إيجاز البيان عن
معاني القرآن إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ
عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ
لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ
الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5)
فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ
أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9) وَإِذْ
نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي
وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13)
ومن سورة الشعراء
4 فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ: جماعاتهم، عن عنق من
النّاس:
جماعة «1» .
وقيل «2» : رؤساؤهم، ومن حملها على ظاهرها استعارة فتذكيرها
للإضافة إلى المذكر.
ومعنى «ظلت» تظلّ، والماضي في الجزاء بمعنى المستقبل، كقولك:
إن زرتني أكرمتك، أي: أكرمك «3» .
7 زَوْجٍ كَرِيمٍ: منتفع به، ك الكريم في النّاس: النّافع
المرضيّ، ومعنى الزوج: كلّ نوع معه قرينه من أبيض وأحمر وأصفر،
ومن حلو وحامض، ومن رائحة مسكيّة وكافوريّة.
13 فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ: ليعينني ويؤازرني «4» .
__________
(1) ذكر الأخفش هذا القول في معانيه: 2/ 644، وقال الزجاج في
معانيه: 4/ 83: «وجاء في اللغة: جماعاتهم، يقال: جاء لي عنق من
الناس، أي: جماعة» .
(2) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 277، والطبري في تفسيره: 19/
59، ونقله البغوي في تفسيره: 3/ 381، والقرطبي في تفسيره: 13/
89 عن مجاهد.
وانظر المفردات للراغب: 350، وزاد المسير: 6/ 116.
(3) ينظر معاني القرآن للأخفش: 2/ 644، وإعراب القرآن للنحاس:
3/ 174، والبحر المحيط: 7/ 5.
(4) قال الفراء في معانيه: 2/ 278: «ولم يذكر معونة ولا
مؤازرة. وذلك أن المعنى معلوم كما تقول: لو أتاني مكروه لأرسلت
إليك، ومعناه: لتعينني وتغيثني وإذا كان المعنى معلوما طرح منه
ما يرد الكلام إلى الإيجاز» .
(2/620)
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ
فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ
أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ
نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ
سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ
مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ
الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ
فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ
(21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ
الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ
حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ
آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ
الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ
تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي
لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ
جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ
مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ
ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ
بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ
إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ
مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا
أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ
(36)
16 إنَّا رَسُولُ
: يذكر الرسول بمعنى الجمع «1» ، أو كلّ واحد منا رسول «2» .
أو هو في موضع رسالة فيكون صفة بمعنى المصدر «3» .
20 وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ: الجاهلين «4» بأنّها تبلغ
القتل. ومعنى إِذاً: إذ ذاك «5» .
19 وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ: أي: بحق نعمتي وتربيتي «6» .
22 وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي
إِسْرائِيلَ: كأنّه اعترف بنعمته أن «7» لم يستعبده كما
استعبدهم، أو هو على الإنكار «8» ، وتقدير الاستفهام، كأنه: أو
تلك نعمة؟ أي: تربيتك نفسا مع إساءتك إلى الجميع.
32 ثُعْبانٌ مُبِينٌ: أي: وجه الحجة به.
36 أَرْجِهْ «9» : أخّره واحبسه.
__________
(1) ذكره اليزيدي في غريب القرآن: 281، وابن قتيبة في تفسير
غريب القرآن: 316.
(2) أورده الماوردي في تفسيره: 3/ 172، وقال: «ذكره ابن عيسى»
.
وذكره البغوي في تفسيره: 3/ 382 دون عزو، وكذا الزمخشري في
الكشاف: 3/ 108.
(3) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 2/ 84، وذكره اليزيدي
في غريب القرآن: 281، ونقله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن:
316 عن أبي عبيدة.
وانظر تفسير الطبري: 19/ 65، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 85،
وتفسير الماوردي:
3/ 172.
(4) تفسير الطبري: 19/ 67، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 86،
وتفسير الماوردي: 3/ 172.
والضمير في قول المؤلف: «بأنها» يرجع إلى الضربة التي قتل بها
موسى عليه السلام القبطي.
(5) تفسير القرطبي: 13/ 95.
(6) ينظر معاني القرآن للفراء: 2/ 279، وتفسير الطبري: 19/ 66،
ومعاني الزجاج: 4/ 86.
