أحمد بن عدي، وأبو الوليد الفقيه، ومحمد بن أحمد الكرابيسي، ويحيى بن عمرو البستي، وأبو عبد الله بن أبي ذهل، وأبو بكر الجوزقي، وجعفر بن محمد بن الحارث، والحافظ أبو علي النيسابوري، وآخرون.
وله كتاب: " الآداب "، وكتاب: " فضائل الصحابة "، وأشياء.
الحاكم: سمعت الاستاذ أبا الوليد يقول: قيل لابي العباس

(14/558)


الدغولي: لم لا تقنت في صلاة الفجر ؟ فقال: لراحة الجسد، وسنة أهل البلد، ومداراة الاهل والولد.
الحاكم: سمعت أبا سعيد محمد بن أحمد الكرابيسي بسرخس يقول: قدم علينا أبو أحمد عبد الله بن عدي سرخس متوجها إلى بخارى، فلما انصرف إلينا، قيل له: ما رأينا بهذه الديار مثل أبي العباس الدغولي، فقال: أيش هذا ؟ ما رأيت أنا طول رحلتي مثل أبي العباس.
وقال أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الحافظ: خرجنا مع الامام أبي بكر بن خزيمة إلى سمرقند لتهنئة الامير الشهيد، والتعزية عن الامير أبي إبراهيم الماضي، فلما انصرفنا، قلت لابن خزيمة: ما رأينا في سفرنا مثل أبي العباس الدغولي.
فقال أبو بكر: ما رأيت أنا مثل أبي العباس.
قلت: ما أطلق ابن خزيمة هذا القول إلا عن أمر كبير من سعة علم أبي العباس رحمه الله.
قال الحاكم: سمعت يحيى بن عمرو البستي يقول: سمعت أبا العباس الدغولي يقول لابي الحسين الحجاجي: أيش حال أبي علي الحافظ ؟ وما الذي يصنفه الآن ؟ قال: هو ذا يرد على مسلم بن الحجاج.
فأنشأ يقول: يقضى للحطيئة ألف بيت * كذاك الحي يغلب كل ميت كذلك دعبل يرجو سفاها * وحمقا أن ينال مدى الكميت إذا ما الحي ناقض حشو قبر * فذالكم ابن زانية بزيت

(14/559)


قال ابن أبي ذهل: سمعت أبا العباس الدغولي يقول: أربع مجلدات لا تفارقني في السفر، والحضر، وإذا خرجت من البلد: كتاب المزني، وكتاب " العين "، و " تاريخ البخاري "، وكتاب " كليلة ودمنة ".
الحاكم: حدثني جعفر بن محمد بن الحارث، حدثنا أبو العباس الدغولي، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا يحيى الوحاظي، حدثتنا أم هاشم مولاة عبد الله بن بسر قالت: بينما أنا أوضئ عبد الله بن بسر
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم إذ خر مغشيا عليه.
تعني: مات فجأة.
قال الحاكم: قال الدغولي: في العلماء جماعة فقدوا فجأة فلم يوجدوا، منهم: عبدالرحمن بن أبي ليلى، فقد يوم الجماجم (1)، ومنهم: معمر بن راشد، ولم تعرف له تربة قط.
وبدل بن المحبر افتقد ولا يدرى أين ذهب.
ثم سمى جماعة ماتوا فجأة كالشعبي، وحميد الطويل، والاوزاعي.
قال الحاكم: سألت محمد بن عبدالرحمن بن الدغولي عن وفاة جده، فقال: في سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
قرأت على شرف الدين أحمد بن أبي الحسين الدمشقي في سنة ثلاث وتسعين وست مئة عن أبي روح الهروي: أخبرنا أبو القاسم
__________
(1) قال المؤلف في " دول الاسلام " 1 / 58: " وفي سنة اثنتين وثمانين كانت وقعة الجماجم بين ابن الاشعث والحجاج، وكان جيش ابن الاشعث أزيد من ثلاثين ألف فارس، ونحو مئة ألف وعشرين ألف راجل، وهزم ابن الاشعث الحجاج مرات عدة، وأمداد عساكر الشام تأتيه من الخليفة ثم انكسر ابن الاشعث وقتل ".
والتفصيل في تاريخ المؤلف 3 / 233 227.
ودير الجماجم: بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها، وإليها نسبت هذه الوقعة.
(*)

(14/560)


