إيجاز البيان عن
معاني القرآن ومن سورة يونس
2 قَدَمَ صِدْقٍ: ثواب واف بما قدّموا «3» .
3 فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ: ليشاهد «4» الملائكة شيئا بعد شيء
فيعتبرون، ولأن تصريف الخلق حالا بعد حال أحكم وأبعد من شبهة
الاتفاق «5» .
4 وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ: بنصيبهم وقسطهم من
الثواب، وليس معناه العدل «6» لأن العدل محمول عليه الكافرون
والمؤمنون «7» .
__________
(1) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 2/ 177 عن ابن عباس رضي
الله عنهما.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 3/ 521، وقال: «رواه الضحاك
عن ابن عباس» .
وانظر معاني القرآن للزجاج: 2/ 477، ومعاني النحاس: 3/ 271،
والمحرر الوجيز:
7/ 89، وتفسير القرطبي: 8/ 302.
(2) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 3/ 521، وقال: «رواه أبو
صالح عن ابن عباس» .
(3) تفسير الطبري: 15/ 14.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 180 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 5، وقال: «رواه العوفي عن
ابن عباس» .
(4) في «ك» : «لتشهده» .
(5) ينظر هذا المعنى في تفسير الماوردي: 2/ 32، وتفسير الفخر
الرازي: 14/ 105، عند تفسير قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ... [آية: 54 من سورة
الأعراف] .
وذكر الفخر الرازي في تفسيره: 17/ 12: «إنه يحسن منه كلما
أراد، ولا يعلل شيء من أفعاله بشيء من الحكمة والمصالح، وعلى
هذا القول يسقط قول من يقول: لم خلق العالم في ستة أيام وما
خلقه في لحظة واحدة؟ لأنا نقول: كل شيء صنعه ولا علة لصنعه فلا
يعلل شيء من أحكامه ولا شيء من أفعاله بعلة، فسقط هذا السؤال»
.
(6) وهو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 274، وأخرجه الطبري
في تفسيره: (15/ 21، 22) عن مجاهد، وذكره النحاس في معانيه: 3/
278.
(7) ذكره الفخر الرازي في تفسيره: (15/ 33، 34) ، وقال: «وهذا
الوجه، لأنه في مقابلة قوله: بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.
(1/396)
هُوَ الَّذِي جَعَلَ
الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ
لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ
اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) إِنَّ الَّذِينَ
لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا
غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ (8) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ
فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ
الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ
أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي
طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ
الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ
يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ
لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) وَلَقَدْ
أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا
وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا
لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)
ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ
لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا
يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ
بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ
تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ
إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
(15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا
أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ
قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ
افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) وَيَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ
وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ
أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً
وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ
رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)
وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ
فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) وَإِذَا أَذَقْنَا
النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا
لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا
إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)
5 وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ: خص به القمر لأن
حساب العامة وعلمهم بالسّنين هلاليّ، ولأن المنازل «1» تنسب
إلى القمر.
والضياء أغلب من النور فجعله للشمس.
10 دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ: إذا اشتهوا شيئا
قالوا: سبحانك اللهم فيأتيهم، وإذا فرغوا منه قالوا: الحمد لله
فيذهب «2» .
وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ: ملكهم سالم من الزوال «3» .
11 وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ: يستجيب إذا
دعوا على أنفسهم وأولادهم «4» .
16 وَلا أَدْراكُمْ بِهِ: ولا أعلمكم به «5» .
19 وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ: في أن لا يعاجل العصاة، أو لا
يستعجل عن الأجل.
21 مَكْرٌ فِي آياتِنا: كفر وتكذيب «6» .
__________
(1) وهي ثمانية وعشرون منزلا.
ينظر كتاب الأزمنة وتلبية الجاهلية لقطرب: 23، والأنواء لابن
قتيبة: 4.
(2) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره: 2/ 182 عن الربيع وسفيان.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 345، وعزا إخراجه إلى ابن
أبي حاتم عن الربيع.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 10 عن ابن عباس رضي الله
عنهما.
(3) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 2/ 182، وأورده ابن
الجوزي في زاد المسير: 4/ 11 عن الماوردي.
(4) في «ج» : وأموالهم.
(5) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 194، وأخرجه
الطبري في تفسيره: 15/ 42 عن ابن عباس، وابن زيد.
ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 282 عن الضحاك.