(7) في «ك» : أنه، وفي معاني القرآن للفراء: 2/ 279: «يقول:
هي- لعمري- نعمة إذ ربيتني ولم تستعبدني كاستعبادك بني
إسرائيل. ف «أن» تدل على ذلك» .
(8) ذكره الزجاج في معانيه: 4/ 86. [.....]
(9) تقدم بيان معنى هذه اللفظة عند تفسير قوله تعالى: قالُوا
أَرْجِهْ وَأَخاهُ ... فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ [الأعراف:
آية: 111] .
(2/621)
إِنَّ هَؤُلَاءِ
لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ
(55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ
مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ
(58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)
فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60)
[71/ أ] لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ «1» : أي:
كلّ واحد/ قليل ذليل، فجمع على المعنى «2» .
وشرذمة كلّ شيء: بقيّته «3» ، وكانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا
«4» .
56 حذرون «5» : متيقظون «6» ، وحاذِرُونَ: مستعدون بالسلاح
ونحوه «7» .
وأصل «فعل» للطبع و «فاعل» للتكلّف «8» .
60 مُشْرِقِينَ: داخلين في وقت شروق الشّمس وهو طلوعها «9» .
__________
(1) من قوله تعالى: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ
[آية: 54] .
(2) ينظر تفسير الطبري: 19/ 75، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 91،
وتفسير الماوردي:
3/ 174.
(3) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 86، وتفسير الطبري: 19/ 74،
والمحرر الوجيز:
11/ 111.
(4) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 19/ 75 عن
ابن مسعود رضي الله عنه، وكذا ابن أبي حاتم في تفسيره: 100
(سورة الشعراء) .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 295، وزاد نسبته إلى
الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن مسعود.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 4/ 91، وتفسير الماوردي: 3/ 174،
ومفحمات الأقران:
151.
(5) «حذرون» بغير ألف، قراءة أبي عمرو بن العلاء، ونافع، وابن
كثير.
السبعة لابن مجاهد: 471، والتبصرة لمكي: 278، والتيسير لأبي
عمرو الداني: 165.
(6) ينظر معاني القرآن للزجاج: 4/ 92، وحجة القراءات: 517،
وتفسير الماوردي:
3/ 175.
(7) «حاذرون» بألف، قراءة عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي،
كما في السبعة لابن مجاهد: 471، والتيسير للداني: 165.
(8) معاني القرآن للفراء: 2/ 280، وغريب القرآن لليزيدي: 282،
وتفسير الطبري:
19/ 77، والكشف لمكي: 2/ 151.
(9) تفسير الماوردي: 3/ 175.
(2/622)
فَأَوْحَيْنَا إِلَى
مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ
كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ
الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ
أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68) وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ
وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا
فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ
إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ
(73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ
(74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75)
أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ
عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي
خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي
وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ
أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ
لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي
لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)
63 كُلُّ فِرْقٍ: كلّ جزء انفرق منه.
والفرق والفريقة: القطيع من الغنم يشذّ عن معظمها «1» .
64 وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ: قرّبناهم إلى البحر- بحر
القلزم «2» - الذي يسلك النّاس فيه من اليمن ومكة إلى مصر.
66 ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ: الآخر الثاني من قسمي أحد،
كقولك: أعطي أحدهما وحرم الآخر، والآخر الثاني من قسمي الأول
تقول: أعطي الأول وحرم الآخر.
67 وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ: أي: لم يؤمن أكثرهم مع
هذا البرهان فلا تستوحش أيّها المحق «3» .
77 فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ: أي:
إلّا من عبد ربّ العالمين «4» .
82 أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي: على التلطف فيما هو كائن
كالعلم إذا جاء على المظاهرة في الحجاج ذكر بالظن، أي: يكفي في
مثله الظن «5» .
84 لِسانَ صِدْقٍ: ثناء حسنا، أو خلفا يصدّق بالحق بعدي، وهو
محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون «6» به.
__________
(1) ذكره الزجاج في معانيه: 4/ 92، وابن الجوزي في زاد المسير:
6/ 126.
ينظر الصحاح: (4/ 1542، 1543) ، واللسان: 10/ 304 (فرق) .
