سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 17
سير أعلام النبلاء
الذهبي ج 17

(17/)


سير اعلام النبلاء

(17/1)


الطبعة الاولى 1401 ه - 1981 م الطبعة الثانية 1402 ه - 1982 م الطبعة الثالثة 1405 ه 1985 م الطبعة الرابعة 1406 ه - 1986 م مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة هاتف: 319039 - 241692 ص.
ب: 7460 برقيا: بيوشران

(17/2)


سير اعلام النبلاء تصنيف الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748 ه - 1374 م الجزء السابع عشر حققه وخرج أحاديثه وعلى عليه شعيب الارنؤوط محمد نعيم العرقسوسي مؤسسة الرسالة

(17/3)


بسم الله الرحمن الرحيم

(17/4)


1 - صاحب الموصل * حسام الدولة، مقلد بن المسيب بن رافع بن المقلد العقيلي.
تغلب أخوه أبو الزواد (1) محمد بن المسيب على الموصل سنة ثمانين وثلاث مئة، وزوج بنته بولد (2) عضد الدولة، ومات سنة سبع وثمانين، فتملك مقلد.
وكان عاقلا سائسا خبيرا، اتسعت ممالكه، وأتته خلع القادر بالله (3)، واستخدم ألوفا.
__________
* الكامل لابن الاثير 9 / 125، 126 و 133 - 135 و 164، وفيات الاعيان 5 / 260 - 269، العبر 3 / 51، دول الاسلام 1 / 236، تاريخ الاسلام 4 / 87 / 2، تاريخ ابن خلدون 4 / 255 - 257، النجوم الزاهرة 4 / 203، شذرات الذهب 3 / 138، منية الادباء في تاريخ الموصل الحدباء 46، 47.
(1) كذا الاصل، وفي " تاريخ الاسلام " و " الكامل ": " الذواد " بالذال المعجمة، وفي " وفيات الاعيان ": " الدواد " بالدال المهملة، وأشار محققه إلى أنه جاء في نسخة بالمعجمة، وفي أخرى: " الزواد " كما هو في أصلنا.
(2) وهو بهاء الدولة أبو نصر أحمد بن عضد الدولة، وسترد ترجمته في هذا الجزء برقم (106).
(3) هو الخليفة العباسي أبو العباس أحمد بن الامير إسحاق بن المقتدر جعفر بن المعتضد البغدادي، المتوفى سنة 422 ه، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/5)


وله شعر (1) وأدب، وفيه رفض.
وثب عليه مملوك في مجلس أنسه، فقتله في صفر سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، لكونه سمعه يقول: لولا ضجيعاك لزرتك (2).
رثاه الشريف الرضي (3).
وجماعة.
وله أخبار في " تاريخ " ابن خلكان.
وتملك بعده ابنه معتمد الدولة قرواش (4)، فدامت دولته نحوا من خمسين سنة.

2 - الطوسي * الامام الحافظ، أبو الفضل، نصر بن أبي نصر محمد بن أحمد بن يعقوب، الطوسي العطار.
ولد في حدود سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع أبا محمد بن الشرقي، وأبا حامد بن بلال، وأبا عبد الله
__________
(1) انظر ما أورده ابن خلكان من شعره في " الوفيات " 5 / 262.
(2) الخبر بتمامه في " تاريخ الاسلام " 4 / 87 / 2، و " وفيات الاعيان " 5 / 263، و " النجوم الزاهرة " 4 / 203، و " شذرات الذهب " 3 / 138 وفيها " صاحباك " بدل " ضجيعاك ".
(3) بقصيدة مطلعها: أعامر لا لليوم أنت ولا الغد * تقلدت ذل الدهر بعد المقلد وهي في " ديوانه " 1 / 369 - 373.
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (427).
* تاريخ الاسلام 4 / 50 / 1، تذكرة الحفاظ 3 / 1016، النجوم الزاهرة 4 / 166، طبقات الحفاظ 402، شذرات الذهب 3 / 106.
(*)

(17/6)


المحاملي، وابن مخلد العطار، وابن عقدة، ومحمد بن الحسين القطان، وابن الاعرابي، ومحمد بن وردان العامري، وأحمد بن زبان الكندي، وابن حبيب الحصائري (1)، وخيثمة، والربيع بن سلامة الرملي، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، حسن التصانيف.
حدث عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو نعيم، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بخراسان مع ما يرجع إليه من الدين والزهد والسخاء والتعصب لاهل السنة، أول رحلته كانت إلى مرو، إلى الليث بن محمد المروزي.
قال: وما خلف يوم مات بالطابران (2) مثله، وأما علوم الصوفية وأخبارهم ولقي مشايخهم، فإنه ما خلف في ذلك بخراسان مثله (3).
قلت: وقد صحب أبا بكر الشبلي ببغداد.
توفي في المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
أخبرنا ابن عساكر (4)، عن عبدالمعز، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد
__________
(1) هو أبو علي الحسن بن حبيب الدمشقي الحصائري، قال في " التوضيح " 1 / 205 / 2: ويقال فيه: الحصري.
وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) قال ياقوت: هي إحدى مدينتي طوس، لان طوس عبارة عن مدينتين، أكبرهما طابران، والاخرى نوقان، وقد قيل لبعض من نسب إليها: الطبراني، والمحدثون ينسبون هذه النسبة إلى طبرية الشام.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 50 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1016.
(4) هو أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد الدمشقي، المتوفى سنة 699 ه، ترجمه المؤلف في " مشيخته " ورقة 20 / 2.
(*)

(17/7)


الطبيب، أخبرنا نصر بن محمد العطار، أخبرنا أحمد بن الحسين بمصر، حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي، حدثنا الوليد بن موسى، حدثنا منبه بن
عثمان، عن عروة بن رويم، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن مؤمني الجن لهم ثواب، وعليهم عقاب ".
فسألناه عن ثوابهم وعن مؤمنيهم، قال: " [ على ] الاعراف وليسوا في الجنة " قلنا: وما الاعراف ؟ قال: " حائط الجنة تجري فيه الانهار، وتنبت فيه الاشجار والثمار ".
هذا حديث منكر جدا (1).

3 - ابن بكير * الامام المحدث الحافظ، مفيد بغداد، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير، البغدادي الصيرفي.
سمع أبا جعفر ابن البختري (2)، وإسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وطبقتهم.
__________
(1) هو في تاريخ ابن عساكر في ترجمة الوليد بن موسى، كما في تفسير ابن كثير 3 / 416، وقال العقيلي في " الضعفاء " الورقة 424: أحاديثه بواطيل، لا أصول لها، ليس ممن يقيم الحديث، وقال المؤلف رحمه الله في " الميزان ": قال الدارقطني: منكر الحديث، وقواه أبو حاتم، وقال غيره: متروك، ووهاه العقيلي وابن حبان، ونقل ابن حجر في " اللسان " عن الحاكم قوله: روى عن عبدالرحمن بن ثابت عن ثوبان أحاديث موضوعة.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 277، والدر المنثور 3 / 88 ونسبه إلى البيهقي في " البعث ".
* تاريخ بغداد 8 / 13، 14، تاريخ الاسلام 4 / 71 / 2، العبر 3 / 38، 39، تذكرة الحفاظ 3 / 1017، طبقات الحفاظ: 403، شذرات الذهب 3 / 128.
(2) هو محمد بن عمرو بن البختري الرزاز المحدث المشهور، المتوفى سنة 339 ه، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/8)


حدث عنه: ابن شاهين وهو من شيوخه، وأبو العلاء الواسطي، وعبيد الله الازهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وجماعة.
قال الازهري: سمعته يقول: هذا الحديث كتبه عني محمد بن إسماعيل الوراق، والدارقطني (1).
قال الازهري: كنت أحضر عنده وبين يديه أجزاء، فأنظر فيها، فيقول: أيما احب إليك: تذكر لي متنا حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسنادا حتى أخبرك بمتنه ؟ فكنت أذكر له المتون، فيحدثني بأسانيدها كما هي حفظا، فعلت هذا معه مرارا كثيرة، وكان ثقة، لكنهم حسدوه، وتكلموا فيه (2).
قال ابن أبي الفوارس: كان يتساهل في الحديث، ويلحق في بعض أصول الشيوخ ما ليس منها، ويصل المقاطيع (3).
توفي ابن بكير في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، وعاش إحدى وستين سنة، رحمه الله (4).
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 71 / 2، و " تاريخ بغداد " 8 / 13، والحديث ذكره الخطيب بإسناده عن ابن بكير...عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مناديا ينادي يوم خيبر بتحريم لحوم الحمر الاهلية.
قال ابن بكير: كتبه عني علي بن عمر الدارقطني، وعمر بن شاهين، وأبو بكر بن إسماعيل الوراق، وغيرهم.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 71 / 2، و " تاريخ بغداد " 8 / 13، 14.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 14.
والمقطوع هو ما كان موقوفا على التابعي، وقد يعبر عنه بعضهم بالموقوف، ولكن يقيده، فيقول: هذا موقوف على ابن المسيب أو على نافع.
انظر " ألفية السيوطي " ص 22، و " تدريب الراوي " 1 / 184 و 194.
(4) وقيل: توفي سنة ثلاث وثمانين.
" تاريخ بغداد " 8 / 14.
= (*)

(17/9)


4 - ابن أبي زيد * الامام العلامة القدوة الفقيه، عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد الله بن أبي زيد، القيرواني المالكي، ويقال له: مالك الصغير.
وكان أحد من برز في العلم والعمل.
قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الاقطار ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب، وملا البلاد من تواليفه، تفقه بفقهاء القيروان، وعول على أبي بكر بن اللباد.
وأخذ عن: محمد بن مسرور الحجام، والعسال، وحج، فسمع من أبي سعيد بن الاعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودراس (1) بن إسماعيل، وغيرهم.
سمع منه خلق كثير منهم: الفقيه عبدالرحيم (2) بن العجوز السبتي، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي (3)، وعبد الله بن الوليد بن سعد
__________
* الفهرست لابن النديم 253، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135، ترتيب المدارك 4 / 492 - 497، فهرست ابن خير 244، تاريخ الاسلام 4 / 75 / 2، دول الاسلام 1 / 335، العبر 3 / 43، 44، عيون التواريخ 12 / 245 / 2، مرآة الجنان 2 / 441، الديباج المذهب 1 / 427 - 430، النجوم الزاهرة 4 / 200، شذرات الذهب 3 / 131، هدية العارفين 1 / 447، 448، شجرة النور 1 / 96، تكميل الصلحاء والاعيان لمعالم الايمان لابن ناجي: 306، وانظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 154 - 160.
(1) في الاصل: " دارس "، والمثبت من مصادر الترجمة، وهو مترجم في " ترتيب المدارك " 4 / 395.
(2) في الاصل: " عبدالرحمن " وهو خطأ، وهو عبد الرحيم بن أحمد الكتامي أبو عبد الرحمن، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (235).
(3) سترد ترجمته برقم (349).
(*)

(17/10)


الانصاري (1)، وأبو بكر أحمد (2) بن عبدالرحمن الخولاني (3).
صنف كتاب: " النوادر والزيادات " (4) في نحو المئة جزء، واختصر " المدونة "، وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب، وصنف (5) كتاب " العتبية " (6) على الابواب، وكتاب " الاقتداء بمذهب مالك "، وكتاب " الرسالة " (7)، وكتاب " الثقة بالله والتوكل على الله "، وكتاب " المعرفة والتفسير " (8)، وكتاب " إعجاز القرآن "، وكتاب " النهي عن الجدال "، ورسالته في الرد على القدرية، ورسالته في التوحيد، وكتاب
__________
(1) سترد ترجمته برقم (447).
(2) في الاصل: أبو أحمد بن عبدالرحمن، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وسترد ترجمته برقم (343).
(3) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 492 - 494.
(4) هو الزيادات على " المدونة " للامام مالك، ويوجد من كتاب النوادر نسخة مخطوطة في مكتبة القرويين بفاس 841، 901.
(5) أي هذب.
(6) منسوبة إلى مصنفها محمد بن أحمد بن عبد العزيز عتبة العتبي القرطبي، المتوفى سنة 254، وهي مسائل في مذهب الامام مالك، وتسمى " المستخرجة العتبية " انظر الحديث عنها في " ترتيب المدارك " 3 / 145، 146، و " الديباج المذهب " 2 / 177، وقد هذبها ابن أبي زيد على الابواب.
(7) في الفروع المالكية.
قال في " شجرة النور ": " وسأله تأليفها الشيخ محرز بن خلف التونسي، وهي أول تآليفه، ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب ".
وقد نشرت في فاس دون تاريخ، وفي القاهرة سنة 1338 ه، وفي باريس سنة 1914 م مترجمة إلى الفرنسية، ونشرت مع ترجمة إنكليزية في لندن 1906، وطبعت وبهامشها الشرح المسمى " تقريب المعاني " للشيخ عبدالمجيد الشرنوبي في بولاق سنة 1314 ه، وفي مصر سنة 1320 و 1331 ه.
وعلى هذه " الرسالة " شروح كثيرة، طبع منها شرح الرسالة لابي عبد الله محمد بن قاسم جسوس، في أربعة أجزاء بمدينة فاس سنة 1312 ه، وشرح الرسالة لابي الحسن علي بن محمد المنوفي الشاذلي، المتوفى سنة 939 ه بعنوان " كفاية الطالب " مع حاشية على الشرح لعلي بن أحمد بن مكرم العدوي الصعيدي المنافسي، المتوفى سنة 1189 ه.
(8) كذا في الاصل و " تاريخ الاسلام "، وفي " ترتيب المدارك " و " الديباج المذهب " و " شجرة النور ": " المعرفة واليقين ".
(*)

(17/11)


" من تحرك عند القراءة " (1).
وقيل: إنه صنع " رسالته " المشهورة وله سبع عشر سنة.
وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة وإحسان.
وقيل: إنه نفذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي (2) ألف دينار، وهذا فيه بعد فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلا بعد زمان أبي محمد.
نعم قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان.
بمئة وخمسين دينارا، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي (3) بأربع مئة دينار من مال ابن أبي زيد (4).
وقيل: إن محرزا التونسي (5) أتي بابنة ابن أبي زيد وهي زمنة، فدعا
لها، فقامت، فعجبوا، وسبحوا الله، فقال: والله، ما قلت إلا: بحرمة والدها عندك اكشف ما بها.
فشفاها الله (6).
قلت: وكان رحمه الله على طريقة السلف في الاصول، لا يدري الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق.
__________
(1) انظر جملة تآليفه في " ترتيب المدارك " 4 / 494، و " الديباج " 1 / 429، 430 وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " 2 / 160.
(2) سترد ترجمته برقم (287).
(3) سترد ترجمته برقم (99).
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 75 / 2.
(5) هو أبو محفوظ محرز بن خلف بن رزين، من نسل أبي بكر الصديق، من كبار الزهاد، تهافت عليه الناس للتبرك به وسماع كلامه، توفي سنة 413 ه.
انظر ترجمته في " شجرة النور الزكية " 2 / 202، 203.
(6) " تاريخ الاسلام " 4 / 75 / 2.
(*)

(17/12)


وقد حدث عنه بالسيرة النبوية " تهذيب " ابن هشام عبد الله بن الوليد بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد، لقيه بمصر.
ولما توفي رثاه عدة من الشعراء (1).

5 - أبو الهيثم * قال أبو إسحاق الحبال: مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاث مئة، وكذا أرخه أبو القاسم بن مندة، وأرخ موته القاضي عياض (2) وغيره في سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
شيخ الحنفية، نعمان زمانه، القاضي أبو الهيثم، عتبة بن خيثمة،
ابن محمد بن حاتم، النيسابوري الحنفي.
سمع من: أبي العباس الاصم وجماعة.
وتفقه على أبي الحسين (3) النيسابوري قاضي الحرمين.
وصار أوحد عصره في المذهب حتى قيل: لم يبق بخراسان قاض حنفي إلا وهو ينتمي إليه (4).
قال الامام أبو عبد الله الحليمي: لقد بارك الله في علم الفقيه أبي الهيثم، فليس بما وراء النهر أحد يرجع إلى النظر والجدل إلا من أصحابه.
قلت: روى عنه الحاكم في " تاريخه " حديثا، وعظمه، وأثنى عليه.
__________
(1) انظر شيئا من رثائه في " ترتيب المدارك " 4 / 496، 497.
* العبر 3 / 94، 95، الجواهر المضية 2 / 511، كتائب أعلام الاخيار برقم 222، الطبقات السنية رقم (1398)، شذرات الذهب 3 / 181، الفوائد البهية 115.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 496.
(3) هو أحمد بن محمد بن عبد الله، تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) " الجواهر المضية " 2 / 511.
(*)

تعليق المستخدم :[5 - أبو الهيثم * قال أبو إسحاق الحبال: مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاث مئة، وكذا أرخه أبو القاسم بن مندة، وأرخ موته القاضي عياض (2) وغيره في سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
شيخ الحنفية، نعمان زمانه، القاضي أبو الهيثم، عتبة بن خيثمة] .

هذه الفقرة فيها خطأ كما هو ظاهر ، والصحيح يجب أن يكون هكذا [5 - أبو الهيثم * شيخ الحنفية، نعمان زمانه، القاضي أبو الهيثم، عتبة بن خيثمة] .

أما هذه العبارة [ قال أبو إسحاق الحبال: مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاث مئة، وكذا أرخه أبو القاسم بن مندة، وأرخ موته القاضي عياض (2) وغيره في سنة ست وثمانين وثلاث مئة. ] فهي تابعة للترجمة رقم (4) التي قبلها ، وهي ترجمة ابن أبي زيد .
كتبه : عبد الرحمن الشامي

(17/13)


بقي إلى حدود نيف وثمانين وثلاث مئة (1).

6 - الصيمري * شيخ الشافعية (2) وعالمهم، القاضي أبو القاسم، عبد الواحد بن الحسين الصيمري، من أصحاب الوجوه.
تفقه بأبي حامد المروروذي (3)، وبأبي الفياض (4).
وارتحل الفقهاء إليه إلى البصرة، وعليه تفقه أقضى القضاة
الماوردي.
وصنف كتاب: " الايضاح في المذهب " سبع مجلدات، وكتاب " القياس والعلل "، وغير ذلك.
__________
(1) وقد أورده المؤلف في " العبر " في وفيات سنة 406، وهو تاريخ وفاته في " الجواهر المضية ".
* طبقات الفقهاء للشيرازي: 125، معجم البلدان 3 / 439، طبقات ابن الصلاح لوحة 62 / 2، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 265، عيون التواريخ 12 / 261، طبقات السبكي 3 / 339، طبقات الاسنوي 2 / 127، 128، طبقات ابن هداية الله: 129، 130، هدية العارفين 1 / 433، والصيمري: بصاد مهملة مفتوحة، ثم ياء ساكنة، بعدها ميم مفتوحة ضمها بعضهم، نسبة إلى " صيمر " - وفي معجم البلدان: صيمرة - نهر من أنهار البصرة عليه عدة قرى.
(2) وقد وهم القرشي، فأورده في كتابه: " الجواهر المضية في طبقات الحنفية " برقم (878)، وقال: عالم من فقهاء خراسان، سكن البصرة، صاحب التصانيف.
(3) هو أحمد بن بشر بن عامر العامري المروروذي، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هو أبو الفياض محمد بن الحسن بن المنتصر البصري، تفقه على أبي حامد المروروذي، درس بالبصرة، وعنه أخذ فقهاؤها، توفي في حدود سنة 385 ه، مترجم في طبقات الشيرازي: 99، طبقات الاسنوي 1 / 192، 193، طبقات ابن الصلاح الورقة 10 أ، طبقات ابن هداية الله 116، هدية العارفين 2 / 54.
(*)

(17/14)


وقد حدث ببعض كتبه في سنة سبع وثمانين وثلاث مئة رحمه الله (1).

7 - ابن أبي عامر * الملك المنصور، حاجب الممالك الاندلسية، أبو عامر، محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد بن وليد القحطاني المعافري القرطبي، القائم بأعباء دولة الخليفة المرواني المؤيد بالله هشام بن الحكم أمير الاندلس، فإن هذا المؤيد استخلف ابن تسع سنين، وردت مقاليد الامور إلى الحاجب هذا، فيعمد إلى خزائن كتب الحكم، فأبرز ما فيها، ثم أفرد ما فيها من كتب الفلسفة، فأحرقها بمشهد من العلماء، وطمر كثيرا منها، وكانت كثيرة إلى الغاية، فعله تقبيحا لرأي المستنصر الحكم (2).
وكان بطلا شجاعا، حازما سائسا، غزاء عالما، جم المحاسن، كثير الفتوحات، عالي، الهمة، عديم النظير، وسيأتي من أخباره في ترجمة المؤيد (3).
دام في المملكة نيفا وعشرين سنة، ودانت له الجزيرة (4).
وأمنت
__________
(1) سيذكره المؤلف مع وفيات سنة 405 عقب ترجمة الحاكم رقم (100).
* يتيمة الدهر 2 / 62، جذوة المقتبس 78، 79، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الاول / 56 - 78، بغية الملتمس 105، تاريخ ابن الاثير 8 / 677 و 9 / 33، 176، الحلة السيراء 1 / 268 - 277، تكملة الصلة 1 / 437، المغرب في حلي المغرب 1 / 199 - 203، البيان المغرب 2 / 301، تاريخ الاسلام 4 / 93 / 2، 94 / 1، العبر 3 / 56، دول الاسلام 1 / 237، الوافي بالوفيات 3 / 312، تاريخ ابن خلدون 4 / 147، نفح الطيب 1 / 396 - 423 و 3 / 85 - 94، غزوات العرب 192، 193، شذرات الذهب 3 / 143، 144.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 93 / 2، و " الوافي بالوفيات " 3 / 312.
(3) انظر الترجمة رقم (78).
(4) يعني بلاد الاندلس.
(*)

(17/15)


به، وقد وزر له جماعة.
وكان المؤيد معه صورة بلا معنى، بل كان محجوبا لا يجتمع به أمير ولا كبير، بل كان أبو عامر يدخل عليه قصره، ثم يخرج فيقول: رسم أمير المؤمنين بكذا وكذا، فلا يخالفه أحد، وإذا كان بعد سنة أو أكثر، أركبه فرسا، وجعل عليه برنسا، وحوله جواريه راكبات، فلا يعرفه أحد (1).
وقد غزا أبو عامر في مدته نيفا وخمسين غزوة، وكثر السبي حتى لابيعت (2) بنت عظيم ذات حسن بعشرين دينارا، ولقد جمع من غبار غزواته ما عملت منه لبنة، والحدت على خده، أو ذر ذلك على كفنه (3).
توفي بأقصى الثغور بالبطن (4) سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وكان جوادا ممدحا معطاء.
وتملك بعده ابنه أبو مروان عبدالملك (5).

8 - المرجي * الشيخ المعمر، أبو القاسم، نصر بن أحمد بن محمد بن الخليل
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 93، 94.
(2) أباع الشئ: عرضه للبيع.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2، و " جذوة المقتبس " 79، و " الوافي " 3 / 312.
(4) البطن: هو مرض البطن كالاستسقاء ونحوه.
(5) هو الملك المظفر الحاجب، له ترجمة في " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2، ونفح الطيب " 1 / 423.
* معجم البلدان 5 / 101، اللباب 3 / 194، تاريخ الاسلام 4 / 84 / 1.
والمرجي: نسبة إلى المرج، وهو عمل كبير من أعمال الموصل، يشتمل على قرى كثيرة،
ويعرف بمرج الموصل.
(*)

(17/16)


الموصلي المرجي، الراوي عن أبي يعلى الموصلي، بل هو خاتمة من روى عنه.
روى عنه خلق كثير، منهم: أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي، وعبد الله بن جعفر الخبازي الحافظ، وعبيدالله بن أحمد بن عبد الاعلى الرقي، وقاضي الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، والمقرئ أبو علي الحسن بن علي الاهوازي، وأحمد بن عبدا لباقي بن طوق.
وما علمت فيه جرحا.
وبقي إلى سنة تسعين وثلاث مئة.
وقد أجاز لجماعة آخرهم القاسم بن البسري.
توفي في عشر المئة رحمه الله.

9 - ابن جني * إمام العربية، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، صاحب التصانيف.
__________
* يتيمة الدهر 1 / 108، الفهرست 95، تاريخ بغداد 11 / 311، 312، دمية القصر 3 / 1481 - 1485، نزهة الالباء 332 - 334، المنتظم 7 / 220، 221 وفيات سنة 392، معجم الادباء 12 / 81 - 115، إنباه الرواة 2 / 335 - 340، اللباب 1 / 299، وفيات الاعيان 3 / 246 - 248، تاريخ أبي الفداء 2 / 136، العبر 3 / 53، دول الاسلام 1 / 236، تاريخ الاسلام 4 / 89 / 2، تلخيص ابن مكتوم 165، 166، عيون التواريخ وفيات سنة 392، مرآة الجنان 2 / 445، البداية والنهاية 11 / 331، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 123 - 126، النجوم الزاهرة 4 / 205، بغية الوعاة 2 / 132، مفتاح السعادة 1 /
134، 135، مسالك الابصار ج 4 مجلد 2 / 307، إشارة التعيين 30 / 1، الفهرس التمهيدي 298، شذرات الذهب 3 / 140، 141، روضات الجنات 466، حاشية البغدادي على شرح بانت سعاد لابن هشام 1 / 199 - 201.

(17/17)


كان أبوه مملوكا روميا لسليمان بن فهد الموصلي (1).
وله ترجمة طويلة في " تاريخ الادباء " لياقوت.
لزم أبا علي الفارسي (2) دهرا، وسافر معه حتى برع وصنف، وسكن بغداد، وتخرج به الكبار.
وله " سر الصناعة " (3) و " اللمع "، و " التصريف " (4)، و " التلقين في النحو "، و " التعاقب "، و " الخصائص " (5)، و " المقصور والممدود "، و " ما يذكر ويؤنث "، و " إعراب الحماسة "، و " المحتسب في الشواذ " (6).
__________
(1) وفي ذلك يقول ابن جني: فإن أصبح بلا نسب * فعلمي في الورى نسبي على أني أؤول إلى * قروم سادة نجب قياصرة إذا نطقوا * أرم الدهر ذو الخطب أولاك دعا النبي لهم * كفى شرفا دعاء نبي انظر " إنباه الرواة " 2 / 335، 336، و " وفيات الاعيان " 3 / 246.
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر نسخه الخطية في " تاريخ الادب العربي " لبروكلمان 2 / 245، 246 (النسخة العربية) وقد نشر مصطفى السقا وآخرون الجزء الاول منه في مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة سنة 1954 م.
(4) طبع باعتناء هوبرغ في ليبزغ سنة 1885 م، وطبع مع شروح للشيخ محمد نعسان الحموي سنة 1331 ه في مصر.
(5) طبع في مصر عام 1376 في دار الكتب المصرية في ثلاثة أجزاء بتحقيق الاستاذ محمد علي النجار.
(6) طبع في القاهرة سنة 1386 بإشراف المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية، واسمه: " المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والايضاح عنها " وطبع لابن جني أيضا كتاب " المقتضب " في اسم المفعول الثلاثي المعتل العين سنة 1903 في ليبزغ، وطبع أيضا في القاهرة 1922 بعنوان " المقتضب من كلام العرب " ضمن ثلاث رسائل، معه رسالتان هما: " ما يحتاج إليه الكاتب من مهموز ومقصور وممدود " و " عقود الهمز وخواص أمثلة الفعل " ونشر =

(17/18)


وله نظم جيد (1).
خدم عضد الدولة (2) وابنه، وقرأ على المتنبي " ديوانه "، وشرحه، وله مجلد (3) في شرح بيت لعضد الدولة.
أخذ عنه: الثمانيني (4)، وعبد السلام (5) البصري.
توفي في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
ولد قبل الثلاثين وثلاث مئة، وكان أعور.

10 - الجرجاني * القاضي العلامة، أبو الحسن، علي بن عبد العزيز الجرجاني،
__________
= إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين الجزء الاول من كتاب " المنصف " شرح " تصريف " المازني في مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة سنة 1954.
وانظر جملة مصنفات ابن جني في " الفهرست " 95، و " معجم الادباء " 12 / 109 - 113، و " إنباه الرواة " 2 / 336، 337.
(1) انظر شيئا من نظمه في " معجم الادباء " و " إنباه الرواة ".
(2) هو أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة، الملقب بعضد الدولة، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو كتاب " البشرى والظفر " في تفسير هذا البيت: أهلا وسهلا بذي البشرى ونوبتها وباشتمال سرايانا على الظفر أوسع الكلام في شرحه واشتقاق ألفاظه.
(4) هو عمر بن ثابت أبو القاسم الثمانيني النحوي الضرير، إمام فاضل أديب، روى عنه الشريف يحيى بن طباطبا وغيره.
وله شرح " اللمع " وشرح " التصريف الملوكي "، مات سنة 442 ه.
والثمانيني: نسبة إلى ثمانين: بليدة صغيرة بأرض الموصل، يقال: إنها أول قرية بنيت بعد الطوفان.
انظر ترجمته في وفيات الاعيان 3 / 443، 444، معجم الادباء 16 / 57، 58، معجم البلدان 2 / 84، المنتظم 8 / 146، العبر 3 / 200، نكت الهميان 220، بغية الوعاة 2 / 217، شذرات الذهب 3 / 269.
(5) في الاصل: " السلمي " بدل " السلام " وهو خطأ، وهو عبد السلام بن الحسين بن محمد البصري اللغوي، متوفى سنة 405.
مترجم في إنباه الرواة 2 / 175، 176، تاريخ بغداد 11 / 57، 58، المنتظم 7 / 273، 274، بغية الوعاة 2 / 95.
* يتيمة الدهر 4 / 3 - 26، طبقات العبادي 111، تاريخ جرجان 277، طبقات =

(17/19)


الفقيه الشافعي الشاعر، صاحب الديوان المشهور.
ولي القضاء فحمد فيه، وكان صاحب فنون ويد طولى في براعة الخط.
ورد نيسابور في صباه في سنة سبع وثلاثين وسمع الحديث.
وقد أبان عن علم غزير في كتاب " الوساطة بين المتنبي
وخصومه " (1)، ولي قضاء الري مدة.
قال الثعالبي (2): هو فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، وقبة (3) تاج الادب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ إلى نظم البحتري.
قلت: هو صاحب تيك الابيات الفائقة: يقولون لي فيك انقباض وإنما رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما (4)
__________
= الشيرازي ورقة 35، المنتظم 7 / 221، 222 معجم الادباء 14 / 14، وفيات الاعيان 3 / 278 - 281، تاريخ الاسلام 4 / 89 / 2، 90 / 1، مرآة الجنان 2 / 386، طبقات السبكي 3 / 459، طبقات الاسنوي 1 / 348 - 351، البداية والنهاية 11 / 331، 332، النجوم الزاهرة 4 / 205، شذرات الذهب 3 / 56، 57.
(1) وقد طبع في صيدا عام 1331 ه في 416 صفحة بتصحيح وشرح صاحب مجلة العرفان، وطبع أيضا في مصر بمطبعة عيسى البابي الحلبي.
(2) في " يتيمة الدهر " 4 / 3.
(3) في " اليتيمة ": و " درة ".
(4) وبعد هذا البيت قوله وهو من حر الشعر وكريمه: أرى الناس من داناهم هان عندهم * ومن أكرمته عزة النفس أكرما وما زلت منحازا بعرضي جانبا * من الذم أعتد الصيانة مغنما إذا قيل هذا مشرب قلت قد أرى * ولكن نفس الحر تحتمل الظما وما كل برق لاح لي يستفزني * ولا كل أهل الارض أرضاه منعما ولم أقض حق العلم إن كان كلما * بدا طمع صيرته لي سلما = (*)

(17/20)


مات بالري في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، ونقل تابوته إلى جرجان.
وله تفسير كبير، وكتاب " تهذيب التاريخ ".
قال الثعالبي: ترقى محل أبي الحسن إلى قضاء القضاة، فلم يعزله إلا موته (1).
وقال أبو سعد الآبي في " تاريخه ": كان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلا ولا مقاربا، مع العفة والنزاهة والعدل والصرامة (2).
توفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة 396 (3)، ووهم ابن خلكان (4)، وصحح أنه توفي سنة 366.
وإنما ذاك آخر وهو: المحدث أبو الحسن:
__________
= ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي * لاخدم من لاقيت لكن لاخدما أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة * إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه في النفوس تعظما ولكن أذلوه جهارا ودنسوا * محياه بالاطماع حتى تجهما انظر " معجم الادباء " 14 / 17، 18، و " يتيمة الدهر " 4 / 23، و " طبقات " السبكي 3 / 460.
(1) " يتيمة الدهر " 4 / 3، والذي اختاره للقضاء فخر الدولة علي بن ركن الدولة الحسين ابن بويه.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1.
(3) كذا الاصل، وفي " تاريخ الاسلام " و " طبقات السبكي " و " معجم الادباء " و " البداية والنهاية " و " النجوم الزاهرة " أن وفاته سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
(4) في " وفيات الاعيان " 3 / 281، وتابعه ابن العماد في " الشذرات " فأورده في وفيات
366 ه.
(*)

(17/21)


11 - علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني * نزيل نيسابور.
حدث عن الفربري " بالصحيح "، وعن أبي بشر المصعبي (1).
وهاه الحاكم، وقال: ظهرت منه المجازفة، فترك، وحدثنا بالعجائب عن المصعبي.
__________
* ميزان الاعتدال 3 / 112، المغني في الضعفاء 2 / 443، لسان الميزان 4 / 194، 195.
(1) هو أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب بن بشر بن فضالة، المصعبي الكندي المروزي، وقد أجمعوا على تركه.
انظر ميزان الاعتدال 1 / 149، واللباب 3 / 220.
(*)

(17/22)


الطبقة الثانية والعشرون
12 - الخطابي * الامام العلامة، الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد (1) بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف.
ولد سنة بضع عشرة وثلاث مئة.
وسمع من: أبي سعيد بن الاعرابي بمكة، ومن إسماعيل بن محمد الصفار وطبقته ببغداد، ومن أبي بكر بن داسة (2) وغيره بالبصرة، ومن أبي
__________
* يتيمة الدهر 4 / 334 - 336، طبقات العبادي 94، المنتظم 6 / 397، الانساب (البستي) 2 / 210، و (الخطابي) 5 / 145، فهرست ابن خير 201، معجم البلدان 1 / 415، معجم الادباء 4 / 246 - 260 و 10 / 268 - 272، إنباه الرواة 1 / 125، اللباب 1 /
151 و 452، طبقات ابن الصلاح: الورقة 47 / 2، وفيات الاعيان 2 / 214 - 216، دول الاسلام 1 / 183، تذكرة الحفاظ 3 / 1018، العبر 3 / 39، تاريخ الاسلام 4 / 71 / 2، 72 / 1، تلخيص ابن مكتوم 20، مرآة الجنان 2 / 435، طبقات السبكي 3 / 282 - 290، طبقات الاسنوي 1 / 467، 468، البداية والنهاية 11 / 236، 237، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1 / 323، النجوم الزاهرة 4 / 199، بغية الوعاة 1 / 546، 547، طبقات الحفاظ 403، 404، مفتاح السعادة 2 / 17، شذرات الذهب 3 / 127، 128، خزانة الادب 1 / 282، الرسالة المستطرفة 44.
(1) سيورد المؤلف الاختلاف في اسمه في الصفحة 26.
(2) وهو أحد رواة " السنن " عن أبي داود، وعلى روايته هذه اعتمد أبو سليمان في شرحه " معالم السنن ".

(17/23)


العباس الاصم، وعدة بنيسابور.
وعني بهذا الشأن متنا وإسنادا.
وروى أيضا عن أبي عمرو بن السماك، ومكرم القاضي، وأبي عمر غلام ثعلب (1)، وحمزة بن محمد العقبي (2)، وأبي بكر النجاد، وجعفر بن محمد الخلدي.
وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن أبي بكر القفال الشاشي، وأبي علي بن أبي هريرة، ونظرائهما.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم (3) وهو من أقرانه في السن والسند، والامام أبو حامد الاسفراييني (4)، وأبو عمرو محمد بن عبد الله الرزجاهي (5)، والعلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي، وأبو مسعود الحسين بن محمد الكرابيسي، وأبو ذر عبد بن أحمد، وأبو نصر محمد بن أحمد البلخي الغرنوي، وجعفر بن محمد بن علي المروذي المجاور، وأبو
بكر محمد بن الحسين الغزنوي المقرئ، وعلي بن الحسن السجزي الفقيه، ومحمد بن علي بن عبدالملك الفارسي الفسوي، وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، وطائفة سواهم.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه، وشهدة بنت حسان قالا: أخبرنا جعفر بن علي المالكي، أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: وأما أبو
__________
(1) هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر اللغوي المطرز الزاهد، المعروف بغلام ثعلب، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) نسبة إلى عقبة وراء نهر عيسى قريبة من دجلة بغداد.
" الانساب " 9 / 14.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (100).
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (111).
(5) بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم، نسبة إلى رزجاه: قرية من قرى بسطام.
(*)

(17/24)


سليمان الشارح لكتاب أبي داود، فإذا وقف منصف على مصنفاته، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم، وطوف، ثم ألف في فنون من العلم، وصنف، وفي شيوخه كثرة، وكذلك في تصانيفه، منها " شرح السنن "، الذي عولنا على الشروع في إملائه وإلقائه، وكتابه في غريب الحديث، ذكر فيه ما لم يذكره أبو عبيد، ولا ابن قتيبة في كتابيهما، وهو كتاب ممتع مفيد، ومحصله بنية موفق سعيد، ناولنيه القاضي أبو المحاسن بالري، وشيخه فيه عبد الغافر الفارسي يرويه عن أبي سليمان، ولم يقع لي من تواليفه سوى هذين الكتابين مناولة (1) لا سماعا عند اجتماعي بأبي المحاسن، لعارضة قد برحت بي، وبلغت مني، لولاها لما توانيت في سماعهما، وقد روى لنا
الرئيس أبو عبد الله الثقفي كتاب " العزلة " (2).
عن أبي عمرو الرزجاهي، عنه، وأنا أشك هل سمعته كاملا أو بعضه...إلى أن قال السلفي: وحدث عنه أبو عبيد الهروي في كتاب: " الغريبين "، فقال: أحمد بن محمد الخطابي، ولم يكنه.
ووافقه على ذلك أبو منصور الثعالبي (3) في كتاب " اليتيمة "، لكنه كناه، وقال: أبو
__________
(1) المناولة: هي أن يناول الشيخ الطالب كتابا من سماعه، ويقول: ارو هذا عني، أو يملكه إياه، أو يعيره لينسخه ثم يعيده إليه، أو يأتيه الطالب بكتاب من سماعه، فيتأمله ثم يقول: اروعني هذا.
ويسمى هذا عرض المناولة.
انظر " الباعث الحثيث " 123، 124، و " تدريب الراوي " 1 / 44 - 55.
(2) وقد طبع في القاهرة سنة 1937 م.
(3) ووافقهما على ذلك ياقوت في " معجم الادباء " و " معجم البلدان " وقال: إنما ذكرته أنا في هذا الباب لان الثعالبي وأبا عبيد الهروي - وكانا معاصريه - سمياه أحمد، ثم نقل عن أبي سعد السمعاني قوله في كتاب مرو: سئل أبو سليمان عن اسمه، فقال: اسمي الذي سميت به حمد، لكن الناس كتبوه أحمد، فتركته عليه، ونقل ابن خلكان هذا القول للخطابي عن أبي عبد الله الحاكم، ووردت تسميته أحمد أيضا في " إنباه الرواة " و " خزانة الادب ".
(*)

(17/25)


سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم البستي صاحب " غريب الحديث "، والصواب في اسمه: حمد (1)، كما قال الجم الغفير، لا كما قالاه، وقال أحد الادباء ممن أخذ عن ابن خرزاذ النجيرمي (2): وهو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي من ولد زيد بن الخطاب، وله - رحمه الله - شعر هو سحر.
قلت: وله " شرح الاسماء الحسنى " (3)، وكتاب: " الغنية عن
الكلام وأهله "، وغير ذلك (4).
أخبرنا أبو الحسن وشهدة قالا: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو المحاسن الروياني، سمعت أبا نصر البلخي، سمعت أبا سليمان الخطابي، سمعت أبا سعيد بن الاعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب - يعني " سنن " أبي داود - يقول: لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله، ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شئ من العلم بتة (5).
__________
(1) بفتح الحاء وسكون الميم.
(2) نسبة إلى نجيرم: محلة بالبصرة.
(3) منه نسخة في المكتبة الظاهرية.
(4) وقد طبع من كتبه بالاضافة إلى كتاب " العزلة " كتاب " إصلاح غلط المحدثين " في القاهرة 1936 م وكتاب " بيان إعجاز القرآن " نشره عبدالعليم في عليكره عام 1953 م، ونشره مرة ثانية محمد خلف الله، أحمد ومحمد زغلول سلام في القاهرة عام 1955 م.
وانظر جملة تصانيفه في " معجم لادباء " 4 / 252، 253، وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 346، 347.
(5) ومن ثم صرح الامام الغزالي بأنها تكفي المجتهد في أحاديث الاحكام وتبعه أئمة على ذلك.
قلت: وهذا مبني على الغالب، وإلا ففي غير سنن أبي داود أحاديث كثيرة صحيحة في الاحكام لابد للمجتهد من النظر فيها، والرجوع إليها.
(*)

(17/26)


قال أبو يعقوب القراب: توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
قلت: وفيها مات محدث اسفرايين، أبو النضر شافع بن محمد بن
أبي عوانة الاسفراييني في عشر التسعين، و محدث بروجرد (1) القاضي أبو الحسين عبيدالله بن سعيد البروجردي في عشر المئة، يروي عن ابن جرير، والباغندي.
ومسند نيسابور أبو الفضل عبيدالله بن محمد الفامي، ومقرئ مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي، ومقرئ العراق أبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وشيخ الادب أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي ببغداد، ومسند مرو أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي الفقيه عن مئة عام، وعالم مصر أبو بكر محمد بن علي الادفوي (2) المقرئ المفسر، ومحدث مكة أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن الدخيل.
أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة، عن عبد الغني بن سرور الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن غانم، أخبرنا عبد الواحد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن أحمد البلخي، حدثنا حمد بن محمد، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن حزابة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أسباط،
__________
(1) ضبط في الاصل بضم الباء، وكذا ضبطه السمعاني في " الانساب " وتابعه ابن الاثير والسيوطي، وضبطه ياقوت في " معجم البلدان " بالفتح، ولم يتابع عليه.
(2) بضم الهمزة وسكون الدال وضم الفاء وسكون الواو، نسبة إلى أدفو، وهي قرية بصعيد مصر الاعلى بين أسوان وقوص.
وأبو بكر الادفوي هذا مترجم في معجم البلدان 1 / 126، إنباه الرواة 3 / 186 - 188، العبر 3 / 41، تلخيص ابن مكتوم 224، الوافي بالوفيات 4 / 117، غاية النهاية رقم (3240)، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 97، طبقات المفسرين للسيوطي 38، بغية الوعاة 1 / 189، حسن المحاضرة 1 / 209، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 194، كشف الظنون 79، 139، 441، 442، شذرات الذهب 3 / 130، تاج العروس: 10 / 128، هدية العارفين 2 / 56.
(*)

(17/27)


عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الايمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن " (1).
وهو القائل: وما غربة (2) الانسان في شقة النوى * ولكنها والله في عدم الشكل وإني غريب بين بست وأهلها * وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي (3)
13 - ابن مندة * الامام الحافظ الجوال، محدث الاسلام، أبو عبد الله، محمد بن المحدث أبي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن
__________
(1) أسباط كثير الخطأ، ووالد السدي - واسمه عبدالرحمن بن أبي كريمة - مجهول الحال، وباقي رجاله ثقات، وهو في سنن أبي داود (2769) في الجهاد: باب في العدو يؤتى على غرة، وأخرجه الحاكم 4 / 352 من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري، حدثنا أسباط بهذا الاسناد، وله شاهد من حديث الزبير بن العوام عند احمد (1426) و (1427) و (1433) ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة الحسن، وآخر من حديث معاوية عند أحمد أيضا 4 / 92، والحاكم 4 / 353، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات، فالحديث قوي بشاهديه.
(2) في " يتيمة الدهر " ومعجم الادباء 10 / 270: وما غمة.
(3) البيتان في " يتيمة الدهر " 4 / 335، و " معجم الادباء " 4 / 254 و 10 / 270، و " وفيات الاعيان " 2 / 214، 215، و " طبقات " الاسنوي 1 / 468، و " شذرات الذهب " 3 / 128، و " خزانة الادب " 1 / 282.
* أخبار أصبهان 2 / 306، طبقات الحنابلة 2 / 167، مناقب الامام أحمد 518، المنتظم 7 / 232، الكامل في التاريخ 9 / 190، تاريخ الاسلام 4 / 99 / 1 - 100 / 1، العبر 3 / 59، تذكرة الحفاظ 3 / 1031، دول الاسلام 1 / 237، ميزان الاعتدال 3 /
479، الوافي بالوفيات 2 / 190، البداية والنهاية 11 / 336، طبقات القراء 2 / 98، لسان الميزان 5 / 70، النجوم الزاهرة 4 / 213، طبقات الحفاظ 408، شذرات الذهب 3 / 146، هدية العارفين 2 / 57.
(*)

(17/28)


مندة، واسم مندة إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار (1) بن جهار بخت، وقيل: إن اسم أستندار هذا فيرزان، وهو الذي أسلم حين افتتح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبهان، وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسيا، فأسلم، وناب على بعض أعمال أصبهان، العبدي الاصبهاني الحافظ، صاحب التصانيف.
مولده في سنة عشر وثلاث مئة، أو إحدى عشرة.
وأول سماعه في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
سمع من: ابيه، وعم أبيه عبدالرحمن بن يحيى بن مندة، ومحمد ابن القاسم بن كوفي الكراني (2)، ومحمد بن عمر بن حفص، وعبد الله بن يعقوب بن إسحاق الكرماني، وأبي علي الحسن بن محمد بن النضر، وهو ابن أبي هريرة، وعبد الله بن إبراهيم المقرئ، ومحمد بن حمزة بن عمارة، وأبي عمرو بن حكيم، وأحمد بن محمد اللنباني (3)، وخلق بأصبهان، وأبي سعيد بن الاعرابي وطبقته بمكة، وجعفر بن محمد بن موسى العلوي بالمدينة، وأحمد بن زكريا المقدسي، وعدة ببيت المقدس، وأبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وأبي علي محمد بن أحمد الميداني، وحاجب بن أحمد، وأبي العباس الاصم، وأبي عبد الله ابن الاخرم، وأبي بكر محمد بن علي بن محمد، ومحمد بن علي بن عمر، والحسين بن محمد بن معاذ قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله
__________
(1) قال أبو نعيم في " أخبار أصبهان ": وأستندار: سمة للجيش.
(2) نسبة إلى كران: محلة بأصبهان.
(3) بضم اللام وسكون النون وفتح الباء الموحدة وفي آخرها النون، نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.
(*)

(17/29)


البصري، وطبقتهم بنيسابور، ارتحل إليها أولا وعمره تسع عشرة سنة، وسمع بها نحوا من خمس مئة ألف حديث، وسمع ببخارى من الهيثم بن كليب الشاشي، وطائفة، وسمع ببغداد من إسماعيل الصفار، وأبي جعفر ابن البختري الرزاز وطبقتهما، وسمع بمصر من أبي الطاهر أحمد بن عمرو المديني، والحسن بن يوسف الطرائفي، وأحمد بن بهزاد الفارسي و أقرانهم، وبسرخس من عبد الله بن محمد بن حنبل، وبمرو محمد بن أحمد بن محبوب ونظرائه، وبدمشق من إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان القنطري، وجعفر بن محمد بن هشام، وابن أبي العقب، وخلق، وبطرابلس خيثمة بن سليمان القرشي، و بحمص الحسن بن منصور الامام، وبتنيس عثمان بن محمد السمرقندي، وبغزة علي بن العباس الغزي، وسمع من خلق سواهم بمدائن كثيرة.
ولم أعلم أحدا كان أوسع رحلة منه، ولا أكثر حديثا منه مع الحفظ والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبع مئة شيخ.
ويروي بالاجازة عن: عبدالرحمن بن أبي حاتم، وأبي العباس بن عقدة، والفضل بن الحصيب، وطائفة أجازوا له باعتناء أبيه وأهل بيته.
ولم يعمر كثيرا، بل عاش أربعا وثمانين سنة.
وأخذ عن أئمة الحفاظ كأبي أحمد العسال، و أبي حاتم بن حبان،
وأبي علي النيسابوري، وأبي إسحاق بن حمزة، والطبراني، و أمثالهم.
حدث عنه: الحافظ أبو الشيخ أحد شيوخه، وأبو بكر بن المقرئ، و وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الله غنجار، وأبو سعد الادريسي، وتمام بن محمد الرازي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو نعيم الاصبهاني، وأحمد ابن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفضل عبدالرحمن

(17/30)


ابن أحمد بن بندار الرازي، وأبو المظفر عبد الله بن شبيب، وأبو أحمد عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن مندة البقال، وأبو طاهر عمر بن محمد المؤدب، ومحمد بن أحمد بن الحسين المقرئ، ومحمد بن عبدالملك بن محمد البزار الزاهد، وأبو الفتح طاهر بن ممويه، وأبو الحسن عدنان بن عبد الله المؤذن، وأبو مسلم محمد بن علي بن محمد الوراق، وحمد بن أحمد بن عمر بن ولكيز، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن المرزبان المقرئ الصيدلاني، وأبو الطيب أحمد بن محمد بن عمر التاجر، وأحمد بن علي بن عقبة، وأحمد ابن محمد بن مسلم الصباغ الاعرج، وأحمد بن عبد العزيز ما شاذه الثقفي الواعظ، وأحمد بن علي بن شجاع المصقلي (1)، وأحمد بن محمد بن إبراهيم سبط الصالحاني، وأبو طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، وحمد بن محمد العسال، وزياد بن محمد بن زياد البقال، وسليمان بن عبد الرحيم الحسناباذي، وشيبان بن عبد الله البرجي الواعظ، وطلحة بن أحمد ابن بهرام القصار، وعبد الرحمن بن زفر الدلال، وعبد الواحد بن أحمد بن صالح المعلم، وعبد الرزاق بن سلهب، وأخوه عمر، وعلي بن محمد بن إبراهيم القطان، والفضل بن أحمد الاعمى، والفضل بن عبد الواحد
النجاد، ومحمد بن عمر البقال، وأبو بكر محمد بن أحمد بن أسيد الواعظ، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الطهراني، ومنصور بن ينال الشاعر، وأبو طاهر منتجع بن أحمد الانصاري، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وكريمة بنت أبي سعد التميمي، وعائشة بنت الحسن الوركانية من شيوخ الخلال (2)،
__________
(1) نسبة إلى جده مصقلة بن هبيرة.
" اللباب " 3 / 221.
(2) هو الحسين بن عبدالملك الخلال، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر، وشيخته عائشة الوركانية سترد ترجمتها في الجزء الثامن عشر.
(*)

(17/31)


وعلي بن القاسم بن إبراهيم بن شبويه الخياط، وعبد الواحد بن أحمد المعداني، وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وشجاع المصقلي، وخلق، وأولاده أبو القاسم عبدالرحمن، وأبو عمرو عبد الوهاب، وعبيد الله، وإسحاق.
قال الباطرقاني (1): حدثنا أبو عبد الله بن مندة إمام الائمة في الحديث لقاه الله رضوانه (2).
وقال الحاكم: التقينا ببخارى في سنة إحدى وستين وثلاث مئة، وقد زاد زيادة ظاهرة، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهبا إلى وطنه، فقال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو مندة أعلام الحفاظ في الدنيا قديما وحديثا، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله (3).
وقيل: إن أبا نعيم الحافظ ذكر له ابن مندة، فقال: كان جبلا من الجبال (4).
فهذا يقوله أبو نعيم مع الوحشة الشديدة التي بينه وبينه (5).
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن الفضل الاصبهاني المقرئ الاستاذ، المتوفى سنة 460، ستأتي
ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033، و " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033.
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(5) وهي بسبب الخلاف المتأجج بين العلماء وقتئذ حول قضية اللفظ بالقرآن، أهو مخلوق أو غير مخلوق ؟ وقد صنف أبو نعيم في ذلك كتابه في الرد على اللفظية والحلولية، ومال فيه إلى جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة، ومال ابن مندة إلى جانب من يقول: إنها غير مخلوقة، وحكى كل منهما عن الائمة ما يدل على كثير من مقصودة لا على جميعه، فما قصده كل منهما من الحق وجد فيه من المنقول الثابت عن الائمة ما يوافقه، انظر " بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول " بهامش " منهاج السنة " 1 / 160.
(*)

(17/32)


قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن مندة يقول: لا يخرج الصحيح إلا من ينزل في الاسناد أو يكذب (1).
يعني أن المشايخ المتأخرين لا يبلغون في الاتقان رتبة الصحة، فيقع في الكذب الحافظ إن خرج عنهم وسماه صحيحا، أو يروي الحديث بنزول درجة ودرجتين.
وقيل: كان ابن مندة إذا قيل له: فاتك سماع كذا وكذا يقول: ما فاتنا من البصرة أكثر (2).
قلت: ما دخل البصرة، فإنه ارتحل إليها إلى مسندها علي بن إسحاق المادرائي، فبلغه موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع.
ومن تصانيفه: كتاب " الايمان "، كتاب " التوحيد " (3)، كتاب " الصفات "، كتاب " التاريخ " كبير جدا، كتاب " معرفة
الصحابة " (4)، كتاب " الكنى " (5)، وأشياء كثيرة.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: لابن مندة في كتاب " معرفة الصحابة " أوهام كثيرة.
وقال أبو نعيم في " تاريخ أصبهان ": ابن مندة حافظ من أولاد
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033 و " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2، و " الوافي " 2 / 190.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033.
(3) منه نسخة خطية في الظاهرية بدمشق توحيد 36.
(4) منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية، وفي الظاهرية حديث 344.
(5) واسمه: " فتح الباب في الكنى والالقاب " ويوجد منه نسخة خطية في برلين 9917.
وانظر النسخ الخطية لبقية مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 354، 355.
(*)

(17/33)


المحدثين، اختلط في آخر عمره، فحدث عن ابن أسيد، وابن أخي أبي زرعة الرازي، وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازة، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالا في المعتقدات لم يعرفوا بها، نسأل الله الستر والصيانة (1).
قلت: لا نعبأ بقولك في خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع أيضا قوله فيك، فلقد رأيت لابن مندة حطا مقذعا على أبي نعيم وتبديعا، ومالا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متهم في نقله بحمد الله.
قال أحمد الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسال إلى ابن مندة وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه، وبيان
علته (2).
ونقل غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة أنه قال: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن مندة (3).
أنبأني علي بن أحمد وطائفة، عن زاهر بن أحمد: أخبرنا الحسين بن عبدالملك قال: كتب إلي عبدالرحمن بن أبي عبد الله: أن والده كتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء، وهم: أبو سعيد بن الاعرابي، وأبو العباس الاصم، وخيثمة الاطرابلسي، والهيثم الشاشي، قال: وسمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبع مئة نفس (4).
__________
(1) " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 306.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1.
(4) المصدر السابق.
(*)

(17/34)


قال جعفر بن محمد المستغفري: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي عبد الله بن مندة، سألته يوما: كم تكون سماعات الشيخ ؟ فقال: تكون خمسة آلاف من (1).
قلت: يكون المن نحوا من مجلدين أو مجلدا كبيرا.
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ، ما فيهم أحفظ من ابن مندة (2).
وقال شيخ هراة (3) أبو إسماعيل الانصاري (4): أبو عبد الله بن مندة سيد أهل زمانه (5).
وأنبؤونا عن زاهر الثقفي: أخبرنا الحسين الخلال، أنبأنا أبو
الفوارس العنبري، سمع أبا الحسن علي بن الحسين الاسكاف، سمعت أبا عبد الله بن مندة يقول: رأيت ثلاثين ألف شيخ، فعشرة آلاف ممن أروي عنهم، وأقتدي بهم، وعشرة آلاف أروي عنهم، ولا أقتدي بهم، وعشرة آلاف من نظرائي، وليس من الكل واحد إلا وأحفظ عنه عشرة أحاديث أقلها.
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034 وفيه قال: المن يجئ عشرة أجزاء كبار، و " الوافي بالوفيات " 2 / 190، وفيه: خمسة آلاف صن، والصن بكسر الصاد: السلة المطبقة.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(3) هراة: مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان، قال ياقوت: لم أر بخراسان عند كوني بها في سنة 607 أجل ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها.
انظر " معجم البلدان " 5 / 395.
(4) هو الحافظ الامام الزاهد شيخ الاسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد، من ذرية أبي أيوب الانصاري، المتوفى سنة 481، وستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(5) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(*)

(17/35)


قلت: قوله: إنه كتب عن ألف وسبع مئة شيخ أصح، وهو شئ يقبله العقل، وناهيك به كثرة، وقل من يبلغ ما بلغه الطبراني، وشيوخه نحو من ألف، وكذا الحاكم، وابن مردويه، فالله أعلم.
قال الحاكم: أول خروج ابن مندة إلى العراق من عندنا سنة تسع وثلاثين، فسمع بها وبالشام، وأقام بمصر سنين، وصنف التاريخ والشيوخ (1).
وقال عبد الله بن أحمد السوذرجاني: سمعت ابن مندة يقول: كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من القاضي أبي أحمد العسال (2).
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا عبد العظيم الحافظ، أخبرنا علي بن المفضل، أخبرنا السلفي، أخبرنا طاهر المقدسي، سمعت سعد بن علي الحافظ بمكة وسئل عن الدارقطني، وابن مندة، والحاكم، وعبد الغني (3)، فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع المعرفة التامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا، وأما عبد الغني فأعرفهم بالانساب (4).
قلت: بقي أبو عبد الله في الرحلة بضعا وثلاثين سنة، وأقام زمانا بما وراء النهر (5)، وكان ربما عمل التجارة، ثم رجع إلى بلده
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(2) المصدر السابق.
(3) هو عبد الغني بن سعيد الازدي المصري الحافظ، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (164).
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(5) يراد به ما وراء نهر جيحون بخراسان، فما كان في شرقيه يقال له: بلاد الهياطلة، وفي =

(17/36)


وقد صار في عشر السبعين، فولد له أربعة بنين: عبدالرحمن، وعبيد الله، وعبد الرحيم، وعبد الوهاب.
قال الحافظ يحيى بن عبد الوهاب: كنت مع عمي عبيدالله في طريق نيسابور، فلما بلغنا بئر مجنة، قال عمي: كنت هاهنا مرة،
فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلا من خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلى هاهنا إذا نحن بأربعين وقرا من الاحمال، فظننا أنها منسوج الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الاحمال، فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
قال الباطرقاني: سمعت أبا عبد الله يقول: طفت الشرق والغرب مرتين (2).
وهذه حكاية نكتبها للتعجب: قال الحسين بن عبدالملك: حكي لي عن أبي جعفر الهمذاني رئيس حجاج خراسان قال: سألت بعض خدم تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أبناء مئة وعشرين سنة، قال: رأيت يوما رجلا عليه ثياب بيض دخل الحرم وقت الظهر، فانشق حائط التربة، فدخل فيها وبيده محبرة وكاغد وقلم، فمكث ما شاء الله، ثم انشق، فخرج، فأخذت بذيله، فقلت: بحق معبودك من
__________
= الاسلام سموه: ما وراء النهر، وما كان في غربيه فهو خراسان وولاية خوارزم - وخوارزم ليست من خراسان، إنما هي إقليم برأسه، " معجم البلدان " 5 / 45.
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و " طبقات الحنابلة " 2 / 167 وتتمته فيه: فلم أتقرب إلى كل مذبذب، ولم أسمع من المبتدعين حديثا واحدا.
(*)

(17/37)


أنت ؟ قال: أنا أبو عبد الله بن مندة، أشكل علي حديث، فجئت، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابني.
وأرجع.
إسنادها منقطع.
وقد روى أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في " تاريخ الصوفية "، عن رجل، عن ابن مندة وهو بعد حي.
قال الباطرقاني: وكنت مع أبي عبد الله في الليلة التي توفي فيها، ففي آخر نفسه قال واحد منا: لا إله إلا الله - يريد تلقينه - فأشار بيده إليه دفعتين ثلاثة.
أي: اسكت يقال لي مثل هذا ؟ ! (1).
روى يحيى بن مندة في " تاريخه "، عن أبيه وعمه: أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط، ولا شربت دواء قط، وما قبلت من أحد شيئا قط (2).
قال يحيى: وذكر لي عمي عبيدالله قال: قفلت من خراسان ومعي عشرون وقرا من الكتب، فنزلت عند هذا البئر - يعني بئر مجنة - فنزلت عنده اقتداء بالوالد (3).
قال أبو نعيم (4) وغيره: مات ابن مندة في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.
وقد أفردت تأليفا بابن مندة وأقاربه.
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(4) في " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 306.
(*)

(17/38)


وما علمت بيتا في الرواة مثل بيت بني مندة، بقيت الرواية فيهم من خلافة المعتصم وإلى بعد الثلاثين وست مئة، وقد ذكرنا أن والد
أبي عبد الله الشيخ أبا يعقوب مات في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، يروي عن أبي بكر بن أبي عاصم، وجماعة.
وآخر من روى عن أبي عبد الله ولده عبد الوهاب، عمر زمانا، ومات سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
قال أبو بكر الخطيب في كتاب " السابق ": أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان الاصبهاني إجازة، حدثني محمد بن إسحاق الجوال، حدثنا أحمد بن إسحاق الصبغي، حدثنا يعقوب القزويني، حدثنا سعيد بن يحيى الاصبهاني، حدثنا سعير بن الخمس، عن أبي إسحاق، عن أبي الاحوص، عن عبد الله قال: من أحب أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن (1).
قال يحيى بن مندة: وأم أولاد أبي عبد الله هي أسماء بنت أبي سعد محمد بن عبد الله الشيباني، ولها بنتان من أبي منصور الاصبهاني.
__________
(1) لم يرد هذا الخبر في المطبوع من " السابق " فيستدرك من هنا، وأخرجه مسلم (654) (657) في المساجد: باب صلاة الجماعة من سنن الهدى من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن الفضل بن دكين، عن أبي العميس، عن علي بن الاقمر، عن أبي الاحوص، عن عبد الله، وأخرجه أبو داود (550) من طريق هارون بن عباد الازدي، عن وكيع، عن المسعودي، عن علي بن الاقمر، عن أبي الاحوص، وأخرجه ابن ماجة (777) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الاحوص، وأخرجه النسائي 2 / 108 من طريق سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن المسعودي، عن علي بن الاقمر، عن أبي الاحوص.
(*)

(17/39)


قلت: النواحي التي لم يرحل إليها أبو عبد الله: هراة وسجستان وكرمان وجرجان والري وقزوين واليمن وغير ذلك والبصرة، ورحل إلى خراسان وما وراء النهر والعراق والحجاز ومصر والشام.
قال أبو القاسم عبدالرحمن بن مندة: سمعت أحمد بن الجهم المستملي يقول لجليس له بحضرتي: سألت أباه حين ولد له عبد الرحمن: أهذا الحديث في العقيقة صحيح (1) ؟ فكأنه فهم المعنى، فقال: حتى يولد الآخر، فإني رأيت جدي في المنام، وأشار إلي بأربع.
أنبأنا الثقة عن مثله، عن يحيى بن مندة قال: سمعت عمي عبد
__________
(1) أحاديث العقيقة القولية والفعلية التي فيها ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الانثى، صحت عن عائشة، وأم كرز، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، أما حديث عائشة فأخرجه أحمد 6 / 31 و 158، والترمذي (1513)، وابن ماجة (3163)، وصححه الترمذي، وابن حبان (1058)، وحديث أم كرز أخرجه أحمد 6 / 381 و 422، وأبو داود (2835)، والنسائي 7 / 164، 165، والترمذي (1516)، والحميدي (345) و (1451) والطيالسي (1634)، وابن ماجة (3162)، والدارمي 2 / 81، وعبد الرزاق (7954)، والطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 457، وصححه الترمذي، وابن حبان (1059)، والحاكم 4 / 237 وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أحمد (6313) و (6822)، وأبو داود (2842)، والنسائي 7 / 162، وعبد الرزاق (7962)، والطحاوي 1 / 461، وسنده حسن، وصححه الحاكم 4 / 238، ووافقه الذهبي، وحديث ابن عباس أخرجه النسائي 7 / 165، 166، وسنده قوي، وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 458 ولفظه " للغلام عقيقتان، وللجارية عقيقة "، وثمت أحاديث فعلية من حديث ابن عباس وأنس وعائشة وعلي أنه صلى الله عليه وسلم عق عن كل واحد من الحسن
والحسين بكبش، فحديث ابن عباس عند أبي داود (2841)، وابن الجارود (911)، والبيهقي 9 / 299 و 302، والطبراني في الكبير، وسنده صحيح، وحديث أنس عند الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 456، وصححه ابن حبان (1061)، وحديث عائشة عند الطحاوي 1 / 460، وابن حبان (1056)، والحاكم 4 / 237، وحديث علي عند الترمذي (1519)، والحاكم 4 / 237.
وانظر خلاف العلماء فيما يذبح عن المولود الذكر يوم سابعه هل هو شاة أم شاتين في " تحفة المودود " لابن القيم، " وشرح السنة " للبغوي 11 / 264، 265، " ومشكل الآثار " للطحاوي 1 / 456، 458.
(*)

(17/40)


الرحمن، سمعت محمد بن عبيدالله الطبراني يقول: قمت يوما في مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشؤوم - أعني أبا نعيم الاشعري - فقال: أخرجوهم.
فأخرجنا من المجلس فلانا وفلانا، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروي عنا، فإن فعل فليس هو منا في حل.
قلت: ربما آل الامر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة، فيقع في الهجران المحرم، وربما أفضى إلى التفكير والسعي في الدم، وقد كان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ (1)، بحيث إن أحمد اختفى.
ولابي عبد الله كتاب كبير في الايمان في مجلد، وكتاب في النفس والروح، وكتاب في الرد على اللفظية.
وإذا روى الحديث وسكت، أجاد، وإذا بوب أو تكلم من عنده، انحرف، وحرفش (2)، بلى ذنبه وذنب أبي نعيم أنهما يرويان
الاحاديث الساقطة والموضوعة، ولا يهتكانها، فنسأل الله العفو.
وقد سمعت جملة من حديث أبي عبد الله بإجازة، ولم يقع لي شئ متصلا، وكان القاضي نجم الدين بن حمدان آخر من روى حديثا عاليا.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه سنة أربع
__________
(1) يعني أبا نعيم الاصبهاني.
(2) أي: خلط.
(*)

(17/41)


وسبعين وست مئة، أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ بحران سنة خمس وست مئة، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة، أخبرنا والدي، أخبرنا الهيثم بن كليب، حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما وخرجت معه حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا، فجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فجلس إليه، فناجاه طويلا، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا، فبكينا لبكائه ؟ ثم أقبل إلينا، فتلقاه عمر، فقال: يا نبي الله ! ما الذي أبكاك ؟ فقد أبكانا و أفزعنا.
فأخذ بيد عمر، ثم أومأ إلينا، فأتيناه، فقال: " أفزعكم بكائي ؟ ".
قلنا: نعم.
قال: " إن القبر الذي رأيتموني عنده إنما هو قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في الاستغفار لها، فلم يأذن لي، ونزل علي: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين...) الآيتين [ التوبة: 113، 114 ] فأخذني ما يأخذ
الولد لوالده من الرقة، فذاك الذي أبكاني، إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنه يزهد في الدنيا ويذكر الآخرة ".
هذا من غرائب الحديث، أخرجه ابن ماجة عن الثقة (2)، عن
__________
(1) الذي في المطبوع من سنن ابن ماجة (1571): حدثنا يونس بن عبدالاعلى، حدثنا ابن وهب، وأخرجه أيضا مختصرا البيهقي 4 / 77 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب به.
وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن خالد بن خداش، عن ابن وهب وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 336 من طريق محمد بن يعقوب، عن بحر بن نصر، عن ابن وهب به، وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه هكذا بهذه السياقة إنما أخرج مسلم حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة فيه مختصرا، وتعقبه الذهبي بقوله: أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين.
وأخرج أحمد في " المسند " 5 / 355، والبيهقي في " سننه " =

(17/42)


ابن وهب مختصرا، وأيوب هذا كوفي ضعفه يحيى بن معين.

14 - عبد الله بن أبي زرعة * محمد بن أحمد بن محمد بن الفرح بن متويه القزويني الحافظ (1).
ذكره الخليلي في " إرشاده " فقال: حافظ فقيه عارف بالانساب والتواريخ، جامع في العلوم.
سمع علي بن مهرويه، وعلي بن إبراهيم القطان، وأبا علي الصفار، وبواسط عبد الله بن شوذب، وبالبصرة محمد بن جعفر الزئبقي، وابن داسة، ورجع إلى قزوين، وارتحل ثانيا إلى العراق،
__________
= 4 / 76 من طريق زهير بن معاوية، عن زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل بنا ونحن معه قريب
من ألف راكبا، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطاب، ففداه بالاب والام، يقول: يا رسول الله مالك ؟ قال: " إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لامي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث: عن زيارة القبور، فزوروها لتذكركم زيارتها خيرا، ونهيتكم عن لحوم الاضاحي بعد ثلاث، فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الاشربة في الاوعية، فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرا " وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم في صحيحه (977) دون قصة أمه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن ضرار بن مرة، عن محارب بن دثار به.
وقصة أمه أخرجها مسلم أيضا (976) من حديث أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت " وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني في " الكبير " (49.
12) وفي سنده من لا يعرف.
* تاريخ الاسلام 4 / 103 / 2، التدوين في تاريخ قزوين لابي القاسم الرافعي ورقة 258 / 2 - 260 / 1.
(1) يكنى أبا محمد.
(*)

(17/43)


وسمع بمكة الفاكهي، وولي القضاء بخراسان، وأقام بها ست سنين، وكتب وناظر واشتهر فضله ثم.
وكان عارفا بمخارج الاحاديث، لم ير أجمع منه.
مات سنة سبع وتسعين وثلاث مئة وهو ابن أربع وسبعين سنة.
وابنه: أبو زرعة محمد (1) بن عبد الله، سمع بالعراق الدارقطني، وابن شاهين، وبالاهواز ابن عبدان، قتل سنة ثمان وأربع مئة.
وأبوه أبو زرعة ذكر سنة 330 (2).

15 - أبو زرعة الكشي * الامام الحافظ الثقة، أبو زرعة، محمد بن يوسف بن محمد بن الجنيد الجرجاني الكشي، وكش من قرى جرجان على ثلاثة فراسخ منها، بشين معجمة، فأما كس التي بما وراء النهر، فمدينة صغيرة منها عبد بن حميد، بكسر الكاف وبمهملة.
سمع أبا نعيم عبدالملك بن محمد بن عدي الجرجاني، وأبا
__________
(1) " التدوين " في تاريخ قزوين " ورقة 85 / 1.
(2) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
* تاريخ جرجان 412 - 413، تاريخ بغداد 3 / 408 - 409، الاكمال 7 / 186، الانساب 10 / 440، المنتظم 7 / 213، معجم البلدان 4 / 462، اللباب 3 / 100، المشتبه 2 / 553، تاريخ الاسلام 4 / 81 / 1، العبر 3 / 47، تذكرة الحفاظ 3 / 997، 998، تبصير المنتبه 3 / 1218، طبقات الحفاظ: 396، شذرات الذهب 3 / 134، هدية العارفين 2 / 56.
(*)

(17/44)


العباس الدغولي، وابن أبي حاتم، ومكي بن عبدان، وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم الازهري، وعبد العزيز الازجي، وحمزة بن يوسف السهمي، وطائفة.
قال حمزة السهمي (1): جمع أبو زرعة الكشي الابواب والمشايخ، وكان يفهم، أملى علينا بالبصرة، ثم إنه جاور بمكة إلى
أن توفي بها في سنة تسعين وثلاث مئة.
أخبرنا عيسى بن أبي محمد الصالحي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو طاهر الحنائي، عن أبي الفضل محمد بن أحمد السعدي، حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ، حدثني أبو زرعة محمد بن يوسف بمكة بعد جهد وعناء، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي، حدثنا محمد بن مشكان، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا سفيان، حدثنا زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد.
هذا غريب، وإنما المحفوظ حديث سفيان (2) عن أبي يعفور، عن ابن أبي أوفى.
__________
(1) في " تاريخ جرجان " 412.
(2) أخرجه من طريقه مسلم (1952) في الصيد والذبائح: باب إباحة الجراد، وأخرجه البخاري (5495)، ومسلم (1952) من طرق عن شعبة، عن أبي يعفور، عن ابن أبي أوفى.
(*)

(17/45)


16 - أبو زرعة الرازي * الامام الحافظ، الرحال الصدوق، أبو زرعة، أحمد بن الحسين ابن علي بن إبراهيم بن الحكم، الرازي الصغير.
سمع عبدالرحمن بن أبي حاتم، والقاضي أبا عبد الله المحاملي، وابن مخلد العطار، وعلي بن أحمد الفارسي نزيل بلخ، وأبا حامد بن بلال، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري الاستاذ، وأبا العباس الاصم، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني المصري، وأبا الحسين
الرازي والد تمام، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، جيد المعرفة.
حدث عنه: تمام الرازي، والحسين بن محمد الفلاكي، وعبد الغني الازدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو زرعة روح بن محمد، وأبو العلاء الواسطي، وعلي بن المحسن التنوخي، وخلق.
وصنف التصانيف.
وكانت رحلته إلى بغداد فيما نقله التنوخي في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة وهو حدث له أربع عشرة سنة (1).
قلت: قد سأله حمزة السهمى عن الجرح والتعديل.
مات بطريق مكة قديما في سنة خمس وسبعين وثلاث مئة (2).
__________
* تاريخ بغداد 4 / 109، تاريخ الاسلام 4 / 16 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 999، 1000، العبر 2 / 368، النجوم الزاهرة 4 / 147، طبقات الحفاظ 396، شذرات الذهب 3 / 84.
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 109.
(2) المصدر السابق.
(*)

(17/46)


وكنت قد وقفت على تأليف كبير في السنن، وهو ناقص، فيه أحاديث غريبة، فقيل: إنه تصنيفه.
أخبرنا أبو الحسين (1) اليونيني: أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي، أخبرنا المعمر بن محمد الحبال بالكوفة، حدثنا أحمد بن علي الجعفري، حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين، حدثنا حامد بن حماد بنصيبين، حدثنا إسحاق بن سيار، حدثنا محمد بن عبدالملك بن جابر، حدثنا أبو الفضل قال: قال لي هشام بن عروة: تشرب النبيذ ؟ قلت: نعم،
__________
(1) في الاصل: أبو الحسن، وهو خطأ، والتصويب من ترجمته في " مشيخة " المؤلف ورقة 99 قال: علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله...الامام المحدث الفقيه الاوحد، بقية السلف، شرف الدين، أبو الحسين بن الامام الرباني الفقيه أبي عبد الله، اليونيني الحنبلي، شيخنا ومفيدنا، ولد في رجب سنة إحدى وعشرين وست مئة، وسمع من: البهاء عبد الرحمن حضورا، ومن ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، وعبد الواحد بن أبي المضاء، وابن رواج، وخلق سواهم بمصر والشام، واستنسخ " صحيح " البخاري، وحرره، حدثني أنه قابله في سنة واحدة، وأسمعه إحدى عشرة مرة، وروى الكثير، وكان شيخا مهيبا منورا، حلو المجالسة، كثير الافادة، قوي المشاركة في العلوم، حسن النشر، مليح التواضع، أكثرت عنه ببعلبك وبدمشق، دخل في أول رمضان سنة إحدى وسبع مئة خزانة الكتب ببعلبك، فدخل إليه رجل مضطرب العقل، فضربه بسكين..في دماغه، بقي أياما، وتوفي إلى رحمة الله، واليونيني: نسبة إلى قرية من قرى بعلبك اسمها " يونين " - بضم الياء وكسر النون الاولى - وسماها ياقوت في " معجم البلدان " والفيروز أبادي في " القاموس " - يونان - بفتح النون الاولى - وقال الزبيدي في " تاج العروس ": ويقال فيها يونين أيضا وهو المعروف.
قلت: ونسخة أبي الحسين اليونيني من " صحيح " البخاري والمسماة باليونينية، هي أعظم أصل يوثق به في نسخ " صحيح " البخاري، وهي التي جعلها الامام القسطلاني عمدته في تحقيق متن الكتاب وضبطه حرفا حرفا وكلمة كلمة، وهذه هي أكبر ميزة لشرح القسطلاني المسمى " إرشاد الساري "، وعن النسخة اليونينية طبعت الطبعة السلطانية التي أمر بطبعها السطان عبد الحميد رحمه الله طبعت بمصر في المطبعة الاميرية في سني 1311 - 1313 ه ثم الطبعة التالية لها طبعت على مثالها في المطبعة الاميرية سنة 1314 ه، وعلى النسخة السلطانية تم طبع صحيح البخاري في مصر في مطبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1378 ه 1958 م بتقديم العلامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.
(*)

(17/47)


قال: فلا تشربه، فإن أبي حدثني عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل مسكر حرام أوله وآخره ".
أبو الفضل لا أعرفه، والخبر منكر (1).

17 - أبو زرعة الاستراباذي * هو الامام الحافظ، المجود، الجوال، أبو زرعة، محمد بن إبراهيم ابن عبد الله بن بندار، الاستراباذي، الملقب باليمني لسكناه مدة باليمن (2).
سمع أبا العباس السراج، وعلي بن الحسين بن معدان الفارسي، وأبا عروبة الحراني، وأبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وطبقتهم.
وله رحلة طويلة، ومعرفة جليلة، وجمع وتأليف.
حدث عنه: أبو سعد الادريسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد ابن عبدالرحمن اليزدي، وآخرون.
بقي إلى حدود نيف وسبعين وثلاث مئة، وإنما أخرته عن طبقته قليلا
__________
(1) أي بزيادة أوله وآخره، أما لفظ " كل مسكر حرام " فهو صحيح، فقد أخرجه مالك 2 / 845 في الاشربة باب تحريم الخمر، والبخاري 10 / 35 في الاشربة: باب الخمر من العسل وهو البتع، ومسلم (2001) في الاشربة أيضا: باب بيان أن كل مسكر خمر، كلهم من حديث عائشة بلفظ " كل شراب أسكر فهو حرام " وفي الباب عن أبي موسى الاشعري عند البخاري 8 / 50، ومسلم 3 / 1586 رقم الحديث الخاص (70) بلفظ " كل مسكر حرام " وعن ابن عمر عند مسلم (2003) بلفظ " كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام ".
* تاريخ جرجان: 495، تذكرة الحفاظ 3 / 998، 999، طبقات الحفاظ: 396.
والاستراباذي ضبط في الاصل بفتح التاء، وهو الموافق لما ضبطه ياقوت في " معجمه "، وضبطه السمعاني بكسر الهمزة والتاء، وتابعه على ذلك ابن الاثير في " اللباب "، والسيوطي في " لب اللباب "، وهذه النسبة إلى إستراباذ: بلدة كبيرة مشهورة أخرجت خلقا من أهل العلم في كل
فن، وهي من أعمال طبرستان بين سارية وجرجان.
(2) في " تاريخ جرجان ": ويقال له: العطاري، لانه حافد محمد بن بندار العطار.
(*)

(17/48)


لاجمع بين آباء زرعة رحمهم الله جملة.
أخبرنا محمد بن محمد بن السلم (1)، أخبرنا الحسن بن أحمد الاوقي (2)، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن محمد المديني، حدثنا أبو بكر أحمد بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم بإستراباذ، أخبرنا أبو العباس السراج قال: قلت لقتيبة: أخبركم مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " ؟ فأقر به، وقال: نعم (3).

18 - أبو زرعة الاستراباذي * آخر، هو قاضي إستراباذ، أبو زرعة، أحمد بن بندار بن محمد بن
__________
(1) ترجمة المؤلف في " مشيخته " ورقة 151، فقال: محمد بن محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد بن السلم، القاضي الجليل العالم، جمال الدين، أبو المكارم بن القاضي الاوحد نجم الدين بن قاضي القضاة شمس الدين سالم القرشي النابلسي الشافعي، قاضي القدس ونابلس، حدثنا عن أبي علي الاوقي، ولد سنة عشرين وست مئة بنابلس، وبها توفي في ربيع الاول سنة أربع وتسعين وست مئة.
(2) هذه النسبة إلى " أوه " بفتحتين وفي آخرها هاء.
قال ياقوت في " معجم البلدان " 1 / 283: قرية بين زنجان وهمذان، منها الشيخ الصالح الزاهد أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الاوقي، لقيته بالبيت المقدس تاركا للدنيا، مقبلا على قراءة القرآن، مستقبلا قبلة المسجد الاقصى، وسمعت عليه جزءا، وكتبت عنه، وسألته عن نسبه، فقال: أنا من بلد يقال له: أوه، فقال لي السلفي الحافظ: ينبغي أن تزيد فيه قافا للنسبة، فلذلك قيل لي الاوقي.
وقد علق
العلامة المعلمي اليماني على قول السلفي في حواشيه على " الانساب " 1 / 388 بقوله: ليست بزيادة، وإنما هي إبدال الهاء الساكنة في آخر الكلمة الاعجمية قافا كنظائره.
(3) هو في " الموطأ " 1 / 129 في صلاة الجماعة: باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2 / 112، والبخاري 2 / 30 في الاذان: باب فضل صلاة الجماعة، والنسائي 2 / 103 وأخرجه الترمذي (215) وابن ماجة (789) وأحمد 2 / 102 من طرق عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.
* تاريخ جرجان: 470، تذكرة الحفاظ 3 / 1001.
(*)

(17/49)


مهران، العيشي (1) الفقيه الشافعي، من كبار تلامذة أبي علي بن أبي هريرة.
يروي عن الحافظ حفص بن عمر الاردبيلي ونحوه.
قال أبو سعد الادريسي: مات في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
فهذا أبو زرعة الاستراباذي الصغير.

19 - أبو زرعة الدمشقي الصغير * هو الامام المحدث، محمد بن عبد الله بن أبي دجانة عمرو بن عبد الله بن صفوان، النصري الدمشقي ابن ابن أخي الحافظ أبي زرعة الدمشقي الكبير.
حدث عن: الحسين بن محمد بن جمعة، وإبراهيم بن دحيم، وجماعة.
روى عنه: تمام الرازي، وأبو علي بن مهنا، وغيرهما.
مات قبل الستين وثلاث مئة.
أما أبو زرعة النصري الدمشقي فمشهور (2)، مات بعد الثمانين
ومئتين.
__________
(1) في الاصل: " العبسي " بالباء الموحدة، والسين المهملة، والصواب ما أثبتناه، كما في " مشتبه " المؤلف 2 / 436، وتوضيح ابن ناصر الدمشقي 2 / 137، وتبصير ابن جحر 3 / 986، والعيشي: نسبة إلى عايش بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة، ويقال: العايشي.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1001.
(2) مرت ترجمته في الجزء الثالث عشر رقم (146).
(*)

(17/50)


20 - أبو زرعة الرازي * ثلاثة: فالكبير من أقران البخاري مر (1)، والاوسط ذكرته الآن (2)، والاصغر هو العلامة قاضي أصبهان، أبو زرعة روح بن محمد سبط الحافظ أبي بكر بن السني (3).
سمع من: إسحاق بن سعد النسوي، وجعفر (4) بن فناكي، وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي، وأبي الحسين بن فارس اللغوي، وعدة.
قال الخطيب (5): قدم علينا، فحدث ببغداد وبالكرج أيضا، وكان صدوقا فهما، أديبا شاعرا، ولي قضاء أصبهان.
ثم قال: وبلغني موته في سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة بالكرج.
قلت: سمع أبو طاهر السلفي من أصحاب هذا، وهو متأخر عن هذه الطبقة، كتبناه للتمييز.
قرأت على سليمان بن قدامة الفقيه: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، حدثنا محمد بن عبد الواحد المصري، أخبرنا القاضي أبو زرعة
__________
* تاريخ بغداد 8 / 410، المنتظم 8 / 70، طبقات ابن الصلاح ورقة 48، تذكرة الحفاظ 3 / 1000، طبقات السبكي 4 / 379، طبقات الاسنوي 1 / 581، البداية والنهاية
12 / 34.
(1) في الجزء الثالث عشر، برقم (48) وهو عبيدالله بن عبد الكريم القرشي مولاهم الرازي (2) برقم (16).
(3) هو أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو بكر بن السني الدينوري، المتوفى سنة 364 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هو جعفر بن عبد الله بن فناكي، أبو القاسم الرازي، الراوي عن محمد بن هارون الروياني " مسنده ".
انظر " العبر " 2 / 23.
(5) في " تاريخ بغداد " 8 / 410.
(*)

(17/51)


روح بن محمد السني، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد الجواليقي، حدثنا أبو بكر أحمد بن مدرك بن زنجلة إملاء، حدثنا عبدالاعلى بن حماد، أخبرنا عبد الجبار بن الورد، سمعت ابن أبي مليكة، سمعت عبيدالله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان، ويوم عاشوراء " (1).
هذا حديث غريب فيه نكارة، وابن الورد صدوق (2)، وهو أخو وهيب الزاهد.

21 - الزكي * أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب النيسابوري، الاديب (3).
__________
(1) وأخرجه أبو سهل الجواليقي في " أحاديث ابن الضريس " 189 / 2، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 337، والطبراني في " الكبير " (11252) و (11253) وهو منكر كما قال الامام الذهبي، وبيان ذلك في التعليق الآتي.
(2) لكن قال البخاري فيه: يخالف في بعض أحاديثه، وقال ابن حبان: يخطئ ويهم، وقد أخطأ في هذا الحديث فجعله مرفوعا، وغير واحد من الثقات رواه عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قوله، ولفظه: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني رمضان.
أخرجه البخاري (2006) في آخر الصوم، ومسلم (1132) وأحمد (1938) و (2856) و (3475) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 337 والطبراني في " الكبير " (11252) و (11254) و (11255) و (11256) و (11257) من طرق عن عبيد الله به.
قال الحافظ في " الفتح " 4 / 249: وهذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الايام للصائم بعد رمضان، لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه، فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعا " إن صوم يوم عاشوراء يكفر سنة، وإن صيام يوم عرفة يكفر سنتين " وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء.
(*) تاريخ الاسلام 4 / 90 / 1 وهو فيه " المزكي، شيخ التزكية ".
وقد قال ابن الاثير في " اللباب " في ترجمة " المزكي ": يقال هذا لمن يزكي الشهود، ويبحث عن حالهم، ويعرفه القاضي، واشتهر بهذا بيت كبير بنيسابور منهم جماعة من العلماء.
قلت: فعلى هذا يكون الصواب في نسبه " المزكي " وليس " الزكي " كما في الاصل.
(3) قال المؤلف في التاريخ: كان محدثا نحويا أديبا، صلى بالناس التراويح ثلاثا وستين =

(17/52)


سمع: ابن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وابن قوهيار، وعمرو بن عبد الله البصري، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وأبا طاهر المحمداباذي، وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن عبدالرحيم الاسماعيلي.
توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة (1) رحمه الله.

22 - جيش بن محمد * ابن صمصامة، الامير الكبير، نائب دمشق، أبو الفتح المغربي.
ولي البلد من قبل خاله الامير أبي محمود الكتامي في سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، ثم وليها مستقلا بعد موت خاله سنة سبعين، ثم صرف بعد عامين، ثم وليها سنة تسع وثمانين.
وكان ظلوما متجبرا سفاكا للدماء، مصادرا، خبيث العقيدة، عج الخلق فيه إلى الله حتى هلك بالجذام.
وكان قدم الشام في جيش، فنزل الرملة، وبادر إلى خدمته نواب الشام، فقبض على سليمان بن فلاح الامير، وجهز طائفة لمنازلة صور لانهم عصوا، وأمروا عليهم علاقة الملاح، فاستنجد بالروم، فأمده بسيل الملك
__________
= سنة بالختمة، وكان يعرف بابن أخت أبي محمد الجلاب.
(1) عن خمس وسبعين سنة، كما في " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1.
* الكامل لابن الاثير 8 / 642 و 9 / 7 و 120، 121، تاريخ الاسلام 4 / 78 / 1 - 79 / 1، العبر 3 / 46 وفيه حنش، دول الاسلام 1 / 235، شذرات الذهب 3 / 133 وفيه حبيش، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 421، معجم الانساب والاسرات الحاكمة 44.
(*)

(17/53)


بعدة مراكب، فالتقوا هم وأسطول جيش، فأخذت مراكب الروم، وهرب من نجا، ثم أخذت صور، وأسر علاقة، وسلخ بمصر حيا، وولي على صور حسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة.
وهرب مفرج (1) أمير العرب من جيش إلى جبال طئ (2).
وأقبل جيش طالبا لجموع الروم النازلين على فامية (3)، وأقبل على أحداث دمشق واحترمهم، وخلع على أعيانهم (4)، وسار إلى حمص، وأتته
الامداد والمطوعة، فالتقاه الذوفس (5) لعنه الله، وحملت الروم، فطحنت القلب، ثم انهزمت ميسرة جيش وعليها ميسور نائب طرابلس، وهرب جيش في الميمنة، فركبت الروم أقفيتهم، وقتلوا نحو الالفين، وأخذوا الخيام، فثبت بشارة الاخشيدي في خمس مئة فارس، فضج الخلق من داخل فامية إلى الله بالدعاء، وكان طاغية الروم الذوفس على رابية بين يديه ابناه وعشرة فوارس، فقصده أحمد بن ضحاك الكردي على جواده، فظنه مستأمنا، فلما قرب طعنه أحمد، قتله، فصاح أهل فامية: ألا إن عدو الله قتل، فانهزمت الملاعين ثم تراجعت المصريون وركبوا أقفية العدو وألجؤ وهم إلى مضيق الجبل، إلى جانب بحيرة (6) فامية، وأسر ولد الطاغية، وحمل إلى مصر من رؤوسهم نحو عشرين ألف رأس، وألفا
__________
(1) هو مفرج بن دغفل بن الجراح.
(2) انظر " الكامل " لابن الاثير 9 / 120، و " تاريخ الاسلام " 4 / 78 / 2.
(3) ويقال أفامية بالهمزة في أوله: وهي مدينة حصينة من سواحل الشام وكورة من كور حمص.
(4) انظر " الكامل " 9 / 121، و " تاريخ الاسلام " 4 / 78 / 2.
(5) في " الكامل ": الدوقس بالدال المهملة والقاف.
(6) هو اليوم مستنقع الغاب، وقد استصلح.
(*)

(17/54)


أسير، وسار جيش إلى أنطاكية (1) فسبى وغنم (2).
وقدم دمشق وقد عظمت سطوته، ونزل بظاهرها، وزينت دمشق، فأظهر العدل، وشرع يلاطف الاحداث حتى طمنهم، وأمر قواده بالاهبة، وهيا رقاعا مختومة، وقسم البلد، وعين كل درب لقائد، وأن يبذلوا
السيف، وهيأ في حمام داره التي ببيت لهيا مئتين بالسيوف، ومد السماط للاحداث، فلما قاموا لغسل الايدي أغلق عليهم، وكان كل مقدم من الاحداث يركب في جمعه بالسلاح، وكان الذين أغلق عليهم اثني عشر مقدما، فقتلوا، ومالت أعوانه على أصحابهم قتلا، ودخلت المصريون دمشق بالسيف، فكان يوما عصيبا، نسأل الله العافية، ثم جهز إلى قرى الغوطة والمرج نصرون القائد، فقتل نحو الالف، واستغاث أهل البلد إلى جيش: العفو العفو.
فكف، وطلب الاكابر، فلما اجتمعوا، أخرج رؤوس الاحداث قد ضرب أعناقهم، ثم شرع في المصادرة والعذاب، ووضع عليهم خمس مئة ألف دينار، فقيل: عدة من قتل من الاحداث والشطار ثلاثة آلاف نفس، فاستأصله الله بعد أشهر، في ربيع الآخر سنة تسعين وثلاث مئة (3).
ولقد لقي المسلمون من العبيدية والمغاربة أعظم البلاء في النفس والمال والدين، فالامر لله، وابتلي جيش بما لا مزيد عليه، حتى ألقى ما في بطنه، وكان يقول لاصحابه، اقتلوني، ويلكم ! أريحوني من الحياة.
__________
(1) في الاصل: أنكاكية.
(2) انظر " الكامل " 9 / 121.
(3) " الكامل " 9 / 121، 122، و " تاريخ الاسلام " 4 / 78 / 2، 79 / 1.
(*)

(17/55)


ويقال: نفذت فيه دعوة أبي بكر بن الحرمي الزاهد، وأراق له خمورا فما سلطه الله عليه (1).

23 - ابن ضيفون * الشيخ المحدث المعمر، أبو عبد الله، محمد بن عبدالملك بن
ضيفون اللخمي القرطبي الحداد (2).
سمع عبد الله بن يونس القبري، وأحمد بن زياد، وقاسم بن أصبغ، ثم حج في سنة تسع وثلاثين، فشهد رد الحجر الاسود إلى مكانه، وسمع من أبي سعيد بن الاعرابي، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي جعفر محمد بن يحيى بن دحمان المصيصي، لقيه بطرابلس، وعبد الله بن محمد بن مسرور القيرواني.
وكان صالحا معدلا، آخر أصحابه موتا أبو عمر بن عبد البر.
قال أبو الوليد بن الفرضي (3): علت سنه، واضطرب في أشياء قرئت عليه لم يسمعها، ولم يكن ضابطا، قال لي: إنه ولد سنة ثلاث وثلاث مئة.
وتوفي في شوال سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
قلت: هو آخر من حدث عن القبري، وابن الاعرابي بالاندلس.
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 79 / 1.
* تاريخ علماء الاندلس 2 / 108، 109، جذوة المقتبس: 68، بغية الملتمس: 102، العبر 3 / 57، دول الاسلام 1 / 237، المغني في الضعفاء 2 / 609، ميزان الاعتدال 3 / 633 وتحرف فيه " ضيفون " إلى " صفوان "، نفح الطيب 2 / 237، شذرات الذهب 3 / 144، 145، وتصحف فيه إلى " صيفون " بالمهملة.
(2) في " نفح الطيب " زيادة نسبة " الرصافي " وهي النسبة الموجودة في " الجذوة " و " البغية ".
(3) في " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 109.
(*)

(17/56)


24 - ابن برطال * القاضي أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن زكريا بن يحيى، التميمي
القرطبي المالكي، ابن برطال.
ولد سنة تسع وتسعين ومئتين.
وسمع من: أحمد بن خالد الجباب الحافظ، ومحمد بن عيسى، وقاسم بن أصبغ، وإبراهيم بن فراس المكي، وإسماعيل بن الجراب (1)، وعثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، ومحمد بن محمد بن الخياش، وعدة.
وولي الخطابة وقضاء الجماعة إلى أن علت سنه، وتفلت ذهنه، فصرفه أبو عامر الحاجب عن القضاء إلى الوزارة (2).
روى عنه: الفرضي، وسراج بن عبد الله، وعمر دهرا.
وكان حجه في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، وتفرد بأشياء عالية.
توفي سنة أربع وتسعين وثلاث مئة، عن خمس وتسعين سنة.

25 - ابن عبدوس * * الامام أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس بن أحمد، النيسابوري النحوي الفقيه.
__________
* تاريخ علماء الاندلس 2 / 105 - 107، تاريخ الاسلام 4 / 96 / 2، تاريخ قضاة الاندلس: 84.
(1) هو إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم بن الجراب، الجرابي، سمع الكديمي، ومات سنة 345، وقد تصحف لفظ " الجراب " في تاريخ علماء الاندلس إلى " الحراب " بالحاء المهملة.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 493.
(2) انظر " تاريخ علماء الاندلس " 2 / 106.
* * إنباه الرواة 3 / 56، تاريخ الاسلام 4 / 102 / 2، 103 / 1.
(*)

(17/57)


سمع مكي بن عبدان، وأبا عمرو الحيري، وأبا حامد بن الشرقي، وعمه إبراهيم بن عبدوس.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: عقدت له مجلس الاملاء سنة ثمان وثمانين، وروى عنه أبو القاسم القشيري، وأبو يعلى بن الصابوني، وآخرون.
توفي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مئة.

ومن طبقته: الحافظ الرحال:
26 - أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس * النسوي، محدث مرو.
حدث عن: علي بن أبي العقب، وبكير بن الحسن الحداد، وطائفة.
حدث عنه: الفقيه أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني، والحسن ابن القاسم المروزي، ومحمد بن الحسن الفقيه المروزي.
كان بعد الاربع مئة.

ومن طبقته:
27 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس * * الحاتمي النيسابوري، الفقيه الشافعي.
__________
* تاريخ الاسلام 3 / 103 / 1.
* * تاريخ الاسلام 4 / 103 / 1، ومكان ترجمته من " طبقات الشافعية الكبرى " للسبكي = (*)

(17/58)


سمع أبا العباس الاصم، وجماعة.
ومات في حياة والده سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.

ومن طبقة شيوخه:
28 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس * العنزي الطرائفي، صاحب عثمان بن سعيد الدارمي، المتوفى سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

29 - ابن الحجاج * * شاعر العصر، وسفيه الادباء، وأمير الفحش، وديوانه مشهور في خمس مجلدات (1)، وهو أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي، المحتسب، الكاتب.
وقد هجا المتنبي (2)، ومدح الملوك، مثل عضد الدولة وبنيه
__________
= 3 / 46 بياض، قال محققه: لعله أحمد بن محمد بن عبدوس أبو الحسن العنزي الطرائفي، وقوله هذا خطأ، فالذي ذكره آخر، وهو الذي سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة.
ثم أورد محقق " الطبقات " ترجمة ابن عبدوس الحاتمي من " الطبقات الوسطى " للسبكي.
* العبر 2 / 270، 271، شذرات الذهب 2 / 372.
* * الامتاع والمؤانسة 1 / 137 - 139، يتيمة الدهر 3 / 30 - 99 وهو فيه " الحسن "، تاريخ بغداد 8 / 14، المنتظم 7 / 216 - 218، معجم الادباء 9 / 206، الكامل في التاريخ 9 / 168، وفيات الاعيان 2 / 168 - 172، تاريخ الاسلام 4 / 85 / 2، 86 / 1، العبر 3 / 50، الوافي بالوفيات 12 / 331، مرآة الجنان 2 / 444، البداية والنهاية 11 / 329، 330، النجوم الزاهرة 4 / 204، 205، معاهد التنصيص 3 / 188 - 201 وهو فيه الحسن بن أحمد البغدادي، شذرات الذهب 3 / 136، 137، مطالع البدور 1 / 39، روضات الجنات: 238، أعيان الشيعة 25 / 81 - 160، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 130.
(1) انظر " تاريخ الادب العربي " لبروكلمان " النسخة العربية " 2 / 60، 61.
(2) انظر بعض هجائه له في " الوافي " 12 / 334.
(*)

(17/59)


والوزراء (1).
وله باع أطول في الغزل.
وأما الزطاطة والتفحش، فهو حامل لوائها، والقائم بأعبائها (2).
وخدم بالكتابة في جهات، وأخذ الجوائز، وولي حسبة بغداد مدة (3) وعزل، وله معان مبتكرة ما سبق إليها (4).
وكان شيعيا رقيعا، ماجنا، مزاحا، هجاء، أمة وحده في نظم القبائح، وخفة الروح، وله معرفة بفنون من التاريخ والاخبار واللغات.
ورأيت له أنه قال: كل ما قلته من المجون فالله يشهد أنني ما قصدت به إلا بسط النفس، وأنا أستغفر الله من هذه العثرة.
وقيل: إنه بعث ديوانه بخط منسوب إلى صاحب مصر، فأجازه بألف دينار.
__________
(1) انظر " معجم الادباء " 9 / 210 وما بعدها.
(2) فمن شعره: شعري الذي أصبحت في * ه فضيحة بين الملا لا يستجيب لخاطري * إلا إذا دخل الخلا ومنه: أيا مولاي هزلي تحت جدي * وتحت الفضة انحرف اللحام وشعري سخفه لابد منه * فقد طبنا وزال الاحتشام وهل دار تكون بلا كنيف * يكون لعاقل فيها مقام وحضر في دعوة، وأخر الطعام، ونظر إلى صاحب الدار يذهب ويجئ في داره، فقال: يا ذاهبا في داره جائيا * بغير معنى وبلا فائده
قد جن أضيافك من جوعهم * فاقرأ عليهم سورة المائدة (3) وليها لعز الدولة بختيار بن بويه.
انظر " النجوم الزاهرة " 4 / 204.
(4) انظر فنون شعره في " يتيمة الدهر " 3 / 31 - 99، و " الوافي بالوفيات " 12 / 334 - 337.
(*)

(17/60)


مات ببلد النيل (1) في جمادى الآخرة، سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة وقد شاخ.

30 - الرازي * الامام العلامة، شيخ الشافعية، أبو الحسن، علي بن عمر بن العباس، الرازي الفقيه.
روى عن ابن أبي حاتم فأكثر، وعن أبي بكر محمد بن قارن بن العباس، وأحمد بن محمد بن معاوية الكاغدي، وأحمد بن خالد بن مصعب الحزوري (2)، وارتحل بأخرة، فحمل عن النجاد، وابن السماك.
أكثر عنه الخليلي، وقال: كان علما، له في كل علم حظ، وكان في الفقه إماما بلغ قريبا من مئة سنة.
وسمعت عبد الله بن محمد الحافظ يقول: لم يعش من أصحاب الشافعي [ أحد ] أكثر مما عاش هذا، وكان عالما بالفتاوى والنظر.
قلت: تفرد بالرواية عن ابن مصعب وغيره، وبقي إلى حدود سنة أربع مئة.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن
__________
(1) قال ابن خلكان: هي بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة، خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم، والاصل فيه نهر حفره الحجاج بن يوسف في هذا المكان ومخرجه من الفرات،
وسماه باسم نيل مصر، وعليه قرى كثيرة.
* العبر 3 / 64، شذرات الذهب 3 / 149 كلاهما في وفيات سنة 397، واسمه فيهما: علي بن محمد بن عمر الرازي، أبو الحسن بن القصار.
(2) ضبط في الاصل بتشديد الزاي، وليس هذا الضبط في كتب " الانساب "، وإنما فيها حزور بتشديد الواو بعد الحاء والزاي المفتوحتين.
وانظر " المشتبه " 1 / 229.
(*)

(17/61)


ماك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، أخبرنا علي بن عمر الفقيه، حدثنا ابن أبي حاتم، سمعت أبي يقول: دخلت قزوين سنة ثلاث وعشرين وداود العقيلي - يعني ابن ابراهيم - قاضيها، فدخلنا عليه، فدفع إلينا مشرسا فيه مسند أبي بكر رضي الله عنه، فأول حديث فيه: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، في خروج الدجال من خراسان.
فقلت: ليس ذا من حديث شعبة، إنما هو سعيد بن أبي عروبة (1)، وقلت لخالي: لا أكتب عنه إلا أن يرجع عن هذا، فقال خالي: أستحيي أن أقول له.
قال: فخرجت، ولم أسمع منه شيئا.

31 - العنزي * الامام الفقيه، أبو عبد الله، الحسين بن جعفر بن حمدان (2) بن محمد بن المهلب (3)، العنزي، الجرجاني، الوراق، نزيل بغداد.
سمع أبا سعيد بن الاعرابي، وإسماعيل الصفار، وخيثمة بن سليمان، وأبا العباس الاصم، وأحمد بن أبي طلحة الفارسي، وطبقتهم.
__________
(1) هو في " المسند " 1 / 4 / و 7 من طريق روح، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، عن عمرو بن حريب أن أبا بكر الصديق أفاق من مرض له، فخرج إلى الناس، فاعتذر بشئ، وقال: ما أردنا إلا الخير، ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن
الدجال يخرج في أرض بالمشرق يقال لها: خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة " وأخرجه الترمذي (2237) وابن ماجة (4072) من طريق روح بن عبادة به، وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم 4 / 527، ووافقه الذهبي.
* تاريخ جرجان: 158، تاريخ بغداد 8 / 27، 28، تاريخ الاسلام 4 / 107 / 1 تهذيب ابن عساكر 4 / 292.
والعنزي: نسبة إلى عنزة، حي من ربيعة.
" الانساب " 1 / 76.
(2) في مصادر الترجمة:..جعفر بن محمد بن حمدان..(3) في " تاريخ جرجان ": المعروف بابن شيبة.

(17/62)


وله رحلة واسعة، ومعرفة وفهم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وحمزة السهمي، وسليم الرازي، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو مسعود، وأحمد بن محمد البجلي، وعدة.
قال السهمي (1): كان سكن بغداد سنين كثيرة يورق، توفي في رمضان، سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.

32 - ابن الوزير * الامام الحافظ، أبو أحمد، حسين بن محمد بن الوزير، الدمشقي الشاهد (2)، راوي كتاب " الام " للشافعي عن أبي علي الحضائري، و حدث أيضا عن: أبيه، وابن ملاس (3)، وهو كاتب القاضي الميانجي (4).
روى عنه: علي الحنائي، وأبو علي الاهوازي، وعبد الوهاب الميداني.
يوصف بالحفظ.
قال الاهوازي: مات سنة أربع مئة وله مئة سنة وسنة.
__________
(1) في " تاريخ جرجان " 158.
* تاريخ الاسلام 4 / 114 / 2، تهذيب ابن عساكر 4 / 362.
(2) في " تاريخ الاسلام ": الشروطي.
(3) هو محمد بن جعفر ملاس، كما ذكره المؤلف في " التاريخ ".
(4) هو أبو بكر يوسف بن القاسم بن فارس بن سوار الميانجي الشافعي المتوفى سنة 375، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/63)


33 - ابن وكيع * العلامة البليغ الشاعر، أبو محمد، الحسن بن علي بن أحمد بن القاضي محمد بن خلف، ابن وكيع الضبي البغدادي، ثم التنيسي، من فحول الشعراء.
وله ديوان (1)، وكان يلقب بالعاطس، وهو القائل: لقد شمت بقلبي * لا خفف (2) الله عنه كم لمته في هواه * فقال: لابد منه (3) توفي في جمادى الاولى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة بتنيس، وبنوا على قبره قبة.
__________
* يتيمة الدهر 1 / 356 - 384، الكنى والالقاب 1 / 437، وفيات الاعيان 2 / 104 - 107، تاريخ الاسلام 4 / 92 / 1، الوافي بالوفيات 12 / 114 - 119، مرآة الجنان 2 / 445، 446، شذرات الذهب 3 / 141 وسماه وكيعا وأسقط لفظ " ابن " وهو خطأ، روضات الجنات: 216، هدية العارفين 1 / 273، إيضاح المكنون 2 / 264، أعيان الشيعة 22 / 207 - 225.
قال ابن خلكان: " وكيع هو لقب جده [ القاضي ] أبي بكر محمد بن خلف "
فصاحب الترجمة اشتهر بابن وكيع نسبة إليه، وجده وكيع هو صاحب كتاب " أخبار القضاة " وغيرها من المصنفات، وقد أخطأ صاحب " هدية العارفين " فنسب مصنفات وكيع القاضي الجد إلى حفيده الشاعر صاحب هذه الترجمة.
(1) وله أيضا كتاب " المنصف " بين فيه سرقات أبي الطيب المتنبي ومشكل شعره، وقد طبع في دار قتيبة بدمشق سنة 1982 بتحقيق الدكتور محمد رضوان الداية وله قصيدة مخطوطة في برلين 7589، وذكر له النويري في " نهاية الارب " 1 / 179 - 183 بعض أراجيز في الفصول الاربعة.
(2) في " وفيات الاعيان ": لا فرج.
(3) البيتان في " وفيات الاعيان " 2 / 105.
وقد أورد له الثعالبي في " يتيمة الدهر " مزدوجته المربعة، وهي قصيدة كل أربعة أشطار منها على قافية وأولها: رسالة من كلف عميد * حياته في قبضة الصدود بلغه الشوق مدى المجهود * ما فوق ما يلقاه من مزيد وانظر في " يتيمة الدهر " فنون شعره.
(*)

(17/64)


34 - الوليد بن بكر * ابن مخلد بن أبي دبار (1)، الحافظ اللغوي، الامام أبو العباس، الغمري (2) الاندلسي السرقسطي، أحد الرحالة في الحديث.
حدث عن علي بن أحمد بن الخصيب بكتاب العجلي في " معرفة الرجال "، وعن الحسن بن رشيق، ويوسف الميانجي، وأبي بكر الربعي، وأحمد بن جعفر الرملي.
حدث عنه: أبو الطيب أحمد بن علي الكوفي ابن عمشليق، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو ذر الهروي، وأبو
الحسن العتيقي، وأبو طالب العشاري، وأبو سعد السمان، وأحمد بن منصور بن خلف المغربي، والحسين بن جعفر السلماسي.
قال ابن الفرضي (3): كان إماما في الحديث والفقه، عالما باللغة والعربية، كان أبو علي الفارسي النحوي يرفعه ويثني عليه، ذكر أنه لقي في الرحلة أزيد من ألف شيخ، كتب عنهم.
وقال الحاكم: سكن نيسابور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى
__________
* تاريخ بغداد 13 / 450، 451، جذوة المقتبس 361، 362، الصلة لابن بشكوال 2 / 642، 643، بغية الملتمس 466، 467، تذكرة الحفاظ 3 / 1080، العبر 3 / 53، تاريخ الاسلام 4 / 89 / 2 / 90 / 1، طبقات الحفاظ 419، 420، نفح الطيب 2 / 380، شذرات الذهب 3 / 141، تاج العروس (غمر) 3 / 456.
(1) كذا الاصل، وفي " تاريخ بغداد " و " الصلة " و " الجذوة ": بن أبي زياد، وفي " نفح الطيب ": ابن زياد.
(2) وفي بعض المصادر: " العمري " بالمهملة، وسيذكر المؤلف هذه النسبة في آخر الترجمة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1081، و " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1، ولم نعثر على ترجمته في " تاريخ " ابن الفرضي.
(*)

(17/65)


نيسابور، وسماعاته في أقطار الارض كثيرة، وهو مقدم في الادب، وشعره فائق (1).
وقال عبد الغني (2) في نسبه: الغمري: بغين معجمة، حدثنا ب " التاريخ " للعجلي.
وقال الحسن بن شريح: هو عمري، ولكن قدم إفريقية، فنقط العين
حتى يسلم، وكان مؤدبي، وقال لي: إذا رجعت إلى الاندلس جعلت النقطة ضمة.
قلت: فعله خوفا من الدولة العبيدية.
قال الخطيب (3): كان ثقة أمينا، كثير السماع، سافر الكثير.
قال ابن عساكر: أخبرنا زاهر، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا الوليد ابن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن الخصيب بالمغرب، حدثنا عبدالرحمن ابن أحمد الرشديني بمصر، حدثنا خشيش بن أصرم.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا عبد الغفار بن شيرويه، حدثنا محمد بن إبراهيم الكرماني، أنشدني الوليد بن بكر النحوي لنفسه: لاي بلائك لا تدكر * وماذا يضرك لو تعتبر بكاء هنا وبراح هناك * وميت يساق وقبر حفر
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1080، و " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1 (2) أي الحافظ عبد الغني بن سعيد الازدي المصري، وسيترجم في هذا الجزء برقم (164).
(3) في " تاريخ بغداد " 13 / 450.
(*)

(17/66)


وبان الشباب وحل المشيب * وحان الرحيل فما تنتظر كأنك أعمى عدمت البصر * كأن جنابك جلد حجر وماذا تعاين من آية * لو ان بقلبك صح النظر وقد ذكره ابن الدباغ في " طبقات الحفاظ ".
أخبرنا عيسى بن العطار، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ثابت
ابن بندار، أخبرنا الحسين بن جعفر، أخبرنا الوليد بن بكر، أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي، حدثنا داود بن يحيى بن يمان، عن أبيه، عن سفيان قال: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة.
توفي أبو الوليد بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.

35 - البديع * العلامة البليغ، أبو الفضل، أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني، بديع الزمان.
صاحب كتاب: " المقامات " (1)، التي على منوالها نسج الحريري.
__________
* يتيمة الدهر 4 / 256 - 301، الانساب (الهمذاني)، معجم الادباء 2 / 161 - 202، الكامل في التاريخ 9 / 209، اللباب 3 / 392، وفيات الاعيان 1 / 127 - 129، تاريخ الاسلام 4 / 105 / 2 - 106 / 2، العبر 3 / 67، الوافي بالوفيات 6 / 355 - 358، مرآة الجنان 449، 450، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 218، 219، شذرات الذهب 3 / 150، 151، روضات الجنات 66، هدية العارفين 1 / 69، أعيان الشيعة 8 / 306 - 355.
(1) طبعت بهامش " رسائله " بشرح السيد محمود الرافعي في مصر 1315 ه، وطبعت مع شرحها للشيخ محمد عبده بمطبعة اليسوعيين سنة 1889 م وأخرى سنة 1908، وطبع بعض هذه المقامات في ليبزغ سنة 1841 م، وطبعت مع ترجمتها باللغة الانكليزية في مدارس سنة 1913 م.
وانظر " تاريخ " بروكلمان 2 / 115.
(*)

(17/67)


وله ترسل فائق (1)، ونظم رائق (2)، وهو القائل: وكاد يحكيك صوت الغيث منسكبا * لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا
والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت * والليث لو لم يصل (3) والبحر لو عذبا ما الليث مختطما ما السيل مرتطما * ما البحر ملتطما والليل مقتربا أمضى شبا منك أدهى منك صاعقة * أجدى يمينا وأدنى منك مطلبا (4) مات بهراة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة مسموما أو مسبوتا (5).

36 - البافي * شيخ الشافعية، أبو محمد، عبد الله بن محمد البخاري، المعروف
__________
(1) ومن رسائله: " الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه، وإذا سكن متنه، تحرك نتنه، وكذا الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه، ويثقل ظله إذا انتهى محله ".
وانظر كثيرا من كتاباته في " يتيمة الدهر " 4 / 259 - 292، و " معجم الادباء " 2 / 167 وما بعدها، وقد طبعت " رسائله " مع ترجمته مستخرجة من " يتيمة الدهر " في مطبعة الجوائب بالآستانة سنة 1298 ه، وطبعت في بيروت عام 1890 م، وطبعت في مصر 1315 ه وبهامشها " مقاماته " بشرح السيد محمود الرافعي، وطبعت مع شروح عليها للشيخ إبراهيم الاحدب بعنوان: " كشف المعاني والبيان من رسائل بديع الزمان " مع مقدمة وترجمة للمؤلف بمطبعة اليسوعيين في بيروت 1890 م، وطبعت بهامش " خزانة الادب " لابن حجة الحموي في مصر 1304.
(2) قد طبع " ديوانه " في مطبعة الموسوعات عام 1903، وانظر بعض نظمه في " اليتيمة " 4 / 292 - 301.
(3) في " اليتيمة " و " الوفيات " و " الوافي ": " يصد " بدلا من " يصل ".
(4) الابيات في " تاريخ الاسلام " 4 / 106 / 1، والاولان منها في " يتيمة الدهر " 4 / 293، و " وفيات الاعيان " 1 / 128، و " الوافي بالوفيات " 6 / 358، وذكر الثعالبي أنها من قصيدة في الامير أبي علي أولها: علي أن لا أريح العيس والقتبا * وألبس البيد والظلماء واليلبا
(5) أي مات بالسكتة.
* يتيمة الدهر 3 / 122، 123، طبقات العبادي 110، تاريخ بغداد 10 / 139، =

(17/68)


بالبافي، نزيل بغداد، وتلميذ أبي علي بن أبي هريرة، وأبي إسحاق المروزي، قد عمر دهرا.
وكان من بحور العلم، ماهرا بالعربية، حاضر البديهة، بديع النظم (1).
وكان من أصحاب الوجوه، تفقه به جماعة.
روى عنه أبو القاسم التنوخي.
وكان أحد الفصحاء، وله: قد حضرنا وليس يقضى تلاقي (2) * نسأل الله خير هذا الفراق إن تغب لم أغب (3) وإن لم تغب * غبت كأن افتراقنا باتفاق (4) مات البافي في المحرم سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله.

37 - ابن خرشيذ قوله * الشيخ الصدوق المسند، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الله بن محمد
__________
= 140، طبقات الفقهاء للشيرازي 102، الانساب 2 / 47، المنتظم 7 / 240، معجم البلدان 1 / 326، اللباب 1 / 112، تاريخ الاسلام 4 / 107 / 2، العبر 3 / 68، طبقات السبكي الكبرى 3 / 317، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 219، طبقات ابن هداية الله 107، شذرات الذهب 3 / 152.
والبافي: نسبة إلى باف، وهي قرية من قرى خوارزم، وقد تحرف في " اليتيمة " إلى " النامي "، وفي " البداية " إلى " الباجي ".
(1) انظر بعض نظمه في " اليتيمة " 2 / 122، 123، و " تاريخ بغداد " 10 / 140، و " طبقات السبكي " 3 / 318، و " معجم البلدان " 1 / 326.
(2) في " الانساب " و " تاريخ بغداد ": كم حضرنا فليس يقضى التلاقي.
(3) في " الانساب " و " تاريخ بغداد ": إن أغب لم تغب.
(4) البيتان في " تاريخ الاسلام " 4 / 107 / 2، و " الانساب " 2 / 48، و " تاريخ بغداد " 10 / 139، 140.
* تاريخ أصبهان 1 / 304، تاريخ الاسلام 4 / 114 / 1 و 2، العبر 3 / 72، شذرات الذهب 3 / 158.
(*)

(17/69)


ابن خرشيذ قوله، الكرماني الاصبهاني، التاجر.
سمع أبا بكر بن زياد النيسابوري، والقاضي المحاملي، وأبا (1) العباس بن عقدة، ومحمد بن مخلد، والحسن بن أبي الربيع الانماطي، وجماعة، وتفرد في وقته.
حدث عنه: أبو الوفاء محمد بن بديع، وظفر بن عبدالرحيم، وأبو القاسم بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، وسليمان بن عبدالرحيم الحسناباذي، ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطيان، وأبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه الاصفهانيون.
قال المصقلي: سمعت ابن خرشيذ قوله يقول: ولدت في سنة سبع وثلاث مئة، ودخلت بغداد سنة إحدى وعشرين (2).
قلت: ما علمت فيه بأسا، وسمعنا من طريقه عدة أجزاء.
توفي في شهر المحرم سنة أربع مئة.
وخرشيذ: بفتح أوله وثانيه، هكذا وجدته مضبوطا، وإنما على أفواه الطلبة بالضم والتثقيل.
وفيها مات الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة
الاموي الطليطلي، صاحب أبي إسحاق بن شنظير الحافظ، اللذين يقال لهما: الصاحبان (3)، والحافظ أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي (4)،
__________
(1) في الاصل (أبو) وهو خطأ.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 114 / 2.
(3) سترد ترجمتهما في هذا الجزء برقمي (92) و (93).
(4) سترد ترجمته برقم (136).
(*)

(17/70)


والشريف الطاهر أبو أحمد حسين بن موسى العلوي الموسوي والد الرضي والمرتضى، وسليمان بن هشام المقرئ ابن الغماز (1)، وأبو نعيم الاسفراييني، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث: بغدادي، ومحمد بن إبراهيم الخشني الطليطلي، ومحمد بن هشام بن عبد الجبار المهدي المرواني (2).

38 - أبو نعيم الاسفرايني * الشيخ العالم، مسند خراسان، أبو نعيم، عبدالملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن الازهر الازهري الاسفرايني.
حدث عن خال أبيه الحافظ أبي عوانة بكتابه " الصحيح " (3)، سمعه بقراءة والده الحافظ، وطال عمره، وتكاثر عليه المحدثون.
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو نعيم هذا رجل صالحا ثقة، حضر إلى نيسابور في آخر عمره، ولم يعهد بعد ذلك المجلس مثله
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 317.
(2) سيرد ذكره ضمن ترجمة هشام المؤيد بالله رقم (78).
* الانساب 1 / 236، تاريخ الاسلام 4 / 115 / 2، 116 / 1، العبر 3 / 73،
شذرات الذهب 3 / 159.
والاسفرايني: نسبة إلى إسفراين بكسر الهمزة - وضبطها ياقوت بالفتح - وسكون السين وفتح الفاء، وكسر الياء المثناة التحتية وهي لا تهمز على الاصح الافصح، وجوز بعضهم همزها، كذا ضبطها المؤلف والسمعاني وابن خلكان وابن الاثير والسيوطي والفيروزابادي والاسنوي وياقوت، وانفرد الاخير بزيادة ياء أخرى ساكنة هكذا: " إسفرايين " وهو المشهور المعروف.
انظر " تاج العروس " 9 / 235، و " وفيات الاعيان " 1 / 74، و " معجم البلدان "، و " الانساب " و " اللباب "، و " لب اللباب " و " طبقات الاسنوي " 1 / 59.
(3) هو المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم، وقد طبع منه الجزء الاول والثاني والرابع والخامس بحيدر أباد في الهند، قال من أشرف على طبع هذه الاجزاء: لم نظفر بمخطوطة الجزء الثالث حتى الآن.
(*)

(17/71)


لقراءة الحديث كما حدثنا الثقات، وعاد إلى إسفراين وذلك في سنة تسع وتسعين وثلاث مئة (1).
قلت: روى عنه الكتاب أبو القاسم القشيري، وزوجته فاطمة بنت أبي علي الدقاق، ولها فوت (2)، وعبد الحميد وعبد الله ابنا عبدالرحمن بن محمد البحيري، وأبو القاسم علي بن عبدالرحمن بن عليك، وروى عنه أكثر الكتاب أوكله عثمان بن محمد المحمي، وشبيب بن أحمد البستيغي (3)، وأبو الحسن علي بن عبد الله الجويني، وعلي بن ماسرجس الخازن، وعلي بن عبد العزيز الخشاب، وعمر بن محمد بن البسطامي، وأبو بكر محمد بن حسان بن محمد، ومحمد بن عبيدالله الصرام، وخلق آخرهم موتا أبو نصر محمد بن سهل السراج، المتوفى في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
وقد أجاز أبو عوانة أبا نعيم جميع كتبه في كتاب كتبه في وصيته له
ولجماعة، فقال: قد أجزت لهم جميع كتبي التي سمعتها من جميع المشايخ، منها كتب عبد الرزاق، وكتب ابن أبي الدنيا، وأحاديث سفيان، وشعبة، ومالك، والاوزاعي، والتفاسير والقراءات، ليرووها عني على سبيل الاجازة في رمضان سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
ولما مات أبو عوانة كان لابي نعيم ست سنين وعشرة أشهر، وكان يسمع من أبي عوانة مع القوم ووحده ليلا ونهارا، ويلاعبه أبو عوانة، ويطعمه الفانيذ (4).
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 115 / 2.
(2) أي فاتها من السماع شئ منه.
(3) انظر " تبصيرالمنتبه " 2 / 726، وستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(4) هو نوع من الحلواء.
(*)

(17/72)


قال الحاكم: توفي أبو نعيم في ربيع الاول سنة أربع مئة.
قلت: وقد مات أبو عوانة سنة ست عشرة وثلاث مئة.
وكان مولد أبي نعيم في ربيع الاول سنة عشر وثلاث مئة.
وكان والده قد ارتحل، وحمل السنن عن يوسف القاضي، وحمل عن أبي خليفة الجمحي والكبار، وحدث، توفي الحسن سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

39 - السلامي * العلامة الاديب، أبو الحسن، محمد بن عبيدالله بن محمد بن محمد، القرشي المخزومي البغدادي، من فحول الشعراء (1).
سار إلى الموصل، وصاحب الخالديين (2) والببغا (3)، وسار إلى ابن عباد، وامتدحه (4)، وامتدح عضد الدولة بقصيدة منها:
__________
* الامتاع والمؤانسة 1 / 134، يتيمة الدهر 2 / 395 - 430، تاريخ بغداد 2 / 335، الانساب 7 / 209، المنتظم 7 / 225، الكامل في التاريخ 9 / 179، وفيات الاعيان 4 / 403 - 409، تاريخ الاسلام 4 / 94 / 1 و 2، الوافي بالوفيات 3 / 317 - 319، البداية والنهاية 11 / 333، النجوم الزاهرة 4 / 209، إيضاح المكنون 1 / 215.
(1) وذكر الثعالبي أنه قال الشعر وهو ابن عشر سنين فمن أول شعر قاله في المكتب قوله: بدائع الحسن فيه مفترقه * وأعين الناس فيه متفقه سهام ألحاظه مفوقة * فكل من رام لحظه رشقه قد كتب الحسن فوق عارضه * هذا مليح وحق من خلقه (2) هما أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم، المعروفان بالخالديين، الشاعران المشهوران، وأبو بكر أكبرهما.
وقد مرت ترجمتهما في الجزء السادس عشر.
(3) هو أبو الفرج عبد الواحد بن نصر، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (56).
(4) انظر " يتيمة الدهر " 2 / 397 - 399.
(*)

(17/73)


إليك طوى عرض البسيطة جاعل (1) * قصارى المنايا أن يلوح له القصر (2) وكان عضد الدولة يقول: إذا رأيت السلامي في مجلسي، خلت أن عطارد نزل من الفلك إلي.
وله فيه: يشبهه المداح في البأس والندى * بمن لو رآه كان أصغر خادم ففي جيشه خمسون ألفا كعنتر * وأمضى وفي خزانه ألف حاتم (3) وهو القائل: لما أصيب الخد منك بعارض * أضحى بسلسلة العذار مقيدا (4) توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة عن بعض وخمسين سنة.
ونسبته إلى مدينة السلام.

40 - ابن الباجي * الامام الحافظ المحقق، أبو عمر، أحمد بن عبد الله بن محمد بن
__________
(1) في " الوافي ": عاجل.
(2) وبعد هذا البيت: فكنت وعزمي في الظلام وصارمي * ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر وبشرت آمالي بملك هو الورى * ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر انظر " وفيات الاعيان " 4 / 407، و " اليتيمة " 2 / 401، و " المنتظم " 7 / 229، و " الوافي " 3 / 318.
(3) البيتان في " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2، و " يتيمة الدهر " 2 / 421، و " وفيات الاعيان " 4 / 409.
(4) انظر " وفيات الاعيان " 4 / 409.
* جذورة المقتبس 128، 129، ترتيب المدارك 4 / 684، الانساب 2 / 18، 19، الصلة 1 / 11، 12، بغية الملتمس 172 - 174، اللباب 1 / 103، المشتبه 2 / 628، تاريخ الاسلام 4 / 100 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1058، 1059، العبر 3 / 60، الديباج المذهب 1 / 234، 235، طبقات الحفاظ 414، شذرات الذهب 3 / 147.
(*)

(17/74)


علي بن شريعة اللخمي الاشبيلي، عرف بابن الباجي.
سمع من والده (1) جميع ما عنده، من ذلك " مصنف " ابن أبي شيبة بروايته (2) عن القبري (3)، عن بقي بن مخلد، عنه.
قال الخولاني: كان أبو عمر عارفا بالحديث ووجوهه، إماما مشهورا، لم تر عيني مثله في المحدثين وقارا وسمتا، رحل بابنه محمد، ولقيا شيوخا جلة، وولي أبو عمر قضاء إشبيلية مدة يسيرة، وأخذنا عنه
كثيرا، توفي، فشهدت جنازته في محفل عظيم في المحرم سنة ست وتسعين وثلاث مئة، وله أربع وستون سنة (4).
وقال ابن عبد البر: كان يحفظ " غريبي الحديث " لابي عبيد، وابن قتيبة، وشوور في الاحكام وله ثمان عشرة سنة، وجمع له أبوه علوم الارض، ولم يحتج إلى أحد، رحل بأخرة، ولقي أبا بكر المهندس وطائفة، وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالاندلس مثله، كملت عليه " مصنف " ابن أبي شيبة، وكان إماما في الاصول والفروع (5).

41 - ابن لال * الشيخ الامام الفقيه، المحدث، أبو بكر، أحمد بن علي بن أحمد
__________
(1) وهو محدث الاندلس أبو محمد عبد الله بن محمد..مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) في الاصل: برواته، وهو خطأ.
(3) هو عبد الله بن يونس القبري.
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 2، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1058، و " الصلة " لابن بشكوال 1 / 11، 12.
(5) انظر " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 2، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1059، و " الصلة " 1 / 12، و " جذوة المقتبس " 128، 129، و " الديباج المذهب " 1 / 235.
* تاريخ بغداد 4 / 318، طبقات الشيرازي 188، الكامل في التاريخ 9 / 209، = (*)

(17/75)


ابن محمد بن الفرج، بن لال، الهمذاني الشافعي.
حدث عن: أبيه، والقاسم بن أبي صالح، وعبد الرحمن الجلاب، وعبد الله بن أحمد الزعفراني، وإسماعيل الصفار، وعلي بن الفضل الستوري، وابي سعيد بن الاعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه
المروزي، وحفص بن عمر الاردبيلي، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وخلق كثير.
وله رحلة وحفظ ومعرفة.
حدث عنه: جعفر بن محمد الابهري، ومحمد بن عيسى الصوفي، وحميد بن المأمون، وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، وأحمد بن عيسى بن عباد، وأبو الفرج عبدالحميد بن الحسن، وآخرون.
وكان إماما مفننا.
قال شيرويه: كان ثقة، أوحد زمانه، مفتي البلد، وله مصنفات في علوم الحديث، غير أنه كان مشهورا بالفقه.
قال: ورأيت له كتاب " السنن "، و " معجم الصحابة "، ما رأيت أحسن منه، والدعاء عند قبره مستجاب، ولد سنة ثمان وثلاث مئة، ومات في ربيع الآخر، سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة (1).
__________
= تهذيب الاسماء واللغات 2 / 195، تاريخ الاسلام 4 / 106 / 2، العبر 3 / 67، طبقات السبكي 3 / 19، 20، طبقات الاسنوي 2 / 363، طبقات ابن هداية الله 106، 107، شذرات الذهب 3 / 151، هدية العارفين 1 / 69.
تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 365 ولال: قال النووي في " تهذيب الاسماء واللغات ": هو بلام ألف ثم لام على وزن " مال "، وقال الاسنوي: ولال بلامين بينهما ألف، معناه: أخرس.
(1) وقال السبكي في " الطبقات " 3 / 20: اضطرب في وفاته، فقيل سنة 92، وقيل سنة 98، وقيل سنة 99، وقيل: كان يقول: اللهم لا تحيني إلى سنة أربع مئة.
فمات قبلها.
(*)

(17/76)


وقال الحسن بن علي بن بندار الرنجاني الفرضي: ما رأيت قط مثل ابن لال رحمه الله (1).
قلت: والدعاء مستجاب عند قبور الانبياء والاولياء، وفي سائر البقاع، لكن سبب الاجابة حضور الداعي، وخشوعه وابتهاله، وبلا ريب في البقعة المباركة، وفي المسجد، وفي السحر، ونحو ذلك، يتحصل ذلك للداعي كثيرا، وكل مضطر فدعاؤه مجاب.

42 - أبوالرقعمق * أبو حامد أحمد بن محمد الانطاكي، الشاعر المشهور بمصر.
له شعر كثير، وهو في الشاميين كابن الحجاج (2) للعراقيين.
مدح الوزير ابن كلس (3) والكبراء، ومدح المعز أيضا والعزيز.
مات سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.

43 - الوصي * * الشريف السيد، أبو الحسن، محمد بن أبي إسماعيل علي بن
__________
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 106 / 2.
* يتيمة الدهر 1 / 310 - 334، وفيات الاعيان 1 / 131، 132، تاريخ الاسلام 4 / 110 / 1، العبر 3 / 70، الوافي بالوفيات 8 / 143، 144، حسن المحاضرة 1 / 561، معاهد التنصيص 2 / 253 - 255، شذرات الذهب 3 / 155، تاريخ بروكلمان 2 / 103.
(2) تقدمت ترجمته برقم (29).
(3) هو أبو الفرج يعقوب بن يوسف، وزير العزيز صاحب مصر، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
وانظر مديح أبي الرقعمق له في " يتيمة الدهر " 1 / 310 وما بعدها، و " وفيات الاعيان " 1 / 131، 132.
* * تاريخ بغداد 3 / 90، 91، الانساب (الوصي)، المنتظم 7 / 230 وفيات سنة =

(17/77)


الحسين بن الحسن بن القاسم، العلوي الحسني الزيدي، الهمذاني
الملقب بالوصي.
ولد سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وخيثمة الاطرابلسي، والاصم، وابن الاعرابي، وأبي الميمون بن راشد، وعبدان بن يزيد الدقاق، وعبد الرحمن الجلاب، وأحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي، وأبي القاسم الطبراني.
وعنه: محمد بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي الليث الصفار، ومحمد بن عمر بن عزيز، وجعفر بن محمد الابهري، وأبو سعد الكنجروذي، وعدة.
قال شيرويه: ثقة صدوق، صوفي واعظ، تفقه ببغداد على أبي علي ابن أبي هريرة، وتزهد وجاور، ثم رجع، فأقام ببخارى مدة، وبها مات في المحرم سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة (1).
وقيل: مات ببلخ (2).
وقال السلمي: كان أحد الاشراف علما ونسبا، ومحبة للفقراء وصحبة لهم مع ما يرجع إليه من العلوم، صحب الخلدي، ودخل دويرة الصوفية بالرملة، فكان يخدمهم أياما، حتى قدم فقير، فقبل رأسه، وقال: هذا شريف الجبل.
فقام عباس، فقبل رجله، فأخذ الشريف ركوته، وسافر (3).
__________
= 395، اللباب 3 / 368، تاريخ الاسلام 4 / 94 / 2، البداية والنهاية 11 / 335 وفيات 395، وقيل له الوصي، لانه كان وصي الامير السديد نوح الساماني صاحب خراسان وما وراء النهر.
(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 3 / 91.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2.
والركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
=

(17/78)


قال الادريسي: يحكى عنه أنه جازف في آخر عمره في الرواية (1).

44 - التاهرتي * الشيخ المحدث، مسند الاندلس، أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن، أبو الفضل، التميمي التاهرتي، المغربي البزاز.
مولده بتاهرت سنة تسع وثلاث مئة.
وقدم به والده قرطبة، فتديرها، وطلب الحديث في سنة أربع وثلاثين، فسمع من: قاسم بن أصبغ، وأبي عبدالملك بن أبي دليم (2)، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، ووهب بن مسرة، ومحمد بن معاوية الاموي، وأحمد بن الفضل الدينوري.
حدث عنه: ابن الفرضي، وأبو عمر بن عبد البر، وطائفة.
وكان ذا زهد وتعبد وانقباض مع الثقة والعلم (3).
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وله ست وثمانون سنة.
__________
= والمقصود بالفقير: الصوفي، والفقر عندهم مقام شريف.
انظر " معجم مصطلحات الصوفية " 207.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 91 وذكر الادريسي أن وفاته سنة 394.
* جذوة المقتبس 141، 142، الانساب 3 / 14، 15، الصلة 1 / 84، بغية الملتمس 188، معجم البلدان 2 / 9، اللباب 1 / 205، تاريخ الاسلام 4 / 97 / 2، العبر 3 / 58، شذرات الذهب 3 / 145.
والتاهرتي: نسبة إلى تاهرت: اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب يقال لاحداهما: تاهرت القديمة، وللاخرى: تاهرت المحدثة، والاولى هي التي ينسب إليها صاحب الترجمة.
(2) تحرف في " معجم البلدان " إلى دكيم.
(3) " الصلة " لابن بشكوال 1 / 84.
(*)

(17/79)


45 - سعيد بن نصر * الامام المحدث، المتقن الورع، أبو عثمان، مولى الناصر لدين الله الاموي صاحب الاندلس.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن مطرف، ومحمد بن معاوية ابن الاحمر، وعدة.
وعني بالرواية والضبط، وروى الكثير.
روى عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
وكان موصوفا بالعلم والعمل (1).
مات في ذي الحجة سنة خمس وتسعين أيضا عن نيف وثمانين سنة.

46 - الجوهري * * إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الاتراري، وأترار (2):
__________
* جذوة المقتبس 234، 235، الصلة 1 / 210، 211، بغية الملتمس 313، 314، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 1.
(1) انظر " الصلة " 1 / 210.
* * يتيمة الدهر 4 / 406، دمية القصر 300، نزهة الالباء 344 - 346، معجم الادباء 6 / 151 - 165، إنباه الرواة 1 / 194 - 198، العبر 3 / 55، تاريخ الاسلام 4 / 91 / 2، 92 / 1، دول الاسلام 1 / 236، مرآة الجنان 2 / 446، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 262 - 265، لسان الميزان 1 / 400 - 402، النجوم الزاهرة 4 / 207، 208، المزهر 1 / 97 - 99، بغية الوعاة 1 / 446 - 448، مفتاح السعادة 1 / 100 - 103، سلم الوصول 193،
إشارة التعيين الورقة 4 - 5، كشف الظنون 2 / 1071 - 1073، شذرات الذهب 3 / 142، 143، حاشية البغدادي على شرح بانت سعاد لابن هشام 1 / 461 - 463، روضات الجنات 110، 111، تاريخ الادب العربي لبروكلمان 2 / 259 - 263.
(2) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 32.
(*)

(17/80)


هي مدينة فاراب، مصنف كتاب " الصحاح " (1)، وأحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، يعد مع ابن مقلة (2) وابن البواب (3) ومهلهل والبريدي.
وكان يحب الاسفار والتغرب، دخل بلاد ربيعة ومضر في تطلب لسان العرب (4)، ودار الشام والعراق، ثم عاد إلى خراسان، فأقام بنيسابور يدرس ويصنف، ويعلم الكتابة، وينسخ المصاحف (5).
وانفرد أهل مصر برواية " الصحاح " عن ابن القطاع، فيقال: ركب له إسنادا (6).
وفي " الصحاح " أوهام قد عمل عليها حواش (7).
استولت السوداء على أبي نصر حتى شد له دفين كجناحين، وقال:
__________
(1) وقد اختلف العلماء في ضبط " الصحاح " أهو بكسر الصاد أم بفتحها ؟ جاء في " المزهر " عن أبي زكريا الخطيب التبريزي: يقال بكسر الصاد وهو المشهور، وهو جمع صحيح، كظريف وظراف، ويقال الفتح، نعت مفرد مثل صحيح، وقد جاء فعال - بفتح الفاء - لغة في فعيل، كصحيح وصحاح، وشحيح وشحاح، وبرئ وبراء.
وذكر ياقوت في " معجم الادباء " أن الجوهري قد صنف " الصحاح " للاستاذ أبي منصور عبدالرحيم بن محمد البيشكي، وسمعه أبو منصور منه إلى باب الضاد المعجمة، ثم أورد ياقوت ترجمة أبي منصور هذا في " معجمه " 6 / 163.
(2) هو محمد بن علي بن حسن بن مقلة الوزير الشاعر، ضرب بحسن خطه المثل، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(3) هو علي بن هلال المعروف بابن البواب، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (192).
(4) وقد ذكر ذلك الجوهري في مقدمة كتاب " الصحاح ".
(5) انظر " إنباه الرواة " 1 / 194، و " معجم " ياقوت 6 / 153.
(6) انظر " إنباه الرواة " 1 / 197.
(7) انظر الحواشي التي عملت على " الصحاح " في " كشف الظنون " 2 / 1072، 1073.
وانظر المقدمة الحافلة التي كتبها الاستاذ أحمد عبدالغفور عطار للصحاح، طبعة دار الكتاب العربي بمصر، وانظر " تاريخ " بروكلمان 2 / 260 - 263.
(*)

(17/81)


أريد أن أطير.
فضحكوا، ثم طفر وطار.
فتطحن (1).
وقد أخذ العربية عن: أبي سعيد السيرافي، وأبي علي الفارسي، وخاله صاحب " ديوان الادب " أبي إبراهيم الفارابي.
ويقال: إنه بقي عليه قطعة من الصحاح مسودة بيضها بعده تلميذه إبراهيم بن صالح الوراق، فغلط في مواضع حتى قال في سقر: هو بالالف واللام.
وهذا يدل على جهله بسورة المدثر.
وقال: الحرأضل (2) الجبل.
فصحف، وعمل المكلمتين كلمة، وإنما هي: الجر أصل الجبل (3).
وللجوهري نظم حسن (4)، ومقدمة في النحو.
قال جمال الدين علي بن يوسف القفطي (5): مات الجوهري مترديا من سطح داره بنيسابور، في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
ثم قال: وقيل: مات في حدود سنة أربع مئة رحمه الله.

47 - ابن حمة * الشيخ الثقة، أبو الحسين، عبدالرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة الخلال، بغدادي.
__________
(1) انظر " نزهة الالباء " 344، و " معجم الادباء " 6 / 157، و " بغية الوعاة " 1 / 447.
(2) كذا في الاصل بالحاء المهملة، وفي " نزهة الالباء ": الجرأضل بالجيم المعجمة.
(3) انظر " نزهة الالباء " 345.
(4) انظر شيئا منه في " يتيمة الدهر " 4 / 407، و " إنباه الرواة " 1 / 196 - 198.
(5) في " إنباه الرواة " 1 / 196.
* تاريخ بغداد 10 / 301، المنتظم 7 / 234، 235، تاريخ الاسلام 4 / 104 / 1.
(*)

(17/82)


مكثر عن حفيد يعقوب بن شيبة، وسمع من: المحاملي، وعبد الغافر بن سلامة، وأبي العباس بن عقدة.
وعنه: البرقاني، وعبد العزيز الازجي، وعبيدالله الازهري، وأحمد ابن سليمان المقرئ، وأبو الحسين ابن الغريق.
وثقه الخطيب (1).
ومات سنة سبع وتسعين وثلاث مئة.
ومات أبوه في سنة ستين وثلاث مئة.
ومات سنة سبع عبدالرحمن بن إبراهيم المزكي، وشيخ المالكية أبو الحسن علي بن عمر القصار البغدادي (2).

48 - ابن أسد الجهني * الامام العلامة، عالم الاندلس، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن بن أسد الجهني الطليطلي المالكي البزاز.
ولد سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع من قاسم بن أصبغ وعدة، وارتحل فسمع من أبي محمد بن الورد، وأبي علي بن السكن بمصر، ومن أحمد بن محمد بن أبي الموت بمكة.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 301.
(2) سترد ترجمته برقم (67).
* تاريخ علماء الاندلس 248، جذوة المقتبس 251، 252، ترتيب المدارك 4 / 687، بغية الملتمس 331، 332، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 2.
(*)

(17/83)


وكان من أوعية العلم، رأسا في اللغة، فقيها محررا، عالما بالحديث، كبير القدر (1).
أكثر عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو المطرف بن فطيس، والخولاني، وأبو عمر بن الحذاء، وأبو مصعب بن أبي الوليد بن الفرضي.
وكان ذا ورع وإتقان، وتلاوة في المصحف.
مات في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة في آخر السنة.