الشحامي سنة سبع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا أبو يعلي إسحاق بن عبدالرحمن الصابوني، أخبرنا أبو بكر الجوزقي، أخبرنا أبو العباس الدغولي، وأبو حامد بن الشرقي، ومكي بن عبدان، قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن بشر، حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثني محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه: أنهما سمعا موسى بن طلحة يخبر عن أبي أيوب الانصاري رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله ! أخبرني بعمل يدخلني الجنة.
فقال القوم: ما له ما له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أرب ماله ".
وقال: " تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة، وتصل الرحم، ذرها " كأنه كان على راحلته.
لفظ الشرقي.
أخرجه البخاري ومسلم (1) جميعا عن عبدالرحمن، فوقع موفقة لهما بعلو.
أخبرتنا أم الفضل زينب بنت عمر بن كندي ببعلبك، عن أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم: أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم، أخبرنا محمد بن علي الخشاب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الحافظ، أخبرنا أبو العباس الدغولي، ومكي بن عبدان، قالا: حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى ذكره ليعجب من الرجلين يقتل أحدهما الآخر فيدخلان الجنة ".
زاد الدغولي في حديثه: " فقال سفيان: يكون هذا كافرا وهذا مسلما، فيقتل الكافر المسلم، ثم
__________
(1) أخرجه البخاري: 10 / 347 في الادب: باب فضل صلة الرحم، ومسلم (13) في الايمان: باب بيان الايمان الذي يدخل به الجنة.
وقد تقدم تخريج هذا الحديث في الصفحة (494) من هذا الجزءت 2.
(*)

(14/561)


يرزق الله الكافر التوبة فيسلم، فيقتل، فيدخل الجنة " متفق عليه (1)، وما اتصل علوه لي إلا من هذا الوجه.
321 - ثابت بن حزم * ابن عبدالرحمن بن مطرف، العلامة الامام الحافظ، أبو القاسم السرقسطي الاندلسي اللغوي، صاحب كتاب: " الدلائل ".
أخذ عن: محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وفي الرحلة عن النسائي، وأبي بكر البزار، ومحمد بن علي الجوهري الصائغ، وعدة.
قال ابن الفرضي: كان عالما، مفتيا، بصيرا بالحديث، والنحو، واللغة، والغريب، والشعر.
إلى أن قال: توفي في رمضان سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
وله مصنفات مفيدة.
وقد ولي قضاء سرقسطة (2).
__________
(1) أخرجه البخاري: 6 / 30 29 في الجهاد: باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم، ومسلم (1890) في الامارة: باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، ومالك: 2 / 460 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، والنسائي: 6 / 39 38، من حديث أبي هريرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يضحك الله تعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدلخ الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله ثم يستشهد، فيتوب الله على القائل فيسلم، فيقاتل في سبيل الله فيستشهد ".
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 100، جذوة المقتبس: 185، المنتظم: 6 / 203، بغية الملتمس: 254، معجم البلدان: 3 / 213، تذكرة الحفاظ: 3 / 870 869، العبر: 2 / 156 155، مرآة الجنان: 2 / 266، الديباج المذهب: 1 / 320 319، طبقات الحفاظ: 356 355، بغية الوعاة: 1 / 480، نفح الطيب: 2 / 49 ضمن ترجمة ولده قاسم، شذرات الذهب: 2 / 266، الرسالة المستطرفة: 155.
(2) وإليها نسبته.
وسرقسطة: بلدة مشهورة بالاندلس، ذات فواكه عديدة لها فضل على سائر فواكه الاندلس، مبنية على نهر كبير، وتنسب إليها الثياب الرقيقة المعروفة بالسرقسطية.
انظر " معجم البلدان " 3 / 214 212.
(*)

(14/562)