(2) وهو المعروف الآن بالبحر الأحمر.
(3) قال الفخر الرازي- رحمه الله- في تفسيره: 24/ 141: «وفي
ذلك تسلية له (أي النبي صلى الله عليه وسلم) فقد كان يغتم
بتكذيب قومه مع ظهور المعجزات عليه فنبهه الله تعالى بهذا
الذكر على أن له أسوة بموسى وغيره، فإن الذي ظهر على موسى من
هذه المعجزات العظام التي تبهر العقول لم يمنع من أن أكثرهم
كذبوه وكفروا به مع مشاهدتهم لما شاهدوه في البحر وغيره. فكذلك
أنت يا محمد لا تعجب من تكذيب أكثرهم لك واصبر على إيذائهم
فلعلهم أن يصلحوا ويكون في هذا الصبر تأكيد الحجة عليهم» اه.
(4) ذكر البغوي هذا القول في تفسيره: 3/ 389 عن الحسين بن
الفضل. [.....]
(5) ينظر تفسير الفخر الرازي: 24/ 145.
(6) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز: 11/ 125 عن مكي، ثم قال:
«وهذا معنى حسن إلا أن لفظ الآية لا يعطيه إلا بتحكم في اللفظ»
.
(2/623)
وَاغْفِرْ لِأَبِي
إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ
يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ
(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ
الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا
كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ
يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا
هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95)
قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ
كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ
الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ
(99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
(101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ
أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104) كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ
الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا
تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107)
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ
الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110)
قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)
قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ
حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَمَا
أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَّا
نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ
لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قَالَ رَبِّ إِنَّ
قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ
فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
(119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122) كَذَّبَتْ
عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ
أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125)
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَمَا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ
الْعَالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً
تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ
تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
(130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا
الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ
بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134)
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135)
قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ
الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ
(137)
86 وَاغْفِرْ لِأَبِي: اجعله من أهل
المغفرة.
89 بِقَلْبٍ سَلِيمٍ: مسلم أو سالم من الشّكّ «1» ، والجوارح
إنّما تسلم بسلامة القلب.
94 فَكُبْكِبُوا: قلبوا بعضهم على بعض «2» ، أو كبّوا وأسقطوا
على وجوههم «3» ، وحقيقته تكرر الانكباب «4» .
98 نُسَوِّيكُمْ: نشرككم في العبادة.
101 صَدِيقٍ حَمِيمٍ: قريب. حمّ الشّيء: قرب «5» ، أو الصّديق:
الذي يصدق في المودّة، والحميم: الذي يحمي لغضب صاحبه «6» .
128 رِيعٍ: مكان مشرف «7» ، آيَةً: بناء يكون لارتفاعه
كالعلامة.
137 خُلُقُ «8» الْأَوَّلِينَ: خرصهم واختلاقهم «9» ، وإن أراد
الإنشاء
__________
(1) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: 19/ 87 عن مجاهد.
وقال البغوي في تفسيره: 3/ 390: «أي خالص من الشرك والشك، فأما
الذنوب فليس يسلم منها أحد، هذا قول أكثر المفسرين» .
(2) غريب القرآن لليزيدي: 282، ومعاني الزجاج: 4/ 94، ومعاني
النحاس: 5/ 89.
(3) ذكره الطبري في تفسيره: 19/ 88، ونقله الماوردي في تفسيره:
3/ 179 عن ابن زيد، وقطرب.
وانظر المفردات للراغب: 420، وتفسير القرطبي: 13/ 116.
(4) هذا قول الزجاج في معانيه: 4/ 94، ونص كلامه: «ومعنى
«كبكبوا» طرح بعضهم على بعض، وقال أهل اللغة: معناه هوّروا،
وحقيقة ذلك في اللغة تكرير الانكباب كأنه إذا ألقى ينكبّ مرة
بعد مرة حتى يستقر فيها يستجير بالله منها» .
وانظر اللسان: 1/ 697 (كبب) ، وزاد المسير: 6/ 132.
(5) الصحاح: 5/ 1904، واللسان: 12/ 152 (حمم) .
(6) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 180 عن ابن عيسى.
