سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 16
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 16
(16/)
سير اعلام النبلاء - 16 -
(16/1)
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الرسالة ولا يحق لاية جهة ان
تطبع أو تعطي حق الطبع لاحد.
سواء كان مؤسسه رسمية أو افرادا.
الطبعة التاسعة 1413 ه - 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت -
شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة هاتف: 319039 - 815112 -
ص.
ب: 7460 برقيا: بيوشران
(16/2)
سير أعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء السادس عشر
أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه شعيب الارنؤوط حقق هذا
الجزء اكرم البوشيى
مؤسسة الرسالة
(16/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
(16/4)
1 - ابن سعد * الامام الحافظ العلامة، أبو محمد، عبد الله
بن أحمد
بن سعد النيسابوري الحاجي البزاز.
روى عنه الحاكم وقال: سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم
البوشنجي، وإبراهيم بن أبي طالب، وأحمد بن النضر، وأبا
العباس السراج، وطبقتهم.
ثم كتب عن أربع طبقات بعدهم، وكتب الكثير، وجمع الشيوخ
والابواب والملح.
ولم يرحل، وقد سألته عن عبد الله بن شيرويه، فقال: ثقة
مأمون: إلى أن قال: توفي أبو محمد فجأة في سنة تسع وأربعين
وثلاث مئة، وهو في عشر الثمانين.
أخبرنا الشرف أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء، أنبأنا عبد
المعز ابن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو
بكر أحمد بن الحسين الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ،
حدثني عبد الله بن سعد
__________
* مختصر طبقات علماء
الحديث ورقة 158، تذكرة الحفاظ: 3 / 907 - 908، طبقات
الحفاظ: 370، شذرات الذهب: 2 / 381.
[ * ]
(16/5)
الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا محمد بن عثمان
بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، أخبرني
شريك، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم:
[ إن الله قال ]: " من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب "
وذكر الحديث.
غريب جدا، مداره على ابن كرامة، قد رواه البخاري (1) عنه،
ويروى شبهه من طريق عبد الواحد عن مولاه عروة، عن عائشة
(2).
2 - العسال * محمد بن أحمد بن
إبراهيم بن سليمان بن محمد، القاضي أبو أحمد
__________
(1) 11 / 292، 297 في الرقاق: باب التواضع، ومحمد بن عثمان
بن كرامة ثقة، وقد تحرف في " الحلية " 1 / 4 إلى محمد بن
إسحاق بن كرامة، وعلة الحديث شيخه خالد بن مخلد، فقد أورد
المؤلف في ترجمته في " الميزان " 1 / 641 - بعد أن نقل قول
أحمد فيه: له مناكير، وقول أبي حاتم لا يحتج به، وقول ابن
سعد منكر الحديث، - هذا الحديث وقال: فهذا حديث غريب جدا
لولا هيبة الصحيح لعدوه في منكرات خالد بن مخلد، وذلك
لغرابة لفظه، ولانه مما ينفرد به شريك وليس بالحافظ..قلت:
وهو راوي حديث المعراج الذي زاد فيه ونقص، وقدم وأخر،
وتفرد بأشياء لم يتابع عليها.
(2) أورده الحافظ في " الفتح " 11 / 292، ونسبه لاحمد في "
الزهد " وابن أبي الدنيا، وأبي نعيم في " الحلية " 1 / 5،
والبيهقي في " الزهد " وذكر ابن عدي أن عبد الواحد هذا
تفرد به عن عروة وقد قال فيه البخاري: منكر الحديث، ولكن
خرجه الطبراني من طريق يعقوب بن مجاهد عن عروة، وقال: لم
يروه عن عروة إلا يعقوب وعبد الواحد.
وفي الباب عن أبي أمامة عند الطبراني والبيهقي في الزهد
وسنده ضعيف.
وعن علي عند الاسماعيلي في مسند علي.
وعن ابن عباس عند الطبراني، وسندهما ضعيف.
وعن أنس عند أبي يعلي والبزار والطبراني وفي سنده ضعف أيضا
انظر " الفتح " 11 / 293، و " جامع العلوم والحكم " ص:
338، و " مجمع الزوائد " 10 / 296، 270.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 283، تاريخ بغداد: 1 / 270،
الانساب: 8 / 447، تذكرة
الحفاظ: 3 / 886 - 889، العبر: 2 / 282 - 283، البداية
والنهاية: 11 / 237، الوافي بالوفيات: 2 / 41، النجوم
الزاهرة: 3 / 325، طبقات الحفاظ: 361 - 362، طبقات = [ * ]
(16/6)
الاصبهاني الحافظ، المعروف بالعسال، صاحب المصنفات.
رأيت له ترجمة مفردة في جزء للحافظ أبي موسى، قد سمعه منه
الحافظ عبد الغني المقدسي.
سمع من والده وهو من قدماء شيوخه، فإن والده مات سنة
اثنتين وثمانين ومئتين، وسمع من أبي مسلم الكجي، ومحمد بن
أيوب بن الضريس الرازي، وأبي بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن
أسد المديني صاحب أبي داود الطيالسي، ومحمد بن عثمان بن
أبي شيبة، والحسن ابن علي السري، وإبراهيم بن زهير
الحلواني، ومطين، وأبي شعيب الحراني، وبكر بن سهل
الدمياطي، وأمثالهم.
وقرأ القرآن لنافع على الاستاذ أبي عبد الله محمد بن علي
بن عمرو بن سهل الاصبهاني الصوفي عن قراءته على الفضل بن
شاذان الرازي.
تلا عليه ولده أبو عامر عبد الوهاب، وكان من كبراء أهل
أصبهان ومتموليهم.
طالعت كتاب " المعرفة "، له في السنة ينبئ عن حفظه
وإمامته، وأكبر شيخ لوالده هو إسماعيل بن عمرو البجلي صاحب
مسعر.
حدث عن أبي أحمد: أولاده: أبو جعفر أحمد، وأبو إسحاق
إبراهيم، وأبو عامر عبد الوهاب، وأبو الفضل العباس، وأبو
الحسين عامر، وأبو بكر عبد الله، وكان أربعة منهم معدلين
محدثين، وهم
__________
= المفسرين للداوودي: 2 / 51 - 52، شذرات الذهب: 2 / 380 -
381، هدية العارفين: 2 / 43.
[ * ]
(16/7)
أحمد وإبراهيم وعامر وأبو بكر.
وحدث عنه أيضا: أبو أحمد عبد الله بن عدي، وأبو بكر بن
المقرئ، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو بكر بن مردويه، وأبو
بكر بن أبي علي، ومحمد بن عبد الله الرباطي، وأحمد بن
إبراهيم القصار، وأحمد بن محمد بن عبد الله بن ماجة
المؤدب، وأبو سعيد النقاش، ومحمد بن علي ابن مصعب، وأبو
نعيم.
قال الباطرقاني: أخبرنا ابن مندة، قال: كان أبو أحمد
العسال يخلف الطبري وابنه، وكان أحد الائمة في علم الحديث.
وقال الحاكم: كان أحد أئمة الحديث.
وقال ابن مردويه: كان أبو أحمد العسال المعدل يتولى القضاء
خليفة لعبد الرحمن بن أحمد الطبري، هو أحد الائمة في
الحديث، فهما، وإتقانا، وأمانة.
وقال أبو سعيد النقاش: أخبرنا أبو أحمد العسال، ولم نر
مثله في الاتقان والحفظ.
قلت: وقد رأى النقاش الحاكمين، والدار قطني، وأبا بكر
الجعابي، وأبا إسحاق بن حمزة، وأخذ عنهم، وهو مع ذلك يقول
هذا القول.
قال أبو بكر بن أبي علي الذكواني القاضي: أبو أحمد العسال
الثقة المأمون الكبير في الحفظ والاتقان.
وقال أبو نعيم: أبو أحمد من كبار الناس في المعرفة
والاتقان والحفظ.
صنف الشيوخ، والتفسير، وعامة المسند، ولي القضاء
(16/8)
بأصبهان، مقبول القول.
وقال الخليلي في " الارشاد ": من أهل أصبهان أبو أحمد
العسال، حافظ، متقن، عالم بهذا الشأن، كان على قضاء أصبهان
من شرط الصحاح، لقيت ابنه أحمد بالري، فحدثني عن أبيه،
قلت: وقد حدث العسال ببغداد، وذكره أبو بكر الخطيب في "
تاريخه "، وقال: أخبرنا الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا
أبو أحمد العسال ببغداد، حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم،
فذكر حديثا (1).
قال أبو موسى المديني: ذكر أبو غالب بن هارون الاديب، قال:
كان يكره على تقلد القضاء، فكان يمتنع منه، وكان يلح عليه،
حتى أجاب خلافة ونيابة، استحلفه الطبري وهو مقيم بحضرة ركن
الدين حسن بن علي بن بويه سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، فلما
استخلف الطبري ولده عتبة في سنة اثنتين وأربعين، وولي عتبة
القضاء برأسه في سنة ست وأربعين، فاستخلف أبا أحمد، وقيل:
إنه كان لا يغلق بابه عن أحد، وكان إذا توجه على الخصم
يمين لا يحلفه ما أمكنه، بل يغرم عنه ما لم يبلغ مئة
دينار، فإذا بلغ المئة أو جاوزها، كان يتثبت ويدافع ويمهل
إلى المجلس الثاني، ويحذر المدعى عليه وبال اليمين، ويخوفه
يوم الدين، ويذكره الوقوف بين يدي رب العالمين، ثم يحلفه
على كره.
قال أبو بكر بن مردويه: سمعت أبا أحمد يقول: أحفظ في
القرآن (2) خمسين ألف حديث.
__________
(1) تاريخ بغداد: 1 / 270 وليس فيه نص الحديث.
(2) في الاصل " القراءات " وما أثبتناه مما يأتي.
[ * ]
(16/9)
قال أبو موسى: ذكر أبو غالب هبة الله بن محمد بن هارون
بخطه، قال: سمعت بعض أصحاب الحديث: ان محدثا حضر القاضي
أبا أحمد، قال: إني حلفت أنك تحفظ سبعين ألف حديث، فهل أنا
بار ؟ فقال: برت يمينك، إني أحفظ في القرآن سبعين ألف
حديث.
ويقال: إنه أملى تفسيرا كثيرا من حفظه، وقيل: أملى أربعين
ألف حديث بأردستان، فلما رجع إلى أصبهان، قابل ذلك، فكان
كما أملاه.
أخبرنا جماعة كتابة، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني،
أخبرنا الخطيب، حدثني عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني
- وكان دينا ثقة - قال: سمعت ابن مندة، يقول: كتبت عن ألف
شيخ لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال.
وقال يحيى بن مندة: سمعت عمي يقول: سمعت أبي يقول: كتبت عن
ألف وسبع مئة شيخ، فلم أجد فيهم مثل أبي أحمد العسال،
وإبراهيم بن محمد بن حمزة.
وكذا رواه أحمد بن جعفر الفقيه، عن أبي عبد الله، فقال:
ألف وسبع مئة.
وعن ابن مندة، قال: طفت الدنيا مرتين، فما رأيت مثل
العسال.
ذكر أبو غالب أيضا، قال: يحكى أنه ما كان يجلس لاملاء
الحديث، ولا يمس جزءا إلا على طهارة، وأنه كان مرة مع
صهره،
فدخل مسجدا، وشرع في الصلاة، فختم القرآن في ركعة.
قال أبو غالب: وسمعت جدي يقول: سمعت والدي أبا إسحاق
إبراهيم بن القاضي أبي أحمد العسال يقول: لما مات القاضي،
وجلس بنوه للتعزية، فدخل رجلان في لباس سواد، وأخذا
يولولان
(16/10)
ويقولان: وا إسلاماه، فسئلا عن حالهما، فقالا: إنا وردنا
من أغمات (1) من المغرب، لنا سنة ونصف في الطريق في الرحلة
إلى هذا الامام لنسمع منه، فوافق ورودنا وفاته.
تصانيفه: " تفسير القرآن "، كتاب " التاريخ "، كتاب "
تاريخ النساء "، كتاب " معجمه "، كتاب " السنة "، كتاب "
الامثال "، كتاب " الرؤية "، كتاب " العظمة "، كتاب "
الجزية "، كتاب " الرقائق "، كتاب " مسند الابواب "، كتاب
" الابواب " على غريب الحديث، كتاب " حروف القراءات "،
كتاب " الآيات وكرامات الاولياء "، كتاب " من يجمع حديثه
من المقلين "، " طرق غسل يوم الجمعة " " أحاديث مالك "،
كتاب " الفوائد "، " أحاديث منصور بن المعتمر، ومحمد بن
جحادة، وقرة بن خالد "، وأشياء سوى ذلك.
كان أبو أحمد (2) من كبار التجار المتمولين، وقف أملاكه
على أولاده، وهي بساتين ودور وحوانيت.
سمع من إسماعيل بن عمرو، وسهل بن عثمان، وعمرو بن علي
الفلاس.
توفي في شوال سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
قال أبو نعيم الحافظ في " تاريخ أصبهان ": محمد بن أحمد بن
ابراهيم مولى العلاء بن كسيب العنبري، أبو أحمد العسال:
مقبول
القول، من كبار الناس في المعرفة والحفظ، صنف الشيوخ،
والتاريخ، والتفسير وعامة المسند (3).
__________
(1) أغمات: ناحية من بلاد المغرب قرب مراكش، وهي كثيرة
الخيرات.
" معجم البلدان " 1 / 225.
(2) ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 100.
(3) " ذكر أخبار أصبهان ": 2 / 283.
[ * ]
(16/11)
أخبرنا عيسى بن محمد (1) الانصاري، أخبرنا منصور بن سند،
أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن
محمد بن أحمد بن موسى الاصبهاني، أخبرنا عمر بن عبد الله
بن عمر بن عبد الله بن الهيثم الواعظ سنة سبع عشرة وأربع
مئة، حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم
العسال، حدثنا موسى بن إسحاق، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا
أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن
أبي نعم، عن أبي سعيد قال: " استيقظ رسول الله صلى الله
عليه وسلم ذات ليلة، فإذا الفأرة قد أخذت الفتيلة، وصعدت
إلى السقف لتحرق عليه البيت، قال: فلعنها، وأحل قتلها
للمحرم " (2) هذا حديث غريب، من الافراد الحسان (3).
قال أبو منصور معمر بن أحمد الزاهد: لقد مات من يرعى
الانام بعلمه وكان له ذكر وصيت فينفع وقد مات حفاظ الحديث
وأهله وممن رأينا وهو في الناس مقنع
__________
(1) في مشيخة المؤلف ورقة 110: عيسى بن يحيى بن أحمد بن
محمد...(2) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وأخرجه
أحمد 3 / 79، 80، من طريق جرير، وابن ماجة (3089) من طريق
محمد بن فضيل، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد بهذا الاسناد
بلفظ " يقتل المحرم الحية والعقرب والسبع العادي، والكلب
العقور، والفأرة الفويسقة " فقيل له: لم قيل لها الفويسقة
؟ قال: لان رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ لها وقد
أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت.
وهو دون قوله: " فقيل له " إلى آخره، في سنن أبي داود
(1848)، ومسند أحمد 3 / 3 و " شرح معاني الآثار " 2 / 166.
وعند أبي داود وأحمد لفظة منكرة، وهي قوله " ويرمي الغراب
ولا يقتله ".
(3) لعل المؤلف أراد حسن متنه لمجيئه من وجه آخر صحيح عن
عائشة عند مسلم 1198 وعن ابن عمر عند مالك 1 / 365،
والبخاري 4 / 29، ومسلم (1199).
[ * ]
(16/12)
أبو أحمد القاضي، وقد كان حافظا ولم يك من أهل الضلالة
يتبع وكان أبو إسحاق ممن شهرته يدرس أخبار الرسول ويوسع
وثالثهم قطب الزمان وعصره أبو القاسم اللخمي قد كان يبدع
ورابعهم كان ابن حيان آخرا ومات فكيف الآن في العلم يطمع
فأبو إسحاق: هو إبراهيم بن محمد بن حمزة الاصبهاني الحافظ
(1)، توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
واللخمي: هو سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (2) الحافظ،
مات
سنة ستين وثلاث مئة، عن مئة سنة.
وابن حيان: هو الحافظ أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان
الاصبهاني (3)، ذو التصانيف، توفي سنة تسع وستين وثلاث
مئة، عن بضع وتسعين سنة.
قال ابن مردويه الحافظ في " تاريخه ": توفي القاضي أبو
أحمد في يوم الاثنين في رمضان سنة تسع وأربعين وثلاث مئة
وأنا ببغداد.
قال أبو بكر بن أبي علي: مات في تاسع رمضان رحمه الله
تعالى.
__________
(1) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (68).
(2) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (86).
(3) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (196).
[ * ]
(16/13)
قال ابن مردويه: وكان مولده يوم التروية سنة تسع وستين
ومئتين.
قلت: عاش ثمانين سنة.
وروى في " معجمه " عن أربع مئة شيخ.
سمع بأصبهان، وهمذان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، والحرمين،
وواسط، والري، وخوزستان.
وله ثلاثة إخوة: إبراهيم، والحسن، والحسين، ولكل منهم نسل
وعقب.
أما أبو سعيد الحسن بن أحمد (1)، فروى عن أبي حاتم الرازي،
وأحمد بن يونس الضبي.
حدث عنه ابن أخيه سعيد بن أبي أحمد.
وللحسن ولد حدث أيضا، فقال أبو بكر بن مردويه في " تاريخه
": حدثنا أبو عمر أحمد بن الحسن، حدثنا عبدان، حدثنا ابن
سابور الرقي، فذكر حديثا.
وأما سعيد (2) بن أبي أحمد العسال.
فهو أبو محمد، مشهور، روى عن علي بن محمد بن رستم، وأبي
الحسن اللنباني، ومحمد بن علي بن الجارود، وطائفة.
__________
(1) هو أبو سعيد، الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان
العسال.
ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 270.
(2) هو أبو محمد، سعيد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال.
ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 331.
[ * ]
(16/14)
روى عنه ابن مردويه، وأبو نعيم، وغيرهما.
مات سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
وأما أبو جعفر أحمد بن أبي أحمد (1)، فروى عن عبد الله بن
محمد بن نصر وجماعة.
ومات ابنه أبو عامر سنة اثنتين وأربع مئة، يروي عن أبي
محمد الجابري الموصلي، والله أعلم.
3 - ابن عبيد * أبو القاسم،
عبدالرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الاسدي
الهمذاني.
روى عن: إبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن الضريس، وعلي بن
الجنيد.
وعنه: ابن مندة، والحاكم، وأبو بكر بن مردويه، وأبو الحسن
الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وعبد الرحمن بن شبانة وعدة.
قال صالح بن أحمد الحافظ: ضعيف، ادعى الرواية عن ابن
ديزيل، فذهب علمه، وكتبت عنه أيام السلامة أحاديث، ولم يدع
عن إبراهيم، ثم ادعى، وروى أحاديث معروفة، كان إبراهيم
يسأل عنها ويستغرب، فجوزنا أن أباه سمعه تلك، فأنكر عليه
ابن عمه أبو جعفر، والقاسم بن أبي صالح، فسكت حتى ماتوا،
ثم ادعى
__________
(1) هو أبو جعفر، أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال.
ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 157.
* تاريخ بغداد: 10 / 292 - 294، ميزان الاعتدال: 2 / 556 -
557، لسان الميزان: 3 / 411 - 412.
[ * ]
(16/15)
المصنفات والتفاسير مما بلغنا أن إبراهيم قرأه قبل سنة
سبعين، وهو فقال لي: إن مولده سنة سبعين.
وسمعت القاسم يكذبه، هذا مع دخوله في أعمال الظلمة (1).
4 - الرفاء * الشيخ الامام،
المحدث الصادق، الواعظ الكبير، أبو علي، حامد بن محمد
بن عبد الله محمد بن معاذ الهروي الرفاء.
سمع من: عثمان بن سعيد الدارمي، والفضل بن عبد الله
اليشكري، ومحمد بن المغيرة الهمذاني السكري، ومحمد بن صالح
الاشج، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن يونس الكديمي،
وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى، ومحمد بن أيوب البجلي،
وداود
ابن الحسن البيهقي، وخلق كثير.
واشتهر اسمه، وانتشر حديثه، وكان ذا معرفة وفهم وسعة علم،
وغيره أحفظ منه وأحذق بالفن.
وانتهى إليه علو الاسناد بهراة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، والقاضي أبو منصور محمد بن
محمد الازدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، ويحيى بن
عمار الواعظ، ومحمد بن عبدالرحمن الدباس، وأبو علي بن
شاذان، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي، وآخرون.
انتخب عليه أبو الحسن الدارقطني ببغداد، ووثقه الخطيب
وغيره.
__________
(1) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 10 / 293 - 294.
* تاريخ بغداد: 8 / 172 - 174، الانساب: 6 / 141 - 142،
المنتظم: 7 / 39 - 40، عبر الذهبي: 2 / 304، شذرات الذهب:
3 / 19.
[ * ]
(16/16)
قال الحافظ أبو بشر الهروي: ثقة صالح.
قلت: توفي بهراة في شهر رمضان سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
وأظنه مات عن نيف وتسعين سنة.
ومات معه مقرئ مصر أحمد بن أسامة أبو جعفر التجيبي،
والسلطان معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي، وأبو محمد أحمد
بن عبد الله المغفلي، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن أبي
دجانة، وأحمد ابن عبدالرحمن بن الجارود الرقي أحد التلفى،
وأبو علي إسماعيل بن القاسم القالي اللغوي، وأبو الفضل
العباس بن محمد الرافعي، وعبد الخالق بن أبي روبا، وعثمان
بن محمد السقطي سنقة، وصاحب الاغاني، وسيف الدولة بن
حمدان، وكافور الاخشيدي، وعمر بن
جعفر بن سلم، وقاضي القضاة أبو نصر يوسف عمر بن القاضي أبي
عمر ببغداد.
5 - والد تمام * الامام
المحدث، الحافظ المفيد، أبو الحسين، محمد بن عبد الله
بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد الرازي.
وكان يعرف قديما بابن الرستاقي.
سمع محمد بن أيوب بن الضريس، ومحمد بن حفص المهرقاني، وعلي
بن الجنيد المالكي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وسمع بنسا
من الحسن بن سفيان، وبالكوفة من محمد ابن جعفر القتات،
وببغداد: الفريابي، وابن ناجية، وإبراهيم بن عبد
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 897 - 898، عبر الذهبي: 2 / 277،
النجوم الزاهرة: 3 / 321، طبقات الحفاظ: 366 - 367، شذرات
الذهب: 2 / 376.
[ * ]
(16/17)
الله المخرمي، وبدمشق محمد بن خريم، وابن جوصا وعدة.
وجمع وصنف وأرخ، وأفاد الرفاق، وأفنى عمره في الطلب.
حدث عنه: ولده تمام، وعقيل بن عبدان، وأبو الحسن بن جهضم،
وأحمد بن عبد الله البرامي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر،
وآخرون.
قال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة، نبيلا، مصنفا، حدثني
ابنه أنه توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
أنبأنا الفخر علي، أخبرنا أبو القاسم الحرستاني، أخبرنا
عبد الكريم بن حمزة، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا
تمام بن محمد، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد
العزيز الوشاء، حدثنا أبو
معمر القطيعي، حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن سماك بن حرب،
عن عياض الاشعري، عن أبي موسى، قال: قرئت عند النبي صلى
الله عليه وسلم (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) [
المائدة: 54 ] قال: " هم قومك أهل اليمن " (1).
6 - خالد بن سعد *
الحافظ الامام، الناقد المجود، أبو القاسم الاندلسي
القرطبي.
__________
(1) سنده حسن، وأخرجه من طرق عن شعبة، عن سماك بهذا
الاسناد: ابن سعد 4 / 107، والطبري 6 / 284، وصححه الحاكم
2 / 313، ووافقة الامام الذهبي، وأورده الهيثمي في "
المجمع " 7 / 16، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح،
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 292، وزاد نسبته
لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن
المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي
في " الدلائل ".
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 130 - 131، جذوة المقتبس: 205،
بغية الملتمس: = [ * ]
(16/18)
سمع محمد بن فطيس، وسليمان بن قريش، وسعيد بن عثمان
الاعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وطبقتهم.
ولم يطل عمره.
صنف كتاب " رجال الاندلس " وكان حجة، محققا، مقدما على
حفاظ قرطبة، يتوقد ذكاء.
حفظ في مرة واحدة أحدا وعشرين حديثا.
وورد عن صاحب الاندلس المستنصر أنه قال: إذا فاخرنا أهل
المشرق بيحيى بن معين، فاخرناهم بخالد بن سعد.
وقيل: إن خالدا هذا كان بذئ اللسان، ينال من أعراض الناس،
سامحه الله.
توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة.
أنبأني جماعة عن آخرين أجاز لهم أبو الفتح بن البطي، قال:
أنبأنا أبو عبد الله الحميدي، أخبرنا أبو عمر بن عبد البر
في كتابه، أخبرنا قاسم بن محمد، حدثنا خالد بن سعد، حدثنا
أحمد بن عمر، حدثنا ابن سنجر، حدثنا شريك.
فذكر حديثا عن الكلبي، عن حميضة بنت الشمردل (1)، عن
الحارث بن قيس (2)، قال:
__________
= 281، تذكرة الحفاظ: 3 / 919، العبر: 2 / 295، دول
الاسلام: 1 / 219، طبقات الحفاظ للسيوطي: 374، شذرات
الذهب: 3 / 11.
(1) كذا في سنن ابن ماجة، وفي سنن أبي داود حميضة بن
الشمردل، وترجمه الامام الذهبي في " الميزان " 1 / 618،
وفي " المغني " 1 / 196، والمزي في " التهذيب " في قسم
الرجال، وقال المؤلف في " الضعفاء ": لا يصح حديثه، وقال
البخاري: فيه نظر.
(2) وقيل قيس بن الحارث، قال الحافظ في " الاصابة " 3 /
243: كذا جاء بالتردد والاول أشبه، لانه قول الجمهور، وجزم
بالثاني أحمد بن إبراهيم الدورقي وجماعة، بالاول البخاري
وابن السكن وغيرهما، وقال ابن حبان: قيس بن الحارث الاسدي،
له صحبة، وقال ابن أبي حاتم مثله، قال: أسلمت وعندي ثمان
نسوة الحديث، روى عنه حميضة بن الشمردل.
[ * ]
(16/19)
" أسلمت وعندي ثمان نسوة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم،
فأمرني أن أختار منهن أربعا " (1).
وفيها مات أحمد بن محمود الشمعي، بمصر، وإسماعيل بن علي
الخزاعي، والوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي، وعلي
ابن أحمد بن أبي قيس الرفاء، وعلي بن هارون المنجم، وأبو
بكر محمد بن محمد بن مالك الاسكافي.
7 - ابن علان * الامام الحافظ،
محدث حران، أبو الحسن، علي بن الحسن ابن علان
الحراني، صاحب " تاريخ الجزيرة ".
سمع أبا يعلى الموصلي، ومحمد بن جرير، وعبد الله بن زيدان
البجلي، وسعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن محمد الباغندي
وطبقتهم، وجمع فأوعى.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وتمام الرازي، وأحمد بن
__________
(1) وأخرجه البيهقي 7 / 183 من طريق يوسف بن يعقوب القاضي،
حدثنا أبو الربيع، حدثنا هشيم، حدثنا ابن أبي ليلى، قال
هشيم: وأخبرني الكلبي عن حميضة بن الشمردل به.
وأخرجه أبو داود (2241)، وابن ماجة (1952) من طريق هشيم،
عن ابن أبي ليلى، عن حميضة به.
وللحديث شاهد يتقوى به عند الشافعي 2 / 351، وأحمد 2 / 44،
والترمذي (1128)، وابن ماجة (1953)، وابن حبان (1277)،
والحاكم 2 / 192، 193، والبيهقي 7 / 149 و 181 من طرق، عن
معمر، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر أن غيلان بن
سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أمسك أربعا، وفارق سائرهن "، وآخر من حديث عروة بن مسعود
الثقفي عند الشافعي 2 / 351، ومن طريقه البيهقي 7 / 184.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 924 - 925، النجوم الزاهرة: 4 / 13،
طبقات الحفاظ للسيوطي: 375، شذرات الذهب: 3 / 17.
[ * ]
(16/20)
محمد بن الحاج، وأبو القاسم عبدالرحمن بن الطبيز، وأبو
العباس محمد بن السمسار، وآخرون.
قال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة، حافظا، نبيلا.
توفي يوم النحر سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
قلت: رويت له في " طبقات الحفاظ " حديثا (1).
8 - ابن أبي هاشم * إمام
المقرئين، أبو طاهر، عبد الواحد بن عمر بن محمد بن
أبي هاشم البغدادي، صاحب " جامع البيان ".
روى عن: محمد بن جعفر القتات، وأحمد بن فرح، وإسحاق ابن
أحمد الخزاعي، وعبد الله بن الصقر السكري، والحسن بن
الحباب، وأحمد بن سهل الاشناني، وتلا عليه وعلى سعيد بن
عبد الرحيم الضرير، وأبي بكر بن مجاهد.
قرأ عليه: أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر الفارسي، وعلي بن
__________
(1) قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 924 - 925: أخبرنا
يحيى بن أحمد الجذامي ومحمد بن الحسين المعدل قالا: أنبأنا
محمد بن عماد، أنبأنا عبد الله بن رفاعة، أنبأنا علي بن
الحسن، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج، أنبأنا
علي بن الحسن بن علان، أنبأنا أبو يعلى أحمد بن علي،
أنبأنا غسان بن الربيع، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن
الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أخذ علقمة بيدي،
وأخذ ابن مسعود بيد علقمة، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم
بيد ابن مسعود في التشهد: " التحيات لله..إلى قوله: عبده
ورسوله ".
* تاريخ بغداد: 11 / 7 - 8، إنباه الرواة: 2 / 215، طبقات
القراء للذهبي: 1 / 251 - 252، العبر: 2 / 282، تلخيص ابن
مكتوم: 122، البداية والنهاية: 11 / 237، غاية النهاية في
طبقات القراء: 1 / 475 - 477، النشر في القراءات العشر: 1
/ 123، النجوم الزاهرة: 3 / 325، بغية الوعاة: 2 / 121،
شذرات الذهب: 2 / 380.
[ * ]
(16/21)
أحمد بن الحمامي، وعلي بن محمد الجوهري، وأبو الحسن علي بن
العلاف الكبير، وعبيدالله المصاحفي، وأبو الحسين أحمد بن
عبد
الله السوسنجردي، وآخرون.
وقد طول أبو عمرو الداني ترجمته، وعظمه، وقال: لم يكن بعد
ابن مجاهد مثل ابن أبي هاشم في علمه وفهمه، مع صدق لهجته،
واستقامة طريقته.
وكان ينتحل مذهب الكوفيين، ولما توفي ابن مجاهد أجمعوا على
تقديم أبي طاهر، وأن يقرئ موضعه، فقصده الاكابر، وتحلقوا
عنده، وكان قد خالف جميع أصحابه في إمالة الناس لابي عمرو
(1)، وكان القراء ينكرون ذلك عليه.
مولده سنة ثمانين ومئتين، ومات في شوال سنة تسع وأربعين
وثلاث مئة.
9 - أبو الخير التيناتي
* الاقطع، العابد، صاحب الاحوال والكرامات، وهو مغربي
أسود.
سكن تينات من أعمال حلب، يقال: اسمه حماد.
صحب أبا عبد الله بن الجلاء، وسكن جبل لبنان مدة.
__________
(1) وقراءة أبي عمر وهذه في إمالة فتحة النون من لفظة "
الناس " في موضع الجر حيث وقع، رواها عنه أبو عمر الدوري،
وروى إمالتها أبو طاهرين بن أبي هاشم صاحب الترجمة عن أبي
الزعراء، عنه.
انظر " النشر في القراءات العشر " لابن الجزري: 2 / 62.
* طبقات الصوفية: 370 - 372، حلية الاولياء: 10 / 377 -
378، الرسالة القشيرية: 26، الانساب: 3 / 121، المنتظم: 6
/ 376 - 377، صفة الصفوة: 4 / 206، معجم البلدان: 2 / 68،
اللباب: 1 / 234، المختصر في أخبار البشر: 2 / 102، طبقات
الاولياء: 190 - 195، طبقات الشعراني: 1 / 128، نتائج
الافكار القدسية: 1 / 193.
[ * ]
(16/22)
حكى عنه محمد بن عبد الله، وأحمد بن الحسن، ومنصور بن
عبد الله الاصبهاني.
قال السلمي: كان ينسج الخوص بيده الصحيحة، لا يدرى كيف
ينسجه، وله آيات وكرامات، تأوي السباع إليه، وتأنس به.
وقال أبو القاسم القشيري: كان كبير الشأن، له كرامات
وفراسة حادة.
ويقال: إن سبب قطع يده في تهمة ظهرت براءته منها: أنه
اشتهى زعرورا، فقطع غصنا، وكان عاهد الله أن لا يتناول
لنفسه شهوة.
قال: فذكر عهده، فرمى بالغصن، ثم كان يقول: يد قطعت عضوا
فقطعت.
توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مئة وقيل سنة تسع وأربعين.
وقد ذكره ابن عساكر، وطول أمره.
وروى أبو ذر الهروي عن عيسى بن أبي الخير أنه قال: كان أبي
مملوكا فأعتق، وكان يحتطب بالاسكندرية بيده، ثم سكن ثغر
طرسوس، فكان يجاهد بسيف وحجفة (1)، ثم أخذ مع لصوص بات
معهم في غار، فقطع.
10 - الماسرجسي * الامام، رئيس
نيسابور، أبو بكر، محمد بن المؤمل بن الحسن
__________
(1) الحجفة: واحدة الحجف، وهي ضرب من الترسة " اللسان ".
* لم نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
[ * ]
(16/23)
ابن عيسى بن ماسرجس النيسابوري، أحد البلغاء والفصحاء.
سمع الفضل بن محمد الشعراني، والحسين بن الفضل،
وعدة.
وبني دار للمحدثين، وأدر عليهم الارزق.
وكان أبو علي الحافظ يقرأ عليه تاريخ أحمد بن حنبل.
قلت: روى عنه: السلمي، والحاكم، وسعيد بن محمد بن محمد بن
عبدان.
مات ليلة عيد الفطر سنة خمسين وثلاث مئة، وله تسع وثمانون
سنة.
11 - ابن جامع * الشيخ، أبو
العباس، أحمد بن إبراهيم بن جامع السكري المصري.
سمع مقدام بن داود الرعيني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وعلي
بن عبد العزيز البغوي، وطبقتهم.
وكان صاحب حديث.
روى عنه: ابن مندة، وابن النحاس، وأحمد بن محمد بن الحاج
الاشبيلي، ومحمد بن إبراهيم بن غالب التمار، وحسين بن
ميمون الصفار، وآخرون.
مات سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
__________
* عبر الذهبي: 2 / 290، حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات
الذهب: 3 / 7.
[ * ]
(16/24)
12 - ابن أبي الموت * الشيخ المحدث، أبو بكر، أحمد بن محمد
بن أحمد بن أبي الموت المكي.
سمع يوسف بن يزيد القراطيسي، وعلي بن عبد العزيز
البغوي، ومحمد بن علي الصائغ، وأحمد بن زغبة، والقاسم بن
الليث الرسعني.
حدث عنه: أبو محمد بن النحاس، وأبو العباس بن الحاج، ومحمد
بن نظيف الفراء، وآخرون.
توفي بمصر في ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، وله
تسعون سنة.
13 - قاضي الحرمين * * العلامة
أبو الحسين، أحمد بن محمد بن عبد الله النيسابوري
الحنفي، شيخ الحنفية.
ولي قضاء الحرمين نيف عشرة سنة، ثم قدم نيسابور، وولي
قضاءها.
سمع أبا خليفة الجمحي، والحسن بن سفيان، وجماعة.
__________
* عبر الذهبي: 2 / 290، ميزان الاعتدال: 1 / 152، العقد
الثمين: 3 / 128، لسان الميزان: 1 / 296 - 297، شذرات
الذهب: 3 / 7.
* * طبقات الفقهاء للشيرازي: 144، عبر الذهبي: 2 / 290 -
291، العقد الثمين: 3 / 145، الجواهر المضية: 1 / 284 -
288، شذرات الذهب: 3 / 7 - 8، الفوائد البهية: 36.
[ * ]
(16/25)
وتفقه بأبي الحسن الكرخي، وأبي طاهر بن الدباس، وولي أيضا
قضاء الموصل والرملة.
روى عنه الحاكم وقرظه.
وقال أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء ": به، وبأبي سهل
الزجاجي تفقه علماء نيسابور (1).
وقال الحاكم: سمعت أبا بكر الابهري شيخ الفقهاء، يقول: ما
قدم علينا من الخراسانيين أفقه من أبي الحسين النيسابوري.
توفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، عن سبعين سنة.
14 - ابن بدر * المعمر الاديب،
أبو بكر، إسماعيل بن بدر القرطبي.
سمع من: بقي بن مخلد وهو خاتمة أصحابه، ومن محمد بن وضاح،
ومحمد بن عبد السلام الخشني، ومطرف بن قيس.
وكان أحد الشعراء.
سمع منه بعض الناس وترخصوا، وقد ولي الحسبة فحمد.
مات في سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
ذكره ابن الفرضي.
__________
(1) انظر " طبقات الشيرازي ": ص 144.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 66، يتيمة الدهر للثعالبي: 2 /
20، جذوة المقتبس: 163، بغية الملتمس: 230.
[ * ]
(16/26)
15 - سلم بن الفضل * ابن سهل،
المحدث العالم، أبو قتيبة البغدادي الادمي، نزيل مصر.
عن: محمد بن يونس الكديمي، والحسن بن علي المعمري، وموسى
بن هارون، وجعفر الفريابي، وابن ناجية، وخلق.
عنه: أبو محمد بن النحاس، وعبد الغني الازدي، وأبو عبد
الله بن نظيف، وابن مندة، وآخرون.
محله الصدق.
توفي سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
16 - فقيه قرطبة * * شيخ
المالكية، عالم العصر، أبو بكر محمد بن أحمد اللؤلؤي.
قال ابن عفيف: كان أفقه أهل عصره، وأبصرهم بالفتيا، وعليه
مدار العلم، وبه تفقه ابن زرب (1)، وكان أخفش (2).
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 148 - 149.
* * تاريخ علماء الاندلس: 1 / 39 وهو فيه: أحمد بن عبد
الله بن أحمد الاموي، وقد نص القاضي عياض في " ترتيب
المدارك " على انه عند ابن الفرضي بهذا الاسم، جذوة
المقتبس: 128، ترتيب المدارك 4 / 414 - 418، الديباج
المذهب: 2 / 201 - 202، الوافي بالوفيات: 2 / 41.
(1) هو أبو بكر، محمد بن يبقى بن زرب القرطبي، تأتي ترجمته
في هذا الجزء برقم (298).
(2) ترتيب المدارك: 4 / 415.
[ * ]
(16/27)
توفي سنة خمسين وثلاث مئة.
17 - يحيى بن منصور * ابن يحيى
بن عبدالملك، قاضي نيسابور، أبو محمد.
حدث عن: علي بن عبد العزيز البغوي، وأبي مسلم الكجي، وأحمد
بن سلمة، ومحمد بن عمرو قشمرد، وعدة.
وكان غزير الحديث.
روى عنه: الحاكم، ويحيى المزكي، وأبو سعد عبدالملك بن أبي
عثمان الزاهد، وسبطه عنبر بن الطيب، وآخرون.
قال الحاكم: ولي القضاء بضع عشرة سنة، ثم عزل بأبي أحمد
الحنفي في سنة تسع وثلاثين، وكان محدث نيسابور في وقته،
وحمد في القضاء، وكان يحضر مجلسه الحفاظ: أبو عبد الله بن
الاخرم، وأبو علي الحسين بن محمد.
مات في سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
ومات فيها خلق من الكبار.
وخرجت الروم، وأخذوا حلب، وعين زربة (1)، وعدة مدائن.
وعجز عنهم سيف الدولة، وقتل خلق عظيم.
18 - ابن أفرجه * * الامام
المحدث أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن يزيد
بن
__________
* عبر الذهبي: 2 / 293، شذرات الذهب: 3 / 9.
(1) في " معجم البلدان ": عين زربى - بألف مقصورة.
بلد بالثغر من نواحي المصيصة.
* * ذكر أخبار أصبهان: 1 / 150 - 151.
[ * ]
(16/28)
بندار بن أفرجه التيمي مولاهم الاصبهاني.
سمع إبراهيم الحربي، وإبراهيم بن فهد الساجي، وعمران بن
عبدالرحيم، وسهل بن عبد الله الاصبهاني الزاهد، وطائفة.
روى عنه الحسن بن محمد بن حسنويه، وعلي بن عبدكويه، وأبو
نعيم الحافظ، وآخرون.
توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
19 - ابن الحيري * الحافظ
المجود، أبو سعيد، أحمد بن أبي بكر محمد بن القدوة
الكبير أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري
الشهيد، أحد أئمة الحديث.
سمع الحسن بن سفيان، والهيثم بن خلف، وحامد بن شعيب، وأبا
عمرو الخفاف، وعبد الله شيرويه، وقاسم بن الفضل الرازي،
وابن خزيمة، وخلقا كثيرا.
وصنف التفسير الكبير، والمستخرج على صحيح مسلم، والابواب،
وغير ذلك.
ولما سار إلى بغداد قال الحاكم: خرج بعسكر كثير وأموال،
واجتمع عليه ببغداد خلق كثير، قال: واستشهد بطرسوس في سنة
ثلاث وخمسين وثلاث مئة، وله خمس وستون سنة.
روى عنه الحاكم وغيره.
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 23، عبر الذهبي: 2 / 296، تذكرة
الحفاظ: 3 / 920، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 43، طبقات
المفسرين للداوودي: 1 / 72 - 73، شذرات الذهب: 3 / 12.
[ * ]
(16/29)
20 - ابن الحكم * جعفر بن محمد
بن أحمد بن الحكم الواسطي المؤدب.
سمع الكديمي، ومحمد بن سليمان الباغندي، وإدريس العطار،
وبشر بن موسى، وعدة.
روى عنه: ابن رزقويه، وطلحة الكتاني، وأبو علي بن شاذان،
وآخرون.
وثقه الخطيب.
توفي سنة ثلاث وخمسين.
21 - دعلج * * دعلج بن أحمد بن
دعلج بن عبدالرحمن، المحدث الحجة، الفقيه الامام،
أبو محمد السجستاني، ثم البغدادي التاجر، ذو الاموال
العظيمة.
ولد سنة تسع وخمسين ومئتين أو قبلها بقليل، وسمع بعد
الثمانين مالا يوسف كثرة بالحرمين، والعراق، وخراسان،
والنواحي حال جولانه في التجارة.
__________
* عبر الذهبي: 2 / 297، شذرات الذهب: 3 / 12.
* * تاريخ بغداد: 8 / 387 - 392، المنتظم: 7 / 10 - 14،
وفيات الاعيان: 2 / 271 - 272، تذكرة الحفاظ: 3 / 881 -
882، العبر: 2 / 291، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 291 -
293 البداية والنهاية: 11 / 241 - 242، النجوم الزاهرة: 3
/ 333، طبقات الحفاظ: 360، شذرات الذهب: 3 / 8، الرسالة
المستطرفة: 73.
[ * ]
(16/30)
وحدث عن: علي بن عبد العزيز، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد
بن عمرو قشمرد النيسابوري، وعبد العزيز بن معاوية القرشي،
وهشام بن علي السيرافي، وبشر بن موسى، وعبد الله بن أحمد
بن حنبل، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن أيوب
البجلي، والعباس بن الفضل الاسفاطي، وأبي مسلم الكجي،
ومحمد ابن ربح البزاز، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن
عبدالرحمن السامي، وإمام الائمة ابن خزيمة، وعدد كثير.
حدث عنه: الدارقطني، وابن جميع الغساني، وأبو عبد الله
الحاكم، وابن رزقويه، وأبو القاسم بن بشران، وعلي بن أحمد
البادي، وأبو علي بن شاذان، وأحمد بن أبي عمران الهروي،
والاستاذ أبو إسحاق الاسفراييني، وخلق سواهم.
ولقي بدمشق أبا الحسن بن جوصا وطبقته.
قال أبو سعيد بن يونس: حدث بمصر، وكان ثقة.
وقال الحاكم: دعلج الفقيه شيخ أهل الحديث في عصره، له
صدقات جارية على أهل الحديث بمكة وببغداد وسجستان، أول
ارتحاله كان إلى نيسابور فأخذ مصنفات ابن خزيمة، وكان يفتي
على مذهبه، سمعته يقول ذلك، وجاور بمكة مدة.
قال الخطيب: كان دعلج من ذوي اليسار، له وقوف على أهل
الحديث.
وحدث عن عثمان الدارمي، وابن ربح، وإبراهيم بن زهير
الحلواني، وإسحاق الحربي، ومحمد بن شاذان الجوهري، ومحمد
ابن سليمان الباغندي، ومحمد بن يحيى القزاز، وأحمد بن موسى
(16/31)
الحمار (1).
وسرد جماعة، ثم قال: حدثنا عنه، فسمى جماعة، قال: وكان
ثقة، ثبتا، جمع له المسند، وحديث شعبة، وحديث مالك.
قال: وبلغني أنه كان يبعث بمسنده إلى ابن عقدة لينظر فيه،
فجعل بين كل ورقتين دينارا، وكان الدارقطني هو المصنف له
كتبه، فحدثني أبو العلاء الواسطي عن الدارقطني قال: صنفت
لدعلج المسند الكبير، فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، ولم
أر في مشايخنا أثبت منه (2).
قال أبو العلاء: وقال عمر البصري: ما رأيت ببغداد ممن
انتخبت عليه أصح كتبا من دعلج (3).
قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: ما رأيت في مشايخنا أثبت
من دعلج.
قال أبو ذر الهروي: سمعت أن معز الدولة أول ما أخذ من
المواريث مال دعلج، خلف ثلاث مئة ألف دينار.
قال الخطيب: حكي لي أبو العلاء الواسطي، أن دعلجا سئل عن
مفارقته مكة، فقال: خرجت ليلة من المسجد، فتقدم ثلاثة من
الاعرب، فقالوا: أخ لك من خراسان قتل أخانا، فنحن نقتلك
به، فقلت: اتقوا الله، فإن خراسان ليست بمدينة واحدة، ولم
أزل بهم إلى أن اجتمع الناس وخلوا عني.
فهذا كان سبب انتقالي إلى بغداد.
وكان يقول: ليس في الدنيا مثل داري، وذلك لانه ليس في
الدنيا مثل
__________
(1) هذه النسبة إلى بيع الحمير.
انظر " اللباب " 1 / 384.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 387 - 388.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 388.
[ * ]
(16/32)
بغداد، ولا ببغداد مثل محلة القطيعة، ولا في القطيعة مثل
درب أبي خلف، وليس في الدرب مثل داري (1).
ونقل أبو بكر الخطيب حكاية مقتضاها أن رجلا صلى الجمعة،
فرأى رجلا متنسكا لم يصل، فكلمه، فقال: استر علي، لدعلج
علي خمسة آلاف، فلما رأيته أحدثت.
فبلغ ذلك دعلجا، فطلبه إلى منزله، وحلله من المال، ووصله
بمثلها لكونه روعه (2).
قال الخطيب: حدثنا أبو منصور محمد بن بن محمد العكبري،
حدثني أحمد بن الحسين الواعظ، قال: أودع أبو عبد الله بن
أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم، فضاقت يده،
فأنفقها، وكبر الصبي، وأذن له في قبض ماله.
قال ابن أبي موسى: فضاقت علي الارض، وتحيرت، فبكرت على
بغلتي، وقصدت الكرخ، فانتهت بي [ البغلة إلى درب السلولي ]
ووقفت بي على باب مسجد دعلج، فدخلت فصليت خلفه الفجر، فلما
انفتل رحب بي، وقمنا فدخلنا داره، فقدمت لنا هريسة، فأكلت
وقصرت، فقال: أراك منقبضا، فأخبرته، فقال: كل [ فإن ]
حاجتك تقضى، فلما فرغنا، استدعى بالذهب والميزان، فوزن لي
عشرة آلاف دينار.
وقمت أطير فرحا، فوضعت المال على القربوس (3)، وغطيته
بطيلساني، ثم سلمت المال إلى الصبي بحضرة قاضي القضاة،
وعظم الثناء علي، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أمير من
أولاد الخليفة، فقال: قد رغبت في معاملتك
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 389.
(2) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 8 / 389 - 390.
(3) القربوس: حنو السرج.
قال الازهري: وللسرج قربوسان، فأما القربوس المقدم ففيه
العضدان، وهما رجلا السرج.
ويقال لهما: حنواه، " اللسان ".
[ * ]
(16/33)
وتضمينك أملاكي، فضمنتها، فربحت في سنتي ربحا عظيما، وكسبت
في ثلاث سنين ثلاثين ألف دينار، وحملت لدعلج المال، فقال:
سبحان الله، والله ما نويت أخذها، حل بها الصبيان، فقلت:
أيها الشيخ، أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار
؟ فقال:
نشأت، وحفظت القرآن، وطلبت الحديث، وكنت أتبزز، فوافاني
تاجر من البحر، فقال: أنت دعلج ؟ قلت: نعم.
قال: قد رغبت في تسليم مالي إليك مضاربة، فسلم إلي
برنامجات بألف ألف درهم.
وقال لي: ابسط يدك فيه ولا تعلم مكانا ينفق فيه المتاع إلا
حملته إليه، ولم يزل يتردد إلي سنة بعد سنة يحمل إلي مثل
هذا، والبضاعة تنمي.
ثم قال: أنا كثير الاسفار في البحر، فإن هلكت، فهذا المال
لك على أن تصدق منه، وتبني المساجد، فأنا أفعل مثل هذا،
وقد ثمر الله المال في يدي، فاكتم علي ما عشت (1).
قال الحاكم: كان السلطان لا يتعرض لتركة، ثم لم يصبر عن
أموال دعلج.
وقيل: لم يكن في الدنيا أيسر منه من التجار، وتركوا
أوقافه، رحمه الله.
قال الحاكم: اشترى دعلج بمكة دار العباسية بثلاثين ألف
دينار.
قال أبو عمر بن حيويه: أدخلني دعلج بن أحمد داره، وأراني
بدرا من المال معبأة، فقال لي: خذ منها ما شئت، فشكرته،
وقلت: أنا في كفاية.
قال أبو علي بن شاذان، وابن الفضل القطان، وابن أبي
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 390 - 392 وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/34)
الفوارس، وغيرهم: مات لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة إحدى
وخمسين وثلاث مئة.
وغلط أبو عبد الله الحاكم فقال: توفي في عشر ذي الحجة من
سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
قلت: الصحيح سنة إحدى.
وفيها كان موت أبي إسحاق الهجيمي، وقد نيف على المئة، وأبو
محمد عبد الله بن جعفر بن الورد راوي السيرة بمصر، وشيخ
القراء والمفرسين أبو بكر النقاش ببغداد، ومحدث الكوفة أبو
جعفر بن دحيم، ومسند بغداد ميمون بن إسحاق صاحب العطاردي.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي، أخبرنا البهاء عبدالرحمن (ح)
وأخبرنا أبو جعفر بن المقير وجماعة، قالوا: أخبرنا يحيى بن
أبي السعود، قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد، أخبرنا محمد بن
الحسن، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا دعلج، حدثنا بشر
بن موسى، حدثنا عمرو بن حكام، حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي
بكر بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد
الانصاري: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا
استسقى قلب رداءه " (1).
__________
(1) وأخرجه أحمد 4 / 41 من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الله
بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد الانصاري
قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استسقى لنا،
أطال الدعاء، وأكثر المسألة، قال: ثم تحول إلى القبلة،
وحول رداءه، فقلبه ظهرا لبطن، وتحول الناس معه.
وهذا سند قوي، وأخرجه أبو داود (1167) من طريق القعنبي، عن
مالك، عن عبد الله بن أبي بكر به، وأخرجه أحمد 4 / 41،
وأبو داود (1166) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن عمارة
بن غزية، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد الله بن زيد..وصححه
الحاكم 1 / 327، ووافقه الذهبي.
[ * ]
(16/35)
22 - البلاذري * الامام الحافظ، المفيد الواعظ، شيخ
الجماعة، أبو محمد، أحمد بن محمد
بن إبراهيم الطوسي البلاذري.
سمع من: محمد بن أيوب بن الضريس، وتميم بن محمد الحافظ،
وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وطبقتهم.
قال أبو عبد الله الحاكم: كان أوحد عصره في الحفظ والوعظ،
وكان شيخنا الحافظ أبو علي ومشايخنا يحضرون مجلسه، ويفرحون
بما يذكره على رؤوس الملا من الاسانيد.
ولم أرهم قط غمزوه في إسناد أو اسم أو حديث.
سمع جماعة كثيرة بالعراق وخراسان.
وخرج " صحيحا " على وضع " صحيح " مسلم، إلى أن قال:
واستشهد بالطابران وهي مرتحله من نيسابور سنة تسع وثلاثين
وثلاث مئة.
قلت: كان قد انتخب على حاجب الطوسي وغيره.
وهذا هو البلاذري الصغير.
فأما البلاذري الكبير، فهو أحمد بن يحيى (1) صاحب "
التاريخ الكبير " حافظ أخباري علامة، أدرك عفان بن مسلم
ومن بعده، يعد من طبقة أبي داود صاحب " السنن ".
23 - ابن دحيم * *
الشيخ الثقة المسند الفاضل، محدث الكوفة، أبو جعفر، محمد
__________
* الانساب: 2 / 350 - 351، اللباب: 1 / 193، تذكرة الحفاظ:
3 / 892 - 893، العبر: 2 / 249، الوافي بالوفيات: 7 / 319،
طبقات الحفاظ: 364 - 365، شذرات الذهب: 2 / 349، الرسالة
المستطرفة: 29.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب.
ص 162 رقم الترجمة (96).
* * عبر الذهبي: 2 / 293، النجوم الزاهرة: 3 / 334، شذرات
الذهب: 3 / 9.
[ * ]
(16/36)
ابن علي بن دحيم الشيباني الكوفي.
سمع من: إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار، وإبراهيم بن
أبي
العنبس القاضي، وأبي عمرو أحمد بن غرزة الغفاري، وجماعة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر بن مردويه، والقاضي أبو بكر
الحيري، ومحمد بن علي بن خشيش التميمي، وأبو منصور الظفر
ابن محمد العلوي، وزيد بن أبي هاشم العلوي، والقاضي جناح
بن نذير المحاربي، وعدة.
وحديثه يقع في تصانيف البيهقي، وفي الثقفيات (1)، وكان أحد
الثقات.
عاش إلى سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، وما وجدت وفاته بعد،
ثم وجدت ابن حماد الكوفي، ورخ سنة اثنتين وخمسين، أنه حدث
في آخرها.
وقال: كان صالحا، صدوقا قليل المعرفة، وسماعه في كتب أبيه.
24 - شجاع * الشيخ المعمر،
العالم الواعظ، مسند بغداد في وقته، أبو الفوارس، شجاع بن
جعفر البغدادي الوراق.
سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، ومحمد بن عبيد الله بن
__________
(1) الثقفيات: هي عشرة أجزاء حديثية، تأليف أبي عبد الله
القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي الاصبهاني الحافظ، المتوفى
سنة 489 ه.
* تاريخ بغداد: 9 / 253 - 254، المنتظم: 7 / 22، العبر: 2
/ 298، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات الذهب: 3 / 12.
[ * ]
(16/37)
المنادي، وعباسا الدوري، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وعبد
الله ابن شبيب الربعي، وأحمد بن ملاعب، وكان آخر من حدث [
من ] (1) مشايخه.
حدث عنه: أبو حفص الكتاني، وهلال الحفار، وعلي بن داود،
وأبو علي بن شاذان.
وعمر دهرا طويلا.
توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
وآخر من روى حديثه عاليا الشهاب الحجار في جزء النجاد.
25 - ابن أبي العقب * الشيخ
الامام، محدث دمشق، أبو القاسم، علي بن يعقوب بن
إبراهيم بن شاكر بن زامل الهمداني الدمشقي.
عرف بابن أبي العقب.
سمع أبا زرعة النصري، والقاسم بن موسى بن الاشيب، وأحمد
ابن المعلى، وأنس بن السلم، والحسن بن جرير الصوري، وعبد
الله ابن أحمد بن حنبل، لقيه في الحج.
وتلا لعاصم على أحمد بن نصر بن شاكر.
قرأ عليه مظفر بن أحمد الدينوري.
وروى عنه: ابن مندة، وتمام الرازي، وأبو نصر بن هارون،
وعبد الواحد بن مشماش، وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري، وعبد
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
* عبر الذهبي: 2 / 298، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات
الذهب: 3 / 13.
[ * ]
(16/38)
الرحمن بن أبي نصر، وأبو العباس بن الحاج، وخلق آخرهم موتا
أبو الحسن بن السمسار.
وله نظم وفضيلة.
مات في ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة، عن اثنتين
وتسعين سنة.
26 - ابن الورد * الثقة، أبو
محمد، عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد بن زنجويه
البغدادي ثم المصري، راوي السيرة.
حدث عن: عبدالرحمن بن البرقي، ويحيى بن أيوب العلاف، ويوسف
بن يزيد القراطيسي.
ومحمد بن عمرو بن خالد، وعدة.
وعنه: ابن مندة، وأبو محمد بن النحاس، وأبو محمد بن أبي
زيد الفقيه، ومحمد بن الفضل بن نظيف، وإبراهيم بن علي
الغازي، وآخرون.
مات في ثامن رمضان سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
قاله يحيى ابن الطحان.
27 - الشافعي * * محمد بن عبد
الله بن إبراهيم بن عبدويه، الامام المحدث المتقن
__________
* عبر الذهبي: 2 / 292، شذرات الذهب: 3 / 8.
* * تاريخ بغداد: 5 / 456 - 458، المنتظم: 7 / 32، تذكرة
الحفاظ: 3 / 880 - 881، العبر: 2 / 301، دول الاسلام: 1 /
220، الوافي بالوفيات: 3 / 347، مرآة الجنان: = [ * ]
(16/39)
الحجة الفقيه، مسند العراق، أبو بكر البغدادي الشافعي،
البزاز السفار، صاحب الاجزاء الغيلانيات (1) العالية.
مولده بجبل (2) في سنة ستين ومئتين عام مولد الطبراني.
وأول سماعة في سنة ست وسبعين ومئتين.
فسمع من: موسى بن سهل الوشاء صاحب ابن علية، ومن محمد بن
شداد المسمعي صاحب
يحيى القطان، ومن محمد بن أحمد بن أبي العوام، وأبي قلابة
الرقاشي، ومن محمد بن مسلمة الواسطي، والحارث بن أبي أسامة
التميمي، ومحمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن إسماعيل السلمي
الترمذي، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وإسماعيل بن إسحاق
القاضي، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وعبد الله بن روح
المدائني، ومحمد بن ربح البزاز، وعلي بن الحسن بن عبدويه
الخزاز، وأبي الاحوص محمد بن الهيثم القاضي، ومحمد بن غالب
تمتام، ومحمد بن الفرج الازرق، وأحمد ابن عبيدالله النرسي،
وأحمد بن محمد البرتي القاضي، وجعفر بن محمد بن شارك
الصائغ، وجعفر بن محمد بن كزال، والحسن بن سلام السواق،
وأحمد بن محمد بن عبدالحميد الجعفي، وأبي مسلم
__________
2 / 357 - 358، البداية والنهاية: 11 / 260، النجوم
الزاهرة: 3 / 343، طبقات الحفاظ: 360، شذرات الذهب: 3 /
16، هدية العارفين: 2 / 44.
(1) الغيلانيات، هي أحد عشر جزءا، تخريج الدارقطني من حديث
المترجم أبي بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم البغدادي
الشافعي.
وهو القدر المسموع لابي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن
غيلان البزاز المتوفى سنة 404.
وهي من أعلى الحديث وأحسنه.
(2) جبل: بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة: بليدة على
دجلة، بين النعمانية وواسط، وإياها عنى البحتري بقوله من
قصيدة يمدح بها أبا العباس بن بسطام: حنانيك من هول
البطائح سائرا * إلى خطر والريح هول دبورها لئن أوحشتني
جبل وخصاصها * لما آنستني واسط وقصورها انظر " معجم
البلدان " 2 / 103، وديوان البحتري: ص 1000.
[ * ]
(16/40)
إبراهيم بن عبد الله الكجي، وإبراهيم بن دنوقا، وإبراهيم
بن الهيثم
البلدي، وأحمد بن سعيد الجمال، وإسحاق بن الحسن الحربي،
سمع منه " الموطأ "، وبشر بن موسى الاسدي، وعيسى بن عبد
الله زغاث، ومحمد بن أحمد بن برد الانطاكي، ومحمد بن الجهم
السمري، ومحمد بن سليمان الباغندي، وموسى بن الحسن
الجلاجلي، ومضر بن محمد الاسدي، وموسى بن هارون الحمال،
وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والحسن بن علي المعمري، ومحمد
بن عثمان العبسي، وخلق كثير.
وكتب كتب الشافعي الجديدة عن الفقيه أبي بكر أحمد بن جون
الفرغاني صاحب الربيع.
وقد رتب شيخنا أبو الحجاج شيوخ أبي بكر الشافعي على
الحروف، لكنه اقتصر على من له عنه رواية في الغيلانيات،
فذكرت هنا كبارهم.
وآخر من روى حديثه عاليا أبو حفص بن طبرزد، بينه وبينه
رجلان، أبو القاسم بن الحصين عن أبي طالب بن غيلان عنه.
ومن فاتته الغيلانيات والقطيعيات، وجزء الانصاري، نزل
حديثه درجة، ثم لم يجد شيئا أعلى من حديث البغوي، ثم ابن
صاعد، ومن فاته حديث هذين، نزل إلى حديث المحاملي، والاصم،
وإسماعيل الصفار، راوي جزء ابن عرفة.
طال عمر أبي بكر الشافعي، وتفرد بالرواية عن جماعة، وتزاحم
عليه الطلبة لاتقانه، وعلو إسناده.
(16/41)
حدث عنه: الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وأبو عبد الله
ابن مندة، وأبو بكر بن مردويه، وأبو سعيد النقاش، ومحمد بن
عمر النرسي، وأبو علي بن شاذان، وأحمد بن عبد الله
المحاملي، وأبو القاسم بن بشران، والاستاذ أبو إسحاق
الاسفراييني، والفضل بن عبيد الله بن شهريار التاجر، وطلحة
بن الصقر الكتاني، ومكي بن علي الحريري، وعبد الرحمن بن
عبيدالله الحرفي، وأحمد بن محمد بن النمط، والحسين بن علي
بن بطحاء، وعبد الغفار بن محمد المؤدب، وعثمان بن دوست
العلاف، والحسن بن دوما النعالي، وعبد الباقي بن محمد
الطحان، وأبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان، وخلق
سواهم.
وكان يتردد إلى البلاد في التجارة.
وسمع بمصر، والشام، والجزيرة، وغير ذلك.
قال الخطيب: كان ثقة، ثبتا، [ كثير الحديث ]، حسن التصنيف،
جمع شيوخنا وأبوابا، حدثني أبو الحسن بن مخلد أنه رأى
مجلسا أملاه أبو بكر في حياة أبي محمد بن صاعد (1).
قال حمزة السهمي: سئل الدارقطني عن أبي بكر الشافعي، فقال:
ثقة جبل.
ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه.
وقال الدارقطني: أخبرنا أبو بكر الثقة المأمون الذي لم
يغمز بحال.
قلت: قد انتقى عليه الدارقطني رباعياته في جزء كبير
سمعناه.
وكانت وفاته في شهر ذي الحجة سنة أربع وخمسين وثلاث
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 456 وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/42)
مئة، وهو أول من وقع ذكره في " تاريخ مصر " للحافظ الامام
قطب الدين عبد الكريم بن منير الحلبي (1) - فسح الله في
مدته - ابتدأه بمن اسمه محمد بن عبد الله تبركا باسم النبي
صلى الله عليه وسلم.
قرأت على أبي العباس أحمد بن عبدالحميد بن قدامة، أخبركم
الامام موفق الدين عبد الله بن قدامة في صفر سنة ثمان عشرة
وست مئة.
أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا أبو الفضل بن
خيرون، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر النرسي سنة 426، أخبرنا
أبو بكر محمد بن عبد الله، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر،
حدثنا محمد ابن سابق، حدثنا مالك بن مغول، سمعت أبا حصين،
قال: قال أبو وائل: لما قدم سهل بن حنيف من صفين، أتيناه
نستخبره، فقال: أتهموا الرأي، لقد رأيتني يوم أبي جندل،
ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره
لرددت، والله ورسوله أعلم، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا
في أمر يفظعنا إلا أسهلن (2) بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا
الامر، ما نسد منه خضما (3) إلا انفجر علينا خضم ما ندري
كيف نأتي له.
أخرجه البخاري (4) عن الحسن بن إسحاق المروزي، عن ابن
سابق، فوقع بدلا عاليا.
__________
(1) هو عبد الكريم بن عبدالنور بن منير الحلبي، حافظ
للحديث، حلبي الاصل والمولد، مصري الاقامة والوفاة، له "
تاريخ مصر " في بضعة عشر جزءا، توفي سنة 735.
ترجمته في " ذيل طبقات الحفاظ " للحسيني: ص: 13 - 15، و "
حسن المحاضرة ": 1 / 202.
(2) في الاصل: أسهل.
والمثبت من البخاري ومسلم.
(3) بكسر الخاء، وفتح الضاد المعجمة، كما في الاصل، أي:
بحرا.
وفي البخاري بضم الخاء، وسكون الصاد المهملة، أي جانبا.
(4) 7 / 351 في المغازي: باب غزوة الحديبية، وهو عنده من
غير هذا الطريق 6 / 201 في الجهاد: باب إثم من عاهد ثم
غدر، و 8 / 451 في التفسير، و 13 / 244 في الاعتصام،
وأخرجه مسلم (1785) في الجهاد: باب صلح الحديبية.
[ * ]
(16/43)
ومات معه أبو الحسن نعيم بن عبدالملك بن محمد بن عدي
الاستراباذي، ومقرئ العراق أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب
بن مقسم البغدادي، والحافظ أبو حاتم بن حبان، وأبو العباس
محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي أخو أبي بكر، وشاعر العصر
أبو الطيب أحمد ابن حسين الكوفي المتنبي، وأبو بكر أحمد بن
إبراهيم بن أحمد بن عطية ابن الحداد، توفي بتنيس.
28 - ابن بندار * المحدث
الصادق، أبو محمد، عبد الله بن الحسن بن بندار بن
ناجية بن سدوس المديني الاصبهاني.
سمع أسيد بن عاصم الثقفي، وأحمد بن مهدي، ومحمد بن إسماعيل
الصائغ، لقيه بمكة.
حدث عنه: عبد الله بن عمر السكري، وعلي بن عبدكويه، وأبو
بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم، وآخرون.
مات سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
29 - الفاكهي * * الامام أبو
محمد، عبد الله بن محمد بن العباس المكي الفاكهي.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 86، عبر الذهبي: 2 / 298، النجوم
الزاهرة: 3 / 339،
شذرات الذهب: 3 / 13.
* * الفهرست: 159، عبر الذهبي: 2 / 298، العقد الثمين: 5 /
243، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات الذهب: 3 / 13.
[ * ]
(16/44)
سمع أبا يحيى بن أبي مسرة، فكان آخر من حدث عنه.
روى عنه: الحاكم، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، ومحمد بن
أحمد بن الحسن البزاز شيخ للبيهقي، وأبو القاسم بن بشران،
وآخرون.
وله تصانيف في أخبار مكة.
توفي سنة ثلاث وخمسين أيضا.
30 - الرافقي * المحدث أبو
الفضل، العباس بن محمد بن نصر بن السري الرافقي
نزيل مصر.
سمع هلال بن العلاء، وحفص بن عمر سنجة، ومحمد بن محمد
الجذوعي، وجماعة.
وعنه: أبو محمد بن النحاس، ومحمد بن نظيف، وأحمد بن محمد
بن الحاج الاشبيلي، وآخرون.
مات في سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
قال يحيى بن علي الطحان: تكلموا فيه.
31 - القالي * * العلامة
اللغوي، أبو علي، إسماعيل بن القاسم بن هارون بن
__________
* عبر الذهبي: 2 / 304 - 305، مشتبه النسبة: 1 / 298،
تبصير المنتبه: 2 / 619،
حسن المحاضرة 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 19.
* * طبقات النحويين واللغويين: 132 و 202 - 205، تاريخ
علماء الاندلس: 1 / 69، = [ * ]
(16/45)
عيذون البغدادي القالي، صاحب كتاب " الامالي " في الادب.
ولد سنة ثمانين ومئتين، وأخذ العربية عن ابن دريد، وأبي
بكر ابن الانباري، وابن درستويه، ونفطويه، وطائفة.
وسمع من أبي يعلى بالموصل، ومن أبي القاسم البغوي، وأبي
بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وعلي بن سليمان الاخفش.
وتلا على أبي بكر بن مجاهد لابي عمرو، ثم تحول إلى
الاندلس، ونشر بها علمه.
دخلها في سنة ثلاثين وثلاث مئة، ففرح به صاحبها الناصر
الاموي، وصنف له ولولده المستنصر تصانيف، وكان يدري " كتاب
" سيبويه، قد بحثه على ابن درستويه.
وأملى كتاب " النوادر ".
وله كتاب " المقصور والمدود "، وكتاب " الابل "، وكتاب "
الخيل "، و " البارع " في اللغة في بضعة عشر مجلدا، لكنه
ما تممه.
وولاؤه لبني مروان، ولهذا هاجر إلى المروانية، وعظم عندهم،
وتواليفه مهذبة.
أخذ عنه: عبد الله بن الربيع التميمي، وأبو بكر محمد بن
الحسن الزبيدي، وأحمد بن أبان بن سعيد، وطائفة.
__________
= جذوة المقتبس: 164 - 167، الانساب: 10 / 33، فهرست ابن
خير: ص 395، بغية الملتمس: 231 - 234، معجم الادباء: 7 /
25 - 33، معجم البلدان: 4 / 300، إنباه الرواة: 1 / 204 -
209، اللباب: 3 / 9، وفيات الاعيان: 1 / 226 - 228، العبر:
2 / 304،
مرآة الجنان: 2 / 359، البداية والنهاية: 11 / 264 - 265،
المزهر: 2 / 420، بغية الوعاة: 1 / 453، نفح الطيب: 1 /
364، 368، 369، و 2 / 20، 49، 665 و 3 / 70 - 78 وغيرها،
شذرات الذهب: 3 / 18، هدية العارفين: 1 / 208.
[ * ]
(16/46)
توفي بقرطبة في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
والقالي نسبة إلى قرية " قاليقلا " (1) من أعمال منازكرد
من إقليم أرمينية.
رافق ناسا من تلك القرية، فعرف بذلك تلقيبا وشهر به.
32 - أبو السائب * قاضي
القضاة، أبو السائب، عتبة بن عبيدالله بن موسى بن
عبيدالله الهمذاني الشافعي الصوفي.
كان أبوه تاجرا بهمذان، وإمام مسجد، فاشتغل هو وتصوف أولا،
وتزهد، وسافر، وصحب الجنيد والعلماء.
وروى عن: عبدالرحمن بن أبي حاتم وغيره، وعني بفهم القرآن،
وكتب الحديث والفقه، ثم ذهب إلى مراغة (2)، واتصل بابن أبي
الساج الامير، فولي القضاء له، ثم بعد صيته، وقلد قضاء
ممالك أذربيجان، ثم ولي قضاء همذان، ثم قدم بغداد، وتوصل،
وازدادت عظمته، وقلد قضاء العراق في سنة ثمان وثلاثين، فهو
أول شافعي ولي قضاء بغداد، وعاش ستا وثمانين سنة.
مات في ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
__________
(1) انظر " معجم البلدان ": 4 / 299 - 300.
* تاريخ بغداد: 12 / 320 - 322، المنتظم: 7 / 5 - 6،
العبر: 2 / 287، عيون التواريخ: 11 الورقة: 48، طبقات
السبكي: 3 / 343 - 344، البداية والنهاية: 11 / 239.
النجوم والزاهرة: 3 / 329، شذرات الذهب: 3 / 5.
(2) مراغة: بلدة عظيمة، من أشهر بلاد أذربيجان.
انظر " معجم البلدان ": 5 / 93 - 94.
[ * ]
(16/47)
33 - الحبيبي * المحدث المعمر، أبو أحمد، علي بن محمد
بن عبد الله بن محمد بن حبيب الحبيبي المروزي.
حدث عن: سعيد بن مسعود، وعمار بن رجاء، وسهل بن المتوكل،
وعبد العزيز بن حاتم.
وعنه: ابن مندة، والحاكم، ومنصور بن عبد الله الذهلي،
ومحمد بن أحمد غنجار.
قال الحاكم: يكذب مثل السكر، الحسنوي أحسن حالا منه.
قلت: مات في رجب سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة وهو في عشر
المئة.
34 - ابن قاج * * الامام
المحدث، أبو الحسين، أحمد بن قاج بن عبد الله
البغدادي الوراق.
لا يوصف ما سمعه كثرة.
سمع إبراهيم بن هاشم البغوي، والباغندي، وابن جرير،
وإبراهيم بن عبد الله المخرمي.
حدث عنه: الدارقطني، وابن رزقويه، وأبو طالب بن غيلان،
وآخرون.
__________
* الانساب: 4 / 53، اللباب: 1 / 339، العبر: 2 / 292،
ميزان الاعتدال: 3 / 155، مشتبه النسبة: 1 / 256، لسان
الميزان: 4 / 258 - 259، شذرات الذهب: 3 / 8.
* * تاريخ بغداد: 4 / 355 وهو فيه " أبو الحسن "، الاكمال
لابن ماكولا: 1 / 170.
[ * ]
(16/48)
وكان ثقة متقنا.
ذكر الخطيب أنه ورث سبع مئة دينار، فاشترى بمجموعها كاغدا
في صفقة، ومكث دهرا يكتب فيه الحديث، رحمه الله (1).
مات سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
35 - أبو عمرو الصغير * هو
الحافظ الامام الرحال، أبو عمرو محمد بن أحمد بن
إسحاق ابن ابراهيم النيسابوري النحوي، ويعرف بالصغير.
قال الخليلي: هو نيسابوري حافظ.
سمع أبا يعلى الموصلي، وحامد بن شعيب، وابن قتيبة
العسقلاني.
قلت: وأبا القاسم البغوي، وعبد الله بن شيرويه صاحب إسحاق،
وإمام الائمة ابن خزيمة، وأبا عروبة الحراني، وابن أبي
داود، وطبقتهم.
ولد سنة تسع وثمانين ومئتين.
وذكره الحاكم، وقال: لقد كان كثيرا في العلوم والعدالة،
لانهما كانا أبوي عمرو، ولا يزايلان مجلس ابن خزيمة، وهذا
الاصغر، فكان ابن خزيمة يقول: أبو عمرو الصغير، فبقي عليه.
رحل به أبو علي الحافظ إلى العراق والجزيرة والشام.
إلى أن قال: وتوفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 355.
* تاريخ بغداد: 1 / 277، تاريخ ابن عساكر: 36 / 256، إنباه
الرواة: 3 / 54، الوافي بالوفيات: 2 / 31.
[ * ]
(16/49)
قلت: هو من شيوخ الحاكم.
قال الخليلي: سمعت الحاكم يقول: كان فقيها، أديبا، ورعا،
صاحب حديث، وهو كبير كبير، فإني سمعت أحمد بن محمد، سمعت
عبد الله بن أحمد بن حنبل، يقول: قلت لابي، وسألته عن
إبراهيم بن موسى الرازي الصغير، فقال: يا بني، لا تقل:
صغير، هو كبير، هو كبير، هو كبير.
ثم قال الحاكم: هذا مثل ضربته لابي عمرو.
ثم قال الخليلي: مات سنة نيف وستين وثلاث مئة.
قلت: بل الصحيح ما تقدم.
36 - الاسفراييني * المحدث
الثقة الرحال، أبو محمد، الحسن بن محمد بن إسحاق بن
أزهر الاسفراييني، والد أبي نعيم.
رحل به خاله أبو عوانة الحافظ.
وسمع من: أبي بكر بن رجاء، والكجي، وابن الضريس، وعبد الله
بن أحمد، ويوسف القاضي، وأبي خليفة، وخلق.
وعنه الحاكم، وقال: كان محدث عصره، ومن أجود الناس أصولا.
قلت: حدث عنه علي بن محمد بن علي الاسفراييني، وعبد الرحمن
بن محمد بن بالويه، وجماعة.
مات في شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
__________
* العبر: 2 / 271، الوافي بالوفيات: 12 / 265، شذرات
الذهب: 2 / 372.
[ * ]
(16/50)
37 - ابن فحلون * الشيخ الثقة الامام، أبو عثمان، سعيد بن
فحلون
الاندلسي الالبيري رواي كتاب " الواضحة " لعبد الملك بن
حبيب، عن يوسف المغامي (1) عنه وسمع من بقي بن مخلد وابن
وضاح، ومطرف بن قيس، وحج فأخذ عن النسائي، وأحمد بن محمد
بن رشدين.
حدث عنه خلق، منهم يحيى بن عبد الله بن عيسى الليثي،
والمعمر حسين بن عبد الله البجاني.
وكان صدوقا، زعر الخلق.
توفي في رجب سنة ست وأربعين وثلاث مئة، وله أربع وتسعون
سنة.
38 - أبو علي النيسابوري * *
الحافظ الامام العلامة الثبت، أبو علي، الحسين بن علي
بن يزيد بن داود النيسابوري.
أحد النقاد.
ولد في سنة سبع وسبعين ومئتين.
وأول شئ سمعه في سنة أربع وتسعين.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 168 - 169، جذوة المقتبس: 232
- 233، بغية الملتمس: 311، النجوم الزاهرة: 3 / 318.
(1) المغامي: بضم الميم وفتح الغين وبعد الالف ميم ثانية:
هذه النسبة إلى " مغامة ": بلدة بالاندلس " اللباب " 3 /
240.
* * تاريخ بغداد: 8 / 71 - 72، المنتظم: 6 / 396، معجم
البلدان: 5 / 332 - 333،
تذكرة الحفاظ: 3 / 902 - 905، العبر: 2 / 281 - 282، مرآة
الجنان: 2 / 343، طبقات السبكي: 3 / 276 - 280، البداية
والنهاية: 11 / 236، النجوم والزاهرة: 3 / 324، طبقات
الحفاظ: 368 - 369، شذرات الذهب: 2 / 380، تهذيب ابن
عساكر: 4 / 350 - 351.
[ * ]
(16/51)
روى عن: إبراهيم بن أبي طالب، وعلي بن الحسين، وعبد الله
ابن شيرويه، وجعفر بن أحمد الحافظ، وابن خزيمة، وأحمد بن
محمد الماسرجسي، وطبقتهم بنيسابور، وعن الحسين بن إدريس،
ومحمد بن عبدالرحمن السامي بهراة، وأبي خليفة الجمحي،
وزكريا الساجي بالبصرة، ومحمد بن نصير، وطبقته بأصبهان،
ومحمد بن جعفر القتات، وعدة بالكوفة، وعبدان الجواليقي
بالاهواز، والحسن ابن سفيان، بنسا، والحسن بن الفرج الغزي
بغزة، وعمران بن موسى ابن مجاشع بجرجان، وأبي عبدالرحمن
النسائي، وأبي يعقوب المنجنيقي بمصر، وأبي يعلى بن المثنى
بالموصل، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وهو أقدم شيخ له،
وأحمد بن يحيى الحلواني بحلوان، وعبد الله بن ناجية، ومحمد
بن حبان ببغداد، وخلق كثير بمدائن خراسان، وبالحرمين ومصر
والشام والعراق والجزيرة والجبال.
وكان في أيام الحداثة يتعلم في الصاغة، فنصحه بعض العلماء
لما شاهد فرط ذكائه، وأشار عليه بطلب العلم، فهش لذلك،
وأقبل على الطلب.
حدث عنه: ابن مندة، والحاكم، وأبو طاهر بن محمش، وأبو عبد
الرحمن السلمي، وعدة.
وقد حدث عنه الامامان أبو بكر الصبغي، وأبو الوليد حسان بن
محمد، وهما أكبر منه.
وتلمذ له الحاكم، وتخرج به، وقال: هو واحد عصره في الحفظ،
والاتقان، والورع، والمذاكرة، والتصنيف.
سمع إبراهيم ابن أبي طالب، ثم سرد شيوخه.
وعن أبي علي الحافظ، قال: رحلت إلى هراة في سنة خمس
(16/52)
وتسعين، وحضرت أبا خليفة الجمحي وهو يهدد وكيلا، ويقول:
تعود يا لكع ؟ فقال: لا أصلحك الله، فقال: بل أنت لا أصلحك
الله.
قم عني.
قال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى
الموصلي وبإتقانه.
وقال: كان لا يخفى عليه شئ من حديثه إلا اليسير، ولولا
اشتغاله بسماع كتب القاضي أبي يوسف من بشر بن الوليد
الكندي لادرك بالبصرة أبا الوليد الطيالسي، وسليمان بن
حرب.
قال الحاكم: كان أبو علي باقعة (1) في الحفظ، لا تطاق
مذاكرته، ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا، وقد خرج إلى
بغداد ثاني مرة في سنة عشر وثلاث مئة، وقد صنف وجمع، فأقام
ببغداد وما بها أحد أحفظ منه إلا أن يكون الجعابي، فإني
سمعت أبا علي يقول: ما رأيت ببغداد أحفظ من الجعابي.
وسمعت أبا علي يقول: كتب عني أبو محمد بن صاعد غير حديث في
المذاكرة، وكتب عني ابن جوصا بدمشق جملة.
قال الحافظ أبو بكر بن أبي دارم: ما رأيت ابن عقدة يتواضع
لاحد من الحفاظ كما يتواضع لابي علي النيسابوري.
قال الحاكم: وسمعت أبا علي يقول: اجتمعت ببغداد مع أبي
أحمد العسال، وأبي إسحاق بن حمزة، وأبي طالب بن نصر، وأبي
بكر الجعابي [ وأبي أحمد الزيدي ] فقالوا لي: أمل من حديث
نيسابور مجلسا، فامتنعت، فما زالوا بي حتى أمليت عليهم
ثلاثين حديثا، فما أجاب
__________
(1) الباقعة: الداهية.
انظر: " اللسان " مادة " بقع ".
[ * ]
(16/53)
واحد منهم في حديث منها سوى ابن حمزة في حديث واحد (1).
قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن أبي علي
النيسابوري، فقال: إمام مهذب.
قال الخليلي: سمعت الحاكم يقول: لست اقول تعصبا، لانه
أستاذي - يعني أبا علي - ولكن لم أر مثله قط..وقال
الخليلي: قال ابن المقرئ الاصبهاني: إني لادعو له في أدبار
الصلوات، كنت أتبعه في شيوخ مصر والشام.
ثم قال الخليلي: سمعت من يحكي عن أبي علي قال: دققت على
ابن عقدة بابه، فقال: من ؟، قلت: أبو علي النيسابوري
الحافظ، قال: فلما ذاكرني قال: أنت الحافظ ؟ قلت: نعم.
قال: لعلك تحفظ ثيابك، فلما رجعت من الشام لقيته، فذاكرته،
فقال: أنت والله اليوم الحافظ، قد غلبتني.
قال الحاكم: سمعته يقول: كنت أختلف إلى الصاغة، وفي جوارنا
فقيه كرامي (2)، يعرف بالولي، أخذت عنه مسائل، فقال لي أبو
الحسن الشافعي: لا تضيع أيامك، فقلت: إلى من أختلف ؟ قال:
إلى إبراهيم بن أبي طالب، فأتيته سنة أربع وتسعين.
فلما رأيت
شمائله، وسمته، وحسن مذاكرته للحديث، حلا في قلبي فحدث
يوما عن محمد بن يحيى، عن إسماعيل بن أبي أويس، فقال لي
رجل: اخرج إلى
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 72 وما بين حاصرتين منه.
(2) بفتح أوله والراء المشددة، هذه النسبة إلى أبي عبد
الله محمد بن كرام السجستاني، صاحب الفرقة الكرامية.
انظر " اللباب ": 3 / 89، و " الملل والنحل ": 1 / 108.
[ * ]
(16/54)
هراة فإن بها من يحدث عن إسماعيل، فوقع في قلبي، فخرجت إلى
هراة سنة 95 (1).
قلت: رحل أيضا ثانيا إلى العراق وحج مرتين.
أنبأني مسلم بن محمد، عن القاسم بن علي أخبرنا أبي، أخبرنا
أخي أبو الحسين، سمعت أبا طاهر السلمي، سمعت غانم بن أحمد،
سمعت أحمد بن الفضل الباطرقاني، سمعت أبا عبد الله بن
مندة، سمعت أبا علي النيسابوري، وما رأيت أحفظ منه يقول:
ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم (2).
قال عبدالرحمن بن مندة: سمعت أبي يقول: ما رأيت في اختلاف
الحديث والاتقان أحفظ من أبي علي النيسابوري.
وقال القاضي أبو بكر الابهري: سمعت أبا بكر بن أبي داود،
يقول لابي علي النيسابوري: من إبراهيم، عن إبراهيم، عن
إبراهيم ؟ فقال: إبراهيم بن طهمان، عن إبراهيم بن عامر
البجلي، عن إبراهيم النخعي، فقال: أحسنت يا أبا علي.
قال الحاكم: كان أبو علي يقول: ما رأيت في أصحابنا مثل أبي
بكر الجعابي، حيرني حفظه، فحكيت هذا للجعابي، فقال: يقول
__________
(1) يعني: بعد المئتين.
(2) قال ابن الصلاح في " المقدمة " ص 26 تعليقا على قول
أبي علي هذا: إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم
يمازجه غير الصحيح، فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث
الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم
أبوابه من الاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في
الصحيح، فهذا لا بأس به، وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح
فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري، وإن كان
المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا، فهذا مردود على من
يقوله.
[ * ]
(16/55)
أبو علي هذا وهو أستاذي على الحقيقة ؟ ! قال أبو علي: قدمت
بغداد، فدخلت على الفريابي، وقد قطع الرواية، فبكيت بين
يديه، فما حدثني، ورأيته حسرة.
قال الحاكم: مات أبو علي في جمادى الاولى سنة تسع وأربعين
وثلاث مئة.
قلت: عاش ثنتين وسبعين سنة.
ولم يخلف بخراسان مثله.
قال أبو علي: استأذنت ابن خزيمة في الخروج إلى العراق سنة
ثلاث وثلاث مئة، فقال: توحشنا مفارقتك يا أبا علي، فقد
رحلت وأدرك العوالي، وتقدمت في الحفظ، ولنا فيك فائدة.
فما زلت به حتى أذن لي.
وقال أبو علي: قال لي أبن خزيمة: لقد أصبت في خروجك، فإن
الزيادة على حفظك ظاهرة، ثم إن أبا علي صنف وجمع.
أخبرنا محمد بن حازم المقدسي، أخبرنا محمد بن غسان (ح)
وأخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا زين الامناء الحسين بن
محمد، وأخبرنا
الحسن بن علي، أخبرنا مكرم بن محمد، قالوا: أخبرنا سعيد بن
سهل الفلكي، أخبرنا علي بن أحمد المؤذن، أخبرنا أبو عبد
الرحمن السلمي أخبرنا الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد
بن علي بن الحسن الرقي، حدثنا سليمان بن عمرو الرقي، حدثنا
ابن علية، حدثنا روح ابن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " أمرت أن
أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي،
وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم
إلا
(16/56)
بحقها، وحسابهم على الله عزوجل " (1).
قال الحاكم: سألت أبا علي عن الحسن بن الفرج الغزي، فقال:
ما كان إلا صدوقا، قلت: إن أهل الحجاز يذكرون أنه سمع بعض
" الموطأ " فحدث بالكل، فقال: ما رأينا إلا الخير.
قرأ علينا " الموطأ " من أصل كتابه.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو الصغير يقول: نزلنا الخان
بدمشق، فأتى ابن جوصا زائرا لابي علي الحافظ، فنزل عن
البغلة، وأظهر الفرح، وذاكر أبا علي، وأخذ منه جمعه " كتاب
عبد الله بن دينار " ثم حملنا إلى منزله، ثم اجتمع جماعة
من الرحالة، منهم: الزبير الاسد اباذي، ونقموا على ابن
جوصا أحاديث، فقال أبو علي: لا تفعلوا، هذا إمام قد جاز
القنطرة، قال: فبلغ ذلك ابن جوصا، فما بالى بهم، بل كان
يهاب أبا علي فبعث بوكيله إلى أبي علي بعشرين دينارا،
فقال: يا أبا علي، ينبغي أن تسافر، فإن السلطان قد طلبك
فخرج، وخرجنا معه.
قال الحاكم: سمعت أحمد بن محمد يقول: راسله ابن جوصا بأنه
قد أنهي إلى السلطان أنك استصحبت غلاما حدثا، وإن أباه قد
خرج في طلبه، يعني أبا عمرو الصغير.
أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الفارسي، وسنقر بن عبد الله
الزيني قالا: أخبرنا علي بن محمود، أخبرنا أبو طاهر بن
سلفة، أخبرنا القاسم بن
__________
(1) وأخرجه مسلم (21) (34) في الايمان من طريقين عن روح بن
القاسم بهذا الاسناد.
وأخرجه من حديث أبي هريرة بنحوه من غير هذا الطريق:
البخاري 3 / 311 في أول الزكاة، و 12 / 244، ومسلم (21)،
والترمذي (2606)، وأبو داود (2640)، والنسائي 5 / 14.
[ * ]
(16/57)
الفضل، حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاء، أخبرنا أبو علي
الحسين بن علي، حدثنا عبد الصمد بن سعيد الحمصي، حدنثا
الحسين بن خالد، عن محمد بن زياد، عن مالك، عن نافع، عن
ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يغلق
الرهن " (1).
أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا جعفر الهمداني وجماعة، قالوا:
أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا أبو
زيد عبدالرحمن ابن محمد بن حبيب، أخبرنا أبو علي الحسين بن
علي الحافظ، حدثنا الفضل بن أحمد المروزي ثقة، حدثنا محمد
بن عبد الله بن قهزاذ، حدثنا الجدي، حدثنا شعبة، عن عمرو
بن دينار، حدثني يزيد بن جعدبة، عن عبدالرحمن ابن مخراق،
عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الله خلق ريحا في الجنة بعد الريح بسبع سنين، بينكم
وبينها باب،
__________
(1) أخرجه ابن عدي في " كامله " 366 / 2 من طريق محمد بن
زياد بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث منكر بهذا الاسناد،
وإنما روى مالك، هذا الحديث في " الموطأ " عن الزهري، عن
سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومحمد بن زياد منكر الحديث عن الثقات، ولا أعرفه إلا في
هذا الحديث، وليس بالمعروف.
قلت: والرواية المرسلة في " الموطأ " 2 / 728 في الاقضية:
باب ما لا يجوز من غلق الرهن.
وقد رواه عن سعيد بن المسيب مرسلا الشافعي (324)، والبيهقي
6 / 39، والدارقطني 3 / 33، وعبد الرزاق (15034).
وقد روي موصولا بذكر أبي هريرة من طرق وكلها ضعيفة،
والصحيح أنه مرسل كما جزم به البيهقي وغيره.
انظر سنن الدارقطني 3 / 32، 33، و " المستدرك " 2 / 51،
وسنن البيهقي 6 / 40، وابن حبان (1123).
وقوله " لا يغلق الرهن ": قال ابن الاثير: يقال: غلق الرهن
يغلق غلوقا: إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على
تخليصه.
والمعنى: أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه صاحبه، وكان
هذا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في
الوقت المعين ملك المرتهن الرهن.
[ * ]
(16/58)
الذي يصيبكم من الريح ما يخرج من خلل ذلك الباب، ولو فتح
لاذرت ما بين السماء والارض، اسمها عند الله الارنب وهي
عندكم الجنوب " (1) غريب، ويقع لنا عاليا بدرجتين من حديث
المحاملي.
39 - ابن مروان * المحدث
الرئيس، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن عبد
الرحمن بن عبدالملك بن مروان القرشي الدمشقي الذي انتخب
عليه ابن مندة ثلاثين جزءا.
سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأبا علاثة المصري،
وأحمد بن إبراهيم البسري، وإسماعيل بن قيراط، وخياط السنة،
وأنس بن السلم وعدة.
وعنه: ابن مندة، وتمام، وحوي بن علي، وعبد الوهاب
الميداني، وأبو الحسن بن السمسار، وآخرون، وأملى مجالس.
قال الكتاني: كان ثقة، مأمونا جوادا، مات في شوال سنة ثمان
وخمسين وثلاث مئة.
قلت: وأبوه أبو إسحاق (2) من أصحاب الحديث.
__________
(1) يزيد بن جعدبة وكذا شيخه عبدالرحمن بن مخراق لا يعرفان
بجرح ولا تعديل انظر ابن أبي حاتم 9 / 255 و 5 / 285،
وأورده من حديث أبي ذر: السيوطي في " الجامع الكبير ":
168، ونسبه لابن راهويه، وابن أبي شيبة، والروياني،
والخرائطي في " مكارم الاخلاق "، ورمز له بالضعف.
* العبر: 2 / 311 - 312، الوافي بالوفيات: 1 / 342، شذرات
الذهب: 3 / 27.
(2) هو الحافظ الامام أبو إسحاق، إبراهيم بن عبدالرحمن بن
عبدالملك بن مروان القرشي الدمشقي.
محدث رحال.
توفي سنة 319 ه.
ترجمته في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 805.
[ * ]
(16/59)
40 - النضري * الامام الصادق المعمر القاضي أبو العباس عبد
الله بن الحسين
ابن الحسن بن أحمد بن النضر بن حكيم النضري المروزي، قاضي
مرو ومسندها.
قدم بغداد، وسمع من الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن إسماعيل
الترمذي، وجماعة، وكان أبوه قد سمع من عباب الدوري، وأبي
داود السجستاني.
حدث عن أبي العباس: الحاكم وأبو غانم الكراعي المروزي
وجماعة.
عمر طويلا، وعاش سبعا وتسعين سنة، توفي في شعبان سنة سبع
وخمسين وثلاث مئة.
وفيها توفي أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة
الرازي بمصر، وأبو الحسن أحمد بن القاسم بن كثير بن الريان
اللكي، والحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي،
والمتقي لله، وناصر الدولة بن حمدان، وحمزة الكناني، وعبد
الرحمن ابن العباس والد المخلص، وعمر البصري المحدث، وأبو
عبد الله بن محرم، وأبو علي بن ادم الفزاري، وأبو سليمان
محمد بن الحسين الحراني.
41 - ابن محرم * * الامام
المفتي المعمر، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن علي
__________
* العبر: 2 / 308 - 309 ووقع فيه " البصري " وهو خطأ،
مشتبه النسبة: 1 / 84، عيون التواريخ: 11 الورقة: 162،
توضيح المشتبه: ورقة 66 / أ، النجوم الزاهرة: 4 / 20،
شذرات الذهب: 3 / 24.
* * تاريخ بغداد.
1 / 320 - 321، المنتظم: 7 / 45، العبر: 2 / 309 - 310،
ميزان = [ * ]
(16/60)
ابن مخلد البغدادي الجوهري المحتسب، عرف بابن محرم.
من أعيان تلامذة ابن جرير.
سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي،
ومحمد بن يوسف بن الطباع، والكديمي، وطبقتهم.
وعنه: ابن رزقويه، وابن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان،
وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.
قال الدارقطني: لا بأس به.
وقال ابن أبي الفوارس: لم يكن بذاك.
قلت: مات في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، على
ثلاث وتسعين سنة.
42 - الشعار * الامام الفقيه
البارع المحدث، مسند أصبهان، أبو عبد الله، أحمد بن بندار
بن إسحاق الاصبهاني الشعار الظاهري.
سمع إبراهيم بن سعدان، وعبيد بن الحسن الغزال، ومحمد بن
زكريا، وعمير بن مرداس، وأبا بكر بن أبي عاصم، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر بن مردويه، وعلي بن عبدكويه، وأبو بكر
__________
= الاعتدال: 3 / 462، مشتبه النسبة: 2 / 579، البداية
والنهاية: 11 / 266، لسان الميزان: 5 / 51 - 52، النجوم
الزاهرة: 4 / 20، شذارت الذهب: 3 / 26.
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 151 - 152، العبر: 2 / 313،
الوافي بالوفيات: 6 / 277، شذرات الذهب: 3 / 28.
[ * ]
(16/61)
ابن أبي علي، وأبو سعيد النقاش، وأبو نعيم الحافظ، وأبو
سعد عبدالرحمن بن أحمد الصفار، وجماعة.
قال أبو نعيم: درس المذهب على أبي بكر بن أبي عاصم، وسمع
كتبه، وكان ثقة، ظاهري المذهب.
توفي في ذي القعدة سنة تسع وخمسين وثلاث مئة عن نيف وتسعين
سنة.
أخبرنا أحمد بن المعلم، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود
الجمال، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا
أحمد بن بندار، حدثنا
محمد بن زكريا، حدثنا سليمان بن كران، حدثنا عمر بن صهبان
عن ابن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " اطلبوا الخير عند حسان الوجوه " إسناده لين
(1).
43 - أبو علي الطبري * الامام
شيخ الشافعية، الحسن بن القاسم، علق التعليقة عن
أبي
__________
(1) بل ضعيف جدا من أجل عمر بن صهبان قال المؤلف في "
الميزان " 3 / 207: قال أحمد: لم يكن بشئ، وقال يحيى بن
معين: لا يساوي فلسا، وقال البخاري: هو منكر الحديث، وقال
أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث، وسليمان بن كران قال
العقيلي: الغالب على حديثه الوهم.
وهو في " حلية الاولياء " 3 / 156، وقد تحرف فيه سليمان بن
كران إلى سليمان بن كرز.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 8 / 194، ونسبه للطبراني في
الاوسط، وقال: فيه عمر بن صهبان وهو متروك.
وانظر ما كتبه ابن القيم عن هذا الحديث في " روضة المحبين
" ص: 123، 124.
* الفهرست: 301، تاريخ بغداد: 8 / 87، طبقات الفقهاء
للشيرازي: 115، المنتظم: 7 / 5، وفيات الاعيان: 2 / 76،
العبر: 2 / 286، الوافي بالوفيات: 12 / 204 - 205، مرآة
الجنان: 2 / 345، طبقات السبكي: 3 / 280 - 281، البداية
والنهاية: = [ * ]
(16/62)
علي بن أبي هريرة، وصنف " المحرر في النظر " وهو أول كتاب
صنف في الخلاف المجرد، وصنف " الافصاح " في المذهب، وألف
في الجدل، ودرس ببغداد بعد شيخه أبي علي، ومات كهلا في سنة
خمسين وثلاث مئة.
44 - الانباري * الشيخ المعمر،
مسند بغداد، أبو بكر بن أبي أحمد البندار، واسمه
محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم بن عمران الانباري.
وقع لابن خليل جزءان مشهوران من عواليه.
مولده في شوال سنة سبع وستين ومئتين.
وسمع في حداثته من أحمد بن الخليل البرجلاني، ومحمد بن
أحمد بن أبي العوام الرياحي، وجعفر بن محمد بن شاكر
الصائغ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وجماعة، فكان آخر من
حدث عنهم.
روى عنه: ابن سميكة، وأبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ،
وأبو بكر البرقاني، وابن داود الرزاز، ومحمد بن أبي إسحاق
المزكي، وبشرى بن مسيس الفاتني، وآخرون.
قال الخطيب: سألت البرقاني عنه، فقال: كان سماعه صحيحا بخط
أبيه، وقال ابن أبي الفوارس: انتقى عليه عمر
__________
= 11 / 238 - 239، النجوم الزاهرة: 3 / 328، شذرات الذهب:
3 / 3، روضات الجنات: 215، طبقات الاصوليين: 1 / 196 -
197.
* تاريخ بغداد: 2 / 150 - 151، المنتظم: 7 / 55، العبر: 2
/ 316، البداية والنهاية: 11 / 270، النجوم الزاهرة: 4 /
62، شذرات الذهب: 3 / 31.
[ * ]
(16/63)
البصري، وكان قريب الامر فيه بعض الشئ، وكان له أصول جياد
بخط أبيه (1).
توفي فجأة يوم عاشوراء سنة ستين وثلاث مئة رحمه الله.
45 - البروجردي * الشيخ المعمر
الخطيب، أبو العباس، أحمد بن محمد بن
صالح.
نزل بغداد، وروى جزءا عن إبراهيم بن ديزيل، فكان خاتمة
أصحابه.
روى عنه: هلال الحفار، ومحمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن
محمد السواق.
بقي إلى شوال سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
46 - الطوماري * * الشيخ
المحدث المعمر، مسند العراق، أبو علي، عيسى بن محمد
بن أحمد الجريجي الطوماري البغدادي، من ذرية فقيه مكة ابن
جريج، وكان هو قد شهر بصحبة ابن طومار الهاشمي فنسب إليه،
مولده في أول سنة اثنتين وستين ومئتين.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 151.
* تاريخ بغداد: 5 / 38 - 39، الانساب: 2 / 175.
* * تاريخ بغداد: 11 / 176 - 177، الانساب: 8 / 267 - 268،
الباب: 2 / 289، العبر: 2 / 316، ميزان الاعتدال: 3 / 322،
لسان الميزان: 4 / 404، النجوم الزاهرة: 4 / 61 - 62،
شذرات الذهب: 3 / 30 - 31.
[ * ]
(16/64)
طلب الحديث وأكثر، وحدث عن: الحارث بن أبي أسامة، وأبي بكر
بن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى، ومحمد بن
يونس الكديمي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، ومحمد بن أحمد
بن البراء، وكان يذكر أن عنده عن أحمد بن أبي خيثمة "
تاريخه ".
حدث عنه: ابن رزقويه، وعلي بن عبد الله العيسوي، وابن
داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ،
وآخرون.
قال ابن الفرات الحافظ: لم يكن بذاك، حدث من غير أصول في
آخر أمره (1).
وقال ابن أبي الفوارس: كان يذكر أن عنده " تاريخ " ابن أبي
خيثمة، وكتب ابن أبي الدنيا، ولم يكن له أصول، وكان يحفظ
حكايات، وقيل: إنه قرئ عليه " الكامل " للمبرد من غير
كتابه، مات في صفر سنة ستين وثلاث مئة (2).
قلت: عاش ثمانيا وتسعين سنة وأياما.
47 - الرازي * العارف كبير
الطائفة، أبو محمد عبد الله بن محمد الحيري،
المشهور بالرازي، تلميذ الزاهد أبي عثمان الحيري.
رحل وروى عن: أحمد بن نجدة، ويوسف القاضي، وأبي عبد
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 177.
(2) المصدر السابق.
* طبقات الصوفية: 451 - 453، الرسالة القشيرية: 28، طبقات
الشعراني: 1 / 140، نتائج الافكار القدسية: 2 / 4.
[ * ]
(16/65)
الله البوشنجي، وعدة، وصحب الجنيد والكبار، وطوف وتجرد
وتقدم، وكان ثقة.
روى عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو علي بن حمشاد.
قال السلمي: هو أجل شيخ رأيناه من القوم وأقدمهم، وقد صحب
الحكيم الترمذي، وكان يرجع إلى فنون من العلم.
توفي في سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
48 - محمد بن الحسن * ابن
الحسين بن منصور، الحافظ المفيد، الامام الحجة، أبو
الحسن النيسابوري التاجر، أحد الاعلام كأبيه وعمه عبدوس بن
الحسين.
سمع محمد بن أيوب الرازي، وأبا عبد الله البوشنجي، ومحمد
ابن عمرو قشمرد، وأبا عمر القتات، ويوسف القاضي، وطبقتهم
بخراسان والجبال والعراق.
وجمع وصنف، وكان موصوفا بالصدق، والضبط، والبذل للطلبة،
صنف كتاب على رسم إمام الائمة ابن خزيمة.
ذكره الحاكم، وعظمه، وقال: سمعته يقول: عندي عن ابن ناجية،
والقاسم المطرز ألف جزء وزيادة، وسرت إلى بخارى سنة خمس
عشرة وثلاث مئة وكتبوا عني، وحدث عني أبي وعمي.
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 885 - 886، طبقات الحفاظ: 362 - 363،
شذرات الذهب: 3 / 17.
[ * ]
(16/66)
قال عبد الله بن سعد الحافظ: كتبت عن أبي الحسن بن منصور
أكثر من ألف حديث استفدتها منه.
قال الحاكم: وقد انتخب عليه أبو علي الحافظ مع تقدمه مئتي
جزء، ورأيت مشايخنا يتعجبون من حسن قراءة أبي الحسن
للحديث.
كف بصره في سنة تسع وأربعين وثلاث مئة وتوفي في سنة خمس
وخمسين وثلاث مئة رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن القاسم بن الصفار، أخبرنا جدي
عمر بن أحمد، أخبرنا ابن خلف، أخبرنا أبو عبد الله الحاكم،
أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسن، حدثنا ابن ناجية، حدثنا
نصر بن علي، ومحمد بن موسى الحرشي، قالا: حدثنا حماد بن
عيسى، حدثنا حنظلة، سمعت سالما، عن أبيه، عن عمر: " أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مد يديه في الدعاء
لا يردهما، حتى يمسح بهما وجهه ".
أخرجه الحاكم في " مستدركه " (1) فلم يصب، حماد ضعيف.
__________
(1) 1 / 536، وأخرجه ابن ماجه (3866)، والترمذي (3383) في
الدعوت: باب رفع الايدي عند الدعاء، وقال: هدا حديث (وقد
زاد محققه إبراهيم عطوة من كيسه هنا كلمة " صحيح " غريب لا
نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به وهو قليل
الحديث، وقد حدث عنه الناس.
وقال المؤلف في " الميزان " 1 / 598 في ترجمة عيسى بن
حماد: ضعفه أبو داود، وأبو حاتم والدارقطني ولم يتركه.
وقال أبو زرعة: حديث منكر أخاف أن لا يكون له أصل.
وفي الباب حديثان لكنهما لا يصلحان للاستشهاد، الاول: حديث
ابن عباس عند أبي داود (1485)، والحاكم 1 / 536، وفي مسنده
صالح بن حسان قال الحافظ في " التقريب ": متروك، والثاني:
حديث السائب بن يزيد، عن أبيه عند أبي داود (1492).
وفي سنده ضعيف ومجهول.
[ * ]
(16/67)
49 - ابن الاحمر * محدث الاندلس، ومسندها الثقة أبو بكر
محمد بن معاوية
بن عبد الرحمن بن معاوية بن إسحاق بن عبد الله بن معاوية
ابن الخليفة هشام بن عبدالملك بن مروان الاموي المرواني
القرطبي، المعروف بابن الاحمر، من بيت الامرة والحشمة.
سمع من عبيدالله بن يحيى بن يحيى وغيره، وارتحل سنة خمس
وتسعين، فسمع من أبي خليفة الجمحي بالبصرة، ومن إبراهيم بن
شريك، ومحمد بن يحيى المروزي، وجعفر الفريابي، ببغداد، ومن
أبي عبدالرحمن النسائي، وأبي يعقوب المنجنيقي بمصر.
وجال ووصل إلى الهند تاجرا، وكان يقول: رجعت من الهند،
وأنا أقدر على ثلاثين ألف دينار، ثم غرقت وما نجوت إلا
سباحة لا شئ معي، ثم رجع إلى الاندلس، وجلب إليها " السنن
الكبير " للنسائي، وحمل الناس عنه.
وكان شيخا نبيلا، ثقة، معمرا.
روى عنه: محمد بن عبد الله بن حكم، ومحمد بن إبراهيم بن
سعيد، وجماعة آخرهم موتا عبد الله بن ربيع، ويونس بن عبد
الله بن مغيث.
توفي في رجب سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة، وقد قارب التسعين،
رحمه الله.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 67 - 68، جذوة المقتبس: 88 -
90، بغية الملتمس: 127 - 128، العبر: 2 / 312، النجوم
الزاهرة: 4 / 28، شذرات الذهب: 3 / 27.
[ * ]
(16/68)
وفيها مات أبو عمر محمد بن العباس بن كوذك، وأبو عبد الله
محمد ابن إبراهيم بن مروان القرشي، كلاهما بدمشق، والحسن
بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي، ببغداد، وزيد بن أبي
بلال المقرئ، ومحمد بن عدي الصابوني بسجستان.
50 - ابن خلاد * الشيخ الصدوق
المحدث، مسند العراق، أبو بكر، أحمد بن يوسف ابن
خلاد بن منصور النصيبي ثم البغدادي العطار.
سمع محمد بن الفرج الازرق، والحارث بن أبي أسامة وأكثر
عنه، ومحمد بن يوسف الكديمي، ومحمد بن غالب التمتام،
وإبراهيم الحربي، وعدة، وتفرد عن سائرهم.
روى عنه: الدارقطني، وابن رزقويه، وهلال الحفار، وأبو علي
بن شاذان، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وأبو نعيم الحافظ
وآخرون.
قال الخطيب: كان لا يعرف شيئا من العلم، غير أن سماعة
صحيح، وقد سأل أبا الحسن الدارقطني فقال: أيما أكبر الصاع
أو المد ؟، فقال للطلبة: انظروا إلى شيخكم (1).
وقال أبو نعيم: كان ثقة (2).
وكذا وثقة أبو الفتح بن أبي الفوارس، وقال: لم يكن يعرف من
الحديث شيئا (3).
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 220 - 221، العبر: 2 / 313، شذرات
الذهب: 3 / 28.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 221.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
[ * ]
(16/69)
قلت: فمن هذا الوقت بل وقبله صار الحفاظ يطلقون هذه اللفظة
على الشيخ الذي سماعه صحيح بقراءة متقن، وإثبات عدل،
وترخصوا في تسميته بالثقة، وإنما الثقة في عرف أئمة النقد
كانت تقع على العدل في نفسه، المتقن لما حمله، الضابط لما
نقل، وله فهم ومعرفة بالفن، فتوسع
المتأخرون.
مات ابن خلاد في صفر سنة تسع وخمسين وثلاث مئة.
51 - الخيام * الشيخ المحدث
الكبير، أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل بن
إبراهيم بن نصر البخاري الخيام، كان بندار الحديث بما وراء
النهر.
حدث عن: صالح بن محمد جزرة، ونصر بن أحمد الكندي، وحامد بن
سهل، وموسى بن أفلح، ومحمد بن علي بن عثمان، وعمر بن هناد،
وفرح بن أيوب، ومشايخ بلده، ولم يرحل.
روى عنه: الحاكم، وابن مندة، ومحمد بن أحمد غنجار، وأبو
سعد عبدالرحمن بن الادريسي، وغمزه ولينه وما تركه.
عاش ستا وثمانين سنة، توفي في جمادى الاولى سنة إحدى وستين
وثلاث مئة.
52 - ابن عمارة * * الشيخ
المسند، أبو الحارث، أحمد بن محمد بن عمارة بن أحمد
__________
* الانساب: 5 / 226 - 227، اللباب: 1 / 475، العبر: 2 /
324، ميزان الاعتدال: 1 / 662، لسان الميزان: 2 / 404 -
405، النجوم الزاهرة: 4 / 64، شذرات الذهب: 3 / 39.
وسيعيد المؤلف - رحمه الله - ترجمه في الصفحة (204) من هذا
الجزء.
* * العبر: 2 / 327، شذرات الذهب: 3 / 40، تهذيب ابن
عساكر: 2 / 72.
وسيكرر = [ * ]
(16/70)
الليثي الكناني مولاهم الدمشقي.
سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا السجزي خياط
السنة، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وأحمد بن إبراهيم بن
البسري،
وطبقتهم، وكان واسع الرواية.
حدث عنه: أبو الحسين بن جميع، وتمام الرازي، وأبو العباس
بن الحاج، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وعبد الوهاب الميداني،
وآخرون.
ما علمت فيه قدحا.
توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، وقد قارب
التسعين.
53 - الوضاحي * شاعر وقته، أبو
عبد الله محمد بن الحسن بن يحيى بن حسان بن الوضاح
الانباري الوضاحي التاجر، نزيل نيسابور.
سمع من القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد.
أخذ عنه الحاكم، وقال: توفي ببخارى في رمضان سنة خمس
وخمسين وثلاث مئة، له نظم في الذروة (1) مات في الكهولة.
__________
= المؤلف ترجمته في الصفحة (167) من هذا الجزء.
* يتيمة الدهر: 4 / 382، تاريخ بغداد: 2 / 241 - 242،
الانساب: (الوضاحي)، المنتظم: 7 / 35 - 36، الكامل لابن
الاثير: 8 / 574، اللباب: 3 / 369، الوافي بالوفيات: 3 /
5، البداية والنهاية: 11 / 261، النجوم الزاهرة: 4 / 13.
(1) ذكر الخطيب في " تاريخه ": 2 / 241 - 242 جزءا من
قصيدة يعارض بها الوضاحي قصيدة امرئ القيس، ويذكر فيها
الشاعر قبيلته وعشريته، وفيها يقول: كشفت لمن أهوى قناع
التجمل * وعاصيت فيها ساءني قول عذلي = [ * ]
(16/71)
54 - الطرازي * الامام المحدث العالم، أبو عمرو سعيد بن
القاسم
بن العلاء البرذعي
ثم الطرازي.
سكن طراز من بلاد تركستان، ثم حج بأخرة.
وحدث عن محمد بن حبان بن أزهر، ومحمد بن يحيى بن مندة،
وعبد الله بن الحسين الشاماتي، ومحمد بن جعفر الكرابيسي
وعدة.
وعنه: الدارقطني، وأبو علي بن فضالة الرازي، وأحمد بن عبد
الرحمن الشيرازي، وآخرون.
قال أبو نعيم الاصبهاني: كان أحد الحفاظ، حدثنا عنه محمد
بن إسماعيل الوراق ببغداد.
وقال الحاكم: جاء نعيه في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
قلت: سقت له حديثا في التذكرة (1).
وفيها مات أبو بحر البربهاري، وشيخ الحنفية أبو جعفر محمد
بن عبد
__________
ومن هاجر اللذات أدرك سؤله * وأصبح عن عذل العذول بمعزل
سقى الله باب الكرخ ربعا ومنزلا * ومن حله صوب السحاب
المجلجل * تاريخ بغداد: 9 / 110 - 111، المنتظم: 7 / 62،
تذكرة الحفاظ: 3 / 936 - 937، البداية والنهاية: 11 / 275،
طبقات الحفاظ: 378، شذرات الذهب: 3 / 41.
(1) 3 / 942، وقد ساقه المؤلف بإسناده إلى أبي هريرة رضسي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تحت كل
شعرة جنابة، ألا فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر " وهو حديث
ضعيف رواه أبو داود (248)، والترمذي (106) وابن ماجة (597)
والبيهقي 1 / 175 وفي سنده الحارث ابن وجيه الراسبي، وهو
ضعيف، ونقل الحافظ في " التلخيص " 1 / 142 عن الشافعي أنه
قال: هذا الحديث ليس بثابت، وقال البيهقي: أنكره أهل العلم
بالحديث البخاري وأبو داود وغيرهما.
[ * ]
(16/72)
الله البلخي الهندواني، وأبو عمر محمد بن موسى بن فضالة،
وشاعر الاندلس ومحمد بن هانئ المارق، وأبو الحسن ثابت بن
سنان الصابئ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي، وإسماعيل
بن عبد الله بن ميكال الامير.
55 - الرامهرمزي * الامام
الحافظ البارع، محدث العجم، أبو محمد، الحسن بن عبد الرحمن
بن خلاد الفارسي الرامهرمزي القاضي، مصنف كتاب " المحدث
الفاصل بين الراوي والواعي " (1) في علوم الحديث، وما
أحسنه من كتاب !، قيل: إن السلفي كان لا يكاد يفارق كمه،
يعني في بعض عمره.
سمع أباه، ومحمد بن عبد الله مطينا الحضرمي، وأبا حصين
الوادعي، ومحمد بن حيان المازني، وأبا خليفة الفضل بن
الحباب الجمحي، وأبا شعيب الحراني، والحسن بن المثنى
العنبري، وعبيد بن غنام، ويوسف بن يعقوب القاضي، وزكريا
الساجي، وجعفر بن محمد الفريابي، وموسى بن هارون، وعمر بن
أبي غيلان، ومحمد بن عثمان ابن أبي شيبة، وعبدان الاهوازي،
وأبا القاسم البغوي، فمن بعدهم.
وأول طلبه لهذا الشأن في سنة تسعين ومئتين، وهو حدث فكتب
وجمع وصنف، وساد أصحاب الحديث، وكتابه المذكور ينبئ
بإمامته.
__________
* يتيمة الدهر: 3 / 421 - 425، الفهرست: 220 - 221،
الانساب: 6 / 52 - 53، فهرسة ابن خير: 475 و 522، معجم
الادباء: 9 / 5 - 17، اللباب: 2 / 10، العبر: 2 / 321 -
322، تذكرة الحفاظ: 3 / 905 - 907، الوافي بالوفيات: 12 /
64 - 65، إعلام ابن قاضي شهبة: وفيات سنة 360، طبقات
الحفاظ: 369 - 370، كشف الظنون: 1612، شذرات الذهب: 3 / 30
و 37، هدية العارفين: 1 / 270، 271، الرسالة المستطرفة:
55.
(1) حقق كتاب " المحدث الفاصل " الدكتور محمد عجاج الخطيب
في دمشق ط.
دار الفكر.
ويعد هذا الكتاب أول كتاب صنف في علم دراية الحديث.
قال ابن حجر - فيما نقله عنه صاحب كشف الظنون 1612 -: " هو
أول كتاب صنف في علوم الحديث في غالب الظن ".
[ * ]
(16/73)
حدث عنه: أبو الحسن محمد بن أحمد الصيداوي في " معجمه "،
والحسن بن الليث الشيرازي، وأبو بكر محمد بن موسى بن
مردويه، والقاضي أحمد بن إسحاق النهاوندي، وآخرون.
لم أظفر بترجمته كما ينبغي، وأظنه بقي إلى بعد الخمسين
وثلاث مئة.
وكان أحد الاثبات، أخباريا شاعرا.
له: كتاب " ربيع المتيم في أخبار العشاق "، وكتاب "
الامثال " سمعناه، وكتاب " النوادر "، وكتاب " رسالة السفر
"، وكتاب " الرقا (1) والتعازي "، وكتاب " أدب الناطق "،
وقد ذكر أبو القاسم بن مندة في " الوفيات " له أنه عاش إلى
قريب الستين وثلاث مئة بمدينة رامهرمز.
سمعنا كتابه " المحدث الفاصل " من أبي الحسين علي بن محمد،
عن جعفر بن علي، عن السلفي، عن أبي الحسين بن الطيوري، عن
أبي الحسن الفالي، عن القاضي أبي عبد الله النهاوندي عنه،
ويقع لنا حديثه أعلى من هذا.
فأخبرنا عمر بن عبد المنعم بن عمر غير مرة، أخبرنا عبد
الصمد بن محمد القاضي في سنة تسع وست مئة، وأنا حاضر،
أخبرنا الشيخ جمال الاسلام علي بن المسلم، أخبرنا الحسين
بن طلاب الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا الحسن
بن عبدالرحمن بالرامهرمز، حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان،
حدثنا عبد الله بن حفص البراد، حدثنا يحيى بن ميمون، حدثنا
أبو الأشهب العطاردي، عن الحسن، عن أبي أيوب، قال:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا أيوب، ألا
أدلك على عمل يرضاه الله عز وجل ؟ أصلح بين الناس إذا
تفاسدوا، وحبب بينهم إذا تباغضوا ".
__________
(1) كذا الاصل، وفي معجم الادباء وغيره: كتاب " المراثي
والتعازي ".
[ * ]
(16/74)
يحيى بن ميمون بصري سكن بغداد، تركه الدارقطني مع أن أبا
داود خرج له في " سننه " (1).
مات قبل وكيع.
56 - الاسيوطي * المحدث
الامام، أبو علي، الحسن بن الخضر بن عبد الله
الاسيوطي.
يروي عن النسائي " سننه "، وعن أبي يعقوب المنجنيقي،
وجماعة.
روى عنه: ابن نظيف، ويحيى بن علي بن الطحان، وأبو القاسم
بن بشران، وآخرون.
مات في ربيع الاول سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
57 - السليطي * * الشيخ المحدث
الصدوق، أبو الحسن، محمد بن عبد الله بن
__________
(1) وقال أحمد: ليس بشئ حرقنا حديثه، وكان يقلب الاحاديث،
وقال علي بن المديني: وكان ضعيفا، وقال عمرو بن علي: كان
كذابا، وقال مسلم بن الحجاج: منكر الحديث، وقال النسائي:
ليس بثقة ولا مأمون، وقال الساجي: كان يكذب، وقال أبو أحمد
الحاكم: سكتوا عنه، وقال ابن حبان في " الضعفاء ": لا تحل
الرواية عنه بحال.
وقد أورد الحديث السيوطي في " الجامع الكبير ": 934، ونسبه
للطيالسي، وعبد بن حميد، والطبراني.
قلت: هو في " مسند الطيالسي " 2 / 39 من طريق أبي الصباح
الشامي، عن
عبد العزيز الشامي، عن أبيه، عن أبي أيوب، وانظر الطبراني
(3922) والبزار (2060) و " مجمع الزوائد " 8 / 79، 80.
* الانساب: 1 / 263، معجم البلدان: 1 / 193 - 194، اللباب:
1 / 61، العبر: 2 / 324، النجوم الزاهرة: 4 / 64، حسن
المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 39.
* * تاريخ بغداد: 5 / 459 - 460، الانساب: 7 / 120، العبر:
2 / 334 - 335، ميزان الاعتدال: 3 / 613، لسان الميزان: 5
/ 238 - 239، النجوم الزاهرة: 4 / 109، شذرات الذهب: 3 /
49، [ * ]
(16/75)
إبراهيم بن عبدة التميمي السليطي النيسابوري.
ذكره الحاكم فقال: من أهل بيت ثروة، كثير السماع.
سمع محمد بن إبراهيم البوشنجي، وجعفر بن أحمد الترك،
وخشنام ابن بشر، وإبراهيم بن علي الذهلي، وحج على كبر
السن، وأكثر عنه العراقيون.
توفي في المحرم سنة أربع وستين وثلاث مئة، وله اثنتان
وتسعون سنة.
قلت: روى عنه الحاكم، وأبو سعد الماليني، ومحمد بن أحمد
الجارودي.
أخبرنا الحسن بن الخلال، أخبرنا عبد الله بن اللتي، أخبرنا
عبد الاول الماليني، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد
بن أحمد بن محمد الحافظ إملاء، أخبرنا محمد بن عبد الله
السليطي، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا أحمد بن
حنبل، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان، حدثنا قتادة،
حدثنا أنس أن رجلا قال: يا نبي الله، كيف يحشر
الكافر على وجهه ؟ قال: " إن الذي أمشاه على رجليه قادر
على أن يمشيه على وجهه " (1).
وقع هذا لنا عاليا في مسند عبد بن حميد، عن يونس بهذا.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " المسند " 3 / 229.