وكان ولده من الاذكياء المعدودين، مات بعد الثلاث مئة شابا،
وهو: قاسم بن ثابت.
وقال أبو سعيد بن يونس: مات ثابت في سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
قال أبو الربيع بن سالم: ومن تآليف بلادنا كتاب: " الدلائل " في الغريب، مما لم يذكره أبو عبيد، ولا ابن قتيبة لقاسم بن ثابت السرقسطي، احتفل في تأليفه، ومات قبل إكماله، فأكمله أبوه.
وكان سماعهما واحدا، ورحلتهما واحدة، سمعته من ابن حبيش قال: حدثنا به جعفر بن محمد بن مكي، حدثنا ابن سراج، عن يونس بن عبد الله القاضي، عن العباس بن عمر الصقلي، عن ثابت بن قاسم بن ثابت، عن جده قراءة، وعن ابنه إجازة، وهذا عكس المعهود.
ومات أبوه نحو سنة اثنتين وثلاث مئة، وذكروا أنه عرض قضاء بلده عليه فأباه، فأراد أبوه الحمل عليه في ذلك، فسأله إنظاره ثلاثا، فتوفي فيها، فكانوا يرون أنه دعا على نفسه بالموت، وكان معروفا بإجابة الدعوة.
وكتب أبو علي القالي هذا الكتاب، وكان يقول: لم يوضع بالاندلس مثله.

322 - عبد الله بن مظاهر * الحافظ البارع، أحد الاذكياء الافراد، أبو محمد الاصبهاني.
بلغنا أنه حفظ المسند جميعه، ثم شرع في حفظ أقوال الصحابة.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 73 72، تاريخ بغداد: 10 / 179، تذكرة الحفاظ: 3 / 889، العبر: 2 / 128 127، طبقات الحفاظ: 363، شذرات الذهب: 2 / 243.
(*)

(14/563)


أخذ عن: يوسف القاضي، ومطين، وأبي خليفة، وأقرانهم، ومات شابا.
حدث عنه: رفيقه أبو الشيخ وهو من طبقته، وإنما تقدم موته، فإنه توفي سنة أربع وثلاث مئة.

323 - القاضي الخياط * الامام المحدث الحافظ، القاضي الورع، أبو عبد الله، محمد ابن علي المروزي، أحد السادات والاولياء.
عرف بالخياط لانه كان يخيط على الايتام والمساكين حسبة.
ولد سنة بضع وثلاثين ومئتين.
وسمع علي بن خشرم، ومحمود بن آدم، وأحمد بن سيار الحافظ، وخلقا سواهم.
ثم سئل الرواية، فما كان يحدث إلا باليسير في المذاكرة.
ولي قضاء القضاة بنيسابور في سنة ثمان وثلاث مئة، إلى أن استعفى سنة إحدى عشرة، ورد خريطة الحكم إلى الرئيس أبي الفضل البلعمي، فما شرب لاحد ماء، ولا ظفر له بزلة.
وكان لا يدع سماع الحديث أيام قضائه، ويحضر مجلس أبي العباس السراج.
بالغ الحاكم في تعظيمه وقال: سمعت أبا الوليد الفقيه يقول: مررت أنا وأبو الحسن الصباغ على مسجد رجاء، والقاضي الخياط
__________
* لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(*)

(14/564)


جالس، وكاتبه بحذائه، فقلنا: نحتسب ونتقدم إليه، ويدعي أحدنا على الآخر، فادعيت أني سمعت في كتاب هذا وليس يعيرني سماعي،
فسكت ساعة ثم قال: بإذنك سمع في كتابك ؟ قال: نعم.
قال: فأعره سماعه.
وقال الحاكم: سمعت أبي يقول: كان القاضي محمد بن علي المروزي طول أيامه يسكن دار ابن حمدون بحذاء دارنا، وكنت أعرفه يخيط بالليل، وإذا تفرغ بالنهار للايتام والضعفاء، ويعدها صدقة.
سمعت محمد بن عبدان خادم المجامع يقول: كان محمد بن علي الحاكم يجئ في كل أسبوع ليلة إلى الجامع، فيتعبد إلى الصباح من حيث لا يعرف غيري، فصادفته ليلة يتلو: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون) [ المائدة: 44 ] الآيات، ولكما تلا آية منها، ضرب بيده على صدره ضربة أسمع صوتها من شدته، رحمه الله تعالى.
توفي بعد العشرين وثلاث مئة، وله بضع وثمانون سنة.