(7) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 88، وغريب القرآن
لليزيدي: 283، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 318، وتفسير
الطبري: 19/ 93، والمفردات للراغب: 208.
(8) بفتح الخاء المعجمة وإسكان اللام، قراءة الكسائي، وأبي
عمرو، وابن كثير.
السبعة لابن مجاهد: 472، والتبصرة لمكي: 278، والتيسير للداني:
166.
(9) ينظر معاني القرآن للفراء: 2/ 281، وتفسير الطبري: 19/ 97،
ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 97.
(2/624)
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ
طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ
بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
(150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ
يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا
إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153)
فالمعنى: ما خلقنا إلا كخلق الأولين ونراهم
يموتون ولا يبعثون.
و «خلق «1» الأولين» بالضّم: عادتهم في ادعاء الرسالة «2» ،
فيرجع الضمير إلى الأنبياء أو إلى آبائهم، أي: تكذيبنا لك
كتكذيب آبائنا للأنبياء.
148 طَلْعُها/ هَضِيمٌ «3» : منضمّ منفتق انشق عن البسر لتراكب
«4» بعضه بعضا.
149 فرهين «5» : أشرين، وفارهين: حاذقين «6» .
153 الْمُسَحَّرِينَ: المسحورين مرّة بعد أخرى «7» . وقيل:
المعلّلين بالطعام والشراب.
ولم يقل في شعيب: أخوهم «8» ، لأنه لم يكن من نسبهم «9» .
__________
(1) بضم الخاء واللام، قراءة نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة.
(2) ينظر معاني الفراء: 2/ 281، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 97،
والبحر المحيط: (7/ 33، 34) .
(3) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 319: «والهضيم: الطلع
قبل أن تنشق عنه القشور وتنفتح. يريد: أنه منضم مكتنز. ومنه
قيل: أهضم الكشحين، إذا كان منضمهما» . [.....]
(4) في «ج» : كتراكب.
(5) «فرهين» بغير ألف قراءة ابن كثير، ونافع وأبي عمرو، وقرأ
عاصم وابن عامر، وحمزة، والكسائي «فارهين» بألف.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 472، والتبصرة لمكي: 278، والتيسير
للداني: 166.
(6) راجع هذا المعنى، وتوجيه القراءتين في معاني القرآن
للفراء: 2/ 282، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 88.
(7) ذكره الزجاج في معانيه: 4/ 97 فقال: «وجائز أن يكون من
المسحرين، من «المفعلين» من السحر، أي ممن قد سحر مرة بعد مرة»
.
وانظر تفسير الطبري: 19/ 102، وتفسير الماوردي: 3/ 183.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا
تَتَّقُونَ [آية: 177] .
(9) قال ابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 141: «إن قيل: لم لم
يقل: أخوهم كما قال في الأعراف؟ (آية: 85) ، فالجواب: أن شعيبا
لم يكن من نسل أصحاب الأيكة، فلذلك لم يقل: أخوهم، وإنما أرسل
إليهم بعد أن أرسل إلى مدين، وهو من نسل مدين، فلذلك قال هناك:
أخوهم» .
وانظر تفسير البغوي: 3/ 397، وتفسير القرطبي: 13/ 135.
(2/625)
وَزِنُوا
بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا
النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ
مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ
وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ
مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ
مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186)
فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ
مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا
تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ
الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
(190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ
الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ
لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ
(197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198)
182 بِالْقِسْطاسِ: بالميزان «1» ، وقيل
«2» : بالعدل.
189 يَوْمِ الظُّلَّةِ: أظلهم سحاب فاستظلّوا بها من حرّ نالهم
فأطبق عليهم فاحترقوا «3» .
193- قوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ: جبريل عليه
السلام لأنّ الأرواح تحيى بما ينزله من البركات، أو لأنّ جسمه
رقيق روحانيّ، أو الحياة أغلب عليه فكأنّه روح كله.
عَلى قَلْبِكَ: أي: نزل عليه فوعاه فثبت فيه فلا ينساه.
197 أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ
بَنِي إِسْرائِيلَ: أَنْ يَعْلَمَهُ اسم كان، وآيَةً خبرها،
أي: أو لم يكن علم علماء بني إسرائيل ومن آمن منهم بمحمد- عليه
السلام- آية لهم؟.