49 - عبد الوارث بن سفيان * ابن جبرون بضم الجيم (2)، المحدث الثقة، العالم الزاهد، أبو القاسم القرطبي، الملقب بالحبيب.
أكثر عن: قاسم بن أصبغ، وكان مليا به (3)، وعن وهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم.
روى عنه: أبو محمد الاصيلي، وأبو عمران الفاسي، وأبو عمر بن الحذاء، وأبو عمر بن عبد البر.
قال ابن الحذاء: كان صالحا عفيفا، يعيش من ضيعته، ولد سنة سبع
__________
(1) " ترتيب المدارك " 4 / 687، 688.
* جذوة المقتبس 295، 296، الصلة 2 / 382، 383، بغية الملتمس 399، 400، العبر 3 / 59، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 2، 99 / 1، شذرات الذهب 3 / 145، 146.
(2) وضبط في " الاكمال " 3 / 207 و " تبصير المنتبه " 2 / 546 بفتحها وبعدها باء موحدة ساكنة.
(3) قال في " تاريخ الاسلام " 4 / 98 / 2 و " الصلة " 2 / 382: وكان أوثق الناس فيه، وأكثرهم ملازمة له.
(*)

(17/84)


عشرة وثلاث مئة، وطلب العلم في الحداثة (1).
وقال ابن عبد البر: قرأت عليه " تاريخ " ابن أبي خيثمة كله، و " موطأ " ابن وهب، وغير ذلك عن قاسم، وأجزاء (2).
توفي لخمس بقين من ذي الحجة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.

50 - الاخميمي * الشيخ الثقة المسند، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن (3) العباس المصري الاخميمي، بقية الرواة.
سمع محمد بن زبان، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن عبد الله المهراني، وإسماعيل بن وردان، وأبا جعفر الطحاوي، ومحمد بن إسماعيل المهندس، وجماعة.
روى عنه: أبو الحسين محمد بن مكي ثلاثة أجزاء عالية عند أبي القاسم بن الحرستاني.
مات في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وهو من أهل
الطبقة الماضية تأخرت وفاته.
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 383.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 98 / 2 / 99 / 1.
* ترتيب المدارك 4 / 615، تاريخ الاسلام 4 / 99 / 1، العبر 3 / 59، حسن المحاضرة 2 / 372، شذرات الذهب 3 / 145.
والاخميمي: نسبة إلى إخميم: بلد قديم على شاطئ النيل بالصعيد.
" معجم البلدان " و " الانساب ".
(3) تحرف لفظ " ابن " في " حسن المحاضرة " إلى " أبو ".
(*)

(17/85)


51 - السامري * الامام القاضي، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن يوسف السامري الرفاء.
حدث عن: إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وحمزة بن القاسم، وغيرهما.
وعنه: ابن بنته أبو الحسن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وعبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وجماعة وثقه الخطيب (1)، وقال: قال لي سبطه ابن حسنون: ما رأيته مفطرا قط.
توفي سنة اثنتين وأربع مئة.

52 - الملاحمي * * الامام المحدث، أبو نصر، محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البخاري الملاحمي.
حدث بنيسابور وبغداد بكتاب " رفع اليدين "، و " القراءة خلف
__________
* تاريخ بغداد 11 / 327، 328، الانساب 7 / 15، المنتظم 7 / 259، العبر 3 / 79.
والسامري: نسبة إلى بلدة على الدجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها: سر من رأى، فخففها الناس، وقالوا: سامرة.
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 328.
* * الانساب: (الملاحمي)، المنتظم 7 / 230، اللباب 3 / 277، تاريخ الاسلام 4 / 99 / 1، العبر 3 / 59، البداية والنهاية 11 / 335، شذرات الذهب 3 / 145.
(*)

(17/86)


الامام " (1) عن محمود بن إسحاق، وروى عن سهل بن السري، والهيثم بن كليب، وعلي بن قريش، وعبد الله الاستاذ.
وعنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن النرسي، وعبد الصمد بن المأمون، وعدة، وكان من جلة المحدثين.
قال أبو العلاء: كان من الحفاظ، توفي سنة خمس وتسعين وثلاث مئة - زاد غيره: في جمادى الآخرة - وله ثلاث وثمانون سنة.

53 - ابن الاسماعيلي * العلامة، شيخ الشافعية، أبو سعد، إسماعيل بن الامام شيخ الاسلام أبي بكر (2) أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس، الاسماعيلي الجرجاني الشافعي، صاحب التصانيف.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبيه، وأبي العباس الاصم، وأحمد بن كامل القاضي، وابن دحيم الشيباني، وعمر بن حفص المكي، وأبي أحمد بن عدي، وطبقتهم.
__________
(1) وكلاهما من تأليف الامام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب " الصحيح ".
* تاريخ جرجان 106 - 109، تاريخ بغداد 6 / 309، 310، طبقات الشيرازي 100، المنتظم 7 / 231، تبيين كذب المفتري 207 - 211، طبقات ابن الصلاح الورقة 39، تاريخ الاسلام 4 / 101 / 1 و 2، العبر 3 / 60، مرآة الجنان 2 / 448، طبقات الاسنوي 1 / 51، 52، البداية والنهاية 11 / 336 وهو فيه إبراهيم بن إسماعيل أبو سعيد وهو خطأ، شذرات الذهب 3 / 147.
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.

(17/87)


حدث عنه: بنوه المفضل (1)، ومسعدة (2)، وسعد، والسري (3)، وأبو محمد الخلال، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو القاسم التنوخي، وخلق سواهم.
قال القاضي أبو الطيب: ورد أبو سعد الامام بغداد، فأقام بها سنة، ثم حج، عقد له الفقهاء مجلسين، تولى أحدهما الشيخ أبو حامد الاسفراييني، والآخر أبو محمد البافي (4).
وقال حمزة السهمي (5): كان أبو سعد إمام زمانه، مقدما في الفقه وأصوله والعربية والكتابة والشروط والكلام، صنف في أصول الفقه كتابا كبيرا، وتخرج به جماعة، مع الورع الثخين، والمجاهدة والنصح للاسلام، والسخاء وحسن الخلق.
وبالغ السهمي في تعظيمه.
توفي في نصف ربيع الآخر ليلة جمعة، سنة ست وتسعين وثلاث مئة، فتوفي إكراما من الله له في صلاة المغرب وهو يقرأ: (إياك نعبد وإياك نستعين) ففاضت نفسه رحمه الله (6).
__________
(1) انظر ترجمته في " الانساب " 1 / 252، و " طبقات الاسنوي " 1 / 53.
(2) ترجمته في " الانساب " 1 / 252، 253.
(3) ترجمته في " طبقات " الاسنوي 1 / 53.
ولابن الاسماعيلي من الاولاد أيضا أبو الحسن مبشر وابنتان.
انظر " تاريخ جرجان " 108، و " تبيين كذب المفتري " 209.
(4) انظر " تاريخ بغداد " 6 / 310، و " المنتظم " 7 / 231، و " البداية والنهاية " 11 / 336 وتحرف فيه " البافي " إلى " الباجي "، وأبو محمد البافي تقدمت ترجمته برقم (36)، وأبو حامد الاسفراييني سترد ترجمته برقم (111).
(5) في " تاريخ جرجان " 106، 107.
(6) انظر " تاريخ جرجان " 107، و " المنتظم " 7 / 231، و " البداية والنهاية " 11 / 336.
(*)

(17/88)


أخوه
54 - أبو نصر محمد بن أبي بكر * الامام المحدث، صدر الكبراء.
ذو الجاه العريض، والرئاسة الكاملة بجرجان.
سمع من: أبي يعقوب البحيري، وأبي العباس الاصم، ودعلج، وعدة.
روى عنه: حمزة السهمي، وعبد الوهاب بن مندة، وجماعة.
وأملى عدة مجالس.
وكان ذا فهم وعلم وقبول عظيم (1).
وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه كان أشعريا.
توفي في ربيع الآخر، سنة خمس وأربع مئة.
أخبرني محمد بن بيان البزاز بطرابلس، أنبأنا محمود بن إبراهيم، أخبرنا أبو رشيد أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن يحيى، أخبرنا
محمد بن أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي، أخبرني أحمد بن عمرو بن الخليل الآملي، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن عجلان، عن عامر بن عبد الله، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " (2).
__________
* تاريخ جرجان 409، 410، الانساب 1 / 251، 252، تبيين كذب المفتري 231، 232، اللباب 1 / 58، 59.
(1) " تاريخ جرجان " 410.
(2) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 5 / 296، والحميدي رقم (421) من طريق سفيان، =

(17/89)


55 - البحيري * الامام الحافظ، الناقد الثقة، أبو عمرو، محمد بن الشيخ أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير بن نوح، البحيري النيسابوري المزكي.
سمع أباه، ويحيى بن منصور القاضي، وعبد الله بن محمد الكعبي، ومحمد بن المؤمل بن الحسن، وأبا بكر القطيعي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وابنه أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وجماعة.
وله أربعون حديثا سمعناها، وأربعون حديثا أخرى عندي لم تقع لنا.
وممن روى عنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن شعيب الروياني.
قال الحاكم: كان من حفاظ الحديث المبرزين في المذاكرة، توفي
في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مئة، وله ثلاث وستون سنة (1).
وسيأتي أبو عثمان ولده (2) مع أقرانه.
__________
= عن عثمان بن أبي سليمان وابن عجلان بهذا الاسناد، وأخرجه مالك 1 / 162 في قصر الصلاة في السفر: باب انتظار الصلاة والمشي إليها، ومن طريقه البخاري (444) ومسلم (714) وأحمد 5 / 295، والترمذي (316) وأبو داود (467) والنسائي 2 / 53 عن عامر بن عبد الله به.
* تاريخ جرجان 502، الانساب 2 / 98، المنتظم 7 / 232، اللباب 1 / 124، تاريخ الاسلام 4 / 102 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1082، البداية والنهاية 11 / 336 وتحرف فيه إلى " الحيري "، طبقات الحفاظ 420.
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1083.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (47).
(*)

(17/90)


56 - الببغاء * شاعر وقته، الاديب أبو الفرج، عبد الواحد بن نصر بن محمد، المخزومي النصيبي.
له ديوان، ومدائح في سيف الدولة (1).
وتنقل في البلاد، ومدح الكبار (2).
ولقب بالببغاء لفصاحته، وقيل: بل للثغة في لسانه (3).
توفي في شعبان سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة (4).
__________
(1) يتيمة الدهر 1 / 236 - 270، تاريخ بغداد 11 / 11، الانساب 2 / 70، المنتظم 7 / 241، اللباب 1 / 117، الكامل في التاريخ 9 / 209، وفيات الاعيان 3 / 199 - 202، تاريخ الاسلام 4 / 107 / 2، 108 / 1، العبر 3 / 68، 69،، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 219، شذرات الذهب 3 / 152، 153، نزهة الجليس 2 /
319، تاريخ بروكلمان 2 / 98، 99.
و " الببغا " ضبطت في الاصل بكسر الباء الاولى وتشديد الباء الثانية المفتوحة، وضبطها السمعاني في " الانساب " بفتح الباء الاولى وإسكان الثانية، ووافقه ابن الاثير في " اللباب " والفيومي في " المصباح المنير " وصاحب " القاموس " وقال: وقد تشدد الباء الثانية، وبه - أي بالتشديد وفتح الباء الاولى - ضبطها ابن خلكان في " الوفيات "، وأهملها الجوهري وصاحب " اللسان ".
(1) انظر " يتيمة الدهر " 1 / 245 وما بعدها، و " تاريخ بغداد " 11 / 12.
(2) انظر " اليتيمة " 1 / 248.
(3) انظر " اليتيمة " 1 / 236 و 251 - 255، و " وفيات الاعيان " 3 / 202.
(4) أورد المؤلف في " تاريخ الاسلام " من شعره قوله: يا من تشابه منه الخلق والخلق * فما تسافر إلا نحوه الحدق توريد دمعي من خديك مختلس * وسقم جسمي من جفنيك مسترق لم يبق لي رمق أشكو هواك به * وأنما يتشكى من به رمق وله: أو ليس من إحدى العجائب أنني * فارقته فحييت بعد فراقه يا من يحاكي البدر عند تمامة * ارحم فتى يحكيه عند محاقه (*)

(17/91)


57 - صاحب بخارى * الملك الملقب بالمنتصر، أبو إبراهيم، إسماعيل بن ملوك ما وراء النهر، ولد الملك نوح بن نصر بن نوح بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الساماني البخاري.
طول الملك في هذا البيت، وقد ولي جدهم إسماعيل ممالك خراسان للمعتضد (1).
وكان قد عزل من الملك منصور بن نوح، واعتقل بسرخس، وملكوا أخاه عبدالملك بن نوح (2)، فطمع في البلاد أيلك خان، وحاربهم، وظفر بعبد الملك، وسجنه، واستولى على بخارى، فمات في السجن بعد قليل، ثم قام المنتصر أخوهما، فسجنه أيضا أيلك خان وأقاربه (3)، فيهرب المنتصر في هيئة امرأة كانت تتردد إلى السجن، واختفى أمره، فذهب إلى خوارزم، فتلاحق به من بذ من بقايا السامانية، حتى استقام أمره، وكثر جيشه، فأغار عسكره على بخارى، وكبسوا بضعة عشر أميرا من الخانية، وأسروهم، وجاؤوا بهم إلى المنتصر، وهرب بقايا عسكر أيلك خان، وجاء المنتصر، وفرح به الرعية، فجمع أيلك خان عساكره، فعبر المنتصر إلى خراسان، ثم حارب متولي نيسابور نصر بن سبكتكين أخا السلطان محمود، وأخذ منه نيسابور، فتنمر السلطان، وطوى المفاوز، ووافى نيسابور، ففر
__________
* الكامل لابن الاثير 9 / 156 - 158.
(1) وذلك في سنة سبع وثمانين ومئتين بعد هزيمته لعمرو بن الليث الصفار، وكان قبل ذلك سنة تسع وسبعين ولي عمل أخيه نصر بن أحمد بعد موته بما وراء النهر.
انظر " الكامل " 7 / 456 و 500 - 502.
(2) وكان ذلك في سنة تسع وثمانين وثلاث مئة.
" الكامل " 9 / 145 (3) انظر " الكامل " 9 / 148، 149.
(*)

(17/92)


منها المنتصر، وجال في أطراف خراسان، وجبى الخراج، وصادر، ووزن له شمس المعالي ثمانين ألف دينار، وخيلا وبغالا مصانعة عن جرجان، ثم إنه عاود نيسابور، فهرب منها أخو السلطان، فدخلها المنتصر، وعثر أهلها، ثم كان بينه وبين السلطان محمود ملحمة مشهودة، وانهزم المنتصر
إلى جرجان، ثم التقى هو والعساكر السبكتكينية على سرخس، وقتل خلق من الفريقين، وتمزق جمع المنتصر، وقتل أبطاله، فسار يعتسف المهالك حتى وقع إلى محال الترك الغزية، وكان لهم ميل إلى آل سامان، فحركتهم الحمية له في سنة ثلاث وتسعين، والتقوا أيلك خان، وحاربوه، ثم إن المنتصر تخيل منهم، وهرب، ثم راسل السلطان محمودا يذكر سلفه، فعطف عليه، ثم تماثل حاله، وتمت له أمور طويلة.
وكان بطلا شجاعا مقداما، وافر الهيبة، ثم التقى بأيلك في شعبان سنة أربع، فانهزم أيلك، ثم حشد وجمع وأقبل، فالتقوا أيضا، فانهزم المنتصر بمخامرة عسكره (1)، وفر إلى بسطام، وضاقت عليه المسالك، ثم بيتوه، وقتل، وأسرت إخوته في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة (2) حتى مات بين الطعن والضرب ميتة تقوم مقام النصر إذا فاته النصر، كما قيل: وأثبت في مستنقع الموت رجله * وقال لها: من دون أخمصك الحشر (3)
__________
(1) قال ابن الاثير في " الكامل " 9 / 158، 159: ففارقه كثير منهم إلى بعض أصحاب أيلك خان، فأعلموهم بمكانه، فلم يشعر المنتصر إلا وقد أحاطت به الخيل من كل جانب، فطاردهم ساعة، ثم ولاهم الدبر.
(2) " الكامل " 9 / 159.
(3) البيت لابي تمام من قصيدة يرثي بها محمد بن حميد الطوسي أحد قواد المأمون الذي وجهه لقتال بابك الخرمي، وأولها: كذا فليجل الخطب وليفدح الامر * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر = (*)

(17/93)


58 - الكلاباذي * الامام الحافظ الاوحد، أبو نصر، أحمد بن محمد بن الحسين بن
الحسن (1) بن علي بن رستم، البخاري الكلاباذي، وكلاباذ محلة من بخارى.
ولد في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة (2).
وسمع من: الهيثم بن كليب الشاشي، وعلي بن محتاج، وأبي جعفر محمد بن محمد البغدادي الجمال، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، ومحمد بن محمود بن عنبر، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي، وطبقتهم.
روى عنه: الدار قطني مع تقدمه في كتاب " المدبج " (3)، والحاكم،
__________
= والكلام الذي نثره المؤلف قبل البيت هو من هذه القصيدة، ونصه: فتى مات بين الطعن والضرب ميتة * تقوم مقام النصر إذا فاته النصر والقصيدة في " ديوانه " 4 / 79، 85.
* تاريخ بغداد 4 / 434، الانساب 10 / 506، اللباب 3 / 122، وفيات الاعيان 4 / 210، 211، تاريخ الاسلام 4 / 106 / 2، 107 / 1، تذكرة الحفاظ 3 / 1027، العبر 3 / 67، طبقات الحفاظ 406، شذرات الذهب 3 / 151، هدية العارفين 1 / 69.
(1) ما بين معقوفين من " الانساب " و " تاريخ بغداد "، وقدم ابن خلكان " الحسن " على " الحسين ".
(2) في " الانساب " 10 / 507 أن ولادته سنة ستين وثلاث مئة، وهو خطأ.
انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(3) هو أحد أنواع الحديث وهو رواية الاقران عن بعضهم، وهم المتقاربون في السن أو في الاسناد كأن يكون أحد الراويين أكبر سنا من الآخر، ولكنهما يشتركان في الشيوخ، فإذا روى اثنان من الاقران، كل واحد منهما عن الآخر سمي هذا النوع " مدبجا " مثل أبي هريرة وعائشة روى كل منهما عن الآخر، والزهري وعمر بن عبد العزيز، ومالك والاوزاعي، فإن روى أحد القرينين عن
الآخر ولم يرو الآخر عنه، فلا يسمى مدبجا، مثل رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان، ولا يعلم لمسعر رواية عن التيمي.
أنظر " ألفية السيوطي " شرح العلامة أحمد شاكر 239 - =

(17/94)


وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون.
قال المستغفري: هو أحفظ من بما وراء النهر اليوم فيما أعلم (1).
وقال الحاكم: أبو نصر الكلاباذي الكاتب من الحفاظ، حسن الفهم والمعرفة، عارف " بصحيح " البخاري، كتب بما وراء النهر وخراسان وبالعراق، ووجدت شيخنا أبا الحسن الدارقطني قد رضي فهمه ومعرفته، وهو متقن ثبت، توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
قال: ولم يخلف بما وراء النهر مثله (2).
قلت: له مصنف في معرفة رجال " صحيح " البخاري (3).
وقال السلفي: أخبرنا بكتاب " الارشاد في معرفة رجال البخاري " خالد بن عبد الواحد التاجر بأصبهان، أخبرنا عبدالملك بن الحسن بن سياوش الكازروني عن مؤلفه أبي نصر (4).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر المالكي، أنبأنا السلفي،
__________
= 241، و " معرفة علوم الحديث " للحاكم 215 - 220، و " الباعث الحثيث " 197، و " تدريب الراوي " 2 / 246 - 248.
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(2) " الانساب " 100 / 507، و " تاريخ الاسلام " 4 / 107 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(3) واسمه: " الهداية والارشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في جامعه " ومنه عدة نسخ خطية في مكتبات العالم، انظر " تاريخ التراث العربي " للدكتور سزكين
1 / 358، وهذا الكتاب هذبه عبد الله بن عبدالرحمن بن جزي، المتوفى سنة 562 ه، ومنه نسخة خطية في باريس 2086.
وجمع محمد بن طاهر بن القيسراني المتوفى سنة 507 ه في كتاب واحد بين هذا الكتاب وكتاب " الرجال عند مسلم " لابي بكر أحمد بن علي بن محمد بن منجويه المترجم في هذا الجزء برقم (293) بعنوان: " الجمع بين كتابي أبي نصر الكلاباذي وأبي بكربن منجويه في رجال البخاري ومسلم " وقد طبع في حيدر أباد سنة 1323 ه في جزئين.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1028.
(*)

(17/95)


أخبرنا حمد بن عمر، أخبرنا يوسف بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ، حدثنا أحمد بن نصر البخاري، حدثنا الحسين بن محمد القمي، حدثنا عبدالرحيم بن حبيب البغدادي، حدثنا بقية بن الوليد: سمعت الاوزاعي يقول: لبس الصوف في السفر سنة وفي الحضر بدعة (1).
أخبرنا جماعة إذنا عن محمود بن أحمد الفقيه البخاري، أخبرنا الحسن بن منصور قاضي خان، أخبرنا الحسن بن علي بن عبد العزيز إملاء، حدثنا عمي محمود - قال قاضي خان: هو جدي - حدثنا عمر بن منصور الحافظ إملاء، حدثنا أبو نصر الكلاباذي الحافظ، حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا إسماعيل بن إسحاق الانصاري، حدثنا مسعر، حدثنا عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من طلب العلم صلت عليه الملائكة..." الحديث (2).
الحافظ أحمد بن محمد بن ماما: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد الكلاباذي يقول: كنت أعرف حلية الصحابة وصفتهم، كأني أنظر إليهم، فلما اشتغلت بالكتابة للسلطان، ذهب ذلك عني.

59 - الضبي * القاضي أبو عبد الله، الحسين (3) بن هارون بن محمد، الضبي البغدادي.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1028.
(2) إسناده ضعيف جدا أورده العقيلي في " الضعفاء " لوحة 26 من طريق يحيى بن عثمان ابن صالح بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث باطل، ليس له أصل، وليس هذا الشيخ يعني إسماعيل بن إسحاق الانصاري ممن يقيم الحديث، وهو في جامع بيان العلم وفضله 1 / 45 من طريق أبي زكريا يحيى بن هاشم، عن مسعر بن كدام به، وأبو زكريا هذا كذبه يحيى بن معين وغيره.
* تاريخ بغداد 8 / 146، 147، المنتظم 7 / 240، تاريخ الاسلام 4 / 197 / 1، العبر 3 / 68، شذرات الذهب 3 / 151.
(3) في " العبر ": الحسن.
(*)

(17/96)


حدث عن: القاضي المحاملي، وأبي العباس بن عقدة، وأحمد بن محمد الادمي المقرئ، ومحمد بن صالح بن زياد، وأحمد بن علي الجوزجاني، وأملى مجالس عدة (1).
روى عنه: البرقاني، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن النقور، وجماعة.
وكانت أصوله قد ذهبت إلا جزئين من مسموعاته، قاله الخطيب، ثم قال: أخبرنا عبد الكريم المحاملي، أخبرنا الدارقطني قال: القاضي أبو عبد الله الضبي غاية في الفضل والدين، عالم بالاقضية، ماهر بصناعة المحاضر والترسل، موفق في أحواله كلها (2).
وقال البرقاني: حجة في الحديث، وأي شئ كان عنده من السماع، جزءان، والباقي إجازة (3).
مات الضبي بالبصرة في شوال سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة، وقد ولي
قضاء الكرخ، ثم أضيف إليه قضاء مدينة المنصور، وقضاء الكوفة (4).
وفيها مات البديع الهمذاني صاحب الترسل والمقامات أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى الاديب بديع الزمان (5)، والامام أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد بن لال الهمذاني (6)، والحافظ أبو نصر الكلاباذي (7)، وشيخ
__________
(1) انظر النسخ الخطية لبعض هذه المجالس في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 357.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 146 بأطول مما هنا.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 147، و " تاريخ الاسلام " 4 / 107 / 1.
(4) " المنتظم " 7 / 290.
(5) تقدمت ترجمته برقم (36).
(6) تقدمت ترجمته برقم (41).
(7) تقدمت ترجمته برقم (58).
(*)

(17/97)


الشافعية أبو محمد عبد الله بن محمد البافي (1) البخاري ببغداد، وكان آخر تلامذة أبي إسحاق المروزي، وأبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء الشاعر (2)، وعبيدالله بن أحمد بن علي الصيدلاني (3)، لحق ابن صاعد.

60 - العلوي * الامام السيد، المحدث الصدوق، مسند خراسان، أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود بن علي، العلوي الحسني النيسابوري الحسيب، رئيس السادة.
سمع محمد بن إسماعيل بن إسحاق المروزي صاحب علي بن حجر، وأبا حامد بن الشرقي، وأخاه عبد الله بن محمد، ومحمد بن عمر ابن جميل، وأبا نصر محمد بن حمدويه الغازي، وأبا بكر بن دلويه الدقاق، ومحمد بن الحسين القطان، وعبيدالله بن إبراهيم بن بالويه، وعدة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر البيهقي، وهو أكبر شيخ له، ومحمد ابن القاسم الصفار، وأبو عبيد صخر بن محمد، وأبو القاسم إسماعيل بن زاهر، ومحمد بن عبيدالله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وعمر بن شاه المقرئ، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأحمد بن محمد بن مكرم الصيدلاني، وموسى بن عمران الانصاري، وأبو صالح أحمد بن عبدالملك
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (36).
(2) تقدمت ترجمته برقم (56).
(3) ترجمه المؤلف في " تاريخ الاسلام " 4 / 108 / 1، وابن الجوزي في " المنتظم " 7 / 247.
* طبقات ابن الصلاح: الورقة 10، العبر 3 / 76، الوافي بالوفيات 2 / 373، طبقات السبكي 3 / 148، طبقات الاسنوي 1 / 84، شذرات الذهب 3 / 162.
(*)

(17/98)


المؤذن، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وخلق سواهم.
قال الحاكم: هو ذو الهمة العالية، والعبادة الظاهرة، وكان يسأل أن يحدث فلا يحدث، ثم في الآخر عقدت له مجلس الاملاء، وانتقيت له ألف حديث، وكان يعد في مجلسه ألف محبرة، فحدث وأملى ثلاث سنين، مات فجأة في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربع مئة (1).

أخوه السيد:
61 - أبو علي محمد بن الحسين * العلوي، هو الاصغر.
سمع ابن بلال، وأبا بكر القطان.
روى عنه الحاكم، وقال: مات سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، وله
آثار ومعروف بنيسابور، عاش نيفا وسبعين سنة.
قلت: قال الحاكم: حدثنا أبو علي من سماعه " الصحيح "، فذكر حديثا.

62 - ابن زنبيل * * الشيخ الجليل، المسند الصادق، أبو العباس، أحمد بن الحسين بن أحمد بن زنبيل النهاوندي.
قدم همذان في رمضان سنة اثنتين وأربع مئة، فحدث " بالتاريخ
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 3 / 148، 149.
* تاريخ الاسلام 4 / 93 / 2، طبقات الاسنوي 1 / 84، 85.
* * لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(*)

(17/99)


الصغير " للبخاري، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن الاشقر القاضي البغدادي، عن المصنف.
وقد ارتحل في الكهولة، فسمع من: أبي القاسم الطبراني، وأبي بكر القطيعي، ومحمد بن أحمد المفيد، وطبقتهم.
روى عنه: حمزة بن أحمد الروذراوري (1)، وهناد بن إبراهيم النسفي، وسعيد بن أحمد الجعفري، وأبو طاهر أحمد بن عبدالرحمن الروذراوري، وأبو منصور محمد بن الحسن بن محمد النهاوندي، وآخرون.
وثقه شيرويه الديلمي في " تاريخ همذان "، ولم يذكر له وفاة.

63 - ابن النجار * الامام المقرئ، المعمر المسند، أبو الحسن (2)، محمد بن جعفر
ابن محمد بن هارون بن فروة، التميمي النحوي الكوفي، ابن النجار.
تلا على أبي علي الحسن بن عون النقار بحرف عاصم (3)، عن تلاوته على القاسم بن أحمد الخياط تلميذ الشموني.
__________
(1) نسبة إلى بلدة بنواحي همذان يقال لها روذراور.
انظر " الانساب " 6 / 182 وفيه ترجمة حمزة بن أحمد هذا.
* تاريخ بغداد 2 / 158، المنتظم 7 / 260، معجم الادباء 18 / 103، 104، إنباه الرواة 3 / 83، معرفة القراء الكبار 1 / 295، 296، العبر 3 / 80، تلخيص ابن مكتوم 596، الوافي بالوفيات 2 / 305، البداية والنهاية 11 / 347، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 111، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 31، 32، بغية الوعاة 1 / 69، 70، شذرات الذهب 3 / 164، كشف الظنون 1 / 302، هدية العارفين 2 / 58.
(2) في " كشف الظنون " و " هدية العارفين ": أبو الحسين، وهو خطأ.
(3) ابن أبي النجود الكوفي، أحد القراء السبعة، مرت ترجمته في الجزء الخامس برقم (119).
(*)

(17/100)


وسمع الحديث من محمد بن الحسين الخثعمي الاشناني، وأبي بكر ابن دريد، وإبراهيم نفطويه، وأبي روق الهزاني.
وعاش مئة عام.
حدث عنه: أبو القاسم الازهري، وجماعة.
وتلا عليه الحسن بن محمد، وأبو علي غلام الهراس، وطائفة.
قال العتيقي: هو ثقة، مات بالكوفة في جمادى الاولى، سنة اثنتين وأربع مئة (1).
وقال الازهري: كان مولده في المحرم سنة ثلاث وثلاث مئة (2).

64 - الهرواني * الامام العلامة، شيخ الحنفية، القاضي أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن حاتم، الجعفي الكوفي الحنفي، المعروف بالهرواني.
تلا لعاصم على أبي العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي.
وسمع من محمد بن القاسم المحاربي، وعلي بن محمد بن هارون، ومحمد بن جعفر بن رياح الاشجعي.
قرأ عليه أبو علي غلام الهراس.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 159.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 159، وانظر مصنفاته في " معجم الادباء " و " هدية العارفين ".
* تاريخ بغداد 5 / 472، 473، الانساب: (الهرواني)، اللباب 3 / 386، معرفة القراء الكبار 1 / 296، العبر 3 / 81، غاية النهاية 2 / 177، 178، شذرات الذهب 3 / 165.
(*)

(17/101)


وحدث عنه: أبو محمد يحيى بن محمد بن الحسن العلوي الاقساسي، وأبو الفرج محمد بن أحمد بن علان، ومحمد بن الحسن بن المنثور الجهني، وأبو منصور محمد بن محمد العكبري النديم، وآخرون.
قال الخطيب (1): كان ثقة، حدث ببغداد.
قال: وكان من عاصره بالكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى وقته أحد أفقه منه، حدثني عنه غير واحد (2).
قلت: بل كان بالكوفة بينه وبين ابن مسعود جماعة أفقه منه كعلقمة، وعبيدة السلماني، وجماعة، ثم كالشعبي وإبراهيم النخعي، ثم كحماد
والحكم ومغيرة وعدة، ثم كابن شبرمة وأبي حنيفة وابن أبي ليلى وحجاج بن أرطاة، ثم كسفيان الثوري ومسعر والحسن بن صالح وشريك، ثم كوكيع وحفص بن غياث وابن إدريس وخلق.
قال الخطيب (3): وقال لي العتيقي: ما رأيت بالكوفة مثل القاضي الهرواني.
وقال أبو الغنائم النرسي: ثقة مأمون، بقي على قضاء الكوفة سنين، مات في رجب سنة اثنتين وأربع مئة.
قلت: عاش سبعا وتسعين سنة.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 472.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 473.
(*)

(17/102)


65 - ابن فارس * الامام العلامة، اللغوي المحدث، أبو الحسين، أحمد (1) بن فارس ابن زكريا (2) بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، نزيل همذان، وصاحب كتاب: " المجمل " (3).
حدث عن: أبي الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، وسليمان
__________
* يتيمة الدهر 3 / 397 - 404، دمية القصر 3 / 1479، 1480، ترتيب المدارك 4 / 610، 611، نزهة الالباء 320 - 322، المنتطم 7 / 103 وفيات 369، معجم الادباء 4 / 80 - 98، التدوين في تاريخ قزوين للرافعي: ورقة 146، إنباه الرواة 1 / 92 - 95، الكامل في التاريخ 8 / 711، وفيات الاعيان 1 / 118 - 120، المختصر في أخبار البشر 2 / 142، تاريخ الاسلام 4 / 97 / 1 و 2، تلخيص ابن مكتوم ورقة 15، 16، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد 65 - 67، عيون التواريخ 12 / لوحة / 258 - 261، الوافي بالوفيات 7 / 278 - 280، مرآة الجنان 2 / 422، البداية والنهاية 11 / 335، الديباج المذهب 1 / 163 - 165، الفلاكة والمفلوكون 108 - 110، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 230 - 232، النجوم الزاهرة 4 / 212، بغية الوعاة 1 / 352، 353، طبقات المفسرين 1 / 59 - 61، مفتاح السعادة 1 / 96، شذرات الذهب 3 / 132، 133، روضات الجنات 64، 65، إيضاح المكنون 1 / 421، هدية العارفين 1 / 68، 69 سلم الوصول 112، أعيان الشيعة 9 / 215 - 228، وانظر مقدمة معجم مقاييس اللغة التي كتبها الاستاذ عبد السلام هارون.
(1) في " المنتظم ": أبو الحسين بن أحمد بزيادة لفظ " بن " وهو خطأ (2) في " الديباج المذهب ": أحمد بن زكريا بن فارس.
(3) قال حاجي خليفة: اعتبر الابواب في أوله والفصول في غيره كالمغرب، والتزم فيه الصحيح والواضح من كلام العرب دون الوحشي المستنكر، وآثر فيه الايجاز...ذكر البرهان الحلبي أن صاحب " القاموس " تتبع أوهام ابن فارس في " المجمل " في ألف موضع مع تعظيمه له وثنائه عليه.
" كشف الظنون " 1605.
وكتاب " المجمل " لم يطبع منه سوى الجزء الاول مرتين في القاهرة، الاولى سنة 1914، والثانية سنة 1947 نشرها الشيخ محيي الدين عبدالحميد وصل فيه إلى مادة (دلك)، وحقق قسما منه السيد محمد مصطفى إبراهيم رضوان، ونال به مرتبة الدكتوراه في جامعة القاهرة وصل فيه إلى حرف الجيم.
وتقوم الآن مؤسسة الرسالة بنشره كاملا بتحقيق الدكتور زهير عبد المحسن سلطان ولابن فارس أيضا كتاب " معجم مقاييس اللغة " وقد طبع بتمامه بتحقيق الاستاذ عبد السلام هارون.
(*)

(17/103)


ابن يزيد الفامي، وعلي بن محمد بن مهرويه القزوينيين، وسعيد بن محمد القطان، ومحمد بن هارون الثقفي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وأحمد بن عبيد الهمذانيين، وأبي بكر بن السني الدينوري، وأبي القاسم
الطبراني، وطائفة.
حدث عنه: أبو سهل بن زيرك، وأبو منصور محمد بن عيسى، وعلي ابن القاسم الخياط المقرئ، وأبو منصور بن المحتسب، وآخرون.
مولده بقزوين ومرباه بهمذان، وأكثر الاقامة بالري.
وكان رأسا في الادب، بصيرا بفقه مالك (1)، مناظرا متكلما على طريقة أهل الحق، ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين، جمع إتقان العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر.
وله مصنفات (2) ورسائل (3)، وتخرج به أئمة.
وكان يتعصب لآل العميد، فكان الصاحب بن عباد يكرهه لذلك (4)،
__________
(1) قال ياقوت: وكان فقيها شافعيا، فصار مالكيا، وقال: دخلتني الحمية لهذا البلد - يعني الري - كيف لا يكون فيه رجل على مذهب هذا الرجل المقبول القول على جميع الالسنة.
" معجم الادباء " 4 / 83، 84.
(2) انظر مصنفاته في " معجم الادباء " 4 / 84، و " الوافي بالوفيات " 7 / 279، و " طبقات المفسرين " 1 / 60، و " هدية العارفين " 1 / 68، 69، وانظر النسخ الخطية لمصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 2 / 265 - 268.
(3) قال ابن خلكان: ومنه اقتبس الحريري صاحب " المقامات " ذلك الاسلوب، وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني صاحب " المقامات ".
" وفيات الاعيان " 1 / 118.
وانظر بعض رسائله في " اليتيمة " 3 / 397 وما بعدها.
(4) في " معجم الادباء " 4 / 83: وكان الصاحب بن عباد يكرمه ويتتلمذ له ويقول: شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف.
(*)

(17/104)


وقد صنف باسمه كتاب " الحجر "، فأمر له بجائزة قليلة (1).
وكان يقول: من قصر علمه في اللغة وغولط غلط (2).
قال سعد بن علي الزنجاني: كان أبو الحسين من أئمة اللغة، محتجا به في جميع الجهات غير منازع، رحل إلى الاوحد في العلوم أبي الحسن القطان، ورحل إلى زنجان، إلى صاحب ثعلب أحمد بن الحسن الخطيب، ورحل إلى ميانج إلى أحمد بن طاهر بن النجم، وكان يقول: ما رأيت مثله.
قال سعد: وحمل أبو الحسين إلى الري ليقرأ عليه مجد الدولة ابن فخر الدولة، وحصل بها مالا منه، وبرع عليه، وكان أبو الحسين من الاجواد حتى إنه يهب ثيابه وفرش بيته، وكان من رؤوس أهل السنة المجردين على مذهب أهل الحديث.
قال: ومات بالري في صفر سنة خمس وتسعين وثلاث مئة (3)، وفيها ورخه أبو القاسم بن مندة، ووهم من قال: مات سنة تسعين (4).
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن: أخبرنا البهاء عبدالرحمن، أخبرنا عبد الحق اليوسفي، أخبرنا هادي بن إسماعيل، أخبرنا علي بن القاسم،
__________
(1) قال الثعالبي: وكان الصاحب منحرفا عن أبي الحسين بن فارس لانتسابه إلى خدمة ابن العميد وتعصبه له، وأنفذ إليه من همذان كتاب " الحجر " من تأليفه، فقال الصاحب: رد الحجر من حيث جاءك.
ثم لم تطب نفسه بتركه، فنظر فيه، وأمر له بصلة.
" يتيمة الدهر " 3 / 200.
(2) " إنباه الرواة " 1 / 94.
(3) انظر " إنباه الرواة " 1 / 94، 95، و " تاريخ الاسلام " 4 / 97، و " المستفاد " 66، و " معجم الادباء " 4 / 83، 84، و " الوافي بالوفيات " 7 / 278، 279.
(4) وهو ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 1 / 119، وكذلك ابن فرحون في " الديباج المذهب " 1 / 165.
ووهم كذلك ابن الجوزي فأورده في وفيات سنة تسع وستين، والحميدي قال بموته في حدود سنة ستين، قال ياقوت: وكل منهما لا اعتبار به، لاني وجدت خط كفه على
كتاب " الفصيح " تصنيفه وقد كتبه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
(*)

(17/105)


أخبرنا أحمد بن فارس اللغوي، حدثنا علي بن أبي خالد بقزوين، حدثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله ملائكة في الارض سياحين يبلغوني عن أمتي السلام " (1).
ومن نظم ابن فارس: سقى همذان الغيث لست بقائل * سوى ذا وفي الاحشاء نار تضرم ومالي لا أصفي الدعاء لبلدة * أفدت بها نسيان ما كنت أعلم نسيت الذي أحسنته غير أنني * مدين وما في جوف بيتي درهم (2) وله: إذا كنت تؤذى بحر المصيف * ويبس (3) الخريف وبرد الشتا ويلهيك حسن زمان الربيع * فأخذك للعلم قل لي متى ؟ (4)
66 - الاكواخي * المحدث الحجة، أبو أحمد، عبد الله بن بكر (5) بن محمد،
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه من طرق عن سفيان به أحمد 1 / 387 و 441 و 452، والدارمي 2 / 58، والنسائي 3 / 43، وصححه ابن حبان (2393) والحاكم 2 / 421، ووافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن القيم في " جلاء الافهام " ص 27.
(2) الابيات في " تاريخ الاسلام " 4 / 97 / 2، و " يتيمة الدهر " 3 / 2، 4، و " معجم الادباء " 4 / 86، و " وفيات الاعيان " 1 / 119، و " إنباه الرواة " 1 / 93، و " الديباج المذهب " 1 / 165.
(3) في " اليتيمة " و " الوافي " و " معجم الادباء ": وكرب.
(4) البيتان في " يتيمة الدهر " 3 / 3، 4، و " معجم الادباء " 4 / 88، و " الوافي بالوفيات " 7 / 280، و " إنباه الرواة " 1 / 95.
* تاريخ بغداد 9 / 423، 424، معجم البلدان 1 / 241، تاريخ الاسلام 4 / 111 / 2.
(5) في " تاريخ بغداد " و " معجم البلدان ": بن أبي بكر.
(*)

(17/106)


الطبراني الزاهد، نزيل أكواخ بانياس.
حدث عن: أبي سعيد بن الاعرابي، وأحمد بن زكريا المقدسي، وعثمان بن محمد السمرقندي، وخيثمة الاطرابلسي، وخلق كثير.
روى عنه: تمام الرازي: وعلي بن محمد الربعي، وأحمد بن رواد العكاوي، وأبو علي الاهوازي، ومحمد بن علي الصوري.
وقال الصوري: كان ثقة ثبتا مكثرا، حكى عنه الدارقطني (1).
وقال الكتاني: ثقة يتشيع، مات سنة تسع وتسعين وثلاث مئة (2).
قلت: وله رحلة إلى بغداد، ولقي أبا سهل بن زياد وأمثاله.

67 - القصار * شيخ المالكية، القاضي أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد، البغدادي ابن القصار.
حدث عن علي بن الفضل الستوري وغيره.
روى عنه: أبو ذر الحافظ، وأبو الحسين بن المهتدي بالله.
ووثقه الخطيب (3)
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 424.
(2) " تاريخ الاسلام 4 / 111 / 2.
* تاريخ بغداد 12 / 41، 42، طبقات الفقهاء للشيرازي 142، ترتيب المدارك 4 /
602، تاريخ الاسلام 4 / 104 / 2، العبر 3 / 64، الديباج المذهب 2 / 100، شذرات الذهب 3 / 149، شجرة النور 92.
(3) في " تاريخ بغداد " 12 / 41.
(*)

(17/107)


وكان من كبار تلامذة القاضي أبي بكر الابهري، يذكر مع أبي القاسم الجلاب.
قال أبو إسحاق الشيرازي: له كتاب في مسائل الخلاف كبير، لا أعرف لهم كتابا في الخلاف أحسن منه (1).
قال القاضي عياض (2): كان أصوليا نظارا، ولي قضاء بغداد.
وقال أبو ذر: هو أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقة قليل الحديث (3).
قال ابن أبي الفوارس: مات في ثامن ذي القعدة، سنة سبع وتسعين وثلاث مئة.
ويقال: مات سنة ثمان، والاول أصح.

68 - القصار * الفقيه الامام، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الاصبهاني القصار، من كبار الشافعية.
حدث عن: أبي علي بن عاصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعبد الله بن خالد الزاذاني، ومحمد بن إسحاق بن عباد، والقاضي أبي أحمد العسال.
__________
(1) واسم الكتاب: " عيون الادلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الامصار " ومنه نسخة خطية: القرويين بفاس 497، وقد اختصره أبو محمد القاضي عبد الوهاب الذي سترد ترجمته برقم (287) ومنه نسخة خطية أيضا: القرويين بفاس 291.
انظر " تاريخ التراث العربي "
لسزكين 3 / 161.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 602.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 104 / 2.
* تاريخ أصبهان 1 / 169، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 308، تاريخ الاسلام 4 / 109 / 1.
(*)

(17/108)


وكان ثبتا، كبير القدر.
حدث عنه: أبو القاسم بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، ومحمد بن يحيى الصفار، وجماعة.
توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.

69 - ابن يونس * المنجم الكبير، مصنف " الزيج (1) الحاكمي "، أبو الحسن علي بن محدث مصر أبي سعيد عبدالرحمن بن الفقيه أحمد بن شيخ الاسلام يونس ابن عبدالاعلى الصدفي (2) المصري.
وأهل التنجيم يخضعون لفضيلة هذا التأليف.
__________
* تاريخ الحكماء 230، 231، الانساب 8 / 46 (الصدفي)، وفيات الاعيان 3 / 429 - 431، المختصر في أخبار البشر 2 / 145، تاريخ الاسلام 4 / 112، ميزان الاعتدال 3 / 132، الوافي 12 / 95، مرآة الجنان 2 / 451، 452، البداية والنهاية 11 / 341، 342، لسان الميزان 4 / 232، 233، حسن المحاضرة 1 / 539، شذرات الذهب 3 / 156، 157، هدية العارفين 1 / 684.
(1) علم الزيج: هو أحد فروع علم الهيئة، يتعرف منه مقادير حركات الكواكب سيما السبعة السيارة وتقويم حركاتها وإخراج الطوالع وغير ذلك، وبه يعرف موضع كل واحد من
الكواكب - سيما السبعة - بالنسبة إلى فلكها وإلى فلك البروج، وانتقالاتها ورجوعها واستقامتها وتشريقها وتغريبها وظهورها وخفاؤها في كل زمان ومكان، وبه يعرف كسوف الشمس وخسوف القمر وما يجري هذا المجرى، وبه يستخرج تقويم فصول السنة وسمت القبلة وأوقات الصلاة.
انظر " مفتاح السعادة " 1 / 379، 380.
وكتاب " الزيج الحاكمي " المعروف بزيج ابن يونس قال فيه ابن خلكان: وهو زيج كبير، رأيته في أربع مجلدات بسط القول والعمل فيه، وما أقصر في تحريره، ولم أر في الازياج على كثرتها أطول منه، وذكر أن الذي أمره بعمله وابتدأه له العزيز أبو الحاكم صاحب مصر.
" وفيات الاعيان " 3 / 429، وانظر النسخ الخطية لهذا الكتاب في " تاريخ " بروكلمان 4 / 225، وفيه أيضا النسخ الخطية لمصنفات أخرى لابن يونس.
(2) نسبة إلى الصدف - بكسر الدال -: وهي قبيلة من حمير نزلت مصر.
(*)

(17/109)


وله نظم رائق (1).
لبس مرة ثياب النساء، وضرب بالعود، وبخر، ورقب الزهرة، وكان يلبس تحت العمامة طرطورا، كالبدو، وله إصابات عجيبة تضل الجهلة (2).
وقد عدله القاضي محمد بن النعمان وقبله، فلا حول ولا قوة إلا بالله (3).
وله سماعات عالية.
مات في شوال سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.

70 - الجيزي * القاضي الامام المقرئ الاوحد، أبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد ابن عمر بن محفوظ (4) المصري الجيزي.
تلا علي أبي الفتح (5) بن بدهن.
وسمع من: أحمد بن بهزاد السيرافي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع،
__________
(1) انظر بعضا منه في " الوفيات " 3 / 430.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 430، و " تاريخ الاسلام " 4 / 112 / 2، و " لسان الميزان " 4 / 233.
(3) قال المؤلف في " الميزان " 3 / 132: لا يحل الاخذ عنه، فإنه منجم ساحر.
* تاريخ الاسلام 4 / 109 / 1، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 126.
(4) في " غاية النهاية ": أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن محفوظ.
(5) هو أبو الفتح أحمد بن عبد العزيز بن موسى بن عيسى، المعروف بابن بدهن، المقرئ، الخوارزمي الاصل ثم البغدادي، نزيل مصر، متوفى سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 254، 255، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 68، 69.
(*)

(17/110)


وأحمد بن مسعود الزبيري، والعلامة أبي جعفر بن النحاس.
حدث عنه: فارس بن أحمد الضرير، وأبو عمرو الداني، وجماعة.
قال الداني: كتبنا عنه شيئا كثيرا من القراءات والحديث، وتوفي سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
وقيل: توفي في شعبان سنة أربع مئة.
وأكبر شيخ له أبو الطاهر أحمد بن محمد المديني صاحب يونس بن عبد الاعلى.
روى عنه المصريون.

71 - ابن أبي عمران * الامام القدوة الرباني، الحافظ الرحال، أبو الفضل، أحمد بن أبي
عمران، الهروي الصرام (1)، المجاور، شيخ الحرم.
حدث عن: خيثمة بن سليمان، ومحمد بن أحمد المحبوبي، وأحمد بن بندار، ودعلج السجزي، وأبي القاسم الطبراني، وعدة.
وكان من أوعية الحديث، روى الكثير بمكة.
وحدث عنه: أبو يعقوب القراب، وأبو نعيم الاصبهاني، وعلي بن محمد الحنائي، وأبو علي الاهوازي، وأبو الفضل بن بندار الرازي، وآخرون.
__________________
* تاريخ أصبهان 1 / 165، تاريخ الاسلام 4 / 109 / 1، العبر 3 / 69، شذرات الذهب 3 / 153.
(1) نسبة إلى بيع الصرم، وهو الذي ينعل به الخفاف واللوالك.
" الانساب " 8 / 54.
قال في " المصباح المنير ": الصرم بالفتح: الجلد، وهو معرب، وأصله بالفارسية: " الجرم ".
واللوالك: نوع من الجلود يتخذ منها نعال، والنسبة إليها اللالكائي.
(*)

(17/111)


وقد صحب محمد بن داود الدقي (1) والكبار، وأخذ عنه خلق من المغاربة والرحالة، ووصفه الاهوازي بالحفظ.
توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.

72 - أبو علي البغدادي * الشيخ العالم الثقة، مسند أصبهان، أبو علي، الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان بن البغدادي، الشطرنجي، التاجر، نزيل أصبهان.
حدث جدهم سليمان عن هشام بن عبيدالله الرازي، وحدث أبوهما الاقرب علي بن أحمد عن أبي حاتم الرازي.
روى أبو علي عن: أبيه، والفضل بن الخصيب، وأحمد بن موسى ابن إسحاق الخطمي (2)، وعبد الله بن محمد ابن أخي زرعة، والحسن ابن علي بن أبي الحناء المرداسي الهمذاني، وأبي أسيد أحمد بن محمد بن أسيد، وأحمد بن محمد اللنباني، ومحمد بن عبد الله بن نبيل الهمذاني، وأبي الاسود عبدالرحمن بن الفيض، وأبي بكر محمد بن علي بن الحسين الهمذاني، وأحمد بن محمد السحيمي، وعدة.
حدث عنه: محمود بن جعفر الكوسج، وابن مندة أبو القاسم، وعدة.
وهم بيت حديث وإسناد.
توفي في رجب سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، وعاش أربعا وتسعين سنة، رحمه الله.
__________
(1) بضم الدال المهملة وتشديد القاف وانظر ترجمته في " الانساب " 5 / 327.
* تاريخ أصبهان 1 / 274، تذكرة الحفاظ 3 / 1029، تاريخ الاسلام 4 / 110 / 2.
(2) نسبة إلى بطن من الانصار يقال له: خطمة بن جشم بن مالك بن الاوس بن حارثة.
(*)

(17/112)


وممن روى عنه: أبو الطيب محمد بن أحمد بن إبراهيم - عرف بسلة (1) - والحسن بن عمر بن يونس، وأبو منصور بن شكرويه.

73 - خلف بن القاسم * ابن سهل الحافظ الامام المتقن أبو القاسم بن الدباغ الازدي الاندلسي القرطبي.
ولد سنة خمس وعشرين، وثلاث مئة.
وسمع بدمشق أبا الميمون بن راشد، وعلي بن أبي العقب،
وجماعة، وبمصر أبا بكر بن أبي الموت، وحمزة الحافظ، وابن الناصح، وسلم بن الفضل، وأبا محمد بن الورد وعدة، وبمكة بكيرا الحداد والآجري، وأبا الحسن الخزاعي، وبقرطبة محمد بن معاوية المرواني، وأحمد بن الشامة.
وكان من بحور الرواية.
روى عنه: عبد الله بن محمد بن الفرضي، وأبو عمرو الداني، وابن عبد البر، وغيرهم.
قال الحميدي: جمع ابن الدباغ مسند أحاديث مالك، ومسند أحاديث شعبة، والكنى التي للصحابة، وأقضية شريح، وكتاب " الخائفين "، وزهد بشر الحافي، أكثر عنه شيخنا أبو عمر (2)، وكان لا يقدم عليه من شيوخه أحدا، وبالغ في وصفه، وقال: كتب بالمشرق عن
__________
(1) انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1408.
* تاريخ علماء الاندلس 136 - 138، جذوة المقتبس 209 - 211، بغية الملتمس 286 - 289، معجم البلدان 4 / 325، تاريخ الاسلام 4 / 92 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1025، الديباج المذهب 1 / 355، غاية النهاية 1 / 272، النجوم الزاهرة 4 / 211، نفح الطيب 2 / 105، شذرات الذهب 3 / 144.
هدية العارفين 1 / 348، تهذيب تاريخ دمشق 5 / 173، وسيعيد المؤلف ترجمته برقم (148).
(2) هو ابن عبد البر.
(*)

(17/113)


نحو ثلاث مئة شيخ، وكان من أعلم الناس برجال الحديث وأكتبهم له، وهو محدث الاندلس في وقته (1) قال الحميدي: وقد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد بن مسرور (2).
قلت: وقرأ بالروايات على جماعة منهم: أحمد بن صالح تلميذ ابن
مجاهد.
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
قرأت على محمد بن عطاء الله: أخبرنا أبو القاسم السبط، أنبأنا خلف الحافظ، أخبرنا أبو محمد، عن أبي عمر الحافظ، أخبرنا خلف بن القاسم، حدثنا محمد بن موسى، حدثنا أحمد بن علي بن شعيب، حدثنا محمد بن حفص، حدثنا جراح بن يحيى، حدثنا عمر بن عمرو، سمعت عبد الله بن بسر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعوه، فيستجاب الدعاء به " (3) إسناده مظلم.

74 - منصور بن عبد الله * ابن خالد بن أحمد بن خالد بن حماد، الحافظ، العالم الرحال، أبو
__________
(1) " جذوة المقتبس " 210، 211.
(2) في " جذوة المقتبس " 211 وفيه الخبر الذي كتبه عنه.
(3) وأخرجه أبو عبد الله الخلال في تذكرة شيوخه كما في " المنتخب " منه 47 / 1 من طريق الحارث الاعور، عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وسنده ضعيف جدا، وأخرجه الترمذي (486) موقوفا على عمر بن الخطاب، وفي سنده أبو قرة الاسدي، وهو مجهول.
* تاريخ بغداد 13 / 84، 85، الانساب 5 / 24 (الخالدي)، اللباب 1 / 413، المغني في الضعفاء 2 / 678، ميزان الاعتدال 4 / 185، العبر 3 / 76، لسان الميزان 6 / 96، 97، شذرات الذهب 3 / 162.
(*)

(17/114)


علي الذهلي الخالدي الهروي.
حدث عن: أبي سعيد بن الاعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه المروزي، وعبد الله بن أحوص الدبوسي لقيه بسمرقند، والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي، وأبي جعفر بن البختري، وأبي حامد بن بلال، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وإسماعيل الصفار، وأبي العباس الاصم، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وابن السماك، وطبقتهم.
وكتب الكثير وتعب.
روى عنه: أبو يعلى بن الصابوني، وأبو حازم العبدوني الحافظ، وأبو سعيد عبدالرحمن بن محمد المؤدب، ونجيب بن ميمون الواسطي ثم الهروي، وعدد كثير، إلا أنه غير ثقة.
قال أبو سعد الادريسي: كذاب لا يعتمد عليه (1).
وذكره جعفر بن محمد المستغفري فقال: روى عن منصور بن محمد البزدوي - يعني صاحب البخاري - ثم قال: مات في المحرم سنة اثنتين وأربع مئة.
وقيل: توفي سنة إحدى وأربع مئة.

75 - ابن تركان * المحدث الصالح الصدوق، أبو العباس، أحمد بن إبراهيم بن أحمد ابن تركان، التميمي الهمذاني الخفاف.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 13 / 85، و " الانساب " 5 / 26، و " ميزان الاعتدال " 4 / 185.
* الانساب 3 / 42 (التركاني)، اللباب 1 / 212.
(*)

(17/115)


روى عن: أوس الخطيب، وعبد الرحمن الجلاب، وأبي سهل بن
زياد القطان، ودعلج السجزي، وطبقتهم.
وعنه: محمد بن عيسى، وأبو الفرج بن عبدالحميد الجريري، وأحمد بن عيسى بن عباد، ويوسف الخطيب، وآخرون.
قال شيرويه: ثقة صدوق، ولد سنة سبع عشرة وثلاث مئة، ومات في ربيع الاول سنة اثنتين وأربع مئة، وقبره يزار، رحمه الله.

76 - ملك سجستان * الملك المحدث، صاحب سجستان، خلف بن أحمد بن محمد بن الليث، السجستاني الفقيه، من جلة الملوك، له إفضال كثير على أهل العلم.
مولده في سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: محمد بن علي الماليني صاحب عثمان بن سعيد الدارمي، ومن عبد الله بن محمد الفاكهي المكي، وأبي علي بن الصواف، وعلي بن بندار الصوفي.
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو يعلى بن الصابوني، وطائفة.
وانتخب عليه الدار قطني.
__________
* الانساب 7 / 44 (السجزي)، تاريخ العتبي 1 / 96، 351، 352 - 360، 368 - 382، معجم البلدان 3 / 192 (سجستان)، الكامل لابن الاثير 8 / 563، 564 و 9 / 82 - 84 و 172، 173، اللباب 2 / 105، تاريخ الاسلام 4 / 111، العبر 3 / 70، شذرات الذهب 3 / 156.
(*)

(17/116)


وامتدت دولته، ثم حاصره السلطان محمود بن سبكتكين، في سنة ثلاث وتسعين، وآذاه، وضيق عليه، فنزل بالامان إليه، فبعثه مكرما في
هيئة جيدة إلى الجوزجان، ثم بعد أربع سنين وصف للسلطان أنه يكاتب سلطان ما وراء النهر أيلك خان، فضيق عليه (1).
وكان في أيامه ملكا جوادا مغشي الجناب، مفضلا محسنا ممدحا، جمع عدة من الائمة على تأليف تفسير عظيم حاو لاقوال المفسرين والقراء والنحاة والمحدثين.
فقال أبو النضر في كتاب " اليميني ": بلغني أنه أنفق عليهم في أسبوع عشرين ألف دينار.
قال: والنسخة به بنيسابور تستغرق عمر الناسخ.
أخبرني أبو الفتح البستي قال: عملت في الملك خلف ثلاثة أبيات، لم أبلغها إياه لكنها اشتهرت، فلم أشعر إلا بثلاث مئة دينار بعثها إلي، وهي هذه: خلف بن أحمد أحمد الاخلاف * أربى بسؤدده على الاسلاف خلف بن أحمد في الحقيقة واحد * لكنه مرب على الآلاف أضحى لآل الليث أعلام الورى * مثل النبي لآل عبد مناف (2) وقد امتدحه البديع الهمذاني وغيره، وفيه يقول الثعالبي: من ذا الذي لا يذل الدهر صعبته * ولا تلين له الايام صعدته أما ترى خلفا شيخ الملوك غدا * مملوك من فتح العذراء بلدته (3)
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 172، 173، و " تاريخ الاسلام " 4 / 111 / 1.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 111 / 1.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 111 / 1 و 2.
وانظر مديح بديع الزمان للملك خلف في " يتيمة الدهر " 4 / 261 و 279 و 300.
(*)

(17/117)


توفي في السجن في رجب، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، وورثه ابنه أبو حفص.
قال الحاكم: قرأت عليه ببخارى انتخاب الدارقطني له، ومات شهيدا في الحبس ببلاد الهند.
ثم ساق الحاكم في ترجمته تسعة أحاديث.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بقراءتي، عن عبدالمعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو يعلى إسحاق بن عبدالرحمن الواعظ سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، أخبرنا الامير أبو أحمد خلف بن أحمد بن محمد بن خلف، حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل، حدثنا خلف بن سليمان، حدثنا خلف بن محمد كردوس، حدثنا خلف بن موسى بن خلف العمي، حدثنا أبي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه سمع رجلا يقول: اللهم اغفر لي ولفلان.
قال: من فلان ؟ قال: جار لي أمرني أن أستغفر له.
قال: غفر الله لك ولصاحبك.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم اغفر لي ولفلان.
قال: " من فلان " ؟ قال: جار لي أمرني أن أستغفر له.
قال: " غفر الله لك وله " (1).
هذا مسلسل بخمسة خلفين.
__________
(1) سنده قابل للتحسين وانظر الطبراني (12299) و " مجمع الزوائد " 10 / 152.
(*)

(17/118)


77 - أبو حيان التوحيدي * الضال الملحد (1)، أبو حيان، علي بن محمد بن العباس، البغدادي الصوفي، صاحب التصانيف الادبية والفلسفية، ويقال: كان من أعيان الشافعية.
قال ابن بابي في كتاب " الخريدة والفريدة ": كان أبو حيان هذا كذابا قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان، تعرض لامور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل، ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب
كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه
__________
* شد الازار للشيرازي 53، 54، معجم الادباء 15 / 5 - 52، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 223، وفيات الاعيان 5 / 112، 113، ميزان الاعتدال 4 / 518، عيون التواريخ 12 / 216 / 2، 217 / 2 الوافي بالوفيات خ 12 / 168، 169، طبقات السبكي 5 / 286 - 289، طبقات الاسنوي 1 / 301 - 303، لسان الميزان 7 / 38 - 41، بغية الوعاة 2 / 190، 191، مفتاح السعادة 1 / 234، 235، تاريخ ابن عدسة 3 / 354، 355، طبقات ابن هداية الله 114 - 116، كشف الظنون 140، 167، 246، روضات الجنات 714، إيضاح المكنون 1 / 602 و 2 / 65، هدية العارفين 1 / 284، 685، هدية الاحباب 14، 15، كنوز الاجداد 221 - 232، دائرة المعارف الاسلامية 8 / 333 - 335، أمراء البيان 2 / 488، 545.
قال ابن خلكان في نسبته " التوحيدي ": ولم أر أحدا ممن وضع كتب الانساب تعرض إلى هذه النسبة لا السمعاني ولا غيره، لكن يقال: إن أباه كان يبيع التوحيد ببغداد، وهو نوع من التمر بالعراق، وعليه حمل بعض من شرح " ديوان " المتنبي قوله: يترشفن من فمي رشفات * هن فيه أحلى من التوحيد والله أعلم بالصواب.
ونقل السيوطي عن شيخ الاسلام ابن حجر قوله: يحتمل أن يكون إلى التوحيد الذي هو الدين، فإن المعتزلة يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد.
وانظر تعليق المؤلف على هذه النسبة ضمن الترجمة.
(1) كذا وصفه المؤلف، ووصفه السبكي في " الطبقات " بقوله: المتكلم الصوفي.
وقال ياقوت في " معجم الادباء ": وكان يتأله، والناس على ثقة من دينه...فهو شيخ في الصوفية.
وانظر ما يأتي في الصفحة 120 تعليق رقم (2).
(*)

(17/119)


ليقتله، فهرب، والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم تزخرفه وإفكه، ثم عثروا منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته، وما يبطنه من الالحاد، ويرومه في الاسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلبي، فاستتر منه، ومات في الاستتار، وأراح الله، ولم يؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية (1).
وقال أبو الفرج بن الجوزي: زنادقة الاسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري، وأشدهم على الاسلام أبو حيان، لانهما صرحا، وهو مجمج ولم يصرح (2).
قلت: وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني (3)، ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ، فانظر إلى المادح والممدوح ! وأجود الثلاثة الرماني مع اعتزاله وتشيعه.
وأبو حيان له مصنف كبير في تصوف الحكماء، وزهاد الفلاسفة، وكتاب سماه " البصائر والذخائر " (4)، وكتاب " الصديق
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 287.
(2) ذكر قول ابن الجوزي السبكي في " الطبقات " 5 / 288، والسيوطي في " بغية الوعاة " 2 / 191.
ولم نجد ترجمة أبي حيان في " المنتظم "، وابن الجوزي ذكر نحوا من هذا الكلام و بأوسع منه في ترجمة أبي العلاء المعري في " المنتظم " 8 / 183، 185، وقد دافع السبكي عن أبي حيان، فقال: الحامل للذهبي على الوقيعة في التوحيدي مع ما يبطنه من بغض الصوفية ! هذان الكلامان، ولم يثبت عندي إلى الآن من حال أبي حيان ما يوجب الوقيعة فيه، ووقفت على كثير من كلامه، فلم أجد فيه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس، مزدريا بأهل عصره، ولا يوجب هذا القدر أن ينال منه هذا النيل، وسئل الامام الوالد رحمه الله عنه، فأجاب بقريب مما أقول: " الطبقات " 5 / 288.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) نشر الجزء الاول منه الدكتور عبد الرزاق محيي الدين في بغداد سنة 1954، ونشره في القاهرة سنة 1953 أحمد أمين وأحمد صقر.
ثم طبع بتمامه في دمشق.
(*)

(17/120)


والصداقة " (1)، مجلد، وكتاب " المقابسات " (2)، وكتاب: " مثالب الوزيرين " (3) - يعني ابن العميد وابن عباد - وغير ذلك (4).
وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد، كما سمى ابن تومرت أتباعه بالموحدين، وكما يسمي صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وبالاتحادية.
أنبأني أحمد بن أبي الخير، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، عن ابن طاهر: سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالري يقول: سمعت أبا حيان التوحيدي يقول: أناس مضوا تحت التوهم، وظنوا أن الحق معهم، وكان الحق وراءهم.
__________
(1) طبع غير مرة، وآخر طبعة صدرت في دمشق سنة 1964 بتحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني.
(2) وهو مئة وثلاث مقابسات في مباحث من العلوم، ذكر فيه بعض ما وقع له من مفاوضات علماء عصره في بغداد، وكانوا يجتمعون في دار أبي سليمان المنطقي، فيتذاكرون في مواضيع شتى في الفلسفة والادب.
وقد طبع هذا الكتاب في الهند وغيرها، وآخر طبعة صدرت في بغداد سنة 1970 م بتحقيق الدكتور محمد توفيق حسين.
(3) قال ابن خلكان في هذا الكتاب: ضمنه معايب أبي الفضل ابن العميد والصاحب بن عباد، وتحامل عليهما، وعدد نقائصهما، وسلبهما ما اشتهر عنهما من الفضائل والافضال، وبالغ في التعصب عليهما، وما أنصفهما، وهذا الكتاب من الكتب المجدودة، ما ملكه أحد إلا
وتعكست أحواله، ولقد جربت ذلك، وجربه غيري على ما أخبرني من أثق به.
" وفيات الاعيان " 5 / 112، 113.
والكتاب طبعه مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1965 م بتحقيق الاستاذ محمد بن تاويت الطنجي.
ومن آثار التوحيدي المطبوعة أيضا كتاب " الامتاع والمؤانسة "، وهو مجموع مسامرات في فنون شتى حاضر بها الوزير أبا عبد الله العارض في نحو أربعين ليلة، نشره أحمد أمين وأحمد الزين.
(4) انظر مصنفاته في " معجم الادباء " 15 / 7، 8، و " هدية العارفين " 1 / 684، 685، وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " بروكلمان 4 / 336 - 338.
(*)

(17/121)


قلت: أنت حامل لوائهم.
قال الشيخ محيي الدين في " تهذيب الاسماء ": أبو حيان من أصحابنا المصنفين، فمن غرائبه أنه قال في بعض رسائله: لا ربا في الزعفران.
ووافقه عليه أبو حامد المروذي (1).
وقال ابن النجار: له المصنفات الحسنة كالبصائر وغيرها.
قال: وكان فقيرا صابرا متدينا، صحيح العقيدة (2).
سمع جعفرا الخلدي، وأبا بكر الشافعي، وأبا سعيد السيرافي، والقاضي أحمد بن بشر العامري.
روى عنه: علي بن يوسف الفامي، ومحمد بن منصور بن جيكان (3)، وعبد الكريم بن محمد الداوودي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، ومحمد بن إبراهيم بن فارس الشيرازيون، وقد لقي الصاحب بن عباد وأمثاله.
قلت: قد سمع منه أبو سعد عبدالرحمن بن ممجة الاصبهاني، وذلك في سنة أربع مئة، وهو آخر العهد به.
وقال السلفي: كان نصر بن عبد العزيز ينفرد عن أبي حيان بنكت
عجيبة (4).
وقال أبو نصر السجزي الحافظ فيما يأثروه عنه جعفر الحكاك: سمعت أبا سعد الماليني يقول: قرأت الرسالة - يعني المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى علي رضي الله عنهم - على أبي حيان، فقال: هذه
__________
(1) " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 223.
ثم قال النووي: والصحيح المشهور تحريم الربا فيه والله أعلم.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 287، و " لسان الميزان " 7 / 39.
(3) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 475.
(4) انظر " لسان الميزان " 7 / 39.
(*)

(17/122)


الرسالة عملتها ردا على الرافضة، وسببه أنهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء، وكانوا يغلون في حال علي، فعملت هذه الرسالة (1).
قلت: قد باء بالاختلاف على علي الصفوة، وقد رأيتها وسائرها كذب بين.

78 - هشام المؤيد بالله * ابن المستنصر صاحب الاندلس، بايعوه صبيا، فقام بتشييد الدولة الحاجب المنصور (2) محمد بن أبي عامر، فكان من رجال الدهر رأيا وحزما، ودهاء وشجاعة وإقداما - أعني الحاجب - فعمد أول تغلبه إلى خزائن كتب الحكم، فأبرز ما فيها بمحضر من العلماء، وأمر بإفراز ما فيها من تصانيف الاوائل والفلاسفة، حاشا كتب الطب والحساب، وأمر بإحراقها، فأحرقت، وطمر بعضها، ففعل ذلك تحببا إلى العوام، وتقبيحا لمذهب الحكم (3).
ولم يزل المؤيد بالله هشام غائبا عن الناس لا يظهر ولا ينفذ أمرا.
وكان ابن أبي عامر ممن طلب العلم والادب، ورأس وترقى، وساعدته المقادير، واستمال الامراء والجيش بالاموال، ودانت لهيبته الرجال،
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 518، و " لسان الميزان " 7 / 38.
قال ابن حجر: فقد اعترف بالوضع.
* جذوة المقتبس 17، بغية الملتمس 21، الكامل لابن الاثير 8 / 677 - 679، النبراس 22، تاريخ ابن خلدون 4 / 147، المغرب في حلي المغرب 1 / 193 - 196، البيان المغرب 2 / 253 و 3 / 197، نفح الطيب 1 / 396.
(2) تقدمت ترجمته برقم (7).
(3) انظر الصفحة 15 تعليق رقم (2 و 3) (*)

(17/123)


وتلقب بالمنصور، واتخذ الوزراء لنفسه، وبقي المؤيد معه صورة بلا معنى، لان المؤيد كان أخرق، ضعيف الرأي، وكان للمنصور نكاية عظيمة في الفرنج، وله مجلس في الاسبوع يجتمع إليه فيه الفضلاء للمناظرة، فيكرمهم ويحترمهم ويصلهم، ويجيز الشعراء، افتتح عدة أماكن، وملا الاندلس سبيا وغنائم، حتى بيعت بنت عظيم من عظماء الروم ذات حسن وجمال بعشرين دينارا، وكان إذا فرغ من قتال العدو، نفض ما عليه من غبار المصاف، ثم يجمعه ويحتفظ به، فلما احتضر أمر بما اجتمع له من ذلك بأن يذر على كفنه، وغزا نيفا وخمسين غزوة، وتوفي مبطونا شهيدا وهو بأقصى الثغر، بقرب مدينة سالم، سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وكان أول شئ حاجبا للمؤيد بالله، فكان يدخل عليه القصر، ويخرج فيقول: أمر أمير المؤمنين بكذا، ونهى عن كذا.
فلا يخالفه أحد،
ولا يعترض عليه معترض، وكان يمنع المؤيد من الاجتماع بالناس، وإذا كان بعد مدة ركبه، وجعل عليه برنسا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف المؤيد من بينهن، فكان يخرج يتنزه في الزهراء، ثم يعود إلى القصر على هذه الصفة.
ولما توفي الحاجب ابن أبي عامر، قام في منصبه ابنه الملقب بالمظفر: أبو مروان عبدالملك بن محمد.
وجرى على منوال والده، فكان ذا سعد عظيم، وكان فيه حياء مفرط يضرب به المثل، لكنه كان من الشجعان المذكورين، فدامت الاندلس في أيامه في خير وخصب وعز إلى أن مات في صفر، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة (1).
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 423، و " الكامل " 8 / 678، و " الذخيرة " ق 4 / ج 1 / 78 - 86.
(*)

(17/124)


وقام بتدبير دولة المؤيد بالله الناصر عبدالرحمن أخو المظفر المذكور المعروف بشنشول (1)، فعتا وتمرد، وفسق وتهتك، ولم يزل بالمؤيد بالله حتى خلع نفسه من الخلافة، وفوضها إلى شنشول هذا مكرها، في جمادى الآخرة، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
ومن قصة شنشول - ويقال: شنجول وهو أصح - أن أباه المنصور غزا غزوة البررت، وهو مكان مضيق بين جبلين لا يمشيه إلا فارس بعد فارس، فالتقى الروم هناك، ثم نزل، وأمر برفع الخيام وبناء الدور والسور، واختط قصرا لنفسه، وكتب إلى ابنه ومولاه واضح بالنيابة على البلاد، يقول في كتابه: ولما أبصرت بلاد أرغون، استقصرت رأي الخلفاء في ترك هذه المملكة العظيمة.
فلما علمت الروم بعزمه، رغبوا إليه في أداء القطيعة،
فأبى عليهم إلا أن يهبوه ابنة ملكهم الذي من ذرية هرقل، فقالوا: إن هذا لعار.
فالتقوه في أمم لا تحصى في وسط بلادهم، وهو في عشرين ألف فارس، فكان للمسلمين جولة، فثبت المنصور وولداه، وكاتبه ابن برد، والقاضي ابن ذكوان في جماعة، فأمر أن تضرب خيمة له، فرآها المسلمون، فتراجعوا، فهزم الله الكافرين، ونزل النصر، ثم حاصر مدينة لهم، فلما هم بالظفر، بذلوا له ابنة الملك، وكانت في غاية الجمال والعقل، فلما شيعها أكابر دولتها، سألوها البر والعناية بهم، فقالت: الجاه لا يطلب بأفخاذ النساء بل برماح الرجال.
فولدت للمنصور شنجول هذا، وهو لقب لجده لامه لقب هو به.
ومن مفاخر المنصور: أنه قدم من غزوة، فتعرضت له امرأة عند
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 و " الكامل " 8 / 678، 679، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 148، و " البيان المغرب " 3 / 44، وأعمال الاعلام: 91، و " جذوة المقتبس " 17.
(*)

(17/125)


القصر، فقالت: يا منصور ! يفرح الناس وأبكي ؟ إن ابني أسير في بلاد الروم.
فثنى عنانه وأمر الناس بغزو الجهة التي فيها ابنها.
وقد عصاه مرة ولد له، فهرب، ولجأ إلى ملك سمورة، فغزاها المنصور، وحاصرها، وحلف ألا يرحل إلا بابنه، فسلموه إليه، فأمر بقتله، فقتل بقرب سمورة.
ومن رجلة المنصور: أنه أحيط به في مدينة فتة، فرمى بنفسه من أعلى جبلها، وصار في عسكره، فبقي مفدع (1) القدمين لا يركب، إنما يصنع له محمل على بغل يقاد به في سبع غزوات وهو بضعة لحم، فانظر إلى هذه الهمة العلية، والشجاعة الزائدة.
وكان موته آخر الصلاح وأول الفساد بالاندلس، لان أفعاله كانت
حسنة في الحال، فاسدة في المآل، فكانت قبله القبائل، كل قبيلة في مكان، فإذا كان غزو، وضعت الخلفاء على كل قبيلة عددا، فيغزون، فلما استولى المنصور، أدخل من صنهاجة ونفزن عشرين ألفا إلى الاندلس، وشتت العرب عن مواضعها، وأخملهم، وأبقى على نفسه لكونه ليس من بيوت الملك، ثم قتل في بني أمية جماعة، واحتاط على المؤيد، ومنعه من الاجتماع بأحد، وربما أخرجه لهم في يوم العيد للهناء، فلما مات المنصور وابنه المظفر أبو مروان، انخرم النظام، وشرع الفساد، وهلك الناس، فقام شنجول وطغى وبغى، وفعل العظائم، والمؤيد بالله تحت الاحتجار، فدس على المؤيد من خوفه وهدده، وأعلمه أنه عازم على قتله إن لم يوله عهده، ثم أمر شنجول القضاة والاعلام بالمثول إلى القصر الذي بالزهراء،
__________
(1) الفدع محركة: عوج وميل في المفاصل، كأن المفاصل قد زالت عن مواضعها، لا يستطاع بسطها معه، وأكثر ما يكون في الرسغ من اليد والقدم.
(*)

(17/126)


فأخرج لهم المؤيد، وأخرج كتابا قرئ بينهم بأن المؤيد قد خلع نفسه، وسلم الامر إلى الناصر لدين الله عبدالرحمن بن أبي عامر.
فشهد من حضر بذلك على المؤيد (1)، وأخذ الناصر هذا في التهتك والفسق، وكان زيهم المكشوفة، فأمر جنده بحلق الشعر، ولبس العمائم تشبها ببني زيري (2)، فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه، لفوا العمائم بلا صنعة، وبقوا ضحكة، ثم سار غازيا، فجاءه الخبر بأن محمد بن هشام بن عبد الجبار الاموي ابن عم المؤيد بالله قد توثب بقرطبة، وهدم الزهراء، وأقام معه القاضي ابن ذكوان، وأنفق الاموال في الشطار، فاجتمع له أربع مئة رجل، وأخذ يرتب أموره في السر، ثم ركب، وقصد دار والي قرطبة، فقطع رأسه، فخرج إليه
الاستاذ جوذر الكبير، فقال له محمد بن هشام: أين المؤيد بالله ؟ أخرجه.
فقال: أذل نفسه، وأذلنا بضعفه.
فخرج يطلب أمانه، فقال: أنا إنما قمت لازيل الذل عنك، فإن خلعت نفسك طائعا، فلك كل ما تحب.
ثم طلب ابن المكوي (3) الفقيه، وابن ذكوان (4) القاضي والوزراء، فدخلوا على
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 - 426، و " الكامل " 8 / 679، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 148، 149.
(2) هم من البربر، وكانوا ملوك وأمراء إفريقية وما والاها من بلاد المغرب، وجدهم هو الامير زيري بن مناد، الحميري الصنهاجي، ومن أولاده أبو الفتوح بلكين بن زيري جد باديس بن المنصور بن بلكين، وباديس سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (126).
وانظر تراجم بني زيري في " وفيات الاعيان " 1 / 265، 266 و 286، 287، و 304 - 306، و 2 / 343، 344، و 5 / 233 - 235.
وانظر " معجم الانساب والاسرات الحاكمة ": 109، و " تاريخ " ابن خلدون 6 / 155، وما بعدها.
(3) هو أبو عمر أحمد بن عبدالملك بن هاشم، المعروف بابن المكوي، سترد ترجمته برقم (120).
(4) هو أبو العباس أحمد بن محمد ذكوان القاضي، متوفى سنة 413، مترجم في " المغرب في حلي المغرب " 1 / 215، 216، و " بغية الملتمس ": 174.
(*)

(17/127)


المؤيد، فشهدوا عليه بتفويض الامر إلى ابن عمه هذا، وضعف أمر شنجول، وظفر به محمد، فذبحه في أثناء هذا العام، وله بضع وعشرون سنة (1).
قال ابن أبي الفياض: كان ختان شنشول في سنة ثمانين وثلاث مئة، فانتهت النفقة يومئذ إلى خمس مئة ألف دينار، وختنوا معه خمس مئة وسبعة
وسبعين صبيا.
وأما محمد بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله عبدالرحمن، فتلقب بالمهدي (2)، ونصب الديوان، واستخدم، فلم يبق زاهد ولا جاهل ولا حجام حتى جاءه، فاجتمع له نحو من خمسين ألفا، ودانت له الوزراء والصقالبة، وبايعوه، فأمر بنهب دور آل المنصور أبي عامر، وانتهب جميع ما في الزهراء من الاموال والسلاح، وقلعت الابواب.
فقيل: وصل منها إلى خزانة المهدي هذا خمسة آلاف ألف دينار سوى الفضة، وصلى بالناس الجمعة بقرطبة، وقرئ كتابه بلعنة شنشول، ثم سار إلى حربه، فكان القاضي ابن ذكوان يحرض على قتاله، ويقول: هو كافر.
وكان شنشول قد استعان بعسكر الفرنج لان أمه منهم، وقام معه ابن غومش، فجاء إلى قرطبة، فتسحب جنده، فقال له ابن غومش: ارجع بنا قبل أن تؤخذ.
فأبى، ومال إلى دير شربش جوعان سهران، فأنزل له راهب دجاجة وخبزا، فأكل وشرب وسكر، وجاء لحربه ابن عم المهدي وحاجبه محمد بن المغيرة الاموي، فقبض عليه، فظهر منه الجزع، وقبل قدم ابن المغيرة، وقال: أنا
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 426، و " الكامل " 8 / 679، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 149، 150.
(2) انظر " الكامل " 8 / 679، 680 و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 149، 150، و " جذوة المقتبس " 18، و " نفح الطيب " 1 / 426، و " بغية الملتمس " 22، 23.
(*)

(17/128)


في طاعة المهدي.
ثم ضربت عنقه، وطيف برأسه: هذا شنشول المأبون المخذول.
فلما استوثق الامر للمهدي، أظهر من الخلاعة والفساد أكثر مما عمله شنشول.
قال الحميدي (1): فقام على المهدي ابن عمه هشام بن سليمان بن الناصر لدين الله، في شوال سنة تسع وتسعين، وقام معه البربر، وأسر هشام هذا، فقتله المهدي.
وقال غيره: زاد المهدي في الغي وأخذ الحرم، وعمد إلى نصراني يشبه المؤيد بالله، ففصده حتى مات، وأخرجه إلى الناس، وقال: هذا المؤيد.
فصلى عليه، ودفنه (2)، وقدم على المهدي رسول فلفل بن سعيد الزناتي صاحب طرابلس داخلا في طاعته، يلتمس إرسال سكة على اسمه ليعينه على باديس، فغلب باديس على طرابلس وتملكها، وكتب إلى ابن عمه حماد ليغري القبائل على المهدي لخذلانه، قد هم بالغدر بالبربر الذي حوله، ولوح بذلك، فهذا سبب خروجهم عليه مع ابن عمه هشام بن سليمان، فقتلوا أولا وزيريه: محمد بن دري، وخلف بن طريف، وأحرقوا السراجين، وعبروا القنطرة، ثم تخاذلوا عن هشام حتى قتل، وتحيز جلهم إلى قلعة رباح، فهرب معهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر، وهو ابن أخي هشام المقتول، فبايعوه، وسموه: المستعين بالله (3)، وجمعوا له مالا، حتى صار له نحو من مئة ألف دينار، فتوجه بالبربر إلى طليطلة، فتملكها، وقتل واليها، فجزع المهدي، واعتد للحصار، وتجرأت عليه
__________
(1) في " جذوة المقتبس " 18.
وانظر " الكامل " لابن الاثير 8 / 680.
(2) انظر " الكامل " 8 / 679.
(3) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة.
(*)

(17/129)


العامة، ثم بعث عسكرا، فهزمهم سليمان المستعين، ثم سار حتى شارف قرطبة، فبرز لحربه عسكر المهدي، فناجزهم سليمان، فكان من غرق
منهم في الوادي أكثر ممن قتل، وكانت وقعة هائلة هلك فيها خلق من الاخيار والائمة والمؤذنين، فلما أصبح المهدي بالله، أخرج للناس الخليفة المؤيد بالله هشام بن الحكم، الذي كان أظهر لهم موته، فأجلسه للناس، وأقبل قاضي الجماعة يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما محمد بن هشام بن عبد الجبار نائبه.
فقال له البربر: يا ابن ذكوان: بالامس تصلي عليه، واليوم تحييه ؟ ! ثم خرج أهل قرطبة إلى المستعين، سليمان فاحسن ملقاهم واختفى محمد المهدي واستوثق أمر المستعين ودخل قصر الامارة، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا نحوا من اثني عشر ألفا، ثم تسحب المهدي إلى طليطلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنج، ووعدهم بالاموال، فاجتمع إليه خلق عظيم، وهو أول مال انتقل من بيت المال بالاندلس إلى الفرنج، وكانت الثغور كلها باقية على طاعة المهدي، فقصد قرطبة في جحفل عظيم، فالتقى الجمعان على عقبة البقر على بريد بن قرطبة، فاقتتلوا أشد قتال، فانهزم سليمان المستمعين، واستولى المهدي على قرطبة ثانيا، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جماهير البربر، فالتقاهم بوادي آره، فهزموه أقبح هزيمة، وقتل من جنده الفرنج ثلاثة آلاف، وغرق خلق، فجاء إلى قرطبة، ثم وثب عليه العبيد، فضربت عنقه، وقطعت أربعته، وكفى الله شره في ثامن ذي الحجة عام أربع مئة، وعاش أربعا وثلاثين سنة (1).
قال الحميدي (2): أعيد المؤيد بالله إلى الخلافة في آخر سنة أربع
__________
(1) " جذوة المقتبس " 18، 19.
(2) " جذوة المقتبس " 17.
(*)

(17/130)


مئة، فحاصرته جيوش البربر مع سليمان المستعين مدة، واتصل ذلك إلى
شوال سنة ثلاث وأربع مئة، فدخل البربر قرطبة بالسيف، وقتل المؤيد بالله.
وقرأت بخط أبي الوليد بن الحاج: أن طائفة وثبوا على المهدي، فقتلوه، وأخرجوا المؤيد بالله، فطير عنبر رأس المهدي بين يدي المؤيد، وسكن الناس، وكتب المؤيد إلى البربر ليدخلوا في الطاعة، فأبوا، وصار يركب ويظهر، فهابه الناس، وعاثت البربر، وعملت ما لا يعمله مسلم، ونازلوا قرطبة سنة اثنتين وأربع مئة، واشتد القحط والبلاء، وفني الناس، ودخل البربر بالسيف في سنة ثلاث، فقتلوا حتى الولدان، وهرب الخلق، وهرب المؤيد بالله إلى المشرق، فحج، ولقد تصرف في الدنيا عزيزا وذليلا، والعزة لله جميعا (1).
وقال غيره: أما المؤيد، فانقطع خبره، ونسي ذكره.
وقال عزيز في " تاريخ القيروان ": إن المؤيد بالله هرب بنفسه من قرطبة، فلم يزل فارا ومستخفيا حتى حج، وكان معه كيس جوهر، فشعر به حرابة مكة، فأخذوه منه، فمال إلى ناحية من الحرم، وأقام يومين لم يطعم طعاما، فأتى المروة، فلقيه رجل، فقال له: تحسن تجبل الطين ؟ قال: نعم.
فذهب به، فلم يحسن الجبل، وشارط على درهم ورغيف، فقال: عجل القرص، فإني جائع.
فأتاه به، فأكله، وعمل حتى تعب، وهرب، وخرج مع الركب إلى الشام في أسوأ حال، فقدم القدس، فمشى، فرأى رجلا يعمل الحصر، فنظر إليه الرجل، فقال: من أنت ؟ قال غريب.
قال: تحسن هذه الصنعة ؟ قال: لا.
قال: فتكون عندي تناولني
__________
(1) انظر " الكامل " لابن الاثير 9 / 216 - 219.
(*)

(17/131)


الحلفاء (1) وأعطيك أجرة ؟ قال: نعم.
فأقام عنده يعاونه، ويأكل معه،
فتعلم صنعة الحصر، وأقام بالقدس سنين، ولم يدر به أحد، ثم رجع إلى الاندلس في سنة أربع وعشرين وأربع مئة.
قال عزيز: فهذا نص ما رواه مشايخ من أهل الاندلس، والذي ذكره ابن حزم في كتاب " نقط العروس " أنه قال: أخلوقة لم يسمع بمثلها: ظهر رجل يقال له خلف الحصري بعد اثنتين وعشرين سنة من موت المؤيد بالله هشام، فبويع له، وخطب له على منابر الاندلس في أوقات شتى، وادعي أنه المؤيد بالله هشام، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش في أمره.
قال عزيز: فأقام المدعى أنه هشام نيفا وعشرين سنة والقاضي محمد بن إسماعيل ابن عباد كالوزير بين يديه والامر إليه، فاستقام بذلك لابن عباد أكثر بلاد الاندلس، ودفع عنه كلام الحساد إلى أن مات هشام.
قلت: هذه الحكاية شبه خرافة، ومن بعد سنة ثلاث وأربع مئة انقطع خبر المؤيد بالله، وانتقل إلى الله، وأظنه قتل سرا، فكان له حينئذ خمسون سنة، وكان ضعيف الرأي، قليل العقل، يصدق بما لا يكون، وله نهمة في جمع البقر البلق (2)، وأعطى مرة مالا عظيما لمن جاءه بحافر حمار، وزعم أنه حافر حمار العزيز، وأتاه آخر بحجر، فقال: هذا من الصخرة
__________
(1) قال الازهري: الحلفاء: نبت أطرافه محدودة كأنها أطراف سعف النخل والخوص، ينبت في مغايض الماء والنزور، الواحدة حلفه مثل قصبة وقصباء...وكان الاصمعي يقول: الواحدة: حلفة.
وقال سيبويه: الحلفاء واحد وجميع.
" تهذيب اللغة " 5 / 69.
وفي " معجم متن اللغة ": قال الشهابي: هو من فصيلة النجيليات، يكثر في الجزائر والمغرب والاندلس، يصنعون بورقه الحصر والقفف والحبال، ويستخرجون منها أليافا وكاغدا.
(2) البلق: سواد وبياض، وارتفاع التحجيل إلى الفخذين.
(*)

(17/132)


وأتاه آخر بشعر قال: هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم.
فقيل لهذا السبب: كان المنصور يمنع الناس من الاجتماع به.
وقال بعض الناس: بل خنقه المهدي، وأخرجه ميتا كما ذكرنا، فالله أعلم، وبالجملة فالذي جرى على أهل الاندلس من جندها البربر لا يحد ولا يوصف، عملوا ما يصنعه كفار الترك وأبلغ، وأحرقوا الزهراء وجامعها وقصورها، وكانت أحسن مدينة في الدنيا وأطراها، قال ابن نبيط: ثلاثة من طبعها الفساد * الفأر والبربر والجراد وقال محيي الدين عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي في كتاب " المعجب ": دخلت البربر قرطبة وعليهم سليمان المستعين في شوال سنة ثلاث وأربع مئة، فقتلوا المؤيد بالله، وقتل في هذه الكائنة بقرطبة من أهلها نيف وعشرون ألفا.

79 - سليمان المستعين بالله * ابن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبدالرحمن بن محمد، الاموي المرواني.
دانت له الاندلس سنة ثلاث وأربع مئة كما ذكرنا، جال بالبربر يفسد وينهب البلاد، ويعمل كل قبيح، ولا يبقي على أحد، فكان من جملة جنده القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الادريسي، فجعلهما قائدين على
__________
(1) جمهرة الانساب 102، جذوة المقتبس 19 - 22، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الاول، المجلد الاول / 35 - 48، بغية الملتمس 24 - 26، المعجب 42 - 45، الحلة السيراء 2 / 5 - 12، البيان المغرب 3 / 91، المختصر في أخبار البشر 2 / 145، فوات الوفيات 2 / 62، 63، تاريخ ابن خلدون 4 / 150، 151، نفح الطيب 1 / 428 - 431.
وسيكرر المؤلف ترجمته عقب الترجمة (173).
(*)

(17/133)


البربر، وأمر عليا على سبتة وطنجة وتلك العدوة، وأمر القاسم على الجزيرة الخضراء.
قال الحميدي: لم يزل المستعين يجول بالبربر يفسد وينهب، ويقفر المدائن والقرى بالسيف، لا يبقي معه البربر على صغير ولا كبير، إلى أن غلب على قرطبة، ثم إن علي بن حمود الادريسي طمع في الخلافة، وراسل جماعة، فاستجاب له خلق، وبايعوه، فعدى من سبتة إلى الاندلس، فبايعه متولي مالقه، واستحوذ على الكبار، وزحف إلى قرطبة، فجهز المستعين لحربه ولده محمد بن سليمان، فالتقوا، فانهزم محمد، وهجم ابن حمود، فدخل قرطبة في الحال، وظفر بالمستعين، فذبحه بيده صبرا، وذبح أباه الحكم وهو شيخ في عشر الثمانين، وذلك في المحرم، سنة سبع وأربع مئة، وانقضت دولة المروانية في جميع الاندلس (1).
وكان المستعين أديبا شاعرا، عاش نيفا وخمسين سنة.
وله تيك الابيات المشهورة: (2): عجبا يهاب الليث حد سناني * وأهاب لحظ (3) فواتر الاجفان
__________
(1) " جذوة المقتبس " 19، 20 بأطول مما هنا.
(2) قال الحميدي: وهذه الابيات معارضة للابيات التي تنسب إلى هارون الرشيد وأنشدنيها له أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري، وهي: ملك الثلاث الآنسات عناني * وحللن من قلبي بكل مكان مالي تطاوعني البرية كلها * وأطيعهن وهن في عصياني ما ذاك إلا أن سلطان الهوى * وبه قوين أعز من سلطاني انظر " جذوة المقتبس " 21، 22، و " الحلة السيراء " 2 / 9، و " الذخيرة " 1 / 1 /
46، 437.
(3) في " نفح الطيب " و " فوات الوفيات ": " سحر ".
(*)

(17/134)


وأقارع الاهوال لا متهيبا * منها سوى الاعراض والهجران وتملكت نفسي ثلاث كالدمى * زهر الوجوه نواعم الابدان ككواكب الظلماء لحن لناظر (1) * من فوق أغصان على كثبان هذي الهلال وتلك بنت المشتري * حسنا وهذي أخت غصن البان حاكمت فيهن السلو إلى الصبا (2) فقضى بسلطان على سلطاني وإذا تجارى في الهوى أهل الهوى * عاش الهوى في غبطة وأمان (3)
80 - علي بن حمود بن ميمون * ابن أحمد بن علي بن عبيدالله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب، الناصر لدين الله، الهاشمي، العلوي الادريسي.
استولى على الامر بقرطبة في أول سنة سبع وأربع مئة كما قدمنا، وكانت دولته اثنين وعشرين شهرا (4)، ثم خالف عليه الموالي الذين قاموا بنصره وبيعته، فخرجوا عليه، وقدموا عليه الامير عبدالرحمن بن محمد بن
__________
(1) في " نفح الطيب " و " الذخيرة " و " فوات الوفيات ": لناظري.
(2) في نفح الطيب ": الرضى، وفي " الحلة السيراء ": الهوى.
(3) الابيات في " جذوة المقتبس " 21، و " الحلة السيراء " 2 / 9 بزيادة خمس أبيات قبل البيت الاخير، و " نفح الطيب " 1 / 430، 431، و " الذخيرة " 1 / 1 / 47، 48 عدا البيت الاخير وزيادة أربع أبيات، و " فوات الوفيات " 2 / 63 عدا البيت الخامس والاخير وزيادة أربع أبيات.
* جمهرة ابن حزم 50، 51، جذوة المقتبس 22، الذخيرة في محاسن الجزيرة القسم الاول، المجلد الاول 96 - 102، بغية الملتمس 27، الكامل لابن الاثير 9 / 269 - 273، المعجب 98، البيان المغرب 3 / 119 - 124، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، 153، الاعلام 128، نفح الطيب 1 / 431.
وسيعيد المؤلف ترجمته عقب الترجمة رقم (170).
(4) وكان لقبه المتوكل على الله، وقيل الناصر لدين الله.
انظر " الجذوة " و " الكامل ".
(*)

(17/135)


عبدالملك بن الناصر لدين الله الاموي، ولقبوه بالمرتضى، وزحفوا إلى غرناطة، ثم ندموا على تقديمه لما رأوا من قوته وصرامته وثبات جأشه، فخافوا من غائلته، ففروا عنه، ودسوا عليه من قتله غيلة (1).
وأما علي بن حمود، فوثب عليه غلمان له صقالبة في الحمام، فقتلوه في آخر سنة ثمان وأربع مئة (2).
وخلف من الاولاد يحيى المعتلي وإدريس، فشيخنا جعفر (3) ابن محمد الادريسي من ذريته، حدثنا بمصر عن ابن باقا.

81 - القاسم بن حمود بن ميمون * الادريسي، والي إمرة الاندلس بعد مقتل أخيه علي بن حمود سنة ثمان (4).
وكان هادئا ساكنا، أمن الناس معه، وكان يتشيع قليلا، فبقي في الملك إلى سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، في ربيع الاول، فخرج عليه ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود المعتلي، فهرب القاسم من غير قتال إلى إشبيلية، فاستمال البربر، وجمع وحشد، وجاء إلى قرطبة، فهرب منه المعتلي، ثم اضطرب أمر القاسم بعد قليل، وخذله البربر، وتفرقوا في سنة أربع عشرة،
__________
(1) انظر " الكامل " لابن الاثير 9 / 271، 272.
(2) انظر تفصيل ذلك في " الذخيرة " 1 / 1 / 100، 101.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 41 / 1.
* جمهرة ابن حزم 50، 51، جذوة المقتبس 22 - 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الاول / 481 - 486، بغية الملتمس 28، 29، الكامل لابن الاثير 9 / 273 - 276، البيان المغرب 3 / 124 و 133 و 190، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، 153، 154، نفح الطيب 1 / 431، 432.
(4) وقد تلقب بالمأمون كما ذكرت مصادر الترجمة.
(*)

(17/136)


وتغلبت كل فرقة على بلد من الاندلس، وجرت خطوب وأمور يطول شرحها، فلحق القاسم بشريش (1)، فقصده المعتلي، وحاصره، فظفر به، وسجنه دهرا، وأما أهل إشبيلية، فطردوا عنها ابني القاسم بن حمود، وأمروا عليهم ثلاثة: قاضي البلد محمد بن إسماعيل بن عباد، ومحمد بن يريم الالهاني، ومحمد بن الحسن الزبيدي، فساسوهم، ثم تملك عليهم القاضي، وأظهر لهم ذلك الحصري الذي يقال: إنه المؤيد كما قدمنا، وتملك مالقة يحيى المعتلي والجزيرة الخضراء (2)، وغلب أخوه إدريس بن علي على طنجة (3)، وطال أسر القاسم، وعاش ثمانين سنة، ثم خنق في سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.

82 - يحيى بن علي بن حمود المعتلي بالله * أبو زكريا العلوي الحسني الادريسي، وأمه علوية أيضا.
غلب على أكثر الاندلس، وتسمى بالخلافة، واستناب على قرطبة الامير عبدالرحمن بن أبي عطاف إلى سنة سبع عشرة، ثم قطعت دعوته عن قرطبة فتردد عليها بالعساكر إلى أن أطاعته جماعة البربر وسلموا إليه الحصون
والقلاع، وعظم سلطانه، ثم قصد إشبيلية، فحاصرها، فخرج منها فوارس
__________
(1) شريش: مدينة كبيرة من كورة شذونة، وشذونة مدينة بالاندلس تتصل نواحيها بنواحي موزور من أعمال الاندلس.
" معجم البلدان " 3 / 329.
(2) قال في " الجذوة ": وهي كانت معقل القاسم، وبها كانت ذخائره.
(3) في " الجذوة ": وهي كانت عدة القاسم التي يلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالاندلس.
* جذوة المقتبس 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الاول / 316 - 318، بغية الملتمس: 30، الكامل لابن الاثير 9 / 274 - 279، المعجب 50 - 54، البيان المغرب 3 / 188، تاريخ ابن خلدون 4 / 153، أعمال الاعلام 136، بلغة الظرفاء 42، نفح الطيب 1 / 431.
(*)

(17/137)


وهو حينئذ سكران، فحمل عليهم وكانوا قد أكمنوا له، فقتلوه في المحرم، سنة سبع وعشرين وأربع مئة (1).
ولما انهزم البربر مع القاسم بن حمود من قرطبة، اتفق رأي أهلها على رد الامر إلى بني أمية، فاختاروا عبدالرحمن (2) بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله أخا (3) المهدي (4)، فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة، ولقبوه بالمستظهر بالله، وله اثنتان وعشرون سنة.
ثم قام عليه نسيبه محمد بن عبدالرحمن في طائفة من سفلة العوام، فقتلوا المستظهر بعد شهرين، وكان قد وزر له أبو محمد بن حزم الظاهري، فأثنى على المستظهر، وقال: كان في غاية الادب والبلاغة والذكاء، رحمه الله.
وقوي أمر محمد بن عبدالرحمن بن عبيدالله بن الناصر الاموي، ولقبوه بالمستكفي بالله (5)، فبويع وله ثمان وأربعون سنة، فتملك ستة أشهر، وكان أحمق، قليل العقل، وزر له أحمد بن خالد الحائك، ثم قتل وزيره، وخلع
هو، وسجنوه ثلاثا لم يطعموه فيها شيئا، ثم نفوه المعثر، فلحق بالثغور، وأضمرته البلاد، وقيل: بل سم في دجاجة، فهلك، وعاد أمر الناس إلى المعتلي.
فلما غاب المعتلي، أجمع أهل قرطبة على رد الامر إلى بني أمية، ونهض
__________
(1) " جذوة المقتبس " 24، 25، و " الكامل " لابن الاثير 9 / 278، 279.
(2) وهو المستظهر بالله، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (215).
(3) في الاصل: " أخو " وهو خطأ.
(4) وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار، تقدم الحديث عنه في ترجمة المؤيد بالله هشام رقم (78).
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (258).
(*)

(17/138)


بذلك الوزير أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، وبايعوا أبا بكر هشام (1) بن محمد بن عبدالملك بن الناصر لدين الله، ولقب بالمعتد بالله في ربيع الاول سنة ثماني عشرة، وله أربع وخمسون سنة، فبقي ينتقل في الثغور، ودخل قرطبة في آخر سنة عشرين، فلم يلبث إلا يسيرا حتى قامت عليه طائفة من الجند، وجرت أمور يطول شرحها، ثم خلعوه، وأخرج من قصره والنساء مهتكات حافيات، إلى أن دخلوا الجامع في هيئة السبايا، فبقوا هنالك أياما يتعطف عليهم الناس بالطعام إلى أن خرجوا من قرطبة، فلحق هشام هذا بابن هود المتغلب على سرقسطة ولاردة وطرطوشة، فأقام عنده إلى أن مات سنة سبع وعشرين في العام الذي قتل فيه المعتلي.
فهذا آخر ملوك بني أمية مطلقا، وتفرقت الكلمة، وصار في الاندلس عدة ملوك.

83 - جهور بن محمد بن جهور * الرئيس أبو الحزم القرطبي الوزير، من بيت رئاسة ووزارة، من دهاة الرجال وعقلائهم، دبر أمر قرطبة، واستولى عليها، لكنه من عقله لم يتسم بالامرة، ورتب البوابين والحشم على باب القصر، ولم ينتقل من بيته، وأنفق
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 27 وما بعدها، و " بغية الملتمس " 34، و " الكامل " 9 / 282، و " نفح الطيب " 1 / 438.
* جمهرة الانساب 93، جذوة المقتبس 28، 29 و 188، مطمح الانفس 16، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول، المجلد الثاني / 602 - 605، الصلة لابن بشكوال 1 / 131، بغية الملتمس 34، 35 و 260، الكامل في التاريخ 9 / 284، 285، الحلة السيراء 2 / 30 - 34، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، البيان المغرب 3 / 185، دول الاسلام 1 / 257، العبر 3 / 183، تاريخ ابن خلدون 4 / 159، شذرات الذهب 3 / 255.
(*)

(17/139)


في الجند الاموال، وأقام العمال، وفرق العدد على العامة (1).
وكان على طريقة الرؤساء الصالحين، فاستمر أمر الناس معه مستقيما إلى أن توفي في صفر، سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.
فقام بعده ابنه الرئيس أبو الوليد محمد بن جهور، فجرى في السياسة على منهاج أبيه سواء، وبقي كذلك مدة سنين.
وكان والده أبو الحزم من كبار العلماء روى عن أبي عبد الله بن مفرج، وخلف بن القاسم، وعباس بن أصبغ، وجماعة.
روى عنه: محمد بن عتاب، وغيره.
وكان من صغار وزراء دولة ابن أبي عامر.
وكان يقول: أنا ممسك أمر الناس إلى أن يتهيأ لهم من يصلح للخلافة.
فاستقل بالسلطنة، واستراح من اسمها، وكان يجعل ارتفاع الاموال ودائع عند التجار ومضاربة (2).
وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز وهو بزي الصالحين، وله هيبة عظيمة، وأمر مطاع، عاش إحدى وسبعين سنة.

وأما ابنه:
84 - أبو الوليد *
__________
(1) في " جذوة المقتبس " 29، و " الحلة السيراء " 2 / 33: وفرق السلاح عليهم، وأمرهم بتفريقه في الدكاكين وفي البيوت حتى إذا دهم أمر في ليل أو نهار، كان سلاح كل واحد معه.
وانظر " الكامل " 9 / 285.
(2) قال الحميدي: وجعل ما يرتفع من الاموال السلطانية بأيدي رجال رتبهم لذلك.
انظر " جذوة المقتبس " 28، 29، و " الحلة السيراء " 2 / 32، و " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة " 1 / 2 / 603، و " الكامل " 9 / 285، وانظر ص 525 من هذا الجزء.
* الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول، المجلد الثاني / 604، الصلة لابن =

(17/140)


فحكم على قرطبة ثمانية أعوام، فقصده ابن عباد، وقهره، وأخذ البلد، ثم سجن أبا الوليد في حصن.
وكان قد قرأ على مكي بن أبي طالب، وسمع من أبي المطرف القنازعي، ويونس بن عبد الله بن مغيث، وطائفة.
وعني بالحديث.
فبقي في سجن ابن عباد إلى أن مات في نصف شوال، سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
وقيل: بل غلب على قرطبة المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة، وقام
بعده ابن عكاشة البربري، ثم غلب عليها أبو القاسم بن عباد، وصارت تبعا لاشبيلية (1).

85 - إدريس بن علي بن حمود الحسني * الادريسي، أخو المعتلي (2) بالله، لما قتل أخوه بادر أبو جعفر أحمد بن موسى بن بقنة (3)، ونجا الصقلبي الخادم، فأتيا مالقة وهي دار ملكهم، فأخبرا إدريس بن علي بقتل أخيه وكان بسبتة، فدخل الاندلس.
__________
= بشكوال 2 / 546، 547، بغية الملتمس 35، الكامل في التاريخ 9 / 285، المعجب: 60 ووفاته فيه سنة 443، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، 57، البيان المغرب 3 / 232، تاريخ ابن خلدون 4 / 159.
(1) انظر " تاريخ " ابن خلدون 4 / 159، و " المغرب في حلي المغرب " 1 / 56، 57.
* جذوة المقتبس 30، 31، بغية الملتمس 37، الكامل لابن الاثير 9 / 280، البيان المغرب 3 / 289، الوافي بالوفيات 8 / 324، نفح الطيب 1 / 431 و 432.
(2) وهو صاحب الترجمة المتقدمة برقم (82).
(3) بالباء الموحدة والقاف المفتوحتين بعدهما نون مشددة مفتوحة، وقد تصحفت في الاصل في المواضع الاربعة من هذه الترجمة وفي " الكامل " 9 / 279، 281 إلى بقية بالياء وهو خطأ.
أنظر " تبصير المنتبه " 1 / 200، و " الاكمال " 1 / 342.
(*)

(17/141)


بويع بمالقة بالخلافة، ولقب بالمتأيد، بالله، وجعل ابن أخيه حسن بن المعتلي واليا على سبتة (1).
ثم إنه استنجد بإدريس محمد البربري (2) على حرب عسكر إشبيلية، فأمده بجيش عليهم ابن بقنة، فهزموا عسكر إشبيلية، وكان عليه إسماعيل
ولد القاضي ابن عباد، وقتل إسماعيل، وحمل رأسه إلى إدريس بن علي، فوافاه وهو عليل، فلم يعش إلا يومين ومات، وخلف من الولد محمدا الذي لقب بالمهدي، والحسن الذي لقب بالسامي (3).
وكان المعتلي بالله قد اعتقل محمدا وحسنا ابني عمه القاسم بن حمود بالجزيرة الخضراء، ووكل بهما رجلا من المغاربة، فحين بلغه خبر مقتل المعتلي جمع من كان في الجزيرة من البربر والسودان، وأخرج محمدا وحسنا، وقال: هذان سيداكم، فسارعوا إلى الطاعة لهما.
فبويع محمد، وتملك الجزيرة، لكنه لم يتسم بالخلافة، وأما أخوه الحسن، فأقام معه مدة، ثم تزهد، ولبس الصوف، وفرغ عن الدنيا، وحج بأخته فاطمة (4).
ولما بلغ نجا الصقلبي وهو بسبتة موت إدريس، عدى إلى مالقة ومعه حسن بن يحيى بن علي، فخارت قوى ابن بقنة، وهرب (5)، فتحصن بحصن لمارش وهو على بريد من مالقة، فبويع الحسن بن يحيى بالخلافة،
__________
(1) " جذوة المقتبس " 30، و " الكامل " 9 / 280.
(2) هو محمد بن عبد الله البرزالي صاحب قرمونة.
انظر " جذوة المقتبس " 30، 31.
(3) " جذوة المقتبس " 30، 31، و " الكامل " 9 / 280، و " نفح الطيب " 1 / 432، وفيها أنه خلف من الولد أيضا يحيى الذي قتله ابن عمه حسن بن يحيى كما سيأتي.
(4) " جذوة المقتبس " 31، 32، و " الكامل " 9 / 280.
(5) قال الحميدي: فلما مات إدريس كما ذكرنا، رام ابن بقنة ضبط الامر لولده يحيى بن إدريس المعروف بحيون، ثم لم يجسر على ذلك كل الجسر التام، وتحير وتردد.
" جذوة المقتبس " 32.
(*)

(17/142)


وتسمى بالمستعلي، ثم آمن ابن بقنة، فلما قدم عليه قتله، ثم قتل ابن عمه
يحيى بن إدريس بن علي، ورجع نجا إلى سبتة، ثم هلك حسن المستعلي بعد سنتين (1).
فجاز نجا ليملك البلاد، فقتلته البربر، وأخرجو من السجن إدريس، ابن المعتلي، فبايعوه، وتلقب بالعالي (2)، وكان ذا رأفة ورقة، لكن كان دنئ النفس يقرب السفل، ولا يحجب حرمه عنهم، وله تدبير سئ (3).
ثم إن البربر مقتوه، وأجمعوا على محمد بن القاسم بن حمود الادريسي الكائن بالجزيرة الخضراء، فبايعوه، ولقبوه بالمهدي، وصار الامر في غاية الاخلوقة، أجتمع في الوقت أربعة يدعون بأمير المؤمنين في رقعة من الاندلس، مقدار ما بينهم ثلاثون فرسخا في مثلها، ثم افترقوا عن محمد بعد أيام، ورد خاسئا، فمات غما بعد أيام، وخلف ثمانية أولاد (4).
فتولى أمر الجزيرة الخضراء، بعده ولده القاسم بن محمد بن القاسم الادريسي (5).
وولي مالقة محمد بن إدريس بن المعتلي، فبقي عليها إلى أن مات سنة خمس وأربعين وأربع مئة، وعزل أبوه هذه المدة، ثم ردوه بعد ولده إلى إمرة مالقة، فهو آخر من ملكها من الادريسيين (6)، فلما مات اجتمع رأي
__________
(1) " جذوة المقتبس " 32، 33، و " الكامل " 9 / 280، 281، و " نفح الطيب " 1 / 432 وفيها أن الحسن بن علي لقب بالمستنصر بالله، لا بالمستعلي كما ذكر المؤلف.
(2) انظر تفصيل ما حدث قبل إخراجه من السجن ومبايعته بالخلافة في " جذوة المقتبس " 32، 33، و " الكامل " 9 / 281، و سيورد المؤلف ترجمته في هذا الجزء برقم (446).
(3) انظر " جذوة المقتبس " 33، 34، و " الكامل " 9 / 281.
(4) " جذوة المقتبس " 34، 35، و " الكامل " 9 / 282.
(5) " جذوة المقتبس " 36، و " نفح الطيب " 1 / 435.
(6) " جذوة المقتبس " 36، و " الكامل " 9 / 282.
(*)

(17/143)


البربر على نفي الادريسية عن الاندلس إلى العدوة، والاستبداد بضبط ما بأيديهم من الممالك، ففعلوا ذلك، فكانت الجزيرة وما والاها إلى تاكزونة، ومالقة وغرناطة إلى قبيلة أخرى، ولم يزالوا كذلك إلى أن قوي المعتضد بالله عباد بن القاضي بن عباد، وغلب على الاندلس، فأجلاهم عنها، وذلك مذكور في " تاريخ " الحميدي وغيره، وغلب على كل قطر متغلب تسمى بالمأمون، ومنهم من تسمى بالمعتصم، وآخر بالمتوكل، حتى قال الحسن بن رشيق: مما يزهدني في أرض أندلس * سماع معتصم فيها ومعتضد (1) ألقاب مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد (2)

86 - النوقاتي * المحدث الحافظ الاديب، أبو عمر، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان النوقاني السجستاني.
ونوقات: قرية من قرى سجستان.
حدث عن: عبدالمؤمن بن خلف النسفي، ومحمد بن خيو بن حامد الترمذي، وأبي حامد أحمد بن محمد بن الحسين البوشنجي، وعبد
__________
(1) في " ديوانه ": سماع مقتدر فيها ومعتضد.
وفي " نفح الطيب " 1 / 214: تلقيب معتضد فيها ومعتمد.
وفي 4 / 255: أسماء معتضد فيها ومعتمد.
وفي " وفيات الاعيان ": مما يقبح عندي ذكر أندلس * سماع معتضد فيها ومعتمد (2) البيتان في " ديوانه " 59، 60، و " نفح الطيب " 1 / 214 و 4 / 255، و " وفيات
الاعيان " 4 / 428 ونسبهما ابن خلكان إلى ابن عمار الاندلسي.
* معجم البلدان 5 / 311، معجم الادباء 17 / 205 - 208، الوافي بالوفيات 2 / 90، 91، هدية العارفين 2 / 53.
(*)

(17/144)


الرحمن بن محمد بن علويه الابهري القاضي، وعدة.
وله من التصانيف: كتاب " العلم والعلماء "، كتاب " التعظة "، كتاب " العتاب " (1)، كتاب " صون المشيب "، كتاب " الرياحين "، كتاب " المسلسلات " (2).
حدث عنه: ولده أبو سعيد عثمان، وعلي بن بشرى الليثي، وعلي ابن طاهر الشروطي، وحسين بن محمد الكرابيسي، وقاسم بن عباس الصلحي، وأبو حامد أحمد بن سعيد التوني، وآخرون.
وقد لقي المسند عبد الله بن عمر بن مأمون السجستاني وولده عثمان، وسمع منه.
توفي أبو عمر قبل الاربع مئة.

87 - ابن النعمان * قاضي الديار المصرية، أبو عبد الله، الحسين بن قاضي القضاة أبي الحسن علي (3) بن قاضي القضاة أبي حنيفة النعمان بن محمد، المغربي العبيدي الرافضي.
ولي بعد موت عمه محمد (4) بأيام، وتمكن، واستمر، فحكم خمس
__________
(1) ورد اسم الكتاب في " معجم الادباء " و " الوافي ": " العتاب والاعتاب ".
(2) انظر " معجم الادباء " 17 / 206، و " الوافي " 2 / 90.
وفيهما شئ من شعره.
* وفيات الاعيان 5 / 422، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 1، العبر 3 / 45، رفع الاصر
1 / 207 - 212، حسن المحاضرة 2 / 147، شذرات الذهب 3 / 132.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/145)


سنين ونصف، فعزل في رمضان سنة 394 بابن عمه أبي القاسم عبد العزيز بن محمد.
وجرى له أمر كبير مع الحاكم، ثم ضربت عنقه في أول سنة خمس (1) وتسعين، وأحرق.
وعلت رتبة عبد العزيز (2) جدا، بحيث إن الحاكم أصعده معه يوم العيد على المنبر، وتصلب في الاحكام، وقهر الظلمة، إلى أن عزل في رجب سنة ثمان وتسعين بالقاضي مالك بن سعيد الفارقي، وقتله الحاكم - وقتل معه القائد حسين بن جوهر وأمراء لامر طويل - في سنة إحدى وأربع مئة (3)، وعاش عبد العزيز سبعا وأربعين سنة.

88 - أبو عبيد الهروي * العلامة أبو عبيد، أحمد بن محمد بن محمد بن عبدالرحمن الهروي الشافعي اللغوي المؤدب، صاحب " الغريبين " (4).
__________
(1) وقال في العبر 3 / 45: ضربت عنقه سنة أربع وتسعين.
(2) انظر ترجمته في رفع الاصر، 359، ووفيات الاعيان 5 / 422، وحسن المحاضرة 2 / 148.
(3) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 422، 423.
* معجم الادباء 4 / 260، 261، طبقات ابن الصلاح الورقة 140 أ، وفيات الاعيان 1 / 90، 96، العبر 3 / 75، الوافي بالوفيات 8 / 114، 115، طبقات السبكي 4 / 84، طبقات
الاسنوي 2 / 518، 519، البداية والنهاية 11 / 344، 345، النجوم الزاهرة 4 / 228، بغية الوعاة 1 / 371، شذرات الذهب 3 / 161، كشف الظنون 2 / 1206، هدية العارفين 1 / 70.
(4) هو في الجمع بين غريبي القرآن والحديث، رتبه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه، وجمع ما في كتب من تقدمه، فجاء جامعا في الحسن، إلا أنه جاء الحديث مفرقا في حروف كلماته، فانتشر، فصار هو العمدة فيه، وما زال الناس بعده يتبعون أثره.
" كشف (*)

(17/146)


أخذ علم اللسان عن الازهري (1) وغيره.
ويقال له: الفاشاني.
وفاشان: بفاء مشوبة بباء: قرية من أعمال هراة.
وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح في " طبقات الشافعية "، فقال: روى الحديث عن أحمد بن محمد بن ياسين، وأبي إسحاق أحمد بن محمد بن يونس البزاز الحافظ.
حدث عنه: أبو عثمان الصابوني، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي بكتاب " الغريبين ".
قلت: توفي في سادس رجب، سنة إحدى وأربع مئة.
قال ابن خلكان: سار كتابه في الآفاق، وهو من الكتب النافعة.
ثم قال: وقيل: إنه كان يحب البذلة، ويتناول في الخلوة، ويعاشر أهل الادب في مجالس اللذة والطرب.
عفا الله عنه (2).

89 - البستي * العلامة شاعر زمانه، أبو الفتح، علي بن محمد البستي الكاتب.
قال الحاكم بعد أن روى عنه: هو واحد عصره، حدثنا أنه سمع الكثير من أبي حاتم بن حبان.
__________
الظنون " 2 / 1206.
وقد طبع الجزء الاول منه في القاهرة سنة 1971 من منشورات المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية.
وانظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 2 / 271، 272.
(1) صاحب كتاب " التهذيب في اللغة ".
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 96.
والبذلة: ما يمتهن من الثياب.
* يتيمة الدهر 4 / 302 - 334، تاريخ حكماء الاسلام للبيهقي 49، الانساب 2 / 210، المنتظم 7 / 72، 73، وفيات الاعيان 3 / 376 - 378، العبر 3 / 75، 76، البداية والنهاية 11 / 278، شذرات الذهب 3 / 159.
(*)

(17/147)


قلت: وروى عنه الحسين بن علي البردعي، وشيخ الاسلام أبو عثمان الصابوني، وآخرون.
مات سنة إحدى وأربع مئة.
وله نظم في غاية الجودة كبير سائر بين الفضلاء (1).

90 - ابن الجسور * الامام المحدث الثقة الاديب، أبو عمر، أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد بن الحباب، الاموي مولاهم القرطبي، ابن الجسور، وقد كناه أبو إسحاق بن شنظير: أبا عمير، والاول أصح.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله ابن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وأحمد بن مطرف.
حدث عنه: الصاحبان (2)، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عبد الله الخولاني، وأبو محمد بن حزم، وهو اكبر شيخ لابن حزم.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وأربع مئة وله نيف وثمانون سنة.
__________
(1) في " اليتيمة " كثير من شعره ونثره، فمن نثره: من أصلح فاسده أرغم حاسده، من
أطاع غضبه أضاع أدبه، من سعادة جدك وقوفك عند حدك، إذا بقي ما قاتك فلا تأس على ما فاتك.
ومن شعره: يا من أعاد رميم الملك منشورا * وضم بالرأي ملكا كان منثورا أنت الامير وإن لم تؤت منشورا * والامر بعدك إن لم تؤتمن شورى انظر فنون شعره في " اليتيمة " 4 / 307 - 334.
* جذوة المقتبس 107، الصلة 1 / 23، 24، بغية الملتمس 154، 155، العبر 3 / 75، الوافي بالوفيات 7 / 330، شذرات الذهب 3 / 161.
(2) سترد ترجمتهما برقمي (92) و (93).
(*)

(17/148)


وكان خيرا صالحا شاعرا، عالي الاسناد واسع الرواية، صدوقا.
قال أبو عمر بن عبد البر: قرأت عليه " المدونة " عن ابن مسرة، عن محمد بن وضاح، عن مؤلفها سحنون، وقرأت " تفسير " ابن عيينة بروايته عن قاسم بن أصبغ و " الموطأ " حدثنا به عن محمد بن عيسى بن رفاعة، عن يحيى بن أيوب العلاف، عن ابن بكير، عن مالك.
ومات في العام قبله بأشهر شيخ المالكية بالاندلس أبو عمر أحمد بن عبدالملك بن المكوي (1) مصنف " الاستيعاب " في المذهب في مئة جزء.
توفي فجأة عن ست وسبعين سنة.
وكان رأسا في العلم والعمل.
ومات العلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب " الغريبين " في رجب، والعدل حمد (2) بن عبد الله بن علي الدمشقي صاحب دويرة حمد مذبوحا في داره، والاديب البليغ أبو الفتح علي بن محمد البستي، وشيخ نيسابور السيد أبو الحسن العلوي (3)، وأبو علي منصور بن عبد الله
الخالدي الهروي أحد الضعفاء (4).

91 - الحنائي * الشيخ المحدث الصدوق، أبو بكر، عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن هلال، البغدادي الحنائي الاديب.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (120).
(2) انظر ترجمته في " تهذيب " ابن عساكر 4 / 438.
(3) تقدمت ترجمته برقم (60).
(4) تقدمت ترجمته برقم (74).
* تاريخ بغداد 10 / 140، 141، الانساب 4 / 246، العبر 3 / 75، شذرات الذهب 3 / 161.
(*)

(17/149)


حدث عن: يعقوب الجصاص، والحسين بن عياش، وأبي جعفر ابن البختري، وإسماعيل الصفار.
حدث عنه: أحمد بن علي الكفرطابي، ورشأ بن نظيف، وأبو القاسم الحنائي، وأبو علي الاهوازي.
وثقه الخطيب (1).
توفي سنة إحدى وأربع مئة بدمشق.

الصاحبان
92 - أبو جعفر أحمد بن محمد * هما الحافظان الامامان الرفيقان: أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة بن ميمون، الاموي مولاهم الطليطلي.
سمع بطليطلة من عبد الله بن أمية وأقرانه، وبقرطبة من أحمد بن عون
الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وأبي محمد عبد المؤمن.
وارتحلا جميعا إلى المشرق، فحجا، وسمعا من أبي بكر أحمد ابن محمد المهندس، وأبي عدي عبد العزيز بن علي، وأبي بكر الاذفوي وخلق، ثم رد ابن ميمون إلى طليطلة.
قال ابن مظاهر: كان من أهل العلم والفهم، حافظا للفقه، راوية للحديث، دقيق الذهن في جميع العلوم، ذا أخلاق وآداب مع الزهد والفضل والورع، مقبلا على طريق الآخرة، لم يتأهل...إلى أن قال:
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 140.
* الصلة 1 / 20 - 22، تذكرة الحفاظ 3 / 1091، طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 158، 159.
(*)

(17/150)


قل ما يجوز عليه في كتبه - مع كثرتها - وهم ولا خطأ، كانت كتبه وكتب صاحبه ابن شنظير أصح كتب بطليطلة (1).
قلت: حمل الناس عنه، وتوفي إلى رحمة الله في شعبان سنة أربع مئة بطليطلة كهلا، وصلى عليه صاحبه ابن شنظير وهو:
93 - الامام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد * ابن حسين بن (2) شنظير الاموي.
ذكرهما أبو القاسم بن بشكوال، فقال: كانا كفرسي رهان في العناية الكاملة بالعلم والبحث على الرواية وضبطها، سمعا بطليطلة من لحقاه بها، وبقرطبة ومصر والحجاز.
وكان أبو إسحاق صواما قواما ورعا، يغلب عليه علم الحديث ومعرفة طرقه..إلى أن قال: وكان سنيا منافرا لاهل البدع، مارئي أزهد منه، ولا أوقر مجلسا، رحل الناس إليهما، ثم تفرد أبو إسحاق
بالمجلس، ثم توفي يوم النحر سنة اثنتين وأربع مئة وله خمسون عاما، رحمه الله (3).

94 - ابن الاكفاني * * قاضي القضاة ببغداد، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن
__________
(1) " الصلة " 1 / 21، 22.
* الصلة 1 / 89 - 91، تذكرة الحفاظ 3 / 1092، الوافي بالوفيات 7 / 103، 104، طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 163.
(2) لفظ " بن " سقط من " الوافي ".
(3) " الصلة " 1 / 89 - 91 بأطول مما هنا.
* * تاريخ بغداد 10 / 141، 142، الانساب 1 / 339، اللباب 1 / 82، العبر 3 / 90، شذرات الذهب 3 / 174.
(*)

(17/151)


إبراهيم، البغدادي الشافعي، المعروف بابن الاكفاني.
حدث عن: القاضي أبي عبد الله المحاملي، وعبد الغافر بن سلامة، وابن عقدة، وأحمد بن علي الجوزجاني، وطائفة.
حدث عنه: محمد بن طلحة، وأبو القاسم التنوخي، وعبد العزيز الازجي، وعدة.
قال التنوخي: قال لي أبو إسحاق الطبري: من قال: إن أحد أنفق على أهل العلم مئة ألف دينار، فقد كذب غير أبي محمد بن الاكفاني (1).
قال التنوخي: جمع له جميع قضاء بغداد في سنة 396 (2)، مات سنة خمس وأربع مئة وله تسعون سنة إلا سنة.

95 - رأس الامامية بالعراق * أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن عبيدالله بن حسن الجوهري.
له تصانيف منها: " أخبار الاثني عشر "، وكتاب " الشجاج "، وأشياء (3).
مات سنة إحدى وأربع مئة.

96 - ابن جميع * * الشيخ العالم الصالح، المسند المحدث الرحال، أبو الحسين،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 141 و " الانساب " 1 / 339.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 141.
* روضات الجنات 17، إيضاح المكنون 2 / 268، هدية العارفين 1 / 70.
(3) انظر تصانيفه في " هدية العارفين " 1 / 70.
* * الانساب 8 / 116 (الصيداني) و 119 (الصيداوي)، معجم البلدان 3 / =

(17/152)


محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبدالرحمن بن يحيى بن جميع، الغساني الصيداوي، صاحب " المعجم " (1).
سمع بمكة من أبي سعيد بن الاعرابي، وبالمدينة أو لم يسمع بها، وببغداد من المحاملي، وابن مخلد، والحسين بن سعيد المطبقي، وأبي العباس محمد بن أحمد الاثرم، وأحمد بن علي الجوزجاني، وخلق، وبالكوفة من الحافظ ابن عقدة، وبالبصرة من أبي روق الهزاني، وواهب بن محمد، وبواسط من أحمد بن محمد بن سعدان، وبكفربيا (2) من أحمد بن عبد الحكم البزاز، وببلد (3) من أحمد بن إبراهيم الامام، وبالرملة من أحمد ابن عمرو الحافظ، وبمصر من أبي الطاهر أحمد بن محمد الخامي، وعدة، وبصيدا من أحمد بن ريحان، وبصور من أحمد بن سعيد الفارسي، وأحمد
بن هشام بن الليث، وبمنبج من أبي بكر أحمد بن يوسف، وبحلب من أبي بكر أحمد بن مسعود الوزان، وبسيراف (4) من جعفر بن محمد الاصبهاني، وبرامهرمز (5) من أبي محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الحافظ، وبالمصيصة من حيان بن بشر القاضي، وبعين زربة (6) من حسنون بن محمد، وبأطرابلس من خيثمة القرشي، وبالموصل من عبد الله بن علي بن
__________
= 437، 438، اللباب 2 / 253، العبر 3 / 80، الوافي بالوفيات 2 / 60، شذرات الذهب 3 / 164، تاج العروس 2 / 403 (صيد)، هدية العارفين 2 / 59.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 366.
(2) مدينة بإزاء المصيصة على شاطئ جيحان.
(3) وربما قيل لها: بلط بالطاء، وهي مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، بينهما سبعة فراسخ وبينها وبين نصيبين ثلاثة وعشرون فرسخا.
(4) مدينة جليلة على ساحل بحر فارس، كانت قديما فرضة الهند.
(5) مدينة مشهورة بنواحي خوزستان.
(6) بلد بالثغر من نواحي المصيصة.
(*)

(17/153)


إبراهيم العمري، وبأنطاكية من عبد الله بن خلف الصيدلاني، وبيافا من عبد الله بن علي بن أبي الخنبش، وبتنيس (1) مؤنس بن وصيف، وبشيراز من أبي الصقر مظفر بن محمد، وبدمشق من أحمد بن محمد بن عمارة، وبطرسوس من محمد بن إبراهيم بن أبي أمية الطرسوسي، وبالرقة من محمد ابن الحسن بن أبي خبزة، وبالقلزم (2) من محمد بن عبد الله بن قنقل، وبالاثارب (3) من أحمد بن محمد العماري، وببيروت من أحمد بن مكحول البيروتي، وببياس (4) من أحمد بن دينار، وبالاهواز من أحمد بن محمد بن
شجاع، وبعرقة (5) حسين بن عيسى الخزرجي، وبدمياط من خالد بن محمد، وبقرقيسيا (6) من أبي القاسم عبدالملك بن محمد، وبجبلة من علي بن أحمد بن عسال، وبالابلة (7) من علي بن عبد الوهاب الظاهري، وبدير العاقول (8) عمر (9) بن سورين، وبنهر الملك (10) يزيد بن إسماعيل
__________
(1) جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط.
(2) بلدة على ساحل بحر اليمن قرب أيلة (العقبة) والطور ومدين وإليها ينسب بحر القلزم: (هو البحر الاحمر).
(3) قلعة بين حلب وأنطاكية، بينها وبين حلب نحو ثلاثة فراسخ، وتحت جبلها قرية تسمى باسمها.
(4) مدينة صغيرة شرقي أنطاكية وغربي المصيصة بينهما، قريبة من البحر، بينها وبين الاسكندرية فرسخان.
(5) بلدة شرقي طرابلس بينهما أربعة فراسخ وهي آخر عمل دمشق.
(6) بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستة فراسخ، وعندها مصب الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور والفرات.
(7) بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة.
(8) قرية كبيرة على عشرة فراسخ أو أكثر من بغداد.
(9) هو عمر بن الحسن بن سورين الدير عاقولي السوريني، فسورين جده، وهو مترجم في " الانساب " 7 / 187 (10) كورة واسعة ببغداد بعد نهر عيسى، يقال: إنه يشتمل على ثلاث مئة وستين قرية على عدد أيام السنة.
(*)

(17/154)


الخلال.
وأعانه على لقي هؤلاء في هذه البلاد الشاسعة سفره في التجارة.
حدث عنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، وتمام الرازي، ومحمد بن علي الصوري، وأبو علي الاهوازي، وولده السكن بن جميع، وعبد الله بن أبي عقيل، وأبو نصر بن سلمة الوراق، وأبو نصر الحسين بن طلاب الخطيب، وآخرون.
مولده في سنة خمس وثلاث مئة، وقيل: في سنة ست.
وقال ابنه: صام أبي أبو الحسين وله ثمان عشرة سنة إلى أن توفي.
قال الصوري في جزء له: أخبرنا أبو الحسين بن جميع وكان شيخا صالحا ثقة مأمونا.
وقال الخطيب وغيره: ثقة.
قلت: قد سمع من أبي الحسن بن صفوة في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة، وسمع ببغداد في سنة سبع وثمان وعشرين، وكان أسند من بقي بالشام، ولم أظفر له بشئ في طيبة.
قرأت " معجمه " على ابن القواس، عن أبي القاسم بن الحرستاني، سنة تسع وست مئة حضورا، عن جمال الاسلام السلمي، عن ابن طلاب، عنه قال: هذا ما اشتمل عليه ذكر شيوخي الذين لقيتهم في سائر الآفاق: بمكة والعراق وفارس وأرض إصطخر والثغور وديار بكر والشام ومصر، وأبدأ بمن اسمه محمد...إلى أن قال: أنشدني أبو بكر أحمد بن محمد الصنوبري بحلب: تزايد ما ألقى فقد جاوز الحدا * وكان الهوى مزحا فصار الهوى جدا

(17/155)


وقد كنت جلدا ثم أوهنني الهوى * وهذا الهوى ما زال يستوهن الجلدا فلا تعجبي من غلب ضعفك قوتي * فكم من ظباء في الهوى غلبت أسدا غلبتم على قلبي فصرتم أحق بي * وأملك بي مني فصرت لكم عبدا جرى حبكم مجرى حياتي ففقدكم * كفقد حياتي لا رأيت لكم فقدا وقد سقت من هذا " المعجم " أحاديث فيما مضى.
قال أبو الفضل السعدي، والسكن ولد ابن جميع، وأبو إسحاق الحبال: توفي ابن جميع في رجب سنة اثنتين وأربع مئة، لكن ابنه ما ذكر الشهر، ووهم الكتاني، فقال: مات في سنة ثلاث و أربع مئة.
والصحيح الاول، وعاش ستا وتسعين سنة.

97 - [ أبوه أبو بكر ] * وكان والده أبو بكر عابدا صواما.
حدث عن محمد بن عبدان صاحب أبي مصعب الزهري.
روى عنه ولده في " معجمه "، وحفيده الحسن الملقب بالسكن.
توفي في سنة بضع وخمسين وثلاث مئة.

98 - [ السكن ابن جميع ] * * وكان السكن يكنى أبا محمد.
__________
* الانساب 8 / 119.
* * الانساب 8 / 117 و 119.
(*)

(17/156)


روى عن: أبيه، وعن جده، وعن جده الآخر المعمر محمد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان، ويوسف بن القاسم الميانجي، وأحمد
ابن عطاء الروذباري، و جماعة.
وعمر دهرا كأبيه.
حدث عنه: محمد بن أحمد بن أبي الصقر الانباري، و علي بن بكار الصوري، وجماعة، وبالاجازة الفقيه نصر المقدسي، وأبو الحسن بن الموازيني، حكى عنه منجى بن سليم الكاتب قال: مكثت ستة أشهر ما شربت الماء.
وقال: سمعت " الموطأ " من جدي سنة سبع وخمسين ولي الآن سبع وثمانون سنة، وقد سردت الصوم ولي ثمان وعشرون سنة، وكذا سرد الصوم أبي وجدي.
مات السكن في يوم عيد الفطر سنة سبع وثلاثين وأربع مئة بصيدا، وما زال بلد صيدا دار إسلام إلى أن استولى عليه الفرنج في حدود الخمس مئة، فدام بأيديهم دهرا إلى أن افتتحه السلطان الملك الاشرف صلاح الدين سنة تسعين وست مئة وأخرب حصنه.
ومات مع ابن جميع في سنة اثنتين وأربع مئة شيخ همذان أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تركان التميمي الخفاف (1)، وله رحلة سمع فيها من أبي سهل بن زياد، والوزير البليغ المنشئ أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب اليزيدي الاندلسي (2) والد الفقيه أبي
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (75).
(2) مترجم في جذوة المقتبس 126، 127، الصلة 1 / 25، 26، بغية الملتمس =

(17/157)


محمد، والامام أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن مسور السوسنجردي البغدادي (1)، ومحدث الاندلس أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن
شنظير الطليطلي صاحب الحافظ أبي جعفر بن ميمون، ويقال لهما: الصاحبان (2).
لكونهما في الحفظ والطلب معا كفرسي رهان، ماتا كهلين، وكان أبو إسحاق عابدا متبتلا قانتا لله، داعية إلى السنن: وأبو القاسم خلف بن إبراهيم بن محمد بن خاقان مقرئ مصر، والقدوة الزاهد طاهر بن عبد الله بن عمر بن ماهلة الهمذاني، حدث عن الكبار، وقاضي قرطبة العلامة أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس (3) المالكي الحافظ، وزاهد بغداد أبو عمرو عثمان بن عيسى الباقلاني العابد، والمحدث علي بن أحمد بن محمد السامري (4) الرفاء صاحب الهاشمي، وإمام جامع دمشق أبو الحسن علي بن داود الداراني المقرئ الزاهد، والعلامة أبو الحسين بن اللبان (5) الفرضي، وطائفة ذكرتهم في هذا الكتاب.

99 - القابسي * الامام الحافظ الفقيه، العلامة عالم المغرب، أبو الحسن علي
__________
= 182، 183، العبر 3 / 78، الوافي بالوفيات 6 / 391، شذرات الذهب 3 / 163.
(1) مترجم في تاريخ بغداد 4 / 237، العبر 3 / 78، شذرات الذهب 3 / 163.
(2) تقدمت ترجمتهما برقمي (92) و (93).
(3) سترد ترجمته برقم (123).
(4) تقدمت ترجمته برقم (51).
(5) سترد ترجمته برقم (127).
* ترتيب المدارك 4 / 616 - 621، وفيات الاعيان 3 / 320 - 322، معالم الايمان 3 / 168، تذكرة الحفاظ 3 / 1079، 1080، العبر 3 / 85، 86، دول الاسلام 1 / 242، =

(17/158)


ابن محمد بن خلف المعافري القروي (1) القابسي المالكي، صاحب " الملخص " (2).
حج، وسمع من: حمزة بن محمد الكتاني الحافظ، وأبي زيد المروزي، وابن مسرور الدباغ بإفريقية، دراس (3) بن إسماعيل، وطائفة.
وكان عارفا بالعلل والرجال، والفقه والاصول والكلام، مصنفا يقظا دينا تقيا، وكان ضريرا، وهو من أصح العلماء كتبا، كتب له ثقات أصحابه، وضبط له بمكة " صحيح " البخاري، وحرره وأتقنه رفيقه الامام أبو محمد الاصيلي (4).
__________
= نكت الهميان 217، البداية والنهاية 11 / 351، الديباج المذهب 2 / 101، 102، غاية النهاية 1 / 567، النجوم الزاهرة 4 / 233، 234، طبقات الحفاظ 419، شذرات الذهب 3 / 168، كشف الظنون 2 / 1818، هدية العارفين 2 / 685، شجرة النور الزكية 1 / 97 والقابسي: نسبة إلى قابس، وهي مدينة بإفريقية بين الاسكندرية والقيروان.
(1) نسبة إلى القيروان البلد المعروف بالمغرب.
(2) قال ابن خلكان: جمع فيه ما اتصل إسناده من حديث مالك بن أنس رضي الله عنه في كتاب " الموطأ " رواية أبي عبد الله عبدالرحمن بن القاسم المصري، وهو على صغر حجمه جيد في بابه.
ثم نقل ابن خلكان عن أبي عمرو الداني قوله: كان شيخنا أبو الحسن - يعني القابسي - يقرأ " الملخص " بكسر الخاء يجعله فاعلا، يريد أنه يلخص المتصل من حديث مالك رحمه الله تعالى، وتقدير الترجمة: ما اتصل من حديث مالك للمستحفظين.
" وفيات الاعيان " 3 / 320، 321، 322.
وقال حاجي خليفة: قال أبو عمرو الداني: وهو خمس مئة حديث وعشرون حديثا...وشرح القاضي شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد الخويي الشافعي خمسة عشر حديثا من أوله وتوفي سنة 693.
" كشف الظنون " 2 / 1818، 1819.
وانظر النسخة الخطية
لهذا الكتاب وغيره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 163.
(3) في الاصل: دارس، والتصويب من مصادر الترجمة، وانظر الصفحة (10) تعليق (1).
(4) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 616، 617، وأبو محمد الاصيلي مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/159)


قال حاتم الاطرابلسي: كان أبو الحسن القابسي زاهدا ورعا يقظا، لم أر بالقيروان إلا معترفا بفضله.
تفقه عليه أبوعمران القابسى، وأبو القاسم اللبيدي (1)، وعتيق السوسي، وغيرهم (2).
ألف تواليف بديعة ككتاب " الممهد " في الفقه، وكتاب " أحكام الديانات "، و " المنقذ من شبه التأويل "، وكتاب " المنبه للفطن " (3)، وكتاب " ملخص الموطأ "، وكتاب " المناسك "، وكتاب " الاعتقادات "، وغير ذلك (4).
وكان مولده في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
وتوفي في ربيع الآخر بمدينة القيروان، وبات عند قبره خلق من الناس، وضربت الاخبية، ورثته الشعراء سنة ثلاث وأربع مئة.
وقد أخذ القراءة عرضا بمصر عن أبي الفتح بن بدهن، وأقرأ الناس بالقيروان دهرا، ثم قطع الاقراء لما بلغه أن بعض أصحابه أقرأ الوالي، ثم أعمل نفسه في درس الفقه والحديث حتى برع فيهما، وصار إمام العصر، أثنى عليه بأكثر من هذا أبو عمرو الداني، وقال: كتبنا عنه شيئا كثيرا، وبقي في الرحلة خمس سنين، ورد سنة سبع
__________
(1) في الاصل: الكبيدي بالكاف وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وسترد ترجمته في هذا
الجزء برقم (421).
(2) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 618.
(3) جاء اسم الكتاب في " جذوة المقتبس ": " المنبه لذوي الفطن من غوائل الفتن "، وفي " تذكرة الحفاظ " و " ذيل كشف الظنون ": " المنبه للفطن من غوائل الفتن ".
وجاء في الاصل: المنبه الفطن.
(4) انظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 618، 619، و " الديباج المذهب " 2 / 102، و " شجرة النور " 1 / 97، و " هدية العارفين " 2 / 685.
(*)

(17/160)


وخمسين وثلاث مئة (1).
قلت: وممن روى عنه: أبو محمد عبد الله بن الوليد بن سعد الانصاري الفقيه شيخ أبي عبد الله محمد بن الحطاب الرازي الاسكندراني.
وقيل له: القابسي، لان عمه كان يشد عمامته شدة قابسية، فاشتهر لذلك بالقابسي (2).
أخبرنا قاضي دمشق علم الدين محمد بن أبي بكر المصري، أخبرنا أحمد بن عمر الباهي، أخبرنا عثمان بن حسن اللغوي، أخبرنا خلف بن عبدالملك الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن عتاب، حدثنا حاتم بن محمد، أخبرنا أبو الحسن القابسي، أخبرنا علي بن محمد ابن مسرور، أخبرنا أحمد بن أبي سليمان، حدثنا سحنون بن سعيد، حدثنا عبدالرحمن بن القاسم، حدثنا مالك، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أمه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت (3).
ومات مع القابسي ابن الباقلاني (4) الاصولي، وأحمد بن فراس
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 621، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1079، 1080.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 621، و " وفيات الاعيان " 3 / 321.
(3) هو في " الموطأ " 2 / 498 في الصيد: باب ما جاء في جلود الميتة، وأخرجه من طريق مالك أبو داود (4124) والدارمي 2 / 86، وفي الباب عن ابن عباس عند مالك 2 / 498، والبخاري 4 / 343، ومسلم (363) و (364) و (365) و (366) وأبي داود (4120) و (4123)، والترمذي (1728) والنسائي 7 / 173، وعن سلمة بن المحبق عند أبي داود (4125) وأحمد 3 / 476 و 5 / 6، والنسائي 7 / 173، والحاكم 4 / 141.
(4) سترد ترجمته برقم (110).
(*)

(17/161)


المكي (1) باختلاف فيه، وأبو القاسم إسماعيل بن الحسن الصرصري (2) صاحب المحاملي، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله بن حامد الوراق واسمه حسن (3)، وشيخ الشافعية أبو عبد الله الحليمي (4) الحسين بن الحسن البخاري، وأبو علي الحسين بن محمد الروذباري (5) راوي " سنن " أبي داود، والحافظ أبو الوليد بن الفرضي (6) القرطبي، وشيخ الحنفية أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي (7) مفتي العراق، وشاعر الاندلس يوسف بن هارون الرمادي (8)، وملك الترك أيلك خان، وكان خيرا عادلا دينا، فتملك بعده أخوه طغان خان (9).

