سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 15
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 15

(15/)


سير أعلام النبلاء 15

(15/1)


جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة أن تطبع أو تعطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسة رسمية أو افرادا.
الطبعة التاسعة 1413 ه - 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة هاتف، 319039 - 815112 - ص.
ب: 7460 برقيا، بيوشران

(15/2)


سير أعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء الخامس عشر أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحادييه حقق هذا الجزء شعيب الارنؤوط إبراهيم الزيبق

(15/3)


بسم الله الرحمن الرحيم

(15/4)


1 - حماد بن شاكر * ابن سوية، الامام المحدث الصدوق، أبو محمد النسفي.
حدث عن عيسى بن أحمد العسقلاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبي عيسى الترمذي، وطائفة.
وهو أحد رواة صحيح البخاري عنه.
حدث عنه غير واحد.
قال الحافظ جعفر المستغفري (1): هو تقة مأمون.
رحل إلى الشام.
حدثني عنه بكر بن محمد بن جامع بصحيح البخاري، وحدثني عنه أبو أحمد قاضي بخارى.
وقال ابن ماكولا (2): توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
__________
* الاكمال: 4 / 394 - 395، المشتبه: 1 / 377، تبصير المنتبه: 2 / 701 (1) الحافظ العلامة أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر النسفي، من كتبه " تاريخ نسف " توفي سنة / 432 / ه.
انظر " تذكرة الحفاظ ": 3 / 1102 (2) " الاكمال ": 4 / 395 (*)

(15/5)


2 - الطوسي * الامام الحافط الثقة الرحال، أبو علي الحسن بن علي بن نصر، الطوسي الملقب بكردوش (1).
سمع محمد بن رافع، ومحمد بن أسلم، وإسحاق الكوسج، وعبد الله بن هشام وأحمد بن منيع، وبندارا (2)، وزيد بن أخزم (3)، والزبير بن بكار - سمع منه كتاب " النسب " -، وعددا كثيرا سوى هؤلاء.
ورى عنه: عبد الله بن محمد بن مسلم الاسفراييني، وأحمد بن علي
الرازي، وأحمد بن محمد بن عبدوس، وأبو سهل الصعلوكي، ومحمد بن جعفر البستي، وخلق سواهم.
وقد روى عنه: شيخه أبو حاتم الرازي حكايات، وحدث بهراة، وبقزوين.
__________
* تاريخ جرجان: 143، أخبار أصبهان: 1 / 262 - 263، الاكمال: 7 / 169، تذكرة الحفاظ: 3 / 787 - 788، ميزان الاعتدال: 1 / 509، لسان الميزان: 2 / 232 - 233، شذرات الذهب: 2 / 264، الرسالة المستطرفة: 30 - 31.
(1) كذا ضبطت في الاصل، ووضع فوقها علامة " صح "، وكذلك قيده الذهبي في تذكرة الحفاظ: 3 / 787.
وأما ابن ماكولا في الاكمال: 7 / 169، فقيده دون واو، فقال: كردش بالراء والدال بعدها والشين المعجمة، فهو الحسن بن علي الطوسي.
(2) هو أبو بكر محمد بن بشار بن عثمان، العبدي البصري الحافظ الثقة وبندار: لقبه، فارسي، ومعناه: الحافظ، وقد لقب به لانه جمع حديث مالك، وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر رقم الترجمة (52) (3) في الاصل: أحزم، وهو خطأ.
(*)

(15/6)


قال أبو يعلى الخليلي (1): سمعت على عشرة من أصحابه.
قال: وله تصانيف، تدل على [ علمه و ] معرفته [ بهذا الشأن ].
قلت: وحدث عنه أبو أحمد الحاكم، وقال: تكلموا في روايته لكتاب " النسب " للزبير (2).
قلت: توفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وقد قارب التسعين.
قال الحاكم: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدوس العنزي، حدثنا الحسن بن نصر الطوسي - بهراة في مجلس عثمان بن سعيد - حدثنا حيدون
ابن عبد الله الواسطي، حدثنا صلة بن سليمان، عن أشعث بن عبدالملك، عن الفرزدق الشاعر، قال: رأى أبو هريرة قدمي، فقال: يا فرزدق، إني أرى قدميك صغيرتين، فاطلب لهما موضعا في الجنة، قلت: إن لي ذنوبا كثيرة، قال: لا تأس (3): فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها " (4).
__________
(1) الحافظ الامام، أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني، مصنف كتاب " الارشاد في علماء البلاد " ذكر فيه المحدثين وغيرهم من العلماء على ترتيب البلاد إلى زمانه.
توفي (446) وسترد ترجمته والنص الذي نقله المؤلف عنه هو في " الارشاد " الورقة 176، والزيادة منه.
(2) في " ميزان الاعتدال ": 1 / 509 تكلموا في روايته لكتاب النسب عن الزبير بن بكار.
(3) لا تحزن.
(4) صلة بن سليمان ضعفه يحيى بن معين، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني: يترك حديثه عن ابن جريح وشعبة، ويعتبر بحديثه عن أشعث بن عبدالملك، والفرزدق واسمه غالب بن همام ضعفه ابن حيان، فقال: كان قذافا للمحصنات، فيجب مجانبة روايته.
قلت: والمرفوع من الخبر ثابت، فقد أخرج مسلم (2703) في الذكر والدعاء: باب استحباب الاستغفار والاكثار منه من حديث أبي هريرة مرفوعا " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه ".
(*)

(15/7)


ولابي علي مصنف في الاحكام.
قال صالح الهمذاني (1): سمع منه عامة أصحابنا كتابه الذي في الاحكام.
وحدثني عنه أبي، وسألت أبا جعفر عنه، فقال: لم يكن
بشئ.
وبلغني أن ابن خزيمة كان يجمل القول فيه.

3 - ابن نيروز * الشيخ المسند الصدوق، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن نيروز (2)، البغدادي الانماطي (3).
__________
= وقول ابن كثير في التفسير 2 / 193 بعد أن أورده عن ابن جرير: لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وهم منه رحمه الله.
وأخرج الامام أحمد 4 / 240، 241، والترمذي (3535) و (3536) من طريق زرين حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفين...وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من قبل المغرب بابا مسيرة عرضه سبعون أو أربعون عاما فتحه الله عزوجل للتوبة يوم خلق السماوات والارض لا يغلقه حتى تطلع الشمس منه، وذلك قول الله عزوجل: (يوم تأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها).
وسنده حسن، وصححه ابن حبان (186)، وقال الترمذي: حسن صحيح وهو في سنن ابن ماجة (4070) وأخرج الامام أحمد (1671) بسند حسن من حديث عبد الله بن السعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الهجرة خصلتان، إحداهما: أن تهجر السيئات، والاخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت، طبع على كل قلب بما فيه، وكفي الناس العمل ".
(1) أبو الفضل، صالح بن أحمد بن محمد، الهمذاني، من حفاظ الحديث المعمرين من كتبه " طبقات الهمذانيين " توفي سنة / 384 / ه " تذكرة الحفاظ " 3 / 985 - 986 * تاريخ بغداد: 1 / 408، المنتظم: 6 / 239، العبر: 2 / 173، شذرات الذهب: 2 / 280.
(2) في " العبر ": 2 / 173 " فيروز " وهو تصحيف.
(3) بفتح الالف، وسكون النون، وفتح الميم، وكسر الطاء المهملة: هذه النسبة إلى بيع الانماط، وهي الفرش التي تبسط.
" الانساب: 1 / 376.
(*)

(15/8)


سمع عمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن المثنى العنزي، وخلاد بن أسلم، ومحمد بن عوف الطائي، وعدة.
حدث عنه: محمد بن المظفر، والدار قطني، ومحمد بن إبراهيم العاقولي، ويوسف القواس، وعيسى بن الجراح، وآخرون.
وثقة القواس.
مات في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة عن بضع وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح الكاتب، أخبرنا هبة الله الحاسب، أخبرنا أحمد بن محمد، حدثنا عيسى بن علي، قرئ على أبي بكر محمد بن إبراهيم بن نيروز - وأنا أسمع - قيل له: حدثكم خلاد بن أسلم، حدثنا ابن أبي رواد، عن ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الايدي " (1).

4 - الديبلي * المحدث الصدوق، أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل الديبلي ثم المكي.
__________
(1) ابن أبي رواد - وهو عبدالمجيد - قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ وابن جريح وأبو الزبير مدلسان، وقد عنعنا، وأخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ورقة 115 / 1 وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " 2 / 96 من طريق ابن أبي رواد بهذا الاسناد، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي نعيم 2 / 81، وسنده لا بأس به في الشواهد، وآخر من حديث وحشي عند
أبي داود (3764)، وأحمد 3 / 501، وابن حبان (1345) والحاكم 2 / 103، وابن ماجة (3286) ولفظه " اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه "، وثالث عن عمر عند ابن ماجة (3287).
* الانساب: 5 / 393، معجم البلدان: 2 / 495، العبر: 2 / 194، شذرات الذهب: 2 / 295 (*)

(15/9)


وديبل: بلدة من إقليم الهند (1).
سمع محمد بن زنبور، وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي، والحسين ابن الحسن المروزي، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر بن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي، وأحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي (2)، وآخرون.
وكان مسند الحرم في وقته.
توفي في جمادي الاولى سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وقع لي من طريقه بعلو نسخة إسماعيل بن جعفر.

5 - الفربري * المحدث الثقة العالم، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري، راوي " الجامع الصحيح " عن أبي عبد الله البخاري، سمعه منه بفربر مرتين.
وسمع أيضا من علي بن خشرم لما قدم فربر مرابطا (3).
وقد أخطأ من
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 2 / 495 (2) هذه النسبة إلى " عبدالقيس " وقد ذكر أنه ينسب إليها العبدي أيضا، والعبقسي
أشهر.
انظر " الانساب ": 8 / 370 * الانساب: 9 / 260 - 261، معجم البلدان: 4 / 246، وفيات الاعيان: 4 / 290 العبر: 2 / 183، الوافي بالوفيات: 5 / 245، مرآة الجنان: 2 / 280، شذرات الذهب: 2 / 286، تاج العروس: " فربر " (3) الانساب: 9 / 261 (*)

(15/10)


زعم أنه سمع من قتيبة بن سعيد، فمار رآه.
وقد ولد (1) في سنة إحدى وثلاثين ومئتين، ومات قتيبة في بلد آخر سنة أربعين (2).
أرخ مولده أبو بكر السمعاني في " أماليه " (3)، وقال: كان ثقة ورعا.
قلت: قال: سمعت " الجامع " في سنة ثمان وأربعين ومئتين، ومرة أخرى سنة اثنتين وخمسين ومئتين (4).
حدث عنه: الفقيه أبو زيد المروزي، والحافظ أبو علي بن السكن، وأبو الهيثم الكشميهني (5)، وأبو محمد بن حمويه السرخسي، ومحمد بن عمر بن شبويه، وأبو حامد أحمد بن عبد الله النعيمي، وأبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد المستملي، وإسماعيل بن حاجب الكشاني، ومحمد بن محمد ابن [ يوسف ] (6) الجرجاني وآخرون، والكشاني (7) آخرهم موتا.
__________
(1) أي: الفربري.
(2) انظر ترجمة قتيبة بن سعيد في " تاريخ بغداد ": 12 / 464 - 470، و " تهذيب التهذيب ": 8 / 358 - 361.
(3) هو الامام أبو بكر، محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني، والد الامام أبي سعد صاحب " الانساب "، فقيه، محدث، أملى مئة وأربعين مجلسا في الحديث، قال عنها ابنه: " من طالعها عرف أن أحدا لم يسبقه إلى مثلها ".
توفي - رحمه الله - سنة عشر وخمس
مئة، وقد جاوز الاربعين بقليل.
" الانساب ": 7 / 140 - 141.
(4) انظر " الانساب ": 9 / 261.
(5) بضم الكاف وسكون الشين المعجمة وكسر الميم وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الهاء وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى قرية من قرى مرو.
" الانساب ": 10 / 436.
(6) في الاصل بياض، وما أثبتناه من " تاريخ جرجان " 384.
(7) أبو علي، إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب، الكشاني الحاجبي.
توفي بالكشانية - وهي بلدة من بلاد السند، بنواحي سمرقند، في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة - 391 ه.
" الانساب " 4 / 11 وأرخ الذهبي وفاته في " العبر ": 3 / 52 سنة اثنتين وتسعين.
(*)

(15/11)


وقد على في أوائل " الصحيح " حديث موسى والخضر (1) فقال: حدثناه علي بن خشرم، حدثنا سفيان بن عيينة، وهذا ثابت في رواية ابن حمويه دون غيره.
وكان رحلة المستملي إلى الفربري في سنة أربع عشرة وثلاث مئة وسماع ابن حمويه منه في سنة خمس عشرة، وقال أبو زيد المروزي: رحلت إلى الفربري سنة ثمان عشرة.
وقال الكشميهني: سمعت منه بفربر " الصحيح " في ربيع الاول سنة عشرين.
ويروى - ولم يصح - أن الفربري قال: سمع " الصحيح " من البخاري تسعون (2) ألف رجل، ما بقي أحد يرويه غيري.
قلت: قد رواه بعد الفربري أبو طلحة منصور بن محمد البزدوي
النسفي، وبقي إلى سنة تسع وعشرين وثلاث مئة (3).
وفربر: بكسر الفاء وبفتحها، وهي من قرى بخارى حكى الوجهين القاضي عياض (4).
وابن قرقول (5)، والحازمي، وقال: الفتح أشهر، وأما
__________
(1) أنظر البخاري (4725) و (4726) و (4727) في تفسير سورة الكهف: باب (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا).
(2) في " معجم البلدان ": 4 / 246 " سبعون ".
(3) ستأتي ترجمته ص / 279 / من هذا الجزء.
(4) هو القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، من أهل سبتة، يكنى: أبا الفضل، عالم المغرب، كان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم وصنف التصانيف المفيدة وسترد ترجمته في هذا الكتاب.
(5) إبراهيم بن يوسف بن أدهم الوهراني الحمزي - نسبه إلى بليدة بإفريقية، ما بين بجاية وقعلة بني حماد - المعروف بابن قرقول - بضم القافين وسكون الراء المهملة بينهما، وبعد الواو لام - صاحب كتاب " مطالع الانوار " الذي وضعه على مثال كتاب " مشارق الانوار " للقاضي عياض.
(*)

(15/12)


ابن ماكولا، فما ذكر غير الفتح (1) مات الفربري لعشر بقين من شوال سنة عشرين وثلاث مئة، وقد أشرف على التسعين.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، ومحمد بن قايماز، وخديجة بنت محمد، وطائفة، قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك، وأخبرنا سنقر القضائي، أخبرنا علي بن روزبه، قالا: أخبرنا أبو الوقت السجزي (2)، أخبرنا الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا الفربري.
حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو عاصم، عن عمر بن محمد، عن سالم، عن أبيه
قال: قال رسول الله صلى الله وسلم: " يوم عاشوراء إن شاء صام ".
أخرجه مسلم (3) عن أحمد بن عثمان، عن أبي عاصم، فوقع لنا بدلا عاليا.
ومات معه إبراهيم بن محمد بن يحيى بن مندة، وعمه عبدالرحمن بن يحيى، وعبد الله بن محمد الرازي ابن أخي أبي زرعة، وأبو أسيد أحمد بن محمد بن أسيد المديني، ومحمد بن حمدون بن خالد، وأبو الحسن بن جوصا.

6 - الحميري * الامام الفقيه العلامة، قاضي الكوفة، أبو الحسن علي بن محمد بن هارون الحميري الكوفي الحافظ.
__________
(1) " الاكمال ": 7 / 84 وقد ضبطت بالكسر.
(2) بكسر السين المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الزاي.
هذه النسبة إلى سجستان على غير قياس.
انظر " الاكمال ": 4 / 549 - 550.
(3) رقم (1126) (121) في الصيام باب صوم يوم عاشوراء.
* تاريخ بغداد: 12 / 68 - 69، الانساب 4 / 235، العبر: 2 / 199 شذرات الذهب: 2 / 299.
(*)

(15/13)


حدث عن: أبي كريب محمد بن العلاء، وأبي سعيد الاشج، وهارون بن إسحاق.
وحدث عنه: أبو بكر الوراق - وأثنى عليه (1) - ومحمد بن أحمد بن حماد الحافظ، وقال: كان يحفظ عامة حديثه (2)، وكان ثقة، سمعته يقول: ولدت سنة إحدى وثلاثين ومئتين.
ومات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
قلت: هو أخر من حدث عن أبي كريب (3).
وحدث عنه أيضا: محمد بن محمد الكندي الطحان، ومحمد بن عبد الله الجعفي الهرواني خاتمة أصحابه، وقع لي جزء من حديثه.
عاش اثنتين وتسعين عاما.

7 - الترخمي * الامام الحافظ محدث حمص، أبو بكر محمد بن سعيد بن محمد الترخمي الحمصي.
وقيل: بل اسمه محمد بن جعفر بن سعيد، فنسب إلى جده.
وترخم بطن من يحصب (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 69.
(2) في " تاريخ بغداد ": 12 / 69 " ولي القضاء، وكان شيخا نبيلا، وكان قد ذهب عامة كتبه، وكان يحفظ عامة حديثه ".
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 69 * الاكمال: 1 / 416 - 417، الانساب: 3 / 40، تاريخ ابن عساكر: 15 / 186 ب - 187 أ.
(4) الصاد مثلثة كما في " القاموس ".
وانظر " جمهرة الانساب ": 436، و " نهاية الارب ": 2 / 293.
(*)

(15/14)


سمع أباه، والحسن بن علي المعاني (1)، وأبا أمية الطرسوسي، وسعيد بن عمرو السكوني، ومحمد بن عوف، وعدة.
روى عنه: محمد بن المظفر، والحافظ أبو الخير أحمد بن علي
الحمصي، والوزير جعفر بن حنزابة، وأبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني وآخرون.

8 - ابن جوصا * الامام الحافظ الاوحد، محدث الشام، أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا، مولى بني هاشم، ويقال: مولى محمد بن صالح الكلابي الدمشقي.
ولد في حدود الثلاثين ومئتين.
وسمع عمرو بن عثمان الحمصي، ومحمد بن هاشم البعلبكي، ومحمد بن وزير، وكثير بن عبيد، وأبا التقي هشام بن عبدالملك اليزني (2)، وعمران بن بكار، ويونس بن عبدالاعلى، ومحمد بن عبد الله
__________
(1) نسبة إلى معان - بالفتح، والمحدثون يقولونه: بالضم - وهي مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء.
" معجم البلدان ": 5 / 153.
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 26 ب - 28 ب، المنتظم: 6 / 242، تذكرة الحفاظ: 3 / 795 - 798 العبر: 2 / 180 - 181، ميزان الاعتدال: 1 / 125، الوافي بالوفيات: 7 / 271 البداية والنهاية: 11 / 171، لسان الميزان: 1 / 239 - 240، النجم الزاهرة: 3 / 234 شذرات الذهب: 2 / 285، تهذيب ابن عساكر: 1 / 420.
(2) بفتح الياء والزاي وبعدها نون.
هذه النسبة إلى ذي يزن، وهو بطن من حمير.
" اللباب ": 3 / 308.
(*)

(15/15)


ابن ميمون الاسكندراني، ومعاوية بن عمرو الحمصي، صحاب حريز بن عثمان، وموسى بن عامر المري، ومحمد بن عوف الطائي، وخلقا سواهم
بمصر والشام، ولقي بدمشق شويخا حدثه عن معروف الخياط.
حدث عنه: حمزة الكناني، وأبو القاسم الطبراني، وأبو علي النيسابوري، وأبو بكر بن السني، وأبو أحمد بن عدي، والزبير بن عبد الواحد الاسد اباذي (1)، وأبو أحمد الحاكم، وخلق كثير، آخرهم موتا عبد الوهاب الكلابي.
وقال الطبراني: ابن جوصا ثقة.
قال أبو علي الحافظ: سمعت ابن جوصا، - وكان ركنا من أركان الحديث - يقول: إستاذ خمسين سنة من موت الشيخ، إسناد علو (2).
قال أبو ذر الهروي: سمعت أبا مسعود الدمشقي يقول: جاء رجل بغدادي يحفظ إلى ابن جوصا، فقال له ابن جوصا: كلما أغربت علي حديثا من حديث الشاميين، أعطيتك درهما.
فلم يزل الرجل يلقي عليه ما شاء الله، ولا يغرب عليه، فاغتم، فقال للرجل: لا تجزع، وأعطاه لكل حديث ذاكره به درهما، وكان ابن جوصا ذا مال كثير (3).
قلت: كان من أكابر الدمشقيين.
قال الحافظ عبد الغني بن سعيد: حدثنا محمد بن إبراهيم الكرجي، قال: ابن جوصا بالشام، كابن عقدة في الكوفة (4).
__________
(1) ستأتي ترجمته ص / 570 / من هذا الجرء.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 27 ب.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(4) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
وستأتي ترجمة ابن عقدة ص / 340 / من هذا الجزء.
(*)

(15/16)


وقال الدارقطني: أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمان ابن مسعود - رضي الله عنه - إلى أن وجد ابن عقدة أحفظ من ابن عقدة (1).
قال أبو عمرو النيسابوري الصغير: نزلنا خانا بدمشق العصر، ونحن على أن نبكر إلى ابن جوصا، فإذا الخاني يصيح: أين أبو علي الحافظ ؟ فقلت: هاهنا، قال: قد حضره الشيخ زائرا.
فإذا بأبي الحسن بن جوصا على بغلة، فنزل عنها، ثم صعد إلى غرفتنا، وسلم على أبي علي، ورحب به، وأخذ في المذاكرة معه إلى قرب العتمة (2)، ثم قال: يا أبا علي، جمعت حديث عبد الله بن دينار ؟ قال: نعم.
قال: أخرجه إلي.
فأخرجه، فأخذه الشيخ في كمه وقام.
فلما أصبحنا جاءنا رسوله، وحملنا إلى منزله، فذاكره أبو علي، وانتخب عليه إلى المساء، ثم انصرفنا إلى رحلنا، وجماعة من الرحالة ينتظرون أبا علي، فسلموا عليه، ثم ذكروا شأن ابن جوصا، وما نقموا عليه من الاحاديث التي أنكروها، وأبو علي يسكتهم، ويقول: لا تفعلوا، هذا إمام من أئمة المسلمين، وقد جاز القنطرة (3).
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن جوصا، فقال: تفرد بأحاديث، ولم يكن بالقوي (4).
قلت: هو من الشيوخ النوازل عند حمزة بن محمد الكناني، ولهذا يقول: عندي عن ابن جوصا مئتا جزء ليتها كانت بياضا، وترك حمزة الرواية
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(2) وقت صلاة العشاء.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 797.
(*)

(15/17)


عنه أصلا (1).
وابن جوصا إمام حافظ له غلط كغيره في الاسناد لا في المتن، وما يضعفه بمثل ذلك إلا متعنت.
قال جماعة: حدثنا ابن جوصا، حدثنا أبو التقي، حدثنا بقية، حدثنا ورقاء وابن ثوبان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن أبي هريرة رفعه، قال: " إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة " (2).
أنكر على ابن جوصا ذكر ابن ثوبان في الاسناد، والخطب سهل، فلو كان وهما لما ضر، فلعله حفظه.
قال الطبراني: تفرد به ابن جوصا، وكان من ثقات المسلمين وأجلهم (3).
قلت: وقد رواه أبو بكر بن المقرئ، فقال: حدثنا الحسين بن التقي ابن أبي التقي اليزني، حدثنا جدي، فذكره متابعا لابن جوصا.
ورواه ثقتان عن أحمد بن محمد بن عنبسة الحمصي، عن أبي التقي كذلك، فتخلص الحافظ أبو الحسن منه.
وأبو التقي فثقة حجة، ثم إن أحمد بن محمد بن عنبسة، قال: كان هذا الحديث عند أبي التقي في مكانين.
ففي موضع
__________
(1) المصدر السابق ويعلق الذهبي بقوله: " هذا تعنت من حمزة، والظاهر أنه تبرم بالمئتي جزء لنزولها عند حمزة ولا تنفق عنه، فإن ابن جوصا من صغار شيوخه ".
(2) أخرجه من طرق عن عمرو بن دينار بهذا الاسناد مسلم (710) وأحمد 2 / 331 و 455 و 517 و 531، وأبو داود (1266) والترمذي (421)، والنسائي 2 / 116 وابن ماجة (1151) و (1152) والدارمي 1 / 337، الطحاوي 1 / 218، وأخرجه أحمد 2 / 352، والطحاوي 1 / 218 من طريقين عن عياش بن عباس القتباني، عن أبي تميم الزهري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا التي
أقيمت ".
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 27 أ.
(*)

(15/18)


عن ورقاء، وفي موضع عن ابن ثوبان، فجمعهما (1).
قلت: رواه قبل جمهما مرات عن ورقاء وجده.
قال حمزة الكناني: سمعت ابن جوصا، يقول: كنا ببغداد، فتذاكروا حديث أيوب وأشباهه، فقلت: أيش أسند جنادة (2) عن عبادة ؟ فسكتوا.
ثم قلت: ما أسند عمرو بن عمرو الاحموسي ؟ فلم يجيبوا (3).
قال الحافظ أبو علي النيسابوري: إنما حدثونا عن أبي التقي برواية ابن ثوبان، عن عطاء بن يسار، ليس فيه عمرو بن دينار (4).
قال الحاكم: سمعت الزبير الاسد اباذي يقول: حكم الله بيننا وبين أبي علي الحافظ، أتيناه بدمشق، وصورنا له حال ابن جوصا، وأقمنا فيه الحجج والبراهين فأخذ عطاءه (5).
قلت للزبير: لو كتبت إلى أبي علي بهذا.
فكتب إليه معي، فقال لي أبو علي: لا تشتغل بذا، فإن الزبير طبلي.
قال أبو القاسم في " تاريخ دمشق ": ابن جوصا شيخ الشام في وقته، رحل وصنف، وذاكر، وحدث عن: محمد بن وزير، وموسى بن عامر، وشعيب بن شعيب بن إسحاق، وأحمد بن عبد الواحد، ومحمود بن
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 ب.
وزاد: " وهما صحيحان ".
(2) جنادة بن أبي أمية، الازدي، مختلف في صحبته، يروي عن عبادة بن الصامت، الصحابي البدري المشهور.
" الاصابة ": 1 / 256 - 257.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(4) المصدر السابق.
(5) الكلمة غير مقروءة في الاصل.
والمثبت من " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
وفيه يشير إلى هذا العطاء: " فبلغ أحمد بن عمير ما جرى بين أبي علي وبينهم في تلك الليلة، وكان يهاب أبا علي ولا يبالي بهم.
فلما كان بعد ثلاثة أيام بعث بوكيل له إلى أبي علي، ومعه عشرون دينارا، فقال: يا أبا علي، ينبغي أن تفارق الناحية فإن السلطان قد طلبك، فخرج أبو علي وخرجنا معه ".
انظر " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 28 أ.
(*)

(15/19)


سميع، ويزيد بن عبد الصمد، وعمرو بن عثمان الحمصي، وأخيه يحيى، وابن عبد الحكم، ويونس، والربيع بن سليمان، والزبير بن بكار، وخلق كثير.
ثم سمى الرواة عنه (1).
أخبرنا المسلم بن علان في كتابه، عن القاسم بن علي بن الحسن، أخبرنا أبي، أخبرنا هبة الله بن الاكفاني، حدثنا الكتاني، حدثنا العلاء بن حزم، حدثنا علي بن بقاء، حدثنا عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا الفضل جعفر بن محمد، سمعت أبا الحسن، - يعني الدارقطني - يقول: أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمن ابن مسعود إلى زمان ابن عقدة أحفظ من ابن عقدة (2).
قال عبد الغني: وسمعت أبا همام محمد بن إبراهيم يقول: ابن جوصا بالشام كابن عقدة بالكوفة (3).
ثم قال عبد الغني وأبو سعيد بن يونس: كهؤلاء في مواضعهم.
قال الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الواحد يقول: ما رأيت لابي علي الحافظ زلة إلا روايته عن عبد الله بن وهب الدينوري، وأحمد بن جوصا.
قلت: ابن جوصا خير من الدينوري (4) بكثير.
توفي ابن جوصا في جمادى الاولى سنة عشرين وثلاث مئة.
وقد أخبرنا بحديثه المذكور في " إذا أقيمت الصلاة " أحمد بن هبة الله ابن تاج الامناء بقراءتي عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم بن أبي
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 26 ب.
(2) انظر حاشيتنا رقم 1 / ص / 17 /.
(3) انظر حاشيتنا رقم / 4 / ص / 16 /.
(4) انظر " ميزان الاعتدال ": 2 / 494 - 495.
(*)

(15/20)


سعيد، أخبرنا محمد بن عبدالرحمن الاديب، أخبرنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا أحمد بن عمير بن جوصا، حدثنا اليزني فذكره.
وقال أبو أحمد بن عدي في " كامله ": حدثنا ابن جوصا، حدثنا معاوية بن عبدالرحمن الرحبي، سمعت حريز بن عثمان يقول: سألت عبد الله بن بسر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كان في عنفقته (1) شعرات بيض (2).
وأخبرنا محمد بن علي الدمشقي، ومحمد بن علي الواسطي، قالا: أخبرنا البهاء عبدالرحمن بن إبراهيم، أخبرنا عبد الحق، أخبرنا يحيى بن مندة، أخبرنا أحمد بن محمود، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا أحمد ابن جوصا، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا حريز بن عثمان قال: قلت لعبد الله بن بسر: هل كان في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيب ؟ قال: كان في رأس رسول الله شعرات بيض إذا دهن تغير.
هذا حديث غريب بهذا اللفظ.
ومعاوية شيخ ابن جوصا لا يعرف، ولا وجدته في كتب الجرح.

9 - المؤمل بن الحسن * ابن عيسى بن ماسرجس المولى، الرئيس الامام المحدث المتقن،
__________
(1) بين الشفة السفلى والذقن.
(2) معاوية بن عبدالرحمن شيخ ابن جوصا لا يعرف كما سيذكر المصنف، وأخرجه البخاري 6 / 414 في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عصام بن خالد عن حريز بن عثمان به.
وفي الباب عن أبي جحيفة السوائي عند البخاري (3545).
* الانساب: 501 أ - 502 ب، العبر: 2 / 177، النجوم الزاهرة: 3 / 231، شذرات الذهب: 2 / 283.
(*)

(15/21)


صدر خراسان، أبو الوفاء الماسرجسي النيسابوري.
كان يضرب به المثل في ثروته وسخائه وشجاعته، وكان أبوه من أحشم النصارى، فأسلم على يد ابن المبارك، ولم يلحق المؤمل الاخذ عن والده.
فسمع من إسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى، والحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن منصور الرمادي، وخلق من طبقتهم.
حدث عنه: ابناه أبو بكر محمد، وأبو القاسم علي، وأبو إسحاق المزكي، وأبو محمد المخلدي، وأبو الحسن محمد بن علي [ بن ] (1) سهل الماسرجسي الفقيه وآخرون.
قال أبو علي الحافظ: نظرت للمؤمل في ألف جزء من أصوله، وخرجت له أجزاء، فما رأيت أحسن أصولا منه، فبعث إلي بأثواب ومئة دينار.
قال الحاكم: سمعت محمد بن المؤمل يقول: حج جدي، وقد شاخ فدعا الله أن يرزقه ولدا.
فلما رجع رزق أبي فسماه المؤمل لتحقيق ما
أمله، وكناه أبا الوفا ليفي لله بالنذور، فوفى بها.
قيل: إن أمير خراسان ابن طاهر (2)، اقترض من ابن ماسرجس ألف ألف درهم.
مات المؤمل - رحمه الله - في ربيع الآخرة سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
__________
(1) ساقطة في الاصل.
(2) هو عبد الله بن طاهر بن الحسين، وقد مرت ترجمته في الجزء العاشر الترجمة 252.
انظر " وفيات الاعيان ": 3 / 83 - 89.
(*)

(15/22)


وكان من أبناء الثمانين، يقع لي من عواليه في مجالس المخلدي (1).

10 - أخو زبير الحافظ * الشيخ المحدث، أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البغدادي البيع يعرف بأخي زبير الحافظ شيخ صدوق.
يروي عن: إسحاق بن أبي إسرائيل، وعبد الرحمن بن يونس السراج، وعقبة بن مكرم، وعدة.
حدث عنه: أبو حفص بن شاهين، والدارقطني، ويوسف القواس، وأبو الفضل بن المأمون، وعبد الرحمن بن أبي شريح.
وثقه القواس.
توفي بعد العشرين وثلاث مئة سنة إحدى.
أخبرنا محمد بن إبراهيم النحوي، وطائفة، قالوا: أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرتنا بيبى (2)، أنبأنا ابن أبي شريح، حدثنا سعيد بن محمد، حدثنا محمد بن يزيد الادمي، أخبرنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، وعبيد الله بن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " التسبيح للرجال، ورخص في التصفيق للنساء " (3).
__________
(1) أبو محمد، الحسن بن أحمد بن محمد بن مخلد بن شيبان المخلدي، من أهل نيسابور قال عنه الحاكم: " وهو صحيح الكتب والسماع، متقن في الرواية، صاحب الاملاء في دار السنة توفي سنة / 339 / ه.
انظر " الانساب ": 514 ب.
* تاريخ بغداد: 9 / 106، المنتظم: 6 / 252.
(2) على وزن ضيزى، كما في " تاج العروس " " بيب ".
(3) وأخرجه ابن ماجة (1036) في إقامة الصلاة من طريق سويد بن سعيد، عن يحيى بن = (*)

(15/23)


11 - العسال * الامام الثقة المحدث، أبو بكر أحمد بن عبد الوارث بن جرير (1) الاسواني المصري العسال.
سمع محمد بن رمح، وعيسى بن حماد زغبة، وجماعة، وهو خاتمة من روى عن ابن رمح.
حدث عنه: أبو سعيد بن يونس، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر بن المقرئ، وعلي بن محمد الحضرمي والد يحيى الطحان، وعبد الكريم بن أبي جدار، وميمون بن حمزة العلوي وآخرون.
وهو من موالي عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وثقه ابن يونس (2)، وقال: جاوز التسعين.
توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
__________
= سليم بهذا الاسناد البوصيري في " الزوائد ورقة 66: إسناده حسن، وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 3 / 62 في العمل في الصلاة: باب التصفيق للنساء، ومسلم (422) في
الصلاة باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة، والدارمي 1 / 317، وأبي داود (939) والنسائي 3 / 11، والترمذي (369) وابن ماجة (1034) وأحمد 2 / 261 و 317 و 376 و 432 و 440 و 473 و 479 و 492 و 507 و 529.
وعن سهل بن سعد الساعدي عند ابن ماجة (1035) وأحمد 5 / 336 و 338 والدارمي 1 / 317 ومالك 1 / 163، 164 والبخاري 2 / 139، 141 في الجماعة، ومسلم (421) وأبي داود (940) وعن جابر بن عبد الله عند أحمد 3 / 348، 357.
* الاكمال: 7 / 47، الانساب: 1 / 260، 8 / 446، العبر: 2 / 185، حسن المحاضرة: 1 / 368، شذرات الذهب: 2 / 288.
(1) في الانساب: 8 / 446 " ابن حرب " وهو خطأ، وانظر تعليق المعلمي في الانساب: 1 / 260.
(2) " العبر ": 2 / 185.
(*)

(15/24)


12 - أبو حامد الحضرمي * المحدث الثقة المعمر الامام، أبو حامد محمد بن هارون بن عبد الله ابن حميد، الحضرمي البغدادي، من بقايا المسندين.
سمع إسحاق بن أبي إسرائيل، وأبا همام السكوني، ونصر بن علي الجهضمي (1) وطبقتهم.
حدث عنه: محمد بن إسماعيل الوراق، والدارقطني ووثقه، ويوسف القواس، وعمر بن شاهين، وعيسى بن الوزير، والمخلص (2)، وخلق كثير.
مات في المحرم سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة وله نيف وتسعون سنة.
وقع لي من عواليه في جزء ابن الطلايه.

13 - ابن مبشر * * الامام الثقة المحدث، أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي.
سمع عبدالحميد بن بيان، وأحمد بن سنان القطان، ومحمد بن
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 358 - 359، العبر: 2 / 188، الوافي بالوفيات: 5 / 148، شذرات الذهب: 2 / 291.
(1) بفتح الجيم والضاد المنقوطة وسكون الهاء، هذه النسبة إلى الجهاضمة، وهي محلة بالبصرة.
" الانساب ": 3 / 391.
(2) أبو طاهر، محمد بن عبدالرحمن بن العباس، البغدادي الذهبي، وقد اشتهر بالمخلص، لانه يخلص الذهب من الغش.
انظر " تاريخ بغداد ": 2 / 322 - 323.
* * العبر: 2 / 203، شذرات الذهب: 2 / 305.
(*)

(15/25)


المثنى العنزي، وعمار بن خالد التمار، ومحمد بن حرب النشائي (1)، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر بن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، والدارقطني، وزاهر بن أحمد، وآخرون كثيرون.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الامناء، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر المستملي، أخبرنا سعيد بن محمد العدل، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا علي بن عبد الله بن مبشر، حدثنا عبدالحميد بن بيان، حدثنا خالد ابن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أذن المؤذن، أدبر الشيطان له حصاص (2) ".
أخرجه مسلم (3) عن عبدالحميد، فوافقناه بعلو.
مات ابن مبشر في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.

14 - الزبير بن محمد * ابن أحمد، الحافظ البارع، أبو عبد الله، البغدادي.
__________
(1) بفتح النون والشين المنقوطة وهمزة الالف.
هذه النسبة إلى عمل النشا.
" الانساب ": 560 أ.
(2) الحصاص: شدة العدو في سرعة.
وفي حديث أبي هريرة: إن الشيطان إذا سمع الاذان ولى وله حصاص روى هذا الحديث حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود.
قال حماد: فقلت لعاصم: ما الحصاص ؟ قال: أما رأيت الحمار إذا صر بأذنيه ومصع بذنبه وعدا ؟ فذلك الحصاص.
قال الازهري: هذا هو الصواب.
انظر " لسان العرب ": " حصص ".
(3) رقم (389) (17) في الصلاة: باب فضل الاذان و " الموطأ " 1 / 69، 70 والبخاري 2 / 69، ومسلم (389).
* تاريخ بغداد: 8 / 472، المنتظم: 6 / 218.
(*)

(15/26)


سمع عباسا الدوري، وأبا ميسرة النهاوندي (1)، وطبقتهما.
وعنه: عبد الصمد الطستي (2)، والطبراني، وابن شاهين، وعلي بن [ الحسن ] الجراحي.
(3) توفي سنة ست عشرة وثلاث مئة في الكهولة.
وكان ثقة.

15 - الطحاوي * الامام العلامة الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبدالملك، الازدي الحجري (4) المصري الطحاوي الحنفي، صاحب التصانيف من أهل قرية
__________
(1) مثلثة النون كما في " القاموس ".
(2) بفتح الطاء المهملة، وسكون السين المهملة أيضا، وفي آخرها التاء المنقوطة من فوقها باثنتين.
هذه النسبة إلى " الطست " وعمله.
" الانساب ": 8 / 241.
(3) انظر " العبر ": 3 / 2 فما بين حاصرتين منه.
* الفهرست: 292، طبقات الشيرازي: 142، الانساب: 8 / 218، تاريخ ابن عساكر: 2 / 89 أ - 90 أ، المنتظم: 6 / 250، وفيات الاعيان: 1 / 71 - 72 تذكرة الحفاظ: 3 / 808 - 811، العبر: 2 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 9 - 10 مرآة الجنان: 2 / 281، البداية والنهاية: 11 / 174، الجواهر المضية: 1 / 102 - 105 غاية النهاية: 1 / 116، لسان الميزان: 1 / 274 - 282، النجوم الزاهرة، 3 / 239، طبقات الحفاظ: 337، حسن المحاضرة: 198 شذرات الذهب: 2 / 288.
(4) بفتح الحاء المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى ثلاث قبائل اسم كل واحدة حجر: إحداها حجر حمير، والاخرى حجر رعين، والثالثة حجر الازد.
هكذا أوردها صاحب " الانساب ": 4 / 66 - 67 وقد خطأه ابن الاثير في " اللباب ": 1 / 281، فقال: " حجر رعين هو حجر حمير ".
يعني أن هناك حجرين: حجر رعين وحجر الازد لا غير.
ومن حجر الازد الطحاوي.
(*)

(15/27)


طحا من أعمال مصر، مولده في سنة تسع وثلاثين ومئتين.
وسمع من: عبد الغني بن رفاعة، وهارون بن سعيد الايلي، ويونس ابن عبدالاعلى، وبحر بن نصر الخولاني، ومحمد بن عبد الله بن عبد
الحكم، وعيسى بن مثرود، وإبراهيم بن منقذ، والربيع بن سليمان المرادي، وخاله أبي إبراهيم المزني (1)، وبكار بن قتيبة، ومقدام بن داود الرعيني، وأحمد بن عبد الله بن البرقي، ومحمد بن عقيل الفريابي، ويزيد ابن سنان البصري وطبقتهم.
وبرز في علم الحديث وفي الفقه، وتفقه بالقاضي أحمد بن أبي عمران الحنفي، وجمع وصنف.
حدث عنه: يوسف بن القاسم الميانجي، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن بكر بن مطروح، وأحمد بن القاسم الخشاب (2)، وأبو بكر بن المقرئ، وأحمد بن عبد الوارث الزجاج، وعبد العزيز بن محمد الجوهري قاضي الصعيد، وأبو الحسن محمد بن أحمد الاخميمي (3)، ومحمد بن الحسن بن عمر التنوخي، ومحمد بن المظفر الحافظ، وخلق سواهم من الدماشقة والمصريين والرحالين في الحديث.
__________
(1) إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم المزني: صاحب الامام الشافعي من أهل مصر، كان زاهدا، عالما، مجتهدا، قوي الحجة.
توفي سنة / 264 / ه.
" طبقات الشافعية ": 2 / 93 - 95.
(2) في الاصل: " الحساب " - بمهملتين - وهو تصحيف.
انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 353 - 354.
(3) بكسر الالف، وسكون الخاء المعجمة، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين الميمين المكسورتين.
هذه النسبة إلى إخميم، وهي بلدة من ديار مصر من الصعيد على طريق الحاج.
" الانساب ": 1 / 155.
(*)

(15/28)


وارتحل إلى الشام في سنة ثمان وستين ومئتين.
فلقي القاضي أبا
خازم (1)، وتفقه أيضا عليه.
ذكره أبو سعيد بن يونس، فقال: عداده في حجر الازد (2): وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا، لم يخلف مثله.
ثم ذكر مولده وموته (3).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو اليمن الكندي إجازة، أخبرنا علي بن عبد السلام، أخبرنا الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " قال: وأبو جعفر الطحاوي انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر أخذ العلم عن أبي جعفر بن أبي عمران، وأبي خازم وغيرهما، وكان شافعيا يقرأ على أبي إبراهيم المزني، فقال له يوما: والله لا جاء منك شئ، فغضب أبو جعفر من ذلك، وانتقل إلى ابن أبي عمران، فلما صنف مختصره، قال: رحم الله أبا إبراهيم: لو كان حيا لكفر عن يمينه.
صنف " اختلاف العلماء " و " الشروط "، و " أحكام القرآن "، و " معاني الآثار ".
ثم قال: ولد سنة ثمان وثلاثين ومئتين.
قال: ومات سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة (4).
قال أبو سليمان بن زبر: (5) قال لي الطحاوي: أول من كتبت عنه الحديث: المزني، وأخذت بقول الشافعي، فلما كان بعد سنين، قدم أحمد بن أبي عمران قاضيا على مصر، فصحبته، وأخذت بقوله.
__________
(1) عبدالحميد بن عبد العزيز، أبو خازم: قاض، فرضي، من أهل البصرة، ولي لقضاء بالشام والكوفة وكرخ بغداد.
توفي سنة / 292 / ه.
" تاريخ بغداد ": 11 / 62 - 67.
(2) انظر الصفحة / 27 / تعليق رقم / 4 /.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 809.
(4) " طبقات الشيرازي ": 142.
(5) هو محمد بن عبد الله بن أحمد، الدمشقي: حافظ ثقة، توفي سنة / 379 / ه.
" العبر ": 3 / 12.
(*)

(15/29)


قلت: من نظر في تواليف هذا الامام علم محله من العلم، وسعة معارفه.
وقد كان ناب في القضاء عن أبي عبيد الله محمد بن عبدة (1)، قاضي مصر سنة بضع وسبعين ومئتين.
وترقى حاله، فحكى أنه حضر رجل معتبر عند القاضي ابن عبدة فقال: أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أمه، عن أبيه ؟ فقلت أنا (2): حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن عبدالاعلى الثعلبي، عن أبي عبيدة، عن أمه، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله ليغار للمؤمن فليغر " (3).
وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود، حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن سفيان موقوفا، فقال لي الرجل: تدري ما تقول وما تتكلم به ؟ قلت: ما الخبر ؟ قال: رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم، ورأيتك الآن في ميدان أهل الحديث، وقل من يجمع ذلك، فقلت: هذا من فضل الله وإنعامه.
__________
(1) قال شعيب: وهذه الشهادة من مؤرخ الاسلام الذهبي وغيره من الائمة في حق الامام الطحاوي تدل على أن ما جاء في مقدمة معرفة السنن والآثار لاحمد صقر من نبز وطعن إنما كان بدافع التعصب والحقد والجهل ولا يتسع المجال هنا لايراد ماقاله في حق هذا الامام وكشف عواره، وبيان وهائه، ودحض مفترياته.
وكان يجدر به وهو يحقق كتابا في السنة النبوية أن يأتسي بأئمة الجرح والتعديل في توخيهم الدقة والتمحيص، والصدق والعدل في ما يصدرون من آراء في حق أهل العلم.
(2) أي: الطحاوي.
(3) رجاله ثقات إلا أن أبا أحمد الزبيري - واسمه محمد بن عبد الله بن الزبير - يخطئ في حديث الثوري.
وأخرج البخاري 9 / 280 في النكاح: باب الغيرة، ومسلم (276) في
التوبة: باب غيرة الله تعالى، والترمذي (3530) وأحمد 1 / 381 و 425 و 436 من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله وسلم " ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش " وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 9 / 281 ومسلم (2761) والترمذي (1168) وعن أسماء عند البخاري 9 / 280، ومسلم (2762) وعن المغيرة بن شعبة عند البخاري 12 / 154، ومسلم (1499).
(*)

(15/30)


قال ابن يونس: توفي في مستهل ذي القعدة سنة إحدى وعشرين (1).
كتب إلينا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا عمر بن طبرزد، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء، حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا أبو جعفر الطحاوي، حدثنا المزني، حدثنا الشافعي، حدثنا مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول، لا يصوم.
وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان (2).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو محمد العثماني، أخبرنا علي من المؤمل، أخبرنا محمد بن سلامة القضاعي، حدثنا محمد بن الحسن بن عمر التنوخي سنة 398، سمعت أبا جعفر الطحاوي، حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا يزيد بن بيان، عن أبي الرحال، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أكرم شاب شيخنا لسنه إلا قيض الله له عند سنه من يكرمه ".
إسناده واه (3).
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 809 - 810.
(2) هو في " الموطأ " 1 / 309 في الصيام: باب جامع الصيام، ومن طريقه البخاري
(1969) في الصوم: باب صوم شعبان، ومسلم (1156) (175) في الصيام: باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان.
(3) لضعف يزيد بن بيان، قال الامام الذهبي في " الميزان ": قال الدارقطني: ضعيف، وقال البخاري: فيه نظر، ثم أورد له هذا الحديث، وقال: قال ابن عدي هذا منكر، وشيخه فيه أبو الرحال، قال أبو حاتم: ليس بقوي، منكر الحديث، وقال البخاري: عنده عجائب، وأخرجه الترمذي (2022) وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 2 / 185، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " كلهم من طريق يزيد بن بيان بهذا الاسناد، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ يزيد بن بيان.
(*)

(15/31)


أخبرنا أحمد بن المؤيد، وأحمد بن مؤمن، قالا: أخبرنا أبو المحاسن محمد بن السيد الانصاري، أخبرنا نصر بن أحمد السوسي، أخبرنا سهل بن بشر الاسفراييني، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن محمد الادريسي، حدثنا محمد بن الحسن بن عمر الناقد، أخبرنا أبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري (1) قال: قال أبو جعفر الطحاوي، حدثنا أبو أمية، حدثنا عبد الله ابن بكر، وعبيد الله بن موسى، قالا: حدثنا مهدي بن ميمون، عن واصل الاحدب، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له، فلما كان في بعض الليل تنحى فلبث طويلا، ثم أتانا، فقال: " أتاني آت من ربي، فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله دخل الجنة ".
قال: قلت: وإن زنى وإن سرق ؟، قال: " وإن زنى وإن سرق ".
متفق عليه من حديث شعبة عن واصل (2).
مات سنة إحدى وعشرين الطحاوي، ومكحول البيروتي، وأبو حامد الاعمشي، وأحمد بن مقرئ دمشق ابن ذكوان، وأحمد بن عبد الوارث
العسال، وأبو علي بن رزين الباشاني الهروي، وحاتم بن محبوب الهروي، وأبو علي الحسن بن محمد بن أبي هريرة الاصبهاني، وسعيد بن محمد أخو زبير الحافظ، وشيخ المعتزلة أبو هاشم الجبائي (3) عبد السلام بن أبي
__________
(1) في " الانساب ": 3 / 243 " الجريري، ويقال له: الحريري - بالحاء - اجتمع فيه النسبتان فمن قال له الحريري فينسبه إلى بيع الحرير، ومن قال الجريري - بالجيم - فلاجل تفقهه على مذهب ابن جرير الطبري ".
(2) أخرجه البخاري (1237) في أول الجنائز، و (1408) و (2388) و (3222) و (5827) و (6268) و (6443) و (6444) و (7487) ومسلم (94) في الايمان: باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
(3) بضم الجيم، وتشديد الباء المفتوحة المنقوطة بواحدة من تحت.
وهي قرية بالبصرة.
" الانساب ": 3 / 176، وراجع " الاكمال " بتعليقة: 3 / 63 - 64.
(*)

(15/32)


علي، وإمام اللغة أبو بكر بن دريد، ومحمد بن نوح الجند يسابوري، وأبو حامد الحضرمي، ويوسف بن يعقوب النيسابوري الواهي.
روى عن أبي بكر بن أبي شيبة.

16 - مكحول بن الفضل * الحافظ الرحال الفقيه، أبو مطيع النسفي، صاحب كتاب " اللؤلئيات " في الزهد والآداب.
روى عن داود الظاهري، وأبي عيسى الترمذي، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل، ومحمد بن أيوب بن الضريس، ومطين، وخلق كثير.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل، شيخ لجعفر المستغفري.
ذكره المستغفري في " تاريخ نسف "، وذكر أن اسمه محمد بن الفضل، ومكحول لقبه، وأنه توفي في صفر سنة ثمان وثلاث مئة.
قلت: رأيت له مؤلفا مخروما عند الشيخ عبد الله الضرير.
وله نظم حسن.

17 - مكحول * * الحافظ الامام المحدث الرحال، أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله ابن عبد السلام بن أبي أيوب البيروتي، ولقبه مكحول.
__________
* الجواهر المضية: 2 / 180.
* * الانساب: 2 / 361 - 362، معجم البلدان: 1 / 525 - 526، تذكرة الحفاظ: 3 / 814 - 815، العبر: 2 / 187 - 188، الوافي بالوفيات: 3 / 346، النجوم الزاهرة: = (*) سير 15 / 3

(15/33)


سمع أبا عمير عيسى بن محمد النحاس، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن حرب الطائي، ومحمد بن إسماعيل بن علية، ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم، وسليمان بن سيف الحراني، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وحاجب بن سليمان المنبجي، وعلي بن محمد بن أبي المضاء، وطبقتهم.
وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو بكر الربعي، وأبو محمد بن ذكوان، و عبد الوهاب الكلابي، وعلي بن الحسين الاذني (1)، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
وكان ثقة من أئمة الحديث (2).
مات في أول جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.

18 - محمد بن نوح * الامام الحافظ الثبت، أبو الحسن الجنديسابوري (3) الفارسي، نزيل بغداد.
__________
= 3 / 242، طبقات الحفاظ: 339، شذرات الذهب: 2 / 291.
(1) بفتح الالف، والذال المعجمة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى أذنه، وهي من مشاهير البلدان بساحل الشام عند طرسوس.
" الانساب ": 1 / 167.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 815.
* تاريخ بغداد: 3 / 324، الانساب: 3 / 318 - 319، تاريخ ابن عساكر: 16 / 32 / أ - 33 / أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 826 - 827، طبقات الحفاظ: 344.
(3) بضم الجيم وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين، وفتح السين المهملة، بعدها الالف والباء المنقوطة بنقطة، بعدها واو، وراء مهمة.
هذه النسبة إلى بلدة من بلاد كور الاهواز - وهي خوزستان - يقال لها جنديسابور، هي مشهورة معروفة.
" الانساب ": 3 / 318.
(*)

(15/34)


سمع الحسن بن عرفة، وشعيب بن أيوب الصريفيني (1)، وهارون بن إسحاق الهمداني، وطبقتهم.
حدث عنه الدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وعيسى [ ابن ] (2) الوزير، وآخرون.
قال أبو سعيد بن يونس: ثقة حافظ (3).
وقال الدارقطني: ثقة مأمون، ما رأيت كتبا أصح من كتبه، ولا أحسن (4).
قلت: حدث بدمشق، ومصر، وبغداد.
ومات في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
وقع لي أحاديث من عواليه.

19 - إبراهيم بن حماد * ابن إسحاق بن إسماعيل الامام، حافظ وقته حماد بن زيد، الازدي
__________
(1) بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين اليائين، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى صريفين قريتين: أحداهما من أعمال واسط، والثانية من أعمال بغداد.
وإلى الاولى ينتسب شعيب بن أيوب.
وقد ورد في " تقريب التهذيب ": 1 / 351 " الصيرفي " وهو تصحيف.
انظر " الانساب ": 8 / 58.
(2) ساقطة في الاصل.
وعيسى هذا هو ابن الوزير الصالح علي بن عيسى الذي سترد ترجمته رقم / 140 / من هذا الجزء.
وانظر ترجمة عيسى بن علي في " تاريخ بغداد ": 11 / 179 - 180.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 826.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 827.
* تاريخ بغداد: 6 / 61 - 62، المنتظم: 6 / 278، النجوم الزاهرة: 3 / 249.
(*)

(15/35)


مولاهم، البصري، الامام الثبت شيخ الاسلام، أبو إسحاق العابد.
سمع الحسن بن عرفة، وعلي بن مسلم الطوسي، وعلي بن حرب، والزعفراني، وعدة.
حدث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وأبو طاهر المخلص، وآخرون.
قال الدارقطني: ثقة جبل (1).
وقال أبو الحسن الجراحي: ما جئته إلا وجدته يقرأ، أو يصلي (2).
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: ما رأيت رجلا أعبد منه (3).
قلت: مات في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة، وله نيف وثمانون سنة.
وقد ولي ولده هارون قضاء الديار المصرية في حياة الوالد بعد أبي عبيد بن حربويه، واستناب على إقليم مصر أخاه أبا عثمان أحمد بن إبراهيم، ثم عزل هارون سنة ست عشرة.

20 - الامام أبو الحسن * علي بن الحسن بن سعد، الهمذاني.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 61.
(2) المصدر السابق.
(3) المنتظم: 6 / 278.
* لم نهتد إلى مصادر ترجمته.
(*)

(15/36)


روى عن: هارون بن إسحاق، ومحمد بن وزير، ورستة (1)، ومحمد بن عبيد الهمذاني، وأحمد بن بديل، وحميد بن زنجويه، وعدة.
وعنه: الحسن بن يزيد الدقاق.
وسمع منه صالح بن أحمد الحافظ.
وقال: وثقه أبي.
ومات في رمضان سنة سبع عشرة وثلاث مئة.
وروى عنه أيضا أحمد بن محمد بن روزبة، وجبريل العدل، وآخرون.

21 - ابن الشرقي * الامام العلامة الثقة، حافظ خراسان، أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري ابن الشرقي (2)، صاحب " الصحيح "، وتلميذ مسلم.
ذكره أبو عبد الله الحاكم فقال: هو واحد عصره حفظا وإتقانا ومعرفة.
سمع محمد بن يحيى الذهلي، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم، وأحمد بن الازهر، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن حفص بن عبد
__________
(1) هو عبدالرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير، الزهري، أبو الحسن الاصبهاني، لقبه: رسته.
- بضم الراء، وسكون المهملة، وفتح المثناة - توفي سنة / 246 / ه.
" أخبار أصبهان ": 2 / 109 - 110.
* تاريخ بغداد: 4 / 246 - 247، الانساب: 7 / 319 - 320، المنتظم: 6 / 289 تذكرة الحفاظ: 3 / 821 - 823، العبر: 2 / 204، ميزان الاعتدال: 1 / 156 الوافي بالوفيات: 7 / 379، طبقات الشافعية: 3 / 41 - 42، البداية والنهاية: 11 / 188، لسان الميزان: 1 / 306، النجوم الزاهرة: 3 / 261 طبقات الحفاظ: 342، شذرات الذهب: 2 / 306.
(2) كان يسكن الجانب " الشرقي " بنيسابور فنسب إليه " الانساب ": 7 / 317.
(*)

(15/37)


الله، وطبقتهم ببلده - قلت: ثم ارتحل فأخذ بالري عن أبي حاتم الرازي، وطائفة - وبمكة أبا يحيى بن أبي مسرة، وببغداد محمد بن إسحاق الصغاني، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وأحمد بن أبي خيثمة وطبقتهم.
وبالكوفة أبا حازم بن أبي غرزة الغفاري، وعدة.
وحج غير مرة.
حدث عنه الحفاظ: أبو العباس بن عقدة، والقاضي أبو أحمد العسال، وأبو علي النيسابوري، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، وزاهر بن أحمد السرخسي، والحسن بن أحمد المخلدي، وأبو
بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، والسيد أبو الحسن العلوي، ومحمد بن عبد الله بن حمدون الزاهد، والرئيس أبو عبد الله بن أبي ذهل الهروي، وأبو الحسن محمد بن محمد العدل، وأبو أحمد الحاكم، وأبو الوفا محمد ابن عبد الواحد البزاز، وأبو العباس (1) محمد بن أحمد السليطي، وعدد كثير.
قال الحاكم: سمعت الحسن التميمي، سمعت ابن خزيمة يقول - ونظر إلى أبي حامد ابن الشرقي - فقال: حياة أبي حامد تحجز بين الناس، وبين الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
قلت: يعني: أنه يعرف الصحيح وغيره من الموضوع.
الحاكم: سمعت أبا زكريا العنبري.
سمعت أبا عبد الله البوشنجي
__________
(1) في الاصل: أبو عمرو، وهو وهم من الناسخ.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 427.
(*)

(15/38)


يسأل أبا حامد بن الشرقي عن شئ من الحديث.
الحاكم: حدثنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثني أحمد بن محمد بن الشرقي، حدثنا محمد بن زكريا الاعرج الحافظ، حدثنا محمد بن مشكان السرخسي فذكر حديثا.
أبو يعلى الخليلي: سمعت أحمد بن أبي مسلم الفارسي الحافظ، سمعت أبا أحمد بن عدي يقول: لم أر أحفظ ولا أحسن سردا من أبي حامد ابن الشرقي، كتب جمعه لحديث أيوب السختياني، فكنت أقرأ عليه من كتابه، ويقرأ معي حفظا من أوله إلى آخره (1).
السلمي: سألت الدارقطني عن أبي حامد بن الشرقي فقال: ثقة
مأمون إمام.
قلت: لم تكلم فيه ابن عقدة ؟ فقال: سبحان الله ترى يؤثر فيه مثل كلامه، ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن معين.
فقلت: وأبو علي ؟ قال: ومن أبو علي حتى يسمع كلامه فيه (2).
وقال الخطيب: أبو حامد ثبت حافظ متقن (3).
وقال الخليلي: هو إمام وقته بلا مدافعة.
قال حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان، عن ابن عقدة إذا نقل شيئا في الجرح والتعديل: هل يقبل قوله ؟ قال: لا يقبل (4).
قد كان للحافظ ابن حامد أخ أسن منه، وهو المحدث المعمر:
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 821 - 822.
(2) " ميزان الاعتدال ": 1 / 156.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 426 - 427.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 822.
(*)

(15/39)


22 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي * سمع الذهلي، وعبد الله بن هاشم، وعبد الرحمن بن بشر، وأحمد ابن الازهر، وأحمد بن منصور زاج المروزي، وعدة.
روى عنه: أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وأبو علي الحافظ، ويحيى ابن إسماعيل الحربي، ومحمد بن أحمد بن عبدوس، ومحمد بن الحسين العلوي، وآخرون.
ذكر الحاكم أنه رآه وهو شيخ طوال أسمر، وأصحاب المحابر بين يديه.
قال: وكان أوحد وقته في علم الطب (1).
قال: ولم يدع الشرب (2) إلى أن مات.
فنقموا عليه ذلك (3)، وكان أخوه لا يرى لهم السماع منه
لذلك.
قال: وتوفي في سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
ومات أبو حامد في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وأمهم في الصلاة عليه أخوه المذكور.
ومات معه في العام، مسند بغداد الشريف، أبو إسحاق إبراهيم بن
__________
* الانساب: 7 / 319، العبر: 2 / 212، ميزان الاعتدال: 2 / 494 لسان الميزان: 3 / 341 - 342، شذرات الذهب: 2 / 313.
(1) كان يختلف في صباه إلى أيوب الرهاوي طبيب عبد الله بن طاهر انظر " لسان الميزان ": 3 / 342.
(2) قال الذهبي في " ميزان الاعتدال " 2 / 494: " سماعاته صحيحة من مثل الذهلي وطبقته، ولكن تكلموا فيه لادمانه شرب المسكر ".
قلت: ربما كان يشرب النبيذ الذي يرى إباحته الكوفيون، لا الخمر المتفق على تحريمه.
(3) انظر " الانساب ": 7 / 319.
(*)

(15/40)


عبد الصمد الهاشمي صاحب أبي مصعب الزهري، والثقة محدث نيسابور مكي بن عبدان التميمي، ومقرئ بغداد أبو مزاحم الخاقاني، والمعمر أبو بكر أحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة، وعدة.
أخبرتنا زينب بنت كندي ببعلبك، عن زينب بنت عبدالرحمن الشعري، أخبرنا عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الخشاب، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، حدثنا عبدالرحمن بن بشر، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، عن سمي، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (1) ".
أخرجه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر.

23 - ابن أبي الازهر * المحدث أبو بكر، محمد بن مزيد بن محمود بن منصور، الخزاعي البغدادي، عرف بابن أبي الازهر شيخ معمر تالف.
حدث عن: لوين (2)، وإسحاق بن أبي إسرائيل، والحسين الاحتياطي، وأبي كريب.
__________
(1) رقم (1349) في الحج: باب فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، وأخرجه مالك 1 / 346، ومن طريقة البخاري 3 / 476، ومسلم (1349) عن سمي بهذا الاسناد.
* أخبار الراضي والمتقي: 88، معجم الشعراء: 429، تاريخ بغداد: 3 / 288 - 291، ميزان الاعتدال: 4 / 35، الوافي بالوفيات: 5 / 18 - 19، لسان الميزان: 5 / 377 - 378، بغية الوعاة: 104.
(2) هو محمد بن سليمان بن حبيب الاسدي، أبو جعفر، لقبه: لوين.
(*)

(15/41)


وعنه: الدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، والمعافى الجريري.
قال الدارقطني: ضعيف، كتبنا عنه مناكير (1)، وله شعر كثير.
وقال أبو الفتح عبيد الله (2) بن أحمد النحوي: كذبوه في السماع من أبي كريب، وغيره (3).
وقال الخطيب: يضع الحديث على الثقات (4).
قلت: وضع في حديث " لا نبي بعدي " ولو كان لكنته يا علي (6).
توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وله جزء عن الزبير بن بكار.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 288.
(2) في الاصل: عبد الله، وهو تصحيف.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 288.
(4) المصدر السابق.
(5) في الاصل: " لسكانه " (6) حديث " لا نبي بعدي " أخرجه البخاري (4416) في المغازي: باب عزوة تبوك، ومسلم (2404) من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك، واستخلف عليا، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء ؟ قال: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي " وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 6 / 408 ومسلم (2286) ولفظه: " وأنا خاتم النبيين " وعن جبير بن مطعم عند البخاري 8 / 492، ومسلم (2354) وأخرج البخاري (6194) في الادب من طريق ابن نمير عن محمد بن بشر، عن إسماعيل بن خالد، قلت لابن أبي أوفى: رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: مات صغيرا، ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه، ولكن لا نبي بعده.
وأخرج أحمد 4 / 154، والترمذي (3686) من طريق أبي عبدالرحمن المقرئ، عن حيوة عن بكر بن عمرو، عن مشرح ابن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كان بعدي نبي لكان عمر " وهذا سند حسن، وصححه الحاكم 3 / 85، ووافقه الذهبي، وله شاهدان من حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث عصمة عند الطبراني، وفيهما ضعف، انظر " مجمع الزوائد " 9 / 68.
(*)

(15/42)


24 - المقتدر * الخليفة المقتدر بالله، أبو الفضل جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن
أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله الهاشمي العباسي البغدادي.
بويع بعد أخيه المكتفي في سنة خمس وتسعين ومئتين، وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
وما ولي أحد قبله أصغر منه (1)، وانخرم نظام الامامة في أيامه، وصغر منصب الخلافة، وقد خلع في أوائل دولته، وبايعوا ابن المعتز، ثم لم يتم ذلك.
وقتل ابن المعتز وجماعة، ثم إنه خلع ثانيا في سنة سبع عشرة.
وبذل خطه بعزل نفسه، وبايعوا أخاه القاهر، ثم بعد ثلاث، أعيد المقتدر، ثم في المرة الثالثة قتل.
وكان ربعة، مليح الوجه، أبيض بحمرة، نزل الشيب بعارضيه، وعاش ثمانيا وثلاثين سنة.
قال أبو علي التنوخي: كان جيد العقل، صحيح الرأي، ولكنه كان مؤثرا للشهوات، لقد سمعت علي بن عيسى الوزير يقول: ما هو إلا أن يترك هذا الرجل - يعني المقتدر - النبيذ خمسة أيام، فكان ربما يكون في أصالة الرأي كالمأمون والمعتضد (2).
قلت: كان منهوما باللعب، والجواري، لا يلتفت إلى أعباء الامور،
__________
* مروج الذهب: 2 / 501، تاريخ بغداد: 7 / 213 - 219، المنتظم: 6 / 243 - 244 الكامل: 8 / 8 وما بعدها، النبراس: 95 - 183، العبر: 2 / 181 - 182 البداية والنهاية: 11 / 169 - 170، النجوم الزاهرة: 3 / 233، 234 تاريخ الخلفاء: 278 - 386، شذرات الذهب: 2 / 284 - 285.
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 213.
(2) " تاريخ بغداد ": 7 / 218 - 219.
(*)

(15/43)


فدخل عليه الداخل، ووهن دسته، وفارقه مؤنس الخادم مغاضبا إلى
الموصل، وتملكها، وهزم عسكرها في صفر سنة عشرين (1).
ووصلت القرامطة إلى الكوفة، فهرب أهلها.
ودخلت الديلم، فاستباحوا الدينور، ووصل أهلها (2)، فرفعوا المصاحف على القصب، وضجوا يوم الاضحى من سنة تسع عشرة (3)، وأقبلت جيوش الروم وبدعوا وأسروا.
ثم تجهز نسيم الخادم في عشرة آلاف فارس، وعشرة آلاف راجل، حتى بلغوا عمورية، فقتلوا وسبوا، وتم ببغداد الوباء الكبير، والقحط حتى سود الشرفاء وجوههم، وصاحوا: الجوع الجوع (4).
وقطع الجلب عنهم مؤنس والقرامطة.
ولم يحج أحد، وتسلل الجيش إلى مؤنس، فتهيأ لقصد المقتدر، فبرز المقتدر، وتخاذل جنده.
فركب، وبيده القضيب، وعليه البرد النبوي، والمصاحف حوله، والقراء.
وخلفه الوزير الفضل بن الفرات، فالتحم القتال.
وصار المقتدر في الوسط، فانكشف جمعه، فيرميه بربري بحربة من خلفه.
فسقط وحز رأسه، ورفع على قناة، ثم سلب ثم طمر في موضعه، وعفي أثره كأن لم يكن، لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاث مئة (5).
وكان سمحا متلافا للاموال، محق ما لا يعد ولا يحصى.
ومات صافي (6)، وتفرد مؤنس بأعباء الامور.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 239 - 240 وستأتي ترجمة مؤنس الخادم: رقم / 25 / من هذا الجزء.
(2) يعني: إلى بغداد.
(3) " النجوم الزاهرة ": 3 / 228 - 229.
(4) " النجوم الزاهرة ": 3 / 232.
(5) راجع الخبر مفصلا في " الكامل ": 8 / 241 - 243.
(6) كان صاحب الدولة كلها، وإليه أمر دار الخليفة، وقد توفي سنة / 298 / ه
" المنتظم ": 6 / 108.
(*)

(15/44)


قال محمد بن يوسف القاضي: لما تم أمر المقتدر استصباه الوزير العباس، وخاض الناس في صغره، فعمل الوزير على خلعه، وإقامة أخيه محمد (1).
ثم إن محمدا، وصاحب الشرطة، تنازعا في مجلس الوزير، فاشتط صاحب الشرطة فاغتاظ محمد كثيرا، ففلج لوقته، ومات بعد أيام.
ثم اتفق جماعة على تولية ابن المعتز، فأجابهم بشرط أن لا يسفك دم.
وكان رأسهم محمد بن داود بن الجراح، وأبو المثنى أحمد بن يعقوب القاضي والحسين بن حمدان، واتفقوا على الفتك بالمقتدر، ووزيره، وفاتك.
ففي العشرين من ربيع الاول سنة ست (2).
ركب الملا، فشد الحسين على الوزير فقتله.
فأنكر فاتك، فعطف عليه الحسين فقتله، وساق إلى المقتدر، وهو يلعب بالصوالجة (3).
فسمع (4) الضجة فدخل الدار، فرد ابن حمدان إلى المخرم (5)، فنزل بدار سليمان بن وهب، وأتى ابن المعتز، وحضر الامراء والقضاة سوى حاشية المقتدر، وابن الفرات، وبايعوا عبد الله ابن المعتز، ولقبوه الغالب بالله (6).
فوزر ابن الجراح (7)، ونفذت الكتب،
__________
(1) كذا في الاصل، وهو وهم، والصواب " ابن عمه محمد " وهو محمد بن المعتمد..كما في " الكامل ": 8 / 11 أما أخوه محمد - القاهر بالله - فقد ولي الخلافة بعده كما سيأتي في ترجمته ص / 98 / من هذا الجزء.
(2) وتسعين ومئتين.
(3) الصوالجة: ج، مفردها: صولجان - فارسي معرب - وهو عصا يعطف طرفها، يضرب بها الكرة على الدواب.
أما العصا التي اعوج طرفاها خلقة في شجرتها فهي المحجن.
" اللسان ": (صلج).
(4) أي المقتدر.
(5) محلة كانت ببغداد بين الرصافة ونهر المعلى.
(6) في " تاريخ الطبري ": 10 / 140، لقبوه: الراضي بالله.
(7) هو محمد بن داود بن الجراح، أبو عبد الله، أديب من علماء الكتاب، وهو عم الوزير علي بن عيسى - الذي ستأتي ترجمته ص / 298 / - وكان محمد صديقا لعبد الله بن المعتز.
" تاريخ بغداد ": 5 / 255.
(*)

(15/45)


وبعثوا إلى المقتدر، ليتحول من دار الخلافة، فأجاب، ولم يبق معه سوى غريب خاله، ومؤنس الخازن، وباكر بن حمدان وطائفة، وأحاطوا بالدار ثم اقتتلوا.
فذهب ابن حمدان إلى الموصل، واستظهر خواص المقتدر، وخارت قوى ابن المعتز، وأصحابه، وانهزموا نحوا سامرا.
ثم نزل ابن المعتز عن فرسه، وأغمد سيفه، واختفى وزيره، وقاضيه، ونهبت دورهما.
وقتل المقتدر جماعة من الاعيان، ووزر له أبو الحسن علي بن الفرات، وأخذ ابن المعتز، فقتل سرا، وصودر ابن الجصاص (1).
فقيل: أخذ منه أزيد من ستة آلاف ألف دينار.
وتضعضع حاله (2).
وساس ابن الفرات الامور.
وتمكن، وانصلح أمر الرعية، والتقى الحسين بن حمدان وأخوه أبو الهيجاء عبد الله، فانكسر أبو الهيجاء، وقدم أخوهما إبراهيم فأصلح حال الحسين، وكتب له المقتدر أمانا.
وقدم فقلد قم وقاشان (3).
وقدم صاحب أفريقية (4) زيادة الله الاغلبي (5)، وأخذها منه الشيعي (6).
وبويع المهدي بالمغرب، وظهر أمره وعدل، وتحبب إلى الرعية أولا، ووقع بينه وبين داعييه الاخوين (7) فوقع بينهما القتال، وعظم الخطب، وقتل
__________
(1) " الكامل " لابن الاثير: 8 / 18.
(2) انظر خبر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز في " الكامل ": 8 / 14 - 19.
(3) " تاريخ الطبري ": 10 / 141.
(4) في " الانساب " و " تقويم البلدان ": بفتح الالف.
وفي " معجم البلدان " بكسرها.
(5) انظر خبر خروجه في " الكامل ": 8 / 20 - 23.
(6) هو أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد، المعروف بالشيعي.
قام بالدعوة لعبيد الله المهدي جد الفاطميين، مهد ملكه في المغرب، قتل سنة / 298 / ه.
وستأتي نتف من أخباره في ترجمة المهدي ص / 141 / من هذا الجزء.
(7) هما: أبو عبد الله الحسين، وأبو العباس أحمد.
راجع ترجمة المهدي ص / 143 / من هذا الجزء.
(*)

(15/46)


خلق، حتى ظفر بهما وقتلهما (1).
وتمكن، وبنى المهدية (2).
وقدم الحسين بن حمدان من قم فولي ديار بكر.
وفي سنة 299، أمسك (3) الوزير بن الفرات، وادعى عليه أنه كاتب الاعراب أن يكبسوا بغداد.
ووزر أبو علي الخاقاني (4).
ووردت هدايا من مصر منها: خمس مئة ألف دينار، وضلع آدمي عرضه شبر، وطوله أربعة عشر شبرا، وتيس له بز (5) يدر اللبن، وقدمت هدايا صاحب ما وراء النهر، وهدايا ابن أبي الساج منها: بساط رومي، طوله سبعون ذراعا في ستين.
نسجه الصناع في عشر سنين (6).
وفي سنة ثلاث مئة عظم الوباء بالعراق، ووزر علي بن عيسى بن الجراح (7)، وولي القضاء أبو عمر القاضي، وفيها ضرب الحلاج، ونودي عليه: هذا أحد دعاة القرامطة (8)، ثم سجن مدة، وظهر عنه أنه حلولي.
وقلد جميع المغرب ولد المقتدر صغير (9)، له أربع سنين، فاستناب
مؤنسا (10) الخادم.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 50 - 53.
(2) انظر " معجم البلدان ": 5 / 230.
(3) يعني المقتدر.
(4) " المنتظم ": 6 / 109.
(5) البز: بالكسر، ثدي الانسان.
قال الزبيدي: " هكذا يستعملونه ولا أدري كيف ذلك ".
" تاريخ العروس " (بز).
(6) " المنتظم ": 6 / 109 - 110.
(7) ترجمته ص / 140 / من هذا الجزء.
(8) " المنتظم ": 6 / 115، 112.
(9) لقب - بعد - بالراضي بالله، وقد ولي الخلافة بعد القاهر بالله.
وستأتي ترجمته ص / 103 / من هذا الجزء.
(10) في الاصل: مؤنس - بالرفع - وهو خطأ.
(*)

(15/47)


وفي سنة إحدى وثلاث مئه أقبل ابن المهدي صاحب المغرب في أربعين ألفا برا وبحرا ليملك مصر، ووقع القتال غير مرة، واستولى العبيدي على الاسكندرية، ثم رجع إلى برقة (1).
ومات الراسبي أمير فارس (2)، فخلف ألف فرس، وألف جمل، وألف ألف دينار.
وفي سنة اثنتين وثلاث مئة أقبل العبيدي، فالتقاه جيش الخليفة فانكسر (3) العبيدي وقتل مقدم جيشه حباسة (4)، وغرم الخليفة على ختان أولاده الخمسة ست مئة ألف دينار (5).
وقلد المقتدر الجزيرة أبا الهيجاء بن حمدان، وأخذت طيئ ركب العراق، وهلك الخلق جوعا وعطشا (6).
وفي سنة 303 راسل الوزير ابن الجراح القرامطة، وأطلق لهم، وتألفهم (7).
وكان الجيش مشغولين مع مؤنس بحرب البربر، فنزع الطاعة الحسين بن حمدان (8)، فسار لحربه رائق، فكسره ابن حمدان، ثم أقبل مؤنس فالتقى الحسين، فأسره، وأدخل بغداد على جمل (9)، ثم غزا مؤنس بلاد الروم، وافتتح حصونا، وعظم شأنه.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 84 - 85.
(2) " المنتظم ": 6 / 125 - 126.
(3) " الكامل ": 8 / 89.
(4) في " القاموس " خباسة - بالخاء - وفي " تاج العروس " قال: " ضبطه الحافظ بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة ".
وضم ابن الاثير الحاء.
انظر " ولاة مصر: 287 ".
(5) " المنتظم ": 6 / 127.
(6) " الكامل ": 8 / 90 - 91.
(7) " المنتظم ": 6 / 131.
(8) في الاصل: فنزع الطاعة للحسين بن حمدان.
(9) " الكامل ": 8 / 92 - 93.
(*)

(15/48)


وفي سنة أربع عزل ابن الجراح (1) من الوزارة، وخرج بأذربيجان يوسف بن أبي الساج، فأسره مؤنس بعد حروب (2).
وفي سنة خمس، قدمت رسل طاغية الروم، يطلب الهدنة، فزينت دور الخلافة، وعرض المقتدر جيوشه ملبنسين فكانوا مئة وستين ألفا، وكان الخدام سبعة آلاف، والحجاب سبع مئة، والستور ثمانية وثلاثين ألف ستر، ومئة أسد مسلسلة، وفي الدهاليز عشرة آلاف جوشن (3) مذهبة (4).
وفي سنة ست فتح مارستان (5) أم المقتدر، أنفق عليه سبع مئة ألف دينار (6).
وذبح الحسين بن حمدان في الحبس، وأطلق أخوه أبو الهيجاء.
وكان قد أعيد إلى الوزارة ابن الفرات، فقبض عليه، ووزر حامد بن العباس، فقدم من واسط وخلفه أربع مئة مملوك في السلاح (7).
وولي نظر مصر والشام المادرائي، وقرر عليه خراجهما في السنة سوى رزق الجند ثلاثة آلاف ألف دينار، واستقل بالامر والنهي السيدة أم المقتدر، وأمرت القهرمانة ثمل أن تجلس بدار العدل، وتنظر في القصص، فكانت تجلس، ويحضر القضاة والاعيان، وتوقع ثمل على المراسم (8).
وفي سنة سبع ولى المقتدر نازوك إمرة دمشق، ودخلت القرامطة
__________
(1) انظر حاشيتنا رقم / 7 / ص / 47 / من هذا الجزء.
(2) " الكامل ": 8 / 98 - 102.
(3) الجوشن: الدرع.
(4) " المنتظم ": 6 / 143 - 144، وانظر " رسوم دار الخلافة ": 11 - 14.
(5) بفتح الراء: دار المرضى.
(6) " المنتظم ": 6 / 146.
(7) " الكامل ": 8 / 110 - 111.
(8) " المنتظم ": 6 / 148.
(*)

(15/49)


البصرة.
فقتلوا وسبوا (1)، وأخذ القائم (2) العبيدي الاسكندرية ثانيا.
ومرض ووقع الوباء في جنده (3).
وتجمع في سنة ثمان من الغوغاء ببغداد عشرة آلاف، وفتحوا السجون، وقاتلوا الوزير وولاة الأمور، ودام القتال أياما، وقتل عدة،
ونهبت أموال الناس، واختلت أحوال الخلافة جدا، ومحقت بيوت الاموال (4).
واشتد البلاء بالبربر، وكادوا أن يملكوا إقليم مصر، وضج الخلق بالبكاء، ثم هزمهم المسلمون، وسار ثمل (5) الخادم من طرسوس في البحر فأخذ الاسكندرية من البربر (6).
وفي سنة تسع قتل الحلاج على الزندقة (7).
وفي سنة 311 عزل حامد وأهلك، ووزر ابن الفرات الوزارة الثالثة (8).
وأخذت في سنة 312 القرامطة ركب العراق.
وكان فيمن أسروا أبو الهيجاء (9) بن حمدان، وعم السيدة والدة الخليفة (10).
ثم إن
__________
(1) " المنتظم ": 6 / 153.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 66 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 113 - 114.
(4) " الكامل ": 8 / 116 - 117.
(5) هو طبعا غير " ثمل " القهرمانة التي تقدم خبرها قبل أسطر.
(6) " الكامل ": 8 / 121.
(7) " الكامل ": 8 / 126 - 129.
(8) " الكامل ": 8 / 139.
(9) في الاصل: أبا الهيجاء، وهو خطأ.
(10) " الكامل ": 8 / 147.
(*)

(15/50)


المقتدر سلم ابن الفرات إلى مؤنس فصادره، وأهلكه، وكان جبارا
ظالما (1)، وافتتح عسكر خراسان فرغانة (2).
وفي سنة 313 نهب القرمطي الكوفة، وعزل الخاقاني من الوزارة بأحمد بن الخصيب (3).
وفي سنة 314 استباحت الروم ملطية بالسيف، وقبض على أحمد بن الخصيب، ووزر علي بن عيسى (4)، وأخذت الروم سميساط، وجرت وقعة كبيرة بين القرامطة والعسكر، وأسرت القرامطة قائد العسكر يوسف بن أبي الساج.
ثم أقبل أبو طاهر القرمطي (5) في ألف فارس وسبع مئة راجل، وقارب بغداد، وكاد أن يملك، وضج الخلق بالدعاء، وقطعت الجسور مع أن عسكر بغداد كانوا أربعين ألفا، وفيهم مؤنس، وأبو الهيجاء بن حمدان، وإخوته، وقرب القرمطي حتى بقي بينه وبين البلد فرسخان، ثم أقبل (6)، وحاذى العسكر، ونزل عبد يجس المخائض، فبقي كالقنفذ من النشاب، وأقامت القرامطة يومين، وترحلوا نحو الانبار، فما جسر العسكر أن يتبعوهم، فانظر إلى هذا الخذلان (7).
قال ثابت بن سنان: انهزم معظم عسكر المقتدر إلى بغداد قبل المعاينة لشدة رعبهم، ونازل القرمطي هيت مدة فرد إلى البرية.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 149 - 150 وأخبار ابن الفرات في " تحفة الامراء ": 8 - 260.
(2) " تاريخ الخلفاء ": 382.
(3) " الكامل ": 8 / 158.
(4) " الكامل ": 8 / 167 / (5) ستأتي ترجمته رقم / 159 / من هذا الجزء.
(6) أي: القرمطي.
(7) " الكامل ": 8 / 169 - 175.
(*)

(15/51)


وفي سنة 316 دخل أبو طاهر القرمطي الرحبة بالسيف، ثم قصد الرقة، وبدع، وعمل العظائم، واستعفى علي بن عيسى (1) من الوزارة، فوزر أبو علي بن مقلة (2)، وبنى القرمطي دارا، سماها دار الهجرة (3)، وكثر أتباعه، وكاتبه المهدي من المغرب، فدعا إليه، وتفاقم البلاء (4)، وأقبل الدمستق في ثلاث مئة ألف من الروم، فقصد أرمينية (5)، فقتل وسبى، واستولى على خلاط (6).
وفي سنة 317 جرت خبطة ببغداد، واقتتل الجيش، وتم ما لا يوصف، وهموا بعزل المقتدر، اتفق على ذلك مؤنس، وأبو الهيجاء، ونازوك، وأتوا دار الخلافة، فهرب الحاجب، والوزير ابن مقلة، فأخرج المقتدر وأمه وخالته وحرمه إلى دار مؤنس، فأحضروا محمد بن المعتضد من الحريم، وكان محبوسا، وبايعوه، ولقبوه بالقاهر.
وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع.
وجلس القاهر في دست الخلافة.
وكتب إلى الامصار، ثم طلب الجيش رسم البيعة، ورزق سنة، وارتفعت الضجة، وهجموا فقتلوا نازوك والخادم عجيبا، وصاحوا: المقتدر يا منصور (7).
فهرب الوزير والحجاب، وصار الجند إلى دار مؤنس، وطلبوا المقتدر ليعيدوه.
وأراد أبو
__________
(1) ستأتي ترجمته برقم / 140 / من هذا الجزء.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 86 / من هذا الجزء.
وانظر " الكامل ": 8 / 181 - 183.
(3) في " الكامل ": 8 / 187، أن الذي بنى دار الهجرة هو حريث بن مسعود القرمطي.
وقد خرج بسواد واسط.
(4) " المنتظم ": 6 / 216.
(5) في " معجم البلدان ": بكسر الهمزة.
(6) " الكامل ": 8 / 198.
(7) " الكامل ": 8 / 200 - 207.
(*)

(15/52)


الهيجاء الخروج فتعلق به القاهر، وقال: تسلمني ؟ فأخذته الحمية، وقال: لا والله، ودخلا الفردوس، وخرجا إلى الرحبة.
وذهب أبو الهيجاء على فرسه، فوجد نازوك قتيلا، وسدت المسالك عليه وعلى القاهر، وأقبلت خواص المقتدر في السلاح، فدخل أبو الهيجاء كالجمل، ثم صاح: يال يخلت أأقتل بين الحيطان ؟ أين الكميت ؟ أين الدهماء ؟ فرموه بسهم في ثديه، وبآخر في ترقوته.
فنزع منه الاسهم، وقتل واحدا منهم، ثم قتلوه.
وجئ برأسه إلى المقتدر، فتأسف عليه، وجئ إليه بالقاهر فقبله وقال: يا أخي أنت والله لا ذنب لك، وهو يبكي ويقول: الله في دمي يا أمير المؤمنين، وطيف برأس نازوك، وأبي الهيجاء.
ثم أتى مؤنس والقواد والقضاة، وبايعوا المقتدر.
وأنفق في الجند مالا عظيما (1).
وحج الناس فأقبل أبو طاهر القرمطي، ووضع السيف بالحرم في الوفد، واقتلع الحجر الاسود (2).
وكان في سبع مئة راكب، فقتلوا في المسجد أزيد من ألف.
ولم يقف أحد بعرفة، وصاح قرمطي: يا حمير، أنتم قلتم: (ومن دخله كان آمنا) (3) فأين الامن (4) ؟ وأما الروم فعاثوا في الثغور، وفعلوا العظائم، وبذل لهم المسلمون الاتاوة.
ووزر في سنة ثمان عشرة للمقتدر سليمان بن الحسن (5).
ثم قبض عليه
__________
(1) " الكامل ": 8 / 200، 207.
(2) " الكامل ": 8 / 207 - 208.
(3) آل عمران: 97.
(4) قال رجل: فاستسلمت وقلت: إن الله أراد: ومن دخله فأمنوه، فلوى فرسه وما كلمني.
انظر " المنتظم ": 6 / 223، وسيرد الخبر في ص / 322 / من هذا الجزء.
(5) " الكامل ": 8 / 218.
(*)

(15/53)


في سنة تسع عشرة، واستوزر عبيد الله بن محمد الكلوذاني (1).
وظهر مرداويج (2) في الديلم، وملكوا الجبل بأسره إلى حلوان، وهزموا العساكر (3).
ثم عزل الكلوذاني بالحسين بن القاسم بن عبيد الله (4).
وقلت الاموال على المقتدر، وفسد ما بينه وبين مؤنس، فذهب مغاضبا إلى الموصل (5).
وقبض الوزير على أمواله، وهزم مؤنس بني حمدان، وتملك الموصل في سنة عشرين وثلاث مئة (6).
والتقى والي طرسوس الروم، فهزمهم أولا، ثم هزموه.
وفي سنة عشرين وثلاث مئة عزل الوزير الحسين بأبي الفتح بن الفرات، ولاطف المقتدر الديلم، وبعث بولاية أذربيجان وأرمينية والعجم إلى مرداويج (7).
وتسحب أمراء إلى مؤنس، وخاف المقتدر، وتهيأ للحرب، فأقبل مؤنس في جمع كبير.
وقيل للمقتدر: إن جندك لا يقاتلون إلا بالمال، وطلب منه مئتا ألف دينار، فتهيأ للمضي إلى واسط، فقيل له: اتق الله، ولا تسلم بغداد بلا حرب، فتجلد وركب في الامراء والخاصة والقراء، والمصاحف منشورة.
فشق بغداد، وخرج إلى الشماسية، والخلق يدعون له.
وأقبل مؤنس، والتحم الحرب، ووقف المقتدر على تل، فألحوا عليه بالتقدم لينصح جمعه في القتال فاستدرجوه حتى توسط،
__________
(1) " الكامل ": 8 / 225.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 79 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 227.
(4) " الكامل ": 8 / 230.
(5) " الكامل ": 8 / 237.
(6) " الكامل ": 8 / 239.
(7) " المنتظم ": 6 / 241.
(*)

(15/54)


وهو في طائفة قليلة، فانكشف جمعه، فيرميه بربري فسقط فذبح، ورفع رأسه على رمح وسلبوه، فسترت عورته بحشيش، ثم طم وعفي أثره (1).
ونقل الصولي أن قاتله غلام لبليق (2)، كان من الابطال.
تعجب الناس منه مما عمل يومئذ من فنون الفروسية، ثم شد على المقتدر بحربته، أنفذها فيه، فصاح الناس عليه، فساق نحو دار الخلافة ليخرج القاهر فصادفه حمل شوك، فزحمته إلى قنار (3) لحام فعلقه كلاب، وخرج من تحته فرسه في مشواره، فحطه الناس وأحرقوه بحمل الشوك (4).
وقيل: كان في دار المقتدر أحد عشر ألف غلام خصيان غير الصقالبه والروم.
وكان مبذرا للخزائن حتى احتاج، وأعطى ذلك لحظاياه، وأعطى واحدة الدرة اليتيمة التي كان زنتها ثلاثة مثاقيل.
وأخذت قهرمانة سبحة جوهر ما سمع بمثلها (5).
وفرق ستين حبا (6) من الصيني مملوءة غالية (7).
قال الصولي: كان المقتدر يفرق يوم عرفة من الضحايا تسعين ألف رأس.
ويقال: إنه أتلف من المال ثمانين ألف ألف دينار، عثر نفسه بيده.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 241 - 243.
(2) في بعض كتب التاريخ " يلبق " وهو أحد القادة العباسيين، وممن ساعد على قتل
المقتدر وقد قتله القاهر بالله سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
(3) القنار، والقنارة، بكسرهما: الخشبة يعلق عليها القصاب اللحم، يقال: إنه ليس من كلام العرب.
" تاج العروس ": (القنور).
(4) ضعف ابن دحية في " النبراس ": 111 هذه الرواية، وقال: " فالصحيح أن قتله كان بالسيف في الحرب بينه وبين مؤنس الخادم الملقب بالمظفر ".
وقد أورد السيوطي هذا الخبر وكأنه جرى أثناء المعركة.
" تاريخ الخلفاء ": 384.
(5) " المنتظم ": 6 / 70.
(6) الحب، بالضم: الجرة، صغيرة كانت أو كبيرة.
(7) الغالية: طيب معروف.
(*)

(15/55)


وأولاده: محمد الراضي، وإبراهيم المتقي (1)، وإسحاق، و (2) المطيع فضل، وإسماعيل، وعيسى، وعباس، وطلحة.
وقال ثابت بن سنان طبيبه: أتلف المقتدر نيفا وسبعين ألف ألف دينار.
ولما قتل قدم رأسه إلى مؤنس فندم وبكى، وقال: والله لنقتلن كلنا، وهم بإقامة ولده، ثم اتفقوا على أخيه القاهر (3).

25 - مؤنس * الخادم الاكبر الملقب بالمظفر المعتضدي، أحد الخدام الذين بلغوا رتبة الملوك، وكان خادما أبيض فارسا شجاعا سائسا داهية.
ندب لحرب المغاربة العبيدية، وولي دمشق للمقتدر، ثم جرت له أمور، وحارب المقتدر، فقتل يومئذ المقتدر، فسقط في يد مؤنس، وقال: كلنا نقتل (4).
وكان معظم جند مؤنس يومئذ البربر، فرمى واحد منهم بحربته الخليفة، فما أخطأه (5).
ثم نصب مؤنس في الخلافة [ القاهر ] (6) بالله.
فلما
__________
(1) في الاصل: المكتفي، وهو وهم.
فالمكتفي ابن المعتضد، وقد توفي سنة / 295 / ه.
(2) وترجمة المطيع ستأتي ص / 113 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 243.
* تاريخ ابن عساكر: 17 / 217 ب، العبر: 2 / 188، مرآة الجنان: 2 / 284 النجوم الزاهرة: 3 / 239، شذرات الذهب: 2 / 291، وكتب التاريخ العامة التي تؤرخ لخلافة المقتدر.
(4) " الكامل ": 8 / 243.
(5) أنظر خبر مقتل المقتدر ص / 54 / من هذا الجزء.
(6) ساقطة في الاصل.
ولم يكن من رأي مؤنس تنصيب القاهر بالله، ولكنه أكره على ذلك.
راجع " الكامل ": 8 / 244.
(*)

(15/56)


تمكن القاهر، قتل مؤنسا وغيره في سنة إحدى وعشرين (1).
وبقي مؤنس ستين سنة أميرا، وعاش تسعين سنة، وخلف أموالا لا تحصى.

26 - الزبير بن أحمد * ابن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام، العلامة، شيخ الشافعية أبو عبد الله القرشي الاسدي الزبيري البصري الشافعي، الضرير.
حدث عن: محمد بن سنان القزاز، وأبي داود (2)، وطائفة.
روى عنه: أبو بكر النقاش، وعمر بن بشران، وعلي بن لؤلؤ الوراق، وابن بخيت (3) الدقاق.
وكان من الثقات الاعلام.
وقد تلا على روح بن قرة، ورويس (4)، ومحمد بن يحيى القطعي،
ولم يختم على القطعي (5).
قرأ عليه: أبو بكر النقاش، وغيره.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 252.
* الفهرست: 299، تاريخ بغداد: 8 / 471 - 472، طبقات الشيرازي: 108 الانساب: 6 / 251 - 252، وفيات الاعيان: 2 / 313، مرآة الجنان: 2 / 278 طبقات الشافعية: 3 / 295 - 297، غاية النهاية: 1 / 292 - 293.
(2) في " تاريخ بغداد ": داود بن سليمان المؤدب.
أنظر " تاريخ بغداد ": 8 / 369.
(3) في الاصل: نجيب، وهو تصحيف.
(4) هو محمد بن المتوكل، أبو عبد الله، اللؤلؤي البصري المعروف: برويس، توفي بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومئتين.
" غاية النهاية ": 2 / 234 - 235.
(5) " طبقات الشافعية ": 3 / 295 وفيه " القطيعي " وهو تصحيف.
(*)

(15/57)


وتفقه به طائفة، وهو صاحب وجه في المذهب.
قال الشيخ أبو إسحاق: كان أعمى، وله مصنفات كثيرة مليحة.
منها: " الكافي "، وكتاب " النية "، وكتاب " ستر العورة "، وكتاب " الهدية " (1)، وكتاب " الاستشارة والاستخارة "، وكتاب " رياضة المتعلم "، وكتاب " الامارة " (2).
قلت: مات سنة سبع عشرة وثلاث مئة، وذكرته في موضع آخر، أنه مات بالبصرة في صفر سنة عشرين وثلاث مئة.
وصلى عليه ولده أبو عاصم.

27 - ابن خيران *
الامام شيخ الشافعية، أبو علي الحسين بن صالح بن خيران، البغدادي الشافعي.
قال القاضي أبو الطيب (3): كان أبو علي بن خيران، يعاتب ابن سريج على القضاء، ويقول: هذا الامر لم يكن في أصحابنا، إنما كان في أصحاب أبي حنيفة (4).
__________
(1) في " وفيات الاعيان ": 2 / 313 " الهداية ".
(2) " طبقات الشيرازي ": 108.
* تاريخ بغداد: 8 / 53 - 54، طبقات الشيرازي: 110، المنتظم: 6 / 244 - 245 وفيات الاعيان: 2 / 133 - 134، العبر: 2 / 184، الوافي بالوفيات: 12 / 378 - 379 مرآة الجنان: 2 / 280، طبقات الشافعية: 3 / 271 - 274، البداية والنهاية: 11 / 171 النجوم الزاهرة: 3 / 235، شذرات الذهب: 2 / 287.
(3) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، شيخ الامام أبي إسحاق الشيرازي، توفي سنة / 450 / ه " طبقات الشيرازي ": 127.
(4) " طبقات الشيرازي ": 110.
وقد علق السبكي بقوله: " يعني بالعراق، وإلا فلم يكن القضاء بمصر والشام في أصحاب = (*)

(15/58)


قال الشيخ أبو إسحاق: عرض على ابن خيران القضاء، فلم يتقلده، وكان بعض وزراء المقتدر [ وأظن انه أبو الحسن علي بن عيسى ] (1) وكل بداره ليلي القضاء.
فلم يتقلد.
وخوطب الوزير في ذلك فقال: انما قصدنا [ التوكيل بداره ] ليقال: [ كان ] في زماننا: من وكل بداره ليتقلد القضاء فلم يفعل (2).
وقال ابن زولاق (3): شاهد أبو بكر بن الحداد الشافعي ببغداد سنة عشر
وثلاث مئة باب أبي علي بن خيران مسمورا لا متناعه من القضاء، وقد استتر.
قال: فكان الناس يأتون بأولادهم الصغار، فيقولون لهم: انظروا حتى تحدثوا بهذا (4).
قلت: كان ابن الحداد (5) قد سار إلى بغداد يسعى لابي عبيد بن حربويه في أن يعفى من قضاء مصر.
ولم يبلغني على من اشتغل، ولا من روى عنه.
توفي لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة سنة عشرين وثلاث مئة (6).
__________
= أبي حنيفة قط إلا أيام بكار في مصر، وإنما كان في مصر المالكية، وفي الشام الاوزاعية، إلى أن ظهر مذهب الشافعي في الاقليمين، فصار فيه ".
" طبقات الشافعية ": 3 / 272.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 287، الوزير ابن الفرات.
(2) ما بين حاصرتين من " طبقات الشيرازي ": 110.
(3) هو الحسن بن إبراهيم بن الحسين، أبو محمد، مؤرخ مصري، كان يظهر التشيع، وقد ولي المظالم أيام العبيديين بمصر.
من كتبه " أخبار قضاة مصر " جعله ذيلا لكتاب الكندي " قضاة مصر " توفي ابن زولاق سنة / 387 / ه " وفيات الاعيان " 2 / 91 - 92.
(4) " طبقات الشافعية " 3 / 273.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 256 / من هذا الجزء.
(6) في " طبقات الشافعية ": 2 / 273 - 274 مناقشة حول سنة وفاته.
فانظرها.
(*)

(15/59)


وقيل: ختم بابه بضعة عشر يوما، ثم أعفي، رحمه الله.

28 - تبوك * ابن أحمد بن تبوك بن خالد المعمر، أبو محمد السلمي.
الدمشقي.
سمع هشام بن عمار، ووالده.
وعنه: أبو الحسين الرازي، والحسن بن محمد بن درستويه.
قال الرازي: مات سنة ثلاثين وثلاث مئة.

29 - محمد بن حمدون * * ابن خالد، الحافظ الثبت المجود، أبو بكر النيسابوري.
سمع محمد بن يحيى الذهلي، وعيسى بن أحمد العسقلاني، والربيع بن سليمان، ومحمد بن مسلم بن وارة، وأبا حاتم، وأبا زرعة، وسليمان بن سيف الحراني، وعباسا الدوري، وطبقتهم، فأكثر وأتقن، وجمع فأوعى.
حدث عنه: محمد بن صالح بن هانئ، وأبو علي الحافظ، وأبو محمد المخلدي، وأبو بكر بن مهران المقرئ، ومحمد بن الفضل بن خزيمة، وعدد كثير.
__________
* تاريخ ابن عساكر: 3 / 257 أ، العبر: 2 / 221، شذرات الذهب: 2 / 326 تهذيب ابن عساكر: 3 / 338.
* * تاريخ ابن عساكر: 15 / 135 ب - 136 أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 807 - 808 طبقات الحفاظ: 336، شذرات الذهب: 2 / 286.
(*)

(15/60)


قال الحاكم: كان من الثقات الاثبات الجوالين في الاقطار.
عاش سبعا وثمانين سنة (1).
وقال أبو يعلى الخليلي: حافظ كبير، سمع أحمد بن حفص، وقطن ابن عبد الله، وعدة (2).
وقال الحاكم: توفي في ربيع الآخر سنة عشرين وثلاث مئة (3).
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح البزاز، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعيد الطبيب، أخبرنا شافع بن محمد الاسفراييني، حدثنا محمد بن حمدون الحافظ، حدثنا أبو حذافة المدني، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " العلم [ ثلاثة ] (4) آية محكمة، وسنة قائمة، ولا أدري ".
فهذا مما نقم على أبي حذافة أحمد بن إسماعيل (5) وصوابه موقوف من قول ابن عمر.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 807.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 807.
(4) زيادة من " تذكرة الحفاظ ": 708.
(5) هو أحد رواة الموطأ عن مالك، وآخر أصحاب مالك وفاة، قال الخطيب وغيره: لم يكن ممن يتعمد الكذب، وقال الدارقطني: ضعيف أدخلت عليه أحاديث في غير الموطأ، فرواها، وقال ابن عدي: حدث عن مالك وغيره بالبواطيل، وامتنع ابن صاعد من التحديث عنه مدة.
قلت: وأخرج أبو داود (2885) وابن ماجة (54) من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " العلم ثلاثة: آية محكمة، وسنة قائمة، وفريضة عادلة، وما كان سوى ذلك فهو فضل " وفي سنده عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الافريقي وهو ضعيف، وكذا شيخه فيه، وهو عبد الرحمن بن رافع.
(*)

(15/61)


30 - ابن مروان * الامام الحافظ الثقة الرحال، أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن بن عبدالملك القرشي الاموي الدمشقي.
سمع موسى بن عامر المري (1)، وشعيب بن شعيب بن إسحاق، ويونس بن عبدالاعلى، والعباس بن الوليد البيروتي، والربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ومحمد بن سعيد بن أبي قفيز، وأحمد بن إبراهيم بن ملاس، وعدة.
فأكثر وجمع وألف.
حدث عنه: ولده المحدث أبو عبد الله، وأبو الحسين والد تمام، وأبو سليمان بن زبر، وأبو هاشم المؤدب، وحميد بن الحسن الوراق، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وآخرون.
مات في رجب سنة تسع عشرة وثلاث مائة.
وقد قارب التسعين.

31 - محمد بن إبراهيم * * ابنه العدل الرئيس الامين، أبو عبد الله القرشي الدمشقي الذي انتقى عليه الحافظ ابن مندة تلك الاجزاء.
__________
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 229 ب - 230 أ، تذكرة الحفاظ: 3 / 805، العبر: 2 / 175 الوافي بالوفيات: 6 / 42، طبقات الحفاظ: 335 - 336، شذرات الذهب: 2 / 281 تهذيب ابن عساكر: 2 / 225.
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 805 " المزني " وهو تصحيف.
* * تاريخ ابن عساكر: 14 / 383 أ - 383 ب، العبر: 2 / 311 - 312، الوافي بالوفيات: 1 / 342، مرآة الجنان: 2 / 371، شذرات الذهب: 3 / 27.
(*)

(15/62)


سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا السجزي خياط السنة، وإسماعيل بن قيراط، وأبا علاثة المصري، وأنس بن السلم، وأحمد بن إبراهيم البسري، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن مندة، وتمام الرازي، وعبد الوهاب الميداني، وعبد
الرحمن بن أبي نصر، والخصيب بن عبد الله القاضي، وأبو الحسن بن السمسار، وآخرون.
وأملى بجامع دمشق.
قال الكتاني (1): كان ثقة مأمونا جوادا (2)، انتقى عليه ابن مندة ثلاثين جزءا.
مات في شوال سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.
وكان من المعمرين.

32 - أبو هاشم * عبد السلام بن الاستاذ أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام (3)، الجبائي، المعتزلي، من كبار الاذكياء.
أخذ عن والده.
__________
(1) عبد العزيز بن أحمد بن محمد، الكتاني، مؤرخ من أهل دمشق، كان محدثها، له كتاب في " الوفيات " على السنين.
توفي سنة / 466 / ه " الاكمال ": 7 / 187، " الانساب ": 10 / 353.
(2) " الوافي بالوفيات ": 1 / 342، وفيه " الكناني " - بالنون - وهو تصحيف.
* الفهرست: 247، تاريخ بغداد: 11 / 55 - 56، الملل والنحل: 1 / 78 - 84 الانساب: 3 / 176 - 177، المنتظم: 6 / 261، وفيات الاعيان: 3 / 183 - 184، العبر: 2 / 187 مرآة الجنان: 2 / 281 - 282، البداية والنهاية: 11 / 176، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 94 - 96، شذرات الذهب: 2 / 289.
(3) في الاصل: بلام مشددة، وهو خطأ، وقد قيده المؤلف في " المشتبه " 1 / 378 بالتخفيف.
(*)

(15/63)


وله كتاب " الجامع الكبير "، وكتاب " العرض "، وكتاب " المسائل العسكرية " (1)، وأشياء.
توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة، وله عدة تلامذة.

33 - ابن عتاب * المحدث المتقن الثقة، أبو العباس عبد الله بن عتاب بن أحمد بن كثير، البصري الاصل، الدمشقي، ابن الزفتي.
سمع هشام بن عمار، وعيسى بن حماد زغبة، وهارون بن سعيد الايلي، ودحيما، وأحمد بن أبي الحواري، وطائفة.
حدث عنه: علي بن عمرو الحريري، وأبو سليمان بن زبر، وشافع ابن محمد الاسفراييني، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون، وكان أسند من بقي بدمشق.
ولد سنة أربع وعشرين ومئتين.
قال أبو أحمد الحافظ: رأيناه ثبتا (2).
قلت: له مزرعة قبلي المصلى (3).
ومات في رجب سنة عشرين وثلاث مئة.
__________
(1) الفهرست: 247.
* الانساب: 6 / 290، تاريخ ابن عساكر: 9 / 259 أ، العبر: 2 / 182، شذرات الذهب: 2 / 285 - 286.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 9 / 259 أ.
(3) المصلى: حي يقع جنوبي دمشق.
(*)

(15/64)


34 - ابن زياد النيسابوري * الامام الحافظ العلامة شيخ الاسلام، أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون، النيسابوري، مولى أمير المؤمنين عثمان بن
عفان، الاموي (1) الحافظ الشافعي، صاحب التصانيف.
تفقه بالمزني، والربيع، وابن عبد الحكم، وسمع منهم، ومن محمد ابن يحيى الذهلي، وأحمد بن يوسف السلمي، ويونس بن عبدالاعلى، وأحمد بن عبدالرحمن بن وهب، وأبي زرعة الرازي، والعباس بن الوليد العذري، ومحمد بن عزيز الايلي، وابن وارة، وابن حاتم، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر، وبكار بن قتيبة، وأبي بكر الصاغاني، وخلق كثير من طبقتهم.
وبرع في العلمين: الحديث والفقه، وفاق الاقران.
أخذ عنه: موسى بن هارون الحافظ، وهو أكبر منه، بل من شيوخه، وروى عنه ابن عقدة، وأبو إسحاق بن حمزة، وحمزة بن محمد الكناني، وابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، وأبو حفص الكتاني، وعبيد الله ابن أحمد الصيدلاني، وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قوله، وخلق سواهم.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان إمام الشافعيين في عصره بالعراق.
ومن
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 120 - 122، طبقات الشيرازي: 113، المنتظم: 6 / 286 - 287 تذكرة الحفاظ: 3 / 819 - 821، العبر: 2 / 201 - 202، مرآة الجنان: 288 - 289، طبقات الشافعية: 3 / 310، 314، البداية والنهاية: 11 / 186، النجوم الزاهرة: 3 / 259، طبقات الحفاظ: 341، 342 شذرات الذهب: 2 / 302.
(1) في أكثر المصادر: مولى أبان بن عثمان.
(*)

(15/65)


أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة (1).
سمع بنيسابور، والعراق، ومصر، والشام، والحجاز.
قال البرقاني: سمعت الدارقطني يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي
بكر النيسابوري (2).
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري فقال: لم نر مثله في مشايخنا، لم نر أحفظ منه للاسانيد والمتون، وكان أفقه المشايخ، وجالس المزني والربيع، وكان يعرف زيادات الالفاظ في المتون.
ولما قعد للتحديث.
قالوا: حدث، قال: بل سلوا، فسئل عن أحاديث فأجاب فيها، وأملاها ثم بعد ذلك ابتدأ فحدث (3).
قال أبو الفتح يوسف القواس: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: تعرف من أقام أربعين سنة لم ينم الليل، ويتقوت كل يوم بخمس حبات، ويصلي صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة ؟ ثم قال: أنا هو، وهذا كله قبل أن أعرف أم عبدالرحمن، أيش أقول لمن زوجني ؟.
ثم قال: ما أراد إلا الخير (4).
قلت: قد كان أبو بكر من الحفاظ المجودين.
مات في شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاث مئة عن بضع وثمانين سنة.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 819.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 121.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 10 / 122.
(*)

(15/66)


قرأت على أبى المعالي أحمد بن إسحاق المؤيد بمصر، أخبركم الفتح بن عبد السلام ببغداد، أخبرنا هبة الله بن الحسين الحاسب، وأجاز
لنا ابن أبي عمر، وأبو زكريا بن الصيرفي، قالا: أخبرنا ابو الفتوح محمد بن علي التاجر سنة ثمان وست مئة، أخبرنا هبة الله الحاسب، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد، حدثنا محمد بن يحيى، ومحمد بن إشكاب، قالا: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال عمر: " علي أقضانا، وأبي (1) أقرؤنا " (2).
قال أبو إسحاق.
ولابن زياد كتاب " زيادات كتاب المزني " (3).
قال الدارقطني: كنا نتذاكر فسألهم فقيه: من روى: " وجعلت تربتها لنا طهورا " (4)، فقام الجماعة إلى أبي بكر بن زياد فسألوه، فساق الحديث
__________
(1) هو أبي بن كعب بن قيس أبو المنذر الانصاري المدني، وقد تقدمت ترجمته 1 / 389.
(2) رجاله ثقات، وجاء في المرفوع " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح " أخرجه أحمد 3 / 184 و 281، والترمذي (3793) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة عن أنس، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2268) والحاكم، ووافقه الذهبي، وروي عن معمر عن قتادة مرسلا وفيه: " وأقضاهم علي ".
(3) " طبقات الشيرازي ": 113.
(4) انظر " تاريخ بغداد ": 10 / 121، وقال الخطيب: وهذا الحديث على هذا اللفظ يرويه أبو عوانة، عن أبي مالك الاشجعي، عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه مسلم بن الحجاج في " صحيحه " (522) في أول المساجد من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي مالك الاشجعي، عن ربعي، عن
حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الارض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء ".
(*)

(15/67)


في الحال من حفظه (1).

35 - أبو طالب * الحافظ المتقن الامام محدث بغداد، أبو طالب أحمد بن نصر بن طالب البغدادي.
سمع عباس بن محمد الدوري، وإسحاق الدبري، وإبراهيم بن برة الصنعاني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن ملاعب وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، ومحمد بن المظفر، وأبو الحسن الدارقطني وآخرون.
وكان الدارقطني، يقول: أبو طالب الحافظ أستاذي (2).
حدث عنه: أبو طاهر المخلص (3).
مات في رمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
من أبناء السبعين.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا (4).
روى عنه من الكبار عبد الله بن زيدان البجلي.
وله تاريخ مفيد.
__________
(1) عبارة البغدادي: " كنا ببغداد يوما جلوسا في مجلس اجتمع فيه جماعة من الحفاظ يتذاكرون...فجاء رجل من الفقهاء، فسأل الجماعة...".
تاريخ بغداد ": 10 / 121.
* تاريخ بغداد: 5 / 182 - 183، تاريخ ابن عساكر: 2 / 130 ب - 131 أ، تذكرة
الحفاظ: 3 / 832 - 833، العبر: 2 / 198، الوافي بالوفيات: 8 / 212، طبقات الحفاظ: 346، شذرات الذهب: 2 / 298.
وتهذيب ابن عساكر: 2 / 103.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 183.
(3) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 833 " آخر من حدث عنه أبو طاهر المخلص ".
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 183.
(*)

(15/68)


36 - علي بن الفضل * البلخي أحد الحفاظ الكبار الاثبات.
حدث عن: أبي حاتم الرازي، وأحمد بن سيار، ومحمد بن الفضل، وأبي قلابة الرقاشي، وطبقتهم.
روى عنه: ابن المظفر، والدارقطني، وعمر بن شاهين، وغيرهم.
توفي ببغداد في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمئة.
وهو: علي بن الفضل بن نصر، يكنى أبا الحسن (1)، وممن حدث عنه: أبو الفتح القواس، وعبد الله بن عثمان الصفار.
قال الخطيب: كان ثقة حافظا جوالا في [ طلب ] الحديث، صاحب غرائب (2).
قلت: حديثه في أفراد الدارقطني (3).
قال الدارقطني: هو ثقة حافظ (4).
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 47 - 48، المنتظم: 6 / 280، تذكرة الحفاظ: 3 / 871، طبقات الحفاظ: 356 - 357.
(1) في " تاريخ بغداد ": 12 / 47 " علي بن الفضل بن طاهر بن نصر بن محمد، أبو الحسن البلخي ".
(2) " تاريخ بغداد ": 12 / 47.
وما بين حاصرتين منه.
(3) كتاب " الافراد " للدارقطني، كتاب حافل في مئة جزء حديثي.
" الرسالة المستطرفة ": 114 وفيها تعريف لاحاديث الافراد.
فانظره (4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 871.
(*)

(15/69)


وقال أبو بكر بن شاذان: توفي سنة ثلاث وعشرين (1).

37 - وكيل أبي صخرة * المحدث الصدوق، أبو بكر أحمد بن عبد الله، البغدادي النحاس، وكيل أبي صخرة.
ولد سنة سبع وثلاثين ومئتين.
وسمع أبا حفص الفلاس، وزيد بن أخزم، وأحمد بن بديل، وجماعة.
حدث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وآخرون.
وثق، ومات في سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.

38 - مكي بن عبدان * * ابن محمد بن بكر بن (2) مسلم، المحدث الثقة، المتقن، أبو حاتم (3) التميمي النيسابوري.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 48.
* تاريخ بغداد: 4 / 229، 230، العبر: 2 / 204، شذرات الذهب: 2 / 306.
* * تاريخ بغداد: 13 / 119 - 120، العبر: 2 / 205، شذرات الذهب: 2 / 307.
(2) تحرف الاسم في العبر: 2 / 205 إلى " علي بن عبدان ".
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 119 وقد تحرف في العبر: 2 / 205، و " الشذرات ": 2 / 307 إلى (أبي حامد).
(*)

(15/70)


سمع عبد الله بن هاشم، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن حفص، وأحمد بن يوسف السلمي، وعمار بن رجاء، ومسلم صاحب " الصحيح " وجماعة.
حدث عنه: أبو علي [ بن ] الصواف، وعلي بن عمر الحربي، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر الجوزقي، ويحيى بن إسماعيل الحربي.
قال الحافظ أبو علي النيسابوري: ثقة مأمون مقدم على أقرانه من المشايخ (1).
قلت: وقد حدث عنه من القدماء: أبو العباس بن عقدة (2).
مات في جمادي الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة، وصلى عليه أبو حامد بن الشرقي (3)، وعاش بضعا وثمانين سنة.
رحمه الله.

39 - الهاشمي * الامير المسند الصدوق، أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى ابن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي البغدادي.
كان أبوه أمير الحاج مدة.
فأسمع هذا من أبي مصعب الزهري " كتاب الموطأ "، ومن أبي سعيد
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 13 / 120.
(2) ستأتي ترجمته رقم / 178 / من هذا الجزء.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 21 / من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 6 / 137 - 138، المنتظم: 6 / 289، العبر: 2 / 205، ميزان الاعتدال: 1 / 46، الوافي بالوفيات: 6 / 48، لسان الميزان: 1 / 77 - 78، شذرات الذهب: 2 / 306.
(*)

(15/71)


الاشج، عبيد بن أسباط، وجماعة بالكوفة، ومن الحسين بن الحسن المروزي، صاحب ابن المبارك، ومن محمد بن الوليد البسري، ومحمد ابن عبد الله الازرقي، وخلاد بن أسلم، وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي.
حدث عنه: الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وابن المقرئ، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وآخرون.
قال الدارقطني: سمعت القاضي محمد بن أم شيبان يقول: رأيت على ظهر الموطأ المسموع من أبي مصعب سماعا قديما صحيحا: سمع الامير عبد الصمد بن موسى الهاشمي، وابنه إبراهيم (1).
وقال حمزة السهمي: سمعت أبا الحسن بن لؤلؤ، يقول: رحلت إلى سامراء إلى إبراهيم بن عبد الصمد، لاسمع " الموطأ "، فلم أر له أصلا صحيحا، فتركت، ولم أسمع (2) منه.
توفي بسامراء في أول المحرم سنة خمس وعشرين وثلاث مئة عن بضع وتسعين سنة.
وقد أملى عدة مجالس في سنة أربع، سمعها ابن الصلت منه.
ومات معه أبو مزاحم الخاقاني المقرئ، ومكي بن عبدان، وأبو بكر وكيل أبي صخرة، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو الغمر عبيدون (3) بن محمد
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 138.
(2) فتركته " تاريخ بغداد ": 6 / 138.
(3) في الاصل: عبيد، وهو تصحيف.
وفي " تبصير المنتبه ": 3 / 970 " عبدون ".
وما أثبتناه من " جذوة المقتبس ": 277.
(*)

(15/72)


الجهني الاندلسي - يروي عن يونس بن عبدالاعلى -، وأبو العباس الدغولي (1)، وعمر بن علك المروزي.

40 - المحاربي * الشيخ المحدث المعمر، أبو عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا، المحاربي الكوفي السوداني.
روى عن: أبي كريب محمد بن العلاء - وهو آخر أصحابه - وسفيان بن وكيع، وهشام بن يونس، وحسين بن نصر بن مزاحم، وطائفة.
حدث عنه: الدارقطني، ومحمد بن عبد الله الجعفي، وجماعة.
قال ابن حماد الحافظ: توفي في صفر سنة ست وعشرين وثلاث مئة، قال: ما رؤي له أصل قط، وحضرت مجلسه، وكان ابن سعيد يقرأ عليه " كتاب النهي "، عن حسين بن نصر بن مزاحم، قال: وكان يؤمن بالرجعة (2).
ومات معه عبدالرحمن بن أحمد بن محمد بن حجاج الرشديني، وأبو ذر أحمد بن محمد [ بن محمد ] بن سليمان الباغندي.
__________
(1) بفتح الدال المهملة، وضم الغين المعجمة في اللباب: بفتحها -، وفي آخرها اللام بعد الواو، هذه النسبة إلى " دغول " وهو اسم رجل.
ويقال للخبز الذي لا يكون رقيقا بسرخس: دغول، ولعل بعض أجداده كان يخبز.
" الانساب ": 5 / 321 - 322.
* العبر: 2 / 217، ميزان الاعتدال: 4 / 14، لسان الميزان: 5 / 347.
شذرات الذهب: 2 / 308.
(2) " ميزان الاعتدال ": 4 / 14.
(*)

(15/73)


41 - الوراق * المحدث الامام الحجة، أبو علي إسماعيل بن العباس بن عمر بن مهران البغدادي الوراق.
سمع الحسن بن عرفة، والزبير بن بكار، وعلي بن حرب، وطبقتهم.
حدث عنه: ولده أبو بكر محمد، والدارقطني، وعيسى بن الوزير، وأبو طاهر المخلص، وآخرون.
وثقه الدارقطني (1).
وتوفي راجعا من الحج في الطريق في المحرم سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وقد نيف على الثمانين.
أخبرنا الابرقوهي، أخبرنا الفتح، أخبرنا هبة الله، أخبرنا ابن النقور، حدثنا عيسى بن علي، أخبرنا إسماعيل الوراق، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني المحاربي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك " (2).
رواه الترمذي عن ابن عرفة.
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 300، المنتظم: 6 / 278.
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 300.
(2) رقم (3550) في الدعوات: باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وسنده حسن، وأخرجه ابن ماجة (4236)، وصححه ابن حبان (2467) والحاكم 2 / 427، ووافقه
الذهبي، وله طريق أخرى عند أبي يعلى وسندها جيد.
(*)

(15/74)


42 - نفطويه * الامام الحافظ النحوي العلامة الاخباري، أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان، العتكي الازدي، الواسطي، المشهور بنفطويه (1)، صاحب التصانيف.
سكن بغداد، وحدث عن: إسحاق بن وهب العلاف، وشعيب بن أيوب الصريفيني، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وداود بن علي، وعدة.
وأخذ العربية عن محمد بن الجهم، وثعلب والمبرد، وتفقه على داود (2).
حدث عنه: المعافى بن زكريا، وأبو بكر بن شاذان، وأبو عمر بن حيويه، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.
ولد سنة أربع وأربعين ومئتين.
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 172، الفهرست: 121، تاريخ بغداد: 6 / 159 - 162، نزهة الالباء، 178 - 180، المنتظم: 6 / 277 - 278، معجم الادباء: 1 / 254 - 272 انباه الرواة: 1 / 176 - 182، وفيات الاعيان: 1 / 47 - 49، العبر: 2 / 198، ميزان الاعتدال: 1 / 64، الوافي بالوفيات: 6 / 130 - 133، مرآة الجنان: 2 / 287، لسان الميزان: 1 / 190 - 110، البداية والنهاية: 11 / 183، غاية النهاية: 1 / 25، النجوم الزاهرة: 3 / 249 - 250، بغية الوعاة: 187 - 188، شذرات الذهب: 2 / 298 - 299.
(1) بكسر النون وفتحها، والكسر أفصح، والفاء ساكنة.
(2) هو داود بن علي بن خلف، الاصبهاني، أبو سليمان، الملقب بالظاهري، أحد
الائمة المجتهدين في الاسلام، واليه تنسب الطائفة الظاهرية، وقد سميت بذلك لاخذها بظاهر الكتاب والسنة، وإعراضها عن التأويل والرأي والقياس توفي داود سنة / 270 / ه.
" وفيات الاعيان ": 2 / 255 - 257.
(*)

(15/75)


وكان متصلعا من العلوم، ينكر الاشتقاق ويحيله (1).
ومن محفوظه نقائض جرير والفرزدق، وشعر ذي الرمة (2).
خلط نحو الكوفيين بنحو البصريين، وصار رأسا في رأي أهل الظاهر.
وكان ذا سنة ودين وفتوة ومروءة، وحسن خلق، وكيس، وله نظم ونثر (3).
صنف " غريب القرآن " و " كتاب المقنع " في النحو (4)، و " كتاب البارع " و " تاريخ الخلفاء " في مجلدين وأشياء.
مات في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وكان محمد بن زيد (5) الواسطي المتكلم يؤذيه، وهجاه، فقال: من سره أن لا يرى فاسقا * فليجتنب من أن يرى نفطويه (6) أحرقه الله بنصف اسمه * وصير الباقي صراخا عليه (7) وقال أيضا: من أراد أن يتناهى في الجهل، فليعرف الكلام على مذهب الناشئ (8)، والفقه على مذهب داود، والنحو على مذهب
__________
(1) أي يرى فساده " إنباه الرواة ": 1 / 178.
(2) " طبقات النحويين واللغويين ": 172.
(3) أورد له ياقوت في " معجمه ": 1 / 260 - 266 بعض شعره في ترجمته له.
(4) " الفهرست ": 121.
(5) في الاصل: يزيد، وهو تصحيف.
(6) في الاصل: " فليجتنب أن لا يرى نفطويه ".
وهو على خلاف المعنى المراد من الشطر الاول.
وما أثبتناه من ترجمة محمد بن زيد الواسطي في " الوافي بالوفيات ": 3 / 82.
(7) ينسب هذا البيت أيضا إلى ابن دريد في قصة مشهورة.
انظر " نزهة الالباء ": 180.
(8) هو عبد الله بن محمد، أبو العباس، المعروف بابن شرشير الناشئ.
شاعر متكلم (*)

(15/76)


سيبويه (1).
ثم يقول: وقد جمع هذه المذاهب نفطويه، فإليه المنتهى (2).

