إيجاز البيان عن معاني القرآن

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)

ومن سورة يوسف
3 نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ: نبين لك أحسن البيان.
4 يا أَبَتِ: يا أبي «1» ، و «التاء» للمبالغة، ك «العلّامة» و «النسّابة» ، أو للتفخيم، ك «يوم القيامة» [للقيام] «2» ، أو منقلبة عن الواو المحذوفة من لام الفعل مثل: «كلتا» فأصلها «كلوا» .
وأعاد رَأَيْتُهُمْ لأنّها رؤية سجودهم له، والأولى رؤيته إياهم «3» .
والسجود: الخضوع «4» ، والسجود من أفعال ذوي العقل فجاء ساجِدِينَ فيمن «5» لا يعقل على صيغة العقل، كقوله «6» : يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ.
5 يا بُنَيَّ: ثلاث ياءات: ياء التصغير، والأصلية، وياء الإضافة
__________
(1) جاء بعده في كتاب وضح البرهان للمؤلف: 1/ 449: «فحذفت ياء الإضافة، وهذه التاء للمبالغة ... » . [.....]
(2) عن نسخة «ج» .
(3) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 2/ 245، وذكره- أيضا- الفخر الرازي في تفسيره:
18/ 89 وظاهر هذا القول أن الرؤية تكررت، وسياق الآية لا يدل عليه، وإنما إعادة الفعل لتأكيد المعنى لأنه إخبار عن رؤية منامية فلئلا يتوهم الغلط والنسيان أكد الفعل ولم يعطف.
قال أبو حيان في البحر المحيط: 5/ 280: «والظاهر أن رَأَيْتُهُمْ كرر على سبيل التوكيد للطول بالمفاعيل ... » .
وينظر الدر المصون: (6/ 436، 437) .
(4) عن تفسير الماوردي: 2/ 245، وينظر البحر المحيط: 5/ 280، والدر المصون:
6/ 437.
(5) في «ج» : فيما.
(6) سورة النمل: آية: 18.

(1/430)


إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)

حذفت اجتزاء بالكسرة.
8 أَبانا لَفِي ضَلالٍ: غلط في تدبير أمر الدّنيا «1» إذ نحن أنفع له منه.
15 فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ: محذوف الجواب «2» ، والكوفيون يجعلون أَجْمَعُوا جوابا «3» ، والواو مقمحة «4» ، وإقحامها لم يثبت بحجة ولا له وجه في القياس.
غَيابَتِ الْجُبِّ: أسفله حيث يغيب عن الأبصار «5» .
17 نَسْتَبِقُ: ننتضل، من السباق في الرّمي، أو نستبق بالعدو. / أيّنا [46/ ب] أسرع.
19 يا بُشْرى: موضع الألف فتح، منادى مضاف «6» .
وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً: المدلي ومن معه لئلا يسألوهم الشركة لرخص ثمنه «7» .
__________
(1) قال القرطبي في تفسيره: 9/ 131: «لم يريدوا ضلال الدين، إذ لو أرادوا لكانوا كفارا، بل أرادوا لفي ذهاب عن وجه التدبير، في إيثار اثنين على عشرة مع استوائهم في الانتساب إليه.
(2) الكشاف: 2/ 306، والبيان لابن الأنباري: 2/ 35، والتبيان للعكبري: 2/ 725، والبحر المحيط: 5/ 287، والدر المصون: 6/ 453.
(3) ذكره الطبري في تفسيره: 15/ 575.
وينظر الإنصاف لابن الأنباري: 2/ 456، والبحر المحيط: 5/ 287.
(4) في «ج» : وادعو أن الواو مقحمة..
(5) ينظر تفسير الطبري: 15/ 566، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 93، ومعاني النحاس:
3/ 400، والمفردات للراغب: 367.
(6) هذا التوجيه على قراءة من أثبت الألف، وهذه القراءة لابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، وابن عامر.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 347، وحجة القراءات: 357، والكشف لمكي: 2/ 7، والبحر المحيط: 5/ 290، والدر المصون: 6/ 459.
(7) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (16/ 4، 5) عن مجاهد.
ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 406، والماوردي في تفسيره: 2/ 253 عن مجاهد أيضا.

(1/431)


وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)

20 وَشَرَوْهُ: باعوه «1» ، بِثَمَنٍ بَخْسٍ: ظلم «2» .
وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ: لعلمهم بظلمهم، وذلك أن إخوته جاءوا إلى البئر ليبحثوا عنه فإذا هم به في يد الواردين، فقالوا: عبدنا وبضاعتنا ثم باعوه منهم «3» .
22 وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ: كمال القوة، من ثمانية عشر إلى ستين «4» .
__________
(1) وهو من الأضداد.
ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 304، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 214، والأضداد لابن الأنباري: 72.
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 12 عن قتادة.
ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 407، والماوردي في تفسيره: 2/ 254، وابن عطية في المحرر الوجيز: (7/ 465، 466) عن قتادة أيضا.
ورجح الزجاج في معاني القرآن: 3/ 98 هذا القول فقال: «لأن الإنسان الموجود (الحر) لا يحل بيعه» . [.....]
(3) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 8 عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق محمد بن سعد عن أبيه ... » ، وهو إسناد مسلسل بالضعفاء تقدم بيان أحوالهم ص (135) .
وليس في سياق الآيات ما يدل على هذا المعنى، بل العكس، فقد كانوا يحاولون التخلص منه واتفقت كلمتهم على أن يلقوه في البئر بإدلائه في البئر، ثم تركوه فكيف يرجعون للبحث عنه؟.
أما الذين باعوه فهم الذين أدلوا دلوهم في البئر ووجدوه واصطحبوه معهم وباعوه على الذي اشتراه من مصر، وكانوا فيه من الزاهدين لظنهم أنه لا يرغب في شرائه أحد، إما لصغره، أو لضعفه بسبب ما لحقه من أذى إخوته.
(4) ذكره الطبري في تفسيره: 16/ 21. وأورد أقوالا أخرى في ذلك ثم قال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتى يوسف لما بلغ أشده حكما وعلما، و «الأشد» هو انتهاء قوته وشبابه، وجائز أن يكون آتاه ذلك وهو ابن ثماني عشرة سنة، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن عشرين سنة، وجائز أن يكون آتاه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، ولا دلالة له في كتاب الله، ولا أثر عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولا في إجماع الأمة، على أيّ ذلك كان. وإذا لم يكن ذلك موجودا من الوجه الذي ذكرت، فالصواب أن يقال فيه كما قال عز وجل، حتى تثبت حجة بصحة ما قيل في ذلك من الوجه الذي يجب التسليم له، فيسلم لها حينئذ» .