100 - الحاكم * محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (103).
(2) انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6 / 311، 312، الانساب 8 / 56، اللباب 2 /
239، العبر 3 / 83، شذرات الذهب 3 / 166.
(3) سترد ترجمته برقم (116).
(4) سترد ترجمته برقم (138).
(5) سترد ترجمته برقم (128).
(6) سترد ترجمته برقم (101).
(7) سترد ترجمته برقم (140).
(8) نسبة إلى الرمادة، وهي موضع بالمغرب، ويوسف بن هارون هذا مترجم في جذوة المقتبس 369 - 373، بغية الملتمس 493 - 496، وفيات الاعيان 7 / 225 - 229، والمغرب في حلي المغرب 1 / 392، الصلة 2 / 674، معجم الادباء 20 / 62 - 64، المقتبس 74، 75، مسالك الابصار 11 / 175، المطرب لابن دحية 4، المطمح: 69، شذرات الذهب 3 / 170 - 172، نفح الطيب 4 / 35 - 40، معجم البلدان 3 / 66.
(9) سترد ترجمته برقم (170).
* تاريخ بغداد 5 / 473، الانساب 2 / 370 - 372 (البيع)، تبيين كذب المفتري 227 - 231، المنتظم 7 / 274، 275، اللباب 1 / 198، 199، وفيات الاعيان 4 / 280، 281، تذكرة الحفاظ 3 / 1039 - 1045، ميزان الاعتدال 3 / 608، العبر 3 / = (*)

(17/162)


الامام الحافظ، الناقد العلامة، شيخ المحدثين، أبو عبد الله بن البيع (1) الضبي الطهماني النيسابوري، الشافعي، صاحب التصانيف.
مولده في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الاول، سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة بنيسابور.
وطلب هذا الشأن في صغره بعناية والده وخاله، وأول سماعه كان في سنة ثلاثين، وقد استملى على أبي حاتم بن حبان في سنة
أربع وثلاثين وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
ولحق الاسانيد العالية بخراسان والعراق وما وراء النهر، وسمع من نحو ألفي شيخ، ينقصون أو يزيدون، فإنه سمع بنيسابور وحدها من ألف نفس، وارتحل إلى العراق وهو ابن عشرين سنة، فقدم بعد موت إسماعيل الصفار بيسير.
وحدث عن أبيه وكان أبوه قد رأى مسلما صاحب " الصحيح "، وعن محمد بن علي المذكر، ومحمد بن يعقوب الاصم، ومحمد ابن يعقوب الشيباني ابن الاخرم، ومحمد بن أحمد بن بالويه الجلاب، وأبي جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن واره، ومحمد بن عبد الله بن أحمد الصفار، وصاحبي الحسن بن عرفة:
__________
= 91، الوافي بالوفيات 3 / 320، 321، البداية والنهاية 11 / 355، طبقات السبكي 4 / 155 - 171، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 184، 185، لسان الميزان 5 / 232، 233، النجوم الزاهرة 4 / 238، طبقات الحفاظ 409 - 411، طبقات ابن هداية الله 123 - 125، شذرات الذهب 3 / 176، كشف الظنون 2 / 1672، هدية العارفين 2 / 59، الرسالة المستطرفة 21.
وانظر تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 367 - 370.
(1) قال السمعاني: هذه اللفظة لمن يتولى البياعة والتوسط في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للامتعة.
" الانساب " 2 / 370.
(*)

(17/163)


علي بن الفضل الستوري، وعلي بن عبد الله الحكيمي، وإسماعيل ابن محمد الرازي، ومحمد بن القاسم العتكي، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي الجمال، ومحمد بن المؤمل الماسرجسي، ومحمد بن أحمد بن محبوب محدث مرو، وأبي حامد
أحمد بن علي بن حسنويه، والحسن بن يعقوب البخاري، والقاسم ابن القاسم السياري، وأبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن محمد بن عبدوس العنزي، ومحمد بن أحمد (1) الشعيبي الفقيه، وإسماعيل بن محمد بن الشعراني، وأبي أحمد بكر بن محمد المروزي الصيرفي، وأبي الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبي علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، وحاجب بن أحمد الطوسي، لكن عدم سماعه منه، وعلي بن حمشاد العدل، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبي النضر محمد بن محمد الفقيه، وأبي عمرو وعثمان بن أحمد الدقاق البغدادي، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن درستويه، وأبي سهل بن زياد، وعبد الباقي بن قانع، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب شيخ همذان، والحسين بن الحسن الطوسي، وعلي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، ومحمد بن حاتم خزيمة الكشي - شيخ زعم أنه لقي عبد بن حميد - وأمم سواهم بحيث إنه روى عن أبي طاهر الزيادي، والقاضي أبي بكر الحيري.
حدث عنه: الدارقطني وهو من شيوخه، وأبو الفتح بن أبي
__________
(1) في الاصل: أحمد بن محمد وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وهو أبو أحمد محمد بن أحمد بن شعيب بن هارون بن موسى الشعيبي الفقيه المعدل من أهل نيسابور، من شيوخ أبي عبد الله الحاكم، متوفى سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، انظر " الانساب " 7 / 347، 348، و " اللباب " 2 / 199، و " تبصير المنتبه " 2 / 813.
(*)

(17/164)


الفوارس، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، وأبو ذر الهروي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم
القشيري، وأبو صالح المؤذن، والزكي عبدالحميد البحيري، ومؤمل ابن محمد بن عبد الواحد، وأبو الفضل محمد بن عبيدالله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وخلق سواهم.
وصنف وخرج، وجرح وعدل، وصحح وعلل، وكان من بحور العلم على تشيع قليل فيه.
وقد قرأ بالروايات على ابن الامام (1)، ومحمد بن أبي منصور الصرام، وأبي علي بن النقار مقرئ الكوفة، وأبي عيسى بكار مقرئ بغداد.
وتفقه على أبي علي بن أبي هريرة، وأبي الوليد حسان بن محمد، وأبي سهل الصعلوكي.
وأخذ فنون الحديث عن أبي علي الحافظ (2)، والجعابي، وأبي أحمد الحاكم (3)، والدارقطني، وعدة.
وقد أخذ عنه من شيوخه: أبو إسحاق المزكي، وأحمد بن أبي عثمان الحيري، ورأيت عجيبة وهي أن محدث الاندلس أبا عمر
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن العباس بن الامام.
" غاية النهاية " 2 / 185.
(2) هو أبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو صاحب كتاب " الكنى "، المتوفى سنة 378 ه مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/165)


الطلمنكي قد كتب كتاب " علوم الحديث " للحاكم في سنة تسع
وثمانين وثلاث مئة، عن شيخ سماه، عن رجل آخر، عن الحاكم.
وقد صحب الحاكم من مشايخ الطريق إسماعيل بن نجيد، وجعفرا الخلدي، وأبا عثمان المغربي.
وقع لي حديثه عاليا بإسناد فيه إجازة.
قرأت على أبي علي بن الخلال: أخبركم جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ ذكر الحاكم وعظمه، وقال: له رحلتان إلى العراق والحجاز، الثانية في سنة ثمان وستين، وناظر الدارقطني، فرضيه، وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبا من خمس مئة جزء، يستقصي في ذلك، يؤلف الغث والسمين.
ثم يتكلم عليه، فيبين ذلك (1).
قال: وتوفي في سنة ثلاث وأربع مئة.
كذا قال (2).
قال: وسألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه، ويقرأ عليه في فوائد العراقيين: سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن سهل حديث الاستئذان، فقال لي: من أبو سلمة هذا ؟ فقلت من وقتي: المغيرة بن مسلم السراج.
قال: وكيف يروي المغيرة عن الزهري ؟ فبقيت (3)، ثم قال لي: قد أمهلتك أسبوعا حتى تتفكر فيه.
قال:
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 4 / 157، 158.
(2) وهو خطأ سيبينه المصنف.
(3) أي: انقطعت.
(*)

(17/166)


فتفكرت ليلتي حتى بقيت أكرر التفكر، فلما وقعت إلى أصحاب
الجزيرة من أصحاب الزهري، تذكرت محمد بن أبي حفصة، فإذا كنيته أبو سلمة، فلما أصبحت، حضرت مجلسه، ولم أذكر شيئا حتى قرأت عليه نحو مئة حديث، قال: هل تفكرت فيما جرى ؟ فقلت: نعم هو محمد بن أبي حفصة، فتعجب، وقال لي: نظرت في حديث سفيان لابي عمرو البحيري ؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحير، وأثنى علي، ثم كنت أسأله، فقال: أنا إذا ذاكرت (1) اليوم في باب لابد من المطالعة لكبر سني.
فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرا، وقال لي: أعلم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدة تاريخ صنفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت " تاريخ النيسابوريين " (2) فتأملته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد (3)، وصنف لابي علي بن سيمجور كتابا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه وأحاديثه، وسماه " الاكليل "، لم أر
__________
(1) في الاصل: " ذكرت "، والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1041.
(2) قال الدكتور فؤاد سزكين في " تاريخ التراث العربي " 1 / 369: كان يتكون من 12 جزءا كما ذكر البيهقي (تاريخ بيهق 21)، وكان هذا الكتاب مرتبا على حروف المعجم: ويضم تراجم لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وللشخصيات البارزة في نيسابور إلى سنة 380 ه.
ولهذا الكتاب تكملة بها ذكر للشيوخ والاصدقاء الذين ماتوا بعد سنة 388 ه.
ويبدو أن النسخة الاصلية لهذا الكتاب قد فقدت، أما المختصر العربي المتأخر من هذا الكتاب، فهو ترجمة عن صياغة فارسية، أعدها مصنف اسمه الخليفة النيسابوري، الذي عاش في زمن لا يبعد عن القرن السابع الهجري.
وهناك تكملة " لتاريخ نيسابور " بعنوان: " السياق لتاريخ نيسابور " لعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي المتوفى سنة 529 ه، وتوجد هذه التكملة مخطوطة في: صائب بأنقرة 1544.
وألف إبراهيم بن محمد الصريفيني المتوفى سنة 641 مختصرا لهذه التكملة بعنوان " المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور " ومنه نسخة خطية في كوبريلي 1152.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1040، 1041.
(*)

(17/167)


أحدا رتب ذلك الترتيب، وكنت أسأله عن الضعفاء الذين نشؤوا بعد الثلاث مئة بنيسابور وغيرها من شيوخ خراسان، وكان يبين من غير محاباة.
أخبرنا المؤمل بن محمد وغيره كتابة قالوا: أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: كان أبو عبد الله بن البيع الحاكم ثقة، أول سماعه سنة ثلاثين وثلاث مئة، وكان يميل إلى التشيع، فحدثني إبراهيم بن محمد الارموي بنيسابور وكان صالحا عالما قال: جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث، وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها حديث الطير (1)، وحديث: " من كنت مولاه فعلي مولاه " (2) فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا إلى قوله (3).
أبو نعيم الحداد: سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا عبدالرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد أبي الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير، فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم (4).
__________
(1) وهو حديث لا يصح وقد تقدم الكلام عليه.
(2) حديث صحيح بشواهده، فهو من حديث البراء في " المسند " 4 / 281، والمستدرك 3 / 110، وأخرجه من حديث زيد بن أرقم أحمد 4 / 368، والترمذي (3713) والحاكم 3 / 110، وأخرجه من حديث أبي الطفيل أحمد 4 / 370، وابن حبان (2205) والحاكم 3 / 110، وأخرجه أحمد 5 / 366 عن خمسة أو ستة من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص ابن ماجة (121) وأخرجه النسائي في مسند علي كما في ترجمة إياس بن نذير من التهذيب.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 474، و " المنتظم " 7 / 274، 275، والانكار منهم مسلم لهم في حديث الطير، لا الحديث الثاني، فإنه صحيح بشواهده كما تقدم.
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 168، 169.
(*)

(17/168)


فهذه حكاية قوية، فما باله أخرج حديث الطير في " المستدرك " ؟ فكأنه اختلف اجتهاده، وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء، وطرق حديث: " من كنت مولاه " وهو أصح، وأصح منهما ما أخرجه مسلم (1) عن علي قال: إنه لعهد النبي الامي صلى الله عليه وسلم إلي: " إنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق ".
وهذا أشكل الثلاثة، فقد أحبه قوم لا خلاق لهم، وأبغضه بجهل قوم من النواصب، فالله أعلم (2).
أنبئت عن أبي سعد الصفار: عن عبد الغافر بن إسماعيل قال: الحاكم أبو عبد الله هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته، يقال له: الضبي، لان جد جدته هو عيسى بن عبدالرحمن الضبي، وأم عيسى هي منويه بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته بيت الصلاح والورع والتأذين في الاسلام، وقد ذكر أباه في " تاريخه "، فأغنى عن إعادته، ولد سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
قال: ولقي عبد الله بن محمد بن الشرقي، وأبا علي الثقفي، وأبا حامد بن بلال، ولم يسمع منهم، وسمع من أبي طاهر المحمداباذي، وأبي بكر القطان، ولم يظفر بمسموعه منهما، وتصانيفه
المشهورة تطفح بذكر شيوخه، وقرأ بخراسان على قراء وقته، وتفقه
__________
(1) رقم (78) في الايمان: باب الدليل على أن حب الانصار وعليا من الايمان وعلاماته.
(2) وجد على هامش الاصل - تعليق على استشكال الذهبي ونصه: قلت: لا إشكال، فالمراد: لا يحبك الحب الشرعي المعتد به عند الله تعالى، أما الحب المتضمن لتلك البلايا والمصائب، فلا عبرة به، بل هو وبال على صاحبه كما أحبت النصارى المسيح.
(*)

(17/169)


على أبي الوليد، والاستاذ أبي سهل، واختص بصحبة الامام أبي بكر الصبغي، وكان الامام يراجعه في السؤال والجرح والتعديل، وأوصى إليه في أمور مدرسته دار السنة.
وفوض إليه تولية أوقافه في ذلك، وذاكر مثل الجعابي، وأبي علي الماسرجسي الحافظ الذي كان أحفظ زمانه، وقد شرع الحاكم في التصنيف سنة سبع وثلاثين، فاتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء من تخريج " الصحيحين "، والعلل والتراجم والابواب والشيوخ، ثم المجموعات مثل " معرفة علوم الحديث " (1)، و " مستدرك الصحيحين " (2)، و " تاريخ النيسابوريين "، وكتاب " مزكي الاخبار "، و " المدخل إلى علم الصحيح "، وكتاب " الاكليل "، و " فضائل الشافعي "، وغير ذلك (3).
ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه، ويحكون أن مقدمي عصره مثل أبي سهل الصعلوكي والامام ابن فورك وسائر الائمة يقدمونه على أنفسهم، ويراعون حق فضله، ويعرفون له الحرمة الاكيدة.
ثم أطنب عبد الغافر في نحو ذلك من تعظيمه، وقال: هذه جمل يسيرة هي غيض
من فيض سيره وأحواله، ومن تأمل كلامه في تصانيفه، وتصرفه في أماليه، ونظره في طرق الحديث، أذعن بفضله، واعترف له بالمزية
__________
(1) وقد نشر هذا الكتاب في القاهرة عام 1937 بعناية الدكتور السيد معظم حسين.
(2) وهو مطبوع مع " تلخيص " الذهبي في حيدر أباد 1334 - 1342 ه وفي هذه الطبعة تصحيف وتحريف كثير فهو بحاجة إلى إعادة نشره نشرة محققة مخرجة ومفهرسة تتيح الاستفادة منه لكل مطالع.
وطبع للحاكم أيضا " كتاب المدخل إلى معرفة الاكليل " في حلب سنة 1932 م ثم نشره روبسون في لندن سنة 1953 م.
(3) انظر النسخ الخطية الموجودة لبعض مصنفات الحاكم في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 367 - 370.
(*)

(17/170)


على من تقدمه، وإتعابه من بعده، وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه، وعاش حميدا، ولم يخلف في وقته مثله، مضى إلى رحمة الله في ثامن صفر سنة خمس وأربع مئة (1).
قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدويي الحافظ: سمعت الحاكم أبا عبد الله إمام أهل الحديث في عصره يقول: شربت ماء زمزم، وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف (2).
قال العبدويي: وسمعت أبا عبدالرحمن السلمي يقول: كتبت على ظهر جزء من حديث أبي الحسين الحجاجي الحافظ، فأخذ القلم، وضرب على الحافظ، وقال: أيش أحفظ أنا ؟ أبو عبد الله بن البياع أحفظ مني، وأنا لم أر من الحفاظ إلا أبا علي النيسابوري، وأبا العباس بن عقدة.
وسمعت السلمي يقول: سألت الدارقطني: أيهما أحفظ: ابن مندة أو ابن البيع ؟ فقال: ابن البيع أتقن حفظا (3).
قال أبو حازم: أقمت عند أبي عبد الله العصمي قريبا من ثلاث سنين، ولم أر في جملة مشايخنا أتقن منه ولا أكثر تنقيرا، وكان إذا أشكل عليه شئ، أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله، فإذا ورد جواب كتابه، حكم به، وقطع بقوله (4).
قال الحافظ أبو صالح المؤذن: أخبرنا مسعود بن علي
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1043، 1044.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 228، و " الانساب " 2 / 371، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1044، و " طبقات " السبكي 4 / 159.
(3) " تبيين كذب المفتري " 229، 230، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1044.
(4) " تبيين كذب المفتري " 230، و " طبقات " السبكي 4 / 158.
(*)

(17/171)


السجزي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، حدثنا الحافظ أبو عمرو محمد بن أحمد بن جعفر البحيري، حدثنا أحمد بن محمد ابن الفضل بن مطرف الكرابيسي في سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ، حدثنا النجاد، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا سعير بن الخمس، عن عبيدالله، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن بلالا يؤذن بليل..." وذكر الحديث (1)، ثم قال مسعود: وحدثنيه الحاكم غير مرة، وقد كان الحاكم لما روى عنه الكرابيسي هذا شابا طريا.
أنبأنا ابن سلامة عن الحافظ عبد الغني، أخبرنا أبو موسى المديني، أخبرنا هبة الله بن عبد الله الواسطي، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو
القاسم الازهري، حدثنا الدار قطني، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، حدثنا محمد بن جعفر النسوي، حدثنا الخليل بن أحمد النسوي، حدثنا خداش بن مخلد، حدثنا يعيش بن هشام، حدثنا مالك، عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أحسن الهدية أمام الحاجة ! ".
قلت: هذا ملصق بمالك، وقد حدث به الوليد الموقري (2) أحد
__________
(1) وتمامه: " فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " أخرجه من طرق عن عبيدالله بهذا الاسناد أحمد 6 / 44 و 54، والبخاري (623) في الاذان: باب الاذان قبل الفجر، والدارمي 1 / 270، وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري (622) ومسلم (1092) والترمذي (203) والنسائي 2 / 10، والدارمي 2 / 270.
(*) (2) وهو الوليد بن محمد الموقري، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه، وقال ابن خزيمة: لا أحتج به، وكذبه يحيى بن معين، وقال النسائي: متروك الحديث.
وقد أورد الحديث الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ص 84، ونقل عن الدار قطني: انه باطل.
(*)

(17/172)


الضعفاء، عن الزهري مرسلا.
أبو موسى: حدثنا الحسين بن عبدالملك، عن سعد بن علي الزنجاني، سمع أبا نصر الوائلي يقول: لما ورد أبو الفضل الهمذاني نيسابور، تعصبوا له، ولقبوه: بديع الزمان، فأعجب بنفسه إذ كان يحفظ المئة بيت إذا أنشدت مرة، وينشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة، فأنكر على الناس قولهم: فلان الحافظ في الحديث، ثم قال: وحفظ الحديث مما يذكر ؟ ! فسمع به الحاكم ابن البيع، فوجه
إليه بجزء، وأجل له جمعة في حفظه (1)، فرد إليه الجزء بعد الجمعة، وقال: من يحفظ هذا ؟ محمد بن فلان، وجعفر بن فلان، عن فلان ؟ أسامي مختلفة، وألفاظ متباينة ؟ فقال له الحاكم: فاعرف نفسك، واعلم أن هذا الحفظ أصعب مما أنت فيه (2).
ثم روى أبو موسى المديني: أن الحاكم دخل الحمام، فاغتسل، وخرج.
وقال: آه.
وقبضت روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد، ودفن بعد العصر يوم الاربعاء، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري (3).
قال الحسن بن أشعث القرشي: رأيت الحاكم في المنام على فرس في هيئة حسنة وهو يقول: النجاة، فقلت له: أيها الحاكم ! في ماذا ؟ قال: في كتبة الحديث (4).
__________
(1) في الاصل: حفظ.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 160.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1045، و " طبقات " السبكي 4 / 161.
(4) انظر " طبقات السبكي " 4 / 161.
(*)

(17/173)


الخطيب في " تاريخه " (1): حدثني الازهري قال: ورد ابن البيع بغداد قديما، فقال: ذكر لي أن حافظكم - يعني الدار قطني - خرج لشيخ واحد خمس مئة جزء، فأروني بعضها.
فحمل إليه منها، وذلك مما خرجه لابي إسحاق الطبري، فنظر في أول الجزء الاول حديثا لعطية العوفي، فقال: استفتح بشيخ ضعيف.
ورمى الجزء، ولم ينظر في الباقي.
قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ ؟ قال: من ؟ قلت: الدار قطني، وعبد الغني، وابن مندة، والحاكم.
فقال: أما الدار قطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالانساب، وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا (2).
أنبأني أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، عن ابن طاهر: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، عن أبي عبد الله الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث (3).
قلت: كلا ليس هو رافضيا، بلى يتشيع (4).
قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان
__________
(1) 5 / 473، 474.
(2) هذا ينطبق على جميع مصنفاته إلا على " المستدرك " فإنه لم يجود تصنيفه، فقد اشترط فيه الصحة ولم يلتزمها، فأخرج فيه الضعيف والموضوع، اللهم إلا أن يكون كما ذكر عنه قد مات عنه وهو مسودة لم يبيضه بعد.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 4 / 159، 160، و " طبقات السبكي " 4 / 159، 160.
وقد تقدم في ترجمة ابن مندة رقم (13).
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1045، و " الوافي بالوفيات " 3 / 320.
(4) انظر دفاع السبكي عنه في " طبقاته الكبرى " 4 / 161 - 171.
(*)

(17/174)


يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا غاليا عن معاوية رضي الله عنه وعن أهل بيته، يتظاهر بذلك، ولا يعتذر منه، فسمعت أبا الفتح سمكويه بهراة، سمعت عبد الواحد المليحي، سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: دخلت على الحاكم وهو في داره، لا يمكنه
الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام (1)، وذلك أنهم كسروا منبره، ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل حديثا، لاسترحت من المحنة، فقال: لا يجئ من قلبي، لا يجئ من قلبي (2).
وسمعت المظفر بن حمزة بجرجان، سمعت أبا سعد الماليني يقول: طالعت كتاب " المستدرك على الشيخين "، الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثا على شرطهما (3).
قلت: هذه مكابرة وغلو، وليست رتبة أبي سعد أن يحكم بهذا، بل في " المستدرك " شئ كثير على شرطهما، وشئ كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردت منها
__________
(1) هو إمام الكرامية، إحدى الفرق المبتدعة في الاسلام.
مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (146).
(2) " المنتظم " 7 / 75، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1054، و " الوافي بالوفيات " 3 / 320، 321، و " طبقات " السبكي 4 / 162، 163.
(3) " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و " طبقات " السبكي 4 / 165.
(*)

(17/175)


جزءا، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء، وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته، ويعوز عملا وتحريرا (1).
قال ابن طاهر: قد سمعت أبا محمد بن السمرقندي يقول: بلغني أن " مستدرك " الحاكم ذكر بين يدي الدار قطني، فقال: نعم، يستدرك عليهما حديث الطير ! فبلغ ذلك الحاكم، فأخرج الحديث من الكتاب (2).
قلت: هذه حكاية منقطعة، بل لم تقع، فإن الحاكم إنما ألف " المستخرج " في أواخر عمره، بعد موت الدار قطني بمدة، وحديث الطير ففي الكتاب لم يحول منه، بل هو أيضا في " جامع " الترمذي.
قال ابن طاهر: ورأيت أنا حديث الطير جمع الحاكم بخطه في جزء ضخم، فكتبته للتعجب (3).
قال الحاكم في " تاريخه ": ذكرنا يوما ما روى سليمان التيمي عن أنس، فمررت أنا في الترجمة، وكان بحضرة أبي علي الحافظ وجماعة من المشايخ، إلى أن ذكرت حديث: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ".
فحمل بعضهم علي، فقال أبو علي: لا تفعل، فما رأيت أنت ولا نحن في سنه مثله، وأنا أقول: إذا رأيته رأيت ألف
__________
(1) وهذا يدلك أيضا على أن الذهبي رحمه الله لم يعتن بالمختصر اعتناء تاما، بحيث لم يتتبع الاحاديث تتبعا دقيقا، وإنما تكلم فيه بحسب ما تيسر له، ولذا فقد فاته أن يتكلم على عدد غير قليل من الاحاديث صححها الحاكم وهي غير صحيحة، أو ذكر أنها على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما وهي ليست كذلك، كما يتحقق ذلك من له خبرة بأسانيد الحاكم، وممارسة لها، ونظر فيها.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 163.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 165.
(*)

(17/176)


رجل من أصحاب الحديث (1).
قد مر أن الحاكم مات فجأة في صفر سنة خمس، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري.
وفيها مات مسند مكة أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي (2)، ومسند بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى المجبر (3)، وحافظ شيراز أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث (4) الشيرازي المقرئ، ومسند دمشق أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد (5) السلمي، وقاضي بغداد عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن الاكفاني (6)، وشيخ الشافعية أبو القاسم يوسف بن أحمد بن كج (7) الدينوري، وشيخ الشافعية بالبصرة أبو القاسم عبد الواحد ابن الحسين الصيمري (8).

101 - ابن الفرضي * الامام الحافظ، البارع الثقة، أبو الوليد، عبد الله بن محمد بن
__________
(1) " طبقات " السبكي 4 / 160.
(2) سترد ترجمته.
برقم (103).
(3) سترد ترجمته برقم (107).
(4) ستر ترجمته برقم (122).
(5) سترد ترجمته برقم (105).
(6) تقدمت ترجمته برقم (94).
(7) سترد ترجمته برقم (104).
(8) تقدمت ترجمته برقم (6).
* جذوة المقتبس 254 - 256، مطمح الانفس 57، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول / المجلد الثاني / 614 - 616، الصلة لابن بشكوال 1 / 251 - 256، بغية الملتمس 334 - 336، المطرب لابن دحية: 132، المغرب في حلي المغرب 1 / 103، 104، وفيات الاعيان 3 / 105 - 106، العبر 3 / 85، تذكرة الحفاظ 3 / 1076 - 1079، الديباج المذهب 1 / 452، طبقات الحفاظ 418، 419، نفح الطيب 2 / 129 - 131، شذرات الذهب 3 / 168، هدية العارفين 1 / 449.
(*)

(17/177)


يوسف بن نصر، القرطبي، ابن الفرضي، مصنف " تاريخ الاندلسيين " (1).
أخذ عن: أبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وعبد الله بن قاسم، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وخلق، وحج، فحمل عن: أبي بكر أحمد بن محمد بن المهندس، ويوسف ابن الدخيل، والحسن بن إسماعيل (2) الضراب، وأبي محمد بن أبي زيد، وأحمد بن رحمون، وأحمد بن نصر الداوودي.
وله تأليف في " أخبار شعراء الاندلس "، ومصنف في " المؤتلف والمختلف "، وفي " مشتبه النسبة ".
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وقال: كان فقيها حافظا، عالما في جميع فنون العلم في الحديث والرجال، أخذت معه عن أكثر شيوخي، وكان حسن الصحبة والمعاشرة، وقتلته البربر، وبقي ملقى في داره ثلاثة أيام (3).
__________
(1) قد طبع " تاريخه " بعنوان " تاريخ علماء الاندلس " نشره فرنسيسكو كوديرا بمدينة مدريد في القرن الماضي، وأعيد طبعه في سنة 1966 نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، وهذا الكتاب هو الذي ذيل عليه ابن بشكوال المتوفى سنة 578 بكتابه المشهور " الصلة "، ثم ألف ابن الابار المتوفى سنة 659 كتابه " الذيل والتكملة "، وألف أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي المتوفى سنة 708 كتابه " ذيل الصلة ".
انظر " كشف الظنون " 1 / 285، 286.
وقد ذكر إسماعيل باشا مصنفا آخر لابن الفرضي في " ذيل كشف الظنون " 1 / 102 وهو: " الاعلام بأعلام الاندلس من العلماء المتفننين والقراء والمحدثين المتقنين والفقهاء والندماء ومن قدمها من العرفاء الغرباء " وانظر " هدية العارفين " 1 / 449.
(2) في الاصل: إسماعيل بن الحسن وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه، والضراب: نسبة إلى ضرب الدنانير والدراهم.
وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " الصلة " 1 / 252، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1077.
(*)

(17/178)


وقال أبو مروان بن حيان: وممن قتل يوم أخذ قرطبة الفقيه الاديب الفصيح ابن الفرضي، وووري متغيرا من غير غسل، ولا كفن ولا صلاة، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية، وحفظ الحديث، ومعرفة الرجال، والافتنان في العلوم والادب البارع، ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة، وحج سنة اثنتين وثمانين، وجمع من الكتب أكثر ما يجمعه أحد في علماء البلد، وتقلد قراءة الكتب بعهد العامرية، واستقضاه محمد المهدي ببلنسية، وكان حسن البلاغة والخط (1).
قال الحميدي (2): حدثنا علي بن أحمد الحافظ (3)، أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة، وسألت الله تعالى الشهادة، ثم فكرت في هول القتل، فندمت، وهممت أن أرجع، فأستقيل الله ذلك، فاستحييت.
قال الحافظ علي: فأخبرني من رآه بين القتلى، ودنا منه، فسمعه يقول بصوت ضعيف: " لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك " (4).
كأنه يعيد على نفسه الحديث، ثم قضى على إثر ذلك رحمه الله.
وله شعر رائق فمنه:
__________
(1) " الصلة " 1 / 253، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1077.
(2) في " جذوة المقتبس " 255.
وانظر " الذخيرة " ق 1 / ج 2 / 614، 615، و " بغية
الملتمس " 335، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1077، 1078، و " نفح الطيب " 2 / 130، و " وفيات الاعيان " 3 / 106، و " المغرب " 1 / 103، 104.
(3) هو الامام الكبير أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، صاحب " المحلى " في الفقه، متوفى سنة 456 ه ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (98).
(4) أخرجه من حديث أبي هريرة مالك 2 / 461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، وأحمد 2 / 231، والبخاري (2803) ومسلم (1876).
(*)

(17/179)


إن الذي أصبحت طوع يمينه * إن لم يكن قمرا فليس بدونه ذلي له في الحب من سلطانه * وسقام جسمي من سقام جفونه (1) وقال ابن عبد البر: أنشدنا ابن الفرضي لنفسه: أسير الخطايا عند بابك واقف * على وجل مما به أنت عارف يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها * ويرجوك فيها فهو راج وخائف ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي * ومالك في فصل القضاء مخالف فيا سيدي ! لا تخزني في صحيفتي * إذا نشرت يوم الحساب الصحائف (2) قتل - رحمه الله - سنة ثلاث وأربع مئة كهلا.

102 - صاحب اليمن * كان ابن زياد وآله ملوك اليمن من أكثر من مئتي عام، وبدأت دولتهم تولي، وملكوا صغيرا قام بتدبيره مولاه حسين ابن سلامة (3)
__________
(1) البيتان في " جذوة المقتبس " 256، و " بغية الملتمس " 336، و " الصلة " 1 / 255، و " وفيات الاعيان " 3 / 106، و " الذخيرة " ق 1 / ج 2 / 616، و " نفح الطيب " 2 / 130، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1078.
(2) الابيات في " وفيات الاعيان " 3 / 105، و " نفح الطيب " 2 / 129، و " الصلة "
1 / 253، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1078 وبعدها هذان البيتان: وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما * يصد ذوو ودي ويجفو الموالف لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي * أرجي لاسرافي فإني لتالف.
* معجم البلدان 4 / 441 و 5 / 157، الكامل لابن الاثير 9 / 455 وفيه وفاته 428 ه، تاريخ ثغر عدن خ، الجداول المرضية خ، بلوغ المرام 13 وفيه وفاته 403 أو قبلها بسنة، الاعلام للزركلي 2 / 238.
(3) قال ياقوت: وهي أمه.
" معجم البلدان " 4 / 441.
(*)

(17/180)


النوبي، وكان خيرا صالحا، أنشأ مدينة الكدراء (1)، ومدينة المعقر (2)، وأنشأ الجوامع، وعدل وتصدق، توفي سنة اثنتين وأربع مئة - أعني حسينا - وكان في المئة الرابعة باليمن دعاة للقرامطة.

103 - العبقسي * القاضي العدل، أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس - وقيل: بين علي وفراس " أحمد " - العبقسي المكي العطار، مسند الحجاز.
ولد سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.
وسمع في صباه - وهو ابن عشر سنين - من أبي جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، وأبي التريك محمد بن الحسين بن موسى السعدي الحمصي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، وأبي سعيد بن الاعرابي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ، وبكير بن محمد الحداد، وأبي اليسع إسماعيل بن محمد المصيصي، وأبي علي الحسين بن الفتح النيسابوري الفقيه كمام، والعباس بن محمد بن
الحسن بن قتيبة، وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، وأبو سعد إسماعيل
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 4 / 441.
(2) قال ياقوت: المعقر - اسم المكان من عقرت البعير أو عقره -: واد باليمن عند القحمة بالسن قرب زبيد من تهامة، واختط في هذا الموضع مدينة حسين بن سلامة.
" معجم البلدان " 5 / 157.
* الانساب 8 / 370، اللباب 2 / 317، العبر 3 / 89، تذكرة الحفاظ 3 / 1063، العقد الثمين 3 / 3 - 5، شذرات الذهب 3 / 173.
والعبقسي: نسبة إلى عبدالقيس.
(*)

(17/181)


ابن علي السمان، وحاتم بن محمد الاطرابلسي ثم الاندلسي، وأبو علي الاهوازي، وأبو نصر السجزي، وأبو عمرو الداني، والحسن بن النعمان الصيمري، وأبو ذر الهروي، وعلي بن عبدالملك بن شبانة الدينوري، وأبو محمد الحسن بن الحسين التجيبي الفرشي (1)، وسليم الرازي، وأبو الفضل عبدالرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وأبو طالب العشاري، وأبو عمران الفارسي، ومكي بن أبي طالب، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، ومظفر ابن الحسن سبط ابن لال، وعلي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي، وآخرون.
قال أبو ذر (2) في " معجمه ": ثقة ثبت.
وذكره أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في ترجمة أبيه إبراهيم، وقال: وولده اليوم هو شيخ مكة، ومحدثها في وقته، سمع مع أبيه وعني به، وكتبه صحاح.
وكذا وثقه السجزي، ويقول: حدثنا أحمد بن أبي إسحاق قاضي
جدة.
وقال العتيقي: كان قد انفرد في وقته بجماعة شيوخ، ثقة صدوق.
وقال أبو نصر هبة الله بن معاذ السجزي في كتاب " السبعيات " من جمعه: كان من كبار أهل زمانه، وإليه الرحلة في أوانه، وهو ثقة.
قلت: وروى عنه أبو عمر بن عبد البر بالاجازة، وآخرون من بقي من أصحابه راوي نسخة إسماعيل بن جعفر أبو علي الحسن بن عبدالرحمن ابن
__________
(1) بضم الفاء وسكون الراء، نسبة إلى الفرش.
" الانساب " 9 / 272.
(2) هو الحافظ شيخ الحرم أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، سترد ترجمته برقم (370).
(*)

(17/182)


الحسن المكي الشافعي الحناط.
وقال ابن بشكوال في ترجمة حاتم الاطرابلسي: كان أحمد من المسندين الثقات (1).
وقال ابن بشكوال في جمعه لشيوخ ابن عبد البر: مات سنة أربع وأربع مئة بمكة، وقد نيف على المئة.
ثم قال: ذكر ذلك حاتم بن محمد.
وقال الحبال: ولد سنة اثنتي عشرة، ومات سنة خمس وأربع مئة.
وقال العتيقي: مات سنة خمس في جمادى الاولى.
وقال الكتاني: مات سنة ثلاث.
فوهم.
أنبأنا أحمد (2) بن سلامة، عن الارتاحي (3)، عن الفراء قال: أخبرنا الحبال، حدثنا الحسن بن أحمد بمكة بوفاة أبيه ومولده، فذكرهما كما مضى.

104 - ابن كج * القاضي العلامة، شيخ الشافعية، أبو القاسم، يوسف بن أحمد بن
كج، الدينوري، تلميذ أبي الحسين بن القطان.
وحضر مجلس الداركي.
__________
(1) " الصلة " 1 / 157.
(2) له ترجمة في " مشيخة " المؤلف ورقة 6 / 1.
(3) نسبة إلى أرتاح: اسم حصن منيع كان من العواصم من أعمال حلب.
" معجم البلدان " 1 / 140، 141.
* طبقات العبادي: 107، طبقات الشيرازي: 98، الانساب 10 / 360 (الكجي)، اللباب 3 / 84، وفيات الاعيان 7 / 65، العبر 3 / 92، مرآة الجنان 3 / 12، طبقات السبكي 5 / 359 - 361، طبقات الاسنوي 2 / 340، 341، البداية والنهاية 11 / 355، طبقات ابن قاضي شهبة 90، طبقات ابن هداية الله 126، شذرات الذهب 3 / 177، 178، تاج العروس 2 / 90 (كج)، هدية العارفين 2 / 550.
(*)

(17/183)


وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وله وجه (1)، وتصانيف كثيرة (2)، وأموال وحشمة، ارتحل إليه الناس من الآفاق.
وكان بعضهم يقدمه على الشيخ أبي حامد (3)، وقال: هو ذاك رفعته بغداد، وحطت مني الدينور.
قال ذلك عندما قال له تلميذ (4): يا أستاذ ! الاسم لابي حامد، والعلم لك (5).
قتلته الحرامية بالدينور ليلة سبع وعشرين من رمضان، سنة خمس وأربع مئة، ولم يبلغني مقدار ما عاش.

105 - ابن أبي حديد * العدل الامين العالم، مسند دمشق، أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن الحكم بن أبي الحديد السلمي الدمشقي.
ولد سنة تسع وثلاث مئة.
وسمع أبا الدحداح أحمد بن محمد، وأبا بكر محمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن يوسف الهروي، وعبد الغافر بن سلامة، وبمصر من محمد بن بشر الزبيري، وعبد العزيز بن أحمد الآجري، وعبد العزيز بن قيس، وطائفة.
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 360، 361.
(2) قال ابن العماد: ومن تصانيفه " التجريد " قال في المهمات: وهو مطول، وقد وقف عليه الرافعي.
" شذرات الذهب " 3 / 178.
(3) يعني أبا حامد الاسفراييني، وسترد ترجمته برقم (111).
(4) وهو أبو علي الحسين بن شعيب السنجي كما ذكر السمعاني في " الانساب ".
(5) " الانساب " 10 / 360، و " وفيات الاعيان " 7 / 65، و " طبقات " الاسنوي 2 / 341، و " طبقات " السبكي 5 / 359.
* الاكمال 2 / 55، العبر 3 / 91، الوافي بالوفيات 2 / 60.
(*)

(17/184)


حدث عنه: حفيداه: أحمد وعبيدالله ابنا عبد الواحد، وعلي بن الحسين الشرابي، وأبو الحسن بن السمسار، وأبو علي الاهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وآخرون.
وتفرد بعلو الرواية.
قال أبو نصر بن ماكولا (1): حدثنا عنه جماعة، وكان من الاعيان.
وقال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة مأمونا أعرفه، وتوفي في شوال سنة خمس وأربع مئة.
قال أبو الفرج بن عمرو: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: أبو بكر ابن أبي الحديد قوال بالحق.

106 - بهاء الدولة * أبو نصر، أحمد بن عضد الدولة ابن بويه، ملك العراق.
مات في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربع مئة بعلة الصرع المتتابع كأبيه، توفي بأرجان في سن اثنتين وأربعين سنة وتسعة أشهر (2).
وكانت أيامه أربعا وعشرين سنة، وتملك ابنه سلطان الدولة أبو شجاع (3).
وكان بهاء الدولة خاضعا للسلطان محمود (4) بن سبكتكين، مداريا له.
__________
(1) في " الاكمال " 2 / 55.
* المنتظم 7 / 264، الكامل لابن الاثير (انظر الفهرس)، دول الاسلام 1 / 241، العبر 3 / 83، الوافي بالوفيات 7 / 291، 292، البداية والنهاية 11 / 349.
تاريخ ابن خلدون 4 / 461، 462، 463، 467، 468، 470، شذرات الذهب 3 / 166، ذيل تجارب الامم: 153، المختصر في أخبار البشر 2 / 143.
(2) انظر " الكامل " لابن الاثير 9 / 241، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 470.
(3) سترد ترجمته برقم (214).
(4) سترد ترجمته برقم (319).
(*)

(17/185)


وقام ابنه بعده اثنتي عشرة سنة، وأخذت الدولة البويهية تتناقص وقيل: بل كان ملك بهاء الدولة اثنتين وعشرين سنة ويومين.

107 - المجبر * مسند بغداد أبو الحسن، أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت بن الحارث بن مالك بن سعد بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي بن كلاب، القرشي العبدري البغدادي الجرائحي المجبر.
ولد سنة أربع عشرة و ثلاث مئة.
وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وأحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة، وأبي بكر بن الانباري، والقاضي المحاملي، وجماعة.
حدث عنه: عبيدالله بن أحمد الازهري، وعبد الباقي الانصاري، وعلي بن أحمد بن البسري، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
قال الخطيب: سئل أبو بكر البرقاني - وأنا أسمع - عن ابن الصلت المجبر، فقال: ابنا الصلت ضعيفان (1).
قال: وسألت (2) حمزة بن محمد بن طاهر عن المجبر، فقال: كان
__________
* تاريخ بغداد 5 / 94 - 96، الانساب (المجبر)، اللباب 3 / 165، العبر 3 / 89، ميزان الاعتدال 1 / 132، الوافي بالوفيات 7 / 130، 131، لسان الميزان 1 / 255، شذرات الذهب 3 / 174.
وقد ضبط في الاصل بضم الميم وسكون الجيم وكسر الباء الموحدة المخففة، وضبط في " اللباب " بفتح الجيم وكسر الباء الموحدة المشددة كمحدث.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 94، 95، وابن الصلت الثاني هو الذي سترد ترجمته عقب هذا.
(2) في الاصل: " سمعت "، وما أثبتناه من " تاريخ بغداد ".
(*)

(17/186)


صالحا دينا.
وسمعت عبد العزيز الازجي يقول: عمد ابن الصلت إلى كتب لابن أبي الدنيا، فحدث بها عن البرذعي.
يشير الازجي إلى أن تلك الكتب لم تكن عند البرذعي (1).
مات المجبر وله إحدى وتسعون سنة، في شهر رجب سنة خمس وأربع مئة.
وهو صاحب " جزء " البانياسي.
فأما سميه: المسند الكبير:

108 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد * ابن موسى بن هارون بن الصلت، الاهوازي، ثم البغدادي، فمولده في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
سمع القاضي أبا عبد الله المحاملي، وأبا العباس بن عقدة، ومحمد ابن مخلد العطار، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن مندة، وجماعة.
قال الخطيب (2): كان صدوقا صالحا، توفي في جمادي الآخرة سنة تسع وأربع مئة.
وآخر من مات من أصحابه علي بن الحسين بن قريش البناء.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 95.
* تاريخ بغداد 4 / 370، العبر 3 / 100، ميزان الاعتدال 1 / 132، المغني في الضعفاء 1 / 55، لسان الميزان 1 / 255، 256، شذرات الذهب 3 / 188.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(*)

(17/187)


وقيل: إن يحيى بن أحمد السيبي (1) روى عنه.
وبقي إلى سنة تسعين وأربع مئة.

109 - ابن أبي زمنين * الامام القدوة الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد، المري (2) الاندلسي الالبيري، شيخ قرطبة.
قرأ ببجانة (3) على سعيد بن فحلون " مختصر " ابن عبد الحكم.
وسمع من: محمد بن معاوية الاموي، وأحمد بن المطرف، وأحمد ابن الشامة، ووهب بن مسرة.
وتفقه بإسحاق الطليطلي.
وتفنن، واستبحر من العلم، وصنف في الزهد والرقائق، وقال الشعر الرائق (4).
__________
(1) نسبة إلى سيب، قال السمعاني: وظني أنها قرية بنواحي قصر ابن هبيرة.
" الانساب " 7 / 215.
* جذوة المقتبس 56، 57، ترتيب المدارك 4 / 672 - 674، بغية الملتمس 87، 88، تذكرة الحفاظ 3 / 1029، العبر 3 / 71، الوافي بالوفيات 3 / 321، الديباج المذهب 2 / 232 - 234، طبقات المفسرين للسيوطي 34، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 161، 162، تذكرة النوادر 20، برنامج القرويين 24، شذرات الذهب 3 / 156، هدية العارفين 2 / 58، إيضاح المكنون 1 / 424، شجرة النور الزكية 1 / 101.
(2) ضبطها ابن فرحون بضم الميم وكسر الراء المهملة المشددة.
" الديباج المذهب " 2 / 233.
(3) بجانة، بالفتح ثم التشديد وألف ونون: مدينة بالاندلس من أعمال كورة إلبيرة، خربت، وقد انتقل أهلها إلى المرية، وبينهما وبين المرية فرسخان، وبينها وبين غرناطة مئة ميل.
" معجم البلدان " 1 / 339.
(4) أورد الحميدي من شعره قوله: = (*)

(17/188)


وكان صاحب جد وإخلاص، ومجانبة للامراء.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
ولد في أول سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
وتوفي في ربيع الآخر، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
واختصر " المدونة " (1)، وله " منتخب الاحكام " مشهور، وكتاب
" الوثائق " (2)، و " مختصر تفسير ابن سلام "، وكتاب " حياة القلوب " (3) في الزهد، وكتاب " أدب الاسلام "، وكتاب " أصول السنة "، وأشياء كثيرة (4).
وكان من حملة الحجة.
وزمنين بفتح الميم، ثم كسر النون.
__________
= لا تطمئن إلى الدنيا وزخرفها * وإن توشحت من أثوابها الحسنا أين الاحبة والجيران ما فعلوا * أين الذين هم كانوا لنا سكنا سقاهم الدهر كأسا غير صافية * فصيرتهم لاطباق الثرى رهنا وانظر بعض شعره أيضا في " ترتيب المدارك " 4 / 673، 674.
(1) واسم المختصر: " المغرب " في اختصار المدونة، وشرح مشكلها، والتفقه في نكت منها مع تحرير للفظها، وضبط لروايتها، ليس في مختصراتها مثله باتفاق.
انظر " الديباج المذهب " 2 / 232، 233، و " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و " طبقات المفسرين " للداوودي 2 / 162، و " شجرة النور " 1 / 101، وذكره ابن خير في " فهرسة ما رواه عن شيوخه ": 251.
(2) هو " المشتمل في الوثائق " ذكره مع " منتخب الاحكام " ابن خير في " فهرسه " ص 251.
وانظر النسخ الخطية لمنتخب الاحكام وغيره في " تاريخ " سزكين 1 / 79، 80.
(3) " فهرسة " ابن خير 288.
(4) انظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 673، و " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و " الديباج المذهب " 2 / 233، و " طبقات المفسرين " للداوودي 2 / 162، و " شجرة النور الزكية " 1 / 101.
(*)

(17/189)


110 - ابن الباقلاني * الامام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الاصوليين، القاضي أبو
بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، البصري، ثم البغدادي، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه.
سمع أبا بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وطائفة.
وخرج له أبو الفتح بن أبي الفوارس.
وكان ثقة إماما بارعا، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة، والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الاشعري، وقد يخالفه في مضائق، فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه.
وقد ذكره القاضي عياض في " طبقات المالكية " (1)، فقال: هو الملقب بسيف السنة، ولسان الامة، المتكلم على لسان أهل الحديث،
__________
* تاريخ بغداد 5 / 379 - 383، ترتيب المدارك 4 / 585 - 602، الانساب 2 / 51، 52، تبيين كذب المفتري 217 - 226، المنتظم 7 / 265، اللباب 1 / 112، وفيات الاعيان 4 / 269، 270، المختصر في أخبار البشر 2 / 144، العبر 3 / 86، دول الاسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 3 / 177، مرآة الجنان 3 / 1006، البداية و النهاية 11 / 350، 351، الديباج المذهب 2 / 228، 229، النجوم الزاهرة 4 / 234، شذرات الذهب 3 / 168 - 170، إيضاح المكنون 2 / 691، هدية العارفين 2 / 59، شجرة النور الزكية 1 / 92، 93.
وانظر كتاب " الباقلاني وإعجاز القرآن " للاستاذ أحمد صقر.
قال ابن خلكان في نسبته: هذه النسبة إلى الباقلى وبيعه، وفيه لغتان: من شدد اللام قصر الالف، ومن خففها مد الالف فقال: باقلاء.
وهذه النسبة شاذة لاجل زيادة النون فيها، وهو نظير قولهم في النسبة إلى صنعاء: صنعاني، وإلى بهراء: بهراني..." وفيات الاعيان " 4 / 270.
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 585، 586.
(*)

(17/190)


وطريق أبي الحسن، و إليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع البصرة حلقة عظيمة.
حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، وقاضي الموصل، والحسين بن حاتم الاصولي.
قال أبو بكر الخطيب (1): كان ورده في كل ليلة عشرين ترويحة في الحضر والسفر، فإذا فرغ منها، كتب خمسا وثلاثين ورقة من تصنيفه.
سمعت أبا الفرج محمد بن عمران يقول ذلك.
وسمعت علي بن محمد الحربي يقول: جميع ما كان يذكر أبو بكر بن الباقلاني من الخلاف بين الناس صنفه من حفظه، وما صنف أحد خلافا إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، سوى ابن الباقلاني.
قلت: أخذ القاضي أبو بكر المعقول عن أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن مجاهد الطائي صاحب أبي الحسن الاشعري.
وقد سار القاضي رسولا عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم، وجرت له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة (2) ليدخل راكعا للملك، ففطن لها القاضي، ودخل بظهره (3).
ومنها أنه قال لراهبهم: كيف الاهل والاولاد ؟ فقال الملك: مه ! أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا ؟ فقال: تنزهونه عن هذا، ولا تنزهون رب
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 280.
(2) هو باب صغير ضمن باب كبير لا يتمكن الانسان من دخوله إلا أن يحني رأسه.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 379، 380، و " ترتيب المدارك " 4 / 596، و " الانساب " 2 / 51، 52، و " تبيين كذب المفتري " 218، و " المنتظم " 7 / 265، و
" البداية والنهاية " 11 / 350.
(*)

(17/191)


العالمين عن الصاحبة والولد (1) ! وقيل: إن الطاغية سأله: كيف جرى لزوجة نبيكم ؟ - يقصد توبيخا - فقال: كما جرى لمريم بنت عمران، وبرأهما الله، لكن عائشة لم تأت بولد.
فأفحمه (2).
قال الخطيب (3): سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كتب الناس سوى القاضي أبي بكر، فإنما صدره يحوي علمه وعلم الناس.
وقال أبو محمد البافي: لو أوصى رجل بثلث ماله لافصح الناس، لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الاشعري (4).
قال أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: كان ما يضمره القاضي أبو بكر الاشعري من الورع والدين أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة، لئلا يستحقروا علماء الحق (5).
وعمل بعضهم في موت القاضي: انظر إلى جبل تمشي الرجال به * وانظر إلى القبر ما يحوي من الصلف وانظر إلى صارم الاسلام منغمدا * وانظر إلى درة الاسلام في الصدف (6)
__________
(1) " تبيين كذب المفتري " 218، 219.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 219، و " البداية والنهاية " 11 / 350، وانظر مناظرته في مجلس ملك الروم وأخباره معه في " ترتيب المدارك " 4 / 594 - 601..(3) في " تاريخ بغداد " 5 / 380.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 380، و " الانساب " 2 / 52.
(5) انظر " تبيين كذب المفتري " 220.
(6) البيتان في " تاريخ بغداد " 5 / 382، 383، و " الانساب " 2 / 52، و " تبيين = (*)

(17/192)


مات في ذي القعدة، سنة ثلاث وأربع مئة، وصلى عليه ابنه حسن، وكانت جنازته مشهودة، وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة، وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديا يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين، والذاب عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة.
ثم كان يزور قبره كل جمعة (1).
قيل: ناظر أبو بكر أبا سعيد الهاروني، فأسهب، ووسع العبارة، ثم قال للجماعة: إن أعاد ما قلت، قنعت به عن الجواب.
فقال الهاروني: بل إن أعاد ما قاله، سلمت له (2).

111 - أبو حامد الاسفراييني * الاستاذ العلامة، شيخ الاسلام، أبو حامد، أحمد بن أبي طاهر
__________
= كذب المفتري " 223، 224، و " وفيات الاعيان " 4 / 27، و " الوافي بالوفيات " 3 / 177.
(1) " تبيين كذب المفتري " 221، وانظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 601، 602.
وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " سزكين 2 / 385 - 387، وقد طبع له منها كتاب " إعجاز القرآن " بالقاهرة 1315، 1317 ه على هامش كتاب " الاتقان " للسيوطي، ونشره السيد صقر بالقاهرة عام 1954 م، وكتاب " التمهيد في الرد على الملحدة والرافضة والخوارج والمعتزلة " نشره محمد أبوريده ومحمود الخضيري اعتمادا على مخطوطة باريس غير الكاملة في القاهرة 1947 م وكذلك مكارثي في بيروت 1957، وكتاب " البيان عن الفرق بين
المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسحر ونيرنجيات " نشره مكارثي ببيروت عام 1958.
(2) " وفيات الاعيان " 4 / 269، و " الوافي بالوفيات " 3 / 177.
* طبقات العبادي 107، طبقات الشيرازي 103، تاريخ بغداد 4 / 368 - 370، الانساب 1 / 237، 238، المنتظم 7 / 277، 278، معجم البلدان 1 / 178، طبقات ابن الصلاح الورقة 37 ب، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 208 - 210، وفيات الاعيان 1 / 72 - 74، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 92، دول الاسلام 1 / 243، الوافي بالوفيات 7 / 357، 358، مرآة الجنان 3 / 15، طبقات السبكي 4 / 61 - 74، طبقات الاسنوي 1 / 57، البداية والنهاية 12 / 2، 3، النجوم الزاهرة 4 / 239، طبقات ابن هداية = (*)

(17/193)


محمد بن أحمد الاسفراييني، شيخ الشافعية ببغداد.
ولد سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
وقدم بغداد وله عشرون سنة، فتفقه على أبي الحسن بن المرزبان، وأبي القاسم الداركي.
وبرع في المذهب، وأربى على المتقدمين، وعظم جاهه عند الملوك.
حدث عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الاسماعيلي، وسمع " السنن " من الدار قطني.
حدث عنه تلامذته أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي (1)، والفقيه سليم الرازي، وأبو علي السنجي، وأبو الحسن المحاملي (2)، وآخرون.
قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات ": انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني، وطبق الارض بالاصحاب، وجمع مجلسه ثلاث مئة متفقه (3).
وقال الشيخ محيي الدين النواوي: تعليقة الشيخ أبي حامد في نحو
من خمسين مجلدا، ذكر فيها مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، تفقه عليه جماعة منهم: أبو علي السنجي، وقد تفقه السنجي على القفال أيضا، وهما شيخا طريقتي العراق وخراسان، وعنهما انتشر المذهب (4).
__________
= الله 127 - 128، شذرات الذهب 3 / 178، 179، تاج العروس 9 / 236.
وتقدم الكلام على نسبة " الاسفراييني " في الترجمة (38).
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (29).
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (266).
(3) وانظر " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 209، و " طبقات " السبكي 4 / 62.
(4) " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 210، وانظر سرد سند الفقه الشافعي من طريق = (*)

(17/194)


قال الخطيب (1): حدثونا عن أبي حامد، وكان ثقة، حضرت تدريسه في مسجد ابن المبارك، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبع مئة فقيه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي، لفرح به.
قال الخطيب (2): وحدثني أبو إسحاق الشيرازي قال: سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء ؟ فقال: أبو حامد الاسفراييني.
قال أبو حيان التوحيدي في رسالة له: سمعت الشيخ أبا حامد يقول لطاهر العباداني: لا تعلق كثيرا مما تسمع منا في مجالس الجدل، فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم لوجه الله خالصا، ولو أردنا، لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله، فإنا نطمع في سعة
رحمة الله (3).
قلت: أبو حيان غير معتمد.
قال ابن الصلاح: وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث: " إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها "، فكان الشافعي على رأس المئتين، وابن سريج على رأس الثلاث مئة، وأبو حامد على رأس الاربع مئة (4).
__________
= العراقيين ومن طريق الخراسانيين إلى الامام النووي في " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 17 - 20.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 369.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(3) انظر " طبقات السبكي " 4 / 62.
(4) انظر " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 209، 210، وحديث " إن الله يبعث..." = (*)

(17/195)


وروي عن سليم الرازي قال: كان أبو حامد في أول أمره يحرس في درب، وكان يطالع على زيت الحرس، وإنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة (1).
قال الخطيب (2): مات أبو حامد في شوال، سنة ست وأربع مئة، وكان يوما مشهودا، ودفن في داره، ثم نقل بعد أربع سنين، ودفن بباب حرب، رحمه الله.
ومات معه باديس (3) بن منصور الحميري، صاحب المغرب، وشيخ الصوفية أبو علي الدقاق (4)، وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب (5) المفسر، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي (6)، وشيخ مكة عبيدالله بن محمد
السقطي (7)، وشيخ بغداد أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي (8)، وأبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي بأصبهان، وشيخ المتكلمين أبو بكر بن فورك (9).
__________
= حديث صحيح أخرجه أبو داود (4291) والحاكم 4 / 522، والخطيب 2 / 61، وقد تقدم تخريجه.
(1) انظر " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 210، و " طبقات " السبكي 4 / 64.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(3) سترد ترجمته برقم (126).
(4) انظر ترجمته في تبيين كذب المفتري 226، 227، المنتظم 8 / 7، 8، تذكرة الحفاظ 1064، العبر 3 / 93، الوافي بالوفيات 12 / 165، البداية والنهاية 12 / 13، النجوم الزاهرة 4 / 256، شذرات الذهب 3 / 180، 181، طبقات السبكي 4 / 329، الكامل لابن الاثير 9 / 326.
(5) سترد ترجمته برقم (143).
(6) سترد ترجمته برقم (159).
(7) سترد ترجمته برقم (142).
(8) سترد ترجمته برقم (124).
(9) سترد ترجمته برقم (125).
(*)

(17/196)


أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا إلياس بن أحمد، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم، حدثنا سليم بن أيوب، حدثنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الشعراني، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان ابن موسى، حدثنا ابن المبارك، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن
يعمر قال: ظهرها هنا معبد الجهني، وهو أول من قال في القدر ها هنا.
وذكر الحديث (1).

112 - ابن بيري * المحدث المعمر الصدوق، شيخ واسط، أبو بكر (2) بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيري الواسطي.
آخر أصحاب علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، حدث عنه، وعن محمد بن عثمان بن سمعان، وعبد الله بن عمر بن شوذب، ومحمد ابن الحسين الزعفراني، ومحمد بن يحيى الصولي، وأبي جعفر بن البختري، وأبي علي الحسن بن منصور، وعبد الباقي بن قانع، وعدة، حتى إن خميس بن علي الحوزي (3) زعم أنه سمع من أبي القاسم البغوي،
__________
(1) وهو حديث مطول أخرجه من طرق عن كهمس بهذا الاسناد مسلم (8) في الايمان: باب وصف جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم الاسلام والايمان، وأبو داود (4695) والترمذي (2610) والنسائي 8 / 97.
* الاكمال 1 / 521، سؤالات الحافظ السلفي: 17، 18، الانساب 2 / 365 (بيري)، اللباب 1 / 197، المشتبه 1 / 107، تبصير المنتبه 1 / 113.
(2) واسمه: أحمد.
(3) نسبة إلى الحوز: قرية بإزاء واسط من شرقيها الاعلى، يقال لها: حوز برقة، وجعلها السمعاني نسبة إلى الحويزة بنواحي البصرة، فاستدرك عليه ابن الاثير في " اللباب " وخميس الحوزي ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
(*)

(17/197)


وابن أبي داود (1)، وهذا غلط، قال: وكان ثقة صدوقا، كف بصره بأخرة (2).
حدث عنه: عبد الكريم بن محمد الشروطي، وأبو يعلى حمزة بن الحسن، ومحمد بن علي بن عيسى القارئ، وعلي بن الحسين بن الطيب الصوفي، وأبو غالب بن بشران النحوي، والقاضي أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن الطيب بن كماري (3)، والفقيه أبو الحسين محمد بن علي الشافعي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن مخلد البزاز: الواسطيون وسماع ابن مخلد منه في سنة نيف وأربع مئة، رحمه الله.

113 - ابن خزفة * الشيخ أبو الحسن، علي بن محمد بن علي (4) بن خزفة، الواسطي، الصيدلاني الاديب، راوي " التاريخ الكبير " لاحمد بن أبي خيثمة (5)، عن محمد بن الحسين الزعفراني، عنه، وروى عن محمد بن أحمد بن أبي وطن، وأبي العلاء محمد بن يونس.
وعنه: اللالكائي (6)، ومحمد بن الحسين بن البيطار، وأبو علي غلام
__________
(1) " سؤالات الحافظ السلفي " 17.
(2) " سؤالات الحافظ السلفي " 18.
(3) بفتح الكاف والميم وفي آخرها الراء المهملة بعد الالف.
انظر ترجمة حفيده القاضي أبي اسماعيل في " الانساب " 10 / 467.
* الاكمال 2 / 411، سؤالات الحافظ السلفي ترجمة رقم (17)، تذكرة الحفاظ 3 / 1049، تبصير المنتبه 1 / 429.
(4) في " سؤالات الحافظ السلفي ": " الحسن " بدل " علي ".
(5) المتوفى سنة تسع وسبعين ومئتين، مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (131).
(6) هو أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي، سترد ترجمته برقم (274).

(17/198)


الهراس، وأبو يعلى محمد بن سفيان، وعلي بن عبيدالله العلاف، وإبراهيم بن محمد الجماري (1)، وعدة.
وكان خصيصا بالوزير فخر الملك (2) ونديما له.
توفي في سنة تسع وأربع مئة.

114 - الخزاعي * الشيخ الصدوق، العالم المحدث، أبو القاسم، علي بن أحمد بن محمد بن الحسن، الخزاعي البلخي، من ولد مكلم الذئب أهبان بن عياذ الخزاعي (3)، رضي الله عنه.
سمع من: الهيثم بن كليب الشاشي " مسنده "، وكتاب " الشمائل "، وكتاب " غريب الحديث " لابن قتيبة، وغير ذلك، وطال عمره، وتفرد.
__________
(1) ذكره ابن نقطة في " الاستدراك " 102 ب، وقال: بضم الجيم وتشديد الميم وبعد الالف راء مكسورة، هو أبو البركات إبراهيم بن محمد بن خلف الجماري، واسطي.
وانظر " تبصير المنتبه " 1 / 346، و " سؤالات الحافظ السلفي " ص 30، وستأتي ترجمة ولده محمد ابن إبراهيم في الجزء التاسع عشر.
(2) في الاصل: " فخر الدولة " وهو خطأ، وفخر الملك هذا سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (173).
* العبر 3 / 107، شذرات الذهب 3 / 195.
(3) في الاصل: أهبان بن صيفي، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وهو أهبان بن الاكوع ابن عياذ بن ربيعة الخزاعي، وكان من أصحاب الشجرة، وكان يضحي عن أهله بالشاة الواحدة، وهو الذي كلمه الذئب - وقيل: إن مكلم الذئب هو أهبان بن أوس الاسلمي - قال: كنت في غنم
لي، فشد الذئب على شاة منها، فصاح عليه، فأقعى على ذنبه، قال: فخاطبني، فقال: من لها يوم تشغل عنها ؟ انظر " الاصابة " 1 / 78، و " الاستيعاب " في هامشها 1 / 64، و " تهذيب الكمال " الورقة 127، 128، و " تهذيب التهذيب " 1 / 380.
(*)

(17/199)


وحدث أيضا عن أبيه، والاستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري، وعبد الله بن محمد بن طرخان البلخي، ومحمد بن أحمد بن خنب (1)، وأبي عمرو محمد بن إسحاق العصفري، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، ومحمد بن أحمد السلمي، وطائفة.
وارتحل في كبره، فحدث ببخارى، وبلخ وسمرقند ونسف.
وكان مولده في رجب سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
حدث عنه جماعة من أهل تلك الديار، وآخر أصحابه موتا أحمد بن محمد الخليلي الدهقان.
مات ببخارى في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مئة.

115 - السليماني * الامام الحافظ المعمر، محدث ما وراء النهر، أبو الفضل، أحمد بن علي بن عمرو (2) بن حمد (3) بن إبراهيم بن يوسف بن عنبر، سبط أحمد بن سليمان، السليماني البيكندي البخاري.
ولد سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.
__________
(1) بفتح الخاء المعجمة، بعدها نون ساكنة، ثم باء موحدة.
" تبصير المنتبه " 1 / 268.
* الانساب 7 / 122، معجم البلدان 1 / 533، اللباب 2 / 132، طبقات ابن الصلاح الورقة 34 ب، العبر 3 / 87، تذكرة الحفاظ 3 / 1036، 1037، الوافي بالوفيات 7 /
216، 217، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 41، 42، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 40، طبقات الحفاظ: 409، شذرات الذهب 3 / 172، هدية العارفين 1 / 71.
(2) في " معجم البلدان ": عمر.
(3) في " الانساب "، و " طبقات " السبكي، و " طبقات " الاسنوي: أحمد.
(*)

(17/200)


وسمع محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، وعلي بن سختويه، وعلي بن إبراهيم بن معاوية، ومحمد بن إسحاق الخزاعي، ومحمد بن صابر بن كاتب، وصالح بن زهير البخاريين، وعلي بن إسحاق المادرائي (1)، وأبا العباس الاصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وطبقتهم، وتفرد بالرواية عن ابن حمدويه وغيره.
قال أبو سعد السمعاني في " الانساب " (2): السليماني منسوب إلى جده لامه: أحمد بن سليمان البيكندي، له التصانيف الكبار، رحل إلى الآفاق، ولم يكن له نظير في زمانه إسنادا وحفظا ودراية وإتقانا، وكان يصنف في كل جمعة شيئا، ويدخل من بيكند إلى بخارى، ويحدث بما صنف.
حدث عنه: جعفر بن محمد المستغفري، وولده أبو ذر محمد بن جعفر، وجماعة لا نعرفهم بتلك الديار.
قال أبو سعد (3): توفي في ذي القعدة، سنة أربع وأربع مئة وله ثلاث وتسعون سنة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عثمان بن علي البيكندي، أخبرنا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي إملاء، حدثنا أبو سهل أحمد بن علي الابيوردي، أخبرنا أحمد بن عمرو السليماني، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد السمرقندي، حدثنا أبو
الفضل محمد بن إبراهيم السمرقندي، حدثنا عيسى بن مينا، حدثنا محمد
__________
(1) في " اللباب ": نسبة إلى مادرايا، وظني أنها من أعمال البصرة.
ثم أورد ترجمة علي ابن إسحاق هذا.
(2) 7 / 122.
(3) في " الانساب " 7 / 123.
(*)

(17/201)


ابن جعفر بن أبي كثير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر " (1).
أخبرنا الحسن بن علي بن يونس، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت عبد الاول، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن علي الحافظ ببيكند، حدثنا محمد بن إبراهيم بن عيسى الخوارزمي الشافعي، حدثنا محمد بن إسحاق الدمشقي، حدثني محمد بن حمدان البلخي، حدثنا محمد بن نهشل المروزي، حدثنا موسى بن مسعود، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنى لا يكتب الحديث (2).
رأيت للسليماني كتابا فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه.
__________
(1) عيسى بن مينا: وهو المدني المقرئ صاحب نافع الملقب بقالون، ثبت في القراءة، وفي الحديث يصلح للاعتبار، وباقي رجاله ثقات، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 935، ونسبه للطبري في تهذيبه، وأخرجه مطولا الامام أحمد 2 / 436 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، حدثنا سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم
وقام، فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله: غضبت وقمت، قال: إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله، وقع الشيطان، فلم أكن لاقعد مع الشيطان، ثم قال: يا أبا بكر ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عزوجل إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عزوجل بها قلة ".
وهذا سند حسن، وفي الباب عن أبي كبشة عمر بن سعد الانماري عند أحمد 4 / 231، والترمذي (2335) وابن ماجة (4228) وقال الترمذي: حسن صحيح وهو كما قال، وعن عبدالرحمن بن عوف عند أحمد 1 / 193 والبزار (929) وقال: وفيه رجل لم يسم.
(2) ألم يقل الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر اخرى).
فولد الزنى إذا كان حافظا صادقا ثقة ضابطا لما يروي، فهو كغيره من الثقات يكتب الحديث، ويروى عنه، وينتفع بعلمه.
(*)

(17/202)


116 - ابن حامد * شيخ الحنابلة، ومفتيهم، أبو عبد الله، الحسن بن حامد بن علي بن مروان، البغدادي الوراق، مصنف كتاب " الجامع " في عشرين مجلدا في الاختلاف.
روى عن: أبي بكر النجاد، وأبي بكر الشافعي، وابن سلم الختلي (1).
روى عنه: أبو علي الاهوازي (2)، وأبو طالب العشاري (3)، والقاضي أبو يعلى (4)، وتفقه عليه، والمقرئ أبو بكر الخياط (5).
وكان يتقوت من النسخ، ويكثر الحج (6).
وهو أكبر تلامذة أبي بكر (7) غلام الخلال.
__________
* تاريخ بغداد 7 / 303، طبقات الحنابلة 2 / 171 - 177، مناقب الامام أحمد لابن
الجوزي: 625، المنتظم 7 / 263، 264، الكامل في التاريخ 9 / 242، دول الاسلام 1 / 242، العبر 3 / 84، الوافي بالوفيات 11 / 415، البداية والنهاية 11 / 349، النجوم الزاهرة 4 / 232، شذرات الذهب 3 / 166، 167، تاريخ التراث العربي لسزكين 2 / 218.
(1) هو أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي، أخو محمد وعمر، مرت تراجمهم في الجزء السادس عشر.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (11).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (21).
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (40).
(5) هو محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، البغدادي، المعروف بالخياط، متوفى سنة 467.
" غاية النهاية " 2 / 208.
(6) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 177.
(7) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الحنبلي، المعروف بغلام الخلال، متوفى سنة 363، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/203)


هلك شهيدا في أخذ الوفد سنة ثلاث وأربع مئة (1).

117 - ابن وجه الجنة * الشيخ الثقة المعمر، أبو بكر، يحيى بن عبدالرحمن بن مسعود بن موسى، القرطبي، عرف بابن وجه الجنة.
سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وابن حزم الصدفي، وأحمد بن مطرف.
وكان خيرا دينا، من عدول القاضي أبي بكر بن السليم، وكان يلتزم
صنعة الخز.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وطائفة.
مولده في سنة اربع وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربع مئة.
وهو أكبر شيخ لقيه ابن حزم.
__________
(1) قال المؤلف في " العبر " حوادث سنة 403: فيها أخذ الركب العراقي وتسمى نوبة واقصة، نزل فليتة الخفاجي قبحه الله في ست مئة بواقصة، فغور المياه، وطرح الحنظل في الآبار، فلما جاء الركب إلى العقبة، حبسهم ومنعهم العبور إلا بخمسين ألف دينار، فخافوا وضعفوا وعطشوا، فهجم الملعون عليهم، فلم يكن عندهم منعة، وسلموا أنفسهم، فاحتوى على الجمال بالاحمال، واستاقها، وهلك الركب إلا القليل، فقيل: إنه هلك خمسة عشر ألف إنسان، فأمر فخر الملك الوزير علي بن مزيد، فأدركهم بناحية البصرة، فظفر بهم، وقتل طائفة كبيرة، وأسر والد فليتة والاشتر وأربعة عشر رجلا، ووجدوا أموال الناس قد تمزقت، فانتزع ما أمكنه، فعطشوا الاسرى على جانب دجلة يرون الماء ولا يسقون حتى هلكوا.
" العبر " 3 / 82، 83.
* الصلة 2 / 663، العبر 3 / 82، شذرات الذهب 3 / 165.
(*)

(17/204)


118 - ابن الرسان * الشيخ الجليل الثقة المحدث، أبو القاسم، أحمد بن فتح بن عبد الله ابن علي القرطبي، التاجر السفار، المعروف بابن الرسان.
حج، وأخذ عن أبي الحسن عتبة الرازي، وحمزة الكناني، والحسن ابن رشيق، وإسحاق بن إبراهيم فقيه قرطبة، وحمل " صحيح مسلم " عن أبي العلاء بن ماهان.
روى عنه: الصاحبان: ابن ميمون وابن شنظير، ويونس بن عبد الله، ومحمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر، والخولاني، وقال: هو رجل صالح على هدى وسنة، صنف في الفرائض، وكان عنده فوائد جمة عوال (1).
وقال غيره: مات عن أربع وثمانين سنة في شهر ربيع الاول، مختفيا بعد طلب شديد بسبب مصادرة وعسف.
وقد روى ابن حزم في تواليفه عن رجل عنه.
مات سنة ثلاث وأربع مئة.

119 - لحية الزبل * * الامام المحدث الثقة، شيخ اللغة، أبو عثمان، سعيد بن عثمان بن
__________
* الصلة لابن بشكوال 1 / 26.
(1) انظر " الصلة " لابن بشكوال 1 / 26.
* * الصلة 1 / 208 - 210 وتحرف فيه إلى " الذبل " بالذال، تلخيص ابن مكتوم 78، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 351، 352، بغية الوعاة 1 / 585.
(*)

(17/205)


سعيد، البربري الاندلسي، ابن القزاز، اللغوي القرطبي، تلميذ أبي علي القالي.
مولده في سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله ابن أبي دليم، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، وسعيد بن جابر، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وجماعة
وكان أحد الثقات.
عدم في وقعة الاندلس (1)، في ربيع الاول سنة أربع مئة.

120 - ابن المكوي * عالم الاندلس، وشيخ المالكية، أبو عمر، أحمد بن عبدالملك بن هاشم، الاشبيلي، ابن المكوي.
تفقه على إسحاق بن إبراهيم الفقيه (2).
وبرع، وفاق الاقران، وانتهت إليه معرفة المذهب وغوامضه مع
__________
(1) هي الملحمة الكبرى التي جرت حين قصد المستعين بالله سليمان بن الحكم قرطبة، فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم، وقتل اثنا عشر ألفا، منهم عدة من العلماء والصلحاء.
انظر ترجمة المستعين المتقدمة برقم (79).
* جذوة المقتبس: 132، ترتيب المدارك 4 / 635 - 642، الصلة لابن بشكوال 1 / 22، العبر 3 / 74، 75، الوافي بالوفيات 7 / 144، مرآة الجنان 3 / 3، الديباج المذهب 1 / 176، 177، كشف الظنون 1 / 81، شذرات الذهب 3 / 161، هدية العارفين 1 / 71 وتحرف فيه إلى " ابن المكري " بالراء، شجرة النور الزكية: 102.
(2) المتوفى سنة 352، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/206)


الصلابة في الدين، والبعد عن الهوى، والانصاف في النظر.
صنف هو والعلامة أبو بكر المعيطي (1) معا كتاب " الاستيعاب " (2) في المذهب، في مئة جزء، لصاحب الاندلس المستنصر (3)، فسر بذلك، ووصلهما بمبلغ، وقدمهما للشورى.
تفقه على ابن المكوي أبو عمر بن عبد البر، وأخذ عنه " المدونة ".
مات فجأة في جمادى الاولى، سنة إحدى وأربع مئة عن سبع وسبعين
سنة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله.

121 الصعلوكي * العلامة، شيخ الشافعية بخراسان، الامام أبو الطيب، سهل بن الامام أبي سهل محمد بن سليمان بن محمد، العجلي الحنفي، ثم الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي.
تفقه على والده.
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن عبيدالله بن الوليد القرشي المعيطي، الامام الفقيه العالم المتفنن، متوفى سنة 367 ه.
انظر ترجمته في تاريخ علماء الاندلس لابن الفرضي 2 / 78، ترتيب المدارك 4 / 633 - 635، الديباج المذهب 2 / 225، شجرة النور الزكية 1 / 99.
(2) انظر خبر تأليف هذا الكتاب في " ترتيب المدارك " 4 / 634، 635، و " الديباج المذهب " 2 / 226، و " شجرة النور " 1 / 99.
(3) هو الحكم بن عبدالرحمن بن محمد، المستنصر بالله، أمير المؤمنين في الاندلس، متوفى سنة 366 ه، مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (63) وفي الجزء السادس عشر.
* طبقات الشافعية للعبادي: 103، طبقات الشافعية للشيرازي: 100، الانساب 8 / 64، تبيين كذب المفتري: 211 - 214، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 238، 239، وفيات الاعيان 2 / 435، 436، العبر 3 / 88، دول الاسلام 1 / 242، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 393 - 404، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 126، 127، البداية والنهاية 11 / 324 و 347، طبقات ابن هداية الله 122، 123، شذرات الذهب 3 / 172.
(*)

(17/207)


وسمع من: أبي العباس الاصم، وأبي علي الرفاء، وطائفة.
ودرس وتخرج به أئمة.
قال الحاكم: هو من أنظر من رأينا، تخرج به جماعة، وحدث
وأملى.
قال: وبلغني أنه كان في مجلسه أكثر من خمس مئة محبرة (1).
وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان أبو الطيب فقيها أديبا، جمع رئاسة الدنيا والدين، وأخذ عنه فقهاء نيسابور (2).
وقال الحاكم: كان أبوه يجله، ويقول: سهل والد (3).
قلت: حدث عنه الحاكم وهو أكبر منه، وأبو بكر البيهقى (4)، وأبو نصر محمد بن سهل الشاذياخي، وآخرون.
وله ألفاظ بديعة، منها: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه.
وقال: إذا كان رضى الخلق معسورا لا يدرك، كان [ رضى الله ] ميسورا لا يترك، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العسرة.
وكان بعض العلماء يعد أبا الطيب المجدد لامة دينها على رأس الاربع مئة، وبعضهم عد ابن الباقلاني، وبعضهم عد الشيخ أبا حامد
__________
(1) انظر " الانساب " 8 / 64، و " تبيين كذب المفتري ": 211، 212، و " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 238، و " طبقات " السبكي 4 / 394، و " طبقات " الاسنوي 2 / 126.
(2) انظر " تهذيب الاسماء واللغات " 1 / 239، و " طبقات " السبكي 4 / 394، و " طبقات " الاسنوي 2 / 126.
(3) " تبيين كذب المفتري ": 212، و " طبقات " السبكي 4 / 395.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (86).
(*)

(17/208)


الاسفراييني، وهو أرجح الثلاثة (1).
توفي الامام أبو الطيب في رجب، سنة أربع وأربع مئة في عشر
الثمانين، رحمه الله تعالى.
وفيها توفي السليماني (2)، وشيخ القراء أبو الفرج عبدالملك بن بكران النهرواني (3)، وقاضي قرطبة أبو بكر يحيى بن عبدالرحمن بن واقد المالكي، والحافظ أبو محمد حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي مؤلف " السنن الكبير ".

122 - ابن الليث * الامام الحافظ الفقيه، العلامة أبو علي، الحسن بن أحمد بن محمد ابن الليث الكشي (4)، ثم الشيرازي الشافعي، من أعيان القراء والحفاظ والفقهاء.
ولد في حدود العشرين وثلاث مئة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وأبي العباس الاصم، ومحمد بن يعقوب بن الاخرم، وعبد الله بن درستويه النحوي، والحافظ الحسن بن عبدالرحمن الرامهرمزي.
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري ": 212، 213.
(2) تقدمت ترجمته برقم (115).
(3) انظر ترجمته في العبر 3 / 88، معرفة القراء الكبار 1 / 298، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 467، 468، شذرات الذهب 3 / 173.
* الانساب (الكشي) 10 / 441 و (الليثي) اللباب، 3 / 100 و 138، تذكرة الحفاظ 3 / 1037، 1038، طبقات السبكي 4 / 302، 303، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 207، طبقات الحفاظ: 409، شذرات الذهب 3 / 175.
(4) نسبة إلى كشي: اسم جد أبي علي صاحب الترجمة.
" الانساب " و " اللباب ".
(*)

(17/209)


وارتحل وجمع، وشارك في الفضائل، وروى الكثير ببلاد فارس.
سمع منه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: هو متقدم في معرفة القراءات، حافظ للحديث، رحال، قدم علينا أيام الاصم، ثم قدم علينا في سنة ثلاث وخمسين (1).
وذكر أبو عمرو بن الصلاح أبا علي بن الليث في " طبقات الشافعية " مختصرا، وقال: هو والد الليث وأبي بكر (2).
ذكره أيضا أبو عبد الله القصار في " طبقات أهل شيراز "، وأثنى عليه كثيرا، ثم قال: ومن أصحابه زيد بن عمر الحافظ، ومحمد بن موسى الحافظ، وأحمد بن عبدالرحمن الحافظ.
قال: وتوفي لثمان عشرة مضت من شعبان سنة خمس وأربع مئة (3).
قلت: ومات ابنه محمد في سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، ويكنى أبا بكر.
حدث عن: أبي بكر بن المقرئ.
وقيل: بل توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة، فيحرر هذا (4).
وقد ذكر الحافظ يحيى بن مندة: أن الحافظ أبا الشيخ مع تقدمه روى عن أبي علي بن الليث حديثا.
فهذا من رواية الشيوخ عن التلامذة.

123 - ابن فطيس * الامام العلامة الحافظ، ذو الفنون، قاضي الجماعة، أبو المطرف،
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1038، و " طبقات " السبكي 4 / 303.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1038.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
* ترتيب المدارك 4 / 671، 672، الصلة 1 / 309 - 313، بغية الملتمس 356، = (*)

(17/210)


عبدالرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس (4) بن أصبغ بن فطيس (2)، القرطبي المالكي.
حدث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي الحسن الانطاكي، وأبي محمد الاصيلي، وأبي محمد ابن عبدالمؤمن، وعدة.
وأجاز له الحسن بن رشيق (3)، والقاضي أبو بكر الابهري، وطائفة.
وكان حافظا ناقدا جهبذا، مجودا محققا، بصيرا بالعلل والرجال، مع قوته في الفقه والفضائل، وكان يملي من حفظه (4).
حدث عنه: الصاحبان، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر بن سميق، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وحاتم بن محمد، وآخرون.
صنف كتاب " القصص " وهو ثلاث مجلدات، وكتاب " أسباب النزول " في مئة جزء، وكتاب " فضائل الصحابة " في مئة جزء، وكتاب " فضائل التابعين " في سبع مجلدات، وكتاب " الناسخ والمنسوخ " ثلاثون
__________
= المغرب في حلي المغرب 1 / 216، العبر 3 / 78، 79، تذكرة الحفاظ 3 / 1061، مرآة الجنان 3 / 4، الديباج المذهب 1 / 478، النجوم الزاهرة 4 / 231، طبقات الحفاظ 414، 415، طبقات المفسرين 1 / 285 - 287، شذرات الذهب 3 / 163، هدية العارفين 1 / 515، الرسالة المستطرفة 58، شجرة النور 1 / 102.
(1) قال في " الديباج ": واسم هذا: سليمان، وفطيس لقب له.
وقد تحرف في " الصلة " إلى " فطين ".
(2) في " الصلة ":...أصبغ بن فطيس بن سليمان، واسم فطيس بن سليمان: عثمان، وفطيس لقب له، واسم في ولده، كذا ذكر أبو عمر بن عبد البر.
(3) المتوفى سنة 370 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) انظر " الصلة " 1 / 310.
(*)

(17/211)


جزءا، وكتاب " الاخوة من أهل العلم " مجلدان، وكتاب " أعلام النبوة " في عشرة أسفار، وكتاب " الكرامات " في مجلدين، و " مسند " محمد بن فطيس، خمسون جزءا، و " مسند " قاسم بن أصبغ العوالي، ثلاث مجلدات، وكتاب " المناولة والاجازة " مجلد.
وكان قد ولي الوزارة للمظفر بن أبي عامر، فلما أن ولي القضاء، ترك زي الوزراء.
وكان عادلا، شديدا في أحكامه (1)، بحرا من بحور العلم، عظيم الخطر (2).
عاش خمسا وخمسين سنة، وتوفي في نصف ذي القعدة، سنة اثنتين وأربع مئة، وصلى عليه ولده محمد، رحمه الله.

124 - أبو أحمد الفرضي * الامام القدوة، شيخ العراق، أبو أحمد، عبيدالله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أبي مسلم، البغدادي الفرضي المقرئ.
تلا على ابن بويان (3).
__________
(1) قال في المغرب 1 / 216: إلا أنه كان يخلط صرامته ببطش وعجلة وحدة لا تليق بالاحكام.
(2) انظر " الصلة " 1 / 311 و 312.
* تاريخ بغداد 10 / 380 - 382، الانساب 9 / 272، 273، اللباب 2 / 422، معرفة القراء الكبار 1 / 292 - 294، العبر 3 / 94، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 491، 492، شذرات الذهب 3 / 181.
(3) هو أبو الحسين أحمد بن عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان، الخراساني البغدادي،
ثقة كبير مشهور ضابط، متوفي سنة 344.
مترجم في " معرفة القراء الكبار " 1 / 235، 236، و " غاية النهاية " لابن الجزري ترجمة رقم (362).
(*)

(17/212)


وسمع من القاضي المحاملي (1)، ويوسف بن البهلول الازرق، وحضر مجلس أبي بكر بن الانباري.
تلا عليه: أبو بكر بن موسى الخياط، وأبو علي [ غلام ] الهراس (2)، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وجماعة.
وروى عنه: أبو محمد الخلال، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وعلي بن البسري، وعلي بن محمد بن محمد الانباري الخطيب، وآخرون.
قال الخطيب (3): كان ثقة ورعا دينا.
وقال العتيقي: ما رأيت في معناه مثله (4).
وقال الازهري: عبيدالله كان إماما من الائمة (5).
قال عيسى بن أحمد الهمذاني: كان أبو أحمد إذا جاء إلى أبي حامد الاسفراييني، قام ومشى حافيا إلى باب مسجده مستقبلا له (6).
وقال منصور الفقيه: لم أر في الشيوخ من يعلم لله غير أبي أحمد
__________
(1) هو أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي، صاحب " المحامليات " المتوفى سنة 330 ه، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) سقط من الاصل لفظ " غلام " والصواب إثباته، وهو أبو علي الحسن بن القاسم بن علي الواسطي، المقرئ شيخ القراء، المعروف بغلام الهراس، متوفى سنة ثمان وستين وأربع مئة، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 344 - 346، وابن الجزري في " غاية النهاية " ترجمة رقم (1040).
(3) في " تاريخ بغداد " 10 / 380.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
(6) " تاريخ بغداد " 10 / 380، 381، و " الانساب " 9 / 273.
(*)

(17/213)


الفرضي، اجتمعت فيه أدوات من علم وقرآن وإسناد، وحالة من الدنيا متسعة، وكان مع ذلك أورع الخلق، لم أر مثله (1).
قلت: توفي في شوال سنة ست وأربع مئة وله اثنتان وثمانون سنة.
وقد استوفيت أمره في " طبقات المقرئين " (2).
سمعت قراءة قالون على عمر بن عبد المنعم (3)، قال: أنبأني أبو اليمن الكندي قال: تلوت بها على هبة الله بن الطبر قال: قرأت بها على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط سنة إحدى وستين وأربع مئة، قال: قرأت بها على أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن أبي حسان، عن أبي نشيط، عن قالون صاحب نافع.

125 - ابن فورك * الامام العلامة الصالح، شيخ المتكلمين، أبو بكر، محمد بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 381، و " الانساب " 9 / 273.
(2) 1 / 292 - 294.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 107، فقال: عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن عزيز، الثقة المعمر مسند وقته، ناصر الدين، أبو القاسم وأبو حفص، الطائي الدمشقي، ابن القواس، ولد سنة خمس وست مئة ظنا...إلى أن قال: وروى الكثير، وتفرد في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، وخرج له أبو عمرو المقاتلي مشيخة وأنا أخرى، وقرأت عليه
" المبهج " في القراءات السبعة لابن مجاهد، و " الكفاية " في القراءات الست، وسمعت منه نحوا من ثمانين جزءا، ونعم الشيخ كان دينا وتواضعا ولطفا وحسن أخلاق ومحبة للحديث...وكان له بستان كبير بعربيل يقوم به، ويقيم غالبا فيه، وقد حج في سنة ثمان وعشرين وست مئة، ومات في ثاني ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وست مئة.
* الرسالة القشيرية 310، تبيين كذب المفتري 232، إنباه الرواة 3 / 110، 111، طبقات ابن الصلاح الورقة 8، وفيات الاعيان 4 / 272، 273، العبر 1 / 95، تلخيص ابن مكتوم 203، الوافي بالوفيات 2 / 344، مرآة الجنان 3 / 17، 18، طبقات السبكي 4 / = (*)

(17/214)


الحسن بن فورك الاصبهاني.
سمع " مسند " أبي داود الطيالسي من عبد الله بن جعفر بن فارس، وسمع من ابن خرزاذ الاهوازي.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
وصنف التصانيف الكثيرة (1).
قال عبد الغافر في " سياق التاريخ ": الاستاذ أبو بكر قبره بالحيرة يستسقى به.
وقال القاضي ابن خلكان (2) فيه: أبو بكر الاصولي، الاديب النحوي الواعظ، درس بالعراق مدة، ثم توجه إلى الري، فسعت به المبتدعة - يعني الكرامية - فراسله أهل نيسابور، فورد عليهم، وبنوا له مدرسة ودارا، وظهرت بركته على المتفقهة، وبلغت مصنفاته قريبا من مئة مصنف، ودعي إلى مدينة غزنة، وجرت له بها مناظرات، وكان شديد الرد على ابن كرام، ثم عاد إلى نيسابور، فسم في الطريق، فمات بقرب بست، ونقل إلى
نيسابور، ومشهده بالحيرة يزار، ويستجاب الدعاء عنده.
__________
= 127 - 135، طبقات الاسنوي 2 / 266، 267، النجوم الزاهرة 4 / 240، تاج التراجم 46، شذرات الذهب 3 / 181، 182، تاج العروس 7 / 167، إيضاح المكنون 1 / 475 و 2 / 489، هدية العارفين 2 / 60.
وفورك: ضبطها ابن خلكان والسمعاني وابن الاثير والصفدي والسيوطي وابن العماد بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وبعدها كاف، وضبطها الزبيدي بضم الفاء وفتحها.
(1) انظر مصنفاته وأماكن وجودها في مكتبات العالم في " تاريخ " بروكلمان النسخة العربية 3 / 218، 219.
(2) في " وفيات الاعيان " 4 / 272.
(*)

(17/215)


قلت: كان أشعريا، رأسا في فن الكلام، أخذ عن أبي الحسن الباهلي صاحب الاشعري.
وقال عبد الغافر: دعا أبو علي الدقاق في مجلسه لطائفة، فقيل: ألا دعوت لابن فورك ؟ قال: كيف أدعو له، وكنت البارحة أقسم على الله بإيمانه أن يشفيني (1) ؟.
قلت: حمل مقيدا إلى شيراز للعقائد (2).
ونقل أبو الوليد الباجي أن السلطان محمودا سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان رسول الله، وأما اليوم فلا.
فأمر بقتله بالسم (3).
وقال ابن حزم: كان يقول: إن روح رسول الله قد بطلت، وتلاشت، وما هي في الجنة.
قلت: وقد روى عنه الحاكم حديثا، وتوفي قبله بسنة واحدة.

126 - باديس * ابن منصور بن يوسف بن بلكين بن زيري، صاحب المغرب، وابن ملوكها من جهة العبيدية، أبو مناد الصنهاجي.
ولي ممالك إفريقية للحاكم، فلقبه: نصير الدولة.
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 232، 233، و " طبقات " السبكي 4 / 128.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 293، و " طبقات " السبكي 4 / 130.
(3) انظر ذكر محنته في " طبقات " السبكي 4 / 130 - 133.
* الكامل لابن الاثير 9 / 127 و 152 - 154 و 253 - 256، وفيات الاعيان 1 / 265، 266، البيان المغرب 1 / 247، الوافي بالوفيات 10 / 68، 69، البداية والنهاية 12 / 4، تاريخ ابن خلدون 6 / 157، أعمال الاعلام القسم الثالث: 69، الخلاصة النقية 46، المختصر في أخبار البشر 1 / 144.
(*)

(17/216)


وكان سائسا حازما، شديد البأس، إذا هز رمحا، كسره (1).
مولده سنة أربع وسبعين وثلاث مئة.
وفي سنة ست وأربع مئة أمر جيشه بالعرض، فسره حسن شارتهم وهيئتهم، ثم مد السماط وأكل، فمات فجأة لليلته، فأخفوا موته، ورتبوا في الملك أخاه كرامت، ثم عطفوا، فبايعوا ابنه المعز بن باديس (2).
ويقال: مات بالخوانيق، دعا عليه الصالح محرز الطرابلسي المؤدب، لكونه هم بخراب طرابلس المغرب (3).
وصنهاجة من حمير بالكسر.
وقال ابن دريد: لا يجوز إلا ضم الصاد (4).

127 - ابن اللبان * الامام العلامة الكبير، إمام الفرضيين في الآفاق، أبو الحسين،محمد بن عبد الله بن الحسن، البصري، ابن اللبان، الفرضي الشافعي.
سمع أبا العباس محمد بن أحمد الاثرم، وابن داسه، وحدث عنه
__________
(1) " وفيات الاعيان " 1 / 265.
(2) " وفيات الاعيان " 1 / 265، 266، و " الكامل " 9 / 256.
(3) " وفيات الاعيان " 1 / 266.
(4) ونقل الزبيدي في " التاج " 2 / 67 عن الشيخ محمد بن الطيب الفاسي صاحب الحاشية على " القاموس " قوله: " والمعروف عندنا الفتح خاصة في القبيلة بحيث لا يكادون يعرفون غيره " ففيها الحركات الثلاثة.
* طبقات العبادي 100، تاريخ بغداد 5 / 472، طبقات الشيرازي 120، الانساب (اللبان)، اللباب 3 / 126، طبقات ابن الصلاح الورقة 14 / ب، العبر 3 / 80، 81، الوافي بالوفيات 3 / 319، مرآة الجنان 3 / 5، طبقات السبكي 4 / 154، 155، طبقات الاسنوي 2 / 362، 363، النجوم الزاهرة 4 / 231، طبقات ابن هداية الله 119، 120، كشف الظنون 1 / 206، شذرات الذهب 3 / 164، 165، هدية العارفين 2 / 59.
(*)

(17/217)


ببغداد ب " سنن أبي داود "، فسمعها منه القاضي أبو الطيب الطبري.
وثقه أبو بكر الخطيب، وقال: انتهى إليه علم الفرائض، صنف فيها كتبا (1)، وتوفي في ربيع الاول، سنة اثنتين وأربع مئة (2).
قلت: أظنه من أبناء الثمانين.
قيل: إنه كان يقول: ليس في الدنيا فرضي إلا من أصحابي، أو أصحاب أصحابي، أو لا يحسن شيئا (3).
قال أبو إسحاق الشيرازي: كان ابن اللبان إماما في الفقه والفرائض، صنف فيها كتبا ليس لاحد مثلها، أخذ عنه أئمة وعلماء (4).
وقال ابن أرسلان (5) في " تاريخه ": دخل ابن اللبان خوارزم في دولة
__________
(1) منها كتاب " الايجاز في الفرائض ".
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 472.
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 155، و " طبقات " الاسنوي 2 / 363.
(4) وانظر " طبقات " السبكي 4 / 154.
(5) هو الامام المحدث الفقيه المؤ رخ، مظهر الدين، أبو محمد، محمود بن محمد بن العباس بن أرسلان العباسي الخوارزمي، ولد بخوارزم سنة 492، وصنف " الكافي " في الفقه و " تاريخ خوارزم "، توفي سنة 568.
أنظر ترجمته في " طبقات " السبكي 7 / 289 - 291، و " طبقات " الاسنوي 2 / 352، و " هدية العارفين " 2 / 403، وكتابه " تاريخ خوارزم " ذكر حاجي خليفة في " كشف الظنون " 1 / 293، 294 أن الذهبي قد اختصره، وذكر السخاوي في " الاعلان " ص 126 أن الذهبي انتقى منه.
ونقل السبكي في " طبقاته الكبرى " 7 / 289 عن الذهبي قوله: ووقفت على الجزء الاول منه.
ثم قال السبكي: ووقفت على المجلد الاول من " تاريخه " وهو الذي وقف عليه شيخنا الذهبي وهو من قسمة ثمانية أجزاء ضخمة.
وذكر التقي الفاسي في " العقد الثمين " 1 / 292 أنه نقل ترجمة محمد بن أحمد بن أبي سعيد المكي من خط الحافظ الذهبي فيما انتقاه من المجلد الاول من " تاريخ خوارزم " إذن فكلام السخاوي والسبكي والفاسي يدل على أن الذهبي انتقى من المجلد الاول فقط وهو الذي وقف عليه، ولم يختصر جميع الكتاب كما ذكر حاجي خليفة.
(*)

(17/218)


مأمون بن محمد بن علي بن مأمون خوارزم شاه، فأكرمه، وبره، وبالغ، وبنى له مدرسة ببغداد ينزل فيها فقهاء خوارزم، فكان أبو الحسين يدرس بها، وكان خوارزم شاه يبعث إليه كل سنة بمال.
قال ابن أرسلان: وأنا رأيت هذه المدرسة وقد خربت بقرب قطيعة
الربيع (1).

128 - أبو علي الروذباري * الامام المسند، أبو علي، الحسين بن محمد بن محمد بن علي بن حاتم، الروذباري الطوسي.
سمع إسماعيل الصفار، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وابن داسة، والحسين بن الحسن الطوسي، وطائفة.
وحدث ب " سنن " أبي داود بنيسابور، وعقد له مجلس في الجامع، ثم مرض، ورد إلى وطنه بالطابران، فتوفي في ربيع الاول سنة ثلاث وأربع مئة (2).
قلت: حدث عنه الحاكم وهو من أقرانه، وأبو بكر البيهقي، وأبو
__________
(1) وهي منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه وهو والد الفضل وزير المنصور، وكانت قطيعة الربيع بالكرخ مزارع الناس من قرية يقال لها بياوري من أعمال بادوريا، وهما قطيعتان خارجة وداخلة، فالداخلة أقطعه إياها المنصور، والخارجة أقطعه إياها المهدي، وكان التجار يسكنونها حتى صارت ملكا لهم دون ولد الربيع.
" معجم البلدان " 4 / 377.
* الانساب 6 / 180، اللباب 2 / 41، العبر 3 / 85، شذرات الذهب 3 / 168.
قال السمعاني في نسبته الروذباري: هذه اللفظة لمواضع عند الانهار الكبيرة يقال لها الروذبار، وهي في بلاد متفرقة، منها موضع على باب الطابران بطوس يقال لها الروذبار، وكنت قد نزلت مرة من المرار بباب الروذبار.
(2) " الانساب " 6 / 180.
(*)

(17/219)


الفتح نصر بن علي الطوسي، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وعدد كثير نيف على الثمانين.

129 - ابن ثرثال * الشيخ المعمر المسند، أبو الحسن، أحمد بن عبد العزيز بن أحمد ابن حامد بن محمود بن ثرثال، التيمي (1) البغدادي، نزيل مصر.
حدث بجزء واحد - وما كان معه سواه - عن القاضي أبي عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإبراهيم بن محمد بن بطحاء.
وكان مولده في سنة سبع عشرة وثلاث مئة، وسماعه في سنة ست وعشرين.
حدث عنه: محمد بن علي الصوري، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وخلف بن أحمد الحوفي، وأبو إسحاق إبراهيم الحبال، وآخرون.
وثقه الخطيب (2).
مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربع مئة.
وفيها توفي المقرئ أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الفحام
__________
* تاريخ بغداد 4 / 257، 258، الانساب 3 / 114، اللباب 1 / 232، العبر 3 / 98، شذرات الذهب 3 / 187، تاج العروس 7 / 243، حسن المحاضرة 1 / 372، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 371.
(1) نسبة إلى تيم الله بن ثعلبة، ولذا جاءت نسبته، في " تاريخ بغداد " و " الانساب " و " اللباب ": التيملي.
(2) في " تاريخه " 4 / 258.
(*)

(17/220)


السامري، وأبو محمد بن البيع، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني (1)، وأبو الفضل بن بديل الخزاعي المقرئ، وأبو عمر محمد بن الحسين
البسطامي (2).

130 - ابن البيع * الشيخ المعمر، مسند بغداد، أبو محمد، عبد الله بن عبيدالله بن يحيى، البغدادي المؤدب، عرف بابن البيع.
[ حدث ] عن القاضي أبي عبد الله المحاملي ب " الدعاء " له، وبعدة أجزاء تفرد بها.
حدث عنه: أبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وأخوه أبو محمد أحمد، وأبو الفضل بن البقال عمر بن عبيدالله، وعبد الرحمن بن أحمد الدجاجي، ومحمد بن محمد العكبري، وأبو الخطاب نصر بن البطر.
قال الخطيب (3): كان يسكن بدرب اليهود، وكان ثقة، لم أرزق السماع منه، وأعرف لما ذهبوا إليه، فلم أذهب لاجل الحر، مات في رجب سنة ثمان وأربع مئة، وله سبع وثمانون سنة.

131 - ابن مهدي * * الشيخ الصدوق المعمر، مسند الوقت، أبو عمر، عبد الواحد بن
__________
(1) سترد ترجمته برقم (175).
(2) سترد ترجمته برقم (193).
* تاريخ بغداد 10 / 39، العبر 3 / 99، شذرات الذهب 3 / 187.
(3) في " تاريخه " 10 / 39.
* * تاريخ بغداد 11 / 13، 14، المنتظم 7 / 295، العبر 3 / 103، النجوم الزاهرة 4 / 245، شذرات الذهب 3 / 192.
(*)

(17/221)


محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، الفارسي الكازروني (1)، ثم البغدادي البزاز.
سمع كثيرا من القاضي المحاملي، وسمع من أبي العباس بن عقدة، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، ومحمد بن مخلد العطار، والحسين ابن يحيى بن عياش، وتفرد وبعد صيته.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، ووثقه، وهبة الله بن الحسين البزاز، ويوسف بن محمد المهرواني، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وأبو القاسم ابن البسري، وأبو الحسن الداوودي، وعبد الرحمن بن أبي بكر الطبري، وأبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن العاصمي، وكبير المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني المفسر، ورزق الله بن عبد الوهاب التميمي، والخطيب علي بن محمد بن محمد الانباري، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان ثقة أمينا، مات في رجب سنة عشر وأربع مئة.
قال: ومولده في سنة ثماني عشرة وثلاث مئة.
قلت: وقع لنا من طريقه أجزاء عالية من " المحامليات " (3) وغيرها، وحدث في أسفاره.
__________
(1) نسبة إلى كازرون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 13.
(3) هي ستة عشر جزءا من رواية البغداديين والاصبهانيين للقاضي المحاملي، تقدم التعريف به ص 213، ت رقم (1).
(*)

(17/222)


132 - [ أبو علي الفارسي ] * أخوه: الشيخ أبو علي عبدالملك بن محمد الفارسي.
قال ابن النجار (1): عبدالملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن
مهدي بن خشنام بن النعمان بن مخلد، سمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، وجماعة.
وحدث ببغداد والري وقزوين وهمذان في التجارة.
وعنه: علي بن بشرى الليثي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو سعد السمان.
وسكن قزوين، وكان صدوقا.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله.

133 - ابن أبي الفوارس * * الامام الحافظ المحقق الرحال، أبو الفتح، محمد بن أحمد بن محمد بن فارس ابن أبي الفوارس سهل، البغدادي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وأول سماعه في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
__________
* ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1 / 134 - 136، تاريخ الاسلام 4 / 86 / 2.
(1) في " ذيل تاريخ بغداد " 1 / 134.
* * تاريخ بغداد 1 / 352، 353، المنتظم 8 / 5، 6، تذكرة الحفاظ 3 / 1053، 1054، دول الاسلام 1 / 246، العبر 3 / 109، الوافي بالوفيات 2 / 60، 61، شذرات الذهب 3 / 196، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 376، 377.
(*)

(17/223)


سمع من أحمد بن الفضل بن خزيمة، وجعفر بن محمد الخلدي، ودعلج بن أحمد، وأبي عيسى بكار بن أحمد، وأبي بكر الشافعي، وأبي بكر النقاش المفسر، وأبي علي بن الصواف، ومحمد بن الحسن بن مقسم، وأبي بكر بن الهيثم الانباري، وخلق كثير.
وارتحل إلى البصرة وبلاد فارس وخراسان، وجمع وصنف، وانتخب عليه المشايخ، وكان مشهورا بالحفظ والصلاح والمعرفة.
حدث عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر البرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، ومحمد بن علي بن سكينة، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
وقال الحاكم: أول سماع ابن أبي الفوارس من أبي بكر النجاد.
قال الخطيب (1): قرأت عليه قطعة من حديثه، وكان يملي في جامع الرصافة.
قال: وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا ملك بن أحمد، حدثنا أبو الفتح بن أبي الفوارس الحافظ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، حدثنا الابار، حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت عبدان يقول: قال عبد الله بن المبارك: الاسناد عندي من الدين، لولا الاسناد، لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدثك ؟ بقي (2).
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 353.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1054 و " معرفة علوم الحديث " للحاكم ص 6.
وبقي: أي انقطع.
(*)

(17/224)


134 - أبو عمر الهاشمي * الامام الفقيه المعمر، مسند العراق، القاضي أبو عمر، القاسم بن جعفر (1) بن عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد بن الامير جعفر بن سليمان
ابن علي بن الحبر البحر عبد الله بن عباس، الهاشمي العباسي البصري.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وسمع أبا روق أحمد بن محمد الهزاني، وأبا العباس محمد بن أحمد الاثرم، وعبد الغافر بن سلامة، وعلي بن إسحاق المادرائي، ومحمد بن الحسين الزعفراني الواسطي، وأبا علي اللؤلؤي، والحسين بن يحيى بن عياش القطان، ويزيد بن إسماعيل الخلال صاحب الرمادي، والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي، وعدة.
وانتهى إليه علو الاسناد بالبصرة.
حدث عنه من الرحالة وغيرهم: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي الاصبهاني، والمحدث أبو علي الوخشي، وهناد بن إبراهيم النسفي، وسليم بن أيوب الرازي، والمسيب بن محمد الارغياني، وعلي بن أحمد التستري وأبو القاسم عبدالملك بن شغبة (2)، وجمع آخرهم موتا جعفر بن محمد العباداني.
قال الخطيب (3): كان ثقة أمينا، ولي القضاء بالبصرة، وسمعت منه
__________
* تاريخ بغداد 12 / 451، 452، المنتظم 8 / 14، 15، العبر 3 / 117، دول الاسلام 1 / 247، البداية والنهاية 12 / 17، شذرات الذهب 3 / 201.
(1) في " شذرات الذهب ": " سعد " بدل " جعفر " وهو خطأ.
(2) بالشين والغين المعجمتين المفتوحتين وباء موحدة مفتوحة.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 782 و 812.
(3) في " تاريخ بغداد " 12 / 451.
(*)

(17/225)


" سنن " أبي داود وغيرها.
وقال أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري: سمعت عليه " السنن " بقراءتي ست مرات، فسمعته يقول: أحضرني أبي سماع هذا الكتاب وأنا ابن ثمان سنين، فأثبت حضوري ولم يثبته سماعا، ثم سمعته وأنا ابن عشر.
قال الخطيب (1): مات في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مئة.

135 - الادريسي * الحافظ الامام المصنف، أبو سعد (2)، عبدالرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس، الادريسي الاستراباذي (3)، محدث سمرقند، ألف " تاريخها "، و " تاريخ إستراباذ " وغير ذلك.
سمع أبا العباس محمد بن يعقوب الاصم - وهو أكبر شيخ له -، وأبا نعيم محمد بن حمويه الاستراباذي، وأبا سهل هارون بن أحمد بن هارون، وأبا أحمد بن عدي، وخلقا كثيرا، وصنف الابواب والشيوخ.
حدث عنه: أبو علي الشاشي، وأبو عبد الله الخبازي، وأبو مسعود
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 12 / 452.
* تاريخ جرجان: 219، تاريخ بغداد 10 / 302، 303، الانساب 1 / 160، المنتظم 7 / 273، اللباب 1 / 37، تذكرة الحفاظ 3 / 1062 - 1064، العبر 3 / 90، البداية والنهاية 11 / 354، النجوم الزاهرة 4 / 237، طبقات الحفاظ 415، كشف الظنون 1 / 281، شذرات الذهب 3 / 175، هدية العارفين 1 / 515.
(2) تحرف لفظ " أبو " في " البداية والنهاية " إلى " ابن " ولفظ " سعد " في " كشف الظنون " إلى " سعيد ".
(3) تقدم ضبطها في ترجمة أبي زرعة رقم (17).
(*)

(17/226)


أحمد بن محمد البجلي، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو
سعد محمد بن عبدالرحمن الكنجروذي، وخلق سواهم.
وثقة الخطيب (1)، وقد حدث ببغداد.
مات بسمرقند في سنة خمس وأربع مئة، من أبناء الثمانين.
وكان حافظ وقته بسمرقند.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبدالمعز بن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الطبيب، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد ابن محمد قدم حاجا، حدثنا يوسف بن محمد بسمرقند، حدثنا القاسم بن حنبل السرخسي، حدثنا إسحاق بن إسماعيل السمرقندي (2)، حدثنا معروف بن حسان السمرقندي، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ربى شجرة حتى نبتت كان له كأجر قائم الليل، صائم النهار، وكأجر غاز في سبيل الله دهره ".
هذا إسناد مظلم، ومتن لا يصح، ألصق بابن أبي ذئب.

136 - أبو مسعود * الحافظ المجود البارع، أبو مسعود، إبراهيم بن محمد بن عبيد،
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 302.
(2) قال المؤلف في " الميزان " 4 / 143: قال ابن عدي: منكر الحديث، وأورد له من مناكيره هذا الحديث، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 323 عن أبيه: مجهول.
* تاريخ بغداد 6 / 172، 173، المنتظم 7 / 252، الكامل لابن الاثير 9 / 226، تذكرة الحفاظ 3 / 1068، العبر 3 / 72، البداية والنهاية 11 / 344، طبقات الحفاظ 416، 417، كشف الظنون 1 / 116، شذرات الذهب 3 / 162، هدية العارفين 1 / 7، الرسالة المستطرفة 167، تهذيب تاريخ دمشق 2 / 290.
(*)

(17/227)


الدمشقي، مصنف كتاب " أطراف الصحيحين " (1)، وأحد من برز في هذا الشأن.
سمع أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وعبد الله بن محمد بن السقا الواسطي، وأبا بكر عبد الله بن فورك القباب الاصبهاني، وعلي بن عبد الرحمن البكائي، وأبا بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، وأصحاب مطين، و [ أصحاب ] أبي خليفة (2) الجمحي، والفريابي.
وجمع فأوعى، ولكنه مات في الكهولة قبل أن ينفق ما عنده.
حدث عنه: أبو ذر الهروي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد بن محمد العتيقي، وهبة الله بن الحسن اللالكائي، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب (3): سافر الكثير، وكتب ببغداد والبصرة والاهواز
__________
(1) كتب الاطراف تذكر أحاديث كل صحابي على حدة كما يفعل أصحاب المسانيد، إلا أنه يقتصر على ذكر طرف منه، وهو بمثابة فهرس للاحاديث تسهل على الباحث معرفة مكان وجود الحديث الذي يبحث عنه في الكتب والدواوين وقد صنف بعضهم في " أطراف الصحيحين " كأبي مسعود صاحب الترجمة، وخلف بن محمد الواسطي الذي سترد ترجمته برقم (156).
قال حاجي خليفة: ذكرهما الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول " الاشراف " وقال: وكان كتاب خلف أحسنهما ترتيبا ورسما، وأقلهما خطأ ووهما، كفيا فيه من أراد تعلمه.
وبعضهم صنف في " أطراف الكتب الستة " كابن طاهر المقدسي المتوفى 507، وابن عساكر المتوفى 571، والحافظ المزي المتوفى 742 واسم كتابه " تحفة الاشراف بمعرفة الاطراف " وهو من أعظم الكتب المؤلفة في الاطراف، وأوعبها وأدقها، وأقلها وهما وقد انتفع به العلماء، وتنافسوا في تحصيله وقد تم طبعه في الهند مع النكت الظراف للحافظ ابن حجر بتحقيق الاستاذ الفاضل عبد الصمد شرف الدين.
(2) في الاصل: " وأبا خليفة " بدون لفظ " وأصحاب " واستدرك من " تاريخ بغداد " و
" تذكرة الحفاظ " وأبو خليفة الجمحي توفي سنة 305، أي لم يلحق أبو مسعود السماع منه، بل سمع من أصحابه.
(3) في " تاريخ بغداد " 6 / 172، 173.
(*)

(17/228)


وواسط وخراسان وأصبهان، وكان له عناية " بالصحيحين "، روى القليل على سبيل المذاكرة.
قال (1): وكان صدوقا دينا، ورعا فهما، صلى عليه الامام أبو حامد الاسفراييني ببغداد وكان وصيه، حدثني العتيقي أنه مات سنة إحدى وأربع مئة.
قلت: ذكر غيره أنه مات في شهر رجب سنة أربع مئة.
وقفت على جزء فيه أحاديث معللة لابي مسعود يقضي بإمامته.
كتب إلي المسلم بن محمد القيسي، ومؤمل بن محمد، ويوسف بن يعقوب قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري، أخبرنا إبراهيم بن محمد الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد المزني، حدثنا الوليد بن أبان الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة، أخبرنا عبد الله بن عمر الفهري، عن عبد الله بن عمر، عن أخيه يحيى قال: حدثني أخي عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى وادي محسر، حرك راحلته، وقال: " عليكم بحصى الخذف " (2).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 173.
(2) هو في " تاريخ بغداد " 6 / 173، وأخرج ابن عدي في " الكامل " من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عبيدالله، وعبد الله
ابن عمر، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر " وعبد الرحمن بن عبد الله ضعيف، لكن في الباب ما يشهد له عن ابن عباس عند الطبراني (11231) والحاكم 1 / 462، والبيهقي 5 / 115، وعن جبير بن مطعم عند أحمد 4 / 82، وابن حبان (1008) والطبراني (1583) والبزار (1126) وفي سنده انقطاع وفي " الموطأ " 1 / 388 بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير قال: تعلمون أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر وقوله " عليكم = (*)

(17/229)


وبه: قال الخطيب (1): وحدثنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا به المزني، وقال فيه: عبد الله بن عمرو الفهري.
أنبأني أحمد بن سلامة: عن يحيى بن أسعد، عن أحمد بن عبد الجبار الصيرفي قال: كتب إلي أحمد بن محمد العتيقي: حدثنا أبو مسعود الحافظ، حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الله بن القاسم بنهر الدير، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم [ بن ] (2) حمويه بالبصرة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا يعلى بن الحارث المحاربي، حدثنا إياس بن سلمة قال: قال أبي: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، وليس للحيطان فئ نستظل به.
رواه مسلم (3)، عن إسحاق بن راهويه، عن أبي الوليد، وتابعه وكيع ابن الجراح.

137 - عميد الجيوش * الامير الوزير، أبو علي، الحسين بن أبي جعفر.
كان أبوه الامير أبو
__________
= بحصى الخذف " له شاهد من حديث الفضل بن عباس عند أحمد 1 / 210، ومسلم (1282) والنسائي 5 / 269 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: عليكم بالسكينة وهو كاف ناقته حتى إذا دخل من حين هبط محسرا، قال: عليكم بحصى الخذف الذي
يرمى به الجمرة.
والخذف بسكون الذال: رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك، أو تجعل مخذفة من خشب ترمي بها بين الابهام والسبابة، والمراد بحصى الخذف: الحصى الصغار، وبطن محسر سمي بذلك، لان فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي: أعيا وكل.
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 173.
(2) سقط لفظ " بن " من الاصل، واستدرك من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1070.
(3) رقم (860) (31) (32) في الجمعة: باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس، وأخرجه من طرق عن يعلى بن الحارث بهذا الاسناد أحمد 4 / 64، والبخاري (4168) في المغازي: باب غزوة الحديبية، والدارمي 1 / 363، والنسائي 3 / 100، وابن ماجة (1100) وفيه دليل لمن يقول: بأن صلاة الجمعة تجزئ قبل الزوال، وبه يقول الامام أحمد، وانظر تفصيل المسألة في المغني 2 / 356.
* المنتظم 7 / 252، 253، الكامل لابن الاثير 9 / 174، 196، 224، 225، = (*)

(17/230)


جعفر حاجبا لعضد الدولة.
وخدم أبو علي بهاء الدولة (1)، فاستنابه على العراق، فقدمها في سنة 396 والفتن ثائرة بها، فضبط العراق بأتم سياسة، وأباد الحرامية، وقتل عدة، وأبطل مآتم عاشوراء، وأمر مملوكا له بالمسير في محال بغداد، وعلى يده صينية مملوءة دنانير، ففعل، فما تعرض له أحد لا في الليل ولا في النهار.
ومات نصراني تاجر من مصر، وخلف أموالا، فأمر بحفظها حتى جاء الورثة من مصر، فتسلموها.
وكان مع فرط هيبته ذا عدل وإنصاف، ولي العراق تسع سنين سوى أشهر.
وفيه يقول الببغا:
سألت زماني: بمن أستغيث * فقال: استغث بعميد الجيوش (2)...القصيدة.
توفي سنة إحدى وأربع مئة، وولي بعده فخر الملك (3).

138 - الحليمي * القاضي العلامة، رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر، أبو
__________
= العبر 3 / 74، دول الاسلام 1 / 240، البداية والنهاية 11 / 344، النجوم الزاهرة 4 / 228، شذرات الذهب 3 / 160، 161.
(1) تقدمت ترجمته برقم (106).
(2) انظر " المنتظم " 7 / 252.
وهذا كلام مجانب للصواب لا يدري قائله ما يخرج من رأسه، فإنه لا يستغاث إلا بالله سبحانه الذي بيده الامر كله.
(3) سترد ترجمته برقم (173).
* تاريخ جرجان: 156، طبقات العبادي: 105، الانساب 4 / 198، المنتظم 7 / = (*)

(17/231)


عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي.
أحد الاذكياء الموصوفين، ومن أصحاب الوجوه في المذهب (1).
وكان متفننا، سيال الذهن، مناظرا، طويل الباع في الادب والبيان.
أخذ عن: الاستاذ أبي بكر القفال، والامام أبي بكر الاودني (2)، وحدث عن: خلف بن محمد الخيام، وأبي بكر محمد بن أحمد بن خنب، وبكر بن محمد المروزي الدخمسيني (3)، وجماعة.
ولد في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة فقيل: إنه ولد بجرجان، وحمل، فنشأ ببخارى، وقيل: بل ولد ببخارى.
وله مصنفات نفيسة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم وهو أكبر منه، والحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
ولم أقع له بترجمة تامة، وله عمل جيد في الحديث، لكنه ليس كالحاكم ولا عبد الغني، وإنما خصصته بالذكر لشهرته.
__________
= 264، اللباب 1 / 382، وفيات الاعيان 2 / 137، 138، تذكرة الحفاظ 3 / 1030، العبر 3 / 48، دول الاسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 12 / 351، طبقات السبكي 4 / 333 - 343، طبقات الاسنوي 1 / 404، 405، البداية والنهاية 11 / 349، طبقات الحفاظ 407، 408، طبقات ابن هداية الله 120، كشف الظنون 2 / 1047، شذرات الذهب 3 / 167، 168، هدية العارفين 1 / 308، الرسالة المستطرفة 58.
(1) انظر بعض وجوهه وغرائبه في " طبقات " السبكي 4 / 335 وما بعدها.
(2) نسبة إلى قرية من قرى بخارى يقال لها أودنة، وقد تحرف في المطبوع من " الانساب " 4 / 198 إلى " الاردني " بالراء.
(3) في الاصل: " الدخسميني " وهو خطأ، والتصويب من " أنساب " السمعاني، وفيه ترجمة بكر بن محمد المروزي هذا.
(*)

(17/232)


توفي في شهر ربيع الاول، سنة ثلاث وأربع مئة.
وللحافظ أبي بكر البيهقي اعتناء بكلام الحليمي ولا سيما في كتاب: " شعب الايمان " (1).
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء بقراءة أبي الحجاج الحافظ في سنة 695 أنبأنا عبدالمعز بن محمد البزاز، أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر في سنة سبع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبدالرحمن الطبيب، أخبرنا الامام أبو عبد الله الحسين بن
الحسن الحليمي، أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان، حدثنا أحيد بن الحسن، حدثنا مقاتل بن إبراهيم، حدثنا نوح بن أبي مريم، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمته " (2).
هذا حديث غريب لا يثبت مثله لوهن الرقاشي ونوح في ضبط الحديث.
ومات في سنة الحليمي - سنة ثلاث - القاضي أبو بكر محمد بن الطيب ابن الباقلاني (3) الاصولي صاحب التصانيف، وعالم المغرب أبو
__________
(1) يكثر النقل فيه عن كتاب الحليمي الموسوم " بالمنهاج " وهو كتاب جليل في نحو ثلاث مجلدات، فيه أحكام كثيرة، ومسائل فقهية وغيرها مما يتعلق بأصول الايمان وآيات الساعة وأحوال القيامة.
انظر " كشف الظنون " 2 / 1047 وانظر فيه من صنف في شعب الايمان، وانظر النسخ الخطية لهذا الكتاب في " تاريخ " سزكين 2 / 384.
(2) نوح بن أبي مريم - وكنيته أبو عصمة - قال مسلم وغيره: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الحاكم: وضع أبو عصمة حديث فضائل القرآن الطويل، ويزيد الرقاشي - وهو ابن أبان - قال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال أحمد: كان يزيد منكر الحديث، وقال ابن معين: في حديثه ضعف.
(3) تقدمت ترجمته برقم (110).
(*)

(17/233)


الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي (1) المالكي صاحب كتاب " الملخص "، وشيخ البيهقي أبو علي الحسين بن محمد الروذباري (2) راوي " سنن " أبي داود، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله الحسن بن حامد (3) البغدادي الوراق، وحافظ الاندلس أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن
الفرضي (4)، ومسند بغداد أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام الصرصري (5)، رحمهم الله.

139 - ابن نباتة * شاعر العراق، أبو نصر، عبد العزيز بن عمر بن محمد (6) بن أحمد ابن نباتة بن حميد، التميمي السعدي.
له نظم عذب، مدح الملوك والكبراء، سيف الدولة (7) فمن بعده، وله بيت سائر: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره * تنوعت الاسباب والداء واحد (8)
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (99).
(2) تقدمت ترجمته برقم (116).
(3) تقدمت ترجمته (128).
(4) تقدمت ترجمته برقم (101).
(5) ذكرت مصادر ترجمته في الصفحة 162 برقم (2).
* الامتاع والمؤانسة 1 / 136، يتيمة الدهر 2 / 379 - 395، تاريخ بغداد 10 / 466، 467، الانساب (النباتي)، المنتظم 7 / 274، اللباب 3 / 294، وفيات الاعيان 3 / 190 - 193، العبر 3 / 91، البداية والنهاية 11 / 355، النجوم الزاهرة 4 / 238، مفتاح السعادة 1 / 244 - 246، شذرات الذهب 3 / 175، 176.
(6) في " اليتيمة ": عبد العزيز بن محمد.
(7) انظر بعض مدائحه لسيف الدولة في " يتيمة الدهر " 2 / 387، 388 و 391، 392، " وفيات الاعيان " 3 / 190، 191، و " شذرات الذهب " 3 / 175، 176.
(8) البيت في " وفيات الاعيان " 3 / 193، و " شذرات الذهب " 3 / 176، و " مفتاح السعادة " 1 / 245.
(*)

(17/234)


وله ديوان كبير (1).
مات في شوال سنة خمس وأربع مئة وهو في عشر الثمانين، عفا الله عنه.

140 - الخوارزمي * المفتي العلامة، شيخ الحنفية، أبو بكر، محمد بن موسى، الخوارزمي، ثم البغدادي، تلميذ أبي بكر أحمد بن علي الرازي.
سمع من أبي بكر الشافعي وغيره، وهو قليل الرواية.
حدث عنه البرقاني، وقال: سمعته يقول: ديننا دين العجائز، لسنا من الكلام في شئ.
وكان له إمام حنبلي يصلي به (2).
قال القاضي أبو عبد الله الصيمري: ثم صار إمام أصحاب أبي حنيفة ومفتيهم شيخنا أبو بكر الخوارزمي، وما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى وحسن التدريس، وقد دعي إلى القضاء مرارا، فامتنع، رحمه الله (3).
قلت: توفي في جمادى الاولى سنة ثلاث وأربع مئة، تخرج به فقهاء بغداد.

141 - ابن جوله * * الامام الثقة الاديب، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن جوله
__________
(1) وهو مطبوع، وأكثره في " مختارات البارودي ".
* تاريخ بغداد 3 / 247، المنتظم 7 / 266، العبر 3 / 86، 87، دول الاسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 5 / 93، البداية والنهاية 11 / 351، الجواهر المضية 2 / 135، النجوم الزاهرة 4 / 234، شذرات الذهب 3 / 170، الفوائد البهية 201، 202.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 247، و " المنتظم " 7 / 266، و " الجواهر المضية " 2 / 135.
(3) المصادر السابقة.
* * لم نعثر له على ترجمة فيما وقع لنا من المصادر.
(*)

(17/235)


ابن جهور الابهري الاصبهاني.
وأبهر هذه غير أبهر زنجان المشهورة (1)، هذه قرية من عمل أصبهان (2).
حدث عن: أبي عمرو بن حكيم، ومحمد بن محمد بن يونس الغزال، وأبي علي أحمد بن علي الابهري، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب.
وعنه: عبدالرحمن بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج، والقاسم ابن الفضل الثقفي، وجماعة.
توفي في ربيع الآخر سنة خمس وأربع مئة عن سن عالية.

142 - السقطي * الامام المحدث الثقة، أبو القاسم، عبيدالله بن محمد بن أحمد بن جعفر، البغدادي السقطي المجاور.
سمع إسماعيل الصفار، وأبا جعفر بن البختري، ومحمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، وعثمان بن السماك، وأبا بكر النجاد، وخلقا ببغداد، ولحق بمكة أبا سعيد بن الاعرابي.
روى الكثير، وانتخب عليه ابن أبي الفوارس.
وحدث عنه: حمزة السهمي، ومظفر سبط ابن لال، وأبو ذر
__________
(1) تلك مدينة بين قزوين وزنجان وهمذان من نواحي الجبل.
انظر " معجم البلدان " 1 / 82.
(2) انظر " معجم البلدان " 1 / 83.
* لم نعثر له على ترجمة.
(*)

(17/236)


الهروي، وعبد العزيز الازجي، وأبو علي الحسن بن عبدالرحمن المكي، وخلق من الوافدين.
قال سعد الزنجاني: كان السقطي يدعو الله أن يرزقه المجاورة أربع سنين، فجاور أربعين سنة، فرأى كأن من يقول له: يا أبا القاسم ! طلبت أربع سنين وقد أعطيناك أربعين، إن الحسنة بعشر أمثالها.
قال: ومات لسنته.
قال الحافظ ابن النجار: مات سنة ست وأربع مئة.
قال ابن النجار: انتقى له ابن أبي الفوارس فوائد في مئة جزء، وكان من الصالحين، رحمه الله تعالى.

143 - ابن حبيب * العلامة أبو القاسم، الحسن بن محمد بن حبيب (1) بن أيوب، النيسابوري، المفسر الواعظ، صاحب كتاب: " عقلاء المجانين " (2)، الذي سمعناه.
سمع أبا العباس الاصم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبا الحسن
__________
* تاريخ الاسلام (وفيات سنة 406)، العبر 3 / 93، الوافي بالوفيات 12 / 239، 240 عيون التواريخ (حوادث سنة 406)، طبقات المفسرين للسيوطي 11، 12، بغية الوعاة 1 / 519، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 140 - 142، كشف الظنون 1 / 460، شذرات الذهب 3 / 181، هدية العارفين 1 / 274.
(1) في " طبقات المفسرين " للداوودي الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب.
(2) بدأه المؤلف بمقدمة في الجنون وما ورد فيه من الكتاب العزيز، وما احتالت به قريش
على الرسول صلى الله عليه وسلم من نسبته إلى الجنون لما دعاها إلى الحق.
والكتاب مطبوع في دمشق سنة 1924 م نشره وجيه فارس الكيلاني.
(*)

(17/237)


الكارزي (1)، وأبا حاتم بن حبان، وعدة.
وعنه: أبو بكر محمد بن عبد الواحد الحيري الواعظ، ومحمد بن إسماعيل الفرغاني، والحسين بن محمد السكاكي، وجماعة.
وصنف في التفسير والآداب (2).
توفي في ذي الحجة سنة ست وأربع مئة.
وقد تكلم فيه الحاكم في رقعة نقلها عنه مسعود بن علي السجزي، فالله أعلم.

144 - ابن حبيب * القاضي أبو زيد، عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب، النيسابوري، الفقيه.
سمع الاصم، وأحمد بن محمد بن بالويه القشيري، والبيهقي، وابن خلف الشيرازي، والرئيس الثقفي، وعدة.
مات سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، في جمادى الآخرة، وكان مدرسا.
__________
(1) بالراء المهملة المكسورة - وقيل بفتحها - ثم زاي، نسبة إلى كارز، وهي قرية بنواحي نيسابور على نصف فرسخ منها.
انظر " معجم البلدان " 4 / 428، و " الانساب " 10 / 317 وفيه ترجمة أبي الحسن هذا.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 274.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(*)

(17/238)


145 - عبد الله بن يوسف * ابن أحمد بن بامويه (1)، الامام المحدث الصالح.
شيخ الصوفية، أبو محمد الاردستاني، المشهور بالاصبهاني، نزيل نيسابور.
ولد سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
وحج، وصحب شيخ الحرم أبا سعيد بن الاعرابي، وأكثر عنه، وسمع بنيسابور من أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي (2) الحسن البوشنجي، وأبي العباس الاصم، وأبي رجاء محمد بن حامد التميمي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن مهدي العلوي، ومحمد بن عبيدالله الصرام، وأبو القاسم عبيدالله بن عبد الله الحسكاني، وخلق سواهم.
وأضر بأخرة.
توفي في رمضان سنة تسع وأربع مئة، عن أربع وتسعين سنة، رحمه الله.
أكثر عنه البيهقي.
__________
* الانساب 1 / 177، 178، معجم البلدان 1 / 146، اللباب 1 / 41، العبر 3 / 100، تذكرة الحفاظ 3 / 1049، تبصير المنتبه 1 / 56، شذرات الذهب 3 / 188.
(1) تحرف في " الانساب " إلى " مامويه " وفي " معجم البلدان " إلى " بابويه ".
وانظر " تبصير المنتبه " 1 / 56.
(2) في الاصل: " أبو " وهو خطأ.
(*)

(17/239)


146 - النجاد * الشيخ الثقة العالم، أبو الحسن، علي بن القاسم بن الحسن، البصري النجاد، مسند البصريين مع أبي عمر الهاشمي.
كان من كبار العدول، ومن آخر من روى عن أبي روق الهزاني.
وروى عن أحمد بن عبيدالصفار " سننه ".
لم أظفر بأخباره.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، والحسن بن عمر بن يونس الاصبهاني، وآخرون.
وكان في سنة ثلاث عشرة وأربع مئة حيا، وقد عمر وتفرد.

147 - ابن بالويه * * الرئيس الاوحد، الثقة المسند، أبو محمد، عبدالرحمن بن محمد ابن أحمد بن بالويه، النيسابوري المزكي.
حدث عن: أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي العباس الاصم، وأبي بكر بن المؤمل، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي محمد الكعبي، وأبي علي بن الصواف البغدادي.
وهو آخر أصحاب القطان موتا.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى
__________
* لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي تيسرت لنا.
* * الانساب 2 / 59، العبر 3 / 102، تذكرة الحفاظ / 1051، شذرات الذهب 3 / 190، 191.
(*)

(17/240)


المزكي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وآخرون.
وقع لنا مجلس من أماليه، وكان من وجوه البلد، عقد مجلس الاملاء
في داره، وكان صادقا أمينا.
مات فجأة في شعبان سنة عشر وأربع مئة.

148 - ابن الدباغ * الامام الحافظ المجود، أبو القاسم، خلف بن القاسم بن سهل، الاندلسي ابن الدباغ.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
سمع: محمد بن معاوية ابن الاحمر، وبمصر أبا محمد بن الورد، وسلم بن الفضل، وبمكة بكيرا الحداد، والآجري، وبدمشق علي بن أبي العقب، وأبا الميمون بن راشد.
صنف " حديث مالك "، و " حديث شعبة "، وكتابا في الزهد (1).
وتلا بالسبع على جماعة.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر.
وكان ابن عبد البر يعظمه ولا يقدم عليه أحدا من شيوخه (2).
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
______________
* تقدمت ترجمته برقم (73) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(1) انظر مصنفاته في " جذوة المقتبس " 210، و " بغية الملتمس " 288.
(2) انظر " جذوة المقتبس " 210، و " بغية الملتمس " 288، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1025، و " تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 173.
(*)

(17/241)


149 - الشيرازي * الامام الحافظ المجود، أبو بكر، أحمد بن عبدالرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى، الشيرازي، مصنف كتاب " الالقاب " (1) سماعنا.
سمع: أبا بحر محمد بن الحسن البربهاري، وأبا بكر القطيعي، وعلي بن أحمد المصيصي، وأبا القاسم الطبراني، وعبد الله بن عدي، وأبا بكر الاسماعيلي، وأبا الشيخ، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري، وعبد الواحد بن الحسن الجنديسابوري، وسعيد بن القاسم بن العلاء المطوعي، لقيه بطراز من بلاد الترك، ومحمد بن محمد بن صابر، لقيه ببخارى، وأسامة بن زيد القاضي بشيراز، وأحمد بن عبدالرحمن الخاركي بالبصرة.
وأقام مدة بهمذان، فحدث عنه: محمد بن عيسى، وأبو مسلم بن غزو (2)، وحميد بن المأمون، وأبو الفرج البجلي، وآخرون.
وروى عنه كثيرا أبو يعلى الخليلي، فيقول: حدثنا أحمد بن أبي مسلم الفارسي الحافظ.
قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ.
وقال الحافظ شيرويه الديلمي: كان ثقة صادقا حافظا، يحسن هذا الشأن جيدا جيدا، فخرج من عندنا - يعني من همذان - سنة أربع وأربع مئة
__________
* معجم البلدان 3 / 381، تذكرة الحفاظ 3 / 1065 - 1067، العبر 3 / 96، الوافي بالوفيات 7 / 38، مرآة الجنان 3 / 20، طبقات الحفاظ 415، 416، كشف الظنون 1 / 157، شذرات الذهب 3 / 184 و 190، هدية العارفين 1 / 71.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 376.
(2) بفتح الغين المعجمة وسكون الزاي بعدها واو كما في " الاكمال " 7 / 20، وقد تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1066 إلى " عروة ".
(*)

(17/242)


إلى شيراز، وأخبرت أنه مات بها سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
كذا قال.
وأما أبو القاسم بن مندة، فقال: توفي في شوال سنة سبع وأربع مئة، فهذا أشبه.
قلت: كان من فرسان الحديث، واسع الرحلة، لقي بمرو عبد الله (1) بن عمر بن علك.
قال المستغفري: سمعته يقول: وقع بيني وبين الحافظ ابن البيع منازعة في عمرو بن زرارة، وعمر بن زرارة، فقال: هما واحد.
فحاكمته إلى أبي أحمد الحاكم، فقلنا: ما يقول الشيخ فيمن قال: عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة واحد ؟ فقال: من هذا الطبل (2) الذي لا يفصل بينهما (3) ؟.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد القرافي، أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن فتحة سنة ثمان عشرة وست مئة حضورا، أخبرنا شهردار ابن شيرويه الديلمي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع، أخبرنا أبو غانم حميد ابن مأمون سنة 444، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدالرحمن الشيرازي، أخبرنا أبو أحمد بن عدي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، حدثنا شاذ ابن فياض، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخف الناس صلاة في تمام.
__________
(1) هو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن الحافظ عمر بن أحمد بن علي بن علك المروزي الجوهري، متوفى بعد الستين وثلاث مئة، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر، ومرت ترجمة أبيه عمر في الجزء الخامس عشر.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1066 " الطفل ".
(3) وتمام الخبر عند السمعاني 4 / 81: هما اثنان: عمرو بن زرارة بن واقد نيسابوري كنيته أبو محمد، وعمر بن زرارة الحدثي من أهل الحديثة، حدث ببغداد، كنيته أبو حفص، فخجل أبو عبد الله من ذلك وتشور وانظر ترجمة عمر بن زرارة في " لسان الميزان " 4 / 306.
(*)

(17/243)


قال ابن عدي: لم يرو شاذ عن شعبة غير هذا الحديث (1).

150 - القاضي عبد الجبار * ابن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل، العلامة المتكلم، شيخ المعتزلة، أبو الحسن الهمذاني (2)، صاحب التصانيف، من كبار فقهاء الشافعية.
سمع من: علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، ولعله خاتمة أصحابه، ومن عبد الله بن جعفر بن فارس بأصبهان، ومن الزبير بن عبد الواحد الحافظ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب.
حدث عنه: أبو القاسم التنوخي، والحسن بن علي الصيمري الفقيه، وأبو يوسف عبد السلام القزويني المفسر، وجماعة.
__________
(1) قلت: قد تابعه عليه هاشم بن القاسم عند الدارمي 1 / 289، وأخرجه مسلم (469) (189)، والترمذي (237) والنسائي 2 / 94 من طريق قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، عن قتادة عن أنس، وأخرجه مسلم من طريق يحيى بن يحيى، عن أبي عوانة به.
وأخرج البخاري (708) في الاذان، ومسلم (469) (190) من طريقين، عن شريك ابن عبد الله بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم.
* تاريخ بغداد 11 / 113 - 115، الانساب 1 / 225، 226، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، العبر 3 / 119، ميزان الاعتدال 2 / 533، دول الاسلام 1 / 247، المغني في الضعفاء 1 / 366، مرآة الجنان 3 / 29، طبقات السبكي 5 / 97، 98، طبقات ابن قاضي شهبة 16 ب، لسان الميزان 3 / 386، 387، طبقات المفسرين للسيوطي 16، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 256 - 258، شذرات الذهب 3 / 202، 203، هدية
العارفين 1 / 498، 499، إيضاح المكنون 1 / 329.
(2) في مصادر ترجمته زيادة نسبة " الاسد اباذي " نسبة إلى أسد اباذ، وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت من العراق.
وعند هذه النسبة ترجمه السمعاني في " الانساب "، وقد تحرفت في " إيضاح المكنون " و " هدية العارفين " و " شذرات الذهب " إلى " الاستراباذي ".
(*)

(17/244)


ولي قضاء القضاة بالري، وتصانيفه كثيرة (1)، تخرج به خلق في الرأي الممقوت (2).
مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مئة.
من أبناء التسعين.