وأخرجه البخاري 8 / 378 في تفسير سورة الفرقان و 11 / 330
في الرقاق: باب الحشر من طريق عبد الله بن محمد، حدثنا
يونس بن محمد بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (2806) في صفات
المنافقين من طريق زهير بن حرب وعبد ابن حميد، عن يونس بن
محمد به.
[ * ]
(16/76)
58 - جمح * ابن القاسم بن عبد الوهاب،
المحدث الثقة، أبو العباس الجمحي الدمشقي المؤذن، ابن أبي
الحواجب.
حدث عن: عبدالرحمن بن الرواس، وأبي قصي، إسماعيل العذري،
وأحمد بن بشر الصوري، وإبراهيم بن دحيم وعدة.
روى عنه: ابن مندة، وتمام الرازي، وأبو نصر بن الحبان،
ومكي بن الغمر، وعبد الوهاب الميداني، ومحمد بن عبد السلام
بن سعدان.
وقال محمد بن عوف المزني: سألته عن مولده، فقال: سنة ثمان
وسبعين ومئتين.
وقال الكتاني: كان ثقة نبيلا، انتقى عليه ابن مندة.
مات في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاث مئة.
59 - أبو نصر القاضي *
* هي قاضي القضاة، أبو نصر، يوسف بن قاضي القضاة عمر بن
قاضي القضاة أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب، بن إسماعيل بن
حافظ
البصرة حماد بن زيد الازدي المالكي ثم الداوودي البغدادي.
ولد سنة خمس وثلاث مئة.
ولي بعد أبيه، وكان من أجود القضاة ورعا، حاذقا بالاحكام،
تام
__________
* العبر 2 / 330، النجوم الزاهرة: 4 / 106، شذرات الذهب: 3
/ 45، تهذيب ابن عساكر: 3 / 393.
* * تاريخ بغداد: 14 / 322 - 324، طبقات الشيرازي: 166،
ترتيب المدارك: 3 / 282 - 284، نزهة الالباء: 303 - 304،
المنتظم: 7 / 42 - 43.
[ * ]
(16/77)
الهيئة، متفننا، بارع الادب، ثم عزل بعد موت الراضي بالله.
قال ابن حزم: تحول إلى مذهب داود، وصنف فيه، وكان من
الفصحاء البلغاء، ولي القضاء وله عشرون سنة، وكتب بالقضاء
إلى نوابه بمصر والشام، ودام أربع سنين، ثم صرف بأخيه
الحسين، وهو القائل: يا محنة الله كفي * إن لم تكفي فخفي
ذهبت أطلب بختي * وجدته قد توفي (1) وهو القائل في رسالة:
ولسنا نجعل من تصديره في كتبه، ومسائله: يقول ابن المسيب
والزهري وربيعة، كمن تصديره في كتبه: يقول الله ورسوله،
والاجماع..هيهات ! توفي سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
60 - ابن شعبان * العلامة، أبو
إسحاق، شيخ المالكية، واسمه محمد بن القاسم بن
شعبان بن محمد بن ربيعة العماري المصري، من ولد عمار بن
ياسر، ويعرف بابن القرطي نسبة إلى بيع القرط.
له التصانيف البديعة: منها كتاب " الزاهي " في الفقه، وهو
مشهور، وكتاب " أحكام القرآن " و " مناقب مالك " كبير،
وكتاب " المنسك "، وأشياء.
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 14 / 323 - 324، و " نزهة
الالباء " ص 304.
* طبقات الشيرازي: 155، ترتيب المدارك: 3 / 293 - 294،
الانساب: 10 / 100، اللباب: 3 / 26، ميزان الاعتدال: 4 /
14، مشتبه النسبة: 2 / 525، الديباج المذهب: 2 / 194 -
195، تبصير المنتبه: 3 / 1166، لسان الميزان: 5 / 348 -
349، حسن المحاضرة: 1 / 313 - 314، طبقات المفسرين
للداوودي: 2 / 224 - 225، تاج العروس: (قرط) 5 / 204، شجرة
النور الزكية: 80.
[ * ]
(16/78)
وكان صاحب سنة واتباع، وباع مديد في الفقه، مع بصر
بالاخبار، وأيام الناس، مع الورع والتقوى، وسعة الرواية.
رأيت له تأليفا في تسمية الرواة عن مالك، أوله: الحمد لله
الحميد، ذي الرشد والتسديد، والحمد لله أحق مابدي، وأولى
من شكر الواحد الصمد، جل عن المثل فلا شبه له ولا عدل، عال
على عرشه، فهو دان بعلمه، وذكر باقي الخطبة، ولم يكن له
عمل طائل في الرواية.
قال ابن حزم: حدثنا أحمد بن إسماعيل الحضرمي، حدثنا محمد
بن أحمد بن خلاص، حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان، حدثني
إبراهيم بن عثمان..فذكر حديثا واهيا، ثم قال ابن حزم: ابن
شعبان في المالكية نظير عبدا لباقي بن قانع في الحنفية.
فإما تغير حفظهما، وإما اختلطت كتبهما.
وقال القاضي عياض: كان ابن شعبان رأس المالكية بمصر،
وأحفظهم للمذهب، مع التفنن، لكن لم يكن له بصر بالنحو.
قلت: وممن روى عنه خلف بن القاسم بن سهلون، وعبد الرحمن بن
يحيى العطار، وآخرون.
مات في جمادي الاولى سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
61 - التجيبي * العلامة: شيخ
المالكية بقرطبة، أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم بن
مسرة التجيبي مولاهم الكتاني الطليطلي، نزيل قرطبة، فقيه
قدوة، ورع
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 72، جذوة المقتبس: 168، بغية
الملتمس: 235، الديباج المذهب: 1 / 296 - 297، شجرة النور
الزكية: 1 / 90.
[ * ]
(16/79)
صالح، له حانوت في الكتان، أقرأ الفقه.
وروى عن محمد بن لبابة، وأحمد بن خالد الحافظ، صنف كتاب "
النصائح " المشهور.
قال ابن عفيف: كان من أهل العلم، والفهم، والعقل، والدين
المتين، والزهد، والبعد من السلطان، لا تأخذه في الله لومة
لائم.
وقال ابن الفرضي: كان أبو إبراهيم حافظا للفقه، صدرا في
الفتيا، وقورا، مهيبا، لم يكن له بالحديث كبير علم، وله
كتاب " معالم الطهارة " وكان الحكم أمير المؤمنين معظما
له، وإذا دخل عليه مد رجليه، ويعتذر بشيخه فيقول: أقعد كيف
شئت.
وكان صليبا قليل الهيبة للملوك، اغتاب الحكم رجلا.
فسكت أبو إبراهيم، ونكس برأسه، فأقصر الحكم وفهم، وقد
راوده على أن يأتيه بولده أحمد وهو صبي، فقال: لا يصلح
الآن لذلك.
توفي أبو إبراهيم سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة وسيعاد (1).
62 - ابن الحداد * المحدث
الحجة، أبو بكر، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد
بن عطية بن الحداد الاسدي الزبيري مولاهم البغدادي، نزيل
تنيس.
سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وعبد الرحمن بن الرواس،
وأنس بن السلم، وبكر بن سهل، ويوسف القاضي.
وعنه: ابن جهضم، وعبد الغني الازدي، وابن النحاس، وابن
__________
(1) في الصفحة (107).
* تاريخ بغداد: 4 / 17، العبر: 2 / 299 - 300، شذرات
الذهب: 3 / 13.
[ * ]
(16/80)
نظيف الفراء، وآخرون.
وثقه الخطيب.
توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، وله أربع وثمانون سنة.
63 - ابن أبي روبا * المحدث،
أبو محمد، عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن نصر بن
أبي روبا البغدادي السقطي المعدل.
سمع محمد بن غالب التمتام، ومحمد بن سليمان الباغندي،
وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا شعيب الحراني.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرزاز، وعبد
الله ابن يحيى السكري، وطلحة الكتاني، ومحمد بن طلحة
النعالي، وأبو علي ابن شاذان.
وثقه أبو بكر البرقاني.
مات سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
64 - سنقة * * المحدث، أبو
عمرو، عثمان بن محمد بن بشر البغدادي السقطي سنقة.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 124، المنتظم، 7 / 40، العبر: 2 /
305، شذرات الذهب: 3 / 19.
* * تاريخ بغداد: 11 / 304، الانساب: 7 / 92، المنتظم: 7 /
40، العبر: 2 / 305، شذرات الذهب: 3 / 19.
[ * ]
(16/81)
سمع الكديمي، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن
علي البربهاري، وجماعة.
وعنه: الدارقطني، وابن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وعبد
الله بن يحيى السكري، وطلحة بن الصقر، ومحمد بن طلحة
النعالي.
كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، ووثقه البرقاني، وأثنى
عليه.
توفي في ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاث مئة، عن سبع وثمانين
سنة.
65 - ابن سلم * الرجل الصالح،
أبو الفتح، عمر بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي ثم
البغدادي.
سمع الحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وإبراهيم بن الحربي،
وبشر بن موسى، ومعاذ بن المثنى.
روى عنه: ابن رزقويه، وأبو نصر بن حسنون، وأبو الفتح بن
أبي الفوارس، وطلحة الكتاني، وعبد العزيز الستوري، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة صالحا.
مولده سنة إحدى وسبعين ومئتين.
وتوفي سنة ست وخمسين وثلاث مئة.
66 - أخوه الحجة * * أبو بكر
أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 243 - 244، المنتظم: 7 / 40، العبر: 2
/ 307، شذرات الذهب: 3 / 22.
* * تاريخ بغداد: 4 / 71 - 72، المنتظم: 7 / 81، العبر: 2
/ 335، البداية والنهاية: = [ * ]
(16/82)
ولد نحو سنة ثمانين.
وسمع أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد، وأحمد بن علي
الابار، وإدريس الحداد، وطائفة.
وعنه: الدارقطني، وابن أبي الفوارس، والبرقاني، وأبو نعيم،
وآخرون.
وكان أحد علماء بغداد، كتب من القراءات والتفاسير أمرا
كثيرا.
قال الخطيب: كان صالحا، ثقة، ثبتا.
ولد سنة ثمان وسبعين ومئتين.
توفي سنة خمس وستين وثلاث مئة.
وأخوهما 67 - محمد الاوسط * حدث عن جماعة.
ذكره الخطيب.
والله أعلم.
68 - أبو إسحاق بن حمزة
* * الحافظ الامام، الحجة البارع، محدث أصبهان، إبراهيم بن
__________
= 11 / 283، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 44، شذرات
الذهب: 3 / 50.
* تاريخ بغداد: 2 / 146 - 147.
* * ذكر أخبار أصبهان: 1 / 199 - 200، تذكرة الحفاظ: 3 /
910 - 911، العبر: 2 / 296، 297، دول الاسلام: 1 / 219،
الوافي بالوفيات: 6 / 117، النجوم الزاهرة: 3 / 337 - 338،
طبقات الحفاظ: 371، شذرات الذهب: 3 / 12، هدية العارفين: 1
/ 6.
[ * ]
(16/83)
المحدث محمد بن حمزة بن عمارة الاصبهاني.
ولد سنة بضع وسبعين ومئتين.
وسمع أبا خليفة الفضل بن الحباب، وطبقته بالبصرة، ومحمد بن
عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وعدة
بالكوفة، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا شعيب الحراني، وابن
ناجية، والفريابي وطبقتهم ببغداد، وأحمد بن يحيى بن زهير
التستري، وخلقا كثيرا.
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو سعيد النقاش، وأبو
بكر بن مردويه، وأبو بكر بن أبي علي، وعلي بن يحيى بن
عبدكويه، وأبو نعيم، وآخرون.
قال أبو نعيم: كان أوحد زمانه في الحفظ، لم ير بعد ابن
مظاهر في الحفظ مثله.
جمع الشيوخ والمسند.
قال: وجدهم عمارة هو ابن حمزة بن يسار بن عبدالرحمن بن
حفص، وحفص هذا هو أخو أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة.
قال الحافظ ابن مندة: لم أر أحدا أحفظ من أبي إسحاق بن
حمزة.
وقال أبو جعفر بن أبي السري: سمعت أبا العباس بن عقدة
يقول: ما رأيت مثل ابن حمزة في الحفظ.
وقال أبو عبد الله الحاكم: كان في عصرنا جماعة قد بلغ
المسند المصنف على التراجم لكل واحد منهم ألف جزء، منهم
أبو إسحاق بن حمزة، والحسين بن محمد الماسرجسي.
قال أبو نعيم: مات في سابع رمضان سنة ثلاث وخمسين وثلاث
مئة.
(16/84)
قلت: عاش ثمانين سنة أو نحوا منها.
أخبرنا أحمد بن محمد الآنمي غير مرة، أخبرنا ابن خليل،
أخبرنا مسعود بن أبي منصور، وأجار لنا أحمد بن سلامة، عن
مسعود، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم، سمعت أبا
إسحاق إبراهيم بن محمد، سمعت أبا خليفة، سمعت عبدالرحمن بن
بكر بن الربيع بن مسلم، سمعت محمد بن زياد، سمعت أبا
هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليخرجن
رجال من المدينة رغبة عنها، والمدينة خير لهم لو كانوا
يعلمون " (1).
وبه إلى أبي اسحاق بن حمزة، حدثنا أبو جعفر الحضرمي، حدثنا
عبادة بن زياد، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، سمعت
ابن عمر، سمعت عمر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي "
(2).
__________
(1) هو في " المسند " 2 / 302 من طريق عبدالرحمن، عن حماد،
عن محمد.
هو ابن زياد، عن أبي هريرة، وهو فيه أيضا 2 / 403 من
طريقين، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبى هريرة،
و 2 / 464 من طريق عفان، عن حماد، عن محمد بن زياد وعمار
بن أبي عمار، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (1381) في الحج: باب المدينة تنفي شرارها من
طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز الدراوردي، عن
العلاء، عن أبيه، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه
وقريبه: هلم إلى الرخاء، هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم
لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة
عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه، ألا إن المدينة كالكير
تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما
ينفي الكير خبث الحديد ".
(2) هو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
وأخرجه ابن سعد 8 / 463 من طريق أنس بن عياض الليثي، عن
جعفر بن محمد، عن أبيه أن عمر بن الخطاب..وهو منقطع.
وأخرجه الحاكم 3 / 142 من طريق السري بن خزيمة، عن معلى بن
راشد، حدثنا وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن
علي بن الحسين أن عمر...وهو منقطع أيضا.
وأخرجه الخطيب في تاريخه 6 / 182 من طريقين عن إبراهيم بن
مهران بن رستم المروزي، = [ * ]
(16/85)
أخبرنا أبو سعيد سنقر الحلبي، أخبرنا علي بن محمود، أخبرنا
أحمد ابن محمد الحافظ أخبرنا أحمد بن عبد الغفار، أخبرنا
علي بن أبي حامد الخرجاني، حدثنا أبو إسحاق بن حمزة،
أخبرنا عبد الله بن زيدان، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا
محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، أنه صعد
المنبر فسلم، ثم قال: " إن خير هذه الامة بعد نبيها أبو
بكر وعمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته " (1).
قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب " معرفة مزكي الاخبار ":
كان أبو إسحاق بن حمزة يفي بمذاكرة مسانيد الصحابة ترجمة
ترجمة، اعترف له بالتفرد بحفظ المسند أبو بكر الجعابي،
وأبو علي النيسابوري، ومشايخنا، وسألت أبا عبد الله بن
مندة عن وفاته، فقال: سنة تسع وخمسين وثلاث مئة.
__________
= حدثنا الليث بن سعد القيسي مولى بني رفاعة، عن موسى بن
علي بن رباح اللخمي، عن أبيه، عن
عقبة بن عامر الجهني، عن عمر.
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 2 / 34 من طريق الطبراني
سليمان بن أحمد، حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي، حدثنا
إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 15، وزاد نسبته
للبزار، والطبراني، والضياء المقدسي في " المختارة ".
وفي الباب عن ابن عباس عند الخطيب 2 / 271، والطبراني، وعن
المسور عند أحمد 4 / 322، وعن ابن عمر عند ابن عساكر.
وانظر 3 / 500 من هذا الكتاب، و " مجمع الزوائد " 9 / 173.
(1) محمد بن فرات: كذبوه، والحارث ضعيف.
وأخرج البخاري في " صحيحه " 7 / 26، في الفضائل، من طريق
محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد،
حدثنا أبو يعلي، عن محمد بن الحنفية، قال: قلت لابي: أي
الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ابو
بكر.
قلت: ثم من ؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثم
أنت، قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
[ * ]
(16/86)
قلت: الاصح سنة ثلاث كما تقدم.
قال الحاكم: سمعت أبا القاسم الداركي الفقيه يقول: جمع
الصاحب إسماعيل بن عباد حفاظ بلدنا بأصبهان: العسال أبا
أحمد، وأبا القاسم الطبراني، وأبا إسحاق بن حمزة وغيرهم،
وحضرت، وكان قد قدم عليه ابن الجعابي، فأخذوا في مذاكرة
الابواب.
ثم ثنوا بذكر تراجم الشيوخ، فظهر العجز في كل منهم عن حفظ
أبي إسحاق بن حمزة ومذاكرته.
قال الحاكم: وسمعت أبا علي الحافظ يقول: كان أبو عبيد بن
حربويه انصرف من قضاء مصر، فقدم بغداد، وكان يروي عن أبي
الاشعث، وعمر ابن شبة ونحوهما، ثم إنه ارتقى إلى الرواية
عن بندار، ومحمد بن المثنى.
فلما قدم حدث عن أبي الربيع الزهراني، وإبراهيم بن الحجاج
السامي، وكان إبراهيم بن محمد بن حمزة الاصبهاني مختصا به،
فقال لي إبراهيم: إن أبا عبيد قال: قد عزمت على أن أحدث عن
أبي الوليد الطيالسي والحوضي، قال: فقلت: الله الله أيها
القاضي فإنا نرجم.
قلت: قد كان ابن حربويه هذا جريئا على الكذب.
وفيها توفي أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفرجة
الاصبهاني، ومقرئ بغداد بكار بن أحمد بن بكار أبو عيسى
البغدادي، ومسند بغداد أبو الفوارس شجاع بن جعفر الواعظ،
والمحدث أبو محمد عبد الله بن محمد بن العباس الفاكهي
المكي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ابن خروف بمصر، وأبو
علي محمد بن هارون بن شعيب الانصاري
(16/87)
الدمشقي، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، وجعفر بن
محمد ابن الحكم الواسطي.
69 - الجعابي * الحافظ البارع
العلامة، قاضي الموصل، أبو بكر محمد بن عمر بن محمد
بن سلم التميمي البغدادي الجعابي.
مولده في صفر سنة أربع وثمانين ومئتين.
وسمع من محمد بن يحيى المروزي، ويوسف بن يعقوب القاضي،
ويحيى بن محمد الحنائي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب، ومحمد
بن
حبان بن الازهر، ومحمد بن الحسن بن سماعة، وعبد الله بن
محمد البلخي، وجعفر بن محمد الفريابي، وعبد الله بن ناجية،
وأبي بكر الباغندي، وقاسم المطرز، وطبقتهم.
وتخرج بالحافظ ابن عقدة، وبرع في الحفظ، وبلغ فيه المنتهى.
حدث عنه: أبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وابن
رزقويه، وابن مندة: والحاكم، ومحمد بن الحسين بن الفضل
القطان، والقاضي أبو عمر الهاشمي البصري، وخلق آخرهم موتا
أبو نعيم الحافظ، أخذ عنه لما قدم عليهم أصبهان.
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 26 - 31، الانساب: 3 / 263 - 264،
المنتظم: 7 / 36 - 38، اللباب: 1 / 282، العبر: 2 / 302،
تذكرة الحفاظ: 3 / 925 - 929، دول الاسلام: 1 / 220، ميزان
الاعتدال: 3 / 670 - 671، الوافي بالوفيات: 4 / 240 - 241،
البداية والنهاية: 11 / 261 - 262، لسان الميزان: 5 / 322
- 324، النجوم الزاهرة: 4 / 12، طبقات الحفاظ: 375 - 376،
شذرات الذهب: 3 / 17، هدية العارفين: 2 / 45 - 46.
[ * ]
(16/88)
قال أبو علي النيسابوري: ما رأيت في المشايخ أحفظ من
عبدان، ولا رأيت في أصحابنا أحفظ من أبي بكر بن الجعابي،
وذاك أني حسبته من البغداديين الذين يحفظون شيخا واحدا، أو
ترجمة واحدة، أو بابا واحدا، فقال لي أبو إسحاق بن حمزة
يوما: يا أبا علي، لا تغلط، ابن الجعابي يحفظ حديثا كثيرا.
قال: فخرجنا يوما من عند ابن صاعد، فقلت: يا أبا بكر، أيش
أسند سفيان عن منصور ؟ فمر في الترجمة فما زلت أجره من [
حديث ] مصر إلى حديث الشام إلى العراق إلى أفراد
الخراسانيين، وهو يجيب، إلى أن قلت: فأيش روى الاعمش، عن
أبي صالح عن أبي هريرة، وأبي سعيد
بالشركة ؟ فذكر بضعة عشر حديثا، فحيرني حفظه.
(1).
قال ابن الفضل القطان: سمعت ابن الجعابي يقول: دخلت الرقة،
وكان لي ثم قمطران (2) كتب فجاء غلامي مغموما وقد ضاعت
الكتب، فقلت: يا بني لا تغتم، فإن فيها مئتي ألف حديث لا
يشكل علي حديث منها لا إسناده ولا متنه (3).
قال أبو علي التنوخي: ما شاهدنا أحدا أحفظ من أبي بكر بن
الجعابي، وسمعت من يقول: إنه يحفظ مئتي ألف حديث، ويجيب في
مثلها، إلا أنه كان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق المتون
بألفاظها، واكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك، وكان إماما في
معرفة العلل والرجال وتواريخهم، وما يطعن على الواحد منهم.
لم يبق في زمانه من يتقدمه (4).
أنبأني المسلم بن محمد، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 27 وما بين حاصرتين منه.
(2) تثنية قمطر: ما يصان فيه الكتب.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 28.
(4) الخبر في " تاريخ بغداد " 3 / 28 بأطول مما هنا.
[ * ]
(16/89)
الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني الحسن بن محمد
الاشقر، سمعت أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، سمعت ابن
الجعابي يقول: أحفظ أربع مئة ألف حديث، وأذاكر بست مئة ألف
حديث (1).
قال أبو القاسم التنوخي: تقلد ابن الجعابي قضاء الموصل فلم
يحمد [ في ولايته ] (2).
ونقل الخطيب عن أشياخه أن ابن الجعابي كان يشرب في مجلس
ابن العميد (3).
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن
الجعابي، فقال: خلط، وذكر مذهبه في التشيع، وكذا نقل أبو
عبد الله الحاكم، عن الدارقطني قال: وحدثني ثقة أنه خلى
ابن الجعابي نائما وكتب على رجله، قال: فكنت أراه ثلاثة
أيام لم يمسه الماء (4).
قال الازهري: إن ابن الجعابي لما مات أوصى بأن تحرق كتبه،
فأحرقت، فكان فيها كتب للناس، فحدثني أبو الحسين أنه كان
له عنده مئة وخمسون [ جزءا ] فذهبت في جملة ما أحرق (5).
وقال مسعود السجزي: حدثنا الحاكم، سمعت الدارقطني يقول:
أخبرت بعلة الجعابي، فقمت إليه، فرأيته يحرق كتبه، فأقمت
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 30 وما بين حاصرتين منه.
(3) انظر المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 31.
(5) المصدر السابق.
وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/90)
عنده حتى ما بقي منه سينه، ومات من ليلته.
أبو ذر الحافظ: سمعت أحمد بن عبدان الحافظ يقول: وقع إلي
جزء من حديث الجعابي، فحفظت منه خمسة أحاديث، فأجابني
فيها، ثم قال: من أين لك هذا ؟ قلت: من جزئك، قال: إن شئت
ألق علي المتن وأجيبك في إسناده، أو ألق علي الاسناد
وأجيبك في
المتن.
قال الخطيب: سمعت ابن رزقويه يقول: كان ابن الجعابي يمتلئ
مجلسه، وتمتلئ السكة التي يملي فيها والطريق، ويحضر
الدارقطني، وابن المظفر، ويملي من حفظه (1).
قال أبو علي الحافظ: قلت لابن الجعابي: قد وصلت إلى
الدينور فلا أتيت نيسابور ؟ قال: هممت به ثم قلت: أذهب إلى
قوم عجم لا أفهم عنهم ولا يفهمون عني ؟ ! (2) قال الحاكم:
قلت للدارقطني: يبلغني عن الجعابي أنه تغير عما عهدناه،
قال: وأي تغير ؟ قلت: بالله هل اتهمته ؟ قال: إي والله، ثم
ذكر أشياء، فقلت: وضح لك أنه خلط في الحديث ؟ قال: إي
والله، قلت: هل اتهمته حتى خفت المذهب ؟ قال: ترك الصلاة
والدين.
وقال محمد بن عبيدالله المسبحي: كان ابن الجعابي المحدث قد
صحب قوما من المتكلمين، فسقط عند كثير من أصحاب
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 28.
(2) الخبر بنحوه في " تاريخ بغداد " 3 / 29.
[ * ]
(16/91)
الحديث.
وصل إلى مصر، ودخل إلى الاخشيذ، ثم مضى إلى دمشق، فوقفوا
على مذهبه، فشردوه، فخرج هاربا.
قال ابن شاهين: دخلت أنا، وابن المظفر، والدارقطني على ابن
الجعابي وهو مريض، فقلت له: من أنا ؟ قال: سبحان الله
ألستم فلانا وفلانا ؟ وسمانا، فدعونا وخرجنا، فمشينا
خطوات، فسمعنا
الصائح بموته، ورأينا كتبه تل رماد.
قال الازهري: كانت سكينة نائحة الرافضة تنوح في جنازته
(1).
وقال أبو نعيم: قدم الجعابي أصبهان، وحدث بها في سنة تسع
وأربعين وثلاث مئة (2).
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا أبو
المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم،
حدثنا محمد بن عمر ابن سلم، حدثنا محمد بن النعمان، حدثنا
هدبة، حدثنا حزم بن أبي حزم، سمعت الحسن يقول: " بئس
الرفيق الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك ".
قلت: مات في رجب سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
70 - ابن حبان * الامام
العلامة، الحافظ المجود، شيخ خراسان، أبو حاتم، محمد بن
حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سهيد بن
هدية
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 31.
(2) أخبار أصبهان.
* الانساب: 2 / 209 - 210، معجم البلدان: 1 / 415 - 419،
إنباه الرواة: 3 / = [ * ]
(16/92)
ابن مرة بن سعد بن يزيد بن مرة بن زيد بن عبد الله بن دارم
بن حنظلة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم التميمي الدارمي
البستي، صاحب الكتب المشهورة.
ولد سنة بضع وسبعين ومئتين.
وأكبر شيخ لقيه أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، سمع منه
بالبصرة، ومن زكريا الساجي، وسمع بمصر من أبي عبدالرحمن
النسائي، وإسحاق بن يونس المنجنيقي وعدة، وبالموصل من أبي
يعلى أحمد بن علي، وبنسا من الحسن بن سفيان، وبجرجان من
عمران بن موسى بن مجاشع السختياني، وببغداد من أحمد بن
الحسن ابن عبد الجبار الصوفي وطبقته، وبدمشق من جعفر بن
أحمد، ومحمد ابن خريم، وخلق، وبنيسابور من ابن خزيمة،
والسراج، والماسرجسي، وبعسقلان من محمد بن الحسن بن قتيبة،
وببيت المقدس من عبد الله بن محمد بن سلم، وبطبرية من سعيد
بن هاشم، وبهراة من محمد بن عبدالرحمن السامي، والحسين بن
إدريس، وبتستر من أحمد بن يحيى بن زهير، وبمنبج من عمر بن
سعيد، وبالابلة من أبي يعلى بن زهير، وبحران من أبي عروبة،
وبمكة من المفضل الجندي، وبأنطاكية من أحمد بن عبيدالله
الدارمي، وببخارى من عمر بن محمد بن بجير.
__________
= 122، الكامل لابن الاثير: 8 / 566، اللباب: 1 / 151،
المختصر في أخبار البشر: 2 / 105 - 106، تذكرة الحفاظ: 3 /
920 - 924، ميزان الاعتدال: 3 / 506 - 508، العبر: 2 /
300، دول الاسلام: 1 / 220، تلخيص ابن مكتوم: 207، الوافي
بالوفيات: 2 / 317 - 318، عيون التواريخ: 11 الورقة: 130،
مرآة الجنان: 2 / 357، طبقات السبكي: 3 / 131 - 135،
البداية والنهاية: 11 / 259، لسان الميزان: 5 / 112 - 115،
النجوم الزاهرة: 3 / 342 - 343، طبقات الحفاظ: 374 - 375،
شذرات الذهب: 3 / 16، هدية العارفين: 2 / 44 - 45، الرسالة
المستطرفة: 20 - 21، 2 / 287.
[ * ]
(16/93)
حدث عنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله الحاكم،
ومنصور بن عبد الله الخالدي، وأبو معاذ عبدالرحمن بن محمد
بن
رزق الله السجستاني، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون
الزوزني، ومحمد بن أحمد بن منصور النوقاتي، وخلق سواهم.
قال أبو سعد الادريسي: كان على قضاء سمرقند زمانا، وكان من
فقهاء الدين، وحفاظ الآثار، عالما بالطب، وبالنجوم، وفنون
العلم.
صنف المسند الصحيح، يعنى به: كتاب " الانواع والتقاسيم "
وكتاب " التاريخ " وكتاب " الضعفاء ".
وفقه الناس بسمرقند.
وقال الحاكم: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه،
واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال.
قدم نيسابور سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، فسار إلى قضاء
نسا، ثم انصرف إلينا في سنة سبع، فأقام عندنا بنيسابور،
وبنى الخانقاه، وقرئ عليه جملة من مصنفاته، ثم خرج من
نيسابور إلى وطنه سجستان عام أربعين، وكانت الرحلة إليه
لسماع كتبه.
وقال أبو بكر الخطيب: كان ابن حبان ثقة نبيلا فهما.
وقال أبو عمرو بن الصلاح في " طبقات الشافعية ": غلط ابن
حبان الغلط الفاحش في تصرفاته.
قال ابن حبان في أثناء كتاب " الانواع ": لعلنا قد كتبنا
عن أكثر من ألفي شيخ.
قلت: كذا فلتكن الهمم، هذا مع ما كان عليه من الفقه،
والعربية، والفضائل الباهرة، وكثرة التصانيف.
(16/94)
قال الخطيب: ذكر مسعود بن ناصر السجزي تصانيف ابن حبان،
فقال: " تاريخ الثقات "، " علل أوهام المؤرخين " مجلد،
" علل مناقب الزهري " عشرون جزءا " علل حديث مالك " عشرة
أجزاء، " علل ما أسند أبو حنيفة " عشرة أجزاء، " ما خالف
فيه سفيان شعبة " ثلاثة أجزاء، " ما خالف فيه شعبة سفيان "
جزءان، " ما انفرد به أهل المدينة من السنن " مجلد، " ما
انفرد به المكيون " مجيليد، " ما انفرد به أهل العراق "
مجلد، " ما انفرد به أهل خراسان " مجيليد، " ما انفرد به
ابن عروبة عن قتادة، أو شعبة عن قتادة " مجيليد، " غرائب
الاخبار " مجلد، " غرائب الكوفيين " عشرة أجزاء، " غرائب
أهل البصرة " ثمانية أجزاء، " الكنى " مجيليد، " الفصل
الوصل " مجلد، " الفصل بين حديث أشعث بن عبد الملك، وأشعث
بن سوار " جزءان، كتاب " موقوف ما رفع " عشرة أجزاء، "
مناقب مالك "، " مناقب الشافعي "، كتاب " المعجم على المدن
" عشرة أجزاء، " الابواب المتفرقة " ثلاثة مجلدات، " أنواع
العلوم وأوصافها " ثلاثة مجلدات، " الهداية إلى علم السنن
" مجلد، " قبول الاخبار "، وأشياء (1).
قال مسعود بن ناصر: وهذه التواليف إنما يوجد منها النزر
اليسير، وكان قد وقف كتبه في دار، فكان السبب في ذهابها مع
تطاول الزمان ضعف أمر السلطان، واستيلاء المفسدين.
قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري مؤلف كتاب " ذم
__________
(1) انظر عن مصنفات ابن حبان مقدمة " موارد الضمآن " ص 13
- 18.
[ * ]
(16/95)
الكلام ": سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد، سمعت أبي يقول:
أنكروا علي أبي حاتم بن حبان قوله: النبوة: " العلم والعمل
"
فحكموا عليه بالزندقة، هجر، وكتب فيه إلى الخليفة، فكتب
بقتله.
قلت: هذه حكاية غريبة، وابن حبان فمن كبار الائمة، ولسنا
ندعي فيه العصمة من الخطأ، لكن هذه الكلمة التي أطلقها، قد
يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم
لها لا ينبغي، لكن يعتذر عنه، فنقول: لم يرد حصر المبتدأ
في الخبر، ونظير ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الحج
عرفة " (1) ومعلوم أن الحاج لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة
حاجا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر مهم الحج.
وكذا هذا ذكر مهم النبوة، إذ من أكمل صفات النبي كمال
العلم والعمل، فلا يكون أحد نبيا إلا بوجودهما، وليس كل من
برز فيهما نبيا، لان النبوة موهبة من الحق تعالى، لا حيلة
للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللدني والعمل
الصالح.
وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل،
فهذا
__________
(1) أخرجه أحمد 4 / 309 و 310 و 335، والحميدي (899)، أبو
داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي 5 / 264، وابن ماجه
(3015)، والدارمي 2 / 59، والطحاوي في " شرح معاني الآثار
" 2 / 209، 210، والدارقطني 2 / 240، 241، والبيهقي 5 /
116 و 173، والطيالسي 1 / 220 من حديث عبدالرحمن بن بعمر
الديلمي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة،
فجاء ناس أو نفر من أهل نجد، فأمروا رجلا، فنادى رسول الله
صلى الله عليه وسلم: كيف الحج ؟ فامر رسول الله صلى الله
عليه وسلم رجلا، فنادى: الحج يوم عرفة من جاء قبل الصبح من
ليلة جمع فتم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين، فلا
إثم عليه، ومن تأخر، فلا إثم عليه، قال: ثم أردف رجلا
خلفه، فجعل ينادي بذلك.
وصححه ابن حبان (1009)، والحاكم 1 / 464 و 2 / 278، ووافقه
الذهبي، وهو كما قالوا.
[ * ]
(16/96)
كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلا، وحاشاه، وإن كان في تقاسيمه
من الاقوال، والتأويلات البعيدة، والاحاديث المنكرة،
عجائب، وقد اعترف أن " صحيحة " لا يقدر على الكشف منه إلا
من حفظه، كمن عنده مصحف لا يقدر على موضع آية يريدها منه
إلا من يحفظه (1).
وقال في " صحيحه ": شرطنا في نقله ما أودعناه في كتابنا
ألا نحتج إلا بأن يكون في كل شيخ فيه خمسة أشياء: العدالة
في الدين بالستر الجميل.
الثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
الثالث: العقل بما يحدث من الحديث.
الرابع: العلم بما يحيل المعنى من معاني ما روى.
الخامس: تعري خبره من التدليس.
فمن جمع الخصال الخمس احتججنا به.
وقال أبو إسماعيل الانصاري: سمعت يحيى بن عمار الواعظ، وقد
سألته عن ابن حبان، فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له
علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد
لله، فأخرجناه.
قلت: إنكاركم عليه بدعة أيضا، والخوض في ذلك مما لم يأذن
به الله، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه.
و " من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه " (2)، وتعالى
الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه
__________
(1) وقد قام بترتيب الصحيح على الكتب والابواب تقريبا
لطالبيه مع المحافظة على الاصل الامير علاء الدين ابو
الحسن علي بن بلبان بن عبد الله المصري الحنفي الفقيه
النحوي المحدث المتوفى سنة 739، ومنه نسخة كاملة في دار
الكتاب المصرية في تسع مجلدات، وقد شرعت بعون الله توفيقه
مع زميل فاضل لي بتحقيقه وتخريج أحاديثه، ونجز منه الجزء
الاول، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتمامه.
وبمراجعة المقدمة التي كتبناها له، والتخريجات التي قمنا
بها لاحاديثه يتبين لك أن الامام الذهبي رحمه الله قد بخسه
حقه ولم ينصفه في قوله " وإن كان في تقاسيمه.."
فإن الاوهام التي وقعت له فيه لا تغض من قيمته، ولا تنقص
من قدره لانه مما يخطئ فيه البشر ومما لا يخلو منه عالم
محقق.
(2) حديث صحيح بشواهده.
أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجة (3976) من = [ * ]
(16/97)
رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف (ليس كمثله شئ وهو
السميع البصير) [ الشورى: 11 ].
قرأت بخط الحافظ الضياء في جزء علقه مآخذ على كتاب ابن
حبان، فقال في حديث أنس في الوصال (1): فيه دليل على أن
الاخبار التي فيها وضع الحجر على بطنه من الجوع كلها
بواطيل، وإنما معناها الحجز، وهو طرف الرداء، إذ الله يطعم
رسوله، وما يغني الحجر من الجوع.
قلت: فقد ساق في كتابه حديث ابن عباس في خروج أبي بكر وعمر
من الجوع، فلقيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال:
أخرجني الذي أخرجكما (2)، فدل على أنه كان يطعم ويسقى في
الوصال خاصة.
وقال في حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم،
قال لرجل: " أصمت من سرر شعبان شيئا ؟ " قال: لا.
قال: " إذا أفطرت فصم يومين " (3).
فهذه لفظة استخبار، يريد الاعلام بنفي جواز ذلك، كالمنكر
__________
= حديث أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 1 / 201 والطبراني (2886) من حديث الحسين بن
علي وأخرجه أبو أحمد الحاكم في " الكنى " من حديث أبي بكر.
وأخرجه الطبراني في " الصغير " 2 / 43 من حديث زيد بن
ثابت.
وأخرجه الحاكم في " تاريخه " من حديث علي.
وأخرجه ابن عساكر من حديث الحارث بن هشام وانظر " جامع
العلوم والحكم " ص: 105 لابن رجب.
(1) أخرجه مسلم (1104) في الصيام: باب النهي عن الوصال في
الصوم من طريق عاصم
ابن النضر التميمي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا حميد، عن
ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: واصل رسول الله صلى الله
عليه وسلم في أول شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه
ذلك، فقال: " لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون
تعمقهم، إنكم لستم مثلي أو قال: لست مثلكم - إني أظل
يطعمني ربي ويسقيني ".
(2) راجع مسند أبي بكر.
للمروزي بتحقيقنا.
(3) أخرجه البخاري 4 / 200، 201 في الصوم: باب الصوم من
آخر الشهر، ومسلم (1161) في الصيام: باب صوم سرر شعبان،
وأبو داود (2328).
وسرر شعبان: آخره حين = [ * ]
(16/98)
عليه لو فعله، كقوله لعائشة: " تسترين الجدر ؟ ! " (1).
وأمره بصوم يومين من شوال، أراد به انتهاء السرار.
وذلك في الشهر الكامل والسرار في الشهر الناقص يوم واحد.
قلنا: لو كان منكرا عليه لما أمره بالقضاء.
وقال في حديث: " مررت بموسى وهو يصلي في قبره " (2)، أحيا
الله موسى في قبره حتى مر عليه المصطفى عليه السلام.
وقبره بمدين، بين المدينة وبين بيت المقدس.
وحديث: " كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله تسع
نسوة " وفي رواية الدستوائي عن قتادة وهي: إحدى عشرة (3).
__________
= يستسر الهلال.
وانظر " الفتح " 4 / 201.
(1) أخرجه أحمد 6 / 247، ومسلم (2107) في اللباس والزينة،
وابن سعد 8 / 469 عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله
عليه وسلم من سفر، فاشتريت له نمطا فيه صورة، فسترت به على
سهوة بيتي، فدخل رسول الله، فرأيت كراهية الستر في وجهه،
ثم جبذه، فقال: " أتسترون الجدار ! " قالت: فأخذت النمط
فقطعته وسادتين، فرأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم متكئا على إحداهما.
ولفظ مسلم: رأيته خرج في غزاته، فأخذت نمطا، فسترته على
الباب، فلما قدم، فرأى النمط، عرفت الكراهية في وجهه،
فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: إن الله لم يأمرنا ان نكسو
الحجارة والطين " قالت: فقطعنا منه وسادتين، وحشوتهما
ليفا، فلم يعب ذلك علي.
وانظر " شرح السنة " 12 / 135 بتحقيقنا.
(2) أخرجه ابن حبان (48) واخرجه أحمد 3 / 148 من طريق حسن
بن موسى وعفان كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت وسليمان
التيمي، عن أنس، وأخرجه مسلم (2375) من طريق هداب بن خالد
وشيبان فروخ، كلاهما عن حماد بهذا الاسناد، وأخرجه النسائي
3 / 216 من طريق حماد به.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير ": 741، وزاد نسبته
لعبد بن حميد، وابن خزيمة.
(3) أخرجه ابن حبان (1196)، وأخرجه البخاري 1 / 324 في
الغسل: باب إذا جامع ثم عاد من طريق محمد بن بشار، حدثنا
معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن = [
* ]
(16/99)
قال ابن حبان: فحكى أنس ذلك الفعل منه أو قدومه المدينة،
حيث كانت تحته إحدى عشرة امرأة.
والخبر الاول إنما حكاه أنس في آخر قدومه المدينة، حيث
كانت تحته تسع، لان هذا الفعل كان منه مرات.
قلنا: أول قدومه فما كان له سوى امرأة، وهي سودة، ثم إلى
السنة الرابعة من الهجرة لم يكن عنده أكثر من أربع نسوة،
فإنه بني بحفصة، وبأم سلمة في سنة ثلاث، وقبلها سودة
وعائشة، ولا نعلم أنه اجتمع عنده في آن إحدى عشرة زوجة.
وقال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن بين إسماعيل وداود
ألف
__________
= مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه
في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن
إحدى عشرة.
وأخرجه أيضا 1 / 334: باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره
من طريق عبدالاعلى بن حماد، والنسائي 6 / 53، 54 من طريق
إسماعيل بن مسعود، كلاهما عن يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن
أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله صلى
الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله
يومئذ تسع نسوة.
قال ابن خزيمة تعليقا على رواية معاذ بن هشام: " وهن إحدى
عشرة ": تفرد بذلك معاذ بن هشام، عن أبيه، ورواه سعيد بن
أبي عروة وغيره عن قتادة.
وأما ابن حبان، فقد جمع في صحيحه بين الروايتين بأن حمل
ذلك على حالتين، قال الحافظ ابن حجر: لكنه وهم في قوله: إن
الاولى كانت في أول قدومه من المدينة حيث كان تحته تسع
نسوة، والحالة الثانية في آخر الامر حيث اجتمع عنده إحدى
عشرة امرأة.
وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة
لم يكن تحته امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة،
ثم تزوج أم سلمة وحفصة وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة
والرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة، ثم جويرية في
السادسة، ثم صفية وأم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء
جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور.
واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة، فجزم ابن اسحاق
بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب، فاختارت
البقاء في ملكه، والاكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر،
وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل.
قال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة، فعلى هذا لم
يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودة كانت وهبت
يومها لعائشة كما سيأتي في مكانه، فرجحت رواية سعيد، لكن
تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن واطلق
عليهن لفظ نسائه تغليبا.
[ * ]
(16/100)
سنة، فروى خبر أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله كم بين
المسجد الحرام والمسجد الاقصى ؟ قال: أربعون سنة (1).
حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب
(2)، قال: فيه البيان بأن الحبر الفاضل قد ينسى، قال: لان
المصطفى ما اعتمر إلا أربعا: أولاها عمرة القضاء عام
القابل من عام الحديبية، قال: وكان ذلك في رمضان.
ثم الثانية حين فتح مكة في رمضان.
ولما رجع من هوازن اعتمر من الجعرانة وذلك في شوال.
والرابعة مع حجته.
فوهم أبو حاتم كما ترى في أشياء.
__________
(1) هو في صحيح ابن حبان (1589) وأخرجه أحمد 5 / 166، 167،
من طريق محمد ابن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم
التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر.
وأخرجه أحمد 5 / 156 و 157 و 160، والبخاري 6 / 290، 291
في الانبياء: رقم الباب 10، و 332 و 333، ومسلم (520) في
أول المساجد من طرق عن الاعمش، عن إبراهيم التيمي، عن
أبيه، عن أبي ذر به.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور "، وزاد نسبته لابن أبي
شيبة، وعبد بن حميد، والبيهقي في " شعب الايمان ".
قال ابن المقيم في " زاد المعاد " 1 / 49: وقد أشكل هذا
الحديث على من لم يعرف المراد به، فقال: معلوم أن سليمان
بن داود هو الذي بنى المسجد الاقصى وبينه وبين إبراهيم
أكثر من ألف عام.
وهذا من جهل القائل به، فإن سليمان إنما كان له من المسجد
الاقصى تجديده لا تأسيسه، والذي أسسه هو يعقوب بن إسحاق
صلى الله عليهما وآلهما وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا
المقدار.
(2) أخرج البخاري 3 / 478 من طريق مجاهد قال: دخلت أنا
وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى
حجرة عائشة، وإذا أناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال:
فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة، ثم قال له: كم اعتمر النبي
صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أربع إحداهن في رجب، فكرهنا أن
نرد عليه، قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في
الحجرة، فقال عروة: يا أماه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد
الرحمن ! قالت عائشة: ما يقول ؟ قال: يقول: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهن في
رجب.
قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو
شاهده، وما اعتمر في رجب قط.
ورواه مسلم (936) وزاد: وابن عمر يسمع، فما قال: لا، ولا
قال: نعم، قال النووي: سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل
على أنه كان اشتبه عليه، أو نسي، أو شك، وقال القرطبي: عدم
إنكاره على عائشة يدل على أنه كان على وهم، وأنه رجع
لقولها.
[ * ]
(16/101)
ففي الصحيحين " (1) لانس: اعتمر نبي الله أربع عمر، كلهن
في ذي القعدة إلا التي من حجته عمرة الحديبية، وعمرته من
العام المقبل، وعمرته من الجعرانة.
وقال: ذكر ما كان يقرأ عليه السلام في جلوسه بين الخطبتين،
فما ذكر شيئا.
توفي ابن حبان بسجستان بمدينة بست في شوال سنة أربع وخمسين
وثلاث مئة، وهو في عشر الثمانين.
وما ظفرت بشئ من حديثه عاليا.
كتب إلي المسلم بن محمد العلاني، أخبرنا أبو اليمن الكندي،
أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا
أبو معاذ عبدالرحمن بن محمد سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، قدم
للحج، أخبرنا أبو حاتم التميمي، حدثنا أبو خليفة، حدثنا
القعنبي، عن شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود أن
النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إن مما أدرك الناس من
كلام النبوة الاولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " (2).
__________
(1) أخرجه البخاري 3 / 478 في الحج: باب كم اعتمر النبي
صلى الله عليه وسلم، وفي الجهاد: باب من قسم الغنيمة في
غزوه وسفره، وفي المغازي: باب غزوة الحديبية، ومسلم
(1253).
في الحج: باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم
وزمانهن، وهو في سنن ابي
داود (1994)، وجامع الترمذي (815).
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 6 / 380 في الانبياء: باب
ما يذكر عن بني إسرائيل من طريق آدم، عن شعبة بهذا
الاسناد.
وأخرجه ابو داود (4797) في الادب: باب ما جاء في الحياء من
طريق عبد الله بن مسلمة.
عن شعبة به.
وأخرجه ابن ماجة (4183) في الزهد: باب الحياء من طريق عمرو
بن رافع، عن جرير، عن منصور به.
وأخرجه البخاري 6 / 380 و 10 / 434 في الآدب من طريق أحمد
بن يونس، عن زهير، عن منصور..[ * ]
(16/102)
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن
محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو بكر البيهقي،
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن منصور النوقاني، أخبرنا
أبو حاتم محمد بن حبان، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي (ح)
وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن صرما والفتح بن عبد
الله، قالا: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن النقور،
أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا الصوفي، حدثنا يحيى بن
معين، حدثنا عبدة، عن هشام ابن عروة، عن موسى بن عقبة، عن
عبد الله بن عمرو الاودي، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " يحرم على النار كل هين لين قريب سهل ".
أخرجه الترمذي (1) من حديث عبدة بن سليمان، وحسنه.
قرأت على سليمان بن حمزة القاضي، أخبرنا محمد بن عبد
الواحد الحافظ، أخبرنا عبدالمعز بن محمد، أن تميما
الجرجاني أخبرهم، أخبرنا
علي بن محمد البحاثي، أخبرنا محمد بن أحمد الزوزني، أخبرنا
محمد بن حبان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا يزيد بن صالح،
ومحمد بن أبان الواسطي، قالا: حدثنا جرير بن حازم، سمعت
أبا رجاء العطاردي، سمعت ابن عباس على المنبر، يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال
__________
(1) برقم (2488) في صفة القيامة رقم الباب (45)، وهو في
صحيح ابن حبان (1096) و (1097) وعبد الله بن عمرو الاودي
لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 /
415 من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عن سعيد بن عبدالرحمن
الجمحي، عن موسى بن عقبة، عن الاودي، عن ابن مسعود.
وقد التبس امر الاودي على العلامة أحمد شاكر رحمه الله في
تعليقه على " المسند " 6 / 19، فلم يعرفه، والسبب أنه لم
يهتد إلى رواية الترمذي المصرحة باسمه بعد طول البحث.
وللحديث شواهد يتقوى بها عن أنس وأبي هريرة ومعيقيب رواها
الطبراني كما في " المجمع " 4 / 75.
[ * ]
(16/103)
أمر هذه الامة موائما أو مقاربا ما لم يتكلموا في الولدان
والقدر " (1).
هذا حديث صحيح ولم يخرج في الكتب الستة.
أنبأنا يحيى بن أبي منصور، أخبرنا عبد القادر الحافظ،
أخبرنا مسعود ابن الحسن، أخبرنا أبو عمرو بن مندة، أخبرنا
أبي، أخبرنا أبو حاتم بن حبان، حدثنا عمرو بن محمد بن
بجير، حدثنا ابن السرح، حدثنا ابن وهب، حدثنا بكر بن مضر،
عن الاوزاعي قال: " بلغني أن الله إذا أراد بقوم شرا،
ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل ".
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو الوقت،
أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، أخبرنا عبد الصمد بن محمد بن
محمد بن صالح، أخبرنا
أبي، أخبرنا محمد بن حبان، سمعت أسامة بن أحمد بمصر، سمعت
ابن السرح، سمعت عبدالرحمن بن القاسم، سمعت مالكا، يقول: "
ما أحد ممن تعلمت منه العلم إلا صار إلي حتى سألني عن أمر
دينه ".
71 - أبو عمر بن حزم * الشيخ
العالم الحافظ الكبير المؤرخ، أبو عمر، أحمد بن سعيد بن
حزم بن يونس الصدفي الاندلسي، مؤلف " التاريخ
الكبير " في أسماء الرجال في عدة مجلدات.
كان أحد أئمة الحديث، له عناية تامة بالآثار.
__________
(1) هو في صحيح ابن حبان (1824)، وأخرجه الحاكم 1 / 33 من
طرق، عن جرير بن حازم بهذا الاسناد، وصححه، ووافقه الذهبي
ولفظ الحاكم " مؤامرا " بدل مواتيا.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 43 - 44، جذوة المقتبس: 125 -
126، فهرسة ابن خير: 227، بغة الملتمس: 181 - 182، معجم
الادباء: 3 / 50 - 52، الوافي بالوفيات: 6 / 389 - 390،
نفح الطيب: 3 / 170، هدية العارفين: 1 / 63.
[ * ]
(16/104)
سمع من عبيدالله بن يحيى بن يحيى، وسعيد الاعناقي، وسعيد
بن الزراد، ومحمد بن أبي الوليد الاعرج، ومحمد بن عمر بن
لبابة.
وارتحل سنة إحدى عشرة وثلاث مئة، فسمع من محمد بن زبان،
ومحمد بن محمد بن النفاح.
وعدة بمصر، وأبا جعفر الديبلي، وابن المنذر بمكة، ومحمد بن
محمد بن اللباد، وأحمد بن نصر القيروان، ورجع إلى الاندلس
بعلم جم.
أخذ عنه جماعة، ولم يزل يحدث إلى أن مات في جمادى الآخرة
سنة خمسين وثلاث مئة بقرطبة.
فأما سميه الوزير الامام، أحمد بن سعيد بن حزم (1) بن غالب
الاموي مولاهم الاندلسي، والد الفقيه أبي محمد بن حزم، فهو
أصغر منه.
كان بعد العشر وأربع مئة، رحمهما الله.
72 - ابن مقسم * العلامة
المقرئ أبو بكر، محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن
ابن مقسم البغدادي العطار، شيخ القراء.
__________
(1) ترجمته في: جذوة المقتبس: 126 - 127، بغية الملتمس:
182 - 183، العبر: 3 / 78، الوافي بالوفيات: 6 / 391،
شذرات الذهب: 3 / 163.
* مجالس ثعلب: 1 / 3، الفهرست: 49 - 50، تاريخ بغداد: 2 /
206 - 208، نزهة الالباء: 288 - 290، المنتظم: 7 / 30 -
32، معجم الادباء: 18 / 150 - 154، إنباه الرواة: 3 / 100
- 103، العبر: 2 / 301 ميزان الاعتدال: 3 / 519 طبقات
القراء للذهبي: 1 / 246 - 249، تلخيص ابن مكتوم: 200 -
201، الوافي بالوفيات: 2 / 337 - 338، البداية والنهاية:
11 / 259 - 260، غاية النهاية: 2 / 123 - 125 النشر في
القراءات العشر: 1 / 166 - 167، لسان الميزان: 5 / 130 -
131، بغية الوعاة: 1 / 89 - 90، طبقات المفسرين للداوودي:
2 / 127 - 129، شذرات الذهب: 3 / 16، هدية العارفين: 2 /
47 - 48.
[ * ]
(16/105)
ولد سنة خمس وستين ومئتين، وسمع أبا مسلم الكجي، ومحمد بن
سليمان الباغندي، لقيه في سنة ثمان وسبعين، وجعفرا
الفريابي، ومحمد ابن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن إسحاق،
ومحمد بن يحيى المروزي، وعدة.
وتلا على إدريس الحداد صاحب خلف، وعلى داود بن سليمان،
تلميذ نصير، وعلى أبي قبيصة حاتم الموصلي، وطائفة.
وأخذ العربية عن
ثعلب.
وتصدر للاقراء.
فتلا عليه إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفرج النهرواني،
وأبو الحسن الحمامي، وابن داود الرزاز، والفرج بن محمد
القاضي، وآخرون.
وحدث عنه ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.
قال الخطيب: ثقة، من أحفظ الناس لنحو الكوفيين، وأعرفهم
بالقراءات.
صنف في التفسير والمعاني.
قال: وطعن عليه بأن عمد إلى حروف تخالف الاجماع فأقرأ بها.
فأنكر عليه، واستتابه [ السلطان في ] (1) الدولة بحضرة
الفقهاء والقراء، وكتبوا محضرا بتوبته.
وقيل: لم ينزع فيما بعد، بل كان يقرئ بها.
قال ابن أبي هاشم: نبغ في عصرنا من زعم أن كل ما صح له وجه
في العربية لحرف يوافق خط المصحف، فقراءته جائزة في الصلاة
[ وغيرها ] (2).
قال أبو أحمد الفرضي: رأيت ابن مقسم (3) كأنه يصلي مستدبر
القبلة.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق، وهي مستفاد مما عند الخطيب: 2 /
206 - 207.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 207 وما بين حاصرتين منه.
(3) يعني: في المنام.
انظر " تاريخ بغداد " 2 / 208.
[ * ]
(16/106)
قلت: توفي في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
وقيل: سنة خمس وخمسين.
وله من التصانيف: " كتاب " الانوار في علم القرآن "، و "
المدخل إلى علم الشعر "، و " كتاب في النحو " كبير، وكتاب
" المصاحف "،
وكتاب " الوقف والابتداء، " و " كتاب اختياره في القراءات
"، وأشياء.
إسحاق بن إبراهيم * ابن مسرة، أبو إبراهيم التجيبي
الطليطلي الزاهد أحد الاعلام بقرطبة، كان يتجر بها في
الكتان، وكان من أهل العلم والعمل، وممن لا تأخذه في الله
ملامة.
وكان فقيها مشاورا، منقبضا عن الناس مهيبا.
وكان المستنصر بالله الحكم يتأدب معه، ويحترمه جدا، وقد
كتب إليه الحكم ورقة فيها: حفظك الله وتولاك، وسددك ورعاك،
لما امتحن أمير المؤمنين سيدي أبقاه الله للاولياء الذين
يستعد بهم، متقدما في الولاية، متأخرا عن الصلة على أنه قد
أنذرك خصوصا للمشاركة في السرور الذي كان عنده، ثم أنذرت
من قبلي، إبلاغا في التكرمة، فكان منك على ذلك كله من
التخلف ما ضاقت عليك فيه المعذرة، واستبلغ أمير المؤمنين
في إنكاره، ومعاتبتك فما الذي أوجب توقفك عن إجابة دعوته
لاعرفه ؟ فأجابه أبو إبراهيم: سلام على الامير، سيدي ورحمة
الله، لم يكن توقفي لنفسي، إنما كان لامير المؤمنين، وذكر
كلمات قبل بها عذرة.
__________
* تقدمت ترجمته برقم (61) وقد أشار المؤلف هناك إلى أنه
سيكرر ترجمته.
[ * ]
(16/107)
ومن خواص تلامذته القاسم بن أحمد المعروف بابن أرفع رأسه
(1).
وقد ذكر في " تاريخ أعيان الموالي بالاندلس " وأنه مولى
بني هلال التجيبيين، وأنه كان من أحفظ العلماء للمسائل.
وله ديوان شريف سماه " كتاب النصائح ".
توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، وقبره يزار بالاندلس،
وقيل:
توفي قبل ذلك.
أما الزاهد محمد بن عبد الله بن مسرة (2) الاندلسي الذي
ألف في التصوف، فتوفي سنة تسع عشرة وثلاث مئة رمي بالقدر.
73 - بندار بن الحسين *
الشيرازي القدوة، شيخ الصوفية، أبو الحسين، نزيل
أرجان.
صحب الشبلي، وحدث عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي بحديث
واحد.
__________
(1) هو أبو محمد، القاسم بن أحمد بن محمد بن عثمان بن
عباس، المعروف بابن أرفع رأسه.
قال ابن الفرضي: هو من أهل طليطلة، سكن قرطبة، وتفقه عند
أبي إبراهيم وصحبه واختص به.
توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة " تاريخ علماء الاندلس " 1
/ 371.
(2) ترجمته في " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 39 - 40، و "
جذوة المقتبس " 63، و " بغية الملتمس " 88.
* طبقات الصوفية: 467 - 470، حلية الاولياء 10 / 384 -
385، الرسالة القشيرية: 29 - تبيين كذب المفتري: ص 179 -
181، الوافي بالوفيات: 10 / 292 - 293، طبقات السبكي: 3 /
224 - 225، طبقات الاولياء: 120 - 121، النجوم الزاهرة: 3
/ 338، طبقات الشعراني: 1 / 103، نتائج الافكار القدسية: 2
/ 7.
[ * ]
(16/108)
وكان ذا أموال فانفقها وتزهد، وله معرفة بالكلام والنظر.
قال السلمي: سمعت عبد الواحد بن محمد يقول: سمعت بندار بن
الحسين، يقول: دخلت على الشبلي ومعي تجارة بأربعين ألف
دينار، فنظر في المرآة، فقال: المرآة تقول: إن ثم سببا،
قلت: صدقت المرآة، فحملت
إليه ست بدر ثم لزمته حتى حملت إليه جميع مالي، فنظر مرة
في المرآة، ثم قال: المرآة تقول: ليس ثم سبب، قلت: صدقت.
قال السلمي: كان بندار عالما بالاصول، وله رد على ابن خفيف
في مسألة الاغانة وغيرها ومما قيل: إن بندار أنشده: نوائب
الدهر أدبتني * وإنما يوعظ الاديب قد ذقت حلوا وذقت مرا *
كذاك عيش الفتى ضروب ما مر بؤس ولا نعيم * إلا ولي فيهما
نصيب (1) ومن كلامه: لا تخاصم لنفسك، فإنها ليست لك، دعها
لمالكها يفعل بها ما يريد (2).
وقال: صحبة أهل البدع تورث الاعراض عن الحق (3).
قيل توفي بندار سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
فأما:
74 - علي بن بندار * ابن
الحسين الصوفي العابد، فمعاصر لصاحب الترجمة، وما
هو بابن
__________
(1) الابيات في " طبقات الصوفية ": 470، وطبقات الاولياء:
121.
(2) " طبقات الصوفية " ص 468.
(3) " طبقات الصوفية " ص 469.
* طبقات الصوفية: 501 - 504، المنتظم: 7 / 52، طبقات
الشعراني: 1 / 146.
[ * ]
(16/109)
له، بل علي أكبر، فإنه لقي الجنيد، وسمع محمد بن إبراهيم
البوشنجي، وأبا خليفة، وكان يعرف بالصيرفي.
أملى مدة.
روى عنه الحاكم، ووثقه.
غرق سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
75 - مسلمة بن القاسم * ابن
إبراهيم المحدث الرحال، أبو القاسم الاندلسي
القرطبي.
سمع محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد الجباب،
وبالقيروان من أحمد بن موسى التمار، وعبد الله بن محمد بن
فطيس، وبأطرابلس من صالح ابن الحافظ أحمد بن عبد الله
العجلي، وبمصر من محمد بن أبان، وأبي جعفر الطحاوي، وبمكة
من محمد بن إبراهيم الديبلي، وبواسط من علي بن عبد الله بن
مبشر، وببغداد من أبي بكر بن زياد، وبالبصرة واليمن
والشام، ورجع إلى بلده بعلم كثير، ولم يكن بثقة.
قال ابن الفرضي: سمعت من ينسبه إلى الكذب، وقال لي محمد بن
أحمد بن يحيى بن مفرج: لم يكن كذابا، بل كان ضعيف العقل،
قال: وحفظ عليه كلام سوء في التشبيه.
وقال ابن الفرضي: توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
قلت: أراه كان من أبناء الستين.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 128 - 130، ميزان الاعتدال: 4
/ 112، لسان الميزان: 6 / 35 - 36.
[ * ]
(16/110)
76 - أبو بشر * قاضي القضاة أبو بشر عمر بن أكثم
بن أحمد بن القاضي حيان بن بشر الاسدي الشافعي.
قال الخطيب: لم يل القضاء ببغداد من الشافعية قبله غير
القاضي أبي
السائب.
توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، وهو من بيت قضاء وعلم.
مات وهو في عشر الثمانين، وولي القضاء بعده ابن معروف.
77 - الزاهي * * الشاعر المحسن
المجود، أبو القاسم، علي بن إسحاق بن خلف البغدادي.
مات شابا في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة.
مدح الوزير المهلبي، وسيف الدولة، وهو القائل (1): سفرن
بدورا وانتقبن أهلة * ومسن غصونا والتفتن جآذرا وأطلعن في
الاجياد بالدر أنجما * جعلن لحبات القلوب ضرائرا 78 -
القراريطي * * * الوزير الكبير، أبو إسحاق، محمد بن أحمد
بن عبدالمؤمن
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 249 - 250، المنتظم: 7 / 17 - 18،
طبقات السبكي: 3 / 470، طبقات الاسنوي: 1 / 78 - 79.
* * يتيمة الدهر: 1 / 233 - 235، تاريخ بغداد: 11 / 350،
الانساب: 6 / 231، المنتظم: 7 / 59، اللباب: 2 / 55 - 56،
وفيات الاعيان: 3 / 371 - 373، البداية والنهاية: 11 /
272، النجوم الزاهرة: 4 / 63 - 64، هدية العارفين: 1 /
680.
(1) الابيات في يتيمة الدهر: 1 / 233، و " الوفيات " 3 /
372.
* * * الكامل لابن الاثير: 8 / 249، 305، 375، 384، 397،
404، 406، 468 = [ * ]
(16/111)
الاسكافي الكاتب، المعروف بالقراريطي.
كاتب محمد بن رائق.
وزر للمتقي لله بعد الوزير ابن البريدي، ثم عزل بعد تسعة
وثلاثين
يوما، وغرم مئتي ألف دينار وزيادة، ثم وزر بعد أشهر، وقبض
عليه بعد ثمانية أشهر، فنزح إلى الشام.
وكتب لصاحبها سيف الدولة، ثم قدم بغداد، في وزراة المهلبي،
فأكرمه ووصله.
روى عن الاخفض الصغير وغيره.
حدث عنه المفيد، وأبو الحسن الجراحي، وكان ظلوما عسوفا.
عاش ستا وسبعين سنة، ومات في المحرم سنة سبع وخمسين وثلاث
مئة.
79 - الطبسي * شيخ الشافعية:
أبو الحسين، أحمد بن محمد بن سهل الطبسي، تلميذ
الامام أبي إسحاق المروزي.
روى عن ابن خزيمة، ويحيى بن صاعد وغيرهما.
وله تعليقة عظيمة في المذهب في نحو ألف جزء.
روى عنه الحاكم، وأرخ موته في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.
__________
= وغيرها، دول الاسلام: 1 / 221 - 222، العبر: 2 / 309،
الوافي بالوفيات: 2 / 41، شذرات الذهب: 3 / 26.
* اللباب: 2 / 274، 275، طبقات السبكي: 3 / 44.
[ * ]
(16/112)
80 - ابن عتبة * المحدث الصادق، أبو العباس أحمد بن الحسن
بن إسحاق بن عتبة الرازي ثم المصري.
سمع مقدام بن داود الرعيني، وروح بن الفرج القطان، ويحيى
بن عثمان، ويحيى بن أيوب العلاف، وطبقتهم.
حدث عنه.
عبد الغني، وأبو محمد بن النحاس، وشعيب بن المنهال، وأبو
عبد الله بن نظيف، وآخرون.
مولده سنة ثمان وستين ومئتين، وسمع سنة ثمانين ومئتين،
وكانت وفاته بمصر في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثلاث
مئة.
81 - اللكي * * المعمر، أبو
الحسن، أحمد بن القاسم بن كثير بن صدقة بن الريان
المصري اللكي، نزيل البصرة.
حدث في سنة سبع، عن إسحاق الدبري، والحارث التميمي،
والقاضي البرتي، وعبد الله بن محمد بن أبي مريم، والكديمي،
وتمتام.
وعنه: ابن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم،
وغيرهم.
ضعفه الدارقطني، وابن ماكولا.
وله جزء سمعناه، فيه ما ينكر.
__________
* العبر: 2 / 307، النجوم الزاهرة: 4 / 20، شذرات الذهب: 3
/ 22.
* * الاكمال لابن ماكولا: 4 / 112، العبر: 2 / 319 - 320،
شذرات الذهب: 3 / 35.
[ * ]
(16/113)
82 - والد المخلص * أبو القاسم، عبدالرحمن بن العباس
بن عبدالرحمن بن زكريا البغدادي الاطروش، ويعرف بابن
الفامي.
سمع محمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وإسحاق بن
سنين الختلي، وأبا شعيب الحراني، وسمع ولده أبا طاهر
المخلص كثيرا.
روى عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسن بن الحمامي،
وعبد الله بن حمدية، وأبو نعيم الحافظ.
وثقه ابن أبي الفوارس، وقال: توفي في رمضان سنة سبع وخمسين
وثلاث مئة.
83 - المتقي لله * *
مات في السجن في شعبان سنة سبع وخمسين، وبقي في السجن
أربعا وخمسين سنة.
84 - ابن الداعي * * * الكبير،
الرئيس المعظم الشريف، أبو عبد الله، محمد بن الحسن
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 295 - 296، المنتظم: 7 / 44، العبر: 2
/ 309، مشتبه النسبة: 1 / 289، شذرات الذهب: 3 / 25 - 26.
* * هو أبو إسحاق، إبراهيم بن المقتدر بالله جعفر بن
المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي المخلوع، ترجمته في:
أخبار الراضي والمتقي: 186 - 285، مروج الذهب: 4 / 339 -
354، تاريخ بغداد: 6 / 51 - 52، المنتظم: 7 / 43، المختصر
في أخبار البشر: 2 / 109، العبر: 2 / 307 - 308، دول
الاسلام: 1 / 221، فوات الوفيات: 1 / 17 - 18، الوافي
بالوفيات: 5 / 341 - 342، نكت الهميان: 87، البداية
والنهاية: 11 / 265، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 628، شذرات
الذهب: 3 / 22 - 23.
* * * تجارب الامم: 6 / 207 - 210 و 216، الكامل لابن
الاثير: 8 / 555.
[ * ]
(16/114)
ابن القاسم بن الحسن العلوي الديلمي المولد.
ولد سنة أربع وثلاث مئة وحج في سنة بضع وثلاثين.
برع في الرأي على الامام أبي الحسن الكرحي، وأخذ علم
الكلام عن
حسين بن علي البصري، وأفتى ودرس، وولي نقابة الطالبيين في
دولة بني بويه، فعدل وحمد، وكان معز الدولة يبالغ في
تعظيمه، وتقبيل يده، لعبادته وهيبته، وكان فيه تشيع بلا
غلو.
قال أبو علي التنوخي: حدثنا أبو الحسن بن الازرق، قال: كنت
بحضرة الامام أبي عبد الله بن الداعي، فسأله أبو الحسن
المعتزلي عما يقوله في طلحة والزبير، فقال: أعتقد أنهما من
أهل الجنة، قال: ما الحجة ؟ قال: قد رويت توبتهما، والذي
هو عمدتي أن الله بشرهما بالجنة، قال: فما تنكر على من زعم
أنه عليه السلام قال: إنهما من أهل الجنة ومقالته: فلو
ماتا لكانا في الجنة، فلما أحدثا زال ذلك، قال: هذا لا
يلزم، وذلك أن نقل المسلمين أن بشارة النبي صلى الله عليه
وسلم سبقت لهما، فوجب أن تكون موافاتهما القيامة على عمل
يوجب لهما الجنة وإلا لم يكن ذلك بشارة، فدعا له المعتزلي
واستحسن ذلك، ثم قال: ومحال أن يعتقد هذا فيهما، ولا يعتقد
مثله في أبي بكر وعمر، إذ البشارة للعشرة (1).
قال أبو علي التنوخي: رأيت في مجلس أبي عبد الله، وقد جاءه
رجل بفتوى فيمن حلف فطلق امرأته ثلاثا معا، فقال له: تريد
أن أفتيك بما
__________
(1) وذلك في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد 1 / 187، وأبو
داود (4648) و (4649) و (4650)، والترمذي (3749) و (3758)
من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي
وعثمان والزبير وطلحة، وعبد الرحمن، وأبو عبيدة، وسعد بن
أبي وقاص، وسعيد بن زيد في الجنة ".
[ * ]
(16/115)
عندي وعند أهل البيت أو بما يحكيه غيرنا عن أهل البيت ؟
فقال: أريد الجميع، قال: أما عندي وعندهم فقد بانت، ولا
تحل لك حتى تنكح زوجا
غيرك.
قال التنوخي: ولم يزل أبو عبد الله ببغداد، وبايعه جماعة
على الامامة، فلم يقدر على الخروج، فلا كان في سنة 353 سار
معز الدولة إلى الموصل لحرب ابن حمدان، فوجد أبو عبد الله
فرصة، فركب يوما إلى عز الدولة، فخوطب في مجلسه بسبب خلاف
بين شريفين خطابا ظاهرا استقصاء لفعله، فتألم وخرج مغضبا،
ثم أصلح أمره، ورتب قوما بخيل خارج بغداد، وأظهر أنه عليل،
وحجب عنه الناس، ثم تسحب خفية بابنه الكبير وعليه جبة صوف،
وفي صدره مصحف وسيف، فلحق بهوسم (1) من بلاد الديلم،
فأطاعته الديلم، وكان أعجمي اللسان، وأمه منهم وتلقب
بالمهدي، وكانت أعلامه من حرير أبيض، فيها: لا إله إلا
الله محمد رسول الله، وأذنابها خضر، فأقام العدل وتقشف،
وقنع بالقوت، وقيل: إنه قال لقواده: أنا على ما ترون، فمتى
غيرت أو ادخرت درهما، فأنتم في حل من بيعتي، وكان يعظ
ويعلمهم، ويحث على الجهاد، ويكتب إلى الاطراف ليبايعوه،
وكاتب ركن الدولة، ومعز الدولة في ذلك گ، فأجابه ركن
الدولة بالامامة، واعتذر من ترك نصرته، ولم يتلقب بإمرة
المؤمنين، بل بالامام المهدي.
قلت: كان يمتنع من الترحم على معاوية رضي الله عنه، ولا
يشتم الصحابة.
__________
(1) هو سم: ضبطها ياقوت بالفتح ثم السكون والسين المهملة
وقال: " من نواحي بلاد الجبل، خلف طبرستان والديلم " انظر
" معجم البلدان " 5 / 420.
[ * ]
(16/116)
85 - ابن السكن * الامام الحافظ المجود الكبير، أبو علي،
سعيد بن عثمان
بن سعيد بن السكن المصري البزاز، وأصله بغدادي.
نزل مصر بعد أن أكثر الترحال ما بين النهرين: نهر جيحون،
ونهر النيل، مولده سنة أربع وتسعين ومئتين.
سمع ببغداد من أبي القاسم البغوي، وابن أبي داود،
وطبقتهما، وبحران من الحافظ أبي عروبة وطائفة، وبدمشق من
أحمل بن عمير بن جوصا، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي
وأقرانهما، وبخراسان " صحيح البخاري " من محمد بن يوسف
الفربري، فكان أول من جلب الصحيح إلى مصر، وحدث به، وقد
لحق بمصر محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وعلي بن أحمد علان،
وأبا جعفر الطحاوي، وسمع بدمشق أيضا من محمد بن خريم،
وجماعة من بقايا أصحاب هشام بن عمار، وسمع بنيسابور من أبي
حامد بن الشرقي، ومكي بن عبدان، وأعانه على سعة الرحلة
التكسب بالتجارة.
جمع وصف، وجرح وعدل، وصحح وعلل.
ولم نر تواليفه، هي عند المغاربة.
حدث عنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو عبد الله بن مندة، وعبد
الغني الازدي، وعلي بن محمد الدقاق، وعبد الرحمن بن عمر بن
النحاس، وعبد
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 937 - 938، دول الاسلام: 1 / 219،
العبر: 2 / 297، النجوم الزاهرة: 3 / 338، طبقات الحفاظ:
378 - 379، حسن المحاضرة: 1 / 351 - 352، شذرات الذهب: 3 /
12، هدية العارفين: 1 / 389، الرسالة المستطرفة: 23، تهذيب
ابن عساكر: 6 / 156.
[ * ]
(16/117)
الله بن محمد بن أسد القرطبي، وأبو جعفر بن عون الله،
والقاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج.
كان ابن حزم يثني على " صحيحه " المنتقى، وفيه غرائب.
توفي في المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
وحديثه يعز وقوعه لنا، ويعسر إلا بنزول.
كتب إلي أحمد بن سلامة المقرئ عن محمد بن حمد، عن علي ابن
الحسين الموصلي، أنبأنا عبدالرحيم بن أحمد الحافظ، أخبرنا
عبد الرحمن بن عمر المالكي، حدثنا أبو علي سعيد بن عثمان
الحافظ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا إسحاق بن أبي
إسرائيل، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن مسلم
بن هرمز، عن سعيد ومحمد ابني عبيد، عن أبي حاتم رضي الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جاءكم
من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في
الارض وفساد عريض " (1).
قال أبو علي: أبو حاتم هذا صحابي، ما روى شيئا سوى هذا
الحديث.
وممن مات معه في العام مسند أصبهان أبو جعفر أحمد بن
إبراهيم بن
__________
(1) وأخرجه الترمذي (1085) في النكاح: باب ما جاء إذا
جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، من طريق محمد بن عمرو السواق
البلخي، عن حاتم بن إسماعيل بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث
حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا يعرف له عن النبي
صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.
قلت: تحسين الترمذي له بشاهده عن ابي هريرة لا بهذا السند،
فان عبد الله بن مسلم بن هرمز ضعيف.
وحديث ابي هريرة اخرجه الترمذي (1084)، وابن ماجه (1967)،
والحاكم 2 / 165 وفي سنده ضعيف.
[ * ]
(16/118)
يوسف بن أفرجه، وحافظ الوقت أبو إسحاق بن حمزة المذكور،
ومقرئ بغداد أبو عيسى بكار بن أحمد، والمسند جعفر بن محمد
الواسطي المؤدب ومسند العصر أبو الفوارس شجاع بن جعفر
البغدادي الوراق في عشر المئة، ومسند العجم عبد الله بن
الحسن بن بندار المديني شيخ أبي نعيم، ومسند دمشق أبو
القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب الهمداني، ومحدث دمشق
أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الانصاري.
86 - الطبراني * هو
الامام، الحافظ، الثقة، الرحال الجوال، محدث الاسلام، علم
المعمرين، أبو القاسم، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير
اللخمي الشامي الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة.
مولده بمدينة عكا في شهر صفر سنة ستين ومئتين، وكانت أمه
عكاوية.
وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين، وارتحل به أبوه، وحرص
عليه، فإنه كان صاحب حديث، من أصحاب دحيم، فأول ارتحاله
كان في سنة خمس وسبعين، فبقي في الارتحال ولقي الرجال ستة
عشر عاما، وكتب عمن أقبل وأدبر، وبرع في هذا الشأن، وجمع
وصنف، وعمر دهرا طويلا،
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 335 - 336، طبقات الحنابلة: 2 /
49 - 51، الانساب: 8 / 199 - 200، المنتظم: 7 / 54، معجم
البلدان: 4 / 18 - 19، وفيات الاعيان: 2 / 407، تذكرة
الحفاظ: 3 / 912 - 917، دول الاسلام: 1 / 223، ميزان
الاعتدال: 2 / 195، العبر: 2 / 315 - 316، مرآة الجنان: 2
/ 372، البداية والنهاية: 11 / 270، غاية النهاية في طبقات
القراء: 1 / 311، لسان الميزان: 3 / 73 - 75، النجوم
الزاهرة: 4 / 59 - 60، طبقات الحفاظ: 372 - 373، طبقات
المفسرين للداوودي: 1 / 198 - 201، شذرات
الذهب: 3 / 30، هدية العارفين: 1 / 396، الرسالة
المستطرفة: 38، 135 - 136 وغيرها، تهذيب ابن عساكر: 6 /
242 - 244.
[ * ]
(16/119)
وازدحم عليه المحدثون، ورحلوا إليه من الاقطار.
لقي أصحاب يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وأبي عاصم، وحجاج
ابن محمد، وعبد الرزاق، ولم يزل يكتب حتى كتب عن أقرانه.
سمع من هاشم بن مرثد الطبراني، وأحمد بن مسعود الخياط،
حدثه ببيت المقدس في سنة أربع وسبعين، عن عمرو بن أبي سلمة
التنيسي، وسمع بطبرية من أحمد بن عبد الله اللحياني صاحب
آدم، وبقيسارية من عمرو بن ثور، وإبراهيم بن أبي سفيان
صاحبي الفريابي، وسمع من نحو ألف شيخ أو يزيدون.
وروى عن أبي زرعة الدمشقي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري،
وإدريس بن جعفر العطار، وبشر بن موسى، وحفص بن عمر سنجة،
وعلي بن عبد العزيز البغوي المجاور، ومقدام بن داود
الرعيني، ويحيى بن أيوب العلاف، وعبد الله بن محمد بن سعيد
بن أبي مريم، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وأحمد بن
إبراهيم بن فيل البالسي، وأحمد بن إبراهيم البسري، وأحمد
بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الاشجعي صاحب تلك النسخة
الموضوعة، وأحمد بن إسحاق الخشاب، وأحمد بن داود البصري ثم
المكي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي، وأحمد بن
خليد الحلبي، لقيه بها في سنة ثمان وسبعين ومئتين، ومن
أحمد ابن زياد الرقي الحذاء صاحب حجاج الاعور، وإبراهيم بن
سويد الشبامي، وإبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني، والحسن
بن عبدالاعلى
البوسي أصحاب عبد الرزاق، وبكر بن سهل الدمياطي، وحبوش بن
رزق الله المصري، وأبي الزنباع روح بن الفرج القطان،
والعباس بن الفضل، الاسفاطي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل،
وعبد الله بن الحسين المصيصي وعبد الرحيم بن عبد الله
البرقي، سمع منه السيرة لكنه وهم، وسماه أحمد
(16/120)
باسم أخيه، وعلي بن عبد الصمد ما غمه، وأبي مسلم الكجي،
وإسحاق ابن إبراهيم المصري القطان، وإدريس بن عبد الكريم
الحداد، وجعفر بن محمد الرملي القلانسي والحسن بن سهل
المجوز، وزكريا بن حمدويه الصفار، وعثمان بن عمر الضبي،
ومحمد بن محمد التمار، ومحمد بن يحيى ابن المنذر القزاز
صاحب سعيد بن عامر الضبعي، ومحمد بن زكريا الغلابي، ومحمد
بن علي الصائغ، وأبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني،
ومحمد بن أسد بن يزيد الاصبهاني، حدثه عن أبي داود
الطيالسي، ومحمد بن معاذ دران، وأبي عبدالرحمن النسائي،
وعبيدالله ابن رماحس، وهارون بن ملول.
وسمع بالحرمين، واليمن، ومدائن الشام ومصر، وبغداد،
والكوفة، والبصرة، وأصبهان، وخوزستان، وغير ذلك، ثم استوطن
أصبهان، وأقام بها نحوا من ستين سنة ينشر العلم ويؤلفه،
وإنما وصل إلى العراق بعد فراغه من مصر والشام والحجاز
واليمن، وإلا فلو قصد العراق أولا لادرك إسنادا عظيما.
حدث عنه: أبو خليفة الجمحي، والحافظ ابن عقدة وهما من
شيوخه، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الصحاف، وابن مندة، وأبو
بكر بن مردويه، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي، وأبو
نعيم الاصبهاني، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو
سعيد النقاش، وأبو بكر بن أبي
علي الذكواني، وأحمد بن عبدالرحمن الازدي، والحسين بن أحمد
بن المرزبان، وأبو الحسين بن فاذشاه، وابو سعد عبدالرحمن
بن أحمد الصفار، ومعمر بن أحمد بن زياد، وأبو بكر محمد بن
عبد الله الرباطي، والفضل بن عبيدالله بن شهريار، وعبد
الواحد بن أحمد الباطرقاني، وأحمد ابن محمد بن إبراهيم
الاصبهاني، وعلي بن يحيى بن عبدكويه، ومحمد بن عبد الله بن
شمة، وبشر بن محمد الميهني، وخلق كثير، آخرهم موتا أبو
(16/121)
بكر محمد بن عبد الله بن ريذة التاجر، ثم عاش بعده أبو
القاسم عبد الرحمان بن أبي بكر الذكواني يروي عن الطبراني
بالاجازة، فمات سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين وأربع مئة ومات
ابن ريذة عام أربعين.
ومن تواليفه " المعجم الصغير " في مجلد، عن كل شيخ حديث و
" المعجم الكبير " وهو معجم أسماء الصحابة وتراجمهم وما
رووه، لكن ليس فيه مسند أبي هريرة، ولا استوعب حديث
الصحابة المكثرين، في ثمان مجلدات، " والمعجم الاوسط " على
مشايخه المكثرين، وغرائب ما عنده عن كل واحد، يكون خمس
مجلدات.
وكان الطبراني - فيما بلغنا - يقول عن " الاوسط ": هذا
الكتاب روحي.
وقال أبو بكر بن أبي علي: سأل أبي أبا القاسم الطبراني عن
كثرة حديثه، فقال: كنت أنام على البواري (1)، ثلاثين سنة.
قال أبو نعيم: قدم الطبراني أصبهان سنة تسعين ومئتين، ثم
خرج، ثم قدمها فأقام بها محدثا ستين سنة.
قال سليمان بن إبراهيم الحافظ: قال أبو أحمد العسال
القاضي: إذا سمعت من الطبراني عشرين ألف حديث، وسمع منه
أبو إسحاق بن حمزة
ثلاثين ألفا، وسمع منه أبو الشيخ أربعين ألفا، كملنا.
قلت: هؤلاء كانوا شيوخ أصبهان مع الطبراني.
قال أبو نعيم الحافظ: سمعت أحمد بن بندار يقول: دخلت
العسكر سنة ثمان وثمانين ومئتين، فحضرت مجلس عبدان، وخرج
ليملي، فجعل
__________
(1) البواري: جمع بارية، وهي الحصير المنسوج، انظر "
المعرب " للجواليقي: ص 94.
[ * ]
(16/122)
المستملي يقول له: إن رأيت أن تملي ؟ فيقول: حتى يحضر
الطبراني.
قال: فأقبل أبو القاسم بعد ساعة متزرا بإزار مرتديا بآخر،
ومعه أجزاء، وقد تبعه نحو من عشرين نفسا من الغرباء من
بلدان شتى حتى يفيدهم الحديث.
قال أبو بكر بن مردويه في " تاريخه ": لما قدم الطبراني
قدمته الثانية سنة عشر وثلاث مئة إلى أصبهان قبله أبو علي
أحمد بن محمد بن رستم العامل، وضمه إليه، وأنزله المدينة،
وأحسن معونته، وجعل له معلوما من دار الخراج فكان يقبضه
إلى أن مات.
وقد كنى ولده محمدا أبا ذر، وهي كنية والده أحمد.
قال أبو زكريا يحيى بن مندة: سمعت مشايخنا ممن يعتمد عليهم
يقولون: أملى أبو القاسم الطبراني حديث عكرمة في الرؤية
(1)، فأنكر عليه ابن طباطبا العلوي، ورماه بدواة كانت بين
يديه، فلما رأى الطبراني ذلك واجهه بكلام اختصرته، وقال في
أثناء كلامه: ما تسكتون وتشغلون بما أنتم فيه حتى لا يذكر
ما جرى يوم الحرة.
فلما سمع ذلك ابن طباطبا، قام واعتذر إليه وندم، ثم قال
ابن مندة: وبلغني أن الطبراني كان حسن المشاهدة، طيب
المحاضرة، قرأ عليه يوما أبو طاهر بن لوقا حديث: كان يغسل
حصى
جماره (2) فصحفه، وقال: خصي حماره، فقال: ما أراد بذلك يا
أبا طاهر قال: التواضع، وكان هذا كالمغفل.
قال له الطبراني يوما: أنت ولدي، قال:
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 285 و 290 من طريقين عن حماد بن سلمة،
عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " رأيت ربي تبارك وتعالى " ورجاله ثقات،
وذكره في " المجمع " 1 / 78، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال
الصحيح.
وهو محمول على رؤيته في المنام وفي غير الاسراء كما هو
مبين في " زاد المعاد " 3 / 37، 38 بتحقيقنا.
(2) لا أعلمه في المرفوع، وفي " مصنف ابن أبي شيبة " 4 /
27: حدثنا وكيع، عن زمعة، عن ابن طاووس، عن أبيه أنه كان
يغسل حصى الجمار.
[ * ]
(16/123)
وإياك يا أبا القاسم، يعني: وأنت.
قال ابن مندة: ووجدت عن أحمد بن جعفر الفقيه، أخبرنا أبو
عمر بن عبد الوهاب السلمي، قال: سمعت الطبراني يقول: لما
قدم أبو علي بن رستم بن فارس، دخلت عليه، فدخل عليه بعض
الكتاب، فصب على رجله خمس مئة درهم، فلما خرج الكاتب
أعطانيها، فلما دخلت بنته أم عدنان، صبت على رجله، خمس
مئة، فقمت، فقال: إلى أين ؟ قلت: قمت لئلا يقول: جلست
لهذا، فقال: ارفع هذه أيضا، فلما كان آخر أمره، تكلم في
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ببعض الشئ، فخرجت ولم أعد
إليه بعد.
قال أحمد بن جعفر الفقيه: سمعت أبا عبد الله بن حمدان،
وأبا الحسن المديني، وغيرهما، يقولون: سمعنا الطبراني
يقول: هذا الكتاب روحي، يعني " المعجم الاوسط ".
قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي: سمعت الاستاذ ابن
العميد يقول: ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من
الرئاسة والوزارة التي أنا فيها،
حتى شاهدت مذاكرة أبي القاسم الطبراني وأبي بكر الجعابي
بحضرتي، فكان الطبراني يغلب أبا بكر بكثرة حفظه، وكان أبو
بكر يغلب بفطنته وذكائه حتى ارتفعت أصواتهما، ولا يكاد
أحدهما يغلب صاحبه، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا
إلا عندي، فقال: هات، فقال: حدثنا أبو خليفة الجمحي، حدثنا
سليمان بن أيوب، وحدث بحديث، فقال الطبراني: أخبرنا سليمان
بن أيوب، ومني سمعه أبو خليفة، فاسمع مني حتى يعلو فيه
إسنادك، فخجل الجعابي، فوددت أن الوزارة لم تكن، وكنت أنا
الطبراني، وفرحت كفرحه، أو كما قال.
(16/124)
أنبؤونا عن أبي المكارم اللبان، عن غانم البرجي، أنه سمع
عمر بن محمد بن الهيثم، يقول: سمعت أبا جعفر بن أبي السري،
قال: لقيت ابن عقدة بالكوفة، فسألته يوما أن يعيد لي فوتا
(1)، فامتنع، فشددت عليه، فقال: من أي بلد أنت ؟ قلت: من
أصبهان، فقال: ناصبة ينصبون العداوة لاهل البيت، فقلت: لا
تقل هذا فإن فيهم متفقهة وفضلاء ومتشيعة، فقال: شيعة
معاوية ؟ قلت: لا والله، بل شيعة علي، وما فيهم أحد إلا
وعلي أعز عليه من عينه وأهله، فأعاد علي ما فاتني، ثم قال
لي: سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي ؟ فقلت: لا، لا أعرفه،
فقال: يا سبحان الله ! ! أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع
منه، وتؤذيني هذا الاذى، بالكوفة ما أعرف لابي القاسم
نظيرا، قد سمعت منه، وسمع مني، ثم قال: أسمعت " مسند " أبي
داود الطيالسي ؟ فقلت: لا، قال: ضيعت الحزم، لان منبعه من
أصبهان، وقال: أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة ؟ قلت: نعم.
قال: قل ما رأيت مثله في الحفظ.
قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: أبو القاسم الطبراني أحد
الحفاظ المذكورين، حدث عن أحمد بن عبدالرحيم البرقي، ولم
يحتمل سنة لقيه، توفي أحمد بمصر سنة ست وستين ومئتين.
قلت: قد مر أن الطبراني وهم في اسم شيخه عبدالرحيم فسماه
أحمد، واستمر، وقد أرخ الحافظ أبو سعيد بن يونس وفاة أحمد
بن البرقي هكذا في موضع، وأرخها في موضع آخر سنة سبعين في
شهر رمضان منها، وعلى الحالين فما لقية ولا قارب، وإنما
وهم في الاسم، وحمل عنه السيرة النبوية بسماعة من عبدالملك
بن هشام السدوسي، وقد كان أحمد بن البرقي يروي عن عمرو بن
أبي سلمة
__________
(1) أي: ما فاته من مجلس سماع الحديث.
[ * ]
(16/125)
التنيسي والكبار الذين لم يدركهم أخوه عبدالرحيم، ثم إننا
رأينا الطبراني لم يذكر عبدالرحيم باسمه هذا في " معجمه "
بل تمادى على الوهم، وسماه بأحمد في حرف الالف، ولهذين أخ
ثالث وهو محمد بن البرقي الحافظ، له مؤلف في الضعفاء، وهو
أسن الثلاثة، توفي سنة تسع وأربعين ومئتين، ومات عبدالرحيم
بن عبد الله بن البرقي الذي لقيه الطبراني وزل في تسميته
بأحمد في سنة ست وثمانين ومئتين.
وقد سمعناه السيرة من طريقه، وقد سئل الحافظ أبو العباس
أحمد بن منصور الشيرازي عن الطبراني، فقال: كتبت عنه ثلاث
مئة ألف حديث، ثم قال: وهو ثقة، إلا أنه كتب عن شيخ بمصر،
وكانا أخوين، وغلط في اسمه، يعني: ابني البرقي.
قال أبو عبد الله الحاكم: وجدت أبا علي النيسابوري الحافظ
سئ الرأي في أبي القاسم اللخمي، فسألته عن السبب، فقال:
اجتمعنا على باب أبي خليفة، فذكرت له طرق حديث " أمرت أن
أسجد على سبعة
أعضاء " (1)، فقلت له: يحفظ شعبه عن عبدالملك بن ميسرة، عن
طاووس، عن ابن عباس ؟ قال: بلى، رواه غندر، وابن أبي عدي،
قلت: من عنهما ؟ قال: حدثناه عبد الله بن أحمد، عن أبيه،
عنهما، فاتهمته إذ ذاك، فإنه ما حدث به غير عثمان بن عمر
عن شعبة.
قلت: هذا تعنت على حافظ حجة.
قال الحافظ ضياء الدين المقدسي: هذا وهم فيه الطبراني في
المذاكرة، فأما في جمعه حديث شعبة، فلم يروه إلا من حديث
عثمان بن عمر،
__________
(1) أخرجه البخاري 2 / 245 و 246 في صفة الصلاة: باب
السجود على سبعة أعظم، وباب السجود على الانف، ومسلم (490)
في الصلاة: باب أعضاء السجود من حديث ابن عباس ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد على سبعة
أعطم: على الجبهة (وأشار بيده على أنفه)، واليدين،
والرجلين، وأطراف القدمين ".
[ * ]
(16/126)
ولو كان كل من وهم في حديث واحد اتهم لكان هذا لا يسلم منه
أحد.
قال الحافظ أبو بكر بن مروديه: دخلت بغداد، وتطلبت حديث
إدريس ابن جعفر العطار، عن يزيد بن هارون، وروح، فلم أجد
إلا أحاديث معدودة، وقد روى الطبراني، عن إدريس، عن يزيد
كثيرا.
قلت: هذا لا يدل على شئ، فإن البغاددة كاثروا عن إدريس
للينه، وظفر به الطبراني فاغتنم علو إسناده، وأكثر عنه،
واعتنى بأمره.
وقال أحمد الباطرقاني: دخل بن مردويه بيت الطبراني وأنا
معه وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذر لبيع كتب الطبراني، فرأي
أجزاء الاوائل بها فاغتم لذلك، وسب الطبراني، وكان سئ
الرأي فيه.
وقال سليمان بن إبراهيم الحافظ: كان ابن مردويه في قلبه شئ
على
الطبراني، فتلفظ بكلام، فقال له أبو نعيم: كم كتبت يا أبا
بكر عنه ؟ فأشار إلى حزم، فقال: من رأيت مثله ؟ فلم يقل
شيئا.
قال الحافظ الضياء: ذكر ابن مردويه في تأريخه لاصبهان،
جماعة، وضعفهم، وذكر الطبراني فلم يضعفه، فلو كان عنده
ضعيفا لضعفه.
قال أبو بكر بن أبي علي المعدل: الطبراني أشهر من أن يدل
على فضله وعلمه، كان واسع العلم كثيرا التصانيف، وقيل:
ذهبت عيناه في آخر أيامه، فكان يقول: الزنادقة سحرتني،
فقال له يوما حسن العطار - تلميذه - يمتحن بصره: كم عدد
الجذوع التي في السقف ؟ فقال: لا أدري، لكن نقش خاتمي
سليمان بن أحمد.
قلت: هذا قاله على سبيل الدعابة، قال: وقال له مرة: من هذا
الآتي - يعني: ابنه - ؟ فقال: أبو ذر، وليس بالغفاري.
[ * ]
(16/127)
ولابي القاسم من التصانيف: كتاب " السنة " مجلد، كتاب "
الدعاء " مجلد، كتاب " الطوالات " مجيليد، كتاب " مسند
شعبة " كبير، " مسند سفيان "، كتاب " مسانيد الشاميين "،
كتاب " التفسير " كبير جدا، كتاب " الاوائل "، كتاب "
الرمي "، كتاب " المناسك "، كتاب " النوادر "، كتاب "
دلائل النبوة " مجلد، كتاب " عشرة النساء " وأشياء سوى ذلك
لم نقف عليها، منها " مسند عائشة "، " مسند أبي هريرة "، "
مسند أبي ذر "، " معرفة الصحابة "، " العلم "، " الرؤية "،
" فضل العرب "، " الجود "، " الفرائض "، " مناقب أحمد "، "
كتاب الاشربة "، " كتاب الاولوية في خلافة أبي بكر وعمر "،
وغير ذلك، وقد سماها على الولاء الحافظ يحيى بن مندة.
وأكثرها مسانيد حفاظ وأعيان، ولم نرها.
ولم يزل حديث الطبراني رائجا، نافقا، مرغوبا فيه، ولا سيما
في زمان صاحبه ابن ريذة، فقد سمع منه خلائق، وكتب السلفي
عن نحو مئة نفس منهم ومن أصحاب ابن فاذشاه، وكتب أبو موسى
المديني، وأبو العلاء الهمذاني عن عدة من بقاياهم.
واردحم الخلق على خاتمتهم فاطمة الجوزدانية الميتة في سنة
أربع وعشرين وخمس مئة، وارتحل ابن خليل والضياء، وأولاده
الحافظ عبد الغني وعدة من المحدثين في طلب حديث الطبراني،
واستجازوا من بقايا المشيخة لاقاربهم وصغارهم، وجلبوه إلى
الشام، ورووه، ونشروه، ثم سمعه بالاجازة العالية ابن
جعوان، والحارثي، والمزي، وابن سامة، والبرزالي، وأقرانهم،
ورووه في هذا العصر، وأعلى ما بقي من ذلك بالاتصال " معجمه
الصغير "، فلا تفوتوه رحمكهم الله.
وقد عاش الطبراني مئة عام وعشرة أشهر.
قال أبو نعيم الحافظ: توفي الطبراني لليلتين بقيتا من ذي
القعدة سنة
(16/128)
ستين وثلاث مئة بأصبهان، ومات ابنه أبو ذر في سنة تسع
وتسعين وثلاث مئة عن نيف وستين سنة.
أخبرنا عبدالملك بن عبدالرحمن العطار، أخبرنا يوسف بن
خليل، أخبرنا علي بن سعيد بن فاذشاه، ومحمد بن أبي زيد،
قالا: أخبرنا محمود ابن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن محمد بن
فاذشاه، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو مسلم الكشي،
حدثنا أبو عاصم، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة،
قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة، ومعه
رجل، إذ لعن ناقته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
أين اللاعن ناقته " ؟ قال: ها أنذا، قال:
" أخرها فقد أجبت فيها " (1).
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا
مسعود بن أبي منصور، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا عبد
الوهاب بن محمد بن مهرة سنة خمس وعشرين وأربع مئة، أخبرنا
سليمان الطبراني، حدثنا محمد بن حيان المازني، وأبو خليفة،
قالا: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن علي ابن بذيمة، عن
أبي عبيدة عن أبيه عبد الله، قال: " من قرأ القرآن في أقل
من ثلاث فهو راجز " (2).
__________
(1) سنده حسن، وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد.
وأخرجه أحمد في " المسند " 2 / 428 من طريق يحيى، عن ابن
عجلان بهذا الاسناد، وذكره المنذري في " الترغيب والترهيب
" 3 / 474 عن أحمد، وجود إسناده.
وفي الباب عن عمران بن حصين عند احمد (4 / 429 و 431،
ومسلم (2595) في البر والصلة، والدارمي 2 / 288، وأبي داود
(2561) قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض
أسفاره وامرأة من الانصار على ناقة، فضجرت، فلعنتها، فسمع
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " خذوا ما عليها
ودعوها فإنها ملعونة " قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي
في الناس، ما يعرض لها احد.
وعن أبي برزة الاسلمي عند مسلم (2596).
(2) رجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، وأخرجه
سعيد بن منصور بإسناد صحيح = [ * ]
(16/129)
قرأت على سليمان بن قدامة القاضي، أخبرنا محمد بن عبد
الواحد الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرتنا فاطمة بنت
عبد الله، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني، حدثنا علي بن
عبد العزيز، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، حدثنا
عبدالحميد بن جعفر، عن أبيه، أن خالد بن
الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك، فقال: اطلبوها، فلم
يجدوها، فقال: اطلبوها، فوجدوها، فإذا هي قلنسوة خلقة،
فقال خالد: " اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق
رأسه، فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته،
فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالا وهي معي لا رزقت
النصر " (1).
ومات في سنة ستين الآجري وسيأتي، والمعمر أبو علي وعيسى بن
محمد بن أحمد الجريجي الطوماري عن تسع وتسعين سنة، وإمام
جامع همذان أبو العباس الفضل بن الفضل الكندي، ومسند بغداد
أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الانباري،
والبندار، وأبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة المؤدب،
والمحدث القدوة أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر
النيسابوري، والوزير أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد ابن
العميد صاحب الترسل الفائق، والمعمر أبو طاهر محمد بن
سليمان بن ذكوان البعلبكي المقرئ، وشيخ الزهاد أبو بكر
محمد بن داود الدقي الدينوري، والذي تملك دمشق أبو القاسم
بن أبي يعلى الهاشمي ثم أسر وبعث إلى مصر.
__________
= فيما ذكره الحافظ في " الفتح " 9 / 83 عن ابن مسعود:
اقرؤوا القران في سبع، ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث.
(1) رجاله ثقات إلا أن جعفرا يبعد سماعه من خالد، وقد تقدم
تخريج الخبر في الجزء الاول ص: 375 من هذا الكتاب في ترجمة
خالد بن الوليد.
[ * ]
(16/130)
87 - البلخي * شيخ الحنفية، أبو جعفر محمد بن عبد الله
بن محمد البلخي، من
يضرب به المثل، ويلقب بأبي حنيفة الصغير.
حدث عن محمد بن عقيل البلخي، وتفقه بأبي بكر محمد بن أبي
سعيد.
أخذ عنه أئمة.
ويعرف أيضا بالهندواني من أهل محلة باب هندوان (1).
مات في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة في عشر السبعين.
88 - ابن هاني * * شاعر العصر
أبو الحسن، محمد بن هاني الازدي المهلبي الاندلسي،
يقال: إنه من ذرية المهلب وكان أبوه شاعرا أيضا، ويكنى
محمد أبا القاسم أيضا.
__________
* اللباب: 3 / 393 - 394، العبر: 2 / 328، الوافي
بالوفيات: 3 / 347، النجوم الزاهرة: 4 / 9، شذرات الذهب: 3
/ 41، هدية العارفين: 2 / 47.
(1) قال صاحب " اللباب " الهندواني: نسبة إلى محلة ببلخ
يقال لها: " باب هندوان " لانها ينزل فيها الغلمان
والجواري الذين يجلبون من الهند.
* * جذوة المقتبس: 96، بغية الملتمس: 140 - 141، معجم
الادباء: 19 / 92 - 105، المطرب من أشعار أهل المغرب: 192،
التكملة لابن الابار: 1 / 103، وفيات الاعيان: 4 / 421 -
424، المختصر في أخبار البشر: 2 / 112، العبر: 2 / 328 -
329، البداية والنهاية: 11 / 274، الاحاطة في أخبار
غرناطة: 2 / 288 - 293، الفلاكة والمفلوكون: 102، النجوم
الزاهرة: 4 / 67 - 68، نفح الطيب: 1 / 293، 400 و 3 / 164،
207، 407، 443، 453، 605، و 4 / 40، 86، شذرات الذهب: 3 /
41 - 44، هدية العارفين: 2 / 47.
[ * ]
(16/131)
مولده بإشبيلية، وكان ذا حظوة عند صاحب إشبيلية.
ونظمه بديع في الذروة، وكان حافظا لاشعار العرب وأيامها،
لكنه فاسق خمير يتهم بدين الفلاسفة، فهرب لما هموا به إلى
العدوة، فاتصل بالمعز العبيدي، فأنعم عليه، وشرب عند قوم،
فخنق في رجب سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، وهو في عشر
الخمسين.
وديوانه كبير، وفيه مدائح، وتفضي به إلى الكفر (1).
وهو من نظراء المتنبي، وقيل: بل عاش ستا وثلاثين سنة.
89 - الصوناخي * الامام
المحدث، أبو الفضل، صديق بن سعيد التركي الصوناخي،
وصوناخ: قرية من عمل إسبيجاب.
قدم من بلاده، فأخذ ببخارى عن سهل بن شاذويه، وعن حامد بن
سهل، وصالح بن محمد الحافظ، وأخذ بسمرقند عن محمد بن نصر
المروزي الفقيه تصانيفه.
مات بفرياب سنة نيف وخمسين وثلاث مئة، قاله ابن السمعاني
في " الانساب ".
90 - الفرغاني * * الامير
العالم، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن جعفر بن
خذيان
__________
(1) من ذلك قوله - قبحه الله - في مدح المعز: ما شئت لا ما
شاءت الاقدار * فاحكم فأنت الواحد القهار ومثل هذا كثير في
ديوانه.
وانظر " حسن المحاضرة ": 1 / 599.
* الانساب: 8 / 112، اللباب: 2 / 251، ميزان الاعتدال: 2 /
314، لسان الميزان: 3 / 189.
* * تاريخ بغداد: 9 / 389، الاكمال لابن ماكولا: 2 / 402،
تبصير المنتبه: 1 / 418، = [ * ]
(16/132)
التركي الفرغاني، صاحب التاريخ المذيل على تاريخ محمد بن
جرير الطبري.
حدث بدمشق عن ابن جرير، وعلي بن الحسن بن سليمان، وغيرهما.
روى عنه: أبو الفتح بن مسرور، وأبو سليمان بن زبر،
والدارقطني، وعبد الغني، وتمام الرازي.
وثقة ابن مسرور.
قال يحيى بن الطحان: مات في جمادى الاولى سنة اثنتين وستين
وثلاث مئة.
91 - الجابري * صاحب الجزء
المشهور، أبو محمد، عبد الله بن جعفر بن إسحاق ابن
علي بن جابر الجابري الموصلي الذي لقيه أبو نعيم الحافظ
بالبصرة في سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
ما عرفت من حاله شيئا.
تفرد بالرواية عن محمد بن أحمد بن أبي المثنى الموصلي صاحب
جعفر ابن عون.
92 - الآجري * * الامام
المحدث القدوة، شيخ الحرم الشريف، أبو بكر، محمد بن
__________
= وانظر " معجم المؤلفين " 6 / 22 - 23.
* اللباب: 1 / 247، العبر: 2 / 322، شذرات الذهب: 3 / 37.
* * الفهرست: 301 - 302، تاريخ بغداد: 2 / 243، طبقات
الحنابلة: 332 - 333، = [ * ]
(16/133)
الحسين بن عبد الله البغدادي الآجري، صاحب التواليف، منها:
كتاب " الشريعة في السنة " كبير، وكتاب " الرؤية "، وكتاب
" الغرباء "، و كتاب " الاربعين "، وكتاب " الثمانين "،
وكتاب " آداب العلماء "، و كتاب " مسألة الطائفين "، وكتاب
" التهجد "، وغير ذلك (1).
سمع أبا مسلم الكجي وهو أكبر شيخ عنده، ومحمد بن يحيى
المروزي، وأبا شعيب الحراني، وأحمد بن يحيى الحلواني،
والحسن بن علي بن علويه القطان، وجعفر بن محمد الفريابي،
وموسى بن هارون، وخلف بن عمرو العكبري، وعبد الله بن
ناجية، ومحمد بن صالح العكبري، وجعفر بن أحمد بن عاصم
الدمشقي، وعبد الله بن العباس الطيالسي، وحامد بن شعيب
البلخي، وأحمد بن سهل بن الاشناني المقرئ، وأحمد بن موسى
بن زنجويه القطان، وعيسى بن سليمان وراق داود بن رشيد،
وأبا علي الحسن بن الحباب المقرئ، وأبا القاسم البغوي،
وابن أبي داود، وخلقا سواهم.
وكان صدوقا، خيرا، عابدا، صاحب سنة واتباع.
__________
= الانساب: 1 / 94، فهرسة ابن خير: 285 - 286، المنتظم: 7
/ 55، صفة الصفوة: 2 / 265، الكامل لابن الاثير: 8 / 617،
وفيات الاعيان: 4 / 292 - 293، تذكرة الحفاظ: 3 / 936،
العبر: 2 / 318، الوافي بالوفيات: 2 / 373 - 374، مرآة
الجنان: 2 / 373، طبقات السبكي: 3 / 149، طبقات الاسنوي: 1
/ 79، 80، البداية والنهاية: 11 / 270، العقد الثمين: 2 /
3، النجوم الزاهرة: 4 / 60، طبقات الحفاظ: 378، شذرات
الذهب: 3 / 35، كشف الظنون: 1 / 37، هدية العارفين: 2 / 46
- 47، الرسالة المستطرفة: 42 -
43.
(1) من تآليف الآجري التي لم يذكرها المؤلف رحمه الله -
كتاب " أخبار عمر بن عبد العزيز " وقد طبع حديثا عن أصل
موجود في الظاهرية بدمشق، بتحقيق الدكتور عبد الله
عبدالرحيم عسيلان.
[ * ]
(16/134)
قال الخطيب: كان دينا ثقة، له تصانيف.
قلت: حدث عنه: عبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وأبو الحسن بن
بشران، وأخوه أبو القاسم بن بشران، والمقرئ أبو الحسن
الحمامي، وأبو نعيم الحافظ، وخلق من الحجاج والمجاورين.
مات بمكة في المحرم سنة ستين وثلاث مئة وكان من أبناء
الثمانين، رحمه الله ورضي عنه.
أخبرتنا ست الاهل بنت علوان سنة سبع مئة، أخبرنا عبدالرحمن
بن إبراهيم، أخبرنا عبد الحق اليوسفي (ح)، وأخبرنا محمد بن
أبي بكر الاسدي غير مرة، أخبرنا يوسف بن محمود، أخبرنا أبو
طاهر السلفي، قالا: أخبرنا علي بن محمد بن العلاف، أخبرنا
عبدالملك ابن محمد الواعظ، أخبرنا أبو بكر الآجري، حدثنا
خلف بن عمرو العكبري، حدثنا الحميدي، حدثنا عبد العزيز بن
أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي
هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا مات
الرجل انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة
جارية، وعلم ينتفع به ".
هذا حديث صالح الاسناد على شرط مسلم (1)، لا البخاري.
__________
(1) وهو في " صحيحه " (1631) في الوصية: باب ما يلحق
الانسان من الثواب بعد وفاته، من ثلاثة طرق، عن إسماعيل بن
جعفر، عن العلاء بهذا الاسناد.
وأخرجه الترمذي (1376) والنسائي 6 / 251 من طريق علي بن
حجر، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء به.
وأخرجه أبو داود (2880) من طريق الربيع بن سليمان، عن ابن
وهب، عن سليمان بن بلال، عن العلاء.
وأخرجه البخاري في " الادب المفرد " (38).
وأحمد 2 / 372، والبيهقي 6 / 278، والطحاوي في " مشكل
الآثار " 1 / 95.
وفي الباب عن أبي قتادة عند ابن ماجة (241) وصححه ابن حبان
(84) و (85).
[ * ]
(16/135)
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد، أخبرنا زين الامناء أبو
البركات بن عساكر، أخبرنا المبارك بن علي البزاز، أخبرنا
علي بن محمد، أخبرنا عبد الملك بن محمد، أخبرنا أبو بكر
محمد بن الحسين، حدثنا محمد بن الليث الجوهري، حدثنا محمد
بن عبيد المحاربي، حدثنا قبيصة بن الليث، عن مطرف بن طريف،
عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: " نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يرفع الرجل صوته بالقراءة قبل العتمة أو
بعدها " (1).
غريب من الافراد.
93 - ابن كيسان * المعمر الثقة
النحوي أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان
الحربي.
سمع إسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وجماعة.
وعنه أبو علي بن شاذان،، وأبو نعيم الحافظ.
توفي في شوال سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.
وثقه بعض الائمة.
94 - القرميسيني * * المحدث
الصادق الصالح، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن حسن
القرميسيني الجوال الرحال.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف الحارث، وهو الحارث بن عبد الله
الاعور الهمداني.
* تاريخ بغداد: 7 / 422، المنتظم: 7 / 49 - 50، إنباه
الرواة: 1 / 319، العبر: 2 / 311، تلخيص ابن مكتوم: 60 -
61، النجوم الزاهرة: 4 / 28، شذرات الذهب: 3 / 27، وسيكرر
المؤلف - رحمه الله - ذكره في الصفحة (330) من هذا الجزء.
* * تاريخ بغداد: 6 / 14 - 16.
[ * ]
(16/136)
سمع الكديمي، وبشر بن موسى، وأبا عبدالرحمن النسائي، وعبد
الرحمن بن القاسم الرواس وطبقتهم.
حدث عنه الدارقطني، والحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو الحسن
ابن الحمامي، وآخرون.
توفي بالموصل، في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.
قال الخطيب: كان ثقة صالحا.
95 - ابن العميد * الوزير
الكبير، أبو الفضل، محمد بن الحسين بن محمد الكاتب،
وزير الملك ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي.
كان عجبا في الترسل والانشاء والبلاغة، يضرب به المثل،
ويقال له: الجاحظ الثاني.
وقيل: بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد.
وقد مدحه المتنبي (1)، فأجازه بثلاثة آلاف دينار.
وكان مع سعة فنونه لا يدري ما الشرع، وكان متفلسفا، متهما
بمذهب الاوائل.
__________
* الامتاع والمؤانسة: 1 / 66، تجارب الامم: 6 / 274 - 282،
يتيمة الدهر: 3 / 154 - 188، وفيات الاعيان: 5 / 103 -
113، العبر: 2 / 317 - 318، الوافي بالوفيات: 2 / 381 -
383، النجوم الزاهرة: 4 / 60 - 61، معاهد التنصيص: 2 /
115، شذرات الذهب: 3 / 31 - 34، هدية العارفين: 2 / 46،
طبقات أعلام الشيعة للطهماني: 269، أمراء البيان: 500 -
522.
(1) انظر مقدمة " شرح ديوان المتنبي " للبرقوقي: 1 / 61 -
63.
[ * ]
(16/137)
وكان إذا تكلم فقيه بحضرته شق عليه ويسكت، ثم يأخذ في شئ
آخر.
وكان ابن عباد يصحبه ويلزمه، ومن ثم لقب بالصاحب.
مات سنة ستين وثلاث مئة، فوزر بعده ابنه أبو الفتح علي
(1).
وعمره اثنتان وعشرون سنة، وكان ذكيا، غزير الادب، تياها،
ولقب ذا الكفايتين، وله نظم رائق، ثم عذب وقتل في ربيع
الآخر سنة ست وستين وثلاث مئة، بعد أن سمل عضد الدولة عينه
الواحدة، وقطع أنفه، وله نظم جيد.
96 - الدقي * شيخ الصوفية
والزهاد، أبو بكر، محمد بن داود الدينوري الدقي،
شيخ الشاميين.
قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد، وحدث عن سعيد بن عبد
العزيز الحلبي، وأبي بكر الخرائطي، وحكي عن أبي محمد
الجريري،
وأبي عبد الله بن الجلاء، وأبي بكر الدقاق.
حكي عنه: عبد الوهاب الميداني، وبكير بن محمد، وأبو
__________
(1) هو علي بن محمد بن الحسين، أبو الفتح بن العميد،
ترجمته في " معجم الادباء " 14 / 191 - 240، و " نكت
الهميان " 215، و " يتيمة الدهر " 3 / 25، وذو الكفايتين:
لقب خلعه عليه الطائع لله، ويعني: السيف والقلم.
* طبقات الصوفية: 448 - 450، تاريخ بغداد: 5 / 266 - 267،
الرسالة القشيرية: 28، الانساب: 5 / 327 - 328، المنتظم: 7
/ 56، اللباب: 1 / 505، المختصر في اخبار البشر: 2 / 111،
الوافي بالوفيات: 3 / 63، البداية والنهاية: 11 / 271،
طبقات الاولياء: 306 - 310، طبقات الشعراني: 1 / 140،
نتائج الافكار القدسية: 2 / 3.
[ * ]
(16/138)
الحسن بن جهضم، وعبدان المنبجي، وعبد الواحد بن بكر،
وآخرون.
قال السلمي: عمر [ فوق ] مئة سنة، وكان من أجل مشايخ وقته،
وأحسنهم حالا (1).
قال أبو نصر السراج: حكى أبو بكر الدقي، قال: كنت
بالبادية، فوافيت قبيلة، فأضافني رجل، فرأيت غلاما أسود
مقيدا، ورأيت جمالا ستة، فقال الغلام: اشفع لي، قلت: لا
آكل حتى تحله، قال: إنه أفقرني، قلت: ما فعل ؟ قال: له صوت
طيب، فحدا لهذا الجمال وهي مثقلة، حتى قطعت مسيرة ثلاثة
أيام في يوم، فلما حط عنها ماتت كلها.
ولكن قد وهبته لك، فلما أصبحت أحببت أن أسمع صوته، فسألته،
وكان هناك جمل يستقى عليه، فحدا، فهام الجمل على وجهه،
وقطع حباله، ولم أظن أني سمعت أطيب من صوته، ووقعت لوجهي.
مات الدقي في سابع جمادى الاولى سنة ستين وثلاث مئة.
97 - ابن أبي يعلى * الشريف
المعظم أبو القاسم (2) ابن أبي يعلى الهاشمي
الدمشقي.
ثار بدمشق، والتف عليه الاحداث والشطار، وتملك بدمشق، وقطع
دعوة المعز، ودعا إلى الخليفة المطيع في آخر سنة تسع
وخمسين وثلاث مئة، استفحل أمره، فأقبل جيش المعز، فالتقوا،
فهرب الشريف، وطلب العراق، فأسره عند تدمر الامير ابن
عليان العدوي،
__________
(1) " طبقات الصوفية " 448 وما بين حاصرتين منه.
* الكامل لابن الاثير: 8 / 591 - 592، العبر: 2 / 319،
شذرات الذهب: 3 / 35.
(2) وجد الرقم فقط والغالب ان التعليق الساقط هو اسم
المترجم فوضعناه.
[ * ]
(16/139)
فأعطاه جعفر بن فلاح المعزي مئة ألف، وشهر الشريف على جمل
في هيئة مسخرة، ثم لان له، وعنف من أسره.
وكان الخلق يدعون له، فبعث إلى المعز، واختفى خبره.
98 - الفرائضي * المحدث
الامام، أبو علي، الحسين بن إبراهيم بن جابر بن أبي
الزمزام الدمشقي الفرائضي الشاهد.
سمع عبدالرحمن بن الرواس، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد،
ومحمد بن المعافا الصيداوي، وطبقتهم، فأكثر.
روى عنه محمد بن عوف المزني، وعلي بن بشرى، ومكي بن الغمر،
ومكي بن محمد المؤدب، وثريا بن أحمد الالهاني، وآخرون.
وثقه الكتاني، وقال: مات في شوال سنة ثمان وستين وثلاث
مئة، رحمه الله.
99 - فاروق * * ابن عبد الكبير
بن عمر، المحدث المعمر، مسند البصرة، أبو حفص
الخطابي البصري.
سمع هشام بن علي السيرافي، وعبد الله بن أبي قريش، ومحمد
ابن يحيى بن المنذر القزاز، وأبا مسلم الكجي، وطائفة.
وتفرد في وقته، ورحل إليه.
__________
* تهذيب ابن عساكر: 4 / 290 وسيكرر المؤلف ترجمته في
الصفحة (305) من هذا الجزء.
* * العبر: 2 / 357، شذرات الذهب: 3 / 74.
[ * ]
(16/140)
حدث عنه: أبو بكر محمد بن أبي علي الذكواني، وأحمد بن محمد
بن الصقر البغدادي، وعلي بن عبدكويه، وأبو نعيم الحافظ
وآخرون.
وما به بأس.
بقي إلي سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
100 - والنقوي * عاش أيضا إلى
هذا الوقت، وهو المعمر أبو عبد الله، محمد بن أحمد
بن عبد الله الصنعاني، صاحب إسحاق الدبري، أكثر عنه.
وسمع جامع عبد الرزاق.
حدث عنه بمكة بعد العشرين وأربع مئة محمد بن الحسن
الصنعاني.
وقيل: عاش إلى سنة سبع وستين.
101 - البربهاري * * الشيخ
المعمر، المسند الرحلة، أبو بحر، محمد بن الحسن بن
كوثر البربهاري ثم البغدادي.
__________
* اللباب: 3 / 323، العبر: 2 / 358، مشتبه النسبة: 2 /
648، تبصير المنتبه: 4 / 1444، شذرات الذهب: 3 / 75.
* * تاريخ بغداد: 2 / 209 - 211، الانساب: 2 / 125 - 127،
المنتظم: 7 / 63 - 64، اللباب: 1 / 133، العبر: 2 / 327 -
328، ميزان الاعتدال: 3 / 519، الوافي بالوفيات: 2 / 338،
البداية والنهاية: 11 / 275، لسان الميزان: 5 / 131 - 132،
شذرات الذهب: 3 / 41.
[ * ]
(16/141)
ولد سنة وستين ومئتين.
سمع محمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن الفرج الازرق وإسماعيل
القاضي، ومحمد بن غالب تمتاما.
ومحمد بن سليمان الباغندي، وعلي بن الفضل، وجماعة.
وانتخب عليه الدارقطني جزئين.
حدث عنه: ابن رزقويه، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم
الاصبهاني، وعبيدالله بن عمر بن شاهين وطائفة.
قال أبو نعيم: كان يقول لنا الدارقطني: اقتصروا من حديث
أبي بحر على ما انتخبه حسب.
وقال ابن أبي الفوارس: فيه نظر.
وقال البرقاني: حضرت عند أبي بحر، فقال لنا ابن السرخسي:
سأريكم أن الشيخ كذاب، فقال له: فلان بن فلان ينزل المكان
الفلاني، أسمعت منه ؟ فقال: نعم.
قال البرقاني: ولم يكن لذاك وجود.
وقال ابن أبي الفوارس: توفي لاربع بقين من جمادى الاولى
سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، قال: وكان مخلطا وله أصول
جياد، وله شئ ردئ.
قلت: الجزءان يرويهما ابن خليل واليلداني بعلو، والله
أعلم.
وفيها مات مفتي البصرة أبو حامد أحمد بن بشر المروروذي
الشافعي، وأبو إسحاق المزكي، وإسماعيل بن ميكال، وسعيد بن
(16/142)
القاسم البرذعي المرابط، وعبد الملك بن الحسن بن السقطي،
وأبو عمر ابن فضالة، وفقيه بلخ أبو جعفر محمد بن عبد الله
الهندواني الحنفي، وشاعر الاندلس محمد بن هاني الازدي
الفاسق.
102 - غلام الخلال * الشيخ
الامام العلامة، شيخ الحنابلة، أبو بكر، عبد العزيز بن
جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الفقيه، تلميذ أبي
بكر الخلال.