(1/432)


وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)

23 وَراوَدَتْهُ: طلبته بهوى وميل من الإرادة، وجاءت على المفاعلة لأنها في موضع دواعي الطبعين.
هَيْتَ لَكَ: هلمّ إلى ما هو لك «1» .
إِنَّهُ رَبِّي: أي: العزيز «2» مالكي حكما، بل الله ربي أحسن مثواي في طول مقامي.
24 وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ: تقديره: ولولا أن رأى برهان ربّه همّ بها «3» ، بدليل صرف السوء والفحشاء عنه ولأن لَوْلا أَنْ رَأى شرط فلا يجعل الكلام مطلقا.
وقيل: همّ بها من قبل الشهوة التي جبل الإنسان عليها لا بعلّة «4» ، والثواب على قمعها في [وقت] «5» غلبتها.
__________
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 305، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 215، ومعاني الزجاج: 3/ 99.
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 31 عن مجاهد.
وذكره الزجاج في معانيه: 3/ 101 ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 258 عن مجاهد، وابن إسحاق، والسدي.
وقال البغوي في تفسيره: 2/ 418: «وهذا قول أكثر المفسرين» .
(3) ذكره الزجاج في معاني القرآن: 3/ 101.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 259، وابن الجوزي في زاد المسير: (4/ 205، 206) عن قطرب.
ويكون هذا المعنى على أن في الكلام تقديما وتأخيرا.
قال ابن الجوزي: «فلما رأى البرهان، لم يقع منه الهم، فقدّم جواب «لولا» عليها، كما يقال: قد كنت من الهالكين، لولا أن فلانا خلصك، لكنت من الهالكين ... » .
زاد المسير: 4/ 205.
(4) يعني ليس بدافع نفسي فاسد من الميل إلى الوقوع في المحرم.
(5) في الأصل و «ج» : «وزن» ، والمثبت في النص عن «ك» .

(1/433)


وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)

ويحكى أن سليمان «1» بن يسار علقته بعض نساء المدينة من صميم شرفها وحسنات دهرها، ودخلت عليه من كل مدخل، ففر من المدينة فرأى يوسف في المنام فقال له: أنت الذي هممت فقال يوسف: وأنت الذي لم تهم «2» .
30 قَدْ شَغَفَها حُبًّا: بلغ حبّه شغاف قلبها «3» ، كما يقال: رأسه، ودمغه «4» .
و «الشّغاف» : غلاف القلب جلدة بيضاء «5» .
وقيل: الشّغاف: داء تحت الشّراسيف «6» أصابها من حبّه ما يصيب من الشغاف.
__________
(1) هو سليمان بن يسار الهلالي، المدني، أحد الفقهاء السبعة.
قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: 255: «ثقة» ، فاضل، من كبار الثالثة، مات بعد المائة» .
ترجمته في: طبقات ابن سعد: 5/ 174، وطبقات الفقهاء للشيرازي: 60، وتذكرة الحفاظ: 1/ 91، وسير أعلام النبلاء: 4/ 444.
(2) أخرج أبو نعيم نحو هذه الرواية في حلية الأولياء: (2/ 190، 191) عن مصعب بن عثمان.
وأوردها الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: 4/ 446، وعقّب عليها بقوله: فإنّ هذا يقتضي أن تكون درجة الولاية أرفع من درجة النبوة وهو محال ولو قدّرنا يوسف غير نبي فدرجته الولاية، فيكون محفوظا كهو ولو غلقت على سليمان الأبواب، وروجع في المقال والخطاب، والكلام والجواب مع طول الصحبة لخيف عليه الفتنة وعظيم المحنة، والله أعلم.
(3) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 308، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 215.
(4) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 215: «يقال: قد شغفت فلانا، إذا أصبت شغافه.
كما يقال: كبدته، إذا أصبت كبده. وبطنته: إذا أصبت بطنه» .
وينظر تفسير الطبري: 16/ 63، والصحاح 4/ 1382، واللسان: 9/ 179 (شغف) .
(5) تهذيب اللّغة: 16/ 175، واللسان: 9/ 179 (شغف) .
(6) الشراسيف: جمع شرسوف بوزن عصفور، وهو غضروف معلق بكل ضلع مثل غضروف الكتف.
اللسان: 9/ 175 (شرسف) .
وفي تهذيب اللّغة: 16/ 177 عن الأصمعي: «أن الشغاف داء في القلب، إذا اتصل بالطحال قتل صاحبه» .
وانظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 105، والصحاح: 4/ 1382 (شغف) .