151 - الاسفراييني * الامام الحافظ المجود، أبو بكر، محمد بن أحمد بن عبد الوهاب
__________
(1) منها " الامالي في الحديث " و " دلائل النبوة " و " طبقات المعتزلة " وقد طبع من كتبه كتاب " تنزيه القرآن عن المطاعن " في المطبعة الجمالية سنة 1326 ه، مذيلا بمقدمة للتفسير للراغب الاصبهاني، وفي مقدمته ترجمة المؤلف، وكتاب " شرح الاصول الخمسة " نشره المرحوم عبد الكريم عثمان في القاهرة عام 1965 م، وله كتاب " المغني " في علم الكلام يتألف من سبعة عشر جزءا، وصل إلينا اثنا عشر جزءا فقط، وقد نشر الجزء السابع منه إبراهيم الابياري القاهرة 1961، والجزء السادس أحمد فؤاد الاهواني في القاهرة 1962 م، والجزء الثاني عشر إبراهيم مدكور القاهرة بدون تاريخ، والجزء الثالث عشر أبوالعلا عفيفي وغيره، القاهرة 1962 م، والجزء السادس عشر أمين الخولي، القاهرة 1960 م، والجزء السابع عشر أمين الخولي القاهرة بدون تاريخ.
وله أيضا كتاب " التكليف " وصل إلينا بتهذيب تلميذه ابن متويه بعنوان: " المجموع المحيط بالتكليف " وقد نشره السيد عزمي في القاهرة 1965، ونشر هوبن الجزء الاول منه ببيروت 1965 م.
وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 411 - 413.
(2) خطأ المعتزلة إنما هو في الالهيات والامور الغيبية، فإنهم زعموا أن المنطق الصوري اليوناني تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ، فاتخذوه أصلا، وعولوا عليه، وتحاكموا إليه، وأخضعوا نصوص الكتاب والسنة إلى معاييره، وأولوهما على الوجه الذي تتفق معه، ومن أراد الوقوف على خطأ هذا المنهج الذي اعتمدوه، وما نجم عنه من انحراف فكري ضل بسببه أقوام كثيرون، فليرجع إلى كتاب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله " الرد على المنطقيين " فإنه قد هتك هذا المنطق، وكشف عواره، وأبان فساده، والذي يحز في النفس أن الاخذ بهذا المنهج الخاطئ لم يقتصر على المعتزلة، بل تجاوزه إلى كثير من أهل العلم ممن يعدون من أهل السنة والجماعة، فإنهم قدسوه، وانتهى الامر بأحدهم إلى أن يقول: ومن لا يحيط بالمنطق، فلا يوثق بعلومه أصلا، وما درى هذا المسكين أن لازم قوله أن لا يوثق بعلم الصحابة والتابعين والائمة المجتهدين، لانهم لا يعلمون عن هذا العلم شيئا، ولا خبرة لهم به أصلا.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1064، 1065، طبقات الحفاظ 415، شذرات الذهب 3 / 184.
(*)

(17/245)


الاسفراييني الحديثي الرحال.
ارتحل في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، ولقي الكبار كأبي أحمد بن عدي وأقرانه.
قال أبو مسعود البجلي: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: أشهد على أبي بكر الاسفراييني أنه يحفظ من حديث مالك وشعبة ومسعر والثوري أكثر من عشرين ألف حديث (1).
قلت: لم تبلغنا أخبار هذا الحافظ مفصلة.
وتوفي سنة ست وأربع مئة.
ومعه توفي مفتي العراق أبو حامد الاسفراييني (2)، وشيخ الصوفية الاستاذ أبو علي الدقاق (3)، وشيخ الاطباء أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز
المهلبي (4) بنيسابور، ومسند الحرم عبيدالله بن محمد السقطي (5)، والامام أبو أحمد الفرضي (6)، والاستاذ أبو بكر بن فورك (7)، ونقيب العلويين العلامة الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي الشاعر (8).
وقد سقت حديثين في ترجمة هذا الحافظ في " تذكرة الحفاظ " (9).
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1064.
(2) تقدمت ترجمته برقم (111).
(3) تقدمت ذكر مصادر ترجمته في الصفحة (169) ت رقم (5) عقب الترجمة رقم (111).
(4) سترد ترجمته برقم (159).
(5) تقدمت ترجمته برقم (142).
(6) تقدمت ترجمته برقم (124).
(7) تقدمت ترجمته برقم (125).
(8) سترد ترجمته برقم (174).
(9) 2 / 1065.
(*)

(17/246)


152 - السلمي * محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم بن زاوية بن سعيد بن قبيصة بن سراق، الازدي، السلمي الام، الامام الحافظ المحدث، شيخ خراسان وكبير الصوفية، أبو عبد الرحمن النيسابوري الصوفي، صاحب التصانيف.
أفرد له المحدث أبو سعيد محمد بن علي الخشاب ترجمة في جزء، فقال: ولد في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة، وذلك
بعد موت مكي بن عبدان بستة أيام، وكتب بخطه في سنة ثلاث وثلاثين عن أبي بكر الصبغي، ومن الاصم، وأبي عبد الله بن الاخرم، وسمع كثيرا من جده لامه إسماعيل (1) بن نجيد، ومن خلق كثير.
وله رحلة - يعني إلى العراق - ابتدأ بالتصنيف سنة نيف وخمسين وثلاث مئة، وصنف في علوم القوم (2) سبع مئة جزء، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من جمع الابواب والمشايخ وغير ذلك ثلاث مئة جزء، وكانت تصانيفه مقبولة.
__________
* تاريخ بغداد 2 / 248، 249، الرسالة القشيرية 140، الانساب 7 / 113، المنتظم 8 / 6، الكامل في التاريخ 9 / 326، اللباب 2 / 129، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، تاريخ الاسلام 21 / 219، العبر 3 / 109، ميزان الاعتدال 3 / 523، 524، دول الاسلام 1 / 246، تذكرة الحفاظ 3 / 1046، 1047، عيون التواريخ 12 / 147 / 1، الوافي بالوفيات 2 / 380، 381، مرآة الجنان 3 / 26، مختصر دول الاسلام 1 / 190، طبقات السبكي 4 / 143 - 147، البداية والنهاية 12 / 12، 13، طبقات الاولياء 313 - 315، النجوم الزاهرة 4 / 256، لسان الميزان 5 / 140، 141، طبقات الحفاظ 411، طبقات المفسرين للسيوطي 31، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 137 - 139، كشف الظنون 2 / 1104، شذرات الذهب 3 / 196، 197، هدية العارفين 2 / 61.
وانظر المقدمة التي كتبها نور الدين شريبة لكتابه " طبقات الصوفية ".
(1) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) يعني الصوفية.
(*)

(17/247)


قال الخشاب: كان مرضيا عند الخاص والعام، والموافق والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك، وحبب تصانيفه إلى الناس، وبيعت بأغلى الاثمان، وقد
بعت يوما من ذلك على رداءة خطي بعشرين دينارا، وكان في الاحياء، وقد سمع منه كتاب " حقائق التفسير " أبو العباس النسوي، فوقع إلى مصر، فقرئ عليه، ووزعوا له ألف دينار، وكان الشيخ ببغداد حيا.
وسمعت أبا مسلم غالب بن علي الرازي يقول: لما قرأنا كتاب " تاريخ الصوفية " في شهور سنة أربع وثمانين وثلاث مئة بالري، قتل صبي في الزحام، وزعق رجل في المجلس زعقة، ومات، ولما خرجنا من همذان، تبعنا الناس لطلب الاجازة مرحلة.
قال السلمي: ولما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد الاسفراييني: أريد أن أنظر في " حقائق التفسير "، فبعثت به إليه، فنظر فيه، وقال: أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبرا.
قال: ورأينا في طريق همذان أميرا، فاجتمعت به، فقال: لابد من كتابة " حقائق التفسير ".
فنسخ له في يوم، فرق على خمسة وثمانين ناسخا، ففرغوه إلى العصر، وأمر لي بفرس جواد ومئة دينار وثياب كثيرة، فقلت: قد نغصت علي، وأفزعتني، وأفزعت الحاج، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم، فإن أردت أن يبارك لك في الكتاب، فاقض لي حاجتي.
قال: وما هي ؟ قلت: أن تعفيني من هذه الصلة.
فإني لا أقبل ذلك.
ففرقها في نقباء الرفقة، وبعث من خفرنا، وكان الامير نصر بن سبكتكين صاحب الجيش عالما، فلما رأى ذلك التفسير، أعجبه، وأمر بنسخه في عشر مجلدات، وكتبة الآيات بماء الذهب، ثم قالوا: تأتي حتى

(17/248)


يسمع الامير الكتاب.
فقلت: لا آتيه البتة.
ثم جاؤوا خلفي إلى الخانقاه، فاختفيت، ثم بعث بالمجلد الاول، وكتبت له بالاجازة.
قال: ولما توفي جدي أبو عمرو، خلف ثلاثة أسهم في قرية، قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وكانوا يتوارثون ذلك عن جده أحمد بن يوسف السلمي، وكذلك خلف أيضا ضياعا ومتاعا، ولم يكن له وارث غير والدتي، وكان على التركات رجل متسلط، فكان من صنع الله أنه لم يأخذ من ذلك شيئا، وسلم إلي الكل، فلما تهيأ أبو القاسم النصراباذي للحج، استأذنت أمي في الحج، فبعت سهما بألف دينار، وخرجت سنة 366، فقالت أمي: توجهت إلى بيت الله، فلا يكتبن عليك حافظاك شيئا تستحي منه غدا.
وكنت مع النصراباذي أي بلد أتيناه يقول: قم بنا نسمع الحديث.
وسمعته يقول: إذا بدا لك شئ من بوادي الحق، فلا تلتفت معها إلى جنة ولا نار، وإذا رجعت عن تلك الحال، فعظم ما عظمه الله.
وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الاهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والدوام على الاوراد.
قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في " سياق التاريخ ": أبو عبد الرحمن شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة طريق التصوف، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة، ورث التصوف من أبيه وجده، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرس كتبه المئة أو أكثر، حدث أكثر من أربعين سنة قراءة وإملاء، وكتب الحديث بنيسابور ومرو والعراق والحجاز، وانتخب عليه الحفاظ.
سمع من أبيه وجده ابن نجيد، وأبي عبد الله الصفار، وأبي العباس الاصم، ومحمد بن يعقوب الحافظ، وأبي إسحاق الحيري، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن

(17/249)


الكارزي، وأبي الحسن الطرائفي، والامام أبي بكر الصبغي، والاستاذ أبي
الوليد حسان، وابني المؤمل، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي سعيد بن رميح، وأبي بكر القطيعي، وطبقتهم.
وولد في سنة ثلاثين وثلاث مئة، كذا ورخه عبد الغافر، فالله أعلم.
وقال: حدثنا عنه جدي زين الاسلام القشيري، وأبو سعيد بن رامش، وأبو بكر بن زكريا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو نصر الجوري، وعلي بن أحمد المديني.
قلت: ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو بكر البيهقي، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق كثير، وما هو بالقوي في الحديث.
ذكره الخطيب (1)، فقال: محله كبير، وكان مع ذلك صاحب حديث، مجودا، جمع شيوخا وتراجم وأبوابا، وعمل دويرة للصوفية، وصنف سننا وتفسيرا.
قال أبو الوليد القشيري: سمعت أبا عبدالرحمن السلمي يسأل أبا علي الدقاق، فقال: الذكر أتم أم الفكر ؟ فقال: ما الذي يفتح للشيخ فيه ؟ قال أبو عبد الرحمن: عندي الذكر أتم، لان الحق يوصف بالذكر، ولا يوصف بالفكر.
فاستحسنه أبو علي.
السلمي: حدثنا محمد بن العباس الضبي، حدثنا محمد بن أبي علي، حدثنا الفضل بن محمد بن نعيم، سمعت علي بن حجر، سمعت أبا
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 2 / 248.
(*)

(17/250)


حاتم الفراهيجي، سمعت فضالة النسوي، سمعت ابن المبارك يقول: حق على العاقل أن لا يستخف بثلاثة: العلماء والسلاطين والاخوان، فإنه
من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن استخف بالاخوان ذهبت مروءته.
القشيري: سمعت السلمي يقول: خرجت إلى مرو في حياة الاستاذ أبي سهل الصعلوكي، وكان له قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس دور (1) القرآن بختم، فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس، وعقد لابن العقابي (2) في ذلك الوقت مجلس القول فداخلني من ذلك شئ، وكنت أقول في نفسي: استبدل مجلس الختم بمجلس القول - يعني الغناء - فقال لي يوما: يا أبا عبدالرحمن: أيش يقول الناس لي ؟ قلت: يقولون: رفع مجلس القرآن، ووضع مجلس القول.
فقال: من قال لاستاذه: لم ؟ لا يفلح أبدا (3).
قلت: ينبغي للمريد أن لا يقول لاستاذه: لم، إذا علمه معصوما لا يجوز عليه الخطأ، أما إذا كان الشيخ غير معصوم وكره قول: لم ؟ فإنه لا يفلح أبدا، قال الله تعالى: (وتعانوا على البر والتقوى) [ المائدة: 2 ]
__________
(1) أثبت محقق " طبقات " السبكي 4 / 146 بدل هذه الكلمة كلمة " ورد ".
(2) في الاصل: " القعابي " بتقديم القاف: ولم نقف على هذه النسبة، والمثبت من " طبقات " السبكي 4 / 146 وهي نسبة إلى العقابة، وهو بطن من حضرموت.
(3) أورد الخبر السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 146، 147، وقد تشبث كثير ممن ينتسب إلى العلم بهذه المقالة، ورددها على لسانه أمام تلامذته، وكان من أثر ذلك أن اعتقد التلامذة العصمة في كل ما يقوله هذا الشيخ من آراء، وبقوا في التقليد الاعمى يتخبطون، وتبلدت أذهانهم، وضعفت مداركهم، حتى إنهم يظهر لهم بوضوح وجلاء أشياء كثيرة قد أخطأ فيها الشيخ، ولكنهم لا يتجزؤون على مخالفته لتلك المقالة السيئة.
(*)

(17/251)


وقال: (وتواصوا بالحق) [ العصر: 3 ] (وتواصوا بالمرحمة) [ البلد: 17 ] بلى هنا مريدون أثقال أنكاد، يعترضون ولا يقتدون، ويقولون ولا يعملون، فهؤلاء لا يفلحون (1).
قال الخطيب (2): قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الاحاديث.
قلت: وللسلمي سؤالات للدارقطني عن أحوال المشايخ الرواة سؤال عارف، وفي الجملة ففي تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة، وفي " حقائق تفسيره " أشياء لا تسوغ أصلا، عدها بعض الائمة من زندقة الباطنية، وعدها بعضهم عرفانا وحقيقة، نعوذ بالله من الضلال ومن الكلام بهوى، فإن الخير كل الخير في متابعة السنة والتمسك بهدي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
مات السلمي في شهر شعبان سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، وقيل: في رجب بنيسابور، وكانت جنازته مشهودة.
وفيها مات عبد الجبار الجراحي (3)، والحسين بن عمر بن برهان الغزال (4)، وأبو الحسن بن رزقويه (5)، ومنير بن أحمد الخشاب (6)،
__________
(1) فينبغي على التلميذ أن يسأل أستاذه أو يناقشه في أمر ما بأسلوب مهذب وسائغ، وينبغي على الاستاذ أن يأذن له ويستمع إليه، ويعترف بالخطأ إذا تبين له، وأن يغرس في نفس طالب العلم ملكة النقد، كما كان يفعل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
(2) في " تاريخ بغداد " 2 / 248.
(3) سترد ترجمته برقم (154).
(4) سترد ترجمته برقم (161).
(5) سترد ترجمته برقم (155).
(6) سترد ترجمته برقم (163).
(*)

(17/252)


والمحدث أبو سعد الماليني (1)، وأبو أحمد عبد الله بن عمر الكرجي السكري، ومحمد بن أحمد غنجار (2).
أخبرنا أبو نصر الفارسي وأبو سعيد الحلبي قالا: أخبرنا علي بن محمود، وأخبرنا بلال الحبشي، أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن حسين الشيباني، حدثنا أحمد بن زغبة، حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا سفيان، حدثني عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن الزبير خاصم رجلا، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له أنه ابن عمته.
فأنزل الله هذه الآية: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)..الآية [ النساء: 65 ] (3).
تفرد به حامد البلخي، وهو صدوق مكثر.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا الحسن بن محمد بن عساكر (ح)
__________
(1) سترد ترجمته برقم (183).
(2) سترد ترجمته برقم (184).
(3) رجاله ثقات، وأخرجه الحميدي في " مسنده "، (300) ومن طريقه الطبري (9914) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سلمة رجل من ولد أم سلمة، عن أم سلمة..وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 180 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
وأخرجه ابن مردويه فيما ذكره ابن كثير 2 / 308 من طريق الفضل بن دكين، عن سفيان بن عينية به إلا أنه لم يذكر فيه أم سلمة.
والقصة بأطول مما هنا أخرجها من غير هذا الطريق
البخاري (2359) و (2361) و (2362) و (2708)، و (4585)، ومسلم (2357) في الفضائل: باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (3637) وأحمد 1 / 165، 166، و 4 / 4، 5، والترمذي (1363) والنسائي 8 / 245، وانظر شرحه، والكلام على إسناده في " فتح الباري " 5 / 35، 38.
(*)

(17/253)


وأخبرنا محمد بن حازم، أخبرنا ابن غسان (خ) وأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا مكرم بن أبي الصقر قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل الفلكي، أخبرنا علي بن أحمد المديني، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، أخبرنا القعنبي، حدثنا الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا أحدكم، فلا يقل: اللهم إن شئت.
ولكن ليعزم، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شئ أعطاه " رواه مسلم (1).
ومن كبار شيوخه أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ وأبو ظهير عبد الله ابن فارس العمري البلخي، وسعيد بن القاسم البردعي.
قال الخطيب (2): وأخبرنا أبو القاسم القشيري قال: جرى ذكر السلمي، وأنه يقوم في السماع موافقة للفقراء، فقال أبو علي الدقاق: مثله في حاله لعل السكون أولى به، امض إليه، فستجده قاعدا في بيت كتبه، على وجه الكتب مجلدة مربعة فيها أشعار الحلاج، فهاتها، ولا تقل له شيئا.
قال: فدخلت عليه وإذا هو في بيت كتبه، والمجلدة بحيث ذكر، فلما قعدت، أخذ في الحديث، وقال: كان بعض الناس ينكر على عالم حركته في السماع، فرئي ذلك الانسان يوما خاليا في بيت وهو يدور كالمتواجد، فسئل عن حاله، فقال: كانت مسألة مشكلة علي، تبين لي معناها، فلم
أتمالك من السرور، حتى قمت أدور فقل له: مثل هذا يكون حالهم.
قال: فلما رأيت ذلك منهما، تحيرت كيف أفعل بينهما، فقلت: لا وجه إلا
__________
(1) برقم (2679) في الذكر والدعاء: باب العزم بالدعاء، ولا يقل إن شئت، وأخرجه مالك 1 / 213، ومن طريقه البخاري (6339) عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
(2) في " تاريخ بغداد " 2 / 248، 249.
والزيادة منه.
(*)

(17/254)


الصدق، فقلت: إن أبا علي وصف هذه المجلدة، وقال: احملها إلي من غير أن تعلم الشيخ، وأنا أخافك، وليس يمكنني مخالفته، فأيش تأمر ؟ فأخرج أجزاء من كلام الحسين الحلاج، وفيها تصنيف له سماه " الصيهور في نقض الدهور "، وقال: احمل هذه إليه (1).
وقيل: بلغت تآليف السلمي ألف جزء (2)، و " حقائقه " (3) قرمطة، وما أظنه يتعمد الكذب، بلى يروي عن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي أباطيل وعن غيره.
قال الامام تقي الدين ابن الصلاح في " فتاويه ": وجدت عن الامام أبي الحسن الواحدي المفسر رحمه الله أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي " حقائق التفسير "، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر (4).
قلت: واغوثاه ! واغربتاه !.
__________
(1) انظر ما علقه السبكي على هذه الحكاية في " طبقاته " 4 / 146.
(2) قد طبع من مصنفاته كتاب " طبقات الصوفية " وإحدى طبعاته بتحقيق نور الدين شريبة، وكتاب " آداب الصحبة وحسن العشرة " في القدس 1954 بتحقيق قسطر، وكتاب " الاربعون في أخلاق الصوفية " بحيدر آبار.
وانظر النسخ الخطية لعدد من مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 499 - 503.
(3) أي كتابه " حقائق التفسير "، قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": ألف " حقائق
التفسير " فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية، نسأل الله العافية.
وقال السبكي في " الطبقات ": وكتاب " حقائق التفسير " المشار إليه قد كثر الكلام فيه من قبل أنه اقتصر على ذكر تأويلات ومحامل للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ.
وانظر كتاب " التفسير والمفسرون " للدكتور محمد حسين الذهبي 2 / 384.
وهذا التفسير منه نسخ خطية عديدة في مكتبات العالم.
انظر " تاريخ " سزكين 2 / 497، 498، ومنه مختصر بعنوان " التفسير الصغير " في الظاهرية تفسير 249.
(4) " فتاوى ابن الصلاح " ص 29.
(*)

(17/255)


153 - الخركوشي * الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو سعد، عبدالملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم، النيسابوري الواعظ.
وخركوش: سكة بنيسابور.
حدث عن: حامد الرفاء، ويحيى بن منصور، وأبي عمرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وطبقتهم.
وتفقه بأبي الحسن الماسرجسي.
وسمع بدمشق وببغداد ومكة، وجاور، وصحب الكبار، ووعظ وصنف، ورزق القبول الزائد، وبعد صيته.
له تفسير كبير، وكتاب " دلائل النبوة "، وكتاب " الزهد " (1).
حدث عنه: الحاكم وهو أكبر منه، والحسن بن محمد الخلال، وعبد العزيز الازجي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو القاسم القشيري، وأبو علي الاهوازي، وأبو بكر البيهقي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وخلق.
قال الحاكم: أقول إني لم أر أجمع منه علما وزهدا، وتواضعا وإرشادا
إلى الله وإلى الزهد، زاده الله توفيقا، وأسعدنا بأيامه، وقد سارت مصنفاته.
__________
* تاريخ بغداد 10 / 432، الانساب 5 / 93، 94، تبيين كذب المفتري 233، المنتظم 7 / 279، معجم البلدان 2 / 360، 361، اللباب 1 / 436، تذكرة الحفاظ 3 / 1066، العبر 3 / 96، طبقات السبكي 5 / 222، 223، شذرات الذهب 3 / 184، 185، هدية العارفين 1 / 625.
(1) انظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " سزكين 2 / 496.
(*)

(17/256)


وقال الخطيب (1): كان ثقة ورعا صالحا.
قلت: توفي في جمادى الاولى سنة سبع وأربع مئة.
وكان ممن وضع له القبول في الارض، وكان الفقراء في مجلسه كالامراء، وكان يعمل القلانس، ويأكل من كسبه، بنى مدرسة ودارا للمرضى، ووقف الاوقاف، وله خزانة كتب موقوفة (2).

154 - الجراحي * الشيخ الصالح الثقة، أبو محمد، عبد الجبار بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن أبي الجراح بن الجنيد بن هشام بن المرزبان، المرزباني الجراحي المروزي.
ولد في سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة بمرو.
وسكن هراة، فحدث بها ب " جامع " الترمذي عن أبي العباس محمد ابن أحمد بن محبوب التاجر، فحمل الكتاب عنه خلق، منهم: أبو عامر محمود بن القاسم الازدي، وأحمد بن عبد الصمد الغورجي، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد شيخ الاسلام، وعبد العزيز بن محمد الترياقي،
ومحمد بن محمد العلائي، وآخرون.
قدم هراة في سنة تسع وأربع مئة.
قال المؤتمن بن أحمد الساجي: روى الحسين بن أحمد الصفار هذا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 432.
(2) انظر ما وصفه به السمعاني في " الانساب " 5 / 94.
* الانساب 3 / 214، اللباب 1 / 268، العبر 3 / 108، تذكرة الحفاظ 3 / 1052، شذرات الذهب 3 / 195، 196.
(*)

(17/257)


" الجامع "، عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القراب، عن أبي عيسى الترمذي، فسمعه منه القاضي أبو منصور محمد بن محمد الازدي ونظراؤه، فسمعت أبا عامر الازدي يقول: سمعت جدي أبا منصور القاضي يقول: اسمعوا فقد سمعنا هذا الكتاب منذ سنين، وأنتم تساوونا فيه الآن.
قال أبو سعد السمعاني (1): توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مئة إن شاء الله.
قال: وهو صالح ثقة.

155 - ابن رزقويه * الامام المحدث، المتقن، المعمر، شيخ بغداد، أبو الحسن محمد ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق (2) بن عبد الله بن يزيد، البغدادي البزاز.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وذكر أن أول سماعه سنة سبع وثلاثين.
سمع: محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي، وإسماعيل ابن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري
الواعظ، وعبد الله بن عبدالرحمن السكري، وعثمان بن السماك، وطبقتهم ومن بعدهم.
__________
(1) في " الانساب " 3 / 214.
* تاريخ بغداد 1 / 351، المنتظم 8 / 4، 5، العبر 3 / 108، تذكرة الحفاظ 3 / 1052، الوافي بالوفيات 2 / 60، البداية والنهاية 12 / 12، النجوم الزاهرة 4 / 256، شذرات الذهب 3 / 116.
(2) تحرف في " البداية والنهاية " إلى " روق " بالواو.
(*)

(17/258)


حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحسين بن الغريق، ومحمد بن علي [ ابن ] (1) الحندقوقي، وعبد العزيز بن طاهر الزاهد، ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعبد الله بن عبد الصمد بن المأمون، وأبو الغنائم محمد ابن أبي عثمان، وأحمد بن الحسين بن سلمان العطار، ونصر بن البطر، وأخوه علي بن البطر، وآخرون، وأملى مدة.
قال الخطيب (2): كان ثقة صدوقا كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد، مديما للتلاوة، بقي يملي في جامع المدينة من بعد ثمانين وثلاث مئة إلى قرب موته، وهو أول شيخ كتبت عنه، وذلك في سنة ثلاث وأربع مئة بعدما كف بصره.
قال أبو القاسم الازهري: أرسل بعض الوزراء إلى أبي الحسن بن رزقويه بمال، فرده تورعا (3).
وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه للشافعي (4).
قال الخطيب: سمعته يقول: والله ما أحب الحياة إلا للذكر وللتحديث.
وسمعت البرقاني يوثق ابن رزقويه (5).
مات سنة اثنتي عشرة
وأربع مئة.
__________
(1) سقط لفظ " ابن " من الاصل واستدرك من ترجمته من " الوافي بالوفيات " 4 / 136، قال: محمد بن علي أبو عبد الله ابن المهتدي الهاشمي، ويعرف بابن الحندقوقا...وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وستين وأربع مئة.
(2) في " تاريخ بغداد " 1 / 351، وانظر " المنتظم " 8 / 5.
(3) " تاريخ بغداد " 1 / 352، و " المنتظم " 8 / 5.
(4) في " تاريخ بغداد " 1 / 352: وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه، وعلق على مذهب الشافعي.
(5) " تاريخ بغداد " 1 / 352، و " المنتظم " 8 / 5.
(*)

(17/259)


156 - خلف * الامام الحافظ الناقد، أبو علي (1)، خلف بن محمد بن علي بن حمدون، الواسطي.
سمع: أبا بكر القطيعي وطبقته ببغداد، وعبد الله بن محمد بن السقا بواسط، وأبا بكر الاسماعيلي بجرجان، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه بهراة، وأمثالهم بالشام ومصر وخراسان والعجم والعراق، وكان رفيق أبي الفتح بن أبي الفوارس (2) في الرحلة إلى أكثر النواحي.
صنف كتاب: " أطراف الصحيحين " (3)، وسافر الكثير في التجارة، وكتابه - قالوا: أقل أوهاما من " أطراف " أبي مسعود.
وقال أبو نعيم الحافظ: صحبناه بنيسابور وأصبهان (4).
وذكره الحاكم، فقال: حدثنا خلف بن محمد وكان حافظا لحديث شعبة وغيره.
قلت: روى عنه الحاكم وهو من شيوخه، وأبو علي الاهوازي، وأبو القاسم عبيدالله الازهري، وطائفة.
وأقام بالرملة يتجر.
__________
* أخبار أصبهان 1 / 310، تاريخ بغداد 8 / 334، 335، المنتظم 7 / 254، معجم البلدان 5 / 350، تذكرة الحفاظ 3 / 1067، 1068، البداية والنهاية 11 / 344، طبقات الحفاظ 416، كشف الظنون 1 / 116، هدية العارفين 1 / 348، الرسالة المستطرفة 167.
(1) كنيته في " تاريخ بغداد " و " المنتظم " و " البداية والنهاية " و " كشف الظنون ": أبو محمد.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (133).
(3) انظر الحديث عن كتب الاطراف في التعليقات على ترجمة أبي مسعود المتقدمة برقم (136).
(4) " أخبار أصبهان " 1 / 310.
(*)

(17/260)


قال الخطيب (1): سمعت الازهري يقول: كان خلف حافظا، وكان أبو الفتح بن أبي الفوارس أستاذه.
أنبأنا المسلم بن محمد الكاتب، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر الحافظ (2)، أخبرني عبيدالله بن أبي الفتح، أخبرنا خلف بن محمد، أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن عيسى بنيسابور، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسي، حدثنا أحمد ابن صالح بن رسلان الفيومي بمكة، حدثنا ذو النون المصري، حدثنا فضيل ابن عياض، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر عثرة ".
هذا حديث منكر (3).
لم أظفر لخلف بتاريخ وفاة، وقد بقي إلى بعيد الاربع مئة بيسير.
وقد مات في سنة أربع مئة مسند خراسان أبو نعيم عبدالملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق الاسفراييني (4)، وهو راوي " مسند " أبي عوانة الحافظ عنه، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث الرزاز البغدادي، وكان يذكر أنه سمع من البغوي، وزاهد الاندلس الشيخ سليمان بن بنج مال عن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 335.
(2) هو أبو بكر الخطيب صاحب " تاريخ بغداد ".
(3) إسناده ضعيف لضعف ليث - وهو ابن أبي سليم - وذو النون المصري ضعفه الدار قظي وغيره، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 10 / 4 من طريق أحمد بن صالح بن رسلان بهذا الاسناد، وأخرجه الخطيب 14 / 98 من طريق عبد العزيز بن عبد الله أبي عمر الرملي، عن ذي النون به بلفظ " تجاوزوا عن ذنب السخي، وزلة العالم، وسطوة السلطان العادل، فإن الله آخذ بأيديهم كلما عثر عاثر منهم " وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي نعيم في الحلية 4 / 108.
(4) تقدمت ترجمته برقم (38).
(*)

(17/261)


تسع وتسعين سنة، ومسند أصبهان أبو إسحاق بن عبد الله بن خرشيذ قوله (1).

157 - الشيباني * الشيخ العالم المؤدب، أبو القاسم، عبدالرحمن بن عمر بن نصر بن محمد، الشيباني السامري، ثم الدمشقي البزاز.
سمع ابن حبيب الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وعثمان بن محمد الذهبي، وأبا يعقوب الاذرعي، وخلقا سواهم.
حدث عنه: العتيقي، وعلي بن صصرى، وأبو علي الاهوازي،
ومحمد بن علي الحداد، والشيخ عبد العزيز الكتاني، وغيرهم.
قال الكتاني: كتب الكثير، واتهم في لقاء أبي إسحاق بن أبي ثابت، وكان يتهم بالاعتزال، توفي في رجب سنة عشر و أربع مئة (2).
قلت: له جماعة أجزاء مروية، ولم يقع لي حديثه إلا بنزول.
وفيها مات عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه (3)، وأبو عمر بن مهدي (4) الفارسي، وأبو الفضل التميمي (5)، وابن محمش الزيادي (6)،
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (37).
* العبر 3 / 102، ميزان الاعتدال 2 / 580، المغني في الضعفاء 2 / 384، لسان الميزان 3 / 424، شذرات الذهب 3 / 190.
(2) انظر " لسان الميزان " 3 / 424.
(3) تقدمت ترجمته برقم (147).
(4) تقدمت ترجمته برقم (131).
(5) سترد ترجمته برقم (165).
(6) سترد ترجمته برقم (169).
(*)

(17/262)


والقاضي أبو منصور الازدي (1)، وابن بابك (2) شاعر وقته، وهبة الله بن سلامة الضرير المفسر، وأبو بكر بن مردويه (3) الحافظ، وظفر بن محمد العلوي.

158 - ظفر بن محمد * ابن أحمد بن محمد بن زبارة بن عبد الله بن حسن بن علي بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، السيد المسند، الرئيس المجاهد، أبو منصور، العلوي الحسيني النيسابوري، البيهقي الغازي.
سمع عمه أبا علي بن زبارة، وأبا العباس الاصم، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني، وأبا بكر النجاد، وعلي بن عيسى بن ماتي، وخلف بن محمد البخاري الخيام، وأبا زكريا العنبري، وعدة، وانتقى عليه الحاكم.
وحدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف الاديب، وعمر بن الامام أبي عمر البسطامي، وآخرون.
قال عبد الغافر في " السياق ": كانت أصوله صحيحة، ثم احترق قصره بما فيه، وراحت أصوله، فصار يروي من فروعها، توفي بقريته، وبها دفن سنة عشر وأربع مئة.
قلت: نيف على الثمانين فيما أرى.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (166).
(2) سترد ترجمته برقم (171).
(3) سترد ترجمته برقم (188).
* لم نعثر على مصادر ترجمة.
(*)

(17/263)


159 - المهلبي * الشيخ الثقة العالم، شيخ الاطباء، أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن حمزة، المهلبي النيسابوري، بقية المشايخ.
سمع محمد بن أحمد بن دلويه، صاحب البخاري، ومحمد بن الحسين، القطان، وأبا حامد بن بلال، وأبا جعفر محمد بن الحسن الاصبهاني، وجماعة.
وتفرد في وقته.
وهو راوي المسلسل بالاولية (1).
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر عبيدالله بن سعيد
السجزي، وأبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي، وأبو بكر البيهقي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
قال الحاكم: صحب أبو يعلى الصيدلاني المشايخ، وطلب الحديث، ثم تقدم في معرفة الطب (2).
قلت: توفي في يوم عيد النحر سنة ست وأربع مئة، وقد قارب التسعين.
وهو من ذرية أمير خراسان المهلب بن أبي صفرة الازدي (3).
__________
* الانساب 8 / 122، 123 (الصيدلاني)، اللباب 2 / 254، تذكرة الحفاظ 3 / 1064، العبر 3 / 94، شذرات الذهب 3 / 181.
(1) وهو حديث: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء " وسيورده المؤلف في آخر ترجمة أبي نصر السجزي الواردة برقم (445).
(2) " الانساب " 8 / 122، 123.
(3) وقد مرت ترجمته في الجزء الرابع برقم (155).

(17/264)


160 - المحاملي * الفقيه الامام، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل، الضبي المحاملي البغدادي - من كبار الشافعية.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وأبا عمر الزاهد، وجماعة.
روى عنه: سليم الرازي، وأبو الغنائم بن أبي عثمان، وأخوه أحمد وآخرون.
قال الدارقطني: حفظ القرآن والفرائض ودرس المذهب، وكتب الحديث، وهو ممن يزداد كل يوم خيرا (1).
وقال الخطيب (2): حضرت مجلسه غير مرة، وتوفي في رجب سنة سبع وأربع مئة، وكان ثقة صادقا خيرا فاضلا، لم يحصل عندي شئ مما سمعت منه.

161 - ابن برهان * * الشيخ الثقة الصالح، أبو عبد الله، الحسين بن عمر بن برهان،
__________
* تاريخ بغداد 1 / 333، 334، المنتظم 7 / 285، العبر 3 / 97، طبقات السبكي 4 / 103، 104، طبقات الاسنوي 2 / 383، شذرات الذهب 3 / 185.
وعرف بالمحاملي مع آبائه لان بعض أجدادهم كان ببغداد يبيع المحامل التي يركب فيها في الاسفار.
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 334، و " المنتظم " 7 / 285، و " طبقات " السبكي 4 / 104.
(2) في " تاريخ بغداد " 1 / 334.
* * تاريخ بغداد 8 / 82، 83، العبر 3 / 108، شذرات الذهب 3 / 195.
(*)

(17/265)


البغدادي الغزال البزاز، والد عبد الوهاب ومحمد.
سمع إسماعيل الصفار، وعلي بن إدريس الستوري (1)، وأبا جعفر بن البختري، وابن السماك.
روى عنه: أبوا بكر: البيهقي والخطيب، وأبو الفوارس طراد النقيب، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان ثقة صالحا، مات في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
قلت: وقع لنا حديثه من عوالي طراد (3).

162 - ابن الدلم * المحدث الثقة المأمون، أبو القاسم، بقية المسندين، صدقة بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالملك القرشي الدمشقي، ابن الدلم.
سمع من: أبي سعيد بن الاعرابي بمكة، وعثمان بن محمد الذهبي، وأبي علي الحصائري، وأبي الطيب بن عبادل، وخيثمة الاطرابلسي.
حدث عنه: عبدالرحيم البخاري، وأبو علي الاهوازي، وعلي بن
__________
(1) قال السمعاني: هذه النسبة إلى الستر، وجمعه الستور، وهذه النسبة إما إلى حفظ الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة، ثم أورد ترجمة علي بن إدريس هذا.
(2) في " تاريخ بغداد " 8 / 83.
(3) هو أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي، مسند العراق، نقيب النقباء، خرج له العوالي المشهورة، متوفى سنة 491، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (23).
* العبر 3 / 112، تذكرة الحفاظ 3 / 1055، شذرات الذهب 3 / 198، تهذيب ابن عساكر 6 / 414، 415.
(*)

(17/266)


الخضر السلمي، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعلي بن صدقة الشرابي.
قال الكتاني: ثقة مأمون، مضى على سداد، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
قلت: هذا أكبر شيخ عند الكتاني.

163 - منير بن أحمد *
ابن الحسن بن علي بن منير، أبو العباس المصري الخشاب المعدل.
حدث عن: علي بن عبد الله بن أبي مطر، ومحمد بن أيوب بن الصموت، ومحمد بن أحمد بن أبي الاصبغ، وأحمد بن الضحاك، وطبقتهم.
وعنه: الصوري (1)، وخلف الحوفي (2)، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
قال الحبال: ثقة لا يجوز عليه تدليس، مات في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة (3).
_________________
* العبر 3 / 110، حسن المحاضرة 1 / 372، شذرات الذهب 3 / 197.
(1) هو الامام الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد الصوري، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (429).
(2) نسبة إلى حوف، وهي قرية بمصر.
انظر " الانساب " وفيه ترجمة خلف هذا.
(3) انظر " حسن المحاضرة " 1 / 372.
(*)

(17/267)


164 - عبد الغني بن سعيد * ابن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الامام الحافظ الحجة النسابة، محدث الديار المصرية، أبو محمد الازدي المصري، صاحب كتاب " المؤتلف والمختلف " (1).
مولده في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وكان أبوه سعيد فرضي مصر في زمانه.
سمع أبو محمد من: عثمان بن محمد السمرقندي، وهو أكبر شيخ
له، ومن أحمد بن إبراهيم بن عطية، وأحمد بن بهزاذ السيرافي، وسماعه منه في عام اثنين وأربعين، وسمع من إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، وأبي الطيب القاسم بن عبد الله الروذباري، وعلي بن أحمد بن إسحاق المزكي، والحسن بن يحيى القلزمي، وأبي أحمد بن الناصح المفسر، والحسن بن الخضر الاسيوطي، ومحمد بن علي النقاش التنيسي، وعلي بن جعفر الفريابي، وأبي قتيبة سلم بن الفضل، وإبراهيم بن علي الحنائي، صاحب
__________
* الانساب 1 / 198 (الازدي)، تاريخ دمشق 10 / 206 / 1 - 207 / 1، المنتظم 7 / 291، 292، المبهمات للنووي 35 / أ، وفيات الاعيان 3 / 223، 224، المختصر في أخبار البشر 2 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 1047، العبر 3 / 100، الوافي خ 17 / 36، 37، عيون التواريخ خ 12 / 35، مرآة الجنان 3 / 22، البداية والنهاية 12 / 7، النجوم الزاهرة 4 / 244، طبقات الحفاظ 411، حسن المحاضرة 1 / 353، كشف الظنون 2 / 1637، شذرات الذهب 3 / 188، 189، هدية العارفين 1 / 589، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 372.
(1) في مشتبه أسماء الرجال.
وقد ألف في هذا الباب غير واحد من العلماء انظر " كشف الظنون " 2 / 1637، ويوجد من هذا الكتاب: " المؤتلف والمختلف " وكتاب " مشتبه النسبة " لعبد الغني أيضا عدة نسخ خطية في مكتبات العالم.
انظر " تاريخ " سزكين 1 / 372، 373.
(*)

(17/268)


الكجي، وأبي نجيد محمد بن القاسم الحذاء، والخضر بن محمد المراغي، وأبي الحسن الدارقطني، ويعقوب بن مبارك، وحمزة بن محمد الكناني الحافظ، والقاضي أبي الطاهر السدوسي، وأبي الحسن بن حيويه، وطبقتهم بمصر، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبي سليمان بن
زبر، والفضل بن جعفر المؤذن، وطبقتهم بدمشق.
حدث عنه: الحافظ محمد بن علي الصوري، ورشأ بن نظيف المقرئ، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وابن بقاء الوراق، وأبو علي الاهوازي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وخلق سواهم، وبالاجازة أبو عمر بن عبد البر، وغيره.
وكان من كبار الحفاظ.
قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في طريقك من يفهم شيئا من العلم ؟ قال: ما رأيت في طول طريقي إلا شابا بمصر يقال له: عبد الغني، كأنه شعلة نار.
وجعل يفخم أمره، ويرفع ذكره (1).
وقال أبو الفتح منصور بن علي الطرسوسي: أراد أبو الحسن الدار قطني الخروج من عندنا من مصر، فخرجنا معه نودعه، فلما ودعناه بكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد، وفيه الخلف (2).
ولعبد الغني جزء بين فيه أوهام كتاب " المدخل إلى الصحيح "
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 224، و " المنتظم " 7 / 291، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048، و " شذرات الذهب " 3 / 188.
(2) المصادر السابقة.
(*)

(17/269)


للحاكم، يدل علي إمامته وسعة حفظه (1).
قال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم " الاوهام التي في المدخل " بعث إلي يشكرني، ويدعو لي، فعلمت أنه رجل عاقل (2).
قال أبو بكر البرقاني: ما رأيت بعد الدار قطني أحفظ من عبد
الغني (3).
وقال محمد بن علي الصوري: قال لي الحافظ عبد الغني: ابتدأت بعمل كتاب " المؤتلف والمختلف "، فقدم علينا الدار قطني، فأخذت عنه أشياء كثيرة منه، فلما فرغت من تصنيفه، سألني أن أقرأه عليه ليسمعه مني، فقلت: عنك أخذت أكثره.
قال: لا تقل هكذا، فإنك أخذته عني مفرقا، وقد أوردته فيه مجموعا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك.
قال: فقرأته عليه (4).
قال أبو الوليد الباجي: عبد الغني بن سعيد حافظ متقن، قلت لابي ذر الهروي: أخذت عن عبد الغني ؟ فقال: لا إن شاء الله.
على معنى التأكيد، وذلك أنه كان لعبد الغني اتصال ببني عبيد، بعني أصحاب مصر (5).
قال أحمد بن محمد العتيقي: كان عبد الغني إمام زمانه في علم
__________
(1) انظر النسخ الخطية لكتاب " كشف الاوهام التي في كتاب المدخل " في " تاريخ التراث العربي " 1 / 374.
(2) " المنتظم " 7 / 291، 292، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048، 1049.
(4) " وفيات الاعيان " 3 / 224، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1049.
(5) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1049.
(*)

(17/270)


الحديث وحفظه، ثقة مأمونا، ما رأيت بعد الدار قطني مثله (1).
قلت: اتصاله بالدولة العبيدية كان مداراة لهم، وإلا فلو جمح
عليهم، لاستأصله الحاكم خليفة مصر، الذي قيل: إنه ادعى الالهية.
وأظنه ولي وظيفة لهم، وقد كان من أئمة الاثر، نشأ في سنة واتباع قبل وجود دولة الرفض، واستمر هو على التمسك بالحديث، ولكنه دارى القوم، وداهنهم، فلذلك لم يحب الحافظ أبو ذر الاخذ عنه.
وقد كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي أمامها: هذا نافي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي في سابع صفر سنة تسع وأربع مئة.
قلت: ومات معه في هذا العام المحدثون المسندون: أبو الحسين أحمد بن محمد بن المتيم (2) البغدادي الواعظ، وأبو الحسن أحمد بن محمد ابن أحمد بن الصلت الاهوازي (3)، شيخا أبي بكر الخطيب، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الاصبهاني الصوفي (4) شيخ البيهقي، والمعمر أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة (5)، الصيدلاني الواسطي، وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي " سنن " ابن ماجه.
أخبرنا عيسى بن عبد الرزاق، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، سمعت جعفر بن أحمد اللغوي، سمعت محمد بن علي
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048.
(2) سترد ترجمته برقم (176).
(3) تقدمت ترجمته برقم (108).
(4) تقدمت ترجمته برقم (145).
(5) تقدمت ترجمته برقم (113).
(*)

(17/271)


الصوري الحافظ، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا القاسم الحسين
ابن عبد الله القرشي، سمعت بنانا الزاهد يقول: من كان يسره ما يضره متى يفلح ؟ (1).
أخبرنا أحمد بن سلامة المقرئ إجازة عن هبة الله بن علي، أخبرنا علي بن الحسين، أخبرنا عبدالرحيم بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد الغني ابن سعيد، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد العطار، حدثنا إبراهيم بن دنوقا، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا بشر بن المفضل، عن غالب القطان (2)، عن بكر، عن أنس قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا أراد أحدنا أن يسجد على الارض بسط ثوبه، فسجد عليه.
غالب هو ابن خطاف، قيده الدار قطني بفتح الخاء (3)، اتفق الشيخان عليه من طريق بشر (4).
__________
(1) انظر قول بنان في " حلية الاولياء " 10 / 325، و " طبقات الصوفية " 293.
وبنان هذا هو بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد، أبو الحسن الزاهد الواسطي، ويعرف بالحمال، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (274)، وقد تصحف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1050 إلى " بيان " بالياء.
(2) في الاصل: " القطار " بالراء وهو خطأ، وهو غالب بن أبي غيلان خطاف القطان - نسبة إلى بيع القطن - هو من رجال " تهذيب الكمال ".
(3) وبه قيده المؤلف في " المشتبه " وابن حجر في " التبصير " وقال في " التقريب ": بضم المعجمة، وقيل بفتحها.
(4) أخرجه البخاري (385) في الصلاة: باب السجود على الثوب في شدة الحر و (1208) في العمل في الصلاة، ومسلم (620) في المساجد: باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر.
وبكر: هو ابن عبد الله المزني، وأخرجه من طريق بشر بهذا الاسناد أبو داود (660)، وابن ماجة (1033) والدارمي 1 / 308.
وأخرجه البخاري (542) والترمذي (584) من طريق عبد الله بن المبارك، عن خالد بن عبدالرحمن، عن
غالب القطان به.
(*)

(17/272)


قال عبد الغني بن سعيد في كتاب " العلم "، وهو جزآن: أخبرنا محمد بن عبد الله بن البياع في كتابه من نيسابور، حدثنا الاصم.
فذكر حديثا.

165 - أبو الفضل التميمي * الامام الفقيه، رئيس الحنابلة، أبو الفضل، عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث، التميمي البغدادي الحنبلي.
حدث عن: أبيه، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وأبي بكر النجاد، وأحمد بن كامل، وعدة.
وعنه: الخطيب، ورزق الله التميمي ابن أخيه، وعمر بن عبيدالله ابن عمر المقرئ، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقا، دفن إلى جنب قبر الامام أحمد، وحدثني أبي - وكان ممن شيعه - أنه صلى عليه نحو من خمسين ألفا، رحمه الله (1).
قلت: كان صديقا للقاضي أبي بكر بن الباقلاني (2)، وموادا له.
توفي سنة عشر وأربع مئة.
__________
* تاريخ بغداد 11 / 14 / 15، طبقات الحنابلة 2 / 179، المنتظم 7 / 295.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 14، 15.
وقال في " طبقات الحنابلة " 2 / 179: ودفن بين قبر إمامنا أحمد وقبر أبيه.
(2) تقدمت ترجمته برقم (110).
(*)

(17/273)


166 - أبو منصور الازدي * العلامة المحدث، القاضي أبو منصور، محمد بن محمد (1) بن عبد الله بن الحسين، الازدي الهروي الشافعي.
روى عن: الحسن بن عمران الحنظلي الهروي، وسمع لما حج بالكوفة من محمد بن علي بن دحيم، وببغداد من أبي محمد دعلج السجزي، وأحمد بن عثمان الادمي، وعدة.
وأملى مدة، وكان رأس الشافعية في عصره بهراة مع الدين والخير وعلو الاسناد.
حدث عنه: أحمد بن أحمد بن حمدين، وأبو سعد يحيى بن أبي نصر العدل، وأبو عدنان القاسم بن علي، ومحمد بن علي العميري، وشيخ الاسلام أبو إسماعيل الانصاري، وآخرون.
وكان السلطان محمود (2) بن سبكتكين يجله، ويحترمه لخيره واتباعه ومحاسنه (3).
قارب التسعين، ومات بهراة فجأة في المحرم سنة عشر وأربع مئة.
وهو من ذرية الامير المهلب بن أبي صفرة.
وابنه: هو الامام:
__________
* طبقات العبادي: 93، العبر 3 / 103، الوافي بالوفيات 1 / 115، طبقات السبكي 4 / 196، طبقات الاسنوي 2 / 527، شذرات الذهب 3 / 192.
(1) في " طبقات " العبادي: أحمد بدل محمد.
(2) سترد ترجمته برقم (319).
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 197 و 5 / 320.
(*)

(17/274)


167 - أبو أحمد منصور بن محمد * المهلبي الاديب.
علق المذهب ببغداد عن الشيخ أبي حامد.
وروى عن: محمد بن عبد الله بن خميرويه، والخليل بن أحمد السجزي، والعباس بن الفضل النضروي (1).
وأملى مجالس، وكان يختم كل يوم.
وأما نظمه الفائق ونثره البديع، فإليه المنتهى (2).
قال الرهاوي: توفي سنة أربعين وأربع مئة.

168 - ابن جهضم * * الشيخ الامام الكبير، شيخ الصوفية بالحرم، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني المجاور، مصنف " بهجة
__________
* يتيمة الدهر 4 / 348 - 350، دمية القصر 2 / 719 - 724، معجم الادباء 19 / 191 - 194، طبقات السبكي 5 / 346، 347.
(1) بفتح النون وسكون الضاد المعجم وفتح الراء كما في " تبصير المنتبه " 1 / 156، ويقال أيضا بضم الراء كما في " اللباب " وهذه النسبة إلى نضرويه وهو اسم لجد العباس بن الفضل.
(2) انظر نظمه في " يتيمة الدهر " و " معجم الادباء " و " طبقات السبكي " وقال الباخرزي في " الدمية ": وديوان شعره يبلغ أربعين ألف بيت.
* * المنتظم 8 / 14، تاريخ الاسلام (وفيات سنة 414 ه)، العبر 3 / 116، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، المغني في الضعفاء 2 / 451، ميزان الاعتدال 3 / 142، 143، البداية والنهاية 12 / 16، العقد الثمين 6 / 179 - 181، لسان الميزان 4 / 238، شذرات الذهب 3 / 200، 201.
(*)

(17/275)


الاسرار " (1).
يروي فيه عن أبي الحسن بن سلمة القطان، وأحمد بن عثمان الادمي، وعلي بن أبي العقب، وخلق.
ليس بثقة بل متهم يأتي بمصائب.
قال ابن خيرون: قيل: إنه يكذب (2).
قلت: سقت أخباره في " التاريخ " و " الميزان ".
مات سنة أربع عشرة وأربع مئة.

169 - ابن محمش * الفقيه العلامة القدوة، شيخ خراسان، أبو طاهر، محمد بن محمد ابن محمش بن علي بن داود، الزيادي الشافعي النيسابوري الاديب.
كان يسكن بمحلة ميدان زياد بن عبدالرحمن، فنسب إليها (3)، وكان
__________
(1) وهو في أخبار الصوفية، قال ابن حجر في " لسان الميزان " 4 / 238: قال المصنف في " تاريخ الاسلام ": لقد أتى بمصائب في كتاب " بهجة الاسرار " يشهد القلب ببطلانها، وروى عن أبي بكر النجاد، عن ابن أبي العوام، عن أبي بكر المروذي في محنة أحمد، فأتى فيها بعجائب وقصص لا يشك من له أدنى ممارسة ببطلانها.
وهذا الكتاب منه نسخة خطية في الظاهرية بدمشق مجموع 66 / 4.
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 143، و " لسان الميزان " 4 / 238.
* طبقات العبادي: 101، الانساب 6 / 336 (الزيادي)، اللباب 2 / 84، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 245، تذكرة الحفاظ 3 / 1051، العبر 3 / 103، الوافي بالوفيات 1 / 271، 272، طبقات السبكي 4 / 198 - 201، طبقات الاسنوي 1 / 609، 610، شذرات الذهب 3 / 192، هدية العارفين 2 / 59.
ومحمش: على وزن مسجد، كما في " تبصير المنتبه " 4 / 1265، و " طبقات " الاسنوي.
(3) كذا قال عبد الغافر الفارسي في كتابه " السياق " ونقله عنه الاسنوي في " طبقاته " 1 / 609، أما أبو سعد السمعاني، فقال: هذه النسبة إلى اسم بعض أجداده.
ونقل السبكي عن أبي عاصم العبادي أنه منسوب إلى بشير بن زياد، ثم قال: ويشبه أن يكون ما ذكره أبو عاصم تصريحا وأبو سعد تلويحا أصح مما ذكره عبد الغافر.
" طبقات " السبكي 4 / 199.
(*)

(17/276)


والده من العابدين.
ولد أبو طاهر سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وأسمعه أبوه سنة خمس وعشرين وبعدها من أبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وعبد الله بن يعقوب الكرماني (1)، والعباس بن محمد بن قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله النصري، ومحمد بن الحسن المحمداباذي، ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري (2)، وعبدوس بن الحسين، وأبي العباس الاصم، وأبي علي الميداني، وحاجب بن أحمد الطوسي، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وعدة.
وكاد أن يسمع من ابن الشرقي.
وكان إماما في المذهب، متبحرا في علم الشروط (3)، له فيه مصنف، بصيرا بالعربية، كبير الشأن، وكان إمام أصحاب الحديث ومسندهم ومفتيهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أملى نحوا من ثلاث سنين، ولولا ما اختص به من الاقتار وحرفة أهل العلم (4) لما تقدم عليه أحد، أخبرنا عنه الامام جدي، وأبو سعد بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، ومحمد
__________
(1) بفتح الكاف - وقيل بكسرها والفتح أشهر بالصحة - وسكون الراء وفي آخرها النون.
انظر " الانساب " و " معجم البلدان ".
(2) نسبة إلى جورجير: محلة معروفة كبيرة بأصبهان، بها الجامع الحسن، ويعرف بجامع جورجير.
انظر " الانساب " وقد أورد فيه السمعاني ترجمة محمد بن عمر بن حفص هذا.
(3) انظر في تعريف علم الشروط " كشف الظنون " 2 / 1045، 1046، و " مفتاح السعادة " 1 / 272، و " الانساب " ترجمة " الشروطي ".
وقد سبق التعريف به في الجزء العاشر ص 367 ت رقم (2).
(4) يعني بحرفة أهل العلم النسخ، فأكثرهم كان ينسخ بالاجرة ليقوت نفسه.
(*)

(17/277)


ابن يحيى المزكي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وعلي بن أحمد الواحدي المفسر.
قلت: وأبو بكر البيهقي، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة (1)، ومحمد بن محمد الشاماتي (2)، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق.
وقد روى عنه من أقرانه الحاكم ابن البيع.
مات في شعبان سنة عشر وأربع مئة، رحمه الله.

170 - طغان خان * التركي، صاحب تركستان، وبلاساغون (3) وكاشغر (4) وختن (5) وفاراب (6).
قصدته جيوش الصين والخطا (7) في جمع ما سمع بمثله حتى قيل:
__________
(1) بضم الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، بعدها زاي معجمة.
" تبصير المنتبه " 1 / 74.
(2) نسبة إلى الشامات: اسم لاحد أرباع نيسابور، فيه من القرى ما يزيد على ثلاث مئة قرية.
انظر " الانساب " وفيه ترجمة محمد بن محمد الشاماتي هذا، وقد تصحفت هذه النسبة في " طبقات السبكي " 4 / 199 إلى " الساماتي ".
* الكامل 9 / 220 و 240 و 297، 298، المختصر في أخبار البشر 2 / 149، 150 وفيه اسمه أبو نصر أحمد بن طغان خان، ولقبه قراخان، تتمة المختصر في أخبار البشر 1 / 500، تاريخ ابن خلدون 4 / 391، 392.
(3) قال ياقوت: بالسين مهملة والغين المعجمة: بلد عظيم في ثغور الترك وراء نهر سيحون قريب من كاشغر.
(4) قال ياقوت: هي مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي، وهي في وسط بلاد الترك، وأهلها مسلمون.
(5) بلد وولاية دون كاشغر ووراء يوزكند، وهي معدودة من بلاد تركستان، وهي في واد بين جبال في وسط بلاد الترك، وبعض يقوله بتشديد التاء.
كذا في " معجم البلدان ".
(6) ولاية وراء نهر سيحون في تخوم بلاد الترك، وهي أبعد من الشاش، قريبة من بلا ساغون.
(7) قال القلقشندي: إن اسم الخطا يطلق على بلاد متاخمة للصين يسكنها جنس من = (*)

(17/278)


كانوا ثلاث مئة ألف.
وكان مريضا فقال: اللهم عافني لاغزوهم، ثم توفني إن شئت.
فعوفي، وجمع عساكره، وساق، فبيتهم، وقتل منهم نحو مئتي ألف، وأسر مئة ألف، وكانت ملحمة مشهودة في سنة ثمان وأربع مئة، ورجع بغنائم لا تحصى إلا بلاساغون، فتوفاه الله عقيب وصوله (1).
وكان دينا عادلا، بطلا شجاعا.
وتملك بعده أخوه أرسلان خان (2)، أرخ ذلك صاحب حماة المؤيد (3).

80 - الناصر تقدم (4)، وهو صاحب الاندلس، الناصر لدين الله، أبو الحسن علي
ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيدالله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن السيد الحسن بن علي، العلوي الحسني، ثم الادريسي.
كان من قواد المستعين المرواني (5)، فلما طغى المستعين، وعثر الرعية، حاربه علي هذا وقتله وتملك وتمكن، ثم خالف عليه الموالي الذين كانوا قد نصروه، ومالوا إلى عبدالرحمن بن محمد بن عبدالملك بن الناصر = الترك، وقد أسسوا دولتهم في القرن السادس الهجري أو الثاني عشر الميلادي، وكانت بينهم وبين المسلمين حروب طويلة.
__________________
انظر " صبح الاعشى " 4 / 383، و " دائرة المعارف الاسلامية " 2 / 179.
(1) انظر " الكامل " 9 / 297، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 391، 392.
(2) انظر " الكامل " 9 / 298، و " تاريخ ابن خلدون " 4 / 392.
(3) في كتابه " المختصر في أخبار البشر " 2 / 150.
(4) برقم (80) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(5) وقد تقدمت ترجمته برقم (79).
(*)

تعليق المستخدم :[80 - الناصر تقدم (4)، وهو صاحب الاندلس]
للوهلة الأولى يظن القارئ أنّ هذا خطأ ، فكيف يكون الرقم ثمانون بين السبعين بعد المئة والواحد والسبعين بعد المئة ؟
ولقد تبيّن لي بعد التدقيق أنها ليست خطأ ، فترجمة المذكور تجدها في صفحة 137 برقم 80 من هذا الجزء ، ولكنها ليست نفسها ، بل تعمد المؤلف إعادتها هنا وفيها إضافات لا تجدها هناك ، فتنبّه لئلا تحذفه .

كتب : عبد الرحمن الشامي .

(17/279)


الاموي، ولقبوه بالمرتضى، و نازلوا غرناطة، ثم ندموا على بيعته لما رأوا من صولته، فتنقلوا عنه، ودسوا من قتله غيلة.
وكانت دولة الادريسي اثنين وعشرين شهرا، ثم قتله غلمان له صقالبة في حمام في أواخر سنة ثمان وأربع مئة، فقام بعده أخوه القاسم (1).
وترك علي من الولد إدريس (2)، ويحيى المعتلي (3)، فشيخنا جعفر ابن محمد الادريسي من نسل المعتلي.

171 - ابن بابك * شاعر وقته، أبو القاسم، عبد الصمد بن منصور بن بابك، البغدادي.
وديوانه كبير في مجلدين.
طوف النواحي، ومدح الكبار، ولما سأله الصاحب إسماعيل بن عباد وقد وفد عليه: أأنت ابن بابك (4) ؟ قال: بل أنا ابن بابك.
فأعجبه ذلك (5).
توفي سنة عشر وأربع مئة (6).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (81).
(2) تقدمت ترجمته برقم (85).
(3) تقدمت ترجمته برقم (82).
* يتيمة الدهر 3 / 374 - 381، المنتظم 7 / 295، وفيات الاعيان 3 / 196 - 198، العبر 3 / 102، 103، النجوم الزاهرة 4 / 245، 246، معاهد التنصيص 1 / 64، شذرات الذهب 3 / 191.
(4) في " وفيات الاعيان ": أأنت بابك الشاعر ؟ (5) " وفيات الاعيان " 3 / 196، 197.
(6) انظر نماذج من شعره في " اليتيمة " و " معاهد التنصيص " و " وفيات الاعيان " وله بيت = (*)

(17/280)


172 - ابن سراقة * الحافظ العلامة، أبو الحسن، محمد بن يحيى بن سراقة، العامري البصري.
حدث عن: ابن داسة، وأبي إسحاق الهجيمي، وابن عباد، وطائفة.
وأخذ عن أبي الفتح الازدي مصنفه في الضعفاء، ثم هذبه، وراجع فيه أبا الحسن الدارقطني.
وارتحل في الحديث إلى فارس وأصبهان والدينور، وسكن آمد مدة.
وكان من أئمة الشافعية.
له تآليف في الفرائض والسجلات (1).
كان حيا في سنة أربع مئة (2).
__________
= في غاية الرقة وهو: ومر بي النسيم فرق حتى * كأني قد شكوت إليه ما بي * طبقات ابن الصلاح 26 / ب، الوافي بالوفيات 5 / 195، طبقات السبكي 4 / 211 - 214، طبقات الاسنوي 2 / 27، 28، طبقات ابن هداية الله 130، 131، كشف الظنون 1 / 481، هدية العارفين 1 / 60.
(1) قال الاسنوي: وقع لي من تصانيفه الفقهية كتابه في " الشهادات " وكتابه في " الاعداد " وهو مشتمل على أشياء أخرى غريبة، وكتابه الذي سماه " ما لا يسع المكلف جهله ".
ونقل السبكي من كتاب " الاعداد " بعض الفوائد والغرائب، وقال: ووقفت من تصانيفه على كتاب " أدب الشاهد وما يثبت به الحق على الجاحد " وقد ذكر في خطبته أنه صنف قبله كتابا في " أدب القضاة ".
(2) قال السبكي: وأراه توفي في حدود سنة عشر وأربع مئة.
(*)

(17/281)


173 - فخر الملك * الوزير الكبير، أبو غالب، محمد بن علي بن خلف بن الصيرفي.
وباسمه صنف كتاب " الفخري " في الجبر والمقابلة (1).
كان صدرا معظما، جوادا ممدحا من رجال الدهر، كان أبوه صيرفيا
بديوان واسط، وكان أبو غالب من صباه يتعانى المكارم والافضال، ويلقبونه بالوزير الصغير، ثم ولي بعض الاعمال، وتنقلت به الاحوال إلى أن ولي ديوان واسط، ثم وزر، وناب للسلطان بهاء الدولة (2) بفارس، وافتتح قلاعا، ثم ولي العراق بعد عميد الجيوش (3)، فعدل قليلا، وأعاد اللطم يوم عاشوراء، وثارت الفتن لذلك، ومدحته الشعراء (4)، ودام ست سنين، ثم أمسك بالاهواز، وقتل في ربيع الاول سنة سبع وأربع مئة، وأخذوا له جوهرا ونفائس، وألف ألف دينار وغير ذلك، وطمر في ثيابه (5).
__________
* المنتظم 7 / 286، 287، الكامل 9 / 260 (وانظر الفهرس)، وفيات الاعيان 5 / 124 - 127، المختصر في أخبار البشر 2 / 144، العبر 3 / 97، تتمة المختصر 1 / 493، 494، الوافي بالوفيات 4 / 118، 119، البداية والنهاية 12 / 5، 6، تاريخ ابن خلدون 4 / 470، 471، النجوم الزاهرة 4 / 242، شذرات الذهب 3 / 185.
(1) صنفه أبو بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرخي، المتوفى في حدود سنة عشر وأربع مئة، وصنف له أيضا كتاب " الكافي " في الحساب.
انظر " وفيات الاعيان " 5 / 125، و " أعلام " الزركلي 6 / 83.
(2) تقدمت ترجمته برقم (106).
(3) تقدمت ترجمته برقم (137).
(4) منهم أبو نصر ابن نباتة، له فيه قصائد مختارة، منها قصيدته النونية التي منها: لكل فتى قرين حين يسمو * وفخر الملك ليس له قرين أنخ بجنابه واحكم عليه * بما أملته فأنا الضمين انظر " وفيات الاعيان " 5 / 124، 125.
(5) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 126، و " المنتظم " 7 / 286، و " البداية والنهاية " 12 / 5.
وقد أوردت هذه المصادر قصة جعلوها سببا لما حل به.
(*)

(17/282)


وكان شهما كافيا، خبيرا بالتصرف، سديد التوقيع، طلق المحيا، يكاتب ملوك النواحي، ويهاديهم، وفيه عدل في الجملة، عمرت العراق في أيامه، وكان من محاسن الدهر، أنشأ بيمارستانا عظيما ببغداد، وكانت جوائزه متواترة على العلماء والصلحاء، وعاش ثلاثا وخمسين سنة.
رفعت إليه سعاية برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة، ولو كانت صحيحة، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك، لعاملناك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب (1).
فأخذها فقهاء المكاتب، وعلموها الصغار.
وقد أنشأ ببغداد دارا عظيمة (2)، وكان يضرب المثل بكثرة جوائزه وعطاياه.

79 - المستعين * صاحب الاندلس، الملقب بالمستعين، أبو الربيع، سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبدالرحمن، الاموي المرواني الاندلسي.
خرج على ابن عمه المؤيد بالله هشام على رأس عام أربع مئة، والتف على البربر بالاندلس، وغلبوا على قلعة رباح، وملكوه، وجمعوا له
__________
(1) الخبر في " وفيات الاعيان " 5 / 126.
والسعاية: الوشاية، والخفارة مثلثة الخاء: الامان.
(2) قال ابن الجوزي: وداره بأعلى الحريم الطاهري يقال لها: الفخرية، وهذا الدار كانت للمتقي لله، وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وخربت فعمرها فخر الملك، وأنفق عليها أموالا كثيرة، وفرغ منها في رمضان سنة اثنتين وأربع مئة.
" المنتظم " 7 / 286.
* تقدمت ترجمته برقم (79) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(*)

تعليق المستخدم :[79 - المستعين * صاحب الاندلس]
لا يظن القارئ أن وجود هذه الترجمة برقم 79 هنا أنها خطأ ، فلقد مرّ ما يشبهها في الصفحة 279 من هذا الجزء، فيرجى مراجعة التعليق هناك ، وكذلك انظر التعليق في الحاشية من هذه الصفحة .

كتب : عبد الرحمن الشامي

(17/283)


أموالا نحو المئة ألف دينار، فسار بهم إلى طليطلة، فحاربهم، واستولى عليها، وذبح واليها، ثم هزم عسكرا واقعوه، ثم قصد قرطبة، فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم في النهر، وقتل خلق، وكانت ملحمة كبرى، ذهب فيها عدة من العلماء والصلحاء، فعمد المهدي، فأخرج المؤيد بالله، بعد أن زعم أنه مات، فأجلسه للناس، وجعل القاضي ابن ذكوان يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما ابن عبد الجبار نائبه.
فقالت البربر: يا ابن ذكوان ! بالامس تصلي عليه، واليوم تحييه ! وأما الرعية فخرجوا يطلبون أمانا من سليمان، فأكرمهم، واختفى ابن عبد الجبار، واستوسق لسليمان الامر، ودخل القصر، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا اثني عشر ألفا، وهرب ابن عبد الجبار إلى طليطلة، فقاموا معه، واستنجد بالفرنجية، وبعث إليهم من بيت المال بذهب عظيم، فلله الامر، ثم أقبل في عسكر عظيم، فكان المصاف على عقبة البقر بقرب قرطبة، فينهزم ابن عبد الجبار، وقتل من الفرنج ثلاثة آلاف، وغرق خلائق، ثم ظفروا بابن عبد الجبار، فذبح صبرا، وقطعت أربعته في يوم التروية سنة أربع مئة، وله أربع وثلاثون سنة، ثم استمر في الملك المؤيد بالله، وعاث المستعين بالبربر، وجرت أمور طويلة، وحاصر قرطبة مدة طويلة إلى شوال سنة ثلاث، فشدوا، وزحفوا على البلد، فأخذوه، وبذلوا السيف والنهب وبعض السبي، وقتلوا المؤيد، فيقال: قتل بقرطبة نيف وعشرون ألفا، وفعلت عساكر المستعين ما لا تفعله النصارى، واستوسق الامر للمستعين، فعسف وجار، وأخرب البلاد، وكان
من قواده القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الادريسي، فقدمهما على جيشه، ثم استناب أحدهما على الجزيرة الخضراء، والآخر على سبتة، فراسل علي متولي سبتة جماعة، وحدث نفسه بالخلافة، فبادر إليه خلق،

(17/284)


وبايعوه، فعدى إلى الاندلس، فانضم إليه أمير مالقة، واستفحل أمره، ثم نازل قرطبة، فبرز لحربه محمد ولد المستعين، فالتقوا، فانهزم محمد، وهجم الادريسي قرطبة، وتملك، وذبح المستعين - ولله الحمد - بيده صبرا، وذبح أباه الحكم أيضا.
وكان شيخا من أبناء الثمانين، وذلك في المحرم سنة سبع وأربع مئة، وزالت الدولة المروانية، وعاش المستعين نيفا وخمسين سنة، وله شعر جيد قد تقدم منه (1).

174 - الرضي * الشريف أبو الحسن، محمد بن الطاهر أبي أحمد الحسين بن موسى، الحسيني الموسوي البغدادي الشاعر (2)، صاحب " الديوان ".
له نظم في الذروة حتى قيل: هو أشعر الطالبيين (3).
__________
(1) في آخر ترجمته المتقدمة برقم (79).
* يتيمة الدهر 3 / 131 - 151، تاريخ بغداد 2 / 246، 247، المنتظم 7 / 279، المحمدون من الشعراء للقفطي خ 89، الكامل في التاريخ 9 / 261، 262، وفيات الاعيان 4 / 414 - 420، الذريعة 7 / 16، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 95، تتمة المختصر 1 / 494، الوافي بالوفيات 2 / 374 - 379، مرآة الجنان 3 / 18 - 20، البداية والنهاية 12 / 3، 4، نزهة الجليس 1 / 359، شذرات الذهب 3 / 182 - 184، روضات الجنات 573 - 579، كتاب الرجال: 283، إيضاح المكنون 1 / 430، هدية العارفين 2 / 60، أعيان الشيعة 44، 173 - 187.
(2) والذي لقبه بالرضي ذي الحسبين بهاء الدولة، ولقب أخاه بالمرتضى ذي المجدين.
" المنتظم " 7 / 279.
وسترد ترجمة أخيه المرتضى برقم (394).
(3) قال الثعالبي في " اليتيمة ": وابتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل.
ونقل الخطيب عن ابن محفوظ - وكان أحد الرؤساء - قوله: سمعت جماعة من أهل العلم بالادب يقول: الرضي أشعر قريش.
فقال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان في قريش من يجيد القول إلا أن شعره قليل، فأما مجيد مكثر، فليس إلا الرضي.
ومن غرر شعره ما كتبه إلى الامام القادر بالله من جملة قصيدة: عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق = (*)

(17/285)


ولي النقابة بعد أبيه، وديوانه يكون أربع مجلدات (1).
وله كتاب " معاني القرآن " ممتع يدل على سعة علمه (2).
مات في المحرم - وقيل: صفر - سنة ست وأربع مئة، وله سبع وأربعون سنة، وكان شيعيا.

175 - الجرجاني * الشيخ الثقة العالم، مسند أصبهان، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم ابن جعفر اليزدي (3) الجرجاني، صاحب تلك الامالي الاربعين.
ولد بجرجان سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
ونشأ بنيسابور، فسمع محمد بن الحسين القطان، والعباس بن محمد ابن قوهيار، وحاجب بن أحمد الطوسي، ومحمد بن الحسن
__________
= ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق (1) طبع ديوانه عدة طبعات، فطبع في بيروت في جزئين سنة 1307 ه تنقيح وشرح
الشيخ أحمد عباس الازهري ومحمد أفندي اللبابيدي، وطبع في بمباي سنة 1306، وطبع في بيروت بدار صادر في مجلدين.
(2) وله أيضا كتاب " المتشابه في القرآن " وكتاب " المجازات النبوية " وهو مطبوع في بغداد سنة 1328 ه، وكتاب " تلخيص البيان عن مجازات القرآن " وكتاب " أخبار قضاة بغداد " وغيرها، وهو صاحب الكتاب الشهير " نهج البلاغة " الذي زعم أنه جمع فيه أقوال الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد أنكر المؤلف الذهبي، كما سيرد في ترجمة أخيه المرتضى - أن تكون هذه الاقوال صحيحة النسبة إلى الامام علي.
وانظر كلامه في " ميزان الاعتدال " 3 / 124.
وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته واخيتارات من شعره في " تاريخ " بروكلمان 2 / 63، 64.
* العبر 3 / 99، شذرات الذهب 3 / 187.
(3) انظر هذه النسبة في الترجمة الواردة برقم (186).
(*)

(17/286)


المحمداباذي، وأبا العباس الاصم، ومحمد بن عبد الله الصفار، والحسن بن يعقوب البخاري، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن الحسن بن سليم القاضي، وعبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي (1)، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو عمرو عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي، ومحمد بن أحمد بن ررا (2)، ومحمود بن جعفر الكوسج، والرئيس القاسم ابن الفضل، وأبو نصر عبدالرحمن بن محمد السمسار، ورجاء بن عبد الواحد بن قولويه، وآخرون.
وهذا السمسار خاتمتهم، حديثه من أعلى شئ في " الثقفيات ".
وقع لي من أماليه (3) أربعة مجالس.
مات بأصبهان في رجب سنة ثمان وأربع مئة عن تسع وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني: أخبرنا محمد بن محمد المأموني، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الجرجاني، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن الازهر، حدثنا زمعة بن صالح، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اشتد الحر، فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم " (4).
__________
(1) نسبة إلى حسناباذ: قرية من قرى أصبهان.
انظر " الانساب " وقد أورد فيه ترجمة عبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي.
(2) قال المؤلف في " المشتبه ": ررا بمهملتين مفتوحتين: أبو الخير محمد بن أحمد بن ررا، إمام جامع أصبهان، عن عثمان البرجلي وطبقته.
(3) انظر النسخ الخطية لبعض هذه الامالي في " تاريخ التراث العربي " 1 / 371.
(4) زمعة بن صالح: ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه من طرق عن أبي هريرة = (*)

(17/287)


176 - ابن المتيم * الامام الواعظ المعمر، أبو الحسين (1)، أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد، البغدادي، ابن المتيم.
شيخ صدوق، لكنه كثير المزاح (2).
حدث عن: القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب الازرق، والحافظ أبي العباس بن عقدة، وعلي بن محمد بن عبيد، وإسماعيل الصفار، وحمزة بن القاسم.
قيل: جميع ما كان عنده عن كل واحد مجلس إلا الازرق، فسمع
منه ستة مجالس.
وتفرد، واشتهر، وكان يعظ في جامع المنصور (3).
حدث عنه: الخطيب، وقال (4): لم أكتب عن أقدم سماعا منه، ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعاصم بن الحسن العاصمي، ورزق الله التميمي، وآخرون.
__________
= مالك 1 / 16، والبخاري (533) و (536) ومسلم (615) (181) و (182) و (183) والترمذي (157)، والنسائي 1 / 248، وأحمد 3 / 53، والدارمي 1 / 274، وابن ماجة (677).
* يتيمة الدهر 4 / 156 - 158 وسماه محمد بن أحمد، تاريخ بغداد 4 / 370، 371، معجم الادباء 4 / 244 - 246، العبر 3 / 100، فوات الوفيات 1 / 150، 151، الوافي بالوفيات 8 / 156، 157، شذرات الذهب 3 / 188، هدية العارفين 1 / 72.
(1) في " اليتيمة " و " الارشاد " و " الفوات " و " الوافي ": أبو الحسن.
(2) انظر بعض مزاحه في شعره في " اليتيمة " 4 / 157، 158، و " إرشاد " ياقوت 4 / 245، 246، و " الفوات " 1 / 151، و " الوافي " 8 / 157.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 371.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 371.
(*)

(17/288)


وقع لي من عواليه في مجلس رزق الله (1).
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وأربع مئة.
ومات فيها ابن الصلت (2) الاهوازي الذي ذكر مع سميه المجبر (3)، وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، الفقيه الجريري المذهب سمع من ابن عياش القطان، والفقيه رجاء بن عيسى الانصناني المالكي، وعبد الله ابن يوسف بن بامويه (4) الاصبهاني، والحافظ عبد الغني بن سعيد
المصري (5)، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة (6) الواسطي الصيدلاني، راوي " تاريخ " أحمد بن أبي خيثمة، عن الزعفراني، عنه، وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي " سنن " ابن ماجة، عاش إلى هذه السنة.

177 - تمام بن محمد * ابن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد، الامام الحافظ، المفيد الصادق، محدث الشام، أبو القاسم بن الحافظ الثقة أبي الحسين، البجلي، الرازي، ثم الدمشقي.
__________
(1) وله من التصانيف كتاب " الشعراء الندماء " وكتاب " الانتصار المنبي عن فضل المتنبي " وله ديوان شعر كبير.
انظر " هدية العارفين " 1 / 72.
(2) تقدمت ترجمته برقم (108).
(3) تقدمت ترجمته برقم (107).
(4) في الاصل: " ماموية " وهو خطأ، وقد تقدمت ترجمته برقم (145).
(5) تقدمت ترجمته برقم (164).
(6) تقدمت ترجمته برقم (113).
* تذكرة الحفاظ 3 / 1056 / 1058، العبر 3 / 115، الوافي بالوفيات 10 / 397، النجوم الزاهرة 4 / 259، طبقات الحفاظ 413، شذرات الذهب 3 / 200، هدية العارفين 1 / 375، الرسالة المستطرفة 71، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 345، 346.
(*)

(17/289)


كان أبوه (1) من أعيان الرحالين الذين سكنوا دمشق، وكتبوا الكثير، فحدث عن: محمد بن أيوب بن الضريس البجلي، ومحمد بن جعفر القتات، وهذه الطبقة، وأسمع ولده تماما بدمشق واعتنى به.
مولده بدمشق في سنة ثلاثين وثلاث مئة.
سمع أباه، وخيثمة بن سليمان، والحسن بن حبيب الحصائري (2)، ومحمد بن حميد الحوراني، وأبا الحسن بن حذلم (3)، وأبا علي أحمد بن محمد بن فضالة، وأبا الميمون بن راشد، وأبا يعقوب الاذرعي، وعلي بن أبي العقب، وأبا علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي، صاحب بحر بن نصر، وعلي بن أحمد بن الوليد المري حدثه عن أخطل بن الحكم، وعلي بن الحسين بن السفر (4) الجرشي (5) عن بكار بن قتيبة، ومحمد بن هميان القيسي حدثه عن ابن عرفة، وهشام بن محمد بن عدبس، وإبراهيم بن محمد بن محمد بن سنان، عن ابن بنت مطر، وخلقا سواهم.
وتلا لابي عمرو على أحمد بن عثمان [ غلام ] (6) السباك صاحب الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، عن قراءتهما على أبي عمر الدوري.
__________
(1) وهو أبو الحسين محمد بن عبد الله، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) تصحف في " شذرات الذهب " 3 / 200 إلى " الحضائري " بالضاد المعجمة.
(3) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة بعدها لام مفتوحة - وقد تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1056 إلى حذيم - وهو القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم الدمشقي.
أنظر " الاكمال " 2 / 406.
(4) بفتح السين المهملة وسكون الفاء.
" الاكمال " 4 / 299.
(5) نسبة إلى بني جرش: بطن من حمير.
(6) سقط لفظ " غلام " من الاصل، وهو أحمد بن عثمان بن الفضل، أبو بكر الربعي البغدادي، يعرف بغلام السباك، متوفى سنة 345 ه، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 81.
(*)

(17/290)


خرج " الفوائد " (1) في مجلدة انتقاء من يدري الحديث.
حدث عنه: عبد الوهاب الكلابي أحد شيوخه، وأبو الحسين الميداني، وأبو علي الاهوازي، والحسن بن علي اللباد، وأحمد بن محمد العتيقي، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبدالرحمن الطرائفي، وخلق سواهم.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي أستاذنا أبو القاسم تمام الحافظ لثلاث خلون من المحرم سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قال: وكان ثقة حافظا، لم أر أحفظ منه في حديث الشاميين (2)، ذكر أن مولده، سنة ثلاثين وثلاث مئة.
وقال أبو علي الاهوازي: ما رأيت مثل تمام في معناه، كان عالما بالحديث ومعرفة الرجال (3).
وقال أبو بكر: ما لقينا مثله في الحفظ والخير (4).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي إجازة أخبرنا عبد الكريم بن حمزة في سنة خمس وعشرين وخمس مئة، اخبرنا عبد العزيز بن احمد، حدثنا تمام بن محمد الحافظ، أخبرنا الحسن
__________
(1) انظر النسخ الخطية لهذه " الفوائد " ولبقية مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " 1 / 379.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1057، و " شذرات الذهب " 3 / 200، و " تهذيب ابن عساكر " 3 / 345، 346.
(3) المصادر السابقة.
(4) المصادر السابقة، إلا أن في " تهذيب تاريخ دمشق " و " الخبرة " بدل " والخير ".

(17/291)


ابن حبيب، أخبرنا العباس بن الوليد البيروتي، أخبرنا محمد بن شعيب، حدثنا معان بن رفاعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يكتوي في أكحله، حين رمته بنو النضير، فاكتوى.
هذا حديث غريب، ومعان ليس بذاك القوي (1).
ومات مع تمام في العام الحافظ أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو الاصبهاني النقاش (2) الحنبلي، صاحب التواليف، وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم (3) الهمذاني الزاهد صاحب " بهجة الاسرار " وكان ضعيفا، ومحدث بغداد أبو الفتح هلال بن محمد الحفار، ومسند نيسابور أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي (4)، ومسند البصرة القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي (5)، وشيخ أصبهان القدوة أبو الحسن علي بن محمد بن ميلة (6) الفرضي، ومحدث طرابلس أبو عبد الله
__________
(1) قال أحمد: لم يكن به بأس، ووثقة ابن المديني ودحيم، وضعفه ابن معين، وقال يعقوب بن سفيان: لين الحديث، وقال الجوزجاني: ليس بحجة، وقال ابن حبان: منكر الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال المؤلف في " الميزان ": وهو صاحب حديث ليس بمتقن، وقال أبو حاتم: يكتب حديث - يعني للمتابعة - ولا يحتج به.
وأخرجه مسلم (2208) في السلام: باب لكل داء دواء من طريقين عن أبي الزبير، عن جابر، قال: رمي سعد به معاذ في أكحله، فحسمه (كواه) النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص، ثم ورمت، فحسمه الثانية وأخرجه أبو داود (3866) من طريق حماد، عن أبي الزبير، وأخرجه ابن ماجة (3494) من طريق سفيان، عن أبي الزبير.
(2) سترد ترجمته برقم (187).
(3) تقدمت ترجمته برقم (168).
(4) سترد ترجمته برقم (179).
(5) تقدمت ترجمته برقم (134).
(6) سترد ترجمته برقم (180).
(*)

(17/292)


الحسين بن عبد الله بن أبي كامل (1).

178 - الحفار * الشيخ الصدوق، مسند بغداد، أبو الفتح، هلال بن محمد بن جعفر ابن سعدان بن عبدالرحمن بن ماهويه بن مهيار بن المرزبان، الكسكري (2)، ثم البغدادي.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: الحسين بن يحيى بن عباس القطان صاحب أحمد بن المقدام العجلي، فكان آخر أصحابه، ومن إسماعيل الصفار، وأبي جعفر ابن البختري، وعلي بن محمد الواعظ، وعثمان بن أحمد الدقاق، وإسماعيل بن علي الخزاعي، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر عبيدالله ابن سعيد السجزي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وعلي بن أحمد بن البسري، وأبو الفضل عمر بن عبيدالله البقال، وعاصم بن الحسن، وطاهر ابن الحسين القواس، ومحمد بن محمد بن المسلمة، والحسن بن محمد بن زينه، وأبو الفوارس طراد الزينبي (3)، وهبة الله بن عبد الرزاق الانصاري، وخلق سواهم.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (207).
* تاريخ بغداد 14 / 75، الانساب 10 / 428 (الكسكري)، المنتظم 8 / 15، اللباب 3 / 98، الذريعة 2 / 316، العبر 3 / 118، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، 1058، شذرات
الذهب 3 / 201، هدية العارفين 2 / 510.
(2) قال السمعاني: هذه النسبة إلى كسكر، وهي قرية بالعراق قديمة، أظنها من نواحي المدائن والله أعلم.
(3) وهو آخر من حدث عنه كما في " الانساب " 10 / 428.
(*)

(17/293)


وقد روى جزء الحفار عاليا إبراهيم بن الخير، ثم بالاجازة زين الدين ابن عبد الدايم.
قال الخطيب (1): كان صدوقا، مات في صفر سنة أربع عشرة وأربع مئة، كتبنا عنه.
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أحمد السعدي، أخبرنا علي بن مختار، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا هلال بن محمد، أخبرنا الحسين بن يحيى القطان، حدثنا أبو الأشعث العجلي، حدثنا محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: إن شر الطعام طعام العرس، يطعمه الاغنياء، ويمنعه المساكين (2).
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 14 / 75.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 546، ومن طريقه البخاري (5177) ومسلم (1432)، وأبو داود (3742) عن ابن شهاب الزهري، عن الاعرج، عن أبي هريرة أنه كان يقول: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الاغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة، فقد عصى الله ورسوله، وأخرجه (1432) (109) من طريق محمد بن رافع، وعبد بن حميد، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعن الاعرج، عن أبي هريرة.
قال الحافظ في " الفتح " 9 / 244: وأول هذا الحديث موقوف، ولكن آخره يقتضي رفعه، ذكر ذلك ابن بطال، قال: ومثله حديث أبي الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلا خارجا من المسجد بعد الاذان، فقال: أما هذا، فقد عصى أبا القاسم، قال: ومثل هذا لا يكون رأيا، ولهذا أدخله الائمة في مسانيدهم، وذكر ابن عبد البر أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه، وقال فيه روح بن القاسم: عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم...وأخرجه مسلم (1432) (110) من طريق ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، سمعت زياد بن سعد، سمعت ثابتا الاعرج يحدث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله " وفي الباب عن ابن عمر عند مالك 2 / 546، والبخاري 9 / 210، ومسلم (1429) بلفظ " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها " وعن جابر بن عبد الله عند مسلم (1430) بلفظ " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك " = (*)

(17/294)


وبه: حدثنا أبو الأشعث، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد: (يوم هم على النار يفتنون) [ الذاريات: 13 ] قال: يحرقون عليها، ويعذبون (1).

179 - المزكي * الشيخ الامام الصدوق، القدوة الصالح، أبو زكريا، يحيى بن المحدث المزكي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، النيسابوري، شيخ التزكية ببلده.
أملى مدة على ورع وإتقان.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي العباس الاصم، وأبي عبد الله بن الاخرم، والحسن بن يعقوب البخاري، وأبي بكر بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن
محمد بن عبدوس، وعدة من النيسابوريين، وأبي سهل بن زياد، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، والقاضي أحمد بن كامل، وأحمد بن عثمان الادمي من البغداديين، ومحمد بن علي بن دحيم، وغيره من الكوفيين، انتقى عليه الحافظ أحمد بن علي الاصبهاني، وقع لنا جماعة أجزاء من حديثه.
__________
= وأخرج مسلم (1429) (100) وأبو داود (3738) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا أحدكم أخاه، فليجب عرسا كان أو نحوه ".
(1) انظر تفسير ابن كثير 7 / 392.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1058، العبر 3 / 118، طبقات الاسنوي 2 / 396، 397، شذرات الذهب 3 / 202، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 379.
(*)

(17/295)


حدث عنه: أبو بكر البيهقي كثيرا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر محمد بن يحيى ولده، وعثمان بن محمد المحمي، وهبة الله بن أبي الصهباء، والقاسم بن الفضل الثقفي، وعلي بن أحمد بن الاخرم، وآخرون.
وكان شيخا ثقة، نبيلا خيرا، زاهدا ورعا متقنا، ما كان يحدث إلا وأصله بيده يعارض، حدث بالكثير.
وكان بصيرا بمذهب الشافعي، تفقه على الاستاذ أبي الوليد حسان بن محمد.
توفي في ذي الحجة سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قرأت على يحيى بن محمد المكي بها، أخبرنا علي بن هبة الله،
وقرأت على سنقر الزيني بحلب، أخبرنا علي بن محمود قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا يحيى بن إبراهيم، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الصغاني، حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة: أنه سمع القراظ يزعم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أراد بها سوءا أذابه الله كما يذوب الملح في الماء ".
أخرجه مسلم (1) عن محمد بن حاتم، عن حجاج.
__________
(1) برقم (1386) (493) في الحج: باب من أراد أهل المدينة بسوء أذله الله، وهو في " المسند " 1 / 183، 184، و 2 / 279 و 309، و 330، و 375، وسنن ابن ماجة (3114).
(*)

(17/296)


180 - ابن ميلة * الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو الحسن، علي بن ماشاذه (1) محمد ابن أحمد بن ميله بن خرة (2)، الاصبهاني الزاهد الفرضي، شيخ الصوفية.
ولد سنة نيف وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، ومحمد ابن محمد بن يونس الابهري، وأبي علي أحمد بن محمد بن إبراهيم الصحاف، ومحمد بن أحمد بن علي الاسواري (3)، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، ومحمد بن عبد الله بن أسيد، وأبي علي أحمد بن محمد ابن عاصم، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، والقاضي أبي أحمد العسال، وغياث بن محمد، وعدة.
وأملى عدة مجالس وقع لنا منها.
حدث عنه: رجاء بن قولويه، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو
الحسين سعيد بن محمد الجوهري، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأخوه محمد بن عبد الله، وأبو نصر عبدالرحمن بن محمد السمسار، وآخرون.
__________
* أخبار أصبهان 2 / 24، حلية الاولياء 10 / 408، العبر 3 / 117، شذرات الذهب 3 / 201.
(1) ماشاذه: لقب عرف به محمد والد علي، كما في " أخبار أصبهان " 2 / 24.
(2) بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة المفتوحة، وقد تصحف في " أخبار أصبهان " إلى " حرة " بالحاء المهملة.
(3) بفتح الهمزة، وسكون السين المهملة، نسبة إلى أسواري، وهي قرية من قرى أصبهان.
انظر " الانساب " وترجمة محمد بن أحمد بن علي الاسواري مرت في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/297)


وحديثه من أعلى مرويات السلفي.
قال أبو نعيم الحافظ (1): صحب أبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن واضح، وأبا جعفر محمد بن الحسن، وزاد عليهما في طريقهما خلقا وفتوة، جمع بين علم الظاهر وعلم الباطن، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان ينكر على المتشبهة بالصوفية وغيرهم من الجهال فساد مقالاتهم في الحلول والاباحة والتشبيه، وغير ذلك من ذميم أخلاقهم، فعدلوا عنه لما دعاهم إلى الحق جهلا وعنادا، وانفرد في وقته بالرواية ثم سمى جماعة.
قال: وتوفي يوم عيد الفطر سنة أربع عشرة وأربع مئة.
وقال أبو بكر أحمد بن جعفر اليزدي (2): سمعت الامام أبا عبد الله بن مندة وقت قدومه من خراسان، سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة يقول - وعنده
أبو جعفر ولد القاضي أبي أحمد العسال وعدة مشايخ - فسأله ابن العسال عن أخبار مشايخ البلاد التي شاهدها فقال: طفت الشرق والغرب لم أر في الدنيا مثل رجلين: أحدهما ولدك، والثاني أبو الحسن بن ماشاذه الفقيه، ومن عزمي أن أجعله وصيي، وأسلم كتبي إليه، فإنه أهل له.
أو كما قال.
قرأت على إسحاق الاسدي، أخبركم يوسف بن خليل، أخبرنا أبو المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم في " الحلية " له قال: ختم التحقيق بطريقة المتصوفة بأبي الحسن علي بن ماشاذه، لما أولاه الله تعالى من فنون العلم والسخاء والفتوة، كان عارفا بالله، فقيها عاملا، له من الادب الحظ الجزيل (3).
__________
(1) في " أخبار أصبهان " 2 / 24.
(2) سترد ترجمته برقم (186).
(3) " حلية الاولياء " 10 / 408 بأطول مما هنا.
(*)

(17/298)


أخبرنا الاستاذ بلال المغيثي (1)، أخبرنا ابن رواج، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله قالا: أخبرنا علي بن محمد إملاء، حدثنا أبو علي الصحاف، حدثنا أحمد بن مهدي، حدثنا ثابت بن محمد، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة " (2).
هذا حديث منكر مع قوة إسناده، والعجب من البخاري حدث عن ثابت بن محمد الزاهد في " صحيحه " (3) ! وذكره في كتاب " الضعفاء ".
وقال فيه أبو حاتم: صدوق.

181 - الرازي * شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد بن الحسن بن بندار، الرازي المحدث.
حدث بأماكن عن: محمد بن إسحاق بن إبراهيم الاهوازي، وأبي بكر الشافعي، وأبي بكر بن خلاد، وأبي القاسم الطبراني، وابن الريان، اللكي (4)، وابن عدي، وعدة.
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 38 / 2، 39 / 1، فقال: بلال بن عبد الله، الامير الكبير، حسام الدين، أبو الخير الحبشي الخصي المغيثي..ويعرف بالوالي، ربي ملوكا وأولاد ملوك، كان وافر الحرمة، له أوقاف وبر، وفيه حب للرواية، عنده سفائن أجزاء عن ابن رواج وغيره، مات بعد الهزيمة في رمل مصر في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة، وكان من أبناء التسعين.
(2) إسناده ضعيف، لضعف ثابت بن محمد، وتدليس أبي الزبير.
(3) روى عنه البخاري في " صحيحه " حديثين، أحدهما في الهبة برقم (2603) والثاني في التوحيد (7442)، ولكنه لم ينفرد بهما كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في " المقدمة " 394.
* لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(4) نسبة إلى اللك: بليدة من أعمال برقة الغرب.
انظر " اللباب ".
(*)

(17/299)


روى عنه ولده الامام عبدالرحمن، وأبو العباس بن الخطاب الرازي، وأبو مسعود البجلي، وطاهر بن أحمد الميداني.
وكان من علماء الحديث.
عاش إلى سنة تسع وأربع مئة.

182 - عبدالرحيم بن إلياس * العبيدي ابن عم الحاكم (1)، وولي عهده، فاسق ظالم.
ولي الشام سنة عشر وأربع مئة، ورخص في الخمر والغناء مما كان الحاكم شدد فيه، وكان بخيلا، فأبغضه الامراء، وكاتبوا الحاكم بأنه مضمر للشر، فطلبه بعد سنة، فراح، وتغلب على دمشق محمد بن أبي طالب الخزاز مع الاحداث، وقهر الجند، وعرف الحاكم أن ولي العهد على الطاعة، فرده، فتمكن، والتف عليه الاحداث، وطغى ابن أبي طالب، وتمرد، فأخذته الجند، وصلب، ثم صادر ولي العهد العامة وعسف، فلما هلك الحاكم، قبضوا على ولي العهد، وقيد وسجن بمصر مدة، وقتل جماعة في أخذه، ولم يصل صلاة العيد، ثم إنه قتل نفسه في الحبس، لا رحمه الله.
__________
* تاريخ ابن عساكر، الاعلام لابن قاضي شهبة حوادث 411 ه، الاعلام للزركلي 3 / 343، 344.
(1) مرت ترجمة الحاكم بأمر الله في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/300)


183 - الماليني * الامام المحدث الصادق، الزاهد الجوال، أبو سعد (1)، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد (2) الله بن حفص بن الخليل، الانصاري الهروي، الماليني الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء (3).
جال في طلب العلم ولقاء المشايخ إلى نيسابور وأصبهان، وبغداد والشام ومصر والحرمين، وحصل، وله معرفة وفهم، جمع وصنف.
وحدث عن: أبي أحمد بن عدي، وإسماعيل بن نجيد، وأبي الشيخ (4) بن حيان، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي (5)، ويوسف ابن القاسم الميانجي، والحسن بن رشيق المصري، ومحمد بن أحمد بن
علي بن النعمان الرملي، وأبي بكر القطيعي، والفضل بن جعفر التميمي، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبي أحمد العسكري، وعبد العزيز بن هارون البصري، وطبقتهم.
_______________
* تاريخ جرجان 82، 83، تاريخ بغداد 4 / 371، 372، الانساب: (الماليني)، تاريخ ابن عساكر 2 / 46 / 2، 47 / 2، المنتظم 8 / 3، معجم البلدان 5 / 44، اللباب 3 / 155، تذكرة الحفاظ 3 / 1070 - 1072، العبر 3 / 107، الوافي بالوفيات 7 / 330، طبقات السبكي 4 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 11، النجوم الزاهرة 4 / 256، طبقات الحفاظ: 417، حسن المحاضرة 1 / 353، شذرات الذهب 3 / 195، هدية العارفين 1 / 72، الرسالة المستطرفة 76، تهذيب تاريخ ابن عساكر 1 / 446، 447.
(1) تحرف في " هدية العارفين " إلى " أبو سعيد ".
(2) تحرف لفظ " عبد " في " هدية العارفين " إلى " عبيد ".
(3) في " النجوم الزاهرة ": طاووس الفقهاء.
(4) هو حافظ أصبهان أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الانصاري، يعرف بأبي الشيخ، المتوفى سنة 369، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(5) نسبة إلى سليط جد محمد هذا، وهو محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة بن قطن بن سليط التميمي السليطي، متوفى سنة 364 ه، ترجمه السمعاني في " الانساب ".
(*)

(17/301)


حدث عنه: الحافظان تمام الرازي، وعبد الغني المصري، وهما من شيوخه، وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر الباطرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن الحبان، وأبو نصر السجزي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، ومحمد بن أحمد بن شبيب الكاغدي، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق سواهم.
وكان ذا صدق وورع وإتقان، حصل المسانيد الكبار.
قال حمزة السهمي (1): دخل الماليني جرجان في سنة أربع وستين وثلاث مئة، ورحل رحلات كثيرة إلى أصبهان وما وراء النهر ومصر والحجاز.
قال (2): وتوفي سنة تسع وأربع مئة.
كذا قال، وهذا وهم.
وقد قال أبو إسحاق الحبال: توفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة اثنتي عشرة وأربع مئة (3).
قلت: أراه مات بمصر، وقد ذكره الامام ابن الصلاح في " طبقات الشافعية ".
وأخبرنا علي بن محمد الحافظ: أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، سمعت عبد العزيز بن علي الازجي يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة خمسين
__________
(1) في " تاريخ جرجان " ص 82.
(2) في " تاريخ جرجان " ص 83.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 372، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1071، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 447.
(*)

(17/302)


دينارا في دفعة واحدة (1).
قلت: وقد ألف أربعين حديثا (2)، كل حديث من طريق صوفاي معتبر، وجاء في ذلك مناكير لا تنكر للقوم، فإن غالبهم لا اعتناء لهم بالرواية.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي بمصر، أخبرنا محمد بن عماد،
أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد أحمد ابن محمد الماليني، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي خالد بنيسابور، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب [ عن ] (3) أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد له نار، فيقذف فيها " (4).
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1071، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 447.
(2) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 503.
(3) سقط لفظ " عن " من الاصل، ولا بد منه.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (16) في الايمان: باب حلاوة الايمان من طريق محمد بن المثنى عن عبد الوهاب بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا (6941) من طريق محمد بن عبد الله بن حوش الطائفي عن عبد الوهاب به، وهو عنده (21) و (6041) من طريقين، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس.
وأخرجه مسلم (43) في الايمان: باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان من طرق عن عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي قلابة، وهو في المسند 3 / 103 و 172 و 230 و 248 و 275 و 288، وسنن النسائي 8 / 94 و 96، وابن ماجة (4033) والترمذي (2624).
(*)

(17/303)


184 - غنجار * الامام المفيد الحافظ، محدث بخارى، وصاحب " تاريخها " (1)، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل، البخاري.
ولقبه غنجار بلقب غنجار الكبير عيسى بن موسى البخاري (2).
حدث أبو عبد الله عن: خلف بن محمد الخيام، وسهل بن عثمان السلمي، وأبي عبيد أحمد بن عروة الكرميني، ومحمد بن حفص بن أسلم، وإبراهيم بن هارون الملاحمي، والحسن بن يوسف بن يعقوب، وعدد كثير من أهل تلك الديار، ولم يرحل.
حدث عنه: هناد بن إبراهيم النسفي، وجماعة.
وما بلغتني أخباره كما ينبغي، وما هو ببارع المعرفة.
توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وقد شاخ.
أخبرنا الحسن بن علي الامين، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني (3) وأبو الحسين الصيرفي قالا: أخبرنا هناد القاضي، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبويحيى أحمد بن محمد ابن إبراهيم السمرقندي، حدثنا محمد بن نصر المروزي، حدثنا عبد الله بن
__________
* الانساب 9 / 177، معجم الادباء 17 / 213، 214، اللباب 2 / 390، تذكرة الحفاظ 3 / 1052، 1053، العبر 3 / 108، الوافي بالوفيات 2 / 60، طبقات الحفاظ 412، كشف الظنون 1 / 286، شذرات الذهب 3 / 196، هدية العارفين 2 / 61.
(1) وذكر السمعاني أنه صنف أيضا كتاب " فضائل الصحابة الاربعة ".
(2) المتوفى سنة 186، مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (129).
(3) بفتح الباء الموحدة والراء نسبة إلى بردان، وهي قرية من قرى بغداد.
انظر " الانساب ".
(*)

(17/304)


محمد أبو جعفر المسندي، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، عن واقد ابن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة.
فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الاسلام، وحسابهم على الله " (1).

185 - ابن السقا * الامام الحافظ الناقد، القاضي أبو الحسن، علي بن محمد بن علي ابن حسين بن شاذان بن السقا، الاسفراييني، من أولاد أئمة الحديث.
سمع الكتب الكبار، وأملى، وصنف.
حدث عن: أبي العباس الاصم، وأبي عبد الله محمد بن يعقوب ابن الاخزم، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وأبي الطيب محمد بن عبد الله الشعيري، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي منصور محمد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (25) في الايمان: باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) من طريق عبد الله بن محمد المسندي بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (22) في الايمان: باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الاسلام من طريق أبي غسان مالك بن عبد الواحد، عن عبدالملك بن الصباح، عن شعبة به.
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 3 / 211، و 12 / 244، ومسلم (21) وأبي داود (2645) والترمذي (2606) والنسائي 5 / 14، وعن أنس عند البخاري 1 / 417، وأبي داود (2641) والنسائي 7 / 75، 76 و 8 / 109، والترمذي (2608) وعن جابر عند مسلم (21) (35) والترمذي (3341)، وعن النعمان بن بشير، وأوس بن حذيفة عند النسائي 7 / 79، 80، 81، وعن طارق الاشجعي عند مسلم (23) وقوله: " إلا بحق الاسلام " أي أن الدماء والاموال معصومة إلا عن حق يجب فيها كقود وردة وحد كما في حديث ابن مسعود في " الصحيحين ": لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة " وقوله " وحسابهم على الله " أي: فيما يستسرون به ويخفونه.
* لم نقف له على ترجمة فيما نملك من مصادر.
(*)

(17/305)


ابن القاسم العتكي، وأبي سهل بن زياد القطان، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وجعفر الخلدي، وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني، وطبقتهم بنيسابور وهمذان وبغداد، وغير ذلك.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وسبطه حكيم بن أحمد الاسفراييني، وجماعة.
توفي سنة أربع عشرة وأربع مئة.

186 - اليزدي * الامام القاضي، أبو بكر، أحمد بن عبدالرحمن بن أحمد بن جعفر ابن المرزبان، اليزدي، نزيل أصبهان.
روى عن: أبيه، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعلي بن الفضل بن شهريار، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبي أحمد العسال، وأبي بكر الجعابي، والطبراني، وإسماعيل بن نجيد، وفاروق الخطابي.
روى عنه: عبدالرحمن بن مندة، وعلي بن شجاع، والخصيب بن قتادة، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وجماعة سماهم يحيى ابن مندة في ترجمته، وقال: هو ثقة مقبول القول، صاحب أصول، على غاية من العقل والديانة والرزانة، توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
__________
* لم نعثر له على مصادر ترجمة، واليزدي: نسبة إلى يزد، وهي مدينة متوسطة بين نيسابور وشيراز وأصبهان، معدودة في أعمال فارس، ثم من كورة اصطخر.
" معجم البلدان ".
(*)

(17/306)


187 - النقاش * الامام الحافظ، البارع الثبت، أبو سعيد، محمد بن علي بن عمرو
ابن مهدي، الاصبهاني، الحنبلي النقاش.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: جده لامه أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي، وعبد الله ابن جعفر بن فارس، وأحمد بن معبد السمسار، وعبد الله بن عيسى الخشاب، وأبي أحمد العسال، والطبراني، وخلق.
وببغداد من أبي بكر الشافعي، وابن مقسم (1)، وأبي علي بن الصواف، وابن محرم (2).
وبالبصرة من أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي، وفاروق الخطابي، وحبيب القزاز - وبالكوفة من القاضي نذير بن جناح المحاربي، وصباح بن محمد النهدي (3)، وعدة.
وبمرو من حاضر بن محمد الفقيه.
وبجرجان من أبي بكر الاسماعيلي.
وبهراة من أحمد بن محمد بن حسنويه، وأبي منصور الازهري.
وبالدينور من ابن السني.
وبالحرمين ونيسابور ونهاوند وإسفرايين وعسكر مكرم (4).
وصنف وأملى.
__________
* تاريخ أصبهان 2 / 308، العبر 3 / 118، تذكرة الحفاظ 3 / 1059 - 1061، الوافي بالوفيات 4 / 119، طبقات الحفاظ 414، شذرات الذهب 3 / 201، هدية العارفين 2 / 62.
(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب البغدادي المقرئ العطار، المتوفى سنة 354 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الجوهري المحرمي، المعروف بابن محرم، متوفى سنة 357 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) نسبة إلى نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة.
" اللباب ".
(4) بلد مشهور من نواحي خوزستان، منسوب إلى مكرم بن مغراء الحارث، أحد بني جعونة بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة.
وقيل: بل مكرم مولى للحجاج أرسله الحجاج = (*)

(17/307)


حدث عنه: الفضل بن علي الحنفي، وأبو العباس ابن أشته، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد، وسليمان الحافظ، وأبو الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني.
وقع لنا جزآن من أماليه، وكتاب " القضاة "، وكتاب " طبقات الصوفية "، وغير ذلك (1).
مات في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مئة.
كان من أئمة الاثر، رحمه الله ورضي عنه.
مات في عشر التسعين.

188 - ابن مردويه * الحافظ المجود العلامة، محدث أصبهان، أبو بكر، أحمد بن موسى ابن مردويه بن فورك بن موسى بن جعفر، الاصبهاني، صاحب " التفسير الكبير "، و " التاريخ "، والامالي الثلاث مئة مجلس (2)، وغير ذلك.
مولده في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبيه أبي عمران بحديث سمعه من إبراهيم بن متويه،
__________
= ابن يوسف لمحاربة خرزاذ بن باس حين عصى ولحق بإيذج...وكانت هناك قرية قديمة فبناها مكرم، ولم يزل يبني ويزيد حتى جعلها مدينة، وسماها عسكر مكرم.
" معجم البلدان " 4 / 123، 124.
(1) انظر " هدية العارفين " 2 / 62، وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 505.
* تاريخ أصبهان 1 / 168، تذكرة الحفاظ 3 / 1050، 1051، العبر 3 / 102، دول الاسلام 1 / 244، الوافي بالوفيات 8 / 201، النجوم الزاهرة 4 / 245، طبقات الحفاظ 412، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 93، 94، كشف الظنون 1 / 439، شذرات الذهب
3 / 190، هدية العارفين 1 / 71، 72، الرسالة المستطرفة 26.
(2) انظر النسخ الخطية لآثاره في " تاريخ التراث العربي " 1 / 375.
(*)

(17/308)


ومات أبوه سنة 356.
قال أبو بكر بن أبي علي - وذكر أبا بكر بن مردويه -: هو أكبر من أن ندل عليه وعلى فضله، وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه، أبقاه الله، ومتعه بمحاسنه.
قال أبو موسى في ترجمة ابن مردويه: سمعت أبي يحكي عمن سمع أبا بكر بن مردويه يقول: ما كتبت بعد العصر شيئا قط، وعميت قبل كل أحد - يعني من أقرانه -، وسمعت أنه كان يملي حفظا بعدما عمي.
ثم قال: وسمعت الامام إسماعيل يقول: لو كان ابن مردويه خراسانيا، كان صيته أكثر من صيت الحاكم.
وأجاز لي أبو نعيم الحداد: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه يقول: رأيت من أحوال جدي من الديانة في الرواية ما قضيت منه العجب من تثبته وإتقانه، وأهدى له كبير حلاوة، فقال: إن قبلتها، فلا آذن لك بعد في دخول داري وان ترجع به، تزد (1) علي كرامة.
قلت: وروى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، ومحمد بن عبد الله بن علم الصفار، وإسماعيل بن علي الخطبي، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي، وإسحاق بن محمد بن علي الكوفي، وأبي بكر محمد بن عبيدالله الشافعي، وأحمد بن عبد الله بن دليل، ومحمد بن أحمد بن علي الاسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بندار الشعار، وأحمد بن
محمد بن عاصم الكراني، وأبي أحمد العسال، وأبي إسحاق بن حمزة،
__________
(1) في الاصل: " تزيد " وهو خطأ.
(*)

(17/309)


وسليمان الطبراني، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، وأبو عمرو عبد الوهاب، وأبو القاسم عبدالرحمن: ابنا الحافظ ابن مندة، وأبو الخير محمد بن أحمد بن ررا، والقاضي أبو منصور بن شكرويه، وأبو بكر محمد ابن الحسن بن محمد بن سليم، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأحمد بن عبدالرحمن الذكواني، وأبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي (1)، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف، وخلق كثير.
ومن تصانيفه كتاب " المستخرج على صحيح البخاري "، بعلو في كثير من أحاديث الكتاب حتى كأنه لقي البخاري.
وكان من فرسان الحديث، فهما يقظا متقنا، كثير الحديث جدا، ومن نظر في تواليفه، عرف محله من الحفظ.
وله كتاب " التشهد وطرقه وألفاظه "، في مجلد صغير، و " تفسيره للقرآن "، في سبع مجلدات.
يقع لنا حديثه في " الثقفيات " وغيرها.
مات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربع مئة عن سبع وثمانين سنة.
ومات معه في العام مسند نيسابور ومفتيها أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش (2) الزيادي، ومسند العراق أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ابن مهدي (3) الفارسي، ومسند هراة القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن
__________
(1) المتوفى سنة 489 ه، وإليه تنسب " الثقفيات " وهي عشرة أجزاء حديثية من تأليفه.
(2) تقدمت ترجمته برقم (169).
(3) تقدمت ترجمته برقم (131).
(*)

(17/310)


عبد الله الازدي (1)، ومؤلف " الناسخ والمنسوخ " أبو القاسم هبة الله بن سلامة البغدادي، ومحدث دمشق أبو القاسم عبد الله بن عمر بن نصر الشيباني (2)، ومسند بغداد إبراهيم بن مخلد الباقرحي، والمعمر أبو محمد عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه (3) المزكي، صاحب ذاك المجلس العالي.
أخبرنا أبو الحسين اليونيني، أخبرنا جعفر بن علي وغيره قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، حدثنا أحمد بن موسى الحافظ إملاء، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ومحمد بن أحمد الاسواري: قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما، لاتوهما ولو حبوا ".
متفق عليه (4).

189 - ابن بشران * الشيخ العالم المعدل، المسند، أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر، الاموي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (166).
(2) تقدمت ترجمته برقم (157).
(3) تقدمت ترجمته برقم (147).
(4) هو في البخاري (657) في صلاة الجماعة: باب فضل العشاء في الجماعة، ومسلم (651) (252) في المساجد: باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها.
* تاريخ بغداد 12 / 98، 99، المنتظم 8 / 18، 19، العبر 3 / 120، دول الاسلام 1 / 247، شذرات الذهب 3 / 203، تاريخ التراث العربي 1 / 380.
(*)

(17/311)


وسمع من أبي جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري، وإسماعيل الصفار، والحسين بن صفوان، وأحمد بن محمد بن جعفر الجوزي (1)، وإسحاق بن أحمد الكاذي (2)، وعثمان بن السماك، وأبي بكر النجاد، وعدة.
روى شيئا كثيرا على سداد وصدق وصحة رواية، كان عدلا وقورا.
قال الخطيب: كان تام المروءة، ظاهر الديانة، صدوقا ثبتا (3).
قلت: حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والحسن بن البناء، وأبو الفضل عبد الله بن زكري الدقاق، وعلي بن عبد الواحد المنصوري، ونصر بن البطر، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، والحسين بن أحمد بن عبدالرحمن العكبري، وأبو الفوارس طراد، وعاصم بن الحسن، وأحمد بن عبد العزيز ابن شيبان، وآخرون.
توفي في شعبان سنة خمس عشرة.
وقع لنا عدة أجزاء من حديثه ومن طريقه.
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا هبة الله بن هلال الدقاق، أخبرنا عبد الله بن علي، أخبرنا علي بن محمد بن بشران، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا سعدان بن نصر، أخبرنا محمد بن عبد الله الانصاري، عن ابن عون قال: أنبأنا القاسم بن محمد،
__________
(1) نسبة إلى الجوز وبيعه، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " 12 / 98 إلى الجوري بالراء المهملة.
انظر " الانساب " وفيه ترجمة أحمد الجوزي هذا.
(2) نسبة إلى كاذه: قرية من قرى بغداد.
انظر " الانساب " وفيه ترجمة إسحاق بن أحمد الكاذي.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 98.
(*)

(17/312)


عن عائشة أنها قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه، فقد أعظم الفرية على الله، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه سادا ما بين الافق.
أخرجه البخاري (1) عن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج، عن الانصاري.

190 - ابن النحاس * الشيخ الامام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية، أبو محمد، عبدالرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد، التجيبي المصري المالكي البزاز، المعروف بابن النحاس.
ولد ليلة الاضحى سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وأول سماعه وهو ابن ثمان سنين، في سنة إحدى وثلاثين، وحج سنة تسع وثلاثين، وجاور، فأكثر عن أبي سعيد بن الاعرابي، وسمع بمصر أبا الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر الاسكندراني، وأحمد بن بهزاذ السيرافي، وأحمد بن محمد بن فضالة الدمشقي قدم عليهم، ومحمد بن إبراهيم بن حفص البصري ابن الوصي، وعثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مليح الطرائفي، ومحمد بن بشر العكري، ومحمد بن أيوب بن الصموت، وعبد الله بن محمد بن
__________
(1) رقم (3234) في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم آمين...، وهو عنده أيضا من غير هذا الطريق (3235) و (4612) و (4855) و (7380) و (7531) وأخرجه مسلم (177) (287) في الايمان، والترمذي (3068) من طريقين عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن عائشة.
* العبر 3 / 121، 122، الاعلام لابن قاضي شهبة (حوادث سنة 416 ه) النجوم الزاهرة 4 / 263، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 204.
(*)

(17/313)


الخصيب، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعبد الله بن جعفر بن ورد، وسمع منه " السيرة " والحسن بن مروان القيسراني، ومحمد بن محمد بن عيسى الخياش، والحافظ أبا سعيد بن يونس الصدفي، والفضل ابن وهب، ومحمد بن وردان العامري، وفاطمة بنت الريان، وعدة.
وله " مشيخة " في جزئين.
حدث عنه: الصوري، وأبو نصر السجزي، وعبد الرحيم البخاري، وأبو عمرو الداني، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني (1) كاكو، وخلف بن أحمد الحوفي، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، والحسين بن أحمد العداس، وأبو إسحاق الحبال، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق.
وكان الخطيب قد عزم على الرحلة إليه، فلم يقض.
قال الحبال: مات في عاشر صفر سنة ست عشرة وأربع مئة.
وفيها مات الخصيب (2) بن عبد الله بن الخصيب بمصر، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن جانجان بهمذان، وشاعر الوقت أبو الحسن علي بن محمد التهامي (3)، وأبو عبد الله محمد بن عبد
الرحمن الداراني القطان، ومحمد بن أبي نصر المعداني أبو بكر، والفضل بن عبيدالله بن شهريار (4).
__________
(1) نسبة إلى كوفان وهي قرية بهراة.
انظر معجم البلدان 4 / 490.
(2) سترد ترجمته برقم (217).
(3) سترد ترجمته برقم (242).
(4) سترد ترجمته برقم (260).
(*)

(17/314)


191 - محمد بن أسد * ابن علي، الامام المقرئ، شيخ الكتابة، وكبير المجودين بالعراق، أبو الحسين (1)، البغدادي البزاز الكاتب، شيخ ابن البواب.
سمع من: جعفر الخلدي، وأبي بكر النجاد.
روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقا، توفي سنة عشر وأربع مئة في أول السنة (2).
قلت: انتهى إليه حسن الخط، ولكن أربى عليه تلميذه أبو الحسن (3).

192 - علي بن هلال ابن البواب * * البغدادي، مولى معاوية بن أبي سفيان الاموي.
وكان ابن البواب (4) دهانا يجيد التزويق.
__________
* تاريخ بغداد 2 / 83، المنتظم 7 / 296، وفيات الاعيان 3 / 342، 343، الوافي بالوفيات 2 / 201، البداية والنهاية 12 / 14 ضمن ترجمة ابن البواب، وقد تحرف اسمه فيه إلى عبد الله بن محمد بن أسد، مفتاح السعادة 1 / 85، 86.
(1) كناه ابن خلكان في " الوفيات " أبا عبد الله.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 83.
(3) وهو علي بن هلال ابن البواب، صاحب الترجمة التالية.
* * المنتظم 8 / 10، معجم الادباء 15 / 120 - 134، وفيات الاعيان 3 / 342 - 344، دول الاسلام 1 / 246، العبر 3 / 113، البداية والنهاية 12 / 14، 15، صبح الاعشى 3 / 13، النجوم الزاهرة 4 / 257، 258، مفتاح السعادة 1 / 85، 86، شذرات الذهب 3 / 199، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 103.
(4) قال ابن خلكان: ويقال له: ابن الستري أيضا، لان أباه كان بوابا، والبواب ملازم ستر الباب، فلهذا نسب إليه.
(*)

(17/315)


وصحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ، وسمع من أبي عبيد الله المرزباني، وقرأ النحو على أبي الفتح بن جني.
وبرع في تعبير الرؤيا، وقص على الناس بجامع المنصور، وله نظم ونثر وإنشاء.
قال ابن خلكان: هذب ابن البواب طريقة ابن مقلة (1)، ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة (2).
وكان يذهب إذهابا فائقا، وكان في أول أمره مزوقا يصور الدور فيما قيل، ثم أذهب الكتب، ثم تعانى الكتابة، ففاق الاولين والآخرين فيها، ونادم الوزير فخر الملك أبا غالب، وقيل: وعظ بجامع المنصور، ولم يكن له في عصره ذاك النفاق الذي تهيأ له بعد موته، لانه وجد بخطه ورقة قد كتبها إلى كبير يسأله فيها مساعدة صديق له بشئ لا يساوي دينارين، وقد بسط القول فيها نحو السبعين سطرا، وقد بيعت بعد ذلك بسبعة عشر دينارا إمامية (3).
قال أبو علي بن البناء: حكى لي أبو طاهر بن الغباري أن الحسن بن البواب أخبره أن ابن سهلان (4) استدعاه، فأبى، وتكرر
__________
(1) المتوفى سنة 328، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر، وهو أبو علي محمد بن علي بن حسن بن مقلة الكاتب.
(2) " وفيات الاعيان " 3 / 342.
(3) انظر " معجم الادباء " 15 / 121، 122، وفيه قال ياقوت: وبلغني أنها بيعت مرة أخرى بخمسة وعشرين دينارا.
وقد ذكر بروكلمان أن في مكتبة لاللي رقم (5) مصحفا بخطه بالقلم الريحاني، وفي مكتبة آيا صوفيا ديوان لسلامة بن جندل كتبه سنة 408.
" تاريخ الادب العربي " 4 / 331.
(4) هو الحسن بن الفضل بن سهلان، أبو محمد، وزير سلطان الدولة، وهو الذي بنى = (*)

(17/316)


ذلك.
قال: فمضيت إلى أبي الحسن بن القزويني، وقلت: ما ينطقه الله به أفعله، فلما دخلت، قال: يا أبا الحسن: اصدق والق من شئت.
فعدت، فإذا على بابي رسل الوزير، فمضيت معهم، فلما دخلت، قال: ما أخرك عنا ؟ فاعتذرت، ثم قال: رأيت مناما.
فقلت: مذهبي تعبير المنام من القرآن.
فقال: رضيت.
قال: رأيت كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري.
قال وعنده فرح بذلك: كيف يجتمع له الملك والوزارة ؟ قلت: قال الله تعالى: (وجمع الشمس والقمر، يقول الانسان يومئذ أين المفر.
كلا لا وزر) [ القيامة: 9 - 11 ] وكررت عليه هذا ثلاثا.
قال: فدخل إلى حجرة النساء، وذهبت، فلما كان بعد ثلاث، انحدر إلى واسط على أقبح حال، وكان قتله هناك.
قال الخطيب: ابن البواب صاحب الخط لا أعلمه روى شيئا (1).
أبو غالب بن الخالة: أخبرنا محمد بن علي بن نصر الكاتب، حدثني أبو الحسن علي بن هلال ابن البواب...فذكر حكاية مضمونها: أنه ظفر بربعة ثلاثين جزءا في خزانة بهاء الدولة بخط أبي علي بن مقلة، تنقص جزءا، وأنه كتبه وعتقه، وقلع جلدا من الاجزاء، فجلده به.
واستجد جلدا للجزء الذي قلع عنه، فاختفى الجزء الذي كتبه على حذاق الكتاب (2).
__________
= سور الحائر بمشهد الحسين بكربلاء، وكان من كبار الشيعة، مات في الحبس سنة 414 ه.
انظر " الكامل " 9 / 305 - 308، و 332، و " النجوم الزاهرة " 4 / 259.
(1) انظر " العبر " 3 / 113، و " شذرات الذهب " 3 / 199.
(2) انظر الخبر مفصلا في " معجم الادباء " 15 / 122 - 124.
(*)

(17/317)


قال محمد بن عبدالملك الهمذاني: توفي ابن البواب صاحب الخط الحسن في جمادى الاولى سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
وقال أبو الفضل بن خيرون في وفاته كذلك وقال: كان من أهل السنة.
قلت: عبث به شاعر، فقال: هذا وأنت ابن بواب وذو عدم * فكيف لو كنت رب الدار والمال (1) ولابي العلاء المعري: ولاح هلال مثل نون أجادها * بماء النضار الكاتب ابن هلال (2) وقد رثاه الشريف المرتضى بقوله: رديت يا ابن هلال والردى عرض * لم يحم منه على سخط له البشر
ما ضر فقدك والايام شاهدة * بأن فضلك فيها (3) الانجم الزهر أغنيت في الارض والاقوام كلهم * من المحاسن ما لم يغنه المطر فللقلوب التي أبهجتها حزن * وللعيون التي أقررتها سهر وما لعيش وقد (4) ودعته أرج * ولا لليل وقد (4) فارقته سحر وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا * مسلوبة منك أوضاع (5) ولا غرر (6) قال ابن خلكان: روى الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل للكتابة
__________
(1) البيت في " معجم الادباء " 15 / 125 و " النجوم الزاهرة " 4 / 258.
(2) البيت في " معجم الادباء " 15 / 128.
(3) في " معجم الادباء ": " فيه ".
(4) في " معجم الادباء " " إذا " بدل " وقد " في الموضعين من البيت.
(5) في " معجم الادباء " أوضاح.
(6) الابيات في " معجم الادباء " 15 / 134.
(*)

(17/318)


العربية من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية.
فقيل لابي سفيان: ممن أخذ أبوك الكتابة ؟ قال: من ابن سدرة، وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة، قال: وكانت لحمير كتابة تسمى المسند، حروفها [ منفصلة، غير ] (1) متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، فلما جاء الاسلام، لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب.
قلت: هذا فيه نظر، فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني.
إلى أن قال: فجميع كتابات الامم اثنتا عشرة كتابة، وهي: العربية، والحميرية، واليونانية، والفارسية، والرومية، والسريانية،
والقبطية، والبريرية، والاندلسية، والهندية، والصينية، والعبرانية، فخمس منها ذهبت: الحميرية، واليونانية، والقبطية، والبربرية، والاندليسة.
وثلاث لا تعرف ببلاد الاسلام: الرومية، والصينية، والهندية (2).
قلت: الكتابة مسلمة لابن البواب، كما أن أقرأ الامة أبي بن كعب، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالتأويل ابن عباس، وأمينهم أبو عبيدة، وعابرهم محمد بن سيرين، وأصدقهم لهجة أبو ذر، وفقيه الامة مالك، ومحدثهم أحمد بن حنبل، ولغويهم أبو عبيد، وشاعرهم أبو تمام، وعابدهم الفضيل، وحافظهم سفيان الثوري، وأخباريهم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم
__________
(1) ما بين معقوفين مستدرك من " وفيات الاعيان ".
(2) أنظر " وفيات الاعيان " 3 / 344.
(*)

(17/319)


سيبويه، وعروضيهم الخليل، وخطيبهم ابن نباتة، ومنشئهم القاضي الفاضل، وفارسهم خالد بن الوليد.
رحمهم الله.

193 - البسطامي * شيخ الشافعية، قاضي نيسابور، الامام أبو عمر، محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم، البسطامي الشافعي الواعظ.
له رحلة واسعة، وفضائل.
سمع الطبراني، وأحمد بن الجارود الرقي، والقطيعي، وعلي ابن حماد الاهوازي، وأحمد بن محمود بن خرزاذ.
ووعظ مدة، ثم تصدر للافادة والفتيا، وولي القضاء، فأظهر
المحدثون من الفرح ألوانا (1).
روى عنه: الحاكم، والبيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد ابن يحيى المزكي، ومحمد بن عبيدالله الصرام، ويوسف بن محمد الهمذاني، وخلق.
وكان وافر الحشمة، كبير الشأن، تزوج بابنة الاستاذ أبي الطيب الصعلوكي، فولدت له المؤيد (2) والموفق (3).
__________
* تاريخ بغداد 2 / 247، 248، الانساب 2 / 215، تبيين كذب المفتري 236، المنتظم 7 / 285، طبقات ابن الصلاح ورقة 10 ب، العبر 3 / 99، الوافي بالوفيات 3 / 6، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 140 - 143، طبقات الاسنوي 1 / 224، شذرات الذهب 3 / 187.
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 237.
(2) وهو أبو المعالي عمر بن محمد بن الحسين، المتوفى سنة 465، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (213).
(3) هو أبو محمد هبة الله، المتوفى سنة 440، مترجم في طبقات السبكي 5 / 354، = (*)

(17/320)


مات سنة ثمان وأربع مئة.

194 - العيسوي * الامام العلامة القاضي الصدوق، أبو الحسن، علي بن عبد الله إبراهيم بن أحمد، الهاشمي العباسي العيسوي، من أولاد ولي العهد عيسى (1) بن موسى ابن عم المنصور.
سمع أبا جعفر محمد بن عمرو بن البختري، وأبا عمرو بن السماك، وعبد العزيز بن الواثق، وموسى بن القاضي إسماعيل، وكان موسى هذا يروي عن والده إسماعيل بن إسحاق.
حدث عنه: الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وطراد الزينبي، وآخرون.
وقع لي جزآن من حديثه.
قال الخطيب (2): كتبنا عنه، وكان ثقة، ولي قضاء مدينة المنصور، ومات في رجب سنة خمس عشرة وأربع مئة.
أخبرنا أيوب بن طارق، وسنقر بن عبد الله الحلبيان قالا: أخبرنا محمد بن سعيد الخازن، أخبرنا أحمد بن المقرب، أخبرنا طراد بن محمد، أخبرنا علي بن عبد الله الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عفان، عن حماد بن سلمة، أخبرنا
__________
= طبقات الاسنوي 1 / 225، الذيل للفارسي: 94.
* تاريخ بغداد 12 / 8، 9، العبر 3 / 119، 120، شذرات الذهب 3 / 203.
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع برقم (164).
(2) في " تاريخ بغداد " 12 / 8.
(*)

(17/321)


يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل: أن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت: مه ! إن الله قد ذهب بالشرك، وجاء بالاسلام، فولى، فأصاب وجهه الحائط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: " أنت عبد أراد الله بك خيرا، وإن الله إذا أراد بعبد خيرا، عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد الله بعبد شرا، أمسك عليه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة كأنه عير " (1).

195 - ابن دوست * الامام الحافظ الاوحد، المسند، أبو عبد الله، أحمد بن المحدث محمد بن يوسف بن دوست، البغدادي البزاز، أخو عثمان (2) ابن دوست العلاف.
حدث عن: الحسين بن يحيى بن عياش (3) القطان، ومحمد بن جعفر المطيري (4)، وإسماعيل الصفار، وطبقتهم.
__________
(1) رجاله ثقات، يونس: هو ابن عبيد بن دينار البصري الثقة الثبت، وأخرجه أحمد 4 / 87 من طريق عفان بهذا الاسناد، وصححه الحاكم 4 / 376، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في " المجمع " 10 / 191، وزاد نسبته للطبراني وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح، وكذلك أحد إسنادي الطبراني، وفي الباب ما يقويه عن أنس عند الترمذي (2396)، وعن عمار بن ياسر عند الطبراني، وجود إسناده الهيثمي في " المجمع " 10 / 192، وعن ابن عباس عند الطبراني وفي سنده عبدالرحمن العرزمي وهو ضعيف.
* تاريخ بغداد 5 / 124، 125، المنتظم 7 / 284، ميزان الاعتدال 1 / 153، 154، المغني في الضعفاء 1 / 58، تذكرة الحفاظ 3 / 1066، البداية والنهاية 12 / 5، لسان الميزان 1 / 297، 298، النجوم الزاهرة 4 / 241.
(2) سترد ترجمته برقم (309).
(3) بالياء والمعجمة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 901.
(4) هذه النسبة إلى المطيرة، وهي قرية من نواحي سر من رأى، انظر " اللباب " وفيه = (*)

(17/322)


حدث عنه: هبة الله اللالكائي، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم الازهري، وأبو بكر الخطيب، ورزق الله التميمي، وآخرون.
أثنوا على حفظه وفهمه، واختلفوا في عدالته، ضعفه الازهري، وطعن ابن أبي الفوارس في روايته عن المطيري.
وقال الخطيب: كان محدثا مكثرا، حافظا عارفا، مكث مدة يملي من حفظه بجامع المنصور بعد أبي طاهر المخلص (1).
وكان عارفا بمذهب مالك (2).
وقال البرقاني: كان يسرد الحديث من حفظه، وتكلموا فيه، فقيل: إنه كان يكتب الاجزاء، ويتربها، ليظن أنها عتق (3).
وقال الازهري: غرقت كتبه، فكان يجددها (4).
وأثنى عليه بعض الائمة، وكان يذاكر الدارقطني، ويسرد من حفظه كتبه (5).
قال الخطيب (6): توفي في رمضان سنة سبع وأربع مئة وله أربع وثمانون سنة.
__________
= ترجمة محمد بن جعفر هذا.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 124 وتتمته فيه: ثم انقطع عن الخروج، ولزم بيته.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 125.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 125، و " ميزان الاعتدال " 1 / 154.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 125 ونص كلام الازهري: رأيت كتبه كلها طرية، وكان يذكر أن أصوله العتق غرقت، فاستدرك نسخها.
قال ابن الجوزي: وهذا ليس بشئ، لانه من الجائز أن يكون قد قابل بالطرية نسخا قرئت عليه، وقد كان الرجل يملي من حفظه، فيجوز أن يكون حافظا لما ذهب.
" المنتظم " 7 / 284.
(5) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 125، و " ميزان الاعتدال " 1 / 154.
(6) في " تاريخ بغداد " 5 / 125.
(*)

(17/323)


وفيها مات الحافظ أبو بكر الشيرازي (1) مصنف " الالقاب "،
والامام أبو سعد عبدالملك بن أبي عثمان النيسابوري الواعظ المفسر، وأبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان العكبري آخر من روى عن أبي ذر بن الباغندي، ومقرئ الشام أبو بكر محمد بن أحمد الجبني (2).

196 - صريع الدلاء * الاديب الخليع، أبو الحسن، محمد (3) بن عبد الواحد (4)، البصري، نزيل بغداد (5).
[ له ] ديوان مشهور (6).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (149).
(2) بضم الجيم وسكون الباء الموحدة ثم نون، وقد تضم الموحدة وتشد النون، وهي نسبة إلى الجبن، وأبو بكر هذا كان إمام مسجد سوق الجبن، انظر " الانساب " و " تبصير المنتبه " 1 / 299.
* وفيات الاعيان 3 / 383، 384، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 110، تتمة المختصر 2 / 504، الوافي بالوفيات 4 / 61 - 63، فوات الوفيات 3 / 424 - 426، تتمة اليتيمة 1 / 14، البداية والنهاية 12 / 13 وتحرفت فيه " الدلاء " إلى " الدلال "، الزركشي: 294، حسن المحاضرة 1 / 562، شذرات الذهب 3 / 197، تاريخ بروكلمان 2 / 64، 65.
(3) اسمه في " وفيات الاعيان " و " البداية " و " حسن المحاضرة " و " المختصر " و " تتمة المختصر ": علي.
(4) في " البداية ": عبيد الواحد، وفي " المختصر " و " تتمة المختصر ": عبد الرحمن.
(5) قال ابن خلكان: المعروف بصريع الدلاء، قتيل الغواشي.
قال الصفدي: والثاني
عندي أحسن لامرين: لانه في الغواشي ما في الدلاء من المعنى المراد، ولان الغواشي أكثر شبها في اللفظ بالغواني من الدلاء، لانهم قابلوا به صريع الغواني وهو مسلم بن الوليد، الشاعر الفحل.
(6) منه نسخة بمكتبة أحمد الثالث رقم (245).
(*)

(17/324)


وقد تحول إلى مصر، فمات بها في سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
وكان صاحب مزاح ولعب، وله تيك القصيدة السائرة (1).
وهي: قلقل أحشائي تباريح الجوى * وبان صبري حين حالفت الاسى وطار عقلي حين أبصرتهم * تحت ظلام الليل يطوون السرى فلم أزل أسعى على آثارهم * والبين في إتلاف روحي قد سعى فلو درت مطيهم ما حل بي * بكت علي في الصباح والمسا فسوف أسلي عنهم خواطري * بحمق يعجب منه من وعا وطرف أنظمها مقصورة * إذ كنت قصارا صريعا للدلا من صفع الناس ولم يدعهم * أن يصفعوه مثله قد (2) اعتدى من صعد السطح وألقى نفسه * إلى قرار الارض يوما ارتدى وليس للبغل إذا لم ينبعث * من الطريق باعث مثل العصا والذقن شعر في الوجوه نابت * وإنما الدبر (3) الذي تحت الخصى والجوز لا يؤكل مع قشوره * ويؤكل التمر الجديد باللبا من طبخ الديك ولا يذبحه * طار من القدر إلى حيث اشتهى (4)
__________
(1) والتي عارض بها مقصورة ابن دريد، وهو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الازدي، المتوفى سنة 321، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) في " الوافي " و " الفوات ": " فعليهم " بدل " مثله قد ".
(3) في " الوافي " و " الفوات ": " الاست " بدل " الدبر " والبيت في " البداية والنهاية " و " حسن المحاضرة ": والذقن شعر في الوجوه طالع * كذلك العقصة من خلف القفا (4) في " الوافي " و " الفوات ": " يشا " بدل " اشتهى "، وفي " البداية " و " حسن المحاضرة ": انتهى ".
(*)

(17/325)


من دخلت في عينه مسلة * فسله من ساعته كيف العمى من فاته العلم وأخطاه الغنى * فذاك والكلب على حد سوا (1)
197 - القزاز * العلامة، إمام الادب، أبو عبد الله، محمد بن جعفر، التميمي القيرواني النحوي.
مؤلف كتاب " الجامع " في اللغة، وهو من نفائس الكتب (2).
وكان يعرف بالقزاز، صنف كتبا للعزيز العبيدي صاحب مصر (3).
وكان مهيبا، عالي المكانة، محببا إلى العامة، لا يخوض إلا في علم دين أو دنيا.
وله نظم جيد (4)، وشهرة بمصر، وعمر تسعين عاما.
__________
(1) انظر بعض هذه الابيات في " فوات الوفيات " 3 / 424، 425، و " الوافي بالوفيات " 4 / 62، و " البداية والنهاية " 12 / 13، و " حسن المحاضرة " 1 / 562.
* معجم الادباء 18 / 105 - 109، إنباه الرواة 3 / 84 - 87، المحمدون من الشعراء 65، 66، وفيات الاعيان 4 / 374 - 376، تلخيص ابن مكتوم 196 - 198، الوافي بالوفيات 2 / 304، 305، مرآة الجنان 3 / 27، إشارة التعيين الورقة 46، بغية الوعاة 1 / 71،
كشف الظنون 1 / 576، روضات الجنات 178، هدية العارفين 2 / 61.
(2) قال ياقوت في " معجم الادباء ": وهو كتاب كبير حسن متقارب، يقارب كتاب " التهذيب " لابي منصور الازهري، رتبه على حروف المعجم.
ونقل القفطي في " إنباه الرواة " عن القزاز قوله: ما علمت أن أحدا سبق إلى تأليف مثل هذا الكتاب، ولا اهتدى أحد من أهل هذه الصنعة إلى تقريب البعيد، وتسهيل المآخذ، وجمع المفرق على مثل هذا المنهاج.
وانظر " وفيات الاعيان " 4 / 375.
(3) انظر مصنفاته في " معجم الادباء " 18 / 109، و " الوافي بالوفيات " 2 / 305، و " هدية العارفين " 2 / 61.
(4) انظر نظمه في " معجم الادباء " 18 / 107 - 109، و " الوافي " 2 / 305، و " إنباه الرواة " 3 / 84، 85، و " وفيات الاعيان " 4 / 375، 376.
(*)

(17/326)


قيل: مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.

198 - الراشد بالله * الشريف، صاحب مكة، الحسن بن جعفر، العلوي.
كان الوزير أبو القاسم بن المغربي قد هرب من الحاكم، وصار إلبا عليه، فحسن لحسان بن مفرج الخروج على الحاكم لجوره وكفر نفسه، وأمره بنصب صاحب مكة إماما لصحة نسبه، فبادر حسان إلى مكة، وبايع صاحبها، وأخذ مال الكعبة، ومال التجار، ولقبوه بالراشد، وأقبل إلى الشام، فتلقاه والد حسان ووجوه العرب، وتمكن، وخطب له على المنابر، وكان متقلدا سيفا زعم أنه ذو الفقار، وفي يده قضيب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه عدد من أقاربه، وفي ركابه ألف عبد، فنزل الرملة، فراسل الحاكم مفرج بن جراح المذكور،
واستماله بالرغبة والرهبة، وأحس الراشد بالامر، فذل، وتذمم بمفرج، وقال: أنا راض من الغنيمة بالاياب، أنتم غريتموني.
فجهزه مفرج إلى الحجاز، وتسحب ابن المغربي إلى العراق، وجرى ذلك سنة بضع وأربع مئة (1).

199 - الغضائري * * الامام الصالح الثقة، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن
__________
* الكامل لابن الاثير 9 / 123، 331، 332، 446.
(1) ذكر ابن الاثير وفاة الراشد بالله سنة ثلاثين وأربع مئة.
" الكامل " 9 / 466.
* * تاريخ بغداد 8 / 34، الانساب 9 / 155، المنتظم 8 / 14، العبر 3 / 116، شذرات الذهب 3 / 200.
والغضائري: نسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام.
(*)

(17/327)


محمد بن حلبس (1)، المخزومي الغضائري البغدادي.
سمع: محمد بن يحيى الصولي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر البختري، وأبا عمرو بن السماك، وأبا بكر النجاد.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين ابن المهتدي بالله، وعباس بن بكران الهاشمي، وأبو عبد الله القاسم ابن الفضل الثقفي، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان ثقة فاضلا، مات في المحرم سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قلت: لعله جاوز التسعين، وله جزء مشهور سمعناه.