ولد سنة خمس وثمانين ومئتين.
وسمع في صباه من محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن
هارون، والفضل بن الحباب الجمحي وجعفر الفريابي، وأحمد بن
محمد بن الجعد الوشاء، والحسين بن عبد الله الخرقي الفقيه.
وجماعة.
وقيل: إنه سمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولم يصح ذلك.
حدث عنه أحمد بن الجنيد الخطبي، وبشرى بن عبد الله
الفاتني، وغيرهما.
وروى عنه بالاجازة أبو إسحاق البرمكي.
وتفقه به ابن بطة، وأبو إسحاق بن شاقلا، وأبو حفص العكبري،
وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البرمكي، وأبو عبد الله بن
حامد.
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 459 - 460، طبقات الشيرازي: 172،
طبقات الحنابلة: 2 / 119 - 127، المنتظم: 7 / 71 - 72،
العبر: 2 / 330، دول الاسلام: 1 / 224، البداية والنهاية:
11 / 278، النجوم الزاهرة: 4 / 105 - 106، طبقات المفسرين
للداوودي: 1 / 306 - 308، شذرات الذهب: 3 / 45 - 46، هدية
العارفين: 1 / 577.
[ * ]
(16/143)
وكان كبير الشأن، من بحور العلم، له الباع الاطول في
الفقه.
ومن نظر في كتابه " الشافي " عرف محله من العلم لولا ما
بشعه بغض بعض الائمة، مع أنه ثقة فيما ينقله.
قال أبو حفص البرمكي: سمعته يقول: سمع مني شيخنا أبو بكر
الخلال نحوا من عشرين مسألة: وأثبتها في كتبه.
قال القاضي أبو يعلى: كان لابي بكر عبد العزيز مصنفات حسنة
منها: كتاب " المقنع " وهو نحو مئة جزء، وكتاب " الشافي "
نحو ثمانين جزءا، وكتاب " زاد المسافر " وكتاب " الخلاف مع
الشافعي " وكتاب " مختصر السنة " وروي عنه أنه قال في
مرضه: أنا عندكم إلى يوم الجمعة، فمات يوم الجمعة، ويذكر
عنه عبادة، وتأله، وزهد، وقنوع.
وذكر أبو يعلى أنه كان معظما في النفوس، متقدما عند
الدولة،
بارعا في مذهب الامام أحمد.
قلت: ما جاء بعد أصحاب أحمد مثل الخلال، ولا جاء بعد
الخلال مثل عبد العزيز إلا أن يكون أبا القاسم الخرقي.
قال ابن الفراء: توفي في شوال سنة ثلاث وستين وثلاث مئة،
وله ثمان وسبعون سنة، في سن شيخه الخلال، وسن شيخ شيخه أبي
بكر المروذي، وسن شيخ المروذي الامام أحمد.
وفيها مات جمح بن القاسم المؤذن بدمشق، وأبو بكر محمد بن
أحمد الرملي ابن النابلسي الشهيد، وأبو الحسن محمد بن
الحسين بن إبراهيم الآبري، والحافظ أبو العباس محمد بن
موسى السمسار، ومظفر
(16/144)
ابن حاجب الفرغاني بدمشق، وأبو حنيفة النعمان بن محمد قاضي
العبيدية، وصنف كثيرا في الزندقة، ونحلة الباطنية.
أخبرنا المؤمل بن محمد البالسي وغيره إذنا، قالوا: أخبرنا
أبو اليمن الكندي، أخبرنا الشيباني: أخبرنا أبو بكر
الخطيب، حدثنا أحمد بن الجنيد الخطبي، حدثنا أبو بكر عبد
العزيز بن جعفر، حدثنا علي بن طيفور، حدثنا قتيبة، حدثنا
عبد الوارث، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن
علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم من
تعلم القرآن وعلمه " (1).
103 - الشمشاطي * الخطيب
المقرئ، أبو بكر، محمد بن جعفر بن أحمد الشمشاطي،
نزيل واسط.
قرأ على عمرو بن عيسى الادمي صاحب خلف البزار.
تلا عليه منصور بن محمد السندي بواسط في سنة ثمان وخمسين
وثلاث مئة.
وحدث عن أبي شعيب الحراني، والفريابي، ومحمد بن عثمان ابن
أبي شببة، ويوسف القاضي وعدة.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف عبدالرحمن بن إسحاق، وأخرجه عبد الله
بن الامام أحمد في زيادات " المسند " 1 / 153، والترمذي
(2909) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عبدالرحمن ابن
إسحاق بهذا الاسناد، والحديث صحيح عن عثمان أخرجه البخاري
9 / 66، 67 في فضائل القرآن: باب خيركم من تعلم القرآن
وعلمه، وأبو داود (1452)، والترمذي (2907)، وأحمد 1 / 57 و
58 و 68.
* سؤالات خميس الحوزي: 19 - 20، غاية النهاية: 2 / 108.
[ * ]
(16/145)
حدث عنه الحسين بن أحمد التباني، وأحمد بن محمد بن سمنان
المؤدب تقع روايته في مجلس التباني.
وثقه خميس الحوزي (1).
104 - ابن نجيد * الشيخ الامام
القدوة المحدث الرباني، شيخ نيسابور، أبو عمرو، إسماعيل بن
نجيد بن الحافظ أحمد بن يوسف بن خالد السلمي
النيسابوري الصوفي كبير الطائفة، ومسند خراسان، مولده في
سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
سمع أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن
أيوب البجلي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وإبراهيم بن أبي
طالب، وعلي بن الجنيد الرازي، وجعفر بن أحمد بن نصر،
وجماعة.
وله جزء من أعلى ما سمعناه.
حدث عنه سبطه أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله
الحاكم، وأبو نصر أحمد بن عبدالرحمن الصفار.
وعبد الرحمن بن حمدان النصروي، وعبد القاهر بن طاهر
الاصولي، وأبو نصر عمر بن قتادة، وأبو العلاء صاعد بن محمد
القاضي، وأبو نصر محمد بن عبدش، وأبو حفص عمر بن مسرور،
وآخرون.
ومن محاسنه أن شيخه الزاهد أبا عثمان الحيري طلب في مجلسه
مالا
__________
(1) انظر " سؤالات السلفي لخميس الحوزي " ص 19.
طبقات الصوفية: 454 - 457، الرسالة القشيرية: 28، المنتظم:
7 / 84 - 85، دول الاسلام: 1 / 226، العبر: 2 / 336، طبقات
السبكي: 3 / 222 - 224، البداية والنهاية: 11 / 288،
النجوم الزاهرة: 4 / 127، طبقات الشعراني: 1 / 141، شذرات
الذهب: 3 / 50، نتائج الافكار القدسية: 2 / 4.
[ * ]
(16/146)
لبعض الثغور، فتأخر، فتألم وبكى على رؤوس الناس، فجاءه ابن
نجيد بألفي درهم، فدعا له، ثم إنه نوه به، وقال: قد رجوت
لابي عمرو بما فعل، فإنه قد ناب عن الجماعة، وحمل كذا
وكذا، فقام ابن نجيد، وقال: لكن إنما حملت من مال فامي وهي
كارهة، فينبغي أن ترده لترضى.
فأمر أبو عثمان بالكيس فرد إليه، فلما جن الليل جاء
بالكيس، والتمس من الشيخ ستر ذلك، فبكى، وكان بعد ذلك
يقول: أنا أخشى من همة أبي عمرو.
وقال الحاكم: ورث أبو عمرو من آبائه أموالا كثيرة، فأنفق
سائرها على العلماء والزهاد، وصحب أبا عثمان الحيري
والجنيد، وسمع من الكجي وغيره.
قال أبو عبد الرحمن السلمي (1)، جدي له طريقة ينفرد بها من
صون الحال وتلبيسه، سمعته يقول: كل حال لا يكون عن نتيجة
علم وإن جل، فإن ضرره على صاحبه أكبر من نفعه.
وسمعته يقول: لا يصفو لاحد قدم في العبودية حتى تكون
أفعاله عنده كلها رياء وأحواله كلها عنده دعاوى.
وقال جدي: من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق، سهل عليه
الاعراض عن الدنيا وأهلها.
وسمعت أبا عمرو بن مطر، يقول: سمعت أبا عثمان الحيري، وخرج
من عنده ابن نجيد، يقول: يلومني الناس في هذا الفتى، وأنا
لا أعرف على طريقته سواه، وربما يقول: هو خلفي من بعدي.
__________
(1) انظر أقوال السلمي في " طبقاته " 454 - 457.
[ * ]
(16/147)
وقال بعض المشايخ لي: جدك من الاوتاد.
توفي ابن نجيد في ربيع الاول سنة خمس وستين وثلاث مئة عن
ثلاث وتسعين سنة.
ومات معه ابن عدي، وأحمد بن جعفر الختلي، وأحمد بن نصر
الذارع الواهي، وأبو علي الحسن بن منير الدمشقي، والحافظ
أبو علي الماسرجسي، وأبو بكر القفال الشاشي، والمعز صاحب
القاهرة، ومنصور بن عبدالملك الساماني صاحب ما وراء النهر.
105 - الشهيد * الامام القدوة
الشهيد، أبو بكر.محمد بن أحمد بن سهل الرملي، ويعرف
بابن النابلسي.
حدث عن: سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن الحسن بن قتيبة،
ومحمد بن أحمد بن شيبان الرملي.
روى عنه: تمام الرازي، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن عمر
الحلبي.
قال أبو ذر الحافظ: سجنه بنو عبيد، وصلبوه على السنة، سمعت
الدارقطني يذكره، ويبكي، ويقول: كان يقول: وهو يسلخ: (كان
ذلك في الكتاب مسطورا " [ الاسراء: 58 ].
قال أبو الفرج بن الجوزي: أقام جوهر القائد لابي تميم صاحب
مصر أبا بكر النابلسي، وكان ينزل الاكواخ، فقال له: بلغنا
أنك قلت:
__________
* المحمدون: 117، العبر: 2 / 330، الوافي بالوفيات: 2 / 44
- 45، النجوم الزاهرة: 4 / 106، حسن المحاضرة: 1 / 515،
شذرات الذهب: 3 / 46.
[ * ]
(16/148)
إذا كان مع الرجل عشرة أسهم، وجب أن يرمي في الروم سهما،
وفينا تسعة، قال: ما قلت هذا، بل قلت: إذا كان معه عشرة
أسهم، وجب أن يرميكم بتسعة، وأن يرمي العاشر فيكم أيضا،
فإنكم غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين، وادعيتم نور الالهية،
فشهره ثم ضربه، ثم أمر يهوديا فسلخه.
قال ابن الاكفاني: توفي العبد الصالح الزاهد أبو بكر بن
النابلسي، كان يرى قتال المغاربة، هرب من الرملة إلى دمشق،
فأخذه متوليها أبو محمود الكتامي، وجعله في قفص خشب،
وأرسله إلى مصر، فلما وصل قالوا: أنت القائل، لو أن معي
عشرة أسهم..وذكر القصة، فسلخ وحشي تبنا، وصلب.
قال معمر بن أحمد بن زياد الصوفي: أخبرني الثقة، أن أبا
بكر سلخ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر
حتى بلغ الصدر فرحمه السلاخ، فوكزه بالسكين موضع قلبه فقضى
عليه.
وأخبرني الثقة أنه كان إماما في الحديث والفقه، صائم
الدهر، كبير الصولة عند العامة والخاصة، ولما سلخ كان يسمع
من جسده قراءة القرآن، فغلب المغربي بالشام، وأظهر المذهب
الردئ، وأبطل التراويح والضحى، وأمر بالقنوت في الظهر،
وقتل النابلسي سنة ثلاث.
وكان نبيلا رئيس الرملة، فهرب، فأخذ من دمشق.
وقيل: قال شريف ممن يعانده لما قدم مصر: الحمد لله على
سلامتك، قال: الحمد لله على سلامة ديني، وسلامة دنياك.
قلت: لا يوصف ما قلب هؤلاء العبيدية الدين ظهرا لبطن،
واستولوا على المغرب، ثم على مصر والشام، وسبوا الصحابة.
(16/149)
حكى ابن السعساع المصري، أنه رأى في النوم أبا بكر بن
النابلسي بعد ما صلب وهو في أحسن هيئة، فقال: ما فعل الله
بك ؟ فقال: حباني مالكي بدوام عز * وواعدني بقرب الانتصار
وقربني وأدناني إليه * وقال: انعم بعيش في جواري (1)
106 - النعمان * العلامة
المارق، قاضي الدولة العبيدية، أبو حنيفة، النعمان بن محمد
بن منصور المغربي.
كان مالكيا، فارتد إلى مذهب الباطنية، وصنف له أس الدعوة،
ونبذ الدين وراء ظهره، وألف في المناقب والمثالب، ورد على
أئمة الدين، وانسلخ من الاسلام، فسحقا له وبعدا.
ونافق الدولة لا بل وافقهم.
وكان ملازما للمعز أبي تميم منشئ القاهرة.
وله يد طولى في فنون العلوم والفقه والاختلاف، ونفس طويل
في البحث، فكان علمه وبالا عليه.
وصنف في الرد على أبي حنيفة في الفقه، وعلى مالك،
__________
(1) البيتان في " الوافي بالوفيات " 2 / 45.
* الولاة والقضاة: 586 - 587، وفيات الاعيان: 5 / 415 -
423، العبر: 2 / 331، دول الاسلام: 1 / 224، مرآة الجنان:
2 / 379، اتعاظ الحنفا: 149، لسان الميزان: 6 / 167،
النجوم الزاهرة: 4 / 106 - 107، طبقات المفسرين للداوودي:
2 / 346، شذرات الذهب: 3 / 47، روضات الجنات: 2 / 219 -
220، هدية العارفين: 2 / 495.
[ * ]
(16/150)
والشافعي، وانتصر لفقه أهل البيت، وله كتاب في اختلاف
العلماء، وكتبه كبار مطولة.
وكان وافر الحشمة، وعظيم الحرمة، في أولاده قضاة وكبراء.
وانتقل إلى غير رضوان الله، بالقاهرة في رجب سنة ثلاث
وستين وثلاث مئة، ثم ولي ابنه علي قضاء الممالك (1).
ومات محمد والد أبي حنيفة سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة،
بالقيران عن مئة وأربع سنين.
ويعد من الاذكياء (2).
107 - ابن الخشاب * الحافظ
الاوحد، أبو الفرج، أحمد بن القاسم بن عبيدالله بن
مهدي البغدادي بن الخشاب، نزيل ثغر طرسوس.
حدث بدمشق وغيرها عن محمد بن محمد بن الباغندي، ومحمد بن
جرير، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وأبي القاسم البغوي،
وأبي جعفر الطحاوي، ومحمد بن الربيع الجيزي، وطبقتهم.
حدث عنه، تمام الرازي، وبقاء الخولاني، وعبد الوهاب
الميداني، ومكي بن الغمر، ومحمد بن عوف المزني، وآخرون.
وقد روى عنه بالاجازة عيسى بن علي الوزير.
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 417.
(2) قال ابن خلكان في ترجمة النعمان: " وكان والده أبو عبد
الله محمد قد عمر، ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة حفظها وعمره
أربع سنوات ".
انظر " الوفيات ": 5 / 416.
* تاريخ بغداد: 4 / 353 - 354 الوافي بالوفيات: 7 / 292 -
293، شذارت الذهب: 3 / 48.
[ * ]
(16/151)
مات في صفر سنة أربع وستين وثلاث مئة.
108 - الابزاري * المحدث
الامام، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن محمد بن
رجاء النيسابوري الوراق الابزاري.
سمع بن مسدد بن قطن، والحسن بن سفيان، وجعفر بن أحمد ابن
نصر، ومحمد بن محمد الباغندي، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي،
وسعيد بن هاشم الطبراني، وأقرانهم، وأكثر وجود وجمع.
روى عنه ابن مندة، والحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي.
قال الحاكم: كان ممن سلم المسلمون من لسانه ويده.
وطلب
الحديث على كبر السن، ورحل فيه سمعت أبا علي الحافظ
يمازحه، يقول: أنت بهز بن أسد يريد بثبته وإتقانه، ويقول:
هذا الشيخ ما اغتسل من حلال قط، فنقول: يا أبا علي ولا من
حرام.
مات في رجب سنة أربع وستين وثلاث مئة، وكان صادقا، حدث
بمروياته على القبول.
أبزار (1) من قرى نيسابور.
109 - عبد الجبار * * ابن عبد
الصمد بن إسماعيل المحدث المقرئ، أبو هاشم السلمي
__________
* الانساب: 1 / 120، معجم البلدان: 1 / 72، العبر: 2 /
333، شذرات الذهب: 3 / 48.
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 72.
* * العبر: 2 / 333 - 334، النجوم الزاهرة: 4 / 109، شذرات
الذهب: 3 / 48.
[ * ]
(16/152)
الدمشقي المؤدب.
تلا على أبي عبيدة أحمد بن عبد الله بن ذكوان، وسمع من
محمد ابن خريم، وأبي شيبة داود بن إبراهيم، وعلي بن أحمد
علان، وجعفر ابن أحمد بن عاصم، والقاسم بن عيسى العصار،
ومحمد بن المعافا الصيداوي، وسعيد بن عبد العزيز، وخلق
كثير بالشام، والحجاز.
ومصر.
حدث عنه تمام الرازي، وأبو الحسن بن جهضم، وعلي بن بشرى
العطار، ومكي بن الغمر، ومحمد بن عوف، وعبد الوهاب
الميداني.
مولده في سنة ست وثمانين ومئتين، وتوفي في صفر سنة أربع
وستين وثلاث مئة، أرخه الكتاني وقال: جمع من المصنفات شيئا
كثيرا، وكان ثقة مأمونا، انتقى عليه أحمد بن قاسم بن
الخشاب.
110 - القهندزي * الشيخ
المعمر، أبو محمد، عبدالرحمن بن محمد بن إدريس بن
كامل القهندزي، مسند هراة.
سمع عثمان بن سعيد الدارمي، وأبا مسلم الكجي، ويوسف
القاضي.
روى عنه أبو أحمد المعلم، وأبو منصور الديباجي، وعدة.
قال أبو النضر الفامي: مات سنة أربع وستين وثلاث مئة.
__________
* لم نجد له ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
[ * ]
(16/153)
111 - ابن عدي * هو الامام الحافظ الناقد الجوال، أبو
أحمد، عبد الله بن عدي
بن عبد الله بن محمد بن مبارك ابن القطان الجرجاني، صاحب
كتاب " الكامل " في الجرح والتعديل، وهو خمسة أسفار كبار.
مولده في سنة سبع وسبعين ومئتين، وأول سماعه، كان في سنة
تسعين، وارتحاله في سنة سبع وتسعين.
فسمع بهلول بن إسحاق التنوخي، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد،
ومحمد بن يحيى المروزي، وأنس بن السلم، وعبد الرحمن بن
القاسم بن الرواس الدمشقيين، وأبا خليفة الجمحي، وأبا
عبدالرحمن النسائي، وعمران بن موسى بن مجاشع، والحسن بن
محمد المديني،
والحسن بن الفرج الغزي صاحبي يحيى بن بكير، وجعفر بن محمد
الفريابي، وأبا يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان النسوي،
وعبدان الاهوازي، وأبا بكر بن خزيمة، والبغوي، وأبا عروبة،
وخلقا كثيرا في الحرمين، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان،
والجبال، وطال عمره وعلا إسناده.
وجرح وعدل وصحح وعلل، وتقدم في هذه الصناعة على لحن فيه،
يظهر في تأليفه (1).
حدث عنه شيخه أبو العباس بن عقدة، وأبو سعد الماليني،
__________
* تاريخ جرجان: 225 - 227، الانساب: 3 / 221 - 222،
اللباب: 1 / 270، تذكرة الحفاظ: 3 / 940 - 942، العبر: 2 /
337 - 338، دول الاسلام: 1 / 266، عيون التواريخ: (خ) 4 /
256، مرآة الجنان: 2 / 381 طبقات السبكي: 3 / 315 - 316،
البداية والنهاية: " 11 / 283، النجوم الزاهرة: 4 / 111،
طبقات الحفاظ: 380، شذرات الذهب: 3 / 51، هدية العارفين: 1
/ 447، الرسالة المستطرفة: 145.
(1) في كتابه الكامل في الضعفاء.
[ * ]
(16/154)
والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبدكويه، وحمزة بن
يوسف السهمي، وأبو الحسين أحمد بن العالي، وآخرون.
قال الحافظ ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه.
وقال حمزة بن يوسف (1): سألت الدارقطني أن يصنف كتابا في
الضعفاء، فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي ؟ قلت: بلى.
قال: فيه كفاية، لا يزاد عليه.
بلغني أن ابن عدي صنف كتابا سماه " الانتصار " على أبواب "
المختصر " للمزني.
قال حمزة السهمي: كان ابن عدي حافظا متقنا، لم يكن في
زمانه
أحد مثله، تفرد برواية أحاديث وهب منها لابنيه عدي وأبي
زرعة فتفردا بها عنه.
وقال أبو يعلى الخليلي: كان أبو أحمد عديم النظير حفظا
وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ، فقال: زر قميص ابن
عدي أحفظ من عبدا لباقي بن قانع.
قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر
أحدا مثل أبي أحمد بن عدي فكيف فوقه في الحفظ ؟ ! وكان
أحمد هذا لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم، وقال لي: كان حفظ
هؤلاء تكلفا، وحفظ ابن عدي طبعا.
زاد " معجمه " على ألف شيخ.
وقال أبو الوليد الباجي: ابن عدي حافظ لا بأس به.
قلت: يذكر في " الكامل " كل من تكلم فيه بأدنى شئ لو كان
من رجال " الصحيحين " ولكنه ينتصر له إذا أمكن، ويروي في
الترجمة حديثا
__________
(1) انظر " تاريخ جرجان ": ص 226.
[ * ]
(16/155)
أو أحاديث مما استنكر للرجل.
وهو منصف في الرجال بحسب اجتهاده.
قال حمزة السهمي: مات في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثلاث
مئة.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي بمصر، ويحيى بن أحمد الجذامي
بالثغر، قالا: أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة،
أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا
عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا الحسن بن الفرج، حدثني يحيى
بن بكير، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: " أن رجلا لاعن
أمرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم
وانتفى من ولدها، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم
بينهما، وألحق الولد بالمرأة " (1).
112 - ابن ميكال * الشيخ
الامام الاديب، رئيس خراسان، أبو العباس، إسماعيل بن عبد
الله بن محمد بن ميكال، من ذرية كسرى يزدجرد بن
بهرام جور الفارسي، استعمل المقتدر أباه عبد الله على
مملكة الاهواز.
سمع من عبدان الاهوازي كتابا خصه به، وسمع من أبي العباس
السراج، وابن خزيمة، وعلي بن سعيد العسكري، وطائفة، وأملى
مجالس.
حدث عنه: أبو علي الحافظ - وهو أكبر منه - وأبو الحسين
__________
(1) هو في " الموطأ " 2 / 90 بشرح السيوطي، ومن طريقه
أخرجه البخاري 9 / 404 في الطلاق: باب ما يلحق الولد
بالملاعنة، ومسلم (1494) في أول اللعان، وأبو داود (2259)،
والنسائي 6 / 178.
* يتيمة الدهر: 4 / 354، معجم الادباء: 7 / 5 - 12، إنباه
الرواة: 1 / 199 - 201، اللباب: 3 / 283 - 284، العبر: 2 /
327، شذرات الذهب: 3 / 41.
[ * ]
(16/156)
الحجاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وعبد الغافر الفارسي.
طلب الامير عبد الله أبا بكر بن دريد لتأديب ولده هذا.
وفيه يقول ابن دريد في المقصورة: إن ابن ميكال الامير
انتاشني (1)) * من بعد ما قد كنت كالشئ اللقى ومد ضبعي أبو
العباس من * بعد انقباض الذرع والباع الوزى (2) نفسي
الفداء لاميري ومن * تحت السماء لاميري الفدا (3) قال
الحاكم: سمعت الوضاحي يقول: سمعت أبا العباس يذكر
صلة ابنه لابن دريد لما عمل المقصورة، فقلت: ما وصل إليه
منك ؟ قال: لم تصل يدي إذ ذاك إلا إلى ثلاث مئة دينار،
وضعتها بين يديه (4).
قال الحاكم: عرضت عليه ولايات جليلة فامتنع.
وتوفي في صفر سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، وله اثنتان
وتسعون سنة.
قلت: سماعة من عبدان في سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وقع لنا جزءان عاليان من طريقه.
113 - ابن فضالة * الشيخ
المسند المحدث، أبو عمر، محمد بن موسى بن فضالة بن
__________
(1) انتاشني: تناولني وأخذني مقربا إليه، وهو " افتعل " من
النوش.
يقال: انتاشت الظبية الاراك: إذا تناولته " شرح المقصورة "
للخطيب التبريزي.
(2) الوزى: القصير.
(3) الابيات في " شرح مقصورة ابن دريد " للخطيب التبريزي:
ص 137 - 138.
(4) انظر " معجم الادباء ": 7 / 8 - 9.
* العبر: 2 / 328، ميزان الاعتدال: 4 / 51، لسان الميزان:
5 / 400 - 401، النجوم = [ * ]
(16/157)
إبراهيم بن فضالة بن كثير الاموي القرشي، مولى الخليفة عمر
بن عبد العزيز.
دمشقي معروف، له جزء سمعناه.
سمع أبا قصي إسماعيل العذري، وأحمد بن أنس، والحسين بن
محمد بن جمعة، وعبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، والحسن بن
الفرج الغزي، وأبا القاسم البغوي، حدثه بمكة، ومحمد بن
يزيد بن
عبد الصمد، وطائفة.
حدث عنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأبو نصر
ابن الجندي، ومكي بن الغمر، ومحمد بن رزق الله، ومحمد بن
عبد السلام بن سعدان.
أرخ عبد العزيز الكتاني وفاته في ربيع الآخر سنة اثنتين
وستين وثلاث مئة، وقال: تكلموا فيه.
قرأت على خديجة بنت يوسف، أخبركم محمد بن هبة الله، أخبرنا
إبراهيم بن الحسن الحصني، والخضر بن شبل الحارثي (ح) وقرأت
على الحسن بن علي، أخبرك جعفر بن علي، أخبرنا السلفي،
قالوا: أخبرنا محمد بن الحسين الحنائي، وعلي بن الحسن بن
الموازيني، قالا: أخبرنا محمد بن عبد السلام بن سعدان،
أخبرنا محمد بن موسى بن فضالة، حدثنا الحسين بن جمعة،
حدثنا سعيد بن منصور بمكة سنة خمس وعشرين ومئتين، حدثنا
إسماعيل بن زكريا، عن الحجاج بن دينار، عن الحكم، عن حجية
بن عدي، عن علي: " أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم
__________
= الزاهرة: 4 / 69، شذرات الذهب: 3 / 41.
[ * ]
(16/158)
في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك " (1).
وعند زين الامناء جزء لابن فضالة غير الذي عند الشيرازي،
والجزء الاول من أمالي ابن فضالة عند الحافظ قاسم بن
عساكر.
ومن شيوخه أبوه موسى يروي عن سليمان بن بنت شرحبيل.
114 - ابن القطان * من كبراء
الشافعية، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد
البغدادي.
قال الخطيب: له مصنفات في أصول الفقه وفروعه.
مات سنة تسع وخمسين وثلاث مئة.
ذكره مختصرا.
تفقه بابن سريج، ثم بأبي إسحاق المروزي، وتصدر للافادة،
واشتهر اسمه، وذكره أبو إسحاق في " الطبقات ".
__________
(1) وأخرجه أحمد 1 / 104، وابن سعد في " الطبقات " 4 / 26،
وأبو داود (1624)، والترمذي (678)، وابن ماجة (1795)،
والدارمي 1 / 385، وابن الجارود في " المنتقي " (360)، و
الدارقطني 2 / 123، والبيهقي 4 / 111، كلهم من طريق سعيد
بن منصور بهذا الاسناد.
وقال أبو داود بعد أن ذكره 2 / 115: روى هذا الحديث هشيم،
عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم، عن النبي
صلى الله عليه وسلم، وحديث هشيم أصح.
يريد أن هذه الرواية المرسلة أصح من الرواية المتصلة.
وقال الدارقطني في " سننه " 2 / 124: اختلفوا عن الحكم في
إسناده، والصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل.
وللحديث شواهد يصح بها انظرها في " سنن الدارقطني " 2 /
123، 125.
وقد قال الحافظ في " الفتح " 3 / 264 بعد أن ذكرها: وليس
ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر
بمجموع هذه الطرق.
* تاريخ بغداد: 4 / 365، طبقات الفقهاء للشيرازي: 113،
وفيات الاعيان: 1 / 70، البداية والنهاية: 11 / 269،
الوافي بالوفيات: 7 / 321، طبقات ابن هداية الله: 85، = [
* ]
(16/159)
115 - ابن حيويه * الشيخ الامام المعمر، الفقيه الفرضي
القاضي، أبو الحسن، محمد بن عبد الله
بن زكريا بن حيويه النيسابوري ثم المصري الشافعي.
قدم مصر صغيرا، وسمعه عمه الحافظ يحيى بن زكريا الاعرج من
بكر بن سهل الدمياطي، والامام أبي عبدالرحمن النسائي وأبي
بكر أحمد بن عمرو البزار، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام
الخفاف، وجماعة، وأخذ عن عمه.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، وعلي بن محمد الخراساني
القياس، وهارون بن يحيى الطحان، ومحمد بن جعفر بن أبي
الذكر، ومحمد بن الحسين الطفال، وآخرون.
وثقه ابن ماكولا، فقال: كان ثقة نبيلا، ذكر أنه ولد سنة
ثلاث وسبعين ومئتين.
وقال ابن عساكر أيضا: روى عن محمد بن جعفر بن أعين.
وجعفر بن أحمد بن عاصم، وأبي يعقوب المنجنيقي.
وأخذ عنه الدارقطني، وقال: كان لا يترك أحدا يتحدث في
مجلسه، وقال: جئت إلى شيخ عنده " الموطأ " فكان يقرأ عليه
وهو يتحدث.
فلما فرغ، قلت: أيها الشيخ: يقرأ عليك وأنت تتحدث ؟ !
__________
= شذرات الذهب: 3 / 28، هدية العارفين: 1 / 65، طبقات
الاصوليين: 1 / 198.
* الاكمال لابن ماكولا: 2 / 360 - 361، العبر: 2 / 342،
حسن المحاضرة: 1 / 402، 403، النجوم الزاهرة: 4 / 128،
شذرات الذهب: 3 / 57، تاج العروس: مادة حيي (10 / 109).
[ * ]
(16/160)
فقال: قد كنت أسمع، قال: فلم أعد إليه.
قلت: كذا شيوخ الحديث اليوم، إن لم ينعسوا تحدثوا، وإن
عوتبوا، قالوا: قد كنا نسمع، وهذه مكابرة.
توفي ابن حيويه في رجب سنة ست وستين وثلاث مئة.
116 - السراج * الامام المحدث
القدوة، شيخ الاسلام، أبو الحسن، محمد بن الحسن بن
أحمد بن إسماعيل النيسابوري المقرئ.
ارتحل، وسمع من أبي شعيب الحراني، والحسن بن المثنى
العنبري، وموسى بن هارون، ومحمد بن عبد الله مطين، ويوسف
القاضي، وهذه الطبقة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو سعد الماليني، وأبو الحسن ابن
العالي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشاط، ومحمد
بن القاسم الماوردي القلوسي، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز
الجوري، وخلق سواهم.
قال الحاكم: قل ما رأيت أكثر اجتهادا وعبادة منه، وكان
يعلم القرآن، وما أشبه حاله إلا بحال أبي يونس (1) القوي
الزاهد، صلى حتى
__________
* المنتظم: 7 / 86، العبر: 2 / 342، البداية والنهاية: 11
/ 288، النجوم الزاهرة: 4 / 128، شذرات الذهب: 3 / 57.
(1) في الاصل " يونس " بإسقاط أبي، وهو خطأ، ففي " الانساب
" 10 / 266.
القوي: لقب أبي يونس الحسن بن يزيد الضمري، روى عن سعيد بن
جبير وأبي سلمة بن عبدالرحمن، روى عنه الثوري وسعيد القداح
وغيرهما.
وإنما لقب بالقوي لقوته على العبادة لانه قدم مكة فصام
حتى.
[ * ]
(16/161)
أقعد، وبكى حتى عمي.
حدث أبو الحسن رحمه الله من أصول صحيحة، سمعته يقول: رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فتبعته حتى دخل، فوقف
على قبر يحيى بن
يحيى، وتقدم وصف خلفه جماعة من الصحابة، وصلى عليه، ثم
التفت فقال: هذا القبر أمان لاهل هذه المدينة (1).
قال الحاكم: توفي يوم عاشوراء سنة ست وستين وثلاث مئة.
قلت: هو من أبناء التسعين.
وفيها مات ابن حيويه النيسابوري بمصر، والمحدث أبو الفضل
الشرمقاني، وصاحب دمشق الحسن بن أحمد الجنابي القرمطي،
وركن الدولة الحسن بن بويه ملك العجم، والمستنصر بالله حكم
صاحب الاندلس، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد
المعدل بنيسابور.
117 - ابن مطر * الشيخ الامام
القدوة العامل المحدث، أبو عمرو، محمد بن جعفر ابن
محمد بن مطر النيسابوري المزكي، شيخ العدالة.
سمع أبا عمرو أحمد المستملي، وإبراهيم بن علي الذهلي،
ومحمد بن أيوب البجلي، وأبا خليفة الجمحي، ومحمد بن جعفر
الكوفي
__________
= خوي، وبكى حتى عمي، وطاف، وانظر " مشتبه النسبة " 512
للمؤلف، و " طبقات الصوفية " للسلمي.
(1) رؤيا لا يعول عليها، والامان لا يكون إلا من الله
عزوجل.
* المنتظم: 7 / 56، العبر: 2 / 316 - 317، البداية
والنهاية: 11 / 271، النجوم الزاهرة: 4 / 62، شذرات الذهب:
3 / 31، الرسالة المستطرفة: 17.
[ * ]
(16/162)
القتات، ومحمد بن يحيى المروزي، وطبقتهم، وكان ذا حفظ
وإتقان.
حدث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو الحسين الحجاجي، وأبو عبد
الله الحاكم، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، وأبو نصر
بن قتادة، وآخرون.
وحدث عنه من القدماء أبو العباس بن عقدة.
قال الحاكم: وأعجب من ذلك، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ،
حدثنا أبو الحسن الشافعي، حدثنا أبو عمرو بن مطر - وقد
ماتا قبله بدهر - قال: وهو الذي انتقى الفوائد على أبي
العباس الاصم، فأحيا الله علم الاصم بتلك الفوائد، فإن
الاصم أفسد أصوله، واعتمد على كتاب ابن مطر..إلى أن قال
الحاكم: وقل ما رأيت أصبر على الفقر من أبي عمرو، وكان
يتجمل بدست ثياب للجمعات وحضور المجلس، ويلبس في بيته فروة
ضعيفة، ويأكل رغيفا وبصلة أو جزرة، وبلغني أنه كان يحيى
الليل، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويضرب اللبن
لقبور الفقراء، لم أر في مشايخنا له في الاجتهاد نظيرا،
رحمه الله.
توفي في جمادى الآخرة سنة ستين وثلاث مئة عن خمس وتسعين
سنة.
118 - المزكي * الامام المحدث
القدوة، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن يحيى بن
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 168 - 169، المنتظم: 7 / 61 - 62،
العبر: 2 / 327، الوافي بالوفيات: 6 / 123، البداية
والنهاية: 11 / 274 - 275، النجوم الزاهرة: 4 / 69، شذرات
الذهب: 3 / 40 - 41، الرسالة المستطرفة: 96.
[ * ]
(16/163)
سختويه النيسابوري المزكي، شيخ بلده ومحدثه.
سمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا العباس الثقفي، وإمام
الائمة ابن خزيمة، وموسى بن العباس الجويني، وأبا حامد
الاعمشي،
وزنجويه اللباد، وأبا نعيم بن عدي، ومحمد بن المسيب
الارغياني، وأبا العباس الدغولي، وأبا حامد محمد بن هارون
الحضرمي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وخلقا سواهم.
قال الحاكم: أملى عدة سنين، وكنا نعد في مجلسه أربعة عشر
محدثا، منهم أبو العباس الاصم، ومحمد بن يعقوب بن الاخرم.
قلت: روى عنه: الحاكم، وابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي
الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وأبو علي بن شاذان، وابنه
محمد بن إبراهيم المزكي، وأبو نعيم الاصبهاني، وأبو طالب
بن غيلان، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة، ثبتا، مكثرا، مواصلا للحج، انتخب
عليه الدارقطني، وكتب الناس عنه علما كثيرا مثل " تاريخ
السراج "، " تاريخ البخاري " وعدة كتب لمسلم، وكان عند
البرقاني عنه سفط أجزاء، وكتب، لكن ما روى عنه في صحيحه،
قال: في نفسي منه لكثرة ما يغرب، ثم إنه قواه، وقال: عندي
عنه أحاديث عالية، كنت أخرجتها نازلا إلا أني لا أقدر على
إخراجها لكبر السن (1).
قال الخطيب: حدثنا الحسين بن شيطا، سمعت المزكي يقول:
أنفقت على الحديث بدرا من الدنانير، وقدمت بغداد ومعي
تجارة (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 168.
(2) " تاريخ بغداد ": 6 / 169.
[ * ]
(16/164)
مات في شعبان سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، وله سبع وستون
سنة.
وله من الاولاد علي وأحمد ويحيى وعبد الرحمن ومحمد، عاشوا
ورووا الحديث.
119 - ابن برزة * المعمر،
المسند، أبو جعفر، محمد بن عبد الله بن برزة
الروذراوري (1) الداوودي.
حدث بهمذان عن إسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب تمتام، وعبيد
بن شريك، وإبراهيم بن ديزيل وغيرهم.
قال صالح بن أحمد الحافظ: لم يثبت في ابن ديزيل، وهو شيخ
حضرته، ولم أحمد أمره.
قلت: حدث عنه: أبو بكر بن لال، وأبو طاهر بن سلمة، وابن
فنجويه، وعلي بن جهضم الصوفي، وأحمد بن الحسن الامام، وعبد
الرحمن بن شبانة، وآخرون.
حدث في سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
120 - ابن حارث * * الحافظ
الامام، أبو عبد الله، محمد بن حارث بن أسد الخشني
__________
* العبر: 2 / 323، مشتبه النسبة: 1 / 61، غاية النهاية: 2
/ 176، تبصير المنتبه: 1 / 137، شذرات الذهب: 3 / 38.
(1) الروذراوري: نسبة إلى " روذراور ": بلدة بنواحي همذان.
انظر " اللباب ": 2 / 41، " ومعجم ياقوت ": 3 / 78.
* * تاريخ علماء الاندلس: 2 / 112 - 113، الاكمال لابن
ماكولا: 3 / 261، جذوة = [ * ]
(16/165)
القيرواني، صاحب التواليف.
روى عن أحمد بن نصر، وأحمد بن زياد، وقاسم بن أصبغ، وأحمد
ابن عبادة.
واستوطن قرطبة، وتمكن تمن صاحبها المستنصر المرواني.
له كتاب " الاتفاق والاختلاف " في مذهب مالك، وكتاب "
الفتيا "، و " تاريخ الاندلس "، و " تاريخ الافريقيين "
وكتاب " النسب "، وحتى قيل: إنه صنف للمستنصر مئة ديوان.
وكان من أعيان الشعراء، وكان يتعاطى الكيمياء، واحتاج بعد
موت مخدومه إلى القعود في حانوت يبيع الادهان.
روى عنه أبو بكر بن حوبيل.
توفي سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
وقيل: توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
121 - المروروذي * العلامة،
شيخ الشافعية، أبو حامد، أحمد بن بشر بن عامر
المروروذي، مفتي البصرة، وصاحب التصانيف.
__________
= المقتبس: 53، ترتيب المدارك: 4 / 531، الانساب: 5 / 130،
بغية الملتمس: 71، معجم الادباء: 8 / 111، العبر: 2 / 324
- 325، تذكرة الحفاظ: 3 / 1001 - 1002، الوافي بالوفيات: 2
/ 315، مرآة الجنان: 2 / 375، الديباج المذهب: 2 / 212 -
213، النجوم الزاهرة: 4 / 64، طبقات الحفاظ: 397، شذرات
الذهب: 3 / 39.
* الفهرست: 301، طبقات العبادي: 76، طبقات الفقهاء
للشيرازي: 114، معجم البلدان: 5 / 112، وفيات الاعيان: 1 /
69 - 70، العبر: 2 / 326، الوافي بالوفيات: 6 / 265، مرآة
الجنان: 2 / 375، طبقات السبكي: 3 / 12 - 13، البداية
والنهاية: 11 / 209، طبقات ابن هداية الله: 86 - 87، شذرات
الذهب: 3 / 40، هدية العارفين: 1 / 66، طبقات الاصوليين: 1
/ 199 - 200.
[ * ]
(16/166)
تفقه بأبي إسحاق المروزي، وصنف " الجامع " في المذهب، وألف
شرحا للمختصر المزني، وألف في الاصول، وكان إماما لا يشق
غباره.
وعنه اخذ فقهاء البصرة.
توفي في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
ابن عمارة * المحدث الجليل، أبو الحارث، أحمد بن محمد بن
عمارة، بن أحمد الليثي الكناني مولاهم الدمشقي.
حدث عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأظنه آخر من روى
عنه، وأحمد بن إبراهيم البسري، وزكريا خياط السنة، ومحمد
بن يزيد بن عبد الصمد، وإبراهيم بن دحيم، وعدة.
وعنه: تمام الرازي، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الرحمن بن
أبي نصر، وأحمد بن محمد بن الحاج، وعبد الوهاب الميداني،
وآخرون.
توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، وقد قارب
التسعين.
122 - السقطي * * المحدث أبو
عمرو، عبدالملك بن الحسن بن يوسف السقطي المعدل
ببغداد.
انتخب عليه الدارقطني.
__________
* تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (52).
* * تاريخ بغداد: 10 / 430 - 431، الانساب: 7 / 92،
المنتظم: 7 / 63.
[ * ]
(16/167)
سمع الكجي، وأحمد بن يحيى الحلواني، ويوسف القاضي.
وعنه: محمد بن أسد شيخ الكتابة، وأبو علي بن شاذان، وأبو
نعيم.
مات سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
123 - ابن علك * الحافظ
المجود، محدث مرو، أبو عبد الرحمن عبد الله ابن الحافظ عمر
بن أحمد بن علك الجوهري المروزي.
سمع أباه، ومحمد بن أيوب بن الضريس، والفضل بن محمد
الشعراني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبا عبد الله
البوشنجي، وعبد الله بن ناجية، وطبقتهم.
ورحل به أبوه.
حدث عنه: أبو بكر أحمد بن عبدالرحمن الشيرازي في " الالقاب
" وأبو بكر البرقاني، وأبو عبد الله الحاكم، وجماعة.
قال الخليلي: مات بعد سنة ستين وثلاث مئة.
ثم قال: هو حافظ متفق عليه.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة.
أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون (ح)
وأخبرنا ابن الفراء، أخبرنا محمد بن خلف الفقيه، وأخبرنا
التاج عبد الخالق، أخبرنا البهاء عبد الرحمن، قالا:
أخبرتنا فخر النساء شهدة، وأخبرنا محمد بن عبد السلام،
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 929، العبر: 2 / 322، طبقات الحفاظ:
276، شذرات الذهب: 3 / 37.
[ * ]
(16/168)
قالا: أخبرنا الامام أبو بكر البرقاني، قرأت على عبد الله
بن عمر بن علك، حدثكم عبد الله بن أحمد، حدثنا عباد بن
موسى، حدثنا إبراهيم ابن سعد، أخبرني أبي، عن الاعرج، عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه
كان يقرأ في الفجر يوم الجمعة (آلم تنزيل) و (هل أتى على
الانسان) أخرجه مسلم (1).
124 - ابن رميح * الامام
الحافظ الجوال، أبو سعيد، أحمد بن محمد بن رميح بن
عصمة النخعي النسوي ثم المروزي، صاحب التصانيف.
سمع أبا خليفة الجمحي، وعمر بن أبي غيلان، وابن زيدان
البجلي، وعبد الله بن محمود المروزي، وأبا العباس السراج،
وعبد الله ابن شيرويه، ومحمد بن الفضل السمرقندي الواعظ،
وعمر بن بجير، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، وطبقتهم.
قال الحاكم: قدم نيسابور، فعقدت له مجلس الاملاء، وقرأت
عليه " صحيح البخاري "، وقد أقام بصعدة من اليمن زمانا، ثم
قدم، وأكرموه، وأكثروا عنه ببغداد.
وما المثل فيه إلا كما قال يحيى بن معين:
__________
(1) برقم (880) في الجمعة: باب ما يقرأ يوم الجمعة، وهو في
سنن النسائي 2 / 159 في الافتتاح: باب القراءة في الصبح
يوم الجمعة.
وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (879)، والترمذي (520)،
وأبي داود (1074) وأحمد 1 / 226، 334 و 340.
* تاريخ بغداد: 5 / 6 - 8، تذكرة الحفاظ: 3 / 930 - 931،
العبر: 2 / 307، ميزان الاعتدال: 1 / 135، الوافي
بالوفيات: 7 / 400، لسان الميزان: 1 / 261، النجوم
الزاهرة: 4 / 20، طبقات الحفاظ: 377، شذرات الذهب: 3 / 22،
هدية العارفين: 1 / 65.
[ * ]
(16/169)
أو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه، وقد سألته المقام
بنيسابور، فقال: على
من أقيم ؟ فو الله لو قدرت لم أفارق سدتك، ما الناس اليوم
بخراسان إلا كما قيل: كفى حزنا أن المروءة عطلت * وأن ذوي
الالباب في الناس ضيع وأن ملوكا ليس يحظى لديهم * من الناس
إلا من يغني ويصفع قلت: روى عنه الدارقطني، والحاكم، وابن
رزقويه، وأبو علي بن دوما، وأبو القاسم السراج، وأبو عبد
الرحمن السلمي وقد طلبه أمير صعدة من بغداد، فأدركه الموت
بالجحفة (1).
وثقه الحاكم وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وضعفه أبو زرعة
الكشي، وأبو نعيم.
قال الخطيب: الامر عندنا بخلاف ذلك، وهو ثقة ثبت، لم يختلف
شيوخنا الذين لقوه في ذلك (2).
توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
أخبرنا محمد بن عبدالرحيم.
وبلال الوالي، قالا: أخبرنا ابن رواج، وأخبرنا أبو نصر بن
مميل، وسنقر الزيني، قالا: أخبرنا علي بن محمود، قالا:
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا
أبو عبد الرحمن السلمي إملاء، حدثنا أحمد بن محمد بن رميح،
حدثنا عمر بن
__________
(1) الجحفة: بالضم ثم السكون والفاء: قرية كبيرة كانت على
طريق المدينة من مكة، وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم
يمروا على المدينة، وكان اسمها مهيعة، وإنما سميت الجحفة
لان السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الاعوام.
" معجم البلدان ": 2 / 111.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 8.
[ * ]
(16/170)
سعيد بن حاتم، حدثنا إسماعيل بن مخلد، حدثنا عبيد بن يعيش،
حدثني
منصور بن وردان، عن أبي حمزة الثمالي، عن عكرمة، عن ابن
عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد
الخيف، فقال: " نضر الله امرءا سمع منا حديثا، وذكر الحديث
(1)..
125 - ابن النجم * الامام
الحافظ المجود، أبو عبد الله، أحمد بن طاهر بن
النجم الميانجي.
رحال جوال.
سمع أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويحيى بن
محمد الحنائي، وأحمد بن هارون البرديجي، وطبقتهم، وتمهر
بسعيد بن عمرو البردعي صاحب أبي زرعة.
روى عنه: عبد الله بن أبي زرعة القزويني، ويعقوب بن يوسف
الادربيلي، وأحمد بن الحسين التراسي، وأحمد بن فارس اللغوي
وآخرون.
وكان ابن فارس يقول: ما رأى ابن النجم مثل نفسه، ولا رأيت
مثله
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف أبي حمزة الثمالي واسمه ثابت بن أبي
صفية، لكن للحديث شواهد صحيحة يتقوى بها، فقد رواه من حديث
ابن مسعود بإسناد صحيح: الشافعي 1 / 14، والترمذي (2659)،
وابن ماجة (232) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل ": 165.
ورواه أحمد 5 / 183، والترمذي (2658) والدارمي 1 / 75،
وابن ماجة (230)، والرامهرمزي: 164، من حديث زيد بن ثابت،
وصححه الحافظ ابن حجر وغيره، ورواه أحمد 4 / 80 و 82، وابن
ماجة (231) والدارمي 1 / 74، 75، من حديث جبير بن مطعم،
ورواه الدارمي 1 / 75، 76 من حديث أبي الدرداء، ورواه أحمد
3 / 225، من حديث أنس.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 931 - 932، العبر: 2 / 320، طبقات
الحفاظ: 377، شذرات الذهب: 3 / 36.
[ * ]
(16/171)
حكى ذلك سعد بن علي الحافظ.
وقال الخليلي: توفي بعد الخمسين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن عبد الكريم المحتسب، أخبرنا نصر بن جرو،
أخبرنا السلفي، أخبرنا سعد بن علي المصري، وعلي بن هبة
الله، قالا: أخبرنا أحمد ابن الحسين بن علي التراسي، حدثنا
أحمد بن طاهر الميانجي، أخبرنا يحيى ابن محمد الحنائي،
حدثنا عبيدالله بن معاذ، حدثنا معتمر بن سليمان، قال: قال
أبي: حدثنا أنس بن مالك: أن رجلين عطسا عند النبي صلى الله
عليه وسلم فسمت أو فشمت أحدهما، وترك الآخر، فقال رجل: يا
رسول الله، تركت الآخر ؟ قال: " لان هذا حمد الله، وأن هذا
لم يحمد الله " (1) أو كما قال.
126 - عمر البصري * الامام
المحدث، مفيد بغداد أبو حفص، عمر بن جعفر بن عبد
الله ابن أبي السري البصري الوراق.
حمل الناس بانتخابه على الشيوخ كثيرا.
__________
(1) صحيح، وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (19678) من
طريق معمر، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك، وأخرجه
البخاري 10 / 504 في الادب: باب لا يشمت العاطس إذا لم
يحمد الله، من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، ومسلم
(2991) في الزهد: باب تشميت العاطس وكراهية التثاؤب من
طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن حفص ابن غياث، كلاهما
عن سليمان التيمي.
وهو في البخاري 10 / 495، وسنن أبي داود (5039)، والترمذي
(2743) من طريق سفيان الثوري، عن سليمان التيمي، عن أنس.
* تاريخ بغداد: 11 / 244 - 249، المنتظم: 7 / 44 - 45،
تذكرة الحفاظ: 3 / 934 -
935، العبر: 2 / 309، ميزان الاعتدال: 3 / 184، البداية
والنهاية: 11 / 265 - 266، لسان الميزان: 4 / 287 - 289،
طبقات الحفاظ: 378، شذرات الذهب: 3 / 26.
[ * ]
(16/172)
وحدث عن: أبي خليفة، والحسن بن المثنى، وعبدان، ومحمد بن
جرير، وطبقتهم، وعنه: الحاكم، وابن رزقويه، وعلي بن داود
الرزاز، وجماعة.
وكان الدارقطني يتبع خطاه في انتخابه على الشافعي، وعمل في
ذلك رسالة في خمس كراريس، وبين أغطاليطه في أشياء عديدة
يخالف فيها أصول أبي بكر الشافعي، فتأملتها، فرأيت فعله
فعل تغفل، لا يعي ما ينتخب، فيصحف، ويسقط، من الاسناد،
وبدون ذلك يضعف المحدث.
وكان أبو محمد السبيعي يكذبه.
وقال ابن أبي الفوارس: كانت كتبه رديئة.
وحكى الحاكم عن عمر، قال: ذاكرت ابن عقدة، فأغربت عليه
حديثا.
توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، ومولده سنة ثمانين ومئتين.
127 - منذر بن سعيد البلوطي
* أبو الحكم الاندلسي، قاضي الجماعة بقرطبة، ينسب إلى
قبيلة يقال لها: كزنة، وهو من موضع قريب من قرطبة، يقال
له: فحص البلوط (1).
__________
* طبقات النحويين واللغويين: 319 - 320، تاريخ علماء
الاندلس: 2 / 144 - 145، جذوة المقتبس: 348 - 349، فهرسة
ابن خير: ص 54، بغية الملتمس: 465 - 466، معجم الادباء: 19
/ 174 - 185، معجم البلدان: 1 / 492، إنباه الرواة: 3 /
325، الكامل لابن الاثير: 8 / 674 - 675، اللباب: 1 / 176،
العبر: 2 / 302 - 303، تلخيص ابن مكتوم: 256، البداية
والنهاية: 11 / 288 - 289، تاريخ قضاة الاندلس: 66 - 75،
البلغة
في تاريخ أئمة اللغة: 264 - 265 بغية الوعاة: 2 / 301، نفح
الطيب: 1 / 372 - 376 و 2 / 16 - 22، شذرات الذهب: 3 / 17،
مطمح الانفس: 237 - 259، هدية العارفين: 2 / 472.
(1) انظر " معجم ياقوت ": 1 / 492، و " اللباب ": 1 / 176.
[ * ]
(16/173)
كان فقيها محققا، وخطيبا بليغا مفوها، له اليوم المشهور
الذي ملا فيه الآذان، وبهر العقول، وذلك أن المستنصر
بالله.
كان مشغوفا بأبي علي القالي، يؤهله لكل مهم، فلما ورد رسول
الروم أمره أن يقوم خطيبا على العادة الجارية، فلما شاهد
أبو علي الجمع العظيم جبن فلم تحمله رجلاه، ولا ساعده
لسانه، وفطن له منذر بن سعيد، فوثب في الحال، وقام مقامه،
وارتجل خطبة بديعة، فأبهت الخلق، وأنشد في آخرها لنفسه:
هذا المقال الذي ما عابه فند * لكن صاحبه أزرى به البلد لو
كنت فيهم غريبا كنت مطرفا * لكنني منهم فاغتالني النكد
لولا الخلافة أبقى الله بهجتها * ما كنت أبقى بأرض ما بها
أحد فاستحسنوا ذلك، وصلب الرسول، وقال: هذا كبش رجال
الدولة (1).
ومن تصانيفه: كتاب " الانباه عن الاحكام من كتاب الله "
وكتاب " الابانة عن حقائق أصول الديانة ".
قال ابن بشكوال في بعض كتبه: منذر بن سعيد خطيب بليغ مصقع
(2)، لم يكن بالاندلس أخطب منه، مع العلم البارع، والمعرفة
الكاملة، واليقين في العلوم، والدين، والورع، وكثرة
الصيام، والتهجد، والصدع بالحق.
كان لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد استسقى غير مرة،
فسقي.
ذكر أمير المؤمنين الحكم، فقال: كان فقيها، فصيحا، خطيبا،
لم
__________
(1) الخبر بنحو في " معجم الادباء " 19 / 175، و " نفخ
الطيب ": 1 / 372 - 374.
(2) الخطيب المصقع: البليغ الماهر في خطبته، وهو " مفعل "
من الصقع، ومعناه: رفع الصوت ومتابعته، ومفعل: من أبنية
المبالغة.
" لسان العرب " مادة: صقع.
[ * ]
(16/174)
يسمع بالاندلس أخطب منه، وكان أعلم الناس باختلاف العلماء،
شاعرا لبيبا أديبا، له تصانيف حسان جدا، وكان مذهبه النظر
والجدل، يميل إلى مذهب داود بن علي.
وذكره محمد بن حارث القروي، فقال: كان من أهل النفاذ
والتحصيل، متدربا للمناظرة، متخلفا بالانصاف، جيد الفهم،
طويل العلم، بليغا موجزا، يميل إلى طرق الفضائل، ويوالي
أهلها، ويلهج بأخبار الصالحين.
حج سنة ثمان وثلاث مئة، فأقام في رحلته أربعين شهرا،
وانصرف، فأدخل الاندلس من علم النظر ومن علم اللغة كتبا
كثيرة، وامتحنه الناصر بغير ما أمانة، وأخرجه رسولا إلى
غير ما وجه، فخلص محمودا، وأقام بما حمل مشكورا، ثم ولا
قضاء كورة ماردة (1)، ثم ولاه قضاء الثغور الشرقية كلها،
ثم نقله إلى قضاء القضاة، والصلاة بجامع الزهراء.
قال أبو محمد بن حزم: أخبرني حكم بن منذر بن سعيد، أخبرني
أبي أنه حج راجلا مع قوم رجالة، فانقطعوا وأعوزهم الماء في
الحجاز وتاهوا.
قال: فأوينا إلى غار ننتظر الموت، فوضعت رأسي ملصقا
بالجبل، فإذا حجر كان في قبالته.
فعالجته.
فنزعته، فانبعث الماء، فشربنا وتزودنا.
وقال ابن عبد البر: حدثت أن رجلا وجد القاضي منذر بن سعيد
في بعض الاسحار على دكان المسجد، فعرفه، فجلس إليه، وقال:
يا
__________
(1) ماردة: قال ياقوت: هي كورة واسعة من نواحي الاندلس، من
أعمال قرطبة، وهي إحدى القواعد التى تخيرتها الملوك للسكن
من القياصرة والروم، وهي مدينة رائقة، كثيرة الرخام، عالية
البنيان، فيها آثار قديمة حسنة، تقصد للفرجة والتعجب: "
معجم البلدان ": 5 / 38 - 39.
[ * ]
(16/175)
سيدي إنك لتغرر بخروجك، وأنت أعظم الحكام، وفي الناس
المحكوم عليه والرقيق الدين، فقال: يا أخي وأنى لي بمثل
هذه المنزلة ؟ وأنى لي بالشهادة، ما أخرج تعرضا للتغرر، بل
أخرج متوكلا على الله إذ أنا في ذمته، فاعلم أن قدره لا
محيد عنه، ولا وزر دونه.
قال الحسن بن محمد: قحط الناس في بعض السنين آخر مدة
الناصر، فأمر القاضي منذر بن سعيد بالبروز إلى الاستسقاء
بالناس، فصام أيام وتأهب، واجتمع الخلق في مصلى الربض،
وصعد الناصر في أعلى قصره ليشاهد الجمع، فأبطأ منذر، ثم
خرج راجلا متخشعا، وقام ليخطب، فلما رأى الحال بكى ونشج
وافتتح خطبته بأن قال: سلام عليكم، ثم سكت شبه الحسير، ولم
يكن عادته، فنظر الناس بعضهم إلى بعض لا يدرون ما عراه، ثم
اندفع، فقال: (سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة)
الآية [ الانعام: 54 ] استغفروا ربكم وتوبوا إليه، وتقربوا
بالاعمال الصالحة لديه، فضج الناس بالبكاء، وجأروا بالدعاء
والتضرع، وخطب فأبلغ، فلم ينفض القوم حتى نزل غيث عظيم.
واستسقى مرة، فقال يهتف بالخلق: (يا أيها الناس أنتم
الفقراء إلى
الله) الآيتين [ فاطر: 15 - 16 ] فهيج الخلق على البكاء.
قال: وسمعت من يذكر أن رسول الناصر جاءه للاستسقاء، فقال
للرسول: ها أنا سائر، فليت شعري ما الذي يصنعه الخليفة في
يومنا هذا ؟ فقال: ما رأيته قط أخشع منه في يومه هذا، إنه
منفرد بنفسه، لا بس أخشن الثياب، مفترش التراب، قد علا
نحيبه واعترافه بذنوبه، يقول: رب هذه ناصيتي بيدك.
أتراك تعذب الرعية وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم، أن
(16/176)
يفوتك مني شئ.
فتهلل منذر بن سعيد، وقال: يا غلام احمل الممطرة (1) معك،
إذا خشع جبار الارض رحم جبار السماء.
قال ابن عفيف: من أخباره المحفوظة: أن أمير المؤمنين عمل
في بعض سطوح الزهراء قبة بالذهب والفضة، وجلس فيها، ودخل
الاعيان، فجاء منذر بن سعيد، فقال له الخليفة كما قال لمن
قبله: هل رأيت أو سمعت أن أحدا من الخلفاء قبلي فعل مثل
هذا ؟ فأقبلت دموع القاضي تتحدر، ثم قال: والله ما ظننت يا
أمير المؤمنين أن الشيطان منك هذا المبلغ، أن أنزلك منازل
الكفار، قال: لم ؟ فقال: قال الله عزوجل: (ولولا أن يكون
الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من
فضة) إلى قوله: (والآخرة عند ربك للمتقين) [ الزخرف: 33 -
35 ] فنكس الناصر رأسه طويلا، ثم قال: جزاك الله عنا خيرا
وعن المسلمين، الذي قلت هو الحق، وأمر بنقض سقف القبة.
وخطب يوما فأعجبته نفسه، فقال: حتى متى أعظ ولا أتعظ،
وأزجر ولا أزدجر، أدل على الطريق المستدلين، وأبقى مقيما
مع الحائرين، كلا أن هذا لهو البلاء المبين.
اللهم فرغبني لما خلقتني له، ولا تشغلني بما
تكفلت لي به.
وقد استغرق مرة في خطبته بجامع الزهراء فأدخل فيها (أتبنون
بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا
بطشتم بطشتم جبارين) [ الشعراء: 128 - 130 ] فتخير الناصر
لخطابة الزهراء أحمد بن مطرف إذا حضر الناصر.
__________
(1) الممطرة والممطر: ثوب من صوف يلبس في المطر يتوقى به
من المطر، وعبارة " نفح الطيب ": احمل المطر.
[ * ]
(16/177)
توفي منذر في انسلاخ ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وقد سمع من عبيدالله بن يحيى بن يحيى، وأخذ عن ابن المنذر
" كتاب الاشراف " (1).
ومن خطبته إذ أرتج على أبي علي القالي: أما بعد: فإن لكل
حادثة مقاما، ولكل مقام مقالا، وليس بعد الحق إلا الضلال،
وإني قد قمت في مقام كريم بين يدي ملك عظيم، فأصغوا إلي [
معشر الملا ] بأسماعكم إن من الحق أن يقال للمحق: صدقت،
وللمبطل: كذبت.
وإن الجليل تعالى في سمائه، وتقدس بأسمائه، أمر كليمه موسى
أن يذكر قومه بنعم الله عندهم، وأنا اذكركم نعم الله
عليكم.
وتلافيه لكم بولاية أميركم التي آمنت سربكم، ورفعت خوفكم،
وكنتم قليلا فكثركم، ومستضعفين فقواكم، ومستذلين فنصركم،
ولاه الله أياما (2) ضربت الفتنة سرادقها على الآفاق،
وأحاطت بكم شعل النفاق، حتى صرتم مثل حدقة البعير، مع ضيق
الحال والتغيير، فاستبدلتم [ بخلافته ] من الشدة
بالرخاء..إلى أن قال: فناشدتكم الله، ألم تكن الدماء
مسفوكة فحقنها ؟ والسبل مخوفة فآمنها، والاموال منتهبة
فأحرزها (3) والبلاد خرابا فعمرها، والثغور مهتضمة فحماها
ونصرها.
فاذكروا آلاء الله عليكم.
وذكر باقي الخطبة.
وذكر بعضهم أن مولده سنة خمس وستين ومئتين، فيكون عمره
تسعين سنة.
كاملة، رحمه الله تعالى.
__________
(1) قال القفطي: وكانت له رحلة إلى المشرق، لقي فيها جماعة
من علماء الفقه واللغة، وجلب كتاب " الاشراف في اختلاف
العلماء " رواية عن مؤلفه محمد بن المنذر " إنباه الرواة
": 3 / 325.
(2) في " معجم الادباء ": ولاه الله إمامتكم أيام ضربت..،
وفي " المطمح ": ولاه الله رعايتكم، وأسند إليه إمامتكم
أيام..(3) أي: جعلها في حرز حريز.
[ * ]
(16/178)
128 - حمزة بن محمد * ابن علي بن العباس،
الامام الحافظ القدوة، محدث الديار المصرية، أبو القاسم
الكناني المصري، صاحب مجلس البطاقة (1).
ولد سنة خمس وسبعين ومئتين.
وسمع عمران بن موسى الطبيب، ومحمد بن سعيد السراج، وأبا
عبد الرحمن النسائي، والحسن بن أحمد بن الصيقل، وسعيد بن
عثمان الحراني، وأبا يعقوب المنجنيقي، وداود بن شيبة،
وعبدان الاهوازي، وأبا يعلى الموصلي، ومحمد بن المعافا
الصيداوي، وجماهر ابن محمد الزملكاني، وأبا خليفة الجمحي،
لحقه بالبصرة.
وجمع وصنف، وكان متقنا مجودا، ذا تأله وتعبد.
حدث عنه: الدارقطني، وابن مندة، وعبد الغني بن سعيد، وتمام
ابن محمد الرازي، وشعيب بن المنهال، وعبد الرحمن بن عمر بن
نصر، وعلي بن حمصة الحراني، وإسماعيل بن عبدالرحمن بن عمر
بن النحاس، وأحمد بن فتح القرطبي ابن الرسان، ومحمد بن
إبراهيم المشكيالي الطليطلي، وأبو الحسن القابسي، وخلق
سواهم.
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 932 - 934، العبر: 2 / 308، دول
الاسلام: 1 / 221، النجوم الزاهرة: 4 / 20، طبقات الحفاظ:
377 - 378، حسن المحاضرة: 1 / 351، شذرات الذهب: 3 / 23 -
24، هدية العارفين: 1 / 336، الرسالة المستطرفة: 90، تهذيب
ابن عساكر: 4 / 454 - 455.
(1) مجلس البطاقة: هو الجزء الحديثي المعروف ب " جزء
البطاقة ".
رواه عن أبي القاسم - صاحب الترجمة - أبو الحسن علي بن عمر
بن محمد الحراني المصري الصواف، المتوفى سنة إحدى و أربعين
وأربع مئة.
انظر " حسن المحاضرة ": 1 / 351، 373 - 374، و " الرسالة
المستطرفة " ص: 90.
[ * ]
(16/179)
قال أبو عبد الله الحاكم: حمزة المصري هو على تقدمه في
معرفة الحديث أحد من يذكر بالزهد والورع والعبادة.
سمع النسائي، وأبا خليفة، وأقرانهما بالحجاز والعراقين.
قال محمد بن علي الصوري: سمعت عبد الغني الحافظ، يقول،
وجرى ذكر حمزة بن محمد، فقال: كل شئ له في سنة خمس: ولد
سنة خمس وسبعين، وأول سماعه في سنة خمس وتسعين، ورحل إلى
العراق سنة خمس وثلاث مئة.
قال الصوري: كان حمزة حافظا ثبتا.
قال ابن زولاق: حدثني الحافظ، قال: رحلت سنة خمس،
فدخلت حلب وقاضيها أبو عبد الله بن عبدة، فكتبت عنه، فكان
يقول لي: لو عرفتك بمصر لملات ركائبك ذهبا، فيقال: أعطاه
مئتي دينار ترحل بها إلى العراق.
قال أبو عمر بن عبد البر: سمعت عبد الله بن محمد بن أسد،
سمعت حمزة الكناني يقول: خرجت حديثا واحدا عن النبي صلى
الله عليه وسلم من نحو مئتي طريق، فداخلني لذلك من الفرح
غير قليل، وأعجبت بذلك، فرأيت يحيى بن معين في المنام،
فقلت، يا أبا زكريا، خرجت حديثا من مئتي طريق، فسكت عني
ساعة، ثم قال: أخشى أن تدخل هذه تحت (ألهاكم التكاثر) [
التكاثر: 1 ].
قال أبو عبد الله بن مندة: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول:
كنت أكتب الحديث، فلا أكتب (وسلم) بعد صلى الله عليه.
فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: أما
تختم الصلاة علي في كتابك ؟ ! أنبأنا الخضر بن حمويه، عن
القاسم بن علي، حدثنا أبي، أخبرنا ابن
(16/180)
الاكفاني، أخبرنا سهل بن بشر، سمعت علي بن عمر الحراني،
سمعت حمزة بن محمد الحافظ، وجاءه غريب، فقال: إن عسكر أبي
تميم - يعني المغاربة - قد وصلوا إلى الاسكندرية، فقال:
اللهم لا تحيني حتى تريني الرايات الصفر.
فمات حمزة، ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام.
قلت: هؤلاء عسكر المعز العبيدي الاسماعيلية، تملكوا مصر في
هذا الوقت، وبنوا في الحال مدينة القاهرة المعزية، فأماتوا
السنة، وأظهروا الرفض، ودامت دولتهم أزيد من مئتي عام، حتى
أبادهم السلطان صلاح الدين، ونسبهم إلى علي رضي الله عنه
غير صحيح.
مات حمزة في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، عن بضع
وثمانين سنة، قاله المحدث يحيى بن علي بن الطحان.
وفيها مات الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي
النخعي، وأبو العباس عبد الله بن الحسين النضري المروي،
وعبد الرحمن ابن العباس المخلص، وعمر بن جعفر البصري، وأبو
عبد الله بن محرم.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، وعلي بن محمد قالا: أخبرنا
الحسن ابن صباح، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن
الخلعي، أخبرنا عبدالرحمن ابن عمر، حدثنا حمزة بن محمد
الحافظ، سمعت الصيدلاني عباسا الدوري، سمعت يحيى بن معين
يقول: إذا رأيت الرجل يخرج من منزله بلا محبرة ولا قلم
يطلب الحديث، فقد عزم على الكذبة.
129 - المغفلي * الامام
العالم، القدوة الحافظ، ذو الفنون، أبو محمد، أحمد بن
__________
* طبقات العبادي: 87، الانساب: (خ) 527 / ب، العبر: 2 /
304، طبقات = [ * ]
(16/181)
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن بشر بن مغفل بن حسان ابن
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بن مغفل المزني المغفلي
الهروي، الملقب بالباز الابيض.
ولد بعد السبعين ومئتين.
وسمع أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني، وإبراهيم بن أبي
طالب الحافظ، وعمران بن موسى بن مجاشع، وأبا خليفة الجمحي،
ويوسف القاضي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وعبيد بن غنام.
وإبراهيم ابن يوسف الهسنجاني، والحسن بن سفيان، وعبدان
الاهوازي وعلي بن أحمد علان المصري، وطبقتهم بمصر،
والحرمين، والشام، والعراق
والعجم.
وجمع وصنف، وتقدم في معرفة الحديث والعلوم.
حدث عنه: أبو العباس بن عقدة شيخه، وعمرو بن الربيع بن
سليمان شيخه، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، والحاكم، وأبو بكر
القفال، وأبو عبد الله الخازن، وجماعة سواهم.
قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، وقد حج
بالناس، وخطب بمكة، وقدم إليه المقام وهو قاعد في جوف
الكعبة.
ولقد سمعتهم بمكة يذكرون أن هذه الولاية لم تكن قط لغيره،
ومن عظمته أن كان فوق الوزراء، وأنهم كانوا يصدرون عن
رأيه، وجاور مرة بمكة، وكنت ببخارى أستملي له، فذكر أنه
حصل وجد وشئ من غشي بسبب إملاء حكاية وأبيات، وتوفي بعد
جمعة، فسمعت ابنه بشرا يقول: آخر كلمة تكلم بها أن قبض على
لحيته، ورفع يده اليمنى إلى السماء، وقال: ارحم شيبة شيخ
__________
= السبكي: 3 / 17 - 19، العقد الثمين: 3 / 72، شذرات
الذهب: 3 / 18.
[ * ]
(16/182)
جاءك بتوفيقك على الفطرة.
قال أبو النضر الفامي في " تاريخ هراة ": أبو محمد
المغفلي، كان إمام عصره بلا مدافعة في أنواع العلوم، مع
رتبة الوزارة، وعلو القدر عند السلطان.
ومن شعره (1).
نزلنا مكرهين بها فلما * ألفناها خرجنا كارهينا وما حب
الديار بنا ولكن * أمر العيش فرقة من هوينا قال الحاكم:
توفي في سابع عشر رمضان سنة ست وخمسين وثلاث
مئة.
ورأيت الوزير أبا على البلعمي وقد حمل في تابوته، وأحضر
إلى باب السلطان يعني ببخارى للصلاة عليه، ثم حمل تابوته
إلى هراة، فدفن بها.
قال الحاكم: وسمعت أبا الفضل السليماني - وكان صالحا -
يقول: رأيت أبا محمد المزني في المنام بعد وفاته بليلتين،
وهو يتبختر في مشيته ويقول بصوت عال: (وما عند الله خير
وأبقى) [ القصص: 60 ].
قال الحاكم: ورد كتاب من مصر بأن يحج أبو محمد المغفلي
بالناس، ويخطب بعرفة ومنى.
فصلى بعرفة وأتم الصلاة، فعج الناس، فصعد المنبر، فقال:
أيها الناس، أنا مقيم وأنتم (2) على سفر، فلذلك أتممت.
وتوفي في عام ستة: مقرئ مصر أبو جعفر أحمد بن أسامة بن
أحمد التجيبي.
أرخه يحيى الطحان، وصاحب العراق معز الدولة أحمد بن بويه
الديلمي، والمحدث التالف أبو بكر أحمد بن عبدالرحمن بن
محمد بن
__________
(1) البيتان في " طبقات السبكي ": 3 / 19.
(2) في الاصل: وأنت.
[ * ]
(16/183)
الجارود الرقي، والعلامة أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي
بالاندلس، ومسند هراة أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله
الرفاء الواعظ، والمحدث أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر
الرافقي، والشيخ عبد الخالق بن الحسن ابن محمد بن أبي روبا
السقطي، وأبو عمرو عثمان بن محمد بن بشر سنقة السقطي
البغدادي، والعلامة أبو الفرج علي بن الحسين الاموي
الاصبهاني ثم البغدادي صاحب الاغاني، وأبو الفتح عمرو بن
جعفر الختلي، وصاحب مصر الطواشي أبو المسك كافور الاخشيدي،
وصاحب الشام سيفو الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن
حمدان التغلبي.
أبو حامد * القاضي العلامة، أبو حامد، أحمد بن بشر بن عامر
المروروذي، تلميذ أبي إسحاق المروزي.
له " الجامع " في المذهب، و " شرح المزني ".
وكان إماما لا يشق غباره، أخذ عنه فقهاء البصرة.
توفي سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
130 - ابن الصواف * * الشيخ
الامام، المحدث الثقة الحجة، أبو علي، محمد بن أحمد
بن الحسن بن إسحاق البغدادي، ابن الصواف.
__________
* تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (121).
* * تاريخ بغداد: 1 / 289، الانساب: 8 / 99، المنتظم: 7 /
52 - 53، العبر: 2 / 314، البداية والنهاية: 11 / 269،
الوافي بالوفيات: 2 / 44، شذرات الذهب: 3 / 28.
[ * ]
(16/184)
مولده في سنة سبعين ومئتين.
سمع محمد بن إسماعيل الترمذي، وإسحاق بن الحسن الحربي،
وبشر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن أحمد
بن النضر الازدي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسن بن
علي بن الوليد الفارسي صاحب أبي عمر الحوضي، وإبراهيم بن
هاشم البغوي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وعلي بن محمد بن
عبدالملك بن أبي الشوارب، وحمزة ابن محمد الكاتب، وأحمد بن
محمد بن الجعد الوشاء، وأحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق، وأبا
جعفر محمد بن نصر، وإدريس بن عبد الكريم
المقرئ، وجعفرا الفريابي وعدة.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس،
وأبو الحسين بن بشران، وأخو عبدالملك الواعظ، وأبو بكر
البرقاني، وأبو نعيم الاصبهاني، وعدة.
وقال الدارقطني: ما رأت عيناي مثل أبي علي بن الصواف،
وفلان بمصر.
وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأمونا، ما رأيت
مثله في التحرز.
توفي في شعبان سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، وله تسع وثمانون
سنة.
أنبأنا جماعة عن عفيفة بنت محمد الفارقانية، وعبد الواحد
بن أبي المطهر، قالا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد الصناع،
أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو علي بن الصواف، حدثنا عبد
الله بن أحمد، حدثنا يحيى بن عبد
(16/185)
الله مولى بني هاشم، حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن أبي
هاشم، عن أبي سعيد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم
لعمار: " تقتلك الفئة الباغية " (1).
131 - ناصر الدولة * صاحب
الموصل، الملك ناصر الدولة، الحسن بن عبد الله بن
حمدان بن حمدون بن الحارث بن لقمان التغلبي، أخو الملك سيف
الدولة، ابنا الامير أبي الهيجاء.
وكان أكبر من أخيه سنا وقدرا، وهو الذي قتل محمد بن رائق
الذي تملك.
ولما مات أخوه (2) تأسف عليه، وساء مزاجه، وتسودن، فحجر
عليه بنوه، وتملك ابنه أبو تغلب الغضنفر، وجعله في قلعة
(3) مرفها معززا، وله حروب ومواقف مشهودة.
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 28 من طريق سليمان بن داود، عن شعبة
بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 3 / 5 من طريق ابن أبي عدي، عن
داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وأخرجه مسلم (2915) في
الفتن من طريقين، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي مسلمة،
عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير
مني (هو أبو قتادة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لعمار حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه، ويقول: " بؤس
ابن سمية، تقتلك فئة باغية ".
وأخرج أحمد 3 / 22 و 90، 91 من طريقين، عن خالد، عن عكرمة،
عن أبي سعيد.
وهو حديث مشهور أو متواتر رواه جماعة من الصحابة.
انظر " فتح الباري " 1 / 452.
* الكامل لابن الاثير: 8 / 593، وفيات الاعيان: 2 / 114 -
117، العبر: 2 / 311، الوافي بالوفيات: 12 / 89 - 90،
أمراء دمشق: 26، النجوم الزاهرة: 4 / 27، شذرات الذهب: 3 /
27، أعيان الشيعة: 22 / 97.
(2) يعني: سيف الدولة، صاحب الترجمة التالية.
(3) قال ابن خلكان: وسيره ولده إلى قلعة " أردمشت " في حصن
السلامة.
ثم نقل عن ابن الاثير: أن هذه القلعة هي التي تسمى قلعة "
كواشي ".
انظر " الوفيات " 2 / 116.
[ * ]
(16/186)
قال ابن خلكان: مات في سنة ثمان وخمسين.
وأما علي بن محمد الشمشاطي، فقال: مات يوم الجمعة ثاني عشر
ربيع الاول سنة سبع، مات بالقولنج ثم بذرب (1).
وكان أخوه يتأدب معه فكتب إليه:
رضيت لك العليا وقد كنت أهلها * وقلت لهم بيني وبين أخي
فرق ولم يك بي عنها نكول وإنما * تجافيت عن حقي فتم لك
الحق ولا بد لي من أن أكون مصليا * إذا كنت أرضى أن يكون
لك السبق (2) وكانت دولة ناصر الدولة بضعا و عشرين سنة.
وكان يداري بني بويه.
وفي سنة تسع وستين التقى الغضنفر وعسكر المصريين بالرملة،
فانكسر جمعه، وأسر، وذبح صبرا.
132 - سيف الدولة * أبو الحسن
علي بن عبد الله بن حمدان، صاحب حلب، مقصد الوفود،
وكعبة الجود، وفارس الاسلام، وحامل لواء الجهاد.
كان أديبا مليح النظم، فيه تشيع.
__________
(1) قال صاحب " اللسان ": الذرب: هو بالتحريك، الداء الذي
يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها ولا تمسكه.
(2) الابيات في " يتيمة الدهر ": 1 / 33، و " وفيات
الاعيان ": 2 / 116، و " البداية والنهاية ": 11 / 263 -
264.
* يتمة الدهر: 1 / 15 - 34، المنتظم: 7 / 41، الكامل لابن
الاثير: 8 / 396 - 399، 457، 458، 531، 539، 544 - 552،
607 وأماكن أخرى، زبدة الحلب: 1 / 111 - 152، وفيات
الاعيان: 3 / 401 - 406، المختصر في أخبار البشر: 2 / 107
- 108، العبر: 2 / 305 - 306، دول الاسلام: 1 / 221،
البداية والنهاية: 11 / 263 - 264، النجوم الزاهرة: 4 / 16
- 18، شذرات الذهب: 3 / 20 - 21.
[ * ]
(16/187)
ويقال: ما اجتمع بباب ملك من الشعراء ما اجتمع ببابه.
وكان يقول: عطاء الشعراء من فرائض الامراء.
وقد جمع له من المدائح مجلدان.
أخذ حلب من الكلابي نائب الاخشيذ في سنة ثلاث و ثلاثين،
وقبلها أخذ واسط، وتنقلت به الاحوال، وتملك دمشق مدة، ثم
عادت إلى الاخشيذية، وهزم العدو مرات كثيرة.
يقال: تم له من الروم أربعون وقعة، أكثرها ينصره الله
عليهم.
وقيل: إنه في عيد نفذ إلى الناس ضحايا لا تعد كثرة، فبعث
إلى اثني عشر ألف إنسان، فكان أكثر ما يبعث إلى الكثير
منهم مئة رأس.
وتوفيت أخته، فخلفت له خمس مئة ألف دينار، فافتك بجميعها
أسرى.
التقاه كافور، فنصر سيف الدولة بظاهر حمص، ونازل دمشق.
ثم التقاه الاخشيذ، فهزم سيف الدولة، وأدرك الاخشيذ الاجل
بدمشق، فوثب سيف الدولة عليها، ولم ينصف أهلها، واستولى
على بعض أرضهم، فكاتب العقيقي والكبراء بعد سنة صاحب مصر،
فجاء إليهم كافور.
مولده في سنة إحدى وثلاث مئة.
وله غزو ما اتفق لملك غيره، وكان يضرب بشجاعته المثل، وله
وقع في النفوس، فالله يرحمه.
مات بالفالج، وقيل: بعسر البول، في صفر سنة ست وخمسين.
ولما احتضر أخذ على الامراء العهد لابنه أبي المعالي.
مات يوم جمعة قبل الصلاة، وغسل، ثم عمل بصبر، ومر، ومنوين
كافور، ومئة مثقال غالية، وكفن
(16/188)
في أثواب قيمتها ألف دينار.
وكبر عليه القاضي العلوي خمسا.
ولما بلغ معز الدولة بالعراق موته، جزع عليه وقال: أيامي
لا تطول بعده، وكذا وقع.
ثم نقلوه إلى ميافارقين فدفن عند أمه.
وكان قد جمع من الغبار الذي يقع عليه
وقت المصافات ما جبل في قدر الكف، وأوصى أن يوضع على خده.
وكانت دولته نيفا وعشرين سنة، وبقي بعده ابنه سعد الدولة
في ولاية حلب خمسا وعشرين سنة.
وقد أسر ابن عمهم الامير، شاعر زمانه، أبو فراس (1) الحارث
بن سعيد بن حمدان، فبقي في قسطنطينية سنوات، ثم فداه سيف
الدولة، وكان بديع الحسن، وكان صاحب منبج، ثم تملك حمص،
فقتل عن سبع وثلاثين سنة، سنة سبع وخمسين.
133 - معز الدولة * السلطان،
أبو الحسين، أحمد بن بويه بن فنا خسرو بن تمام بن
كوهي الديلمي الفارسي.
قد ساق نسبه ابن خلكان إلى كسرى بهرام جور (2).
فالله أعلم.
كان أبوه سماكا، وهذا ربما احتطب.
تملك العراق نيفا وعشرين سنة، وكان الخليفة مقهورا معه،
ومات مبطونا، فعهد إلى ابنه عز الدولة
__________
(1) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (136).
* تجارب الامم: 6 / 146، 231 وغيرها، المنتظم: 7 / 38 -
39، الكامل لابن الاثير: 8 / 573 - 580، وفيات الاعيان: 1
/ 174 - 177، المختصر في أخبار البشر: 2 / 106، العبر: 2 /
303، الوافي بالوفيات: 6 / 278 - 279، البداية والنهاية:
11 / 263، النجوم الزاهرة: 4 / 14 - 15، شذرات الذهب: 3 /
18.
(2) انظر " وفيات الاعيان ": 1 / 174 - 175.
[ * ]
(16/189)
بختيار، وكان يتشيع، فقيل: تاب في مرضه، وترضى عن الصحابة،
وتصدق، وأعتق، وأراق الخمور، وندم على ما ظلم، ورد
المواريث إلى
ذوي الارحام.
وكان يقال له: الاقطع.
طارت يساره في حرب، وطارت بعض اليمنى، وسقط بين القتلى ثم
نجا، وتملك بغداد بلا كلفة، ودانت له الامم، وكان في
الابتداء تبعا لاخيه الملك عماد الدولة.
مات في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مئة، وله ثلاث
وخمسون سنة.
وقد أنشأ دارا غرم عليها أربعين ألف ألف درهم فبقيت إلى
بعد الاربع مئة ونقضت، فاشتروا جرد ما في سقوفها من الذهب
بثمانية آلاف دينار.
134 - كافور * صاحب مصر،
الخادم الاستاذ، أبو المسك، كافور الاخشيذي الاسود.
تقدم عند مولاه الاخشيذ، وساد لرأيه وحزمه وشجاعته، فصيره
من كبار قواده، ثم حارب سيف الدولة، ثم صار أتابك أنوجور
ابن أستاذه وتمكن.
قال وكيله: خدمت كافورا، وراتبه في اليوم ثلاث عشرة جراية،
وقد بلغت على يدي ثلاثة عشر ألف جراية (1).
__________
* المنتظم: 7 / 50 - 51، الكامل لابن الاثير: 8 / 445،
457، 580 - 584، 590، و 9 / 168، المغرب في حلى المغرب
(الجزء الاول من القسم الخاص بمصر) 199، وفيات الاعيان: 4
/ 99 - 105، المختصر في أخبار البشر: 2 / 107، العبر: 2 /
306، دول الاسلام: 1 / 221، البداية والنهاية: 11 / 264،
266، ابن خلدون: 4 / 314، النجوم الزاهرة: 4 / 1 - 10، حسن
المحاضرة: 1 / 597 - 598، شذرات الذهب: 3 / 21 - 22.
(1) انظر " الوفيات ": 4 / 99.
[ * ]
(16/190)
مات الملك أنوجور شابا في سنة تسع وأربعين وثلاث مئة،
فأقام كافور أخاه عليا في السلطنة، فبقي ست سنين، وأزمة
الامور إلى كافور، وبعده تسلطن وركب الاسود بالخلعة
السوداء الخليفتية، فأشار عليه الكبار بنصب ابن لعلي صورة
في اسم الملك، فاعتل بصغره، وما التفت على أحد، وأظهر أن
التقليد والاهبة جاءته من المطيع، وذلك في صفر سنة خمس
وخمسين، ولم ينتطح فيها عنزان.
وكان مهيبا، سائسا، حليما، جوادا، وقورا، لا يشبه عقله
عقول الخدام، وفيه يقول المتنبي (1): قواصد كافور توارك
غيره * ومن قصد البحر استقل السواقيا فجاءت بنا إنسان عين
زمانه * وخلت بياضا خلفها ومآقيا فأقام عنده أربع سنين،
وناله مال جزيل، ثم هجاه لآمة وكفرا لنعمته، وهرب على
البرية، يقول (2): عن علم الاسود المخصي مكرمة * أقوامه
البيض أم آباؤه الصيد وذاك أن الفحول البيض عاجزة * عن
الجميل فكيف الخصية السود ودعي لكافور على منابر الشام
ومصر والحرمين والثغور.
وقيل: كان شديد اليد، ولا يكاد أحد يمد قوسه فيعطي الفارس
قوسه، فإن عجز ضحك واستخدمه، وإن مده قطب.
__________
(1) الابيات في " ديوانه ": 4 / 423 - 424، من قصيدته
المشهورة التي مطلعها: كفى بك داء أن ترى الموت شافيا *
وحسب المنايا أن يكن أمانيا (2) الابيات في " ديوانه ": 2
/ 147 - 148 من قصيدته التي مطلعها: عيد بأية حال عدت يا
عيد * بما مضى أم بأمر فيك تجديد [ * ]
(16/191)
وكان ملازما لمصالح الرعية.
وكان يتعبد ويتهجد، ويمرغ وجهه، ويقول: اللهم لا تسلط علي
مخلوقا.
وكان يقرأ عنده السير والدول.
وله ندماء وجوار مغنيات، ومن المماليك ألوف مؤلفة، وكان
فطنا، يفظا ذكيا، يهادي المعز إلى الغرب، ويداري ويخضع
للمطيع، ويخدع هؤلاء وهؤلاء.
وله نظر في الفقه والنحو.
توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، ومات في
عشر السبعين.
وقيل: مشتراه على الاخشيذ ثمانية عشر دينارا.
وقد سقت من أخباره في " التاريخ " نكتا.
وللمتنبي يهجوه ويهجو ابن حنزابة الوزير: وماذا بمصر من
المضحكات * ولكنه ضحك كالبكا بها نبطي من أهل السواد *
يدرس أنساب أهل الفلا وأسود مشفره نصفه * يقال له أنت بدر
الدجا وشعر مدحت به الكركدن * بين القريض وبين الرقا فما
كان ذلك مدحا له * ولكنه كان هجو الورى (1) وقد كان في
كافور حلم زائد، وكف عن الدماء، وجودة تدبير.
__________
(1) الابيات في " ديوان المتنبي ": 1 / 167 - 168.
[ * ]
(16/192)
وفي آخر أيامه سنة ست وخمسين كان القحط، فنقص النيل، فوقف
على أقل من ثلاثة عشر ذراعا بأصابع، وذلك نقص مفرط، وبيع
الخبز كل رطلين بدرهم.
وقيل: كان في كافور ظلم ومصادرة، فصبر زمن القحط، كفن
خلائق من الموتى، كان يصبح في السقاية نحو خمس مئة ميت.
ولكافور أخبار في الدول المنقطعة وغير موضع.
135 - ابن حمدان * محمد بن
أحمد بن حمدان بن علي بن عبد الله بن سنان، الامام
الحافظ، أبو العباس، أخو الزاهد أبي عمر، ابنا الحافظ أبي
جعفر الحيري النيسابوري محدث خوارزم.
ولد سنة ثلاث وسبعين ومئتين.
سمع محمد بن أيوب الرازي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي،
ومحمد بن عمرو قشمرد، ومحمد بن نعيم، والحسن بن علي بن
زياد السري، وموسى بن إسحاق الانصاري، والقاضي عبد الله بن
أبي الخوارزمي، وإبراهيم بن علي الذهلي، وتميم بن محمد
الطوسي، والحسين بن محمد القباني، ومحمد بن النضر بن سلمة
الجارودي، وأبا عمرو أحمد بن نصر الخفاف، وعمران بن موسى
بن مجاشع، وأبا الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري، وعلي بن
الحسن بن الجنيد، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة،
والسراج، وخلقا سواهم.
__________
* العبر: 2 / 322، شذرات الذهب: 3 / 38.
[ * ]
(16/193)
روى عنه: أبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد
بن محمد بن إبراهيم بن قطن، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن
يوسف الكرابيسي
الحافظ، وأحمد بن أبي إسحاق، وغيرهم.
طول ترجمته ابن أرسلان محدث خوارزم في " تاريخه " فقال:
سكن خوارزم، فسمي بها أبا العباس الزاهد من ورعه واجتهاده،
رحل به أبوه إلى الري للسماع من ابن الضريس، وإلى طوس إلى
تميم.
حدث وهو حدث في مجلس ابن الضريس، فقرأت بخط أبي سعيد
الكرابيسي، فقال: حدثنا أبو العباس، حدثنا أحمد بن سلمة.
، حدثنا سلمة بن شبيب، قال: كنت مع أحمد بن حنبل في مسجده،
وهو يقرأ عليه كتاب " الاشربة " إذ دخل رجل، فسلم ثم قال:
من فيكم أحمد بن حنبل ؟ فقال: أنا أحمد، فقال: أتيتك من
أربع مئة فرسخ برا وبحرا.
كنت بينا أنا نائم إذا أتانى آت فقال: إني أنا الخضر، فرح
إلى بغداد وسل عن أحمد بن حنبل، وقل له: إن ساكن العرش
والملائكة الذين حول العرش راضون عنك بما صبرت به نفسك،
فقام أحمد وذهب إلى منزله، فقال للرجل: ألك حاجة ؟ قال:
لا.
إنما جئتك لهذا، فودعه وانصرف.
دخل أبو العباس خوارزم للتجارة سنة إحدى وتسعين ومئتين،
فحكى أن محمد بن إسماعيل رئيس أصحاب الحديث بخوارزم، جاء
إليه إلى الخان زائرا، ثم جئت مجلسه، فسألني عن أحاديث،
فذكرتها على وجهها، فعظمني.
وحج من خوارزم مرتين، وبورك له في التجارة، وأدرك سنة من
حياة عبد الله بن أبي، فلازمه.
(16/194)
قال: وكان مؤتمنا عند الامراء والكبراء، يقوم بالامور
الخطيرة،
وكانت الامتعة النفيسة تأتيه من كل جانب، وكان ورعا في
معاملاته، كبير القدر، جعل ناظرا للجامع، فعمره.
وكان حافظا للقرآن، عارفا بالحديث، والتاريخ، والرجال،
والفقه، كافا عن الفتوى.
حضره رجل فقال: حلفت إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثا، فقال:
قول مالك وأبي حنيفة تطلق.
وقال الشافعي: لا تطلق فقال السائل: فما تقول أنت ؟ فقال:
هذا إلى أبي بكر الفراتي، ولم يفته.
وقد سمع بمنصورة - وهي أم بلاد خوارزم - بعض صحيح البخاري
من الفربري، فوجده نازلا، فصنف على مثاله مستخرجا له.
وصنف كتابا في الاحاديث التي في مختصر المزني.
وكان إذا صح عنده حديث عمل به ولم يلتفت إلى مذهب.
وكان يحفظ حديثه ويدريه.
وكان محببا إلى الناس، متبركا به، نافذ الكلمة، قدموه
للاستسقاء بهم.
وكان له مجلس للاملاء في كل اثنين وخميس، فكان يحضره
الائمة والكبراء، وكان يرى الجهر بالبسملة.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن المعدل، أنبأنا أو محمد بن
قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن
خيرون، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني قال: قرئ على
أبي العباس بن حمدان - وأنا أسمع - في جمادى الاولى سنة
ثلاث وخمسين وثلاث مئة، حدثكم محمد بن أيوب، أخبرنا أبو
الوليد، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد، حدثني أبي،
(16/195)
عن أبيه، قال: كنت عند عثمان رضي الله عنه، فدعا بطهور،
فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من مسلم
تحضره الصلاة المكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا
كانت كفارة لما فيها، أو قال: قبلها من الذنوب ما لم يأت
كبيرة، وذلك الدهر كله ".
أخرجه مسلم (1) عن عبد وابن الشاعر، عن أبي الوليد.
قال ابن أرسلان في " تاريخه ": قرأت بخط الحافظ أبي سعيد
قال: لما مرض أبو العباس مرضه الذي مات فيه، اغتم
المسلمون، فرأى صهره أبو العباس الازهري في المنام: أن أبا
العباس لاحق بنا، ومن استغفر له غفر له.
فشاع الخبر في البلد، فحضره أهل البلد أفواجا، فكان يستغفر
لهم.
ومرض خمسة عشر يوما، ثم اعتقل لسانه ليلة الجمعة إلا من
الهمس بقول: لا إله إلا الله.
وتوفي ليلة السبت حادي عشر صفر سنة وست وخمسين وثلاث مئة.
فعظمت المصيبة، واجتمع الكل لجنازته، وأقاموا رسم التعزية
ستة أيام تعزية عامرة بالفقهاء، والاكابر ووجوه الدهاقين
(2)، وحضر خوارزم شاه أبو سعيد أحمد بن محمد بن عراق
تعزيته مع أمرائه، وكثرت فيه المراثي.
ومات عن ثلاثة بنين.
رحمه الله تعالى.
136 - أبو فراس * الامير أبو
فراس، الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الشاعر
__________
(1) رقم (228) في الطهارة: باب فضل الوضوء والصلاة عقبه.
وأخرجه من حديث عثمان بنحوه: البخاري (159) في الوضوء: باب
الوضوء ثلاثا ثلاثا، و (1934) في الصوم: باب السواك الرطب
واليابس للصائم، و (6433) في الرقاق: باب قول الله تعالى:
(يا أيها الناس إن وعد الله حق)، وأخرجه مسلم (282)، ومالك
1 / 30، 31، في الطهارة: باب جامع الوضوء، والنسائي 1 /
91.
(2) الدهاقين: جمع دهقان، ومعناه: التاجر.
واللفظ فارسي معرب.
* يتيمة الدهر: 1 / 35 - 88، المنتظم: 7 / 68 - 71، زبدة
الحلب: 1 / 157، = [ * ]
(16/196)
المفلق.
وكان رأسا في الفروسية، والجود، وبراعة الادب.
كان الصاحب ابن عباد يقول: بدئ الشعر بملك وهو امرؤ القيس،
وختم بملك وهو أبو فراس.
أسرته الروم جريحا، فبقي بقسطنطينية أعواما، ثم فداه سيف
الدولة منهم بأموال، وأعطاه أموالا جزيلة وخيلا ومماليك.
وكانت له منبج، ثم تملك حمص، ثم قتل بناحية تدمر.
وكان سار ليتملك حلب.
وديوانه مشهور.
قتل سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
وكل عمره سبع وثلاثون سنة.
137 - المهلبي * الوزير
الكبير، أبو محمد، الحسن بن محمد بن عبد الله بن
هارون الازدي، من ولد المهلب بن أبي صفرة.
وزر لمعز الدولة، وكان سريا، جوادا، ممدحا، كامل السؤدد،
مقربا للعلماء، أصابته فاقة في شبيبته، وتغرب، واشتهى مرة
بدرهم لحما،
__________
= وفيات الاعيان: 2 / 58 - 64، المختصر في أخبار البشر: 2
/ 108 - 109، الوافي بالوفيات: 11 / 261 - 265، البداية
والنهاية: 11 / 278 - 279، النجوم الزاهرة: 4 / 19 - 20،
شذرات الذهب: 3 / 24 - 25، تهذيب ابن عساكر: 3 / 442 -
445.
* تجارب الامم: 123، يتيمة الدهر: 2 / 223 - 240، الفهرست:
194، المنتظم: 7 / 9 - 10، معجم الادباء: 9 / 118 - 152،
وفيات الاعيان: 2 / 124 - 127، المختصر في أخبار البشر: 2
/ 104، العبر: 2 / 294 - 295، دول الاسلام: 1 / 219،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 103 - 106، الوافي بالوفيات:
12 / 223 - 227، فوات الوفيات: 1 / 353، 357، البداية
والنهاية: 11 / 241، النجوم الزاهرة: 3 / 333، شذرات
الذهب: 3 / 9 - 11.
[ * ]
(16/197)
فاشترى رفيقه له بدرهم، ثم تنقلت به الاحوال، ووزر، فتعرض
له ذاك الرجل، فخلع عليه، وولاه عملا.
وكان الوزير أديبا مترسلا، بليغا، شاعرا، سائسا، له أخبار
في الكرم والمروءة.
نال أولا في الوزراة، عن أبي جعفر الصيمري، فمات الصيمري،
فولاه مكانه معز الدولة سنة تسع وثلاثين، ثم وزر للمطيع.
ولقبوه ذا الوزارتين.
وقد استوفى ابن النجار أخباره.
قال هلال بن المحسن: كان المهلبي نهاية في سعة الصدر، وبعد
الهمة، وكمال المروءة، والاقبال على أهل الادب.
وله نظم مليح، وكان يملا العيون منظره، والمسامع منطقه،
والصدور هيبته، وتقبل النفوس تفصيله وجملته.
ومن نظمه (1): أراني الله وجهك كل يوم * صباحا للتيمن
والسرور وأمتع ناظري بصفحتيه * لاقرا الحسن من تلك السطور
عاش المهلبي نيفا وستين سنة، ومات في شعبان سنة اثنتين
وخمسين وثلاث مئة ببغداد.
138 - المهلبي * شيخ الحنفية،
العلامة الاوحد، مفتي ما وراء النهر، أبو منصور.
__________
(1) البيتان في " يتيمة الدهر ": 2 / 236.
* اللباب: 3 / 276، الجواهر المضية: الترجمة (566).
[ * ]
(16/198)
نصر بن جعفر بن علي الازدي المهلبي السمرقندي.
انتهت إليه الامامة في المذهب.
روى عن أحمد بن يحيى، وفارس بن محمد، وأحمد بن حم، وأهل
بلخ.
روى عنه الفقيه عبد الكريم بن محمد، وغيره.
قال شهاب الدين ابن قاضي الحصن: توفي في سنة ثلاث وخمسين
وثلاث مئة.
139 - المتنبي * شاعر الزمان،
أبو الطيب، أحمد بن حسين بن حسن الجعفي الكوفي
الاديب، الشهير بالمتنبي.
ولد سنة ثلاث وثلاث مئة، وأقام بالبادية، يقتبس اللغة
والاخبار، وكان من أذكياء عصره.
بلغ الذروة في النظم، وأربى على المتقدمين، وسار ديوانه في
الآفاق.
ومدح سيف الدولة ملك الشام، والخادم كافورا صاحب مصر،
__________
* يتيمة الدهر: 1 / 110 - 224، تاريخ بغداد: 4 / 102 -
105، نزهة الالباء: 294 - 299، المنتظم: 7 / 24 - 30،
اللباب: 3 / 162، الكامل لابن الاثير: 8 / 566، تهذيب
الاسماء واللغات: 2 / 285، وفيات الاعيان: 1 / 120 - 125،
المختصر في أخبار البشر: 2 / 105، العبر: 2 / 300، دول
الاسلام: 1 / 220، ابن الوردي: 1 / 290، الوافي بالوفيات:
6 / 236 - 246، البداية والنهاية: 11 / 256 - 259، لسان
الميزان:
1 / 159 - 161، النجوم الزاهرة: 3 / 340 - 342، حسن
المحاضرة: 1 / 560، معاهد التنصيص: 1 / 27 - 33، شذرات
الذهب: 3 / 13 - 15، روضات الجنات: 41، هدية العارفين: 1 /
64، أعيان الشيعة: 8 / 61 - 278.
[ * ]
(16/199)
وعضد الدولة ملك فارس والعراق.
وكان يركب الخيل بزي العرب، وله شارة وغلمان وهيئة.
وكان أبوه سقاء بالكوفة، يعرف بعبدان.
روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد المحاملي، وعلي بن أيوب
القمي، وأبو عبد الله بن باكويه، وأبو القاسم بن حبيش،
وكامل العزائمي، والحسن بن علي العلوي من نظمه.
قيل: إنه جلس عند كتبي، فطول المطالعة في كتاب للاصمعي،
فقال صاحبه: يا هذا أتريد أن تحفظه ؟ فقال: فإن كنت قد
حفظته ؟ قال: أهبه لك، قال: فأخذ يقرؤه حتى فرغه، وكان
ثلاثين ورقة (1).
قال التنوخي: خرج المتنبي إلى بني كلب، وأقام فيهم، وزعم
أنه علوي، ثم تنبأ، فافتضح وحبس دهرا، وأشرف على القتل، ثم
تاب.
وقيل: تنبأ ببادية السماوة، فأسره لؤلؤ أمير حمص بعد أن
حارب (2).
وقد نال بالشعر مالا جليلا، يقال: وصل إليه من ابن العميد
ثلاثون ألف دينار.
وناله من عضد الدولة مثلها.
أخذ عند النعمانية (3)، فقاتل، فقتل هو وولده محسد (4).
وفتاه في
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 103.
(2) انظر حول مقتل المتنبي: " تاريخ بغداد ": 4 / 104، و "
وفيات الاعيان ": 1 / 103،
و " العمدة " 1 / 45.
(3) النعمانية: بليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق على
ضفة دجلة، معدودة من أعمال الزاب الاعلى، وأهلها شيعة
غالية كلهم.
" معجم البلدان ": 5 / 294.
(4) محسد: بضم الميم: وفتح الحاء المهملة والسين المهملة
المشددة، وبعدها دال = [ * ]
(16/200)
رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
وكان يبخل.
وقد طولت أمرة في " تاريخ الاسلام ".
وهو القائل: (1).
لولا المشقة ساد الناس كلهم * الجود يفقر والاقدام قتال
وله هكذا عدة أبيات فائقة، يضرب بها المثل.
وكان معجبا بنفسه، كثير البأو والتيه، فمقت لذلك.
140 - صاحب الاغاني * العلامة
الاخباري. أبو الفرج، علي بن الحسين بن محمد القرشي
الاموي الاصبهاني الكاتب، مصنف كتاب " الاغاني " يذكر أنه
من ذرية الخليفة هشام بن عبدالملك.
قاله محمد بن إسحاق النديم، بل الصواب أنه من ولد مروان
الحمار.
__________
= مهملة.
كذا ضبطه ابن خلكان في " وفياته ": 1 / 125.
(1) البيت في " ديوانه " 3 / 406 من قصيدته الشهيرة التي
يمدح بها أبا شجاع فاتكا الرومي، ومطلعها: لا خيل عندك
تهديها ولا مال * فليسعد النطق إن لم تسعد الحال * يتيمة
الدهر: 3 / 109 - 113، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 22، الفهرست:
166
167، فهرست الطوسي: 192، تاريخ بغداد: 11 / 398 - 400،
المنتظم: 7 / 40 - 41، معجم الادباء: 13 / 94 - 136، إنباه
الرواة: 2 / 251 - 253، الكامل لابن الاثير: 8 / 581،
وفيات الاعيان: 3 / 307 - 309، العبر: 2 / 305، دول
الاسلام: 1 / 221، ميزان الاعتدال: 3 / 123 - 124، تلخيص
ابن مكتوم.
135، عيون التواريخ (خ) سنة 356، مرآة الجنان: 2 / 359 -
360، البداية والنهاية: 11 / 263، لسان الميزان: 4 / 221 -
222، النجوم الزاهرة: 4 / 15 - 16، شذرات الذهب: 3 / 19 -
20، روضات الجنات.
487، هدية العارفين: 1 / 681.
[ * ]
(16/201)
كان بحرا في نقل الآداب.
سمع مطينا، ومحمد بن جعفر القتات، وعلي بن العباس البجلي،
وأبا الحسين بن أبي الاحوص، وأبا بكر بن دريد، وجحظة،
ونفطوية، وخلائق.
وجده محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبدالرحمن بن مروان بن عبد
الله ابن خليفة مروان الحمار.
حدث عنه: الدارقطني، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفتح
بن أبي الفوارس، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز، وآخرون.
وكان بصيرا بالانساب وأيام العرب، جيد الشعر.
قال أبو علي التنوخي: كان أبو الفرج يحفظ من الشعر
والاخبار والاغاني والمسندات والنسب ما لم أرقط من يحفظ
مثله، ويحفظ اللغة والنحو والمغازي.
وله تصانيف عديدة، وبعثها إلى صاحب الاندلس الاموي سرا،
وجاءه الانعام.
وله " نسب عبد شمس "، و " نسب بني شيبان "، و " نسب آل
المهلب " جمعه للوزير المهلبي، وكان ملازمه، وله " مقاتل
الطالبيين "،
وكتاب " أيام العرب " في خمسة أسفار.
والعجب أنه أموي شيعي.
قال ابن أبي الفوارس: خلط قبل موته.
قلت: لا بأس به.
وكان وسخا زريا، وكانوا يتقون هجاءه.
وله حكاية مع الجهني المحتسب: كان يجازف، فقال مرة: بالبلد
(16/202)
الفلاني نعنع يطول حتى يعمل منه سلالم.
فبدر أبو الفرج، وقال: عجائب الدنيا ألوان، والقدرة صالحة،
فعندها ما هو أعجب من ذا، زوج حمام يبيض بيضتين، فنأخذهما،
ونضع بدلهما سنجتين (1) نحاسا، فتفقس عن طست ومسينه (2)،
فتضاحكوا، وخجل الجهني (3).
مات في ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاث مئة، وله اثنتان
وسبعون سنة.
141 - ركن الدولة * السلطان،
ركن الدولة، أبو علي، الحسن بن بويه الديلمي، صاحب
أصبهان وبلاد العجم، ووالد السلطان عضد الدولة، وهو أحد
الاخوة الثلاثة الذين ملكوا البلاد بعد الفقر.
وكان هذا ملكا سعيدا، قسم ممالكه على أولاده، فقاموا بها
أمثل قيام، وامتدت أيامه، وخضعت له الرعية، وولي خمسا
وأربعين سنة.
ووزر له الوزير الاوحد، لسان البلغاء، أبو الفضل، محمد بن
العميد، ثم ابنه أبو الفتح بن العميد، ووزر لولديه مؤيد
الدولة، وفخر الدولة الصاحب إسماعيل بن عباد.
مات في المحرم بالقولنج سنة ست وستين وثلاث مئة، وله
ثمانون سنة.
وكان لا بأس بدولته.
__________
(1) صفحة الميزان وسنجته: ما يوزن به.
فارسي معرب.
(2) في " معجم الادباء ": عن طست وإبريق.
(3) انظر حول هذا الحوار " معجم الادباء ": 13 / 123 -
124.
* المنتظم: 7 / 85، وفيات الاعيان: 2 / 118 - 119، المختصر
في أخبار البشر: 2 / 116، العبر: 2 / 341، الوافي
بالوفيات: 11 / 411، 412، مرآة الجنان: 3 / 93، البداية
والنهاية: 11 / 288، النجوم الزاهرة: 4 / 127، شذرات
الذهب: 3 / 55.
[ * ]
(16/203)
ومات قبله بزمان أخوه عماد الدولة.
الخيام * المحدث المكثر، مسند بخارى، أبو صالح، خلف بن
محمد بن إسماعيل البخاري الخيمي.
حدث عن: صالح جزرة، وموسى بن أفلح، ونصر بن أحمد الكندي،
وعمر بن هناد، وفرج بن أيوب، وخلق.
وعنه: الحاكم، وأبو عبد الله غنجار، وأبو سعد الادريسي،
ولينه أبو سعد.
قال الخليلي: كان له حفظ ومعرفة، وهو ضعيف جدا، روى متونا
لا تعرف.
سمعت الحاكم، وابن أبي زرعة يقولان: كتبنا عنه الكثير،
ونبرأ من عهدته.
قلت: عاش ستا وثمانين سنة.
توفي في جمادى الاولى سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
وفيها توفي الحسن بن الخضر الاسيوطي، وعثمان بن عمر بن
خفيف الدراج.
142 - الذهلي * *
الامام العالم المسند المحدث، قاضي القضاة، أبو الطاهر،
ومحمد
__________
* تقدمت ترجمته برقم (51) من هذا الجزء.
* * قضاة مصر: 160، تاريخ بغداد: 1 / 313 - 314، ترتيب
المدارك: 3 / 286 - 288، المنتظم: 7 / 90، العبر: 2 / 344
- 345، الوافي بالوفيات: 2 / 45، الديباج المذهب: 2 / 305
- 307 النجوم الزاهرة: 4 / 130، حسن المحاضرة: 2 / 147،
طبقات = [ * ]
(16/204)
ابن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي البغدادي
المالكي، قاضي الديار المصرية.
ولد سنة تسع وسبعين ومئتين، وسمع وهو ابن تسع سنين.
حدث عن بشر بن موسى الاسدي، وأبي مسلم الكجي، وأبي شعيب
الحراني، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعمر بن حفص السدوسي،
وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وخلف بن عمرو العكبري،
ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون الحمال، ومحمد
بن يحيى المروزي، ومحمد بن عبدوس بن كامل، وجعفر بن محمد
الفريابي، والحسن بن علي بن الوليد الفسوي، وأحمد بن أبي
عوف البزوري، وأحمد بن عمرو القطراني، وموسى بن زكريا،
وأبي العباس ثعلب، وأمثالهم.
وكان ثقة في الحديث.
انتقى عليه الدارقطني نحوا من مئة جزء، وحدث عنه هو وتمام
الرازي، وعبد الغني بن سعيد الازدي، وأبو العباس ابن الحاج
الاشبيلي، ومحمد بن الفضل بن نظيف، وأبو الحسن القابسي،
ومحمد بن الحسين الطفال، وعلي بن منير الخلال، وخلق سواهم.
وثقه أبو بكر الخطيب.
قال ابن ماكولا: أخبرنا أبو القاسم بن ميمون الصدفي،
أخبرنا عبد الغني الحافظ، قال: قرأت على القاضي أبي الطاهر
كتاب " العلم " ليوسف
__________
= المفسرين للداوودي: 2 / 68 - 70، قضاة دمشق لابن طولون:
34 - 35، شذرات الذهب: 3 / 60، شجرة النور الزكية: 91.
[ * ]
(16/205)
القاضي، فلما فرغ، قلت: كما قرئ عليك ؟ قال: نعم، إلا
اللحنة بعد اللحنة.
قلت: أيها القاضي، فسمعته معربا ؟ قال: لا.
فقلت: هذه بهذه.
وقمت من ليلتي فجلست عند اليتيم النحوي.
قال طلحة بن محمد بن جعفر: استقضى المتقي لله في سنة تسع
وعشرين وثلاث مئة أبا الطاهر محمد بن أحمد الذهلي، وله
أبوة في القضاء، سديد المذهب، متوسط الفقه على مذهب مالك،
وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون ويناظرون بحضرته، وكان
يتوسط بينهم ويتكلم بكلام سديد، ثم صرف بعد أربعة أشهر، ثم
استقضي على الشرقية في سنة أربع وثلاثين، وعزل بعد أشهر
(1).
قال عبد الغني: سألت أبا الطاهر عن أول ولايته القضاء،
فقال: سنة عشر وثلاث مئة.
وقد كان ولي البصرة.
وقال لي: كتبت العلم سنة ثمان وثمانين ومئتين.
قال عبد الغني: وقد قرأ القرآن وهو ابن ثمان سنين، وكان
مفوها،
حسن البديهة، شاعرا، علامة، حاضر الحجة، عارفا بأيام
الناس، غزير المحفوظ، ولا يمله جليسه من حسن حديثه، وكان
سمحا كريما، ولي قضاء مصر سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة،
وأقام على قضائها ثماني عشرة سنة.
قال عبد الغني: وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب بن يوسف
يقول: قال لي الاستاذ كافور: اجتمع بالقاضي أبي الطاهر،
فسلم عليه، وقل له: إنه بلغني أنك تنبسط مع جلسائك، وهذا
الانبساط يقل هيبة الحكم، فأعلمته بذلك، فقال: قل للاستاذ:
لست ذا مال أفيض به على جلسائي، فلا أقل
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 1 / 313 - 314.
[ * ]
(16/206)
من خلقي، فأخبرت الاستاذ، فقال: لا تعاوده فقد وضع القصعة.
قال عبد الغني: وسمعت أحمد بن محمد بن سعرة، أنه سمع أبا
بكر ابن مقاتل يقول: أنفق القاضي أبو الطاهر بيت مال خلفه
له أبوه.
قال الحافظ عبد الغني: لما تلقى أبو الطاهر المعز أبا تميم
بالاسكندرية ساءله المعز، فقال: يا قاضي، كم رأيت من خليفة
؟ قال: واحد، قال: من هو ؟ قال: أنت، والباقون ملوك.
فأعجبه ذلك، ثم قال له: أحججت ؟ قال: نعم، قال: وسلمت على
الشيخين ؟ قال: شغلني عنهما النبي صلى الله عليه وسلم كما
شلغني أمير المؤمنين عن ولي عهده، فازداد به المعز إعجابا،
وتخلص من ولي العهد إذ لم يسلم عليه بحضرة المعز، فأجازه
المعز يومئذ بعشرة آلاف درهم.
وحدثني زيد بن علي الكاتب: أن القاضي أبا الطاهر السدوسي
أنشده لنفسه: إني وإن كنت بأمر الهوى * غرا فستري غير
مهتوك
أكني عن الحب ويبكى دما * قلبي ودمعي غير مسفوك فظاهري
ظاهر مستملك * وباطني باطن مملوك وأخبرني خمار بن علي
بصور، قال: أتيت القاضي أبا الطاهر بأبيات له في ولده،
فأنشد فيها وبكى: يا طالبا بعد قتلي * الحج لله نسكا
تركتني فيك صبا * أبكي عليك وأبكى وكيف أسلوك قل لي * أم
كيف أصبر عنكا روحي فداؤك هذا * جزءا عبدك منكا
(16/207)
وحدثني محمد بن علي الزينبي، حدثنا محمد بن علي بن نوح،
قال: كنا في دار القاضي أبي الطاهر، نسمع عليه، فلما قمنا،
صاح بي بعض من حضر: يا قاضي - وكنت ألقب بذلك - فسمع
القاضي أبو الطاهر، فبعث إلينا حاجبه، فقال: من القاضي
فيكم ؟ فأشاروا إلي، فلما دخلت عليه، قال لي: أنت القاضي ؟
فقلت: نعم.
قال لي: فأنا ماذا ؟ فسكت، ثم قلت: هو لقب لي، فتبسم وقال
لي: تحفظ القرآن ؟ قلت: نعم.
قال: تبيت عندنا الليلة أنت وأربعة أنفس معك، وتواعدهم ممن
تعلمه يحفظ القرآن والادب، قال: ففعلت ذلك، وأتينا المغرب،
فقدم إلينا ألوان وحلواء، ولم يحضر القاضي، فلما قاربنا
الفراغ خرج إلينا يزحف من تحت ستر، ومنعنا من القيام،
وقال: كلوا معي فلم آكل بعد، ولا يجوز أن تدعوني آكل وحدي،
فعرفنا أن الذي دعاه إلى مبيتنا عنده غمه على ولده أبي
العباس، وكان غائبا بمكة، ثم أمر من يقرأ منا، ثم استحضر
ابن المقارعي، وأمره بأن يقول، أي يغني، فقام جماعة منا،
وتواجدوا بين يديه، ثم قال شعرا في
وقته، ألقاه على ابن المقارعي، فغنى به، وهو: يا طالبا بعد
قتلي * الحج لله نسكا فبكى القاضي بكاء شديدا، وقدم ابنه
بعد أيام يسيرة.
نقل هذه الفوائد أمين الدين محمد بن أحمد بن شهيد، من خط
عبد الغني بن سعيد، ومن خطه نقلت.
قال ابن زولاق في " قضاة مصر ": ولد الذهلي ببغداد في ذي
الحجة سنة تسع وسبعين، وكان أبوه يلي قضاء واسط، فعزل
بابنه أبي طاهر عنها، وأخبرني أبو طاهر أنه كان يخلف أباه
على البصرة في سنة أربع وتسعين..إلى أن قال: وولي قضاء
دمشق من قبل الخليفة المطيع، فأقام
(16/208)
بها سبع سنين، ثم دخل مصر زائرا لكافور سنة أربعين، ثم ثار
به أهل دمشق وآذوه، وعملت عليه محاضر، فعزل وأقام بمصر إلى
آخر أيام ابن الخصيب وولده، فسعى ابن وليد في القضاء، وبذل
ثلاثة آلاف دينار، وحملها على يد فنك الخادم، فمدح الشهود
أبا طاهر، وقاموا معه !، فولاه كافور، وطلب له العهد من
ابن أم شيبان القاضي، فولاه القضاء وحمد.
وقد اختصر تفسير الجبائي، وتفسير البلخي.
ثم إن ابن وليد، ولي قضاء دمشق.
وكان أبو طاهر قد عني به أبوه، فسمعه، فأدرك الكبار، وقد
سمع من عبد الله بن أحمد، وإبراهيم الحربي، وما روى عنه
شيئا لصغره.
حصل للناس عنه إملاء وقراءة نحو مئتي جزء.
وحدث بكتاب " طبقات الشعراء " لمحمد بن سلام (1)، رواه عن
أبي خليفة، عنه.
قال: ولم يزل أمره مستقيما إلى أن لحقته علة عطلت شقه في
سنة 366 فقلد العزيز صاحب مصر القضاء حينئذ علي بن
النعمان، وكانت ولاية أبي الطاهر ست عشرة سنة وعشرة أشهر،
وأقام عليلا، وأصحاب الحديث منقطعون إليه.
مات في آخر يوم من سنة سبع وستين وثلاث مئة.
وقيل: مات في سلخ ذي القعدة منها.
وقيل: استعفى من القضاء قبل موته بيسير.
ومن شعره في ولده:
__________
(1) انظر: مقدمة " طبقات فحول الشعراء " بتحقيق العلامة
محمود محمد شاكر: ص 32.
[ * ]
(16/209)
يعز علي بعدك يا علي * فلي أرق إذا رقد الخلي وما لي في
اصطباري عنك عذر * وعذرك في مفارقتي جلي ومن يك مفلسا من
فرط وجد * فإني من صباباتي ملي ومالي حيلة تدنيك فاذهب *
لك الرحمن من دوني ولي وفيها مات أبو القاسم النصراباذي
شيخ الصوفية، والملك عز الدولة بختيار من معز الدولة، وأبو
عيسى يحيى بن عبد الله الليثي القرطبي، وأبو بكر محمد بن
عمر بن القوطية اللغوي.
والوزير المصلوب نصير الدولة ابن بقية.
ومات والد القاضي الذهلي وهو القاضي الامام أبو العباس (1)
قاضي واسط في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة عن بضع وثمانين
سنة.
يروي عن يعقوب الدورقي، ومحمود بن خداش، وعدة.
روى عنه الدارقطني، والمخلص، وابن المقرئ.
ثقة نبيل.
143 - القطيعي * الشيخ العالم
المحدث، مسند الوقت، أبو بكر، أحمد بن جعفر بن
حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي القطيعي الحنبلي، راوي "
مسند الامام
__________
(1) أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي.
ترجمته في " تاريخ بغداد: 4 / 229.
* تاريخ بغداد: 4 / 73 - 74، الانساب: 10 / 203، طبقات
الحنابلة 2 / 6 - 7، المنتظم: 7 / 92 - 93، اللباب: 3 /
48، العبر: 2 / 346 - 347، ميزان الاعتدال: 1 / 87، دول
الاسلام: 1 / 228، الوافي بالوفيات: 6 / 290 - 291،
البداية والنهاية: 11 / 293، غاية النهاية: 1 / 43، النشر
في القراءات العشر: 1 / 192، لسان الميزان: 1 / 145 - 146،
النجوم الزاهرة: 4 / 132، المنهج الاحمد 2 / 57، شذرات
الذهب: 3 / 65، الرسالة المستطرقة: 93.
[ * ]
(16/210)
أحمد " و " الزهد " و " الفضائل "، له.
ولد في أول سنة أربع وسبعين ومئتين.
سمع محمد بن يونس الكديمي، وبشر بن موسى، وإسحاق بن الحسن
الحربي، وأبا مسلم الكجي، وإبراهيم الحربي، واحمد بن علي
الابار، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وأبا خليفة الجمحي.
وأبا شعيب الحراني، والحسين بن عمر الثقفي.
وموسى بن إسحاق الانصاري وعبد الله بن أحمد، وإبراهيم بن
شريك، وجعفر بن محمد الفريابي، وأحمد بن محمد بن قيس
المنقري، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعبد الله بن العباس
الطيالسي، والحسن بن الطيب البلخي، وخلقا سواهم.
ورحل، وكتب، وخرج، وله أنس بعلم الحديث.