43 - ابن المغلس * الامام العلامة، فقيه العراق، أبو الحسن عبد الله بن المحدث أحمد ابن محمد المغلس البغدادي الداودي الظاهري، صاحب التصانيف.
حدث عن: جده، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبي قلابة الرقاشي، وإسماعيل القاضي، وطبقتهم، وتفقه على أبي بكر محمد بن داود، وبرع وتقدم.
أخذ عنه: أبو المفضل الشيباني ونحوه.
وعنه انتشر مذهب الظاهرية في البلاد (3)، وكان من بحور العلم، حمل عنه تلميذه حيدرة بن عمر، والقاضي عبد الله بن محمد بن أخت وليد قاضي مصر، والفقيه علي بن خالد البصري، وطائفة.
وله من التصانيف: " كتاب أحكام القرآن "، وكتاب " الموضح " في الفقه، وكتاب " المبهج "، وكتاب " الدامغ " في الرد على من خالفه وغير (4) ذلك.
__________
يعد في طبقة ابن الرومي والبحتري، أصله من الانبار، وأقام ببغداد مدة طويلة، وخرج إلى مصر فسكنها، وتوفي بها سنة / 293 / ه ترجمته في " تاريخ بغداد ": 10 / 92 - 93، و " وفيات الاعيان ": 3 / 91 - 93 " طبقات المعتزلة ": 92 - 93.
(1) في " الفهرست ": 245 نفطويه بدل سيبويه.
(2) " الفهرست ": 245.
* أخبار الراضي للصولي: 83، الفهرست: 306، تاريخ بغداد: 9 / 385، طبقات الشيرازي: 177، المنتظم: 6 / 286، العبر: 2 / 201، البداية والنهاية: 11 / 186، النجوم الزاهرة: 3 / 259، شذرات الذهب: 2 / 302.
(3) " طبقات الشيرازي ": 177.
(4) " الفهرست ": 306 وفيه " كتاب المنجح " بدلا من " المبهج ".
(*)

(15/77)


مات في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة عن نيف وستين سنة.

44 - ابن مرداس * المحدث الثقة، أبو عبد الله الحسن بن علي بن الحسين، بن مرداس التميمي الهمذاني ابن أبي الحتي.
حدث عن: محمد بن عبيد الهمداني، والمرار بن حمويه، وأحمد ابن بديل، وأبي عبد الله بن عصام، وعدة.
قال صالح (1): سمعت منه مع أبي، وهو صدوق.
مات في ربيع الاول سنة 322.

45 - القمودي * * الامام زاهد المغرب، أبو جعفر القمودي (2) السوسي.
كان سيدا عابدا منقطع القرين، عبد ربه حتى صار كالشن البالي (3)، وكان يضرب به المثل، وكان من أحلم الناس، يدعو لمن يؤذيه.
سكن سوسة وعمر، وعاش أربعا وتسعين سنة، وخلف ولدين، لا بل ماتا قبله.
مات بسوسة في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاث مئة رحمه الله.
وله ترجمة في ورقات في أحواله ومناقبه.
__________
* لم نقع له على ترجمة.
(1) انظر حاشيتنا رقم / 1 / ص 8.
* * لم نقع له على ترجمة.
(2) نسبة إلى " قمودة ".
قال اليعقوبي: قرية بالقيروان.
انظر " تاج العروس " (قمد) (3) الشن، وبهاء: القربة الخلق الصغيرة.
(*)

(15/78)


46 - ابن فطيس * الامام العلامة الحافظ الناقد، أبو عبد الله محدث الاندلس، محمد ابن فطيس بن واصل بن عبد الله الغافقي الاندلسي الالبيري (1).
مولده سنة تسع وعشرين ومئتين.
وسمع أبان بن عسيى، ومحمد بن أحمد العتبي الفقيه، وابن مزين [ من ] (2) علماء الاندلس.
قال ابن الفرضي في تاريخه: ارتحل سنة سبع وخمسين ومئتين.
فسمع من: يونس بن عبدالاعلى، وأحمد بن عبدالرحمن بن وهب، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأخذ بإفريقية عن أحمد بن عبد الله العجلي الحافظ، وشجرة بن عيسى، ويحيى بن عون، وأكثر عن أهل الحرم، ومصر، والقيروان، وتفقه بالمزني، وأدخل الاندلس علما غزيرا.
وكان بصيرا بفقه مالك.
وكان يقول: لقيت في رحلتي مئتي شيخ ما رأيت [ فيهم ] مثل ابن عبد الحكم (3).
قال ابن الفرضي وغيره: صارت إليه الرحلة من البلاد، وعمر دهرا.
وصنف كتاب " الروع والاهوال "، وكتاب " الدعاء ".
وكان ضابطا نبيلا صدوقا (4).
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 40، جذوة المقتبس: 78 - 79، بغية الملتمس: 121 - 122، تذكرة الحفاظ: 3 / 802 - 803، العبر: 2 / 177، الوافي بالوفيات: 4 / 337، الديباج المذهب: 246 - 247، طبقات الحفاظ: 334 - 335، شذرات الذهب: 2 / 283.
(1) نسبة إلى إلبيرة، هي كورة كبيرة في الاندلس.
" معجم البلدان ": 1 / 244.
(2) زيادة اقتضاها سياق النص.
(3) " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 41 وما بين حاصرتين منه.
(4) المصدر السابق.
(*)

(15/79)


حدثنا عنه غير واحد.
وتوفي في شوال سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
قلت: عمر تسعين عاما.

47 - محمد بن حمدويه * ابن سهل، الامام الحافظ المتقن، أبو نصر المروزي الفازي، بالفاء من أهل قرية فاز، وبعضهم يقول: الغازي.
يروي عن: سليمان بن معبد السنجي، ومحمود بن آدم، وسعيد بن مسعود، وأبي الموجه محمد بن عمرو، وعبد الله بن عبد الوهاب، وطبقتهم.
حدث بمرو، وببغداد.
روى عنه: أبو عمرو بن حيويه، والدار قطني، ويوسف القواس، وأبو إسحاق المزكي، ومحمد بن أحمد السليطي، ومحمد بن الحسين العلوي، وأبو أحمد بن جامع الدهان، وآخرون.
قال البرقاني: حدثنا الدارقطني، قال: حدثنا محمد بن حمدويه
المروزي، وعلي بن الفضل بن طاهر: ثقتان نبيلان حافظان (1).
قلت: يقال: مات أبو نصر الفازي الغازي المطوعي سنة سبع وعشرين، والاصح وفاته على ما نقله الحافظ غنجار، أنه سمع عثمان بن
__________
* المنتظم: 6 / 325، تذكرة الحفاظ: 3 / 872، العبر: 2 / 218، طبقات الحفاظ، 357، شذرات الذهب: 2 / 323 - 324.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 872.
(*)

(15/80)


محمد بن حمدويه المروزي يقول: توفي أبي بمرو سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالرحيم بن السمعاني، أخبرنا عمر بن أحمد الصفار، أخبرنا موسى بن عمران الصوفي، أخبرنا محمد بن الحسين العلوي، أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه الغازي، حدثنا محمود ابن آدم المروزي، حدثنا سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل قال: قال حذيفة لعبد الله: عكوفا بين دارك، ودار أبي موسى، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة "، فقال عبد الله: لعلك نسيت وحفظوا، وأخطأت، وأصابوا (1) صحيح غريب عال.

48 - برداعس * الامام الحافظ الناقد، أبو بكر محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم اليحصبي القنسريني الحلبي، ولقبه برداعس (2).
حدث عن: أحمد بن شيبان صاحب ابن عيينة، ومحمد بن عوف
__________
(1) وأخرجه البيهقي في " سننه " 4 / 316، من طريق محمد بن الحسين العلوي، بهذا الاسناد وقد نسبه المجد ابن تيمية في " المنتقى " 4 / 360 إلى " سنن سعيد بن منصور " وقد انفرد
حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة، والجمهور على جوازه في أي مسجد من المساجد.
انظر " الفتح " 4 / 272.
* تاريخ ابن عساكر: 15 / 68 أ - 69 أ، معجم البلدان: 4 / 404، تذكرة الحفاظ: 3 / 827 - 828، العبر: 2 / 208 - 209، ميزان الاعتدال: 3 / 489، المغني في الضعفاء: 2 / 559، لسان الميزان: 5 / 91، طبقات الحفاظ، 344، شذرات الذهب: 2 / 309.
(2) في " الاكمال " و " تذكرة الحفاظ " برداغس - بالغين - وفي " ميزان الاعتدال ": ذاعر.
(*)

(15/81)


الحمصي، ويوسف [ بن سعيد ] بن مسلم، وهلال بن العلاء، وأمثالهم.
حدث عنه: عثمان بن خرزاذ، أحد شيوخه، وأبو سليمان بن زبر، وأبو بكر الربعي، وأبو أحمد بن عدي، والميانجي، وابن المقرئ، علي ابن محمد بن إسحاق الحلبي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، وخلق سواهم.
قال ابن ماكولا: كان حافظا (1).
وقال أبو أحمد الحاكم: رأيته حسن الحفظ (2).
وروى حمزة السهمي، عن الدارقطني قال: هو ضعيف (3).
توفي برداعس سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا جماعة إجازة عن المؤيد بن الاخوة، أخبرنا سعد بن أبي الرجاء، أخبرنا أبو طاهر الثقفي، ومنصور بن الحسين، قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، حدثنا محمد بن بركة أبو بكر الحافظ، حدثنا أحمد بن هاشم الانطاكي، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي
إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح إلا بولي " (4).
__________
(1) " الاكمال ": 1 / 234.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 827.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 827.
(4) حديث صحيح بطرقه وشواهده، وأخرجه أحمد 4 / 394 و 413 و 418، والطيالسي (523) وابن الجارود في " المنتقى " (702) و (703) وأبو داود (2085) والدارمي 2 / 137، والترمذي (1101) و (1102) والطحاوي في شرح معاني الآثار 2 / 9، والدارقطني 3 / 219، وابن حبان (1243) و (1244) والحاكم 2 / 170، والبيهقي = (*)

(15/82)


وفيها مات أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي، والوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن حنزابة، والحافظ أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وأبو محمد بن أبي حاتم الامام، وأبو نصر محمد بن حمدويه المروزي الفازي.

49 - أحمد بن بقي * ابن مخلد، أبو عمر القرطبي (1).
كبير علماء الاندلس، وقاضي قرطبة.
قال القاضي عياض: سمع أباه خاصة.
وقال ابن عبد البر: كان وقورا حليما كثير التلاوة ليلا ونهارا، قوي المعرفة باختلاف العلماء، ولي القضاء عشرة أعوام ما ضرب فيها فيما قيل سوى واحد مجمع على فسقه، وكان يتوقف ويتثبت، ويقول: التأني
__________
= 7 / 107 من طرق عن أبي إسحاق بهذا الاسناد، وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد 1 /
250، وابن ماجة (1880) والبيهقي 7 / 109، 110، وآخر من حديث عائشة عند أحمد 6 / 47، و 66، و 165، والدارمي 2 / 137، وأبي داود (2083) و (2084) والترمذي (1102) وابن ماجة (1879) و (1880) وابن الجارود (700) وابن حبان (1248) والدارقطني 3 / 221، والحاكم 2 / 168، والبيهقي 7 / 105، والطيالسي (1463) وثالث عن أبي هريرة عند ابن حبان (1246) ورابع عن جابر عند الطبراني كما في " المجمع " 4 / 286، وانظر " تلخيص الحبير " 3 / 156، 157.
* قضاة قرطبة: 163 - 171، تاريخ علماء الاندلس 1 / 33، جذوة المقتبس: 110، بغية الملتمس: 172، المنتظم 6 / 283، العبر: 2 / 200 - 201، الوافي بالوفيات: 6 / 266، تاريخ قضاة الاندلس: 63 - 65، الديباج المذهب: 37، شذرات الذهب: 2 / 301.
(1) وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (241) من هذا الجزء.
(*)

(15/83)


أخلص، إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشكل عليه أمر حديث حويصة ومحيصة (1).
ودى القتيل من عنده.
وكان الناصر لدين الله يحترمه ويبجله (2).
توفي على القضاء سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
قلت: وفي ذريته أئمة وفضلاء، آخرهم أبو القاسم أحمد بن بقي، بقي إلى سنة خمس وعشرين وست مئة.

50 - أبو صالح * هو الزاهد العابد شيخ الفقراء بدمشق، أبو صالح مفلح (3)، صاحب المسجد الذي بظاهر باب شرقي، وبه يعرف وقد صار ديرا للحنابلة.
__________
(1) أخرجه البخاري 3173 في الجهاد، و (6143) في الادب، و (6898) في
الديات: باب القسامة، و (7192) في الاحكام، ومسلم (1669) من حديث سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج أنهما قالا: خرج عبد الله بن سهل بن زيد، ومحيصه بن مسعود بن زيد، حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك، ثم إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلا، فدفنه، ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حويصة بن مسعود وعبد الرحمن بن سهل، وكان أصغر القوم - فذهب عبدالرحمن ليتكلم قبل صاحبيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كبر، الكبر في السن "، فصمت، فتكلم صاحباه، وتكلم معي، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقتل عبد الله بن سهل، فقال لهم: " أتحلفون خمسين يمينا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم "، قالوا: فكيف نحلف ولم نشهد، قال: " فتبرئكم يهود بخمسين يمينا "، قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفار، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى عقله.
(2) " تاريخ قضاة الاندلس ": 64 وستأتي ترجمة الناصر لدين الله رقم / 336 / من هذا الجزء.
* تاريخ ابن عساكر 19 / 41 أ - 41 ب، العبر: 2 / 224، مرآة الجنان: 2 / 298، البداية والنهاية: 11 / 204 - 205، النجوم الزاهرة: 3 / 275، الدارس في تاريخ المدارس: 2 / 102 - 103، القلائد الجوهرية: 1 / 167، شذرات الذهب: 2 / 328.
(3) في " تاريخ ابن عساكر ": 19 / 41 أ: مفلح بن عبد الله.
(*)

(15/84)


صحب أبا بكر بن سيد حمدويه.
حكى عنه: موحد بن إسحاق، وعلي بن القجه، ومحمد بن داود الدقي.
وقد ساح بلبنان في طلب العباد.
وحكى: أنه رأى في جبل اللكام فقيرا عليه مرقعة، فقال: ما تصنع هنا ؟ قال: أنظر وأرعى، قلت: ما أرى بين يديك شيئا ؟ قال: فتغير (1)، وقال: أنظر خواطري، وأرعى أوامر
ربي (2).
مات سنة ثلاثين وثلاث مئة.
قاله ابن زبر في " الوفيات ".

51 - الاشعري * العلامة إمام المتكلمين، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أمير البصرة بلال بن أبي بردة بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي موسى عبد الله بن قيس بن حضار، الاشعري اليماني البصري.
مولده سنة ستين ومئتين، وقيل: بل ولد سنة سبعين.
__________
(1) أي: لونه.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 19 / 41.
* * الفهرست: 257، تاريخ بغداد: 11 / 346 - 347، الملل والنحل: 1 / 94 - 103، الانساب: 1 / 273 - 274، وتبيين كذب المفتري لابن عساكر في الدفاع عنه، المنتظم: 6 / 332 - 333، وفيات الاعيان: 3 / 284 - 286، العبر: 2 / 202 - 203 مرآة الجنان: 2 / 298 - 309، طبقات الشافعية: 3 / 347 - 444، البداية والنهاية: 11 / 187، الجواهر المضية: 2 / 247 - 248، الديباج المذهب: 193 - 196، النجوم الزاهرة: 3 / 259، شذرات الذهب: 2 / 303 - 305.
(*)

(15/85)


وأخذ عن: أبي خليفة الجمحي، وأبي علي الجبائي، وزكريا الساجي وسهل بن نوح، وطبقتهم، يروي عنهم بالاسناد في تفسيره كثيرا.
وكان عجبا في الذكاء، وقوة الفهم.
ولما برع في معرفة الاعتزال، كرهه وتبرأ منه، وصعد للناس، فتاب إلى الله تعالى منه، ثم أخذ يرد على المعتزلة، ويهتك عوارهم.
قال الفقيه أبو بكر الصيرفي: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم، حتى نشأ الاشعري فحجرهم في أقماع السمسم (1).
وعن ابن الباقلاني قال: أفضل أحوالي أن أفهم كلام الاشعري (2).
قلت: رأيت لابي الحسن أربعة تواليف في الاصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات، وقال فيها: تمر كما جاءت، ثم قال: وبذلك أقول، وبه أدين، ولا تؤول.
قلت: مات ببغداد سنة أربع وعشرين وثلاث مئة حط (4) عليه جماعة من الحنابلة والعلماء.
وكل أحد فيؤخذ من قوله ويترك، إلا من عصم الله تعالى اللهم اهدنا، وارحمنا (5).
__________
(1) انظر " الاصابة ": 1 / 363 - 364.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 347.
(3) " طبقات الشافعية ": 3 / 351.
(4) يقال: حط في عرض فلان: إذا اندفع في شتمه.
(5) في تناول السبكي للذهبي في ترجمته لابي الحسن الاشعري شئ من الحدة في النقد، ولم أقع على ترجمة الاشعري في ما طبع من " تاريخ الذهبي " الذي أشار إليه السبكي، والحق، أن الذهبي كان في غاية الاعتدال حين ترجم للاشعري في كتابنا هذا، ترى هل رجع عما كان يعتقده في حقه، أم أن السبكي أفرط في تأويل كلام الذهبي ؟.
انظر " طبقات الشافعية ": 3 / 352 - 353، ومقدمة سير أعلام النبلاء: 1 / 128.
(*)

(15/86)


ولابي الحسن ذكاء مفرط، وتبحر في العلم، وله أشياء حسنة، وتصانيف جمة تقضي له بسعة العلم.
أخذ عنه أئمة منهم: أبو الحسن الباهلي (1)، وأبو الحسن الكرماني،
وأبو زيد المروزي، وأبو عبد الله بن مجاهد البصري، وبندار بن الحسين الشيرازي، وأبو محمد العراقي، وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو نصر الكواز (2) الشيرازي (3).
قال أبو الحسن الاشعري في كتاب " العمد في الرؤية " له: صنفت " الفصول في الرد على الملحدين " وهو اثنا عشر كتابا، وكتاب " الموجز "، وكتاب " خلق الاعمال " وكتاب " الصفات "، وهو كبير، تكلمنا فيه على أصناف المعتزلة والجهمية، وكتاب " الرؤية بالابصار " وكتاب " الخاص والعام " وكتاب " الرد على المجسمة " وكتاب " إيضاح البرهان "، وكتاب " اللمع في الرد على أهل البدع " وكتاب " الشرح والتفصيل " وكتاب " النقض على الجبائي " (4) وكتاب " النقض على البلخي " (5) وكتاب " جمل مقالات الملحدين " وكتابا (6) في الصفات هو أكبر كتبنا، نقضنا فيه ما كنا ألفناه قديما فيها على تصحيح مذهب المعتزلة.
__________
(1) انظر ترجمته في " تبيين كذب المفتري ": 178.
(2) نسبة إلى عمل " الكيزان " من الخزف.
(3) في " تبيين كذب المفتري " فصل معقود لتراجم أصحاب أبي الحسن الاشعري، لمن أخذ عنهم، فليراجعه من أراد الاستقصاء.
ص / 177 - 330.
(4) في " تبيين المفتري ": 130 " وقال: وألفنا كتابا كبيرا، نقضنا فيه الكتاب المعروف بالاصول على محمد بن عبد الوهاب الجبائي ".
(5) في " التبيين ": 130 " وقال: وألفنا كتابا كبيرا، نقضنا فيه الكتاب المعروف بنقض تأويل الادلة على البلخي في أصول المعتزلة ".
(6) في الاصل: كتاب - بالرفع - (*)

(15/87)


لم يؤلف لهم كتاب مثله، ثم أبان الله لنا الحق فرجعنا، وكتابا في " الرد على ابن الراوندي "، وكتاب " القامع في الرد على الخالدي " وكتاب " أدب الجدل " وكتاب " جواب الخراسانية "، وكتاب " جواب السيرافيين "، و " جواب الجرجانيين " وكتاب " المسائل المنثورة البغدادية " وكتاب " الفنون في الرد على الملحدين " وكتاب " النوادر في دقائق الكلام " وكتاب " تفسير القرآن ".
وسمي كتبا كثيرة سوى ذلك.
ثم صنف بعد العمد كتبا عدة سماها ابن فورك هي في " تبيين كذب المفتري " (1).
رأيت للاشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي، سمعت أبا حازم العبدوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الاشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: أشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة، لان الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات.
قلت: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر [ أحدا ] (2) من الامة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " (3) فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم.
__________
(1) انظر " تبيين كذب الفتري ": 128 - 136.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) حديث صحيح أخرجه أحمد 5 / 276، و 277 و 282، والدارمي 1 / 168، وابن ماجة (277) والحاكم 1 / 130 من طريق سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا بين سالم وثوبان، لكن أخرجه أحمد 5 / 282، والدارمي 1 / 168، وابن حبان (164) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا ابن ثوبان،
حدثني حسان بن عطية أن أبا كبشة حدثه أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم...وهذا سند حسن، وله طريق ثالث عند أحمد 5 / 280، وسنده قوي، وله شاهد من = (*)

(15/88)


وقد ألف الاهوازي (1) جزءا في مثالب ابن أبي بشر، فيه أكاذيب.
وجمع أبو القاسم في مناقبه فوائد بعضها أيضا غير صحيح، وله المناظرة المشهورة مع الجبائي في قولهم: يجب على الله أن يفعل الاصلح، فقال الاشعري: بل يفعل ما يشاء (2).
فما تقول في ثلاثة صغار: مات أحدهم وكبر اثنان، فآمن أحدهم، وكفر الآخر، فما العلة في اخترام الطفل ؟ قال: لانه تعالى علم أنه لو بلغ لكفر، فكان اخترامه أصلح له.
قال الاشعري: فقد أحيا أحدهما فكفر.
قال: إنما أحياه ليعرضه أعلى المراتب، قال الاشعري: فلم لاأحيا الطفل ليعرضه لاعلى المراتب ؟ قال الجبائي: وسوست، قال: لا والله ولكن وقف حمار الشيخ.
وبلغنا أن أبا الحسن تاب وصعد منبر البصرة، وقال: إني كنت أقول: بخلق القرآن، وأن الله لا يرى [ بالابصار ] (3)، وأن الشر فعلي ليس بقدر، وإني تائب معتقد الرد على المعتزلة (4).
وكان فيه دعابة ومزح كثير.
قاله ابن خلكان (5).
وألف كتبا كثيرة، وكان يقنع باليسير، وله بعض قرية من وقف جدهم
__________
= حديث عبد الله بن عمرو، وآخر من حديث أبي أمامة عند ابن ماجة (278) و (279) وفي سندهما ضعف، لكنهما صالحان للاستشهاد.
(1) هو الحسن بن علي بن ابراهيم، أبو علي الاهوازي، مقرئ الشام في عصره، أصله من الاهواز، واستوطن دمشق وتوفي بها سنة / 446 / ه.
(2) اعتقاد أهل السنة، أنه لا يجب على الله شئ.
" لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ".
(3) زيادة تقتضيها صحة المعنى.
فالمعتزلة يقولون بعدم رؤية الله بالابصار.
انظر " الابانة ": 13 - 20.
(4) " الفهرست ": 257.
(5) " وفيات الاعيان ": 3 / 285.
(*)

(15/89)


الامير بلال بن أبي بردة (1).
ويقال: بقي إلى سنة ثلاثين وثلاث مئة.

52 - البربهاري * شيخ الحنابلة القدوة الامام، أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري (2) الفقيه.
كان قوالا بالحق، داعية إلى الاثر، لا يخاف في الله لومة لائم.
صحب المروذي (3)، وصحب سهل بن عبد الله التستري (4).
فقيل: إن الاشعري (5) لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري، فجعل يقول: رددت على الجبائي، رددت على المجوس، وعلى النصارى.
فقال أبو محمد: لا أدري ما تقول، ولا نعرف إلا ما قاله الامام أحمد.
فخرج (6) وصنف " الابانة " (7) فلم يقبل منه.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 347.
* طبقات الحنابلة: 2 / 18 - 45، المنتظم: 6 / 323، العبر: 2 / 216 - 217، البداية والنهاية: 11 / 201، الوافي بالوفيات: 12 / 146 - 147، شذرات الذهب: 2 / 319.
(2) بفتح الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، وفتح الباء الثانية أيضا، والراء المهملة أيضا بعد الهاء والالف.
هذه النسبة إلى " بربهار " وهي الادوية التي تجلب من الهند.
" الانساب ": 2 / 125.
(3): ترجمته في " طبقات الحنابلة ": 1 / 56 - 63.
(4) ترجمته في " طبقات الصوفية ": 206 - 211.
(5) تقدمت ترجمته ص / 85 / من هذا الجزء.
(6) أي الاشعري.
(7) " الابانة عن أصول الديانة " مطبوع، يقال: إنه من آخر تصانيفه.
(*)

(15/90)


ومن عبارة الشيخ البربهاري.
قال: احذر صغار المحدثات من الامور، فإن صغار البدع، تعود كبارا، فالكلام في الرب عزوجل محدث وبدعة وضلالة، فلا نتكلم فيه إلا بما وصف به نفسه، ولا نقول في صفاته: لم ؟ ولا كيف ؟ والقرآن كلام الله، وتنزيله ونوره ليس مخلوقا، والمراء فيه كفر (1).
قال ابن بطة (2): سمعت البربهاري يقول: المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة (3).
وسمعته يقول لما أخذ الحجاج (4): يا قوم إن كان يحتاج إلى معونة مئة ألف دينار، ومئة ألف دينار، ومئة ألف دينار - خمس مرات - عاونته.
ثم قال ابن بطة: لو أرادها لحصلها من الناس.
قال أبو الحسين بن الفراء: كان للبربهاري مجاهدات ومقاومات في الدين، وكان المخالفون يغلظون (5) قلب السلطان عليه.
ففي سنة إحدى وعشرين [ وثلاث مئة ] أرادو حبسه، فاختفى.
وأخذ كبار أصحابه،
__________
(1) هذه العبارات من كتاب للبربهاري بعنوان " شرح كتاب السنة " نقل عنه ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " صفحات، لخص فيها أهم معتقدات أهل السنة.
أنظر " طبقات "
الحنابلة ": 2 / 18 - 43.
(2) هو عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان، أبو عبد الله العكبري، المعروف بابن بطة.
توفي سنة / 387 / ه " طبقات الحنابلة ": 2 / 124 - 153.
(3) " مختصر طبقات الحنابلة ": 307.
(4) في " طبقات الحنابلة ": 2 / 43.
" لما أخذ الحاج "، والخبر غامض، وأظن أنه قصد استيلاء القرامطة على الحجاج سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة، وربما المقصود بالمعونة الخليفة المقتدر بالله.
والخبر بالرغم من غموضه - يشير إلى منزلة البربهاري الرفيعة في قلوب الناس، ويشير أيضا إلى تضعضع الخلافة، وأن عجزها عن القضاء على القرامطة ليس ناشئا عن فقر في المال...(5) في " طبقات الحنابلة ": 2 / 44 " يغيظون ".
(*)

(15/91)


وحملوا إلى البصرة.
فعاقب الله الوزير ابن مقلة (1)، وأعاد الله البربهاري إلى حشمته، وزادت، وكثر أصحابه.
فبلغنا أنه اجتاز بالجانب الغربي، فعطس فشمته (2) أصحابه، فارتفعت ضجتهم، حتى سمعها الخليفة، فأخبر بالحال، فاستهولها، ثم لم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي، حتى نودي في بغداد: لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري، فاختفى، وتوفي مستترا في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة (3)، فدفن بدار أخت توزون (4) فقيل: إنه لما كفن، وعنده الخادم، صلى عليه وحده، فنظرت هي من الروشن (5)، فرأت البيت ملآن رجالا في ثياب بيض، يصلون عليه، فخافت وطلبت الخادم، فحلف أن الباب لم يفتح (6).
وقيل: إنه ترك ميراث أبيه تورعا، وكان سبعين ألفا (7).
قال ابن النجار (8): روى عنه: أبو بكر محمد بن محمد بن عثمان،
__________
(1) ستأتي ترجمته رقم / 86 / من هذا الجزء.
(2) شمت العاطس، وسمت عليه: دعا له أن لا يكون في حال يشمت به فيها.
والسين لغة.
" لسان العرب " (شمت).
(3) في " طبقات الحنابلة ": 2 / 44 " سنة تسع وعشرين ".
(4) توزون، أحد القواد الاتراك، خلع عليه المتقي وجعله أمير الامراء، ودامت إماراته حتى وفاته سنة / 334 / ه وهو الذي سمل المتقي بالله وخلعه، وبايع المستكفي.
أخباره في " الكامل ": 8 / 339 وما بعدها..وسيأتي نتف منها في ترجمة المتقي بالله ص / 104 / من هذا الجزء.
(5) الكوة.
(6) " طبقات الحنابلة ": 2 / 44 - 45.
(7) " طبقات الحنابلة ": 2 / 43.
(8) هو محمد بن محمود بن الحسن، أبو عبد الله، ابن النجار، مؤرخ، حافظ للحديث من أهل بغداد، من كتبه " ذيل تاريخ بغداد " توفي سنة / 643 / ه له ترجمة في " طبقات الشافعية ": 5 / 41 (ط 1) (*)

(15/92)


وابن بطة، وأبو الحسين بن سمعون فروي عن ابن سمعون، أنه سمع البربهاري يقول: رأيت بالشام راهبا في صومعة حوله رهبان يتمسحون بالصومعة، فقلت لحدث منهم: بأي شئ أعطي هذا ؟ قال: سبحان الله متى رأيت الله يعطي شيئا على شئ ؟ قلت: هذا يحتاج إلى إيضاح، فقد يعطي الله عبده بلا شئ، وقد يعطيه على شئ، لكن الشئ الذي يعطيه الله عبده، ثم يثيبه عليه هو منه أيضا.
قال تعالى: (وقالوا: الحمد لله
الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) (1).
وفي تاريخ محمد بن مهدي أن في سنة ثلاث وعشرين، أوقع بأصحاب البربهاري فاستتر، وتتبع أصحابه ونهبت منازلهم، وعاش سبعا وسبعين سنة (2)، وكان في آخر عمره قد تزوج بجارية.

53 - عبد الله بن أحمد * ابن يوسف بن محمد بن حيان، الامام الحافظ البارع، أبو محمد الهاشمي الجعفري مولاهم، الهمذاني، أحد الاعلام، إمام جامع همذان.
حدث عن: محمد بن عمران بن حبيب، وإبراهيم بن ديزيل، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وعبيد بن شريك البزاز، ومحمد بن إدريس بن الجنيد الحافظ، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، والحسين بن الحكم الكوفي، وطبقتهم.
__________
(1) الاعراف: 43.
(2) في " المنتظم ": 6 / 623 " ستا وتسعين سنة ".
* لم نقف له على مصادر للترجمة.
(*)

(15/93)


روى عنه: القاسم بن أبي صالح، وأبو عمران موسى بن سعيد، والقدماء.
ذكره صالح بن أحمد (1)، فقال: روى عنه الكبار، وحضرت مجلسه، ولم أعتد بذلك، وكان ثقة صدوقا حافظا فاضلا ورعا، يحسن هذا الشأن.
سمعت القاسم بن أبي صالح يقول: سمعت زيد بن نشيط، يقول:
ما أشبه حفظ هذا الصبي إلا بحفظ المشايخ القدماء.
وقال أبو قطن: كان عبد الله الذهب المصفى، لم يكن ببلدنا في أيامه أحفظ منه.
قال صالح: مات سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
وصليت عليه رحمه الله.
قلت: توفي قبل أوان الرواية، فلم ينشر له كبير شئ، رحمه الله.

54 - الخاقاني * الامام المقرئ المحدث، أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، الخاقاني الحافظ البغدادي، ولد الوزير (2)، وأخو الوزير (3).
__________
(1) انظر حاشيتنا رقم / 1 / ص / 8 / من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 13 / 59، الانساب: 5 / 22 - 23، المنتظم: 6 / 292، العبر: 2 / 205 معرفة القراء 1 / 219 - 220، غاية النهاية: 2 / 320 - 321، النجوم الزاهرة: 3 / 261، شذرات الذهب: 2 / 307.
(2) أي عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو الحسن، استوزره المتوكل والمعتمد، وكان عاقلا حازما، استمر في الوزارة حتى وفاته سنة / 263 / ه.
(3) أي محمد بن عبيد الله بن يحيى، أبو علي، ولي الوزارة بعد سقوط ابن الفرات سنة / (*)

(15/94)


سمع عباسا الدوري، وأبا قلابة الرقاشي، وأبا بكر المروذي، وطبقتهم.
وكان حاذقا بحرف الكسائي، تلا به على الحسن بن عبد الوهاب تلميذ الدوري.
تلا عليه: أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الفرج الشنبوذي،
وغيرهما.
وروى عنه: أبو بكر الآجري، وابن أبي هاشم، وأبو عمر بن حيويه، وابن شاهين، والمعافى الجريري، وآخرون.
وجمع وصنف، وجمع في التجويد وغير ذلك (1).
قال الخطيب: كان ثقة من أهل السنة.
مات في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة (2).
وقد ذكرته في طبقات القراء (3).

55 - تكين * الملك أبو منصور تكين الخاصة، التركي الخزري المعتضدي.
__________
299 / ه.
ولم يكن أهلا للقيام بأعباء هذا المنصب.
" تحفة الامراء ": 261 - 280.
(1) قال ابن الجزري في " غاية النهاية " 2 / 321: " هو أول من صنف في التجويد فيما أعلم ".
(2) " تاريخ بغداد ": 13 / 59.
(3) " معرفة القراء ": 1 / 219 - 220.
* ولاة مصر: 286، 293 - 296، 298 - 299، تاريخ ابن عساكر: 3 / 260 أ - 260 ب، العبر: 2 / 186، الوافي بالوفيات: 10 / 386، خطط المقريزي: 1 / 327 = (*)

(15/95)


ولي مصر سنة سبع وتسعين ومئتين.
فأقام بها خمس سنين في رفعة وارتقاء.
ثم ولي دمشق خمس سنين أيضا.
ثم أعيد إلى ولاية ديار مصر، ثم عزل، ثم أعيد فوليها للقاهر بالله (1) إلى أن مات بمصر في ربيع الاول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
وكان ذا هيبة وشجاعة.
روى عن: يوسف بن يعقوب القاضي.
حدث عنه: علي بن أحمد المادرائي الوزير، ونقل فدفن ببيت المقدس (2).

56 - ابن دريد * العلامة شيخ الادب أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية، الازدي البصري صاحب التصانيف، تنقل في فارس، وجزائر البحر، يطلب الآداب، ولسان العرب، ففاق أهل زمانه، ثم سكن بغداد.
وكان أبوه رئيسا متمولا.
ولابي بكر شعر جيد.
__________
= النجوم الزاهرة: 3 / 171، 174، حسن المحاضرة: 2 / 13، شذرات الذهب: 2 / 289، تهذيب ابن عساكر: 3 / 340.
(1) ولايته الثالثة كانت أيضا من قبل المقتدر.
إذ أنه قدم مصر أميرا سنة إحدى عشرة وثلاث مئه.
وقد أقره عليه القاهر بالله بعد مقتل المقتدر سنة عشرين وثلاث مئة.
(2) " ولاة مصر ": 299.
* مروج الذهب: 2 / 518، طبقات الزبيدي: 201، معجم الشعراء: 425، الفهرست: 91 - 92، تاريخ بغداد: 2 / 195 - 197، الانساب: 5 / 305 - 306، نزهة الالباء: 175 - 178.
معجم الادباء: 18 / 127 - 143، إنباه الرواة: 3 / 92 - 100، المنتظم: 6 / 261 - 262.
وفيات الاعيان: 4 / 323 - 329، العبر: 2 / 187، ميزان الاعتدال: 3 / 520، الوافي بالوفيات: 2 / 339 - 343، مرآة الجنان: 2 / 282 - 284، طبقات الشافعية: 3 / 138 - 142، البداية والنهاية: 11 / 176 - 177، غاية النهاية: 2 / 116، لسان الميزان: 5 / 132 - 134، النجوم الزاهرة: 3 / 240 - 241، بغية الوعاة: 30 - 33، شذرات الذهب: 2 / 289 - 291.
(*)

(15/96)


حدث عن: أبي حاتم السجستاني، وأبي الفضل الرياشي، وابن
أخي الاصمعي، وتصدر للافادة زمانا.
أخذ عنه: أبو سعيد السيرافي، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الفرج الاصبهاني، وأبو عبيد الله المرزباني، وإسماعيل بن ميكال (1)، وعيسى ابن الوزير، وطائفة.
قال أحمد بن يوسف الازرق: ما رأيت أحفظ من ابن دريد، ولا رأيته قرئ عليه ديوان قط إلا وهو يسابق إلى روايته، يحفظ ذلك (2).
قلت: كان آية من الآيات في قوة الحفظ.
قال ابن شاهين: كنا ندخل عليه فنستحيي مما نرى من العيدان والشراب، وقد شاخ (3).
وقال أبو منصور الازهري: دخلت فرأيته سكران فلم أعد إليه (4).
وقال الدارقطني: تكلموا فيه (5): وقال أبو بكر الاسدي: كان يقال: ابن دريد أعلم الشعراء، وأشعر العلماء (6).
قلت: توفي في شعبان سنة إحدى وعشيرين وثلاث مئة، وله ثمان وتسعون سنة.
عفا الله عنه.
__________
(1) هو إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، أبو العباس، شيخ خراسان ووجيهها في عصره، وفيه، وفي أبيه نظم أبو بكر مقصورته المشهورة.
توفي سنة / 362 / ه له ترجمة في " معجم الادباء ": 7 / 5 - 12.
(2) " تاريخ بغداد ": 2 / 196 وفيه: " ولحفظه له ".
(3) " نزهة الالباء ": 176.
(4) " مقدمة التهذيب ": 1 / 31.
(5) " تاريخ بغداد ": 2 / 196.
(6) " تاريخ بغداد ": 2 / 196.
(*)

(15/97)


ورثاه جحظة (1) فقال: فقدت بابن دريد كل فائدة (2) * لما غدا ثالث الاحجار والترب وكنت أبكي لفقد الجود منفردا (3) * فصرت أبكي لفقد الجود (4) والادب (5)

57 - القاهر بالله * الخليفة أبو منصور محمد بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق طلحة (6) ابن المتوكل.
استخلف سنة عشرين وثلاث مئة وقت مصرع أخيه المقتدر.
وكان أسمر مربوعا أصهب (7) الشعر، طويل الانف.
فيه شر وجبروت وطيش.
وقد كان المقتدر خلع في سنة سبع عشرة وثلاث مئة، فبايعوا القاهر هذا،
__________
(1) ستأتي ترجمته رقم / 84 / من هذا الجزء.
(2) " في نزهة الالباء ": منفعة.
(3) في " ذيل أمالي القالي ": مجتهدا، وفي " نزهة الالباء ": آونة.
(4) في " إنباه الرواة ": الفضل.
(5) البيتان في " ذيل أمالي القالي ": 49، " طبقات الزبيدي ": 201، " تاريخ بغداد ": 2 / 197، " نزهة الالباء ": 178، " إنباه الرواة ": 3 / 95.
" مرآة الجنان: " 2 / 284، " بغية الوعاة ": 32.
* مروج الذهب: 2 / 513، تاريخ بغداد: 1 / 339 - 340، المنتظم: 6 / 241، 368، الكامل: 8 / 244 وما بعدها، النبراس: 113، العبر: 2 / 250 - 251، الوافي بالوفيات: 2 / 34 - 35، نكت الهميان: 236 - 237، البداية والنهاية: 11 / 170 - 171، 178، 223، النجوم الزاهرة: 3 / 303 - 304، تاريخ الخلفاء: 386 - 390،
شذرات الذهب: 2 / 349 - 350.
(6) في " تاريخ بغداد ": 1 / 339.
اسمه: محمد، وقيل: طلحة.
(7) الصهبة: هي حمرة في سواد.
(*)

(15/98)


وحكم ثم تعصب أصحاب المقتدر له، وأعيد بعد قتل جماعة، منهم: أبو الهيجاء بن حمدان، وعفا المقتدر عن أخيه، وحضر بين يديه باكيا.
فقال: يا أخي، أنت لا ذنب لك، ثم بايعوه بعد المقتدر، فصادر حاشية أخيه وعذبهم، وضرب أم المقتدر بيده، وهي عليلة.
ثم ماتت معلقة بحبل، وعذب أم موسى القهرمانة، وبالغ في الاساءة، فنفرت منه القلوب، وطلب ابن مقلة من الاهواز واستوزره، وكان قد نفي.
ولم يكن القاهر متمكنا من الامور، وحكم عليه علي بن بليق (1) الرافضي الذي عزم على سب معاوية - رضي الله عنه - على المنابر.
فارتجت العراق، وقبض على شيخ الحنابلة البربهاري، ثم قوي القاهر ونهب دور مخالفيه، وطين على ولد أخيه المكتفي بين حيطين، وضرب ابن بليق وسجنه، ثم أمر بذبحه، وبذبح أبيه، وذبح بعدهما مؤنسا الكبير ويمنا وابن زيرك.
وبذل للجند العطاء، وعظم شأنه.
ونادى بتحريم الغناء والخمر، وكسر الملاهي (2)، وهو مع ذلك يشرب المطبوخ والسلاف، ويسكر ويسمع القينات.
واستوزر غير واحد.
وقتل أبا السرايا بن حمدان، وإسحاق النوبختي ألقاهما في بئر، وطمت لكونهما زايداه في جارية قبل الخلافة (3).
وبقي ابن مقلة في اختفائه يراسل الجند ويشغبهم على القاهر، ويخرج متنكرا في زي عجمي (4)، وفي زي شحاذ، وأعطى منجما ذهبا ليقول للقواد: عليكم قطع من القاهر، ويعطي دنانير لمعبري الاحلام، فإذا قص
__________
(1) انظر الصفحة / 55 / تعليق رقم / 2 / من هذا الجزء.
(2) " المنتظم ": 6 / 249 - 250.
(3) " الكامل ": 8 / 295 - 296.
(4) في " الكامل ": 8 / 279 " أعمى " وترجمة " ابن مقلة " ستأتي رقم / 86 / من هذا الجزء.
(*)

(15/99)


سيما مناما خوفوه (1) من القاهر جدا.
كان (2) رأس الساجية فأضمر الشر، فانتدب طائفة لاغتياله وبكروا، وكان نائما به سكر، وهرب وزيره وحاجبه، فهجموا عليه بالسيوف، فهرب إلى سطح، فاستتر، ثم ظفروا به وبيده سيف مسلول، فقالوا: انزل، فامتنع فقالوا: نحن عبيدك، ثم فوق (3) واحد إليه سهما، وقال: انزل وإلا قتلتك، فنزل، فأمسكوه (4) في سادس جمادى الآخرة.
وبايعوا الراضي بالله محمد بن المقتدر (5)، ثم خلع وأكحل بمسمار لسوء سيرته وسفكه الدماء.
وكانت خلافته سنة ونصفا وأسبوعا.
قال الصولي (6): كان أهوج، سفاكا للدماء، كثير التلون، قبيح السيرة، مدمن الخمر، ولولا جودة حاجبه سلامة لاهلك الحرث والنسل.
وكان قد صنع حربة يحملها فلا يطرحها حتى يقتل (7) إنسانا.
قال محمد بن علي: أحضرني القاهر يوما وبيده حربة، فقلت: الامان، قال: على الصدق، قلت: نعم.
قال: أسألك عن خلفاء بني العباس ؟ فذكرت له من أحوالهم، وهو يسأل عنهم واحدا واحدا فقال: قد سمعت قولك، وكأني مشاهد القوم، وقام وبيده الحربة، فاستسلمت للقتل، فعطف إلى دور الحرم (8).
قال المسعودي: أخذ من مؤنس وأصحابه أموالا كثيرة.
فلما خلع.
__________
(1) في الاصل: حرفوه، وهو تصحيف.
(2) أي: سيما.
(3) أي جعل الوتر في فوقه عند الرمي.
(4) " الكامل ": 8 / 280 - 281.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 58 / من هذا الجزء.
(6) ستأتي ترجمته رقم / 142 / من هذا الجزء.
(7) " تاريخ الخلفاء ": 388.
(8) " مروج الذهب ": 2 / 514 - 518.
(*)

(15/100)


طولب بها، فأنكر، فعذب بأنواع العذاب، فما أقر بشئ، فأخذه الراضي بالله، فقربه وأدناه، وقال: ترى مطالبة الجند لنا، والذي عندك ليس بنافعك، فاعترف به، قال: أما إذ فعلت هذا (1)، فالمال دفنته في البستان.
وكان قد أنشأ بستانا فيه أصناف الثمر، والقصر الذي زخرفه، فقال: وفي أي مكان هو ؟ قال: أنا مكفوف ولا أهتدي إلى البقعة، فاحفر البستان تجده، فحفروا البستان وأساس القصر، وقلعوا الشجر فلم يوجد شئ.
فقال: وأين المال ؟ قال: وهل عندي مال ؟ ! ! إنما كان حسرتي في جلوسك في البستان وتنعمك ففجعتك به (2).
فأبعده وحبسه، فأقام إلى سنة ثلاث وثلاثين، ثم أخرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارة يحبس، وتارة يهمل.
فوقف يوما بالجامع بين الصفوف، وعليه جبة بيضاء وقال: تصدقوا علي، فأنا من قد عرفتم.
وأراد أن يشنع على الخليفة المستكفي، فقام إليه ابن أبي موسى الهاشمي، فأعطاه ألف درهم، فمنعوه من الخروج (3).
ثم مات في سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وله ثلاث وخمسون سنة،
وله من الاولاد: عبد الصمد، وأبو القاسم، وأبو الفضل، وعبد العزيز (4).
ووزر له أبو علي بن مقلة، ثم محمد بن القاسم، ثم الخصيبي.
ونفذ على إمرة مصر أحمد بن كيغلغ، إذ توفي أميرها تكين الخاصة (5).
__________
(1) أي: من إكرامه له.
(2) " مروج الذهب ": 2 / 528.
(3) " المنتظم ": 6 / 265.
(4) " تاريخ الخلفاء ": 390.
(5) تقدمت ترجمته رقم / 55 / من هذا الجزء.
(*)

(15/101)


ومات سنة إحدى وعشرين شغب أم المقتدر.
وقتل الخادم (1) مؤنس الملقب (2) بالمظفر، وكان شهما مهيبا شجاعا داهية.
عمر تسعين سنة، وقاد الجيوش ستين سنة.
وفي سنة 322 دخلت الديلم أصبهان، وكان من قوادهم علي بن بويه (3)، فانفرد عن مرداويج (4)، ثم حارب محمد بن ياقوت، فهزم محمدا، واستولى على فارس، وكان أبوه فقيرا صيادا.
قال محمود الاصبهاني: كان سبب خلعهم للقاهر سوء سيرته، وسفكه الدماء، فامتنع عليهم من الخلع، فسملوه حتى سالت عيناه (5).
وفي أيامه ظهر محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني، وادعى الالهية ببغداد، وأنه يحيى الموتى، وتعصب له ابن مقلة، وأنكر ما قيل عنه، ثم قتل، وقتل بسببه الحسين بن القاسم، وأبو إسحاق إبراهيم بن أبي
عون الانباري، مصنف " الاجوبة المسكتة " (6)، كانا يعتقدان في الشلمغاني (7).
وللقاهر من الاولاد أبو القاسم، وعبد الصمد (8)، وأبو الفضل محمد، وفاطمة وعاتكة، وأمامة.
__________
(1) تقدمت ترجمته رقم / 25 / من هذا الجزء.
(2) في الاصل: الملقب.
(3) ستأتي ترجمته رقم / 223 / من هذا الجزء.
(4) ستأتي ترجمته رقم / 79 / من هذا الجزء.
(5) " تاريخ الخلفاء ": 388.
(6) وله أيضا كتاب " التشبيهات " وهو مشهور.
انظر ترجمته مفصلة في " معجم الادباء ": 1 / 234 - 253.
(7) حكاية مذهبه وخبر مقتله في " الكامل ": 8 / 290 - 294.
(8) في الاصل: أبو القاسم عبد الصمد، وهو خطأ انظر الصفحة 101.
(*)

(15/102)


فصل: ولنذكر هنا جماعة من خلفاء الاسلام على التوالي إن شاء الله، ليتأمل تراجمهم الفاضل متصلة مجموعة.

58 - الراضي بالله * الخليفة أبو إسحاق (1) محمد، وقيل: أحمد بن المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد بالله أحمد بن الموفق بن المتوكل، الهاشمي العباسي.
ولد سنة سبع وتسعين ومئتين.
وأمه رومية.
كان أسمر قصيرا نحيفا في وجهه طول استخلف بعد عمه القاهر عندما سملوا القاهر سنة اثنين وعشرين وثلاث مئة.
قال أبو بكر الخطيب: له فضائل منها: أنه آخر خليفة خطب يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الندماء، وآخر خليفة له شعر مدون، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش.
وكانت جوائزه وأموره على ترتيب المتقدمين منهم (2)، وكان سمحا جوادا أديبا فصيحا محبا للعلماء (3).
سمع من البغوي.
__________
* أخبار الراضي والمتقي للصولي 1 / 185، مروج الذهب: 2 / 519 وما بعدها، معجم الشعراء: 430، تاريخ بغداد: 2 / 142 - 145، المنتظم: 6 / 265 - 271، 324 - 325، الكامل: 8 / 282 وما بعدها، النبراس: 114 - 119، العبر: 2 / 218 - 219، الوافي بالوفيات: 2 / 297 - 300 فوات الوفيات: 2 / 375 - 377، مرآة الجنان: 2 / 296، البداية والنهاية: 11 / 178 - 179، النجوم الزاهرة: 3 / 271 تاريخ الخلفاء: 390 - 393، شذرات الذهب: 2 / 324.
(1) في أغلب المصادر: " أبو العباس " وهو الصحيح.
(2) أي من الخفاء.
" تاريخ بغداد ": 2 / 143.
(3) " الوافي بالوفيات ": 2 / 297.
(*)

(15/103)


قال الصولي: سئل الراضي أن يخطب يوم جمعة، فارتقى منبر سامراء، وحضرته، فشنف الاسماع وأبلغ.
ثم صلى (1) بنا.
قيل: إن الراضي سقي بطنه، وأصابه ذرب (2)، وأتلفه كثرة الجماع (3).
فتوفي في نصف ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
وله اثنتان وثلاثون سنة، سوى أشهر.
وله من الاولاد: عبد الله، رشح لولاية العهد، وأبو جعفر أحمد،
وبنت، وهم أولاد إماء.
وبويع المتقي لله إبراهيم أخوه.
وكانت الفتن والحروب متواترة بالعراق في هذه السنين، وضعف شأن الخلافة.
فلله الامر.
وجرت فتنة ابن رائق، وفتنة ابن البريدي، ومرج (4) أمر الناس، وعم البلاء، ومات أمير الامراء محمد بن ياقوت مسجونا.
وفي أيام الراضي عظم محمد بن رائق، ولم يبق للراضي معه حل، ولاربط - وله من الولد أبو الفضل عبد الله، وأحمد، والست هجعة.

59 - المتقي لله * الخليفة أبو إسحاق، إبراهيم بن المقتدر بن المعتضد، العباسي.
__________
(1) " أخبار الراضي ".
(2) بالتحريك: الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها، ولا تمسكه.
" اللسان " (ذرب).
(3) " الوافي بالوفيات ": 2 / 299.
(4) اختلط: ومنه الهرج والمرج.
* أخبار الراضي والمتقي للصولي: 186 - 285، مروج الذهب: 2 / 530، تاريخ = (*)

(15/104)


قال الصولي: مات الراضي، فبعث بجكم (1) من واسط إلى كاتبه أحمد بن علي الكوفي أن يجمع القضاة والاعيان، ووزير الراضي سليمان بن الحسن، ويشتوروا في إمام، فبعث حسين بن الفضل بن المأمون إلى الكوفي بعشرة آلاف دينار ليشتريه، ونفذ إليه أيضا بأربعين ألف دينار ليفرقها في الامراء فلم ينفع ذلك، وبايعوا إبراهيم، وسنه أربع وثلاثون سنة، وأمه اسمها خلوب، وكان حسن الوجه، معتدل الخلق بحمرة، أشهل، كث
اللحية، فصلى ركعتين، وصعد على السرير، ولم يغير شيئا، ولا تسرى على جاريته.
وكان ذا صوم وتعبد، ولم يشرب نبيذا، ويقول: لا أريد نديما غير المصحف (2).
وأقر في الوزارة سليمان بن الحسن فكان مقهورا مع كاتب بجكم، ثم بعد أيام سقطت القبة الخضراء، وكانت تاج بغداد ومأثرة بني العباس، بناها المنصور علو ثمانين ذراعا، تحتها إيوان طوله عشرون ذراعا في عرضها.
فسقط رأسها من مطر ورعد شديد (3)، وكان القحط ببغداد، ثم عزل المتقي وزيره بأحمد بن محمد بن ميمون.
وأقبل أبو عبد الله البريدي من البصرة، يطلب الوزارة فوليها ومشى إليه ابن ميمون.
فكانت وزارة ابن ميمون شهرا، لكن هرب البريدي بعد أربعة وعشرين يوما لما شغب الجند بطلب أرزاقهم.
فوزر القراريطي (4)، ثم عزل بعد شهر
__________
= بغداد: 6 / 51 - 52، المنتظم: 6 / 316 - 319، 7 / 43، الكامل: 8 / 368 وما بعدها، النبراس: 119 - 120، العبر: 2 / 307 - 308، الوافي بالوفيات: 5 / 341، 342، نكت الهميان: 87، تاريخ الخلفاء: 394 - 397، شذرات الذهب: 3 / 22 - 23.
(1) أخبار بجكم في " المنتظم ": 6 / 320 - 322.
(2) " أخبار الراضي والمتقي ": 193.
(3) " المنتظم ": 6 / 318.
(4) هو محمد بن أحمد بن عبدالمؤمن، الاسكافي القراريطي، أبو إسحاق، وزير من الكتاب توفي سنة / 357 / ه أخباره في " الكامل ": 8 / حوادث سنة 329 وما بعدها.
(*)

(15/105)


وأيام، فوليها الكرخي، وعزل بعد أيام، وولى المتقي إمرة الامراء كورتكين الديلمي.
وقتل بجكم، وكان قد استوطن واسطا، والتزم بأن يحمل إلى
الراضي في السنة ثمان مئة ألف دينار.
وعدل وكان إلى كثرة أمواله المنتهى فكان يخرجها في الصناديق، ويخرج رجالا في صناديق على جمال إلى البر ثم يفتح عليهم فيحفرون، ويدفن المال، ويردهم إلى الصناديق فلا يعرفون الكنز، ويقول: إنما أفعل هذا خوفا أن يحال بيني وبين داري، فذهب ذلك بموته (1)، ثم حاربه أبو عبد الله البريدي، وانتصر أبو عبد الله (2)، وخرج بجكم يتصيد.
وهناك أكراد، فطعنه أسود برمح فقتله في رجب سنة 329 (3) وذهب أصحابه: كورتكين وتوزون وغيرهما إلى الشام إلى محمد بن رائق.
وطلبه المتقي (4) فسار من دمشق، واستناب على الشام.
وكان قد تغلب عليها، فاستناب أحمد بن مقاتل.
وجاء فقدمه المتقي وطوقه وسوره.
وخضع له محمد بن حمدان (5)، ونفذ إليه بمئة ألف دينار، وخطب له بواسط وبالبصرة البريدي، وكتب اسمه على أعلامه، ثم اختلف ابن رائق وكورتكين وتحاربا أياما، وقهره ابن رائق، ثم ضعف واختفى، وتمكن ابن رائق وأباد جماعة، وأسر كورتكين في سنة ثلاثين (6)، وأبيع (7) كر القمح
__________
(1) " المنتظم ": 6 / 320 - 321.
(2) انتصر أبو عبد الله البريدي في الجولة الاولى، ثم هزمه توزون.
(3) انظر خبر مقتله في " الكامل ": 8 / 371 - 372.
(4) أي طلب المتقي محمد بن رائق.
(5) في الاصل: " وخضع لمحمد بن حمدان " وهي تقلب المعنى.
إذ أن ابن حمدان خضع لابن رائق، وحمل له المال.
انظر " الكامل ": 8 / 375.
(6) " الكامل ": 8 / 376 - 377.
(7) بمعنى عرض للبيع.
(*)

(15/106)


بأزيد من مئتي دينار، وأكلوا الجيف، وخرجت الروم، فعاثوا بأعمال حلب (1).
وفيها استوزر المتقي أبا عبد الله البريدي برأي ابن رائق، ثم عزل بالقراريطي، فذهب مغاضبا، وجمع العساكر (2).
وفي جمادى الاولى ركب المتقي لله وولده أبو منصور، وابن رائق، والوزير القراريطي، وبين أيديهم القراء والمصاحف لحرب البريدي، ثم انحدر من الشماسية في دجلة، وثقل كرسي الجسر، فانخسف بخلق (3).
وأمر ابن رائق بلعنة البريدي على المنابر، ثم أقبل أبو الحسين علي بن [ محمد ] البريدي أخو أبي عبد الله، فهزم المتقي، وابن رائق، وكان معه خلق من الديلم والترك، والقرامطة.
ووقع النهب ببغداد، وزحف ابن البريدي على الدار، وعظم الخطب.
وقتل جماعة بدار الخلافة، وهرب المتقي وابنه، وابن رائق إلى الموصل، واختفى القراريطي الوزير.
وبعث ابن البريدي بكورتكين مقيدا إلى أخيه فأتلفه، وحكم أبو الحسين ببغداد، وتعثرت الرعية، وهجوا، وبلغ الكر أزيد من ثلاث مئة دينار، وغرقت (4) بغداد.
ثم فارقه توزون وراح إلى الموصل، فقوي قلب ناصر الدولة ابن حمدان، وعزم أن ينحدر إلى بغداد بالمتقي.
فتهيأ أبو الحسين بن البريدي، وترددت الرسل بين ابن رائق وبين ابن حمدان، فتحالفا، فجاء ابن حمدان واجتمع به، وحضر ابن المتقي فلما ركب ابن المتقي، قدم فرس ابن رائق ليركب، فتعلق به ابن حمدان، وقال: تقيم عندنا اليوم نتحدث، فقال: كيف أتخلف عن ولد أمير المؤمنين ؟ فألح عليه حتى ارتاب وجذب كمه من
__________
(1) " الكامل ": 8 / 391 - 392.
(2) " الكامل ": 8 / 379.
(3) أخبار الراضي والمتقي: 223.
(4) " الكامل ": 8 / 380 - 381.
(*)

(15/107)


يده فتخرق، هذا ورجله في الركاب، فشب به الفرس فوقع.
فصاح ابن حمدان بغلمانه: اقتلوه، فاعتورته السيوف فاضطرب أصحابه خارج المخيم.
ودفن وعفي أثره، ونهبت أمواله (1).
فذكر رجل أنه وجد كيسا فيه ألف دينار، وخاف من الجند، قال: فرميته في قدر سكباج (2)، وحملتها على رأسي فسلمت، وجاء ابن حمدان إلى المتقي، وقال: إن ابن رائق هم بقتلي، فقلده مكان ابن رائق، ولقبه يومئذ ناصر الدولة.
ولقب أخاه سيف الدولة، وعاد بهم.
فهرب أبو الحسين بن البريدي من بغداد (3)، وسار بدر الخرشني فولي دمشق.
ثم بعد شهر أرجف بمجئ ابن البريدي، فانجفل الناس، وخرج المتقي ليكون مع ناصر الدولة، وتوجه سيف الدولة لمحاربة ابن البريدي، فكانت بينهما ملحمة بقرب المدائن.
فاقتتلوا يومين، فانكسر سيف الدولة أولا، فرد ناصر الدولة الفل، ثم كانت الهزيمة على ابن البريدي ورد في ويل إلى واسط.
وتبعه سيف الدولة فانهزم إلى البصرة (4)، ومن ثم تزوج أبو منصور إسحاق بن المتقي ببنت ناصر الدولة على مئتي ألف دينار، وتمكن ناصر الدولة، وأخذ ضياع المتقي، وصادر الدواوين، وظلم.
ثم بلغه هروب أخيه سيف الدولة من واسط، فخاف ناصر الدولة، ورد إلى الموصل ونهبت داره (5)، واستوزر علي بن أبي علي بن مقلة، وأقبل توزون من واسط فخلع عليه المتقي، ولقبه أمير الامراء، ولكن ما تم
__________
(1) " الكامل ": 8 / 382.
(2) السكباج: بالكسر، معرب عن سركه باجه، وهو: لحم يطبخ بخل.
" تاج العروس ": 2 / 59.
(3) " الكامل ": 8 / 383 - 384.
(4) " الكامل ": 8 / 384 - 385.
(5) " الكامل ": 8 / 396 - 397.
(*)

(15/108)


الود (1).
فعاد توزون إلى واسط وصادر المتقي وزيره، وبعث بخلغ إلى أحمد بن بويه، واستوزر غير واحد، ويعزلهم.
وصغر أمر الوزارة، ووهنت الخلافة العباسية.
وبلغ ذلك الناصر لدين الله المرواني، صاحب الاندلس (2)، فقال: أنا أولى بإمرة المؤمنين، فتلقب بذلك.
وكان قبل ذلك، يقال له: الامير، كآبائه.
وسار المتقي لله إلى تكريت، وتفلل أصحابه وقدم توزون فاستولى على بغداد، فأقبل ناصر الدولة في جمع كبير من الاعراب والاكراد، فالتقى توزون بعكبرا واقتتلوا أياما، ثم انهزم بنو حمدان، والمتقي إلى الموصل، ثم التقوا ثانيا على حربه (3) فانهزم سيف الدولة والخليفة إلى نصيبين وتبعهم توزون (4).
وأما أحمد بن بويه (5)، فإنه أقبل ونزل بواسط يريد بغداد (6).
ورغب توزون في الصلح.
وفي سنة 332 قتل أبو عبد الله بن البريدي أخاه أبا يوسف.
ومات بعده بيسير (7).
وكتب المتقي إلى صاحب مصر الاخشيد ليحضر إليه، فأقبل
__________
(1) " أخبار الراضي والمتقي ": 242، و " الكامل ": 8 / 399.
(2) " جذوة المقتبس ": 13.
وستأتي ترجمته ص / 336 / من هذا الجزء.
(3) " أخبار الراضي والمتقي ": 256 - 257 وفي " الكامل ": 8 / 407 " فالتقى هو وتوزون بحربى في شعبان، فانهزم سيف الدولة مرة ثانية، وتبعه توزون ".
وحربي: مقصورة:
بليدة في أقصى دجيل بين بغداد وتكريت.
" معجم البلدان ": 2 / 237.
(4) " الكامل ": 8 / 406 - 407.
(5) الملقب بمعز الدولة، من ملوك بني بويه في العراق.
امتلك بغداد سنة / 334 / ه في خلافة المستكفي، ودام ملكه في العراق / 22 / سنة إلا شهرا، توفي سنة / 356 / ه.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 1 / 174 - 177.
(6) " الكامل ": 8 / 408.
(7) " الكامل ": 8 / 409.
(*)

(15/109)


إليه فوجده بالرقة.
وبان للمتقي من بني حمدان الضجر، فراسل توزون، واستوثق منه (1)، فعلم بذلك الاخشيد، فقال للمتقي: أنا عبدك، وقد عرفت غدر الاتراك.
فالله الله في نفسك، سر معي إلى الشام ومصر، لتأمن.
فلم يطعه، فرد إلى بلاده (2).
وقتل ببغداد حمدي اللص الذي ضمن (3) اللصوصية في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينار.
فكان ينزل على الدور والاسواق بالشمع والمشعل جهارا.
ظفر به شحنة بغداد فوسطه (4).
وكان توزون ببغداد وإليه الامور فاعتراه صرع (5).
وهلك أبو عبد الله البريدي.
وخلف ألف ألف دينار، وبضعة عشر ألف ألف درهم، ومن الآلات والقماس ما قيمته ألف ألف دينار (6).
وتوجه المتقي من الرقة إلى بغداد، فأقام بهيت، وحلف له توزون، فلما التقاه، ترجل له وقبل الارض، ومشى بين يديه إلى مخيم ضربه للمتقي، فلما نزل قبض توزون عليه وسمله، وأدخل بغداد أعمى (7).
فلله الامر، وأخذ منه البرد والقضيب والخاتم.
وأحضر عبد المستكفي بالله بن المكتفي
فبايعه بالخلافة.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 411.
(2) " الكامل ": 8 / 418، و " تاريخ الخلفاء ": 396.
وستأتي ترجمة الاخشيذ ص 365 من هذا الجزء.
(3) علق ابن الاثير بقوله: " وهذا ما لم يسمع بمثله ".
(4) أي قطعه نصفين.
" الكامل ": 8 / 416.
(5) " الكامل ": 8 / 417.
(6) " الكامل ": 8 / 410 - 411.
(7) " الكامل ": 8 / 418 - 419.
(*)

(15/110)


خلع المتقي في العشرين من المحرم سنة ثلاث وثلاثين، وقيل: في صفر ولم يمهل توزون ولا حال عليه الحول.
توفي المتقي في السجن بعد كحله بدهر وذلك في شعبان سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
وله من الاولاد: أبو منصور محمد فقط.

60 - المستكفي * الخليفة المستكفي بالله، أبو القاسم عبد الله بن المكتفي علي بن المعتضد، العباسي.
كان ربع القامة مليحا، معتدل البدن، أبيض بحمرة، خفيف العارضين.
وأمه أم ولد.
بويع وقت خلع المتقي لله.
وله يومئذ إحدى وأربعون سنة.
قام ببيعته توزون.
فأقبل أحمد بن بويه، واستولى على الاهواز والبصرة وواسط، فبرز لمحاربته جيش بغداد مع توزون، فدام الحرب بينهما أشهرا، وينهزم فيها
توزون ولازمه الصرع، وضاق بأحمد الحال والقحط.
فرد إلى الاهواز، وقطع توزون الجسر وراءه، وعاد إلى بغداد مشغولا بنفسه (1).
ووزر أبو الفرج السامري، ثم عزله توزون بعد أربعين يوما، وأغرمه ثلاث مئة ألف
__________
* مروج الذهب: 2 / 540، تاريخ بغداد: 10 / 10 - 11، المنتظم: 6 / 339، 364، الكامل: 8 / 420 وما بعدها، النبراس: 120 - 121، العبر: 2 / 245، نكت الهميان: 182 - 183، البداية والنهاية: 11 / 210 - 211، النجوم الزاهرة: 3 / 299، تاريخ الخلفاء: 397 - 398، شذرات الذهب: 2 / 345.
(1) " الكامل ": 8 / 408 - 409.
(*)

(15/111)


دينار (1).
ورد إلى الوزارة أبا جعفر بن شيرزاد (2)، واشتد بالعراق القحط، ومات الناس جوعا، وهلك ملك الامراء توزون في أول سنة أربع، فطمع في منصبه ابن شيرزاد، وحلف العساكر، ونزل بظاهر بغداد، وبعث المستكفي إليه بالخلع والاقامات، فصادر التجار والكتاب، وسلط جنده على العوام.
فهرب الناس، وانقطع الجلب، ووهن أمن بغداد (3).
وأما أحمد بن بويه فقصد بغداد، ونزل باجسراي (4)، وهرب الاتراك إلى الموصل، واستتر المستكفي، وابن شيرزاد، فنزل معز الدولة أحمد بن بويه بالشماسية، وبعث إليه الخليفة التحف والخلع، ثم حضر وبايع، فلقبه الخليفة بمعز الدولة، ولقب أخاه عليا عماد الدولة، وأخاه الآخر الحسن ركن الدولة.
وضربت أسماؤهم على السكة، ثم ظهر ابن شيرزاد، وقرر مع معز الدولة أمورا، منها: في الشهر للخليفة مئة وخمسون ألف درهم ليس إلا (5)، وكانت علم القهرمانة معظمة عند المستكفي تأمر وتنهى فعملت دعوة للامراء فاتهمها معز الدولة (6) وكان أصفبذ (7) قد شفع إلى الخليفة في شيعي
مغبن فرده فحقد.
وقال لمعز الدولة: الخليفة يراسلني فيك، فتخيل
__________
(1) " الكامل ": 8 / 447 وفيه: " وصودر على ثلاث مئة ألف درهم ".
(2) محمد بن يحيى بن شيرزاد.
كان وزيرا لبجكم، وقد أطنب الصولي في كتابه " أخبار الراضي والمتقي " في مدحه.
انظر على سبيل المثال: 263 - 266.
وأخباره " في الكامل ": 8 / 354، وما بعدها.
(3) " الكامل ": 8 / 448 - 449.
(4) هكذا في الاصل، وفي " معجم البلدان ": 1 / 313: باجسرى، بكسر الجيم، وسكون السين، وراء، والقصر، بليدة في شرقي بغداد.
(5) " الكامل ": 8 / 449 - 450.
(6) في " الكامل ": 8 / 450 " فاتهمها معز الدولة أنها فعلت ذلك - أي الدعوة - لتأخذ عليهم البيعة للمستكفي ويزيلوا معز الدولة، فساء ظنه لذلك لما رأى من إقدام علم ".
(7) هكذا في الأصل، وفي " الكامل ": 8 / 480 أصفهدوست.
وهو خال معز الدولة.
(*)

(15/112)


منه (1)، ثم دخل على الخليفة اثنان من الديلم، فطلبا منه الرزق، فمد يده للتقبيل، فجبذاه (2) من سرير الخلافة، وجراه بعمامته، ونهبت داره، وأمسكوا القهرمانة وجماعة، وساقوا المستكفي ماشيا إلى منزل معز الدولة، فخلع المستكفي وسمله.
فكانت خلافته ستة عشر شهرا، وبايعوا في الحال الفضل بن المقتدر، ولقبوه المطيع لله.
وبقي المستكفي مسجونا إلى أن مات في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وله ست وأربعون سنة، استقل بملك العراق معز الدولة.
وضعف دست الخلافة جدا، وظهر الرفض والاعتزال ببني بويه، نسأل الله العفو.
وكان إكحال المستكفي بعد أن خلع نفسه ذليلا مقهورا في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين فعاش بعد العزل
والكحل أربعة أعوام (3).

61 - المطيع لله * الخليفة أبو القاسم الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق العباسي.
ولد سنة إحدى وثلاث مئة.
وبويع بحكم خلع المستكفي نفسه سنة 334 وأمه اسمها مشغلة (4) أم ولد.
__________
(1) أي اتهمه.
وفي " تاريخ الخلفاء ": 397 فتحيل - بالحاء - وهو تصحيف.
(2) جبذ الشئ مثل جذبه، وليس مقلوبة كما زعم الجوهري.
(3) " الكامل ": 8 / 450 - 451.
* مروج الذهب: 2 / 552، تاريخ بغداد: 12 / 379 - 380، المنتظم: 6 / 343 - 345، 7 / 79، العبر: 2 / 334، البداية والنهاية: 11 / 212، تاريخ الخلفاء: 398 - 405، شذرات الذهب: 3 / 48 - 49.
(4) هكذا ضبطت في الاصل، وفي " التنبيه والاشراف ": 345 مشعلة، بالعين المهملة.
(*)

(15/113)


حدث عن: أبي القاسم البغوي.
روى عنه: أبو الفضل التميمي (1).
وكان كالمقهور مع نائب (2) العراق ابن بويه، قرر له في اليوم مئة دينار فقط (3).
واشتد الغلاء المفرط ببغداد، فذكر ابن الجوزي أنه أشترى لمعز الدولة كر دقيق بعشرين ألف درهم (4).
قلت: ذلك سبعة عشر قنطارا بالدمشقي، [ لان الكر أربعة وثلاثون كارة ] (5)، والكارة خمسون رطلا.
واقتتل صاحب الموصل ناصر الدولة، ومعز الدولة.
فالتقوا بعكبرا، فانتصر ناصر الدولة، ونزل بالجانب الشرقي، ثم تلاشى أمره، وفر، فوضعت الديلم السيف والنهب في البلد، وسبيت النساء.
ثم تمكن المطيع قليلا ثم اصطلح ابن بويه، وصاحب الموصل، فعز ذلك على الاتراك الذين قوي بهم صاحب الموصل، وهموا بقتله، فحاربهم فمزقهم (6)، وهرب إليه أبو جعفر بن شيرزاد، فسمله وسجنه (7).
وفيها، أعني: سنة 336، خرج معز الدولة، والمطيع إلى البصرة
__________
(1) هو عبد الواحد بن عبد العزيز، أبو الفضل التميمي، فقيه حنبلي، توفي سنة / 410 / ه له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 11 / 14 - 15 و " طبقات الحنابلة ": 2 / 179.
(2) كان عماد الدولة أمير الامراء، وحين توفي سنة / 338 / صار أخوه ركن الدولة أمير الامراء، وكان معز الدولة كالنائب عنهما في بغداد.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 398.
(4) " المنتظم ": 6 / 345.
(5) زيادة من " النجوم الزاهرة ": 3 / 286.
(6) " الكامل ": 8 / 453 - 455.
(7) انظر الصفحة / 112 / تعليق رقم / 2 /.
و " الكامل ": 8 / 466.
(*)

(15/114)


لحرب أبي القاسم عبد الله بن أبي عبد الله البريدي، فاستأمن إليهم عسكر أبي القاسم، وهرب هو إلى القرامطة (1)، وعظم معز الدولة، ثم جاء أبو القاسم مستأمنا إلى بغداد، فأقطع قرى (2)، ثم اختلف صاحب الموصل، ومعز الدولة، وفر عن الموصل صاحبها، ثم صالح على أن يحمل في السنة ثمانية آلاف ألف درهم (3).
وفي سنة أربع وأربعين وثلاث مئة، مرض معز الدولة بعلة الانعاظ (4)، وأرجف بموته، فعقد إمرة الامراء لابنه بختيار، واستوزر (5) أبا محمد المهلبي، وعظم قدره (6).
وفي سنة سبع وأربعين، استولى معز الدولة على الموصل، وساق وراء ناصر الدولة إلى نصيبين فهرب إلى حلب فبالغ أخوه في خدمته، وتراسلا في أن يكون الموصل بيد سيف الدولة لان ناصر الدولة غدر ونكث غير مرة بابن بويه، ومنع الحمل، ثم رد معز الدولة إلى بغداد (7).
وفي سنة خمسين ضمن (8) معز الدولة الشرطة والحسبة ببغداد،
__________
(1) " الكامل ": 8 / 469.
(2) " الكامل ": 8 / 480.
(3) " الكامل ": 8 / 477.
(4) الانعاظ: هو انتشار الذكر، وقد وصف ابن الاثير في " كامله ": 8 / 510 هذه العلة: " دوام الانعاظ مع وجع شديد في ذكره مع توتر أعصابه ".
(5) سنة / 339 / ه كما في " الكامل ": 8 / 485.
(6) " الكامل ": 8 / 510.
(7) " الكامل ": 8 / 522 - 524.
(8) كان الضمان مقصورا على الخراج، ثم تعدى إلى القضاء وكان أبو العباس عبد الله ابن الحسن بن أبي الشوارب أول من ضمنه، فمنعه الخليفة المطيع عن الدخول إليه، ثم استشرى الضمان إلى الشرطة والحسبة.
وقد أدى هذا النظام إلى فساد في الارض كبير.
(*)

(15/115)


وظلم، وأنشأ دارا لم يسمع بمثلها، خرب لاجلها دور الناس، وغرم عليها إلى أن مات ست مئة ألف دينار (1).
واستضرت الروم على بلاد الشام،
وأخذوا حلب بالسيف وغيرها من المدائن كسروج والرها، وأول تمكنهم أنهم هزموا سيف الدولة في سنة تسع وثلاثين.
فنجا الجهد في نفر يسير، وبلغهم وهن الخلافة، وعجز سيف الدولة عنهم بعد أن هزمهم غير (2) مرة.
وفي سنة 353 قصد معز الدولة الموصل ففر عنها ناصر الدولة، ثم التقوا فانتصر ناصر الدولة، وأسر الترك، واستأمن إليه الديلم، وأخذ ثقل معز الدولة وخزائنه، ثم صالحه (3)، وكان يقام مأتم عاشوراء ببغداد، ويقع فتن كبار لذلك.
ثم مات الوزير المهلبي سنة 351 (4)، ومات معز الدولة، فقام ابنه عز الدولة بختيار سنة ست وخمسين (5)، فجرت فتنة محمد بن الخليفة المستكفي فإنه لما كحل أبوه فر هو إلى مصر، وأقام عند كافور، ثم قويت نفسه، وقدم بغداد سرا، فعرف عز الدولة، وبايعه في الباطن كبراء، فظفر به عز الدولة فقطع أنفه وأذنيه، وسجنه ثم هرب هو وأخوه علي من الدار يوم عيد، وصار إلى ما وراء النهر، وخمل أمره (6).
وفي سنة ستين فلج المطيع، وبطل نصفه، وتملك بنو عبيد مصر
__________
(1) " الكامل ": 8 / 534.
(2) " الكامل ": 8 / 540 - 542.
(3) " الكامل ": 8 / 553 - 554.
(4) الحسن بن محمد بن عبد الله بن هارون، من ولد المهلب بن أبي صفرة، الازدي، أبو محمد، من كبار الوزراء، لقب بذي الوزارتين: وزارة الخليفة المطيع ووزارة السلطان معز الدولة، توفي في طريق واسط سنة / 352 / له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 2 / 124 - 127.
وفي " الفوات ": 1 / 256 - 260.
(5) " الكامل ": 8 / 575.
(6) " الكامل ": 8 / 584 - 585.
(*)

(15/116)


والشام، وأذنوا بدمشق " بحي على خير العمل " (1)، وغلت البلاد بالرفض شرقا وغربا، (2) وخفيت السنة قليلا، واستباحت الروم نصيبين وغيرها، فلا قوة إلا بالله (3)، وقتل ببغداد، راجل من أعوان الشحنة، فبعث رئيس بغداد من طرح النار في أسواق فاحترقت بغداد حريقا مهولا.
واحترق النساء والاولاد، فعدة ما احترق ثلاث مئة وعشرون دارا وثلاث مئة وسبعة عشر دكانا، وثلاثة وثلاثون مسجدا.
وكثر الدعاء على الرئيس، وهو أبو الفضل الشيرازي (4)، ثم سقي، وهلك (5)، وأنشئت مدينة القاهرة للمعز العبيدي.
ووزر ببغداد أبو طاهر بن بقية، فكان راتبه من الثلج في اليوم ألف رطل، ومن الشمع في الشهر ألف من، فوزر لعز الدولة أربع سنين، ثم صلبه عضد الدولة (6).
ولما تحكم الفالج في المطيع دعاه سبكتكين الحاجب إلى عزل نفسه، وتسليم الخلافة إلى ابنه الطايع ففعل ذلك في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وستين (7).
وأثبتوا خلعه على أبي الحسن
__________
(1) " تاريخ الخلفاء ": 402.
(2) إشارة إلى بني بويه والعبيديين الذين يسمون بالفاطميين.
(3) " الكامل ": 8 / 618.
(4) العباس بن الحسن، أبو الفضل الشيرازي، ناب في الوزارة عن المهلبي، واستوزره عز الدولة ثم اعتقل، ثم أعيد إلى الوزارة سنة / 360 / ه، وعزل بعد سنتين ونكب، حمل إلى الكوفة محبوسا، فمات فيها بعد مدة قصيرة، قيل: مسموما، وكان ظلوما غشوما.
" تجارب الامم ": 6 / 269 - 313.
(5) " المنتظم ": 7 / 60.
(6) وقد رثاه أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الانباري بقصيدته المشهورة:
علو في الحياة وفي الممات * لحق أنت إحدى المعجزات كأن الناس حولك حين قاموا * وفود نداك أيام الصلات (7) في الاصل: ثلاث وثلاثين، وهو وهم.
(*)

(15/117)


ابن أم شيبان القاضي.
ثم كان بعد يدعى الشيخ الفاضل (1).
وفيها أقيمت الدعوة العبيدية بالحرمين للمعز (2).
واستفحل البلاء باللصوص ببغداد، وركبوا الخيل، وأخذوا الخفارة، وتلقبوا بالقواد (3).
ثم إن المطيع خرج وولده الخليفة الطايع لله إلى واسط فمات هناك في المحرم سنة أربع وستين وثلاث مئة بعد ثلاثة أشهر من عزله (4).
وعمره ثلاث وستون سنة رحمه الله.
فكانت خلافته ثلاثين سنة سوى أشهر.
وفي أيامه تلقب صاحب الاندلس الناصر المرواني بأمير المؤمنين (5).
وقال: أنا أحق بهذا اللقب من خليفة من تحت يد بني بويه.
وصدق الناصر، فإنه كان بطلا شجاعا سائسا مهيبا له غزوات مشهودة، وكان خليقا للخلافة، ولكن كان أعظم منه بكثير المعز العبيدي (6) الاسماعيلي النحلة، وأوسع ممالك، حكم على الحرمين ومصر والشام والمغرب.

62 - الطائع لله * الخليفة أبو بكر عبد الكريم بن المطيع لله الفضل بن المقتدر جعفر بن المعتضد العباسي.
وأمه أم ولد.
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 66.
(2) " المنتظم ": 7 / 75.
(3) المصدر السابق.
(4) " الكامل ": 8 / 645.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 336 / من هذا الجزء.
(6) ستأتي ترجمته رقم / 68 / من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 11 / 79، المنتظم: 7 / 66 - 68، 224، الكامل: 8 / 637 وما بعدها، النبراس: 124 - 127، العبر: 3 / 55 - 56، نكت الهميان: 196 - 197، تاريخ الخلفاء: 405 - 411، شذرات الذهب: 3 / 143.
(*)

(15/118)


نزل له أبوه لما فلج عن الخلافة في ذي القعدة سنة ثلاث وستين.
وكان الحل والعقد للملك عز الدولة، وابن عمه عضد الدولة.
وكان أشقر مربوعا كبير الانف (1).
قال ابن الجوزي: لما استخلف ركب وعليه البردة وبين يديه سبكتكين الحاجب وخلع من الغد على سبكتكين خلع السلطنة، وعقد له اللواء، ولقبه نصر الدولة.
ولما كان عيد الاضحى ركب الطائع إلى المصلى، وعليه قباء وعمامة، فخطب خطبة خفيفة بعد أن صلى بالناس فتعرض عز الدولة لاقطاع سبكتكين، فجمع سبكتكين الاتراك فالتقوا، فانتصر سبكتكين، وقامت معه العامة.
وكتب عز الدولة يستنجد بعضد الدولة، فتوانى، وصار الناس حزبين، فكانت السنة والديلم ينادون بشعار سبكتكين، والشيعة ينادون بشعار عز الدولة، ووقع القتال، وسفكت الدماء، وأحرق الكرخ (2).
وكان الطائع قويا في بدنه، زعر الاخلاق، وقد قطعت خطبته في العام الذي تولى خمسين يوما من بغداد.
فكانت الخطباء لا يدعون لامام حتى أعيدت في رجب (3)، وقدم عضد الدولة فأعجبه ملك العراق، واستمال الجند، فشغبوا على ابن عمه عز الدولة فأغلق عز الدولة بابه، وكتب عضد
الدولة عن الطائع إلى الآفاق بتوليته، ثم اضطرب أمره، ولم يبق بيده غير بغداد فنفذ إلى أبيه ركن الدولة (4)، يعلمه أنه قد خاطر بنفسه وجنده.
وقد
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 79.
(2) " المنتظم ": 7 / 67 - 68.
(3) " المنتظم ": 7 / 75.
(4) الحسن بن بويه فناخسرو الديلمي، من كبار الملوك في الدولة البويهية، كان = (*)

(15/119)


هذب مملكة العراق، ورد الطائع إلى داره، وأن عز الدولة عاص، فغضب أبوه، وقال لرسوله: قل له: خرجت في نصرة ابن أخي، أو في أخذ ملكه ؟، فأفرج حينئذ عن عز الدولة، وذهب إلى فارس (1)، وتزوج الطائع ببنت عز الدولة الست شهناز على مئة ألف دينار (2)، وعظم القحط، حتى أبيع (3) الكر بمئة وسبعين دينارا (4).
وفي هذا الوقت كانت الحرب متصلة بين جوهر المعزي (5)، وبين هفتكين (6) بالشام، حتى جرت بينهما اثنتا عشرة وقعة، وجرت وقعة بين عز الدولة، وعضد الدولة، أسر فيها مملوك أمرد لعز الدولة فجن عليه، وأخذ في البكاء، وترك الاكل، وتذلل في طلبه، فصار ضحكة وبذل [ جاريتين ] عوادتين في فدائه (7).
وفي سنة خمس وستين حجت جميلة بنت صاحب الموصل، فكان معها أربع مئة جمل، وعدة محامل لا يدرى في أيها هي.
وأعتقت خمس مئة
__________
= صاحب أصبهان والري وهمدان، استمر في الملك / 44 / سنة توفي / سنة 366 / ه له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 2 / 118 - 119.
(1) " المنتظم ": 7 / 75 - 76.
(2) " المنتظم ": 7 / 76، وقد ورد اسمها فيه " شاه زنان ".
(3) بمعنى عرض للبيع.
(4) " المنتظم ": 7 / 76.
(5) هو جوهر بن عبد الله الرومي، أبو الحسن، باني مدينة القاهرة والجامع الازهر، كان من موالي المعز لدين الله العبيدي، توفي سنة / 381 / ه.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 1 / 375 - 380 وأخباره في " النجوم الزاهرة ": 4 / 28 وما بعدها.
(6) هكذا في الاصل: وفي " الكامل ": 8 / 656: " الفتكين "، وفي " وفيات الاعيان ": 4 / 54: " أفتكين ".
وهو أبو منصور الشرابي التركي.
من أكابر القواد الاتراك..ومن موالي معز الدولة ملكه الدمشقيون بلدهم، ليزيل عنهم حكم المصريين.
أخباره في " الكامل ": 8 / 656 - 661.
و " ذيل تاريخ دمشق " للقلانسي: 11 - 21.
(7) " المنتظم ": 7 / 83 - 84 وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/120)


نفس، وخلعت خمسين ألف ثوب، وقيل: كان معها أربع مئة محمل (1).
ثم في الآخر، استولى عضد الدولة على أموالها وقلاعها، وافتقرت لكونه خطبها فأبت وآل بها الحال إلى أن هتكها وألزمها أن تختلف مع الخواطئ لتحصل ما تؤديه، فرمت بنفسها في دجلة (2).
وفي سنة سبع وستين أقبل عضد الدولة في جيوشه، وأخذ بغداد، وتلقاه الطائع، وعملت قباب الزينة.
ثم خرج فعمل المصاف مع عز الدولة فأسر عز الدولة، ثم قتله، ونفذ إلى الطائع ألف ألف درهم، وخمسين ألف دينار، وخيلا وبغالا، ومسكا وعنبرا (3).
وكان الغرق العظيم ببغداد وبلغ الماء أحدا وعشرين ذراعا، وغرق خلق (4).
وتمكن عضد الدولة، ولقب أيضا تاج الملة (5)، وضربت له النوبة في ثلاثة أوقات (6)، وعلا سلطانه علوا لا مزيد عليه، ومع ذلك الارتقاء فكان يخضع للطائع، وجاءه رسول العزيز صاحب مصر، فراسله بتودد (7)، وطلب من الطائع أن يزيد في ألقابه، فجلس له الطائع وحوله مئة بالسيوف
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 84.
(2) " مهذب الروضة الفيحاء " للعمري: 230 وفيه: أن عضد الدولة هو الذي ألقاها في دجلة.
سنة / 371 / 5 ولم يذكر هتكه لها.
(3) " المنتظم ": 7 / 86 - 87.
(4) " المنتظم ": 7 / 87.
(5) المصدر السابق.
(6) كان من العادة أن تضرب الدبادب في أوقات الصلاة على باب الخليفة.
وقد أحب معز الدولة أن تضرب له الدبادب أيضا على بابه.
وسأل المطيع ذلك، فلم يأذن له.
انظر " رسوم دار الخلافة ": 136 - 137 و " المنتظم ": 7 / 92.
(7) " المنتظم ": 7 / 98.
(*)

(15/121)


والزينة وبين يديه المصحف العثماني، وعلى كتفه البردة وبيده القضيب، وهو متقلد السيف (1).
وأسبلت الستارة، ودخل الترك والديلم بلا سلاح، ثم أذن لعضد الدولة، ورفعت له الستارة، فقبل الارض، قال: فارتاع زياد (2) القائد، وقال بالفارسية: أهذا هو الله، فقيل له: بل خليفة الله في أرضه.
ومشى عضد الدولة، وقبل الارض مرات سبعا، فقال الطائع لخادمه: استدنه.
فصعد، وقبل الارض مرتين، فقال: ادن إلي، فدنا حتى قبل رجله، فثنى الطائع يده عليه، وأمره، فجلس على كرسي بعد
الامتناع، حتى قال: أقسمت لتجلسن، ثم قال: ما كان أشوقنا إليك، وأتوقنا إلى مفاوضتك، فقال: عذري معلوم، قال: نيتك موثوق بها، فأومأ برأسه، فقال: قد رأيت أن أفوض إليك ما وكله الله إلي من أمور الرعية في شرق الارض وغربها سوى خاصتي وأسبابي، فتولى ذلك مستجيرا بالله، قال: يعينني الله على طاعة مولانا أمير المؤمنين وخدمته، وأريد كبار القواد أن يسمعوا لفظك، قال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، وابن معروف، وابن أم شيبان.
فقدموا، فأعاد الطائع قوله بالتفويض، ثم ألبس الخلع والتاج، فأومأ ليقبل الارض فلم يطق.
فقال الطائع: حسبك.
وعقد له لواءين بيده.
ثم قال: يقرأ كتابه فقرئ.
فقال الطائع: خار الله لنا ولك وللمسلمين، آمرك بما أمرك الله به، وأنهاك عما نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك.
انهض على اسم الله.
ثم أعطاه بيده سيفا ثانيا غير سيف الخلعة، وخرج من باب الخاصة، وشق البلد.
وعمل أبو إسحاق الصابئ (3) قصيدته، فمنها:
__________
(1) أي سيف النبي صلى الله عليه وسلم.
(2) أحد قواد عضد الدولة.
(3) هو إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون، الحراني، أبو إسحاق الصابئ: نابغة = (*)

(15/122)


يا عضد الدولة الذي علقت * يداه من فخره بأعرقه يفتخر النعل تحت أخمصه * فكيف بالتاج فوق مفرقه ؟ ! (1) وتزوج الطائع ببنت عضد الدولة (2)، ورد العضد من همذان إلى بغداد، فتلقاه الخليفة.
ولم تجر بذلك عادة، ولكن بعث يطلب ذلك.
فما وسع الطائع التأخر، كان مفرط السطوة (3).
وبعث إليه العزيز كتابا أوله: من عبد الله أمير المؤمنين إلى عضد الدولة أبي شجاع مولى أمير المؤمنين.
سلام عليك، مضمون الرسالة الاستمالة مع ما يشافهه به الرسول، فبعث إليه رسولا وكتابا فيه مودة واعتذار مجمل.
وأدير المارستان العضدي في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة ثم مات هو في شوالها (4).
وقام ولده صمصام الدولة، وكتم موته أربعة أشهر.
وجاء الخليفة فعزى ولده، ولطم عليه في الاسواق أياما (5).
وفي سنة 376 اختلف عسكر العراق، ومالوا إلى شرف الدولة شيرويه (6) أخي صمصام الدولة، فذل الصمصام وبادر إلى خدمة أخيه، فاعتقله ثم أمر بكحله فمات شرف الدولة والمكحول في شهر من سنة 379 (7)،
__________
= كتاب جيله، تقلد دواوين الرسائل والمظالم أيام المطيع لله العباسي، ثم قلده معز الدولة ديوان رسائله.
له كتاب " التاجي " في أخبار بني بويه، توفي سنة / 384 / ه له ترجمة في " يتيمة الدهر ": 2 / 218 - 286.
(1) " رسوم دار الخلافة ": 94 - 98، و " المنتظم ": 7 / 98 - 100.
(2) تقدم في الصفحة 120 أنه تزوج بنت عز الدولة أيضا.
" المنتظم ": 7 / 101.
(3) " المنتظم ": 7 / 104.
(4) " المنتظم ": 7 / 112 - 113.
وترجمته في الكتاب نفسه: 113 - 118.
(5) " المنتظم ": 7 / 120.
(6) في " الكامل ": 9 / 61 " شير زيل " (7) " الكامل ": 9 / 61.
(*)

(15/123)


وكان شرف الدولة فيه عدل، ووزر في أيامه أبو منصور محمد بن الحسن، ومما قدم معه عشرون ألف ألف درهم، وكان ذا رفق ودين (1).
ومن عدل
شرف الدولة رده على السيد أبي الحسن محمد بن عمر أملاكه.
وكان مغلها في السنة أزيد من ألف ألف دينار (2).
وعظم الغلاء ببغداد، حتى بيعت كارة (3) الدقيق الخشكار (4) بمئتين وأربعين درهما (5).
وفي هذا الحدود جاء بالبصرة سموم حارة (6)، فمات جماعة في الطرق (7).
وجاء " بفم الصلح " ريح خرقت (8) دجلة، حتى بانت أرضها فيما قيل، وهدت في جامعها، واحتملت زورقا فيه مواشي، فطرحته بأرض جوخى (9) فرأوه بعد أيام، نسأل الله العافية (10).
ولما مات شرف الدولة، جاء الطائع يعزي أخاه (11) بهاء الدولة أبا نصر.
فقبل أبو نصر الارض مرات، وسلطنه الطائع بالطوق والسوارين والخلع السبع، فأقر في وزارته أبا منصور المذكور، ويعرف بابن
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 135.
(2) " المنتظم ": 7 / 136.
وكان عضد الدولة قد صادره.
(3) الكارة: خمسون رطلا.
(4) الخبز الاسمر غير النقي (فارسي).
(5) " المنتظم ": 7 / 136.
(6) في الاصل: حادة.
(7) " المنتظم ": 7 / 142.
(8) ربما يكون الوجه: " جرفت ".
(9) قال ياقوت: بالضم والقصر، وقد يفتح، وضبطها صاحب القاموس بالفتح، وهي بلدة من أعمال واسط.
(10) " المنتظم " 7 / 141.
(11) في الاصل: ابنه، وهو وهم.
(*)

(15/124)


صالحان (1).
وكان بهاء الدولة ذا هيبة ووقار وحزم، وحاربه ابن صمصام الدولة الذي كحل.
وخربت البصرة والاهواز، وعظمت الفتن، وتواتر أخذ العملات ببغداد (2)، وتحاربت الشيعة والسنة مدة، ثم وثبوا على الطائع لله في داره في تاسع عشر شعبان (3) سنة 381 وسببه أن شيخ الشيعة ابن المعلم (4) كان من خواص بهاء الدولة فحبس، فجاء بهاء الدولة، وقد جلس الطائع في الرواق متقلد السيف، فقبل الارض، وجلس على كرسي، فتقدم جماعة من أعوانه، فجذبوا الطائع بحمائل سيفه، ولفوه في كساء، وأصعد في سفينته إلى دار المملكة، وماج الناس وظن الجند أن القبض على بهاء الدولة، فوقع النهب، وقبض على الرئيس علي بن حاجب النعمي (5) وجماعة.
وصودروا واحتيط على الخزائن والخدم أيضا (6).
فكان الطائع هم بالقبض على ابن عمه القادر بالله وهو أمير، فهرب إلى البطائح (7)، وانضم إلى مهذب الدولة (8)، وبقي معه عامين، فأظهر
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 148 - 149.
(2) " المنتظم ": 7 / 153 والعملات: السرقات.
(3) في " المنتظم ": 7 / 156 " رمضان ".
(4) هو علي بن محمد، الكوكبي، قال عنه ابن الاثير في " كامله ": 9 / 77: " كان المدبر لدولة بهاء الدولة، وإليه الحكم ".
(5) هو علي بن عبد العزيز بن إبراهيم، أبو الحسن، المعروف بابن حاجب النعمان، شاعر من بلغاء الكتاب، كتب للطائع ثم للقادر، وخوطب برئيس الرؤساء، توفي سنة / 423 / ه له ترجمة في " معجم الادباء ": 14 / 35 - 39.
(6) " المنتظم ": 7 / 156 - 157.
وفي " الكامل ": 9 / 79 سبب آخر للخلغ غير حبس ابن المعلم، وهو قلة المال بين يدي بهاء الدولة، وطمعه في ثروة الخليفة، ويرجع هذا الخبر قبض بهاء الدولة على ابن المعلم وقتله في سنة / 382 / ه.
(7) مفردها: البطيحة: وهي أرض واسعة بين واسط والبصرة، وسميت بطائح لان المياه تبطحت فيها، أي سالت واتسعت في الارض.
" معجم البلدان ": 1 / 450.
(8) هو علي بن نصر، أبو الحسن، أمير البطيحة، وليها بعد وفاة خاله المظفر / 376 / = (*)

(15/125)


بهاء الدولة أمر القادر وأنه أمير المؤمنين.
ونودي بذلك، وأشهد على الطائع بخلع نفسه، وأنه سلم الخلافة إلى القادر بالله، وشهد الكبراء بذلك، ثم طلب القادر، واستحثوه على القدوم، واستبيحت دار الخلافة حتى نقض خشبها (1).
وكتب القادر: من عبد الله أمير المؤمنين القادر بالله إلى بهاء الدولة، وضياء الملة أبي نصر بن عضد الدولة.
سلام عليك.
أما بعد: أطال الله بقاءك، وأدام عزك، ورد كتابك بخلع العاصي المتلقب بالطائع لبوائقه وسوء نيته.
فقد أصبحت سيف أمير المؤمنين المبير (2).
ثم في السنة الآتية سلم الطائع المخلوع إلى القادر فأنزله في حجرة موكلا به، وأحسن صيانته، وكان المخلوع يطلب منه أمورا ضخمة، وقدمت بين يديه شمعة قد استعملت فأنكر ذلك، فأتوه بجديدة (3)، وبقي مكرما إلى أن توفي (4).
وما اتفق هذا الاكرام لخليفة مخلوع مثله.
وكانت دولته ثماني عشرة سنة (5).
وبقي بعد عزله أعواما إلى أن مات ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة فصلى عليه القادر وكبر خمسا،
__________
= ه بعهد منه.
وقد عظم شأنه، حتى إن القادر بالله لجأ إليه لما خاف من الطائع سنة / 408 / ه
أخباره في " الكامل ": 9 / 50 وما بعدها و 302 - 303.
(1) " المنتظم ": 7 / 157.
(2) انظر الكتاب بأكمله في " المنتظم ": 7 / 159 - 160.
(3) " تاريخ الخلفاء ": 411.
(4) " الكامل ": 9 / 93.
(5) في الاصل: كانت دولته ثمانيا وعشرين سنة، وهو وهم وما أثبتناه على وجه التقريب.
إذ أنه ولي الخلافة سنة / 363 / ه وخلع سنة / 381 / ه وفي " تاريخ بغداد ": 11 / 79 " كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة أيام ".
(*)

(15/126)


ورثاه الشريف الرضي بقصيدة (1).
وعاش ثلاثا وسبعين (2) سنة رحمه الله.

63 - القادر بالله * الخليفة أبو العباس أحمد بن الامير إسحاق بن المقتدر جعفر بن المعتضد العباسي البغدادي، وأمه اسمها تمني (3).
مولده سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وماتت أمه في دولته، وقد عجزت سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
وكان أبيض كث اللحية يخضب، دينا عالما متعبدا وقورا من جلة الخلفاء وأمثلهم.
عده ابن الصلاح (4) في الشافعية.
تفقه على أبي بشر أحمد بن محمد الهروي (5).
__________
(1) مطلعها: أي طود دك من أي جبال * لقحت أرض به بعد حيال ما رأى حي نزار قبلها * جبلا سار على أيدي الرجال وهي طويلة انظر " الديوان ": 2 / 666 (طبعة بيروت 1309).
(2) في " المنتظم ": 7 / 224 " عاش ستا وسبعين " وربما يكون هو الصواب لان الطائع ولد سنة / 317 / وتوفي سنة / 393 / ه.
* تاريخ بغداد: 4 / 37 - 38، المنتظم: 7 / 160 - 165، 8 / 60 - 61، الكامل: 9 / 80 وما بعدها، النبراس: 127 - 136، الفخري: 254، العبر: 3 / 148، الوافي بالوفيات: 6 / 239 - 241، النجوم الزاهرة: 4 / 160 وما بعدها، تاريخ الخلفاء: 411 - 417، شذرات الذهب: 3 / 221 - 223.
(3) في " تاريخ بغداد ": 4 / 37 " يمنى " وفي " الكامل ": 9 / 80: " دمنة، وقيل: تمني ".
(4) عثمان بن عبدالرحمن بن موسى.
الكردي، تقي الدين، المعروف بابن الصلاح: أحد الفضلاء المقدمين في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال، وهو صاحب المقدمة المشهورة في مصطلح الحديث.
توفي بدمشق سنة / 643 / ه انظر " وفيات الاعيان ": 3 / 243 - 245.
(5) له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 5 / 88 - 89.
(*)

(15/127)


قال الخطيب: كان من الدين، وإدامة التهجد، وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه.
وصنف كتابا في الاصول، ذكر فيه فضل (1) الصحابة، وإكفار من قال: بخلق القرآن.
وكان ذلك الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث، ويحضره الناس مدة خلافته، وهي إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر (2).
قلت: قام بخلافته بهاء الدولة كما تقدم (3) في سنة إحدى وثمانين، واستقدموه من البطائح فجهزه أميرها مهذب الدولة علي بن نصر، وحمله من الآلات والرخت بما أمكن، وأعطاه طيارا (4) فلما قدم واسط، أتاه الاجناد،
وطلبوا رسم البيعة، وهاشوا (5)، فوعدهم بالجميل، فرضوا، فكان مقامه بالبطيحة أزيد من سنتين، فقدم (6)، واستكتب أبا الفضل محمد بن أحمد عارض الديلم، وجعل أستاذ داره عبد الواحد الشيرازي وحلف هو وبهاء الدولة كل منهما لصحابه ثم سلطنه (7).
وذكر محمد بن عبدالملك الهمذاني (8)، أن القادر كان يلبس زي العامة، ويقصد الاماكن المباركة (9).
وطلب من أبي الحسن بن القزويني
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 4 / 37 " فضائل ".
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 37 - 38.
(3) انظر ص / 126 / من هذا الجزء.
(4) نوع من السفن.
(5) الهوشة: الفتنة والهيج والاضطراب، يقال: هاش القوم، من باب قال.
(6) " المنتظم ": 7 / 157.
(7) " المنتظم ": 7 / 161.
(8) جمع الهمذاني تاريخا في الملوك والدول..وكان رجلا فاضلا حسن المعرفة بالتواريخ وأخبار الدول والملوك والحوادث.
قال عنه ابن النجار: " به ختم هذا الفن ".
توفي سنة / 521 / " الوافي بالوفيات ": 4 / 37 - 38.
(9) " المنتظم ": 7 / 161.
(*)

(15/128)


أن ينفذ له من طعامه، فنفذ باذنجانا مقلوا بخل وباقلى ودبسا، فأكل منه وفرق، وبعث إليه بمئتي دينار فقبلها.
ثم طلب منه بعد طعاما، فبعث إليه زبادي فراريج ودجاج وفالوذج، فتعجب الخليفة وسأله، فقال: لم أتكلف، ولما وسع علي وسعت على نفسي فأعجبه، وكان يتفقده (1).
وعملت الرافضة عيد الغدير (2)، يعني: يوم المؤاخاة، فثارت السنة، وقووا، وخرقوا علم السلطان.
وقتل جماعة، وصلب آخرون، فكفوا (3).
وفي هذا القرب طلب أمير مكة أبو الفتوح العلوي الخلافة، وتسمى بالراشد بالله، ولحق بآل جراح الطائي بالشام، ومعه أقاربه، ونحو من ألف عبد، وحكم بالرملة، فانزعج العزيز (4) بمصر، وتلطف (5) بالطائيين، وبذل لهم الاموال، وكتب بإمارة الحرمين لابن عم الراشد، فوهن أمر الراشد، فأجازه أبو حسان الطائي، وتلطف له حتى عاد إلى إمرة مكة (6).
وفيها استولى بزال (7) على دمشق، وهزم متوليها منيرا (8).
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 162.
وفي الاصل " فنفذ باذنجان مقلو بخل، وباقلى، ودبس ".
أي: بالرفع.
(2) يوم الغدير: يعنون به غدير خم، وخم: واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حجها، فقال: " من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه " وانظر مجمع الزوائد 9 / 103 - 109.
(3) " المنتظم ": 7 / 164.
(4) ستأتي ترجمته برقم / 69 / من هذا الجزء.
(5) أي العزيز.
(6) " المنتظم ": 7 / 164.
(7) في " ذيل تاريخ دمشق " نزال: بالنون.
(8) " ذيل تاريخ دمشق ": 40 وانظر ترجمة منير الخادم في " أمراء دمشق ": 89.
(*) سير 15 / 9

(15/129)


ونقص التشيع من بغداد، واستضرت الامراء على بهاء الدولة، وقهروه حتى سلم إليهم أبا الحسن ابن المعلم الكوكبي، فخنق (1)، وعظم القحط ببغداد.
وفي سنة 383 تزوج القادر بالله سكينة بنت الملك بهاء الدولة (2)، واستفحل البلاء بالعيارين ببغداد، ولم يحج أحد من العراق (3).
ومات في سنة 87 فخر الدولة علي بن ركن الدولة بن بويه بالري، ووزر له ابن عباد (4).
وكان شهما شجاعا، كان الطائع قد لقبه ملك الامة عاش ستا وأربعين سنة.
وكانت دولته أربع عشرة سنة، وترك ألفي ألف دينار وثمان مئة ألف دينار، ومن الجواهر ما قيمته ثلاثة آلاف ألف، ومن آنية الذهب ما وزنه ألف ألف، ومن آنية الفضة ما وزنه ثلاثة آلاف ألف، ومن فاخر الثياب ثلاثة آلاف حمل.
وكانت خزائنه على ثلاثة آلاف وخمس مئة جمل (5).
وفي سنة ثمان وثمانين هلك تسعة ملوك: صاحب مصر العزيز، وصاحب خراسان، وفخر الدولة المذكور، وصاحب خوارزم مأمون بن محمد، وصاحب بست (6) سبكتكين وغيرهم (7).
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 168.
(2) " المنتظم ": 7 / 172.
(3) " المنتظم ": 7 / 174.
(4) هو إسماعيل بن عباد بن العباس، الملقب: بالصاحب، لصحبته مؤيد الدولة في صباه..كان نادرة زمانه، واعجوبة عصره في الفضائل والمكارم توفي سنة / 385 / ه له ترجمة وافية في " معجم الادباء ": 6 / 168 - 317.
(5) " المنتظم ": 7 / 197 - 198.
(6) مدينة بين سجستان وغزنين وهراة " معجم البلدان ": 1 / 414.
(7) مظم فيهم أبو منصور الثعالبي قصيدة.
فليراجها من يشاء في " تاريخ الخلفاء ": 413.
(*)

(15/130)


وفي سنة تسعين وثلاث مئة ظهر بسجستان معدن الذهب (1).
وفي سنة إحدى وتسعين عقد القادر بولاية العهد لابنه الغالب بالله، وهو في تسع سنين، وعجل بذلك، لان الخطيب الواثق (2) سار إلى خراسان، وافتعل كتابا من القادر بأنه ولي عهده.
واجتمع ببعض الملوك فاحترمه، وخطب له بعد القادر، ونفذ رسولا إلى القادر بما فعل، فأثبت فسق الواثقي، ومات غريبا (3).
وكان الرفض علانية بدمشق في سنة أربع مئة.
ولقد أخذ نائبها تمصولت (4) البربري رجلا في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة فطيف به على حمار: هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر، ثم قتل (5).
وفي هذا الحين ظهر أبوركوة (6) الاموي، والتف عليه من المغاربة والعرب خلق، وحارب ولعن الحاكم، فجهز الحاكم لحربه ستة عشر ألفا، فظفروا به وقتل (7).
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 207.
(2) من ولد الخليفة الواثق بالله، هارون بن محمد، المتوفى سنة / 232 / ه، وكان يلي الخطابة.
(3) " المنتظم ": 7 / 215.
(4) هكذا رسمها الامام الذهبي وضبطها، وفي " الكامل ": 9 / 178 بالضاد، وفي " ذيل تاريخ دمشق ": 58: طزملت.
(5) " الكامل ": 9 / 178.
(6) قال ابن الجوزي في " المنتظم ": 7 / 233: وإنما كني بأبي ركوة لركوة كانت معه في أسفاره، يحملها على مذهب الصوفية ".
وستأتي نتف من أخباره في ترجمة الحاكم بأمر الله ص / 173 / (7) انظر قصة خروجه في " الكامل ": 9 / 197 - 203.
(*)

(15/131)


وفي سنة أربع مئة عمل ابن سهلان (1) سورا منيعا على مشهد علي (2).
وافتتح محمود بن سبكتكين فتحا عظيما من الهند.
وفي هذا الوقت انبثت دعاة الحاكم في الاطراف.
فأمر القادر بعمل محضر يتضمن القدح في نسب العبيدية (3)، وأنهم منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرمي، فشهدوا جميعا أن الناجم بمصر منصور بن نزار الحاكم حكم الله عليه بالبوار، وأن جدهم لما صار إلى الغرب تسمى بالمهدي عبيد الله، وهو وسلفه أرجاس أنجاس خوارج أدعياء، وأنتم تعلمون أن أحدا من الطالبيين لم يتوقف عن إطلاق القول بأنهم أدعياء، وأن هذا الناجم وسلفه (4) كفار زنادقة، ولمذهب الثنوية (5) والمجوسية (6) معتقدون، عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبوا الانبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وكتب في المحضر الشريف الرضي، والشريف المرتضى، ومحمد بن محمد بن عمر، وابن الازرق العلويون، والقاضي أبو محمد بن الاكفاني، والقاسم أبو القاسم الجزري، والشيخ أبو حامد الاسفراييني، وأبو محمد الكشفلي (7)، وأبو الحسين
__________
(1) أبو محمد، الحسن بن سهلان.
عميد أصحاب الجيوش.
(2) " المنتظم ": 7 / 246.
(3) سيرد الكلام في نسبهم مفصلا في ترجمة المهدي ص / 141 / من هذا الجزء.
(4) في الاصل: وسيلة، وما أثبتناه من " المنتظم ": 7 / 255.
(5) أصحاب الاثنين الازليين.
النور والظلمة.
يزعمون بأنهما أزليان قديمان.
انظر " الملل والنحل ": 1 / 244.
(6) راجع " الملل والنحل ": 1 / 233 - 244.
(7) بفتح الكاف، وسكون الشين المعجمة، وضم الفاء - وفي اللباب ومعجم البلدان بفتحها - وفي آخرها اللام.
هذه النسبة إلى " كشفل " وهي من قرى آمل بطبرستان.
الانساب: 10 / 434 - 435.
انظر ترجمته في " تاريخ بعداد ": 8 / 105.
(*)

(15/132)


القدوري وأبو علي بن حمكان (1).
وورد على الخليفة كتاب محمود أنه غزا الكفار، وهم خلق معهم ست مئة فيل، وأنه نصر عليهم (2).
وفي سنة ثلاث وأربع مئة استبيح وفد العراق، وقل من نجا.
فيقال: هلك خمسة عشر ألفا.
وتسمى وقعة الفرعاء.
فسار ابن مزيد (3)، ولحقهم بالبرية، فقتل منهم مقتلة، وأسر أربعة عشر من كبارهم، فأهلكوا ببغداد (4).
وبعث ابن سبكتكين إلى القادر بأنه ورد إليه الداعي من الحاكم يدعوه إلى طاعته، فخرق كتابه، وبصق عليه (5).
ومات في حدودها أيلك خان صاحب ما وراء النهر الذي أخد البلاد من آل سامان من بضع عشرة سنة.
وكان ظالما مهيبا، شديد الوطأة.
وقد وقع بينه وبين طغان ملك الترك حروب، فورث أخوه طغان مملكته (6)، ومالاه ابن سبكتكين، فتحركت جيوش الصين لحرب طغان في أزيد من مئة ألف خركاة (7)، فالتقاهم طغان، ونصره الله (8).
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 255 - 256.
(2) " المنتظم ": 7 / 256 - 257.
(3) علي بن مزيد الاسدي، أبو الحسن: صاحب الحلة..كان شجاعا، توفي سنة / 408 / ه وأخباره مبثوثة في كتب التاريخ.
(4) " المنتظم ": 7 / 261.
(5) " المنتظم ": 7 / 262.
(6) " الكامل ": 9 / 240.
(7) كلمة فارسية، معناها: الخيمة الكبيرة.
انظر " معجم الالفاظ الفارسية المعربة ": 53 - 54.
(8) " الكامل ": 9 / 297.
(*)

(15/133)


ومات بهاء الدولة أحمد (1) بن عضد الدولة، وتسلطن ابنه سلطان الدولة في ربيع الاول سنة أربع (2)، وجلس القادر لذلك، وقبل الارض فخر الملك الوزير (3)، وقرأ ابن حاجب النعمان العهد، وعلم عليه القادر، وأحضرت الخلع والتاج والطوق والسواران واللواءان، فعقدهما الخليفة بيده، وأعطى سيفا للخادم، فقال: قلده به فهو فخر له ولعقبه، وبعث بذلك إلى شيراز.
وفيها أبطل الحاكم المنجمين من ممالكه، وأعتق أكثر ممالكيه (4).
وجعل ولي عهده ابن عمه عبدالرحيم بن إلياس، وأمر بحبس النساء في البيوت، فاستمر ذلك خمسة أعوام (5)، وصلحت سيرته - لا أصلحه الله - ومنع ببغداد فخر الملك من عمل عاشوراء (6).
ووقعت القبة التي على صخرة بيت المقدس (7)، وافتتح ابن سبكتكين
خوارزم (8)، ووقع ببغداد بين الشيعة والسنة فتن عظمي، واشتد البلاء، واستضرت عليهم السنة، وقتل جماعة (9).
واستتاب القادر فقهاء المعتزلة، فتبرؤا من الاعتزال والرفض، وأخذت خطوطهم بذلك (10)
__________
(1) في " النجوم الزاهرة ": 4 / 232، فيروز، وقيل: خاشاد.
(2) " الكامل ": 9 / 241.
(3) له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 5 / 124 - 127.
(4) في الاصل: أكبر، وهو تصحيف.
(5) " المنتظم ": 7 / 268.
(6) " المنتظم ": 7 / 276.
(7) " المنتظم ": 7 / 283.
(8) " المنتظم ": 7 / 284.
(9) " المنتظم ": 7 / 283.
(10) " المنتظم ": 7 / 287.
(*)

(15/134)


وتزوج سلطان الدولة ببنت صاحب الموصل قرواش (1).
وقتل الدرزي (2) الذي ادعى ربوبية الحاكم.
وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر، فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والاسماعيلية والقرامطة، والمشبهة والجهمية والمعتزلة.
ولعنوا على المنابر (3).
وفيها أعني سنة تسع، قدم سلطان الدولة بغداد (4).
وافتتح ابن سبكتكين عدة من مدائن بالهند.
وورد كتابه ففيه: صدر العبد
من غزنة في أول سنة عشر وأربع مئة، وانتدب لتنفيذ الاوامر، فرتب في غزنة خمسة عشر ألف فارس، وأنهض ابنه في عشرين ألفا، وشحن بلخ وطخارستان باثني عشر ألف فارس، وعشرة آلاف راجل، وانتخب ثلاثين ألف فارس، وعشرة آلاف راجل لصحبة راية الاسلام.
وانضم إليه المطوعة، فافتتح قلاعا وحصونا، وأسلم زهاء عشرين ألفا، وأدوا نحو ألف ألف من الورق، وثلاثين فيلا.
وعدة الهلكى خمسون ألفا.
ووافى العبد مدينة لهم عاين فيها نحو ألف قصر، وألف بيت للاصنام.
ومبلغ ما على الصنم ثمانية وتسعون ألف دينار، وقلع أزيد من ألف صنم.
ولهم صنم
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 287.
(2) في الاصل: الدوري، وهو تصحيف عن الدرزي، وهو محمد بن إسماعيل الداعي، كان من الباطنية القائلين بالتناسخ، قدم مصر واجتمع بالحاكم بأمر الله، وساعده على ادعاء الربوبية، وصنف له كتابا ذكر فيه أن روح آدم - عليه السلام - انتقلت إلى علي بن أبي طالب، وأن روح علي انتقلت إلى أبي الحاكم ثم انتقلت إلى الحاكم.
انظر " النجوم الزاهرة ": 4 / 184.
(3) " المنتظم ": 7 / 287.
(4) " المنتظم ": 7 / 290.
(*)

(15/135)


معظم يؤرخون مدته بجهالتهم بثلاث مئة ألف سنة، وحصلنا من الغنائم عشرين ألف ألف درهم، وأفرد الخمس من الرقيق.
فبلغ ثلاثة وخمسين ألفا، واستعرضنا ثلاث مئة وستة وخمسين فيلا (1).
ونفذت من القادر بالله خلع السلطنة لقوام الدولة بولاية كرمان (2).
وناب بدمشق عبدالرحيم ولي عهد الحاكم.
وقتل بمصر الحاكم وأراح الله منه في سنة إحدى عشرة (3).
وفي سنة أربع عشرة أقبل الملك مشرف الدولة مصعدا إلى بغداد من ناحية واسط، وطلب من القادر بالله أن يخرج لتلقيه، فتلقاه في الطيار وما فعل ذلك بملك قبله، وجاء مشرف الدولة، فصعد من زبزبه [ إلى ] (4) الطيار، فقبل الارض، وأجلس على كرسي (5)، وكان موت مشرف الدولة (6) بن بهاء الدولة في سنة ست عشرة.
فنهبت خزائنه.
وخطب لجلال الدولة، ثم إن الامراء عدلوا إلى الملك أبي كاليجار (7)، ونوهوا باسمه، وكان ولي عهد أبيه سلطان الدولة فخطب لهذا ببغداد، وكثرت العملات (8) ببغداد جدا، واستباح جلال الدولة الاهواز فنهب منها ما قيمته
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 292 - 293 وسيورد المؤلف ترجمة محمود بن سبكتكين في الجزء السابع عشر برقم (319).
(2) " المنتظم ": 7 / 293.
(3) ستأتي ترجمة الحاكم برقم / 70 / من هذا الجزء.
(4) مابين حاصرتين ساقطة من الاصل.
والزبزب: سفينة صغيرة.
(5) " المنتظم ": 8 / 12.
(6) سيورد المؤلف ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (425).
(7) ترجمته في " المنتظم ": 8 / 139.
(8) العملة: بفتح العين المهملة وسكون الميم وفتح اللام، السرقة.
(*)

(15/136)


خمسة آلاف ألف دينار، وأحرقت في أماكن (1)، ودثرت.
ومرض القادر بالله في سنة إحدى وعشرين، ثم جلس للناس، وأظهر ولاية العهد لولده أبي جعفر (2).
وكان طاغية الروم قد قصد الشام في ثلاث مئة ألف، ومعه المال على سبعين جمازة (3)، فأشرف على عسكره مئة فارس من الاعراب، وألف راجل فظنوا أنها كبسة، فلبس ملكهم خفا أسود لكي يختفي، وهرب فنهب من حواصله (4) أربع مئة بغل بأحمالها.
وقتل من جيشه خلق، وأخذ البرجمي (5) اللص وأعوانه العملات والمخازن الكبار، ونهبوا الاسواق، وعم البلاء (6)، وخرج على جلال الدولة جنده لمنع الارزاق (7).
وفي ذي الحجة من سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، مات القادر بالله في أول أيام التشريق.
وصلى عليه ابنه القائم بأمر الله، وكبر عليه أربعا.
ودفن في الدار، ثم بعد عشرة أشهر نقل تابوته إلى الرصافة، وعاش سبعا وثمانين سنة سوى شهر وثمانية أيام (8) وما علمت أحدا من خلفاء هذه الامة بلغ هذا السن، حتى ولا عثمان رضي الله عنه.
__________
(1) " الكامل ": 9 / 374 - 376، و " المنتظم ": 8 / 21.
(2) " المنتظم ": 8 / 47 - 48.
(3) الناقة.
(4) في " المنتظم ": 8 / 50 " من خاصته ".
(5) لبعض المفكرين المحدثين آراء جديرة بالدراسة حول هؤلاء العيارين.
وما كتبه ابن الاثير في " كامله ": 9 / 438 - 439 عن البرجمي يثير بعض الاعجاب به حقا...(6) " المنتظم ": 8 / 50.
(7) " المنتظم ": 8 / 56.
(8) " المنتظم ": 8 / 61.
(*)

(15/137)


64 - القائم بأمرالله * الخليفة أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر جعفر العباسي البغدادي.
ولد سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة في نصف ذي القعدة، وأمه بدر الدجى الارمنية، وقيل قطر الندى بقيت إلى أثناء خلافته (1).
وكان مليحا وسيما أبيض بحمرة، قوي النفس، دينا ورعا متصدقا.
له يد في الكتابة والادب، وفيه عدل وسماحة.
بويع يوم موت أبيه بعهد له منه في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
وأبوه هو الذي لقبه.
ولم يزل أمره مستقيما إلى أن قبض عليه في سنة خمسين وأربع مئة، لان أرسلان التركي البساسيري (2)، عظم شأنه لعدم نظير له.
وتهيبته أمراء العرب والعجم، ودعي له على المنابر.
وظلم وخرب القرى، وانقهر معه القائم، ثم تحدث بأنه يريد نهب دار الخلافة، وعزل القائم.
فكاتب القائم طغرلبك (3) ملك الغز يستنهضه، وكان بالري، ثم أحرقت دار البساسيري،
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 399 - 404، المنتظم: 8 / 57 وما بعدها، الكامل: 9 / 417 وما بعدها، النبراس: 136 - 143، الفخري: 254، العبر: 3 / 264، تاريخ الخلفاء: 417 - 423، شذرات الذهب: 3 / 326 - 327.
(1) في " الكامل ": 10 / 95.
" وقيل أيضا: اسمها علم ".
(2) بفتح الباء الموحدة، والالف بين السينين المهملتين، أولاهما مفتوحة، والاخرى مكسورة، بعدها ياء ساكنة آخر الحروف وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بلدة بفارس يقال لها: بسا، وبالعربية: فسا، والنسبة بالعربية إليها: فسوي، وأهل فارس ينسبون إليها: البساسيري.
" الانساب ": 2 / 203.
وللبساسيري ترجمة في " وفيات الاعيان ": 1 / 192 - 193.
(3) هكذا ضبطه ابن خلكان.
انظر " وفيات الاعيان ": 5 / 63 - 68.
(*)

(15/138)


وهرب، وقدم طغرلبك في سنة 447 وذهب البساسيري إلى الرحبة (1) ومعه عسكر، فكاتب المستنصر فأمده من مصر بالاموال، ومضى طغرلبك سنة تسع إلى نصيبين ومعه أخوه ينال، فكاتب البساسيري ينال فأفسده، وطمع بمنصب أخيه.
فسار بجيش ضخم إلى الري، فسار أخوه في أثره، وتفرقت الكلمة.
والتقى الاخوان بهمذان.
وظهر ينال، واضطرب أمر بغداد، ووقع النهب، وفرت زوجة طغرلبك في جيش نحو همذان.
فوصل البساسيري في ذي القعدة إلى الانبار.
وبطلت الجمعة، ودخل شاليش عسكره، ثم دخل هو بغداد في الرايات المصرية، وضرب سرادقة على دجلة، ونصرته الشيعة.
وكان قد جمع العيارين والفلاحين، وأطمعهم في النهب.
وعظم القحط، واقتتلوا في السفن.
ثم في الجمعة المقبلة دعي لصاحب مصر بجامع المنصور، وأذنوا: بحي على خير العمل.
وخندق الخليفة حول داره، ثم نهض البساسيري في أهل الكرخ وغيرهم إلى حرب القائم، فاقتتلوا يومين، وكثرت القتلى، وأحرقت الاسواق، ودخلوا الدار (2) فانتهبوها، وتذمم القائم إلى الامير قريش العقيلي (3).
- وكان ممن قام مع البساسيري - فأذمه، وقبل بين يديه.
فخرج القائم راكبا، بين يديه الراية، والاتراك بين يديه، وأنزل في خيمة، ثم قبض البساسيري على الوزير أبي القاسم علي بن المسلمة، والقاضي أبي عبد الله الدامغاني، وجماعة، فصلب الوزير فهلك (4).
__________
(1) تقع على الفرات بين الرقة وبغداد.
(2) أي دار الخلافة.
(3) له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 5 / 267.
(4) " تاريخ بغداد ": 9 / 399 - 404، وانظر " الفخري ": 257 - 258 وفي " طبقات الشافعية ": 5 / 247 - 253 تفصيل واف عن مقتل الوزير ابن المسلمة.
(*)

(15/139)


وكان القائم فيه خير واهتمام بالرعية، وقضاء للحوائج.
وقيل: إنه لما بقي معتقلا عند العرب كتب قصة، وبعث بها إلى بيت الله مستعديا ممن ظلمه وهي: إلى الله العظيم من المسكين عبده: اللهم إنك العالم بالسرائر، المطلع على الضمائر.
اللهم إنك غني بعلمك واطلاعك علي عن إعلامي، هذا عبدك قد كفر نعمك وما شكرها، أطغاه حلمك حتى تعدى علينا بغيا.
اللهم قل الناصر واعتز الظالم، وأنت المطلع الحاكم، بك نعتز عليه، وإليك نهرب من يديه، فقد حاكمناه (1) إليك، وتوكلنا في إنصافنا منه عليك، ورفعنا ظلامتنا إلى حرمك، ووثقنا في كشفها بكرمك.
فاحكم بيننا بالحق، وأنت خير الحاكمين (2).
وأما ماكان من طغرلبك، فإنه ظفر بأخيه وقتله (3).
ثم كاتب متولي عانة (4) في أن يرد القائم إلى مقر عزه (5).
وقيل: إن البساسيري عزم على ذلك لما بلغه السلطان طغرلبك، فحصل القائم في مقر دولته في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين (6).
ثم جهز طغرلبك عسكرا قاتلوا البساسيري فقتل وطيف برأسه (7).
فكانت الخطبة للمستنصر ببغداد سنة كاملة.
__________
(1) في الاصل: حاكمنا.
(2) " المنتظم ": 8 / 195 - 196.
(3) " المنتظم ": 8 / 202.
(4) بلد مشهور بين الرقة وهيت، يعد في أعمال الجزيرة، وهي مشرفة على الفرات قرب حديثة النورة، وفيها قلعة حصينة.
" معجم البلدان ": 4 / 72.
(5) " المنتظم ": 8 / 203 - 204.
(6) " المنتظم ": 8 / 208.
(7) " المنتظم ": 8 / 210.
(*)

(15/140)


توفي القائم في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربع مئة (1).