(1/434)


فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)

31 وَأَعْتَدَتْ: من «العتاد» «1» ، مُتَّكَأً: مجلسا «2» ، أو وسادة، أو طعاما «3» لأن الضيف يطعم ويكرم على متّكاء يطرح له، تقول العرب:
اتكأنا عند فلان، أي: طعمنا «4» .
أكبرن: أعظمن «5» ، وقيل «6» : حضن، وليست من كلام العرب، وعسى أن يكون من شدة ما أعظمنه حضن.
32 فَاسْتَعْصَمَ: امتنع طالبا للعصمة.
33 السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ: أي: حبيب «7» ، لا أن الحبّ جمعهما، ثم السجن أحب إليّ من الفحشاء «8» /. [47/ أ] .
__________
(1) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 308: «أفعلت من العتاد، ومعناه: أعدت له متكئا» .
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 216، وتفسير الطبري: 16/ 69، ومعاني الزجاج:
3/ 105. [.....]
(2) ذكره الفراء في معاني القرآن: 2/ 42، والطبري في تفسيره: 16/ 70.
(3) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 216، وأخرجه الطبري في تفسيره: (16/ 72- 74) عن مجاهد، وقتادة، وعكرمة، وابن إسحاق، وابن زيد.
(4) عن تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 216.
(5) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 309، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 217، وأخرجه الطبري في تفسيره: (16/ 75، 76) عن مجاهد، وقتادة، والسدي، وابن زيد.
ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 422 عن مجاهد، ثم قال: «وهذا هو الصحيح» .
(6) أورده أبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 309 فقال: «ومن زعم أن أَكْبَرْنَهُ: حضن، فمن أين؟ وإنما وقع عليه الفعل ذلك، لو قال: أكبرن، وليس في كلام العرب أكبرن: حضن، ولكن عسى أن يكون من شدة ما أعظمنه حضن» .
وأورد هذا القول أيضا الطبري في تفسيره: 16/ 76، والزجاج في معاني القرآن:
3/ 106، والنحاس في معانيه: 3/ 422، وجميعهم ضعف هذا القول.
(7) العبارة في «ج» : أي: حبيب لأن «أفعل» يقتضي أن الحب جمعهما ...
(8) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: 16/ 88 عن السدي.

(1/435)


وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)

أَصْبُ: أمل «1» .
36 مِنَ الْمُحْسِنِينَ: في عبارة الرؤيا «2» ، وقيل «3» : كان يداوي مرضاهم، ويعزّي حزينهم، ويعين المظلوم، وينصر الضعيف، ويجتهد في عبادة ربه.
37 لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ: كان يخبر بما غاب مثل عيسى عليه السلام «4» ، فقدم هذا على التعبير ليعلما ما خصّه الله به.
و «التأويل» الخبر عما حضر بما يؤول إليه فيما غاب.
42 فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ: أي: ذكر يوسف لملكه «5» ، أو أنسى
__________
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 311، وتفسير الطبري: 16/ 88، ومعاني النحاس:
3/ 424، وقال الزجاج في معانيه: 3/ 108: «يقال: صبا إلى اللهو يصبو صبوا، وصبيّا، وصبّا، إذا مال إليه» .
(2) ذكره النحاس في معاني القرآن: 3/ 426.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 269، وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 223 عن ابن إسحاق.
(3) أخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 98 عن الضحاك، وقتادة.
ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 426، والماوردي في تفسيره: 2/ 268، والقرطبي في تفسيره: 9/ 190 عن الضحاك.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 223، وقال: «رواه مجاهد عن ابن عباس» .
(4) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 2/ 269 عن الحسن رحمه الله تعالى.
وكذا ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 224، والقرطبي في تفسيره: 9/ 191.
(5) فيكون الناسي على هذا القول صاحبه الذي كان معه في السجن.
وقد أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (16/ 109، 110) عن ابن إسحاق، ومجاهد، وقتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 271 عن ابن إسحاق.
قال النحاس في معانيه: 3/ 428: «وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد:
رب ... » .

(1/436)


قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)