حدث عنه الدارقطني، وابن شاهين، والحاكم، وابن رزقويه،
وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وخلف بن محمد الواسطي، وأبو
بكر محمد بن الطيب الباقلاني، وأبو عمر محمد بن الحسين
البسطامي، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الاصبهاني، ومحمد
بن الحسين بن بكير، وأبو القاسم ابن بشران، والمحدث علي بن
عمر الاسد اباذي، والحسن بن شهاب العكبري، وأبو عبد الله
بن باكويه، وبشرى الفاتني، وأبو طالب عمر بن إبراهيم
الزهري، ومحمد بن المؤمل الوراق، وأبو القاسم عبيدالله بن
أحمد الازهري، والحسن بن محمد الخلال، وعبيدالله بن عمر بن
شاهين، وأبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن العلاف الواعظ،
وأبو علي الحسن بن علي بن المذهب، وأبو محمد الحسن بن علي
الجوهري خاتمة أصحابه.
(16/211)
قال ابن بكير: سمعته يقول: كان عبد الله بن أحمد يجيئنا
فيقرأ عليه أبو عبد الله بن الخصاص (1)، عم أمي فيقعدني في
حجره، حتى يقال له: يؤلمك ؟ فيقول: إني أحبه (2).
وقال أبو الحسن بن الفرات.
هو كثير السماع إلا أنه خلط في آخر عمره، وكف بصره، وخرف
حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه (3).
وقال الخطيب: سمعت الفقيه أحمد بن أحمد القصري يقول: قال
لي ابن اللبان الفرضي: لا تذهبوا إلى القطيعي، قد ضعف
واختل، وقد منعت ابني من السماع منه (4).
وقال ابن أبي الفوارس: لم يكن بذاك، له في بعض المسند أصول
فيها نظر، ذكر أنه كتبها بعد الغرق، وكان مستورا صاحب سنة
(5).
وقال السلمي: سألت الدارقطني عنه، فقال: ثقة زاهد قديم،
سمعت أنه مجاب الدعوة، وقال البرقاني: كان صالحا، ولابيه
اتصال بالدولة، فقرئ لابن ذلك السلطان على عبد الله بن
أحمد المسند، فحضر القطيعي، ثم غرقت قطعة من كتبه [ بعد
ذلك ]، فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن فيه سماعه، فغمزوه
وثبت عندي أنه صدوق، وإنما كان فيه بله.
وقد لينته عند
__________
(1) الخصاص: بالخاء المعجمة كما في الاصل، وفي " المصعد
الاحمد " لابن الجزري ص 41 (الجصاص) بالجيم.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 73.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 74.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
[ * ]
(16/212)
الحاكم فأنكر علي وحسن حاله، وقال: كان شيخي (1).
مات لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين، وله خمس وتسعون
سنة.
144 - القصاب * الامام العالم
الحافظ، أبو أحمد، محمد بن علي بن محمد الكرجي
الغازي المجاهد.
وعرف بالقصاب لكثرة ما قتل في مغازيه.
وكان والده من أصحاب علي بن حرب الطائي.
حدث عن أبيه، وعن محمد بن العباس الاخرم، ومحمد بن إبراهيم
الطيالسي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلم، وجعفر بن أحمد بن
فارس، والحسن بن يزيد الدقاق، وطبقتهم.
وصنف كتاب " ثواب الاعمال "، وكتاب " عقاب الاعمال "، و
كتاب " السنة "، وكتاب " تأديب الائمة "، وأشياء.
حدث عنه ابناه علي وأبو الفرج عمار، وأبو المنصور مظفر بن
محمد ابن حسين البروجردي، وطائفة.
وعاش إلى حدود الستين وثلاث مئة.
وهو القائل: كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله،
__________
(1) " تاريخ بغداد: 4 / 74 وما بين حاصرتين منه.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 938 - 939، الوافي بالوفيات: 4 / 114،
طبقات الحفاظ: 379، هدية العارفين: 2 / 47.
[ * ]
(16/213)
فليست صفة مجاز، ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها، ولقيل:
معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفسرت بغير السابق إلى
الافهام، فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل، علم أنها
غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بين.
وفي قصيدة أبي الحسن: وفي الكرج الغراء أوحد عصره * أبو
أحمد القاصب غير مغالب تصانيفه تبدي فنون علومه * فلست ترى
علما له غير شارب
145 - غندر * قد مر الحافظ
المجود محمد بن جعفر (1) صاحب شعبة وهو الكبير.
غندر الامام الحافظ، أبو بكر محمد بن جعفر بن الحسين
البغدادي
الوراق.
سمع الحسن بن علي المعمري، وأبا بكر الباغندي، وأبا عروبة،
وأبا الجهم المشغراني.
والطحاوي.
وخلقا.
وعنه: الحاكم، وأبو الحسين بن جميع، وأبو عبد الرحمن
السلمي، وعمر بن أبي سعد الهروي، وأبو نعيم الحافظ، وعدة.
قال الحاكم: أقام سنين عندنا يفيدنا، وخرج لي أفراد
الخراسانيين من حديثي، ثم دخل إلى أرض الترك، وكتب ما لا
يوصف كثرة، ثم
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 152، المنتظم: 7 / 107، تذكرة الحفاظ:
3 / 960 - 964، العبر: 2 / 357، الوافي بالوفيات: 2 / 302
- 303، البداية والنهاية: 11 / 297، النجوم الزاهرة: 4 /
139، طبقات الحفاظ: 384 - 385، شذرات الذهب: 3 / 83.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب: الترجمة
رقم (33).
[ * ]
(16/214)
استدعي من مرو إلى الحضرة ببخارى ليحدث بها فأدركة الاجل
في المفازة سنة سبعين وثلاث مئة.
أنبأنا المسلم بن علان، أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور
القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا أبو نعيم، وحدثنا محمد بن
جعفر بن حسين غندر حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بالرقة،
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عيشون، حدثنا محمد بن سليمان
بن أبي داود، حدثنا داود بن الزبرقان، عن مطر الوراق، عن
هارون بن عنترة، عن عبد الله بن السائب عن زاذان، عن ابن
مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ذهاب البصر
مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب، وما نقص من الجسد
فعلى قدر ذلك " (1).
غريب جدا.
146 - غندر * المحدث الزاهد
الصوفي الجوال، أبو الطيب محمد بن جعفر بن دران
البغدادي غندر، نزيل مصر.
سمع أبا خليفة الجمحي، وأبا يعلى، وإبراهيم بن عبد الله
المخرمي.
وعنه: الدارقطني، وأبو حفص الكتاني، وعبد الرحمن بن عمر بن
النحاس، وآخرون.
__________
(1) إسناده ضعيف جدا، بل موضوع.
داود بن الزبرقان، قال ابن معين: ليس بشئ وقال أبو زرعة،:
متروك وقال أبو داود: ضعيف ترك حديثه، وقال الجوزجاني:
كذاب، وقد ذكره ابن عدي في " الكامل " لوحة: 257، 258،
وساق له بضعة عشر حديث استنكرها، وهذا منها، وقال فيه: هذا
منكر المتن والاسناد.
وهارون بن عنترة مختلف فيه.
وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وتبعه على ذلك الحافظ
السيوطي في " مختصره " وهو في " تاريخ بغداد ": 2 / 152.
* تاريخ بغداد: 2 / 150، المنتظم: 7 / 46.
[ * ]
(16/215)
توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا الحسن بن صباح،
أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا الخلعي، أخبرنا أبو محمد ابن
النحاس، حدثنا محمد بن جعفر بن دران، حدثنا الحسن بن
الطيب، حدثنا قتيبة، حدثنا معلى بن هلال، عن الاعمش، عن
أبي سفيان، عن جابر مرفوعا: " لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن،
ولا يحبهما منافق ".
معلى ترك (1)، ومتن الحديث حق لكنه ما صح مرفوعا.
147 - غندر * الشيخ المقرئ،
أبو بكر، محمد بن جعفر بن العباس النجار.
سمع ابن المجدر، وأبا حامد الحضرمي، وابن صاعد.
روى عنه الحسن بن محمد الخلال.
توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مئة ببغداد.
148 - غندر * * محمد بن جعفر،
أبو بكر البغدادي، مولى فاتن.
سمع أبا شاكر مسرة بن عبد الله.
سمع منه بشرى الفاتني في سنة ستين وثلاث مئة.
__________
(1) بل اتفق النقاد على تكذيبه كما قال الحافظ في "
التقريب ".
* تاريخ بغداد: 2 / 157، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 32 / أ،
البداية والنهاية: 11 / 308، شذرات الذهب: 3 / 96.
* * تاريخ بغداد: 2 / 150.
[ * ]
(16/216)
149 - غندر * محمد بن جعفر، أبو الحسين الرازي.
حدث بطبرستان عن أبي حاتم الرازي، ومحمد بن الضريس.
وعنه: محمد بن جعفر بن حمويه لقيه في سنة ثلاثين وثلاث
مئة.
يقع لنا حديثه في كتاب " الالقاب " للشيرازي.
وسابعهم شيخ لابن جميع.
وعندي أنه هو الثاني المذكور، والله أعلم.
150 - الغزال * * الامام
الحافظ المقرئ، أبو عبد الله، محمد بن عبدالرحمن بن
سهل بن مخلد الاصبهاني، شيخ القراء، وصاحب التصانيف.
سمع محمد بن علي الفرقدي، وعبدان الاهوازي، ومحمد بن زبان،
وعلي بن أحمد علان، والقاسم بن العصار الدمشقي، وعدة.
وعنه أبو سعد الماليني، وأبو نعيم، وأبو بكر أحمد بن محمد
بن الحارث الاديب، وعبد العزيز بن أحمد بن فاذويه.
قال أبو نعيم: هو أحد من يرجع إلى حفظ ومعرفة، وله مصنفات.
توفي في آخر سنة تسع وستين وثلاث مئة.
قلت: له كتاب " الوقف والابتداء ".
__________
* لم نجد له ترجمة في المصادر التي بنى أيدينا.
* * ذكر أخبار أصبهان: 2 / 294، تذكرة الحفاظ: 3 / 964 -
965، طبقات الحفاظ: 385، شذرات الذهب: 3 / 47، هدية
العارفين: 2 / 49.
[ * ]
(16/217)
151 - الرفاء * الشاعر المحسن،
أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الموصلي.
مدح سيف الدولة، وببغداد المهلبي.
وديوانه مشهور.
وكانه بينه وبين الخالديين (1) هجاء وشر، فآذياه، حتى
احتاج إلى النسخ، فبقي ينسخ ديوانه ويبيعه.
مات سنة نيف وستين وثلاث مئة ببغداد.
وهو القائل (2): وكانت الابرة فيما مضى * صائنة وجهي
وأشعاري فأصبح الرزق بها ضيقا * كأنه من خرمها جاري
وله: (3) يلقى الندى برقيق وجه مسفر * فإذا التقى الجمعان
عاد صفيقا رحب المنازل ما أقام فإن سرى * في جحفل ترك
الفضاء مضيقا
__________
* يتيمة الدهر: 2 / 117 - 182، تاريخ بغداد: 9 / 194،
الانساب: 6 / 141، المنتظم: 7 / 62 - 63، معجم الادباء: 11
/ 182 - 189، وفيات الاعيان: 2 / 359 - 362، العبر: 2 /
357، عيون التاريخ: 11 / الورقة: 194، البداية والنهاية:
11 / 270 و 274، النجوم الزاهرة: 4 / 67، شذرات الذهب: 3 /
73 - 74، هدية العارفين: 1 / 383 - 384.
(1) تأتي ترجمتهما برقم (277) من هذا الجزء.
(2) الابيات في " ديوانه "، و " معجم الادباء ": 1 / 184،
و " الوفيات: 2 / 360.
(3) الابيات من قصيدة يمدح بها سيف الدولة.
انظر " ديوانه ": 185، والوفيات: 2 / 360.
[ * ]
(16/218)
152 - المصيصي * الشيخ، أبو الحسن علي بن أحمد
بن علي المصيصي.
حدث ببغداد عن محمد بن معاذ دران، وأحمد بن خليد الحلبي،
وجماعة.
وعنه: أبو بكر البرقاني، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز،
ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.
قال أبو نعيم: توفي - وكان فيه تساهل - في جمادى الآخرة
سنة أربع وستين وثلاث مئة.
153 - ابن القوطية * * علامة
الادب، أبو بكر، محمد بن عمر بن عبد العزيز
الاندلسي القرطبي النحوي، صاحب التصانيف.
سمع من أسلم بن عبد العزيز، وسعيد بن جابر، وطاهر بن عبد
العزيز، ومحمد بن عبد الله الزبيدي، وعدة.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 324 - 325، العبر: 2 / 334، ميزان
الاعتدال: 3 / 112، لسان الميزان: 4 / 195، شذرات الذهب: 3
/ 48.
* * تاريخ علماء الاندلس: 2 / 76 - 77، يتيمة الدهر: 2 /
73، جذوة المقتبس: 76، ترتيب المدارك: 4 / 553 - 554، بغية
الملتمس: 112، معجم الادباء: 8 / 272 - 277، إنباه الرواة:
3 / 178، وفيات الاعيان: 4 / 368 - 371، العبر: 2 / 345،
الوافي بالوفيات: 4 / 242 - 243،، مرآة الجنان: 2 / 389 -
390، الديباج المذهب: 2 / 217 - 218، لسان الميزان: 5 /
324 - 325، بغية الوعاة: 1 / 198، المزهر: 2 / 420 - 466،
نفح الطيب: 3 / 73، شذرات الذهب: 3 / 62 - 63، هدية
العارفين: 2 / 49، شجرة النور الزكية: 1 / 99.
[ * ]
(16/219)
أخذ عنه ابن الفرضي والناس.
وعمر دهرا.
والقوطية (1): هي سارة بنت المنذر بن جطسية (2) من بنات
ملوك القوط، والقوط: أمة كانوا بإقليم الاندلس، من ذرية
قوط بن حام بن نوح عليه السلام، هي جدة لجده، وقد كانت
سارت إلى الشام متظلمة من عمها أرطياس، فتزوجها بالشام
عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز ثم سافر معها إلى
الاندلس، وهو جد عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى.
نعم وكان أبو بكر رأسا في اللغة والنحو، حافظا للحديث،
أخباريا
باهرا، ولم يكن بالبارع في الفروع.
ألف " تصاريف الافعال " فجوده، وفي المقصور والممدود.
وكان ذا عبادة ونسك وزهد.
وكان له نظم رقيق (3)، فتركه تورعا.
وكان أبو علي القالي يبالغ في توقيره.
وقد صنف تاريخا في أخبار أهل الاندلس، فكان يمليه من صدره
غالبا.
توفي في ربيع الاول سنة سبع وستين وثلاث مئة.
154 - ابن بقية * الوزير
الكبير، نصير الدولة، أبو الطاهر، محمد بن محمد بن
بقية بن
__________
(1) انظر ضبط هذه اللفظة مع ذكر النسب كاملا في " الوفيات
" 4 / 369 - 371.
(2) في " الوفيات ": غيطشة.
(3) انظر بعض شعره في " معجم الادباء " 18 / 276 - 277.
* تجارب الامم: الجزء (2) وفيات الاعيان: 5 / 118 - 124،
المختصر في أخبار = [ * ]
(16/220)
علي العراقي الاواني، أحد الاجواد، تقلب به الدهر ألوانا،
فإن أباه كان فلاحا، وآل أمر أبي الطاهر إلى وزارة عز
الدولة بختيار بن معز الدولة بعد الستين وثلاث مئة، وقد
استوزره المطيع أيضا، فلقبه الناصح.
وكان قليل النحو، فغطى ذلك السعد.
وله أخبار في الافضال والبذل والتنعم، ثم قبض عليه عز
الدولة بواسط في آخر سنة ست وستين، وسملت عيناه، فلما تملك
عضد الدولة أهلكه لكونه كان يحرض مخدومه عليه، ألقاه تحت
قوائم الفيل، وصلب عند
البيمارستان العضدي في شوال من سنة سبع.
يقال: إنه خلع في وزارته في عشرين يوما عشرين ألف خلعة.
وعاش نيفا وخمسين سنة.
ورثاه شاعر بأبيات واختفى، فقال: علو في الحياة وفي الممات
* لحق أنت إحدى المعجزات وهي قطعة (1) بارعة في معناها، ثم
ظفر به عضد الدولة وعفا عنه، وأعطاه فرسا وعشرة آلاف درهم،
ثم أهلكه.
ذكرناه في الكبير.
__________
= البشر: 2 / 119، العبر: 2 / 346، الوافي بالوفيات: 1 /
100 - 104، نكت الهميان: 271 - 273، النجوم الزاهرة: 4 /
130 - 131، شذرات الذهب: 3 / 63 - 65.
(1) ذكرها ابن خلكان في " الوفيات ": 5 / 120 - 122 وقال:
هي لابي الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الانباري.
وانظر أيضا البداية والنهاية: 11 / 290، والنجوم الزاهرة:
4 / 130، وشذرات الذهب: 3 / 63.
[ * ]
(16/221)
155 - الناشئ الصغير * من فحول الشعراء، ورؤوس الشيعة،
أبو الحسن، وعلي بن عبد الله ابن وصيف الحلاء.
أخذ الكلام عن إسماعيل بن نوبخت، وغيره.
وصنف التصانيف، والحلاء (1): صانع حلية النحاس.
وهو القائل (2): إذا أنا عاتبت الملوك فإنما * أخط بأقلامي
على الماء أحرفا وهبه ارعوى بعد العتاب ألم تكن * مودته
طبعا فصارت تكلفا
وقد روى بالكوفة ديوانه، وأخذ عنه المتنبي، ثم طال عمره،
ومدح سيف الدولة والكبار، وعاش أزيد من تسعين سنة.
مات في صفر سنة خمس وستين وثلاث مئة.
156 - الشيرازي * * الوزير،
أبو الفضل، العباس بن الحسين الشيرازي، كاتب معز
الدولة، ناب في الوزراء عن المهلبي، وتزوج بابنته، ثم كتب
لعز الدولة، ثم وزر له سنة سبع وخمسين، ثم عمل وزارة
المطيع.
فبقي على وزارتهما
__________
* يتيمة الدهر: 1 / 232، فهرست الطوسي: 89، معجم الادباء:
13 / 280 - 299، وفيات الاعيان: 3 / 369 - 371، لسان
الميزان: 4 / 238 - 240.
(1) قال ابن خلكان: الحلاء: بفتح الحاء المهملة وتشديد
اللام ألف.
وإنما قيل له ذلك لانه كان يعمل حلية من النحاس.
" وفيات الاعيان ": 3 / 369.
(2) البيتان في " اليتيمة ": 1 / 232، و " الوفيات ": 3 /
369.
* * تجارب الامم: 6 / 269 و 313، المنتظم: 7 / 73 - 74،
الكامل لابن الاثير: 8 / 548، 573، 583، 584، 601، 628،
631 وأماكن أخرى، البداية والنهاية: 11 / 273 و 278،
النجوم الزاهرة: 4 / 68 - 69.
وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (309) من هذا الجزء.
[ * ]
(16/222)
ثلاثة أشهر، ثم أمسك، ثم أعيد إلى الوزارة سنة ستين، وعزل
سنة اثنتين وستين وثلاث مئة، ثم نكب وحمل إلى الكوفة، فمات
برمي الدم بعد مديدة، وماتت زوجته ابنة المهلبي في
الاعتقال.
وكان ظالما عسوفا، مجاهرا بالقبائح (1).
وكان جوادا معطاء.
عاش ستين سنة.
وكان كثير التجمل، شديد الوطأة (ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا
يظلم ربك أحدا) [ الكهف: 49 ].
وقيل: سكر الولاية طيب * وخماره مال وروح
157 - ابن الاخشيذ * الملك،
أبو محمد، الحسن بن عبيدالله بن طغج بن جف التركي.
ولد سنة اثنتي عشر وثلاث مئة، وكان أميرا في دولة عمه
الاخشيذ محمد بن طغج، وكذا في أيام كافور، فمات كافور،
فأقام الامراء في الدست أبا الفوارس أحمد بن الملك علي بن
الاخشيذ صبيا له إحدى عشرة سنة، وجعلوا أتابكه (2)، الحسن
هذا، وكان صاحب الرملة، وقد مدحه المتنبي (3) بقوله:
__________
(1) انظر الكامل 8 / - 628 - 629.
* الكامل لابن الاثير: 8 / 591، الوافي بالوفيات: 12 / 97
- 98، أمراء دمشق: 27، النجوم الزاهرة: 4 / 73، تهذيب ابن
عساكر: 4 / 189.
(2) الاتابك: قائد الجيش.
(3) القصيدة في " ديوانه ": 4 / 235.
[ * ]
(16/223)
أيا لائمي إن كنت وقت اللوائم * علمت بحالي بين تلك
المعالم وهي بديعة.
ثم تمكن الحسن، وتزوج ببنت عمه فاطمة، ودعي له على المنابر
بعد أبي الفوارس إلى نصف شعبان سنة 358 فوصلت جيوش
المغاربة مع جوهر، وتملكوا، وزالت الدولة الاخشيذية، وكانت
خمسا
وثلاثين سنة.
وكان الحسن قد فر من القرامطة، وأخذوا منه الرملة، وتمكن
بمصر، وقبض على الوزير بن حنزابة، ثم انحاز إلى الشام، ثم
حارب المغاربة مع جعفر بن فلاح، فأسره جعفر، وبعث به إلى
مصر فسجن مدة ولم يؤذوه ولم يبلغني هل بقي مسجونا زمانا أو
عفي عنه، إلا أنه مات في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة
بمصر، وصلى عليه العزيز بالله في القصر.
وأما الصبي أبو الفوارس، فإنه عاش إلى ربيع الاول سنة سبع
وسبعين، وتوفي.
158 - الجعل * أبو عبد الله
الحسين بن علي البصري، الفقيه المتكلم، صاحب
التصانيف، من بحور العلم.
لكنه معتزلي داعية، وكان من أئمة الحنفية.
قال الخطيب: له تصانيف كثيرة في الاعتزال، قال لي الصيمري:
__________
* الامتاع والمؤانسة: 1 / 140، الفهرست: 248، تاريخ بغداد:
8 / 73 - 74، طبقات الشيرازي: 143، المنتظم: 7 / 101،
العبر: 2 / 351، لسان الميزان: 2 / 303، النجوم الزاهرة: 4
/ 135، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 155 - 156، الفوائد
البهية: 67، شذرات الذهب: 3 / 68، هدية العارفين: 1 / 307.
[ * ]
(16/224)
كان مقدما في الفقه والكلام، مع كثرة أماليه فيهما،
وتدريسه لهما (1).
قال محمد بن إسحاق النديم: الجعل يعرف بالكاغدي، وأستاذه
هو أبو القاسم بن سهلويه.
انتهت إليه رئاسة أصحابه في عصره إلى أن قال:
وتفقه على أبي الحسن الكرخي، وله كتاب " نقض كلام ابن
الريوندي "، في أن الجسم لا يجوز أن يكون مخترعا لا من
مادة، وكتاب " الكلام " أن الله لم يزل موجودا وحده إلى أن
خلق الخلق، وكتاب " الايمان "، و " كتاب " الاقرار "،
وتصانيف سوى ذلك.
قال أبو إسحاق الشيرازي في " طبقات الفقهاء "، هو رأس
المعتزلة، مات في ذي الحجة سنة تسع وستين وثلاث مئة، وصلى
عليه شيخ النحو أبو علي الفارسي.
قلت: قارب ثمانين سنة، وقيل: بل عاش إحدى وستين سنة.
159 - ابن أخت وليد * العلامة
القاضي، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن راشد بن
شعيب البغدادي الظاهري، ابن أخت وليد.
حدث عن ابن قتيبة العسقلاني وغيره.
وعنه: علي بن منير، وابن نظيف الفراء، ومحمد بن جعفر بن
أبي الذكر، وغيرهم.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 73.
* ميزان الاعتدال: 2 / 390، لسان الميزان: 3 / 215 - 216،
حسن المحاضرة: 2 / 146، قضاة دمشق لابن طولون: 35 - 36،
تهذيب ابن عساكر: 7 / 280 - 281.
[ * ]
(16/225)
كان أولا خياطا، ثم اشتغل، وولي قضاء مصر سنة ثم عزل سنة
ثلاثين وثلاث مئة، ثم ولي قضاء دمشق سنة ثمان وأربعين.
قال ابن حزم: له مصنفات كثيرة، أخذ عن أبي الحسن بن
المغلس.
قلت: لم يحمد في القضاء، وبذل فيه ذهبا، وقيل: كان سخيفا
خليعا، يرتشي.
قال ابن زولاق: تكبر واستهان بالناس، وكان يهزل في مجلسه،
وله أموال ومتاجرة، وكان يقول لحاجبه: أين اليهود ؟ يعني:
الشهود، وأين الكمنا ؟ يعني: الامناء.
وقالت امرأة: خذ بيدي، قال: ويرجلك، وكان الذهلي لا ينفذ
له حكما (1).
مات سنة تسع وستين وثلاث مئة.
160 - ابن أم شيبان * قاضي
القضاة، أبو الحسن، محمد بن صالح بن علي بن يحيى بن
عبد الله بن محمد بن عبيدالله ابن الامير ولي العهد عيسى
بن موسى بن محمد ابن علي ابن حبر الامة عبد الله بن عباس
الهاشمي العباسي الكوفي ثم البغدادي.
سمع محمد بن محمد بن عقبة، وعبد الله بن زيدان البجلي،
وتلا
__________
(1) انظر " قضاة دمشق ": ص 36.
* الولاة والقضاة: 574، تاريخ بغداد: 5 / 363 - 365،
المنتظم: 7 / 102، العبر: 352 - 353، البداية والنهاية: 11
/ 296 - 297، الوافي بالوفيات: 3 / 156، النجوم الزاهرة: 4
/ 137، شذرات الذهب: 3 / 70.
[ * ]
(16/226)
على ابن مجاهد، وصاهر أبا عمر القاضي.
روى عنه البرقاني وغيره.
وكان كبير القدر إماما.
قال طلحة بن جعفر: هو عظيم القدر، واسع العلم، كثير الطلب،
حسن التصنيف، ينظر في فنون [ العلم والآداب ] متوسط في
مذهب مالك، لا أعلم هاشميا ولي قضاء بغداد غيره، وجمع له
معها قضاء مصر وبعض الشام يعني: فبعث نوابه إليها، وقد صرف
لحكومة صمم فيها لله، ولم يأخذ رزقا على القضاء، ولا لبس
لهم خلعة، وطلب لكاتب حكمه ولحاجبه معلوما، وكذلك للامناء
والاعوان، فقرر للكل في الشهر ألف درهم ومئة وخمسون درهما
(1).
وقال ابن أبي الفوارس: كان نبيلا فاضلا، ما رأينا في معناه
مثله، وفي الصدق نهاية (2).
مات فجأة في جمادى الاولى سنة تسع وستين وثلاث مئة، وله ست
وسبعون سنة.
161 - الروذباري * * العارف
الزاهد، شيخ الصوفية، أبو عبد الله، أحمد بن عطاء
__________
(1) الخبر بأخصر مما هنا في " تاريخ بغداد ": 5 / 364، وما
بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
* * طبقات الصوفية: 497 - 500، حلية الاولياء: 10 / 383 -
384، تاريخ بغداد: 4 / 336 - 337، الرسالة القشيرية: 30،
المنتظم: 7 / 101، معجم البلدان: 3 / 77، العبر: 2 / 350،
البداية والنهاية: 11 / 296، النجوم الزاهرة: 4 / 135،
طبقات الشعراني: [ * ]
(16/227)
الروذباري، نزيل صور.
حدث عن: البغوي، وابن أبي داود، والمحاملي.
وعنه: السكن بن جميع، وأبوه، وابن باكويه، وعلي بن عياض،
الصوري، وعدة، وهو ابن أخت أبي علي الروذباري.
قال القشيري: كان شيخ الشام في وقته.
مات بصور سنة تسع وستين.
وقال السلمي: كان يرجع إلى أنواع من العلوم، كالقراءات،
والفقه، وعلم الحقيقة، وإلى أخلاق في التجريد يختص بها
يربي على أقرانه.
قال أبو القاسم بن عساكر: روى أحاديث غلط فيها غلطا فاحشا.
162 - الاسفراييني * الامام
المحدث الثقة الجوال، مسند وقته، أبو سهل، بشر بن أحمد
ابن بشر بن محمود الاسفراييني الدهقان، كبير إسفرايين،
وأحد الموصوفين بالشهامة والشجاعة.
سمع إبراهيم بن علي الذهلي، ومحمد بن محمد بن رجاء، وجعفر
ابن أحمد الشاماتي، وأحمد بن سهل، والحسن بن سهل، وقرأ
عليه مسنده، ومحمد بن يحيى المروزي ثم البغدادي، وعبد الله
بن ناجية، وجعفر بن محمد الفريابي، وأبا يعلى الموصلي، سمع
منه المسند.
__________
= 1 / 145، شذرات الذهب: 3 / 68، نتائج الافكار القدسية: 2
/ 16 - 19، تهذيب ابن عساكر: 1 / 394 - 397.
* العبر: 2 / 355، النجوم الزاهرة: 4 / 139، شذرات الذهب:
3 / 71.
[ * ]
(16/228)
وعمر وأملى مدة.
حدث عنه: الحاكم، والعلاء بن محمد بن أبي سعيد، ومحمد بن
حميم الفقيه، ومحمد بن محمد بن أبي المعروف، وشريك بن
عبدالملك المهرجاني، وهم من شيوخ البيهقي، وآخر من حدث عنه
عمر بن مسرور
الزاهد.
قال الحاكم: انتخب عليه، وأملى زمانا من أصول صحيحة، وتوفي
في شوال سنة سبعين وثلاث مئة.
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة، أخبرنا محمد بن عبد السلام
التميمي، وزينب بنت عمر، عن زينب الشعرية، أنبأنا إسماعيل
ابن أبي القاسم سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا عبد
الغافر بن محمد، أخبرنا بشر بن أحمد، أخبرنا داود بن
الحسين، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن جابر، عن عبد
العزيز بن رفيع، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " إذا اجتمع عيدان في يوم واحد أجزأهم الاول ".
هكذا عندي، وسقط أبو صالح (1).
__________
(1) أي: بين عبد العزيز بن رفيع وأبي هريرة، وهو في سنن
أبي داود (1073) من طريقين، عن بقية، حدثنا شعبة، عن
المغيرة الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قد
اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا
مجمعون " وهذا سند رجاله ثقات.
وأخرجه ابن ماجة (1311) من طريق محمد بن المصفى، عن بقية
به إلا أنه قال: عن ابن عباس بدل أبي هريرة، ثم أخرجه من
طريق محمد بن يحيى، عن يزيد بن عبد ربه، عن بقية مثل رواية
أبي داود.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 85: إسناده صحيح، رجاله
ثقات، والرواية عن أبي هريرة هي المحفوظة.
[ * ]
(16/229)
163 - المستنصر * الملقب بأمير المؤمنين،
المستنصر بالله، أبو العاص، الحكم بن
الناصر لدين الله عبدالرحمن بن محمد الاموي المرواني، صاحب
الاندلس وابن ملوكها.
وكانت دولته ست عشرة سنة، وعاش ثلاثا وستين سنة.
وكان جيد السيرة، وافر الفضيلة، مكرما للوافدين عليه، ذا
غرام بالمطالعة وتحصيل الكتب النفيسة الكثيرة حقها وباطلها
بحيث إنها قاربت نحوا من مئتي ألف سفر، وكان ينطوي على دين
وخير.
سمع من قاسم بن أصبغ، وأحمد بن دحيم، ومحمد بن محمد بن عبد
السلام الخشني، وزكريا بن خطاب، وطائفة.
وأجاز له ثابت بن قاسم السرقسطي.
وكان باذلا للذهب في استجلاب الكتب، ويعطي من يتجر فيها ما
شاء، حتى ضاقت بها خزائنه، لا لذة له في غير ذلك.
__________
= وصححه الحاكم 1 / 288، 289، ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن زيد بن أرقم عند أبي داود (1070)، وأحمد 4 /
372، والنسائي 3 / 194، وابن ماجه (1310)، والدارمي 1 /
378، وفي سنده مجهول، لكنه حسن في الشواهد.
وعن ابن عمر عند ابن ماجة (1312)، وفي سنده ضعف.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 7، يتيمة الدهر: 1 / 293 -
294، جمهرة أنساب العرب: 100، جذوة المقتبس: 13 / 16، بغية
الملتمس: 18 / 21، المختصر في أخبار البشر: 2 / 117،
العبر: 2 / 341 - 342، دول الاسلام: 1 / 227، البداية
والنهاية: 11 / 285، ابن خلدون: 4 / 144، النجوم الزاهرة:
4 / 127 و 149، تاريخ الخلفاء: 649، نفح الطيب: 1 / 386 -
396، أزهار الرياض: 2 / 286 - 294، شذرات الذهب: 3 / 55 -
56.
[ * ]
(16/230)
وكان عالما أخباريا، وقورا، نسيج وحده.
وكان على نمطه أخوه عبد الله - الملقب بالولد - في محبة
العلم، فقتل في أيام أبيه.
وكان الحكم موثقا في نقله، قل أن تجد له كتابا إلا وله فيه
نظر وفائدة، ويكتب اسم مؤلفه ونسبه ومولده، ويغرب ويفيد.
ومن محاسنه أنه شدد في الخمر في ممالكه، وأبطله بالكلية،
وأعدمه.
وكان يتأدب مع العلماء والعباد، التمس من زاهد الاندلس أبي
بكر يحيى بن مجاهد الفزاري أن يأتي إليه، فامتنع، فمر في
موكبه بيحيى وسلم عليه، فرد عليه، ودعا له، وأقبل على
تلاوته، ومر بحلقة شيخ القراء أبي الحسن الانطاكي، فجلس
ومنعهم من القيام له، فما تحرك أحد.
مات بقصر قرطبة في صفر سنة ست وستين وثلاث مئة.
وبويع ابنه هشام وله تسع سنين أو أكثر ولقب بالمؤيد بالله،
فكان ذلك سببا لتلاشي دولة المروانية، ولكن سدد أمر
المملكة الحاجب الملقب بالمنصور أبي عامر محمد بن عبد الله
بن أبي عامر القحطاني، وإليه كان العقد والحل، فساس أتم
سياسة.
وقد تقدم المستنصر (1)، مع جدهم الداخل أيضا.
164 - عز الدولة * صاحب
العراق، الملك، أبو منصور، بختيار بن الملك معز الدولة
__________
(1) انظر الجزء الثامن من السير، رقم الترجمة (63).
* يتيمة الدهر: 2 / 218 - 219، المنتظم: 7 / 81 - 82،
الكامل لابن الاثير: [ * ]
(16/231)
أحمد بن بويه بن فنا خسرو الديلمي، تزوج الطائع لله ببنته
شهناز (1) على مئة ألف دينار.
وكان شديد البأس، يمسك ثورا بقرنيه، فيصرعه.
وكان مسرفا مبذرا.
تسلطن بعد أبيه، وقد خرج عليه ابن عمه عضد الدولة، وجرت
بينهما حروب، وأسر مملوك بديع الجمال لعز الدولة، فتجنن
عليه، وترك الاكل وبكى وافتضح، وكتب إلى عضد الدولة، وخضع،
وبذل في فدائه عوديتين ثمن إحداهما مئة ألف، وقال: رضيت
برده وأدع الملك، فرده.
وقيل: كان راتبه من الشمع في الشهر عدة قناطير (2).
التقى وهو وعضد الدولة في شوال سنة سبع وستين وثلاث مئة
فقتل في المصاف، فندم عضد الدولة وبكى لما جئ برأسه.
عاش ستا وثلاثين سنة.
وضاع أمر الاسلام بدولة بني بويه، وبني عبيد الرافضة،
وتركوا الجهاد، وهاجت نصارى الروم، وأخذوا المدائن، وقتلوا
وسبوا.
__________
= 8 / 575 - 580، 583، 628، 636، 669 - 673، 688 - 692،
وفيات الاعيان: 1 / 267 - 268، المختصر في أخبار البشر: 2
/ 119، العبر: 2 / 343 - 344، عيون التواريخ: 11 الورقة:
282، الوافي بالوفيات: 10 / 84 - 86، البداية والنهاية: 11
/ 291 - 292، النجوم الزاهرة: 4 / 129، تاريخ الخلفاء:
649، شذرات الذهب: 3 / 59.
(1) في " وفيات الاعيان ": شاه زنان.
(2) انظر " وفيات الاعيان ": 1 / 267.
[ * ]
(16/232)
165 - الصكوكي * الامام الحافظ المتقن، أبو بكر محمد بن
زكريا
بن حسين النسفي الصكوكي، حدث عن: محمد بن نصر المروزي،
وصالح بن محمد جزرة، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وطبقتهم.
وذكره جعفر المستغفري في " تاريخ نسف " فقال: كان حافظا
مؤلفا للابواب، عارفا بحديث أهل بلده.
توفي في جمادى الاولى سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
قلت: ما وقع لي حديثه، ولا أكاد أعرفه.
166 - ابن حرارة * * الامام
الحافظ الرحال، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن علي بن
أسد الاسدي ى البردعي.
ارتحل إلى العراق ومصر والشام، سمع حامد بن شعيب، وأبا
القاسم البغوي، وعبد الله بن وهب الدينوري، وابن جوصا،
وعدة.
حدث عنه حسن بن جعفر الطيبي شيخ للخليلي.
قال الخليلي: يعرف أبوه بحرارة، قال: وقد روى من حفظه
زيادة على ثلاثين ألف حديث بقزوين والري، وما كان معه
ورقة، وفي أماليه
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 930، طبقات الحفاظ: 376 - 377، شذرات
الذهب: 2 / 369.
* * تذكرة الحفاظ: 3 / 971، طبقات الحفاظ: 387، شذرات
الذهب: 2 / 379.
[ * ]
(16/233)
غرائب وكلام يستفاد، حدث عنه شيوخنا، توفي بقزوين سنة ثمان
وأربعين وثلاث مئة.
167 - التنيسي * الشيخ الامام
الحافظ الثقة، أبو بكر محمد بن علي بن حسن المصري
النقاش، محدث تنيس.
ولد سنة اثنتين وثمانين ومئتين.
سمع محمد بن جعفر الامام، نزيل دمياط، وأبا عبدالرحمن
النسائي، ومحمد بن جرير الطبري، وأبا يعقوب المنجنيقي،
وعمر بن أبي غيلان، وعبدان الجواليقي، وأبا يعلى الموصلي،
والقاسم بن الليث الرسعني، وجماهر بن محمد الزملكاني،
وطبقتهم.
ارتحل إليه الدارقطني، وكان منزويا بتنيس فلم ينتشر حديثه.
وروى عنه أيضا الحسين بن جعفر الكللي، ويحيى بن علي بن
الطحان، وإبراهيم بن علي الغازي، والحسن بن عمر بن جماعة
الاسكندراني، والقاضي علي بن الحسين بن جابر التنيسي
وجماعة.
وهو راوي نسخة فليح التي رويناها عن أصحاب أبي الحسن
السخاوي.
نعم، ومن كبار شيوخه الحسن بن الفرج الغزي، وأبو العلاء
الوكيعي، وعبد الله بن إسحاق المدائني.
أخبرنا محمد بن مظفر السقطي، أخبرنا السخاوي، أخبرنا
السلفي،
__________
* معجم البلدان: 1 / 54، العبر: 2 / 353، تذكرة الحفاظ: 3
/ 957 - 959، الوافي بالوفيات: 4 / 114 - 115، النجوم
الزاهرة: 4 / 137، حسن المحاضرة: 1 / 352، طبقات الحفاظ:
384، شذرات الذهب: 3 / 70.
[ * ]
(16/234)
أخبرنا الخليل بن عبد الجبار، حدثنا علي بن الحسين القاضي،
أخبرنا أبو بكر النقاش، حدثنا القاسم بن الليث، حدثنا
المعافى بن سليمان، حدثنا فليح
عن نافع، قال: " كان عبد الله يكثر الاهلال، ويرفع صوته
به، ويقول: إن من إكمال الحج رفع الصوت بالاهلال " (1).
توفي في رابع شعبان سنة تسع وستين وثلاث مئة.
168 - الصعلوكي * الامام
العلامة ذو الفنون أبو سهل، محمد بن سليمان بن محمد
بن سليمان بن هارون الحنفي (2) العجلي الصعلوكي
النيسابوري، الفقيه
__________
(1) فليح هو ابن سليمان: " سئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات.
وروى ابن أبي شيبة بإسناده صحيح - فيما قاله الحافظ في "
الفتح " - عن بكر بن عبد الله المزني قال: كنت مع ابن عمر
فلبى حتى أسمع ما بين الجبلين، وفي الباب عن السائب قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل، فأمرني
أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالاهلال والتلبية "
أخرجه مالك 1 / 309، 310، وأبو داود (1814)، والترمذي
(829) وصححه، والنسائي 22، وابن ماجة (2922)، وابن خزيمة
(2625) (2627)، والحاكم 1 / 450.
وعن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " أتاني جبريل، فقال: يا محمد مر أصحابك، فليرفعوا
أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعار الحج " أخرجه أحمد 5 /
192، وابن ماجة (2923)، وصححه ابن خزيمة (2628) و (2629)،
وابن حبان (974)، والحاكم 1 / 450، ووافقه الذهبي.
* يتيمة الدهر: 4 / 419، طبقات العبادي: 99، طبقات
الشيرازي: 115، الانساب: 8 / 63، تبيين كذب المفتري: 183 -
188، اللباب: 2 / 242، وفيات الاعيان: 4 / 204 - 205، دول
الاسلام: 1 / 228، العبر: 2 / 352، الوافي بالوفيات: 3 /
124 - 125، طبقات السبكي: 3 / 167 - 173، طبقات الاولياء:
215 - 216، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 147 - 151،
النجوم الزاهرة: 4 / 136 - 137، الفلاكة والمفلوكون: 137 -
138، مفتاح السعادة: 2 / 177، طبقات ابن هداية الله: 92 -
93، شذرات الذهب:
3 / 69 - 70.
(2) الحنفي: نسبة إلى بني حنيفة كما سيأتي في الترجمة.
[ * ]
(16/235)
الشافعي: المتكلم.
النحوي، المفسر، اللغوي، الصوفي، شيخ خراسان.
قال الحاكم: هو حبر زمانه، وبقية أقرانه، ولد سنة ست
وتسعين ومئتين، وأول سماعه في سنة خمس وثلاث مئة واختلف
إلى ابن خزيمة، ثم اختلف إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب
الثقفي، وناظر وبرع، ثم استدعي إلى أصبهان، فلما بلغه نعي
عمه أبي الطيب الصعلوكي، خرج في الخفية حتى قدم نيسابور في
سنة سبع وثلاثين، ثم نقل أهله من أصبهان.
أفتى ودرس بنيسابور نيفا وثلاثين سنة.
سمع إمام الائمة ابن خزيمة، وأبا العباس السراج، وأحمد بن
الماسرجسي، وأبا قريش محمد بن جمعه.
وأحمد بن عمر المحمد اباذي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وسمع
ببغداد من إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وابن الانباري،
والمحاملي، وكان يمتنع عن التحديث كثيرا إلى سنة خمس وستين
فأجاب إلى الاملاء، وقد سمعت أبا بكر الصبغي غير مرة يعوذ
الاستاذ أبا سهل، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين.
وقيل: سئل أبو الوليد حسان الفقيه، عن أبي بكر القفال،
وأبي سهل الصعلوكي، أيهما أرجح، فقال: ومن يقدر أن يكون
مثل أبي سهل.
وقال الفقيه أبو بكر الصيرفي: لم ير أهل خراسان مثل أبي
سهل.
قال الصاحب إسماعيل بن عباد، ما رأينا مثل أبي سهل، ولا
رأى مثل نفسه.
وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو سهل مفتي البلدة وفقيهها،
وأجدل من رأينا من الشافعية بخراسان، وهو مع ذلك أديب،
شاعر، نحوي، كاتب
(16/236)
عروضي، صحب الفقراء.
قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات ": الصعلوكي من بني
حنيفة، وهو صاحب أبي إسحاق المروزي، مات في آخر سنة تسع
وستين وثلاث مئة وكان فقيها أديبا، متكلما، مفسرا، صوفيا،
كاتبا.
عنه أخذ ابنه أبو الطيب وفقهاء نيسابور.
قلت: هو صاحب وجه، ومن غرائبه وجوب النية لازالة النجاسة.
وقال أبو العباس النسوي: كان أبو سهل الصعلوكي مقدما في
علم التصوف، صحب الشبلي، وأبا علي الثقفي، والمرتعش، وله
كلام حسن في التصوف.
قلت: مناقب هذا الامام جمة.
قال أبو القاسم القشيري: سمعت أبا بكر بن فورك، يقول: سئل
الاستاذ أبو سهل عن جواز رؤية الله بالعقل، فقال: الدليل
عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة،
والارادة لا تتعلق بمحال.
وقال السلمي: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شئ قط، وما
كان لي قفل ولا مفتاح.
ولا صررت على فضة ولا ذهب قط، وسمعته يسأل عن التصوف،
فقال: الاعراض عن الاعتراض، وسمعته يقول: من قال لشيخة: لم
؟ لا يفلح أبدا.
(1).
__________
(1) بلى والله يفلح إذا كان قصده معرفة الحقيقة، أو كان
يري في الشيخ خطأ لا يقره الشرع، وأراد أن ينبهه عليه بأدب
ولطف، فكل بني آدم خطاء كما صح عنه صلى الله عليه
وسلم، وقد اتخذ هذه الكلمة المنافية لما جاء به الاسلام من
لا يترسم خطا الشرع من الشيوخ ذريعة لا رتكاب ما لا يحل،
وفعل ما هو محرم.
[ * ]
(16/237)
وقد حضر أبو القاسم النصراباذي وجماعة، وتكلم قوال فقال:
جعلت تنزهي نظري إليكا فقال النصراباذي: قل، جعلت، فقال
أبو سهل: بل جعلت، فرأينا النصراباذي ألطف قولا منه في
ذلك، فقال: ما لنا وللتفرقة ؟ ! أليس عين الجمع أحق ؟ فسكت
النصراباذي ومن حضر.
قلت: يشير إلى الوحدة وهي الجمع، وهذا الجمع مقيد بناظر
ومنظور، وهو يرجع إلى القدر، فما جعل نظره حتى جعله الله،
قال تعالى (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) [ الانسان: 30 ]
يعني: إذا قلتها بالضم أو بالفتح فهما متلازمان.
قال السلمي: قال لي أبو سهل: أقمت ببغداد سبعة أعوام ما
مرت بي جمعة إلى ولي على الشبلي وقفة أو سؤال.
ودخل الشبلي على أبي إسحاق المروزي فرآني عنده، فقال: ذا
المجنون من أصحابك، لا بل من أصحابنا.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا محمد بن يوسف
الحافظ، أخبرتنا زينب بنت أبي القاسم، (ح)، وأخبرنا أحمد
عن زينب، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم، أخبرنا عمر
بن مسرور، أخبرنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفي إملاء،
حدثنا أبو قريش الحافظ، حدثنا يحيى بن سليمان ابن نضلة،
حدثنا مالك عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن يأكل في
معى،
واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء " (1).
__________
(1) هو في " الموطأ " 3 / 109، 110 بشرح السيوطي، ومن
طريقه مسلم (2063) بهذا = [ * ]
(16/238)
وبه أنشدنا أبو سهل الحنفي لنفسه (1): أنام على سهو وتبكي
الحمائم * وليس لها جرم ومني الجرائم كذبت وبيت الله لو
كنت عاقلا * لما سبقتني بالبكاء الحمائم قال الحاكم: توفي
أبو سهل في ذي القعدة سنة تسع وستين وثلاث مئة.
قلت: وفيها مات شيخ العارفين أبو عبد الله أحمد بن عطاء
الروذباري، بصور، وقد روى عن البغوي، وشيخ الحنابلة أبو
إسحاق إبراهيم بن أحمد بن شاقلا البزاز ببغداد كهلا،
والحافظ أبو سعيد الحسين بن محمد بن علي الزعفراني
بأصبهان، وشيخ التعبير رحيم بن سعيد الدمشقي الضرير خاتمة
من حدث عن أبي زرعة الدمشقي عن مئة وسبع سنين، ومسند بغداد
أبو محمد بن ماسي البزاز، وقاضي دمشق أبو محمد عبد الله بن
أحمد بن راشد ابن أخت وليد البغدادي، والحافظ أبو الشيخ
بأصبهان، وقاضي القضاة أبو الحسن محمد بن صالح بن علي ابن
أم شيبان العباسي ببغداد، والحافظ أبو عبد الله محمد بن
عبدالرحمن بن سهل الغزال بأصبهان، والحافظ أبو بكر محمد بن
علي النقاش بتنيس، وأبو علي مخلد ابن جعفر الباقرحي، سمعنا
مشيخته.
__________
= الاسناد، وأخرجه مالك أيضا، ومن طريقه البخاري 9 / 468
عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، وفي الباب عن أبي
موسى الاشعري عند مسلم (2062)، عن ابن عمر عند البخاري 9 /
468، و مسلم (2060)، والترمذي (1819).
قال ابن الاثير: هو تمثيل لرضى
المؤمن باليسير من الدنيا، وحرص الكافر على الكثير منها.
(1) البيتان في " طبقات السبكي ": 3 / 171، و " الوافي
بالوفيات ": 3 / 124، و " طبقات المفسرين " للداوودي: 2 /
151.
[ * ]
(16/239)
169 - الحجاجي * الامام الحافظ الناقد، المقرئ المجود، شيخ
خراسان أبو الحسين محمد بن محمد
بن يعقوب بن إسماعيل بن الحجاج الحجاجي النيسابوري، صدر
المقرئين والمحدثين.
مولده في سنة خمس وثمانين ومئتين.
وسمع ببغداد من عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير،
والباغندي، والبغوي، وطبقتهم، وبنيسابور أبا بكر بن خزيمة،
وأبا العباس الثقفي، وأقرانهما، بالري أحمد بن جعفر
وطبقته، وبمصر علان بن الصيقل، ونحوه، وبالشام أبا الجهم
بن طلاب، وأبا الحسن بن جوصا، ومحمد بن يوسف الهروي،
وبالجزيرة أبا عروبة الحراني، وبالكوفة علي بن العباس
المقانعي والموجودين.
وجمع وصنف، وصحح وعلل، وبعد صيته.
حدث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو بكر بن المقرئ، وهما أكبر
منه.
قليلا، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو
حازم العبدوي، وأبو بكر البرقاني، وطائفة سواهم.
قال الحاكم: هو أبو الحسين الحجاجي، ذكرت في " تاريخ
النيسابوريين " مناقب جدهم إسماعيل بن الحجاج، وكان من
أصحاب إسحاق الحنظلي، وذكرت مناقب يعقوب بن إسماعيل، وكان
من أصحاب
محمد بن يحيى الذهلي، واسم جدهم الحجاج بن الجراح.
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 223 - 224، الانساب: 4 / 58 - 59،
اللباب: 1 / 341، تذكرة الحفاظ: 3 / 944 - 945، العبر: 2 /
349، الوافي بالوفيات: 1 / 128، النجوم الزاهرة: 4 / 134،
طبقات الحفاظ: 381، شذرات الذهب: 3 / 67.
[ * ]
(16/240)
قال: فأما أبو الحسين فإنه كان من الصالحين المجتهدين
بالعبادة، قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد، ثم سرد شيوخه،
ثم قال: صنف العلل والشيوخ والابواب، وكان يمتنع وهو كهل
عن الرواية، فلما بلغ الثمانين لازمه أصحابنا الليل
والنهار، حتى سمعوا كتاب " العلل " وهو نيف وثمانون جزءا،
والشيوخ وسائر المصنفات، صحبته نيفا وعشرين سنة بالليل
والنهار، فما أعلم أن الملك كتب عليه خطيئة، وكنت أسمع أبا
علي الحافظ غير مرة، يقول: " لم يجئ عفان "، و " قلت لعفان
"، " وقال لي عفان "، يريد به أبا الحسين، يلقبه بذلك
لحفظه وإتقانه وفهمه، ولعمري إنه عفان، فإن فهمه كان يزيد
على حفظه.
وحدثنا أبو علي الحافظ في مجلس إملائه، قال: حدثني أبو
الحسين ابن يعقوب وهو أثبت من حدثتكم عنه اليوم، أخبرنا
الاصبغ بن خالد القرقساني أن عثمان بن يحيى القرقساني
حدثهم، حدثنا مؤمل، حدثنا إبراهيم بن يزيد، أخبرنا عمرو بن
دينار، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: " ما غبطت
نفسي بمجلس ساعة كمجلس جلسته إلى حجرة رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنتظر لصلاة الصبح، ورهط بناحية يمترون في
القرآن، حتى علت أصواتهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم
مغضبا، فقال في طرف ثوبه على وجهه: " يا أيها الناس إنما
هلكت الامم قبلكم على مثل هذا،
وإنما نزل الكتاب يصدق بعضه بعضا، ولم ينزل يكذب بعضه
بعضا، فما استنص لكم منه فاعرفوه، وما اشتبه عليكم فردوا
علمه إلى الله عز وجل " (1).
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه عبد الرزاق (20367)، وأحمد 2 /
181، و 195 و 196، وابن ماجة (85) من طرق عن عمرو بن شعيب
بهذا الاسناد، وقد وقع عند أحمد 2 / 196، وابن ماجة أن
تنازعهم كان في القدر.
[ * ]
(16/241)
قال الحاكم: ثم سألت أبا الحسين عنه: فحدثني به.
وقال الحاكم أيضا في " تاريخه ": أبو الحسين الحجاجي،
العبد الصالح الصدوق الثبت، كان يمتنع عن الرواية وهو كهل،
وسمعت أبا علي الحافظ، يقول: ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت
من أبي الحسين.
قال الحاكم: توفي في خامس ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاث
مئة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن اللتي، أخبرنا
أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل، أخبرنا محمد بن أحمد
الحافظ، أخبرنا محمد بن محمد الحجاجي، أخبرنا سعيد بن
هاشم، حدثنا دحيم، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا صدقة، عن
الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بعثت بين يدي
الساعة بالسيف، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار
على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم " (1).
أخبرنا بلال المغيثي (2) بمصر، أخبرنا عبد الوهاب بن رواج،
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل،
حدثنا محمد بن الحسين
السلمي إملاء، حدثنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا
أيوب
__________
(1) صدقة - وهو ابن عبد الله السمين - ضعيف، وباقي رجاله
ثقات.
وأخرجه الهروي في " ذم الكلام " ورقة 54 / 1 من طريق عمرو
بن أبي سلمة بهذا الاسناد.
وله شاهد عند أحمد 2 / 50 و 92 من طريقين، عن عبدالرحمن بن
ثابت بن ثوبان، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي،
عن ابن عمر.
وهذا سند حسن، فيتقوى به.
وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار ": 1 / 88 من طريق محمد
بن وهب بن عطية، عن الوليد بن مسلم، حدثنا الاوزاعي به.
(2) هو بلال بن عبد الله الحبشي المغيثي ترجمه المؤلف في
مشيخته الورقة 39.
[ * ]
(16/242)
ابن سليمان البزاز، حدثنا جعفر بن نوح، حدثنا محمد بن عيسى
بن الطباع، حدثنا عبثر بن القاسم، عن العلاء بن ثعلبة، عن
طاووس، عن واثلة بن الاسقغ، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ".
هذا حديث غريب تفرد به العلاء هذا، وهو مجهول (1).
وممن مات معه في سنة ثمان وستين: مسند الوقف أبو بكر أحمد
بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد، وشيخ النحو أبو سعيد
الحسن بن عبد الله ابن المرزبان السيرافي، ومسند دمشق أبو
علي الحسين بن أبي الزمزام الفرضي، والحافظ أبو القاسم عبد
الله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني، الآبندوني، ومقرئ بغداد
أبو القاسم عبد الله بن الحسن ابن النخاس بمعجمة، والقاضي
عيسى بن حامد الرخجي، ببغداد، والمعمر محمد بن عبيدون
الاندلسي آخر من روى عن محمد بن وضاح، وراوي صحيح مسلم أبو
أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، بنيسابور، والمسند
أبو حاتم محمد بن يعقوب بن إسحاق الهروي، وصاحب الموصل أبو
تغلب
الغضنفر بن ناصر الدولة بن حمدان التغلبي.
170 - ابن السليم * العلامة
الرباني، قاضي الاندلس، أبو بكر محمد بن إسحاق بن
__________
(1) لكن الحديث صحيح من رواية الحسن بن علي رضي الله عنه،
أخرجه أحمد 1 / 200، والطيالسي (1178)، والدارمي 2 / 84،
والترمذي (2518) والنسائي 8 / 327، 328، وصححه ابن حبان
(512)، والحاكم 2 / 13، و 4 / 99، ووافقه الذهبي، وفيه
زيادة: " فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة " وله شاهد من
حديث أنس بن مالك عند أحمد 3 / 153، وآخر من حديث ابن عمر
عند الطبراني في " الصغير " ص 56، والخطيب في " تاريخه ":
6 / 386، وأبي نعيم في " الحلية ": 6 / 352، وفي " أخبار
أصبهان ": 2 / 243.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 77 - 78، جذوة المقتبس: 43 -
44، ترتيب المدارك: 4 / 541 - 549، بغية الملتمس: 56 - 60،
المغرب في حلى المغرب: 1 / 214، العبر: [ * ]
(16/243)
إبراهيم بن السليم الاموي مولاهم المالكي.
سمع محمد بن أيمن، وأحمد بن خالد بن الجباب، وعدة، وحج
فسمع من ابن الاعرابي، وأبي جعفر بن النحاس النحوي.
وكان من العلماء العاملين، ذا زهد وتأله، وباع طويل في
الفقه واختلاف العلماء، رأسا في الآداب والبلاغة والنحو،
روضة معارف.
تخرج به أئمة.
وتوفي في جمادي الاولى سنة سبع وستين وثلاث مئة.
وقد أسن.
حكى يونس بن عبد الله بن مغيث أن رجلا مشرقيا يعرف
بالشيباني سكن الاندلس، فركب ابن السليم لحاجة، فألجأه مطر
غزير إلى أن دخل دهليز الشيباني، فرحب به، وعزم عليه فنزل،
ففاوضه، وقال: أيها
القاضي، عندي جارية لم يسمع أطيب من صوتها، فإن أذنت
أسمعتك آيات من كتاب الله، وأبياتا، قال: افعل.
فقرأت وغنت حتى كاد عقل القاضي يذهب سرورا، وأخرج عشرين
دينارا للجارية هبة وقام.
171 - يحيى بن مجاهد * ابن
عوانة.
أبو بكر الفزاري الاندلسي الالبيري الزاهد.
ذكره ابن بشكوال في غير " الصلة " فقال: زاهد عصره، وناسك
__________
= 2 / 338، مشتبه النسبة: 1 / 368، تاريخ قضاة الاندلس: 75
- 77، الديباج المذهب: 2 / 214 - 216، شذرات الذهب: 3 /
60، شجرة النور الزكية.
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 190 - 191، جذوة المقتبس: 379،
بغية الملتمس: 506 - 507، طبقات المفسرين للداوودي: 2 /
375، نفح الطيب: 2 / 630 - 631.
[ * ]
(16/244)
مصره الذي به يتبركون، وإلى دعائه يفزعون.
كان منقطع القرين، مجاب الدعوة، جربت دعوته في أشياء ظهرت،
حج وعني بالقراءت والتفسير، وله حظ من الفقه، لكن غلبت
عليه العبادة.
وقد جمع يونس بن عبد الله كتابا في فضائله.
وذكره عمر بن عفيف، فقال: كان من أهل العلم والزهد والتقشف
والعبادة، وجميل المذهب، لم تر عينى مثله في الزهد
والعبادة، يلبس الصوف، ويمشي حافيا مرة، وينتقل مرة،
فحدثني محمد بن أبي عثمان، عن أبيه أن الحكم المستنصر
بالله أحب أن يجتمع بيحيى بن مجاهد الزاهد، فلم يقدر عليه،
ووجه إليه من يتلطف به ويستعطفه، فقال: مالي إليه حاجة،
وإنما يدخل على السلطان الوزراء، وأهل الهيئة، وأيش يعمل
بأصحاب الاطمار الرثة، فوجه إليه الحكم جبة صوف وغفارة
وقميصا من وسط الثياب دنانير، فلما نظر إليها قال: ما لي
ولهذه ؟ ! ردوها على صاحبها، ولئن لم يتركوني سافرت، فيئس
من لقائه وتركه، وكان يجلس إلى مؤدب بالجامع يأنس به.
قال ابن حيان: أخبرني أبي خلف، قال: كنت يوما في حلقة
الاستاذ أبي الحسن الانطاكي في الجامع، وإذا بحس في
المقصورة، فخرج منها فتى، وبيده كرسي جلد، فجاء حتى وقف
على الشيخ، ووضع الكرسي على مقربة منه، وقال: أمير
المؤمنين يخرج الساعة، ويقول لك: لا تقم ولا تتغير إكراما
لمجلسك وإعظاما لما أنت عليه، فلم يلبثوا إلا يسيرا، وإذا
برجة في المقصورة، فإذا الفتيان والعبيد قد خرجوا والحكم
معهم، فجاء
(16/245)
وسلم، فرد عليه السلام، وبقي القارئ يقرأ على حالته التي
كانت، ولم يتجرأ أحد يتغير عن مكانه.
وإذا السفرة من العبيد والفتيان من أمير المؤمنين إلى
الباب ومن الباب إلى أمير المؤمنين، فقام وسلم وخرج.
قال ابن حيان: فاتبعته، فركب فرسا وكبار القواد حوله، فجاء
حتى وقف على ابن مجاهد وهو يقرأ في المصحف، فسلم عليه أمير
المؤمنين، فقال: السلام عليك يا أبا بكر، فقال: عليكم
السلام ورحمة الله وبركاته، ودعا له دعوات يسيرة، ثم أقبل
على مصحفه، ورجع أمير المؤمنين إلى منزله.
توفي ابن مجاهد في جمادى الآخرة سنة ست وستين وثلاث مئة
وهو ابن سبعين سنة أو نحوها.
172 - شيخ الشافعية * أبو
الحسن، علي بن أحمد بن المرزبان البغدادي الزاهد.
تفقه بأبي الحسين بن القطان، وهو من مشايخ الشيخ أبي حامد.
وهو صاحب وجه.
درس ببغداد.
وتوفي في رجب سنة ست وستين وثلاث مئة.
وهو من أساطين المذهب.
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 325، وفيات الاعيان: 3 / 281، طبقات
السبكي: 3 / 346، البداية والنهاية: 11 / 289، طبقات ابن
هداية الله: 91، شذرات الذهب: 3 / 56.
[ * ]
(16/246)
173 - الجرجاني * الامام، أبو الحسن، علي بن أحمد
بن عبد العزيز الجرجاني المحتسب، راوي " الصحيح " عن
الفربري.
وسمع من عمر بن بجير، وطائفة.
أخذ عنه الحاكم وغيره.
توفي في صفر سنة ست وستين أيضا.
فأما القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني الاديب فسيأتي
(1).
174 - السيرافي * * العلامة،
إمام النحو، أبو سعيد، الحسن بن عبد الله بن
المرزبان السيرافي، صاحب التصانيف، ونحوي بغداد.
حدث عن: أبي بكر بن دريد، وابن زياد النيسابوري، ومحمد ابن
أبي الازهر.
__________
* تاريخ جرجان: 277 276، ميزان الاعتدال: 3 / 112، لسان
الميزان: 4 / 194 - 195.
(1) سترد ترجمته في الجزء السابع عشر، الترجمة رقم (10).
* * طبقات النحويين واللغويين: 129 - 130، الامتاع
والمؤانسة: 1 / 108 - 133، الفهرست: 93، تاريخ بغداد: 7 /
341 - 342، الانساب: 7 / 218 - 219، نزهة الالباء: 307 -
308، المنتظم: 7 / 95، معجم الادباء: 8 / 145 - 232، معجم
البلدان: 3 / 295، إنباه الرواة: 1 / 313 - 315، اللباب: 2
/ 165، وفيات الاعيان: 2 / 78 - 79، العبر: 2 / 347،
الوافي بالوفيات: 2 / 74، مرآة الجنان: 2 / 390، 391،
البداية والنهاية: 11 / 294، البلغة في تاريخ أئمة اللغة:
61 - 62، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 131، غاية النهاية:
1 / 218، الفلاكة والمفلوكون: 95 - 96، لسان الميزان: 2 /
218، النجوم الزاهرة: 4 / 133 - 134، بغية الوعاة: 1 / 507
- 509، الجواهر المضية: 2 / 66 - 67، شذرات الذهب: 3 / 65
- 66، روضات الجنات: 218 - 219، هدية العارفين: 1 / 271.
[ * ]
(16/247)
حدث عنه: علي بن أيوب القمي، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة،
وطائفة.
وكان أبوه مجوسيا فأسلم.
وكان أبو سعيد صاحب فنون، من أعيان الحنفية، رأسا في نحو
البصريين، تصدر لاقراء القراءات، واللغة، والفقه،
والفرائض، والعربية، والعروض.
وقرأ القرآن على ابن مجاهد، وأخذ اللغة، عن ابن دريد،
والنحو عن أبي بكر بن السراج.
وكان دينا متورعا، لا يأكل إلا من كسب يده.
وولي القضاء ببعض بغداد، وكان ينسخ كل يوم كراسا أجرته
عشرة دراهم لحسن خطه.
قال ابن أبي الفوارس: كان يذكر عنه الاعتزال ولم يظهر منه
(1).
وقد جود شرح " كتاب سيبويه "، وله " ألفات القطع والوصل "،
و كتاب " الاقناع " في النحو الذي كمله ولده يوسف (2)، وله
جزء مروي في " أخبار النحاة "، وسمعنا من طريقه جزءا من
أخبار الزبير بن بكار.
وكان وافر الجلالة، كثير التلامذة.
عاش أربعا وثمانين سنة، ومات في رجب سنة ثمان وستين وثلاث
مئة.
ومات ابنه يوسف (3) سنة خمس وثمانين كهلا.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 342.
(2) انظر " معجم الادباء " 20 / 60.
(3) ترجمته في " وفيات الاعيان ": 7 / 72، و " معجم
الادباء " 20 / 60.
[ * ]
(16/248)
وكان إماما في العربية، صاحب تصانيف، فيه دين وورع.
175 - عضد الدولة * السلطان،
عضد الدولة، أبو شجاع، فناخسرو، صاحب العراق وفارس، ابن
السلطان ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي.
تملك بفارس بعد عمه عماد الدولة، ثم كثرت بلاده، واتسعت
ممالكه، وسار إليه المتنبي ومدحه، وأخذ صلاته.
قصد عضد الدولة العراق، والتقى ابن عمه عز الدولة وقتله،
وتملك، ودانت له الامم.
وكان بطلا شجاعا مهيبا، نحويا، أديبا عالما، جبارا، عسوفا،
شديد الوطأة.
وله صنف أبو علي الفارسي، كتابي " الايضاح " و " التكملة "
ومدحه فحول الشعراء، وفيه يقول أبو الحسن السلامي (1)،
وأجاد:
__________
* يتيمة الدهر: 2 / 216 - 218، المنتظم: 7 / 113 - 118،
الكامل لابن الاثير: 8 / 584 - 587، 648 - 656 - 669 -
676، 689 - 698، 700 - 710 و 9 / 5 - 12، 18 - 23، وأماكن
أخرى، وفيات الاعيان: 4 / 50 - 55، المختصر في أخبار
البشر: 2 / 122 - 123، العبر: 2 / 361 - 362، دول الاسلام:
1 / 229 - 230، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 7 / ب، ابن
الوردي: 1 / 305، مرآة الجنان: 2 / 398، البداية والنهاية:
11 / 299 - 301، النجوم الزاهرة: 4 / 142، 143، بغية
الوعاة: 2 / 247 - 248، شذرات الذهب: 3 / 78 - 79.
(1) هو ابن الحسن، محمد بن عبد الله بن محمد السلامي،
الشاعر المشهور، وقد أورد ابن خلكان، هذه الابيات في ترجمة
عضد الدولة، ثم كررها في ترجمة الشاعر نفسه.
انظر " وفيات الاعيان ": 4 / 52 - 53، و 4 / 407.
[ * ]
(16/249)
إليك طوى عرض البسيطة جاعل * قصارى المنايا أن يلوح بها
القصر (1) فكنت وعزمي والظلام وصارمي * ثلاثة أشياء كما
اجتمع النسر (2) وبشرت آمالي بملك هو الورى * ودار هي
الدنيا ويوم هو الدهر وكان يقول الشعر، فقال أبياتا كفرية:
ليس شرب الراح إلا في المطر * وغناء من جوار في السحر
مبرزات الكأس من مطلعها * ساقيات الراح من فاق البشر عضد
الدولة وابن ركنها * ملك الاملاك غلاب القدر (3)
نقل أنه لما احتضر ما انطلق لسانه إلا بقوله تعالى: (ما
أغنى عني ما ليه، هلك عني سلطانيه) [ الحاقة: 28 - 29 ]
ومات بعلة الصرع، وكان شيعيا جلدا أظهر بالنجف قبرا زعم
أنه قبر الامام علي، وبنى عليه المشهد، وأقام شعار الرفض،
ومأتم عاشوراء، والاعتزال، وأنشأ ببغداد البيمارستان
العضدي وهو كامل في معناه، لكنه تلاشى الآن.
تملك العراق خمسة أعوام ونصفا، وما تلقى خليفة ملكا من
قدومه قلبه، قدم بغداد، وقد تضعضعت، وخربت القرى، وقويت
الزعار، فأوقع جنده بآل شيبان الحرامية، وأسروا منهم ثمان
مئة، وأحكم البثوق، وغرس الزاهر، غرم على تمهيد أرضه ألف
ألف درهم،
__________
(1) رواية " الوفيات " قصارى المطايا أن يلوح لها القصر.
(2) في الاصل: البشر، وما أثبت عن الوفيات وغيرها.
(3) الابيات في " يتيمة الدهر ": 2 / 218، و " وفيات
الاعيان ": 4 / 54، و " البداية والنهاية ": 11 / 300،
وقال الاخير: قبحه الله، وقبح شعره، وقبح أولاده، فإنه قد
اجترأ في أبياته هذه فلم يفلح بعدها.
[ * ]
(16/250)
وغرس التاجي ومساحته ألف وسبع مئة جريب (1)، وعمر القناطر
والجسور.
وكان يقظا زعرا شهما، له عيون وقصاد، وشغل وشغف بسرية فأمر
بتغريقها، وأخذ مملوكا غصبا من صاحبه ثم وسطه ووجد له في
تذكرة: إذا فرغنا من حل إقليدس تصدقت بعشرين ألفا، وإذا
فرغنا من كتاب أبي علي النحوي تصدق بخمسين ألفا، وإن ولد
لي ابن تصدقت
بكذا وكذا.
وكان يطلب حساب ممالكه في العام، فإذا هو أزيد من ثلاث مئة
ألف ألف درهم، فقال: أريد أن أبلغ به حتى يتم في كل يوم
ألف ألف.
قال ابن الجوزي: وفي رواية أنه كان يرتفع له في العام،
اثنان وثلاثون ألف ألف دينار، كان له كرمان، وفارس،
وخوزستان، والعراق، والجزيرة، وديار بكر، ومنبج، وعمان،
وكان ينافس حتى في قيراط، جدد مظالم ومكوسا، وكان صائب
الفراسة.
مات في شوال سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة، ببغداد، وعمل في
تابوت، ونقل فدفن بمشهد النجف، وعاش ثمانيا وأربعين سنة،
وقام بعده ابنه صمصام الدولة وحلفوا له، وقلده الطائع.
قال عبد الله بن الوليد: سمعت أبا محمد بن أبي زيد يسأل
ابن سعدي لما جاء من الشرق: أحضرت مجالس الكلام ؟ قال:
مرتين ولم أعد،
__________
(1) الجريب: وحدة لقياس مساحة الارض، يقدر بمئة ذراع.
انظر " معجم متن اللغة ": 1 / 499.
[ * ]
(16/251)
فأول مجلس جمعوا الفرق من السنة والمبتدعة واليهود
والنصارى والمجوس والدهرية، ولكل فرق رئيس يتكلم وينصر
مذهبه، فإذا جاء رئيس قام الكل له، فيقول واحد: تناظروا
ولا يحتج أحد بكتابه، ولا بنبيه، فإنا لا نصدق بذلك ولا
نقر به.
بل هاتوا العقل والقياس، فلما سمعت هذا لم أعد، ثم قيل لي:
ها هنا مجلس آخر للكلام، فذهبت فوجدتهم على مثل سيرة
أصحابهم سواء، فجعل ابن أبي زيد يتعجب، وقال: ذهبت
العلماء،
وذهبت حرمة الدين.
قلت: فنحمد الله على العافية، فلقد جرى على الاسلام في
المئة الرابعة بلاء شديد بالدولة العبيدية بالمغرب،
وبالدولة البويهية بالمشرق، وبالاعراب القرامطة.
فالامر لله تعالى.
176 - ابن ماسي * الشيخ المحدث
الثقة المتقن، أبو محمد، عبد الله بن إبراهيم ابن
أيوب بن ماسي البغدادي البزاز.
سمع أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني، وأحمد بن أبي عوف
البزوري، وخلف بن عمرو العكبري، وموسى بن إسحاق الانصاري،
وأبا برزة الفضل بن محمد الحاسب، ومحمد بن علي ابن شعيب
السمسار، والحسن بن علويه القطان، ويحيى بن محمد الحنائي،
وجعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، وأحمد بن علي الخزاز،
وقال: سمعت منه في سنة ست وثمانين ومئتين، ويوسف
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 408 - 409، المنتظم: 7 / 102، العبر: 2
/ 351، البداية والنهاية: 11 / 269، النجوم الزاهرة: 4 /
137، شذرات الذهب: 3 / 68 - 69.
[ * ]
(16/252)
ابن يعقوب القاضي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن
خالويه البابسيري، لقيه بواسط، وإبراهيم بن موسى، والحسين
بن عمر بن أبي الاحوص، وأبا معشر الدارمي، وأحمد بن يوسف
بن هاشم البستي، والحسين بن الكميت، والصوفي الكبير، وأبا
زيدان، ومحمد بن عبدوس، وغيرهم.
حدث عنه ابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر
البرقاني، وأبو نعيم، وأبو إسحاق البرمكي، وآخرون.
ومولده في سنة أربع وسبعين ومئتين.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا.
سألت البرقاني: أيما أحب إليك هو أو القطيعي ؟ قال: ليس
هذا مما يسأل عنه: ابن ماسي ثقة، ثبت، لم يتكلم فيه (1).
قلت: توفي ابن ماسي في رجب سنة تسع وستين وثلاث مئة.
وفيها توفي شيخ الصوفية أبو عبد الله أحمد بن عطاء
الروذباري بصور، وشيخ الحنابلة أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد
بن شاقلا كهلا ومحدث أصبهان أبو سعيد الحسين بن محمد بن
علي الزعفراني الحافظ، وقاضي دمشق أبو محمد عبد الله بن
أحمد بن أخت وليد الظاهري.
والعلامة أبو سهل الصعلوكي، وقاضي القضاة أبو الحسن ابن أم
شيبان، ومحمد بن عبدالرحمن بن سهل الغزال بأصبهان، وأبو
بكر محمد بن علي النقاش محدمث تنيس، وأبو علي مخلد بن جعفر
الباقرحي، وأبو الشيخ الحافظ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 408 - 409.
[ * ]
(16/253)
177 - الباقرحي * الشيخ الصدوق المعمر، أبو علي، مخلد بن
جعفر
بن مخلد بن سهل الفارسي الباقرحي الدقاق.
وسمع يوسف القاضي، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن ابن
علويه القطان، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبا العباس بن
مسروق، ويحيى بن محمد بن البختري الحنائي، وله مشيخة
مروية.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو العلاء محمد بن
علي الواسطي، وأبو نعيم الحافظ، ومحمد بن الحسين بن بكير،
وأبو طاهر محمد بن علي العلاف، وآخرون.
قال أحمد بن علي البادي: كان ثقة، صحيح السماع، غير أنه لم
يكن يعرف شيئا من الحديث (1).
وقال ابن أبي الفوارس: كان له أصول كثيرة، عن يوسف القاضي،
وجعفر الفريابي جياد بخطه.
وقال أبو نعيم: بلغنا أنه خلط بعد سفري.
وقال محمد بن العباس بن الفرات: كان مخلد أصوله صحيحة، ثم
إن ابنه حمله في آخر عمره على ادعاء أشياء منها: المغازي
عن المروزي، والمبتدأ عن ابن علويه، وتاريخ الطبري الكبير،
فشرهت
__________
* تاريخ بغداد: 13 / 176 - 177، الانساب: 2 / 50، العبر: 2
/ 354، ميزان الاعتدال: 4 / 82، لسان الميزان: 5 / 7 - 8،
النجوم الزاهرة: 4 / 137، شذرات الذهب: 3 / 70.
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 13 / 177.
[ * ]
(16/254)
نفسه، وقيل منه، واشترى هذه الكتب، فحدث بها، فانهتك (1).
وقال ابن أبي الفوارس: حدث " بالتاريخ "، و " المبتدأ " من
كتاب ليس له فيه سماع، وكأنه ظن أن هذا يجوز، وتوفي في ذي
الحجة سنة تسع وستين وثلاث مئة (2).
178 - ابن السني * الامام
الحافظ الثقة الرحال، أبو بكر، أحمد بن محمد بن
إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الهاشمي الجعفري مولاهم
الدينوري، المشهور بابن السني.
ولد في حدود سنة ثمانين ومئتين.
وارتحل فسمع من أبي خليفة الجمحي وهو أكبر مشايخه، ومن أبي
عبدالرحمن النسائي وأكثر عنه، وأبي يعقوب إسحاق المنجنيقي،
وعمر بن أبي غيلان البغدادي، ومحمد بن محمد بن الباغندي،
وزكريا الساجي، وأبي القاسم البغوي، وعبد الله بن زيدان
البجلي، وأبي عروبة الحراني، وجماهر بن محمد الزملكاني،
وسعيد بن عبد العزيز، ومحمد ابن خريم، وأحمد بن الحسن بن
عبد الجبار الصوفي، وخلق كثير.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق، وفيه أنه توفي سنة سبعين وثلاث مئة.
* الاكمال لابن ماكولا: 4 / 501، الانساب: 7 / 176،
اللباب: 2 / 150، تذكرة الحفاظ: 3 / 939 - 940، العبر: 2 /
332 - 333، مشتبه النسبة: 1 / 374، الوافي بالوفيات: 7 /
362، عيون التاريخ: 11 الورقة: 252، طبقات السبكي: 3 / 39،
تبصير المنتبه: 2 / 754، الاعلان بالتوبيخ: 141، طبقات
الحفاظ: 379، كشف الظنون: 1451، هدية العارفين: 1 / 66.
[ * ]
(16/255)
وجمع وصنف كتاب " يوم وليلة " وهو من المرويات الجيدة.
حدث عنه: أبو علي أحمد بن عبد الله الاصبهاني، وأبو الحسن
محمد بن علي العلوي وعلي بن عمر الاسد اباذي، والقاضي أبو
نصر الكسار، وعدة.
قال الحافظ عبد الغني الازدي: كان حمزة الكناني يرفع بابن
السني.
وقال يحيى بن عبد الوهاب بن مندة: حدثنا عمي أبو القاسم،
سمعت القاضي روح بن محمد الرازي سبط أبي بكر بن السني،
سمعت عمي علي بن أحمد بن محمد بن إسحاق، يقول: كان أبي
رحمه الله يكتب الاحاديث، فوضع القلم في أنبوبة المحبرة،
ورفع يديه يدعو الله عزوجل فمات، وسئل عن وفاته، فقال: في
آخر سنة أربع وستين وثلاث مئة.
قلت: هو الذي اختصر " سنن " النسائي، واقتصر على رواية
المختصر، وسماه " المجتنى (1) " سمعناه عاليا من طريقه.
ومات معه الحافظ أبو الفرج أحمد بن القاسم الخشاب البغدادي
بطرسوس، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء
النيسابوري الابزاري الوراق، وأبو هاشم عبد الجبار بن عبد
الصمد السلمي المؤدب بدمشق، والمسند أبو الحسن علي بن أحمد
بن علي المصيصي، وأمير المؤمنين الطائع لله الفضل بن
المقتدر جعفر العباسي، والامير محمد بن بدر الحمامي، وأبو
الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي.
__________
(1) وهو المطبوع المتداول بين الناس.
وتوهم كثير من أهل العلم أنه من اختصار النسائي، وانظر ما
علقته على ترجمة أحمد بن شعيب في " تهذيب الكمال " 1 / 328
- 329.
[ * ]
(16/256)
قرأ على إسحاق بن طارق، أخبرنا أبو القاسم بن رواحة،
أخبرنا السلفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، أخبرنا علي
بن عمر الاسد اباذي، أخبرنا أبو بكر بن السني، أخبرني
إبراهيم بن محمد بن الضحاك، حدثنا محمد بن سنجر، حدثنا أسد
بن موسى، حدثنا بكر بن خنيس، عن ضرار بن عمرو، عن ابن
سيرين أو غيره، عن الاحنف بن قيس سمع عمر
رضي الله عنه يقول لحفصه: " أنشدك بالله، هل تعلمين أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع ثيابه ليغتسل،
فيأتيه بلال فيؤذنه للصلاة، فما يجد ثوبا يخرج فيه إلى
الصلاة حتى يلبس ثوبه، فيخرج فيه إلى الصلاة ؟ " إسناده
واه (1).
أخبرنا جعفر بن محمد العلوي، أخبرنا ابن باقا، أخبرنا أبو
زرعة، أخبرنا ابن حمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو
بكر بن السني، حدثنا أبو عبد الرحمان النسائي، أخبرنا محمد
بن النضر بن مساور، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن
أنس، قال:..خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: والله ما مثلك يا
أبا طلحة يرد، ولكنك كافر وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن
أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، ولا أسألك غيره، فأسلم، فكان
ذلك مهرها.
قال ثابت: فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم
الاسلام، فدخل بها، فولدت له (2).
179 - القباب * الامام الكبير
المقرئ، مسند أصبهان، أبو بكر عبد الله بن
__________
(1) بكر بن خنيس، قال ابن معين والنسائي وغيرهما: ضعيف،
وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم: صالح ليس بالقوي
وقال ابن حبان: يروي عن البصريين والكوفيين أشياء موضوعة
يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها.
(2) إسناده صحيح، وهو في سنن النسائي: 6 / 114 في النكاح
عن جعفر بن سليمان به.
وانظر 2 / 305 و 306 من هذا الكتاب * ذكر أخبار أصبهان: 2
/ 90 - 91، الانساب: 10 / 38 - 39، اللباب: 3 / 10، [ * ]
(16/257)
محمد بن محمد بن فورك بن عطاء الاصبهاني القباب، وهو الذي
يعمل القبة، يعني المحارة (1).
عاش نحوا من مئة عام.
فإنه سمع من محمد بن إبراهيم الجيراني، في سنة ثمان وسبعين
ومئتين، وسمع من أبي بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن محمد
بن النعمان، وعلي بن محمد الثقفي، وعبد الله بن محمد بن
سلام.
وقرأ القرآن على أبي الحسن بن شنبوذ، وتصدر للاداء.
حدث عنه: أبو نعيم الحافظ، والفضل بن أحمد الخياط، وعلي بن
أحمد بن مهران الصحاف، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو بكر محمد
بن أبي علي المعدل، وولده أبو القاسم عبدالرحمن بن محمد،
وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبدالرحيم الكاتب، وآخرون.
وتلا عليه أبو بكر محمد بن عبد الله بن المرزبان، وغيره.
توفي في ذي القعدة سنة سبعين وثلاث مئة وما أعلم به بأسا.
180 - الزبيبي * الشيخ، أبو
الحسين، عبد الله بن إبراهيم بن جعفر بن بيان
__________
= العبر: 2 / 356، مشتبه النسبة: 2 / 519، غاية النهاية: 1
/ 454، النجوم الزاهرة: 4 / 139، طبقات المفسرين للداوودي:
2 / 251، 252، شذرات الذهب: 3 / 72.
(1) قال ابن الاثير في " اللباب ": القباب: نسبة إلى عمل
القباب التي هي كالهوادج والله أعلم.
وانظر " اللسان " مادة: حور.
* تاريخ بغداد: 9 / 409 - 410، الاكمال لابن ماكولا: 4 /
204، الانساب: 6 / 246 - 247، المنتظم: 7 / 109، العبر: 2
/ 359 - 360، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: = [ * ]
(16/258)
البغدادي الزبيبي نسبة إلى الزبيب البزاز.
ولد سنة ثمان وسبعين ومئتين.
حدث عن: الحسن بن علويه، والحسين بن أبي الاحوص، وأحمد بن
أبي عوف، وابن ناجية، وعدة.
وعنه: البرقاني، ومحمد بن طلحة، وعبد العزيز الازجي، وأبو
القاسم التنوخي، وآخرون.
وثقة الخطيب، وقال: توفي في ذي القعدة سنة 371.
181 - النجيرمي * الشيخ
المسند، محدث البصرة، أبو يعقوب، يوسف بن يعقوب
النجيرمي البصري.
سمع أبا مسلم الكجي، والحسن بن المثنى العنبري، وأبا خليفة
الجمحي، ومحمد بن حيان المازني، و زكريا الساجي، وجماعة.
حدث عنه: أبو نعيم الحافظ، ومحمد بن عبد الله بن باكويه
الشيرازي، وإبراهيم بن طلحة بن غسان، وأبو الحسن بن صخر
الازدي، و آخرون.
حدث في سنة خمس وستين وثلاث مئة.
__________
= 3 / ب، مشتبه النسبة: 1 / 341، تبصير المنتبه: 2 / 669،
شذرات الذهب: 3 / 76.
* العبر: 2 / 358، شذارت الذهب: 3 / 75.
وقد التبس النجيرمي - صاحب هذه الترجمة - مع سميه يوسف بن
يعقوب بن إسماعيل بن خرزاذ النجيرمي البصري اللغوي نزيل
مصر والذي سترد ترجمته في الجزء السابع عشر من السير برقم
(294) على محقق " وفيات الاعيان " فجعلهما واحدا حيث جمع
بين مصادر ترجمتيهما.
انظر " الوفيات ": 7 / 75.
[ * ]
(16/259)
182 - المطوعي * الشيخ الامام، شيخ القراء، مسند العصر أبو
العباس، الحسن ابن سعيد
بن جعفر العباداني المطوعي، نزيل إصطخر.
ولد نحو السبعين ومئتين.
سمع أبا مسلم الكجي، وأبا عبدالرحمن النسائي، وإدريس ابن
عبد الكريم المقرئ، وزعم أنه تلا عليه، وعلى عدة من
الكبار، وسمع أيضا من الحسن بن المثنى، وجعفر الفريابي،
وأبي خليفة، وخلق.
قال أبو نعيم: قدم أصبهان.
وكان رأسا في القرآن وحفظه، في روايته لين.
قلت: روى عنه أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي، ومحمد بن
عبيدالله الشيرازي، وتلا عليه أبو عبد الله الكارزيني (1)،
وجماعة.
وكان أبوه واعظا محدثا.
و قال في سنة سبع وستين وثلاث مئة: لي ثمان وتسعون سنة.
وله ترجمة في " طبقات القراء ".
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 271 - 272، ميزان الاعتدال: 1 /
492، طبقات القراء للذهبي: 1 / 256 - 257، العبر: 2 / 359،
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 3، الوافي بالوفيات: 12 / 29،
غاية النهاية: 1 / 213 - 215، النشر في القراءت العشر: 1 /
114، لسان الميزان: 2 / 210 - 211، النجوم الزاهرة: 4 /
141، شذرات الذهب: 4 / 75، تهذيب ابن عساكر: 4 / 176.
(1) الكارزيني: نسبة إلى " كارزين " من بلاد فارس.
انظر " معجم البلدان ": 4 / 428، و " اللباب ": 3 / 74.
[ * ]
(16/260)
توفي سنة إحدى و سبعين وثلاث مئة.
183 - الميمذي * القاضي المحدث
الرحال، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن محمد
الانصاري الميمذي.
سمع محمد بن حيان المازني، وأبا خليفة الجمحي بالبصرة،
وعبدان بالاهواز، وأبا يعلى بالموصل، وأحمد بن الحسن
الصوفي ببغداد، وبإفريقية وأردبيل ودمشق والرملة.
حدث عنه: هبة الله بن سليمان الآمدي شيخ لنصر المقدسي،
والواعظ يحيى بن عمار، وغيرهما.
وكان واسع الرحلة، إلا أن الخطيب، قال: كان غير ثقة.
قلت: حدث في سنة إحدى و سبعين وثلاث مئة عن عمر بن جعفر
الكوفي، لقيه سنة ست وتسعين ومئتين.
184 - الآبندوني * * الامام
الحافظ القدوة الرباني، أبو القاسم، عبد الله بن إبراهيم
بن يوسف الجرجاني الآبندوني، وآبندون: قرية من أعمال
جرجان.
ولد سنة أربع وسبعين ومئتين، ورافق ابن عدي في الرحلة.
__________
* معجم البلدان: 5 / 245، اللباب: 3 / 284، تاريخ الاسلام:
4 / الورقة: 2، ميزان الاعتدال: 1 / 17، لسان الميزان: 1 /
29.
* * تاريخ بغداد: 9 / 407 - 408، الانساب: 1 / 91 - 92،
المنتظم: 7 / 95 - 96، تذكرة الحفاظ: 3 / 943 - 944،
العبر: 2 / 347، البداية والنهاية: 11 / 294، النجوم
الزاهرة: 4 / 133، طبقات الحفاظ: 380 - 381، شذرات الذهب:
3 / 66.
[ * ]
(16/261)
حدث عن: أبي خليفة الجمحي، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى
الموصلي، وأبي العباس السراج، وأبي القاسم البغوي، والقاسم
المطرز، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وعمر بن سنان
المنبجي، وطبقتهم.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا، له تصانيف، حدثنا عنه أبو بكر
البرقاني، وأبو العلاء الواسطي، وسكن بغداد (1).
وقال الحاكم: كان أحد أركان الحديث (2).
وقال البرقاني: كان محدثا زاهدا متقللا من الدنيا، لم يكن
يحدث غير إنسان واحد، فقيل له في ذلك، فقال: أصحاب الحديث
فيهم سوء أدب، وإذا اجتمعوا للسماع تحدثوا، وأنا لا أصبر
على ذلك، ثم أخذ البرقاني يصف أمورا من زهده وتقلله، وأنه
أعطاه كسرا، فقال: دع الباقلاني يطرح عليها ماء باقلاء،
قال: فوقعت على الكسرة باقلاءتان فرفعهما، وقال: هذا الشيخ
يعطيني كل شهر دانقا حتى أبل له الكسر (3).
قلت: وحدث عنه: رفيقه أبو بكر الاسماعيلي، وأبو بكر بن شاه
المروزي، وأبو نعيم الحافظ.
قال الحاكم: خرج الآبندوني إلى بغداد سنة خمسين وثلاث مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 407.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
[ * ]
(16/262)
وقال غيره، مات سنة ثمان وستين وثلاث مئة، وله خمس وتسعون
سنة، رحمه الله.
185 - ابن بهتة * الشيخ
المعمر، أبو حفص، عمر بن محمد بن بهتة البغدادي
المناشر.
روى عن: أبي مسلم الكجي حديثا واحدا، وعن جعفر الفريابي،
ومحمد بن صالح الصائغ، وله جزء معروف.
روى عنه: محمد بن عمر بن بكير النجار، وغيره.
عاش مئة سنة وسنتين، وتوفي سنة سبع وستين وثلاث مئة.
186 - النصراباذي * * الامام
المحدث، القدوة الواعظ، شيخ الصوفية، أبو القاسم، إبراهيم
بن محمد بن أحمد بن محموية الخراساني النصراباذي
النيسابوري الزاهد، ونصر آباذ: محلة من نيسابور.
سمع أبا العباس السراج، وابن خزيمة، وأحمد بن عبد الوارث
العسال، ويحيى بن صاعد، ومكحولا البيروتي، وابن
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 257، الاكمال لابن ماكولا: 1 / 378،
مشتبه النسبة: 1 / 96، تبصير المنتبه: 1 / 109.
* * طبقات الصوفية: 484 - 488، تاريخ بغداد: 6 / 169 -
170، الرسالة القشيرية: 30، المنتظم: 7 / 89، اللباب: 3 /
310 - 311، دول الاسلام: 1 / 227، العبر: 2 / 343، الوافي
بالوفيات: 6 / 117 - 118، طبقات الاولياء: 26 - 28، العقد
الثمين: 3 / - 239 237، النجوم الزاهرة: 4 / 129، طبقات
الشعراني: 1 / 144، شذرات الذهب:
3 / 58 - 59، نتائج الافكار القدسية: 2 / 13 - 15.
[ * ]
(16/263)
جوصا، وعددا كثيرا بخراسان، والشام، والعراق، والحجاز،
ومصر.
حدث عنه: الحاكم.
والسلمي، وأبو حازم العبدوي، وأبو العلاء محمد بن علي
الواسطي، وأبو علي الدقاق، وجماعة.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: كان شيخ الصوفية بنيسابور، له
لسان الاشارة مقرونا بالكتاب والسنة، وكان يرجع إلى فنون
منها حفظ الحديث وفهمه، وعلم التاريخ، وعلوم المعاملات
والاشارة، لقي الشبلي، وأبا علي الروذباري، قال: ومع عظم
محله كم من مرة قد ضرب وأهين، وكم حبس، فقيل له: إنك تقول:
الروح غير مخلوقة، فقال: لا أقول ذا، ولا أقول إنها مخلوقة
بل أقول: الروح من أمر ربي، فجهدوا به، فقال: ما أقول إلا
ما قال الله.
قلت: هذه هفوة، بل لا ريب في خلقها، ولم يكن سؤال اليهود
لنبينا صلى الله عليه وسلم عن خلقها ولا قدمها، إنما سألوا
عن ماهيتها وكيفيتها، قال الله تعالى: (الله خالق كل شئ) [
الزمر: 62 ] فهو مبدع الاشياء وموجد كل فصيح وأعجم، ذاته
وحياته وروحه وجسده، وهو الذي خلق الموت والحياة والنفوس،
سبحانه.
ثم قال السلمي: وقيل له: إنك ذهبت إلى الناووس وطفت به،
وقلت: هذا طوافي فتنقصت بهذا الكعبة ! قال: لا، ولكنهما
مخلوقان، لكن بها فضل ليس هنا، وهذا كمن يكرم كلبا، لانه
خلق الله، فعوتب في ذلك سنين.
قلت: هذه ورطة أخرى.
أفتكون قبلة الاسلام، كقبر ويطاف
(16/264)
به، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ قبرا
مسجدا (1).
قال السلمي: سمعت جدي يقول: منذ عرفت النصراباذي ما عرفت
له جاهلية.
وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب الاحوال
الصحيحة، كان جماعة للروايات من الرحالين في الحديث، وكان
يورق قديما، ثم غاب عن نيسابور نيفا وعشرين سنة، وكان يعظ
ويذكر، وجاور في سنة خمس وستين، وتعبد حتى دفن بمكة، في ذي
الحجة سنة سبع وستين وثلاث مئة، ودفن عند الفضيل، وبيعت
كتبه، فكشفت تلك الكتب عن أحوال والله أعلم.
وسمعته يقول، وعوتب في الروح، فقال: إن كان بعد الصديقين
موحد فهو الحلاج.
قلت وهذه ورطة أخرى، بل قتل الحلاج بسيف الشرع على
الزندقة.
وقد جمعت بلاياه في جزءين (2)، وقد كان النصراباذي صحب
الشبلي، ومشى على حذوه، فواغوثاه بالله (3).
ومن كلامه: نهايات الاولياء بدايات الانبياء.
وقال: إذا أعطاكم حباكم، وإذا منع حماكم، فإذا حباك شغلك،
وإذا حماك حملك.
وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الاهواء
والبدع.
__________
(1) انظر صحيح البخاري 3 / 163: باب ما يكره من اتخاذ
المساجد على القبور، ومسلم (528) و (529) و (530) و (532)
في المساجد: باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
(2) تقدمت ترجمة الحلاج مفصلة في الجزء الرابع عشر من "
السير ".
(3) ذكر السلمي بعض هذه الاقوال في " طبقاته " ص 488.
[ * ]
(16/265)
ورؤية أعذار الخلق، والمداومة على الاوراد، وترك الرخص.
قال السلمي: كان أبو القاسم يحمل الدواة والورق، فكلما
دخلنا بلدا قال لي: قم حتى نسمع، ودخلنا بغداد، فأتينا
القطيعي، وكان له وراق فأخطأ غير مرة، وأبو القاسم يرد
فلما رد عليه الثالثة، قال: يا رجل إن كنت تحسن تقرأ
فدونك، فقام وأخذ الجزء، فقرأ قراءة تحير منها القطيعي ومن
حوله.
قال: فسألني الوراق: من هذا ؟ قلت: الاستاذ أبو القاسم
النصراباذي، فقام، وقال: أيها الناس هذا شيخ خراسان.
قال السلمي: وخرج بنا نستسقي مرة، فعمل طعاما كثيرا، وأطعم
الفقراء، فجاء المطر كأفواه القرب وبقيت أنا وهو لا نقدر
على المضي، فأوينا إلى مسجد، فكان يكف وكنا صياما، فقال:
تريد أن أطلب لك من الابواب كسرة ؟ قلت: معاذ الله، وكان
يترنم ويقول: خرجوا ليستسقوا فقلت لهم قفوا * دمعي ينوب
لكم عن الانواء قالوا صدقت ففي دموعك مقنع * لكنها ممزوجة
بدماء (1) أخبرنا أبو الفضل بن عساكر سماعا عن المؤيد
الطوسي، أخبرنا أبو الأسعد بن القشيري، قال: ألبسني الخرقة
جدي أبو القاسم القشيري، ولبسها من الاستاذ أبي علي
الدقاق، عن أبي القاسم النصراباذي، عن أبي بكر الشبلي، عن
الجنيد، عن سري السقطي، عن معروف الكرخي، رحمهم الله
تعالى.
قلت: وما بعد معروف فمنقطع، زعموا أنه أخذ عن داود
__________
(1) البيتان في " طبقات الاولياء " لابن الملقن: ص 28.
[ * ]
(16/266)
الطائي، وصحب حبيبا العجمي، وصحب الحسن البصري، وصحب عليا
رضي الله عنه، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم (1).
187 - عمران بن شاهين * ملك
البطائح، كان عليه دماء، فهرب إلى البطيحة، واحتمى
بالآجام، يتصيد السمك والطير، فرافقه صيادون، ثم التف عليه
لصوص، ثم استفحل أمره، وكثر جمعه، فأنشأ معاقل وتمكن،
وعجزت عنه الدولة، وقاتلوه فما قدروا عليه، وحاربه عز
الدولة غير مرة، ولم يظفروا به، إلى أن مات على فراشه سنة
تسع وستين وثلاث مئة، وامتدت دولته أربعين سنة، وقام بعده
ابنه الحسن مدة، لكنه التزم بمال في السنة لعضد الدولة.
188 - الليثي * * الامام
الجليل المأمون، مسند الاندلس، أبو عيسى يحيى بن
__________
(1) في " المقاصد الحسنة " ص 331: حديث لبس الخرقة الصوفية
وكون الحسن البصري لبسها من علي قال ابن دحية وابن الصلاح:
إنه باطل، وكذا قال شيخنا (هو الحافظ ابن حجر): إنه ليس في
شئ من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا
ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة
المتعارفة بين الصوفية لاحد من أصحابه، ولا أمر أحدا من
أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى في ذلك صريحا فباطل، قال: ثم
إن من الكذب المفترى قول من قال: إن عليا ألبس الخرقة
الحسن البصري، فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي
سماعا.
فضلا عن أن يلبسه الخرقة..ولم ينفرد شيخنا بهذا، بل سبقه
إليه جماعة
كالدمياطي والذهبي والهكاري وأبي حيان والعلائي ومغلطاي
والعراقي، وابن الملقن، والابناسي والبرهان الحلبي، وابن
ناصر الدين، وتكلم عليها في جزء مفرد.
* تجارب الامم: 6 / 119، الكامل لابن الاثير: 8 / 481 -
485، 489، 490 وغيرها، المختصر في أخبار البشر: 2 / 121،
ابن خلدون: 3 / 423 و 4 / 437، 505.
* * تاريخ علماء الاندلس: 2 / 191 - 192، العبر: 2 / 346،
الديباج المذهب: 2 / 357 - 358 شذرات الذهب: 3 / 65.
[ * ]
(16/267)
عبد الله بن يحيى بن فقيه الاندلس يحيى بن يحيى بن وسلاس
الليثي القرطبي المالكي، راوي " الموطأ " عن عم أبيه
عبيدالله بن يحيى.
سمع أيضا من محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد الجباب،
وأسلم بن عبد العزيز، ووالده عبد الله بن يحيى، وعلي بن
الحسين البجاني، وجماعة.
وولي قضاء مدينة بجانة، وإلبيرة من جهة أخيه قاضي الجماعة،
ثم ولاه أحكام الرد.
طال عمره وبعد صيته، وتفرد بعلو " الموطأ " ورحلوا إليه.
وروى عن عبيدالله بن يحيى أيضا، كتاب الليث بن سعد، وسماع
ابن القاسم، وعشرة يحيى بن يحيى، وتفسير عبدالرحمن بن زيد
بن أسلم، ونتفا من حديث الشيوخ.
وقال أبو الوليد بن الفرضي: اختلف إليه في سماع " الموطأ "
سنة ست وستين وثلاث مئة، وكان الميعاد أيام الجمع، فتم لي
سماعه، ولم أشهد بقرطبة مجلسا أكثر بشرا من مجلس في "
الموطأ "، إلا ما كان من بعض مجالس يحيى بن مالك، وقد سمع
منه أمير المؤمنين
المؤيد بالله.
قلت: روى عنه أبو عمر الطلمنكي، والحافظ محمد بن عمر ابن
الفخار، وخلف بن عيسى الوشقي، وعثمان بن أحمد القيشطالي،
ومحمد ابن يحيى بن الحذاء، ويونس بن مغيث، وآخرون.
توفي في ثامن رجب سنة سبع وستين ثلاث مئة عن سن عالية.
(16/268)
189 - عمر بن بشران * ابن محمد بن بشر بن مهران،
الامام الحافظ الثبت، أبو حفص البغدادي السكري.
سمع أحمد بن الحسن الصوفي، وعبد الله بن زيدان البجلي،
وأبا القاسم البغوي، وأقرانهم، وهو أخو جد أبي الحسين بن
بشران المعدل.
قال أبو بكر الخطيب: حدثنا عنه البرقاني وسألته عنه، فقال:
ثقة ثقة، كان حافظا، عارفا، كثير الحديث، بقي إلى سنة سبع
وستين وثلاث مئة (1).
قلت: يقع لنا حديثه في المصافحة للبرقاني.
190 - المفيد * * الشيخ
الامام، المحدث الضعيف، أبو بكر، محمد بن أحمد ابن
محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد.
يروي عن أحمد بن عبدالرحمن السقطي - مجهول - عن يزيد بن
هارون، وروى " الموطأ " عن الحسين بن عبيدالله - لا يدري
من ذا - عن
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 256، تذكرة الحفاظ: 3 / 966، غاية
النهاية: 1 / 589، طبقات
الحفاظ: 385، شذارت الذهب: 3 / 60.
(1) في " تاريخ بغداد ": 11 / 256: ومات قبل ابن النحاس،
ومات ابن النحاس في سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
* * تاريخ بغداد: 1 / 346 - 348، العبر: 3 / 8، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 28 / ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 979 - 980،
ميزان الاعتدال: 3 / 460 - 461، لسان الميزان: 5 / 45،
طبقات الحفاظ: 388 - 389، شذرات الذهب: 3 / 92.
[ * ]
(16/269)
القعنبي، وروى عن أبي شعيب الحراني، وموسى بن هارون، ومحمد
بن يحيى المروزي، وعلي بن محمد بن أبي الشوارب، وخلق كثير.
وقد تجاسر البرقاني وخرج عنه في " صحيحه " فلم يصب، واعتذر
بالعلو، وقال: ليس بحجة، وقال: كتبت عنه " الموطأ " فلما
رجعت، قال لي أبو بكر بن أبي سعد: أخلف الله نفتقك، فدفعت
النسخة إلى رجل عامي أعطاني بدلها بياضا، قال أبو الوليد
الباجي: أبو بكر المفيد، أنكرت عليه أساند ادعاها.
وقال المحدث محمد بن أحمد الروياني: لم أر أحدا أحفظ من
المفيد (1).
ووصفه أبو نعيم الاصبهاني بالحفظ، وارتحل إليه إلى جرجرايا
من أعمال العراق.
وقال الخطيب: حدثني محمد بن عبد الله، عن المفيد، قال:
موسى بن هارون هو سماني المفيد (2).
وقال الماليني: كان المفيد رجلا صالحا.
قرأت على أحمد بن ضياء الخطيب، أخبركم عتيق السلماني،
أخبرنا
أبو القاسم بن عساكر الحافظ، أخبرنا أبو غالب أحمد، ويحيى
ابنا البنا، قالا: أخبرنا الحسن بن غالب المقرئ، حدثنا
محمد بن أحمد المفيد، إملاء بجرجرايا، حدثنا عثمان بن
خطاب، سمعت عليا رضي الله عنه،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 346.
(2) المصدر السابق.
[ * ]
(16/270)
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب علي
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
هذا حديث غير صحيح بهذا السند (1)، وعثمان هو أبو الدنيا
الاشج كذاب.
وهو ثماني لنا.
توفي المفيد سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
191 - بصلة * هو الامام المحدث
الحجة، أبو الحسين، محمد بن محمد بن عبيدالله
الجرجاني.
سمع عمران بن موسى بن مجاشع.
والسراج، وابن خزيمة، وابن جوصا، وعدة.
روى عنه أبو نعيم الحافظ، وغيره، عداده في الحفاظ.
توفي بعد الستين وثلاث مئة.
192 - ظالم بن مرهوب * *
العقيلي، أمير العرب، قصد دمشق غير مرة، ثم غلب
عليها ووليها
__________
(1) وهو صحيح من طريق آخر عن علي، فقد أخرجه البخاري 1 /
178 في العلم: باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه
وسلم، ومسلم (1) في المقدمة، والترمذي (2662)
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لا تكذبوا علي، فإنه من كذب على يلج النار " وهو
حديث متواتر رواه غير واحد من الصحابة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 984، مشتبه النسبة: 2 / 644، تبصير
المنتبه: 4 / 1422، طبقات الحفاظ: 390.
* * تاريخ دمشق، الكامل لابن الاثير: 8 / 640، 648، 656،
657، النجوم الزاهرة: 4 / 58، تهذيب ابن عساكر: 7 / 117.
[ * ]
(16/271)
للقرمطي، واستناب أخاه، ثم توجه إلى الحسن القرمطي فقبض
عليه، ثم خلص وهرب إلى حصن له بالفرات ثم استماله المعز
لكي يسوس به على القرمطي، فلما وصل إلى بعلبك بلغه هزيمة
القرمطي، فاستولى على دمشق في سنة ثلاث وستين وثلاث مئة،
وأقام بها دعوة المعز شهرين، وجاء على دمشق الكتامي، فجرت
بينهما فتنة.
193 - ابن سالم * أبو عبد
الله، محمد بن أبي الحسن أحمد بن محمد بن سالم
البصري الزاهد شيخ الصوفية السالمية، وابن شيخهم.
عمر دهرا، وكان أبوه من تلامذة سهل بن عبد الله التستري.
ولحق هو - وهو حدث - سهلا، وحفظ عنه.
أدركه أبو سعيد النقاش، ورآه أبو نعيم الحافظ، وما كتب عنه
شيئا.
وروى عنه أبو طالب صاحب القوت، وأبو بكر بن شاذان
الرازي، وأبو مسلم محمد بن علي بن عوف البرجي الاصبهاني،
وأبو نصر عبد الله بن علي الطوسي، ومنصور بن عبيدالله
الصوفي، وآخرون.
قال السلمي في " تاريخ الصوفية ": محمد بن أحمد بن سالم،
أبو عبد الله البصري، ولد أبي الحسن بن سالم، روى كلام سهل
وهو من
__________
* طبقات الصوفية: 414 - 416، حلية الاولياء: 10 / 378 -
379، الانساب: 7 / 12، اللباب: 2 / 93، مرآة الجنان: 2 /
373، طبقات الشعراني: 1 / 136.
[ * ]
(16/272)
كبار أصحابه وله أصحاب يسمون السالمية، هجرهم الناس لالفاظ
هجنة أطلقوها وذكروها.
وقال أبو نعيم في " الحلية ": ومنهم أبو عبد الله محمد بن
أحمد بن سالم البصري صاحب سهل التستري وحافظ كلامه،
أدركناه، وله أصحاب.
وقال أبو بكر الرازي: سمعت ابن سالم، يقول: سمعت سهل ابن
عبد الله، يقول: لا يستقيم قلب عبد حتى يقطع كل حيلة وكل
سبب غير الله، وقال: قال سهل: ما اطلع الله على قلب فرأى
فيه هم الدنيا إلا مقتة، والمقت أن يتركه ونفسه.
قال أبو نصر الطوسي، سألت ابن سالم عن الوجل، فقال: انتصاب
القلب بين يدي الله، فسألته عن العجب فقال: أن تستحسن
عملك، وترى طاعتك، فقلت: يتهيأ أن لا يستحسن صلاته وصومه.
قال: إذا علم تقصيره فيها والآفات التي تدخلها.
قلت: للسالمية بدعة لا أتذكرها الساعة، قد تفضي إلى حلول
خاص
وذلك في " القوت ".
ومات ابن سالم وقد قارب التسعين، سنة بضع وخمسين وثلاث
مئة.
194 - ابن شارك * العلامة
الحافظ، أبو حامد، أحمد بن محمد بن شارك الهروي
__________
* العبر 2 / 321، طبقات السبكي: 3 / 45 - 46، طبقات
المفسرين للسيوطي: 5، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 75 -
76، شذرات الذهب: 3 / 36، تاج العروس: 7 / 150، الرسالة
المستطرفة: 28.
[ * ]
(16/273)
الشافعي المفسر، مفتي هراة وشيخها.
سمع محمد بن عبدالرحمن السامي، والحسن بن سفيان، وعبد الله
بن شيرويه، وأبا يعلى الموصلي، وعبد الله بن زيدان البجلي،
وأحمد بن الحسن الصوفي، وطبقتهم.
وعنه: الحاكم وأبو إبراهيم النصراباذي، وطائفة من مشيخة
أبي إسماعيل الانصاري.
قال الحاكم: كان حسن الحديث.
وقال أبو النضر الفامي: توفي في ربيع الآخر سنة ثمان
وخمسين وثلاث مئة.
وقال الحاكم: مات بهراة سنة خمس وخمسين.
195 - القرمطي * الملك، أبو
علي، الحسن بن أحمد بن أبي سعيد حسن بن بهرام من
أبناء الفرس الجنابي القرمطي الملقب بالاعصم.
مولده بالاحساء في سنة ثمان وسبعين ومئتين، وتنقلت به
الاحوال، وأصله من الفرس.
استولى على الشام في سنة سبع وخمسين وثلاث مئة واستناب على
دمشق وشاحا السلمي، ثم رد إلى الاحساء، ثم جائ إلى الشام
__________
* تاريخ أخبار القرامطة: 95، العبر: 2 / 340، فوات
الوفيات: 1 / 318 - 319، الوافي بالوفيات: 11 / 373، مرآة
الجنان: 2 / 385، البداية والنهاية: 11 / 286 - 287،
النجوم الزاهرة: 4 / 128.
شذارت الذهب: 3 / 55، تهذيب ابن عساكر: 4 / 151 - 153.
[ * ]
(16/274)
سنة ستين وثلاث مئة، وعظمت جموعه، والتقى جعفر بن فلاح
مقدم جيش المعز العبيدي فهزمه، وظفر بجعفر فذبحه، وكان هذا
قد أخذ دمشق، وافتتحها للمعز، ثم ترقت همة الاعصم، وسار
بجيوشه إلى مصر، ثم حاصر مصر في سنة إحدى وستين أشهرا،
واستعمل على إمرة دمشق ظالم بن مرهوب العقيلي، ثم رجع إلى
الشام، وكانت وفاته بالرملة، سنة ست وستين وثلاث مئة، وكان
يظهر طاعة الطائع العباسي.
وله نظم يروق.
قال حسين بن عثمان الفارقي: كنت بالرملة، وقد قدمها أبو
علي القرمطي القصير الثياب، فقربني إلى خدمته، فكنت ليلة
عنده، وأحضرت الشموع، فقال لكاتبه أبي نصر كشاجم: ما يحضرك
في صفة هذا الشمع ؟ فقال: إنما نحضر مجلس سيدنا نسمع من
كلامه، فقال أبو علي بديها: ومجدولة مثل صدر القناة * تعرت
وباطنها مكتسي لها مقلة هي روح لها * وتاج على هيئة البرنس
إذا غازلتها الصبا حركت * لسانا من الذهب الاملس فنحن من
النور في أسعد * وتلك من النار في أنحس فأجاز أبو نصر،
فقال بعد أن قبل الارض: وليلتنا هذه ليلة * تشاكل أوضاع
أقليدس فياربة العود حثي الغنا * ويا حامل الكاس لا تنعس
(1)
__________
(1) الخبر بطوله في " الوافي بالوفيات ": 11 / 375 - 376،
و " تهذيب ابن عساكر ": 4 / 152، وانظر أيضا " فوات
الوفيات ": 1 / 319.
[ * ]
(16/275)
ومما كتب الاعصم إلى جعفر بن فلاح يتهدده: الكتب معذرة
والرسل مخبرة * والجود متبع والخير موجود والحرب ساكنة
والخيل صافنة * والسلم مبتذل والظل ممدود فإن أنبتم فمقبول
إنابتكم * وإن أبيتهم فهذا الكور مشدود على ظهور المطايا
أو تردن بنا * دمشق والباب مهدوم ومردود إني امرؤ ليس من
شأني ولا أربي * طبل يرن ولا ناي ولا عود ولا أبيت بطين
البطن من شبع * ولي رفيق خميص البطن مجهود ولا تسامت بي
الدنيا إلى طمع * يوما ولا غرني فيها المواعيد (1) وهو
القائل: لها مقلة صحت ولكن جفونها * بها مرض يسبي القلوب
ويتلف وخد كورد الروض يجنى بأعين * وقد عز حتى إنه ليس
يقطف وعطفة صدغ له تعلم عطفها * لكانت على عشاقها تتعطف
(2)
196 - أبو الشيخ * الامام
الحافظ الصادق، محدث أصبهان، أبو محمد، عبد الله بن محمد
بن جعفر بن حيان، المعروف بأبي الشيخ، صاحب التصانيف.
__________
(1) الابيات في " البداية والنهاية ": 11 / 287، و " تهذيب
ابن عساكر ": 4 / 152.
(2) الابيات في " تهذيب ابن عساكر ": 4 / 152.
وللبيت الثالث رواية أخرى بلفظ: لكان على عشاقه يتعطف.
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 90، تذكرة الحفاظ: 3 / 945 - 947،
العبر: 2 / 351 - 352، غاية النهاية: 1 / 447، النجوم
الزاهرة: 4 / 136، طبقات الحفاظ: 381، طبقات المفسرين
للداوودي: 1 / 240 - 241، شذرات الذهب: 3 / 69 هدية
العارفين: 1 / 447، الرسالة المستطرفة: 38.
[ * ]
(16/276)
ولد سنة أربع وسبعين ومئتين.
وطلب الحديث من الصغر، اعتنى به الجد، فسمع من جده محمود
ابن الفرج الزاهد، ومن إبراهيم بن سعدان، ومحمد بن عبد
الله بن الحسن ابن حفص الهمداني رئيس أصبهان، ومحمد بن أسد
المدنيي صاحب أبي داود الطيالسي، وعبد الله بن محمد بن
زكريا، وأبي بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن محمد بن علي
الخزاعي، وإبراهيم بن رسته، وأبي بكر أحمد بن عمرو البزار
صاحب المسند، وإسحاق بن إسماعيل الرملي، سمع منه في سنة
أربع وثمانين ومئتين.
وسمع في ارتحاله من خلق كأبي خليفة الجمحي، ومحمد بن يحيى
المروزي، وعبدان، وقاسم المطرز، وأبي يعلى الموصلي، وجعفر
الفريابى، وأحمد بن يحيى بن زهير، ومحمد بن الحسين بن علي
بن بحر، وأحمد بن رسته الاصبهاني، وأحمد بن سعيد بن عروة
الصفار، والمفضل ابن محمد الجندي، وأحمد بن الحسن الصوفي،
وأبي عروبة الحراني،
ومحمد بن إبراهيم بن شبيب، ومحمود بن محمد الواسطي، وعلي
بن سعيد الرازي، وإبراهيم بن علي العمري، وأبي القاسم
البغوي، وأحمد بن جعفر الجمال، والوليد بن أبان، وأمم
سواهم.
وعنه: ابن مندة، وابن مردويه، وأبو سعد الماليني، وأبو
سعيد النقاش، وأبو بكر أحمد بن عبدالرحمن الشيرازي، وسفيان
بن حسنكويه، وأبو نعيم الحافظ، ومحمد بن علي بن سمويه،
والفضل بن محمد القاشاني، ومحمد بن علي بن محمد بن
بهروزمرد، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين الصالحاني،
وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبدالرحمن الصفار، وأبو الحسين
محمد بن أحمد الكسائي، ومحمد بن علي بن محمد
(16/277)
ابن سيويه المؤدب، ومحمد بن عبد الله بن أحمد التبان، وأبو
العلاء محمد ابن أحمد بن شاه المهرجاني، ومحمد بن عبد
الرزاق بن أبي الشيخ وهو حفيده، وأبو ذر محمد بن إبراهيم
الصالحاني، وأحمد بن محمد بن أحمد ابن جعفر اليزدي، وأحمد
بن محمد بن يزدة الملنجي المقرئ، وأبو القاسم عبد الله بن
محمد العطار المقرئ، وعبد الكريم بن عبد الواحد الصوفي،
والفضل بن أحمد القصار، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد
الرحيم الكاتب، وآخرون.
قال ابن مردويه: ثقة مأمون، صنف التفسير والكتب الكثيرة في
الاحكام وغير ذلك.
وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو الشيخ حافظا، ثبتا، متقنا.
وقال أبو القاسم السوذرجاني: هو أحد عباد الله الصالحين،
ثقة مأمون.
وقال أبو موسى المديني: مع ما ذكر من عبادته كان يكتب كل
يوم دستجة كاغد لانه كان يورق ويصنف، وعرض كتابه " ثواب
الاعمال " على الطبراني، فاستحسنه، ويروى عنه أنه قال: ما
عملت فيه حديثا إلا بعد أن استعملته.
وعن بعض الطلبة قال: ما دخلت على أبي القاسم الطبراني إلا
وهو يمزح أو يضحك، وما دخلت على أبي الشيخ إلا وهو يصلي.
قلت: لابي الشيخ كتاب " السنة " مجلد، كتاب " العظمة "
مجلد، كتاب " السنن " في عدة مجلدات، وقع لنا منه كتاب "
الاذان " ؟، وكتاب " الفرائض "، وغير ذلك.
وله كتاب " ثواب الاعمال " في خمس مجلدات.
(16/278)
وقال أبو نعيم: كان أحد الاعلام، صنف الاحكام والتفسير،
وكان يفيد عن الشيوخ، ويصنف لهم ستين سنة.
قال: وكان ثقة.
وروى أبو بكر بن المقرئ عن أبي الشيخ، فقال: حدثنا عبد
الله ابن محمد القصير، أنبأني علي بن عبد الغني شيخنا: أنه
سمع يوسف بن خليل الحافظ يقول: رأيت في النوم، كأني دخلت
مسجد الكوفة، فرأيت شيخا طوالا لم أر شيخا أحسن منه، فقيل
لي: هذا أبو محمد بن حيان، فتبعته وقلت له: أنت أبو محمد
بن حيان ؟ قال: نعم.
قلت: أليس قد مت ؟ قال: بلى.
قلت: فبالله ما فعل الله بك ؟ قال: " الحمد لله الذي صدقنا
وعده وأورثنا الارض " الآية: [ الزمر: 74 ]، فقلت: أنا
يوسف، جئت لاسمع حديثك وأحصل كتبك، فقال: سلمك الله، وفقك
الله، ثم صافحته، فلم أر شيئا قط ألين من كفه، فقبلتها
ووضعتها على عيني.
قلت: قد كان أبو الشيخ من العلماء العاملين، صاحب سنة
واتباع، لولا ما يملا تصانيفه بالواهيات.
قال أبو نعيم: توفي في سلخ المحرم سنة تسع وستين وثلاث
مئة.
ومات معه في السنة مسند بغداد أبو محمد بن ماسي، ومخلد بن
جعفر الباقرحي، والامام أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي،
وآخرون، وقاضي القضاة ابن أم شيبان.
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا
مسعود الجمال، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو بكر محمد
بن عبد الله بن مهران الصالحاني، حدثنا أبو محمد بن حيان،
حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا
(16/279)
القعنبي، حدثنا سلمة بن وردان، سمعت أنس بن مالك، عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " آية الكرسي ربع القرآن "
(1).
وأجازه لنا أحمد بن سلامة عن الجمال.
197 - الحسن بن رشيق *
الامام المحدث الصادق، مسند مصر، أبو محمد العسكري المصري،
منسوب إلى عسكر مصر، المعدل.
ولد سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
وسمع من أحمد بن حماد زغبة، ومحمد بن عثمان بن سعيد
السراج، ومحمد بن رزيق بن جامع المديني، وأبي الرقراق أحمد
بن محمد المعلم، وأبي عبدالرحمن النسائي فأكثر، وعلي بن
سعيد بن بشير الرازي، وأبي دجانة أحمد بن إبراهيم
المعافري، والمفضل بن محمد الجندي، وعبد
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف سلمة بن وردان، وذكره السيوطي في "
الجامع الصغير " ونسبه
لابي الشيخ هذا في " الثواب " وأخرجه أحمد 3 / 221 من طريق
عبد الله بن الحارث، عن سلمة بن وردان، عن أنس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من صحابته، فقال: " أي
فلان هل تزوجت ؟ " قال: لا، وليس عندي ما أتزوج به، قال: "
أليس معك (قل هو الله أحد) ؟ " قال: بلى، قال: " ربع
القرآن " قال: " أليس معك (قل يا أيها الكافرون) ؟ " قال:
بلى، قال: " ربع القرآن " قال: " أليس معك (إذا زلزلت
الارض) ؟ " قال: بلى، قال: " ربع القرآن " قال: " أليس معك
(إذا جاء نصر الله) ؟ " قال: بلى، قال " ربع القرآن " قال:
" أليس معك آية الكرسي (الله لا إله إلا هو) ؟ " قال: بلى:
قال: " ربع القرآن " قال: " تزوج، تزوج، تزوج " ثلاث مرات.
وسنده ضعيف كسابقه.
* معجم البلدان: 4 / 123، اللباب: 2 / 340، تذكرة الحفاظ:
3 / 259 - 260، العبر: 2 / 355، ميزان الاعتدال: 1 / 490،
الوافي بالوفيات: 12 / 16 - 17، غاية النهاية: 1 / 212 -
213، لسان الميزان: 2 / 207، طبقات الحفاظ: 384، النجوم
الزاهرة: 4 / 139، حسن المحاضرة: 1 / 352، شذرات الذهب: 3
/ 71.