200 - الغضائري * شيخ الشيعة وعالمهم، أبو عبد الله، الحسين بن عبيدالله بن
إبراهيم، البغدادي الغضائري.
يوصف بزهد وورع وسعة علم.
يقال: كان أحفظ الشيعة لحديث أهل البيت غثه وسمينه.
روى عنه: أبو جعفر الطوسي، وابن النجاشي (3) الرافضيان.
__________
(1) تصحفت في " شذرات الذهب " 3 / 200 إلى " حليس " بالياء التحتية.
(2) في " تاريخ بغداد " 8 / 34.
* ميزان الاعتدال 1 / 541، لسان الميزان 2 / 288، 289 و 297، كتاب الرجال للنجاشي: 51، منهج المقال 114، روضات الجنات 183، إيضاح المكنون 2 / 358، أعيان الشيعة 26 / 351 - 360.
(3) تحرف في لسان الميزان " 2 / 289 إلى " ابن النحاس ".
(*)

(17/328)


وهو فيروي عن: أبي بكر الجعابي، وسهل بن أحمد الديباجي، وأبي المفضل الشيباني.
قال الطوسي تلميذه: خدم العلم، وطلبه لله، وكان حكمه أنفذ من حكم الملوك (1).
وقال ابن النجاشي: صنف كتبا منها: كتاب " يوم الغدير "، وكتاب " مواطئ (2) أمير المؤمنين "، وكتاب " الرد على الغلاة "، وغير ذلك.
مات في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
قلت: هو من طبقة الشيخ المفيد (3) في الجلالة عند الامامية، يفتخرون بهما، ويخضعون لعلمهما حقه وباطله.

201 - ابن الحاج * الامام المحدث الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد بن الحاج
ابن يحيى، الاشبيلي الشاهد، نزيل مصر.
سمع عثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مروان القيسراني، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعلي بن أبي العقب الدمشقي، وأحمد بن محمد بن عمارة، والعباس بن محمد الرافقي، وأحمد بن أبي الموت، وطبقتهم بمصر ودمشق.
__________
(1) انظر " لسان الميزان " 2 / 289.
(2) تحرف في " لسان الميزان " 2 / 289 إلى " بواطن ".
(3) وهو محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، سترد ترجمته برقم (213).
* العبر 3 / 119، حسن المحاضرة 1 / 372، شذرات الذهب 3 / 202، تهذيب تاريخ دمشق 1 / 456.
(*)

(17/329)


حدث عنه: الحافظ أبو نصر السجزي، والحافظ عبدالرحيم بن أحمد البخاري، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
وانتقى عليه السجزي أجزاء عديدة، وأثنى عليه الحبال.
وكان صاحب معرفة وفهم، وقع لي من عواليه.
قال الحبال: مات في صفر سنة خمس عشرة وأربع مئة.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا أبو العباس بن الحاج، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر السقطي بالبصرة، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا شعبة، أخبرنا محمد ابن زياد، سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أما
يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الامام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار " (1).
وفيها مات أبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة (2)، وشيخ الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي (3)، والقاضي عبد الجبار (4) شيخ المعتزلة، وأبو الحسن
__________
(1) صحيح، وأخرجه من طريق شعبة عن محمد بن زياد بهذا الاسناد البخاري (691) في الاذان: باب إثم من رفع رأسه قبل الامام، والدارمي 1 / 302، وأبو داود (623) وأخرجه من طرق، عن حماد بن زيد، عن محمد بن زياد به مسلم (427) في الصلاة، والنسائي 2 / 96 في الامامة، والترمذي (582) وابن ماجة (961).
(2) سترد ترجمته برقم (210).
(3) سترد ترجمته برقم (266).
(4) تقدمت ترجمته برقم (150).
(*)

(17/330)


علي بن عبد الله العيسوي (1)، وأبو الحسين بن بشران (2)، وأبو صادق (3) محمد بن أحمد بن محمد بن شاذان، وأبو الحسين بن الفضل القطان، وأبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي (4)، وأبو بكر محمد بن الحسين بن جرير الدشتي، وابن عقيل الباوردي، وعلي بن أحمد بن عبدان (5) الاهوازي.

202 - القطان * الشيخ العالم الثقة، المسند، أبو الحسين، محمد بن الحسين ابن محمد بن الفضل، البغدادي القطان (6) الازرق.
ذكر لابي بكر الخطيب: أنه ولد في شوال سنة خمس وثلاثين
وثلاث مئة (7).
وسمع وهو ابن خمس سنين من إسماعيل الصفار وهو أكبر شيخ له ومن أبي جعفر محمد بن علي بن عمر بن علي بن حرب، وعبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، وعنده عنه " تاريخ " الفسوي، وأبي بكر النجاد، وأبي عمرو بن السماك، وعدة.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (194).
(2) تقدمت ترجمته برقم (189).
(3) سترد ترجمته برقم (264).
(4) سترد ترجمته برقم (243).
(5) سترد ترجمته برقم (259).
* تاريخ بغداد 2 / 249، 250، الانساب 10 / 186، 187، المنتظم 8 / 20، العبر 3 / 120، شذرات الذهب 3 / 203.
(6) قال السمعاني: وكان يسكن دار القطن ببغداد.
" الانساب " 10 / 187.
(7) " تاريخ بغداد " 2 / 249.
(*)

(17/331)


وانتقى عليه ابن أبي الفوارس، وهبة الله اللالكائي.
وحدث عنه: البيهقي، والخطيب، ومحمد بن هبة الله اللالكائي، وأبو عبد الله الثقفي، وجماعة سواهم.
وهو مجمع على ثقته.
توفي في شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربع مئة عن ثمانين سنة.

203 - الوهراني * الشيخ الثقة الجليل، أبو القاسم، عبدالرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر، الهمذاني المغربي الوهراني ثم البجاني (1).
وبجانة (2) من مدن الاندلس، وبجاية الناصرية أحدثت في المئة الخامسة بالمغرب، وهي أشهر وأكبر (3)، ولكن خرج من الاولى جلة وعلماء.
مولده في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وسافر في التجارة إلى أقصى خراسان، وعني بالرواية.
__________
* جذوة المقتبس 275، ترتيب المدارك 4 / 690، 691، الانساب (الوهراني) الصلة 1 / 317 - 319، بغية الملتمس 366، اللباب 3 / 376.
والوهراني: نسبة إلى وهران، وهي مدينة بعدوة الاندلس على أرض القيروان.
(1) تصحفت في " ترتيب المدارك " 4 / 69 إلى " التجاني ".
(2) سبق التعريف بها في الصفحة 188 ت رقم (3).
(3) قال ياقوت في بجاية: مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب، كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري بن مناد بن بلكين في حدود سنة 457.
" معجم البلدان " 1 / 339.
(*)

(17/332)


وأخذ عن: الحسن بن رشيق ونحوه بمصر، وعن القاضي أبي بكر الابهري، وطائفة ببغداد، وعن تميم بن محمد بالقيروان، وعن محمد بن عمر الشبويي بمرو، وعن إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ.
وقدم إلى بلاده بإسناد عال، فحمل عنه ابن عبد البر، وأبو عمر ابن سميق، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر أحمد
ابن الحذاء، وأبو محمد بن حزم، وآخرون.
وكان خيرا صالحا متقبضا، يتكسب بالتجارة (1).
سمع من تميم (2) " الموطأ ": أخبرنا عيسى بن مسكين عن سحنون، عن ابن القاسم.
مات في ربيع الاول سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
حدث " بصحيح " البخاري.

204 - العبدويي * الامام الحافظ، شرف المحدثين، أبو حازم، عمر بن أحمد بن
__________
(1) انظر " الصلة " 1 / 317.
(2) أي تميم بن محمد بن أحمد، أبو العباس، صاحب عيسى بن مسكين.
انظر " جذوة المقتبس " 275.
* تاريخ بغداد 11 / 272، 273، الانساب 8 / 354، تبيين كذب المفتري 241، المنتظم 8 / 27، اللباب 2 / 314، تذكرة الحفاظ 3 / 1072، العبر 3 / 125، طبقات السبكي 5 / 300، 301، البداية والنهاية 12 / 12، النجوم الزاهرة 4 / 265، طبقات الحفاظ 417، 418، شذرات الذهب 3 / 208.
قال السمعاني: وهذه النسبة إلى عبدويه، فإن قيل كما يقول النحويون: عبدويه، فالنسبة إليه " عبدوي " بفتح الدال، وإن قيل كما يقول (*)

(17/333)


إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله بن الفقيه عبيدالله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، الهذلي المسعودي العبدويي النيسابوري الاعرج، ابن المحدث أبي الحسن.
مات أبوه أبو الحسن (1) في رمضان سنة خمس وثمانين وثلاث مئة وهو في عشر التسعين، وقد روى عنه: ابن خزيمة، والسراج،
روى عنه: ابنه، والحاكم، وأبو سعيد الكنجروذي، وعدة.
وابنه أبو حازم ولد بعد الاربعين وثلاث مئة.
سمع إسماعيل بن نجيد، وأبا بكر الاسماعيلي، ومحمد بن عبد الله بن عبدة السليطي، وأبا عمرو بن مطر، وأبا الفضل بن خميرويه الهروي، وأبا أحمد الغطريفي، وأبا عمرو بن حمدان، وأبا سعيد بن عبد الوهاب، وأبا أحمد الحاكم، وطبقتهم.
وتأخر عن الرحلة إلى بغداد، ولحق بها عيسى بن الوزير، وأبا الطاهر المخلص.
وكتب العالي والنازل، وجمع وخرج، وتميز في علم الحديث.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو القاسم علي بن المحسن، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وآخرون.
قال أبو محمد بن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول:
__________
= المحدثون: عبدويه بضم الدال، فالنسبة إليه عبدويي ".
(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/334)


لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم، وأبو حازم العبدويي (1).
قلت: وقد سمعه والده من أبي بكر الصبغي، وحامد الرفاء.
قال الحافظ أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حازم الحافظ يقول: كتبت بخطي عن عشرة من شيوخي عشرة آلاف جزء، عن كل واحد ألف جزء (2).
وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو حازم ثقة صادقا، حافظا عارفا (3).
قلت: من ورعه أنه ما حدث عن الصبغي، ولا عن حامد الرفاء لصغره، وقد كانا أكبر مشايخه.
قال أبو بكر محمد بن علي الطوسي: رأيت بخط زاهر بن طاهر قال: كتب مسعود بن ناصر ورقة قال: وجدت عند مسعود بن علي بن معاذ السجزي بخط الحاكم أبي عبد الله قال: اجتمعنا سنة 381، فذكرنا الكذابين بنيسابور، والذين ظهر لنا من جرحهم، فأثبتناه للاعتبار، فذكر جماعة منهم أبو بكر الكسائي، وأبو بكر الطرازي، وأبو حازم العبدويي، وأبو القاسم بن حبيب المفسر، وقال: هم كذبة في الرواية: قال مسعود بن علي: واستشهد جماعة أثبتوا خطوطهم
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1072، و " طبقات " السبكي 5 / 301.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1072، 1073، و " تبيين كذب المفتري " 242، 243، و " طبقات " السبكي 5 / 301.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 272.
(*)

(17/335)


عقيب خطه فيمن كتب أبو جعفر العزائمي.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي المقرئ، (ح) وأخبرنا علي بن عثمان البربري، أخبرنا أحمد بن محمد المحمودي قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم ابن الفضل، حدثنا أبو حازم الحافظ إملاء، حدثنا أبو عمرو بن مطر، أخبرنا إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى: قلت لمالك:
حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها ؟ قال: نعم.
متفق عليه (1).
قال الحافظ أبو علي الوخشي: مات أبو حازم العبدويي يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قلت: وفيها توفي مسند بغداد أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري (2)، ومقرئ الوقت أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي (3)، ومحدث دمشق أبو نصر محمد بن أحمد بن
__________
(1) البخاري (516) في الصلاة: باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، و (5996) في الادب: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، ومسلم (543) في المساجد: باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، وأخرجه مالك 1 / 170 في قصر الصلاة: باب جامع الصلاة، وأبو داود (917) و (918) و (919) و (920) والنسائي 3 / 10، والدارمي 1 / 316.
(2) سترد ترجمته برقم (246).
(3) سترد ترجمته برقم (265).
(*)

(17/336)


هارون (1) ابن الجندي الغساني إمام جامع دمشق لقي خيثمة، والمسند البقية أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري البزاز (2) وقاضي بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي الشوارب (3) عن ثمان وثمانين سنة، وشيخ الشافعية أبو بكر عبد الله بن أحمد المروزي القفال (4)، والمسند أبو الحسين أحمد بن محمد سلامة الطحان الستيتي (5) صاحب خيثمة.

205 - ابن حسنون * الشيخ العالم الصادق الصالح الخير، أبو نصر، أحمد بن محمد ابن أحمد بن حسنون، النرسي البغدادي، والد صاحب المشيخة أبي الحسين ابن النرسي.
وفي ذريته جماعة من المشايخ.
سمع أبا جعفر بن البختري، وعلي بن إدريس الستوري، وعثمان بن أحمد ابن السماك.
روى عنه: الخطيب أبو بكر الحافظ، وقال: كان صدوقا صالحا (6)، وأبو الفوارس طراد الزينبي، وعبد الواحد بن علوان، وأبو الحسين محمد بن أحمد ولده، وآخرون.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مئة في شهر ذي القعدة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (263).
(2) سترد ترجمته برقم (224).
(3) سترد ترجمته برقم (223).
(4) سترد ترجمته برقم (267).
(5) سترد ترجمته برقم (222).
* تاريخ بغداد 4 / 371، العبر 3 / 104، شذرات الذهب 3 / 192.
(6) " تاريخ بغداد " 4 / 371.
(*)

(17/337)


وفيها مات الحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي (1) القاضي، وأبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الخزاعي (2) ببلخ، والحاكم صاحب مصر (3)، وآخرون.

206 - ابن المنذر * الشيخ الامام القاضي العلامة، أبو القاسم، الحسن (4) بن الحسن (5) بن علي بن المنذر، البغدادي.
سمع إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وأبا عمرو بن السماك، وطبقتهم.
وكان مكثرا من السماع.
قال الخطيب (6): كتبنا عنه، وكان صدوقا ضابطا، كثير الكتاب، حسن الفهم، حسن العلم بالفرائض.
استنابه القاضي أبو عبد الله الحسين الضبي على القضاء، ثم ولي قضاء ميافارقين عدة سنين، ثم رد إلى بغداد، فأقام يحدث إلى أن مات في شعبان وله ثمانون سنة.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (186).
(2) تقدمت ترجمته برقم (114).
(3) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
* تاريخ بغداد 7 / 304، 305، المنتظم 7 / 301، العبر 3 / 106، 107، شذرات الذهب 3 / 195.
(4) في " المنتظم ": الحسين بن الحسين.
(5) في " العبر " و " شذرات ": " الحسين ".
(6) في " تاريخ بغداد " 7 / 304، 305.
(*)

(17/338)


قلت: آخر من تبقى من أصحابه أبو عبد الله بن طلحة النعالي.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مئة.

207 - ابن أبي كامل * العدل المسند، أبو عبد الله، الحسين بن عبد الله بن محمد بن إسحاق بن أبي كامل، العبسي البصري الاصل، الطرابلسي.
حدث عن: خال أبيه خيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن حذلم، وأبي الميمون بن راشد، وأبي يعقوب الاذرعي بدمشق، ومحمد بن إبراهيم السراج لقيه ببيت المقدس، وأبي محمد بن الورد، وطائفة بمصر.
انتقى عليه خلف الواسطي، ووثقه أبو بكر الحداد.
وحدث عنه: الصوري، وعبد الرحيم البخاري، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو الحسن بن صصرى، وآخرون.
يقع حديثه في فوائد النسيب.
توفي بأطرابلس سنة أربع عشرة وأربع مئة.

208 - الباشاني * * الثقة المعمر، أبو عبد الله، محمد بن علي بن الحسين،
__________
* العبر 3 / 116، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، شذرات الذهب 3 / 200، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 308.
* * لم نقف على ترجمة في المصادر.
والباشاني: نسبة إلى باشان، وهي قرية من قرى هراة.
(*)

(17/339)


الباشاني الهروي.
حدث عن: أبي إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين، فكان آخر أصحابه، وعن محمد بن إبراهيم بن نافع.
حدث عنه: شيخ الاسلام الانصاري، وطائفة.
وثق.
وقيل: إنه عاش مئة وست سنين.
مات سنة أربع عشرة وأربع مئة.

209 - النعيمي * الحافظ الامام، أبو منصور، أحمد بن الفضل، النعيمي الجرجاني.
حدث عن: أبي أحمد بن عدي، والاسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف، وأبي عمرو بن حمدان، والحاكم أبي أحمد، ونصر بن عبد الملك.
وله مصنف في " أخبار الجبل " (1)، وآخر سماه " المجتبى ".
ذكره أبو نصر الامير، وقال: توفي في سنة خمس عشرة وأربع مئة (2).
_______________
* تاريخ جرجان: 82، الانساب (النعيمي)، اللباب 3 / 318، الاكمال 7 / 378.
(1) في " الاكمال ": " الجيل " بالياء المثناة التحتية، وفي " تاريخ جرجان ": " الجبل " بالباء الموحدة، وكتب المعلق على كلمة " الجبل ": هكذا في الانساب، ووقع في الاصل: " الجيل ".
قال ياقوت: الجبل: اسم جامع للاعمال التي يقال لها الجبال، وهي ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري.
(2) " الاكمال " 7 / 378.
(*)

(17/340)


210 - ابن المسلمة * الامام القدوة، أبو الفرج، أحمد بن محمد بن عمر بن حسن ابن المسلمة، البغدادي المعدل.
سمع أحمد بن كامل، وأبا بكر النجاد، وابن علم (1)، ودعلج بن أحمد، وطائفة.
روى عنه: الخطيب، وطراد الزينبي، وجماعة.
قال الخطيب (2): كان ثقة يملي في العام مجلسا واحدا، وكان موصوفا بالعقل والفضل والبر، وداره مألف لاهل العلم، وكان صواما، كثير التلاوة.
وقال غيره: تفقه على أبي بكر الرازي شيخ الحنفية، وكان يسرد الصوم، ويتهجد بسبع (3) رحمه الله، ورئي له أنه من أهل السعادة (4).
توفي في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مئة وله ثمان وسبعون سنة.
وهو والد المسند أبي جعفر (5)، وجد الوزير رئيس الرؤساء أبي
__________
* تاريخ بغداد 5 / 67، 68، المنتظم 8 / 16، 17، الكامل في التاريخ 9 / 341، البداية والنهاية 12 / 17، الجواهر المضية 1 / 296، 297، النجوم الزاهرة 4 / 260، الطبقات السنية برقم (342)، تاريخ التراث العربي 1 / 381.
(1) في " تاريخ بغداد ": محمد بن عبد الله بن علم الصفار.
(2) في " تاريخ بغداد " 5 / 67.
(3) أي سبع القرآن.
(4) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 67 و " المنتظم " 8 / 17 و " البداية والنهاية " 12 / 17 و " الجواهر المضية " 1 / 297.
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (102).
(*)

(17/341)


القاسم (1) علي بن الحسن.

211 - حمد بن عمر * ابن أحمد بن إبراهيم، الزجاج الحافظ، محدث همذان، أبو نصر.
سمع من: أحمد بن محمد بن هارون الكرابيسي صاحب الكجي، ومن أحمد بن محمد بن مهران، وعبد الله بن الحسين القطان، وطاهر بن سهلويه، وأبي زرعة أحمد بن الحسين، وخلق.
حدث عنه: أبو الفضل الفلكي في تواليفه، ومحمد بن الحسين الصوفي، ويوسف الخطيب، وآخرون.
قال شيرويه: كان ثقة حافظا، يحسن هذا الشأن، سمعت عبدوس ابن عبد الله يقول: كان حمد الزجاج يقرأ على المشايخ، وينام ويقرأ مستويا لحفظه ومعرفته بالاسانيد والمتون.
إلى أن قال: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.

212 - القنازعي * * العلامة القدوة، أبو المطرف، عبدالرحمن بن مروان (2) بن عبد
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (103).
* تذكرة الحفاظ 3 / 1055.
* * جذوة المقتبس 278، 279، ترتيب المدارك 4 / 726 - 728، الصلة 2 / 322 - 324، بغية الملتمس: 371، المغرب في حلي المغرب 1 / 166، 167، العبر 3 / 112، عيون التواريخ 12 / 155 / 1، الديباج المذهب 1 / 485، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 380، طبقات المفسرين للسيوطي: 18، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 287، 288، شذرات الذهب 3 / 198، هدية العارفين 1 / 16، شجرة النور الزكية 1 / 111، 112.
(2) في " ترتيب المدارك " و " شجرة النور ": " هارون " بدل " مروان ".
(*)

(17/342)


الرحمن، الانصاري القرطبي القنازعي.
وقنازع قرية (1).
سمع " الموطأ " من أبي عيسى الليثي، وسمع من القاضي محمد بن السليم، وأبي جعفر بن عون الله.
وتلا على أبي الحسن الانطاكي، وأصبغ بن تمام.
وارتحل سنة 67، فسمع الحسن بن رشيق، ولقي حسينك التميمي في الموسم، وأكثر عن أبي محمد بن أبي زيد، وأقبل على شأنه، وتصدر للاقراء والفقه بقرطبة.
روى عنه: محمد بن عتاب، وابن عبد البر، وطائفة.
وكان إماما متفننا حافظا، متألها خاشعا، متهجدا مفسرا، بصيرا بالفقه واللغة، امتنع من الشورى (2).
وكان زاهدا ورعا قانعا باليسير، مجاب الدعوة، بعيد الصيت، رأسا في القراءات، صاحب تصانيف (3).
مات في رجب سنة ثلاث عشرة وأربع مئة عن ثنتين وسبعين سنة.
__________
(1) في " الصلة " 2 / 324.
أبو المطرف القنازعي منسوب إلى صنعته.
وفي " طبقات " الداوودي 1 / 288: والقنازعي نسبة إلى ضيعة من بلاد المغرب.
فلعل كلمة " صنعته " الواردة في " الصلة " مصحفة عن " ضيعته ".
(2) وقد ندبه إليها علي بن حمود لما ولي الخلافة بقرطبة، أشار عليه بذلك قاضيه أبو المطرف بن بشر مقدرا أنه لا يجسر على رد ابن حمود لهيبته.
انظر " الصلة " 2 / 323، 324.
(3) منها " شرح الموطأ " وتوجد منه قطعة في القيروان، انظر مجلة معهد المخطوطات 2 / 362، وله كتاب في " الشروط "، و " مختصر تفسير القرآن " لابن سلام.
انظر " هدية العارفين " 1 / 516.
(*)

(17/343)


213 - الشيخ المفيد * عالم الرافضة، صاحب التصانيف، الشيخ المفيد، واسمه: محمد ابن محمد بن النعمان، البغدادي الشيعي، ويعرف بابن المعلم.
كان صاحب فنون وبحوث وكلام، واعتزال وأدب.
ذكره ابن أبي طي (1) في " تاريخ الامامية "، فأطنب وأسهب، وقال: كان أوحد في جميع فنون العلم: الاصلين، والفقه، والاخبار، ومعرفة الرجال، والتفسير، والنحو، والشعر.
وكان يناظر أهل كل عقيدة مع العظمة في الدولة البويهية، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء، وكان قوي النفس، كثير البر، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، يلبس الخشن من الثياب، وكان مديما للمطالعة والتعليم، ومن أحفظ الناس، قيل: إنه ما ترك للمخالفين كتابا إلا وحفظه، وبهذا قدر على حل شبه القوم، وكان من أحرص الناس على التعليم، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة، فيتلمح الصبي الفطن، فيستأجره من أبويه - يعني فيضله - قال: وبذلك كثر تلامذته، وقيل: ربما زاره عضد الدولة، ويقول له: اشفع تشفع.
وكان
__________
* الفهرست لابن النديم 226، تاريخ بغداد 3 / 231، المنتظم 8 / 11، 12، الذريعة 2 / 209، دول الاسلام 1 / 246، ميزان الاعتدال 4 / 30، العبر 3 / 114، عيون التواريخ 12 / 55 / 2، الوافي بالوفيات 1 / 116، مرآة الجنان 3 / 28، لسان الميزان 5 / 368، النجوم الزاهرة 4 / 258، شذرات الذهب 3 / 199، 220، الرجال للنجاشي: 283 - 287، فهرست الطوسي 157، 158، روضات الجنات 563 - 570، هدية العارفين 2 / 61، 62، أعيان الشيعة 46 / 20 - 26.
(1) هو يحيى بن أبي طي حميد بن ظافر بن علي، أبو الفضل البخاري الحلبي، قرأ
القرآن، وبرع في الفقه على مذهب الامامية، وله مشاركة في الاصول والقرءات.
وله تصانيف عدة توفي سنة 630 ه.
انظر ترجمته في " لسان الميزان " 6 / 263، 264، و " هدية العارفين " 2 / 523.
(*)

(17/344)


ربعة نحيفا أسمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مئتي مصنف...إلى أن قال: مات سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، وشيعه ثمانون ألفا.
وقيل: بلغت تواليفه مئتين (1)، لم أقف على شئ منها ولله الحمد، يكنى أبا عبد الله.

214 - سلطان الدولة * ملك العراق وفارس، سلطان الدولة، أبو شجاع، فناخسرو بن الملك بهاء الدولة (2) خره فيروز بن الملك عضد الدولة (3) أبي شجاع بن ركن الدولة (4) حسن بن بويه الديلمي.
تملك بعد أبيه سنة ثلاث وأربع مئة، فكانت أيامه اثنتي عشرة سنة، ووزر له فخر الملك (5) أبو غالب، فقرئ عهد سلطان الدولة من القادر بالله (6)، والالقاب كانت: عماد الدين، مشرف الدولة، مؤيد الملة، مغيث الامة، صفي أمير المؤمنين.
ثم أحضرت الخلع وهي سبع على العادة، وعمامة سوداء، وتاج مرصع، وسيف، وسواران، وطوق،
__________
(1) انظر مصنفاته في " هدية العارفين " 1 / 62، وانظر النسخ المخطوطة منها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 278 - 280.
* المنتظم 8 / 17، الكامل 9 / 241، 293، 305، 310، 318، 327، 337، المختصر في أخبار البشر 2 / 155، تتمة المختصر 2 / 508، تاريخ ابن خلدون 4 / 470 - 474، النجوم الزاهرة 4 / 261.
(2) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (106).
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(5) تقدمت ترجمته برقم (173).
(6) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/345)


وفرسان، ولواءان عقدهما القادر بيده، وتلفظ بالحلف له بمسمع من الوزير أبي غالب والكبار ونفذ ذلك مع القاضي أبي خازم محمد بن الحسين وخادمين إلى فارس، أول العهد: من عبد الله أحمد الامام القادر بالله أمير المؤمنين إلى فناخسرو بن بهاء الدولة مولى أمير المؤمنين: سلام عليك...فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله.
ومنه: أما بعد...أطال الله بقاءك...إلى أن قال: وكتب في ربيع الاول سنة أربع وأربع مئة.
قال محمد بن عبدالملك في " تاريخه ": لما صار الامر إلى سلطان الدولة، استخلف ببغداد أخاه (1) مشرف الدولة (2) أبا علي، وجعل إليه إمارة الاتراك خاصة، فحسنوا له العصيان، فاستولى على بغداد وواسط، وتردد الاتراك إلى الديوان، فأمر بقطع خطبة سلطان الدولة، وأن يخطب لمشرف الدولة (3).
وكان دخول سلطان الدولة بغداد سنة تسع، وتلقاه الخليفة، وضربت له النوبة في أوقات الصلوات الخمس، فأوحش القادر، وكانت العادة جارية من أيام عضد الدولة بضرب النوبة ثلاث أوقات (4)..إلى أن قال: ولما تمكن مشرف الدولة، انحاز أخوه إلى أرجان (5)، وتناقضت أموره، وكان يواصل الشرب حتى فسد خلقه، وطلب طبيبا
__________
(1) في الاصل: " أخاف " وهو خطأ.
(2) سترد ترجمته برقم (268).
(3) انظر " الكامل " 9 / 317 - 319 و 323، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 472.
(4) انظر " الكامل " 9 / 305 (5) بفتح أوله وتشديد الراء وجيم وألف ونون، وعامة العجم يسمونها أرغان: مدينة كبيرة كثيرة الخير، بينها وبين شيراز ستون فرسخا، وبينها وبين سوق الاهواز ستون فرسخا.
انظر " معجم البلدان " 1 / 142.
(*)

(17/346)


لفصده، ففصده بحضرة الاوحد (1)، ونفذ قضاء الله فيه بشيراز في شوال سنة خمس عشرة و أربع مئة عن اثنتين وثلاثين سنة وخمسة أشهر.
ولما مات، نهبت الديلم ما قدروا عليه، وأشار عليهم الاوحد بابنه أبي كاليجار (2)، فخطب له بخوزستان.
وظهر الملك أبو جعفر بن كاكويه (3) فتملك همذان، وقهر بني بويه، وافتتح الدينور وشابور خواست (4)، وعظمت هيبته.

215 - المستظهر بالله * عبدالرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله، المرواني.
__________
(1) وهو أبو محمد الحسن بن مكرم صاحب سلطان الدولة.
انظر " الكامل " 9 / 112، 133، 141، 162، 180، 327، 367.
(2) سترد ترجمته برقم (425).
(3) هو علاء الدولة أبو جعفر بن دشمنزيار - وفي المختصر وتتمته: شهريار - و إنما قيل له كاكويه، لانه كان ابن خال والدة مجد الدولة بن فخر الدولة بن بويه، وكاكويه هو الخال
بالفارسية.
انظر " الكامل " 9 / 207، 330، 351، 357، 379، 381، 395، 402، 424، 435، 446، 493، 495 و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 154، و " تتمة المختصر " 2 / 482 و 525، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 473.
(4) في اللغة الفارسية إذا وقعت الواو بين الخاء والالف لا تلفظ، فكلمة " خواست " مثلا تلفظ " خاست " بإشمام الخاء الضم.
وشابور خواست ويقال أيضا بإهمال السين في أولها: بلدة ولاية بين خوزستان وأصبهان.
انظر سبب تسميتها بذلك في " معجم البلدان " 3 / 167 و 303.
* جذوة المقتبس 25، 26، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول / المجلد الاول / 48 - 59، بغية الملتمس 31، 32، الكامل في التاريخ 9 / 276، المعجب 105، الحلة السيراء 2 / 12 - 17، البيان المغرب 3 / 135 - 139، المختصر في أخبار البشر 2 / 147، تتمة المختصر 1 / 497، أعمال الاعلام 134، نفح الطيب 1 / 435.
(*)

(17/347)


قام معه كبراء قرطبة، وملكوه بعد ذهاب القاسم (1) الادريسي، فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مئة وله ثنتان وعشرون سنة.
وكان عجبا في الذكاء و البلاغة.
يكنى أبا المطرف، وزر له ابن حزم (2) الظاهري.
ولم تطل أيامه، بل قتل بعد أيام في ذي القعدة من عامه، توثب عليه ابن عمه المستكفي (3) بالله محمد بن عبدالرحمن، وتملك ستة أشهر، ونزع.

216 - الحناط * الامام المحدث الرحال، أبو بكر، خلف بن عمر بن خلف بن محمد ابن إبراهيم، الهمذاني الحناط.
كان من نبذاء المشايخ.
حدث عن: أبي العباس الاصم، وعبد الرحمن الجلاب، وأبي جعفر أحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي (4)، وأبي بكر الشافعي، وعدة.
روى عنه: أبو محمد جعفر بن محمد الابهري، وعلي بن أحمد بن سهل العطار، والحسين بن محمد البزاز، والخليل بن عبد الله الخليلي، وآخرون.
__________
(1) وهو صاحب الترجمة رقم (81).
(2) سترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (258).
* الاكمال 3 / 279 نقلا عن " الاستدراك " لابن نقطة، المشتبه 1 / 252، تبصير المنتبه 2 / 516.
(4) لقب بذلك، لانه كان يوما عند الجنيد، فسئل الجنيد عن مسألة، فقال الجنيد: أجبهم، فأجابهم، فقال: يا خلدي من أين لك هذه الاجوبة ؟ فبقي عليه.
(*)

(17/348)


ذكره شيرويه، فقال: كان صدوقا حافظا، يحسن هذا الشأن (1).
قلت: بقي إلى سنة بضع وأربع مئة، لم يقع لي شئ من عواليه.

217 - الخصيب * ابن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الخصيب، الشيخ العالم الثقة، القاضي أبو الحسن (2) المصري.
روى عن: أبيه (3)، وعثمان بن محمد السمرقندي، وإسماعيل بن الجراب، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، ومحمد بن العباس بن كوذك، ومحمد بن أبي كريمة الصيداوي، وجماعة.
حدث عنه: أبو نصر عبيدالله السجزي، وأبو علي الاهوازي، ومحمد بن علي الصوري، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وهبة الله بن إبراهيم الصواف، وأبو إسحاق الحبال، وأبو الحسن الخلعي.
توفي في ربيع الاول سنة ست عشرة وأربع مئة وهو في عشر الثمانين.
محله الصدق.
__________
(1) انظر " الاكمال " 3 / 279.
* الاكمال لابن ماكولا 3 / 40 نقلا عن " الاستدراك " لابن نقطة، العبر 3 / 121، شذرات الذهب 3 / 204 وتصحف فيهما " الخصيب " إلى " الحصيب " بالحاء المهملة.
(2) في " العبر ": أبو الخير، وفي " الشذرات ": أبو الحسين.
(3) وهو عبد الله قاضي مصر، له ترجمة في " الانساب " (الخصيبي).
(*)

(17/349)


218 - الصيرفي * الشيخ الثقة المأمون، أبو سعيد، محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان، الصيرفي، ابن أبي عمرو، النيسابوري.
كان والده أبو عمرو مثريا، وكان ينفق على الاصم، فكان لا يحدث حتى يحضر محمد هذا، وإن غاب عن سماع جزء، أعاده له، فأكثر عنه جدا.
وسمع أيضا من: أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي حامد أحمد بن محمد بن شعيب، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، والخطيب، وأبو صالح المؤذن، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، وطاهر بن محمد الشحامي، وأبو القاسم بن مندة، والقاسم بن الفضل الثقفي، ومكي بن علان الكرجي،
وأحمد بن سهل السراج، وخلق كثير آخرهم موتا عبد الغفار بن محمد بن شيرويه التاجر الباقي إلى سنة عشر وخمس مئة.
مات في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة عن نيف وتسعين سنة.
وفيها مات أبو بكر الحيري (1)، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين بن سليمان السليطي (2) النيسابوري النحوي المعدل، سمع الاصم
__________
* العبر 3 / 144، شذرات الذهب 3 / 220.
(1) سترد ترجمته برقم (221).
(2) سترد ترجمته برقم (251).
(*)

(17/350)


وكان ثقة، وفاتح الهند السلطان محمود (1) بن سبكتكين، وراوي الترمذي إسماعيل بن ينال (2) المروزي، سمع " الجامع " من مولاه المحبوبي وعمر.
وأبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الاصبهاني الجمال (3)، والاديب العلامة أبو عمر أحمد بن محمد بن العاص بن دراج (4) القسطلي الاندلسي شاعر عصره، وأبو علي الحسين بن عبد الله بن يعقوب البجاني (5) راوي الواضحة عن سعيد بن فحلون عن خمس وتسعين سنة.

219 - ابن خواستى * الشيخ الامام المعمر المقرئ، مسند الاندلس، أبو القاسم، عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستى، الفارسي ثم البغدادي النحوي.
ولد في رجب سنة عشرين وثلاث مئة، وكان يذكر وفاة ابن مجاهد.
وسمع من: إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي بكر النجاد، وأبي بكر
ابن داسة البصري، وأبي عمر الزاهد، وأبي بكر بن زياد النقاش المقرئ، وهو من تلامذته في القراءات.
وتلا أيضا على عبد الواحد بن أبي هاشم.
ودخل الاندلس، ففرحوا بعلو أسانيده، وأخذوا عنه.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (319).
(2) سترد ترجمته برقم (237).
(3) سترد ترجمته برقم (238).
(4) سترد ترجمته برقم (229).
(5) سترد ترجمته برقم (239).
* الصلة 2 / 375، العبر 3 / 112، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 392، شذرات الذهب 3 / 198.
(*)

(17/351)


تلا عليه أبو عمرو بثلاث روايات، وأسندها عنه في " تيسيره ".
وروى عنه: هو وأبو الوليد بن الفرضي، وقال: لقيته بمدينة التراب.
وقال الداني: دخل إلى الاندلس تاجرا سنة خمسين، فسكنها (1).
قال: وكان خيرا فاضلا، صدوقا ضابطا، وكان يعرف بابن أبي غسان، قال لي: أذكر اليوم الذي مات فيه ابن مجاهد، وقرأت القرآن في حدود سنة أربعين على النقاش ولازمته مدة، وكان أسخى الناس، وسمعت " سنن " أبي داود من ابن داسة سنة ثمان وثلاثين، واختلفت إلى أبي سعيد السيرافي، فقرأت عليه عدة كتب.
قال الداني: توفي في ربيع الاول سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
قلت: لم أره في مشايخ ابن عبد البر ولا ابن حزم.
وفيها مات صدقة بن محمد بن الدلم (2)، وأبو زيد عبدالرحمن بن
محمد بن أحمد بن حبيب (3) النيسابوري، وعلي بن هلال ابن البواب (4) المجود، وشيخ الشيعة المفيد (5) محمد بن محمد بن النعمان، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي (6).
__________
(1) غاية النهاية لابن الجزري 1 / 392.
(2) تقدمت ترجمته برقم (162).
(3) تقدمت ترجمته برقم (144).
(4) تقدمت ترجمته برقم (192).
(5) تقدمت ترجمته برقم (213).
(6) سترد ترجمته برقم (245).
(*)

(17/352)


220 - أبو إسحاق الاسفراييني * الامام العلامة الاوحد، الاستاذ، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الاسفراييني الاصولي الشافعي، الملقب ركن الدين.
أحد المجتهدين في عصره، وصاحب المصنفات الباهرة.
ارتحل في الحديث، وسمع من: دعلج السجزي، وعبد الخالق بن أبي روبا، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ومحمد بن يزداد بن مسعود، وأبي بكر الاسماعيلي، وعدة، وأملى مجالس وقع لي منها.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو الطيب الطبري، وتخرج به في المناظرة، وأبو السنابل (1) هبة الله بن أبي الصهباء، وطائفة.
ومن تصانيفه كتاب " جامع الخلي (2) في أصول الدين والرد على الملحدين "، في خمس مجلدات (3).
__________
* طبقات العبادي 104، طبقات الشيرازي 106، الانساب 1 / 237، تبيين كذب المفتري 243، 244، معجم البلدان 1 / 178، اللباب 1 / 55، طبقات ابن الصلاح الورقة 30 ب، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 169، 170، وفيات الاعيان 1 / 28، المختصر في أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 128، الوافي بالوفيات 6 / 104، 105، مرآة الجنان 3 / 31، طبقات السبكي 4 / 256 - 262، طبقات الاسنوي 1 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات ابن هداية الله 135، 136، كشف الظنون 1 / 539، شذرات الذهب 3 / 209، 210، هدية العارفين 1 / 8، طبقات الاصوليين 1 / 228، 229.
(1) في " طبقات " السبكي و " طبقات الاصوليين ": أبو السائب وهو خطأ.
(2) كذا الاصل بالخاء المعجمة، وفي " الوفيات " و " الوافي ": " الحلي " بالحاء المهملة، وفي " طبقات " السبكي و " شذرات الذهب " و " طبقات الاصوليين ": " الجامع في أصول الدين..." وفي " كشف الظنون " و " هدية العارفين ": " جامع الجلي والخفي..." (3) وله أيضا كتاب " أدب الجدل " و " مسائل الدور " و " تعليقة في أصول الفقه " انظر " طبقات " السبكي و " كشف الظنون " و " هدية العارفين ".
(*)

(17/353)


وبنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة.
توفي بنيسابور يوم عاشوراء من سنة ثماني عشرة وأربع مئة.
قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات ": درس عليه شيخنا أبو الطيب، و عنه أخذ الكلام والاصول عامة شيوخ نيسابور (1).
وقال غيره: نقل تابوته إلى وإسفرايين، ودفن هناك بمشهده (2).
قال عبد الغافر في " تاريخه ": كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق، فضلا عن نيسابور، ومن المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع، انتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في " تاريخه " لجلالته، وانتقى له
الحافظ أحمد بن علي الرازي ألف حديث، وعقد مجلس الاملاء، وكان ثقة ثبتا في الحديث (3).
وقال الحافظ ابن عساكر: حكى لي من أثق به: أن الصاحب إسماعيل ابن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر هؤلاء، يقول: ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق، والاسفراييني نار تحرق (4).
قال الحاكم في " تاريخه ": أبو إسحاق الاصولي الفقيه المتكلم، المتقدم في هذه العلوم، انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم.
إلى
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 243، 244، و " طبقات " السبكي 4 / 257.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 1 / 28، و " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 170، و " الانساب " 1 / 237.
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 257، و " تبيين كذب المفتري " 244.
(4) " تبيين كذب المفتري " 244، و " الوافي " 6 / 105، و " طبقات " السبكي 4 / 257، والصل: السيف القاطع واحد الاصلال، وهو أيضا الداهية.
وابن الباقلاني تقدمت ترجمته برقم (110) وابن فورك برقم (125).
(*)

(17/354)


أن قال: وبني له بنيسابور المدرسة التي لم يبن بنيسابور مثلها قبلها، فدرس فيها (1).
ومن كلام هذا الاستاذ قال: القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة وآخره زندقة (2).
فقال أبو القاسم الفقيه: كان شيخنا الاستاذ إذا تكلم في هذه المسألة، قيل: القلم عنه مرفوع حينئذ - يعني أبا إسحاق - لانه كان يشتم ويصول، ويفعل أشياء (3).
وحكى أبو القاسم القشيري عنه أنه كان ينكر كرامات الاولياء ولا
يجوزها، وهذه زلة كبيرة.
ومات معه في سنة ثماني عشرة أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداد الاصبهاني غلام محسن (4)، والوزير العلامة أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي (5) بميافارقين.
وقد قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته.
وأبو القاسم عبدالرحمن بن محمد النيسابوري السراج صاحب الاصم، والمحدث أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني (6) الناسخ، والفقيه محمد بن زهير النسائي (7) الشافعي الخطيب، سمع الاصم.
وأبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد الروز بهان البغدادي الراوي عن الستوري، وشيخ الصوفية معمر بن
__________
(1) " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 169، و " طبقات " السبكي 4 / 256.
(2) " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 170، و " الوافي " 6 / 105.
(3) من رفع عنه القلم بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل " وغير هؤلاء، فيشمله قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
(4) سترد ترجمته برقم (248).
(5) سترد ترجمته برقم (257).
(6) سترد ترجمته برقم (322).
(7) سترد ترجمته برقم (254).
(*)

(17/355)


أحمد بن محمد بن زياد الاصبهاني، ومكي بن محمد بن الغمر الدمشقي مستملي الميانجي، والحافظ هبة الله بن الحسن اللالكائي (1).

221 - الحيري * الامام العالم المحدث، مسند خراسان، قاضي القضاة، أبو بكر، أحمد بن أبي علي الحسن بن الحافظ أبي عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن مسلم بن يزيد، الحرشي (2) الحيري النيسابوري الشافعي، وجده هو سبط أحمد بن عمرو الحرشي.
ولد في حدود سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
ورخه أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وقال: هو ثقة في الحديث (3).
قلت: حدث عن: أبي علي محمد بن أحمد بن معقل الميداني، وحاجب بن أحمد الطوسي، وأبي العباس الاصم، وابنه أبي علي، وأبي سهل بن زياد القطان، وأبي بكر بن أبي دارم الكوفي، وأبي محمد الفاكهي المكي، وبكير بن أحمد الحداد، وأبي أحمد بن عدي، وخلق.
وتفقه على أبي الوليد حسان بن محمد، ودرس الكلام والاصول على
__________
(1) سترد ترجمته برقم (274).
* الانساب 4 / 108 - 110 (الحرشي) و 289 (الحيري) معجم البلدان 2 / 331، طبقات ابن الصلاح الورقة 32، العبر 3 / 141، 142، الوافي بالوفيات 6 / 306، طبقات السبكي 4 / 6، 7، طبقات الاسنوي 1 / 422، 423، شذرات الذهب 3 / 217.
والحيري: نسبة إلى الحيرة، وهي محلة مشهورة بنيسابور إذا خرجت منها على طريق مرو، وهي غير حيرة العراق التي عند الكوفة.
(2) هذه النسبة إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من قيس، وأكثرهم نزلوا البصرة، ومنها تفرقوا إلى البلاد " الانساب " 4 / 108.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 6 / 206.
(*)

(17/356)


أصحاب أبي الحسن الاشعري، وانتقى عليه أبو عبد الله الحاكم، وقد أملى من سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
وكان بصيرا بالمذهب، فقيه النفس، يفهم الكلام، وقلد قضاء نيسابور مدة.
حدث عنه: الحاكم، وهو أكبر منه، وأبو محمد الجويني، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، والحسن بن محمد الصفار، ومحمد بن إسماعيل المقرئ، ومحمد بن مأمون المتولي، ومحمد بن عبدالملك المظفري، وأحمد بن عبدالرحمن الكسائي، ومحمد بن يحيى المزكي، وقاضي القضاة أبو بكر محمد بن عبد الله الناصحي، وشيخ الحنفية محمد بن إسماعيل بن حسنويه، ومحمد بن علي العميري الزاهد، وأبو بكر بن خلف، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، ومكي بن منصور السلار، وأسعد بن مسعود العتبي، ومحمد بن أحمد الكامخي، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، وعلي بن أحمد الاخرم، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي خاتمة أصحابه، وخلق سواهم.
قال عبد الغافر الفارسي في " تاريخه ": أصابه وقر في آخر عمره، وكان يقرأ عليه مع ذلك، ويحتاط، إلى أن اشتد ذلك قريبا من سنتين أو ثلاث، فما كان يحسن أن يسمع، وكان من أصح أقرانه سماعا، وأوفرهم إتقانا، وأتمهم ديانة واعتقادا.
صنف في الاصول والحديث.
قلت: وقد قرأ بالروايات على أحمد بن العباس الامام تلميذ الاشناني، وسمعنا " مسند " الشافعي من طريقه.

(17/357)


أثنى عليه الحاكم، وفخم أمره، وقال: كان جدهم الاكبر سعيد بن عبدالرحمن الحرشي خليفة الامير عبد الله بن عامر بن كريز على نيسابور.
تلا أبو بكر بأحرف على أبي بكر الامام، وعقد له مجلس النظر في حياة الاستاذ أبي الوليد.
ثم قال الحاكم في ترجمة أبي علي المعقلي: حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن (ح) وأخبرنا بعلو محمد بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي، أخبرنا السلفي، أخبرنا مكي بن علان، حدثنا أبو بكر الحيري، حدثنا أبو علي الميداني، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقاطعوا.." وذكر الحديث (1).
مات الحيري في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وأربع مئة وله ست وتسعون سنة.
رحمه الله.

222 - الستيتي * الشيخ أبو الحسين، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الله، الستيتي
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " المصنف " (20222) ولفظه بتمامه " لا تحاسدوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " وأخرجه مالك 2 / 907 في حسن الخلق، ومن طريقه البخاري (6076) ومسلم (2559) وأبو داود (4910) عن الزهري، عن أنس ولفظه " لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا..." وأخرجه البخاري أيضا (6065) من طريق شعيب عن الزهري...، وأخرجه الترمذي (1935) من طريقين عن سفيان عن الزهري ولفظه " لا تقاطعوا ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا...".
* الاكمال 5 / 128، الانساب 7 / 41، اللباب 2 / 103، تهذيب تاريخ دمشق 2 / 58، 59.
والستيتي: نسبة إلى ستيتة مولاة يزيد بن معاوية.
(*)

(17/358)


الدمشقي الاديب، ويعرف بابن الطحان.
حدث عن: خيثمة الطرابلسي، وأبي الطيب المتنبي، وأبي القاسم الزجاجي النحوي.
روى عنه: أبو سعد السمان، ومحمد بن إبراهيم بن حذلم، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن أبي العلاء المصيصي وآخرون.
وكان يقول: كنت أنام في مجلس خيثمة بن سليمان، فينبهني أبي، فأنظر إلى خيثمة عظيم الهامة، كبير الاذنين والانف.
قال الكتاني: ولد في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة ومات في سنة سبع عشرة وأربع مئة، وكان يتهم بتشيع، فحلف لنا أنه برئ من ذلك.
وأنه من موالي يزيد من ولد ستيتة مولاة يزيد.
وأنه قد زار قبر يزيد (1).
قال: وكانت له أصول حسنة.

223 - ابن أبي الشوارب * قاضي القضاة، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباس ابن المحدث محمد بن أبي الشوارب، الاموي.
ولي بعد أبي محمد بن الاكفاني.
قال الخطيب: كان عفيفا نزها رئيسا (2)، سمع من: ابن قانع، وأبي
__________
(1) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 2 / 59.
* تاريخ بغداد 5 / 47 - 49، المنتظم 8 / 25 - 27، دول الاسلام 1 / 248، العبر 3 / 124، الوافي بالوفيات 8 / 35، البداية والنهاية 12 / 20، 21، النجوم الزاهرة 4 / 264، قضاة دمشق 33، شذرات الذهب 3 / 206.
(2) كلمة " رئيسا " ليست في المطبوع من " تاريخ بغداد ".
(*)

(17/359)


عمر الزاهد.
ولم يرو.
وحدثني أبو العلاء الواسطي أنه أنشده بيتين، قال: أنشدنا أبو عمر (1).
يقال: عرض المتوكل القضاء على جدهم محمد، فامتنع، فيرون أن بركة امتناعه دخلت على ولده، فولي منهم القضاء أربعة وعشرون، فثمانية منهم تقلدوا قضاء القضاة، آخرهم هذا، وما رأينا مثله جلالة وشرفا، ولي أولا قضاء البصرة، ثم ولي بغداد في سنة خمس وأربع مئة، ومات في شوال سنة سبع عشرة وأربع مئة وله ثمان وثمانون سنة (2).

224 - العكبري * أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، العكبري البزاز، أحد المسندين.
سمع أبا جعفر محمد بن يحيى الطائي، وأبا بكر النقاش، وعلي بن صدقة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، ونصر بن البطر وجماعة.
أرخ الخطيب وفاته في سنة سبع عشرة وثلاث مئة (3).
__________
(1) قال: أنشدنا الاستاذ أبو العباس أحمد بن يحيى: عجبت لمن يخاف حلول فقر * ويأمن ما يكون من المنون أتأمن ما يكون بغير شك * وتخشى ما ترجمه الظنون (2) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 47، 48.
* تاريخ بغداد 11 / 273، المنتظم 8 / 27، العبر 3 / 126، شذرات الذهب 3 / 209.
والعكبري: نسبة إلى عكبرا بضم العين وفتح الباء الموحدة وقيل بضمها أيضا، وهي بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي.
انظر " الانساب " و " معجم البلدان " و " تبصير المنتبه " 3 / 1017، و " وفيات الاعيان " 3 / 101.
(3) ونقل أن مولده في سنة عشرين وثلاث مئة.
" تاريخ بغداد " 11 / 273.
(*)

(17/360)


قلت: إنما سمع من الطائي وله عشرون سنة، ولو سمع في صباه، لجاء بالمحاملي وذويه.

225 - الرباطي * الشيخ الجليل، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسحاق، الاصبهاني الرباطي.
سمع أبا أحمد العسال، وإبراهيم بن محمد الرقاعي، الراوي عن محمد بن سليمان الباغندي، وعبد الله بن الحسن بن بندار، وأبا بكر الجعابي والطبراني.
وزار بيت المقدس، وأملى به مجالس.
روى عنه: عمر بن الحسن بن سليم المعلم، وأحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه وجماعة.
توفي في شعبان سنة عشرين وأربع مئة.

226 - المسبحي * * الامير الكبير، عز الملك، ويلقب بالمختار، محمد بن عبيد (1) الله ابن أحمد المسبحي الجندي.
_______________
* العبر 3 / 138، 139، شذرات الذهب 3 / 216.
* * الانساب (المسبحي)، اللباب 3 / 207، وفيات الاعيان 4 / 377 - 380، العبر 3 / 139، الوافي بالوفيات 4 / 7، 8، مرآة الجنان 3 / 36، النجوم الزاهرة 4 / 271، حسن المحاضرة 1 / 554، كشف الظنون 1 / 304، شذرات الذهب 3 / 216، تاج العروس 2 / 158، روضات الجنات 178، هدية العارفين 2 / 63، 64.
والمسبحي: نسبة إلى الجد.
(1) تحرف في " حسن المحاضرة " و " كشف الظنون " إلى " عبد " بحذف الياء.
(*)

(17/361)


نال دنيا ورتبة من الحاكم.
وكان رافضيا منجما، ردئ الاعتقاد.
له كتاب " التنجيم والاصابات " في عشر مجلدات، وكتاب " الديانات " في اثني عشر مجلدا، وكتاب " الشعر " ثلاث مجلدات، وكتاب " أصناف الجماع " ثلاث مجلدات، وكتاب " التاريخ " (1)، وأشياء (2).
مات في ربيع الآخر، سنة عشرين وأربع مئة، وله أربع وخمسون سنة (3).
وله يد طولى في الشعر (4) والادب والاخبار.
وكان أبوه (5) من الاعيان، مات سنة أربع مئة عن سن عالية.
__________
(1) نقل ابن خلكان عن المسبحي قوله في هذا الكتاب: وهو أخبار مصر ومن حلها من الولاة والامراء والائمة والخلفاء، وما بها من العجائب والابنية، واختلاف أصناف الاطعمة، وذكر نيلها، وأحوال من حل بها من الشعراء، وأخبار المغنين ومجالس القضاة والحاكم والمعدلين والادباء والمتغزلين وغيرهم.
قال ابن خلكان: وهو ثلاثة عشر ألف ورقة.
وقال حاجي خليفة: وهو كبير في اثني عشر مجلدا، واختصره تقي الدين الفاسي، وذيل عليه محمد بن علي بن الميسر.
ويوجد من هذا الكتاب نسخة مخطوطة في الاسكوريال ثان 543: 2.
(2) انظر بعض تصانيفه في " وفيات الاعيان " 4 / 377، 378، و " الوافي بالوفيات " 4 / 8، و " هدية العارفين " 2 / 63، 64.
(3) وولادته في عاشر رجب سنة ست وستين وثلاث مئة.
" وفيات الاعيان " 4 / 379.
(4) ومن شعره يرثي أم ولده: ألا في سبيل الله قلب تقطعا * وفادحة لم تبق للعين مدمعا
أصبرا وقد حل الثرى من أوده * فلله هم ما أشد وأوجعا فيا ليتني للموت قدمت قبلها * وإلا فليت الموت أذهبنا معا انظر " وفيات الاعيان " 4 / 378، و " الوافي " 4 / 8.
(5) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 4 / 379.
(*)

(17/362)


227 - التباني * الشيخ أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن علي بن تبان، التباني الواسطي البيع.
له مجلس مشهور.
روى عن: أبي محمد بن السقا (1)، وعلي بن أحمد الغزال، ومحمد ابن جعفر الشمشاطي (2).
وعنه: إبراهيم بن محمد بن خلف الجماري، وأبو نعيم أحمد بن علي البزاز، وأحمد بن عثمان بن نفيس، وهبة الله الصفار.
وثقه خميس الحوزي (3).
بقي إلى سنة سبع عشرة وأربع مئة.
ومن قاله: " البناني " بموحدة ثم نونين، فقد وهم.
_______________
* الاكمال 1 / 443، 4444، سؤالات الحافظ السلفي ترجمة رقم (22)، الانساب 3 / 19، اللباب 1 / 206، تبصير المنتبه 1 / 173.
والتباني ضبط في الاصل وفي " الاكمال " وفي " تبصير المنتبه " بضم التاء المثناة من فوق ثم موحدة خفيفة وبعد الالف نون، وضبطها السمعاني في " الانساب " بفتح التاء وقال: هذه النسبة ظني إلى موضع بواسط، وتابعه ابن الاثير في " اللباب ".
وانظر تعليق العلامة المعلمي اليماني على هذه النسبة في " الاكمال " 1 / 443، 444 فهو هام مفيد.
(1) هو عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الواسطي، متوفى سنة 371 ه، مرت ترجمته
في الجزء السادس عشر.
(2) هذه النسبة إلى شمشاط.
قال السمعاني: وهي بلدة من الشام فيما أظن من بلاد الساحل.
وقال ابن الاثير: وهي مشهورة من بلاد الثغور الجزرية بالقرب من مدينة آمد، بينها وبين خربترت.
ومحمد بن جعفر الشمشاطي هذا مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " سؤالات الحافظ السلفي " ص 27.
(*)

(17/363)


228 - أبو أسامة الهروي * الامام المحدث المقرئ، أبو أسامة، محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم الهروي، شيخ الحرم.
تلا على السامري (1)، وأبي الطيب بن غلبون (2).
وحدث عن: أبي الطاهر الذهلي، ومحمد بن علي النقاش محدث تنيس، وأبي علي بن أبي الرمرام، والفضل بن جعفر المؤذن، ومحمد بن وصيف الغزي، وأحمد بن عبد الله بن عبدالمؤمن المكي.
روى عنه: ابنه عبد السلام، وأبو علي الاهوازي، وأبو بكر البيهقي، وأبو الغنائم بن الفراء، ومحمد بن علي المطرز.
وحدث بمكة وبدمشق، وسمع منه طلحة بن عبيد الله الجيرفتي (3).
قال أبو عمرو الداني: رأيته يقرئ بمكة، وربما أملى الحديث من حفظه، فقلب الاسانيد، وغير المتون (4).
__________
* ميزان الاعتدال 3 / 464، لسان الميزان 5 / 55، العقد الثمين 1 / 382، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 86، 87.
(1) هو عبد الله بن الحسين بن حسنون، أبو أحمد السامري البغدادي المقرئ مسند القراء بالديار المصرية، المتوفى سنة 386، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو عبد المنعم بن غلبون بن المبارك أبو الطيب الحلبي المقرئ المحقق، مؤلف
كتاب " الارشاد في القراءات " المتوفى سنة 389، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 285، 286، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 470.
(3) نسبة إلى جيرفت، ضبطها السمعاني بضم الراء وياقوت بفتحها، وهي إحدى بلاد كرمان.
(4) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 464، و " لسان الميزان " 5 / 55، و " العقد الثمين " 1 / 382، و " غاية النهاية " 2 / 87.
(*)

(17/364)


عاش ثمانيا وثمانين سنة، وتوفي بمكة سنة سبع (1) عشرة وأربع مئة.

229 - ابن دراج * الاديب، إمام البلغاء، والشعراء، أبو عمر، أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج، القسطلي الاندلسي.
قال ابن حزم: لو قلت: إنه لم يكن بالاندلس أشعر منه، لم أبعد، وقال: لا يتأخر عن شأو حبيب والمتنبي (2).
وكان من كتاب الانشاء في دولة المنصور بن أبي عامر (3).
له ديوان مشهور (4).
عاش أربعا وسبعين سنة.
توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
وقسطلة (5) بليدة.
__________
(1) تحرفت في " الميزان " و " اللسان " إلى " تسع ".
* يتيمة الدهر 2 / 103 - 116، جذوة المقتبس 110 - 114، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول / المجلد الاول / 59 - 96، الصلة 1 / 40، بغية الملتمس 158 - 161، معجم البلدان 4 / 347، المطرب ورقة 120، المغرب 2 / 60، 61، وفيات الاعيان 1 / 135، العبر 3 / 142، الوافي بالوفيات 8 / 49 - 52، مسالك الابصار 11 / 201
الروض المعطار 479، 480، النجوم الزاهرة 4 / 272، صفة جزيرة الاندلس 160، نفح الطيب 3 / 178، 195، 196، 231، 341، 342، 441، الرايات ص 73، تاريخ بروكلمان 5 / 121.
(2) انظر " جذوة المقتبس " 113، 114، و " بغية الملتمس " 161، و " نفح الطيب " 3 / 178.
(3) وله فيها مدائح حسنة، منها قصيدة يعارض بها قصيدة أبي نواس الحكمي التي مدح بها الخصيب بن عبدالحميد صاحب الخراج بمصر.
انظر " يتيمة الدهر " 2 / 112 - 114، و " و فيات الاعيان " 1 / 135 - 137، و " الذخيرة " 1 / 1 / 82 - 84.
(4) وقد طبع في دمشق سنة 1961 بتحقيق الدكتور محمود علي مكي.
(5) بفتح القاف وسكون السين المهملة وفتح الطاء المهملة وتشديد اللام، وهي مدينة = (*)

(17/365)


230 - ابن أبي نصر * الشيخ الامام المعدل الرئيس، مسند الشام، أبو محمد، عبد الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف بن حبيب، التميمي الدمشقي، الملقب بالشيخ العفيف.
ولد سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وتلا لابي عمرو على أحمد بن عثمان، غلام السباك.
وحدث عن: أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أبي ثابت البغدادي، صاحب الحسن بن عرفة، وعن أبي علي بن حبيب الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن حذلم، وجعفر بن عدبس، وأحمد بن سليمان بن زبان الكندي (1)، ثم امتنع من التحديث عنه لضعفه، وأحمد بن محمد بن عمارة الليثي، وأبي علي
ابن هارون، وعدة.
وتفرد بالرواية عن كثير من هؤلاء.
حدث عنه: أبو علي الاهوازي، ورشأ بن نظيف، وأبو القاسم الحنائي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو سعد السمان، وعلي بن محمد بن أبي العلاء المصيصي، وأبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي، وخلق كثير آخرهم موتا عبد الكريم بن
__________
= بالاندلس يقال لها: قسطلة دراج.
قال ابن خلكان: ولا أعلم أهي منسوبة إلى جده دراج المذكور أم إلى غيره والله أعلم.
انظر " جذوة المقتبس " 110، و " وفيات الاعيان " 1 / 139، و " معجم البلدان " 4 / 347.
ولم ترد هذه النسبة عند السمعاني في " الانساب " ولا استدركها ابن الاثير في " اللباب ".
* العبر 3 / 137، شذرات الذهب 3 / 215، 216.
(1) انظر ترجمته في " الاكمال " لابن ماكولا 4 / 120.
(*)

(17/366)


المؤمل الكفرطابي.
قال أبو الوليد الدربندي: أخبرنا عبدالرحمن بن عثمان بدمشق، وكان خيرا من ألف مثله إسنادا وإتقانا وزهدا مع تقدمه (1).
قال رشأ بن نظيف: قد شاهدت سادات، فما رأيت مثل أبي محمد بن أبي نصر، كان قرة عين (2).
قال عبد العزيز الكتاني: توفي شيخنا ابن أبي نصر في جمادى الآخرة سنة عشرين وأربع مئة، فلم أر جنازة كانت أعظم من جنازته، كان بين يديه جماعة من أصحاب الحديث يهللون ويكبرون، ويظهرون السنة، وحضرها جميع أهل البلد، حتى اليهود والنصارى، ولم ألق شيخا مثله زهدا، وورعا وعبادة ورئاسة (3).
قال: وكان ثقة مأمونا عدلا رضى.
وكان يلقب بالعفيف.
وكانت أصوله حسانا بخط ابن فطيس (4) والحلبي (5)، وقد جمع له أبو العباس ابن السمسار طرق حديث: " نعم الادام الخل " (6).
__________
(1) انظر " العبر " 3 / 137، و " الشذرات " 3 / 251.
(2) المصادر السابقة.
(3) " العبر " 3 / 137، و " الشذرات " 3 / 215، 216.
(4) هو عبدالرحمن بن محمد بن فطيس، تقدمت ترجمته برقم (123).
(5) هو أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق القاضي الحلبي المتوفي سنة 396، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (404).
(6) أخرجه من حديث جابر بن عبد الله أحمد 3 / 301 و 304 و 352 و 364 و 371 و 389 و 390 و 400، ومسلم (2052) وأبو داود (3820) و (3821) والترمذي (1839) والدارمي 2 / 101، وابن ماجة (3317) وأخرجه من حديث عائشة مسلم (2051) والترمذي (1840) والدارمي 2 / 101، وابن ماجة (3316).
(*)

(17/367)


قلت: آخر من روى حديثه عاليا كريمة القرشية (1).
وقع لنا جملة من طريقه، منها أكثر " مغازي " ابن عائذ (2).

231 - الكاغدي * مسند سمرقند، الشيخ أبو الفضل، منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مت، السمرقندي الكاغدي، وإليه ينسب الورق العالي المنصوري.
كان آخر من حدث عن الهيثم بن كليب الشاشي، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، وعاش نحوا من مئة عام.
حدث عنه: أبو الحسن بن خذام (3)، وأبو إسحاق الاصبهاني، وأبو بكر الحسن بن الحسين البخاري، والفقيه أبو بكر الشاشي، وآخرون من أهل ما وراء النهر.
توفي بسمرقند في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
__________
(1) هي كريمة بنت المحدث العدل أبي محمد عبد الوهاب بن علي، مسندة الشام، أم الفضل القرشية الاسدية الزبيرية الدمشقية، وتعرف ببنت الحبقبق، توفيت سنة 641 ه، ستأتي ترجمتها في الجزء الثاني والعشرين.
(2) هو الامام المؤ رخ أبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي الدمشقي، المتوفى سنة 234 ه، مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (33).
* الانساب 10 / 327، اللباب 3 / 76، العبر 3 / 152، 153، شذرات الذهب 3 / 226.
والكاغدي: نسبة إلى الكاغد بالدال والذال فارسي معرب، وهو ورق الكتابة.
(3) كذا الاصل بالخاء والذال المعجمتين، وفي " مشتبه المؤلف " 1 / 146: وبخاء معجمة علي بن محمد الخذامي في أجداده خذام...وعلق ابن ناصر الدين في " توضيح المشتبه " 1 / 126 فقال: وجدت المصنف (أي الذهبي) نقط الدال فوقه بخطه في الموضعين، والصواب إهمالهما، وقبلها خاء معجمة مكسورة، وهكذا قيده الامير 3 / 7، وابن السمعاني 5 / 57، وغيرهما، وكأن المصنف تبع ابن نقطة، فإنه عطفه على الجذامي بالجيم والذال المعجمة، فقال: وأما الخذامي بكسر الخاء المعجمة والباقي مثله وذكره.
(*)

(17/368)


وفيها مات أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيدالله الحرفي (1)، وأبو منصور محمد بن أحمد القومساني (2)، وأبو الفرج محمد بن عبد الله ابن شهريار، والحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه المعلم، وإسماعيل بن رجاء بعسقلان.
232 - الرزاز * الشيخ المسند، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن داود، البغدادي الرزاز.
ولد سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع عثمان بن أحمد بن السماك، وأبا بكر النجاد، وعبد الصمد بن علي الطستي، وأبا سهل بن زياد، وأبا عمر غلام ثعلب، وميمون بن إسحاق، وجعفرا الخلدي، وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، ودعلجا السجزي.
وتلا لحمزة على أبي بكر بن مقسم، عن إدريس الحداد.
تلا عليه عبد السيد بن عتاب (3) وغيره.
وروى عنه: أبو بكر البيقهي، وأبو بكر الخطيب، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وجماعة من البغاددة والخراسانية وغيرهم.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (270).
(2) سترد ترجمته برقم (296).
* تاريخ بغداد 11 / 330، الانساب 6 / 108، اللباب 2 / 23، العبر 3 / 132، ميزان الاعتدال 3 / 113، لسان الميزان 4 / 196، غاية النهاية 2 / 523، شذرات الذهب 3 / 213.
والرزاز اسم لمن يبيع الرز.
(3) ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 356.
(*)

(17/369)


وروى الكثير، وكف بصره بأخرة، وكان له حانوت في الرزازين (1).
قال الخطيب: كان كثير السماع والشيوخ، وإلى الصدق ما هو،
شاهدت جزءا من أصوله من أمالي ابن السماك، في بعضها سماعه بالخط القديم ثم رأيته قد غير بعد وقت وفيه إلحاق بخط جديد.
مات في شهر ربيع الآخر، سنة تسع عشرة وأربع مئة (2).
وفيها توفي أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصور العالي (3) بهراة، والحسن بن محمد بن جبارة - بكسر الجيم - الجوهري بدمشق، وعبد الواحد بن أحمد بن مشماس الدمشقي، وأبو بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبدالرحمن الذكواني (4)، وأبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، وأبو بكر محمد بن علي ابن محمد بن حيد (5)، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد الثقفي.

233 - ابن مخلد * الشيخ المعمر الصدوق، مسند وقته، أبو الحسن، محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد، البغدادي البزاز (6).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 330.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 331.
(3) سترد ترجمته برقم (241).
(4) سترد ترجمته برقم (289).
(5) سترد ترجمته برقم (249).
* تاريخ بغداد 3 / 231، 232، المنتظم 8 / 37، العبر 3 / 133، الوافي بالوفيات 1 / 118، البداية والنهاية 12 / 25، النجوم الزاهرة 4 / 270، شذرات الذهب 3 / 214.
(6) تصحف في " تاريخ بغداد " 3 / 231 إلى " البزار " بالراء المهملة.
(*)

(17/370)


ولد سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي جعفر بن البختري، وعمر بن الحسن الاشناني، وعثمان بن السماك، وأبي بكر النجاد، وجعفر الخلدي، وغيرهم.
وهو خاتمة أصحاب ابن البختري والصفار.
حدث عنه: الخطيب، وعلي بن طاهر الموصلي، وأبو القاسم ابن أبي العلاء المصيصي، وعبد العزيز الكتاني، والحسين بن علي بن البسري، وعلي بن الحسين الربعي، وعبد السميع بن علي الهاشمي، وأبو تمام هبة الله بن محمد، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي ومحمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وعدد كثير.
قال الخطيب: كان صدوقا، أثنى عليه أبو القاسم اللالكائي، وكان جميل الطريقة، له أنسة بالعلم، ومعرفة بشئ من الفقه على مذهب أهل العراق.
مات في ربيع الاول.
كتبنا عنه.
وبلغني أنه لم يكن له كفن (1).
قلت: مات في سنة تسع عشرة وأربع مئة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 331، 232.
قال ابن الجوزي: وكان ذا حال ونعمة، وعرضت عليه الشهادة، فأباها، وأشفق من المصادرة، فخرج إلى مصر، فأقام بها سنة، ثم عاد، فألزم في التقسيط على الكرخ الذي وقع في سنة سبع عشرة ما أفقره، حتى إنه توفي في ربيع الاول من هذه السنة ولم يكن عنده كفن، فبعث القادر بالله أكفانه من عنده.
" المنتظم " 8 / 37.
(*)

(17/371)


234 - ابن الفخار * الامام العلامة الحافظ، شيخ الاسلام، عالم الاندلس، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن يوسف بن الفخار، القرطبي المالكي.
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مئة.
حدث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي محمد الباجي، وأبي جعفر بن عون الله، وطبقتهم، وحج، وسمع بمصر من طائفة.
وجاور بالمدينة.
وقد تفقه بأبي محمد الاصيلي، وأبي عمر بن المكوي.
وكان رأسا في الفقه، مقدما في الزهد، موصوفا بالحفظ، مفرط الذكاء، عارفا بالاجماع والاختلاف، عديم النظير، يحفظ " المدونة " سردا، و " النوادر " لابي محمد بن أبي زيد (1).
أريد على الرسلية إلى أمراء البربر، فأبى، وقال: بي جفاء، وأخاف أن أوذى.
فقال الوزير: ورجل صالح يخاف الموت ! فقال: إن أخفه، فقد خافه أنبياء الله، هذا موسى قد حكى الله عنه: " فرررت منكم لما خفتكم) (2) [ الشعراء: 21 ].
قال ابن حيان: توفي الفقيه الحافظ المشاور، المستبحر
__________
* ترتيب المدارك 4 / 724 - 726، الصلة 2 / 510 - 512، العبر 3 / 132، دول الاسلام 1 / 249، الوافي بالوفيات 4 / 245، الديباج المذهب 2 / 235، 236، النجوم الزاهرة 4 / 268، نفح الطيب 2 / 60، 61، شذرات الذهب 3 / 213، شجرة النور 1 / 112.
(1) انظر " الصلة " 2 / 510، و " نفح الطيب " 2 / 61.
(2) انظر " الصلة " 2 / 510.
(*)

(17/372)


الرواية، البعيد الاثر، الطويل الهجرة في طلب العلم، الناسك
المتقشف أبو عبد الله بن الفخار بمدينة بلنسية في عاشر ربيع الاول سنة تسع عشرة وأربع مئة.
فكان الحفل في جنازته عظيما.
وعاين الناس فيها آية من طيور شبه الخطاف (1) - وما هي بها - تخللت الجمع رافة فوق النعش، جانحة إليه، مشفة إليه، لم تفارق نعشه إلى أن ووري، فتفرقت، وتحدث الناس بذلك وقتا.
مكث مدة ببلنسية مطاعا، عظيم القدر عند السلطان والعامة، وكان ذا منزلة عظيمة في الفقه والنسك، صاحب أنباء بديعة (2).
قال جماهر بن عبدالرحمن: صلى على ابن الفخار الشيخ خليل التاجر، ورفرفت عليه الطير إلى أن تمت مواراته (3).
وكذا ذكر الحسن بن محمد القبشي من خبر الطيور، وزاد: كان عمره نحو الثمانين، وكان يقال: إنه مجاب الدعوة.
واختبرت دعوته في أشياء (4).
وقال أبو عمرو الداني: مات في سابع ربيع الاول سنة 419 عن ست وسبعين سنة، وهو آخر الفقهاء الحفاظ، الراسخين العالمين بالكتاب والسنة بالاندلس.
رحمه الله (5).
__________
(1) في " اللسان " نقلا عن ابن سيده: والخطاف: العصفور الاسود، وهو الذي تدعوه العامة عصفور الجنة، وجمعه خطاطيف.
(2) " الصلة " 2 / 511، و " نفح الطيب " 2 / 61.
(3) " الصلة " 2 / 512.
(4) المصدر السابق.
(5) " الصلة " 2 / 511، و " نفح الطيب " 2 / 61.
(*)

(17/373)


وقال القاضي عياض: كان أحفظ الناس، وأحضرهم علما، وأسرعهم جوابا، وأوقفهم على اختلاف الفقهاء وترجيح المذاهب، حافظا للاثر، مائلا إلى الحجة والنظر.
فر عن قرطبة إذ نذرت البربر دمه عند غلبتهم على قرطبة (1).
قلت: سميه الحافظ أبو عبد الله بن الفخار المالقي.
مات سنة تسعين وخمس مئة.

235 - ابن العجوز * مفتي المغرب، أبو عبد الرحمن، عبدالرحيم بن أحمد، الكتامي (2) المالكي، من بيت حشمة ورئاسة.
دارت الفتيا عليه بسبتة، وفي عقبه أئمة نجباء (3).
لازم أبا محمد بن أبي زيد.
وسمع من الاصيلي.
روى عنه: قاسم بن محمد المأموني، ومحمد بن عبدالرحمن، وإبراهيم بن يعقوب الكلاعي، وأهل سبتة.
وكان من بحور العلم.
مات سنة ثمان عشرة وأربع مئة أو بعدها.
ومات ابنه عبدالرحمن سنة تسع وأربعين.
وفي ذريته أئمة كبار بالمغرب.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 4 / 724، 725.
* ترتيب المدارك 4 / 720، 721، العبر 3 / 138، الديباج المذهب 2 / 4، 5، شذرات الذهب 3 / 216، شجرة النور 1 / 115.
(2) نسبة إلى كتامة، وهي قبيلة من البربر نزلت ناحية من بلاد المغرب.
(3) ترجم لهم القاضي عياض باختصار في " ترتيب المدارك " 4 / 721.
(*)

(17/374)


236 - صالح بن مرداس * الملك، أسد الدولة الكلابي، من وجوه العرب.
تملك حلب، وانتزعها من مرتضى الدولة نائب الظاهر العبيدي سنة سبع عشرة وأربع مئة، فأقبل لمحاربته المصريون، عليهم الدزبري (1)، فكان المصاف بالاقحوانة (2) في جمادى الاولى سنة عشرين، فقتل صالح.
وكان بيده بعلبك أيضا (3).
ونجا ولده أبو كامل نصر، فتملك حلب، ولقب سيد الدولة (4).
وبقي إلى سنة تسع وعشرين، فاقتتل هو وعسكر مصر عند حماة، فقتل نصر، وأخذ الدزبري حلب والشام كله، إلى أن مات بحلب في سنة 434 (5)، فأقبل من الرحبة ثمال بن صالح، وهو معز الدولة، فتملك حلب إلى سنة أربعين، فقاتله المصريون، فهزمهم، ثم التقوه، فهزمهم، وتمكن، ثم صالح صاحب مصر، وراح إلى
__________
* (1) الكامل في التاريخ 9 / 210 و 227 - 234، زبدة الحلب 1 / 277، وفيات الاعيان 2 / 487، 488، المختصر في أخبار البشر 2 / 140 - 142، العبر 3 / 250، دول الاسلام 1 / 250، تتمة المختصر 1 / 488 - 490، تاريخ ابن خلدون 4 / 271، 272، شذرات الذهب 3 / 136.
(1) هو أمير الجيوش نوشتكين بن عبد الله التركي، سترد ترجمته برقم (334) وقد تحرف في " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272 و 273 إلى " الدريدي " و " الوزيري ".
(2) الاقحوانة: اسم لعدة مواضع، والمقصود هنا: بليدة بالشام من أعمال فلسطين بالقرب من طبرية.
انظر " معجم البلدان " 1 / 234، و " وفيات الاعيان " 2 / 488.
(3) انظر " الكامل " 9 / 230، 231، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272.
(4) في " الكامل " 9 / 241 و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272 و " المختصر في أخبار
البشر " 2 / 141: " شبل الدولة ".
(5) " الكامل " 9 / 231، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272، 273.
(*)

(17/375)


مصر (1)، فتوثب ابن أخيه محمود (2)، وحارب وتملك، وجرت له أحوال، حتى مات سنة ثمان وستين وأربع مئة (3).
وقام بعده ابنه نصر ابن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أياما، وقتل، فتملك أخوه سابق (4)، فدام إلى سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
فانتزع منه صاحب الموصل حلب.
وهو مسلم بن قريش (5).

237 - إسماعيل بن ينال * الشيخ المعمر، أبو إبراهيم المحبوبي.
سمع من مولاه محمد بن أحمد بن محبوب المروزي " جامع " أبي عيسى.
وسمع من أبي بكر الداربردي وهو خاتمة من سمع من ابن محبوب.
قال أبو بكر السمعاني: كان ثقة عالما، أدركت بحمد الله نفرا من أصحابه.
قلت: ولابي الفتح أحمد بن محمد الحداد منه إجازة مشهورة بمروياته.
قال السمعاني أبو بكر: مولده سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 232، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 273.
(2) في الاصل: " فتوثب أخوه محمد " وهو خطأ.
(3) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 9 / 232 - 234 و 10 / 11، 12، وذكر ابن الاثير وفاته سنة ثمان وستين، ثم أورد وفاته في 10 / 105 سنة تسع وستين، و " تاريخ " ابن
خلدون 4 / 273 - 275، و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 140، 142.
(4) " الكامل " لابن الاثير 9 / 234، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 275.
(5) " الكامل " 10 / 114، 115، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 275.
* العبر 3 / 142، 143، شذرات الذهب 3 / 219.
(*)

(17/376)


وتوفي سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
زاد غيره: مات في صفر منها.

238 - الجمال * الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن إبراهيم بن محمد، الاصبهاني الجمال.
له جزء مشهور سمعناه.
يروي عن أبي محمد بن فارس، ومحمد بن أحمد الثقفي.
وعنه: أبو عبد الله الثقفي، ومحمد بن علي الخباز، وعلي بن الفضل بن عبد الرزاق اليزدي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه وآخرون.
مات في ربيع الاول سنة إحدى وعشرين وأربع مئة، وهو في عشر التسعين.

239 - البجاني * الشيخ الفقيه المعمر، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسين بن يعقوب، الاندلسي البجاني المالكي.
وبجانة: بليدة بالاندلس (1)، مستفاد مع بجاية (2) المدينة الناصرية، التي أنشأها الامير الناصر بن علناس بغربي إفريقية، وهي بلد كبيرة عامرة.
__________
* العبر 3 / 143، شذرات الذهب 3 / 219.
* * جذوة المقتبس 193، الصلة لابن بشكوال 1 / 141، 142، بغية الملتمس 266، العبر 3 / 143، 144، شذرات الذهب 3 / 219.
(1) انظر الصفحة 188 ت رقم (3).
(2) بكسر الباء وتخفيف الجيم وألف وياء.
انظر " معجم البلدان " 1 / 339.
(*)

(17/377)


سمع أبو علي من أبي عثمان سعيد بن فحلون خاتمة أصحاب يوسف المغامي (1).
وتوفي ابن فحلون شيخه في سنة ست وأربعين وثلاث مئة، وكان هو آخر من رأى ابن فحلون.
روى عنه: محمد بن عبد الله الخولاني، وقال: كان قديم الطلب، كثير السماع، من أهل العلم، عمر طويلا، واحتيج إليه، وقارب المئة (2).
مولده في سنة وعشرين وثلاث مئة.
وحدث عنه أيضا أبو عبد الله محمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر المصحفي، وأبو العباس أحمد بن عمر العذري، وآخرون.
وانتهى إليه علو الاسناد بالاندلس.
مات سنة إحدى وعشرين وأربع مئة عن ست وتسعين سنة.
وفيها مات الكبار: القاضي أبو بكر الحيري (3)، وأبو سعيد بن موسى الصيرفي (4)، وسلطان الوقت محمود بن سبكتكين (5)، وأبو إبراهيم إسماعيل بن ينال المحبوبي (6)، وأبو بكر عبد الواحد بن أحمد الباطرقاني،
__________
(1) نسبة إلى مغام كسحاب كما في " معجم البلدان " 5 / 161 وكغراب كما في " اللباب " 3 / 240، وهي قرية من أعمال طليطلة، وانظر " جذوة المقتبس " 373، و " تاج العروس " 9 / 70.
(2) " الصلة " 1 / 141.
(3) تقدمت ترجمته برقم (221).
(4) تقدمت ترجمته برقم (218).
(5) سترد ترجمته برقم (319).
(6) تقدمت ترجمته برقم (237).
(*)

(17/378)


وأحمد بن محمود بن الحسين السليطي (1)، والحسن بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي (2) الاصم، وأبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الجمال (3).

240 - القراب * الامام الحافظ القدوة، شيخ الاسلام، أبو محمد، إسماعيل بن الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبدالرحمن، السرخسي ثم الهروي القراب، أخو الحافظ الكبير أبي يعقوب إسحاق (4).
كان من أفراد الدهر، قدوة في الزهد، عظيم القدر.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مئة.
وسمع منصور بن العباس، وأبا بكر الاسماعيلي، وأحمد بن محمد ابن مقسم المقرئ، وأبا أحمد بن الغطريفي، وأبا عمر بن حمدان، وأبا أحمد الحاكم، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وبشر بن أحمد الاسفراييني، وعلي بن عيسى العاصمي (5) وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عطاء عبدالاعلى بن عبد الواحد المليحي، وشيخ الاسلام عبد الله بن محمد الانصاري وجماعة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (251).
(2) سترد ترجمته برقم (252).
(3) تقدمت ترجمته برقم (238).
* طبقات ابن الصلاح 41 ب، طبقات السبكي 4 / 266 - 270، طبقات الاسنوي 2 / 309، 310، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 160، كشف الظنون 599 و 745 وتحرف اسمه فيه إلى إسماعيل بن أحمد بن الفرات و 1022 و 1379 و 1839، وهدية العارفين 1 / 209.
والقراب: نسبة لمن يعمل القرب.
(4) سترد ترجمته برقم (376).
(5) نسبة إلى عاصم أحد أجداده.
(*)

(17/379)


وله مصنفات كثيرة، منها كتاب " درجات التائبين "، الذي يرويه أبو الوقت، عن عبدالاعلى عنه.
وكان مقدما في عدة علوم، رأسا في الزهد والتأله.
وصنف كتابا في " مناقب الشافعي " (1).
قال الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي: كان في عدة من العلوم إماما، منها القراءات والحديث والفقه ومعاني القرآن والادب، وله تصانيف فيها في غاية الحسن.
قال: وله كتاب " الجمع بين الصحيحين "، بأسانيده، وكان في الزهد والتقلل من الدنيا آية، فلم تجد سوق فضله بهراة نفاقا، كان الصيت إذ ذاك ليحيى بن عمار (2).
قال أبو عمرو بن الصلاح: رأيت كتاب أبي محمد القراب المسمى ب " الكافي في علم القرآن "، في عدة مجلدات، وهو كتاب ممتع، مشتمل على علم كثير، وقد قال في " مناقب الشافعي ": لقيت جماعة من أصحاب ابن سريج (3).
وكان القراب قد تفقه ببغداد على الامام عبد العزيز الداركي (4).
__________
(1) قال السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 266: رتبه على مئة وستة عشر بابا، أولها في نسب النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرجع إليه نسب الشافعي، وآخرها أربعون بابا، جمع فيها أربعين حديثا من أحاديث الاحكام من رواية الشافعي بسنده إليه، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب حافل، رأيت منه نسخة في مجلدين في خزانة كتب دار الحديث الاشرفية بدمشق.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 267، 268.
ويحيى بن عمار سترد ترجمته برقم (318).
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 268.
وابن سريج هو الامام شيخ الاسلام أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادي القاضي الشافعي، متوفى سنة 306، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (114).
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 268، 269 وعبد العزيز الداركي مرت ترجمته في = (*)

(17/380)


مات في شعبان سنة أربع عشرة وأربع مئة.
ومات أخوه أبو يعقوب في سنة تسع وعشرين وأربع مئة ومات أبوهما الامام أبو إسحاق في سنة (1)...

241 - ابن العالي * الشيخ الامام الصدق، خطيب بوشنج (2)، أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصور بن العالي، الخراساني.
سمع أبا أحمد بن عدي، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، ومحمد بن علي الغيسقاني (3)، وأبا سعيد محمد بن أحمد بن كثير بن ديسم، والامام أبا بكر الاسماعيلي.
حدث عنه: شيخ الاسلام أبو إسماعيل الانصاري، وأحمد بن محمد العاصمي البوشنجي وجماعة.
وقع لنا جزء من حديثه.
توفي في رمضان سنة تسع عشرة وأربع مئة.
رحمه الله.

242 - التهامي * * شاعر وقته، أبو الحسن، علي بن محمد بن فهد، التهامي.
__________
= الجزء السادس عشر.
(1) كذا الاصل، لم يذكر سنة وفاته، ولم نجدها في مصادر ترجمته.
* الانساب 8 / 318، اللباب 2 / 305، العبر 3 / 131، المشتبه 2 / 429، تبصير المنتبه 3 / 891، شذرات الذهب 3 / 211.
(2) ويقال فوشنج بالفاء، كأصبهان واصفهان وغيرها من الكلمات الفارسية التي تقال بالباء والفاء.
(3) لم نعثر على هذه النسبة في كتب الانساب.
* * دمية القصر 1 / 135 - 153، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / = (*)

(17/381)


له ديوان صغير (1)، وكان دينا، ورعا عن الهجاء.
ولد باليمن، وقدم الشام والعراق والجبل، وامتدح ابن عباد، وصار معتزليا، ثم ولي خطابة الرملة، وزعم أنه علوي.
وذهب إلى مصر بخبر لحسان بن مفرج، فقتل سرا سنة ست عشرة وأربع مئة (2).

243 - الجرجرائي * الشيخ العالم، الحافظ الرحال المفيد، أبو بكر محمد بن إدريس بن محمد بن إدريس بن سليمان، الجرجرائي، الفقيه الشافعي، تلميذ محدث بلده محمد بن أحمد المفيد (3).
__________
= المجلد الثاني / 537 - 549، وفيات الاعيان 3 / 378 - 381، المختصر في أخبار البشر 2 /
155، 156، العبر 3 / 122، تتمة المختصر 1 / 508، 509، مرآة الجنان 3 / 30، تتمة اليتيمة 1 / 37، البداية والنهاية 12 / 19، 20، النجوم الزاهرة 4 / 263، شذرات الذهب 3 / 204.
(1) وهو مطبوع عام 1813 في الاسكندرية.
ومن جيد شعره مرثيته التي قالها في رثاء ولده وكان قد مات صغيرا، وأولها: حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار ومنها: جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري وتلهب الاحشاء شيب مفرقي * هذا الشعاع شواظ تلك النار ومنها في ذم الدنيا: طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الاقذاء والاكدار ومكلف الايام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار وقد طبعت مرثيته هذه في كتاب " بلوغ الارب " بشرح قصيدة من كلام العرب.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 381.
* الانساب 3 / 224، الوافي بالوفيات 2 / 181، طبقات السبكي 4 / 114، 115، شذرات الذهب 3 / 203.
والجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي بلدة قريبة من الدجلة بين بغداد وواسط.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/382)


سمع ببغداد لما قدمها من أحمد بن نصر الذارع وطبقته، وبجرجان من أبي بكر الاسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف، وبأصبهان من أبي بكر ابن المقرئ وطائفة، وبدمشق من محمد بن أحمد الخلال وغيره، وببلخ
وأنطاكية والنواحي، وسمع المحدثون بانتخابه.
وما علمت به بأسا.
ذكره الحافظ ابن عساكر مختصرا، وعرفه أبو عبد الله بن النجار، وذكر أنه روى عنه هناد بن إبراهيم النسفي، وأبو حامد أحمد بن محمد بن ماما الحافظ، وعبد الصمد بن إبراهيم البخاري الحافظ، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح العطار وآخرون.
سكن بخارى في آخر عمره.
وكان موصوفا بالفهم والمعرفة.
توفي في ربيع الاول، سنة خمس عشرة وأربع مئة.
أحسبه من أبناء السبعين.

244 - ابن فنجويه * الشيخ الامام، المحدث المفيد، بقية المشايخ، أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن صالح بن شعيب بن فنجويه، الثقفي الدينوري.
روى عن: هارون العطار، وأبي علي بن حبش، وأبي بكر بن السني، وأبي بكر القطيعي، وعيسى بن حامد الرخجي (1)، وأبي الحسين أحمد بن جعفر بن حمدان الدينوري، وإسحاق بن محمد النعالي، وعدد
__________
* العبر 3 / 116 وتصحف فيه إلى " فتحويه " بالتاء المثناة من فوق والحاء المهملة، تبصير المنتبه 3 / 1084، شذرات الذهب 3 / 200 وتصحف فيه كالعبر.
(1) سترد ترجمة هذه النسبة في الترجمة رقم (336).
(*)

(17/383)


كثير من أهل همذان وغيرها.
حدث عنه: جعفر الابهري، وعبد الرحمن بن مندة، وسعد بن حمد وابناه سفيان ومحمد، وأبو الفضل القومساني، وأبو الفتح عبدوس بن عبد
الله، وأحمد بن محمد بن صاعد، وعلي بن أحمد بن الاخرم المؤذن، وأبو صالح أحمد بن عبدالملك المؤذن، ومحمد بن يحيى الكرماني وخلق.
قال شيرويه في " تاريخه ": كان ثقة صدوقا، كثير الرواية للمناكير، حسن الخط، كثير التصانيف، دخل همذان فقيرا، فجمعوا له، وسار إلى نيسابور، فوقع له بها حشمة جليلة، وقد حدث عنه أبو إسحاق الثعلبي في التفسير، وتكلم فيه الحافظ أبو الفضل الفلكي، وقال: ما سمع من عبيد الله بن شيبة.
فخرج ساخطا من همذان، فتبعه الفلكي، واعتذر، ورجع عن مقالته، فكان يدعو على الفلكي.
مات بنيسابور في ربيع الآخر، سنة أربع عشرة وأربع مئة.
وقد حدث بالمجتبى من " سنن " أبي داود.

245 - الجارودي * الحافظ الامام، المتقن الجوال، أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد، الجارودي الهروي.
سمع حامد بن محمد الرفاء، وسليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد
__________
* الانساب 3 / 159، اللباب 1 / 249، 250، تذكرة الحفاظ 3 / 1054 - 1056، العبر 3 / 114، الوافي بالوفيات 2 / 61، طبقات السبكي 4 / 115، 116، طبقات الحفاظ 413، شذرات الذهب 3 / 199.
والجارودي: نسبة إلى الجارود، وهو اسم لبعض أجداده.
(*)

(17/384)


ابن عبد الله السليطي، وإسماعيل بن نجيد السلمي، وعبد الله بن الحسين النضري المروزي، وأبا إسحاق القراب، وأحمد بن محمد بن سلمويه النيسابوري، وعمر بن محمد بن جعفر الاهوازي، وخلقا سواهم بنيسابور
وأصبهان ومرو والحجاز والعراق والري.
حدث عنه: أبو عطاء عبدالاعلى المليحي، وشيخ الاسلام أبو إسماعيل الانصاري وأهل هراة.
وكان أبو إسماعيل يقول: حدثنا إمام أهل المشرق أبو الفضل الجارودي (1).
قال أبو النضر (2) الفامي: كان أبو الفضل عديم النظير في العلوم، خصوصا في علم الحفظ والتحديث، وفي التقلل من الدنيا والاكتفاء بالقوت، كان وحيدا في الورع، وقد رأى بعض الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فأوصاه بزيارة قبر الجارودي، وقال: إنه كان فقيرا سنيا (3).
وقال بعض الكبار: الجارودي أول من سن بهراة تخريج الفوائد، وشرح الرجال والتصحيح (4).
قال ابن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسماعيل الانصاري يقول: سمعت الجارودي يقول: رحلت إلى الطبراني، فقربني وأدناني، وكان
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و " طبقات " السبكي 4 / 116.
(2) في " تذكرة الحفاظ " و " طبقات " السبكي: أبو النصر بالصاد المهملة، وهو تصحيف وستأتي ترجمته في الجزء العشرين برقم (203).
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و " طبقات " السبكي 4 / 116.
(4) المصدران السابقان.
(*)

(17/385)


يتعسر علي، ويبذل لآخرين، فكلمته في هذا، فقال: لانك تعرف قدر هذا الشأن (1).
مات في شوال سنة ثلاث عشرة وأربع مئة وقد شاخ وأسن.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري، أخبرنا محمد بن أحمد الجارودي إملاء، حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد القاضي بأصبهان، حدثنا محمد بن العباس الاخرم، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان الثوري، عن أسامة بن زيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد سردكم هذا، يتكلم بكلمة فصل يحفظه كل من سمعه " (2).

246 - السكري * الشيخ المعمر الثقة، أبو محمد، عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار، البغدادي السكري، ويعرف بابن وجه العجوز.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و " طبقات " السبكي 4 / 116.
(2) سنده حسن أسامة بن زيد صدوق يهم، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 6 / 138 من طريق وكيع بن سفيان بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا 6 / 257 من طريق روح، عن أسامة بن زيد به، وأخرجه الترمذي في جامعه (3639) والشمائل (223) من طريق حميد بن مسعدة، عن حميد بن الاسود، عن أسامة بن زيد...وأخرجه أحمد 6 / 118 و 157، ومسلم (2493) وأبو داود (3655) من طريق يونس، عن الزهري به، وعلقه البخاري في صحيحه (3568)، فقال: وقال الليث: حدثني يونس...وأخرج البخاري (3567) من طريق الحسن بن الصباح البزار، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لاحصاه وقولها: " لا يسرد سردكم " أي: يتابعه، ومثله: فلان يسرد الصوم سردا، أي: يواليه ومنه قوله تعالى (وقدر في السرد) " وهو متابعة حلق الدرع شيئا بعد شئ حتى يتناسق.
* تاريخ بغداد 10 / 199، العبر 3 / 125، شذرات الذهب 3 / 208.
(*)

(17/386)


سمع من إسماعيل الصفار عدة أجزاء انفرد بعلوها، وسمع من جعفر الخلدي، وأبي بكر النجاد، وجماعة.
روى عنه: الخطيب، والبيهقي، والحسين بن علي بن البسري وآخرون.
قال الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقا (1).
مات في صفر سنة سبع عشرة وأربع مئة.
رحمه الله.

247 - سابور بن أردشير * الوزير الاوحد البليغ، بهاء الدولة، أبو نصر.
وزر لبهاء الدولة بن عضد الدولة.
وكان شهما مهيبا كافيا، جوادا ممدحا، له ببغداد دار علم (2).
توفي سنة ست عشرة وأربع مئة عن ثمانين سنة.
ومات مخدومه (3) بأرجان سنة ثلاث وأربع مئة كهلا.
وقد مدح سابور الببغاء وطائفة (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 199.
* يتيمة الدهر 3 / 124 - 131، المنتظم 8 / 22، 23، الكامل في التاريخ 9 / 350، وفيات الاعيان 2 / 354 - 356 وانظر فيه معنى سابور وأردشير، البداية والنهاية 12 / 19.
(2) قال ابن الجوزي: وابتاع دارا بين السورين في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وحمل إليها كتب العلم من كل فن، وسماها دار العلم، وكان فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد، ووقف عليها الوقوف، وبقيت سبعين سنة، وأحرقت عند مجئ طغرلبك في سنة خمسين وأربع مئة.
" المنتظم " 8 / 22.
قال ابن خلكان: وإليها أشار أبو العلاء المعري بقوله في القصيدة المشهورة.
وغنت لنا في دار سابور قينة * من الورق مطراب الاصائل ميهال (3) بهاء الدولة، وقد تقدمت ترجمته برقم (106).
(4) انظر مدائحهم له في " يتيمة الدهر " 3 / 124 - 131، و " وفيات الاعيان " 2 / 355 (*)

(17/387)


248 - غلام محسن * الشيخ الثقة، أبو علي، أحمد بن إبراهيم بن يزداد، الاصبهاني، غلام محسن.
سمع: أبا محمد بن فارس، وأبا أحمد العسال.
روى عنه: أبو حفص عمر بن أحمد المعلم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الحافظ ابن مردويه، وجماعة من مشايخ الحافظ السلفي.
توفي في صفر سنة ثماني عشرة وأربع مئة.

249 - ابن حيد * * العدل الرئيس، المجاهد الغازي، أبو بكر، محمد بن علي بن محمد بن حيد بن عبد الجبار، النيسابوري الجوهري الصيرفي، أحد الكبراء، وإليه ينسب قصر حيد.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من أبي العباس الاصم، ومن أبي عمرو بن نجيد.
حدث عنه: أبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وجماعة آخرهم حفيده منصور بن بكر بن محمد بن حيد (1).
توفي في رجب سنة تسع عشرة وأربع مئة.
وله جزء مشهور عن الاصم، سمعناه عاليا.
__________
* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر.
(1) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
(*)

(17/388)


250 - السهلي * الشيخ أبو الفضل، أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف، السهلي النيسابوري الاديب، شيخ النحو.
حدث عن: أبي العباس الاصم، وأبي الوليد الفقيه، وأبي الفضل المزكي.
روى عنه: أبو الحسن الواحدي، وبه تأدب، وأبو سعد عبد الله بن القشيري.
وعاش إلى حدود العشرين وأربع مئة (1).

251 - السليطي * * الشيخ أبو الحسن، أحمد بن محمد بن الحسين بن سليمان، السليطي، النيسابوري، النحوي المعدل.
حدث عن: أبي العباس الاصم.
روى عنه: أبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وشيخ الاسلام أبو إسماعيل الانصاري.
وثقه عبد الغافر الفارسي، وقال: توفي في جمادى الاولى سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
__________
* تتمة اليتيمة 2 / 23، معجم الادباء 4 / 261 - 263، إنباه الرواة 1 / 119 ونسبه فيه السهلكي، تلخيص ابن مكتوم: 18، بغية الوعاة 1 / 369 وفيه النهشلي.
(1) قال ياقوت والسيوطي: ومات بعد سنة ست عشرة وأربع مئة.
* * إنباه الرواة 1 / 129، تلخيص ابن مكتوم: 21.
والسليطي: نسبة إلى سليط أحد أجداده.
(*)

(17/389)


252 - المعاذي * الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى، المعاذي النيسابوري.
سمع مجلسين من أبي العباس الاصم.
قال عبد الغافر: سماعه منه في سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، وتوفي في جمادى الاولى سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
قلت: روى عنه أبو إسماعيل الانصاري وجماعة.
وثقه عبد الغافر.

253 - الجصاص * * شيخ الزهاد، أبو محمد، طاهر بن حسن بن إبراهيم، الهمذاني الجصاص.
روى عن: محمد بن يوسف الكسائي، صاحب أبي القاسم البغوي، وعن غيره قليلا.
روى عنه: أبو مسلم بن غزو.
وحكى عنه طائفة من الفقراء (1).
وله أحوال وخوارق.
وبعضهم رماه بالزندقة.
وقد عظمه شيرويه الديلمي، وبالغ.
__________
* العبر 3 / 143، شذرات الذهب 3 / 219.
* * الانساب 3 / 260، 261.
(1) يعني الصوفية.
(*)

(17/390)


وله مصنفات عدة، منها " أحكام المريدين " مجلد.
وكان يقرأ القرآن والتوراة والانجيل والزبور، ويعرف تفسيرها فيما قيل.
وسئل عن التوحيد، فقال: أن يكون رجوعك إلى نفسك ونظرك إليها أشد عليك من ضرب العنق.
قال جعفر الابهري: كان لطاهر الجصاص ثلاث مئة تلميذ، كلهم من الاوتاد.
قال مكي بن عمر البيع: سمعت محمد بن عيسى يقول: صام طاهر أربعين يوما أربعين مرة، فآخر أربعين عملها صام على قشر الدخن، فليبسه قرع رأسه، واختلط في عقله، ولم أر أكثر مجاهدة منه.
قلت: فعل هذه الاربعينات حرام قطعا، فعقباها موت من الخور أو جنون واختلاط، أو جفاف يوجب للمرء سماع خطاب لا وجود له أبدا في الخارج، فيظن صاحبه أنه خطاب إلي (1).
كلا والله.
قال شيرويه: كان طاهر يذهب مذهب أهل الملامة.
وقال ابن زيرك: حضرت مجلسا ذكر فيه الجصاص، فبعضهم نسبه إلى الزندقة، وبعضهم نسبه إلى المعرفة.
وقيل: كان ترك اللحم والخبز، فحوقق في ذلك، فقال: إذا أكلتهما، طالبتني نفسي بتقبيل أمرد مليح.
__________
(1) أي: إلهي، فقد جاء في اللسان: الال: الله عزوجل..والمعنى أنه مما يوسوس له يخيل إليه أنه يسمع كلاما ويظن أن الله يخاطبه به.
(*)

(17/391)


وكان عليه قمل مفرط، ولا يقتله، ويقول: لا يؤذيني.
توفي سنة ثمان عشرة وأربع مئة وقبره يزار بهمذان.

254 - النسائي * شيخ الشافعية، العلامة أبو بكر، محمد بن زهير بن أخطل، النسائي، خطيب نسا.
سمع من الاصم، وأبي حامد الحسنوي، وابن عبدوس الطرائفي، وحسان بن محمد، وأبي سهل بن زياد القطان.
وعمر دهرا.
روى عنه البيهقي، وأبو صالح المؤذن وطائفة.
ورحل إليه الفقهاء.
توفي ليلة عيد الفطر سنة ثماني عشرة وأربع مئة.
رحمه الله.

255 - الربعي * * إمام النحو، أبو الحسن، علي بن عيسى بن الفرج، الربعي البغدادي، صاحب التصانيف.
* العبر 3 / 129، الوافي بالوفيات 3 / 78، طبقات السبكي 4 / 149، طبقات ابن هداية الله، 82، شذرات الذهب 3 / 210.
والنسائي: نسبة إلى نسا، وهي مدينة بخراسان.
_______________
* * تاريخ بغداد 12 / 17، 18، نزهة الالباء 341، 342، المنتظم 8 / 46، معجم الادباء 14 / 78 - 85، إنباه الرواة 2 / 297، الكامل في التاريخ 9 / 392، وفيات الاعيان 3 / 336، العبر 3 / 138، تلخيص ابن مكتوم: 146، عيون التواريخ وفيات 420 ه، الوافي بالوفيات خ 12 / 134، الفلاكة والمفلوكين 113، 114، طبقات ابن قاضي شهبة 224، 225، النجوم الزاهرة 4 / 271، بغية الوعاة 2 / 181، 182، إشارة التعيين 34، 35، شذرات الذهب 3 / 216، روضات الجنات 843، إيضاح المكنون 1 / 172، هدية العارفين 1 / 686.
(*)

(17/392)


لازم أبا سعيد السيرافي ببغداد، وأبا علي الفارسي بشيراز، حتى بلغ الغاية.
بلغنا أن أبا علي قال: قولوا لعلي البغدادي: لو سرت من الشرق إلى الغرب، لم تجد أحدا أنحى منك (1).
ويقال: واظبه بضع عشرة سنة (2).
وصنف شرحا للايضاح (3)، وشرحا لمختصر الجرمي (4).
وتخرج به كبار.
مات في المحرم سنة عشرين وأربع مئة وقد بلغ ثنتين وتسعين سنة.
وقيل: أصله من شيراز.
مولده في سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

256 - ابن مرزوق * الشيخ الجليل، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق، المصري الانماطي المعدل.
سمع من أبي محمد بن الورد " السيرة "، وسمع من أحمد بن عبيد
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 12 / 17، و " وفيات الاعيان " 3 / 336، و " المنتظم " 8 / 46، و " إنباه الرواة " 2 / 297، و " معجم الادباء " 14 / 78.
(2) في " الوفيات " و " المنتظم " و " الانباه " و " معجم الادباء " و " تاريخ بغداد " أنه قرأ عليه عشرين سنة.
(3) وهو في النحو لابي علي الفارسي المتوفى سنة 377 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) وهو في النحو أيضا، والجرمي هو إمام العربية، صالح بن إسحاق المتوفى 225 ه، مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم (194).
وانظر بقية تصانيف الربعي في " معجم الادباء " 14 / 79، و " هدية العارفين " 1 / 686.
* تهذيب تاريخ دمشق 2 / 77، 78.
(*)

(17/393)


الحمصي الصفار، وحمزة الكناني، والحسين بن إبراهيم الفرائضي الدمشقي.
حدث عنه: أبو نصر السجزي، وأبو إسحاق الحبال، وسمع منه الحبال " السيرة " تهذيب ابن هشام، وإنما يعرف الحبال بروايته للسيرة عن عبدالرحمن بن النحاس.
مات ابن مرزوق سنة ثمان عشرة وأربع مئة.
رحمه الله.

257 - ابن المغربي * الوزير الاديب البليغ، أبو القاسم، الحسين بن الوزير علي بن الحسين (1) بن محمد، المصري، المعروف بابن المغربي.
قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته، فهرب هذا ونجا، فأجاره أمير العرب حسان بن مفرج الطائي، فامتدحه، وأخذ صلاته (2).
روى عن الوزير جعفر بن حنزابه.
وعنه: ولده عبدالحميد، وأبو الحسن بن الطيب الفارقي.
__________
* الرجال للنجاشي: 51، دمية القصر 1 / 115 - 120، الاشارة إلى من نال الوزارة: 47، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 475 - 515، المنتظم 8 / 32، 33، معجم الادباء 10 / 79 - 90، الكامل في التاريخ 9 / 321، 331، 335، 362، بغية الطلب 5 / 14 - 30، وفيات الاعيان 2 / 172 - 177، المختصر في أخبار البشر 2 / 155، تتمة اليتيمة 1 / 24، العبر 3 / 128، تتمة المختصر 1 / 507، البداية والنهاية 12 / 23، أعتاب الكتاب 206، لسان الميزان 2 / 301، فحول البلاغة 189، شذرات الذهب 3 / 210، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 312 - 314، النجوم الزاهرة 4 / 266، الدرة
المضية 6 / 309 - 312.
(1) في " معجم الادباء ": " الحسن " بدل " الحسين ".
(2) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 174، 175 و " معجم الادباء " 10 / 80، 81.
(*)

(17/394)


ووزر لصاحب ميافارقين أحمد بن مروان (1).
وله نظم في الذروة (2)، ورأي ودهاء وشهرة وجلالة، وكان جدهم يلقب بالمغربي لكونه خدم كاتبا على ديوان المغرب، وأصله بصري (3).
وقد قصد أبو القاسم الوزير فخر الملك، وتوصل إلى أن ولي الوزارة في سنة أربع عشرة وأربع مئة (4).
وله ترسل فائق (5) وذكاء وقاد.
قال مهيار الشاعر (6): وزر ابن المغربي ببغداد، وتعظم وتكبر، ورهبه الناس، فانقبضت عن لقائه، ثم عملت فيه قصيدتي البائية، ودخلت، فأنشدته، فرفع طرفه إلي، وقال: اجلس أيها الشيخ !.
فلما بلغت: جاء بك الله على فترة * بآية من يرها يعجب لم تألف الابصار من قبلها * أن تطلع الشمس من المغرب فقال: أحسنت يا سيدي.
وأعطاني مئتي دينار.
ومن نظم الوزير: وكل امرئ يدري مواقع رشده * ولكنه أعمى أسير هواه
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 32، و " معجم الادباء " 10 / 82، وقال ابن خلكان: وقصد أبا نصر بن مروان بميافارقين، وأقام عنده على سبيل الضيافة إلى أن توفي.
" وفيات الاعيان " 4 / 176.
(2) انظر " الذخيرة " 4 / 2 / 507 - 514، و " معجم الادباء " 10 / 85 - 90.
(3) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 177.
(4) انظر تفصيل ذلك في " وفيات الاعيان " 2 / 175، 176، و " معجم الادباء " 10 / 81، 82.
(5) انظر بعض رسائله في " الذخيرة " 4 / 2 / 480 و 496 - 507.
(6) هو مهيار بن مرزويه الديلمي، سترد ترجمته برقم (310).
(*)

(17/395)


هوى نفسه يعميه عن قبح عيبه * وينظر عن حذق عيوب سواه وقد وصل القاضي ابن خلكان (1) نسب الوزير ببهرام جور، وقال: له ديوان شعر، و " مختصر إصلاح المنطق "، وكتاب " الايناس "، ولد سنة سبعين وثلاث مئة، وحفظ كتابا في اللغة والنحو، وتحفظ من الشعر نحو خمسة عشر ألف بيت، وبرع في الحساب، وله أربع عشرة سنة، وهو القائل: أرى الناس في الدنيا كراع تنكرت * مراعيه حتى ليس فيهن مرتع فماء بلا مرعى ومرعى بغير ما * وحيث يرى ماء ومرعى فمسبع (2) وكان من دهاة العالم، هرب من الحاكم، فأفسد نيات صاحب الرملة (3) وأقاربه، وسار إلى الحجاز، فطمع صاحب مكة في الخلافة، وأخذ مصر، فانزعج الحاكم، وقلق.
وهو القائل وكتب إلى الحاكم: وأنت وحسبي أنت تعلم أن لي * لسانا أمام المجد يبني ويهدم وليس حليما من تقبل كفه * فيرضى ولكن من تعض فيحلم (4) قال: ومات بميا فارقين سنة ثمان عشرة وأربع مئة، فحمل تابوته إلى الكوفة بوصية منه، فدفن بقرب المشهد (5).
وكان شيعيا.
__________
(1) في " وفيات الاعيان " 2 / 172، 173.
(2) البيتان في " وفيات الاعيان " 2 / 173، و " معجم الادباء " 10 / 87، والمسبع: الارض تكثر فيها السباع.
(3) يعني حسان بن مفرج بن دغفل الجراحي.
(4) لم يرد هذان البيتان في المطبوع من " وفيات الاعيان " ولا في المصادر المذكورة التي ترجمت لابي القاسم المغربي.
(5) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 176.
(*)

(17/396)


258 - المستكفي * محمد بن عبدالرحمن بن عبيدالله بن عبدالرحمن الناصر، الاموي المرواني (1).
خرج على ابن عمه الملقب بالمستظهر (2) بقرطبة، في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مئة، وقتله، وتمكن.
وكان أحمق طائشا (3).
وزر له أحمد الحايك، ثم إنه قتل وزيره هذا، فقاموا عليه، و خلعوه (4)، وسجن ثلاثا لا يطعم فيها، ثم طردوه، فلحق بالثغور، ثم إن بعض أمرائه سمه في دجاجة في سنة بضع عشرة وأربع مئة.

259 - ابن عبدان * * الشيخ المحدث الصدوق، أبو الحسن، علي بن الحافظ أحمد بن
__________
* جمهرة الانساب 100، 101، جذوة المقتبس 26، 27، الذخيرة: القسم الاول، المجلد الاول / 433 - 437، بغية الملتمس 33، الكامل في التاريخ 9 / 277، 278، المغرب في حلي المغرب 1 / 54، 55، البيان المغرب 3 / 141، الوافي بالوفيات 3 /
230، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، أعمال الاعلام: 135، نفح الطيب 1 / 432، 437.
وقد أورد المؤلف ترجمته أثناء ترجمة المعتلي بالله رقم (82).
(1) وهو والد الاديبة الشاعرة ولادة، صاحبة ابن زيدون.
(2) وهو عبدالرحمن بن هشام بن عبد الجبار، تقدمت ترجمته برقم (215).
(3) انظر عن حمقه وطيشه " المغرب في حلي المغرب " 1 / 54، 55 و " الكامل " 9 / 277، و " الذخيرة " 1 / 1 / 433 - 436.
وقال الحميدي في " الجذوة " ص 27: وكان هذا المستكفي في غاية التخلف، وله في ذلك أخبار يقبح ذكرها.
(4) ورجع الامر إلى يحيى بن علي بن حمود المعتلي بالله، الذي تقدمت ترجمته برقم (82).
* * لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(*)

(17/397)


عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان، الشيرازي ثم الاهوازي.
ثقة مشهور، عالي الاسناد.
سمع: أباه، وأحمد بن عبيد الصفار، ومحمد بن أحمد بن محمويه الازدي، وأبا بكر محمد بن عمر الجعابي، وأبا القاسم الطبراني، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي في تصانيفه، وأبو القاسم القشيري، والقاسم بن الفضل الثقفي، وآخرون.
توفي بخراسان في سنة خمس عشرة وأربع مئة.
وقد مر أبوه (1) في زمن ابن المقرئ (2).

260 - ابن شهريار * الشيخ الامين، أبو القاسم، الفضل بن عبيدالله بن أحمد بن الفضل ابن شهريار، الاصبهاني، التاجر السفار.
سمع عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وعم والده الفضل بن علي بن شهريار، وأحمد بن بندار الشعار، وعمر بن محمد الجمحي المكي، وأبا بكر الشافعي، وطائفة.
حدث عنه: أبو عمرو بن مندة، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وأحمد ابن عبد الغفار بن أشته، وأبو الفتح السوذرجاني، وأخوه محمد، وأبو صادق
__________
(1) وهو الحافظ أحمد بن عبدان، المتوفى سنة 388 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) ابن المقرئ هو الامام الحافظ أبو بكر بن إبراهيم بن علي الاصبهاني، المتوفى سنة 381 ه.
مرت ترجمته أيضا في الجزء السادس عشر.
* تاريخ أصبهان 2 / 157.
(*)

(17/398)


محمد بن أحمد بن جعفر، وأحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وآخرون.
توفي في شوال سنة ست عشرة وأربع مئة.
من أبناء الثمانين.

261 - ابن الخلال * الشيخ الجليل الثقة، الرئيس أبو بكر، محمد بن عبدالرحمن بن عبيد الله بن يحيى بن يونس، الطائي الدمشقي الداراني القطان، ويعرف بابن الخلال.
حدث عن: خيثمة الاطرابلسي، وأبي الميمون بن راشد، وأبي الحسن بن حذلم، وإسحاق بن إبراهيم الاذرعي، وجماعة.
روى عنه: علي بن محمد الحنائي، وأخوه أبو القاسم إبراهيم، وأبو علي الاهوازي، وأبو سعد السمان، والقاضي أبو يعلى بن الفراء، وعبد
الواحد البري، وعبد الله بن كبيبة النجار، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء.
وكان ذا زهد وصلاح وتقوى.
قال الكتاني: توفي شيخنا أبو بكر القطان في رابع عشر ربيع الاول، سنة ست عشرة وأربع مئة.
قال: وكان قد كف بصره في آخر عمره، وكان ثقة نبيلا.
مضى على سداد وأمر جميل.
__________
* الوافي بالوفيات 3 / 230.
(*)

(17/399)


262 - عبد المحسن * ابن محمد بن أحمد، شاعر الشام، أبو محمد الصوري.
روى عنه الحافظ محمد الصوري، ومبشر بن إبراهيم، وسلامة بن حسين.
ونظمه فائق، وسار له: بالذي ألهم تع * ذيبي ثناياك العذابا ما الذي قالته عي * ناك لقلبي فأجابا (1) توفي سنة تسع عشرة وأربع مئة وله ثمانون سنة.

263 - ابن هارون * * الامام العلامة، المأمون، أبو نصر، محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن عبدان، الغساني الدمشقي، القاضي، المعروف بابن الجندي، إمام جامع دمشق وقاضيها نيابة، ومحدثها.
قال الكتاني: ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
__________
* يتيمة الدهر 1 / 296 - 309، تتمة اليتيمة: 35، وفيات الاعيان 3 / 232 - 235، العبر 3 / 131، النجوم الزاهرة 4 / 269، شذرات الذهب 3 / 211 - 213.
(1) البيتان في " العبر " 3 / 131 و " شذرات الذهب " 3 / 213، و " النجوم الزاهرة " 4 / 269، و " يتيمة الدهر " 1 / 297، 298، وفيه قبل البيت الاخير قوله: والذي ألبس خد * يك من الورد نقابا والذي صير حظي * منك هجرا واجتنابا يا غزالا صاد باللح * ظ فؤادي فأصابا * * الاكمال 2 / 222، 223، الانساب 3 / 322، العبر 3 / 126، الوافي بالوفيات 2 / 61، تبصير المنتبه 1 / 359، شذرات الذهب 3 / 209.
(*)

(17/400)


سمع من: خيثمة بن سليمان أحاديث صالحة، ومن علي بن أبي العقب، وأبي علي بن جابر الفرائضي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، وجماعة.
قلت: حدث عنه أبو نصر عبد الوهاب بن الحبان، وأبو علي المقرئ الاهوازي، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو نصر الحسين بن طلاب، والحافظ أبو سعد السمان، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي.
قال الكتاني: توفي القاضي ابن هارون إمام جامع دمشق وقاضيها في صفر سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قال: وكان ثقة مأمونا.

264 - أبو صادق * الشيخ الفقيه الامام، الاديب المسند، أبو صادق، محمد بن أحمد
ابن محمد بن أحمد بن شاذان، النيسابوري الصيدلاني.
سمع من: أبي العباس الاصم، وأبي عبد الله بن الاخرم، وأبي بكر الصبغي.
حدث عنه: البيهقي، والرئيس الثقفي، وعلي بن أحمد المؤذن.
توفي في ربيع الاول سنة خمس عشرة وأربع مئة.
__________
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(*)

(17/401)


265 - الحمامي * الامام المحدث، مقرئ العراق، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من عثمان بن السماك، وأبي سهل القطان، وأحمد بن عثمان الادمي، وعلي بن محمد بن الزبير، والنجاد، وابن قانع، ومحمد بن جعفر الادمي، وعدة.
وتلا على النقاش، وزيد بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وهبة الله ابن جعفر، وابن أبي هاشم، وغيرهم.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، ورزق الله، وعبد الله بن زكري الدقاق، وطراد الزينبي، وأبو الحسن بن العلاف، وعبد الواحد بن فهد، وآخرون.
وتلا عليه خلق كثير منهم: أبو الفتح بن شيطا، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، وأبو بكر محمد بن علي الخياط، وأبو الخطاب الصوفي، وأبو علي الشرمقاني (1)، وحسن بن علي العطار، وعلي
__________
* تاريخ بغداد 11 / 329، 330، الاكمال 3 / 289، الانساب 4 / 207، المنتظم 8 / 28، اللباب 1 / 385، الكامل في التاريخ 9 / 356، العبر 3 / 125، معرفة القراء الكبار 1 / 302، 303، دول الاسلام 1 / 248، البداية والنهاية 12 / 21، غاية النهاية 1 / 521، 522، شذرات الذهب 3 / 208، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 381.
(1) هذه النسبة إلى شرمقان، وهي بلدة قريبة من إسفرايين يقال لها: جرمقان.
انظر " الانساب "، و " معجم البلدان ".
(*)

(17/402)


ابن محمد بن فارس الخياط، وعبد السيد بن عتاب، ويحيى السيبي (1)، ورزق الله التميمي.
قال الخطيب (2): كان صدوقا دينا فاضلا، تفرد بأسانيد القراءات وعلوها في وقته، مات في شعبان سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قال سليم الرازي: سمعت أبا الفتح بن أبي الفوارس يقول: لو رحل رجل من خراسان ليسمع كلمة من أبي الحسن الحمامي أو من أبي أحمد الفرضي، لم تكن رحلته عندنا ضائعة.
هذه الحكاية رواها الخطيب في " تاريخه " (3) عن نصر المقدسي، عنه.

266 - ابن المحاملي * الامام الكبير، شيخ الشافعية، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل، الضبي البغدادي الشافعي، ابن المحاملي، أحد الاعلام.
__________
(1) هو أبو القاسم يحيى بن أحمد السيبي القصري من أهل بغداد، متوفى سنة 490 ببغداد، ترجم له المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 307، 358، وابن الجزري في " غاية
النهاية " 2 / 365.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 329، 330.
(3) المصدر السابق.
* طبقات العبادي 113 تاريخ بغداد 4 / 372، طبقات الشيرازي 108، المنتظم 8 / 17، الكامل 9 / 341، طبقات ابن الصلاح 35 ب، طبقات النووي: 58، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 210 ضمن ترجمة أبي حامد الاسفراييني، وفيات الاعيان 1 / 74، 75، العبر 3 / 119، دول الاسلام 1 / 247، الوافي بالوفيات 7 / 321، مرآة الجنان 3 / 29، طبقات السبكي 4 / 48 - 56، طبقات الاسنوي 2 / 381، 382، البداية والنهاية 12 / 18، النجوم الزاهرة 4 / 262، طبقات ابن هداية الله 132، 133، كشف الظنون: 351 و 1130 و 1366 و 1541 و 1606 و 1810، شذرات الذهب 3 / 202، هدية العارفين 1 / 72.
(*)

(17/403)


تفقه على الشيخ أبي حامد (1)، وخلفه في حلقته، وكان عجبا في الفهم والذكاء وسعة العلم.
ارتحل به والده، فأسمعه من علي بن عبدالرحمن البكائي (2)، وغيره.
وسمع ببغداد من أبي الحسين بن المظفر، والطبقة.
تلمذ له أبو بكر الخطيب، وروى عنه.
وروى أبوه عن إسماعيل الصفار ونحوه، ومات سنة سبع وأربع مئة.
قال الشريف المرتضى: دخل علي أبو الحسن بن المحاملي مع الشيخ أبي حامد، ولم أكن عرفته، قال لي أبو حامد: هذا أبو الحسن بن المحاملي، وهو اليوم أحفظ للفقه مني (3).
قال أبو إسحاق الشيرازي: تفقه بأبي حامد، وله عنه تعليقة (4) تنسب إليه، وله مصنفات كثيرة في الخلاف والمذهب.
قلت: ألف كتاب " المجموع " في عدة مجلدات، و " المقنع " (5)
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (111).
(2) نسبة إلى بني البكاء: وهم من بني عامر بن صعصعة.
" الانساب " 2 / 270.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 373، و " طبقات " السبكي 4 / 49.
(4) هي التعليقة الكبرى في الفروع لابي حامد الاسفراييني: قال النووي: واعلم أن مدار كتب أصحابنا العراقيين أو جماهير هم مع جماعات من الخراسانيين عن تعليق الشيخ أبي حامد، وهو في نحو خمسين مجلدا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك في مجموعه من كثرة المسائل والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا العراقيين.
" تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 210.
(5) نقل النووي أن المحاملي لما عمل " المقنع " أنكر عليه شيخه أبو حامد الاسفراييني لكونه جرد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه من حيث لا يحضر المجلس.
" تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 210.
(*)

(17/404)


مجلد، وكتاب " اللباب " (1) وغير ذلك (2).
ولم يطل عمره (3)، توفي في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربع مئة وله سبع وأربعون سنة.
رحمه الله.

267 - القفال * الامام العلامة الكبير، شيخ الشافعية، أبو بكر، عبد الله بن أحمد بن عبد الله، المروزي الخراساني.
__________
(1) وقد اختصره أبو زرعة العراقي المتوفى سنة 826 ه بعنوان " تنقيح اللباب " ثم اختصر هذا المختصر شيخ الاسلام زكريا الانصاري المتوفى سنة 926 ه بعنوان " تحرير تنقيح اللباب "
ثم شرح مختصره هذا بكتاب " تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب " وكلاهما مطبوع، وعلى هذا الشرح الحواشي التالية: حاشية عبد البر بن عبد الله الاجهوري المتوفى في حدود سنة 1070 ه، وحاشية المدابغي المتوفى سنة 1070 ه وحاشية القليوبي، وحاشية عبد الله بن حجازي الشرقاوي المتوفى سنة 1227 ه وشرح كتاب " اللباب " نفسه عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031 ه.
انظر " كشف الظنون " 1541، 1542، و " تاريخ الادب العربي " لبروكلمان النسخة العربية 3 / 304، 305.
و " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 191، 192.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 72 و " تاريخ " بروكلمان 3 / 305، و " تاريخ " سزكين 2 / 192.
(3) قال النووي: ولما بلغ الشيخ أبا حامد أن المحاملي صنف " المجموع " و " التجريد " و " المقنع " قال أبو حامد: بتر كتبي، بتر الله عمره.
فما عاش بعد ذلك إلا قليلا انظر " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 210، " طبقات " السبكي 4 / 49، و " طبقات " الاسنوي 2 / 383.
* طبقات العبادي 105، الانساب 10 / 212، طبقات ابن الصلاح ورقة 51 ب، وفيات الاعيان 3 / 46، المختصر في أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 124، دول الاسلام 1 / 248، تتمة المختصر 1 / 509، طبقات السبكي 5 / 53 - 62، طبقات الاسنوي 2 / 298، 299، البداية والنهاية 12 / 21، 22، تراجم الرجال: 20، النجوم الزاهرة 4 / 265، مفتاح السعادة 2 / 323، 324، طبقات ابن هداية الله 134، 135، شذرات الذهب 3 / 207، روضات الجنات 448، 449، إيضاح المكنون 2 / 188، هدية العارفين 1 / 450.
(*)

(17/405)


حذق في صنعة الاقفال حتى عمل قفلا بآلاته ومفتاحه، زنة أربع حبات، فلما صار ابن ثلاثين سنة، آنس من نفسه ذكاء مفرطا، وأحب الفقه، فأقبل على قراءته حتى برع فيه، وصار يضرب به المثل، وهو
صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه (1).
تفقه بأبي زيد الفاشاني (2)، وسمع منه، ومن الخليل بن أحمد السجزي، وسمع ببخارى وهراة.
تفقه عليه أبو عبد الله محمد بن عبدالملك المسعودي، وأبو علي الحسين بن شعيب السنجي، وأبو القاسم عبدالرحمن بن محمد بن فوران المراوزة.
قال الفقيه ناصر العمري: لم يكن في زمان أبي بكر القفال أفقه منه، ولا يكون بعده مثله، وكنا نقول: إنه ملك في صورة الانسان.
حدث، وأملى، وكان رأسا في الفقه، قدوة في الزهد (3).
وقال أبو بكر السمعاني في " أماليه ": كان وحيد زمانه فقها وحفظا وورعا وزهدا، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره من أهل عصره، وطريقته المهذبة (4) في مذهب الشافعي التي حملها عنه أصحابه أمتن طريقة، وأكثرها تحقيقا، رحل إليه الفقهاء من البلاد، وتخرج به أئمة.
__________
(1) كما أن أبا حامد الاسفراييني هو صاحب طريقة العراقيين، وعنهما انتشر المذهب.
انظر الصفحة 194 ت رقم (4).
(2) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد الفاشاني المروزي، من قرية فاشان إحدى قرى مرو، متوفى سنة 371، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " طبقات " السبكي 5 / 55.
(4) في " طبقات " السبكي: " المهدية " وهو تصحيف.
(*)

(17/406)


ابتدأ بطلب العلم وقد صار ابن ثلاثين سنة، فترك صنعته، وأقبل على العلم (1).
وذكر ناصر المروزي أن بعض الفقهاء المختلفين إلى القفال احتسب على بعض أتباع متولي مرو، فرفع ذلك إلى السلطان محمود، فقال: أيأخذ القفال شيئا من ديواننا ؟ قال: لا.
قال: فهل يتلبس بشئ من الاوقاف ؟ قال: لا.
قال: فإن الاحتساب لهم سائغ، دعهم (2).
حكى القاضي حسين عن القفال أستاذه أنه كان في كثير من الاوقات يقع عليه البكاء حالة الدرس، ثم يرفع رأسه ويقول: ما أغفلنا عما يراد بنا (3).
تخرج القفال كما قدمنا على أبي زيد، وقبره بمرو يزار.
مات في سنة سبع عشرة وأربع مئة في جمادى الآخرة وله من العمر تسعون سنة، وسماعاته نازلة، لانه سمع في الكهولة وقبلها.
ومات فيها أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي (4) الاديب الراوي عن خيثمة بدمشق، وأبو الحسن بن أبي الشوارب (5) الاموي قاضي القضاة ببغداد، وعبد الله بن يحيى السكري (6) الراوي عن الصفار، ومقرئ العصر
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 53، 54.
(2) " طبقات " السبكي 5 / 55.
والسلطان محمود سترد ترجمته برقم (319).
(3) " طبقات " السبكي 5 / 55، و " طبقات " الاسنوي 2 / 299.
(4) تقدمت ترجمته برقم (222).
(5) تقدمت ترجمته برقم (223).
(6) تقدمت ترجمته برقم (246).
(*)

(17/407)


أبو الحسن بن الحمامي (1)، وحافظ نيسابور أبو حازم العبدويي (2)، والمسند أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري (3) شيخ ابن البطر، وأبو
نصر بن هارون (4) الجندي بدمشق.
ولاكثرهم (5) هنا تراجم، وإنما أحببت الجمع لينضبط موتهم.

268 - مشرف الدولة * أبو علي (6) بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه.
مات في ربيع الاول سنة ست عشرة وأربع مئة، وله أربع وعشرون سنة.
كانت دولته خمس سنين، وكان فيه عدل في الجملة.
وكان له العراق في وقت (7) وشيراز وكرمان، ولاخيه سلطان الدولة (8) صاحب فارس وبخاري ثم اصطلحا (9).
وتملك بعد مشرف الدولة أخوه جلال الدولة (10) ببغداد.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (265).
(2) تقدمت ترجمته برقم (204).
(3) تقدمت ترجمته برقم (224).
(4) تقدمت ترجمته برقم (263).
(5) بل لكلهم كما رأيت.
* المنتظم 8 / 24، الكامل في التاريخ 9 / 178، 317، 323، 327، 335، 346، المختصر في أخبار البشر 2 / 151، 154، 155، تتمة المختصر 1 / 502، 503، 506، 507، 508، تاريخ ابن خلدون 4 / 472 و 474، النجوم الزاهرة 4 / 262، 263.
(6) واسمه الحسن.
(7) وذلك في سنة 411، انظر " الكامل " 9 / 317 - 319.
(8) وهو الذي تقدمت ترجمته برقم (214).
(9) وذلك في سنة 413 على أن يكون العراق جميعه لمشرف الدولة، وفارس وكرمان لسلطان الدولة.
(10) سترد ترجمته برقم (382).
(*)

(17/408)


269 - الطرازي * الشيخ الكبير، مسند خراسان، أبو الحسن، علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان، البغدادي الطرازي، الحنبلي الاديب، من كبار النيسابوريين.
حدث عن: أبي العباس الاصم، وأبي حامد أحمد بن علي بن حسنويه، وأبي بكر محمد بن المؤمل، وأبي عمرو بن مطر، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وصاعد بن سيار، وأبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق، وجماعة، وهو آخر من حدث عن الاصم بالسماع، و بقي بعده يروي بالاجازة أبو نعيم (1) الحافظ عنه.
مات في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
ومات أبوه بعد الثمانين وثلاث مئة.
وكان يروي عن أبي القاسم البغوي.
حدث عنه: أبو سعد الكنجروذي، وطائفة.
وفيها مات قبل أبي الحسن الطرازي بأشهر الشيخ أبو نصر منصور بن الحسين النيسابوري المفسر (2) يروى أيضا عن الاصم، حدث عنه: أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري، وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري.
وعاش خمسا وثمانين سنة.
وتوفي الخليفة القادر بالله أحمد بن
__________
* الانساب 8 / 225، العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
والطرازي: نسبة لمن يعمل الثياب المطرزة أو يستعملها.
(1) سترد ترجمته برقم (305).
(2) سترد ترجمته برقم (295).
(*)

(17/409)


إسحاق بن المقتدر العباسي عن ست وثمانين سنة، وطلحة بن الصقر الكتاني (1)، وعلي بن عبدكويه (2) الامام، وأحمد بن محمد بن إسحاق المعلم سمع العسال، والحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس (3) بمكة، والقاضي عبد الوهاب (4) شيخ المالكية، ومحمد بن يوسف القطان (5) المحدث، ويحيى بن عمار (6) الواعظ، وأبو الحسن يحيى بن نجاح (7) القرطبى مؤلف " سبل الخيرات ".
__________
(1) سترد ترجمته برقم (317).
(2) سترد ترجمته برقم (316).
(3) له ترجمة في " العقد الثمين " 4 / 66.
(4) سترد ترجمته برقم (287).
(5) سترد ترجمته برقم (279).
(6) سترد ترجمته برقم (318).
(7) سترد ترجمته برقم (280).
(*)

(17/410)


الطبقة الثالثة والعشرون
270 - الحرفي * الشيخ المسند العالم، أبو القاسم، عبدالرحمن بن عبيدالله بن عبد الله بن محمد، البغدادي الحربي الحرفي.
سمع علي بن محمد بن الزبير القرشي، وحمزة بن محمد الدهقان، وأبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي، وأبا بكر النقاش، وعدة.
حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والقاسم بن الفضل الثقفي، ومحمد بن عبد السلام الانصاري، والحسين بن محمد السراج، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن قنداس، وثابت بن بندار، وأحمد بن سوسن التمار، وعبد الواحد بن علوان، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو الحسن علي ابن الحسين بن أيوب البزاز، وأبو بكر الطريثيثي، وخلق سواهم.
وأملى عدة مجالس، وقع لنا منها.
__________
* تاريخ بغداد 10 / 303، 304، الاكمال 3 / 282، الانساب 4 / 112، اللباب 1 / 357، العبر 3 / 152، شذرات الذهب 3 / 226.
والحرفي: قال السمعاني: هذه النسبة للبقال ببغداد، ومن يبيع الاشياء التي تتعلق بالبزور والبقالين.
(*)

(17/411)


مولده في سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان صدوقا، غير أن سماعه في بعض ما رواه عن النجاد كان مضطربا، ومات في شوال سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.

271 - عطية بن سعيد * ابن عبد الله، الامام الحافظ، القدوة الكبير، شيخ الوقت، أبو محمد، الاندلسي القفصي الصوفي.
سمع من: عبد الله بن محمد بن علي الباجي، وطائفة بالاندلس، وقاضي أذنة علي بن الحسين بمصر، وزاهر بن أحمد بسرخس، وابن فراس بمكة، وإسماعيل بن حاجب الكشاني (2) بما وراء النهر.
وتلا بالاندلس على ابن بشر الانطاكي، وبمصر على أبي أحمد السامري، وكتب الكثير بالشام والعراق وخراسان وبخاري.
ثم استوطن نيسابور مدة على قدم التوكل، ورزق القبول، وكثر
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 303، 304.
* تاريخ بغداد 12 / 322، 323، جذوة المقتبس 319 - 322، الصلة 2 / 447 - 449، بغية الملتمس 433 - 435، تذكرة الحفاظ 3 / 1088، 1089، طبقات الحفاظ 321، 422.
(2) هذه النسبة إلى الكشانية، وهي بلدة من بلاد السند بنواحي سمرقند على اثني عشر فرسخا منها.
انظر " الانساب " 10 / 431 وفيه ترجمة إسماعيل هذا، وهو أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الحاجبي، آخر من روى " صحيح " البخاري عن الفربري، مات سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، وقد تصحفت نسبة " الحاجبي " في " الجذوة " 320 إلى " الحاجني " وتحرفت في " البغية " 434 إلى " الحاجي ".
(*)

(17/412)


أتباعه، وانضم إليه أصحاب أبي عبدالرحمن السلمي (1).
قال الخطيب: حدثنا عنه أبو الفضل عبد العزيز بن المهدي قال: وكان زاهدا لا يضع جنبه إلى الارض، إنما ينام محتبيا.
حدث ب " صحيح " البخاري (3) بمكة، وكان عارفا بأسماء الرجال، وكان يحضر السماع.
وذكره الداني في طبقات المقرئين، وقال: كان ثقة، كتب معنا بمكة عن أحمد بن مت البخاري وغيره.
قال: وبمكة توفي سنة سبع وأربع مئة.
وقال غيره (3): لما نزح عطية إلى مكة من بغداد كان قد جمع كتبا حملها على بخاتي (4) كثيرة، وليس له إلا ركوة ووطاء، وكذلك سار إلى الحج، وكان كل يوم يعزم عليه رجل من الوفد، قال من رافقه (5): ما رأيته
يحمل زادا.
قال عبد العزيز بن بندار الشيرازي: لقيته ببغداد وصحبته، وكان من الايثار والسخاء على أمر عظيم، ويقتصر على فوطة ومرقعة، وله كتب تحمل على جمال، رافقته وخرجنا جميعا إلى الياسرية على التجريد، فعجبت من
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 319 وفيه: حتى ضاق صدر أبي عبدالرحمن به، ثم عاد إلى بغداد.
(2) بروايته عن إسماعيل بن حاجب الكشاني بما وراء النهر.
انظر " جذوة المقتبس " 320، و " بغية الملتمس " 434، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1088.
(3) وهو الحميدي في " جذوة المقتبس " 320.
(4) البخاتي جمع، واحده بختي، وهي جمال طوال الاعناق.
انظر " لسان العرب ".
(5) وهو أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي، كما في " الجذوة "، وسينقل المؤلف كلامه.
(*)

(17/413)


حاله، فلما بلغنا المنزلة، ذهبنا نتخلل الرفاق، فإذا شيخ خراساني حوله حشم، فقال لنا: انزلوا.
فجلسنا، فأتى بسفرة، فأكلنا وقمنا، فلم نزل هكذا، يتفق لنا كل يوم من يطعمنا ويسقينا إلى مكة، وما حملنا من الزاد شيئا، وحدث بمكة " بالصحيح "، فكان يتكلم على الرجال وأحوالهم، فيتعجب من حضر، وتوفي بمكة سنة ثمان أو تسع وأربع مئة (1).
قال الحميدي (2): له كتاب في تجويز السماع، فكان كثير من المغاربة يتحامونه لذلك، وجمع طرق حديث المغفر في أجزاء عدة.
ثم قال: حدثنا أبو غالب بن بشران النحوي، حدثنا عطية بن سعيد، حدثنا القاسم بن علقمة، حدثنا بهز (3).
فذكر حديثا.
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 320، 321، و " بغية الملتمس " 433، 434.
(2) في " جذوة المقتبس " 321 وتمام الخبر: ومن رواه عن مالك بن أنس في أجزاء كثيرة إلا أنه عول في بعضه على لاحق بن حسين.
وحديث المغفر هو في " الموطأ " 1 / 423 في الحج: باب جامع الحج عن الزهري، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه، جاءه رجل فقال: يا رسول الله ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقتلوه " وأخرجه البخاري (1846) و (3044) و (4286) و (5808) ومسلم (1357) وأبو داود (2685) والترمذي (1693) والنسائي 5 / 201، والدارمي 2 / 73 و 221، وابن ماجة (2805) وأحمد 3 / 109 و 164 و 180 و 186 و 224 و 231، 232، و 240.
(3) في " الجذوة ": 321: حدثنا محمد بن صالح الطبري بدل " بهز "، قال: حدثنا مرار بن حمويه الهمذاني، حدثنا أبو غسان الكناني، حدثنا مالك، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما ودع أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيبا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: نقركم ما أقركم الله وان عبد الله بن عمر خرج إلى ماله بخيبر، فعدي عليه من الليل [ ففدعت يداه ورجلاه ] وليس لنا هناك عدو غيرهم، وهم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فقام إليه ابن أبي الحقيق، فقال: أتخرجنا وقد أقرنا محمد وعاملنا على الاموال ؟، فقال له عمر: أتراك نسيت قول رسول الله صلى الله عليه = (*)

(17/414)


272 - الجوبري * الشيخ أبو الحسن، عبدالرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر، التميمي الدمشقي الجوبري.
عن: ابن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، وإبراهيم بن محمد ابن سنان، وجماعة.
وعنه: القاسم الحنائي، وحيدرة المالكي، وسعد الزنجاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، والكتاني، وقال: كان لا يقرأ ولا يكتب، سمعه أبوه، وضبط له، وكان يحسن المتون، وجدت سماعه في " صحيح " البخاري فقال لي: قد سمعني أبي الكثير، فما أحدثك، حتى أدري مذهبك في معاوية.
فقلت: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترحمت عليه، فأخرج إلي كتب أبيه جميعا، ثم قال: مات في صفر سنة خمس وعشرين وأربع مئة.