الشيطان أن يذكر الله «1» وسوّل له الاستعانة بغيره وزيّن الأسباب التي ينسى معها.
والبضع ما دون العشر، من ثلاث إلى عشر «2» .
44 أَضْغاثُ أَحْلامٍ: أخلاطها وألوانها «3» ، و «الضّغث» : ملء الكف من الحشيش الذي فيه كل نبت «4» ، والضغث: ما اختلط من الأمر «5» .
وفي حديث عمر «6» - رضي الله عنه-: «اللهم إن كتبت عليّ إثما أو ضغثا فامحه عنّي فإنك تمحو ما تشاء» .
45 وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ: بعد انقضاء أمّة من الناس «7» .
__________
(1) يكون الناسي على هذا القول يوسف عليه السلام.
ذكره الطبري في تفسيره: 16/ 111، والزجاج في معانيه: 3/ 112.
ونقله النحاس في معاني القرآن: 3/ 429 عن مجاهد.
وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 227 إلى مجاهد، ومقاتل، والزجاج.
(2) ذكره الماوردي في تفسيره: 2/ 271 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: 7/ 517: «والبضع في كلام العرب اختلف فيه، فالأكثر على أنه من الثلاثة إلى العشرة، قاله ابن عباس، وعلى هذا هو فقه مالك رحمه الله في الدعاوى والأيمان» .
وقال الطبري في تفسيره: 16/ 115: «والصواب في «البضع» ، من الثلاث إلى التسع، إلى العشر، ولا يكون دون الثلاث. وكذلك ما زاد على العقد إلى المائة، وما زاد على المائة فلا يكون فيه بضع. [.....]
(3) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 217، وتفسير الطبري: 16/ 117، وتفسير الماوردي: 2/ 272.
(4) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 312، وغريب القرآن لليزيدي: (183، 184) ، وتفسير الطبري: 16/ 117، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 112، وتفسير الماوردي: 2/ 272، والمفردات للراغب: 297، واللسان: 2/ 164 (ضغث) .
(5) اللسان: 2/ 163 (ضغث) .
(6) الحديث في الفائق للزمخشري: 2/ 341، وغريب الحديث لابن الجوزي: 2/ 12، والنهاية: 3/ 90، وتهذيب اللغة للأزهري: 8/ 5.
قال ابن الأثير: «أراد عملا مختلطا غير خالص. من ضغث الحديث إذا خلطه، فهو فعل بمعنى مفعول. ومنه قيل للأحلام الملتبسة: أضغاث» .
(7) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 2/ 273 عن الحسن رحمه الله تعالى.
والقول المشهور في المراد ب «الأمّة» هنا هو الحين من الدهر، وقد أخرجه الطبري في تفسيره: (16/ 120، 121) عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والسدي، وعكرمة.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 113، ومعاني النحاس: 3/ 432، والمحرر الوجيز:
7/ 522، وتفسير القرطبي: 9/ 201.

(1/437)


قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)

47 تَزْرَعُونَ ... دَأَباً: نصب على المصدر «1» لأن تَزْرَعُونَ يدل على تدأبون، أو هو حال «2» ، أي: تزرعون دائبين، كقوله «3» : وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً، أي: راهيا.
48 يَأْكُلْنَ: يؤكل فيهن، على مجاز: ليل نائم «4» .
49 يُغاثُ: من الغيث «5» ، تقول العرب: «غثنا ما شئنا» «6» .
يَعْصِرُونَ: أي: العنب «7» ، أو ينجون «8» ، و «العصرة» النجاة من
__________
(1) إعراب القرآن للنحاس: 2/ 332، والمحرر الوجيز: 7/ 526، والتبيان للعكبري:
2/ 734، وتفسير القرطبي: 9/ 203.
(2) والوجه الذي ذكره المؤلف على تقدير حذف مضاف.
ينظر البحر المحيط: 5/ 315، والدر المصون: 6/ 510، وتفسير القرطبي: 9/ 203.
(3) سورة الدخان: آية: 24.
(4) أورده ابن عطية في المحرر الوجيز: 7/ 528، وقال: «وهذا كثير في كلام العرب» .
وانظر تفسير الطبري: 16/ 126، وتفسير الماوردي: 2/ 275، وزاد المسير: 4/ 233.
(5) أي: المطر.
ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 218، وتفسير الطبري: 16/ 128، وزاد المسير:
4/ 234، والبحر المحيط: 5/ 315، وتفسير ابن كثير: 4/ 318.
(6) أي: مطرنا ما أردنا.
اللسان: 2/ 175 (غيث) ، والدر المصون: 6/ 510.
(7) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 218.
وأخرج نحوه الطبري في تفسيره: (16/ 129، 130) عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي، وقتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 275 عن قتادة، ومجاهد.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 234، وقال: «رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والجمهور» .
(8) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 313، واليزيدي في غريب القرآن: 184 ورده الطبري في تفسيره: 16/ 131 بقوله: «وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله: وَفِيهِ يَعْصِرُونَ إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من «العصر» و «العصرة» ، التي بمعنى المنجاة ... » .

(1/438)


قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)

الجوع والعطش، و «تعصرون» «1» : تمطرون من قوله «2» : وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ.
51 حاشَ لِلَّهِ: عياذا به وتنزيها من هذا الأمر «3» .
تقول: كنت في حشا فلان: ناحيته، وتركته بحياش البلاد: بالبعد من أطرافها، وهو لا ينحاش من شيء: لا يكترث «4» .
حَصْحَصَ الْحَقُّ: ظهر وتبين «5» من جميع وجوهه. من حصّ رأسه: صلع «6» ، أو من الحصّة، أي: بانت حصّة الحق من الباطل.
وقال الأزهريّ «7» : هو من حصحص البعير بثفناته «8» في الأرض إذا برك حتى يتبين آثارها فيه.
__________
(1) بضم التاء على البناء للمفعول، قراءة عيسى البصري، وهي شاذة.
ينظر المحتسب: 1/ 345، والبحر المحيط: 5/ 316، والدر المصون: 6/ 511. [.....]
(2) سورة النبأ: آية: 14.
(3) المفردات للراغب: 136، وتفسير البغوي: 2/ 430، وتفسير القرطبي: 9/ 207.
(4) ينظر ما سبق في تهذيب اللغة: 5/ 142، واللسان: (6/ 290، 291) (حوش) .
(5) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 314، وغريب القرآن لليزيدي: 184، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 218، ومعاني القرآن للنحاس: 3/ 438، والمفردات للراغب: 120.
(6) تفسير الطبري: 16/ 140، وتفسير الماوردي: 2/ 277، وتفسير القرطبي: 9/ 208.
وفي تهذيب اللغة: 3/ 401: «إذا ذهب الشعر كله قيل: رجل أحصّ وامرأة حصّاء» .
وانظر اللسان: 7/ 13 (حوص) ، والدر المصون: 6/ 513.
(7) لم أقف على قوله في مظانه في تهذيب اللغة، وهو في تفسير الفخر الرازي: 18/ 157، والدر المصون: 6/ 513 دون نسبة.
(8) الثفنات: جمع «ثفنة» ، وهي ما يقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ، كالركبتين وغيرها.
الصحاح: 5/ 2088، واللسان: 13/ 78 (ثفن) .

