إيجاز البيان عن معاني القرآن

اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)

ومن سورة الرعد
2 بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها: أي: بعمد لا ترونها «1» . بل معناه: بغير عمد وترونها كذلك «2» .
و «العمد» جمع «عمود» «3» وعمدته: أقمته.
ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ: استولى بالاقتدار ونفوذ السلطان «4» .
كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى: في أدوارها وأكوارها «5» .
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (16/ 323، 324) عن ابن عباس، ومجاهد، وذكره الفراء في معانيه: 2/ 57، فقال: «خلقها بعمد لا ترونها، لا ترون تلك العمد. والعرب قد تقدم الحجة من آخر الكلمة إلى أولها يكون ذلك جائزا» .
(2) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 3/ 136.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 315 عن قتادة، وإياس بن معاوية.
قال الطبري في تفسيره: 16/ 325: «وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال كما قال الله تعالى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها فهي مرفوعة بغير عمد تراها، كما قال ربنا جل ثناؤه ولا خبر بغير ذلك، ولا حجة يجب التسليم لها بقول سواه» .
(3) في تفسير الطبري: 16/ 322: «والعمد» جمع عمود، وهي السّواري، وما يعمد به البناء، ... وجمع «العمود» عمد، كما جمع «الأديم» أدم، ولو جمع بالضم فقيل «عمد» جاز، كما يجمع «الرسول» رسل، و «الشكور» شكر» .
وانظر المفردات للراغب: 346، وتفسير البغوي: 3/ 5، وتفسير الفخر الرازي:
18/ 236.
(4) ينظر تفسير «الاستواء» فيما سبق 78، ومذهب السلف في «الاستواء» أنه معلوم والكيف مجهول.
(5) قال الراغب في المفردات: 443: «كور الشيء إدارته وضم بعضه إلى بعض ككور العمامة، وقوله: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ فإشارة إلى جريان الشمس في مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما» .
وانظر الصحاح: 2/ 810، واللسان: 5/ 156 (كور) .

(1/450)


وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)

3 وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ: نوعين اثنين من الحلو والحامض، والرّطب واليابس، والنافع والضار ولهذا لم يقع الاكتفاء ب «الزوجين» عن «الاثنين» «1» .
4 صِنْوانٌ: مجتمعة متشاكلة «2» . قيل «3» : هي النخلات، أصلها واحد، وركيّتان «4» صنوان إذا تقاربتا ولم يكن بينهما حوض.
و «المثلات» «5» : العقوبات يمثّل بها «6» ، واحدها «مثله» / [49/ أ] ك «صدقة» و «صدقات» «7» .
8 وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ: تنقص من مدة الولادة، وَما تَزْدادُ عليها.
أو ما تغيض من استواء الخلق، وما تزداد من الحسن والجثّة.
__________
(1) عن تفسير الماوردي: 2/ 316.
وأورده المؤلف في كتابه وضح البرهان: 1/ 472، وأضاف: «فهو من مشاكلة النقيض للنقيض، لأن الأشكال تقابل بالتناقض أكثر مما تقابل بالنظائر» .
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 321، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 224، وتفسير الطبري: 16/ 329، وتفسير القرطبي: 9/ 281. [.....]
(2) ذكره نحوه الماوردي في تفسيره: 2/ 317، وقال: «قاله بعض المتأخرين» .
(3) عزاه المؤلف في وضح البرهان: 1/ 472 إلى ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (16/ 335- 338) عن البراء بن عازب، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
وذكره الفراء في معاني القرآن: 2/ 58، وأبو عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 322، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 224.
(4) الركيّة: البئر.
الصحاح: 6/ 2361، واللسان: 14/ 334 (ركا) .
(5) من قوله تعالى: وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ ... [آية: 6] .
(6) ينظر تفسير الطبري: 16/ 350، ومعاني القرآن للنحاس: 3/ 472، وتفسير الماوردي:
2/ 318، وتفسير القرطبي: 9/ 284.
(7) معاني القرآن للفراء: 2/ 59، وتفسير الطبري: 16/ 350.