273 - ابن شاذان * * الامام الفاضل الصدوق، مسند العراق، أبو علي، الحسن بن أبي
__________
= وسلم: " كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة " فقال: [ كان ذلك هزيلة من أبي القاسم، فقال: كذبت يا عدو الله ] فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر إبلا ومالا.
قال الحميدي: وهو حديث عزيز أخرجه البخاري في الصحيح (2730) عن أبي أحمد مرار بن حمويه مسندا، وهو غريب من حديث مالك، وليس في " الموطأ " قلت: والزيادات من البخاري.
* الانساب 3 / 344، العبر 3 / 157، 158، شذرات الذهب 3 / 229، تاريخ التراث العربي 1 / 383.
والجوبري: نسبة إلى جوبر، وهي قرية من قرى دمشق.
* * تاريخ بغداد 7 / 279، 280، تبيين كذب المفتري 245، 246، المنتظم 8 / = (*)

(17/415)


بكر أحمد بن إبراهيم (1) بن الحسن بن محمد بن شاذان، البغدادي البزاز، الاصولي.
ولد في ربيع الاول سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وبكر به والده إلى الغاية، فأسمعه وله خمس سنين أو نحوها من أبي
عمرو بن السماك، وأبي بكر أحمد بن سليمان العباداني (2)، وميمون بن إسحاق، وأبي سهل بن زياد، وحمزة الدهقان، وجعفر الخلدي، والنجاد، وعبد الله بن درستويه النحوي، وأبي عمر الزاهد، وعلي بن عبد الرحمن بن ماتي (3)، وأحمد بن عثمان الادمي، وعبد الصمد الطستي، وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، ومكرم بن أحمد، وعبد الله بن إسحاق لخراساني، ومحمد بن العباس بن نجيح، وأحمد بن كامل القاضي، ومحمد بن عبد الله بن علم، وأبي بكر الشافعي، وعبد الرحمن بن سيما المجبر، وإسماعيل بن علي الخطبي، وعبد الله بن بريه الهاشمي، ودعلج بن أحمد، وأبي بكر النقاش، وأحمد بن نيخاب (4) الطيبي، وابن قانع، وأبي بكر بن مقسم، وأبي علي بن الصواف، وحامد الرفاء، وشجاع ابن جعفر، ومحمد بن محمد الاسكافي، وأبي سليمان الحراني، وعبد
__________
= 86، 87، الكامل في التاريخ 9 / 445، العبر 3 / 157، دول الاسلام 1 / 253، تذكرة الحفاظ 3 / 1075، البداية والنهاية 12 / 39، الجواهر المضية 2 / 38، 39، النجوم الزاهرة 4 / 280، الطبقات السنية برقم (647)، شذرات الذهب 3 / 228، 229.
(1) ورد اسمه في " تاريخ بغداد " الحسن بن إبراهيم بن أحمد.
(2) نسبة إلى عبادان، وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر.
انظر " الانساب " 8 / 335 وفيه ترجمة أبي بكر هذا.
(3) بالتاء المثناة الفوقية.
انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1243.
(4) بالنون المكسورة ثم ياء ثم خاء معجمة بعدها ألف ثم باء موحدة.
انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1429.
وأحمد بن نيخاب هذا مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*)

(17/416)


الرحمن بن عبيد الهمذاني، وعبد الخالق بن أبي روبا، ومحمد بن أحمد بن
محرم، ومحمد بن جعفر القارئ، وعدة.
وله " مشيخة كبرى " هي عواليه عن الكبار، و " مشيخة صغرى " (1) عن كل شيخ حديث.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وأبو الفضل بن خيرون، والحسن بن أحمد الدقاق، وأبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط، وثابت بن بندار، والحسن بن محمد التككي، وأبو سعد الحسين بن الحسين الفانيذي، وعبد الله بن جابر بن ياسين، وأبو مسلم عبد الرحمن بن عمر السمناني، ومحمد بن عبد السلام الانصاري، ومحمد بن عبدالملك الاسدي، والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري، ومحمد بن عبد الملك بن خشيش، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وعلي بن بيان الرزاز، وأبو علي بن نبهان الكاتب، وخلق كثير.
وتفرد بالرواية عن جماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صحيح السماع، صدوقا، يفهم الكلام على مذهب أبي الحسن الاشعري، ويشرب النبيذ على مذهب الكوفيين، ثم تركه بأخرة، كتب عنه جماعة من شيوخنا كالبرقاني، وأبي محمد الخلال.
وسمعت أبا الحسن بن زرقويه يقول: أبو علي بن شاذان ثقة، وسمعت أبا القاسم الازهري يقول: أبو علي أوثق من برأ الله في الحديث.
وحدثني محمد بن يحيى الكرماني يقول: كنت يوما بحضرة أبي علي بن شاذان فدخل شاب، فسلم، ثم قال: أيكم أبو علي بن شاذان ؟
__________
(1) منها نسخة خطية في الظاهرية: حديث 347.
وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 385، 386.
(*)

(17/417)


فأشرنا إليه، فقال له: أيها الشيخ ! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: سل عن أبي علي بن شاذان، فإذا لقيته، فاقره مني السلام.
وانصرف الشاب، فبكى الشيخ، وقال: ما أعرف لي عملا أستحق به هذا، إلا أن يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر.
ثم قال الكرماني: ولم يلبث أبو علي بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة حتى مات (1).
توفي أبو علي في سلخ عام خمسة وعشرين وأربع مئة، ودفن في أول يوم من سنة ست وعشرين.
وآخر من روى عن رجل عنه: عبد المنعم بن كليب.
أخبرنا إسماعيل بن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا ابن خيرون، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخراساني، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا أبو زيد، حدثنا محمد ابن عمرو بن علقمة، حدثنا الزهري، عن عبيدالله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار وحش وهو بالبيداء محرم، فرده علي، فعرف ذلك في وجهي، فقال: " أما إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ".
اتفقا عليه من غير وجه عن الزهري (2).
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 7 / 279، 280.
(2) البخاري (1825) في الحج و (2573) في الهبة، و (2596) ومسلم (1193) وأخرجه مالك 1 / 353، والترمذي (849) والنسائي 5 / 183، 184، وابن ماجة (3090) والدارمي 2 / 39، وأحمد 4 / 38، 71، 72، 73.
(*)

(17/418)


274 - اللالكائي * الامام الحافظ المجود، المفتي أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي، الشافعي اللالكائي، مفيد بغداد في وقته.
سمع عيسى بن علي الوزير، وأبا طاهر المخلص، وجعفر بن فناكي الرازي، وأبا الحسن بن الجندي، وعلي بن محمد القصار، والعلاء بن محمد، وأبا أحمد الفرضي، وعدة.
وتفقه بالشيخ أبي حامد، وبرع في المذهب.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وابنه محمد بن هبة الله، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، ومكي الكرجي السلار، وعدة.
قال الخطيب: كان يفهم ويحفظ، وصنف كتابا في السنة (1)، وعاجلته المنية، خرج إلى الدينور، فأدركه أجله بها في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مئة (2).
ثم قال: حدثني علي بن الحسين بن جداء العكبري قال: رأيت هبة الله الطبري في النوم، فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي.
قلت:
__________
* تاريخ بغداد 14 / 70، 71، المنتظم 8 / 34، الكامل في التاريخ 9 / 364، تذكرة الحفاظ 3 / 1083 - 1085، العبر 3 / 130، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات الحفاظ 420، كشف الظنون 835 و 1040، شذرات الذهب 3 / 211، هدية العارفين 2 / 504، الرسالة المستطرفة 37.
واللالكائي: نسبة إلى بيع اللوالك التي تلبس في الارجل، كما في " اللباب " 3 / 401.
أي: صانع النعال.
(1) النص في " تاريخ بغداد " 14 / 70: وصنف كتابا في السنن، وكتابا في معرفة أسماء من في الصحيحين، وكتابا في شرح السنة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 70، 71، وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ
التراث العربي " لسزكين 2 / 194.
(*)

(17/419)


بماذا ؟ فقال كلمة خفية: بالسنة (1).
وقال شجاع الذهلي: لم يخرج عنه شئ من الحديث إلا اليسير.
قلت: قد روى عنه أبو بكر الطريثيثي كتابه في " شرح السنة ".

275 - الخرجاني * الشيخ المحدث المسند الثقة، أبو الحسن (2)، علي بن أحمد بن محمد بن الحسين، الاصبهاني الخرجاني، الرجل الصالح.
رحل وسمع من: إبراهيم بن علي الهجيمي، وأبي إسحاق بن حمزة الحافظ، وإبراهيم بن فراس المكي، والقاضي أبي أحمد العسال، وأبي الشيخ، وعدة.
حدث عنه: إسماعيل بن علي السيلقي، وروح بن محمد الراراني (3)، وعمر بن حسن بن سليم، وأحمد بن عبد الغفار بن أشته، وطائفة سواهم.
وقال الخطيب: كتب إلي بالاجازة بما يصح عندي من حديثه.
وممن روى عنه المحدث أحمد بن محمد بن أبي بكر بن مردويه وغيره.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 71.
* الاكمال 3 / 231، الانساب 5 / 75، 76، معجم البلدان 2 / 356، المشتبه 1 / 147، تبصير المنتبه 1 / 314.
والخرجاني: نسبة إلى خرجان، وهي محلة كبيرة بأصبهان.
(2) في " الانساب ": أبو حامد.
(3) بالراءين المهملتين، نسبة إلى راران، وهي قرية من قرى أصبهان.
انظر " الانساب "
6 / 38، 39 وفيه ترجمة روح بن محمد.
(*)

(17/420)


ويعرف بعلي بن أبي حامد الخرجاني.
وخرجان: بخاء معجمة مفتوحة.
توفي سنة عشرين وأربع مئة.
وقيل: سنة إحدى وعشرين ببراب.
يقع لنا حديثه في أربعين الرئيس الثقفي عنه.

ومن طبقته:
276 - أبو الحسن علي بن محمد * ابن أحمد، الجرجاني - بجيمين - الحناطي المعلم.
حدث عن أبي أحمد بن عدي، وطائفة.
وبقي إلى حدود العشرين وأربع مئة.
ذكرته للتمييز، ويعرف بابن عرفة.

277 - [ الخرقاني ] * * والزاهد، القدوة، أبو الحسن، علي بن أحمد، الخرقاني البسطامي.
من قرية خرقان بالتحريك (1).
قال السمعاني: هو شيخ العصر، له الكرامات والاحوال، وكان يكري على بهيمة، ثم فتح عليه، زاره محمود بن سبكتكين، فوعظه، ولم يقبل منه شيئا (2).
__________
* تاريخ جرجان 279.
* * الانساب 5 / 86، 87، اللباب 1 / 434.
(1) قال السمعاني: وهي قرية في جبال بسطام كبيرة كثيرة الخير على طريق إستراباذ إن شاء الله.
(2) انظر تفصيل الخبر في " الانساب " 5 / 87.
(*)

(17/421)


توفي يوم عاشوراء سنة خمس وعشرين وأربع مئة عن ثلاث وسبعين سنة.

278 - ابن زهر * المفتي المحدث، أبو بكر، محمد بن مروان بن زهر، الايادي الاشبيلي.
أخذ بقرطبة عن محمد بن معاوية الاموي، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي علي القالي، ومحمد بن حارث القيرواني.
وكان من رؤوس المالكية، بصيرا بالمذهب، أكثر الناس عنه.
روى عنه: أبو عبد الله الخولاني، وأبو محمد بن خزرج، وعبد الرحمن بن محمد الطليطلي، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد، وجماهير بن عبدالرحمن، وأبو المطرف بن سلمة.
وعاش ستا وثمانين سنة، وروى الكثير.
توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
وهو والد شيخ الطب أبي مروان عبدالملك (1)، وجد رئيس الاطباء
__________
* ترتيب المدارك، 4 / 747، الصلة 2 / 514، 515 بغية الملتمس 130، وفيات الاعيان 4 / 437، العبر 3 / 150، الوافي بالوفيات 5 / 16، نفح الطيب 2 / 244، 245، شذرات الذهب 3 / 225.
(1) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 4 / 436، 437، و " المغرب في حلي المغرب " 1 / 270، و " طبقات الاطباء " 517، و " تكملة " ابن الابار: 616، و " المطرب " لابن دحية 203، و " نفح الطيب " 2 / 244.
(*)

(17/422)


أبي العلاء زهر (1) بن عبدالملك، وجد جد العلامة أبي بكر محمد (2) بن عبدالملك، الذي بقي إلى سنة خمس وتسعين وخمس مئة.

279 - القطان * الحافظ البارع الجوال، أبو عبد الرحمن، محمد بن يوسف بن أحمد، النيسابوري، القطان، الاعرج.
روى عن: الحاكم ابن البيع، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر الهاشمي البصري، وأبي محمد بن النحاس المصري، وأمثالهم.
روى عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني.
مات في الكهولة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
وقل ما خرج عنه.

280 - ابن نجاح * * الامام الزاهد، أبو الحسين، يحيى بن نجاح القرطبي، مولى بني أمية، ويعرف بابن الفلاس.
كان من العلماء العاملين.
صنف كتاب " سبل الخيرات " في الرقائق، واشتهر عنه، وحدث به
__________
(1) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 4 / 436، و " طبقات الاطباء ": 517، و " التكملة " 344، و " المطرب ": 203، و " نفح الطيب " 2 / 245.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 4 / 434، و " طبقات الاطباء ": 521 - 528، و " المطرب " 203، و " معجم الادباء " 18 / 216 - 225، و " التكملة " 555، و " نفح الطيب " 2 / 247 - 253 و 3 / 434، و " شذرات الذهب " 4 / 320.
* العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
* * الصلة لابن بشكوال 2 / 665، النجوم الزاهرة 4 / 276، كشف الظنون 977، هدية العارفين 2 / 518.
(*)

(17/423)


بمكة، حمله عنه أبو محمد عبد الله بن سعيد الشنتجالي (1)، وأبو يعقوب ابن حماد، وغيرهما.
توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.

281 - الصباغ * الشيخ المسند، أبو بكر، محمد بن الطيب بن سعد (2)، البغدادي الصباغ.
سمع أبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي.
روى الخطيب عن الوزير علي بن المسلمة أن هذا تزوج بأزيد من تسع مئة امرأة (3).
مات سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.

282 - الفشيديزجي * * قاضي بخارى، نعمان زمانه، أبو علي، الحسين بن الخضر بن
__________
(1) نسبة إلى شنتجالة، وهي مدينة بالاندلس.
انظر " معجم البلدان " 3 / 367 وفيه ترجمة أبي محمد عبد الله بن سعيد.
* تاريخ بغداد 5 / 383، المنتظم 8 / 71، البداية والنهاية 12 / 35، النجوم الزاهرة 4 / 277.
(2) في " تاريخ بغداد "، و " المنتظم ": سعيد.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 383.
* * الانساب 9 / 309 - 311، اللباب 2 / 433، العبر 3 / 154، 155، الوافي بالوفيات 12 / 361، الجواهر المضية 2 / 109، طبقات الفقهاء لطاش كبري زاده: 69، كتائب أعلام الاخيار برقم (209)، الطبقات السنية برقم (754)، شذرات الذهب 3 / 227،
الفوائد البهية 66، هدية العارفين 1 / 309، إيضاح المكنون 2 / 157.
والفشيديزجي: بفتح = (*)

(17/424)


محمد، البخاري الحنفي.
انتهت إليه إمامة أهل الرأي، وقد قدم بغداد، وتفقه وناظر، وسمع من أبي الفضل الزهري، وسمع ببخارى من أبي عمر ومحمد بن محمد بن صابر.
وانتشر له التلامذة.
وآخر من حدث عنه سبطه علي بن محمد البخاري.
قيل: ناظره الشريف المرتضى الشيعي في خبر: " ما تركنا صدقة " (1).
فقال للمرتضى: إذا صيرت " ما " نافية، خلا الحديث من فائدة، فكل أحد يدري أن الميت يرثه أقرباؤه، ولا تكون تركته صدقة.
ولكن لما كان المصطفى بخلاف الامة، بين ذلك، وقال: " ما تركناه صدقة " (2).
__________
= الفاء، وكسر الشين المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف، وكسر الدال المهملة كما في الاصل، وضبطها السمعاني والصفدي بالفتح، وسكون الياء - وجعلها الصفدي نونا، وفتح الزاي، وبعدها جيم، وهي نسبة إلى فشيديزه، سكت عنها السمعاني وقال ياقوت: فشيذبزه - بالذال المعجمة: من قرى بخارى.
(1) أخرجه عن غير واحد من الصحابة البخاري (3093) و (3094) في الخمس، و (4034) (4036) في المغازي، (3712) في فضائل الصحابة، و (6726) و (6727) و (6730) في الفرائض، (5358) في النفقات، و (7305) في الاعتصام، وأخرجه مسلم (1757) (49) و (1759) (52) و (1761) في الجهاد والسير: باب حكم الفئ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا فهو صدقة " وأبو داود (2963) و
(2968) و (2969) (2976) (2977)، والترمذي (1610) والنسائي 7 / 132، ومالك 2 / 993، وأحمد 1 / 4 و 6 و 9 و 10 و 25 و 47 و 48 و 49 و 60 و 162، و 164 و 179 و 191 و 208 و 6 / 145 و 262.
(2) انظر " الانساب " 9 / 310، و " الوافي بالوفيات " 12 / 361، و " الفوائد البهية " 66.
(*)

(17/425)


ولابي علي سماع من ابن شبويه، وجعفر بن فناكي.
توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وأربع مئة.

283 - ابن ذنين * العلامة القدوة العابد، أبو محمد، عبد الله بن عبدالرحمن بن عثمان بن سعيد بن ذنين، الصدفي الاندلسي الطليطلي.
روى عن: أبيه، وعبدوس بن محمد، وأبي عبد الله بن عيشون، وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وبمصر عن أبي بكر بن المهندس، وأبي الطيب بن غلبون، ومحمد بن أحمد بن عبيد الوشاء.
وبمكة عن عبيدالله السقطي.
وبالغرب عن [ أبي ] (1) محمد بن أبي زيد، ولازمه.
ورحل إلى بلده بعلم جم، فأكثر عنه الطليطليون، ورحل إليه من النواحي لعلمه وتألهه وتبتله وخشوعه واتباعه (2).
يقال: كان مجاب الدعوة.
وكان سنيا، أثريا، ثبتا، متحريا، قوالا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم.
صنف في الامر بالمعروف كتابا، وكان
__________
* الصلة 1 / 264 - 266، بغية الملتمس 346، العبر 3 / 155، شذرات الذهب 3 / 227، هدية العارفين 1 / 450.
وكلمة " ذنين " ضبطت في الاصل بضم الذال المعجمة،
وكسر النون المشددة، وسكون الياء.
وجاءت في " العبر " و " الشذرات ": " دنين " بالدال المهملة والنون المفتوحة المخففة، وفي " الصلة " و " بغية الملتمس ": " ذنين " بذال معجمة، وقال محقق " البغية ": كذا ضبطه المؤلف مجودا.
(1) سقط لفظ " أبي " من الاصل، وهو خطأ.
وأبو محمد هذا تقدمت ترجمته برقم (4).
(2) " الصلة " 1 / 265.
(*)

(17/426)


مهيبا في الله مطاعا، لا يختلف اثنان في فضله، وكان يخدم كرمه بنفسه، ويتبلغ منه (1).
توفي سنة أربع وعشرين وأربع مئة، وشيعه أمم لا يحصون - رحمه الله.

284 - ابن كردان * إمام النحو، أبو القاسم، علي بن طلحة بن كردان، الواسطي.
تلميذ أبي علي الفارسي، وابن عيسى الرماني.
قرأ عليهما " كتاب " سيبويه.
وأهل واسط يتغالون فيه، ويرجحونه على ابن جني (2).
عمل إعرابا للقرآن في بضعة عشر مجلدا، ثم غسله قبل موته (3).
وكان دينا صينا نزها.
أخذ عنه أبو الفتح بن مختار، ومحمد بن عبد السلام.
قال خميس الحوزي (4): توفي سنة أربع وعشرين وأربع مئة.
__________
(1) " الصلة " 1 / 265، وكتابه " الامر بأداء الفرائض واجتناب المحارم " منه نسخة خطية في مكتبة الولايات المتحدة الامريكية جاريت 2053 / 1.
* سؤالات الحافظ السلفي 14 - 16، معجم الادباء 13 / 259 - 264، إنباه الرواة 2 /
284، 285، بغية الوعاة 2 / 170.
(2) " سؤالات السلفي ": 15، و " إنباه الرواة " 2 / 284.
(3) المصدر السابق.
(4) " سؤالات السلفي " 16.
(*)

(17/427)


285 - الاردستاني * الامام الحافظ الجوال، الصالح العابد، أبو بكر، محمد بن إبراهيم ابن أحمد الاردستاني.
سمع من عدد كثير، وحدث عن: أبي الشيخ، وأبي بكر بن المقرئ، ويوسف القواس، وعمر بن شاهين، وعبد الوهاب الكلابي، والقاسم بن علقمة الابهري، وإسماعيل بن حاجب الكشاني.
وحدث عنه ب " الصحيح "، ولقي بعكا أبا زرعة المقرئ.
وتلا على جماعة.
روى عنه: محمد بن عثمان القومساني، وابن ممان، وظفر بن هبة الله، وغيرهم من الهمذانيين.
وروى عنه أبو نصر الشيرازي المقرئ، والبيهقي في كتبه، ووصفه بالحفظ.
قال شيرويه: كان ثقة، يحسن هذا الشأن، سمعت عدة يقولون: ما من رجل له حاجة من أمر الدنيا والآخرة يزور قبره ويدعو إلا استجاب الله له.
قال: وجربت أنا ذلك، وقد حدث عنه في سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة ب " صحيح " البخاري عبد الغفار بن طاهر بهمذان.
قلت: هو ممن فات ابن عساكر ذكره في " تاريخه ".
وكان مع علمه بالاثر قيما بكتاب الله، رفيع الذكر، أخذ بالبصرة عن
__________
* تاريخ بغداد 1 / 417، الانساب 1 / 178، المنتظم 8 / 90، العبر 3 / 155،
النجوم الزاهرة 4 / 279، شذرات الذهب 3 / 227.
والاردستاني: نسبة إلى أردستان ضبطها السمعاني بفتح الهمزة والدال المهملة وسكون الراء بينهما، وضبط ياقوت الدال بالكسر، وقال ابن الاثير: وقيل بكسر الهمزة والدال، وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرية، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
(*)

(17/428)


أحمد بن محمد بن العباس الاسفاطي، وأحمد بن عبيدالله النهرديري (1).
ويكنى أيضا بأبي جعفر.
مات سنة أربع وعشرين وأربع مئة (2).

286 - [ الفارسي ] * فأما أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشاط، فمن أقران صاحب الترجمة.
حدث عن: أبي عمرو بن مطر وجماعة.
روى عنه: البيهقي أيضا، وعلي بن أحمد الاخرم.
لا أعلم متى توفي.

287 - القاضي عبد الوهاب * * هو الامام العلامة، شيخ المالكية، أبو محمد، عبد الوهاب بن علي
__________
(1) بفتح النون وسكون الهاء وبعدها راء ودال مهملة مفتوحة وياء ساكنة تحتها نقطتان وبعدها راء، هذه النسبة إلى قرية كبيرة عند البصرة.
" اللباب " 3 / 337.
(2) في " الانساب " و " تاريخ بغداد " و " المنتظم " أن وفاته سنة سبع وعشرين.
* لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر.
* * تاريخ بغداد 11 / 31، 32، طبقات الشيرازي 143، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 515 - 529، ترتيب المدارك 4 / 691 - 695،
تاريخ ابن عساكر 10 / 305 أ - 306 أ، تبيين كذب المفتري 249 - 250، المنتظم 8 / 61، 62، الكامل في التاريخ 9 / 422، وفيات الاعيان 3 / 219 - 222، العبر 3 / 149، فوات الوفيات 2 / 419 - 421، مرآة الجنان 3 / 41، 42، البداية والنهاية 12 / 32، 33، الرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا للنباهي: 400، الديباج المذهب 2 / 26 - 29، وفيات ابن قنفد 233، 234، عقود الجمان للزركشي ورقة 202، النجوم الزاهرة 4 / 276، حسن المحاضرة 1 / 314، كشف الظنون 481، شذرات الذهب 3 / 223، 224، هدية العارفين 1 / 637، شجرة النور الزكية 1 / 103، 104.
(*)

(17/429)


ابن نصر بن أحمد بن حسين بن هارون بن أمير العرب مالك بن طوق (1)، التغلبي العراقي، الفقيه المالكي، من أولاد صاحب الرحبة (2).
صنف في المذهب كتاب " التلقين "، وهو من أجود المختصرات، وله كتاب " المعرفة " (3) في شرح " الرسالة " (4)، وغير ذلك (5).
ذكره أبو بكر الخطيب، فقال: كان ثقة، روى عن الحسين بن محمد ابن عبيد العسكري، وعمر بن سبنك (6).
كتبت عنه، لم نلق أحدا من المالكيين أفقه منه، ولي قضاء بادرايا وباكسايا (7).
وخرج في آخر عمره إلى مصر، واجتاز بالمعرة فضيفه أبو العلاء بن سليمان، وفيه يقول أبو العلاء: والمالكي ابن نصر زار (8) في سفر * بلادنا فحمدنا النأي والسفرا
__________
(1) تحرف في " كشف الظنون " 1743 إلى " طوف " بالفاء.
(2) صاحب الرحبة هو مالك بن طوق التغلبي، ورحبته أحدثها في خلافة المأمون كما قال البلاذري، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا.
انظر المزيد عنها في " معجم البلدان " 3 / 34 - 36.
(3) في " كشف الظنون " 1743، و " هدية العارفين " 2 / 637: " المعونة ".
(4) أي " رسالة " ابن أبي زيد القيرواني.
(5) انظر تصانيفه في " فوات الوفيات " 2 / 419، 420، و " ترتيب المدارك " 4 / 692، و " شجرة النور " 1 / 104، و " الديباج المذهب " 2 / 27، 28، و " هدية العارفين " 2 / 637.
(6) بفتح السين المهملة والموحدة وسكون النون.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 674.
(7) " تاريخ بغداد " 11 / 31، وبادرايا وباكسايا: بليدتان من أعمال العراق، انظر " وفيات الاعيان " 3 / 222 و " الانساب " 2 / 23 و 53، و " معجم البلدان " 1 / 316 و 327 و 499.
(8) في الاصل: " زان " بالنون، والمثبت من " شروح سقط الزند " وغيرها.
(*)

(17/430)


إذا تفقه أحيا (1) مالكا جدلا * وينشر الملك الضليل إن شعرا (2) وله أشعار رائقة، فمن ذلك: ونائمة قبلتها فتنبهت * وقالت (3) تعالوا فاطلبوا اللص بالحد فقلت لها إني فديتك غاصب * وما حكموا في غاصب بسوى الرد خذيها وكفي (4) عن أثيم ظلامة * وإن أنت لم ترضي فألفا على العد فقالت قصاص يشهد العقل أنه * على كبد الجاني ألذ من الشهد وبانت يميني وهي (5) هميان خصرها * وبانت يساري وهي واسطة العقد فقالت ألم أخبر بأنك زاهد * فقلت بلى ما زلت أزهد في الزهد (6) قال أبو إسحاق في " الطبقات ": أدركت عبد الوهاب وسمعته يناظر، وكان قد رأى القاضي الابهري ولم يسمع منه.
وله كتب كثيرة في الفقه: خرج إلى مصر، وحصل له هناك حال من الدنيا بالمغاربة (7).
وقيل: كان ذهابه إلى مصر لافلاس لحقه.
فمات بها في شهر صفر
__________
(1) في " شروح السقط ": أعيا.
(2) البيتان في " شروح سقط الزند " 1700، وأوردهما ابن خلكان في " الوفيات " 3 / 220، وابن بسام في " الذخيرة " 4 / 2 / 516، والكتبي في " الفوات " 2 / 420 والملك الضليل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، سمي بذلك لانه أضل ملك أبيه.
(3) في الاصل: " وقالوا " والمثبت من مصادر التخريج.
(4) في " الذخيرة ": " وحطي ".
(5) في " الذخيرة ": " رهن " بدل " وهي " في الموضعين من البيت.
(6) الابيات في " الذخيرة " 4 / 2 / 518، و " وفيات الاعيان " 3 / 220، 221، و " فوات الوفيات " 2 / 420، 421، و " البداية والنهاية " 12 / 33، و " شذرات الذهب " 3 / 224.
(7) انظر " طبقات الفقهاء " 143، و " ترتيب المدارك " 4 / 692، و " تبيين كذب المفتري " 250.
(*)

(17/431)


سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة وله ستون سنة (1).
وكان أخوه من الشعراء المذكورين، ولي كتابة الانشاء لجلال الدولة، ثم نفذه رسولا.
وهو أبو الحسن (2) محمد بن علي.
مات بواسط في سنة سبع وثلاثين وأربع مئة.
ومات أبوهما في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة (3).

288 - ابن شبانة * الشيخ العدل الكبير، مسند همذان، أبو سعيد، عبدالرحمن بن محمد بن عبد الله بن بندار بن شبانة، الهمذاني.
وقع لنا من حديثه الجزء الثاني.
يروي عن: أبي القاسم عبدالرحمن بن عبيد، والفضل بن الفضل الكندي، ومحمد بن عبد الله بن برزة، ومحمد بن علي بن محمويه النسوي، وأبي بكر القطيعي، وجماعة.
قال الحافظ شيرويه: حدثنا عنه عبدالملك بن عبد الغفار، ومحمد ابن الحسين، ومحمد بن طاهر العابد، وأحمد بن عبدالرحمن الروذباري، وسعد بن الحسن القصري، وأحمد بن طاهر القومساني، وأبو غالب أحمد
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 220، و " ترتيب المدارك " 4 / 693.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الاعيان " 3 / 222، و " الديباج المذهب " 2 / 29 وفيه وفاته سنة 430 ه، و " شذرات الذهب " 3 / 225.
(3) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 222.
* الاكمال 5 / 12، 13، العبر 3 / 157، المشتبه 2 / 387، النجوم الزاهرة 4 / 280، شذرات الذهب 3 / 229.
(*)

(17/432)


ابن محمد بن القارئ العدل.
قال: وكان صدوقا من أهل الشهادات، ومن تناء البلد (1)، مات في سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
قلت: وتوفي صاحبه (2) أبو غالب بن القارئ سنة بضع وخمس مئة (3).

289 - الذكواني * العالم الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر، محمد بن أبي علي أحمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عمر بن حفص، الهمداني الذكواني الاصبهاني
المعدل.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: عبد الله بن جعفر بن فارس، ومحمد بن أحمد الكشاني، والقاضي أبي أحمد العسال، وأحمد بن معبد السمسار، ومحمد ابن قاسم العسال، وأحمد بن محمد بن يحيى القصار، وأحمد بن بندار الشعار، وأبي إسحاق بن حمزة الحافظ، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني، وعاتكة بنت الامام أبي بكر بن أبي عاصم، وأبي القاسم الطبراني، وأبي بكر بن الجعابي، وأبي بكر الآجري، وإبراهيم بن محمد
__________
(1) تناء البلد: المقيمون فيه لا يغزون مع الغزاة، جمع تانئ.
(2) في الاصل: " صاحب ".
(3) وستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
* تاريخ أصبهان 2 / 310، الانساب 6 / 15، اللباب 1 / 530، العبر 3 / 132، شذرات الذهب 3 / 213.
(*)

(17/433)


ابن إبراهيم الديبلي (1)، وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي (2) المصري، وفاروق الخطابي، ومحمد بن إسحاق بن عباد التمار، وعدة.
وله معجم في جزءين يرويه عبدالرحيم بن الطفيل عن السلفي.
حدث عنه: أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، والمحدث أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وإسماعيل بن علي السيلقي، وأبو نصر عبدالرحمن بن محمد السمسار، وعمر بن حسن بن سليم، وعلي بن الفضل اليزدي، والفضل بن محمد الحداد، وأخوه أبو الفتح، وفضلان بن عثمان القيسي، وأبو العلاء محمد بن عبد الجبار
الفرساني (3)، وهؤلاء من شيوخ السلفي.
قال أبو نعيم (4): شهد وحدث ستين سنة، وسمع بمكة والبصرة والاهواز والري، وجمع وصنف، وكان حسن الخلق، قويم المذهب.
توفي في غرة شعبان سنة تسع عشرة وأربع مئة.
قلت: وقع لنا سبعة مجالس له (5).
__________
(1) نسبة إلى ديبل، وهي بلدة من بلاد ساحل البحر من بلاد الهند قريبة من السند.
انظر " الانساب " 5 / 393 وقد أورد السمعاني ترجمة إبراهيم هذا.
(2) بضم اللام وتشديد الكاف، نسبة إلى اللك، وهي بليدة من أعمال برقة الغرب.
" اللباب ".
(3) نسبة إلى فرسان، بكسر الفاء أو ضمها وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة وفي آخرها النون، وهي قرية من قرى أصبهان.
انظر " الانساب " 9 / 270 وفيه ترجمة أبي العلاء محمد هذا.
(4) في " تاريخ أصبهان " 2 / 310.
(5) انظر النسخ الخطية لاماليه في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 382.
(*)

(17/434)


290 - أبو طاهر بن سلمة * الشيخ الامام المحدث، شيخ همذان، أبو طاهر، الحسين بن علي ابن الحسن بن محمد بن سلمة، الكعبي الهمذاني.
ولد سنة أربعين وثلاث مئة.
وحدث عن: الفضل بن الفضل الكندي، وأبي بكر بن السني، وأبي بكر الاسماعيلي، وأبي بكر القطيعي، وأبي أحمد عبد الله بن عدي، وأبي بحر البربهاري، وأبي إسحاق المزكي، وأبي عمرو بن حمدان.
وله رحلة واسعة ومعرفة حسنة.
روى عنه: أبو القاسم بن مندة، ومحمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين الصوفي، وأبو علي أحمد بن طاهر القومساني، وثابت بن عبد الرحمن الصائغ، وأبو طالب بن هشيم الصيرفي، وعدة ممن لقيهم شيرويه الديلمي، وقال: كان صدوقا، صحيح السماع، كثير الرحلة.
سمعت ثابت بن حسين بن شراعة يقول لما مات أبو طاهر: غربت شمس أصحاب الحديث.
فقلت: ماذا ؟ قال: مضى الشيخ أبو طاهر بن سلمة لسبيله.
توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة وأربع مئة.
رحمه الله.

291 - الثعلبي * الامام الحافظ العلامة، شيخ التفسير، أبو إسحاق، أحمد بن محمد
__________
* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة.
* * معجم الادباء 5 / 36 - 39، إنباه الرواة 1 / 119، 120، اللباب 1 / 238، وفيات الاعيان 1 / 79، 80، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، دول الاسلام 1 / 254، العبر 3 / 161، تذكرة الحفاظ 3 / 1090، تلخيص ابن مكتوم: 19، تتمة المختصر 1 / = (*)

(17/435)


ابن إبراهيم النيسابوري.
كان أحد أوعية العلم.
له كتاب " التفسير الكبير " (1).
وكتاب " العرائس " (2) في قصص الانبياء.
قال السمعاني: يقال له: الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له لا نسب (3).
حدث عن أبي بكر بن مهران المقرئ، وأبي طاهر محمد بن الفضل ابن خزيمة، والحسن بن أحمد المخلدي، وأبي الحسين الخفاف، وأبي
بكر بن هانئ، وأبي محمد بن الرومي، وطبقتهم.
__________
= 518، الوافي بالوفيات 7 / 307، مرآة الجنان 3 / 46، طبقات السبكي 4 / 58، 59، طبقات الاسنوي 1 / 329، 330، البداية والنهاية 12 / 40، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 100، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 233، 234، النجوم الزاهرة 4 / 283، سلم الوصول 115، طبقات المفسرين للسيوطي: 5، بغية الوعاة 1 / 356، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 65، 66، مفتاح السعادة 2 / 67، كشف الظنون 1131 و 1496، شذرات الذهب 3 / 230، روضات الجنات: 68، هدية العارفين 1 / 75.
(1) واسمه: " الكشف والبيان في تفسير القرآن " ولم يطبع بعد، ومنه نسخ كثيرة، منها مصورة في معهد المخطوطات المصورة، انظر فهرس المعهد 1 / 37 - 40، وقد نقل ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة " عن ابن الجوزي قوله في هذا " التفسير ": ليس فيه ما يعاب به إلا ما ضمنه من الاحاديث الواهية التي هي في الضعف متناهية خصوصا في أوائل السور، وقال ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير: 76: والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع وقال ابن كثير في " البداية " 12 / 40: وكان كثير الحديث، واسع السماع، ولهذا يوجد في كتبه من الغرائب شئ كثير.
(2) واسمه: " عرائس المجالس في قصص الانبياء "، وقال في أوله: إنه يشتمل على قصص الانبياء المذكورة في القرآن بالشرح والبيان.
وقد طبع غير مرة.
وفيه كثير من الاسرائيليات والاخبار الواهيات والغرائب.
(3) هذا القول قد قاله ابن الاثير في " اللباب " إذ ترجم لابي إسحاق الثعلبي مستدركا على السمعاني حيث لم يترجمه في " الانساب ".
(*)

(17/436)


وكان صادقا موثقا، بصيرا بالعربية، طويل الباع في الوعظ.
حدث عنه: أبو الحسن الواحدي وجماعة.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: قال الاستاذ أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب جل اسمه: أقبل الرجل الصالح.
فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل (1).
توفي الثعلبي في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
وفيها مات أبو النعمان تراب (2) بن عمر بن عبيد الكاتب، ومحمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي (3) المحدث، وأبو عمرو محمد بن عبد الله بن أحمد الرزجاهي (4)، والظاهر علي (5) بن الحاكم صاحب مصر، والهيثم بن محمد بن عبد الله الخراط، وأبو نصر منصور بن رامش (6).

292 - [ الثعالبي ] * أما الثعالبي العلامة شيخ الادب، فهو أبو منصور عبدالملك بن محمد
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 1 / 80، و " إنباه الرواة " 1 / 120، و " الوافي بالوفيات " 7 / 308، و " طبقات " السبكي 4 / 58، و " طبقات " المفسرين 1 / 66.
(2) سترد ترجمته برقم (324).
(3) سترد ترجمته برقم (367).
(4) سترد ترجمته برقم (326).
(5) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(6) سترد ترجمته برقم (360).
* طبقات النحويين واللغويين: 387 - 389، دمية القصر 2 / 966، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 56 - 583، نزهة الالباء 365، وفيات الاعيان 3 / 178 - 180، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، العبر 3 / 172، عيون التواريخ 12 / 179 / 2 - 181 / 2، تتمة المختصر 1 / 521، مرآة الجنان 3 / 53، 54، = (*)

(17/437)


ابن إسماعيل النيسابوري، الشاعر.
مصنف كتاب " يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر " (1)، وله كتاب " فقه اللغة " (2)، وكتاب " سحر البلاغة " (3).
وكان رأسا في النظم والنثر (4).
مات سنة ثلاثين وأربع مئة، وله ثمانون سنة.

293 - ابن منجويه * الحافظ الامام المجود، أبو بكر، أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم
__________
= البداية والنهاية 12 / 44، مفتاح السعادة 1 / 187، 213، معاهد التنصيص 3 / 266 - 271، شذرات الذهب 3 / 246، 247، روضات الجنات 462، 463، هدية العارفين 1 / 625.
(1) طبع في دمشق سنة 1304 ه في أربعة أجزاء، وفي القاهرة سنة 1943 م، وفي بيروت سنة 1947 بتحقيق محيي الدين عبدالحميد نشر دار الفكر، وأعادت طبعه سنة 1973 م.
وقد أكمل المؤلف الثعالبي هذا الكتاب بعنوان " تتمة اليتيمة " أو " اليتيمة الثانية " أو " ذيل يتيمة الدهر " ونشره أحمد إقبال في طهران سنة 1934 م، وهناك تتمة أخرى للباخرزي موسومة ب " دمية القصر وعصرة اهل العصر " وقد نشره محمد راغب الطباح في حلب سنة 1930 م ثم نشرته دار الفكر في دمشق سنة 1971 م بتحقيق محمد التونجي.
(2) طبع عدة طبعات، منها في القاهرة سنة 1938 نشر مصطفى السقا وإبراهيم الابياري وعبد الحفيظ الشلبي.
انظر " معجم المطبوعات " 658، و " تاريخ " بروكلمان 5 / 189.
(3) واسمه: " سحر البلاغة وسر البراعة " طبع في دمشق سنة 1350 ه، وطبع منتخب منه على أنه الرسالة الثالثة في " أربع رسائل منتخبة من مؤلفات العلامة أبي منصور الثعالبي " في الاستانة بمطبعة الجوائب سنة 1301 ه والرسالة الاولى هي منتخبات كتاب التمثيل والمحاضرة
والثانية هي منتخبات كتاب المبهج، والرابعة هي منتخبات كتاب النهاية في الكناية.
وللثعالبي مصنفات كثيرة انظر أماكن نسخها الخطية في مكتبات العالم مع ما طبع منها في " تاريخ بروكلمان 5 / 186 - 198، وانظر " معجم المطبوعات " 656 - 660، و " هدية العارفين " 1 / 625.
(4) انظر بعض نظمه في " دمية القصر " 2 / 967 - 970، و " الذخيرة " 4 / 2 / 581 - 583.
* الانساب (المنجويي)، اللباب 3 / 261، دول الاسلام 1 / 255، تذكرة الحفاظ = (*)

(17/438)


ابن منجويه، اليزدي (1) الاصبهاني، نزيل نيسابور، من الحفاظ الاثبات المصنفين.
حدث عن الامام أبي بكر الاسماعيلي، وإبراهيم بن عبد الله النيسابوري، وإسماعيل بن نجيد، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شهدل، وأبي عبد الله بن مندة، وخلق كثير.
وارتحل إلى بخارى وسمرقند وهراة وجرجان، ولم أره وصل إلى العراق.
حدث عنه: أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري، وعبد الرحمن بن مندة، والحسن بن تغلب (2) الشيرازي، وسعيد البقال، وعلي ابن أحمد الاخرم، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وخلق.
قال أبو إسماعيل الانصاري: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي الاصبهاني أحفظ من رأيت من البشر (3).
وقال أبو إسماعيل: رأيت في سفري وحضري حافظا ونصف حافظ:
__________
= 3 / 1085 - 1087، العبر 3 / 164، المشتبه 2 / 510، الوافي بالوفيات 7 / 217، مرآة الجنان 4 / 47، تبصير المنتبه 3 / 1085، طبقات الحفاظ 420، 421، شذرات الذهب 3 / 233، هدية العارفين 1 / 74 وتحرف فيه إلى " فنجويه " بالفاء.
(1) سبقت ترجمة هذه النسبة في الترجمة رقم (186).
(2) في " تذكرة الحفاظ " " ثعلب " بدل " تغلب ".
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1085.
(*)

(17/439)


فأما الحافظ، فأحمد بن علي بن منجويه، وأما نصف حافظ، فالجارودي (1).
قال يحيى بن مندة: كتب عنه عمي عبدالرحمن بن مندة كتاب " السنن " له، الذي عمله على هيئة " سنن " أبي داود، وكان يثني عليه كثيرا.
وقال: سمعت منه المسندات الثلاثة للحسن بن سفيان (2).
قلت: قد صنف ابن منجويه على " الصحيحين " مستخرجا، وعلى " جامع " أبي عيسى و " سنن " أبي داود (3).
مات يوم الخميس خامس المحرم سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، وله إحدى وثمانون سنة.
وفيها مات شيخ الحنفية أبو الحسين القدوري (4)، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الصقر ابن النمط، وأبو طاهر عبد الغفار بن محمد المؤدب، وأبو عمرو عثمان بن محمد بن دوست (5) العلاف، والقدوة أبو الحسن علي بن محمد الحنائي (6) بدمشق، وأبو عبد الله بن باكويه (7) الشيرازي الصوفى، وشاعر وقته مهيار الديلمي (8)، وصلة بن المؤمل البغدادي بمصر، والعلامة
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1085، 1086.
(3) وله أيضا " رجال صحيح الامام مسلم " ومنه نسخة خطية في بلدية الاسكندرية 1245 ب، وانظر الترجمة رقم (58).
(4) سترد ترجمته برقم (380).
(5) سترد ترجمته برقم (309).
(6) سترد ترجمته برقم (373).
(7) سترد ترجمته برقم (363).
(8) سترد ترجمته برقم (310).
(*)

(17/440)


صاحب الخط الفائق، أبو علي الحسن بن شهاب العكبري (1) الحنبلي، وشيخ الفلاسفة الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا (2)، وشيخ الحنابلة أبو علي بن أبي موسى الهاشمي.

294 - النجيرمي * لغوي مصر، أبو يعقوب، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن خرزاذ البصري، من أهل بيت علم وعربية.
وكان علامة متقنا، راوية لكتب الآداب، بصيرا بمعانيها، وكان أسمر، كث اللحية.
ونجيرم: محلة بالبصرة.
وقيل: قرية من أعمالها.
مات في سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة عن ثمان وسبعين سنة، رحمه الله.

295 - المفسر * * الشيخ الامام، أبو نصر، منصور بن الحسين بن محمد بن أحمد،
النيسابوري المفسر.
سمع من أبي العباس الاصم، وكاد أن ينفرد به.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (362).
(2) سترد ترجمته برقم (356).
* الانساب (النجيرمي)، معجم البلدان 5 / 274، اللباب 3 / 300، وفيات الاعيان 7 / 75، 77، بغية الوعاة 2 / 364، وقد أورده المؤلف في " العبر " 2 / 358 في وفيات 370 ه وتابعه ابن العماد في " الشذرات " 3 / 75.
* * العبر 3 / 151، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 338.
(*)

(17/441)


حدث عنه: أبو إسماعيل الانصاري، وعبد الرحمن بن القشيري، وجماعة.
وقد سمع أيضا من أبي الحسن الفارسي، والحافظ أبي علي النيسابوري.
وعمر دهرا طويلا.
وتوفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، قبل وفاة الطرازي (1) بيسير، فهو من طبقته، فليضم إليه.

296 - القومساني * الشيخ العالم الثقة، أبو منصور، محمد بن أحمد بن محمد بن مزدين، القومساني الهمذاني.
حدث عن: أبيه، وعبد الرحمن الجلاب، وعبد الرحمن بن عبيد، وعمرو بن حسين الصرام، وأوس بن أحمد، وأبي علي الرفاء، وأبي جعفر ابن برزة، والفضل بن الفضل الكندي.
وعنه: ابنه طاهر، وحفيده أبو علي أحمد بن طاهر بن محمد، وابن
أخيه أبو الفضل محمد بن عثمان، وأبو الطاهر أحمد بن عبدالرحمن الروذباري، وخلق سواهم.
قال شيرويه: ثقة صدوق.
توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
__________
(1) وهو صاحب الترجمة رقم (269).
* معجم البلدان 4 / 414، وهذه النسبة إلى قومسان من نواحي همذان.
(*)

(17/442)


297 - حمزة بن محمد * ابن طاهر، الحافظ المفيد المحدث، أبو طاهر، البغدادي الدقاق.
ولد سنة 366.
وسمع أبا الحسين بن المظفر، وأبا الحسن الدار قطني، وأبا حفص ابن شاهين وطبقتهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا، فهما عارفا (1).
وقال البرقاني: ما اجتمعت قط مع حمزة بن محمد ففارقته إلا بفائدة علم (2).
قال الخطيب: مات سنة أربع وعشرين وأربع مئة، وحدثني محمد بن يحيى الكرماني وابن جدا أنهما رأيا حمزة بن محمد بن طاهر في النوم، فأخبرهما أن الله رضي عنه (3).
وفيها مات شيخ الحنفية وقاضي بخارى، أبو علي الحسين بن الخضر الفشيديزجي (4)، والامام القدوة أبو محمد عبد الله بن عبدالرحمن بن ذنين (5) الطليطلي، وأبو نصر محمد بن عبد العزيز بن شنبويه.
__________
* تاريخ بغداد 8 / 184، 185، العبر 3 / 155، شذرات الذهب 3 / 227.
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 184.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 184، 185.
(4) تقدمت ترجمته برقم (282).
(5) تقدمت ترجمته برقم (283).
(*)

(17/443)


298 - ابن الحذاء * العلامة المحدث، أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن أحمد، التميمي القرطبي، المالكي، ابن الحذاء (1).
روى عن: أحمد بن ثابت التغلبي، وأبي عيسى الليثي، وابن القوطية، وابن عون الله، وحج، فسمع من: محمد بن علي الادفوي، وأبي القاسم عبدالرحمن بن عبد الله الجوهري، وعدة.
وكان بصيرا بالفقه والحديث.
صحب أبا محمد الاصيلي (2).
قال ولده أبو عمر أحمد بن الحذاء: كان لابي علم بالحديث والفقه والتعبير.
صنف كتاب " الانباه عن أسماء الله " (3)، وأوصى أن يدفن على صدره، وكتاب " الرؤيا " في عشرة أسفار، وكتاب " سير الخطباء " مجلدين (4).
ولي قضاء إشبيلية ثم سرقسطة، وبها مات في رمضان سنة ست
__________
* ترتيب المدارك 4 / 733، 734، فهرست ابن خير 93، 242، 267، الصلة 2 / 505 - 507، بغية الملتمس 146، معجم الادباء 19 / 108، 109، العبر 3 / 122، عيون التواريخ 12 / 180 / 1، الوافي بالوفيات 5 / 196، مرآة الجنان 3 / 29، الديباج المذهب 2 / 237، 238، النجوم الزاهرة 4 / 264، شذرات الذهب 3 / 206، هدية العارفين 2 / 63، شجرة النور 1 / 112.
(1) قال القاضي عياض: هكذا نسبهم " الحذاء " بالذال المعجمة، وحكى ابن عفيف أنهم يأبون ذلك، ويقولون: هو بدال مهملة من حداء الابل، وأن جدهم الذي ينسبون إليه هو حادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولكن لما سكن أولنا في ربض الحذائين بقرطبة، تصحف على الناس نسبنا لقرب الحرفين.
(2) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 733.
(3) في " ترتيب المدارك " و " الصلة " و " الديباج ": " الانباء على أسماء الله "، وفي " معجم " ياقوت: " الانباء بمعاني الاسماء ".
(4) وله أيضا كتاب " التعريف بمن ذكر في موطأ مالك من الرجال والنساء " ومنه نسخة خطية بفاس القرويين 118، 176.
انظر " تاريخ " سزكين 1 / 164.
(*)

(17/444)


عشرة وأربع مئة.
روى عنه: الصاحبان (1)، وأبو عمر بن عبد البر، وحاتم ابن محمد، وأبو عمر بن سميق، وآخرون (2).

299 - النعيمي * الامام الحافظ المتقن الاديب، أبو الحسن، علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم، النعيمي البصري الشافعي، نزيل بغداد.
حدث عن: أحمد بن محمد بن العباس الاسفاطي، وأحمد بن عبيد الله النهرديري (3)، ومحمد بن عدي بن زحر المنقري، وعلي بن عمر الحربي السكري، وأبي أحمد العسكري، ومحمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ، وعبد الله بن اليسع الانطاكي، ومحمد بن المظفر، والدارقطني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان حافظا عارفا متكلما شاعرا، حدث عنه البرقاني في جمعه لحديث الثوري (4).
__________
(1) تقدمت ترجمتهما برقمي (92) و (93).
(2) انظر " الصلة " 2 / 506، 507.
وانظر بقية تصانيفه في " ترتيب المدارك " 4 / 734، و " معجم الادباء " 19 / 109، و " الديباج المذهب " 2 / 237، 238، و " شجرة النور " 1 / 112.
* تاريخ بغداد 11 / 331، طبقات الشافعية للشيرازي 131، الانساب (النعيمي)، تبيين كذب المفتري 250، اللباب 3 / 318، طبقات ابن الصلاح الورقة 65 ب، تذكرة الحفاظ 3 / 1112، العبر 3 / 152، طبقات السبكي 5 / 237 - 239، طبقات الاسنوي 2 / 488، 489، النجوم الزاهرة 4 / 277، طبقات الحفاظ 426، 427، شذرات الذهب 3 / 226.
(3) في الاصل: النهرتيري، وما أثبتناه من " اللباب " وفيه ذكر أحمد بن عبيدالله هذا، وقد تقدمت ترجمة هذه النسبة في الصفحة 429 ت رقم (1).
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 331، 332.
(*)

(17/445)


قال: وسمعت الصوري يقول: لم أر ببغداد أحدا أكمل من النعيمي، قد جمع معرفة الحديث والكلام والادب، ودرس شيئا من فقه الشافعي.
قال: وكان البرقاني يقول: هو كامل في كل شئ لولا بأو فيه (1).
قال الخطيب: وحدثني الازهري قال: وضع النعيمي على ابن المظفر حديثا لشعبة، فتنبه أصحاب الحديث على ذلك، فخرج النعيمي عن بغداد، وغاب حتى مات ابن المظفر، ومات من عرف قصته، ثم عاد إلى بغداد (2).
مات النعيمي وهو في عشر الثمانين سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
كتب إلينا المسلم بن علان: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرني علي بن أحمد النعيمي، حدثنا محمد بن أحمد بن الفيض الاصبهاني ثقة، حدثنا علي بن عبدالحميد الغضائري، حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، حدثنا بشر بن السري، عن سفيان، عن عبيدالله، عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الطواف بالبيت والسعي لاقامة ذكر الله عزوجل " (3).
صوابه: الثوري، عن عبيدالله بن أبي زياد، عن القاسم.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 332، والبأو: العجب والفخر.
(2) المصدر السابق.
(3) هو في تاريخ بغداد 11 / 331، 332، وعبيدالله بن أبي زياد ليس بالقوي، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 1 / 459، ووافقه المؤلف في مختصره، وأخرجه من طرق عن عبيد الله بن أبي زياد بهذا الاسناد أحمد 6 / 64 و 75 و 139، وأبو داود (1888) والترمذي (902) وأبو داود (1888) والدارمي 2 / 50.
(*)

(17/446)


ومن شعر النعيمي المشهور له: إذا أظمأتك أكف اللئام * كفتك القناعة شبعا وريا فكن رجلا رجله في الثرى * وهامة همته في الثريا أبيا لنائل ذي ثروة * تراه بما في يديه أبيا فإن إراقة ماء الحياة * دون إراقة ماء المحيا (1)
300 - الارموي * الحافظ الامام الجوال، أبو النجيب، عبد الغفار بن عبد الواحد بن محمد، الارموي.
سمع ابن نظيف بمصر، وأحمد بن عبد الله المحاملي ببغداد، وأبا نعيم بأصبهان.
روى عنه: الخطيب، والكتاني، ونجا بن أحمد.
قال الخطيب (2): جاور بمكة، فأكثر عن أبي ذر، ورجع إلى الشام، فمات بين دمشق والرحبة، في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
وذكر الحبال أنه توفي سنة ست وخمسين، فغلط.
مات قبل حين الرواية شابا.
__________
(1) الابيات في " تبيين كذب المفتري " 251، 252، و " تاريخ بغداد " 11 / 332، و " طبقات " السبكي 5 / 338، 339، والبيتان الاولان منها في " النجوم الزاهرة " 4 / 396 وفيه " عطشتك " بدل " أظمأتك ".
* تاريخ بغداد 11 / 117.
والارموي: نسبة إلى أرمية، وهي من بلاد أذربيجان.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 117.
(*)

(17/447)


301 - عمر بن إبراهيم * ابن إسماعيل، الحافظ القدوة، أبو الفضل بن أبي سعيد، الهروي، الزاهد، خال شيخ الاسلام أبي عثمان الصابوني (1).
سمع عبد الله بن عمر بن علك الجوهري، وطبقته بمرو، والحسين ابن محمد بن عبيد العسكري، وعدة ببغداد، وعلي بن عبدالرحمن البكائي بالكوفة، وأبا بكر الاسماعيلي بجرجان، وبشر بن أحمد بإسفرايين، وأبا عمرو بن حمدان بنيسابور، وأمثالهم.
وكان مقدما في العلم والعمل والزهد والورع.
حدث عنه: ابن أخته أبو عثمان، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد
الانصاري، ومحمد بن علي العميري الزاهد، وعبد الاعلى بن عبد الواحد المليحي، وآخرون.
وكان محدث هراة وشيخها.
وكان أبوه من كبار العلماء، توفي سنة تسعين وثلاث مئة.
وتوفي أبو الفضل الزاهد في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وأربع مئة (2)، من أبناء الثمانين.
وفيها مات أبو بكر محمد بن علي بن مصعب التاجر، ومسند العراق أبو علي بن شاذان (3) البزاز، وسفيان بن محمد بن حسنكويه السفياني، وعبد
__________
* تاريخ بغداد 11 / 273، 274، العبر 3 / 158، شذرات الذهب 3 / 229.
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (17).
(2) قال الخطيب في " تاريخ بغداد ": وبلغني أنه توفي بهراة في سنة ست وعشرين وأربع مئة.
(3) تقدمت ترجمته برقم (273).
(*)

(17/448)


الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجوبري (1)، وأبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري (2)، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب البرقاني (3)، وأبو سعيد عبدالرحمن بن محمد بن عبد الله بن شبانه (4)، وزاهد وقته أبو الحسن علي بن أحمد الخرقاني (5).

302 - ابن مصعب * الشيخ الامين، أبو بكر، محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب بن عبيدالله بن مصعب بن إسحاق، ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلحة بن عبيدالله، التيمي، الاصبهاني، التاجر، بقية المشايخ.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وأحمد بن جعفر السمسار، وشاكر بن عمر المعدل، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وسليمان الطبراني، وجماعة.
حدث عنه: أبو العباس أحمد بن محمد بن بشرويه، وأبو الفتح أحمد ابن محمد الحداد، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، وأبو علي أحمد بن محمد بن شهريار، والمقرئ أبو علي الحداد، وعدة.
وكان من كبراء أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة، وهو عم أم الحافظ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (272).
(2) سترد ترجمته برقم (307).
(3) سترد ترجمته برقم (306).
(4) تقدمت ترجمته برقم (288).
(5) تقدمت ترجمته برقم (277).
* العبر 3 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 1076، شذرات الذهب 3 / 229.
(*)

(17/449)


إسماعيل بن محمد التيمي، مصنف " الترغيب والترهيب ".
توفي في ربيع الاول، سنة خمس وعشرين وأربع مئة، وقد ناطح التسعين، رحمه الله.
قرأنا على إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود الجمال، (ح) ونبأني أحمد بن سلامة، عن مسعود، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي القرشي سنة أربع وعشرين وأربع مئة، حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن
العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن حمزة الزيات، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله: يا ابن آدم: اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، اذكرني في ملا من الناس أذكرك في ملا خير منهم ".
تفرد به معاوية (1).

303 - ابن بشران * الشيخ الامام، المحدث الصادق، الواعظ المذكر، مسند العراق، أبو القاسم، عبدالملك بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشران
__________
(1) هو من رجال مسلم وقد وصفه الحافظ في " التقريب " بأن صدوق له أوهام، وأخرجه بأطول مما هنا البخاري (7405) ومسلم (2675) (21) والترمذي (3603) وابن ماجة (3822) وأحمد 2 / 251 و 413، و 480 من طرق عن الاعمش، سمعت أبا صالح، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ".
* تاريخ بغداد 10 / 432، 433، المنتظم 8 / 102، العبر 3 / 171، 172، دول الاسلام 1 / 256، تذكرة الحفاظ 3 / 1097، النجوم الزاهرة 5 / 30، شذرات الذهب 3 / 246، هدية العارفين 1 / 625، إيضاح المكنون 1 / 123.
(*)

(17/450)


ابن مهران، الاموي مولاهم البغدادي، صاحب الامالي (1) الكثيرة.
مولده في شوال سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع الكثير هو وأخوه أبو الحسين (2) بن بشران المعدل من جماعة.
حدث عن: أبي بكر النجاد، وأبي سهل بن زياد، وحمزة الدهقان، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وعبد الله بن محمد الفاكهي المكي، ودعلج
السجزي، وأبي بكر الشافعي، وعمر بن محمد الجمحي، وأبي بكر الآجري، وعبد الخالق بن أبي روبا، وعبد الباقي بن قانع، وأحمد بن نيخاب (3) الطيبي، وأبي علي بن الصواف، والحسن بن الخضر الاسيوطي، وأحمد بن إبراهيم الكندي، والقطيعي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الفضل بن خيرون، ومحمد بن سليمان بن لوبا، ومحمد بن أحمد بن الفقيرة، وأبو غالب محمد بن عبد العزيز، ومحمد بن المنذر بن طيبان، وأبو نصر أحمد بن الحسن المزرر، وأبو الحسن علي بن الخل، وأبو منصور محمد بن أحمد الخيطا، وأبو الخطاب بن الجراح، وأبو سعد الاسدي، وأبو غالب بن الباقلاني، وعلي بن أحمد بن فتحان الشهرزوري، وخلق كثير.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ثبتا صالحا.
مات في ربيع الآخر، سنة ثلاثين وأربع مئة، وأوصى أن يدفن بجنب الشيخ أبي طالب
__________
(1) انظر النسخ الخطية لبعض هذه الامالي في " تاريخ " سزكين 1 / 387.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (189).
(3) تقدم ضبطه في الصفحة 416 ت رقم (4).
(*)

(17/451)


المكي، وكان الجمع في جنازته يتجاوز الحد، ويفوت الاحصاء.
رحمه الله (1).
أخبرنا حسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو ياسر الخياط وأبو سعد الاسدي قالا: أخبرنا أبو القاسم ابن بشران، أخبرنا أحمد بن الفضل بن خزيمة، حدثنا محمد بن إسماعيل
الترمذي، حدثنا محمد بن عيسى الطباع، حدثنا هشيم، حدثنا منصور، عن علي بن زيد، عن أبي خالد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قيل: يا رسول الله ! كيف يمشون على وجوههم ؟ قال: " إن الذي أمشاهم على أقدامهم يمشيهم على وجوههم " (2).

304 - المنيني * الامام المقرئ، خطيب منين، أبو بكر، محمد بن رزق الله ابن عبيدالله بن أبي عمرو المنيني، الاسود.
عاش بضعا وثمانين سنة.
سمع علي بن أبي العقب، وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 432، 433.
(2) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان - وجهالة أبي خالد واسمه أوس بن أبي أوس، وأخرجه الترمذي (3142) في التفسير، وأحمد 2 / 354 و 363 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بهذا الحديث، وقد صح الحديث من طريق آخر عن أنس أن رجلا قال: يا نبي الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال: " أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة ؟ " قال قتادة راويه عن أنس: بلى وعزة ربنا.
أخرجه البخاري (4760) و (6523) ومسلم (2806).
* الانساب (المنيني)، معجم البلدان 5 / 218، اللباب 3 / 266، العبر 3 / 160، الوافي بالوفيات 3 / 70، شذرات الذهب 3 / 230.
(*)

(17/452)


مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبا علي بن آدم.
روى عنه: أبو الوليد الدربندي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وآخرون.
قال الدربندي: لم يكن في جميع الشام من يكنى بأبي بكر غيره، وكان ثقة.
قلت: وكذا لم يكن يوجد بمصر منذ تملك بنو عبيد أحد يكنى بأبي بكر، وكانت الدنيا تغلي بهم رفضا وجهلا.
مات أبو بكر سنة ست وعشرين وأربع مئة.
وفيها مات العلامة شيخ البلاغة أحمد بن عبدالملك بن شهيد (1) الاندلسي، وإبراهيم بن جعفر بن أبي الكرام بمصر.

305 - أبو نعيم * أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (323).
* تبيين كذب المفتري 246، المنتظم 8 / 100، معجم البلدان 1 / 210، الكامل في التاريخ 9 / 466، طبقات الاطباء 108، المبهمات للنووي 35 أ، وفيات الاعيان 1 / 91، 92 تذكرة الحفاظ 3 / 1092 - 1098، العبر 3 / 170، ميزان الاعتدال 1 / 111، دول الاسلام 1 / 255، 256، الوافي بالوفيات 7 / 81 - 84، عيون التواريخ 12 / 176 / 2، مرآة الجنان 3 / 52، 53، طبقات السبكي 4 / 18 - 25، طبقات الاسنوي 2 / 474، 475، البداية والنهاية 12 / 45، غاية النهاية 1 / 71، لسان الميزان 1 / 201، النجوم الزاهرة 5 / 30، طبقات الحفاظ 423، طبقات ابن هداية الله 141، 142، منهج المقال 37، تنقيح المقال 1 / 65، منتهى المقال 36، شذرات الذهب 3 / 245، روضات الجنات 75، هدية العارفين 1 / 74، 75، أعيان الشيعة 9 / 5 - 13.
(*)

(17/453)


الامام الحافظ، الثقة العلامة، شيخ الاسلام، أبو نعيم، المهراني، الاصبهاني، الصوفي، الاحول، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء،
وصاحب " الحلية ".
ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وكان أبوه من علماء المحدثين والرحالين، فاستجاز له جماعة من كبار المسندين، فأجاز له من الشام خيثمة بن سليمان بن حيدرة، ومن نيسابور أبو العباس الاصم، ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوذب، ومن بغداد أبو سهل بن زياد القطان، وجعفر بن محمد بن نصير الخلدي، ومن الدينور أبو بكر بن السني، وآخرون.
وسمع من أبي محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، في سنة أربع وأربعين وثلاث مئة، ومن القاضي أبي أحمد العسال، وأحمد بن بندار الشعار، وأحمد بن معبد السمسار، وأحمد بن محمد القصار، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني، وأحمد بن إبراهيم ابن يوسف التيمي، والحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي، وأبي إسحاق بن حمزة، وأبي القاسم الطبراني، وعبد الله بن محمد ابن إبراهيم العقيلي، وأبي مسلم عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن سياه، ومحمد بن معمر بن ناصح الذهلي، والحافظ محمد بن عمر الجعابي قدم عليهم، وأبي الشيخ بن حيان، وابن المقرئ (1)، وخلق كثير بأصبهان، ومن أبي بكر بن الهيثم الانباري، وأحمد بن يوسف بن
__________
(1) وهو محمد بن إبراهيم بن علي الاصبهاني، المتوفى سنة 381 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/454)


خلاد النصيبي (1)، وأبي علي بن الصواف (2)، وأبي بحر بن كوثر البربهاري (3)، وعبد الرحمن بن العباس، والد المخلص، وعيسى بن
محمد الطوماري (4)، ومخلد بن جعفر الدقيقي، وأبي بكر القطيعي، وطبقتهم ببغداد، وحبيب بن الحسن القزاز، وفاروق بن عبد الكبير الخطابي، وعبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري، وأحمد بن الحسن بن القاسم بن الريان اللكي، ومحمد بن علي بن مسلم العامري، وطبقتهم بالبصرة، وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم، وأبي بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، وعدة بالكوفة، ومن أبي عمرو ابن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وحسينك التميمي (5)، وخلق بنيسابور، وأحمد بن إبراهيم الكندي، وأبي بكر الآجري، وغيرهما بمكة.
وعمل " معجم " شيوخه، وكتاب " الحلية "، و " المستخرج
__________
(1) نسبة إلى نصيبين، وهي مدينة مشهورة من بلاد الجزيرة، وأحمد بن يوسف هذا متوفى سنة 359 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو محمد بن أحمد بن الحسن بن اسحاق البغدادي، المتوفى سنة 359 ه.
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هذه النسبة إلى بربهار، وهي الادوية التي تجلب من الهند من الحشيش والعقاقير وغيرها، ومن يجلبها يقال له: البربهاري.
وأبو بحر وهو محمد بن الحسن بن كوثر بن علي البربهاري، المتوفى سنة 362 ه قد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هذه النسبة إلى طومار، وهو لقب رجل، وقد مرت ترجمة عيسى بن محمد الطوماري هذا في الجزء السادس عشر، وهو متوفى سنة 360 ه.
(5) وهو الحسين بن علي بن محمد التميمي، المتوفى سنة 375 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(*)

(17/455)


على الصحيحين " (1)، و " تاريخ أصبهان " (2)، و " صفة الجنة "، وكتاب " دلائل النبوة " (3)، وكتاب " فضائل الصحابة "، وكتاب " علوم الحديث "، وكتاب " النفاق ".
ومصنفاته كثيرة جدا (4).
روى عنه: كوشيار بن لياليزور الجيلي ومات قبله بأزيد من ثلاثين سنة، وأبو سعد الماليني ومات قبله بثمانية عشر عاما، وأبو بكر بن أبي علي الهمداني، وأبو بكر الخطيب، وأبو علي الوخشي (5)، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وهبة الله بن محمد الشيرازي، ويوسف بن الحسن التفكري (6)، وعبد السلام بن أحمد القاضي، ومحمد بن عبد الجبار ابن ييا (7)، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، ومحمد بن عبد الواحد ابن محمد الصحاف، ومحمد بن عبد الله الادمي الفقيه، وأبو غالب محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء القاضي، وأبو الفضائل محمد بن أحمد بن يونس، ومحمد بن سعد بن ممك العطار، وأبو سعد محمد
__________
(1) ولكتابه " المستخرج على صحيح مسلم " عدة نسخ خطية.
انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 226، 227.
(2) واسمه " ذكر أخبار أصبهان " وقد طبع في ليدن في جزأين في سنة 1931، 1934، ثم صور.
(3) وقد طبع في المطبعة النظامية بحيدر أباد سنة 1320 ه، ويغلب على الظن أن المطبوع ناقص.
(4) انظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 6 / 227.
(5) هذه النسبة إلى وخش، وهي بلدة بنواحي بلخ من ختلان، وهي كورة واسعة كثيرة الخير، طيبة الهواء، وأبو علي الوخشي هو الحسن بن علي بن محمد الوخشي الحافظ، متوفى
سنة 471 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (175).
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (280).
(7) بياءين الثانية ثقيلة، انظر " تبصير المنتبه " 1 / 221.
(*)

(17/456)


ابن سرفرتج (1)، وأبو منصور محمد بن عبد الله بن مندويه الشروطي، والاديب محمد بن محمود الثقفي، ومحمد بن الفضل بن كندوج، ومحمد بن علي بن محمد بن المرزبان، ومحمد بن حسين بن محمد ابن زيله، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري، وأحمد بن منصور القاص، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن رشيد الادمي، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمد التيمي اللبان، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأبو نصر إسماعيل بن المحسن بن طراق، وبندار بن محمد الخلقاني، وحمد بن علي الباهلي الدلال، وأبو العلاء حمد بن عمر الشرابي، وحمد بن محمد التاجر، وحمد بن محمود البقال، وأبو العلاء حسين بن عبيدالله الصفار، وحيدر بن الحسن السلمي، وخالد ابن عبد الواحد التاجر، وأبو بكر ذو النون بن سهل الاشناني، وزكريا ابن محمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن عبد الله التميمي، وأبو زيد سعد بن عبدالرحمن الصحاف، وسهل بن محمد المغازلي، وصالح ابن عبد الواحد البقال، وأبو علي صالح بن محمد الفابجاني (2)، وعبد الله بن عبد الرزاق بن ررا، وأبو زيد عبيدالله بن عبد الواحد الخرقي، وأبو محمد عبيدالله بن الخصيب الحلاوي، وأبو الرجاء عبيدالله بن أحمد، وأبو طاهر عبد الواحد بن أحمد الشرابي، وعبد الجبار بن عبد الله بن فورويه الصفار، وأبو طاهر علي بن عبد الواحد
__________
(1) هو الرئيس أبو سعد محمد بن علي بن محمد إبراهيم المديني الثاني الكاتب، المتوفى سنة 505 ه.
ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (194).
(2) نسبة إلى الفابجان - بكسر الباء الموحدة - قال السمعاني: وهي قرية من قرى أصبهان ولا أدري هي الفابزان...أو غيرها، وظني أنهما قريتان.
وقد رجح ابن الاثير في " اللباب " أنهما قرية واحدة.
(*)

(17/457)


ابن فاذشاه، وعلي بن أحمد البرجي، وغانم بن محمد بن عبيدالله البرجي، وعباد بن منصور المعدل، والفضل بن عبد الواحد، والفضل ابن عمر بن سهلويه، وأبو طاهر المحسد بن محمد، ومبشر بن محمد الجرجاني الواعظ، وأبو علي الحداد، وأخوه أبو الفضل حمد، وخلق كثير من مشيخة السلفي خاتمتهم بعد الحداد أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدشتج الذهبي.
وكان حافظا مبرزا عالي الاسناد، تفرد في الدنيا بشئ كثير من العوالي، وهاجر إلى لقيه الحفاظ.
قال أبو محمد السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين، أبو نعيم الاصبهاني وأبو حازم العبدويي (1).
قال ابن المفضل الحافظ: جمع شيخنا أبو طاهر السلفي أخبار أبي نعيم وذكر من حدثه عنه، وهم نحو الثمانين، وقال: لم يصنف مثل كتابه " حلية الاولياء "، سمعناه من أبي المظفر القاساني (2) عنه سوت فوت يسير (3).
__________
(1) تقدم هذا الخبر وتخريجه في ترجمة العبدويي رقم (204).
قال السبكي: والحافظ
أبو بكر الخطيب وهو من أخص تلامذته (يعني أبا نعيم) وقد رحل إليه، وأكثر عنه، ومع ذلك لم يذكره في " تاريخ بغداد " ولا يخفى عليه أنه دخلها، ولكن النسيان طبيعة الانسان، وكذلك أغفله الحافظ أبو سعد ابن السمعاني، فلم يذكره في " الذيل ".
" الطبقات الكبرى " 4 / 20.
(2) بالسين المهملة - والناس يقولونها بشين معجمة - نسبة إلى قاسان: بلدة عند قم على ثلاثين فرسخا من أصبهان.
وفي " تذكرة الحفاظ ": " القاشاني " بالشين المعجمة، وتصحف في " طبقات " السبكي إلى " الفاشاني " بالفاء والشين المعجمة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1093، 1094، و " طبقات " السبكي 4 / 21.
(*)

(17/458)


قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه، ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره، ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غداء سوى التصنيف والتسميع (1).
قال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى منه إسنادا، ولا أحفظ منه.
وكانوا يقولون: لما صنف كتاب " الحلية " حمل الكتاب إلى نيسابور حال حياته، فاشتروه بأربع مئة دينار (2).
قلت: روى أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه عن رجل، عن أبي نعيم، فقال في كتاب " طبقات الصوفية ": حدثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي بن حبيش المقرئ ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن سهل الادمي فذكر حديثا (3).
قال أبو طاهر السلفي: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبار الفرساني يقول: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي الذكواني المعدل في صغري مع أبي، فلما فرغ من إملائه، قال إنسان: من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم، فليقم.
وكان أبو نعيم في ذلك الوقت مهجورا بسبب المذهب، وكان بين الاشعرية والحنابلة تعصب
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1094، و " طبقات " السبكي 4 / 21.
(2) المصدران السابقان.
(3) انظر الحديث في " طبقات الصوفية " 266، 267.
(*)

(17/459)


زائد يؤدي إلى فتنة، وقيل وقال، وصداع طويل، فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الاقلام، وكاد الرجل يقتل (1).
قلت: ما هؤلاء بأصحاب الحديث، بل فجرة جهلة، أبعد الله شرهم.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الاصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان، أمر عليها واليا من قبله، ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي، فقتلوه، فرجع السلطان إليها، وآمنهم حتى اطمأنوا، ثم قصدهم في يوم جمعة وهم في الجامع، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وكانوا قبل ذلك منعوا الحافظ أبا نعيم من الجلوس في الجامع، فسلم مما جرى عليهم، وكان ذلك من كرامته (2).
وقال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت عبد الوهاب الانماطي يقول:
رأيت بخط أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم، عن جزء محمد بن عاصم: كيف قرأته على أبي نعيم، وكيف رأيت سماعه ؟ فقال: أخرج إلي كتابا، وقال: هو سماعي، فقرأته عليه.
ثم قال الخطيب: قد رأيت لابي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أن يقول في الاجازة: أخبرنا.
من غير أن يبين (3).
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095، و " طبقات " السبكي 4 / 21، 22، و " تبيين كذب المفتري " 247.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095، 1096، و " الوافي بالوفيات " 7 / 83، و " طبقات " السبكي 4 / 23.
(*)

(17/460)


قال الحافظ أبو عبد الله ابن النجار: جزء محمد بن عاصم قد رواه الاثبات عن أبي نعيم، والحافظ الصادق إذا قال: هذا الكتاب سماعي، جاز أخذه عنه بإجماعهم (1).
قلت: قول الخطيب: كان يتساهل...إلى آخره، هذا شئ قل أن يفعله أبو نعيم، وكثيرا ما يقول: كتب إلي الخلدي.
ويقول: كتب إلي أبو العباس الاصم، وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه.
ولكني رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذي سمع منه كثيرا وهو أكبر شيخ له: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه.
فيوهم أنه سمعه، ويكون مما هو له بالاجازة، ثم إطلاق الاخبار على ما هو بالاجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي الاندلس، وتوسعوا فيه.
وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل الاصم وأبي
الميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم بل له منهم إجازة، كان له سائغا، والاحوط تجنبه.
حدثني أبو الحجاج الكلبي الحافظ أنه رأى خط الحافظ ضياء الدين قال: وجدت بخط أبي الحجاج بن خليل أنه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم.
قلت: فبطل ما تخيله الخطيب، وتوهمه، وما أبو نعيم بمتهم، بل هو صدوق عالم بهذا الفن، ما أعلم له ذنبا - والله يعفو عنه - أعظم من روايته للاحاديث الموضوعة في تواليفه، ثم يسكت عن توهيتها.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1096، و " الوافي بالوفيات " 7 / 83، و " طبقات " السبكي 4 / 24.
(*)

(17/461)


قال الحافظ أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو: سمعت أبا الحسين القاضي، سمعت عبد العزيز النخشبي يقول: لم يسمع أبو نعيم " مسند " الحارث بن أبي أسامة بتمامه من أبي بكر بن خلاد، فحدث به كله، فقال الحافظ ابن النجار: قد وهم في هذا، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وخط أبي نعيم عليها يقول: سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا " المسند " من ابن خلاد، ويمكن أن يكون روى الباقي بالاجازة، ثم قال: لو رجم النجم جميع الورى * لم يصل الرجم إلى النجم (1) قلت: قد كان أبو عبد الله بن مندة يقذع في المقال في أبي نعيم (2) لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي الحسن، ونال أبو نعيم أيضا من أبي عبد الله في " تاريخه "، وقد
عرف وهن كلام الاقران المتنافسين بعضهم في بعض.
نسأل الله السماح.
وقد نقل الحافظان ابن خليل والضياء جملة صالحة إلى الشام من تواليف أبي نعيم ورواياته، أخذها عنهما شيوخنا، وعند شيخنا أبي الحجاج من ذلك شئ كثير بالاجازة العالية " كالحلية "، و " المستدرك على صحيح مسلم ".
مات أبو نعيم الحافظ في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربع مئة وله أربع وتسعون سنة.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1096، 1097، و " الوافي بالوفيات " 7 / 83، 84.
(2) انظر الصفحة (32) تعليق رقم (5) في ترجمة ابن منده رقم (13).
(*)

(17/462)


أخبرنا الحسن بن علي وسليمان بن قدامة قالا: أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وحمد بن سهلويه الشرابي، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري، وأبو علي الحداد قالوا: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو إسحاق بن حمزة، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " (1).
أخبرنا أحمد بن محمد الآنمي غير مرة، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال (ح) وأنبأني ابن سلامة عن الجمال، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القصار، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، سمعت أبي،
سمعت سفيان، سمعت الزهري، سمعت ابن المسيب يقول: طوبى لمن كان عيشه كفافا وقوله سدادا.
ومات معه في سنة ثلاثين مسند العراق، أبو القاسم عبدالملك بن محمد بن عبد الله بن بشران (2) الواعظ، ومسند الاندلس أبو عمرو أحمد بن محمد بن هشام بن جهور له إجازة الآجري، وشيخ التفسير أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري (3) الضرير، وصاحب الآداب أبو منصور عبد
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف يونس بن أبي يعفور، فإنه كثير الخطأ، لكن في الباب ما يقويه عن عمر بن الخطاب عند ابن سعد 8 / 463، والخطيب 6 / 182، والحاكم 3 / 142، وأبي نعيم 2 / 34، ورجاله ثقات لكنه منقطع، وعن ابن عباس عند الخطيب 10 / 271، وعن المسور عند أحمد 4 / 323 و 332، فالحديث صحيح بها.
(2) تقدمت ترجمته برقم (303).
(3) سترد ترجمته برقم (359).
(*)

(17/463)


الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي (1)، والعلامة أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي (2) المصري، صاحب كتاب " الاعراب "، والعلامة أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي (3) شيخ المالكية بالقيروان.

306 - البرقاني * الامام العلامة الفقيه، الحافظ الثبت، شيخ الفقهاء والمحدثين، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب، الخوارزمي، ثم البرقاني الشافعي، صاحب التصانيف (4).
سمع في سنة خمسين وثلاث مئة بخوارزم من: أبي العباس بن حمدان الحيري النيسابوري أخي (5) أبي عمرو، حدثه عن محمد بن
الضريس، والكبار، وسمع بها من محمد بن علي الحساني، وأحمد بن إبراهيم بن جناب الخوارزميين.
وسمع بهراة من أبي الفضل بن خميرويه.
وبجرجان من الامام أبي بكر الاسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (292).
(2) سترد ترجمته برقم (346).
(3) سترد ترجمته برقم (364).
* تاريخ بغداد 4 / 373 - 376، طبقات الشيرازي 106، الانساب 2 / 156، 157، تاريخ دمشق 2 / 47 / 2، 48 / 2، المنتظم 8 / 79، معجم البلدان 1 / 387، اللباب 1 / 140، طبقات ابن الصلاح ورقة 35، تذكرة الحفاظ 3 / 1074 - 1076، العبر 3 / 156، دول الاسلام 1 / 253، المشتبه 1 / 66، الوافي بالوفيات 7 / 331، عيون التواريخ 12 / 138، طبقات السبكي 4 / 47، 48، طبقات الاسنوي 1 / 231، 232، البداية والنهاية 12 / 36، النجوم الزاهرة 4 / 280، طبقات الحفاظ 418، شذرات الذهب 3 / 228، هدية العارفين 1 / 74.
والبرقاني: نسبة إلى قرية من قرى كاث بنواحي خوارزم، خرب أكثرها، وصارت مزرعة.
وهي بفتح الباء كما ضبطها السمعاني، وقال ياقوت: وبعضهم يقول بكسرها.
(4) انظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 384.
(5) في الاصل: " أخو ".
(*)

(17/464)


وببغداد من أبي علي بن الصواف، ومحمد بن جعفر البندار، وأبي بحر بن كوثر، وأحمد بن جعفر الختلي، وأبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وابن كيسان، وخلق، وبنيسابور من أبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وعدة.
وبدمشق من أبي بكر بن أبي الحديد.
وبمصر من الحافظ عبد الغني، وعبد الرحمن بن عمر المالكي.
حدث عنه: أبو عبد الله الصوري، وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، والفقيه أبو إسحاق الشيرازي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو القاسم علي بن أبي العلاء المصيصي، وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرجي، وأبو الفضل بن خيرون، ويحيى بن بندار البقال، ومحمد بن عبد السلام الانصاري، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعدد كثير.
واستوطن بغداد دهرا.
قال الخطيب (1): كان البرقاني ثقة ورعا ثبتا فهما، لم نر في شيوخنا أثبت منه، عارفا بالفقه، له حظ من علم العربية، كثير الحديث، صنف " مسندا " ضمنه ما اشتمل عليه " صحيح " البخاري ومسلم، وجمع حديث سفيان الثوري، وأيوب، وشعبة، وعبيدالله بن عمر، وعبد الملك بن عمير، وبيان بن بشر، ومطر الوراق، وغيرهم، ولم يقطع التصنيف إلى حين وفاته، ومات وهو يجمع حديث مسعر، وكان حريصا على العلم، منصرف الهمة إليه، سمعته يقول يوما لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح: ادع الله تعالى أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب علي، فليس لي اهتمام إلا به.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 374.
(*)

(17/465)


قال أبو القاسم الازهري: البرقاني إمام، إذا مات ذهب هذا الشأن (1).
قال الخطيب: سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني.
وسألت الازهري: هل رأيت شيخا أتقن من البرقاني ؟ قال: لا.
وذكره أبو محمد الحسن بن محمد
الخلال، فقال: هو نسيج وحده (2).
قال الخطيب: أنا ما رأيت شيخا أثبت منه (3).
وقال أبو الوليد الباجي: البرقاني ثقة حافظ (4).
وذكره الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الشافعية "، فقال: ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة، وسكن بغداد، وبها مات في أول رجب سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
ثم قال: تفقه في حداثته، وصنف في الفقه، ثم اشتغل بعلم الحديث، فصار فيه إماما (5).
قال البرقاني: دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت الدنانير، وبقي الدرهم، فدفعته إلى خباز، فكنت آخذ منه كل يوم رغيفين، وآخذ من بشر بن أحمد الاسفراييني جزءا فأكتبه، وأفرغه
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 374، 375.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 375.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 374 والنص فيه: لم ير في شيوخنا أثبت منه.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1075.
(5) انظر " طبقات " الشيرازي 106، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1075.
(*)

(17/466)


بالعشي، فكتبت ثلاثين جزءا، ونفد ما عند الخباز، فسافرت (1).
قلت: كان الخبز رخيصا إلى الغاية.
قال أبو بكر الخطيب: حدثني أحمد بن غانم - وكان صالحا - قال: نفلت البرقاني من بيته، فكان معه ثلاثة وستون سفطا وصندوقان، كل ذلك مملوء كتبا (2).
قلت: ومن همته أنه سمع (3) من تلميذه أبي بكر الخطيب، وحدث عنه في حياته، وقد سمعنا المصافحة له في مجلد بإسناد عال.
قال الخطيب: كنت أذاكره الاحاديث، فيكتبها عني، ويضمنها جموعه، وسمعته يقول: كان الامام أبو بكر الاسماعيلي يقرأ لكل واحد ممن يحضره ورقة بلفظه، ثم يقرأ عليه، وكان يقرأ لي ورقتين، ويقول للحاضرين: إنما أفضله عليكم لانه فقيه (4).
قلت: قد روى عن الاسماعيلي " صحيحه ".
أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن: أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا أبو بكر البرقاني: قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب، أخبركم محمد بن عبدالرحمن السامي، حدثنا خلف بن هشام، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 375.
(2) المصدر السابق.
(3) في الاصل: " سمعه ".
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 374 و 375.
(*)

(17/467)


فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والله إني لا آمن اليهود على كتابي ".
قال: فلما تعلمت كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم، فإذا كتبوا إليه، قرأت كتابهم له (1).
ذكره البخاري تعليقا (2)، فقال: وقال خارجة بن زيد عن أبيه، لان ابن أبي الزناد ليس من شرطه، ومع هذا فذكره بصيغة جزم لصدق عبد
الرحمن ومعرفته بعلم أبيه.

307 - المري * الحافظ الامام، أبو نصر، عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر بن أيوب المري، الاذرعي (3) ثم الدمشقي، الشروطي، ابن الجبان (4).
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3645) في العلم، والترمذي (2716) في الاستئذان، وأحمد 5 / 186 كلهم من طريق عبدالرحمن بن أبي الزناد بهذا الاسناد، وصححه الحاكم 1 / 75، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وله طريق آخر صحيح أخرجه أحمد 5 / 182، والحاكم 3 / 422 عن جرير، عن الاعمش، عن ثابت بن عبيد، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتحسن السريانية إنها تأتيني كتب ؟ قال: قلت: لا، قال: فتعلمها، فتعلمتها في سبعة عشر يوما.
انظر " فتح الباري " 13 / 161.
(2) 13 / 161 في الاحكام: باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد، قال الحافظ: وهذا التعليق من الاحاديث التي لم يخرجها البخاري إلا معلقة وقد وصله مطولا في كتاب التايخ عن اسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد.
* الاكمال 2 / 261، معجم البلدان 1 / 131، العبر 3 / 158 وتصحف فيه إلى " المزي " بالزاي، تذكرة الحفاظ 3 / 1076 وتصحف فيه كالعبر، توضيح المشتبه: " الجبان " 1 / الورقة / 112، شذرات الذهب 3 / 229.
(3) نسبة إلى أذرعات، وهو بلد في أطراف الشام.
انظر " معجم البلدان ".
(4) بالجيم، وقد تصحف في " العبر " و " شذرات الذهب " إلى " الحبان " بالحاء المهملة.
(*)

(17/468)


حدث عن: الحسين بن أبي الزمزام (1)، وأبي عمر بن فضالة،
ومظفر بن حاجب بن أركين، والفضل المؤذن، وجمح (2)، وعدة.
ولم يرحل.
وعنه: الاهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وأبو سعد السمان، والكتاني، وابن أبي العلاء.
وثقة أبو بكر الحداد.
وقال الكتاني: هو أستاذنا وشيخنا، صنف كتبا كثيرة، وكان يحفظ شيئا من علم الحديث (3).
مات في شوال سنة خمس وعشرين وأربع مئة.

308 - السهمي * الامام الحافظ، المحدث المتقن، المصنف، أبو القاسم، حمزة ابن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد، القرشي السهمي، من ذرية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هشام بن العاص بن وائل السهمي، محدث جرجان.
__________
(1) تحرف في " معجم البلدان " 1 / 131 إلى " الزمام ".
(2) هو جمح بن القاسم بن عبد الوهاب الجمحي الدمشقي، المتوفى سنة 363 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " معجم البلدان " 1 / 131، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1076.
* الانساب 7 / 202، المنتظم 8 / 87، 88، معجم البلدان 2 / 122 (جرجان)، الكامل 9 / 445 (وفيات سنة 426)، اللباب 2 / 158، 159، تذكرة الحفاظ 3 / 1089، العبر 3 / 161، الوافي خ 11 / 143، النجوم الزاهرة 4 / 283، طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 231، هدية العارفين 1 / 336، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 456.
(*)

(17/469)


ولد سنة نيف وأربعين وثلاثين مئة.
وأول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين، سمع من أبيه المحدث أبي يعقوب، وأبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام، وأبي أحمد بن عدي، وأبي بكر الاسماعيلي، وخلق.
وارتحل في سنة ثمان وستين إلى أصبهان والري وبغداد والبصرة والشام ومصر والحرمين وواسط والاهواز والكوفة.
وروى عن: أبي محمد بن ماسي، وأبي حفص الزيات، وأبي محمد بن غلام الزهري، وأبي بكر الوراق، وعبد الوهاب الكلابي، وأبي بكر بن عبدان الشيرازي، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي، وجعفر بن حنزابة الوزير، وميمون بن حمزة العلوي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، وعلي بن محمد الزبحي (1)، وإسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي، وإبراهيم بن عثمان الجرجاني، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وآخرون.
وصنف التصانيف (2)، وتكلم في العلل والرجال.
__________
(1) بفتح الزاي، وسكون الباء الموحدة - كما في الاصل وضبطها السمعاني بالفتح، وقال: هذه النسبة إلى الزبح، وظني أنها قرية من قرى جرجان.
ثم أورد ترجمة علي بن محمد هذا.
" الانساب " 6 / 240.
(2) وقد طبع من تصانيفه: " تاريخ جرجان " و " سؤالات في الجرح " كلاهما بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد في الهند سنة 1950،.
وذكر حاجي خليفة من تصانيفه كتاب " تاريخ إستراباذ " وكتاب " الاربعين في فضائل العباس " انظر " كشف الظنون "
1 / 55، 57، 281.
(*)

(17/470)


مات سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، وقيل: سنة سبع وعشرين.
حدث الخطيب عن رجل عنه.

309 - ابن دوست * الشيخ الصدوق المسند، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست، البغدادي العلاف.
كان والده يروي عن أبي القاسم البغوي، ومات سنة نيف وثمانين وثلاث مئة روى عنه: ابن المهتدي بالله في مشيخته، وجماعة.
وسمع أبا عمرو ولده من أبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وعمر بن سلم الختلي، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، وحدث عن أبي بكر هذا بموطأ القعنبي.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقا.
مات في صفر سنة ثمان وعشرين وأربع مئة (1).
قلت: قارب التسعين.
حدث عنه: أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأبو الفضل بن خيرون، وعبد الواحد بن علوان، وثابت بن بندار، وآخرون.
__________
* تاريخ بغداد 11 / 314، الانساب 9 / 98 (العلاف) المنتظم 8 / 92، العبر 3 / 166، شذرات الذهب 3 / 238.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 314.
(*)

(17/471)


310 - مهيار * ابن مرزويه، الاديب الباهر، ذو البلاغتين، أبو الحسن الديلمي، الفارسي.
كان مجوسيا، فأسلم (1)، فقيل: أسلم على يد الشريف الرضي فهو شيخه في النظم وفي التشيع، فقال له ابن برهان: انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية، كنت مجوسيا، فصرت تسب الصحابة في شعرك (2).
وله ديوان، ونظمه جزل حلو، يكون ديوانه مئة كراس (3).
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.

311 - ابن بكير - * * الامام المقرئ المجود، أبو بكر، محمد بن عمر بن بكير (4) بن ود،
__________
* تاريخ بغداد 13 / 276، دمية القصر 1 / 303 - 309، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 549 - 560، المنتظم 8 / 94، 95، الكامل في التاريخ 9 / 456، وفيات الاعيان 5 / 359 - 363، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، 161، العبر 3 / 167، تتمة المختصر 1 / 518، 519، الوافي خ 26 / 121 - 125، عيون التواريخ 12 / 166 / 2 - 171 / 1، البداية والنهاية 12 / 41، 42، النجوم الزاهرة 5 / 26، 27، شذرات الذهب 3 / 242 - 243، تاج العروس 3 / 551 (مهر).
وانظر كتاب: " مهيار الديلمي، بحث ونقد وتحليل " لاسماعيل حسين.
(1) سنة أربع وتسعين وثلاث مئة كما قال ابن الاثير.
(2) انظر " الكامل " 9 / 456، و " وفيات الاعيان " 5 / 359، و " المنتظم " 8 / 94، و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 160، و " تتمة المختصر " 1 / 518، و " شذرات الذهب " 3 / 242، وابن برهان تقدمت ترجمته برقم (161).
(3) وقد طبع " ديوانه " في دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1930 في أربع مجلدات.
* * تاريخ بغداد 3 / 39، العبر 3 / 177، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 216، شذرات
الذهب 3 / 250.
(4) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى " بكر " وتصحف في " الشذرات " إلى " نكير ".
(*)

(17/472)


البغدادي النجار، جار أبي القاسم بن بشران.
ولد سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
وسمع أبا بكر بن خلاد النصيبي، وأبا بحر البربهاري، وأحمد بن جعفر الختلي، وأبا إسحاق المزكي، وطائفة.
وقرأ عليه جماعة كبار، منهم عبد السيد بن عتاب، وأبو الخطاب ابن الجراح، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وثابت بن بندار البقال، وذلك (1) لحق قراءته على البزوري (2).
صاحب أحمد بن فرح (3) المفسر.
وحدث عنه: الخطيب، وابن الطيوري، وأحمد بن بندار البقال.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة من أهل القرآن، تلا على إبراهيم بن أحمد البزوري.
توفي في ربيع الاول سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة (4).

312 - ابن غرسية * العلامة قاضي الجماعة، أبو المطرف، عبدالرحمن بن أحمد بن
__________
(1) أي: ابن بكير صاحب الترجمة.
(2) وهو إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق البزوري، المتوفي سنة 361 ه، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 4.
(3) فرح بالحاء المهملة، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " إلى فرج بالجيم، وانظر ترجمة أحمد بن فرح في " غاية النهاية " 1 / 95، 96.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 39.
* ترتيب المدارك 4 / 736، الصلة 2 / 326 - 328، العبر 3 / 148، 149، الديباج المذهب 1 / 475، 476، شذرات الذهب 3 / 223، شجرة النور 1 / 113.
(*)

(17/473)


سعيد بن محمد بن بشر بن غرسية، القرطبي المالكي، ابن الحصار، ويعرف بمولى بني فطيس.
تفقه بأبي عمر الاشبيلي.
وروى عن أبيه، والامام أبي محمد الاصيلي.
وكان أحد الاذكياء المتفننين.
قال ابن حيان: لم يكن في وقته مثله، وبه تفقه محمد بن عتاب، وكان ابن عتاب يفخر بذلك (1).
قلت: ولاه متولي قرطبة علي بن حمود الحسني القضاء، سنة سبع وأربع مئة، فأحسن السيرة، ثم ولي للقاسم بن حمود القضاء مع الخطابة، ثم عزله المعتمد لامور سنة تسع عشرة (2).
ابن بشكوال (3): حدثنا ابن عتاب، عن أبيه قال: كنت أرى القاضي ابن بشر في المنام في هيئته، فأسلم عليه، وأدري أنه ميت، فيقول: صرت إلى خير ويسر بعد شدة (4).
فكنت أقول له في فضل العلم، فيقول: ليس هذا العلم، ليس هذا العلم - يشير إلى المسائل، ويذهب إلى أن الذي نفعه علم القرآن والحديث.
وقال ابن حزم: ما لقيت أشد إنصافا في المناظرة من ابن بشر، ولقد كان من أعلم من لقيته بمذهب مالك مع قوته في علم اللغة والنحو، ودقة فهمه.
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 736.
(2) انظر " الصلة " 2 / 326، 327، و " ترتيب المدارك " 4 / 736.
(3) في " الصلة " 2 / 327.
(4) في " الصلة ": " ويشير بيده بعد شدة " وهو تحريف.
(*)

(17/474)


قال ابن عتاب: كان لا يفتح على نفسه باب رواية، وصحبته عشرين سنة، وذهب في أول أمره إلى التكلم على " الموطأ " فقرأته عليه في أربعة أنفس، فلما عرف ذلك، أتاه جماعة ليسمعوا، فامتنع، وكنا نجتمع عنده مع شيوخ الفتوى، فيشاور في المسألة، فيخالفونه، فلا يزال يحاجهم ويستظهر عليهم حتى يقولوا بقوله (1).
توفي ابن بشر هذا في نصف شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة وله ثمان وخمسون سنة رحمة الله، ولم يجئ بعده قاض مثله.

313 - المرزوقي * إمام النحو، أبو علي، أحمد بن محمد بن الحسن، المروزقي الاصبهاني، أحد أئمة اللسان.
حدث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس.
وتصدر، وأخذ الناس عنه، ورحلوا إليه.
وله " شرح الحماسة " (2) في غاية الحسن، و " شرح الفصيح "، وغير ذلك (3).
__________
(1) " الصلة " 2 / 327.
* معجم الادباء 5 / 34، 35، إنباه الرواة 1 / 106، الذريعة 1 / 53، تلخيص ابن مكتوم 18، الوافي بالوفيات 8 / 5، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 239، بغية الوعاة 1 / 365،
سلم الوصول 123، كشف الظنون 2 / 1273، روضات الجنات 67، 68، إيضاح المكنون 1 / 191، هدية العارفين 1 / 73، 74، أعيان الشيعة 9 / 351 - 353.
(2) سماه " شرح الاختيار المنسوب إلى أبي تمام الطائي المعروف بكتاب الحماسة " وقد طبع بتحقيق الاستاذين أحمد أمين وعبد السلام هارون في القاهرة سنة 1951، وأعيد تصويره سنة 1967.
(3) انظر بقية تصانيفه في " معجم الادباء " 5 / 35، و " بغية الوعاة " 1 / 365، و = (*)

(17/475)


روى عنه: سعيد بن محمد البقال، وأبو الفتح محمد بن عبد الواحد الزجاج، شيخ السلفي.
تخرج به أئمة.
توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
قارب تسعين سنة.

314 - ابن نظيف * الشيخ العالم المسند المعمر، أبو عبد الله، محمد بن الفضل بن نظيف، المصري الفراء، أخو الشيخ أحمد بن الفضل.
ولد سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، في صفر.
وسمع من أبي الفوارس أحمد بن محمد بن السندي الصابوني، والعباس بن محمد بن نصر الرافقي (1)، وأحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، وأحمد بن محمد بن أبي الموت المكي، وأبي بكر أحمد بن إبراهيم بن عطية الحداد، وأحمد بن محمود الشمعي، وعبد الله بن جعفر ابن الورد، ومحمد بن عمر بن مسرور الحطاب، وعدة.
وتفرد في الدنيا بعلو الاسناد.
حدث عنه: أبو جعفر أحمد بن محمد كاكو، شيخ لوجيه الشحامي،
وأبو القاسم سعد بن علي الزنجاني، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري،
__________
= " الوافي " 8 / 5، و " هدية العارفين " 1 / 74، ومقدمة شرح الحماسة 1 / 20، وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 5 / 368.
* العبر 3 / 175، 176، الوافي بالوفيات 4 / 323، حسن المحاضرة 1 / 373، النجوم الزاهرة 5 / 31، شذرات الذهب 3 / 249.
(1) نسبة إلى الرافقة، وهي بلدة كبيرة على الفرات سميت فيما بعد: الرقة.
" الانساب " 6 / 49.
وقد تحرفت في " شذرات الذهب " إلى " الرافعي " بالعين المهملة.
(*)

(17/476)


وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وآخرون.
ووقع لي جزآن من حديثه.
قال أبو إسحاق الحبال: كان أبو عبد الله بن نظيف يصلي بالناس في مسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعيا يقنت، فأم بعده رجل مالكي، وجاء الناس على عادتهم، فلم يقنت، فتركوه وانصرفوا، وقالوا: لا يحسن يصلي.
مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين (1) وأربع مئة وقد نيف على التسعين، رحمه الله.

315 - المنقي * الامام الواعظ، أبو بكر، أحمد بن طلحة بن أحمد بن هارون، البغدادي المنقي - يعني المغربل.
سمع أبا جعفر بن بريه (2)، وعبد الصمد الطستي، وأبا بكر النجاد.
وعنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحطاب بن البطر، وجماعة.
قال الخطيب (3): كان ثقة مستورا، مات في ذي الحجة سنة عشرين
وأربع مئة، رحمه الله.
__________
(1) في " الوافي ": اثنتين وثلاثين.
* تاريخ بغداد 4 / 212، العبر 3 / 136، شذرات الذهب 3 / 214.
(2) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى " بويه " بالواو، وهو عبد الله بن إسماعيل الهاشمي بن بريه المتوفى سنة 350 ه، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(3) في " تاريخه " 4 / 212.
(*)

(17/477)


316 - ابن عبدكويه * الشيخ الامام المحدث الرحال الثقة، أبو الحسن، علي بن يحيى بن جعفر بن عبدكويه، الاصبهاني.
مولده سنة بضع وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي إسحاق بن حمزة، وعبد الله بن الحسن بن بندار، وأبي القاسم الطبراني، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم الفابجاني، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن القاسم ابن سياه، وفاروق بن عبد الكبير الخطابي، ومحمد بن معمر بن ناصح، ومحمد بن إسحاق بن عباد، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الاهوازي، وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفرجه، وعلي بن الفضل بن شهريار، وأحمد بن عمران الاشناني، بصري، وأحمد بن محمود بن خرزاذ، وإبراهيم بن محمد الديبلي بمكة، ومحمد بن أحمد بن المنذر المديني، وأحمد بن سهل العسكري، ومحمد ابن إسحاق بن أيوب بن كوشيذ.
وأملى مجالس كثيرة، وقع لي منها ثلاثة وأربعة ومجلسان (1).
حدث عنه: أبو العلاء أحمد بن محمد بن قولون، وأبو العلاء محمد ابن عبد الجبار الفرساني، وأبو طاهر محمد بن عبد الله بن مهران اللباد، وعلي بن محمد بن علي بن فورجه الفراش، وأسماء بنت أحمد بن عبد الله ابن مهران، وهم من شيوخ السلفي.
__________
* العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
(1) انظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 382.
(*)

(17/478)


توفي في المحرم سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
وممن روى عنه: أبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف.
أخبرنا أبو الربيع سليمان بن قدامة وأخوه داود، وعيسى بن أبي محمد، وأحمد بن عبدالرحمن سنة سبع مئة، ومحمد بن علي بن أحمد، ومحمد بن حمزة، وهدية بنت علي قالوا: أخبرنا جعفر بن علي، وأخبرنا أحمد بن محمد الصواف، وابن مؤمن قالا: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الجبار بأصبهان، حدثنا علي بن عبد كويه سنة عشرين وأربع مئة، حدثنا عمر بن أحمد بن علي البغدادي بالبصرة سنة 357، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا علي بن عاصم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله عبدا، دعا جبريل، فقال: يا جبريل: إني أحب فلانا، فأحبه.
فيحبه جبريل، وينادي في السماء: إن الله قد أحب فلانا فأحبوه.
فيحبه أهل السماء، ثم يجعل له القبول في الارض "...الحديث (1).
وذكر في البغض نحو ذلك.

317 - طلحة بن علي * ابن الصقر، الشيخ الثقة، الخير الصالح، بقية السلف، أبو
__________
(1) وأخرجه مالك 2 / 953 من طريق سهيل بن أبي صالح بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم (2637) في البر والصلة، والترمذي (3161) من طرق عن سهيل به، وأخرجه البخاري (3209) في بدء الخلق، و (6040) في الادب من طريقين عن ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع مولى ابن عمر، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا (7485) في التوحيد من طريق إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الوهاب بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وفي الباب عن ثوبان وأبي أمامة عند أحمد 5 / 273 و 279.
* تاريخ بغداد 9 / 252، 353، الانساب 10 / 354 (الكتاني)، المنتظم 8 / 61، = (*)

(17/479)


القاسم، البغدادي الكتاني.
ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: أحمد بن عثمان الادمي، وأبي بكر النجاد، ودعلج، والشافعي، وأبي علي بن الصواف، وأبي سليمان الحراني، وأحمد بن ثابت الواسطي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان ثقة صالحا (1).
وأبو بكر البيهقي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم المصيصي، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وأبو الفضل بن خيرون، وآخرون.
مات في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، عن ست وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن عبدالحميد، أخبرنا محمد بن السيد بالمزة، أخبرنا القاضي محمد بن يحيى القرشي سنة ست وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا أبو
القاسم علي بن محمد الفقيه، أخبرنا طلحة بن علي، أخبرنا أبو الطيب أحمد بن ثابت، حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا موسى الطويل، حدثنا أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الجوربين عليهما النعلان.
هذا حديث تساعي لنا، لكن موسى ليس بثقة (2)، زعم أنه من موالي
__________
= العبر 3 / 148، شذرات الذهب 3 / 223.
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 353.
(2) قال المؤلف في " الميزان " 4 / 209: قال ابن حبان: روى عن أنس أشياء موضوعة، وقال ابن عدي: روى عن أنس مناكير، وهو مجهول، وأورد هذا الحديث في جملة ما أورد من مناكيره.
وفي مشروعية المسح على الجوربين أحاديث ثابتة من حديث المغيرة بن شعبة عند أحمد 4 / 252 وأبي داود (159) والترمذي (99) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 / = (*)

(17/480)


أنس بن مالك، وزعم أنه رأى أم المؤمنين عائشة بالبصرة.

318 - يحيى بن عمار * ابن يحيى بن عمار بن العنبس، الامام المحدث الواعظ، شيخ سجستان، أبو زكريا، الشيباني النيهي السجستاني، نزيل هراة.
حدث عن: حامد بن محمد الرفاء، وعبد الله بن عدي بن حمدويه الصابوني، وأخيه محمد بن عدي، ومحمد بن إبراهيم بن جناح، وعدة.
حدث عنه: أبو نصر الطبسي (1)، وأبو محمد عبد الواحد الهروي، وشيخ الاسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، وآخرون.
وكان متحرقا على المبتدعة والجهمية بحيث يؤول به ذلك إلى تجاوز طريقة السلف، وقد جعل الله لكل شئ قدرا، إلا أنه كان له جلالة عجيبة بهراة وأتباع وأنصار.
وقد روى أيضا عن والده عمار.
وكان فصيحا مفوها، حسن الموعظة، رأسا في التفسير، أكمل
__________
= 97، وابن ماجة (559) والبيهقي 1 / 283، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة (198) وابن حبان (176)، ومنها حديث ثوبان عند أحمد 5 / 277 وأبي داود (146) وصححه الحاكم 1 / 199، ووافقه الذهبي، ومنها حديث أبي موسى الاشعري عند ابن ماجة (560) وروى الدولابي في الكنى والاسماء 1 / 181 من طريق أحمد بن شعيب النسائي، عن عمرو بن علي الفلاس، عن سهل بن زياد الطحان، عن الازرق بن قيس قال: رأيت أنس بن مالك أحدث، فغسل وجهه ويديه، ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما ؟ فقال: إنهما خفان ولكن من صوف.
* العبر 3 / 151، شذرات الذهب 3 / 226.
(1) نسبة إلى طبس، وهي بلدة في برية بين نيسابور وأصبهان وكرمان، فتحت في زمن عمر، ولم يفتح زمانه من خراسان سواها.
" الانساب " 8 / 209.
(*)

(17/481)


التفسير على المنبر في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، ثم افتتح ختمة أخرى فمات وهو يفسر في سورة القيامة، وعاش تسعين سنة.
قال السلفي في " معجم " بغداد: قال أبو إسماعيل الانصاري: كان يحيى بن عمار ملكا في زي عالم، كان له محب متمول يحمل إليه كل عام ألف دينار هروية، فلما مات يحيى، وجدوا له أربعين بدرة لم يفك ختمها.
وقال أبو إسماعيل: سمعت يحيى بن عمار يقول: العلوم خمسة، علم هو حياة الدين وهو علم التوحيد، وعلم هو قوت الدين وهو العظة والذكر، وعلم هو دواء الدين وهو الفقه، وعلم هو داء الدين وهو أخبار ما وقع بين السلف، وعلم هو هلاك الدين وهو الكلام.
قلت: وعلم الاوائل.
وكان يحيى بن عمار من كبار المذكرين، لكن ما أقبح بالعالم الداعي إلى الله الحرص وجمع المال ! وكان قد تحول من سجستان عند جور الولاة، فعظم بهراة جدا، وتغالوا فيه، وتخرج به أبو إسماعيل الانصاري، وخلفه من بعده.
أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الاول ابن عيسى، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن محمد الفقيه إملاء، أخبرنا دعلج، (ح) وبالاسناد إلى عبد الله قال: وحدثنا يحيى بن عمار إملاء، أخبرنا حامد بن محمد قالا: حدثنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبدالرحمن بن عمرو، عن عرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله ! كأن

(17/482)


هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ قال: " أوصيكم بتقوى الله عزوجل، والسمع والطاعة "...وذكر الحديث (1).
هذا حديث عال، صالح الاسناد.
توفي يحيى بن عمار بهراة، في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، وصلى عليه الامام عمر بن إبراهيم الزاهد (2)، وكانت جنازته مشهودة.
ورثاه جمال الاسلام الداوودي، فقال: وسائل ما دهاك اليوم ؟ قلت له * أنكرت حالي وأنى وقت إنكار أما ترى الارض من أقطارها نقصت * وصار أقطارها تبكي لاقطار لموت أفضل أهل العصر قاطبة * عمار دين الهدى يحيى بن عمار

319 - السلطان * الملك يمين الدولة، فاتح الهند، أبو القاسم، محمود بن سيد الامراء
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الدارمي 1 / 44، 45، من طريق أبي عاصم النبيل الضحاك ابن مخلد بهذا الاسناد، وصححه الحاكم 1 / 95، ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد 4 / 126، 127، وأبو داود (4607) وابن أبي عاصم في السنة (32) و (57) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد به، وصححه ابن حبان (1021) وأخرجه الترمذي (2676) وابن أبي عاصم (27) من طريق بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان به، وأخرجه ابن ماجة (42) وابن أبي عاصم (55) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء، حدثنى يحيى بن أبي المطاع، سمعت العرباض بن سارية...(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (301).
* المنتظم 8 / 52 - 54، الكامل في التاريخ 9 / 139، 401، وفيات الاعيان 5 / 175 - 182، المختصر في أخبار البشر 2 / 134 و 157، دول الاسلام 1 / 251، العبر 3 / 145، تتمة المختصر 1 / 511، 512، طبقات السبكي 5 / 314 - 327، البداية والنهاية 12 / 29 - 31، الجواهر المضية 2 / 157، 158، تاريخ ابن خلدون 4 / 357، 358، 363، 364، 369، 378، النجوم الزاهرة 4 / 373، 374، كشف الظنون 426، شذرات الذهب 3 / 220، 221، هدية العارفين 2 / 401، نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني 1 / 69 - 74.
(*)

(17/483)


ناصر الدولة سبكتكين، التركي، صاحب خراسان والهند وغير ذلك.
كان والده أبو منصور (1) قد قدم بخارى في أيام نوح بن منصور، في صحبة ابن السكين (2) متوليا على غزنة، فعرف بالشهامة والاقدام والسمو، فلما سار ابن السكين متوليا على غزنة، ذهب في خدمته أبو منصور، فلم يلبث ابن السكين أن مات، واحتاج الناس إلى أمير، فأمروا عليهم أبا
منصور، فتمكن وعظم، وأخذ يغير على أطراف الهند، وافتتح قلاعا، وتمت له ملاحم مع الهنود، وافتتح ناحية بست، واتصل بخدمته أبو الفتح البستي الكاتب (3) وقرب منه، وكان كراميا (4).
قال جعفر المستغفري (5): كان أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن الحسين النضري قاضي مرو ونسف صلب المذهب، فدخل صاحب غزنة سبكتكين بلخ، ودعا إلى مناظرة الكرامية، وكان النضري يومئذ قاضيا ببلخ، فقال سبكتكين: ما تقولون في هؤلاء الزهاد الاولياء ؟ فقال النضري: هؤلاء عندنا كفرة.
قال: ما تقولون في ؟ قال: إن كنت تعتقد مذهبهم، فقولنا فيك كذلك.
فوثب، وجعل يضربهم بالدبوس حتى
__________
(1) مرت ترجمة الملك أبي منصور والد السلطان محمود في الجزء السادس عشر.
(2) كذا في الاصل، وجاء في " الكامل " 8 / 683، و " وفيات الاعيان " 5 / 175: ابن البتكين، وأثبت محققا " طبقات " السبكي 5 / 316: ابن البتكين نقلا عن كتاب " اليميني " وأوردا قول شارح الكتاب أحمد المنيني: هو بهمز، بعدها لام، فباء موحدة ساكنة، بعدها تاء مثناة فوقية، ثم كاف مكسورة، ثم ياء بعدها نون ساكنة، من أعلام الترك.
(3) تقدمت ترجمته برقم (89).
(4) انظر " الكامل " 8 / 683 - 687، و " وفيات الاعيان " 5 / 175، 176، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 360، 361، و " طبقات " السبكي 5 / 316، و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 117.
(5) سترد ترجمته برقم (372).
(*)

(17/484)


أدماهم، وشج النضري، وقيدهم وسجنهم، ثم أطلقهم خوف الملامة، ثم تمرض ببلخ، وسار إلى غزنة، فمات سنة سبع وثمانين وثلاث مئة،
وعهد بالامرة إلى ابنه إسماعيل، وكان محمود ببلخ، وكان أخوهما نصر على بست، وكان في إسماعيل خلة (1)، فطمع فيه جنده، وشغبوا، فأنفق فيهم خزائن، فدعا محمود عمه، فاتفقا، وأتاهما نصر، فقصدوا غزنة، وحاصروها، وعمل هو وأخوه مصافا مهولا، وقتل خلق، فانهزم إسماعيل، ثم آمن إسماعيل، وحبسه معززا مرفها، ثم حارب محمود النواب السامانية، وخافته الملوك.
واستولى على إقليم خراسان، ونفذ إليه القادر بالله خلع السلطنة، ففرض على نفسه كل سنة غز والهند، فافتتح بلادا شاسعة، وكسر الصنم سومنات، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه، ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية، وامتلات خزائنه من صنوف الاموال، وفي خدمته من البراهمة ألفا نفس، ومئة جوقة مغاني رجال ونساء، فكان بين بلاد الاسلام وبين قلعة هذا الصنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفا، فيسر الله فتح القلعة في ثلاثة أيام، واستولى محمود على أموال لا تحصى، وقيل: كان حجرا شديد الصلابة طوله خمسة أذرع، منزل منه في الاساس نحو ذراعين، فأحرقه السلطان، وأخذ منه قطعة بناها في عتبة باب جامع غزنة، ووجدوا في أذن الصنم نيفا وثلاثين حلقة، كل حلقة يزعمون أنها عبادته ألف سنة (2).
__________
(1) قال ابن خلكان: وكان فيه لين ورخاوة.
وقال السبكي: وكان إسماعيل جبانا.
(2) انظر " الكامل " 9 / 130، 131 و 139 و 146 و 148 و 206، 207 و 244 و 342 - 346، و " طبقات " السبكي 5 / 317، 318، و " وفيات الاعيان " 5 / 176 - 179، و " المنتظم " 8 / 52، 53، و " النجوم الزاهرة " 4 / 266 وانظر فيه الحاشية التي كتبها محققه.
(*)

(17/485)


وكان السلطان مائلا إلى الاثر إلا أنه من الكرامية.
قال أبو النضر الفامي: لما قدم التاهرتي الداعي من مصر على السلطان يدعوه سرا إلى مذهب الباطنية، وكان التاهرتي يركب بغلا يتلون كل ساعة من كل لون، ففهم السلطان سر دعوتهم، فغضب، وقتل التاهرتي الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد بن محمد الازدي (1)، شيخ هراة، وقال: كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس الموحدين (2).
وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيا يحب الحديث، فوجد كثيرا منه يخالف مذهبه، فجمع الفقهاء بمرو، وأمر بالبحث في أيما أقوى مذهب أبي حنيفة أو الشافعي.
قال: فوقع الاتفاق على أن يصلوا ركعتين بين يديه على المذهبين.
فصلى أبو بكر القفال (3) بوضوء مسبغ وسترة وطهارة وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلى صلاة على ما يجوزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغا قد لطخ ربعه بنجاسة، وتوضأ بنبيذ، فاجتمع عليه الذبان، وكان وضوءا منكسا، ثم كبر بالفارسية، وقرأ بالفارسية،: دوبركك سبز (4).
ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع، وتشهد، وضرط بلا سلام.
فقال له: إن لم تكن هذه الصلاة يجيزها الامام، قتلتك.
فأنكرت الحنفية الصلاة، فأمر القفال بإحضار
__________
(1) وقد تقدمت ترجمته برقم (166).
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 319، 320.
(3) تقدمت ترجمته برقم (267).
(4) والمعنى: ورقتان خضراوان، وهو معنى قوله تعالى في سورة الرحمن: (مدهامتان) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 182، و " المعجم الذهبي " فارسي عربي.
(*)

(17/486)


كتبهم، فوجد كذلك، فتحول محمود شافعيا.
هكذا ذكره الامام أبو المعالي بأطول من هذا (1).
قال عبد الغافر الفارسي في ترجمة محمود: كان صادق النية في إعلاء الدين، مظفرا كثير الغزو، وكان ذكيا بعيد الغور، صائب الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء.
وقبره بغزنة يزار.
قال أبو علي بن البناء: حكى علي بن الحسين العكبري أنه سمع أبا مسعود أحمد بن محمد البجلي قال: دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لان لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن جاز أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت.
فقال السلطان: ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه.
فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات.
فيقال: انشقت مرارته.
قال عبد الغافر: قد صنف في أيام محمود وأحواله لحظة لحظة، وكان في الخير ومصالح الرعية يسر له الاسار (2) والجنود والهيبة والحشمة مما لم يره أحد.
وقال أبو النضر محمد بن عبد الجبار العتبي في كتاب " اليميني " (3) في
__________
(1) في " مغيث الخلق في اختيار الاحق "، ونقله عنه ابن خلكان في " وفيات الاعيان " 5 / 180، 181.
وهذه الحكاية التي يغلب على الظن أنها ملفقة مفتراة تنبئ عن ذميم التعصب الذي يفعل أفاعيله في النفوس، فيحملها على الكراهية، وعرض رأي المخالف عرضا مشوها مبتورا، والاغضاء عن فضائله الكثيرة، ومحاسنه الجمة، وكان على إمام الحرمين أن يسلك مع مخالفيه سبيل أهل العلم والعرفان، ويناقشهم بالحجة والبرهان، ويصون كتابه عن مثل هذا الهراء والهذيان.
(2) الاسار: القوة.
" لسان العرب ".
(3) سماه " اليميني " نسبة إلى يمين الدولة، وهو لقب السلطان محمود.
(*)

(17/487)


سيرة هذا الملك: قيل فيه: تعالى الله ما شاء * وزاد الله إيماني أأفريدون في التاج * أم الاسكندر الثاني أم الرجعة قد عادت * إلينا بسليمان أظلت شمس محمود * على أنجم سامان وأمسى آل بهرام * عبيدا لابن خاقان فمن واسطة الهند * إلى ساحة جرجان ومن قاصية السند * إلى أقصى خراسان فيوما رسل الشاه * ويوما رسل الخان مولد محمود في سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
ومات بغزنة في جمادى الاولى سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
وتسلطن بعده ابنه محمد مديدة، وقبض عليه أخوه مسعود، وتمكن، وحارب السلجوقية مرات إلى أن قتل في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، ثم قام ابنه (1).
وكانت غزوات السلطان محمود مشهورة عديدة وفتوحاته المبتكرة عظيمة.
قرأت بخط الوزير جمال الدين بن علي القفطي في سيرته: قال كاتبه الوزير ابن الميمندي: جاءنا رسول الملك بيدا على سرير كالنعش، بأربع قوائم يحمله أربعة.
وكان السلطان يعظم أمر الرسل لما يفعله أصحابهم
__________
(1) سيذكر المؤلف تفصيل ذلك في ترجمة السلطان مسعود بن السلطان محمود والتي سترد عقب هذه الترجمة مباشرة.
(*)

(17/488)


برسله.
قال: فحمل على حالته حتى صار بين يديه، فقال له الهندي: أي رجل أنت ؟ قال: أدعو إلى الله، وأجاهد من يخالف دين الاسلام.
قال: فما تريد منا ؟ قال: أن تتركوا عبادة الاصنام، وتلتزموا شروط الدين، وتأكلوا لحم البقر.
وتردد بينهما الكلام، حتى خوفه محمود وهدده، وقال الحاجب للهندي: أتدري لمن تخاطب ؟ وبين يدي أي سلطان أنت ؟.
فقال الهندي: إن كان يدعو إلى الله كما يزعم، فليس هذا من شروط ذلك، وإن كان سلطانا قاهرا لا ينصف، فهذا أمر آخر.
فقال الوزير: دعوه.
ثم ورد الخبر بتشويش خراسان، وضاق على صاحب الهند الامر، ورأى أن بلاده تخرب، فنفذ رسولا آخر، وتلطف، وقال: إن مفارقة ديننا لا سبيل إليه، وليس هنا مال نصالحك عليه، ولكن نجعل بيننا هدنة، ونكون تحت طاعتك.
قال: أريد ألف فيل وألف منا (1) ذهبا.
قال: هذا لا قدرة لنا عليه.
ثم تقرر بينهما تسليم خمس مئة فيل وثلاثة آلاف من فضة، واقترح محمود على الملك بيدا أن يلبس خلعته، ويشد السيف والمنطقة (2)، ويضرب السكة باسمه.
فأجاب، لكنه استعفى من السكة، فكانت الخلعة قباء نسج بالذهب، وعمامة قصب، وسيفا محلى، وفرسا وخفا، وخاتما عليه اسمه، وقال لرسوله: امض حتى يلبس ذلك، وينزل إلى الارض، ويقطع خاتمه وأصبعه، ويسلمها إليك، فذلك علامة التوثقة.
قال: وكان عند محمود شئ كثير من أصابع الملوك الذين هادنهم.
قال ابن الميمندي الوزير: فذهبت في عشرة مماليك أتراك، وجئنا
__________
(1) المنا، بفتح الميم مقصور يكتب بالالف: ميزان يوزن به، والمكيال الذي يكيلون به
السمن وغيره، وقد يكون من الحديد أوزانا، وتثنيته: منوان ومنيان.
والاول أعلى.
(2) المنطقة: كل ما شد في الوسط.
(*)

(17/489)


وصحنا: رسول رسول.
فكفوا عن الرمي، فأدخلنا على الملك، وهو شاب مليح الوجه على سرير فضة، فخدمته بأن صفقت بيدي، وانحنيت عليهما، وقلت: جو.
فكان جوابه: باه.
وأجلسني، وقربني، وأخذ يشكو ما لحق البلاد من الخراب، ثم لبس الخلعة بعد تمنع، وتعمم له تركي، وطالبته بالحلف، قال: نحلف بالاصنام والنار، وأنتم لا تقنعون بذلك.
قلت: لابد وأحجمت عن ذكرالاصبع، فأخرج حديدة قطع بها أصبعه الصغرى ولم يكترث، وعمل على يده كافورا، ودفعت إلي وقال: قل لصاحبك: اكفف عن أذى الرعية.
فرجع السلطان إلى خراسان، ونفذ إليه ابن مروان صاحب ديار بكر هدية، فردها وقال: لم أردها استقلالا، ولكن علمت أن قصدك المخالطة والمصادقة، ويقبح بي أن أصادق من لا أقدر أن أنصره، وربما طرقك عدو وأنا على ألف فرسخ منك، فلا أتمكن من نصرتك.
ثم بلغ السلطان أن الهنود قالوا: أخرب أكثر بلاد الهند غضب الصنم الكبير سومنات على سائر الاصنام ومن حولها، فعزم على غزو هذا الوثن، وسار يطوي القفار في جيشه إليه، وكانوا يقولون: إنه يرزق ويحيي ويميت ويسمع ويعي، يحجون إليه، ويتحفونه بالنفائس، ويتغالون فيه كثيرا، فتجمع عند هذا الصنم مال يتجاوز الوصف، وكانوا يغسلونه كل يوم بماء وعسل ولبن، وينقلون إليه الماء من نهر حيل مسيرة شهر، وثلاث مئة يحلقون رؤوس حجاجه ولحاهم، وثلاث مئة يغنون.
فسار الجيش من غزنة، وقطعوا مفازة صعبة، وكانوا ثلاثين ألف فارس وخلقا من الرجالة
والمطوعة، وقوى المطوعة بخمسين ألف دينار، وأنفق في الجيش فوق الكفاية، وارتحل من المليا ثاني يوم الفطر سنة 416، وقاسوا مشاق، وبقوا لا يجدون الماء إلا بعد ثلاث، غطاهم في يوم ضباب عظيم، فقالت

(17/490)


الكفرة: هذا من فعل الاله سومنات.
ثم نازل مدينة أنهلوارة، وهرب منها ملكها إلى جزيرة، فأخرب المسلمون بلده، ودكوها، وبينها وبين الصنم مسيرة شهر في مفاوز، فساروا حتى نازلوا مدينة دبولوارة، وهي قبل الصنم بيومين، فأخذت عنوة، وكسرت أصنامها، وهي كثيرة الفواكه، ثم نازلوا سومنات في رابع عشر ذي القعدة، ولها قلعة منيعة على البحر، فوقع الحصار، فنصبت السلالم عليها، فهرب المقاتلة إلى الصنم، وتضرعوا له، واشتد الحال وهم يظنون أن الصنم قد غضب عليهم، وكان في بيت عظيم منيع، على أبوابه الستور الديباج، وعلى الصنم من الحلي والجواهر ما لا يوصف، والقناديل تضئ ليلا ونهارا، على رأسه تاج لا يقوم، يندهش منه الناظر، ويجتمع عنده في عيدهم نحو مئة ألف كافر، وهو على عرش بديع الزخرفة، علو خمسة أذرع، وطول الصنم عشرة أذرع، وله بيت مال فيه من النفائس والذهب ما لا يحصى، ففرق محمود في الجند معظم ذلك، وزعزع الصنم بالمعاول، فخر صريعا، وكانت فرقة تعتقد أنه منات، وأنه تحول بنفسه في أيام النبوة من ساحل جدة، وحصل بهذا المكان ليقصد ويحج معارضة للكعبة.
فلما رآه الكفار صريعا مهينا، تحسروا، وسقط في أيديهم، ثم أحرق حتى صار كلسا، وألقيت النيران في قصور القلعة، وقتل بها خمسون ألفا، ثم سار محمود لاسر الملك بهيم، ودخلوا بالمراكب، فهرب، وافتتح محمود عدة حصون ومدائن، وعاد إلى غزنة،
فدخلها في ثامن صفر سنة سبع عشرة، ودانت له الملوك، فكانت مدة الغيبة مئة وثلاثة وستين يوما (1).
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 342 - 346، و " المنتظم " 8 / 29، 30، و " البداية والنهاية " 12 / 22، 23، و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 155، و " تتمة المختصر " 1 / 508، و " طبقات " السبكي 5 / 317 - 319.
(*)

(17/491)


وفي سنة ثمان عشرة سار إلى بلخ، وجهز جيشه إلى ما وراء النهر في نصرة الخانية، وكان علي بن تكين (1) قد أغار على بخارى، فضاق قدرخان به ذرعا، واستنجد محمودا، ففر ابن تكين، ودخل البرية.
ثم حارب محمود الغز، وقبض على ابن سلجوق مقدمهم، فثارت الغز، وأفسدوا، وتفرغوا للاذى، وتعبت بهم الرعية، واستحكم الشر، وأقام محمود بنيسابور مدة، ثم في عشرين قصد الري، وأخذها، وقبض على ملكها مجد الدولة بن بويه، وكان ضعيف التدبير، فضرب حتى حمل ألف ألف دينار، وصلب محمود أمراء من الديلم، وجرت قبائح وظلم (2).
ثم جهز محمود ولده مسعودا، فاستولى على أصبهان، ثم رجع السلطان إلى غزنة عليلا، فمات في ربيع الاول سنة إحدى، وأمسى وقد فارقته الجنود، وتنكست لحزنه البنود، وناح عليه الوالد والمولود، وسكن ظلمة اللحود.
وقد خطب له بالغور وبخراسان والسند والهند، وناحية خوارزم وبلخ، وهي من خراسان، وبجرجان وطبرستان والري والجبال، وأصبهان وأذربيجان، وهمدان وأرمينية.
وكان مكرما لامرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر ولا يكاد يقر.
سار مرة في خمسين ألف فارس، وفي مئتي فيل،
وأربعين ألف جمازة (3) تحمل ثقل العساكر، وكان يعتقد في الخليفة، ويخضع لجلاله، ويحمل إليه قناطير من الذهب، وكان إلبا على القرامطة والاسماعيلية وعلى المتكلمين، على بدعة فيه فيما قيل، ويغضب
__________
(1) في (الكامل ": علي تكين دون لفظ " ابن ".
(2) انظر " الكامل " 9 / 475 - 477.
(3) الجمازة: ناقة تعدو الجمزى، وهو ضرب من العدو دون الحضر الشديد وفوق العنق.
(*)

(17/492)


للكرامية، وكان يشرب النبيذ دائما، وتصرفه على الاخلاق الزكية، وكان فيه شدة وطأة على الرعية، ولكن كانوا في أمن وإقامة سياسة، ولازمه علة نحو ثلاث سنين، كان يعتريه إسهال، ولا يترك الركوب والسفر، قبض وهو في مجلسه ودسته ما وضع جنبه، ولما احتضر، قال لوزيره: يا أبا الحسن: ذهب شيخكم.
ثم مات يوم الخمسين لتسع بقين من ربيع الآخر، فكتم موته، ثم فشى، وأتى ابنه السلطان محمد من الجوزجان، فوصل في أربعين يوما.
كان السلطان محمود ربعة، فيه سمن، تركي العين، فيه شقرة، ولحيته مستديرة، غليظ الصوت، وفي عارضيه شيب.
وكان ابنه محمد في قده، وكان ابنه مسعود طويلا.
قال محمود يوما للامير أبي طاهر الساماني: كم جمع آباؤك من الجوهر ؟ قال: سمعت أنه كان عند الامير الرضي سبعة أرطال.
فسجد شكرا، وقال: أنا في خزانتي سبعون رطلا.
وكان صمم على التوغل في بلاد الخانية، وقال: معي أربع مئة فيل مقاتلة ما يثبت لها أحد.
فبلغه أن الخانية قالوا: نحن نأخذ ألف
ثور تركية، وهي كبار ضخام، فنجعل عليها ألف عجلة، ونملؤها حطبا، فإذا دنت الفيلة، أوقدنا الحطب، فتطلب البقر أمامها، وتلقي النار على الافيلة وعلى من حولها، فتتم الهزيمة، فأحجم محمود.
وكان يعظم الميمندي كاتبه، لانهم لما نازلوا مدينة بيدا (1)،
__________
(1) قال ابن الاثير في بيدا هذا: وهو أعظم ملوك الهند مملكة، وأكثرهم جيشا، وتسمى مملكته كجوراهة.
الكامل " 9 / 308.
(*)

(17/493)


حصل السلطان وكاتبه في عشرين فارسا فوق تل تجاه البلد، فبرز لهم عسكر أحاطوا بالتل، فعاينوا التلف، فتقدم كاتبه، ونادوا الهنود، فقالوا: من أنت ؟ قال: أنا محمود.
قالوا: أنت المراد.
قال: ها أنا في أيديكم، وعندي من ملوككم جماعة أفدي نفسي بهم، وأحضرهم، وأنزل على حكمكم.
ففرحوا، وقالوا: فأحضر (1) الملوك.
فالتفت إلى شاب، وقال: امض إلى ولدي، وعرفه خبري.
ثم قال: لا ! أنت لا تنهض بالرسالة.
وقال لمحمود: امض، أنت عاقل وأسرع.
فلما جاوز نهرا، لقيه بعض جنده، فترجلوا.
وعاين ذلك من فوق القلعة، فقالوا لكاتبه: من رسولك ؟ قال: ذاكم السلطان فديته بنفسي، فافعلوا ما بدا لكم.
وبلغ ذلك بيدا، فأعجبه، وقال: نعم ما فعلت، فتوسط لنا عند سلطانك.
فهادنهم، وزادت عظمة الميمندي عند محمود، حتى إنه زوج أخاه يوسف بزليخا ابنة الميمندي، ثم في الآخر قبض عليه، وصادره، لانه أراد أن يسم محمودا، ووزن له ألف ألف دينار، ومن التحف والذخائر ما لا يوصف بعد العذاب، ثم أطلق الميمندي بعد وفاة محمود، ووزر
لمسعود.
أحضر إلى محمود بغزنة شخصان من النسناس من بادية بلا صيغون، وهي مملكة قدرخان، وعدو النسناس في شدة عدو الفرس، وهو في صورة آدمي، لكنه بدنه ملبس بالشعر، وكلامه صفير، ويأكل حشيشا، وأهل تلك البلاد يصطادونهم، ويأكلونهم.
__________
(1) في الاصل: " وقال: فأحضروا " والصواب ما أثبتناه.
(*)

(17/494)


فسأل محمود الفقهاء عن أكل لحمهم، فنهوا عنه (1).

320 - مسعود * كان طوالا جسيما، مليحا، كبير العين، شديدا حازما، كثير البر، ساد الجواب، رؤوفا بالرعية، محبا للعلم.
صنف له كتب في فنون، وكان أبوه يخشى مكانه، ويحب أخاه محمدا، فأبعد مسعودا، وأعطاه الري والجبال، وطلب منه أن يحلف لاخيه أنه لا يقاتله، قال: أفعل إن أشهد مولانا على نفسه أني لست ولده، أو يحلف لي أخي أنه لا يخفيني من ميراثي شيئا.
ولما سمع مسعود بموت أبيه، لبس السواد، وبكى، وعمل عزاءه بأصبهان، وخطب لنفسه بأصبهان والري وأرمينية، ثم سار واستقر بنيسابور، ومالت الامراء إلى شهاب الدولة مسعود، وجرت بينه وبين أخيه محمد مراسلات، ثم قبضوا على محمد، وبادروا إلى خدمة السلطان مسعود، فقدم هراة، وكان أخوه محمد الملقب بجمال الدولة منهمكا في اللذات المردية والسكر.
ثم قبض مسعود على عمه يوسف وعلى علي الحاجب.
ودانت له الممالك، وأظهر كتاب القادر بالله،
وأنه لقبه بالناصر لدين الله ظهير خليفة الله.
ولبس خلعا وتاجا، ثم
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 53، 54، وحياة الحيوان 2 / 357 للدميري.
* المنتظم 8 / 113، الكامل في التاريخ 9 / 395، 398، 412، 414، 428، 429، 433، 441، 442، 462، 467، 477 - 488، وفيات الاعيان 5 / 181، المختصر في أخبار البشر 2 / 157، 164، 165، دول الاسلام 1 / 256، العبر 3 / 180، تتمة المختصر 1 / 514، 524، البداية والنهاية 12 / 50، تاريخ ابن خلدون 4 / 379، 380، 382، 383، 384، شذرات الذهب 3 / 253، نزهة الخواطر 1 / 74 - 76.
(*)

(17/495)


أطلق الوزير أحمد بن الحسن الميمندي، واستوزره (1)، ثم أخذت الري من مسعود، فجهز جيشا استباحوها، وعملوا قبائح (2)، وجرت له حروب على الدنيا، وقدم عليه رسول الديوان، فاحتفل لقدومه، وزينت خراسان، وكان يوم قدومه بلخ يوما مشهودا كدخول السلطان.
وكان في الموكب مئتا فيل والجيش ملبس.
ووقع الوباء في عام ثلاثة وعشرين وأربع مئة (3) بالهند وغزنة وأطراف خراسان، حتى إنه خرج من أصبهان في مدة قريبة أربعون ألف جنازة، وكان ملكها أبو جعفر بن كاكويه والخليفة القائم وسلطان العراق جلال الدولة، وأبوكاليجار على فارس، ومسعود بن محمد على خراسان والجبال والغور والهند.
وتوفي قدرخان التركي، صاحب ما وراء النهر في هذا العام، وتأهب مسعود، وحشد يقصد العراق، فجاءه أمر شغله، وهو عصيان نائبه على الهند، فسار لقصده، وجهزه مسعود، وهو الامير أحمد بن ينال تكين (4)، ثم عاثت الترك الغزية بما وراء النهر، فقصدهم مسعود، وأوقع بهم، وأثخن فيهم، ثم كر إلى
طبرستان، لان نائبها فارق الطاعة، وجرت له خطوب (5).
ثم اضطرب جند مسعود، وتجرؤوا عليه، وبادرت الغز، فأخذوا نيسابور وبدعوا، فاستنجد مسعود بملوك ما وراء النهر فما نفعوا، ثم سارت الغز لحربه، وعليهم طغرلبك، وأخوه داود،
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 398 - 400.
(2) انظر " الكامل " 9 / 402، 403.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 69، و " الكامل " 9 / 426، و " البداية والنهاية " 12 / 34.
(4) انظر " الكامل " 9 / 428، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 380.
(5) انظر " الكامل " 9 / 441، 442، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 381.
(*)

(17/496)


فهزموه، وأخذت خزائنه، وركب هو فيلا ماهرا حركا يعده للحروب، فنجا عليه في قل من غلمانه، وكان جسيما لا يعدو به فرس إلا قليلا، ثم أقام بغزنة، وأخلد إلى اللذات، وذهبت منه خراسان، فعزم على سكنى الهند بآله ورجاله.
وشرع في ذلك في سنة اثنتين وثلاثين في الشتاء لفرط برد غزنة، وأخذ معه أخاه محمدا مسمولا، فلما وصل إلى نهر الهند، نزل عليه، وواصل السكر، واستقر بقلعة هناك، وتخطفه بعض العسكر، وذل، فخلعوه، وملكوا المسمول محمدا، وقبض عليه محمد، وقال: لاقابلنك على فعلك بي، فاختر مكانا تنزله بحشمك.
فاختار قلعة، فبعثه إليها مكرما.
فعمل عليه ولد محمد وجماعة، وبيتوه وقتلوه حنقا عليه، وجاؤوا برأسه إلى السلطان المسمول، فبكى، وغضب على ابنه، ودعا عليه، وكان مودود بن مسعود مقيما بغزنة وبينهما عشرة أيام، فسارع في خمسة آلاف، وبيت
محمدا، وقتل أمراء، وقبض على عمه محمد، وقتل الذين قتلوا أباه، وكانوا اثني عشر، ثم قتل عمه محمدا (1).

321 - ابن الطبيز * الشيخ المعمر المسند، أبو القاسم، عبدالرحمن بن عبد العزيز ابن أحمد، الحلبي، السراج الرامي، المشهور بابن الطبيز، نزيل دمشق.
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 99 و 107، و " الكامل " 9 / 477 - 489، و " البداية والنهاية " 12 / 43 و 48، 49، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 383، 384.
* الاكمال 5 / 257، العبر 3 / 174، تبصير المنتبه 3 / 462 (الطبيز)، شذرات الذهب 3 / 248.
(*)

(17/497)


حدث عن: محمد بن عيسى البغدادي العلاف، وأبي بكر محمد بن الحسين السبيعي، ومحمد بن جعفر بن السقا، وأبي بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، وجماعة تفرد في الدنيا عنهم.
روى عنه: عبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد الربعي، والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، ووالده أحمد، وأبو عبد الله بن أبي الصقر الانباري، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر المقدسي، وعبد الرزاق بن عبد الله الكلاعي، وآخرون.
قال أبو الوليد الباجي: هو شيخ لا بأس به.
قال عبد العزيز: توفي شيخنا ابن الطبيز في جمادى الاولى سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، وكان يذكر أن مولده في سنة ثلاثين وثلاث
مئة.
قال: وكانت له أصول حسنة، وكان يذهب إلى التشيع.
قلت: كان شيخ العلاف يروي عن أحمد بن عبيد الله النرسي والكبار.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران: أخبرنا أحمد بن الخضر، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عبدالرحمن ابن عبد العزيز السراج، أخبرنا محمد بن جعفر بن هشام الحلبي، حدثنا سليمان بن المعافى بحلب، حدثنا أبي، حدثنا موسى بن أعين، عن أبي الاشهب، عن عمران بن مسلم، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من دخل السوق،

(17/498)


فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير، كتب الله له بها ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، وبنى له بيتا في الجنة ".
هذا إسناد صالح (1) غريب.

322 - الميداني * الشيخ الامام المحدث، أبو الحسين، عبد الوهاب بن جعفر بن علي، الدمشقي، ابن الميداني.
يروي عن: أبي علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن عمارة، وأبي عبد الله بن مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبي بكر ابن أبي دجانة، وأبي عمر بن فضالة، وخلق بعدهم.
وعني بالرواية والاكثار.
وعنه: رشأ بن نظيف، وأبو علي الاهوازي، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأحمد بن قبيس المالكي، وطائفة.
__________
(1) كيف يكون إسناده صالحا وعمران بن مسلم، قال البخاري فيه: منكر الحديث، وأخرجه الدارمي 2 / 293، والترمذي (3428) والحاكم 1 / 538 عن يزيد بن هارون، أخبرنا أزهر بن سنان، حدثنا محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، وأزهر ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 / 47، والترمذي (3429) وابن ماجة (2235) عن حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم بن عبد الله...وعمرو بن دينار ضعيف منكر الحديث، فالحديث يتقوى بهذه الطرق الثلاث، فهو حسن بهاء إن شاء الله.
* ميزان الاعتدال 2 / 679، العبر 3 / 128، 129، المغني في الضعفاء 2 / 412، المشتبه 2 / 623، لسان الميزان 4 / 86، شذرات الذهب 3 / 210.
(*)

(17/499)


قال الكتاني: ذكر أنه كتب بمئة رطل حبر، احترقت كتبه، وجددها.
ثم قال: كان فيه تساهل، واتهم في ابن هارون (1).
توفي في جمادى الاولى سنة ثمان عشرة وأربع مئة عن ثمانين سنة.