65 - المهدي وذريته * عبيد الله أبو محمد، أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الاسلام، وأعلنوا بالرفض، وأبطنوا مذهب الاسماعيلية (2)، وبثوا الدعاة، يستغوون الجبلية والجهلة.
وادعى هذا المدبر، أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق (3)، فقال: أنا عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر ابن محمد.
وقيل: بل قال: أنا عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق.
وقيل: لم يكن اسمه عبيد الله، بل إنما هو سعيد بن أحمد، وقيل: سعيد بن الحسين.
__________
(1) " الكامل ": 10 / 94 - 95.
* الحلة السيراء: 1 / 190 - 194، الكامل: 8 / 24 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 158 وما بعدها، الروضتين: 1 / 201 - 203، وفيات الاعيان: 3 / 117 - 119،
المختصر في أخبار البشر: 2 / 63 وما بعدها، العبر: 2 / 193 - 194، مرآة الجنان: 2 / 285 - 286، البداية والنهاية: 11 / 179 - 180، تاريخ ابن خلدون: 4 / 31 - 40، اتعاظ الحنفا: 74 - 107، خطط المقريزي: 1 / 349 - 351، النجوم الزاهرة: 3 / 246 - 247، تاريخ ابن إياس: 1 / 45، شذرات الذهب: 2 / 294.
(2) انظر " الملل والنحل ": 1 / 191 - 198.
(3) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
الملقب بالصادق، تقدمت ترجمته في الجزء السادس رقم 117.
(*)

(15/141)


وقيل: كان أبوه يهوديا.
وقيل: من أولاد ديصان (1) الذي ألف في الزندقة.
وقيل: لما رأى اليسع صاحب سجلماسة (2) الغلبة، دخل فذبح المهدي.
فدخل أبو عبد الله الشيعي، فرآه قتيلا، وعنده خادم له، فأبرز الخادم، وقال للناس: هذا إمامكم (3).
والمحققون على أنه دعي (4) بحيث إن المعز منهم لما سأله السيد ابن طباطبا (5) عن نسبه، قال: غدا أخرجه لك، ثم أصبح وقد ألقى عرمة (6) من الذهب، ثم جذب نصف سيفه من غمده، فقال: هذا نسبي، وأمرهم بنهب الذهب، وقال: هذا حسبي (7)،
__________
(1) انظر " الفهرست ": 474، و " الملل والنحل ": 1 / 250 - 251 ومن البراهين التي يتذرع بها مؤيد والنسب الفاطمي، أن " ديصان " هذا عاش ومات قبل ظهور الدعوة الاسماعيلية بنحو أربعة قرون.
وإليه تنسب " الديصانية " وهي إحدى فرق الثنوية.
(2) مدينة جنوبي المغرب في طرف بلاد السودان، بينها وبين فاس عشرة أيام.
(3) " وفيات الاعيان ": 3 / 118.
(4) اختلف علماء الانساب والمؤرخون في صحة نسبه، فقد تشابكت في أقوالهم العداوة السياسية والمذاهب العقائدية، فممن أنكر نسبهم الباقلاني وابن خلكان..ومن المؤيدين: ابن خلدون والمقريزي..وفي كتاب " اتعاظ الحنفا ": 41 - 42 تعليق للمحقق يحسن الرجوع إليه.
(5) هو أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن علي.
كان طاهرا كريما فاضلا، توفي سنة / 348 / ه له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 3 / 81 - 83.
(6) العرمة: بالتحريك: مجمع رمل..وقد استعمله هنا بمعنى كومة من الذهب.
(7) الخبر مع اختلاف في اللفظ في " وفيات الاعيان ": 3 / 82.
وقد نقد ابن خلكان نفسه هذا الخبر بما ملخصه: 1 - إن المعز دخل مصر سنة / 362 / وابن طباطبا المذكور توفي / 348 / ه فكيف يتصور الجمع بينهما ؟..2 - لعل صاحب الواقعة كان ولده.
(*)

(15/142)


وقد صنف ابن الباقلاني وغيره من الائمة في هتك مقالات العبيدية، وبطلان نسبهم.
فهذا نسبهم، وهذه نحلتهم.
وقد سقت في حوادث " تاريخنا " من أحوال هؤلاء وأخبارهم في تفاريق السنين عجائب.
وكان هذا من أهل سلمية (1) له غور، وفيه دهاء ومكر، وله همة علية، فسرى على أنموذج علي بن محمد الخبيث (2)، صاحب الزنج الذي خرب البصرة وغيرها، وتملك بضع عشرة سنة.
وأهلك البلاد والعباد.
وكان بلاء على الامة، فقتل سنة سبعين ومئتين.
فرأى عبيد الله أن ما يرومه من الملك، لا ينبغي أن يكون ظهوره بالعراق ولا بالشام، فبعث أولا له داعيين شيطانين داهيتين، وهما الاخوان
أبو عبد الله الشيعي (3)، وأخوه أبو العباس، فظهر أحدهما باليمن، والاخر بأفريقية، وأظهر كل منهما الزهد والتأله، وأدبا أولاد الناس، وشوقا إلى الامام المهدي (4).
__________
= 3 - رأيت في " تاريخ ابن زولاق " أن الشريف الذي التقى بالمعز هو أبو جعفر مسلم بن عبيد الله الحسيني، والشريف أبو إسماعيل إبراهيم بن أحمد الحسيني، لعل أحدهما صاحب الواقعة.
انتهى.
(1) بليدة بالشام من أعمال حمص.
(2) من كبار أصحاب الفتن في العهد العباسي، وفتنته مشهورة في كتب التاريخ بفتنة الزنج، لان أكثر أنصاره منهم.
ظهر في أيام المهتدي بالله العباسي / 255 / ه.
وعجز عن قتاله الخلفاء.
حتى ظفر به الموفق بالله أيام المعتمد فقتله وبعث برأسه إلى بغداد.
أخباره في " الكامل ": 7 / 205 وما بعدها.
(3) هو الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا، كان من الدهاة، وقد مهد القواعد للمهدي، ووطد له البلاد، قتله المهدي مع أخيه سنة / 298 / ه.
انظر " الحلة السيراء ": 1 / 194 - 195، و " وفيات الاعيان ": 2 / 292 - 293 و " الوافي بالوفيات ": 12 / 328 - 329.
(4) " الكامل ": 8 / 31 - 34.
(*)

(15/143)


ولهم (1) البلاغات السبعة: فالاول للعوام وهو الرفض، ثم البلاغ الثاني للخواص، ثم البلاغ الثالث لمن تمكن، ثم الرابع لمن استمر سنتين، ثم الخامس لمن ثبت في المذهب ثلاث سنين، ثم السادس لمن أقام أربعة أعوام، ثم الخطاب بالبلاغ السابع وهو الناموس الاعظم.
قال محمد بن إسحاق النديم: قرأته (2) فرأيت فيه أمرا عظيما من إباحة
المحظورات، والوضع من الشرائع وأصحابها، وكان في أيام معز الدولة ظاهرا شائعا، والدعاة منبثون في النواحي، ثم تناقص (3).
قلت: ثم استحكم أمر أبي عبد الله بالمغرب، وتبعه خلق من البربر، ثم لحق به أخوه، وعظم جمعه، حتى حارب متولي المغرب وقهره، وجرت له أمور طويلة في أزيد من عشرة أعوام (4).
فلما سمع عبيد الله بظهور داعيه، سار بولده في زي تجار، والعيون عليهما إلى أن ظفر بهما متولي الاسكندرية فسر بهما، وكاشر لهما التشيع فيه فدخلا المغرب (5).
فظفر بهما أمير المغرب فسجنهما، ولم يقرا له بشئ (6)، ثم التقى هو وأبو عبد الله الشيعي، فانتصر أبو عبد الله، وتملك (7) البلاد، وأخرج المهدي من السجن، وقبل يده وقال لقواده: هذا إمامنا، فبايعه (8) الملا.
__________
(1) أي للفاطميين.
(2) أي: البلاغ السابع.
(3) أي: أمر المذهب، وقل الدعاة فيه.
انظر " الفهرست ": 268.
(4) " الكامل ": 8 / 30، وما بعدها.
(5) " الكامل ": 8 / 38.
(6) " الكامل ": 8 / 39.
(7) " الكامل ": 8 / 40 - 41.
(8) " الكامل ": 8 / 47 - 50.
(*)

(15/144)


ووقع بعد بينه وبين داعييه لكونه ما أنصفهما، ولا جعل لهما كبير منصب، فشككا فيه خواصهما، وتفرقت كلمة الجنود، ووقع بينهم
مصاف (1).
فانتصر عبيد الله، وذبح الاخوين (2).
ودانت له الامم.
وأنشأ مدينة المهدية (3)، ولم يتوجه لحربه جيش لبعد الشقة ولوهن شأن الخلافة بإمارة المقتدر (4).
وجهز من المغرب ولده ليأخذ مصر، فلم يتم له ذلك.
قال أبو الحسن القابسي، صاحب الملخص: (5) إن الذين قتلهم عبيد الله، وبنوه أربعة آلاف في دار النحر في العذاب من عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت.
فقال سهل الشاعر: وأحل دار النحر في أغلاله * من كان ذا تقوى وذا صلوات (6) ودفن سائرهم في المنستير (7)، وهو بلسان الفرنج: المعبد الكبير.
وكانت دولة هذا بضعا وعشرين سنة.
حكى الوزير القفطي (8) في سيرة بني عبيد، قال: كان أبو عبد الله الشيعي أحد الدواهي، وذلك أنه جمع مشايخ كتامة ليشككهم في الامام،
__________
(1) لم تذكر كتب التاريخ أن حربا اشتعلت بين المهدي وداعييه أبي عبيد الله وأبي العباس.
(2) انظر " الكامل ": 8 / 50 - 53 و " البيان المغرب ": 1 / 164 - 165.
(3) " الكامل ": 8 / 94.
(4) تقدمت ترجمته برقم / 24 / من هذا الجزء.
(5) هو علي بن محمد بن خلف، المعافري القيرواني، عالم المالكية في عصره، كان حافظا للحديث وعلله، توفي سنة / 403 / وكتابه المشهور " ملخص الموطأ ".
(6) انظر " معالم الايمان ": 3 / 41.
(7) موضع بين المهدية والسوسة بأفريقية، وهو خمسة قصور يحيط بها سور واحد كان يسكنها قوم من أهل العبادة والعلم.
انظر " معجم البلدان ": 5 / 209 - 210.
(8) هو علي بن يوسف بن إبراهيم.
وزير، مؤرخ، ولد بقفط (من الصعيد الاعلى بمصر) وسكن حلب، فولي بها القضاء، ثم الوزارة، من كتبه المشهورة " إنباه الرواة " وله أيضا =.
(*)

(15/145)


فقال: إن الامام كان بسلمية قد نزل عند يهودي عطار يعرف بعبيد، فقام به وكتم أمره، ثم مات عبيد عن ولدين فأسلما هما وأمهما على يد الامام، وتزوج بها، وبقي مختفيا.
وبقي الاخوان في دكان العطر.
فولدت للامام ابنين، فعند اجتماعي به سألته أي الاثنين إمامي بعدك ؟ فقال: من أتاك منهما فهو إمامك.
فسيرت أخي لاحضارهما، فوجد أباهما قد مات هو وابنه الواحد.
فأتى بهذا.
وقد خفت أن يكون أحد ولدي عبيد.
فقالوا: وما أنكرت منه ؟ قال: إن الامام يعلم الكائنات قبل وقوعها.
وهذا قد دخل معه بولدين.
ونص الامر في الصغير بعده، ومات بعد عشرين يوما، يعني: الولد.
ولو كان إماما لعلم بموته.
قالوا: ثم ماذا ؟ قال: والامام لا يلبس الحرير والذهب.
وهذا قد لبسهما.
وليس له أن يطأ إلا ما تحقق أمره.
وهذا قد وطئ نساء زيادة الله، يعني: متولي المغرب.
قال: فشككت كتامة في أمره، وقالوا: فما ترى ؟ قال: قبضه ثم نسير من يكشف لنا عن أولاد الامام على الحقيقة.
فأجمعوا أمرهم.
وخف كبير كتامة فواجه المهدي، وقال: قد شككنا فيك، فائت بآية.
فأجابه بأجوبة، قبلها عقله.
وقال: إنكم تيقنتم، واليقين لا يزول إلا بيقين لا بشك.
وإن الطفل لم يمت، وإنه إمامك، وإنما الائمة ينتقلون، وقد انتقل لاصلاح جهة أخرى.
قال: آمنت، فما لبسك الحرير ؟ قال: أنا نائب الشرع أحلل لنفسي ما أريد، وكل الاموال لي، وزيادة الله كان عاصيا.
وأما عبد الله الشيعي وأخوه، فإنهما أخذا يخببان (1) عليه فقتلهما.
__________
= كتاب " أخبار مصر " ولم يصلنا، أو أنه مغمور في دور الكتب لم تكشف عنه الايام.
ولعل الذهبي ينقل عنه هنا..توفي سنة / 646 / ه.
(1) أي: يفسدان عليه الامر.
(*)

(15/146)


وخرج عليه خلق من كتامة، فظفر بحيلة وقتلهم (1).
وخرج عليه أهل طرابلس، فجهز ولده القائم، فافتتحها عنوة، وافتتح برقة (2)، ثم افتتح صقلية (3)، وجهز القائم مرتين لاخذ مصر، ويرجع مهزوما (4).
وبنى المهدية في سنة ثمان وثلاث مئة (5).
وخلف ستة بنين، وسبع بنات.
وآخرهم وفاة أحمد، عاش إلى سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة بمصر.
وفي أيام المهدي، عاثت القرامطة بالبحرين، وأخذوا الحجيج، وقتلوا وسبوا، واستباحوا حرم الله، وقلعوا الحجر الاسود.
وكان عبيد الله يكاتبهم، ويحرضهم، قاتله الله.
وقد ذكرت في " تاريخ الاسلام " أن في سنة سبعين ومئتين ظهرت دعوة المهدي باليمن، وكان قد سير داعيين أبا القاسم بن حوشب الكوفي، وأبا الحسن، وزعم أنه ابن محمد بن إسماعيل بن الصادق جعفر بن محمد (6).
ونقل المؤيد الحموي في " تاريخه " (7) أن المهدي اسمه فيما
__________
(1) " الكامل ": 8 / 53.
(2) " البيان المغرب ": 1 / 168 - 169.
(3) هكذا ضبطت في الاصل.
وفي " معجم البلدان ": 3 / 416 " بثلاث كسرات وتشديد اللام، والياء أيضا مشددة " وهي جزيرة من جزائر بحر المغرب مقابلة أفريقية.
(4) " البيان المغرب ": 1 / 171 - 173.
(5) انتقل المهدي إليها في السنة المذكورة، وكان قد بدأ في بنائها سنة / 303 / ه على
أصح الاقوال.
(6) تاريخ الاسلام للذهبي حوادث سنة / 270 / ه.
(7) هو إسماعيل بن علي بن محمود، الملك المؤيد، صاحب حماه، مؤرخ، = (*)

(15/147)


وكان قيل: سعيد بن الحسين، وأن أباه الحسين قدم سلمية.
فوصفت له امرأة يهودي حداد، قد مات عنها (1).
فتزوجها الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله القداح هذا وكان لها ولد من اليهودي، فأحبه الحسين وأدبه.
ولما احتضر عهد إليه بأمور، وعرفه أسرار الباطنية، وأعطاه أموالا، فبث له الدعاة.
وقد اختلف المؤرخون، وكثر [ كلامهم ] في قصة عبيد الله القداح بن ميمون بن ديصان.
فقالوا: إن ديصان هذا هو صاحب " كتاب الميزان "، في الزندقة.
وكان يتولى أهل البيت.
وقال: ونشأ لميمون بن ديصان ابنه عبد الله، فكان يقدح العين، وتعلم من أبيه حيلا ومكرا.
سار عبد الله في نواحي أصبهان، وإلى البصرة.
ثم إلى سلمية يدعو إلى أهل البيت، ثم مات، فقام ابنه أحمد بعده، فصحبه.
رستم بن حوشب النجار الكوفي، فبعثه أحمد إلى اليمن يدعو له، فأجابوه، فسار إليه أبو عبد الله الشيعي من صنعاء، وكان بعدن فصحبه، وصار من كبراء أصحابه، وكان لابي عبد الله هذا دهاء وعلوم وذكاء، وبعث ابن حوشب دعاة إلى المغرب، فأجابته كتامة، فنفذ ابن حوشب إليهم أبا عبد الله ومعه ذهب كثير في سنة ثمانين ومئتين.
فصار من أمره ما صار (2).
فهذا قول، ونرجع إلى قول آخر هو أشهر.
فسير - أعني: والد المهدي - أبا عبد الله الشيعي، فأقام باليمن أعواما، ثم حج، فصادف طائفة من كتامة حجاجا، فنفق عليهم، وأخذوه إلى المغرب، فأضلهم (3)، وكان
__________
= جغرافي.
وتاريخه المشار إليه هو " المختصر في أخبار البشر " مطبوع.
توفي الملك المؤيد سنة / 732 / ه.
انظر ترجمته في " الدرر الكامنة ": 1 / 396 - 399.
(1) زوجها.
(2) " المختصر في أخبار البشر ": 2 / 64 - 65 وما بين حاصرتين منه.
(3) " الكامل ": 8 / 31 - 34.
(*)

(15/148)


يقول: إن لظواهر الآيات والاحاديث بواطن، هي كاللب، والظاهر كالقشر، وقال: لكل آية ظهر وبطن.
فمن وقف على علم الباطن، فقد ارتقى عن رتبة التكاليف (1).
وكان أبو عبد الله ذا مكر ودهاء وحيل وربط.
وله يد في العلم.
فاشتهر بالقيروان، وبايعته البربر، وتألهوه لزهده، فبعث إليه متولي إفريقية يخوفه ويهدده، فما ألوى عليه.
فلما هم بقبضه، استنهض الذين تبعوه، وحارب فانتصر مرات، واستفحل أمره، فصنع صاحب إفريقية صنع محمد ابن يعفر صاحب اليمن، فرفض الامارة، وأظهر التوبة، ولبس الصوف، ورد المظالم، ومضى غازيا نحو الروم، فتملك بعده ابنه أبو العباس بن إبراهيم بن أحمد، ووصل الاب إلى صقلية، ومنها إلى طبرمين (2) فافتتحها.
ثم مات مبطونا في ذي القعدة سنة تسع وثمانين ومئتين.
كانت دولته ثمانيا وعشرين سنة، ودفن بصقلية (3).
وشهر الشيعي بالمشرقي، وكثرت جيوشه، وزاد الطلب لعبيد الله، فسار بابنه وهو صبي ومعهما أبو العباس أخو الداعي الشيعي فتحيلوا حتى وصلوا إلى طرابلس المغرب، وتقدمهما أبو العباس إلى القيروان، وبالغ زيادة الله الاغلبي (4) في تطلبهما، فوقع بأبي العباس فقرره، فأصر على
الانكار، فحبسه برقادة.
وعرف بذلك المهدي فعدل إلى سجلماسة، وأقام بها يتجر، فعلم به زيادة الله، وقبض متولي البلد على المهدي وابنه.
ثم
__________
(1) راجع كتاب " فضائح الباطنية " للغزالي.
(2) في الاصل: طرمين.
وهو تحريف.
قلعة بصقلية حصينة.
" معجم البلدان " / 4 / 17.
(3) " البيان المغرب ": 1 / 131 - 132.
(4) له ترجمة في " الحلة السيراء ": 1 / 175 - 178.
(*)

(15/149)


التقى زيادة الله والشيعي غير مرة، وينتصر الشيعي، وانهزم من السجن أبو العباس، ثم أمسك (1).
وأما زيادة الله فأيس من المغرب، ولحق بمصر.
وأقبل الشيعي وأخوه في جمع كثير.
فقصدا سجلماسة، فبرز لهما متوليها اليسع، فانهزم جيشه في سنة ست وتسعين ومئتين، وأخرج الشيعي عبيد الله وابنه، واستولى على البلاد، وتمهدت له المغرب (2).
ثم سار في (3) أربعين ألفا برا وبحرا، يقصد مصر، فنزل لبدة، وهي على أربعة مراحل من الاسكندرية.
ففجر تكين الخاصة (4) عليهم النيل فحال الماء بينهم وبين مصر (5).
قال المسبحي (6): فكانت وقعة برقة، فسلمها المنصور (7)، وانهزم إلى مصر.
وفيها سار حباسة الكتامي في عسكر عظيم طليعة بين يدي ابن المهدي.
فوصل إلى الجيزة، فتاه على المخاضة، وبرز إليه عسكر ومنعوه.
وكان النيل زائدا، فرجع جيش المهدي وعاثوا وأفسدوا (8).
__________
(1) انظر " الكامل ": 8 / 36 - 47.
(2) " الكامل ": 8 / 47 - 49.
(3) لم يغز المهدي مصر بنفسه، بل جهز العساكر وسيرها مع ولده أبي القاسم القائم.
(4) تقدمت ترجمته برقم / 55 / من هذا الجزء.
(5) " الكامل ": 8 / 84 - 85.
(6) هو محمد بن عبيد الله بن أحمد، المعروف بالمسبحي، أمير، مؤرخ، عالم بالادب.
له كتاب في تاريخ مصر، توفي سنة / 430 / ه انظر ترجمته في " وفيات الاعيان ": 4 / 377 - 380.
(7) خير المنصوري، أحد قادة تكين الخاصة.
انظر " ولاة مصر ": 287.
(8) " الكامل ": 8 / 89.
(*)

(15/150)


ثم قصدوا مصر في سنة ست وثلاث مئة مع القائم، فأخذ الاسكندرية، وكثيرا من الصعيد.
ثم (1) رجع، ثم أقبلوا في سنة ثمان وملكوا الجيزة.
وفي نسب المهدي أقوال: حاصلها أنه ليس بهاشمي ولا فاطمي.
وكان موته في نصف ربيع الاول سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وله اثنتان وستون سنة.
وكانت دولته خمسا وعشرين سنة وأشهرا (2).
وقام بعده ابنه القائم.
نقل القاضي عياض في ترجمة أبي محمد الكستراتي (3)، أنه سئل عمن أكرهه بنو عبيد على الدخول في دعوتهم أو يقتل ؟ فقال: يختار القتل ولا يعذر، ويجب الفرار، لان المقام في موضع يطلب من أهله تعطيل الشرائع، لا يجوز (4).
قال القاضي عياض: أجمع العلماء بالقيروان، أن حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة (5).
وقيل: إن عبيد الله تملك المغرب، فلم يكن يفصح بهذا المذهب إلا للخواص.
فلما تمكن أكثر القتل جدا، وسبى الحريم، وطمع في أخذ مصر.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 113.
(2) " الحلة السيراء ": 1 / 190 - 194.
(3) في " ترتيب المدارك " الكراني.
(4) " ترتيب المدارك ": 4 / 719.
(5) " ترتيب المدارك ": 4 / 720.
(*)

(15/151)


66 - القائم * صاحب المغرب، أبو القاسم محمد بن المهدي عبيد الله.
مولده بسلمية في سنة ثمان وسبعين ومئتين (1).
ودخل المغرب مع أبيه، فبويع هذا عند موت أبيه في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وكان مهيبا شجاعا، قليل الخير، فاسد العقيدة.
خرج عليه في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة أبو زيد مخلد بن كيداد البربري.
وجرت بينهما ملاحم، وحصره مخلد بالمهدية، وضيق عليه، واستولى على بلاده (2).
ثم وسوس القائم، واختلط وزال عقله، وكان شيطانا مريدا يتزندق.
ذكر القاضي عبد الجبار المتكلم، أن القائم أظهر سب الانبياء.
وكان
مناديه يصيح: العنوا الغار وما حوى (3).
وأباد عدة من العلماء.
وكان يراسل قرامطة البحرين، ويأمرهم بإحراق المساجد والمصاحف.
فتجمعت
__________
* الحلة السيراء: 1 / 285 - 291، الكامل: 8 / 284 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 208 وما بعدها، وفيات الاعيان: 5 / 19 - 20، المختصر في أخبار البشر: 2 / 80، 95،: العبر: 2 / 240، الوافي بالوفيات: 4 / 4، مرآة الجنان: 2 / 317، البداية والنهاية: 11 / 210 - 211، تاريخ ابن خلدون: 4 / 40 - 43، خطط المقريزي: 1 / 351، اتعاظ الحنفا: 107 - 120، النجوم الزاهرة: 3 / 287، شذرات الذهب: 2 / 337 - 338.
(1) وقيل سنة / 280 / ه.
انظر " وفيات الاعيان ": 5 / 20.
(2) كان ابتداء أمره سنة / 316 /.
انظر أخباره في " الكامل ": 8 / 422 - 441.
(3) " البيان المغرب ": 1 / 216.
(*)

(15/152)


الاباضية (1) والبربر على مخلد، وأقبل، وكان ناسكا قصير الدلق (2)، يركب حمارا (3)، لكنهم خوارج، وقام معه خلق من السنة والصلحاء، وكاد أن يتملك العالم، وركزت بنودهم (4) عند جامع القيروان فيها: لا إله إلا الله، لا حكم إلا لله.
وبندان أصفران فيهما: نصر من الله وفتح قريب.
وبند لمخلد فيه: اللهم انصر وليك على من سب نبيك (5).
وخطبهم أحمد بن أبي الوليد (6)، فحض على الجهاد، ثم ساروا، ونازلوا المهدية.
ولما التقوا وأيقن مخلد بالنصر، تحركت نفسه الخارجية، وقال لاصحابه: انكشفوا عن أهل القيروان، حتى ينال منهم عدوهم، ففعلوا ذلك، فاستشهد خمسة وثمانون نفسا من العلماء والزهاد (7).
وخوارج المغرب إباضية منسوبون إلى عبد الله بن يحيى بن إباض
الذي خرج في أيام مروان الحمار (8).
وانتشر أتباعه بالمغرب.
يقول: أفعالنا مخلوقة لنا.
ويكفر بالكبائر، ويقول: ليس في القرآن خصوص، ومن خالفه حل دمه.
__________
(1) من أكبر فرق الخوارج، وهم أصحاب عبد الله بن يحيى بن إباض.
الملقب: بطالب الحق، من أهل اليمن، خلع طاعة مروان بن محمد، وبويع له بالخلافة، واستولى على صنعاء ومكة، قتل سنة / 130 / ه.
انظر أخباره في " تاريخ الطبري ": 7 / 348 - 400.
وانظر أيضا " الملل والنحل ": 1 / 134 - 136.
(2) الدلق: ثوب متسع الاكمام طويلها (صبح الاعشى) 4 / 42.
(3) كان قد أهدي إليه حين دخل مرماجنة وهي قرية بأفريقية انظر " الكامل ": 8 / 423.
(4) مفردها: بند، وهو العلم الكبير، فارسي معرب.
(5) " البيان المغرب ": 1 / 217.
(6) أيام أبي يزيد، كان هو صاحب مظالم القيروان، والحاكم بها ايام أبي يزيد له ترجمة في " معالم الايمان ": 3 / 75 (ط 1320).
(7) " البيان المغرب ": 1 / 217 - 218.
(8) مروان بن محمد، آخر ملوك بني أمية تقدمت ترجمته في الجزء السادس برقم 17.
(*)

(15/153)


نعم، وكان القائم يسمى أيضا نزار (1)، ولما أخذ أكثر بلاد مصر في سنة سبع وثلاث مئة انتدب لحربه جيش المقتدر، عليهم مؤنس، فالتقى الجمعان.
فكانت وقعة مشهورة، ثم تقهقر القائم إلى المغرب، ووقع في جيشه الغلاء والوباء، وفي خيلهم.
وتبعه أياما جيش المقتدر (2).
وكان موت القائم في شوال سنة أربع وثلاثين محصورا بالمهدية (3).
لكن قام بعده ابنه المنصور.
وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد لما شهروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه.
وقد رأيت في ذلك تواريخ عدة، يصدق بعضها بعضا.
وعوتب بعض العلماء في الخروج مع أبي يزيد الخارجي، فقال: وكيف لا أخرج وقد سمعت الكفر بأذني ؟ حضرت عقدا فيه جمع من سنة ومشارقة، وفيهم أبو قضاعة الداعي، فجاء رئيس، فقال كبير منهم: إلى هنا يا سيدي ارتفع إلى جانب رسول الله يعني: أبا قضاعة، فما نطق أحد (4).
ووجد بخط فقيه (5).
قال: في رجب سنة 331 قام المكوكب يقذف الصحابة، ويطعن على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلقت رؤوس حمير وكباش على الحوانيت، كتب عليها أنها رؤوس صحابة.
__________
(1) ثمة خلاف حول اسمه، قيل: عبدالرحمن، وقيل: حسن.
ولكن الصحيح ما أورده الذهبي في أول الترجمة.
انظر " الحلة السيراء ": 1 / 285.
(2) " الكامل ": 8 / 113 - 114.
(3) " البيان المغرب ": 1 / 218.
(4) " انظر " معالم الايمان ": 3 / 37.
(5) انظر " معالم الايمان ": 3 / 38.
(*)

(15/154)


وخرج أبو إسحاق الفقيه (1) مع أبي يزيد، وقال: هم أهل القبلة، وأولئك ليسوا أهل قبلة.
وهم بنو عدو الله، فإن ظفرنا بهم، لم ندخل تحت طاعة أبي يزيد، لانه خارجي.
قال أبو ميسرة الضرير (2): أدخلني الله في شفاعة أسود رمى هؤلاء القوم بحجر.
وقال السبائي: أي والله نجد في قتل المبدل للدين.
وتسارع الفقهاء والعباد في أهبة كاملة بالطبول والبنود.
وخطبهم في الجمعة أحمد بن أبي الوليد، وحرضهم.
وقال: جاهدوا من كفر بالله وزعم أنه رب من دون الله، وغير أحكام الله، وسب نبيه وأصحاب نبيه.
فبكى الناس بكاء شديدا.
وقال: اللهم إن هذا القرمطي الكافر المعروف بابن عبيد الله، المدعي الربوبية، جاحد (3) لنعمتك، كافر بربوبيتك.
طاعن على رسلك، مكذب بمحمد نبيك، سافك للدماء.
فالعنه لعنا وبيلا، واخزه خزيا طويلا، واغضب عليه بكرة وأصيلا.
ثم نزل فصلى بهم الجمعة (4).
وركب ربيع القطان (5) فرسه ملبسا، وفي عنقه المصحف، وحوله
__________
(1) هو إبراهيم بن أحمد السبائي الزاهد، كان أوحد زمانه ورعا وعقلا، شديد العداوة لبني عبيد، مجاهرا لهم بالسب والتكفير.
توفي سنة / 356 / ه " معالم الايمان ": 3 / 77 - 92.
(2) أحمد بن نزار، أبو ميسرة، رجل صالح مشهور بالفقه، ستأتي ترجمته برقم / 218 / من هذا الجزء.
(3) في الاصل: بالنصب.
وكذلك في " معالم الايمان ".
(4) " البيان المغرب ": 1 / 285 و " معالم الايمان ": 3 / 39 - 40.
(5) ربيع بن سليمان بن عطاء الله، القطان، كان لسان أفريقية في وقته في الزهد والرقائق.
وكان جعل على نفسه أن لا يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله دولة بني عبيد.
انظر ترجمته في " ترتيب المدارك ": 3 / 323 - 332 و " معالم الايمان ": 3 / 35 - 41.
(*)

(15/155)


جمع كبير، وهو يتلو آيات جهاد الكفرة.
فاستشهد ربيع في خلق من الناس
يوم المصاف في صفر سنة أربع وثلاثين.
وكان غرض هؤلاء المجوس بني عبيد أخذه حيا ليعذبوه.
قال أبو الحسن القابسي: استشهد معه فضلاء، وأئمة وعباد (1).
وقال بعض الشعراء في بني عبيد: الماكر الغادر الغاوي لشيعته * شر الزنادق من صحب وتباع العابدين إذا عجلا يخاطبهم * بسحر هاروت من كفر وإبداع لو قيل للروم أنتم مثلهم لبكوا * أو لليهود لسدوا صمخ أسماع
67 - المنصور * أبو طاهر إسماعيل بن القائم بن المهدي، العبيدي الباطني، صاحب المغرب.
ولي بعد أبيه، وحارب رأس الاباضية (2) أبا يزيد مخلد بن كيداد الزاهد، والتقى الجمعان مرات، وظهر مخلد على أكثر المغرب، ولم يبق لبني عبيد سوى المهدية (3).
فنهض المنصور، وأخفى موت أبيه (4)، وصابر الاباضية حتى ترحلوا
__________
(1) " معالم الايمان ": 3 / 41.
* الكامل: 8 / 455 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 218 وما بعدها، وفيات الاعيان: 1 / 234 - 236، العبر: 2 / 257، مرآة الجنان: 4 / 333 - 334، البداية والنهاية: 11 / 225 - 226، تاريخ ابن خلدون: 4 / 43 - 45، اتعاظ الحنفا: 129 - 133، خطط المقريزي: 1 / 351، النجوم الزاهرة: 3 / 308، شذرات الذهب: 2 / 359 - 360.
(2) انظر الصفحة 153 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(3) " وفيات الاعيان ": 1 / 235.
(4) " الكامل ": 8 / 455.
(*)

(15/156)


عنه، ونازلوا مدينة سوسة، فبرز المنصور من المهدية والتقوا، فانكسر جيش مخلد على كثرتهم (1)، وأسر هو في سنة 336، فمات بعد الاسر بأربعة أيام من الجراح، فسلخ وحشي قطنا، وصلب (2).
وبنوا مدينة المنصورية مكان الوقعة، فنزلها المنصور (3).
وكان بطلا شجاعا، رابط الجأش، فصيحا مفوها يرتجل الخطب (4).
وفيه إسلام في الجملة وعقل بخلاف أبيه الزنديق.
وقد جمع في قصره مرة من أولاد جنده ورعيته عشرة آلاف صبي، وكساهم كسوة فاخرة، وعمل لهم وليمة لم يسمع قط بمثلها، وختنهم جميعا.
وكان يهب للواحد منهم المئة دينار والخمسين دينارا على أقدارهم.
ومن محاسنه أنه ولى محمد بن أبي المنظور (5) الانصاري قضاء القيروان.
وكان من كبار أصحاب الحديث، قد لقي إسماعيل القاضي، والحارث بن أبي أسامة، فقال: بشرط أن لا آخذ رزقا ولا أركب دابة (6)، فولاه ليتألف الرعية، فأحضر إليه يهودي قد سب (7)، فبطحه، وضربه إلى أن
__________
(1) " الكامل ": 8 / 434 - 435.
(2) " البيان المغرب ": 1 / 219 - 220.
(3) انظر " البيان المغرب ": 1 / 219.
و " معجم البلدان ": 3 / 391 - 392.
(4) " وفيات الاعيان ": 1 / 235.
(5) في " معالم الايمان ": 3 / 54 " ابن أبي المنصور ".
كان - رحمه الله - عالما بأصول الفقه، فاضلا صالحا، لا تأخذه في الله لومة لائم.
توفي سنة / 337 / وقد نيف على التسعين.
انظر " قضاة الاندلس وعلماء أفريقية ": 227 و " معالم الايمان ": 3 / 54 - 57.
(6) في " معالم الايمان ": 3 / 55 " فاشترط عليه أن لا يأخذ صلة، ولا يركب لهم دابة، ولا يقبل شهادة من طاف بهم أو قاربهم، ولا يركب إليهم مهنيا ولا معزيا ".
(7) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (*)

(15/157)


مات تحت الضرب، خاف أن يحكم بقتله فتحل عليه الدولة (1).
وأتى يوما بيته فوجد سلاف داية (2) السلطان تشفع في امرأة نائحة فاسقة ليطلقها من حبسه، فقال: مالك ؟ قالت: قضيب (3) محبوبة المنصور، تطلب منك أن تطلقها، فقال: ما منتنة لولا شئ لضربتك.
لعنك الله، ولعن من أرسلك فولولت، وشقت ثيابها.
ثم ذكرت أمرها للمنصور، فقال: ما أصنع به ؟ ما أخذ منا صلة، ولا نقدر على عزله، نحن نحب إصلاح البلد (4).
خرج في رمضان سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة إلى مكان يتنزه، فأصابه برد وريح عظيمة، فأثر ذلك فيه، ومرض، ومات عدد كبير ممن معه.
ثم مات هو في سلخ شوال من السنة.
وله تسع وثلاثون سنة (5).
وقد كان في سنة أربعين جهز جيشه في البحر إلى صقلية، فهزموا النصارى، وكانت ملحمة عظمي، قتل فيها من العدو ثلاثون ألفا، وأسر منهم ألوف، وغنم الجند ما لا يعبر عنه (6).
وقيل: إنه افتتح مدينة جنوه، ونهب أعمال سردانيه (7).
__________
(1) في " معالم الايمان ": 3 / 56 " وإنما فعل ذلك - والله أعلم - لانه لو رفع أمره إليه - يعني: للمنصور - لم يقتله بسبب السب، فأظهر إنما يضربه ضرب الادب، ليصل بذلك إلى قتله، فإذا قيل له: لم قتلته ؟ قال: مات من الضرب..".
(2) في " معالم الايمان ": 3 / 56 " جارية ".
(3) جارية أخرى للسلطان، ليس عنده أعز منها كما في " معالم الايمان ": 3 / 57.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 56 - 57.
(5) " الكامل ": 8 / 497 - 498.
(6) " الكامل ": 8 / 493 - 494.
(7) في " الكامل ": 8 / 310 أن القائم هو الذي افتتحها.
(*)

(15/158)


وحكم على مملكة صقلية.
وافتتح له نائبه عليها فتوحات، وانتصر على العدو وفرح بذلك المسلمون، وتوطد سلطانه (1).
وخلف خمسة بنين وست بنات (2).
وذكر المشايخ أنهم ما رأوا فتحا مثله قط.
وكان المنصور محببا إلى الرعية مقتصرا على إظهار التشيع.
وقام بعده المعز ولده.

68 - المعز * هو المعز لدين الله، أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم، العبيدي المهدوي المغربي الذي بنيت القاهرة المعزية له (3).
كان صاحب المغرب، وكان ولي عهد أبيه.
ولي سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، وسار في نواحي إفريقية يمهد ملكه، فذلل الخارجين عليه.
واستعمل مماليكه على المدن، واستخدم الجند، وأنفق الاموال (4)، وجهز مملوكه جوهر (5) القائد في الجيوش.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 473 - 474.
(2) " اتعاظ الحنفا ": 133.
* المنتظم: 7 / 82 - 83، الكامل: 8 / 498 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 221 وما
بعدها، وفيات الاعيان: 5 / 224 - 228، العبر: 2 / 339، البداية والنهاية: 11 / 283 - 284، تاريخ ابن خلدون: 4 / 45 - 51، خطط المقريزي: 1 / 351 - 354، 2 / 222، اتعاظ الحنفا: 134 - 265، النجوم الزاهرة: 4 / 69 - 104، تاريخ ابن إياس: 1 / 45 - 48، شذرات الذهب: 3 / 52 - 54.
(3) انظر " النجوم الزاهرة ": 4 / 34 - 54.
(4) " الكامل ": 8 / 498 - 499.
(5) أنظر ص / 120 / تعليق / 5 / من هذا الجزء.
(*)

(15/159)


فسار، فافتتح سجلماسة.
وسار إلى أن وصل إلى البحر الاعظم.
وصيد له من سمكه، وافتتح مدينة فاس.
وأسر صاحبها وصاحب سبتة، وبعث بهما إلى أستاذه (1)، وقيل: لم يقدر على سبتة، وكانت لصاحب الاندلس المرواني (2).
قال القفطي (3): عزم المعز على بعث جيشه إلى مصر، فسألته أمه أن يؤخر ذلك لتحج خفية فأجابها، وحجت، فأحس بقدومها الاستاذ كافور، يعني: صاحب مصر، فحضر إليها وخدمها، وحمل إليها تحفا، وبعث في خدمتها أجنادا، فلما رجعت، منعت ابنها من قصد مصر، فلما مات كافور بعث المعز جيشه، فأخذوا مصر (4).
قلت: قدم عليهم جوهرا، فجنى ما على البربر من الضرائب.
فكان ذلك خمس مئة ألف دينار.
وعمد المعز إلى خزائن آبائه، فبذل منها خمس مئة حمل من المال.
وساروا في أول سنة ثمان وخمسين في أهبة عظيمة (5).
وكانت مصر في القحط، فأخذها جوهر، وأخذ الشام والحجاز (6).
ونفذ يعرف مولاه بانتظام الامر.
وضربت السكة على الدينار بمصر [ وهي: لا إله إلا الله محمد رسول
__________
(1) " الكامل ": 8 / 524 - 255.
(2) " البيان المغرب ": 1 / 222.
(3) انظر ص / 145 / تعليق / 8 / من هذا الجزء.
(4) " النجوم الزاهرة ": 4 / 71.
(5) " وفيات الاعيان ": 5 / 226.
(6) " الكامل ": 8 / 590 - 592، 612.
(*)

(15/160)


الله، علي خير الوصيين ] والوجه الآخر اسم المعز والتاريخ (1).
وأعلن الاذان بحي على خير العمل (2)، ونودي: من مات عن بنت وأخ أو أخت فالمال كله للبنت.
فهذا رأي هؤلاء (3).
ثم جهز جوهر هدية إلى المعز، وهي عشرون كجاوة (4)، منها واحدة مرصعة بالجواهر، وخمسون فرسا كاملة العدة، وخمس وخمسون ناقة مزينة، وثلاث مئة وخمسون جملا بخاتي، وعدة أحمال من نفائس المتاع، وطيور في أقفاص.
سار بها جعفر ولد جوهر، ومعه عدة أمراء إخشيدية تحت الحوطة مكرمين (5).
واعتقل أبناء الملك علي بن الاخشيد في رفاهية.
وأحسن إلى الرعية، وتصدق بمال عظيم.
وأخذت الرملة بالسيف، وأسر صاحبها الحسن بن أخي الاخشيد، وأمراؤه، وبعثوا إلى المغرب (6).
وأمر الاعيان بأن يعولوا المساكين لشدة الغلاء.
فتهيأ المعز، واستناب على المغرب بلكين (7) الصنهاجي، وسار بخزائنه
وتوابيت آبائه (8).
وكان دخوله (9) إلى الاسكندرية في شعبان سنة اثنتين
__________
(1) " اتعاظ الحنفا ": 164 - 165.
(2) " الكامل ": 9 / 590.
(3) أنظر رأي جمهور أئمة المسلمين في هذه المسألة " المغني " 6 / 168، 169 لابن قدامة.
(4) الكجاوة: الهودج، واللفظة فارسية.
(5) " وفيات الاعيان ": 5 / 61.
(6) " وفيات الاعيان ": 5 / 60 - 61.
(7) انظر ترجمته في " الكامل ": 8 / 623 - 625 و " وفيات الاعيان ": 1 / 286 - 287.
(8) " اتعاظ الحنفا ": 186.
(9) انظر " الكامل ": 8 / 620 - 23 (*)

(15/161)


وستين وثلاث مئة.
وتلقاه قاضي مصر الذهلي (1) وأعيانها.
فأكرمهم، وطال حديثه معهم، وعرفهم أن قصده الحق والجهاد، وأن يختم عمره بالاعمال الصالحة، وأن يقيم أوامر جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعظ وذكر حتى أعجبهم، وبكى بعضهم.
ثم خلع عليهم (2)، وقال للقاضي أبي الطاهر الذهلي: من رأيت من الخلفاء ؟ فقال: واحدا، قال: من هو ؟ قال: مولانا، فأعجبه ذلك (3).
ثم إنه سار حتى خيم بالجيزة.
فأخذ عسكره في التعدية إلى الفسطاط، ثم دخل القاهرة، وقد بنى له بها قصر الامارة، وزينت مصر، فاستوى على سرير ملكه، وصلى ركعتين (4).
وكان عاقلا لبيبا حازما ذا أدب وعلم ومعرفة وجلالة وكرم.
يرجع في
الجملة إلى عدل وإنصاف، ولولا بدعته ورفضه، لكان من خيار الملوك.
قيل: إن زوجته صاحب مصر الاخشيد لما زالت دولتهم، أودعت عند يهودي بغلطاقا من جوهر، ثم إنها طلبته منه، فأنكره وصمم، فبذلت له كمه، فأصر.
فما زالت حتى قالت: خذه، وهات كما منه فما فعل.
فأتت القصر، فأذن المعز لها، فحدثته بأمرها.
فأحضر اليهودي، وقرره فلم يقر.
فنفذ إلى داره من أخرب حيطانها فوجدوا جرة فيها البغلطاق، فلما رآه المعز ابتهر من حسنه، وقد نقصه اليهودي درتين باعهما بألف وست مئة دينار.
فسلمه إليها، فاجتهدت أن يأخذه هدية منها أو بثمن فأبى.
فقالت:
__________
(1) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 1 / 313 - 314.
(2) " وفيات الاعيان ": 5 / 227.
(3) " اتعاظ الحنفا ": 189 - 190.
(4) " وفيات الاعيان ": 5 / 227.
(*)

(15/162)


يا أمير المؤمنين، إنما كان يصلح لي إذ كنا أصحاب البلاد، وأما اليوم، فلا، ثم أخذته ومضت (1).
قيل: إن المنجمين أخبروا المعز أن عليك قطعا، فأشاروا أن يتخذ سربا (2) يتوارى فيه سنة ففعل.
فلما طالت الغيبة ظن جنده المغاربة، أنه رفع، فكان الفارس منهم إذا رأى غمامة، ترجل، ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين، ثم إنه خرج بعد سنة فخرج فما عاش بعدها إلا يسيرا (3).
وللشعراء فيه مدائح (4).
ومن شعره.
أطلع الحسن من جبينك شمسا * فوق ورد من (5) وجنتيك أطلا
فكأن الجمال خاف على الور * د ذبولا (6) فمد بالشعر ظلا (7) ومن شعره: لله ما صنعت بنا * تلك المحاجر (8) في المعاجر (9) أمضى وأقضى في النفو * س من الخناجر في الحناجر
__________
(1) " النجوم الزاهرة ": 4 / 78.
(2) السرب، بالتحريك: بيت في الارض.
(3) " الكامل ": 8 / 664.
(4) من كبار الشعراء الذين مدحوا المعز الشاعر الاندلسي محمد بن هانئ.
انظر ترجمته في " معجم الادباء ": 19 / 92 - 105.
(5) في " وفيات الاعيان ": في.
(6) في " وفيات الاعيان ": جفافا.
(7) " وفيات الاعيان ": 5 / 228.
(8) مفردها: محجر.
ما بدا من البرقع من جميع العين.
(9) مفردها: معجر.
بكسر الميم، وهو ثوب تلفه المرأة على استدارة رأسها، ثم تجلبب فوقه بجلبابها.
" لسان العرب " (عجر).
(*)

(15/163)


ولقد تعبت ببينكم * تعب المهاجر في الهواجر (1) قيل: إنه أحضر إلى المعز بمصر كتاب (2) فيه شهادة جدهم عبيد الله بسلمية.
وفيه: وكتب عبيد الله بن محمد بن عبد الله الباهلي، فقال: نعم، هذه شهادة جدنا، وأراد بقوله الباهلي، أنه من أهل المباهلة (3) لا أنه من باهلة (4).
قلت: ظهر هذا الوقت الرفض، وأبدى صفحته، وشمخ بأنفه في
مصر والشام والحجاز والغرب بالدولة العبيدية، وبالعراق والجزيرة والعجم بيني بويه، وكان الخليفة المطيع ضعيف الدست، والرتبة مع بني بويه.
ثم ضعف بدنه، وأصابه فالج، وخرس فعزلوه، وأقاموا ابنه الطائع لله.
وله السكة والخطبة، وقليل من الامور، فكانت مملكة هذا المعز أعظم وأمكن.
وكذلك دولة صاحب الاندلس المستنصر بالله المرواني، كانت موطدة مستقلة كوالدة الناصر لدين الله الذي ولي خمسين عاما.
وأعلن الاذان بالشام ومصر بحي على خير العمل.
فلله الامر كله (5).
قيل: ما عرف عن المعز غير التشيع، وكان يطيل الصلاة، ومات قبله
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 5 / 228.
(2) في الاصل: فيها.
(3) المباهلة: الملاعنة، باهلت فلانا أي لاعنته، ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شئ فيقولوا: لعنة الله على الظالم منا.
" لسان العرب " (بهل).
(4) اسم لقبيلة عظيمة من قيس بن عيلان.
انظر ما كتبه عنها ابن الاثير في " اللباب ": 1 / 93 - 94.
(5) " النجوم الزاهرة ": 4 / 58.
(*)

(15/164)


بسنة ابنه عبد الله، ولي العهد، وصبر.
وغلقت مصر لعزائه ثلاثا.
وشيعوه بلا عمائم بل بمناديل صوف، فأمهم المعز بأتم صلاة وأحسنها.
في سنة ستين وثلاث مئة، وجد بالسوق...(1) قد نسج فيه: " المعز عزوجل "، فأحضر [ النساج ] (2) إلى جوهر، فأنكر ذلك، وصلب النساج ثم أطلق.
وأخذ المحتسب من الطحانين سبع مئة دينار فأنكر عليه جوهر، ورد الذهب إليهم.
وأبيع تليس (3) الدقيق بتسعة عشر دينارا، ثم انحل السعر في سنة ستين وثلاث مئة.
وكان الغلاء أربع سنين.
وقبض جوهر على تسع مئة وأربعين جنديا والاخشيد في وقت واحد، وقيدوا (4).
وثارت عليه القرامطة، واستولوا على كثير من الشام، وساروا حتى أتوا مصر، فحاربهم جوهر، وجرت أمور مهولة (5).
وعزل سنة 361 من الوزارة ابن حنزابة، وأهين (6).
ووقع المصاف بين جوهر والقرامطة.
وقتل خلق وذلك بظاهر القاهرة،
__________
(1) بياض في الاصل مقدار كلمة.
(2) زيادة يقتضيها سياق النص.
(3) شبه القفه، ويقول عامة صعيد مصر " للشوال " الضخم: " تليس ".
(4) " اتعاظ الحنفا ": 182.
(5) " الكامل ": 8 / 614 - 616.
(6) أنظر " وفيات الاعيان ": 1 / 346 - 350.
(*)

(15/165)


واستمر ذلك ثلاثة أيام، ثم ترحل الاعسم (1) القرمطي منهزما (2).
وذلوا، واتهم الاعسم أمراءه بالمخامرة، فقبض عليهم.
وصلى بالناس المعز يومي العيد صلاة طويلة بحيث إنه سبح في السجود نحو ثلاثين، ثم خطبهم فأبلغ، وأحبته الرعية (3).
وصنع شمسية لتعمل على الكعبة ثمانية أشبار في مثلها من حرير
أحمر.
وفيها أثنا عشر هلالا من ذهب، وفي الهلال ترنجة (4) قد رصعت بجواهر وياقوت وزمرد، لم يشاهد أحد مثلها (5).
وقدم له جوهر القائد تحفا بنحو من ألف ألف دينار، فخلع عليه، وأعطاه ما يليق به (6).
مات المعز في ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاث مئة بالقاهرة المعزية.
وكان مولده بالمهدية التي بناها جدهم.
وعاش ستا وأربعين سنة.
وكانت دولته أربعا وعشرين سنة (7).
وقام بعده ابنه العزيز بالله.
__________
(1) هو الحسن بن أحمد بن أبي سعيد، الجنابي القرمطي، أبو علي، أحد زعماء القرامطة، ولد بالاحساء سنة / 278 / وتنقلت به الاحوال، فاستولى على الشام سنة / 357 / ووجه إليه المعز جيشا من مصر بقيادة جعفر بن فلاح، فهزمه القرمطي، وذبح جعفر، زحف إلى مصر سنة / 361 / فحاصرها أشهرا، ثم عاد يريد الشام، فمات بالرملة سنة / 366 /.
وذكرت أغلب المراجع لقبه " الاعصم " وهو الصحيح.
وفي " النجوم الزاهرة " " الاعظم ".
أنظر " فوات الوفيات ": 1 / 227.
(2) " اتعاظ الحنفا ": 182.
(3) " اتعاظ الحنفا ": 190 - 191.
(4) ثمرة كالليمون، ذهبية اللون، ذكية الرائحة، ذات طعم حامض.
(5) " اتعاظ الحنفا ": 193 - 194.
(6) " اتعاظ الحنفا ": 192.
(7) " الكامل ": 8 / 663.
(*)

(15/166)


وقد جرى على دمشق وغيرها من عساكر المغاربة كل قبيح من القتل
والنهب.
وفعلوا ما لا يفعله الفرنج.
ولولا خوف الاطالة لسقت ما يبكي الاعين (1).

69 - العزيز بالله * صاحب مصر أبو منصور نزار بن المعز معد بن إسماعيل، العبيدي المهدوي المغربي.
ولد سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
قام بعد أبيه في ربيع الاول سنة خمس وستين.
وكان كريما شجاعا صفوحا أسمر أصهب الشعر، أعين (2)، أشهل (3)، بعيد ما بين المنكبين، حسن الاخلاق، قريبا من الرعية، مغرى بالصيد، ويكثر من صيد السباع، ولا يؤثر سفك الدماء.
وله نظم ومعرفة (4).
توفي في العيد ولد له فقال: نحن بنو المصطفى ذوو محن * أولنا مبتلى وخاتمنا (5)
__________
(1) انظر " الكامل ": 8 / 591 - 592، 640 - 643.
* المنتظم: 7 / 190، الكامل: 8 / 363 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 229 وما بعدها، وفيات الاعيان: 5 / 371 - 376، العبر: 3 / 34، البداية والنهاية: 121 / 320 تاريخ ابن خلدون: 4 / 51 - 56، خطط المقريزي: 1 / 354، النجوم الزاهرة: 4 / 112، 125، تاريخ ابن إياس: 1 / 48 - 50، شذرات الذهب: 3 / 121.
(2) أي واسع العين: (3) الشهلة في العين: أن يشوب سوادها زرقة.
(4) " وفيات الاعيان ": 5 / 372.
(5) في " يتيمة الدهر ": وآخرنا.
(*)

(15/167)


عجيية في الانام محنتنا * يجرعها في الحياة كاظمنا يفرح هذا الورى بعيدهم * طرا، وأعيادنا (1) مآتمنا (2) قال أبو منصور الثعالبي في " اليتيمة ": سمعت الشيخ أبا الطيب يحكي أن الاموي صاحب الاندلس كتب إليه نزار صاحب مصر كتابا سبه فيه وهجاه، فكتب إليه الاموي: " أما بعد: فإنك عرفتنا فهجوتنا.
ولو عرفناك لاجبناك (3) ".
فاشتد هذا على العزيز، وأفحمه عن الجواب، يشير أنك دعي لا نعرف قبيلتك.
قال أبو الفرج بن الجوزي: كان العزيز قد ولى عيسى بن نسطورس (4) النصراني أمر مصر، واستناب منشا اليهودي بالشام.
فكتبت إليه امرأة: بالذي أعز اليهود والنصارى بمنشا وابن نسطورس، وأذل المسلمين بك، إلا ما نظرت في أمري.
فقبض على الاثنين.
وأخذ من عسيى ثلاث مئة ألف دينار (5).
قال ابن خلكان وغيره: أكثر أهل العلم لا يصححون نسب المهدي عبيد الله جد خلفاء مصر، حتى إن العزيز في أول ولايته صعد المنبر يوم جمعة، فوجد هناك رقعة فيها: إذا سمعنا نسبا منكرا * نبكي على المنبر والجامع (6)
__________
(1) في " يتيمة الدهر " وأفراحنا.
(2) الابيات في " يتيمة الدهر ": 1 / 254 مع اختلاف.
فصدر البيت الاول مع عجز البيت الثاني، وصدر البيت الثاني مع عجز البيت الاول.
(3) " يتيمة الدهر ": 1 / 255.
(4) في الاصل: نسطور.
(5) " المنتظم ": 7 / 190.
(6) في " وفيات الاعيان ": 5 / 373.
إنا سمعنا نسبا منكرا * يتلى على المنبر في الجامع (*)

(15/168)


إن كنت فيما تدعي صادقا * فاذكر أبا بعد الاب الرابع (1) وإن ترد تحقيق ما قلته * فانسب لنا نفسك كالطائع أولا دع الانساب مستورة * وادخل بنا في النسب الواسع فإن أنساب بني هاشم * يقصر عنها طمع الطامع (2) وصعد مرة أخرى، فرأى ورقة فيها: بالظلم والجور قد رضينا * وليس بالكفر والحماقه إن كنت أعطيت علم غيب * فقل لنا كاتب البطاقة ثم قال ابن خلكان: وذلك لانهم ادعوا علم المغيبات.
ولهم في ذلك أخبار مشهورة (3).
وفتحت للعزيز حلب وحماه وحمص.
وخطب أبو الذواد محمد بن المسيب بالموصل له.
ورقم اسمه على الاعلام والسكة سنة 383، وخطب له أيضا باليمن وبالشام ومدائن المغرب (4).
وكانت دولة هذا الرافضي أعظم بكثير من دولة أمير المؤمنين الطائع ابن المطيع العباسي.
قال المسبحي (5): وفي سنة ثمانين، أسس جامع القاهرة (6).
وفي
__________
(1) في الاصل: السابع، وما أثبتناه من " وفيات الاعيان ": 5 / 373.
(2) " وفيات الاعيان ": 5 / 373.
(3) " وفيات الاعيان ": 5 / 373 - 374.
(4) المصدر السابق.
(5) انظر ص 150 تعليق (6).
(6) وأتمه ابنه الحاكم.
انظر " خطط المقريزي ": 2 / 277.
(*)

(15/169)


أيام العزيز بني قصر البحر الذي لم يكن (1) مثله في شرق ولا غرب.
وجامع القرافة وقصر الذهب (2).
وفي أيامه أظهر سب الصحابة جهارا.
وفي سنة 366 حجت جميلة بنت ناصر الدولة، صاحب الموصل.
فمما كان معها أربع مئة محمل.
فكانت لا يدرى في أي محمل هي.
وأعتقت خمس مئة نفس.
ونثرت على الكعبة عشرة آلاف مثقال (3).
وسقت جميع الوفد سويق السكر والثلج كذا قال الثعالبي، وخلعت وكست خمسين ألفا.
ولقد خطبها السلطان عضد الدولة، فأبت فحنق لذلك، ثم تمكن منها، فأفقرها وعذبها، ثم ألزمها أن تقعد في الحانة لتحصل من الفاحشة ما تؤدي، فمرت مع الاعوان، فقذفت نفسها في دجلة، فغرقت، عفا الله عنها (4).
وفي سنة 67 جرت وقعات بين المصريين، وهفتكين (5) الامير، وقتل خلق، وضرب المثل بشجاعة هفتكين.
وهزم الجيوش، وفر منه جوهر القائد.
فسار لحربه صاحب مصر العزيز بنفسه، فالتقوا بالرملة.
وكان هفتكين على فرس أدهم يجول في الناس، فبعث إليه العزيز رسولا، يقول: أزعجتني وأحوجتني لمباشرة الحرب، وأنا طالب للصلح، وأهب لك الشام كله.
قال: فنزل وباس الارض، واعتذر ووقع الحرب.
وقال: فات الامر، ثم حمل على الميسرة، فهزمها، فحمل العزيز بنفسه عليه في
__________
(1) في " وفيات الاعيان ": 5 / 372 " لم يبن ".
(2) انظر " خطط المقريزي ": 1 / 384، وحواشي " النجوم الزاهرة ": 4 / 113.
(3) " المنتظم ": 7 / 84.
(4) انظر ص / 121 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(5) انظر ص / 120 / تعليق / 6 / من هذا الجزء.
(*)

(15/170)


الابطال فانهزم هفتكين، ومن معه والقرامطة، واستحر بهم القتل.
ونودي: من أسر هفتكين فله مئة ألف دينار.
وذهب هفتكين جريحا في ثلاثة، فظفر به مفرج بن دغفل.
ثم أتى به العزيز، فلم يؤذه بل بلغه أعلى الرتب مديدة ثم سقاه ابن كلس (1) الوزير، فأنكر العزيز ذلك.
فداراه ابن كلس بخمس مئة ألف دينار (2).
وفي سنة 368 توثب على دمشق قسام الجبيلي التراب (3)، والتف عليه أحداث البلد وشطارها.
ولم يبق لاميرها معه أمر (4).
وجاء رسول العزيز إلى أمير الوقت عضد الدولة ليخطب له، فأجابه بتلطف وود وإتحاف، ولم يتهيأ ذلك (5)، وفيها، أي سنة 69: سلطن الطائع عضد الدولة.
وبلغه أقصى الرتب، وفوض إليه أمور الرعية شرقا وغربا، وعقد بيده له لواءين، وزاد في ألقابه " تاج الملة " (6).
وتزوج الطائع ببنته على مئة ألف دينار (7).
__________
(1) وهو يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن كلس، أبو الفرج، ولد ببغداد وسافر به أبوه إلى الشام، ثم أنفذه إلى مصر، فاتصل بكافور الاخشيدي، فولاه ديوانه بالشام ومصر، ووثق به.
وكان يهوديا فأسلم.
ثم انتقل إلى المغرب الاقصى فخدم المعز ثم ولي وزارة العزيز، وتوفي في
أيامه سنة / 380 / ه انظر " وفيات الاعيان ": 7 / 27 - 34.
(2) انظر " الكامل ": 8 / 656 - 661.
(3) قسام الحارثي، من قرية من قرى سنير يقال لها: تلفيتا، كان ينقل في أول أمره التراب على الدواب، ثم انتقلت به الاحوال حتى غلب على دمشق وأرسل العزيز جيشا من مصر لحربه، فقاتله أياما ثم ضعف أمره واستأمن سنة / 376 / ه له ترجمة في " أمراء دمشق ": 68.
(4) " ذيل تاريخ دمشق ": 21 وما بعدها.
(5) " المنتظم ": 7 / 98.
(6) " المنتظم ": 7 / 98 - 100.
(7) " المنتظم ": 7 / 101.
(*)

(15/171)


وفي سنة سبعين رجع عضد الدولة من همذان، فخرج الطائع لتلقيه، أكره على ذا، وما جرت عادة لخليفة (1) بهذا.
وفي سنة إحدى، وقع حريق عظيم ببغداد.
وذهبت الاموال (2).
وفي سنة اثنتين مات السلطان عضد الدولة، والسيدة المحجبة سارة أخت المقتدر، وقد قاربت التسعين.
ولطموا أياما في الاسواق على العضد، وتملك ابنه صمصام (3) الدولة.
وفي سنة 377 تهيأ العزيز لغزو الروم، فأحرقت مراكبه فغضب، وقتل مئتي نفس اتهمهم.
ثم وصلت رسل طاغية الروم بهدية، تطلب الهدنة، فأجاب بشرط أن لا يبقى في مملكتهم أسير، وبأن يخطبوا للعزيز بقسطنطينية في جامعها.
وعقدت سبعة أعوام (4).
ومات متولي إفريقية يوسف بلكين (5)، وقام ابنه المنصور، وبعث تقادم إلى العزيز قيمتها ألف ألف دينار (6).
واشتد القحط ببغداد.
وابتيعت كارة (7) الدقيق بمئتين وستين درهما (8).
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 104.
(2) " المنتظم ": 7 / 107 - 108.
(3) " المنتظم ": 7 / 113.
(4) " النجوم الزاهرة ": 4 / 151 - 152.
(5) في الاصل: يوسف بن بلكين.
وهو وهم.
إذ أن بلكين يسمى (يوسف) أيضا.
وقد توفي سنة / 373 / ه انظر " وفيات الاعيان ": 1 / 286.
(6) " الكامل ": 9 / 34 وفيه " وأرسل هدية عظيمة إلى العزيز.
قيل: كانت قيمتها ألف ألف دينار ".
(7) الكارة: خمسون رطلا.
(8) " المنتظم ": 7 / 132.
(*)

(15/172)


وغلب شرف الدولة على بغداد، وقبض على أخيه الصمصام (1).
وفي سنة 381 عزل من الخلافة الطائع، وولي القادر (2).
وفي سنة ست وثمانين في رمضان مات العزيز ببلبيس (3) في حمام من القولنج، وعمره اثنتان وأربعون سنة وأشهر.
وقام ابنه الحاكم الزنديق (4).

70 - الحاكم * صاحب مصر الحاكم بأمر الله، أبو علي منصور بن العزيز نزار بن المعز معد بن المنصور إسماعيل بن القائم محمد بن المهدي، العبيدي المصري الرافضي، بل الاسماعيلي الزنديق المدعي الربوبية.
مولده في سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وأقاموه في الملك بعد أبيه، وله إحدى عشرة سنة.
فحكى هو، قال: ضمني أبي وقبلني وهو عريان، وقال: امض فالعب، فأنا في عافية.
قال: ثم توفي، فأتاني برجوان (5)، وأنا على جميزة في الدار،
__________
(1) المصدر نفسه.
(2) " المنتظم ": 7 / 156 - 161.
وانظر ترجمة القادر بالله رقم / 63 / من هذا الجزء.
(3) مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام.
(4) " الكامل ": 9 / 116 - 118.
* المنتظم: 7 / 297 - 300، الكامل: 9 / 118 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 286، وفيات الاعيان: 5 / 292 - 298، العبر: 3 / 104 - 106، البداية والنهاية: 12 / 9 - 11، تاريخ ابن خلدون: 4 / 56 - 61، خطط المقريزي: 1 / 354، النجوم الزاهرة: 4 / 176 - 196، تاريخ ابن إياس: 1 / 50 - 58، شذرات الذهب: 3 / 192 - 195.
(5) هو أبو الفتوح، برجوان، كان من خدام العزيز، ومدبري دولته، نافذ الامر، مطاعا، = (*)

(15/173)


فقال: انزل ويحك، الله الله فينا، فنزلت، فوضع العمامة بالجوهر على رأسي، وقبل الارض ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، وخرج بي إلى الناس، فقبلوا الارض، وسلموا علي بالخلافة (1).
قلت: وكان شيطانا مريدا جبارا عنيدا، كثير التلون، سفاكا للدماء، خبيث النحلة، عظيم المكر جوادا ممدحا، له شأن عجيب، ونبأ غريب، كان فرعون زمانه، يخترع كل وقت أحكاما يلزم الرعية بها.
أمر بسب الصحابة
رضي الله عنهم، وبكتابة ذلك على أبواب المساجد والشوارع.
وأمر عماله بالسب، وبقتل الكلاب في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.
وأبطل الفقاع (2) والملوخيا، وحرم السمك الذي لا فلوس عليه (3)، ووقع ببائع لشئ من ذلك فقتلهم (4).
وفي سنة اثنتين وأربع مئة، حرم بيع الرطب، وجمع منه شيئا عظيما، فأحرقه، ومنع من بيع العنب، وأباد الكروم (5).
وأمر النصارى بتعليق صليب في رقابهم زنته رطل وربع بالدمشقي.
وألزم اليهود أن يعلقوا في أعناقهم قرمية في زنة الصليب إشارة إلى رأس العجل الذي عبدوه، وأن تكون عمائمهم سودا، وأن يدخلوا الحمام بالصليب وبالقرمية.
ثم أفرد لهم حمامات.
وأمر في العام بهدم كنيسة قمامة (6)، وبهدم كنائس مصر.
__________
= نظر في أيام الحاكم في ديار مصر والحجاز والمغرب، وذلك في سنة / 388 / وقتل بأمر الحاكم سنة / 390 / له ترجمة في " وفيات الاعيان " 1 / 270 - 271.
(1) " وفيات الاعيان ": 5 / 375 - 376.
(2) شراب يتخذ من الشعير.
(3) " وفيات الاعيان ": 5 / 293 الفلس: القشرة على ظهر السمكة.
(4) الوجه: فقتله.
(5) " وفيات الاعيان ": 5 / 293.
(6) في بيت المقدس.
(*)

(15/174)


فأسلم عدة، ثم إنه نهى عن تقبيل الارض، وعن الدعاء له في الخطب وفي الكتب.
وجعل بدله السلام عليه (1).
وقيل: إن ابن باديس (2) أمير المغرب بعث ينقم عليه أمورا.
فأراد أن
يستميله، فأظهر التفقه، وحمل في كمه الدفاتر، وطلب إلى عنده فقيهين، وأمرهما بتدريس فقه مالك في الجامع، ثم تغير، فقتلهما صبرا (3).
وأذن للنصارى الذين أكرههم في العود إلى الكفر.
وفي سنة 404 نفى المنجمين من بلاده (4)، ومنع السناء من الخروج من البيوت، فأحسن وأبطل عمل الخفاف لهن جملة، وما زلن ممنوعات من الخروج سبع سنين وسبعة أشهر (5).
ثم بعد مدة أمر بإنشاء ماهدم من الكنائس، وبتنصر من أسلم (6).
وأنشأ الجامع بالقاهرة، وكان العزيز ابتدأه (7).
وقد خرج عليه أبوركوة (8) الوليد بن هشام العثماني الاندلسي بأرض برقة، والتف عليه البربر، واستفحل أمره، فجهز الحاكم لحربه جيشا،
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 5 / 293 - 294.
(2) المعز بن باديس، كان ملكا جليلا، قطع خطبة المستنصر، وخلع طاعته، وخطب للقائم بأمر الله الخليفة العباسي، توفي سنة / 454 / بالقيروان.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 5 / 233 - 235.
(3) " العبر ": 3 / 105 - 106.
(4) " وفيات الاعيان ": 5 / 294.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق.
(7) " خطط المقريزي ": 2 / 277.
(8) انظر ص / 131 / تعليق / 6 / من هذا الجزء.
(*)

(15/175)


فانتصر أبوركوة وتملك وجرت خطوب، ثم أسر وقتل من جنده نحو من
سبعين ألفا.
وحمل إلى الحاكم في سنة 397، فذبحه صبرا (1).
وقد حبب في الآخر إلى الحاكم العزلة، وبقي يركب وحده في الاسواق على حمار، ويقيم الحسبة بنفسه، وبين يديه عبد ضخم فاجر، فمن وجب عليه تأديب، أمر العبد أن يولج فيه، والمفعول به يصيح (2).
وقيل: إنه أراد ادعاء الالهية، وشرع في ذلك، فكلمه الكبراء، وخوفوه من وثوب الناس، فتوقف (3).
وفي سنة إحدى وأربع مئة، أقام الدعوة قرواش بن مقلد بالموصل للحاكم، فأعطى الخطيب نسخة بما يقوله: الحمد لله الذي انجلت بنوره غمرات الغصب وانقهرت بقدرته أركان النصب، وأطلع بأمره شمس الحق من الغرب، ومحى بعدله جور الظلمة، فعاد الحق إلى نصابه الباين بذاته، المنفرد بصفاته، لم يشبه الصور فتحتويه الامكنة، ولم تره العيون فتصفه.
ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم على أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وعماد العلم، وعلى أغصانه البواسق.
اللهم وصل على الامام المهدي بك، والذي جاء بأمرك، وصل على القائم بأمرك، والمنصور بنصرك، وعلى المعز لدينك، المجاهد في سبيلك.
وصل على العزيز بك، واجعل نوامي صلواتك على مولانا إمام الزمان، وحصن
__________
(1) انظر " الكامل ": 9 / 197 - 203.
(2) " تاريخ ابن إياس ": 1 / 53.
(3) " البيان المغرب ": 1 / 286.
(*)

(15/176)


الايمان، صاحب الدعوة العلوية عبدك ووليك أبي علي الحاكم بأمرك أمير المؤمنين (1).
وأقيمت الدعوة على يد قرواش بالكوفة وبالمدائن (2).
ثم استمال القادر بالله قرواشا، ونفذ إليه تحفا بثلاثين ألف دينار.
فأعاد له الخطبة (3).
واستحوذت العرب على الشام، وحاصروا القلاع.
وتم القحط الشديد بنيسابور ونواحيها، حتى هلك مئة ألف أو يزيدون.
وأكلت الجيف ولحوم الآدميين (4).
وفي الاربع مئة وبعدها كانت الاندلس تغلي بالحروب والقتال على الملك (5).
وأنشأ دار كبيرة ملاها قيودا وأغلالا، وجعل لها سبعة أبواب، وسماها جهنم.
فكان من سخط عليه، أسكنه (6) فيها.
ولما أمر بحريق مصر، واستباحها، بعث خادمه ليشاهد الحال.
فلما رجع، قال: كيف رأيت ؟ قال: لو استباحها طاغية الروم ما زاد على ما رأيت، فضرب عنقه.
وفي سنة اثنتين وأربع مئة كتب ببغداد محضر يتضمن القدح في أنساب
__________
(1) الخطبة بتمامها في " المنتظم ": 7 / 248 - 251.
(2) " المنتظم ": 7 / 251.
(3) المصدر السابق.
(4) " الكامل ": 9 / 225.
(5) " الكامل ": 9 / 216 - 219.
(6) " البيان المغرب ": 1 / 286.
(*)

(15/177)


أصحاب مصر وعقائدهم وأنهم أدعياء.
وأن انتماءهم إلى الامام علي باطل
وزور، وأن الناجم بمصر اليوم وسلفه (1) كفار وفساق زنادقة، وأنهم لمذهب الثنوية معتقدون، عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبوا الانبياء، وادعوا الربوبية، فكتب خلق في المحضر منهم الشريف الرضي، وأخوه المرتضى، والقاضي أبو محمد بن الاكفاني، والشيخ أبو حامد الاسفراييني، وأبو محمد الكشفلي الفقيه، والقدوري، والصيمري، وعدة (2).
وهرب من مصر ناظر الديوان الوزير أبو القاسم بن المغربي إذ قتل الحاكم أباه وعمه وصار إلبا عليه يسعى في زوال ملكه (3)، وحسن لمفرج الطائي أمير العرب الخروج على الحاكم.
ففعل وقتل قائد جيشه، وعزموا على مبايعة صاحب مكة العلوي، وكاد أن يتم ذلك ثم تلاشى (4).
وفي سنة ثلاث وأربع مئة، أخذ الوفد العراقي، وغورت المياه، وهلك بضعة عشر ألف مسلم.
ثم أخذ من العرب ببعض الثأر.
وقتل عدة (5).
وبعث الملك محمود بن سبكتكين كتابا إلى الخليفة بأنه ورد إليه من الحاكم كتاب يدعوه فيه إلى بيعته.
وقد خرق الكتاب، وبصق عليه (6).
وفي سنة أربع جعل الحاكم ولي عهده ابن عمه عبدالرحيم بن
__________
(1) في الاصل: وسيلة، وما أثبتناه من " المنتظم ": 7 / 255.
(2) " المنتظم ": 7 / 255 - 257.
وانظر أيضا ص / 132 - 133 / من هذا الجزء.
(3) " اتعاظ الحنفا ": 307.
(4) " الكامل ": 9 / 122 - 123.
(5) " المنتظم ": 7 / 260 - 261.
(6) " المنتظم ": 7 / 262.
(*)

(15/178)


إلياس (1)، وصلحت سيرته، وأعتق أكثر مماليكه.
وفي هذا القرب تمت ملحمة عظيمة بين ملك الترك طغان بالمسلمين، وبين عساكر الصين، فدامت الحرب أياما، وقتل من كفار الصين نحو من مئة ألف (2).
وفي سنة خمس ظفر الحاكم بنساء على فساد، فغرقهن، وكانت الغاسلة لا تخرج إلى امرأة إلا مع عدلين.
ومر القاضي مالك بن سعيد الفارقي.
فنادته صبية من روزنة (3): أقسمت عليك بالحاكم أن تقف، فوقف فبكت، وقالت: لي أخ يموت، فبالله إلا ما حملتني إليه لاراه، فرق، وبعث معها عدلين، فأتت بيتا، فدخلت، والبيت لعاشقها.
فجاء الزوج، فسأل الجيران، فحدثوه، فجاء إلى القاضي، وصاح، وقال: لا أخ لها، وما أفارقك [ حتى تردها إلي ] (4)، فحار القاضي، وطلع بالرجل إلى الحاكم، ونادى العفو فأمره أن يركب مع الشاهدين، فوجدوا المرأة والشاب في إزار واحد على خمار (5)، فحملا على هيئتهما.
فسألها الحاكم فأحالت على الشاب، وقال: بل هجمت علي، وزعمت أنها بلا زوج، فلفت في بارية (6)، وأحرقت، وضرب الشاب ألف سوط (7).
وولي دمشق للحاكم عدة أمراء ما كان يدع النائب يستقر حتى يعزله.
__________
(1) " اتعاظ الحنفا ": 311.
(2) " الكامل ": 9 / 297.
(3) الكوة.
(4) زيادة من " المنتظم ": 7 / 269.
(5) الخمار - بضم الخاء - من الخمر: ما يصيب شاربها من ألمها وصداعها.
(6) حصير منسوج من قصب، فارسية معربة.
(7) " المنتظم ": 7 / 268 - 270.
(*)

(15/179)


وفي سنة سبع وأربع مئة سقطت قبة الصخرة (1).
وفيها استولى ابن سبكتكين على خوارزم (2).
وفيها قتل الدرزي (3) الزنديق لادعائه ربوبية الحاكم.
وفي سنة تسع افتتح محمود مدينتين من الهند، وجرت له حروب وملاحم عجيبة (4).
وفي شوال سنة إحدى عشرة وأربع مئة في لحاكم، وكان الخلق في ضنك (5) من العيش معه، صالحهم وطالحهم، وكانوا يدسون إليه الرقاع المختومة بسبه والدعاء عليه، لانه كان يدور في القاهرة على دابة، ويتزهد.
وعملوا هيئة امرأة من كاغد (6) بخف وإزار في يدها قصة، فأخذها فرأى فيها العظائم، فهم بالمرأة فإذا هي تمثال، فطلب العرفاء والامراء فأمر بالمضي إلى مصر ونهبها وإحراقها، فذهبوا لذلك، فقاتل أهلها، ودافعوا واستمرت النار، والحرب بين الرعية والعبيد ثلاثا، وهو يركب حماره، ويشاهد الحريق والضجة فيتوجع للناس، ويقول: لعن الله من أمر بهذا.
فلما كان ثالث يوم اجتمع الكبراء والمشايخ إليه، ورفعوا المصاحف وبكوا، فرحمهم جنده الاتراك، وانضموا إليهم، وقاتلوا معهم.
وقال هو: ما أذنت لهم، وقد أذنت لكم في الايقاع بهم.
وبعث في السر إلى العبيد: استمروا، وقواهم بالاسلحة.
وفهم
__________
(1) " المنتظم ": 7 / 283.
(2) " المنتظم ": 7 / 284.
(3) أنظر ص / 135 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(4) " الكامل ": 9 / 308 - 310.
(5) أي في ضيق.
(6) القرطاس وهو الصحيفة يكتب فيها.
فارسي معرب.
(*)

(15/180)


ذلك الناس، فبعثوا إليه يقولون: نحن نقصد أيضا القاهرة، فأمر العبيد بالكف بعد أن أحرق من مصر ثلثها، ونهب وأسر النصف، ثم اشترى الناس حرمهم من العبيد بعد أن فجروا بهن، وكان قوم من جهلة الغوغاء إذا رأوا الحاكم، يقولون: يا واحد، يا أحد، يا محيي يا مميت، ثم أوحش أخته ست الملك بمراسلات قبيحة أنها تزني، فغضبت، وراسلت الامير ابن دواس، وكان خائفا من الحاكم، ثم ذهبت إليه سرا، فقبل قدمها، فقالت: جئت في أمر أحرس نفسي ونفسك، قال: أنا مملوكك، قالت: أنت ونحن على خطر من هذا.
وقد هتك الناموس الذي قرره آباؤنا، وزاد به جنونه، وعمل ما لا يصبر عليه مسلم، وأنا خائفة أن يقتل فنقتل، وتنقضي هذه الدولة أقبح انقضاء.
قال: صدقت، فما الرأي ؟ قالت: تحلف لي، وأحلف لك على الكتمان، فتعاقدا على قتله، وإقامة ابنه، وتكون أنت أتابكه (1)، فاختر عبدين تعتمد عليهما على سرك.
فأحضر عبدين شهمين أمينين، فحلفتهما، وأعطتهما ألف دينار، وإقطاعا.
وقالت: اكمنا له في الجبل، فإنه غدا يصعد، وما معه سوى ركابي ومملوك، ثم ينفرد عنهما فدونكماه، وكان الحاكم ينظر في النجوم وعليه قطع حينئذ متى نجا منه عاش نيفا وثمانين سنة.
فأعلم أمه، وأعطاها مفتاح خزانة فيها ثلاث مئة ألف دينار، وقال: حوليها إلى قصرك، فبكت، وقالت: إذا كنت تتصور هذا فلا
تركب الليلة، قال: نعم.
وكان يعس (2) في رجال، ففعل ذلك، ونام، فانتبه [ في ] الثلث الاخير، وقال: إن لم أركب وأتفرج، خرجت نفسي.
وكان مسودنا، فركب وصعد في الجبل، ومعه صبي، فشد عليه العبدان
__________
(1) الاتابكي: هو من ألقاب أمير الجيوش، ومن في معناه " صبح الاعشى ": 6 / 5 - 6.
(2) عس.
من باب (رد): طاف بالليل.
(*)

(15/181)


فقطعا يديه، وشقا جوفه، وحملاه في عباءة له إلى ابن دواس، وقتلا الصبي، وأتى به ابن دواس إلى أخته فدفنته في مجلس سرا (1).
وطلبت الوزير واستكتمته، وأن يطلب ولي العهد عبدالرحيم ليسرع، وكان بدمشق، وجهزت أميرا في الطريق ليقبض على عبدالرحيم، ويدعه بتنيس، وفقد الحاكم، وماج الخلق، وقصدوا الجبل، فما وقفوا له على أثر.
وقيل: بل وجدوا حماره معرقبا (2)، وجبته بالدماء، وقيل: قالت أخته: إنه أعلمني أنه يغيب في الجبل أسبوعا، ورتبت ركابيه يمضون ويعودون، فيقولون: فارقناه بمكان كذا وكذا، ووعدنا إلى يوم كذا.
وأقبلت ست الملك تدعو الامراء وتستحلفهم، وتعطيهم الذهب، ثم ألبست علي بن الحاكم أفخر الثياب، وقالت لابن دواس: المعول في قيام دولته عليك، فقبل الارض، وأبرزت الصبي، ولقبته الظاهر لاعزاز دين الله.
وألبسته تاج جدها المعز، وأقامت النياحة على الحاكم ثلاثة أيام، وجعلت القواعد كما في النفس، وبالغت في تعظيم ابن دواس، ثم رتبت له في الدهليز مئة، فهبروه، وقتلت جماعة ممن اطلع على سرها، فعظمت هيبتها، وماتت بعد ثلاث سنين (3).
وذكرنا في ترجمته (4)، أنه خرج من القصر فطاف ليلته، ثم أصبح، فتوجه إلى شرقي حلوان معه ركابيان.
فرد أحدهما مع تسعة من العرب، ثم
أمر الآخر بالانصراف.
فزعم أنه فارقه عند المقصبة (5).
فكان آخر العهد
__________
(1) في " المنتظم ": في مجلسها.
(2) أي مقطوع العقرقوب: وهو الوتر الذي خلف الكعبين من مفصل القدم والساق من ذوات الاربع.
(3) انظر " المنتظم ": 7 / 297 - 300.
(4) يشير الذهبي هنا إلى كتابه " تاريخ الاسلام ".
(5) في " تاريخ ابن إياس ": 1 / 57 " القصبة ".
و " المقصبة ": الارض الكثيرة القصب.
(*)

(15/182)


به.
وخرج الناس على رسمهم يلتمسون رجوعه، معهم الجنائب، ففعلوا ذلك جمعة.
ثم خرج في ثاني ذي القعدة مظفر صاحب المظلة (1) ونسيم وعدة.
فبلغوا دير القصير (1) وأمعنوا في الدخول في الجبل، فبصروا بحماره الاشهب المسمى بقمر، وقد ضربت يداه، فأثر فيهما الضرب، وعليه سرجه ولجامه، فتتبعوا أثر الحمار فإذا أثر راجل خلفه، وراجل قدامه، فقصوا الاثر إلى بركة بشرقي حلوان، فنزل رجل إليها، فيجد فيها ثيابه وهي سبع جباب، فوجدت مزررة، وفيها آثار السكاكين.
فما شكوا في قتله (3).
وثم اليوم طائفة من طغام الاسماعيلية الذين يحلفون بغيبة الحاكم، ما يعتقدون إلا أنه باق، وأنه سيظهر.
نعوذ بالله من الجهل.
وحلوان قرية نزهة على خمسة أميال من مصر، كان بها قصر الامير عبد العزيز بن مروان، فولد له هناك عمر بن عبد العزيز فيما يقال (4).
__________
(1) هي قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب، على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب
تحمل على رأس السلطان في العيدين.
ويعبر عنها بالجتر (بجيم مكسورة).
انظر " صبح الاعشى ": 4 / 7 - 8.
(2) في طريق الصعيد، قرب حلوان.
وهو على رأس جبل مشرف على النيل.
(3) " وفيات الاعيان ": 5 / 297 - 298.
وقد نقل المقريزي عن المسبحي رواية أخرى لمقتله.
قال: " وفي المحرم سنة خمس عشرة وأربع مئة قبض على رجل من بني حسين ثار بالصعيد الاعلى، فأقر بأنه قتل الحاكم بأمر الله في جملة أربعة أنفس تفرقوا في البلاد، وأظهر قطعة من جلدة رأس الحاكم، وقطعة من الفوطة التي كانت عليه، فقيل له: " لم قتلته ؟ ".
قال: " غيرة لله وللاسلام " فقيل له: " كيف قتلته ؟ ".
فأخرج سكينا ضرب بها فؤاده، فقتل نفسه، وقال: " هكذا قتلته " فقطع رأسه، وأنفذ به إلى الحضرة مع ما وجد معه ".
وهذا هو الصحيح في خبر قتل الحاكم، لا ما تحكيه المشارقة في كتبهم من أن أخته قتلته، انظر " اتعاظ الحنفا ": 314.
(4) " وفيات الاعيان ": 5 / 298.
(*)

(15/183)


وقد قتل الحاكم جماعة من الامراء بلا ذنب، وذبح قاضيين له.
وأما عبدالرحيم بن إلياس العبيدي، فإن الحاكم ولاه عهده، ثم بعثه على نيابة دمشق سنة عشر وأربع مئة، فأقبل على الملاهي والخمور، واضطرب العسكر عليه.
ووقع الحرب بدمشق والنهب.
وصادر هو الرعية.
فلما مات الحاكم قبض الامراء على ولي العهد، وسجنوه واغتالوه.
وقيل: بل نحر نفسه في الحبس (1).
وسيرة الحاكم، وعسفه تحتمل كراريس.

71 - الظاهر * صاحب مصر الظاهر لاعزاز دين الله، أبو الحسن، علي بن الحاكم
منصور بن العزيز نزار بن المعز، العبيدي المصري.
ولا أستحل أن أقول العلوي الفاطمي، لما وقر في نفسي من أنه دعي.
وقيل: يكنى أبا هاشم.
بويع وهو صبي لما قتل أبوه في شوال سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
وكانت دولته على مصر والشام والمغرب.
ولكن طمع في أطراف بلاده طوائف، فتقلب حسان بن مفرج الطائي صاحب الرملة على كثير من الشام، وضعفت الامارة العبيدية قليلا (2).
__________
(1) " النجوم الزاهرة ": 4 / 194.
* المنتظم: 8 / 90 الكامل: 9 / 447، وفيات الاعيان: 3 / 407 - 408، العبر: 3 / 162 - 163، البداية والنهاية: 12 / 39، تاريخ ابن خلدون: 4 / 61 - 62، خطط المقريزي: 1 / 354 - 355، النجوم الزاهرة: 4 / 247 - 255، تاريخ ابن إياس: 1 / 58 - 59، شذرات الذهب: 3 / 231 - 232.
(2) " وفيات الاعيان ": 3 / 407.
(*)

(15/184)


ووزر له نجيب الدولة علي بن أحمد الجرجرائي (1) ولولده، وكان نبيلا محتشما من بيت وزارة، لكنه أقطع اليدين من المرفقين.
قطعهما الحاكم سنة أربع وأربع مئة لكونه خانه، فكان يعلم العلامة (2) عنه القاضي أبو عبد الله القضاعي (3).
وهي " الحمد لله شكرا لنعمته " (4).
وفي أول ولاية الظاهر أقدم متولي بتنيس ما تحصل عنده.
فكان ألف ألف دينار، وألفي ألف درهم.
قال المحدث محمد بن علي بن عبدالرحمن العلوي الكوفي: في سنة ثلاث عشرة لما صليت الجمعة والركب بعد بمنى، قام رجل، فضرب الحجر الاسود بدبوس (5) ثلاثا، وقال: إلى متى يعبد الحجر فيمنعني (6)
محمد مما أفعله ؟ فإني اليوم أهدم هذا البيت، فاتقاه الناس، وكاد يفلت، وكان أشقر، أحمر، جسيما، تام القامة، وكان على باب المسجد عشرة فرسان على أن ينصروه.
فاحتسب رجل، فوجأه بخنجر، وتكاثروا عليه، فأحرق، وقتل جماعة من أصحابه وثارت الفتنة، فقتل نحو العشرين، ونهب المصريون وقيل: أخذ أربعة من أصحابه، فأقروا بأنهم مئة تبايعوا على ذلك، فضربت أعناق الاربعة، وتهشم وجه الحجر.
وتساقط منه شظايا.
__________
(1) نسبة إلى جرجرايا، وهي قرية من ارض العراق.
انظر ترجمته في " الاشارة إلى من نال الوزارة ": 35 - 37.
(2) المراد بها التوقيع.
راجع الكلام عنها في " خطط المقريزي ": 2 / 211.
(3) هو محمد بن سلامة بن جعفر بن علي، القضاعي، الفقيه الشافعي، صاحب كتاب " الشهاب "، وله كتاب " خطط مصر "، كان مفننا في عدة علوم توفي سنة / 454 / ه بمصر.
" وفيات الاعيان ": 4 / 212 - 213.
(4) " وفيات الاعيان ": 3 / 407 - 408.
(5) عمود على شكل هراوة مدملكة الرأس.
(6) في " المنتظم ": 8 / 8 " إلى متى يعبد الحجر، ولا محمد ولا علي يمنعني عما أفعله ".
(*)

(15/185)


وخرج مكسره أسمر إلى صفرة (1).
ومات الظاهر في سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
ولم يبلغني كبير شئ من أخباره.
وقام بعده ابنه المستنصر.
وقيل: كان غارقا في اللهو والمسكر والسراري.

72 - المستنصر بالله *
صاحب مصر المستنصر بالله، أبو تميم معد بن الظاهر لاعزاز دين الله علي بن الحاكم أبي علي منصور بن العزيز بن المعز، العبيدي المصري.
ولي الامر بعد أبيه، وله سبع سنين، وذلك في شعبان سنة سبع وعشرين، فامتدت أيامه ستين سنة وأربعة أشهر.
وفي وسط دولته خطب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق في سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
والتجأ القائم بأمر الله الخليفة إلى أمير العرب فأجاره، ثم بعد عام عاد إلى خلافته (2).
وكان الحاكم قد هدم القمامة التي بالقدس، فأذن المستنصر لطاغية الروم أن يجددها، وهادنه على إطلاق خمسة آلاف أسير مسلمين، وغرم أموالا على عمارتها (3).
__________
(1) " المنتظم ": 8 / 8 - 9.
* الكامل: 9 / 447 وما بعدها، وفيات الاعيان: 5 / 229 - 231، العبر: 3 / 318، البداية والنهاية: 12 / 148، تاريخ ابن خلدون: 4 / 62 - 66، خطط المقريزي: 1 / 355 - 356، النجوم الزاهرة: 5 / 1 - 23، تاريخ ابن إياس: 1 / 59 - 62، شذرات الذهب: 3 / 382.
(2) انظر " المنتظم ": 8 / 189 - 212.
(3) " الكامل ": 9 / 460.
(*)

(15/186)


وفي خلافته ظهر بمصر سنة أربع وثلاثين سكين الذي كان يشبه الحاكم، فادعى أنه هو.
وقد خرج من الغيبة، فتبعه خلق من الغوغاء ممن يعتقدون رجعة الحاكم.
وقصدوا القصر، فثارت الفتنة، ثم أسر هذا، وصلب هو وجماعة بالقاهرة (1).
وفي سنة 34 جهز جيشا لمحاربة صاحب حلب ثمال بن مرداس (2).
وفي سنة أربعين خلع المعز بن باديس (3) متولي القيروان للعبيدية طاعتهم، وأقام الدعوة لبني العباس، وقطع دعوة المستنصر (4).
فبعث إليه يتهدده فما التفت، فجهز لحربه عسكرا من العرب فحاربوه، وهم بنو زغبة، وبنو رياح (5)، وجرت خطوب يطول شرحها (6).
وفي هذا الوقت غزت الغز مع إبراهيم ينال السلجوقي.
وقيل: ما كان معهم، فغزوا إلى قريب القسطنطينية، وغنموا وسبوا أزيد من مئة ألف، وقيل: جرت المكاسب على عشرة آلاف عجلة.
وكان فتحا عظيما (7).
وفيها صرف المستنصر عن نيابة دمشق ناصر الدولة، وسيفها ابن حمدان بطارق الصقلبي (8)، ثم عزل طارقا بعد أشهر، ثم لم يطول، فعزل
__________
(1) " الكامل ": 9 / 513.
(2) " المنتظم ": 8 / 115.
(3) انظر أخباره في " البيان المغرب ": 1 / 295.
(4) " الكامل ": 9 / 521 - 522.
(5) انظر " نهاية الارب ": 2 / 337.
(6) " الكامل ": 9 / 566 - 570.
(7) " الكامل ": 9 / 546 - 547.
(8) " ذيل تاريخ دمشق ": 84.
(*)

(15/187)


برفق المستنصري (1)، ووزر معه أبو محمد الماشلي (2).
وكان الرفض أيضا قويا بالعراق.
وفي سنة ست وأربعين ملكت العرب المصريون مدينة طرابلس،
وملكوا مؤنس بن يحيى المرداسي، وحاصروا المدائن، ونهبوا القرى.
وحل بالناس أعظم بلاء.
فبرز ابن باديس في ثلاثين ألفا.
وكانت العرب ثلاثة آلاف فالتقوا، وثبت الجمعان، ثم انكسر ابن باديس، واستحر القتل بجيشه.
وحازت العرب الخيل والخيام بما حوت.
وإن ابن باديس لافضل مالك * ولكن لعمري ما لديه رجال ثلاثون ألفا منهم هزمتهم * ثلاثة ألف، إن ذا لمحال ثم قصدهم ابن باديس وهجم عليه، فانكسر أيضا.
وقتل عسكره، فساق على حمية.
وحاصرت العرب القيروان.
وتحيز المعز بن باديس إلى المهدية.
وجرت حروب تشيب النواصي في هذه الاعوام (3).
وفي سنة 48 كان بالاندلس القحط الذي ما سمع بمثله، ويسمونه الجوع الكبير.
وكان بمصر القحط والفناء (4).
وفي سنة تسع تسلم نواب المستنصر حلب (5).
__________
(1) " ذيل تاريخ دمشق ": 85.
(2) في " ذيل تاريخ دمشق ": 85.
الماشكي، وأنه وزر مع الامير المؤيد.
(3) انظر " البيان المغرب ": 1 / 289 - 294، و " الكامل ": 9 / 566 - 570.
(4) " الكامل ": 9 / 631.
(5) " ذيل تاريخ دمشق ": 86.
(*)

(15/188)


وكان غلاء مفرط ببغداد وفناء (1)، وأما بما وراء النهر فتجاوز الوصف (2).
وفي سنة خمسين جاء من مصر ناصر الدولة الحمداني على إمرة
دمشق (3).
وفي سنة خمس وخمسين ولي دمشق أمير الجيوش بدر (4).
وفي سنة سبع تمت ملحمة كبرى بالمغرب بين تميم بن المعز بن باديس، وبين قرابته الناصر الذي بنى بجاية (5).
وانهزم الناصر، وقتل من البربر أربعة وعشرون ألفا (6).
وفيها بنيت بجاية (7) وببغداد النظامية (8).
وفي سنة إحدى وستين كان حريق جامع دمشق، ودثرت محاسنه، واحترقت الخضراء معه - وكانت دار الملك - من حرب وقع بين عسكر العراق، وعسكر مصر (9).
__________
(1) " الكامل ": 9 / 636.
(2) " الكامل ": 9 / 637.
(3) " ذيل تاريخ دمشق ": 86.
(4) " ذيل تاريخ دمشق ": 91 - 92.
(5) بالكسر وتخفيف الجيم وألف وياء وهاء.
مدينة على ساحل البحر بين أفريقية والمغرب.
كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري في حدود سنة / 457 / انظر " معجم البلدان ": 1 / 339.
(6) " الكامل ": 10 / 44 - 46.
(7) " الكامل ": 10 / 46 - 49.
(8) من أكبر المدارس في بغداد، بناها نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، وكان وزيرا حازما لالب أرسلان، اغيتل سنة / 485 / ه ودفن بأصبهان.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 2 / 128 - 131.
(9) " ذيل تاريخ دمشق ": 96.
(*)

(15/189)


وفي سنة اثنتين وستين، قطعت من مكة الدعوة المستنصرية، وخطب للقائم بأمر الله.
وترك الاذان " بحي على خير العمل " (1).
وذلك لذلة المصريين بالقحط الاكبر وفنائهم.
وأكل بعضهم بعضا، وتمزقوا في البلاد من الجوع، وتمحقت خزائن المستنصر، وافتقر، وتعثر (2).
وفي هذه النوبة نقل صاحب " المرآة " (3)، أن أمرأة خرجت وبيدها مد لؤلؤ لتشتري به مد قمح، فلم يلتفت إليها أحد، فرمته فما كان له من يلتقطه (4).
فكاد الخراب أن يستولي على سائر الاقاليم، حتى لابيع الكلب بستة دنانير والقط بثلاثة دنانير، حتى أبيع الاردب بمئة دينار (5).
وفي سنة 63 هزم السلطان ألب أرسلان طاغية الروم وأسره.
وقتل من العدو ستون ألفا (6).
وأقبل أتسز (7) الخوارزمي، أحد أمراء ألب أرسلان، فاستولى على الشام إلا قليلا.
وعسف وتمرد وعتا (8).
واشتغل جيش مصر بنفوسهم.
ثم اختلفوا، واقتتلوا مدة، وصاروا
__________
(1) " الكامل ": 10 / 61.
(2) " الكامل ": 10 / 61 - 62.
(3) هو يوسف بن قزغلي، أبو المظفر، سبط ابن الجوزي، مؤرخ من الكتاب، ولد ونشأ ببغداد، ورباه جده، وانتقل إلى دمشق، فاستوطنها، وتوفي فيها سنة / 654 / ه من كتبه " مرآة الزمان في تاريخ الاعيان " صور منه المجلد الثامن، وهو آخر الكتاب.
(4) " النجوم الزاهرة ": 5 / 17.
(5) " النجوم الزاهرة ": 5 / 16 والاردب كيل كبير يستعمل لتقدير الحبوب، ويزن مئة وخمسين كيلو غرام.
(6) " المنتظم ": 8 / 260 - 265.
(7) في الاصل: أطسز، والصواب ما أثبتناه كما سيذكره المصنف في الصفحة 193.
(8) " ذيل تاريخ دمشق ": 98 - 99.
(*)

(15/190)


فرقتين.
فرقة العبيد وعرب الصعيد، وفرقة الترك والمغاربة، ورأسهم ابن حمدان، فالتقوا بكوم الريش، فهزمهم ابن حمدان.
وقتل وغرق نحو من أربعين ألفا.
ونفدت خزائن المستنصر على الترك، ثم اختلفوا، ودام الحرب أياما، وطمعوا في المستنصر، وطالبوه حتى أبيعت فرش القصر، وأمتعته بأبخس ثمن، وغلبت العبيد على الصعيد، وقطعوا الطرق، وكان نقد الاتراك في الشهر أربع مئة ألف دينار، واشتدت وطأة ناصر الدولة، وصار هو الكل، فحسده الامراء، وحاربوه، فهزموه، ثم جمع، وأقبل، فانتصر، وتعثرت الرعية بالهيج مع القحط، ونهبت الجند دور العامة (1).
قال ابن الاثير: اشتد الغلاء حتى حكى أن امرأة أكلت رغيفا بألف دينار، باعت عروضا تساوي ألف دينار بثلاث مئة دينار، فاشترت بها جوالق (2) قمح، فانتهبه الناس، فنهبت هي منه فحصل لها ما خبز رغيفا (3).
واضمحل أمر المستنصر بالمرة، وخمل ذكره.
وبعث ابن حمدان يطالبه بالعطاء، فرآه رسوله على حصير، وما حوله سوى ثلاثة غلمان.
فقال: أما يكفي ناصر الدولة أن أجلس في مثل هذا الحال ؟ فبكى الرسول، ورق له ناصر الدولة، وقرر له كل يوم مئة دينار.
وكان ناصر الدولة، يظهر التسنن، ويعيب المستنصر لخبث رفضه وعقيدته، وتفرق عن المستنصر أولاده، وأهله من الجوع.
وتفرقوا في
__________
(1) انظر " الكامل ": 10 / 80 - 85.
(2) وعاء من صوف أو غيره، جمعه: جوالق - بفتح الجيم، وهو عند العامة (شوال).
(3) " الكامل ": 10 / 85.
(*)

(15/191)


البلاد، ودام الجهد عامين.
ثم انحط السعر في سنة خمس وستين (1).
قال ابن الاثير: بالغ ابن حمدان في إهانة المستنصر، وفرق عنه عامة أصحابه، وكان غرضه أن يخطب لامير المؤمنين القائم، ويزيل دولة الباطنية.
وما زال حتى قتله الامراء، وقتلوا أخويه.
فخر العرب، وتاج المعالي، وانقطعت دولتهم (2).
وفي سنة سبع وستين، ولي الامور أمير الجيوش بدر (3).
فقتل أمير الامراء الدكز (4)، والوزيز ابن كدينة (5).
وكان المستنصر قد كتب إليه سرا ليقدم من عكا، فأعاد الجواب أن الجند بمصر قد فسد نظامهم.
فإن شئت أتيت بجند معي، فأذن له أن يفعل ما أحب، فاستخدم عسكرا وأبطالا، وركبوا البحر في الشتاء مخاطرة.
وبغت مصر وسلم، فولاه المستنصر ما وراء بابه، فلما كان الليل بقي يبعث إلى كل أمير طائفة بصورة رسالة،
__________
(1) " الكامل ": 10 / 86.
وانظر تفصيل الحديث عن هذه الشدة العظمى في " إغاثة الامة " للمقريزي: 24 - 27.
(2) " الكامل ": 10 / 86 - 87.
(3) هو بدر بن عبد الله الجمالي، أبو النجم، أمير الجيوش المصرية.
ولي إمارة دمشق للمستنصر ثم استدعاه إلى مصر، واستعان به على إطفاء فتنة نشبت، فوطد له أركان الدولة وأصبح الحاكم في دولته والمرجوع إليه..وكان حازما شديدا على المتمردين.
توفي في القاهرة سنة / 487 ه انظر " الاشارة إلى من نال الوزارة " 55 - 56، و " خطط المقريزي ": 1 / 381 - 382.
(4) هكذا في الاصل رسما وضبطا، وكذلك في أغلب كتب التاريخ.
أما في " الاشارة إلى من نال الوزارة ": 55 فهو: " بلدكوز ".
وهو من الامراء الاتراك الذين خافوا على أنفسهم من استئثار ناصر الدولة بن حمدان، فقتلوه وقتلوا أخويه فخر العرب وتاج المعالي، فلما خلا الجو للاتراك استطالوا على الخليفة واستبدوا بالامور وطلب أمير الجيوش إلى الخليفة، وهو في طريقه إلى مصر، القبض عليه، فقبض عليه سنة 466 / انظر " الكامل ": 10 / 87.
(5) هو الحسن: ابن القاضي ثقة الدين، المعروف بابن كدينة، ولي الوزارة غير مرة وكان سئ الخلق، قاسي القلب.
" الاشارة إلى من نال الوزارة ": 51.
(*)

(15/192)


فيخرج الامير فيقتلونه، ويأتون برأسه.
فما أصبح إلا وقد مهد البلد، واحتاط على أموال الجميع، ونقله إلى القصر.
وسار إلى دمياط فهذبها، وقتل الذين تغلبوا عليها، وحاصر الاسكندرية ودخلها بالسيف، وقتل عدة، وقتل بالصعيد اثني عشر ألفا.
وأخذ عشرين ألف امرأة وخمسة عشر ألف فرس، فتجمعوا لحربه ثانيا، فكانوا ستين ألفا، فساق، وبيتهم في جوف الليل، فقتل خلق، وغرق خلق، ونهبت أثقالهم ثم عمل معهم مصافا آخر وقهرهم، وعمر البلاد، وأحسن إلى الرعية، وأطلق للناس الخراج ثلاث سنين، حتى تماثلت بعد الخراب (1).
وفيها مات القائم، وبويع حفيده المقتدي (2)، وأعيدت الدعوة بمكة للمستنصر (3)، واختلفت العرب بإفريقية، وتحاربوا مدة (4).
وفي سنة ثمان وستين اشتد القحط بالشام، وحاصر أتسز الخوارزمي دمشق، فهرب أميرها المعلى بن حيدرة، وكان جبارا عسوفا (5)، وولى بعده رزين الدولة انتصار المصمودي (6)، ثم أخذ دمشق أتسز، وأقام الدعوة العباسية، خافه المصريون (7)، ثم قصدهم في سنة تسع وستين،
وحاصرهم ولم يبق إلا أن يتملك، فتضرع الخلق عند الواعظ الجوهري،
__________
(1) " خطط المقريزي ": 1 / 381 - 382.
(2) " المنتظم ": 8 / 289 - 293.
(3) " الكامل ": 10 / 97 - 98.
(4) " الكامل ": 10 / 98.
(5) " الكامل ": 10 / 99، وفيه " أقسيس " وهي تصحيف عن " أتسز ".
انظر " ذيل تاريخ دمشق ": 95، 108.
(6) " ذيل تاريخ دمشق ": 108 وفيه " زين الدولة " وكذلك في " أمراء دمشق ": 13 واسمه: انتصار بن يحيى.
(7) " ذيل تاريخ دمشق ": 108 - 109.
(*)

(15/193)


فرحل شبه منهزم، وعصى عليه أهل القدس مدة، ثم أخذها، وقتل وتمرد، وفعل كل قبيح.
وذبح قاضي القدس والشهود صبرا (1).
وتملك في سنة إحدى وسبعين دمشق تاج الدولة تتش السلجوقي (2)، وقتل أتسز، وتحبب إلى الرعية (3).
وتملك قصرا وقونية وغير ذلك الملك سليمان بن قتلمش السلجوقي في هذا الحدود.
ثم سار في جيوشه، فنازل أنطاكية، حتى أخذها من أيدي الروم، وكانت في أيديهم من مئة وبضعة عشر عاما (4).
وأما الاندلس فجرت فيها حروب مزعجة.
وكانت وقعة الزلاقة بين الفرنج، وبين صاحب الاندلس المعتمد بن عباد، ونجده أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بجيوش البربر الملثمين.
فكان العدو خمسين ألفا فيقال: ما نجا منهم ثلاث مئة نفس (5).
وافتتح السلطان ملكشاه (6) حلب والجزيرة (7).
ورد إلى بغداد (8)،
__________
(1) " ذيل تاريخ دمشق ": 109 - 112 و " الكامل ": 10 / 103 - 104.
(2) كان صاحب البلاد الشرقية، فلما حصر أمير الجيوش بدر مدينة دمشق - وكان صاحب دمشق أتسز - استنجد أتسز به، فأنجده، وسار إليه بنفسه، فلما وصل إلى دمشق قتل أتسز واستولى على دمشق ثم ملك حلب، وقد جرى بينه وبين أخيه بركياروق مشاجرات أدت إلى المحاربة بينهما سنة / 488 / فانكسر تتش وقتل في المعركة.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 1 / 295.
(3) " ذيل تاريخ دمشق ": 112.
(4) " الكامل ": 10 / 138 - 139.
(5) " المعجب ": 132 - 135، و " الكامل ": 10 / 151 - 154.
(6) ابن ألب أرسلان، كان من أحسن الملوك سيرة، حتى كان يلقب بالسلطان العادل توفي سنة / 485 /.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 5 / 283 - 289.
(7) " الكامل ": 10 / 148 - 150.
(8) " الكامل ": 10 / 155 - 157.
(*)

(15/194)


وعمل عرس بنته على الخليفة (1).
وفي سنة 483 أقبل عسكر المستنصر فحاصروا عكا وصور (2).
ومات أمير الجيوش بدر الجمالي متولي مصر (3).
وكان قد بلغ رتبة عظيمة، وقام بعده ابنه شاهان شاه أحمد (4) على قاعدة أبيه.
وقيل: إنما مات بعيد المستنصر، وفي دولة المستنصر المتخلف، وقع القحط المذكور لاحتراق النيل الذي ما عهد مثله بمصر من زمن يوسف عليه السلام.
ودام سنوات بحيث إن والدة المستنصر وبناته سافرن من مصر
خوفا من الجوع (5).
وآل أمره إلى عدم كل الدواب ببلاد مصر.
بحيث بقي له فرس يركبها.
واحتاج إلى دابة يركبها حامل الجتر (6) يوم العيد وراءه، فما وجدوا سوى بغلة ابن هبة كاتب السر فوقف على باب القصر، فازدحم عليها الحرافشة (7) وذبحوها وأكلوها في الحال، فأخذهم الاعوان وشنقوا، فأصبحت عظامهم على الجذوع قد أكلوا تحت الليل (8).
مات المستنصر في ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربع مئة، وقد
__________
(1) " الكامل ": 10 / 160 - 161.
(2) " الكامل ": 10 / 176.
(3) انظر ص / 192 / تعليق / 3 / من هذا الجزء.
(4) ترجم له ابن خلكان في " وفياته ": 2 / 448 - 451 ولم يسمه أحمد، كان من الدهاة وطد دعائم الملك للامر بأحكام الله، ودبر له شؤون دولته، وقد نقم عليه الامر أمرا فدس له من قتله سنة / 515 / ه ولعل الذهبي قد وهم بابنه أبي علي أحمد أنظر أيضا " الاشارة إلى من نال الوزارة ": 57 - 62.
(5) " الكامل ": 10 / 86.
(6) الجتر، بكسر الجيم.
المظلة.
انظر ص / 183 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(7) كالشطار والعيارين في بغداد.
(8) " النجوم الزاهرة ": 5 / 16.
(*)

(15/195)


قارب السبعين.
وكان سب الصحابة فاشيا في أيامه، والسنة غريبة مكتومة، حتى إنهم منعوا الحافظ أبا إسحاق الحبال من رواية الحديث، وهددوه، فامتنع.
ثم قام بعد المستنصر ابنه أحمد.

73 - المستعلي بالله *
صاحب مصر أبو القاسم أحمد بن المستنصر معد بن الظاهر علي بن الحاكم منصور بن العزيز بن المعز، العبيدي المهدوي المصري.
قام بعد أبيه سنة سبع وثمانين، وله إحدى وعشرون سنة.
وفي أيامه وهت الدولة العبيدية، واختلت قواعدها، وانقطعت الدعوة لهم من أكثر مدائن الشام، واستولى عليها الفرنج وغيرهم من الغز (1).
فأخذت الفرنج أنطاكية من المسلمين في سنة إحدى وتسعين، وكان لها في يد المسلمين نحو عشرين سنة، وأخذوا بيت المقدس، واستباحوه، وأخذوا ايضا المعرة في سنة اثنتين وتسعين، ثم استولوا على مدائن وقلاع (2).
وما كان للمستعلي مع أمير الجيوش (3) حل ولا ربط.
__________
* الكامل: 10 / 237 وما بعدها، وفيات الاعيان: 1 / 178 - 180، العبر: 3 / 341، البداية والنهاية: 12 / 162، تاريخ ابن خلدون: 4 / 66 - 68، خطط المقريزي: 1 / 356 - 357، النجوم الزاهرة: 5 / 142 - 154، تاريخ ابن إياس: 1 / 62 - 64، شذرات الذهب: 3 / 402.
(1) " وفيات الاعيان ": 1 / 179.
(2) انظر عن الحروب الصليبية بتفصيل " الكامل ": 10 / 272 - 289.
(3) انظر ص / 195 / تعليق / 4 / من هذا الجزء.
(*)

(15/196)


وهرب في دولته أخوه نزار المنسوب إليه الدعوة النزارية الاسماعيلية بالالموت وبقلاع الاسماعيلية.
فوصل نزار إلى الاسكندرية، وقام بأمره الامير أفتكين، وقاضي البلد ابن عمار، وبايعوه، وأقام سنة، فأقبل الافضل أمير الجيوش في سنة ثمان [ وثمانين ] (1) وحاصرهم، فبرز إليه أفتكين،
فبيته وهزمه.
ثم أقبل ونازلهم ثانيا، وافتتح البلد عنوة، فقتل القاضي وجماعة، وقبض على نزار وأفتكين، ثم ذبح أفتكين، وبنى المستعلي على أخيه نزار حائطا، فهلك (2).
وفي دولته كثرت الباطنية الملاحدة الذين هم الاسماعيلية.
وأخذوا القفول (3)، وتملكوا قلعة أصبهان، وفتكوا بعدد كثير من الكبار والعلماء، وشرعوا في شغل السكين، وجرت لهم خطوب وعجائب (4).
وفي سابع عشر صفر سنة خمس وتسعين وأربع مئة مات المستعلي، وأقاموا ولده الآمر بأحكام الله منصورا.
وله خمس سنين.
وأزمة الملك إلى الافضل أمير الجيوش.
ويقال: إنه سم وقتل سرا.