[ * ]
(16/280)
السلام بن أحمد بن سهيل، وأحمد بن محمد بن يحيى الانماطي،
ويموت ابن المزرع، وأمم سواهم، وسمع وهو مراهق، وطال عمره،
وعلا إسناده، وكان ذا فهم ومعرفة.
حدث عنه: الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد، وعبد الرحمن بن
النحاس، وإسماعيل بن عمرو الحداد، ويحيى بن علي الطحان،
ومحمد بن المغلس الداوودي، ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر،
وعلي بن ربيعة التميمي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي،
ومحمد بن الحسين الطفال، وخلق من المغاربة.
وكان محدث مصر في زمانه.
قال يحيى بن الطحان: روى عن خلق لا أستطيع ذكرهم، ما رأيت
عالما أكثر حديثا منه.
قال لي: ولدت في صفر سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
وتوفي في جمادى الآخرة سنة سبعين وثلاث مئة.
198 - والد أبي نعيم * الحافظ
الامام، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن إسحاق
الاصبهاني، سبط محمد بن يوسف البنا الزاهد، وولاؤه لآل عبد
الله بن جعفر بن أبي طالب.
روى عن: أبي خليفة، وابن ناجية، وعبدان الاهوازي، ومحمد بن
يحيى بن مندة، وطبقتهم.
روى عنه: ابنه أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني.
مات سنة خمس وستين وثلاث مئة، وله أربع وثمانون سنة.
__________
* العبر: 2 / 337، شذرات الذهب: 3 / 50 - 51.
[ * ]
(16/281)
وكان صدوقا، عالما، بكر بولده وسمعه من الكبار، وأخذ له
إجازة الاصم، وابن داسة.
199 - ابن الناصح * الامام
المسند المفتي، أبو أحمد، عبد الله بن محمد بن عبد
الله بن الناصح الدمشقي الفقيه الشافعي، ويعرف بابن
المفسر، نزيل مصر.
سمع أبا بكر أحمد بن علي المروزي، وعبد الرحمن بن القاسم
الرواس، وعلي بن غالب السكسكي، ومحمد بن إسحاق بن راهويه،
والحافظ عبد الله بن محمد بن علي البلخي، والجنيد بن خلف
السمرقندي، وهؤلاء الثلاثة لقيهم في الحج.
انتخب عليه الدارقطني، وحدث عنه: ابن مندة، وعبد الغني بن
سعيد، وأحمد بن محمد بن أبي العوام، وأبو النعمان تراب بن
عبيد، وإسماعيل بن أبي محمد بن النحاس، وإبراهيم بن علي
الغازي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي، وآخرون.
توفي في رجب سنة خمس وستين وثلاث مئة، وكان من أبناء
التسعين.
قرأت على إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا الحسن بن علي بن
الحسين بن البن الاسدي، أخبرنا جدي، أخبرنا علي بن محمد
المصيصي، أخبرنا تراب بن عمر، أخبرنا أبو أحمد بن الناصح،
أخبرنا علي
__________
* العبر: 2 / 338، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 314 - 315،
غاية النهاية: 1 / 452، حسن المحاضرة: 1 / 402، طبقات
المفسرين للداوودي: 1 / 250، شذرات الذهب: 3 / 51.
[ * ]
(16/282)
ابن غالب ببيت لهيا، حدثنا علي بن المديني، حدثنا معاوية
بن عبد الكريم، قال: " سئل الحسن، وأنا إلى جنبه عن الرجل
يقول: يا ولد البغل، قال: أصرح ؟ ليس عليه حد ".
200 - القفال الشاشي * الامام
العلامة، الفقيه الاصولي اللغوي، عالم خراسان، أبو بكر،
محمد بن علي بن إسماعيل بن الشاشي الشافعي القفال
الكبير، إمام وقته، بما وراء النهر، وصاحب التصانيف.
قال الحاكم: كان أعلم أهل ما وراء النهر بالاصول، وأكثرهم
رحلة في طلب الحديث.
سمع أبا بكر بن خزيمة، وابن جرير الطبري، وعبد الله بن
إسحاق
المدائني، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي،
وأبا عروبة الحراني، وطبقتهم.
قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات " (1) توفي سنة ست
وثلاثين.
__________
* الفهرست: 303، طبقات العبادي: 92، طبقات الشيرازي: 112،
الانساب: 7 / 244، تبيين كذب المفتري: 182 - 183، معجم
البلدان: 3 / 309، اللباب: 2 / 174، طبقات ابن الصلاح:
الورقة 19، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 282 - 283، وفيات
الاعيان: 4 / 200 - 201، العبر: 2 / 338 - 339، دول
الاسلام: 1 / 226، الوافي بالوفيات: 4 / 112 - 114، مرآة
الجنان: 2 / 381 - 383، طبقات السبكي: 3 / 200 - 222،
طبقات الاسنوي: 2 / 79 - 80، النجوم الزاهرة: 4 / 111،
طبقات المفسرين للسيوطي: 36 - 37، طبقات المفسرين
للداوودي: 2 / 196 - 198، طبقات ابن هداية الله: 88 - 89،
شذرات الذهب: 3 / 51 - 52، هدية العارفين: 2 / 48، طبقات
الاصوليين: 1 / 201 - 202.
(1) " طبقات الشيرازي ": ص 112.
[ * ]
(16/283)
فهذا وهم بين وقد أرخ وفاته الحاكم في آخر سنة خمس وستين
وثلاث مئة بالشاش.
وكذا ورخه أبو سعد السمعاني، وزاد أنه ولد في سنة إحدى
وتسعين ومئتين.
وذكر أبو إسحاق أنه تفقه على ابن سريج، وهذا وهم آخر.
مات ابن سريج قبل قدوم القفال بثلاث سنين.
قال: وله مصنفات كثيرة ليس لاحد مثلها، وهو أول من صنف
الجدل الحسن من الفقهاء، وله كتاب في أصول الفقه، وله "
شرح الرسالة " وعنه انتشر فقه الشافعي بما وارء النهر.
قلت: ممن غرائب وجوهه في " الروضة ": أن للمريض الجمع بنى
الصلاتين (1).
ومنها أنه استحب للكبير أن يعق عن نفسه، وقد قال
الشافعي: لا يعق عن كبير (2).
وحدث عنه: ابن مندة، والحاكم، والسلمي، وأبو عبد الله
الحليمي، وأبو نصر بن قتادة، وابنه القاسم الذي صنف "
التقريب " وهو كتاب مفيد قليل الوقوع، ينقل منه صاحب "
النهاية " إمام الحرمين، وصاحب " الوسيط " في " كتاب الرهن
" فوهم وسماه أبا القاسم.
قال السمعاني: وصنف أبو بكر كتاب " دلائل النبوة "، وكتاب
" محاسن الشريعة ".
وقال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء
عصره.
قال الشيخ محي الدين النواوي: إذا ذكر القفال الشاشي،
فالمراد هو، وإذا قيل: القفال المروزي، فهو القفال الصغير
الذي كان بعد
__________
(1) انظر " الروضة " للنووي: 1 / 401.
(2) قال النووي في " الروضة ": 3 / 229 ما نصه: " واستحسن
القفال الشاشي أن يفعلها، ويروى عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه عق عن نفسه بعد النبوة، ونقلوا عن نص الشافعي في
البويطي أنه لا يفعل ذلك، واستغربوه ".
[ * ]
(16/284)
الاربع مئة، قال: ثم إن الشاشي يتكرر ذكره في التفسير
والحديث والاصول والكلام.
وأما المروزي فيتكرر في الفقهيات (1).
قال أبو الحسن الصفار: سمعت أبا سهل الصعلوكي، وسئل عن
تفسير أبي بكر القفال، فقال: قدسه من وجه، ودنسه من وجه،
أي: دنسه من جهة نصره للاعتزال.
قلت: قد مر موته، والكمال عزيز، وإنما يمدح العالم بكثرة
ماله من الفضائل، فلا تدفن المحاسن لورطة، ولعله رجع عنها.
وقد يغفر له
باستفراغه الوسع في طلب الحق ولا قوة إلا بالله.
قال أبو بكر البيهقي في " شعب الايمان ": أنشدنا أبو نصر
بن قتادة، أنشدنا أبو بكر القفال: أوسع رحلي على من نزل *
وزادي مباح على من أكل نقدم حاضر ما عندنا * وإن لم يكن
غير خبز وخل فأما الكريم فيرضى به * وأما اللئيم فمن لم
أبل (2)
201 - كشاجم * شاعر زمانه،
يذكر مع المتنبي، وهو أبو نصر محمود بن حسين، له
__________
(1) " تهذيب الاسماء واللغات ": 2 / 282 - 283.
(2) الابيات في " تهذيب الاسماء واللغات ": 2 / 283، و "
طبقات السبكي ": 3 / 204، و " طبقات المفسرين للداوودي ":
2 / 198، ورواية الاول فيه: أوسع رحلي على منزلي.
* مروج الذهب: 4 / 366 - 369، يتيمة الدهر: 1 / 285 - 289،
الفهرست: 200، تاريخ دمشق، العبر: 2 / 322، عيون التواريخ:
11 الورقة: 61، حسن المحاضرة: 1 / 560، شذرات الذهب: 3 /
37 - 38، تاج العروس: مادة " كشم " هدية العارفين: 2 /
401، أعلام الشيعة للطهماني: 316.
[ * ]
(16/285)
ذكر في " تاريخ دمشق ".
روى عنه الحسين بن عثمان الخرقي وغيره.
ديوانه مشهور.
وكان شاعرا، كاتبا، منجما، فعمل من حروف ذلك له اللقب.
وله: مستملح من كل أطرافه * مستحسن الاقبال والملتفت
لو بيعت الدنيا ولذاتها * بساعة من وصله ما وفت سلطت
الالحاظ منه على * جسمي فلو أودت به ما اكتفت واستعذبت
روحي هواه فما * تصحو ولا تسلو ولو أتلفت
202 - الشرمقاني * الامام
الحافظ الرحال الاديب الفقيه، أبو الفضل، أحمد بن محمد
بن حمدون بن بندار الخراساني الشرمقاني، وشرمقان: بليدة من
عمل نسا (1).
سمع من: الحسن بن سفيان، ومسدد بن قطن، وابن خزيمة، وأبي
القاسم البغوي، وأبي عروبة الحراني، وأقرانهم، وسمع بدمشق
من أبي الحسن بن جوصا، وطائفة.
حدث عنه الحاكم، وأبو سعد الماليني، وجماعة.
وعندي أجزاء من فوائده.
__________
* تاريخ دمشق، الانساب: 7 / 326، معجم البلدان: 3 / 338،
تهذيب ابن عساكر: 2 / 51.
(1) قال ياقوت: بليدة بخراسان من نواحي إسفرايين في
الجبال، بينها وبين نيسابور أربعة أيام.
[ * ]
(16/286)
قال الحاكم: كان من أعيان مشايخ خراسان في الفقه، والادب،
وكثرة الطلب.
توفي الشرمقاني في سنة ست وستين وثلاث مئة.
أخبرنا محمد بن أبي العز البزاز بطرابلس، أخبرنا الحسن بن
يحيى المخزومي، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن
الخلعي، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو الفضل محمد
بن أحمد الشرمقاني التأني، حدثنا أبو
القاسم البغوي، حدثنا شجاع بن مخلد، وأبو بكر بن أبي شيبة،
وأبو خيثمة، قالوا: حدثنا ابن علية، عن خالد الحذاء، حدثني
الوليد بن مسلم، عن حمران، عن عثمان رضي الله عنه، عن
النبي صلى الله عليه وسلم: " من مات وهو يعلم أنه لا إله
إلا الله دخل الجنة " (1).
قلت: يدخل الجنة على ما كان منه من خير وشر، وعلى ما يتم
عليه من تعذيب أو عفو.
203 - الماسرجسي * الحافظ
الكبير الثبت الجوال الامام، أبو علي، الحسين بن محمد
بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري.
وجده هو سبط الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1 / 69، ومسلم (26) في
الايمان من طريق ابن علية بهذا الاسناد والوليد بن مسلم:
هو أبو بشر البصري التميمي العنبري.
* المنتظم: 7 / 81، العبر: 2 / 336 - 337، دول الاسلام: 1
/ 226، تذكرة الحفاظ: 3 / 955 - 960، البداية والنهاية: 11
/ 283، النجوم الزاهرة: 4 / 111، طبقات الحفاظ: 383، شذرات
الذهب: 3 / 50، الرسالة المستطرفة: 29، تهذيب ابن عساكر: 4
/ 354 - 355.
وقد ضبطت الجيم في الاصل بالفتح، وضبطها السمعاني، وابن
الاثير، وابن خلكان، والسيوطي بالكسر.
[ * ]
(16/287)
وأبوه هو أبو أحمد، من أصحاب محمد بن يحيى الذهلي، حدث
بكتاب " جلود السباع " في خمسة أجزاء، تأليف مسلم عنه، وهو
كتاب نفيس بالمرة.
وتوفي عام خمسة عشر وثلاث مئة.
وهو بيت العلم والرواية والحفظ والدراية.
ولد أبو علي في سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وسمع من جده أحمد بن محمد الماسرجسي (1)، وإمام الائمة أبي
بكر ابن خزيمة، وأبي العباس السراج، وأبي حامد ابن الشرقي،
ووالده محمد ابن أحمد.
وارتحل في سنة إحدى وعشرين، فأخذ عن أبي بكر بن زياد
النيسابوري.
وابني المحاملي، وخلق بالعراق.
ولحق بالشام بقايا أصحاب هشام بن عمار، وبمصر أصحاب يونس
بن عبدالاعلى والمزني.
وكتب العالي والنازل (2)، وأطال المكث بمصر، وكتب الفقه
والحديث بها، وخرج على الصحيحين مستخرجا حافلا، وعمل "
المسند الكبير " في نحو من وقر (3) بعير.
فقال أبو عبد الله الحاكم في " تاريخه ": صنف " المسند
الكبير " في ألف جزء وثلاث مئة جزء - يعني مهذبا معللا -
قال: وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد، فكان يحفظه
مثل الماء، وصنف المغازي والقبائل والمشايخ والابواب، وخرج
على " صحيح البخاري " كتابا، وعلى " صحيح مسلم " وأدركته
المنية قبل الحاجة إلى إسناده، ودفن علم كثير بموته.
وقد سمعته يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحجاج
__________
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب برقم
(221).
(2) سبق لنا التعريف بالعالي والنازل في الجزء الرابع عشر
من هذا الكتاب.
(3) الوقر: الحمل الثقيل.
[ * ]
(16/288)
يقول: صنفت هذا " المسند " - يعني: صحيحه - من ثلاث مئة
ألف حديث مسموعة.
وقال الحاكم في موضع آخر: صنف أبو علي حديث الزهري فزاد
على محمد بن يحيى الذهلي.
قلت: أحسبه ظفر بحديث الزهري لاحمد بن صالح المصري.
قال الحاكم: وعلى التخمين يكون مسنده بخط الوراقين في أكثر
من ثلاثة آلاف جزء.
قلت: يجئ في مئة وخمسين مجلدا.
قال: فعندي أنه لم يصنف في الاسلام مسند أكبر منه.
وعقد أبو محمد بن زياد مجلسا عليه لقراءته.
قال: وكان مسند أبي بكر الصديق بخطه في بضعه عشر جزءا
بعلله وشواهده، فكتبه النساخ في نيف وستين جزءا.
توفي في شهر رجب سنة خمس وستين وثلاث مئة وصلى عليه ابن
أخيه الامام أبو الحسن الماسرجسي، رحمه الله.
قلت: هذا ممن لم يقع لي شئ من حديثه، فلعل أن يكون في
تواليف البيهقي شئ منه.
204 - الرازي * شيخ الشيعة
ومصنفهم، أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان بن بكير
الرازي.
قال أبو جعفر الطوسي في تاريخ مصنفي أصحابهم: خرج توقيع من
__________
* فهرست الطوسي: 31 - 32، منهج المقال: 44، روضات الجنات:
13، أعيان الشيعة للعاملي: 10 / 101 - 111.
[ * ]
(16/289)
أبي محمد عليه السلام فيه ذكر الرازي، ثم قال: وصنف كتبا
منها " التاريخ " ولم يتمه، وكتاب " المناسك ".
أخذ عنه ابن النعمان - يعني: الشيخ المفيد - والحسين بن
عبيدالله
ابن الفحام.
توفي سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
205 - عبد الصمد بن محمد * ابن
عبد الله بن حيويه، الامام الحافظ الرحال النحوي
الاوحد، أبو محمد، وأبو القاسم البخاري.
حدث بدمشق وأماكن عن سهل بن حسن البخاري الحافظ، ومكحول
البيروتي، ومحمد بن محمد بن حاتم السجستاني، وطبقتهم.
روى عنه: الحاكم، وتمام الرازي، وعبد الغني الازدي، وغنجار
البخاري، ومحمد بن عمر بن بكير المقرئ، وعلي بن يعقوب بن
أبي العقب أحد شيوخه.
قال الحاكم: سمعته يقول: سمعت أبا بكر بن حرب الفقيه - شيخ
أهل الرأي ببلدنا - يقول: كثيرا ما أرى أصحابنا في مدينتنا
هذه من الفقهاء يظلمون المحديثن.
كنت عند حاتم العتكي، فدخل عليه شيخ من أصحابنا من أهل
الرأي، فقال: أنت الذي تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم
أمر بقراءة الفاتحة خلف الامام ؟ فقال: قد صح قوله عليه
السلام، يعني: " لا صلاة إلا
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 42، إنباه الرواة: 2 / 177 - 178،
تلخيص ابن مكتوم: 108 - 109، بغية الوعاة: 2 / 97.
[ * ]
(16/290)
بفاتحة الكتاب " (1)، قال: كذبت، إن الفاتحة لم تكن في عهد
النبي صلى الله عليه وسلم، إنما نزلت في عهد عمر (2).
قال أبو عبد الله الحاكم: عبد الصمد بن محمد بن حيويه
الحافظ الاديب من أعيان الرحالة، قدم علينا نيسابور، وأقام
سنوات، ثم دخل
العراق ومصر والشام.
استخرج على " صحيح البخاري " وجوده، اجتمعت به ببغداد
وبخاري (3).
وقال غنجار: توفي بالدينور في سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
206 - ابن حسنويه * العدل
المحدث، أبو حامد، أحمد بن محمد بن حسنويه بن يونس
الهروي.
سمع الحسين بن إدريس، وطبقته.
حدث عنه: أبو يعقوب القراب، والبرقاني، وأبو حازم العبدوي،
وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي، وآخرون.
__________
(1) أخرجه من حديث عبادة بن الصامت: البخاري 2 / 199، 200،
في صفة الصلاة: باب وجوب القراءة للامام والمأموم في
الصلوات كلها، ومسلم (394) في الصلاة: باب وجوب قراءة
الفاتحة في كل ركعة، وأبو داود (822)، والترمذي (247)،
والنسائي 2 / 137، 138.
وأخرجه من حديث أبى هريرة مالك 1 / 84، 85، ومسلم (395)،
وأبو داود (819) و (820) و (821)، والترمذي (2954) و
(2955)، والنسائي 2 / 135، 136.
(2) هذه القصة واضح فيها الافتعال الذي لا يخفى على عامي
بله المتعلمين، وقد ذكرها ابن عساكر في " تاريخه " وانظر "
إنباه الرواة " 2 / 177 - 178.
(3) انظر " إنباه الرواة " 2 / 177.
* لم نعثر على ترجمة له.
[ * ]
(16/291)
وثقه أبو النضر الفامي.
توفي في رمضان سنة تسع وستين وثلاث مئة.
207 - ابن شاقلا * شيخ
الحنابلة، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن عمر بن
حمدان بن شاقلا البغدادي البزاز.
كان رأسا في الاصول والفروع.
سمع من: دعلج السجزي، وأبي بكر الشافعي، وتفقه بأبي بكر
غلام الخلال.
وتخرج به أئمة.
مات في رجب سنة تسع وستين وثلاث مئة، وله أربع وخمسون سنة.
208 - الاسماعيلي * * الامام
الحافظ الحجة الفقيه، شيخ الاسلام، أبو بكر، أحمد بن
إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الجرجاني الاسماعيلي
الشافعي، صاحب " الصحيح "، وشيخ الشافعية.
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 17، طبقات الشيرازي: 173، طبقات
الحنابلة: 2 / 128 - 139، العبر: 2 / 351، شذرات الذهب: 3
/ 68.
* * طبقات العبادي: 86، تاريخ جرجان: 69 - 77، طبقات
الشيرازي: 116، الانساب: 1 / 249، تبيين كذب المفتري: 192
- 195، المنتظم: 7 / 108، اللباب: 1 / 58، تاريخ الاسلام:
4 الورقة: 1، دول الاسلام: 1 / 229، تذكرة الحفاظ: 3 / 947
- 951، العبر: 2 / 358 - 359، الوافي بالوفيات: 6 / 213،
مرآة الجنان: 2 / 396، طبقات السبكي: 3 / 7 - 8، البداية
والنهاية: 11 / 298، النجوم الزاهرة: 4 / 140، الاعلان
بالتوبيخ: 141، طبقات الحفاظ: 381 - 382، طبقات ابن هداية
الله: 95، كشف الظنون 1735، شذرات الذهب: 3 / 72 و 75،
هدية العارفن: 1 / 66 - 67، الرسالة المستطرفة: 26.
[ * ]
(16/292)
مولده في سنة سبع وسبعين ومئتين.
وكتب الحديث بخطه وهو صبي مميز، وطلب في سنة تسع وثمانين
وبعدها.
روى عن: إبراهيم بن زهير الحلواني، وحمزة بن محمد الكاتب،
ويوسف بن يعقوب القاضي مصنف " السنن "، وأحمد بن محمد بن
مسروق، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن بن علويه القطان،
وجعفر بن محمد الفريابى، ومحمد بن عبد الله مطين، ومحمد بن
عثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن شريك، وجعفر بن محمد بن
الليث البصري، ومحمد ابن حيان بن أزهر، ومحمد بن عثمان بن
أبي سويد، وعمران بن موسى السختياني، ومحمد بن إسماعيل بن
سماعة، والفضل بن الحباب الجمحي، وبهلول بن إسحاق خطيب
الانبار، وعبد الله بن ناجية.
والحسن بن سفيان، وأبي يعلى الموصلي، وابن خزيمة، والسراج،
والبغوي، وطبقتهم بخراسان والحجاز والعراق والجبال.
وصنف تصانيف تشهد له بالامامة في الفقه والحديث، عمل "
مسند عمر " رضي الله عنه في مجلدتين، و " المستخرج على
الصحيح " أربع مجلدات، وغير ذلك، و " معجمه " في مجيليد
يكون عن نحو ثلاث مئة شيخ.
حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر البرقاني، وحمزة السهمي، وأبو
حازم العبدوي، والحسين بن محمد الباشاني، وأبو سعيد
النقاش، وأبو الحسن محمد بن علي الطبري، والحافظ أبو بكر
محمد بن إدريس الجرجرائي، وعبد الصمد بن منير العدل، وأبو
عمرو وعبد الرحمن بن محمد الفارسي سبطه، وخلق سواهم.
(16/293)
قال حمزة بن يوسف: سمعت الدارقطني يقول: قد كنت عزمت غير
مرة أن أرحل إلى أبي بكر الاسماعيلي فلم أرزق (1).
قلت: إنما كان يرحل إليه لعلمه لا لعلو بالنسبة إلى أبي
الحسن.
قال حمزة: سمعت الحسن بن علي الحافظ بالبصرة يقول: كان
الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنف لنفسه سننا (2) ويختار
ويجتهد، فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كتب، ولغزارة علمه
وفهمه وجلالته، وما كان ينبغي له أن يتقيد بكتاب محمد بن
إسماعيل [ البخاري ] فإنه كان أجل من أن يتبغ غيره، أو كما
قال (3).
قلت: من جلالة الاسماعيلي أن عرف قدر " صحيح البخاري "
وتقيد به.
قال الحاكم: كان الاسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدثين
والفقهاء، وأجلهم في الرئاسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف
بين العلماء من الفريقين وعقلائهم في أبي بكر.
قال حمزة السهمي: سألني الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن
الفرات بمصر عن الاسماعيلي وسيرته وتصانيفه، فكنت أخبره
بما صنف من الكتب، وبما جمع من المسانيد والمقلين، وتخريجه
على " صحيح البخاري " وجميع سيرته، فتعجب من ذلك، وقال:
لقد كان رزق من العلم والجاه والصيت الحسن (4).
__________
(1) " تاريخ جرجان ": ص 70.
(2) في " تاريخ جرجان ": شيئا.
(3) تاريخ جرجان: ص 70، وما بين حاصرتين منه.
(4) " تاريخ جرجان ": ص 70.
[ * ]
(16/294)
قال حمزة: وسمعت جماعة منهم الحافظ ابن المظفر يحكون جودة
قراءة أبي بكر، وقالوا: كان مقدما في جميع المجالس، كان
إذا حضر مجلسا لا يقرأ غيره (1).
قال الاسماعيلي في " معجمه ": كتبت في صغري الاملاء بخطي
في سنة ثلاث وثمانين ومئتين، ولي يومئذ ست سنين.
فهذا يدلك على أن أبا بكر حرص عليه أهله في الصغر.
وقد حمل عنه الفقه ولده أبو سعد، وعلماء جرجان.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن بن الفراء، أخبرنا الشيخ موفق
الدين عبد الله، أخبرنا مسعود بن عبد الواحد، أخبرنا صاعد
بن سيار، أخبرنا علي ابن محمد الجرجاني، أخبرنا حمزة بن
يوسف، أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي، قال: اعلموا - رحمكم
الله - أن مذاهب أهل الحديث الاقرار بالله وملائكته وكتبه
ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله، وما صحبت به الرواية عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا معدل عن ذلك.
ويعتقدون بأن الله مدعو بأسمائه الحسنى، وموصوف بصفاته
التي وصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه، خلق آدم بيديه، ويداه
مبسوطتان بلا اعتقاد كيف، واستوى على العرش بلا كيف، وذكر
سائر الاعتقاد.
قال القاضي أبو الطيب الطبري: دخلت جرجان قاصدا إلى أبي
بكر الاسماعيلي، وهو حي، فمات قبل أن ألقاه.
قال حمزة: وسمعت أبا بكر الاسماعيلي يقول: لما ورد نعي
محمد
__________
(1) " تاريخ جرجان ": ص 70 - 71.
[ * ]
(16/295)
ابن أيوب الرازي، بكيت وصرخت، ومزقت القميص، ووضعت التراب
على رأسي، فاجتمع علي أهلي، وقالوا: ما أصابك ؟ قلت: نعي
إلي محمد بن أيوب، منعتموني الارتحال إليه، فسلوني وأذنوا
لي في الخروج إلى نسا إلى الحسن بن سفيان، ولم يكن ها هنا
شعرة، وأشار إلى وجهه (1).
قلت: مات ابن أيوب سنة أربع وتسعين، وليس الحسن بن سفيان
في طبقته في العلو.
قال: وخرجت إلى العراق في سنة ست وتسعين في صحبة أقربائي،
قال حمزة السهمي: سمعت الاسماعيلي يقول: كتبت بخطي عن أحمد
بن خالد الدامغاني إملاء في سنة ثلاث وثمانين، ولا أذكر
صورته.
قال حمزة: مات أبو بكر في غرة رجب سنة إحدى وسبعين وثلاث
مئة، عن أربع وتسعين سنة.
209 - السبيعي * الشيخ الحافظ
البارع المسند، أبو محمد، الحسن بن أحمد بن صالح
الهمداني السبيعي الحلبي، وإليه ينسب درب السبيعي بحلب.
ارتحل، وسمع من: محمد بن حبان، وعبد الله بن ناجية،
والقاسم
__________
(1) الخبر بنحوه في " طبقات السبكي ": 3 / 7.
* تاريخ بغداد: 7 / 272 - 274، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
2، العبر: 2 / 355، تذكرة الحفاظ: 3 / 952 - 954، الوافي
بالوفيات: 11 / 379 - 380، النجوم الزاهرة: 4 / 139، طبقات
الحفاظ: 382، شذرات الذهب: 3 / 71، و 76، هدية العارفين:
1 / 271، تهذيب ابن عساكر: 4 / 153 - 154، أعلام الشيعة
للطهماني: 82 - 83.
[ * ]
(16/296)
ابن زكريا المطرز، وعمر بن محمد الكاغدي، وعمر بن أيوب
السقطي، وأحمد بن هارون البرديجي، ومحمد بن جرير الطبري،
وهذه الطبقة.
حدث عنه: الدارقطني، وعبد الغني الازدي، وأبو بكر
البرقاني، وأبو طالب محمد بن الحسين بن بكير، وأبو نعيم
الاصبهاني، والمفيد محمد بن محمد بن النعمان الشيعي،
والقاضي أبو العلاء الواسطي، وآخرون.
وكان زعرا عسرا في الرواية، إلا أنه من أئمة النقل على
تشيع فيه.
وثقه ابن أبي الفوارس (1).
قال ابن أسامة الحلبي: لو لم يكن للحلبيين من الفضيلة إلا
الحسن السبيعي لكفاهم.
كان وجها عند الملك سيف الدولة، وكان يعظمه ويزوره في
داره.
قال: وصنف له كتاب " التبصرة في فضل العترة المطهرة " وكان
له بين العامة سوق.
قال: وهو الذي وقف حمام السبيعي على العلويين.
قال الحاكم: سألت السبيعي عن حديث إسماعيل بن رجاء، فقال:
له قصة، قرأ علينا ابن ناجية مسند فاطمة بنت قيس، فدخلت
على الباغندي فأخبرته، فقال: أقرأ عليكم حديث إسماعيل بن
رجاء، عن الشعبي، فنظرت في الجزء فلم أجده، فقال: اكتب،
ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، فقلت: عمن ؟ ومنعته من التدليس،
فقال: حدثني محمد بن عبيدة الحافظ، حدثنا محمد بن المعلى
الاثرم، حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن بشر العبدي، عن مالك
بن مغول، عن ابن رجاء، عن الشعبي، عن فاطمة قصة الطلاق
والسكنى، ثم انصرفت إلى حلب وعندنا بغدادي، فذاكرته،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 274.
[ * ]
(16/297)
فخرج إلى الكوفة، وذاكر بن عقدة، فكتب عنه هذا الحديث عني،
عن الباغندي، ثم اجتمعت مع فلان - يعني: الجعابي - فذاكرته
بهذا، فلم يعرفه، بعد ثم سنين استعادني بدمشق إسناده، بعد
ثم اجتمعنا ببغداد فتذاكرناه، فقال: حدثنا علي بن إسماعيل،
حدثنا أبو بكر الاثرم، حدثنا ابن أبي شيبة، فذكرت قصتي
لفلان المفيد، وأتى عليه سنون، فحدث بالحديث عن الباغندي،
فالمذاكرة تكشف عوار من لا يصدق.
قال الخطيب: كان السبيعي ثقة، حافظا، مكثرا، عسرا، ولما
شاخ عزم على التحديث والاملاء، وتهيأ، فمات (1).
وحدثت عن الدارقطني، قال: سمعت السبيعي يقول: قدم علينا
الوزير ابن حنزابة، فتلقوه [ فكنت فيمن تلقاه ] فعرف أني
محدث، فقال لي: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة [ كل
واحد منهم عن صاحبه ] ؟ فذكرت له حديث العمالة (2) الذي عن
عمر، فعرف لي ذلك، وصارت لي به عنده منزلة (3).
ورواها الحافظ عبد الغني عن الدار قطني.
مات الحافظ السبيعي في سابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وسبعين
وثلاث مئة، وهو من أبناء التسعين.
أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن الخليل بن بدر، وأخبرنا
إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا ابن بدر، أخبرنا
أبو علي
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 273.
(2) يرويه الصحابي السائب بن يزيد، عن حويطب بن عبدالعزى،
عن عبد الله بن السعدي، عن عمرو بن الخطاب، وهو عند أحمد 1
/ 17، والبخاري 13 / 32 - 135، والنسائي
5 / 104 - 105.
وقد تقدم في الجزء الثاني ص 540 من هذا الكتاب، في ترجمة
حويطب بن عبدالعزى.
(3) " تاريخ بغداد ": 7 / 273، وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/298)
المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا الحسن بن أحمد
السبيعي، حدثنا أحمد بن الصقر بن ثوبان، حدثنا محمد بن
موسى الحرشي، حدثنا عمر بن سنان، حدثنا يونس بن عبيد، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة " أنها كانت تغسل رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو معتكف، يصغي رأسه إليها في
حجرتها، وهي حائض " (1).
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن محمد بن جميع الغساني والد أبي
الحسين بصيدا، وبشر بن محمد المزني بهراة، وعبد الله بن
إبراهيم الزبيبي البزاز، وشيخ المالكية أبو محمد عبد الله
بن إسحاق بن التبان، وأبو زيد المروزي فقيه الزهاد، وأبو
بكر محمد بن إسحاق الصفار، والزاهد محمد ابن خفيف شيخ
شيراز، ومحمد بن خلف بن جيان، وشيخ الحنابلة أبو الحسن
التميمي.
210 - الآبري * الشيخ الامام
الحافظ، محدث سجستان بعد ابن حبان، أبو الحسن
__________
(1) وأخرج البخاري 1 / 344 في الحيض: باب مباشرة الحائض من
طريق قبيصة، والنسائي 1 / 193 من طريق يحيى، كلاهما عن
سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عائشة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج رأسه إلي وهو
معتكف، فأغسله وأنا حائض.
وأخرجه مسلم (297) (8) من طريق هارون بن سعيد الايلي، عن
ابن وهب، عن
عمرو بن الحارث، عن محمد بن عبدالرحمن بن نوفل، عن عروة بن
الزبير، عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يخرج إلي رأسه من المسجد وهو مجاور، فأغسله وأنا حائض
وأخرجه أبو داود (2469) من طريقين، عن حماد بن زيد، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
* الانساب: 1 / 89 - 90، معجم البلدان: 1 / 49، اللباب: 1
/ 17، العبر: = [ * ]
(16/299)
محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم السجستاني الآبري -
بالمد ثم الضم - مصنف كتاب " مناقب الامام الشافعي " منسوب
إلى قرية آبر من عمل سجستان.
ارتحل وسمع إمام الائمة ابن خزيمة، وأبا العباس الثقفي،
وأبا عروبة الحراني، ومكحولا البيروتي، ومحمد بن يوسف
الهروي، وأبا نعيم بن عدي الجرجاني، ومحمد بن الربيع
الجيزي، وزكريا بن أحمد البلخي القاضي.
حدث عنه: يحيى بن عمار الواعظ، وعلي بن بشرى الليثي،
وطائفة.
مات في شهر رجب سنة ثلاث وستين وثلاث مئة.
وأحسبه من أبناء الثمانين.
قال الآبري: حدثنا أبو عروبة، حدثنا إسحاق بن زيد، حدثنا
محمد ابن المبارك، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني العلاء بن
الحارث، عن مكحول، عن جابر، قال: لا ألوم أحدا ينتمي عند
خصلتين: عند سباقه، وعند قتاله، وذلك أني رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم أجرى فرسا، فسبق، فقال:
إنه لبحر.
ورأيته ضرب بسيفه، وقال: خذها وأنا ابن العواتك، انتمى إلى
جداته (1).
أخبرنا ابن عساكر، أنبأنا أبو المظفر السمعاني، أخبرنا أبو
الأسعد،
__________
2 / 330 - 331، تذكرة الحفاظ: 3 / 954 - 955، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 28 / ب، الوافي بالوفيات: 2 / 372،
طبقات السبكي: 3 / 147 - 148، طبقات الحفاظ: 383، شذرات
الذهب: 3 / 46 - 47، هدية العارفين: 2 / 48.
(1) مكحول لم يسمع من جابر، فهو منقطع.
[ * ]
(16/300)
أخبرنا مسعود بن ناصر، أخبرنا علي بن بشرى، حدثنا محمد بن
الحسين بن إبراهيم، حدثنا عبدامللك بن محمد، حدثنا عمار بن
رجاء، حدثنا الحفري، عن سفيان، عن الاسود بن قيس، عن ثعلبة
بن عباد، عن سمرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم، خطب حتى
انكسفت الشمس، فقال: أما بعد " (1).
211 - الجلودي * الامام الزاهد
القدوة الصادق، أبو أحمد النيسابوري الجلودي، راوي
" صحيح مسلم " عن إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه.
حدث عن: عبد الله بن شيرويه، وابن سفيان، وأحمد بن إبراهيم
__________
(1) وأخرجه احمد 5 / 16، 17، والنسائي 3 / 152، من طريق
أبي داود الحفري بهذا الاسناد.
وثعلبة بن عباد لم يوثقه غير ابن حبان، وذكره ابن المديني
في المجاهيل الذي يروي عنهم الاسود بن قيس، وقال ابن حزم:
مجهول، وتبعه ابن القطان، وكذا نقل ابن المواق عن العجلي.
وقد رواه مطولا أحمد 5 / 11، وأبو داود (1184)، والنسائي 3
/ 140 من طريقين، عن زهير، عن الاسود بن قيس بهذا الاسناد.
وأخطأ الحاكم 1 / 329، 330، وتابعه الذهبي، فصححه على
شرطهما مع أن ثعلبة بن عباد لم يخرجا له، ولم يوثقه غير
ابن حبان، وأخرجه ابن حبان (597) بطوله.
وأخرجه الترمذي (562) مختصرا من طريق محمود بن غيلان، عن
وكيع، عن سفيان، عن الاسود بن قيس، عن ثعلبة بن عباد، عن
سمرة بن جندب، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في
كسوف لا نسمع له صوتا، وقال: حسن صحيح، ورواه الحاكم 1 /
334 بسند الترمذي ولفظه، وقال: هذا حديث صحيح.
على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهنا تعقبه الذهبي، فقال:
ثعلبة مجهول، وما أخرجا له شيئا.
* الانساب: 3 / 283 - 285، المنتظم: 7 / 97، اللباب: 1 /
288، العبر: 2 / 348، الوافي بالوفيات: 4 / 297، البداية
والنهاية 11 / 294، النجوم الزاهرة: 4 / 133، شذرات الذهب:
3 / 87، تارج العروس: (جلد) 2 / 323.
[ * ]
(16/301)
ابن عبد الله، وأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.
وأبي بكر محمد بن زنجوه القشيري، ومحمد بن المسيب
الارغياني، وأبي العباس السراج وعدة، ولم يرحل.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن الحسن بن بندار،
وأبو سعيد عمر بن محمد، وأبو سعيد محمد بن علي النقاش،
وأبو محمد بن يوسف، وأبو الحسين بن عبد الغافر بن محمد
الفارسي، وآخرون.
قال الحاكم في " تاريخه ": محمد بن عيسى بن محمد بن عبد
الرحمن الزاهد، أبو أحمد الجلودي، كذا سمى أباه وجده،
وقال: هو من كبار عباد الصوفية.
صحب أصحاب الشيخ أبي حفص النيسابوري، وكان
يورق بالاجرة، ويأكل من كسب يده، وكان ينتحل مذهب سفيان
الثوري ويعرفه.
وقال الحاكم أيضا، وسئل عن الجلودي، فقال: كان من أعيان
الفقراء والزهاد، ومن أصحاب المعاملات في التصوف.
ضاعت سماعاته من ابن سفيان، فنسخ البعض من نسخة لم يكن له
فيها سماع.
قال أيضا: ختم بوفاته سماع كتاب مسلم، فإن كل من حدث به
بعده عن إبراهيم بن سفيان، فإنه غير ثقة.
وقال ابن نقطة: رأيت نسبه بخط غير واحد من الحفاظ: محمد بن
عيسى بن عمرويه بن منصور.
قال الحاكم: مات الجلودي في الرابع والعشرين من ذي الحجة
سنة ثمان وستين وثلاث مئة، وهو ابن ثمانين.
ودفن بمقبرة الحيرة.
قال ابن دحية: اختلف في الجلودي، فقيل: بفتح الجيم التفاتا
إلى ما
(16/302)
ذكره يعقوب في " إصلاح المنطق " ونقله ابن قتيبة في "
الادب " وليس ذا من ذاك في شئ.
إن الذي ذكره يعقوب هو رجل منسوب إلى جلود: قرية من قرى
إفريقية، بينه وبين ابن عمرويه هذا أعوام عديدة.
وهذا متأخر، كان يحدث في الدار التي تباع فيها الجلود
للسلطان.
والصواب عند النحويين أن يقال: الجلدي، لانك إذا نسبت إلى
الجمع رددت إلى الواحد، كقولك: صحفي وفرضي.
قلت: وتوفي في سنة ثمان القطيعي، والخطيب أحمد بن صالح
البروجردي الذي حدث ببغداد عن إبراهيم بن ديزيل، وإمام
النحو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي
القاضي ببغداد، وأبو علي
الحسين بن إبراهيم بن أبي الزمزام الدمشقي الفرضي، والحافظ
أبو القاسم الآبندوني، والمقرئ أبو القاسم عبد الله بن
الحسن بن سليمان بن النخاس البغدادي، والقاضي عيسى بن حامد
الرخجي، والمعمر محمد بن عبيدون القرطبي خاتمة من روى عن
ابن وضاح، والحافظ أبو الحسين الحجاجي، والفقيه أبو حاتم
محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمود الهروي، والامير البطل
الموصوف بالشجاعة هفتكين التركي الشرابي الذي تملك دمشق.
212 - ابن بابويه * رأس
الامامية، أبو جعفر، محمد بن العلامة علي بن الحسين
بن موسى بن بابويه القمي، صاحب التصانيف السائرة بين
الرافضة.
يضرب بحفظه المثل.
__________
* الفهرست: 277، فهرست الطوسي: 156 - 157، تاريخ بغداد: 3
/ 89، الانساب: 10 / 230 - 231، روضات الجنات: 557 - 560.
[ * ]
(16/303)
يقال: له ثلاث مئة مصنف، منها: كتاب " دعائم الاسلام "،
كتاب " الخواتيم "، كتاب " الملاهي "، كتاب " غريب حديث
الائمة "، كتاب " التوحيد "، كتاب " دين الامامية "، ولا
(1)..وكان أبوه من كبارهم ومصنفيهم.
حدث عن أبي جعفر جماعة منهم: ابن النعمان المفيد، والحسين
بن عبد الله بن الفحام، وجعفر بن حسنكيه القمي.
213 - الباهلي * العلامة، شيخ
المتكلمين، أبو الحسن الباهلي البصري، تلميذ أبي
الحسن الاشعري.
برع في العقليات.
وكان يقظا، فطنا، لسنا، صالحا، عابدا.
قال ابن الباقلاني: كنت أنا وأبو إسحاق الاسفراييني، وأبو
بكر بن فورك معا في درس أبي الحسن الباهلي، كان يدرس لنا
في كل جمعة مرة، وكان يرخي الستر بيننا وبينه، وكان من شدة
اشتغاله بالله مثل مجنون أو واله، ولم يكن يعرف مبلغ درسنا
حتى نذكره، وكنا نسأله عن سبب الحجاب، فأجاب بأننا نرى
السوقة، وهم أهل الغفلة، فتروني بالعين التي ترونهم.
حتى إنه كان يحتجب من جاريته.
وقال الاستاذ الاسفراييني: أنا في جانب شيخنا أبي الحسن
الباهلي
__________
(1) بياض في الاصل قدر كلمة.
* تبيين كذب المفتري: ص 178، عيون التواريخ: 11 الورقة:
320، الوافي بالوفيات: 12 / 312.
[ * ]
(16/304)
كقطرة في بحر وقد سمعته يقول: أنا في جنب الشيخ الاشعري
كقطرة في جنب بحر.
214 - ابن مجاهد * الاستاذ،
أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن
مجاهد الطائي البصري، صاحب أبي الحسن الاشعري.
قدم بغداد، وصنف التصانيف، ودرس علم الكلام، اشتغل عليه
القاضي أبو بكر بن الطيب.
قال الخطيب: ذكر لنا غير واحد أنه كان ثخين الستر، حسن
التدين [ جميل الطريقة ] رحمه الله.
وكان أبو بكر البرقاني يثني عليه ثناء حسنا، وقد أدركه
ببغداد فيما أحسب (1).
ابن أبي الزمزام * * الامام المحدث العدل، أبو علي، الحسين
بن إبراهيم بن جابر بن علي الدمشقي الفرائضي الشاهد، ويعرف
بابن أبي الزمزام.
سمع عبدالرحمن بن الرواس، وأحمد بن المعمر، ومحمد بن يزيد
ابن عبد الصمد، وجعفر بن أحمد بن عاصم، ومحمد بن المعافى
الصيداوي، وأحمد بن عبد الوارث العسال، ومحمد بن أبي عصمة،
وعبيد الله بن الصنام، ومحمد بن زبان المصري، والسلم بن
معاذ، وخلقا.
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 343، تبيين كذب المفتري: 177، العبر: 2
/ 358، الديباج المذهب: 2 / 210 - 211، شذرات الذهب: 3 /
74 - 75، هدية العارفين: 2 / 49، شجرة النور الزكية: ص 92،
طبقات الاصوليين: 1 / 213.
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 343، وما بين حاصرتين منه.
* * تقدمت ترجمته برقم (98) من هذا الجزء.
(16/305)
روى عنه: عبد الوهاب الداراني، وعلي بن بشرى، ومكي بن
الغمر.
ومحمد بن عوف، ومكي بن محمد بن المؤدب وآخرون.
وثقه عبد العزيز الكتاني.
وقد أملى بجامع دمشق.
وزمزام بمعجمتين.
توفي في شوال سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
215 - الغضنفر * الملك، أبو
تغلب بن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله
بن حمدان التغلبي.
كان بطلا سائسا، قبض على أبيه لما تسودن، وحجبه، وتملك
الموصل، وحارب عضد الدولة، فعجز وصار إلى الرحبة، وهرب من
ابن عمه سعد الدولة صاحب حلب، ومن بني كلاب، فإن عضد
الدولة جرأهم عليه، فوصل إلى طرف الغوطة وقصد دمشق،
وضايقها، فمانعه قسام (1) في أعوانه، فبعث كاتبه إلى صاحب
مصر العزيز يستنجد به، ثم تحول إلى حوران وفارقه ابن عمه
أبو الغطريف، وسار إلى خدمة عضد الدولة، فجاء الخبر من
العزيز يطلبه إليه، فتردد، ثم نزل بطبرية، وبعث العزيز
عسكرا لاخذ دمشق، فاجتمع بهم أبو تغلب، ثم توحش منه وتحيز،
وكان الامير
__________
* الكامل لابن الاثير: حوادث سنة 369، وفيات الاعيان: 2 /
117 ضمن ترجمة ناصر الدولة ابن حمدان، العبر: 2 / 344،
فوات الوفيات: 3 / 172 - 173، عيون التواريخ: 11 / الورقة:
298، النجوم الزاهرة: 4 / 131 و 136، شذرات الذهب: 3 / 59
- 60.
(1) هو قسام الجبلي التلفيتي الحارثي، تأتي ترجمته في هذا
الجزء برقم (259).
[ * ]
(16/306)
مفرج الطائي قد استولى على الرملة، فاتفق مع العسكر على
محاربة أبي تغلب، وتم المصاف بالرملة في صفر سنة تسع
وستين، فأسره مفرج، ثم قتله صبرا، وبعث برأسه إلى مصر.
216 - هفتكين * ويقال: أفتكين
التركي، أحد الشجعان والابطال، من أمراء سبكتكين
بالعراق.
مات مخدومه سبكتكين بواسط، ومعهم الخليفة الطائع، فتقدم
هفتكين على الاتراك، وحاربوا عز الدولة بختيار بن بويه
أياما والظفر للترك، فاستنجد عز الدولة بابن عمه عضد
الدولة، فسار هفتكين إلى الشام،
واستولى على كثير منها، ونزل بظاهر حمص، فسار إليه الامير
ظالم العقيلي ليحاربه، فبادر هفتكين إلى دمشق بمكاتبة من
الكبراء، وتملك، وخطب للطائع ومحا ذكر المعز العبيدي، وجمع
العساكر، وسار في شعبان سنة أربع وستين، فنزل على صيدا،
وحارب المعزية، وكسرهم وقتل خلق منهم، وأخذت مراكبهم،
فبادر لحربه جوهر مقدم الجيوش، فتحصن هفتكين بدمشق، فحاصره
جوهر سبعة أشهر، ثم بلغه مجئ القرامطة من الاحساء، فترجل،
فساق وراءه هفتكين، ومعه القرامطة، فالتقى الجمعان
بعسقلان، فيحاصره هفتكين بها خمسة عشر شهرا، ثم خرج
بالامان وسلمها، فأقبل العزيز صاحب مصر في سبعين ألفا،
فتشجع هفتكين، وعمل معهم المصاف، وثبت وبين، ثم تفلل
عسكره.
وأسر في أول سنة
__________
* وفيات الاعيان: 4 / 53 - 54، ضمن ترجمة عضد الدولة،
المختصر في أخبار البشر: 2 / 115، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 6 / أ، العبر: 2 / 349 - 350، دول الاسلام: 1 /
228، النجوم الزاهرة: 4 / 133، شذرات الذهب: 3 / 67 - 68.
[ * ]
(16/307)
ثمان وستين، ومن عليه العزيز وأعطاه أمرة كبيرة، وصار له
موكب حتى خافه الوزير ابن كلس، فتحيل وسمه، ويقال: بل مرض
ومات في أول سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
وإلى شجاعته المنتهى، وهو من مماليك معز الدولة بن بويه.
وكان العزيز قد بذل مئة ألف دينار لمن أسر هفتكين، فتحيل
عليه الامير مفرج الطائي وأنزله، ثم غدر به وأسلمه.
وكان قد كتب إلى عضد الدولة أن الشام قد صفا، وصار في يدي،
وزال عنه حكم العزيز، فإن قويتني بالمال والرجال حاربت
القوم في دارهم،
فأجابه عضد الدولة بهذا الالفاظ السائرة: غرك عزك، فصار
قصار ذلك ذلك، فاخش فاحش فعلك، فعلك بهذا تهد، والسلام
(1).
217 - الشيرازي * الوزير
الاكمل، أبو الفرج، محمد بن العباس بن فسانجس
الشيرازي الكاتب، كاتب معز الدولة، قلده ديوانه، ورد إليه
ضبط المال مع وزيره المهلبي، وناب في الوزارة، فلما مات
معز الدولة، تلقب أبو الفرج بالوزارة من المطيع لله، ثم
ولي الوزارة لعز الدولة بن المعز في سنة تسع وخمسين وثلاث
مئة، ثم إنه عزل بعد سنة وحبس.
قال إبراهيم الصابي: كان وقورا في المجلس، راجح الحلم،
دينا، حسن الطريقة، وافر الامانة.
ولاحمد بن علي بن المنجم (2) يمدح أبا الفرج:
__________
(1) الخبر بنحوه في " وفيات الاعيان ": 4 / 53، و "
البداية والنهاية ": 11 / 300.
* الكامل لابن الاثير: 9 / 9، الوافي بالوفيات: 3 / 198.
(2) الابيات في ترجمته في " معجم الادباء ": 3 / 251 -
252.
[ * ]
(16/308)
قل للوزير سليل المجد والكرم * ومن له قامت الدنيا على قدم
ومن يداه معا تجري ندى وردى * يجريهما حكم عدل السيف
والقلم ومن إذا هم أن يمضي عزائمه * رأيت ما يفعل الاقدار
في الامم لانت أشهر في رعي الذمام وفي * حكم المكارم من
نار على علم مات الوزير أبو الفرج في شهر ذي القعدة سنة
سبعين وثلاث مئة، وله اثنتان وستون سنة.
الشيرازي *
الوزير الكبير، أبو الفضل، الذي غضب على أهل بغداد لقتلهم
جندارا، فأمر بإلقاء النار في الاسواق، فاحترق من النحاسين
إلى السماكين، واحترق عدة من الرجال والنساء والاطفال،
وراحت الاموال، دخل في ذلك الحريق من بيوت الله ثلاثة
وثلاثون مسجدا وست مئة بيت ودكان، وكثر الدعاء عليه،
وشتموه في وجهه، ثم قبض عليه عز الدولة، وطرد إلى الكوفة،
فسقي سم الذراريح (1)، فهلك سنة بضع وستين وثلاث مئة (2).
218 - البكائي * * الامام
المحدث الصدوق، مسند الكوفة، أبو الحسن، علي بن عبد الرحمن
بن عبد الله بن أبي السري البكائي الكوفي.
__________
* تقدمت ترجمته برقم (156) من هذا الجزء.
(1) انظر " لسان العرب " مادة: ذرح.
(2) انظر هذه الاحداث في " البداية والنهاية ": 11 / 273.
* * الانساب: 2 / 270، العبر: 3 / 2، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 21 / ب، غاية النهاية: 1 / 548، النجوم الزاهرة: 4
/ 150، شذارت الذهب: 3 / 87.
[ * ]
(16/309)
سمع في سنة تسعين ومئتين وبعدها من: أبي جعفر محمد بن عبد
الله مطين، وأبي حصين محمد بن الحسين الوادعي، وأحمد بن
فرح المفسر، وعبد الله بن بحر، وطائفة.
حدث عنه: أبو العلاء صاعد بن محمد، ومحمد بن علي بن عبد
الرحمن العلوي، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن فدويه، ومحمد
بن الحسن بن حمزة السكري، وأبو الحسين محمد بن عبد العزيز
بن أحمد بن
بيان الدهان، وعبيدالله بن علي العجلي الحذاء، وأبو طاهر
محمد بن محمد بن عيسى البكري، وأخوه أبو الحسين محمد بن
محمد، وأبو عبد الله ابن باكويه الشيرازي، وأبو عبد الله
أحمد بن عبدالرحمن بن خرجة النهاوندي، وآخرون.
وقال ابن خرجة: مات شيخنا البكائي في ثالث عشر ربيع الاول
سنة ست وسبعين وثلاث مئة، وله تسع وتسعون سنة.
قلت: فيها توفي الحافظ أحمد بن محمد بن علي بن هارون
البرذعي، روى بدمشق عن ابن أبي داود، والحافظ أبو العباس
أحمد بن محمد بن عيسى بن الجراح عن خمس وثمانين سنة، لقي
البغوي، الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم
المستملي البلخي، وأبو سعيد الحسن بن جعفر بن الوضاح
السمسار الحرفي، والمقرئ أبو الحسين عبيدالله بن أحمد بن
يعقوب بن البواب، وأبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن مطرف
الجراحي القاضي، وأبو القاسم عمر بن محمد بن سبنك البجلي،
وقسام الحارثي الجبلي التراب الذي حكم على دمشق، وأبو عمرو
ابن حمدان الحيري، ومحمد بن العباس بن يحيى الحلبي الاموي
مولاهم بالاندلس، يروي عن أبي عروبة الحراني، والواعظ أبو
بكر محمد بن عبد
(16/310)
الله بن عبد العزيز بن شاذان الرازي الصوفي والد الحافظ
أبي مسعود أحمد ابن محمد، وشيخ الصوفية أبو العباس الوليد
بن أحمد بن الوليد الزوزني حكيم زمانه.
219 - ابن خميرويه *
الشيخ الامام المحدث العدل، مسند هراة، أبو الفضل، محمد بن
عبد الله بن محمد بن خميرويه بن سيار الهروي.
سمع علي بن محمد الجكاني، وأحمد بن نجدة، وأحمد بن محمود
ابن مقاتل، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر البرقاني.
وأبو الفضل عمر بن أبي سعد، وأبو ذر عبد بن أحمد، والحسين
بن علي الباشاني، ومنصور بن إسماعيل القاضي، وأحمد بن محمد
بن إبراهيم بن إسحاق، وأبو يعقوب القراب، ومحمد بن الفضيل
الهرويون.
وثقه أبو بكر السمعاني.
توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة.
وفيها مات العباس بن الفضل النضروي - بمعجمة - هروي، وعبد
الله ابن أحمد بن جعفر الشيباني بنيسابور، وعضد الدولة بن
بويه، ومحمد بن جعفر زوج الحرة، ومحمد بن العباس بن وصيف،
وأبو بكر بن بخيت الدقاق.
__________
* الانساب: 5 / 180، اللباب: 1 / 461، العبر: 2 / 263،
تاريخ الاسلام: 4 الوقة: 9 / أ، شذرات الذهب: 3 / 79.
[ * ]
(16/311)
220 - الاحدب الكاتب
* كان ببغداد يزور على الخطوط حتى لا يشك الشخص أنه خط
نفسه.
قربه عضد الدولة، وبقي يوقع بخطه بين ملوك على حسب ما
يشتهي (1).
مات سنة سبعين وثلاث مئة ببغداد.
__________
* اسمه - كما في مصادر الترجمة -: علي بن محمد الاحدب.
ترجمته في: المنتظم:
7 / 111، الكامل لابن الاثير: 9 / 8 - 9، البداية
والنهاية: 11 / 299.
(1) في " الكامل ": وكان عضد الدولة إذا أراد الايقاع بين
الملوك أمره أن يكتب على خط بعضهم إليه في الموافقة على من
يريد إفساد الحال بينهما، ثم يتوصل ليصل المكتوب إليه،
فيفسد الحال.
[ * ]
(16/312)
الطبقة الحادية والعشرون
221 - أبو زيد المروزي * الشيخ
الامام المفتى القدوة الزاهد، شيخ الشافعية، أبو زيد محمد
ابن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي، راوي " صحيح
البخاري " عن الفربري.
وسمع أيضا من أحمد بن محمد المنكدري، وأبي العباس محمد بن
عبدالرحمن الدغولي، وعمر بن علك، ومحمد بن عبد الله
السعدي، وطائفة.
وأكثر الترحال، وروى " الصحيح " في أماكن.
حدث عنه: الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الحسن
__________
* طبقات العبادي: 93، تاريخ بغداد: 1 / 314، طبقات
الشيرازي: 115، تبيين كذب المفتري: 188 - 190، المنتظم: 7
/ 112، وفيات الاعيان: 4 / 208 - 209، دول الاسلام: 1 /
229، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 4 / أ، العبر: 2 / 360،
الوافي بالوفيات: 2 / 71 - 72، طبقات السبكي: 3 / 71 - 77،
طبقات الاسنوي: 2 / 379 - 380، البداية والنهاية: 11 /
299، العقد الثمين: 1 / 297، طبقات ابن هداية الله: 96 -
97، شذرات الذهب: 3 / 76، هدية العارفين: 2 / 50.
[ * ]
(16/313)
الدارقطني وهو من طبقته، وعبد الوهاب الميداني، والهيثم بن
أحمد الدمشقي الصباغ، وأبو الحسن بن السمسار، وأبو بكر
البرقاني، ومحمد ابن أحمد المحاملي، وأبو محمد عبد الله بن
إبراهيم الاصيلي، وآخرون.
وقال: ولدت سنة إحدى وثلاث مئة.
قال الحاكم: كان أحد أئمة المسلمين، ومن أحفظ الناس
للمذهب، وأحسنهم نظرا، وأزهدهم في الدنيا، سمعت أبا بكر
البزاز يقول: عادلت (1) الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى
مكة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة.
وقال الخطيب: حدث أبو زيد ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدث هناك
ب " الصحيح " وهو أجل من رواه (2).
وقال أبو إسحاق الشيرازي: ومنهم أبو زيد المروزي، صاحب أبي
إسحاق المروزي.
مات بمرو في سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
وكان حافظا للمذهب، حسن النظر، مشهورا بالزهد.
وعنه أخذ أبو بكر القفال المروزي، وفقهاء مرو (3).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد
الاول ابن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، أخبرنا أحمد
بن محمد بن إسماعيل، سمعت خالد بن عبد الله المروزي، سمعت
أبا سهل محمد بن أحمد المروزي، سمعت الفقيه أبا زيد
المروزي، يقول: كنت نائما بين
__________
(1) عادل الرجل الرجل: ركب معه، " اللسان ".
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 314.
(3) " طبقات الشيرازي ": ص 115.
[ * ]
(16/314)
الركن والمقام، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا
أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي ؟ فقلت:
يا رسول الله وما كتابك ؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل يعني
البخاري.
سئل أبو زيد: متى لقيت الفربري ؟ قال: سنة ثماني عشرة
وثلاث مئة.
وقال الحاكم: سمع أبو زيد بمرو أصحاب علي بن حجر، وأكثر عن
المنكدري.
وأرخ الحاكم وفاته كما مضى.
وله وجوه (1) تستغرب في المذهب.
جاور بمكة سبعة أعوام، وكان فقيرا يقاسي البرد ويتكتم
ويقنع باليسير.
أقبلت عليه الدنيا في آخر أيامه، فسقطت أسنانه، فكان لا
يتمكن من المضغ، فقال: لا بارك الله في نعمة أقبلت حيث لا
ناب ولا نصاب، وعمل في ذلك أبياتا.
222 - الازهري * العلامة، أبو
منصور، محمد بن أحمد بن الازهر بن طلحة الازهري
__________
(1) الوجوه: هي الآراء التي يستنبطها الفقهاء الشافعية،
ويخرجونها على أصول الشافعي، أو يبنونها على قواعده قال
الامام النووي في " المجموع " 1 / 107 ما نصه: " فالاقوال
للشافعي، والاوجه لاصحابه المنتسبين إلى مذهبه، يخرجونها
على أصوله، ويستنبطونها من قواعده، ويجتهدون في بعضها وإن
لم يأخذوه من أصله ".
* مقدمة تهذيب اللغة: 5 - 12، نزهة الالباء: 323 - 324،
معجم الادباء: 17 / 164 - 167، اللباب: 1 / 48، وفيات
الاعيان: 4 / 334، العبر: 2 / 356 - 357، الوافي بالوفيات:
2 / 45 - 46، مرآة الجنان: 2 / 395 - 396، طبقات السبكي: 3
/ 63 - 68، = [ * ]
(16/315)
الهروي اللغوي الشافعي.
ارتحل في طلب العلم بعد أن سمع ببلده من الحسين بن إدريس،
ومحمد بن عبدالرحمن السامي وعدة، وسمع ببغداد من أبي
القاسم البغوي، وابن أبي داود، وإبراهيم بن عرفة، وابن
السراج، وأبي الفضل المنذري، وترك ابن دريد تورعا، فإنه
قال: دخلت داره، فألفيته على كبر سنه سكران.
روى عنه: أبو عبيد الهروي مؤلف " الغريبين "، وأبو يعقوب
القراب، وأبو ذر عبد بن أحمد الحافظ، وسعيد بن عثمان
القرشي، والحسين بن محمد الباشاني، وآخرون.
وكان رأسا في اللغة والفقه.
ثقة، ثبتا، دينا.
فعنه قال: امتحنت بالاسر سنة عارضت القرامطة الحاج
بالهبير، فكنت لقوم يتكلمون بطباعهم البدوية، ولا يكاد
يوجد في منطقهم لحن أو خطأ فاحش، فبقيت في أسرهم دهرا
طويلا، وكنا نشتي بالدهناء، ونرتبع بالصمان، واستفدت منهم
ألفاظا جمة (1).
قلت: وقع لي من عالي حديثه.
وله كتاب " تهذيب اللغة " المشهور، وكتاب " التفسير "،
وكتاب " تفسير ألفاظ المزني "، و " علل القراءات "، وكتاب
" الروح "، وكتاب
__________
= طبقات الاسنوي: 1 / 49، البلغة في تاريخ أئمة اللغة:
205، بغية الوعاة: 1 / 19، طبقات المفسرين للداوودي: 2 /
61 - 63، طبقات ابن هداية الله: 94، شذرات الذهب: 3 / 72 -
73، روضات الجنات: 175 - 176، إيضاح المكنون: 1 / 608،
هدية العارفين: 2 / 49.
(1) انظر قول الازهري في " وفيات الاعيان " 4 / 334 - 336،
وقد شرح ابن خلكان
ألفاظه الغريبة وقيدها بالشكل.
[ * ]
(16/316)
" الاسماء الحسنى "، و " شرح ديوان أبي تمام "، و " تفسير
إصلاح المنطق "، وأشياء.
مات في ربيع الآخر سنة سبعين وثلاث مئة، عن ثمان وثمانين
سنة.
223 - الخياش * الشيخ الصادق،
أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سملة المصري الخياش.
سمع أبا عبدالرحمن النسائي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وجماعة.
روى عنه محمد بن الحسين الطفال، وغيره.
ولد سنة ثمانين ومئتين.
وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
سمعناه الجزء الخامس من حديثه.
224 - العسكري * * الشيخ
الصدوق المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن
عبيد بن أحمد بين مخلد العسكري ثم البغدادي الدقاق.
حدث عن: محمد بن يحيى المروزي، وأبي العباس بن مسروق،
وحمزة بن محمد الكاتب، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة،
وجماعة.
روى عنه: أبو القاسم الازهري، والحسن بن محمد الخلال، وعبد
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 2 / أ.
* * تاريخ بغداد: 8 / 100 - 101، الانساب: 8 / 455،
المنتظم: 7 / 44، العبر: 2 / 369، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 17 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 148، شذرات الذهب: 3
/ 85.
[ * ]
(16/317)
الوهاب بن برهان الغزال، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.
قال العتيقي: كان ثقة أمينا.
مات في شوال سنة خمس وسبعين وثلاث مئة (1).
وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس، كان فيه تساهل (2).
قلت: وأخوه هو محمد بن محمد بن عبيد العسكري، الذي يروي
عنه بشرى الفاتني.
225 - الفهري * أبيض بن محمد
بن أبيض بن أسود بن نافع، الشيخ أبو العباس، وأبو
الفضل القرشي الفهري المصري.
آخر من مات من أصحاب النسائي، كان عنده عنه مجلسان فقط،
روى عنه: الحافظ عبد الغني الازدي، وعبد الملك بن مسكين
الشافعي، ويحيى بن علي بن الطحان، وجماعة.
ولد سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
وتوفي في سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وقد روى عن والده محمد بن أبيض أبو محمد بن النحاس.
226 - والد ابن جميع * * العبد
الصالح، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن
عبدالرحمن بن
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 100 - 101.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 100.
* العبر: 3 / 4، تاريخ الاسلام، 4 الورقة: 24 / أ، حسن
المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 88.
* * تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 2، وانظر: الانساب: 8 / 116
- 118، ومعجم = [ * ]
(16/318)
يحيى بن جميع الغساني الصيداوي، والد المحدث الرحال أبي
الحسين (1).
سمع من: محمد بن المعافى الصيداوي، ومحمد بن عبدان المكي.
أخذ عنه موطأ أبي مصعب (2)، وروى عنه طائفة.
وعنه: ابنه وحفيده، الحسن بن محمد، وحسين بن جعفر
الجرجاني، وآخرون.
وحكى حفيده عن خادم جده طلحة، أن جده أبا بكر كان يقوم
الليل كله.
فإذا صلى الفجر نام إلى الضحى، وإذا صلى الظهر يركع إلى
العصر.
إلى أن قال: وكانت هذه عادته.
وقال منجا بن سليم: قال لي الحسن بن محمد: إن جده صام وله
اثنتا عشرة سنة، يعني: وسرد الصوم إلى أن توفي سنة إحدى
وسبعين وثلاث مئة.
227 - ابن التبان * عالم
القيروان، وشيخ المالكية، أبو محمد، عبد الله بن إسحاق
المغربي ابن التبان.
__________
البلدان: 3 / 437.
(1) هو أبو الحسين، محمد بن أحمد بن محمد..الغساني
الصيداوي، صاحب المعجم المروي.
توفي سنة اثنتين وأربع مئة انظر " العبر " 3 / 80.
(2) أي: موطأ مالك برواية أبي مصعب أحمد بن أبي بكر القاسم
بن الحارث الزهري، وقد قيل: موطؤه آخر الموطآت التي عرضت
على مالك، وفيه ما يزيد على مئة حديث لا توجد في
غيره من الموطآت وقد أكثر البغوي في " شرح السنة " من
رواية أحاديث مالك عنه.
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 3 / ب، العبر: 2 / 360،
الديباج المذهب: 1 / 431 - 432، النجوم الزاهرة: 4 / 141،
شذرات الذهب: 3 / 76، شجرة النور الزكية: 95 - 96.
[ * ]
(16/319)
قال القاضي عياض: ضربت إليه آباط الابل من الامصار لذبه عن
مذهب أهل المدينة.
وكان حافظا بعيدا من التصنع والرياء، فصيحا، كبير القدر.
توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
228 - أبو عثمان المغربي *
الامام القدوة، شيخ الصوفية، أبو عثمان، سعيد بن سلام
المغربي القيرواني، نزيل نيسابور.
سافر وحج، وجاور مدة، ولقي مشايخ مصر والشام.
وكان لا يظهر أيام الحج.
قال الحاكم: خرجت من مكة متحسرا على رؤيته، ثم خرج منها
لمحنة، وقدم نيسابور، فاعتزل الناس أولا، ثم كان يحضر
الجامع.
وقال السلمي: كان أوحد المشايخ في طريقته، لم نر مثله في
علو الحال وصون الوقت، امتحن بسبب زور نسب إليه، حتى ضرب
وشهر على جمل، ففارق الحرم (1).
وقال الخطيب: [ وكان ] من كبار المشايخ.
له أحوال وكرامات (2).
__________
* طبقات الصوفية: 479 - 483، تاريخ بغداد: 9 / 112 - 113،
الرسالة القشيرية: 29 - 30، المنتظم: 7 / 122 - 123،
العبر: 2 / 365، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 11 / أ، البداية
والنهاية: 11 / 302، طبقات الاولياء: 237 - 238، النجوم
الزاهرة: 4 / 144،
طبقات الشعراني: 1 / 143، شذرات الذهب: 3 / 81، نتائج
الافكار القدسية: 2 / 12، هدية العارفين: 1 / 389.
(1) " طبقات السلمي ": ص 479.
(2) " تاريخ بغداد ": 9 / 112، وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/320)
قال الحاكم: سمعته يقول - وقد سئل: الملائكة أفضل أم
الانبياء ؟ فقال: القرب القرب، هم أقرب إلى الحق وأطهر.
صحب أبو عثمان بالشام أبا الخير التيناتي، ولقي أبا يعقوب
النهرجوري.
قال السلمي: سمعته يقول: [ ليكن ] تدبرك في الخلق تدبر
عبرة، وتدبرك في نفسك تدبر موعظة، وتدبرك في القران تدبر
حقيقة.
قال [ الله تعالى ] (أفلا يتدبرون القرآن) [ النساء: 82 ]
جرأك به على تلاوته، ولولا ذلك لكلت الالسن عن تلاوته (1).
وقال: من أعطى الاماني نفسه قطعتها بالتسويف بالتواني (2).
وسمعته يقول: علوم الدقائق علوم الشياطين، وأسلم الطرق من
الاغترار لزوم الشريعة.
توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة.
229 - ابن نباتة * الامام
البليغ الاوحد، خطيب زمانه، أبويحيى، عبدالرحيم بن محمد
بن إسماعيل بن نباتة الفارقي، صاحب الديوان الفائق في
الحمد والوعظ، وكان خطيبا بحلب للملك سيف الدولة.
__________
(1) " طبقات السلمي ": 481، وما بين حاصرتين منه.
(2) في " طبقات السلمي ": من أعطى نفسه الاماني قطعها..*
وفيات الاعيان: 3 / 156 - 158، المختصر في أخبار البشر: 2
/ 124، دول الاسلام: 1 / 230، العبر: 2 / 362، تاريخ
الاسبلام: 4 الورقة: 15 / أ، البداية والنهاية: 11 / 303،
النجوم الزاهرة: 4 / 146، شذرات الذهب: 3 / 83 - 84، هدية
العارفين: 1 / 559.
[ * ]
(16/321)
وقد اجتمع بأبي الطيب المتنبي، وكان فصحيا، مفوها، بديع
المعاني، جزل العبارة، رزق سعادة تامة في خطبه.
وكان فيه خير وصلاح.
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه، ثم استيقظ
وعليه أثر نور لم يعهد قبل فيما قيل.
وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يوما، وتوفاه الله، فذكر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم تفل في فيه، وبقي تلك الايام لا
يستطعم بطعام ولا يشرب شيئا.
وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاث مئة بميافارقين.
وقيل: لم يل خطابة حلب إلا بعد موت سيف الدولة بن حمدان،
وبلغنا أن عمره لم يبلغ الاربعين، بل عاش تسعا وثلاثين
سنة.
فالله أعلم.
ولم يصح ذلك فإنه ابتدأ بتصنيف خطبه في سنة إحدى وخمسين
وثلاث مئة.
وهو إذ ذاك خطيب مميز، وجالس المتنبي فلعله عاش خمسين سنة
أو أكثر.
ولابيه رواية.
230 - أبو الليث * الامام
الفقيه المحدث الزاهد، أبو الليث، نصر بن محمد بن
إبراهيم
السمرقندي الحنفي، صاحب كتاب " تنبيه الغافلين " وله كتاب
" الفتاوى ".
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 19 / ب، تاج التراجم: 58 - 59،
الجواهر المضية: ج 2 الترجمة (610)، الفوائد البهية: 221،
هدية العارفين: 2 / 490.
[ * ]
(16/322)
يروي عن: محمد بن الفضل بن أنيف البخاري وجماعة.
وتروج عليه الاحاديث الموضوعة.
روى عنه أبو بكر محمد بن عبدالرحمن الترمذي، وغيره.
نقلت وفاته من خط القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن عبد
الحق، - أيده الله - في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وثلاث
مئة.
231 - ابن محمويه * الامام
الحافظ البارع، أبو بكر، عبدالملك بن عبد الواحد بن
علي ابن محمويه السمرقندي.
وكان أبوه بغداديا، وجده موصليا.
وسمع هو من أبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال،
ومحمد بن إسحاق العصفري، وعلي بن محتاج، وابن خنب، وببغداد
من أبي بكر الشافعي وطبقته.
وكان حافظا، متقنا، جمع الابواب والشيوخ والمقلين، وأكثر
وجود، ولو طال عمره لكان له نبأ، بل عاش إحدى وخمسين سنة.
توفي سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
232 - ابن الزيات * * الشيخ
الحافظ الثقة، أبو حفص، عمر بن محمد بن علي بن يحيى
البغدادي، ابن الزيات.
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 21 / أ.
* * تاريخ بغداد: 11 / 260 - 261، المنتظم: 7 / 130، تذكرة
الحفاظ: 3 / 983 - 984، العبر: 2 / 370، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 19 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 148، طبقات الحفاظ:
390، شذرات الذهب: 3 / 85.
[ * ].
(16/323)
ولد سنة ست وثمانين ومئتين.
وسمع إبراهيم بن شريك.
وجعفرا الفريابى، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار، وعمر بن
أبي غيلان، وعبد الله بن ناجية، وطبقتهم.
حدث عنه: البرقاني، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم
التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وخلق.
وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة، متقنا، أمينا، قد جمع
أبوابا وشيوخا.
(1).
وقال العتيقي: [ كان ] ثقة [ أمينا ] صاحب حديث يحفظه.
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وثلاث مئة (2).
أنبأنا عبدالرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا عمر بن محمد،
أخبرنا محمد ابن عبدا لباقي، أخبرنا عمر بن الحسين الخفاف،
أخبرنا عمر بن محمد الزيات، أخبرنا حمزة بن محمد، حدثنا
نعيم بن حماد، حدثنا أبو أمية الثقفي.
عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " من بكر يوم الجمعة وابتكر، وغسل واغتسل،
ومشى ولم يركب، فدنا من الامام فاستمع وأنصت ولم يلغ حتى
يصلي الجمعة، كفاه الله ما بينه وبين الجمعة الاخرى وزيادة
ثلاثة أيام ".
أبو أمية - هو إسماعيل بن يعلى - ضعيف، وله إسناد آخر حسن
(3).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 260.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 261، وما بين حاصرتين منه.
(3) أخرجه مسلم في " صحيحه " (857) في الجمعة: باب فضل من
استمع وأنصت في الخطبة، من طريق أمية بن بسطام، عن يزيد بن
زريع، عن روح بن القاسم، عن سهيل بن أبي = [ * ]
(16/324)
233 - ابن السمسار * الامام الحافظ الصدوق، محدث دمشق، أبو
العباس، محمد بن موسى
بن الحسين الدمشقي السمسار.
حدث عن: محمد بن خريم، وأبي الحسن بن جوصا، وأبي الجهم ابن
طلاب، والقاضي أبي عبد الله المحاملي، وابن مخلد، وابن
الدحداح الدمشقي، وعبد الله بن محمد بن السري الحمصي
الحافظ، وخلق كثير.
روى عنه: أخوه أبو الحسن محمد، ومحمد بن عوف المزني، وتمام
الرازي، ومكي بن الغمر، وآخرون.
قال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة، نبيلا، حافظا، كتب
القناطير.
وقال الميداني: توفي في رمضان سنة ثلاث وستين وثلاث مئة.
__________
= صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم
أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين
الجمعة الاخرى، وفضل ثلاثة أيام ".
وفي الباب بنحوه عن أبي أيوب عند أحمد 5 / 420، وصححه ابن
خزيمة (1775).
وعن سلمان عند البخاري 2 / 308، 309.
وعن أوس بن أوس عند عبد الرزاق (5570)، وأحمد 4 / 8،
والترمذي (496)، وأبي دواد (345) والنسائي 3 / 95، وابن
ماجه (1087)، وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (1758).
* تذكرة الحفاظ: 3 / 984، العبر: 2 / 331، النجوم الزاهرة:
4 / 106، طبقات الحفاظ: 390، شذرات الذهب: 3 / 47.
[ * ]
(16/325)
234 - ابن قريعة * القاضي أبو بكر، محمد بن عبدالرحمن
البغدادي الظريف، قاضي السندية (1).
كان مزاحا خفيف الروح، أديبا فاضلا، ذكيا، سريع الجواب.
أخذ عن أبي بكر بن الانباري، وغيره.
وقريعه، بقاف، قيده ابن ماكولا.
وكان ملازما للوزير المهلبي في مجالس اللهو.
وله أجوبة بليغة مسكتة.
كان الوزير يغري به الرؤساء فيباسطونه.
كتب له رئيس: ما يقول القاضي في يهودي زنى بنصرانية، فولدت
ابنا جسمه للبشر ووجهه للبقر ؟ فأجاب: هذا من أعدل الشهود
على الخبثاء اليهود، أشربوا العجل في صدورهم حتى خرج من
أيورهم فلينط (2) برأس اليهودي رأس العجل، ويصلب على عنق
النصرانية الرأس (3) والرجل، ويسحبا على الارض، وينادى
عليهما: ظلمات بعضها فوق بعض.
مات سنة سبع وستين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 317 - 320، الاكمال لابن ماكولا: 7 /
117، المنتظم:
7 / 91 - 92، وفيات الاعيان: 4 / 382 - 384، العبر: 2 /
345، الوافي بالوفيات: 3 / 227 - 229، البداية والنهاية:
11 / 292، شذرات الذهب: 3 / 60 - 62.
(1) السندية: بكسر أوله، وسكون ثانية، بلفظ نسبة المؤنث
إلى السند: قرية على نهر عيسى، بين بغداد، والانبار، ينسب
إليها " سندواني " ليحصل الفرق بين هذه النسبة والنسبة إلى
بلاد السند.
انظر " معجم البلدان ": 3 / 268.
(2) في الاصل " فليناط " وهو خطأ.
وفي " وفيات الاعيان ": أرى أن يناط.
(3) في " وفيات الاعيان ": الساق مع الرجل.
[ * ]
(16/326)
235 - ابن لؤلؤ * الامام المحدث المسند، أبو الحسن. علي بن
محمد
بن أحمد بن نصير بن عرفة بن لؤلؤ البغدادي الوراق.
مولده في سنة إحدى وثمانين ومئتين.
سمع حمزة بن محمد الكاتب، وإبراهيم بن شريك.
والفريابي، وعبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن هاشم البغوي،
وزكريا بن يحيى الساجي، ومحمد بن المجدر، وعدة.
وعنه: البرقاني، وأبو محمد بن الخلال، وأحمد بن محمد
العتيقي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.
قال البرقاني: كان ابن لؤلؤ يأخذ على التحديث دانقين.
قال: وكانت حاله حسنة من الدنيا، وهو صدوق غير أنه ردئ
الكتاب - أي: سيئ النقل -، وقد صحف غير مرة: عن عتي، عن
أبي، فقال: عن عن عن [ أبي ] (1).
قال عبيد الله الازهري: ابن لؤلؤ ثقة (2).
وقال العتيقي: توفي في محرم سنة سبع وسبعين وثلاث مئة،
قال: كان أكثر كتبه بخطه، وكان لا يفهم الحديث، وإنما يحمل
أمره على الصدق (3).
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 89 - 90، العبر: 3 / 4 - 5، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 25 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 154، لسان
الميزان: 4 / 256، شذرات الذهب: 3 / 90.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 89 - 90، والزيادة منه.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
[ * ]
(16/327)
قال علي بن المحسن: حضرت عند ابن لؤلؤ مع أبي الحسين
البيضاوي لنقرأ عليه، وكان قد ذكر له عدد من يحضر، ودفعنا
إليه دراهم.
فرأى واحدا زائدا، فأخرجه، فجلس [ الرجل ] في الدهليز،
وجعل البيضاوي يرفع صوته ليسمعه، فقال ابن لؤلؤ: يا أبا
الحسين: أتعاطى علي وأنا بغدادي، باب طاقي وراق، صاحب
حديث، شيعي، أزرق كوسج ؟ !، ثم أمر جاريته بأن تدق في
الهاون أشنانا حتى لا يصل الصوت [ إلى الرجل ] (1).
236 - ابن صابر * الشيخ
المسند، أبو عمرو، محمد بن محمد بن صابر بن كاتب
البخاري المؤذن.
روى عن: صالح بن محمد جزرة، وحامد بن سهل، ومحمد بن حريث،
والحسين بن الوضاح، وطائفة، وكان آخر من روى عن صالح.
حدث عنه: أبو عبد الله غنجار، وأحمد بن عبدالرحمن
الشيرازي،
وأبو نصر بن علي البخاري السني.
أرخ أبو بكر السمعاني وفاته في سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
237 - ابن ياسين * * القاضي
الامام المحدث، أبو القاسم، بشر بن محمد بن محمد بن
__________
(1) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
* العبر: 2 / 353، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 26 / أ، شذرات
الذهب: 3 / 70.
* * العبر: 3 / 6، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 27 / أ، شذرات
الذهب: 3 / 91.
وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (385) من هذا الجزء.
[ * ]
(16/328)
ياسين بن النضر الباهلي النيسابوري الفقيه.
ذكره الحاكم فقال: كان كثير الذكر والصلاة.
سمع ابن خزيمة، والسراج، وأبا العباس الدغولي، وأملى
مجالس، وكان مكثرا لكن ضيع أصوله.
قلت: روى عنه الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وجماعة.
توفي في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
وله اثنتان وثمانون سنة.
238 - ابن كيسان * الشيخ
الثقة، أبو الحسن، علي بن محمد بن أحمد بن كيسان
الحربي، الذي روى عن يوسف القاضي جزء الزكاة وجزء التسبيح،
ما روى سواهما حدث عنه، البرقاني، والحسين بن جعفر
السلماسي، وعلي بن المسحن، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.
قال الخطيب: قال لنا التنوخي: أرانا ابن كيسان بخط أبيه:
ولد علي ومحمد ابناي في بطن [ واحدة ] ليلة الجمعة [ لخمس
مضين من جمادى الآخرة ] سنة اثنتين وثمانين ومئتين (1).
قلت: ثم مات أبوهما (2) قبل الثلاث مئة، وكان من جلة
النحويين.
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 86 - 87، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 12
/ أ، العبر: 2 / 365 - 366، شذرات الذهب: 3 / 81.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 86، وما بين حاصرتين منه.
(2) هو محمد بن أحمد بن كيسان أبو الحسن النحوي.
ترجمته في " إنباه الرواة " 3 / 57 - = [ * ]
(16/329)
وكان علي هذا عريا من الفضيلة.
قال البرقاني: كان لا يحسن يحدث، سألته أن يقرأ لي شيئا من
حديثه، فأخذ كتابه ولم يدر ما يقول: فقلت له: سبحان الله
حدثكم يوسف القاضي، فقال: سبحان الله حدثكم يوسف القاضي.
ثم قال: إلا أن ساعه كان صحيحا مع أخيه (1).
وقال الجوهري: سمعت منه في سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة.
قلت: ما وقع الخطيب بوفاته.
فأما أخوه الاكبر: الامام أبو محمد، الحسن بن النحوي (1).
فثقة عالم.
سمع من إسماعيل القاضي وبشر بن موسى.
روى عنه أبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ.
مات في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة.
239 - محمد بن المؤمل *
هو الشيخ المسند المعمر، أبو بكر، محمد بن حيويه بن المؤمل
بن أبي روضة الكرجي النحوي، نزيل همدان، ومسند وقته إن
صدق، فإنه روى عن طبقة كبرى.
__________
= 59، وقد ذكر محقق " الانباه " ثبتا بأهم مصادر ترجمته.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 86 - 87.
(1) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (93).
* الامتاع والمؤانسة: 1 / 129 و 134، تاريخ بغداد: 5 /
233، معجم الادباء 18 / 189، العبر: 2 / 366، ميزان
الاعتدال: 3 / 532، الوافي بالوفيات: 3 / 34، لسان
الميزان: 5 / 151، بغية الوعاة: 1 / 99، شذارت الذهب: 3 /
82.
[ * ]
(16/330)
روى عن: أسيد بن عاصم الثقفي، وإسحاق الدبري، ومحمد بن
المغيرة السكري، وإبراهيم بن ديزيل سيفنة، وإبراهيم بن نصر
الرازي، ومحمد ابن صالح الهمذاني الاشج، وأبي مسلم الكجي،
وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البرقاني، وأبو نصر محمد بن بندار، وأبو
طاهر ابن سلمة، وعمر بن معروف الهمذانيان، والحسين بن محمد
الفلاكي، وآخرون.
سأله الصيقلي عن سنه، فذكر أنه ابن مئة سنة واثنتي عشرة
سنة.
وقال شيرويه في " طبقات الهمذانيين ": توفي سنة اثنتين
وسبعين وثلاث مئة.
قال الخطيب: كان غير موثق عندهم.
240 - النضروي * الثقة المسند،
أبو منصور، العباس بن الفضل بن زكريا بن نضرويه -
بمعجمة - النضروي الهروي.
سمع أحمد بن نجدة، والحسين بن إدريس، ومحمد بن عبدالرحمن
السامي.
وعنه: سبطه الحسن بن علي، وأبو حازم العبدوي، والبرقاني،
وسعيد بن العباس القرشي، وأبو يعقوب القراب.
وثقة أبو بكر الخطيب.
مات في شعبان سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة.
بهراة.
__________
* اللباب: 3 / 314، العبر: 2 / 362، مشتبه النسبة: 1 / 82،
تبصير المنتبه: 1 / 156، شذرات الذهب: 3 / 79.
[ * ]
(16/331)
241 - الابهري * الامام العلامة، القاضي المحدث، شيخ
المالكية، أبو بكر، محمد ابن عبد الله
بن محمد بن صالح التميمي الابهري المالكي، نزيل بغداد
وعالمها.
ولد في حدود التسعين ومئتين.
وسمع أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي،
وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا عروبة الحراني، ومحمد بن
تمام البهراني، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد بن خريم
العقيلي، ومحمد بن الحسين الاشناني، وأبا علي محمد بن سعيد
الحافظ، وطبقتهم بالعراق، والشام، والجزيرة.
وجمع وصنف التصانيف في المذهب، وتفقه ببغداد على أبي عمر
محمد بن يوسف القاضي، وولده أبي الحسين.
حدث عنه: الدارقطني وأثنى عليه، وأبو بكر البرقاني، وأحمد
بن
محمد العتيقي، وأحمد بن علي البادا، وعلي بن المحسن
التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.
قال الدارقطني: هو إمام المالكية، إليه الرحلة من أقطار
الدنيا.
رأيت جماعة من الاندلس والمغرب على بابه، ورأيته يذاكر
بالاحاديث الفقيهات، ويذاكر بحديث مالك.
ثقة، مأمون، زاهد، ورع.
__________
* الفهرست: 283، تاريخ بغداد: 5 / 462 - 463، طبقات
الشيرازي: 167، ترتيب المدارك: 4 / 466 - 473، الانساب: 1
/ 125، المنتظم: 7 / 131، اللباب: 1 / 27، العبر: 2 / 371،
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 19 / أ، الوافي بالوفيات: 3 /
108، البداية والنهاية: 11 / 304 - 305، الديباج المذهب: 2
/ 206 - 210، النجوم الزاهرة: 4 / 147، شذرات الذهب: 3 /
85 - 86، هدية العارفين: 2 / 50، شجرة النور الزكية: 1 /
91، طبقات الاصوليين: 1 / 208 - 209.
[ * ]
(16/332)
وقال أبو إسحاق الشيرازي فيما سمعت من عمر بن عبد المنعم،
عن الكندي، أخبرنا علي بن هبة الله، أخبرنا إسحاق، قال:
جمع أبو بكر بين القراءات، وعلو الاسناد، والفقه الجيد،
وشرح مختصر عبد الله بن عبد الحكم، وانتشر عنه مذهب مالك
في البلاد (1).
وذكره القاضي عياض (2) فقال: له في شرح المذهب تصانيف.
ورد على المخالفين، وحدث عنه كثير من الناس، وانتشر عنه
المذهب في البلاد.
وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان ثقة، انتهت إليه رئاسة
مذهب مالك (3).
وقال القاضي أبو العلاء الواسطي: كان معظما عند سائر
العلماء، لا
يشهد محضرا إلا كان هو المقدم فيه.
سئل أن يلي القضاء فامتنع (4).
قلت: توفي في شوال سنة خمس وسبعين.
وقيل: في ذي القعدة (5)، وعشا بضعا وثمانين سنة، رضي الله
عنه.
أخبرنا طائفة قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب، أخبرنا
علي بن مهدي الطبيب سنة تسع وخمسين وخمس مئة، أخبرنا أحمد
بن عبد المنعم الكريدي، أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي،
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الابهري، حدثنا محمد بن
الحسين الخثعمي، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو
__________
(1) انظر " طبقات الشيرازي ": ص 167، و " ترتيب المدارك ":
4 / 467.
(2) انظر " ترتيب المدارك ": 4 / 466 - 473.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 462.
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 463.
(5) نص على هذا الخطيب في " تاريخه ": 5 / 463 نقلا عن
البرقاني [ * ]
(16/333)
خالد الأحمر، حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقنوا
موتاكم لا إله إلا الله ".
أخرجه مسلم (1)، وابن ماجه، من حديث أبي خالد سليمان بن
حيان، تفرد به.
242 - ابن بخيت * الشيخ العالم
الثقة المحدث، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن خلف
ابن بخيت العكبري البغدادي الدقاق.
حدث عن: خلق بن عمرو العكبري صاحب الحميدي، وأبي بكر جفعر
بن محمد الفريابي، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن محمد
الباغندي، ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري، وإسماعيل بن
موسى الحاسب، وأبي بكر بن أبي داود، وإبراهيم بن محمد
العمري، وعبد الله ابن زيدان البجلي، وسليمان بن داود بن
كثير الباهلي، وخالد بن محمد الصفار - صاحب ابن معين -،
وأبي القاسم البغوي وغيرهم.
وله جزء مشهور طبرزدي.
حدث عنه.
عبد الوهاب بن برهان الغزال، وأبو إسحاق البرمكي، وجماعة.
__________
(1) رقم (917) في أول الجنائز، وابن ماجة (1444) في
الجنائز: باب ما جاء في تلقين الميت لا إله إلا الله.
وقوله: لقنوا موتاكم " أي: من قرب من الموت، حكاه النووي
في شرح مسلم إجماعا، سماه باعتبار ما يؤول إليه مجازا
ومثله " من قتل قتيلا، فله سلبه ".
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (916)، والترمذي
(976) وأبي داود (3117)، والنسائي 4 / 5.
وعن عائشة عند النسائي / 4 / 5.
* تاريخ بغداد: 5 / 461 - 462، العبر: 2 / 363، تاريخ
الاسلام: 4 / الورقة: 9 / أ، مشتبه النسبة: 1 / 54، غاية
النهاية: 2 / 178 - 179، شذرات الذهب: 3 / 79.
[ * ]
(16/334)
وثقة الخطيب، وقال: مات في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين
وثلاث مئة.
أخبرنا ابن أبي عمر وغيره إجازة، قالوا: أخبرنا عمر بن
محمد، أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري، أخبرنا أبو إسحاق
البرمكي سنة 445، أخبرنا محمد بن عبد الله بن يخيت، حدثنا
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم العمري، حدثنا أبو كريب، حدثنا
ابن إدريس، عن عبيدالله، عن نافع،
عن ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم، جلد وغرب، وأن
أبا بكر جلد وغرب، وجلد عمر وغرب " (1).
243 - ابن مهران * الامام
الحافظ الثبت القدوة، شيخ الاسلام، أبو مسلم، عبدالرحمن
ابن محمد بن عبد الله بن مهران بن سلمة البغدادي.
سمع محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وابن أبي
داود، وأبا عروبة الحراني، وأبا محمد بن صاعد، وأبا الحسن
بن جوصا، وأبا حامد ابن بلال، وخلقا كثيرا بالعراق،
والشام، والجزيرة، وخراسان، وما وراء النهر، وأقام بسمرقند
نحوا من ثلاثين سنة، حدث عنه: أحمد بن محمد الكاتب، وعلي
بن محمد الحذاء المقرئ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو العلاء
الواسطي، وآخرون، وكان ممن برز
__________
(1) وأخرجه الترمذي (1438) في الحدود: باب ما جاء في
النفي، والبيهقي 8 / 223، من طرق، عن عبد الله بن إدريس
بهذا الاسناد.
وصححه الحاكم 4 / 369، ووافقه الامام الذهبي.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند مسلم وغيره.
* تاريخ بغداد: 10 / 299 - 300، المنتظم: 7 / 128 - 129،
تذكرة الحفاظ: 3 / 969 - 971، العبر: 2 / 369، العقد
الثمين: 5 / 402 - 403، النجوم الزاهرة: 4 / 147، شذرات
الذهب: 3 / 85.
[ * ]
(16/335)
في العلم والعمل.
قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان ثبتا، زاهدا، ما رأينا
مثله (1).
وقال الحاكم: كان أوحد عصره في علم أهل الحقائق، وله قدم
في معرفة الحديث، ورد نيسابور، ودخل إلى سمرقند وأقام بها،
وجمع المسند
الكبير على الرجال، ثم خرج إلى مكة سنة ثمان وستين وجاور
بها.
قال ابن أبي الفوارس: وصنف أبو مسلم أشياء كثيرة (2).
قال الخطيب: جمع أحاديث المشايخ والابواب، وكان متقنا،
حافظا، مع ورع وزهد وتدين.
ذكره لي أبو العلاء الواسطي يوما فأطنب في وصفه، وقال: كان
الدارقطني والشيوخ يعظمونه (3).
قال الحاكم: دخلت مرو وما وراء النهر فلم أظفر به.
وفي سنة خمس وستين في الحج طلبته في القوافل، فأخفى نفسه،
فحججت سنة سبع وستين، وعندي أنه بمكة، فقالوا: هو ببغداد،
فاستوحشت من ذلك وتطلبته، ثم قال لي أبو نصر الملاحمي
ببغداد: هنا شيخ الابدال نشتهي أن تراه ؟ قلت: بلى، فذهب
بي، فأدخلني خان الصباغين، فقالوا: خرج، فقال أبو نصر:
تجلس في هذا المسجد، فإنه يجئ، فقعدنا، وأبو نصر لم يذكر
لي من هو الشيخ، فأقبل أبو نصر ومعه شيخ نحيف ضعيف برداء،
فسلم علي، فألهمت أنه أبو مسلم الحافظ، فبينا نحن نحدثه إذ
قلت له: وجد الشيخ ها هنا من أقاربه أحدا ؟ قال: الذين
أردت لقاءهم انقرضوا، فقلت له: هل خلف
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 299 - 300.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 299.
[ * ]
(16/336)
إبراهيم ولدا ؟ - أعني أخاه الحافظ -، قال: ومن أين عرفته
؟ فسكت، فقال لابي نصر: من هذا الكهل ؟ قال: أبو فلان فقام
إلي وقمت إليه.
وشكا شوقه، وشكوت مثله، اشتفينا من المذاكرة، وجالسته
مرارا ثم ودعته يوم خروجي، فقال: يجمعنا الموسم، فإن علي
أن أجاور، ثم حج سنة ثمان
وستين، وجاور إلى أن مات، وكان يجتهد لا يظهر لحديث ولا
لغيره، وكان أخوه إبراهيم من الحفاظ الكبار.
أخبرنا المؤمل بن محمد.
أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب،
أخبرني محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران،
حدثنا عبدالمؤمن بن خلف، سمعت صالح بن محمد، سمعت أبا زرعة
يقول: كتبت عن رجلين مئتي ألف حديث: إبراهيم الفراء، وعبد
الله بن أبي شيبة.
قال أبو عبد الرحمن السلمي وغيره: مات بمكة سنة خمس وسبعين
وثلاث مئة.
قلت: وفيها توفي محدث نيسابور أبو الحسين أحمد بن محمد بن
جعفر البحيري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد
العسكري ببغداد، وشيخ الشافعية أبو القاسم عبد العزيز بن
عبد الله الداركي، ومحدث بغداد أبو حفص عمر بن محمد بن
الزيات، وشيخ المالكية القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله
الابهري، ومحدث الشام أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي،
والواعظ صاحب كتاب " تنبيه الغافلين " أبو الليث نصر بن
محمد السمرقندي الحنفي، والمسند عبد العززى بن جعفر الخرقي
ببغداد.
(16/337)
244 - الفضل بن جعفر * ابن محمد بن أبي عاصم،
الشيخ المسند الصادق، أبوا لقاسم التميمي الدمشقي الطرائفي
المؤذن، الرجل الصالح.
سمع نسخة أبي مسهر، والوحاظي من عبدالرحمن بن القاسم بن
الرواس، وسمع من جماهر بن محمد الزملكاني، وإبراهيم بن
دحيم،
وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وأبي شيبة داود بن إبراهيم وعدة،
وكان صاحب حديث.
حدث عنه: تمام الرازي، وعبد الغني الازدي، ومكي بن الغمر،
وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو أسامة محمد بن أحمد الهروي،
وصالح بن أحمد الميانجي، ومحمد بن سلوان المازني، وأبو علي
الحسن بن شواش، ومحمد بن عوف المزني، وخلق كثير.
قال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة نبيلا، حدثنا عنه عدة،
توفي سنة ثلاث وسبعين و ثلاث مئة.
قلت: هو آخر أصحاب ابن الرواس موتا.
وفيها مات شيخ الشافعية أبو العباس أحمد بن محمد الخياط
الزاهد بمصر، وأحمد بن الحسين العكبري، وإبراهيم بن عبد
الله بن إسحاق القصار بأصبهان، وبلكين بن زيري صاحب
المغرب، وأبو عثمان المغربي شيخ الصوفية، ومحمد بن حيويه
بن أبي روضة الكرجي، وعلي بن محمد بن كيسان الحربي، وعبد
الله بن محمد بن عثمان الواسطي ابن السقا.
__________
* العبر: 2 / 366، شذرات الذهب: 3 / 81.
[ * ]
(16/338)
245 - الربعي * الشيخ المحدث الثقة، أبو بكر محمد بن
سليمان
بن يوسف بن يعقوب، الربعي، الدمشقي، البندار.
سمع جعفر بن أحمد بن عاصم، وأحمد بن عامر بن المعمر،
وجماهر ابن محمد الزملكاني، وحاجب بن أركين، ومحمد بن
الفيض الغساني، ومحمد بن تمام البهراني، وخلقا سواهم.
حدث عنه: تمام الرازي، وأبو سعد الماليني، والمسدد بن علي
الاملوكي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، ومحمد بن عبد السلام
بن سعدان.
قال عبد العزيز الكتاني: حدثنا عنه جماعة، وكان ثقة، توفي
في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاث مئة.
قلت: سمعنا جزء الربعي من أصحاب ابني أبي لقمة، عن ابن
عبدان، عن ابن أبي العلاء المصيصي، عن ابن سعدان، عنه.
246 - هلال بن محمد بن محمد
* * الشيخ المعمر، أبو بكر البصري، ابن أخي هلال الرازي.
حدث عن أبي مسلم الكنجي، ومحمد بن زكريا الغلابي، والحسن
بن المثنى، وأبي خليفة.
روى عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن عبدالرحمن
اليزدي،
__________
* العبر: 2 / 368، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 16 / أ، شذرات
الذهب: 3 / 84.
* * تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 33 / ب، ميزان الاعتدال: 4 /
316، لسان الميزان: 6 / 202.
[ * ]
(16/339)
وشيخ المعتزلة أبو الحسين البصري، ومحمد بن عمر بن زاذان
القزويني، وجماعة، لم أسمع فيه قدحا.
قال عبدالرحمن بن مندة، توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مئة.
قلت: لعله قارب المئة.
247 - أبو بكر الرازي * الامام
العلامة المفتي المجتهد، عالم العراق، أبو بكر، أحمد بن
علي الرازي الحنفي، صاحب التصانيف.
تفقه بأبي الحسن الكرخي، وكان صاحب حديث ورحلة، لقي أبا
العباس الاصم، وطبقته بنيسابور، وعبد الباقي بن قانع،
ودعلج بن أحمد، وطبقتهما ببغداد، والطبراني، وعدة بأصبهان.
وصنف وجمع وتخرج به الاصحاب ببغداد، وإليه المنتهى في
معرفة المذهب.
قدم بغداد في صباه فاستوطنها.
وكان مع براعته في العلم ذا زهد وتعبد، وعرض عليه قضاء
القضاة فامتنع منه، ويحتج في كتبه بالاحاديث المتصلة
بأسانيده، قال الخطيب: حدثنا أبو العلاء الواسطي، قال:
امتنع القاضي أبو
__________
* الفهرست: 293 - 295، تاريخ بغداد: 4 / 314 - 315، طبقات
الشيرازي: 144، المنتظم: 7 / 105 - 106، العبر: 2 / 354 -
355، الوافي بالوفيات: 7 / 241.
البداية والنهاية: 11 / 297، النجوم الزاهرة: 4 / 138،
طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 55، الجواهر المضية: 1 / 220
- 224، شذرات الذهب: 3 / 71، الفوائد البهية: 27 - 28،
هدية العارفين: 1 / 66، طبقات الاصوليين: 1 / 205 203.
[ * ]
(16/340)
بكر الابهري المالكي من أن يلي القضاء، قالوا له: فمن يصلح
؟ قال: أبو بكر الرازي.
قال: وكان الرازي يزيد حاله على منزلة الرهبان في العبادة،
فأريد على القضاء، فامتنع رحمه الله (1)، وقيل كان يميل
إلى الاعتزال، وفي تواليفه ما يدل على ذلك في رؤية الله
وغيرها، نسأل الله السلامة.
مات في ذي الحجة سنة سبعين وثلاث مئة، وله خمس وستون سنة.
وفيها مات أحمد بن منصور اليشكري الدينوري، ومسند خراسان
أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر الاسفراييني المحدث، ومحدث حلب
أبو محمد
الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ، ومحدث مصر أبو محمد
الحسن بن رشيق العسكري، وشيخ العربية أبو عبد الله الحسين
بن أحمد بن خالويه، ومسند أصبهان أبو بكر عبد الله بن محمد
بن محمد بن فورك القباب، وإمام اللغة أبو منصور محمد بن
أحمد بن الازهر بن طلحة الازهري الهروي، وأبو بكر محمد بن
جعفر البغدادي غندر الوراق، والمقرئ أبو بكر أحمد بن محمد
بن هارون الرازي الديبلي، وعبد الله بن محمد بن أحمد
الصائغ بأصبهان، ارتحل إلى الفريابي.
248 - ابن وصيف * الشيخ المسند
الكبير، أبو بكر، محمد بن العباس بن وصيف الغزي.
راوي الموطأ عن الحسن بن الفرج الغزي، صاحب يحيى بن بكير،
وقد روى أيضا عن محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وغيره.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 463.
* العبر: 2 / 362 - 363، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 9 / أ،
شذرات الذهب: 3 / 79.
[ * ]
(16/341)
حدث عنه: أبو سعد الماليني، ومحمد بن جعفر الميماسي،
وطائفة، وما علمت به بأسا.
مات في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة عن سن عالية.
249 - ابن خفيف * الشيخ الامام
العارف الفقيه القدوة، ذو الفنون، أبو عبد الله محمد
بن خفيف بن اسفكشار الضبي الفارسي الشيرازي، شيخ الصوفية.
ولد قبل السبعين ومئتين وستين.
وحدث عن حماد بن مدرك وهو آخر أصحابه، وعن محمد بن جعفر
التمار، والحسين المحاملي، وجماعة.
وتفقه على أبي العباس بن سريج.
حدث عنه: أبو الفضل الخزاعي، والحسن بن حفص الاندلسي،
وإبراهيم بن الخضر الشياح، والقاضي أبو بكر بن الباقلاني،
ومحمد بن عبد الله بن باكويه.
قال السلمي: أقام بشيراز، وأمه نيسابورية، وهو اليوم شيخ
المشايخ، وتاريخ الزمان، لم يبق للقوم أقدم منه، ولا أتم
حالا، صحب
__________
* طبقات الصوفية: 462 - 466، حلية الاولياء: 10 / 385 -
389، الرسالة القشيرية: 29، الانساب: 7 / 451 - 452، تبيين
كذب المفرتي: 190 - 192، المنتظم: 7 / 112، معجم البلدان:
3 / 381، اللباب: 2 / 222، العبر: 2 / 360 - 361، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 4 / ب: دول الاسلام: 1 / 229، الوافي
بالوفيات: 3 / 42 - 43، طبقات السبكي: 3 / 149 - 163،
البداية والنهاية: 11 / 299، طبقات الشعراني: 1 / 142،
شذرات الذهب: 3 / 77 76، نتائج الافكار القدسية: 2 / 6،
هدية العارفين: 2 / 49 - 50.
[ * ]
(16/342)
رويم بن أحمد، وابن عطاء، ولقي الحلاج، وهو من أعلم
المشايخ بعلوم الظاهر، متمسك بالكتاب والسنة، فقيه شافعي
(1).
أخبرنا أحمد بن إسحاق من لفظه، أخبرنا عمر بن كرم، أخبرنا
عبد الاول ابن عيسى، أخبرنا عبد الوهاب بن أحمد، أخبرنا
محمد بن باكويه، حدثنا محمد بن حنيف الضبي، قال: قرئ على
حماد بن مدرك، وأنا أسمع، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا
شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد
الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إذا صنعت قدرا فأكثر من مرقها، وانظر أهل بيت
من جيرانك فأصبهم بمعروف " (2).
قال أبو عبد الرحمن السلمي: قال أحمد بن يحيى الشيرازي: ما
أرى التصوف إلا يختم بأبي عبد الله بن خفيف، وكان أبو عبد
الله من أولاد الامراء فتزهد حتى قال: كنت أجمع الخرق من
المزابل، وأغسلها، وأصلح منه ما ألبسه، وبقيت أربعين شهرا
أفطر كل ليلة على كف باقلاء، فافتصدت فخرج شبه ماء اللحم،
فغشي علي فتحير الفصاد، وقال: ما رأيت جسدا بلا دم إلا هذا
(3).
قال ابن باكويه: سمعت أبا أحمد الكبير: سمعت ابن خفيف
يقول: نهبت في البادية، وجعت حتى سقطت لي ثمانية أسنان،
وانتثر شعري، ثم
__________
(1) انظر: " طبقات السلمي ": ص 462.
(2) وأخرجه مسلم (2626) (143) في البر والصلة: باب الوصية
بالجار والاحسان إليه من طريقين عن عبد الله بن إدريس، عن
شعبة بهذا الاسناد.
وأخرجه مسلم من طريقين، عن عبد العزيز بن الصمد العمي، عن
أبي عمران الجوني..(3) انظر " تبيين كذب المفتري " ص 191،
والفصد: شق العرق.
[ * ]
(16/343)
وقعت إلى فيد، وأقمت بها حتى تماثلت، وحججت، ثم مضيت إلى
بيت المقدس، ودخلت الشام، فنمت إلى جانب دكان صباغ، وبات
معي في المسجد رجل به قيام، فكان يخرج ويدخل فلما أصبحنا
صاح الناس، وقالوا: نقب دكان الصباغ وسرقت، فدخلوا المسجد
ورأونا، فقال
المبطون: لا أدري، غير أن هذا كان طول الليل يدخل ويخرج،
وما خرجت إلا مرة تطهرت، فجروني وضربوني، وقالوا: تكلم،
فاعتقدت التسليم، فاغتاظوا من سكوتي، فحملوني إلى دكان
الصباغ، وكان أثر رجل اللص في الرماد، فقالوا: ضع رجلك
فيه، فكان على قدر رجلي، فزادهم غيظا.
وجاء الامير، ونصبت القدر، وفيها الزيت يغلى، وأحضرت
السكين ومن يقطع، فرجعت إلى نفسي وإذا هي ساكنة، فقلت: إن
أرادوا قطع يدي سألتهم أن يعفو عن يميني لاكتب بها، وبقي
الامير يهددني ويصول، فنظرت إليه فعرفته، كان مملوكا لابي،
فكلمني بالعربية وكلمته بالفارسية، فنظر إلي وقال: أبو
الحسين - وبها كنت أكنى في صباي - فضحكت، فأخذ يلطم برأسه
ووجهه، واشتغل الناس به، فإذا بضجة، وأن اللصوص قد أخذوا،
فذهبت والناس ورائي وأنا ملطخ بالدماء، جائع لي أيام لم
آكل، فرأتني عجوز فقيرة، فقالت: ادخل، فدخلت، ولم يرني
الناس، وغسلت وجهي ويدي، فإذا الامير قد أقبل يطلبني، فدخل
ومعه جماعة.
وجر من منطقته سكينا، وحلف بالله إن أمسكني أحد لاقتلن
نفسي، وضرب بيده رأسه ووجهه مئة ضفعة حتى منعته أنا، ثم
اعتذر وجهد بي أن أقبل شيئا فأبيت وهربت ليومي، فحدثت بعض
المشايخ، فقال: هذا عقوبة انفرادك.
فما دخلت بلدا فيه فقراء إلا قصدتهم.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف - وقد سأله قاسم الاصطخري
عن
(16/344)
الاشعري -، فقال: كنت مرة بالبصرة جالسا مع عمرو بن علويه
على ساجة (1) في سفينة نتذاكر في شئ، فإذا بأبي الحسن
الاشعري قد عبر وسلم علينا.
وجلس، فقال: عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلمون في
شئ
عرفت الالفاظ ولم أعرف المغزى ! فأحب أن تعيدوها علي، قلت:
في أي شئ كنا ؟ قال: في سؤال إبراهيم عليه السلام (رب أرني
كيف تحيي الموتى) [ البقرة: 260 ] وسؤال موسى عليه السلام
(رب أرني أنظر إليك) [ الاعراف: 143 ] فقلت: نعم.
قلنا: إن سؤال إبرهيم هو سؤال موسى، إلا أن سؤال إبراهيم
سؤال متمكن، وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة وهيجان، فكان
تصريحا، وسؤال إبراهيم كان تعريضا، وذلك أنه قال: (أرني
كيف تحيى الموتى) فأراه كيفية المحيى، ولم يره كيفية
الاحياء، لان الاحياء صفته تعالى، والمحيى قدرته، فأجابه
إشارة كما سأله إشارة، إلا أنه قال في الآخر: (أعلم أن
الله عزيز) فالعزيز: المنيع.
فقال أبو الحسن: هذا كلام صحيح، ثم إني مشيت مع أبي الحسن،
وسمعت مناظرته، وتعجبت من حسن مناظرته حين أجابهم.
قال أبو العباس الفسوي، صنف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم
يصنفه أحد، وانتفع به جماعة صاروا أئمة يقتدى بهم، وعمر
حتى عم نفعه البلدان.
قال أبو الفتح عبدالرحيم خادم ابن خفيف: سمعت الشيخ يقول:
سألنا يوما أبو العباس ابن سريج بشيراز ونحن نحضر مجلسه
للفقه، فقال: أمحبة الله فرض أو لا ؟ فقلنا: فرض.
قال: ما الدليل ؟ فما فينا من أجاب
__________
(1) الساجة: واحدة الساج.
وهو خشب يجلب من الهند.
[ * ]
(16/345)
بشئ، فسألناه، فقال: قوله تعالى: (قل إن كان آباؤكم
وأبناؤكم) إلى قوله: " أحب إليكم من الله ورسوله) الآية [
التوبة: 24 ] قال: فتوعدهم الله على تفضيل محبتهم لغيره
على محبته، والوعيد لا يقع إلا على
فرض لازم.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يقول: كنت في بدايتي ربما
أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف (قل هو الله أحد) وربما كنت
أقرأ في ركعة القرآن كله.
وروي عن ابن خفيف، أنه كان به وجع الخاصرة، فكان إذا أصابه
أقعده عن الحركة، فكان إذا نودي بالصلاة يحمل على ظهر رجل،
فقيل له: لو خففت على نفسك ؟ ! قال: إذا سمعتم حي على
الصلاة ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يقول: ما وجبت علي زكاة
الفطر أربعين سنة (1).
قال ابن باكويه: نظر أبو عبد الله بن خفيف يوما إلى ابن
مكتوم وجماعة يكتبون شيئا، فقال: ما هذا ؟ قالوا: نكتب كذا
وكذ، قال: اشتغلوا بتعلم شئ، ولا يغرنكم كلام الصوفية،
فإني كنت أخبئ محبرتي في جيب مرقعي، والورق في حجزة
سراويلي، وأذهب في الخفية إلى أهل العلم، فإذا علموا بي
خاصموني، وقالوا: لا يفلح، ثم احتاجوا إلي (2).
قلت: قد كان هذا الشيخ قد جمع بين العلم والعمل، وعلو
السند،
__________
(1) " تبيين كذب المفتري " ص 192.
(2) " تبيين كذب المفتري ": ص 191.
[ * ]
(16/346)
والتمسك بالسنن، ومتع بطول العمر في الطاعة.
يقال: إنه عاش مئة سنة وأربع سنين، وانتقل إلى الله تعالى
في ليلة الثالث من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة.
والاصح أنه عاش خمسا وتسعين سنة، وازدحم الخلق
على سريره، وكان أمرا عجيبا.
وقيل: إنهم صلوا عليه نحوا من مئة مرة.
وفيها مات بجرجان الامام أبو بكر الاسماعيلي، والصالح أبو
بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني الصيداوي والد
صاحب " المعجم " وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن سلمة
المصري الخياش، والحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح
السبيعي بحلب، والقاضي إبراهيم بن أحمد الميمذي، الراوي عن
محمد بن حيان المازني، لكنه تالف، وبشر ابن محمد المزني
الهروي، ومقرئ الوقت أبو العباس الحسن بن سعيد بن جعفر
العباداني المطوعي عن مئة عام، والحسن بن علي الباد،
الشاهد له عن أبي شعيب الحراني، ومفتي المغرب أبو سعيد،
وأبو نصر خلف بن عمر القيرواني المالكي، وأبو الحسين عبد
الله بن إبراهيم بن بيان الزبيبي البزاز عن ثلاث وتسعين
سنة، وشيخ المالكية بالقيروان أبو محمد عبد الله بن إسحاق
بن التبان، ورئيس الحنبلية أبو الحسن التميمي عبد العزيز
بن الحارث، والعلامة أبو زيد المروزي الزاهد، والمحدث أبو
بكر محمد بن إسحاق البغدادي الصفار، وأبو بكر محمد بن خلف
بن جيان - بجيم - البغدادي الخلال أحد الثقات، وشاعر
الاندلس أبو بكر يحيى بن هذيل المالكي.
250 - أبو الفتح الازدي *
الحافظ البارع، أبو الفتح، محمد بن الحسين بن أحمد
بن عبد الله
__________
* تاريخ بغداد: 2 / 243 - 244، الانساب: 1 / 199 198،
المنتظم: 7 / 125 - = [ * ]
(16/347)
ابن بريدة الازدي الموصلي، صاحب كتاب " الضعفاء " وهو مجلد
كبير.
حدث عن: أبي يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار
الصوفي، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن زيدان البجلي،
وعلي بن زاطيا، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وطريف بن
عبيدالله صاحب علي بن الجعد، وعباد بن علي السيريني،
وإسماعيل الحاسب، وحمدان بن عمرو الوراق الموصلي، وعلي بن
سراج، ومحمد بن محمد الباغندي.
والهيثم ابن خلف الدوري، وأبي عروبة الحراني، وأبي القاسم
البغوي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو نعيم الحافظ، وأبو إسحاق البرمكي، وأحمد بن
الفتح بن فرغان وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: كان حافظا.
صنف في علوم الحديث، وسألت البرقاني عنه فضعفه، وحدثني أبو
النجيب عبد الغفار الارموي، قال: رأيت أهل الموصل يوهنون
أبا الفتح ولا يعدونه شيئا (1).
قال الخطيب: في حديثه مناكير (2).
قلت: وعليه في كتابه في " الضعفاء " مؤاخذات، فإنه ضعف
جماعة بلا دليل.
بل قد يكون غيره قد وثقهم.
مات في شوال سنة أربع وسبعين وثلاث مئة.
__________
= 126، الكامل لابن الاثير: 9 / 40، العبر: 2 / 367 - 368،
تذكرة الحفاظ: 3 / 963 - 968 ميزان الاعتدال: 3 / 523،
تاريخ الاسلام: 4: الورقة: 16 / أ، البداية والنهاية: 11 /
303، لسان الميزان: 5 / 139، طبقات الحفاظ: 386، شذرات
الذهب: 3 / 84، هدية العارفين: 2 / 50.
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 244.
(2) المصدر السابق.
[ * ]
(16/348)
وفيها مات محدث دمشق أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف
الربعي البندار، وخطيب الخطباء أبويحيى عبدالرحيم بن محمد
بن إسماعيل بن نباتة الفارقي صاحب " الديوان " في الخطب،
والقاضي أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن حسكا الحنفي
بنيسابور، وأبو يعقوب إسحاق بن سعيد ابن الحافظ الحسن بن
سفيان النسوي.
قرأت على إسحاق بن طارق، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا يحيى
ابن أسعد (ح)، وأبنأنا أحمد بن سلامة، عن ابن أسعد، أخبرنا
عبد القادر بن محمد، أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي،
أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين ابن بريدة، حدثنا أبو
يعلى، حدثنا خليفة بن خياط، حدثنا درست بن حمزة، عن مطر
الوراق، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " ما من عبدين متحابين يستقبل أحدهما صاحبه
فيصافحه، ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم
يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم وما تأخر ".
هذا حديث غريب منكر.
أخرجه البخاري في كتاب " الضعفاء " (1) عن خلفة في ترجمة
درست، وقال: لا يتابع عليه، وقال الدارقطني: ضعيف.
أخبرنا محمد بن عبد السلام، أخبرنا أبي، قال: أخبرنا جدي
أبو سعد بن أبي عصرون، أخبرنا علي بن طوق، أخبرنا أحمد بن
الفتح بن
__________
(1) بل في " التاريخ الكبير " 3 / 252 وهو في " عمل اليوم
والليلة " ص 81 لابن السني من طريق خليفة بن خياط بهذا
الاسناد.
وذكره الحافظ ابن حجر في " الخصال المكفرة " 1 / 263 من
مجموعة الرسائل المنيرية، ونسبه للحسن بن سفيان وأبي يعلى
الموصلي في
" مسنديهما ".
[ * ]
(16/349)
فرغان، أخبرنا أبو الفتح بن بريدة، فذكر أحاديث.
251 - ابن السقاء * الامام
الحافظ البارع الثقة، أبو علي محمد بن علي بن حسين
الاسفراييني، تليمذ الحافظ أبي عوانة، كان ذا رحلة واسعة.
حدث عن أبي عروبة الحراني، وأبي محمد بن صاعد، ومحمد بن
زبان المصري، وأبي الحسن بن جوصا، وعلي بن عبد الله بن
مبشر، وأبي عوانة الاسفراييني، وطبقتهم.
وكان علامة، صالحا، خيرا، واعظا، من كبار الفقهاء
الشافعية.
روى عنه: ولده علي بن محمد، أحد مشيخة البيهقي، وأبو عبد
الله الحاكم، وأبو سعيد أحمد بن محمد المروزي.
قال الحاكم: هو من المعروفين بكثرة الحديث، والرحلة،
والتصنيف، وصحبة الصالحين ومن الحفاظ الجوالين.
أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا ابن روزبة، أخبرنا أبو الوقت،
أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، أخبرنا أحمد بن محمد ببوشنج،
أخبرنا محمد بن علي الحافظ إملاء بإسفرايين، حدثنا زكريا
بن يحيى المقدسي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي،
حدثنا محمد بن عبدالرحمن القشيري، حدثنا عبيدالله بن عمر،
عن نافع، عن ابن عمر أنه رأى.
رجلا ناوله رجل ريحانة، فردها، فأخذها ابن عمر، فقبله
ووضعه على عينه، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول:
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 1002 - 1003، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 9 / أ، طبقات
الاسنوي: 2 / 39، طبقات الحفاظ: 397 - 398، شذرات الذهب: 3
/ 81.
[ * ]
(16/350)
" إن هذه الرياحين الطيبة من نبت الجنة، فإذا نوول أحدكم
منها شيئا فلا يرده ".
هذا حديث منكر والقشيري تالف (1).
سميه: الامام الحافظ محمد بن علي بن الحسين البلخي، عالم
رحال (2).
يروي عن: محمد بن المعافى الصيداوي وطبقته.
حدث عنه الحافظ محمد بن أحمد الجارودي.
توفي الاول وهو ابن السقاء في سنة اثنتين وسبعين وثلاث
مئة، بإسفرايين، رحمه الله تعالى.
252 - ابن السقاء * الامام
الحافظ الثقة الرحال، أبو محمد، عبد الله بن محمد
بن عثمان الواسطي ابن السقاء محدث واسط.
سمع أبا خليفة الفضل بن الحباب، وأبا يعلى الموصلي، وعبدان
الاهوازي، وأبا جعفر أحمد بن يحيى بن زهير التستري، وأبا
عمران موسى بن سهل الجوني، ومحمد بن الحسين بن مكرم،
ومحمود بن محمد الواسطي وطبقتهم،
__________
(1) قال الحافظ: " التقريب ": كذبوه، وفي الباب عن أبي
هريرة مرفوعا أخرجه مسلم (2253) بلفظ: " من عرض عليه ريحان
فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح ".
(2) ترجمته في " تاريخ الاسلام ": 4 الورقة: 9 / ب، و "
لسان الميزان ": 5 / 303.
* تاريخ بغداد: 10 / 130 - 132، سؤالات السلفي لخميس
الحوزي: ص 87 -
89، الانساب: 7 / 90، المنتظم: 7 / 123، تذكرة الحفاظ: 3 /
965 - 966، العبر: 2 / 365، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 11 /
ب، البداية والنهاية: 11 / 302، النجوم الزاهرة: 4 / 144 -
145، طبقات الحفاظ: 385، شذرات الذهب: 3 / 81.