198 عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ: أي: إذا لم يؤمنوا به وأنفوا،
كذلك حالهم، وقد أنزلنا عليهم وسلكناه في قلوبهم، أي: هم
معاندون.
وحكى [محمد] «4» بن أبي موسى قال: كنت واقفا بعرفات مع عبد
الله بن مطيع «5» فقرأت هذه الآية، فقال: لو أنزل على جملي هذا
وعلى كلّ
__________
(1) ذكره الطبري في تفسيره: 19/ 108، ونقله الماوردي في
تفسيره: 3/ 183 عن الأخفش، والكلبي.
(2) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 90، وغريب القرآن لليزيدي:
284، والمفردات للراغب: 403.
(3) ينظر تفسير الطبري: (19/ 109، 110) ، وتفسير ابن كثير: 6/
170، والدر المنثور: 6/ 320.
(4) في الأصل ونسخة «ك» و «ج» : عمر بن أبي موسى، والتصويب من
تفسير الطبري:
19/ 114، والتاريخ الكبير للبخاري: 1/ 236، وتهذيب التهذيب: 9/
483.
(5) هو عبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة القرشي العدوي
المدني، صحابي جليل.
أمره ابن الزبير على الكوفة، وقتل معه بمكة سنة ثلاث وسبعين
للهجرة.
ينظر ترجمته في الاستيعاب: 3/ 994، وأسد الغابة: 3/ 393،
والإصابة: 5/ 25.
وأشار الحافظ ابن حجر إلى هذا الأثر عن عبد الله بن مطيع، وعزا
إخراجه إلى البغوي من طريق داود بن أبي هند عن محمد بن أبي
موسى.
ووصف هذا الأثر بأنه موقوف.
(2/626)
وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ
اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ
إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى
الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ
(218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ
تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ
أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ
(223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ
تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ
يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)
دابّة عجماء فقرأ عليهم ما كانوا به مؤمنين
«1» .
214 وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ: خصّهم لأنّه يمكنه
أن يجمعهم.
أو الإنسان يساهل قرابته، فأمر بإنذارهم من غير تليين، أو
ليعلموا أنّه لا يغني عنهم من الله شيئا «2» .
218 يَراكَ
: رؤية الله الإدراك بما يغني عن بصره «3» .
219 وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ: ليكفيك كيد من
يعاديك.
223 يُلْقُونَ السَّمْعَ: الكهنة «4» .
225 يَهِيمُونَ: يجارون ويكذبون «5» .
227 وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا: شعراء المسلمين
نافحوا عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال عليه السلام لحسّان:
«اللهم أيده بروح القدس» «6» .
__________
(1) أخرج نحوه الطبري في تفسيره: 19/ 114 عن عبد الله بن مطيع
موقوفا.
(2) يدل عليه الحديث الذي أخرجه الإمامان البخاري ومسلم عن أبي
هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «قام رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين أنزل الله: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ،
قال: يا معشر قريش- أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم لا أغنى عنكم
من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغنى عنكم من الله شيئا يا
عباس بن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئا ... » .
الحديث في صحيح البخاري: 6/ 17، كتاب التفسير، باب قوله:
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، وصحيح مسلم: (1/ 192،
193) ، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى:
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ.
(3) الأولى إجراء هذه الصفة على ظاهرها بما يليق بجلاله، ولا
داعي لمثل هذا التأويل. [.....]
(4) أي أن الشياطين يسترقون السمع ثم يلقون ما سمعوه إلى
أوليائهم من الإنس وهم الكهنة.
ينظر تفسير الطبري: 19/ 125، وتفسير البغوي: 3/ 402، وزاد
المسير: 6/ 149.
(5) تفسير الطبري: 19/ 128، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 104.
(6) أخرجه الإمام البخاري- رحمه الله تعالى- في صحيحه: 4/ 79،
كتاب بدء الخلق، باب «ذكر الملائكة صلوات الله عليهم» .
والإمام مسلم- رحمه الله تعالى- في صحيحه: 4/ 1933، كتاب فضائل
الصحابة، باب «فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه» .
(2/627)
|