74 - الآمر بأحكام الله * صاحب مصر أبو علي منصور بن المستعلي أحمد بن المستنصر معد بن الظاهر بن الحاكم، العبيدي المصري الرافضي الظلوم.
__________
(1) ساقطة في الاصل.
(2) كان المستنصر قد عهد في حياته بالخلافة لابنه نزار، فخلعه الافضل وبايع المستعلي بالله انظر " الكامل ": 10 / 237 - 238.
(3) جمع قافلة.
(4) انظر " الكامل ": 10 / 313 - 324.
* الكامل: 10 / 328 وما بعدها، وفيات الاعيان: 5 / 299 - 302، العبر: 4 / 62 - 63، البداية والنهاية: 12 / 200 - 201، تاريخ ابن خلدون: 4 / 68 - 71، خطط = (*)

(15/197)


كان متظاهرا بالمكر واللهو والجبروت (1).
ولي وهو صغير: فلما كبر قتل الافضل أمير الجيوش، واصطفى
أمواله، وكانت تفوت الاحصاء، ويضرب بها المثل، فاستوزر بعده المأمون محمد بن مختار البطائحي (2)، فعسف الرعية، وتمرد فاستأصله الآمر بعد أربع سنين، ثم صلبه وقتل معه خمسة من إخوته (3).
وفي دولته أخذت الفرنج طرابلس الشام وصيدا (4)، ثم قصد الملك بردويل الفرنجي ديار مصر، وأخذ الفرما وهي قريبة من العريش، فأحرق جامعها ومساجدها.
وقتل وأسر وقيل: بل هي غربي قطيا (5)، ثم رجع فهلك في سبخة بردويل (6)، فشقوه ورموا حشوته (7) وصبروه، فحشوته ترجم هناك إلى اليوم، ودفنوه بقمامة.
وكان قد أخذ القدس وعكا والحصون (8).
وفي أيامه ظهر ابن تومرت (9) بالمغرب، وكثرت أتباعه، وعسكروا وقاتلوا، وملكوا البلاد.
__________
= المقريزي: 1 / 357، النجوم الزاهرة: 5 / 170 - 185، تاريخ ابن إياس: 1 / 62 - 64، شذرات الذهب: 4 / 72 - 73.
(1) " وفيات الاعيان ": 5 / 300.
(2) " الاشارة إلى من نال الوزارة ": 62 - 64.
(3) " وفيات الاعيان ": 5 / 299.
(4) انظر " الكامل ": 10 / 475 - 476، 479 - 480.
(5) قرية في طريق مصر في وسط الرمل قرب الفرما.
(6) في الاصل: صنجة.
وهي مازالت موجودة إلى اليوم ويقال لها: بحيرة البردويل وتقع شرقي بور سعيد وعلى بعد / 90 / كيلو مترا منها.
انظر حاشية محقق " النجوم الزاهرة ": 5 / 171.
(7) الحشوة - بضم الحاء وكسرها -: الامعاء.
(8) " وفيات الاعيان ": 5 / 301.
(9) هو محمد بن عبد الله بن تومرت، المتلقب بالمهدي: صاحب دعوة السلطان عبد = (*)

(15/198)


وبقي الآمر في الملك تسعا وعشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن خرج يوما إلى ظاهر القاهرة، وعدى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له رجال (2) في السلاح، ثم نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفة ليست بكثيرة، فرد إلى القصر مثخنا بالجراح.
وهلك من غير عقب.
وكان العاشر من الخلفاء الباطنية فبايعوا ابن عم له، وهو الحافظ لدين الله (3).
وكان الآمر ربعة، شديد الادمة، جاحظ العين، وكان حسن الحظ، جيد العقل والمعرفة - لكنه خبيث المعتقد - سفاكا للدماء، متمردا جبارا فاحشا فاسقا، صادر الخلق.
عاش خمسا وثلاثين سنة (4).
وانقلع في ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمس مئة.
وبويع وله خمسة أعوام.

75 - الحافظ لدين الله * صاحب مصر أبو الميمون عبدالمجيد بن الامير محمد بن المستنصر
__________
المؤمن بن علي، ملك المغرب، ومؤسس دولة الموحدين.
كان عظيم الهامة، حديث النظر، داهية، توفي سنة 524 ه.
انظر أخباره في " المعجب "، 178 وما بعدها، وترجمته في " وفيات الاعيان ": 5 / 45 - 55.
وسيورد المؤلف ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم 319.
(1) في " وفيات الاعيان ": 5 / 301 " الجزيرة ".
(2) قتله جماعة من أعوان عمه نزار المقتول بيد أبيه المستعلي، بعد واقعة الاسكندرية.
انظر " النجوم الزاهرة ": 5 / 184 - 185.
وص / 197 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 10 / 664 - 665.
(4) " وفيات الاعيان ": 4 / 302.
* الكامل: 10 / 665 وما بعدها، وفيات الاعيان: 3 / 235 - 237، العبر: 4 / = (*)

(15/199)


بالله معد بن الظاهر علي بن الحاكم بن العزيز بن المعز، العبيدي الاسماعيلي المصري.
بايعوه يوم مصرع ابن عمه الآمر ليدبر المملكة إلى أن يولد حمل للامر إن ولد، وغلب على الامور أمير الجيوش أبو علي بن الافضل بن بدر الجمالي (1).
وكان الآمر قد سجنه عندما قتل أباه، فأخرجت الامراء أبا علي، وقدموه عليهم، فأتى إلى القصر، وأمر ونهى، وبقي الحافظ معه منقهرا، فقام أبو علي بالملك أتم قيام، وعدل في الرعية، ورد أموالا كثيرة على المصادرين، ووقف عند مذهب الشيعة، وتمسك بالاثني عشر، وترك ما تقوله الاسماعيلية، وأعرض عن الحافظ وآل بيته، ودعا على منابر مصر للمنتظر صاحب السرداب على زعمهم (2)، وكتب اسمه على السكة، واستمر على ذلك، وقلقت الدولة إلى أن شد عليه فارس من الخاصة، فقتله بظاهر القاهرة في المحرم سنة ست وعشرين وخمس مئة، وذلك بتدبير الحافظ، فبادرت الامراء إلى خدمة الحافظ، وأخرجوه من الضيق والاعتقال، وجددوا بيعته، واستقل بالملك (3).
وكان مولده في الغربة بسبب القحط سنة سبع وستين وأربع مئة بعسقلان (4).
__________
= 122، البداية والنهاية: 12 / 226، تاريخ ابن خلدون: 4 / 71 - 73، خطط المقريزي:
1 / 357، النجوم الزاهرة: 5 / 237 - 246، تاريخ ابن إياس: 1 / 64 - 65، شذرات الذهب: 4 / 138.
(1) أحمد بن الافضل شاهنشاه بن بدر، الجمالي.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 3 / 235 - 236 وسيورد المؤلف ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (295).
(2) " ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان المعروف بالامام المنتظر على زعمهم " كما في " وفيات الاعيان ": 3 / 236.
(3) " الكامل ": 10 / 672 - 673.
(4) " الكامل ": 10 / 665.
(*)

(15/200)


وعندما مات الآمر قبله، قال الجهال: هذا بيت لا يموت إمام منهم حتى يخلف ابنا ينص على إمامته، فخلف الآمر حملا فكان بنتا (1).
وكان الحافظ يعتريه القولنج، فعمل له شيرماه الديلمي طبلا مركبا من سبعة معادن في شرف الكواكب السبعة، فكان من ضربه وبه قولنج، انفش منه ريح كثير، فوجد راحة (2).
فوجده السلطان صلاح الدين في خزائنهم، فضرب به أمير كردي فضرط، فغضب وشقه، ولم يعلم منفعته (3).
وكان الحافظ كلما أقام وزيرا تمكن.
وحكم عليه، فيتألم ويتحيل عليه، ويعمل على هلاكه، منهم، رضوان، فسجنه سبع سنين، وكان قد قدم الشام، وجمع جموعا، وقاتل المصريين، وقاتلهم على باب القاهرة، وانتصر، ثم دخلها، فاعتقله الحافظ عنده معززا في القصر، ثم نقب الحبس، وراح إلى الصعيد، وأقبل بجمع عظيم، وحارب، فكان الملتقى عند جامع ابن طولون، فانتصر وتملك، فبعث إليه الحافظ بعشرين ألف دينار، رسم الوزارة، فما رضي حتى كمل له ستين ألفا، ثم بعث إليه
عدة من المماليك، فقاتلهم غلمانه وهو.
فقتل، وبقي الحافظ بلا وزير عشر سنين (4).
ولما قتل الاكمل (5)، أقام في الوزارة يانس (6) مولاه فكبر يانس،
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 3 / 236 - 237.
(2) المصدر السابق.
(3) " النجوم الزاهرة ": 5 / 335.
(4) انظر " الكامل ": 11 / 48 - 49.
(5) هو أبو علي أحمد بن الافضل، الذي مر ذكره في أول الترجمة.
(6) لم يراع الامام الذهبي هنا الترتيب الزمني للاحداث، فإن وزارة يانس كانت سنة / 526 / = (*)

(15/201)


وتعدى طوره، فسقي (1).
ثم وزر له ولده الحسن، فكان شر وزير، تمرد وطغى، وقتل أربعين أميرا، إلا أنه كان فيه تسنن، فخافه أبوه، وجهز له عسكرا فتحاربوا أياما، ثم سقاه أبوه (2).
وقد امتدت أيامه (3).
ومات في خامس جمادى الاولى سنة أربع وأربعين وخمس مئة، فكانت دولته عشرين سنة سوى خمسة أشهر.
وعاش سبعا وسبعين سنة.
فما بلغ أحد هذا السن من العبيدية، وقام بعده ولده الظافر (4).

76 - الظافر بالله * صاحب مصر الظافر بالله أبو منصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر معد بن الظاهر علي بن الحاكم، العبيدي المصري الاسماعيلي، من العبيدية الخارجين على بني العباس.
ولي الامر بعد أبيه خمسة أعوام.
وكان شابا جميلا وسيما لعابا عاكفا على الاغاني والسراري.
__________
= وقد ذكر قبلها وزارة رضوان، مع العلم أنها كانت سنة / 531 / ه.
(1) انظر " الكامل ": 10 / 673.
(2) انظر " الكامل ": 11 / 22 - 24، و " اتعاظ الحنفا ": 319 - 323.
(3) أي الحافظ لدين الله.
(4) " الكامل ": 11 / 141 - 142.
* الكامل: 11 / 141، وما بعدها، وفيات الاعيان: 1 / 237 - 238، العبر: 4 / 136، البداية والنهاية: 12 / 231، تاريخ ابن خلدون: 4 / 73 - 75 - خطط المقريزي: 2 / 30، النجوم الزاهرة: 5 / 288 - 297، تاريخ ابن إياس: 1 / 65 - 66، شذرات الذهب: 4 / 152 - 153.
(*)

(15/202)


استوزر الافضل سليم (1) بن مصال فساس الاقليم.
وانقطعت دعوته (1) ودعوة أبيه من سائر الشام والمغرب والحرمين.
وبقي لهم إقليم مصر.
ثم خرج على ابن مصال العادل ابن السلار (3)، وحاربه وظفر به، واستأصله، واستبد بالامر.
وكان ابن مصال من أجل الامراء، هزمه عسكر ابن السلار بدلاص (4)، وأتوا برأسه على قناة (5) وكان علي بن السلار من أمراء الاكراد ومن الابطال المشهورين، سنيا مسلما حسن المعتقد شافعيا، خمد بولايته نائرة الرفض.
وقد ولي أولا الثغر (6) مدة، واحترم السلفي (7)، وأنشأ له المدرسة العادلية، إلا أنه كان ذا سطوة، وعسف، وأخذ على التهمة، ضرب مرة دفا ومسمارا على دماغ الموفق متولي الديوان
لكونه في أوائل أمره شكا إليه غرامة لزمته في ولايته، فقال: كلامك ما يدخل في أذني، فبقى كلما دخل المسمار في أذنه يستغيث، فيقول: أدخل كلامي بعد في أذنك (8) ؟.
وقدم من إفربقية عباس بن أبي الفتوح (9) بن الملك يحيى بن تميم بن
__________
(1) هكذا ضبط في الاصل: وترجمته في " وفيات الاعيان ": 3 / 416 - 417.
(2) أي: الظافر بالله.
(3) أخباره في " الكامل ": 11 / 141 - 142، وله ترجمة في " وفيات الاعيان ": 3 / 416 - 419.
(4) كورة بصعيد مصر على غربي النيل.
(5) " وفيات الاعيان ": 3 / 416.
(6) أي: الاسكندرية.
(7) هو الحافظ المشهور أحمد بن محمد بن سلفة.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 1 / 105 - 107، وسترد ترجمته في الجزء 21 من هذا الكتاب.
(8) " وفيات الاعيان ": 3 / 417.
(9) في الاصل: ابن أبي الفتح وما أثبتناه من " وفيات الاعيان ": 3 / 417.
(*)

(15/203)


المعز بن باديس مع أمه صبيا.
فتزوج العادل بها قبل الوزارة، فتزوج عباس، وولد له نصر، فأحبه العادل، ثم جهز أباه للغزو، فلما نزل ببلبيس، ذاكره ابن منقذ (1)، وكرها البيكار (2)، فاتفقا على قتل العادل، وأن يأخذ عباس منصبه.
فذبح نصر العادل على فراشه في المحرم سنة 548، وتملك عباس وتمكن (3).
وكان ابنه نصر من الملاح.
فمال إليه الظافر وأحبه، فاتفق هو وأبوه
عباس على الفتك بالظافر (4).
فدعا نصر إلى دارهم ليأتي متخفيا، فجاء إلى الدار التي هي اليوم المدرسة السيوفية.
فشد نصر عليه فقتله وطمره في الدار.
وذلك في المحرم سنة تسع وأربعين [ وخمس مئة ].
فقيل كان في نصفه (5)، وعاش الظافر اثنتين وعشرين سنة.
ثم ركب عباس من الغد وأتى القصر.
وقال: أين مولانا ؟ فطلبوه ففقدوه.
وخرج جبريل ويوسف أخوا الظافر، فقال: أين مولانا ؟ قالا: سل ابنك، فغضب.
وقال: أنتما قتلتماه، وضرب رقابهما في الحال (6).
__________
(1) أسامة بن منقذ الكناني، أمير، من أكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر (قرب حماه) ومن العلماء الشجعان، له تصانيف في الادب والتاريخ.
ومن أمتع كتبه " الاعتبار " نحا فيه منحى السيرة الذاتية.
توفي سنة / 584 / ه بدمشق.
له ترجمة في " معجم الادباء " 5 / 188 - 245، و " وفيات الاعيان ": 1 / 195 - 199، وسترد ترجمته عند المؤلف.
(2) الحرب.
وتأتي بمعنى: ميدان الحرب.
(3) " وفيات الاعيان ": 3 / 417 - 418.
وقد ذكر أسامة بن منقذ خبر قتل العادل، وأنه كان بالاتفاق مع الظافر انظر " الاعتبار " 18.
(4) يذكر أسامة بن منقذ أن الظافر حمل نصرا على قتل أبيه، فاطلع والده على الامر فلاطفه واستماله وقرر معه قتل الظافر.
انظر الاعتبار: 19 - 20.
(5) " وفيات الاعيان ": 1 / 237.
(6) المصدر السابق.
(*)

(15/204)


77 - الفائز بالله * صاحب مصر أبو القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل بن الحافظ عبد
المجيد بن محمد بن المستنصر بالله العبيدي المصري.
لما اغتال عباس الوزير الظافر، أظهر القلق، ولم يكن علم أهل القصر بمقتله.
فطلبوه في دور الحرم فما وجدوه.
وفتشوا عليه وأيسوا منه.
وقال عباس لاخويه: أنتما الذين قتلتما خليفتنا، فأصرا على الانكار، فقتلهما نفيا للتهمة عنه.
واستدعى في الحال عيسى هذا، وهو طفل له خمس سنين، وقيل: بل سنتان فحمله على كتفه، ووقف باكيا كئيبا، وأمر بأن تدخل الامراء، فدخلوا، فقال: هذا ولد مولاكم، وقد قتل عماه مولاكم، فقتلتهما به كما ترون.
والواجب إخلاص النية والطاعة لهذا الولد.
فقالوا كلهم: سمعا وطاعة، وضجوا ضجة قوية بذلك.
ففزع الطفل، وبال على كتف الملك عباس.
ولقبوه الفائز، وبعثوه إلى أمه، واختل عقله من حينئذ، وصار يتحرك ويصرع، ودانت الممالك لعباس (1).
وأما أهل القصر، فاطلعوا على باطن القضية، أقاموا المآتم على الثلاثة، وتحيلوا، وكاتبوا طلائع بن رزيك الارمني الرافضي (2)، والي
__________
* الكامل: 11 / 191، وما بعدها، وفيات الاعيان: 3 / 491 - 494، العبر: 4 / 156، البداية والنهاية: 12 / 242، تاريخ ابن خلدون: 4 / 75 - 76، خطط المقريزي: 1 / 357، النجوم الزاهرة: 5 / 306 - 317، تاريخ ابن اياس: 1 / 66 - 67 شذرات الذهب: 4 / 175.
وقد ورد في أغلب المراجع " الفائز بنصر الله ".
(1) " وفيات الاعيان ": 3 / 491 - 492.
(2) لقب بالملك الصالح.
كان شجاعا حازما مدبرا، أصله من الشيعة الامامية في = (*)

(15/205)


المنية (1)، وكان ذا شهامة وإقدام.
فسألوه الغوث، وقطعوا شعور النساء والاولاد، وسيروها في طي الكتاب وسخموه، فلما تأمله اطلع من حوله من الجند عليه، وبكوا.
ولبس الحداد، واستمال عرب الصعيد، وجمع وحشد، وكاتب أمراء القاهرة، وهيجهم على طلب الثأر، فأجابوه.
فسار إلى القاهرة، فبادر إلى ركابه جمهور الجيش، وبقي عباس في عسكر قليل.
فخارت قواه وهرب هو وابنه نصر ومماليكه والامير ابن منقذ (2).
ونقل ابن الاثير أن أسامة هو الذي حسن لعباس وابنه اغتيال الظافر وقتل العادل.
وقيل: إن الظافر، أقطع نصر بن عباس قليوب (3).
فقال أسامة: ما هي في مهرك بكثير (4).
ثم قصد عباس الشام على ناحية أيله (5) في ربيع الاول، فما كانت أيامه بعد قتل الظافر إلا يسيرة، واستولى الصالح طلائع بن رزيك على ديار مصر بلا ضربة ولا طعنة، فنزل إلى دار عباس، وطلب الخادم الصغير الذي كان مع الظافر، وسأله عن المكان الذي دفن فيه أستاذه، فأعلمه، فقلع بلاطه، وأخرج الظافر ومن معه من القتلى.
وحملوا وناحوا عليهم.
وتكفل طلائع بالفائز، ودبر الدولة (6).
وجهزت أخت الظافر رسولا إلى الفرنج بعسقلان، وبذلت لهم مالا
__________
= العراق، مات غيلة سنة / 556 / ه له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 2 / 526 - 529.
(1) منية بني خصيب، من أعمال صعيد مصر.
(2) " وفيات الاعيان ": 3 / 492.
(3) تقع شمالي القاهرة، وعلى بعد خمسة عشر كيلو مترا منها.
(4) " الكامل ": 11 / 191 - 192.
(5) مدينة على ساحل البحر مما يلي الشام.
(6) " وفيات الاعيان ": 3 / 493.
(*)

(15/206)


عظيما إن أسروا لها عباسا وابنه، فخرجوا عليه، فالتقاهم، فقتل في الوقعة، وأخذت خزائنه، وأسروا ابنه نصرا، وبعثوه إليها في قفص حديد، فلما وصل، قبض رسولهم المال، وذلك في ربيع الاول سنة خمسين، فقطعت يد نصر، وضرب بالمقارع كثيرا، وقص لحمه، ثم صلب فمات، فبقي معلقا شهورا، ثم أحرق (1).
وقيل: تسلمه نساء الظافر، فضربنه بالقباقيب، وأطعمنه لحمه (2).
مات الفائز في رجب سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
وله نحو من عشر سنين.
وبايعوا العاضد (3).

78 - العاضد * صاحب مصر العاضد لدين الله خاتم الدولة العبيدية أبو محمد عبد الله ابن الامير يوسف بن الحافظ لدين الله عبدالمجيد بن محمد بن المستنصر، العبيدي الحاكمي المصري الاسماعيلي المدعي هو وأجداده، أنهم فاطميون.
مولده سنة ست وأربعين وخمس مئة.
__________
(1) انظر " الاعتبار ": 23 - 27.
(2) " النجوم الزاهرة ": 5 / 310 - 311.
(3) " وفيات الاعيان ": 3 / 494.
* الكامل: 11 / 255 وما بعدها، وفيات الاعيان: 3 / 109 - 112، العبر: 4 / 197 - 198، البداية والنهاية: 12 / 264 - 268، تاريخ ابن خلدون: 4 / 76 - 82، خطط المقريزي: 1 / 357 - 359، النجوم الزاهرة: 5 / 334 - 357، تاريخ ابن إياس: 1 /
67 - 68، شذرات الذهب: 4 / 219 - 220، 222 - 223.
(*)

(15/207)


أقامه طلائع بن رزيك (1) بعد الفائز، فكان من تحت حجره، لا حل لديه ولا ربط.
وكان العاضد سبابا خبيثا متخلفا.
قال القاضي شمس الدين بن خلكان: كان إذا رأى سنيا استحل دمه، وسار وزيره الملك الصالح طلائع سيرة مذمومة، واحتكر الغلات، وقتل عدة أمراء، واضعف أحوال الدولة بقتل ذوي الرأي والبأس، وصادر وعسف (2).
وفي أيام العاضد أقبل حسين بن نزار بن المستنصر بن الظاهر، العبيدي من الغرب في جمع كثير، فلما قارب مصر غدر به خواصه، وقبضوا عليه، وأتوا به العاضد، فذبحه في سنة سبع وخمسين (3).
وتزوج العاضد ببنت طلائع، وأخذ طلائع في قطع أخبار العسكر والامراء، فتعاقدوا بموافقة العاضد لهم على قتله، فكمن له عدة في القصر، فجرحوه، فدخل مماليكه، فقتلوا أولئك، وحملوه، فما أمسى.
وذلك في رمضان سنة ست وخمسين (4).
وولي مكانه ولده الملك العادل رزيك (5).
وكان مليح النظم، قوي الرفض، جوادا شجاعا، يناظر على الامامة والقدر، وعمل قبل موته بثلاث [ ليال ] (6):
__________
(1) انظر ص / 205 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(2) " وفيات الاعيان ": 3 / 110.
(3) المصدر السابق، " وقيل: إن ذلك كان في أيام الحافظ عبدالمجيد ".
(4) انظر " الكامل ": 11 / 274 - 276.
(5) ترجمته في " النكت العصرية ": 52 - 67، و " وفيات الاعيان ": 2 / 529 - 530.
(6) زيادة من " النكت العصرية ": 48.
(*)

(15/208)


نحن في غفلة ونوم وللمو * ت عيون يقظانة لا تنام - قد رحلنا إلى الحمام سنينا * ليت شعري متى يكون الحمام (1) ؟ - ولعمارة اليمني (2) فيه قصائد ورثاء، منها في جنازته: وكأنها تابوت (3) موسى أودعت * في جانبيه سكينة ووقار - وتغاير الحرمان والهرمان (4) في * تابوته وعلى الكريم يغار (5) - نعم، ووزر للعاضد الملك أبو شجاع شاور السعدي، وكان على نيابة الصعيد من جهة طلائع، فقوي، وندم طلائع على توليته لفروسيته وشهامته، فأوصى طلائع وهو يموت إلى ابنه أن لا يهيج (6) شاور.
ثم إن شاور حشد وجمع، واخترق البرية إلى أن خرج من عند تروجة (7)، وقصد القاهرة، فدخلها من غير ممانعة، ثم فتك برزيك وتمكن (8).
__________
(1) " النكت العصرية ": 49.
وانظر أخباره وأشعاره في " خريدة القصر " قسم شعراء مصر: 1 / 173 - 185.
(2) هو عمارة بن علي، نجم الدين، مؤرخ، فقيه، أديب، من أهل اليمن قدم مصر برسالة من أمير مكة، فأحسن الفاطميون إليه، وبالغوا في إكرامه، فأقام عندهم ومدحهم.
ولما زالت دولتهم اتفق مع سبعة من أعيان المصريين على الفتك بصلاح الدين الايوبي، فقبض عليهم صلاح الدين وصلبهم في القاهرة - وعمارة من جملتهم سنة / 569 / ه.
انظر أخباره في كتاب " النكت العصرية "، و " وفيات الاعيان ": 3 / 431 - 436.
(3) في الاصل: وكأنه.
وما أثبتناه من " النكت العصرية ": 64.
(4) في " النكت العصرية ": " وتغاير الهرمان والحرمان..".
(5) البيتان من قصيدة طويلة في " النكت العصرية ": 64.
(6) " وفيات الاعيان ": 2 / 440.
(7) قرية بالقرب من الاسكندرية.
(8) " وفيات الاعيان ": 2 / 440.
(*)

(15/209)


ثم قدم دمشق جريدة إلى نور الدين مستنجدا به، فجهز معه شيركوه (1)، بل بعده بسنة، فاسترد له الوزارة (2)، وتمكن، ولم يجاز شيركوه بما يليق به، فأضمر له الشر، واستعان شاور بالفرنج، وتحصن منهم شيركوه ببلبيس، فحصروه مدة، حتى ملوا (3).
واغتنم نور الدين خلو الساحل منهم فعمل المصاف على حارم (4).
وأسر ملوكا في سنة تسع وخمسين (5).
ورجع شيركوه بعد أمور طويلة الشرح (6).
ثم سير العاضد، يستنجد بشيركوه على الفرنج (7)، فسار وهزم الفرنج بعد أن كادوا يأخذون البلاد (8)، وهم شاور باغتيال شيركوه وكبار عسكره، فناجزوه وقتلوه في ربيع الآخر سنة أربع وستين قتله جرد يك النوري وصلاح الدين، فتمارض شيركوه فعاد شاور فشد عليه صلاح الدين (9).
ولعمارة فيه:
__________
(1) أسد الدين شيركوه، أول من ولي مصر من الاكراد الايوبيين.
وهو عم السلطان صلاح الدين.
كان من كبار القواد في جيش نور الدين.
وكان عاقلا مدبرا وقورا، مات سنة / 564 / ه له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 2 / 479 - 480.
(2) كان أبو الأشبال ضرغام بن عامر قد خرج على شاور بجموع كثيرة، وغلبه واستولى على الوزارة.
انظر " النكت العصرية ": 73 - 77.
(3) " الكامل ": 11 / 299.
(4) كورة جليلة تجاه أنطاكية.
" معجم البلدان ": 2 / 205.
(5) " الكامل ": 11 / 301 - 304.
(6) " الكامل ": 11 / 300 - 301.
(7) خرج شيركوه إلى مصر ثلاث مرات.
الاولى سنة / 558 / نجدة لشاور، والثانية / 562 / لتملك مصر، والثالثة / 564 / ه، وهي هذه.
(8) " الكامل ": 11 / 335 - 340.
(9) " وفيات الاعيان ": 2 / 441.
(*)

(15/210)


ضجر الحديد من الحديد وشاور * في نصر دين محمد (1) لم يضجر - حلف الزمان ليأتين بمثله * حنثت يمينك يا زمان فكفر (2) - فاستوزر العاضد شيركوه (3)، فلم يطول، ومات بالخانوق بعد شهرين وأيام (4)، وقام بعده ابن أخيه صلاح الدين (5).
وكان يضرب بشجاعة أسد الدين شيركوه المثل، ويخافه الفرنج (6).
قال ابن واصل (7): حدثنا الامير حسام الدين بن أبي علي: قال: كان جدي في خدمة صلاح الدين.
فحكى وقعة السودان (8) بمصر التي زالت دولتهم بها ودولة العبيدية.
قال: شرع صلاح الدين يطلب من العاضد أشياء من الخيل والرقيق والمال [ ليقوي بذلك ضعفه ]، فسيرني إلى العاضد أطلب منه فرسا، فأتيته وهو راكب في بستانه الكافوري.
فقلت له، فقال: مالي إلا هذا الفرس، ونزل عنه، وشق خفيه ورمى بهما، فأتيت صلاح الدين
بالفرس (9).
قلت: تلاشى أمر العاضد مع صلاح الدين إلى أن خلعه، وخطب
__________
(1) في " النكت العصرية ": آل محمد.
(2) " النكت العصرية ": 73.
(3) " الكامل ": 11 / 340.
(4) " الكامل ": 11 / 341.
(5) " الكامل ": 11 / 342، وما بعدها.
(6) انظر " الكامل ": 11 / 300 - 301.
(7) محمد بن سالم بن واصل، مؤرخ، عالم بالمنطق والهندسة.
من فقهاء الشافعية مولده ووفاته في حماه.
من كتبه " مفرج الكروب في أخبار بني أيوب " وعنه ينقل الامام الذهبي.
توفي سنة / 697 / ه.
له ترجمة في " نكت الهميان ": 250 - 252.
(8) انظر " الكامل ": 11 / 345 - 347.
(9) " مفرج الكروب ": 1 / 171 - 179 وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/211)


لبني العباس، واستأصل شأفة بني عبيد.
ومحق دولة الرفض.
وكانوا أربعة عشر متخلفا لا خليفة، والعاضد في اللغة أيضا القاطع، فكان هذا عاضدا لدولة أهل بيته.
قال ابن خلكان: أخبرني عالم أن العاضد رأى في نومه كأن عقربا خرجت إليه من مسجد عرف بها فلدغته، فلما استيقظ طلب معبرا، فقال: ينالك مكروه [ من ] (1) رجل مقيم بالمسجد، فسأل عن المسجد، وقال للوالي عنه، فأتى بفقير.
فسأله من أين هو ؟ وفيما قدم، فرأى منه صدقا ودينا.
فقال: ادع لنا يا شيخ، وخلى سبيله، ورجع إلى المسجد، فلما
غلب صلاح الدين على مصر، عزم على خلع العاضد، فقال ابن خلكان: استفتى الفقهاء، فأفتوا بجواز خلعه لما هو من انحلال العقيدة والاستهتار، فكان أكثرهم مبالغة في الفتيا ذاك، وهو الشيخ نجم الدين الخبوشاني (2)، فإنه عدد مساوئ هؤلاء، وسلب عنهم الايمان (3).
قال أبو شامة (4): اجتمعت بأبي الفتوح بن العاضد، وهو مسجون مقيد، فحكى لي أن أباه في مرضه طلب صلاح الدين، فجاء، وأحضرنا
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) هو محمد بن الموفق بن سعيد، أبو البركات، نجم الدين الخبوشاني، نسبة إلى خبوشان - وهي بليدة بناحية نيسابور - انتقل إلى مصر، وحظي عند السلطان صلاح الدين.
صنف كتاب " تحقيق المحيط " في الفقه، قال عنه ابن خلكان: " رأيته في ستة عشر مجلدا ".
توفي - رحمه الله - سنة / 587 / ه.
له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 4 / 239 - 240 و " طبقات الشافعية ": 4 / 190 - 192.
(3) " وفيات الاعيان ": 3 / 111.
(4) المؤرخ المشهور، صاحب كتاب " الروضتين " عبدالرحمن بن إسماعيل، المقدسي الدمشقي.
لقب أبا شامة، لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الايسر.
توفي سنة / 665 / ه سترد ترجمته عند المؤلف فيما بعد.
(*)

(15/212)


ونحن صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا واحترامنا (1).
قال أبو شامة: كان منهم ثلاثة بإفريقية: المهدي، والقائم، والمنصور، وأحد عشر بمصر آخرهم العاضد (2)، ثم قال: يدعون الشرف ونسبهم إلى مجوسي أو يهودي، حتى أشتهر لهم ذلك، وقيل: الدولة العلوية، والدولة الفاطمية، وإنما هي الدولة اليهودية أو المجوسية الملحدة
الباطنية.
ثم قال: ذكر ذلك جماعة من العلماء الاكابر، وأن نسبهم غير صحيح.
بل المعروف أنهم بنو عبيد.
وكان والد عبيد من نسل القداح المجوسي الملحد.
قال: وقيل: والده يهودي من أهل سلمية.
وعبيد كان اسمه سعيدا، فغيره بعبيد الله لما دخل إلى المغرب، وادعى نسبا ذكر بطلانه جماعة من علماء الانساب، ثم ترقى، وتملك، وبنى المهدية.
قال: وكان زنديقا خبيثا، ونشأت ذريته على ذلك.
وبقي هذا البلاء على الاسلام من أول دولتهم إلى آخرها (3).
قلت: وكانت دولتهم مئتي سنة وثمانيا وستين سنة، وقد صنف القاضي أبو بكر بن الباقلاني كتاب " كشف أسرار الباطنية " فافتتحه ببطلان انتسابهم إلى الامام علي، وكذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي.
هلك العاضد يوم عاشوراء سنة سبع وستين وخمس مئة بذرب مفرط.
وقيل مات غما لما سمع بقطع خطبته وإقامة الدعوة للمستضئ.
وقيل:
__________
(1) " الروضتين ": 1 / 194.
(2) " الروضتين ": 1 / 201.
(3) " الروضتين ": 1 / 201.
(*)

(15/213)


سقي، وقيل: مص خاتما له مسموما.
وكانت الدعوة المذكورة أقيمت في أول جمعة من المحرم، وتسلم صلاح الدين القصر بما حوى من النفائس والاموال، وقبض أيضا على أولاد العاضد وآله، فسجنهم في بيت من القصر، وقمع غلمانهم وأنصارهم، وعفى آثارهم.
قال العماد الكاتب (2): وهم الآن محصورون محسورون لم يظهروا.
وقد نقصوا وتقلصوا، وانتقى صلاح الدين ما أحب من الذخائر، وأطلق البيع بعد في ما بقي، فاستمر البيع فيها مدة عشر سنين (3).
ومن كتاب من إنشاء القاضي الفاضل (4) إلى بغداد: " وقد توالت الفتوح (5) غربا، ويمنا وشاما.
وصارت البلاد [ بل الدنيا والشهر، بل ] والدهر حرما حراما، وأضحى الدين واحدا بعد أن كان أديانا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صما وعميانا، والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة.
ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم [ بينهم ] شيعا، وفرقوا أمر الامة وكان مجتمعا، وقطع دابرهم، ورغمت أنوفهم
__________
(1) " النجوم الزاهرة ": 5 / 334 - 335.
(2) هو محمد بن صفي الدين محمد، أبو عبد الله.
مؤرخ عالم بالادب.
من كتبه: " خريدة القصر " و " الفتح القسي القدسي ".
ولد بأصبهان، وتعلم ببغداد، وعمل في " ديوان الانشاء " زمن السلطان نور الدين، ثم لحق بصلاح الدين بعد وفاته.
استوطن دمشق وتوفي بها سنة / 597 / ه له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 5 / 147 - 153.
(3) " الروضتين ": 1 / 194 - 195.
(4) هو عبدالرحيم بن علي اللخمي، المعروف بالقاضي الفاضل، وزير من أئمة الكتاب، وزر للسلطان صلاح الدين، ولد بعسقلان، وتوفي بالقاهرة سنة / 596 / ه له ترجمة في " خريدة القصر ": قسم شعراء مصر: 1 / 35 - 54، و " وفيات الاعيان ": 3 / 158 - 163.
(5) في " الروضتين ": عربا، بالعين المهملة.
(*)

(15/214)


ومنابرهم، وحقت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا، وتمت كلمات ربك صدقا
وعدلا، وليس السيف عمن سواهم من [ كفار ] الفرنج بصائم، ولا الليل عن السير إليهم بنائم " (1).
قلت: أعجبني سرد هؤلاء الملوك العبيدية على التوالي، ليتأمله الناظر مجتمعا.
فلنرجع الآن إلى ترتيب الطباق في حدود العشرين وثلاث مئة وما بعدها.

79 - مرداويج بن زيار * الديلمي ملك الديلم عتا وتمرد (2)، وسفك الدماء، وحكم على مدائن الجبل وغيرها.
وخافته الملوك، وكان بنو بويه من أمرائه (3).
ولما كانت ليلة الميلاد من سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة أمر بجمع أحطاب عظيمة، وخرج إلى ظاهر أصبهان، وجمع ألفي غراب، وعمل في آذانها النفط، ومد سماطا ما سمع بمثله أصلا.
كان فيه ألف فرس قشلميش، وألفا بقرة، ومن الغنم والحلواء أشياء، فلما شاهد ذلك استقله وتنمر على القواد، وكان مسيئا إلى الاتراك الذين معه، فلما أصبح اجتمعوا للموكب، وصهلت الخيل، فغضب، وأمر بشد سروجها على ظهور أربابها.
فكان منظرا فظيعا، فحنقوا عليه، ودخل البلد فأمر صاحب
__________
(1) انظر الكتاب بطوله في " الروضتين ": 1 / 195، وما بين حاصرتين منه.
وقد اختصره الذهبي هنا.
* الكامل: 8 / 196، وما بعدها، المختصر في أخبار البشر: 2 / 82، العبر: 2 / 190، البداية والنهاية: 11 / 178، شذرات الذهب: 2 / 292 - 293.
(2) انظر ابتداء أمره في " الكامل ": 8 / 193، وما بعدها.
(3) " المختصر في أخبار البشر ": 2 / 78.
(*)

(15/215)


حرسه أن لا يتبعه، ودخل الحمام، فهجمت الترك عليه، وقتلوه.
وكان قد اتخذ لنفسه تاجا مرصعا بالجواهر كتاج كسرى.
وتملك بعده أخوه، وشمكير، وتملك أيضا بنو بويه - من تاريخ المؤيد (1) -

80 - العزيري * الامام أبو بكر محمد بن عزير، السجستاني المفسر، مصنف " غريب القران " (2).
كان رجلا فاضلا خيرا.
ألف " الغريب " في عدة سنين وحرره، وراجع فيه أبا بكر بن الانباري، وغيره (3).
رواه عنه: أبو عبد الله بن بطة، وعثمان بن أحمد بن سمعان، وعبد الله بن الحسين السامري المقرئ، وكان مقيما ببغداد، لم يذكر له ابن النجار وفاة.
قال (4): والصحيح عزير براء، رأيته بخط ابن ناصر الحافظ.
وذكر أنه شاهده بخط يده، وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه، وكانوا متثبتين.
__________
(1) " المختصر في أخبار البشر ": 2 / 82.
وانظر ايضا خبر مقتله في " الكامل ": 8 / 298 - 303.
* نزهة الالباء: 215 - 216، الوافي بالوفيات: 4 / 95، بغية الوعاة: 72 - 73.
(2) كتاب " غريب القرآن " مرتب على حسب حروف المعجم، وقد طبع بمصر سنة / 1325 / ه.
(3) " نزهة الالباء ": 216.
(4) أي ابن النجار.
انظر حاشيتنا رقم / 8 / ص / 92 / من هذا الجزء.
(*)

(15/216)


قال: وذكر لي ابن الاخضر (1) شيخنا، أنه رأى نسخة بالغريب بخط مؤلفه، وفي آخره: وكتب محمد بن عزير بالراء المهملة.
وقال أبو زكريا التبريزي: رأيت بخط ابن عزير، وعليه علامة الراء غير المعجمة (2).
وأما الدارقطني، والحافظ عبد الغني، والخطيب، وابن ماكولا، فقالوا: عزيز بمعجمتين، محمد بن عزير " صاحب الغريب " (3).
فبعد هؤلاء الاعلام من يسلم من الوهم (4) ؟.
بقي ابن عزير إلى حدود الثلاثين وثلاث مئة.

81 - ابن الاخشيد * العلامة الاستاذ، شيخ المعتزلة، أبو بكر، أحمد بن علي بن بيغجور الاخشيد (5)، صاحب التصانيف.
__________
(1) هو عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الاخضر، الجنابذي، ثم البغدادي، محدث العراق في عصره، أصله من جنابذ (قرية بنيسابور) صنف مجموعات حسنة، وكان ثقة، صحبه ابن النجار مدة طويلة، وقرأ عليه، توفي سنة / 611 / ه له ترجمة مفصلة في " شذرات الذهب ": 5 / 46 - 47.
(2) " نزهة الالباء ": 215.
(3) انظر " الاكمال ": 7 / 5.
(4) مال ابن حجر العسقلاني إلى كتابته بزايين، وبسط القول في مناقشة من قال بالراء المهملة.
انظر " تبصير المتنبه ": 3 / 948 - 950.
* الفهرست: 245 - 246، تاريخ بغداد: 4 / 309، الوافي بالوفيات: 7 / 216، طبقات المعتزلة: 100، لسان الميزان: 1 / 231.
(5) في " لسان الميزان ": 1 / 231 " ابن الاخشاد، ويقال له: ابن الاخشيد ".
(*)

(15/217)


كان يدري الحديث، ويرويه، عن أبي مسلم الكجي وطبقته.
ويحتج به في تواليفه، وكان ذا تعبد وزهادة، له قرية تقوم بأمره، وكان يؤثر الطلبة.
وله محاسن على بدعته، وله تواليف في الفقه، وفي النحو والكلام.
وداره ببغداد في سوق العطش (1).
وكان لا يفتر من العلم والعبادة.
له كتاب " نقل القرآن " " وكتاب الاجماع " " وكتاب اختصار تفسير محمد بن جرير " " وكتاب المعونة في الاصول " وأشياء مفيدة (2).
توفي في شعبان سنة ست وعشرين وثلاث مئة.

82 - يوسف بن يعقوب * ابن الحسين (3) الامام المجود، مقرئ واسط، أبو بكر الواسطي الاصم، إمام الجامع.
قرأ القرآن على يحيى العليمي، عن حماد بن شعيب، وأبي بكر بن عياش، وعلي بن شعيب بن أيوب الصريفيني، وتصدر دهرا، ورحلوا إليه.
وسمع من محمد بن خالد الطحان.
__________
(1) محلة ببغداد، بالجانب الشرقي.
(2) انظر " الفهرست ": 245 - 246.
* تاريخ بغداد: 14 / 319 - 320، معرفة القراء: 1 / 202.
غاية النهاية: 2 / 404 - 405.
(3) في " تاريخ بغداد ": 14 / 319 " ابن الحسين ".
(*)

(15/218)


حدث عنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو بكر بن المقرئ.
وتلا عليه: علي بن محمد بن خليع القلانسي، والحسن بن سعيد المطوعي، وعثمان بن أحمد المجاشي (1)، وإبراهيم بن عبدالرحمن البغدادي، وأبو بكر النقاش، وعبد العزيز بن عصام، وعلي بن منصور الشعيري، وأبو أحمد السامري فيما زعم (2).
قال ابن خليع: كان شيخنا حسن الاخذ، قرأت عليه وله نيف وتسعون سنة (3).
وقال أبو عبد الله القصاع (4): ولد في شعبان سنة ثمان عشرة ومئتين.
وكان يقول (5): قرأت على يحيى بن محمد العليمي في سنة أربعين ومئتين والتي تليها، ومات (6) في سنة ثلاث [ وأربعين ومئتين ] عن ثلاث وتسعين سنة.
وكان قد ضعف (7).
قال لي: قرأت على حماد بن أبي زياد شعيب سنة سبعين ومئة، وكان فاضلا جليلا (8).
__________
(1) في " غاية النهاية ": النجاشي، وهو تصحيف.
(2) انظر " غاية النهاية ": 1 / 415 - 417.
(3) " غاية النهاية ": 2 / 405.
(4) هو محمد بن إسرائيل بن أبي بكر، أبو عبد الله، المعروف بالقصاع: أستاذ كبير، اعتني بعلم القراءات أتم عناية، توفي سنة / 671 / ه من كتبه " الاستبصار " و " المغني " له ترجمة في " غاية النهاية ": 2 / 100.
(5) أي يوسف بن يعقوب.
(6) أي: العليمي.
(7) انظر ترجمة العليمي في " غاية النهايه ": 2 / 378 - 379.
وما بين حاصرتين منه.
(8) انظر ترجمة حماد في " غاية النهاية ": 1 / 258 - 259.
(*)

(15/219)


تلا على عاصم، وقرأت بعده على أبي بكر بن عياش.
قال القضاعي: توفي يوسف الواسطي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.

سميه هو المحدث أبو عمرو:
83 - يوسف بن يعقوب * النيسابوري، نزيل بغداد.
يروي عن: محمد بن بكار بن الريان، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن عبدة، وأبي حفص الفلاس.
روى عنه: الدارقطني، وابن شاهين، والمعافى النهرواني، وأبو بكر بن شاذان، وعلي بن لؤلؤ الوراق.
قال عبد الغني بن سعيد: وثب إلى الرواية عن ابن أبي شيبة (1).
وقال البرقاني: لا يساوي شيئا (2).
وقال الحاكم: حدث عن كل من شاء (3).
فسمعت أبا علي الحافظ، يقول: ما رأيت في رحلتي في أقطار الارض نيسابوريا يكذب غير أبي عمرو هذا (4).
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 320، ميزان الاعتدال: 4 / 475، لسان الميزان: 6 / 329.
(1) " تاريخ بغداد ": 14 / 320.
(2) المصدر السابق.
(3) " لسان الميزان ": 6 / 329.
(4) " تاريخ بغداد ": 14 / 320.
(*)

(15/220)


قلت: توفي بعيد سنة عشرين وثلاث مئة بيسير.
وقع لي من طريقه " تاريخ " أبي بكر بن أبي شيبة.

84 - جحظة * الاخباري النديم البارع، أبو الحسن، أحمد بن جعفر بن موسى بن الوزير يحيى بن خالد بن برمك البرمكي البغدادي الشاعر.
كان ذا فنون ونوادر وآداب.
وهو القائل: أنا ابن أناس مول الناس جودهم * فأضحوا حديثا للنوال المشهر - فلم يخل من إحسانهم لفظ مخبر * ولم يخل من تقريظهم بطن دفتر (1) - ومن شعره: ورق الجو حتى قيل هذا * عتاب بين جحظة والزمان (2) - وقيل: كان مشوها.
فقال ابن الرومي: وارحمتا لمنادميه تحملوا * ألم العيون للذة الآذان (3) -
__________
* الفهرست: 208، تاريخ بغداد: 4 / 65 - 69، الانساب: 2 / 170 - 171، المنتظم: 6 / 283 - 286، معجم الادباء: 2 / 241 - 282، وفيات الاعيان: 1 / 133 - 134، العبر: 2 / 201، الوافي بالوفيات: 6 / 286 - 289، مرآة الجنان: 2 / 288، البداية والنهاية: 11 / 185 - 186، لسان الميزان: 1 / 146، النجوم الزاهرة: 3 / 250 - 251.
(1) البيتان في " ذيل أمالي القالي ": 99، و " وفيات الاعيان ": 1 / 133.
(2) " وفيات الاعيان ": 1 / 134.
(3) " وفيات الاعيان ": 1 / 134.
(*)

(15/221)


قال ابن خلكان: جحظة بسكون الحاء (1): مات سنة ست وعشرين وثلاث مئة، وقيل سنة أربع وعشرين (2).
وقد بلغ الثمانين، ولم يدخل في رواية الحديث، وكان رأسا في التنجيم مقدما في لعب النرد.
وله مؤلف في الطبائخي، ولم يكن أحد يتقدمه في صناعة الغناء (3).
غنى المعتمد، فأعطاه خمس مئة دينار.
أكثر عنه صاحب " الاغاني "، والمعافى النهرواني، وأبو عمر بن حيويه (4).

85 - الباب * كبير الامامية، ومن كان أحد الابواب إلى صاحب الزمان المنتظر، الشيخ الصالح أبو القاسم حسين بن روح بن بحر القيني.
قال ابن أبي طي في " تاريخه " (5): نص عليه بالنيابة أبو جعفر محمد ابن عثمان العمري (6)، وجعله من أول من يدخل حين جعل الشيعة طبقات.
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان ": 1 / 134.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 65.
(4) المصدر السابق.
* الوافي بالوفيات: 12 / 366 - 367، لسان الميزان: 2 / 283 - 284.
(5) في الاصل: ابن بطي، وهو تصحيف.
وابن أبي طي: هو يحيى بن حميدة بن ظافر، الغساني عالم، مشهور، مؤرخ، شيعي.
توفي سنة / 630 / ه وقد ذكر صاحب " كشف الظنون ": 1 / 277 تاريخه، وأشار إلى أنه مرتب على السنوات.
انظر ترجمته في " لسان الميزان ": 6 / 263 - 264 و " الذريعة ": 3 / 219 - 220.
(6) انظر " الكامل ": 8 / 109.
(*)

(15/222)


قال: وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة: فلما مات أبو جعفر صارت النيابة إلى حسين هذا، فجلس في الدار، وحف به الشيعة، فخرج ذكاء الخادم، ومعه عكازة، ومدرج (1) وحقة، وقال له: إن مولانا قال: إذا دفنني أبو القاسم حسين، وجلس، فسلم إليه هذا، وإذا في الحق خواتيم الائمة.
ثم قام ومعه طائفة فدخل دار أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني (2)، وكثرت غاشيته حتى كان الامراء والوزراء يركبون إليه والاعيان، وتواصف الناس عقله وفهمه.
فروى علي بن محمد الايادي، عن أبيه، قال: شاهدته يوما، وقد دخل عليه أبو عمر القاضي (3)، فقال له أبو القاسم: صواب الرأي عند المشفق عبرة عند المتورط، فلا يفعل القاضي ما عزم عليه، فرأيت أبا عمر قد نظر إليه، ثم قال: من أين لك هذا ؟ فقال: إن كنت قلت لك ما عرفته، فمسألتي من أين لك ؟ فضول، وإن كنت لم تعرفه، فقد ظفرت بي.
قال: فقبض أبو عمر على يديه، وقال: لا بل والله أؤخرك ليومي أو لغدي.
فلما خرج، قال أبو القاسم: ما رأيت محجوجا قط يلقى البرهان بنفاق مثل هذا.
كاشفته بما لم أكاشف به غيره.
ولم يزل أبو القاسم وافر الحرمة إلى أن وزر حامد بن العباس، فجرت له معه خطوب يطول شرحها.
ثم سرد ابن أبي طي ترجمته في أوراق، وكيف أخذ وسجن خمسة
__________
(1) مدرج: وهي الرقعة الملعونة كما في متن اللغة 2 / 396.
(2) نسبة إلى شلمغان.
قرية من نواحي واسط.
والشلمغاني هذا هو المعروف بابن أبي العزاقر.
صاحب المذهب المشهور في الحلول، وقد قتل سنة / 322 / ه انظر " اللباب ":
2 / 27، و " الكامل ": 8 / 290 - 294.
(3) محمد بن يوسف.
قاضي القضاة.
كان يضرب المثل بعقله وحلمه.
توفي سنة / 320 / ه.
له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 3 / 401 - 405.
(*)

(15/223)


أعوام، وكيف أطلق وقت خلع المقتدر، فلما أعادوه إلى الخلافة، شاوروه فيه، فقال: دعوه فبخطيته أوذينا.
وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن مات في سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
وقد كاد أمره أن يظهر.
قلت: ولكن كفى الله شره، فقد كان مضمرا لشق العصا.
وقيل: كان يكاتب القرامطة ليقدموا بغداد ويحاصروها.
وكانت الامامية تبذل له الاموال، وله تلطف في الذب عنه، وعبارات بليغة، تدل على فصاحته وكمال عقله.
وكان مفتي الرافضة وقدوتهم، وله جلالة عجيبة.
وهو الذي رد على الشلمغاني لما علم انحلاله.

86 - ابن مقلة * الوزير الكبير، أبو علي محمد بن علي بن حسن (1) بن مقلة.
ولد بعد سنة سبعين ومئتين (2).
وروى عن: أبي العباس ثعلب، وأبي بكر بن دريد.
وروى عنه: عمر بن محمد بن سيف، وأبو الفضل محمد بن الحسن
__________
* ثمار القلوب: 210 - 212، المنتظم: 6 / 309 - 311، الكامل: 8 / 183 وما بعدها، وفيات الاعيان: 5 / 113 - 118، الفخري: 238 - 241، العبر: 2 / 211، الوافي بالوفيات: 4 / 109 - 111، مرآة الجنان: 2 / 291 - 294، البداية والنهاية: 11 / 195 - 196، النجوم الزاهرة: 3 / 268، شذرات الذهب: 2 / 310 - 312.
(1) في أغلب المراجع: حسين.
(2) مولده في شوال سنة اثنتين وسبعين ومئتين انظر ص / 229 / من هذا الجزء.
(*)

(15/224)


ابن المأمون، وعبد الله بن علي بن عيسى بن الجراح، ومحمد بن أحمد بن ثابت.
قال الصولي: ما رأيت وزيرا منذ توفي القاسم بن عبيد الله (1) أحسن حركة، ولا أظرف إشارة، ولا أملح خطا، ولا أكثر حفظا، ولا أسلط قلما، ولا أقصد بلاغة، ولا آخذ بقلوب الخلفاء، من ابن مقلة.
وله علم بالاعراب، وحفظ للغة، وتوقيعات حسان (2).
قال ابن النجار: أول تصرفه كان مع محمد بن داود بن الجراح، وعمره ست عشرة سنة وأجري له في كل شهر ستة دنانير، ثم انتقل إلى ابن الفرات، فلما وزر ابن الفرات أحسن إليه، وجعله يقدم القصص، فكثر ماله إلى أن قال: فلما استعفى ابن عيسى من الوزارة، أشير على المقتدر بالله بابن مقلة، فولاه في ربيع الاول سنة 316، ثم عزل سنة 318 بعد سنتين وأربعة أشهر، ثم لما قتل المقتدر، وبويع القاهر، كان ابن مقلة بشيراز منفيا، فأحضر القاهر وزير المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمد، وعرفه أنه قد استوزر أبا علي، فاستخلفه له إلى أن يقدم، فقدم أبو علي يوم النحر سنة عشرين، فدام إلى أن استوحش من القاهر، فاستتر بعد تسعة أشهر، ثم إنه أفسد الجند على القاهر، وجمع كلمتهم على خلعه وقتله، فتم ذلك لهم.
وبويع الراضي، فآمن أبا علي، فظهر، ووزر، ثم عزل بعد عامين، واستتر، ثم كتب إلى الراضي بالله أن يستحجب بجكم عوض ابن رائق، وأن يعيده إلى الوزارة، وضمن له مالا، وكتب إلى بجكم فاطمعه الراضي
حتى حصل عنده، واستفتى الفقهاء، فأفتوا بقطع يده.
فقطع في شوال سنة
__________
(1) توفي القاسم سنة / 291 / وكان وزيرا للمعتضد.
(2) " النجوم الزاهرة ": 3 / 268.
(*)

(15/225)


ست وعشرين وثلاث مئة.
ثم كان يشد القلم على ساعده، ويكتب خطا جيدا.
وكتب أيضا باليسرى (1).
وقيل: إنه كاتب يطلب الوزارة.
فلما قرب بجكم من بغداد، طلب أبا علي، فقطع لسانه، وسجن مدة، ولحقه ذرب (2).
وكان يستقي بيساره، ويمسك الحبل بفمه.
وقاسى بلاء إلى أن مات.
ودفن في دار السلطنة، ثم سأل أهله فنبش، وسلم إليهم، فدفنه ابنه أبو الحسين في داره (3).
قال الحسن بن علي بن مقلة (4): كان أبو علي الوزير، يأكل يوما، فلما غسل يده، وجد نقطة صفراء من حلو على ثوبه [ ففتح الدواة ]، فاستمد [ منها ] وطمسها بالقلم، وقال: ذاك عيب.
وهذا أثر صناعة.
إنما الزعفران عطر العذارى * ومداد الدواة عطر الرجال (5) قال أبو الفضل بن المأمون: أنشدنا أبو علي بن مقلة لنفسه: إذا أتى الموت لميقاته * فخل (6) عن قول الاطباء وإن مضى من أنت صب به * فالصبر من فعل الالباء ما مر شئ ببني آدم * أمر من فقد الاحباء (7)
__________
(1) انظر أخباره في " المنتظم ": 6 / 309 - 311، و " الكامل ": 8 / في حوادث السنين المذكورة.
(2) هو الداء الذي يعرض للمعدة، فلا تهضم الطعام ويفسد فيها، ولا تمسكه.
" اللسان ": (ذرب).
(3) " ثمار القلوب ": 211.
(4) هو أخو الوزير وستأتي ترجمته مختصرة في آخر هذه الترجمة.
(5) " نشوار المحاضرة ": 3 / 254 وما بين حاصرتين منه.
(6) في " المنتظم ": فعد.
(7) " المنتظم ": 6 / 311.
(*)

(15/226)


أبو عمر بن حيويه: حدثنا أبو عبد الله النوبختي، قال: قيل: إن أبا علي، قال: ما مللت (1) الحياة لكن توثق * ت بأيمانهم فبانت يميني لقد أحسنت ما استطعت بجهدي * حفظ أيمانهم فبانت يميني (2) بعت ديني لهم بدنياي حتى * حرموني دنياهم بعد ديني ليس بعد اليمين لذة عيش * يا حياتي بانت يميني فبيني (3) قال أبو علي التنوخي: حدثنا الحسين بن الحسن الواثقي، قال: كنت أرى دائما جعفر بن ورقاء (4) يعرض على ابن مقلة في وزارته الرقاع الكثيرة في حوائج الناس في مجالس حفله، وفي خلوته.
فربما عرض في اليوم أزيد من مئة رقعة، فعرض عليه في مجلس خال شيئا كثيرا، فضجر، وقال: إلى كم يا أبا محمد ؟ فقال: على بابك الارملة والضعيف وابن السبيل، والفقير، ومن لا يصل إليك.
وقال: أيد الله الوزير إن كان فيها شئ لي فخرقه.
إنما أنت الدنيا، ونحن طرق إليك، فإذا سألونا سألناك، فإن صعب هذا أمرتنا أن لا نعرض شيئا، ونعرف الناس بضعف جاهنا عندك ليعذرونا، فقال أبو علي: لم أذهب حيث ذهبت وإنما أومأت إلى أن تكون هذه الرقاع الكثيرة في مجلسين.
ولو كانت كلها تخصك لقضيتها، فقبل
جعفر يده (5).
قال الواثقي الحاجب: كانت فاكهة ابن مقلة، لما ولي
__________
(1) في " المنتظم " و " وفيات الاعيان ": ما سئمت.
(2) في " المنتظم " و " وفيات الاعيان " حفظ أرواحهم فما حفظوني.
(3) " المنتظم ": 6 / 311، و " وفيات الاعيان ": 5 / 116.
(4) هو جعفر بن محمد بن ورقاء، الشيباني: شاعر، كاتب، جيد البديهة والروية، اتصل بالمقتدر العباسي.
توفي / 352 / ه له ترجمة في " فوات الوفيات ": 1 / 205 - 206.
طبعة قديمة.
(5) نشوار المحاضرة: 1 / 83.
(*)

(15/227)


الوزارة الاولة بخمس مئة دينار في كل يوم جمعة، وكان لا بد له أن يشرب غبوقا بعد الجمعة، ويصطبح يوم السبت (1).
وذكر أنه رأى الشبكة على البستان من الابريسم (2) وتحتها صنوف الطيور مما يتجاوز الوصف (3).
وقيل: أنشأ دارا عظيمة، فقيل: قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا * واصبر فإنك في أضغاث أحلام تبني بأنقاض دور الناس مجتهدا * دارا ستهدم (4) أيضا بعد أيام مازلت تختار سعد المشتري لها * فلم توق به من نحس بهرام إن القران وبطليموس ما اجتمعا * في حال نقض ولا في حال إبرام (5) أحرقت بعد ستة أشهر، وبقيت عبرة (6).
قال إسحاق بن إبراهيم الحارثي: حدثنا الحسن بن علي بن مقلة، قال: كان سبب قطع يد أخي كلمة، كان قد استقام أمره مع الراضي، وابن رائق، وأمرا برد ضياعه، فدافع ناس فكتب أخي يعتب عليهم بكلام
غليظ.
وكنا نشير عليه أن يستعمل ضد ذلك، فيقول: والله لا ذللت لهذا الوضيع.
وزاره صديق ابن رائق، ومدبر دولته.
فما قام له، وتكلم بفصل طويل ساقه ابن النجار، يدل عيل تيهه وطيشه، فقبض عليه بعد أيام، وقطعت يده.
وكان إذا ركب يأخذ له الطالع جماعة من المنجمين.
__________
(1) " الوافي بالوفيات ": 4 / 111.
(2) الحرير: فارسي معرب.
(3) انظر وصف البستان وما فيه من طير وشجر وغزلان " المنتظم ": 6 / 310.
(4) في " المنتظم ": ستنقض.
(5) " المنتظم ": 6 / 310.
(6) " الكامل ": 8 / 218.
(*)

(15/228)


قال التنوخي: أخبرنا إبراهيم بن الحسن الديناري، سمعت الحسين ابن أبي علي بن مقلة، يحدث أن الراضي بالله، قطع لسان أبيه قبل موته بمدة، وقتله بالجوع.
وكان سبب ذلك أن الراضي تندم على قطع يده، واستدعاه من حبسه، واعتذر إليه.
وكان يشاوره ويستدعيه في خلوته وقت الشرب، وأنس به.
فقامت قيامة ابن رائق، وخاف ودس من أشار على الخليفة بأن لا يدنيه إلى أن قال: وكان أبي يكتب باليسرى خطا لا يكاد أن يفرق من خطه باليمنى.
قال: وما زالوا بالراضي، حتى تخيل منه وأهلكه.
وللصولي فيه: لئن قطعوا يمنى يديه لخوفهم * لاقلامه لا للسيوف الصوارم فما قطعوا رأيا إذا ما أجاله * رأيت المنايا في اللحى والغلاصم (1) مولده في شوال سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
ومات في حادي عشر شوال سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
واختلف فيه هل هو صاحب الخط المنسوب أو أخوه الحسن ؟ وكانا بديعي الكتابة، والظاهر أن الحسن هو صاحب الخط.
وكان أول من نقل هذه الطريقة المولدة من القلم الكوفي (2).
ذكره ابن النجار، وكان أديبا شاعرا، وفد على ملك الشام سيف الدولة، ونسخ له عدة مجلدات (3).
__________
(1) في " الفخري ": 241 " رأيت الردى بين اللها والغلاصم " والغلاصم: مفردها غلصمة وهي الموضع الناتئ في الحلقوم.
(2) انظر " صبح الاعشى ": 3 / 17.
(3) انظر " معجم الادباء ": 9 / 31 - 32.
(*)

(15/229)


روى عنه: أبو الفضل بن المأمون، وأبو عبد الله الحسين النمري.
توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وله سبعون سنة.
ثم نقل تابوته إلى بغداد.

87 - المرتعش * الزاهد الولي، أبو محمد، عبد الله (1) بن محمد النيسابوري (2) الحيري، تلميذ أبي حفص النيسابوري وصحب أبا عثمان الحيري (3)، والجنيد (4).
وسكن بغداد.
وكان يقال [ عجائب بغداد في التصوف ثلاث ]: نكت أبي محمد المرتعش، وحكايات الخلدي (5)، وإشارات الشبلي (6) (7).
__________
* طبقات الصوفية: 349 - 353، حلية الاولياء: 10 / 355، تاريخ بغداد: 7 / 221 - 222، الرسالة القشيرية: 26، الانساب: 520 / ب، المنتظم: 6 / 301، العبر:
141 - 144، النجوم الزاهرة: 3 / 269 - 270، شذرات الذهب: 2 / 317.
(1) في " تاريخ بغداد ": و " الانساب ": جعفر.
(2) هو عمرو بن سلمة، انظر ترجمته في " طبقات الصوفية ": 115 - 122.
(3) هو سعيد بن إسماعيل بن سعيد، الحيري، النيسابوري، له ترجمة في " طبقات الصوفية ": 170 - 175.
(4) من أئمة القوم وسادتهم، الجنيد بن محمد الجنيد.
له ترجمة في " طبقات الصوفية ": 155 - 163، و " تاريخ بغداد ": 7 / 241 - 249.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 333 / من هذا الجزء.
(6) ستأتي ترجمته رقم / 190 / من هذا الجزء.
(7) " طبقات الصوفية ": 349، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/230)


وكان المرتعش منقطعا بمسجد الشونيزية (1).
حكى عنه: محمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن عطاء الروذباري (2)، وأحمد بن علي بن جعفر.
وسئل بماذا ينال العبد المحبة ؟ قال: بموالاة أولياء الله، ومعاداة أعداء (3) الله.
وقيل له: فلان يمشي على الماء، قال: عندي أن من مكنه الله من مخالفة هواه [ فهو ] أعظم من المشي على الماء (4).
وسئل: أي العمل (5) أفضل ؟ قال: رؤية فضل الله (6).
وقد ذكره الخطيب، فسماه جعفرا، وقال: كان من ذوي الاموال، فتخلى عنها، وسافر الكثير (7).
ويروي عنه قال: جعلت سياحتي أن أمشي كل سنة ألف فرسخ حافيا
حاسرا.
توفي - رحمه الله - سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
__________
(1) موضع معروف ببغداد، كانت فيه مقبرة للصوفية.
انظر " معجم البلدان ": 3 / 374.
(2) بضم الراء، وسكون الواو، والذال المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها الراء بعد الالف.
هذه اللفظة لمواضع عند الانهار الكبيرة، يقال لها الروذبار، وهي في بلاد متفرقة منها موضع على باب الطابران بطوس.
" الانساب ": 6 / 180.
(3) " طبقات الصوفية ": 351.
(4) " طبقات الصوفية ": 351 - 352، وما بين حاصرتين منه.
(5) في " طبقات الصوفية ": الاعمال.
(6) انظر " طبقات الصوفية ": 352.
(7) " تاريخ بغداد ": 7 / 221.
(*)

(15/231)


88 - المزين * الاستاذ العارف، أبو الحسن البغدادي، علي بن محمد المزين (1).
صحب سهل بن عبد الله التستري والجنيد، وجاور بمكة.
وكان من أورع القوم، وأكملهم حالا (2).
حكى عنه: أبو بكر الرازي وغيره، ومحمد بن أحمد النجار، وهو أبو الحسن المزين الصغير.
فأما أبو الحسن المزين الكبير البغدادي، فآخر جاور.
فرقهما أبو عبد الرحمن السلمي (3)، وما يظهر لي إلا أنهما واحد.
توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

89 - النهرجوري * * الاستاذ العارف أبو يعقوب إسحاق بن محمد، الصوفي النهرجوري (4).
__________
* طبقات الصوفية: 382 - 385، تاريخ بغداد: 12 / 73، الرسالة القشيرية: 27، الانساب: 527 / ب / 528 / أ، المنتظم: 6 / 304، العبر: 2 / 215، مرآة الجنان: 2 / 295، البداية والنهاية: 11 / 193، طبقات الاولياء: 140 - 141، النجوم الزاهرة: 3 / 296، شذرات الذهب: 2 / 316.
(1) بضم الميم، وفتح الزاي، وتشديد الياء المكسورة تحتها نقطتان، وفي آخرها النون.
يقال هذا لمن يحلق الشعر.
" الانساب ": 527 / ب.
(2) " طبقات الصوفية ": 382.
(3) في النسخة التي بين أيدينا ليس ثمة تفريق بينهما.
* * طبقات الصوفية: 378 - 381، حلية الاولياء: 10 / 356، الرسالة القشيرية: 27، المنتظم: 6 / 326 - 327، العبر: 2 / 221، الوافي بالوفيات: 8 / 423 - 424، مرآة الجنان: 2 / 297، البداية والنهاية: 11 / 203، طبقات الاولياء: 105 - 106، النجوم الزاهرة: 3 / 275، شذرات الذهب: 2 / 325.
(4) ضبطها ياقوت في " معجم البلدان ": 5 / 319 بضم الجيم.
(*)

(15/232)


صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي.
وجاور مدة، ومات بمكة.
قال أبو عثمان المغربي: ما رأيت في مشايخنا أنور منه (1).
السلمي: سمعت محمد بن عبد الله الرازي، سمعت أبا يعقوب النهرجوري، يقول في الفناء والبقاء: هو فناء رؤية [ قيام ] العبد لله، وبقاء رؤية قيام الله في الاحكام (2).
وعنه قال: الصدق موافقة [ الحق ] في السر [ والعلانية ]، وحقيقة الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة (3).
قال إبراهيم بن فاتك: سمعت أبا يعقوب، يقول: الدنيا بحر، والآخرة ساحل.
والمركب التقوى، والناس سفر (4).
وعنه قال: اليقين مشاهدة الايمان بالغيب (5).
وعنه: أفضل الاحوال ما قارن العلم (6).
توفي النهرجوري سنة ثلاثين وثلاث مئة.

90 - ابن أخي أبي زرعة * الامام المحدث الثقة، أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن عبد الكريم
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 378.
(2) " طبقات الصوفية ": 378، وما بين حاصرتين منه.
(3) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(4) " طبقات الصوفية ": 380.
(5) المصدر السابق.
(6) " الرسالة القشيرية ": 27.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 76 - 77، العبر: 2 / 183، شذرات الذهب: 2 / 286.
(*)

(15/233)


ابن يزيد بن فروخ الرازي، المخزومي مولاهم.
حدث عن عمه أبي زرعة الحافظ، وارتحل فأخذ عن يونس بن عبد الاعلى، وجماعة بمصر وعن أحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن عيسى ابن حيان المدائني ببغداد، وعن يوسف بن سعيد بن مسلم وغيره بالجزيرة.
حدث عنه: عبد الله بن أحمد الاصبهاني والد الحافظ أبي نعيم،
والحسن بن إسحاق بن راهويه وأبو بكر محمد بن عبيد الله الذكواني، وأحمد بن القاضي أبي أحمد العسال، وأبو بكر بن المقرئ، وخلق سواهم.
قال أبو نعيم: كان ثقة، صاحب أصول (1).
وتوفي عندنا بأصبهان سنة عشرين وثلاث مئة.
رحمه الله.

91 - ابن بلبل * الامام القدوة الحافظ، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن زياد بن إمام واسط يزيد بن هارون، الزعفراني الواسطي ثم الهمذاني.
يعرف أبوه ببلبل (2).
روى عن: الحسن بن محمد بن الصباح، وسعدان بن نصر، وأحمد ابن بديل، والحسن بن أبي الربيع، وطبقتهم.
قال صالح بن أحمد: كتبنا عنه، وهو ثقة ورع صدوق.
سمعته يقول: عندي عن أبي زرعة نحو خمسين ألف حديث (3).
__________
(1) " ذكر أخبار أصبهان ": 2 / 76.
* تاريخ بغداد: 5 / 446 - 447، المنتظم: 6 / 281، الوافي بالوفيات: 3 / 341.
(2) في " تاريخ بغداد ": 5 / 446، بليل، وهو تصحيف.
انظر " التوضيح ": 1 / 73.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 446.
(*)

(15/234)


توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
قلت: روى عنه أهل همذان.

92 - الجويني * الامام الكبير، شيخ الاسلام، أبوعمران، موسى بن العباس،
الخراساني الجويني (1)، الحافظ، مؤلف " المسند الصحيح " الذي خرجه (2) كهيئة " صحيح " مسلم.
سمع عبد الله بن هاشم، وأحمد بن أبي الازهر، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن يوسف السلمي، ويونس بن عبدالاعلى، وبحر بن نصر، وأحمد بن منصور الرمادي، وطبقتهم.
حدث عنه: الحسن بن سفيان، وهو أحد شيوخه، وأبو علي الحافظ، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو أحمد الحاكم، وأبو محمد المخلدي، وآخرون.
قال الحاكم أبو عبد الله: هو حسن الحديث بمرة، خرج على كتاب مسلم.
وصحب أبا زكريا الاعرج بمصر والشام (3).
__________
* الانساب: 3 / 385، تاريخ ابن عساكر: 17 / 141 ب - 142 أ.
، تذكرة الحفاظ: 3 / 818 - 819، شذرات الذهب: 2 / 300.
الرسالة المستطرفة: 28.
(1) بضم الجيم، وفتح الواو، وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحتها، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور.
" الانساب ": 3 / 385.
(2) انظر " الرسالة المستطرفة ": 28.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 818.
(*)

(15/235)


وسمعت الحسن بن أحمد، يقول: كان أبوعمران الجويني في دارنا، وكان يقوم الليل، ويصلي، ويبكي طويلا (1).
توفي أبوعمران بجوين سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن
طاهر، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا أبو نعيم عبدالملك بن الحسن، يعني: الاسفراييني، أخبرنا موسى بن العباس، حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا وكيع، عن الاعمش، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عائشة قالت: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض موته، قال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس " (2).
ومات مع الجويني إسماعيل بن العباس الوراق، وأبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي، وأبو نعيم بن عدي الجرجاني، وعبيد الله بن عبد الرحمن السكري، وإبراهيم نفطويه، وأسامة بن علي بن سعيد الرازي.

93 - العقيلي * الامام الحافظ الناقد، أبو جعفر، محمد بن عمرو بن موسى بن حماد، العقيلي الحجازي، مصنف " كتاب الضعفاء " (3).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (664) و (712) و (713) ومسلم (418) (95) من طرق عن الاعمش بهذا الاسناد.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 833 - 834، العبر: 2 / 194، الوافي بالوفيات: 4 / 291، طبقات الحافظ: 346 - 347.
(3) " الرسالة المستطرفة ": 144.
(*)

(15/236)


سمع من جده لامه يزيد بن محمد العقيلي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعلي بن عبد العزيز، ومحمد بن موسى البلخي، صاحب عبيد الله بن موسى، وأبي يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، وبشر بن موسى
الاسدي، ومحمد بن الفضل القسطاني لقيه بالري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن علي الابار، وأبي جعفر مطين، وعبيد بن غنام، وآدم بن موسى صاحب البخاري، وحاتم بن منصور الشاشي، وأحمد بن داود المكي، حدثه بمصر، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو الحسن بن نافع الخزاعي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المقرئ، ويوسف بن أحمد بن الدخيل، وطائفة.
قال مسلمة بن القاسم (1): كان العقيلي جليل القدر، عظيم الخطر، ما رأيت مثله، وكان كثير التصانيف، فكان من أتاه من المحدثين، قال: اقرأ من كتابك، ولا يخرج أصله.
قال: فتكلمنا في ذلك.
وقلنا: إما أن يكون [ من ] أحفظ الناس، وإما أن يكون من أكذب الناس.
فاجتمعنا فاتفقنا على أن نكتب له أحاديث من روايته، ونزيد فيها وننقص، فأتيناه لنمتحنه، فقال لي: اقرأ، فقرأتها عليه.
فلما أتيت بالزيادة والنقص، فطن لذلك، فأخذ مني الكتاب، وأخذ القلم، فأصلحها من حفظه، فانصرفنا من عنده، وقد طابت نفوسنا، وعلمنا أنه من أحفظ الناس (2).
__________
(1) هو مسلمة بن القاسم بن إبراهيم، مؤرخ أندلسي، من علماء الحديث، له تاريخ في الرجال.
توفي - رحمه الله - سنة / 353 / ه له ترجمة في " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 128 - 130.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 833 - 834، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/237)


وقال القاضي أبو الحسن بن القطان الفاسي (1): أبو جعفر العقيلي ثقة، جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ (2).
قال: وتوفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة (3).
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن يحيى بن بوش، عن أحمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن محمد العتيقي، وسمعه قاضي القضاة محمد بن المظفر الشامي الحموي من العتيقي، حدثنا يوسف بن الدخيل، حدثنا محمد بن عمرو العقيلي الحافظ، حدثنا أبويحيى بن أبي مسرة، حدثني سعيد بن منصور، حدثنا ابن السماك، قال: خرجت إلى مكة، فلقيني زرارة بن أعين (4) بالقادسية، فقال لي: إن لي إليك حاجة، وأرجو أن أبلغها بك، وعظمها، فقلت: ماهي ؟ فقال: إذا لقيت جعفر بن محمد (5)، فأقرئه مني السلام، وسله أن يخبرني من أهل الجنة أنا أم من أهل النار ؟ فأنكرت عليه.
فقال لي: إنه يعلم ذلك.
فلم يزل بي حتى أجبته.
فلما لقيت جعفر ابن محمد، أخبرته بالذي كان منه.
فقال: هو من أهل النار، فوقع في نفسي شئ (6) مما قال.
فقلت: ومن أين علمت ذلك ؟ فقال: من ادعى
__________
(1) علي بن محمد بن عبدالملك، من حفاظ الحديث ونقدته، قرطبي الاصل.
من أهل فاس.
ولي القضاء بسجلماسة.
توفي سنة / 628 / ه انظر " شذرات الذهب ": 5 / 128، و " الرسالة المستطرفة ": 178.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 834.
(3) المصدر السابق.
(4) زرارة بن أعين الشيباني بالولاء، أبو الحسن، من غلاة الشيعة، ورأس الفرقة " الزرارية " ونسبتها إليه، توفي سنة / 150 / ه انظر " الفرق بين الفرق ": 52، و " الانساب ": 6 / 262.
(5) الملقب بالصادق.
(6) في الاصل: شيئا، وهو خطأ.
(*)

(15/238)


علي أني أعلم هذا، فهو من أهل النار.
فلما رجعت، لقيني زرارة، فأعلمته بقوله.
فقال: كال لك يا أبا عبد الله من جراب النورة، قلت: وما جراب النورة ؟ قال: عمل معك بالتقية (1).
توفي مع العقيلي الحافظ أبو عمر أحمد بن خالد بن الجباب القرطبي، والعارف خير النساج، وأبو محمد عبيد الله المهدي، صاحب المغرب، والمسند أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، والحافظ أبو جعفر محمد بن عبدالرحمن الارزناني، وشيخ الصوفية أبو بكر محمد بن علي الكتاني، وشيخ الصوفية بمصر أبو علي الروذباري أحمد بن محمد، وأبو نعيم بن عدي الحافظ في قول، وقيل: بعدها بعام.

94 - ابن رشدين * الشيخ الامام المحدث الثقة الصادق، أبو محمد، عبدالرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد، المهدي المصري الوراق.
حدث عن: الحارث بن مسكين، وأبي الطاهر بن السرح، وسلمة ابن شبيب، ويونس الصدفي وعدة.
روى عنه: أبو سعيد بن يونس، والطبراني، وأبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن أحمد الاخميمي، وجماعة.
__________
(1) " لسان الميزان ": 2 / 473 - 474.
* العبر: 2 / 206 - 207، حسن المحاضرة: 1 / 209، شذرات الذهب: 2 / 308.
(*)

(15/239)


وكان أسند من بقي.
توفي في المحرم سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
وقد قارب التسعين.
وكان أبوه وجده ضعفاء علماء.
وما علمت في عبدالرحمن جرحا.
ولله الحمد.

95 - ابن الجباب * الامام الحافظ الناقد، محدث الاندلس، أبو عمر، أحمد بن خالد بن يزيد، القرطبي، ويعرف بابن الجباب، وهي نسبة إلى بيع الجباب.
مولده في سنة ست وأربعين ومئتين.
سمع بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، وقاسم بن محمد، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وطبقتهم.
حدث عنه: ولده محمد، ومحمد بن محمد (1) بن أبي دليم، والحافظ عبد الله بن محمد الباجي، وأهل قرطبة.
وكان من أفراد الائمة، عديم النظير.
قال القاضي عياض: كان إماما في الفقه لمالك.
وكان في الحديث لا ينازع، سمع منه خلق كبير.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 31، جذوة المقتبس: 113 - 114، بغية الملتمس: 175 - 176، تذكرة الحفاظ: 3 / 815 - 816، العبر: 2 / 192، الوافي بالوفيات: 6 / 371، مرآة الجنان: 2 / 285، الديباج المذهب: 34 - 35، النجوم الزاهرة: 3 / 247، طبقات الحفاظ: 339 - 340، شذرات الذهب: 2 / 293 - 294.
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 815 " أحمد " وهو خطأ.
انظر ترجمة ابن أبي دليم في " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 83 - 84.
(*)

(15/240)


قال: وصنف " مسند مالك بن أنس " و " كتاب الصلاة "، و " كتاب الايمان "، و " كتاب قصص الانبياء " (1).
وتوفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وقال بعضهم: ما أخرجت الاندلس حافظا مثل ابن الجباب، وابن عبد البر.
49 - أحمد بن بقي (2) ابن مخلد قاضي الجماعة، العلامة أبو عمر القرطبي، من كبار الائمة علما وعقلا وجلالة.
حمل عن والده شيئا كثيرا، وولي القضاء عشر سنين، وحمدت سيرته.
توفي في أثناء سنة أربع وعشرين وثلاث مئة بقرطبة.
وله سبعون سنة، أو أكثر منها.
رحمه الله تعالى.

96 - ابن أيمن * الامام الحافظ العلامة، شيخ الاندلس، ومسندها في زمانه، أبو عبد
__________
(1) المصدر نفسه.
(2) تقدمت ترجمته رقم / 49 / من هذا الجزء.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 50، جذوة المقتبس: 63، بغية الملتمس: 102، تذكرة الحفاظ: 3 / 836 - 837، العبر: 2 / 223، الوافي بالوفيات: 4 / 37، مرآة الجنان: 2 / 297 - 298، الديباج المذهب: 320، طبقات الحفاظ: 347 - 348، شذرات الذهب: 2 / 327 - 328، الرسالة المستطرفة: 30.
(*)

(15/241)


الله محمد بن عبدالملك بن أيمن بن فرج القرطبي، رفيق قاسم بن
أصبغ (1) الحافظ في الرحلة.
ولد سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
سمع محمد بن وضاح، ومحمد بن الجهم السمري (2)، ومحمد بن إسماعيل الصايغ، وأحمد بن أبي خيثمة، وإسماعيل [ بن إسحاق ] القاضي، وجعفر بن محمد بن شاكر، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ويحيى ابن هلال، وأمما سواهم.
روى عنه: عباس بن أصبغ الحجازي (3)، وولده أحمد بن محمد، وطلبة الاندلس.
اشتهر اسمه، وولي الصلاة بجامع قرطبة.
وكان بصيرا بالفقه، مفتيا بارعا، عارفا بالحديث وطرقه، عالما به، صنف كتابا في السنن، خرجه على " سنن " أبي داود (4).
توفي في منتصف شوال سنة ثلاثين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو محمد هارون من تونس، عن أبي القاسم بن بقي، عن شريح بن محمد، عن علي بن أحمد الحافظ، حدثنا حمام بن أحمد، حدثنا عباس بن أصبغ، حدثنا ابن أيمن، حدثنا أحمد بن زهير حدثنا يحيى
__________
(1) ستأتي ترجمته رقم / 266 / من هذا الجزء.
(2) نسبة إلى " سمر " بلد من أعمال كسكر بين واسط والبصرة.
" الانساب ": 7 / 137.
(3) في " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 298 " من أهل قرطبة، ويعرف بالحجاري، ولم يكن من أهل وادي الحجارة ".
وهي مدينة بالاندلس.
(4) " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 50 - 51.
وانظر " الرسالة المستطرفة ": 30.
(*)

(15/242)


ابن معين، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا شريك عن الاعمش، عن فضيل ابن عمرو - أراه عن سعيد بن جبير - عن ابن عباس، قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عروة: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: فما يقول عرية ؟ قال: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة.
قال: أراهم سيهلكون.
أقول: قال رسول الله، ويقولون: قال أبو بكر وعمر (1) ! قلت: ما قصد عروة معارضة النبي صلى الله عليه وسلم بهما، بل رأى أنهما ما نهيا عن المتعة إلا وقد اطلعا على ناسخ.

97 - ابن علك * الشيخ الامام الحافظ الثقة، أبو حفص، عمر بن أحمد بن علي بن علك، المروزي الجوهري.
سمع سعيد بن مسعود، وأحمد بن سيار (2)، والعباس بن محمد الدوري، وأبا قلابة، ومحمد بن الليث وطبقتهم.
وقد قدم، وحدث ببغداد (3).
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف شريك وهو ابن عبد الله النخعي الكوفي، فإنه يخطئ كثيرا، وهو في " المسند " 1 / 337 من طريق حجاج بهذا الاسناد، وأخرجه عبد الرزاق من طريق معمر عن أيوب، قال: قال عروة لابن عباس: ألا تتقي الله ترخص في المتعة، فقال ابن عباس: سل أمك عرية، فقال عروة: أما أبو بكر وعمر، فلم يفعلا، فقال ابن عباس: والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله، أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحدثونا عن أبي بكر وعمر، فقال عروة: لهما أعلم بسنة رسول الله وأتبع لها منك.
ورجاله ثقات، وأخرجه أبو مسلم الكجي من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن ابن أبى مليكة، عن عروة بنحوه، وهذا إسناد صحيح.
* تاريخ بغداد: 11 / 227 - 228، المنتظم: 6 / 290، تذكرة الحفاظ: 3 / 847 -
848، طبقات الحافظ: 350 - 351، شذرات الذهب: 2 / 307.
(2) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 847 " سنان " وهو خطأ.
(3) " تاريخ بغداد ": 11 / 227.
(*)

(15/243)


روى عنه: ابن المظفر، وابن شاهين، والدارقطني، وعلي بن عمر الرازي الفقيه، ومحمد بن إسحاق الكيساني، وولده الحافظ عبد الله بن عمر بن علك.
توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا إبراهيم بن علي في كتابه، أخبرنا داود بن أحمد، أخبرنا محمد ابن عمر القاضي، أخبرنا عبد الصمد بن علي، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، حدثنا عمر بن أحمد الجوهري، حدثنا يحيى بن إسحاق الكاجغوني (1)، حدثنا عبد الكبير بن دينار الصائغ، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الاعمش، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجا، فلم نصب ماء نتوضأ منه، ولا نشربه ومع رسول الله إداوة (2) فيها شئ من ماء، فصبه في إناء، ووضع كفه عليه، ثم قال: " هلم " قال: فلقد رأيت ما بين أصابعه تفجر عيونا (3).
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 848 " الكاجغري " وهو تصحيف.
وقد ورد في " تبصير المنتبه ": 3 / 1202 " الكاشغوني " وقال: " قيده ابن نقطة وقال: إن شينه بين الشين والجيم ".
(2) إناء صغير يحمل فيه الماء.
(3) وأخرجه أحمد 1 / 401، 402، والنسائي 1 / 60 في الطهارة: باب الوضوء من الاناء من طريق عبد الرزاق، عن سفيان، عن الاعمش بهذا الاسناد وهو صحيح، وجاء في
آخره: قال الاعمش: فحدثني سالم بن أبي الجعد، قال: قلت لجابر: كم كنتم يومئذ ؟ قال: ألف وخمسمئة، وأخرج البخاري 6 / 432 (3579) في الانبياء: باب علامات النبوة في الاسلام من طريق محمد بن المثنى، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقل الماء، فقال: " اطلبوا فضلة من ماء " فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الاناء، ثم قال: " حي على الطهور المبارك " والبركة من الله، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل.
(*)

(15/244)


الحديث تفرد به عبد الكبير، وعنه الكاجغوني.

98 - ابن أخي رفيع * الحافظ الحجة الامام، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن حسن (1) الكلاعي، مولاهم، القرطبي الصائغ ابن أخي رفيع (2).
لم يسمع محمد بن وضاح، والخشني، وقد أدركهما.
وسمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى وطبقته.
وكان عارفا بالرجال والعلل، وقد اختصر " مسند بقي " وتفسيره.
مات في آخر سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.

99 - الرازي * * الامام الحافظ العلامة الناقد، أبو بكر، أحمد بن علي بن الحسين بن شهريار، الرازي ثم النيسابوري، صاحب التصانيف.
سكن والده نيسابور، فولد أبو بكر بها.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 223 - 224، جذوة المقتبس: 233، بغية الملتمس:
330، تذكرة الحفاظ: 3 / 891 - 892، الديباج المذهب: 139، طبقات الحفاظ: 364.
(1) في " تاريخ علماء الاندلس: حسين، وفي " الجذوة ": حنين.
(2) في " تاريخ علماء الاندلس " و " الجذوة " و " البغية " و " الديباج ": ربيع.
* * العبر: 2 / 161، تذكرة الحفاظ: 3 / 788 - 789، مرآة الجنان: 2 / 267، طبقات الحفاظ: 330 - 331، شذرات الذهب: 2 / 270.
(*)

(15/245)


سمع أبا حاتم الرازي، والسري بن خزيمة، وأبا قلابة الرقاشي، وإبراهيم بن عبد الله العبسي، صاحب وكيع، وأبا يحيى بن أبي مسرة، والحسن بن سلام السواق (1)، وعثمان بن سعيد الدارمي، وطبقتهم.
وله رحلة طويلة، ومعرفة جليلة.
حدث عنه: أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني رفيقه، وأبو علي النيسابوري، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
وقال أبو العباس بن عقدة: سمعت منه.
وكان من الحفاظ (2).
قلت: مات كهلا، عاش بضعا وخمسين سنة.
ومات بالطابران (3) سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
أثنى عليه الحاكم، وبالغ في تعظيمه.
وكان أبوه علي بن الحسين صاحب حديث من أهل الري، فتحول إلى نيسابور.
وروى عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى المدني، وأحمد بن منيع، وخلق.
ومات في سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
ورخه حفيده أبو الحسن.
وحدث (4) عن: أبيه، ومحمد بن داود بن سليمان، ومحمد بن
يعقوب بن الاخرم.
__________
(1) بفتح السين المهملة، وتشديد الواو، وفي آخرها القاف.
هذه النسبة إلى بيع السويق.
وهو دقيق الشعير المقلو.
ويقال أيضا: السويقي.
" الانساب ": 7 / 181، 194.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 788.
(3) إحدى مدينتي طوس.
أما الاخرى: ف " نوقان " انظر " معجم البلدان ": 4 / 3 - 4.
(4) أي: الحفيد.
(*)

(15/246)


100 - النهاوندي * الحافظ الامام أبو عبد الرحمن عبد الله بن إسحاق بن سيامرد، النهاوندي.
عن: يونس بن عبدالاعلى، ومحمد بن عزيز الايلي، وأبي عتبة الحمصي، وعلي بن حرب، وأبي زرعة، وأحمد بن شيبان، وعصام بن رواد، وخلق.
حدث بهمذان في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
قال صالح بن أحمد: سمعت منه مع أبي وكان ثقة هيوبا ذا سنة، يحفظ ويذاكر، قدم علينا في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
وممن روى عنه: عبدالرحمن بن الانماطي.

101 - الملحمي * * المحدث العالم، أبو بكر، أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سلم، الخزاعي الملحمي (1) القاضي، من مشيخة بغداد.
سمع في رحلته من: محمد بن إبراهيم الصوري والكديمي، وأحمد ابن محمد بن يحيى بن حمزة، وبكر بن سهل، وخلق.
__________
* لم نقف له على مصادر ترجمته.
* * تاريخ بغداد: 4 / 34.
(1) بضم الميم، وسكون اللام، وفتح الحاء المهملة، وفي آخرها ميم، هذه النسبة إلى " الملحم وهي ثياب تنسج من الابريسم، أي: الحرير.
" الانساب ": 541 / ب.
(*)

(15/247)


وعنه: الدارقطني، وابن الشخير (1)، وعمر الكتاني، وعبيد الله بن البواب، وأحمد بن عبد الله بن أحمد بن جلين (2)، وآخرون.
ما علمت به بأسا.
توفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

102 - الجوزجاني * الشيخ المحدث الثقة القدوة، أبو عبد الله، أحمد بن علي بن العلاء، الجوزجاني (3) ثم البغدادي.
ولد سنة خمس وثلاثين ومئتين.
وسمع أحمد بن المقدام العجلي، وزياد بن أيوب، وأبا عبيدة بن أبي السفر، وطبقتهم.
حدث عنه: الدارقطني، وعمر بن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وأبو الحسين بن جميع، وآخرون.
وكان شيخا صالحا بكاء خاشعا (4) ثقة.
مات في ربيع الاول سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
__________
(1) له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 2 / 333.
(2) هكذا ضبطت في الاصل.
وفي " الانساب ": 3 / 287، و " تبصير المنتبه ": 2 / 510: بضم الجيم.
* تاريخ بغداد: 4 / 309 - 310، العبر: 2 / 211، شذرات الذهب: 2 / 312.
(3) هكذا ضبطت في الاصل.
وقد ضبطها العسقلاني في ترجمة إبراهيم بن يعقوب: بضم الجيم الاولى انظر " التقريب ": 1 / 46.
(4) " تاريخ بغداد ": 4 / 310.
(*)

(15/248)


أخبرنا أبو حفص بن القواس، أخبرنا أبو القاسم ابن الحرستاني حضورا، أخبرنا ابن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا أحمد بن علي، حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج (1).

103 - الشهرزوري * الامام الحافظ الثبت، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن عبيد بن جهينة، الشهرزوري (2).
__________
(1) وأخرجه مالك 1 / 335 في الحج: باب إفراد الحج، ومن طريقه مسلم (1211) (122) عن عبدالرحمن بن القاسم بهذا الاسناد.
قلت: وقد ثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر مع حجته، فقد روى أبو داود (1992) من طريق أبي إسحاق عن مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مرتين، فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع، وقال الحافظ في " الفتح " 3 / 341: إن كل من روى عنه الافراد، حمل على ما أهل به في أول الحال، وكل من روى عنه التمتع، أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روى عنه القران، أراد ما استقر عليه أمره، وتترجح رواية من روى عنه القران بأمور: منها أن معه زيادة علم على من روى الافراد وغيره، وبأن من روى الافراد والتمتع اختلف عليه في ذلك، فأشهر من روى عنه الافراد
عائشة، وقد ثبت عنها أنه اعتمر مع حجته، وابن عمر، وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالعمرة، ثم أهل بالحج، وثبت أنه جمع بين حج وعمرة، ثم حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وجابر، وقد تقدم قوله: إنه اعتمر مع حجته أيضا.
وروى القران عنه جماعة من الصحابة لم يختلف عليهم فيه وبأنه لم يقع في شئ من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال: أفردت ولا تمتعت، بل صح عنه أنه قال: " قرنت " وصح أنه قال: " لولا أن معي الهدي لاحللت ".
* تاريخ ابن عساكر " 2 / 269 أ - 269 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 846، طبقات الحفاظ: 350، تهذيب ابن عساكر: 2 / 287.
(2) ضبطت في الاصل بفتح الراء، وما أثبتناه من " الانساب ": 7 / 417.
(*)

(15/249)


سمع الزعفراني، وعمرو بن عبد الله الاودي، وطبقتهما بالعراق، ومحمد بن المقرئ بمكة، وأبا زرعة بالري، والعباس بن الوليد ببيروت، والربيع بن سليمان بمصر، ومحمد بن عوف بحمص.
وجمع وصنف.
حدث عنه: أهل الري وقزوين: علي بن أحمد القزويني، وعمر بن أحمد بن شجاع، وأحمد بن علي بن الحسن الرازي، وأبو بكر بن يحيى، وعدة.
ولا أعرف وفاته (1)، ولا كثيرا من سيرته.

104 - الاصطخري * الامام القدوة العلامة، شيخ الاسلام، أبو سعيد، الحسن بن أحمد ابن يزيد، الاصطخري (2) الشافعي، فقيه العراق، ورفيق ابن سريج (3).
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 846 " بقي إلى سنة نيف وعشرين وثلاث مئة فيما
أظن ".
* الفهرست: 300، تاريخ بغداد: 7 / 268 - 270، طبقات الشيرازي: 111، الانساب: 1 / 291 - 292، المنتظم: 6 / 302، وفيات الاعيان: 2 / 74 - 75، العبر: 2 / 212، مرآة الجنان: " 2 / 290، طبقات الشافعية: 3 / 230 - 253، البداية والنهاية: 11 / 193، النجوم الزاهرة: 3 / 267، طبقات ابن هداية الله: 62، شذرات الذهب: 2 / 312.
(2) بكسر الالف، وسكون الصاد، وفتح الطاء المهملتين، وسكون الخاء المعجمة، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى إصطخر، وهي من كور فارس.
" الانساب ": 1 / 290.
(3) القاضي أبو العباس، أحمد بن عمر بن سريج، كان من أئمة المسلمين.
ومن عظماء الشافعية.
توفي ببغداد سنة / 336 / ه.
له ترجمة في " طبقات الشافعية ": 3 / 21 - 39.
(*)

(15/250)


سمع سعدان بن نصر، وحفص بن عمرو الربالي، وأحمد بن منصور الرمادي، وعباسا الدوري وحنبل (1) بن إسحاق، وعدة.
وعنه: محمد بن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، وأبو الحسن ابن الجندي، وآخرون.
وتفقه به أئمة.
قال أبو إسحاق المروزي (2): لما دخلت بغداد، لم يكن بها من يستحق أن يدرس (3) عليه إلا ابن سريج، وأبو سعيد الاصطخري (4).
وقال الخطيب: ولي قضاء قمر (5)، وولي حسبة بغداد، فأحرق مكان الملاهي (6).
قال: وكان ورعا زاهدا متقللا من الدنيا، له تصانيف مفيدة،
منها " كتاب أدب القضاء " ليس لاحد مثله (7).
قلت: وهو صاحب وجه.
وقيل: إن ثوبه وعمامته وطيلسانه وسراويله، كان من شقة واحدة (8).
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 7 / 268 " جميل " وهو تحريف.
انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 8 / 268 - 287.
وهو ابن عم الامام أحمد بن حنبل.
(2) في " تاريخ بغداد ": 7 / 269 " أبو الحسن " وهو وهم.
وستأتي ترجمته رقم / 240 / من هذا الجزء.
(3) في " تاريخ بغداد ": أن أدرس.
(4) " تاريخ بغداد ": 7 / 269 و " طبقات الشافعية ": 3 / 230.
(5) مدينة قرب أصبهان.
(6) انظر " تاريخ بغداد ": 7 / 69، وقد سماه الخطيب: " طاق اللعب ".
(7) " تاريخ بغداد ": 7 / 269.
(8) " تاريخ بغداد ": 7 / 269.
(*)

(15/251)


وقد استقضاه المقتدر على سجستان (1).
واستفتاه [ القاهر ] في الصابئين، فأفتاه بقتلهم لانهم يعبدون الكواكب، فعزم الخليفة على ذلك، فجمعوا مالا جزيلا، وقدموه (2)، ففتر عنهم (3).
مات الاصطخري في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، وله نيف وثمانون سنة.
تفقه بأصحاب المزني والربيع.

105 - محمد بن يوسف * ابن بشر الهروي الحافظ الصادق الرحال، أبو عبد الله، الشافعي
الفقيه.
سمع الربيع بن سليمان المرادي، والعباس بن الوليد البيروتي، والحسن بن مكرم، ومحمد بن عوف الطائي، ومحمد بن حماد الطهراني وطبقتهم بمصر والشام والعراق.
حدث عنه: الطبراني، والزبير بن عبد الواحد الاسد اباذي، والقاضي أبو بكر الابهري وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ وطائفة،
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 2 / 75.
(2) في الاصل: وقدموا، وفي " تاريخ بغداد ": " له قدر فكف عنهم ".
(3) انظر " تاريخ بغداد ": 7 / 269 - 270، وما بين حاصرتين منه.
* تاريخ بغداد: 3 / 405 - 406، تاريخ ابن عساكر: 16 / 71 ب - 72 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 837 - 838، العبر: 2 / 223 - 224، الوافي بالوفيات: 5 / 246، مرآة الجنان: 2 / 298، غاية النهاية: 2 / 284 طبقات الحفاظ: 348، شذرات الذهب: 2 / 328.
(*)

(15/252)


آخرهم موتا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، الدمشقي.
وثقه أبو بكر الخطيب وغيره (1).
وإنما طلب هذا الشأن في الكهولة، ولو أنه سمع في حداثته لصار أسند أهل زمانه.
ولد سنة ثلاثين ومئتين.
وتوفي في شهر رمضان سنة ثلاثين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل بن تاج الامناء، أنبأنا عبد المعز بن محمد، وزينب بنت أبي القاسم، قالا: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعيد
الكنجروذي (2)، حدثنا محمد بن أحمد الحافظ، حدثنا محمد بن يوسف الهروي بدمشق، أخبرنا محمد بن حماد، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي هارون العبدي، وعن معاوية بن قرة (3)، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد، قال: " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاء يصيب هذه الامة، حتى لا يجد أحد ملجأ، فيبعث [ الله ] من عترتي رجلا يملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض، لا تدع السماء من قطرها شيئا إلا صبته مدرارا، ولا تدع الارض من نباتها، شيئا إلا أخرجته، حتى يتمنى الاحياء الاموات، يعيش في ذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع سنين " (4).
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 3 / 405.
(2) بفتح الكاف، وسكون النون، وفتح الجيم، وضم الراء، بعدها الواو، وفي آخرها الدال المعجمة.
هذه النسبة إلى " كنجروذ "، وهي قرية على باب نيسابور.
انظر " الانساب ": 10 / 479 وفيه كنية " أبو سعد " وكذلك في " العبر " 3 / 230.
(3) ساقطة في الاصل.
(4) أخرجه البغوي في " شرح السنة " 15 / 85 بتحقيقي من طريق أبي هارون العبدي، = (*)

(15/253)


غريب فرد.
والواو التي مع " عن معاوية " ملحقة في نسختي، فيحرر ذلك (1).
وأبو هارون واه.

106 - محمد بن قاسم * ابن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار، الامام الحافظ الكبير، أبو عبد الله البياني - بتشديد وسط الكلمة - الاموي، مولاهم الاندلسي القرطبي.
سمع أباه، وبقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح.
وفي رحلته من أبي عبدالرحمن النسائي، وأبي خليفة الجمحي، ومطين، ويوسف بن يعقوب القاضي، ومحمد بن عثمان العبسي وطبقتهم.
قال أبو محمد الباجي: لم أدرك بقرطبة من الشيوخ أكثر حديثا منه (2).
قلت: كان عالما ثقة رأسا في الشروط، وعقد الوثائق (3).
__________
= على معاوية بن قرة بهذا الاسناد.
وأبو هارون العبدي - واسمه عمارة بن جوين - متروك، وبعضهم كذبه، وأخرجه الحاكم 4 / 557 من طريق آخر بلفظ " لا تقوم الساعة حتى تملا الارض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا " وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
(1) الصواب حذف الواو كما تقدم تخريجه عن البغوي.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 46، جذوة المقتبس: 80 - 81، بغية الملتمس: 124، تذكرة الحفاظ: 3 / 844 - 845، العبر: 2 / 209، الوافي بالوفيات: 4 / 344، طبقات الحفاظ: 349 - 350، شذرات الذهب: 2 / 309.
(2) " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 46.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 845.
(*)

(15/254)


حدث عنه: ولده أحمد بن محمد، وخالد بن سعد (1)، وسليمان بن أيوب، وجماعة.
توفي في آخر سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وقيل: في سنة ثمان، وقد شاخ (2).

107 - الكعبي * شيخ المعتزلة، الاستاذ أبو القاسم، عبد الله بن أحمد بن محمود، البلخي الكعبي الخراساني، صاحب التصانيف.
توفي سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
أرخه المؤيد وغيره (3).
وأما محمد بن إسحاق النديم فأرخه كما قدمنا (4) سنة تسع وثلاث مئة (5).
وهذا خطأ.
فقد ذكره جعفر المستغفري في تاريخ نسف، وأنه دخلها.
لا أستجيز أن أروي عنه، لانه كان داعية، يعني: إلى الاعتزال (6).
__________
(1) انظر ترجمته في " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 130.
(2) " جذوة المقتبس ": 81.
* الفرق بين الفرق: 165 - 167، تاريخ بغداد: 9 / 384، الانساب: 10 / 444 - 445، المنتظم: 6 / 238، وفيات الاعيان: 3 / 45، العبر: 2 / 176، البداية والنهاية: 11 / 164، الجواهر المضية: 1 / 271، طبقات المعتزلة: 88 - 89، لسان الميزان: 3 / 255 - 256، شذرات الذهب: 2 / 281.
(3) انظر " المختصر في أخبار البشر ": 2 / 86.
(4) ربما يشير الذهبي إلى كتابه " تاريخ الاسلام ".
(5) لم أقف على ترجمة الكعبي في نسخة الفهرست التي بين يدي.
(6) " الانساب ": 1 / 444.
(*)

(15/255)


مات في جمادي الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاث مئة (1).

108 - محمد بن مخلد * ابن حفص، الامام الحافظ الثقة القدوة، أبو عبد الله، الدوري ثم البغدادي العطار الخضيب.
ولد سنة ثلاث وثلاثين ومئتين.
وسمع يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي، صاحب مالك، ومحمد بن الوليد البسري، والحسن بن عرفة، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن عثمان الاودي، والحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن يحيى القطان ومسلم بن الحجاج القشيري، وعبدوس بن بشر، وأبا السائب سلم بن جنادة، والحسن بن أبي الربيع، ومحمد بن عمر بن أبي مذعور، والزبير بن بكار، وعيسى بن أبي حرب وخلائق.
وكتب ما لا يوصف كثرة، مع الفهم والمعرفة، وحسن التصانيف (2).
حدث عنه: ابن الجعابي والدارقطني، وابن شاهين، وابن الجندي، وأحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، وأبو زرعة أحمد بن
__________
(1) اختلف المؤرخون في سنة وفاته..فهي تتراوح ما بين / 317 / كما في " وفيات الاعيان ": 3 / 45، و / 329 / كما هو مثبت في آخر الترجمة.
وأغلب المصادر على أنها سنة / 319 / ه.
كما في " تاريخ بغداد " و " المنتظم " و " العبر ".
* الفهرست: 325، تاريخ بغداد: 3 / 310 - 311، طبقات الحنابلة: 2 / 73 - 74، المنتظم: 6 / 334، تذكرة الحفاظ: 3 / 828 - 829، العبر: 2 / 227، البداية والنهاية: 11 / 207، طبقات الحفاظ: 344 - 345، شذرات الذهب: 2 / 331.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 828.
(*)

(15/256)


الحسين الرازي، والمعافى الجريري، وأبو الحسن محمد بن الفرات، وأبو الفضل نصر بن أبي الطوسي العطار، وأبو عمر عبد الواحد بن محمد ابن عبد الله بن المهدي الفارسي، وآخرون.
وكان موصوفا بالعلم والصلاح والصدق والاجتهاد في الطلب.
طال عمره، واشتهر اسمه وانتهى إليه العلو مع القاضي المحاملي ببغداد.
سئل الدارقطني عنه، فقال: ثقة مأمون (1).
قلت: توفي في شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
وله ثمان وتسعون سنة.
ومات فيها الواعظ المحدث يعقوب بن عبدالرحمن الجصاص الدعاء، والمسند أبو بكر محمد بن أحمد بن الحافظ يعقوب بن شيبة، السدوسي البغدادي، ومسند الكوفة هناد بن السري الصغير، يروي عن أبي سعيد الاشج، ومسند البصرة المعمر أبوروق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى بن عيسى إملاء، قال: قرئ على محمد بن مخلد - وأنا أسمع -، قيل له: حدثكم محمد بن سنان القزاز، حدثنا أبو عمر الضرير، حدثنا حماد بن سلمة، أن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، يعني: حدثهم عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " من غيب ماله عن الصدقة فإنا آخذوها وشطر ماله " (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 311.
(2) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 5 / 2، و 4، وأبو داود (1575) والنسائي 5 / = (*)

(15/257)


109 - ابن أبي عثمان * الامام الحافظ المجود القدوة الزاهد الاديب، أبو بكر، محمد بن
الامام الزاهد أبي عثمان سعيد بن إسماعيل، النيسابوري الحيري.
سمع علي بن الحسن الهلالي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وتمتاما (1)، وإسماعيل القاضي، وبكر بن سهل، وكان واسع الرحلة عالما.
روى عنه: أبو علي الحافظ، وولده أبو سعيد (2)، وأبو أحمد الحاكم.
وكان من كبار الغزاة في سبيل الله، ويرابط بطرسوس (3).
توفي في المحرم سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.

110 - المحاملي * * القاضي الامام العلامة المحدث الثقة، مسند الوقت أبو عبد الله
__________
= 15، و 17 في الزكاة: باب عقوبة مانعي الزكاة، والدارمي 1 / 396 من طرق عن بهز بن حكيم بهذا الاسناد.
* لم نقف على مصادر ترجمته.
(1) هو محمد بن غالب بن حرب، الضبي البصري التمار، أبو جعفر، نزيل بغداد، توفي سنة / 283 / ه له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 3 / 143 - 146.
(2) انظر ترجمته في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 920.
(3) مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب.
* * الفهرست: 325، تاريخ بغداد: 8 / 19 - 23، الانساب: 510 أ، المنتظم: 6 / 327 - 329، تذكرة الحفاظ: 3 / 824 - 826، العبر: 2 / 222، الوافي بالوفيات: 12 / 341، مرآة الجنان: 2 / 297، البداية والنهاية: 11 / 203 - 204، طبقات الحفاظ: 343، شذرات الذهب: 2 / 326.
(*)

(15/258)


الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان، الضبي البغدادي المحاملي (1)، مصنف السنن (2)، مولده في أول سنة خمس وثلاثين ومئتين.
وأول سماعه في سنة أربع وأربعين ومئتين.
فسمع من: أبي حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي، صاحب مالك، ومن أبي الاشعث أحمد بن المقدام العجلي صاحب حماد بن زيد، ومن عمرو بن علي الفلاس، وزياد بن أيوب، وأبي هشام الرفاعي، ويعقوب بن الدورقي، ومحمد بن المثنى العنزي، وعبد الاعلى بن واصل، وعبد الرحمن بن يونس الرقي السراج، والحسن بن الصباح البزاز، ورجاء بن مرجى الحافظ، وسعيد بن يحيى الاموي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وعمر بن محمد التل، ومحمود ابن خداش، وإسحاق بن بهلول، وأبي جعفر محمد بن عبد الله المخرمي، وأبي السائب سلم بن جنادة، ومحمد بن عبدالرحيم صاعقة، والزبير بن بكار، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن منصور زاج، والحسن بن عرفة، وإسماعيل بن أبي الحارث، وحميد بن الربيع، والعباس بن يزيد البحراني، ومحمد بن جوان بن شعبة (3)، ومحمد بن عبدالملك بن زنجويه، والحسن بن محمد الزعفراني، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري وعباس الترقفي، وخلق كثير.
__________
(1) بفتح الميم، والحاء المهملة، والميم بعد الالف، وفي آخرها اللام.
هذه النسبة إلى المحامل، التي يحمل فيها الناس على الجمال إلى مكة المكرمة.
" الانساب ": 510 أ.
(2) انظر " الفهرست ": 325.
(3) هكذا في الاصل وفي " المشتبه " 1 / 187 " محمد بن شعبة بن جوان ".
(*)

(15/259)


وصار أسند أهل العراق مع التصدر للافادة والفتيا ستين سنة.
حدث عنه: دعلج بن أحمد، والطبراني، والدارقطني، وأبو عبد الله بن جميع، وابن شاهين، وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قوله، وابن الصلت الاهوازي، وأبو محمد بن البيع، وأبو عمر بن مهدي وخلق.
قال أبو بكر الخطيب: كان فاضلا دينا، شهد عند القضاة، وله عشرون سنة، وولي قضاء الكوفة ستين سنة (1).
قال ابن جميع الصيداوي: كان عند القاضي المحاملي سبعون نفسا من أصحاب سفيان بن عيينة (2).
وقال أبو بكر الداوودي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل (3).
واستعفى من القضاء قبل سنة عشرين وثلاث مئة، وكان محمودا في ولايته (4).
عقد سنة سبعين ومئتين بالكوفة في داره مجلسا للفقه، فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه (5).
قال محمد بن الاسكاف: رأيت في النوم كأن قائلا، يقول: إن الله ليدفع عن أهل بغداد البلاء بالمحاملي (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 20.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 8 / 22.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق.
(*)

(15/260)


قال حمزة بن محمد بن طاهر: سمعت ابن شاهين، يقول: حضر معنا ابن المظفر (1) مجلس القاضي المحاملي، فقال لي: يا أبا حفص ما عدمنا من ابن صاعد (2) إلا عينيه (3).
يريد أن المحاملي نظير ابن صاعد في الثقة والعلو.
الصوري: حدثنا ابن جميع، قال: يروي المحاملي، عن محمد ابن عمرو بن أبي مذعور، ويروي محمد بن مخلد العطار، عن محمد بن عمرو بن أبي مذعور، وهما أبناء عم، لم يرو المحاملي، عن شيخ ابن مخلد، ولا روى ابن مخلد عن شيخ المحاملي.
أملى المحاملي مجالس عدة، وأملى مجلسا في ثاني عشر ربيع الآخر سنة ثلاثين وثلاث مئة ثم مرض، فمات بعد أحد عشر يوما (4).
وفيها مات محدث أصبهان أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الجورجيري، ومسند نيسابور أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال الخشاب، وقاضي دمشق المحدث زكريا بن أحمد بن الحافظ يحيى بن موسى خت البلخي، ومحدث حمص أبو هاشم عبد الغافر بن سلامة الحمصي في عشر المئة، وشيخ الصوفية أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري، وشيخ الشافعية أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي،
__________
(1) هو محمد بن المظفر بن موسى، أبو الحسين، محدث العراق في عصره.
توفي سنة 389 / ه.
انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 3 / 262 - 264.
(2) هو يحيى بن محمد بن صاعد، أبو محمد.
من أعيان حفاظ الحديث.
توفي سنة / 318 / ه انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 14 / 231 - 234.
(3) " تاريخ بغداد ": 8 / 20.
(4) " تاريخ بغداد ": 8 / 22 - 23.
(*)

(15/261)


وصاحب بقي بن مخلد المحدث عبد الله بن يونس القبري (1)، والقدوة أبو صالح الدمشقي، صاحب المسجد الذي بظاهر باب شرقي.
وقد وقع لنا سبعة أجزاء من عالي حديث المحاملي.
وكان آخر من روى حديثه عاليا السلفي وشهدة (2) وخطيب الموصل.
أخبرنا أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرنا أبو هريرة محمد بن الليث، وزيد بن هبة الله، قالا: أخبرنا أحمد بن المبارك بن قفرجل، أخبرنا عاصم ابن الحسن، أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن إسماعيل، حدثنا مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس الزرقي، أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الارض، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الارض، فقلت: أبالذهب والورق ؟ قال: أما الذهب والورق فلا بأس (3) به.
وبه قال المحاملي: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة عن كعب بن عجرة، قال: قملت حتى ظننت أن كل شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها إلى فرعها، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم حيث رأى ذلك، فقال: احلق.
ونزلت هذه الآية (4) (5).
__________
(1) نسبة إلى مدينة قبرة بالاندلس.
انظر ترجمته في " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 226.
(2) شهدة بنت أحمد، الكاتبة المسندة.
كانت دينة عابدة.
سمعها أبوها الكثير، وصارت مسندة العراق.
توفيت سنة / 574 / ه.
" العبر ": 4 / 220.
(3) هو في " الموطأ " 2 / 711 في كراء الارض: باب ما جاء في كراء الارض، ومن طريقه مسلم (1547) في البيوع: باب كراء الارض بالذهب والورق.
(4) وهي (فأتموا الحج والعمرة لله، فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله، فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه، ففدية من صيام أو صدقة أو نسك..).
البقرة: 196.
(5) إسناده صحيح، وأخرجه من طرق عن كعب بن عجرة أحمد 4 / 241 و 242 و = (*)

(15/262)


وبه حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا عمر بن شبيب، حدثنا عبد الملك بن عمير، عن قزعة، عن أبي سعيد، قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي، وإلى مسجد بيت المقدس ".
رواه مسلم (1) من طريق شعبة عن عبدالملك.

111 - أخو المحاملي * المحدث الثقة أبو عبيد القاسم بن إسماعيل، الضبي.
سمع أبا حفص الفلاس، ومحمد بن المثنى العنزي، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وعدة.
حدث عنه: محمد بن المظفر، والدارقطني، عيسى بن الوزير، وآخرون.
مات في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وكان من أبناء التسعين.
__________
= 243، ومالك 1 / 417 في الحج باب من حلق قبل أن ينحر، والبخاري (1814) و (1816) و (1817) و (1818) في الحج، و (4159) و (4190) و (4191) في المغازي، و (4517) في التفسير، و (5665) في المرضى، و (5703) في الطب، و (6708) في
الايمان والنذور، ومسلم (1201) (80) و (81) و (82) و (83) و (84) و (85) و (86) وأبو داود (1856) و (1857) و (1858) و (1859) و (1860) و (18 61) والنسائي 5 / 194 و 195، والترمذي (953) وابن ماجة (3079) و (3080) والشافعي (1015) و (1017) و (1018) و (1019) وابن الجارود (450) والطيالسي (1062) و (1065) والدارقطني 2 / 298، 299، والبيهقي 5 / 55 و 169 و 185 و 187 و 242.
(1) رقم (827) (416) في الحج: باب سفر المرأة مع المحرم إلى حج وغيره، وأخرجه أيضا البخاري (1197) وأحمد 3 / 34 من طريق شعبة به، وأخرجه أحمد من طرق، عن قزعة عن أبي سعيد 3 / 7 و 45 و 51 و 52 و 77، والترمذي (326).
* أخبار الراضي والمتقي: 66، تاريخ بغداد: 12 / 447 - 448، العبر: 2 / 199، شذرات الذهب: 2 / 300.
(*)

(15/263)


112 - بنت المحاملي * العالمة الفقيهة المفتية، أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل.
تفقهت بأبيها، وروت عنه، وعن إسماعيل الوراق، وعبد الغافر الحمصي، وحفظت القرآن والفقه للشافعي، وأتقنت الفرائض، ومسائل الدور والعربية، وغير ذلك.
واسمها ستيتة.
قال البرقاني: كانت تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة (1).
وقال غيره: كانت من أحفظ الناس للفقه.
وروى عنها: الحسن بن محمد الخلال (2).
ماتت سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وهي والدة القاضي محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي (3).

113 - ابن شنبوذ * شيخ المقرئين، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، المقرئ، أكثر الترحال في الطلب.
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 442 - 443، المنتظم: 7 / 138 - 139، العبر: 3 / 4، مرآة الجنان: 2 / 407، شذرات الذهب: 3 / 88، مهذب الروضة الفيحاء للعمري: 243.
(1) " تاريخ بغداد ": 14 / 442 - 443.
(2) المصدر السابق.
(3) له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 1 / 333 - 334.
* * الفهرست: 47 - 48، تاريخ بغداد: 1 / 280 - 281، الانساب: 7 / 395 - 396، تاريخ ابن عساكر: 14 / 337 أ - 337 ب، المنتظم: 6 / 307 - 308، معجم = (*)

(15/264)


وتلا على: هارون بن موسى الاخفش، وقنبل المكي، وإسحاق الخزاعي، وإدريس الحداد، والحسن بن العباس الرازي، وإسماعيل النحاس، ومحمد بن شاذان الجوهري، وعدد كثير، قد ذكرتهم في " طبقات القراء " (1).
وسمع الحديث من: عبدالرحمن كربزان، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وطائفة.
وكان إماما صدوقا أمينا متصونا، كبير القدر.
تلا عليه: أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الفرج الشنبوذي تلميذه، وأبو أحمد السامري، والمعافى الجريري، وابن فورك القباب، وإدريس بن علي المؤدب، وأبو العباس المطوعي، وغزوان بن القاسم، وخلق.
وحدث عنه أبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو الشيخ، وأبو بكر بن
شاذان، واعتمده أبو عمرو الداني، والكبار، وثوقا بنقله وإتقانه، لكنه كان له رأي في القراءة بالشواذ التي تخالف رسم الامام، فنقموا عليه لذلك.
وبالغوا وعزروه (2).
والمسألة مختلف فيها في الجملة.
وما عارضوه أصلا فيما أقرأ به ليعقوب (3)، ولا لابي جعفر (4)، بل فيما خرج عن المصحف
__________
= الادباء: 17 / 167 - 173، وفيات الاعيان: 4 / 299 - 301، العبر: 2 / 195 - 196، معرفة القراء: 1 / 221 - 225، الوافي بالوفيات: 2 / 37 - 38، مرآة الجنان: 2 / 286، 290 - 291، البداية والنهاية: 11 / 194 - 195، غاية النهاية: 2 / 52 - 56، النجوم الزاهرة: 3 / 267، شذرات الذهب: 2 / 313 - 314.
(1) انظر " معرفة القراء ": 1 / 221 - 222.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 280 - 281، و " وفيات الاعيان ": 4 / 299 - 300.
(3) يعقوب بن إسحاق، أحد القراء العشرة، توفي سنة / 205 / ه تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم (30).
(4) أبو جعفر المخزومي، يزيد بن القعقاع، أحد القراء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر توفي سنة / 130 / تقدمت ترجمته في الجزء الخامس برقم (36).
(*)

(15/265)


العثماني.
وقد ذكرت ذلك مطولا في طبقات القراء (1).
قال أبو شامة: كان الرفق بابن شنبوذ أولى، وكان اعتقاله وإغلاظ القول له كافيا.
وليس - كان - بمصيب فيما ذهب إليه، لكن أخطاؤه في واقعة لا تسقط حقه من حرمة أهل القرآن والعلم.
قلت: مات في صفر سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، وهو في عشر الثمانين أو جاوزه.

114 - عبد الصمد بن سعيد *
ابن عبد الله بن سعيد بن يعقوب المحدث الحافظ أبو القاسم، الكندي الحمصي قاضي حمص.
سمع يزيد بن عبد الصمد، ومحمد بن عوف، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، وعمران بن بكار، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الطرابلسي، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وينزل إلى أن يروي عن ابن جوصا (2) ونحوه.
حدث عنه: جمح بن القاسم، وأبو سليمان بن زبر، ومحمد بن موسى السمسار، والقاضي أبو بكر الابهري وأبو بكر بن المقرئ، والحسن ابن عبد الله بن سعيد الكندي، والقاضي علي بن محمد الحلبي، وآخرون.
__________
(1) انظر " معرفة القراء ": 1 / 222.
* تاريخ ابن عساكر: 10 / 166 أ - 166 ب، العبر: 2 / 202، شذرات الذهب: 2 / 302 - 303.
(2) تقدمت ترجمته برقم / 8 / من هذا الجزء.
(*)

(15/266)


وجمع تاريخا لطيفا فيمن نزل حمص من الصحابة.
سمعناه، وقد سمع منه شيخاه أنس بن السلم، وابن جوصا.
قال ابن زبر: توفي في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.

115 - الخرائطي * الامام الحافظ الصدوق المصنف، أبو بكر، محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر، السامري الخرائطي.
صاحب كتاب " مكارم الاخلاق "، وكتاب " مساوئ الاخلاق "
وكتاب " اعتلال القلوب " وغير ذلك (1).
سمع الحسن بن عرفة، علي بن حرب، وعمر بن شبة، وسعدان بن نصر، وسعدان بن يزيد، وحميد بن الربيع، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن بديل، وشعيب بن أيوب، وعدة.
حدث عنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو علي بن مهنا الدراني (2)، ومحمد وأحمد ابنا موسى السمسار، والقاضي يوسف الميانجي، وعبد الوهاب الكلابي، ومحمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، وآخرون.
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 139 - 140، الانساب: 5 / 71 - 72، تاريخ ابن عساكر: 15 / 92 ب - 93 ب، معجم الادباء: 18 / 98، العبر: 2 / 209، الوافي بالوفيات: 2 / 296 - 297، مرآة الجنان: 2 / 289، البداية والنهاية: 11 / 190، النجوم الزاهرة.
3 / 265، شذرات الذهب: 2 / 309.
(1) انظر " معجم الادباء ": 18 / 98.
(2) نسبة إلى " داريا " وهي قرية من غوطة دمشق.
وتصح النسبة إليها بإثبات النون وإسقاطها، فيقال: الداراني، والدارائي.
أنظر " الانساب ": 5 / 243 - 244.
وترجمة أبي علي في " معجم البلدان ": 2 / 432، وهو صاحب " تاريخ داريا ".
(*)

(15/267)


وحدث بدمشق وبعسقلان.
قال ابن ماكولا: صنف الكثير، وكان من الاعيان الثقات.
وقال الخطيب: كان حسن الاخبار، مليح التصانيف (1).
قيل: مات بيافا في ربيع الاول سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.