[ * ]
(16/351)
حدث عنه: الدارقطني، ويوسف أبو الفتح القواس، وعلي بن أحمد
ابن داود الرزاز، وأبو نعيم الحافظ، والقاضي أبو العلاء
الواسطي، وآخرون.
قال أبو العلاء الواسطي: سمعت ابن المظفر والدارقطني،
يقولان: لم نر مع ابن السقا كتابا، وإنما حدثنا حفظا.
وقال علي بن محمد الطيب الجلابي في " تاريخ واسط ": ابن
السقا من أئمة الواسطيين الحفاظ المتقنين.
قال السلفي (1): سألت خميسا الحوزي عن ابن السقاء، فقال:
هو من مزينة مضر، ولم يكن سقاء، بل هو لقب له (2)، كان من
وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه، وأسمعه
من أبي خليفة، وأبي يعلى، وابن زيدان البجلي، والمفضل
الجندي وجماعة، وبارك الله في سنه وعلمه، واتفق أنه أملى
حديث الطائر (3)، فلم تحتمله أنفسهم فوثبوا به، وأقاموه،
وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته لا يحدث أحدا من الواسطيين،
ولهذا قل حديثه عندهم.
قال: وتوفي سنة إحدى وسبعين، حدثني بذلك كله شيخنا أبو
الحسن المغازلي.
وأما الجلابي فقال: مات في ثاني جمادى الآخرة سنة ثلاث
وسبعين وثلاث مئة (4).
__________
(1) في " سؤالاته ": ص 87 - 89.
(2) في " سؤالات خميس ": بل هو لقب نبز به.
(3) هو في سنن الترمذي (3721) في المناقب، ومستدرك الحاكم:
3 / 130، 132.
وانظر كلام الحافظ ابن حجر عليه في أجوبته على أحاديث "
المشكاة ": 3 / 313، 314.
(4) انظر الحاشية (1) من الصفحة 89 من " سؤالات الحافظ
السلفي لخميس الحوزي ".
[ * ]
(16/352)
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد بن عبد الهادي، قال: أخبرنا
الامام عبد الله بن قدامة في سنة ثماني عشرة وست مئة،
أخبرنا علي بن المبارك بن نغوبا، أخبرنا أبو نعيم محمد بن
إبراهيم، أخبرنا أحمد بن المظفر بن يزداد العطار، حدثنا
عبد الله بن محمد بن عثمان الحافظ، حدثنا أبو خليفة، حدثنا
مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن زيد بن جبير، قال: سألت ابن عمر
قلت: من أين يجوز لي أن أعتمر ؟ قال: " فرضها رسول الله
لاهل المدينة ذا الحليفة، ولاهل الشام الجحفة، ولاهل نجد
قرن " (1).
ومات في سنة 73 شيخ القراء أبو بكر أحمد بن نصر الشذائي
بالبصرة، ونائب المعز على المغرب الامير بلكين بن زيري
الحميري، ومقرئ الدينور أبو علي الحسين بن محمد بن حبش،
وشيخ الزهاد أبو عثمان سعيد بن سلام المغربي بنيسابور،
وعلي بن محمد بن أحمد بن كيسان الحربي صاحب يوسف القاضي،
والفضل بن جعفر التميمي الدمشقي المؤذن، وأبو بكر محمد بن
حيويه بن المؤمل الكرجي التالف، وأبو أحمد محمد بن محمد بن
يوسف الجرجاني صاحب الفربري.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 3 / 303 من طريق مالك بن
إسماعل، حدثنا
زهير، أخبرني زيد بن جبير، عن ابن عمر وأخرجه مالك 1 /
306، 307، بشرح السيوطي، ومن طريقه البخاري 3 / 307 في
الحج: باب ميقات أهل المدينة، ومسلم (1182) في الحج: باب
مواقيت الحج والعمرة، وأبو داود (1737) والنسائي 5 / 122
عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه الترمذي (831) من طريق أيوب، عن نافع، وأخرجه
البخاري 1 / 203، والنسائي 5 / 122 - 123، من طريق الليث
بن سعد، عن نافع، وأخرجه البخاري 3 / 307، ومسلم (1182)
(14) و (15) والنسائي 5 / 125 من طريق سفيان، عن الزهري عن
سالم، عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري 13 / 263، ومسلم (1182) من طرق عن عبد الله
بن دينار عن ابن عمر.
[ * ]
(16/353)
253 - الغطريفي * الامام الحافظ المجود الرحال، مسند وقته،
أبو أحمد، محمد ابن أحمد
بن حسين بن القاسم بن السري بن الغطريف بن الجهم العبدي
الغطريفي الجرجاني الرباطي الغازي.
ولده سنة بضع وثمانين ومئتين.
وكان والده نيسابوريا، سكن رباط دهستان، وصار مقدم
المرابطين، فولد له أبو أحمد، ثم نشأ بجرجان واستقل بها.
سمع أبا خليفة الجمحي فأكثر عنه، والحسن بن سفيان، وعمران
ابن موسى بن مجاشع، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وعبد الله
بن ناجية، والهيثم بن خلف، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبا
العباس بن سريج شيخ الشافعية، وأبا بكر بن خزيمة، وعبدوس
بن أحمد الهمذاني، وأحمد بن محمد الوزان، ومحمد بن محمد بن
سليمان الباغندي، وعمر بن محمد الكاغدي، وطبقتهم بجرجان،
والري،
والبصرة، ونيسابور، وبغداد، وهمذان وغيرها.
حدث عنه رفيقه الامام أبو بكر الاسماعيلي في تواليفه أكثر
من مئة حديث، فمرة يقول فيه: حدثنا محمد بن أحمد العبدي،
ومرة: حدثنا محمد بن أبي حامد الثغري، ومرة: النيسابوري،
ومرة: العبقسي يدلسه لكونه باقيا عنده بالبلد.
__________
* تاريخ جرجان: 387 - 388، الانساب: 9 / 159 - 160،
اللباب: 2 / 385، تذكرة الحفاظ: 3 / 971 - 973، العبر: 3 /
5 - 6، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 25 / ب، الوافي بالوفيات:
2 / 84، لسان الميزان: 5 / 35 - 36، طبقات الحفاظ: 387،
شذرات الذهب: 3 / 90، هدية العارفين: 2 / 50، الرسالة
المستطرفة: 88.
[ * ]
(16/354)
وكان مع علمه وحفظه صواما قواما متعبدا، صنف الصحيح على
المسانيد، وعمر دهرا.
حدث عنه، أبو نعيم الحافظ، وحمزة السهمي، ورضي بن إسحاق
النصري، وأبو العلاء السري بن إسماعيل بن الامام
الاسماعيلي، والقاضي أبو الطيب الطبري، وآخرون.
آخر من روى حديثه عاليا الفخر بن البخاري.
توفي في رجب سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وفيها مات أبو الحسن أحمد بن يوسف بن إسحاق بن البهلول
التنوخي النحوي، سمع عمر بن أبي غيلان، وأبو العباس أبيض
بن محمد ابن أبيض بن أسود الفهري المصري خاتمة أصحاب
النسائي، وفقيهة العراق أمة الواحد بنت القاضي المحاملي،
وشيخ النحو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي
ببغداد، ومحدث بغداد أبو الحسن علي بن
محمد بن أحمد بن لؤلؤ الوراق، لقي حمزة بن محمد الكاتب،
والعلامة ذو الفنون أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل
الانطاكي، المقرئ نزيل الاندلس، والمقرئ أبو الحسين محمد
بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي، والمسند محمد بن علي بن زيد
بن مروان (1) بالكوفة.
ومسند بخارى أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر بن كاتب
المؤذن.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد إجازة، أخبرنا عمر بن محمد،
أخبرنا ابن ملوك، والقاضي أبو بكر، قالا: أخبرنا طاهر بن
عبد الله، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا أبو خليفة،
حدثنا محمد بن كثير، حدثنا شعبة، عن
__________
(1) في " العبر ": 3 / 6، و " الشذرات ": 3 / 90: محمد بن
زيد بن علي بن جعفر بن مروان.
[ * ]
(16/355)
أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: " أمر بلال أن يشفع الاذان،
ويوتر الاقامة " (1).
254 - أبو عمرو بن حمدان
* الامام المحدث الثقة، النحوي البارع، الزاهد العابد،
مسند خراسان، أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن
سنان الحيري ولد سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
وارتحل به والده الحافظ أبو جعفر إلى العجم، والعراق،
والجزيرة، والنواحي، وسمعه الكثير، وطلب هو بنفسه، وكتب
وتميز، وبرع في العربية، ومناقبه جمة رحمه الله.
ارتحل إلى الحسن بن سفيان النسوي في سنة تسع وتسعين، وهو
ابن ست عشرة سنة، أو أكثر فسمع منه الكثير، وإلى الاهواز
فأكثر عن عبدان الجواليقي، وإلى الموصل فأكثر عن أبي يعلى،
وإلى جرجان فأكثر عن
عمران بن موسى بن مجاشع السختياني، وسمع بالبصرة من زكريا
الساجي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وإلى بغداد فأخذ عن أحمد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 67، ومسلم (378) (5)،
وأبو داود (508)، والنسائي 2 / 3 من طرق، عن أيوب بهذا
الاسناد.
وأخرجه من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس:
البخاري 2 / 62، 65 في الاذان: باب بدء الاذان، و 68،
ومسلم (378) في الصلاة: باب الامر بشفع الاذان وإيتار
الاقامة.
* الانساب: 4 / 288 - 289، المنتظم: 7 / 134، العبر: 3 /
3، ميزان الاعتدال: 3 / 457، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 22
/ ب، الوافي بالوفيات: 2 / 46، طبقات السبكي: 3 / 69 - 70،
لسان الميزان: 5 / 38، النجوم الزاهرة: 4 / 150، بغية
الوعاة: 1 / 22، شذرات الذهب: 3 / 87.
[ * ]
(16/356)
ابن الحسن الصوفي، وحامد بن شعيب البلخي، والهيثم بن خلف
الدوري، ومحمد بن جرير الطبري، وروى أيضا عن أحمد بن محمد
ابن عبد الكريم الجرجاني، وابن خزيمة، والسراج، ومحمد بن
عبد الله ابن يوسف الدويري، وعبد الله بن محمد بن يوسف
السمناني، وأبي عمرو أحمد بن نصر الخفاف، وأبي قريش محمد
بن جمعة، ويعقوب بن حسن النسائي، وعبد الرحمن بن معاذ
النسائي، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، وعبد الله بن محمد
بن شيرويه، ومحمد بن محمد ابن سليمان الباغندي، وعلي بن
حمدويه الطوسي، وجعفر بن أحمد بن سنان، وعلي بن سعيد
العسكري القطان، وعبد الله بن زيدان البجلي بالكوفة، وعلي
بن الحسين البشاري، وحمزة بن محمد
الكوفي، ومحمد بن زنجويه بن الهيثم، ومحمد بن أحمد بن عبد
الله الراذاني بنسا، وأحمد بن محمد بن عبيدة الثعالبي،
وأبي العباس بن عقدة، وعبد الله بن محمد بن سيار
الفرهاداني، وإبراهيم بن علي العمري، ومحمد بن أحمد بن
نعيم، وعبد الله بن أبي سفيان الموصلي، وأبي بكر ابن أبي
داود، والعباس بن الفضل بن شاذان الرازي، وشعيب بن محمد
الزارع، والحافظ أبي بكر أحمد بن علي الرازي، وأبي القاسم
البغوي، وإبراهيم بن محمد بن يزيد المروزي، وعبد الرحمن بن
أبي حاتم، ومحمد بن مخلد الدوري، ومحمد بن هارون بن حميد،
وأحمد بن محمد بن بشار بغدادي يعرف بابن أبي العجوز، ومحمد
بن محمد بن عقبة الشيباني، والحافظ أحمد بن يحيى ابن زهير
التستري، وغيرهم، وتفرد بالرواية عن طائفة منهم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد النقاش، وأبو
حازم
(16/357)
العبدوي، وأبو العلاء صاعد بن محمد الهروي، وأبو نعيم
الاصبهاني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو حفص بن مسرور،
أبو الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبو سعد محمد بن
عبدالرحمن بن الكنجروذي، ومحمد ابن محمد بن حمدون السلمي،
وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، ومحمد بن عبد العزيز
النيلي الشافعي، وآخرون.
قال الحاكم: ولد له بنت، وعمره تسعون سنة، وتوفي وزوجته
حبلى، فبلغني أنها قالت له عند وفاته: قد قربت ولادتي،
فقال: سلمته إلى الله، فقد جاؤوا ببرأتي من السماء، وتشهد،
ومات في الوقت.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو يعد ما عنده من المسانيد
المسموعة، فقال: مسند ابن المبارك، ومسند الحسن بن سفيان،
ومسند أبي بكر بن أبي شيبة، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند
عبد الله بن شيرويه، ومسند السراج، ومسند هارون بن عبد
الله الحمال.
قال الحاكم: كان المسجد فراشه نيفا وثلاثين سنة، ثم لما
عمي وضعف، نقل إلى بعض أقاربه بالحيرة، وكان من القراء
والنحويين، وسماعاته صحيحة، رحل به أبوه، وصحب الزهاد،
وأدرك أبا عثمان والمشايخ، وسمع من محمد بن زنجويه في سنة
خمس وتسعين، ومئتين، توفي في الثامن والعشرين من شهر ذي
القعدة سنة ست وسبعين وثلاث مئة، وهو ابن ثلاث وتسعين أو
أربع وتسعين سنة، وصلى عليه الحافظ أبو أحمد الحاكم.
وقال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي: كان يتشيع.
قلت: تشيعه خفيف كالحاكم.
(16/358)
وقع لي جملة من عواليه، وخرجت من طريقه كثيرا.
255 - الصفار * الامام الثقة
الرحال المتقن، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم
ابن يزيد بن مهران الشامي ثم البغدادي الصفار الضرير.
سمع أبا القاسم البغوي، ومحمد بن محمد بن النفاح، ومحمد بن
صالح بن عصمة الدمشقي، وأبا عروبة الحراني، وعبد الله بن
محمد بن مسلم المقدسي، وإبراهيم بن حماد القاضي وعدة.
حدث عنه: الدارقطني، وأبو بكر البرقاني، وحمزة السهمي،
وأبو إسحاق البرمكي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد
الجوهري،
وآخرون.
قال البرقاني: ثقة فاضل، أصله من الشام، قال لي: إن مولده
في سنة تسع وثمانين ومئتين (1).
قلت: لم يؤرخه ابن عساكر، وآخر ما سمعوا منه في سنة إحدى
وسبعين وثلاث مئة قاله الخطيب.
256 - ابن جيان * * الامام
الفقيه، المحدث المجود، أبو بكر، محمد بن خلف بن
محمد ابن جيان - بجيم - البغدادي الخلال المقرئ.
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 260، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 4 / ب.
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 260.
* * تاريخ بغداد: 5 / 239، المنتظم: 7 / 112، مشتبه
النسبة: 1 / 131، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 6 / أ، الوافي
بالوفيات: 3 / 45، تبصير المنتبه: 1 / 275.
[ * ]
(16/359)
سمع حامد بن شعيب البلخي، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسما
المطرز، وأحمد بن سهل الاشناني.
حدث عنه: البرقاني، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي،
وحمزة السهمي، وأبو القاسم التنوخي.
وثقة الخطيب، وقال: توفي في آخر سنة إحدى وسبعين وثلاث
مئة، وقال حمزة السهمي: كان ثقة جبلا.
257 - الشماخي * المحدث الحافظ
الجوال المصنف، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن
محمد بن عبدالرحمن بن أسد بن شماخ الشماخي الهروي
الصفار، صاحب " المستخرج على صحيح مسلم ".
سمع أبا الجهم بن طلاب المشغرائي، وأبا الحسن بن جوصا،
ومحمد بن يوسف الهروي، وأحمد بن عبد الوارث المصري العسال،
وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن حفص الجويني، ومحمد بن
إبراهيم بن نيروز الانماطي، وأبا العباس بن عقدة، وأبا
جعفر الطحاوي، وطبقتهم.
روى عنه: أبو جعفر بن علان الشروطي، وأبو عبد الله الحاكم،
وغالب بن علي، وأبو الحسن بن جهضم، وأبو حازم العبدوي،
والبرقاني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو يعقوب القراب.
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 8 - 9، الانساب: 7 / 380 - 381،
اللباب: 2 / 207، ميزان الاعتدال: 1 / 528، الوافي
بالوفيات: 12 / 261، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.
[ * ]
(16/360)
قال البرقاني: قد كتبت عنه الكثير، ثم بان لي أنه ليس
بحجة.
وقال أبو عبد الله بن أبي ذهل: ضعيف.
وسئل عنه الحاكم، فقال: كذاب، لا يشتغل به، قدم علينا سنة
تسع وخمسين وثلاث مئة، وكتبنا عنه العجائب، ثم اجتمعت بابن
أبي ذهل فأفحش القول فيه وقال لي: دخلنا معا بغداد، وقد
مات البغوي، وهو ذا يحدث عنه ولا يحتشمني، ثم قال الحاكم:
يحتمل أنه سمع من البغوي، وما علم ابن أبي ذهل، فإنه قال:
دخلنا وهو في آخر علته.
توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة.
258 - الميانجي * القاضي،
الامام الحافظ، المحدث الكبير، أبو بكر، يوسف بن القاسم
بن يوسف بن فارس بن سوار الميانجي الشافعي، نائب الحكم
بدمشق عن قاضي الدولة العبيدية، أبي الحسن علي بن القاضي
أبي حنيفة النعمان المغربي، كان الميانجي مسند الشام في
زمانه.
سمع أبا خليفة الجمحي، وزكريا الساجي، وعبدان الاهوازي،
وأحمد بن يحيى التستري، ومحمد بن جرير الطبري،
__________
* معجم البلدان: 5 / 238، اللباب: 3 / 278، العبر: 2 /
371، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 20 / أ، طبقات السبكي: 3 /
488 - 389، النجوم الزاهرة: 4 / 148، قضاة دمشق لابن
طولون: 37، شذرات الذهب: 3 / 86، تاج العروس: مادة (مينج)
هدية العارفين: 2 / 549.
[ * ]
(16/361)
والقاسم بن زكريا المطرز، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا
بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وحامد بن شعيب
البلخي، ومحمد بن المعافى الصيداوي، وأحمد بن محمد بن شاكر
الزنجاني، وسماعه من هذا في سنة أربع وتسعين ومئتين، وأبا
العباس السراج، وطبقتهم، وأبا يعلى الموصلي.
وكان ذا رحلة، وفهم، وتواليف، مع الثقة، والامانة.
قال عبد العزيز بن أحمد الكتاني: حدثنا عنه جماعة فوق
الاربعين، وكان ثقة نبيلا، وقال أبو الوليد الباجي: محدث
مشهور لا بأس به.
قلت: وممن روى عنه: تمام الرازي، وعبد الغني بن سعيد
الحافظ،
وأبو سعد الماليني، وصالح بن أحمد الميانجي ولد أخيه،
وأحمد بن الحسن الطيان، وعلي بن محمد السمسار، وأحمد بن
سلمة بن الكامل، وعبد الوهاب الميداني، ومحمد بن عبدالرحمن
بن أبي نصر، وأخوه أحمد، وطائفة.
وقع لي جماعة أجزاء من عواليه.
ومن قدماء مشيخته عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن
الصوفي، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وابن خزيمة.
قرأت على الحسن بن علي، وإسماعيل بن نصر الله، أخبركما
محمد بن أحمد النسابة، أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن
صابر، أخبرنا علي ابن الحسن ابن الموازيني، أخبرنا محمد بن
عبد السلام بن سعدان سنة 440، حدثنا يوسف القاضي، حدثنا
عبد الله بن ناجية ببغداد، حدثنا
(16/362)
خليفة بن خياط، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حجاج الصواف،
حدثنا معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: قال المغيرة بن شعبة
لصاحب فارس: كنا نعبد الحجارة والاوثان، إذا رأينا حجرا
أحسن من حجر ألقيناه وأخذنا غيره، لا نعرف ربا، حتى بعث
الله إلينا نبيا من أنفسنا، فدعانا إلى الاسلام فأجبناه
وأخبرنا أن من قتل منا دخل الجنة (1).
توفي الميانجي في شعبان سنة خمس وسبعين وثلاث مئة، وقد
قارب التسعين أو جاوزها.
259 - قسام * هو قسام الجبلي
التلفيتي، سكن دمشق، وكان ترابا على الحمير، فيه
قوة وشهامة، فسمت نفسه إلى المعالي، واتصل بأحمد بن
الجصطر أحد الاحداث، بدمشق، فكان من حزبه، وتنقلت به
الاحوال إلى أن كثر أعوانه، وغلب على دمشق مدة، فلم يكن
لنوابها معه أمر، واستفحل أمره، فندب له صاحب مصر عسكرا
عليهم الامير بلتكين مولى هفتكين، فحارب قساما إلى أن قوي
عليه، وضعف أمر قسام، فاختفى أياما ثم استأمن.
قال القفطي: تغلب على دمشق رجل من العيارين يعرف بقسام،
وتحصن بها، فسار لحربه من مصر عسكر، عليهم فضل، فحاصر
دمشق، وضاق بأهلها الحال، فخرج قسام متنكرا، فأخذه الحرس،
__________
(1) رجاله ثقات.
* تاريخ دمشق، معجم البلدان: 2 / 42 - 43، الكامل لابن
الاثير: 8 / 697 - 699، 9 / 6، 7، 17، العبر: 3 / 2 - 3،
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 22 / أ، البداية والنهاية: 11 /
292 - 293، النجوم الزاهرة: 4 / 114 - 115، و 150، شذرات
الذهب: 3 / 87.
[ * ]
(16/363)
فقال: أنا رسول قسام فأحضروه إلى فضل، فقال: بعثني إليك
لتحلف له، وتعوضه عن دمشق ببلد يعيش فيه، فحلف له الفضل،
فلما توثق منه، قال: أنا قسام.
فأعجب به، وزاد في إكرامه، فرد إلى البلد وسلمه إليه، ووفى
له، وعوضه موضعا، وأحسن العزيز صلته.
وذلك في سنة تسع وستين وثلاث مئة، وقيل: إن ذلك في سنة
اثنتين وسبعين، وقال غيره: بل أخذ إلى مصر مقيدا، فعفى عنه
العزيز.
ولعبد المحسن الصوري فيه قصيدة، وقيل حمل إلى مصر سنة ست
وسبعين وثلاث مئة، وهو الذي تزعم العامة، أن دمشق تملكها
قسيم الزبال، وكان يركب بقحف من ذهب، وكان في أوائل
استيلائه على دمشق يلاطف المصريين،
ويقول: أنا باق على الطاعة.
260 - الرازي * الامام المحدث
الواعظ، أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد العزيز
ابن شذان الرازي الصوفي والد المحدث أبي مسعود أحمد بن
محمد البجلي، حدث عن يوسف بن الحسين الزاهد، وأبي بكر بن
الانباري، وأبي يعقوب النهرجوري، وأبي بكر الشبلي، وأبي
محمد البربهاري الحنبلي، وخير النساج، وأبي العباس بن
عطاء، وطائفة.
له اعتناء زائد بعبارات القوم.
وجمع منها الكثير، ولقي الكبار، وله جلالة وافرة بين
الصوفية.
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 464 - 465، العبر: 3 / 3، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 23 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 606 -
607، الوافي بالوفيات: 3 / 308، لسان الميزان: 5 / 230،
النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 87.
[ * ]
(16/364)
قال الحاكم: ورد نيسابور سنة أربعين وثلاث مئة.
وكتبت عنه، ورأيته ببخارى، فلما قدمت الري سنة سبع وستين
صادفته وقد انتسب وأملى عليهم أنه محمد بن عبد الله بن
المحدث محمد بن أيوب بن يحيى ابن الضريس، فخلوت به وزجرته
فانزجر، وترك الانتساب إليه، ولو اشتهر ذلك بالري لآذوه،
فإن محمد بن أيوب لم يعقب ذكرا.
ثم التقينا سنة سبعين، فأخذ يحدث عن علي بن عبد العزيز
وأقرانه.
وما كان قبل يحدث بالمسانيد، والله يرحمه.
قلت: يروي عنه أبو عبد الرحمن السلمي بلايا وحكايات منكرة.
وروى عنه أبو عبد الله بن باكويه، وأبو نعيم، وأبو حازم
العبدوبي، وآخرون.
وما هو بمؤتمن.
مات سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
261 - إسحاق بن سعد * ابن
الحافظ الحسن بن سفيان بن عامر النسوي، أبو يعقوب
الشيباني.
سمع من: جده، وعبد الله بن محمد بن سيار الفرهاداني، ومحمد
بن المجدر، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البغوي،
وعبد الله بن محمد بن شيرويه.
__________
* تاريخ بغداد: 6 / 401 - 402، المنتظم: 7 / 124، العبر 2
/ 367، شذرات الذهب: 3 / 83.
[ * ]
(16/365)
وعنه: الحاكم، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو إسحاق البرمكي،
وأبو القاسم التنوخي، وعبد الوهاب بن برهان الغزال،
وآخرون.
وثقه التنوخي، وقد حدث ببغداد، مولده سنة ثلاث وتسعين
ومئتين بنسا.
وبها توفي في سنة أربع وسبعين وثلاث مئة.
262 - البحيري * الشيخ الامام،
أبو الحسين، أحمد بن محمد بن جعفر بن نوح بن
بحير النيسابوري البحيري.
سمع أحمد بن إبراهيم بن عبد الله الحافظ، وإمام الائمة ابن
خزيمة، ومحمد بن إسحاق الثقفي، وعده.
ولحق ببغداد محمد بن محمد الباغندي، والبغوي، وعدة.
وعقده مجلس الاملاء، فاستملى عليه أبو عبد الله الحاكم.
وحدث عنه هو، وسبطة أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وعمر
بن مسرور، وآخرون.
توفي سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وقع لنا جزء من عواليه.
__________
* الانساب: 2 / 97 - 98، اللباب: 1 / 124، العبر: 2 / 368،
شذرات الذهب: 3 / 84.
[ * ]
(16/366)
أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد، أنبأنا عبدالمعز بن
محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي،
أخبرنا أبو الحسين البحيري، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا علي بن
معبد، حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا مالك، عن نافع، عن
سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
الذي يجر ثوبه من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة
".
(1) هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه النسائي في كتاب "
حديث مالك " عن زكريا خياط السنة، عن علي بن معبد، فوقع
لنا بدلا عاليا بدرجتين.
263 - قاضي مصر * أبو الحسن،
علي بن النعمان بن محمد المغربي.
صدر معظم، وقاض متمكن، يقضي بفقه العبيدية كأبيه، وله فهم
وفضائل، وفنون عديدة، ويد في الآداب، والنحو، والشعر،
وأيام الناس، مع وقار وهيبة وسكينة ورزانة، وله نظم جيد.
ولم يزل في ارتقاء عند العزيز بمصر إلى أن مات في رجب سنة
أربع وسبعين وثلاث مئة، وله خمس وأربعون سنة.
وولي بعد قضاء القضاة أخوه أبو عبد الله زوج ابنة قائد
القواد جوهر.
__________
(1) وهو في " الموطأ ": 3 / 104 بشرح السيوطي من طريق نافع
وعبد الله بن دينار، وزيد بن أسلم، ثلاثتهم عن ابن عمر
بلفظ " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من يجر ثوبه خيلاء ".
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 10 / 216 في أول اللباس،
ومسلم (2085) في اللباس: باب تحريم جر الثوب خيلاء،
والترمذي (1730).
* يتيمة الدهر: 1 / 384 - 385، وفيات الاعيان: 5 / 417،
العبر: 2 / 367، حسن المحاضرة: 1 / 561، و 2 / 147، شذرات
الذهب: 3 / 84.
[ * ]
(16/367)
264 - ابن النحاس * الامام الحافظ الرحال، أبو العباس،
أحمد بن محمد
بن عيسى ابن الجراح المصري، نزيل نيسابور.
سمع في سنة خمس وثلاث مئة، وحدث عن: علي بن أحمد علان،
وأبي القاسم البغوي، وأبي عروبة الحراني، وأبي نعيم عبد
الملك بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبي حامد بن
الشرقي، وخلق كثير.
لكن عدم سماعه من البغوي وجماعة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي،
وأبو حازم العبدوي، وأبو نعيم الاصبهاني، وأبو عثمان سعيد
بن محمد البحيري، وجماعة.
قال الحاكم: هو حافظ يتحرى في مذاركته الصدق.
وحدث من حفظه بأحاديث...إلى أن قال: توفي في آخر سنة ست
وسبعين وثلاث مئة.
قلت: وفيها توفي أبو إسحاق المستملي - راوي " الصحيح " -،
والمعمر الحسن بن جعفر السمسار، وأبو الحسين عبيدالله بن
أحمد بن البواب المقرئ، والقاضي علي بن الحسن الجراحي،
والمعمر علي ابن عبدالرحمن البكائي، والقاضي عمر بن محمد
بن سبنك البجلي، وأبو عمرو بن حمدان الحيري،
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 995 - 996، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
20 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 148، لسان الميزان: 1 / 289،
حسن المحاضرة: 1 / 352، طبقات الحفاظ: 394 - 395، شذرات
الذهب: 3 / 88
(16/368)
لم يقع لي من عوالي ابن النحاس شئ.
265 - الحرفي * الشيخ المسند،
أبو سعيد، الحسن بن جعفر بن محمد بن الوضاح الحربي
البغدادي السمسار المعروف بالحرفي.
حدث عن: أبي شعيب الحراني، ومحمد بن الحسن بن سماعة، ومحمد
بن جعفر القتات، ومحمد بن يحيى المروزي، وجعفر الفريابي،
وطائفة.
وتفرد في زمانه.
حدث عنه: أبو القاسم عبيدالله بن أحمد الازهري، وعبد
العزيز
الازجي، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.
قال العتيقي: كان فيه تساهل.
توفي سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
266 - ابن البواب * * الامام
المقرئ المحدث، أبو الحسين، عبيدالله بن أحمد بن
يعقوب البغدادي بن البواب، سمع إسماعيل بن موسى الحاسب،
ومحمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، والحسن بن
الحسين الصواف وطبقتهم.
__________
* تاريخ بغداد: 7 / 292 - 293، الانساب: 4 / 113، العبر: 3
/ 1 - 2، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 20 / ب، مشتبه النسبة:
1 / 225، ميزان الاعتدال: 1 / 481، لسان الميزان: 2 / 198،
النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 86.
* * تاريخ بغداد: 10 / 362 - 363، الانساب: 2 / 320،
اللباب: 1 / 183، غاية النهاية: 1 / 486.
[ * ]
(16/369)
وتلا على أحمد بن سهل الاشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وتصدر
للاقراء.
حدث عنه: الحسن بن محمد الخلال، وعبيدالله بن أحمد
الازهري، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التنوخي.
ووثقه الازهري، توفي في رمضان سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
267 - أبو أحمد الحاكم *
الامام الحافظ العلامة الثبت، محدث خراسان، محمد بن محمد
ابن أحمد إسحاق النيسابوري الكرابيسي، الحاكم الكبير، مؤلف
كتاب " الكنى " في عدة مجلدات.
ولد في حدود سنة تسعين ومئتين، أو قبلها.
وطلب هذا الشأن وهو كبير له نيف وعشرون سنة، فسمع أحمد بن
محمد الماسرجسي، ومحمد بن شادل، وإمام الائمة ابن خزيمة،
وأبا العباس السراج، وأبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وعبد
الله بن زيدان البجلي، وأبا جعفر محمد بن الحسين الخثعمي،
وأبا القاسم البغوي، وابن أبي داود، ومحمد بن إبراهيم
الغازي، ومحمد بن الفيض الغساني، ومحمد بن خريم، وأبا
الطيب الحسين بن موسى الرقي - نزيل أنطاكية، وأبا عروبة
الحراني، وعبد الرحمن بن عبيدالله بن أخي
__________
* المنتظم: 7 / 146، تذكرة الحفاظ: 3 / 976 - 979، العبر:
3 / 9 - 10، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 30 / أ، الوافي
بالوفيات: 1 / 115، نكت الهميان: 270 - 271، مرآة الجنان:
2 / 408، لسان الميزان: 7 / 5 - 6 النجوم الزاهرة: 4 /
154، طبقات الحفاظ: 388، شذرات الذهب: 3 / 93، هدية
العارفين: 2 / 50 - 51، الرسالة المستطرفة: 121.
[ * ]
(16/370)
الامام الحلبي، وأبا الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب، ومحمد
بن أحمد بن سلم الرقي، وأبا الحسن أحمد بن جوصا الحافظ،
وسعيد بن عبد العزيز الحلبي الدمشقي، وصدقة بن منصور
الكندي الحراني، ومحمد بن سفيان المصيصي الصفار، ويحيى بن
محمد بن صاعد، ومحمد بن إبراهيم الديبلي، والعباس بن الفضل
بن شاذان الرازي المقرئ، ومحمد بن مروان بن عبدالملك
البزاز الدمشقي - كذا يسميه - وهو محمد بن خريم العقيلي،
وعبد الله بن عتاب الزفتي،
ومحمد بن أحمد بن المستنير المصيصي، وعلي بن عبدالحميد
الغضائري، ويوسف بن يعقوب مقرئ واسط، ومحمد بن المسيب
الارغياني وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلقا كثيرا بالشام،
والعراق، والجزيرة، والحجاز، وخراسان، والجبال.
وكان من بحور العلم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي،
ومحمد بن علي الاصبهاني الجصاص، ومحمد بن أحمد الجارودي،
وأبو بكر أحمد بن علي بن منجويه، وأبو حفص بن سرور، وصاعد
بن محمد القاضي، وأبو سعد محمد بن عبدالرحمن الكنجروذي،
وأبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد البحيري، وآخرون.
ذكره الحاكم ابن البيع، فقال: هو إمام عصره في هذه الصنعة،
كثير التصنيف، مقدم في معرفة شروط الصحيح والاسامي والكنى،
طلب الحديث وهو ابن نيف وعشرين سنة..إلى أن قال: ولم يدخل
مصر، وكان مقدما في العدالة أولا، ثم ولي القضاء في سنة
ثلاث وثلاثين وثلاث مئة..إلى أن قلد قضاء الشاش، فذهب وحكم
أربع
(16/371)
سنين وأشهرا، ثم قلد قضاء طوس، وكنت أدخل إليه والمصنفات
بين يديه، فيحكم ثم يقبل على الكتب، ثم أتى نيسابور سنة
خمس وأربعين، ولزم مسجده ومنزله مفيدا مقبلا على العبادة
والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء والتزكية فيستعفي.
قال: وكف بصره سنة ست وسبعين، ثم توفي وأنا غائب.
وقال الحاكم أيضا: كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على
سنن
السلف، ومن المنصفين فيما نعتقدة في أهل البيت والصحابة.
قلد القضاء في أماكن.
وصنف على كتابي الشيخين، وعلى جامع أبي عيسى، قال لي: سمعت
عمر بن علك، يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلف بخراسان
مثل أبي عيسى الترمذي في العلم والزهد والورع، بكى حتى
عمي، ثم قال الحاكم أبو عبد الله: وصنف أبو أحمد كتاب "
العلل "، والمخرج على " كتاب المزني " وكتابا في الشروط،
وصنف الشيوخ والابواب..إلى أن قال: وهو حافظ عصره بهذه
الديار.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبا أحمد، الحافظ يقول:
حضرت مع الشيوخ عند أمير خراسان نوح بن نصر، فقال: من يحفظ
منكم حديث أبي بكر في الصدقات (1) ؟ فلم يكن فيهم من
يحفظه، وكان علي خلقان وأنا في آخر الناس، فقلت لوزيره:
أنا أحفظه،
__________
(1) أورده البخاري بطوله في " صحيحه " 3 / 250 و 251، 254
في الزكاة: باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده،
وباب زكاة الغنم، من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى
الانصاري، حدثني أبي، حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن
أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه
إلى البحرين..وقد تابع عبد الله بن المثنى على حديثه هذا
حماد بن سلمة عند أبي داود (1567)، وأحمد (72)، وانظر، "
نصب الراية " 2 / 335، 337، و " الجوهر النقي " 4 / 89.
[ * ]
(16/372)
فقال: ها هنا فتى من نيسابور يحفظه، فقدمت فوقهم، ورويت
الحديث، فقال الامير: مثل هذا لا يضيع، فولاني قضاء الشاش.
قال أبو عبد الله بن البيع: تغير حفظ أبي أحمد لما كف، ولم
يختلط قط، وسمعته يقول: كنت بالري وهم يقرؤون على
عبدالرحمن
ابن أبي حاتم كتاب " الجرح والتعديل " فقلت لابن عبدويه
الوراق: هذه ضحكة، أراكم تقرؤون كتاب " تاريخ البخاري "
على شيخكم على الوجه، وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم،
فقال: يا أبا أحمد اعلم أن أبا زرعة، وأبا حاتم لما حمل
إليهما " تاريخ البخاري " قالا: هذا علم لا يستغنى عنه،
ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا عبد الرحمن،
فسألهما عن رجل بعد رجل، وزادا فيه ونقصا.
وسمعته يقول: سمعت أبا الحسين الغازي، يقول: سألت البخاري
عن أبي غسان، فقال: عن ما تسأل عنه ؟ قلت: شأنه في التشيع،
فقال: هو على مذهب أئمة أهل بلده الكوفيين، ولو رأيتم
عبيدالله بن موسى، وأبا نعيم وجماعة مشايخنا الكوفيين، لما
سألتمونا عن أبي غسان.
قال ابن البيع: وسمعت أبا أحمد يقول: سمعت أبا الحسين
الغازي، يقول: سمعت عمرو بن علي، سمعت يحيى بن سعيد، يقول:
عجبا من أيوب السختياني يدع ثابتا البناني لا يكتب عنه !
قيل: إن بعض العلماء نازعه أبو عبد الله بن البيع في عمر
بن زرارة، وعمرو بن زرارة النيسابوري، وقال: هما واحد،
قال: فقلت لابي أحمد الحاكم: ما تقول فيمن جعلهما واحدا ؟
فقال: من هذا الطبل ؟.
قال الحاكم: أتينا أبا أحمد مع أبي علي الحافظ سنة أربعين،
فقال أبو
(16/373)
أحمد: قد غبت عنكم سبع عشرة سنة، فأفيدونا بكل سنة حديثا،
فقال بعضهم: حديث شعبة، عن حبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي
سعيد مرفوعا: " سبعة يظلهم الله " (1) فقال أبو أحمد:
حدثنا أحمد بن
عمير، حدثنا أحمد بن موسى، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، عن
شعبة.
فقال السائل: عنه، عن عمرو بن مرزوق عال، فقالوا له: يا
أبا أحمد إنك لم تدخل مصر، قال: فأنتم قد دخلتموها، اذكروا
ما فاتني بمصر، فقال بعضهم: حديث الليث في قصة الغار (2)،
فقال: حدثناه ابن داود، أخبرنا عيسى بن حماد عنه.
ثم ذكر أبو علي أحاديث استفادها، فذكرت أنا حديث الجساسة
(3) من طريق أبي العميس، عن الشعبي، فقال: هذا فاتني.
__________
(1) حديث " سبعة يظلهم الله " أخرجه مالك 3 / 127 بشرح
السيوطي من طريق حبيب بن عبدالرحمن الانصاري، عن حفص بن
عاصم، عن أبي سعيد، أو عن أبي هريرة، ومن طريق مالك أخرجه
مسلم (1031) والترمذي (2391).
وأخرجه البخاري 2 / 119، 124، في الجماعة: باب من جلس في
المسجد ينتظر الصلاة، و 3 / 232، في الزكاة: باب الصدقة
باليمين، و 11 / 267 في الرقاق: باب البكاء من خشية الله،
و 12 / 100 في المحاربين: باب فضل من ترك الفواحش، ومسلم
(1031) في الزكاة: باب فضل إخفاء الصدقة، والنسائي 8 /
222، 223 من طريق عبيدالله، عن حبيب بن عبدالرحمن، عن حفص
بن عاصم، عن أبي هريرة وحده، قال الحافظ في " الفتح " 2 /
119: لم تخالف الرواة عن عبيدالله في ذلك، ورواية مالك في
" الموطأ " عن حبيب، فقال: عن أبي سعيد أو أبي هريرة على
الشك، ورواه أبو قرة عن مالك بواو العطف، فجعله عنهما،
وتابعه مصعب الزبيري، وشذ في ذلك عن أصحاب مالك، والظاهر
أن عبيدالله حفظه لكونه لم يشك فيه، ولكونه من رواية خالد
وحده.
(2) حديث الهجرة الطويل من طريق الليث عن عقيل، عن ابن
شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أخرجه البخاري (476) في
المساجد: باب المسجد يكون في الطريق، و (2264) في الاجارة:
باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له..، و (3905) في مناقب
الانصار:
باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
(3) انظر حديث الجساسة في " صحيح مسلم " (2942) في الفتن
وأشراط الساعة، ومسند أحمد 6 / 373.
[ * ]
(16/374)
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميمي، وأحمد بن
هبة الله، قالا: أخبرتنا أم المؤيد زينب بنت عبدالرحمن
الشعرية إذنا، وزادنا أحمد، فقال: أنبأنا عبد المعز بن
محمد البزاز، قالا: أخبرنا زاهر ابن طاهر المستملي، أخبرنا
محمد بن عبدالرحمن الخنزرودي، أخبرنا أبو أحمد الحافظ،
حدثنا عبيدالله بن عثمان العثماني ببغداد، حدثنا علي بن
عبد الله، حدثنا محمد بن طلحة التيمي، حدثني أبو سهيل نافع
بن مالك.
عن سعيد بن المسيب، عن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم فيهم: " هذا العباس بن عبدالمطلب أجود قريش كفا
وأوصلها ".
أخرجه النسائي (1)، عن حميد بن زنجويه، عن علي.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا أبو الحسن
المؤيد بن محمد في كتابه، أخبرنا هبة الله بن سهل السدي،
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد
الحاكم، أخبرنا أبو بكر محمد ابن محمد بن سليمان الواسطي
ببغداد، حدثنا عبد الله - يعني: ابن عمران العابدي - حدثنا
إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن الاعرج، عن أبي هريرة،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لله أفرح بتوبة
عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض مهلكة يخاف بها العطش "
(2).
__________
(1) وأخرجه أحمد 1 / 185 من طريق علي بن عبد الله بهذا
الاسناد، وهذا سند قوي، وقد تقدم الحديث في 2 / 91 من هذا
الكتاب في ترجمة العباس.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه من طرق متعددة عن أبي هريرة: مسلم
(2675) (1) و (2) في أول التوبة: وأحمد 6 / 316 و 500 و
524 و 534، والترمذي (3538)، وابن ماجة (4247).
وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري 11 / 88، 89، ومسلم
(2744)، والترمذي (2498)، وعن البراء بن عازب، والنعمان بن
بشير عند مسلم (2745) و (2746).
[ * ]
(16/375)
قرأت على أحمد بن هبة الله، عن عبدالمعز بن محمد، أخبرنا
تميم بن أبي سعيد، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي سنة تسع
وأربعين وأربع مئة، قال: أخبرنا الحافظ، أخبرنا أحمد بن
محمد بن الحسين الماسرجسي، حدثنا إسحاق الحنظلي، أخبرنا
عبد العزيز بن محمد، حدثنا عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أشرك بالله
فليس بمحصن " (1).
قال أبو أحمد: لا أعلم حدث به غير إسحاق عن الدراوردي.
قلت: مر هذا في ترجمة الماسرجسي.
قال أبو عبد الله الحافظ: مات أبو أحمد وأنا غائب في شهر
ربيع الاول سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، وله ثلاث وتسعون
سنة.
قلت: مات معه في هذا العام قاضي سمرقند، أبو سعيد الخليل
بن أحمد السجزي الحنفي الواعظ، عن تسعين سنة إلا سنة،
ومفتي ما وراء النهر عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري
الميغي الحنفي الزاهد، وشيخ المالكية صاحب التفريع، أبو
القاسم عبد الله بن الحسين بن الجلاب البغدادي، ومسند مصر
الشيخ أبو بكر عتيق بن موسى الازدي الحاتمي، وكان عنده "
الموطأ " عن أبي الرقراق، عن يحيى بن بكير،
والحافظ أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس الوراق - صاحب
تلك
__________
(1) وأخرجه البيهقي في سننه 8 / 216 من طريق أبي عبد الله
الحاكم، حدثنا إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم، حدثنا أبي
حدثنا إسحاق الحنظلي بهذا الاسناد.
ثم نقل عن الدارقطني قوله: لم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه
رجع عنه، والصواب موقوف.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " لوحة 746، ونسبه
الحاكم في تاريخه، والبيهقي، وابن عساكر.
وقد تقدم الحديث في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب.
[ * ]
(16/376)
الامالي -، وكبير هراة ومحدثها الرئيس أبو عبد الله محمد
بن أبي ذهل الضبي، والقاضي أبو القاسم بشر بن محمد بن محمد
بن ياسين النيسابوري - صاحب ابن خزيمة.
268 - ابن الباجي * العلامة
الحافظ، محدث الاندلس، أبو محمد، عبد الله بن محمد
بن علي بن شريعة اللخمي الاشبيلي المشهور بابن الباجي.
ولد سنة إحدى وتسعين ومئتين.
وسمع عن: محمد بن عبد الله بن القوق (1)، وعبد الله بن
يونس القبري، والزاهد سيد أبيه، وسعيد بن جابر الاشبيلي،
ومحمد بن عمر ابن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن
فطيس، وطبقتهم.
قال ابن الفرضي: كان حافظا، ضابطا، لم ألق مثله في الضبط.
سمعت منه الكثير بقرطبة.
ورحلت إليه إلى إشبيلية مرتين.
وروى الناس عنه الكثير.
ومات في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، وله سبع وثمانون
سنة (2).
قلت: وممن روى عنه ولده أبو عمر، وحمام بن أحمد القاضي.
وحدث عن القبري، بمصنف ابن أبي شيبة.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 240 - 241، جذوة المقتبس: 250
- 251، الانساب: 2 / 19، بغية الملتمس: 331، تذكرة الحفاظ:
3 / 1004 - 1005، العبر: 3 / 7، طبقات الحفاظ: 398، شذرات
الذهب: 3 / 92.
(1) كذا الاصل، وهو موافق لما في " تذكرة الحفاظ ".
وعند ابن الفرضي: ابن القون.
(2) " تاريخ علماء الاندلس ": ص 240 - 241.
[ * ]
(16/377)
269 - ابن سبنك * القاضي الامام، أبو القاسم، عمر بن محمد
بن إبراهيم بن محمد ابن خالد بن سبنك البجلي البغدادي، من
ذرية جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
سمع محمد بن حبان، وعبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد ابن
محمد الباغندي، وجماعة.
وعنه: القاضي عبد الوهاب المالكي، وعبيدالله بن أحمد
الازهري، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة.
ناب في الحكم بسوق الباشا.
ولد سنة إحدى وتسعين ومئتين، وسمع في سنة ثلاث مئة.
توفي سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
270 - الاموي * * الشيخ المحدث
العالم، أبو عبد الله، محمد بن العباس بن يحيي
الاموي مولاهم الحلبي، نزيل الاندلس ومسندها.
سمع من: أبي عروبة الحراني، وعلي بن عبدالحميد
الغضائري، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز، ومكحول البيروتي،
وأبي الجهم بن طلاب، ومحمد بن سعيد الترخمي الحمصي، ووفد
على الامير المستنصر صاحب الاندلس.
___________________
* (هامش * * تاريخ بغداد: 11 / 261 - 262، العبر: 3 / 2،
النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 87.
* * تاريخ علماء الاندلس: 2 / 114 - 115، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 22 / ب.
[ * ]
(16/378)
حدث عنه أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي، وأبو الوليد عبد
الله بن الفرضي.
قال أبو الوليد: كتبت عنه وقد كف بصره، وتوفي في سنة ست
وسبعين وثلاث مئة (1).
قلت هذا أسند من بالاندلس في زمانه.
271 - أبو علي الفارسي * إمام
النحو، أبو علي، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار
الفارسي الفسوي، صاحب التصانيف.
حدث بجزء من حديث إسحاق بن راهويه، سمعه من علي بن الحسين
بن معدان، تفرد به.
وعنه: عبيدالله الازهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد
الجوهري، وجماعة.
قدم بغداد شابا، وتخرج بالزجاج وبمبرمان (2)، وأبي بكر
__________
(1) " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 115.
* طبقات النحويين واللغويين: 130، الفهرست: 95، تاريخ
بغداد: 7 / 275 -
276، نزهة الالباء: 315 - 317، المنتظم: 7 / 138، معجم
الادباء: 7 / 232 - 261، معجم البلدان: 4 / 261، إنباه
الرواة: 1 / 273 - 275، الكامل لابن الاثير: 9 / 51، وفيات
الاعيان: 2 / 80 - 82، العبر: 3 / 4، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 24 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 480 - 481، الوافي
بالوفيات: 11 / 376 - 379، مرآة الجنان: 2 / 406 - 407،
البداية والنهاية: 11 / 306، غاية النهاية: 1 / 206 - 207،
النجوم الزاهرة: 4 / 151، لسان الميزان: 2 / 195، بغية
الوعاة: 1 / 496 - 498، المزهر: 2 / 420، شذرات الذهب: 3 /
88 - 89، روضات الجنات: 218 - 219، هدية العارفين: 1 /
272، أعلام الشيعة للطهماني: ص 83.
(2) مبرمان: هو أبو بكر، محمد بن علي بن إسماعيل النحوي
العسكري (عسكر = [ * ]
(16/379)
السراج، وسكن طرابلس مدة ثم حلب، واتصل بسيف الدولة.
وتخرج به أئمة.
وكان الملك عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي في النحو،
وغلام الرازي في النجوم (1).
ومن تلامذته أبو الفتح بن جني، وعلي بن عيسى الربعي.
ومصنفاته كثيرة نافعة.
وكان فيه اعتزال.
عاش تسعا وثمانين سنة.
مات ببغداد في ربيع الاول سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وله كتاب " الحجة " في علل القراءات، وكتابا " الايضاح " و
" التكملة " وأشياء.
272 - ابن أبي ذهل *
الامام الحافظ الانبل، رئيس خراسان، أبو عبد الله، محمد بن
أبي العباس محمد بن العباس بن أحمد بن عصم (2) ابن أبي ذهل
العصمي
__________
= مكرم).
أخذ عن محمد بن يزيد المبرد وطبقته، وهو لقبه (مبرمان)
لكثرة ملازمته له وسؤاله إياه.
ترجمته في " انباه الرواة ": 3 / 189، وقد أثبت محققه ثبتا
بأهم مصادر ترجمته.
(1) انظر " إنباه الرواة ": 1 / 273.
* تاريخ بغداد: 3 / 119 - 121، الانساب: 8 / 471 - 473،
اللباب: 2 / 345، العبر: 3 / 9، تذكرة الحفاظ: 3 / 1006 -
1007، الوافي بالوفيات: 3 / 191، طبقات السبكي: 3 / 175 -
177، طبقات الحفاظ: 399، شذرات الذهب: 3 / 92 - 93، هدية
العارفين: 2 / 51.
(2) كذا ورد اسمه في الاصل.
وهو عند الخطيب، والسمعاني، وابن الاثير، والمؤلف في
التذكرة، والسبكي، والسيوطي: " محمد بن العباس بن أحمد بن
محمد بن عصم.." وفي " الوافي بالوفيات ": " محمد بن العباس
بن العباس بن محمد بن أحمد بن عصم..".
[ * ]
(16/380)
الضبي الهروي.
مولده في سنة أربع وتسعين ومئتين.
وسمع في سنة تسع وثلاث مئة وبعدها، ولحق البغوي في السياق
(1) فلم يسمع منه، وسمع يحيى بن صاعد، ومؤمل بن الحسن
الماسرجسي، وحاتم بن محبوب، ومحمد بن معاذ الماليني، وعبد
الرحمن بن أبي حاتم وعدة.
حدث عنه: أبو الحسين الحجاجي، والدارقطني، وهما من طبقته،
وأبو عبد الله الحاكم، وأبو يعقوب القراب، وأهل هراة.
وكان إمام نبيلا، وصدرا معظما، كثير الاموال والبذل
للمحدثين والاخيار.
قال الحاكم: صحبته حضرا وسفرا، فما رأيت أحسن وضوءا ولا
صلاة منه، ولا رأيت في مشايخنا أحسن تضرعا وابتهالا منه.
قيل لي: إن عشر غلته تبلغ ألف حمل.
وحدثني أبو أحمد الكاتب أن النسخة بأسامي من يمونهم تزيد
على خمسة الاف بيت، وقد عرضت عليه ولايات جليلة، فأبي.
وقال أبو النضر الفامي: لابن أبي ذهل " صحيح " خرجه على "
صحيح البخاري " وتفقه ببغداد، ولم يجتمع لرئيس بهراة ما
اجتمع له من السيادة.
قال الخطيب: كان ثقة، نبيلا، من ذوي الاقدار العالية، سمعت
__________
(1) في السياق: أي في حال نزع الروح.
وفي الحديث: " حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت ".
انظر " النهاية " لابن الاثير، و " اللسان " مادة " سوق ".
[ * ]
(16/381)
البرقاني يقول: كان ملك هراه من تحت أمره لقدره وأبوته
(1).
أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أخبرنا علي بن روزبة، أخبرنا
أبو الوقت السجزي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا أحمد
بن محمد بن العالي، حدثنا الرئيس محمد بن أبي العباس
العصمي إملاء، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر القرشي،
حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا إسماعيل بن عمرو الكوفي، حدثنا
سفيان، عن الاجلح، عن ابن بريد، عن أبيه: " أن النبي صلى
الله عليه وسلم، بعث عليا في سرية، وبعث معه رجلا يكتب
الاخبار " (2).
غريب جدا.
قال الحاكم: استشهد ابن أبي ذهل في صفر سنة ثمان وسبعين
وثلاث مئة.
فأخبرني من صحبه أنه دخل الحمام، فلما خرج ألبس
قميصا ملطخا، فانتفخ ومات.
رحمه الله.
273 - الوكيل * المحدث الاوحد،
أبو الحسن، أحمد بن موسى بن عيسى الجرجاني الوكيل
عند الحكام.
يروي عن: عمران بن موسى السختياني، وأحمد بن محمد بن عبد
الكريم الوزان، وأحمد بن حفص السعدي، وعبد الرحمن بن عبد
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 121.
(2) أحمد بن مهران، قال الامام الذهبي في " الميزان " 1 /
159: شيخ همداني لقبه حمديل لا يعتمد عليه، وشيخه إسماعيل،
قال ابن عدي: حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقال أبو حاتم
والدارقطني: ضعيف، فالخبر لا يصح.
* تاريخ جرجان: 62 - 63، تذكرة الحفاظ: 3 / 985، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 26 / ب، ميزان الاعتدال: 1 / 159، لسان
الميزان: 1 / 235 - 236، طبقات الحفاظ: 391، شذرات الذهب:
3 / 67.
[ * ]
(16/382)
المؤمن، وعدة.
ذكره حمزة السهمي، فقال: كتب الكثير من المسانيد والسنن،
وجمع وصنف.
وله فهم ودراية، وله مناكير عن شيوخ مجاهيل، فأنكروا عليه.
قال: وتوفي في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة (1).
274 - الميغي * شيخ الحنفية
وعالمهم وزاهدهم، أبو الفضل، عبد الكريم بن محمد
ابن موسى البخاري الميغي.
وميغ من قرى بخارى.
أخذ عن عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي الاستاذ.
وروى عنه، وعن أبي القاسم السمرقندي، ونصر المهلبي، ومحمد
ابن عمران البخاري.
كتب عنه أبو سعد الادريسي وغيره.
ولم يكن أحد في عصره مثله بسمرقند.
توفي سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
275 - الجلاب * * شيخ
المالكية، العلامة، أبو القاسم بن الجلاب، صاحب
كتاب
__________
(1) الذي في " تاريخ جرجان " أن وفاته سنة 368، وهو ما
أثبته المؤلف في " التذكرة " ثم قال: وفي نسخة سنة ثمان
وسبعين فالله أعلم.
* الانساب: (م) ورقة 548، معجم البلدان: 5 / 244، اللباب:
3 / 283، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 28 / أ، الجواهر
المضية: 2 / 457، الفوائد البهية: 101، هدية العارفين: 1 /
607.
* * طبقات الشيرازي: 168، ترتيب المدارك: 4 / 605، العبر:
3 / 10، تاريخ = [ * ]
(16/383)
" التفريع ".
قيل: اسمه عبيدالله بن الحسين بن الحسن.
وسماه القاضي عياض: محمد بن الحسين، ثم قال: ويقال: اسمه
الحسين بن الحسن.
وسماه الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " عبد الرحمن بن
عبيدالله.
تفقه بالقاضي أبي بكر الابهري، وله مصنف كبير في مسائل
الخلاف، وكان أفقه المالكية في زمانه بعد الابهري، وما خلف
ببغداد في المذهب مثله.
مات كهلا في آخر سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة راجعا من الحج.
276 - السلطان * صاحب العراق،
شرف الدولة، شيرويه (1)، بن الملك عضد الدولة بن
بويه الديلمي.
تملك وظفر بأخيه صمصام الدولة فسجنه، وكان فيه خير، وأزال
المصادرات.
تعلل بالاستسقاء، وبقي لا يحتمي، فمات في جمادى الآخرة سنة
تسع وسبعين وثلاث مئة، لم يبلغ الثلاثين، وكانت أيامة
سنتين وثمانية أشهر.
__________
= الاسلام: 4 الورقة: 28 / أ و 30 / ب، الديباج المذهب: 1
/ 461، النجوم الزاهرة: 4 / 154، شذرات الذهب: 3 / 93،
هدية العارفين: 1 / 447، شجرة النور الزكية: 92.
* الكامل لابن الاثير: حوادث سنة 379، المختصر في أخبار
البشر: 2 / 125، العبر: 3 / 11، مرآة الجنان: 2 / 408،
النجوم الزاهرة: 4 / 154 - 157، شذرات الذهب: 3 / 94.
(1) في هامش الاصل: نسخة: شيرزيك.
[ * ]
(16/384)
وتملك بعده أخوه بهاء الدولة، وكان أخوهما الصمصام هو الذي
تملك العراق بعد أبيهم عضد الدولة ثلاثة أعوام، ثم أقبل
شرف الدولة لحربه، فذل وسلم نفسه إلى أخيه، فغدر به وحبسه
بشيراز إلى أن مات.
ابن ياسين * القاضي الجليل، أبو القاسم، بشر بن محمد بن
محمد بن ياسين
ابن النضر بن سليمان (1) بن سلمان بن ربيعة الباهلي
النيسابوري الحنفي، قاضي القضاة ببلده.
قال الحاكم: كان حسن الوجه، حسن الخلق، طلق النفس، كثير
الذكر والصلاة ليلا ونهارا، شديد الميل إلى الصالحين
والمتصوفة.
سمع بنيسابور أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.
وأبا العباس السراج وغيرهما، وأبا العباس الدغولي، وأبا
الحسن بن إسحاق بن مزين وأقرانهما بسرخس، وأبا القاسم بن
حم الفقيه، وأبا بكر بن طرخان، وأقرانهما، وعدة وتوفي في
رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، وهو ابن اثنتين وثمانين
سنة.
وشيعه الامير العادل محمد بن إبراهيم، فقدم أبا القاسم
القاضي ابن قاضي الحرمين للصلاة عليه.
قلت: روى عنه: الحاكم، والعبدوي، وأبو سعيد الكنجروذي،
وغيرهم.
وقع لي جزء من عواليه، وقد حرث عنه بملجس له أبو بكر محمد
__________
* تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (237).
(1) في هامش الاصل: نسخة: يونس بدل سليمان.
[ * ]
(16/385)
ابن محمد بن حمدون السلمي في سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة،
حدث فيه عن السراج، ومحمد بن شادل، وابن خزيمة، وعبد الله
بن محمد ابن عمر النصراباذي، وأبي عمرو أحمد بن محمد
الحيري، وأبي الحسن أحمد بن إسحاق السرخسي، وعلي بن محمد
بن أحمد الوراق، وعباس ابن سهل، وغيرهم.
وتاريخ إملائه للمجلس كان في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث
مئة.
ليالي وفاته، رحمه الله.
277 - الخالديان * الاخوان
الشاعران المحسنان، أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد، ابنا
هاشم بن وعكة (1) بن عرام بن عثمان بن بلال
الموصليان الخالديان، من أهل قرية الخالدية (2).
كانا كفرسي رهان في قوة الذكاء، وسرعة النظم وجودته،
يتشاركان في القصيدة الواحدة.
ومحمد هو الاكبر.
قدم دمشق في صحبة سيف الدولة ابن حمدان.
وهما من خواص شعرائه، اشتركا في شئ كثير، وكان سري الرفاء
(3) يهجوهما ويهجوانه.
ولمحمد: البدر منتقب بغيم أبيض * هو فيه بين تخفر وتبرج
__________
* يتيمة الدهر: 2 / 183 - 208، الفهرست: 240 - 241، معجم
الادباء 11 / 208 - 212، معجم البلدان: 2 / 338 - 339،
اللباب: 1 / 414، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 39 / ب، فوات
الوفيات: 2 / 52 - 57 و 4 / 52، تاج العروس: مادة (خلد)،
أعيان الشيعة: 35 / 99 - 116.
(1) كذا الاصل " وعكة " بالكاف، وهي في جميع مصادر الترجمة
" وعلة " باللام.
(2) انظر " معجم البلدان ": 2 / 338.
(3) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (151).
[ * ]
(16/386)
كتنفس الحسناء في المرآة إذ * كملت محاسنها ولم تتزوج (1)
ولسعيد: أما ترى الغيم يا من قبله قاسي * كأنه أنا مقياسا
بمقياس قطر كدمعي وبرق مثل نار أسى * في القلب مني وريح
مثل أنفاسي (2)
ونظم فيهما أبو إسحاق الصابي (3): أرى الشاعرين الخالديين
سيرا * قصائد يفنى الدهر وهي تخلد هما لاجتماع الفضل روح
مؤلف * ومعناهما من حيث ما شئت مفرد قال النديم في كتاب "
الفهرست ": كانا سريعي البديهة.
قال لي أبو بكر منهما: إني أحفظ ألف سمر، كل سمر في نحو
مئة ورقة: قال: وكانا مع ذلك إذا استحسنا شيئا غصباه صاحبه
حيا كان أو ميتا، كذا كانت طباعهما.
وقد رتب أبو عثمان شعره وشعر أخيه، وأحسب غلامهما رشأ رتب
شعرهما، فجاء نحو ألف ورقة، ثم قال: توفيا وبيض فدل على
موتهما قبل سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
ولهما من الكتب كتاب " أخبار الموصل " و " أخبار أبي تمام
" وغير ذلك من الادبيات (4).
__________
(1) البيتان في " ديوان الخالديين " ص: 34، ورواية الشطر
الاول فيه: وتنقبت بخفيف غيم أبيض (2) البيتان في " ديوان
الخالديين " ص: 135، ورواية الشطر الاول من البيت الثاني
فيه: قطر كدمعي وبرق مثل نار جوى (3) هو أبو إسحاق،
إبراهيم بن هلال الصابي الحراني، تأتي ترجمته في هذا الجزء
برقم (385).
والبيتان في " اليتيمة ": 2 / 183، ورواية الثاني فيها:
هما في اجتماع الفضل زوج مؤلف * ومعناهما من حيث يثبت مفرد
(4) انظر " الفهرست ": ص 240 - 241.
[ * ]
(16/387)
278 - شافع بن محمد * ابن الحافظ أبي عوانة يعقوب بن إسحاق،
الحافظ الامام المفيد، أبو النضر الاسفراييني.
سمع من جده، ومن علي بن عبد الله بن مبشر، وأبي الحسن بن
جوصا، وعبد الله بن الزفتي، وأحمد بن عبد الوارث العسال،
وأبي جعفر الطحاوي، ومحمد بن إبراهيم الديبلي، والقاضي
المحاملي، وطبقتهم.
وعنه: الحاكم، والسلمي، وأبو نعيم، وأبو ذر الهروي، وأبو
مسعود أحمد بن محمد الرازي، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
قال الحاكم: خرجت عنه في الصحيح.
قلت: توفي بجرجان سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
279 - الوراق * * الامام
المحدث، أبو بكر، محمد بن إسماعيل بن العباس
البغدادي المستملي الوراق.
سمع أباه، والحسن بن الطيب، وعمر بن أبي غيلان، وأحمد بن
الحسن الصوفي، ومحمد بن محمد الباغندي، والبغوي.
وعنه: الدارقطني، والبرقاني، وأبو محمد الخلال، وأحمد بن
عمر القاضي، وأبو محمد الجوهري وعدة.
__________
* تاريخ جرجان: ص 189، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 27 / ب،
وذكره في " التذكرة ": 3 / 1020.
* * تاريخ بغداد: 2 / 53 - 55، العبر: 3 / 8، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 29 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 484، لسان
الميزان: 5 / 80 شذرات الذهب: 3 / 92.
[ * ]
(16/388)
ولد سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
ومات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
قال أبو حفص بن الزيات: حضرت عند الصوفي، وحضر
إسماعيل الوراق مع ابنه، فسمع نسخة يحيى بن معين، فقام
إسماعيل وأخذ بيد ابنه، وقال للجماعة: اشهدوا أن ابني قد
سمع من هذا الشيخ نسخة يحيى بن معين.
قال الخطيب: سألت البرقاني عن محمد بن إسماعيل، فقال: ثقة
ثقة (1).
وقال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل، ضاعت كتبه، واستحدث نسخا
من كتب الناس (2).
وقال عبيدالله الازهري: حافظ لين في الرواية، يحدث من غير
أصل (3).
قلت: التحديث من غير أصل قد عم اليوم وطم فنرجو أن يكون
واسعا بانضمامه إلى الاجازة.
الخطيب: حدثنا أحمد بن عمر القاضي، حدثنا أبو بكر الوراق،
قال: دققت باب ابن صاعد، فقال: من ذا ؟ فقلت: أبو بكر بن
أبي علي، أها هنا يحيى بن صاعد ؟ فسمعته يقول للجارية:
هاتي النعل حتى أخرج إلى هذا الجاهل الذي يكتني ويسميني،
فأصفعه (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 54.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق (4) المصدر السابق.
[ * ]
(16/389)
قلت: عند أبي اليمن الكندي من أمالي الوراق هذا جزء سمعناه
على أبي حفص القواس بالاجازة.
280 - ابن عون الله * الشيخ
المحدث الامام الرحال، أبو جعفر، أحمد بن عون الله
بن حدير بن يحيى القرطبي البزاز.
حج، وسمع من: أبي سعيد بن الاعرابي، وخيثمة بن سليمان،
وأحمد بن سلمة بن الضحاك، وأبي يعقوب الاذرعي، وخلق من
طبقتهم.
روى عنه: أبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر الطلمنكي،
وجماعة.
وكان صدوقا، صالحا، شديدا على المبتدعة، لهجا بالسنة،
صبورا على الاذى.
قال ابن الفرضي: كتب الناس عنه قديما وحديثا [ وكتبت عنه
].
وقال لي: ولدت سنة ثلاث مئة (1).
قلت: كان طويل الروح على الطلبة، يسمعهم عامة نهاره، وله
قصص مع أهل الاهواء.
مات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
281 - ابن مفرج * * الامام
الفقيه، الحافظ القاضي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد
بن
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 54، بغية الملتمس: 198.
(1) " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 54، وما بين حاصرتين
منه.
* * تاريخ علماء الاندلس: 2 / 91 - 93، جذوة المقتبس: 40،
بغية الملتمس: 49 - 50، تذكرة الحفاظ: 3 / 1007 - 1009،
العبر: 3 / 13 - 14، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: = [ * ]
(16/390)
محمد بن يحيى بن مفرج الاموي مولاهم القرطبي، ويكنى أيضا
أبا بكر.
سمع أبا سعيد بن الاعرابي، وقاسم بن أصبغ، وخيثمة بن
سليمان، وأبا الميمون بن راشد، ومحمد بن الصموت، وعدة.
وسمع بالحجاز، والشام، واليمن، وكان رفيق ابن عون الله في
الرحلة.
حدث عنه: شيخه أبو سعيد بن يونس، وأبو الوليد بن القرضي،
وإبراهيم بن شاكر، وعبد الله بن ربيع التميمي، وأبو عمر
الطلمنكي، وخلق.
وعدة شيوخه مئتان وثلاثون نفسا.
قال ابن الفرضي: اتصل بصاحب الاندلس، وكان ذا مكانة عنده،
صنف له عدة كتب، فولاه القضاء.
قال: وكان حافظا، بصيرا باسماء الرجال وأحوالهم.
أكثر الناس عنه (1).
وقال أبو عبد الله بن عفيف: كان ابن مفرج من أغنى الناس
__________
= 35 / أ، مرآة الجنان: 2 / 409، الديباج المذهب: 2 / 314،
النجوم الزاهرة: 4 / 158 - 159، طبقات الحفاظ: 399، نفح
الطيب: 2 / 218 - 219، شذرات الذهب: 3 / 97، هدية
العارفين: 2 / 51.
(1) " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 92، ونصه بتمامه: وكان
حافظا للحديث، عالما به، بصيرا بالرجال، صحيح النقل، جيد
الكتاب على كثرة ما جمع، سمع الناس منه كثيرا، وآليت
الاختلاف إليه والسماع منه من سنة تسع وستين إلى أن اعتل
علته التي توفي بها، وأجاز لي جميع ما رواه غير مرة، وكتب
لي ذلك بخطه ولاخي.
[ * ]
(16/391)
بالعلم، وأحفظهم للحديث.
ما رأيت مثله في هذا الفن، من أوثق المحدثين، وأجودهم
ضبطا.
وقال الحميدي: حافظ، جليل، مصنف، له كتب في الفقه، وفي فقه
التابعين.
وألف كتاب " فقه الحسن البصري " في سبع مجلدات، و " فقه
الزهري " في عدة أجزاء، وجمع مسندا مما حمله عن قاسم بن
أصبغ في مجلدات (1).
قال ابن الفرضي: مات في رجب سنة ثمانين وثلاث مئة، وله ست
وستون سنة، رحمه الله (2).
282 - الزهري * الشيخ العالم
الثقة العابد، مسند العراق، أبو الفضل، عبيدالله ابن
عبدالرحمن بن محمد بن عبيدالله بن سعد بن الحافظ
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن صاحب النبي صلى الله عليه
وسلم عبدالرحمن بن عوف القرشي الزهري العوفي البغدادي.
ولد سنة تسعين ومئتين وسمع سنة ثمان وتسعين وبعدها من
إبراهيم ابن شريك الكوفي، وجعفر بن محمد الفريابي، وعبد
الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن حميد بن المجدر، والحسن
بن محمد بن شعبة، وأبي القاسم البغوي، وابن أبي داود،
وجماعة.
وتفرد في زمانه.
__________
(1) " جذوة المقتبس ": ص 40.
(2) " تاريخ علماء الاندلس ": 2 / 93.
* تاريخ بغداد: 10 / 368 - 369، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
43 / أ، العبر: 3 / 18، النجوم الزاهرة: 4 / 161، شذرات
الذهب: 3 / 101.
[ * ]
(16/392)
حدث عنه: البرقاني، وعبد العزيز الازجي، وأبو محمد
الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، والحسن
بن غالب المقرئ، وطائفة آخرهم وفاة أبو جعفر بن المسلمة.
قال الخطيب: كان ثقة (1).
وقال العتيقي: سمعت أبا الفضل الزهري يقول: حضرت مجلس
الفريابي وفيه عشرة آلاف لم يبق منهم غيري، وجعل يبكي (2).
وقال الازجي (3): هو شيخ، ثقة، مجاب الدعاء.
وقال الدارقطني: ثقة، صاحب كتاب، وآباؤه كلهم قد حدثوا
(4).
مات الزهري في ربيع الاول - وقيل: مات في ربيع الآخر - سنة
إحدى وثمانين وثلاث مئة.
سمعنا من طريقه " صفة المنافق " للفريابي.
وهو جد خطيب القدس قطب الدين عبد المنعم بن يحيى بن
إبراهيم بن علي بن جعفر بن عبيدالله بن الحسن بن صاحب
الترجمة.
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرك الفتح
ابن عبد الله الكاتب في جمادى الآخرة سنة عشرين وست مئة،
وأبو
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 368.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 369.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق، ولفظ الدارقطني فيه: هو ثقة، صاحب
كتاب، وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف إلا من قد روى عنه
الحديث.
[ * ]
(16/393)
العباس أحمد بن يوسف بن صرما إجازة إن لم يكن سماعا واللفظ
له،
قالا: أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر الشافعي، زاد
الفتح: وأخبرنا محمد بن أحمد بن حسن الطرائفي سنة إحدى
وأربعين وخمس مئة، وأبو علي محمد بن علي المكبر سنة ثلاث
وأربعين، قالوا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن
عمر المعدل، أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن عبدالرحمن
الزهري سنة ثمان وثلاث مئة، حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن
الحسن الفريابي سنة ثمان وتسعين ومئتين، حدثنا قتيبة بن
سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى
الاشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل
المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الاترجة: ريحها طيب، وطعمها
طيب، ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح
لها، وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل
الريحانة: ريحها طيب، وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا
يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر ".
متفق عليه (1).
وقد أخرجه مسلم والترمذي عن قتيبة، فوافقناهما بعلو درجة
مع اتصال السماع، ولله الحمد.
وبه إلى الفريابي، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، حدثنا
قتادة، عن أنس، عن أبي موسى، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ كمثل الاترجة "، فذكر
الحديث.
أخرجاه عن هدبة بتمامه.
__________
(1) أخرجه البخاري 9 / 58، 59 في فضائل القرآن: باب فضل
القرآن على سائر الكلام، و 86، 87: باب إثم من راءى بقراءة
القرآن، و 481 في الاطعمة: باب ذكر الطعام، و 13 / 447 في
التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق، ومسلم (797) في صلاة
المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، والترمذي (2865)، وأبو
داود (3830)، والنسائي 8 / 124، 125، وابن ماجه (214).
[ * ]
(16/394)
283 - المرواني * الشيخ، أبو نصر، أحمد بن الحسين
بن أحمد بن مروان بن عبيد بن أبي مروان الضبي المرواني
النيسابوري.
سمع ابن خزيمة، وابن شادل، والسراج، ومحمد بن حمدون،
وطائفة.
وعنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي،
وآخرون.
مات في شعبان سنة ثمانين وثلاث مئة.
284 - الصندوقي * * الشيخ
الصدوق، أبو العباس، أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق
النيسابوري، الصندوقي.
سمع: محمد بن شادل، وابن خزيمة، ومحمد بن المسيب، وأبا
العباس الثقفي، وعدة، حتى قال الحاكم: تفرد بالرواية عن
بضعة عشر شيخا، وعاش أربعا وثمانين سنة.
روى عنه الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وجماعة.
توفي في شوال سنة ثمانين وثلاث مئة.
__________
* العبر: 3 / 13، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 33 / ب، شذرات
الذهب: 3 / 96.
* * الانساب: 8 / 90 - 91، اللباب: 2 / 247 - 248، العبر:
3 / 13، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 33 / ب، شذرات الذهب: 3
/ 96.
[ * ]
(16/395)
285 - النسفي * الشيخ المعمر، أبو عمرو، بكر بن محمد
بن جعفر بن راهب النسفي المؤذن.
راوي " صحيح البخاري " عن حماد بن شاكر، وروى أيضا عن
محمود بن عنبر.
روى عنه جعفر المستغفري، وقال: كان كثير التلاوة شديدا على
على المبتدعة.
حدثنا بالكتاب " الجامع " عن ابن شاكر.
توفي سنة ثمانين وثلاث مئة.
286 - طلحة بن محمد * * ابن
جعفر الشاهد، الشيخ العالم الاخباري المؤرخ، أبو
القاسم البغدادي المقرئ.
ولد سنة تسعين ومئتين.
وسمع من: عمر بن أبي غيلان، وأبي القاسم البغوي، وأبي صخرة
الكاتب، وعدة.
وتلا على ابن مجاهد.
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 34 / أ.
* * تاريخ بغداد: 9 / 351، العبر: 3 / 13، تاريخ الاسلام:
4 الورقة: 34 / أ، ميزان الاعتدال: 2 / 342، غاية النهاية:
1 / 342، لسان الميزان 3 / 212، النجوم الزاهرة: 4 / 158،
شذرات الذهب: 3 / 97.
[ * ]
(16/396)
تلا عليه أبو العلاء الواسطي وغيره.
وحدث عنه: عبيدالله بن أحمد الازهري، وأبو محمد الخلال،
وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.
صنف كتاب " أخبار القضاة ".
ضعفه الازهري (1).
وقال ابن أبي الفوارس: كان يدعو إلى الاعتزال (2).
توفي سنة ثمانين وثلاث مئة وله تسعون سنة.
287 - محمد بن إبراهيم * ابن
حمدان، الامام المسند، أبو بكر البغدادي، قاضي دير
عاقول (3).
حدث عن جده، وعن عمر بن أبي غيلان، وعبد الله بن زيدان
البجلي، وأبي القاسم البغوي، ومحمد بن الحسين الاشناني.
وعنه: أبو القاسم الازهري، وأبو محمد الخلال، وعلي بن
المحسن، وأبو محمد الجوهري.
وكان جده يروي عن عبدالاعلى بن حماد النرسي.
توفي في ربيع الاول سنة ثمانين وثلاث مئة.
وثقه الخلال.
__________
(1) قال الخطيب في " تاريخه ": 9 / 351: سمعت الازهري ذكر
طلحة - صاحب ابن مجاهد - فقال: ضعيف في روايته وفي مذهبه.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 9 / 351.
* تاريخ بغداد: 1 / 415، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 35 / ب.
(3) دير العاقول: قرية من أعمال بغداد " معجم البلدان ": 2
/ 520.
[ * ]
(16/397)
وفيها مات طلحة الشاهد، وأبو نصر أحمد بن الحسين بن أبي
مروان الضبي، وبكر بن محمد بن راهب النسفي راوي " الصحيح "
عن
حماد بن شاكر، وأبو عبد الله بن مفرج، ووزير مصر يعقوب بن
يوسف بن كلس، وآخرون.
288 - ابن المقرئ * الشيخ
الحافظ الجوال الصدوق، مسند الوقت، أبو بكر، محمد ابن
إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان الاصبهاني ابن
المقرئ، صاحب " المعجم " والرحلة الواسعة.
ولد سنة خمس وثمانين ومئتين.
وأول سماعه على رأس الثلاث مئة.
فسمع من: محمد بن نصير بن أبان المديني، ومحمد بن علي
الفرقدي صاحبي إسماعيل بن عمرو البجلي، ومن إبراهيم بن
محمد بن الحسن بن متويه الامام، وقال: هو أول من كتبت عنه،
وسمع من عمر بن أبي غيلان، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبي
بكر الباغندي، وحامد ابن شعيب، والبغوي وطبقتهم ببغداد،
وعبدان الجواليقي بالاهواز، وأبي يعلى الموصلي بالموصل،
ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان، وإسحاق بن أحمد الخزاعي،
والمفضل بن محمد الجندي، وابن المنذر بمكة، وعبد الله بن
زيدان البجلي، وعلي بن عباس المقانعي بالكوفة، وعبد الله
بن محمد بن سلم، وعدة ببيت المقدس، وإبراهيم
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 297، تذكرة الحفاظ: 3 / 973 -
976، العبر: 3 / 18 / 19، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 43 /
ب، الوافي بالوفيات: 1 / 342 - 343، غاية النهاية: 2 / 45،
النجوم الزاهرة: 4 / 161، طبقات الحفاظ: 387 - 388، شذرات
الذهب: 3 / 101، الرسالة المستطرفة: 95.
[ * ]
(16/398)
ابن مسرور صاحب لوين بحلب، وأحمد بن يحيى بن زهير الحافظ
بتستر، وأحمد بن هشام بن عمار، ومحمد بن الفيض، وسعيد بن
عبد العزيز، ومحمد بن خريم بدمشق، ومحمد بن المعافى بصيدا.
ومكحول ببيروت، ومحمد بن عمير بالرملة، حدثه عن هشام بن
عمار، ومأمون ابن هارون بعكا، ومضاء بن عبدا لباقي بأذنة،
وجعفر بن أحمد بن سنان وعدة بواسط، ومحمد بن علي بن روح
بعسكر مكرم، ومحمد بن تمام البهراني وطبقته بحمص، والحسين
بن عبد الله القطان بالرقة، ومحمد ابن زبان، وعلي بن أحمد
علان، وأبي جعفر الطحاوي وخلق بمصر.
فمنهم داود بن إبراهيم بن روزبة، وكهمس بن معمر صاحب محمد
بن رمح، ومن أبي عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران،
وحدثه عن هدبة بن خالد عمر بن أحمد بن إسحاق بالاهواز،
وانتقى لنفسه فوائد وغرائب، وصنف مسندا للامام أبي حنيفة.
وروى كتبا كبارا.
حدث عنه: أبو إسحاق بن حمزة الحافظ، وأبو الشيخ بن حيان
وهما أكبر منه، وأبو بكر بن مردويه، وابن أبي علي
الذكواني، وأبو سعيد النقاش، وأبو نعيم الحافظ، وحمزة بن
يوسف السهمي، وأبو منصور محمد بن الحسن الصواف، والامام
أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن عبيدالله بن شهريار،
ومحمد بن طاهر بن طباطبا العلوي، ومحمد بن طاهر الهاشمي
النقيب، ومحمد بن عمر البقال، ومحمد بن حسين البرجي
المؤدب، وأبو سعد محمد بن عبد الوهاب بن بطة، وأبو علي
محمد بن أحمد بن ماشاذه المقدر، ومحمد بن عبد الواحد
الجوهري، وأبو زيد محمد بن سلامة، وأحمد بن محمد بن
النعمان الصائغ.
وأبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأحمد بن محمد بن
(16/399)
ديزكة، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأبو جعفر أحمد بن
محمد ابن هاموشة، وداود بن سليمان الوكيل، وأبو عمرو شيبان
بن محمد الجرقوي، وطاهر بن محمد بن أحمد بن مندة، وأبو
القاسم طاهر بن محمد العكلي، وطلحة بن عبدالملك التاجر،
وعلي بن محمد بن عبد الصمد الدليلي، وعمر بن حسين بن حمدان
الصائغ، وعمر بن عبد العزيز الوزان، وعبد الواحد بن
إبراهيم الاردستاني، وأبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة،
وأبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد البقال، وأبو طاهر بن
عبدالرحيم الكاتب، ومنصور بن الحسين التأني.
قال ابن مردويه في " تاريخه ": ثقة مأمون، صاحب أصول.
وقال أبو نعيم: محدث كبير، ثقة، صاحب مسانيد، سمع ما لا
يحصى كثرة.
أبو طاهر أحمد بن محمود: سمعت أبا بكر بن المقرئ يقول: طفت
الشرف والغرب أربع مرات.
وروى رجلان عن ابن المقرئ، قال: مشيت بسبب نسخة مفضل بن
فضالة سبعين مرحلة، ولو عرضت على خباز برغيف لم يقبلها.
قال أبو طاهر بن سلمة: سمعت ابن المقرئ يقول: دخلت بيت
المقدس عشر مرات، وحججت أربع حجات، وأقمت بمكة خمسة وعشرين
شهرا.
وروي عن أبي بكر بن أبي علي، قال: كان ابن المقرئ يقول:
كنت أنا والطبراني، وأبو الشيخ بالمدينة، فضاق بنا الوقت،
فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت:
يا رسول الله
(16/400)
الجوع (1)، فقال لي الطبراني: اجلس، فإما أن يكون الرزق أو
الموت.
فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي، ففتحنا له، فإذا
معه غلامان بقفتين فيهما شئ كثير، وقال: شكوتموني إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ؟ رأيته في النوم، فأمرني بحمل
شئ إليكم.
قال الحافظ أبو موسى المديني: حدثنا معمر بن الفاخر، حدثنا
عمي، سمعت أبا نصر بن أبي الحسن، يقول: سمعت ابن سلامة،
يقول: قيل للصاحب إسماعيل بن عباد: أنت رجل معتزلي وابن
المقرئ محدث، وأنت تحبه ! قال: لانه كان صديق والدي، وقد
قيل: مودة الآباء قرابة الابناء (2)، ولاني كنت نائما
فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول لي: أنت
نائم، وولي من أولياء الله على بابك ؟ ! فانتبهت ودعوت
وقلت: من بالباب ؟ فقال: أبو بكر بن المقرئ.
قال أبو عبد الله بن مهدي: سمعت ابن المقرئ، يقول: مذهبي
في الاصول مذهب أحمد بن حنبل، وأبي زرعة الرازي.
وكان ابن المقرئ خازن كتب إسماعيل بن عباد.
وما وقع لي من عواليه بالاجازة سوى نسخة مأمون التي انفرد
بعلوها أبو سعد محمد بن عبد الواحد المديني.
وقد سمع ابن المقرئ الحديث في نحو من خمسين مدينة، وانتقيت
من " معجمه " أربعين حديثا سمعتها بأربعين بلدا، وكذلك
انتقيت لابي الحسين بن جميع الغساني أربعين بلدية.
قال أبو طاهر بن سلمة: سمعت ابن المقرئ، يقول: استلمت
__________
(1) هذا مردود على قائله إن صح عنه ذلك، فإنه لا خلاف بين
أهل العلم، أنه لا يستغاث إلا بالله، ولا يسأل أحد سواه.
(2) انظر " مجمع الامثال " للميداني: 2 / 330.
[ * ]
(16/401)
الحجر في ليلة مئة وخمسين مرة.
توفي ابن المقرئ في شهر شوال سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة،
وله ست وتسعون سنة.
ومات معه في العام مقرئ نيسابور أبو بكر بن مهران، مصنف "
الغاية "، وراوي " الصحيح "، عبد الله بن أحمد بن حمويه
السرخسي، ومقرئ مصر أبو عدي عبد العزيز بن علي ابن الامام،
وقاضي العراق أبو محمد عبيدالله بن أحمد بن معروف، وأبو
بكر محمد بن يوسف بن دوسا العلاف، وآخرون.
289 - ابن محمويه * الشيخ
الصدوق، أبو سعيد، محمد بن الحسين بن موسى بن
محمويه النيسابوري السمسار.
سمع إمام الائمة ابن خزيمة، ومحمد بن جمعة الحافظ.
وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي.
مات في رمضان سنة ثمانين وثلاث مئة.
290 - ابن شيرويه * * الشيخ
المعمر، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن
شيرويه النيسابوري، نزيل فارس بمدينة فسا.
ثقة صدوق.
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 35 ب، وسيكرر المؤلف ترجمته في
الصفحة (426) من هذا الجزء.
* * تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 35 / ب.
[ * ]
(16/402)
سمع الحسن بن سفيان، وابن خزيمة، وأبا العباس الثقفي.
روى عنه: محمد بن عبد العزيز القصار، ووثقه، وقال: قال لي:
ولدت سنة إحدى وثمانين ومئتين.
وقال الحافظ أبو مسعود الدمشقي: سمعت أبا عمرو بن حمدان
الحيري، وسئل عن أبي بكر بن شيرويه الذي يحدث بفسا، فقال:
ما سمعنا مسند الحسن بن سفيان إلا حين قدم به والده، فوزن
للحسن مئة دينار، فسمعنا معه.
قال ابن نقطة وغيره: توفي سنة ثمانين وثلاث مئة، وله تسع
وتسعون سنة.
قلت: ضيعه أهل تلك الديار، ولم يغتنموا إسناده العالي.
291 - القطان * الحافظ العالم
محدث دمشق، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن أيوب بن
حيان الدمشقي القطان.
له رحلة واسعة إلى الحجاز، والعراق، والجزيرة، والنواحي.
حدث عن: أبي بكر الخرائطي، ومحمد بن مخلد العطار، وأبي
العباس بن عقدة، ويعقوب الجصاص، وأبي سعيد ابن الاعرابي،
وأمثالهم.
حدث عنه: تمام الرازي، وعبد الله بن محمد بن عطية، ومحمد
ابن عوف المزني، وآخرون.
لم يذكر له ابن عساكر وفاة.
__________
* تاريخ دمشق، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 37 / ب.
[ * ]
(16/403)
292 - البلوطي * الامام الحافظ، أبو الفرج، محمد بن الطيب
بن محمد البغدادي البلوطي.
سمع أبا بكر بن أبي داود، وأبا ذر بن الباغندي، ومحمد بن
سليمان النعالي.
حدث بالاهواز وغيرها.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر بن أبي علي
الذكواني، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.
293 - الداركي * * الامام
الكبير، شيخ الشافعية بالعراق، أبو القاسم، عبد العزيز بن
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الداركي الشافعي،
سبط الحسن بن محمد الداركي الاصبهاني المحدث.
ولد بعد الثلاث مئة.
وروى عن جده، ونزل بغداد.
وتفقه بأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي.
وتصدر للمذهب،
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 378 - 379، الانساب: 2 / 298 - 299،
اللباب: 1 / 176، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 39 / أ، غاية
النهاية: 2 / 157.
* * تاريخ بغداد: 10 / 463 - 465، طبقات الشيرازي: 117 -
118، الانساب: 5 / 249، المنتظم: 7 / 129 - 130، اللباب: 1
/ 483 - 484، تهذيب الاسماء واللغات: 2 / 263 - 264، وفيات
الاعيان: 3 / 188 - 189، العبر: 2 / 370، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 18 / أ، طبقات السبكي: 3 / 330 - 333، طبقات
الاسنوي: 508، البداية والنهاية: 11 / 304، النجوم
الزاهرة: 4 / 148، طبقات ابن هداية الله: 98 - 99، شذرات
الذهب: 3 / 85.
[ * ]
(16/404)
فتفقه به الاستاذ أبو حامد الاسفراييني وجماعة.
وانتهى إليه معرفة المذهب.
وله وجوه معروفة، منها: أنه لا يجوز السلم في الدقيق (1).
وكان أبو حامد يقول: ما رأيت أفقه منه.
قال ابن خلكان: كان يتهم بالاعتزال، وكان ربما يختار في
الفتوى (2)، فيقال له في ذلك، فيقول: ويحكم ! [ حدث ] فلان
عن فلان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا،
والاخذ بالحديث أولى من الاخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة
(3).
قلت: هذا جيد، لكن بشرط أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام
من نظراء هذين الامامين مثل مالك، أو سفيان، أو الاوزاعي،
وبأن يكون الحديث ثابتا سالما من علة، وبأن لا يكون حجة
أبي حنيفة والشافعي حديثا صحيحا معارضا للآخرة.
أما من أخذ بحديث صحيح وقد تنكبه سائر أئمة الاجتهاد، فلا،
كخبر: " فإن شرب في الرابعة فاقتلوه " (4)، وكحديث " لعن
الله السارق، يسرق البيضة،
__________
(1) قال النووي: " ومن غرائب الداركي أنه قال: لا يجوز
السلم في الدقيق.
حكاه الرافعي، والمشهور الجواز ".
انظر " تهذيب الاسماء واللغات ": 2 / 264.
(2) لفظ ابن خلكان: " وربما افتى على خلاف مذهب الامامين
الشافعي وأبي حنيفة.." (3) " وفيات الاعيان ": 3 / 189،
وما بين حاصرتين منه.
(4) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه، والجمهور من أهل العلم
على أنه منسوخ، فقد فقال الترمذي في سننه 4 / 49 بعد
الحديث رقم (1444): وإنما كان في أول الامر، ثم نسخ بعد،
هكذا روى محمد بن اسحاق، عن محمد المنكدر، عن جابر، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن شرب الخمر، فاجلدوه،
فإن عاد في الرابعة، فاقتلوه " قال: ثم أتي
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة،
فضربه، ولم يقتله، وكذا روى الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن
النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال: فرفع القتل، وكان
رخصة، والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم
بينهم اختلافا في ذلك، في القديم والحديث، ومما يقوي هذا
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه = [
* ]
(16/405)
فتقطع يده " (1).
توفي الداركي ببغداد في شوال سنة خمس وسبعين وثلاث مئة،
وهو في عشر الثمانين.
وكان ثقة صدوقا.
ودارك: من أعمال أصبهان.
294 - ابن مهران * الامام
القدوة المقرئ، شيخ الاسلام، أبو بكر، أحمد بن الحسين
بن مهران الاصبهاني الاصل، النيسابوري، مصنف " الغاية في
القراءات ".
ولد سنة خمس وتسعين ومئتين.
وسمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وابن خزيمة، وأبا العباس
السراج، ومكي بن عبدان، وجماعة.
__________
= قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله،
وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب
الزاني، والتارك لدينه ".
(1) أخرجه البخاري 12 / 94 في الحدود: باب قول الله تعالى
(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)، وباب لعن السارق إذا
لم يسم، ومسلم (1687) في الحدود: باب حد السرقة ونصابها،
والنسائي 8 / 65 في السارق: باب تعظيم السرقة.
قال الخطابي: وجه الحديث وتأويله ذم السرقة وتهجين أمرها،
وتحذير سوء مغبتها فيما قل
وكثر من المال، كأنه يقول: ان سرقة الشئ الذي لا قيمة له
كالبيضة المذرة والحبل الخلق الذي لا قيمة له إذا تعاطاه
فاستمرت به العادة، لم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما
فوقها حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد، فتقطع يده، كأنه
يقول: فليحذر هذا الفعل، وليتوقه قبل ان تملكه العادة
ويمرن عليها، ليسلم من سوء مغبته ووخيم عاقبته.
* معجم الادباء: 3 / 12 - 15، العبر: 3 / 16، البداية
والنهاية: 11 / 310، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 49
- 50، النشر في القراءات العشر: 1 / 34، 89، النجوم
الزاهرة: 4 / 160، شذرات الذهب: 3 / 98، هدية العارفين: 1
/ 67.
[ * ]
(16/406)
وتلا بالعراق على زيد بن أبي بلال، وأبي الحسين بن بويان،
وأبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكار، وابن مقسم، وبدمشق على
أبي الحسن محمد بن النضر الاخرم.
روى عنه: الحاكم: وابن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وعبد
الرحمن بن عليك، وأبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ.
وتلا عليه مهدي بن طرارة، وطائفة.
قال الحاكم: كان إمام عصره في القراءات، وكان أعبد من
رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوة.
انتقيت عليه خمسة أجزاء، وقرأت عليه ببخارى كتاب " الشامل
" له في القراءات.
توفي في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
وتوفي معه العامري (1) الفيلسوف.
فحدثني عمر بن أحمد الزاهد عن ثقة رأى ابن مهران في النوم
ليلة دفنه، فقلت: أيها الاستاذ ما فعل الله بك ؟ قال: الله
أقام أبا الحسن العامري بحذائي، وقال: هذا فداؤك من النار،
295 - حسينك * الامام الحافظ
الانبل القدوة، أبو أحمد، الحسين بن علي بن
__________
(1) هو أبو الحسن، محمد بن يوسف العامري النيسابوري، عالم
بالمنطق والفلسفة اليونانية، من أهل خراسان.
وأقام بالري خمس سنين، واتصل بابن العميد فقرآ معا عدة
كتب، وله عدة مؤلفات منها " الاعلام بمناقب الاسلام ".
" أعلام الزركلي ": 7 / 148.
* تاريخ بغداد: 8 / 74 - 75، المنتظم: 7 / 127 - 128،
تذكرة الحفاظ: 3 / 968 - 969، العبر: 2 / 368 - 369، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 17 / أ، طبقات السبكي: 3 / 274 - 275،
طبقات الاسنوي: 1 / 419 - 420، البداية والنهاية: 11 /
304، = [ * ]
(16/407)
محمد بن يحيى التميمي النيسابوري حسينك، ويقال له أيضا:
ابن منينه.
سمع عمر بن أبي غيلان، وأبا القاسم البغوي، والباغندي،
وابن خزيمة، وأبا العباس الثقفي، وعبد الله بن زيدان
البجلي، وطبقتهم.
وعنه: الحاكم، والبرقاني، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد
الكنجروذي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة حجة.
وقال الحاكم: الغالب على سماعاته الصدق، وهو شيخ العرب في
بلدنا ومن ورث الثروة القديمة، وسلفه جلة، صحبته حضرا
وسفرا، فما رأيته ترك قيام الليل من نحو ثلاثين سنة، فكان
يقرأ سبعا كل ليلة، وكانت صدقاته دارة سرا وعلانية.
وأخرج مرة عشرة من الغزاة بآلتهم عوضا عن نفسه، ورابط غير
مرة.
قال: وأول سماعه في سنة خمس وثلاث مئة.
وكان ابن خزيمة يبعثه إذا تخلف عن مجلس السلطان ينوب عنه.
وكان يعزه ويقدمه على أولاده، وفي حجره تربى، توفي في ربيع
الآخر سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
قلت: عاش نيفا وثمانين سنة.
أخبرنا ابن عساكر.
عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا أبو أحمد
بن الحسين بن علي، أخبرنا البغوي، حدثنا هدبة، حدثنا حماد،
عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " كانت شجرة تضر بالطريق، فقطعها رجل،
فنحاها عن الطريق،
__________
= النجوم الزاهرة: 4 / 147، طبقات الحفاظ: 386، شذرات
الذهب: 3 / 84.
[ * ]
(16/408)
فغفر له " رواه مسلم (1).
296 - ابن حيويه * الامام
المحدث الثقة المسند، أبو عمر، محمد بن العباس بن
محمد ابن زكريا بن يحيى البغدادي الخزاز ابن حيويه، من
علماء المحدثين.
سمع أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن خلف بن
المرزبان، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وأبا القاسم
البغوي، وابن أبي داود، وعبيد بن المؤمل، وعبيدالله بن
عثمان العثماني صاحب ابن المديني، وبدر بن الهيثم، وأبا
حامد الحضرمي، ومحمد بن هارون بن المجدر، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البرقاني.
وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأحمد ابن محمد العتيقي، وأبو
محمد الخلال، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو محمد الجوهري،
وآخرون.
وروى الكتب المطولة.
قال الخطيب: كان ثقة، كتب طول عمره، وروى المصنفات الكبار.
مولده في خمس وتسعين ومئتين.
حدثني أبو القاسم الازهري
__________
(1) برقم (130) في البر والصلة: باب فضل إزالة الاذى عن
الطريق، من طريق محمد بن حاتم، عن بهز، عن حماد بن سلمة
بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد 2 / 304، 343، 416 من طريقين عن حماد.
وأخرجه أحمد 3 / 495 و 521 من طريقين، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة وفي الباب عن أنس عند أحمد 3 / 154 و 230.
* تاريخ بغداد: 3 / 121 - 122، المنتظم: 7 / 170 - 171،
العبر: 3 / 21، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 46 / ب، الوافي
بالوفيات: 3 / 199، البداية والنهاية: 11 / 311 - 312،
لسان الميزان: 5 / 214 - 215، النجوم الزاهرة: 4 / 163،
شذرات الذهب: 3 / 104.
[ * ]
(16/409)
قال: كان ابن حيويه مكثرا، وكان فيه تسامح، ربما أراد أن
يقرأ شيئا ولا يكون أصله قريبا منه، فيقرؤه من كتاب أبي
الحسن بن الرزاز لثقته بذلك الكتاب.
ثم قال: وكان مع ذلك ثقة (1).
قال الخطيب: سألت البرقاني عنه، فقال: [ ثقة ] ثبت حجة.
قال العتيقي: مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وثلاث
مئة (2).
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد،
أخبرنا هبة الله بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن عمر، حدثنا
ابن حيويه، حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة، حدثنا عبدة بن
عبد الله، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا مسعر، عن الحكم، وعن
ابن أبي ليلي، عن البراء، قال: " كان قيام رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقعوده وركوعه وسجوده لا يدرى أيه أطول "
(3).
297 - القزويني * الامام
المعمر، شيخ القراء، أبو الحسن، وعلي بن أحمد بن
صالح ابن حماد القزويني.
سمع من: يوسف بن عصام الرازي، ومحمد بن مسعود الاسدي،
ويوسف بن حمدان.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 121 - 122.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 122، وما بين حاضرتين منه.
(3) إسناده صحيح، وأخرج البخاري برقم (792) و (801) ومسلم
(471) (194) والنسائي 2 / 197، والترمذي (279) من طريق
شعبة عن الحكم بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري (820) من طريق
مسعر عن الحكم به.
وأخرجه مسلم (471) وأبو داود (854) من طريقين عن ابي
عوانة، عن هلال بن أبي حميد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن
البراء بن عازب.
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 43 / أ، غاية النهاية: 1 / 591
- 520.
[ * ]
(16/410)
وأخذ القراءات عن أبي عبد الله الحسين بن علي الازرق،
والعباس ابن الفضل بن شاذان.
وقدم بغداد فجالس ابن مجاهد، وبحث معه، وتصدر للاقراء دهرا
طويلا.
ترجمه الخليلي، وحدث عنه، وهو من كبار مشايخه.
قال: وتوفي في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
قال: وولد سنة ثلاث وثمانين ومئتين.
298 - ابن يبقى * العلامة، شيخ
المالكلية، أبو بكر، محمد بن يبقى بن رزب بن يزيد
القرطبي الفقيه.
كان عجبا في حفظ المذهب.
سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم.
وتفقه باللؤلؤي.
وكان ابن السليم القاضي يقول: لو رآك ابن القاسم لعجب منك.
وله مؤلف في الرد على ابن مسرة، وعدة تصانيف.
وكان جم الفضائل.
مات في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 2 / 94 - 95، جذوة المقتبس: 100،
ترتيب المدارك: 4 / 630 - 633، فهرسة ابن خير: 246، بغية
الملتمس: 146 - 147، المغرب في حلى المغرب: 1 / 214،
العبر: 3 / 19، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 44 / ب، تاريخ
قضاة الاندلس: 77 - 82، الديباج المذهب: 2 / 230 - 231،
شذرات الذهب: 3 / 101 - 102، شجرة النور الزكية: 1 / 100.
[ * ]
(16/411)
299 - النسائي * الفقيه المفتي، مسند خراسان، أبو القاسم،
عبد الله بن أحمد بن محمد بن يعقوب النسائي الشافعي.
خاتمة من سمع من الحسن بن سفيان مسنده، ومن سمع من عبد
الله بن محمد بن شيرويه مسند إسحاق.
وقد ارتحل إلى العراق، وسمع من محمد بن محمد الباغندي،
وجماعة.
حدث عنه الحاكم وغيره.
ولم يقع لي من عواليه.
وقد حدث ببغداد في أيام عثمان بن السماك فسمع منه أحمد بن
جعفر
الختلي، وأبو القاسم عبد الله بن الثلاج.
وعاش إلى هذا الوقت.
قال الخطيب: قال الحاكم: توفي في شوال سنة اثنتين وثمانين
وثلاث مئة بنسا (1).
وعندي في " تاريخ الحاكم " أنه توفي سنة أربع وثمانين.
فالله أعلم.
قال الحاكم: وكان شيخ العدالة والعلم بنسا، وعاش نيفا
وتسعين سنة، رحمه الله (2).
300 - السرخسي * * الشيخ
الجليل، أبو القاسم، عبيدالله بن عبد الله بن محمد
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 394، العبر: 3 / 20 - 21، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 46 / أ، و 51 / ب، طبقات السبكي: 3 /
305 - 306، النجوم الزاهرة: 4 / 163، شذرات الذهب: 3 /
103.
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 394.
(2) المصدر السابق.
* * تاريخ بغداد: 10 / 364 - 365، تاريخ الاسلام: الورقة:
35 / أ.
[ * ]
(16/412)
السرخسي التاجر، مسند بخارى.
حدث عن: محمد بن عبدالرحمن الدغولي، ومحمد بن حمدويه
المروزي، والقاضي المحاملي، ومحمد بن جعفر المطيري، ومنصور
بن محمد البزدوي صاحب البخاري.
وعنه: ابن أبي الفوارس، وأبو سعد الماليني، ومحمد بن طلحة
النعالي.
أثنى عليه الحافظ جعفر الادريسي، ووثقه، ووصفه بالصلاح.
قال: قدم نسف سنة 327 لسماع الصحيح من أبي طلحة منصور.
مات في رجب سنة ثمانين وثلاث مئة.
301 - العسكري * الامام المحدث
الاديب العلامة، أبو أحمد، الحسن بن عبد الله بن
سعيد العسكري، صاحب التصانيف.
سمع من: عبدان الاهوازي، أحمد بن يحيى التستري، وأبي
القاسم عبد الله بن محمد البغوي، وأبي بكر بن أبي داود،
ومحمد بن جرير
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 272، الانساب: 8 / 452، المنتظم:
7 / 191، معجم الادباء: 8 / 233 - 258، معجم البلدان: 3 /
124، إنباه الرواة: 1 / 310 - 312، اللباب: 2 / 340، وفيات
الاعيان: 2 / 83 - 85، المختصر في أخبار البشر: 2 / 133،
العبر: 3 / 20، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 45 / ب، الوافي
بالوفيات: 12 / 77 76، مرآة الجنان: 2 / 415 - 416،
البداية والنهاية: 11 / 312 و 320 - 321، النجوم الزاهرة:
4 / 163 و 196، بغية الوعاة: 1 / 506، شذرات الذهب: 3 /
102 - 103، روضات الجنات: 216، هدية العارفين: 1 / 272 -
273، أعيان الشيعة: 22 / 140، الرسالة المستطرفة: 54.
[ * ]
(16/413)
الطبري، وأبي بكر بن دريد، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، ومحمد
بن علي بن روح المؤدب، وأبي بكر بن زياد، والعباس بن
الوليد الاصبهاني، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن محمد بن جعفر
اليزدي الاصبهاني، وأبو الحسن علي بن أحمد النعيمي، وأبو
الحسين محمد بن الحسن الاهوازي، والمقرئ أبو علي الحسن بن
علي
الاهوازي، وأبو نعيم الحافظ، وأبو بكر محمد بن أحمد
الوادعي، وعبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، وأحمد بن محمد
بن زنجويه، ومحمد بن منصور بن حيكان التستري، وعلي بن عمر
الايذجي، وأبو سعيد الحسن ابن علي بن بحر التستري السقطي،
وآخرون.
قال الحافظ أبو طاهر السلفي: كان أبو أحمد العسكري من
الائمة المذكورين بالتصرف في أنواع العلوم، والتبحر في
فنون الفهوم، ومن المشهورين بجودة التأليف وحسن التصنيف،
ألف كتاب " الحكم والامثال "، وكتاب " التصحيف " وكتاب "
راحة الارواح " وكتاب " الزواجر والمواعظ " وعاش حتى علا
به السن، واشتهر في الآفاق.
انتهت إليه رئاسة التحدث والاملاء للآداب والتدريس بقطر
خوزستان، وكان يملي بالعكسر وبتستر ومدن ناحيته.
أخبرنا بنسبه أبو علي الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير،
أخبرنا أبو طاهر الحافظ، حدثنا أبو الحسين بن الطيوري،
أخبرنا أبو سعيد الحسن بن علي السقطي بالبصرة، حدثنا أبو
أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن إسماعيل بن زيد بن حكيم
العسكري إملاء سنة ثمانين وثلاث مئة بتستر، فذكر مجالس من
أماليه.
قال السلفي: هي عندي.
(16/414)
ولما توفي رثاه الصاحب إسماعيل بن عباد (1) فقال: قالوا
مضى الشيخ أبو أحمد * وقد رثوه بضروب الندب فقلت ماذا فقد
شيخ مضى * لكنه فقد فنون الادب أرخ أبو حكيم أحمد بن
إسماعيل بن فضلان العسكري اللغوي وفاة أبي أحمد في يوم
الجمعة لسبع خلون من ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين
وثلاث مئة.
قلت: أظنه جاوز التسعين.
302 - [ الحسن بن عبد الله
] * سميه وعصريه الفقيه المسند المحدث، أبو علي، الحسن بن
عبد الله بن سعيد الكندي الحمصي نزيل بعلبك.
حدث عن: سعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأبي الحسن بن جوصا.
روى عنه: الحسن بن الاشعث المنبجي، وعلي بن أحمد الربعي،
وجماعة.
وقع لي جزء من حديثه.
لم أظفر بموته، لكنه حدث في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
303 - الكرابيسي * * الشيخ
الصالح المسند، أبو سعيد، محمد بن بشر بن العباس
__________
(1) البيتان في ترجمة العسكري عند ياقوت: 8 / 251، وتاريخ
الاسلام: 4 الورقة 45 / ب.
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 71 / ب، تهذيب ابن عساكر: 4 /
192.
* * العبر: 3 / 8، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 29 / أ، شذرات
الذهب: 3 / 92.
[ * ]
(16/415)
النيسابوري البصري الاصل الكرابيسي سمع أبا لبيد السرخسي،
وأبا بكر بن خزيمة، وأبا القاسم البغوي، وجماعة.
وكان ختن الحافظ أبي الحسين الحجاجي.
روى عنه الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وجماعة.
توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، عن إحدى
وثمانين سنة.
304 - نقاش الفضة * العلامة،
أبو جعفر، محمد بن أحمد بن العباس السلمي البغدادي
الجوهري الاشعري، نقاش الفضة، وتلميذ أبي الحسن الاشعري.
سمع محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، والحسن بن
محمي، وغيرهم.
حدث عنه: أبو علي بن شاذان، وعبيدالله الازهري، وعلي بن
المحسن التنوخي، وآخرون.
وثقه الازهري، وقال: كان أحد المتكلمين على مذهب أبي
الحسن، ومنه تعلم ابن شاذان علم الكلام.
مات في المحرم سنة تسع وسبعين وثلاث مئة، وله خمس وثمانون
سنة.
قلت: حدث من حفظه بحديث باطل كأنه أخطأ فيه، سقته في
__________
* تاريخ بغداد: 1 / 325 - 326، تبيين كذب المفتري: 196 -
197، العبر: 3 / 11، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 32 / أ،
الوافي بالوفيات: 2 / 46 - 47، شذرات الذهب: 3 / 94.
[ * ]
(16/416)
" التاريخ الكبير " (1).
305 - الزبيدي * إمام النحو،
أبو بكر، محمد بن الحسن بن عبيدالله بن مذحج
الزبيدي الشامي الحمصي ثم الاندلسي الاشبيلي، صاحب
التصانيف.
سمع سعيد بن فحلون.
وقاسم بن أصبغ، وأبا علي القالي.
وأخذ العربية عن القالي، وعن أبي عبد الله الرياحي.
روى عنه: ولده أبو الوليد محمد بن محمد، وإبراهيم بن محمد
الافليلي، وولده الآخر أبو القاسم أحمد الاديب قاضي
إشبيلة.
طلب المستنصر صاحب الاندلس أبا بكر الزبيدي من إشبيلية إلى
قرطبة للاستفادة منه، فأدب جماعة، واختصر كتاب " العين "،
وألف " الواضح " في العربية، وهو مؤدب المؤيد بالله هشام.
توفي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وثلاث مئة، وله ثلاث
وستون سنة.
__________
(1) هو في " تاريخ الاسلام " 4 الورقة: 32 / أ وقد ساقه
المؤلف بإسناده إلى شريح القاضي قال: سمعت علي بن أبي طالب
رضي الله عنه يقول على المنبر: " خير هذه الامة بعد نبيها
أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم أنا " رضي الله عنهم ثم قال
الذهبي: هذا لفظ منكر لم يقله علي.
* مقدمة طبقات النحويين واللغويين، تاريخ علماء الاندلس: 2
/ 89 - 90، يتيمة الدهر: 2 / 70 - 71، جذوة المقتبس: 46 -
49، الانساب: 6 / 249، بغية الملتمس: 66 / 67، معجم
الادباء: 8 / 179 - 184، إنباه الرواة: 3 / 108 - 109،
المحمدون من الشعراء: 73 - 74، المغرب في حلى المغرب: 1 /
250، وفيات الاعيان: 4 / 372 - 374، العبر: 3 / 12، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 32 / أ، تلخيص ابن مكتوم: 202 - 203،
الوافي بالوفيات: 2 / 351، مرآة الجنان: 2 / 409، البلغة
في تاريخ أئمة اللغة: 218 - 219، بغية الوعاة: 1 / 84 -
85، شذرات الذهب: 4 / 94 - 95، هدية العارفين: 2 / 51.
[ * ]
(16/417)
وعاش ولده أبوالويد إلى سنة نيف وأربعين وأربع مئة، فكان
آخر من حدث عن والده.
قال ابن خلكان: كان أبو بكر أوحد عصره في علم النحو، وحفظ
اللغة، وكان أخبر أهل زمانه بالاعراب والمعاني والنوادر،
إلى علم السير والاخبار، لم يكن بالاندلس في فنه مثله في
زمانه.
وله كتب تدل على علمه، منها: كتاب " طبقات النحاة
واللغويين " وله في الرد على ابن مسرة، وأشياء مفيدة، وله
نظم بديع (1).
306 - ابن المظفر * الشيخ
الحافظ المجود، محدث العراق، أبو الحسين محمد بن المظفر
بن موسى بن عيسى بن محمد البغدادي.
قال: أبي من سامراء، وولدت أنا ببغداد في أول سنة ست
وثمانين ومئتين، وأول سماعي في سنة ثلاث مئة.
وقيل: إنه من ذرية سلمة بن الاكوع رضي الله عنه، فسئل عن
هذا، فقال: لا أعلم صحة ذلك.
سمع من: حامد بن شعيب البلخي، وأبي بكر بن الباغندي، وأبي
القاسم البغوي، والهيثم بن خلف الدوري، وقاسم بن زكريا
المطرز، وأحمد بن الحسن الصوفي، ومحمد بن جرير الطبري،
وعبد الله بن صالح
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 4 / 372 - 373.
* تاريخ بغداد: 3 / 262 - 264، المنتظم: 7 / 152 - 153،
تذكرة الحفاظ: 3 / 980 - 983، العبر: 3 / 12، تاريخ
الاسلام: الورقة: 33 / أ، ميزان الاعتدال: 4 / 43، البداية
والنهاية: 11 / 308، لسان الميزان: 5 / 373، 384، النجوم
الزاهرة: 4 / 155 - 156، طبقات الحفاظ: 389 - 390، شذرات
الذهب: 3 / 96.
[ * ]
(16/418)
البخاري، ومحمد بن زبان المصري، وعلي بن أحمد علان، وأبي
جعفر
الطحاوي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبي عروبة الحراني،
والحسين ابن محمد بن جمعة، ومحمد بن خريم، ومحمد بن
عبدالحميد الفرغاني، وأبي الحسن بن جوصا، وطبقتهم ببغداد،
وواسط، والكوفة، والرقة، وحران، وحمص، وحلب، ومصر، وأماكن.
وتقدم في معرفة الرجال، وجمع وصنف، وعمر دهرا، وبعد صيته،
وأكثر الحفاظ عنه، مع الصدق والاتقان، وله شهرة ظاهرة، وإن
كان ليس في حفظ الدارقطني.
حدث عنه: أبو حفص بن شاهين، والدارقطني، والبرقاني، وابن
أبي الفوارس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعد الماليني،
وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو نعيم، وأبو محمد
الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو القاسم (1) الجوهري،
وعبد الوهاب بن برهان، والقاضي محمد بن عمر الداوودي، وخلق
سواهم.
قال الخطيب: كان ابن المظفر فهما، حافظا، صادقا، [ مكثرا ]
(2).
قال أبو ذر الهروي: سمعت ابن أبي الفوارس يقول: سألت ابن
المظفر عن حديث عن الباغندي، عن ابن زيد المنادي، عن عمرو
بن عاصم، عن شعبة، فقال: ليس هو عندي: قلت: لعله عندك ؟
قال: لو كان عندي كنت أحفظه، وعندي عن الباغندي مئة ألف
حديث ليس عندي هذا.
__________
(1) في حاشية الاصل: نسخة: أبو محمد.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 263، وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/419)
قال البرقاني: كتب الدارقطني ألوفا عن ابن المظفر (1).
وقال الخطيب: حدثنا عمر بن محمد الداوودي، قال: رأيت
الدارقطني يعظم بن المظفر ويجله، ولا يستند بحضرته، ورأيت
من أصوله في الوراقين [ شيئا ] كثيرا، فسألت عنها وراقا،
فقال: باعني ابن المظفر منها ثمانين رطلا.
قال محمد بن عمر: وكانت [ كلها ] عن ابن صاعد، كتبها عنه
بخطه الدقيق، فجئت إليه، فسألته عنها، فقال: أنا بعتها،
وهل أؤمل أن يكتب عني حديث ابن صاعد.
أو كما قال (2).
قال السلمي: سألت الدارقطني عن ابن المظفر، فقال: ثقة
مأمون.
قلت: يقال: إنه يميل إلى التشيع.
قال: قليلا بقدر ما لا يضر إن شاء الله.
قال أبو نعيم: هو حافظ مأمون.
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: ابن المظفر حافظ، فيه تشيع
ظاهر.
قال أبو ذر الهروي: سمعت ابن حنيف يقول: كان ابن المظفر
خرج أوراقا في مثالب أصحاب الحديث، ويهديه لبعض أصحاب
السلطان المعروفين بالرفض، فوقع ذلك الجزء في يدي، فدخلت
أنا وابن أخي ميمي وأبو الحسين بن الفرات عليه، فلما رأى
الجزء معنا تغير، وأخذ يعتذر، فلاطفناه وقرأناه عليه.
مات في جمادى الاولى سنة تسع وسبعين وثلاث مئة، يوم
الجمعة.
قاله العتيقي.
وفيها مات الشيخ اللغة بالاندلس أبو بكر محمد بن الحسن
الزبيدي
__________
(1) انظر لفظ البرقاني في " تاريخ بغداد ": 3 / 263.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 263 - 264، وما بين حاصرتين منه.
[ * ]
(16/420)
القرطبي، ومحدث دمشق الامام أبو سليمان محمد بن عبد الله
بن أحمد بن زبر الربعي، وأبو الحسين محمد بن النضر بن
النحاس الموصلي راوي معجم أبي يعلى عنه، والمعمر أبو بكر
هلال بن محمد بن محمد البصري - ابن أخي هلال الرأي - وهو
آخر من روى عن الكجي.
قال إبراهيم بن محمد الرعيني: قدم علينا ابن المظفر مصر،
وكان أحول أشج، فحضر عند عبد الله بن محمد بن جعفر
القزويني، فقال له: إن هذا الذي تمله علينا هو عندنا كثير
بالعراق، ونريد حديث مصر، فكان ذلك مبدأ إخراج القزويني
حديث عمرو بن الحارث، فكان منه الذي كان من تكثير الناس
عليه، حتى قال أبو الحسن الدارقطني: وضع القزويني لعمرو بن
الحارث أكثر من مئة حديث.
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عمر بن طبرزد، أخبرنا
أحمد ابن الحسن، أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا محمد بن
المظفر، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا عبدالحميد بن
بيان، حدثنا هشيم، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له " (1).
هذا حديث غريب، لم يقل فيه: " إلا من عذر ".
307 - يحيى بن مالك * ابن عائذ،
الامام المجود، الحافظ المحقق، أبو زكريا الاندلسي.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه (793) من طريق عبدالحميد بن بيان
الواسطي عن هشيم بهذا الاسناد، وأخرجه من طرق عن هشيم.
الدارقطني 1 / 410، والبيهقي 3 / 174، وصححه ابن حبان
(426) والحاكم 1 / 245 ووافقه الذهبي وهو كما قالوا، فقد
صرح هشيم بالتحديث في رواية الحاكم.
* تاريخ علماء الاندلس: 193 - 194، جذوة المقتبس: 379 -
381، بغية = [ * ]
(16/421)
سمع أبا عمر بن عبد ربه صاحب " العقد " وعبد الله بن يونس
المقرئ، وعدة، وفي الرحلة من أبي سهل القطان، وعبد الباقي
بن قانع، ودعلجا السجزي.
روى عنه: الحسن بن رشيق أحد شيوخه، ومحمد بن أحمد بن
القاسم المحاملي الشافعي.
وأبو الوليد بن الفرضي، ويحيى بن علي الطحان، وجماعة.
أملى بجامع قرطبة.
قال التنوخي أبو علي " النشوار ": حضر مجلس أبي الفرج صاحب
" الاغاني " فقال: لم نسمع بمن مات فجاءة على المنبر، فقال
شيخ أندلسي قد لزم أبا الفرج، اسمه يحيى بن عائذ: إنه شاهد
في جامع بلده بالاندلس خطيبهم وقد صعد يوم الجمعة ليخطب،
فلما بلغ يسيرا من الخطبة خر ميتا فوق المنبر، فأنزل،
وطلبوا في الحال من خطب.
قال أبو إسحاق الحبال، مات ابن عائذ بالاندلس في شعبان سنة
ست وسبعين وثلاث مئة.
308 - ابن مسرور * الامام
الحافظ المحدث الرحال، أبو الفتح، عبد الواحد بن محمد
بن أحمد بن مسرور البلخي، نزيل مصر.
__________
= الملتمس: 507 - 508، تذكرة الحفاظ: 1003 - 1004، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 23 / ب، طبقات الحفاظ: 398، شذرات
الذهب: 3 / 93.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 1005، العبر: 3 / 7 - 8، حسن
المحاضرة: 1 / 352، طبقات
الحفاظ: 398 - 399، شذرات الذهب: 3 / 92.
وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (516) من هذا الجزء.
[ * ]
(16/422)
روى عن: الحسين بن محمد المطبقي وطبقته ببغداد، وأحمد بن
سليمان بن زبان وطبقته بدمشق، وأبي سعيد بن يونس، وابن
السندي، وأبي عمر محمد بن يوسف الكندي، وخلق بمصر.
حدث عنه: الحافظ عبد الغني، وعمر بن الخضر الثمانيني،
وأحمد ابن عمر بن قديد، وآخرون.
مات في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
309 - ابن شبويه * الشيخ الثقة
الفاضل، أبو علي، محمد بن عمر بن شبويه الشبوي
المروزي.
سمع " الصحيح " في سنة ست عشرة وثلاث مئة من أبي عبد الله
الفربري، وكان من كبار مشايخ الصوفية.
حدث بمرو ب " الصحيح " في سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، رواه
عنه سعيد بن أبي سعيد العيار.
قال أبو بكر السمعاني: لما توفي الشبوي، سمع الناس "
الصحيح " من الكشميهني.
وقد ذكره السلمي في " طبقات الصوفية "، وقال: كان من أصحاب
أبي العباس السياري.
له لسان ذرب في علوم القوم، وكان الاستاذ أبو علي الدقاق
يميل إليه، وهو الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في
النوم، فقال: قلت يا
__________
* الاكمال لابن ماكولا: 5 / 107، الانساب: 7 / 285،
اللباب: 2 / 182، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 39 / أ، مشتبه النسبة: 2 / 390.
[ * ]
(16/423)
رسول الله: " شيبتني هود وأخواتها " (1) ما الذي شيبك منها
؟ قال: قوله: (فاستقم كما أمرت).
310 - ابن حسكويه * الشيخ، أبو
نصر، أحمد بن حسين بن محمد بن حمويه بن حسكويه
النيسابوري الوراق المؤذن.
سمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وابن خزيمة، والسراج، وطائفة.
وعنه: الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي.
توفي في شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
311 - ابن ناقب * * الشيخ، أبو
بكر محمد بن حم بن ناقب البخاري الصفار.