(6) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 276: «مجاز المكر هاهنا
مجاز الجحود بها والرد لها» .
وأخرج الطبري في تفسيره: 15/ 49 عن مجاهد قال: «استهزاء
وتكذيب» ، ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 285 عن مجاهد.
ونقل الماوردي في تفسيره: 2/ 186 عن ابن بحر قال: المكر هاهنا
الكفر والجحود، وعن مجاهد قال: إنه الاستهزاء والتكذيب.
[.....]
(1/397)
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ
وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ
سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ
اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ
قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ
جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ
أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ
شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)
فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ
كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)
26 لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى: أي:
الجنّة «1» ، فهي مأوى كلّ حسن على أفضل وجه.
وَلا يَرْهَقُ: ولا يغشى «2» ، قَتَرٌ: غبرة وسواد «3» .
27 قِطَعاً: لغة في قطع «4» . ك «ظلع» و «ظلع» فلذلك وصف ب
«مظلما» «5» ، وإن كان جمع قطعة ف «المظلم» حال من اللّيل، أي:
[42/ ب] أغشيت قطعا من الليل حال إظلامه «6» /.
29 فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً: تمييز، أي: كفى به من الشهداء.
__________
(1) هذا قول جمهور المفسرين كما في تفسير الطبري: (15/ 62- 68)
، والمحرر الوجيز:
7/ 137، وزاد المسير: 4/ 24، وتفسير القرطبي: 8/ 330، وتفسير
ابن كثير: (4/ 198، 199) وقد ورد هذا المعنى عن النبي صلّى
الله عليه وسلّم من حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه:
1/ 163، كتاب الإيمان، باب «إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة
ربهم سبحانه وتعالى» ، عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلّى
الله عليه وسلّم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول
الله تبارك وتعالى: تريدون أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟
ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟
قال: فيكشف الحجاب فما أوتوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم
عز وجل» ... ثم تلا هذه الآية: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنى وَزِيادَةٌ.
(2) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 277، وتفسير الطبري: 15/ 72،
ومعاني الزجاج: 3/ 15.
(3) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 277، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 196، والمفردات للراغب: 393، وتفسير القرطبي: 8/ 331.
وأخرج الطبري في تفسيره: 15/ 73 عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال: «سواد الوجوه» .
(4) بإسكان الطاء، وهي أيضا قراءة الكسائي، وابن كثير.
السبعة لابن مجاهد: 325، والتبصرة لمكي: 219.
(5) معاني القرآن للفراء: 1/ 462، ومعاني الزجاج: 2/ 16،
والكشف لمكي: 1/ 517.
(6) هذا التوجيه على قراءة الفتح.
قال مكي في الكشف: 1/ 517: «وفيه المبالغة في سواد وجوه
الكفار» .
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 278، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 196، وتفسير الطبري: (15/ 75، 76) ، ومعاني القرآن
للزجاج: 3/ 16، وإعراب القرآن للنحاس:
2/ 251.
(1/398)
هُنَالِكَ تَبْلُو
كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ
مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا
يَفْتَرُونَ (30) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ
الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ
فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ
الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى
تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى
الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) قُلْ هَلْ
مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى
تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ
يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا
يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
(35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ
الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ
أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي
بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ
رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ
فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ
كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا
يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ
(39) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا
يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)
وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ
أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا
تَعْمَلُونَ (41) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ
أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ
(42) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي
الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43) إِنَّ اللَّهَ
لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ
لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ
يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)
أو حال، أي: وكفى الله في حال الشهادة.
30 تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ: ينكشف لها ما أسلفت فتختبر جزاءها
«1» ، كقوله «2» : يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ: تختبر بالكشف.
33 حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ: وعيده «3» .
35 أَمَّنْ لا يَهِدِّي: اهتدى يهتدي، وهدى يهدي، وهدي يهدى.
أما فتح الهاء والياء «4» ، فلأنه لما أدغمت التاء في الدال
ألقيت حركة التاء على الهاء كقولك: «عدّ وفرّ، والأصل: اعدد»
[وافرر] «5» وأما فتح الياء وكسر الهاء «6» فلاجتماع ساكنين
بالإدغام فكسرت الهاء على أصل حركة الساكن وكسرهما لاستتباع
الآخرة الأولى [أي الياء] «7» .