116 - ابن الباغندي *
الحافظ بن الحافظ بن الحافظ، هو المتقن الامام أبو ذر أحمد بن أبي بكر محمد بن محمد بن سليمان بن الباغندي.
سمع عمر بن شبة، وسعدان بن نصر، وعلي بن الحسين بن إشكاب وطبقتهم.
وعنه: الدارقطني، والمعافى والنهرواني (2)، وعمر بن شاهين، ويفضلونه على أبيه (3).
توفي سنة ست وعشرين وثلاث مئة.

117 - أبوالدحداح * * الشيخ الامام المحدث الثقة، أبوالدحداح، أحمد بن محمد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 140.
* تاريخ بغداد: 5 / 86، العبر: 2 / 206، الوافي بالوفيات: 8 / 125، شذرات الذهب: 2 / 307.
(2) مثلثة النون كما في " القاموس ".
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 86.
* * تاريخ ابن عساكر: 2 / 53 أ - 53 ب، العبر: 2 / 211، شذرات الذهب: 2 / 312.
(*)

(15/268)


إسماعيل بن يحيى بن يزيد، التميمي الدمشقي.
سمع أباه، وموسى بن عامر، ومحمود بن خالد، ومحمد بن هاشم البعلبكي، وعبد الوهاب بن عبدالرحيم الاشجعي، وأبا إسحاق الجوزجاني، وأبا عتبة (1) الحجازي، ومحمد بن إسماعيل بن علية، وأبا أمية الطرسوسي، وخلقا كثيرا.
وكان ذا عناية وإتقان، وعمر دهرا.
حدث عنه أبو سليمان بن زبر، وأبو بكر محمد بن سليمان الربعي،
وأبو القاسم الطبراني، والقاضي أبو بكر الابهري، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وآخرون.
كان يسكن في طرف العقيبة.
وإليه ينسب مرج أبي الدحداح (2).
قال أبو بكر الخطيب: كان مليئا بحديث الوليد بن مسلم.
روى عن عدة من أصحابه.
وقال عبد الوهاب الكلابي: مات في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، وقيل: مات في محرمها وهو من بيت علم وتقدم.

118 - خير النساج * الزاهد الكبير أبو الحسن البغدادي.
__________
(1) في الاصل: أبي.
(2) تقوم حاليا على المرج مقبرة تحمل الاسم نفسه، وتقع شمالي الجامع الاموي.
* طبقات الصوفية: 322 - 325، حلية الاولياء: 10 / 307، تاريخ بغداد: 2 / 48 - 50، 8 / 345 - 347، الرسالة القشيرية: 25، المنتظم: 6 / 274، وفيات الاعيان: 2 / 251 - 252، العبر: 2 / 193، مرآة الجنان: 2 / 285، البداية والنهاية: 11 / 181، شذرات الذهب: 2 / 294.
(*)

(15/269)


كانت له حلقة يتكلم فيها على الصوفية.
صحب أبا حمزة البغدادي، والجنيد، وعمر نحو المئة.
حكى عنه: أحمد بن عطاء الروذباري، ومحمد بن عبد الله الرازي، ويقال: لقي سريا السقطي.
وكان أسود اللون، ويقال: إنه حج، فأخذه رجل بالكوفة (1)، وقال: أنت عبدي واسمك خير فما نازعه، بل انقاد معه، فاستعمله مدة في
النساجة، وكان اسمه محمد بن إسماعيل، ثم بعد زمان أطلقه.
وقال: ما أنت عبدي.
فيقال: ألقي عليه شبه ذاك العبد مدة (2).
وله أحوال وكرامات.
وكان يحضر السماع، سماع المشايخ.
توفي في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.

119 - الارزناني * الامام الحافظ البارع، أبو جعفر، محمد بن عبدالرحمن بن زياد، الارزناني (3).
طوف الشام والعراق وأصبهان.
__________
(1) في " طبقات الصوفية ": 322 " فأخذه رجل على باب الكوفة ".
(2) انظر " حلية الاولياء ": 10 / 307 - 308.
* طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 155، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 629، الانساب: 1 / 182، تاريخ ابن عساكر: 15 / 298 أ - 298 ب.
(3) بفتح الالف، وسكون الراء، وضم الزاي، والالف بين النونين.
هذه النسبة إلى أرزنان، وهي من قرى أصبهان.
" الانساب ": 1 / 181.
(*)

(15/270)


سمع إسماعيل سمويه، ومحمد بن غالب تمتاما، وعلي بن عبد العزيز وأقرانهم.
روى عنه: أبو الشيخ، وأحمد بن يوسف الخشاب، وأبو بكر أحمد ابن مهران المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة.
مات فيما ورخه أبو نعيم سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة (1).
قال الحاكم ابن البيع: سمعت محمد بن العباس الشهيد، يقول: ما قدم علينا [ هراة ] أحد مثل أبي جعفر الارزناني زهدا وورعا وحفظا وإتقانا.
رحمه الله (2).
قلت: قارب ثمانين سنة.

120 - الجورجيري * الشيخ الصدوق، أبو جعفر، محمد بن عمر بن حفص، الاصبهاني الجورجيري (3).
سمع من: إسحاق بن إبراهيم شاذان الفارسي، ومحمد بن عاصم الثقفي، ومسعود بن يزيد القطان، وإبراهيم بن عبد الله الجمحي، وحجاج بن قتيبة.
__________
(1) " ذكر أخبار أصبهان ": 2 / 269.
(2) " الانساب ": 1 / 182 وما بين حاصرتين منه.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 272، الانساب: 3 / 356، العبر: 2 / 223، شذرات الذهب: 2 / 328.
(3) بضم الجيم، والراء الساكنة بعد الواو، ثم الجيم الاخرى المكسورة، وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى " جورجير " وهي محلة كبيرة معروفة بأصبهان.
(*)

(15/271)


حدث عنه: الحافظ أبو إسحاق بن حمزة، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن مندة، وعثمان بن أحمد البرجي شيخ الرئيس الثقفي، وطائفة.
يقع من عواليه في " الثقفيات " (1).
توفي في ربيع الاول سنة ثلاثين وثلاث مئة، وهو في عشر التسعين.

121 - ابن مجاهد * الامام المقرئ المحدث النحوي، شيخ المقرئين، أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد البغدادي.
مصنف " كتاب السبعة " (2).
ولد سنة خمس وأربعين ومئتين.
وسمع من: سعدان بن نصر، والرمادي، ومحمد بن عبد الله المخرمي ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وعبد الله بن محمد بن شاكر وطبقتهم.
تلا على قنبل، وأبي الزعراء بن عبدوس وأخذ الحروف عرضا عن طائفة، وانتهى إليه علم هذا الشأن وتصدر مدة.
__________
(1) الاجزاء الثقفيات، هي عشرة أجزاء، لابي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد، الثقفي، الاصبهاني، المتوفى سنة / 489 / ه.
" الرسالة المستطرفة ": 91.
* الفهرست: 47، تاريخ بغداد: 5 / 144 - 148، المنتظم: 6 / 282 - 283، معجم الادباء: 5 / 65 - 73، معرفة القراء: 1 / 216 - 218، العبر: 2 / 201، الوافي بالوفيات: 8 / 200، مرآة الجنان: 2 / 288، طبقات الشافعية: 3 / 57 - 58، البداية والنهاية: 11 / 185، غاية النهاية: 1 / 139 - 142، النجوم الزاهرة: 3 / 258، شذرات الذهب: 2 / 302.
(2) طبع بتحقيق الدكتور شوقي ضيف.
(*)

(15/272)


وقرأ عليه خلق كثير: منهم عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو عيسى بكار، والحسن المطوعي، وأبو بكر الشذائي، وأبو الفرج الشنبوذي، وأبو أحمد السامري، وأبو علي بن حبش، وأبو الحسين عبيد الله بن البواب، ومنصور بن محمد القزاز.
وحدث عنه: ابن شاهين، والدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، وأبو
حفص الكتاني، وأبو مسلم الكاتب وعدة.
قال أبو عمرو الداني: فاق ابن مجاهد سائر نظائره مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه (1).
تصدر في حياة محمد بن يحيى الكسائي (2).
قال ابن أبي هاشم: قال رجل لابن مجاهد: لم لا تختار لنفسك حرفا.
قال: نحن إلى أن تعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمتنا، أحوج منا إلى أختيار (3).
وقيل: كان ابن مجاهد صاحب لطف وظرف يجيد معرفة الموسيقى (4).
وكان في حلقته من الذين يأخذون على الناس أربعة وثمانون مقرئا (5).
توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 58.
(2) مقرئ، محقق، جليل، شيخ متصدر، ثقة، ولد سنة / 189 / ه، وتوفي سنة / 288 / على أحد الاقوال.
له ترجمة في " غاية النهاية ": 2 / 279.
(3) " طبقات الشافعية ": 3 / 58 وفيه " أن نعمل أنفسنا ".
(4) انظر " تاريخ بغداد ": 5 / 147.
(5) " غاية النهاية ": 1 / 142.
(*)

(15/273)


سمعت كتابه بإسناد عال.
ومات مع ابن مجاهد، علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وأبو الحسن علي بن إسماعيل الاشعري، وأحمد بن الحافظ بقي بن مخلد،
ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، وعبد الله بن محمد بن نصر المديني.

122 - ابن الانباري * الامام الحافظ اللغوي ذو الفنون، أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار ابن الانباري، المقرئ النحوي.
ولد سنة اثنتين وسبعين ومئتين (1).
وسمع في صباه باعتناء أبيه من: محمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، وأحمد بن الهيثم البزاز، وأبي العباس ثعلب، وخلق كثير.
وحمل عن والده، وألف الدواوين الكبار مع الصدق والدين، وسعة الحفظ.
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 171، الفهرست: 112، تاريخ بغداد: 3 / 181 - 186، طبقات الحنابلة: 2 / 69 - 73، الانساب: 1 / 355، نزهة الالباء: 181 - 188، المنتظم: 6 / 311 - 315، معجم الادباء: 18 / 306 - 313، إنباه الرواة: 3 / 201 - 208، وفيات الاعيان: 4 / 341 - 343، تذكرة الحفاظ: 3 / 842 - 844، معرفة القراء: 1 / 225 - 227، العبر: 2 / 214 - 215، الوافي بالوفيات: 4 / 344 - 345، مرآة الجنان: 2 / 294، البداية والنهاية: 11 / 196، غاية النهاية: 2 / 230 - 232، النجوم الزاهرة: 3 / 269، بغية الوعاة: 91 - 92، شذرات الذهب: 2 / 315 - 316.
(1) في " تاريخ بغداد ": 3 / 182 " سنة إحدى وسبعين ومئتين " وعلى هذا أغلب المراجع.
(*)

(15/274)


حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، وأحمد بن نصر الشذائي، وعبد
الواحد بن أبي هاشم، وأبو الحسن الدارقطني، ومحمد بن عبد الله بن أخي ميمي الدقاق، وأحمد بن محمد بن الجراح، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وآخرون.
قال أبو علي القالي: كان شيخنا أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاث مئة ألف بيت شاهد (1) في القرآن (2).
قلت: هذا يجئ في أربعين مجلدا.
قال أبو علي التنوخي: كان ابن الانباري يملي من حفظه، ما أملى من دفتر قط (3).
وقال محمد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحدا أحفظ من ابن الانباري، ولا أغزر من علمه (4).
وحدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا (5).
وقيل: كان يأكل القلية (6)، ويقول: أبقي على حفظي (7).
وقيل: إن من جملة محفوظه عشرين ومئة تفسير بأسانيدها (8).
قال أبو بكر الخطيب: كان ابن الانباري صدوقا دينا من أهل السنة.
__________
(1) في الاصل: شاهدا.
(2) " طبقات النحويين واللغويين ": 171.
(3) " نشوار المحاضرة ": 4 / 211.
(4) " تاريخ بغداد ": 3 / 183.
(5) " تاريخ بغداد ": 3 / 184.
(6) مرقة تتخذ من لحوم الجزور وأكبادها.
(7) " تاريخ بغداد ": 3 / 184.
(8) " نزهة الالباء ": 183.
(*)

(15/275)


صنف في [ علوم ] القرآن والغريب والمشكل والوقف والابتداء (1).
وقال غيره: كان من أعلم الناس وأفضلهم في نحو الكوفيين، وأكثرهم حفظا للغة.
أخذ عن ثعلب، وأخذ الناس عنه (2)، وهو شاب في حدود سنة ثلاث مئة (3).
قال أبو الحسن العروضي: كنت أنا وابن الانباري عند الراضي بالله (4)، ففي يوم من الايام سألته جارية عن تفسير شئ من الرؤيا، فقال: أنا حاقن، ومضى.
فلما كان من الغد، عاد، وقد صار معبرا للرؤيا.
مضى من يومه، فدرس " كتاب الكرماني في التعبير " وجاء (5).
قلت: له " كتاب الوقف والابتداء " و " كتاب المشكل " و " غريب الغريب النبوي " و " شرح المفضليات " و " شرح السبع الطوال " " وكتاب " الزاهر " وكتاب " الكافي " في النحو، وكتاب " اللامات " وكتاب " شرح الكافي " وكتاب " الهاءآت " وكتاب " الاضداد " وكتاب " المذكر والمونث " وكتاب " رسالة المشكل " يرد على ابن قتيبة، وأبي حاتم، و " كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان " بأخبرنا وحدثنا، يقضي بأنه حافظ للحديث، وله أمالي كثيرة، وكان من أفراد العالم (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 182.
وما بين حاصرتين منه.
(2) " نزهة الالباء ": 181.
(3) " طبقات النحويين واللغويين ": 228.
(4) تقدمت ترجمته رقم / 58 / من هذا الجزء.
(5) " تاريخ بغداد ": 3 / 184.
(6) انظر " الفهرست ": 112، و " تاريخ بغداد ": 3 / 184، و " معجم الادباء ": 18 / 312 - 313.
(*)

(15/276)


وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الانباري زاهدا متواضعا، حكى الدارقطني أنه حضره، فصحف في اسم، قال: فأعظمت أن يحمل عنه وهم (1) وهبته، فعرفت مستمليه.
فلما حضرت الجمعة الاخرى، قال ابن الانباري لمستمليه: عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني، ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب (2).
وقيل: إن ابن الانباري - على ما بلغني - أملى " غريب الحديث " في خمسة وأربعين ألف ورقة.
فإن صح هذا، فهذا الكتاب يكون أزيد من مئة مجلد.
وكتاب " شرح الكافي " له ثلاث مجلدات كبار.
وله كتاب " الجاهليات " في سبع مئة ورقة (3).
وقد كان أبوه القاسم بن محمد الانباري محدثا أخباريا علامة من أئمة الادب (4).
أخذ عن: سلمة بن عاصم، وأبي عكرمة الضبي.
__________
(1) أي: غلط.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 184.
وفي هذه القصة تتجلى الروح العلمية بين أهل العلم في ذلك العصر الذهبي، فالدارقطني - رحمه الله، حين علم بخطأ ابن الانباري لم يلجأ إلى التشهير به بين طلبته، وإنما لفت نظر مستمليه، والشيخ ابن الانباري لم تأخذه العزة بالاثم، وإنما رجع عن الخطأ على رؤوس الاشهاد، وأمر الطلبة بإصلاحه، ونسب الفضل إلى أهله، ويا ليت طلبة العلم في هذا العصر يأخذون بهذا الادب الاسلامي الرائع..الذي يجعل الحقيقة العلمية فوق كل اعتبار.
(3) " تاريخ بغداد ": 3 / 184.
(4) له ترجمة في " الفهرست ": 112، و " طبقات النحويين واللغويين: 228.
" تاريخ بغداد ": 12 / 440 - 441، " معجم الادباء ": 16 / 316 - 319، " انباه الرواة ": 3 / 28.
(*)

(15/277)


وله " كتاب " خلق الانسان " وكتاب " خلق الفرس "، وكتاب " الامثال " و " المقصور والممدود "، و " غريب الحديث " وأشياء عدة.
مات سنة أربع وثلاث مئة.
ومات ابنه العلامة أبو بكر في ليلة الاضحى ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة عن سبع وخمسين سنة.
وفيها مات العلامة أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي صاحب " كتاب العقد " عن اثنين وثمانين سنة، وكبير الشافعية أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد الاصطخري ببغداد عن بضع وثمانين سنة، ومقرئ العراق أبو الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ، وشيخ الصوفية أبو محمد المرتعش ببغداد، والوزير أبو علي بن مقلة، ومسند نيسابور أبو محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي، ومسند دمشق أبوالدحداح أحمد بن محمد ابن إسماعيل التميمي، ومسند بغداد أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني عن ثلاث وتسعين سنة، وعالم نيسابور وقدوتها أبو علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، والحسين بن محمد بن سعيد بن المطبقي ببغداد من شيوخ ابن جميع.
أخبرنا المسلم بن محمد العلاني في كتابه، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي بن المهتدي بالله، أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم، حدثنا محمد بن القاسم الانباري، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا أبو عتاب الدلال، حدثنا المختار بن نافع،
حدثنا أبو حيان التيمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، ونقلني إلى دار الهجرة وأعتق بلالا.
رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مرا، تركه الحق وما له من

(15/278)


صديق.
رحم الله عثمان تستحييه الملائكة.
رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار " (1).

123 - البزدوي * الشيخ الكبير المسند، أبو طلحة، منصور بن محمد بن علي بن قرينة (2) بن سوية (3) البزدي، ويقال: البزدوي النسفي دهقان قرية بزدة (4).
وثقه الامير ابن ماكولا.
وقال: كان آخر من حدث " بالجامع الصحيح " عن البخاري (5).
قال الحافظ جعفر المستغفري: يضعفون روايته من جهة صغره حين سمع، ويقولون: وجد سماعة بخط جعفر بن محمد مولى أمير المؤمنين دهقان توبن (6) فقرؤوا كل الكتاب من أصل حماد بن شاكر.
وسمع منه: أهل بلده، وصارت إليه الرحلة في أيامه (7).
__________
(1) المختار بن نافع ضعيف، قال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال البخاري والنسائي وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، وأخرجه الترمذي (3714) من طريق أبي الخطاب زياد بن يحيى البصري، حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والمختار بن نافع شيخ بصري كثير الغرائب.
* الاكمال: 7 / 243، المشتبه: 1 / 33، تبصير المنتبه: 1 / 141، لسان الميزان: 6 / 100.
(2) في " المشتبه ": 1 / 65 " وقيل: مزينة ".
(3) في " الاكمال ": 7 / 243 " سويد ".
(4) قلعة على ستة فراسخ من نسف.
(5) " الاكمال ": 7 / 243.
(6) من قرى نسف انظر ترجمة جعفر بن محمد في " الانساب ": 3 / 99.
(7) " الانساب ": 3 / 99.
(*)

(15/279)


ثم قال المستغفري: حدثنا عنه: أحمد بن عبد العزيز المقرئ، ومحمد بن علي بن الحسين.
ومات سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
قلت: هو آخر من حدث " بالصحيح " عن المؤلف (1).

125 - الكليني * شيخ الشيعة، وعالم الامامية، صاحب التصانيف، أبو جعفر محمد ابن يعقوب الرازي الكليني بنون.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم الصيمري، وغيره.
وكان ببغداد.
وبها توفي وقبره مشهور.
مات سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
وهو بضم الكاف، وإمالة اللام.
قيده الامين (2).

126 - أبو علي الثقفي * * الامام المحدث الفقيه العلامة الزاهد العابد، شيخ خراسان، أبو
__________
(1) المصدر السابق.
* الفهرست للطوسي: 135 - 136، الاكمال: 7 / 186، الوافي بالوفيات: 5 / 226، لسان الميزان: 5 / 433.
وللكليني هذا كتاب الكافي وهو عند الامامية بمثابة صحيح
البخاري عند أهل السنة، وفيه من المعتقدات الباطلة المفتراة على الائمة مما لا يقول به مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، انظر على سبيل المثال الصفحات 227 و 239 و 258 من الجزء الاول.
(2) " الاكمال ": 7 / 186.
* * طبقات الصوفية: 361 - 365، الرسالة القشيرية: 26، الانساب: 3 / 135 - 137، العبر: 2 / 214، الوافي بالوفيات: 4 / 75، مرآة الجنان: 2 / 290، طبقات = (*)

(15/280)


علي، محمد بن عبد الوهاب بن عبدالرحمن بن عبد الوهاب، الثقفي النيسابوري الشافعي الواعظ، من ولد الحجاج.
مولده بقهستان (1) في سنة أربع وأربعين ومئتين.
سمع من: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وموسى بن نصر الرازي، وأحمد بن ملاعب الحافظ، ومحمد بن الجهم السمري، وطبقتهم.
سمع في كبره.
حدث عنه: أبو بكر الصبغي، وأبو الوليد الفقيه، وأبو علي النيسابوري، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.
قال الحاكم: شهدت جنازته، فلا أذكر أني رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع، وحضرت مجلس وعظه، وأنا صغير، فسمعته يقول [ في دعائه ]: إنك أنت الوهاب [ الوهاب الوهاب ] (2).
قال شيخنا الصبغي: شمائل الصحابة والتابعين، أخذها مالك الامام عنهم، وأخذها عن مالك يحيى بن يحيى التميمي، وأخذها عن يحيى محمد بن نصر المروزي، وأخذها عن ابن نصر أبو علي الثقفي.
قال الحاكم: وسمعت أبا الوليد الفقيه، يقول: دخلت على ابن سريج ببغداد، فسألني: على من درست فقه الشافعي [ بخراسان ] ؟ قلت:
__________
= الشافعية: 3 / 192 - 196، طبقات الاولياء: 298 - 299، النجوم الزاهرة: 3 / 267 - 268، طبقات ابن هداية الله: 60 - 62، شذرات الذهب: 2 / 315.
(1) في " الانساب " بضم القاف والهاء، وفي " معجم البلدان ": 40 / 416 " قوهستان " بضم القاف، وكسر الهاء، وهي الجبال التي بين هراة ونيسابور.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 194، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/281)


على أبي علي الثقفي، قال: لعلك تعني: الحجاجي الازرق ؟ قلت: بلى.
قال: ما جاءنا من خراسان أفقه منه (1).
وسمعت أبا العباس الزاهد، يقول: كان أبو علي في عصره حجة الله على خلقه.
وسمعت الصبغي، يقول: ما عرفنا الجدل والنظر حتى ورد أبو علي الثقفي من العراق (2).
قال أبو عبد الرحمن السلمي: لقي أبو علي الثقفي أبا حفص النيسابوري، وحمدون القصار، وكان إماما في أكثر علوم الشرع، مقدما في كل فن منه.
عطل أكثر علومه، واشتغل بعلم الصوفية، وقعد، وتكلم عليهم أحسن كلام في عيوب النفس، وآفات الافعال (3).
ومع علمه وكماله خالف الامام ابن خزيمة في مسائل التوفيق والخذلان، ومسألة الايمان، ومسألة اللفظ، فألزم البيت، ولم يخرج منه إلى أن مات (4) وأصابه في ذلك محن.
ومن قوله: يا من باع كل شئ بلا شئ، واشترى لا شئ بكل شئ (5).
وقال: أف من أشغال الدنيا إذا أقبلت، وأف من حسراتها إذا أدبرت.
العاقل لا يركن إلى شئ، إن أقبل كان شغلا، وإن أدبر كان حسرة (6).
__________
(1) " الانساب ": 3 / 136 وما بين حاصرتين منه.
(2) " العبر ": 2 / 214.
(3) " طبقات الصوفية ": 361.
(4) " الوافي بالوفيات ": 4 / 75.
(5) " طبقات الصوفية ": 364.
(6) المصدر السابق.
(*)

(15/282)


وقال أبو بكر الرازي: سمعته، يقول: ترك الرياء للرياء أقبح من الرياء (1).
وعنه قال: هوذا أنظر إلى طريق نجاتي مثل ما أنظر إلى الشمس، وليس أخطو خطوة.
وكان كثيرا ما يتكلم في رؤية عيب الافعال.
مات أبو علي في جمادى الاولى سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
126 - ابن عبد ربه * العلامة الاديب الاخباري، صاحب " كتاب العقد " أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير المرواني مولى أمير الاندلس هشام بن الداخل الاندلسي القرطبي.
سمع بقي بن مخلد، وجماعة.
وكان موثقا نبيلا بليغا شاعرا.
عاش اثنين وثمانين سنة.
وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
__________
(1) " الوافي بالوفيات ": 4 / 75.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 38، يتيمة الدهر: 2 / 65 - 88، جذوة المقتبس:
94 - 96، بغية الملتمس: 148 - 151، معجم الادباء: 4 / 211 - 224، وفيات الاعيان: 1 / 110 - 112، العبر: 2 / 211 - 212، الوافي بالوفيات: 8 / 10 - 14، مرآة الجنان: 2 / 295 - 296، البداية والنهاية: 11 / 193 - 194، النجوم الزاهرة: 3 / 266 - 267، بغية الوعاة: 161، شذرات الذهب: 2 / 312.
(*)

(15/283)


127 - ابن بلال * الشيخ المسند الصدوق، أبو حامد، أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال، النيسابوري المعروف بالخشاب، لكونه يسكن بالخشابين.
ولد في حد سنة أربعين ومئتين.
سمع محمد بن يحيى الذهلي، و عبدالرحمن بن بشر، وأحمد بن حفص، وأحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الازهر، وأحمد بن منصور زاج، وطائفة ببلده، وحج، فسمع ببغداد من الحسن بن محمد الزعفراني وغيره، وبالكوفة من موسى بن إسحاق القواس الكناني، وسماعة منه في سنة تسع وخمسين، وبهمذان من سختويه بن مازيار وغيره، وبمكة من يحيى بن الربيع، وبحر بن نصر الخولاني.
واشتهر.
وانتهى إليه علو الاسناد.
قال الخليلي: ثقة مأمون مشهور، سمع منه الكبار.
قلت: روى عنه أبو علي النيسابوري، وأبو عبد الله بن مندة، وعاصم بن يحيى الزاهد، وحسين بن محمد الستوري، وأبو الحسن محمد ابن الحسين العلوي، وحمزة بن عبد العزيز الطبيب، ومحمد بن محمد بن محمش الزيادي، وآخرون.
ورآه أبو عبد الله الحاكم، ولم يقع له عنه شئ.
وقال: توفي في يوم عيد الاضحى سنة ثلاثين وثلاث مئة.
وفيها مات المحاملي، وشيخ الشافعية أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي ببغداد من أصحاب الوجوه، وشيخ الصوفية أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري الزاهد، وتبوك بن أحمد السلمي صاحب هشام بن
__________
* الانساب: 5 / 120، العبر: 221.
(*)

(15/284)


عمار، وجعفر بن علي الدقاق الحافظ، والحسين بن أحمد بن صدقة الفرائضي الازرق، وزكريا بن أحمد البلخي قاضي دمشق، وأبو هاشم عبد الغافر بن سلامة الحمصي، وعبد الله بن يونس القبري صاحب بقي بن مخلد، وعبد الملك بن أحمد الزيات أبو العباس البغدادي، وعلي بن محمد بن عبيد الحافظ البزاز، ومحمد بن رائق الامير، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبي، ومحمد بن عمر الجورجيري، ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن يحيى بن لبابة القرطبي، وأبو صالح الدمشقي العابد، واسمه مفلح.

128 - الهزاني * مسند البصرة الثقة المعمر، أبوروق، أحمد بن محمد بن بكر، الهزاني (1) البصري.
سمع في سنة سبع وأربعين ومئتين وبعدها، من عمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن الوليد البسري، ومحمد بن النعمان بن شبل الباهلي - الضعيف الذي روى عن مالك -، وميمون بن مهران، وأحمد بن روح وجماعة.
حدث عنه: ابن أخيه أبو عمرو محمد بن محمد بن محمد بن بكر الهزاني، وأحمد بن محمد بن الجندي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو
__________
* الانساب: 590 أ - 590 ب، ميزان الاعتدال: 1 / 132 - 133، العبر: 2 / 225، لسان الميزان: 1 / 256، شذرات الذهب: 2 / 329.
(1) بكسر الهاء، والزاي المشددة المفتوحة، بعدهما الالف، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى " هزان "، وهو بطن من عتيك.
" الانساب ": 590 أ.
(*)

(15/285)


الحسين بن جميع الصيداوي، وعلي بن القاسم الشاهد - شيخ رحل إليه الخطيب - وغيرهم وقد أرخ ابن المقرئ أنه سمع منه في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة (1).
وقع لي حديثه عاليا في " معجم " ابن جميع.
وقد رويت ذلك في سيرة مالك.
وبعض الناس أرخ موته في سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة، فوهم.

129 - ابن عبيد * الحافظ الامام الثقة أبو الحسن علي بن محمد بن عبيد بن عبد الله بن حساب البغدادي البزاز (2) سمع من: عباس الدوري، ومحمد بن الحسين الحنيني، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي عرزة، وعدة.
وعنه: الدارقطني وابن جميع،، وأبو الحسين بن المتيم وجماعة.
قال الخطيب: كان ثقة حافظا (3) عارفا.
مات في سنة ثلاثين وثلاث مئة.
وله ثمان وسبعون سنة.
أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا ابن الحرستاني، أخبرنا جمال الاسلام، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن جميع، حدثنا علي بن محمد ببغداد، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا أزهر السمان عن ابن عون، عن
__________
(1) وفيها توفي كما في " الانساب ": 590 ب.
* أخبار الراضي والمتقي: 230، تاريخ بغداد: 12 / 73 - 74، تذكرة الحفاظ: 3 / 836، العبر: 2 / 223، طبقات الحفاظ: 347، شذرات الذهب: 2 / 327.
(2) ستأتي ترجمته مكررة ص / 356 / من هذا الجزء.
(3) " تاريخ بغداد ": 12 / 74.
(*)

(15/286)


نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا قالوا: وفي نجدنا ؟ يقال: هنا الزلازل والفتن، وبها - أو قال منها - يطلع قرن الشيطان " (1).

130 - الحامض (2) * الشيخ الجليل الثقة، أبو القاسم (3)، عبد الله بن محمد بن إسحاق بن يزيد، المروزي الاصل، البغدادي، ويعرف بحامض رأسه.
__________
(1) صحيح، وأخرجه البخاري (7094) في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الفتنة من قبل المشرق من طريق علي بن عبد الله، عن أزهر بن سعد السمان بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا (1037) في الاستسقاء: باب ما قيل في الزلزال والآيات من طريق محمد بن المثنى، حدثنا الحسين بن الحسن، عن ابن عون به، وأخرجه الترمذي (3953) من طريق بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان، حدثني جدي أزهر السمان.
وقوله: " في نجدنا " قال الخطابي: نجد: من جهة المشرق ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهل المدينة، وأصل النجد: ما ارتفع من الارض، خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور، ومكة من تهامة.
وأخرج أبو نعيم في " الحلية " 6 / 133 بإسناد صحيح من حديث ابن عمر مرفوعا " اللهم بارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في مكتنا، وبارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا، وبارك لنا في صاعنا ومدنا " فقال رجل: يا رسول الله وفي عراقنا، فأعرض عنه: فقال: فيه الزلزال والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان " أخرج مسلم في " صحيحه " (2905) (50) في الفتن من طرق عن ابن
فضيل، عن أبيه، قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة، سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الفتنة تجئ من ها هنا وأومأ بيده نحو الشرق - من حيث يطلع قرنا الشيطان ".
وأخرج أحمد 2 / 143 من طريق ابن نمير، حدثنا حنظلة عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده يؤم العراق: " ها إن الفتنة ها هنا، ها إن الفتنة ها هنا " ثلاث مرات " من حيث يطلع قرن الشيطان ".
* أخبار الراضي والمتقي: 213، تاريخ بغداد: 10 / 124، الانساب: 4 / 30 - 31، المنتظم: 6 / 324، العبر: 2 / 217، شذرات الذهب: 2 / 323.
(2) في " الانساب ": 4 / 30 " الجامغي ".
(3) في " الانساب ": أبو الهيثم.
(*)

(15/287)


سمع سعدان بن نصر، والحسن بن أبي الربيع، وأبا يحيى محمد بن سعيد العطار، وأبا أمية الطرسوسي وجماعة.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، والقاضي أبو بكر الابهري، وأبو الحسن الدارقطني، وعمر بن شاهين، والمعافى الجريري، وأبو الحسين بن جميع.
ونقل الخطيب أنه ثقة (1).
توفي في شهر رمضان سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو حفص الطائي، أخبرنا ابن الحرستاني، أخبرنا ابن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا ابن جميع، حدثنا عبد الله بن محمد الحامض ببغداد، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عصمة بن عبد الله حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من الشعر حكما " (2) وذكر الحديث.
قال الحافظ عمر الرواسي (3): سقط شيخ الحامض.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 124.
(2) المراد من " الحكم " هنا: الحكمة، كما في قوله سبحانه وتعالى (وآتيناه الحكم صبيا) أي: الحكمة، وكذلك قوله عزوجل (فوهب لي ربي حكما وعلما) وأخرجه الخطيب في " تاريخه " 4 / 254 و 8 / 18 و 14، وأبو نعيم في الحلية 7 / 269 من طرق، عن هشام بن عروة بهذا الاسناد.
وفي الباب عن أبي بن كعب عند أحمد 3 / 456 و 5 / 125، والبخاري 10 / 445، 446، وأبي داود (5010) وابن ماجة (3755) بلفظ " إن من الشعر لحكمة "، وعن ابن مسعود عند الترمذي (2844) وعن أبي هريرة عند أبي نعيم في " الحلية " 8 / 309 وعن وعن ابن مسعود عند الترمذي (2844) وعن أبي هريرة عند أبي نعيم في " الحلية " 8 / 309 وعن حسان بن ثابت عند الخطيب 3 / 98، وعن ابن عباس عند أحمد 1 / 269 و 273 و 303 و 309 و 313 و 327 و 332، وأبي داود (5011) وابن ماجة (3756) والترمذي (2845) والخطيب 3 / 443 وعن بريدة عند أبي داود (5012) وعن عمرو بن عوف، وأبي بكر عند الطبراني.
(3) هو عمر بن عبد الكريم بن سعدويه، الدهستاني، الرواسي، الحافظ الجوال ومات سنة / 503 / ه له ترجمة في " تذكرة الحفاظ ": 4 / 1237 - 1240.
(*)

(15/288)


131 - الازرق * الشيخ العالم الثقة، أبو بكر، يوسف بن يعقوب بن الحافظ إسحاق ابن بهلول، التنوخي الانباري، ثم البغدادي الكاتب.
ولد سنة ثمان وثلاثين ومئتين.
وسمع من: جده، وبشر بن مطر، والزبير بن بكار، والحسن بن
عرفة، ويعقوب بن شيبة الحافظ، وعدة.
حدث عنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأبو الحسين بن جميع، وأبو الحسين بن المتيم، وإبراهيم بن خرشيذ قوله وآخرون، حتى قيل: إن الحافظ أبا يعلى الموصلي، روى عنه، وهذا غلط، بل جاء ذكر أبي يعلى زائدا في إسناد الحديث.
قال أحمد بن يوسف الازرق: سمعت أبي يقول: خرج عن يدي إلى سنة خمس عشرة وثلاث مئة نيف وخمسون ألف دينار في أبواب البر (1).
قال القاضي أبو القاسم التنوخي: كان يوسف الازرق كاتبا جليلا متصرفا، وكان متخشنا في دينه، أمارا بالمعروف (2).
توفي في آخر سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
__________
* أخبار الراضي والمتقي: 213، تاريخ بغداد: 14 / 321 - 322، الانساب: 1 / 200 - 201، المنتظم: 6 / 325، العبر: 2 / 219، مرآة الجنان: 2 / 296، البداية والنهاية: 11 / 201، الجواهر المضية: 2 / 234، شذرات الذهب: 2 / 324.
(1) " تاريخ بغداد ": 14 / 321 - 322.
(2) المصدر السابق.
(*)

(15/289)


وفيها مات أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس البزاز بهراة، وأبو بكر محمد بن أحمد بن دلويه الدقاق، وعبيد الله بن إبراهيم بن بالويه المزكي، والوزير أبو الفضل البلعمي، وجعفر بن محمد بن الحسن الجروي، ومنصور ابن محمد البزدوي، وعبد الله بن محمد الحامض، ومحمد بن حمدويه المروزي، وأبو محمد بن زبر.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن البطي
أخبرنا علي بن محمد، حدثنا عبيد الله بن أبي مسلم، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا بشر بن مطر، حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن إبراهيم ابن أبي بكر، عن مجاهد في قوله عزوجل: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) (1) قال: ذلك في الضيافة، إذا أتيت رجلا، فلم يضفك، فقد رخص لك أن تقول (2).

132 - الفرغاني * شيخ الصوفية، الاستاذ أبو بكر، محمد بن إسماعيل، الفرغاني (3)
__________
(1) النساء: 148.
(2) رواه ابن إسحاق فيما قاله ابن كثير 1 / 571 عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: هو الرجل ينزل بالرجل، فلا يحسن ضيافته، فيخرج فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن، وفي رواية: هو الضيف المحول رحله، فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول، وكذا روي عن غير واحد، عن مجاهد نحو هذا.
* تاريخ ابن عساكر: 15 / 59 آ - 61 ب، العبر: 2 / 310، طبقات الاولياء: 302 - 305، النجوم الزاهرة: 3 / 279 - 280، شذرات الذهب: 2 / 329.
(3) بفتح الفاء، وسكون الراء، وفتح الغين المعجمة، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى " فرغانة "، وهي ولاية وراء الشاش، وراء جيحون وسيحون.
" الانساب ": 9 / 274 - 275.
(*)

(15/290)


أستاذ أبي بكر الدقي (1)، كان من المجتهدين في العبادة.
قال الدقي: ما رأيت من يظهر الغنى مثله، يلبس قميصين أبيضين، ورداء وسراويل ونعلا نظيفا، وعمامة، وفي يده مفتاح.
وليس له بيت، بل ينطرح في المساجد، ويطوي الخمس ليالي والست (2).
وقال أحمد بن علي الرستمي: كان الفرغاني نسيج وحده، معه كوز، فيه قميص رقيق، فإذا أتى بلدا لبسه، ومعه مفتاح منقوش يطرحه إذا صلى بين يديه، يوهم أنه تاجر.
عبد الواحد بن بكر: حدثنا الدقي، سمعت الفرغاني، يقول: دخلت دير طور سيناء، فأتاني مطرانهم بأقوام كأنهم نشروا من القبور.
فقال: هؤلاء يأكل أحدهم في الاسبوع أكلة [ يفخرون بذلك ]، فقلت: كم صبر كبيركم هذا ؟ قالوا: ثلاثين يوما.
فقعدت في وسط الدير أربعين يوما لم آكل ولم أشرب (3).
فخرج إلي مطرانهم وقال: يا هذا قم، أفسدت قلوب هؤلاء، فقلت: حتى أتم ستين يوما، فألحوا فخرجت (4).
توفي الفرغاني سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
__________
(1) هو محمد بن داود، الدقي، من كبار الصوفية، توفي بالشام سنة / 360 / ه.
انظر " طبقات الصوفية ": 448 - 450.
(2) " طبقات الاولياء ": 303.
(3) لا يعقل أن يبقى الانسان حيا إذا امتنع أربعين يوما عن الطعام والشراب، وقد شاهدنا في عصرنا غير واحد قد صام أربعين يوما عن الطعام دون الشراب طلبا للاستشفاء، وتحت إشراف الاطباء، وسواء أصحت هذه الحكاية أم لم تصح، فليس هذا مما يحمده الاسلام ويرغب فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ويفطر.
(4) " النجوم الزاهرة ": 3 / 279 - 280، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/291)


133 - البلعمي * الوزير الكامل الامام الفقيه، أبو الفضل، محمد بن عبيد الله بن محمد بن رجاء، التميمي البلعمي البخاري من رجال العالم.
سمع أبا الموجه (1) محمد بن عمرو، والفقيه محمد بن نصر، فأكثر عنه ولازمه مدة.
وكان على مذهبه.
وبرع في الترسل، وفاق أهل زمانه، ونال من التقدم والرياسة أعلى الرتب.
روى عنه جماعة.
ووزر لصاحب ما وراء النهر إسماعيل بن أحمد (2).
وكان جد الوزير (3) قد استولى على بلد بلعم، وهي من بلاد الروم حين دخل تلك الارض الامير مسلمة بن عبدالملك، فأقام بها وكثر نسله (4) بها.
وللوزير " كتاب تلقيح البلاغة " وله " كتاب المقالات " وغير ذلك.
مات في صفر سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.

134 - الخصيبي * * الوزير الكبير، أبو العباس، أحمد بن عبيد الله بن الوزير أحمد بن الخصيب، الجرجرائي الكاتب.
__________
* الاكمال: 7 / 278، الانساب: 2 / 291 - 292، الكامل: 8 / 378، العبر: 2 / 218، الوافي بالوفيات: 4 / 5، شذرات الذهب: 2 / 324.
(1) ضبطت في الاصل بكسر الجيم والصواب فتحها، كما في " المشتبه " 2 / 500 و 619، و " توضيح المشتبه " 3 / الورقة 28.
(2) ووزر أيضا للملك السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل، المتوفى سنة / 331 / ه انظر " الكامل ": 8 / 378، وقد صحف فيه اسم الوزير إلى " محمد بن عبد الله البلغمي ".
(3) رجاء بن معبد.
(4) انظر " الاكمال ": 7 / 278.
* * أخبار الراضي والمتقي: 143، الانساب: 5 / 137، الكامل: 8 / 158 وما = (*)

(15/292)


معرق في الوزارة، وزر للمقتدر، ثم للقاهر (1).
وكان مهيبا شديد الوطأة، مخوف الجانب، وكان أديبا شاعرا مترسلا فصيحا، مليح الخط، ذا عفة.
أهدى له أمير مرة مئة ألف دينار فردها.
وكان يشرب النبيذ، ويتنعم، ثم عزل، وصودر، وضاق ذات يده.
مات بالسكتة سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، وقيل: مات سنة ثلاثين.

135 - البلخي * العلامة المحدث، قاضي دمشق، أبويحيى، زكريا بن أحمد بن المحدث يحيى بن موسى خت البلخي الشافعي.
حدث عن: يحيى بن أبي طالب، وأبي حاتم الرازي، و [ ابن ] (2) أبي عوف البزوري، وعبد الصمد بن الفضل البلخي، ومحمد بن سعد العوفي وطبقتهم.
وعنه: أبو الحسين الرازي، وأبو زرعة، وأبو بكر ابنا أبي دجانة، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد الوهاب الكلابي، ومحمد بن أحمد بن عثمان ابن أبي الحديد، وآخرون.
وهو صاحب وجه في المذهب، تكرر ذكره في " المهذب " و " الوسيط ".
__________
= بعدها، الفخري: 328، العبر: 2 / 211، الوافي بالوفيات: 7 / 168 - 169.
(1) انظر " الكامل ": 8 / 262.
* العبر: 2 / 222، طبقات الشافعية: 3 / 298 - 299، قضاة دمشق: 28، طبقات ابن هداية الله: 64، شذرات الذهب: 2 / 326 - 327.
(2) ساقطة في الاصل.
انظر " الانساب ": 2 / 198.
(*)

(15/293)


ومن غرائبه أن القاضي إذا أراد نكاح من لا ولي لها، له أن يتولى طرفي العقد، يقال: إنه فعل ذلك لنفسه بدمشق (1).
وعنه قال: لو شرط في القراض أن يعمل رب المال مع العامل جاز (2).
حكاه عنه العبادي في كتاب " الرقم ".
توفي سنة ثلاثين وثلاث مئة.

136 - عبد الغافر بن سلامة * المحدث الحجة أبو هاشم، الحضرمي الحمصي، نزيل البصرة.
حدث بمدائن عن: كثير بن عبيد، ويحيى بن عثمان.
وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن جامع الدهان، وابن الصلت الاهوازي، وأبو عمر الهاشمي، وابن جميع.
وثقه الخطيب (3).
توفي سنة ثلاثين وثلاث مئة.

137 - ابن حجر * * المحدث الثقة الرحال، أبو الطيب، علي بن محمد بن أبي سليمان أيوب بن حجر الرقي ثم الصوري.
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 298 - 299.
(2) " قضاة دمشق ": 28.
* تاريخ بغداد: 11 / 136 - 138، تاريخ ابن عساكر: 10 / 203 آ - 203 ب، المنتظم: 6 / 328، العبر: 2 / 222، شذرات الذهب: 2 / 327.
(3) " تاريخ بغداد ": 11 / 136.
* * تاريخ ابن عساكر: 12 / 257 آ.
(*)

(15/294)


سمع أباه، ومؤمل بن إهاب (1)، ويونس بن عبدالاعلى، والربيع بن سليمان، ومحمد بن عوف الطائي، وعدة.
روى عنه: محمد بن أحمد الملطي، وأحمد بن محمد بن هارون البرذعي، وعبد الله بن محمد بن أيوب القطان، وأحمد بن مزاحم الصوري، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسين بن جميع، وآخرون.
وثقه أبو القاسم بن عساكر (2).
وأرخه في سنة بضع وعشرين وثلاث مئة محمد بن الذهبي في " تاريخه ".

138 - الدباج * المحدث الحافظ العالم، أبو الفضل، العباس بن الفضل ابن حبيب السامري المعروف بالدباج (3) أكثر الرحلة.
وروى عن: محمد بن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن يونس الكديمي وطبقتهما.
وعنه: محمد بن عبد الله الشيباني، ومحمد بن موسى السمسار، وعبد الوهاب الكلابي، وابن جميع الصيداوي، وعدة.
قال أبو الحسين الرازي: هو شيخ حافظ.
كتبت عنه بدمشق.
__________
(1) في الاصل: يهاب، وهو تصحيف.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 12 / 257 آ.
* تاريخ بغداد: 12 / 153، تاريخ ابن عساكر: 8 / 482 ب، تهذيب ابن عساكر: 7 / 251 - 252.
(3) في " تاريخ بغداد ": 2 / 153: الذباح.
(*)

(15/295)


139 - الجصاص * الشيخ العالم الواعظ، أبو يوسف، يعقوب بن عبدالرحمن بن أحمد ابن يعقوب البغدادي الجصاص (1) الدعاء.
سمع أبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي، وحفص بن عمرو الربالي، وحميد بن الربيع، وعلي بن إشكاب، وعلي بن عمرو الانصاري، وعدة.
حدث عنه: الدارقطني، وعبد الله بن محمد الحنائي، وإسماعيل ابن زنجي، وأبو الحسين بن جميع، وآخرون.
قال الخطيب: في حديثه وهم كثير (2).
توفي في سنة إحدى وثلاثين ببغداد.
أخبرنا عمر بن عذير، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا أبو نصر بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد بصيدا، قال: حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن الواعظ، حدثنا حميد بن الربيع، حدثنا حفص بن غياث، عن الاعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ علي سورة النساء، قلت: اقرأ عليك، وعليك أنزل ؟ ! ! قال: إني أشتهي أسمعه من غيري.
فقرأت
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 294، العبر: 2 / 227، ميزان الاعتدال: 4 / 453، لسان الميزان: 6 / 308 - 309، شذرات الذهب: 2 / 331.
(1) بفتح الجيم، والصاد المشددة المهملة، وفي آخرها صاد أخرى، هذه النسبة إلى العمل بالجص، وتبييض الجدران.
" الانساب ": 3 / 260.
(2) " تاريخ بغداد ": 14 / 294.
(*)

(15/296)


حتى انتهيت إلى قوله: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) [ النساء: 41 ] قال: فسالت عيناه، فسكت (1).
ومات فيها شيخ الصوفية عبد الله بن منازل النيسابوري، وشيخ الصوفية أبو الحسن علي بن محمد الدينوري الصائغ، وشيخ الصوفية أبو بكر محمد بن إسماعيل الفرغاني، والمحدث بكر بن أحمد بن حفص التنيسي، وحبشون بن موسى الخلال، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، ومحمد ابن مخلد العطار، وهناد بن السري الصغير، وصاحب خراسان نصر بن أحمد.
__________
(1) وأخرجه البخاري (4582) في التفسير: باب (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) و (5055) في فضائل القرآن: باب البكاء عند القرآن من طريق صدقة بن الفضل، عن يحيى القطان، عن سفيان الثوري، عن الاعمش بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (800) من طريق حفص بن غياث، وإنما بكى صلى الله عليه وسلم رحمة لامته، لانه علم أنه لا بد أن يشهد عليهم بعملهم، وعملهم قد لا يكون مستقيما، فقد يفض إلى تعذيبهم، وعلي بن مسهر، كلاهما عن الاعمش به.
(*)

(15/297)


الطبقة التاسعة عشرة
140 - الوزير * الامام المحدث الصادق الوزير العادل، أبو الحسن، علي بن عيسى ابن داود بن الجراح، البغدادي الكاتب.
وزر غير مرة للمقتدر (1)، وللقاهر (2)، وكان عديم النظير في فنه.
ولد سنة نيف وأربعين ومئتين.
سمع حميد بن الربيع، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وأحمد بن بديل القاضي، وعمر بن شبة النميري، وطائفة.
__________
* إعتاب الكتاب: 186 - 189، الفهرست: 186، تحفة الامراء: 281 - 364، تاريخ بغداد: 12 / 14 - 16، تاريخ ابن عساكر: 12 / 244 آ - 246 آ، المنتظم: 6 / 351 - 355، معجم الادباء: 14 / 68 - 73، الكامل: 8 / 174 و 183 و 185 و 405 و 465.
ما بعدها الفخري: 236، العبر: 2 / 238، مرآة الجنان: 2 / 316 - 317، البداية والنهاية: 11 / 217 - 218، النجوم الزاهرة: 3 / 288 - 289، شذرات الذهب: 2 / 336.
(1) في الاصل: للقادر، وهو وهم.
إذ بويع القادر سنة / 381 / ه، ومات الوزير علي بن عيسى سنة / 334 ه انظر كامل ابن الاثير 8 / 9 و 17 و 68 و 164، ومعجم الادباء: 14 / 68.
(2) " تاريخ بغداد ": 12 / 14، و " المنتظم ": 6 / 351، وقد أراده الراضي بالله بن المقتدر على الوزارة، فامتنع لكبره وعجزه وضعفه " الكامل " 8 / 282.
وانظر وزراء القاهر في الفخري: 244، و " الكامل ": 8 / 244 وما بعدها.
(*)

(15/298)


حدث عنه ولده عيسى، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الطاهر الذهلي، وغيرهم.
كان على الحقيقة غنيا شاكرا، ينطوي على دين متين وعلم وفضل.
وكان صبورا على المحن.
ولله به عناية، وهو القائل يعزي ولدي القاضي عمر بن أبي عمر القاضي في أبيهما: مصيبة قد وجب أجرها خير من نعمة لا يؤدى شكرها (1).
- وكان رحمه الله - كثير الصدقات والصلوات، مجلسه موفور بالعلماء.
صنف كتابا في الدعاء، وكتاب " معاني القران " أعانه عليه ابن مجاهد المقرئ، وآخر.
وله ديوان رسائله (2).
وكان من بلغاء زمانه.
وزر في سنة إحدى وثلاث مئة أربعة أعوام.
وعزل ثم وزر سنة خمس عشرة (3).
قال الصولي: لا أعلم أنه وزر لبني العباس مثله في عفته وزهده وحفظه للقرآن، وعلمه بمعانيه، وكان يصوم نهاره، ويقوم ليله، وما رأيت أعرف بالشعر منه، وكان يجلس للمظالم، وينصف الناس، ولم يروا أعف بطنا ولسانا وفرجا منه، ولما عزل ثانيا، لم يقنع ابن الفرات حتى أخرجه عن بغداد، فجاور بمكة (4).
وله في نكبته:
__________
(1) " معجم الادباء ": 14 / 73.
(2) انظر " الفهرست ": 186، و " معجم الادباء ": 14 / 68.
(3) انظر " الكامل ": 8 / 68، و 163.
(4) " معجم الادباء ": 14 / 69.
(*)

(15/299)


ومن يك عني سائلا لشماتة * لما نابني أو شامتا غير سائل فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة * صبورا على أحوال (1) تلك الزلازل إذا سر لم يبطر وليس لنكبة * إذا نزلت بالخاشع المتضائل (2) وقد أشار على المقتدر، فأفلح، فوقف ما مغله في العام تسعون ألف دينار على الحرمين والثغور، وأفرد لهذه الوقوف ديوانا سماه ديوان البر (3).
قال المحدث أبو سهل القطان (4): كنت معه لما نفي بمكة [ فدخلنا في حر شديد وقد كدنا نتلف ]، فطاف يوما، وجاء فرمى بنفسه، وقال: أشتهي على الله شربة ماء مثلوج.
قال: فنشأت بعد ساعة سحابة ورعدت، وجاء برد كثير جمع منه الغلمان جرارا.
وكان الوزير صائما، فلما كان
الافطار جئته بأقداح من أصناف الاسوقة فأقبل يسقي المجاورين، ثم شرب وحمد الله، وقال: ليتني تمنيت المغفرة (5).
وكان الوزير متواضعا، قال: ما لبست ثوبا بأزيد من سبعة دنانير (6).
قال أحمد بن كامل القاضي: سمعت علي بن عيسى الوزير، يقول: كسبت سبع مئة ألف دينار.
أخرجت منها في وجوه البر ست مئة ألف وثمانين ألفا (7).
قلت: وقع لي من عواليه في أمالي ولده.
__________
(1) في " معجم الادباء ": أهوال.
(2) انظر " معجم الادباء ": 14 / 70.
(3) المصدر السابق.
(4) ستأتي ترجمته رقم / 299 / من هذا الجزء.
(5) " تاريخ بغداد ": 12 / 14 - 15، وما بين حاصرتين منه.
(6) " تاريخ بغداد ": 12 / 16.
(7) " تاريخ بغداد ": 12 / 16.
(*)

(15/300)


توفي في آخر سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
وله تسعون سنة.

141 - المطيري * الامام المحدث، أبو بكر، محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد، المطيري ثم البغدادي الصيرفي، من أهل مطيرة سامراء.
نزل بغداد، وحدث عن: الحسن بن عرفة، وعلي بن حرب الطائي، وعباس الدوري، وابن عفان العامري.
حدث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن جميع، وأبو الحسن
ابن الصلت، وآخرون.
قال الدار قطني: هو ثقة مأمون (1).
قلت: توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وقد لا طخ التسعين.

142 - الصولي * * العلامة الاديب ذو الفنون، أبو بكر، محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول، الصولي البغدادي، صاحب التصانيف.
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 145 - 146، الانساب: 534 ب، المنتظم: 6 / 355، العبر: 2 / 241، شذرات الذهب: 2 / 339.
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 145.
* * معجم الشعراء: 431، الفهرست: 215 - 216، تاريخ بغداد: 3 / 427 - 432، الانساب: 8 / 110 - 111، نزهة الالباء: 188 - 190، المنتظم: 6 / 359 - 361، معجم الادباء: 19 / 109 - 111، إنباه الرواة: 3 / 233 - 236، وفيات الاعيان: 4 / 356 - 361، العبر: 2 / 241 - 242، الوافي بالوفيات: 5 / 190 - 192، مرآة الجنان: 2 / 319 - 325، البداية والنهاية: 11 / 219 - 220، لسان الميزان: 5 / 427 - 428، النجوم الزاهرة: 3 / 296، شذرات الذهب: 2 / 339 - 342.
(*)

(15/301)


حدث عن: أبي داود السجستاني، ومحمد بن يونس الكديمي، وثعلب، والمبرد، وأبي العيناء، وخلق.
روى عنه: ابن حيويه، وأبو بكر بن شاذان، والدارقطني، وأبو الحسن بن الجندي، وعلي بن القاسم، وابن جميع، وأبو أحمد الفرضي، والحسين الغضائري، وعدة.
وله النظم والنثر وكثرة الاطلاع.
نادم جماعة من الخلفاء وكان حلو الايراد، مقبول القول، حسن
المعتقد، خرج عن بغداد لاضافة لحقته بأخرة، وله جزء سمعناه، وكان جدهم صول ملك جرجان (1).
توفي الصولي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
فذكر محمد بن إسحاق النديم أن الصولي نادم الراضي، وكان أولا يعلمه، وكان ألعب أهل زمانه بالشطرنج، ويضرب به المثل (2).
توفي بالبصرة مستترا، لانه روى خبرا في [ حق ] علي عليه السلام، فطلبته العامة لتقتله (3).
والصولي الكبير إبراهيم بن العباس الاديب (4) هو أخو عبد الله جد أبي بكر هذا.
وفيها توفي أبو العباس بن القاض شيخ الشافعية، ومحمد بن جعفر
__________
(1) أسلم والتحق بيزيد بن المهلب بن أبي صفرة، وقد قتله مسلمة بن عبدالملك يوم العقر مع يزيد، وذلك سنة / 102 / ه انظر " تاريخ جرجان ": 194، و " الكامل ": 5 / 79 - 89.
(2) " الفهرست ": 215.
(3) " وفيات الاعيان ": 4 / 360، وما بين حاصرتين منه.
(4) له ترجمة في " الاغاني ": 10 / 43 - 68.
(*)

(15/302)


المطيري، وأبو بكر بن أبي هريرة، وحمزة بن القاسم الهاشمي، وعلي بن محمد بن مهرويه القزويني، ومحمد بن عمر بن حفص السمسار الزاهد.

143 - الاثرم * الامام المقرئ المحدث، أبو العباس، محمد بن أحمد بن أحمد بن حماد بن إبراهيم، البغدادي الاثرم (1)، هكذا نسبه جماعة.
سمع الحسن بن عرفة، وحميد بن الربيع، وبشر بن مطر، وعلي بن حرب، والعباس بن عبد الله الترقفي وطائفة.
وانتخب عليه عمر البصري الحافط.
حدث عنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأبو حفص الكتاني، وابن جميع، والحسن بن علي النيسابوري، وعلي بن القاسم النجاد، وأبو عمر الهاشمي، وطائفة.
سكن البصرة، وحملوا عنه.
مولده بسامراء سنة أربعين ومئتين، ومات بالبصرة سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وقع لي حديثه في " معجم " الصيداوي.
أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة إذنا، قالوا: أخبرنا أبو اليمن
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 263 - 265، الانساب: 1 / 134 - 135، المنتظم: 6 / 359، العبر: 2 / 243، الوافي بالوفيات: 2 / 40، مرآة الجنان: 2 / 325، شذرات الذهب: 2 / 343.
(1) بفتح الالف، وسكون الثاء المثلثة، وفتح الراء، وفي آخرها الميم، هذه النسبة لمن كانت سنه مفتتة.
" الانساب ": 1 / 134.
(*)

(15/303)


الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو عمر الهاشمي، حدثنا أبو العباس الاثرم سنة ثلاثين وثلاث مئة، حدثنا أحمد ابن يحيى السوسي، حدثنا علي بن عاصم، عن خالد وهاشم، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تلقوا الجلب، من تلقى جلبا، فصاحبه بالخيار إذا دخل السوق " (1).
فيها (2) مات المعمر أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني النيسابوري راوي جزء الذهلي عنه، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي الكاتب.
لقي زكريا المروزي، وأبو عمرو زيد بن محمد بن خلف المصري صاحب يونس بن عبدالاعلى، حاجب بن أحمد الطوسي، ومحمد بن الحسن أبو طاهر المحمد اباذي، وأبو الحسين ابن المنادي.

144 - المحمد اباذي * الامام العلامة المفسر، مسند خراسان، أبو طاهر، محمد بن الحسن ابن محمد، النيسابوري المحمد اباذي (3) الاديب.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1519) (17) والنسائي 7 / 257، وابن ماجة (2178) من طرق، عن ابن جريج حدثني هشام بن حسان القردوسي عن ابن سيرين بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 2 / 403، والترمذي (1221) من طريقين عن عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن ابن سيرين به، وأخرجه أحمد 2 / 284 من طريق معمر عن أيوب به.
(2) أي سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
* الانساب: 512 آ، العبر: 2 / 243 - 244، الوافي بالوفيات: 2 / 373، مرآة الجنان: 2 / 325، شذرات الذهب: 2 / 343.
(3) بضم الميم الاولى، وفتح الثانية، بينهما الحاء المهملة، وبعدها الدال المهملة، ثم الباء المنقوطة بواحدة بين الالفين، وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى محمد اباذ، وهي محلة خارج نيسابور.
" الانساب ": 512 آ.
وستأتي ترجمته مكررة برقم / 165 / من هذا الجزء.
(*)

(15/304)


سمع أحمد بن يوسف السلمي، وعلي بن الحسن الهلالي، وحامد بن محمود وطائفة.
وفي رحلته من يحيى بن جعفر، وعباس الدوري، ومحمد
ابن إسحاق الصغاني، وكان واسع الرواية.
حدث عنه: أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وأبو علي الحافظ، وعبد الله بن سعد، وابن مندة، وابن محمش، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وآخرون.
قال أبو عبد الله الحاكم: اختلفت إليه أكثر من سنة، ولم أصل إلى حرف من سماعاتي منه.
وقد سمعت منه الكثير (1).
وسمعت أبا النضر الفقيه، يقول: كان الامام ابن خزيمة إذا شك في اللغة لا يرجع فيها إلا إلى أبي طاهر المحمد اباذي (2).
قلت: توفي سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وقد نيف على التسعين.
وكان من أعيان الثقات العالمين بمعاني التنزيل، وبالادب.
يقع حديثه في " الثقفيات " (3)، وغيرها.

145 - الفراء * الامام، مفيد همذان، أبوعمران، موسى بن سعيد بن موسى، الهمذاني.
__________
(1) " الانساب ": 512 آ.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 13 / 59.
(*)

(15/305)


روى عن: محمد بن إسماعيل الصائغ، وبشير بن موسى، ويحيى ابن عبد الله الكرابيسي، وابن الضريس، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن صالح الاشج وطبقتهم.
وعنه: صالح بن أحمد، وعبد الله بن أبي زرعة القزويني، وعدة.
قال صالح: ثقة صدوق متقن، يحسن هذا الشأن.
وقال الخليلي: ثقة عالم.
وما ورخا موته.

146 - ابن ممك * الامام العالم أبو عمرو، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، المديني الاصبهاني، ويعرف بابن ممك، محدث رحال صدوق.
سمع بالري من: محمد بن مسلم بن وارة، وأبي حاتم الرازي، وببغداد من: يحيى بن أبي طالب، وجماعة، وبطرابلس من: أحمد بن أبي الخناجر، وبحلب من أبي أسامة عبد الله.
حدث عنه: أبو الشيخ، وأبو عبد الله بن مندة، وعلي بن ميلة الفرضي، وعبد الله بن أحمد بن جولة، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، وآخرون.
وكان عالما أديبا فاضلا، حسن المعرفة بالحديث (1).
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 122، تاريخ ابن عساكر: 2 / 51 ب، العبر: 2 / 229 - 230، 233 - 234.
(1) " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 122.
(*)

(15/306)


توفي في جمادي الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة بأصبهان.
وقل ما روى عن أهل بلده.

147 - اللؤلؤي * الامام المحدث الصدوق، أبو علي، محمد بن أحمد بن عمرو، البصري اللؤلؤي.
سمع من: أبي داود السجستاني، ويوسف بن يعقوب القلوسي والحسن بن علي بن بحر، والقاسم بن نصر، وعلي بن عبدالحميد القزويني.
حدث عنه: الحسن بن علي الجبلي، والقاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، وأبو الحسين الفسوي، ومحمد بن أحمد بن جميع، وجماعة.
قال أبو عمر الهاشمي: كان أبو علي اللؤلؤي، قد قرأ " كتاب السنن " على أبي داود عشرين سنة، وكان يدعى وراق أبي داود.
والوراق في لغة أهل البصرة: القارئ للناس.
قال: والزيادات التي في رواية ابن داسة (1)، حذفها أبو داود آخرا لامر رابه في الاسناد.
وبإسنادي المذكور إلى ابن جميع، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي، حدثنا أبو الهيثم بشر بن فافا، حدثنا أبو نعيم، حدثنا شعبة عن
__________
* الانساب: 496 / ب، العبر: 2 / 234، الوافي بالوفيات: 2 / 39، مرآة الجنان: 2 / 312، شذرات الذهب: 2 / 334.
(1) ستأتي ترجمة ابن داسة رقم / 317 / من هذا الجزء.
(*)

(15/307)


مروان الاصغر، قلت لانس: أقنت عمر ؟ قال: خير من عمر (1).
توفي اللؤلؤي سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وفيها توفي الشيخ الثقة أبو عيسى يعقوب بن محمد بن عبد الوهاب الدوري، يروي عن ابن عرفة، والخليفة المتقي لله، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم ابن حكيم بأصبهان، وأحمد بن مسعود بن عمرو الزنبري بمصر، وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل الدمشقي.

148 - التنيسي * الامام الثقة المعمر، أبو محمد، بكر بن أحمد بن حفص، التنيسي الشعراني.
__________
(1) وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من القنوت هنا قوت النوازل، ففي البخاري 11 / 163، ومسلم (677) من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية يقال لهم: القراء، فأصيبوا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وجد على شئ ما وجد عليهم، فقنت شهرا في صلاة الفجر، ويقول: " إن عصية عصوا الله ورسوله " وفي البخاري 2 / 409، 410، ومسلم (675) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم أشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله " وقال الحافظ ابن حجر في " الدراية " ص 117: فيؤخذ من الاخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا في النوازل، وقد جاء ذلك صريحا، فعند ابن حبان عن أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم أو على قوم، وعند ابن خزيمة عن أنس مثله، وإسناد كل منهما صحيح، وحديث أبي هريرة في " الصحيحين " بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد، أو لاحد قنت بعد الركوع حتى أنزل الله (ليس لك من الأمر شئ) وأخرج ابن أبي شيبة حديث علي: أنه لما قنت في الصبح، أنكر الناس عليه ذلك، فقال: إنما استنصرنا على عدونا.
* تاريخ ابن عساكر: 3 / 209 آ - 209 ب، العبر: 2 / 225، شذرات الذهب: 2 / 329، تهذيب ابن عساكر: 3 / 285.
(*)

(15/308)


سمع يونس بن عبدالاعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ومحمد بن عوف الطائي، وعمران بن بكار، ويزيد بن عبد الصمد، وأحمد
ابن محمد بن عيسى الحمصي المؤرخ، وجماعة.
وله رحلة ومعرفة.
حدث عنه: أبو سعيد بن يونس - وقال: كان ثقة، حسن الحديث - والميمون بن حمزة الحسيني، ومحمد بن موسى السمسار، وأبو علي بن السكن، ومحمد بن المظفر، وأحمد بن عبد الله بن حميد، وأحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي، وآخرون.
وكان يقدم من تنيس إلى مصر في الاحايين.
قال ابن يونس: مات في ربيع الاول سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين يقع حديثه في الاجزاء.

149 - حفيد دحيم * القاضي أبو علي، الحسن بن القاسم بن الحافظ دحيم (1) عبد الرحمن بن إبراهيم، الدمشقي.
حدث عن: أبي أمية الطرسوسي، والعباس بن الوليد البيروتي، وأبي زرعة النصري وجماعة.
__________
* تاريخ ابن عساكر 4 / 290 آ - 291 آ، الوافي بالوفيات: 12 / 203، البداية والنهاية: 11 / 190، تهذيب ابن عساكر: 4 / 239.
(1) انظر ترجمة الحافظ دحيم عبدالرحمن بن إبراهيم في " تاريخ بغداد ": 10 / 265 - 267، و " تذكرة الحفاظ ": 2 / 480.
(*)

(15/309)


وعنه: أبو الميمون بن راشد، وابن المقرئ، وابن المظفر، ومحمد بن موسى السمسار، وآخرون.
وكان أخباريا، وافر العلم.
مات في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاث مئة في عشر التسعين،
ورخه ابن يونس.

150 - ابن هلال * الشيخ الجليل، مسند دمشق، أبو الفضل، أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي الدمشقي.
سمع أباه، وموسى بن عامر المري، ومؤمل بن إهاب (1)، ومحمد ابن إسماعيل بن علية، والحافظ أبا إسحاق الجوزجاني، ووريزة (1) بن محمد الحمصي، وجماعة.
حدث عنه: أبو الحسين الرازي والد تمام، وأبو حفص بن شاهين، ومحمد بن علي الاسفراييني الحافظ، وعمران بن الحسن، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وآخرون.
أرخ الرازي وفاته في جمادى الاولى سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
عاش نيفا وتسعين سنة.
كتب إلي أبو الغنائم القيسي، عن القاسم بن علي، أخبرنا نصر بن
__________
* العبر: 2 / 237، شذرات الذهب: 2 / 335.
(1) في الاصل: " زيره " وهو تصحيف وانظر الخلاف في ضبطه في " المشتبه " و " التبصير " و " التوضيح " 3 / الورقة 88.
(*)

(15/310)


أحمد بن مقاتل، أخبرنا جدي، أخبرنا أبو علي الاهوازي، أخبرنا عمران ابن الحسن، حدثنا أبو الفضل السلمي، حدثنا جعفر بن محمد بن حماد، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا موسى بن علي، عن أبيه، أن أعمى كان له قائد بصير، فغفل البصير، فوقعا في بئر، فمات البصير، وسلم الاعمى.
فجعل عمر رضي الله عنه ديته على عاقلة (1) الاعمى، فسمعته
يقول في الحج: يا أيها الناس لقيت منكرا * هل يعقل (2) الاعمى الصحيح المبصرا خرا معا كلاهما تكسرا (3)
151 - اللنباني * الامام المحدث، أبو الحسن (4)، أحمد بن محمد بن عمر بن أبان العبدي الاصبهاني اللنباني (5).
ارتحل، فسمع كثيرا من ابن أبي الدنيا، وسمع " المسند " كله من ابن الامام أحمد.
__________
(1) عاقلة الرجل: عصبته، وهم القرابة من قبل الاب، الذين يعطون دية من قتل خطأ.
(2) عقل القتيل: أعطى ديته.
(3) إسناده على انقطاعه ضعيف، عبد الله بن صالح هو المصري كاتب الليث سئ الحفظ.
* الانساب: 495 ب، طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 178.
ذكر أخبار أصبهان: 1 / 137.
(4) في " الانساب ": أبو بكر، وهو خطأ.
(5) بضم اللام، وسكون النون، وفتح الباء المنقوطة بواحدة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان " الانساب ": 495 ب.
(*)

(15/311)


روى عنه: الحسن بن محمد بن أريوه، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عمر، وعبد الوهاب السلمي، وآخرون.
توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.

152 - ابن شيبة * المعمر الصدوق، أبو بكر، محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، السدوسي البغدادي.
سمع كثيرا من جده يعقوب الحافظ، وعلي بن حرب، ومحمد بن شجاع بن الثلجي (1) وعبيد الله بن جرير بن جبلة، وأحمد بن منصور الرمادي.
وعنه: عبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ، وطلحة الشاهد، وعبد الرحمن بن عمر الخلال، وأبو عمر بن مهدي، وآخرون.
وثقه أبو بكر الخطيب (2).
وقال (3): أخبرنا البرقاني، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر، عن محمد ابن أحمد، قال: سمعت المسند (4) من جدي في سنة ستين ومئتين، وسنة إحدى [ وستين ] بسامراء.
[ وتوفي في ربيع الاول سنة اثنتين وستين ] فسمع
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 373 - 375، الانساب: 7 / 59 - 60، المنتظم: 6 / 333 - 334، العبر: 2 / 225 - 226، الوافي بالوفيات: 2 / 39، البداية والنهاية: 11 / 206 - 207، شذرات الذهب: 2 / 329.
(1) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد ": 10 / 325 - 326.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 373.
(3) أي الخطيب.
(4) مسند يعقوب بن شيبة، قال عنه الذهبي في " تذكرة الحفاظ ": 2 / 577 " ما صنف مسند أحسن منه، ولكنه لم يتمه ".
(*)

(15/312)


أبو مسلم الكجي من جدي، وفاته شئ، فسمع ذلك أبو مسلم مني، ومات جدي وهو يقرأ علي (1).
فالذي سمعت منه مسند العشرة (2)، ومسند
العباس (3) وبعض الموالي ولي دون العشر [ سنين ].
ولدت في أول سنة أربع وخمسين [ ومئتين ] (4).
وقال أبو سعد السمعاني في " الانساب ": قال أبو بكر السدوسي: ولما ولدت، دخل أبي على أمي، فقال: إن المنجمين قد أخذوا مولد هذا الصبي، [ وحسبوه ] فإذا هو يعيش كذا وكذا.
وقد حسبتها أياما، وقد عزمت أن أعد لكل يوم دينار.
فأعد لي حبا (5) وملاه، ثم قال: أعدي لي حبا آخر، فملاه، استظهارا، ثم ملا ثالثا ودفنهم.
قال أبو بكر: وما نفعني ذلك مع حوادث الزمان وقد احتجت إلى ما ترون.
قال أبو بكر بن السقطي: رأيناه فقيرا يجيئنا بلا إزار، ونسمع عليه، ويبر بالشئ بعد الشئ (6).
قلت: عندي من روايته الاول من مسند عمار رضي الله عنه.
توفي في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة وله ثمان وسبعون سنة.
__________
(1) ترجمة يعقوب بن شيبة في " تاريخ بغداد ": 14 / 281 - 283، و " تذكرة الحفاظ ": 2 / 577 - 578.
(2) يعني: العشرة المبشرين بالجنة.
(3) في الاصل: ابن عباس.
وما اثبتناه من " تاريخ بغداد ": 14 / 281، 1 / 374.
(4) " تاريخ بغداد ": 1 / 374، وما بين حاصرتين منه.
(5) في " الانساب ".
جبا، وهو تصحيف.
والحب: بالضم، الجرة، أو الضخمة منها.
(6) انظر " الانساب ": 7 / 60، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/313)


153 - العكري * المحدث أبو بكر، محمد بن بشر بن بطريق، الزبيري العكري المصري.
حدث عن: بحر بن نصر الخولاني، والربيع المرادي، وابن عبد الحكم، وبكار بن قتيبة، وأبي أمية الطرسوسي، وإبراهيم بن مرزوق، وخلق.
وأملى بجامع الفسطاط.
روى عنه: ابن المقرئ، ومحمد بن المظفر، وأبو محمد بن النحاس، وأبو بكر بن أبي الحديد، والعباس بن محمد الفقيه، وآخرون.
ومولده بسامراء في سنة ثمان وأربعين ومئتين وسكن مصر من صباه.
قال ابن يونس: هو مولى عتيق بن مسلمة بن عتيق بن عامر بن عبد الله ابن الزبير بن العوام.
مات في شوال سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وقد ضبطه ابن نقطة الزنبري بنون ساكنة فوهم.
وقد قال ابن يونس: قال لي من يعرف بطريق: طبيب رومي أسلم على يد عتيق بن مسلمة.
قلت: قيده بنون جماعة.
فلعله زنبري بالحلف أو نزل فيهم (1).
وقد وقع لي من عواليه أحاديث في خامس عشر الخلعيات (2).
__________
* تبصير المنتبه: 2 / 656، لسان الميزان: 5 / 93 - 94، حسن المحاضرة: 1 / 226.
(1) انظر " تبصير المنتبه ": 2 / 656 وقال: الزنبري في قضاعة وفي طي.
(2) الاجزاء الخلعيات: وهي عشرون جزءا للقاضي أبي الحسن بن الحسن بن الحسين = (*)

(15/314)


154 - ابن زبر * الامام العالم المحدث الفقيه، قاضي دمشق، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن زبر الربعي البغدادي.
ولد سنة خمس وخمسين ومئتين.
وسمع الكثير من: عباس الدوري، وأبي بكر الصاغاني، وأبي داود السجزي، وحنبل بن إسحاق، ويوسف بن مسلم، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وطبقتهم فأكثر، ولكن ما أتقن.
حدث عنه: أبو سليمان محمد ولده، والدارقطني، وأحمد بن القاضي الميانجي، وعمر بن شاهين، ومحمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، وآخرون.
قال الخطيب: وكان غير ثقة (1).
قال عبد الغني: سمعت الدارقطني، يقول: دخلت على أبي محمد ابن زبر وأنا حدث، فإذا هو يملي الحديث من جزء، والمتن من جزء آخر.
فظن أني لا أنتبه على هذا (2).
وقال محمد بن عبيد الله المسبحي: تقلد ابن زبر - وكان من سكان
__________
= المعروف بالخلعي - كان يبيع الخلع لاولاد الملوك بمصر - توفي سنة / 492 / وقد جمعها له أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي، وخرجها عنه، وسماها: الخلعيات.
" الرسالة المستطرفة ": 91 - 92.
* تاريخ بغداد: 9 / 386 - 387، تاريخ ابن عساكر: 8 / 506 آ - 508 آ، العبر: 2 / 217، ميزان الاعتدال: 2 / 391، لسان الميزان: 3 / 253 - 254، شذرات الذهب: 2 / 323، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 7 / 281 - 283.
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 387.
(2) " تاريخ بغداد ": 9 / 387.
(*)

(15/315)


دمشق - القضاء على مصر، وكان شيخا ضابطا من الدهاة، ممشيا لاموره، وكان عارفا بالاخبار والكتب والسير.
صنف في الحديث كتبا، وعمل كتاب " تشريف الفقر على الغنى ".
وورد أن يحيى بن مكي المعدل، قال: لو كان أبو محمد بن زبر عادلا ما عدلت به قاضيا (1).
وقال أبو عمر محمد بن يوسف الكندي: أخبرني علي بن محمد المصري، أنه رأى ابن زبر مر بدمشق على الاساكفة، فشغبوا، ودقوا على تخوتهم قائلين كلاما قبيحا، وهو يسلم عليهم، ويتطارش ويظهر أنهم يدعون له (2).
قلت: ولي قضاء مصر سنة ست عشرة وثلاث مئة، وعزل بعد سنة، ثم وليها سنة عشرين، ثم عزل، ووليها سنة تسع وعشرين.
فمات بعد شهر.
مات فيها في ربيع الاول.

155 - حبشون (3) * ابن موسى بن أيوب الشيخ، أبو نصر البغدادي الخلال (4).
سمع من: الحسن بن عرفة، وعلي بن إشكاب، وعلي بن سعيد
__________
(1) " لسان الميزان ": 3 / 253.
(2) القضاة للكندي.
* تاريخ بغداد: 8 / 289 - 291، المنتظم: 6 / 331 - 332، العبر: 2 / 225، شذرات الذهب: 2 / 329.
(3) في الاصل بضم الحاء، وما أثبتناه هو المعتمد كما في " الاكمال " و " المشتبه " و
" التبصير ".
(4) بفتح الخاء المعجمة، وتشديد اللام ألف.
هذه النسبة إلى عمل الخل أو بيعه.
" الانساب ": 5 / 217.
(*)

(15/316)


الرملي، وحنبل بن إسحاق وغيرهم.
حدث عنه: أبو بكر بن شاذان، وعمر بن شاهين، وأبو الحسن الدارقطني، وأحمد بن الفرج بن الحجاج، وابن جميع الصيداوي، وآخرون.
وكان أحد الثقات (1).
توفي في شعبان سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
وله سبع وتسعون (2) سنة.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا ابن الحرستاني، أخبرنا ابن المسلم، أخبرنا أبو نصر الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا حبشون ابن موسى، حدثنا علي بن سعيد، حدثنا ضمرة، عن العلاء بن هارون، عن ابن عون، عن حفصة بنت سيرين، عن أم الرباب، عن سلمان بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: " صدقتك على المسكين صدقة، وصدقتك على ذي الرحم صدقة وصلة " (3).

156 - حسين بن صالح * ابن حمويه، الامام الحافظ القدوة أبو عبد الله الهمذاني.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 290.
(2) في الاصل: تسعين.
(3) وأخرجه أحمد 4 / 17 و 18 و 214، وأبو عبيد (915) و (916) والدارمي 1 /
397، والبيهقي 7 / 27، والنسائي 5 / 92 من طرق، عن ابن عون بهذا الاسناد، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (833) والحاكم 1 / 407، ووافقه الذهبي مع أن الرباب لم يوثقها غير ابن حبان، ولم يرو عنها غير حفصة بنت سيرين، وللحديث شاهد من حديث زينب عند البخاري (1466) ومسلم (1000) يتقوى به.
* لم أقف على مصادر ترجمته.
(*)

(15/317)


حدث عن: عمه المرار (1)، وأبي سعيد الاشج، ومحمد بن المقرئ، وأحمد بن بديل، وأبي زرعة، وخلق، وتلمذ لابن ديزيل الحافظ، وقال: عندي عنه مئة ألف حديث.
قال صالح بن أحمد: كتب عنه أبي الكثير، ولحقته.
وروى عنه الكبار من أهل بلدنا، وكان ثقة فاضلا ورعا.
قال أبي: سمعته، يقول: ما صبرت على شئ كصبري على الحديث.
قلت: هو قديم الوفاة.
توفي قبل ابن أبي حاتم (2).

157 - القطان * الشيخ العالم الصالح، مسند خراسان، أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل، النيسابوري القطان.
سمع أحمد بن الازهر، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن يوسف، وأبا زرعة الرازي، وأحمد بن منصور زاج، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وأبو علي الحافظ، وأبو
__________
(1) هو المرار بن حمويه، الثقفي، أبو أحمد الهمذاني، حافظ ثقة، فقيه، مات سنة /
254 / ه انظر " تهذيب التهذيب ": 10 / 80.
(2) توفي الحافظ الكبير ابن أبي حاتم سنة / 237 / ه.
انظر ترجمته في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 829 - 832.
* الانساب: 10 / 185 - 186، العبر: 2 / 231، الوافي بالوفيات: 2 / 372، شذرات الذهب: 2 / 332.
(*)

(15/318)


عبد الله بن مندة، ومحمد بن الحسين العلوي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبو طاهر بن محمش، وآخرون.
قال أبو عبد الله الحاكم: أحضروني مجلسه غير مرة، ولم يصح لي عنه شئ (1).
توفي في شوال سنة اثنتين وثلاثين وثلاث سنة.
قلت: أحسبه جاور، وسماعه صحيح، كثير في " الثقفيات " (2).

158 - القطان * الشيخ المحدث الثقة، مسند بغداد، أبو عبد الله الحسين بن يحيى ابن عياش بن عيسى، المتوثي (3) البغدادي القطان الاعور.
ولد سنة تسع وثلاثين ومئتين.
سمع أحمد بن المقدام العجلي، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن مجشر، والحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن يحيى القطان، ويحيى بن السري، وحفص بن عمرو الربالي، وعلي بن مسلم الطوسي والرمادي والترقفي، وعبد الله بن أيوب المخرمي، وإسماعيل بن أبي الحارث، وزهير بن محمد، والحسن بن أبي الربيع، علي بن إشكاب، وعدة.
__________
(1) " الانساب ": 10 / 186.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 8 / 148، العبر: 2 / 237، شذرات الذهب: 2 / 335.
(3) بفتح الميم، وضم التاء المشددة، وفي آخرها الثاء المثلثة، هذه النسبة إلى متوث وهي بليدة بين قرقوب - من أعمال كسكر - وكور الاهواز.
" الانساب ": 506 ب - 507 آ.
(*)

(15/319)


حدث عنه: الدارقطني، ويوسف القواس، وابن جميع، وإبراهيم ابن مخلد، وهلال الحفار، وأبو عمر الهاشمي، وجماعة.
وثقه القواس (1).
وكان صاحب حديث.
مات ببغداد في جمادي الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
وجميع جزء الحفار عنه.

159 - القرمطي * عدو الله ملك البحرين، أبو طاهر، سليمان بن حسن، القرمطي (2) الجنابي (3)، الاعرابي الزنديق.
الذي سار إلى مكة في سبع مئة فارس.
فاستباح الحجيج كلهم في الحرم، واقتلع الحجر الاسود، وردم زمزم بالقتلى، وصعد على عتبة الكعبة، يصيح: أنا بالله وبالله أنا * يخلق الخلق وأفنيهم أنا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 148.
* تاريخ أخبار القرامطة: 36، وما بعدها، المنتظم: 6 / 336، الكامل: 8 / 143، وما بعدها، وفيات الاعيان: 2 / 148 - 150، العبر: 2 / 167 - 168، الوافي بالوفيات: 15 / 363 - 366، مرآة الجنان: 2 / 271 - 273، البداية والنهاية: 11 / 208 - 209،
تاريخ ابن خلدون: 3 / 377 - 379، النجوم الزاهرة: 3 / 224، 281، شذرات الذهب: 2 / 331 - 332.
(2) نسبة إلى حمدان قرمط، وهو أول من نشر مذهب القرامطة.
انظر " الانساب ": 10 / 108.
(3) هذه النسبة إلى جناية، وهي بلدة من أعمال فارس متصلة بالبحرين عند سيراف، والقرامطة منها، فنسبوا إليها.
انظر " وفيات الاعيان ": 2 / 150.
(*)

(15/320)


فقتل في سكك مكة وما حولها زهاء ثلاثين ألفا، وسبى الذرية، وأقام بالحرم ستة أيام.
بذل السيف في سابع ذي الحجة، ولم يعرف (1) أحد تلك السنة (2)، فلله الامر.
وقتل أمير مكة ابن محارب، وعرى البيت، وأخذ بابه، ورجع إلى بلاد هجر (3).
وقيل: دخل قرمطي سكران على فرس، فصفر له، فبال عند البيت، وضرب الحجر بدبوس هشمه ثم اقتلعه.
وأقاموا بمكة أحد عشر يوما.
وبقي الحجر الاسود عندهم نيفا وعشرين سنة (4).
ويقال: هلك تحته إلى هجر أربعون جملا، فلما أعيد كان على قعود (5) ضعيف، فسمن.
وكان بجكم التركي (6) دفع لهم فيه خمسين ألف دينار، فأبوا، وقالوا: أخذناه بأمر، وما نرده إلا بأمر (7).
وقيل: إن الذي اقتعله صاح: يا حمير، أنتم قلتم (ومن دخله كان
__________
(1) لم يقف أحد على جبل عرفة.
(2) سنة / 317 / ه.
(3) إحدى بلاد الاحساء انظر " وفيات الاعيان ": 2 / 150 وانظر " المنتظم ": 6 / 323.
(4) " المنتظم ": 6 / 323.
(5) البعير من الابل، وهو البكر الفتي.
(6) أمير الامراء في بغداد زمن الراضي بالله والمتقي.
كان داهية، شجاعا، قتله الاكراد سنة / 329 / ه.
انظر ما كتبه عنه الصولي في " أخبار الراضي والمتقي ": 193 - 197 وانظر " المنتظم ": 6 / 320 - 322.
(7) " المنتظم ": 6 / 367.
(*)

(15/321)


آمنا) (1) فأين الامن ؟ قال رجل: فاستسلمت، وقلت: إن الله أراد: ومن دخله فأمنوه، فلوى فرسه وما كلمني (2).
وقد وهم السمناني (3)، فقال في " تاريخه ": إن الذي نزع الحجر أبو سعيد الجنابي القرمطي، وإنما هو ابنه أبو طاهر.
واتفق أن ابن أبي الساج الامير نزل بأبي سعيد الجنابي (4) فأكرمه، فلما سار لحربه، بعث يقول: لك علي حق، وأنت في خمس مئة وأنا في ثلاثين ألفا.
فانصرف، فقال للرسول: كم مع صاحبك ؟ قال: ثلاثون ألف راكب، قال: ولا ثلاثة، ثم دعا بعبد أسود، فقال له: خرق بطنك بهذه السكين، فبدد مصارينه.
وقال لآخر: اغرق في النهر، ففعل، وقال لآخر: اصعد على هذا الحائط، وانزل على مخك، فهلك.
فقال للرسول: إن كان معه مثل هؤلاء، وإلا فما معه أحد.
ونقل القيلوي في الحجر الاسود لما قيل: من يعرفه ؟ فقال ابن عليم المحدث: إنه يشوف (5) على الماء، وإن النار لا تسخنه، ففعل به ذلك،
فقبله ابن عليم.
وتعجب الجنابي، ولم يصح هذا.
وقيل صعد قرمطي لقلع الميزاب، فسقط، فمات (6).
وكان ذلك * (1 هامش) * (1) آل عمران: 97.
(2) " المنتظم ": 6 / 223.
(3) هو علي بن محمد بن أحمد، أبو القاسم، كان من فقهاء الحنفية له تصانيف في الفقه والتاريخ.
توفي سنة / 499 / ه.
(4) هكذا في الاصل، وهو والد أبي طاهر، وقد قتل سنة / 301 / ه، ولعل ورود اسمه هنا سبق قلم، فابن أبي الساج - واسمه يوسف - سار لحرب أبي طاهر / 315 / ه.
انظر " الكامل ": 8 / 170 - 175.
(5) هكذا الاصل: يريد أنه يستقر على سطح الماء، ولا يغرق، وفي " آثار البلاد وأخبار العباد ": يطفو وهو الوجه.
(6) " المنتظم ": 6 / 223.
(*)

(15/322)


سنة سبع عشرة (1)، وكان أمير العراقين منصور الديلمي، وجافت (2) مكة بالقتلى.
قال المراغي: حدثنا أبو عبد الله بن محرم، وكان رسول المقتدر إلى القرمطي، قال: سألته بعد مناظرات عن استحلاله بما فعل بمكة، فأحضر الحجر في الديباج، فلما أبرز كبرت، وأريتهم من تعظيمه والتبرك به على حالة كبيرة، وافتتنت القرامطة بأبي طاهر، وكان أبوه قد أطلعه وحده على كنوز دفنها.
فلما تملك، كان يقول: هنا كنز فيحفرون، فإذا هم بالمال.
فيفتتنون به وقال مرة: أريد أن أحفر هنا عينا، قالوا: لا تنبع، فخالفهم، فنبع الماء، فازداد ضلالهم به، وقالوا: هو إله، وقال قوم: هو المسيح، وقيل: نبي.
وقد هزم جيوش بغداد غير مرة، وعتا وتمرد.
قال محمد بن رزام الكوفي: حكى لي ابن حمدان الطبيب، قال: أقمت بالقطيف أعالج مريضا، فقال لي رجل: إن الله ظهر، فخرجت، فإذا الناس يهرعون إلى دار أبي طاهر، فإذا هو ابن عشرين سنة، شاب مليح عليه عمامة صفراء، وثوب أصفر على فرس أشهب، وإخوته حوله، فصاح: من عرفني عرفني، من لم يعرفني، فأنا أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن، الجنابي.
اعلموا أنا كنا وإياكم حميرا، وقد من الله علينا بهذا وأشار إلى غلام أمرد، فقال: هذا ربنا وإلهنا، وكلنا عباده.
فأخذ الناس التراب، فوضعوه على رؤوسهم.
ثم قال أبو طاهر: إن الدين قد ظهر وهو دين أبينا آدم، وجميع ما أوصلت إليكم الدعاة باطل من ذكر موسى وعيسى ومحمد، هؤلاء دجالون.
وهذا الغلام هو أبو الفضل المجوسي،
__________
(1) انظر " المنتظم ": 6 / 222 - 223، و " الكامل ": 8 / 207 - 208.
(2) أنتنت.
(*)

(15/323)


شرع لهم اللواط، ووطئ الاخت، وأمر بقتل من امتنع.
فأدخلت عليه وبين يديه عدة رؤوس، فسجدت له، وأبو طاهر والكبراء حوله قيام.
فقال لابي طاهر: الملوك لم تزل تعد الرؤوس في خزائنها.
فسلوه كيف بقاؤها ؟ فسئلت، فقلت: إلهنا أعلم، ولكني أقول: فجملة الانسان إذا مات يحتاج كذا وكذا صبرا وكافوار.
والرأس جزء فيعطى بحسابه.
فقال: ما أحسن ما قال.
ثم قال الطبيب: ما زلت أسمعهم تلك الايام يلعنون إبراهيم وموسى ومحمدا وعليا.
ورأيت مصحفا مسح بغائط.
وقال أبو الفضل يوما لكاتبه: اكتب إلى الخليفة، فصل لهم على محمد، وكل من جراب النورة (1)، قال: والله ما تنبسط يدي لذلك،
فافتض أبو الفضل أختا لابي طاهر الجنابي، وذبح ولدها في حجرها، ثم قتل زوجها، وهم بقتل أبي طاهر، فاتفق أبو طاهر مع كاتبه ابن سنبر، وآخر عليه فقالا: يا إلهنا، إن والدة أبي طاهر قد ماتت فاحضر لتحشو جوفها نارا، قال: وكان سنه له، فأتى، فقال: ألا تجيبها ؟ قال: لا.
فإنها ماتت كافرة، فعاوده، فارتاب، وقال: لا تعجلا علي، دعاني أخدم دوابكما إلى أن يأتي أبي، قال ابن سنبر: ويلك هتكتنا، ونحن نرتب هذه الدعوة من ستين سنة.
فلو رآك أبوك لقتلك اقتله يا أبا طاهر، قال: أخاف أن يمسخني، فضرب أخو أبي طاهر عنقه، ثم جمع ابن سنبر الناس، وقال: إن هذا الغلام ورد بكذب سرقة من معدن حق، وإنا وجدنا فوقه من ينكحه، وقد كنا نسمع أنه لابد للمؤمنين من فتنة يظهر بعدها حق، فأطفئوا بيوت النيران، وارجعوا عن نكاح الام، ودعوا اللواط، وعظموا الانبياء، فضجوا، وقالوا: كل وقت تقولون لنا قولا.
فأنفق أبو طاهر الذهب حتى سكنوا.
__________
(1) أي أعمل معهم بالتقية انظر ص / 239 / من هذا الجزء.
(*)

(15/324)


قال الطبيب: فأخرج إلي أبو طاهر الحجر، وقال: هذا كان يعبد.
قلت: كلا، قال: بلى.
قلت: أنت أعلم، وأخرجه في ثوب دبيقي (1) ممسك.
ثم جرت لابي طاهر مع المسلمين حروب أوهنته.
وقتل جنده، وطلب الامان على أن يرد الحجر، وأن يأخذ عن كل حاج دينارا ويخفرهم.
قلت: ثم هلك بالجدري - لا رحمه الله - في رمضان سنة اثنتين وثلاث مئة بهجر كهلا.
وقام بعده أبو القاسم سعيد.

160 - محمد بن رائق *
الامير الكبير أبو بكر.
كان أبوه من أجل مماليك المعتضد وأدينهم.
ولي أبو بكر للمقتدر شرطة بغداد فطلع شهما عالي الهمة مقداما، فولي واسط والبصرة، فوفد عليه بجكم الامير فاستخدمه، وترقت حاله، فولاه الراضي بالله إمرة الامراء في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة (2)، وتقدم وردت أمور المملكة إليه، وانحدر مع الخليفة إلى واسط (3)، وجهز بجكم
__________
(1) نسبة إلى " دبيق " وهي بليدة كانت بين الفرما وتنيس، من أعمال مصر، " معجم البلدان ": 2 / 438.
* أخبار الراضي والمتقي: 230، تاريخ ابن عساكر: 15 / 163 ب، 164 آ، الكامل: 8 / 322 وما بعدها، الوافي بالوفيات: 3 / 69، النجوم الزاهرة: 3 / 275 - 276.
(2) " الكامل ": 8 / 322 - 323.
(3) " الكامل ": 8 / 329.
(*)

(15/325)


لمحاربة البريدي الوزير (1)، ثم عصى عليه بجكم (2).
فتوجه محمد إلى الشام، فدخل دمشق، وادعى أن المتقي لله ولاه عليها، وطرد عنها بدرا الاخشيدي، ثم ساق ليأخذ مصر، فالتقى هو وصاحبها محمد بن طغج الاخشيذ، فهزمه الاخشيذ.
وكانت ملحمة كبيرة بالعريش، فرد إلى دمشق، وأقام بها أزيد من سنة (3)، ثم بلغه مصرع بجكم، فسار إلى بغداد، فخلع عليه المتقي خلعة الملك بعد أمور يطول شرحها (4)، ثم سار بالمتقي إلى الموصل (5)، فمد له ناصر الدولة أميرها سماطا فقتله بعد السماط وكان متأدبا شاعرا بطلا شجاعا، شديد الوطأة.
وكان مصرعه في سنة ثلاثين وثلاث مئة في رجبها (6).

161 - النوبختي * علي بن العباس.
شاعر محسن أخباري مشهور رئيس، ولي وكالة المقتدر، وعاش ثمانين سنة.
توفي سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
وكان ابنه صدرا كاتبا كان مدبر أمور ملك الامراء محمد بن رائق (7).
__________
(1) " الكامل ": 8 / 334 - 335.
(2) " الكامل ": 8 / 343 - 344.
(3) " الكامل ": 8 / 363 - 364.
(4) انظر تفصيلها في " الكامل ": 8 / 375 - 377.
(5) " الكامل ": 8 / 380.
(6) " الكامل ": 8 / 382 - 383.
* أخبار الراضي والمتقي: 76، معجم الشعراء: 155، معجم الادباء: 13 / 267 - 268.
(7) أخبار الراضي والمتقي: 76.
(*)

(15/326)


162 - النوبختي * العلامة ذو الفنون، أبو محمد الحسن بن موسى، النوبختي الشيعي المتفلسف صاحب التصانيف.
ذكره محمد بن إسحاق النديم، وابن النجار بلا وفاة.
وله " كتاب الآراء " و " الديانات "، وكتاب " الرد على التناسخية " وكتاب " التوحيد وحدث العالم " وكتاب " الامامة " وأشياء (1).

163 - ابن مخلد * * الوزير الكبير، أبو القاسم، سليمان بن الحسن بن مخلد بن الجراح البغدادي.
وزر للمقتدر مشاركا لعلي بن عيسى (2)، ثم عزل (3)، ثم وزر للراضي بالله سنة 24 (4) وكثرت المطالبات عليه، فبذل ابن رائق القيام بواجبات الجيش، وولي إمرة الامراء.
وسقط حكم دست الوزارة، فاستعفي سليمان من الوزارة بعد سنة، ثم استوزره الراضي بالله سنة ثمان
__________
* الفهرست: 251 - 252، الوافي بالوفيات: 12 / 280، طبقات المعتزلة: 104.
(1) " الفهرست ": 251.
* * المنتظم: 6 / 338، الكامل: 8 / 218 وما بعدها، الفخري: 231، 248 الوافي بالوفيات: 15 / 362 - 363.
(2) " الكامل ": 8 / 218، وقد تقدمت ترجمة علي بن عيسى رقم (140) من هذا الجزء.
(3) " الكامل ": 8 / 225.
(4) " الكامل ": 8 / 322.
(*)

(15/327)


وعشرين وثلاث مئة.
ووزر بعده للمتقي لله (1).
ومضت سيرته على سداد، وكان بصيرا بكتابة الديوان، خبيرا بالتصرف والسياسة.
وقيل: حفظت عليه سقطات منها: أنه قال لعلي بن عيسى: يا سيدي لم سميت الديكبراك آله قال: لانها تدكبرك في الخلق ! توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة في رجب، وخلف عدة بنين وبنات.
وعاش احدى وستين سنة.

164 - النوبختي * العلامة أبو سهل، إسماعيل بن علي بن نوبخت، بغدادي من غلاة الشيعة، وكبار مصنفيهم وكان يقول في المنتظر: مات في الغيبة وقام بالامر في الغيبة ابنه ثم مات ابنه، وقام ابن الابن وهذه دعوى مجردة (2).
وكان الشلمغاني (3) الزنديق قد دعا النوبختي إلى نفسه، فقال: في مقدم رأسي صلع، فإن هو أنبت في رأسي الشعر، آمنت به، فأعرض عنه (4).
ولابي سهل كتاب " الامامة "، وكتاب " الرد على الغلاة " و " كتاب " نقض رسالة الشافعي " وكتاب " الرد على أصحاب الصفات " وكتاب " إبطال القياس " وكتاب " الحكاية والمحكي " وعدة تواليف.
__________
(1) " الكامل ": 8 / 369.
* الفهرست: 251، لسان الميزان: 1 / 424.
(2) الفهرست: 241.
(3) انظر ص / 223 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(4) الفهرست: 251.
(*)

(15/328)


وهو خال الحسن بن موسى النوبختي، وله كتاب " الرد على اليهود " و كتاب في " الرد على أبي العتاهية " وكتاب " الخصوص والعموم " وكتاب " استحالة الرؤية ".

165 - المحمداباذي * الامام النحوي الحافظ، أبو طاهر، محمد بن الحسن بن محمد، النيسابوري المحمداباذي، ومحمد اباذ: محلة (1).
سمع من: أحمد بن يوسف السلمي، وعلي بن الحسن الهلالي، وحامد بن محمود في سنة ثلاث وستين، وارتحل فسمع من: عباس الدوري، وأبي قلابة، وجماعة.
روى عنه: أبو علي الحافظ، والكبار، وابن محمش.
وقال الحاكم: اختلفت إليه للسماع أكثر من سنة، ولم أصل إلى حرف من سماعي منه (2).
توفي في جمادى الاولى سنة ست وثلاثين [ وثلاث مئة ].
وكان أبو بكر الصبغي يرجع إلى قوله في اللغة، وسمعت عبدالرحمن ابن أحمد بن جعفر، يقول: أتيت أنا وأبو بشر المتكلم، وأبو سعد الفأفاء إلى محمد اباذ، وقد فرغ أبو طاهر من المجلس، وكان مهيبا فقلنا: يتفضل الشيخ بشئ نكتبه ؟ فإذا خرج إلى الصلاة نقرأه، فأخرج لنا ثلاثة أجزاء:
__________
* تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 144 / من هذا الجزء.
(1) خارج نيسابور.
انظر " الانساب ": 512 آ.
(2) " الانساب ": 512 آ.
(*)

(15/329)


عن الدوري جزء، وعن الكديمي جزء، وعن أبي قلابة جزء، فكتبنا جزء الكديمي، ومن جزء أبي قلابة الرقاشي.
فلما خرج، قال: هاتوا، فقلنا: لم نكتب من جزء عباس شيئا، فقال: إنما أيست من حماري حين سيبته في القت (1)، اشتغل بالكرنب (2).
فقرأنا عليه إلى أن مر حديث لعروة عن عائشة، فقال أبو بشر للشيخ: عروة هذا مكثر عن عائشة، أفكان زوجها ؟ فقام أبو طاهر مغضبا، ثم حكى ذلك لاصحابه.
ثم ساق له الحاكم أحاديث في الترجمة، وقد أكثر عنه أبو عبد الله بن
مندة وغيره.
يقع لنا حديثه عاليا.

166 - أيوب بن صالح * ابن سليمان بن هاشم بن غريب العلامة، مفتي الاندلس، أبو صالح، المعافري القرطبي المالكي (3).
روى عنه: الفقيه العتبي، وأبي زيد، وابن مزين، وعبد الله بن خالد.
ذكره أبو الوليد بن الفرضي، فقال: كان إماما في المذهب.
دارت عليه الفتوى في وقته، وعلى ابن لبابة.
__________
(1) الفصفصة، وخص بعضهم به اليابسة فيها.
(2) السلق.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 86، جذوة المقتبس: 161، بغية الملتمس: 237، الوافي بالوفيات: 10 / 52، الديباج المذهب: 98.
(3) في " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 86.
أيوب بن سليمان بن هاشم بن صالح بن هاشم بن عريب بن عبد الجبار بن محمد بن أيوب بن سليمان بن صالح بن السمح المعافري.
(*)

(15/330)


قال: وكان متصرفا في علم النحو والبلاغة والشعر.
وكان مجانبا للدولة، لكنه ولي الحسبة فأحسن السيرة (1).
توفي في المحرم سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة (2).

167 - ابن قوهيار * المسند الجليل، أبو الفضل، العباس بن محمد بن معاذ، ويعرف معاذ بقوهيار النيسابوري.
سمع: إسحاق بن عبد الله بن رزين، ومحمد بن عبد الوهاب
الفراء، وعلي بن الحسن الهلالي، وانتخب عليه حافظ نيسابور أبو علي.
روى عنه: الحافظ محمد بن المظفر، وأبو الحسن العلوي، وأبو طاهر بن محمش، وخلق.
توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
قال الحاكم: سمعت ولده يذكرون أنه دخل الحمام، فحلق رأسه قيم سكران، فأرسل الموسى في دماغه فشقه، فأخرجوه، ومات رحمه الله.

168 - ابن أبي حذيفة * * المحدث أبو علي، محمد بن محمد بن أبي حذيفة، الفزاري
__________
(1) المصدر السابق.
(2) وفاته في مصادر ترجمته تتراوح بين إحدى وثلاث مئة أو اثنتين وثلاث مئة.
ولم يوافق الذهبي إلا الصفدي في " الوافي بالوفيات ": 10 / 52.
* تاريخ بغداد: 12 / 157.
* * العبر: 2 / 231، شذرات الذهب: 2 / 332.
(*)

(15/331)


الدمشقي، واسم جده قاسم بن عبد الغني.
سمع محمد بن هشام بن ملاس، وبكار بن قتيبة، وأبا أمية الطرسوسي، والوليد بن مروان، وربيعة بن حارث الحمصي، وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسين بن سمعون، وابن شاهين، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر محمد بن أبي الحديد، وآخرون.
مات سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.

169 - ابن عبادل * المحدث أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب، الشيباني
الدمشقي، عرف بابن عبادل.
سمع بحر بن نصر الخولاني، وإبراهيم بن منقذ، والعباس بن الوليد العذري، وأبا أمية الطرسوسي، وخلقا كثيرا.
وعنه: الطبراني، وأبو هاشم المؤدب، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون.
مات في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وهو في عشر التسعين.

170 - ابن حكيم * * المحدث الامام المفيد أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم المديني، ويعرف بابن ممك، صاحب رحلة ونباهة.
__________
* الوافي بالوفيات: 6 / 212.
* * تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 146 / من هذا الجزء.
(*)

(15/332)


سمع محمد بن مسلم بن وارة، ويحيى بن أبي طالب، وأبا حاتم الرازي، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الطرابلسي، وأبا أمية الحلبي وطبقتهم.
وعنه: أبو الشيخ، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو بكر بن مردويه، وعلي بن ميله الفرضي، وعبد الله بن أحمد بن جولة، وآخرون.
بلغنا أنه كان أديبا فاضلا حسن المعرفة بالحديث.
توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
عندي من عواليه.

171 - الزنبري * المحدث أبو بكر أحمد بن مسعود بن عمرو بن إدريس، الزنبري
المصري.
حدث عن: بحر بن نصر الخولاني، والربيع بن عبد الحكم، وجماعة.
وعنه: ابن المقرئ، وابن يونس، وعمر بن شاهين، وآخرون.
وما ذكر ابن ماكولا في الزنبري بنون سواه (1)، له رحلة وفهم.
مات في رمضان سنة ثلاث وثلاثين [ وثلاث مئة ] (2).
__________
* الاكمال: 4 / 242.
(1) " الاكمال ": 4 / 242.
(2) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/333)


ولنا سعيد بن داود بن أبي زنبر الزنبري، صاحب مالك (1).

172 - ابن زوزان * الحافظ العالم الرحال، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن يعقوب بن زوزان، الانطاكي، قيده جده ابن ماكولا بمعجمتين.
ثم قال: روى عن: أبي الوليد بن برد، ومحمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، وأبي يزيد القراطيسي، وأبي علاثة محمد بن عمرو، وبشر بن موسى، وأحمد بن يحيى الرقي.
قلت: وزكريا خياط السنة وطبقتهم.
روى عنه: أبو أحمد محمد بن عبد الله الدهان، وأبو محمد بن ذكوان، وفرج بن إبراهيم النصيبي، وأبو الحسين بن جميع، وعدة.
قال الامير: له رحلة في الحديث إلى الشام والعراق ومصر (2).
قلت: توفي سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة.

173 - المادرائي * * الامام المحدث الحجة، أبو الحسن، علي بن إسحاق بن البختري، البصري المادرائي.
روى عن: علي بن حرب، وأبي قلابة الرقاشي، ويوسف بن صاعد وخلق.
__________
(1) انظر " تهذيب التهذيب ": 4 / 24.
* الاكمال: 4 / 192 - 193، تاريخ ابن عساكر: 14 / 381 ب - 382 آ.
(2) " الاكمال ": 4 / 193.
* * الانساب: 499 ب، العبر: 2 / 238.
(*)

(15/334)


وعنه: ابن جميع الغساني، وأبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، وأحمد بن علي السليماني، وآخرون.
وقد ارتحل إليه ابن مندة، فبلغه في الطريق موته، فتألم ورد، ولم يدخل البصرة.
توفي سنة 334.

174 - أبو علي القشيري * الامام الحافظ المفيد، أبو علي، محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن مرزوق القشيري الحراني، محدث الرقة ومؤرخها.
سمع سليمان بن سيف الحراني، ومحمد بن علي بن ميمون العطار، والفقيه أبا الحسن عبدالملك بن عبدالحميد الميموني، وهلال بن العلاء، وعبد الحميد بن محمد بن المستام وطبقتهم.
حدث عنه: أبو أحمد محمد بن عبد الله بن جامع الدهان، ومحمد بن
جعفر غندر البغدادي، وأبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب، وأبو الحسين بن جميع، وطائفة.
لا أعلم وفاته إلا أنه حدث في سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، وقد جاوز الثمانين.
وفيها (1) مات مسند دمشق أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي في عشر المئة، وشاعر الوقت أبو بكر أحمد بن محمد بن
__________
* الانساب: 6 / 153، تذكرة الحفاظ: 3 / 846 - 847، العبر: 2 / 239، الوافي بالوفيات: 3 / 95 - 96، طبقات الحفاظ: 350، شذرات الذهب: 2 / 337.
(1) أي سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
(*)

(15/335)


الحسن الصنوبري الحلبي، ومؤرخ هراة المحدث أبو إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين الحداد، ومسند بغداد الثقة أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان عن خمس وتسعين سنة، والمحدث أبو الحسين عثمان بن محمد بن علان الذهبي البغدادي، ومسند البصرة أبو الحسن علي بن إسحاق المادرائي، والوزير العادل أبو الحسين علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي عن تسعين عاما، وشيخ الحنابلة أبو القاسم عمر بن الحسين الخرقي البغدادي بدمشق، وصاحب مصر أبو بكر محمد بن طغج ابن جف التركي الاخشيد، وصاحب المغرب القائم بأمر الله أبو القاسم محمد ابن المهدي عبيد الله الباطني، وشيخ بغداد أبو بكر الشبلي الزاهد.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا، أخبرنا علي بن مسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد، حدثنا محمد بن سعيد بالرقة، حدثنا أبو عمر عبدالحميد بن
محمد، حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد، حدثني مالك، حدثني عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج (1).
عبد الله هذا بغدادي لا أعرفه.

175 - حاجب بن أحمد * ابن يرحم بن سفيان، مسند نيسابور أبو محمد، الطوسي.
__________
(1) تقدم في تخريجه في الصفحة 249 ت 1.
* الانساب: 8 / 265 - 266، العبر: 2 / 243، ميزان الاعتدال: 1 / 429، لسان الميزان: 2 / 146.
(*)

(15/336)


روى عن: محمد بن رافع والذهلي، ومحمد بن حماد الابيوردي، وعبد الرحمن بن منيب المروزي، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وجماعة.
وادعى أنه ابن مئة وثماني سنين (1).
وكان أبو محمد البلاذري يشهد له بلقي هؤلاء (2).
حدث عنه: منصور بن عبد الله الخالدي، وابن مندة، وأحمد بن محمد البصير، وعلي بن إبراهيم المزكي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، والقاضي أبو بكر الحيري، وأبو طاهر بن محمش، وسمع منه الحاكم ثلاثة أجزاء، فعدمت.
وثقه ابن مندة، واتهمه الحاكم، وقال: لم يسمع شيئا.
وهذه كتب عمه (3).
مات سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.

176 - عمر بن سهل * ابن إسماعيل الحافظ الحجة أبو حفص، وأبو بكر الدينوري القرميسيني (4)، أحد أئمة الحديث.
__________
(1) " الانساب ": 8 / 266.
(2) المصدر السابق.
(3) " ميزان الاعتدال ": 1 / 429.
* الانساب: 10 / 110 - 111، تذكرة الحفاظ: 3 / 879 - 880، طبقات الحفاظ: 359.
(4) بكسر القاف، وسكون الراء، وكسر الميم، والسين المهملة المكسورة بين اليائين الساكنتين.
آخر الحروف، والنون في آخرها.
هذه النسبة إلى " قرميسين " وهي بلدة بجبال العراق " الانساب ": 10 / 110.
(*)

(15/337)


يروي عن: إبراهيم بن أبي العنبس الكوفي، والحسن بن سلام السواق، وعبيد بن عبد الواحد البزاز، وأبي قلابة الرقاشي، وأمثالهم.
حدث عنه: الحافظ أبو القاسم بن ثابت، وصالح بن أحمد الهمذاني، وأحمد بن تركان، وأبو بكر بن بخيت، والقاضي أبو بكر الابهري، والهمذانيون.
قال أبو يعلى الخليلي في " إرشاده ": هو ثقة، إمام عالم متفق عليه.
سمع شيوخ بغداد والكوفة والجبل والبصرة، وكانت له معرفة، وكان صاحب سنة وعبادة، سمعت عيسى بن أحمد الدينوري، يقول: خرج عمر بن سهل الحافظ، وبيده قصة، فقال لي: أريد أن أصعد إلى تل التوبة، وأرفعها إلى الله من جهة جهال الدينور، ففعل ذلك، وانتقل إلى قرميسين (1).
قال الخليلي: وسمعت أبا القاسم بن ثابت، يقول: لم أر مثل عمر
ابن سهل الحافظ في الديانة (2).
قلت: توفي سنة ثلاثين وثلاث مئة من أبناء الثمانين.
وما هو بالمشهور لانه كان بزاوية من البلاد رحمه الله.
أنبأنا ابن سلامة، عن أحمد بن طارق، أخبرنا السلفي، أخبرنا المبارك بن الطيوري، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، أخبرنا أبو بكر بن بخيت، حدثنا عمر بن سهل بن مجاهد إسماعيل الدينوري الحافظ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الرماح إملاء، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا سفيان، عن عاصم الاحول، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أقمنا مع رسول
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 879 - 880.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 880.
(*)

(15/338)


الله صلى الله عليه وسلم في سفر تسع عشرة ليلة نقصر الصلاة (1).

177 - ابن ياسين * الشيخ الحافظ المحدث المؤرخ، أبو إسحاق، أحمد بن محمد بن ياسين الهروي الحداد، صاحب تاريخ هراة.
سمع عثمان بن سعيد الدارمي، وموسى بن أحمد الفريابي، وعبيد ابن محمد الوراق الحافظ، ومعاذ بن المثنى، والفضل بن عبد الله اليشكري، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عبد الله بن أبي ذهل، ومنصور بن عبد الله الخالدي، والخليل بن أحمد القاضي، ومحمد بن علي بن محمد الباشاني، وآخرون، وليس بعمدة.
قال الخليلي: ليس بالقوي، يروي نسخا لا يتابع عليها (2).
وقال الدارقطني: متروك (3).
وروى السلمي عن الدارقطني، قال: هو شر من أبي بشر المروزي، وكذبهما (4).
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1 / 223، والبخاري (1081) في أول تقصير الصلاة و (4298) و (4299) في المغازي، والترمذي (549) والطحاوي 1 / 242، والبيهقي 3 / 150، وابن ماجة (1075) من طرق، عن عاصم الاحول بهذا الاسناد.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 877 - 878، ميزان الاعتدال: 1 / 149 - 150، لسان الميزان: 1 / 291، طبقات الحفاظ: 358.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 877.
(3) المصدر السابق.
(4) " ميزان الاعتدال ": 1 / 150.
(*)

(15/339)


قلت: توفي ابن ياسين الحداد في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
أخبرنا علي بن أحمد الحسيني، أخبرنا علي بن أبي بكر، أخبرنا أبو الوقت الماليني، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، حدثنا محمد بن أحمد الجارودي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الباشاني، حدثنا أبو إسحاق ابن ياسين إملاء، حدثنا عبيد بن محمد الحافظ، حدثنا الحسن بن صباح، حدثنا جعفر بن عون، حدثنا أبو العميس، حدثنا قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عمر أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا - معشر اليهود - نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية ؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم) الآية (1)، قال
عمر: قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة، يوم جمعة.
أخرجه البخاري (2) عن الحسن بن صباح البزاز.