أحد من حدث ب " صحيح البخاري " عن أبي عبد الله الفربري.
وسمع أيضا من الحسين بن إسماعيل الفارسي، ومحمد بن سعيد.
__________
(1) حديث صحيح أخرجه الترمذي (3297) وابن سعد 1 / 435،
وابو نعيم في " الحلية " 4 / 350 عن ابن عباس قال: قال ابو
بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت، قال: " شيبتني هود
والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت " وحسنه
الترمذي وصححه الحاكم 2 / 344 و 476، ووافقة الذهبي.
وأخرجه ابن سعد 1 / 436 من طريق قتادة مرفوعا ولفظه "
شيبتني هود وأخواتها " ورجاله ثقات، لكنه مرسل، وأخرجه
الطبراني في الكبير من حديث عقبة ابن عامر مرفوعا قال
الهيثمي في " المجمع " 7 / 37: ورجاله رجال الصحيح، وفي
الباب عن عمران بن حصين عند الخطيب في " تاريخه " 3 / 145
وسنده صحيح.
ورؤيا أبي علي هذه
رواها البيهقي في " شعب الايمان " كما في " الدر المنثور
": 3 / 320.
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 41 / أ.
* * الاكمال لابن ماكولا: 7 / 422، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 44 / أ، مشتبه النسبة: 2 / 665.
[ * ]
(16/424)
توفي بسمرقند في ربيع الاول سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
312 - ابن كنانة * المحدث
المتقن، أبو عمر، أحمد بن عبد الله بن عبدالرحيم بن
كنانة اللخمي القرطبي، ويعرف أيضا بابن العنان.
سمع من: أحمد بن خالد الحافظ، وابن أيمن، ومحمد بن قاسم،
وحج فسمع من أبي سعيد الاعرابي، وأحمد بن مسعود الزبيري.
ذكره ابن الفرضي، فقال: سمع الناس منه كثيرا.
وحدث عنه محمد ابن السليم القاضي في حياته، وكان ثقة،
خيارا، وسميا، ضابطا، جيد التقييد.
كان [ من ] أوثق من كتبنا عنه.
قال لي: ولدت سنة تسع وتسعين ومئتين.
توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة (1).
313 - الشافعي * * العلامة،
أبو عبد الله، محمد بن القاسم الاصبهاني، المشهور
بالشافعي.
قال أبو نعيم: متكلم على مذهب الاشعري.
مات في ربيع الاول سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
كثير المصنفات في الفقه والاصول والاحكام.
سمع الكثير بالعراق من محمد بن سليمان المالكي، وأبي علي
اللؤلؤي، وجماعة.
قال: وكان يعرف بالنتيف.
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 56، بغية الملتمس: 186.
(1) " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 56، وما بين حاصرتين
منه.
* * ذكر أخبار أصبهان: 2 / 300 - 301، تبيين كذب المفتري:
197، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 44 / ب.
[ * ]
(16/425)
السمسار * محمد بن الحسين بن موسى، أبو سعيد السمسار
النيسابوري، من أولاد المحدثين.
سمع ابن خزيمة.
وأبا قريش.
وعنه الحاكم، وجماعة.
توفي سنة ثمانين وثلاث مئة في رمضان.
314 - ابن معقل * * الشيخ
الصالح العابد الرئيس المحتشم، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد
بن محمد بن محفوظ بن معقل النيسابوري، أحد المجتهدين في
العبادة.
سمع ابن خزيمة، وأحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا العباس
الثقفي.
روى عنه الحاكم، وقال: رأيت أصوله صحيحة، وأكثرها بخطه.
توفي في ربيع الاول سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
315 - ابن معروف * * * قاضي
القضاة، شيخ المعتزلة، أبو محمد، عبيدالله بن أحمد
بن
__________
* تقدمت ترجمته برقم (289) من هذا الجزء.
* * تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 41 / ب.
* * * يتيمة الدهر: 3 / 107 - 109، تاريخ بغداد: 10 / 365
- 368، المنتظم: 7 / 166، العبر: 3 / 18، ميزان الاعتدال:
3 / 3، البداية والنهاية: 11 / 310، لسان الميزان: 4 / 96،
النجوم الزاهرة: 4 / 162، شذرات الذهب: 3 / 101.
[ * ]
(16/426)
معروف البغدادي.
سمع من: ابن صاعد، وابن حامد الحضرمي، ومحمد بن نوح، وابن
نيروز الانماطي.
وكان من أجلاد الرجال، وألباء القضاة، ذا ذكاء وفطنة،
وعزيمة ماضية، وبلاغة وهيبة، إلا أنه كان مجردا في
الاعتزال بلية.
روى عنه: أبو محمد الخلال، والعتيقي، وعبد الواحد بن شيطا،
وأبو جعفر بن المسلمة.
ووثقه بجهل الخطيب.
وبالغ في تعظيمه، وقال: كان يجمع وسامة في منظره، وظرفا في
ملبسه، وطلاقه في مجلسه، وبلاغة في خطابه، قد ضرب في الادب
بسهم وأخذ من الكلام بحظ، وله نظم رائق (1).
مات في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
316 - الرازي * الشيخ المعمر
الزاهد، شيخ الصوفية، مسند الوقت، أبو سعيد، عبد الله بن
محمد بن عبد الوهاب بن نصير بن عبد الوهاب بن عطاء
بن واصل القرشي الرازي، نزيل نيسابور.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 10 / 366، وقد أورد له الثعالبي
في " اليتيمة ": 3 / 109 أبياتا سائرة منها:
احذر عدوك مرة * واحذر صديقك ألف مره فلربما انقلب الصدي *
- ق فكان أعرف بالمضرة * العبر: 3 / 21، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 46 / أ، النجوم الزاهرة: 4 / 163، شذرات الذهب: 3
/ 103.
[ * ]
(16/427)
حدث عن محمد بن أيوب بن الضريس، ويوسف بن عاصم.
و [ سمع ] (1) في الرحلة بدمشق من ابن جوصا، وأبي هاشم
محمد بن عبد الاعلى، وببغداد من يحيى بن صاعد، وبالري أيضا
من عبدالرحمن بن أبي حاتم.
وعمر دهرا.
حدث عنه: الحاكم، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسن بن المؤمل،
وشيخ الاسلام إسماعيل الصابوني، وأخوه أبو يعلى، ومحمد بن
عبد العزيز المروزي، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي،
وآخرون.
ووصفه الكنجروذي بالصلاح.
وساق نسبه كما مر.
وقال الحاكم: جاور بمكة، وقصد أبا علي الثقفي ليصبحه في
سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وقد دخلت عليه في أول سنة إحدى وثمانين لما بلغني خروجه
إلى مرو، فسألته عن سنه، فذكر أنه ابن ثلاث وتسعين سنة،
ولم يزل كالريحانة عند مشايخ الصوفية ببلدنا.
ثم بلغني أنه دخل بخارى، وحدث بها.
توفي سنة اثنتين وثمانن وثلاث مئة.
قلت: حديثه مستقيم، ولم أر أحدا تكلم فيه.
وسماعه من ابن الضريس يقتضي أن يكون وله ستة أعوام.
قال الخليلي: ادعى بنيسابور بعد السبعين وثلاث مئة شيخ
يقال له: أبو سعيد السجزي، فروى عن ابن الضريس، تكلموا
فيه، ولم يصح
سماعه منه، ومحمد بن أيوب متفق عليه.
قلت: أبو سعيد السجزي آخر إن شاء الله، ما هو صاحب
الترجمة.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
[ * ]
(16/428)
317 - ابن شاذان * الشيخ الامام، المحدث الثقة المتقن، أبو
بكر، أحمد بن إبراهيم
بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران البغدادي
البزاز، والد أبي علي بن شاذان.
سمع أبا القاسم الغبوي، والحسن بن محمد بن عنبر، ويحيى بن
صاعد، وأحمد بن محمد بن المغلس، وأبا بكر بن دريد، وعدة.
وسمع بدمشق من أحمد بن زبان الكندي.
روى عنه رفيقه أبو الحسن الدارقطني، وابناه أبو علي، وعبد
الله، وأبو محمد الخلال، والتنوخي، والجوهري، وآخرون.
وكان يجهز البز إلى مصر.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا، كثير الحديث.
ولد في ربيع الاول سنة ثمان وتسعين ومئتين.
وسمع وهو ابن خمس سنين (1).
قال ابو ذر الهروي: ما رأيت ببغداد في الثقة مثل القواس،
وبعده أبو بكر بن شاذان، فقال لابي ذر وراقه: ولا
الدارقطني ؟ قال: الدارقطني إمام.
وقال عبيدالله الازهري: سمعت أبا بكر بن شاذان يقول:
جاؤوني بجزء فيه سماعي من محمد بن محمد الباغندي سنة تسع
وثلاث مئة، ولم يكن لي به نسخة، فلم أحدث به.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 18 - 20، المنتظم: 7 / 172 - 172،
العبر: 3 / 22، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 47 / أ، البداية
والنهاية: 11 / 312، النجوم الزاهرة: 4 / 164، شذرات
الذهب: 3 / 104، الرسالة المستطرفة: 82.
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 19.
[ * ]
(16/429)
قال الازهري: كان حجة ثبتا.
قلت: مات في شوال سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
318 - الجوري * الشيخ الفقيه
المسند، أبو سعيد، أحمد بن محمد بن إبراهيم
النيسابوري الحنفي، ويقال له: الجوري.
سمع أبا بكر بن خزيمة، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، وعبد
الرحمن بن الحسين الحنفي.
وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
درس وأفتى مدة، وعمر دهرا.
توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة، عن نيف
وتسعين سنة.
ويروي أيضا عن السراج، وأبي نعيم بن عدي، وابن شنبوذ.
319 - الفناكي * * الشيخ أبو
القاسم، جعفر بن عبد الله بن يعقوب بن الفناكي
الرازي، راوي مسند الحافظ محمد بن هارون الروياني عنه.
وقد سمع أيضا من عبدالرحمن بن أبي حاتم.
__________
* مشتبه النسبة: 1 / 189، تبصير المنتبه: 1 / 370، الجواهر
المضية: 1 / 241.
* * العبر: 3 / 23، الوافي بالوفيات: 11 / 111، النجوم
الزاهرة: 4 / 165، شذرات الذهب: 3 / 104.
[ * ]
(16/430)
قال الخليلي: هو موصوف بالعدالة، وحسن الديانة.
روى عنه: هبة الله اللالكائي، وأبو الفضل عبدالرحمن بن
بندار الرازي.
توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
وفيها مات أبو بكر بن شاذان، وعلي بن حسان الجدلي صاحب
مطين، والمحدث أبو الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي العطار،
وأبو سعيد الجوري.
320 - ابن شاهين *
الشيخ الصدوق، الحافظ العالم، شيخ العراق، وصاحب التفسير
الكبير، أبو حفص، عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن
أيوب بن أزداذ البغدادي الواعظ.
مولده بخط أبيه في صفر سنة سبع وتسعين ومئتين.
وقال هو: أول ما كتبت الحديث بيدي في سنة ثمان وثلاث مئة.
سمع أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي،
وأبا خبيب العباس بن البرتي، وأبا بكر بن أبي داود، وشعيب
بن محمد الذارع وأبا علي بن محمد بن سليمان المالكي، ويحيى
بن صاعد، وأبا حامد
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 265 - 268، المنتظم: 7 / 182 - 183،
تذكرة الحفاظ: 3 / 987 - 990، العبر: 3 / 29 - 30، دول
الاسلام: 1 / 234، مرآة الجنان: 2 / 426،
البداية والنهاية: 11 / 316 - 317، غاية النهاية: 1 / 588،
لسان الميزان: 4 / 283 - 285، النجوم الزاهرة: 4 / 172،
طبقات الحفاظ: 392، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 2، شذرات
الذهب: 3 / 117، هدية العارفين: 1 / 781، الرسالة
المستطرفة: 38.
[ * ]
(16/431)
الحضرمي، وأبا بكر بن زياد، ومحمد بن هارون بن المجدر،
والحسين بن أحمد بن بسطام، ونصر بن القاسم الفرائضي، ومحمد
بن صالح بن زغيل، ومحمد بن زهير الابلي.
وارتحل بعد الثلاثين، فسمع بدمشق من أحمد بن سليمان بن
زبان، وأبي إسحاق بن أبي ثابت، وأبي علي بن أبي حذيفة.
وجمع وصنف الكثير، وتفسيره في نيف وعشرين مجلدا كله
بأسانيد.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق رفيقه، وأبو سعد
الماليني، وأبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد العتيقي،
وابنه عبيدالله بن عمر، وأبو محمد الجوهري والحسن بن محمد
الخلال، وأبو طالب العشاري، وأبو الحسين بن المهتدي بالله،
وأبو القاسم التنوخي، وخلق كثير.
قال أبو الفتح بن أبي الفوارس ثقة مأمون، صنف ما لم يصنفه
أحد.
وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة أمينا، يسكن بالجانب الشرقي
(1).
وقال الامير أبو نصر: هو الثقة الامين، سمع بالشام،
والعراق، وفارس، والبصرة، وجمع الابواب والتراجم، وصنف
كثيرا.
الخطيب: أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي، أن ابن
شاهين قال لهم: أول ما كتبت سنة ثمان وثلاث مئة، وصنف ثلاث
مئة مصنف، أحدها " التفسير " ألف جزء، و " المسند " ألف
وثلاث مئة جزء، و " التاريخ " مئة
وخمسين جزءا، و " الزهد " مئة جزء، وأول ما حدثت بالبصرة
سنة اثنتين
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 265.
[ * ]
(16/432)
وثلاثين وثلاث مئة (1).
قال الخطيب: سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عمر الداوودي،
سمعت أبا حفص بن شاهين، يقول: حسبت ما اشتريت به الحبر إلى
هذا الوقت، فكان سبع مئة درهم: قال الداوودي: وكنا نشتري
الحبر أربعة أرطال بدرهم، قال: وكتب أبو حفص بعد ذلك زمانا
(2).
قال حمزة السهمي: سمعت الدارقطني يقول: ابن شاهين يلح على
الخطأ وهو ثقة.
وقال ابو الوليد الباجي: هو ثقة.
وقال أبو القاسم الازهري: كان ثقة، عنده عن البغوي سبع مئة
جزء.
قال الخطيب: وسمعت محمد بن عمر الداوودي يقول: ابن شاهين
ثقة يشبه الشيوخ إلا أنه كان لحانا، وكان أيضا لا يعرف من
الفقه لا قليلا ولا كثيرا، وإذا ذكر له مذاهب الفقهاء
كالشافعي وغيره، يقول: أنا محمدي المذهب، قال لي أبو الحسن
الدارقطني يوما: ما أعمى قلب أبي حفص بن شاهين حمل إلي
كتابه الذي صنفه في التفسير، وسألني أن أصلح ما فيه من
الخطأ، فلقيته قد نقل تفسير أبي الجارود، وفرقه في الكتاب،
وجعله عن أبي الجارود، عن زياد بن المنذر وإنما هو اسم أبي
الجارود، ثم قال الداوودي: وسمعت ابن شاهين يقول: أنا أكتب
ولا أعارض، وكذا حكى عنه البرقاني، يعني: ثقة بنفسه فيما
ينقل، وقال البرقاني: فلذلك لم أستكثر منه زهدا فيه (3).
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 267.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
[ * ]
(16/433)
قلت: وتفسيره موجود بمدينة واسط اليوم وقال الداوودي: رأيت
ابن شاهين، اجتمع مع الدارقطني يوما، فما نطق حرفا.
قلت: ما كان الرجل بالبارع في غوامض الصنعة، ولكنه راوية
الاسلام، رحمه الله.
قال العتيقي: مات في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
قلت: عاش تسعا وثمانين سنة، وعاش بعد الدارقطني أياما
يسيرة.
وما قبلهما في العام الزاهد القدوة المحدث، أبو الفتح،
يوسف بن عمر القواس.
وفيها مات وزير العجم الصاحب إسماعيل بن عباد الطالقاني،
ومحدث مصر، أبو بكر، أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس،
وشاعر وقته، أبو الحسن، محمد بن عبد الله بن سكرة العباسي
البغدادي، والقاضي علي بن الحسين الاذني صاحب ابن فيل.
أنبأنا المسلم بن محمد الكاتب، أخبرنا أبو اليمن الكندي،
أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي العباسي
لفظا، حدثنا عمر بن أحمد الحافظ، حدثنا محمد بن محمد بن
سليمان، حدثنا عبد الله بن عمران العابدي، حدثنا
الدراوردي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبى هريرة،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا:
لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم
إلا بحقها، وحسابهم على الله " (1).
هذا حسن غريب.
__________
(1) أخرجه أحمد 2 / 502 من طريق يزيد، عن محمد بن عمرو
بهذا الاسناد، وللحديث = [ * ]
(16/434)
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، وإسماعيل بن الفراء، قالا:
أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا أبو العز محمد بن
محمد بن مواهب، أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري، أخبرنا محمد
بن علي العشاري، أخبرنا عمر بن شاهين، حدثنا عبد الله بن
سليمان، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا عمر بن ثابت، عن عبد
الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد
الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا
أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات ؟
" قلنا: بلى يا رسول الله، قال: " إسباغ الوضوء على
المكاره، وكثرة الخطا إلى هذه المساجد، وانتظار الصلاة بعد
الصلاة " (1).
321 - الجوهري * الامام
الحافظ، أبو القاسم، عبدالرحمن بن عبد الله بن محمد
الغافقي الجوهري، من أعيان المصريين المالكية.
سمع أبا إسحاق بن شعبان، وأحمد بن محمد المكي، وأحمد بن
__________
= طرق أخرى عند أحمد 2 / 314 و 345 و 384 و 423 و 482 و
502 و 527 و 528، ومسلم (21) وأبي داود (2640) والترمذي
(2606) وابن ماجة (3927) وهو من حديث أبي هريرة عن عمر عند
أحمد 1 / 19، 35 و 47، والبخاري (1399) و (1457) و (6924)
و (7284)، والنسائي 5 / 14، وهو حديث متواتر رواه غير واحد
من الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه أحمد 3 / 3، وابن خزيمة 1 / 90، وابن حبان (162)
من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل بهذا الاسناد، وفي الباب
عن أبى هريرة، عن مالك 1 / 161، ومسلم (251)، والترمذي
(51)، والنسائي 1 / 89، 90.
* العبر: 3 / 17، الديباج المذهب: 1 / 470 - 471، حسن
المحاضرة: 1 / 451، شذرات الذهب: 3 / 101، الرسالة
المستطرفة: 16، شجرة النور الزكية: 93 - 94.
[ * ]
(16/435)
بهزاذ، وعبد الله بن الورد، وأبا الطاهر الخامي، وعلي بن
عبد الله بن أبي مطر ومؤمل بن يحيى، وأبا القاسم العثماني،
وعدة.
روى عنه: أبو بكر بن عبدالرحمن، وأبو الحسن بن فهد، وابنه،
وأبو العباس بن نفيس المقرئ.
وصنف " مسند الموطأ " بعلله، واختلاف ألفاظه، وايضاح لغته،
وتراجم رجاله، وتسمية مشيخة مالك.
فجوده، وكان يرويه جعفر الهمداني، عن العثماني، عن الحضرمي
وابن خلف معا، عن أحمد بن نفيس، عنه، سمعه الشيخ حسن بن
بنت الواسطي بإجازتها من جعفر، وألف حديث مالك مما ليس في
الموطأ.
قال الحبال وأبو القاسم بن مندة: مات في رمضان سنة إحدى
وثمانين وثلاث مئة.
قلت: أظنه مات كهلا.
سمع أبو علي بن الخلال " مسند الموطأ " من جعفر الهمداني،
ووقع لي في العثمانيات من حديثه.
232 - الزهري * الامام الحافظ
الناقد، أبو محمد، الحسن بن علي بن عمرو البصري،
المعروف بابن غلام الزهري.
رحل وسمع من أبي القاسم البغوي، وابن صاعد، ومحمد بن
__________
* تذكرة الحافظ: 3 / 1021 - 1022، الوافي بالوفيات: 12 /
165، طبقات الحفاظ: 404 - 405، شذرات الذهب: 3 / 97.
[ * ]
(16/436)
الحسين بن مكرم، والقاسم بن عباد، وأحمد بن يعقوب المتوثي،
وعلي ابن عبد الله بن الفضل، وخالد بن النضر، وطائفة.
سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال وثقتهم ولينهم.
ولم أظفر له بترجمة.
حدث عنه: أبو الحسن بن صخر، ومحمد بن طلحة الخزاعي،
وجماعة، وعاش إلى سنة ثمانين وثلاث مئة.
قرأ على أبي بكر بن عمر النحوي، أخبرك الحسن بن أحمد
الزاهد، أخبرنا أبو طاهر بن سلفة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن
محمد إملاء بالبصرة، حدثنا محمد بن طلحة بن المغيرة، حدثنا
الحسن بن علي الحافظ، حدثنا أحمد بن يعقوب المتوثي، حدثنا
بندار، حدثنا عبدالرحمن ابن مهدي، حدثنا سفيان، عن عبد
الله بن دينار، عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم نهي عن بيع الولاء، وعن هبته ".
أخرجه البخاري (1) عن أبي نعيم، عن الثوري، فوقع لنا نازلا
بدرجة.
323 - الخليل بن أحمد * ابن
محمد بن الخليل، الامام القاضي، شيخ الحنفية، أبو
سعيد
__________
(1) برقم (6756) في الفرائض: باب إثم من تبرأ من مواليه،
وأخرجه من طرق عن عبد
الله بن دينار البخاري (2535) في العتق: باب بيع الولاء
وهبته، ومسلم (1506) في العتق: باب النهي عن بيع الولاء
وهبته.
* يتيمة الدهر: 4 / 338 - 339، الانساب: 7 / 45، معجم
الادباء: 11 / 77 - 80، العبر: 3 / 7، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 27 / أ، البداية والنهاية: 11 / 306، النجوم
الزاهرة: 4 / 153، تاج التراجم: 27، الجواهر المضية: 1 /
178 - 180، شذرات الذهب: 3 / 91.
[ * ]
(16/437)
السجزي الحنفي الواعظ، قاضي سمرقند.
سمع أبا القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وإمام الائمة ابن
خزيمة، وأبا العباس السراج، ومحمد بن إبراهيم الديبلي
المكي، وابن جوصا، وجماعة.
روى عنه: الحاكم، وأبو يعقوب إسحاق القراب، وعبد الوهاب بن
محمد الخطابي، وجعفر المستغفري، وأبو ذر الهروي، ومحلم بن
إسماعيل الضبي الهروي.
وقع لي حديثه عاليا، وكان من أحسن الناس وعظا وتذكيرا.
مولده في سنة تسع وثمانين ومئتين.
ومات بفرغانة في سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
قال الحاكم: هو شيخ أهل الرأي في عصره، وكان من أحسن الناس
كلاما في الواعظ.
ومن شعره (1).
سأجعل لي النعمان في الفقه قدوة * وسفيان في نقل الاحاديث
سيدا وفي ترك ما لم يعنني عن عقيدتي (2) * سأتبع يعقوب
العلا ومحمدا
__________
(1) الابيات في " معجم الادباء ": 11 / 77 - 78 من قصيدة
قالها في مدح أبي حنيفة النعمان وصاحبيه والائمة القراء.
وهي أيضا في " تاريخ الاسلام ": 4 الورقة: 27، والجواهر
المضية: 1 / 179.
(2) " معجم الادباء ": عقيدة.
[ * ]
(16/438)
وأجعل درسي (1) من قراءة عاصم * وحمزة بالتحقيق درسا مؤكدا
وأجعل في النحو الكسائي قدوة (2) * ومن بعده الفراء ما عشت
سرمدا وفيها مات أحمد بن الحسين العلوي العقيقي رئيس دمشق،
وبشر بن محمد بن محمد الباهلي، وأبو بكر تبوك بن الحسن
الكلابي، وأبو نصر الطوسي صاحب " اللمع "، وأبو محمد عبد
الله بن محمد بن علي بن الباجي الاشبيلي، وأبو الفتح بن
مسرور البلخي، وشيخ المالكية أبو القاسم عبد الله بن
الحسين الجلاب، وأبو بكر المفيد، ومحمد بن إسماعيل الوراق،
ومحمد بن بشر أبو سعيد الوراق النيسابوري، والرئيس أبو عبد
الله ابن أبي ذهل العصمي، وأبو أحمد الحاكم الكبير، وأبو
بكر محمد بن عبيد الله بن الشخير، والقاسم بن خلف الجبيري
الطرسوسي.
324 - ابن حماد * الامام
الحافظ المفيد، محدث الكوفة، أبو الحسن، محمد بن أحمد
بن حماد بن سفيان الكوفي.
حدث عن: علي بن العباس المقانعي، وعبد الله بن زيدان
البجلي، ومحمد بن الحسن الانصاري، وطبقتهم.
روى عنه: القاضي أبو العلاء الواسطي، وأبو ذر الهروي،
وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم بن بشران، وآخرون.
__________
(1) في " معجم الادباء ": حزبي.
(2) في " معجم الادباء ": عمدتي.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 986 - 987، العبر: 3 / 26، الوافي
بالوفيات: 2 / 51، شذرات الذهب: 3 / 110.
وسيكرر المؤلف - رحمه الله - ترجمته في الصفحة (496) من
هذا الجزء.
[ * ]
(16/439)
توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، عن سن عالية.
وقد مر لنا سميه الحافظ الكبير، أبو بشر محمد بن أحمد بن
حماد بن سعيد الانصاري الدولابي (1) في سنة عشر وثلاث مئة.
325 - ابن غريب * الشيخ العالم
الثقة، أبو بكر، محمد بن غريب بن عبد الله
البغدادي، غلام ابن مجاهد المقرئ.
سمع موطأ سويد بن أحمد بن محمد بن الجعد الوشاء، وسمع من
جعفر الفريابي، وعلي بن حماد الخشاب.
وعنه البرقاني: وأبو العلاء الواسطي، وعمر بن إبراهيم
الفقه.
وثقه البرقاني سمعنا " الموطأ من طريقه.
326 - ابن زبر * * الشيخ
العالم الحافظ، أبو سليمان، محمد بن القاضي عبد الله
بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي، محدث دمشق، وابن قاضيها
أبي محمد.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الرابع عشر ص: 309.
* تاريخ بغداد: 3 / 147، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 39 / أ.
* * تذكرة الحفاظ: 3 / 996 - 997، العبر: 3 / 12، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة:
32 / ب، شذرات الذهب: 3 / 95 - 96، هدية العارفين: 2 / 51،
الرسالة المستطرفة: 212.
[ * ]
(16/440)
حدث عن: أبي القاسم البغوي، ومحمد بن الفيض الغساني، وسعيد
بن عبد العزيز، وجماهر بن محمد الزملكاني، ومحمد بن خريم،
ومحمد بن الربيع الجيزي، وابن أبي داود.
روى عنه: تمام الرازي، وعبد الغني بن سعيد، ومحمد بن عوف،
وأبو نصر بن الجبان، ومحمد بن أحمد ولدا العفيف عبدالرحمن
بن أبي نصر، وآخرون.
قال أبو سليمان: كان أبو جعفر الطحاوي قد نظر في أشياء
كثيرة من تصانيفي، وباتت عنده وتصفحها، فأعجبته، فقال لي:
يا أبا سليمان أنتم الصيادلة ونحن الاطباء.
قال الكتاني: حدثنا عنه عدة، وكان يملي بالجامع، قال: وكان
ثقة، مأمونا، نبيلا، وتوفي في جمادى الاولى سنة تسع وسبعين
وثلاث مئة: قلت: له كتاب " الوفيات " على السنين، مشهور.
قد حكى عنه أبو نصر بن الجبان، أنه رأى الحق عزوجل في
النوم، فذكر أنه رأى نورا.
وفيها مات أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن بالويه،
والملك شرف الدولة شيرويه ابن عضد الدولة، وأبو جعفر محمد
بن أحمد الجوهري المتكلم نقاش السكة، وشيخ النحو أبو بكر
محمد بن الحسن الزبيدي بقرطبة.
ومحمد بن النضر النخاس الموصلي، ومحمد بن المظفر الحافظ،
وهلال بن محمد البصري صاحب الكجي.
(16/441)
327 - ابن كلس * وزير المعز والعزيز، أبو الفرج، يعقوب بن
يوسف
بن إبراهيم بن هارون بن داود بن كلس البغدادي الذي كان
يهوديا فأسلم.
كان داهية، ماكرا، فطنا، سائسا، من رجال العالم.
سافر إلى الرملة، وتوكل للتجار، فانكسر عليه جملة، وتعثر،
فهرب إلى مصر، وجرت له أمور طويلة، فرى منه صاحب مصر كافور
الخادم فطنة وخبرة بالامور، وطمع هو في الترقي فأسلم يوم
جمعة، ثم فهم مقاصده الوزير ابن حنزابة فعمل عليه، ففر منه
إلى المغرب، وتوصل بيهود كانوا في باب المعز العبيدي، فنفق
على المعز، وكشف له أمورا، وحسن له تملك البلاد، ثم جاء في
صحبته إلى مصر، وقد عظم أمره.
ولما ولي العزيز سنة خمس وستين استوزره، فاستمر في رفعة
وتمكن، إلى أن مات.
وكان عالي الهمة، عظيم الهيبة.
حسن المداراة.
مرض فنزل إليه العزيز يعوده، وقال: يا يعقوب وددت أنك تباع
فأشتريك من الموت بملكي، فهل من حاجة ؟ فبكى وقيل يده،
وقال: أما لنفسي فلا، ولكن فيما يتعلق بك، سالم الروم ما
سالموك، واقنع من بني حمدان بالدعوة والسكة، ولا تبق على
المفرج بن دغفل متى قدرت.
ثم مات، فدفنه العزيز في القصر في قبة أنشأها العزيز
لنفسه، وألحده بيده،
__________
* ابن عساكر، المنتظم: 7 / 155 - 156، وفيات الاعيان: 7 /
27 - 35، العبر: 3 / 14، تاريخ الاسلام: 4 الورقة 36 / أ،
مرآة الجنان: 2 / 250، البداية والنهاية: 11 / 308،
المواعظ والاعتبار: 2 / 5 - 8، النجوم الزاهرة: 4 / 158،
حسن المحاضرة: 2 / 201 شذرات الذهب: 3 / 97، طبقات
الاسنوي: 2 / 380، 381، وكلس: بكسر
الكاف واللام المشددة، وبعدها سين مهملة.
انظر " وفيات الاعيان ": 7 / 34.
[ * ]
(16/442)
وجزع لفقده.
ويقال: إنه كان حسن إسلامه مع دخوله في الرفض، وقرأ القرآن
والنحو، وكان يحضر عنده العلماء، وتقرأ عليه تواليفه ليلة
الجمعة، وله حب زائد في العلوم، على اختلافها.
وقد مدحه عدة من الشعراء، وكان جوادا ممدحا.
وصنف كتابا في فقه الشيعة مما سمعه من المعز، ومن العزيز،
ثم سمعه من لفظه خلق في مجلس عام، وجلس جماعة من العلماء
يفتون في جامع مصر بما في ذلك التصنيف الذميم.
وقد كان العزيز تنمر عليه في سنة ثلاث وسبعين، وسنجه
شهورا.
ثم رضي عنه، واحتاج إليه فرده إلى المنصب.
وكان معلومه في السنة مئتي ألف دينار.
ولما مات وجد له من المماليك، والجند والخدم، أربعة آلاف
مملوك، وبعضهم أمراء.
ويقال: إنه كفن وحنط بما يساوي عشرة آلاف مثقال.
(1).
وقال العزيز وهو يبكي: وا طول أسفي عليك يا وزير (2).
مات في ذي القعدة سنة ثمانين وثلاث مئة.
وله اثنتان وستون سنة، وخلف من الذهب والجوهر والمتاع ما
لا يوصف كثرة، ولا ريب أن ملك مصر في ذاك العصر، كان أعظم
بكثير من خلفاء بني العباس، كما الآن صاحب مصر أعلى ملوك
الطوائف رتبة ومملكة.
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان ": 7 / 34.
(2) المصدر السابق.
[ * ]
(16/443)
وقيل: ما برح يعقوب في صحبة كافور حتى مات.
أسلم يعقوب في سنة ست وخمسين، ولزم الخير والصلاة، ثم قبض
عليه ابن حنزابة فبذل له مالا، فأطلقه.
تولى الوزارة سنة ثمان وستين، فكان من أنبل الوزراء،
وأحشمهم، وأكرمهم، وأحلمهم.
قال العلوي: رأيت يعقوب عند كافور، فلما راح.
قال [ لي ]: أي وزير بين جنبيه ؟ ! (1).
328 - القلعي * الامام الحافظ،
المجود الزاهد، القدوة المجاهد، أبو محمد، عبد الله بن
محمد بن القاسم بن حزم الاندلسي القلعي.
سمع وهب بن مسرة، وأبا محمد بن الورد، وعلي بن أبي العقب
الدمشقي، وإبراهيم بن علي الهجيمي، وأبا جعفر بن دحيم
الشيباني، وأبا بكر الشافعي، وطبقتهم.
وجمع فأوعى.
قال ابن الفرضي: سمعت منه علما كثيرا.
وسمع منه: أحمد بن عون الله، وابن الفرج القاضي، وعباس بن
__________
(1) " وفيات الاعيان ": 7 / 32، وما بين حاصرتين منه.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 244 - 246، جذوة المقتبس: 254،
بغية الملتمس: 334، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 48 / ب،
العبر: 3 / 23، النجوم الزاهرة: 4 / 165، شذرات الذهب: 3 /
104 - 105.
[ * ]
(16/444)
أصبغ شيوخنا.
وكانت الرحلة إليه، ونفع الله به الخلق، وكان زاهدا،
شجاعا، ولاه المستنصر بالله القضاء، فاستعفي، فأعفاه، وكان
فقيها صلبا في الحق، ورعا، كانوا يشبهونه بسفيان الثوري في
زمانه، وكان ثقة مأمونا، وبلغنا أنه كان يقف وحده للفئة من
المشركين (1).
توفي بقلعة أيوب من الاندلس في ربيع الآخر سنة ثلاث
وثمانين وثلاث مئة.
وولد سنة عشرين وثلاث مئة، رحمه الله.
329 - أحمد بن سهل بن إبراهيم
* الشيخ المعمر، أبو حامد الانصاري النيسابوري.
كان آخر من حدث عن محمد بن شادل، وأبي قريش الحافظ،
وغيرهما.
وعنه: الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وطائفة.
قال الحاكم: أصوله صحيحة.
وكان من الادباء المذكورين، وأول تاريخ سماعه في سنة سبع
وثلاث مئة.
مات في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن غالب التمار
المصري صاحب محمد بن الربيع الجيزي، وأبو إسحاق إبراهيم بن
هلال الحراني الصابي المشرك الاديب صاحب الرسائل البديعة،
وعبد الله بن
__________
(1) " تاريخ علماء الاندلس ": 1 / 245 - 246.
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 50 / ب.
[ * ]
(16/445)
محمد الاصطخري صاحب أبي خليفة الجمحي، وشيخ العباد أبو
العباس
عبيدالله بن محمد بن محمد بن نافع البشتي - بشت نيسابور -
وشيخ الزهاد علي بن الحسين بن محمويه النيسابوري، وشيخ
النحو علي بن عيسى الرماني، ومحدث الكوفة أبو الحسن محمد
بن أحمد بن حماد، ومحدث بغداد محمد بن العباس بن الفرات،
وشيخ الشافعية أبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي
النيسابوري، والعلاة أبو عبيد الله بن المرزباني.
330 - الماسرجسي * العلامة،
شيخ الشافعية، أبو الحسن، محمد بن علي بن سهل بن
مصلح النيسابوري الشافعي الماسرجسي، سبط المحدث الحسن بن
عيسى ابن ماسرجس.
سمع من: خاله مؤمل بن الحسن، وأبي حامد بن الشرقي، وأبي
سعيد ابن الاعرابي، ومكي بن عبدان، وإسماعيل الصفار، وابن
شوذب، وابن داسه، وأبي الطاهر المديني، وأبي الحسن بن
حذلم، وخلق كثير.
وتفقه بأبي إسحاق المروزي، وصحبه إلى مصر، وصار معيد بي
علي ابن أبي هريرة، ولحق بمصر أصحاب الربيع، والمزني.
وبه تفقه القاضي أبو الطيب الطبري، وجماعة.
وروى عنه: الحاكم، وأبو نعيم، وأبو طالب يحيى بن علي
الدسكري، وأبو عثمان الصابوني، وأبو سعد الكنجروذي،
وآخرون.
__________
* طبقات العبادي: 100، طبقات الشيرازي: 116، اللباب: 3 /
148، وفيات الاعيان: 4 / 202، العبر: 3 / 26 - 27، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 53 / أ، الوافي بالوفيات: 4 / 115 -
116، طبقات الاسنوي: 2 / 380 - 381، حسن المحاضرة: 1 /
313، طبقات ابن هداية الله: 99 - 100، شذرات الذهب: 3 /
110 - 111.
[ * ]
(16/446)
وهو من أصحاب الوجوه (1).
قال الحاكم: كان أعرف الاصحاب بالمذهب وترتيبه.
تفقه بأبي إسحاق وغيره، وعقد مجلس النظر، ومجلس الاملاء،
فأملى زمانا إلى أن قال: وتوفي في جمادى الآخرة سنة أربع
وثمانين وثلاث مئة، عن ست وسبعين سنة، رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالمعز، أخبرنا زاهر،
أخبرنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو الحسن محمد بن
علي بن سهل الامام، أخبرنا مكي بن عبدان، حدثنا عبدالرحمن
بن بشر، حدثنا مالك بن سعير، حدثنا الاعمش، عن أبي صالح،
عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قاربوا
وسددوا، فإنه لم ينج أحدا عمله " قالوا: ولا أنت يا رسول
الله ؟ قال: فوضع يده على رأسه، وقال: " ولا أنا إلا أن
يتغمدني الله برحمته " (2).
331 - المرزباني * العلامة
المتقن الاخباري، أبو عبيد الله، محمد بن عمران بن
موسى
__________
(1) انظر تعريف الوجوف في ص (315) من هذا الجزء في ترجمة
أبي زيد محمد بن أحمد ابن عبد الله المروزي.
(2) وأخرجه أحمد 3 / 362 من طريق عفان، عن عبد العزيز بن
مسلم، عن الاعمش بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد 3 / 337، ومسلم
(2817) من طريق الاعمش، عن أبي سفيان، عن جابر.
وأخرجه أحمد 2 / 495، ومسلم (2816) (76) من طريق ابن نمير:
عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وانظر " المسند " 2 / 248 و 256 و 319 و 446 و 453 و 466 و
467 و 482 و 502 و 514 و 527.
* الفهرست: 190 - 193، تاريخ بغداد: 3 / 135 - 136،
الانساب (خ) 521 / أ، المنتظم: 7 / 177، معجم الادباء: 18
/ 268 - 272، إنباه الرواة: 3 / 180 - 184،
اللباب: 3 / 195، وفيات الاعيان: 4 / 354 - 356، العبر: 3
/ 27، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 53 / أ، ميزان الاعتدال:
672 - 673، الوافي بالوفيات: 4 / 235 - 237، = [ * ]
(16/447)
ابن عبيد المرزباني البغدادي الكاتب، صاحب التصانيف.
حدث عن: البغوي، وأبي حامد الحضرمي، وابن دريد، ونفطويه،
وعدة.
وعنه: التنوخي، وأبو محمد الجوهري، والعتيقي، وطائفة.
وكان راوية جماعة مكثرا، صنف أخبار الشعراء، لكن غالب
رواياته إجازة، فيطلق في ذلك أخبرنا (1) كالمتأخرين من
المغاربة.
قال القاضي الصيمري: سمعته يقول: كان في داري خمسون ما بين
لحاف ودواج (2) معدة لاهل العلم الذين يبيتون عندي.
قال الازهري: كان المرزباني يضع المحبرة وقنينة النبيذ (3)
يكتب ويشرب، وكان معتزليا، صنف كتابا في أخبار المعتزلة،
وما كان ثقة.
قال الحطيب: لبس حاله عندنا الكذب، وأكثر ما عيب عليه
مذهبه وتدليسه للاجازة.
وقال العتيقي: كان معتزليا ثقة.
مات في شوال سنة أربع وثمانين وثلاث مئة عن ثمان وثمانين
سنة.
وقال غيره: كان جاحظ زمانه، وكان عضد الدولة يتغالى فيه،
ويمر بداره فيقف حتى يخرج إليه.
__________
= البداية والنهاية: 11 / 314، لسان الميزان: 5 / 326 -
327، النجوم الزاهرة: 4 / 168، شذرات الذهب: 3 / 111 -
112، هدية العارفين: 2 / 54.
(1) الذي عليه الجمهور - وهو اختيار أهل التحري والورع -
المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا
ونحوهما في المناولة والاجازة من غير تقييد ذلك بعبارة
يتبين معها الواقع في كيفية التحمل.
انظر " توضيح الافكار ": 2 / 336، 338.
(2) الدواج - ك رمان وغراب - اللحاف يلبس.
" تاج العروس " مادة: " دوج ".
(3) هو النبيذ الذي يبيحه أهل العراق.
[ * ]
(16/448)
وله " أخبار الشعراء " خمسة آلاف ورقة، وآخر في الشعراء
ضخم جدا نحو ثلاثين مجلدا.
وأعطاه عضد الدولة مرة ألف دينار.
332 - الدارقطني * الامام
الحافظ المجود، شيخ الاسلام، علم الجهابذة، أبو الحسن، علي
بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن
دينار بن عبد الله البغدادي المقرئ المحدث، من أهل محلة
دار القطن ببغداد.
ولد سنة وثلاث مئة، هو أخبر بذلك.
وسمع وهو صبي من أبي القاسم البغوي، ويحيى بن محمد بن
صاعد، وأبي بكر بن أبي داود، ومحمد بن نيروز الانماطي،
وأبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، وعلي بن عبد الله بن
مبشر الواسطي، وأبي علي محمد بن سليمان المالكي، ومحمد بن
القاسم بن زكريا المحاربي، وأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب
القاضي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري، والحسن بن علي
العدوي البصري، ويوسف بن يعقوب النيسابوري، وأبي بكر أحمد
بن محمد بن إسماعيل الادمي، وعمر بن أحمد بن علي الديربي،
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 34 - 40، الانساب: 5 / 245 - 247،
المنتظم: 7 / 183 - 184، معجم البلدان: 2 / 422، اللباب: 1
/ 483، وفيات الاعيان: 3 / 297 - 299،
المختصر في أخبار البشر: 2 / 130، تذكرة الحفاظ: 3 / 991 -
995، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 56 / ب، العبر: 3 / 28 -
29، طبقات السبكي: 3 / 462 - 466، طبقات الاسنوي: 1 / 508
- 509، البداية والنهاية: 11 / 317 - 318، وفيات ابن قنفذ:
220، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 558 - 559، النجوم
الزاهرة: 4 / 172، طبقات الحفاظ: 393 - 394، طبقات ابن
هداية الله: 102 - 103، شذرات الذهب: 3 / 116 - 117، هدية
العارفين: 1 / 683 - 684، الرسالة المستطرفة: 23 [ * ]
(16/449)
وإسحاق بن محمد الزيات، وجعفر بن أبي بكر، وإسماعيل بن
العباس الوراق، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وأخيه أبي
عبيد القاسم، وأبي العباس بن عقدة، ومحمد بن مخلد العطار،
وأبي صالح عبدالرحمن بن سعيد الاصبهاني، ومحمد بن إبراهيم
بن حفص، وجعفر بن محمد بن يعقوب الصيدلي، وأبي طالب أحمد
بن نصر الحافظ، والحسين بن يحيى ابن عياش، ومحمد بن سهل بن
الفضيل، وأحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة، وأحمد بن محمد
بن أبي بكر الواسطي، والحسين بن محمد المطبقي، وأبي جعفر
بن البختري، وإسماعيل الصفار، وخلق كثير، وينزل إلى أبي
بكر الشافعي، وإلى ابن المظفر، وارتحل في الكهولة إلى
الشام ومصر، وسمع من ابن حيويه النيسابوري، وأبي الطاهر
الذهلي، وأبي أحمد بن الناصح، وخلق كثير.
وكان من بحور العلم.
ومن أئمة الدنيا، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث
ورجاله، مع التقدم في القراءات وطرقها، وقوة المشاركة في
الفقه، والاختلاف، والمغازي، وأيام الناس، وغير ذلك.
قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب " مزكي الاخبار ": أبو
الحسن صار
واحد عصره في الحفظ والفهم والورع.
وإماما في القراء والنحويين، أول ما دخلت بغداد، كان يحضر
المجالس وسنه دون الثلاثين، وكان أحد الحفاظ.
قلت: وهم الحاكم، فإن الحاكم إنما دخل بغداد سنة إحدى
وأربعين وثلاث مئة، وسن أبي الحسن خمس وثلاثون سنة.
صنف التصانيف: وسار ذكره في الدنيا، وهو أول من صنف
القراءات، وعقد لها أبوابا قبل فرش الحروف.
(16/450)
تلا على أبي الحسين أحمد بن بويان، وأبي بكر النقاش، وأحمد
بن محمد الديباجي، وعلي بن ذؤابة القزاز وغيرهم، وسمع حروف
السبعة من أبي بكر بن مجاهد، وتصدر في آخر أيامه للاقراء،
لكن لم يبلغنا ذكر من قرأ عليه، وسأفحص عن ذلك إن شاء الله
تعالى.
قال ابن طاهر: له مذهب في التدليس، يقول فيما لم يسمعه من
البغوي: قرئ على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان.
حدث عنه: الحافظ أبو عبد الله الحاكم، والحافظ عبد الغني،
وتمام ابن محمد الرازي، والفقيه أبو حامد الاسفراييني،
وأبو نصر بن الجندي، وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو عبد
الرحمن السلمي، وأبو مسعد و الدمشقي، وأبو نعيم الاصبهاني.
وأبو بكر البرقاني، وأبو الحسن العتيقي، وأحمد بن محمد بن
الحارث الاصبهاني النحوي، والقاضي أبو الطيب الطبري، وعبد
العزيز بن علي الازجي، وأبو بكر محمد بن عبدالملك بن
بشران، وأبو الحسن بن السمسار الدمشقي، وأبو حازم بن
الفراء أخو القاضي أبي يعلى، وأبو النعمان تراب بن عمر
المصري، وأبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين
بن المهتدي بالله، وأبو الحسين بن
الآبنوسي (1) محمد بن أحمد بن محمد، وأبو الحسين محمد بن
أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وخلق
سواهم من البغاددة والدماشقة والمصريين والرحالين.
قال الحاكم: حج شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذهل فكان يصف
حفظه
__________
(1) الآبنوسي: بمد الالف وفتح الباء الموحدة أو
سكونها..هذه النسبة إلى " آبنوس " وهو نوع من الخشب
البحري.
" اللباب ".
[ * ]
(16/451)
وتفرده بالتقدم في سنة ثلاث وخمسين، حتى استنكرت وصفه إلى
أن حججت في سنة سبع وستين فجئت بغداد، وأقمت بها أزيد من
أربعة أشهر، وكثر اجتماعنا بالليل والنهار فصادفته فوق ما
وصفه ابن أبي ذهل، وسألته عن العلل والشيوخ، وله مصنفات
يطول ذكرها.
قال أبو بكر الخطيب: كان الدارقطني فريد عصره، وقريع دهره،
ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إليه علو (1) الاثر
والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال، مع الصدق والثقة،
وصحة الاعتقاد، والاضطلاع من علوم (2)، سوى الحديث، منها
القراءات، فإنه له فيها كتاب مختصر، جمع الاصول في أبواب [
عقدها ] في أول الكتاب، وسمعت [ بعض ] من يعتني بالقراءات،
يقول: لم يسبق أبو الحسن إلى طريقته في هذا، وصار القراء
بعده يسلكون ذلك، قال: ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، فإن
كتابه " السنن " يدل على ذلك، وبلغني أنه درس فقه الشافعي
على أبي سعيد الاصطخري، وقيل: على غيره، ومنها المعرفة
بالادب والشعر، حدثني حمزة بن محمد بن طاهر: أن الدار قطني
كان يحفظ ديوان السيد الحميري، فنسب لذا إلى التشيع (3).
قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كنا نمر إلى البغوي،
والدارقطني صبي يمشي خلفنا بيده رغيف عليه كامخ (4).
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": علم الاثر.
(2) في " تاريخ بغداد ": بعلوم.
(3) " تاريخ بغداد ": 12 / 34 - 35، وما بين حاصرتين منه.
(4) الكامخ: ما يؤتدم به، أو المخللات المشهية، وهو لفظ
معرب.
انظر: " المعرب " للجواليقي، و " اللسان " و " المعجم
الوسيط " مادة: كمخ.
[ * ]
(16/452)
قال الخطيب: حدثنا الازهري قال: بلغني أن الدارقطني حضر في
حداثته مجلس إسماعيل الصفار، فجعل ينسخ جزءا [ كان معه ]،
وإسماعيل يملي، فقال رجل: لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فقال
الدار قطني: فهمي للاملاء خلاف فهمك، كم تحفظ أملى الشيخ ؟
فقال: لا أحفظ، فقال الدارقطني: أملى ثمانية عشر حديثا،
الاول عن فلان عن فلان ومتنه كذا وكذا، والحديث الثاني عن
فلان عن فلان، ومتنه كذا وكذا.
ومر في ذلك حتى أتى على الاحاديث، فتعجب الناس منه أو كما
قال (1).
قال الحافظ أبو ذر الهروي: سمعت أن الدارقطني قرأ كتاب "
النسب " على مسلم العلوي، فقال له المعيطي الاديب بعد
القراءة: يا أبا الحسن، أنت أجرأ من خاصي الاسد، تقرأ مثل
هذا الكتاب مع ما فيه من الشعر والادب، فلا يؤخذ فيه عليك
لحنة ! وتعجب منه، هذه حكاها الخطيب عن الازهري، فقال مسلم
بن عبيدالله: وإنه كان يروي كتاب " النسب " عن الخضر بن
داود عن الزبير (2).
قال رجاء بن محمد المعدل: قلت للدارقطني: رأيت مثل نفسك ؟
فقال: قال الله: (فلا تزكوا أنفسكم) فألححت عليه، فقال: لم
أر أحدا جمع ما جمعت، رواها أبو ذر، والصوري، عن رجاء
المصري، وقال أبو ذر: قلت لابي عبد الله الحاكم: هل رأيت
مثل الدار قطني: فقال: هو ما رأى مثل نفسه، فكيف أنا ؟ !
(3).
وكان الحافظ عبد الغني الازدي، إذا حكى عن الدارقطني،
يقول:
__________
(1) الخبر بنحوه في " تاريخ بغداد ": 12 / 36، وما بين
حاصرتين منه.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 12 / 35.
(3) المصدر السابق.
[ * ]
(16/453)
قال أستاذي (1).
وقال الصوري: سمعت الحافظ عبد الغني، يقول: أحسن الناس
كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: ابن
المديني في وقته، وموسى بن هارون، - يعني: ابن الحمال - في
وقته، والدارقطني في وقته (2).
وقال القاضي أبو الطيب الطبري: كان الدارقطني أمير
المؤمنين في الحديث (3).
وقال الازهري: كان الدارقطني ذكيا، إذا ذكر (4) شيئا من
العلم أي نوع كان، وجد عنده منه نصيب وافر، لقد حدثني محمد
بن طلحة النعالي أنه حضر مع أبي الحسن دعوة عند بعض الناس
ليلة، فجرى شئ من ذكر الاكلة، فاندفع أبو الحسن يورد أخبار
الاكلة وحكاياتهم نوادرهم، حتى قطع أكثر ليلته بذلك، قال
الازهري، ورأيت ابن أبي الفوارس سأل الدارقطني عن علة حديث
أو اسم، فأجاب، ثم قال: يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب
من يعرف هذا غيري
قال القاضي أبو الطيب الطبري: حضرت الدارقطني وقد قرئت
الاحاديث التي جمعها في مس الذكر (5) عليه، فقال: لو كان
أحمد بن حنبل
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 36.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) في " تاريخ بغداد ": إذا ذوكر.
(5) هو حديث صحيح، أخرجه مالك في الموطأ 1 / 42، وعنه
الشافعي في الام 1 / 15، وأحمد 6 / 406، وأبو داود (181)
والنسائي 1 / 100، والترمذي (82) وبان ماجه (479) من حديث
بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
يقول: " إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ".
وصححه الترمذي وغير واحد من الائمة.
لكن يحمل الامر بالوضوء فيه على = [ * ]
(16/454)
حاضرا لاستفاد هذه الاحاديث (1).
وقال أبو بكر البرقاني: كان الدارقطني يملي علي العلل من
حفظه.
قلت: إن كان كتاب " العلل " الموجود، قد أملاه (2)
الدارقطني من حفظه، كما دلت عليه هذه الحكاية، فهذا أمر
عظيم، يقضى به للدارقطني أنه أحفظ أهل الدنيا، وإن كان قد
أملى بعضه من حفظه فهذا ممكن، وقد جمع قبله كتاب " العلل "
علي بن المديني حافظ زمانه.
قال رجاء بن محمد المعدل: كنا عند الدارقطني يوما والقارئ
يقرأ عليه وهو يتنفل (3)، فمر حديث فيه نسير بن ذعلوق،
فقال القارئ: بشير، فسبح الدار قطني، فقال: بشير، فسبح
فقال: يسير، فتلا الدارقطني: (ن والقلم) (4).
وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كنت عند الدارقطني وهو قائم
يتنفل،
فقرأ عليه أبو عبد الله بن الكاتب: عمرو بن شعيب، فقال:
عمرو بن سعيد، فسبح الدارقطني: فأعاد، وقال: ابن سعيد
ووقف، فتلا الدارقطني: (يا شعيب أصلاتك تأمرك) فقال ابن [
الكاتب ]: شعيب (5).
__________
= الندب لوجود الصارف عن الوجوب في حديث طلق بن علي أن
النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مس الرجل ذكره، فقال: "
هل هو إلا مضغة أو بضغة منه " وهو حديث صحيح أخرجه أحمد 4
/ 22 و 23، وأبو داود (182) والترمذي (85) والنسائي 1 /
38، وابن ماجه (483) وصححه ابن حبان (207).
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 18.
(2) في الاصل: " أملى ".
(3) أي: يصلي نافلة.
(4) " تاريخ بغداد ": 12 / 39.
(5) المصدر السابق.
[ * ]
(16/455)
قال أبو الحسن العتيقي: حضرت أبا الحسن، وجاءه أبو الحسين
البيضاوي بغريب ليقرأ له شيئا، فامتنع واعتل ببعض العلل،
فقال: هذا غريب، وسأله ان يملي عليه أحاديث، فأملى عليه
أبو الحسن من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على العشرين، متن
جميعها: " نعم الشئ الهدية أمام الحاجة " (1)، قال: فانصرف
الرجل، ثم جاءه بعد، وقد أهدى له شيئا، فقربه وأملى عليه
من حفظه سبعة عشر حديثا، متون جميعها: " إذا أتاكم كريم
قوم فأكرموه " (2).
قلت: هذه حكاية صحيحة، رواها الخطيب عن العتيقي، وهي دالة
على سعة حفظ هذا الامام، وعلى أنه لوح بطلب شئ، وهذا مذهب
لبعض
العلماء، ولعل الدار قطني كان إذ ذاك محتاجا، وكان يقبل
جوائز دعلج السجزي وطائفة، وكذا وصله الوزير ابن حنزابه
بجملة من الذهب لما خرج له المسند،
__________
(1) أخرجه الطبراني: 1 / 294 / 1 من طريق يحيى بن سعيد
العطار، عن يحيى بن العلاء، عن طلحة بن عبيد، عن الحسين بن
علي..ويحيى بن سعيد قال ابن حبان فيه: يروي الموضوعات عن
الاثبات، لا يجوز الاحتجاج به.
وشيخه فيه يحيى بن العلاء كذاب يضح الحديث.
وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان ": 2 / 75، والخطيب: 8
/ 166 من حديث عائشة، وفي سنده عند الاول عثمان بن
عبدالرحمن بن عمر بن سعد، قال ابن معين: كان يكذب، وقال
ابن المديني: ضعيف جدا، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي
والدارقطني: متروك، وفي سنده عند الثاني عمرو بن خالد
الاعمش، وهو كذاب وصفه بذلك غير واحد من الائمة، فالخبر
باطل.
(2) حديث حسن، رواه ابن ماجه من حديث ابن عمر، ورواه
البزار وابن خزيمة والطبراني وابن عدي والبيهقي عن جرير،
ورواه البزار عن أبي هريرة.
ورواه ابن عدي عن معاذ وأبي قتادة، ورواه الحاكم عن جابر،
ورواه الطبراني عن ابن عباس وعن عبد الله بن حمزة، ورواه
ابن عساكر عن أنس وعدي بن حاتم، ورواه الدولابي في " الكني
" وابن عساكر عن أبي راشد عبدالرحمن بن عبد.
انظر " الجامع الصغير " مع شرحه: 1 / 241، 242 والمقاصد
الحسنة ص 32.
[ * ]
(16/456)
قال الحاكم: دخل الدارقطني الشام ومصر على كبر السن، وحج
واستفاد وأفاد، ومصنفاته يطول ذكرها.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي فيما نقله عنه الحاكم: وقال:
شهدت بالله إن شيخنا الدارقطني لم يخلف على أديم الارض
مثله في معرفة حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة والتابعين
أتباعهم، قال: وتوفي يوم الخميس لثمان خلون من ذي القعدة
من سنة خمس وثمانين وثلاث مئة، وكذا أرخ الخطيب وفاته.
وقال الخطيب في ترجمته: حدثني أبو نصر علي بن هبة الله بن
ماكولا، قال: رأيت كأني أسأل عن حال الدارقطني في الآخرة،
فقيل لي: ذاك يدعى في الجنة الامام (1).
وصح عن الدارقطني أنه قال: ما شئ أبغض إلي من علم الكلام.
قلت: لم يدخل الرجل أبدا في علم الكلام ولا الجدال، ولا
خاض في ذلك، بل كان سلفيا، سمع هذا القول منه أبو عبد
الرحمن السلمي.
وقال الدارقطني: اختلف قوم من أهل بغداد، فقال قوم: عثمان
أفضل، وقال قوم: علي أفضل، فتحاكموا إلي، فأمسكت، وقلت:
الامساك خير، ثم لم أر لديني السكوت، وقلت للذي استفتاني:
ارجع إليهم، وقل لهم: أبو الحسن يقول: عثمان أفضل من علي
باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول
أهل السنة، وهو أول عقد يحل في الرفض.
قلت: ليس تفضيل علي برفض ولا هو ببدعة، بل قد ذهب إليه خلق
من الصحابة والتابعين، فكل من عثمان وعلي ذو فضل وسابقة
وجهاد، وهما
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 40.
[ * ]
(16/457)
متقاربان في العلم والجلالة، ولعلهما في الآخرة متساويان
في الدرجة، وهما من سادة الشهداء رضي الله عنهما، ولكن
جمهور الامة على ترجيح عثمان على الامام علي وإليه نذهب.
والخطب في ذلك يسير، والافضل
منهما بلا شك أبو بكر وعمر، من خالف في ذا فهو شيعي جلد،
ومن أبغض الشيخين واعتقد صحة إمامتهما فهو رافضي مقيت، ومن
سبهما واعتقد أنهما ليسا بإمامي هدى فهو من غلاة الرافضة،
أبعدهم الله.
قال الدارقطني: يقدم في " الموطأ " معن، وابن وهب،
والقعنبي، قال: وأبو مصعب: ثقة في " الموطأ ".
قال حمزة السهمي: سئل أبو الحسن: إذا حدث النسائي وابن
خزيمة بحديث، أيهما نقدم ؟ فقال: النسائي فإنه لم يكن
مثله، ولا أقدم عليه أحدا.
الرواية عنه: أخبرنا إسحاق إبراهيم بن علي، وجماعة إجازة
قالوا: أخبرنا داود ابن أحمد الوكيل، أخبرنا أبو الفضل
محمد بن عمر القاضي، أخبرنا عبد الصمد بن علي، أخبرنا علي
بن عمر الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز،
حدثني سريج بن يونس، حدثنا عبدالرحمن بن عبدالملك بن أبجر،
عن أبيه، عن واصل الاحدب، عن أبي وائل، قال: خطبنا عمار،
فأبلغ وأوجز، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
يقول: " إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته مئنة (1) من فقهه،
فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة ".
__________
(1) مئنة: وزان " مظنة " ومعناها.
[ * ]
(16/458)
أخرجه مسلم (1) عن سريج، فوافقناه بعلو.
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن عبدالرحمن الازدي سنة سبع مئة،
أخبرنا المسلم بن أحمد، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ،
أخبرنا أبو غالب أحمد بن
الحسن، أخبرنا عبد الصمد بن علي، أخبرنا علي بن عمر الدار
قطني، حدثنا محمد بن يحيى بن هارون الاسكاف، حدثنا إسحاق
بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن يونس بن عبيد، عن
عبدالرحمن بن عتبة، عن ابن مسعود، قال: ذكر عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم الصدقة، فقال: " إن من الصدقة أن تفك
الرقبة، وتعتق النسمة.
فقال رجل: يا رسول الله أليستا واحدة ؟ فقال: لا، عتقها أن
تعتقها، وفكاكها أن تعين في ثمنها.
قال: أرأيت إن لم استطع ذلك ؟ قال: تطعم جائعا، وتسقي
ظمآنا، قال: أرأيت إن لم أجد ؟ قال: تأمر بالمعروف، وتنهى
عن المنكر، قال: أرأيت إن لم أستطع ؟ قال: فكف إذا شرك، "
غريب تفرد به خالد الطحان (2).
أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام القاضي، وست الاهل بنت
علوان، قالا: أخبرنا عبدالرحيم بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا
عبد المغيث بن
__________
(1) برقم (869) في الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة.
وأخرجه أحمد 4 / 263 من طريق قريش بن إبراهيم، عن
عبدالرحمن بن عبدالملك بهذا الاسناد، وأخرجه الدارمي 1 /
365 من طريق العلاء بن عصيم الجعفي، عن عبدالرحمن.
(2) وهو ثقة ثبت أخرج حديثه الستة.
وفي الباب ما يشهد له عند أحمد 4 / 299 من طريقين، عن عيسى
بن عبدالرحمن البجلي، عن طلحة بن مصرف، عن عبدالرحمن بن
عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى
الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني
الجنة.
فقال: " لئن كنت أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة أعتق
النسمة، وفك الرقبة، فقال: يا رسول الله، أو ليستا بواحدة،
قال: لا، إن عتق النسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن
تعين في عتقها، والمنحة الوكوف، والفئ على ذي الرحم
الظالم، فإن لم تطق ذلك، فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر
المعروف، وانه من المنكر، فإن لم تطق ذلك فكشف لسانك إلا
من الخير " وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1209).
[ * ]
(16/459)
زهير، أخبرنا أحمد بن عبيدالله العكبري، أخبرنا أبو طالب
محمد بن علي الحربي، حدثنا علي بن عمر الحافظ: حدثنا ابن
صاعد، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن
محمد بن زياد، سمعت أبا أمامة، سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين
ألفا بغير حساب ولا عذاب، مع كل ألف سبعين ألفا وثلاث
حثيات من حثيات ربي عزوجل " (1)، وحدثنا ابن صاعد، حدثنا
محمد بن حرب بواسط، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل
نحوه.
وروى بقية، عن محمد بن زياد نحوه، فإسناده قوي قال الخطيب:
سألت البرقاني: هل كان أبو الحسن يملي عليك العلل من حفظه
؟ قال: نعم، أنا الذي جمعتها، وقرأها الناس من نسختي.
ولحمزة بن محمد بن طاهر (2) في الدارقطني: جعلناك فيما
بيننا ورسولنا * وسيطا فلم تظلم ولم تتحوب فأنت الذي لولاك
لم يعرف الورى * ولو جهدوا ما صادق من مكذب قلت: يقع
للدارقطني أحاديث رباعيات منها.
حدثنا البغوي، حدثنا طالوت، حدثنا فضال بن جبير، عن أبي
__________
(1) وأخرجه أحمد 5 / 268، والترمذي (2437) وابن ماجه
(4286) وابن أبي عاصم في السنة 1 / 261 من طرق عن إسماعيل
بن عياش وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منها.
وأخرجه أحمد 5 / 250، وابن أبي عاصم 1 / 260، 261، من
طريقين، عن صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر الخبائري، وأبي
اليمان الهوزني، عن أبي أمامة، وإسناده صحيح.
(2) البيتان في " تاريخ بغداد ": 12 / 39.
[ * ]
(16/460)
أمامة الباهلي، وكذا بينه وبين شعبة اثنان، وبينه وبين
الثوري كذلك.
333 - ابن الثلاج * الشيخ
المسند المحدث، أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن عبد الله
ابن إبراهيم البغدادي ابن الثلاج الشاهد، أصله من حلوان.
ولد سنة سبع وثلاث مئة.
وحدث عن البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد،
وخلق بعدهم، وكان مكثرا.
روى عنه أبو عبد الله الصيمري، وأبو العلاء محمد بن علي
الواسطي، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.
وليس بثقة.
قال التنوخي: قال لي: ما باع أحد من أسلافي ثلجا، وإنما
كان جدي مترفا، يجمع (1) له ثلجا كثيرا، فمر بعض الخلفاء
بحلوان، فطلب ثلجا.
فما وجده إلا عند جدي، فوقع منه بموقع، وقال: اطلبوا عبد
الله الثلاج.
فعرف به (2).
قال عبيدالله الازهري: كان ابن الثلاج يضع الحديث (3).
وقال الدارقطني: لا يشتغل به، يضع الاحاديث والاسانيد (4).
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 135 - 138، العبر: 3 / 34، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 65 / أ ميزان الاعتدال: 2 / 497
البداية والنهاية: 11 / 321، لسان الميزان: 3 / 350 - 351،
شذرات الذهب: 3 / 122.
(1) يعني: لنفسه.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 136.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 137.
(4) " تاريخ بغداد ": 10 / 136.
[ * ]
(16/461)
مات في ربيع الاول سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
334 - ابن المهندس * محدث مصر،
أبو بكر.
أحمد بن محمد بن إسماعيل البناء ابن المهندس.
سمع داود بن إبراهيم، ومحمد بن محمد بن النفاح، وأبا بشر
الدولابي، وأبا القاسم البغوي لقيه بمكة، ومحمد بن زبان،
وعلي بن قديد، وأبا عبيد بن حربويه.
وكان مكثرا، وأخطأ من قال: إنه سمع من النسائي.
روى عنه: عبد الغني الحافظ، ويحيى بن الحسين العفاص، وعبد
الله بن مسكين، وعبد الرحمن بن مظفر الكحال، وعدد كثير.
وانتقى عليه الحفاظ.
وكان ثقة خيرا تقيا.
عاش تسعين سنة.
توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
335 - ابن زولاق * *
الشيخ العلامة المحدث المؤرخ، أبو محمد، الحسن (1)، بن
__________
* العبر: 3 / 27 - 28، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 54 / أ،
حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 113.
* * معجم الادباء 7 / 225 - 230، وفيات الاعيان: 2 / 91 -
92، المختصر في أخبار البشر: 2 / 133، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 60 / ب، الوافي بالوفيات: 11 / 370، البداية
والنهاية: 11 / 321.
لسان الميزان: 2 / 191، حسن المحاضرة: 1 / 553 - 554،
أعيان الشيعة للعاملي: 20 / 431 - 435.
(1) في الاصل " الحسين " وهو تحريف، وسيذكر فيما بعد على
الصواب.
[ * ]
(16/462)
إبراهيم بن زولاق المصري، صاحب التصانيف.
مولده في في شعبان سنة ست وثلاث مئة.
وسمع من أبي جعفر الطحاوي فمن بعده، وقد ارتحل إلى دمشق،
وفات ابن عساكر أن يذكره في " تاريخه " قدمها سنة ثلاثين
وثلاث مئة، ولم تبلغني سيرته كما في النفس.
توفي في ذي القعدة سنة ست وثمانين وثلاث مئة، وله ثمانون
سنة.
وقيل: توفي سنة سبع وثمانين.
وهو حسن بن إبراهيم بن حسن بن الحسين بن علي بن خلف بن
زولاق الليثي (1) مولاهم [ المصري ] رحمه الله.
وكان جد أبيه من كبار العلماء.
وقال ابن خلكان: مات أبو محمد في الخامس والعشرين من ذي
القعدة سنة سبع (2).
336 - الريحاني * أبو عبد
الله، الحسين بن أحمد البصري الريحاني، نزيل بغداد.
حدث عن البغوي، وابن صاعد.
وعنه: الخلال، والعتيقي، وأبو طالب العشاري.
قال العتيقي: شيخ أمي (3)، أصوله صحاح، توفي سنة 387.
__________
(1) انظر اسمه ونسبه في " تاريخ ابن خلكان ": 2 / 91 - 92.
(2) أي: سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
" ابن خلكان ": 2 / 92.
* الاكمال لابن ماكولا: 4 / 233، تاريخ بغداد: 8 / 11 -
12، الانساب: 6 / 203، اللباب: 2 / 47.
(3) في " تاريخ بغداد ": كان شيخا أمينا.
[ * ]
(16/463)
337 - الكاتب * أبو عبد الله، الحسين بن محمد
بن سليمان البغدادي الكاتب.
سمع البغوي، وابن صاعد، وابن زياد.
وعنه أبو القاسم التنوخي، والعشاري، وأبو الحسين بن
المهتدي بالله شيخ صدوق.
لم تؤرخ وفاته.
338 - الاذني * * القاضي
المحدث، أبو الحسن، علي بن الحسين بن بندار بن عبد
الله بن خير الاذني.
سمع بدمشق من محمد بن خريم، ومحمد بن الفيض الغساني، وسعيد
بن عبد العزيز، وبحلب من علي بن عبدالحميد الغضائري،
وبحران من أبي عروبة، وبأنطاكية من الحسن بن أحمد بن فيل،
واستوطن مصر.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، ومكي بن علي الحمال، ويوسف ابن
رباح، وهبة الله بن إبراهيم الصواف، وعبد الملك بن مسكين،
وأحمد ابن سعيد بن نفيس المقرئ، وآخرون.
وما علمت به بأسا.
__________
* تاريخ بغداد: 8 / 101 - 102، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
64 / ب.
* * معجم البلدان: 1 / 133، العبر: 3 / 28، تاريخ الاسلام:
4 الورقة: 56 / ب، غاية النهاية: 1 / 533، حسن المحاضرة: 1
/ 370، شذرات الذهب: 3 / 116.
[ * ]
(16/464)
توفي في ربيع الاول سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
339 - الكسائي * الشيخ النحوي
البارع، أبو بكر، محمد بن إبراهيم بن يحيى
النيسابوري الكسائي.
تخرج بن جماعة في العربية، وروى صحيح مسلم، عن ابن سفيان،
رواه عنه: أبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، وذلك إسناد
ضعيف.
قال الحاكم: حدث ب " الصحيح " من كتاب جديد بخطه، فأنكرت
فعاتبني، فقلت: لو أخرجت أصلك وأخبرتني بالحديث على وجهه،
فقال: أحضرني أبي مجلس ابن سفيان الفقيه لسماع هذا الكتاب،
ولم أجد سماعي، فقال لي أبو أحمد الجلودي: قد كنت أرى أباك
يقيمك في المجلس تسمع وأنت تنام لصغرك، فاكتب الصحيح من
كتابي تنتفع به (1).
توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مئة ليلة الاضحى.
340 - الاودني * * العلامة شيخ
الشافعية أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن
بصير (2)
__________
* الانساب: 10 / 422 - 423، إنباه الرواة: 3 / 64، العبر:
3 / 30، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 58 / ب، ميزان الاعتدال:
3 / 450، لسان الميزان: 5 / 26 - 27، شذرات الذهب: 3 /
117.
(1) الخبر بنحوه في " أنساب السمعاني ": 10 / 422 - 423.
(2) في الاصل: نصير بالنون، وهو تصحيف، والتصحيح من مشتبه
المؤلف وغيره.
* * طبقات العبادي: 92، الاكمال لابن ماكولا: 1 / 320،
الانساب: 1 / 380 - 381، تبيين كذب المفتري: 198، معجم
البلدان: 1 / 277، اللباب: 1 / 92، تهذيب الاسماء واللغات:
2 / 191، وفيات الاعيان: 4 / 209 - 211، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 59 / أ العبر: 3 / 31، الوافي بالوفيات: 3 / 316،
طبقات السبكي: 3 / 182 - 183، = [ * ]
(16/465)
ابن ورقاء الاودني البخاري.
وأودن: من قرى بخارى بضم أوله، قاله السمعاني، وقال ابن
ماكولا وغيره: بالفتح (1).
سمع من: يعقوب بن يوسف العاصمي، والهيثم بن كليب الشاشي،
ومحمد بن صابر، وعبد المؤمن بن خلف.
وعنه: الحاكم، وأبو عبد الله الحليمي، وأبو عبد الله
غنجار، وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون.
كان إمام الشافعية في زمانه بما وراء النهر، وهو من أصحاب
الوجوه، وهو القائل: الربا حرام في كل شئ، فلا يجوز [ بيع
] مال بجنسه إلا متساويا (2).
قال الحاكم: كان رحمه الله من أزهد الفقهاء، وأعبدهم،
وأورعهم، وأبكاهم على تقصيره، وأشدهم إنابة وتواضعا.
توفي ببخاري في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاث مئة،
رحمه الله.
341 - الطرازي * الشيخ أبو
بكر، محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي
__________
= طبقات الاسنوي: 1 / 54 - 56، طبقات ابن هداية الله: 101،
شذرات الذهب: 3 / 118 - 119.
(1) انظر " الاكمال " 1 / 149، و " معجم البلدان " 1 /
277.
(2) انظر: " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 192، وما بين
حاصرتين منه.
* تاريخ بغداد: 3 / 225 - 227، الانساب: 8 / 224 - 225،
اللباب: 2 / 277 - = [ * ]
(16/466)
المقرئ، نزيل نيسابور.
سمع البغوي، وابن صاعد، ومحمد بن الحسين القطان، وعدة،
وتلا على ابن مجاهد.
وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وكان
عارفا بالعربية.
قال الحاكم: حدث من حفظه، فأخطأ.
وقال الخطيب: ذاهب الحديث.
توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مئة في ذي الحجة.
342 - جوهر * الامير الكبير،
قائد الجيوش، أبو الحسن، جوهر الرومي المعزي، من
نجباء الموالي.
قدم من جهة مولاه المعز في جيش عظيم في سنة ثمان وخمسين
وثلاث مئة، فاستولى على إقليم مصر وأكثر الشام، واختط
القاهرة، وبنى بها دار الملك، وكان عالي الهمة، نافذ
الامر، وتهيأ له أخذ البلاد بمكاتبة من أمراء مصر، قلت
عليهم الاموال، ولما وصلت كتائب العبيدية - وكانوا
__________
= 278، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 59 / أ، ميزان الاعتدال:
4 / 28، غاية النهاية: 2 / 237، لسان الميزان: 5 / 363.
* معجم البلدان: 4 / 301، الكامل لابن الاثير: 8 / 524،
525، 657، 659 و 9 / 90، وفيات الاعيان: 1 / 375 - 380،
العبر: 3 / 16، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 41 / ب، الوافي
بالوفيات: 11 / 224 - 226، البداية والنهاية: 11 / 310 -
311، النجوم الزاهرة: 4 / 28، وما بعدها، حسن المحاضرة: 1
/ 599، و 2 / 201، شذرات الذهب: 3 / 98 - 100، تهذيب ابن
عساكر: 3 / 419.
[ * ]
(16/467)
نحوا من مئة ألف - بعث إلى جوهر وجوه المصريين يطلبون
الامان وتقرير أملاكهم، فأجابهم، وكتب بذلك عهدا، واختلفت
كلمة الاخشيذية، ووقع حرب يسير.
وقيل: بل قتل خلق من الاخشيذية، وانهزم الباقون، ثم نفذوا
يطلبون أمانا، فأمنهم جوهر، ومنع جيشه من نهب الرعية،
وفتحت أسواق مصر، ثم دخل في هيئة الملوك، وعليه قباء
ديباج، فحفر لليلته أساس قصر الخلافة، وبعث إلى المعز
برؤوس القتلى، وقطعت الخطبة العباسية، وألبس الخطباء
البياض، وأذنوا بحي على خير العمل (1).
وكان جوهر هذا حسن السيرة في الرعايا، عاقلا أديبا، شجاعا،
مهيبا، لكنه على نحلة بني عبيد التي ظاهرها الرفض، وباطنها
الانحلال، وعموم جويشهم بربر وأهل زعارة وشر، لا سيما من
تزندق منهم، فكانوا في معنى الكفرة، فيا ما ذاق المسلمون
منهم من القتل، والنهب، وسبي الحريم، ولا سيما في أوائل
دولتهم، حتى إن أهل صور قاموا عليهم وقتلوا فيهم، فهربوا،
حتى إن أهل صور استنجدوا بنصارى الروم فجاؤوا في المراكب،
وكان أهل صور قد لحقهم من المغاربة من الظلم، والجور،
وأخذ الحريم من الحمامات والطرق أمر كبير.
وقد خرج على جوهر هفتكين التركي، فالتقاه فانهزم جوهر
وتحصن بعسقلان، فحاصره سبعة عشر شهرا.
ثم طلب الامان فأمنه، فذهب إلى مصر، ودخل بين يديه من
أحمال المال، ألف ومئتا صندوق.
ولقد كان المعز في زمانه أعظم بكثير من خلفاء بني العباس.
مات في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في " وفيات الاعيان ": 1 / 378 -
380.
[ * ]
(16/468)
343 - ابن مزدين * الامام شيخ الزهاد، أبو علي، أحمد بن
محمد
بن علي بن مزدين الصوفي النهاوندي القومساني.
حدث عن: أبي يعلى محمد بن زهير الابلي، وعلي بن عبد الله
بن مبشر الواسطي، وعبد الله بن أحمد بن عامر، وعبد الرحمن
بن حمدان الجلاب، وعدة.
وعنه: ابناه محمد وعثمان، ورافع بن محمد، وأبو نصر شعيب،
وجعفر بن محمد الابهري، ومحمد بن عيسى، وآخرون.
قال شيرويه: ثقة، شيخ الصوفية، ومقدمهم في الجبل، له آيات
وكرامات ظاهرة، وقبره بقرية انبط (1)، يزار.
قال جعفر بن محمد الابهري: كان من أولياء الله الذين
يتكلمون على السر، سمعته يقول: رأيت رب العزة في المنام
أيام القحط، فقال: يا أبا علي لا تشغل خاطرك، فإنك عيالي،
وعيالك عيالي، وأضيافك عيالي.
توفي سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
344 - الاسدي * * المعمر، أبو
إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي حماد
__________
* معجم البلدان: 4 / 414، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 63 /
ب.
(1) قال ياقوت: إنبط: بالكسر ثم السكون، بوزن إثمد، ويروى:
أنبط بوزن أحمد: من قرى همذان، بها قبر الزاهد أبي علي
أحمد بن محمد بن القومساني، " معجم البلدان ": 1 / 258.
* * تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 64 / ب.
[ * ]
(16/469)
الاسدي الابهري المالكي.
سمع من محمد بن عبد السمرقندي، وأحمد بن محمد بن ساكن
الزنجاني، ومحمد بن مسعود، وأحمد بن علي الجوزجاني.
روى عنه خلق من أهل همذان.
قال أبو يعلى الخليلي: فقيه عابد كبير المحل.
نيف على المئة.
345 - الحدادي * شيخ مرو،
القاضي الكبير، أبو الفضل، محمد بن الحسين بن محمد
ابن مهران المروزي الحدادي.
سمع عبد الله بن محمود المروزي السعدي، وأبا يزيد صاحب
تفسير إسحاق، وحماد بن أحمد القاضي، وأقرانهم.
قال الحاكم: كان شيخ أهل مرو في الحديث والفقه والتصوف
والفتيا.
مات في نصف صفر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، وقد ولي قضاء
نيسابور قبل الخمسين وثلاث مئة.
قلت: روى عنه الحاكم، وأهل مرو، وكان من أبناء التسعين
رحمه
الله.
روى محيي السنة في " معالم التنزيل " عن أصحاب الحاكم أبي
الفضل الحدادي.
__________
* الانساب: 4 / 73 - 74، اللباب: 1 / 346، مشتبه النسبة: 1
/ 144، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 73 / ب، تبصير المنتبه: 1
/ 308، والحدادي: نسبة إلى عمل الحديد.
[ * ]
(16/470)
346 - ابن الرومي * الزاهد العابد، أبو محمد، عبد الله بن
محمد
بن عبد الله بن الرومي النيسابوري الحيري، شيخ سعيد بن أبي
سعيد العيار.
وقع لي حديثه عاليا.
قال الحاكم في " تاريخه ": كان أبوه أبو عبد الله الرومي
محدثا مذكورا ثقة.
ثم إن أبا محمد كان من الصالحين المجتهدين في العبادة، إلا
أنه لم يقتصر على سماعاته في كتاب أبيه وزاد فيها، وكان
سماعه من أبي العباس السراج، فارتقى إلى ابن خزيمة.
توفي - رحمه الله - يوم الاثنين السادس عشر من شهر رمضان
سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، ودفن في مقبرة الحيرة.
347 - البوزجاني * * الاستاذ،
أبو الوفاء، محمد بن محمد بن يحيى البوزجاني
الحاسب، حامل لواء الهندسة.
وله عدة تصانيف مهذبة.
كان الكمال بن يونس (1)، يخضع له، ويعتمد كلامه.
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 92 / ب، ميزان الاعتدال: 2 /
498، لسان الميزان: 3 / 353.
* * الامتاع والمؤانسة: 1 / 2، 19، 41، الفهرست: 394 -
395، الكامل لابن الاثير: 9 / 137، وفيات الاعيان: 5 / 167
- 168، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 69 / ب، الوافي بالوفيات:
1 / 209.
(1) هو كمال الدين.
أبو الفتح، موسى بن أبي الفضل يونس بن محمد بن منبعة بن
مالك، فقيه شافعي، كان يدري أربعة وعشرين فنا دراية متقنة،
قال فيه أحد الشعراء: = [ * ]
(16/471)
مات سنة سبع وثمانين وثلاث مئة، وله تسع وخمسون سنة.
وبوزجان: بليدة بقرب هراة.
348 - أحمد بن منصور * ابن
ثابت، الامام الحافظ الجوال، أبو العباس الشيرازي،
ليس بأحمد بن منصور الطوسي، ذاك تقدم آنفا.
حدث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس، والقاسم بن القاسم
السياري، وأبي القاسم الطبراني، وأبي محمد الرامهرمزي،
وخلق.
وعنه: أبو نصر بن الاسماعيلي، والحاكم، وتمام الرازي،
وآخرون.
قال الحاكم: جمع من الحديث ما لم يجمعه أحد، وصار له
القبول بشيراز، بحيث يضرب به المثل.
وقال الدارقطني: أدخل هذا الشيرازي بمصر على شيوخ أحاديث
وأنا بمصر.
وقال يحيى بن مندة: بل الذي صنع ذلك آخر، اسمه باسم هذا.
وعن أحمد بن منصور الشيرازي، قال: كتبت عن الطبراني ثلاث
مئة ألف حديث.
__________
= وكان من العلوم بحيث يقضى * له في كل فن بالجميع انظر
ترجمته في " وفيات الاعيان ": 5 / 311 - 317.
* تذكرة الحفاظ: 3 / 1009 - 1010، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 45 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 158 - 159، الوافي
بالوفيات: 8 / 189، لسان الميزان: 1 / 313، طبقات الحفاظ:
400، شذرات الذهب: 3 / 96، و 103.
[ * ]
(16/472)
وقال الحسين بن أحمد الشيرازي: لما مات أحمد بن منصور
الحافظ، جاء إلى أبي رجل، فقال: رأيته في النوم وهو في
المحراب واقف بجامع شيراز، وعليه حلة وعلى رأسه تاج مكلل
بالجوهر، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي وأكرمني،
قلت: بماذا ؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
349 - الرقي * الحافظ المحدث
الجوال، أبو بكر محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي
المؤرخ، ويكنى أيضا أبا عبد الله.
حدث عن: أبي سعيد بن الاعرابي، وعبد الله بن عمر بن شوذب
الواسطي، وخيثمة الاطرابلسي.
وإسماعيل الصفار، وابن فارس الاصبهاني وعدة.
روى عنه: ابن جميع في " معجمه " وهو أكبر منه، وأحمد بن
الحسن الطيان، وعبد الغني الحافظ، وأبو العلاء الواسطي،
وعبد العزيز الازجي،
ومحمد بن عبدالرحمن بن أبي نصر الدمشقي.
اتهمه الخطيب في حديث رواه المسكين بإسناد الصحاح مرفوعا "
يجئ المحدثون يوم القيامة بأيديهم المحابر " (1)، فالحمل
فيه على هذا الرقي.
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 409 - 410، تذكرة الحفاظ: 3 / 1012 -
1013، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 40 / أ، ميزان الاعتدال: 4
/ 72 - 73، لسان الميزان: 5 / 436 - 437، طبقات الحفاظ:
401.
(1) وتمامه كما في " تاريخ بغداد ": 3 / 410: فيأمر الله
تعالى جبريل أن يأتيهم.
= [ * ]
(16/473)
توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
350 - الدممي * الشيخ المعمر،
أبو الحسن علي بن حسان بن القاسم الجدلي الدممي
(1)، آخر من حدث عن محمد بن عبد الله مطين.
روى عنه: أبو خازم محمد بن الفراء وأبو القاسم التنوخي،
وأبو عبد الله الصيمري، والقاضي أبو الحسن محمد بن إسحاق
القهستاني شيخ لابي صادق المديني.
قال أبو خازم: تكلموا فيه، توفي في آخر سنة ثلاث وثمامين
وثلاث مئة.
فإن صدق فقد قارب مئة عام.
351 - القواس * * الامام
القدوة الرباني، المحدث الثقة، أبو الفتح، يوسف بن عمر
بن مسرور البغدادي القواس.
وله سنة ثلاث مئة، وسمع أحمد بن المغلس، وعبد الله بن محمد
__________
= فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: من أنتم ؟ فيقولون: نحن
أصحاب الحديث.
فيقول الله تعالى: " ادخلوا الجنة على ما كان منكم طالما
كنتم تصلون على نبيي في دار الدنيا ".
قال الخطيب: هذا حديث موضوع، والحمل فيه على الرقي.
وقال الامام الذهبي في " الميزان " 4 / 73: وضع على
الطبراني حديثا باطلا في حشر العلماء بالمحابر.
* تاريخ بغداد: 11 / 422 - 423، الانساب: 5 / 339 - 340،
العبر: 3 / 23 - 24، شذرات الذهب: 3 / 105.
(1) بكسر الدال والميم، كما في الاصل، ومعجم البلدان،
وضبطه السمعاني: بكسر الدال وفتح الميم المشددة، وبعدها
ميم أخرى، وقال ابن الاثير والسيوطي: بكسر الدال، وفتح
الميم الاولى، وتشديد الميم الثانية.
* * تاريخ بغداد: 14 / 325 - 327، الانساب: 10 / 257 -
258، العبر: 3 / 31.
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 59 / ب، البداية والنهاية: 11 /
319، شذرات الذهب: 3 / 119.
[ * ]
(16/474)
البغوي، وأبا بكر بن أبي داود، ومحمد بن هارون الحضرمي،
وابن صاعد، وطبقتهم، فأكثر وجود.
حدث عنه: أبو محمد الخلال، وأبو الحسن العتيقي، وعبد
العزيز ابن علي الازجي، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو
الحسين بن المهتدي بالله، وخلق سواهم.
قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة زاهدا صادقا، أول سماعه في
سنة 316 (1).
سمعت علي بن محمد السمسار، يقول: ما أتيت أبا الفتح القواس
إلا وجدته يصلي، سمعت البرقاني والازهري ذكرا القواس،
فقالا: كان من
الابدال (2).
قال الازهري: وكان مجاب الدعوة (3).
وقال أبو ذر، سمعت الدارقطني يقول: كنا نتبرك بأبي الفتح
القواس وهو صبي.
وقال تمام بن محمد الزينبي وغيره: سمعنا القواس يذكر أنه
وجد في كتبه جزءا في فضائل معاوية قد قرضته الفأرة، فدعا
عليها.
فسقطت فأرة من السقف، واضطربت حتى ماتت، وروي عن أبي ذر
أنه حضر لما ماتت (4).
قال العتيقي: مات في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاث
مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 14 / 325 - 326.
(2) " تاريخ بغداد ": 14 / 326.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 14 / 327.
[ * ]
(16/475)
قال: وكان ثقة، مستجاب الدعوة، ما رأيت في معناه مثله (1).
أنبأني المسلم بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني،
أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني عبد الغفار الارموي، حدثني
أبو الحسن بن حميد، سمعت أبا ذر الهروي، يقول: كنت عند أبي
الفتح بن القواس، فأخرج جزءا فيه قرض فأر، فدعا الله على
الفأرة التي قرضته، فسقطت فأرة لم تزل تضطرب حتى ماتت.
ذكر أبو الفتح رحمه الله، أنه كان لا يكتب من لفظ
المستملي، بل من لفظ الشيخ، فقيل: إن رجلا، قال: رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد
السماع كأنه يسمعه مني فليسمعه كسماع أبي الفتح القواس.
أخبرنا المسلم بن علان في كتابه، أخبرنا زيد بن الحسن،
أخبرنا عبد الله بن أحمد اليوسفي، أخبرنا محمد بن علي
العباسي لفظا، حدثنا يوسف ابن عمر القواس إملاء، قال: قرئ
على أبي القاسم بن بنت منيع، وأنا أسمع، حدثكم محمد بن
حميد، حدثنا ابن المبارك، عن حرملة بن أبي عمران (2) عن
يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر،
عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " المؤمن يوم القيامة
في ظل صدقته " (3).
352 - زاهر بن أحمد * ابن محمد
بن عيسى، الامام العلامة، فقيه خراسان، شيخ القراء
__________
(1) المصدر السابق.
(2) في التهذيب وفروعه حرملة بن عمران، وكذلك هو في " صحيح
ابن حبان " والمستدرك وهو الصواب.
(3) وأخرجه أحمد 4 / 147 من طريق علي بن إسحاق عن عبد الله
بن المبارك بهذا الاسناد، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان
(817) والحاكم 1 / 416، ووافقه الذهبي.
* طبقات العبادي: 86، تبيين كذب المفتري: 206 - 207،
المنتظم: 7 / 206، = [ * ]
(16/476)
والمحدثين، أبو علي السرخسي.
ولد سنة أربع وتسعين ومئتين.
وسمع أبا لبيد محمد بن إدريس السامي، وأبا القاسم البغوي،
ويحيى بن صاعد، ومحمد بن المسيب الارغياني، ومحمد بن حفص
الجويني، ومؤمل بن الحسن الماسرجسي، وأبا يعلى محمد بن
زهير الابلي، وإبراهيم بن عبد الله العسكري الزبيبي، وعلي
بن عبد الله بن مبشر
الواسطي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، وأبا علي محمد
بن سليمان المالكي البصري، وعدة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو عثمان إسماعيل بن الصابوني، ومحمد
ابن أحمد بن محمد بن جعفر المزكي، وأبو عثمان سعيد بن محمد
البحيري، والقاضي أبو المظفر منصور بن إسماعيل بن أبي قرة
الحنفي، وكريمة المروزية المجاورة، وخلق سواهم.
وكان عنده " الموطأ " بفوت المساقاة والقراض عن الامير
إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي صاحب أبي مصعب الزبيري، وقد
أخذ علم الجدل والكلام عن أبي الحسن الاشعري.
قال الحاكم: هو أبو علي السرخي الشافعي، شيخ عصره بخراسان،
سمعت مناظرته في مجلس أبي بكر بن إسحاق الصبغي، وكان قد
قرأ على أبي بكر بن مجاهد، وتفقه عند أبي إسحاق المروزي،
ودرس الادب على أبي بكر بن الانباري، وكانت كتبه ترد علي
على الدوام.
__________
= العبر: 3 / 43، طبقات السبكي: 3 / 293 - 294، البداية
والنهاية: 11 / 326، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 /
288، النجوم الزاهرة: 4 / 200، طبقات ابن هداية الله: 105
- 106، شذرات الذهب: 3 / 131.
[ * ]
(16/477)
توفي في ربيع الآخرة سنة تسع وثمانين وثلاث مئة، وله ست
وتسعون سنة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالمعز بن محمد، أخبرنا
زاهر ابن طاهر، أخبرنا سعيد بن محمد البحيري، أخبرنا زاهر
بن أحمد، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا هدبة، حدثنا
همام، حدثنا قتادة، عن أنس، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لله أشد فرحا بتوبة
عبده من أحدكم يسقط على بعيره قد أضله بأرض فلاة " (1)،
أخرجاه عن هدبة بن خالد، فوافقناهما بعلو.
وبه عن أنس، عن معاذ بن جبل، قال: " كنت رديف النبي صلى
الله عليه وسلم، ليس بيني، وبينه إلا مؤخرة الرجل (2) "،
وذكر الحديث، أخرجاه في " صحيحهما " عن هدبة أيضا.
قال شيخ الاسلام: سمعت يحيى بن عمار، سمعت زاهر بن أحمد
وكان للمسلمين إماما يقول: نظرت في صير باب، فرأيت أبا
الحسن الاشعري يبول في البالوعة، فدخلت، فحانت الصلاة،
فقام يصلي، وما كان تمسح ولا توضأ، فذكرت الوضوء، فقال:
لست بمحدث.
قلت: لعله نسي.
353 - المخلص * الشيخ المحدث
المعمر الصدوق، أبو طاهر، محمد بن عبدالرحمن
__________
(1) البخاري (6309) في الدعوات: باب التوبة، ومسلم (2747)
في أول التوبة.
(2) البخاري (5967) في اللباس: باب إرداف الرجل خلف الرجل،
و (6267) في الاستئذان: باب من أجاب بلبيك وسعديك و (6500)
في الرقاق: باب من جاهد نفسه في طاعة الله، وأخرجه مسلم
(30) في الايمان: باب الدليل على ان من مات على التوحيد
دخل الجنة قطعا.
* تاريخ بغداد: 2 / 322 - 323، المنتظم: 7 / 225، اللباب:
3 / 181، العبر: = [ * ]
(16/478)
ابن العباس بن عبدالرحمن بن زكريا البغدادي الذهبي، مخلص
الذهب من الغش.
مولده في شوال سنة خمس وثلاث مئة.
وقال: أول سماعي في سنة اثنتي عشر وثلاث مئة.
سمع بعناية والده من: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي
داود، ويحيى بن صاعد، وأحمد بن سليمان الطوسي، ورضوان
الصيدلاني، وأبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، وأبي عمر
محمد بن يوسف القاضي، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الانماطي،
وأبي بكر بن زياد النيسابوري، وأحمد بن عبد الله بن سيف
السجستاني، وإبراهيم بن حماد، وعبد الواحد بن المهتدي،
وأبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول، وإسماعيل بن العباس،
والقاضي المحاملي، وأخيه أبي عبيد القاسم، وعدة.
حدث عنه: هبة الله بن الحسن اللالكائي، وأبو محمد الخلال،
وأبو سعد السمان، وأبو طالب المحسن بن شهفيروز الفقيه،
وإبراهيم بن محمد الشروي الفقيه، وعبد العزيز بن محمد بن
الحسين القطان، وأحمد بن محمد بن النقور، وعبد العزيز بن
علي الانماطي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وعلي بن أحمد
بن البسري، وأبو نصر محمد بن محمد الزينبي، وخلق كثير.
وانتقى عليه الحافظان أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر
البقال.
قال الخطيب: كان ثقة، مات في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاث
مئة.
__________
= 3 / 56، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 94 / أ، البداية
والنهاية: 11 / 333، النجوم الزاهرة: 4 / 208، شذرات
الذهب: 3 / 144، هدية العارفين: 2 / 57، الرسالة
المستطرفة: 90.
[ * ]
(16/479)
وفيها توفي أبو جعفر الابهري، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد
الطبري، وأبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري صاحب الصحاح،
والحافظ خلف بن
القاسم بن الدباغ الاندلسي، والطائع لله، ووزير الاندلس
الملك المنصور أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر،
وأبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي شاعر وقته، والسيد
محمد بن علي الهمذاني أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أخبرنا
محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيدالله المخلد (ح)
وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا عمر بن أحمد الزاهد، أخبرنا
هبة الله بن أحمد الشبلي، قالا: أخبرنا أبو نصر محمد بن
محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا عبد
الله ابن محمد البغوي، حدثنا عبد الجبار بن عصام، حدثنا
بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة،
عن عمرو بن عبسة، أنه حدثهم، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من أعتق رقبة مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن
شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة " (1).
رواه النسائي عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن الحارث، عن
عبد الحميد بن جعفر، عن أسود بن العلاء، عن مولى لسليمان
بن عبدالملك عن رجل، عن الصنابحي، عن عمرو بن عبسة، وروى
شطرة الثاني الترمذي (2)، عن الكوسج، عن حيوة، عن بقية بن
الوليد.
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 4 / 386 من طريق حيوة بن شريح
عن بقية بهذا الاسناد وقد صرح بقية بالتحديث عنده، فالسند
صحيح، وأخرج أبو داود الشطر الاول منه (3966) عن عبد
الوهاب بن نجدة حدثنا بقية، حدثنا صفوان بن عمرو، عن سليم
بن عامر، عن شرحبيل بن السمط، عن عمرو بن عبسة، وأخرجه
النسائي بتمامه وزيادة 6 / 26 في الجهاد من طريق عمرو بن
عثمان، عن سعيد بن كثير حدثنا بقية، عن صفوان بن عمرو به.
(2) برقم (1635) في الجهاد: باب ما جاء في فضل من شاب شيبة
في سبيل الله.
[ * ]
(16/480)
354 الكشاني * الشيخ المسند الصدوق، أبو علي إسماعيل بن
محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني السمرقندي.
آخر من روى " صحيح " البخاري عاليا، سمعه من أبي عبد الله
محمد ابن يوسف الفربري في سنة عشرين وثلاث مئة.
رواه عنه: أبو عبد الله الحسين بن محمد الخلال أخو الحسن
الحافظ، وأبو سهل أحمد بن علي الابيوردي، وأبو طاهر محمد
بن علي الشجاعي، وأبو عبد الله غنجار، وعمر بن أحمد بن
شاهين السمرقندي، وغيرهم.
قال أبو سعد الادريسي: توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
وقال المؤمن الساجي: سنة اثنتين وتسعين.
قلت: كان شيخا معمرا.
355 - الخفاف * * الشيخ الامام
الزاهد العابد، مسند خراسان، أبو الحسين، أحمد بن محمد
بن أحمد بن عمر النيسابوري الخفاف القنطري، ولد الشيخ أبي
نصر.
__________
) الاكمال لابن ماكولا: 7 / 185، الانساب: 4 / 11، و 10 /
431، معجم البلدان: 4 / 262، اللباب: 3 / 99، العبر: 3 /
52، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 84 / ب، مشتبه النسبة: 2 /
522، تبصير المنتبه: 3 / 1216، شذرات الذهب: 3 / 139،
والكشاني: ضبطت في الاصل بضم الكاف وفتح الشين المعجمة،
كما في " الانساب " وغيره وهي في " معجم ياقوت " بفتح
الكاف، وهذه النسبة إلى " كشانية " بلدة من بلاد الصغد
بنواحي سمرقند.
* * الانساب: 5 / 156 - 157، العبر: 3 / 58، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة 97 / ب، شذرات الذهب: 3 / 145.
[ * ]
(16/481)
قال أبو عبد الله الحاكم: كان مجاب الدعوة، سماعاته صحيحة
بخط أبيه من أبي العباس السراج وأقرانه، وبقي واحد عصره في
علو الاسناد.
قلت: حدث عنه الحاكم، وعبد الله بن محمد بن حسكويه، وأبو
القاسم القشيري، وأحمد بن عبدالرحيم الاسماعيلي، والسيد
علي بن محمد بن محمد الحسيني، وأبو المظفر محمد بن إسماعيل
الشجاعي، وأبو نصر الحسين بن أحمد الجريميني القاضي،
والفضل بن عبد الله بن المحب، وسعيد بن أبي سعيد العيار،
وعائشة بنت محمد البسطامي، وخلق سواهم.
وقع لنا جملة من عواليه.
قال الحاكم: مات في ربيع الاول سنة خمس وتسعين وثلاث مئة،
وله ثلاث وتسعون سنة.
وفيها توفي: أبو علي الحسن بن محمد بن درستويه الدمشقي أحد
الثقات من أصحاب محمد بن خريم، والمحدث أبو عثمان سعيد بن
نصر القرطبي، والفقيه المحدث أبو محمد عبد الله بن محمد بن
أسد الجهيني الطليطلي، والامام أبو القاسم عبد الوارث بن
سفيان القرطبي، وثلاثتهم من كبار شيوخ ابن عبد البر،
والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الاخميمي بمصر،
وأبو نصر محمد بن أحمد بن محمد الملاحمي، وحافظ الوقت أبو
عبد الله بن مندة، وأبو الحسين أحمد بن فارس الرازي
اللغوي، وأحمد بن القاسم بن عبدالرحمن التاهرتي البزاز
بقرطبة.
356 - الكتاني * الامام المقرئ
المحدث المعمر، أبو حفص، عمر بن إبراهيم بن
__________
* تاريخ بغداد: 11 / 269، الانساب: 10 / 352 - 353،
المنتظم: 7 / 211، العبر: = [ * ]
(16/482)
أحمد بن كثير البغدادي الكتاني.
ولد سنة ثلاث مئة.
وقرأ على ابن مجاهد، وسمع منه كتابه في السبع.
وسمع من: البغوي، وأبي سعيد العدوي، وأبي حامد الحضرمي،
وأبي محمد بن صاعد، وأبي بكر بن زياد، وأبي عمر محمد بن
يوسف القاضي، وأبي ذر أحمد بن الباغندي، وإسماعيل الوراق،
وعبد الوهاب ابن أبي حية، وأحمد بن إسحاق بن البهلول،
ومحمد بن منصور الشيعي، وجعفر بن محمد بن المغلس، وأبي
عبيد المحاملي، وأبي العباس بن عقدة، وخلق سواهم.
حدث عنه: أبو محمد الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو
الحسين ابن المهتدي بالله، وجابر بن ياسين، وأبو محمد بن
هزارمرد، وأبو الحسين بن النقور، وآخرون.
وقد تلا أيضا على زيد بن أبي بلال، وبكار بن أحمد، ومحمد
بن جعفر الحربي، وأبي الحسن بن ذؤابة وتصدر للاقراء
بمسجده.
تلا عليه: أحمد بن مسرور، وأبو علي الشرمقاني، وأبو الفضل
عبد الله بن أحمد بن الكوفي، وأبو الفوارس محمد بن العباس
الاواني شيخ للقلانسي.
قال الخطيب: هو ثقة.
توفي في رجب سنة تسعين وثلاث مئة، وله تسعون سنة.
__________
= 3 / 46، البداية والنهاية: 11 / 327، غاية النهاية في
طبقات القراء: 1 / 587 - 588، شذرات الذهب: 3 / 134.
[ * ]
(16/483)
قرأت على عمر بن عبد المنعم في سنة 693، عن زيد بن حسن،
أخبرنا عبدالرحمن بن محمد الشيباني، أخبرنا محمد بن علي
العباسي، حدثنا عمر بن إبراهيم إملاء، حدثنا محمد بن
هارون، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم
الاحول، عن أنس، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الصوم في السفر، فقال: " من أفطر فرخصة، ومن صام فالصوم
أفضل " (1).
357 - ابن حنزابة * الامام
الحافظ الثقة، الوزير الاكمل، أبو الفضل، جعفر ابن
الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن
بن الفرات البغدادي، نزيل مصر.
ولد ببغداد في ذي الحجة سنة ثمان وثلاث مئة.
ووزر أبوه للمقتدر عام مصرعه، ووزر عم أبيه الوزير الكبير
أبو الحسن علي بن محمد للمقتدر غير مرة، فقتل في سنة 332
(2).
ووزر أبو الفضل
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرج مالك 1 / 295، والبخاري 4 / 157،
ومسلم (1121) عن أنس بن مالك قال: سافرنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر، ولا
المفطر على الصائم.
وفي الباب عن عائشة، أن حمزة بن عمرو الاسلمي قال للنبي
صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر وكان كثير الصيام،
فقال: " إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر ".
* تاريخ بغداد: 7 / 234 - 235، معجم الادباء: 7 / 163 -
177، وفيات الاعيان: 1 / 346 - 350، تذكرة الحفاظ: 3 /
1022 - 1024، العبر: 3 / 49 - 50، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 84 / ب، فوات الوفيات: 1 / 292 - 294، الوافي
بالوفيات:
11 / 118 - 122، البداية والنهاية: 11 / 329، النجوم
الزاهرة: 4 / 203، حسن المحاضرة: 1 / 352 - 353، طبقات
الحفاظ: 405، شذرات الذهب: 3 / 135 - 136.
(2) انظر " الاعلام " للزركلي: 4 / 324 ففيه أنه قتل سنة
312، وعلي بن محمد هذا تقدمت ترجمته في الطبقة الثامنة
عشرة.
[ * ]
(16/484)
بمصر لكافور.
وحدث عن: أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، والحسن بن محمد
الداركي الاصبهاني، وأبي يعلى محمد بن زهير الابلي، ومحمد
بن حمزة بن عمارة الاصبهاني، وأبي بكر محمد بن جعفر
الخرائطي، ومحمد ابن سعيد الحمصي، وعدة.
قال الخطيب: وكان يذكر أنه سمع مجلسا من أبي القاسم
البغوي، ويقول: من جاءني به أغنيته.
وكان يملي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدارقطني إليها، فإن
ابن حنزابة كان يريد أن يصنف مسندا، فخرج الدارقطني إلى
مصر، وأقام عنده مدة، وحصل له منه مال كثير (1).
حدث عنه: الدارقطني، والحافظ أبو محمد عبد الغني المصري،
وطائفة.
ويعسر وقوع حديثه لنا، فإنه - حال أوان الرواية - كان علمه
كاسدا بمصر لمكان الدولة الاسماعيلية، وقيل: هو الذي
كاتبهم وجسرهم على المجئ لاخذ مصر، ثم ندم.
قال السلفي: كان ابن حنزابة من الحفاظ الثقات المتبجحين
بصحبة أصحاب الحديث، مع جلالة ورياسة، يروي ويملي بمصر في
حال وزارته، ولا يختار على العلم وصحبة أهله شيئا، وعندي
من أماليه، ومن
كلامه على الحديث وتصرفه الدال على حدة فهمه ووفور علمه.
وقد روى عنه حمزة بن محمد الكناني الحافظ مع تقدمه.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 234.
[ * ]
(16/485)
ونقل بعضهم أن ابن حنزابة بعد موت كافور وزر للملك أبي
الفوارس أحمد بن علي بن الاخشيذ، فقبض على جماعة من أرباب
الدولة، وصادرهم، وصادر يعقوب بن كلس الذي وزر، فأخذ منه
أربعة آلاف دينار، فهرب إلى المغرب، وتوصل وعظم قدره.
ثم إن ابن حنزابة لم يقدر على إرضاء الاخشيذية وماجب
الامور، فاختفى مرتين، ونهبت داره، ثم قدم أمير الرملة،
الحسن بن عبيدالله بن طغج، وتملك، وصادر ابن حنزابة وعذبه،
فنزح إلى الشام سنة ثمان وخمسين، ثم رجع (1).
قال الحسن بن أمد السبيعي: قدم علينا الوزير جعفر بن الفضل
إلى حلب، فتلقاه الناس، فكنت فيهم، فعرف أني محدث، فقال
لي: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة ؟ قلت: نعم، حديث
السائب بن يزيد، عن حويطب، عن عبد الله بن السعدي، عن عمر
رضي الله عنهم في العمالة (2) فعرف لي ذلك، وصار لي عنده
منزلة.
قيل: كان الوزير عنده عدة وراقين، وكان يستعمل بسمرقند
الكاغد، ويحمل إليه.
قلت: كاتب ابن حنزابة وعدة من الكبراء القائد جوهرا يطلبون
الامان، فأمنهم، ودخل في دست عظيم، فاستوزر ابن حنزابة
مرة.
قال عبد الله بن يوسف: كنت عند ابن المهلبي بمصر، فقال:
كنت حاضرا في دار الوزير ابن كلس، فدخل عليه أبو العباس
ولد الوزير أبي
الفضل بن حنزابة، وكان قد زوجه بابنته، فقال له: يا سيدي
ما أنا بأجل من
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان ": 1 / 347.
(2) تقدم تخريج الحديث في ترجمة السبيعي ص: 298.
[ * ]
(16/486)
أبيك، ولا بأفضل، أتدري ما أقعده خلف الناس ؟ شيل أنفه (1)
بأبيه، فلا تشل - يا أبا العباس - أنفك بأبيك.
تدري ما الاقبال ؟ نشاط وتواضع، والادبار كسل وترفع (2).
قيل: كان ابن حنزابة متعبدا، ثم يفطر ثم ينام، ثم ينهض في
الليل ويدخل بيت مصلاة فيصف قدميه إلى الفجر.
قال المسبحي: لما غسل ابن حنزابة جعل فيه ثلاث شعرات من
شعر النبي صلى الله عليه وسلم كان أخذها بمال عظيم (3).
وحنزابة (4): جارية هي والدة الفضل الوزير، وفي اللغة:
الحنزابة: هي القصيرة السمينة.
قال ابن طاهر: رأيت عند الحبال كثيرا من الاجزاء التي خرجت
لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء الموفي ألفا من مسند كذا،
والجزء الموفي خمس مئة من مسند كذا، وكذا سائر المسندات.
ولم يزل ينفق في البر والمعروف الاموال، وأنفق كثيرا على
أهل الحرمين إلى أن اشترى دارا أقرب شئ إلى الحجرة
النبوية، وأوصى أن يدفن فيها، وأرضى الاشراف بالذهب.
فلما حمل تابوته من مصر تلقوه ودفن في تلك الدار (5).
توفي في ثالث عشر ربيع الاول سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
__________
(1) كناية عن تكبره وتعاظمه.
(2) الخبر بنحوه في " معجم الادباء ": 7 / 173 - 174.
(3) الخبر في " فوات الوفيات ": 1 / 293.
(4) انظر ضبط هذه اللفظة وأصل التسمية في " وفيات الاعيان
": 1 / 349، و " معجم الادباء " 7 / 164.
(5) " معجم الادباء ": 7 / 169 - 170، وانظر حول مكان دفنه
ما كتبه ابن خلكان: 1 / 349 - 350.
[ * ]
(16/487)
ولم أظفر بحديث من رواية ابن حنزابة بعد.
وفيها مات أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق بمصر، وأبو
بكر أحمد بن يوسف بن واضح الخشاب بأصبهان، وأبو علي بن
حاجب الكشاني، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج
الشاعر، وأبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي شيخ
الظاهرية ببغداد، و أبو القاسم عيسى بن علي الوزير، وصاحب
الموصل حسام الدولة مقلد بن المسيب العقيلي، والمؤمل بن
أحمد الشيباني.
358 - النعيمي * الامام
المسند، أبو حامد، أحمد بن عبد الله بن نعيم بن
الخليل النعيمي السرخسي، نزيل هراة.
راوي " الصحيح " عن محمد بن يوسف الفربري، وسمع أيضا أبا
العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي، والحسين بن محمد بن
مصعب، وإبراهيم بن حمدويه السلمي، وأحمد بن إسحاق بن مزيز
السرخسي بفتح الميم، وجماعة.
حدث عنه: أبو يعقوب القراب، وأبو الفتح بن أبي الفوارس،
وأبو بكر البرقاني، وأبو حازم العبدوي، وأبو منصور
الكرابيسي، وأبو عمر عبد
الواحد بن أحمد المليحي، وآخرون.
مات بهراة في ربيع الاول سنة ست وثمانين وثلاث مئة، وهوفي
عشر التسعين.
__________
* اللباب: 3 / 318، العبر: 3 / 31 - 32، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 60 / أ، الوافي بالوفيات: 7 / 111، النجوم
الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب: 3 / 119.
[ * ]
(16/488)
359 - ابن عبدان * الامام الحافظ، المعمر الثقة، أبو بكر،
أحمد بن عبدان
بن محمد ابن الفرج الشيرازي، شيخ الاهواز، ومسند الوقت.
حدث عن: محمد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البغوي، وابن
صاعد، وابن أبي داود، وبكر بن أحمد الزهري، وأحمد بن محمد
السكن، وعدة.
وعنه: حمزة السهمي، وإسماعيل بن محمد الجيرفتي (1)،
والقاضي علي بن عبيدالله الكسائي، وأبو الحسن بن صخر، وعبد
الوهاب الغندجاني، أخذ عنه " تاريخ البخاري الكبير ".
وكان يلقب بالباز الابيض، سأله حمزة بن يوسف عن الجرح
والتعديل والعلل.
مولده في سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
وتوفي في صفر سنة ثمان وثلاث مئة عن خمس وتسعين سنة.
سكن شيراز مدة، ثم الاهواز ثلاثين عاما.
وكان موصوفا بالحفظ، ضيع نفسه بإقامته في جبل الاهواز.
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 990 - 991، العبر: 3 / 38، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة:
70 / أ، الوافي بالوفيات: 7 / 166، طبقات الحفاظ: 392،
شذرات الذهب: 3 / 127، الرسالة المستطرفة: 30.
(1) الجيرفتي: هذه النسبة إلى " جيرفت " وهي إحدى بلاد
كرمان، قيدها السمعاني بضم الراء، وقال ياقوت: بفتحها.
انظر " الانساب ": 3 / 408، و " معجم البلدان ": 2 / 198.
[ * ]
(16/489)
360 - حفيد ابن خزيمة * الشيخ الجليل المحدث، أبو طاهر،
محمد بن الفضل
بن محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري.
سمع من جده إمام الائمة فأكثر، ومن أبي العباس السراج،
وأحمد بن محمد الماسرجسي، وطبقتهم.
حدث عنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي،
وأبو بكر محمد بن عبدالرحمن، ومحمد بن محمد بن يحيى، وأبو
سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن
علي المقرئ، وجماعة.
قال الحاكم: عقدت له مجلس التحديث في سنة ثمان وستين وثلاث
مئة، ودخلت بيت كتب جده، وأخرجت لها منها مئتين وخمسين
جزءا من سماعاته الصحيحة، وانتقيت له عشرة أجزاء، وقلت له:
دع الاصول عندي صيانة لها، فأبي وأخذها وفرقها على الناس،
وذهبت ومد يده إلى كتب غيره فقر منها، ثم إنه مرض وتغير
بزوال عقله في سنة أربع وثمانين، ثم أتيته بعد للرواية،
فوجدته لا يعقل.
قال: وتوفي في جمادى الاولى سنة سبع وثمانين وثلاث مئة،
ودفن في دار جده.
قلت: ما أراهم سمعوا منه إلا في حال وعيه، فإن من زال عقله
كيف يمكن السماع منه ؟ بخلاف من تغير ونسي وانهرم.
__________
* العبر: 3 / 37، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 69 / أ، ميزان
الاعتدال: 4 / 9، لسان الميزان: 5 / 341 - 342، شذرات
الذهب: 3 / 126.
[ * ]
(16/490)
أخبرنا ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو
سعد المقرئ، أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة، أخبرنا جدي أبو
بكر، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا
العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة،
كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر " (1).
361 - الكشميهني * المحدث
الثقة، أبو الهيثم، محمد بن مكي بن محمد بن مكي بن
زراع بن هارون المروزي الكشميهني.
حدث ب " صحيح " البخاري مرات عن أبي عبد الله الفربري،
وحدث عن [ عبد الله بن ] (2) محمد بن إبراهيم بن يزيد
المروزي الداعوني، ومحمد بن أحمد بن عاصم، وإسماعيل بن
محمد الصفار، وغيرهم.
حدث عنه: أبو ذر الهروي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري،
وأبو الخير محمد بن أبي عمران الصفار، وأبو سهل محمد بن
أحمد الحفصي، وكريمة المروزية المجاورة، وآخرون.
وكان صدوقا.
__________
(1) هو في صحيح ابن خزيمة برقم (314).
وأخرجه مسلم (233) في الطهارة: باب الصلوات الخمس والجمعة
إلى الجمعة.
من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة بن
سعيد، وعلي بن حجر، ثلاثتهم عن إسماعيل بهذا الاسناد.
وأخرجه الترمذي (1 / 214) باب في فضل الصلوات الخمس، من
طريق علي بن حجر، عن اسماعيل بهذا الاسناد.
وهو في " المسند " 2 / 229، 359، و 400، و 414.
* الانساب: 10 / 437 - 438، اللباب: 3 / 99 - 100، العبر 3
/ 44 - 45، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 77 / أ، شذرات الذهب:
3 / 132.
(2) زيادة من " اللباب ": 1 / 485، و " المشتبه ": ص 330.
[ * ]
(16/491)
مات في يوم عرفه سنة تسع وثمانين وثلاث مئة.
362 - المستملي * الامام
المحدث الرحال الصادق، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن
إبراهيم بن أحمد بن داود البلخي المستملي، راوي "
الصحيح " عن الفربري.
لم تبلغني أخباره مفصلة.
حدث عنه: أبو ذر عبد بن أحمد، وعبد الرحمن بن عبد الله بن
خالد الهمداني بالاندلس، والحافظ أحمد بن محمد بن العباس
البلخي.
وكان سماعه للصحيح في سنة أربع عشرة وثلاث مئة.
قال أبو ذر: كان من الثقات المتقنين ببلخ، طوف وسمع
الكثير، وخرج لنفسه معجما.
توفي سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
363 - ابن حمويه * * الامام
المحدث الصدوق المسند، أبو محمد، عبد الله بن أحمد
بن حمويه بن يوسف بن أعين، خطيب سرخس.
سمع في سنة ست عشرة وثلاث مئة " الصحيح " من أبي عبد الله
الفربري، وسمع " المسند الكبير " و " التفسير " لعبد بن
حميد من إبراهيم بن خزيم الشاشي، وسمع " مسند الدارمي " من
عيسى بن عمر السمرقندي، عنه.
__________
* العبر: 3 / 1، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 20 / ب، النجوم
الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 86، هدية العارفين: 1
/ 6 - 7.
* * العبر: 3 / 17، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 42 / ب،
مشتبه النسبة: 1 / 250، تبصير المنتبه: 2 / 515، النجوم
الزاهرة: 4 / 161، شذرات الذهب: 3 / 100.
[ * ]
(16/492)
حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، والحافظ أبو يعقوب إسحاق
ابن إبراهيم القراب، ومحمد بن عبد الصمد الترابي المروزي،
وعلي بن عبد الله الهروي، ومحمد بن أحمد بن محمد بن محمود،
وأبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي، وآخرون.
قال أبو ذر: قرأت [ عليه ] (1) وهو ثقة، صاحب أصول حسان.
قلت: له جزء مفرد، عد فيه أبواب " الصحيح " وما في كل باب
من الاحاديث فأورد ذلك الشيخ محيي الدين النواوي في أول
شرحه لصحيح البخاري.
وقد بقي حديثه يروى عاليا في سنة ثلاثين وسبع مئة عند أبي
العباس الحجار.
مولده في سنة ثلاث وتسعين ومئتين.
وقال أبو يعقوب القراب: توفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة
سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
364 - الجوزقي * الامام الحافظ
المجود البارع أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد
بن زكريا الشيباني الخراساني الجوزقي المعدل
مفيد الجماعة بنيسابور، وصاحب " الصحيح " المخرج على كتاب
مسلم.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
* الانساب: 3 / 365 - 366، معجم البلدان: 2 / 184، اللباب:
1 / 309، العبر: 3 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 1013 - 1014،
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 74 / أ، الوافي بالوفيات: 3 /
316، طبقات السبكي: 3 / 184 - 185، النجوم الزاهرة: 4 /
199، طبقات الحفاظ: 401، شذرات الذهب: 3 / 129 - 130،
الرسالة المستطرفة: 27.
[ * ]
(16/493)
حرص عليه خاله أبو إسحاق المزكي، وسمعه من أبي العباس
السراج أحاديث، ومن أبي نعيم بن عدي، وأبي العباس الدغولي،
ومكي بن عبدان، وأبي حامد بن الشرقي، وفي رحلته من ابن
الاعرابي، وإسماعيل الصفار، وأبي حاتم الوسقندي (1)، وخلق.
وبرع في هذا الشأن وصنف التصانيف قال الحاكم: انتقيت عليه
عشرين جزءا، ثم ظهر سماعه من السراج.
قلت: حدث عنه: الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وأبو عثمان
البحيري، ومحمد بن علي الخشاب، وسعيد العيار، وأحمد بن
منصور المغربي، وآخرون.
وجوزق: من قرى نيسابور.
وله كتاب " المتفق الكبير " يكون ثلاث مئة جزء، رواه عنه
شيخ الاسلام أبو عثمان الصابوني.
وكان يقول - فيما يروى عنه -: أنفقت في طلب الحديث مئة ألف
درهم، ما كسبت به درهما.
وله أربعون سمعناها.
قال الحاكم: مات في شوال سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
وله اثنتان وثمانون سنة.
وفيها مات أبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، وأبو عبد الله
بن بكير،
__________
(1) الوسقندي: هذه النسبة إلى " وسقند " من قرى الري، وأبو
حاتم هذا هو محمد بن عيسى بن محمد بن سعيد الوسقندي الرازي
الثقة، توفي سنة 341 ه، انظر " معجم البلدان ": 5 / 376.
[ * ]
(16/494)
وأبو سليمان الخطابي، وشافع بن محمد بن أبي عوانة، وأبو
الفضل عبيدالله ابن محمد الفامي، وعمر بن عراك المقرئ،
وأبو الفرج الشنبوذي، وأبو علي محمد بن الحسن بن المظفر
الحاتمي اللغوي الكاتب، وأبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي
بمرو، وأبو بكر محمد بن علي الادفوي المفسر، وأبو يعقوب
يوسف بن الدخيل بمكة.
365 - ابن الفرات * الامام
الحافظ البارع المجود، أبو الحسن، محمد بن العباس
بن أحمد بن محمد بن الفرات البغدادي.
سمع أبا عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبا جعفر بن
البختري، وخلقا كثيرا، وجمع فأوعى.
وعنه: أحمد بن علي البادي، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة،
وإبراهيم بن عمر البرمكي، وآخرون.
قال جعفر السراج: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: أبو الحسن بن
الفرات غاية في ضبطه، حجة في نقله.
وقال الخطيب: بلغني أنه كان عند ابن الفرات عن الواعظ علي
بن محمد المصري وحده ألف جزء، وأنه كتب مئة تفسير، ومئة
تاريخ.
وحدثني الازهري أن ابن الفرات خلف ثمانية عشر صندوقا
مملوءا كتبا،
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 122 - 123، اللباب: 2 / 414 - 415،
تذكرة الحفاظ: 3 / 1015، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 53 / أ،
الوافي بالوفيات: 3 / 196، البداية والنهاية: 11 / 314،
النجوم الزاهرة: 4 / 168، طبقات الحفاظ: 402، شذرات الذهب:
3 / 110.