(1/439)


قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)

55 خَزائِنِ الْأَرْضِ: معنى اللام تعريف الإضافة لأنها بدل منها، أي:
خزائن أرضك «1» ، وسأل ذلك لصلاح العباد بحسن تدبيره لها.
[47/ ب] 62 بِضاعَتَهُمْ: وكانت/ ورقا «2» ، وإنما ردها ليتوسع بها أبوه وقومه «3» .
63 نَكْتَلْ: وزنه [نفتل] «4» محذوف العين، سأله المازنيّ «5» عن ابن السكّيت «6» عند الواثق «7» ، فقال: «نفعل» قال: فماضيه- إذا-
__________
(1) تفسير الطبري: 16/ 148، وتفسير الماوردي: 2/ 280، والكشاف: 2/ 328، والبحر المحيط: 5/ 319.
(2) تفسير الطبري: 16/ 157، وتفسير الماوردي: 2/ 285.
والورق: الدرهم المضروبة وربما سميت الفضة ورقا.
ينظر الصحاح: 4/ 1564، واللسان: 10/ 375 (ورق) .
(3) ذكره الطبري في تفسيره: 16/ 157.
(4) في الأصل: «نفتعل» ، والمثبت في النص عن «ج» .
(5) المازني: (- 249 هـ) .
هو بكر بن محمد بن حبيب بن بقيّة المازني، أبو عثمان.
الإمام النحويّ، من أهل البصرة.
من مؤلفاته: ما تلحن فيه العامة، وكتاب الألف واللّام والتصريف وعليه شرح ابن جني المسمّى «المنصف» .
أخباره في: طبقات النحويين للزّبيدي: 87، وتاريخ بغداد: 7/ 93، ومعجم الأدباء:
7/ 107، وسير أعلام النبلاء: 12/ 270، وبغية الوعاة: 1/ 463.
(6) ابن السكّيت: (- 244 هـ) .
هو يعقوب بن إسحاق بن السّكّيت البغدادي أبو يوسف.
صنّف إصلاح المنطق، والقلب والإبدال وكتاب الألفاظ، والأضداد ... وغير ذلك.
أخباره في: طبقات النحويين للزبيدي: 202، ومعجم الأدباء: 20/ 50، ووفيات الأعيان:
6/ 395، وبغية الوعاة: 2/ 349.
(7) يريد الواثق بالله الخليفة العباسي كما في معجم الأدباء لياقوت: 7/ 117، وأورد المناظرة التي جرت بينهما كاملة.
وفي طبقات النحويين للزبيدي: 203، ووفيات الأعيان: (6/ 397، 398) ، وسير أعلام النبلاء: 12/ 17 أن المناظرة كانت في مجلس محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم.
وذكر الذهبي في موضع آخر من سير أعلام النبلاء: (12/ 271، 272) أن المناظرة كانت في مجلس الخليفة المتوكل. وهو موافق لما ذكره القفطي في إنباه الرواة: 1/ 250. [.....]

(1/440)


قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)

«كتل» «1» .
64 فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً: مصدر، كقراءة من قرأ: خير حفظا «2» ، كقوله «3» : أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ أي: دعاء الله.
65 ما نَبْغِي: ما الذي نطلب بعد هذا «4» ؟.
نَمِيرُ أَهْلَنا: نحمل لهم الميرة وهي ما يقوت الإنسان «5» .
وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ: كان يعطي كل واحد منهم حمل بعير.
ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ: نناله بيسر.
__________
(1) أورد الزجاجي هذه المناظرة في مجالس العلماء: 230 مسندة إلى أبي عثمان المازني أنه قال: «جمعني وابن السكيت بعض المجالس، فقال لي بعض من حضر: سله عن مسألة- وكان بيني وبين ابن السكيت ودّ، فكرهت أن أتهجمه بالسؤال، لعلمي بضعفه في النحو، فلما ألح عليّ قلت له: ما تقول في قول الله جل وعزّ: فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ ما وزن «نكتل» من الفعل ولم جزمه؟ فقال: وزنه «نفعل» وجزمه لأنه جواب الأمر. قلت له: فما ماضيه؟ ففكر وتشوّر، فاستحييت له، فلما خرجنا قال لي: ويحك ما حفظت الود، خجّلتني بين الجماعة.
فقلت: والله ما أعرف في القرآن أسهل منها» . قال: وزن نكتل نفتعل، من اكتال يكتال، وأصله نكتيل، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لسكونها وسكون اللام فصار نكتل.
(2) بكسر الحاء من غير ألف.
وهي قراءة ابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر.
السبعة لابن مجاهد: 350، والتبصرة لمكي: 229.
(3) سورة الأحقاف: آية: 31.
(4) تكون «ما» على هذا القول استفهامية.
قال الفخر الرازي في تفسيره: 18/ 174: «والمعنى لما رأوا أنه رد إليهم بضاعتهم قالوا:
ما نبغي بعد هذا، أي: أعطانا الطعام، ثم رد علينا ثمن الطعام على أحسن الوجوه، فأي شيء نبغي وراء ذلك؟» .
وذكر الزمخشري هذا الوجه في الكشاف: 2/ 331، وابن عطية في المحرر الوجيز: 8/ 18، وأبو حيان في البحر: 5/ 323، ورجحه السّمين الحلبي في الدر المصون: 6/ 519.
(5) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 314، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 219، والمفردات للراغب: 478، واللسان: 5/ 188 (مير) .