(1/451)


سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)

وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ: أي: كل ما يفعله- تعالى- على مقدار الحكمة والحاجة بلا زيادة ولا نقصان.
10 مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ: مخف عمله في ظلمة اللّيل «1» .
وَسارِبٌ: ذاهب سارح «2» . وقيل: [هو] «3» الداخل في سربه، أي: مذهبه «4» . مستتر فيها.
11 لَهُ مُعَقِّباتٌ: الملائكة «5» ، يتعاقبون بأمر الله في العالم، يأتي بعضهم في عقب بعض.
عقّب وعاقب وتعقّب وتعاقب. وفي الحديث «6» : «كان عمر يعقّب
__________
(1) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 2/ 320.
وانظر تفسير الطبري: 16/ 366، وزاد المسير: 4/ 309.
(2) عن تفسير الماوردي: 2/ 320، ونص كلامه: «والسارب: هو المنصرف الذاهب، مأخوذ من السّروب في المرعى، وهو بالعشي، والسروح بالغداة ... » .
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 225، والمفردات للراغب: 229.
(3) عن نسخة «ج» .
(4) في مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 323: «مجازه: سالك في سربه، أي: مذاهبه ووجوهه، ومنه قولهم: أصبح فلان آمنا في سربه، أي في مذاهبه وأينما توجه» .
وانظر تفسير الطبري: 16/ 367، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 141، وتفسير البغوي:
3/ 9، والمفردات للراغب: 299..
(5) ينظر تفسير الطبري: 216/ 370، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 142، وتفسير البغوي:
3/ 9، وزاد المسير: 4/ 310.
وفي الحديث المرفوع: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون» .
صحيح البخاري: 1/ 139، كتاب مواقيت الصلاة، باب «فضل صلاة العصر» .
صحيح مسلم: 1/ 439، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب «فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما» .
(6) أخرجه أبو داود في سننه: 3/ 364، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب «في تدوين العطاء» .
وانظر غريب الحديث لابن الجوزي: 2/ 110، والنهاية: 3/ 267.

(1/452)


وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)

الجيوش كل عام» ، أي: يردّ قوما ويبعث آخرين.
يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ: بما أمرهم الله به، تقول: جئتك من دعائك، أي: بدعائك «1» .
13 وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ: يدعو إلى تسبيح الله بما فيه من الآيات «2» .
وَالْمَلائِكَةُ: الملك على مفهوم دين نبينا- صلوات الله عليه- جسم رقيق «3» هوائيّ حيّ على الصورة المخصوصة ذات الأجنحة «4» ، اصطفاه الله تعالى لرسالته وعظّمه على غيره.
والرّعد: اصطكاك أجرام السحاب بقدرة الله «5» .
والصّاعقة: نار لطيفة تسقط من السماء بحال هائلة «6» .
__________
(1) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 60، وقال: «كما تقول للرجل: أجبتك من دعائك وإياي وبدعائك إياي» .
وانظر تفسير الطبري: 16/ 386، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 142، وزاد المسير:
4/ 311.
(2) الأولى إجراء التسبيح على ظاهره، ولا حاجة لمثل هذا التأويل، فالقرآن أثبت التسبيح للجمادات جميعا، قال تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ.
وقال الشوكاني في تسبيح الرعد: «أي» : يسبح الرعد نفسه بحمد الله، أي ملتبسا بحمده، وليس هذا بمستبعد، ولا مانع من أن ينطقه بذلك ... » .
ينظر فتح القدير: 3/ 72. [.....]
(3) وهم مخلوقون من نور كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه:
4/ 2294، كتاب الزهد والرقائق، باب أحاديث متفرقة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار ... » .
(4) يدل عليه قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ... [آية: 1 من سورة فاطر] .
(5) تفسير الفخر الرازي: 2/ 87.
(6) قال الفخر الرازي في معنى الصاعقة: «إنها قصف رعد ينقض منها شعلة من نار. وهي نار لطيفة قوية لا تمر بشيء إلا أنت عليه إلا أنها مع قوتها سريعة الخمود» . تفسيره: 2/ 88.

(1/453)


لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (15)