178 - ابن عقدة * أحمد بن محمد بن سعيد بن عبدالرحمن بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله بن عجلان، مولى عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمذاني، وحفيد
__________
(1) (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الاسلام دينا).
[ المائدة: 3 ].
(2) رقم (45) في الايمان: باب زيادة الايمان ونقصانه، وهو عنده أيضا برقم (4407) و (4606) و (7268) وأخرجه مسلم (3017) في التفسير.
* الفهرست للطوسي: 28 - 29، تاريخ بغداد: 5 / 14 - 22، المنتظم ": 6 / 336 - 337، تذكرة الحفاظ: 3 / 839 - 842، العبر: 2 / 230، ميزان الاعتدال: 1 / 136 - 138، الوافي بالوفيات: 7 / 395 - 396، مرآة الجنان: 2 / 311، البداية والنهاية: 11 / = (*)

(15/340)


عجلان، هو عتيق عبدالرحمن (1) بن الامير عيسى بن موسى الهاشمي، أبو العباس الكوفي الحافظ العلامة، أحد أعلام الحديث، ونادرة الزمان، وصاحب التصانيف على ضعف فيه، وهو المعروف بالحافظ ابن عقدة.
وعقدة لقب لابيه النحوي البارع محمد بن سعيد، ولقب بذلك لتعقيده في التصريف، وهو من العلماء العاملين.
كان قبل الثلاث مئة.
وولد أبو العباس في سنة تسع وأربعين ومئتين بالكوفة.
وطلب الحديث سنة بضع وستين ومئتين.
وكتب منه ما لا يحد ولا يوصف عن خلق كثير بالكوفة وبغداد، ومكة.
فسمع من: أبي جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن عبدالحميد الحارثي، والحسن بن علي بن عفان، والحسن بن مكرم، وعلي بن داود القنطري، ويحيى بن أبي طالب، وأبي يحيى بن أبي مسرة المكي، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن أسامة الكلبي، ومحمد بن الحسين الحنيني، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الله بن روح المدائني، وإسحاق بن إبراهيم العقيلي، وأحمد بن يحيى الصوفي، ويعقوب بن يوسف بن زياد، ومحمد بن إسماعيل الراشدي، وعبد الملك ابن محمد الرقاشي، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وأبي مسلم الكجي، وأبي الاحوص العكبري، ومحمد بن سعيد العوفي، ومحمود بن أبي المضاء الحلبي، ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني، والحسن بن عتبة الكندي، وعبد الله بن أحمد بن المستورد، والحسن بن
__________
= 209 لسان الميزان: 1 / 263 - 266، النجوم الزاهرة: 3 / 281، طبقات الحفاظ: 348 - 349، شذرات الذهب: 2 / 332.
(1) في " تاريخ بغداد ": 5 / 14 " عبد الواحد بن عيسى.
".
(*)

(15/341)


جعفر بن مدرار، وعبد العزيز بن محمد بن زبالة المديني، وأمم سواهم.
وجمع التراجم والابواب والمشيخة، وانتشر حديثه، وبعد صيته، وكتب عمن دب ودرج من الكبار والصغار والمجاهيل، وجمع الغث إلى السمين، والخرز إلى الدر الثمين.
روى عنه: الطبراني، وابن عدي، وأبو بكر بن الجعابي، وابن المظفر، وأبو علي النيسابوري، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ، وابن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وأبو عبيد الله المرزباني، وابن جميع
الغساني، وإبراهيم بن عبد الله خرشيذ قوله، وأبو عمر بن مهدي، وأبو الحسين أحمد بن المتيم، وأحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي.
وخلائق.
ووقع لي حديثه بعلو.
فقرأت على أبي حفص عمر بن عبد المنعم الدمشقي، أخبركم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري القاضي سنة تسع وست مئة وأنت في الرابعة، قال: أخبرنا جمال الاسلام أبو الحسن علي بن المسلم السلمي سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، أخبرنا الحسين بن طلاب الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، حدثنا علي بن سيف بن عميرة، حدثني أبي حدثني العباس بن الحسن بن عبيد الله النخعي، حدثني أبي عن ثعلبة أبي بحر، عن أنس رضي الله عنه قال: استضحك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " عجبت لامر المؤمن، إن الله لا يقضي له قضاء إلا كان خيرا له " (1).
__________
(1) حديث صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 24 من طريق نوح بن حبيب، حدثنا حفص بن = (*)

(15/342)


أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد القيسي، والمؤمل بن محمد البالسي - كتابة - قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الاهوازي، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الطلحي، حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا شريك، عن أبي الوليد، عن الشعبي، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأنا عنده، وأقبل أبو بكر وعمر -: " يا علي هذان سيدا
كهول أهل الجنة من الاولين والآخرين.
إلا النبيين والمرسلين " (1).
وبه إلى الحافظ أبي بكر: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد ابن حماد الواعظ، حدثنا أبو العباس بن عقدة إملاء في صفر سنة ثلاثين وثلاث مئة، حدثنا عبد الله بن الحسين بن الحسن بن الاشقر قال: سمعت عثام بن علي العامري، قال: سمعت سفيان، وهو يقول: لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلوب نبلاء الرجال (2).
قلت: قد رمي ابن عقدة بالتشيع، ولكن روايته لهذا ونحوه، يدل
__________
= غياث بن طلق بن معاوية، عن عاصم الاحول، عن ثعلبة بن عاصم، عن أنس بن مالك مرفوعا: " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له " وله شاهد من حديث صهيب عند أحمد 4 / 332، و 6 / 15 و 16، والدارمي 2 / 318، ومسلم (2999).
(1) حديث صحيح، وأخرجه من حديث علي الترمذي (3666) وابن ماجة (95)، والخطيب في تاريخه 10 / 192، وفي سنده الحارث الاعور وهو ضعيف، وأخرجه الدولابي في " الكنى " 2 / 99، وسنده حسن، وأخرجه عبد الله في زوائد مسند أبيه 1 / 80 بسند قابل للتحسين، وأخرجه من حديث أنس الترمذي (3664) ورجاله ثقات غير محمد بن كثير الصنعاني المصيصي، فإنه كثير الغلط، وأخرجه من حديث أبي جحيفة ابن ماجة (95) وابن حبان (2192) وسنده قوي في الشواهد، وأخرجه من حديث جابر الطبراني في الاوسط، وأخرجه من حديث أبي سعيد الخدري البزاز والطبراني في الاوسط وفى كليهما ضعف انظر " المجمع " 9 / 53.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.
(*)

(15/343)


على عدم غلوه في تشيعه، ومن بلغ في الحفظ والآثار مبلغ ابن عقدة، ثم يكون في قلبه غل للسابقين الاولين، فهو معاند أو زنديق.
والله أعلم.
وبه إلى الحافظ أبي بكر، قال: وانما لقب والد أبي العباس بعقدة
لعلمه بالتصريف والنحو.
وكان يورق بالكوفة، ويعلم القرآن والادب (1)، فأخبرني القاضي أبو العلاء، أخبرنا محمد بن جعفر بن النجار، قال: حكى لنا أبو علي النقار، قال: سقطت من عقدة دنانير، فجاء بنخال ليطلبها، قال عقدة: فوجدتها ثم فكرت فقلت: ليس في الدنيا غير دنانيرك ؟ فقلت للنخال: هي في ذمتك، وذهبت وتركته (2).
قال: وكان يؤدب ابن هشام الخزاز، فلما حذق الصبي وتعلم، وجه إليه أبوه بدنانير صالحة، فردها فظن ابن هشام أنها استقلت، فاضعفها له، فقال: ما رددتها استقلالا، ولكن سألني الصبي أن أعلمه القرآن، فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن، ولا أستحل أن آخذ منه شيئا، ولو دفع إلي الدنيا (3).
ثم قال ابن النجار: وكان عقدة زيديا، وكان ورعا ناسكا، سمي عقدة لاجل تعقيده في التصريف، وكان وراقا جيد الخط، وكان ابنه أحفظ من كان في عصرنا للحديث (4).
قال أبو أحمد الحاكم: قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي (5) الكوفة،
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.
(4) المصدر السابق.
(5) هو أبو بكر، أحمد بن هارون.
كان ثقة حافظا توفي سنة / 301 / ه.
ونسبته إلى " برديج " وهي بليدة بأقصى أذربيجان.
أنظر " الانساب ": 2 / 139 - 140.
(*)

(15/344)


فزعم أنه أحفظ مني.
فقلت: لا تطول.
نتقدم إلى دكان وراق، ونضع
القبان، ونزن من الكتب ما شئت، ثم يلقى علينا، فنذكره قال: فبقي (1).
الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ، يقول: ما رأيت أحدا أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس بن عقدة (2).
وبه إلى الخطيب أبي بكر: حدثني محمد بن علي الصوري، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا الفضل الوزير، يقول: سمعت علي بن عمر - وهو الدارقطني - يقول: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير من زمن عبد الله ابن مسعود إلى زمن أبي العباس بن عقدة أحفظ منه (3).
وأنبأنا ابن علان، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي، أخبرنا هبة الله ابن الاكفاني، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، حدثنا العلاء بن حزم، حدثنا علي بن بقاء، حدثنا عبد الغني فذكرها، ثم قال عبد الغني: وسمعت أبا همام محمد بن إبراهيم، يقول: ابن جوصا بالشام كابن عقدة بالكوفة (4).
قلت: يمكن أن يقال: لم يوجد أحفظ منه وإلى يومنا وإلى قيام الساعة بالكوفة، فأما أن يكون أحد نظيرا له في الحفظ، فنعم، فقد كان بها بعد ابن مسعود وعلي، وعلقمة، ومسروق، وعبيدة، ثم أئمة حفاظ كإبراهيم النخعي، ومنصور، والاعمش، ومسعر، والثوري، وشريك، ووكيع، وأبي نعيم، وأبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
أي: بقي مندهشا أو مبهوتا.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(3) المصدر السابق.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 796 وقد تقدمت ترجمة ابن جوصا رقم / 8 / من هذا الجزء.
(*)

(15/345)


وأبي كريب، ثم هؤلاء يمتازون عليه بالاتقان والعدالة التامة، ولكنه أوسع
دائرة في الحديث منهم.
قال أبو الطيب أحمد بن الحسن بن هرثمة: كنا بحضرة أبي العباس بن عقدة نكتب عنه وفي المجلس رجل هاشمي إلى جانبه، فجرى حديث حفاظ الحديث، فقال أبو العباس: أنا أجيب في ثلاث مئة ألف حديث من حديث أهل بيت هذا سوى غيرهم، وضرب بيده على الهاشمي (1).
وبه إلى الخطيب: حدثنا الصوري، حدثنا عبد الغني، سمعت أبا الحسن، يعني: الدارقطني، سمعت ابن عقدة يقول: أنا أجيب في ثلاث مئة ألف حديث من حديث أهل البيت خاصة (2).
قال أبو الحسن: وكان أبوه عقدة أنحى الناس (3).
وبه: حدثنا محمد بن يوسف النيسابوري، حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ، سمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ، يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن سعيد، يقول: أحفظ لاهل البيت ثلاث مئة ألف حديث (4).
وبه: حدثنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب - غير مرة - سمعت أبا الحسن محمد بن عمر بن يحيى العلوي، يقول: حضر ابن عقدة عند أبي، فقال له: يا أبا العباس قد أكثر الناس في حفظك للحديث، فأحب أن تخبرني بقدر ما تحفظ، فامتنع، وأظهر كراهية لذلك، فأعاد أبي المسألة،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 16 - 17.
(*)

(15/346)


وقال: عزمت عليك إلا أخبرتني فقال أبو العباس: أحفظ مئة ألف حديث بالاسناد والمتن، وأذاكر بثلاث مئة ألف حديث (1).
قال أبو العلاء: وسمعت جماعة يذكرون عن أبي العباس مثل ذلك (2).
وبه: حدثنا أبو القاسم التنوخي - من حفظه -، سمعت أبا الحسن محمد بن عمر العلوي، يقول: كانت الرياسة بالكوفة في بني الغدان قبلنا، ثم فشت رئاسة بني عبيد الله، فعزم أبي على قتالهم، وجمع الجموع، فدخل إليه أبو العباس بن عقدة، وقد جمع جزءا فيه ست وثلاثون ورقة، وفيها حديث كثير في صلة الرحم، فاستعظم أبي ذلك، واستكثره، فقال له: يا أبا العباس، بلغني من حفظك للحديث ما استكثرته، فكم تحفظ ؟ قال أحفظ بالاسانيد والمتون خمسين ومئتي [ ألف ] حديث، وأذاكر بالاسانيد وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع بست مئة ألف حديث (3).
وبه: حدثنا محمد بن علي بن مخلد الوراق - بحضرة البرقاني - سمعت عبد الله الفارسي، - وعرفه البرقاني - يقول: أقمت مع إخوتي بالكوفة عدة سنين نكتب عن ابن عقدة، فلما أردنا الانصراف، ودعناه، فقال: قد اكتفيتم بما سمعتم مني ! ! أقل شيخ سمعت منه، عندي عنه مئة ألف حديث، فقلت، أيها الشيخ نحن أربعة إخوة، قد كتب كل واحد منا عنك مئة ألف حديث (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 17.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه، وفيه " في بني الفدان " بالفاء.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 17 - 18.
(*)

(15/347)


وبه: أخبرنا الصوري، قال لي عبد الغني: سمعت الدارقطني يقول: ابن عقدة، يعلم ما عند الناس، ولا يعلم الناس ما عنده (1).
قال الصوري: وقال لي أبو سعد الماليني: أراد ابن عقدة أن ينتقل، فاستأجر من يحمل كتبه، وشارط الحمالين أن يدفع إلى كل واحد دانقا (2)، قال: فوزن لهم أجورهم مئة درهم.
وكانت كتبه ست مئة حملة (3).
وبه أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني، حدثنا صالح بن أحمد الحافظ، سمعت أبا عبد الله الزعفراني [ يقول ]: روى ابن صاعد ببغداد حديثا أخطأ في إسناده، فأنكر عليه ابن عقدة [ فخرج عليه أصحاب ابن صاعد، وارتفعوا إلى الوزير علي بن عيسى وحبس ابن عقبة ]، فقال الوزير: من نسأل ونرجع إليه ؟ فقالوا: ابن أبي حاتم، فكتب إليه الوزير يسأله، فنظر وتأمل، فإذا الحديث على ما قال ابن عقدة، فكتب إليه بذلك، فأطلق ابن عقدة، وارتفع شأنه (4).
وبه: حدثنا حمزة بن محمد الدقاق، سمعت جماعة يذكرون أن ابن صاعد كان يملي من حفظ، فأملى يوما عن أبي كريب، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، فعرض على أبي العباس بن عقدة، فقال: ليس هذا عند أبي محمد، عن أبي كريب، وإنما سمعه من أبي سعيد الاشج، فاتصل هذا القول بابن صاعد، فنظر في أصله، فوجده كما قال، فلما اجمتع الناس، قال: كنا حدثناكم عن أبي كريب بحديث كذا، ووهمنا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 18.
(2) سدس درهم.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 18.
(4) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/348)


فيه.
إنما حدثناه أبو سعيد وقد رجعنا عن الرواية الاولة (1).
قلت لحمزة: ابن عقدة هو الذي نبه يحيى ؟ فتوقف، ثم قال: ابن عقدة أو غيره (2).
وبه: حدثنا القاضي أبو عبد الله الصيمري، حدثني أبو إسحاق الطبري، سمعت ابن الجعابي يقول: دخل ابن عقدة بغداد ثلاث دفعات، سمع في الاولى من إسماعيل القاضي ونحوه، ودخل الثانية في حياة ابن منيع، فطلب مني شيئا من حديث ابن صاعد لينظر فيه، فجئت إلى ابن صاعد، فسألته، فدفع إلي " مسند " علي، فتعجبت من ذلك، وقلت في نفسي: كيف دفع إلي هذا وابن عقدة أعرف الناس به ! مع اتساعه في حديث الكوفيين، وحملته إلى ابن عقدة، فنظر فيه، ثم رده علي، فقلت: أيها الشيخ، هل فيه شئ يستغرب ؟ فقال: نعم.
فيه حديث خطأ، فقلت: أخبرني به، فقال: لا والله لا عرفتك ذلك حتى أجاوز قنطرة الياسرية، وكان يخاف من أصحاب ابن صاعد، فطالت علي الايام انتظارا لوعده، فلما خرج إلى الكوفة، سرت معه، فلما أردت مفارقته، قلت: وعدك ؟ قال: نعم، الحديث عن أبي سعيد الاشج، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومتى سمع منه ؟ وإنما ولد أبو سعيد في الليلة التي مات فيها يحيى بن زكريا.
فودعدته، وجئت إلى ابن صاعد، فأعلمته بذلك، فقال: لاجعلن على كل شجرة من لحمه قطعة - يعني ابن عقدة - ثم رجع يحيى إلى الاصول، فوجده عنده الحديث عن شيخ غير الاشج، عن ابن أبي زائدة، فجعله على الصواب (3).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 18 - 19.
(*)

(15/349)


قلت: كذا أورد الخطيب هذه الحكاية، وخلاها، وذهب غير متعرض لنكارتها.
فأما يحيى بن زكريا أحد حفاظ الكوفة، فتوفي سنة ثلاث وثمانين ومئة.
وقد روى عنه ابن معين، وأبو كريب، وهناد، وعلي بن مسلم الطوسي، وخلق كثير، من آخرهم يعقوب الدورقي، ويقال: مات سنة اثنتين وثمانين.
وكان إذ ذاك أبو سعيد الاشج شابا مدركا بل ملتحيا.
وقد ارتحل وسمع من هشيم.
وموته بعد يحيى بأشهر، فما يبعد سماعة من يحيى بن زكريا.
قال الحاكم: قلت لابي علي الحافظ: إن بعض الناس يقول في أبي العباس، قال: في ماذا ؟ قلت: في تفرده بهذه المقحمات عن هؤلاء المجهولين.
فقال: لا تشتغل بمثل هذا، أبو العباس إمام حافظ محله محل من يسأل عن التابعين وأتباعهم (1).
وبه قال الخطيب: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن نعيم البصري - لفظا - حدثنا محمد بن عدي بن زحر، سمعت محمد بن الفتح القلانسي، سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل، يقول: منذ نشأ هذا الغلام أفسد حديث الكوفة - يعني - ابن عقدة (2) -.
أخبرني أحمد بن سليمان بن علي الواسطي المقرئ، أخبرنا أبو سعد الماليني، حدثنا ابن عدي، سمعت عبدان الاهوازي يقول: ابن عقدة قد
خرج عن معاني أصحاب الحديث، ولا يذكر حديثه معهم - يعني: لما كان يظهر من الكثرة والنسخ -.
وتكلم فيه مطين بأخرة لما حبس كتبه عنه.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 18 - 19.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 19 - 20.
(*)

(15/350)


وبه: حدثني الصوري، قال لي زيد بن جعفر العلوي، قال لنا علي ابن محمد التمار، قال لنا أبو العباس بن عقدة: كان قدامي كتاب فيه نحو خمس مئة حديث، عن حبيب بن أبي ثابت الاسدي لا أعرف له طريقا.
قال التمار: فلما كان يوم من الايام، قال لبعض وراقيه: قم بنا إلى بجيلة موضع المغنيات، فقال: أيش نعمل ؟ قال: بلى، تعال فإنها فائدة لك، فامتنعت فغلبني على المجئ، فجئنا جميعا إلى الموضع، فقال لي: سل عن قصيعة المخنت، فقلت: الله الله يا سيدي، ذا فضيحة، قال: فحملني الغيظ، فدخلت، فسألت عن قصيعة، فخرج إلي رجل في عنقه طبل مخضب بالحناء، فجئت به إليه، فقال: يا هذا امض، فاطرح ما عليك، والبس قميصك، وعاود فمضى، ولبس قميصه، وعاد.
فقال: ما اسمك ؟ قال: قصيعة.
فقال: ما اسمك على الحقيقة ؟ قال: محمد بن علي.
قال: صدقت، ابن من ؟ قال: ابن حمزة، قال: ابن من ؟ قال: لا أدري والله يا أستاذي، قال: ابن حمزة بن فلان بن فلان بن حبيب بن أبي ثابت الاسدي.
فأخرج من كمه الجزء، فدفعه إليه، فقال: أمسك هذا، فأخذه، فقال: ادفعه إلي.
ثم قال له: قم فانصرف.
ثم جعل أبو العباس، يقول: دفع إلي فلان بن فلان كتاب جده، فكان فيه كذا وكذا (1).
قال الخطيب: سمعت من يذكر أن الحفاظ كانوا إذا أخذوا في المذاكرة، شرطوا أن يعدلوا عن حديث ابن عقدة لاتساعه، وكونه مما لا ينضبط (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 20 - 21.
(2) المصدر السابق.
(*)

(15/351)


وبه: حدثني الصوري، سمعت عبد الغني يقول: لما قدم الدارقطني مصر أدرك حمزة بن محمد الكناني (1) الحافظ في آخر عمره، فاجتمع معه، وأخذوا يتذاكران، فلم يزالا كذلك حتى ذكر حمزة عن ابن عقدة حديثا.
فقال له أبو الحسن: أنت ها هنا ؟، ثم فتح ديوان أبي العباس، ولم يزل يذكر من حديثه ما أبهر حمزة، أو كما قال (2).
قال أبو جعفر الطوسي في " تاريخه ": كان ابن عقدة زيديا (3) جاروديا (4)، على ذلك مات، وإنما ذكرته في جملة أصحابنا (5) لكثرة رواياته عنهم.
وله تاريخ كبير [ في ] ذكر من روى الحديث من الناس كلهم وأخبارهم، ولم يكمل.
و " كتاب السنن " وهو عظيم.
قيل: إنه حمل بهيمة، وله " كتاب من روى عن علي "، و " كتاب الجهر بالبسملة "، وكتاب " أخبار أبي حنيفة "، وكتاب " الشورى "، وذكر أشياء كثيرة (6).
ابن عدي: سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث، لانه كان يحمل شيوخا بالكوفة على الكذب، يسوي لهم نسخا، ويأمرهم أن يرووها (7).
قال ابن عدي: سمعت الباغندي يحكي فيه نحو ذلك، وقال: كتب
__________
(1) صحف في " تاريخ بغداد ": 5 / 21 إلى: الكتاني.
(2) المصدر السابق.
(3) أي من أتباع زيد بن علي بن الحسين.
الذي ثار على بني أمية زمن الوليد بن يزيد انظر خلاصة مذهبهم في " الملل والنحل ": 1 / 154 - 157.
(4) إحدى فرق الزيدية، وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد انظر " الملل والنحل ": 1 / 157 - 159.
(5) يقصد: الامامية.
فأبو جعفر الطوسي كان إماميا.
(6) انظر " الفهرست " للطوسي: 28 - 29، وما بين حاصرتين منه.
(7) " تاريخ بغداد ": 5 / 21.
(*)

(15/352)


إلينا (1) أنه خرج بالكوفة شيخ عنده نسخ، فقدمنا عليه، وقصدنا الشيخ، فطالبناه بأصول ما يرويه، فقال: ليس عندي أصل، وإنما جاءني ابن عقدة بهذه النسخ، فقال: اروه يكن لك فيه ذكر، ويرحل إليك أهل بغداد (2).
حمزة السهمي: سألت محمد بن أحمد بن سفيان الحافظ بالكوفة عن ابن عقدة، فقال: دخلت إلى دهليزه، وفيه رجل يقال له: أبو بكر البستي، وهو يكتب من أصل عتيق، حدثنا محمد بن القاسم السوداني، حدثنا أبو كريب، فقلت له: أرني، فقال: أخذ علي ابن سعيد أن لا يرآه معي أحد، فرفقت به حتى أخذته، فإذا أصل كتاب الاشناني الاول من مسند جابر وفيه سماعي.
وخرج ابن سعيد وهو في يدي، فحرد على البستي، وخاصمه، ثم التفت إلي، فقال: هذا عارضنا به الاصل، فأمسكت عنه.
قال ابن سفيان: وهو ذا الكتاب عندي، قال حمزة: وسمعت ابن سفيان، يقول: كان أمره أبين من هذا (3).
وبه: حدثني أبو عبد الله أحمد بن أحمد القصري، سمعت محمد بن
أحمد بن سفيان الحافظ، يقول: وجه إلى ابن عقدة بمال من خراسان، و أمرأن يعطيه بعض الضعفاء، وكان على بابه صخرة عظيمة، فقال لابنه: ارفعها، فلم يستطع، فقال: أراك ضعيفا، فخذ هذا المال، ودفعه إليه (4).
وبه: حدثنا حمزة بن محمد بن طاهر، قال: سئل الدارقطني - وأنا
__________
(1) أي ابن عقدة.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 21 - 22.
(4) المصدر السابق.
(*)

(15/353)


أسمع - عن ابن عقدة، فقال: كان رجل سوء (1).
وبه: أخبرنا البرقاني، سألت أبا الحسن عن ابن عقدة: ما أكثر ما في نفسك عليه، قال: الاكثار بالمناكير (2).
وبه: حدثني علي بن محمد بن نصر، سمعت حمزة بن يوسف، سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: كان ابن عقدة في جامع براثا يملي مثالب الصحابة، أو قال: الشيخين، فلا أحدث عنه بشئ (3).
قال أبو أحمد بن عدي: هو صاحب معرفة وحفظ وتقدم في الصنعة، رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه، ثم إن ابن عقدة قوى أمره، ومشاه، وقال: لولا أني شرطت أن أذكر كل من تكلم [ فيه - يعني و ] لا أحابي - لم أذكره، لما فيه من الفضل والمعرفة (4).
ثم إن ابن عدي والخطيب لم يسوقا له شيئا منكرا.
وذكر ابن عدي في ترجمة أحمد بن عبد الجبار العطاردي، أن ابن
عقدة، سمع منه، ولم يحدث عنه لضعفه (5) عنده.
وقيل: إن الدارقطني كذب من يتهمه بالوضع، وإنما بلاؤه من روايته بالوجادات (6)، ومن التشيع.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 22، وفيه " أيش أكبر ما في نفسك عليه ؟ ".
(3) المصدر السابق.
(4) " ميزان الاعتدال ": 1 / 136، وما بين حاصرتين منه.
(5) " ميزان الاعتدال ": 1 / 137.
(6) " ميزان الاعتدال ": 1 / 138.
(*)

(15/354)


قال ابن عدي: رأيت فيه من المجازات، حتى إنه يقول: حدثتني فلانة، قالت: هذا كتاب فلان، قرأت فيه، قال: حدثنا فلان (1).
قال أبو الحسن محمد بن أحمد بن سفيان الحافظ: مات ابن عقدة لسبع خلون من ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وكان قال لي قديما، وكتب لي إجازة، كتب فيها يقول: أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى سعيد بن قيس، ثم ترك ذلك آخر أيامه.
وكتب مولى عبد الوهاب بن موسى الهاشمي، ثم ترك ذلك.
وسمعته يقول: ولدت سنة تسع وأربعين ومئتين.
فيقال: ولد في نصف محرمها (2).
مات مع ابن عقدة في العام المذكور صاحب ابن أبي الدنيا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر اللنباني الاصبهاني، وشيخ العربية أبو العباس أحمد ابن محمد بن ولاد التميمي المصري، وشيخ المالكية بقرطبة أيوب بن صالح
ابن سليمان المعافري، والعباس بن محمد بن قوهيار النيسابوري، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري الجوهري، وأبو بكر محمد بن بشر بن بطريق الزبيري العسكري المصري، ومسند نيسابور أبو بكر محمد ابن الحسين بن الحسن القطان، وأبو علي محمد بن محمد بن أبي حذيفة الدمشقي، وأبو روق الهزاني، وأبو الفضل يعقوب بن إسحاق الفقيه، وأبو عمر أحمد بن عبادة الرعيني بالاندلس.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 22 - 23.
(*)

(15/355)


179 - ابن عبيد * الامام الحافظ البارع، أبو الحسن، علي بن محمد بن عبيد بن عبد الله بن حساب البغدادي البزاز.
روى عن: عباس الدوري، ومحمد بن الحسين الحنيني، وأبي حازم بن أبي غرزة، ويحيى بن أبي طالب، وطبقتهم.
حدث عنه: الدارقطني، وابن جميع الصيداوي، وأبو الحسين بن المتيم، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة حافظا عارفا (1).
عاش ثمانيا وسبعين سنة.
مات في شوال سنة ثلاثين، وثلاث مئة.
قرأنا على عمر بن عبد المنعم الطائي، أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني في سنة تسع وست مئة، وأنا حاضر، أخبرنا علي بن المسلم الفقيه، أخبرنا الحسين بن محمد الخطيب، حدثنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا علي بن محمد ببغداد، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا
أزهر السمان، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا.
وقالوا: وفي نجدنا، قال: هناك الزلازل والفتن.
وبها - أو قال: منها - يطلع قرن الشيطان (2).
".
هذا حديث صحيح الاسناد غريب.
__________
* تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 129 / من هذا الجزء.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 74.
(2) تقدم تخريجه في الصفحة 287.
(*)

(15/356)


180 - ابن أبي مطر * الامام الفقيه المعمر، قاضي الاسكندرية، ومسندها، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن يزيد بن أبي مطر، المعافري الاسكندراني المالكي.
تفرد بالرواية عن محمد بن عبد الله بن ميمون صاحب الوليد بن مسلم، وعن أحمد بن محمد بن عبدويه صاحب سفيان بن عيينة.
وتفقه بابن المواز، ورحل الطلبة إليه.
سمع منه: القاضي أبو الحسن البلياني، ودارس بن إسماعيل، ومنير ابن أحمد الخشاب، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس.
لم يقع من حديثه شئ في " الخلعيات " (1).
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة وعاش مئة عام.
رحمه الله.

181 - نافلة (2) علي بن حرب * * الشيخ الصدوق المعمر، أبو جعفر، محمد بن يحيى بن عمر بن المحدث علي بن حرب، الطائي الموصلي.
__________
* العبر: 2 / 250، ميزان الاعتدال: 3 / 142، لسان الميزان: 4 / 237، حسن المحاضرة: 1 / 256.
(1) انظر ص / 314 / تعليق 2 / من هذا الجزء.
* * تاريخ بغداد: 3 / 432 - 433، العبر: 2 / 255، لسان الميزان: 5 / 428 - 429، شذرات الذهب: 2 / 357 - 358.
(2) النافلة في اللغة: ولد الولد.
قال تعالى في سورة الانبياء: 72 (ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين).
كأنه قال: وهبنا لابراهيم - عليه السلام - إسحاق فكان كالفرض له ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة ليعقوب خاصة، لانه ولد الولد.
(*)

(15/357)


قدم بغداد، فروى بها عن جد أبيه، وعن جده عمر، وأحمد بن إسحاق الخشاب.
حدث عنه: ابن مندة، وأبو الحسن بن رزقويه، وعمر بن أحمد العكبري، وأبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وجماعة.
وقع لنا من طريقه جزءان ما أعلاهما لسبط السلفي.
حسن البرقاني أمره (1).
وقال أبو حازم العبدوي: لا أعلمه إلا ثقة (2).
قلت: توفي ببغداد في رمضان سنة أربعين وثلاث مئة.

182 - ابن أيوب * الامام الحافظ النحوي الثبت، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي الاديب، من كبار أصحاب الحديث.
ارتحل، وسمع من أبي حاتم الرازي ولازمه مدة.
وسمع بمكة كثيرا من أبي يحيى بن أبي مسرة الحافظ، وكتب عنه مسنده، وأخذ كتب أبي
عبيد، عن علي بن عبد العزيز البغوي.
حدث عنه: الحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو إسحاق المزكي، والمحدث أبو الحسين الحجاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو علي الروذباري، وآخرون.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 433.
(2) المصدر السابق.
* العبر: 2 / 243، طبقات الشافعية: 3 / 271، شذرات الذهب: 2 / 356.
(*)

(15/358)


قال ابن أيوب: سمعت ابن أبي مسرة، يقول: أنا أفتي بمكة منذ سبعين سنة.
قلت: وممن يروي عنه: ابن مندة الحافظ.
توفي سنة أربعين وثلاث مئة.
وقد قارب التسعين.

183 - الشاشي * الامام الحافظ الثقة الرحال، أبو سعيد، الهيثم بن كليب بن سريج (1) ابن معقل الشاشي (2) التركي صاحب " المسند الكبير " (3).
سمع عيسى بن أحمد العسقلاني، وأبا عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وزكريا بن يحيى المروزي، وأبا جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي، وحمدان بن علي الوراق، وأحمد بن ملاعب، ومحمد بن عيسى المدائني، وأبا البختري بن شاكر، وعلي بن سهل، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وعباس بن محمد الدوري، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وعلي بن أحمد الخزاعي، ومنصور
ابن نصر الكاغدي، وآخرون.
__________
* الانساب: 7 / 246، تذكرة الحفاظ: 3 / 848 - 849، العبر: 2 / 242، طبقات الحفاظ: 351، شذرات الذهب: 2 / 342، الرسالة المستطرفة: 73.
(1) في أغلب المصادر " شريح " وهو تصحيف.
انظر " تبصير المنتبه ": 2 / 780.
(2) بالالف الساكنة بين الشينين المعجمتين.
هذه النسبة إلى مدينة وراء نهر سيحون " الانساب ": 7 / 244.
(3) ثمة نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق تضم الجزء الخامس والسابع إلى الخامس عشر.
(*)

(15/359)


وأصله من مرو.
توفي بسمرقند في سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وفيها توفي شيخ الشافعية ابن القاص أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري ثم البغدادي صاحب ابن سريج، الامام أبو عمر حمزة بن القاسم الهاشمي، وأبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني، والمعمر أبو بكر محمد بن جعفر الصيرفي المطيري ببغداد، والعلامة أبو بكر محمد بن يحيى الصولي البغدادي.

184 - ابن اللباد * العلامة مفتي المغرب، أبو بكر، محمد بن محمد بن وشاح، اللخمي مولاهم الافريقي عرف بابن اللباد.
تلميذ يحيى بن عمر (1)، وعليه عول، وكان من بحور العلم.
صنف " عصمة الانبياء " (2)، و " كتاب الطهارة " و " مناقب مالك " وتخرج به أئمة.
وكان مجاب الدعوة، عظيم الخطر.
وعليه تفقه أبو محمد بن أبي زيد.
منعه بنو عبيد من الاقراء والفتيا إلى أن توفي في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
__________
* طبقات الشيرازي: 160، الوافي بالوفيات: 1 / 130، الديباج المذهب: 249 - 250، معالم الايمان: 3 / 23 - 31.
(1) انظر ترجمته في " علماء أفريقية ": 184 - 186، و " الديباج المذهب ": 351 - 353، (2) في " الديباج المذهب ": 250 " إثبات الحجة في بيان العصمة ".
(*)

(15/360)


185 - ابن المنادي * الامام المقرئ الحافظ، أبو الحسين، أحمد بن جعفر بن المحدث أبي جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود بن المنادي (1)، البغدادي، صاحب التواليف.
سمع من جده، ومن محمد بن عبدالملك الدقيقي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبي داود السجستاني، وعبد الله بن محمد بن اليزيدي، وعدة.
وأكبر شيخ له زكريا بن يحيى المروزي صاحب سفيان بن عيينة.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، وأحمد بن نصر الشذائي المقرئ، وأحمد بن عبدالرحمن شيخ لعبد الباقي بن السقاء، وعبد الواحد بن أبي هاشم، ومحمد بن فارس الغوري، وجماعة.
قال الداني: أخذ القراءة عرضا، وروى الحروف سماعا عن الحسن
ابن العباس، وأبي أيوب الضبي، وإدريس بن عبد الكريم، والفضل بن مخلد الدقاق، وسمى جماعة سواهم.
ثم قال: مقرئ جليل غاية في الاتقان، فصيح اللسان، عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، صاحب سنة، ثقة مأمون.
__________
* الفهرست: 58، تاريخ بغداد: 4 / 69 - 70، طبقات الشيرازي: 173، طبقات الحنابلة 2 / 3 - 6، المنتظم: 6 / 357 - 358، تذكرة الحفاظ: 3 / 849 - 850، العبر: 2 / 242، الوافي بالوفيات: 6 / 290، مرآة الجنان: 2 / 325، البداية والنهاية: 11 / 219، غاية النهاية: 1 / 44، النجوم الزاهرة: 3 / 295، بغية الوعاة: 130، طبقات الحفاظ: 351 - 352، شذرات الذهب: 2 / 343.
(1) بضم الميم، وفتح النون، وفي آخرها الدال المهملة.
هذه النسبة إلى من ينادي على الاشياء التي تباع والمفقودة.
" الانساب ": 542 ب.
(*)

(15/361)


قرأ عليه الشذائي، وابن أبي هاشم، وأحمد بن عبدالرحمن.
قال أبو بكر الخطيب: كان صلب الدين، شرس الاخلاق، فلذلك لم تنتشر عنه الرواية (1).
وقد صنف أشياء، وجمع.
وكان مولده في سنة سبع وخمسين ومئتين تقريبا.
وتوفي في المحرم سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
أنبأنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا إسماعيل بن السمرقندي، أخبرنا أحمد بن علي المنيابي، أخبرنا أحمد بن محمد المجبر، حدثنا أحمد بن جعفر المنادي، حدثنا الصاغاني، حدثنا سعيد ابن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثني عبيد الله بن زحر، عن ليث، عن شهر بن حوشب، قال: كنا نأتي أبا سعيد، فنسأله، وكان يقول
لنا: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " سيأتيكم أناس يتفقهون ففقهوهم، وأحسنوا تعليمهم " (2).
أخبرنا سليمان بن أبي عمر القاضي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا جعفر السراج، أخبرنا علي بن المحسن، أخبرنا محمد بن العباس، أخبرنا أحمد بن جعفر ابن المنادي، حدثني عبد الله بن محمد، أخبرني أخي أبو جعفر، وعمي إبراهيم، قالا: حدثنا يحيى بن المبارك العدوي، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة [ قالت ]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ (ملك يوم الدين) بغير ألف.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 69.
(2) إسناده ضعيف عبيد الله بن زحر مختلف فيه، وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف، وكذا شيخه فيه شهر بن حوشب.
(*)

(15/362)


غريب منكر، وإسناده نظيف.

186 - الخرقي * العلامة شيخ الحنابلة، أبو القاسم، عمر بن الحسين بن عبد الله، البغدادي الخرقي (1) الحنبلي، صاحب المختصر المشهور (2) في مذهب الامام أحمد.
كان من كبار العلماء تفقه بوالده الحسين (3) صاحب المروذي وصنف التصانيف.
قال القاضي أبو يعلى: كانت لابي القاسم مصنفات كثيرة لم تظهر، لانه خرج من بغداد لما ظهر بها سب الصحابة، فأودع كتبه في دار فاحترقت الدار (4).
قلت: وقدم دمشق، وبها توفي، وقبره ظاهر يزار بمقبرة باب الصغير.
قال أبو بكر الخطيب: زرت قبره (5).
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 234 - 235، طبقات الشيرازي: 172، طبقات الحنابلة: 2 / 75 - 118، الانساب: 5 / 92، تاريخ ابن عساكر: 12 / 352 آ، والمنتظم: 6 / 346، وفيات الاعيان: 3 / 441، العبر: 2 / 238 - 239، البداية والنهاية: 11 / 214، شذرات الذهب: 2 / 336 - 337.
(1) بكسر الخاء المعجمة، وفتح الراء، وفي آخرها القاف.
هذه النسبة إلى بيع الثياب.
والخرق.
" الانساب ": 5 / 91.
(2) شرحه الامام ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة / 620 / ه شرحا قيما سماه: " المغني " وهو مطبوع.
(3) له ترجمة في " طبقات الحنابلة ": 2 / 45 - 47.
(4) " طبقات الحنابلة ": 2 / 75.
(5) " تاريخ بغداد ": 11 / 235.
(*)

(15/363)


وتوفي في سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
قلت: لم يقع لنا حديث من طريقه.
وقد حكى عنه عبد الله بن عثمان الصفار.
وظهر في هذا الوقت الرفض والاعتزال بالعراق ببني بويه.

187 - الكرماني * عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، الكرماني.
روى عن يحيى بن بحر الكرماني، صاحب حماد بن زيد، وعن
محمد بن أبي يعقوب الكرماني ولم يدركه.
وعنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو عبد الله بن مندة، وابن محمش.
قال الحاكم: كان في أيامي، ولم أسمع منه.
قيل: ولد سنة خمسين ومئتين.

188 - البصري * * الامام القدوة الزاهد الصالح، أبو عثمان، عمرو بن عبد الله بن درهم، النيسابوري المطوعي الغازي، المعروف بالبصري.
سمع محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأحمد بن معاذ، وغيرهما.
حدث عنه: الحافظ أبو علي، وأبو إسحاق المزكي، وأبو عبد الله بن
__________
* ميزان الاعتدال: 2 / 527، لسان الميزان: 3 / 279.
* * لم نقف له على مصادر ترجمة، وتاريخ نيسابور الذي نقل عنه المؤلف لم يعثر عليه حتى الآن.
(*)

(15/364)


مندة، والحسن بن علي بن المؤمل، وأبو طاهر بن محمش، والعلوي، وآخرون.
توفي في شعبان سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
وقد نيف على ثمانين سنة.
قال الحاكم: لم أرزق السماع منه على أنه كان يحضر منزلنا، وأنبسط إليه.
قال لي أبي: صحبته إلى رباط فراوة (1).
وما رأيت مثل اجتهاده حضرا وسفرا.

189 - الاخشيذ * صاحب مصر الملك، أبو بكر محمد بن طغج بن جف بن خاقان،
الفرغاني التركي.
روى عن عمه بدر.
وولي مصر سنة إحدى وعشرين (2)، ثم دمشق مضافا إلى مصر من قبل الراضي.
__________
(1) بالفتح، وبعد الالف واو مفتوحة، بليدة من أعمال نسا " معجم البلدان ": 4 / 245.
* ولاة مصر: 299، تاريخ ابن عساكر: 15 / 243 ب - 244 آ، المنتظم: 6 / 347، وفيات الاعيان: 5 / 56 - 63، العبر: 2 / 239 - 240، الوافي بالوفيات: 3 / 171 - 172، مرآة الجنان: 2 / 314 - 316، البداية والنهاية: 11 / 215، النجوم الزاهرة: 3 / 235 - 237 شذرات الذهب: 2 / 337.
(2) هذه ولايته الاولى، ودامت اثنين وثلاثين يوما.
ولم يدخل مصر فيها، أما ولايته الثانية والتي دامت إلى أن مات.
فكانت سنة / 232 / ه.
(*)

(15/365)


والاخشيذ بالتركي ملك الملوك.
وتوفي جده سنة سبع وأربعين ومئتين.
ثم صار طغج من كبار قواد خمارويه، ثم سار إلى بغداد فعظموه، فبدا منه كبر وتيه في حق الوزير، فسجن هو وابنه هذا، فمات في السجن، ثم أطلق محمد، وجرت له أمور طويلة إلى أن تملك.
وكان بطلا شجاعا حازما يقظا مهيبا سعيدا في حروبه مكرما لاجناده شديد الايد (1) لا يكاد أن يجر أحد قوسه (2).
بلغ عدة مماليكه ثمانية آلاف.
وقيل: بلغ عدد جشيه أربع مئة ألف راكب (3).
وهذا بعيد، وله جماعة أولاد تملكوا بعده (4).
توفي بدمشق في ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة عن ست وستين سنة.
ثم نقل، فدفن ببيت المقدس غفر الله له.
وقد حاربه ابن رائق فهزمه الاخشيذ، ثم سار أخو الاخشيذ، فالتقى ابن رائق فقتل.
فندم ابن رائق، وبعث ابنه مزاحما إلى الاخشيذ ليقتله بأخيه، فعفا، وخلع على مزاحم، ورده إلى أبيه (5).
__________
(1) القوة.
(2) " وفيات الاعيان ": 5 / 58 - 59.
(3) " وفيات الاعيان ": 5 / 59.
(4) انظر " ولاة مصر ": 311 - 315.
(5) " الكامل ": 8 / 363 - 364.
(*)

(15/366)


190 - الشبلي * شيخ الطائفة، أبو بكر، الشبلي (1) البغدادي.
قيل: اسمه دلف بن جحدر، وقيل: جعفر بن يونس.
وقيل: جعفر بن دلف (2).
أصله من الشبلية قرية.
ومولده بسامراء.
وكان أبوه من كبار حجاب الخلافة.
وولي هو حجابة أبي أحمد الموفق (3)، ثم لما عزل أبو أحمد من ولاية، حضر الشبلي مجلس بعض الصالحين.
فتاب ثم صحب الجنيد وغيره، وصار من شأنه ما صار.
وكان فقيها عارفا بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفة.
وقال الشعر، وله ألفاظ وحكم وحال وتمكن، لكنه كان يحصل له جفاف دماغ وسكر.
فيقول أشياء يعتذر عنه، فيها بأو (4) لا تكون قدوة.
__________
* طبقات الصوفية: 337 - 348، حلية الاولياء: 10 / 366 - 375، تاريخ بغداد:
14 / 389 - 397، الرسالة القشيرية: 25 - 26، الانساب: 7 / 282 - 284، المنتظم: 6 / 347 - 349، وفيات الاعيان: 2 / 273 - 276، العبر: 2 / 240 - 241، مرآة الجنان: 2 / 317 - 319، البداية والنهاية: 11 / 215 - 216، الديباج المذهب: 116 - 117، طبقات الاولياء: 204 - 213، النجوم الزاهرة: 3 / 289 - 290، شذرات الذهب: 2 / 338.
(1) بكسر الشين المعجمة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى قرية من قرى أشر وسنة - بلدة عظيمة وراء سمرقند - يقال لها: الشبلية.
وقد أورد السمعاني خبرا عنه في نسبته قال: " نوديت في سري يوما: شب لي، أي أحترق في، فسميت نفسي بذلك ".
أنظر " الانساب ": 7 / 281، 282، 283.
(2) انظر " طبقات الصوفية ": 337.
(3) ابن الخليفة المتوكل، وأخو الخليفة المعتمد.
(4) البأو: الكبر، والفخر.
(*)

(15/367)


حكى عنه: محمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن الحسن البغدادي، ومنصور بن عبد الله الهروي الخالدي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد الدمشقي، وابن جميع الغساني، وآخرون.
قيل: إنه مرة قال: آه، فقيل له: من أي شئ ؟ قال: من كل شئ.
وقيل: إن ابن مجاهد، قال له: أين في العلم إفساد ما ينفع، قال: قوله (فطفق مسحا بالسوق والاعناق) (1).
ولكن يا مقرئ أين معك أن المحب لا يعذب حبيبه ؟ [ فسكت ابن مجاهد ] قال: قوله: (نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم) (2) ؟
وعنه، قال: ما قلت: الله إلا واستغفرت الله من قولي: الله (3).
قال أحمد بن عطاء الروذباري: سمعت الشبلي، يقول: كتبت الحديث عشرين سنة، وجالست الفقهاء عشرين سنة.
وكان له يوم الجمعة صيحة، فصاح [ يوما ]، فتشوش الخلق، فحرد أبوعمران الاشيب والفقهاء فجاء إليهم الشبلي، فقالوا (4): يا أبا بكر إذا اشتبه عليها دم الحيض بالاستحاضة ما تصنع ؟ فأجاب بثمانية عشر جوابا.
فقام أبوعمران، فقبل رأسه (5).
__________
(1) ذلك لانه كان من شأن الشبلي إذا لبس شيئا خرق فيه موضعا، وفي الاستشهاد بالآية نظر، فإن ابن عباس فسرها بقوله: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها: حبا لها، وهو الذي اختاره ابن جرير، قال: لانه لم يكن ليعذب حيوانا بالعرقبة ويهلك مالا من ماله بلا سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها.
(2) (قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم، بل أنتم بشر ممن خلق)، المائدة: 18 وانظر " تاريخ بغداد ": 14 / 392، وما بين حاصرتين منه.
(3) " تاريخ بغداد ": 14 / 390.
(4) يريدون أن يظهروا جهله بالفقه.
(5) " تاريخ بغداد ": 14 / 393، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/368)


وكان رحمه الله لهجا بالشعر الغزل والمحبة.
وله ذوق في ذلك، وله مجاهدات عجيبة انحرف منها مزاجه.
قال السلمي: سمعت محمد بن الحسن، سمعت الشبلي، يقول: أعرف من لم يدخل في هذا الشأن حتى أنفق جميع ملكه، وغرق سبعين قمطرا (1) بخطه، في دجلة التي ترون، وحفظ " الموطأ "، وتلا بكذا وكذا
قراءة، يعني: نفسه (2).
وسئل: ما علامة العارف ؟ قال: صدره مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه مطروح.
توفي ببغداد سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
عن نيف وثمانين سنة.

191 - الزيدي * الامام الحافظ الناقد المجود، أبو أحمد، حامد بن أحمد بن محمد ابن أحمد، المروزي المشهور بالزيدي، لكونه اعتنى بجمع أحاديث زيد بن أبي أنيسة.
سكن طرسوس مرابطا.
وحدث ببغداد عن محمد بن نصر بن شيبة، وأبي رجاء محمد بن حمدويه، وأحمد بن سورة المراوزة، وعلي بن الحسن بن سلم الاصبهاني، ومحمد بن العباس الدمشقي.
__________
(1) ما تصان فيه الكتب.
(2) " تاريخ بغداد ": 14 / 393، وما بين حاصرتين منه.
* تاريخ بغداد: 8 / 171 - 172، تاريخ ابن عساكر: 4 / 75 آ - 76 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 918 - 919، طبقات الحفاظ: 373 - 374.
(*)

(15/369)


حدث عنه: محمد بن إسماعيل الوراق، وأبو الحسن الدارقطني، وابن الثلاج، وأبو الحسين بن جميع، وآخرون.
وله انتخاب على خيثمة الاطرابلسي.
مات في الكهولة.
قال الخطيب: كان ثقة، موصوفا بالحفظ، مذكورا بالفهم (1).
قال طلحة الشاهد: مات الحافظ أبو أحمد الزيدي سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
وكذا ورخه محمد بن الفياض، وزاد في رمضان (2).
وقال ابن يونس: كان يحفظ ويفهم.
توفي في رمضان سنة تسع وعشرين ببغداد (3).
قال الخطيب: الاول أصح، وبلغني أنه ولد سنة اثنتين وثمانين ومئتين (4).
قلت: لولا قدم وفاته لذكرته مع ابن عدي والاسماعيلي.
وبإسنادي إلى ابن جميع، حدثنا حامد بن محمد أبو أحمد الحافظ، حدثنا محمد بن عمران، حدثنا محمد بن يحيى القصري، حدثنا بشر بن عقار، عن عزرة بن ثابت، عن مطر الوراق، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: الوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة " (5).
هذا حديث غريب.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 171.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 8 / 171 - 172.
(4) " تاريخ بغداد ": 8 / 172.
(5) وأخرجه أحمد 2 / 299 و 233 و 260 من طرق عن يونس، عن الحسن، عن أبي = (*)

(15/370)


192 - ابن القاص * الامام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو العباس، أحمد بن أبي أحمد الطبري، ثم البغدادي الشافعي ابن القاص تلميذ أبي العباس بن سريج.
حدث عن: أبي خليفة الجمحي وغيره.
رأيت له شرح حديث " أبي عمير " (1).
__________
هريرة و 2 / 254 من طريق أسود بن عامر، عن جرير بن حازم، عن الحسن عن أبي هريرة، و 2 / 329 من طريق أبي النضر، عن المبارك، عن الحسن، عن أبي هريرة، و 2 / 174 من طريق يحيى، عن عمران أبي بكر، حدثنا الحسن، عن أبي هريرة وأخرجه النسائي 4 / 218 من طريق محمد بن رافع، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الاسود بن هلال، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 484 من طريق يونس، حدثنا الخزرج، عن أبي أيوب، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 271 و 489 من طريقين، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: أوصاني صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن في حضر ولا سفر: نوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، قال: ثم أوهم الحسن فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة.
وأخرجه بهذا اللفظ من غير طريق الحسن عن أبي هريرة البخاري (1178) و (1981) ومسلم (721) والدارمي 1 / 339 و 2 / 18، وأبو داود (1432) وأحمد 2 / 258 و 277 و 402 و 459 و 505.
* طبقات الشيرازي: 11، الانساب: 10 / 24 - 25، وفيات الاعيان: 1 / 68 - 69، العبر: 2 / 241، الوافي بالوفيات: 6 / 227، طبقات الشافعية: 3 / 59 - 63، النجوم الزاهرة: 3 / 294، طبقات ابن هداية الله: 65 - 66، شذرات الذهب: 2 / 339.
(1) حديث أبي عمير أخرجه البخاري (1629) و (6203) ومسلم (2150) وأبو داود (4969) والترمذي (333) من حديث أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ - يقال له أبو عمير - قال: أحسبه فطيما، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير: نغر كان يلعب به، فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته، فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا " والنغير: طائر صغير كالعصفور.
وشرح ابن القاص لهذا الحديث هو في جزء ذكر في أوله أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها، ومثل ذلك بحديث أبي عمير، قال: وما درى أن في هذا الحديث من وجوه
الفقه، وفنون الادب، والفائدة ستين وجها، ثم ساقها مبسوطة، ولخصها الحافظ ابن حجر في = (*)

(15/371)


وتفقه به أهل طبرستان.
صنف في المذهب " كتاب المفتاح " و " كتاب أدب القاضي "، و " كتاب المواقيت "، وله " كتاب التلخيص " الذي شرحه أبو عبد الله الختن ختن الاسماعيلي (1).
وتوفي مرابطا بطرسوس.
قال الشيخ أبو إسحاق: كان ابن القاص من أئمة أصحابنا، صنف المصنفات.
مات بطرسوس سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة (2).

193 - الممسي * الامام المفتي أبو الفضل العباس بن عيسى، الممسي (3) المالكي العابد.
أخذ عن: موسى القطان القيرواني وغيره.
__________
" فتح الباري " 10 / 584، 587.
وجزء ابن القاص موجود في معهد المخطوطات، وقد صورت منه نسخة.
(1) الختن: الصهر، أو كل من كان من قبل المرأة كالاب والاخ.
وأبو عبد الله المذكور هو محمد بن الحسن بن إبراهيم، أحد أئمة الشافعية في عصره توفي سنة / 386 / ه.
وكان ختن الامام أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي المتوفى سنة / 371 / ه.
(2) " طبقات الشيرازي ": 111.
* ترتيب المدارك: 3 / 313 - 323.
الديباج المذهب: 217، معالم الايمان: 3 / 31 - 35، شجرة النور 1 / 83.
(3) في الاصل: التنيسي وفي " ترتيب المدارك " و " الديباج " و " معالم الايمان ": الممسي، وممس: قرية بالمغرب.
(*)

(15/372)


وكان مناظرا صاحب حجة.
حج في سنة سبع عشرة، ورد على الطحاوي في مسألة النبيذ، ثم رجع إلى الغرب، وأقبل على شأنه، ذكره عياض القاضي.
فلما قام أبو يزيد مخلد بن كنداد الاعرج رأس الخوارج على بني عبيد.
خرج هذا الممسي معه في عدد من علماء القيروان لفرط ما عمهم من البلاء، فإن العبيدي كشف أمره، وأظهر ما يبطنه، حتى نصبوا حسن الضرير السباب في الطرق بأسجاع لقنوه، يقول: العنوا الغار وما حوى، والكساء وما وعى، وغير ذلك، فمن أنكر ضربت عنقه.
وذلك في أول دولة الثالث إسماعيل (1)، فخرج مخلد الزناتي المذكور صاحب الحمارة، وكان زاهدا، فتحرك لقيامه كل أحد، ففتح البلاد، وأخذ مدينة القيروان لكن عملت الخوارج كل قبيح، حتى أتى العلماء أبا يزيد يعيبون عليه.
فقال: نهبكم حلال لنا، فلاطفوه حتى أمرهم بالكف، وتحصن العبيدي بالمهدية.
وقيل: إن أبا يزيد لما أيقن بالظهور، غلبت عليه [ نفسه ] الخارجية، وقال لامرائه: إذا لقيتم العبيدية، فانهزموا عن القيروانيين، حتى ينال منهم عدوهم، ففعلوا ذلك، فاستشهد خلق.
وذلك سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة (2).
فالخوارج أعداء المسلمين، وأما العبيدية الباطنية، فأعداء الله ورسوله.
__________
(1) انظر ترجمته رقم / 67 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 153 / من هذا الجزء، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/373)


194 - الحبلي * الامام الشهيد قاضي مدينة برقة، محمد بن الحبلي.
أتاه أمير برقة، فقال: غدا العيد، قال: حتى نرى الهلال، ولا أفطر الناس، وأتقلد إثمهم، فقال: بهذا جاء كتاب المنصور - وكان هذا من رأي العبيدية يفطرون بالحساب، ولا يعتبرون رؤية - فلم ير هلال، فأصبح الامير بالطبول والبنود وأهبة العيد.
فقال القاضي: لا أخرج ولا أصلي، فأمر الامير، رجلا خطب.
وكتب بما جرى إلى المنصور، فطلب القاضي إليه، فأحضر، فقال له: تنصل، وأعفو عنك، فامتنع، فأمر، فعلق في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث العطش، فلم يسق.
ثم صلبوه على خشبة.
فلعنة الله على الظالمين.

195 - حمزة بن القاسم * * ابن عبد العزيز، الامام القدوة، إمام جامع المنصور، أبو عمر الهاشمي البغدادي.
مولده في سنة تسع وأربعين ومئتين.
سمع من: سعدان بن نصر، وعيسى بن أبي حرب، وعباس الترقفي، وعباس الدوري.
__________
* لم أقف على مصادر ترجمته.
* * تاريخ بغداد: 8 / 181 - 183، المنتظم: 6 / 350 - 351.
(*)

(15/374)


روى عنه: الدارقطني، وأبو الحسين ابن المتيم، وإبراهيم بن مخلد
الباقرحي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة مشهورا بالصلاح، استسقى للناس، فقال: اللهم إن عمر بن الخطاب استسقى بشيبة العباس [ فسقي ] وهو أبي، وأنا استسقي به.
قال: [ فأخذ يحول رداءه ] فجاء المطر وهو على المنبر (1).
توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
121 - الجورجيري * المحدث أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الاصبهاني الجورجيري.
سمع إسحاق بن الفيض، وإسحاق شاذان، ومحمد بن عاصم الثقفي، ومسعود بن يزيد القطان، وحجاج بن يوسف بن قتيبة، وإبراهيم بن عبد الله الجمحي.
حدث عنه: أبو إسحاق بن حمزة الحافظ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن مندة، وعثمان بن أحمد البرجي وآخرون.
يقع من عواليه في " الثقفيات " (2).
توفي في ربيع الاول سنة ثلاثين وثلاث مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 182، والزيادة منه.
وخبر استسقاء عمر بالعباس فخرج في البخاري 2 / 413 في الاستسقاء: باب سؤال الناس الامام الاستسقاء إذا قحطوا، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر العباس بن عبدالمطلب.
* تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 120 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(*)

(15/375)


196 - السمسار * الامام الزاهد المعمر أبو بكر محمد بن عمر بن حفص، النيسابوري
السمسار العابد.
سمع إسحاق بن عبد الله بن رزين، وسهل بن عمار، وغيرهما.
وعنه: أبو الحسين الحجاجي، وأبو إسحاق المزكي، وأبو عبد الله ابن مندة، وأبو طاهر بن محمش.
كان في مكسب عظيم فتركه (1)، واشتغل بالصلاة، والتلاوة، وحضور الجنائز.
أثنى عليه الحاكم.
وقال: توفي في شوال سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وله اثنتان وتسعون سنة.
قال: وشيعه خلق مثل جمع يوم العيد.

197 - المدائني * * المحدث أبو عبد الله محمد بن الحسين بن إسماعيل المدائني.
حدث عن: يزيد بن سنان القزاز، وزكريا بن يحيى بن خلاد الساجي، صاحب الاصمعي، ونصر بن مرزوق، وجماعة.
وعنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو زرعة أحمد بن الحسين.
ذكره ابن النجار.
__________
* لم نقف على مصادر ترجمته.
(1) لو أنه جمع بين الاكتساب والعبادة، ووزع أوقاته عليهما، لكان خيرا له وأقرب إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * لم نقف على مصادر ترجمته.
(*)

(15/376)


198 - أبو زرعة * هو الامام المحدث أبو زرعة محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج بن متوية القزويني.
ذكره الخليلي.
فقال: ثقة عارف بهذا الشأن.
سمع بقزوين محمد بن مسعود الاسدي، ويوسف بن حمدان، وبالعراق أبا خليفة، وزكريا الساجي.
ثم ارتحل إلى الشام سنة ثمان وعشرين، وكتب الكثير، فمات عند رجوعه بقرب قرميسين سنة ثلاثين وثلاث مئة، وهو كهل.
روى عنه: ابن لال الهمذاني، وغيره، وحدثنا عنه ابنه عبد الله بحديثين.
وأبوه الحافظ أبو بكر.

199 - أحمد بن محمد * * ابن متويه.
سمع يحيى بن عبدك، وكثير بن شهاب، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وعدة من القزوينيين والعراقيين، والحجازيين، قديم الموت.
سمعوا منه بالعراق لحفظه.
__________
* الارشاد للخليلي الورقة 135.
* * الارشاد الورقة 135.
(*)

(15/377)


وروى عنه: أبو الحسن القطان، وأبو داود الفامي.
ثم قال الخليلي: ولم ندرك ممن روى عنه إلا علي بن أحمد بن صالح.

200 - ابن زبان * المقرئ العابد المعمر، أبو بكر أحمد بن سليمان بن زبان الكندي، الدمشقي الضرير، ويعرف أيضا بابن أبي هريرة.
ادعى أنه قرأ القرآن على أحمد بن يزيد الحلواني، وأنه سمع من هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وإبراهيم بن أيوب الحوراني.
تلا عليه أحمد بن عبد الله بن زريق، وحدث عنه: ابن شمعون، وأبو بكر بن شاذان، وابن شاهين، وجماعة.
وروى عنه: أولا تمام، والعفيف بن أبي نصر، ثم تركا الرواية عنه لضعفه.
وكان يقول: ولدت سنة خمس وعشرين ومئتين.
قال عبد الغني (1) الازدي: كان غير ثقة (2).
توفي سنة ثمان وثلاثين [ وثلاث مئة ].
__________
* الاكمال: 4 / 120، العبر: 2 / 246، ميزان الاعتدال: 1 / 102، الوافي بالوفيات: 6 / 403، نكت الهميان: 99، لسان الميزان: 1 / 181 - 182، شذرات الذهب: 2 / 345 - 346.
(1) في الاصل: عبد العزيز، وهو خطأ.
(2) " العبر ": 2 / 246.
(*)

(15/378)


201 - ابن حيكويه * القاضي الامام المحدث، أبو الحسن، محمد بن يحيى بن زكريا، الرازي الشافعي.
ذكره الخليلي، فقال: عالم كبير، سمعت ابن ثابت، يعني: علي ابن أحمد، يقول: ما رأيت بقزوين من يعرف هذا الشأن غيره.
سمع سهل بن سعد، وعلي بن أبي طاهر، وارتحل، فسمع أبا شعيب الحراني، ومحمد بن يحيى المروزي، ومطينا، وأبا خليفة، وأبا
يعلى، وهو من المكثرين في الحديث، وفي الفقه.
لازم ابن سريج إلى أن مات.
وله تصانيف في الاصول والفقه.
ولي القضاء بقزوين أربع سنين إلى سنة سبع وعشرين وثلاث مئة، وبنى المقصورة، وأمر باتخاذ المنبر، واستقضي أيضا بهمذان.
وكان متعصبا للسنة، ناصرا لاهلها.
وأبوه (1) هو حيكويه المعدل، ثقة معتمد.
سمع يحيى بن عبدك، وكثير بن شهاب، أدركت جماعة من أصحابه، مات سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
واستشهد القاضي أبو الحسن في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
__________
* الارشاد للخليلي الورقة 136.
(1) ترجمه أيضا في الارشاد الورقة 135.
(*)

(15/379)


202 - أحمد بن عبيد * ابن إبراهيم، الامام المحدث الحجة الناقد، أبو جعفر، الاسدي (1) الهمذاني.
حدث عن: إبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن صالح الاشج، وإبراهيم الحربي، والحسن بن علي السري، ويوسف بن عبد الله الدينوري، ومحمد بن الضريس، وعدة.
قال صالح بن أحمد: كتبنا عنه: وهو صدوق، بصير بالانساب والرجال.
وقال الخليلي: كان ثقة.
هو آخر من روى عن ابن ديزيل، وادعى
ابن عمه عبدالرحمن بن الحسن الرواية عن ابن ديزيل فأنكر عليه.
فلما مات أحمد روى [ كتب ابن ديزيل ] فضعفوه (2).
توفي أحمد (3).

203 - محمد بن حاتم * * ابن خزيمة الكشي.
قدم نيسابور.
__________
* الارشاد للخليلي الورقة 115، العبر: 2 / 259، شذرات الذهب: 2 / 361 - 362.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 163 " الاسد اباذي.
(2) الارشاد الورقة 115 والزيارة منه.
(3) في الاصل بياض قدر سطر واحد، وفي " العبر ": 2 / 259 أورد الذهبي وفاته في حوادث سنة / 342 / ه.
* * الضعفاء للذهبي: 2 / 563، ميزان الاعتدال: 3 / 503، الوافي بالوفيات: 2 / 315، لسان الميزان: 5 / 110.
(*)

(15/380)


وحدث عن عبد بن حميد، وعن الفتح بن عمرو الكشي صاحب ابن أبي فديك واتهم في ذلك.
روى عنه: الحاكم وكذبه (1).
وقال: حدثنا إملاء من كتابه وذكر أنه ابن مئة وثمان سنين كتب عنه في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.

204 - المصري * الامام المحدث الرحال، أبو الحسن، علي بن محمد بن أحمد بن الحسن، البغدادي، الواعظ، المشهور بالمصري لاقامته مدة بمصر.
سمع أحمد بن عبيد أبا عصيدة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وابن أبي العوام الرياحي وطبقتهم.
وبمصر من روح بن الفرج القطان، وأبي يزيد
القراطيسي، وعبد الله بن محمد بن أبي مريم، وطبقتهم، وجمع وصنف (2).
روى عنه: أبو الحسين بن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، ومحمد بن فارس الغوري، وهلال الخفار، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وطائفة.
قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة، عارفا، جمع الحديث الليث، وحديث ابن لهيعة.
وصنف في الزهد كتبا كثيرة.
وكان له مجلس وعظ (3).
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 3 / 503.
* الفهرست: 263، تاريخ بغداد: 12 / 75 - 76، البداية والنهاية: 11 / 222.
(2) انظر " الفهرست ": 263.
(3) " تاريخ بغداد ": 12 / 76.
(*)

(15/381)


حدثني الازهري أنه يحضر مجلسه رجال ونساء، فكان يجعل على وجهه برقعا خوفا أن يفتتن به الناس من حسن وجهه.
ثم قال الازهري: فحدثت أن أبا بكر النقاش المقرئ، حضر مجلسه مختفيا (1)، فلما سمع كلامه، قام قائما، وشهر نفسه، وقال: أيها الشيخ، القصص بعدك حرام.
قلت: عند السبط (2) جزء عال من حديثه سمعناه.
قال الخطيب: توفي في ذي القعدة وله نيف وثمانون سنة.
مات سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.

205 - ابن دينار * الامام الفقيه المأمون الزاهد العابد، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن
دينار، النيسابوري الحنفي.
سمع محمد بن أشرس، والسري بن خزيمة، والحسين بن الفضل المفسر، وأحمد بن سلمة، وعدة.
روى عنه: عمر بن شاهين، وأبو عبد الله الحاكم، وغير واحد.
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 12 / 76: متخفيا.
(2) هو سبط السلفي، واسمه عبدالرحمن بن مكي مات سنة 651 ه.
* تاريخ بغداد: 5 / 451 - 452، المنتظم: 6 / 365 - 366، العبر: 2 / 248، مرآة الجنان: 2 / 327، الجواهر المضية: 2 / 66، النجوم الزاهرة: 3 / 300، شذرات الذهب: 2 / 348.
(*)

(15/382)


عظمه الحاكم وبجله، وقال: كان يصوم النهار، ويقوم الليل، ويصبر على الفقر.
ما رأيت في مشايخ أصحاب الرأي أعبد منه.
وكان - يحج ويغزو، وكان عارفا بالمذهب، سار ليحج فتوفي غريبا ببغداد، رحمه الله ورضي عنه.
وقال الخطيب: ثقة، توفي في غرة صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة (1).
وكان قد رغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة مع صبر على الفقر، وكان يأكل من عمل يده، ويتصدق، ويؤثر ويحج في كل عشر سنين، [ ويغزو ]، كل ثلاث سنين (2)، وكان كثير الرواية.
قال مرة: ابني يحب الدنيا، والله يبغضها، ولا أحب من يحب ما يبغضه الله.

206 - الحصائري * الامام مفتي دمشق ومقرئها ومسندها، أبو علي الحسن بن حبيب بن عبدالملك الدمشقي الحصائري (3) الشافعي.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 452.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 451، وما بين الحاصرتين منه.
* تاريخ ابن عساكر: 4 / 213 ب - 214 آ، العبر: 2 / 247، طبقات الشافعية: 3 / 255 - 256، غاية النهاية: 1 / 209 - 210، النجوم الزاهرة: 3 / 300، شذرات الذهب: 2 / 346.
(3) في " العبر ": الحضائري، و " الشذرات ": الخضائري، وكلاهما تصحيف انظر " المشتبه ": 1 / 238، " توضيح المشتبه " 1 / الورقة 206، و " تبصير المنتبه " 2 / 506.
(*)

(15/383)


مولده سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
وارتحل إلى مصر، فأخذ عن الربيع المرادي كتاب " الام "، وعن بكار بن قتيبة، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والعباس بن الوليد البيروتي، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأبي أمية الطرسوسي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وعدة.
وتلا على هارون الاخفش.
حدث عنه: عمر بن شاهين، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد المنعم بن غلبون، وأبو الحسين بن جميع، وتمام الرازي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وخلق، خاتمتهم عبدالرحمن بن أبي نصر التميمي.
قال عبد العزيز الكتاني: هو ثقة نبيل حافظ لمذهب الشافعي (1).
وقال ابن عساكر: كان إمام مسجد باب الجابية، وحدث بكتاب
" الام " (2).
قال الكتاني: مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.

207 - الانطاكي * الامام مقرئ الشام، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الرزاق بن حسن، الانطاكي.
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 256، وفيه: الكناني، وهو تصحيف.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 4 / 213 ب.
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 233 آ - 233 ب، العبر: 2 / 246 معرفة القراء: 1 / 230 - 231، غاية النهاية: 1 / 16 - 17، شذرات الذهب: 2 / 346.
(*)

(15/384)


روى عن أبي أمية الطرسوسي، ويزيد بن عبد الصمد، وعلي بن عبد العزيز.
وتلا على: هارون الاخفش، وقنبل، وعثمان بن خرزاذ، وإسحاق الخزاعي، وعدة.
وتلا شيخه عثمان على قالون (1).
وله مصنف في القراءات الثمان (2).
تلا عليه: محمد بن الحسن، وعلي بن بشر الانطاكيان، وعبد المنعم بن غلبون، وأبو علي بن حبش، وعدة.
وروى عنه: أبو أحمد الدهان، وأبو الحسين بن جميع، وطائفة.
قال أبو عمرو الداني: هو مقرئ ضابط، ثقة مأمون.
وقال علي بن بشر: مات شيخنا في شعبان سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.

208 - ابن البختري * مسند العراق الثقة المحدث الامام أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري بن مدرك، البغدادي الرزاز (3).
__________
(1) هو لقب عيسى بن مينا بن وردان، قارئ المدينة وأحد القراء السبعة، توفي سنة 220 ه.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم (79).
(2) " معرفة القراء ": 1 / 231.
* تاريخ بغداد: 3 / 132، الانساب: 6 / 107 - 108، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 4 / 291، شذرات الذهب: 2 / 350.
(3) اسم لمن يبيع الرز.
(*)

(15/385)


ولد سنة إحدى وخمسين ومئتين.
وسمع سعدان بن نصر، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعباسا الدوري، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن مندة، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو نصر بن حسنون النرسي، وهلال الحفار، وأبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، وخلق كثير.
قال الحاكم: كان ثقة مأمونا.
وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا (1).
قلت: وقع لنا جملة صالحة من حديثه.
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
أخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا هبة الله الدقاق، أخبرنا
ابن زكري، أخبرنا ابن بشران، أخبرنا ابن البختري، حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو أسامة، حدثنا مسعر، عن عبدالملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: أخبرت أن فرعون كان أثرم (2).

209 - الازدي * الحافظ الامام الفقيه القاضي، أبو زكريا، يزيد بن محمد بن إياس،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 132.
(2) الثرم، محركة: انكسار السن من أصلها، أو سن من الثنايا والرباعيات، أو خاص بالثنية.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 894 - 895، طبقات الحفاظ: 366.
(*)

(15/386)


الازدي الموصلي، مؤلف " تاريخ الموصل " (1) وقاضيها.
سمع محمد بن أحمد بن أبي المثنى، وعبيد بن غنام، وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن عبد الله مطينا، وطبقتهم.
ويعرف بابن زكرة.
حدث عنه: مظفر بن محمد الطوسي، وأبو الحسين بن جميع، ونصر بن أبي نصر العطار، وآخرون.
توفي قريبا من سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
وقع لي من حديثه في " معجم " ابن جميع.

210 - الشعراني * المحدث العالم الجوال، أبو بكر محمد بن معاذ بن فهد النهاوندي، ثم الهمذاني الشعراني، مؤلف طرق " من كذب علي متعمدا ".
يروي عن: الكديمي، وإبراهيم بن ديزيل، وتمتام، وأحمد
الحمار، والكجي، وحمدان بن المغيرة الهمذاني، ومطين، وعبد الله ابن أحمد، والفريابي، وخلق.
وعنه: أبو بكر بن لال، ومنصور بن جعفر النهاوندي وغيرهما.
وهو واه، وله أوهام.
__________
(1) طبعت لجنة إحياء التراث الاسلامي الجزء الثاني منه في القاهرة عام / 1967 / م، وهو الجزء الموجود، أما الاول والثالث فمفقودان.
* ميزان الاعتدال: 4 / 44، لسان الميزان: 5 / 384 - 285.
(*)

(15/387)


حدث سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
وقيل: توفي فيها.

211 - ابن أوس * الامام المقرئ، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أوس، الهمذاني.
روى عن: أحمد بن بديل، و عبدالحميد بن عصام، وأحمد بن محمد التبعي، وإبراهيم بن أحمد بن يعيش، وأحمد بن منصور زاج، وعدة.
قال صالح بن أحمد: كتبت عنه، وكان رأس ماله في القرآن.
فقرأت عليه القرآن بوجوه، وكان له محل جليل في القراءة، وهو صدوق في الرواية.
توفي في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
قلت: قد نيف على التسعين.

212 - ابن أبي صالح * * الامام الحافظ محدث همذان، أبو أحمد القاسم بن أبي صالح بندار ابن إسحاق الهمذاني الرواد.
حدث عن: أبي حاتم الرازي، وإبراهيم بن نصر النهاوندي، وإبراهيم بن ديزيل، والحسن بن علي بن زياد السري، ويوسف بن عبد الله الدينوري، وعدة.
__________
* غاية النهاية: 1 / 107.
* * لسان الميزان: 4 / 460.
(*)

(15/388)


وعنه: أبو علي الدقاق، وإبراهيم بن محمد بن يعقوب مموس، وهو من أقرانه، وطائفة.
قال صالح بن أحمد: سمعت منه قديما، وكان صدوقا متقنا.
سمعنا عامة ما كان عنده، وكان يتقن حديثه، وكتبه صحاح بخطه.
وذهب عامتها في الفتنة، ثم كف بصره (1).
توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.

213 - إبراهيم بن محمد * ابن يعقوب، الامام الحافظ الجوال أبو إسحاق الهمذاني الترابي مموس أحد الاعلام.
روى عن: يحيى بن أبي طالب، وأبي قلابة، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، وابن ديزيل ومحمد بن الفرج الازرق، وابن أبي الدنيا، وهلال ابن العلاء، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن إبراهيم الصوري، وأبي زرعة الدمشقي، وأبي الزنباع، وأبي يزيد القراطيسي، وإسحاق الدبري، والحسن بن عبدالاعلى البوسي، وخلائق.
ذكره صالح الحافظ وقال: روى عنه: الحسن بن يزيد الدقاق، وأبو عمران موسى بن سعيد، ومحمد بن يحيى، والفضل بن الفضل، وأبو
أحمد محمد بن علي الكرجي ابن القصاب، والكبار والحفاظ.
وسمعت منه مع أبي، وكان ثقة مفيدا.
سمعت أبي يقول: سمعت أبا حاتم البستي
__________
(1) " لسان الميزان ": 4 / 460.
* الارشاد الورقة 113 مختصر طبقات علماء الحديث الورقة 145، تذكرة الحفاظ 3 / 831.
(*)

(15/389)


يقول: عند أبي إسحاق مئتا حديث مما ليس مخرجه إلا من عنده.
وسمعت علان الكرجي يحكي عن أبي حاتم فقال: خمس مئة حديث.
وقال أبو أحمد القصاب: ما رأيت مثل ابن يعقوب، رأيت عنده ما لم أر عند أحد لا ببغداد ولا بأصبهان.
وطول صالح ترجمته، وأنه امتنع من الرواية، عن إبراهيم بن نصر لكون بعض الناس، قال فيه شيئا.
توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وقال الخليلي: حدثنا عنه جدي، ومحمد بن إسحاق الكيساني، عدلوه.
قلت: وروى عنه أحمد بن فراس العبقسي، وصالح بن أحمد، وكان ثقة.

214 - الميداني * الشيخ الصدوق، أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل، النيسابوري الميداني من أهل محلة تعرف بميدان ابن زياد.
سمع من: محمد بن يحيى الذهلي جزءا واحدا.
وهو الذي عند سبط السلفي.
روى عنه: أبو سعيد بن أبي بكر، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو طاهر ابن محمش، وأبو بكر الحيري وغيرهم.
__________
* العبر: 2 / 243، شذرات الذهب: 2 / 343.
(*)

(15/390)


مات فجأة في رجب سنة ست وثلاثين وثلاث مئة عن سن عالية.
وقد روى الحاكم في " تاريخه " حديثين عن القاضي أبي بكر الحيري، عن الميداني.

215 - الصعلوكي * الامام الحافظ الفقيه اللغوي، أبو الطيب، أحمد بن محمد بن سليمان، الحنفي الصعلوكي.
سمع أبا الطيب يحيى بن محمد الذهلي، وعلي بن الحسن الدارابجردي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء.
وفي الرحلة من محمد بن أيوب بالري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وطبقته ببغداد.
حدث عنه: أبو سهل الصعلوكي، وأبو عبد الله الاخرم.
قال الحاكم: وسمعت منه حديثا واحدا في المذاكرة، وكان إماما مقدما في الفقه واللغة وصنف (2) في الحديث، وأمسك عن الرواية بعد أن عمر، أو قال: عمي (3) وكنا نراه حسرة، رحمه الله (4).
توفي في رجب سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة.
__________
* الانساب: 8 / 65 - 66، إنباه الرواة: 1 / 105، الوافي بالوفيات: 7 / 396، طبقات الشافعية: 3 / 43 - 44.
(1) النسبة هنا إلى بني حنيفة، وهم قوم نزلوا اليمامة.
فالصعلوكي شافعي المذهب.
(2) في الاصل: " وضعيف " وهو خطأ، والتصويب من الانساب والطبقات.
(3) في " طبقات الشافعية ": 3 / 44: " وأراه تصحيفا ".
(4) " الانساب ": 8 / 66.
(*)

(15/391)


216 - القرميسيني * شيخ الصوفية، أبو إسحاق، إبراهيم بن شيبان، القرميسيني (1) زاهد الجبل.
صحب إبراهيم الخواص، ومحمد بن إسماعيل المغربي.
وحدث عن: علي بن الحسن بن أبي العنبر.
روى عنه: الفقيه أبو زيد المروزي، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن محمد بن ثوابة، وغيرهم، وساح بالشام، وغيرها.
سئل عبد الله بن منازل (2) الزاهد عنه، فقال: هو حجة الله على الفقراء وأهل المعاملات والآداب (3).
وعن إبراهيم، قال: من أراد أن يتعطل ويتبطل، فليلزم الرخص (4).
__________
* طبقات الصوفية: 402 - 405، حلية الاولياء: 10 / 361، الرسالة القشيرية: 27، الانساب: 10 / 110، تاريخ ابن عساكر: 2 / 225 آ - 225 ب، المنتظم: 6 / 390 - 391، العبر: 2 / 244 - 245، الوافي بالوفيات: 6 / 20، مرآة الجنان: 2 / 325، البداية والنهاية: 11 / 234، طبقات الاولياء: 21 - 23، شذرات الذهب: 2 / 334.
(1) بكسر القاف، وسكون الراء، وكسر الميم، والسين المهملة المكسورة بين اليائين الساكنتين آخر الحروف، والنون في آخرها.
هذه النسبة إلى " قرميسين " وهي بلدة بجبال العراق، على ثلاثين فرسخا من همذان عند
دينور، على طريق الحاج.
" الانساب ": 10 / 110.
(2) ضبطت في الاصل بضم الميم، والصواب بالفتح كما في " مشتبه " المؤلف 2 / 567 وتوضيح أن ناصر الدين، وتبصير ابن حجر.
(3) " طبقات الصوفية ": 402.
(4) " طبقات الصوفية ": 403.
(*)

(15/392)


وقال: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانية، وصحة العبودية، وما كان غير هذا فهو من المغالطة والزندقة (1).
قلت: صدقت والله، فإن الفناء والبقاء من ترهات الصوفية، أطلقه بعضهم، فدخل من بابه كل إلحادي وكل زنديق، وقالوا: ما سوى الله باطل فان، والله تعالى هو الباقي، وهو هذه الكائنات، وما ثم شئ غيره.
ويقول شاعرهم: وما أنت غير الكون * بل أنت عينه ويقول الآخر: وما ثم إلا الله ليس سواه.
فانظر إلى هذا المروق والضلال، بل كل ما سوى الله محدث موجود.
قال الله تعالى: (خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام) (2).
وإنما أراد قدماء الصوفية بالفناء نسيان المخلوقات وتركها، وفناء النفس عن التشاغل بما سوى الله، ولا يسلم إليهم هذا أيضا، بل أمرنا الله ورسوله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها والاقبال عليها، وتعظيم خالقها،
وقال تعالى: (أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شئ) (3)، وقال: (قل انظروا ماذا في السماوات والارض) (4).
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 404.
(2) السجدة: 4.
(3) الاعراف: 185.
(4) يونس: 101.
(*)

(15/393)


وقال عليه السلام: " حبب إلي النساء والطيب " (1).
وقال: " كأنك علمت حبنا للحم ".
وكان يحب عائشة، ويحب أباها، ويحب أسامة، ويحب سبطيه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه، ويحب الانصار، إلى أشياء لا تحصى مما لا يغني المؤمن عنها قط.
توفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة.

217 - أبو العرب * العلامة المفتي، ذو الفنون، أبو العرب، محمد بن أحمد بن تميم بن تمام، المغربي، الافريقي.
كان جده (2) من أمراء أفريقية.
سمع أبو العرب من خلق كثير أصحاب سحنون وغيره، وصنف التصانيف.
وروى عن: عيسى بن مسكين، وأبي عثمان بن الحداد.
__________
(1) أخرجه النسائي 7 / 61 في أول عشرة النساء، وأحمد 3 / 128 و 199 و 285 من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة " وهذا سند قوي، وصححه الحاكم.
تنبيه: يزيد بعضهم بعد قوله " حبب إلي من الدنيا " لفظا ثلاثا وهي زيادة شاذة لم تقع في شئ من كتب الحديث، وهي زيادة مفسدة للمعنى، لان الصلاة ليست من أمور الدنيا.
* علماء أفريقية 226، ترتيب المدارك: 3 / 334 - 336 تذكرة الحفاظ: 3 / 889 - 890، الوافي بالوفيات: 2 / 39، الديباج المذهب: 250 - 251، معالم الايمان: 3 / 42 - 47، طبقات الحفاظ: 363.
(2) في الاصل: جدهم.
(*)

(15/394)


وكان فيما قال القاضي عياض: حافظا للمذهب، مفتيا، غلب عليه علم الحديث والرجال، وصنف " طبقات أهل إفريقية " وكتاب " المحن " وكتاب " فضائل مالك " وكتاب " مناقب سحنون " وكتاب " التاريخ " في أحد عشر جزءا (1).
وقيل: إنه كتب بيده ثلاثة آلاف كتاب (2).
وأول طلبه للعلم كان بزي أولاد العرب (3).
وكان أحد من عقد الخروج على بني عبيد في ثورة أبي يزيد عليهم.
ولما حاصروا المهدية، سمع الناس على أبي العرب هناك كتابي " الامامة " لمحمد بن سحنون.
فقال أبو العرب: كتبت بيدي ثلاثة آلاف وخمس مئة كتاب، فوالله لقراءة هذين الكتابين هنا أفضل عندي من جميع ما كتبت (4).
مات لثمان بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وصلى عليه ابنه.

218 - أبو ميسرة * فقيه المغرب، أبو ميسرة، أحمد بن نزار، القيرواني المالكي، من العلماء العاملين.
أخذ عنه: أبو محمد بن أبي زيد.
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك ": 3 / 335.
(2) " الديباج المذهب ": 250.
(3) يعني أولاد السلاطين.
انظر " معالم الايمان ": 3 / 45 - 46.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 45.
* ترتيب المدارك: 3 / 358 - 362 معالم الايمان: 3 / 50 - 54.
(*)

(15/395)


أراد المنصور إسماعيل (1) أن يوليه قضاء القيروان، فأبى.
وكان يختم كل ليلة في مسجده، فرأى ليلة نورا قد خرج من الحائط، وقال: تملا من وجهي، فأنا ربك، فبصق في وجهه، وقال: اذهب يا ملعون.
فطفئ النور (2).
وقع في ذهن المنصور أن أبا ميسرة لا يرى الخروج عليه، فأراده ليوليه القضاء، فقال: كيف يلي القضاء رجل أعمى، يبول تحته.
فما علم أحد بضرره إلا يومئذ، فقال: اللهم إنك تعلم أني انقطعت إليك وأنا شاب، فلا تمكنهم مني، فما جاءت العصر إلا وهو من أهل الآخرة (3).
فوجه إليه المنصور بكفن وطيب.
وكان مجاب الدعوة رحمه الله (4).
توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وقال الرجل: يا أخي فائدة الاجتماع الدعاء، فادع لي إذا ذكرتني،
وأدعو لك إذا ذكرتك [، فنكون كأنا التقينا، ] وإن لم نلتق (5).

219 - ابن مهرويه * المحدث الامام الرحال الصدوق، أبو الحسن، علي بن محمد بن مهرويه القزويني، المعمر، ذكره الخليلي في " إرشاده ".
__________
(1) انظر ترجمته رقم / 67 / من هذا الجزء.
(2) " معالم الايمان ": 3 / 50.
(3) " معالم الايمان ": 3 / 53.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 51.
(5) " معالم الايمان ": 3 / 52، وما بين حاصرتين منه.
* تاريخ جرجان: 261، تاريخ بغداد: 12 / 69 - 70، الانساب: 10 / 138 - 139، لسان الميزان: 4 / 257 - 258.
(*)

(15/396)


سمع يحيى بن عبدك، ومحمد بن سهل بن زنجلة، وهارون بن أبي هزاري، ومحمد بن عبد العزيز الدينوري، وعمرو بن سلمة، فمن بعدهم.
وسمع ببغداد عباسا الدوري، وأبا بكر الصغاني، وأحمد بن أبي خيثمة، وبالكوفة الحسن بن علي بن عفان، وأخاه محمدا، وابن أبي العنبس، وبمكة علي بن عبد العزيز وأقرانه، وبصنعاء إبراهيم بن برة، والدبري، والحسن بن عبدالاعلى.
وله إلى العراق رحلتان، وكتب ما لا يعد عاليا ونازلا.
انتخب عليه ابن عقدة ثلاثة أجزاء، ولم يرزق ذكرا.
وكانت له بنات.
توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة (1).
قلت: حدث عنه: محمد بن علي بن عمر جد الخليلي، والزبير بن
محمد بن أحمد بن عثمان، والحافظ عبد الله بن أبي زرعة محمد بن أحمد ابن متويه، وإسماعيل بن أحمد بن ماك النساج، وأبو طاهر عبيد الله بن خسرماه الحنفي، وأهل قزوين، والري.
وقال الخليلي: سمعت عبد الواحد بن محمد بن ماك، سمعت علي ابن محمد بن مهرويه، سمعت ابن أبي خيثمة يقول: سألت يحيى بن معين، عن مكي بن إبراهيم، فقال: صالح ثقة.
قلت: سمعنا من طريقه " فضائل القرآن " لابي عبيد عاليا.

220 - الجوزي * المحدث الثقة، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن جعفر بن حمويه، الجوزي البغدادي.
__________
(1) الارشاد الورقة 139.
* تاريخ بغداد: 4 / 407 - 408، الانساب: 3 / 367.
(*)

(15/397)


حدث عن: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وأبي بكر ابن أبي الدنيا.
وعنه: أبو إسحاق الطبري، وأبو الحسين بن بشران.
وثقه الخطيب (1).
وتوفي في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.

221 - علي بن حمشاذ (2) * ابن سختويه بن نصر، العدل الثقة الحافظ الامام شيخ نيسابور، أبو الحسن النيسابوري، صاحب التصانيف.
ذكره الحاكم فقال: ولد سنة ثمان وخمسين ومئتين.
سمع الحسين بن الفضل المفسر، والفضل بن محمد الشعراني.
وحج في سنة سبع وسبعين فسمع بالري من محمد بن مندة، وبهمذان إبراهيم بن ديزيل، وببغداد الحارث بن أبي أسامة، وطبقته، وبمكة يحيى ابن أيوب العلاف، وعلي بن عبد العزيز، وأكثر عنه، وعن إسماعيل القاضي، وسمع بطوس " المسند " من تميم بن محمد الحافظ، وأقران هؤلاء.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 407.
* المنتظم: 6 / 364 - 365، تذكرة الحفاظ: 3 / 855 - 856، العبر: 2 / 248، مرآة الجنان: 2 / 237، طبقات الحفاظ: 358، شذرات الذهب: 2 / 348.
(2) كما في " الانساب " 4 / 221 هو / بفتح الحاء المهملة، والميم الساكنة، والشين المعجمة المفتوحة بعدها الالف، وفي آخرها الذال المعجمة، وأغرب اليافعي في " مرآة الجنان " 2 / 237، فضبطه بحاء مهملة مكسورة، وميم مكسورة مشددة.
(*)

(15/398)


إلى أن قال الحاكم: وجمع " المسند " في أربع مئة جزء، وكتبه بخطه وعمل الابواب مئتين وستين جزءا، و " تفسير القرآن " في مئتين وثلاثين جزءا (1).
قرأ علينا بكرة الجمعة نصف جزء، ثم قمنا نتأهب للصلاة، فلما صلينا قعدت ساعة، فسمعت المنادي يصيح بجنازته، فصحت، وقلت هذا كذب، وإذا هو قد دخل الحمام فمات فيه.
فلما صلينا عليه، قال أبو العباس الاصم: كنت أقول: إذا مت إنما يكون الشرف في التحديث لعلي ابن حمشاذ، وذلك في شوال سنة ثمان وثلاثين.
وسمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: صحبت علي بن حمشاذ في
الحضر والسفر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة (2).
قال: وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: ما رأيت في مشايخنا أثبت في الرواية والتصنيف من علي بن حمشاذ (3).
قال: وسمعت عبد الله ولده يقول: ما أعلم أن أبي ترك قيام الليل (4).
ثم روى الحاكم في ترجمته من " تاريخ نيسابور " عشرين حديثا.
وحدث عنه: هو (5)، وأبو أحمد الحاكم، وأبو عبد الله بن مندة،
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 855.
(2) " المنتظم: " 6 / 364 - 365.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 855 - 856.
(4) المصدر السابق.
(5) أي صاحب " تاريخ نيسابور " محمد بن عبد الله، المعروف بابن البيع.
(*)

(15/399)


وأبو الحسن العلوي، وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمش، وآخرون.
ومات معه المعمر أبو بكر أحمد بن سليمان بن زبان الدمشقي الذي زعم أنه سمع من هشام بن عمار، وصاحب التصانيف أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن النحاس المصري النحوي، ومقرئ الشام أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق الانطاكي، ومسند دمشق أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد بن أحمد بن أبي ثابت السامري، ومفتي دمشق ومحدثها أبو علي الحسن بن حبيب الحصائري الشافعي في عشر المئة، والمحدث الواعظ أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري ببغداد، والفقيه الزاهد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري العدل.
قرأت على أحمد بن هبة الله بمنزله، عن زينب الشعرية، أخبرنا علي ابن جامع الكاتب، أخبرنا عبدالملك بن عبد الله الدشتي، حدثنا محمد بن محمد الزيادي، أخبرنا علي بن حمشاذ العدل، أخبرنا علي بن عبد العزيز، أن عبدالملك بن صالح حدثهم، حدثنا علي بن موسى الرضا، حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الايمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالاركان " (1).
كذا في الاسناد عبدالملك بن صالح، وإنما هو عبد السلام (2)، واه.
وهو مما عيب على ابن ماجه إخراج حديثه هذا، فرواه عن رجل عنه.
__________
(1) هو في سنن ابن ماجة رقم (65) في المقدمة: باب في الايمان، قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 6: أبو الصلت هذا متفق على ضعفه، واتهمه بعضهم.
(2) وكذلك جاء على الصواب في سنن ابن ماجة المطبوع.
(*)

(15/400)


222 - ابن النحاس * العلامة إمام العربية، أبو جعفر، أحمد بن محمد بن إسماعيل، المصري النحوي، صاحب التصانيف.
ارتحل إلى بغداد، وأخذ عن الزجاج، وكان ينظر في زمانه بابن الانباري، وبنفطويه للمصريين.
حدث عن: محمد بن جعفر بن أعين، وبكر بن سهل الدمياطي، والحسن بن غليب، والحافظ أبي عبدالرحمن النسائي، وجعفر الفريابي، ومحمد بن الحسن بن سماعة، وعمر بن أبي غيلان، وطبقتهم.
ووهم ابن النجار في قوله: إنه سمع من المبرد، فما أدركه.
روى عنه: أبو بكر محمد بن علي الادفوي تواليفه، ووصفه أبو سعيد ابن يونس بمعرفة النحو.
ومن كتبه " إعراب القرآن "، " اشتقاق الاسماء الحسنى "، " تفسير أبيات سيبويه "، " كتاب المعاني "، " الكافي " في النحو، " الناسخ والمنسوخ ".
وروى كثيرا عن علي بن سليمان الصغير.
وكان من أذكياء العالم.
__________
* طبقات النحويين واللغويين، 239، نزهة الالباء: 201 - 202، المنتظم: 6 / 364، معجم الادباء: 4 / 224 - 230، إنباه الرواة: 1 / 101 - 104، وفيات الاعيان: 1 / 99 - 100، العبر: 2 / 246، الوافي بالوفيات: 7 / 362 - 364، مرآة الجنان: 2 / 327، البداية والنهاية: 11 / 222، النجوم الزاهرة: 3 / 330 بغية الوعاة: 157، شذرات الذهب: 2 / 346.
(*)

(15/401)


وقيل كان مقترا على نفسه يهبونه العمامة، فيقطعها ثلاث عمائم (1).
ويقال: إنه جلس على درج المقياس (2)، يقطع عروض الشعر، فسمعه جاهل، فقال: هذا يسحر النيل حتى ينقص، فرفسه، ألقاه في النيل، فغرق (3) في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.

223 - عماد الدولة * السلطان الكبير، عماد الدولة، أبو الحسن، علي بن بويه بن فناخسرو الديلمي.
صاحب ممالك فارس، وأخو الملكين: معز الدولة أحمد (4)، وركن الدولة الحسن (5)، فكان عماد الدولة أول من تملك البلاد بعد أن كان قائدا كبيرا من قواد الديلم.
وكان أبوهم بويه يصطاد السمك (6)، ثم آل بأولاده الامر إلى ملك البلاد، ثم تملك من بعد العماد ولد أخيه عضد الدولة بن ركن الدولة (7).
__________
(1) " طبقات النحويين واللغويين ": 240.
(2) قال ياقوت في " معجم البلدان ": 5 / 178 " المقياس: هو عمود من رخام قائم في وسط بركة على شاطئ النيل بمصر، وله طريق إلى النيل، يدخل الماء إذا زاد عليه، وفي ذلك العمود خطوط معروفة عندهم، يعرفون بوصول الماء إليها مقدار زيادته ".
(3) " إنباه الرواة ": 1 / 102.
* المنتظم: 3 / 365، الكامل: 8 / 264 وما بعدها، وفيات الاعيان: 3 / 399 - 400، العبر: 2 / 247، مرآة الجنان: 2 / 326 - 327، البداية والنهاية: 11 / 221 - 222، النجوم الزاهرة: 3 / 299 - 300، شذرات الذهب: 2 / 346 - 347.
(4) له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 1 / 174 - 177.
(5) له ترجمة في " وفيات الاعيان ": 2 / 118 - 119.
(6) " وفيات الاعيان ": 3 / 339.
(7) ترجمته في " وفيات الاعيان ": 4 / 50 - 55.
(*)

(15/402)


وكانت دولة العماد ست عشرة سنة، وعاش بضعا وخمسين سنة.
توفي سنة ثمان وثلاثين في جمادى الاولى.
وقيل: سنة تسع.
ولما تملك شيراز، طالبه قواده بالاموال، وثاروا عليه، فاغتم لذلك، واستلقى، فرأى حية في السقف، ففزع ودعا الفراشين فنصبوا سلما، فوجدوا غرفة يدخل إليها، فأمرهم بفتحها ففتحت، فوجدوا فيها صناديق فيها قدر خمس مئة ألف دينار، فأنزلت، ففرح، وأنفق في الجيش (1).
ثم إنه طلب خياطا ليفصل له، وكان أطروشا، ففزع وجاوبه عما لم
يسأل عنه، وحلف أنه ليس عنده سوى اثني عشر صندوقا وديعة، فتعجب عماد الدولة، وأحضرت إليه، فإذا فيها أموال وثياب ديباج، فكان ذلك من سعادته المقبلة، ولا عقب له (2).

224 - الكراني * الحافظ الامام المجود، أبو علي، أحمد بن محمد بن عاصم، الاصبهاني الكراني.
وكران محلة (3).
سمع عبد الله بن محمد بن النعمان، وعمران بن عبدالرحيم، وأبا بكر بن أبي عاصم، وطبقتهم.
وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وابن المقرئ، وأبو بكر بن مردويه، وعلي بن ميلة، وآخرون.
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 3 / 400.
(2) المصدر السابق.
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 103 - 104، الانساب: 10 / 378.
(3) كبيرة بأصبهان.
(*)

(15/403)


وكان يفهم ويذاكر ويؤلف.
قال ابن مردويه: ثقة مأمون مكثر.
مات في ربيع الاول سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.

225 - السوسي * المحدث الحجة، أبو علي، أحمد بن محمد بن فضالة بن غيلان، الهمداني الحمصي الصفار المشهور بالسوسي.
سمع أبا زرعة الدمشقي، والربيع بن سليمان المرادي، وبكار بن
قتيبة، ومحمد بن عوف الطائي، ويزيد بن عبد الصمد، وبحر بن نصر الخولاني، وطبقتهم، بمصر والشام.
حدث عنه: شجاع بن محمد العسكري، وأبو بكر بن أبي الحديد، وتمام الرازي، وأبو محمد بن النحاس.
قال أبو سعيد بن يونس: كان ثقة.
وكانت كتبه جيادا، قدم مصر.
وتوفي في رمضان سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.

226 - الرياش * * الشيخ المسند، أبو الطيب الحسن بن إبراهيم البرمكي المصري الرياش.
حدث عن: عبدالملك بن شعيب بن الليث، وهو خاتمة أصحابه،
__________
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 107 ب، تهذيب ابن عساكر: 2 / 74.
* * لم نقف على مصادر ترجمته.
(*)

(15/404)


وعن يونس بن عبدالاعلى، وبحر بن نصر، والربيع، وابن عبد الحكم، وأبي أمية الطرسوسي.
سمع منه عبدالرحمن بن عمر بن النحاس في سنة تسع وثلاثين.
قال أبو إسحاق الحبال: لم يكن عند ابن النحاس من حديث عبد الملك بن شعيب بعلو، سوى حديث واحد، هو موافقة عالية لمسلم.
قلت: سمعه ابن طاهر المقدسي من الحبال عنه.
أخبرني محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عباد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن، حدثنا عبدالرحمن بن عمر البزاز إملاء من لفظه، حدثنا أبو الطيب الحسن بن محمد البرمكي، حدثنا يونس بن عبد
الاعلى، حدثنا أبو ضمرة، حدثنا يوسف بن أبي ذرة، عن جعفر بن عمرو ابن أمية، عن أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من معمر يعمر في الاسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء: الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين لين الله عليه الحساب " (1).
وساق الحديث، وهو خبر منكر، ويوسف هذا ضعيف.

227 - الفامي * المحدث الصدوق، أبو داود، سليمان بن يزيد القزويني الفامي (2)، رفيق أبي الحسن القطان في الرحلة.
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 217، 218 من طريق أنس به عياض أبو ضمرة بهذا الاسناد، وإسناده ضعيف لضعف يوسف بن أبي ذرة، فقد قال ابن معين فيه: لا شئ، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
* لم أقف له على مصادر ترجمته.
(2) هذه النسبة إلى الحرفة، وهي لمن يبيع الاشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له: = (*)

(15/405)


سمع أبا حاتم الرازي، والمنسجر بن الصلت، وأبا عبد الله بن ماجة، وإسحاق بن إبراهيم الدبري وطبقتهم.
روى عنه: سليمان بن أحمد النساج، وأبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي، والحسن بن عبد الرزاق، وشيخ للخليلي، ومحمد بن أحمد بن عثمان بن طلحة الزبيري القزويني، وآخرون.
وكان من العلماء بهذا الشأن.
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.

228 - الاشناني * القاضي أبو الحسين، عمر بن الحسن بن علي بن مالك، الشيباني البغدادي الاشناني (1).
له مجلس سمعناه.
روى عن: أبيه، ومحمد بن عيسى المدائني، وموسى بن سهل الوشاء، وأبي بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن شداد المسمعي، وعدة.
وعنه: ابن عقدة، وهو أكبر منه، وابن المظفر، والمعافى النهرواني، والدارقطني، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسن بن مخلد.
__________
= البقال.
" الانساب ": 9 / 234.
* الفهرست: 166، تاريخ بغداد: 11 / 236 - 239، الانساب: 1 / 218، العبر: 2 / 250، ميزان الاعتدال: 3 / 185، غاية النهاية: 1 / 590، لسان الميزان: 4 / 290 - 292، شذرات الذهب: 2 / 349.
(1) بضم الالف، وسكون الشين المنقوطة، وفتح النون الاولى، وكسر الثانية.
هذه النسبة إلى بيع الاشنان وشرائه.
" الانساب ": 1 / 280.
(*)

(15/406)


وروى حرف عاصم، عن محمد بن الجهم السمري، أخذه عنه: ابن أبي هاشم، وأبو بكر الشذائي.
قال الدارقطني: كذاب (1)، ثم حكى حكاية تدل على وهنه (2).
وقال السلمي عن الدارقطني: ضعيف (3).
وقد ولي القضاء بأماكن بالشام.
وولي القضاء ثلاثة أيام ببغداد، وعزل (4).
وقد حدث وهو شاب في أيام الحربي (5)، وعاش ثمانين سنة.
توفي في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
سامحه الله.

229 - ابن الاعرابي * أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم، الامام المحدث القدوة الصدوق الحافظ، شيخ الاسلام، أبو سعيد بن الاعرابي البصري الصوفي، نزيل مكة، وشيخ الحرم.
__________
(1) في " ميزان الاعتدال ": 3 / 185 " ولم يصح هذا، ولكن الاشناني صاحب بلايا ".
(2) انظر الحكاية في " تاريخ بغداد ": 11 / 238.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 11 / 236.
(5) أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق الحربي، من كبار المحدثين، توفي سنة / 285 / ه انظر " تاريخ بغداد ": 6 / 27 - 40، 11 / 237.
* طبقات الصوفية: 427 - 430، حلية الاولياء: 10 / 375 - 376، الرسالة القشيرية: 28، تاريخ ابن عساكر: 2 / 86 آ - 86 ب، المنتظم: 6 / 371، تذكرة الحفاظ: 3 / 852 - 853، العبر: 2 / 252، البداية والنهاية: 11 / 226، طبقات الاولياء: 77 - 78، لسان الميزان: 1 / 308 - 309، النجوم الزاهرة: 3 / 306 - 307، شذرات الذهب: 2 / 354 - 355.
(*)

(15/407)


وما هو بابن محمد بن زياد الاعرابي اللغوي، ذاك مات قبل أن يولد هذا بأعوام عدة (1).
ولد سنة نيف وأربعين ومئتين.
وسمع الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وعبد الله بن أيوب المخرمي، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، وأبا جعفر محمد بن عبيد الله المنادي، وعباسا الترقفي، وعباس بن محمد الدوري،
وإبراهيم بن عبد الله العبسي، وأمما سواهم.
خرج عنهم معجما كبيرا (2)، ورحل إلى الاقاليم، وجمع وصنف، صحب المشايخ، وتعبد وتأله وألف مناقب الصوفية، وحمل " السنن " عن أبي داود، وله في غضون الكتاب زيادات في المتن والسند.
روى عنه: أبو عبد الله بن خفيف، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن مندة، والقاضي أبو عبد الله بن مفرج، وعبد الله بن يوسف الاصبهاني، ومحمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، وعبد الله بن محمد الدمشقي القطان، وصدقة بن الدلم، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وعبد الوهاب بن منير المصريان، ومحمد بن عبدالملك بن ضيفون شيخ أبي عمر بن عبد البر، وأبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي وعدد كثير من الحجاج والمجاورين.
وكان كبير الشأن، بعيد الصيت، عالي الاسناد.
__________
(1) فمحمد بن زياد الاعرابي توفي سنة / 231 / ه.
انظر ترجمته في " طبقات النحويين واللغويين "، 213 - 215.
(2) في دار الكتب الظاهرية بدمشق نسخة جيدة منه تحت رقم / 280 خ /.
(*)

(15/408)


قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت محمد بن الحسن الخشاب، سمعت ابن الاعرابي يقول: المعرفة كلها الاعتراف بالجهل، والتصوف كله ترك الفضول، والزهد كله أخذ ما لا بد منه، والمعاملة كلها استعمال الاولى فالاولى، والرضى كله ترك الاعتراض، والعافية كلها سقوط التكلف بلا تكلف (1).
وكان رحمه الله قد صحب الجنيد، وأبا أحمد القلانسي.
وعمل تاريخا للبصرة لم أره.
أما كتابه في " طبقات النساك " فنقلت منه.
ومن كلامه في ترجمة أبي الحسين النوري، قال: مات وهم يتكلمون عنده في شئ، سكوتهم عنه أولى لانه شئ يتكهنون فيه، ويتعسفون بظنونهم، فإذا كان أولئك كذلك، فكيف بمن حدث بعدهم ؟.
قال أيضا: إنما كانوا يقولون " جمع "، وصورة الجمع عند كل أحد بخلافها عند الآخر، وكذلك صورة الفناء، وكانوا يتفقون في الاسماء، ويختلفون في معناها، لان ما تحت الاسم غير محصور، لانها من المعارف.
قال: وكذلك علم المعرفة غير محصور لا نهاية له ولا لوجوده، ولا لذوقه.
إلى أن قال: - ولقد أحسن في المقال - فإذا سمعت الرجل يسأل عن الجمع أو الفناء، أو يجيب فيهما، فاعلم أنه فارغ، ليس من أهل ذلك إذ أهلهما لا يسألون عنه لعلمهم أنه لا يدرك بالوصف.
قلت: إي والله، دققوا وعمقوا، وخاضوا في أسرار عظيمة، ما
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 428، وعبارة " بلا تكلف " غير موجودة في الطبقات.
(*)

(15/409)


معهم على دعواهم فيها سوى ظن وخيال، ولا وجود لتلك الاحوال من الفناء والمحو والصحو والسكر إلا مجرد خطرات ووساوس، ما تفوه بعباراتهم صديق، ولا صاحب، ولا إمام من التابعين.
فان طالبتهم بدعاويهم مقتوك، وقالوا: محجوب، وإن سلمت لهم قيادك تخبط ما معك من الايمان، وهبط بك الحال على الحيرة والمحال، ورمقت العباد بعين
المقت، وأهل القرآن والحديث بعين البعد، وقلت: مساكين محجوبون.
فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فإنما التصوف والتأله والسلوك والسير والمحبة ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من الرضا عن الله، ولزوم تقوى الله، والجهاد في سبيل الله، والتأدب بآداب الشريعة من التلاوة بترتيل وتدبر، والقيام بخشية وخشوع، وصوم وقت، وإفطار وقت، وبذل المعروف، وكثرة الايثار، وتعليم العوام، والتواضع للمؤمنين، والتعزز على الكافرين، ومع هذا فالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والعالم إذا عري من التصوف والتأله، فهو فارغ، كما أن الصوفي إذا عري من علم السنة، زل عن سواء السبيل.
وقد كان ابن الاعرابي من علماء الصوفية، فتراه لا يقبل شيئا من اصطلاحات القوم إلا بحجة.
توفي بمكة في شهر ذي القعدة سنة أربعين وثلاث مئة.
وله أربع وتسعون سنة وأشهر.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي، ومحمد بن الحسين القرشي، قالا: أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن

(15/410)


القاضي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، أخبرنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس فيما دون خمسة أواق صدقة، وليس فيما دون خمس (1) ذود صدقة " (2).
وبه أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بمكة، حدثنا الحسن بن محمد
ابن الصباح، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن عمرو، قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل، يقال له: كركرة، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو في النار " فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عليه عباءة قد غلها (3).
قلت: الجمال حتى في الصحابة ليس بشئ كما ترى.
وفيها مات الحسين بن أحمد بن أيوب الطوسي، والحسن بن يوسف ابن فليح الطرائفي، وأبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، وقاسم بن أصبغ محدث الاندلس، والحسين بن صفوان البرذعي، وعبد الله ابن محمد بن يعقوب الاستاذ ببخارى، وأبو القاسم عبدالرحمن بن إسحاق الزجاجي صاحب " الجمل "، وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه
__________
(1) الذود من الابل ما بين الثلاث إلى العشر، ولا يكون إلا من الاناث.
(2) وأخرجه مسلم (979) في أول الزكاة من طريق عمرو الناقد، عن سفيان بهذا الاسناد، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 244 في الزكاة: باب ما تجب فيه الزكاة، ومن طريقه البخاري 3 / 255 في الزكاة: باب ليس فيما دون خمسة ذود صدقة عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3074) في الجهاد: باب القليل من الغلول، وأحمد 2 / 160، وابن ماجة (2849) من طريق سفيان بهذا الاسناد.
وغل من الغلول: وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، يقال.
غل في المغنم يغل غلولا فهو غال، وكل من خان في شئ خفية فقد غل.
(*)

(15/411)


بنيسابور، وشيخ الحنفية أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي، وشيخ الشافعية أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي.

230 - خيثمة * الامام الثقة المعمر، محدث الشام، أبو الحسن، خيثمة بن سليمان ابن حيدرة بن سليمان القرشي الشامي الاطرابلسي، مصنف " فضائل الصحابة ".
كان رحالا جوالا صاحب حديث.
ذكر أبو عبد الله بن أبي كامل الاطرابلسي، أن خيثمة ولد سنة خمسين ومئتين.
قلت: سمع أبا عتبة أحمد بن الفرج الحجازي صاحب بقية، ومحمد ابن عيسى بن حيان المدائني صاحب ابن عيينة، وإبراهيم بن عبد الله القصار، والحسين بن محمد بن أبي معشر السندي صاحبي وكيع، والحافظ محمد بن عوف الطائي، والعباس بن الوليد البيروتي، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي غرزة الكوفي، وأحمد بن ملاعب، وأبا عبيدة السري بن يحيى، وهلال بن العلاء الباهلي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وأبا يحيى ابن أبي مسرة المكي، ومحمد بن سعد العوفي، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وعبيد بن محمد الكشوري، وعلي ابن إبراهيم الواسطي، وأحمد بن أبي خيثمة، والحسين بن الحكم
__________
* تاريخ ابن عساكر: 5 / 347 ب، 349 آ، تذكرة الحفاظ، 3 / 858 - 860، العبر: 2 / 262، لسان الميزان: 2 / 411 - 412، النجوم الزاهرة: 3 / 312، طبقات الحفاظ: 353 - 354، شذرات الذهب: 2 / 365.
(*)

(15/412)


الحبري، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، وأبا إسماعيل الترمذي، وأبا العباس الكديمي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وصالح بن علي
النوفلي، والحسن بن مكرم، وعبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، وأحمد ابن محمد ابن أبي الخناجر، وعبد الرحمن بن مرزوق البزوري، ومحمد بن عبد الحكم الرملي، وخلقا سواهم بالشام والحرمين والعراق والجزيرة.
حدث عنه: أبو علي بن معروف، وعبد الوهاب الكلابي، ومحمد ابن أحمد بن أبي عثمان بن أبي الحديد، وابن جميع الغساني، وتمام الرازي، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو حفص بن شاهين، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وأبو نصر بن هارون، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مفرج القرطبي، وأبو بكر محمد بن يوسف الرقي، وخلق كثير.
وعمر ورحل إليه من الآفاق، وقدم إلى دمشق في آخر عمره، فحدث بها، وكان عبدالرحمن آخر من سمع منه وفاة، وآخر من روى عنه في الدنيا بالاجازة أبو نعيم الحافظ.
وقال عبيد بن أحمد بن فطيس: سألت خيثمة عن مولده، فقال: في سنة سبع وعشرين ومئتين كذا في هذه الرواية، والاصح ما تقدم.
قال أبو بكر الخطيب: خيثمة ثقة ثقة، قد جمع فضائل الصحابة.
قال ابن أبي كامل: سمعت خيثمة بن سليمان يقول: ركبت البحر، وقصدت جبلة لاسمع من يوسف بن بحر، ثم خرجت إلى أنطاكية، فلقينا مركب - يعني للعدو - قال: فقاتلناهم، ثم سلم (1) مركبنا قوم من مقدمه،
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ " تسلم.
(*)

(15/413)


قال: فأخذوني، ثم ضربوني، وكتبوا أسماءنا، فقالوا: ما اسمك ؟ قلت: خيثمة، فقالوا: اكتب حمار بن حمار.
ولما ضربت سكرت
ونمت، فرأيت كأني أنظر إلى الجنة، وعلى بابها جماعة من الحور العين، فقالت إحداهن: يا شقي، أيش فاتك ؟ فقالت أخرى: أيش فاته ؟ قالت: لو قتل لكان في الجنة مع الحور، قالت لها: لان يرزقه الله الشهادة في عز من الاسلام وذل من الشرك خير له.
ثم انتبهت، قال: ورأيت كأن من يقول لي: اقرأ براءة فقرأت إلى (فسيحوا في الارض أربعة أشهر) [ التوبة: 2 ] قال: فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر ففك الله أسري (1).
قال ابن أبي كامل: وسمعت خيثمة يقول: رويت بدمشق حديث الثوري، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " اطلبوا الخير عند حسان الوجوه " (2) فأنكر القاضي زكريا البلخي هذا، وبعث فيجا إلى الكوفة يسأل ابن عقدة عنه، فكتب إليه: قد كان السري بن يحيى، حدث به في تاريخ كذا.
قال: فطلب البخلي مني الاصل، فوجد تاريخه موافقا، قال: فاستحلني البلخي، فلم أحله (3).
قلت: رواه السري بن يحيى، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، وكان ينبغي له أن يحالل البلخي، فإنه تثبت في الحديث بطريقه، فلما تبين عدالة خيثمة تحلل منه.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 858 - 859.
(2) طلحة بن عمرو ضعفه ابن معين وغيره، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وقال البخاري، وابن المديني: ليس بشئ، فالخبر لا يصح، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه للطبراني.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 859.
(*)

(15/414)


قال أبو عبد الله بن مندة: كتبت عن خيثمة بأطرابلس ألف جزء (1).
وقيل: كان خيثمة كبير الاذنين، كبير الانف، رحمه الله تعالى.
قال عبيد بن فطيس: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد سنة عشرين وست مئة، أخبرنا أبو العشائر محمد بن خليل حضورا في الخامسة، أخبرنا علي بن محمد بن علي المصيصي، أخبرنا عبدالرحمن ابن عثمان، أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا عبدالاعلى بن أبي المساور، عن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن حاطب، عن عبدالرحمن بن محيريز، عن زيد بن أرقم، قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " اذهب إلى أبي بكر، فإنك تجده في داره محتبيا، فقل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول: أبشر بالجنة، ثم انطلق إلى عمر، فإنك تجده بالبينة على حماره، تبرق صلعته، فقل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول: أبشر بالجنة، ثم انطلق إلى عثمان، فإنك تجده في السوق يبيع ويبتاع، فقل له: إن رسول الله يقرئك السلام، ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد "، قال: فانطلقت فأبلغتهم ووجدتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عثمان: أين النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: في مكان كذا وكذا.
فأخذ بيدي حتى أتيناه، فقال: يا رسول الله إن زيدا جاءني، فقال كذا وكذا، فأي بلاء يصيبني ؟ فوالذي بعثك بالحق ما تمنيت ولا تعنيت.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 859.
(*)

(15/415)


هذا حديث غريب، تفرد به عبدالاعلى (1) وهو واه.
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، وإسماعيل بن عبدالرحمن، وأحمد بن مؤمن، ومحمد بن علي بن فضل، وأحمد بن إسحاق الهمذاني، قالوا: أخبرنا محمد بن السيد الصفار بالمزة، أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس، قالا: حدثنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أخبرنا ابن أبي نصر، أخبرنا خيثمة، حدثنا أحمد بن محمد البرتي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا يزيد بن إبراهيم، أخبرنا الحسن، قال: كانوا يستحيون أن لا يذكروا الله تعالى إلا على طهارة.
ومات معه علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، وعلي بن الفضل الستوري بسامراء، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب، وصاحب خراسان نوح بن نصر، وأبو بكر مكرم بن أحمد البزاز، وأحمد بن زكريا بن الشامة الاندلسي.

231 - الفارابي * شيخ الفلسفة الحكيم، أبو نصر، محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ، التركي الفارابي المنطقي، أحد الاذكياء.
__________
(1) قال المؤلف في " الميزان " 2 / 531: قال يحيى وأبو داود: ليس بشئ، وقال ابن نمير والنسائي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
* الفهرست: 368، طبقات الامم: 53 - 54، تاريخ الحكماء: 277 - 280، طبقات الاطباء: 603 - 609، وفيات الاعيان: 5 / 153 - 157، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 1 / 106 - 113، مرآة الجنان: 2 / 328 - 331، البداية والنهاية: 11 / 224، شذرات الذهب: 2 / 350 - 354.
(*)

(15/416)


له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها، ضل وحار، منها تخرج
ابن سينا، نسأل الله التوفيق.
وقد أحكم أبو نصر العربية بالعراق، ولقي متى بن يونس (1) صاحب المنطق، فأخذ عنه، وسار إلى حران، فلزم بها يوحنا بن جيلان النصراني.
وسار إلى مصر، وسكن دمشق.
فقيل: إنه دخل على الملك سيف الدولة بن حمدان وهو بزي الترك.
وكان فيما يقال: يعرف سبعين لسانا، وكان والده من أمراء الاتراك، فجلس في صدر المجلس، وأخذ يناظر العلماء في فنون.
فعلا كلامه، وبان فضله، وأنصتوا له.
ثم إذا هو أبرع من يضرب بالعود، فأخرج عودا من خريطة (2)، وشده، ولعب به، ففرح كل أهل المجلس، وضحكوا من الطرب.
ثم غير الضرب، فنام كل من هناك حتى البواب فيما قيل.
فقام وذهب (3).
ويقال: إنه هو أول من اخترع القانون (4).
وكان يحب الوحدة، ويصنف (5) في المواضع النزهة، وقل ما يبيض منها (6).
__________
(1) إليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره، وكان نصرانيا، توفي ببغداد سنة / 328 / ه.
انظر " طبقات الاطباء ": 317، واسمه فيه " متى بن يونان ".
(2) مثل الكيس، مشرج،، من أدم أو خرق.
(3) " وفيات الاعيان ": 5 / 155 - 156.
(4) المصدر السابق.
(5) في الاصل: يصيف، وهو تصحيف.
(6) " وفيات الاعيان ": 5 / 156.
(*)

(15/417)


وكان يتزهد زهد الفلاسفة، ولا يحتفل بملبس ولا منزل.
أجرى عليه ابن حمدان في كل يوم أربعة دراهم (1).
ويقال: إنهم سألوه أأنت أعلم أو أرسطو ؟ فقال: لو أدركته لكنت أكبر تلامذته (2).
ولابي نصر نظم جيد، وأدعية مليحة على اصطلاح الحكماء (3).
ذكره أبو العباس بن أبي أصيبعة، وسرد أسامي مصنفاته وهي كثيرة.
منها مقالة في إثبات الكيمياء.
وسائر تواليفه في الرياضي والالهي (4).
وبدمشق كان موته في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة عن نحو من ثمانين سنة.
وصلى عليه الملك سيف الدولة بن حمدان.
وقبره بباب الصغير.

232 - ابن مليح * السيد المسند، أبو علي، الحسن بن يوسف بن مليح، الطرائفي (5) المصري.
سمع بحر بن نصر الخولاني، ويزيد بن سنان البصري، وجماعة.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " وفيات الاعيان ": 5 / 154.
(3) انظر " عيون الانباء ": 606 - 607.
(4) المصدر السابق.
* الانساب: 8 / 226، لسان الميزان: 2 / 260.
(5) نسبة إلى بيع (الطرائف) وشرائها وهي الاشياء المليحة المتخذة من الخشب.
انظر " الانساب ": 8 / 225.
(*)

(15/418)


وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن مندة، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.
توفي في رجب سنة أربعين وثلاث مئة.
وقع لنا من عواليه في " الخلعيات " (1).

233 - ابن بالويه * الامام المفيد، الرئيس أبو بكر، محمد بن أحمد بن بالويه، الجلاب النيسابوري من كبراء بلده.
ارتحل به أبوه، فسمع من: محمد بن غالب تمتام، ومحمد بن ربح البزاز، ومحمد بن يونس الكديمي، وبشر بن موسى، وموسى بن الحسن الجلاجلي.
وعنه: أبو علي الحافظ، وابن مندة، والحاكم، وعدة.
قال الحاكم: سمعته يقول: قال لي ابن خزيمة: بلغني أنك كتبت عن محمد بن جرير الطبري تفسيره.
قلت: نعم كتبته كله إملاء، فاستعاره مني.
قال الحاكم: وسمعته، يقول: كتبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ثلاث مئة جزء.
قال الحاكم: توفي في رجب سنة أربعين وثلاث مئة.
__________
(1) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
* الوافي بالوفيات: 2 / 40.
(*)

(15/419)


234 - ابن حيكان * العدل الثقة، أبو علي، محمد بن أحمد بن محمد بن زيد بن حيكان
النيسابوري.
روى عن: أحمد بن الازهر، وزوجه محمد بن يحيى الذهلي ببنت ابنه.
مات سنة أربعين وثلاث مئة.
من أكبر شيخ للحاكم.

235 - ابن داود * * الامام الحافظ الرباني العابد، شيخ الصوفية، أبو بكر، محمد بن داود بن سليمان النيسابوري الزاهد.
سمع محمد بن عمرو قشمرد، وأبا عبد الله البوشنجي، وعدة ببلده، وأبا خليفة الجمحي بالبصرة، وجعفر الفريابي ببغداد، ومحمد بن أيوب البجلي بالري، والحسين بن إدريس بهراة، وابن مجاشع بجرجان، وعبدان بالاهواز، والحسن بن سفيان بنسا، ومحمد بن جعفر القتات بالكوفة، وأبا يعلى بالموصل، وأبا عبدالرحمن النسائي بمصر، والفضل الانطاكي بالشام، والمفضل الجندي بمكة.
__________
* لم نظفر له بترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
* * تاريخ بغداد: 5 / 265 - 266، تاريخ ابن عساكر: 15 / 154 ب - 155 ب، المنتظم: 6 / 375، تذكرة الحفاظ: 3 / 901 - 902، العبر: 2 / 261، الوافي بالوفيات: 3 / 63، طبقات الحفاظ: 368، شذرات الذهب: 2 / 365.
(*)

(15/420)


وجمع فأوعى، وصنف الابواب والشيوخ، وعقد مجلس الاملاء، وكان كبير الشأن.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود، وابن صاعد - وهما من شيوخه -
وابن عقدة، والحاكمان، وابن مندة، وابن جميع، ويحيى بن إبراهيم المزكي وغيرهم.
وكان صدوقا حسن المعرفة، من أوعية العلم، وكان في التأله صنفا آخر.
قال أبو الفتح القواس: سمعت منه، وكان يقال: إنه من الاولياء (1).
وسئل الدارقطني عنه، فقال: فاضل ثقة (2).
وقال عبدالرحمن بن أبي إسحاق المزكي: سمعت أبا بكر بن داود الزاهد، يقول: كنت بالبصرة أيام القحط.
فلم آكل في أربعين يوما إلا رغيفا واحدا، كنت إذا جعت، قرأت (يس) على نية الشبع (3)، فكفاني الله الجوع.
توفي ابن داود في شهر ربيع الاول سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة يوم الجمعة لعشر بقين منه.
أرخه الحاكم، وقال: هو شيخ عصره في التصوف، خرج عن نيسابور سنة أربع وتسعين ومئتين، وأتاها سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة، وكان من المقبولين، وجمع أخبار الصوفية.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 226.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 902.
(*)

(15/421)


وقال الخطيب: كان ثقة فهما (1).
وقال الخليلي: معروف بالحفط، بين حفظه وعلمه في فوائد أملاها (2).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أنبأنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا محمد بن داود ببغداد، حدثنا محمد بن عمرو بن النضر، وموسى بن محمد، قالا: حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا عباد بن كثير، عن سفيان، عن منصور، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن طلب كسب الحلال فريضة بعد الفريضة ".
تفرد به عباد (3)، وهو ضعيف.