45 يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ: يعرف بعضهم بعضا ثم ينقطع
التعارف لأهوالها «8» .
وقيل «9» : يعترفون ببطلان ما كانوا عليه.
__________
(1) في «ج» : جزاء.
(2) سورة الطارق: آية: 9.
(3) معاني القرآن للزجاج: 3/ 18، وزاد المسير: 4/ 29.
(4) وهي قراءة ابن كثير، وابن عامر، وأبي عمرو، وورش عن نافع.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 326، وحجة القراءات: 331.
(5) ما بين معقوفين ساقط من الأصل، والمثبت عن «ك» و «ج» .
(6) قراءة عاصم في رواية حفص.
السبعة لابن مجاهد: 326، وحجة القراءات: 332، والتبصرة لمكي:
220.
(7) ما بين معقوفين عن نسخة «ج» ، وانظر توجيه القراءتين
اللتين ذكرهما المؤلف في: معاني القرآن للزجاج: 3/ 19، وإعراب
القرآن للنحاس: (2/ 253، 254) ، والكشف لمكي:
1/ 518، والبحر المحيط: 5/ 156، والدر المصون: 6/ 199.
(8) تفسير الطبري: 15/ 97، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 22،
ومعاني النحاس: 3/ 297، وتفسير الماوردي: 2/ 190، وتفسير الفخر
الرازي: (17/ 109، 110) ، وتفسير القرطبي: 8/ 348. [.....]
(9) لم أقف على هذا القول، وفي تفسير الماوردي: 2/ 190:
«يعرفون أن ما كانوا عليه باطل» .
(1/399)
وَيَسْتَنْبِئُونَكَ
أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا
أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ
ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا
النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ
بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ
حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) يَا أَيُّهَا
النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
(58) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ
رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ
أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا
ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60) وَمَا تَكُونُ
فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا
تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا
إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ
مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا
أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ (61) أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا
وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ
اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)
53 إِي وَرَبِّي: كلمة تحقيق «1» ، أي:
كائن لا محالة.
59 فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا: أي: البحيرة ونحوها
«2» .
61 وَما يَعْزُبُ: يغيب أو يبعد «3» ، وفي الحديث «4» : «من
قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزب» ، أي: بعد عهده بما ابتدأ
به.
64هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
: بشارة الملائكة عند الموت «5» .
وقيل «6» : الرؤيا الصالحة.
__________
(1) تفسير الماوردي: 2/ 191، وزاد المسير: 4/ 39.
وقال القرطبي في تفسيره: 8/ 351: «إي: كلمة تحقيق وإيجاب
وتأكيد بمعنى نعم.
وَرَبِّي قسم، إِنَّهُ لَحَقٌّ جوابه، أي: كائن لا شك فيه» .
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (15/ 111، 112) عن ابن
عباس، ومجاهد، وابن زيد.
وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 3/ 25، ومعاني
النحاس: 3/ 301، وتفسير البغوي: 2/ 358، وزاد المسير: 4/ 41.
(3) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 278، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 197، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 26، ومعاني النحاس:
3/ 202، والمفردات للراغب: 333.
قال الطبري في تفسيره: 15/ 116: «وأصله من عزوب الرجل عن أهله
في ماشيته، وذلك غيبته عنهم فيها. يقال منه: عزب الرجل عن أهله
يعزب ويعزب» .
(4) الحديث في الفائق: 2/ 426، وغريب الحديث لابن الجوزي: 2/
91، والنهاية:
3/ 227، وذكره السمين الحلبي في الدر المصون: 6/ 229.
(5) ذكره الطبري في تفسيره: 15/ 140، وقال: «كما روي عن النبي
صلّى الله عليه وسلّم: «أن الملائكة التي تحضره عند خروج نفسه
تقول لنفسه: اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه» . وعلق الشيخ محمود
محمد شاكر عليه قائلا: «حديث بغير إسناد، لم أستطع أن أجده
بلفظه في مكان قريب» .
وأورد ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 44 القول الذي ذكره
المؤلف، وعزاه إلى الضحاك، وقتادة، والزهري.
(6) وهي الرؤيا التي يراها المؤمن أو ترى له.
وقد ثبت هذا المعنى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في عدة آثار
أخرجها الإمام أحمد في مسنده: (12/ 9، 10) رقم 7044 عن عبد
الله بن عمرو بن العاص مرفوعا وصحح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله-
إسناده.