229 - ابن دراج * العلامة المنشئ البليغ، أبو عمر، أحمد بن محمد بن العاص، القسطلي، الاندلسي، من أعيان الادباء، وفحول الشعراء.
قال الثعالبي: كان بالاندلس كالمتنبي بالشام.
قلت: هو من كتاب المنصور الحاجب، فقال فيه قصيدة، منها يقول: ألم تعلمي أن الثواء هو النوى * وأن بيوت العاجزين قبور تخوفني طول السفار وإنه * لتقبيل كف العامري (2) سفير دعيني أرد ماء المفاوز آجنا * إلى حيث ماء المكرمات (3) نمير مات في جمادى الآخرة، سنة إحدى وعشرين وأربع مئة، وله خمس وسبعون سنة.
_______________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 2 / 679.
* تقدمت ترجمته برقم (229) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(2) في الاصل: " العامرين "، وهو خطأ، والتصويب من " ديوانه " ص 298.
(3) الآجن: الماء المتغير الطعم واللون، والنمير: النامي الناجع في الري (*)

(17/500)


323 - ابن شهيد * العلامة البليغ، جاحظ وقته، أبو عامر، أحمد بن أبي مروان، عبدالملك بن مروان بن ذي الوزارتين أحمد بن عبدالملك بن عمر ابن شهيد، الاشجعي القرطبي، الشاعر.
كان حامل لواء النظم والنثر بالاندلس، وله ترسل فائق (1).
وله تواليف أنيقة الجد، مطبوعة الهزل، منها: كتاب " جونة عطار " (2).
قال أبو محمد بن حزم: ولنا من البلغاء أبو عامر، له من التصرف في وجوه البلاغة وشعابها مقدار ينطق فيه بلسان مركب من عمرو - يعني الجاحظ وسهل - يعني ابن هارون (3) -.
__________
* يتيمة الدهر 2 / 35 - 49، الاكمال 5 / 90، جذوة المقتبس 133 - 136، مطمح الانفس 19، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول / المجلد الاول / 191 - 336، بغية الملتمس 191 - 194، معجم الادباء 3 / 220 - 223، المطرب 174، المغرب في حلي المغرب 1 / 78 - 85، وفيات الاعيان 1 / 116 - 118، العبر 3 / 159، مسالك الابصار 11 / 280، الوافي بالوفيات 7 / 144 - 148، الخريدة 2 / 555، إعتاب الكتاب 74، نفح الطيب 1 / 621 - 623، و 3 / 244 - 246 و 358 - 363 وغيرها، شذرات الذهب 3 / 230، هدية العارفين 1 / 74، النثر الفني لزكي مبارك 2 / 302 - 318.
(1) وفي ترجمته من " اليتيمة " و " الذخيرة " شئ من نظمة ونثره.
(2) وله أيضا رسالة " التوابع والزوابع " أثبت ابن بسام في " الذخيرة " فصولا منها، وقد أفردت هذه الفصول بالطبع، بتحقيق وشرح بطرس البستاني وقد صدرها بدراسة عن حياة ابن شهيد وأدبه، وله أيضا كتاب " كشف الدك وإيضاح الشك " انظر " وفيات الاعيان " 1 / 116، وقال الدكتور إحسان عباس: وقد جمع شارل بلا " ديوانه " فأخل بكثير من شعره الموجود في المصادر.
(3) انظر " جذوة المقتبس " 133، و " بغية الملتمس " 191، 192، و " معجم الادباء " 3 / 222، و " نفح الطيب " 3 / 178.
(*)

(17/501)


ومن نظمه: فكأن النجوم في الليل جيش * دخلوا للكمون (1) في جوف غاب وكأن الصباح قانص طير * قبضت كفه برجل غراب (2) توفي في جمادى الاولى سنة ست وعشرين وأربع مئة.
قال ابن حزم: كان حامل لواء الشعر والبلاغة، ما خلف له نظيرا، وانقرض عقب جده الوزير بموته، وكان سمحا جوادا (3).

324 - تراب بن عمر * ابن عبيد، أبو النعمان المصري، الكاتب.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والدارقطني.
وعنه: أبو القاسم بن أبي العلاء، والقاضي الخلعي.
عاش بضعا وثمانين سنة، ومات في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربع مئة.

325 - الفلكي * * الحافظ الاوحد، أبو الفضل، علي بن الحسين بن أحمد بن
__________
(1) في " المغرب ": للكمين.
(2) البيتان في " الذخيرة " 1 / 1 / 257، و " المغرب " 1 / 81، والثاني منهما في " اليتيمة " 2 / 40.
(3) انظر " جذوة المقتبس " 135، 136، و " بغية الملتمس " 193، و " معجم الادباء " 3 / 223.
* العبر 3 / 161، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 231.
* * الانساب 9 / 330، اللباب 2 / 440، طبقات ابن الصلاح 66 / 2، تذكرة الحفاظ = (*)

(17/502)


الحسن، الهمذاني، عرف بالفلكي.
قال شيرويه: سمع عامة مشايخ همذان والعراق وخراسان.
حدث عن: ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، والقاضي أبي بكر الحيري.
حدثنا عنه: الحسني، والميداني.
وكان حافظا متقنا يحسن هذا الشأن جيدا جيدا.
صنف الكتب منها: الطبقات الملقب ب " المنتهى في معرفة
الرجال " (1) في ألف جزء.
سمعت (2) حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الاسلام الانصاري يقول: ما رأت عيناي أحدا من البشر أحفظ من ابن الفلكي، وكان صوفيا مشمرا (3).
قلت: مات بنيسابور في شعبان، سنة سبع وعشرين وأربع مئة كهلا.
وكان جده (4) بارعا في علم الفلك والحساب، هيوبا محتشما،
__________
= 3 / 1125، العبر 3 / 162، عيون التواريخ 12 / 127 / 1، الوافي 12 / 48، طبقات الاسنوي 2 / 268، طبقات الحفاظ 431 - 432، كشف الظنون 1858، شذرات الذهب 3 / 185 و 231، هدية العارفين 1 / 687، الرسالة المستطرفة 121.
(1) اسم الكتاب في " العبر ": " المنتهى في الكمال في معرفة الرجال "، وفي " الانساب " و " طبقات الاسنوي " و " كشف الظنون ": " منتهى الكمال في معرفة الرجال "، وذكر السمعاني مصنفا آخر للفلكي وهو كتاب " معرفة ألقاب المحدثين ".
(2) القائل شيرويه.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1125 و " طبقات " الاسنوي 2 / 268.
(4) وهو أبو بكر أحمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي الحاسب الفلكي الهمذاني، المتوفى سنة 384، انظر ترجمته في " الانساب " 9 / 329، 330، و " معجم الادباء " 3 / 9، 10 و " الوافي " 6 / 305، و " بغية الوعاة " 1 / 303 وكنيته فيه: أبو علي.
(*)

(17/503)


توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.

326 - الرزجاهي * العلامة المحدث الاديب، أبو عمرو، محمد بن عبد الله بن
أحمد، الرزجاهي البسطامي (1)، الفقيه الشافعي، تلميذ أبي سهل الصعلوكي (2).
كتب الكثير عن: ابن عدي، والاسماعيلي، وابن الغطريف، وأبي علي بن المغيرة، وتصدر للافادة.
حدث عنه: البيهقي، والرئيس الثقفي، وأبو سعد بن أبي صادق، وعلي بن محمد الفقاعي (3)، وعدة.
مات في ربيع الاول سنة سبع وعشرين وأربع مئة، وله ست وسبعون سنة، وكان صاحب فنون.
_______________
* تاريخ جرجان 419، الانساب 6 / 110، اللباب 2 / 23، العبر 3 / 160، طبقات السبكي 4 / 151، 152، شذرات الذهب 3 / 230.
والرزجاهي ضبط في الاصل بضم الراء وفتحها، وحكى السبكي الوجهين عن المؤلف، واقتصر السمعاني وياقوت على الفتح.
وهذه النسبة إلى رزجاه قرية من قرى بسطام.
(1) نسبة إلى بسطام، وهي بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى نيسابور، وقد ضبطه ياقوت بكسر الباء، وضبط في الاصل بفتحها، وبسطام أيضا اسم لرجل، ففرق الذهبي في " المشتبه " بين اسم البلدة فضبطه بالفتح، واسم الرجل فضبطه بالكسر، وكذا فعل السمعاني في " الانساب "، وقال ابن الاثير: إنما الجميع مكسور لانه اسم أعجمي عرب بكسر الباء.
(2) وهو أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الحنفي، المتوفى سنة 369 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) قال في " الانساب ": بضم الفاء، وفتح القاف، وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى بيع الفقاع وعمله.
وقال في " اللسان ": " الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي به لما يعلوه من الزبد.
(*)

(17/504)


327 - الزيدي * الامام العالم المقرئ المعمر، شيخ حران، أبو القاسم، علي ابن محمد بن علي، الهاشمي العلوي الحسيني الزيدي، الحراني الحنبلي السني.
تلا بالروايات على الاستاذ أبي بكر النقاش (1)، وروى عنه تفسيره " شفاء الصدور "، فكان آخر من روى عنه القراءات والحديث.
تلا عليه: أبو معشر عبد الكريم الطبري، وأبو القاسم الهذلي، وأبو العباس أحمد بن الفتح الموصلي، نزيل زهر الملك.
وكان مفخر أهل حران.
قال أبو عمرو الداني: هو آخر من قرأ على النقاش.
قال: وكان ثقة ضابطا مشهورا، أقرأ بحران دهرا طويلا (2).
وقال هبة الله بن أحمد الاكفاني: سمعت عبد العزيز الكتاني - وقد أريته جزءا من كتب إبراهيم بن شكر من مصنفات الآجري، والسماع عليه مزور بين التزوير - فقال: ما يكفي علي بن محمد الزيدي الحراني أن يكذب حتى يكذب عليه (3).
__________
* معرفة القراء الكبار 1 / 315، ميزان الاعتدال 3 / 155، المغني في الضعفاء 2 / 454، العبر 3 / 178، 179، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 572، 573، لسان الميزان 4 / 259، 260، شذرات الذهب 3 / 251.
(1) وهو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي النقاش المفسر نزيل بغداد، متوفى سنة 351 ه، مرت ترجمته في آخر الجزء الخامس عشر.
(2) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 315، و " غاية النهاية " 1 / 573.
(3) " معرفة القراء الكبار " 1 / 315.
(*)

(17/505)


قلت: توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وقد قارب المئة.
وأعلى شئ عنده القراءات والتفسير عن النقاش، والنقاش مجمع على ضعفه في الحديث لا في القراءات، فإن كان الزيدي مقدوحا فيه، فلا يفرح بعلو رواياته للامرين، وقد وثقه أبو عمرو الداني في الجملة، كما وثق شيخه النقاش، ولكن الجرح مقدم، وما أدري ما أقول.
وبلغني أن الزيدي نفذ رسولا إلى ملك الروم، فلما جلس، غنت النصارى، وحركوا الارغل، فثبت الزيدي عند سماعه، وتعجبوا من ثباته كثيرا، فلما قام، وجدوا تحت كعبه الدم مما ثبت نفسه، ولم يتحرك.

328 - ابن السمسار * الشيخ الجليل، المسند العالم، أبو الحسن، علي بن موسى بن الحسين، ابن السمسار الدمشقي.
حدث عن: أبيه، وأخيه المحدث أبي العباس محمد، وأخيه الآخر أحمد، وأبي القاسم علي بن أبي العقب، وأبي عبد الله محمد ابن إبراهيم بن مروان، وأحمد بن أبي دجانة، وأبي علي بن آدم الفزاري، وأبي عمر بن فضالة ومظفر بن حاجب بن أركين، والدارقطني، والفقيه أبي زيد المروزي وحمل عنه " صحيح " البخاري، وروى عن خلق كثير.
__________
* ميزان الاعتدال 3 / 158، العبر 3 / 179، المغني في الضعفاء 2 / 456، لسان الميزان 4 / 264، 265، شذرات الذهب 3 / 252.
(*)

(17/506)


وكان مسند أهل الشام في زمانه.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو القاسم المصيصي، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، والفقيه نصر ابن إبراهيم، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال الكتاني: كان فيه تشيع وتساهل.
وقال أبو الوليد الباجي: فيه تشيع يفضي به إلى الرفض، وهو قليل المعرفة، في أصوله سقم (1).
مات ابن السمسار في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وقد كمل التسعين، وتفرد بالرواية عن ابن أبي العقب وطائفة، ولعل تشيعه كان تقية لا سجية، فإنه من بيت الحديث، ولكن غلت الشام في زمانه بالرفض، بل ومصر والمغرب بالدولة العبيدية، بل والعراق وبعض العجم بالدولة البويهية، واشتد البلاء دهرا، وشمخت الغلاة بأنفها، وتواخي الرفض والاعتزال حينئذ، والناس على دين الملك، نسأل الله السلامة في الدين.

329 - صاعد بن محمد * ابن أحمد بن عبد الله القاضي، أبو العلاء الاستوائي (2)،
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 158.
* تاريخ بغداد 9 / 344، 345، الانساب 1 / 221 (الاستوائي)، المنتظم 8 / 108، اللباب 1 / 52، العبر 3 / 174، الجواهر المضية 2 / 265 - 267، طبقات الفقهاء لطاش كبري: 81، النجوم الزاهرة 5 / 32، تاج التراجم 29، الطبقات السنية رقم (987)،
شذرات الذهب 3 / 248، الفوائد البهية 83.
(2) بضم الالف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المثناة الفوقية أو ضمها وبعدها الواو = (*)

(17/507)


النيسابوري، الفقيه، شيخ الحنفية ورئيسهم، وقاضي نيسابور.
سمع أبا عمرو بن نجيد، وبشر بن أحمد، وعلي بن عبد الرحمن البكائي.
وعنه: الخطيب، والقاضي صاعد بن سيار.
سمعنا جزءا من حديثه من أبي نصر المزي عن جده.
مولده سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.

330 - سيار بن يحيى * ابن محمد بن إدريس، العلامة القاضي، أبو عمرو الكناني الهروي الحنفي.
سمع من: أبي عاصم محبوب بن عبدالرحمن الحاكم، وجماعة.
وعنه: ابناه: القاضي أبو العلاء صاعد، والقاضي أبو الفتح نصر.
مات سنة ثلاثين وأربع مئة، فخلفه ابنه أبو الفتح إلى أن قتل مظلوما في سنة 446، فخلفه أخوه، فامتدت أيامه.
__________
= والالف..هذه النسبة إلى أستوا، وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى والخير.
* الجواهر المضية 2 / 243، الطبقات السنية برقم (859).
(*)

(17/508)


331 - ابن عليك * الحافظ الحجة الامام، أبو سعد، عبدالرحمن بن الحسن بن عليك، النيسابوري.
روى عن: أبي أحمد الحاكم، وأبي سعيد الرازي، وأبي بكر بن شاذان، والدار قطني، وخلق.
حدث عنه: أبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، وإمام الحرمين أبو المعالي، وأبو سعد بن القشيري.
وجمع وصنف.
توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.
وكان من أبناء السبعين.
أخذ بالكوفة عن أبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبي المفضل الشيباني، وببغداد أيضا عن علي بن عمر السكري، وبمرو عن طائفة.

332 - ابن دوست * * الحاكم العلامة النحوي، أبو سعد، عبدالرحمن بن محمد بن محمد ابن عزيز بن محمد، ابن دوست، النيسابوري، صاحب التصانيف
__________
* الاكمال 6 / 262، تبصير المنتبه 3 / 966.
* * يتيمة الدهر 4 / 425 - 428، دمية القصر 2 / 970 - 972، إنباه الرواة 2 / 167، عيون التواريخ 12 / 189 / 2 - 190 / 2، فوات الوفيات 2 / 297، 298، الجواهر المضية 2 / 403، 404، تاج التراجم 25، بغية الوعاة 2 / 89، الزركشي 196، الطبقات السنية 1201، ودوست: لقب جده محمد بن عزيز، وقد تحرف في " الجواهر المضية " إلى " درست " بالراء بدل الواو.
(*)

(17/509)


الادبية (1)، وله ديوان شعر (2).
ولد سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
سمع من: أبي عمرو بن حمدان، وبشر بن أحمد، وأبي أحمد الحاكم، وعدة.
وكان أصم لا يسمع شيئا.
أخذ اللغات عن أبي بصر الجوهري.
وعنه أخذ المفسر أبو الحسن الواحدي، وغيره.
وكان ذا زهد وصلاح.
مات في ذي القعدة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.

333 - القيشطالي * المحدث الثقة، مسند وقته، أبو عمرو، عثمان بن أحمد بن محمد ابن يوسف، المعافري القرطبي القيشطالي، بشين مشوبة بجيم، نزيل إشبيلية.
__________
(1) ذكر في " فوات الوفيات " أن له ردا على الزجاجي فيما استدركه على ابن السكيت في " إصلاح المنطق ".
(2) ومن شعره: وشادن قلت له * هل لك في المنادمة فقال رب عاشق * سفكت بالمنى دمه وانظر " اليتيمة " و " الدمية ".
* الصلة 2 / 404 وورد ذكره في العبر 3 / 174، شذرات الذهب 3 / 248، برنامج الوادي آشي ص 187، ونفح الطيب 5 / 200 في سند " الموطأ " رواية يحيى الليثي.
(*)

(17/510)


سمع مع أبيه من أبي عيسى الليثي " الموطأ " وتفسير ابن نافع، وسمع من القاضي ابن السليم، وابن القوطية، والزبيدي.
وكان نديما للمؤيد بالله هشام.
قال ابن خزرج: كان من أهل الطهارة والعفاف والثقة، وروايته كثيرة.
مات في صفر، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، عن ثمانين سنة (1).
قلت: روى عنه: محمد بن شريح المقرئ، وأبو عبد الله الخولاني، وابنه أحمد بن محمد، وآخرون.

334 - الدزبري * أمير الجيوش المظفر، سيف الخلافة، عضد الدولة، أبو منصور، نوشتكين (2) بن عبد الله التركي.
اشتراه بدمشق سنة أربع مئة القائد تزبر الديلمي، فرأى منه فرط شهامة وإقدام، وشاع ذكره، فقدمه للحاكم، وقيل: بل نفذ الحاكم بطلبه في سنة
__________
(1) " الصلة " 2 / 404.
* الكامل في التاريخ 9 / 230 و 392 و 500، 501، المختصر في أخبار البشر 2 / 166، تتمة المختصر 1 / 525، تاريخ ابن القلانسي: 71 (طبعة ليدن)، تاريخ ابن خلدون 4 / 272، 273، النجوم الزاهرة 4 / 252، و 5 / 34، معجم الانساب والاسرات الحاكمة: 45 و 51 و 204.
والدزبري: ضبط في الاصل بفتح الباء الموحدة وضبطه ابن خلكان بكسرها، وهي نسبة إلى القائد الذي اشتراه وهو دزبر، ويقال: تزبر بالتاء المثناة الفوقية أيضا.
انظر " وفيات الاعيان " 2 / 487، وقد غلط محقق " النجوم الزاهرة " 4 / 252 نسبة " الدزبري " بالدال، وصوبها بالتاء، وفي ذلك نظر، إذ كلاهما صحيح كما ذكر ابن خلكان، وقد تحرفت هذه النسبة في " تاريخ " ابن خلدون إلى الدريدي تارة، والوزيري تارة أخرى، وتحرفت في " الكامل " إلى البربري مرة، والبريدي مرة أخرى.
(2) ورد اسمه في مصادر ترجمته: أنوشتكين بزيادة ألف في أوله.
(*)

(17/511)


ثلاث وأربع مئة.
وجعل بين المماليك الحجرية (1)، فقهرهم واستطال، فضربه واليهم، ثم لزم الخدمة، وتودد إلى الامراء، فارتضاه الحاكم، وأعجب به، فأمره، وبعثه إلى دمشق سنة ست، فتلقاه تزبر، فتأدب وترجل لمولاه، ثم أعيد إلى مصر، وجرد إلى الريف، ثم بعث واليا على بعلبك، وحسنت سيرته، ثم نقل إلى قيسارية، واتفق قتل متولي حلب فاتك، قتله غلامه، ثم ولي فلسطين، فخافه ملك العرب حسان بن مفرج الطائي، وقلق، وجرت لامير الجيوش هذا وقائع، ودوخ العرب، فخبث حسان، وكاتب فيه وزير مصر الحسن بن صالح، فأمسكه بحيلة دبرت له سنة سبع عشرة وأربع مئة، فشفع فيه سعيد السعداء، فأطلق له، ثم ترقى، وكثرت غلمانه وأمواله.
وأما الشام، فعاثت العرب فيها، وأفسدت، ووزر نجيب الدولة الجرجرائي، فقدم نوشتكين على العساكر سبعة آلاف، فقصد حسان وصالح بن مرداس، فكانت المصاف على الاقحوانة، فهزم العرب، وقتل صالح (2)، فبعثت الخلع إلى نوشتكين، ثم نازل حلب، ثم عاد إلى دمشق، ونزل بالقصر، ثم رد إلى حلب ودخلها، فأحسن إلى الرعية، وعدل، ثم تغير، وشرب الخمر، فجاء كتاب بذمه وتهديده، فقلق وتنصل، وكتب: من عبد الدولة العلوية، والامامية الفاطمية متبرئا من ذنوبه
__________
(1) المماليك الحجرية، ويقال لهم أيضا صبيان الحجر (جمع حجرة) قال ابن خلكان: ومعناه عندهم، أن يكون لكل واحد منهم فرس وسلاح، فإذا قيل له عن شغل، ما يحتاج أن يتوقف فيه، وذلك على مثال الداوية والاسبتار (منظمتان للصليبيين).
فإذا تميز صبي من هؤلاء بعقل
وشجاعة، قدم للامرة.
انظر " وفيات الاعيان " 3 / 418، و " تكملة المعاجم العربية " لدوزي، الجزء الثالث (النسخة العربية).
(2) انظر وفيات الاعيان 2 / 487، و " الكامل " 5 / 369، و " النجوم الزاهرة " 4 / 252، 253.
(*)

(17/512)


لائذا بالعفو، ثم حم، وطلب طبيبا، فوصف له مسهلا، فأبى، وأصابه فالج أبطل يده ورجله، ثم مات بعد أيام من جمادى الاولى، سنة ثلاث وثلاثين بحلب (1)، ومما خلف من النقد ست مئة ألف دينار، وأصله من بلاد ختن، ومن قواده مقلد بن منقذ الكناني.

335 - شعيب بن عبد الله * ابن المنهال، مسند مصر، أبو عبد الله المصري.
حدث عن: أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي، وطائفة.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم بن الحطاب الرازي، وأبو الحسن الخلعي، وطائفة.
قال أبو إسحاق الحبال: يتكلم في مذهبه، مات في شعبان سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.

336 - الرخجي * * الوزير الكبير، أبو علي، الحسين، وزير بني بويه بالعجم، ثم عظم عن الوزارة وتركها، فكانت الوزراء يغشونه، ويتأدبون معه، حتى مات في سنة ثلاثين وأربع مئة.
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 500، 501، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272، 273.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
* * المنتظم 8 / 100 - 102، الكامل 9 / 466، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، تتمة المختصر 1 / 521، الوافي بالوفيات 12 / 356، 357، أعيان الشيعة 25 / 291، 292.
والرخجي: بضم الراء، وفتح الخاء المعجمة المشددة، وفي آخرها الجيم، نسبة إلى الرخجية، وهي قرية على نحو فرسخ من بغداد وراء باب الازج.
" الانساب " 6 / 96.
(*)

(17/513)


337 - الكسار * القاضي الجليل العالم، أبو نصر، أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن بوان، الدينوري.
سمع " سنن " النسائي المختصر من الحافظ أبي بكر بن السني، وسماعه له في سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، وحدث به في جمادى الاولى، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
حدث عنه: بدر بن خلف الفركي (1)، وعبدوس بن عبد الله الهمذاني، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وأبو صالح أحمد بن عبدالملك المؤذن.
وكان الكسار صدوقا، صحيح السماع، ذا علم وجلالة.
مات في هذا الوقت بعد تحديثه بالكتاب بيسير، وآخر من روى عنه بالاجازة مسند أصبهان أبو علي الحداد.

338 - ابن رزمة * * الشيخ الثقة، أبو الحسين، محمد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة، البزاز، من محدثي بغداد.
حدث عن: أبي بكر بن خلاد العطار، وأبي بكر بن سلم، وأبي سعيد السيرافي، وطائفة.
__________
* لم نقف له على ترجمة في المصادر.
(1) بفتح الفاء وسكون الراء كما في الاصل وضبطها السمعاني بالفتح، وقال: هذه النسبة إلى فرك، وهي قرية من قرى أصبهان.
ثم أورد ترجمة بدر بن خلف هذا.
" الانساب " 9 / 280، 281.
* * تاريخ بغداد 2 / 361، العبر 3 / 184، شذرات الذهب 3 / 255.
(*)

(17/514)


روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر بن سوار المقرئ، وخالد ابن عبد الواحد التاجر.
قال الخطيب: كان صدوقا، كثير السماع، كتبت عنه (1).
وعاش أربعا وثمانين سنة، مات في جمادى الاولى، سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.
وفيها توفي أبو بكر محمد بن جعفر الميماسي، راوي " موطأ " يحيى ابن بكير، وشارح " الصحيح " أبو القاسم المهلب (2) بن أحمد بن أبي صفرة.

339 - ابن فاذشاه * الشيخ الرئيس المسند، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن الحسين ابن محمد بن فادشاه، الاصبهاني التأني (3).
سمع الكثير من: أبي القاسم الطبراني، وكان سماعه مع جده الحسين في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
روى " المعجم الكبير " كله عن الطبراني، وغير ذلك.
حدث عنه: معمر بن أحمد اللنباني (4)، والمحسد بن محمد الاسكاف، وطاهر بن محمود الصباغ، وأبو الفتح عبد الله بن محمد الخرقي،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 361.
(2) سترد ترجمته برقم (384).
* العبر 3 / 178، الوافي بالوفيات 7 / 383، شذرات الذهب 3 / 250.
(3) قال السمعاني: هذه النسبة إلى " التناية " وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التأني.
" الانساب " 3 / 13.
(4) نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.
(*)

(17/515)


وأبو القاسم عبد الله بن عمر الغسال، وعبد الجبار بن محمد التاجر، وعبد الاحد بن أحمد العنبري، ونصر بن أبي القاسم الصباغ، والهيثم بن محمد المعداني، وستان بنت حسين الصالحاني، ومحمد بن عمر بن عزيزة، وأبو سعد أحمد بن عبد الكريم الاطروش، وأبو علي الحداد، ومحمود بن إسماعيل الاشقر، وخلق من شيوخ السلفي.
قال يحيى بن مندة: كان ابن فاذشاه صاحب ضياع كثيرة، صحيح السماع، ردئ المذهب.
قلت: كان يرمى بالاعتزال والتشيع.
مات في صفر، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
ومن شعره: سهام الشيب نافذة مصيبة * وسابقة الملمة والمصيبة ومن نزل المشيب بعارضيه * قد استوفى من الدنيا نصيبه
340 - ذو القرنين * الامير الكبير، الشاعر المجيد، وجيه (1) الدولة، أبو المطاع (2)، ذو
__________
* معجم الادباء 11 / 119 - 121، وفيات الاعيان 2 / 279 - 281، العبر 3 / 165،
166، دول الاسلام 1 / 255، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن الدمياطي: 114 - 116، مرآة الجنان 3 / 51، النجوم الزاهرة 5 / 27، شذرات الذهب 3 / 238، تهذيب تاريخ دمشق 5 / 262، 263، المجمع العلمي العراقي 24 / 263 - 284 و 25 / 115 - 141.
وسيكرر المؤلف ترجمته بعد الترجمة رقم (356).
(1) في الاصل: " وحيد " بدل " وجيه " وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته، وسيذكره المؤلف على الصواب في ترجمته المكررة عقب الترجمة (356).
(2) سماه في " النجوم الزاهرة ": الحسن، وفي " شذرات الذهب ": المطاع.
(*)

(17/516)


القرنين بن حمدان ابن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي.
فمن نظمه: إني لاحسد " لا " في أسطر الصحف * إذا رأيت اعتناق (1) اللام للالف وما أظنهما طال اعتناقهما * إلا لما لقيا من شدة الشغف (2) وكان قد سار إلى مصر، وولي الاسكندرية في دولة الظاهر بن الحاكم، ثم رجع إلى دمشق.
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.

81 - الادريسي * القاسم بن حمود بن ميمون بن أحمد بن عبيدالله بن عمر بن إدريس ابن إدريس بن عبد الله بن حسن، العلوي الحسني الادريسي.
ولي قرطبة سنة ثمان وأربع مئة عند قتل أخيه علي بن حمود.
وكان ساكنا وادعا، أمن الناس به، وفيه تشيع قليل، ثم خرج عليه ابن أخيه يحيى بن علي سنة اثنتي عشرة، ففر منه القاسم إلى إشبيلية، ثم
حشد، وأقبل إلى قرطبة، فهرب منه يحيى أيضا، ثم بعد أشهر اضطرب أمر القاسم، وانهزم عنه البربر في سنة أربع عشرة، وتغلبت كل فرقة على بلد، وجرت خطوب وزلازل، ثم لحق القاسم بشريش، فقصده يحيى بن علي،
__________
(1) في " المستفاد " و " الشذرات ": " عناق ".
(2) البيتان في " وفيات الاعيان " 2 / 279، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 115، و " شذرات الذهب " 3 / 238.
* تقدمت ترجمته برقم (81) وذكرت مصادر ترجمته هناك.
(*)

تعليق المستخدم :[81 - الادريسي * القاسم بن حمود بن ميمون]
لا يظن القارئ أن وجود هذه الترجمة برقم 81 هنا أنها خطأ ، فلقد مرّ ما يشبهها في الصفحة 279 من هذا الجزء، فيرجى مراجعة التعليق هناك ، وكذلك انظر التعليق في الحاشية من هذه الصفحة .

كتب : عبد الرحمن الشامي

(17/517)


وحاصره، وظفر به، وأسره، فبقي في اعتقاله دهرا، وفي اعتقال ابنه إدريس بن يحيى، فلما مات إدريس، خنقوا القاسم هذا وله ثمانون سنة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، ثم حمل تابوته إلى الجزيرة الخضراء، فدفن بها، وبها يومئذ ولده محمد.

341 - الاملوكي * الشيخ أبو المعمر، المسدد بن علي الاملوكي، خطيب حمص.
سمع محمد بن عبدالرحمن الحلبي، ويوسف الميانجي، والحسين ابن خالويه، وأحمد بن عبد الكريم الحلبي، وعدة.
وعنه: أبو نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وأبو صالح المؤذن، وأحمد بن أبي الحديد، وولده الحسن بن أحمد، وعبد الله بن عبد الرزاق الكلاعي (1).
وصار في الآخر إمام مسجد سوق الاحد (2) بدمشق.
قال الكتاني: كان فيه تساهل، مات في ذي الحجة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.

342 - الاسماعيلي * * العلامة، مفتي جرجان، أبو معمر، المفضل بن إسماعيل بن العلامة
________________
* العبر 3 / 176، شذرات الذهب 3 / 249.
والاملوكي: بضم الالف وسكون الميم وضم اللام وفي آخرها كاف، نسبة إلى أملوك، وهو بطن من ردمان، وردمان بطن من رعين، وهو ردمان بن وائل بن رعين.
" الانساب " 1 / 349.
(1) نسبة إلى قبيلة يقال لها: كلاع نزلت الشام، وأكثرهم نزل حمص.
" الانساب " 10 / 514.
(2) انظر " ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 83، 84.
* * تاريخ جرجان 421، الانساب 1 / 252، تبيين كذب المفتري 240، العبر 3 / = (*)

(17/518)


شيخ الاسلام أبي بكر، الاسماعيلي الجرجاني الشافعي، رئيس البلد وعالمه ومحدثه.
روى عن: جده كثيرا، وحفظ القرآن وجملة من الفقه وهو ابن سبعة أعوام، ورحل به أبوه، فأكثر عن ابن شاهين، والدار قطني، ويوسف بن الدخيل (1)، والحافظ أبي زرعة محمد بن يوسف.
وكان ممن يضرب المثل بذكائه، روى الكثير، وأملى وعاش أخوه مسعدة بعده إلى سنة ثلاث وأربعين.
وتوفي هو في ذي الحجة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، بعد موت أخيه الامام أبي العلاء بسنة.

343 - الخولاني * شيخ المالكية، مفتي القيروان، رفيق أبي عمران الفاسي (2).
تفقه بأبي محمد بن أبي زيد (3)، وأبي الحسن القابسي (4).
تخرج به أئمة كأبي القاسم بن محرز، وأبي إسحاق التونسي، وأبي
__________
= 176، طبقات السبكي 5 / 331، 332، شذرات الذهب 3 / 249.
(1) في " تاريخ جرجان ": " الفضيل " بدل " الدخيل " وهو خطأ، ويوسف بن الدخيل مترجم في " العقد الثمين " 7 / 482.
* ترتيب المدارك 4 / 700 - 702، الوافي بالوفيات 7 / 38، الديباج المذهب 1 / 177، 178، بغية الوعاة 1 / 324، شجرة النور الزكية 1 / 107، وهو أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الخولاني.
(2) سترد ترجمته برقم (364).
(3) تقدمت ترجمته برقم (4).
(4) تقدمت ترجمته برقم (99).
(*)

(17/519)


القاسم الستوري (1)، وأبي محمد عبد الحق الصقلي (2)، وأبي حفص العطار.
وكان رأسا في المذهب، واسع الادب، ذا تأله وصلاح وتعبد.
مات سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.
وقد دخل إلى مصر وسمع بها.

344 - الاسماعيلي * مفتي جرجان وعالمها، أبو العلاء السري بن العلامة الكبير، أبي سعد إسماعيل ابن شيخ عصره أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، الاسماعيلي الجرجاني الشافعي الاديب.
تفقه بأبيه، وسمع الكثير من جده، وتفرد عنه ببعض تواليفه، وسمع من ابن الغطريف، وابن شاهين، والدار قطني.
وتخرج به الفقهاء.
وكان عالم تلك الديار، متواضعا محبا للعلماء والصلحاء.
عاش سبعين سنة وتوفي سنة ثلاثين وأربع مئة.
رحمه الله.
__________
(1) تقدمت ترجمته هذه النسبة في الصفحة 266 ت رقم (1) وقد تصحفت في " الديباج المذهب " و " شجرة النور " إلى " السيوري " بالمثناة التحتية.
(2) ضبطه السمعاني بفتح الصاد المهملة والقاف وفي آخرها اللام، وتابعه ابن الاثير والسيوطي، وزاد عليهم ابن خلكان 3 / 215 تشديد اللام، وقال ياقوت: صقلية: بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة، وبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد واللام.
* تاريخ جرجان 185، طبقات السبكي 4 / 381.
(*)

(17/520)


345 - الدبوسي * العلامة، شيخ الحنفية، القاضي أبو زيد، عبد الله (1) بن عمر بن عيسى، الدبوسي البخاري، عالم ما وراء النهر، وأول من وضع علم الخلاف وأبرزه.
وكان أذكياء الامة.
وله كتاب: " تقويم الادلة "، وكتاب " الاسرار "، وكتاب: " الامد الاقصى " (2).
وأشياء.
مات ببخارى سنة ثلاثين وأربع مئة.

346 - الحوفي * * العلامة، نحوي مصر، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن سعيد،
________________
* الانساب 5 / 273، معجم البلدان 2 / 437، اللباب 1 / 490، وفيات الاعيان 3 /
48، العبر 3 / 171، البداية والنهاية 12 / 46، 47، النجوم الزاهرة 5 / 76، 77 وفيات سنة 457، الجواهر المضية 2 / 499، 500، طبقات الفقهاء لطاش كبري 71، تاج التراجم رقم 107، مفتاح السعادة 1 / 307، 308، كتائب أعلام الاخيار برقم 242، الطبقات السنية رقم (1079)، كشف الظنون 84، 168، 196، 334، 352، 467، 568، 703، شذرات الذهب 3 / 245، 246، الفوائد البهية 109، هدية العارفين 1 / 648.
والدبوسي بفتح الدال المهملة وضم الباء الموحدة المخففة وبعدها واو ساكنة وسين مهملة نسبة إلى الدبوسية - وقال ابن خلكان: الدبوسة -، وهي بليدة بين بخارى وسمرقند.
(1) في " الجواهر المضية " و " الفوائد البهية " و " مفتاح السعادة " و " النجوم الزاهرة " و " معجم البلدان " و " هدية العارفين ": عبيدالله.
(2) انظر النسخ الخطية لهذه الكتب الثلاثة وغيرها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 117، 118.
* * الانساب 4 / 273، معجم الادباء 12 / 221، 222، معجم البلدان 2 / 322، إنباه الرواة 2 / 219، اللباب 1 / 402، وفيات الاعيان 3 / 300، 301، العبر 3 / 172، تلخيص ابن مكتوم 124، البداية والنهاية 12 / 47، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 132، = (*)

(17/521)


الحوفي، صاحب أبي بكر محمد بن علي الادفوي (1).
له: " إعراب القرآن "، في عشر مجلدات (2).
تخرج به المصريون.
وتوفي سنة ثلاثين وأربع مئة.

347 - الرازي * الحافظ الاوحد، أبو بكر، أحمد بن علي، الرازي ثم الاسفراييني، الزاهد الثبت.
أملى بإسفرايين عن: شافع بن محمد، وزاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي، وطبقتهم.
وانتقى عليه الشيوخ، وتعب وجمع.
حدث عنه: أبو صالح المؤذن.
مات كهلا في قرب الثلاثين وأربع مئة.
__________
= طبقات المفسرين للسيوطي 25، حسن المحاضرة 1 / 532، بغية الوعاة 2 / 140، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 381، 382، مفتاح السعادة 2 / 107، كشف الظنون 241، 1905، شذرات الذهب 3 / 247، هدية العارفين 1 / 687.
والحوفي نسبة إلى حوف بمصر، وقال ياقوت في " معجم الادباء " عنه: أصله من قرية تسمى شبرا النخلة من حوف بلبيس من الديار المصرية.
وسماها القفطي وابن خلكان: شبرا اللنجة.
(1) انظر الصفحة 27 ت رقم (2).
(2) وله أيضا تفسير سماه " البرهان " قال ياقوت: بلغني أنه في ثلاثين مجلدا بخط دقيق، وكتاب " الموضح في النحو ".
انظر " معجم الادباء " 12 / 222، و " هدية العارفين " 1 / 687.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1087، طبقات الحفاظ 421.
(*)

(17/522)


348 - البراذعي * شيخ المالكية، أبو سعيد، خلف بن أبي القاسم، الازدي القيرواني المغربي المالكي، صاحب " التهذيب " (1) في اختصار " المدونة ".
قال القاضي عياض: كان من كبار أصحاب ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي، وعلى كتابه المعول بالمغرب، سكن صقلية واشتهرت كتبه هناك، وقرب من السلطان، والله يسمح له، لم أظفر بوفاته (2).
قال القاضي عياض: كان مبغضا عند أصحابه لصحبته سلاطين القيروان، ويقال: لحقه دعاء الشيخ أبي محمد، لانه كان ينتقصه، ويطلب مثالبه (3).
بقي إلى بعد الثلاثين وأربع مئة.

349 - ابن غالب * * شيخ المالكية، القدوة الزاهد، أبو محمد، عبد الله بن غالب بن
__________
* ترتيب المدارك 4 / 708، 709، وفيه البرادعي بالدال المهملة، الديباج المذهب 1 / 349 - 351، معالم الايمان لابن ناجي 3 / 183، شجرة النور 1 / 105، هدية العارفين 1 / 347، 348.
(1) قال ابن فرحون: " اتبع فيه طريقة اختصار أبي محمد، إلا أنه ساقه على نسق " المدونة " وحذف ما زاده أبو محمد ".
وعلى هذا التهذيب الشرح الصغير لابي القاسم محمد بن الناجي المتوفى سنة 837، وشرح لمجهول بعنوان: " تهذيب لمسائل التهذيب "، وعليه حاشية لابي مهدي عيسى الوانوغي، وتكملة لها لمحمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد البجائي المشدالي المتوفى سنة 866 ه.
انظر النسخ الخطية لتهذيب المدونة وشرحيه وحاشيته وتكملته في " تاريخ " بروكلمان 3 / 290، 291.
وانظر بقية تآليفه في " الديباج المذهب " 9 / 349، 350.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 708، 709.
(3) " ترتيب المدارك " 4 / 709.
* * الصلة 1 / 299، العبر 3 / 181، الديباج المذهب 1 / 435، 436، شذرات = (*)

(17/523)


تمام، الهمداني، المغربي، شيخ أهل سبتة.
ارتحل وحمل بالاندلس عن: أبي بكر الزبيدي، وأبي محمد
الاصيلي، وبمصر عن: أبي بكر بن المهندس، وطبقته، وبالقيروان عن: أبي محمد بن أبي زيد.
أخذ عنه: ولده الفقيه أبو عبد الله محمد، وإسماعيل بن حمزة، وابن جماح (1) القاضي المالكي، وأبو محمد المسيلي.
وكان من أوعية العلم، بصيرا بالمذهب، متفننا أديبا، بليغا شاعرا، حافظا نظارا، مدار الفتاوى عليه.
مات في صفر سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.

350 - الزهري * الفقيه العلامة، أبو طالب، عمر بن إبراهيم بن سعيد، الزهري الوقاصي، من ذرية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص، بغدادي من كبار الشافعية ببغداد، ويعرف بابن حمامة.
مولده في سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
كتب عن: أبي بكر القطيعي، وابن ماسي، وعيسى بن محمد الرخجي، وعدة.
__________
= الذهب 3 / 254.
(1) في " الديباج المذهب ": ابن الحجاج.
* تاريخ بغداد 11 / 274، طبقات الشيرازي 125، طبقات ابن الصلاح الورقة 73، طبقات السبكي 5 / 299، 300، طبقات الاسنوي 1 / 424.
(*)

(17/524)


روى عنه: الخطيب ووثقه (1).
توفي سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.

83 - جهور بن محمد * ابن جهور بن عبيدالله، رئيس قرطبة وأميرها، وصاحبها بعد هيج الفتن بالجزيرة.
نصب نفسه ممسكا لقرطبة إلى أن يتهيأ من يصلح للملك، وعاش إحدى وسبعين سنة.
حدث عن: عباس بن أصبغ، وأبي عبد الله بن مفرج، وخلف بن القاسم.
وكان من وزراء الدولة العامرية، ومن رجال الكمال دهاء ورأيا وسؤددا وتصونا.
وثب على قرطبة، وتملك من غير أن يتلقب بإمرة، ولا تحول من داره، وجعل بيوت الاموال تحت أيدي جماعة ودائع، وصير أهل الاسواق أجنادا، ورزقهم من أموال أعطاها إياهم مضاربة، وفرق عليهم الاسلحة، وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز وهو بزي النساك.
واستمر في الامر إلى أن مات في المحرم سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.
وقام في الامرة كذلك بعده ابنه الامير أبو الوليد (2)، محمد بن جهور.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 274.
* تقدمت ترجمته برقم (83)، وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(2) تقدمت ترجمته أيضا برقم (84).
(*)

تعليق المستخدم :[83 - جهور بن محمد * ابن جهور بن عبيدالله ]
لا يظن القارئ أن وجود هذه الترجمة برقم 83 هنا أنها خطأ ، فلقد مرّ ما يشبهها في الصفحة 279 من هذا الجزء، فيرجى مراجعة التعليق هناك ، وكذلك انظر التعليق في الحاشية من هذه الصفحة .

كتب : عبد الرحمن الشامي

(17/525)


وحدث عنه (1): محمد بن عتاب، وغيره.

351 - ابن شعيب * الامام، شيخ الشافعية، أبو علي، الحسن بن محمد بن شعيب،
ويقال: اسمه الحسين بن شعيب، السنجي (2) المروزي.
مصنف شرح (3) كتاب " الفروع " لابن الحداد، وهو من أنفس كتب المذهب، وله: كتاب " المجموع " (4).
وهو أول من جمع بين طريقتي خراسان والعراق.
أخذ الفقه عن: أبي بكر المروزي القفال (5).
وكان من رفقاء القاضي حسين (6)، وأبي محمد الجويني (7).
__________
(1) أي عن أبي الحزم جهور بن محمد.
* الانساب 7 / 165، 166، (السنجي)، معجم البلدان 3 / 264، اللباب 2 / 147، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 261، وفيات الاعيان 2 / 135، 136، الوافي بالوفيات 12 / 378، عيون التواريخ 12 / 183، طبقات السبكي 4 / 344 - 348، طبقات الاسنوي 2 / 28، 29، البداية والنهاية 12 / 57، طبقات ابن هداية الله 142، 143، هدية العارفين 1 / 309.
(2) نسبة إلى سنج، وهي قرية كبيرة من قرى مرو.
(3) قال ابن خلكان في شرحه هذا: لم يقاربه فيه أحد مع كثرة شروحها، فإن القفال شيخه شرحها، والقاضي أبو الطيب الطبري شرحها وغيرهما.
" وفيات الاعيان " 2 / 135.
وابن الحداد هو أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الكتاني ابن الحداد، متوفى سنة 334 ه، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) وقد نقل منه أبو حامد الغزالي في كتاب " الوسيط ".
وله أيضا شرح كبير لكتاب " التلخيص " لابي العباس بن القاص.
(5) تقدمت ترجمته برقم (267).
(6) وهو القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد المروروذي، المتوفى سنة 462 ه، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (130).
(7) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (413).
(*)

(17/526)


مات في ربيع الاول سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.

352 - الطحان * الشيخ الثقة، أبو القاسم، عبدا لباقي بن محمد بن أحمد بن زكريا، البغدادي، الطحان.
سمع أبا بكر الشافعي، وأبا علي بن الصواف.
روى عنه: الخطيب، وطاهر بن أسد الطباخ، وجماعة.
عمر ثمانيا وثمانين سنة، وتوفي في جمادى الاولى، سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.

353 - ابن كردي * * المعمر، أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن علي بن كردي، البغدادي الانماطي.
حدث عن: أبي بكر الشافعي.
روى عنه: الخطيب، وقال: لا بأس به، والفضل بن عبد العزيز القطان، وعبد الله بن محمد الحارثي.
مات في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.

354 - ابن عباد * * * القاضي الكبير، أمير إشبيلية ومدبرها وحاكمها، أبو القاسم، محمد
__________
(1) تاريخ بغداد 11 / 90، العبر 3 / 177، شذرات الذهب 3 / 250.
* * تاريخ بغداد 5 / 70، 71.
* * * جذوة المقتبس 80، 81، الذخيرة: القسم الثاني / المجلد الاول / 13 - 23، = (*)

(17/527)


ابن إسماعيل بن عباد بن قريش، اللخمي، من ذرية أمير الحيرة النعمان بن المنذر، أصله من الشام من بلد العريش، فدخل أبوه الاندلس، ونشأ أبو القاسم، فبرع في العلم، وتنقلت به الاحوال، وولي قضاء إشبيلية في أيام بني حمود العلوية، فساس البلد، وحمد، ورمقته العيون، ثم سار يحيى ابن علي بن حمود، وكان ظلوما، فحاصر إشبيلية، فاجتمع الاعيان على القاضي، وأطاعوه، ثم قالوا: انهض بناء إلى هذا الظالم، ونملكك.
فأجابهم، وتهيأ للحرب، وذكرنا (1) أن يحيى ركب إليهم سكران، فقتل، وتمكن القاضي، ودانت له الرعية، ولقب بالظافر، ثم إنه تملك قرطبة وغيرها (2).
وقصته مشهورة مع الشخص الذي زعم أنه المؤيد بالله المرواني، وكان خبر المرواني قد انقطع من عشرين سنة، وجرت فتن صعبة في هذه السنين، فقيل لابن عباد: إن المؤيد حي بقلعة رباح في مسجد، فطلبه، واحترمه، وبايعه بالخلافة، وصير نفسه كوزير له (3).
قال الامير عزيز: حسد ابن عباد، وقالوا: قتل يحيى الادريسي من أهل البيت، وقتل ابن ذي النون ظلما، فبقي يفكر فيما يفعله، فجاءه رجل، فقال: رأيت المؤيد.
فقال: انظر ما تقول ! قال: إي والله هو
__________
= الصلة 2 / 523، بغية الملتمس 117، 118، الكامل في التاريخ 9 / 275، 279، 280، 285 - 287، الحلة السيراء 2 / 34 - 39، وفيات الاعيان 5 / 22، 23، البيان المغرب 3 / 194 و 314، دول الاسلام 1 / 256، العبر 3 / 179، 180، الوافي بالوفيات 2 / 212 - 214، تاريخ ابن خلدون 4 / 156، نفح الطيب 4 / 226، 227، شذرات الذهب 3 / 252، 253.
(1) في ترجمة يحيى بن علي المتقدمة برقم (282).
(2) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 22.
(3) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 22، و " الوافي بالوفيات " 2 / 212.
(*)

(17/528)


هو.
وقال تومرت - عبد كان يخدم المؤيد -: وأنا إذا رأيت سيدي، عرفته، ولي فيه علامات.
فأرسل رجل مع ذلك الرجل إلى قلعة رباح، فوجداه، فقدم معهما، فلما رآه تومرت، وثب، وقبل قدمه، وقال: مولاي والله ! فقبل حينئذ القاضي يده، ثم بويع، وأخرج يوم الجمعة، ومشوا بين يديه إلى الجامع، ثم خطب المؤيد الناس، وصلى بهم، وبقي ابن عباد كالحاجب له على قاعدة الحاجب المنصور بن أبي عامر، غير أن المؤيد يخرج إلى الجمعة دائما، ودانت له أكثر المدن.
قال عزيز: هرب المؤيد من قرطبة عام أربع مئة متنكرا حتى قدم مكة ومعه كيس جواهر، فشعر به حرامية مكة، فأخذوه منه، وبقي يومين لم يطعم، ثم عمل في الطين وتقوت، ثم توصل إلى القدس، فتعلم نسج الحصر، ثم رجع إلى الاندلس سنة 24.
قال عزيز: هذا رواه مشايخ.
وقال ابن حزم: فضيحة ! أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام يسمون أمير المؤمنين في وقت، أحدهم خلف الحصري بإشبيلية على أنه المؤيد بالله، والثاني محمد بن القاسم الادريسي بالجزيرة الخضراء، والثالث محمد بن إدريس بن علي بن حمود بمالقة، والرابع إدريس بن يحيى بن علي بن حمود بشنترين.
فهذه أخلوقة لم يسمع بمثلها ! وخطب لخلف على المنابر، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش، فأقام في الامر نيفا وعشرين سنة، وابن عباد القاضي كالوزير بين يديه (1).
قلت: مات القاضي في جمادى الاولى، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، ودفن بقصر إشبيلية، وخلفه ابنه المعتضد بالله عباد (2)، فدامت دولته
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 22، و " الوافي " 2 / 213.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (128).
(*)

(17/529)


إلى سنة أربع وستين وأربع مئة.
وقيل: بل بقي القاضي محمد إلى سنة تسع وثلاثين، وكان يستعين بالوزير محمد بن الحسن الزبيدي، وبعيسى بن حجاج الحضرمي، وبعبد الله بن علي الهوزني، وكان له ابنان: إسماعيل قتل في مصاف (1)، والمعتضد الذي تملك بعده.

355 - الاردستاني * الامام الحافظ الفقيه، أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد بن عبيد الله ابن أحمد بن الفضل بن شهريار، الاردستاني، ثم الاصبهاني، مصنف كتاب " الدلائل السمعية على المسائل الشرعية "، وهو في ثلاثة أسفار.
حدث عن: أبي بكر بن المقرئ، وعبيدالله بن يعقوب بن إسحاق ابن جميل، والحسن بن علي ابن البغدادي، ومحمد بن أحمد بن جشنس، وأبي عبد الله بن مندة، وأحمد بن إبراهيم العبقسي، وأبي عمر بن مهدي، وأبي أحمد الفرضي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وإبراهيم بن خرشيذ قوله، وعدة.
وينزل إلى أبي نعيم الحافظ ونحوه.
وينصب الخلاف مع أبي حنيفة ومالك، وينتصر لامامه الشافعي، ولكنه لا يتكلم على الاسانيد.
وفي كتابه مخبآت تنبئ بإمامته وحفظه.
روى عنه: سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو علي الحداد وغيرهما.
__________
(1) انظر عن هذا المصاف " جذوة المقتبس " 30، 31، و " بغية الملتمس " 37، 38، و " الكامل " 9 / 280، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 157.
* طبقات السبكي 4 / 180 - 182، كشف الظنون 760، هدية العارفين 2 / 61.
وقد تقدمت ترجمة نسبة " الادرستاني " في الترجمة رقم (285).
(*)

(17/530)


وقع لي من حديثه في " معجم " الحداد.
مات بعد الثلاثين وأربع مئة.

356 - ابن سينا * العلامة الشهير الفيلسوف، أبو علي، الحسين (1) بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق.
كان أبوه كاتبا من دعاة الاسماعيلية، فقال: كان أبي تولى التصرف بقرية كبيرة، ثم نزل بخارى، فقرأت القرآن وكثيرا من الادب ولي عشر، وكان أبي ممن آخى داعي المصريين، ويعد من الاسماعيلية.
ثم ذكر مبادئ اشتغاله، وقوة فهمه، وأنه أحكم المنطق وكتاب إقليدس إلى أن قال: ورغبت في الطب، وبرزت فيه، وقرؤوا علي، وأنا
__________
* تاريخ حكماء الاسلام للبيهقي 52 - 72، تاريخ الحكماء للشهرستاني 413 - 426، الكامل في التاريخ 9 / 456، عيون الانباء في طبقات الاطباء 437 - 459، وفيات الاعيان 2 / 157 - 162، الذريعة 2 / 48، 96 و 7 / 184، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، 162، العبر 3 / 165، دول الاسلام 1 / 255، ميزان الاعتدال 1 / 539، تتمة المختصر 1 / 519، 520، عيون التواريخ 12 / 159 / 1 - 166 / 2، الوافي بالوفيات 12 / 391 - 412، إغاثة اللهفان 2 / 266، مرآة الجنان 3 / 47 - 51، البداية والنهاية 12 / 42، 43، الجواهر المضية
2 / 63، 64، طبقات الفقهاء لطاش كبري 70، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 325 - 330، الشقائق النعمانية 1 / 475 - 478، المجد دون في الاسلام 185 - 189، لسان الميزان 2 / 291 - 293، النجوم الزاهرة 5 / 25، 26، تاج التراجم 19، تاريخ فلاسفة الاسلام 53 - 66، تاريخ الفلسفة في الاسلام 164 - 188، الخالدون 101 - 116، الطبقات السنية 761، خزانة الادب 4 / 466، شذرات الذهب 3 / 234 - 237، روضات الجنات 3 / 170 - 185، إيضاح المكنون 2 / 555، 672، هدية العارفين 1 / 308، 309، أعيان الشيعة 26 / 287 - 337، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 203، الفهرس التمهيدي 453 - 464 و 516 - 566.
(1) في " الجواهر المضية ": " الحسن " وهو تحريف.
(*)

(17/531)


مع ذلك أختلف إلى الفقه، وأناظر ولي ست عشرة سنة.
ثم قرأت جميع الفلسفة، وكنت كلما أتحير في مسألة، أو لم أظفر بالحد الاوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المنغلق منه، وكنت أسهر، فمهما غلبني النوم، شربت قدحا.
إلى أن قال: حتى استحكم معي جميع العلوم، وقرأت الكتاب " ما بعد الطبيعة "، فأشكل علي حتى أعدت قراءته أربعين مرة، فحفظته ولا أفهمه، فأيست.
ثم وقع لي مجلد لابي نصر الفارابي في أغراض كتاب " ما بعد الحكمة الطبيعية " (1)، ففتح علي أغراض الكتب، ففرحت، وتصدقت بشئ كثير.
واتفق لسلطان بخارى نوح مرض صعب، فأحضرت مع الاطباء، وشاركتهم في مداواته، فسألت إذنا في نظر خزانة كتبه، فدخلت فإذا كتب لا تحصى في كل فن، فظفرت بفوائد.
إلى أن قال: فلما بلغت ثمانية عشر عاما، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي
اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شئ، وصنفت " المجموع "، فأتيت فيه على علوم، وسألني جارنا أبو بكر البرقي وكان مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، فصنفت له " الحاصل والمحصول " في عشرين مجلدة، ثم تقلدت شيئا من أعمال السلطان، وكنت بزي الفقهاء إذ ذاك، بطيلسان محنك، ثم انتقلت إلى نسا، ثم أبا ورد (2) وطوس
__________
(1) في " طبقات الاطباء " و " الوافي بالوفيات ": " ما بعد الطبيعة " وهو الذي ذكره المؤلف آنفا.
(2) ويقال لها: أبيورد أيضا، وهو الاشهر.
(*)

(17/532)


وجاجرم، ثم إلى جرجان (1).
قلت: وصنف الرئيس بأرض الجبل كتبا كثيرة، منها " الانصاف "، عشرون مجلدا، " البر والاثم "، مجلدان، " الشفاء "، ثمانية عشر مجلدا، " القانون "، مجلدات (2).
" الارصاد "، مجلد، " النجاة "، ثلاث مجلدات، " الاشارات "، مجلد، " القولنج "، مجلد، " اللغة "، عشر مجلدات، " أدوية القلب "، مجلد، " الموجز " مجلد، " المعاد " مجلد، وأشياء كثيرة ورسائل (3).
ثم نزل الري وخدم مجد الدولة وأمه، ثم خرج إلى قزوين وهمذان، فوزر بها، ثم قام عليه الامراء، ونهبوا داره، وأرادوا قتله، فاختفى، فعاود متوليها شمس الدولة القولنج، فطلب الرئيس، واعتذر إليه، فعالجه، فبرأ، واستوزره ثانيا، وكانوا يشتغلون عليه، فإذا فرغوا، حضر المغنون، وهيئ مجلس الشراب.
ثم مات الامير، فاختفى أبو علي عند شخص، فكان يؤلف كل يوم خمسين ورقة، ثم أخذ، وسجن أربعة أشهر، ثم
تسحب إلى أصبهان متنكرا في زي الصوفة هو وأخوه وخادمه وغلامان.
__________
(1) انظر " الوافي بالوفيات " 12 / 391 - 395، و " طبقات الاطباء " 437 - 439 بأطول مما هنا.
(2) كذا في الاصل لم يذكر عدد المجلدات، وهو مطبوع في ثلاث أجزاء.
قال الصفدي: وكان ينبغي أن يسمى هذا " القانون " كتاب " الشفاء " لكونه في الطب وعلاج الامراض، وأن يسمى كتاب " الشفاء " كتاب " القانون " لان " الشفاء " فيه العلوم الاربع التي هي الحكمة، و " القانون " هو الامر الكلي الذي ينطبق على جميع جزئيات ذلك الشئ.
" الوافي " 12 / 404.
(3) انظر تصانيفه ورسائله في " الوافي بالوفيات " 12 / 404 - 406، و " عيون الانباء " 457 - 459، و " هدية العارفين " 1 / 308، 309، وكتاب " مؤلفات ابن سينا " وضع الاب جورج قنواتي، وانظر ما طبع منها في " معجم المطبوعات " 127 - 132.
(*)

(17/533)


وقاسوا شدائد، فبالغ صاحب أصبهان علاء الدولة في إكرامه، إلى أن قال خادمه: وكان الشيخ قوي القوى كلها، يسرف في الجماع، فأثر في مزاجه، وأخذ القولنج حتى حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح معاه، وظهر به سحج (1)، ثم حصل له الصرع الذي يتبع علة القولنج، فأمر يوما بدانقين من بزر الكرفس في الحقنة، فوضع طبيبه عمدا أو خطأ زنة خمسة دراهم، فازداد السحج، وتناول مثروذيطوس (2) لاجل الصرع، فكثره غلامه، وزاده أفيون، وكانو قد خانوه في مال كثير، فتمنوا هلاكه، ثم تصلح، لكنه مع حاله يكثر الجماع، فينتكس، وقصد علاء الدولة همذان، فسار معه الشيخ، فعاودته العلة في الطريق، وسقطت قوته، فأهمل العلاج، وقال: ما كان يدبر بدني عجز، فلا تنفعني المعالجة (3).
ومات
بهمذان بعد أيام وله ثلاث وخمسون سنة.
قال ابن خلكان (4): ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجعل يختم القرآن في كل ثلاث، ثم مات يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
قال: ومولده في صفر سنة سبعين وثلاث مئة.
قلت: إن صح مولده، فما عاش إلا ثمانيا وأربعين سنة وأشهرا، ودفن عند سور همذان، وقيل: نقل تابوته إلى أصبهان.
__________
(1) أي تقشر.
(2) في " عيون الانباء ": " المثرود بطوس "، وفي " الوافي ": " المثروديطوس ".
(3) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 159، 160، و " طبقات الاطباء " 440 - 442، و " الوافي بالوفيات " 12 / 400، 401.
(4) في " وفيات الاعيان " 2 / 160.
(*)

(17/534)


ومن وصية ابن سينا لابي سعيد، فضل الله الميهني: ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عينه مكحولة بالنظر إليه، وقدمه موقوفة على المثول بين يديه، مسافرا بعقله في الملكوت الاعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قراره، فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن ظاهر تجلى لكل شئ بكل شئ، وتذكر نفسه (1)، وودعها، وكان معها كأن ليس معها، فأفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر الصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي (2) الرياء، ولن تخلص النفس عن الدون ما التفتت إلى قيل وقال وجدال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما انفرج عن علم، ومعرفة الله أول
الاوائل، إليه يصعد الكلم الطيب.
إلى أن قال: والمشروب فيهجر تلهيا لا تشفيا (3)، ولا يقصر في الاوضاع الشرعية، ويعظم السنن الالهية (4).
قد سقت في " تاريخ الاسلام " أشياء اختصرتها، وهو رأس الفلاسفة الاسلامية، لم يأت بعد الفارابي مثله، فالحمد لله على الاسلام والسنة.
وله كتاب " الشفاء "، وغيره، وأشياء لا تحتمل، وقد كفره الغزالي في كتاب " المنقذ من الضلال " (5)، وكفر الفارابي.
__________
(1) أسقط المؤلف من الوصية قبل هذه الجملة ما لايتم المعنى إلا به.
انظر " عيون الانباء في طبقات الاطباء " 445.
(2) تحرفت في " عيون الانباء " إلى " السهي " بالهاء.
(3) في " عيون الانباء " زيادة: وتداويا.
(4) انظر نص هذه الوصية في " عيون الانباء " 445، 446.
(5) يقول شيخ الاسلام رحمه الله في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " 1 / 8 وهو بصدد البحث عن انحراف الفلاسفة: ولهؤلاء في نصوص الانبياء طريقتان: طريقة التبديل وطريقة التجهيل، أما أهل التبديل، فهم نوعان: أهل الوهم والتخييل، وأهل التحريف والتأويل، فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون: إن الانبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر، وعن الجنة والنار، بل = (*)

(17/535)


وقال الرئيس: قد صح عندي بالتواتر ما كان بجوزجان في زماننا من أمر حديد - لعله زنة مئة وخمسين منا - نزل من الهواء، فنشب في الارض، ثم نبا نبوة الكرة، ثم عاد، فنشب في الارض، وسمع له صوت عظيم هائل، فلما تفقدوا أمره، ظفروا به، وحمل إلى والي جوزجان، فحاولوا كسر قطعة منه، فما عملت فيه الآلات إلا بجهد، فراموا عمل سيف منه،
__________
= وعن الملائكة، بأمور غير مطابقة للامر في نفسه، لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن
الله جسم عظيم، وأن الابدان تعاد، وأن لهم نعيما محسوسا، وعقابا محسوسا، وإن كان الامر ليس كذلك في نفس الامر، لان من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن الامر هكذا، وإن كان هذا كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور، إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تمكن إلا بهذه الطريق.
وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم على هذا الاصل، كالقانون الذي ذكره في رسالته الاضحوية ص 44 - 51.
وهؤلاء يقولون: الانبياء قصدوا بهذه الالفاظ ظواهرها، وقصدوا أن يفهم الجمهور منها هذه الظواهر، وإن كانت الظواهر في نفس الامر كذبا وباطلا ومخالفة للحق، فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة.
ثم من هؤلاء من يقول: النبي كان يعلم الحق ولكن أظهر خلافه للمصلحة.
ومنهم من يقول: ما كان يعلم الحق كما يعلمه نظار الفلاسفة وأمثالهم، وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل على النبي، ويفضلون الولي الكامل الذي له هذا المشهد على النبي، كما يفضل ابن عربي الطائي خاتم الاولياء في زعمه على الانبياء، وكما يفضل الفارابي ومبشر بن فاتك وغيرهما الفيلسوف على النبي.
وأما الذين يقولون: إن النبي كان يعلم ذلك، فقد يقولون: إن النبي أفضل من الفيلسوف، لانه علم ما علمه الفيلسوف وزيادة، وأمكنه أن يخاطب الجمهور بطريقة يعجز عن مثلها الفيلسوف، وابن سينا وامثاله من هؤلاء.
وهذا في الجملة قول المتفلسفة والباطنية، كالملاحدة الاسماعيلية، وأصحاب رسائل اخوان الصفا، والفارابي وابن سينا والسهروردي المقتول وأبن رشد الحفيد، وملاحدة الصوفية الخارجين عن طريقة المشايخ المتقدمين من أهل الكتاب والسنة، كابن عربي وابن سبعين وابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقطان.
وخلق كثير غير هؤلاء.
وقد خص شيخ الاسلام قسما كبيرا من هذا الكتاب العظيم في تتبع سقطات ابن سينا وضلالاته، وبيان ما فيها من زيف وانحراف بالحجة والبرهان على طريقة السلف الصالح من لدن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من الائمة والعلماء المشهود لهم بالعلم والايمان
والاستقامة والعرفان.
(*)

(17/536)


فتعذر.
نقله في " الشفاء ".
340 - ذو القرنين * الامير الكبير، نائب دمشق، وجيه الدولة، أبو المطاع، ابن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي الشاعر.
ولي دمشق بعد لؤلؤ سنة إحدى وأربع مئة، وجاءته الخلع من الحاكم، ثم عزله بابن بزال، ثم ولي دمشق للظاهر بن الحاكم، ثم عزل بعد أشهر بسختكين، ثم وليها سنة خمس عشرة، ثم عزل بالدزبري بعد أربعة أعوام.
وله نظم في الذروة، وكان ابنه من خيار الدولة المصرية.
مات ذو القرنين في صفر سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، وكان من أبناء الثمانين.
وله: لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * وشهدت حين نكرر التوديعا أيقنت أن من الدموع محدثا * وعلمت أن من الحديث دموعا (1) ومن شعره: أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا * ولحظ عينيه أمضى من مضاربه فما خلعت نجادي للعناق له * إلا لبست نجادا من ذوائبه
__________
* تقدمت ترجمته برقم (340) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(1) البيتان في " وفيات الاعيان " 2 / 280، و " معجم الادباء " 11 / 120، و " تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 262.
(*)

(17/537)


فبات أسعدنا في نيل بغيته * من كان في الحب أشقانا بصاحبه (1)
357 - المحاملي * الشيخ أبو عبد الله، أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل، الضبي المحاملي.
سمع النجاد، وأبا سهل بن زياد، ودعلجا، وطائفة.
وعنه: الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأبو غالب الباقلاني، وآخرون.
قال الخطيب (2): سماعه صحيح، حدث له صمم في سنة ثمان، ومات سنة تسع وعشرين وأربع مئة، في ربيع الآخر عن ست وثمانين سنة.

358 - ابن الحارث * * الامام الكبير، أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحارث، التميمي الاصبهاني، المقرئ النحوي، الزاهد المحدث، نزيل نيسابور.
حدث عن: أبي الشيخ بن حيان، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وأبي الحسن الدار قطني، وطائفة.
__________
(1) الابيات في " وفيات الاعيان " 2 / 279، و " معجم الادباء " 11 / 121، و " تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 262، والاولان منها في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 115.
* تاريخ بغداد 4 / 238.
(2) المصدر السابق.
* * إنباه الرواة 1 / 130، 131، تلخيص ابن مكتوم 22، العبر 3 / 170، شذرات الذهب 3 / 245.
(*)

(17/538)


حدث عنه: البيهقي، ومحمد بن يحيى المزكي، ومنصور بن حيد، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وآخرون.
وتخرج به أهل نيسابور في العربية.
مات في ربيع الاول سنة ثلاثين وأربع مئة عن إحدى وثمانين سنة، وحدث بسنن الدارقطني.

359 - الحيري * العلامة المفسر، أبو عبد الرحمن، إسماعيل بن أحمد، النيسابوري، الحيري، الضرير الزاهد، أحد الاعلام.
له التصانيف في القرآن والقراءات، والحديث والوعظ، ونفع الخلق.
روى عن: زاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي، وحفيد ابن خزيمة، وأبي الهيثم الكشميهني.
وعنه: الخطيب، ومسعود بن ناصر.
قال الخطيب (1): قدم علينا، ونعم الشيخ كان، له تفسير مشهور، قرأت عليه " صحيح " البخاري في ثلاثة مجالس، ميعادان في ليلتين،
__________
* تاريخ بغداد 6 / 313، 314، الانساب 4 / 289، المنتظم 8 / 105، معجم الادباء 6 / 128، 129، العبر 3 / 171، نكت الهميان 119، طبقات السبكي 4 / 265، طبقات المفسرين للسيوطي 7، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 104، 105، كشف الظنون 442، شذرات الذهب 3 / 245 وتصحف فيه إلى " الجيزي " بالجيم والزاي، هدية العارفين 1 / 209، 210.
(1) في " تاريخ بغداد " 6 / 314.
(*)

(17/539)


وقرأت الثالث من ضحوة إلى الليل، ثم إلى طلوع الفجر.
قلت: مات سنة ثلاثين وأربع مئة وله تسع وستون سنة.

360 - ابن رامش * المولى الكبير، متولي نيسابور، أبو عبد الله، منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد، النيسابوري.
حدث بخراسان وببغداد والحرم ودمشق عن: أبي الفضل عبيدالله الزهري، وأبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وعبيدالله بن محمد الفامي، والدار قطني، وأبي محمد المخلدي، وعدة.
روى عنه: الخطيب، والكتاني، والحسن بن أبي الحديد، وأبو الفضل بن الفرات، ومحمد بن علي المطرز.
وكان صدرا معظما، ثقة، محدثا كثير الرواية، وجه بوقر من مسموعاته، وتفرد بأشياء.
قال عبد الغافر بن إسماعيل في " السياق ": كنيته أبو نصر الرئيس، السلار الغازي، رجل من الرجال، وداه من الدهاة، ولي رئاسة نيسابور في دولة محمود، وترتيب نيسابور بعدله وإنصافه، ثم حج وجاور سنتين، ثم عاد فولي البلد، فلم يتمكن من العدل، فاستعفي، ولزم العبادة، وكان ثقة.
توفي في رجب سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
________________
* تاريخ بغداد 13 / 86.
(*)

(17/540)


361 - ابن مغلس * الاستاذ اللغوي، أبو محمد، عبد العزيز بن أحمد بن السيد بن
مغلس، القيسي (1) الاندلسي، نزيل مصر، من أئمة الادب.
وله نظم بديع، وهو القائل: مريض الجفون بلا علة * ولكن قلبي به ممرض وما زار شوقا ولكن أتى * يعرض لي أنه معرض (2) أخذ عن: صاعد بن الحسن الربعي وغيره.
توفي سنة سبع وعشرين وأربع مئة.

82 - المعتلي * * أمير الاندلس، أبو زكريا، يحيى بن علي بن حمود، الحسني الادريسي المغربي، الملقب بالمعتلي بالله.
توثب على عمه الامير القاسم بن حمود، وزحف إليه من مالقة، وتملك قرطبة، ثم تراجع أمر القاسم، واستمال البربر، وحشد وقصد قرطبة في سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، ففر المعتلي إلى مالقة، ثم اضطرب
__________
* جذوة المقتبس 288، الصلة 2 / 369، 370، بغية الملتمس 384، وفيات الاعيان 3 / 193، 194، بغية الوعاة 2 / 98، نفح الطيب 2 / 132.
(1) في الاصل: القليسي، وهو تحريف، والصواب من " الصلة " و " الجذوة " و " بغية الملتمس " و " وفيات الاعيان ".
وفي " نفح الطيب ": القيسي البلنسي، وفي " بغية الوعاة ": البلنسي.
(2) البيتان في " وفيات الاعيان " 3 / 194، و " بغية الوعاة " 2 / 98، و " نفح الطيب " 2 / 132.
* * تقدمت ترجمته برقم (82) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(*)

تعليق المستخدم :[82 - المعتلي * * أمير الاندلس، أبو زكريا، يحيى بن علي بن حمود]
لا يظن القارئ أن وجود هذه الترجمة برقم 82 هنا أنها خطأ ، فلقد مرّ ما يشبهها في الصفحة 279 من هذا الجزء، فيرجى مراجعة التعليق هناك ، وكذلك انظر التعليق في الحاشية من هذه الصفحة .

كتب : عبد الرحمن الشامي

(17/541)


أمر القاسم بعد يسير، وتغلب المعتلي على الجزيرة الخضراء، وكانت أمه
علوية أيضا، ثم تلقب بأمير المؤمنين، واستفحل أمره، وتسلم قرطبة ثانيا، وتسلم القلاع قبل سنة عشرين، ثم حاصر إشبيلية، وكبيرها القاضي محمد ابن إسماعيل بن عباد، فبرز عدة فوارس للمبارزة، فساق لقتالهم المعتلي بنفسه وهو مخمور، فقتلوه في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مئة، فقام بعده ولده إدريس.
واتفق في العام موت الامير المعتد بالله أبي بكر هشام بن محمد بن عبدالملك بن الناصر المرواني، وكان قد بويع، ونهض بأمره عميد قرطبة أبو الحزم جهور بن محمد، فعقدوا له في سنة ثمان عشرة، وبقي مترددا في الثغور ثلاث سنين، وثارت فتن وبلايا واضطراب، ثم خلعه الجند، وأهين، فالتجأ إلى ابن هود بسرقسطة إلى أن مات عن ثلاث وستين سنة، فهو آخر المروانية.

362 - ابن شهاب * الامام العلامة الاوحد، الكاتب المجود، أبو علي، الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي، العكبري، الفقيه الحنبلي.
مولده سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وطلب الحديث في رجوليته، فسمع من: أبي علي بن الصواف،
__________
* تاريخ بغداد 7 / 329، 330، طبقات الحنابلة 2 / 186 - 188، المنتظم 8 / 92، الوافي بالوفيات 12 / 55، مختصر طبقات الحنابلة 370، البداية والنهاية 12 / 40، 41، شذرات الذهب 3 / 241، 242.
(*)

(17/542)


وأبي بكر بن خلاد، وأبي بكر القطيعي، وحبيب بن الحسن القزاز، فمن بعدهم.
وبرع في المذهب، وكان من أئمة الفقه والعربية والشعر وكتابة المنسوب (1).
وثقة أبو بكر البرقاني (2).
وحدث عنه: أبو بكر الخطيب، وعيسى بن أحمد الهمذاني.
وكان يضرب المثل بحسن كتابته.
قال الخطيب: حدثنا عيسى بن أحمد قال: قال لي أبو علي شهاب يوما: أرني خطك، فقد ذكر لي أنك سريع الكتابة، فنظر فيه، فلم يرضه، ثم قال لي: كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضية (3)، كنت أشتري كاغدا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال، وأبيعه بمئتي درهم، وأقله بمئة وخمسين درهما، وكذلك كتب الادب المطلوبة (4).
قال الازهري: أوصى بالثلث لفقهاء الحنابلة، فلم يعطوا شيئا، أخذ السلطان من تركته ألف دينار سوى العقار (5).
مات ابن شهاب في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
__________
(1) أي: ذو قاعدة.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 7 / 329.
(3) نسبة إلى الخليفة العباسي أبي العباس أحمد الراضي بالله بن المقتدر، المتوفى سنة 329 ه، وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 329، 330.
(5) " تاريخ بغداد " 7 / 330.
(*)

(17/543)


363 - ابن باكويه * الامام الصالح المحدث، شيخ الصوفية، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عبيدالله بن باكويه، الشيرازي.
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مئة.
وطلب هذا الشأن، وارتحل فيه.
وسمع محمد بن خفيف الزاهد، ومحمد بن ناصح الكرجي، وأبا أحمد بن عدي، وأبا بكر الاسماعيلي، وأبا يعقوب النجيرمي، وأبا بكر القطيعي، وأبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، وعلي بن عبدالرحمن البكائي الكوفي، ومغيرة بن عمرو المكي، وإسماعيل بن محمد البخلي الفراء، وأبا بكر بن المقرئ، وأبا بكر يوسف بن القاسم الميانجي، ولقي ببخارى أبا بكر محمد بن القاسم الفارسي.
حدث عنه: أبو القاسم القشيري، وعبد الواحد ولد القشيري، وأبو بكر بن خلف الشيرازي، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي، وعلي بن أبي صادق الحيري، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وآخرون.
وقع لي جزء من حديثه، وله تصانيف وجموع.
قال أبو صالح المؤذن: نظرت في أجزاء أبي عبد الله بن باكويه، فلم أجد عليها آثار السماع، وأحسن ما سمعت عليه الحكايات.
قال الحسين بن محمد الكتبي: مات سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
__________
* الانساب 2 / 54، اللباب 1 / 113، المشتبه 1 / 44، العبر 3 / 167، الوافي بالوفيات 3 / 322، شذرات الذهب 3 / 242، هدية العارفين 2 / 65.
(*)

(17/544)


364 - أبوعمران الفاسي * الامام الكبير، العلامة، عالم القيروان، أبوعمران، موسى بن
عيسى بن أبي حاج (1) يحج (2)، البربري، الغفجومي (3) الزناتي، الفاسي المالكي، أحد الاعلام.
تفقه بأبي الحسن القابسي، وهو أكبر تلامذته، ودخل إلى الاندلس، فتفقه بأبي محمد الاصيلي.
وسمع من عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأحمد بن القاسم التاهرتي.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان صاحبي عندهم، وأنا دللته عليهم (4).
قلت: حج غير مرة، وأخذ القراءات ببغداد عن أبي الحسن الحمامي، وغيره، وسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس، والموجودين، وأخذ علم العقليات عن القاضي أبي بكر بن الباقلاني في سنة تسع وتسعين وسنة أربع مئة (5).
__________
* الاكمال 7 / 80، 81 و 189، جذوة المقتبس 388، ترتيب المدارك 4 / 702 - 706، الانساب 9 / 224، الصلة 2 / 611، 612، بغية الملتمس 457، معجم البلدان 4 / 207، اللباب 2 / 407، معرفة القراء الكبار 1 / 312، العبر 3 / 172، 173، الديباج المذهب 2 / 337، 338، غاية النهاية 2 / 321، 322، تبصير المنتبه 4 / 1410، النجوم الزاهرة 5 / 30، شذرات الذهب 3 / 247، 248، شجرة النور الزكية 1 / 106.
(1) تحرف في " الديباج المذهب " إلى " حجاج ".
(2) بفتح الياء وضم المهملة ثم جيم ثقيلة كالمضارع من الحج، وهو اسم أبي حاج.
انظر " الاكمال " 7 / 189، و " تبصير المنتبه " 4 / 1410.
(3) نسبة إلى غفجوم بالغين المعجمة والفاء المفتوحة والجيم المضمومة، وهي فخذ من زناتة: قبيلة من البربر بالمغرب.
انظر " ترتيب المدارك " 792 و " الديباج المذهب " 2 / 337.
(4) " الصلة " 2 / 611.
(5) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 702، 703.
(*)

(17/545)


قال حاتم بن محمد: كان أبوعمران من أعلم الناس وأحفظهم، جمع حفظ الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه، وكان يقرأ القراءات ويجودها، ويعرف الرجال والجرح والتعديل، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب، لم ألق أحدا أوسع علما منه، ولا أكثر رواية (1).
قال ابن بشكوال (2): أقرأ الناس بالقيروان، ثم ترك ذلك، ودرس الفقه، وروى الحديث.
قال ابن عبد البر: ولدت مع أبي عمران في سنة ثمان وستين وثلاث مئة (3).
قال أبو عمرو الداني: توفي في ثالث عشر رمضان سنة ثلاثين وأربع مئة (4).
قلت: تخرج بهذا الامام خلق من الفقهاء والعلماء.
وحكى القاضي عياض (5) قال: حدث في القيروان مسألة في الكفار، هل يعرفون الله تعالى أم لا ؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في ألسنة العامة، وكثر المراء، واقتتلوا في الاسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسي، فقال: إن أنصتم، علمتكم.
قالوا: نعم.
قال: لا يكلمني إلا رجل، ويسمع الباقون.
فنصبوا واحدا، فقال له: أرأيت لو لقيت رجلا،
__________
(1) " الصلة " 2 / 612، و " ترتيب المدارك " 4 / 703، 704، و " معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(2) في " الصلة " 2 / 611.
(3) " الصلة " 2 / 612.
(4) " الصلة " 2 / 612، و " معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(5) في " ترتيب المدارك " 4 / 705.
(*)

(17/546)


فقلت له: أتعرف أبا عمران الفاسي ؟ قال: نعم.
فقلت له: صفه لي (1).
قال: هو بقال في سوق كذا، ويسكن سبتة، أكان يعرفني ؟ فقال: لا.
فقال: لو لقيت آخر فسألته كما سألت الاول، فقال (2): أعرفه، يدرس العلم، ويفتي، ويسكن بغرب الشماط (3)، أكان يعرفني ؟ قال: نعم.
قال: فكذلك الكافر قال: لربه صاحبة وولد، وأنه جسم، فلم يعرف الله ولا وصفه بصفته بخلاف المؤمن.
فقالوا: شفيتنا.
ودعوا له، ولم يخوضوا بعد في المسألة.
قلت: المشركون والكتابيون وغيرهم عرفوا الله تعالى بمعنى أنهم لم يجحدوه، وعرفوا أنه خالقهم، قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) [ الزخرف: 87 ] وقال: (قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والارض) [ إبراهيم: 10 ] فهؤلاء لم ينكروا البارئ، ولا جحدوا الصانع، بل عرفوه، وإنما جهلوا نعوته المقدسة، وقالوا عليه ما لا يعلمون، والمؤمن فعرف ربه بصفات الكمال، ونفى عنه سمات النقص في الجملة، وآمن بربه، وكف عما لا يعلم، فبهذا يتبين لك أن الكافر عرف الله من وجه، وجهله من وجوه، والنبيون عرفوا الله تعالى، وبعضهم أكمل معرفة الله، والاولياء فعرفوه معرفة جيدة، ولكنها دون معرفة الانبياء، ثم المؤمنون العالمون بعدهم، ثم الصالحون دونهم.
فالناس في معرفة ربهم متفاوتون، كما أن إيمانهم يزيد وينقص، بل وكذلك الامة في الايمان بنبيهم والمعرفة له على مراتب، فأرفعهم في ذلك أبو بكر الصديق مثلا، ثم عدد
__________
(1) في الاصل: " هو " بدل " لي "، والمثبت من " ترتيب المدارك ".
(2) من قوله: قال: هو بقال...إلى هنا ليس في المطبوع من " ترتيب المدارك ".
(3) في " ترتيب المدارك ": بقرب السماط.
(*)

(17/547)


من السابقين، ثم سائر الصحابة، ثم علماء التابعين، إلى أن تنتهي المعرفة به والايمان به إلى أعرابي جاهل وامرأة من نساء القرى، ودون ذلك.
وكذلك القول في معرفة الناس لدين الاسلام.

365 - بشرى * ابن مسيس (1)، وهو ابن عبد الله، الشيخ المعمر، الصالح الصادق المسند، أبو الحسن، الرومي الفاتني (2)، مولى فاتن الامير، مولى المطيع لله.
أسر من أرض الروم وهو أمرد، فحكى قال: أهداني بعض بني حمدان إلى فاتن، فأدبني، وأسمعني، ثم ورد أبي إلى بغداد سرا ليتلطف في أخذي، فلما رآني على تلك الصفة من الاسلام والاشتغال بالعلم، يئس مني، ورجع (3).
حدث عن: أبي بكر بن الهيثم الانباري، ومحمد بن بدر الحمامي (4)، وعمر بن محمد بن حاتم الترمذي، وسعد بن محمد الصيرفي، ومحمد بن حميد المخرمي، وابن سلم الختلي، والحافظ أبي
__________
* تاريخ بغداد 7 / 135، 136، الاكمال 7 / 51 و 79 و 255، الانساب 9 / 208 (الفاتني)، المنتظم 8 / 106، اللباب 2 / 401، المشتبه 2 / 491، العبر 3 / 173، الوافي بالوفيات 10 / 159، 160، البداية والنهاية 12 / 47، تبصير المنتبه 3 / 1092 و 4 / 1289، شذرات الذهب 3 / 248.
(1) بوزن عظيم.
(2) تحرف في " شذرات الذهب " إلى " القاضي ".
(3) انظر " الوافي " 10 / 159، 160.
(4) نسبة إلى الحمام، وهي الطيور، يقال لمن يطيرها ويرسلها من البلاد: حمامي.
انظر " الانساب " 4 / 208 وفيه ترجمة محمد بن بدر هذا.
(*)

(17/548)


محمد بن السقاء، وأبي يعقوب النجيرمي، وأبي بكر القطيعي، وطائفة.
حدث عنه: الخطيب، وخالد بن عبد الواحد التاجر، وهبة الله بن أحمد الموصلي، والامير أبو نصر بن ماكولا، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وأبو ياسر أحمد بن بندار، وعدة.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا صالحا، توفي يوم عيد الفطر سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.
قلت: مات في عشر المئة.
قال الخطيب (2): حدثني أن أباه ورد بغداد سرا ليتلطف في أخذه، قال: فلما رآني على تلك الحالة من الاشتغال بالعلم والمثابرة على لقاء الشيوخ، علم ثبوت الاسلام في قلبي، فانصرف.
وفيها مات أبو علي الحسن بن الحسين بن دوما النعالي، والقاضي أبو عمرو سيار بن يحيى الهروي (3) والد صاعد، والقاضي أبو العلاء صاعد بن محمد الاستوائي (4)، وأبو سعد عبدالرحمن بن الحسن بن عليك (5)، وعبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز (6) بدمشق، وعثمان بن أحمد القيشطالي (7)، ومحمد بن أحمد التميمي الجواليقي، وأبو بكر محمد بن
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 7 / 136.
(2) المصدر السابق.
(3) تقدمت ترجمته برقم (330).
(4) تقدمت ترجمته برقم (329).
(5) تقدمت ترجمته برقم (331).
(6) تقدمت ترجمته برقم (321).
(7) تقدمت ترجمته برقم (333).
(*)

(17/549)


عبد الله بن شاذان الاعرج، وأبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني (1)، ومحمد بن الفضل بن نظيف (2) الفراء، والمسدد بن علي الاملوكي (3)، والمفضل بن إسماعيل بن أبي بكر الاسماعيلي (4)، ومحمد بن عوف المزني بدمشق.

366 - محمد بن عوف * ابن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن، الامام المحدث الحجة، أبو الحسن المزني (5) الدمشقي.
وكان تكنى قديما بأبي بكر، فلما منعت الدولة العبيدية من التكني بذلك، تكنى بأبي الحسن.
حدث عن أبي علي الحسن بن منير، وأبي علي بن أبي الرمرام، ومحمد بن معيوف، والفضل بن جعفر المؤذن، والقاضي يوسف الميانجي، وأبي سليمان بن زبر، وعدة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الطاهر بن أبي الصقر الانباري، والفقيه نصر ابن إبراهيم، وعلي بن بكار الصوري، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال الكتاني: كان شيخا ثقة نبيلا مأمونا، توفي في ربيع الآخر سنة
__________
(1) سترد ترجمته برقم (371).
(2) تقدمت ترجمته برقم (314).
(3) تقدمت ترجمته برقم (341).
(4) تقدمت ترجمته برقم (342).
* العبر 3 / 175، الوافي بالوفيات 4 / 294، شذرات الذهب 3 / 249.
(5) تحرف في " العبر " إلى " المزي ".
(*)

(17/550)


إحدى وثلاثين وأربع مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين أو دونها.
أخبرنا محمد بن علي الصالحي، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين ابن الحسن الاسدي سنة عشرين وست مئة، أخبرنا جدي، أخبرنا الحسن بن أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عوف، أخبرنا الفضل بن جعفر، حدثنا عبدالرحمن بن القاسم بن الرواس، حدثنا عبدالرحمن بن إسماعيل ابن يحيى، حدثني الوليد بن محمد قال: قال الزهري: حدثني أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي، فيأتيها والشمس مرتفعة (1).
العوالي عن المدينة: أربعة أميال.

367 - ابن المزكي * المحدث الصادق المعمر، أبو عبد الله (2)، محمد بن المحدث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه، النيسابوري المزكي، أحد
__________
(1) وأخرجه مالك 1 / 9 في وقوت الصلاة، ومن طريقه البخاري (551) ومسلم (621)
(193) عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، وأخرجه البخاري (550) من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري وأخرجه مسلم (621) وأبو داود (404) والنسائي 1 / 252 من طريق قتيبة عن الليث، عن الزهري...والعوالي: هي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها، فيقال لها: السافلة، وبعد بعض العوالي من المدينة أربعة أميال، وأبعدها ثمانية أميال، وأقربها ميلان وبعضها ثلاثة أميال، فقوله: والعوالي عن المدينة أربعة أميال مدرج من كلام الزهري بينه عبد الرزاق في " المصنف " (2069) عن معمر عن الزهري في هذا الحديث، فقال فيه بعد قوله والشمس ومرتفعة: قال الزهري: والعوالي: على ميلين أو ثلاثة، قال: وأحسبه قال: وأربعة.
* العبر 3 / 163، الوافي بالوفيات 1 / 350، شذرات الذهب 3 / 233.
(2) في " الوافي ": أبو إسحاق.
(*)

(17/551)


الاخوة (1) الخمسة وهو أصغرهم.
حدث عن: والده أبي إسحاق المزكي، وأبي العباس محمد بن إسحاق الصبغي، وحامد بن محمد الرفاء، وأبي عمرو بن مطر، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي بكر بن الهيثم الانباري، وأبي بحر البربهاري، وأبي بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، وعدة.
وانتقى عليه أحمد بن علي بن منجويه (2) الحافظ، وأبو حازم العبدويي (3)، وكان صحيح الاصول.
قال عبد الغافر الفارسي: كان أبي يتأسف على فوات السماع منه، وقد أخبرنا عنه أخوالي، أبو سعد، وأبو سعيد، وأبو منصور، ونافع بن محمد الابيوردي، وفلان الشقاني، وأبو بكر محمد بن يحيى المزكي بن أخيه، وعلي بن عبدالرحمن العثماني.
قلت: وأبو سعيد علي بن عبد الله بن أبي صادق، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وآخرون.
مات سنة سبع وعشرين وأربع مئة، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.

368 - القرشي * الامام المسند العدل، أبو عثمان، سعيد بن العباس بن محمد بن
__________
(1) تقدمت ترجمة أخيه يحيى برقم (179).
(2) تقدمت ترجمته برقم (293).
(3) تقدمت ترجمته برقم (204).
* تاريخ بغداد 9 / 113، 114، الانساب 10 / 94، العبر 3 / 178، شذرات الذهب 3 / 250.
(*)

(17/552)


علي بن سعيد، القرشي الهروي.
سمع أبا علي حامد بن محمد الرفاء، وأبا حامد بن حسنويه، وأبا الفضل بن خميرويه، ومنصور بن العباس البوشنجي، وجماعة تفرد بالرواية عنهم.
وانتخب عليه الحافظ أبو يعقوب القراب (1) أجزاء كثيرة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري، ومحمد بن علي العميري، وآخرون.
عاش أربعا وثمانين سنة.
مات في المحرم سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
وكان من سروات الرجال وبقايا المسندين بهراة.

369 - النصرويي * الشيخ الجليل، الامام المحدث، أبو سعد، عبدالرحمن بن حمدان بن محمد بن حمدان بن نصرويه، النصرويي - بصاد مهملة (2) - النيسابوري.
رحل وكتب الكثير، وروى " مسند " إسحاق وغير ذلك.
حدث عن: أبي عمرو بن نجيد، وأبي الحسن السراج، وأبي محمد
__________
(1) وسترد ترجمته برقم (376).
* الانساب (النصرويي)، اللباب 3 / 311، العبر 3 / 178، شذرات الذهب 3 / 250، 251.
(2) وتصحف في المطبوع من " العبر " إلى " النضرويي " بالضاد المعجمة.
(*)

(17/553)


ابن ماسي، ومحمد بن أحمد المفيد، وأبي بكر القطيعي، وأبي عبد الله العصمي، وطبقتهم.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، وأبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمويه، وعبد الغفار الشيرويي، وعدة.
وسماعه لمسند إسحاق من عبد الله بن محمد بن زياد السمذي.
مات في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وأبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الطيان بدمشق، وأبو نصر أحمد بن الحسين الكسار (1)، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي (2) الهروي، وأبو الحسن علي بن محمد بن السمسار (3)، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن الباجي، والسلطان مسعود (4) بن السلطان محمود بن سبكتكين، وقاضي إشبيلية الملك محمد بن إسماعيل بن عباد (5)، وأحمد بن محمد بن
فاذشاه (6)، وأبو القاسم علي بن محمد الزيدي (7)، شيخ حران.

370 - أبو ذر الهروي * الحافظ الامام المجود، العلامة، شيخ الحرم، أبو ذر، عبد بن
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (337).
(2) تقدمت ترجمته برقم (368).
(3) تقدمت ترجمته برقم (328).
(4) تقدمت ترجمته برقم (320).
(5) تقدمت ترجمته برقم (354).
(6) تقدمت ترجمته برقم (339).
(7) تقدمت ترجمته برقم (327).
* تاريخ بغداد 11 / 141، ترتيب المدارك 4 / 696 - 698، تبيين كذب المفتري 255، 256، المنتظم 8 / 115، 116، الكامل لابن الاثير 9 / 514، العبر 3 / 180، 181،، تذكرة الحفاظ 3 / 1103 - 1108، دول الاسلام 1 / 257، البداية والنهاية 12 / = (*)

(17/554)


أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير (1) بن محمد، المعروف ببلده بابن السماك، الانصاري الخراساني الهروي المالكي، صاحب التصانيف، وراوي " الصحيح " عن الثلاثة: المستملي، والحموي، والكشميهني.
قال: ولدت سنة خمس أو ست وخمسين وثلاث مئة.
سمع أبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه، وبشر بن محمد المزني، وعدة بهراة، وأبا بكر هلال بن محمد بن محمد، وشيبان بن محمد الضبعي بالبصرة، وعبيدالله بن عبدالرحمن الزهري، وأبا عمر بن حيويه، وعلي بن عمر السكري، وأبا الحسن الدارقطني، وطبقتهم ببغداد، وعبد الوهاب الكلابي ونحوه بدمشق، وأبا مسلم الكاتب وطبقته بمصر، وزاهر
ابن أحمد الفقيه بسرخس، وأبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ، وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عثمان الدينوري، وغيره بمكة.
وألف " معجما " لشيوخه، وحدث بخراسان وبغداد والحرم.
حدث عنه: ابنه أبو مكتوم عيسى، وموسى بن علي الصقلي، وعلي ابن محمد بن أبي الهول، والقاضي أبو الوليد الباجي، وأبو عمران موسى بن أبي حاج الفارسي، وأبو العباس بن دلهاث، ومحمد بن شريح، وأبو عبد الله بن منظور، وعبد الله بن الحسن التنيسي، وأبو صالح أحمد بن عبد
__________
= 50، 51، الديباج المذهب 2 / 132، 133، العقد الثمين 5 / 539 - 541، النجوم الزاهرة 5 / 36، طبقات الحفاظ 425، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 366 - 368، نفح الطيب 2 / 70، 71، كشف الظنون 441، 1673، 1830، شذرات الذهب 3 / 254، تاج العروس 3 / 453، هدية العارفين 1 / 437، 438، الرسالة المستطرفة 23، شجرة النور الزكية 104، 105، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 388.
(1) بالغين المعجمة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 1047، وقد تصحف في " ترتيب المدارك " و " الديباج المذهب " و " العقد الثمين " إلى " عفير " بالمهملة.
وانظر " الاكمال " 6 / 228.
(*)

(17/555)


الملك المؤذن، وعلي بن بكار الصوري، وأحمد بن محمد القزويني، وأبو الطاهر إسماعيل بن سعيد النحوي، وعبد الله بن سعيد الشنتجالي (1)، وعبد الحق بن هارون السهمي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وعلي بن عبدالغالب البغدادي، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبو شاكر أحمد ابن علي العثماني، وعنده عنه فرد حديث، وعدة.
وروى عنه بالاجازة: أبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر الخطيب،
وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون الخولاني المتوفى في سنة ثمان وخمس مئة.
أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي، أخبرنا علي بن أحمد الجرباذقاني (2) بهراة (ح) وأخبرنا أبو الحسن الغرافي، أخبرنا علي بن روزبه ببغداد، أخبرنا أبو الوقت السجزي قالا: أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الانصاري قال: عبد بن أحمد السماك الحافظ صدوق، تكلموا في رأيه، سمعت منه حديثا واحدا عن شيبان بن محمد الضبعي، عن أبي خليفة، عن علي بن المديني حديث جابر بطوله في الحج (3) قال لي: اقرأه علي حتى تعتاد قراءة الحديث، وهو أول حديث
__________
(1) نسبة إلى شنتجالة بالاندلس.
انظر " معجم البلدان " 3 / 367 وفيه ترجمة عبد الله بن سعيد هذا.
(2) بفتح الجيم، وسكون الراء، والباء الموحدة المفتوحة بعدها ألف، وسكون الذال المعجمة، والقاف المفتوحة وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بلدتين، إحداهما بين جرجان وإستراباذ، والثانية بين أصبهان والكرج.
ولا أدري إلى أيتهما ينسب علي بن أحمد هذا.
انظر " الانساب " 3 / 218، 219، و " معجم البلدان " 2 / 118.
(3) حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم مخرج بطوله في صحيح مسلم (1218) في الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(*)

(17/556)


قرأته على الشيخ، وناولته الجزء، فقال: لست على وضوء، فضعه (1).
قال أبو ذر: سمعت الحديث من ابن خميرويه.
قلت: هو أقدم شيخ له.
قال: ودخلت على أبي حاتم بن أبي الفضل قبل ذلك، وسمعته يملي
يقول: حدثنا الحسين بن إدريس، قال أبو بكر الخطيب: قدم أبو ذر بغداد، وحدث بها وأنا غائب، وخرج إلى مكة، وجاور، ثم تزوج في العرب، وأقام بالسروات، فكان يحج كل عام، ويحدث، ثم يرجع إلى أهله، وكان ثقة ضابطا دينا، مات بمكة في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وأربع مئة (2).
وقال الامين ابن الاكفاني: حدثني أبو علي الحسين بن أبي حريصة قال: بلغني أن أبا ذر مات سنة أربع بمكة، وكان على مذهب مالك ومذهب الاشعري (3).
قلت: أخذ الكلام ورأي أبي الحسن عن القاضي أبي بكر بن الطيب، وبث ذلك بمكة، وحمله عنه المغاربة إلى المغرب، والاندلس، وقبل ذلك كانت علماء المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يتقنون الفقه أو الحديث أو العربية، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الاصيلي، وأبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر الطلمنكي، ومكي القيسي، وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر، والعلماء.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1106، 1107.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 141، و " تبيين كذب المفتري " 255.
(3) " تبيين كذب المفتري " 255.
(*)

(17/557)


وقد مدح إسماعيل بن سعيد النحوي أبا ذر بقصيدة.
قال أبو الوليد الباجي في كتاب " اختصار فرق الفقهاء " من تأليفه، في ذكر القاضي ابن الباقلاني: لقد أخبرني الشيخ أبو ذر وكان يميل إلى مذهبه، فسألته: من أين لك هذا ؟ قال: إني كنت ماشيا ببغداد مع الحافظ
الدارقطني، فلقينا أبا بكر بن الطيب فالتزمه الشيخ أبو الحسن، وقبل وجهه وعينيه، فلما فارقناه، قلت له: من هذا الذي صنعت به ما لم أعتقد أنك تصنعه وأنت إمام وقتك ؟ فقال: هذا إمام المسلمين، والذاب عن الدين، هذا القاضي أبو بكر محمد بن الطيب.
قال أبو ذر: فمن ذلك الوقت تكررت إليه (1) مع أبي، كل بلد دخلته من بلاد خراسان وغيرها لا يشار فيها إلى أحد من أهل السنة إلا من كان على مذهبه وطريقه.
قلت: هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان، وبالحضرة رؤوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يرد على الكرامية، وينصر الحنابلة عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامر، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام، وقد ألف كتابا سماه: " الابانة "، يقول فيه: فإن قيل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا ؟ قال: قوله: (ويبقى وجه ربك) [ الرحمن: 27 ] وقوله: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) [ ص: 75 ] فأثبت تعالى لنفسه وجها ويدا.
إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان ؟ قيل: معاذ الله ! بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه.
إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1104، 1105.
(*)

(17/558)


ولا يزال موصوفا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والارادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى.
فهذا نص كلامه.
وقال نحوه في كتاب " التمهيد " له، وفي كتاب " الذب عن الاشعري " وقال: قد بينا دين الامة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا
تجنيس ولا تصوير.
قلت: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الذي أوضحه أبو الحسن وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسنة، وبه قال ابن الباقلاني، وابن فورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد، فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو.
ولابي ذر الهروي مصنف في الصفات على منوال كتاب أبي بكر البيهقي بحدثنا وأخبرنا.
قال الحسن بن بقي المالقي: حدثني شيخ قال: قيل لابي ذر: أنت هروي فمن أين تمذهبت بمذهب مالك ورأي أبي الحسن ؟ قال: قدمت بغداد.
فذكر نحوا مما تقدم في ابن الطيب.
قال: فاقتديت بمذهبه (1).
قال عبد الغافر بن إسماعيل في " تاريخ نيسابور ": كان أبو ذر زاهدا، ورعا عالما، سخيا لا يدخر شيئا، وصار من كبار مشيخة الحرم، مشارا إليه في التصوف، خرج على " الصحيحين " تخريجا حسنا، وكان حافظا، كثير الشيوخ (2).
قلت: له " مستدرك " لطيف في مجلد على " الصحيحين " علقت
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105، و " تبيين كذب المفتري " 255، 256، و " نفح الطيب " 2 / 70.
(2) انظر " نفح الطيب " 2 / 70.
(*)

(17/559)


منه، يدل على معرفته، وله كتاب " السنة "، وكتاب " الجامع "، وكتاب " الدعاء "، وكتاب " فضائل القرآن "، وكتاب " دلائل النبوة "، وكتاب " شهادة الزور "، وكتاب " العيدين ".
الكل بأسانيده، وله كتاب " فضائل
مالك "، كبير، وكتاب " الصحيح المسند المخرج على الصحيحين "، و " مسانيد الموطأ " و " كرامات الاولياء "، و " المناسك "، و " الربا "، و " اليمين الفاجرة "، وكتاب " مشيخته "، وأشياء.
وهذه التواليف لم أرها، بل سماها القاضي عياض (1).
وقال علي بن المفضل الحافظ: روى لنا السلفي شيخنا أحاديث عن أبي بكر الطريثيثي بسماعه من أبي ذر، وعن أبي شاكر العثماني حديثا واحدا بسماعه منه.
وسمعنا من السلفي جميع " صحيح " البخاري بإجازته من أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، وكان شيخنا أبو عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري سمع الكتاب بمكة من أبي مكتوم، فسمعت عليه أكثره، وأجاز لي ما بقي من آخره، وآخر من حدث عن أبي مكتوم أبو الحسن علي بن حميد بن عمار الانصاري بمكة، وأجازه لي.
قال: وقرأت الكتاب كله على شيخنا أبي طالب صالح بن سند بسماعه من الطرطوشي، عن أبي الوليد الباجي، عن أبي ذر، وقرأته على أبي القاسم مخلوف بن علي القروي، عن أبي الحجاج يوسف بن نادر اللخمي، عن علي بن سلمان النقاش، عن أبي ذر، عن شيوخه الثلاثة (2).
قال الحافظ أبو علي الغساني: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد
__________
(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 697، 698.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105.
(*)

(17/560)


الباجي، أخبرنا أبي أن الفقيه أبا عمران الفاسي (1) مضى إلى مكة، وقد كان قرأ على أبي ذر شيئا، فوافق أبا ذر في السراة موضع سكناه، فقال لخازن كتبه: أخرج إلي من كتب الشيخ ما أنسخه ما دام غائبا، فإذا حضر، قرأته عليه.
فقال الخازن: لا أجترئ على هذا، ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت، فخذ وافعل ذلك.
فأخذها، وأخرج ما أراد، فسمع أبو ذر بالسراة بذلك، فركب، وطرق مكة، وأخذ كتبه، وأقسم أن لا يحدثه.
فلقد أخبرت أن أبا عمران كان بعد إذا حدث عن أبي ذر، يوري عن اسمه، فيقول: أخبرنا أبو عيسى.
وبذلك كانت العرب تكنيه باسم ولده (2).
قلت: قد مات أبوعمران الفاسي قبل أبي ذر، وكان قد لقي القاضي ابن الباقلاني والكبار، وما لا نزعاج أبي ذر وجه، والحكاية دالة على زعارة الشيخ والتلميذ رحمهما الله.
وكان ولده أبو مكتوم يحج من السراة، ويروي، إلى أن قدم فلان المرابط من أمراء المغرب، فجاور وسمع " صحيح " البخاري من أبي مكتوم، وأعطاه ذهبا جيدا، فأباعه نسخة " الصحيح "، وذهب بها إلى المغرب.
وحج أبو مكتوم في سنة سبع وتسعين وأربع مئة وله بضع وثمانون سنة، وحج فيها أبو طاهر السلفي، وأبو بكر السمعاني، وجمعهم الموقف، فقال السمعاني للسلفي: اذهب بنا نسمع منه.
قال السلفي: فقلت له: دعنا نشتغل بالدعاء، ونجعله شيخ مكة.
قال: فاتفق أنه نفر من منى في النفر الاول مع السرويين وذهب، وفاتهما الاخذ عنه.
قال السلفي: فلامني ابن السمعاني، فقلت: أنت قد سمعت " الصحيح " مثله
__________
(1) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105 إلى " القابسي ".
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105، 1106.
(*)

(17/561)


من أبي الخير بن أبي عمران صاحب الكشميهني، وما كان معه من مروياته سواه.
قلت: ولم يسمع لابي مكتوم بعد هذا العام بذكر ولا ورخ لنا موته.
وقد أرخ القاضي عياض موت أبي ذر في سنة خمس وثلاثين وأربع مئة، والصواب: في سنة أربع.
قال أبو علي بن سكرة: توفي عقب شوال.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا أحمد بن طاووس سنة 617، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد كتابة، أن بشر بن محمد المزني حدثهم إملاء، حدثنا الحسين بن إدريس، حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا الوليد بن الوليد، حدثنا ابن ثوبان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول، فإذا كان أول يوم من شهر رمضان، هبت ريح من تحت العرش، فشققت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن: يا رب ! اجعل لنا من عبادك أزواجا تقربهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا " (1).
قال الفقيه نصر: تفرد به الوليد بن الوليد العنسي، وقد تركوه (2).
__________
(1) في الاصل: " وتقر أعيننا بهم " وهو خطأ.
(2) في ميزان المؤلف 4 / 350: قال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارقطني وغيره متروك، وروى له نصر المقدسي حديثا منكرا (يعني هذا الحديث) وقال: تركوه، وذكره الهيثمي في " المجمع " 3 / 142، ونسبه للطبراني في " الكبير " و " الاوسط " وأعله بالوليد هذا وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 193، وزاد نسبته لابي نعيم، والبيهقي، والدارقطني في الافراد، وتمام وابن عساكر، وأعله بالوليد أيضا.
(*)

(17/562)


قلت: وهاه الدارقطني، وقواه أبو حاتم الرازي.
وفيها - أعني سنة أربع - توفي شعيب بن عبد الله بن المنهال (1) بمصر، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري (2)، وهارون بن محمد بن أحمد بن هارون في رمضان.

371 - محمد بن عيسى * ابن عبد العزيز بن الصباح، الامام المحدث، الرئيس الاوحد، شيخ همذان، أبو منصور الهمذاني الصوفي، العبد الصالح.
حدث عن: الحافظ صالح بن أحمد، وجبريل العدل، والهمذانيين، وسهل بن أحمد الديباجي، وابن المظفر، ومحمد بن إسحاق القطيعي، والبغداديين، وأبي بكر بن المقرئ، والاصبهانيين، ويوسف بن أحمد بن الدخيل المكي، وطبقتهم.
قال شيرويه في " تاريخه ": حدثنا عنه أبو طالب العلوي، وأبو الفضل القومساني، ومحمد بن حسين، ومحمد بن طاهر، ويحيى وثابت ابنا الحسين بن شراعة، ونصر بن محمد المؤذن، وعبدوس بن عبد الله.
قال: وكان صدوقا ثقة، وكان متواضعا رحيما، يصلي آناء الليل والنهار، حج نيفا وعشرين حجة، ووقف الضياع والحوانيت على الفقراء، وأنفق أموالا لا تحصى على وجوه البر، وتوفي في رمضان سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، وكانت الترك الغز قد أغاروا على همذان، فصودر محمد بن
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (335).
(2) تقدمت ترجمته برقم (350).
* لم نعثر له على مصادر ترجمته.
(*)

(17/563)


عيسى حتى سلم إليهم جميع ما يملك، وبقي فقيرا محتاجا عليلا ذليلا في
الخانقاه، ثم قضى نحبه، وكان مولده في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
قلت: ومن الرواة عنه الحافظ أبو بكر الخطيب.

372 - المستغفري * الامام الحافظ المجود المصنف، أبو العباس، جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس، المستغفري النسفي.
مؤلف كتاب " معرفة الصحابة "، وكتاب " الدعوات "، وكتاب " دلائل النبوة "، وكتاب " فضائل القرآن "، وكتاب " الشمائل "، وكتاب " خطب النبي صلى الله عليه وسلم "، وكتاب " تاريخ نسف "، وكتاب " الطب " (1)، وكتاب " تاريخ كش "، وغير ذلك.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي، وإبراهيم بن لقمان، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وعلي بن محمد بن سعيد السرخسي، وجعفر بن محمد البخاري، وخلق كثير.
ولم يرحل إلى العراق فيما أعلم.
__________
* دمية القصر 1 / 664، الانساب (المستغفري)، اللباب 3 / 208، العبر 3 / 177، تذكرة الحفاظ 3 / 1102، الوافي بالوفيات 11 / 149، 150، مرآة الجنان 3 / 54، طبقات الاسنوي 2 / 403، الجواهر المضية 2 / 19 - 20، لسان الميزان 6 / 100، النجوم الزاهرة 5 / 33، تاج التراجم 21، شذرات الذهب 3 / 249، 250، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 125، 126، أعلام الاخيار رقم (245)، الطبقات السنية 614، شذرات الذهب 3 / 249، 250، الفوائد البهية 57، هدية العارفين 1 / 253، الرسالة المستطرفة 39، أعيان الشيعة 16 / 246 - 248.
(1) وقد طبع في طهران سنة 1293، وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ " بروكلمان 6 / 227، 228، و " تاريخ " سزكين 1 / 572.
(*)

(17/564)


حدث عنه: الحسن بن عبدالملك النسفي، وأبو نصر أحمد بن جعفر الكاسني، والحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، والخطيب إسماعيل بن محمد النوحي، وآخرون.
وكان محدث ما وراء النهر في زمانه.
مولده بعد الخمسين وثلاث مئة بيسير.
ومات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة عن ثمانين سنة، رحمه الله.
وفيها مات حماد بن عمار القرطبي عن مئة عام، وأبو القاسم عبد الباقي بن محمد الطحان (1)، وأبو حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي (2)، وأحمد بن محمد بن يوسف بن مزدة المقرئ، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم، سبط أبي مسلم الجلاب، وأبو العلاء صاعد بن محمد (3) بنيسابور على الاصح، وأبو بكر محمد بن عمر بن بكير (4) المقرئ.

373 - الحنائي * الامام القدوة الحافظ المقرئ، شيخ الاسلام، أبو الحسن، علي بن محمد بن إبراهيم بن حسين، الدمشقي الحنائي الزاهد.
حدث عن: عبد الوهاب الكلابي، وأبي بكر بن أبي الحديد، وأبي
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (352).
(2) سترد ترجمته برقم (398).
(3) تقدمت ترجمته برقم (329).
(4) تقدمت ترجمته برقم (311).
* العبر 3 / 166، 167، شذرات الذهب 3 / 238.
(*)

(17/565)


الحسين بن جميع، وابن فراس المكي، وأحمد بن ثرثال، وأبي محمد بن النحاس، بالحرمين ومصر والشام.
وجمع، وصنف " معجما " لنفسه في مجلد.
حدث عنه: أبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وسعد بن علي الزنخاني، وسعد الله بن صاعد الرحبي، وآخرون.
وكان كبير الشأن.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي شيخنا وأستاذنا أبو الحسن الحنائي، الشيخ الصالح في ربيع الاول سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
وولد سنة سبعين وثلاث مئة.
كتب الكثير، وكان من العباد، وكانت له جنازة عظيمة، ما رأيت مثلها ! ولم يزل يحمل من بعد صلاة الجمعة إلى قريب العصر، وانحل كفنه.
قال أبو علي الاهوازي: دفن بباب كيسان.
قلت: هو أخو أبي القاسم الحسين الحنائي، وعم الشيخ أبي طاهر محمد بن الحسين شيخ السلفي.

374 - الطلمنكي * الامام المقرئ المحقق المحدث الحافظ الاثري، أبو عمر، أحمد بن
__________
* جذوة المقتبس 114، ترتيب المدارك 4 / 749 - 751، الصلة 1 / 44، 45، بغية الملتمس 162، معجم البلدان 4 / 39، العبر 3 / 168، معرفة القراء الكبار 1 / 309، 310، تذكرة الحفاظ 3 / 1098 / 1100، عيون التواريخ 12 / 173 / 1، الوافي بالوفيات 8 / 32، 33، الديباج المذهب 1 / 178 - 180، غاية النهاية 1 / 120، النجوم الزاهرة 5 / 28، طبقات الحفاظ 423، 424، طبقات المفسرين للسيوطي 5، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 77 - 79، صفة جزيرة الاندلس 128، شذرات الذهب 3 / 243، 244، شجرة النور الزكية 1 / 113.
(*)

(17/566)


محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى، المعافري الاندلسي الطلمنكي.
وطلمنك بفتحات ونون ساكنة: مدينة استولى عليها العدو قديما.
كان من بحور العلم، وأول سماعه في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
حدث عن: أبي عيسى يحيى بن عبد الله الليثي، وأبي بكر الزبيدي، وأبي الحسن بن بشر الانطاكي، وأبي جعفر أحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي محمد الباجي، وخلف بن محمد الخولاني، وعدة، وأبي بكر أحمد بن محمد المهندس بمصر، ومحمد بن يحيى بن عمار بدمياط، وأبي الطيب بن غلبون، وأبي القاسم عبدالرحمن الجوهري، وأبي بكر محمد بن علي الادفوي، والفقيه أبي محمد بن أبي زيد، وأبي جعفر أحمد بن رحمون، ويحيى بن الحسين المطلبي لقيه بالمدينة، وأبي الطاهر محمد بن محمد العجيفي، وأبي العلاء بن ماهان، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وعبد الله بن سهل المقرئ وعدة.
أدخل الاندلس علما جما نافعا، وكان عجبا في حفظ علوم القرآن: قراآته ولغته وإعرابه وأحكامه ومنسوخه ومعانيه.
صنف كتبا كثيرة في السنة يلوح فيها فضله وحفظه وإمامته واتباعه للاثر.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عن الانطاكي، وابن غلبون،
ومحمد بن الحسين بن النعمان.

(17/567)


قال: وكان فاضلا ضابطا، شديدا في السنة (1).
وقال ابن بشكوال: كان سيفا مجردا على أهل الاهواء والبدع، قامعا لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله، أقرأ الناس محتسبا، وأسمع الحديث، والتزم للامامة بمسجد منعة (2)، ثم خرج، وتحول في الثغر، وانتفع الناس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمره، فتوفي بها.
أخبرنا إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بقي الحجاري، عن أبيه قال: خرج أبو عمر الطلمنكي علينا، ونحن نقرأ عليه، فقال: رأيت البارحة في منامي من ينشدني: اغتنموا البر بشيخ ثوى * ترحمه (3) السوقة والصيد قد ختم العمر بعيد مضى * ليس له من بعده عيد فتوفي في ذلك العام في ذي الحجة، سنة تسع وعشرين وأربع مئة (4).
قلت: عاش تسعين عاما سوى أشهر، وقد امتحن لفرط إنكاره، وقام عليه طائفة من أضداده، وشهدوا عليه بأنه حروري يرى وضع السيف في صالحي المسلمين، وكان الشهود عليه خمسة عشر فقيها، فنصره قاضي سرقسطة، في سنة خمس وعشرين وأربع مئة، وأشهد على نفسه بإسقاط الشهود، وهو القاضي محمد بن عبد الله بن قرنون (5).
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 750، و " معرفة القراء الكبار " 1 / 310.
(2) تصحف في " الصلة " إلى " متعة " بالمثناة الفوقية.
(3) في " الديباج المذهب " 1 / 180: " يفقده ".
(4) " الصلة " 1 / 45.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1099، 1100.
(*)

(17/568)


وحدث عنه أيضا قاضي سرقسطة عبد الله بن محمد بن إسماعيل، وقاضي المرية محمد بن خلف بن المرابط، والخطيب محمد بن يحيى العبدري.
رأيت له كتابا في السنة في مجلدين عامته جيد، وفي بعض تبويبه ما لا يوافق عليه أبدا مثل: باب الجنب لله، وذكر فيه: (يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) [ الزمر: 56 ] فهذه زلة عالم، وألف كتابا في الرد على الباطنية، فقال: ومنهم قوم تعبدوا بغير علم، وزعموا أنهم يرون الجنة كل ليلة، ويأكلون من ثمارها، وتنزل عليهم الحور العين، وأنهم يلوذون بالعرش، ويرون الله بغير واسطة، ويجالسونه.

375 - ابن مغيث * الامام الفقيه المحدث، شيخ الاندلس، قاضي القضاة، بقية الاعيان، أبو الوليد، يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد بن عبد الله ابن الصفار، القرطبي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث ب " سنن " النسائي وغيره عن: أبي بكر محمد بن معاوية المرواني ابن الاحمر، وعن أبي عيسى الليثي راوية الموطأ، وإسماعيل ابن بدر، وأحمد بن ثابت التغلبي، وتميم بن محمد القروي، ومحمد بن
__________
* جذوة المقتبس 384، 385، مطمح الانفس 59، 60، الصلة 2 / 684 - 686، بغية الملتمس 512، 513، العبر 3 / 169، مرآة الجنان 3 / 52، الديباج المذهب 2 /
374 - 376، وفيات ابن قنفذ 238، كشف الظنون 495، 1707، شذرات الذهب 3 / 244، إيضاح المكنون 1 / 285 - 287، هدية العارفين 2 / 572.
(*)

(17/569)


إسحاق بن السليم القاضي، وتفقه بالقاضي أبي بكر بن زرب، وروى أيضا عن خلق منهم: أبو بكر بن القوطية، ويحيى بن مجاهد، وأبو جعفر ابن عون الله، وعني بالحديث جدا، وأجاز له من مصر الحسن بن رشيق، ومن العراق أبو الحسن الدارقطني.
ولي خطابة مدينة الزهراء مدة، ثم ولي القضاء والخطابة بقرطبة مع الوزارة، ثم عزل، فلزم بيته، ثم ولي قضاء الجماعة والخطابة سنة تسع عشرة وأربع مئة حتى مات.
وكان بليغ الموعظة، وافر العلم، ذا زهد وقنوع، وفضل وخشوع، قد أثر البكاء في عينيه، وعلى وجهه النور، وكان حفظة لاخبار الصالحين.
صنف كتبا نافعة منها: كتاب " محبة الله " وكتاب " المستصرخين بالله "، وكتاب " المتهجدين ".
حدث عنه: مكي بن أبي طالب، وأبو عبد الله بن عابد، وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر، وابن حزم، ومحمد بن عتاب، وأبو الوليد الباجي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر بن الحذاء، ومحمد بن فرج الطلاعي، وخلق كثير.
مات في رجب سنة تسع وعشرين وأربع مئة، وشيعه خلق لا يحصون.

376 - القراب * الشيخ الامام، الحافظ الكبير، المصنف، أبو يعقوب، إسحاق بن
__________
* طبقات ابن الصلاح 41 / ب، تذكرة الحفاظ 3 / 1100 - 1102، العبر 3 / 168، = (*)

(17/570)


أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبدالرحمن، السرخسي، ثم الهروي القراب، محدث هراة، وصاحب التواليف الكثيرة.
وقد مر أخوه (1).
ولد هذا في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة، وبالغ في الطلب إلى الغاية.
قال أبو النضر الفامي: زاد عدد شيوخه على ألف ومئتين، وعمل " الوفيات " على السنين في مجلدين، وكتاب " نسيم المهج "، وكتاب " الانس والسلوة "، وكتاب " شمائل العباد "، وغير ذلك.
قال: وكان زاهدا مقلا من الدنيا.
قلت: سمع العباس بن الفضل النضرويي، وجده لامه محمد بن عمر بن حفصويه، وأبا الفضل محمد بن عبد الله السياري، وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن عبد الله النعيمي، والخليل بن أحمد السجزي، وأبا الحسن محمد بن أحمد بن حمزة، والحسين بن أحمد الشماخي (2) الصفار (3)، وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز، فمن بعدهم، حتى كتب عن أقرانه ومن دونه.
حدث عنه: شيخ الاسلام عبد الله بن محمد الانصاري، وأحمد بن
__________
= 169، عيون التواريخ 12، 172، 2، الوافي بالوفيات 8 / 394، طبقات السبكي 4 / 264، 265، طبقات الاسنوي 2 / 311، طبقات الحفاظ 244، كشف الظنون 1059، شذرات الذهب 3 / 244، إيضاح المكنون 2 / 53، هدية العارفين 1 / 200.
(1) برقم (240) من هذا الجزء.
(2) ضبط في الاصل بتشديد الميم، وضبطه السمعاني بفتح الشين المعجمة والميم وفي آخرها الخاء المعجمة، وقال: هذه النسبة إلى الشماخ، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه، وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد...وساق ترجمته.
" الانساب " 7 / 380، 381.
(3) في الاصل: " الصفا " وهو خطأ، والمثبت من " الانساب " و " تذكرة الحفاظ ".
(*)

(17/571)


أبي عاصم الصيدلاني، والحسين بن محمد بن مت، وأهل هراة.
وكان ممن يرجع إليه في العلل، والجرح والتعديل.
مات في سنة تسع وعشرين وأربع مئة.
وقع لنا كتاب " الرمي " له.

377 - عبدالقاهر * ابن طاهر، العلامة البارع، المتفنن الاستاذ، أبو منصور البغدادي، نزيل خراسان، وصاحب التصانيف البديعة، وأحد أعلام الشافعية.
حدث عن: إسماعيل بن نجيد، وأبي عمرو محمد بن جعفر بن مطر، وبشر بن أحمد، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وخلق.
وكان أكبر تلامذة أبي إسحاق الاسفراييني، وكان يدرس في سبعة عشر فنا، ويضرب به المثل، وكان رئيسا محتشما مثريا، له كتاب " التكملة " في الحساب.
قال أبو عثمان الصابوني: كان الاستاذ أبو منصور من أئمة الاصول،
__________
* تبيين كذب المفتري 253، إنباه الرواة 2 / 185، 186، منتخب السياق 105، طبقات ابن الصلاح 59 ب، وفيات الاعيان 3 / 203، تلخيص ابن مكتوم 111، فوات الوفيات
2 / 370 - 372، عيون التواريخ 12 / 105 / 1 - 106 / 2، مرآة الجنان 3 / 52، طبقات السبكي 5 / 136 - 148، طبقات الاسنوي 1 / 194 - 196، البداية والنهاية 12 / 44، طبقات ابن قاضي شهبة 94، بغية الوعاة 2 / 105، مفتاح السعادة 2 / 185، 186، طبقات ابن هداية الله 139، 140، كشف الظنون 254، 335، هدية العارفين 1 / 606، إيضاح المكنون 2 / 234، 375، تراث العرب العلمي 304.
(*)

(17/572)


وصدور الاسلام بإجماع أهل الفضل، بديع الترتيب، غريب التأليف، إماما مقدما مفخما، ومن خراب نيسابور خروجه منها (1).
وقيل: إنه لما حصل بإسفرايين، ابتهجوا بمقدمه إلى الغاية (2).
قلت: وقع لي من عواليه، وكنت أفردت له ترجمة لم أظفر الساعة بها.
مات بإسفرايين في سنة تسع وعشرين وأربع مئة وقد شاخ (3).
وله تصانيف في النظر والعقليات (4).

أما: 378 - أبو منصور الايوبي * المتكلم النيسابوري، فهو إمام باهر ذكي.
قال عبد الغافر: هو محمد بن الحسن بن أبي أيوب، الاستاذ أبو منصور، حجة الدين، صاحب البيان والحجة والنظر الصحيح، أنظر من كان في عصره على مذهب الاشعري، تلمذ لابن فورك، وكان فقيرا نزها قانعا، مصنفا (5).
توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 253.
(2) " تبيين كذب المفتري " 253، وقد فارق نيسابور بسبب فتنة وقعت بها من التركمان (3) ودفن إلى جنب شيخه أبي إسحاق الاسفراييني.
(4) انظر تصانيفه في " فوات الوفيات " 2 / 372، و " طبقات " السبكي 5 / 140.
وقد طبع له منها كتاب " الفرق بين الفرق وبيان الفرق الناجية منهم " في مصر عام 1328 ه، و " أصول الدين " في استانبول عام 1346 ه.
انظر " معجم المطبوعات " 144، 145.
* تبيين كذب المفتري: 249.
(5) انظر " تبيين كذب المفتري " 249.
(*)

(17/573)


379 - ابن الميراثي * الحافظ الاوحد المجود، أبو بكر، أحمد بن محمد بن عيسى بن إسماعيل، البلوي القرطبي، المعروف بابن الميراثي، أحد أئمة الحديث.
روى عن: أبي الفتح بن سيبخت (1)، وأبي مسلم الكاتب، ويوسف ابن الدخيل، وعبيدالله السقطي، وسعيد بن نصر القرطبي، وأحمد بن قاسم البزاز، وطبقتهم.
ولما رأى عبد الغني بن سعيد حذقه واجتهاده، لقبه غندرا (2).
رجع، وبث حديثه، فروى عنه: أبو عبد الله الخولاني، وأبو العباس بن دلهاث، وأبو العباس المهدوي، وأبو محمد بن خزرج.
توفي في حدود سنة ثمان وعشرين وأربع مئة وله بضع وستون سنة.

380 - القدوري * * شيخ الحنفية، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن
__________
* جذوة المقتبس 114، الصلة 1 / 43، بغية الملتمس 162، 163 وفيه ابن اليراثي، الوافي بالوفيات 8 / 75.
(1) بكسر السين المهملة ثم ياء ساكنة وضم الموحدة وسكون الخاء المعجمة، أبو الفتح
إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن سيبخت الكتاب، آخر من روى عن أبي القاسم البغوي وغيره.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 696.
(2) تشبيها له بمحمد بن جعفر غندر المحدث، وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع برقم (33).
* * تاريخ بغداد 4 / 377، الانساب 10 / 76، المنتظم 8 / 91، اللباب 3 / 19، 20، وفيات الاعيان 1 / 78، 79، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، العبر 3 / 164، 165، تذكرة الحفاظ 3 / 1086، دول الاسلام 1 / 255، تتمة المختصر 1 / 519، الوافي = (*)

(17/574)


حمدان، البغدادي القدوري.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا، انتهت إليه بالعراق رئاسة الحنفية، وعظم وارتفع جاهه، وكان حسن العبارة (2)، جرئ اللسان، مديما للتلاوة.
قلت: روى عن: عبيدالله بن محمد الحوشبي، ومحمد بن علي بن سويد المؤدب.
روى عنه: الخطيب، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني.
مات في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مئة وله ست وستون سنة (3).
__________
= بالوفيات 7 / 320، 321، عيون التواريخ 12 / 159 /، مرآة الجنان 3 / 47، البداية والنهاية 12 / 4، الجواهر المضية 1 / 247 - 250، النجوم الزاهرة 5 / 24، 25، تاج التراجم 7، مفتاح السعادة 2 / 280، 281، كتائب أعلام الاخيار رقم (243)، الطبقات السنية رقم (94))، كشف الظنون 1 / 46، 155، شذرات الذهب 3 / 233، الفوائد البهية 30، 31، روضات الجنات 1 / 240، 241، هدية العارفين 1 / 73، والقدوري: نسبة إلى صنعة القدور أو بيعها، أو هي اسم قرية من قرى بغداد يقال لها: قدورة.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 377.
(2) في الاصل: " العبادة " بالدال، والمثبت من " تاريخ بغداد " وفيه: وكان حسن العبارة في النظر.
(3) وله عدة مصنفات نفيسة، انظرها في " الجواهر المضية " 1 / 248، و " هدية العارفين " 1 / 73، ومن أسير كتبه وأشهرها كتاب " المختصر في فروع الحنفية " وهو من الكتب المعتمدة في فقه أبي حنيفة، واشتهر باسم " الكتاب " فإذا أطلق لفظ الكتاب عند الحنفية ينصرف إليه، كما إذا أطلق لفظ الكتاب عند النحاة ينصرف إلى كتاب سيبويه.
وقد طبع عدة طبعات في دلهي ولاهور وقازان وبومباي واستنبول والقاهرة، وأفرد من هذا " المختصر " بالطبع كتاب " الجهاد " في ليبزغ 1825 م.
وقد كان هذا " المختصر " موضع عناية العلماء، فتناولوه بالشرح والايضاح والنقد والاختصار، انظر هذه الشروح وأماكن وجود نسخها الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 109 - 115، وقد طبع من شروحه كتاب " الجوهرة النيرة " لابي بكر محمد ابن علي بن موسى الحداد العبادي اليمني المتوفى سنة 800 ه، طبع باستنبول 1301 ه و 1316 ه و 1323، وفي دلهي 1327 وفي لاهور 1328 ه، وطبع أيضا كتاب " اللباب في شرح = (*)

(17/575)


381 - الابهري * القدوة شيخ الزهاد، أبو محمد، جعفر بن محمد بن الحسين، الابهري ثم الهمذاني.
قال شيرويه: كان وحيد عصره في علم المعرفة والطريقة، بعيد الاشارة، دقيق النظر.
حدث عن: صالح بن أحمد، وعلي بن الحسين بن الربيع، وعلي بن أحمد بن صالح القزويني، والمفيد الجرجرائي، وابن المظفر.
وارتحل وعني بالرواية.
حدثنا (1) عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن طاهر القومساني، وأحمد بن عمر، وعبدوس بن عبد الله، وينجير بن منصور.
وكان ثقة عارفا، له شأن وخطر، وكرامات ظاهرة.
مات في شوال سنة ثمان وعشرين وأربع مئة عن ثمان وسبعين سنة.
قيل: إنه عمل له خلوة، فبقي خمسين يوما لا يأكل شيئا.
وقد قلنا: إن هذا الجوع المفرط لا يسوغ، فإذا كان سرد الصيام والوصال قد نهي عنهما، فما الظن ؟ وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع (2) ".
ثم قل من عمل هذه الخلوات
__________
= الكتاب " لعبد الغني الميداني المتوفى 1289 ه طبع في استنبول 1275 ه، وفي القاهرة بتحقيق محيي الدين عبدالحميد.
* لم نقف على ترجمة له في المصادر.
(1) الكلام لشيرويه.
(2) أخرجه أبو داود (1547) والنسائي 8 / 263، وابن ماجة (3354) من حديث = (*)

(17/576)


المبتدعة إلا واضطرب، وفسد عقله، وجف دماغه، ورأى مرأى، وسمع خطابا لا وجود له في الخارج، فإن كان متمكنا من العلم والايمان، فلعله ينجو بذلك من تزلزل توحيده، وإن كان جاهلا بالسنن وبقواعد الايمان، تزلزل توحيده، وطمع فيه الشيطان، وادعى الوصول، وبقي على مزلة قدم، وربما تزندق، وقال: أنا هو.
نعوذ بالله من النفس الامارة، ومن الهوى، ونسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا آمين.

382 - جلال الدولة * صاحب العراق، الملك جلال الدولة، أبو طاهر، فيروزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه، الديلمي.
تملك سبع عشرة سنة، وكانت دولته لينة، وتملك بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور، فكانت أموره واهية كأبيه.
وكان جلال الدولة شيعيا كأهل بيته وفيه جبن، وعسكره مع قلتهم طامعون فيه.
عاش نيفا وخمسين سنة، وذاق نكدا كثيرا كما ذكرناه في " تاريخنا " في الحوادث.
__________
= أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة " وسنده حسن.
* المنتظم 8 / 118، الكامل في التاريخ 9 / 361، 362، 366، 374، 408، 430، 431، 446، 453، 455، 459، 471، 489، 511، 516، المختصر في أخبار البشر، 2 / 166 و 167، العبر 3 / 183، 184، تتمة المختصر 1 / 526، البداية والنهاية 12 / 52، النجوم الزاهرة 5 / 37، شذرات الذهب 3 / 255، معجم الانساب والاسرات الحاكمة 12 و 66.
(*)

(17/577)


توفي سنة 435.
وإنما كان سلطان العصر ابن سبكتكين (1).

383 - الازهري * المحدث الحجة المقرئ، أبو القاسم، عبيد (2) الله بن أحمد بن عثمان، الازهري البغدادي الصيرفي، ابن السوادي (3)، وهو عبيدالله بن أبي الفتح.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد الحرفي، وابن عبيد العسكري، وعلي بن عبدالرحمن البكائي، وعدة.
وكان من بحور الرواية.
قال الخطيب (4): كان أحد المعنيين بالحديث والجامعين له، مع صدق واستقامة ودوام تلاوة.
سمعنا منه المصنفات الكبار، وكمل الثمانين.
مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (319).
* تاريخ بغداد 10 / 385، الانساب 1 / 206 (الازهري) 7 / 180 (السوادي)، المنتظم 8 / 117، 118، اللباب 1 / 48 و 2 / 151، العبر 3 / 183، البداية والنهاية 12 / 51، 52، غاية النهاية 1 / 485، النجوم الزاهرة 5 / 37، شذرات الذهب 3 / 255.
(2) تحرف في " البداية " إلى " عبد ".
(3) نسبة إلى سواد العراق.
قال الخطيب: ذكر لي أن جده عثمان من أهل إسكاف قدم بغداد، واستوطنها، فعرف بالسوادي.
(4) في " تاريخ بغداد " 10 / 385.
(*)

(17/578)


384 - المهلب بن أحمد * ابن أبي صفرة أسيد بن عبد الله (1)، الاسدي الاندلسي المريي (2)، مصنف " شرح صحيح البخاري ".
وكان أحد الائمة الفصحاء، الموصوفين بالذكاء.
أخذ عن: أبي محمد الاصيلي، وفي الرحلة عن أبي الحسن القابسي، وأبي الحسن علي بن بندار القزويني، وأبي ذر الحافظ.
روى عنه: أبو عمر بن الحذاء، ووصفه بقوة الفهم وبراعة
الذهن (3).
وحدث عنه أيضا: أبو عبد الله بن عابد، وحاتم بن محمد.
ولي قضاء المرية.
توفي في شوال سنة خمس (4) وثلاثين وأربع مئة.
__________
* جذوة المقتبس 352، ترتيب المدارك 4 / 751، 752، الصلة 2 / 626، 627، بغية الملتمس 471، العبر 3 / 184، 185، الوافي بالوفيات خ 26 / 117، الديباج المذهب 2 / 346، كشف الظنون 545، شذرات الذهب 3 / 255، 256، هدية العارفين 2 / 485، شجرة النور الزكية 1 / 114.
(1) وكنية المهلب هذا أبو القاسم.
(2) نسبة إلى المرية، وهي مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من أعمال الاندلس، كانت هي وبجانة بابي الشرق، منها يركب التجار، وفيها تحل مراكبهم، ويضرب ماء البحر سورها.
" معجم البلدان " 5 / 119.
(3) انظر " الصلة " 2 / 627، و " ترتيب المدارك " 4 / 752.
(4) في " الديباج المذهب ": سنة ثلاث، وفي " البغية " و " الجذوة ": مات بعد العشرين وأربع مئة.
(*)

(17/579)


385 - ابن ماما * الحافظ، صاحب التصانيف، أبو حامد، أحمد بن محمد بن أحيد ابن ماما، الاصبهاني المامائي.
حدث عن: عبدالرحمن بن أبي شريح، وأبي علي إسماعيل بن حاجب الكشاني، وأبي نصر محمد بن أحمد الملاحمي، وأبي عبد الله الحليمي، وخلق كثير.
ولم يقدم العراق، بل ارتحل إلى ما وراء النهر، ويعز وقوع حديثه إلينا، وقد ذيل على " تاريخ بخارى " لغنجار، لم تتصل بنا أحواله كما يجب.
توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وأربع مئة.
وكان من أبناء السبعين رحمه الله.

386 - الربعي * * الشيخ الامام الحافظ المفيد، المقرئ المجود، أبو الحسن، علي ابن الحسن بن علي بن ميمون بن أبي زروان (1)، الربعي الدمشقي.
سمع الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي، والعباس بن محمد بن
__________
* الانساب (الماماني)، اللباب 3 / 156، تذكرة الحفاظ 3 / 1117، 1118، الوافي بالوفيات 7 / 361، طبقات الحفاظ 428، هدية العارفين 1 / 74.
* * الاكمال 4 / 194، تذكرة الحفاظ 3 / 1108، 1109، غاية النهاية 1 / 532.
(1) ضبط في الاصل بكسر الزاي - وضبطها ابن ماكولا وابن حجر بالفتح - وسكون الراء بعدها واو مفتوحة، وقد تحرف في " غاية النهاية " إلى " ذروان " بالذال.
انظر " الاكمال " 4 / 193، و " تبصير المنتبه " 2 / 646.
(*)

(17/580)


حبان، ومحمد بن علي بن أبي فروة، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وأحمد بن عتبة بن مكين، وعدة.
وتلا وجود على الامام علي بن داود الداراني، وعلي بن زهير.
حدث عنه: الحافظ أبو سعد السمان، والكتاني، ونجا بن أحمد، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وآخرون، وجمع وصنف.
مات في صفر سنة ست وثلاثين وأربع مئة وله ثلاث وسبعون سنة.
قال الكتاني: كان يحفظ " غريب الحديث " لابي عبيد، ويحفظ ألف حديث بأسانيدها من حديث ابن جوصا، وكان ثقة مأمونا، وانتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين (1).
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا المؤيد بن محمد، عن عبدالرحمن ابن عبد الله بن الحسن بن أحمد السلمي، أخبرنا جدي، أخبرنا الربعي، أخبرنا الحسن بن عبد الله الكندي، أخبرنا العباس بن الخليل بحمص، أخبرنا نصر بن خزيمة، أخبرنا أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه محفوظ ابن علقمة، عن عبدالرحمن بن عائذ: حدثني جبير بن نفير قال: قال عوف ابن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الانبياء يتكاثرون بأممهم غير موسى، وأنا أرجو أن أكثره، ولقد أعطي خصلات: مكث يناجي ربه أربعين يوما، ولا ينبغي لمتناجيين أن يتناجيا أطول من نجواهما، ولا يصعق مع الناس " (2).
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1108.
(2) نصر بن خزيمة مجهول، وكذا أبوه، والعباس بن خليل، قال فيه أبو أحمد الحاكم شيخ صاحب المستدرك: فيه نظر كما في " ميزان " المؤلف، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 191، ونسبه للطبراني وابن عساكر.
(*)

(17/581)


387 - الدلويي * العلامة الكبير، أبو حامد، أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد (1) بن دلويه الدلويي الاستوائي الشافعي.
ولد في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة تقريبا.
ذكره الخطيب في " تاريخه " (2)، فقال: وأستوا (3) من قرى نيسابور، سمع أبا سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وأبا أحمد الحاكم،
وببغداد الدارقطني، وولي قضاء عكبرا، وكان شافعيا أصوليا أشعريا، له حظ من معرفة الادب والعربية، كتبت عنه، وكان صدوقا.
إلى أن قال: مات في ربيع الاول سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.

388 - الجرجرائي * * الوزير الكامل، نجيب الدولة، أبو القاسم، علي بن أحمد، وزير الديار المصرية للظاهر العبيدي، وكان من دهاة الملوك.
خدم الحاكم، فغضب عليه، فقطع يديه من مرفقيه في سنة أربع
__________
* تاريخ بغداد 4 / 377، 378، الانساب 5 / 333، 334، تبيين كذب المفتري 247، معجم الادباء 5 / 38، 39، اللباب 1 / 507، الوافي بالوفيات 7 / 351، طبقات السبكي 4 / 60، 61، بغية الوعاة 1 / 358.
والدلويي: ضبط في الاصل بفتح الدال، وضبطها السمعاني بالكسر، وتابعه ابن الاثير والسيوطي، واللام بعدها مشددة مضمومة.
(1) في " الوافي " و " بغية الوعاة " و " معجم الادباء ": " محمود " بدل " محمد ".
(2) 4 / 377، 378.
(3) بضم الالف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المثناة من فوق أو ضمها.
* * الاشارة إلى من نال الوزارة 35، الكامل في التاريخ 9 / 525، وفيات الاعيان 3 / 407، 408، الولاة للكندي 497 و 499، معجم الانساب والاسرات الحاكمة 148، أعلام الزركلي 4 / 254.
والجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي قرية من أرض العراق.
(*)

(17/582)


وأربع مئة لكونه خان في مباشرة ديوان، ثم رضي عنه في سنة تسع وأربع مئة، وولاه ديوان النفقات، ثم عظم أمره إلى أن وزر في سنة ثماني عشرة وأربع مئة، فكان يكتب العلامة عنه القاضي أبو عبد الله القضاعي، وهي: الحمد لله شكرا لنعمته (1).
وكان شهما كافيا سائسا، ذا أمانة وعفة.
وقد هجاه جاسوس الفلك بأبيات منها: فمن الامانة والتقى * قطعت يداك من المرافق ؟ ! (2) واستمر في الوزارة للظاهر، ثم لابنه المستنصر، فكانت دولته ثماني عشرة سنة، إلى أن مات في سابع رمضان سنة ست وثلاثين وأربع مئة.