شَدِيدُ الْمِحالِ: عظيم الحول والقوة «1» ، أو المكر وهو العقوبة «2» على وجه الاستدراج.
14 لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ: أي: لله دعوة الحقّ من خلقه، وهي شهادة أن لا إله إلّا الله على إخلاص التوحيد «3» .
وقال الحسن «4» : الله الحق فمن دعاه دعا بحق «5» .
15 وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً: أي: السجود واجب الله، فالمؤمن يفعله طوعا والكافر يؤخذ به كرها «6» .
أو الكافر في حكم الساجد وإن أباه، لما فيه من الحاجة الداعية إلى الخضوع. وأما سجود الظل «7» فيما فيه من التغيّر الدّال على مغيّر غير متغيّر.
وَالْآصالِ: جمع «أصل» ، و «أصل» جمع «أصيل» وهو ما بين
__________
(1) أخرج الطبري في تفسيره: 16/ 396 عن مجاهد قال: «شديد القوة» ، كذا أخرجه عن ابن زيد.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 333، والبغوي في تفسيره: 3/ 11، وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 316 عن مجاهد أيضا.
(2) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 1/ 325، وذكره البغوي في تفسيره: 3/ 11، وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 316.
(3) أخرج عبد الرزاق هذا القول في تفسيره: 260 عن ابن عباس، وقتادة.
وأخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 398 عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد.
واختاره الطبري رحمه الله.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 628، وزاد نسبته إلى الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(4) ينظر قوله في الكشاف: 2/ 354، وزاد المسير: 4/ 317، وتفسير الفخر الرازي:
19/ 30، وتفسير القرطبي: 9/ 300.
(5) في «ج» : الحق.
(6) ينظر معاني القرآن للفراء: 2/ 61، وتأويل مشكل القرآن: 418، وتفسير الطبري:
16/ 403، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 144، وتفسير الماوردي: 2/ 325.
(7) من قوله تعالى: وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ.

(1/454)


أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)

العصر إلى المغرب.
17 أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ يعني القرآن فإنه في عموم نفعه كالمطر «1» .
29 طُوبى لَهُمْ: نعمى «2» ، أو/ حسنى «3» «فعلى» من الطيّب، [49/ ب] تأنيث الأطيب.
31 وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ: حين سألت قريش هذه المعاني «4» ، وحذف جوابها ليكون أبلغ عبارة وأعمّ فائدة.
أَفَلَمْ يَيْأَسِ: لم يعلم ولم يتبين «5» ، سمّي العلم يأسا لأنّ العالم يعلم ما لا يعلم غيره فييأس منه، أو هو اليأس المعروف «6» ، أي: لم ينقطع
__________
(1) معاني القرآن للفراء: 2/ 61.
وقال الماوردي في تفسيره: 2/ 327: «وهذا مثل ضربه الله تعالى للقرآن وما يدخل منه في القلوب، فشبه القرآن بالمطر لعموم خيره وبقاء نفعه، وشبه القلوب بالأودية يدخل فيها من القرآن مثل ما يدخل في الأودية من الماء بحسب سعتها وضيقها» .
(2) نقله ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 328، عن عكرمة.
وكذا القرطبي في تفسيره: 9/ 316، وأبو حيان في البحر المحيط: 5/ 389.
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 435 عن قتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 330، والبغوي في تفسيره: 3/ 18، وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 328 عن قتادة أيضا. [.....]
(4) سألت قريش إحياء الموتى، وتوسيع أودية مكة. وغير ذلك.
ينظر ذلك في تفسير الطبري: (16/ 447- 450) ، وأسباب النزول للواحدي: 316، وتفسير ابن كثير: 4/ 382، والدر المنثور: (4/ 651- 653) .
(5) نص هذا القول في مجاز القرآن لأبي عبيدة: 1/ 332، واختاره الطبري في تفسيره: 16/ 455.
ينظر هذا القول- أيضا- في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 227، ومعاني القرآن للزجاج: 3/ 149، ومعاني النحاس: 3/ 497.
قال النحاس: «وأكثر أهل اللغة على هذا القول» . ونقل النحاس عن الكسائي أنه قال: «لا أعرف هذه، ولا سمعت من يقول: يئست بمعنى علمت» .
(6) هذا قول الكسائي كما في معاني القرآن للنحاس: 3/ 498، وتفسير الماوردي: 2/ 331، وزاد المسير: 4/ 332. وانظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 149، وتفسير الفخر الرازي:
19/ 55.

(1/455)


أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)