236 - السمرقندي * الشيخ الثقة المحدث، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون بن وردان، السمرقندي ثم المصري الحذاء.
مولده سنة خمسين ومئتين.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 265.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 902.
(3) هو عباد بن كثير بن قيس الرملي الفلسطيني، قال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف، وقال الحاكم: روى عن سفيان الثوري أحاديث موضوعة، وأخرجه الطبراني في " الكبير " 10 / 90 من طريق أحمد بن يزيد السجستاني، عن يحيى بن يحيى بهذا الاسناد، وأورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 316، وزاد نسبته للبيهقي، وفي " الشعب " والقضاعي، ونقل عن البيهقي قوله: تفرد به عباد وهو ضعيف.
* العبر: 2 / 267، حسن المحاضرة: 1 / 209، شذرات الذهب: 2 / 370.
(*)

(15/422)


سمع أحمد بن شيبان الرملي، وأبا أمية الطرسوسي، ومحمد بن حماد الطهراني، ومحمد بن عبد الحكم القطري، وجماعة.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وابن جميع، والحافظ عبد الغني الازدي، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، والخصيب بن عبد الله بن محمد، وأحمد بن محمد بن الحاج الاشبيلي، وسبطه محمد بن ذكوان التنيسي، شيخ للحبال، وجماعة.
قال ابن يونس: ثقة.
له سماعات صحاح في كتب أبيه.
توفي في شعبان سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
وله خمس وتسعون سنة.
انتهى إليه علو الاسناد بمصر وهو أعلى شيخ لعبد الغني.
وقد روى بالاجارة أيضا عن أحمد بن شيبان.
وبعض الناس يقول: حدثنا عثمان بن أحمد ينسبه إلى جده.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو القاسم القاضي حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد، حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا أحمد بن شيبان، حدثنا سفيان عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية، قبل نجد، فبلغت سهمانهم اثني عشر بعيرا، فنفلنا النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا (1).
__________
(1) وأخرجه أبودواد (2741) من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا إسناد صحيح، وأخرجه أيضا أبو داود (2743) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه مالك 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه البخاري 6 / 168، 169، ومسلم (1749) عن نافع، عن ابن عمر، وفيه: فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا.
(*)

(15/423)


237 - الاستاذ * الشيخ الامام الفقيه العلامة المحدث، عالم ما وراء النهر، أبو محمد الاستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث بن خليل، الحارثي البخاري الكلاباذي الحنفي، المشهور بعبد الله الاستاذ.
مولده في سنة ثمان وخمسين ومئتين.
حدث عن: عبيد الله بن واصل، وعبد الصمد بن الفضل، وحمدان ابن ذي النون، وأبي معشر حمدويه بن خطاب، ومحمد بن الليث السرخسي، وعمران بن فرينام، وأبي الموجه محمد بن عمرو المروزي، والفضل بن محمد الشعراني، ومحمد بن علي الصائغ، وأبي همام محمد ابن خلف النسفي، وموسى بن هارون الحمال، وأحمد بن الضوء، وجماعة.
وعنه: أبو الطيب عبد الله بن محمد، ومحمد بن الحسن بن منصور النيسابوري، وأحمد بن محمد بن يعقوب الفارسي، وأبو عبد الله بن مندة، وآخرون.
وحدث عنه من المشايخ: أبو العباس بن عقدة.
وكان ابن مندة يحسن القول فيه.
وقال حمزة السهمي: سألت عنه أبا زرعة أحمد بن الحسين، فقال: ضعيف (1).
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 126 - 127، الانساب: 1 / 212، العبر: 2 / 253، ميزان الاعتدال: 2 / 496 - 497، لسان الميزان: 3 / 348 - 349، شذرات الذهب: 2 / 357.
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 127.
(*)

(15/424)


وقال أبو عبد الله الحاكم: هو صاحب عجائب عن الثقات (1).
وقال الخطيب: لا يحتج به (2).
قلت: قد ألف مسندا لابي حنيفة الامام (3)، وتعب عليه، لكن فيه أوابد ما تفوه بها الامام، راجت على أبي محمد.
وله " كتاب وهم الطبقة الظلمة أبا حنيفة "، ما رأيته.
وكان شيخ المذهب بما وراء النهر.
توفي في شوال سنة أربعين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل بن قدامة، أنبأنا محمود بن إبراهيم، أخبرنا أبو الخير الباغبان (4)، أخبرنا أبو عمرو بن مندة، أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الله ابن محمد بن الحارث، حدثنا عبد الله بن حماد، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرني بكر بن مضر، حدثنا موسى بن جبير، عن أبي أمامة بن سهل، عن عاصم بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر تطليقة، ثم ارتجعها (5).
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 2 / 496.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 127.
(3) " الرسالة المستطرفة ": 16.
(4) نسبة إلى حفظ الباغ، أي البستان، وهو فارسي عربه المولدون.
أنظر " الانساب ": 2 / 44.
(5) رجاله ثقات، إلا أنه مرسل وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث عمر أبو داود (2283) وابن ماجة (2016) وأخرجه من حديث ابن عمر النسائي 6 / 213، وأخرجه من حديث أنس الحاكم 3 / 15، وانظر الجزء الثاني ص 228، 229 من هذا الكتاب.
(*)

(15/425)


238 - الكرخي * الشيخ الامام الزاهد، مفتي العراق، شيخ الحنفية، أبو الحسن، عبيد الله بن الحسين بن دلال، البغدادي الكرخي الفقيه.
سمع إسماعيل بن إسحاق القاضي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وطائفة.
حدث عنه: أبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، والقاضي عبد الله بن الاكفاني، والعلامة أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي، وأبو القاسم علي بن محمد التنوخي، وآخرون.
انتهت إليه رئاسة المذهب، وانتشرت تلامذته في البلاد، واشتهر اسمه، وبعد صيته، وكان من العلماء العباد ذا تهجد وأوراد وتأله، وصبر على الفقر والحاجة، وزهد تام، ووقع في النفوس، ومن كبار تلامذته أبو بكر الرازي المذكور.
وعاش ثمانين سنة.
كتب إلي المسلم بن محمد، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: حدثني الصيمري قال: حدثني أبو القاسم بن علان الواسطي قال: لما أصاب أبا الحسن الكرخي الفالج في آخر عمره، حضرته، وحضر أصحابه: أبو بكر الدامغاني، وأبو علي الشاشي، وأبو عبد الله البصري، فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة
__________
* الفهرست: 293، تاريخ بغداد: 10 / 353 - 355، طبقات الشيرازي: 142، الانساب: 5 / 386 - 387، المنتظم: 6 / 369 - 370، العبر: 2 / 255، البداية والنهاية: 11 / 224 - 225، الجواهر المضية: 1 / 337.
طبقات المعتزلة: 130، لسان الميزان: 4 / 98 - 99، النجوم الزاهرة: 3 / 306، شذرات الذهب: 2 / 358.
(*)

(15/426)


وعلاج، والشيخ مقل ولا ينبغي أن نبذله للناس، فكتبوا إلى سيف الدولة بن
حمدان، فأحسن الشيخ بما هم فيه، فبكى، وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني، فمات قبل أن يحمل إليه شئ.
ثم جاء من سيف الدولة عشرة آلاف درهم، فتصدق بها عنه (1).
توفي رحمه الله في سنة أربعين وثلاث مئة.
وكان رأسا في الاعتزال، الله يسامحه (2).

239 - الدينوري * الفقيه العلامة المحدث، أبو بكر، أحمد بن مروان، الدينوري المالكي، مصنف " كتاب المجالسة " الذي يرويه البوصيري، وغيره.
سمع أبا بكر بن أبي الدنيا، وأبا قلابة الرقاشي، وأبا محمد بن قتيبة صاحب التصانيف، ومحمد بن يونس الكديمي، والعباس بن محمد الدوري، وإبراهيم بن ديزيل، وعبد الرحمن بن مرزوق البزوري، والبصري عبد الله الحلواني، والمحدث محمد بن عبد العزيز الدينوري، وعددا كثيرا.
حدث عنه: القاضي أبو بكر الابهري، وإبراهيم بن علي التمار المصري، والحسن بن إسماعيل الضراب، وآخرون.
وكان بصيرا بمذهب مالك، ألف كتابا في الرد على الشافعي، وكتابا في مناقب مالك.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 355.
(2) انظر ترجمته في " طبقات المعتزلة ": 130.
* الديباج المذهب: 32 - 33، حسن المحاضرة: 1 / 208 - 209.
(*)

(15/427)


ضعفه أبو الحسن الدارقطني (1).
قال ابن زولاق: قدم مصر، وحدث بكتب ابن قتيبة وغيرها، ثم سافر إلى أسوان على قضائها، فأقام بها سنين كثيرة.
قال: فحدثني أحمد بن مروان، قال: ولي أبو جعفر بن أبي محمد ابن قتيبة قضاء مصر، فجاءني كتاب أبي الذكر محمد بن يحيى المالكي، يقول فيه: خاطبت القاضي في أمرك، فوعدني بإنفاذ العهد إليك، فلما ذكرت له أنك تروي كتب أبيه، وقف وبدا له، وقال: أنا أعرف كل من سمع من أبي، وما أعرف هذا الرجل، فإن كان عندك علامة، فاكتب إلي بها.
قال: فكتبت إليه بعلامات يعرفها.
فكتب إلي يعتذر، وبعث بعهدي.
قلت: لم أظفر بوفاة الدينوري، وأراها بعد الثلاثين وثلاث مئة (2).
أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن بركات، أخبرنا الصائن هبة الله، وعلي الحافظ، قالا: أخبرنا النسيب، أخبرنا رشأ بن نظيف، أخبرنا الحسن بن إسماعيل، حدثنا الدينوري، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، عن هشيم، عن مجالد، عن الشعبي قال: كان فداء أسارى بدر أربعة آلاف ودونها.
فمن لم يكن له شئ أمر أن يعلم صبيان الانصار الكتابة (3).
__________
(1) " الديباج المذهب ": 32.
(2) في " الديباج المذهب ": 32 - 33 " توفي في صفر سنة ثمان وتسعين ومئتين، وسنه أربع وثمانون سنة ".
(3) مجالد ضعيف، والخبر مرسل.
(*)

(15/428)


240 - أبو إسحاق المروزي * الامام الكبير، شيخ الشافعية، وفقيه بغداد، أبو إسحاق إبراهيم بن
أحمد المروزي، صاحب أبي العباس بن سريج، وأكبر تلامذته.
اشتغل ببغداد دهرا، وصنف التصانيف، وتخرج به أئمة كأبي زيد المروزي، والقاضي أبي حامد أحمد بن بشر المروروذي (1) مفتي البصرة، وعدة.
شرح المذهب ولخصه، وانتهت إليه رئاسة المذهب.
ثم إنه في أواخر عمره تحول إلى مصر، فتوفي بها في رجب في تاسعه، وقيل في حادي عشرة سنة أربعين وثلاث مئة، ودفن عند ضريح الامام الشافعي (2)، ولعله قارب سبعين سنة.
وإليه ينسب ببغداد درب المروزي الذي في قطيعة الربيع (3).
وذكر ابن خلكان رحمه الله أن أبا بكر بن الحداد صاحب " الفروع " من تلامذة أبي إسحاق المروزي (4)، فلعله جالسه وناظره.
وإلا فابن الحداد أسن منه، ولكنه عاش بعد المروزي قليلا (5).
صنف المروزي كتابا في السنة، وقرأه بجامع مصر، وحضره آلاف
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 11، وفيات الاعيان: 1 / 26 - 27، العبر: 2 / 252، شذرات الذهب: 2 / 355 - 356.
(1) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان ": 1 / 69.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 6 / 11.
(3) المصدر السابق.
(4) انظر " وفيات الاعيان ": 4 / 197.
(5) توفي ابن الحداد سنة / 344 / أو / 345 / على خلاف عند المحققين.
وستأتي ترجمته رقم / 256 / من هذا الجزء.
(*)

(15/429)


فجرت فتنة، فطلبه (1) كافور فاختفى، ثم أدخل إلى كافور، فقال: أما أرسلت إليك أن لا تشهر هذا الكتاب فلا تظهره.
وكان فيه ذكر الاستواء، فأنكرته المعتزلة.

241 - ابن أبي هريرة * الامام شيخ الشافعية، أبو علي، الحسن بن الحسين بن أبي هريرة، البغدادي القاضي من أصحاب الوجوه.
انتهت إليه رئاسة المذهب.
تفقه بابن سريج ثم بأبي إسحاق المروزي، وصنف شرحا ل " مختصر المزني ".
أخذ عنه: أبو علي الطبري، والدارقطني وغيرهما، واشتهر في الآفاق.
توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.

242 - الخامي * * الشيخ الامام المحدث الصدوق المعمر، أبو الطاهر أحمد بن محمد
__________
(1) كافور بن عبد الله الاخشيدي، أبو المسك، تولى مملكة مصر والشام نيابة عن ابني الاخشيد أبي القاسم وأبي الحسين، ثم تولاهما مستقلا سنتين وأربعة أشهر إلى أن توفي سنة / 357 / ه.
وأخباره مع المتنبي مشهورة.
* تاريخ بغداد: 7 / 298 - 299، طبقات الشيرازي: 112 - 113، وفيات الاعيان: 2 / 75، العبر: 2 / 267، مرآة الجنان: 2 / 337، طبقات الشافعية: 3 / 256 - 263، البداية والنهاية: 11 / 304، طبقات ابن هداية الله: 72، شذرات الذهب: 2 / 370.
* * العبر: 2 / 256، المشتبه: 1 / 126، شذرات الذهب: 2 / 358.
(*)

(15/430)


ابن عمرو، المديني ثم المصري الخامي (1).
سمع يونس بن عبدالاعلى، وبحر بن نصر الخولاني، وجماعة.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو الحسين بن جميع، وأبو محمد بن النحاس، ومنير بن أحمد الخشاب وآخرون.
وحديثه من عوالي الخلعيات (2).
وكان قد عدله القاضي عبد الله بن وليد الظاهري.
فلما عزل ابن وليد، أسقطه القاضي الجديد في جماعة، فتجمعوا، ودخلوا على كافور نائب مصر وفيهم أبو الطاهر، فقال: أيها الاستاذ، حدثنا يونس، حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحاسدوا، ولا تقاطعوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا.
ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " (3).
وهؤلاء القوم قاطعونا وهاجرونا، وصاروا بمخالفة الحديث عصاة غير مقبولين.
فلان لهم كافور، ووعد بخير.
توفي أبو الطاهر المديني في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة وعاش ثلاثا وتسعين سنة.
أخبرنا علي بن محمد الحافظ، وإسماعيل بن عبدالرحمن، قالا:
__________
(1) في " العبر " و " الشذرات ": الحامي، بالحاء المهملة، وهو تصحيف.
(2) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مالك 2 / 906، 907 في حسن الخلق، ومن طريقه البخاري 10 / 413 في الادب، ومسلم (2559) في البر والصلة، عن الزهري، عن أنس.
وقوله: " ولا تدابروا " معناه: التهاجر والتصارم مأخوذ من تولية الرجل دبره إذا رأى أخاه وإعراضه عنه.
(*)

(15/431)


أخبرنا الحسن بن يحيى، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر، أخبرنا أبو الطاهر المديني، حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، أخبرني أفلح بن حميد، عن أبي بكر بن حزم، عن سليمان الاغر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة الجماعة خمس وعشرون درجة على صلاة الفذ " (1).

243 - الحوراني * الشيخ المحدث، أبو الطيب، محمد بن حميد بن محمد بن سليمان ابن معاوية، الكلابي الحوراني، ثم السامري المولد، شيخ معمر مشهور.
حدث عن: عباد بن الوليد الغبري، وعباس الترقفي، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبي حاتم الرازي، وإسحاق بن سيار، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وعدة.
روى عنه: تمام الرازي، ويوسف الميانجي، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو سليمان بن زبر، وآخرون.
وله جزء يرويه ابن عبد الدائم.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 485 من طريق عبدالملك، حدثنا أفلح بن حميد، بهذا الاسناد، وأخرج القسم الاخير منه مسلم (649) (247) في المساجد، من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب عن أفلح بهذا الاسناد، وأخرجه إلى قوله: " إلا المسجد الحرام " مالك 1 / 196 في الحج، ومن طريقه البخاري 3 / 54 في التطوع، من طريق زيد بن رياح، وعبيد الله بن أبي عبيد الله، عن أبي عبد الله الاغر سلمان، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (1394) من طرق أخرى عن أبي هريرة.
* الانساب: 4 / 268، تاريخ ابن عساكر: 15 / 137 ب - 138 آ، العبر: 2 / 257، شذرات الذهب: 2 / 361.
(*)

(15/432)


توفي بدمشق فيما أحسب في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.
وكان من أبناء التسعين.

244 - البخاري * الشيخ الصدوق النبيل، أبو الفضل، الحسن بن يعقوب بن يوسف، البخاري ثم النيسابوري.
سمع محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأبا حاتم الرازي، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وأبا يحيى بن أبي مسرة، ويحيى بن أبي طالب، وطبقتهم.
وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو عبد الله الحاكم، وابن مندة، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وآخرون.
قال الحاكم: هو أبو الفضل العدل، كان هو وأبوه من ذوي اليسار والثروة.
له خطة (1) ومسجد وبساتين.
فأنفق هذه الاموال على العلماء والصلحاء.
وبقي يأوي إلى مسجد.
توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة.
رحمه الله.

245 - الاردبيلي * * الامام الحافظ المفيد، أبو القاسم حفص بن عمر، الاردبيلي (2).
__________
* العبر: 2 / 259، شذرات الذهب: 2 / 362.
(1) الخطة، بالكسر: الارض التي يختطها الرجل لنفسه، ليعلم أنه قد احتازها ليبنيها دارا.
* * تذكرة الحفاظ: 3 / 850 - 851، العبر: 2 / 249، طبقات الحفاظ: 352،
شذرات الذهب: 2 / 349.
(2) بفتح الالف، وسكون الراء، وضم الدال المهملة، وكسر الياء المنقوطة باثنتين من = (*)

(15/433)


سمع أبا حاتم الرازي وطبقته بالري، ويحيى بن أبي طالب، وأبا قلابة عبدالملك بن محمد، وأقرانهما ببغداد، وإبراهيم بن ديزيل بهمذان.
وكان ثقة مجودا عارفا فهما مصنفا مشهورا.
حدث عنه: أحمد بن علي بن لال، وأحمد بن طاهر بن النجم الميانجي، وآخرون.
توفي في سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وقد نيف على الثمانين.
أخبرنا أبو الربيع سليمان بن قدامة الحاكم، أخبرنا جعفر بن علي.
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا علي بن أحمد الزنجاني الفقيه، أخبرنا القاضي عبد الله بن علي السفني بأردبيل، حدثنا يحيى بن محمد الجعدوي، حدثنا حفص بن عمر الحافظ، حدثنا أبو حاتم، حدثنا ثابت بن محمد الزاهد، حدثنا الحارث بن النعمان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أحيني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين فقالت عائشة: لم يا رسول الله ؟ قال: لانهم يدخلون الجنة قبل الاغيناء بأربعين خريفا ".
وذكر الحديث.
تفرد به ثابت بن محمد الزاهد شيخ البخاري.
والحارث بن النعمان هذا، قال البخاري: منكر الحديث (1).
قلت: روى ابن ماجه والترمذي في كتابيهما له.
__________
= تحتها، وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى بلدة يقال لها: أردبيل مما يلي أذربيجان.
" الانساب ": 1 / 177.
(1) وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، وأخرجه الترمذي (2351)، والبيهقي = (*)

(15/434)


246 - الحسن بن سعد * ابن إدريس، الامام العلامة الحافظ أبو علي، الكتامي (1) القرطبي عالم قرطبة.
سمع: من بقي بن مخلد فأكثر، وبمكة من علي بن عبد العزيز، وباليمن من إسحاق بن إبراهيم الدبري، وعبيد الكشوري، وبمصر من يوسف بن يزيد القراطيسي وبابته، وبالبصرة من أبي مسلم الكجي، وجال شرقا وغربا.
وكان يجتهد ولا يقلد، ويميل إلى مذهب الشافعي.
قال أبو الوليد بن الفرضي: كان أبو علي يحضر الشورى، فلما رأى الفتوى دائرة على المالكية، ترك شهود الشورى (2)، سمع منه الناس شيئا كثيرا، وكان شيخا صالحا.
ولم يكن بالضابط (3) جدا.
مولده بقرطبة في سنة ثمان وأربعين ومئتين إلى أن قال: وتوفي يوم الجمعة يوم عرفه سنة إحدى
__________
= 7 / 12 من طريق ثابت بن محمد بهذا الاسناد، وقال الترمذي: حديث غريب، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، عند ابن ماجة (4126) من طريق يزيد بن سنان، وهو ضعيف، عن أبي المبارك - وهو مجهول - عن عطاء، عن أبي سعيد، وأخرجه الحاكم 4 / 322، والبيهقي 7 / 13 من طريق خالد بن يزيد بن عبدالرحمن بن أبي مالك الدمشقي، عن أبيه، عن عطاء عن أبي سعيد.
ويزيد والد خالد ضعيف، وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند تمام في " فوائده "، والضياء المقدسي في " الاحاديث المختارة " ورقة 65، وفي سنده مجهول، فالحديث حسن.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 110، الانساب: 10 / 351، تذكرة الحفاظ: 3 / 870، العبر: 2 / 225، الوافي بالوفيات: 12 / 27، طبقات الحفاظ: 356، شذرات
الذهب: 2 / 329.
(1) في الاصل: الكتاني، وهو تصحيف، والكتامي: بضم الكاف، وفتح التاء المثناة، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى " كتامة "، وهي قبيلة من البربر، نزلت ناحية بلاد المغرب.
" الانساب ": 10 / 351.
(2) " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 110.
(3) المصدر السابق.
(*)

(15/435)


وثلاثين وثلاث مئة (1).
بقرطبة وله ثلاث وثمانون سنة وأشهر رحمه الله.

247 - الختلي * الامام الحافظ البارع، أبو عبد الله عبدالرحمن بن أحمد بن عبد الله ابن محمد، البغدادي ابن الختلي (2).
سمع أباه، وأبا بكر بن ابي الدنيا، وأبا إسماعيل الترمذي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وهذه الطبقة.
حدث عنه: أبو القاسم بن الثلاج، وأبو الحسن الدارقطني، والقاضي أبو عمر الهاشمي، وآخرون.
قال الدارقطني: كان يذاكر ويصنف، ويتعاطى الحفظ (3).
وقال الخطيب: كان يحفظ خمسين ألف حديث، ويملي من حفظه، وكان فهما عارفا ثقة حافظا، سكن البصرة (4).
قال أبو القاسم التنوخي: حدثني أبي، قال: دخل إلينا أبو عبد الله الختلي إلى البصرة، وهو صاحب حديث جلد مشهور بالحفظ، فجاء وليس معه شئ من كتبه، فحدث شهورا إلى أن لحقته كتبه، فسمعته يقول:
__________
(1) في " تاريخ علماء الاندلس " و " الانساب ": " توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة ".
* تاريخ بغداد: 10 / 290 - 291، الاكمال: 3 / 220، الانساب: 5 / 45، المنتظم: 6 / 351، تذكرة الحفاظ: 3 / 870 - 871، طبقات الحفاظ: 356.
(2) نسبة إلى " الختل " قرية على طريق خراسان إذا خرجت من بغداد.
وانظر " الانساب ": 5 / 44.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 290.
(4) المصدر السابق.
(*)

(15/436)


حدثت بخمسين ألف حديث من حفظي إلى أن لحقتني كتبي (1).
قلت: لم أر أحدا أرخ وفاته، وكأنها في سنة بضع وثلاثين وثلاث مئة (2)، وعاش نيفا وسبعين سنة.

248 - الصفار * الشيخ الامام المحدث القدوة، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد، الاصبهاني الصفار الزاهد.
سمع أحمد بن عصام، وأسيد (3) بن عاصم، وأحمد بن مهدي، وعبيد الغزال، وعدة بأصبهان بعد الستين ومئتين.
وسمع بفارس من: أحمد بن مهران بن خالد، وببغداد من: محمد بن الفرج الازرق، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وابن أبي أسامة، وسمع التصانيف، من: أبي بكر بن أبي الدنيا، وسمع بمكة من: علي بن عبد العزيز.
وجمع وصنف في الزهريات، وقدم نيسابور بعد الثلاث مئة (4)، فسكنها: وسمع " المسند الكبير " من عبد الله بن أحمد بن حنبل، وكتب عن إسماعيل القاضي تصانيفه، وصحب الاولياء والعباد، وارتحل إلى الحسن بن سفيان، فحمل " المسند "، وكتب أبي بكر بن أبي شيبة عنه.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 290 - 291.
(2) ارخ ابن الجوزي وفاته سنة / 335 / ه انظر " المنتظم " 6 / 351.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 271، الانساب: 8 / 74 - 75، المنتظم: 6 / 368، العبر: 2 / 250، الوافي بالوفيات: 3 / 316، طبقات الشافعية: 3 / 178 - 179، البداية والنهاية: 11 / 224، النجوم الزاهرة: 3 / 304، شذرات الذهب: 2 / 349.
(3) ضبط في " العبر " و " طبقات الشافعية ": بضم الهمزة وفتح السين، وهو خطأ.
انظر " الاكمال ": 1 / 56.
(4) في " الانساب " 8 / 75 " ورد نيسابور سنة سبع وتسعين ".
(*)

(15/437)


حدث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو الحسين الحجاجي، وابن مندة، وأبو سعيد الصيرفي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وآخرون.
قال الحاكم: هو محدث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه (1) إلى السماء كما بلغنا نيفا وأربعين سنة (2).
وكان وراقه أبو العباس المصري خانه، واختزل عيون كتبه وأكثر من خمس مئة جزء من أصوله، فكان أبو عبد الله يجامله جاهدا في استرجاعها، فلم ينجع فيه، فذهب علمه بدعاء الشيخ عليه (3).
توفي الشيخ في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وله ثمان وتسعون سنة.
ومات معه مسند بغداد أبو جعفر بن البختري، ومسند الثغر علي بن أبي مطر الاسكندراني عن مئة عام، وأحمد بن محمد بن عاصم الكراني، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي بمصر، والقاهر بالله، وأبو نصر محمد
ابن محمد بن طرخان الفارابي المتفلسف، والقاضي عمر بن الحسن الاشناني.

249 - الصفار * الامام الحافظ المجود، أبو الحسن، أحمد بن عبيد بن إسماعيل،
__________
(1) في " الانساب ": بصره.
(2) " الانساب ": 8 / 74 - 75.
(3) " طبقات الشافعية ": 3 / 179.
* تاريخ بغداد: 4 / 261، تذكرة الحفاظ: 3 / 876 - 877، طبقات الحفاظ: 358.
(*)

(15/438)


البصري الصفار، ابن زوجة الكديمي، ومؤلف " كتاب السنن " (1) على المسند الذي يكثر أبو بكر البيهقي من تخريجه في تواليفه.
سمع محمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن الفرج الازرق، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبا مسلم الكجي، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وعلي بن الحسن بن بيان، وابن أبي قماش، والعباس بن الفضل الاسفاطي، ومحمد بن سليمان الباغندي، وخلقا من هذه الطبقة، فأعلى ما عنده أصحاب يزيد بن هارون، ونحوه.
حدث عنه: الدارقطني، والقاضي أبو عمر الهاشمي، وعلي بن القاسم النجاد، وأبو الحسين بن جميع، وعلي بن أحمد بن عبدان، وطائفة.
قال: كان ثقة ثبتا.
صنف المسند وجوده.
قلت: سمع منه ابن عبدان في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.
وتوفي بعدها بقليل.
قرأت على عمر بن عبد المنعم، أخبركم عبد الصمد بن محمد القاضي سنة تسع وست مئة حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ببغداد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن يونس، عن الحسن، عن أبي السفر، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم،
__________
(1) " الرسالة المستطرفة ": 36.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 261.
(*)

(15/439)


قال: " إن الله جعل مطعم ابن آدم مثلا للدنيا " (1).

250 - الصفار * الامام النحوي الاديب، مسند العراق، أبو علي إسماعيل بن محمد ابن إسماعيل بن صالح البغدادي الصفار الملحي نسبة إلى الملح والنوادر.
ولد سنة سبع وأربعين ومئتين، وسمع من: الحسن بن عرفة أربعة وتسعين حديثا، ومن زكريا بن يحيى بن أسد، وسعدان بن نصر، ومحمد ابن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن منصور الرمادي، وعبد الرحمن بن محمد كر بزان، وعدة.
وصحب أبا العباس المبرد، وأكثر عنه.
حدث عنه: الدارقطني، وابن المظفر، وابن مندة، وأبو عمر بن مهدي، وعبيد الله بن محمد السقطي، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، ومحمد بن الحسين بن الفضل القطان، وعبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، وأبو الحسين بن مخلد، وخلق سواهم.
__________
(1) وأخرجه الطبراني في " الكبير " (531) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " 5 / 136، والبيهقي في الزهد الكبير من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي، عن أبي بن كعب، وقال الهيثمي في " المجمع " 10 / 288: ورجالها رجال الصحيح غير عتي وهو ثقة وصححه ابن حبان (2489) وقد توبع موسى ابن مسعود عليه عند ابن أبي الدنيا في الجوع 8 / 2 / 9، وله شاهد من حديث الضحاك بن سفيان الكلابي عند أحمد 3 / 452، والطبراني (8138) وفي سنده علي بن زيد بن جرعان وهو ضعيف وباقي رجاله ثقات، وآخر من حديث سلمان عند الطبراني (6119) ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي.
فالحديث صحيح.
* تاريخ بغداد: 6 / 302 - 304، نزهة الالباء: 195 - 196، المنتظم: 6 / 371 - 372، معجم الادباء: 7 / 33 - 36، إنباه الرواة: 1 / 211 - 213، العبر: 256، البداية والنهاية: 11 / 226، لسان الميزان: 1 / 432، بغية الوعاة: 188، شذرات الذهب: 2 / 358.
(*)

(15/440)


قال الدارقطني: كان ثقة متعصبا للسنة (1).
قلت: انتهى إليه علو الاسناد.
وقد روى الحاكم عن رجل عنه، وله شعر وفضائل.
وكان مقدما في العربية.
توفي ببغداد في رابع عشر المحرم سنة احدى وأربعين وثلاث مئة.
أنبأنا جماعة أجاز لهم ابن كليب، قال: أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا محمد بن محمد البزاز، أخبرنا إسماعيل الصفار بجزء ابن عرفة.
وفيها مات أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني الخامي، ومحمد بن أيوب بن الصموت الرقي، والمنصور العبيدي، وأبو الطيب محمد بن حميد الحوراني الكلابي، وأبو حاتم محمد بن عيسى الوسفندي،
وإسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة، وعبد الله بن عمر بن شوذب بواسط، وأبو الحسن شعبة بن الفضل البغدادي.

251 - أحمد بن عبيد الصفار * المحدث أبو بكر الحمصي الرعيني.
فيروي عن أبي بكر أحمد بن علي المروزي، ومحمد بن عبيد الكلاعي، وطبقتهما.
حدث عنه: ابن مندة، وأبو العباس بن الحاج، وعبد الغني بن سعيد الازدي، وآخرون.
مات في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة.
ذكرته للتمييز، واسم جده أحمد.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 303.
(5) ستأتي ترجمته في الجزء السادس عشر رقم الترجمة (255).
(*)

(15/441)


252 - ابن صفوان * الشيخ المحدث الثقة، ابو علي الحسين بن صفوان بن إسحاق بن إبراهيم، البرذعي (1).
صاحب أبي بكر بن الدنيا وراوي كتبه.
وحدث أيضا عن: محمد بن شداد المسمعي صاحب يحيى القطان، وعن محمد بن الفرج الازرق، والقاضي أحمد بن محمد البرتي، وطائفة.
حدث عنه: منصور بن عبد الله الخالدي، ومحمد بن عبد الله بن أخي ميمي، وأبو عبد الله بن دوست، وأبو الحسين بن بشران، وآخرون.
قال الخطيب: كان صدوقا (2).
توفي في شعبان سنة أربعين وثلاث مئة ببغداد.
والبرذعي نسبة إلى عمل البرذعة (3).
أما السنبة إلى بلد برذعة، فقد قيل: بدال مهملة.

253 - الستوري * * الشيخ المعمر الصدوق، أبو الحسن علي بن الفضل بن إدريس السامري الستوري (4).
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 54، العبر: 2 / 253، شذرات الذهب: 2 / 356 - 357.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 356 " البردعي ": بالدال المهملة.
وهو تصحيف.
انظر " المشتبه ": 1 / 65.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 54.
(3) البرذعة: ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه، كالسرج للفرس.
* * تاريخ بغداد: 12 / 48، الانساب: 7 / 41، العبر: 2 / 262، شذرات الذهب: 2 / 365.
(4) بضم السين المهملة، والتاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة = (*)

(15/442)


له نسخة عن الحسن بن عرفة عالية، تفرد في زمانه بها، ما علمته روى سواها.
حدث عنه: يوسف القواس، وابن حسنون النرسي، والحسين بن برهان، ومحمد بن محمد بن الروزبهان، والحاكم.
قال أبو بكر الخطيب: سمعت العتيقي يوثقه.
وقال: ما سمعت شيوخنا يذكرونه إلا بجميل (1).
قلت: توفي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة، ولعله قارب المئة.
روى جزءه النفيس ابن البن عن جده، عن القاسم بن أبي العلاء، عن
ابن الروزبهان عنه.

254 - ابن عقبة * الامام الثقة المحدث، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة ابن همام، الشيباني الكوفي.
قدم بغداد، فروى عن: إبراهيم بن أبي العنبس، والخضر بن أبان، وسليمان بن الربيع النهدي، ومطين.
وعنه: الدارقطني، وابن جميع الغساني، وأبو الحسن بن رزقويه، وجماعة.
__________
= إلى الستر، وجمعه الستور، وهذه النسبة إما إلى حفظ الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة وأنظر " الانساب ": 7 / 40.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 48.
* تاريخ بغداد: 12 / 79 - 81، المنتظم: 6 / 376، العبر: 2 / 262، مرآة الجنان: 2 / 335، البداية والنهاية: 11 / 228، شذرات الذهب: 2 / 365 - 336.
(*)

(15/443)


قال الخطيب: كان ثقة أمينا (1).
كان يقول: شهدت عند القاضي إبراهيم بن أبي العنبس في سنة سبعين ومئتين (2).
وقال ابن حماد الحافظ: كان شيخ الكوفة، ومختار السلطان والقضاة، صاحب جماعة وفقه وتلاوة (3).
توفي في رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
وكان ابن عقدة (4) يحضر عنده كثيرا.

255 - ابن السماك * الشيخ الامام المحدث المكثر الصادق، مسند العراق، أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد البغدادي الدقاق ابن السماك.
سمع باعتناء والده من: أبي جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وحنبل بن إسحاق، والحسين بن محمد ابن أبي معشر، ومحمد بن الحسين الحنيني، وعبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي كربزان، ويحيى بن أبي طالب، والحسن بن مكرم، وخلق كثير.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 80.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) تقدمت ترجمته رقم / 178 / من هذا الجزء.
* تاريخ بغداد: 11 / 302 - 303، الانساب: 7 / 127، المنتظم: 6 / 378، العبر: 2 / 264، ميزان الاعتدال: 3 / 31، البداية والنهاية: 11 / 922، غاية النهاية: 1 / 501، لسان الميزان: 4 / 131 - 132، شذرات الذهب: 2 / 366 - 367.
(*)

(15/444)


وجمع فأوعى، وكتب العالي والنازل والسمين والهزيل.
حدث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن مندة، والحاكم، وأبو عمر بن مهدي، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسين بن الفضل، وأبو علي شاذان، وعدة.
قال الدارقطني: شيخنا أبو عمرو، كتب عن العطاردي ومن بعده، وكتب المصنفات الطوال بخطه، وكان من الثقات (1).
وقال الخطيب: كان ابن السماك ثقة ثبتا (2)، سمعت ابن رزقويه،
يقول: حدثنا الباز الابيض أبو عمرو بن السماك.
السلمي، أخبرنا الدارقطني، سمعت ابن السماك، يقول: وجه إلي الحسين النوبختي، وقد كنت قضيت له حاجة: " ابعث إلى القاضي أبي الحسين بن أبي عمر ليقبل شهادتك ؟ "، فقلت: لا أنشط لذلك.
أنا أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدي فتقبل شهادتي، لا أحب أن أشهد على العامة ومعي آخر.
توفي في ربيع الاول سنة أربع وأربعين وثلاث مئة، وشيعه نحو خمسين ألفا.
وصلى عليه ابنه محمد.
وقد عمر محمد هذا.
وحدث عن البغوي وغيره.

256 - ابن الحداد * الامام العلامة الثبت، شيخ الاسلام، عالم العصر، أبو بكر، محمد
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 303.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 302.
* طبقات الشيرازي: 114، الانساب: 4 / 71 - 72، المنتظم: 6 / 379، وفيات = (*)

(15/445)


ابن أحمد بن محمد بن جعفر، الكناني المصري الشافعي ابن الحداد.
صاحب " كتاب الفروع " في المذهب.
ولد سنة أربع وستين ومئتين.
وسمع أبا الزنباع روح بن الفرج، وأبا يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي، ومحمد بن عقيل الفريابي، ومحمد بن جعفر بن الامام، وأبا عبدالرحمن النسائي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وخلقا سواهم.
ولازم النسائي كثيرا، وتخرج به، وعول عليه، وأكتفى به، وقال: جعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى، وكان في العلم بحرا لا تكدره
الدلاء، وله لسن وبلاغة وبصر بالحديث ورجاله، وعربية متقنة، وباع مديد في الفقه لا يجارى فيه مع التأله والعبادة والنوافل، وبعد الصيت، والعظمة في النفوس.
ذكره ابن زولاق - وكان من أصحابه - فقال: كان تقيا متعبدا، يحسن علوما كثيرة: علم القرآن وعلم الحديث، والرجال، والكنى، واختلاف العلماء والنحو واللغة والشعر، وأيام الناس، ويختم القرآن في كل يوم، ويصوم يوما و [ يفطر ] يوما.
كان من محاسن مصر.
إلى أن قال: وكان طويل اللسان، حسن الثياب والمركوب، غير مطعون عليه في لفظ ولا فعل، وكان
__________
= الاعيان: 4 / 197 - 198، تذكرة الحفاظ: 3 / 899 - 900، العبر: 2 / 264، الوافي بالوفيات: 2 / 69، مرآة الجنان: 2 / 336، طبقات الشافعية: 3 / 79 - 98، البداية والنهاية: 11 / 229 - 230، النجوم الزاهرة: 3 / 313، طبقات الحفاظ: 367، طبقات ابن هداية الله: 70 - 72، شذرات الذهب: 2 / 367 - 368.
(*)

(15/446)


حاذقا بالقضاء.
صنف كتاب " أدب القاضي " (1) في أربعين جزءا، وكتاب " الفرائض " في نحو من مئة جزء (2).
أخبرنا الحسن بن علي الامين، أخبرنا محمد بن أحمد النسابة، أخبرنا أبو المعالي بن صابر، أخبرنا علي بن الحسن بن الموازيني، أخبرنا محمد بن سعدان، أخبرنا يوسف بن القاسم القاضي، أخبرنا أبو بكر محمد ابن أحمد الحداد، سمعت أبا عبدالرحمن النسائي، سمعت عبيد الله بن فضالة، سمعت إسحاق بن راهويه، يقول: الشافعي إمام (3).
نقلت في " تاريخ الاسلام ": أن مولد ابن الحداد يوم موت المزني (4)، وأنه جالس أبا إسحاق المروزي لما قدم عليهم، وناظره.
وكتابه في " الفروع " مختصر دقق مسائله، شرحه القفال، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي، وهو صاحب وجه في المذهب.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت الدارقطني، سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد النسوي المعدل بمصر، يقول: سمعت أبا بكر بن الحداد، يقول: أخذت (5) نفسي بما رواه الربيع عن الشافعي، أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة، سوى ما يقرأ في الصلاة، فأكثر ما قدرت عليه تسعا وخمسين ختمة، وأتيت في غير رمضان بثلاثين ختمة.
قال الدارقطني: كان ابن الحداد كثير الحديث، لم يحدث عن غير
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": أدب القضاء.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 900.
وما بين حاصرتين منه.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 900.
(4) انظر الحاشية رقم / 1 / ص 28 / من هذا الجزء.
(5) في " طبقات الشافعية ": 3 / 81 " أحدث " وهو تصحيف.
(*)

(15/447)


النسائي، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله (1).
وقال ابن يونس: كان ابن الحداد يحسن النحو والفرائض، ويدخل على السلاطين، وكان حافظا للفقه على مذهب الشافعي وكان كثير الصلاة متعبدا، ولي القضاء بمصر نيابة لابن هروان الرملي (2).
وقال المسبحي: كان فقيها عالما كثير الصلاة والصيام، يصوم يوما، ويفطر يوما، ويختم القرآن في كل يوم وليلة قائما مصليا.
قال: ومات وصلي عليه يوم الاربعاء، ودفن بسفح المقطم عند قبر والدته، وحضر جنازته الملك أبو القاسم بن الاخشيذ، وابو المسك كافور،
والاعيان (3)، وكان نسيج وحده في حفظ القرآن واللغة، والتوسع في علم الفقه.
وكانت له حلقة من سنين كثيرة يغشاها المسلمون.
وكان جدا كله رحمه الله.
فما خلف بمصر بعده مثله.
قال: وكان عالما أيضا بالحديث والاسماء والرجال والتاريخ.
وقال ابن زولاق في " قضاة مصر ": في سنة أربع وعشرين سلم الاخشيذ قضاء مصر إلى ابن الحداد، وكان أيضا ينظر في المظالم، ويوقع فيها، فنظر في الحكم خلافة عن الحسين بن محمد بن أبي زرعة الدمشقي، وكان يجلس في الجامع، وفي داره، وكان فقيها متعبدا، يحسن علوما كثيرة.
منها علم القرآن، وقول الشافعي، وعلم الحديث، والاسماء والكنى والنحو واللغة، واختلاف العلماء، وأيام الناس، وسير الجاهلية، والنسب والشعر، ويحفظ شعرا كثيرا، ويجيد الشعر، ويختم في كل يوم
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 80.
(2) المصدر السابق.
(3) " وفيات الاعيان ": 4 / 198.
(*)

(15/448)


وليلة (1)، ويصوم يوما و [ يفطر ] يوما، ويختم يوم الجمعة ختمة أخرى في ركعتين في الجامع قبل صلاة الجمعة [ سوى التي يختمها كل يوم ]، حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، فصيحا غير مطعون عليه في لفظ ولا فضل ثقة في اليد والفرج واللسان، مجموعا على صيانته وطهارته حاذقا بعلم القضاء.
أخذ ذلك عن أبي عيبد القاضي (2).
وأخذ علم الحديث عن النسائي، والفقه عن محمد بن عقيل الفريابي، وعن بشر بن نصر، وعن منصور بن إسماعيل، وابن بحر، وأخذ
العربية عن ابن ولاد، وكان لحبه الحديث لا يدع المذاكرة، وكان يلزمه محمد بن سعد الباوردي الحافظ، فأكثر عنه من مصنفاته، فذاكره يوما بأحاديث، فاستحسنها ابن الحداد، وقال: اكتبها لي، فكتبها له، فجلس بين يديه، وسمعها منه وقال: هكذا يؤخذ العلم، فاستحسن الناس ذلك منه، وكان تتبع ألفاظه، وتجمع أحكامه.
وله كتاب " الباهر "، في الفقه نحو مئة جزء، و " كتاب الجامع ".
وفي ابن الحداد، يقول أحمد بن محمد الكحال: الشافعي تفقها والاصمعي * تفننا (1) والتابعين (2) تزهدا قال ابن زولاق: حدثنا ابن الحداد بكتاب " خصائص علي " رضي الله عنه، عن النسائي، فبلغه عن بعضهم شئ في علي، فقال: لقد هممت أن أملي الكتاب في الجامع.
__________
(1) في " طبقات الشافعية ": وليله في صلاة.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 81، وما بين حاصرتين منه.
(3) في " طبقات الشافعية ": تيقنا.
(4) في طبقات الشافعية: والتابعون.
(*)

(15/449)


قال ابن زولاق: وحدثني علي بن حسن، قال: سمعت ابن الحداد، يقول: كنت في مجلس ابن الاخشيذ، يعني: ملك مصر، فلما قمنا أمسكني وحدي، فقال: أيما أفضل أبو بكر، وعمر، أو علي ؟ فقلت: اثنين حذاء واحد، قال: فأيما أفضل أبو بكر، أو علي ؟ قلت: إن كان عندك فعلي، وإن كان برا (1) فأبو بكر، فضحك.
قال: وهذا يشبه ما بلغني عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنه
سأله رجل: أيما أفضل أبو بكر، أو علي ؟ فقال: عد إلي بعد ثلاث، فجاءه، فقال: تقدمني إلى مؤخر الجامع، فتقدمه، فنهض إليه، واستعفاه، فأبى، فقال: علي، وتالله لئن أخبرت بهذا أحدا عني لاقولن للامير أحمد بن طولون، فيضربك بالسياط.
وقد ولي القضاء من قبل ابن الاخشيذ ثم بعد ستة أشهر، ورد العهد بالقضاء من قاضي العراق ابن أبي الشوارب لابن أبي زرعة، فركب بالسواد.
ولم يزل ابن الحداد يخلفه إلى آخر أيامه.
وكان ابن أبي زرعة يتأدب معه، ويعظمه، ولا يخالفه في شئ، ثم عزل عن بغداد ابن أبي الشوارب بأبي نصر يوسف بن عمر، فبعث بالعهد إلى ابن أبي زرعة.
قال ابن خلكان: صنف أبو بكر بن الحداد كتاب " الفروع " في المذهب، وهو صغير الحجم، دقق مسائله، وشرحه جماعة من الائمة.
منهم: القفال المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي إلى أن
__________
(1) برا: كلمة مولدة بمعنى علانية، ومنه: " من أصلح جوانيه، أصلح الله برانيه " أي: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.
(*)

(15/450)


قال: أخذ عن أبي إسحاق المروزي (1).
ومولده يوم مات المزني (2).
كان غواصا على المعاني محققا (3).
توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
وقيل: سنة أربع (4).
قلت: حج، ومرض في رجوعه، فأدركه الاجل عند البئر والجميزة يوم الثلاثاء لاربع بقين من المحرم سنة أربع، وهو يوم دخول الركب إلى مصر، وعاش تسعا وسبعين سنة وأشهرا، ودفن يوم الاربعاء عند قبر أمه.
أرخه
المسبحي.

257 - المادرائي * الوزير المعظم، أبو بكر، محمد بن علي بن أحمد بن رستم، البغدادي المادرائي (5).
وزر لصاحب مصر خمارويه (6)، وكان أبوه ناظر خراج مصر.
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 4 / 197.
(2) توفي المزني سنة / 264 / ه.
(3) " وفيات الاعيان ": 4 / 197.
(4) في " شذرات الذهب ": 2 / 368 " هذا هو الصحيح ".
* تاريخ بغداد: 2 / 79 - 81، الانسباب: 499، تاريخ ابن عساكر: 15 / 341 ب - 342 ب، المنتظم: 6 / 383، العبر: 2 / 268 - 269، الوافي بالوفيات: 4 / 115، البداية والنهاية: 11 / 231، خطط المقريزي: 2 / 155 - 157، شذرات الذهب: 2 / 371.
(5) نسبة إلى " مادرايا ".
قال السمعاني: وظني أنها من أعمال البصرة، انظر " الانساب ": 499 آ - 499 ب.
(6) ابن أحمد بن طولون صاحب مصر، توفي سنة 282، انظر: " ولاة مصر " للكندي: 258 - 264.
(*)

(15/451)


ولد أبو بكر سنة سبع وخمسين.
واحترقت كتبه، فسلم منها جزءان سمعهما من العطاردي (1).
روى عنه: أبو مسلم الكاتب وغيره.
وكان رئيسا نبيلا كثير الاموال جدا، لا يلحق في بره.
وكان القضاة
والكبراء يترددون إلى بابه، حج عشرين حجة، وكان كثير الصيام، ملازما للجماعة، وقد نكب مرة على يد الوزير ابن حنزابة (2)، فوزن ألف ألف دينار، وحبس مدة بالرملة، ثم أطلقه الاخشيذ (3)، وبالغ في إكرامه (4).
قال المسبحي: يقال: إن ديوانه اشتمل على ستين ألفا ممن يمونهم، وكان يتصدق في الشهر بمئة ألف رطل دقيق.
وقيل: أعتق في عمره مئة ألف نسمة.
وكان ذكيا جيد البديهة، وكان له ختمة في اليوم والليلة.
وبلغ ارتفاع أملاكه في العام أربع مئة ألف دينار، وقد ورد أنه أنفق في بعض حجاته مئة ألف دينار، نقله المسبحي (5).
توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مئة، رحمه الله.

258 - الاصم * محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان، الامام المحدث مسند
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 80.
(2) هو الفضل بن جعفر، أبو الفتح، وقد تقدمت ترجمته.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 189 / من هذا الجزء.
(4) انظر " خطط المقريزي ": 2 / 156.
(5) " خطط المقريزي ": 2 / 155.
* الانساب: 1 / 294 - 297، تاريخ ابن عساكر: 16 / 67 آ - 69 ب -، المنتظم: (*)

(15/452)


العصر، رحلة الوقت، أبو العباس الاموي مولاهم، السناني المعقلي النيسابوري الاصم، ولد المحدث الحافظ أبي الفضل الوراق.
كان أبوه من أصحاب إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وكان كما قال أبو عبد الله الحاكم: من أحسن الناس خطا، روى عنه: محمد بن
مخلد الدوري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن القاسم العتكي، وابنه أبو العباس الاصم.
ومات سنة سبع وسبعين ومئتين.
وقد ارتحل بابنه أبي العباس إلى الآفاق، وسمعه الكتب الكبار.
فسمع (2) من: أحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الازهر، وكان خاتمة أصحابهما بها (3) لكنه عدم (4) سماعه منهما، وسمع بأصبهان من هارون بن سليمان، وأسيد بن عاصم، وببغداد من زكريا بن يحيى أسد المروزي، صاحب سفيان بن عيينة، وعباس الدوري، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعدة.
وبمصر من: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان المرادي، وبحر بن نصر الخولاني وأقرانهم، وبدمشق من: محمد بن هشام بن ملاس النميري، ويزيد بن عبد الصمد، وأبي زرعة النصري.
وببيروت من:
__________
6 / 386 - 387، تذكرة الحفاظ: 3 / 860 - 864، العبر: 2 / 273 - 274، الوافي بالوفيات: 5 / 223، نكت الهميان: 279، البداية والنهاية: 11 / 232، غاية النهاية: 2 / 283، النجوم الزاهرة: 3 / 317، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 373 - 374.
(1) له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 14 / 286.
(2) أي: أبو العباس الاصم.
(3) أي بنيسابور.
(4) أي: فقد.
(*)

(15/453)


العباس بن الوليد العذري.
وبالكوفة من: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأحمد بن عبدالحميد الحارثي، والحسن بن علي بن عفان العامري.
وحدث " بكتاب الام " للشافعي عن الربيع.
وطال عمره وبعد صيته، وتزاحم عليه الطلبة.
وجميع ما حدث به إنما رواه من لفظه، فإن الصمم لحقه وهو شاب له بضع وعشرون سنة.
بعد رجوعه من الرحلة، ثم تزايد به، واستحكم بحيث إنه لا يسمع نهيق الحمار.
وقد حدث في الاسلام ستا وسبعين سنة (1).
حدث عنه: الحسين بن محمد بن زياد القباني، وأبو حامد الاعمشي (1) - وهما أكبر منه - وحسان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن عدي، وأبو عمرو بن حمدان، والحافظ أبو علي النيسابوري، والامام أبو بكر الاسماعيلي، وأبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الله بن يوسف الاصبهاني، وأبو طاهر بن محمش، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو القاسم عبدالرحمن بن محمد السراج، وأبو صادق محمد بن أحمد بن أبي الفوارس العطار، والفقيه أبو نصر محمد بن علي الشيرازي، وأبو بكر محمد بن محمد بن رجاء الاديب، وأبو العباس أحمد بن محمد الشاذياخي، وأبو نصر أحمد بن علي ابن أحمد بن شبيب الفامي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن علي بن معاوية العطار، وإسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، والحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وسعيد بن محمد بن محمد بن عبدان، وأبو الطيب سهل بن
__________
(1) " الانساب ": 1 / 294.
(2) نسبة إلى الاعمش سليمان بن مهران، قيل له ذلك لانه كان يحفظ حديثه.
(*)

(15/454)


محمد بن سليمان الصعلوكي، وأبو أحمد بن عبد الله بن محمد بن حسن المهرجاني، وأبو محمد عبدالرحمن بن أبي حامد أحمد بن إبراهيم
المقرئ، وعبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكي، وعبيد بن محمد بن محمد بن مهدي القشيري، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي الاسفراييني المقرئ، وأبو الحسين علي بن محمد السبعي، وأبو القاسم علي بن الحسن الطهماني، وأبو نصر منصور بن الحسين المقرئ، والقاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي الحيري، وأبو (1) بكر محمد بن علي ابن محمد بن حيد، وأبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وعلي بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي الطرازي، ومحمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني، وأمم سواهم، وآخرون.
روى عنه في الدنيا بالاجازة أبو نعيم الحافظ.
قال الحاكم: كان يكره أن يقال له: الاصم، فكان أمامنا أبو بكر بن إسحاق الصبغي (2)، يقول: المعقلي، قال: وإنما حدث (3) به الصمم بعد انصرافه من الرحلة، وكان محدث عصره، ولم يختلف أحد في صدقه وصحة سماعاته، وضبط أبيه يعقوب الوراق لها، وكان يرجع إلى حسن مذهب وتدين.
وبلغني أنه أذن سبعين سنة في مسجده.
قال: وكان حسن الخلق، سخي النفس، وربما كان يحتاج إلى الشئ [ لمعاشه ]، فيورق، ويأكل من كسب يده، وهذا الذي يعاب [ به ]، من أنه كان يأخذ على
__________
(1) في الاصل: بكر بن محمد، وهو خطأ.
انظر " الاكمال ": 2 / 160 - 161.
(2) ستأتي ترجمته برقم / 274 / من هذا الجزء.
(3) في " الانساب ": ظهر.
(*)

(15/455)


الحديث (1)، إنما كان يعيبه به من لا يعرفه، فإنه كان يكره ذلك أشد الكراهة
[ ولا يناقش أحدا فيه ]، إنما كان وراقه وابنه يطلبان (2) الناس بذلك، فيكره هو ذلك، ولا يقدر على مخالفتهما (3).
سمع منه: الآباء والابناء والاحفاد، وكفاه شرفا ان يحدث طول تلك السنين، ولا يجد أحد فيه مغمزا بحجة، وما رأينا الرحلة في بلاد من بلاد الاسلام أكثر منها إليه، فقد رأيت جماعة من أهل الاندلس، وجماعة من أهل طراز (4)، وإسبيجاب (5) على بابه، وكذا جماعة من أهل فارس، وجماعة من أهل الشرق (6).
سمعته غير مرة يقول: ولدت سنة سبع وأربعين ومئتين (7).
ورحل به أبوه على طريق أصبهان في سنة خمس وستين، فسمع بها ولم يسمع بالاهواز ولا البصرة حرفا، ثم حج، وسمع بمكة من: أحمد بن شيبان الرملي، صاحب ابن عيينه، سمع بها منه فقط، وسمع بمصر وعسقلان وبيروت ودمياط وطرسوس، سمع بها من أبي أمية الطرسوسي، وسمع بحمص من محمد بن عوف، وأبي عتبة أحمد بن الفرج، وبالجزيرة من: محمد بن علي بن ميمون الرقي.
وسمع المغازي من لفظ العطاردي،
__________
(1) في " الانساب ": التحديث.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 861: يطالبان.
(3) " الانساب ": 1 / 295، وما بين حاصرتين منه.
(4) بلد قريب من إسبيجاب، من ثغور الترك.
في أقصى بلاد الشاش مما يلي تركستان.
انظر " آثار البلاد وأخبار العباد ": 544.
(5) في " الانساب ": إسفيجاب.
(6) " الانساب ": 1 / 295.
(7) المصدر السابق.
(*)

(15/456)


وسمع مصنفات عبد الوهاب بن عطاء من يحيى بن أبي طالب، وسمع مصنفات زائدة و " السنن " لابي إسحاق الفزاري من أبي بكر الصاغاني، وسمع " العلل " لعلي بن المديني من حنبل (1)، وسمع " معاني القرآن " من محمد بن الجهم السمري، وسمع " التاريخ " من عباس الدوري.
ثم انصرف إلى خراسان، وهو ابن ثلاثين سنة (2).
سمعته يقول: حدثت بكتاب " معاني القرآن " في سنة نيف وسبعين ومئتين (3).
قال الحافظ أبو حامد الاعمشي: كتبنا عن أبي العباس بن يعقوب الوراق في مجلس محمد بن عبد الوهاب الفراء سنة خمس وسبعين ومئتين (4).
الحاكم: سمعت محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، سمعت جدي، وسئل عن سماع " كتاب المبسوط " من أبي العباس الاصم، فقال: اسمعوا منه، فإنه ثقة، قد رأيته يسمع مع أبيه بمصر، وأبوه يضبط سماعة (5).
الحاكم: سمعت يحيى بن منصور القاضي، سمعت أبا نعيم بن عدي، واجتمع جماعة يسألونه المقام بنيسابور لقراءة " المبسوط "، فقال: يا سبحان الله ! عندكم [ راوي هذا الكتاب ] الثقة المأمون أبو العباس
__________
(1) حنبل بن إسحاق، ابن عم الامام أحمد بن حنبل، وتلميذه.
(2) " الانساب ": 1 / 295 - 296.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 آ.
(4) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
(5) المصدر السابق.
(*)

(15/457)


الاصم، وأنتم تريدون أن تسمعوه من غيره (1).
أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن أبي حاتم يقول: ما بقي " لكتاب المبسوط " راو غير أبي العباس الوارق، وبلغنا أنه ثقة صدوق (2).
أبو عبد الله الحاكم: حضرت أبا العباس يوما في مسجده، فخرج ليؤذن لصلاة العصر، فوقف موضع المئذنة، ثم قال بصوت عال، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، ثم ضحك، وضحك الناس، ثم أذن (3).
قال الحاكم: سمعت الاصم، وقد خرج ونحن في مسجده، وقد امتلات السكة من الناس في ربيع الاول سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
وكان يملي عشية كل يوم اثنين من أصوله.
فلما نظر إلى كثرة الناس والغرباء وقد قاموا يطرقون (4) له، ويحملونه على عواتقهم من باب داره [ إلى مسجده ]، فجلس على جدار المسجد، وبكى طويلا، ثم نظر إلى المستملي، فقال: أكتب: سمعت محمد بن إسحاق الصغاني يقول: سمعت الاشج، سمعت عبد الله بن إدريس يقول: أتيت يوما باب الاعمش بعد موته فدققت [ الباب ]، فأجابتني جارية عرفتني: هاي هاي [ تبكي ] (5): يا عبد الله، ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب ؟ ثم بكى الكثير، ثم قال: كأني بهذه السكة لا يدخلها (6) أحد
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب، وما بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
(3) " الانساب ": 1 / 297.
(4) أي: يوسعون له الطريق.
(5) زيادة من " تذكرة الحفاظ ": 3 / 863.
(6) في الاصل: فلا يدخلها، وما أثبتناه من " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 69 ب.
(*)

(15/458)


منكم، فإني لا أسمع وقد ضعف البصر، وحان الرحيل، وانقضى الاجل، فما كان إلا بعد شهر أو أقل منه حتى كف بصره، وانقطعت الرحلة، وانصرف الغرباء، فرجع أمره إلى أنه كان يناول قلما، فيعلم أنهم يطلبون الرواية، فيقول: حدثنا الربيع، وكان يحفظ أربعة عشر حديثا، وسبع حكايات، فيرويها.
وصار بأسوأ حال حتى توفي (1).
وقرأت بخط أبي علي الحافظ يحث أبا العباس الاصم على الرجوع عن أحاديث أدخلوها عليه، حديث الصغاني عن علي بن حكيم، عن حميد ابن عبدالرحمن، عن هشام بن عروة، حديث " قبض العلم " (2)، وحديث أحمد بن شيبان، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية (3)...
__________
(1) الخبر بطوله في " الانساب ": 1 / 296 - 297، وما بين حاصرتين منه.
(2) حديث قبض العلم أخرجه البخاري (100) في العلم: باب كيف يقبض العلم، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه من طرق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العالم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " قال الحافظ في " الفتح ": وقد اشتهر هذا الحديث من رواية هشام بن عروة، فوقع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين والشام وخراسان ومصر وغيرها، ووافقه على روايته عن أبيه عروة أبو
الاسود المدني، وحديثه في البخاري (7317) ومسلم (2673) (14) والزهري وحديثه في النسائي، ويحيى بن أبي كثير، وحديثه في صحيح أبي عوانة، ووافق أباه على روايته عن عبد الله بن عمرو عمر بن الحكم بن ثوبان وحديثه في مسلم (2673).
(3) حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه أحمد 2 / 62، والبخاري (3134) ومسلم (1749) عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا.
وأخرجه البخاري (4338) من طريق أبي النعمان، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، وأخرجه مسلم من طريقه عن الليث بن سعد، عن نافع، وأخرجه أيضا من طرق عن عبيد (*)

(15/459)


قال: فوقع أبو العباس: كل من روى عني هذا، فهو كذاب، وليس هذا في كتابي (1).
توفي أبو العباس في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
ومات أبوه سنة سبع وسبعين ومئتين بنيسابور في أولها عن نحو ستين سنة، وكان ذا معرفة وفهم.
حدث عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد، وعدة.
وعنه: ابنه، وابن أبي حاتم، ومحمد بن مخلد، وكان بديع الخط.

259 - ابن أبي ثابت * القاضي الامام المصدق المعمر، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت العبسي العراقي السامري، نزيل دمشق، ونائب الحكم بها، وصاحب ذاك الجزء العالي عند كريمة.
سمع الحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، وزكريا المروزي،
__________
الله بن عمر، عن نافع، وله طرق أخرى عنده عن نافع وأخرجه أحمد 2 / 10 من طريق سفيان عن أيوب عن نافع و 2 / 55 من طريق يحيى عن عبيد الله عن نافع، وأخرجه أبو داود (2745) من طريق مسدد عن يحيى، عن عبيد الله، عن نافع وأخرجه أيضا (2741) من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر.
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
* تاريخ بغداد: 6 / 165، تاريخ ابن عساكر: 2 / 245 ب - 246 ب، المنتظم: 6 / 364، العبر: 2 / 247، الوافي بالوفيات: 6 / 116، شذرات الذهب: 2 / 346، تهذيب ابن عساكر: 2 / 245 - 246.
(*)

(15/460)


والربيع بن سليمان، وإبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن عوف الطائي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر الابهري القاضي، وعبد الوهاب الكلابي، وابن جميع، وأبو مسلم الكاتب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الرحمن ابن أبي نصر التميمي، وآخرون.
وثقه الخطيب (1).
وكان تاجرا نبيلا، كثير الفضائل، عالي الرواية.
مات في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة عن نيف وتسعين عاما.

260 - الطحان * الامام الحافظ الناقد، أبو بكر أحمد بن عمرو بن جابر الطحان، محدث الرملة.
ولد في حدود سنة خمسين ومئتين.
وسمع محمد بن عوف الطائي، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وسليمان بن سيف الحراني، والعباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وبكار ابن قتيبة، والحارث بن أبي أسامة، وأبا زرعة الدمشقي، وطبقتهم.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 165.
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 24 ب، 25 آ، تذكرة الحفاظ: 3 / 845 - 846، العبر: 2 / 299، 233، الوافي بالوفيات: 7 / 270، طبقات الحفاظ: 350، شذرات الذهب: 2 / 334، تهذيب ابن عساكر: 1 / 418.
(*)

(15/461)


حدث عنه: أبو سليمان بن زبر، ومحمد بن المظفر، وأبو بكر بن المقرئ، وعمر بن علي الانطاكي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، ومحمد بن أحمد الغساني، وآخرون كثيرون.
مات في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وفيها: توفي محدث دمشق أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عباد الشيباني، ومحدث أصبهان أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكم المديني، وأبو بكر أحمد بن مسعود الزنبري المصري، والمحدث علي بن إبراهيم بن معاوية النيسابوري، ومؤرخ المغرب المفتي أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم الافريقي، وأبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، صاحب أبي داود.
أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا ابن الحرستاني، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع، حدثنا أحمد بن عمرو الحافظ إملاء من حفظه، حدثنا محمد بن حماد الطهراني،
حدثنا عبد الرزاق، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، زار البيت يوم النحر، وصلى الظهر بمنى (1).
ومما رواه، قال: حدثنا يزيد بن عبد الصمد، حدثنا أبو مسهر، قال: كان لسعيد بن عبد العزيز جليس، هو هشام بن يحيى الغساني، فقال: كان عندنا عبدة بن رياح صاحب الشرطة.
فأتته امرأة، فقالت: ابني يعقني.
فبعث معها أعوانا، فقالوا: إن أخذ ابنك قتله، قالت: كذا ؟
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1308) من طريق محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 2 / 34، ومن طريقه أبو داود (1998) عن عبد الرزاق به.
(*)

(15/462)


قالوا: نعم.
فمرت فرأت شماسا (1)، فقالت: هذا ابني، فأتوه به، فقال: تعق أمك ؟ قال: ما هي أمي، قال: وتجحدها ؟ اضربوه، ثم أركبها على عنقه، ونودي عليه: هذا جزاء من يعق أمه، فرآه صاحب له، فقال: ما هذا ؟ قال: من لم يكن له أم فليذهب إلى عبدة يجعل له أما.

261 - القطان * الامام الحافظ القدوة، شيخ الاسلام، أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر، القزويني القطان عالم قزوين.
مولده في سنة أربع وخمسين ومئتين.
سمع من أبي عبد الله بن ماجة " سننه "، ومن محمد بن الفرج الازرق، وأبي حاتم الرازي، وإبراهيم بن ديزيل، والحارث بن أبي أسامة، والقاسم بن محمد الدلال، ويحيى بن عبدك القزويني، وإسحاق ابن إبراهيم الدبري، والحسن بن عبدالاعلى البوسي - لقيهما باليمن - وهذه الطبقة.
وجمع وصنف، وتفنن في العلوم، وثابر على القرب.
حدث عنه: الزبير بن عبد الواحد الحافظ، وأبو الحسن النحوي، وأبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي، وأحمد بن علي بن لال، وأبو سعيد عبدالرحمن بن محمد القزويني، والقاسم بن أبي المنذر الخطيب، وأحمد
__________
(1) هو خادم الكنيسة، ومرتبته دون القسيس.
* معجم الادباء: 12 / 218 - 221، تذكرة الحفاظ: 3 / 856 - 857، العبر: 2 / 267 - 268، غاية النهاية: 1 / 516، النجوم الزاهرة: 3 / 315، طبقات الحفاظ: 353، شذرات الذهب: 2 / 370.
(*)

(15/463)


ابن نصر الشذائي المقرئ، تلا عليه عن تلاوته على الحسن بن علي الازرق بحرف الكسائي.
قال أبو يعلى الخليلي: أبو الحسن القطان، شيخ عالم بجميع العلوم والتفسير والفقه والنحو واللغة (1)، كان له بنون: محمد وحسن وحسين، ماتوا شبابا (2).
سمعت جماعة من شيوخ قزوين، يقولون: لم ير أبو الحسن رحمه الله مثل نفسه في الفضل (3) والزهد أدام الصيام ثلاثين سنة، وكان يفطر على الخبز والملح، وفضائله أكثر من أن تعد (4).
وقال ابن فارس في بعض أماليه: سمعت أبا الحسن القطان بعدما علت سنه، يقول: كنت حين رحلت أحفظ مئة ألف حديث، وأنا اليوم لا أقوم على حفظ مئة حديث (5).
وسمعته يقول: أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة (6).
قلت: صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد، وصحة النية غالبا، يخافون من الكلام.
وإظهار المعرفة والفضيلة، واليوم يكثرون الكلام مع
__________
(1) " الارشاد " الورقة: 138.
" معجم الادباء ": 12 / 219.
(2) المصدران السابقان.
(3) في " معجم الادباء " القضاء، وهو تصحيف.
(4) الارشاد الورقة 138، " معجم الادباء ": 12 / 220.
(5) المصدر السابق.
(6) في " معجم الادباء ": 12 / 220 - 221، و " تذكرة الحفاظ ": 3 / 857 " أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة بكاء أمي أيام فراقي لها في طلب الحديث والعلم ".
(*)

(15/464)


نقص العلم، وسوء القصد.
ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه.
فنسأل الله التوفيق والاخلاص.
توفي هذا الامام في سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
وفيها توفي مسند وقته أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العباداني، والمحدث أبو القاسم إسماعيل بن يعقوب بن الجراب البغدادي، بمصر عن بضع وثمانين سنة، ومحدث مرو أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي الدخمسيني، وشيخ الشافعية أبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي، ومسند مصر أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، والعلامة أبو عمر الزاهد غلام ثعلب، والمحدث أبو بكر محمد ابن العباس بن نجيح، والوزير أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم المادرائي بمصر عن ثمان وثمانين سنة، والمحدث مكرم بن أحمد بن محمد ابن مكرم القاضي ببغداد، وصاحب " مروج الذهب " أبو الحسن علي بن
الحسين المسعودي.
أخبرنا القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام سنة ثلاث وتسعين ببعلبك، أخبرنا الامام عبد الله بن أحمد (ح) أخبرنا سنقر بن عبد الله الحلبي، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف اللغوي، قالا: أخبرنا أبو زرعة بن طاهر، أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم، حدثنا أبو عبد الله بن ماجه، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا مروان بن شجاع، حدثنا سالم الافطس، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رفعه، قال: " الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي ".
(*)

(15/465)


هذا حديث صحيح غريب.
أخرجه البخاري (1) نازلا عن الحسين، عن أحمد بن منيع، فوقع لنا بدلا عاليا.
والحسين: هو ابن محمد القباني تلميذ البخاري.
وراوية " مسند " أحمد بن منيع عنه.

262 - ابن شوذب * المقرئ المحدث، أبو محمد عبد الله بن عمر بن أحمد بن علي بن شوذب الواسطي.
سمع شعيب بن أيوب، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، وصالح بن الهيثم، وجعفر بن محمد الواسطيين.
وعنه: منصور بن عبد الله، وأبو بكر بن لال، وأبو عبد الله بن مندة، وابن جميع الصيداوي، وأبو علي الروذباري، وعدة.
ولد سنة تسع وأربعين.
قال أبو بكر أحمد بن بيري: ما رأيت أحدا أقرأ لكتاب الله منه.
وقال: توفي في سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة في ربيع الآخر.

263 - ابن الاخرم * * الامام الحافظ المتقن الحجة، أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف، الشيباني النيسابوري بن الاخرم، ويعرف قديما بابن الكرماني.
__________
(1) برقم (5680) في الطب: باب الشفاء في ثلاث.
* العبر: 2 / 259، غاية النهاية: 1 / 437، شذرات الذهب: 2 / 362.
* * تذكرة الحفاظ: 3 / 864 - 866، العبر: 2 / 265، مرآة الجنان: 2 / 336 - 337، النجوم الزاهرة: 3 / 313، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 368.
(*)

(15/466)


ولد سنة خمسين ومئتين.
شهد جنازة الامام محمد بن يحيى الذهلي، وصلى عليه.
وسمع من ولده يحيى بن محمد حيكان، وعلي بن الحسن الهلالي الدرابجردي - ودرابجرد: محلة من حواضر نيسابور المتطرقة على الصحراء - وإبراهيم بن عبد الله السعدي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وخشنام بن الصديق، وإسحاق بن عمران الاسفراييني الفقيه، والحسين بن الفضل البجلي المفسر، ومحمد بن نصر المروزي الامام، وجعفر بن محمد الترك، والحسين بن محمد بن زياد القباني، وخلق كثير.
وجمع فأوعى، ومع حفظه وسعة علمه لم يرحل في الحديث، بل قنع بحديث بلده (1).
حدث عنه: أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وحسان بن محمد الفقيه، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله الحاكم، ويحيى بن إبراهيم والمزكي، وخلق كثير.
قال الحاكم: كان صدر أهل الحديث ببلدنا بعد ابن الشرقي، يحفظ ويفهم، وصنف كتاب " المستخرج على الصحيحين " وصنف " المسند الكبير "، وسأله أبو العباس السراج أن يخرج له كتابا على " صحيح مسلم " ففعل (2).
وسمعت أبا عبد الله بن يعقوب غير مرة، يقول: ذهب عمري في
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 864.
(2) المصدر السابق.
(*)

(15/467)


جمع هذا الكتاب، يعني " المستخرج " على كتاب مسلم (1)، وسمعته تندم على تصنيفه " المختصر الصحيح المتفق عليه "، ويقول: من حقنا أن نجهد في زيادة الصحيح - إلى أن قال الحاكم -: وكان أبو عبد الله من أنحى الناس، ما أخذ عليه لحن قط، وله كلام حسن في العلل والرجال (2).
سمعت محمد بن صالح بن هانئ، يقول: كان ابن خزيمة يقدم أبا عبد الله بن يعقوب على كافة أقرانه، ويعتمد قوله فيما يرد عليه، وإذا شك في شئ عرضه عليه (3).
قال الحاكم: حضرنا مجلس الصبغي، وحضر أبو علي الحافظ، وابن الاخرم، فأملى الصبغي عن إبراهيم الهسنجاني، عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " (4)، فقال ابن الاخرم: يا أبا علي، من قال فيه: " فقد أدركها كلها " ؟.
قال: هذا لا نحفظه إلا من حديث عبيد الله بن عمر، عن الزهري.
قال أبو عبد الله: بلى، في حديث حرملة، عن ابن وهب، عن،
يونس، " فقد أدركها كلها " (5)، فقال أبو علي: حدثناه ابن قتيبة، عن حرملة، ولم يقل: كلها ".
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 865.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) وأخرجه مالك 1 / 10 في وقوت الصلاة، ومن طريقه البخاري 2 / 46 في المواقيت: باب من أدرك من الصلاة ركعة، ومسلم (607) في المساجد: باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة.
(5) لفظ حرملة عند مسلم (607) (162) " من أدرك ركعة من الصلاة مع الامام، فقد = (*)

(15/468)


قال أبو عبد الله: حدث به مسلم عن حرملة، وجرى بينهما كلام كثير.
وفي المجلس الثاني، أحضر أبو عبد الله كتاب مسلم بخط مسلم عن حرملة، وفيه " كلها "، فقال أبو علي: من لا يحفظ الشئ يعذر.
فقال أبو عبد الله: من ينكر هذا تعرك أذنه،، وتفك أسنانه.
فامتلا أبو علي غيظا، وهم أبو عبد الله بالقيام، فقال له أبو علي: اقعد فإن هنا حسابا (1) آخر، قال: وما هو ؟ قال: حدثت عن كشمرد، عن حفص، عن إبراهيم ابن اطمهان بحديثين قد تفرد بهما عن حفص ابنه، وأحمد، قال: لم أحدث، قال: بلى، ثقتان سمعاه منك، قال: إن كنت حدثت به فقد رجعت عنه، قال: وفي تخريجك القديم على " كتاب مسلم "، عن أحمد ابن سلمة، عن محمد بن المثنى، عن محمد جهضم حديث " والآن " قد
رويته عن علي [ عن ] (2) ابن جهضم، قال: كلاهما عندي، وقد حدثت بهما، قال: فأخرج إلينا حديثك عن علي بن الحسن.
قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله بن الاخرم، يقول: هذا جزاء من لم يمت مع أقرانه، وكنت أرى أبا علي بعد نادما على ما قال ذلك اليوم.
قال الحاكم: مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
قلت: فيها مات مقرئ بغداد أبو الحسين أحمد بن عثمان بن بويان (3) صاحب حرف نافع، ومحدث دمشق أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم
__________
= أدرك الصلاة " وأخرجه مسلم من طرق عن عبيد الله بلفظ " فقد أدرك الصلاة كلها ".
(1) في الاصل: حساب، بالرفع.
(2) بياض في الاصل.
(3) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 865 " ثوبان " وهو تصحيف.
(*)

(15/469)


الاذرعي، ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ابن السماك، وشيخ الشافعية العلامة، أبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الكناني بمصر، ومسند حلب محمد بن عيسى التميمي البغدادي العلاف، والامام أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري المفسر.

264 - [ والده ] * وكان والد ابن الاخرم، الامام الفقيه أبو يوسف الشافعي الملقب بالاخرم ذا حشمة ومال.
تفقه بمصر وسمع في رحلاته من قتيبة، وهشام بن عمار، وسويد بن سعيد، وكتب عنه مسلم.
وحدث عنه: ابنه، وابن الشرقي، ويحيى العنبري، وجماعة.
توفي سنة سبع وثمانين ومئتين.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الرجل الصالح، أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد ابن الصيرفي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب سنة أربعين وثلاث مئة، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه حين أحرم، وطيبته بمنى قبل أن يزور البيت (1).
__________
* لم نهتد إلى مصادر ترجمته.
(1) وأخرجه البخاري (1539) و (1754) ومسلم (1191)، والسنائي 5 / 137 من طرق عن عبدالرحمن بن القاسم، بهذا الاسناد، وأخرجه النسائي / 5 / 137 من طريق سعيد ابن عبدالرحمن المخزومي، عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: طيبت (*)

(15/470)


265 - البحري * * الامام الحافظ الثبت، محدث جرجان في وقته، أبو يعقوب إسحاق ابن إبراهيم بن محمد الجرجاني، البحري.
سمع محمد بن بسام، وأبا يحيى بن أبي مسرة المكي، وأبا قلابة الرقاشي، وهلال بن العلاء الرقي، والحارث بن أبي أسامة، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وبشر بن موسى، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن عدي، وأبو بكر الاسماعيلي، والنعمان بن محمد الجرجاني، وحسين بن جعفر، وأبو نصر بن الاسماعيلي، وآخرون.
قال الخليلي: هو حافظ ثقة، مذكور، حدثني عنه أربعة نفر من أهل جرجان (1).
وقال الحاكم ابن البيع: كتب إلي إجازة من جرجان هي عندي.
قلت: توفي أبو يعقوب البحري الحافظ سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة.
__________
= رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت، وأخرجه 6 / 244 من طريق ابن جريج، أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة، أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والاحرام حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت، وهذا سند صحيح.
قلت: وبالحل بعد رمي جمرة العقبة، وقبل الحلق والطواف قال عطاء ومالك، وأبو ثور، وأبو يوسف، وهو رواية عن الامام أحمد صححها ابن قدامة في " المغني " 3 / 439.
* * تاريخ جرجان: 122، الانساب 2 / 96 - 97، تذكرة الحفاظ 3 / 878 - 879، طبقات الحفاظ: 358، شذرات الذهب: 2 / 345.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 878.
(*)

(15/471)


أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا إسماعيل بن ماك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، حدثنا محمد بن الحسن بن المغيرة، والحسين بن جعفر، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحافظ، حدثنا هلال بن العلاء، حدثنا محمد بن عبدالاعلى الصنعاني، حدثنا المغيرة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كانت قريش ومن يقابلهم، يقولون: نحن قطان البيت لا نفيض إلا من منى، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس (1)) غريب (2).

266 - قاسم بن أصبغ * ابن محمد بن يوسف بن ناصح - وقيل: واضح بدل ناصح، فيحرر
__________
(1) البقرة: 199.
(2) لكن أخرجه البخاري برقم (1665) في الحج، و (4520) في التفسير، ومسلم (1219)، والترمذي (884) وابن ماجه (318) والطبري (3831) وأبو داود (1910) والنسائي 5 / 255 والبيهقي 5 / 113 من طرق عن هشام بن عروة بهذا الاسناد، بلفظ: كانت قريش ومن كان على دينها، وهم الحمس، يقفون بالمزدلفة، يقولون: نحن قطين الله، وكان من سواهم يقفون بعرفة، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)، لفظ الترمذي، وأورده السيوطي في الدر المنثور 1 / 226، وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل، وقال الترمذي: ومعنى هذا الحديث: أن أهل مكة كانوا لا يخرجون من الحرم، وعرفة خارج من الحرم، وأهل مكة كانوا يقفون بالمزدلفة، ويقولون: نحن قطين الله، يعني: سكان الله، ومن سوى أهل مكة كانوا يقفون بعرفات، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) والحمس: هم أهل الحرم.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 364 - 367، جذوة المقتبس: 311 - 312، بغية الملتمس: 447 - 448، معجم الادباء: 16 / 236 - 237، تذكرة الحفاظ: 3 / 853 - 855، العبر: 2 / 254 - 255، مرآة الجنان: 2 / 333، الديباج المذهب: 222، لسان الميزان: 4 / 458، طبقات الحفاظ: 352، بغية الوعاة: 375، شذرات الذهب: 2 / 357.
(*)

(15/472)


هذا (1) - الامام الحافظ العلامة محدث الاندلس أبو محمد القرطبي، مولى بني أمية.
سمع بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، وأصبغ بن خليل، ومحمد
ابن عبد السلام الخشني.
وطائفة بالاندلس، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وطبقته بمكة، ومحمد بن الجهم السمري، وأبا محمد بن قتيبة، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبا بكر بن أبي الدنيا، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد ابن إسماعيل الترمذي، وإسماعيل القاضي، - وأكثر عنه جدا - وأبا بكر بن أبي خيثمة - وحمل عنه تاريخه - وإبراهيم بن عبد الله القصار صاحب وكيع بالكوفة وخلقا سواهم.
وفاته السماع من أبي داود، فصنف سننا على وضع سننه، وصحح مسلم فاته أيضا فخرج صحيحا على هيئته، وألف كتاب " بر الوالدين " وكتاب " مسند مالك " وكتاب " المنتقى في الآثار " وكتاب " الانساب " بديع الحسن، وغير ذلك.
حدث عنه: حفيده قاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد الباجي، وعبد الله بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، والقاضي محمد بن أحمد بن مفرج، وأبو عثمان سعيد بن نصر، وأحمد بن القاسم التاهرتي، والقاسم ابن محمد بن عسلون، وأبو عمر أحمد بن الجسور، وخلق كثير.
وانتهى إليه علو الاسناد بالاندلس مع الحفظ والاتقان، وبراعة العربية، والتقدم في الفتوى والحرمة التامة، والجلالة.
أثنى عليه غير واحد.
وتواليف ابن حزم، وابن عبد البر، وأبي الوليد الباجي طافحة بروايات قاسم بن أصبغ.
__________
(1) أجمعت مصادر ترجمته ما عدا " تذكرة الحفاظ " على " ناصح ".
(*)

(15/473)


مات بقرطبة في جمادى الاولى سنة أربعين وثلاث مئة، وكان من أبناء التسعين.

267 - البغدادي * الشيخ المحدث الثقة، أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم، البغدادي.
ارتحل، وسمع من: عبد الله بن محمد بن أبي مريم، ويوسف بن يزيد القراطيسي، ومحمد بن عمرو بن خالد، وأبي حارثة أحمد بن إبراهيم الغساني، ومقدام بن داود الرعيني، وعدة.
روى عنه:: القاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وأبو عبد الله ابن مندة، ومنير بن أحمد، وأبو محمد بن النحاس، وأحمد بن محمد بن عبد الوهاب الدمياطي، وأبوه، وآخرون.
أخبرنا الثقة محمد بن الحسين، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا الخلعي، أخبرنا منير بن أحمد الشاهد سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، حدثنا علي بن أحمد سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، حدثنا مقدام بن داود بن عيسى بن تليد سنة ست وسبعين ومئتين، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا شعبة، عن أبي جمرة، سمعت زهدم بن مضرب (1)، سمعت عمران ابن حصين، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم قرني، ثم الذين
__________
* لم تقع لنا ترجمته في المصادر التي بين أيدينا.
(1) في " تقريب التهذيب ": 1 / 263 " مضرس " وهو تصحيف.
(*)

(15/474)


يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ".
فقال عمران: لا أدري، أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ؟، ثم قال: " إن بعدكم قوما (1) يخونون ولا يؤتمنون، ولا يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السمن " (2).
متفق عليه.
حدث البغدادي في صفر سنة أربعين وثلاث مئة، وتوفي بعد ذلك
بمصر.

268 - الزجاجي * شيخ العربية أبو القاسم عبدالرحمن بن إسحاق، البغدادي النحوي.
صاحب " الجمل " (3)، والتصانيف وتلميذ العلامة أبي إسحاق إبراهيم ابن السري الزجاج (4)، وهو منسوب إليه.
له " أمالي " (5) أدبية.
__________
(1) في الاصل: قوم، بالرفع.
(2) أخرجه البخاري برقم (2651) في الشهادات: باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد و (3650) في فضائل أصحاب النبي، و (6824)، في الرقاق، و (6695)، في الايمان والنذور، ومسلم (2535)، في فضائل الصحابة، ومن طرق عن شعبة بهذا الاسناد، وفي الباب عن عبد الله عند البخاري (2652) و (3651) و (6429) و (6658)، ومسلم (2533).
* طبقات النحويين واللغويين: 129، نزهة الالباء: 211، الانساب: 6 / 256، تاريخ ابن عساكر: 9 / 432 آ - 432 ب، إنباه الرواة: 2 / 160 - 161، وفيات الاعيان: 3 / 136، العبر: 2 / 254، مرآة الجنان: 2 / 332 - 333، النجوم الزاهرة: 3 / 302 - 303، بغية الوعاة: 297، شذرات الذهب: 2 / 357.
(3) هو كتاب في النحو مشهور متداول، وتتولى مؤسسة نشره نشرة محققة، وسيصدر قريبا بعون الله.
(4) ترجمته في الفهرست: 90 - 91، وطبقات النحويين واللغويين: 121 - 122، الانساب: 6 / 257 - 258، إنباه الرواة: 1 / 159 - 166، وفيات الاعيان: 1 / 49 - 50.
(5) طبع في القاهرة بتحقيق عبد السلام هارون سنة / 1382 / ه.
(*)

(15/475)


وقرأ أيضا على أبي جعفر بن رستم الطبري غلام المازني.
وروى عن ابن دريد، ونفطويه، وأبي بكر محمد بن السري السراج،
وأبي الحسن الاخفش، وعدة، وتصدر بدمشق.
روى عنه: أحمد بن علي الحبال، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، والعفيف بن أبي نصر، وأحمد بن محمد بن شرام (1) النحوي، والحسن ابن علي السقلي.
ويقال: أخرج من دمشق لتشيعه، وكان حسن السمت، مليح الشارة، وكان في الدماشقة بقايا نصب (2).
وله " كتاب الايضاح " (3) و " شرح خطبة أدب الكاتب "، وكتاب " اللامات " (4) كبير و " المخترع في القوافي " وأشياء.
وقيل: إنه ما بيض مسألة في " الجمل " إلا وهو على وضوء، فلذلك بورك فيه.
قال الكتاني: مات الزجاجي بطبرية في رمضان سنة أربعين وثلاث مئة (5).
__________
(1) في " إنباه الرواة ": 1 / 104 ابن سرام، بالسين المهملة، وهو تصحيف.
(2) النواصب والناصبية، وأهل النصب: هم المتدينون ببغض علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لانهم نصبوا له، أي عادوه.
ومما يحز في القلب أنه ما زالت بعض العبارات العامية في اللهجة الدمشقية تحمل هذه البقايا.
دون إدراك لمعناها.
(3) طبع بالقاهرة بتحقيق د مازن المبارك سنة / 1959 / م.
(4) طبع في مجمع اللغة العربية بدمشق بتحقيق د مازن المبارك سنة / 1969 / م.
(5) في " طبقات الزبيدي ": 129 وفاته سنة / 337 / ه، وقال عنه ابن خلكان 3 / 136: وهو الصحيح.
(*)

(15/476)


269 - الجلاب * الامام المحدث القدوة، أبو محمد، عبدالرحمن بن حمدان بن المرزبان، الهمذاني الجلاب (1) الجزار، أحد أركان السنة بهمذان.
سمع أبا حاتم الرازي، وإبراهيم بن ديزيل، هلال بن العلاء، ومحمد بن غالب التمتام، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم بن نصر، وطبقتهم.
وعنه: صالح بن أحمد، وعبد الرحمن الانماطي، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله الحاكم، والقاضي عبد الجبار بن أحمد، وأبو الحسن ابن جهضم، وأبو الحسين بن فارس، وآخرون.
قال شيرويه الديلمي: كان صدوقا قدوة، له أتباع.
توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة.
قال صالح بن أحمد: سماع القدماء منه أصح.
ذهب عامة كتبه في المحنة، وكف بصره.

270 - الاسواري * * الشيخ الامام المحدث الصادق، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن
__________
* الارشاد للخليلي الورقة 114، 115، العبر: 2 / 260، شذرات الذهب: 2 / 357.
(1) هذا الاسم لمن يجلب الرقيق والدواب من موضع إلى موضع.
" الانساب ": 3 / 399.
* * طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 150، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 279 - 280، الانساب: 1 / 257، العبر: 2 / 261، الوافي بالوفيات: 2 / 40، شذرات الذهب: 2 / 365.
(*)

(15/477)


محمد بن علي بن سابور، الاسواري الاصبهاني من أهل قرية سوارى (1) من أعمال أصبهان.
ثقة رحال.
سمع إبراهيم بن عبد الله القصار، وأبا يحيى بن أبي مسرة، وأبا حاتم الرازي، والفضل بن محمد الشعراني، وأبا إسماعيل الترمذي، ومحمد بن غالب التمتام، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو الشيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، والحسين بن علي بن أحمد، وأبو بكر بن مردويه، وابن المقرئ، وعلي بن ميلة، وعدة.
توفي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة.
حديثه عال في " الثقفيات " (2).

271 - الاذرعي * الامام المحدث الرباني القدوة، أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم بن هاشم، النهدي الاذرعي (3)، شيخ دمشق.
ارتحل، وسمع بمصر من: يحيى بن أيوب، ومقدام بن داود، وأبي يزيد القراطيسي، والنسائي، وسمع بحمص من: موسى بن عيسى بن المنذر، وبدمشق من: أبي زرعة النصري.
__________
(1) في " الانساب ": أسواري.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 369 آ - 370 آ، العبر: 2 / 263، الوافي بالوفيات: 8 / 398، البداية والنهاية: 11 / 230، شذرات الذهب: 2 / 366.
(3) نسبة إلى أذرعات الشام.
" الاكمال ": 1 / 137.
وفي العبر: 2 / 263: الاوزاعي، وهو تحريف.
(*)

(15/478)


حدث عنه: ابن جميع، وابن مندة، وتمام الرازي، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو محمد بن أبي نصر، وخلق سواهم.
قال أبو الحسين الرازي: كان من جلة أهل دمشق، وعبادها وعلمائها.
وقال عبد القاهر بن عبد العزيز الصائغ: سمعت أبا يعقوب الاذرعي، يقول: سألت الله أن يقبض بصري، فعميت (1)، فتضررت في الطهارة، فسألت الله إعادة بصري، فأعاده تفضلا منه.
توفي أبو يعقوب يوم النحر سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، حدثنا ابن جميع، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الاذرعي، حدثنا محمد بن علي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا زهير بن عباد، حدثنا منصور بن عمار، قال: قال سليمان عليه السلام: " إن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده ".

272 - العباداني * المحدث المعمر، أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب بن إسحاق بن عبدة العباداني (2).
__________
(1) في هذا مخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم الذي كان يسأل الله العفو والعافية.
* تاريخ بغداد: 4 / 178 - 179، الانساب: 8 / 335، العبر: 2 / 266، ميزان الاعتدال: 1 / 101 - 102، لسان الميزان: 1 / 182، شذرات الذهب: 2 / 369.
(2) نسبة إلى " عبادان " وهي بليدة بنواحي البصرة.
" الانساب ": 8 / 335.
(*)

(15/479)


حدث ببغداد عن: الحسن بن محمد الزعفراني، وعلي بن حرب، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، وعباس الترقفي، وأحمد بن منصور الرمادي، وطائفة.
روى عنه: ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، والحسين بن عمر بن برهان، وجماعة.
قال الخطيب: رأيت أصحابنا يغمزونه بلا حجة، فإن أحاديثه كلها مستقيمة، خلا حديث خلط في إسناده وسماعه من علي بن حرب بسامراء (1).
ولد سنة ثمان وأربعين ومئتين.
وقال: حملوني إلى الحسن بن عرفة سنة ست وخمسين فقال: حدثنا المحاربي، ونسيت الباقي (2).
وقال محمد بن يوسف القطان: هو صدوق، غير أنه سمع وهو صغير (3).
قلت: بقي إلى سنة أربع أو سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.

273 - عبدالمؤمن بن خلف * ابن طفيل بن زيد بن طفيل، الامام الحافظ القدوة أبو يعلى التميمي النسفي.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 178.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 179.
(3) المصدر السابق.
* تاريخ ابن عساكر: 10 / 272 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 866 - 868، العبر: 2 / 272، مرآة الجنان: 2 / 340، طبقات الحفاظ: 354 - 355، شذرات الذهب: 2 /
373.
(*)

(15/480)


ولد سنة تسع (1) وخمسين ومئتين.
وسمع من جده الطفيل بن زيد، وأبي حاتم الرازي، وأبي يحيى بن أبي مسرة المكي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وأبي الزنباع روح بن الفرج، ويوسف بن يزيد القراطيسي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وطبقتهم.
وكان من الفقهاء القائلين بالظاهر بفقه محمد بن داود ببغداد، وكان منافرا لاهل القياس، ثريا متبعا ناسكا، كثير العلم (2).
حدث عنه: عبدالملك بن مروان الميداني، وأحمد بن عمار بن عصمة، ويعقوب بن إسحاق، وأهل نسف، وأبو علي منصور بن عبد الله الذهلي، وأبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي، وعدة.
وبلغنا أن شيخ المعتزلة: أبا القاسم الكعبي (3)، شيخ أهل الكلام، لما قدم نسف، أكرموه، ولم يأت إليه أبو يعلى، فقال الكعبي: نحن نأتي الشيخ، فلما دخل لم يقم له، ولا التفت من محرابه، فكسر الكعبي خجله، وقال: بالله عليك أيها الشيخ لا تقم.
ودعا [ له ]، وأثنى قائما، وانصرف (4).
قال جعفر المستغفري: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي النسفي، قال: شهدت جنازة الشيخ (5) أبي يعلى بالمصلى، فغشيتنا أصوات طبول
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 866 سبع، وهو تصحيف.
(2) المصدر السابق.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 108 / من هذا الجزء.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 867، وما بين حاصرتين منه.
(5) في الاصل: أبا، بالنصب.
(*)

(15/481)


مثل ما يكون من العساكر، حتى ظن جمعنا أن جيشا قد قدم، فكنا نقول: ليتنا صلينا على الشيخ قبل أن يغشانا هذا.
فلما اجتمع الناس وقاموا للصلاة [ وأنصتوا ]، هدأ الصوت كأن لم يكن، ثم إني رأيت في النوم كأن إنسانا واقفا على رأس درب أبي يعلى، وهو يقول: أيها الناس من أراد منكم الطريق المستقيم، فعليه بأبي يعلى - أو نحو هذا (1).
توفي رحمه الله في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثلاث مئة بنسف، وهي التي يقال لها: أيضا نخشب.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالرحيم بن أبي سعد التميمي، أخبرنا عثمان بن علي البيكندي، أخبرنا الحسن بن عبدالملك النسفي، أخبرنا جعفر بن محمد المستغفري، أخبرنا الحسن بن علي بن قدامة، أخبرنا عبدالمؤمن بن خلف، حدثنا سعيد بن المغيرة أبو عثمان، حدثنا الفزاري، أخبرنا يزيد بن السمط، عن الحكم بن عبيد الايلي، عن القاسم، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ في ليلة [ تنزيل السجدة، واقتربت وتبارك ] كن له نورا أو حرزا (2) من الشيطان، ورفع في الدرجات ".
هذا حديث غريب (3).
أخبرنا أبو بكر الآنمي، وإسحاق الاسدي، قالا: أخبرنا عبد الله بن
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 867، وما بين حاصرتين منه.
(2) أي: حصنا.
(3) بل هو باطل لا يصح، الحكم بن عبد الله بن سعد، قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال السعدي وأبو حاتم، كذاب، وقال النسائي والدارقطني وجماعة: متروك الحديث.
(*)

(15/482)


رواحة، أخبرنا السلفي، أخبرنا أحمد بن الحسن الصوفي بمكة، أخبرنا عبدالملك بن محمد الحاكم بطوس، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الله الاخرس، أخبرنا أبو مسلم غالب بن علي الرازي، أخبرنا محمد بن إسماعيل النسفي، أخبرنا عبدالمؤمن بن خلف، أخبرنا يحيى بن المستفاد، أخبرنا وهب بن جعفر، أخبرنا جنادة بن مروان الحمصي، أخبرنا الحارث بن النعمان، سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من عبادي من لو سألني الجنة بحذافيرها لاعطيته، ولو سألني علاقة سوط (1) لم أعطه، أريد أن أدخر له في الآخرة " (2).
هذا حديث غريب منكر، وفي إسناده من لا يعرف.

274 - الصبغي * الامام العلامة المفتي المحدث، شيخ الاسلام، أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد، النيسابوري الشافعي المعروف بالصبغي (3).
مولده في سنة ثمان وخمسين ومئتين.
__________
(1) علاقة السوط: ما في مقبضه من السير.
(2) جنادة بن مروان اتهمه أبو حاتم، وشيخه فيه، قال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال البخاري: منكر الحديث.
* الانساب: 8 / 33 - 34، العبر: 2 / 258 - 259، الوافي بالوفيات: 6 / 239 مرآة الجنان: 2 / 334، طبقات الشافعية: 3 / 9 - 12، النجوم الزاهرة: 3 / 310، شذرات
الذهب: 2 / 361.
(3) بكسر الصاد المهملة، وسكون الياء، وفي آخرها الغين المعجمة نسبة إلى الصبغ كما في " الانساب " وقد تصحف في " العبر " إلى الضبعي، وأغرب ابن العماد في " الشذرات " فضبطه بالعبارة الضبعي بالضم والفتح ومهملة وقال: نسبة ضبيعة بن قيس، ونسب ذلك إلى السيوطي خطأ.
(*)

(15/483)


رأى يحيى بن محمد الذهلي، وأبا حاتم الرازي.
وسمع الفضل بن محمد الشعراني، وإسماعيل بن قتيبة، ويوسف بن يعقوب القزويني، والحارث بن أبي أسامة، وهشام بن علي السيرافي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب البجلي وطبقتهم بنيسابور والحجاز والبصرة وبغداد والري.
وجمع وصنف، وبرع في الفقه، وتميز في علم الحديث.
حج في سنة 283، فقرأ له أبو القاسم البغوي على عمه " منتقى المسند ".
حدث عنه: حمزة بن محمد الزيدي، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر الاسماعيلي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبو عبد الله الحاكم، وخلق كثير.
قال الحاكم: سمعته، يقول: لما ترعرعت اشتغلت بتعلم الفروسية، ولم أسمع حرفا، وحملت إلى الري، وأبو حاتم حي، وسألته عن مسألة في ميراث أبي، ثم رجعنا إلى نيسابور في سنة ثمانين ومئتين فبينا أنا على باب دارنا، وأبو حامد ابن الشرقي، وأبو حامد بن حسنويه جالسين، فقالا لي: اشتغل بسماع الحديث، قلت: ممن ؟ قالا: من إسماعيل بن
قتيبة.
فذهبت إليه، وسمعت، فرغبت في الحديث، ثم خرجت إلى العراق بعد بسنة.
قال الحاكم: بقي الامام أبو بكر يفتي بنيسابور نيفا وخمسين سنة ولم يؤخذ عليه في فتاويه مسألة وهم فيها (1).
وله الكتب المبسوطة مثل الطهارة
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 10.
(*)

(15/484)


والصلاة والزكاة.
ثم إلى آخر كتاب " المبسوط ".
سمعت أبا الفضل بن إبراهيم، يقول: كان أبو بكر بن إسحاق يخلف إمام الائمة ابن خزيمة في الفتوى بضع عشرة سنة في الجامع وغيره.
ثم قال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر، يقول: رأيت في منامي كأني في دار فيها عمر، وقد اجتمع الناس عليه يسألونه المسائل، فأشار إلي: أن أجيبهم، فمازلت أسأل وأجيب وهو يقول لي: أصبت، إمض، أصبت إمض، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما النجاة من الدنيا أو المخرج منها ؟ فقال لي بإصبعه: الدعاء، فأعدت عليه السؤال فجمع نفسه كأنه ساجد لخضوعه.
ثم قال: الدعاء.
قال الحاكم: ومن تصانيفه كتاب " الاسماء والصفات " وكتاب " الايمان " وكتاب " القدر " وكتاب " الخلفاء الاربعة " وكتاب " الرؤية " وكتاب " الاحكام " - وحمل إلى بغداد، فكثر الثناء عليه - يعني: هذا التأليف - وكتاب " الامامة ".
وقد سمعته يخاطب كهلا من أهل (1)، فقال: حدثونا عن سليمان بن حرب فقال له: دعنا من حدثنا، إلى متى حدثنا وأخبرنا ؟ فقال: يا هذا، لست أشم من كلامك رائحة الايمان، ولا يحل لك أن تدخل هذه الدار، ثم
هجره حتى مات.
قال الحاكم: سمعت محمد بن حمدون، يقول: صحبت أبا بكر بن إسحاق سنين، فما رأيته قط ترك قيام الليل لا في سفر ولا حضر (2).
__________
(1) ثمة سقط في الاصل.
وفي " طبقات الشافعية ": 3 / 10 " يخاطب فقيها ".
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 10.
(*)

(15/485)


رأيت أبا بكر غير مرة عقيب الاذان يدعو ويبكي، وربما كان يضرب برأسه الحائط، حتى خشيت يوما أن يدمى رأسه، وما رأيت في جماعة مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان لا يدع أحدا يغتاب في مجلسه (1).
وسمعته غير مرة إذا أنشد بيتا، يفسده ويغيره حتى يذهب الوزن، وكان يضرب المثل بعقله (2) ورأيه.
وسئل عمن يدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة، فقال: يعيد الركعة (3).
ثم قال الحاكم: حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القزويني، حدثنا سعيد بن يحيى الاصبهاني، حدثنا سعير بن الخمس، عن أبي إسحاق، عن أبي الاحوص، عن عبد الله، قال: " من أحب أن يلقى الله غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن ".
قال الحاكم: كتب عني الدارقطني هذا، وقال: ما كتبته عن أحد قط.
ورواه الخليلي عن الحاكم وقال الخليلي: رواه ابن مندة عن الصبغي، وقال ابن مندة: كتبه عني أبو الشيخ الحافظ.
رواه جماعة عن الهجري.
وما جاء عن سعير إلا من هذا الوجه، عن أبي إسحاق، وهو إبراهيم الهجري (4) لا السبيعي، ثم بالغ الخليلي في تعظيمه.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر " طبقات الشافعية ": 3 / 11.
(4) وهو لين الحديث، كما قال الحافظ في " التقريب "، وقال ابن عدي: أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الاحوص، عن عبد الله وعامتها مستقيمة، وقال البزار: رفع أحاديث وقفها غيره.
وهو في سنن ابن ماجة (777) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق إبراهيم الهجري بهذا الاسناد، قلت: ولم ينفرد به إبراهيم الهجري عن = (*)

(15/486)


قال الحاكم: وسمعت أبا بكر بن إسحاق: يقول: خرجنا من مجلس إبراهيم الحربي، ومعنا رجل كثير المجون، فرأى أمرد، فتقدم، فقال: السلام عيلك، وصافحه، وقبل عينيه وخده، ثم قال: حدثنا الدبري بصنعاء بإسناده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه " (1)، فقلت له: ألا تستحي تلوط وتكذب في الحديث ؟ - يعني: أنه ركب إسنادا للمتن.
توفي الصبغي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة.
وفيها مات مسند همذان أبو جعفر أحمد بن عبيد الاسدي، وشيخ الصوفية إبراهيم بن المولد، والمسند أبو الفضل الحسن بن يعقوب البخاري، والمسند عبدالرحمن بن حمدان الجلاب بهمذان، والقاضي العلامة أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي، وشيخ مرو الامام أبو العباس القاسم بن القاسم بن مهدي السياري سبط أحمد بن سيار
__________
= الاحوص، فقد تابعه علي بن الاقمر عند مسلم (654) (257)، والنسائي 2 / 108، 109، فالاثر صحيح ونصه بتمامه عند مسلم: " فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن
الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين، حتى يقام في الصف ".
(1) قلت لكن متن الحديث صحيح، فقد أخرجه من حديث المقدام بن معدي كرب أحمد 4 / 130، والبخاري في الادب المفرد " (542) وأبو داود (5124)، والترمذي (2393)، والحاكم 4 / 171، بلفظ: " إذا أحب الرجل أخاه فلخبره أنه يحبه، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2514)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وله شاهد بسند صحيح من حديث أبي ذر عند أحمد 5 / 145 و 147، وابن المبارك في " الزهد " (712)، وابن وهب في " الجامع " ص 36.
(*)

(15/487)


الحافظ، والمسند أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي الاسواري الاصبهاني، وشيخ المحدثين والزهاد بنيسابور أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النيسابوري.
قرأت على أبي المعالي أحمد بن المؤيد، أخبرنا محمد بن محمد المأموني، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي إملاء، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، حدثنا محمد بن غالب بن حرب، حدثنا داود بن عبد الله الجعفري، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه إذا كبر، وإذا رفع (1).
وبه أخبرنا الصبغي، حدثنا أحمد بن القاسم بن أبي مساور، حدثنا أبو
معمر إسماعيل بن إبراهيم قال: أملى علي ابن وهب من حفظه، عن يونس، عن الزهري، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطع " (2).
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 77، ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (742)، وأخرجه من طريق ابن شهاب عن سالم، عن عبد الله بن عمر، مالك 1 / 75، والبخاري 2 / 181، في صفة الصلاة، ومسلم (390).
(2) وأخرجه أحمد 3 / 380، والدارمي 2 / 175، وأبو داود (4393)، والنسائي 8 / 89، والترمذي (1448)، وابن ماجة (2591)، والطحاوي 2 / 98، والدارقطني 3 / 187، والبيهقي 8 / 279 كلهم من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله...وإسناده صحيح، وقد صرح ابن جريح بسماعه من أبي الزبير في رواية الدارمي وغيره، وتابعه عليه سفيان الثوري، والمغيرة بن مسلم، ولم ينفرد أبو الزبير بروايته، فقد تابعه عليه عمرو بن دينار عند ابن حبان، على أنه صرح بسماعه من جابر عند عبد الرزاق فانتفت شبهة تدليسه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (1502) و (1503) وقال الزيلعي في " نصب الراية " 3 / 364: وسكت عنه عبد الحق في أحكامه، وابن القطان بعد، فهو صحيح عندهما، وانظر " شرح السنة " 10 / 321، 322.
(*)

(15/488)


غريب جدا.
مع عدالة رواته، فلا تنبغي الرواية إلا من كتاب، فإني أرى ابن وهب مع حفظه وهم فيه، وللمتن إسناد غير هذا.

275 - أخوه المعمر * أبو العباس محمد بن إسحاق الصبغي.
سمع يحيى بن الذهلي، وسهل بن عمار، وإبراهيم بن عبد الله السعدي.
قال (1): لزم الفتوة إلى آخر عمره، وكان أخوه ينهاه، عن السماع لما كان يتعاطاه (2).
عاش مئة سنة وأربع سنين، وأملى مجالس.
مات سنة أربع وخمسين [ وثلاث مئة ]
__________
* الانساب: 8 / 34.
(1) أي الحاكم.
(2) النص بتمامه في " الانساب ": " وكان الشيخ ينهانا عن القراءة عليه لما كان يتعاطاه ظاهرا، لا لحرج في سماعة...".
أي أن سماعه صحيح.
وتعاطيه أمور الفتوة هو سبب النهي، وقد جانب الصواب محقق الجزء الثامن من " الانساب " حين حذف لفظة " لا لحرج " ووضع مكانها كلمة من عنده قلبت المعنى المراد " لا يتحرج في سماعه " فجعل عدم تحرجه في السماع هو سبب النهي، لا تعاطيه الفتوة..فتأمل !..(*)

(15/489)


الطبقة العشرون
276 - أبو النضر الطوسي * الامام الحافظ الفقيه العلامة القدوة شيخ الاسلام، أبو النضر محمد ابن محمد بن يوسف، الطوسي الشافعي، شيخ المذهب بخراسان.
ولد في حدود الخمسين ومئتين.
وسمع عثمان بن سعيد الدارمي، والحارث بن أبي أسامة، وإسماعيل القاضي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، والفضل بن عبد الله بن خرم اليشكري الهروي، وأحمد بن موسى الكوفي الحمار، ومحمد بن عمرو قشمرد الحرشي، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأحمد بن سلمة
الحافظ، والحسين بن محمد القباني، وتميم بن محمد الحافظ، ومحمد ابن نصر المروزي الفقيه.
ولازمه مدة وأكثر عنه.
وجمع وصنف، وعمل مستخرجا على صحيح مسلم، وكان من أئمة خراسان بلا مدافعة.
__________
* الانساب: 8 / 264 - 265، المنتظم: 6 / 379، تذكرة الحفاظ: 3 / 893 - 894، العبر: 2 / 264 - 265، الوافي بالوفيات: 1 / 210، مرآة الجنان: 2 / 336، البداية والنهاية: 11 / 299، النجوم الزاهرة: 3 / 313 - 314، طبقات الحفاظ: 365، شذرات الذهب: 2 / 368.
(*)

(15/490)


قال الحاكم: رحلت إليه إلى طوس مرتين، وسألته متى تتفرغ للتصنيف مع هذه الفتاوى الكثيرة ؟ فقال: جزأت الليل أثلاثا: فثلث أصنف، وثلث أنام، وثلث أقرأ القرآن (1).
قال: وكان إماما عابدا، بارع الادب، ما رأيت في مشايخي أحسن صلاة منه، وكان يصوم الدهر ويقوم ويتصدق بما فضل من قوته.
وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر (2).
سمعت أحمد بن منصور الحافظ، يقول: أبو النضر يفتي الناس من سبعين سنة أو نحوها، ما أخذ عليه في فتوى (3) قط.
ثم قال الحاكم: دخلت طوس، وأبو أحمد الحافظ على قضائها، فقال لي: ما رأيت في بلد من بلاد الاسلام مثل أبي النضر، رحمه الله (4).
قلت: روى عنه: الحاكمان، ولم يقع لي من حديثه بالاتصال فيما أعلم.
قال الحاكم: مات في شعبان سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
قلت: جاوز التسعين.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله الدمشقي، أخبرنا القاسم بن أبي سعد في كتابه، أخبرنا جدي عمر بن أحمد، أخبرنا أبو بكر بن خلف، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن
__________
(1) " الانساب ": 8 / 265.
(2) المصدر السابق 264.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 893.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 893.
(*)

(15/491)


سعيد، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في دعائه: " اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم " (1).
إسناده قوي، أخرجه الحاكم في " المستدرك ".
ورواه أبو داود عن موسى على الموافقة.
ورواه الترمذي نازلا عن حماد، وله علة من أجلها [ لم ] (2) يخرجه مسلم.
رواه النسائي (3) من وجوه عن الاوزاعي، عن إسحاق المذكور، فقال: عن جعفر بن عياض، عن أبي هريرة.

277 - أبو الوليد الفقيه * الامام الاوحد الحافظ المفتي، شيخ خراسان أبو الوليد حسان بن محمد بن أحمد بن هارون النيسابوري الشافعي العابد.
__________
(1) هو في " المستدرك " 1 / 540، وصححه، ووافقه الذهبي، وأخرجه أبو داود (1544)، والبيهقي 7 / 12 وأحمد 2 / 305 و 325، والنسائي 8 / 261، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2443).
ولم أجده في سنن الترمذي بعد البحث الشديد، وما أعلم أحدا من المحدثين نسبه إليه غير المؤلف.
فلعله وهم منه رحمه الله.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) 8 / 266، ونص كلامه: خالفه الاوزاعي، قال: أخبرني محمود بن خالد، حدثنا الوليد عن أبي عمرو الاوزاعي، حدثني إسحاق بن عبد الله، حدثني جعفر بن عياض، حدثني أبو هريرة، والوليد مدلس وقد عنعن، لكن صرح بالتحديث عند ابن حبان (2442)، وأخرجه ابن ماجه (3842)، والحاكم 1 / 531، من طريق محمد بن مصعب القرقسائي، حدثنا الاوزاعي...وقال الحاكم: صحيح الاسناد.
ووافقه الذهبي مع أن محمد بن مصعب كثير الخطأ.
* المنتظم: 6 / 396، تذكرة الحفاظ: 3 / 895 - 897، العبر: 2 / 281، مرآة = (*)

(15/492)


ولد بعد السبعين ومئتين.
وسمع من: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، وابن خزيمة وعدة ببلده، والحسن بن سفيان بنسا، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد، وهذه الطبقة.
وتفقه بأبي العباس بن سريج، وهو صاحب وجه في المذهب.
ومن أغرب ما أتى به أنه قال: من كرر الفاتحة مرتين بطلت صلاته، وهذا خلاف نص الامام.
وقال: الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم، والتزم أنه هو المذهب لصحة الاحاديث فيه.
وهذا فيه نظر، لان الامام (1) ما ضعف الاحاديث، بل
ادعى نسخها (2).
__________
= الجنان: 2 / 343، طبقات الشافعية: 3 / 226 - 229، البداية والنهاية: 11 / 236، طبقات الحفاظ: 366، شذرات الذهب: 2 / 380.
(1) أي الشافعي رحمه الله.
(2) وهذا هو الصحيح، فقد قال ابن حزم فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " 4 / 155: صح حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " بلا ريب، ولكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح فوجب الاخذ به، لان الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما.
قال الحافظ: والحديث المذكور أخرجه النسائي وابن خزيمة (1967) والدارقطني ص 239، ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني ص 239، ولفظه: أول ما كرهت الحجامة للصائم، ثم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " أفطر هذان "، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم، ورواته كلهم ثقات من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكر، لان فيه أن ذلك كان في الفتح، وجعفر كان قتل قبل ذلك، ومن أحسن ما ورد في ذلك ما رواه عبد الرزاق (7535)، وأبو داود (2374) من طريق عبدالرحمن بن عابس، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه، وإسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر.
وقوله: " إبقاء على أصحابه " = (*)

(15/493)


حدث عنه: الحاكم، وابن مندة، وأبو طاهر بن محمش، والقاضي أحمد بن الحسن الحيري، وأبو الفضل أحمد بن محمد السهلي الصفار، وعدة.
قال الحاكم: صنف أبو الوليد " المستخرج على صحيح مسلم ".
وصنف " الاحكام " على مذهب الشافعي (1).
قال أبو سعد الاديب: سألت أبا علي الثقفي، فقلت: من نسأل بعدك ؟ قال: أبا الوليد (2).
قال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا الوليد، يقول: قال لي أبي: أي شئ تجمع ؟ قلت: أخرج على كتاب البخاري، فقال: عليك بكتاب مسلم، فإنه أكثر بركة، فإن البخاري كان ينسب إلى اللفظ (3).
قال محمد بن الذهلي: ومسلم أيضا نسب إلى اللفظ، ألا تراه كيف قام من مجلس الذهلي على رأس الملا لما قال: ألا من كان يقول بقول محمد بن إسماعيل، فلا يقربنا ؟ فهذه مسألة مشكلة، وقد كان أحمد بن حنبل وغيره لا يرون الخوض في هذه المسألة، مع أن البخاري - رحمه الله - ما صرح بذلك، ولا قال: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، بل قال: أفعالنا مخلوقة، والمقروء الملفوظ هو كلام الله تعالى، وليس بمخلوق، فالسكوت عن توسع العبارات أسلم للانسان.
__________
= يتعلق بقوله: " نهى " وانظر: " نصب الراية " 2 / 472، 473، و " الفتح " 4 / 153، 156، و " تلخيص الحبير " 2 / 191، 194.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895 - 896.
(*)

(15/494)


ولقد كان أبو الوليد هذا من أركان الدين.
ولما توفي رثاه أبو طاهر بن محمش الفقيه، أحد تلامذته بقصيدة ستين بيتا (1).
قال الحاكم: أرانا أبو الوليد نقش خاتمه " الله ثقة حسان بن
محمد "، وقال: أرانا عبدالملك بن محمد بن عدي نقش خاتمه " الله ثقة عبدالملك بن محمد " وقال: أرانا الربيع نقش خاتمه " الله ثقة الربيع بن سليمان "، وقال: كان نقش خاتم الشافعي " الله ثقة محمد بن إدريس " (2).
هذا إسناد ثابت.
مات أبو الوليد في شهر ربيع الاول سنة تسع وأربعين وثلاث مئة عن اثنتين وسبعين سنة.
قال الحاكم: هو أبو الوليد القرشي الاموي الشافعي، إمام أهل الحديث بخراسان، وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم.
تفقه ببغداد على ابن سريج (3).
قلت: مات معه عالم أصبهان القاضي أبو أحمد العسال، وحافظ خراسان أبو علي الحسين بن علي بن زيد النيسابوري، ومسند العصر بمصر أبو الفوارس أحمد بن محمد السندي الصابوني، ومسند بغداد أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي العطشي، وأبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني، ومسند دمشق أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح سنان المخزومي، وشيخ القراء أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، والمعمر
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895.
(*)

(15/495)


أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرويه بن علم الصفار، وأبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ببغداد.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا القاسم بن عبد الله الصفار، أخبرتنا
عائشة بنت أحمد، أخبرنا الحسن بن علي البستي، أخبرنا يحيى بن إبراهيم المزكي، حدثنا الزاهد إمام عصره أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث، عن ابن الهاد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته: " اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم " (1) الحديث.

278 - ابن طباطبا * الشريف الكبير، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي بن حسن بن الشريف طباطبا (2)، واسمه إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري برقم (832) في صفة الصلاة و (2397)، ومسلم (589) في المساجد: باب ما يستعاذ منه في الصلاة، كلاهما من طريق أبي اليمان عن شعيب، عن ابن شهاب الزهري بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري أيضا، (2397) و (6376) و (6377) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
والمغرم: الدين، يقال: غرم أي: أدان، قيل: والمراد به ما يستدان فيما لا يجوز، وفيما يجوز، ثم يعجز عن أدائه، ويحتمل أن يراد به ما هو أعم من ذلك، وتمام الحديث: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف.
* وفيات الاعيان: 3 / 81 - 83، البداية والنهاية: 11 / 235.
(2) بفتح الطاءين المهملتين والباءين الموحدتين، لقب جده إبراهيم، وإنما قيل له ذلك، لانه كان يلثغ فيجعل القاف طاء، طلب يوما ثيابه فقال له غلامه: أجئ بدراعة ؟ فقال: (*)

(15/496)


السيد الامام علي بن أبي طالب العلوي الحسني المدني ثم المصري.
كان محتشما، ذا أموال وعقار وعبيد وضياع ودائرة واسعة، بحيث قيل: كان في دهليز داره رجل يكسر اللوز دائما لعمل الحلواء.
وكان يصلح للخلافة، وكان يهدي إلى الاستاذ كافور وإلى الكبراء.
وله جلالة عجيبة (1).
توفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة.
ويقال: بقي حتى قدم المعز، وطلب منه نسبه، والظاهر أن ذلك يكون ولد هذا الشريف.
وقيل: بل الذي كلم المعز الشريف أبو إسماعيل الرسي (2).

279 - ابن الجراب * الشيخ المحدث الامين، أبو القاسم إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم ابن أحمد بن عيسى بن الجراب البغدادي البزاز.
ولد بسامراء سنة اثنتين وستين ومئتين.
سمع موسى بن سهل الوشاء، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن
__________
لا، طباطبا، يريد: قبا قبا، فبقي عليه لقبا، واشتهر به.
وطباطبا أيضا سيد السادات بلسان النبطية.
انظر " وفيات الاعيان ": 1 / 130 - 131، و " عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ": 172.
(1) " وفيات الاعيان ": 3 / 81.
(2) انظر " وفيات الاعيان ": 3 / 82 - 83.
* تاريخ بغداد: 6 / 304، المنتظم: 6 / 380، العبر: 2 / 267، شذرات الذهب: 369.
(*)

(15/497)


محمد البرتي، وعبد الله بن روح المدائني، وجعفر بن محمد بن شاكر، وإسماعيل القاضي، وطبقتهم.
حدث عنه: ابن جميع الغساني، والحافظ عبد الغني، وأخوه عبد الله بن سعيد، والحسين بن ميمون الصفار، والحسين بن محمد بن رزيق المخزومي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.
وثقه الخطيب (1).
توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مئة في شهر رمضان.
قرأت عن يحيى بن أحمد الجذامي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا الحسين بن محمد المخزومي الكوفي بمصر، أخبرنا إسماعيل بن يعقوب إملاء، حدثنا محمد ابن غالب بن حرب، حدثنا عمار بن زربى، حدثنا بشر بن منصور السليمي، عن داود بن أبي هند، عن وهب بن منبه، قال: قرأت في بعض الكتب التي أنزلت أن الله قال لموسى: أتدري لاي شئ كلمتك ؟ قال: لاي شئ ؟ ! قال: لاني اطلعت في قلوب العباد، فلم أر قلبا أشد حبا لي من قلبك.

280 - ابن عبد البر * الامام الحافظ المجود أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد البر التجيبي الاندلسي القرطبي.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 304.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 60 - 61، جذوة المقتبس: 59 - 61، بغية الملتمس: 89 - 90، تاريخ ابن عساكر: 15 / 274 آ - 274 ب.
(*)

(15/498)


سمع من: عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن عمر بن لبابة، ومحمد بن محمد بن النفاح الباهلي، وطبقته بمصر، وسعيد بن هاشم الطبراني، وغيره بالشام، ورجع، ثم ارتحل في الشيخوخة.
فتوفي بالشام بطرابلس في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.
روى عنه: عمر بن نمارة الاندلسي، وأبو محمد عبدالرحمن بن عمر النحاس.

281 - التنوخي * القاضي العلامة، أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي الحنفي.
مولده بأنطاكية سنة 278.
سمع أحمد بن خليد الحلبي، والحسن بن [ أحمد ] بن حبيب صاحب مسدد، وعمر بن أبي غيلان.
وكان معتزليا مناظرا منجما شاعرا أديبا، ولي قضاء الاهواز (1).
__________
* يتيمة الدهر: 2 / 309 - 318، تاريخ بغداد: 12 / 77 - 79، الانساب: 3 / 93، المنتظم: 6 / 372 - 373، معجم الادباء: 14 / 162 - 191، وفيات الاعيان: 3 / 366 - 369، العبر: 2 / 260، ميزان الاعتدال: 3 / 153، مرآة الجنان: 2 / 334 - 335، البداية والنهاية: 11 / 227، الجواهر المضية: 1 / 378، لسان الميزان: 4 / 256 - 257، النجوم الزاهرة: 3 / 310، شذرات الذهب: 2 / 362 - 364.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 78.
(*)

(15/499)


حدث عنه: ابنه المحسن (1)، وأبو حفص الآجري، وأبو القاسم بن
الثلاج.
وكان أحد الاذكياء، حفظ ست مئة بيت في يوم وليلة (2)، وله تصانيف.
وكان المطيع قد هم بتوليته قضاء القضاة (3).
ولما توفي بالبصرة وفى عنه المهلبي (4) خمسين ألف درهم دينا (5).
وقال ابنه: كان يحفظ للطائيين ست مئة (6) قصيدة، ويحفظ من النحو واللغة شيئا عظيما، ومن العقليات (7)، ويجيب في أزيد من عشرين ألف حديث (8).
مات سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة.