324 - ابن قتيبة * قاضي القضاة بمصر، أبو جعفر، أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة البغدادي الكاتب.
__________
* الولاة والقضاة: 485، 546، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 133، تاريخ بغداد: 4 / 229، معجم الادباء: 3 / 104 103، إنباه الرواة: 1 / 46 45، وفيات الاعيان: 3 / 43، العبر: 2 / 193، الوافي بالوفيات: 7 / 80، البداية والنهاية: 11 / 180، الديباج المذهب: 1 / 162 161، النجوم الزاهرة: 3 / 246، حسن المحاضرة: 1 / 368، 2 / 146، شذرات الذهب: 2 / 170.
(*)

(14/565)


حدث عن: أبيه بكتبه كلها حفظا.
حدث عنه: عبدالرحمن بن إسحاق الزجاجي، وابنه عبد الواحد
ابن أحمد، وولي قضاء مصر، فمات بها.
قال يوسف بن يعقوب بن خرزاذ: إن أبا جعفر حدث بكتب أبيه كلها بمصر من حفظه، ولم يكن معه كتاب، ومات في شهر ربيع الاول سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، وبقي في القضاء شهرين ونصف [ شهر ]، وعزل، فوثبت به الرعية، وشتموه، وولي بعده أحمد بن إبراهيم بن حماد.
قال المسبحي: كان يحفظ كتب أبيه كلها بالنقط والشكل كما يحفظ القرآن، وهي أحد وعشرون مصنفا، فما سمع بذلك أهل الادب والعلم جاؤوه، وجاءه أولاة الملوك، فأخذوا عنه.
وقال ابن زولاق: كان مالكيا، شيخا حادا، أذكر أن أباه حفظه كتبه في اللوح.
وفيها مات صالح بن الحافظ أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، وأبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، وأبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي.

325 - ابن أبي العزاقر * الزنديق المعثر، أبو جعفر، محمد بن علي، الشلمغاني الرافضي.
__________
* الفرق بين الفرق: 250 249، فهرست ابن النديم: 507، معجم الادباء: 1 / 236 235 ضمن ترجمة إبراهيم بن أبي عون، معجم البلدان: 3 / 359، الكامل في = (*)

(14/566)


قال بالتناسخ، وبحلول الالهية فيه، وأن الله يحل في كل شئ بقدر ما يحتمله، وأنه خلق الشئ وضده، فحل في آدم وفي إبليسه،
وكل منهما ضد للآخر.
وقال: إن الضد أقرب إلى الشئ من شبهه، وإن الله يحل في جسد من يأتي بالكرامات ليدل على أنه هو، وإن الالهية اجتمعت في نوح وإبليسه، وفي صالح وعاقر الناقة، وفي إبراهيم ونمروذ، وعلي وإبليسه.
وقال: من احتاج الناس إليه، فهو إله.
وسمى موسى ومحمدا الخائنين، لان هارون أرسل موسى، وعليا أرسل محمدا، فخاناهما.
وإن عليا أمهل محمدا ثلاث مئة سنة ثم تذهب شريعته.
ومن رأيه ترك الصلاة والصوم، وإباحة كل فرج، وأنه لا بد للفاضل أن ينيك المفضول ليولج فيه النور، ومن امتنع مسخ في الدور الثاني.
فربط الجهلة وتخرق، وأضل طائفة، فأظهر أمره أبو القاسم الحسين بن روح رأس الشيعة، الملقب بالباب إلى صاحب الزمان، فطلب ابن أبي العزاقر، فاختفى، وتسحب إلى الموصل، فأقام هناك سنين، ورجع، فظهر عنه ادعاء الربوبية، واتبعه الوزير حسين بن الوزير القاسم بن عبيد الله بن وهب وزير المقتدر فيما قيل، وابنا بسطام، وإبراهيم بن أبي عون، فطلبوا، فتغيبوا، فلما كان في شوال من سنة
__________
= التاريخ: 8 / 294 290، اللباب: 2 / 27، وفيات الاعيان: 2 / 157 155، العبر: 2 / 191 190، دول الاسلام: 1 / 197 196، الوافي بالوفيات: 4 / 108 107، البداية والنهاية: 11 / 179، شذرات الذهب: 2 / 293.
(*)

(14/567)