وهو في المسند أيضا (5/ 315) عن عبادة بن الصامت مرفوعا، و (6/
447) عن أبي الدرداء مرفوعا.
وأخرجه الترمذي في سننه: (5/ 286، 287) ، كتاب تفسير القرآن،
باب «من سورة يونس» .
وابن ماجة في سننه: 2/ 1283، كتاب تعبير الرؤيا، باب «الرؤيا
الصالحة يراها المسلم أو ترى له» .
والطبري في تفسيره: (15/ 124- 139) .
وانظر تفسير ابن كثير: (4/ 214، 215) ، والدر المنثور: (4/
374، 375) .
(1/400)
وَلَا يَحْزُنْكَ
قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا
الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ
مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
(67) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ
الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى
اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69)
مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ
نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
(70) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي
وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ
فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ
أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا
تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ
مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ
أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ
فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ
خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) ثُمَّ
بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ
فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا
بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى
قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ
مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا
فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا
جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا
لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ
لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ
(77) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا
عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي
الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78)
65 وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ
الْعِزَّةَ: كسرت «إن» للاستئناف بالتذكير لما ينفي الحزن، لا
لأنها بعد القول لأنها ليست حكاية عنهم «1» .
66 وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ: يجوز «ما» في معنى
«أي» «2» ، ويجوز نافية «3» ، أي: لم يتّبعوا حقيقة واتبعوا
الظن في الشرك.
71 لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً: مغطى «4» ، أي:
أظهروا ما عندكم من طاعة أو معصية.
78 لِتَلْفِتَنا: تصرفنا، لفتّه لفتا «5» .
__________
(1) معاني القرآن للفراء: 1/ 471، وتفسير الطبري: 15/ 142،
والتبيان للعكبري: 2/ 679، والدر المصون: 6/ 233.
(2) بمعنى الاستفهام.
قال الفخر الرازي في تفسيره: 17/ 137: «كأنه قيل: أي شيء يتبع
الذين يدعون من دون الله شركاء، والمقصود تقبيح فعلهم، يعني
أنهم ليسوا على شيء» .
وانظر الكشاف: 2/ 244، والتبيان للعكبري: 2/ 680، والدر
المصون: 6/ 235.
(3) مشكل إعراب القرآن: 1/ 349، والبيان لابن الأنباري: 1/
416، وتفسير الفخر الرازي:
17/ 137، والتبيان للعكبري: 2/ 680، وتفسير القرطبي: 8/ 360.
(4) قال الطبري في تفسيره: (15/ 149، 150) : «يقول: ثم لا يكون
أمركم عليكم ملتبسا مشكلا مبهما. من قولهم: غمّ على الناس
الهلال، وذلك إذا أشكل عليهم فلم يتبينوه ... » .
(5) ينظر معاني القرآن للفراء: 1/ 475، ومجاز القرآن لأبي
عبيدة: 1/ 280، وتفسير الطبري:
15/ 157.
(1/401)
قَالَ مُوسَى
أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا
يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قَالُوا أَجِئْتَنَا
لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ
لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا
بِمُؤْمِنِينَ (78) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ
سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ
مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا
أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ
اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ
الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) فَمَا آمَنَ لِمُوسَى
إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ
وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ
فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقَالَ
مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ
فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)
فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا
تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ
لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ
قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
(87) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ
وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا
حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)
77 أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ
أَسِحْرٌ هذا: تقديره: أتقولون للحق لما جاءكم إن هذا لسحر
مبين، أسحر هذا «1» ؟.
83 إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ: جماعة كانت أمهاتهم من
بني إسرائيل وآباؤهم من القبط «2» .
85 لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً: لا تعذبنا بأيدي آل فرعون فيظن بنا
الضلال «3» .
87 أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً: وذلك إذ
هدم فرعون المساجد وبنى [43/ أ] الكنائس يومئذ/ فأمروا أن
يصلوا في بيوتهم» .
88 لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ: استفهام «5» ، أي: أليضلوا عن
سبيلك
__________
(1) عن معاني القرآن للزجاج: 3/ 29، ورجحه الطبري في تفسيره:
(15/ 155، 156) .
(2) هذا قول الفراء في معانيه: 1/ 476.