389 - المنازي * الوزير البليغ، ذو الصناعتين، أبو نصر (3)، أحمد بن يوسف الكاتب، من أهل منازجرد (4).
وزر لاحمد بن مروان صاحب ديار بكر، وترسل عنه إلى القسطنطينية
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 3 / 408.
(2) البيت في " وفيات الاعيان " 3 / 408، وقبله قوله: يا أحمقا اسمع وقل * ودع الرقاعة والتحامق أأقمت نفسك في الثقا * ت وهبك فيما قلت صادق * معجم البلدان 5 / 202 (منازجرد)، وفيات الاعيان 1 / 143 - 145، المختصر في أخبار البشر 2 / 168، العبر 3 / 187، المشتبه 2 / 616، تتمة المختصر 1 / 528، الوافي بالوفيات 8 / 285 - 288، تبصير المتنبه 4 / 1393، شذرات الذهب 3 / 259، 260.
(3) في " المشتبه " و " تبصير المنتبه ": أبو العباس.
(4) في الاصل: مناز جهد، وهو تحريف، والتصويب من مشتبه المؤلف و " العبر " و " وفيات الاعيان " و " شذرات الذهب ".
(*)

(17/583)


غير مرة، وله كتب كثيرة وقفها (1)، وهو القائل لابي العلاء: فما لهم يؤذونك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة (2).
وله نظم فائق قليل الوجود (3) كما قيل: وأقفر من شعر المنازي المنازل ومنازجرد: بقرب خرت برت، وليست مناز كرد [ القلعة ] التي من عمل خلاط (4).

390 - التياني * حامل لواء اللغة، أبو غالب، تمام بن غالب بن عمر، القرطبي، ابن التياني، نزيل مرسية.
__________
(1) قال ابن خلكان: وقفها على جامع ميافارقين وجامع آمد، وهي موجودة بخزائن الجامعين، ومعروفة بكتب المنازي.
(2) انظر " وفيات الاعيان " 1 / 143، و " الوافي " 8 / 285.
(3) انظر بعض نظمه في " الوافي " 8 / 285 - 288.
(4) وفيات الاعيان والزيادة منه 1 / 144، وذكر في ترجمة القالي 1 / 227 أن منازجرد من ديار بكر.
* الاكمال 1 / 443، جذوة المقتبس 183، الصلة 1 / 120، 121، بغية الملتمس 252، معجم الادباء 7 / 135 - 138، إنباه الرواة 1 / 259، 260، المغرب في حلي المغرب 1 / 166، وفيات الاعيان 1 / 300، 301، العبر 3 / 185، المشتبه 1 / 93، تلخيص ابن مكتوم 46، مسالك الابصار ج 4 م 2 / 298 - 299، عيون التواريخ 12 / 208، الوافي بالوفيات 10 / 398، 399، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 285، إشارة التعيين 5، بغية الوعاة 1 / 478، 479، نفح الطيب 3 / 172، كشف الظنون 481، شذرات الذهب 3 / 256، روضات الجنات 140، 141، إيضاح المكنون 2 / 607، هدية العارفين 1 / 245، 246.
قال ابن خلكان: والتياني: أظنه منسوبا إلى التين وبيعه والله أعلم.
وقد تصحفت هذه النسبة في " هدية العارفين " إلى " التباني " بالموحدة التحتية، وجاء في بعض المصادر:
" ابن التيان ".
(*)

(17/584)


روى عن: أبيه، وأبي بكر الزبيدي، وعبد الوارث بن سفيان، وطائفة.
قال الحميدي (1): كان إماما في اللغة، ثقة ورعا خيرا، له كتاب في اللغة (2) لم يؤلف مثله اختصارا وإكثارا، حدثني ابن حزم قال (3): حدثني محمد بن الفرضي أن الامير مجاهدا العامري وجه إلى أبي غالب إذ غلب على مرسية ألف دينار على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب: " مما ألفته (4) لابي الجيش مجاهد العامري " (5)، فرد الدنانير، ولم يفعل، وقال: لو بذلت لي الدنيا على ذلك، ما فعلت، ولا استجزت الكذب، فإني لم أجمعه له خاصة.
توفي بالمرية سنة ست (6) وثلاثين وأربع مئة رحمه الله.

391 - الصفار * المسند أبو سعد، عبدالرحمن بن أحمد بن عمر، الاصبهاني الصفار، أخو الفقيه أبي سهل الصفار.
__________
(1) في " جذوة المفتبس " 183.
(2) هو كتاب " تلقيح العين " وانظر بقية تواليفه في " هدية العارفين " 1 / 246.
(3) انظر " نفح الطيب " 3 / 172.
(4) في " الجذوة " و " نفح الطيب ": مما ألفه تمام بن غالب.
(5) هو مجاهد بن عبد الله العامري، أبو الجيش، مولى عبدالرحمن الناصر بن المنصور محمد بن أبي عامر، غلب على الجزائر التي في شرق الاندلس، ثم غلب على دانية وما يليها، واستقرت إقامته فيها، وكان من الكرماء على العلماء، باذلا للرغائب في استمالة الادباء، توفي
سنة 436.
انظر ترجمته في " جذوة المقتبس " 352 - 354، و " بغية الملتمس " 472، 473.
(6) تحرف في " بغية الوعاة " إلى " ثلاث ".
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(*)

(17/585)


حدث عن: أحمد بن بندار الشعار، وأبي القاسم الطبراني.
روى عنه: جماعة من شيوخ السلفي منهم: محمد بن الحسن العلوي الرسي، وأبو علي الحداد.
توفي ليلة عرفة سنة ست وثلاثين وأربع مئة.

392 - ابن ميقل * عالم قرطبة، وعابدها، وشيخ المالكية، أبو الوليد، محمد بن عبد الله بن أحمد بن ميقل، المرسي.
حدث عن: أبي محمد الاصيلي، وهاشم بن يحيى، وسهل بن إبراهيم.
وتحول إلى قرطبة، وتفقه وبرع.
قال أبو عمر بن الحذاء: ما لقيت أتم ورعا ولا أحسن خلقا ولا أكمل علما منه، كان يختم القرآن على قدميه في كل يوم وليلة، وترك اللحم من أول الفتنة إلا من طير أو حوت أو صيد، وكان سخيا على توسط ماله، وكان أحفظ الناس للمذهب، وأقواهم احتجاجا، مع علمه بالحديث ورجاله، واللغة والقراءات والشعر.
مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مئة بمرسية، ودفن في قبلة جامعها، وله أربع وسبعون سنة (1).
__________
(1) ترتيب المدارك 4 / 751، وتحرف فيه إلى: ابن مقبل، الصلة 2 / 527، النجوم الزاهرة 5 / 39 وتحرف فيه إلى: ابن منقذ.
(1) انظر " الصلة " 2 / 527، و " ترتيب المدارك " 4 / 751.
(*)

(17/586)


393 - أبو الحسين البصري * شيخ المعتزلة، وصاحب التصانيف الكلامية، أبو الحسين، محمد ابن علي بن الطيب، البصري.
كان فصيحا بليغا، عذب العبارة، يتوقد ذكاء.
وله اطلاع كبير.
حدث عن: هلال بن محمد بحديث رواه عنه أبو بكر الخطيب (1).
توفي ببغداد في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وأربع مئة وقد شاخ.
أخذ عنه: أبو علي بن الوليد، وأبو القاسم بن التبان المعقول.
أجارنا الله من البدع.
وله كتاب " المعتمد في أصول الفقه " (2)، من أجود الكتب، يغترف
__________
* طبقات المعتزلة 118، تاريخ بغداد 3 / 100، تاريخ الحكماء 293، 294، المنتظم 8 / 126، 127، الكامل في التاريخ 9 / 527، وفيات الاعيان 4 / 271، المختصر في أخبار البشر 2 / 167، 168، دول الاسلام 1 / 258، العبر 3 / 187، ميزان الاعتدال 3 / 654، 655، تتمة المختصر 1 / 527، وتحرف فيه إلى " أبو الحسن "، الوافي بالوفيات 4 / 125، عيون التواريخ 12 / 212 - 213 / 1، البداية والنهاية 12 / 53، 54، الجواهر المضية 2 / 93، 94، لسان الميزان 5 / 298، النجوم الزاهرة 5 / 38، كشف الظنون 413، 1200، 1272، شذرات الذهب 3 / 259، روضات الجنات 178، تراجم الرجال 35، هدية العارفين 2 / 69.
(1) وهو حديث: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الاولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " انظر " تاريخ بغداد " 3 / 100.
(2) نشر محمد حميد الله الجزء الاول منه ببيروت 1964 م، والجزء الثاني 1965 م، والمعتمد هذا هو اختصار شرحه لكتاب العهد للقاضي عبد الجبار الهمذاني.
ولهذا الكتاب
تلخيص لمجهول بعنوان " تجريد المعتمد " ويوجد شرح لسليمان بن ناصر بن سعيد ألفه سنة 571 لمختصر " المعتمد " الذي قام به البصري نفسه.
انظر النسخ الخطية لكتاب " المعتمد " وتلخيصه وشرح مختصره ولكتاب آخر للبصري هو " شرح السماع الطبيعي " في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 415.
(*)

(17/587)


منه ابن خطيب الري (1).
وله كتاب " تصفح الادلة " كبير (2).

394 - المرتضى * العلامة الشريف المرتضى، نقيب العلوية، أبو طالب (3)، علي بن حسين بن موسى، القرشي العلوي الحسيني الموسوي البغدادي، من ولد موسى الكاظم.
__________
(1) وهو الامام فخر الدين الرازي صاحب " التفسير " المتوفى سنة 606 ه، وقد ألف في أصول الفقه كتابا سماه " المحصول " وهو كتاب عظيم في بابه يقع في ستة مجلدات ضخام، عول فيه على ما هو مدون في الكتب الاربعة التي تناولت جملة المباحث الاصولية وهي " البرهان " لامام الحرمين، و " المستصفى " للغزالي، و " العهد " للقاضي عبد الجبار المهداني، و " المعتمد " لابي الحسين البصري، فضمنه ما فيها من مسائل الاصول ومباحث مجردة عن جميع المآخذ التي أخذت عليها بأسلوب يتسم بالترتيب، والوضوح والعمق، والاستقصاء، وقد ذكروا أنه كان يحفظ عن ظهر قلب كتابين من هذه الكتب الاربعة، وهما " المستصفى " و " المعتمد ".
(2) وانظر بقية تصانيفه في " وفيات الاعيان " 4 / 271، و " الوافي " 4 / 125، و " هدية العارفين " 2 / 69.
* جمهرة أنساب العرب: 63، تاريخ بغداد 11 / 402، 403، دمية القصر 1 / 299 - 300، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 465 - 475، المنتظم 8 / 120 - 126، معجم الادباء 13 / 146 - 157، إنباه الرواة 2 / 249، 250، الكامل في التاريخ 9 / 526، تتمة اليتيمة 1 / 53 - 56، وفيات الاعيان 3 / 313 - 316،
الذريعة 2 / 401، المختصر في أخبار البشر 2 / 167، تاريخ الاسلام وفيات 436 ه، العبر 3 / 186، ميزان الاعتدال 3 / 124، دول الاسلام 1 / 258، تلخيص ابن مكتوم 134، 135، تتمة المختصر 1 / 527، عيون التواريخ 12 / 204 - 208، الوافي بالوفيات خ 12 / 40 - 42، مرآة الجنان 3 / 55 - 57، البداية والنهاية 12 / 53، لسان الميزان 4 / 223 - 225، النجوم الزاهرة 5 / 39، بغية الوعاة 2 / 162، منهج المقال 231، 232، منتهى المقال 214، تنقيح المقال 2 / 284، 285، نزهة الجليس 2 / 373، 374، فهرست الطوسي 97 - 100، كشف الظنون 748، 794، شذرات الذهب 3 / 256 - 258، روضات الجنات 383 - 388، كتاب الرجال 192، 193، إيضاح المكنون 1 / 5 و 136، هدية العارفين 1 / 688، تذكرة المتبحرين 486، 487، الدرجات الرفيعة 458، أعيان الشيعة 41 / 188 - 197.
(3) وفي بعض المصادر: أبو القاسم.
(*)

(17/588)


ولد سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وحدث عن: سهل بن أحمد الديباجي، وأبي عبد الله المرزباني، وغيرهما.
قال الخطيب (1): كتبت عنه.
قلت: هو جامع كتاب " نهج البلاغة "، المنسوبة ألفاظه إلى الامام علي رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن فيه موضوعات حاشا الامام من النطق بها، ولكن أين المصنف ؟ ! وقيل: بل جمع أخيه الشريف الرضي (2).
وديوان المرتضى كبير وتواليفه كثيرة، وكان صاحب فنون.
وله كتاب " الشافي في الامامة "، و " الذخيرة في الاصول "، وكتاب
" التنزيه "، وكتاب في إبطال القياس، وكتاب في الاختلاف في الفقه، وأشياء كثيرة (3).
وديوانه في أربع مجلدات (4).
وكان من الاذكياء الاولياء، المتبحرين في الكلام والاعتزال، والادب والشعر، لكنه إمامي جلد.
نسأل الله العفو.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 402.
(2) وهذا هو المشهور، وقد تقدمت ترجمة الشريف برقم (174).
(3) انظر " هدية العارفين " 1 / 688.
وقد طبع من تصانيفه كتاب " الشهاب في الشيب والشباب " ومعه " سلوة الحريف بمناظرة الربيع والخريف " للجاحظ بمطبعة الجوائب في الآستانة عام 1302 ه، وكتاب " المسائل الناصرية " في الفقه طبع مع كتاب " الجوامع الفقهية " لمحمد باقر بن محمد رحيم طهران عام 1276 ه، وكتاب " أمالي المرتضى " المسمى " غرر الفوائد ودرر القلائد " طبع عدة طبعات، منها بتحقيق الاستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم في مصر سنة 1954 م وقد بدأه بمقدمة عن الشريف المرتضى، ثم أورد سردا بمؤلفاته.
(4) طبع " ديوانه " في القاهرة عام 1958 في ثلاث مجلدات.
(*)

(17/589)


قال ابن حزم: الامامية كلهم على أن القرآن مبدل، وفيه زيادة ونقص سوى المرتضى، فإنه كفر من قال ذلك، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطوسي، وأبو القاسم الرازي.
قلت: وفي تواليفه سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعوذ بالله من علم لا ينفع.
توفي المرتضى في سنة ست وثلاثين وأربع مئة.
وفيها مات إمام اللغة تمام بن غالب التياني (1) المرسي، والمحدث الفقيه أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري (2)، وأبو سعد عبدالرحمن بن
أحمد الصفار (3) صاحب الطبراني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن حسين الوضاحي القدوة بدمشق، وشيخ المالكية أبو الوليد محمد بن عبد الله بن ميقل (4) المرسي، وشيخ الشافعية أبو عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز النيلي النيسابوري، وشيخ المعتزلة أبو الحسين محمد بن علي البصري (5).
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (390).
(2) سترد ترجمته برقم (412).
(3) تقدمت ترجمته برقم (391).
(4) تقدمت ترجمته برقم (392).
(5) تقدمت ترجمته برقم (393).
(*)

(17/590)


395 - مكي * العلامة المقرئ، أبو محمد، مكي بن أبي طالب حموش (1) بن محمد بن مختار، القيسي القيرواني، ثم القرطبي، صاحب التصانيف.
ولد بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وأخذ عن: [ ابن ] (2) أبي زيد، وأبي الحسن القابسي.
وتلا بمصر على أبي عدي ابن الامام، وأبي الطيب بن غلبون، وولده طاهر.
وسمع من محمد بن علي الادفوي، وأحمد بن فراس المكي، وعدة.
وكان من أوعية العلم مع الدين والسكينة والفهم، ارتحل مرتين، الاولى في سنة ست وسبعين.
__________
(1) جذوة المقتبس 351، ترتيب المدارك 4 / 737، نزهة الالباء: 347، الصلة 2 /
631 - 633، بغية الملتمس 469، معجم الادباء 19 / 167 - 171، إنباه الرواة 3 / 313 - 319، وفيات الاعيان 5 / 274 - 277، معالم الايمان 3 / 213، العبر 3 / 187، دول الاسلام 1 / 258، معرفة القراء الكبار 1 / 316 - 317، تلخيص ابن مكتوم 251 - 254، عيون التواريخ 12 / 217، الوافي بالوفيات خ 26 / 68،، مرآة الجنان 3 / 57، 58، الديباج المذهب 2 / 342، 343، غاية النهاية 2 / 309، 310، طبقات ابن قاضي شهبة 257، 258، النجوم الزاهرة 5 / 41، بغية الوعاة 2 / 298، مفتاح السعادة 1 / 419، إشارة التعيين 55، كشف الظنون 1 / 33، 121، 174، شذرات الذهب 3 / 260، 261، إيضاح المكنون 1 / 85، هدية العارفين 2 / 470، 471.
(1) لفظ " حموش " يقال في بلاد المغرب لمن اسمه محمد تحببا، وقد تحرف في " معرفة القراء الكبار " إلى " حيوس " وفي " غاية النهاية " إلى " ابن حيوس ".
(2) سقط لفظ " ابن " من الاصل، وهو أبو محمد بن أبي زيد، تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (4).
(*)

(17/591)


وقال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ: أخبرني مكي أنه سافر إلى مصر وله ثلاث عشرة سنة، واشتغل، ثم رحل سنة ست وسبعين، وأنه جاور ثلاثة أعوام، ودخل الاندلس في سنة ثلاث وتسعين، وأقرأ بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وبعد صيته (1).
قال ابن بشكوال (2): قلده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة بعد يونس بن عبد الله، وقد ناب عن يونس.
قال: وله ثمانون مصنفا (3)، وكان خيرا متدينا، مشهورا بإجابة الدعوة، دعا على رجل كان يؤذيه، ويسخر به إذا خطب، فزمن الرجل.
توفي في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربع مئة.
قلت: تلا عليه خلق منهم: عبد الله بن سهل، ومحمد بن أحمد بن مطرف، وروى عنه بالاجازة أبو محمد بن عتاب.
وفيها مات أبو محمد السكن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جميع (4) الغساني بصيدا عن بضع وثمانين سنة.
يروي عن جده " الموطأ ".
وفيها
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 632، 633، بأطول مما هنا، و " وفيات الاعيان " 5 / 274، 275، و " معرفة القراء الكبار " 2 / 309، 310.
(2) في " الصلة " 2 / 633، وانظر " وفيات الاعيان " 5 / 275، و " إنباه الرواة " 3 / 314، 315.
(3) انظر أشهرها في " وفيات الاعيان " 5 / 275 - 277، و " إنباه الرواة " 3 / 315 - 319، و " معجم الادباء " 19 / 169 - 171، و " هدية العارفين " 2 / 470، 471، وقد طبع له منها فيما نعلم " الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها " و " الابانة عن معاني القراءة " و " تفسير مشكل إعراب القرآن " و " الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة " و " الوقف على كلا وبلى " و " اختصار الوقف على كلا وبلى ونعم " و " الايضاح في الناسخ والمنسوخ " و " العمدة في غريب القرآن " و " التبصرة في القراءات السبع ".
(4) تقدمت ترجمته برقم (98).
(*)

(17/592)


مات أحمد بن محمد بن يزدة الملنجي المقرئ، وعلي بن محمد بن علي الاسواري.

396 - الخلال * الامام الحافظ المجود، محدث العراق، أبو محمد، الحسن بن أبي طالب محمد بن الحسن بن علي، البغدادي الخلال، أخو الحسين.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة.
وسمع أبا بكر القطيعي، وأبا بكر الوراق، وأبا سعيد السيرافي، ومحمد بن المظفر، وأبا عمر بن حيويه، وأبا عبد الله بن العسكري، وأبا الفضل الزهري، وأبا بكر بن شاذان، وأبا الحسن الدارقطني، وخلقا كثيرا، وما أظنه رحل في الحديث.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي، ومحمد بن أحمد الصندلي، وأبو الفضل بن خيرون، والمعمر بن أبي عمامة، وجعفر بن المحسن السلماسي، وأبو سعد أحمد ابن عبد الجبار الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وآخرون.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان ثقة، له معرفة، وتنبه، وخرج " المسند " على " الصحيحين "، وجمع أبوابا وتراجم كثيرة، ومات في جمادى الاولى سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.
__________
* تاريخ بغداد 7 / 425، الانساب 5 / 218، المنتظم 8 / 132، 133، اللباب 1 / 473، تذكرة الحفاظ 3 / 1109 - 1111، العبر 3 / 189، دول الاسلام 1 / 258، مرآة الجنان 3 / 60، غاية النهاية 1 / 231، طبقات الحفاظ: 426، كشف الظنون 26، شذرات الذهب 3 / 262، هدية العارفين 1 / 275، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 389.
(1) في " تاريخ بغداد " 7 / 425.
(*)

(17/593)


أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، والحسن بن علي قالا: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، سمعت أبا الحسين بن الطيوري، سمعت محمد بن علي الصوري يقول: ما رأت عيناني بعد عبد الغني بن سعيد أحفظ من أبي محمد الخلال البغدادي (1).
كتب إلينا محمد بن عبد الكريم الشافعي: أخبرنا زين الامناء الحسن
ابن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحسن، وقرأت على إسحاق بن طارق، أخبركم ابن خليل، أخبرنا عبد الخالق بن عبد الوهاب قالا: أخبرنا علي بن عبد الواحد، حدثنا أبو محمد الخلال إملاء، حدثنا علي بن لؤلؤ، حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي سنة ثلاث وتسعين ومئتين، حدثنا علي بن الحسن ابن شقيق، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا ابن بريدة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها، فقد كفر ".
سقط منه رجل (2).
أخبرنا عيسى بن أبي محمد، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا محمد بن عبدالملك بن أسد، أخبرنا أبو محمد الخلال، حدثني علي بن أحمد السرخسي الحافظ، حدثنا عبد الله بن عثمان الواسطي، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد بواسط، سمعت أبا عثمان المازني يقول: حدثنا سيبويه، عن الخليل، عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن الحارث، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهل
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1110.
(2) هو بريدة والد عبد الله، فقد أخرجه أحمد 5 / 346، والترمذي (2621) في الايمان، وابن ماجة (1079) من طريق علي بن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه، وصححه ابن حبان (255) والحاكم 1 / 6، 7، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح، وهو كما قالوا.
(*)

(17/594)


المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة " (1).
سقط من بين الخليل وبين ذر.

397 - ابن ريذة * الشيخ العالم، الاديب، الرئيس، مسند العصر، أبو بكر، محمد ابن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد، الاصبهاني، التأني التاجر، المشهور بابن ريذة.
سمع " معجمي " الطبراني: الاكبر والاصغر.
و " الفتن " لنعيم بن حماد، من أبي القاسم الطبراني، وما أظنه سمع من غيره.
وعمر دهرا، وتفرد في الدنيا.
مولده في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
حدث عنه خلق لا يحصون، منهم: أبو العلاء محمد بن الفضل الكاغدي، وأخوه أبو بكر، ومحمد بن عمر بن عزيزة، والصدر محمد بن جهاربختان، ومحمد بن أبي الفرج الملحمي، ومحمد بن مردويه الصباغ،
__________
(1) هو في تاريخ بغداد 11 / 326 من طريق الخلال بهذا الاسناد، والحارث - وهو ابن عبد الله الاعور - ضعيف، وأخرجه الحاكم 4 / 321 من طريق آخر عن علي، وفي سنده ضعف، وفي الباب عن سلمان الفارسي عند البخاري في " الادب المفرد " (223) والطبراني (6112)، وعن أبي موسى الاشعري عند الطبراني في " الصغير " 1 / 73، 74، وعن أبي هريرة عند أبي نعيم في " الحلية " 9 / 319 والطبراني في " الصغير " 1 / 261، 263، وعن أبي الدرداء عند الخطيب 10 / 420، وعن أبن عباس، وقبيصة بن برمة عند البخاري في " الادب المفرد " (221) والطبراني (11078) و (11460)، وعن ابن عمر عند البزار، فالحديث صحيح بهذه الشواهد.
* الاكمال 4 / 175، المشتبه 1 / 332، دول الاسلام 1 / 259، العبر 3 / 193، الوافي بالوفيات 3 / 323، تبصير المنتبه 2 / 617، النجوم الزاهرة 5 / 46، شذرات الذهب 3 / 265، تاج العروس 2 / 564.
(*)

(17/595)


وأبو الفتح محمد بن عبد الله الخرقي، وأبو طاهر محمد بن الفضل الشرابي، وأحمد بن محمد النجار الاصم، وأبو غالب أحمد بن العباس الكوشيذي (1)، ومحمد بن إبراهيم بن شذرة، والحافظ يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، ومعمر بن أحمد اللنباني، وهادي بن الحسن العلوي، والمقرئ أبو علي الحداد، وأبو عدنان محمد بن إبراهيم العبدي، وأبو عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار، ومحمد بن الفضل القصار الزاهد، وأبو الرجاء أحمد بن عبد الله بن ماجه، ونوشروان بن شيرزاذ الديلمي، وطلحة ابن حسين بن أبي ذر الصالحاني، وحمد بن علي المعلم، والهيثم بن محمد المعداني، وفاطمة بنت عبد الله الجوزدانية.
قال يحيى بن مندة: كان أحد الوجوه، ثقة أمينا، وافر العقل، كامل الفضل، مكرما لاهل العلم، حسن الخط، يعرف طرفا من النحو واللغة، قرئ عليه الحديث مرات لا أحصيها بالبلد والرساتيق، ثم أرخ مولده، وقال: توفي في شهر رمضان سنة أربعين وأربع مئة وله أربع وتسعون سنة.
قلت: عاشت فاطمة (2) بعده إلى سنة أربع وعشرين وخمس مئة، وعاش صاحبها أبو الفخر أسعد بن روح إلى سنة ست وست مئة.

398 - أبو حسان المزكي * الامام الفقيه، مسند نيسابور، أبو حسان، محمد بن أحمد بن جعفر، المولقاباذي (3) المزكي، أحد الثقات الصلحاء، وكان إليه التزكية
__________
(1) نسبة إلى كوشيذ اسم أحد أجداده.
(2) ستأتي ترجمتها في الجزء التاسع عشر.
* العبر 3 / 177، الوافي بالوفيات 2 / 64، شذرات الذهب 3 / 250.
(3) نسبة إلى مولقاباذ، وهي محلة كبيرة بنيسابور.
(*)

(17/596)


بنيسابور، وله الحشمة الوافرة والجلالة.
حدث عن: والده أبي الحسن، وأبي العباس محمد بن إسحاق الصبغي، ومحمد بن الحسن السراج، وأبي عمرو بن مطر، وأبي عمرو بن نجيد، وجعفر المراغي، وطائفة.
وسمع ببغداد من أبي الفضل عبيدالله ابن عبدالرحمن الزهري، وغيره.
وخرجوا له الفوائد، وروى الكثير.
حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وإسماعيل بن عمرو البحيري، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة وهو في عشر التسعين.

399 - الخلال * أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن الحسن، البغدادي، الخلال، المؤدب، أخو الحافظ الحسن.
سمع أبا حفص الزيات، وسمع بما وراء النهر " الصحيح "، ورواه عن الحاجبي.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، وطائفة، والخطيب وقال (1): لا بأس به، مات سنة ثلاثين وأربع مئة.
__________
* تاريخ بغداد 8 / 108، المنتظم 8 / 102، البداية والنهاية 12 / 45.
(1) في " تاريخ بغداد " 8 / 108.
(*)

(17/597)


400 - ابن غيلان * الشيخ الامين المعمر، مسند الوقت، أبو (1) طالب، محمد بن محمد (2) بن إبراهيم بن غيلان بن عبد الله بن غيلان بن حكيم، الهمداني
البغدادي البزاز، أخو غيلان بن محمد المكني بأبي القاسم.
سمع غيلان من: النجاد، ودعلج وجماعة، حدث عنه: الخطيب ووثقه.
ومات في سنة ست عشرة وأربع مئة (3).
مولد أبي طالب في أول سنة ثمان وأربعين فيما سمعه الخطيب منه، ثم سمعه الخطيب يقول: كنت أغلط في مولدي حتى رأيته بخط جدي: في المحرم سنة سبع وأربعين (4).
قلت: وسمع من أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي في سنة اثنتين وخمسين، وسنة ثلاث وأربع، فعنده عنه أحد عشر جزءا لقبت بالغيلانيات.
تفرد في الدنيا بعلوها.
وسمع من أبي إسحاق المزكي جزئين، وسمع من الشافعي جزئين من تفسير سفيان الثوري.
__________
* تاريخ بغداد 3 / 234، 235، الانساب 9 / 204 (الغيلاني)، المنتظم 8 / 139، 140، اللباب 2 / 398، الكامل في التاريخ 9 / 552، المختصر في أخبار البشر 2 / 169، العبر 3 / 193، 194، دول الاسلام 1 / 259، تتمة المختصر 1 / 530، الوافي بالوفيات 1 / 119، البداية والنهاية 12 / 58، 59، النجوم الزاهرة 5 / 47، شذرات الذهب 3 / 265، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 389، 390.
(1) تحرف في " البداية والنهاية " إلى " أخو ".
(2) في " البداية والنهاية ": أحمد وهو خطأ.
(3) انظر ترجمة غيلان بن محمد في " تاريخ بغداد " 12 / 333، 334، و " الانساب " 9 / 204، 205.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 235.
(*)

(17/598)


قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان صدوقا دينا صالحا.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو علي البرداني، وأبو طاهر بن سوار، وأحمد بن قريش البناء، وأبو البركات أحمد بن طاووس المقرئ، وجعفر بن أحمد السراج، وجعفر بن المحسن السلماسي، وعبيدالله بن عمر البقال، والمعمر بن أبي عمامة، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وأبو المعالي أحمد بن محمد البخاري، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وأبو سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، وأبو الفتح أحمد بن عبيدالله المعير، وأبو غالب أحمد بن عبدا لباقي العطار، وأبو غالب الحسن بن علي البزاز، والحسن بن عبدالملك اليوسفي، وأبو نصر عبد الله بن عمر الدباس، وعبد الباقي بن محمد الوراق، وعلي بن محمد ابن علي الانباري الواعظ، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، ومحمد بن عبد الواحد بن الازرق، ومحمد بن عبد القادر بن السماك، وأبو نصر هبة الله بن محمد بن الصباغ، وهبة الله بن مبارك الوقاياتي (2)، وأبو البركات هبة الله ابن محمد بن البخاري، وهبة الله بن محمد بن النرسي، وهبة الله بن محمد ابن الحصين الشيباني.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت بخط أبي: سمعت محمد بن محمود الرشيدي يقول: لما أردت الحج، أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره بسماع " مسند " أحمد بن حنبل، وفوائد أبي بكر الشافعي، فدخلت بغداد، واجتمعت بابن المذهب، فقال: أريد مئتي دينار.
فقلت: كل نفقتي سبعون دينارا، فإن كان ولابد، فأجز لي.
قال: أريد عشرين
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 234، 235.
(2) هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة، ويقال لمن يبيعها: الوقاياتي " اللباب ".
(*)

(17/599)


دينارا على الاجازة.
فتركته، وقلت لابن حيدر: أريد السماع من ابن غيلان.
قال: إنه مبطون وهو ابن مئة سنة.
قلت: فأعجل فأسمع منه.
قال: لا حتى تحج.
فقلت: كيف يسمح قلبي بذا ؟ قال: إن له ألف دينار يجاء بها، فتفرغ في حجره، فيقلبها، ويتقوى بذلك.
فاستخرت الله، وحججت، ولحقته، قرأ لي عليه أبو بكر الخطيب (1).
قال الخطيب (2): مات ابن غيلان في سادس شوال سنة أربعين وأربع مئة.
قلت: عاش أربعا وتسعين سنة.
والرشيدي المذكور صدوق مات سنة 498 عن نيف وثمانين سنة.
ومات في سنة أربعين أبو بكر بن ريذة (3) صاحب الطبراني، وأبو ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني، والحسن بن عيسى بن المقتدر، وعبيدالله ابن عمر بن شاهين، وأحمد بن محمد بن أحمد الحكيمي، وعلي بن ربيعة الربعي، وشيخ خراسان أبو سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني (4)، والحافظ الصوري (5)، وشيخ القراء الكارزيني، وأبو منصور محمد بن محمد بن السواق (6) ببغداد، وشيخ الشافعية أبو حاتم محمود بن الحسن القزويني بآمد.
__________
(1) انظر " الوافي بالوفيات " 1 / 119.
(2) في " تاريخ بغداد " 3 / 235.
(3) تقدمت ترجمته برقم (397).
(4) سترد ترجمته برقم (419).
(5) سترد ترجمته برقم (424).
(6) سترد ترجمته برقم (420).
(*)

(17/600)


401 - ابن شاهين * الشيخ الصادق المعمر، أبو الفتح (1)، عبيدالله (2) بن أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، البغدادي الواعظ.
سمع من: أبيه الحافظ حفص، وأبي بحر البربهاري، وأبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وحسينك التميمي، وعدة.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو علي محمد ابن محمد بن المهدي، وآخرون.
قال الخطيب (3): كتبت عنه، وكان صدوقا.
مات في ربيع الاول، سنة أربعين وأربع مئة.
قلت: سمعنا من طريقه كتاب " سجود القرآن " للحربي، بسماعه من أبي بحر، عنه.

402 - ابن حمصه * * المعمر الامين، أبو الحسن، علي بن عمر الحراني ثم المصري، عرف بابن حمصة الصواف.
________________
* تاريخ بغداد 10 / 386، المنتظم 8 / 138، العبر 3 / 192، البداية والنهاية 12 / 58، شذرات الذهب 3 / 264.
(1) في " البداية والنهاية ": أبو القاسم.
(2) في " البداية والنهاية ": هبة الله.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 386.
* * الاكمال 2 / 508، 509، الانساب 4 / 224 (الحمصي)، اللباب 1 / 390، العبر 3 / 196، حسن المحاضرة 1 / 373، 374، شذرات الذهب 3 / 266، تاج العروس
4 / 383 (حمص).
وحمصة: بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم المكسورة ويجوز فتحها، وفي آخرها الصاد المهملة.
(*)

(17/601)


ما سمع شيئا سوى مجلس البطاقة (1)، وتفرد في الدنيا عن حمزة الكناني.
ولد في رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
حدث عنه: هبة الله بن محمد الشيرازي، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، ومرشد أبو صادق المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وعدة.
مات في ثالث رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مئة عن ثمان وتسعين سنة.

403 - العتيقي * الامام المحدث الثقة، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور، البغدادي العتيقي المجهز (2) السفار.
سمع علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وأبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وإسحاق بن سعد النسوي، والقاضي أبا بكر الابهري، وعبيدالله بن عبد
__________
(1) وهو الجزء الحديثي المعروف بجزء البطاقة، رواه عن أبي القاسم حمزة بن محمد الكناني المصري.
انظر " حسن المحاضرة " 1 / 351، 373، 374، و " الرسالة المستطرفة " ص 90.
وهو تخريج لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص الطويل المروي في " المسند " 2 / 312، والترمذي (2639) وابن ماجة (4300) وصححه ابن حبان (2524) والحاكم 1 / 529، ووافقه الذهبي وهو كما قالوا.
* تاريخ بغداد 4 / 379، الانساب: (العتيقي) 8 / 393 و (المجهز)، المنتظم 8 / 143، اللباب 2 / 323 و 3 / 170، العبر 3 / 195، المشتبه 2 / 465، الوافي
بالوفيات 7 / 358، 359، البداية والنهاية 12 / 60، تبصير المنتبه 3 / 996 و 1014، شذرات الذهب 3 / 265.
(2) يقال هذا لمن يحمل مال التجار من بلد إلى بلد، ويسلمه إلى شريك من أرسله معه، ويعيد إليه مثله.
" اللباب ".
(*)

(17/602)


الرحمن الزهري، والحسين بن أحمد بن فهد الموصلي، ومحمد بن المظفر، وعدة.
وسمع بدمشق من تمام الرازي، وبمصر من عبد الغني، وجمع وخرج، وكتب الكثير.
حدث عنه: ولده أبو غالب محمد بن أحمد، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وعبد المحسن بن محمد الشيحي، وعلي بن أبي العلاء المصيصي، والمبارك بن الطيوري، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وآخرون.
وهو الذي يقول فيه الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي (1) وقال (2): كان صدوقا، ولد في أول سنة سبع وستين وثلاث مئة، وذكر لي أن بعض أجداده كان يسمى عتيقا، وإليه ينسب.
وقال ابن ماكولا: قال لي شيخنا العتيقي: إنه روياني الاصل، خرج على " الصحيحين "، وكان ثقة متقنا، يفهم ما عنده (3).
وقال الخطيب (4): مات في صفر سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
قلت: وقع لي أجزاء من حديثه، وله وفيات في جزء كبير.
__________
(1) أي يدلسه.
(2) الخطيب في " تاريخ بغداد " 4 / 379.
(3) انظر " الوافي " 7 / 359.
(4) في " تاريخه " 4 / 379.
(*)

(17/603)


404 - ابن سختام * الفقيه العلامة المفتي، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة، الغزي (1) السمرقندي الحنفي حج في آخر أيامه.
وحدث ببغداد ودمشق عن: أبيه، ومحمد بن مت الاشتيخني (2)، وإبراهيم بن عبد الله الرازي ثم البخاري، وأبي سعد عبدالرحمن بن محمد الادريسي، ومنصور بن نصر الكاغدي، ومحمد بن يحيى الغياثي، وطائفة.
وله ثلاثة أجزاء سمعناها.
حدث عنه: أبو علي الاهوازي مع تقدمه، وأبو بكر الخطيب، ومنصور بن عبد الجبار السمعاني، والفقيه نصر المقدسي، وفيد بن عبد الرحمن الهمذاني، وأبو طاهر الحنائي وآخرون.
قال الخطيب (3): كان من أهل العلم والتقدم في مذهب أبي حنيفة،
__________
* تاريخ بغداد 11 / 342، الانساب (الخطيبي) 5 / 152، اللباب 1 / 454، العبر 3 / 196، الجواهر المضية 2 / 533، 534، الطبقات السنية رقم (1438)، شذرات الذهب 3 / 266.
وكان في الاصل.
سختام..بدون لفظ " ابن ".
(1) كذا الاصل بالغين والزاي المعجمتين، وقد أثبت فوق الزاي شدة، وفي " الشذرات " الغزني بزيادة نون، ويغلب على الظن أن الصواب " العربي " كما في " تاريخ بغداد " و " الانساب " فإن المؤلف سينقل عن المترجم أن أباه كان يذكر أنه من العرب.
(2) هذه النسبة إلى " إشتيخن "، وهي قرية من قرى السغد بسمرقند على سبعة فراسخ
منها.
انظر " الانساب " 1 / 268 وفيه ترجمة محمد هذا.
(3) في " تاريخ بغداد " 11 / 342.
(*)

(17/604)


قال لي: ولدت في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مئة، قال: وكان أبي يذكر أنه من العرب.
قال: وأدركه أجله في الطريق - يعني في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة -.
وفيها مات المحدث أبو الحسن العتيقي (1)، وشيخ اللغة أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا الافليلي الزهري بقرطبة، وأبو الحسن علي بن عمر بن حمصة (2) الحراني، وصاحب الموصل معتمد الدولة قرواش بن مقلد بن المسيب العقيلي (3)، والقاضي محمد بن أحمد بن عيسى السعدي بمصر، وأبو الحسن محمد بن إسحاق القهستاني، وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطار، والفضل بن أحمد الثقفي والد الرئيس أبي عبد الله.

405 - البرمكي * الشيخ الامام المفتي، بقية المسندين، أبو إسحاق، إبراهيم بن عمر ابن أحمد بن إبراهيم، البرمكي، ثم البغدادي الحنبلي.
قيل: أصله من قرية البرمكية، وقيل: سكن آباؤه محلة تعرف بالبرمكية.
مولده في سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (403).
(2) تقدمت ترجمته برقم (402).
(3) سترد ترجمته برقم (427).
* تاريخ بغداد 6 / 139، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2 / 190، 191، الانساب 2 / 168، المنتظم 8 / 158، 159، اللباب 1 / 142، الكامل في التاريخ 9 / 596، العبر 3 / 208، 209، دول الاسلام 1 / 262، الوافي بالوفيات 6 / 73، النجوم الزاهرة 5 / 55، شذرات الذهب 3 / 273.
(*)

(17/605)


وسمع أبا بكر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، والحافظ أبا الفتح الازدي الموصلي، وابن بخيت الدقاق، وإسحاق بن سعد النسوي.
وعدة.
وبرع في المذهب، وكان له حلقة للفتوى.
حدث عنه: أبو غالب محمد بن عبد الواحد الشيباني، وأبو طالب اليوسفي، وابن عمه عبدالرحمن بن أحمد، وأبو العز محمد بن المختار، وأبو منصور محمد بن أحمد بن النقور، وأبو البركات محمد بن محمد الخرزي، ومبارك بن محمد بن السدنك، وهبة الله بن المبارك الوقاياتي، وهبة الله بن المبارك الدواتي، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وهبة الله ابن أحمد بن الطبر، وأبو علي بن المهدي، والقاضي أبو بكر الانصاري، وآخرون.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا دينا، فقيها على مذهب أحمد، وله حلقة للفتوى، مات يوم التروية، من ذي الحجة سنة خمس وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان ذا زهد وصلاح، ومعرفة تامة بالفرائض.
تفقه على ابن بطة، وابن حامد، وله إجازة من أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال.
وتوفي ابنه أحمد بعده بثلاث وعشرين سنة.
روى عن ابن أبي الفوارس.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 139.
(*)

(17/606)


ومات فيها أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبدالرحيم الكاتب (1)، وأبو الحسين أحمد بن عمر بن روح النهرواني، وأبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن السوادي، ومقرئ مصر أبو العباس بن هاشم، ومحمد بن إسحاق بن فدويه (2) الكوفي، وأبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي (3).

406 - الكراعي * الشيخ الجليل، مسند مرو، أبو غانم، أحمد بن علي بن حسين، المروزي الكراعي - نسبة إلى بيع الاكارع -.
كان خاتمة من حدث عن أبي العباس عبد الله بن الحسين النضري، صاحب الحارث بن أبي أسامة، وحدث أيضا عن أبي الفضل محمد بن الحسين الحدادي، وغيرهما.
حدث عنه: محمد بن أحمد الطبسي، والامام أبو المظفر منصور بن السمعاني، والقاضي أبو المحاسن الروياني، وأبو منصور محمد بن علي الكراعي حفيده.
مات في سنة أربع وأربعين وأربع مئة وهو في عشر المئة.
وعاش حفيده بعده ثمانين سنة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (433).
(2) سترد ترجمته برقم (431).
(3) سترد ترجمته برقم (430).
* الانساب 10 / 374، العبر 3 / 205، شذرات الذهب 3 / 271.
(*)

(17/607)


407 - ابن العلاف * الامام العالم الواعظ، أبو طاهر، محمد بن علي بن محمد بن يوسف، البغدادي، ابن العلاف.
سمع أبا بكر القطيعي، وأحمد بن جعفر بن سلم الختلي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وطائفة.
وعنه: ابنه أبو الحسن الحاجب، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين ابن الطيوري، والحسن بن محمد الباقرحي، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا، ظاهر الوقار، له حلقة بجامع المنصور ومجلس وعظ.
مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة (1).
قلت: كان من أبناء التسعين.

408 - الذكواني * * الشيخ الامام المعمر، بقية المسندين، أبو القاسم، عبدالرحمن بن أبي بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبدالرحمن، الهمداني الذكواني الاصبهاني المعدل، من كبراء أهل بلده، ومن بيت الحشمة والرواية.
حدث عن: أبي الشيخ الحافظ، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وإسحاق بن علي بن أحمد، وعبد الله بن محمد الصائغ، وعبد
__________
* تاريخ بغداد 3 / 103، 104، الانساب 9 / 98، المنتظم 8 / 148، العبر 3 / 200، شذرات الذهب 3 / 269.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 104.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
(*)

(17/608)


العزيز بن محمد بن يوسف، وأبي بكر بن المقرئ، وجماعة، وهو آخر من روى في الدنيا بالاجازة عن أبي القاسم الطبراني.
أملى عدة مجالس.
حدث عنه: هادي بن إسماعيل العلوي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وأبو علي الحداد، وأبو سعد المطرز، وبندار بن محمد الخلقاني، وإسماعيل بن الفضل السراج، وآخرون.
قال يحيى بن مندة: تكلموا فيه، ألحق في بعض سماعه، وسماعه كثير بخط أبيه، ومات في سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة في ربيع الاول.

409 - القزويني * الامام القدوة، العارف، شيخ العراق، أبو الحسن، علي بن عمر بن محمد، ابن القزويني البغدادي الحربي (1) الزاهد.
سمع أبا عمر بن حيويه، وأبا حفص بن الزيات، وأبا بكر بن شاذان، والقاضي أبا الحسن الجراحي، وأبا الفتح القواس وطبقتهم، وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو الوليد الباجي، وأبو علي أحمد بن محمد البرداني، وأبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر الطرسوسي، وجعفر بن أحمد السراج، والحسن بن محمد الباقرحي، وأبو العز محمد بن
__________
* تاريخ بغداد 12 / 43، الانساب 10 / 138، المنتظم 8 / 146، 147، اللباب 3 / 35، التدوين في تاريخ قزوين ورقة 295 / 2، طبقات ابن الصلاح ورقة 68 - 71، العبر 3 / 199، 200، دول الاسلام 1 / 260، طبقات السبكي 5 / 260 - 266، طبقات
الاسنوي 2 / 311، 312، البداية والنهاية 12 / 62، النجوم الزاهرة 5 / 49، شذرات الذهب 3 / 268، 269، هدية العارفين 1 / 689.
(1) نسبة إلى محلة الحربية غربي بغداد.
(*)

(17/609)


المختار، وأحمد بن محمد بن بغراج، وهبة الله بن أحمد الرحبي، وأبو منصور أحمد بن محمد الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وخلق سواهم.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان أحد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين، يقرئ القرآن، ويروي الحديث، ولا يخرج من بيته إلا للصلاة، رحمة الله عليه، قال لي: ولدت سنة ستين وثلاث مئة، ومات في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة، وغلقت جميع بغداد يوم دفنه، لم أر جمعا على جنازة أعظم منه.
قال أبو نصر هبة الله بن المجلي: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن طلحة بن المنقي قال: حضرت والدي الوفاة، فأوصى إلي بما أفعله، وقال: تمضي إلى القزويني، وتقول له: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي: اقرأ على القزويني مني السلام، وقل له: بالعلامة أنك كنت بالموقف في هذه السنة، فلما مات، جئت إليه، فقال لي ابتداء: مات أبوك ؟ قلت: نعم.
قال: رحمه الله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق أبوك.
وأقسم علي أن لا أحدث به في حياته.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي قال: سألت شجاعا الذهلي عن أبي الحسن القزويني، فقال: كان علم الزهاد والصالحين، وإمام الاتقياء الورعين، له كرامات ظاهرة معروفة يتداولها
الناس، لم يزل يقرئ ويحدث إلى أن مات.
وقال أبو صالح المؤذن في " معجمه ": أبو الحسن القزويني الشافعي
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 43.
(*)

(17/610)


المشار إليه في زمانه ببغداد في الزهد والورع وكثرة القراءة، ومعرفة الفقه والحديث، تلا على أبي حفص الكتاني، وقرأ القراءات، ولم يكن يعطي من يقرأ إسنادا بها.
وقال هبة الله بن المجلي في كتاب " مناقب القزويني ": كان - يعني كلمة إجماع في الخير، وممن جمعت له القلوب، فحدثني أحمد بن محمد الامين قال: كتبت عنه مجالس أملاها في مسجده، وكان أي جزء وقع بيده، خرج منه عن شيخ واحد جميع المجلس، ويقول: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفى (1).
وكان أكثر أصوله بخطه.
وسمعت عبد الله بن سبعون القيرواني يقول: القزويني ثقة ثبت، ما رأيت أعقل منه.
وقيل: إن أبا الحسن علق تعليقة عن أبي القاسم الداركي، وله تعليق في النحو عن ابن جني، سمعت أبا العباس المؤدب وغيره يقولان: إن القزويني سمع الشاة تذكر الله تعالى.
وحدثني هبة الله بن أحمد الكاتب أنه زار قبر ابن القزويني، ففتح ختمة هناك، وتفاءل للشيخ، فطلع أول ذلك: (وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين) (2) [ آل عمران: 45 ].
وروي عن أقضى القضاة الماوردي قال: صليت خلف أبي الحسن القزويني، فرأيت عليه قميصا نقيا مطرزا، فقلت في نفسي: أين الطرز من الزهد ؟ فلما سلم، قال: سبحان الله ! الطرز لا ينقض حكم الزهد (3).
وذكر محمد بن حسين القزاز قال: كان ببغداد زاهد خشن العيش،
وكان يبلغه أن ابن القزويني يأكل الطيب، ويلبس الرقيق، فقال: سبحان
__________
(1) في " طبقات " السبكي: لا ينتقى.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 261.
(3) انظر " طبقات " السبكي 5 / 262.
(*)

(17/611)


الله ! رجل مجمع على زهده وهذا حاله ! أشتهي أن أراه.
فجاء إلى الحربية، فرآه، فقال الشيخ: سبحان الله ! رجل يومأ إليه بالزهد، يعارض الله في أفعاله، وما هنا محرم ولا منكر.
فشهق ذلك الرجل، وبكى (1).
وقال أبو نصر بن الصباغ الفقيه: حضرت عند ابن القزويني، فدخل عليه أبو بكر بن الرحبي، فقال: أيها الشيخ ! أي شئ أمرتني نفسي أخالفها ؟ قال: إن كنت مريدا، فنعم، وإن كنت عارفا، فلا.
فانصرفت، وأنا مفكر وكأنني لم أصوبه، فرأيت ليلتي كأن من يقول لي وقد هالني أمر: هذا بسبب ابن القزويني (2).
وحدثني أبو القاسم عبد السميع الهاشمي، عن عبد العزيز الصحراوي الزاهد قال: كنت اقرأ على القزويني، فجاء رجل مغطى الوجه، فوثب الشيخ إليه، وصافحه، وجلس بين يديه ساعة، فسألت صاحبي: من هذا ؟ قال: تعرفه ؟ هذا أمير المؤمنين القادر بالله.
وحدثنا أحمد بن محمد الامين قال: رأيت الملك أبا كاليجار (3) قائما يشير إليه أبو الحسن بالجلوس، فلا يفعل.
وحدثني علي بن محمد الطراح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن بويه قائما بين يدي الشيخ أبي الحسن يومئ بالجلوس، فيأبى.
ثم سرد له ابن المجلي كرامات منها شهوده عرفة وهو ببغداد، ومنها ذهابه إلى مكة، فطاف، ورجع من ليلته.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي:
__________
(1) الخبر بأطول مما هنا في " طبقات " السبكي 5 / 262.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 263.
(3) سترد ترجمته برقم (425).
(*)

(17/612)


سمعت جعفرا السراج يقول: رأيت على أبي الحسن القزويني ثوبا رقيقا، فخطر لي: كيف مثله في زهده يلبس هذا ؟ فنظر في الحال إلي، وقال: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) [ الاعراف: 32 ] وحضرت عنده يوما للسماع إلى أن وصلت الشمس إلينا، وتأذينا بحرها، فقلت في نفسي: لو تحول الشيخ إلى الظل.
فقال في الحال: (قل نار جهنم أشد حرا) [ التوبة: 81 ].
ومات مع القزويني في سنة 442 أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وشيخ العربية أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني (1)، صاحب ابن جني، والواعظ أبو طاهر محمد بن علي بن محمد العلاف (2)، وأبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن فاذويه.

410 - الفارسي * الشيخ الامين الجليل، مسند الديار المصرية، أبو القاسم، علي بن محمد بن علي بن أحمد بن عيسى، الفارسي، ثم المصري.
شيخ معمر عالي الرواية، مكثر عن أبي أحمد بن الناصح المفسر، والقاضي أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن حيويه، والحسن بن رشيق، وعلي بن عبد الله بن العباس البغدادي، وطائفة.
حدث عنه: سهل بن بشر الاسفراييني ثم الدمشقي، وأبو صادق مرشد
ابن يحيى المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون.
__________
(1) تقدم ذكر مصادر ترجمته في التعليقات على ترجمة ابن جني المتقدمة برقم (9).
(2) تقدمت ترجمته برقم (407).
* العبر 3 / 202، حسن المحاضرة 1 / 374.
(*)

(17/613)


قال الرازي في " مشيخته ": سمعت عليه ستين جزءا أو أزيد.
توفي في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
أخبرنا أحمد بن نصير المفيد، أخبرنا رواج، أخبرنا عبد الواحد بن عسكر المخزومي، أخبرنا مرشد بن يحيى المديني في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وخمس مئة، أخبرنا علي بن محمد بن علي الفسوي سنة 441 أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: " من لم يصل فلا دين له " (1).
ومات فيها أبو علي الحسن بن علي بن محمد الشاموخي (2) بالبصرة، ومسند أصبهان أبو القاسم عبدالرحمن بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني (3)، والمسند محمد بن عبد السلام بن سعدان (4) بدمشق، والمحدث أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر (5) الازدي.

411 - ابن عابد * المحدث المسند، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن سعيد بن
__________
(1) هو في " الايمان " رقم (47) لابن أبي شيبة، وإسناده ضعيف لضعف شريك من جهة حفظه، لكن له طريق آخر عند الطبراني (8941) و (8942) بسند حسن فيتقوى به.
(2) نسبة إلى شاموخ، وهي قرية بنواحي البصرة.
انظر " الانساب " 7 / 264، 265 وفيه ترجمة أبي علي الحسن هذا.
(3) تقدمت ترجمته برقم (408).
(4) سترد ترجمته برقم (429).
(5) سترد ترجمته برقم (432).
* الصلة 2 / 530، 531، بغية الملتمس 92، العبر 3 / 190، الديباج المذهب 2 / 324، شذرات الذهب 3 / 263.

(17/614)


عابد، المعافري القرطبي.
حج، وسمع وحدث عن: أبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي زيد، وأبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وعدة.
قالوا: وكان ثقة معنيا بالآثار، خيرا صالحا، متواضعا، دعي إلى الشورى، فأبى (1).
روى عنه: أبو مروان الطبني: وأبو محمد عبدالرحمن بن محمد بن عتاب، وأبوه محمد، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وآخرون.
وقيل: بل رواية أبي محمد عنه إجازة، والمغاربة يتسمحون في إطلاق ذلك.
توفي في جمادى الاولى سنة تسع وثلاثين وأربع مئة وله بضع وثمانون سنة.
ومات معه فيها المحدث علي بن منير (2) بن أحمد الخلال الشاهد بمصر، والمحدث العالم أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري (3) ببغداد، ومشرف الجامع أبو علي الحسن بن علي بن شواش الكناني بدمشق.

412 - الصيمري * القاضي العلامة، أبو عبد الله، الحسين بن علي بن محمد،
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 530، و " الديباج المذهب " 2 / 324.
(2) سترد ترجمته برقم (415).
(3) سترد ترجمته برقم (414).
* تاريخ بغداد 8 / 98، 79، الانساب المتفقة 91، 92، الانساب 8 / 128، المنتظم 8 / 119، معجم البلدان 3 / 439، اللباب 2 / 255، المختصر في أخبار البشر 2 / (*)

(17/615)


الصيمري الحنفي.
روى عن: هلال بن محمد، والمفيد (1)، وابن شاهين (2) والحربي (3)، وطبقتهم.
وعنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني، وآخرون.
وكان من كبار الفقهاء المناظرين، صدوقا، وافر العقل.
قال الخطيب (4): قال لي: سمعت من الدارقطني أجزاء من " سننه "، وانقطعت لكونه لين أبا يوسف، وليتني لم أفعل، أيش ضر أبا الحسن انصرافي ؟.
قال الخطيب (5): مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مئة عن إحدى وثمانين سنة.
__________
167، العبر 3 / 186، تتمة المختصر 1 / 527، البداية والنهاية 12 / 52، الجواهر المضية 2 / 116 - 118، النجوم الزاهرة 5 / 38، تاج التراجم 26، طبقات الفقهاء لطاش كبري
80، الطبقات السنية (770)، كشف الظنون 2 / 1628، 1837، شذرات الذهب 3 / 256، الفوائد البهية 67، هدية العارفين 1 / 309، تهذيب ابن عساكر 4 / 347، 348.
وقد تقدمت ترجمة نسبة " الصيمري " في الترجمة رقم (6).
(1) وهو أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد، المتوفى سنة 378 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي، المعروف بابن شاهين، متوفى سنة 385 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى بن زكريا النيسابوري المزكي الحربي، المتوفى سنة 394 ه، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 79.
(5) المصدر السابق.
(*)

(17/616)


413 - الجويني * شيخ الشافعية، أبو محمد، عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف ابن محمد بن حيويه، الطائي السنبسي - كذا نسبه الملك المؤيد (1) - الجويني والد إمام الحرمين.
كان فقيها مدققا محققا، نحويا مفسرا.
تفقه بنيسابور على أبي الطيب الصعلوكي، وبمرو على أبي بكر القفال، وسمع من أبي نعيم الاسفراييني، وابن محمش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران، وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو المعالي، وعلي بن أحمد بن الاخرم، وسهل بن إبراهيم المسجدي.
قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل، لنقلت إلينا شمائله، وافتخروا به (2).
__________
* طبقات العبادي 112، دمية القصر 2 / 998، 999، الانساب 3 / 385، تبيين كذب المفتري 257، 258، المنتظم 8 / 130، 131، معجم البلدان 2 / 193، منتخب السياق ورقة 55، اللباب 1 / 315، الكامل في التاريخ 9 / 535، طبقات ابن الصلاح الورقة 55، وفيات الاعيان 3 / 47، المختصر في أخبار البشر 2 / 168، العبر 3 / 188، تتمة المختصر 1 / 529، مرآة الجنان 3 / 58، طبقات السبكي 5 / 73 - 93، طبقات الاسنوي 1 / 338 - 340، البداية والنهاية 12 / 55، النجوم الزاهرة 5 / 42، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 253 - 255، طبقات ابن قاضي شهبة 20 أ، مفتاح السعادة 2 / 184، طبقات ابن هداية الله 144، 145، كشف الظنون 339، 385، 445، شذرات الذهب 3 / 261، 262، هدية العارفين 1 / 451.
والجويني: نسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة.
(1) في " المختصر في أخبار البشر " 2 / 168.
(2) انظر " طبقات " الاسنوي 1 / 339.
(*)

(17/617)


قال ابن الاخرم: سمعت أبا محمد يقول: أنا من سنبس، قبيلة من العرب.
وقال أبو صالح المؤذن: غسلت أبا محمد، فلما لففته في الكفن، رأيت يده اليمنى إلى الابط منيرة كلون القمر، فتحيرت، وقلت: هذه بركات فتاويه (1).
قلت: رجع من عند القفال، وتصدر للافادة والفتوى سنة سبع وأربع مئة، وكان مجتهدا في العبادة، مهيبا بين التلامذة، صاحب جد ووقار
وسكينة، تخرج به ابنه.
وله من التواليف كتاب " التبصرة " في الفقه، وكتاب " التذكرة "، وكتاب " التفسير الكبير "، وكتاب " التعليقة " (2).
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربع مئة، وهو صاحب وجه في المذهب، وكان يرى تكفير من تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيها توفي شيخ القراء أبو علي الحسن بن محمد البغدادي بمصر، وأبو أحمد محمد بن علي بن سيويه المؤدب، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد التبان، وآخرون.

414 - الطناجيري * المحدث الحجة، أبو الفرج، الحسين بن علي بن عبيدالله،
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 75.
(2) انظر مصنفاته في " تبيين كذب المفتري " 257، 258، و " طبقات " السبكي 5 / 39، 40، و " طبقات " الاسنوي 1 / 339، و " هدية العارفين " 1 / 451.
* تاريخ بغداد 8 / 79، 80، الانساب 8 / 251، المنتظم 8 / 133، اللباب 2 / 285.
(*)

(17/618)


البغدادي، الطناجيري.
ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
وكتب عن القطيعي مجالس، وضاعت منه.
وسمع من علي بن عبدالرحمن البكائي، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن مروان، وأبي بكر بن شاذان، وخلق كثير.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان ثقة دينا، توفي في سلخ ذي
القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.

415 - ابن منير * الشيخ الصدوق، أبو الحسن، علي بن منير بن أحمد، الخلال المصري الشاهد.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والقاضي أبي الطاهر الذهلي، وجماعة.
روى عنه: القاضي الخلعي، وسهل بن بشر الاسفراييني، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال السلفي: سمعت عبدالرحمن بن صابر، سمعت سهل بن بشر يقول: اجتمعنا بمصر، فلم يأذن لنا علي بن منير، وصاح عبد العزيز في كوة: " من سئل عن علم فكتمه، ألجم بلجام من نار " (2).
ففتح لنا،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 79.
* العبر 3 / 189، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 262.
(2) حديث صحيح أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2 / 263، و 305، و 344 و = (*)

(17/619)


وقال: لا أحدث إلا بذهب.
ولم يأخذ من الغرباء.
وكان ثقة فقيرا.
قلت: توفي في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.

416 - الوزير * أبو الفرج، محمد بن جعفر بن محمد بن العباس بن فسانجس الملقب بذي السعادات.
وزر ببغداد للسلطان أبي كاليجار ثلاث سنين، وكان ذا أدب غزير (1) وباع في اللغة، وترسل باهر، وخط فائق.
وكان جده من الوزراء، ولهم نسب إلى بهرام جور (2)، وكان يرجع إلى دين ومروءة.
توفي معتقلا في رمضان سنة أربعين وأربع مئة عن نيف وخمسين سنة.

417 - ابن حمدان * * الامير الاوحد، نائب دمشق للمصريين، ناصر الدولة وسيفها، أبو
__________
= 353 و 495، وأبو داود (3658) والترمذي (2651) وابن ماجة (261) وصححه ابن حبان (95) وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو صححه ابن حبان (96) والحاكم 1 / 102، ووافقه الذهبي.
* المنتظم 8 / 138، 139، الكامل في التاريخ 9 / 542، 543، الوافي بالوفيات 2 / 304، البداية والنهاية 12 / 58، النجوم الزاهرة 5 / 45.
(1) انظر بعض نظمه في " الكامل " 9 / 542، 543 و " النجوم الزاهرة " 5 / 45.
(2) انظر " الوافي " 2 / 304.
* * الاشارة للصيرفي 41، الوافي بالوفيات 11 / 419، النجوم الزاهرة 5 / 45 و 90، 91، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 173، أمراء دمشق: 27.
(*)

(17/620)


محمد، الحسن الحسين (1) بن الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي.
ولي دمشق بعد أمير الجيوش الدزبري (2)، سنة ثلاث وثلاثين، فبقي إلى أن قبض عليه في سنة أربعين وأربع مئة.
ثم ولي بعده طارق الصقلبي.
وهو والد الامير ناصر الدولة حسين، الذي أذل المستنصر بمصر، وقهره، وجرت له سيرة إلى أن قتل بعد الستين وأربع مئة.

418 - حفيد المقتدر * الامير أبو محمد، الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد، الهاشمي العباسي.
سمع من مؤدبه أحمد بن منصور اليشكري، ومن أبي الازهر عبد الوهاب الكاتب.
قال الخطيب (3): كتبنا عنه، وكان دينا، حافظا لاخبار الخلفاء، عارفا بأيام الناس، فاضلا.
توفي في شعبان سنة أربعين (4) وأربع مئة وله سبع وتسعون سنة.
__________
(1) في " الوافي ": الحسن.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (334).
* تاريخ بغداد 7 / 354، 355، الانساب: (المقتدري)، المنتظم 8 / 137، الكامل في التاريخ 9 / 552، اللباب 3 / 246، العبر 3 / 192، الوافي بالوفيات 12 / 199، 200، البداية والنهاية 12 / 58، شذرات الذهب 3 / 264.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 354.
(4) في " اللباب ": ست وأربعين.
(*)

(17/621)


قلت: غسله أبو الحسين ابن المهتدي بالله، وآخر من حدث عنه أبو القاسم بن الحصين.

419 - الميهني * القدوة الزاهد، شيخ خراسان، أبو سعيد، فضل بن أبي الخير محمد ابن أحمد (1)، الميهني الصوفي.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي.
روى عنه: الحسن بن أبي طاهر الختلي، وعبد الغفار بن محمد
الشيرويي، وآخرون.
توفي بقريته ميهنه (2) سنة أربعين وأربع مئة، وله تسع وسبعون سنة، وله أحوال ومناقب، ووقع في النفوس وتأله وجلالة.

420 - السواق * * الشيخ الصدوق، أبو منصور، محمد بن محمد بن عثمان، البغدادي، ابن السواق.
__________
* الانساب: (الميهني)، اللباب 3 / 285، طبقات السبكي 5 / 306 - 308، طبقات الاولياء 272، 273، النجوم الزاهرة 5 / 46، كشف المحجوب 1 64 - 166، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 145 - 147، جامع كرامات الاولياء 2 / 235، وانظر كتاب " أسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد " لابن المنور، ترجمه من الفارسية إلى العربية إسعاد عبد الهادي.
(1) في " طبقات " السبكي: فضل الله بن أحمد بن محمد.
وفي " طبقات الاولياء ": فضل الله بن أحمد بن علي.
(2) وهي إحدى قرى خراسان.
* * تاريخ بغداد 3 / 235، الانساب 7 / 181، 182، اللباب 2 / 152، العبر 3 / 194، شذرات الذهب 3 / 265.
والسواق: نسبة إلى بيع السويق.
(*)

(17/622)


سمع القطيعي، وابن ماسي، ومخلد الباقرحي، وعلي بن لؤلؤ.
وثقه الخطيب (1)، وروى عنه هو، وثابت بن بندار، وأخوه أبو ياسر، وابن الطيوري، وآخرون.
توفي في آخر يوم من سنة أربعين وأربع مئة عن ثمانين سنة.

421 - اللبيدي * مفتي المغرب، أبو القاسم (2) بن محمد، الحضرمي المالكي اللبيدي - ولبيدة من قرى إفريقية -.
صحب القدوة أبا إسحاق الجبنياني (3) ولازمه.
روى عنه: ابن سعدون، وغيره.
وكان من العلماء الابرار، كبير الشأن، رفيع الذكر، عابدا مخلصا متفننا، شاعرا مفلقا.
له كتاب كبير في المذهب في بضعة عشر مجلدا، وكتاب في بسط
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 235.
* ترتيب المدارك 4 / 707، 708، الانساب: (اللبيدي)، اللباب 3 / 128، الديباج المذهب 1 / 484، 485، تاج العروس 2 / 492، هدية العارفين 1 / 516، شجرة النور الزكية 1 / 109.
(2) واسمه عبدالرحمن.
(3) ضبط في الاصل بضم الجيم وسكون الباء الموحدة وفتح النون، ونقل المعلمي في تعليقه على " الانساب " 3 / 185 عن " التوضيح " ضبطه بكسر الجيم ثم موحدة ساكنة ثم نون مكسورة تليها مثناة تحت ثم ألف ثم نون.
وهذه النسبة إلى جبنيانة، وهي قرية بإفريقية قريب سفاقس.
وأبو إسحاق هذا له ترجمة في " الديباج المذهب " 1 / 264، 265، و " شجرة النور الزكية " 1 / 95.
(*)

(17/623)


مسائل " المدونة "، وكتاب " زيادات الامهات ونادر الروايات " ومؤلف في سيرة شيخه الجبنياني.
توفي سنة أربعين وأربع مئة (1).
ذكره القاضي عياض.

422 - خاموش * الامام المحدث الحافظ الواعظ، أبو حاتم، أحمد بن الحسن بن محمد، الرازي البزاز أبوه، الملقب بخاموش.
له رحلة ومعرفة وشهرة.
سمع من: أبي عبد الله بن مندة، ومن فاتك بن عبد الله، وطائفة بأصبهان، ومن أبي أحمد الفرضي، وطبقته ببغداد، ومن إسماعيل بن الحسن بصرصر (2)، ومن علي بن محمد بن يعقوب الرازي بالري، ومن أحمد بن محمد بن سليمان، وغيره بنيسابور.
وكان شيخ أهل الري في زمانه.
روى عنه: شيخ الاسلام أبو إسماعيل، وجماعة.
وله ترجمة في " تاريخ " يحيى بن مندة مختصرة، وقال: سمع منه جماعة من بلدان شتى.
أنبؤونا عن محمد بن إسماعيل، عن يحيى بن أبي عمرو، أخبرنا أبو بكر بن الحسين بن أحمد بن جعفر التويي (3) بهمذان، أخبرنا أبو حاتم
__________
(1) في " اللباب ": توفي قريبا من سنة ثلاثين وأربع مئة.
وفي " شجرة النور " وفاته سنة 446.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(2) صرصر: قرية من فرسخين من بغداد، ينسب إليها أبو القاسم إسماعيل بن الحسن هذا.
(3) بضم التاء المثناة من فوق، وفتح الواو، بعدها الياء آخر الحروف مشددة، هذه النسبة = (*)

(17/624)


بالري، في ذي الحجة، سنة تسع وثلاثين وأربع مئة، حدثنا فاتك مولى ابن هارون، حدثنا عبد بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا يونس بن حبيب.
فذكر حديثا.
وبه إلى أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمران القطيعي ببغداد، حدثنا محمد بن مخلد العطار.
فذكر حديثا.
قال أبو حاتم خاموش في عقب حديث: كتب عني هذا الحديث أبو نعيم بأصبهان.
ويروي أيضا عن أبي محمد المخلدي، وعبد الله بن الحسين القطان، والفقيه أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي، والحسين بن محمد المهلبي.
روى عنه: أبو منصور حجر بن مظفر، والشريف يحيى بن حسين.
وحكاية شيخ الاسلام معه مشهورة لما قبض عليه بعض الجفاة، وحمله إلى أبي حاتم، وقال: إن هذا ذكر له مذهبا ما سمعت به، قال: هو حنبلي.
فقال: دعه ويلك ! من لم يكن حنبليا، فليس بمسلم (1).
أخبرنا محمد بن قايماز، وفاطمة بنت جوهر، قالا: أخبرنا الحسين ابن المبارك، أخبرنا أبو الفتوح الطائي، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن الحسين التويي الفقيه، أخبرنا أبو حاتم أحمد بن الحسن الرازي، حدثنا ابن مندة، حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى النيسابوري، حدثنا محمد بن
__________
= إلى قرية من قرى همذان يقال لها: توي.
" الانساب " 3 / 110.
(1) في حاشية الاصل ما نصه: أخطأ أبو حاتم في هذه العبارة قطعا، وكذلك من يوافقه عليها.
(*)

(17/625)


يحيى الذهلي، حدثنا يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدودا، فلا تعتدوها، وحرم أشياء، فلا
تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها " (1).

423 - علي بن ربيعة * ابن علي، الشيخ المعمر، أبو الحسن، التميمي المصري البزاز.
كان من الرواة المكثرين عن الحسن بن رشيق.
أجاز لابي عبد الله بن الحطاب الرازي مروياته في سنة تسع وثلاثين وأربع مئة، وقال: هذا ثبت ما عندي عنه بالسماع: نسخة سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب جزء كبير رواه ابن رشيق، عن أحمد بن حماد التجيبي ابن زغبة عنه.
نسخة إبراهيم بن سعد رواية ابن رشيق، عن ابن أبي السوار، عن أبي صالح، عنه.
الجزء الثاني من مسند مالك للنسائي رواية ابن رشيق عنه.
والثالث منه، والجزء الرابع انتخاب الدار قطني على ابن رشيق.
كتاب الطلاق من " السنن " للنسائي.
الفرائض من " المومطأ " رواية يحيى بن بكير، عن مالك.
__________
(1) رجال ثقات إلا أن مكحولا لا يصح له سماع من أبي ثعلبة، وأخرجه الدار قطني ص 205، والحاكم 4 / 115، والبيهقي 10 / 12، 13، من طرق عن داود بن أبي هند بهذا الاسناد، وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند الحاكم وصححه والبيهقي 10 / 12، والبزار كما في " المجمع " 7 / 75، وقال البزار: إسناده صالح، وآخر من حديث سلمان الفارسي عند الترمذي (1726) وابن ماجة (3367) والحاكم 4 / 115، والبيهقي 9 / 320 و 10 / 12 فالحديث حسن، وانظر " جامع العلوم والحكم " ص 261 وما بعدها.
* العبر 3 / 192، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 264.
(*)

(17/626)


توفي ابن ربيعة في صفر سنة أربعين وأربع مئة.
وصلى عليه أبو
العباس بن هاشم المقرئ.

424 - الصوري * الامام الحافظ البارع الاوحد الحجة، أبو عبد الله، محمد بن علي (1) ابن عبد الله بن محمد بن رحيم (2)، الشامي الساحلي الصوري، أحد الاعلام.
ولد فيما ذكره سنة ست أو سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وسمع محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الصمد الزرافي، وأبا عبد الله بن أبي كامل الاطرابلسي، وعبد الغني بن سعيد المصري، ومحمد بن جعفر الكلاعي، وأبا نصر عبد الله بن محمد بن بندار، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس.
وصحب الحافظ عبد الغني، وتخرج به، ثم قدم بغداد، ولحق بها البقايا، فسمع من أبي الحسن بن مخلد جزء ابن عرفة، ومن أحمد بن طلحة المنقي، وأبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، وعثمان بن دوست، وخلق، فأكثر.
حدث عنه: شيخه الحافظ عبد الغني، وأبو بكر الخطيب، والقاضي
__________
* تاريخ بغداد 3 / 103، الانساب 8 / 106، المنتظم 8 / 143 - 145، معجم البلدان 3 / 433، اللباب 2 / 250، 251، الكامل في التاريخ 9 / 561، تذكرة الحفاظ 3 / 1114 - 1117، العبر 3 / 197، 198، دول الاسلام 1 / 260، البداية والنهاية 12 / 60، 61، النجوم الزاهرة 5 / 48، طبقات الحفاظ 428، شذرات الذهب 3 / 267، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 391.
(1) في " تذكرة الحفاظ " محمد بن عبد الله بن علي.
(2) في " تذكرة الحفاظ " دحيم بالدال، وهو تحريف.
(*)

(17/627)


أبو عبد الله الدامغاني، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وسعد الله بن صاعد الرحبي، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وآخرون.
وآخر من روى عنه بالاجازة أبو سعد بن الطيوري.
قال الخطيب: كان الصوري من أحرص الناس على الحديث، وأكثرهم كتبا له، وأحسنهم معرفة به، لم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق الخط، صحيح النقل.
حدثني أنه كان يكتب في الوجهة من ثمن الكاغد الخراساني ثمانين سطرا، وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب في الاخذ، ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات.
وكان - رحمه الله - يسرد الصوم إلا الاعياد، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها.
وذكر لي أن شيخه الحافظ عبد الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرح باسمه في بعضها، ومرة يقول: حدثني الورد بن علي (1).
قال الخطيب: كان الصوري صدوقا، كتب عني، وكتبت عنه (2).
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه (3).
وقال غيث بن علي الارمنازي: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصوري (4).
وقال عبد المحسن الشيحي التاجر: ما رأيت مثل الصوري ! كان كأنه
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 103.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1115.
(4) المصدر السابق.
(*)

(17/628)


شعلة نار، بلسان كالحسام القاطع (1).
قال أبو طاهر السلفي: كتب الصوري " صحيح " البخاري في سبعة أطباق من الورق البغدادي، ولم يكن له سوى عين واحدة.
قال: وذكر أبو الوليد الباجي في كتاب " فرق الفقهاء " له: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الوراق - وكان ثقة متقنا - أنه شاهد أبا عبد الله الصوري، وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك، لم يكن وراء ذلك إلا الخير والدين، ولكنه كان شيئا جبل عليه، ولم يكن في ذلك بالخارق للعادة، فقرأ يوما جزءا على أبي العباس الرازي، وعن له أمر ضحكه، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده، فأنكروا عليه، وقالوا: هذا لا يصلح، ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنت تضحك.
وكثروا عليه، وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا.
فقال: ما في بلدكم شيخ إلا يجب أن يقعد بين يدي، ويقتدي بي، ودليل ذلك أني قد صرت معكم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديث شئتم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، اقرؤوا إسناده لاقرأ متنه، أو اقرؤوا متنه حتى أخبركم بإسناده.
ثم قال الباجي: لزمت الصوري ثلاثة أعوام، فما رأيته تعرض لفتوى (2).
قال أبو الحسين بن الطيوري: كتبت عن عدة، فما رأيت فيهم أحفظ من الصوري !، كان يكتب بفرد عين، وكان متفننا يعرف من كل (3) علم، وقوله حجة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث (4).
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1115، 1116.
(3) في الاصل: " كلم " وهو خطأ.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1116.
(*)

(17/629)


قلت: كان من أئمة السنة، وله شعر رائق.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي: أخبرنا علي بن جبارة، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا محمد بن علي الصوري الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا المعافى، هو ابن سليمان، حدثنا موسى بن أعين، عن عبد الله، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة ".
هذا حديث صحيح (1)، وعبد الله هو بشر الرقي.
أخبرنا محمد بن علي السلمي، ومحمد بن علي ابن الوسطي قالا: أخبرنا عبدالرحمن بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن الحسن بن سلامة المنبجي، أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا محمد بن علي، أخبرنا عبدالرحمن ابن عمر، أخبرنا أحمد بن سلمة الهلالي، حدثنا المقدام بن داود، حدثنا أبو زرعة، عبدالاحد بن الليث، عن عثمان بن الحكم الجذامي، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة، عن عائشة قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (2).
أنشدنا أبو الحسن الحافظ: أخبرنا جعفر السلفي، أخبرنا ابن
__________
(1) وأخرجه مالك 1 / 134، والبخاري، (703) ومسلم (467)، وأبو داود (794) و (795) والنسائي 2 / 94، والترمذي (236) وعبد الرزاق (3713).
(2) وأخرجه من طرق عن الزهري بهذا الاسناد أحمد 6 / 153 و 232، والبخاري (3) و (4953) و (6982) ومسلم (160) (252) و (253) و (254).
(*)

(17/630)


الطيوري، أنشدنا الصوري لنفسه: قل لمن عاند الحديث وأضحى * عائبا أهله ومن يدعيه أبعلم تقول هذا أبن لي * أم بجهل فالجهل خلق السفيه أيعاب الذين هم حفظوا الدي * ن من الترهات والتمويه وإلى قولهم وما قد رووه * راجع كل عالم وفقيه (1) قال الخطيب (2): مات الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.

425 - أبو كاليجار * السلطان صاحب العراق، أبو كاليجار، مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة ابن بويه.
تملك بعد ابن عمه جلال الدولة، فكانت أيامه خمسن سنين، وجرت له خطوب وحروب، وعاش نيفا وأربعين سنة، وقهر ابن عمه الملك العزيز، ومات سنة أربعين وأربع مئة بكرمان، وملكوا بعده ابنه الملك الرحيم أبا نصر، وولت دولة بني بويه، وقامت دولة بني سلجوق.
__________
(1) الابيات في " المنتظم " 8 / 145، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1117، و " البداية والنهاية " 12 / 61.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 103.
* المنتظم 8 / 136، الكامل في التاريخ 9 / 547، المختصر في أخبار البشر 2 / 169، العبر 3 / 191، دول الاسلام 1 / 258، 259، تتمة المختصر 1 / 529، 530،
البداية والنهاية 12 / 57، 58 و 59، النجوم الزاهرة 5 / 46، شذرات الذهب 3 / 263.
(*)

(17/631)


426 - العزيز * الملك العزيز، أبو منصور (1) بن الملك جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة، من بقايا ملوك بني بويه.
كان بارع الادب، مليح النظم، وهو أول من لقب بألقاب ملوك زماننا، وكانت دولته محلولة، قهره أبو كاليجار كما ذكرنا، وبقي في ملك مزلزل سبعة أعوام، واتفق موته بظاهر ميافارقين سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، واسمه خسرو فيروز بن فيروز بن خره فيروز بن فناخسرو بن حسن بن بويه.
وكان مولده بالبصرة سنة سبع وأربع مئة.
عمل إمرة واسط لابيه، وبرع في الادب والاخبار، وأكب على اللهو والخلاعة - نسأل الله العافية -.
وهو القائل: من ملني فلينأ عني رشدا * فمتى عرضت له فلست براشد ما ضاقت الدنيا علي بأسرها * حتى تراني راغبا في زاهد ولما مات أبوه الجلال، فارق العزيز واسطا، وأقام عند أمير العرب دبيس بن مزيد الاسدي، ثم توجه إلى ديار بكر منتجعا للملوك، وقد تلاشى حاله، فمات في ربيع الاول بميافارقين من سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
__________
* الكامل 9 / 561، المختصر في أخبار البشر 2 / 170، العبر 3 / 199، دول الاسلام 1 / 260، تتمة المختصر 1 / 531، شذرات الذهب 3 / 268.
(1) في " المختصر " و " تتمة المختصر " أبو بكر منصور.
(*)

(17/632)


427 -قرواش * ابن مقلد (1) بن المسيب بن رافع، الامير، صاحب الموصل، أبو المنيع، معتمد الدولة ابن صاحب الموصل حسام الدولة أبي حسان العقيلي.
تملك بعد موت أبيه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، فطالت أيامه، واتسع ملكه، فكان له الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات.
وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي، ثم ترك، وأعاد الخطبة العباسية، فغضب الحاكم، وجهز جيشا لحربه، وأتوا، ونهبوا داره بالموصل، وأخذوا له مئتي ألف دينار، فاستنجد بدبيس الاسدي، فانتصر (2).
وكان أديبا شاعرا، جوادا ممدحا، نهابا وهابا، فيه جاهلية وطبع الاعراب، يقال: إنه جمع بين أختين، فلاموه، فقال: حدثوني ما الذي نعمل بالشرع حتى تذكروا هذا ؟ وقال مرة: ما في عنقي غير دم خمسة ستة من العرب، فأما الحاضرة، فما يعبأ الله بهم (3).
ثم إنه وقع بينه وبين ابن أخيه بركة، فظفر به بركة، وحبسه،
__________
* دمية القصر 1 / 49، 50، المنتظم 8 / 147، الكامل في التاريخ 9 / 553، 554، 564، وفيات الاعيان 5 / 263، المختصر في أخبار البشر 2 / 170 و 172، العبر 3 / 196، 197، دول الاسلام 1 / 259، تتمة المختصر 1 / 531 و 533، فوات الوفيات 3 / 198، البداية والنهاية 12 / 62، النجوم الزاهرة 5 / 49، 50، شذرات الذهب 3 / 266.
وقرواش: بكسر القاف وسكون الراء.
(1) تقدمت ترجمة المقلد والد قرواش في أول الجزء برقم (1).
(2) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 263، و " فوات الوفيات " 3 / 198.
(3) انظر " وفيات الاعيان " 5 / 267، و " المنتظم " 8 / 147.
(*)

(17/633)


وتملك، وتلقب زعيم الدولة، في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، فلم تطل دولة بركة، ومات في آخر سنة ثلاث، فقام بعده الملك أبو المعالي قريش بن بدران بن مقلد، فأخرج عمه، وذبحه صبرا في رجب سنة أربع وأربعين (1).
وقيل: بل مات موتا.
وتمكن قريش، ونهض مع البساسيري، ونهب دار الخلافة، وكان هلاكه بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين كهلا، فتملك بعده ابنه شرف الدولة مسلم بن قريش، فعظم سلطانه، واستولى على الجزيرة وحلب، وحاصر دمشق، وكاد أن يأخذها، وأخذ الاتاوة من بلاد الروم، وخرج عليه أهل حران سنة ست وسبعين، فظفر بهم، وقتل قاضيها، وكان محببا إلى الرعية مهيبا، وكان يصرف جميع الجزية إلى الطالبين، وأنشأ سور الموصل.

428 - صاحب غزنة والهند * السلطان مودود بن السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين.
كان بطلا شجاعا.
كانت دولته ثمانية أعوام.
ومات في رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مئة وله تسع وعشرون سنة.
مات بغرنة، فأخرجوا عمه عبد الرشيد من السجن، وسلطنوه، ولقب سيف الدولة.
__________
(1) في " العبر " و " دول الاسلام " و " الشذرات " وفاته سنة 441، وفي " المنتظم " و " البداية " و " النجوم الزاهرة " وفاته سنة 442.
* المنتظم 8 / 148، الكامل في التاريخ 9 / 558، 559، المختصر في أخبار البشر
2 / 169، 170، العبر 3 / 198، دول الاسلام 1 / 260، تتمة المختصر 1 / 531، البداية والنهاية 12 / 60، شذرات الذهب 3 / 267.
(*)

(17/634)


429 - ابن سعدان * الشيخ الجليل الصدوق، مسند دمشق، أبو عبد الله، محمد بن عبد السلام بن عبدالرحمن بن عبيد بن سعدان، الجذامي الزنباعي مولاهم، الدمشقي.
سمع جمح بن القاسم، وأبا علي الحسن بن منير، وأبا عمر بن فضالة، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبا سليمان بن زبر، والقاضي يوسف ابن القاسم الميانجي، وطائفة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وابن أبي العلاء الفقيه، وأبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر، ونجا العطار، وأبو طاهر محمد ابن الحسين الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وآخرون.
وروى عنه: عبد الكريم بن حمزة السلمي، وذلك وهم، ولعله له منه إجازة.
قال الكتاني: عنده ستة أجزاء أو نحوها.
توفي يوم عرفة سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة، رحمه الله.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، (ح) وأخبرنا محمد بن أبي العز، أخبرنا محمد بن هبة الله الفارسي، أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبل، وإبراهيم بن الحسن الحصني قالوا: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين، وعلي بن الحسن ابن الموازيني قالا: أخبرنا محمد بن عبد السلام بن سعدان، أخبرنا أبو عمر بن
__________
* العبر 3 / 202، 203، شذرات الذهب 3 / 270.
(*)

(17/635)


فضالة، حدثنا الحسن بن الفرج الغزي، حدثنا يوسف بن عدي، حدثنا أبو الاحوص، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: كنت أبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: " إذا بايعت صاحبك، فلا تفارقه وبينك وبينه شئ ".
هذا حديث حسن غريب، خرجوا نحوا منه في السنن (1) من طريق سماك.

430 - العلوي * الامام المحدث الثقة العالم الفقيه، مسند الكوفة أبو عبد الله، محمد ابن علي بن الحسن بن عبدالرحمن، العلوي الكوفي.
انتقى عليه الحافظ أبو عبد الله الصوري، وغيره.
حدث عن: علي بن عبدالرحمن البكائي، وأبي الفضل محمد بن الحسن بن حطيط، ومحمد بن زيد بن مروان، وأبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، ومحمد بن
__________
(1) أخرجه أبو داود (3354) و (3355) في البيوع: باب في اقتضاء الذهب من الورق، والترمذي (1242) في البيوع: باب ما جاء في الصرف، وابن ماجة (2262) في التجارات: باب اقتضاء الذهب من الورق، والنسائي 7 / 281 و 282 في البيوع، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفا.
وقال الحافظ في " التلخيص " 3 / 26: وروى البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي، قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه،
وحدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه، وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سالم، عن ابن عمر، ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه.
* العبر 3 / 210، شذرات الذهب 3 / 274.
(*)

(17/636)


علي بن أبي الجراح، وعدة.
وببغداد من: أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص.
حدث عنه: أبو منصور أحمد بن عبد الله العلوي، ومحمد بن عبد الوهاب الشعيري، وأبو الحارث علي بن محمد الجابري، وعلي بن قطر الهمداني، وعلي بن علي بن الرطاب، وعبد المنعم بن يحيى بن هقل، وأبو الغنائم محمد بن علي النرسي، الكوفيون شيوخ السلفي، وآخر من روى عنه بالاجازة عمر بن إبراهيم الزيدي النحوي.
قال ابن النرسي: مات بالكوفة في ربيع الاول، سنة خمس وأربعين وأربع مئة.
قال: ومولده في رجب سنة سبع وستين وثلاث مئة، ما رأيت من كان يفهم فقه الحديث مثله.
قال: وكان حافظا، خرج عنه الحافظ الصوري وأفاد عنه، وكان يفتخر به.

431 - ابن فدويه * العدل الامين، أبو الحسن، محمد بن إسحاق بن فدويه، الكوفي، صاحب البكائي.
أثنى عليه الصوري.
وقال الخطيب (1): كان ثقة، ذا وقار.
__________
* تاريخ بغداد 1 / 263، الانساب 9 / 243، اللباب 2 / 413.
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 263.
(*)

(17/637)


قلت: روى عنه: أبو الغنائم النرسي.
توفي سنة خمس (1) مع العلوي.

432 - ابن صخر * القاضي الامام المحدث الثقة، أبو الحسن، محمد بن علي بن محمد بن صخر، الازدي البصري، صاحب المجالس المعروفة، وغير ذلك.
حدث بمصر والحجاز واليمن وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السجزي.
حدث عن: أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان السقطي، صاحب عبد الله بن أحمد بن الدورقي، وفهد بن إبراهيم بن فهد الساجي، ويوسف ابن يعقوب النجيرمي، وأبي العباس أحمد بن عبدالرحمن الخاركي، والحافظ أبي محمد الحسن بن علي ابن غلام الزهري، وأبي أحمد محمد ابن محمد بن مكي الجرجاني، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الرحمن الاصبهاني الغزال، وأبي الطيب عبدالرحمن بن محمد المقرئ، صاحب أبي خليفة، وأحمد بن علي بن موسى الكرابيسي، وعمر بن محمد ابن سيف، وأحمد بن محمد بن أبي غسان، وعدة.
وتفرد في وقته.
حدث عنه: جعفر بن يحيى الحكاك، وعبد العزيز بن عبد الوهاب القروي، وأبو خلف عبدالرحيم بن محمد الآملي، ومطهر بن علي الميبذي، والقاضي أبو زيد عبدالرحمن بن عيسى القرطبي، جد أبي بكر
__________
(1) في الاصل: " ست " وهو خطأ.
* العبر 3 / 203، الوافي بالوفيات 4 / 129، 130، شذرات الذهب 3 / 271.
(*)

(17/638)


الطرطوشي (1) للام، وأبو الوليد الباجي، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وخلق.
وآخر من روى عنه بالاجازة مرشد بن يحيى المديني.
وقد روى أبو بكر البيهقي في الطلاق من " سننة "، فقال: أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي، أخبرنا ابن صخر في كتابه من مكة.
فذكر حديثا.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي ابن صخر بزبيد في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة.

433 - أبو طاهر بن عبدالرحيم * الامام المحدث الثقة، بقية المسندين، أبو طاهر، محمد بن أحمد ابن محمد بن عبدالرحيم، الاصبهاني الكاتب.
حدث عن: أبي الشيخ بشئ كثير، وعن أبي بكر القباب، وأبي بكر ابن المقرئ، وارتحل إلى الدارقطني، فأخذ عنه " سننه "، وأتقن نسخته، وأخذ عن عبيدالله بن عبدالرحمن الزهري، وعمر بن شاهين، وهذه الطبقة.
حدث عنه: أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي، وعبد الغفار بن نصرويه، وأبو زكريا بن مندة، وأبو الرجاء محمد بن أبي زيد أحمد
__________
(1) بسكون الراء المهملة بين الطائين المهملتين المضموتين - وضبط ياقوت الاولى بالفتح - وبعدهما الواو، وفي آخرها الشين المعجمة، نسبة إلى طرطوشة، وهي بلدة من آخر بلاد المسلمين بالاندلس.
" الانساب " 8 / 234، و " معجم البلدان " 4 / 30.
* العبر 3 / 209، دول الاسلام 1 / 362، شذرات الذهب 1 / 362.
(*)

(17/639)


الجركاني (1)، وأبو منصور أحمد بن محمد بن إدريس الكرماني، وأبو الطيب حبيب بن أبي مسلم الطهراني، وأبو الفتح رجاء بن إبراهيم الخباز، وأبو الفتح سعيد بن إبراهيم الصفار، وهبة الله بن الحسن الابرقوهي، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وإسماعيل بن الفضل الاخشيذ، ومحمد بن عبد الله الساجي، وأبو الوفاء محمد بن محمد المديني، وأحمد بن محمد ابن براذجة، والقاضي إبراهيم بن الحسن الديلمي، وجوامرد الارمني، وحمزة بن العباس العلوي، وسين بن حمد التأني، وخلق كثير من مشيخة السلفي، وأبي موسى المديني، خاتمتهم أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني.
مولده في أول سنة ثلاث وستين، وسماعه في صفر سنة ثمان وستين.
قال يحيى بن مندة: ثقة.
وقال عبد الغافر النخشبي: لم يحدث في وقته أوثق منه، وأكثر حديثا، صاحب الاصول الصحاح، مات في حادى عشر ربيع الآخر، سنة خمس وأربعين وأربع مئة.

434 - ابن المذهب * الامام العالم، مسند العراق، أبو علي، الحسن بن علي بن محمد
__________
(1) بفتح الجيم وسكون الراء، نسبة إلى جركان: وهي قرية من قرى أصبهان.
* تاريخ بغداد 7 / 390 - 392، الانساب (المذهبي)، المنتظم 8 / 155، 156، الكامل في التاريخ 9 / 592، اللباب 3 / 187، العبر 3 / 205، دول الاسلام 1 / 261، 262، ميزان الاعتدال 1 / 510 - 512، الوافي بالوفيات 12 / 121، 122، البداية والنهاية 12 / 63، 64، لسان الميزان 2 / 236، 237، النجوم الزاهرة 5 / 53، شذرات الذهب
3 / 271.
(*)

(17/640)


ابن علي بن أحمد بن وهب، التميمي البغدادي الواعظ، ابن المذهب.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
سمع من: أبي بكر القطيعي " المسند "، و " الزهد "، و " فضائل الصحابة "، وغير ذلك.
وسمع من: أبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد الحرفي، وأبي الحسن بن لؤلؤ الوراق، وأبي بكر بن شاذان، وطائفة كثيرة.
وكان صاحب حديث وطلب، وغيره أقوى منه، وأمثل منه.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وابن ماكولا، والحسين ابن الطيوري، وعلي بن بكر بن حيد، وعلي بن عبد الوهاب الهاشمي الخطيب، ومحمد بن مكي بن دوست، وأبو طالب عبد القادر بن محمد، وابن عمه أبو طاهر عبدالرحمن بن أحمد اليوسفي، وأبو غالب عبيدالله بن عبدالملك الشهرزوري، وأبو المعالي أحمد بن محمد بن البخاري، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وآخرون.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان يروي عن القطيعي " مسند " أحمد بأسره، وكان سماعه صحيحا إلا في أجزاء منه، فإنه ألحق اسمه (2)، وكان يروي " الزهد " لاحمد، ولم يكن له به أصل، إنما كانت النسخة بخطه، وليس هو محل الحجة.
حدث عن أبي سعيد الحرفي، وابن مالك، عن أبي شعيب
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 390، 391.
(2) قال ابن الجوزي: وهذا لا يوجب القدح، لانه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب
سماعه بخطه.
" المنتظم " 8 / 155.
(*)

(17/641)


الحراني، حدثنا يحيى البابلتي، حدثنا الاوزاعي، حدثنا هارون بن رياب قال: من تبرأ من نسب لدقته أو ادعاه، فهو كفر (1).
قال الخطيب (2): وجميع ما عنده عن ابن مالك للبابلتي جزء ليس هذا فيه (3)، وكان كثيرا يعرض علي أحاديث، في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين، ويسألني عنهم، فأنسبهم له، فيلحق ذلك في تلك الاحاديث موصولة بالاسماء، فأنهاه، فلا ينتهي (4).
قال أبو بكر بن نقطة: ليت الخطيب نبه في أي مسند تلك الاجزاء التي استثنى، ولو فعل، لاتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن " مسندي " فضالة بن عبيد، وعوف بن مالك، لم يكونا في نسخة ابن المذهب، وكذلك أحاديث من " مسند " جابر لم توجد في نسخته، رواها الحراني عن القطيعي، ولو كان ممن يلحق اسمه كما قيل، لالحق ما ذكرناه أيضا، والعجب من الخطيب يرد قوله بفعله، فقد روى عنه من " الزهد " لاحمد في مصنفاته (5).
أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي: سألت شجاعا الذهلي عن ابن المذهب، فقال: كان شيخا عسرا في الرواية،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 391.
(2) المصدر السابق.
(3) نص كلام الخطيب: وجميع ما كان عند ابن مالك عن أبي شعيب جزء واحد، وليس هذا الحديث فيه.
(4) قال ابن الجوزي ردا على الخطيب: هذا قلة فقه من الخطيب، فإني إذا انتقيت في الرواية عن ابن عمر أنه عبد الله، جاز أن أذكر اسمه، ولا فرق بين أن أقول: حدثنا ابن
المذهب، وبين أن أقول: أخبرنا الحسن بن علي بن المذهب.
ثم قال ابن الجوزي: وقد كان في الخطيب شيئان: أحدهما الجري على عادة عوام المحدثين من قبله من قلة الفقه، والثاني التعصب في المذهب، ونحن نسأل الله السلامة.
" المنتظم " 8 / 155، 156.
(5) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 511، و " لسان الميزان " 2 / 236، 237.
(*)

(17/642)


سمع حديثا كثيرا، ولم يكن ممن يعتمد عليه في الرواية، فإنه خلط في شئ من سماعه.
ثم قال السلفي: كان متكلما فيه (1).
قال أبو الفضل بن خيرون: مات ليلة الجمعة، تاسع عشر ربيع الآخر، سنة أربع وأربعين وأربع مئة، سمعت منه جميع ما عنده، وسمع ابن أخي منه " الزهد " لاحمد.
وقد مر في ترجمة ابن غيلان (2) أن الرشيدي استجاز أبا علي " مسند " الامام أحمد، فأبى أن يكتب له الاجازة إلا بعشرين دينارا - سامحه الله - وأما قول ابن نقطة: ولو كان ممن يلحق اسمه: لا شئ، فإن إلحاق اسمه من باب نقل ما في بيته إلى النسخة، لا من قبيل الكذب في ادعاء السماع، وفي ذلك نزاع، وما الرجل بمتهم (3).

435 - العمري * الامام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو الفتح، ناصر بن الحسين بن محمد بن علي، القرشي العمري المروزي الشافعي.
سمع أبا العباس السرخسي، وغيره بمرو، وأبا محمد المخلدي،
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 511.
(2) وهي برقم (400).
(3) قال المؤلف في " الميزان " 1 / 512: الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس
بالمتقن، وكذلك شيخه ابن مالك، ومن ثم وقع في " المسند " أشياء غير محكمة المتن ولا الاسناد، والله أعلم.
* طبقات العبادي 112، طبقات النووي ورقة 75، العبر 3 / 208، طبقات السبكي 5 / 350، 351، طبقات الاسنوي 2 / 188، طبقات ابن هداية الله: 146 - 147، شذرات الذهب 3 / 272، هدية العارفين 2 / 487، 488.
والعمري: نسبة إلى عمر بن الخطاب لانه من ولده.
(*)

(17/643)


وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وجماعة بنيسابور، وعبد الرحمن بن أبي شريح الزاهد بهراة.
وتفقه على أبي بكر القفال، وعلى أبي الطيب الصعلوكي، وابن محمش الزيادي.
وبرع في المذهب، ودرس في أيام مشايخه، وتفقه به أهل نيسابور، وكان مدار الفتوى والمناظرة عليه.
أخذ عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو إسحاق الجيلي، ومسعود بن ناصر السجزي، وأبو صالح المؤذن، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وآخرون.
وأملى مدة، وصنف.
وكان خيرا متواضعا فقيرا، متعففا قانعا باليسير، كبير القدر، رحمه الله.
مات بنيسابور في ذي القعدة، سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
ومات معه راوي المسند أبو علي، الحسن بن علي ابن المذهب (1)، وأبو غانم أحمد بن علي الكراعي (2) المروزي، والحافظ أبو نصر عبيدالله ابن سعيد السجزي (3)، والحافظ عبد العزيز بن علي الازجي، وقاضي
الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني (4) المتكلم، وعبد الله بن محمد بن مكي السواق المقرئ، وشيخ القراء أبو عمرو الداني.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (434).
(2) تقدمت ترجمته برقم (406).
(3) سترد ترجمته برقم (445).
(4) سترد ترجمته برقم (441).
(*)

(17/644)


436 - سليم بن أيوب * ابن سليم، الامام الشيخ الاسلام، أبو الفتح، الرازي الشافعي.
ولد سنة نيف وستين وثلاث مئة.
وحدث عن: محمد بن عبدالملك الجعفي، ومحمد بن جعفر التميمي، والحافظ أحمد بن محمد بن البصير الرازي، وحمد بن عبد الله، صاحبي ابن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي، وأبي أحمد الفرضي، والاستاذ أبي حامد الاسفراييني وتفقه به، وطائفة سواهم.
وسكن الشام مرابطا، ناشرا للعلم احتسابا.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو نصر الطريثيثي، وسهل بن بشر الاسفراييني، وأبو القاسم النسيب، وآخرون.
قال النسيب: هو ثقة، فقيه، مقرئ محدث.
وقال سهل بن بشر: حدثنا سليم أنه كان في صغره بالري، وله نحو من عشر سنين، فحضر بعض الشيوخ وهو يلقن قال: فقال لي: تقدم
__________
* طبقات الشيرازي: 111، تبيين كذب المفتري 262، 263، إنباه الرواة 2 / 69، 70، طبقات ابن الصلاح ورقة 48 ب، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 231، 232، وفيات الاعيان 2 / 397 - 399، العبر 3 / 213، دول الاسلام 1 / 263، تلخيص ابن مكتوم 81، الوافي بالوفيات 15 / 334، مرآة الجنان 3 / 64، طبقات السبكي 4 / 388 - 391، طبقات الاسنوي 1 / 562 - 564، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 196، 197، طبقات ابن قاضي شهبة 22 ب، طبقات ابن هداية الله 147، 148، كشف الظنون 98، 466، 915، شذرات الذهب 3 / 275، 276، هدية العارفين 1 / 409.
(*)

(17/645)


فاقرأ.
فجهدت أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني، فقال: لك والدة ؟ قلت: نعم: قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك الله قراءة القرآن والعلم.
قلت: نعم.
فرجعت، فسألتها الدعاء، فدعت لي، ثم إني كبرت، ودخلت بغداد، قرأت بها العربية والفقه، ثم عدت إلى الري، فبينا أنا في الجامع أقابل " مختصر " المزني، وإذا الشيخ قد حضر وسلم علينا وهو لا يعرفني، فسمع مقابلتنا، وهو لا يعلم ماذا نقول، ثم قال: متى يتعلم مثل هذا ؟.
فأردت أن أقول: إن كانت لك والدة، فقل لها تدعو لك.
فاستحييت (1).
وقال أبو نصر الطريثيثي: سمعت سليما يقول: علقت عن شيخنا أبي حامد جميع التعليقة، وسمعته يقول: وضعت مني صور، ورفعت بغداد من أبي الحسن ابن المحاملي (2).
قال أبو القاسم ابن عساكر: بلغني أن سليما تفقه بعد أن جاز الاربعين.
قال: وقرأت بخط غيث الارمنازي: غرق سليم الفقيه في بحر القلزم، عند ساحل جدة، بعد أن حج في صفر سنة سبع وأربعين وأربع مئة، وقد نيف على الثمانين.
قال: وكان فقيها مشارا إليه،
صنف الكثير في الفقه وغيره، ودرس، وهو أول من نشر هذا العلم بصور، وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر، وحدثت عنه أنه كان يحاسب نفسه في الانفاس، لا يدع وقتا يمضي بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ.
وحدثت عنه أنه كان يحرك شفتيه إلى أن يقط القلم (3).
__________
(1) وانظر " طبقات " السبكي 4 / 390، 391.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 262، 263، و " وفيات الاعيان " 2 / 398، و " إنباه الرواة " 2 / 70.
وأبو الحسن ابن المحاملي تقدمت ترجمته برقم (266).
(3) " تبيين كذب المفتري " 263.
(*)

(17/646)


قلت: وله كتاب " البسملة " سمعناه، وكتاب " غسل الرجلين "، وله تفسير كبير شهير، وغير ذلك (1)، رحمه الله تعالى.

437 - ابن سلوان * الشيخ المسند، أبو عبد الله، محمد بن علي بن يحيى بن سلوان، المازني الدمشقي، ابن القماح.
ليس عنده شئ سوى نسخة أبي مسهر وما معها.
سمع ذلك من الفضل بن جعفر التميمي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، والفقيه نصر المقدسي، والحسن ابن أحمد بن أبي الحديد، وسهل بن بشر الاسفراييني، ونجا بن أحمد، وأبو طاهر الحنائي، وأبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي، وأبو الفضل محمد، ابنا الموازيني، وعبد المنعم بن الغمر، وآخرون.
ولد في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
ومثله في زمنه أبو الحسن بن حمصة (2) الحراني، راوي مجلس البطاقة، ما عنده سواه.
وهكذا جماعة اشتهروا، وسماعهم قليل، وما ذاك ألا لتعميرهم وعلوهم، كما أن جماعة من كبار العلماء لا يكادون يعرفون لموتهم في الكهولة قبل أوان الرواية.
__________
(1) انظر " وفيات الاعيان " 2 / 397، و " هدية العارفين " 1 / 409.
* دول الاسلام 1 / 263، العبر 3 / 215، شذرات الذهب 3 / 277.
(2) تقدمت ترجمته برقم (402).
(*)

(17/647)


وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب القادسي البزاز، صاحب القطيعي، وشيخ الشافعية أبو القاسم منصور بن عمر الكرخي، وقاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا العجلي، ومسند قرطبة أبو العاص حكم بن محمد بن حكم الجذامي (1)، والمفتي رافع بن نصر الحمال، وسليم بن أيوب (2) أبو الفتح الرازي غريقا، وعبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال، وأبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني (3)، وعبيدالله بن المعتز (4) النيسابوري، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي (5).

438 - ابن أبي نصر * العدل الكبير المأمون المحدث، أبو الحسين، محمد بن الشيخ العفيف أبي محمد عبدالرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف، التميمي الدمشقي.
سمع أباه، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبا سليمان بن زبر، وتفرد بالرواية عنهما.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وسهل بن بشر، وموسى الصقلي، وأبو القاسم النسيب، وأبو طاهر الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وعدة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (449).
(2) تقدمت ترجمته برقم (436).
(3) سترد ترجمته برقم (452).
(4) سترد ترجمته برقم (453).
(5) سترد ترجمته برقم (440).
* العبر 3 / 211، شذرات الذهب 3 / 274.
(*)

(17/648)


توفي في رجب سنة ست وأربعين وأربع مئة، وشيعه نائب دمشق، وكانت جنازته مشهودة، أغلق له البلد، وكان محتشم وقته.
ومات معه أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي الفراتي، وعلي بن الفضل ابن الفرات إمام جامع دمشق، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن اللبان المتكلم.

439 - أخوه * العدل الامين الانبل، أبو علي، أحمد بن عبدالرحمن بن أبي نصر، التميمي.
حدث أيضا عن: يوسف الميانجي، وابن زبر.
وسمع هو وأخوه معا.
حدث عنه: الكتاني، ونجا العطار، وسهل بن بشر، وأبو طاهر الحنائي، والحسن بن سعيد العطار.
قال الكتاني: كان ثقة مأمونا، صاحب أصول، لم أر أحسن منه، وكان سماعه وسماع أخيه بخط أبيهما، وكانت له جنازة عظيمة.
مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة، رحمه الله.

440 - التنوخي * * القاضي العالم المعمر، أبو القاسم، علي بن القاضي أبي علي
__________
* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
* * تاريخ بغداد 12 / 115، الانساب 3 / 94، المنتظم 8 / 168، الكامل في التاريخ 9 / 615، اللباب 1 / 225، وفيات الاعيان 4 / 162، العبر 3 / 214، فوات الوفيات 3 / = (*)

(17/649)


المحسن بن علي التنوخي البصري ثم البغدادي، صاحب كتاب " الطوالات "، وولد صاحب كتاب " الفرج بعد الشدة "، وكتاب " النشوار "، وغير ذلك.
ولد في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مئة بالبصرة.
وسمع لما كمل خمسة أعوام من: علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وعلي بن محمد بن كيسان، وأبي سعيد الحرفي، وأبي عبد الله الحسين بن محمد العسكري، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وإبراهيم بن أحمد الخرقي، وخلق كثير.
قال الخطيب (1): كان متحفظا في الشهادة، عند الحكام، صدوقا في الحديث، تقلد قضاء المدائن، وقرميسين، والبردان.
وقال أبو الفضل بن خيرون: قيل: كان رأيه الرفض والاعتزال.
وقال شجاع الذهلي: كان يتشيع، ويذهب إلى الاعتزال.
قلت: نشأ في الدولة البويهية، وأرجاؤها طافحة بهاتين البدعتين.
وقيل: إنه صحب أبا العلاء المعري، وصادقه، وأسمعه " صحيحه " (2).
مات في ثاني المحرم، سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
حدث عنه: أبي النرسي، والحسن بن محمد الباقرحي، ونور الهدى حسين بن محمد الزينبي، وأبو علي بن المهدي، وأبو شجاع بهرام بن
__________
= 60 - 62، البداية والنهاية 12 / 67، النجوم الزاهرة 5 / 58، شروح السقط 1593، شذرات الذهب 3 / 276.
(1) في " تاريخ بغداد " 12 / 115.
(2) كذا الاصل، وفي " الوفيات ": وكان يصحب أبا العلاء، وأخذ عنه كثيرا.
(*)

(17/650)


بهرام، وأبو منصور بن النقور، وأبو القاسم بن الحصين، وخلق سواهم.
وروى شيئا كثيرا.
يقع لنا حديثه عاليا، وهو راوي كتاب " الاشربة " لاحمد بن حنبل.

441 - السمناني * العلامة، قاضي الموصل، أبو جعفر، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، السمناني الحنفي.
حدث عن: نصر المرجي، وعلي بن عمر الحربي، وأبي الحسن الدارقطني، وجماعة.
ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا، فاضلا حنفيا، يعتقد مذهب الاشعري، وله تصانيف.
قلت: كان من أذكياء العالم.
وقد ذكره ابن حزم، فقال: هو أبو جعفر السمناني المكفوف، هو أكبر
أصحاب أبي بكر الباقلاني، ومقدم الاشعرية في وقتنا، ومن مقالته قال: من سمى الله جسما من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته، فقد أصاب المعنى،
__________
* تاريخ بغداد 1 / 355، الانساب 7 / 149، تبيين كذب المفتري 259، المنتظم 8 / 156، الكامل في التاريخ 9 / 592، اللباب 2 / 141، الوافي بالوفيات 2 / 65، نكت الهميان 237، البداية والنهاية 12 / 64، الجواهر المضية 2 / 21، تاج التراجم 45، الفوائد البهية 159، 160.
والسمناني بكسر السين وسكون الميم كما في الاصل وضبط السمعاني الميم بالفتح، نسبة إلى سمنان، وهي قرية من قرى نسا في العراق.
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 355.
(*)

(17/651)


وأخطأ في التسمية فقط.
ثم أخذ ابن حزم يشنع على السمناني، وذكر عنه تجويز الردة على الرسول بعد أداء الرسالة.
نعوذ بالله من الضلال.
توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مئة وله ثلاث وثمانون سنة.
تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره.

وابنه
442 - أحمد بن أبي جعفر * وهو الامام القاضي، أبو الحسين، أحمد بن أبي جعفر.
ولد بسمنان في شعبان، سنة أربع وثمانين.
وقدم، وسمع ببغداد من الحسن بن الحسين النوبختي، ومن إسماعيل بن هشام الصرصري، وجماعة.
وولي قضاء باب الطاق، وطال عمره.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا.
قلت: يأتي في الطبقة الاخرى.

443 - الكسائي * * المحدث الامام الرحال، أبو الحسن، علي بن عبيدالله بن محمد، الهمذاني الكسائي الصوفي، نزيل مصر.
سمع أحمد بن عبدان الشيرازي بالاهواز، ونصر بن أحمد المرجي بالموصل، وعبد الوهاب الكلابي بدمشق، وأبا الفتح محمد بن أحمد
__________
* تاريخ بغداد 4 / 382.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(*)

(17/652)


النحوي بالرملة، ومنير بن عطية بقيساريه، والضراب بمصر.
حدث عنه: عبد المحسن الشيحي، وسهل بن بشر الاسفراييني، وانتقى عليه الحافظان أبو نصر السجزي، وعبد العزيز النخشبي، وآخر من حدث عنه أبو عبد الله الرازي صاحب السداسيات.
توفي في جمادى الاولى سنة خمس وأربعين وأربع مئة.

444 - ابن اللبان * العلامة، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن (1) بن أحمد ابن المحدث عبد الله بن محمد بن عالم أصبهان النعمان بن عبد السلام، التيمي.
روى عن: ابن المقرئ، والمخلص، وأحمد بن فراس، وطائفة.
ولزم أبا بكر الباقلاني، وأبا حامد الاسفراييني، وبرع في الاصول والفروع، وتلا بالروايات، وصنف التصانيف، وولي قضاء إيذج (2).
عظمه الخطيب، وقال (3): كتبنا عنه، وكان أحد أوعية العلم،
__________
* تاريخ بغداد 10 / 144، 145، الانساب (اللبان)، تبيين كذب المفتري 261، 262، المنتظم 8 / 162، اللباب 3 / 127، الكامل في التاريخ 9 / 604، العبر 3 /
211، طبقات السبكي 5 / 72، 73، طبقات الاسنوي 1 / 90، 91، البداية والنهاية 12 / 66، غاية النهاية 1 / 449، النجوم الزاهرة 5 / 38، كشف الظنون 931، شذرات الذهب 3 / 274، هدية العارفين 1 / 451، 452.
(1) في " المنتظم ": عبد الله بدلا من عبدالرحمن.
(2) وهي كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان، وهي أجل مدن هذه الكورة " معجم البلدان " 1 / 288.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 144.
(*)

(17/653)


ثقة، وجيز العبارة مع تدين وعبادة وورع بين، سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سنين، وأحضرت مجلس ابن المقرئ ولي أربع سنين.
قال الخطيب (1): لم أر أحسن قراءة منه، أدرك رمضان ببغداد، فصلى التراويح بالناس، ثم يحيي بقية الليل صلاة، فسمعته يقول: لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلا ولا نهارا.
وقيل: إن القاضي أبا يعلى الحنبلي قرأ عليه في الاصول سرا، وحدث عنه أبو علي الحداد في " معجمه "، وتلا عليه بالروايات غير واحد.
ومات بأصبهان في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وأربع مئة.

445 - أبو نصر السجزي * الامام العالم الحافظ المجود شيخ السنة، أبو نصر، عبيدالله بن سعيد بن حاتم بن أحمد، الوائلي (2) البكري السجستاني، شيخ الحرم، ومصنف " الابانة الكبرى " في أن القرآن غير مخلوق، وهو مجلد كبير دال على سعة علم الرجل بفن الاثر.
طلب الحديث في حدود الاربع مئة، وسمع بالحجاز والشام والعراق
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 145.
* الانساب المتفقة 164، الانساب (الوائلي)، معجم البلدان 5 / 356 (وايل) الاستدراك لابن نقطة 1 / 253 / أ، اللباب 3 / 352، تذكرة الحفاظ 3 / 1118 - 1120، المشتبه 1 / 354، العبر 3 / 206، 207، دول الاسلام 1 / 262، الجواهر المضية 2 / 495، العقد الثمين 5 / 307، 308، تبصير المنتبه 2 / 727، تاج التراجم 29، طبقات الحفاظ 429، الطبقات السنية رقم (1376)، كشف الظنون 1 / 2، شذرات الذهب 3 / 271، 272، هدية العارفين 1 / 648، الرسالة المستطرفة 30.
(2) نسبة إلى قرية بسجستان يقال لها: وائل.

(17/654)


وخراسان من: أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، وأبي أحمد الفرضي، والحافظ أبي عبد الله الحاكم، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وعلي بن عبدالرحيم السوسي، وأبي عبدالرحمن السلمي، وعبد الصمد بن أبي جرادة الحلبي، حدثه عن أبي سعيد بن الاعرابي، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، ومحمد بن محمد ابن محمد بن بكر الهزاني، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري، وأمم سواهم.
حدث عنه: الحافظ أبو إسحاق الحبال، وسهل بن بشر الاسفراييني، وأبو معشر الطبري المقرئ، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وجعفر بن يحيى الحكاك، وجعفر بن أحمد السراج، وخلق.
وهو راوي الحديث المسلسل بالاولية (1).
قال محمد بن طاهر: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر
السجزي، وأبي عبد الله الصوري، أيهما أحفظ ؟ فقال: كان السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري.
ثم قال إسحاق: كنت يوما عند أبي نصر السجزي، فدق الباب، فقمت ففتحت، فدخلت امرأة، وأخرجت كيسا فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي الشيخ، وقالت: أنفقها كما ترى ! قال: ما المقصود ؟ قالت: تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج، لكن لاخدمك.
فأمرها بأخذ الكيس، وأن تنصرف، فلما انصرفت، قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت، سقط عني هذا الاسم، وما أوثر
__________
(1) سيورده المؤلف في آخر ترجمته.
(*)

(17/655)


على ثواب طلب العلم شيئا (1).
قلت: كأنه يريد متى تزوج للذهب، نقص أجره، وإلا فلو تزوج في الجملة، لكان أفضل، ولما قدح ذلك في طلبه العلم، بل يكون قد عمل بمقتضى العلم، لكنه كان غريبا، فخاف العيلة، وأن يتفرق عليه حاله عن الطلب.
قال أبو نصر السجزي في كتاب " الابانة ": وأئمتنا كسفيان، ومالك، والحمادين، وابن عيينة، والفضيل، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وأنه يغضب ويرضى، ويتكلم بما شاء.
توفي أبو نصر بمكة، في المحرم سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، الحسيني بقراءتي عليه بالثغر، وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ببغداد وهو أول
حديث سمعته منه، أخبرنا عبد الحق اليوسفي وهو أول حديث سمعته (ح) وأخبرنا عبد الخالق بن علوان ببعلبك، وعبد الحافظ بن بدران بنابلس قالا: أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أحمد بن المقرب قالا: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج وهو أول حديث سمعناه منه، أخبرنا أبو نصر عبيدالله بن سعيد وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو يعلى المهلبي وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو حامد بن بلال وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا عبد الرحمن بن بشر وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1119.
(*)

(17/656)


حديث سمعته من سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس، مولى لعبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الارض، يرحمكم من في السماء " (1).

446 - العالي بالله * إدريس بن يحيى بن علي بن حمود، العلوي الادريسي.
أخرجته البربر من السجن، وملكوه بعد مصرع نجا الخادم، وبعد موت أخيه الحسن بن يحيى.
وكان العالي فيه رقة ورحمة، لكنه قليل العقل، يقرب السفهاء، ولا يحجب عنهم خطاياه، وكان سيئ التدبير، فمالت البربر إلى محمد بن القاسم الادريسي، فملكوه بالجزيرة الخضراء، ولقبوه بالمهدي، وصارت الاندلس ضحكة، بها أربعة كل واحد يدعى أمير المؤمنين في مسيرة أربع ليال، ثم لم يتم أمر المهدي، وفجأه الموت عن ثمان بنين.
وقام بالجزيرة
__________
(1) أبو قابوس مقبول في المتابعات، وقد توبع عليه فيما قاله ابن ناصر الدين الدمشقي في بعض مجالسه المحفوظة في ظاهرية دمشق، فرواه أحمد، وعبد بن حميد من طريق أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي أحد الثقات، عن عبد الله بن عمرو بمعناه، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (4941) والترمذي (1924)، وأحمد 2 / 160، والحميدي (591) كلهم من طريق سفيان بن عيينة بهذا الاسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم 4 / 159، وصححه غير واحد من الائمة، وله شاهد بسند رجاله ثقات عن جرير بن عبد الله عند الطبراني في " الكبير " (2497.
).
* جذوة المقتبس 33 - 36، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الاول / المجلد الثاني / 861 - 864، بغية الملتمس 39 - 42، الكامل في التاريخ 9 / 281، 282، الحلة السيراء 2 / 26 - 30، البيان المغرب 3 / 218، الوافي بالوفيات 8 / 324 - 326، تاريخ ابن خلدون 4 / 155.
(*)

(17/657)


ابنه القاسم بن محمد، ولم يتلقب بالخلافة.
وقام بعد العالي ولده محمد، ثم مات بمالقة سنة خمس وأربعين وأربع مئة في حياة أبيه، ثم ردوا أباه إلى مالقة وغرناطة، ثم قهرهم ملك إشبيلية المعتضد بن عباد، وزالت دولة الادريسية.

447 - عبد الله بن الوليد * ابن سعد (1) بن بكر، الامام المفتي، أبو محمد، الانصاري الاندلسي المالكي، نزيل مصر.
سمع بقرطبة من إسماعيل بن إسحاق القطان، وارتحل في سنة أربع وثمانين، فأخذ " السيرة " عن أبي محمد بن أبي زيد وكتاب " الرسالة "، وأخذ عن أبي الحسن القابسي، وأبي جعفر أحمد بن دحمون، وأخذ بمكة
عن أبي العباس بن بندار الرازي، وطائفة.
وكان من كبار العلماء.
حدث عنه: أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خلف، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وجماعة لقيهم السلفي، وسمع " السيرة " من رجل عنه.
اتفق أنه خرج في آخر أيامه إلى الشام، فتوفي به بعد أشهر، في شهر رمضان، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة (2).
__________
* جذوة المقتبس 266، الصلة 1 / 275، 276، بغية الملتمس: 352، العبر 3 / 216، حسن المحاضرة 1 / 451، شذرات الذهب 3 / 277.
(1) في الاصل: " سعيد " وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته.
(2) انظر " الصلة " 1 / 276.
(*)

(17/658)


وكان مولده في سنة ستين وثلاث مئة.
وما رأيته روى بالشام شيئا.

448 - الخفاف * الشيخ المسند الصدوق، أبو القاسم، عمر بن الحسين بن إبراهيم، البغدادي الخفاف.
سمع أبا حفص بن الزيات، ومحمد بن المظفر، وأبا الفضل الزهري، وجماعة.
حدث عنه: الخطيب، وقاضي المرستان أبو بكر، وجماعة.
توفي سنة خمسين وأربع مئة، ولا بأس به.

449 - حكم بن محمد * * ابن حكم بن إفرانك، الشيخ المعمر، مسند الاندلس، أبو العاص، الجذامي القرطبي.
حدث عن: أبي بكر بن المهندس، وإبراهيم بن علي التمار، وعبد المنعم بن غلبون، وتلا عليه، ويوسف بن أحمد بن الدخيل، وأبي محمد ابن أبي زيد، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وهاشم بن يحيى، وعدة، ولقي بطليطلة عبدوس بن محمد.
وكانت رحلته وحجه في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
__________
* تاريخ بغداد 11 / 276، العبر 3 / 223، شذرات الذهب 3 / 287.
* * الصلة 1 / 149، 150، العبر 3 / 213، شذرات الذهب 3 / 275.
(*)

(17/659)


روى عنه: أبو مروان الطبني، والحافظ أبو علي الغساني، وجماعة.
قال الغساني: كان رجلا صالحا، ثقة مسندا، صلبا في السنة، مشددا على أهل البدع، عفيفا ورعا، صبورا على القل، رافضا للدنيا، مهينا لاهلها، يتمعش من بضيعة حل مضاربة مع سفار، عاش بضعا وتسعين سنة، توفي في صدر ربيع الآخر، سنة سبع وأربعين وأربع مئة (1).
وقال عبدالرحمن بن خلف: رأيت على نعش حكم يوم دفنه طيورا ترفرف لم تعهد بعد، كالذي رئي على نعش أبي عبد الله بن الفخار (2).

450 - الناصحي * قاضي القضاة، أبو محمد، عبد الله بن الحسين، الناصحي الحنفي، الخراساني.
روى عن: بشر بن أحمد الاسفراييني.
وطال عمره، وعظم قدره، وكان قاضي السلطان محمود بن سبكتكين.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
حدث عنه طائفة.
__________
(1) " الصلة " 1 / 150.
(2) " الصلة " 1 / 150.
* تاريخ بغداد 9 / 443، الجواهر المضية 2 / 305، 306، تاج التراجم: 31، طبقات الفقهاء لطاش كبري 80، الطبقات السنية 1058، كتائب أعلام الاخيار رقم (246)، كشف الظنون 21، 283، الفوائد البهية 102، إيضاح المكنون 1 / 467، هدية العارفين 1 / 451، 452، والناصحي: نسبة إلى الناصح اسم رجل.
(*)

(17/660)


451 - ابن مسكين * الامام الفقيه، أبو الحسن، عبدالملك بن عبد الله بن محمود بن صهيب بن مسكين، المصري الشافعي.
حدث عن: أبيض بن محمد الفهري صاحب النسائي، وعبيدالله بن محمد بن أبي غالب البزاز، ومحمد بن القاسم بن أبي هريرة، وقاضي أذنه أبي الحسن الانطاكي، وابن المهندس.
وكان يعرف أيضا بالزجاج.
روى عنه طائفة، آخرهم أبو عبد الله الرازي.

452 - الغندجاني * * الشيخ أبو أحمد، عبد الوهاب بن محمد بن موسى، الغندجاني.
راوي " تاريخ " البخاري عن الحافظ أحمد بن عبدان، ويروي أيضا
عن المخلص، وغيره.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، والمبارك بن الطيوري، وأبو الغنائم النرسي، وآخرون.
قال الخطيب (1): حدث ب " التاريخ " بعضه بقوله، وأرجو أن يكون صدوقا.
__________
* طبقات السبكي 5 / 164، حسن المحاضرة 1 / 403.
* * تاريخ بغداد 11 / 33، 34، الانساب 9 / 179، 180، اللباب 2 / 390، 391، العبر 3 / 212، شذرات الذهب 3 / 276.
والغندجاني: بفتح الغين المعجمة كما في " الانساب " - وضبطها باقوت بالضم - وسكون النون، وفتح الدال المهملة - وضبطها ياقوت بالكسر - بعدها جيم، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى غندجان، وهي بلدة من كور الاهواز من بلاد الخوذ.
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 34.
(*)

(17/661)


توفي [ في ] جمادى الآخرة (1) سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
453 - ابن المعتز * الشيخ أبو الحسن، عبيدالله بن المعتز بن منصور بن عبد الله بن حمزة، النيسابوري، راوي الاجزاء الاربعة من حديث علي بن حجر.
سمع من: أبي الفضل بن خزيمة، وأبي الفضل الفامي، وأبي بكر الجوزقي، وحدث بأصبهان وبالري.
روى عنه: أبو علي الحداد، وإسحاق الراشتيناني، ومحمد بن عبد الله بن خوروست.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة، وهو أخو منصور شيخ إسماعيل بن
المؤذن.

454 - الباقلاني * * الشيخ الامام الصادق، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن عيسى، البغدادي الباقلاني المقرئ.
سمع أبا بكر بن مالك القطيعي، وحسينك بن علي التميمي، ومحمد ابن إسماعيل الوراق.
قال الخطيب (3): كتبنا عنه، وكان لا بأس به.
مات في سنة ثمان
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": جمادى الاولى.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(2) نسبة إلى راشتينان من قرى أصبهان " معجم البلدان " 3 / 15.
* * تاريخ بغداد 11 / 342، 343، العبر 3 / 216، شذرات الذهب 3 / 278.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 342.
(*)

(17/662)


وأربعين وأربع مئة.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن ماكولا، وابن خيرون، وأبو الغنائم النرسي، وقاضي المرستان أبو بكر الانصاري، ومسدد بن محمد بن علكان الجيزي، وطائفة سواهم.
وهو راوي أمالي القطيعي والوراق.

455 - ابن حمدان * الامام الحافظ الثبت، أبو طاهر، محمد بن أحمد بن علي بن حمدان، خراساني رحال.
صحب الحاكم ابن البيع، وتخرج به، وسمع من الحافظ أبي بكر
الجوزقي، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبي الحسين الخفاف، وجعفر بن فناكي بالري، وأحمد بن علي السليماني الحافظ ببيكند، ومحمد ابن أحمد الغنجار، وأبا سعد الادريسي بسمرقند، وعلي بن محمد بن عمر المالكي بالري، وأبا الفضل محمد بن الحسين الحدادي (1) بمرو.
وله تواليف منها: " طرق حديث الطير ".
سمع منه: أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري، في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
لم أقع بوفاته، وقد سقت له في " تذكرة الحفاظ " حديثا من المجالس السلماسية (2).
__________
* تذكرة الحفاظ 3 / 1111، 1112، طبقات الحفاظ 426 وفيه وفاته 441.
(1) بالحاء المهملة المفتوحة والدال المشددة.
انظر ترجمته في " تبصير المنتبه " 1 / 308.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1112.
(*)

(17/663)


وأخبرنا سليمان ومحمد، ابنا حمزة سماعا من الاول، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا محمد بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد بالري، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن حمدان، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد، حدثنا محمد ابن وهب، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي، أخبرنا الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: " استرقوا لها فإن بها
النظرة " (1).
غريب فرد، مسلسل بالمحمدين، وهم خمسة عشر نفسا.

456 - الطفال * الشيخ الامام الثقة المقرئ، مسند مصر، أبو الحسن، محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن أحمد بن السري، النيسابوري، ثم المصري البزاز التاجر، المعروف بابن الطفال.
ولد سنة تسع وخمسين وثلاث مئة.
حدث عن: القاضي أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن بن حيويه
__________
(1) وأخرجه البخاري (5739) في الطب: باب رقية العين من طريق محمد بن خالد، حدثنا محمد بن وهب به، وأخرجه مسلم (2197) (59) في السلام: باب استحباب الرقية من العين...من طريق أبي الربيع سليمان بن داود، حدثنا محمد بن حرب به.
* الانساب 8 / 243، اللباب 2 / 282، 283، العبر 3 / 217، حسن المحاضرة 1 / 374، شذرات الذهب 3 / 278.
والطفال: نسبة إلى بيع الطفل، وهو الطين الذي يؤكل، كما في " الانساب ".
(*)

(17/664)


النيسابوري، والحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش، وعبد الواحد بن أحمد بن أبي محمد بن قتيبة، وأحمد بن محمد بن هارون الاسواني، وأبي الطيب العباس بن أحمد الهاشمي، وجماعة.
حدث عنه: سهل بن بشر الاسفراييني، وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، والخفرة بنت مبشر بن فاتك، وآخرون.
قال السلفي: كان بمصر من مشاهير الرواة، ومن الثقات الاثبات.
مات في صفر سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
وماتت الخفرة في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.
سمع الرازي منه جملة وافرة.

457 - العادل * الوزير الكبير، الملقب بالعادل، أبو عبد الله، عبدالرحيم (1) بن حسين.
وزر للملك الرحيم أبي نصر بن أبي كاليجار، وكان سمحا جوادا، مهيبا، عسوفا، سفاكا للدماء.
تنمر له أبو نصر، فأهلكه، طلبه إلى داره وقد حفر له جبا، وبسط عليه حصيرة، فتردى فيه، وطم عليه، وذلك في رمضان سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
__________
* الكامل في التاريخ 9 / 615، معجم الانساب والاسرات الحاكمة 326.
(1) في " الكامل "، عبدالرحمن.
(*)

(17/665)


458 - الخليلي * القاضي العلامة الحافظ، أبو يعلى، الخليل بن عبد الله بن أحمد بن الخليل، الخليلي القزويني، مصنف كتاب " الارشاد في معرفة المحدثين " (1)، وهو كتاب كبير انتخبه الحافظ السلفي.
سمعنا " المنتخب ".
سمع من: علي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق الكيساني، والقاسم بن علقمة، وأبي حفص عمر بن إبراهيم الكتاني، وأبي طاهر المخلص، وأبي الحسين الخفاف القنطري، ومحمد بن سليمان
ابن يزيد الفامي، وأبي عبد الله الحاكم، وعدد كثير.
وروى بالاجازة عن: أبي بكر بن المقرئ، وأبي حفص بن شاهين، ومسند الكوفة علي بن عبدالرحمن البكائي كتب إليه من الكوفة، والحافظ أبي أحمد الغطريفي، أجاز له من جرجان.
وطال عمره، وعلا إسناده.
حدث عنه: شيخه أبو بكر بن لال، وولده أبو زيد واقد بن الخليل، وإسماعيل بن ماكي، وآخرون.
وكان ثقة حافظا، عارفا بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في " إرشاده "، قرأناه على أبي علي بن الخلال، عن الهمداني، عن
__________
* الاكمال 3 / 174، التدوين في تاريخ قزوين الورقة 203، اللباب 1 / 458، تذكرة الحفاظ 3 / 1123 - 1125، العبر 3 / 211، دول الاسلام 1 / 262، طبقات الحفاظ 431، كشف الظنون 70، شذرات الذهب 3 / 274، هدية العارفين 1 / 350، 351، الرسالة المستطرفة 97.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 6 / 228.
(*)

(17/666)


السلفي، عن ابن ماك، عنه (1).
وحكى (2) أنه حضر عند الحاكم، فسأله عن أبي سلمة، عن الزهري، ما اسمه ؟ فتفكر، وقال: محمد بن أبي حفصة.
فعرف له ذلك.
توفي أبو يعلى بقزوين في آخر سنة ست وأربعين وأربع مئة.
وكان من أبناء الثمانين.
وفيها مات شيخ القراء أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الاهوازي
بدمشق، والرئيس المحدث أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي عمرو بن أبي الفراتي بنيسابور، والعلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبدالرحمن التيمي الاصبهاني، ابن اللبان (3)، ومسند دمشق الصدر أبو الحسين محمد ابن العفيف عبدالرحمن بن أبي نصر (4) التميمي، ومقرئ الاندلس أبو القاسم عبدالرحمن بن الحسن بن سعيد القرطبي.
أخبرنا الحسن بن علي اليونسي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد ابن محمد الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين، أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله، أخبرنا أحمد بن محمد الزاهد، أخبرنا عبدالملك بن عدي، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، أخبرنا الشافعي، حدثنا يحيى ابن سليم، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم،
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1124.
(2) أي الخليلي في " الارشاد " عند ذكر الحاكم.
" التدوين في تاريخ قزوين ": الورقة 203.
(3) تقدمت ترجمته برقم (444).
(4) تقدمت ترجمته برقم (438).
(*)

(17/667)


صلى بهم صلاة الكسوف ركعتين، كل ركعة بركوعين وسجدتين (1).
وبه: إلى أبي يعلى قال: أخبرنا الحسن بن عبد الرزاق، حدثنا علي ابن إبراهيم بن سلمة القزويني، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا الشافعي مثله، تفرد به الامام الشافعي، والامام أحمد قد أخذ عن يحيى بن سليم الطائفي، وروى هنا عن رجل، عن آخر، عنه.

459 - أبو الطيب الطبري * الامام العلامة، شيخ الاسلام، القاضي أبو الطيب، طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر، الطبري الشافعي، فقيه بغداد.
ولد سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة بآمل.
وسمع بجرجان من: أبي أحمد بن الغطريف جزءا تفرد في الدنيا
__________
(1) وأخرجه البيهقي 3 / 324 من طريق الشافعي بهذا الاسناد، ويحيى بن سليم سئ الحفظ.
لكن اشتهرت الرواية عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعين رواه الائمة عن عائشة، وأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، وجابر، وأبي موسى الاشعري، وسمرة بن جندب.
* طبقات العبادي 114، تاريخ بغداد 9 / 358 - 360، طبقات الشيرازي 127، الانساب 8 / 207، المنتظم 8 / 198، اللباب 2 / 274، الكامل في التاريخ 9 / 651، طبقات ابن الصلاح ورقة 50، 51، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 247، 248، وفيات الاعيان 2 / 512 - 515، المختصر في أخبار البشر 2 / 179، العبر 3 / 222، دول الاسلام 1 / 265، تتمة المختصر 1 / 549، الوافي بالوفيات خ 14 / 93 - 95، مرآة الجنان 3 / 70 - 72، طبقات السبكي 5 / 12 - 50، طبقات الاسنوي 2 / 157 - 158، البداية والنهاية 12 / 79، 80، تاريخ دولة آل سلجوق 22، النجوم الزاهرة 5 / 63، طبقات ابن هداية الله: 150، 151، كشف الظنون 424، 1100، شذرات الذهب 3 / 284، 285، روضات الجنات 338، هدية العارفين 1 / 429، تاريخ التراث العربي لسزكين 2 / 195.
(*)

(17/668)


بعلوه، وبنيسابور من مفقهه أبي الحسن الماسرجسي، وببغداد من الدارقطني، وموسى بن عرفة، وعلي بن عمر السكري، والمعافى الجريري.
واستوطن بغداد، ودرس وأفتى وأفاد، وولي قضاء ربع الكرخ بعد القاضي الصيمري.
وقال: سرت إلى جرجان للقاء أبي بكر الاسماعيلي، فقدمتها يوم الخميس، فدخلت الحمام، ومن الغد لقيت ولده أبا سعد، فقال لي: الشيخ قد شرب دواء لمرض، وقال لي: تجئ غدا لتسمع منه.
فلما كان بكرة السبت، غدوت، فإذا الناس يقولون: مات الاسماعيلي (1).
قال الخطيب: كان شيخنا أبو الطيب ورعا، عاقلا، عارفا بالاصول والفروع، محققا، حسن الخلق، صحيح المذهب، اختلفت إليه، وعلقت عنه الفقه سنين (2).
قيل: إن أبا الطيب دفع خفا له إلى من يصلحه، فمطله، وبقي كلما جاء، نقعه في الماء، وقال: الآن أصلحه.
فلما طال ذلك عليه، قال: إنما دفعته إليك لتصلحه لا لتعلمه السباحة (3).
قال الخطيب: سمعت محمد بن أحمد المؤدب، سمعت أبا محمد البافي يقول: أبو الطيب الطبري أفقه من أبي حامد الاسفراييني.
وسمعت أبا حامد يقول: أبو الطيب أفقه من أبي محمد البافي (4).
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 359.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 198، و " طبقات " الشيرازي 127.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 359، وأبو محمد البافي تقدمت ترجمته برقم (36)، وأبو حامد (*)

(17/669)


قال القاضي ابن بكران الشامي: قلت للقاضي أبي الطيب شيخنا وقد عمر: لقد متعت بجوارحك أيها الشيخ ! قال: ولم ؟ وما عصيت الله
بواحدة منها قط.
أو كما قال.
قال غير واحد: سمعنا أبا الطيب يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله: أرأيت من روى أنك قلت: " نضر الله امرءا سمع مقالتي، فوعاها "، أحق هو ؟ قال: نعم (1).
قال أبو إسحاق في " الطبقات " (2): ومنهم شيخنا وأستاذنا القاضي أبو الطيب، توفي عن مئة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتي مع الفقهاء، ويستدرك عليهم الخطأ، ويقضي، ويشهد ويحضر المواكب إلى أن مات.
تفقه بآمل على أبي علي الزجاجي صاحب أبي العباس بن القاص.
وقرأ على أبي سعد بن الاسماعيلي، وأبي القاسم بن كج بجرجان، ثم ارتحل إلى أبي الحسن الماسرجسي (3)، وصحبه أربع سنين، ثم قدم بغداد، وعلق عن أبي محمد البافي الخوارزمي، صاحب الداركي، وحضر مجلس أبي حامد، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادا، وأشد تحقيقا، وأجود نظرا
__________
الاسفراييني تقدمت ترجمته برقم (111).
(1) وتمام الحديث: " وأداها، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه " وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث ابن مسعود الشافعي 1 / 14، والترمذي (2659)، وابن ماجة (232) والرامهرمزي ص 165، وأخرجه من حديث زيد بن ثابت أحمد 5 / 183، وأبو داود (3660) والترمذي (2658) وابن ماجة (230) والدارمي 1 / 75، والرامهرمزي ص 164، وأخرجه من حديث جبير بن مطعم أحمد 4 / 81، وابن ماجة (231) والدارمي 1 / 74، 75، وأخرجه من حديث أبي الدرداء الدارمي 1 / 75، 76، وأخرجه الرامهرمزي ص 165، 166 من حديث ابن عباس، وأبي سعيد الخدري.
(2) 127، ونقله عنه النووي في " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 247.
(3) في الاصل: " السرخسي " والمثبت من " الطبقات ".
(*)

(17/670)


منه.
شرح " مختصر " المزني، وصنف في الخلاف والمذهب والاصول والجدل كتبا كثيرة، ليس لاحد مثلها، لازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتبني في حلقته، وسألني أن أجلس للتدريس في سنة ثلاثين وأربع مئة، ففعلت.
قلت: من وجوه أبي الطيب في المذهب أن خروج المني ينقض الوضوء.
ومنها أن الكافر إذا صلى في دار الحرب، فصلاته إسلام (1).
قلت: حدث عنه: الخطيب، وأبو إسحاق، وابن بكران، وأبو محمد بن الآبنوسي، وأحمد بن الحسن الشيرازي، وأبو سعد بن الطيوري، وأبو علي بن المهدي، وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن أحمد العكبري، وأبو العز بن كادش، وأبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك، وهبة الله بن الحصين، وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي الانصاري، وخلق كثير.
قال الخطيب (2): مات صحيح العقل، ثابت الفهم، في ربيع الاول، سنة خمسين وأربعمئة، وله مئة وسنتان رحمه الله.
__________
(1) انظر " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 1248.
وقال النووي في المسألة الاولى: والصحيح الذي قاله جمهور أصحابنا: لا ينقضه، بل يوجب الغسل فقط.
وقال في المسألة الثانية: والصحيح المنصوص للشافعي وجمهور الاصحاب أنها ليست بإسلام إلا أن تسمع منه الشهادتان.
(2) في " تاريخ بغداد " 9 / 360.
(*)

(17/671)


بعونه تعالى وتوفيقه
ودرست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتبني في حلقته، وسألني أن أجلس للتدريس في سنة ثلاثين وأربع مئة، ففعلت.
قلت: من وجوه أبي الطيب في المذهب أن خروج المني ينقض الوضوء.
ومنها أن الكافر إذا صلى في دار الحرب، فصلاته إسلام (1).
قلت: حدث عنه: الخطيب، وأبو إسحاق، وابن بكران، وأبو محمد بن الآبنوسي، وأحمد بن الحسن الشيرازي، وأبو سعد بن الطيوري، وأبو علي بن المهدي، وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن أحمد العكبري، وأبو العز بن كادش، وأبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك، وهبة الله بن الحصين، وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي الانصاري، وخلق كثير.
قال الخطيب (2): مات صحيح العقل، ثابت الفهم، في ربيع الاول، سنة خمسين وأربعمئة، وله مئة وسنتان رحمه الله.
__________
(1) انظر " تهذيب الاسماء واللغات " 2 / 1248.
وقال النووي في المسألة الاولى: والصحيح الذي قاله جمهور أصحابنا: لا ينقضه، بل يوجب الغسل فقط.
وقال في المسألة الثانية: والصحيح المنصوص للشافعي وجمهور الاصحاب أنها ليست بإسلام إلا أن تسمع منه الشهادتان.
(2) في " تاريخ بغداد " 9 / 360.
(*)

(17/672)


بعونه تعالى وتوفيقه تم الجزء السابع عشر من سير أعلام النبلاء ويليه الجزء الثامن عشر وأوله ترجمة السعدي من الطبقة الرابعة والعشرين

(17/672)