اثنتين وعشرين ظفر الوزير ابن مقلة بهذا، فسجنه، وكبس داره، فوجد
فيها رقاعا وكتبا مما يدعى عليه، وفيها خطابه بما لا يخاطب به بشر، فعرضت عليه، فأقرأنها خطوطهم، وتنصل مما يقال فيها، وتبرأ منهم، فمد ابن عبدوس يده، فصفعه.
وأما ابن أبي عون فمد يده إليه، فارتعدت يده، ثم قبل لحيته ورأسه وقال: إلهي، ورازقي، وسيدي !.
فقال له الراضي بالله: قد زعمت أنك لا تدعي الالهية، فما هذا ؟ قال: وما علي من قول هذا ؟ والله يعلم أنني ما قلت له: إنني إله قط.
فقال ابن عبدوس: إنه لم يدع إلهية، إنما ادعى أنه الباب إلى الامام المنتظر.
ثم إنهم أحضروا مرات بمحضر الفقهاء والقضاة، ثم في آخر الامر أفتى العلماء بإباحة دمه، فأحرق في ذي القعدة من السنة، وضرب ابن أبي عون بالسياط، ثم ضربت عنقه وأحرق.
وله مصنفات أدبية، وكان من كبار الكتاب.
وذكرنا في الحوادث: أن في هذا العام ظهر الشلمغاني.
وشلمغان: قرية من قرى واسط.
فشاع عنه ادعاء الربوبية، وأنه يحيي الموتى، فأحضره ابن مقلة عند الراضي، فسمع كلامه، وأنكر ما قيل عنه.
وقال: لتنزلن العقوبة على الذي باهلني بعد ثلاث، وأكثره تسعة أيام، وإلا فدمي حلال.
فضرب ثمانين سوطا، ثم قتل وصلب.
وقتل بسببه وزير المقتدر، الحسين (1)، اتهم بالزندقة.
وقتل أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن هلال بن أبي عون الانباري للكاتب.
وقد كان أبو علي الحسين ويقال: الجمال وزر للمقتدر في سنة
__________
(1) انظر ترجمته وخبر قتله في " العبر " 2 / 191 - 192.
(*)

(14/568)


تسع عشرة وثلاث مئة، ولقبوه عميد الدولة، وعزل بعد سبعة أشهر،
وسجن، وعقد له مجلس في كائنة الشلمغاني، ونوظر، فظهرت رقاعه يخاطب الشلمغاني فيها بالالهية، وأنه يحييه ويميته، ويسأله أن يغفر له ذنوبه.
فأخرجت تلك الرقاع، وشهد جماعة أنه خطه، فضربت عنقه، وطيف برأسه في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة، وعاش ثمانيا وسبعين سنة.

326 - الالبيري * الحافظ الامام البارع، أبو جعفر، أحمد بن عمرو بن منصور الاندلسي الالبيري.
ارتحل، وحج، وسمع من: يونس بن عبدالاعلى، والربيع بن سليمان المؤذن، ومحمد بن سنجر، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وخلق كثير.
وجمع وصنف، وكانت الرحلة إليه بالاندلس.
ويعرف أيضا بابن عمريل، وكان إماما في علل الحديث.
ذكره أبو الوليد بن الفرضي (1) وعظمه.
توفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وكان خطيبا بمدينة إلبيرة.
مات في عشر الثمانين.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 28 27، جذوة المقتبس: 139، بغية الملتمس: 197 - 198، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 139 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 813 - 814، طبقات الحفاظ: 338، شذرات الذهب: 2 / 264.
(1) في " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 28 27.
(*)

(14/569)


جاء في آخر الاصل ما نصه:
وخلق كثير.
وجمع وصنف، وكانت الرحلة إليه بالاندلس.
ويعرف أيضا بابن عمريل، وكان إماما في علل الحديث.
ذكره أبو الوليد بن الفرضي (1) وعظمه.
توفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وكان خطيبا بمدينة إلبيرة.
مات في عشر الثمانين.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 28 27، جذوة المقتبس: 139، بغية الملتمس: 197 - 198، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 139 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 813 - 814، طبقات الحفاظ: 338، شذرات الذهب: 2 / 264.
(1) في " تاريخ علماء الاندلس " 1 / 28 27.
(*)

(14/570)


جاء في آخر الاصل ما نصه: تم الجزء التاسع من كتاب: " سير أعلام النبلاء "، للشيخ الامام العالم العامل، الحجة الناقد البارع، جامع أشتات الفنون، شيخ الاسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
وهو أول نسخة نسخت من خط المصنف، وقوبلت عليه حسب الامكان، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة.
ويتلوه إن شاء الله تعالى في الجزء اللذي يليه وهو العاشر حماد ابن شاكر بن سوية النسفي.
وكان الفراغ منه لليلتين خلتا من شهر ذي الحجة سنة أربعين وسبع مئة، أحسن الله خلفها.
الحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

(14/570)