وأورده الطبري في تفسيره: 15/ 166، فقال: «وقد زعم بعض أهل
العربية ... » ، ثم عقب عليه بقوله: «والمعروف من معنى
«الذرية» ، في كلام العرب، أنها أعقاب من نسبت إليه من قبل
الرجال والنساء، كما قال الله جل ثناؤه: ذُرِّيَّةَ مَنْ
حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ [سورة الإسراء: 3] ، وكما قال: وَمِنْ
ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ، ثم
قال بعد:
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ [سورة الأنعام: 84،
85] ، فجعل من كان من قبل الرجال والنساء من ذرية إبراهيم» .
[.....]
(3) في معاني القرآن للزجاج: 3/ 30: «أي لا تهلكنا وتعذبنا
فيظن آل فرعون إنا إنما عذّبنا لأننا على ضلال» .
ونقل ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 54، القول الذي ذكره المؤلف
عن مجاهد.
وانظر تفسير القرطبي: 8/ 370.
(4) زاد المسير: 4/ 54، وتفسير القرطبي: 8/ 371.
(5) لم أقف على قول من قال: إن اللام هنا بمعنى الاستفهام،
وذكر الفخر الرازي في تفسيره:
17/ 156 وجها قريبا منه وهو: «أن يكون موسى- عليه السلام- ذكر
ذلك على سبيل التعجب المقرون بالإنكار، والتقدير: كأنك آتيتهم
ذلك الغرض فإنهم لا ينفقون هذه الأموال إلا فيه، وكأنه قال:
آتيتهم زينة وأموالا لأجل أن يضلوا عن سبيل الله، ثم حذف حرف
الاستفهام» .
ولعل هذا الذي ذكره المؤلف توجيه لقراءة أبي الفضل الرقاشي:
«أإنك آتيت» على الاستفهام.
ذكر هذه القراءة الزمخشري في الكشاف: 2/ 250، وأبو حيان في
البحر المحيط:
5/ 187 وقال أبو حيان: «واللام في لِيُضِلُّوا الظاهر أنها لام
«كي» ، على معنى: آتيتهم ما آتيتهم على سبيل الاستدراج، فكان
الإتيان لكي يضلوا.
ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة كقوله: فَالْتَقَطَهُ
آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ... » .
(1/402)
قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ
دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ
الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)
أعطيتهم ذلك كله؟.
اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ: أذهب نورها وبهجتها «1» .
وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا: خرج على الدعاء
من موسى عليهم، ومعناه: فلا آمنوا «2» .
89 وَلا تَتَّبِعانِّ: بتشديد النون وتخفيفها «3» ، وهما نونا
التوكيد انكسرت فيهما لمشابهتهما نون «يفعلان» في الخبر
بوقوعهما بعد الألف واجتماع ساكنين.
قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ: نلقيك على
نجوة «4» من الأرض بدرعك «5» .
__________
(1) قال الزجاج في معانيه: 3/ 31: «وتأويل تطميس الشيء إذهابه
عن صورته والانتفاع به على الحال الأولى التي كان عليها» .
وانظر المفردات للراغب: 307، وزاد المسير: 4/ 56، وتفسير
القرطبي: 8/ 374.
(2) ينظر معاني القرآن للفراء: 1/ 477، ومجاز القرآن لأبي
عبيدة: 1/ 281، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 31، وتفسير القرطبي:
8/ 375.
(3) بتشديد النون قراءة الجمهور وعليها القراء السبعة إلا ابن
عامر فقد نقل عنه التخفيف.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 329، والتبصرة لمكي: 220.
(4) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 281: «نلقيك على نجوة،
أي ارتفاع» .
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 199: «والنّجوة
والنّبوة: ما ارتفع من الأرض» .
(5) ذكره النحاس في معانيه: 3/ 315، ونقل الماوردي في تفسيره:
2/ 198 عن أبي صخر قال: كان له درع من حديد يعرف بها» .
وقال الأخفش في معاني القرآن: 2/ 574: «وليس قولهم: «إن البدن
ها هنا الدرع بشيء ولا له معنى» .
وانظر تفسير البغوي: 2/ 367، وزاد المسير: 4/ 62، وتفسير
القرطبي: 8/ 380.
(1/403)
وَلَقَدْ بَوَّأْنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا
كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ
مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94)
لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً: ليرى
قدرة الصادق في الربوبية على الكاذب، ولم ير في الغرقى غير
فرعون «1» .