طمعهم من خلاف هذا علما بصحته، أو أفلم ييأسوا من إيمانهم في الكافرين.
33 وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ: أي: صفوهم بما فيهم ليعلموا أنها لا تكون آلهة «1» .
أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ: أي: ب «الشريك» ، أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ: باطل زايل «2» .
وقد تضمنت الآية إلزاما تقسيميا، أي: أتنبئون الله بباطن لا يعلمه أم بظاهر يعلمه؟ فإن قالوا: بباطن لا يعلمه أحالوا، وإن قالوا: بظاهر يعلمه قل: سمّوهم ليعلموا أنّه لا سميّ له ولا شريك «3» .
35 مَثَلُ الْجَنَّةِ: صفتها «4» ، كقوله «5» : وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى: أي:
صفته العليا، أو: مثل الجنّة أعلى مثل فحذف الخبر «6» .
__________
(1) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 2/ 332.
وانظر تفسير البغوي: 3/ 21، وزاد المسير: 4/ 333.
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 466 عن قتادة، والضحاك.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 333، وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 333 عن قتادة.
(3) ينظر ما سبق في تفسير القرطبي: (9/ 322، 323) .
(4) معاني القرآن للفراء: 2/ 65، وذكره الطبري في تفسيره: 16/ 469 عن بعض النحويين البصريين، فنقل ما نصه: «معنى ذلك: صفة الجنة، قال: ومنه قوله تعالى: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى، معناه: ولله الصفة العليا. قال: فمعنى الكلام في قوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أو فيها أنهار، كأنه قال: وصف الجنة صفة تجري من تحتها الأنهار، أو صفة فيها أنهار، والله أعلم» .
وانظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 150، ومعاني النحاس: 3/ 501، وتفسير البغوي:
3/ 21، والمحرر الوجيز: 8/ 176، والبحر المحيط: 5/ 395.
(5) سورة النحل: آية: 60.
(6) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن: (1/ 333، 334) .
وانظر البيان لابن الأنباري: 2/ 52، والتبيان للعكبري: 2/ 759، والبحر المحيط: 5/ 395.

(1/456)


وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)

36 وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ: يعني أصحاب محمد «1» .
وَمِنَ الْأَحْزابِ: اليهود والنصارى والمجوس «2» .
39 يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ: من الأعمال التي يرفعها الحفظة، فلا يثبت إلا ما له ثواب أو عليه عقاب «3» .
وعن ابن عباس «4» رضي الله عنه: إنّ الله يمحو ويثبت مما كتب من أمر العباد إلا أصل السعادة والشقاوة فإنه في أمّ الكتاب. وإثبات ذلك ليعتبر المتفكر فيه بأن ما يحدث على كثرته قد أحصاه الله.
41 نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها: بالفتوح على المسلمين من أرض الكافرين «5» .
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 473 عن قتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 333 عن قتادة وابن زيد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 658، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 16/ 474 عن ابن زيد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 658، وزاد نسبته إلى أبي الشيخ عن ابن زيد أيضا.
(3) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 66، وأورده النحاس في معاني القرآن: 3/ 502 من رواية أبي صالح.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 335 عن الضحاك. وابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 338 عن الضحاك، وأبي صالح.
(4) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره: 263، والطبري في تفسيره: 16/ 477.
ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 334 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 659، وزاد نسبته إلى الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «الشعب» عن ابن عباس أيضا.
(5) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 229، وأخرجه الطبري في تفسيره: 16/ 494 عن ابن عباس، والحسن، والضحاك. ونقله الماوردي في تفسيره: 2/ 335.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 340، وقال: «رواه العوفي عن ابن عباس» .
ورجح الطبري هذا القول، وكذا ابن كثير في تفسيره: 4/ 393. [.....]

(1/457)


وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)

وقيل «1» : بموت العلماء وخيار أهلها.
لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ: لا رادّ لقضائه.
42 فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً: أي: جزاء المكر «2» .
43 كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً: دخول الباء لتحقيق الإضافة من جهة الإضافة وجهة حرف الإضافة.
وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ: مثل عبد الله بن سلام، وتميم الداري «3» ، وسلمان الفارسي.
__________
(1) ذكره الفراء في معاني القرآن: 2/ 66، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 229.
وأخرج نحوه الطبري في تفسيره: 16/ 497 عن ابن عباس، ومجاهد.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره: 1/ 264 عن مجاهد.
وأخرج الحاكم في المستدرك: 2/ 350، كتاب التفسير، «تفسير سورة الرعد» من طريق الثوري عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قال: «موت علمائها وفقهائها» .
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، وتعقبه الذهبي بقوله: طلحة بن عمرو. قال أحمد: متروك» .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 4/ 665، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في الفتن، وابن المنذر، وابن أبي حاتم- كلهم- عن ابن عباس بنحوه.
(2) تفسير الفخر الرازي: 19/ 70، وتفسير القرطبي: 9/ 335، والبحر المحيط: (5/ 400، 401) .
(3) تميم الداري صحابيّ جليل، منسوب إلى الدار، بطن من لخم. أسلم تميم سنة تسع للهجرة، ومات بالشام، رضي الله تعالى عنه.
ترجمته في الاستيعاب: 1/ 193، وأسد الغابة: 1/ 256، والإصابة: 1/ 367.
ينظر القول الذي ذكره المؤلف في تفسير الطبري: 16/ 503، وزاد المسير: 4/ 341، والتعريف والإعلام: 85، ومفحمات الأقران: 127.

(1/458)