(1/441)


قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)

66 إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ: إلا أن تهلكوا جميعا «1» .
67 لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ: خاف عليهم العين «2» .
69 فَلا تَبْتَئِسْ: أي: لا تبأس، أي: لا يكن عليك بأس بعملهم، والسّقاية والصّواع والصّاع «3» : إناء يشرب فيه ويكال أيضا «4» .
والعير: الرفقة «5» .
70 إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ: كان ذلك من قول الخازن أو الكيّال، ولم يعلم من جعل السقاية فيه، ولو كان قول يوسف فعلى أنهم سرقوه من أبيه «6» .
73 وَما كُنَّا سارِقِينَ: لأنهم ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم «7» .
75 مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ: كان حكم السارق في دين بني
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 163 عن مجاهد.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 287، وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 253 عن مجاهد أيضا.
(2) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 50، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 219.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (16/ 165، 166) عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، ومحمد بن كعب، والسدي.
(3) من قوله تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ [آية: 70] ومن قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [آية: 72] .
(4) عن تفسير الماوردي: 2/ 289، ونص كلامه: «والسقاية والصواع واحد قال ابن عباس:
وكل شيء يشرب فيه فهو صواع» .
وانظر معاني القرآن للفراء: 2/ 51، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 315، وتفسير البغوي: 2/ 439، وتفسير القرطبي: 9/ 229.
(5) تفسير الماوردي: 2/ 289، وتفسير الفخر الرازي: 18/ 182.
(6) ينظر القولان السابقان في تفسير الماوردي: 2/ 289، وتفسير البغوي: 2/ 439، وزاد المسير: (4/ 257، 258) ، وتفسير الفخر الرازي: 18/ 183، وتفسير القرطبي:
9/ 231.
(7) ذكره الطبري في تفسيره: (16/ 181، 182) ، والزجاج في معانيه: 3/ 121.
وانظر تفسير الماوردي: 2/ 290، وتفسير الفخر الرازي: 18/ 184.

(1/442)


فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)

إسرائيل أن يسترقّه صاحب المال «1» .
وتقدير الإعراب: جزاؤه استرقاق من وجد في رحله فهذا الجزاء جزاؤه، كما تقول: جزاء السارق القطع فهو جزاؤه لتقرير البيان «2» .
76 كَذلِكَ كِدْنا: صنعنا»
ودبّرنا، أو أردنا «4» ، أو كدنا إخوته له ووعظناهم بما دبّرنا في أمره.
ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ: كان حكم السارق الضرب والضمان في دين الملك «5» .
__________
(1) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 220، وتفسير الطبري: 16/ 182، وتفسير الماوردي:
2/ 291، وتفسير البغوي: 2/ 440.
(2) وفي الآية ثلاثة وجوه أخرى.
ينظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 121، وإعراب القرآن للنحاس: 2/ 338، والتبيان للعكبري: 2/ 739، والبحر المحيط: 5/ 331، والدر المصون: (6/ 529- 532) . [.....]
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (16/ 186- 188) عن مجاهد، والضحاك، والسدي.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 291 عن الضحاك، وابن عطية في المحرر الوجيز:
8/ 32 عن الضحاك، والسدي.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 261، وقال: «قاله الضحاك عن ابن عباس» .
ونقل القرطبي هذا القول في تفسيره: 9/ 236 عن ابن عباس.
وأما قول المؤلف «ودبرنا» عطفا على «صنعنا» فهو قول آخر ذكره الماوردي في تفسيره:
2/ 291 عن ابن عيسى، والقرطبي في تفسيره: 9/ 236 عن ابن قتيبة.
وذكره البغوي في تفسيره: 2/ 440 دون عزو.
(4) ذكره البغوي في تفسيره: 2/ 440 دون عزو.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 261، والقرطبي في تفسيره: 9/ 236 عن ابن الأنباري.
(5) تفسير البغوي: 2/ 440، وزاد المسير: 2/ 261.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: 18/ 186: «والمعنى: أنه كان حكم الملك في السارق أن يضرب ويغرم ضعفي ما سرق، فما كان يوسف قادرا على حبس أخيه عند نفسه بناء على دين الملك وحكمه، إلا أنه تعالى كاد له ما جرى على لسان إخوته أن جزاء السارق هو الاسترقاق» .

(1/443)


قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)

إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ: من استرقاق السارق على دين بني إسرائيل «1» .
وموضع أَنْ نصب لإمضاء الفعل إليها عند سقوط [الباء] «2» ، أي:
بمشيئة الله «3» .
وتسريق أخيه مع براءته احتيال تضمّن وجوها من الحكمة: من أخذه [48/ أ] عنهم على حكمهم، وأن أخاه كان عالما بالقصة فلم يكن بهتانا وأن/ القصة كانت بغرض الظهور وأنه كالتلعب بهم مع ما جدّوا في إهلاكه، ويكون ذلك من الملاينة والمقاربة، وأنه جعل لهم مخلصا لو فطنوه، فإنه جعل بضاعتهم في رحالهم ولم يعلموا فهلّا قالوا: الصّواع جعلت في رحالنا بغير علمنا «4» .
77 فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ: قيل: كان يوسف في صباه- أخذ شيئا من الدار [ودفعه] «5» إلى سائل «6» .
وقيل: كان في حضانة عمته، فلما أراد يعقوب أخذه منها على كراهتها جعلت مخنقة «7» في جيبه من غير علمه وسرّقته لتسترقه فتمسكه «8»
__________
(1) عن تفسير الماوردي: 2/ 291.
(2) في الأصل: «الهاء» ، والمثبت في النص عن «ك» .
(3) معاني القرآن للزجاج: 3/ 122.
(4) تفسير الماوردي: 2/ 292.
(5) في الأصل: ودفعها، والمثبت في النص عن «ج» .
(6) ذكر البغوي هذا القول في تفسيره: 2/ 441 عن مجاهد.
(7) كذا في «ك» ، وكتاب وضح البرهان للمؤلف. وورد في المصادر التي ذكرت هذا الخبر:
«منطقة» .
قال ابن الأثير في النهاية: 5/ 75: «والمنطق: النطاق، وجمعه: مناطق، وهو أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال، لئلا تعثر في ذيلها» .
(8) أخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 196 عن مجاهد وكذا ابن أبي حاتم في تفسيره: 273 (سورة يوسف) . ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 293، وابن الجوزي في زاد المسير:
4/ 263، والقرطبي في تفسيره: 9/ 239 عن مجاهد أيضا. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 563، وزاد نسبته إلى ابن إسحاق، عن مجاهد.
- وحكاه ابن عطية في المحرر الوجيز: 8/ 36 عن الجمهور.

(1/444)


فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)

80 فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا: يئسوا «1» .
نَجِيًّا: جمع «ناج» «2» .
وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ: موضع ما نصب بوقوع الفعل عليه، وهو وما بعده بمنزلة المصدر «3» كأنه: ألم تعلموا ميثاق أبيكم وتفريطكم.
و «الكظيم» «4» : الصّابر على حزنه «5» ، من «كظم الغيظ» ، أو الممتلئ حزنا كالسقاء المكظوم «6» .
85 تَفْتَؤُا: لا تفتؤا «7» ، أي: لا تنفك.
__________
(1) غريب القرآن لليزيدي: 186، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 220، وتفسير الطبري:
16/ 203، ومعاني القرآن للنحاس: 3/ 450.
(2) فيكون «ناج» على قول المؤلف من النجاة، وهو السالم من الهلاك وليس من النجوى، ولم أقف على قوله فيما رجعت إليه من المصادر.
والذي ورد في كتب المعاني والتفسير أن «نجيا» بمعنى النجوى وجمعه أنجية.
ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 315، وتفسير الطبري: 16/ 204، ومعاني الزجاج:
3/ 124، والبحر المحيط: 5/ 235، والدر المصون: 6/ 638، واللسان: 15/ 308 (نجا) .
(3) ينظر إعراب القرآن للنحاس: 2/ 341، والمحرر الوجيز: 8/ 44، والكشاف: 2/ 337، والتبيان للعكبري: 2/ 742، وتفسير القرطبي: 9/ 242، والبحر المحيط: 5/ 336، والدر المصون: 6/ 539. [.....]
(4) من قوله تعالى: وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [آية: 84] .
(5) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 221، وقال: «أي» كاظم، كما تقول: قدير وقادر. والكاظم: الممسك على حزنه، لا يظهره، ولا يشكوه» .
ورجح ابن عطية هذا الوجه في المحرر الوجيز: 8/ 51.
وانظر تفسير الماوردي: 2/ 297، وتفسير البغوي: 2/ 444، وزاد المسير: 4/ 271، وتفسير القرطبي: 9/ 249.
(6) ذكره الزمخشري في الكشاف: 2/ 339.
وانظر المحرر الوجيز: 8/ 51، وتفسير القرطبي: 9/ 249.
(7) قال الطبري في تفسيره: 16/ 221: «وحذفت «لا» من قوله: تَفْتَؤُا وهي مرادة في الكلام، لأن اليمين إذا كان ما بعدها خبرا لم يصحبها الجحد، ولم تسقط «اللام» التي يجاب بها الأيمان وذلك كقول القائل: «والله لآتينك» وإذا كان ما بعدها مجحودا تلقيت ب «ما» أو ب «لا» ، فلما عرف موقعها حذفت من الكلام، لمعرفة السامع بمعنى الكلام» .

(1/445)


قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)

حَرَضاً: مريضا مدنفا «1» ، أحرضه الهمّ: أبلاه، وأحرض الرجل:
ولد له ولد سوء، وهو حارضة قومه: فاسدهم «2» .
86ثِّي
: هو تفريق الهمّ بإظهاره عن القلب.
و «التحسّس» «3» : طلب الشّيء بالحسّ.
88 مُزْجاةٍ: يسيره لا يعتدّ بها.
89 هَلْ عَلِمْتُمْ: معنى هَلْ ها هنا التذكير بحال يقتضي التوبيخ «4» ، والذي فعلوه بأخيه هو إفراده عن أخيه لأبيه وأمه مع شدّة إذلالهم إياه.
إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ: أي: جهل الصبا فاقتضى أنهم الآن على خلافه، ولولا ذلك لقال: وأنتم جاهلون، وحين قال لهم هذا أدركته الرقّة فدمعت عينه «5» .
92 لا تَثْرِيبَ: لا تعيير «6» . ثرّب: عدّد ذنبه.
__________
(1) معاني القرآن للفراء: 2/ 54، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 221، وتفسير الطبري:
16/ 221، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 126، والمفردات للراغب: 113.
(2) تهذيب اللغة: 4/ 205، واللسان: (7/ 134- 136) (حرض) .
(3) من قوله تعالى: يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ... [آية: 87] .
(4) ينظر تفسير الفخر الرازي: 18/ 207، وتفسير القرطبي: 9/ 255، والدر المصون:
6/ 551.
(5) أخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 243 عن ابن إسحاق.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 301، والبغوي في تفسيره: 2/ 446 عن ابن إسحاق أيضا.
(6) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 222: «لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتم، وأصل التثريب: الإفساد. يقال: ثرّب علينا: إذا أفسد» .
وانظر تفسير الطبري: 16/ 246، ومعاني القرآن للنحاس: 3/ 456، وتفسير الماوردي: - 2/ 302، واللسان: 1/ 235 (ثرب) .