93 فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ: الفرائض
والأحكام «2» ، أي:
كانوا على الكفر، فلما جاءهم العلم من جهة الرسول والكتاب
اختلفوا فآمن فريق وكفر فريق.
وقيل «3» : كانوا على الإقرار بمحمد- عليه السّلام- قبل مبعثه
بصفته فما اختلفوا حتى جاءهم معلوم العلم به.
94 فَإِنْ كُنْتَ: أيها السامع، فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا
إِلَيْكَ: على لسان نبينا فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ
الْكِتابَ.
ومن قال إن الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم فذلك على قسمة
الكلام وقضية الخطاب «4» .
__________
(1) ذكره النحاس في معاني القرآن: 3/ 315.
(2) فيكون المراد ببني إسرائيل هنا الذين كانوا قبل موسى عليه
السلام ثم عاصروه.
وقد ذكر الفخر الرازي نحو هذا القول في تفسيره: 17/ 165 فقال:
«والمراد أن قوم موسى عليه السلام بقوا على ملة واحدة ومقالة
واحدة من غير اختلاف حتى قراء التوراة، فحينئذ تنبهوا للمسائل
والمطالب ووقع الاختلاف بينهم. ثم بين تعالى أن هذا النوع من
الاختلاف لا بد وأن يبقى في دار الدنيا، وأنه تعالى يقضي بينهم
يوم القيامة» .
(3) ذكره الفراء في معاني القرآن: 1/ 478، والطبري في تفسيره:
15/ 199، ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 198 عن ابن بحر وابن
جرير الطبري.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 63 عن ابن عباس رضي الله
عنهما.
وانظر المحرر الوجيز: (7/ 216، 217) ، وتفسير القرطبي: 8/ 381.
(4) لعله يريد أن الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، والمراد
به غيره من الشاكين وقد ذكر ابن قتيبة هذا القول في تأويل مشكل
القرآن: (270- 272) ، ورجحه وقال: «لأن القرآن نزل عليه بمذاهب
العرب كلهم، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره، ولذلك
يقول متمثلهم: إياك أعني واسمعي يا جارة.
ومثله قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا
تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ
عَلِيماً حَكِيماً الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد
بالوصية والعظة المؤمنون، يدلك على ذلك أنه قال:
وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ
بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ولم يقل: «بم تعمل خبيرا» . ورجح
الزجاج هذا القول في معاني القرآن: 3/ 32، وابن عطية في المحرر
الوجيز: 7/ 217، والفخر الرازي في تفسيره: 17/ 167.
(1/404)
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ
أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ
عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100) قُلِ انْظُرُوا مَاذَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ
وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) فَهَلْ
يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ
قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ
الْمُنْتَظِرِينَ (102) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ
آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ
(103) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ
مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ
وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ
أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (105) وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا
يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا
مِنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ
فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ
فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) قُلْ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ
فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ
فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ
بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ
حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)
100 أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ: بعلمه أو بتمكينه وإقداره، وأصل «الإذن» «1» الإطلاق
في الفعل «2» .
101 قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: أي: من
العبر باختلاف اللّيل والنّهار، ومجرى النجوم والأفلاك، ونتاج
الحيوان، وخروج الزرع والثمار، ووقوف السماوات والأرض بغير
عمد.
وَما تُغْنِي الْآياتُ: «ما» يجوز نافية «3» ، ويجوز استفهاما،
أي: أيّ شيء يغنى عنهم إذا لم يستدلوا بها؟.
109 وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ: يأمرك بالهجرة
والجهاد.
__________
(1) في «ج» : على الأصل في الإذن الإطلاق في الفعل.
(2) التعريفات للجرجاني: 16. [.....]
(3) قال أبو حيان في البحر المحيط: 5/ 194: «و «ما» الظاهر
أنها للنفي، ويجوز أن تكون استفهاما، أي: وأيّ شيء تغني
الآيات، وهي الدلائل، وهو استفهام على جهة التقرير، وفي الآية
توبيخ لحاضري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المشركين» .
وانظر المحرر الوجيز: 7/ 226، وتفسير الفخر الرازي: 17/ 177،
والتبيان للعكبري:
2/ 686، وتفسير القرطبي: 8/ 386، والدر المصون: 6/ 271.
(1/405)
|