282 - السياري * الامام المحدث الزاهد شيخ مرو، أبو العباس القاسم بن القاسم (9) بن
__________
(1) ترجمته في " وفيات الاعيان ": 445 / 159 - 162.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 12 / 78 - 79.
(3) " معجم الادباء ": 14 / 164.
(4) انظر ص / 116 / تعليق / 4 / من هذا الجزء.
(5) " معجم الادباء ": 14 / 164.
(6) في " معجم الادباء ": سبع مئة.
(7) في الاصل: العقيلات، وهو تصحيف.
(8) " معجم الادباء ": 14 / 164 - 165.
* طبقات الصوفية: 440 - 447، حلية الاولياء: 10 / 380، الرسالة القشيرية: 28، الانساب: 7 / 212، 213، المنتظم: 6 / 374، العبر: 2 / 260، طبقات الاولياء: 366 - 367، النجوم الزاهرة: 3 / 309 - 310، شذرات الذهب: 2 / 364.
(9) في " الانساب ": 7 / 212 " القاسم بن أبي القاسم بن عبد الله بن مهدي ".
(*)

(15/500)


مهدي السياري المروزي، سبط الحافظ أحمد بن سيار.
سمع أبا الموجه، وأحمد بن عباد، وصحب محمد بن موسى الفرغاني.
وعنه: عبد الواحد بن علي، وأبو عبد الله الحاكم، وغيرهما.
ومن قوله: الخطرة للنبي، والوسوسة للولي، والفكرة للعامي، والعزم للفتي (1).
مات سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة (2).

283 - ابن الخضر * الحافظ المجود الفقيه أبو الحسن أحمد بن الخضر بن أحمد، النيسابوري الشافعي، من كبار الائمة.
سمع أحمد بن النضر، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبا عبد الله البوشنجي.
وعنه: رفيقه أبو علي الحافظ، وأبو الوليد حسان بن محمد - وهو أكبر منه - وأبو عبد الله الحاكم.
مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 445.
(2) وفاته في " الانساب ": 7 / 213 " سنة أربع وأربعين وثلاث مئة ".
* طبقات الشافعية: 3 / 14.
(*)

(15/501)


284 - ابن ماهيان * المحدث الرحال الصدوق أبو الحسين محمد بن حسين بن محمد بن ماهيان (1) الجرجاني.
حدث بنيسابور عن: الدبري، وإسماعيل القاضي، وتمتام، وعلي ابن عبد العزيز، وطبقتهم.
حدث عنه: الحاكم، وكان متكلما أديبا عالما.
مات ببخارى في سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.

285 - النجاد * * الامام المحدث الحافظ الفقيه المفتي، شيخ العراق، أبو بكر أحمد ابن سلمان بن الحسن بن إسرائيل، البغدادي الحنبلي النجاد.
ولد سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
سمع أبا داود السجستاني - ارتحل إليه، وهو خاتمة أصحابه - وأحمد
__________
* تاريخ جرجان: 402.
(1) لم أهتد إلى ضبط الاسم في مظان الضبط، وقد استأنست بياقوت الحموي في ضبطه: ماهيان، بكسر الهاء.
قرية.
وليس ببعيد تسمية القرى والبلدان بأسماء الرجال، فلعل هذا من ذاك، والله أعلم.
وقد تحرف في " تاريخ جرجان " إلى ماهيان، وماهيار.
* * تاريخ بغداد: 4 / 189 - 192، طبقات الشيرازي: 172، طبقات الحنابلة: 2 / 7 - 12، الانساب: 553 آ، المنتظم: 6 / 390، تذكرة الحفاظ: 3 / 868 - 869، العبر: 2 / 278 - 279، ميزان الاعتدال: 1 / 101، الوافي بالوفيات: 6 / 400، مرآة الجنان: 3 / 342، البداية والنهاية: 11 / 234، لسان الميزان: 1 / 180، شذرات الذهب: 2 / 376.
(*)

(15/502)


ابن ملاعب، ويحيى بن أبي طالب، والحسن بن مكرم، وأحمد بن محمد
البرتي، وهلال بن العلاء الرقي - وارتحل إليه - وإسماعيل القاضي، ويزيد ابن جهور، وأبا بكر بن أبي الدنيا القرشي - صاحب الكتب - وإبراهيم الحربي، والحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي ومعاذ بن المثنى، وبشر بن موسى، ومحمد بن عبد الله مطينا، وخلقا كثيرا.
وصنف ديوانا كبيرا في السنن (1).
حدث عنه: أبو بكر القطيعي، وأبو بكر عبد العزيز الفقيه، وابن شاهين، والدارقطني، وابن مندة.
وأبو بكر محمد بن يوسف الرقي، وأبو الحسن بن الفرات، وأبو سليمان الخطابي، وأبو عبد الله الحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو القاسم الخرقي، وأبو بكر بن مردويه، وأبو علي بن شاذان، وابن عقيل الباوردي، وأبو القاسم بن بشران، وعدد كثير.
وكان أبو الحسن بن رزقويه، يقول: النجاد ابن صاعدنا (2).
وقال أبو إسحاق الطبري: كان النجاد يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف، فيترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة، تصدق برغيفه، واكتفى بتلك اللقم (3).
__________
(1) " الرسالة المستطرفة ": 36.
(2) قال الخطيب البغدادي: " عنى بذلك أن النجاد في كثرة حديثه، واتساع طرقه، وعظم رواياته، وأصناف فوائده، لمن سمع منه، كيحيى بن صاعد لاصحابه، إذ كل واحد من الرجلين كان واحد وقته في كثرة الحديث ".
" تاريخ بغداد ": 4 / 190.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 191.
(*)

(15/503)


وقال أبو بكر الخطيب: كان النجاد صدوقا عارفا، صنف السنن (1)، وكان له بجامع المنصور حلقة قبل الجمعة للفتوى، وحلقة بعد الجمعة للاملاء (2).
وقال الدارقطني: حدث النجاد من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله (3).
قال الخطيب: كان قد أضر، فلعل بعضهم قرأ عليه ذلك (4).
مات النجاد - رحمه الله تعالى - في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة.
وفيها مات شيخ الصوفية المحدث جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد، وقاضي مصر أبو بكر عبد الله بن محمد بن الحسن بن الخصيب، ومسند الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، وأبو بكر محمد ابن الحارث بن أبيض.
أخبرنا الفقيه أبو القاسم عبدالرحمن بن عبد الحليم بالاسكندرية، أخبرنا علي بن مختار العابدي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي (5)، أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، حدثنا أبو بكر النجاد، قال: قرئ على أبي داود سليمان بن الاشعث، وأنا أسمع،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 190.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 189 - 190.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 191.
(4) " تاريخ بغداد ": 4 / 191.
(5) بضم الطاء، وفتح الراء، وسكون الياء، هذه النسبة إلى " طريثيث " وهي ناحية كبيرة
من نواحي نيسابور.
" الانساب ": 8 / 238.
(*)

(15/504)


حدثنا رجاء بن مرجى، حدثنا أبو همام الدلال، حدثنا سعيد بن السائب، عن محمد بن عبد الله بن عياض، عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طواغيتهم (1).
وقع لي من رواية النجاد " كتاب الناسخ " لابي داود، " وجزء التراجم " والثاني من " فوائد الحاج " وخمسة مجالس، ومجلس مفرد، وجزء سقت منه الخبر المذكور، وفي الامالي البشرانية، وفي أمالي أبي المطيع، وفي مستخرج أبي علي بن شاذان، وفي الاول والثاني لابي الحسين بن بشران وفيهما انتقاء اللالكائي.
وفي عشرة مجالس الحرفي.
وفي الثقفيات (2)، وأجزاء يحيى المزكي، وفي البلفسة وأماكن.

286 - ابن الحجام * شيخ المالكية بالقيروان، أبو محمد عبد الله بن أبي هاشم مسرور، التجيبي مولاهم، الافريقي، عرف بابن الحجام (3)، إمام كبير شهير.
أخذ عن جماعة، وسمع من عيسى بن مسكين، وابن أبي سليمان، وطائفة.
حمل عنه: أبو محمد بن أبي زيد، وجماعة.
__________
(1) محمد بن عبد الله بن عياض، لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (450) في الصلاة: باب في بناء المساجد، من طريق رجاء بن المرجى، وابن ماجة (743) من طريق محمد بن يحيى، كلاهما عن أبي همام الدلال بهذا الاسناد.
(2) أنظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
* علماء أفريقية: 231، ترتيب المدارك: 3 / 340 - 343 الديباج المذهب: 135 -
136، معالم الايمان: 3 / 70 - 73.
(3) في ترتيب المدارك: 3 / 34 و " معالم الايمان ": 3 / 70: " ابن الحجاج ".
(*)

(15/505)


وكان على مجلسه مهابة وسكينة، كأنما على رؤوسهم الطير، وكان يشبه بيحيى بن عمر، وبمحمد يس القطان (1).
شاخ وعمر.
فقيل: إنه تدفأ بنار، فاحترق لما نعس في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
وله ثلاث وثمانون سنة (2).
وله عدة تصانيف في فنون العلم، وكتب بخطه المتقن كثيرا.
قال أبو الحسن القابسي: ترك سبعة قناطير كتب كلها بخط يده (3)، فقيل: أخذها السلطان العبيدي، ومنع الناس منها كيدا للاسلام، وقيل: سلم ثلثها.
كان قد أودعه عند ابن أبي زيد.
نقلت حاله من تاريخ عبد الله بن محمد المالكي (4)، وذكره عياض أيضا (5).

287 - أبو وهب * زاهد الاندلس، جمع ابن بشكوال (6) أخباره في جزء مفرد (7).
__________
(1) " الديباج المذهب ": 135.
(2) " الديباج المذهب ": 136.
(3) " الديباج المذهب ": 135.
(4) مؤرخ من أهل القيروان، له كتاب " رياض النفوس في طبقات علماء القيروان " طبع الجزء الاول منه.
ولم تعرف سنة وفاته.
انظر " معالم الايمان ": 3 / 236 - 239.
(5) انظر " ترتيب المدارك ": 3 / 340 - 343.
* المغرب في حلي المغرب: 1 / 58 - 59، النجوم الزاهرة: 3 / 330.
(6) هو أبو القاسم، خلف بن عبدالملك بن مسعود بن بشكوال القرطبي، من علماء الاندلس.
وله تصانيف مفيدة، منها: كتاب " الصلة " الذي جعله ذيلا على " تاريخ علماء الاندلس " لابن الفرضي، توفي - رحمه الله - سنة / 578 / ه.
" التكملة لكتاب الصلة ": 1 / 304 - 307.
(7) لم يصلنا مع الاسف.
(*)

(15/506)


قال أبو جعفر بن عون الله: سمعته يقول: لا عانق الابكار [ في جنات النعيم ] والناس غدا في الحساب إلا من عانق الذل، وضاجع الصبر، وخرج منها كما دخل فيها (1).
ما رزق امرؤ مثل عافية، ولا تصدق بمثل موعظة، ولا سأل مثل مغفرة.
وعن خالد بن سعيد، قال: قيل: إن أبا وهب عباسي، وكان لا ينتسب، وكان صاحب عزلة، باع ما عونه قبل موته.
فقيل: ماهذا ؟ قال: أريد سفرا، فمات بعد أيام يسيرة (2).
وعن ابن حفصون، قال: قلت لابي وهب: تعلم أني كبير الدار، فاسكن معي، وأخدمك وأشاركك في الحلو والمر، قال: لا أفعل، إني طلقت الدنيا بالامس، أفأراجعها اليوم ؟ فالمطلق إنما يطلق المرأة بعد سوء خلقها، وقلة خيرها، وليس في العقل الرجوع إلى مكروه، وفي الحديث " لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين " (3).
وقال فقير: فقد قلت ليلة لابي وهب: قم بنا لزيارة فلان، قال: وأين العلم ؟ ولي الامر له طاعة، وقد منع من المشي ليلا.
قال يونس بن مغيث: طرأ أبو وهب إلى قرطبة، وكان جليلا في الخير والزهد.
يقال: إنه من ولد العباس، وكان يقصده الزهاد ويألفونه، وإذا
جاءه من ينكر من الناس تباله وتوله، وإذا قيل له: من أين أنت ؟ قال: أنا
__________
(1) " النجوم الزاهرة ": 3 / 330، وما بين حاصرتين منه.
(2) " المغرب في حلي المغرب ": 1 / 58.
(3) أخرجه البخاري 10 / 439 في الادب، ومسلم (2998) في الزهد والرقائق، كلاهما في باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، من حديث أبي هريرة، ومعنى الحديث: أن المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة مرة بعد أخرى وهو لا يشعر.
(*)

(15/507)


ابن آدم ولا يزيد.
وأخبرني من صحبه، أنه يفضي من جليسه إلى علم وحلم ويقين في الفقه والحديث.
وقيل: كان ربما جلب من النبات ما يقوته.
توفي سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
وقبره يزار.

288 - أبو عمر الزاهد * الامام الاوحد العلامة اللغوي المحدث، أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، البغدادي الزاهد، المعروف بغلام ثعلب.
ولد سنة إحدى وستين ومئتين.
وسمع من: موسى بن سهل الوشاء، وأحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن يونس الكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن زياد بن مهران السمسار، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى الاسدي، وأحمد بن سعيد الجمال، ومحمد بن هشام بن البختري، ومحمد بن عثمان العبسي.
ولازم ثعلبا في العربية، فأكثر عنه إلى الغاية، وهو في عداد الشيوخ
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 229، الفهرست: 113 - 114، تاريخ بغداد: 2 /
356 - 359، طبقات الحنابلة: 2 / 67 - 69، نزهة الالباء: 190 - 195، المنتظم: 6 / 380 - 382، معجم الادباء: 18 / 226 - 234، إنباه الرواة: 3 / 171 - 177، وفيات الاعيان: 4 / 329 - 333، تذكرة الحفاظ: 3 / 873 - 876، العبر: 2 / 268، الوافي بالوفيات: 4 / 72 - 73، مرآة الجنان: 2 / 337 - 339، البداية والنهاية: 11 / 230 - 231، لسان الميزان: 5 / 268 - 269، بغية الوعاة: 69 - 70، شذرات الذهب: 2 / 370 - 371.
(*)

(15/508)


في الحديث لا الحفاظ، وإنما ذكرته لسعة حفظه للسان العرب، وصدقه، وعلو إسناده.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وابن مندة، وأبو عبد الله الحاكم، والقاضي أبو القاسم ابن المنذر، وأبو الحسين بن بشران، والقاضي محمد بن أحمد ابن المحاملي، وعلي بن أحمد الرزاز، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وخلق كثير.
وقع لي أربعة أجزاء من حديثه.
قرأت على أحمد بن إسحاق الزاهد، أنبأنا ظفر بن سالم ببغداد سنة عشرين وست مئة، أخبرنا هبة الله بن أحمد الشبلي سنة 557، أخبرنا محمد ابن علي بن أبي عثمان، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم سنة سبع وأربع مئة، حدثنا أبو عمر غلام ثعلب، حدثنا موسى بن سهل الوشاء، حدثنا أبو النضر، حدثنا عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي.
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يعبد الله وحده، لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري،
ومن تشبه بقوم فهو منهم ".
إسناده صالح (1).
__________
(1) وهو كما قال، وأخرجه أحمد 2 / 50 و 92، من طريق عبدالرحمن بن ثابت بهذا الاسناد، وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 88، من طريق أبي أمية عن محمد بن وهب ابن عطية، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الاوزاعي عن حسان بن عطية به، وعلق البخاري 6 / 76 منه قوله: " وجعل الذل والصغار على من خالف أمري " وأخرج أبو داود (4031) الجملة الاخيرة منه.
(*)

(15/509)


قال أبو الحسن ابن المرزبان: كان أبو محمد بن ماسي من دار كعب ينفذ إلى أبي عمر غلام ثعلب وقتا بعد وقت كفايته ما ينفق على نفسه، فقطع ذلك عنه مدة لعذر، ثم أنفذ إليه جملة ما كان في رسمه، وكتب إليه يعتذر، فرده، وأمر أن يكتب على ظهر رقعته: أكرمتنا فملكتنا، ثم أعرضت عنا، فأرحتنا (1).
قلت: هو كما قال أبو عمر، لكنه لم يجمل في الرد، فإن كان قد ملكه بإحسانه القديم، فالتملك بحاله، وجبر التأخير بمجيئه جملة وباعتذاره، ولو أنه قال: وتركتنا فأعتقتنا، لكان أليق.
قال الخطيب أبو بكر في ترجمة أبي عمر الزاهد: ابن ماسي لا أشك أنه إبراهيم بن أيوب، والد أبي محمد عبد الله (2).
قال: وأخبرني عباس بن عمر، سمعت أبا عمر الزاهد، يقول: ترك قضاء حقوق الاخوان مذلة، وفي قضاء حقوقهم رفعة (3).
قال الخطيب: سمعت غير واحد يحكي عن أبي عمر أن الاشراف والكتاب كانوا يحضرون عنده ليسمعوا منه كتب ثعلب، وغيرها.
وله جزء قد
جمع فيه فضائل معاوية، فكان لا يترك واحدا منهم يقرأ عليه شيئا حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء (4).
وكان جماعة [ من أهل الادب ] لا يوثقون أبا عمر في علم اللغة حتى قال
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 356.
(2) المصدر السابق، وانظر ترجمة أبي محمد في " تاريخ بغداد ": 9 / 408 - 409.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 356، وفيه: الخبر عن عباس بن محمد، وهو وهم، والصواب ما هو مثبت في الاصل.
(4) " تاريخ بغداد ": 2 / 356 - 357.
(*)

(15/510)


لي عبيد الله بن أبي الفتح، يقال: إن أبا عمر كان لو طار طائر لقال: حدثنا ثعلب عن ابن الاعرابي، ثم يذكر شيئا في معنى ذلك (1).
فأما الحديث فرأيت جميع شيوخنا يوثقونه فيه، وحدثنا علي بن أبي علي، عن أبيه، قال: ومن الرواة الذين لم ير قط أحفظ منهم أبو عمر غلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة لغة فيما بلغني، وجميع كتبه إنما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتهم.
وكان يسأل عن الشئ الذي يقدر أن السائل (2) وضعه، فيجيب عنه، ثم يسأله غيره بعد سنة، فيجيب بجوابه (3).
أخبرت أنه سئل عن قنطزة (4)، فقيل: ماهي ؟ فقال: كذا وكذا، قال: فتضاحكنا، ولما كان بعد شهور هيأنا من سأله عنها، فقال: أليس قد سئلت عن هذه منذ شهور وأجبت (5) ؟ قال ابن خلكان: استدرك على " الفصيح " لثعلب كراسا، سماه " فائت الفصيح "، وله كتاب " الياقوتة " (6) وكتاب " الموضح " وكتاب
" الساعات " وكتاب " يوم وليلة " وكتاب " المستحسن " وكتاب " الشورى "، روكتاب " البيوع " وكتاب " تفسير أسماء الشعراء " وكتاب " القبائل " وكتاب " المكنون [ والمكتوم ] وكتاب " التفاحة "، وكتاب
__________
(1) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(2) في " تاريخ بغداد ": " يقدر السائل أنه قد وضعه "، وهو معنى آخر كما لا يخفى.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 357.
(4) صحفها السائل عن " قنطرة "، ليمتحن أبا عمر.
(5) انظر " تاريخ بغداد ": 2 / 357.
(7) في " وفيات الاعيان ": اليواقيت.
(*)

(15/511)


" المداخل (1) " وكتاب " فائت الجمهرة " وكتاب " فائت العين "، وأشياء (2).
قال الخطيب: حكى لي رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن (3) عمن حدثه، أن أبا عمر الزاهد، كان يؤدب ولد أبي عمر محمد ابن يوسف القاضي، فأملى يوما على الغلام ثلاثين مسألة في اللغة، وختمها ببيتين.
قال: فحضر ابن دريد، وابن الانباري، وأبو بكر بن مقسم عند القاضي، فعرض عليهم المسائل [ فما عرفوا منها شيئا، وأنكروا الشعر.
فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها ؟ ] فقال ابن الانباري: أنا مشغول بتصنيف " مشكل القرآن ".
وقال ابن مقسم: وذكر اشتغاله بالقراءات، وقال ابن دريد: هي من وضع أبي عمر، ولا أصل لشئ منها في اللغة، فبلغ أبا عمر، فسأل من القاضي إحضار دواوين جماعة عينهم له ففتح خزائنه، وأخرج تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة، ويخرج لها
شاهدا، ويعرضه على القاضي حتى تممها، ثم قال: والبيتان أنشدناهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي على ظهر الكتاب الفلاني، فأحضر القاضي الكتاب، فوجدهما، وانتهى الخبر إلى ابن دريد، فما ذكر أبا عمر الزاهد بلفظه حتى مات (4).
__________
(1) نشره العلامة الميمني في " مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق " سنة 1929.
(2) " وفيات الاعيان ": 4 / 330، وما بين حاصرتين منه.
(3) المعروف بابن المسلمة، استكتبه الخليفة القائم بأمر الله، واستوزره ولقبه رئيس الرؤساء، كان عالما بفنون كثيرة، قتله البساسيري سنة / 451 / في قصة مشهورة.
انظر " تاريخ بغداد ": 11 / 391 - 392، و " الفخري ": 257 - 258، و " طبقات الشافعية ": 5 / 247 - 253.
(4) " تاريخ بغداد ": 2 / 358، وما بين حاصرتين منه.
(*)

(15/512)


ثم قال رئيس الرؤساء: وقد رأيت أشياء كثيرة مما استنكر على أبي عمر، واتهم فيها مدونة في كتب أئمة العلم، وخاصة في " غريب المصنف " لابي عبيد أو كما قال (1).
قال الخطيب: سمعت عبد الواحد بن برهان، يقول: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الاولين والآخرين أحسن كلاما من كلام أبي عمر الزاهد.
قال: وله كتاب " غريب الحديث " ألفه على مسند أحمد بن حنبل (2).
ولليشكري في أبي عمر قصيدة منها: فلو أنني أقسمت ما كنت كاذبا * بأن لم ير الراؤون حبرا يعادله إذا قلت شارفنا أواخر علمه * تفجر حتى قلت هذا أوائله (3) مات أبو عمر في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.

289 - ابن نجيح * المحدث الامام، أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح، البغدادي البزاز.
ولد سنة 263.
سمع يحيى بن جعفر، وأبا قلابة، ومحمد بن الفرج الازرق، وأبا العيناء، وعدة.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 359.
* تاريخ بغداد: 3 / 118 - 119، العبر: 2 / 268، شذرات الذهب: 2 / 370.
(*)

(15/513)


وعنه: ابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، والحاكم، وجماعة.
وصفه ابن رزقويه بالحفظ (1).
مات في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.

290 - ابن حذلم * الامام العلامة، مفتي دمشق، وبقية الفقهاء الاوزاعية، القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن داود بن عبد الله بن حذلم (2) الاسدي الدمشقي الاوزاعي.
حدث عن: أبيه، وبكار بن قتيبة القاضي، ويزيد بن عبد الصمد، وسعد بن محمد البيروتي، وأبي زرعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن
يحيى بن حمزة، والحسن بن جرير الصوري، وجماعة.
حدث عنه: تمام الرازي، وأبو عبد الله بن مندة، والحسين بن معاذ الداراني، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وآخرون.
وتصدر للاشتغال، وناب في قضاء دمشق عن الحسين بن هروان، وعن أبي الطاهر الذهلي.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 118.
* العبر: 2 / 257، الوافي بالوفيات: 6 / 405، النجوم الزاهرة: 3 / 320، قضاة دمشق: 31 - 32، شذرات الذهب: 2 / 374.
(2) في " العبر " حزلم، وهو تصحيف.
والصواب ما هو مثبت في الاصل.
انظر " تاج العروس " (حذلم).
(*)

(15/514)


قال أبو الحسين الرازي: كانت له حلقة في جامع دمشق، يدرس فيها مذهب الاوزاعي.
أنبأنا ابن علان، عن القاسم بن عساكر، أخبرنا أبي، أخبرنا ابن الاكفاني، أخبرنا الكتاني، أخبرنا تمام، قال: كان القاضي أبو الحسن بن حذلم له مجلس في الجمعة، يملي فيه في داره.
فحضرنا، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وعن يمينه أبو بكر وعمر، وعن يساره عثمان وعلي في داري، فجئت، فجلست بين يديه، فقال لي: يا أبا الحسن قد اشتقنا إليك، فما اشتقت إلينا ؟ قال تمام: فلم يمض جمعة حتى توفي في شوال سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
قال الكتاني: وكان قاضي دمشق، وكان ثقة مأمونا نبيلا.
وقال ابن زبر: مات في ربيع الاول سنة سبع وله تسع وثمانون سنة.
قلت: كان جدهم حذلم من النصارى، فأسلم.

291 - ابن خزيمة * الشيخ المحدث الثقة، أبو علي، أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة، البغدادي.
سمع أبا قلابة الرقاشي، وعبد الله بن روح المدائني، ومحمد بن إسماعيل السلمي، وأحمد بن سعيد الجمال، وطبقتهم ببغداد، ولم يرحل.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 347 - 348، العبر: 2 / 275، شذرات الذهب: 2 / 374.
(*)

(15/515)


حدث عنه: الدارقطني، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه عبدالملك، وآخرون.
وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: هو أول شيخ سمعت منه.
قلت: ولد سنة ثلاث وستين ومئتين.
وتوفي في صفر سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
وقع لي الجزء الثالث من حديثه، وهو أقدم شيخ لعبد الملك بن بشران.

292 - العقبي * الشيخ العالم الصدوق، أبو أحمد، حمزة بن محمد بن العباس، البغدادي العقبي الدهقان، يسكن بالعقبة التي بقرب دجلة.
سمع أحمد بن عبد الجبار، ومحمد بن عيسى بن حيان، والعباس بن
محمد الدوري، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وعبد الكريم الدير عاقولي، وطائفة.
حدث عنه: الحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحرفي، وعبد الملك بن بشران، وغيرهم.
وكان موثقا (1).
توفي في سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 183، الانساب: 9 / 14، العبر: 2 / 276، شذرات الذهب: 2 / 375.
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 183.
(*)

(15/516)


293 - الامين * هو شيخ الحنفية، العلامة، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن هشام البخاري، ويلقب بالامين.
سمع أبا الموجه محمد بن عمرو، وسهل بن شاذويه، وصالح بن محمد جزرة.
وحج وحدث في طريقه.
روى عنه: أبو عمر بن حيويه، وعبد الله بن عثمان الدقاق.
قال الحاكم: هو فقيه أهل النظر في عصره.
كتبنا عنه.
قلت: أرخ وفاته غنجار (1) في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

294 - مكرم بن أحمد * * ابن محمد بن مكرم، القاضي المحدث، أبو بكر البغدادي البزاز.
سمع يحيى بن أبي طالب، ومحمد بن عيسى المدائني، ومحمد بن
الحسين الحنيني، وعبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي، ومحمد بن غالب، وطائفة.
__________
* الجواهر المضية: 1 / 45.
(1) هو محمد بن أحمد بن محمد، أبو عبد الله البخاري، صاحب " تاريخ بخارى " انظر " معجم الادباء ": 17 / 213 - 214.
* * تاريخ بغداد: 13 / 221، العبر: 2 / 269، شذرات الذهب: 2 / 371.
(*)

(15/517)


حدث عنه: ابن مندة، والحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
وثقه الخطيب (1).
توفي في جمادى الاولى سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
يقع لي حديثه في أماكن.

295 - أحمد بن بهزاد * ابن مهران، الامام المحدث الصدوق، أبو الحسن الفارسي السيرافي، ثم المصري.
سمع الربيع المرادي، وبحر بن نصر الخولاني، وبكار بن قتيبة، وإبراهيم بن فهد، وطائفة.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مفرج القرطبي، وابن مندة، وأبو محمد ابن النحاس، والمصريون، وسمع منه: أحمد بن عون الله القرطبي، وتركه لانه قرص (2) له عثمان رضي الله عنه، ثم أملى حديثا يتضمن مخالفة الجماعة، فقال: أجيفوا الباب (3)، ما أمليته منذ ثلاثين سنة، فاستشعر القوم، ولو سكت لمد عليهم، فقاموا عليه، ومنع من التحديث، فكان
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 13 / 221.
* العبر: 2 / 270، الوافي بالوفيات: 6 / 278، غاية النهاية: 1 / 41، النجوم الزاهرة: 3 / 318، شذرات الذهب: 2 / 372.
(2) من القرص، وهو الكلام المؤذي، قال الفرزدق: قوارص تأتيني فتحتقرونها * وقد يملا القطر الاناء فيفعم (3) أي ردوه وأغلقوه.
(*)

(15/518)


يجلس منفردا، ثم تعصب له قوم من الفرس.
وحدث، وقال غير واحد: ما علمنا إلا خيرا.
توفي في شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

296 - السمسار * الامام المحدث، أبو جعفر أحمد بن جعفر بن أحمد بن معبد، الاصبهاني السمسار.
سمع أحمد بن مهدي، وأحمد بن عصام، وعبيد بن الحسن الغزال، وقدماء الاصبهانيين.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو بكر بن مردويه، وأبو نعيم، وهو من قدماء مشايخه.
وكان شيخ صدق.
توفي في رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مئة، عن نيف وتسعين سنة.
يقع من عواليه لابن خليل.

297 - الطرائفي * * الشيخ المسند الامين، أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس بن سلمة، العنزي النيسابوري الطرائفي.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 149 - 150، العبر: 2 / 270، شذرات الذهب: 2 / 372.
* * الانساب: 8 / 226 - 227، العبر: 2 / 270 - 271، الوافي بالوفيات: 8 / = (*)

(15/519)


سمع محمد بن أشرس، والسري بن خزيمة، وارتحل إلى عثمان بن سعيد الدارمي، فأكثر عنه.
حدث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو الحسين الحجاجي، والحاكم، وابن محمش، والسلمي، ويحيى بن المزكي، وآخرون.
قال الحاكم: كان صدوقا (1).
قال لي: أقمت ببغداد سنة أربع وثمانين ومئتين (2) على التجارة، فلم أسمع بها شيئا (3).
قال: وتوفي في رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مئة (4).
وصلى عليه أبو الوليد الفقيه.

298 - العلاف * الشيخ أبو عبد الله محمد بن عيسى بن حسن، التميمي البغدادي العلاف.
حدث بحلب عن: أحمد بن عبيد الله النرسي والكديمي، والحارث ابن محمد، والباغندي.
وعنه: عبد الغني بن سعيد، وأبو محمد بن النحاس، وعبد الرحمن ابن الطبيز السراج.
__________
45، شذرات الذهب: 2 / 372.
(1) " الانساب ": 8 / 226.
(2) في " الانساب ": " أقمت ببغداد مدة: سنة أربع وخمسين، وخمس وثمانين ومئتين ".
(3) " الانساب ": 8 / 227.
(4) في " الانساب ": " سنة سبع وأربعين وثلاث مئة ".
* تاريخ بغداد: 2 / 405، الانساب: 9 / 97 - 98، تاريخ ابن عساكر: 15 / 423 ب - 424 آ، العبر: 2 / 264، ميزان الاعتدال: 3 / 680، لسان الميزان: 5 / 336 - 337.
(*)

(15/520)


مات بمصر فجأة في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.

299 - أبو سهل القطان * الامام المحدث الثقة، مسند العراق، أبو سهل، أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد بن عباد.
القطان البغدادي.
سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأبا جعفر بن محمد بن عبيد الله ابن المنادي، ومحمد بن عيسى المدائني، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد ابن الجهم، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسماعيل القاضي، وعدة، وروى الكثير، وتفرد في زمانه.
حدث عنه: الدارقطني، وابن مندة، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وقوم، آخرهم أبو القاسم بن بشران.
قال الخطيب: كان صدوقا أديبا شاعرا، راوية للادب عن ثعلب والمبرد، وكان يميل إلى التشيع (1).
قال أبو عبد الله بن بشر القطان: ما رأيت أحسن أنتزاعا لما أراد من آي القرآن من أبي سهل بن زياد، وكان جارنا، وكان يديم صلاة الليل، والتلاوة، فلكثرة درسه، صار القرآن كأنه بين عينيه (2).
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 45 - 46، المنتظم: 7 / 3، العبر: 2 / 285 - 286، الوافي بالوفيات: 8 / 34، البداية والنهاية: 11 / 238، النجوم الزاهرة: 3 / 328، شذرات الذهب: 3 / 2 - 3.
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 45.
(2) المصدر السابق.
(*)

(15/521)


قال الخطيب: وكان في أبي سهل مزاح ودعابة، سمعت البرقاني يقول: كرهوه لمزاح فيه، وهو صدوق (1).
وقال محمد بن علي الصوري: سمعت علي بن نصر بمصر يقول: كنا يوما بين يدي أبي سهل بن زياد، فأخذ شخص سكينا [ كانت ] بين يديه، [ فجعل ] ينظر فيها، فقال: مالك ولها ؟ أتريد أن تسرقها كما سرقتها أنا ؟ هذه سكين البغوي سرقتها [ منه ] (2).
توفي أبو سهل في شعبان سنة خمسين وثلاث مئة.
وكان مولده في سنة تسع وخمسين ومئتين.
وقع لنا حديثه في مواضع.

300 - الخطبي * الامام العلامة الخطيب الاديب المحدث الاخباري، أبو محمد، إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يحيى، البغدادي الخطبي (3) المؤرخ.
سمع الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن يونس الكديمي، وبشر بن
موسى، وجماعة.
حدث عنه: أبو حفص بن شاهين، والدارقطني، وابن مندة، وابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 46.
(2) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
* تاريخ بغداد: 6 / 304 - 306، طبقات الحنابلة: 2 / 118 - 119، الانساب: 5 / 147 - 148، المنتظم: 7 / 3 - 4، معجم الادباء: 7 / 19 - 23، النجوم الزاهرة: 3 / 328 - 329، شذرات الذهب: 3 / 3.
(3) هذه النسبة إلى الخطب وإنشائها.
" الانساب ": 5 / 147.
(*)

(15/522)


ولد في أول سنة تسع وستين ومئتين.
قال الخطيب في ترجمته: كان فاضلا عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وخلفائهم.
صنف تاريخا كبيرا على السنين.
وقد وثقه الدارقطني (1).
روى ابن رزقويه عن إسماعيل الخطبي، قال: وجه إلي الراضي بالله ليلة الفطر، فحملت إليه راكبا فدخلت [ عليه ] وهو جالس في الشموع، فقال لي: يا إسماعيل ! [ إني ] قد عزمت في غد على الصلاة بالناس فما الذي أقول إذا انتهيت إلى الدعاء لنفسي ؟ فأطرقت ساعة، ثم قلت: يا أمير المؤمنين قل: (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي) (2) [ الاحقاف: 15 ] فقال لي: حسبك فقمت وتبعني خادم، فأعطاني أربع مئة دينار (3).
قلت: كان مجموع الفضائل، يرتجل الخطب.
قال محمد بن العباس بن الفرات: كان ركينا (4) عاقلا، مقدما، من أهل
الثقة والادب وأيام الناس، قل من رأيت مثله.
قلت: توفي في جمادى الآخرة سنة خمسين وثلاث مئة.

301 - ابن خنب * الشيخ العالم المحدث الصدوق المسند، أبو بكر محمد بن أحمد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 305.
(2) النمل: 19، وتتمة الآية: " وعلى والدي، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ".
(3) " تاريخ بغداد ": 6 / 305 - 306، وما بين حاصرتين منه.
(4) الرجل الركين: الوقور.
* تاريخ بغداد: 1 / 296، المنتظم: 7 / 7، العبر: 2 / 288، شذرات الذهب: 3 / 7.
(*)

(15/523)


خنب (1)، البخاري، ثم البغدادي الدهقان، نزيل بخارى ومسندها.
مولده في سنة ست وستين ومئتين.
سمع في حداثته من: يحيى بن أبي طالب، والحسن بن مكرم وموسى بن سهل الوشاء، وجعفر الصائغ، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وأبي قلابة الرقاشي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو أحمد الحاكم، وإسماعيل بن الحسين الزاهد، وعلي بن القاسم الرازي، وأحمد بن الوليد الزوزني شيخ للبيهقي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن إبراهيم البخاري، والحافظ محمد بن أحمد غنجار، وأهل ما وراء النهر.
وكان والده بخاريا، فقدم بغداد، وتأهل فولد له بها أبو بكر ونشأ بها ثم رجع محتده وهو ابن عشرين سنة.
وكان فقيها شافعي المذهب، محدثا
فهما، لا بأس به.
قال أبو كامل البصري: سمعت بعض مشايخي، يقول: كنا في مجلس ابن خنب، فأملى في فضائل علي رضي الله عنه بعد أن كان أملى فضائل الثلاثة، إذ قام أبو الفضل السليماني، وصاح: أيها الناس، هذا دجال فلا تكتبوا، وخرج من المجلس لانه ما سمع بفضائل الثلاثة.
قلت: هذا يدل على زعارة السليماني، وغلظته، الله يسامحه.
توفي ابن خنب في غرة رجب سنة خمسين وثلاث مئة.
__________
(1) في " المنتظم " و " الشذرات " حبيب، وهو تصحيف.
(*)

(15/524)


302 - الهجيمي * الشيخ الامام المحدث الصدوق المعمر، مسند الوقت، أبو إسحاق، إبراهيم بن علي بن عبد الله، الهجيمي (1) البصري.
ولد سنة نيف وخمسين ومئتين.
وسمع من: الحسين بن محمد بن أبي معشر، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبي قلابة الرقاشي، وعبد الرحيم بن دنوقا، ومحمد بن يونس الكديمي، وعبيد بن عبد الواحد البزاز، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن الفضل البابسيري، وطلحة بن يوسف المؤذن، وأبو سعيد محمد بن علي النقاش، وآخرون.
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي في المشيخة: سمعت عبد الرحيم بن أحمد البخاري يقول: رأى أبو إسحاق الهجيمي، أنه تعمم، فدور على رأسه مئة وثلاث دورات، فعبرت له بحياة مئة وثلاث سنين، فما حدث حتى بلغ المئة، ثم حدث فقرأ عليه القارئ، وأراد أن يختبر عقله،
فقال: إن الجبان حتفه من فوقه * كالكلب يحمي جلده (2) بروقه (3)
__________
* المنتظم: 7 / 23، العبر: 2 / 291، الوافي بالوفيات: 6 / 57، شذرات الذهب: 3 / 8.
(1) بضم الهاء، وفتح الجيم، والياء الساكنة آخر الحروف، وفي آخرها الميم.
هذه النسبة إلى محلة بالبصرة نزلها بنو هجيم، فنسبت المحلة إليهم " الانساب ": 588 آ.
(2) في " اللسان ": (روق): أنفه.
(3) الروق: القرن.
وقائل البيت عامر بن فهيرة التيمي، مولى أبي بكر الصديق - رضي = (*)

(15/525)


فرد عليه الهجيمي، فقال: كالثور، فإن الكلب لا روق له، قال: ففرحوا بصحة ذهنه.
توفي الهجيمي في آخر سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
وقيل: اسم جده عبدالاعلى.
وفيها مات يحيى بن منصور القاضي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت المكي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وشيخ الحنفية قاضي الحرمين أبو الحسين أحمد بن محمد النيسابوري، وأحمد بن إبراهيم بن جامع المصري، وميمون بن إسحاق الهاشمي.
وحدث فيها أبو جعفر بن دحيم الكوفي، وأبو بكر بن زياد النقاش.

303 - ابن قانع * الامام الحافظ البارع الصدوق - إن شاء الله - القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الاموي مولاهم، البغدادي، صاحب كتاب " معجم الصحابة " الذي سمعناه.
ولد سنة خمس وستين ومئتين.
__________
= الله عنهما - وكان حسن الاسلام، استشهد ببئر معونه.
وكان عامر إذا أصابته الحمى يقول: إني وجدت الموت قبل ذوقه * إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه * كالثور يحمي جلده بروقه انظر " الاصابة " 4 / 14 - 15، و " الفتح " 7 / 263، و " الموطأ " 2 / 891.
* تاريخ بغداد: 11 / 88 - 89، المنتظم: 7 / 14، تذكرة الحفاظ: 3 / 883 - 884، ميزان الاعتدال: 2 / 532 - 533، مرآة الجنان: 2 / 347، البداية والنهاية: 11 / 242، الجواهر المضية: 1 / 293، لسان الميزان: 3 / 383 - 384.
(*)

(15/526)


سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم أبن إسحاق الحربي، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وإسماعيل بن الفضل البلخي، وبشر بن موسى، وأحمد بن موسى الحمار، وعبيد بن شريك البزاز، وأحمد بن إسحاق الوزان، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبا مسلم الكجي، وعلي بن محمد بن أبي الشوارب، وعبيد بن غنام، ومطينا، ومعاذ بن المثنى، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان.
وكان واسع الرحلة كثير الحديث بصيرا به.
حدث عنه: الدارقطني، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو الحسين بن الفضل القطان، وأحمد بن علي البادي، وأبو علي بن شاذان، وأبو الحسن الحمامي، وأبو القاسم بن بشران، وأبو الحسن بن فرات، وعدد كثير.
قال البرقاني: البغداديون يوثقونه، وهو عندي ضعيف (1).
وقال الدارقطني: كان يحفظ، ولكنه يخطئ ويصر (2).
وروى الخطيب عن الازهري، عن أبي الحسن بن الفرات، قال: كان ابن قانع قد حدث به اختلاط قبل موته بنحو من سنتين، فتركنا السماع منه، وسمع منه قوم في اختلاطه (3).
قال الخطيب: توفي في شوال سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 89.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(*)

(15/527)


304 - ابن شعيب * الامام المحدث الرحال، أبو علي، محمد بن هارون بن شعيب بن عبد الله بن عبد الواحد، ويقال: شعيب بن علقمة، ويقال: ابن ثمامة من ولد أنس بن مالك الانصاري، - وقيل: لا - الدمشقي من أهل قرية قيننة (1) غربي المصلى (2).
سمع بالشام ومصر والعراق وأصبهان، وصنف وجمع وليس بالمتقن.
سمع عبدالرحمن بن أبي حاتم المرادي، وأبا علاثة محمد بن عمرو، وبكر بن سهل الدمياطي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ومطينا، وأبا خليفة.
وعنه: ابن المقرئ، وابن مندة، وتمام، والعفيف بن أبي نصر، وعبد الوهاب الميداني.
قال الكتاني: كان يتهم (3).
توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة عن سبع وثمانين سنة.
وقع لنا جزء من حديثه عند مكرم بن أبي الصقر.
__________
* معجم البلدان: 4 / 425، العبر: 2 / 298، ميزان الاعتدال: 4 / 57، الوافي بالوفيات: 5 / 147، لسان الميزان: 5 / 411، شذرات الذهب: 3 / 13.
(1) قرية كانت مقابل الباب الصغير في دمشق " معجم البلدان ": 4 / 425.
(2) محلة جنوبي دمشق قرب باب الصغير.
(3) " ميزان الاعتدال ": 4 / 57.
(*)

(15/528)


305 - العتكي * المحدث الامام أبو منصور محمد بن القاسم بن عبدالرحمن بن قاسم ابن منصور العتكي النيسابوري.
سمع من: السري بن خزيمة، ومحمد بن أشرس، والحسين بن الفضل، وإسماعيل بن قتيبة، وأحمد بن سلمة، وطبقتهم.
أكثر عنه الحاكم، وأثنى عليه، وقال: كان شيخا متيقظا فهما صدوقا، جيد القراءة، صحيح الاصول، توفي في آخر سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
قلت: مات وهو في عشر التسعين، ويعرف أيضا بالصبغي نسبة إلى بيع الصبغ.

306 - السكري * * الامام الحجة، أبو العباس، أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع، المصري السكري المقرئ.
سمع مقدام بن داود الرعيني، وروح بن الفرج القطان، وعلي بن عبد
العزيز البغوي، وأحمد بن محمد الرشديني.
وحدث بحرف نافع، عن بكر بن سهل، عن أبي الازهر، عن ورش عنه.
__________
* لم نقع له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
* * العبر: 2 / 290، غاية النهاية: 1 / 35.
(*)

(15/529)


روى عنه: أحمد بن عمر الجيزي، ومحمد بن محمد الحضرمي، وأحمد بن محمد بن الحاج، ومحمد بن علي الادفوي، وأبو الحسين بن جميع، وأبو عبد الله بن مندة، وعبد الرحمان بن عمر النحاس، وآخرون.
وثقه أبو سعيد بن يونس، وقال: توفي في المحرم سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.

307 - ابن نيخاب * الشيخ الصدوق، أبو الحسن (1)، أحمد بن إسحاق بن نيخاب، الطيبي.
حدث ببغداد في سنة تسع وأربعين وثلاث مئة عن إبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وبشر بن موسى، وأبي مسلم الكجي، ومحمد بن أيوب، وعدة.
روى عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
قال الخطيب: لم نسمع فيه إلا خيرا (2).

308 - الكعبي * * المحدث العالم الصادق، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن موسى ابن كعب الكعبي، النيسابوري.
سمع الفضل بن محمد الشعراني، واليسع بن زيد المكي صاحب سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن قتيبة، وعلي بن عبد العزيز، وتمتاما، وعدة.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 35 - 36، الانساب: 8 / 289.
(1) في " الانساب ": أبو بكر، وما هنا موافق لما في تاريخ بغداد.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 35.
* * الانساب: 10 / 444.
(*)

(15/530)


روى عنه: الحاكم، وأبو نصر بن قتادة، وأبو عبد الرحمن السلمي، ومحمد بن محمد بن أبي صادق نزيل مصر، وآخرون.
ذكره الحاكم، فقال: محدث كثير الرحلة والسماع، صحيح السماع.
توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.

309 - ابن درستويه * الامام العلامة، شيخ النحو، أبو محمد، عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان، الفارسي النحوي، تلميذ المبرد.
سمع يعقوب الفسوي فأكثر - له عنه تاريخه ومشيخته - وسمع ببغداد من عباس بن محمد الدوري، ويحيى بن أبي طالب، وأبي محمد بن قتيبة، وعبد الرحمن بن محمد كربزان، ومحمد بن الحسين الحنيني.
قدم من مدينة فسا (1) في صباه إلى بغداد، واستوطنها، وبرع في العربية، وصنف التصانيف، ورزق الاسناد العالي.
وكان ثقة.
مولده سنة ثمان وخمسين ومئتين.
وكان والده رحل به.
حدث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن مندة، وابن رزقويه،
وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 127، الفهرست 93 - 95، تاريخ بغداد: 9 / 428 - 429، نزهة الالباء: 197 - 198، المنتظم: 7 / 388، إنباه الرواة: 2 / 113 - 114، وفيات الاعيان: 3 / 44 - 45، العبر: 2 / 276، ميزان الاعتدال: 2 / 400 - 401، البداية والنهاية: 11 / 233، لسان الميزان: 3 / 267 - 268، بغية الوعاة: 279 - 280، شذرات الذهب: 2 / 375.
ودرستوين ضبط في الاصل بفتح الدال والراء والواو، وبذلك ضبطه ابن ماكولا، وضبطه السمعاني بضم الدال والراء وسكون السين وضم التاء، وسكون الواو وفتح الياء.
(1) مدينة بفارس، بينها وبين شيراز أربع مراحل.
(*)

(15/531)


وله كتاب " الارشاد " في النحو، وشرح " كتاب الجرمي " وكتاب " الهجاء " و " شرح الفصيح " و " غريب الحديث " و " أدب الكاتب " و " المذكر والمؤنث " " والمقصور [ والممدود ] " و " المعاني في القراءات " وأشياء.
وكان ناصرا لنحو البصريين (1).
تخرج به أئمة.
وثقه ابن مندة وغيره.
وضعفه اللالكائي هبة الله، وقال: بلغني عنه أنه قيل له: حدث عن عباس الدوري حديثا، ونعطيك درهما ففعل، ولم يكن سمع منه (2).
قال الخطيب: سمعته يقول هذا، وهذه الحكاية باطلة، ابن درستويه كان أرفع قدرا من أن يكذب.
وحدثنا ابن رزقويه عنه بأمالي فيها أحاديث عن عباس.
وسألت البرقاني عنه، فقال: ضعفوه بروايته تاريخ يعقوب عنه، وقالوا: إنما حدث به يعقوب قديما، فمتى سمعه منه ؟ قال الخطيب: في هذا نظر، فإن جعفر بن درستويه من كبار
المحدثين.
سمع من علي بن المديني وطبقته، فلا يستنكر أن يكون بكر بابنه في السماع، مع أن أبا القاسم الازهري حدثني، قال: رأيت أصل كتاب ابن درستويه بتاريخ يعقوب بن سفيان، ووجدت سماعه فيه صحيحا (3).
قلت: توفي في صفر سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، أخذ عن ثعلب والمبرد، وتصانيفه كثيرة.
__________
(1) " الفهرست ": 93 - 94، وما بين حاصرتين منه.
(2) " تاريخ بغداد ": 9 / 429.
(3) المصدر السابق.
(*)

(15/532)


310 - أبو الميمون * الشيخ الامام الاديب الثقة المأمون، أبو الميمون، عبدالرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد، البجلي الدمشقي.
سمع بكار بن قتيبة، ويزيد بن عبد الصمد، وأبا زرعة، وخلقا كثيرا.
حدث عنه: ابن مندة، وتمام، وأبو علي بن مهنا، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.
وكان أحد الشعراء، بلغ خمسا وتسعين سنة.
توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
وفيها توفي أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وأحمد ابن عثمان الادمي ببغداد، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري، وأبو علي محمد بن القاسم بن معروف، وأحمد بن سليمان بن حذلم القاضي.

311 - العنبري * * الامام الثقة المفسر المحدث الاديب العلامة، أبو زكريا، يحيى بن محمد بن عبد الله بن عنبر بن عطاء السلمي مولاهم، العنبري النيسابوري المعدل.
سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن عمرو
__________
* تاريخ ابن عساكر: 10 / 14 ب، 15 آ، العبر: 2 / 276، شذرات الذهب: 2 / 375.
* * الانساب: 9 / 74، معجم الادباء: 20 / 34، العبر: 2 / 265 - 266، مرآة الجنان: 2 / 337، طبقات الشافعية: 3 / 485 - 486، النجوم الزاهرة: 3 / 314، شذرات الذهب: 2 / 369.
(*)

(15/533)


قشمرد، والحسين بن محمد القباني، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وخلقا كثيرا.
روى عنه: أبو بكر بن عبدش (1)، وأبو علي الحافظ - وهما من أقرانه - وأبو الحسين الحجاجي، والحاكم، وابن مندة، وآخرون.
قال الحاكم: قال أبو علي الحافظ: أبو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شئ منها لعجزنا عنه.
وما أعلم أني رأيت مثله (2).
ثم قال الحاكم: اعتزل أبو زكريا الناس، وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة (3).
سمعته يقول: العالم المختار أن يرجع إلى حسن حال، فيأكل الطيب والحلال، ولا يكسب بعلمه المال، ويكون علمه له جمال، وماله من الله من عليه وإفضال.
قلت: توفي في شوال سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
وله ست
وسبعون سنة.

312 - ابن سنان * الشيخ الامام الصدوق، إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان بن الا ركون القرشي مولاهم، الدمشقي، وإلى جدهم سنان تنسب قنطرة سنان بباب توما (4).
__________
(1) في " معجم الادباء " عبدوس.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 486.
(3) " معجم الادباء ": 2 / 34.
* تاريخ ابن عساكر: 2 / 257.
(4) محلة شرقي دمشق، لا تزال إلى الآن عامرة.
(*)

(15/534)


حدث عن محمد بن سليمان بن بنت مطر، وأبي زرعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وحمزة بن عبد الله الكفر بطناني (1)، وخلق كثير.
وعنه: ابنه، وعبد الوهاب الكلابي، وابن مندة، وتمام، وعبد الرحمن بن محمد بن ياسر، وعدة.
قال الكتاني: كان ثقة، نيف على الثمانين.
وقال الميداني، مات في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.

313 - الاسفراييني * الامام الحافظ المجود، أبو محمد، الحسن بن محمد بن إسحاق، ابن إبراهيم الازهري الاسفراييني.
رحل به خاله الحافظ أبو عوانة.
وسمع من: أبي بكر بن رجاء، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأبي مسلم الكجي، وأحمد بن سهل، وأبي خليفة الجمحي، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأقرانهم.
روى عنه: الحاكم - فقال: كان محدث عصره، ومن أجود الناس أصولا (2) - وعبد الرحمن بن محمد بالويه، وعلي بن محمد بن علي
__________
(1) نسبة إلى " كفر بطنة " وهي قرية من أعمال دمشق من الغوطة الشرقية، تبعد عنها ثلاثة أميال تقريبا، وهي إلى الآن عامرة، وقد ولد بها الامام الذهبي المؤلف.
* الانساب: 1 / 205 - 206، العبر: 2 / 271، الوافي بالوفيات: 12 / 265، شذرات الذهب: 2 / 372.
(2) " الانساب ": 1 / 205.
(*)

(15/535)


الاسفراييني، وولده أبو نعيم عبدالملك الازهري، وآخرون.
قال الحاكم: توفي سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
قلت: حديثه كثير في تواليف البيهقي من جهة علي بن محمد بن علي المقرئ عنه.

314 - أحمد بن منصور * ابن عيسى، الشيخ الامام الحافظ الناقد، أبو حامد الطوسي، الاديب.
بالغ الحاكم في تعظيمه، وقال: ورد نيسابور مرات، وقل من رأيت في المشايخ أجمع منه (1).
سمع من: عبد الله بن شيرويه، وإبراهيم بن إسحاق الانماطي، وهذه الطبقة من أصحاب قتيبة وإسحاق.
قال (2): وردت طوس وقاضيها أبو أحمد الحافظ، فسمعته يقول: إني لاتبجح بأحمد بن منصور أن يكون رجوعي في السؤال عن المشايخ إليه (3).
قال الحاكم: وتوفي في سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 911 - 912، الوافي بالوفيات: 8 / 188، طبقات الشافعية: 3 / 57، طبقات الحفاظ: 372.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 911.
(2) أي الحاكم.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 912.
(*)

(15/536)


315 - المحبوبي * الامام المحدث، مفيد مرو، أبو العباس، محمد بن أحمد بن محبوب بن فضيل، المحبوبي المروزي راوي جامع أبي عيسى عنه.
وسمع من سعيد بن مسعود - صاحب النضر بن شميل - ومن الفضل بن عبد الجبار الباهلي، وأبي الموجه، وعدة.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله الحاكم، وعبد الجبار ابن الجراح، وإسماعيل بن ينال المحبوبي مولاه، وجماعة.
وكانت الرحلة إليه في سماع " الجامع ".
وكان شيخ البلد ثروة وإفضالا.
وسماعه مضبوط بخط خاله أبي بكر الاحول، وكانت رحلته إلى ترمذ للقي أبي عيسى في خمس وستين ومئتين، وهو ابن ست عشرة سنة.
قال الحاكم: سماعه صحيح.
قلت: توفي في شهر رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
وآخر أصحابه موتا مولاه إسماعيل بن ينال الذي أجاز لابي الفتح الحداد مروياته.

316 - بكر بن محمد * * ابن العلاء، العلامة أبو الفضل، القشيري البصري المالكي.
__________
* الانساب: 511 آ، العبر: 2 / 272، الوافي بالوفيات: 2 / 40 - 41، مرآة الجنان: 2 / 340، شذرات الذهب: 2 / 373.
* * العبر: 2 / 263 - 264، الوافي بالوفيات:: 10 / 217، الديباج المذهب: = (*)

(15/537)


سمع " الموطأ " من: أحمد بن موسى السامي، وسمع من أبي مسلم الكجي، وحكى عن سهل التستري.
وصنف التصانيف في المذهب، وسكن مصر.
ومؤلفه في الاحكام نفيس، وألف في الرد على الشافعي، وعلى المزني، والطحاوي، وعلى أهل القدر.
حدث عنه: الحسن بن رشيق، وعبد الله بن محمد بن أسد القرطبي، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، وآخرون.
توفي في ربيع الاول سنة أربع وأربعين وثلاث مئة بمصر.

317 - ابن داسة * الشيخ الثقة العالم، أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق بن داسة، البصري التمار، راوي " السنن ".
سمع أبا داود السجستاني، وأبا جعفر محمد بن الحسن بن يونس الشيرازي، وإبراهيم بن فهد الساجي، وغيرهم.
روى عنه: أبو سليمان حمد الخطابي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر بن لال، وأبو الحسين بن جميع، وأبو علي حسين بن محمد الروذباري، وعبد الله بن محمد بن عبدالمؤمن القرطبي شيخ ابن عبد البر، وآخرون.
وهو آخر من حدث بالسنن كاملا، عن أبي داود، وقد عاش بعده أبو
__________
= 100، حسن المحاضرة: 1 / 256.
* العبر: 2 / 273، شذرات الذهب: 2 / 373.
(*)

(15/538)


بكر النجاد عامين وعنده عن أبي داود أحاديث من السنن، وجزء الناسخ والمنسوخ.
وآخر من روى عن ابن داسة بالاجازة الحافظ أبو نعيم الاصبهاني.
توفي سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
أخبرنا عمر بن غدير، أخبرنا أبو القاسم الانصاري، أخبرنا جمال الاسلام علي، أخبرنا أبو نصر الخطيب، أخبرنا أبو الحسين الغساني، أخبرنا محمد بن بكر بالبصرة، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن، حدثنا الحسن بن مالك، حدثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع (1).

318 - ابن الوزان * إمام النحو، فريد العصر، أبو القاسم إبراهيم بن عثمان، القيرواني.
كان فيما قال القفطي: يحفظ " كتاب العين " و " المصنف " لابي
__________
(1) المبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعن، وأخرجه البخاري برقم (5920)، ومسلم
(2120)، كلاهما في اللباس، من طريق عبيد الله بن حفص، عن عمر بن نافع.
عن نافع ابن عمر، وقال:: قلت لنافع: وما القزع ؟ قال: يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض، وأخرج أبو داود (4194) من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وهو أن يحلق رأس الصبي، فتترك له ذؤابة.
وهذا إسناد صحيح.
* طبقات النحويين واللغويين: 269، معجم الادباء: 1 / 203 - 204، إنباه الرواة: 1 / 172 - 174، العبر: 2 / 271، الوافي بالوفيات: 6 / 50 - 51، مرآة الجنان: 2 / 340، بغية الوعاة: 183، شذرات الذهب: 2 / 372.
(*)

(15/539)


عبيد، " إصلاح المنطق " و " كتاب سيبويه ".
وأشياء.
وبعضهم يفضله على ثعلب والمبرد (1).
توفي سنة ست وأربعين وثلاث مئة بالمغرب.

319 - ابن الخصيب * الامام الكبير المحدث، قاضي القضاة، أبو بكر عبد الله بن محمد بن الحسن بن الخصيب بن الصقر، الاصبهاني الفقيه الشافعي، مصنف " المسائل المجالسية " (2) في الفقه.
سمع أبا شعيب الحراني، وبهلول بن إسحاق، ومحمد بن عثمان العبسي، ويوسف القاضي، ومحمد بن يحيى المروزي، وأحمد بن الحسين الطيالسي، وطبقتهم.
وعنه: ابنه الخصيب، ومنير بن أحمد الخلال، والحافظ عبد الغني، وعبد الرحمن بن النحاس، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر الدمشقي، وعدة.
ولي قضاء دمشق في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة، ثم ولي قضاء (3) مصر، ثم ولي قضاء دمشق بعد الاربعين وثلاث مئة من جهة الخليفة المطيع، وولي قضاء مصر في سنة تسع وثلاثين من قبل ابن أم شيبان قاضي بغداد، فركب بالسواد إلى دار الاخشيذ، وكان أبى أن يتولى من قبل ابن أم
__________
(1) " إنباه الرواة ": 1 / 173.
* قضاة مصر: 160، قضاة دمشق: 29 - 30.
(2) في " قضاة دمشق ": الشمائل المجالسية.
وهو تصحيف.
(3) ساقطة في الاصل، وما أثبتناه من " قضاة دمشق ": 30.
(*)

(15/540)


شيبان، فقيل له: يلي ولدك محمد وأنت الناظر، فنظر في أمور مصر، وبعث نواب النواحي، وولي نظر الاوقاف، وتصلب وجمد، ثم قدم أبو الطاهر الذهلي القاضي، فركب ابن الخصيب وابنه إليه، فما وجداه، وعلم فلم يكافئهما، فصارت عداوة، ثم حج الذهلي وعاد إلى دمشق، وكان قاضيها.
ثم وقع بين ابن الخصيب وبين ابنه، وعاند أباه، ثم استقل الاب، وله تأليف يرد فيه على ابن جرير.
توفي في المحرم سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة.
وهو في عشر الثمانين.
يقع لنا حديثه في " الخلعيات " (1).

320 - السندي * الشيخ الكبير، مسند وقته، أبو الفوارس، أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي، المصري الصابوني.
قال: ولدت في أول سنة خمس وأربعين ومئتين.
سمع يونس بن عبدالاعلى، والربيع بن سليمان، وأبا إبراهيم المزني، وبحر بن نصر الخولاني، وإبراهيم بن مرزوق، وفهد بن سليمان، وجماعة.
حدث عنه: الخطيب، ومحمد بن أحمد التميمي، وأحمد بن محمد ابن الحاج الاشبيلي، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، ومحمد بن نظيف الفراء، وآخرون.
__________
(1) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
* العبر: 281، حسن المحاضرة: 1 / 210، شذرات الذهب: 2 / 380.
(*)

(15/541)


يقع حديثه عاليا في الثقفيات (1)، والخلعيات (2).
وعندي جزء من حديثه، أخبرناه العز بن الفراء، أخبرنا ابن البن، أخبرنا جدي، أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أخبرنا ابن نظيف عنه.
وفيه: قال لنا أبو الفوارس: ولدت في المحرم سنة 245 وسمعت ولي عشر سنين.
قلت: قد عاش بعد أن سمع أربعا وتسعين سنة.
توفي في شوال سنة تسع وأربعين وثلاث مئة بمصر عن مئة وخمسة أعوام، وهو صدوق في نفسه.
وليس بحجة وقد أدخل عليه حديث باطل فرواه.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا علي بن مردك بالري، أخبرنا أبو سعد السمان، أخبرنا أبو العباس بن الحاج، وأبو علي بن مهدي الرازي، قالا: أخبرنا أبو الفوارس ابن السندي، حدثنا محمد بن حماد الطهراني، أخبرنا عبد الرزاق، عن
معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن أبي بكر رضي الله عنه: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: " النظر إلى وجه علي عبادة " (3).
فهذا أدخل على أبي الفوارس.
__________
(1) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3) وأورده السيوطي في " اللالئ المصنوعة " 1 / 342، من طريق القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، حدثنا أبو الحسين بن أحمد بن مخزوم، حدثنا محمد بن الحسن الرقي، حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا عبد الرزاق...وقال: قال ابن حبان: موضوع آفته الجعفي أو شيخه، وانظر تفصيل القول فيه في " الفوائد المجموعة " ص 359، 361 مع تعليقات العلامة المعلمي رحمه الله.
(*)

(15/542)


وفيها مات الحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، والقاضي أبو أحمد العسال، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعد النيسابوري، وأبو محمد عبد الله بن إسحاق الخراساني ببغداد، وأبو بكر ابن علم الصفار.

321 - الخراساني * الشيخ المحدث المسند، أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد العزيز، الخراساني البغوي ثم البغدادي.
وجده هو أخو محدث مكة علي بن عبد العزيز، وعم أبي القاسم البغوي.
سمع من: عبدالرحمن بن محمد بن منصور كربزان، ويحيى بن أبي طالب، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، وأحمد بن ملاعب، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وخلق كثير.
وروى الكثير، وله أجزاء مشهورة تروى.
حدث عنه: الدارقطني، وابن مندة، والحاكم، وابن رزقويه، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وعثمان بن دوست، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه، فقال: فيه لين (1).
قلت: توفي في شهر رجب سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 414 - 415، العبر: 2 / 282، ميزان الاعتدال: 2 / 392، لسان الميزان: 3 / 258 - 259، شذرات الذهب: 2 / 380.
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 414.
(*)

(15/543)


322 - ابن علم * الشيخ المعمر، أبو بكر، وأبو عبد الله (1) محمد بن عبد الله بن عمرويه، البغدادي الصفار، المعروف بابن علم.
له جزء مشهور سمعناه.
روى عن: محمد بن إسحاق الصغاني، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن نصر.
روى عنه: هلال الحفار، وابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان.
قال الخطيب: لم أسمع أحدا يقول فيه إلا خيرا، وجميع ما عنده.
جزء (2)، مات في شعبان سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
ثم قال: يقال: أتى عليه مئة سنة وسنة (3).
قلت: حكايته عن عبد الله بن أحمد في قول أبيه، لا تعد منكرة.

323 - ابن كامل * * الشيخ الامام العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر أحمد بن كامل بن
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 454، العبر: 2 / 283، شذرات الذهب: 2 / 381.
(1) في " تاريخ بغداد ": ويقال: أبو بكر.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 454.
(3) المصدر السابق.
* * الفهرست: 48، تاريخ بغداد: 4 / 357 - 359، معجم الادباء: 4 / 102 - 108، إنباه الرواة: 1 / 67 - 68، العبر: 2 / 285، ميزان الاعتدال: 1 / 129، الوافي = (*)

(15/544)


خلف بن شجرة، البغدادي، تلميذ محمد بن جرير الطبري.
ولد سنة ستين ومئتين.
حدث عن: محمد بن الجهم السمري، ومحمد بن سعد العوفي، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، والحسن بن سلام السواق، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وطبقتهم.
حدث عنه: الدار قطني، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو العلاء محمد ابن الحسن الوراق، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
قال أبو الحسن بن رزقويه: لم تر عيناي مثله (1)، وسمعته يذكر مولده.
قال الخطيب: كان من العلماء بالاحكام، وعلوم القرآن والنحو والشعر والتواريخ.
وله في ذلك مصنفات.
ولي قضاء الكوفة (2).
وقال الدارقطني: كان متساهلا،، ربما حدث من حفظه بما ليس في
كتابه، وأهلكه العجب، كان يختار لنفسه، ولا يقلد أحدا (3).
توفي ابن شجرة في المحرم سنة خمسين وثلاث مئة.
وله تسعون سنة.
__________
= بالوفيات: 7 / 298، لسان الميزان: 1 / 249، الجواهر المضية: 1 / 90، غاية النهاية: 1 / 98، بغية الوعاة: 153 - 154.
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 358.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق، وعبارة (لا يقلد أحدا) زيادة ليست في التاريخ.
(*)

(15/545)


وقال الدارقطني أيضا: كان لا يعد لاحد من الفقهاء وزنا، أملى كتابا في السنن، وتكلم على الاخبار (1).
قال ابن الذهبي (2): وقع لي من عواليه، وكان من بحور العلم، فأخمله العجب.
وقد صنف كتابا في " القراءات "، وله مؤلف في " غريب القرآن "، وكتاب " موجز التأويل عن معجز التنزيل "، وكتاب " التاريخ "، وكتاب " الشروط " (3).
وفيها مات محمد بن المؤمل الماسرجسي، وأحمد بن علي بن حسنويه المقرئ، وأبو عمر محمد بن يوسف الكندي، وأبو جعفر عبد الله ابن إسماعيل بن بريه، وأبو سهل بن زياد، وإسماعيل بن علي الخطبي، ومحمد بن أحمد بن خنب.

324 - القنطري * الحافظ الامام، أبو بكر القاسم بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى،
القنطري السامري.
روى عن: الكديمي، وخلف بن عمرو العكبري، ومقدام بن داود،
__________
(1) النص في " تاريخ بغداد ": " وأهلكه العجب، فإنه كان يختار، ولا يضع لاحد من العلماء أصلا ".
(2) هو المؤلف نفسه، انظر المقدمة.
(3) انظر " الفهرست ": 48.
* لم أهتد إلى مصادر ترجمته.
(*)

(15/546)


وأنس بن سلم، وأبي يعلى الموصلي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن محمد بن هارون الخلال، وخلق.
والغالب على حديثه المناكير والموضوعات.
روى عنه: ابن بطة، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو سهل محمود بن عمرو العكبري، وآخرون.
حدث في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
قلت: ما علمت أن أحدا ضعفه، والكلام المذكور فيه هو عبارة ابن النجار، فلعل الضعف في تلك الروايات من غيره.

325 - الجمال * الشيخ المسند الثقة، محدث سمرقند، أبو جعفر، محمد بن محمد ابن عبد الله بن حمزة بن جميل، البغدادي المشهور بالجمال.
استوطن سمرقند، وروى بها الكثير عن أبي بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن عبد الله النرسي، وجعفر بن محمد بن شاكر، وعبد الكريم بن الهيثم وطبقتهم ببلده.
ثم ارتحل - وكان يسافر في التجارة - فسمع من أبي
زرعة النصري، وغيره بدمشق، ومن أبي علاثة محمد بن عمرو، ويحيى بن عثمان بن صالح، وخير بن عرفة بمصر، ومن عبيد الكشوري، والدبري باليمن، وحصل الاصول.
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 217 - 218، الانساب: 3 / 294 - 295، تاريخ ابن عساكر: 15 / 456 آ، 457 آ، العبر: 2 / 273، الوافي بالوفيات: 1 / 114، شذرات الذهب: 2 / 373.
(*)

(15/547)


روى عنه: ابن مندة، والحاكم، وأبو سعد الادريسي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وخلق، وانتخب عليه الحافظ أبو علي النيسابوري.
وحدث في تجارته بأماكن.
قال الحاكم: هو محدث عصره بخراسان، وأكثر مشايخنا رحلة، وأثبتهم أصولا.
اتجر إلى الري، وسكنها مدة، فقيل له: الرازي، وكان صاحب جمال، فقيل له: الجمال: انتقى عليه أبو علي أربعين جزءا (1).
وتوفي سمرقند في ذي الحجة سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

326 - ابن حسنويه * الشيخ المعمر الشهير، أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، النيسابوري التاجر السفار، ابن حسنويه.
قال الحاكم: سمع من أبي عيسى الترمذي جملة من مصنفاته، وأبي حاتم الرازي، والسري ابن خزيمة، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، والحارث بن أبي أسامة، وكان من المجتهدين في العبادة الليل والنهار.
قال: ولو اقتصر على سماعه الصحيح، لكان أولى به، لكنه حدث عن جماعة أشهد بالله أنه لم يسمع منهم (2).
وقد سألته [ عن سنه ] سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة، فقال لي: ست
__________
(1) " الانساب ": 3 / 295.
* الانساب: 4 / 144 - 147، تاريخ ابن عساكر: 2 / 11 آ - 12 آ، العبر: 2 / 284 - 285، ميزان الاعتدال: 1 / 121، الوافي بالوفيات: 7 / 216، لسان الميزان: 1 / 223 - 224.
(2) " الانساب ": 4 / 144.
(*)

(15/548)


وثمانون سنة، وأدخلت الشام [ سنة ست وستين ومئتين ] وأنا ابن اثنتي عشرة سنة (1)، وأخرجت من اسمه أحمد من شيوخي، فخرج مئة وعشرين (2)، ثم دخلت عليه سنة تسع وثلاثين، فقال: قد حلفت أن لا أحدث، ثم بعد ساعة، قال: حدثنا فلان، فذكر حكاية بإسناد.
ولا أعلمه وضع حديثا، أو ركب سندا، وإنما المنكر [ من حاله ] روايته عمن تقدم موتهم (3).
قال ابن عساكر: روى عن أحمد بن شيبان، وأحمد بن الازهر، وعيسى بن أحمد البلخي، ومسلم بن الحجاج (4)، وإسحاق الدبري.
حدث عنه: ابن مندة، والحاكم، وأبو أحمد بن عدي، ومنصور بن عبد الله الخالدي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن بن محمد السراج، وعلي بن محمد الطرازي (5).
قال الحاكم: قال لي يوما: ألا تراقبون الله ؟ أما لكم حياء يحجزكم [ عن تحقير المشايخ ] ؟ جاءني أبو علي الحافظ، وأنكر روايتي عن أحمد بن
__________
(1) في " لسان الميزان " 1 / 223: " ابن ثمان عشرة سنة " وفي آخره عنده: وقد كنت سمعته يقول: مولدي سنة ثمان وأربعين ومئتين.
قال العلامة عبدالرحمن المعلمي اليماني في تعليقه على " الانساب " 4 / 145 بعد أن نقل
ما في " اللسان ": أخشى أن يكون من تغيير بعض النساخ ليطابق ما بعده، لكنه يخالف ما قبله، لانه إذا كان أول سنة (338) عمره ست وثمانون، فمعنى ذلك أنه ولد سنة (251)، وأما إذا كان سنة 266 ان اثنتي عشرة سنة، فمعنى ذلك أنه ولد سنة 253.
(2) " الانساب ": 4 / 145.
(3) " الانساب ": 4 / 146 - 144، وما بين حاصرتين منه.
(4) قال ابن حجر العسقلاني: لم ينكر الحاكم سماعه من مسلم بن الحجاج فيمن سمى أنه لم يدركهم.
انظر " الانساب ": 4 / 146، و " لسان الميزان ": 1 / 223 - 224.
(5) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 11 آ - 11 ب.
(*)

(15/549)


أبي رجاء المصيصي، وهذا كتابي وسماعي منه، وهذا حفيدي كهل (1)، وقال حمزة السهمي: سئل ابن مندة - بحضرتي - عن ابن حسنويه المقرئ، فقال: كان شيخا أتى عليه مئة وعشر سنين (2).
قلت: غلط ابن مندة: ما وصل إلى المئة أصلا.
قال حمزة: وسألت أبا زرعة محمد بن يوسف عنه، فقال: كذاب، بحضرتي (3).
وقال الحاكم: سمعته يقول: ما رأيت أعجب من هذا الاصم (4) ! كان يختلف معنا إلى الربيع بن سليمان، وما سمع من ياسين القتباني (5)، وكان جار الربيع، فكتبت قوله، وأريته الاصم، فصاح، وقال: والله ما عرفته (6) إلا بعد رجوعي من مصر (7).
قال أبو القاسم بن مندة، توفي في رمضان سنة خمسين وثلاث مئة.
قلت: على ما زعم من سنه يكون عاش ثمانيا وتسعين سنة إن صدق.
قال ابن عساكر: ابن حسنويه المقرئ التاجر النيسابوري، قال محمد
ابن صالح بن هانئ: كان ابن حسنويه يديم الاختلاف معنا إلى السري بن خزيمة، وشيعناه يوم خروجه إلى أبي حاتم (8).
__________
(1) " الانساب ": 4 / 145.
وما بين حاصرتين منه.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 12 آ.
(3) المصدر السابق، وكلمة بحضرتي زيادة ليست في التاريخ.
(4) تقدمت ترجمته رقم / 258 / من هذا الجزء.
(5) في الاصل: العتباني، بالعين، وهو تصحيف.
وهو من رجال التهذيب.
(6) أي لابن حسنويه.
(7) انظر " الانساب ": 4 / 145 - 146.
(8) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 12 آ.
(*)

(15/550)


قال الحاكم: ورحل إلى الترمذي (1).

327 - ميمون بن إسحاق * الشيخ الصدوق المعمر، أبو محمد البغدادي الصواف، من موالي محمد بن الحنفية.
سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وغلام خليل، والحسن بن السمح، وأحمد بن هارون البرديجي الحافظ.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وغيرهم.
قال الخطيب: كان صدوقا، ولد سنة ستين ومئتين (2).
وتوفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
قلت: له جزء مروي سمعناه من أصحاب البهاء عبدالرحمن.

328 - ابن بريه * * الشيخ الامام الشريف المعمر، شيخ بني هاشم، أبو جعفر عبد الله ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الامير عيسى بن أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، الهاشمي البغدادي.
__________
(1) " الانساب ": 4 / 144.
* تاريخ بغداد: 13 / 211.
(2) " تاريخ بغداد ": 13 / 211.
* * تاريخ بغداد: 9 / 410 - 411، المنتظم: 7 / 5، العبر: 2 / 286، شذرات الذهب: 3 / 3.
(*)

(15/551)


سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وجماعة.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو القاسم بن المنذر، وأحمد ابن عبد الله البادي، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.
وكان خطيب جامع بغداد، فكان يقول: رقى هذا المنبر الواثق، وأنا، وكلانا في درجة في النسب إلى المنصور (1).
قلت: وقد عاش بعد الواثق (2) نحوا من مئة وعشرين سنة.
وثقه الخطيب (3).
وتوفي في صفر سنة خمسين وثلاث مئة.
وله سبع وثمانون سنة.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن السليمي، أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم الفقيه، وأخبرنا أبو جعفر عبدالرحمن بن عبد الله الخياط، ومحمد بن أحمد القزاز، وأبو المعالي محمد بن علي، وعلي بن جعفر المؤذن، وبيبرس
المجدي، قالوا: أخبرنا يحيى بن أبي السعود البزاز، قال: أخبرتنا شهدة الكاتبة، أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاني، أخبرنا الحسن بن أبي بكر البزاز، أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل الهاشمي، وحمزة بن محمد الدهقان، وأبو سهل القطان وابن السماك، قالوا: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 411.
(2) توفي الواثق بن المعتصم سنة / 232 / ه.
(3) " تاريخ بغداد ": 9 / 411.
(*)

(15/552)


سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الدين عزيزة إلى يوم القيامة " (1).

329 - ابن فارس * الشيخ الامام، المحدث الصالح، مسند أصبهان، أبو محمد عبد الله ابن المحدث جعفر بن أحمد بن فارس الاصبهاني.
سمع من: محمد بن عاصم الثقفي، ويونس بن حبيب، وأحمد بن يونس (2) الضبي، وهارون بن سليمان، وأحمد بن عصام، وإسماعيل سمويه، ويحيى بن حاتم، وحذيفة بن غياث، والكبار، وتفرد بالرواية عنهم.
وقارب المئة.
وكان من الثقات العباد.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو ذر بن الطبراني، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو بكر بن فورك، وابن مردويه، والحسين بن إبراهيم الجمال، ومحمد بن علي بن مصعب، وغلام محسن أحمد بن يزداد، وأبو نعيم الحافظ، وانتهى إليه علو الاسناد.
مولده في سنة ثمان وأربعين.
__________
(1) أخرجه من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، البخاري (7311) في الاعتصام ومسلم (1920) في الامارة، قال الحافظ: وقد اتفق الرواة عن إسماعيل على أنه عن قيس عن المغيرة وخالفهم أبو معاوية فقال: عن سعد، بدل: المغيرة، فأورده أبو إسماعيل الهروي في " ذم الكلام " وقال: الصواب قول الجماعة: عن المغيرة.
وحديث سعد عند مسلم (1925) لكن من طريق أبي عثمان عن سعد بلفظ: " لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ".
* طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 156، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 80، العبر: 2 / 272، شذرات الذهب: 2 / 372.
(2) في " العبر ": 2 / 272 أحمد بن يوسف، وهو تحريف.
(*)

(15/553)


وقال أبو بكر بن المقرئ: رأيته يحدث بمكة في أيام المفضل بن محمد الجندي.
وقال ابن مندة: كان شيوخ الدنيا خمسة: ابن فارس بأصبهان، والاصم بنيسابور، وابن الاعرابي بمكة، وخيثمة بأطرابلس، وإسماعيل الصفار ببغداد.
قال ابن مردويه وعبد الله بن أحمد السوذرجاني (1) في " تاريخهما ": كان ثقة.
وقال أبو الشيخ: حكى أبو جعفر الخياط لنا، قال: حضرت موت عبد الله بن جعفر، وكنا جلوسا عنده، فقال: هذا ملك الموت قد جاء، وقال بالفارسية: اقبض روحي كما تقبض روح رجل يقول تسعين سنة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (2).
قال أبو الشيخ: رأيت عبد الله بن جعفر في النوم، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي، وأنزلني منازل الانبياء (3).
قال: وتوفي في شوال سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

330 - الدخمسيني * المحدث الرحال الامام، أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان،
__________
(1) بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى " سوذرجان " وهي من قرى أصبهان " الانساب ": 7 / 185.
(2) طبقات المحدثين الورقة 156، و " ذكر أخبار أصبهان ": 2 / 80.
(3) ذكر أخبار أصبهان 2 / 80، وليس في ترجمته في طبقات المحدثين لابي الشيخ مع أنه منقول عنه.
* الانساب: 5 / 289 - 291، العبر: 2 / 267، الوافي بالوفيات:: 10 / 216 - 217، شذرات الذهب: 2 / 369 - 370.
(*)

(15/554)


المروزي الصيرفي، كان يقول: زد خمسين فبنوا له لقبا من ذلك (1).
سمع أبا قلابة الرقاشي، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وأبا الموجه محمد بن عمرو، وعبد الصمد بن الفضل، وأبا حاتم الرازي، لكن عدم سماعه من أبي حاتم.
روى عنه: ابن عدي، والحاكم، وابن مندة، وغنجار، ومنصور الكاغدي، وحسين بن محمد الماسرجسي.
سار إلى سمرقند لميراث له من غلامه، فمات ببخارى سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
كذا أرخه الحاكم.
وقال السمعاني وغيره: بل توفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة (2).
وما علمت أنا به بأسا.

331 - الطستي * المحدث الثقة المسند، أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، البغدادي الطستي (3) الوكيل.
سمع أحمد بن عبيد الله النرسي، وأبا بكر بن أبي الدنيا، ودبيس بن سلام القصباني (4)، وحامد بن سهل، وإبراهيم الحربي، وطبقتهم.
__________
(1) انظر " الانساب ": 5 / 289.
(2) " الانساب ": 5 / 291.
* تاريخ بغداد: 11 / 41، الانساب: 8 / 142، المنتظم: 6 / 385، العبر: 2 / 272، شذرات الذهب: 2 / 373.
(3) نسبة إلى (الطست) وعمله.
" الانساب ": 8 / 241.
(4) نسبة إلى (القصب) وبيعه.
" الانساب ": 10 / 168.
(*)

(15/555)


وله جزءان مرويان للسلفي، وقع لنا أحدهما بالاتصال.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وعلي ابن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان.
وعاش ثمانين سنة.
توفي في شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

332 - وهب بن مسرة ابن مفرج بن بكر (1) أبو الحزم، التميمي الاندلسي الحجازي المالكي الحافظ، صاحب التصانيف.
ولد في حدود الستين ومئتين.
وسمع بقرطبة من محمد بن وضاح الحافظ، ومن عبيد الله بن يحيى ابن يحيى، وأحمد بن الراضي، وأبي عثمان الاعناقي، وقد سمع بوادي الحجارة - مدينة صارت للعدو - من محمد بن عزرة، وأبي وهب بن أبي نخيلة.
وقد حدث بمسند ابن أبي شيبة، عن ابن وضاح.
وكان رأسا في الفقه، بصيرا بالحديث ورجاله مع ورع وتقوى، دارت الفتيا عليه ببلده، وله تواليف وأوضاع، أحضروه إلى قرطبة، وأخرجت إليه
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 165 - 166، جذوة المقتبس: 338، تذكرة الحفاظ: 3 / 890، العبر: 2 / 274، مرآة الجنان: 2 / 340، الديباج المذهب: 349، لسان الميزان: 6 / 231، طبقات الحفاظ: 363 - 364، شذرات الذهب: 2 / 374.
(1) في " تاريخ علماء الاندلس ": ابن حكم، وفي " الديباج ": حكيم.
(*)

(15/556)


أصول ابن وضاح التي سمعها منه، فسمعت عليه، وسمع منه عالم عظيم، وأزدحموا عليه.
أخذ عنه: أبو محمد القلعي، وأبو عبد الرحيم أحمد بن العجوز ومحمد بن علي بن الشيخ، وأبو عمر أحمد بن الجسور، وأحمد بن القاسم التاهرتي، وحمل الحافظان ابن عبد البر، وابن حزم عن أصحابه.
وقد كان منه هفوة في القول بالقدر، نسأل الله السلامة.
وقال أبو الوليد بن الفرضي: ترك لانه كان يدعو إلى بدعة وهب بن مسرة (1).
ومما نقل عن ابن مسرة، أنه كان يقول: ليست الجنة التي أخرج منها أبونا آدم بجنة الخلد، بل جنة في الارض.
فهذا تنطع وتعمق مرذول (2).
__________
(1) انظر " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 81 - 82.
(2) ما أدري كيف تأتى للامام الذهبي أن يصف هذا القول بأنه تنطع وتعمق مرذول، مع أنه قول الامام أبي حنيفة وغيره من المحققين من أهل السنة، فقد قال الامام أبو منصور الماتريدي في تفسيره المسمى بالتأويلات: نعتقد أن هذه الجنة بستان من البساتين، أو غيضة من الغياض، كان آدم وزوجه منعمين فيها، وليس علينا تعيينها، ولا البحث عن مكانها، وهذا هو مذهب السلف، وهو قول تكثر الدلائل الموجبة للقول به: 1 - إن الله خلق آدم في الارض ليكون هو ونسله خليفة فيها، فالخلافة مقصودة منهم بالذات، فلا يصح أن تكون عقوبة عارضة.
2 - أخبر على لسان جميع رسله أن جنة الخلد إنما يكون الدخول إليها يوم القيامة، ولم يأت زمن دخولها بعد.
3 - وصف جنة الخلد في كتابه بصفات، ومحال أن يصف الله سبحانه شيئا بصفة، ثم يكون ذلك الشئ بغير تلك الصفة التي وصفه بها، فقد جاء وصف الجنة التي أعدت للمتقين بأنها دار المقامة، فمن دخلها أقام بها، ولم يقم آدم بالجنة التي دخلها، وجاء في وصفها أنها جنة الخلد، وآدم لم يخلد فيها، وأنها دار ثواب وجزاء، لا دار تكليف وأمر ونهي، وأنها دار سلامة = (*)

(15/557)


قال الطلمنكي (1) في رده على الباطنية: ابن مسرة ادعى النبوة، وزعم أنه سمع الكلام، فثبت في نفسه أنه من عند الله.
قلت: ليس هذا من قبيل ادعاء النبوة، بل من قبيل الغلط والجهل.
توفي ببلده بعد رجوعه من قرطبة في نصف شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

333 - الخلدي * الشيخ الامام القدوة المحدث، شيخ الصوفية، أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن قاسم، البغدادي كان يسكن محلة الخلد (2).
__________
= مطلقة، لا دار ابتلاء وامتحان، وقد ابتلي آدم فيها بأعظم الابتلاء، وأنها لا يدخلها، إلا المؤمنون المتقون، فكيف دخلها الشيطان الكافر الملتعن، وأنها دار لا يعصى الله فيها أبدا، وقد عصى آدم ربه في جنته التي دخلها، وأنها ليست دار خوف ولا حزن، وقد حصل للابوين فيها من الخوف والحزن ما حل، ولا نزاع أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم في الارض، ولم يذكر في موضع واحد أصلا أنه نقله إلى السماء، ولو حصل، لكان أولى بالذكر لانه من أعظم الآيات.
(1) هو أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي - من طلمنكة، وهي ثغر الاندلس الشرقي - أحد الائمة في علم القرآن العظيم، جمع كتبا حسانا كثيرة النفع على مذاهب أهل السنة.
منها: رسالة في أصول الديانات، والرد على ابن مسرة.
توفي سنة / 429 /.
انظر " الصلة ": 1 / 44 - 45، و " الديباج المذهب ": 39.
* طبقات الصوفية: 434 - 439، حلية الاولياء: 10 / 381، تاريخ بغداد: 7 / 226 - 231 - الرسالة القشيرية: 28، الانساب: 5 / 161 - 162، المنتظم: 6 / 391، معجم البلدان: 2 / 382، العبر: 2 / 279، مرآة الجنان: 2 / 342، البداية والنهاية: 11 / 234، طبقات الاولياء: 170 - 174، غاية النهاية: 1 / 197 - 198، النجوم الزاهرة: 3 / 322، شذرات الذهب: 2 / 378.
(2) وقيل له: الخلدي لانه كان يوما عند الجنيد، فسئل الجنيد عن مسألة فقال الجنيد: أجبهم، فأجابهم.
فقال: يا خلدي من أين لك هذه الاجوبة ؟ فبقي عليه.
قال الخلدي: والله ما سكنت الخلد، ولا سكن أحد من آبائي.
انظر " الانساب ": 5 / 161.
(*)

(15/558)


سمع الحارث بن أبي أسامة، وعلي بن عبد العزيز، وأبا مسلم
الكجي، وعمر بن حفص السدوسي، وأبا العباس بن مسروق.
وصحب أبا الحسين النوري، والجنيد، وأبا محمد الجريري.
حدث عنه: يوسف القواس، والحاكم، وأبو الحسن بن الصلت، وعبد العزيز الستوري، والحسين الغضائري، وابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان.
وقال الخطيب: ثقة.
قال إبراهيم بن أحمد الطبري: سمعت الخلدي يقول: مضيت إلى عباس الدوري، وأنا حدث، فكتبت عنه مجلسا، وخرجت، فلقيني صوفي، فقال: أيش هذا ؟ فأريته، فقال: ويحك، تدع علم الخرق، وتأخذ علم الورق ! ثم خرق الاوراق، فدخل كلامه [ في قلبي، ] فلم أعد إلى عباس (1)، ووقفت بعرفة ستا وخمسين وقفة.
قلت: ماذا إلا صوفي جاهل يمزق الاحاديث النبوية، ويحض على أمر مجهول، فما أحوجه إلى العلم.
قيل: عجائب بغداد: نكت المرتعش (2)، وإشارات الشبلي (3)، وحكايات الخلدي (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 227، وما بين حاصرتين منه.
(2) تقدمت ترجمته رقم / 87 / من هذا الجزء.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 190 / من هذا الجزء.
(4) " تاريخ بغداد ": 7 / 227.
(*)

(15/559)


قال القواس: سمعت الخلدي يقول: لا توجد لذة المعاملة مع لذة النفس (1).
وعن الخلدي قال: عندي مئة وثلاثون ديوانا من دواوين القوم (2).
قلت: توفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة في رمضان وله خمس وتسعون سنة.
وعندي مجالس من أماليه.

334 - الصرفندي * المحدث الامام، أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء، الانصاري الصرفندي الشامي.
وصرفندة: حصن بالساحل (3) دثر.
سمع بكار بن قتيبة، وأبا أمية الطرسوسي، ومعاوية بن صالح، ويزيد ابن عبد الصمد، والربيع بن محمد اللاذقي، وعدة.
روى عنه: عبد الله بن علي بن أبي العجائز، وشهاب بن محمد الصوري، وأبو الحسين بن جميع وغيرهم.
هذا الذي عندي من حاله رحمه الله.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد
__________
(1) " لان أهل الحقائق قطعوا العلائق التي تقطعهم عن الحق قبل أن تقطعهم العلائق ".
" طبقات الصوفية ": 436.
(2) " طبقات الصوفية ": 434.
* الانساب: 8 / 56 - 57، تاريخ ابن عساكر: 2 / 206 ب، معجم البلدان: 3 / 402.
(3) من أعمال صور.
(*)

(15/560)


الغساني، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصرفندي، قال: كتب إلي جعفر بن عبد الواحد: قال لنا سعيد بن سلام، حدثنا المسيب أبو زهير، سمعت أبا
جعفر المنصور، يحدث عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العباس عمي ووصي ووارثي ".
هذا حديث منكر.
وجعفر ليس بثقة (1).

335 - ابن الجزار * الفيلسوف الباهر، شيخ الطب، أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد، القيرواني، تلميذ إسحاق بن سليمان الاسرائيلي.
اتصل بالدولة العبيدية، وكثرت أمواله وحشمته.
وصنف الكثير، من ذلك كتاب " زاد المسافر " في الطب، و " الادوية المفردة " (2)، و " رسالة في النفس " - طويلة - وكتاب " ذم إخراج الدم " (3)، وكتاب " أسباب وباء مصر، والحيلة في دفعه " وكتاب " دولة المهدي وظهوره بالغرب ".
وكان حيا في دولة المعز بالله (4).
__________
(1) في الميزان 1 / 412: قال الدارقطني: يضع الحديث، وقال أبو زرعة: روى أحاديث لا أصل لها، وقال ابن عدي: يسرق الحديث، ويأتي بالمناكير عن الثقات.
* طبقات الامم: 91 - 92، معجم الادباء: 2 / 136 - 137، عيون الانباء: 481 - 482، الوافي بالوفيات: 6 / 208 - 209، بغية الوعاة: 117.
(2) في " معجم الادباء ": المعروف بالاعتماد.
(3) في " عيون الانباء ": رسالة في التحذير من إخراج الدم من غير حاجة دعت إلى إخراجه.
(4) توفي المعز سنة / 365 /، وقد تقدمت ترجمته رقم / 68 / من هذا الجزء.
(*)

(15/561)


وله كتاب " طب الفقراء "، وأشياء، وطال عمره.

336 - صاحب الاندلس * الملك الملقب بأمير المؤمنين، الناصر لدين الله، أبو المطرف عبد الرحمن بن الامير محمد بن صاحب الاندلس عبد الله بن صاحب الاندلس محمد بن صاحب الاندلس عبدالرحمن بن صاحبها الحكم بن صاحبها هشام ابن الامير الداخل عبدالرحمن بن معاوية بن أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان، المرواني الاندلسي.
باني مدينة الزهراء (1) والذي دامت دولته خمسين سنة، وصاحب الفتوحات الكثيرة، والغزوات المشهورة، وهو أول من تلقب بألقاب الخلافة، وذلك لما بلغه قتل المقتدر، ووهن الخلافة العباسية، فقال: أنا أولى بالاسم والنعت.
قتل أبو هذا شابا ولهذا عشرون يوما، فكفله جده، فلما مات جده، بويع هذا سنة ثلاث مئة مع وجود الاكابر من أعمامه وأعمام أبيه، فولي وعمره اثنتان وعشرون سنة، فضبط الممالك، وخافته الاعداء، وعمل الزهراء على بريد (2) من قرطبة، فشيدها وزخرفها، وأنفق عليها قناطير من الذهب،
__________
* العقد الفريد: 4 / 498 - جذوة المقتبس: 13، بغية الملتمس: 17، الكامل: 8 / 73 - 74، الحلة السيراء: 1 / 197 - 200، المغرب في حلى المغرب: 1 / 176 - 181، البيان المغرب: 2 / 156 وما بعدها.
العبر: 2 / 287، البداية والنهاية: 11 / 238، نفح الطيب: 1 / 353 - 371، النجوم الزاهرة: 3 / 330.
(1) انظر " معجم البلدان ": 3 / 161.
(2) البريد: اثنا عشر ميلا.
(*)

(15/562)


وكان لا يمل من الغزو، فيه سؤدد وحزم وإقدام، وسجايا حميدة، أصابهم
قحط، فجاء رسول قاضيه منذر البلوطي (1) يحركه للخروج، فلبس ثوبا خشنا، وبكى واستغفر، وتذلل لربه، وقال: ناصيتي بيدك، لا تعذب الرعية بي، لن يفوتك مني شئ.
فبلغ القاضي، فتهلل وجهه، وقال: إذا خشع جبار الارض، يرحم جبار السماء، فاستسقوا ورحموا.
وكان - رحمه الله - ينطوي على دين، وحسن خلق ومزاح.
وكان دسته في وقته فوق دست ملوك الاسلام.
ووزر له أبو مروان بن شهيد، (2) وغيره.
ونقل بعضهم أن وزيرا له قدم له هدية سنية منها: خمس مئة ألف دينار، وأربع مئة رطل تبرا (3)، وألفا ألف درهم، ومئة وثمانون رطلا من العود، ومئة أوقية من المسك، وخمس مئة أوقية عنبر، وثلاث مئة أوقية كافور، وثلاثون ثوبا خاما، وست سرادقات (4)، وعشرة قناطير سمور (5)، وأربعة آلاف رطل حرير، وألف ترس، وثمان مئة تجفاف (6)، وخمسة عشر حصانا، وعشرون بغلا، وأربعون مملوكا، ومئة فرس، وعشرون
__________
(1) هو منذر بن سعيد بن عبد الله، البلوطي، كان قاضيا، بصيرا بالجدل، منحرفا إلى مذهب أهل الكلام، توفي سنة / 355 / ه انظر " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 144 - 145.
(2) انظر ترجمته في " الوافي بالوفيات ": 7 / 144 - 148، وفي هامشه مصادر ترجمته.
(3) التبر: ما كان من الذهب غير مضروب، فإذا ضرب دنانير فهو عين، ولا يقال تبر إلا للذهب..وبعضهم يقوله للفضة أيضا.
(4) واحدها: سرادق، وهي تمد فوق صحن الدار.
(5) السمور: حيوان بري يشبه السنور يتخذ من جلده الفراء للينه وخضته ودفئه وحسنه " حياة الحيوان " 1 / 574.
(6) آلة للحرب، يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب.
(*)

(15/563)


سرية (1)، وضيعتان، وألف جسر، كل جسر قيمته ألف درهم، فلقبه ذا الوزارتين، ورفع قدره (2).
وقد توفي الناصر قبل تتمة زخرفة مدينة الزهراء، فأتمها ابنه المستنصر، وبها جامع عديم المثل وكذا منارته.
قال ابن عبد ربه: لي أرجوزة ذكرت فيها غزواته (3).
افتتح سبعين حصنا من أعظم الحصون، وقد مدحته الشعراء.
قلت: توفي في شهر رمضان سنة خمسين وثلاث مئة وله اثنتان وسبعون عاما رحمه الله.
وقد كنت ذكرت ترجمته (4) مع جدهم، فأعدتها بزوائد وفوائد، وإذا كان الرأس عالي الهمة في الجهاد، احتملت له هنات، وحسابه على الله، أما إذا أمات الجهاد، وظلم العباد، وللخزائن أباد.
فإن ربك بالمرصاد.

337 - ابن الاخرم * مقرئ دمشق، العلامة أبو الحسن، محمد بن النضر بن مر بن الحر، الربعي الدمشقي بن الاخرم، تلميذ هارون الاخفش الدمشقي،
__________
(1) السرية: الامة.
(2) انظر تفصيل هدية ابن شهيد له في " نفح الطيب " 1 / 356 - 359.
(3) انظرها في " العقد الفريد ": 4 / 500 - 527.
(4) انظر ترجمته في " سير أعلام النبلاء " الجزء الثامن من رقم الترجمة / 62 /.
* تاريخ ابن عساكر: 16 / 29 آ - 31 آ، معرفة القراء: 1 / 234 - 235 العبر: 2 / 257، الوافي بالوفيات: 5 / 131، غاية النهاية: 2 / 270 - 271، شذرات الذهب: 2 /
361.
(*)

(15/564)


كانت له حلقة عظيمة بجامع دمشق يقرؤون عليه من بعد الفجر إلى الظهر.
قال الداني: روى عنه القراءة عرضا: أحمد بن بدهن، وأحمد بن نصر الشذائي، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، ومحمد بن الخليل، وصالح بن إدريس، وعلي بن محمد بن بشر الانطاكي، وعبد الله بن عطية، ومظفر بن برهام، وعلي بن داود الداراني، ومحمد بن حجر، وجماعة لا يحصى عددهم.
قلت: منهم محمد بن أحمد الجنبي، وسلامة المطرز، وأبو بكر أحمد بن مهران.
وقد ذكره عبدا لباقي بن الحسن، فغلط، وسماه علي بن حسن بن مر.
وقال علي بن داود الداراني: قدم ابن الاخرم بغداد، فأمر ابن مجاهد تلامذته أن يختلفوا إلى ابن الاخرم (1).
وقال الشنبوذي: قرأت عليه، فما رأيت أحسن معرفة منه بالقرآن (2) ولا أحفظ، وكان يحفظ تفسيرا كثيرا ومعاني، حدثني أن الاخفش حفظه القرآن (3).
قال محمد بن علي السلمي: قمت ليلة سحرا لآخذ النوبة على ابن الاخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئا، وقال: لم تدركني النوبة إلى العصر (4).
__________
(1) " غاية النهاية ": 2 / 271.
(2) في " غاية النهاية ": القراءات.
(3) " غاية النهاية ": 2 / 271.
(4) المصدر السابق.
(*)

(15/565)


توفي ابن الاخرم في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.
وعاش إحدى وثمانين سنة.

338 - ابن عمار * عالم الشيعة بالكوفة، أبو علي أحمد بن محمد بن عمار.
له تواليف، منها: أخبار " آباء النبي صلى الله عليه وسلم " و " إيمان أبي طالب ".
روى عنه: أحمد بن داود، وغيره.
توفي سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

339 - ابن ماتى * * الشيخ الثقة المعمر، أبو الحسين، علي بن عبدالرحمن بن عيسى ابن زيد بن ماتى (1) - بالفتح - الكوفي الكاتب، مولى آل زيد بن علي العلوي.
حدث ببغداد عن: إبراهيم بن عبد الله العبسي، وإبراهيم بن أبي العنبس، وأحمد بن أبي غرزة، والحسين بن الحكم.
حدث عنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، ومحمد بن الحسين القطان، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.
__________
* الفهرست للطوسي: 29 - 30.
* * تاريخ بغداد: 12 / 32 - 33، الاكمال: 7 / 199، المنتظم: 6 / 389، العبر: 2 / 277، شذرات الذهب: 2 / 375.
(1) في " الاكمال " و " المشتبه " و " التبصير " ضبط بكسر التاء، وقد أشار
الذهبي إلى - الكسر في آخر الترجمة.
(*)

(15/566)


وثقه الخطيب (1)، وقال: توفي في ربيع الاول سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
وله ثمان وتسعون سنة.
وقع لنا من طريقه نسخة وكيع، والطلبة يقولون: ابن ماتي - بالكسر -.
فكأنه يسوغ أيضا.

340 - ابن الزبير * الامام الثقة المتقن، أبو الحسن، علي بن محمد بن الزبير، القرشي الكوفي الاديب.
حدث ببغداد عن: إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، والحسن بن علي بن عفان، وأخيه محمد، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإبراهيم بن عبد الله القصار.
حدث عنه: ابن رزقويه، وأبو نصر بن حسنون، وأحمد بن كثير البيع، وعلي بن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.
وكان أديبا عالما، مليح الكتابة، بديع الوراقة، نسخ الكثير، وكان من جلة تلامذة ثعلب.
وثقه أبو بكر الخطيب (2).
وقال: توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة عن أربع وتسعين سنة.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 32.
* تاريخ بغداد: 12 / 81، المنتظم: 6 / 391، العبر: 2 / 279، شذرات الذهب: 2 / 379.
(2) " تاريخ بغداد ": 12 / 81.
(*)

(15/567)


وقع لابن الشحنة من طريقه الامالي والقراءة جزء.

341 - العطشي * الشيخ الثقة المسند، أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى بن عمرو، البغدادي العطشي (1) الادمي (2).
مولده سنة خمس وخمسين ومئتين.
سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وعباس بن محمد الدوري، ومحمد بن ماهان زنبقة، ومحمد بن الحسين الحنيني.
حدث عنه: ابن رزقويه، وهلال الحفار، والحاكم، وأبو علي بن شاذان، وطلحة بن الصقر، وعدد كثير.
وكان البرقاني يوثقه (3).
قال الخطيب: توفي في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وثلاث مئة، وكان ثقة (4).

342 - القصار * * الشيخ المعمر، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى، القصار الاصبهاني.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 299 - 300، الانساب: 8 / 478، تاريخ ابن عساكر: 2 / 3 - 4، العبر: 2 / 280 - 281، شذرات الذهب: 2 / 389.
(1) نسبة إلى " سوق العطش " وهو موضع ببغداد بالجانب الشرقي.
" الانساب ": 8 / 477.
(2) نسبة إلى من يبيع الادم.
" الانساب ": 1 / 161.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 299.
(4) المصدر السابق.
* * ذكر أخبار أصبهان: 1 / 151.
(*)

(15/568)


سمع أحمد بن مهدي، وأحمد بن عصام، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأسيد بن عاصم.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم الحافظ، وجماعة.
ما علمت به بأسا.
توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
وله سبع وتسعون سنة.

343 - المسعودي * صاحب " مروج الذهب " وغيره من التواريخ (1)، أبو الحسن (2) علي ابن الحسين بن علي بن ذرية ابن مسعود (3) عداده في البغاددة، ونزل مصر مدة.
وكان أخباريا، صاحب ملح وغرائب وعجائب وفنون، وكان معتزليا.
أخذ عن أبي خليفة الجمحي، ونفطويه، وعدة.
مات في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثلاث مئة.
__________
* الفهرست: 219 - 220، معجم الادباء: 13 / 90 - 94، العبر: 2 / 269، فوات الوفيات: 2 / 94، طبقات الشافعية: 3 / 456 - 457، لسان الميزان: 4 / 224 - 225، النجوم الزاهرة: 3 / 315، شذرات الذهب: 2 / 371.
(1) انظر " الفهرست ": 219 - 220.
(2) في " فوات الوفيات ": أبو الحسين.
(3) عبد الله بن مسعود، الصحابي الجليل، المتوفى سنة / 32 / ه.
(*)

(15/569)


344 - ابن بنت عدبس * الامام المحدث، أبو عبد الله، جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام، الكندي الدمشقي ابن بنت عدبس.
حدث عن: يزيد بن عبد الصمد، وأبي زرعة، وأحمد بن فيل البالسي، وعبد الباري الجسريني، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وتمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الله بن أحمد بن معاذ الداراني، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.
قال الكتاني: ثقة مأمون.
توفي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.

345 - الاسد اباذي * * الشيخ الامام الحافظ القدوة العابد، أبو عبد الله الزبير بن عبد الواحد ابن محمد بن زكريا، الاسد اباذي (1) الهمذاني، صاحب التصانيف - وقيل: أحمد في جده محمد - رحال، جوال.
__________
* الاكمال: 6 / 151 - 152.
* * تاريخ بغداد: 8 / 472 - 473، الانساب: 1 / 224، تاريخ ابن عساكر: 6 / 171 آ - 172 آ، تذكرة الحفاظ: 3 / 900 - 901، طبقات الحفاظ: 368.
(1) نسبة إلى " أسد اباذ " وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت من العراق.
" الانساب ": 1 / 224.
(*)

(15/570)


سمع أبا خليفة الجمحي، ومحمد بن نصير الاصبهاني، والحسن بن سفيان، وعبدان الجواليقي، وعبد الله بن ناجية، وأبا يعلى، وابن قتيبة العسقلاني، ومحمد بن خزيم، وابن جوصا، وأبا العباس السراج، وخلقا كثيرا.
وعنه: محمد بن مخلد العطار - أحد شيوخه - وابن شاهين، وابن مندة، وأبو بكر الجوزقي، والدارقطني، والحاكم، والقاضي عبد الجبار المعتزلي، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وعدة.
قال الحاكم: قدم نيسابور سنة ثلاث، فسمع المسند من ابن شيرويه، فأقام سنتين.
وأما رحلته إلى الآفاق فمشهورة، وكان من الصالحين المذكورين (1) والحفاظ، صنف الشيوخ والابواب.
توفي بأسد اباذ في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
وقال الخطيب: كان حافظا متقنا مكثرا (2).
أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرني الازهري، أخبرنا الدارقطني، حدثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا الزبير بن عبد الواحد، حدثني محمد بن بشر، وعبد الملك بن محمد، قالا: حدثنا هاشم بن مرثد، سمعت يحيى بن معين يقول: الشافعي صدوق ليس به بأس (3).
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 8 / 473 " المستورين " وفي بعض نسخ " الانساب "، المشهورين.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 473.
(3) المصدر السابق.
(*)

(15/571)


346 - أبو الفضل بن إبراهيم * الامام السيد، أبو الفضل، محمد بن إبراهيم بن الفضل، الهاشمي النيسابوري المزكي، أحد أصحاب الحديث.
سمع محمد بن عمرو قشمرد، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن أيوب الرازي، وأبا مسلم الكجي، ومطينا والحسين بن محمد القباني، وخلقا سواهم.
وعنه: الحاكم - وأثنى عليه - ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو عبد الله بن مندة، وآخرون.
مات في شوال سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.

347 - ابن معروف * * الشيخ المحدث، أبو علي محمد بن القاسم بن معروف بن أبان، التميمي الدمشقي.
سمع أحمد بن علي المروزي، وأبا عمر محمد بن يوسف بن القاسم، وزكريا بن أحمد البلخي، وأبا حامد محمد بن هارون، وعدة.
وعنه: ابن أخيه عبدالرحمن بن أبي نصر، وعبد الغني بن سعيد
__________
* لم تقع لنا ترجمته في المصادر التي بين أيدينا.
* * تاريخ ابن عساكر: 15 / 435 آ - 435 ب، العبر: 2 / 277، ميزان الاعتدال: 4 / 14، الوافي بالوفيات: 7 / 292، لسان الميزان: 5 / 347، شذرات الذهب: 2 / 376.
(*)

(15/572)


الحافظ، وعبد الرحمن بن النحاس، وعبيد الله بن الحسن الوراق، وآخرون.
قال الكتاني: حدث عن: أحمد بن علي بأكثر كتبه واتهم في ذلك (1).
وقيل: إن أكثرها إجازة.
وكان يحب الحديث وأهله ويكرمهم، وله دنيا وتواليف.
قال عبيد بن فطيس: حدثني أنه ولد سنة ثلاث وثمانين، وسمع سنة اثنتين وتسعين ومئتين.
قال الكتاني: مات سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، وقال غيره سنة تسع.
ومات أخوه أبو بكر أحمد سنة ثمان، وكان مسنا.
سمع من أبي زرعة الدمشقي.

348 - النقاش * العلامة المفسر، شيخ القراء، أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد، الموصلي ثم البغدادي النقاش.
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 4 / 14.
* الفهرست: 50، تاريخ بغداد: 2 / 201 - 205، تاريخ ابن عساكر: 15 / 121 ب - 124 آ، المنتظم: 7 / 14 - 15، معجم الادباء: 18 / 146 - 149، وفيات الاعيان: 4 / 298 - 299، معرفة القراء: 1 / 236 - 240 تذكرة الحفاظ: 3 / 908 - 909، العبر: 2 / 292 - 293، ميزان الاعتدال: 3 / 520، الوافي بالوفيات: 2 / 345 - 346، مرآة الجنان: 2 / 347، طبقات الشافعية: 3 / 145 - 146، البداية والنهاية: 11 / 242 - 243، غاية النهاية: 2 / 119، لسان الميزان: 5 / 132، شذرات الذهب: 3 / 8 - 9.
(*)

(15/573)


ولد سنة ست وستين ومئتين.
وحدث عن إسحاق بن سنين، وأبي مسلم الكجي، وإبراهيم بن
زهير، ومطين، ومحمد بن عبدالرحمن الهروي، والحسن بن سفيان، وابن خزيمة، ومحمد بن علي الصائغ، وخلق.
وتلا على هارون الاخفش، وأحمد بن أنس - بدمشق - وعلى الحسن ابن الحباب، وغيره ببغداد، وعلى الحسن بن أبي مهران بالري، وعلى أبي ربيعة محمد بن إسحاق، وعدة.
قرأ عليه أبو بكر بن مهران، وعبد العزيز بن جعفر الفارسي، وأبو الحسن بن الحمامي، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفرج الشنبوذي، وعلي بن محمد العلاف، وعلي بن جعفر السعيدي، وأبو الفرج النهرواني، والحسن بن علي بن بشار، وخلق، آخرهم موتا أبو القاسم علي بن محمد الزيدي الحراني.
روى عنه: ابن مجاهد - وهو من شيوخه - والدارقطني، وابن شاهين، وأبو أحمد الفرضي، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحرفي.
وهو مؤلف " شفاء الصدور " في التفسير.
وكان واسع الرحلة، قديم اللقاء، وهو في القراءات أقوى منه في الروايات.
وله كتاب " الاشارة في غريب القرآن " وكتاب " المناسك " و " دلائل النبوة " و " المعاجم الثلاثة ": أوسط وأكبر وأصغر، فالاكبر في معرفة المقرئين، وله كتاب كبير في التفسير نحو من أربعين مجلدا، وكتاب

(15/574)


" القراءات بعللها "، وكتاب " السبعة "، وكتاب " ضد العقل " (1)، وكتاب " أخبار القصاص " وأشياء.
ولو تثبت في النقل، لصار شيخ الاسلام.
قال أبو عمرو الداني: هو مقبول الشهادة، حدثنا فارس، سمعت عبد الله بن الحسين، سمعت ابن شنبوذ، يقول: خرجت من دمشق، فإذا بقافلة فيها النقاش، وبيده رغيف، فقال لي: ما فعل الاخفش ؟ قلت: توفي، قال: ثم انصرف النقاش، وقال: قرأت على الاخفش.
وقال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص (2).
وقال أبو بكر البرقاني: كل حديث النقاش منكر (3).
وقال الحافظ هبة الله اللالكائي: تفسير النقاش إشفى الصدور لا شفاء الصدور (4).
وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة (5).
روى أبو بكر، عن أبي غالب، عن جده معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه ".
__________
(1) في " وفيات الاعيان ": صد العقل.
(2) " تاريخ بغداد ": 2 / 205.
(3) المصدر السابق.
(4) الاشفى: المثقب يخرز به، يستعمله الاسكاف.
(5) " تاريخ بغداد ": 2 / 202.
(*)

(15/575)


قال الدارقطني: فرجع عنه حين قلت له (1): هو موضوع.
قال الخطيب: قد رواه أبو علي الكوكبي، عن أبي غالب (2).
وقال الدارقطني: قال النقاش: كسرى أبوشروان، جعلها كنية،
وكان يدعو: لا رجعت يد قصدتك صفراء من عطائك.
وإنما هي صفرا.
قال الخطيب: سمعت ابن الفضل القطان يقول: حضرت النقاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، فنادى بأعلى صوته (لمثل هذا فليعمل العاملون) [ الصافات: 61 ] يرددها ثلاثا.
ثم خرجت نفسه (3) رحمه الله.
قلت: قد اعتمد الداني في " التيسير " على رواياته للقراءات.
فالله أعلم، فإن قلبي لا يسكن إليه، وهو عندي متهم، عفا الله عنه.

349 - ابن أبي دارم * الامام الحافظ الفاضل، أبو بكر أحمد بن محمد السري بن يحيى بن
__________
(1) أي لابي بكر النقاش، ونص كلام الدارقطني فيما نقله عنه الخطيب 2 / 203 بعد أن ساق الحديث بسنده: فأنكرت عليه هذا الحديث وقلت له: إن معاوية بن عمرو ثقة، وزائدة من الاثبات الائمة، وهذا حديث كذب موضوع مركب، فرجع عنه وقال: هو في كتابي ولم أسمعه من أبي غالب، وأراني كتابا له فيه هذا الحديث، على ظهره: أبو غالب، قال: نبأني جدي، قال أبو الحسن - يعني الدارقطني - وأحسب أنه نقله من كتاب عنده توهم أنه صحيح، وكان هذا الحديث مركبا في هذا الكتاب على أبي غالب، فتوهم أبو بكر أنه من حديث أبي غالب، فاستغربه وكتبه، فلما وقفناه عليه رجع عنه.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 2 / 203.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 205.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 884 - 885، ميزان الاعتدال: 1 / 139، لسان الميزان 1 / 268، طبقات الحفاظ: 362.
(*)

(15/576)


لسري بن أبي دارم، التميمي الكوفي الشيعي، محدث الكوفة.
سمع إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار، وأحمد بن موسى الحمار، وموسى بن هارون، ومحمد بن عبد الله مطينا، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وعدة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر بن مردويه، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو الحسن بن الحمامي، والقاضي أبو بكر الحيري، وآخرون.
كان موصوفا بالحفظ والمعرفة إلا أنه يترفض، قد ألف في الحط على بعض الصحابة، وهو مع ذلك ليس بثقة في النقل.
ومن عالي ما وقع لي منه: أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا أبو زكريا المزكي، أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم - بالكوفة - حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق، حدثنا أبو نعيم، عن زكريا، عن الشعبي، سمعت النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحلال بين، والحرام بين، وبين ذلك مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس.
من ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام كالراعي إلى جنب الحمى، يوشك أن يواقعه " (1).
الحديث.
متفق عليه.
__________
(1) أخرجه البخاري (52) في الايمان: باب فضل من استبرأ لدينه، من طريق أبي نعيم بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (1599) في المساقاة: باب أخذ الحلال وترك الشبهات، من طريق محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، عن أبيه، عن زكريا.
به.
(*)

(15/577)


مات أبو بكر في المحرم سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة، وقيل: سنة
إحدى.
قال الحاكم: هو رافضي، غير ثقة.
وقال محمد بن حماد الحافظ، كان مستقيم الامر عامة دهره، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب، حضرته ورجل يقرأ عليه أن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت محسنا.
وفي خبر آخر قوله تعالى (2): (وجاء فرعون): عمر، (ومن قبله) أبو بكر، (والمؤتفكات): عائشة، وحفصة.
فوافقته، وتركت حديثه (3).
قلت: شيخ ضال معثر.

350 - ابن يونس * الامام الحافظ المتقن، أبو سعيد، عبدالرحمن بن أحمد بن الامام يونس بن عبدالاعلى، الصدفي (4) المصري، صاحب " تاريخ علماء مصر ".
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 1 / 139.
(2) الآية: (وجاء فرعون، ومن قبله، والمؤتفكات بالخاطئة).
الحاقة: 9.
(3) " ميزان الاعتدال ": 1 / 139، وانظر تمام الكلام فيه.
* الانساب: 8 / 45 - 46، وفيات الاعيان: 3 / 137 - 138، تذكرة الحفاظ: 3 / 898 - 899، العبر: 2 / 276 - 277، مرآة الجنان: 2 / 340 - 341، البداية والنهاية: 11 / 233، حسن المحاضرة: 1 / 198، شذرات الذهب: 2 / 375.
(4) هذه النسبة إلى " الصدف " - بكسر الدال، وتفتح بالنسب - وهي قبيلة من حمير نزلت مصر.
انظر " الانساب ": 8 / 43، و " وفيات الاعيان ": 3 / 138.
(*)

(15/578)


ولد سنة إحدى وثمانين ومئتين.
سمع أباه، وأحمد بن حماد زغبة، وعلي بن سعيد الرازي، وعبد الملك بن يحيى بن بكير، وأبا عبدالرحمن النسائي، وعبد السلام بن سهل البغدادي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وعلي بن قديد، وعلي بن أحمد علان وخلقا كثيرا.
ما ارتحل ولا سمع بغير مصر، ولكنه إمام بصير بالرجال فهم متيقظ.
حدث عنه: عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي، وأبو عبد الله ابن مندة، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.
وقد اختصرت " تاريخه "، وعلقت منه غرائب.
مات في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وثلاث مئة عن ستة وستين عاما.
وفيها مات عالم دمشق ومسندها، القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم الاسدي، ومسند الكوفة، أبو الحسين علي بن ماتي (1)، ونحوي العراق، أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، ومحدث دمشق أبو الميمون راشد البجلي، وأبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة ببغداد، وأبو الفضل إسماعيل بن محمد بن الحافظ الفضل بن محمد الشعراني النيسابوري، وحمزة بن محمد بن العباس العقبي البغدادي الدهقان.
__________
(1) تقدمت ترجمته رقم / 339 / من هذا الجزء.
(*)

(15/579)


351 - القزويني * الشيخ الامام الحافظ الثقة، أبو عمر، محمد بن عيسى بن أحمد بن
عبيد الله، القزويني، نزيل دمشق ببيت لهيا (1).
سمع ببلده من: يوسف بن يعقوب القزويني، وبالري محمد بن أيوب ابن الضريس، وعلي بن الجنيد المالكي، وببغداد إدريس بن جعفر، وأقرانه، وبمصر أبا عبدالرحمن النسائي، وبالبصرة من الساجي، وغيره.
حدث عنه: تمام الرازي، وأبو محمد النحاس المصري، ومنير بن أحمد، وآخرون.
توفي قبل الخمسين وثلاث مئة.
وثقه تمام.
أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي، أخبرنا محمد بن عماد، وأخبرنا علي بن محمد الفقيه، أخبرنا أبو صادق بن صباح، قالا: أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن الشافعي، أخبرنا عبدالرحمن بن عمر، أخبرنا محمد بن عيسى القزويني، حدثنا بهلول بن إسحاق، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مغيرة بن عبدالرحمن عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصيام جنة " (2).
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 890 - 891، طبقات الحفاظ: 364.
(1) قرية مشهورة بغوطة دمشق انظر " معجم البلدان ": 1 / 522.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 310، في الصيام: باب جامع الصيام، ومن طريقه البخاري 4 / 87، 94، في الصيام: باب فضل الصوم عن أبي الزناد، بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (1151) (1620) من طريقين عن المغيرة الحزامي، عن أبي الزناد.
(*)

(15/580)


أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه كتابة، أخبرنا عبد الصمد بن محمد، أخبرنا عبد الكريم ابن حمزة، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا تمام الحافظ، حدثنا محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا إدريس بن جعفر، أخبرنا أبو بدر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة " (1).
__________
(1) وأخرجه أحمد 2 / 399، 429، والترمذي (22)، والطحاوي 1 / 26، من طريق محمد بن عمرو بهذا الاسناد، وأخرجه مالك 1 / 66، والبخاري 2 / 211، 212 في الجمعة: باب السواك يوم الجمعة، ومسلم (252)، وأبو داود (46)، والدارمي 1 / 174، والشافعي 1 / 27، والطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 76، 77، والبيهقي 1 / 35، من طريق أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه من طريق آخر عنه أحمد 2 / 433، وابن ماجة (287)، والطحاوي 1 / 26، والبيهقي 1 / 35.
(*)

(15/581)


بعونه تعالى وتوفيقه نجز الجزء الخامس عشر من سير أعلام النبلاء ويليه الجزء السادس عشر وأوله ترجمة ابن سعد صاحب الطبقات

(15/582)