[ * ]
(16/495)
أكثرها بخطه، ثم قال: وكتابه هو الحجة في صحة النقل، وجودة
الضبط.
ولم يزل يسمع إلى أن مات.
وقال لي العتيقي: هو ثقة مأمون، ما رأيت أحسن قراءة للحديث
منه (1).
مات ابن الفرات في شوال سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، وقد
قارب السبعين.
ابن حماد * الحافظ، محدث الكوفة، ابو الحسن، محمد بن أحمد
بن حماد بن سفيان الكوفي، روى عن: عبد الله بن زيدان
البجلي، وعلي بن العباس المقانعي، ومحمد بن دليل.
روى عنه: أبو العلاء الواسطي، وأبو ذر الهروي، وأبو الحسن
العتيقي، وعدة، ارتحلوا إليه.
توفي سنة أربع وثمانين أيضا.
366 - ابن المزكي * * الامام
القدوة الرباني، أبو حامد، أحمد بن الشيخ المزكي أبي إسحاق
إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري.
ولد سنة بضع وعشرين وثلاث مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 122 - 123.
* تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (324).
* * تاريخ بغداد: 4 / 20 - 21، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
60 / أ، البداية والنهاية: 11 / 319.
[ * ]
(16/496)
وأجاز له العباس الدغولي الحافظ بخطه يده، قال الحاكم،
وسمع من محمد بن الحسين القطان، وحج فسمع من ابن الاعرابي،
وببغداد من محمد بن البختري، وإسماعيل الصفار.
ذكره الخطيب، وقال: سمع بالري من أبي حاتم الوسقندي.
معروف بالعبادة، استملى عليه أبو بكر بن إسماعيل الوراق،
وهو أكبر منه.
حدث عنه محمد بن طلحة النعالي والازهري، وأبو العلاء
الواسطي (1).
قلت: وجعفر الابهري بهمذان، وأحمد بن عبدالرحمن بن سعدويه،
وأبو سعد الكنجروذي.
وحدث عنه من القدماء والده، وأبو الحسين محمد بن المظفر،
وحضر مجالسه القضاة والاشراف.
قال الحاكم: خرجت له " الفوائد " ومولده في سنة ثلاث
وعشرين.
قال: وتوفي في شعبان سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
وصحبته ببغداد وطريق مكة، وعندي أن الملائكة لم تكتب عليه
خطيئة.
وكان عابدا مجتهدا، صام الدهر نيفا وعشرين سنة.
أخوه وهو الاسن العابد الصادق، أبو الحسن:
367 - عبدالرحمن بن إبراهيم
المزكي * سمع أبا حامد بن الشرقي، وأبا حامد بن
بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وإسماعيل الصفار، ومحمد بن
عمر بن حفص، والاصم.
وخرجت له العوالي.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 20 - 21.
* تاريخ بغداد: 10 / 302، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 104 /
أ، طبقات السبكي: 3 / 323.
[ * ]
(16/497)
قال الحاكم: كان من عقلاء الرجال والعباد.
وقال الخطيب: كان ثقة.
حدثنا عنه محمد بن طلحة.
قلت: وروى عنه الحاكم، وعمر بن أحمد الجوري، وأحمد بن
منصور المغربي.
وحدث ببغداد.
ورخ الحاكم موته في شعبان سنة سبع وتسعين وثلاث مئة.
وسيأتي أخواهما يحيى ومحمد.
368 - ابن حمشاذ * العلامة
الزاهد، أبو منصور، محمد بن عبد الله بن محمد بن
حمشاذ النيسابوري الشافعي.
سمع أبا حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين بن القطان، وارتحل
فسمع من أبي جعفر الرزاز، وإسماعيل الصفار.
وتفقه وبرع، وأتقن علم الجدل والكلام والنظر، وأخذ النحو
عن أبي عمر الزاهد، ودخل إلى اليمن، وتخرج به الاصحاب.
وكان عابدا، متألها، واعظا، مجاب الدعوة، كثير التصانيف.
منقبضا عن أبناء الدنيا.
بالغ في تقريظه الحاكم، وقال: ظهر له من مصنفاته أكثر من
ثلاث مئة كتاب مصنف، وظهر لنا في غير شئ، أنه مجاب الدعوة.
__________
* طبقات العبادي: 77، تبيين كذب المفتري: 199، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 74 / أ، الوافي بالوفيات: 3 / 317،
طبقات السبكي: 3 / 179 - 181.
[ * ]
(16/498)
تفقه على أبي الوليد [ النيسابوري ] (1)، وبالعراق على ابن
أبي هريرة.
ومات في يوم الجمعة، في رجب سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة،
عن اثنتين وسبعين سنة.
369 - الحاتمي * إمام اللغة
والادب، أبو علي، محمد بن الحسين بن المظفر
البغدادي الكاتب.
أخذ عن أبي عمر الزاهد، وجماعة.
وله " الرسالة الحاتمية " (2) فيها ما جرى بينه وبين
المتنبي من إظهار سرقاته وعيوب شعره وحمقه وتيهه، فذكر أنه
ذهب إليه وتحامق عليه، ثم قال: ما خبرك ؟ فقلت: بخير لولا
ما جنيته على نفسي من قصدك، ووسمت به قدري من ميسم الذل
بزيارتك، يا هذا أبن لي مم تيهك وخيلاؤك ؟ وما أوجب ذلك ؟
أها هنا نسب علقت بأذياله، أو سلطان تسلطت بعزه، أو علم
يشار إليك به ؟ فلو قدرت نفسك بقدرها لما عدوت أن تكون
شاعرا
__________
(1) هذه الزيادة من " طبقات السبكي ".
* الامتاع والمؤانسة: 1 / 135، يتيمة الدهر: 3 / 103 -
106، تاريخ بغداد:
2 / 214، الانساب: 4 / 8 - 9، المنتظم: 7 / 205، معجم
الادباء: 18 / 154 - 179، إنباه الرواة: 3 / 103 - 104،
المحمدون: 230، اللباب: 1 / 326، وفيات الاعيان: 4 / 362 -
367، المختصر في أخبار البشر: 2 / 134، العبر: 3 / 40 -
41، تلخيص ابن مكتوم: 201، الوافي بالوفيات: 2 / 343 -
344، بغية الوعاة: 1 / 87 - 89، شذرات الذهب: 3 / 129،
روضات الجنات: 616 - 617.
(2) هي الموسومة بالرسالة الموضحة في ذكر سرقات أبي الطيب
المنتبي وساقط شعره طبعت في بيروت سنة 1965 بتحقيق الدكتور
محمد يوسف نجم.
[ * ]
(16/499)
مكتسبا، فامتقع لونه، ولان في الاعتذار، وكرر الايمان أنه
لم يثبتني، ولا اعتمد التقصير بي (1)، وذكر فصلا طويلا في
المعنى، وناظره في الشعر.
مات في ربيع الاول سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
وحاتم كان بعض جدوده.
370 - الملك سبكتكين * صاحب
بلخ وغزنة وغير ذلك.
مات في شعبان سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
كانت دولته نحوا من عشرين سنة، وكان فيه عدل وشجاعة ونبل
مع عسف، وكونه كراميا (2)، ولما أخذ طوس أخرب مشهد الرضا،
وقتل من يزوره، فلما تملك ابنه محمود، رأي في النوم عليا
رضي الله عنه، وهو يقول: إلى كم هذا ؟ فبنى المشهد ورد
أوقافه إليه، عهد بالمملكة بعده إلى ابنه إسماعيل، ولم
يقدم محمودا وهو كان الاسن، فتحارب الاخوان، وانهزم
إسماعيل، فتحصن بقلعة غزنة، ثم إنه نزل بالامان إلى أخيه
بعد أشهر، فأمنه وتمكن محمود.
__________
(1) عن الرسالة الموضحة 10، 11 بتصرف.
* المنتظم: 7 / 76 - 79، الكامل لابن الاثير: 8 / 479،
487، 509، 511، 629 - 637، وفيات الاعيان: 5 / 175، ضمن
ترجمة ولده محمود بن سبكتكبين: المختصر في أخبار البشر: 2
/ 113، 117، 133، العبر: 2 / 33، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
64 / ب.
دول الاسلام: 1 / 225، عيون التواريخ: 11 الورقة: 235،
البداية والنهاية: 11 / 282، النجوم الزاهرة: 4 / 108،
شذرات الذهب: 3 / 48.
(2) الكرامية: هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، أصله
من سجستان، جاور بمكة خمس سنين ثم ورد نيسابور، أحدث مذهبا
تبعه عليه عالم لا يحصون بنيسابور وهراة ونواحيها، ومذهبه
هذا مشهور في التشبيه والتجسيم، انظر " الملل والنحل ": 1
/ 108، و " الفرق بين الفرق " ص 131.
[ * ]
(16/500)
ومات في العام عدة ملوك: منهم الملك فخر الدولة علي (1) بن
الملك ركن الدولة بن بويه صاحب عراق العجم الذي وزر له
الصاحب إسماعيل بن عباد، وملكوا بعده ابنه مجد الدولة أبا
طالب رستم، وله أربع سنين.
وفي سنة ثمان، قتل صمصام الدولة الملك ابن عضد الدولة، وله
ست وثلاثون سنة، تملك مدة ثم زال ملكه، وأخذ فسملت عيناه،
وحبس ثم أخرج بعد مدة، وهو أعمى، فملكوه بفارس أعواما ثم
قتل.
وفي سنة إحدى وتسعين قتل صاحب الموصل وأخو صاحبها الملك
حسام الدولة مقلد (2) بن المسيب بن رافع العقيلي، وكانت
دولته خمسة أعوام، وتملك بعده ابنة قرواش (3) فتمكن وحارب
بني بويه.
371 - المأموني * شاعر زمانه،
الاديب الاوحد، أبو طالب (4)، عبد السلام بن الحسين
المأموني، من ذرية المأمون الخليفة.
استوفى أخباره ابن النجار، فقال: بديع النظم، مدح الملوك
والوزراء، وامتدح الصاحب ابن عباد فأكرمه، فحسده ندماء
الصاحب وشعراؤه، فرموه بالباطل، وقالوا: إنه دعي، وقالوا
فيه: ناصبي، ورموه بأنه هجا الصاحب، فذلك يقول ليسافر (5):
__________
(1) انظر " عبر الذهبي " 3 / 35 - 36.
(2) ترجمته في " ابن خلكان ": 5 / 260.
(3) قرواش: كذا قيده ابن خلكان فقال: بكسر القاف وسكون
الراء وفتح الواو وبعد الالف شين معجمة.
" وفيات الاعيان ": 5 / 267.
* يتمة الدهر: 4 / 161 - 191، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 37
/ ب، فوات الوفيات: 2 / 320 - 322.
(4) في الاصل " أبو غالب " وما أثبتناه من مصادر ترجمته.
(5) كذا العبارة في الاصل، وفي مصادر الترجمة أنه قال هذه
الابيات يطلب بها الاذن = [ * ]
(16/501)
يا ربع لو كنت دمعا فيك منسكبا * قضيت نحبي ولم أقض الذي
وجبا لا ينكرن ربعك البالي بلى جسدي * فقد شربت بكأس الحب
ما شربا عهدي بربعك للذات مرتبعا * فقد غدا لغوادي السحب
منتحبا ذو بارق كسيوف الصاحب انتضيت * ووابل كعطاياه إذا
وهبا وعصبة بات فيها القيظ متقدا * إذ شدت لي فوق أعناق
العدا رتبا إني كيوسف والاسباط هم وأبوال * أسباط أنت
ودعواهم دما كذبا قد ينبح الكلب ما لم يلق ليث شرى * حتى
إذا ما رأى ليثا مضى هربا قال الثعالبي: ففارق الري، وقدم
نيسابور، ومدح صاحب الجيش،
فوصله، وقدم بخارى فأكرم بها، عاشرت منه فاضلا ملء ثوبه،
وكان يسمو بهمته إلى الخلافة، ويمني نفسه في قصد بغداد في
جيوش تنظم إليه من خراسان، فاقتطعته المنية، ومرض
بالاستسقاء، ومات في سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة (1).
372 - ابن الطحان * الامام
الحافظ الفقيه المحدث المجود، أبو القاسم، إسماعيل بن
إسحاق بن إبراهيم القيسي القرطبي، المالكي، ابن
الطحان، صاحب التصانيف.
سمع قاسم بن أصبغ، وأحمد بن عبادة الرعيني، ومحمد بن
الحافظ
__________
= للسفر، والابيات في " اليتمة " 4 / 162، و " فوات
الوفيات ": 2 / 321، وتاريخ الاسلام: 4 الورقة: 37 / ب.
(1) الخبر بنحوه في " يتيمة الدهر ": 4 / 171 - 172.
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 67 - 68، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 51 / أ، الديباج المذهب: 1 / 290 - 291، شجرة
النور الزكية: 1 / 93.
[ * ]
(16/502)
محمد بن عبد السلام الخشني، وأحمد بن دحيم، ومحمد بن
معاوية، وجماعة.
قال ابن الفرضي: سمعت منه، وانتفع به أهل الكورة، وكانت
فتياه بما ظهر له من الحديث.
وله في " المدونة " أخبار معروفة.
وغلب عليه الحديث.
توفي في صفر سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
وطاب الثناء عليه.
وشيعه الخلق.
373 - جبريل بن محمد * ابن
إسماعيل بن سندول (1)، الشيخ الصدوق، مسند همذان،
أبو القاسم الخرقي العدل.
روى عن: عبدوس بن أحمد السراج، وعلي بن الحسن بن سعد، وأبي
القاسم البغوي، ومحمد بن عبد السمرقندي، ومحمد بن إبراهيم
بن زياد الطيالسي، وأبي بكر بن المنذر الفقيه، وعدة.
وعنه: جعفر بن محمد الابهري، ومحمد بن عيسى، وعبد الله بن
عبدان الفقيه.
قال شيرويه: يدل حديثه على الصدق.
توفي في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 51 / أ، الوافي بالوفيات: 11 /
46.
(1) في " الوافي بالوفيات ": ابن سيدك.
[ * ]
(16/503)
374 - الدمياطي * الشيخ المحدث الثقة، أبو بكر، محمد بن
يحيى
بن عمار الدمياطي.
سمع محمد بن زبان، سمع منه كتاب الليث، وسمع من أبي بكر بن
المنذر كتاب " الاشراف "، وسمع من أبي عبيد بن حربويه،
ومحمد بن إبراهيم الديبلي.
روى عنه: أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، ويحيى بن علي ابن
الطحان، والمصريون.
توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
375 - العبدويي * * الشيخ
الجليل، أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن
سدوس الهذلي العبدويي النيسابوري، والد الحافظ أبي حازم
عمر.
سمع أبا العباس السراج، وأبا بكر بن خزيمة، وحاتم بن
محبوب، وطائفة.
وعنه: ابنه، والحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وغيرهم.
توفي في رضمان سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن المهندس
محدث
__________
* تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 53 / ب.
* * الاكمال لابن ماكولا: 6 / 350، الانساب: 8 / 354 -
355، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 54 / أ، مشتبه النسبة: 2 /
435، تبصير المنتبه: 3 / 984.
[ * ]
(16/504)
مصر، والصاحب إسماعيل بن عباد الوزير، وأبو القاسم عبد
الله بن محمد بن إليسع الانطاكي المقرئ، والقاضي علي بن
الحسين بن بندار الاذني، والحافظ الدار قطني، وأبو حفص بن
شاهين، والاديب أبو الحسن محمد بن سكرة الهاشمي الشاعر،
وشيخ الشافعية أبو بكر محمد بن عبد الله الاودني صاحب وجه،
وأبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي، وشيخ
الظاهرية أبو بكر محمد بن موسى بن المثنى البغدادي - وقد
سمع البغوي - وأبو الفتح القواس الزاهد.
376 - ابن سمعون * الشيخ
الامام، الواعظ الكبير المحدث، أبو الحسين، محمد بن أحمد
بن إسماعيل بن عنبس البغدادي، شيخ زمانه ببغداد.
مولده سنة ثلاث مئة.
وسمعون: هو لقب جده إسماعيل.
سمع أبا بكر بن أبي داود وهو أعلى شيخ له، ومحمد بن مخلد
العطار، ومحمد بن عمرو بن البختري، وأحمد بن سليمان بن
زبان الدمشقي، ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة، وعدة، أملى
عنهم عشرين مجلسا، سمعناها عالية.
حدث عنه: أبو عبد الرحمان السلمي، وعلي بن طلحة المقرئ،
__________
) تاريخ بغداد: 1 / 274 - 277، الاكمال لابن ماكولا: 4 /
362، طبقات الحنابلة: 2 / 155 - 162، تبيين كذب المفتري:
200 - 206، المنتظم: 7 / 198 - 200، صفة الصفوة: 2 / 266،
اللباب: 2 / 140، وفيات الاعيان: 4 / 304 - 305، العبر: 3
/ 36 - 37، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 67 / ب، البداية
والنهاية: 11 / 323، الوافي بالوفيات: 2 / 51 - 52، النجوم
الزاهرة: 4 / 198، شذرات الذهب: 3 / 124 - 126.
[ * ]
(16/505)
والحسن بن محمد بن الخلال، وأبو طالب العشاري، وأبو الحسين
بن الابنوسي، وخديجة بنت محمد الشاهجانية، وأبو بكر أحمد
بن محمد بن حمدوه الحنبلي، وآخرون.
وجد أبيه عنبس - بنون ساكنة - هو عنبس بن إسماعيل القزاز.
روى عن شعيب بن حرب، لحقه محمد بن مخلد.
قال السلمي: هو من مشايخ البغداديين، له لسان عال في هذه
العلوم، لا ينتمي إلى أستاذ، وهو لسان الوقت، والمرجوع
إليه في آداب المعاملات، يرجع إلى فنون من العلم.
وقال الخطيب: كان أوحد دهره، وفرد عصره في الكلام على علم
الخواطر.
دون الناس حكمه، وجمعوا كلامه، وكان بعض شيوخنا إذا حدث
عنه، قال: حدثنا الشيخ الجليل المنطق بالحكمة (1).
أنبأنا ابن علان، عن القاسم بن علي، أخبرنا نصر الله بن
محمد الفقيه، أخبرنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أخبرنا
عبيدالله بن عبد الواحد الزعفراني، حدثني أبو محمد السني
صاحب أبي الحسين بن سمعون، قال: كان ابن سمعون في أول أمره
ينسخ بالاجرة، وينفق على نفسه وأمه، فقال لها يوما: أحب أن
أحج، قالت: وكيف يمكنك ؟ ! فغلب عليها النوم، فنامت
وانتبهت بعد ساعة، وقالت: يا ولدي حج.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم يقول: دعيه
يحج فإن الخير له في حجه، ففرح وباع دفاتره.
ودفع إليها من ثمنها، وخرج مع الوفد، فأخذت العرب الوفد.
قال: فبقيت عريانا، فجعلت إذا غلب علي الجوع ووجدت قوما من
الحجاج يأكلون
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 274.
[ * ]
(16/506)
وقفت، فيدفعون إلي كسرة فأقتنع بها، ووجدت مع رجل عباءة
فقلت: هبها لي أستتر بها، فأعطانيها وأحرمت فيه، ورجعت.
وكان الخليفة قد حرم جارية وأراد إخراجها من الدار.
قال السني: فقال الخليفة: اطلبوا رجلا مستورا يصلح [ أن
تزوج هذه الجارية به ]، فقيل: قد جاء ابن سمعون، فاستصوب
الخليفة ذلك، وزوجه بها، فكان يعظ ويقول: خرجت حاجا، ويشرح
حاله ويقول: ها أنا اليوم علي من الثياب ما ترون (1).
! ! قلت: كان فاخر الملبوس.
قال أبو بكر البرقاني: قلت له يوما: تدعو الناس إلى الزهد،
وتلبس أحسن الثياب، وتأكل أطيب الطعام، كيف هذا ؟ فقال: كل
ما يصلحك لله
فافعله إذا صلح حالك مع الله تعالى (2).
قال أبو محمد الخلال: قال لي ابن سمعون: ما اسمك ؟ قلت:
حسن.
قال: قد أعطاك الله الاسم، فسله المعنى (3).
قال أبو النجيب الارموي: سألت أبا ذر عن ابن سمعون هل
اتهمته ؟ قال: بلغني أنه روى جزئا عن ابن أبي داود، عليه:
وأبو الحسين بن سمعون، وكان رجلا سواه، لانه كان صبيا، ما
كانوا يكنونه في ذلك الوقت.
وسماعه من غيره صحيح.
وكان القاضي أبو بكر الاشعري، وأبو حامد يقبلان يده، وكان
القاضي يقول: ربما خفي علي من كلامه بعض الشئ لدقته (4).
السلمي: سمعت ابن سمعون، يقول في (وواعدنا موسى ثلاثين
ليلة)
__________
(1) الخبر مطولا في " تبيين كذب المفتري ": 202 - 203، وما
بين حاصرتين منه.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 275.
(3) المصدر السابق.
(4) انظر " تبيين كذب المفتري ": ص 201.
[ * ]
(16/507)
[ الاعراف: 142 ]: مواعيد الاحبة وإن اختلفت فإنها تؤنس.
كنا صبيانا ندور على الشط ونقول: ماطليني وسوفي * وعديني
ولا تفي واتركيني مولها * أو تجودي وتعطفي الخطيب: حدثنا
محمد بن محمد الظاهري، سمعت ابن سمعون يذكر أنه أتى بيت
المقدس، ومعه تمر، فطالبته نفسه برطب، فلامها، فعمد إلى
التمرو وقت إفطاره فوجده رطبا، فلم يأكل منه، ثم ثاني ليلة
وجدة تمرا (1).
الخطيب: سمعت أحمد بن علي البادي، سمعت أبا الفتح القواس
يقول: لحقتني إضاقة، فأخذت قوسا وخفين لابيعهما، فقلت:
أحضر مجلس ابن سمعون ثم أبيع، فحضرت، فلما فرغ ناداني: يا
أبا الفتح لا تبع الخفين والقوس، فإن الله سيأتيك بزرق [
من عنده ]، أو كما قال (2).
الخطيب: حدثنا شرف الوزراء أبو القاسم، حدثني أبو طاهر بن
العلاف قال: حضرت ابن سمعون وهو يعظ وأبو الفتح القواس إلى
جنب الكرسي، فنعس، فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتى
استيقظ أبو الفتح، فقال له بو الحسين: رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم في نومك ؟ قال: نعم.
فقال: لذلك أمسكت خوفا أن تنزعج (3).
الخطيب: حدثنا الوزير أبو القاسم، حدثنا أبو علي بن أبي
موسى الهاشمي، قال: حكي لي مولى الطائع أن الطائع أمره،
فأحضر ابن سمعون، فرأيت الطائع غضبان - وكان ذا حدة - فسلم
ابن سمعون بالخلافة،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 275.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 275 - 276، وما بين حاصرتين منه.
(3) " تاريخ بغداد ": 1 / 276.
[ * ]
(16/508)
ثم أخذ في وعظه فقال: روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله
عنه كذا.
ووعظ حتى بكى الطائع وسمع شهيقه، وابتل منديل من دموعه.
فلما انصرف سئل الطائع عن سبب طلبه، فقال: رفع إلي أنه
ينتقص عليا، فأردت أقابله، فلما حضر افتتح بذكره والصلاة
عليه، وأعاد وأبدى في ذكره، فعلمت أنه وفق، ولعله كوشف
بذلك (1).
قاضي المرستان، أنبأنا القضاعي، حدثنا علي بن نصر، حدثنا
أبو الثناء شكر العضدي، قال: لما دخل عضد الدولة بغداد وقد
هلك أهلها قتلا
وخوفا وجوعا للفتن التي اتصلت بين السنة والشيعة، فقال:
آفة هؤلاء القصاص، فمنعهم، وقال: من خالف أباح دمه، فعرف
ابن سمعون، فجلس على كرسيه، فأمرني مولاي، فأحضرته، فدخل
رجل عليه نور، قال شكر: فجلس إلى جنبي غير مكترث، فقلت: إن
هذا الملك جبار عظيم، ما أوثر لك مخالفته، وإني موصلك
إليه، فقبل الارض وتلطف له واستعن بالله عليه: فقال: الخلق
والامر لله، فمضيت به إلى حجرة قد جلس فيها الملك وحده،
فأوقفته ثم دخلت أستأذن، فإذا هو إلى جانبي، وحول وجهه إلى
دار عز الدولة ثم تلا: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي
ظالمة) [ هود: 102 ] ثم حول وجهه وقرأ: (ثم جعلناكم خلائف
في الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون) [ يونس: 14 ] ثم أخذ
في وعظه، فأتى بالعجب، فدمعت عين الملك، ما رأيت ذلك منه
قط، وشرك كمه على وجهه، فلما خرج أبو الحسين رحمه الله،
قال الملك: اذهب إليه بثلاثة آلاف درهم وعشرة أثواب من
الخزانة فإن امتنع فقل له: فرقها في أصحابك، وإن قبلها
فجئني برأسه، ففعلت، فقال: إن ثيابي هذه فصلت من نحو
أربعين سنة ألبسها يوم خروجي وأطويها
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 276 - 277.
[ * ]
(16/509)
عنه رجوعي، وفيها متعة وبقية، ونفقتي من أجرة دار خلفها
أبي، فما أصنع بهذا ؟ قلت: فرقها على أصحابك، قال: ما في
أصحابي فقير.
فعدت فأخبرته، فقال: الحمد لله الذي سلمه منا وسلمنا منه.
قال أبو سعيد النقاش: كان ابن سمعون يرجع إلى علم القرآن
وعلم الظاهر، متمسكا بالكتاب والسنة، لقيته وحضرت مجلسه،
سمعته يسأل عن قوله: " أنا جليس من ذكرني " (1) قال: أنا
صائنه عن المعصية، أنا معه حيث
يذكرني، أنا معينه.
السلمي: سمعت ابن سمعون، وسئل عن التصوف، فقال: أما الاسم،
فترك الدنيا وأهلها، وأما حقيقته، فنسيان الدنيا ونسيان
أهلها.
وسمعته يقول: أحق الناس بالخسارة يوم القيامة أهل الدعاوي
والاشارة.
قال أبو الحسن العتيقي: توفي ابن سمعون وكان ثقة مأمونا في
نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وثلاث مئة (2).
قال أبو بكر الخطيب: ونقل ابن سمعون سنة ست وعشرين وأربع
مئة من داره فدفن بمقبرة باب حرب، ولم تكن أكفانه بليت
فيما قيل (3).
قلت: نعم.
الكفن قد يقيم نحوا من مئة سنة، لان الهواء لا يصل إليه
فيسلم.
نقل أبو محمد بن حزم خرافة لا تثبت، فقال: وقال شيخ - يقال
له:
__________
(1) حديث لا يصح، أورده الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا
وانظر " المقاصد الحسنة ": 1 / 95.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 277.
(3) المصدر السابق.
[ * ]
(16/510)
ابن سمعون - ببغداد: إن الاسم الاعظم ليس هو في الاسماء
الحسنى المعروفة، قال: وهو سعبة وثلاثون حرفا من غير حروف
المعجم.
أخبرنا محمد بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا
هبة الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي العشاري، أخبرنا أبو
الحسين بن سمعون، أخبرنا أحمد بن محمد بن سلم، حدثنا حفص
الربالي، حدثنا سهل بن زياد، حدثنا أيوب، عن ابن سيرين، عن
أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم في غزاة، فأصابهم عوز من الطعام، فقال: يا أبا هريرة
أعندك شئ ؟ قلت: نعم، شئ من تمر في مزودي، قال: جئ به،
وقال: هات نطعا، فجئت بالنطع، فبسطه، فأدخل يده وقبض من
التمر، فإذا هو إحدى عشرة تمرة، ثم قال: باسم الله، فجعل
يضع كل تمرة ويسمي، حتى أتى على التمر.
فقال به هكذا فجمعه، فقال: ادع فلانا وأصحابه، فأكلوا
وشبعوا وخرجوا، ثم قال: ادع فلانا وأصحابه، فأكلوا وشبعوا
وخرجوا، وفضل تمر، فأكل وأكلت، وفضل تمر، فأدخله في
المزود، إلى أن قال: فجهزت منه خمسين وسقا في سبيل الله،
فوقع زمن عثمان (1).
377 - الصاحب * الوزير الكبير
العلامة، الصاحب، أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن
__________
(1) تقدم تخريجه في الجزء الثاني ص 631 من هذا الكتاب.
* الامتاع والمؤانسة: 1 / 53، يتيمة الدهر: 3 / 188 - 286،
الفهرست: 194، نزهة الالباء: 325 - 327، المنتظم: 7 / 179
- 181، معجم الادباء: 6 / 168 - 317، إنباه الرواة: 1 /
201 - 203، الكامل لابن الاثير: 8 / 352 و 9 / 59، 64،
110، 111، وفيات الاعيان: 1 / 228 - 233، المختصر في أخبار
البشر: 2 / 130، العبر: 3 / 28، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
54 / ب، ابن الوردي: 1 / 312، مرآة الجنان: 2 / 421،
البداية والنهاية: 11 / 314 - 316، ابن خلدون: 4 / 466،
لسان الميزان: 1 / 413 - 416، = [ * ]
(16/511)
عباس الطالقاني الاديب الكاتب، وزير الملك مؤيد الدولة
بويه بن ركن الدولة.
صحب الوزير أبا الفضل بن العميد، ومن ثم شهر بالصاحب (1).
وسمع من أبي محمد بن فارس بأصبهان، ومن أحمد بن كامل
القاضي،
وطائفة ببغداد.
روى عنه أبو العلاء محمد بن حسول، وعبد الملك بن علي
الرازي، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو الطيب الطبري،
وأبو بكر بن المقرئ شيخه، وله تصانيف منها في اللغة "
المحيط " سبعة أسفار، و " الكافي " في الترسل، وكتاب "
الامامة "، وفيه مناقب الامام علي، ويثبت فيه إمامة من
تقدمه.
وكان شيعيا معتزليا مبتدعا، تياها صلفا جبارا، وقيل: إنه
ذكر له البخاري، فقال: ومن البخاري ؟ ! ! حشوي لا يعول
عليه.
وقد نكب ونفي، ثم رد إلى الوزارة، ودام فيها ثماني عشرة
سنة.
وافتتح خمسين قلعة لمخدومه فخر الدولة.
وقد طول ابن النجار ترجمته.
وكان فصيحا متقعرا، يتعانى وحشي الالفاظ في خطابه، ويمقت
التيه،
__________
= النجوم الزاهرة: 4 / 169 - 171، بغية الوعاة: 1 / 449 -
451، معاهد التنصيص: 4 / 11، شذرات الذهب: 3 / 113 - 116،
روضات الجنات: 104 - 110، طبقات أعلام الشيعة: 62 - 63.
(1) انظر حول تسميته ب " الصاحب " ابن خلكان: 1 / 229.
(16/512)
ويتيه ويغضب إذا ناظر.
قال مرة لفقيه: أنت جاهل بالعلم، ولذلك سود الله وجهك.
وله كتاب " الوزراء " وكتاب " الكشف عن مساوئ شعر المتنبي
"، وكتاب " الاسماء الحسنى ".
وهو القائل (1):
رق الزجاج ورقت الخمر * وتشابها فتشاكل الامر فكأنما خمر
ولا قدح * وكأنما قدح ولا خمر قيل: جمع الصاحب من الكتب ما
يحتاج في نقلها إلى أربع مئة جمل، ولما عزم على التحديث
تاب، واتخذ لنفسه بيتا سماه بيت التوبة، واعتكف على الخير
أسبوعا، وأخذ خطوط جماعة بصحة توبته، ثم جلس للاملاء،
وحضره الخلق، وكان يتفقد علماء بغداد في السنة بخمسة آلاف
دينار، وأدباءها، وكان يبغض من يدخل في الفلسفة.
ومرض بالاسهال، فكان إذا قام عن الطست ترك إلى جنبه عشرة
دنانير للغلام.
ولما عوفي تصدق بخمسين ألف دينار.
وقيل: إن صاحب ما وراء النهر نوح بن منصور كتب إليه
يستدعيه ليوليه وزارته، فاعتل بأنه يحتاج لنقل كتبه خاصة
أربع مئة جمل، فما الظن بما يليق به من التجمل.
وكان قد لقب كافي الكفاة.
مات بالري، ونقل إلى أصبهان، ولما أبرز تابوته ضج الخلق
بالبكاء.
__________
(1) البيتان في أكثر مصادر ترجمته، انظر مثلا: " يتيمة
الدهر ": 3 / 259، و " وفيات الاعيان ": 1 / 230.
[ * ]
(16/513)
يقال: إنه قال: ثلاثة خجلوني: البندهي حضر المجلس، فقدمت
فواكه، منها مشمش فائق، فأكل وأمعن، فقلت: إنه ملطخ
المعدة، فقال: لا يعجبني الرئيس إذا تطبب.
والفرندي قال: - وقد جئت من دار السلطنة وأنا ضجر - من أين
أقبل مولانا ؟ قلت: من لعنة الله، قال: رد الله غربة
مولانا.
والثالث المافروخي أيام حسنه داعبته، فقلت: رأيتك تحتي،
قال: مع ثلاثة
مثلي.
وللبستي في الصاحب: يا من أعاد رميم الملك منشورا * وضم
بالرأي أمرا كان منشورا أنت الوزير وإن لم تؤت منشورا *
والملك بعدك إن لم يؤتمن شورى مات الصاحب في صفر سنة خمس
وثمانين وثلاث مئة، عن تسع وخمسين سنة.
ووزر أبوه لركن الدولة.
378 - الساماني * سلطان بخارى
وسمرقند وابن سلاطينها، أبو القاسم، نوح بن منصور
بن نوح بن عبدالملك بن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن
أسد بن سامان، مات في رجب سنة سبع وثمانين وثلاث مئة،
وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة.
__________
* الانساب: 7 / 14، الكامل لابن الاثير: 8 / 564 و 9 / 10
- 12، 98 - 102، وغيرها اللباب: 2 / 94، المختصر في أخبار
البشر: 2 / 133، العبر: 3 / 38، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
69 / ب، البداية والنهاية: 11 / 323 - 324، ابن خلدون: 4 /
352، النجوم الزاهرة: 4 / 198، شذرات الذهب: 3 / 126 -
127.
[ * ]
(16/514)
وقام بعده ابنه أبو الحارث منصور، قال ابن الجوزي: تملك
نوح خرسان وغزنة وما وراء النهر، ثم ولي بعده ابنه، فبقي
سنة وتسعة أشهر، ثم قبص عليه الامراء، وملكوا أخاه عبد
الملك.
فقصدهم السلطان محمود بن سبكتكين، فالتقاهم، فهزمهم، إلى
بخارى، وانقرضت دولة السامانية.
379 - السامري * شيخ القراء،
أبو أحمد، عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري
البغدادي.
زعم أنه قرأ لحفص على الاشناني، وقرأ للسوسي على موسى بن
جرير، وأبي عثمان النحوي، وقرأ لقالون على ابن شنبوذ،
وللدوري على ابن مجاهد، فأما تلاوته على هذين فمعروفة.
وزعم أنه سمع في أبي العلاء محمد بن أحمد الوكيعي،
والقدماء، فافتضح.
ولكن نافق السوق بين القراء ولد سنة خمس وتسعين ومئتين.
تلا عليه: أبو الفضل الخزاعي، وأبو الفتح فارس، وعبد
الساتر (1) بن
__________
* تاريخ بغداد: 9 / 442 - 443، الاكمال لابن ماكولا: 2 /
376، العبر: 3 / 32 - 33، طبقات القراء للذهبي: 1 / 264 -
267، ميزان الاعتدال: 2 / 408 - 409 غاية النهاية: 1 / 415
- 417، النشر في القراءت العشر: 1 / 122، لسان الميزان: 3
/ 273 - 274، النجوم الزاهرة: 4 / 175، حسن المحاضرة: 1 /
489، شذرات الذهب: 3 / 119 - 120.
(1) في الاصل: عبدالسائر.
[ * ]
(16/515)
الذرب اللاذقي، وعبد الجبار الطرسوسي، وأبو العباس بن
نفيس، وآخرون.
استوعبت ترجمته في " طبقات القراء " وودي لو أنه ثقة، فإني
قرأت من طريقه عاليا.
قال الصوري: قال لي أبو القاسم العنابي: كنت عند أبي أحمد
المقرئ،
فحدثنا عن الوكيعي، فاجتمعت تبعبد الغني فأخبرته، فاستعظم
ذلك، وقال: سله متى سمع منه ؟ فقال: بمكة سنة ثلاث مئة،
فأخبرت عبد الغني، فقال: مات أبو العلاء عندنا في أول سنة
ثلاث مئة، وترك السلام عليه، وقال: لا أسلم على من يكذب في
الحديث.
وفي كتاب " العنوان " (1) أن أبا أحمد قرأ على محمد بن
يحيى الكسائي، وهذا وهم قد سقط من بينهما ابن شنبوذ أو ابن
مجاهد.
وقال يحيى بن الطحان: ذكر أبو أحمد أنه يروي عن ابن
المعتز.
قلت: بدون هذا يهدر الراوي.
مات في المحرم سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
ابن مسرور * الحافظ المحدث الرحال، أبو الفتح، عبد الواحد
بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخي، نزيل مصر.
حدث عن: أبي بكر أحمد بن سليمان بن زبان، والحسين بن محمد
__________
(1) كتاب " العنوان " لابي طاهر إسماعيل بن خلف المقرئ
الانصاري الاندلسي السرقسطي، المتوفى سنة 455.
قال ابن خلكان عنه: كتاب في القراءات، وهو عمدة الناس في
الاشتغال بهذا الفن.
" وفيات الاعيان ": 1 / 233، وانظر " كشف الظنون ": 2 /
1176 - 1177.
* تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (308).
[ * ]
(16/516)
المطبقي، والحافظ أبي سعيد بن يونس وطبقتهم.
روى عنه: عبد الغني بن سعيد، وأحمد بن قديد، وعمر بن خضر
الثمانيني، ومحمد بن عبدالرحمن الازدي، وآخرون.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي أبو الفتح في سلخ ذي الحجة سنة
ثمان وسبعين وثلاث مئة.
قال: وكان حافظا مكثرا.
قلت: أظنه نيف على السبعين.
قرأت بخط محمد بن علي الصوري: وأنبأني ابن سلامة، عن ابن
بوش، عن أحمد بن عبد الجبار، عنه، قال: أخبرنا محمد بن
عبدالرحمن الازدي، حدثنا الفتح بن مسرور، أخبرنا عبدالرحمن
بن أحمد الحافظ، حدثنا عبد الله بن وهيب الغزي، حدثنا يزيد
بن موهب، حدثنا المفضل بن فضالة، عن عياش بن عباس، عن
عمران بن عبدالرحمن القرشي، عن أبي خراش الهذلي، سمع فضال
بن عبيد رضي الله عنه يقول: " من ردته الطيرة فقد قارف
الشرك (1) ".
380 - الزعفراني (2) * الحافظ
الامام، أبو سعيد، الحسين بن محمد بن علي الاصبهاني
الزعفراني.
__________
(1) هو في معنى حديث ابن مسعود مرفوعا " الطيرة من الشرك "
وما منا إلا ولكن يذهبه الله بالتوكل.
أخرجه أبو داود (3910) والترمذي (1614) وقال: حديث حسن
صحيح وصححه الامامان الذهبي والعراقي.
وقوله " وما منا إلا..مدرج من كلام ابن مسعود ومعناه: إلا
وقد يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهية فيه.
(2) في الاصل: كلمة (يحول).
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 283 - 284، تذكرة الحفاظ: 3 / 956
- 957، طبقات: [ * ]
(16/517)
سمع أبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، والحسين بن علي
بن
زيد، وطبقتهم.
وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وجماعة.
قال أبو نعيم: كان بندار بلدنا في كثرة الاصول والحديث،
صاحب معرفة وإتقان، صنف المسند والتفسير والشيوخ وأشياء،
وتوفي سنة تسع وستين وثلاث مئة.
أخبرنا الدشتي، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود الجمال،
أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا الحسين بن محمد،
حدثنا الحسين بن علي بن زيد، حدثنا محمد بن عمرو بن حنان،
حدثنا بقية، عن أبي فروة الرهاوي، عن مكحول، عن شداد بن
أوس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " حسبي الله ونعم
الوكيل أمان كل خائف " (1) لم يصح هذا.
381 - صالح بن أحمد * ابن محمد
بن أحمد بن صالح بن عبد الله بن قيس بن هذيل بن
يزيد ابن العباس بن الاحنف بن قيس، الامام العالم الحافظ
الثبت، أبو الفضل بن الكوملاذي (2) التميمي الاحنفي
الهمذاني السمسار.
__________
= الحفاظ: 383 - 384، طبقات المفسرين للسيوطي: 12، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 160، شذرات الذهب: 3 / 69.
(1) إسناده ضعيف لتدليس بقية وضعف شيخه أبي فروة الرهاوي
واسمه يزيد بن سنان.
وهو في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 283، وذكره السيوطي في
الجامع الصغير ونسبه إلى الديلمي في مسند الفردوس.
* تاريخ بغداد: 9 / 331، الانساب: 1 / 503، معجم البلدان:
4 / 495، اللباب: 3 / 120، تذكرة الحفاظ: 3 / 985 - 986،
العبر: 3 / 25، طبقات الحفاظ: 391، شذرات الذهب: 3 / 110،
الرسالة المستطرفة: 139.
(2) نسبة إلى " كوملاذ " من قرى همذان، ذكرها ياقوت في
معجمه، إلا أنه جعل النسبة إليها الكوملاذي: أما السمعاني
فقال: " الكوملاباذي " نسبة إلى " كوملاباذ ".
انظر " معجم = [ * ]
(16/518)
حدث عن: أبيه، وأحمد بن محمد بن أوس، ومحمد بن المرار بن
حمويه، وعلي بن الحسن بن سعد البزاز، وأحمد بن الحسن بن
عزون، وقاسم ابن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن نبيل،
والقاسم بن أبي صالح، وعبد السلام بن عبديل، وعبد الرحمن
بن أبي حاتم الرازي، وعلي بن محمد بن مهرويه القزويني،
وخلق.
وجمع وصنف.
حدث عنه: طاهر بن عبد الله بن ماهلة، وحمد الزجاج، وأحمد
بن زنجويه العمري، وطاهر بن أحمد الامام، وأبو الفتح بن
أبي الفوارس، وأحمد ابن الحسين بن زنبيل النهاوندي،
وآخرون.
قال الحافظ شيرويه الديلمي: كان ركنا من أركان الحديث.
ثقة، حافظا، دينا، ورعا، صدوقا، لا يخاف في الله لومة
لائم.
وله مصنفات غزيرة.
مولده سنة ثلاث وثلاث مئة ومات لثمان بقين من شعبان سنة
أربع وثمانين وثلاث مئة، ويستجاب الدعاء عند قبره ! ! صلى
عليه أبو بكر بن لال، فبلغنا أنه قال: كنا نترك الذنوب من
خشية الله، وثلثي ذلك حياء من هذا الشيخ رحمه الله.
[ أبو الحسين البزاز ] * أما والده الامام القدوة المحدث:
أبو الحسين البزاز، فارتحل، وروى عن حمزة بن محمد الكاتب،
ومحمد بن حبان الباهلي، وحامد بن شعيب، وطبقتهم.
__________
= البلدان ": 4 / 495، و " الانساب ": 10 / 502، 503.
* هو أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الكوملاذي،
ترجمته في: " الانساب ": 10 / 503، و " معجم البلدان ": 4
/ 495.
[ * ]
(16/519)
روى عنه: ولده، وطاهر بن ماهلة، وأحمد بن تركان، وعلي بن
جهضم.
وكان ثقة، كبير القدر.
قال أحمد بن محمد الصفار: كنا نشبه أبا الحسين بأحمد بن
حنبل لسكونه ووقاره.
قرأت على أحمد بن عبد الكريم بمصر، وأخبرنا نصر بن جرو،
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا حمد بن نصر الحافظ بهمذان،
سمعت علي بن حميد الذهلي، سمعت طاهر بن عبد الله بن ماهلة
الحافظ، سمعت حمد بن عمر الزجاج الحافظ يقول: لما أملى
صالح بن أحمد التميمي الحافظ بهمذان كانت له رحى، فباعها
بسبع مئة دينار، ونثرها على محابر أصحاب الحديث.
ومات في سنة أربع معه أبو حامد أحمد بن سهل الانصاري آخر
أصحاب محمد بن شاذل، والاديب صاحب الانشاء البديع أبو
إسحاق إبراهيم بن هلال ابن إبراهيم بن هارون الصابئ
الحراني ببغداد، وأبو القاسم جبريل بن محمد بن سندول
الهمذاني، رحل ولقي البغوي، ومسند خراسان الفقيه أبو
القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد بن سعيد النسائي العدل
صاحب الحسن بن سفيان، وقيل: بل توفي سنة 382، والمعمر أبو
محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن محارب الانصاري الاصطخري
- حدث عن أبي خليفة الجمحي - والفقيه أبو الحسن علي بن
عبدالملك بن دهثم الطرسوسي نزيل نيسابور - واه -، - روى عن
أبي خليفة -، وشيخ النحو علي بن عيسى الرماني المعتزلي،
ومسند أصبهان أبو بكر
محمد بن أحمد بن محمد بن جشنس (1)، والحافظ أبو الحسن محمد
بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات البغدادي، وشيخ
الشافعية أبو الحسن محمد بن علي
__________
(1) في الاصل " جشنش " وهو خطأ، وما أثبتناه هو الذي ضبطه
المصنف في " المشتبه ": 265، وتابعه عليه ابن حجر في "
التبصير ".
[ * ]
(16/520)
ابن سهل الماسرجسي النيسابوري، والعلامة أبو عبيد الله
محمد بن عمران المرزباني البغدادي صاحب التصانيف 382 -
الاشتيخني * الامام الفقيه، أبو بكر، محمد بن أحمد بن مت
السمرقندي الاشتيخني الشافعي.
وإشتيخن - بشين معجمة - قرية كبيرة على سبعة فراسخ من
سمرقند.
حدث بصحيح البخاري عن الفربري، وسماعه كان في سنة تسع عشرة
وثلاث مئة.
حدث عنه: أبو سعد الادريسي، وعلي بن سختام السمرقندي،
والفقيه أبو نصر الداوودي، وكان من كبار الفقهاء مع الزهد
والعبادة.
قال أبو كامل البصري: سمعت الفقيه أبا نصر الداوودي يقول:
دخلت على ابن مت بإشتيخن، فقال لي: أسمعت جامع البخاري ؟
قلت: نعم.
قال: ممن ؟ قلت: من إسماعيل الحاجبي، فقال: اسمعه مني فإني
أثبت فيه، فإني كنت أدرس الفقه وكنت كبيرا حين سمعته، وكان
إسماعيل صغيرا يحمل على العاتق، ولا يقدر على المشي،
أفسماعي وسماعه يستويان ؟ قال: فسمعته من ابن مت.
قال الادريسي في " تاريخ سمرقند ": الاشتيخني فقيه زاهد،
مات في رجب سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
قلت: ومن مشايخه أبو بكر أحمد بن محمد بن آدم الشاشي،
وطائفة لا أعرفهم.
__________
* الانساب: 1 / 268 - 269، معجم البلدان: 1 / 196، اللباب:
1 / 63، العبر: 3 / 40، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 73 / ب،
مشتبه النسبة: 1 / 16، طبقات السبكي: 3 / 99، شذرات الذهب:
3 / 129.
[ * ]
(16/521)
383 - ابن سكرة * شاعر وقته ببغداد، أبو الحسن، محمد بن
عبد الله
بن محمد الهاشمي، من ذرية المنصور.
شاعر مديد الباع في فنون الابداع، صاحب مجون وسخف، وإن
زمانا جاد به وبابن الحجاج لكريم.
يشبهان بجرير والفرزدق.
ولابن سكرة ديوان في أربع مجلدات.
وله البيتان: جاء الشتاء وعندي من حوائجه (1).
مات سنة خمس وثمانين وثلاث مئة في ربيع الآخر.
384 - ابن أبي غالب * * الشيخ
المحدث، أبو القاسم، عبيدالله بن محمد بن خلف بن
سهل بن أبي غالب المصري البزاز.
سمع محمد بن محمد بن النفاح، وسعيد بن هاشم الطبراني، وعلي
بن أحمد علان، وأبا عبيد بن حربويه، وعبد الله بن محمد بن
جعفر القزويني،
__________
* يتيمة الدهر: 3 / 3 - 29، تاريخ بغداد: 5 / 465 - 466،
المنتظم: 7 / 186، وفيات الاعيان: 4 / 410 - 414، العبر: 3
/ 30 - 31، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 58 / ب،
الوافي بالوفيات: 3 / 308 - 312، البداية والنهاية: 11 /
318 - 319، النجوم الزاهرة: 4 / 173 - 174، شذرات الذهب: 3
/ 117 - 118.
(1) انظر البيتين في " وفيات الاعيان ": 4 / 412 - 413، و
" الوافي بالوفيات ": 3 / 310، وهما البيتان اللذان ذكرهما
الحريري في المقامة الكرجية ص: 254 - 255.
* * العبر: 3 / 35، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 65 / ب، حسن
المحاضرة: 1 / 371، شذرات الذهب: 3 / 122.
[ * ]
(16/522)
وأحمد بن مروان الدينوري.
وعنه ابن أبي الفتح المصري، وأبو عمر أحمد بن محمد
الطلمنكي، وعبد الملك بن مسكين الزجاج، وعدة.
وكان من رؤساء مصر.
قال الطلمنكي: سمعته يقول: أقمت على هذه الدار أبني فيها
عشر سنين، وفيها ثمانية وأربعون ألف قطعة من الرخام،
وأنفقت عليها عشرة آلاف دينار، وأخذ مني كافور الاخشيذي
سبعة وثمانين ألف دينار، ولكن رزقت من التجارة، ربحت في
عسل في أربعة أيام أربعة آلاف دينار.
قال أبو إسحاق: توفي في جمادى الاولى سنة سبع وثمانين
وثلاث مئة.
385 - الصابئ * الاديب البليغ،
صاحب الترسل البديع، أبو إسحاق، إبراهيم بن هلال
الصابئ الحراني المشرك.
حرصوا عليه أن يسلم فأبى، وكان يصوم رمضان، ويحفظ القرآن،
ويحتاج إليه في الانشاء، كتب لعز الدولة بختيار.
وله نظم رائق.
__________
يتيمة الدهر: 2 / 241 - 311، الفهرست: 193 - 194، معجم
الادباء: 2 / 20 - 94، وفيات الاعيان: 1 / 52 - 54،
المختصر في أخبار البشر: 2 / 129 العبر: 3 / 24 - 25،
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 50 / ب، الوافي بالوفيات: 6 /
158 - 163، البداية والنهاية: 11 / 313، النجوم الزاهرة: 4
/ 167، شذرات الذهب: 3 / 106 - 109، هدية العارفين: 1 / 7.
[ * ]
(16/523)
ولما تملك عضد الدولة هم بقتله وسجنه، ثم أطلقه في سنة 371
فألف له كتاب " التاجي في أخبار بني بويه ".
مات في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، وله إحدى وسبعون سنة،
ويقال: قتله لانه أمره بعمل التاريخ التاجي، فدخل عليه
رجل، فسأله ما تؤلف ؟ فقال: أباطيل ألفقها، وأكاذيب
أنمقها، فتحرك عليه عضد الدولة وطرده، ومات، فرثاه الشريف
الرضي (1)، فليم في ذلك، فقال: إنما رثيت فضله (2)، وهذا
عذر بارد.
وكان مكثرا من الآداب.
وكذلك مات على كفره ابنه المحسن (3)، وكان محتشما، أديبا.
ثم خلفه ابنه الصدر الاوحد هلال بن المحسن (4)، الصابئ،
الذي أسلم وعاش كثيرا، وبقي إلى سنة 448.
386 - التنوخي * القاضي
العلامة، أبو علي المحسن بن علي بن محمد بن أبي
الفهم
__________
(1) مرثية الشريف الرضي في " ديوانه " 1 / 381 وهي دالية
مشهورة مطلعها: أرأيت من حملوا على الاعواد * أرأيت كيف
خبا ضياء النادي ؟
(2) في الاصل: فضله، والمثبت من الوفيات، وغيره.
(3) ترجمه ياقوت في " معجم الادباء " 17 / 81 - 89.
(4) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد " 14 / 76، و " معجم
الادباء " 19 / 294، و " وفيات الاعيان " 6 / 101.
* يتيمة الدهر: 2 / 345 - 346، تاريخ بغداد: 13 / 155 -
156، المنتظم: 7 / 178، معجم الادباء: 17 / 92 - 116،
وفيات الاعيان: 4 / 159 - 162، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
53 / ب، العبر: 3 / 27، النجوم الزاهرة: 4 / 168، مفتاح
السعادة: 1 / 202، الجواهر المضية: الترجمة رقم (469)،
شذرات الذهب: 3 / 112 - 113، = [ * ]
(16/524)
التنوخي البصري الاديب، صاحب التصانيف.
ولد بالبصرة على ما قال في سنة سبع وعشرين وثلاث مئة، وأول
سماعه في سنة ثلاث وثلاثين.
سمع أبا العباس الاثرم، وأبا بكر الصولي، وابن داسة، وواهب
بن محمد صاحب نصر الجهضمي.
روى عنه ولده أبو القاسم علي.
وكان أخباريا متفننا، شاعرا، نديما، ولي قضاء رامهرمز،
وعسكر مكرم، وغير ذلك.
قال الخطيب: كان سماعه صحيحا، توفي في المحرم سنة أربع
وثمانين وثلاث مئة، بعد أبيه باثنتين وأربعين سنة، وأول من
استعمله على القضاء القاضي أبو السائب عتبة بن عبد الله،
وذلك في سنة تسع وأربعين وثلاث مئة، له اثنتان وعشرون سنة
(1).
وله كتاب " الفرج بعد الشدة "، وكتاب " النشوار " وغير
ذلك.
عاش سبعا وخمسين سنة.
وفيه لابن الحجاج (2).
إذا ذكر القضاة وهم شيوخ * تخيرت الشباب على الشيوخ
__________
= طبقات أعلام الشيعة للطهماني: ص 227.
وللتنوخي ترجمة مفصلة في مقدمة كتابي " النشوار "، و "
الفرج بعد الشدة ".
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 13 / 155 - 156.
(2) هو أبو عبد الله، الحسين بن الحجاج، والبيتان في "
يتيمة الدهر ": 2 / 345، و " معجم الادباء ": 17 / 94، و "
وفيات الاعيان ": 4 / 159.
[ * ]
(16/525)
ومن لم يرض لم أصفعه إلا * بمجلس سيدي القاضي التنوخي
387 - الطبرخزي * شاعر وقته،
أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الاديب، كانت أمه
من طبرستان، وأبوه خوارزميا، فركب له من الاسمين نسبة،
قاله السمعاني.
وهو ابن أخت محمد بن جرير.
سكن الشام، وأقام بحلب، وكان مشارا إليه في عصره.
يقال: إنه قصد ابن عباد، فقال للحاجب: إن كان يحفظ عشرين
ألف بيت فليدخل، فقال أمن شعر الرجال، أم من شعر النساء ؟
فأعلمه بذلك الحاجب، فقال: هذا يكون أبو بكر الخوارزمي،
فأكرمه وباسطه.
وله ديوان نظم، وديوان ترسل، وملح ونوادر.
مات بنيسابور في رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة، ويقال:
سنة ثلاث وتسعين.
والطبرخزي: بفتح الخاء ثم بزاي.
388 - ابن أبي شريح * * الامام
القدوة، المحدث المتبع، مسند هراة، وعالمها أبو محمد عبد
الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن مخلد بن
عبدالرحمن بن
__________
* يتيمة الدهر: 4 / 194 - 241، الانساب: 8 / 202 - 203،
اللباب: 2 / 273، وفيات الاعيان: 4 / 400 - 403، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 49 / ب، الوافي بالوفيات: 3 / 191 -
196، بغية الوعاة: 1 / 125، شذرات الذهب: 3 / 105 - 106.
* * العبر: 3 / 53، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 89 / أ،
شذرات الذهب: 3 / 140.
[ * ]
(16/526)
المغيرة بن ثابت الانصاري الهروي، ابن أبي شريح.
ولد بعد الثلاث مئة.
وسمع أبا القاسم البغوي ببغداد، - ومما عنده عنه كتاب "
الجعديات " -، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن عقيل
البلخي، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الانماطي، وإسماعيل بن
العباس الوراق، وأحمد بن سعيد الطبري، وأبا بكر أحمد بن
محمد بن إسماعيل الهيتي، وأبا عثمان سعيد بن محمد أخي زبير
الحافظ، وعبد الله بن جعفر بن أحمد ابن خشيش، وجعفر بن
عيسى الحلواني، وأبا عبد الله محمد بن محمود البلخي، وعبد
الرحمن بن الحسن الاسدي الهمذاني، وعبد الواحد بن المهتدي
بالله، وخلقا سواهم.
ارتحل به أبوه، وكان صدوقا، صحيح السماع، صاحب حديث وعلم
وجلالة.
حدث عنه الفقيه ناصر العمري، وسفيان بن محمد الشريحي، وأبو
عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي، وأبو بكر محمد بن عبد
الله الغميري،
وأبو صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي، وأبو عاصم الفضيل بن
يحيى الفضيلي، ومحمد بن أبي مسعود عبد العزيز الفارسي،
وعبد الرحمن بن محمد كلاري، وبيبى بنت عبد الصمد الهرثمية،
وآخرون.
أنبأنا جماعة، قالوا: أخبرنا محمد بن مسعود، أخبرنا عبد
الاول بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، سمعت محمد بن
أحمد البلخي المؤذن، يقول: كنت مع الشيخ أبي محمد بن أبي
شريح في طريق غور، فأتاه إنسان في بعض تلك الجبال، فقال:
إن امرأتي ولدت لستة أشهر،
(16/527)
فقال: هو ولدك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الولد
للفراش " (1) فعاوده، فرد عليه كذلك، فقال الرجل: أنا لا
أقول بهذا، فقال: هذا الغزو، وسل عليه السيف، فأكببنا عليه
وقلنا: جاهل لا يدري ما يقول.
قلت: كان سبيله أن يوضح له، ويقول: لك أن تنتفي منه
باللعان، ولكنه احتمى للسنة وغضب لها.
توفي في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، وله خمس وثمانون
سنة.
وقع لنا من طريقه أجزاء عالية كالمئة، وجزء أبي الجهم،
وجزء بيبى، وحكايات شعبة.
وآخر من مات من أصحاب أصحابه عبد الجليل بن أبي سعد
الهروي، بقي إلى سنة اثنتين وستين وخمس مئة، ورحل إليه
الحافظ عبد القادر الرهاوي، فهو أعلى شيخ له.
مات معه أبو علي بن حاجب الكشاني، والحسن بن إسماعيل
الضراب، وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم الاصيلي، وأبو
الفتح عثمان بن جني النحوي، وقاضي القضاة بالري أبو
الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الاديب، والحافظ الوليد
بن بكر الاندلسي.
__________
(1) أخرجه من حديث عائشة مالك 2 / 739، والبخاري 5 / 54 في
الخصومات: باب دعوى الوصي للميت و 12 / 26، 27 في الفرائض:
باب الولد للفراش، و 13 / 152 في الاحكام: باب من قضي له
بحق أخيه فلا يأخذه، ومسلم (1457) في الرضاع: باب الولد
للفراش، وأبو داوود (2273) والنسائي 6 / 180، وأخرجه من
حديث أبي هريرة البخاري (6750) و (6818) ومسلم (1458)
والترمذي (1157) والنسائي 6 / 180، وأحمد 1 / 239، وابن
ماجة (2006) وأخرجه أبو داود (2275) من حديث عثمان، وأخرجه
النسائي 6 / 180، 181 من حديث ابن مسعود وابن الزبير،
وأخرجه ابن ماجة (2005) و (2007) من حديث عمر، وأبي إمامة.
[ * ]
(16/528)
389 - ابن بطة * الامام القدوة، العابد الفقيه المحدث، شيخ
العراق، أبو عبد الله، عبيدالله بن محمد
بن محمد بن حمدان العكبري الحنبلي، ابن بطة، مصنف كتاب "
الابانة الكبرى " في ثلاث مجلدات.
روى عن: أبي القاسم البغوي، وابن صاعد، وأبي ذر بن
الباغندي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري، وإسماعيل الوراق،
والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبي طالب أحمد بن نصر
الحافظ، ومحمد بن أحمد بن ثابت العكبري، ورحل في الكهولة
فسمع من علي بن أبي العقب بدمشق، ومن أحمد بن عبيد الصفار
بحمص، وجماعة.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو نعيم الاصبهاني،
وعبيد الله الازهري وعبد العزيز الازجي، وأحمد بن محمد
العتيقي، وأبو إسحاق
البرمكي، وأبو محمد الجوهري، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن
عيسى السعدي، وآخرون، وآخر من روى عنه بالاجازة علي بن
أحمد بن البسري.
قال عبد الواحد بن علي العكبري: لم أر في شيوخ الحديث ولا
في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة رحمه الله (1).
قال الخطيب: حدثني أبو حامد الدلوي، قال: لما رجع ابن بطة
من
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 371 - 375، طبقات الشيرازي: 173،
طبقات الحنابلة: 2 / 114 - 153، العبر: 3 / 35، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 65 / ب، ميزان الاعتدال: 3 / 15،
البداية والنهاية: 11 / 321 - 322، لسان الميزان: 4 / 112
- 115، شذرات الذهب: 3 / 122 - 124، إيضاح المكنون: 1 / 8،
أعيان الشيعة: 6 / 56.
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 372، وفيه عبدالحميد بن علي
العكبري بدل عبد الواحد..[ * ]
(16/529)
الرحلة لازم بيته أربعين سنة، لم ير في سوق ولا رؤي مفطرا
إلا في عيد، وكان أمارا بالمعروف، لم يبلغه خبر منكر إلا
غيره (1).
وقال أبو محمد الجوهري: سمعت أخي الحسين، يقول: رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله قد
اختلفت علي المذاهب، فقال: عليك بابن بطة، فأصبحت ولبست
ثيابي، ثم أصعدت إلى عكبرا، فدخلت وابن بطة في المسجد،
فلما رآني قال لي: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال العتيقي: توفي ابن بطة - وكان مستجاب الدعوة - في
المحرم سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
قال ابن بطة: ولدت سنة أربع وثلاث مئة، وكان لابي ببغداد
شركاء.
فقال له أحدهم: ابعث بابنك إلى بغداد ليسمع الحديث، قال:
هو صغير، قال: أنا أحمله معي، فحملني معه، فجئت فإذا ابن
منيع يقرأ عليه الحديث.
فقال لي بعضهم: سل الشيخ أن يخرج إليك " معجمه "، فسألت
ابنه، فقال: نريد دراهم كثيرة، فقلت: لامي طاق ملحم آخذه
منها وأبيعه، قال: ثم قرأنا عليه " المعجم " في نفر خاص في
نحو عشرة أيام، وذلك في آخر سنة خمس عشرة وأول سنة ست
عشرة، فأذكر قال: حدثنا إسحاق الطالقاني سنة أربع وعشرين
ومئتين، فقال المستملي: خذوا هذا قبل أن يولد كل محدث على
وجه الارض اليوم، وسمعت المستملي وهو أبو عبد الله بن
مهران، يقول له: من ذكرت يا ثبت الاسلام.
قلت: لابن بطة مع فضله أوهام وغلط.
__________
(1) المصدر السابق.
[ * ]
(16/530)
أنبأنا المؤمل بن محمد، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا
الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني عبد الواحد بن علي
الاسدي، قال لي أبو الفتح بن أبي الفوارس: روى ابن بطة، عن
البغوي، عن مصعب بن عبد الله، عن مالك، عن الزهري، عن أنس،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " طلب العلم فريضة على
كل مسلم " (1).
قال الخطيب: هذا باطل، والحمل فيه على ابن بطة.
قلت: أفحش العبارة، وحاشى الرجل من التعمد، لكنه غلط ودخل
عليه إسناد في إسناد.
وبه قال الخطيب: أخبرنا العتيقي، أخبرنا ابن بطة، حدثنا
البغوي، حدثنا مصعب عن مالك، عن هشام بن عروة بحديث: " إن
الله لا يقبض
العلم انتزاعا " قال الخطيب: وهو باطل بهذا الاسناد (2).
قال الخطيب: أخبرنا عبد الواحد بن علي، قال لي الحسن بن
__________
(1) قلت لكن متن الحديث له طرق وشواهد كثيرة تدل على أن له
اصلا فهو حديث حسن.
انظر " فيض القدير ": 4 / 267.
(2) وهو صحيح من طريق آخر، فقد أخرجه البخاري 1 / 174، 175
في العلم: باب كيف يقبض العلم، وفي الاعتصام: باب ما يذكر
من ذم الرأي، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه
من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو
بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "
إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن
يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس
رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " وكان
تحديث النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حجة الوداع كما
رواه أحمد 5 / 266 والطبراني من حديث أبي امامة قال: لما
كان في حجة الوداع، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يومئذ مردف الفضل بن عباس على جمل آدم، فقال: " أيها الناس
خذوا من العلم قبل ان يقبض العلم وقبل أن يرفع العلم "
فقال أعرابي: كيف يرفع ؟ فقال: " ألا إن ذهاب العلم ذهاب
حملته " ثلاث مرات.
[ * ]
(16/531)
شهاب: سألت ابن بطة: أسمعت من البغوي حديث علي بن الجعد ؟
قال: لا.
قال عبد الواحد: وكنت (1) قد رأيت في كتب ابن بطة نسخة
بحديث علي بن الجعد قد حكها، وكتب بخطه سماعه فيها، فذكرت
ذلك للحسن بن شهاب، فعجب منه.
قال عبد الواحد: وروى ابن بطة، عن النجاد، عن العطاردي،
فأنكر علي بن ينال عليه، وأساء القول فيه، حتى همت العامة
بابن ينال، فاختفى، ثم تتبع ابن بطة ما خرجه كذلك، وضرب
عليه (2).
وقال عبيدالله الازهري: ابن بطة ضعيف، وعندي عنه " معجم
البغوي "، ولا أخرج عنه في الصحيح شيئا.
وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق: لم يسمع ابن بطة الغريب
من ابن عزيز، وقال: ادعى سماعه.
قال الخطيب: وروى ابن بطة كتب ابن قتيبة، عن ابن أبي مريم
الدينوري، عنه، ولا يعرف ابن أبي مريم.
وروى ابن بطة في " الابانة ": حدثنا إسماعيل الصفار، حدثنا
الحسن ابن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد، عن عبد الله
بن الحارث، عن ابن مسعود حديث " كلم الله موسى وعليه جبة
صوف ونعلان من جلد حمار غير ذكي، فقال: من ذا العبراني
الذي يكلمني من الشجرة ؟ قال: أنا
__________
(1) من هنا إلى قوله: ابن الرسان في ترجمة ابن ماهان
الآتية ص 536 سقط من الاصل، واستدرك من نسخة أحمد الثالث
الثانية.
(2) في " تاريخ الاسلام ": وكان ابن بطة قد خرج تلك
الاحاديث في تصانيفه، فتتبعها وضرب على أكثرها.
[ * ]
(16/532)
الله ".
فتفرد ابن بطة برفعه، وبما بعد " غير ذكي " (1).
وكذا غلط ابن بطة في روايات عن حفص بن عمر الاردبيلي،
أنبأنا رجاء بن مرجى، فأنكر الدارقطني هذا، وقال: حفص يصغر
عن هذا، فكتبوا إلى أردبيل يسألون ابنا لحفص، فعاد جوابهم
بأن أباه لم ير رجاء قط (2)، فتتبع ابن بطة النسخ، وجعل
ذلك عن ابن الراجيان، عن الفتح بن شخرف، عن رجاء.
قلت: فبدون هذا يضعف الشيخ.
ومر موته في سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
وفيها مات القدوة أبو علي أحمد بن محمد بن علي القومساني
النهاوندي - صحب الشبلي -، وأبو القاسم بن الثلاج،
وعبيدالله بن أبي غالب المصري، وعلي بن عبد العزيز بن
مردك، وصاحب الري فخر الدولة علي بن ركن الدولة بن بويه،
وشيخ الحنابلة أبو حفص العكبري، وأبو ذر عمار بن محمد
التميمي، ببخاري، وأبو الحسين بن سمعون، وحفيد أبي بكر بن
خزيمة، وآخرون.
390 - الرماني * العلامة، أبو
الحسن، علي بن عيسى الرماني النحوي المعتزلي.
__________
(1) وتمام كلام المؤلف في " تاريخ الاسلام ": وهو في جزء
ابن عرفة بدونهما.
(2) وتمامه في " تاريخ الاسلام ": وأن مولده بعد موت رجاء
بسنين.
* طبقات النحويين واللغويين ": 86، الامتاع والمؤانسة: 1 /
133، الفهرست: 63 - 64، تاريخ بغداد: 12 / 16 - 17،
الانساب: 6 / 160، نزهة الالباء: 318 - 319، المنتظم: 7 /
176، معجم الادباء: 14 / 73 - 78، إنباه الرواة: 2 / 294 -
296، اللباب: = [ * ]
(16/533)
أخذ عن: الزجاج، وابن دريد، وطائفة.
وعنه: أبو القاسم التنوخي، والجوهري، وهلال بن المحسن.
وصنف في التفسير، واللغة، والنحو، والكلام، وشرح " سيبوبه
" وكتاب " الجمل "، وله في الاشتقاق، وفي التصريف، وأشياء،
وألف في الاعتزال " صنعة الاستدلال " سبع مجلدات، وكتاب "
الاسماء والصفات "، وكتاب " الاكوان " وكتاب " المعلوم
والمجهول "، له نحو من مئة مصنف.
وكان يتشيع ويقول: علي أفضل (1) الصحابة.
وكان أبو حيان التوحيدي يبالغ في تعظيم الرماني إلى
الغاية، ويصفه بالتأله، والتنزه، والفصاحة، والتقوى.
مات في جمادى الاولى سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، عن ثمان
وثمانين سنة.
أصله من سر من رأى، ومات ببغداد، وكان من أوعية العلم على
بدعته.
__________
= 2 / 37، وفيات الاعيان: 3 / 299، العبر: 3 / 25، ميزان
الاعتدال: 3 / 149، عيون التواريخ: سنة 384، البداية
والنهاية: 11 / 314، وفيات ابن قنفذ: 219، البلغة في تاريخ
أئمة اللغة: 159 - 160، لسان الميزان: 4 / 248، النجوم
الزاهرة: 4 / 168، بغية الوعاة.
2 / 180 - 181، طبقات المفسرين للسيوطي: 24، طبقات
المفسرين للداوودي: 1 / 419 - 421، شذرات الذهب: 3 / 109،
روضات الجنات: 480، طبقات أعلام الشيعة للطهماني: 193.
(1) في الاصل " أصحاب " وهو خطأ، ونصه في " تاريخ الاسلام
" قال التنوخي: وممن ذهب في زماننا إلى أن عليا رضي الله
عنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المعتزلة أبو الحسن الرماني.
[ * ]
(16/534)
391 - ابن جميل * الشيخ الثقة، أبو أحمد، عبيدالله بن
يعقوب،
ابن المحدث إسحاق ابن إبراهيم بن محمد بن جميل الاصبهاني.
سمع من جده " مسند " أحمد بن منيع، وتفرد بروايته، وسمع من
أحمد بن جعفر بن محمويه، والحسن بن عثمان الفسوي.
وعنه: أبو بكر بن مردويه، وأبو بكر الذكواني، وأبو نعيم،
وعلي بن القاسم بن سيبوبه، وأبو نصر إبراهيم بن محمد
الكسائي، وعثمان بن محمد ابن أحمد بن سعيد الخلال، وعبد
الواحد بن أحمد المعلم، وآخرون.
قال ابن مردويه: مات في شعبان سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
وفيها مات أبو حامد بن المزكي، وأبو حامد النعيمي، وأبو
محمد بن زولاق، والحافظ أحمد بن أبي الليث، وأبو أحمد
السامري، وأبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن الحراني، وأبو
عبد الله الختن، وأبو طالب المكي، والعزيز بالله صاحب مصر.
392 - ابن ماهان * * الامام
المحدث، أبو العلاء، عبد الوهاب بن عيسى بن
عبدالرحمن ابن عيسى بن ماهان الفارسي، ثم البغدادي.
سمع: إسماعيل الصفار، وأبا بكر العباداني، وعثمان بن
السماك.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 2 / 106، العبر: 3 / 33، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 61 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 175،
شذرات الذهب: 3 / 120.
* * العبر: 3 / 39 - 40، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 69 - ب،
حسن المحاضرة: 1 / 371، شذرات الذهب: 3 / 128 - 129.
[ * ]
(16/535)
وأبا الفوارس بن السندي، وأبا حامد أحمد بن الحسن
النيسابوري، وأبا أحمد الجلودي، وعدة، وأكثر الاسفار.
حدث عنه: علي بن بشرى الليثي، وعلي بن القاسم الخياط،
والمطهر بن محمد الاصبهاني، ومحمد بن يحيى بن الحذاء،
وأحمد بن فتح بن الرسان، وآخرون.
وحدث بمصر ب " صحيح مسلم " عن أبي بكر أحمد بن محمد بن
يحيى الاشقر الشافعي، عن أحمد بن علي القلانسي، عن مسلم
سوى ثلاثة أجزاء من آخره.
فرواها عن الجلودي.
وثقه الدارقطني.
وقال الحبال: مات سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
393 - صاحب القوت * الامام
الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو طالب محمد بن علي
بن عطية، الحارثي، المكي المنشأ، العجمي الاصل.
روى عن: أبي بكر الآجري، وأبي بكر بن خلاد النصيبي، ومحمد
ابن عبدالحميد الصنعاني، وأحمد بن ضحاك الزاهد، وعلي بن
أحمد المصيصي، ومحمد بن أحمد المفيد.
__________
* تاريخ بغداد: 3 / 89، المنتظم: 7 / 189 - 190، وفيات
الاعيان: 4 / 303 - 304، المختصر في أخبار البشر: 2 / 131،
العبر: 3 / 33 - 34، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 62 / ب،
ميزان الاعتدال: 3 / 655، الوافي بالوفيات: 4 / 116، مرآة
الجنان: 2 / 430، البداية والنهاية: 11 / 319 - 320، وفيات
ابن قنفذ: 222، العقد الثمين: 2 / 158 - 159، لسان
الميزان: 5 / 300، النجوم الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب:
3 / 120 - 121.
[ * ]
(16/536)
وعنه: عبد العزيز الازجي، وغير واحد.
قال الخطيب: حدثني العتيقي والازهري أنه كان مجتهدا في
العبادة، وقال لي أبو طاهر العلاف: وعظ أبو طالب ببغداد:
وخلط في كلامه، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر
من الخالق، فبدعوه،
وهجروه (1).
وقال غيره: كان يجوع كثيرا، ولقي سادة، ودخل البصرة بعد
موت أبي الحسن بن سالم، فانتهى إلى مقالته.
وقال أبو القاسم بن بشران: دخلت على شيخنا أبي طالب، فقال:
إذا علمت أنه قد ختم لي بخير، فانثر على جنازتي سكرا
ولوزا، وقل: هذا الحاذق، وقال: إذا احتضرت، فخذ بيدي، فإذا
قبضت على يدك، فاعلم أنه قد ختم لي بخير، فقعدت، فلما كان
عند موته، قبض على يدي قبضا شديدا، فنثرت على جنازته سكرا
ولوزا.
ولابي طالب رياضات وجوع بحيث إنه ترك الطعام، وتقنع
بالحشيش حتى اخضر جلده (2).
رأيت لابي طالب أربعين حديثا بخطه، قد خرج فيها عن عبد
الله بن جعفر بن فارس الاصبهاني إجازة، وفيها عن أبي زيد
المروزي من " صحيح " البخاري، أولها " الحمد لله كنه حمده
بحمده " وله كتاب " قوت القلوب " مشهور.
توفي في جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 89.
(2) ليس هذا من هدي الاسلام.
[ * ]
(16/537)
394 - السكري * الشيخ العالم المعمر مسند العراق، أبو
الحسن علي بن عمر
بن محمد ابن الحسن بن شاذان، الحميري البغدادي الحربي
السكري.
ويعرف أيضا بالصيرفي، وبالكيال.
ولد سنة ست وتسعين ومئتين.
وسمع من: أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وعباد بن
علي السيريني، وعلي.
بن سراج، والهيثم بن خلف، ومحمد بن محمد الباغندي، وعلي بن
إسحاق بن زاطيا، والحسن بن الطيب البلخي، وأبي خبيب بن
البرتي، وعلي بن الحسين بن حبان، وعيسى بن سليمان، والحسن
بن محمد بن عنبر، وشعيب بن محمد الذارع، وأبي حفص قاضي
حلب، وأحمد بن سعيد الدمشقي، ومحمد بن عبدة القاضي، ومحمد
بن صالح بن ذريح العكبري وعدة، وعمر دهرا، وتفرد بأشياء.
حدث عنه: أبو القاسم الازهري، وأبو محمد الخلال، والقاضي
أبو الطيب الطبري، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم
التنوخي، والقاضي أبو يعلى محمد بن الفراء، وأبو الغنائم
محمد بن علي بن الدجاجي، وأبو الحسين محمد بن علي بن
الغريق، وعبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن النقور.
قال التنوخي: سمعته يقول: ولدت سنة ست وتسعين، وأول سماعي
سنة ثلاث وثلاث مئة من الصوفي.
__________
* تاريخ بغداد: 12 / 40 - 41، الانساب: 7 / 96، المنتظم: 7
/ 188 - 189، العبر: 3 / 33، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 61
/ ب، ميزان الاعتدال: 3 / 148، لسان الميزان: 4 / 246 -
247، النجوم الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب: 3 / 120.
[ * ]
(16/538)
قال الخطيب: سألت الازهري عنه، فقال: صدوق، وكان سماعه في
كتب أخيه، لكن بعض المحدثين قرأ عليه شيئا منها لم يكن [
فيه ] سماعه، وألحق فيه السماع، فجاء آخرون، فحكوا الالحاق
وأنكروه، وأما الشيخ
فكان في نفسه ثقة (1).
وقال عبد العزيز الازجي: كان صحيح السماع (2).
وقال العتيقي: كان ثقة، ذهب بصره في آخر عمره، وتوفي في
شوال سنة ست وثمانين وثلاث مئة (3).
وقال البرقاني: لا يساوي شيئا (4).
قلت: وقع لنا من عواليه نسخة يحيى بن معين، وقد خرجت منها
في أماكن.
395 - المخلدي * الامام الصادق
المسند، أبو محمد، الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن
بن علي بن مخلد بن شيبان المخلدي النيسابوري العدل، شيخ
العدالة، وبقية أهل البيوتات.
سمع أبا العباس السراج، ومؤمل بن الحسن، وأبا نعيم بن عدي،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 41، وما بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
* اللباب: 3 / 180، العبر: 3 / 43، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 74 / ب، شذرات الذهب: 3 / 131.
[ * ]
(16/539)
وزنجويه بن محمد اللباد، وموسى بن العباس الجويني، وأحمد
بن محمد ابن الحسن الذهبي، وأبا حامد أحمد بن حمدون
الاعمشي، ومحمد بن حمدون النيسابوري، وعبد الله بن محمد بن
مسلم الاسفراييني، وعلي
ابن أحمد بن محفوظ، وابن الشرقي، ومكي بن عبدان، وجده لامه
محمد بن أحمد بن محمد بن نصر بن زياد، والعباس بن عصام،
ومحمد بن إسماعيل ابن إسحاق المروزي صاحب علي بن حجر،
والحسن بن محمد بن جابر الوكيل وعدة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، ويعقوب
بن أحمد الصيرفي، وأبو سعيد بن محمد بن علي الخشاب، وأبو
حامد أحمد بن الحسن الازهري، وآخرون.
وقع لنا من عواليه.
قال الحاكم: هو صحيح السماع والكتب، متقن في الرواية، صاحب
الاملاء في دار السنة، محدث عصره، توفي في رجب سنة تسع
وثمانين وثلاث مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا المؤيد بن محمد، أخبرنا
أحمد بن سهل المساجدي، وأخبرنا أحمد، عن زينب الشعرية،
والقاسم بن عبد الله، قالا: أخبرنا وجيه بن طاهر، وأخبرنا
أحمد، عن زينب، أخبرنا محمد بن منصور الحرضي، قالوا:
أخبرنا يعقوب بن أحمد الصيرفي، حدثنا الحسن ابن أحمد
المخلدي، إملاء، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة بن
سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي
هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ويل
للاعقاب من النار ".
(16/540)
هذا حديث حسن قوي الاسناد، أخرجه أبو عيسى في " جامعه "
(1)، عن قتيبة.
قال الحاكم: سمعت المخلدي، يقول: شهدت سنة إحدى
وعشرين فعدلت، وسجل الحاكم بشهادتي.
وفيها توفي زاهر بن أحمد السرخسي، والمقرئ عبد المنعم بن
غلبون، وأبو القاسم بن حبابة، وأبو الهيثم الكشميهني،
وقاضي مصر محمد بن النعمان بن محمد الباطني.
396 - الضراب * الامام المحدث،
أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد المصري، مصنف
كتاب " المروءة ".
سمع من: أحمد بن مروان الدينوري المالكي، وأبي الحسين محمد
ابن علي بن أبي الحديد، وأحمد بن مسعود المقدسي، وعثمان بن
محمد الذهبي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن عبيد
الكلاعي الحمصي، ودعلج بن أحمد السجزي، وعدة.
__________
(1) رقم (41) في الطهارة ويل للاعقاب من النار: وقال: وفي
الباب عن عبد الله ابن عمرو وعاشئة وجابر، وعبد الله بن
الحارث ومعيقيب، وخالد بن الوليد، وشرحبيل بن حسنة، عمرو
بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، ثم قال: حديث أبى هريرة
حديث حسن صحيح.
قلت: حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري (60) و (96) و
(163) ومسلم (241) وحديث عائشة عند مسلم (240) وحديث جابر
عند ابن ماجة (454) وحديث أبي هريرة من طريق آخر عند
البخاري (165)، ومسلم (242)، وحديث عبد الله بن الحارث عند
أحمد 4 / 191، والحاكم.
وحديث معيقيب عند أحمد 3 / 426 و 5 / 425.
وحديث خالد بن الوليد ومن بعده عن ابن ماجة (455).
* الاكمال لابن ماكولا: 5 / 207، الانساب: 8 / 150، العبر:
3 / 52 - 53، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 88 / ب، الوافي
بالوفيات: 11 / 405، لسان الميزان: 2 / 197، حسن المحاضرة:
1 / 371، شذرات الذهب، 3 / 140، هدية العارفين: 1 / 272.
[ * ]
(16/541)
وارتحل في الحديث وتميز.
حدث عنه: ابنه عبد العزيز، وأحمد بن علي بن هاشم المقرئ،
ورشأ بن نظيف الدمشقي، والدارقطني وهو أكبر منه.
مولده في سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.
ومات في ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة بمصر.
وهو راوي كتاب " المجالسة " للدينوري.
ولم تبلغنا أخباره كما في النفس، والظاهر من حاله أنه ثقة،
صاحب حديث، ومعرفته متوسطة.
قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا أبو البركات
الحسن ابن محمد، أخبرنا عبد الله بن عبدالرحمن، أخبرنا علي
بن إبراهيم الحسيني، أخبرنا رشأ بن نظيف، أخبرنا الحسن بن
إسماعيل، حدثنا عثمان بن محمد البغدادي، حدثنا الحارث بن
أسامة، حدثني محمد بن يحيى، عن سهل بن حماد، حدثنا محمد بن
الفرات (1)، حدثنا سعيد بن لقمان، عن عبدالرحمن الانصاري،
عن أبي هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "
الاكل في السوق دناءة " (2).
روي في ذلك آثار ولا يثبت منها شئ.
__________
(1) محمد بن الفرات كذبوه.
وسعيد بن لقمان قال الازدي: لا يحتج بحديثه، وعبد الرحمن
الانصاري لا يعرف، فالخبر باطل.
(2) وهو في " تاريخ بغداد ": 3 / 163 و 7 / 283 من طريق
محمد بن الفرات بهذا الاسناد، وله طريق آخر عنده 10 / 125،
وفيه الهيثم بن سهل وهو ضعيف وأورده في " المطالب العالية
" 2 / 327، ونسبه لعبد بن حميد، قال البوصيري: بسند ضعيف،
وذكره الهيثمي في " المجمع "
5 / 24 من حديث أبي أمامة، ونسبه للطبراني، وقال: وفيه عمر
بن موسى بن وجيه وهو ضعيف.
[ * ]
(16/542)
397 - الحربي * الشيخ العالم الاديب المعمر، أبو زكريا
يحيى بن إسماعيل
بن يحيى ابن زكريا بن حرب، ابن أخي الزاهد أحمد بن حرب
النيسابوري المزكي الحربي، نسبة إلى الجد.
سمع أبا العباس السراج، ومكي بن عبدان، وأحمد بن حمدون
الاعمشي، وعبد الله بن الشرقي، وعبد الواحد بن محمد بن
سعيد، وطائفة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر الاردستاني، ومحمد بن أبي عمرو
شيخ للخطيب، وأبو سعد محمد بن محمد بن علي الحاكم، وأبو
الحسن أحمد بن عبدالرحيم الاسماعيلي، وأبو عثمان سعيد بن
محمد البحيري، وأبو نصر عبدالرحمن بن علي التاجر، وآخرون.
وكان أديبا، أخباريا، عالما، متفننا، رئيسا، محتشما، من
أهل الصدق والامانة على بدعة فيه، عمر دهرا، واحتيج إليه.
مات في شهر ذي الحجة سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
وهو في عشر المئة.
وفيها مات مسند الاندلس أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن
ضيفون اللخمي القرطبي، سمع (1) ابن الاعرابي، وعبد الله بن
يونس
__________
* تاريخ بغداد: 14 / 238 - 239، الانساب: 4 / 101، اللباب:
1 / 355، العبر: 3 / 57 - 58، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 96
/ ب، شذرات الذهب: 3 / 145.
(1) في الاصل " عنده " وانظر " تاريخ ابن الفرضي ": 2 /
108 - 109، و " نفح
الطيب ": 2 / 237.
[ * ]
(16/543)
القبري (1)، والشيخ أبو عمر عبد الله بن محمد بن أحمد بن
عبد الوهاب السلمي الاصبهاني، وأبو جعفر محمد بن محمد بن
جعفر بن حسان الماليني بهراة، وأبو علي أحمد بن عمر بن
خرشيذ قوله، بمصر، - لقي أبا حامد الحضرمي - والمعمر أبو
الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت البغدادي بمصر، أدرك
البغوي.
398 - المعافى * ابن زكريا بن
يحيى بن حميد، العلامة، الفقيه الحافظ القاضي
المتفنن، عالم عصره، أبو الفرج النهرواني الجريري، نسبة
إلى رأي ابن جرير الطبري، ويقال له: ابن طرارا.
سمع أبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وأبا بكر بن
أبي داود، وأبا سعيد العدوي، وأبا حامد الحضرمي، والقاضي
المحاملي، وخلقا كثيرا.
وتلا على ابن شنبوذ، وأبي مزاحم الخاقاني.
__________
(1) نسبة إلى مدينة " قبرة " بالاندلس.
انظر " معجم البلدان ": 4 / 305.
* الفهرست: 328 - 329، تاريخ بغداد: 13 / 230 - 231، طبقات
الشيرازي: 93، الانساب: (خ) 129 / أ، نزهة الالباء: 329 -
330، المنتظم: 7 / 213 - 214، معجم الادباء: 19 / 151 -
154، إنباه الرواة: 3 / 296 - 297، الكامل لابن الاثير: 9
/ 163 - اللباب: 3 / 337، وفيات الاعيان: 5 / 221 - 224،
تذكرة الحفاظ: 3 / 1010 - 1012، العبر: 3 / 74 - 48، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 81 / أ، تلخيص ابن مكتوم: 249، مرآة
الجنان: 2 / 42، البداية والنهاية: 11 / 328، البلغة في
تاريخ أئمة اللغة:
259، غاية النهاية: 2 / 302، النجوم الزاهرة: 4 / 201 -
202، طبقات الحفاظ: 400 - 401، بغية الوعاة: 2 / 293 -
294، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 223 - 226، شذرات
الذهب: 3 / 134 - 135، هدية العارفين: 2 / 464 - 465،
الرسالة المستطرفة: 166، طبقات الاصوليين: 1 / 311 - 212.
[ * ]
(16/544)
قرأ عليه: القاضي أبو تغلب الملحمي، وأحمد بن مسرور
الخباز، ومحمد بن عمر النهاوندي، وطائفة.
وحدث عنه: أبو القاسم عبيدالله الازهرئ.
والقاضي أبو الطيب الطبري، وأحمد بن علي التوزي، وأحمد بن
عمر بن روح، وأبو علي محمد بن الحسين الجازري، وأبو الحسين
محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وخلق سواهم.
قال الخطيب: كان من أعلم الناس في وقته بالفقه، والنحو،
واللغة، وأصناف الادب، ولي القضاء بباب الطاق، وكان على
مذهب ابن جرير، وبلغنا عن أبي محمد البافي الفقيه، أنه كان
يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم كلها (1).
قال الخطيب: وحدثني القاضي أبو حامد الدلوي، قال: كان أبو
محمد البافي، يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى
أعلم الناس لوجب أن يدفع إلى المعافى بن زكريا (2).
قال الخطيب: سألت البرقاني عن المعافى، فقال: كان أعلم
الناس، وكان ثقة، لم أسمع منه (3).
وحكى أبو حيان التوحيدي، قال: رأيت المعافى بن زكريا قد
نام مستدبر الشمس في جامع الرصافة في يوم شات، وبه من أثر
الضر والفقر
والبؤس أمر عظيم مع غزارة علمه.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 13 / 230.
(2) " تاريخ بغداد ": 13 / 230 - 331.
(3) " تاريخ بغداد ": 13 / 231.
[ * ]
(16/545)
قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي: قرأت بخط
المعافى بن زكريا، قال: حججت وكنت بمنى، فسمعت مناديا
ينادي: يا أبا الفرج المعافى، قلت: من يريدني ؟ وهممت أن
أجيبه ثم نادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني،
فقلت: ها أنا ذا، ما تريد ؟ فقال: لعلك من نهروان العراق،
قلت: نعم، قال: نحن نريد نهروان الغرب، قال: فعجبت من هذا
الاتفاق، وعلمت أن بالمغرب مكانا يسمى النهروان.
مات المعافى بالنهروان في ذي الحجة سنة تسعين وثلاث مئة،
وله خمس وثمانون سنة.
وله تفسير كبير في ست مجلدات جم الفوائد، وله كتاب "
الجليس والانيس " في مجلدين.
وكان من بحور العلم.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو اليمن الكندي،
أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا محمد بن أحمد النرسي،
أخبرنا المعافى، حدثنا البغوي، حدثنا وهب، حدثنا خالد، عن
الشيباني، عن عون بن عبد الله، عن أخيه عبيدالله، عن أبى
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجمعة
لساعة لا يسأل الله فيها عبد مؤمن شيئا إلا استجاب له "
(1).
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه مالك 1 / 108، ومن طريقه البخاري
(935) في الجمعة: باب الساعة التي في يوم الجمعة (5294) في
الطلاق باب الاشارة في الطلاق، و (6400) في الدعوات باب
الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة.
ومسلم (852) في الجمعة باب في الساعة التي في يوم الجمعة
عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
وهو في سنن النسائي (3 / 115) في الجمعة: باب الساعة التي
يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، وابن ماجة (1137) في إقامة
الصلاة: باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة.
[ * ]
(16/546)
وفيها توفي أبو حفص الكتاني، وأمة السلام بنت القاضي أحمد
بن كامل، ونائب دمشق حبيش بن محمد بن صمصام البربري، وعبد
الله بن محمد بن عبدالمؤمن القرطبي، ومحمد بن جعفر بن
رهيل، وأبو زرعة محمد بن يوسف الكشي، وأبو عبد الله بن أخي
ميمي الدقاق.
399 - ابن النعمان * قاضي
الديار، المصرية، أبو عبد الله، محمد بن القاضي أبي حنيفة
النعمان بن محمد المغربي.
ولي الاحكام بعد أخيه أبي الحسن، وكان مجموع الفضائل، لكنه
على اعتقاد العبيدية.
وله شعر عذب، ومن ذلك: أيا مشبه البدر بدر السما * لسبع
وخمس مضت واثنتين ويا كامل الحسن في نعته * شغلت فؤادي
وأسهرت عيني فهل لي من مطمع أرتجيه * وإلا انصرفت (1) بخفي
حنين ويشمت بي شامت في هواك * ويفصح لي ظلت (2) صفر اليدين
فإما مننت وإما قتلت * فأنت قدير على الحالتين (3)
قال ابن زولاق: لم نشاهد لقاض من القضاة من الرئاسة ما
شاهدناه
__________
* يتمة الدهر: 1 / 385 - 386، وفيات الاعيان: 5 / 419 -
422، ضمن ترجمة والده القاضي النعمان، العبر: 3 / 45،
تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 77 / أ، حسن المحاضرة: 2 / 147،
شذرات الذهب: 3 / 132.
(1) في الاصل: " انصرف " وهو خطأ.
(2) في الاصل: " طلب " وما أثبتناه من " وفيات الاعيان ".
(3) الابيات في " وفيات الاعيان ": 5 / 420.
[ * ]
(16/547)
لمحمد بن النعمان، ولا بلغنا ذلك عن قاض بالعراق، وبالغ في
نعته وتقريظه، ووصفه بالهيبة وإقامة الحق، وكان يخلفه
أولاد أخيه.
مات في صفر سنة تسع وثمانين وثلاث مئة، ثم ولي القضاء ابن
أخيه الحسين بن علي.
400 ابن حبابة * الشيخ المسند
العالم الثقة، أبو القاسم، عبيدالله بن محمد بن
إسحاق بن سليمان بن حبابة - بالتخفيف - البغدادي المتوثي
(1)، البزاز.
ولد سنة ثلاث مئة.
وسمع من أبي القاسم البغوي كتابه المعروف ب " الجعديات "،
وسمع أيضا من أبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وطائفة.
حدث عنه: أبو محمد الخلال، والازجي عبد العزيز بن علي،
وعبيد الله بن أحمد الازهري، وأبو محمد الصريفيني الخطيب،
وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة، مات في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين
وثلاث مئة، وصلى عليه الامام أبو حامد الاسفراييني.
أخبرنا علي بن أحمد، والمسلم بن محمد إذنا، قالا: أخبرنا
أبو اليمن الكندي، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا أبو
الحسين محمد بن علي،
__________
* تاريخ بغداد: 10 / 377، الاكمال لابن ماكولا: 2 / 372،
العبر: 3 / 44، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 76 / أ، شذرات
الذهب: 3 / 132.
(1) المتوثي: نسبة إلى " متوث " بلدة بين قرقوب وكور
الاهواز.
" اللباب ".
[ * ]
(16/548)
أخبرنا عبيدالله بن محمد البزاز سنة 386، حدثنا عبد الله
بن محمد البغوي، حدثنا عبدالاعلى بن حماد.
حدثنا حماد بن سلمة.
عن ثابت، عن أبي عثمان النهدي، أن أبا هريرة قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " صوم شهر الصبر، وصوم
ثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر ".
أخرجه النسائي، عن زكريا خياط السنة، عن عبدالاعلى النرسي،
فوقع لنا بدلا عاليا (1).
401 - ابن الجراح * الشيخ
الجليل العالم المسند، أبو القاسم، عيسى بن علي بن
عيسى ابن داود بن الجراح البغدادي.
والد الوزير العادل أبي الحسن.
ولد سنة اثنتين وثلاث مئة.
وسمع البغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد، وأبا حامد
الحضرمي، وبدر بن الهيثم، وأبا بكر بن دريد، ومحمد بن نوح
الجنديسابوري، وأبا بكر بن زياد، وأبا جعفر بن البهلول،
وأبا عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا بكر بن مجاهد، وعدة.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في سنن النسائي (4 / 218) باب ذكر
الاختلاف على أبي عثمان في حديث أبي هريرة في صيام ثلاثة
أيام من كل شهر.
وأخرجه البيهقي 4 / 293 من طريق عفان
عن حماد به.
وفي الباب عن أبي ذر عند أحمد 5 / 154، والترمذي (762)،
وابن ماجة (1708).
وعن أبي قتادة الانصاري عند مسلم (1162)، وأحمد 5 / 297،
وابن خزيمة (2126).
* الامتاع والمؤانسة: 1 / 36، الفهرست: 186، تاريخ بغداد:
11 / 179 - 180، العبر: 3 / 50 - 51، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 86 / ب ميزان الاعتدال: 3 / 319، البداية
والنهاية: 11 / 330، لسان الميزان: 4 / 402، شذرات الذهب:
3 / 137 - 138.
[ * ]
(16/549)
وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: أبو القاسم الازهري، وأبو محمد الخلال، وعلي بن
المحسن التنوخي، وعبد الواحد بن شيطا، وأبو جعفر بن
المسلمة، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثبت السماع، صحيح الكتاب.
وقال أبو الفتح ابن أبي الفوارس: كان يرمى بشئ من مذهب
الفلاسفة، توفي في يوم الجمعة أول ربيع الاول سنة إحدى
وتسعين وثلاث مئة (1).
وقال غيره: مات في ربيع الآخر.
وقيل: مات في المحرم.
وله نظم حسن.
قال الخطيب: أنشدني أبو يعلي بن الفراء، أنشدنا عيسى بن
علي لنفسه: رب ميت قد صار بالعلم حيا * ومبقي قد حاز جهلا
وغيا فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودا * لا تعدو الحياة في
الجهل شيا (2)
وقال محمد بن إسحاق النديم: كان عيسى أوحد زمانه في علم
المنطق والعلوم القديمة، له مؤلف في اللغة الفارسية (3).
قلت: لقد شانته هذه العلوم وما زانته، ولعله رحم بالحديث
إن شاء الله.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 180.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 179.
(3) " الفهرست " ص: 186.
[ * ]
(16/550)
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السلام الكاتب،
أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز،
حدثنا عيسى بن علي إملاء، قال: قرئ على بدر بن الهيثم،
وأنا أسمع، حدثكم أبو سعيد الاشج، حدثنا عقبة بن خالد،
حدثني أسامة بن زيد، حدثني محمد بن كعب، عن عبد الله بن
جعفر، عن علي، قال: " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلمات أقولهن عند الكرب: لا إله إلا الله الحليم الكريم،
سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله
رب العالمين " (1).
رواه غيره بزيادة عبد الله بن شداد بين علي وعبد الله بن
جعفر، وذلك في " سنن " النسائي، فرواه عن خياط السنة، عن
إسماعيل بن عبيد، عن محمد بن سلمة، عن خالد بن يزيد، عن
عبد الوهاب بن بخت، عن محمد ابن عجلان، عن محمد بن كعب.
402 - ابن واضح * الشيخ
العالم، المعمر الصدوق، أبو بكر، أحمد بن يوسف بن
أحمد
__________
(1) إسناده حسن، وهو في " المسند " 1 / 91 من طريق روح عن
أسامة بن زيد، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد بن
الهاد، عن عبد الله بن جعفر، عن علي، وهو فيه 1 / 94 من
طريق يونس، عن ليث، عن ابن عجلان.
وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (6345) و (6346) و
(7421) و (7431) ومسلم (2730) وأحمد 1 / 228 و 254 و 339 و
356 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا
اله الا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش
العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الارض ورب العرش
الكريم.
* ذكر أخبار أصبهان: 1 / 164، العبر: 49، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 84 / ب، شذرات الذهب: 3 / 135.
[ * ]
(16/551)
ابن إبراهيم بن أيوب بن عمرو بن مسلم بن واضح الثقفي
الاصبهاني الخشاب المؤذن.
حدث عن: الحسن بن محمد الداركي، والحسن بن محمد بن دكة،
وعمر بن عبد الله بن الحسن، والفضل بن الخصيب، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وأحمد بن الفضل
الباطرقاني، وأبو سهل حمد بن أحمد الصيرفي، وآخرون.
توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
وقد قارب تسعين سنة.
403 - ابن رزيق * الشيخ المحدث
الثقة، أبو الحسن، أحمد بن عبد الله بن حميد بن
رزيق - أوله راء - شيخ بغدادي، سكن مصر.
سمع محمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن بكار السكسكي، والقاضي
المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبا علي محمد بن سعيد الرقي،
ومحمد بن جعفر بن ملاس، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ
المكي،
وانتقى عليه خلف الحافظ.
حدث عنه: سبطه أبو الحسين محمد بن مكي، ورشأ بن نظيف، وعبد
العزيز الازجي، ويوسف بن رباح.
وثقه الصوري.
مات في ربيع الاول سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد: 4 / 236 الاكمال لابن موكولا: 4 / 54،
العبر: 3 / 48 - 49، مشتبه النسبة: 1 / 314، تبصير
المنتبه: 2 / 600.
شذرات الذهب: 3 / 135، الرسالة المتسطرفة: 114.
[ * ]
(16/552)
404 - الحلبي * الامام العلامة الفقيه القاضي، أبو الحسن
علي بن محمد
بن إسحاق ابن محمد بن يزيد الحلبي الشافعي، نزيل مصل.
سمع من: جده إسحاق، وعلي بن عبدالحميد الغضائري، وعبد
الرحمن بن عبيدالله ابن أخي الامام، ومحمد بن إبراهيم بن
نيروز الانماطي، ومحمد بن نوح الجنديسابوري، ومحمد بن
الربيع بن سليمان الجيزي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري.
وعدة.
حدث عنه: عبدالملك بن أبي عثمان الزاهد، ورشأ بن نظيف،
والحسين بن عتيق التنيسي، وعبد الملك بن عمر البغدادي
الرزاز، ومحمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، وأبو
الحسين محمد بن مكي المصري، وآخرون.
قال أبو عمرو الداني: روى عن ابن مجاهد كتاب " السبعة " هو
وشيخنا أبو مسلم آخر من بقي من أصحاب ابن مجاهد.
وعمر أبو الحسن عمرا طويلا حتى نيف على عشر ومئة فيما
بلغني، وقيل: إن مولده كان في سنة خمس وتسعين ومئتين،
وتوفي في سنة ست وتسعين، فعمره مئة سنة وسنة.
أنبأنا أحمد بن عبد القادر، أخبرنا عبد الصمد بن محمد
القاضي أخبرنا طاهر بن سهل، أخبرنا محمد بن مكي الازدي،
أخبرنا علي بن محمد، حدثنا عبدالرحمن بن عبيدالله، حدثنا
محمد بن قدامة.
حدثنا جرير،
__________
* العبر: 3 / 61، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 102 / أ، غاية
النهاية: 1 / 564، حسن المحاضرة: 1 / 403، شذرات الذهب: 3
/ 147 - 148.
[ * [
(16/553)
عن رقية، عن جعفر بن إياس، عن حبيب، - يعني ابن سالم -، عن
النعمان بن بشير، قال: " أنا أعلم الناس، بميقات هذه
الصلاة، صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثه " (1).
405 - ابن زنبور * الشيخ
المسند، أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن خلف بن
زنبور البغدادي الوراق، بقية الاشياخ.
حدث عن: أبي القاسم البغوي، وأبو بكر بن أبي داود، ويحيى
بن صاعد، وعمر الدربي، وغيرهم.
حدث عنه: أبو القاسم الازهري، وأبو محمد الخلال، وجماعة
خاتمتهم أبو نصر الزينبي.
قال الازهري: هو ضعيف في روايته عن البغوي، وسماعه من
الدربي صحيح.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 1 / 264، من طريق محمد بن
قدامة بهذا
الاسناد، وأخرجه الترمذي (165) وأبو داود (419) والدارمي 1
/ 275، وأحمد 4 / 274، والنسائي 1 / 264، والحاكم 1 / 194
و 195، والبيهقي 1 / 448، 449 من طرق عن أبي عوانة، عن أبي
بشر جعفر بن أبي وحشية، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم،
عن النعمان بن بشير.
وأخرجه أحمد 4 / 270، والطيالسي (797)، والحاكم 1 / 194 من
طريق هشيم عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، ولم يذكر في
الاسناد بشير بن ثابت، قال الحاكم: تابعه رقبة بن مصقلة عن
أبى بشر هكذا اتفق رقبة وهشيم على رواية هذا الحديث عن أبي
بشر، عن حبيب بن سالم وهو إسناده صحيح، وخالفهما شعبة وأبو
عوانة، فقالا: عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن
سالم.
* تاريخ بغداد: 3 / 35 - 36، العبر: 3 / 62، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 103 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 671،
لسان الميزان: 5 / 325، شذرات الذهب.
[ * ]
(16/554)
وقال العتيقي: فيه تساهل.
توفي في صفر سنة ست وتسعين وثلاث مئة.
قال الخطيب: كان ضعيفا جدا.
قلت: سمعنا من طريقه كتاب " البعث " لابن أبي داود،
والثاني من رواية زغبة عن الليث، والثالث من مسند ابن
مسعود لابن صاعد، وهذه الاجزاء من أعلى ما عندي مع ضعفه.
406 - الابهري * الاديب المعمر
الصدوق، أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان الابهري
- أبهر أصبهان - راوي جزء لوين عن أبي جعفر محمد بن
إبراهيم الحزوري، سمعه منه في سنة خمس وثلاث مئة.
وكان من فضلاء الادباء
حدث عنه: شجاع بن علي المصقلي، وأخوه أحمد، وأبو القاسم
ابن مندة، وأبو عيسى بن زياد، ومحمد بن عمر الطهراني،
والمطهر بن عبد الواحد اليزاني، وخلق آخرهم موتا أبو بكر
بن ماجة الابهري.
توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
407 - ابن الجندي * * الشيخ،
أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي
النهشلي البغدادي.
__________
* العبر: 3 / 54، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 91 / أ، الوافي
بالوفيات: 8 / 45، شذرات الذهب: 142 3، الرسالة المستطرفه:
89.
* * تاريخ بغداد: 5 / 77 - 78، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
101 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 147 - 148، لسان الميزان: 1
/ 288، شذرات الذهب: 3 / 147.
[ * ]
(16/555)
ولد سنة ست وثلاث مئة.
وسمع من: أبي القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وأبي سعيد
العدوي.
حدث عنه: أبو الحسن العتيقي، وأبو القاسم الازهري، وأبو
محمد الخلال، وأحمد بن محمد بن النقور، و آخرون، وعمر
دهرا.
قال الازهري: ليس بشئ، حضرته وهو يقرأ عليه كتاب " ديوان
الانواع " الذي جمعه، فقال لي ابن الآبنوسي: ليس هذا
سماعه، وإنما رأى على نسخة على ترجمتها اسم وافق اسمه
فادعى ذلك (1).
وقال العتيقي: كان يرمى بالتشيع، وكانت له أصول حسان (2)،
مات في جمادى الآخر سنة ست و تسعين وثلاث مئة.
408 - المؤمل بن أحمد * ابن
محمد، الشيخ الصدوق، أبو القاسم الشيباني البغدادي
البزاز.
سكن مصر، وحدث عن: أبي القاسم البغوي، و أبي بكر بن أبي
داود، ويحيى بن صاعد، وأبي حامد الحضرمي، وطائفة.
روى عنه: يوسف بن رباح، وأبو الحسين محمد بن مكي، وجماعة.
وثقه الخطيب.
__________
(1) الخبر بنحوه في " تاريخ بغداد ": 5 / 77.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 78.
* تاريخ بغداد: 13 / 183 - 184، العبر: 3 / 51، تاريخ
الاسلام: 4 الورقة: 87 / ب، حسن المحاضرة: 1 / 371.
[ * ]
(16/556)
وعاش أربعا وتسعين سنة.
توفي سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
409 - الكلابي * المحدث الصادق
المعمر، أبو الحسين، عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد
بن موسى الكلابي الدمشقي أخو تبوك.
حدث عن: محمد بن خريم، وطاهر بن محمد، وسعيد بن عبد العزيز
الحلبي، وأبي الجهم بن طلاب، وأبي الحسن بن جوصا، وإبراهيم
بن عبدالرحمن بن مروان، وأبي عبيدة بن ذكوان، ومحمد بن
بكار السكسكي، وخلق سواهم.
حدث عنه: تمام الرازي، وعبد الوهاب الميداني، ورشأ بن
نظيف، وأبو علي الاهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وأبو
القاسم بن
الفرات، وأبو القاسم السميساطي، وأبو الحسين محمد بن أحمد
بن حسنون النرسي، وخلق سواهم.
مولده كان في ذي القعدة سنة ست وثلاث مئة.
ومات في ربيع الاول سنة ست وتسعين وثلاث مئة، وله تسعون
سنة، قاله عبد العزيز الكتاني، وقال: كان ثقة، نبيلا،
مأمونا.
وفيها مات: أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي
الحافظ، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي،
والامام أبو سعد بن الامام أبي بكر الاسماعيلي إسماعيل،
وعلي بن جعفر السيروان المعمر
__________
* العبر: 3 / 61، تاريخ الاسلام: 4 الورقة: 102 / أ،
النجوم الزاهرة: 4 / 214، شذرات الذهب: 3 / 147.
[ * ]
(16/557)
بمكة، والقاضي علي بن محمد الحلبي، والمحدث أبو عمرو محمد
بن محمد البحيري، وعلي بن محمد بن العلاف المقرئ، وأبو بكر
محمد بن علي الديباجي، وأبو بكر بن زنبور الوراق.
410 - ابن درستويه * الشيخ
الامام العدل، أبو علي، الحسن بن محمد بن درستويه
الدمشقي.
روى عن: محمد بن خريم، وأبي الحسن بن جوصا، ومكحول
البيروتي، وجماعة.
وعنه: ولده محمد، وعلي بن محمد الحنائي، وأبو علي
الاهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وإبراهيم بن الخضر الصائغ.
أرخ الكتاني موته في ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وثلاث مئة،
وقال: كان ثقة ثبتا، رحمه الله.
411 - أبو مسلم الكاتب * *
الشيخ العالم المقرئ: المسند الرحلة، أبو مسلم، محمد بن
أحمد بن علي بن الحسين البغدادي الكاتب، نزيل مصر.
حدث عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن
صاعد، ويزيد بن الهيثم، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي بكر بن
دريد، وأبي عيسى بن قطن، وأبي بكر بن الانباري، وسعيد بن
محمد أخي زبير الحافظ، وأبي
__________
* الاكمال لابن ماكولا: 3 / 323، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
98 / أ.
* * تاريخ بغداد: 1 / 323، المنتظم: 7 / 245، العبر: 3 /
71، الوافي بالوفيات: 2 / 52، غاية النهاية: 2 / 73 - 74،
شذرات الذهب: 3 / 156.
(16/558)
علي محمد بن سعيد الحراني، وأبي علي الحضائري، وإبراهيم بن
محمد ابن أحمد بن أبي ثابت، وأبي القاسم زياد بن يونس،
لقيه بالقيروان في حدود الاربعين وثلاث مئة.
وتفرد في الدنيا، وكان خاتمة من حدث عن البغوي، وابن أبي
داود على لين فيه.
حدث عنه: الحافظ عبد الغني الازدي، وأبو عمرو الداني، ورشأ
بن نظيف، وأبو علي الاهوازي، وأحمد بن بابشاذ الجوهري وأبو
الفضل بن بندار، وأبو الحسين محمد بن مكي الازدي، ومحمد بن
أبي عدي السمرقندي، وأبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون
الحسيني، وعلي بن بقاء الوراق، والقاضي محمد بن سلامة
القضاعي، وعدد كثير.
قال الخطيب: قال لي الصوري: بعض أصول أبي مسلم عن البغوي
وغيره جياد.
قلت: فكيف حاله من حال ابن الجندي ؟ فقال: قد اطلع منه
على تخليط، وهو أمثل من ابن الجندي.
حدثني وكيل أبي مسلم وكان محدثا حافظا، يقال له: أبو
الحسين العطار، قال: ما رأيت في أصول أبي مسلم عن البغوي
شيئا صحيحا غير جزء واحد، كان سماعه فيه صحيحا، وما عداه
كان مفسودا (1).
قال أبو بكر الخطيب: كان كاتب الوزير أبي الفضل بن حنزابة
(2).
قال أبو إسحاق الحبال: مات أبو مسلم في ذي القعدة سنة تسع
وتسعين وثلاث مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 323.
(2) المصدر السابق.
[ * ]
(16/559)
412 - الاصيلي * الامام، شيخ المالكية، عالم الاندلس، أبو
محمد، عبد الله بن إبراهيم
الاصيلي.
نشأ بأصيلا من بلاد العدوة، وتفقه بقرطبة.
سمع ابن المشاط، وابن السليم القاضي، ووهب بن مسره، - لقيه
بوادي الحجارة -، وأبا الطاهر الذهلي، وابن حيوبه، وأبا
إسحاق بن شعبان، وعدة بمصر، وكتب بمكة عن أبي زيد الفقيه "
صحيح البخاري " ولحق أبا بكر الآجري، وأخذ ببغداد عن أبي
بكر الشافعي، وابن الصواف، والقاضي الابهري.
وله كتاب " الدلائل " في اختلاف مالك وأبي حنيفة والشافعي.
قال القاضي عياض: قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الاصيلي،
ولم أر مثله.
قال عياض: كان من حفاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث
وعلله ورجاله، يرى أن النهي عن إتيان أدبار النساء على
الكراهة، وينكر الغلو في الكرامات، ويثبت منها ما صح.
ولي قضاء سرقسطة.
قال: وكان نظير ابن أبي زيد بالقيروان، وعلى طريقته وهديه،
وفيه زعارة.
حمل الناس
__________
* تاريخ علماء الاندلس: 1 / 249، طبقات الشيرازي: 164،
جذوة المقتبس: 257 - 258، ترتيب المدارك: 4 / 642 - 644،
بغية الملتمس: 340 - 341، معجم البلدان: 1 / 212 - 213،
تذكرة الحفاظ: 3 / 1024 - 1025، تاريخ الاسلام: 4 الورقة:
88 / ب، العبر: 3 / 52 - 53، الديباج المذهب: 1 / 433 -
435، وفات ابن قنفذ: ص 223، طبقات الحفاظ: 405 - 406،
شذرات الذهب: 3 / 140، شجرة النور الزكية: 1 / 100 - 101.
[ * ]
(16/560)
عنه.
توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، وشيعه أمم.
413 - النصيبي * الامام الحافظ
البارع الناقد، وأبو العباس، أحمد بن أبي الليث نصر ابن
محمد النصيبي المصري، نزيل نيسابور، وصاحب
التصانيف.
قال أبو عبد الله الحاكم: هو باقعة في الحفظ، شبهت مذاكرته
بالسحر، وكان يتقشف ويجالس الصالحين.
ثم ذهب إلى ما وراء النهر، وأقبل على الادب والشعر، ودخل
في الاعمال السلطانية، ثم اجتمعت به هناك وحفظه كما كان.
فكنت أتعجب منه.
سمع بمصر أصحاب يونس بن عبدالاعلى، وأحمد بن أخي ابن وهب،
وبالشام أبا هاشم الكناني، وأحمد بن عبدالرحيم القيسراني،
وبالعراق أبا عبد الله الحكيمي، وإسماعيل الصفار،
وبنيسابور أبا العباس
الاصم.
مات في سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
قلت: روى عنه الحاكم، والقدماء.
ورأيت تصنيفا في السنن مخروما أظنه له، وما أحسب أنه وقع
لي شئ من حديثه، إلا أن يكون بإجازة.
وفيها مات معه أبو حامد أحمد بن المزكي أبي إسحاق إبراهيم
بن محمد بن يحيى النيسابوري، والمسند أبو حامد أحمد بن عبد
الله بن نعيم النعيمي السرخسي، ومؤرخ مصر العلامة أبو محمد
الحسن بن إبراهيم بن
__________
* تذكرة الحفاظ: 3 / 1015 - 1016، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 60 / ب، الوافي بالوفيات: 8 / 213، طبقات الحفاظ:
402، شذرات الذهب: 3 / 122.
[ * ]
(16/561)
زولاق المصري عن ثمانين سنة - لقي الطحاوي ونحوه - وشيخ
القراء بمصر أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري
في المحرم.
والشيخ أبو أحمد عبيدالله بن يعقوب بن إسحاق بن جميل
الاصبهاني راوي مسند أحمد ابن منيع، سمعه من جده عنه،
ومسند العراق أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي السكري
الصيرفي في شوال، وشيخ الشافعية أبو عبد الله محمد ابن
الحسن بن إبراهيم الجرجاني المعروف بالختن، - يعني ختن
الاسماعيلي -، والقدوة الواعظ أبو طالب محمد بن علي بن
عطية المكي، - صاحب " القوت " - وصاحب مصر العزيز بالله
نزار بن المعز معد العبيدي الرافضي، وعالم المغرب أبو محمد
عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي.
414 - ابن خرشيذ قوله * الشيخ
المسند، أبو علي، أحمد بن عمر بن خرشيذ قوله
الاصبهاني
التاجر، أحد الاثبات.
كان كثير الترحال.
حدث بمصر ومكة وببغداد، واستوطن مصر.
سمع أبا حامد الحضرمي، وأبا بكر بن زياد النيسابوري.
وعنه: العتيقي، وإسماعيل بن رجاء العسقلاني، ورشأ بن نظيف،
وخلق.
وثقه الخطيب.
__________
* ذكر أخبار أصبهان: 161، تاريخ بغداد: 4 / 292 - 293.
[ * ]
(16/562)
وقال الخطيب: مات في جمادى الاولى سنة أربع وتسعين وثلاث
مئة.
قلت: لعله نسيب أبي إسحاق بن خرشيذ قوله.
وفيها توفي أبو معاذ شاه بن عبدالرحمن الهروي، وأبو عمر بن
عبد الوهاب السلمي، وأبو جعفر محمد بن محمد بن جعفر
الماليني، ومحمد ابن عبدالملك بن ضيفون القرطبي - لقي ابن
الاعرابي -، ويحيى بن إسماعيل الحربي المزكي.
415 - الختن * الامام العلامة،
شيخ الشافعية، أبو عبد الله، محمد بن الحسن بن
إبراهيم الاستراباذي ثم الجرجاني الشافعي، المعروف بالختن،
كان ختن الامام أبي بكر الاسماعيلي.
مولده في سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
كان رأسا في المذهب، صاحب وجه، مقدما في علم الادب، وفي
القراءات، ومعاني القرآن، ذكيا، مناظرا، كبير الشأن.
سمع من: أبي نعيم عبدالملك بن عدي وطبقته بجرجان، ومن عبد
__________
* طبقات العبادي: 111، تاريخ جرجان: 408 - 409، طبقات
الشيرازي: 121، الانساب: 5 / 47، اللباب: 1 / 422، وفيات
الاعيان: 4 / 203، طبقات السبكي: 3 / 136 - 138، طبقات
الاسنوي: 1 / 465 - 466، العبر: 3 / 33، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 62 / أ، الوافي بالوفيات: 2 / 338 - 339، النجوم
الزاهرة: 4 / 175، طبقات المفسرين للداووي: 2 / 117 - 118،
طبقات ابن هداية الله: 104 - 105، شذرات الذهب: 3 / 120.
[ * ]
(16/563)
الله بن جعفر بن فارس ونحوه بأصبهان، ومن أبي العباس الاصم
بنيسابور، وأكثر عن الاصم.
وكان معنيا بالحديث، عارفا به، شرح " التلخيص " لابي
العباس بن القاص.
خلف من الاولاد أبا بشر الفضل، وأبا النضر عبد الله، وأبا
الحسن عبد الواسع.
تفقه به جماعة.
ومات بجرجان في يوم عرفه، ودفن يوم النحر سنة ست وثمانين
وثلاث مئة.
حدث عنه طائفة منهم الحافظ حمزة بن يوسف السهمي.
416 - ابن أخي ميمي * الشيخ
الصدوق المسند، أبو الحسين، محمد بن عبد الله بن
الحسين ابن عبد الله بن هارون البغدادي الدقاق، أحد
الثقات، ويعرف بابن أخي
ميمي.
سمع أبا القاسم البغوي، وأبا جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول،
وأبا حامد الحضرمي، وابن صاعد، وإسماعيل الوراق، وعدة.
حدث عنه: أبو طالب العشاري، وأبو محمد بن هزارمرد، وأبو
الحسين بن النقور، وجماعة كثيرة.
__________
* تاريخ بغداد: 5 / 465، العبر: 3 / 47، تاريخ الاسلام: 4
الورقة: 80 / ب، البداية والنهاية: 11 / 327، شذرات الذهب:
3 / 134.
[ * ]
(16/564)
وانتشر حديثه.
مات في سلخ رجب سنة تسعين وثلاث مئة، وكان من أبناء
التسعين.
وقع لنا بالاجازة أربعة أجزاء من حديثه.
أنبأنا المؤمل بن محمد وغيره: أن الخضر بن كامل السروجي
أخبرهم، أخبرنا الحسين بن علي السبط، أخبرنا أبو الحسين بن
النقور، أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق، حدثنا عبد الله
بن محمد، حدثنا أبو نصر التمار، حدثتنا أم نهار، عن عمتها
أمينة أنها لقيت عائشة رضي الله عنها فسألتها عن الحناء،
فقالت: لا بأس به، بقلة رطبة، ولا تقربنه وأنتن حيض،
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة
والمقشورة، والواصلة والموصولة.
هذا حديث غريب فرد (1).
والمقشورة: التي تقشر وجهها بالغمرة (2).
__________
(1) أخرجه أحمد 6 / 250 من طريق عبد الصمد.
حدثتنا أم نهار بهذا الاسناد وفيه " آمنة " بدل " أمينة "
وسماها آمنة وأم نهار مجهولة، وكذا عمتها، فالسند ضعيف.
قال ابن الاثير في النهاية: القاشرة: التي تعالج وجهها أو
وجه غيرها بالغمرة ليصفو لونها، والمقشورة: التي يفعل بها
ذلك كأنها تقشر أعلى الجلد.
(2) الغمرة: قال أبو سعيد: الغمرة: تمر ولبن يطلى به وجه
المرأة ويداها حتى ترق بشرتها.
وقال ابن سيده: الغمرة: الزعفران.
وقيل: الورس.
" لسان العرب ".
[ * ]
(16/565)
تم بعونه تعالى الجزء السادس عشر من سير أعلام النبلاء
ويليه الجزء السابع عشر وأوله ترجمة صاحب الموصل حسام
الدين مقلد بن المسيب العقيلي.
* * * جاء في آخر المجلد العاشر من الاصل ما نصه: تم الجزء
العاشر من سير أعلام النبلاء للشيخ الامام العالم العامل
الحجة الناقد البارع، جامع أشتات الفنون، مؤرخ الاسلام،
شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي.
فسح الله في مدته.
وهي أول نسخة نسخت من خط المصنف وقوبلت عليه بحسب الامكان.
ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة ويتلوه في الجزء
الذي يليه - وهو الحادي عشر - صاحب الموصل حسام الدين مقلد
بن المسهب العقيلي وكان الفراغ منه ليلة الاحد لعشر خلون
من شهر رجب سنة إحدى وأربعين وسبعمئة.
(16/566)
|