(1/446)


وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)

94
تُفَنِّدُونِ: تعذلون «1» .
95 ضَلالِكَ الْقَدِيمِ: محبتك «2» أو محنتك «3» .
100 وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ: وكانوا بادية، أهل وبر ومواش.
والبادية: القوم المجتمعون الظاهرون للأعين «4» ، وعادة العامة أن البادية بلد الأعراب.
نَزَغَ الشَّيْطانُ: أفسد ما بينهم.
106 وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ: هو إيمان المشركين/ [48/ ب] بالله «5» وأنه الخالق الرازق ثم الأصنام شركاؤه وشفعاؤه.
وقيل «6» : إنه مثل قول الرجل: لولا الله وفلان لهلكت.
__________
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 318، وتفسير الطبري: 16/ 252.
ونقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 2/ 304 عن ابن بحر، وأنشد لجرير:
يا عاذليّ دعا الملامة واقصرا ... طال الهوى وأطلتما التفنيدا
وقيل في معنى تُفَنِّدُونِ تسفهون، وقيل: تكذبون، وقيل: تقبحون، وقيل: تضللون، وقيل: تهرّمون.
ذكر هذه الأقوال القرطبي في تفسيره: 9/ 260، ثم قال: «وكله متقارب المعنى، وهو راجع إلى التعجيز وتضعيف الرأي ... » .
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (16/ 256، 257) عن قتادة، وسفيان الثوري، وابن جريج.
وانظر تفسير الماوردي: 2/ 305، وتفسير الفخر الرازي: 18/ 212.
(3) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره: 2/ 305 عن مقاتل.
(4) اللسان: 14/ 67 (بدا) . [.....]
(5) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: (16/ 286- 288) عن ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 294، وقال: «رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، والشعبي، وقتادة» .
(6) نقله الماوردي في تفسيره: 2/ 312 عن أبي جعفر.

(1/447)


وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)

وقال الحسن «1» : هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان. وإنما كان اليهوديّ مشركا مع توحيده لأن عظم جرمه بجحده النّبوّة قد قام مقام الإشراك في العبادة. وجاز أن يجتمع كفر وإيمان ولا يجتمع صفة مؤمن وكافر لأن صفة مؤمن مطلقا صفة مدح ويتنافى استحقاق المدح والذم.
109 وَلَدارُ الْآخِرَةِ: دار الحالة الآخرة، كقوله «2» : وَحَبَّ الْحَصِيدِ:
أي: وحبّ الزّرع الحصيد.
110 حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا: بالتشديد «3» الضمير للرسل. والظن بمعنى اليقين، أي: لما استيأس الرسل من إيمان قومهم وأنهم كذبوهم جاءهم نصرنا، وبالتخفيف «4» الضمير للقوم، أي: حسب القوم أن الرسل كاذبون فهم على هذا مكذوبون لأن كل من كذبك فأنت مكذوبه، كما في صفة الرسول- عليه السلام- الصّادق المصدوق، أي:
صدّقه جبريل عليه السلام.
وسئل سعيد بن جبير عنها- في دعوة حضرها الضحاك «5» مكرها-
__________
(1) نص هذا القول عن الحسن- رحمه الله- في الكشاف للزمخشري: 2/ 346.
وذكره القرطبي في تفسيره: 9/ 272 عن الحسن، وقال: «حكاه ابن الأنباري» .
(2) سورة ق: آية: 9.
(3) قراءة ابن كثير، ونافع وأبي عمرو، وابن عامر.
السبعة لابن مجاهد: 351، والتيسير للداني: 130.
وانظر توجيه هذه القراءة في معاني القرآن للزجاج: 3/ 132، والكشف لمكي: 2/ 15، والدر المصون: 6/ 565.
(4) قراءة عاصم، والكسائي، وحمزة. كما في السبعة لابن مجاهد: 352، والتبصرة لمكي:
230.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 132، والكشف لمكي: (2/ 15، 16) ، وتفسير القرطبي: (9/ 275، 276) ، والبحر المحيط: 5/ 355.
(5) هو الضحاك بن مزاحم الهلاليّ، تابعي، حدّث عن ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وسعيد بن جبير ... وغيرهم.
قال عنه الحافظ في التقريب: 280: «صدوق كثير الإرسال، من الخامسة» .
ترجمته في سير أعلام النبلاء: (4/ 598- 600) ، وطبقات الداودي: 1/ 222.

(1/448)


فقال: نعم حتى إذا استيئس الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن قومهم أن الرسل كذبوهم. فقال الضحاك: ما رأيت كاليوم قط، رجل يدعى إلى علم فيتلكأ!! لو رحلت في هذا إلى اليمن لكان يسيرا «1» .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 300.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 597، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.

(1/449)