إيجاز البيان عن
معاني القرآن وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى
الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قَالَ مُوسَى
لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ
أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)
فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ
وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8)
ومن سورة النمل
6 لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ: يقال: لقّاني كذا: أعطاني «1» ،
فتلقّيته منه: قبلته.
7 بِشِهابٍ قَبَسٍ: مقبوس، أو ذي قبس على الوصف «2» .
وبالإضافة «3» يكون الشهاب قطعة من القبس «4» ، و «القبس»
النار، كقولك/: ثوب خزّ «5» .
8 نُودِيَ أَنْ بُورِكَ: نودي موسى أنه قدّس من في النّار.
مَنْ إما صلة «6» ، أو بمعنى «ما» ، أي: ما في النار من النور
أو
__________
(1) ينظر تفسير الماوردي: 3/ 188، والمحرر الوجيز: 11/ 168،
واللسان: 15/ 255 (لقا) .
(2) أي أن «القبس» صفة ل «شهاب» ، وهي قراءة التنوين لعاصم،
وحمزة، والكسائي.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 478، والتبصرة لمكي: 281، والتيسير
للداني: 167، والكشف لمكي: 2/ 154.
(3) قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر.
(4) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 322، وإعراب القرآن
للنحاس: 3/ 199.
(5) أخرج الطبريّ هذا القول في تفسيره: 19/ 133 عن ابن عباس
رضي الله عنهما.
ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 189 عن ابن عباس أيضا، وكذا
البغوي في تفسيره:
3/ 407، ونقله القرطبي في تفسيره: 13/ 158 عن ابن عباس،
والحسن، وسعيد بن جبير.
(6) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 155 عن مجاهد.
وقال القرطبي في تفسيره: 13/ 158: «وحكى أبو حاتم أن في قراءة
أبيّ، وابن عباس، ومجاهد «أن بوركت النار ومن حولها» .
قال النحاس: «ومثل هذا لا يوجد بإسناد صحيح، ولو صح لكان على
التفسير، فتكون البركة راجعة إلى النار، ومن حولها إلى
الملائكة وموسى» .
(2/628)
وَأَلْقِ عَصَاكَ
فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا
وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ
لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)
الشجرة التي في النار، وكانت تزداد على
اشتعال النار اخضرارا.
وقيل «1» : بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ: أي: الملائكة، وَمَنْ
حَوْلَها: أي:
موسى.
أو بورك من في طلب النّار، وَمَنْ حَوْلَها، من الملائكة «2» .
أو بورك من في النار سلطانه وكلامه، فيكون التقديس لله
المتعالي عن المكان والزمان.
وفي التوراة «3» : جاء الله من سيناء وأشرق من [ساعير] «4»
واستعلن من فاران.
أي: منها جاءت آيته ورحمته حيث كلّم موسى بسيناء، وبعث عيسى من
[ساعير] ومحمدا من فاران جبال مكة «5» .
10 وَلَمْ يُعَقِّبْ: لم يرجع ولم يلتفت، من «العقب» «6» .
__________
(1) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 189.
(2) ذكره القرطبي في تفسيره: 13/ 159.
(3) سفر التثنية، الإصحاح الثالث والثلاثون، ص 280، والنص
هناك: «وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني
إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الربّ من سيناء، وأشرق من سعير،
وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس ... » ، وأورد
البغوي في تفسيره:
3/ 407 هذا النص عن التوراة ولم يعلق عليه، وكذا ابن عطية في
المحرر الوجيز:
(11/ 173، 174) وعزاه إلى الثعلبي.
(4) في الأصل: «ساعين» ، والمثبت في النص من «ك» و «ج» ، وفي
معجم البلدان: 3/ 171:
«ساعير: في التوراة اسم لجبال فلسطين ... وهو من حدود الروم
وهو قرية من الناصرية بين طبرية وعكا» .
(5) قال ياقوت في معجم البلدان: 4/ 225: «فاران: بعد الألف
راء، وآخره نون، كلمة عبرانية معربة، وهي من أسماء مكة ذكرها
في التوراة. وقيل: هو اسم لجبال مكة» . [.....]
(6) وهو مؤخر الرجل.
ينظر هذا المعنى في مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 92، وتفسير
غريب القرآن لابن قتيبة:
322، وتفسير الطبري: 19/ 136، والمفردات للراغب: 340، واللسان:
1/ 614 (عقب) .
(2/629)
إِلَّا مَنْ ظَلَمَ
ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ
(11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ
غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا
جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ
مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا
أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ
وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ
لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)
11 إِلَّا مَنْ ظَلَمَ: استثناء منقطع، أي:
لكن من ظلم من غيرهم لأنّ الأنبياء لا يظلمون.
12 وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ: كان عليه مدرعة
«1» صوف بغير كمين «2» .
13 مُبْصِرَةً: مبصّرة من البصيرة، أبصرته وبصّرته، مثل:
أكذبته وكذبته أو ذوات بصر نحو أمر مبين، أي: ذو بيان.
16 وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ: أي: ملكه ونبوّته «3» ، وكانت
له تسعة عشر ولدا «4» .
عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ: كان يفهمهم «5» كما يتفاهم
بعضها عن بعض وكما يفهم بكاء الفرح من بكاء الحزن.
وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: يؤتاه الأنبياء والناس «6» .
17 وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ: كان معسكره مائة فرسخ
__________
(1) أي: القميص.
النهاية: 2/ 114، واللسان: 8/ 82 (درع) .
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 19/ 138 عن مجاهد، وكذا
ابن أبي حاتم في تفسيره: 86 (سورة النمل) .
(3) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 288، وأخرجه الطبري في تفسيره:
19/ 141 عن قتادة، وكذا ابن أبي حاتم في تفسيره: 111 (سورة
النمل) .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 344، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد، وابن المنذر.
وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره: 6/ 192، ثم قال: «وليس
المراد وراثة المال إذ لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين
سائر أولاد داود، فإنه كان لداود مائة امرأة، ولكن المراد بذلك
وراثة الملك والنبوة فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، كما أخبر
بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن معشر الأنبياء لا
نورث ما تركناه» .
(4) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 288، والبغوي في تفسيره: 3/
408، ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 191 عن الكلبي.
(5) في «ج» : كان يفهم عنهم.
(6) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 4/ 111، وانظر تفسير
البغوي: 3/ 410.
(2/630)
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا
مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي
بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ
الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ
مِنَ الْغَائِبِينَ (20)
[خمسة] «1» وعشرون للإنس، ومثلها للجن،
ومثلاها للطير والوحش «2» .
فَهُمْ يُوزَعُونَ: يكفّون ويحبسون، أي: يحبس أولهم على آخرهم
«3» .
ومعرفة تلك النّملة لسليمان «4» ، وحديث هدهد، على اختصاصهما
به وحدهما في زمن نبيّ بما يكون معجزة له، بمنزلة كلام الذئب
«5» وكلام الصّبيّ في المهد، وأمّا من كلّ نوع من الحيوان وفي
كل زمن فلا فضل في معارف العجم منها على خاص مصالحها.
19 أَوْزِعْنِي: ألهمني، وحقيقته: كفّني عن الأشياء إلّا عن
شكرك «6» .
20 وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ: هذا التفقد منه أدب/ للملوك
والأكابر في
__________
(1) في الأصل: «خمس» ، والمثبت في النص من «ك» .
(2) أخرج نحوه الطبريّ في تفسيره: 19/ 141 عن محمد بن كعب،
وأخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 589، كتاب التاريخ، باب «ذكر
نبي الله سليمان بن داود وما آتاه الله من الملك صلى الله عليه
وسلم» .
(3) عن معاني القرآن للزجاج: 4/ 112، وقال ابن قتيبة في تفسير
غريب القرآن: 323:
«وأصل «الوزع» : الكفّ والمنع. يقال: وزعت الرجل: إذا كففته. و
«وازع الجيش» هو الذي يكفهم عن التفرق، ويردّ من شذّ منهم» .
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 92، وغريب القرآن لليزيدي:
286، وتفسير الطبري:
19/ 141، والمفردات للراغب: 521.
(4) يريد قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ
قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ
لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا
يَشْعُرُونَ [آية: 18] .
(5) ثبت ذلك في حديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 4/ 149،
كتاب الأنبياء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وذلك أن ذئبا
اختطف شاة من الغنم أيام مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السّبع.
وأما كلام الصّبي في المهد فمنه معجزة عيسى عليه الصلاة
والسلام. قال تعالى: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ
وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ [سورة آل عمران: آية: 46] .
(6) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: (4/ 112، 113) ،
وانظر معاني القرآن للفراء:
2/ 289، وغريب القرآن لليزيدي: 286، وتفسير الطبري: 19/ 143،
والمفردات للراغب: 522.
(2/631)
لَأُعَذِّبَنَّهُ
عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي
بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ
أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ
بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ
وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)
وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ
فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا
تُعْلِنُونَ (25)
استشفاف «1» أمر الجند ومقابلة من أخلّ
منهم بمكانه من الإمكان بما يستحقه.
21 لَيَأْتِيَنِّي: إن كانت النون ثقيلة مشاكلة لقوله:
لَأُعَذِّبَنَّهُ، فحذفت إحداهما استثقالا، وإن كانت الخفيفة
فلا حذف، ولكن أدغمت في نون الإضافة «2» .
22 مِنْ سَبَإٍ: صرفه لأنّه في الأصل اسم رجل غلب على اسم
البلد «3» .
25 أَلَّا يَسْجُدُوا: ألا يا، ثم استؤنف وقال: اسجدوا، وليست
«يا» للنداء «4» [بل استعملت للتنبيه كقول الشاعر:
ألا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد
] «5» .
وقريء: أَلَّا «6» يَسْجُدُوا أي: زيّن الشّيطان أعمالهم لئلا
يسجدوا.
__________
(1) بمعنى النظر في أمرهم.
اللسان: 9/ 180 (شفف) . [.....]
(2) ينظر هذا المعنى في إعراب القرآن للنحاس: (3/ 202، 203) ،
والكشف لمكي:
2/ 155.
وقراءة التشديد لابن كثير، وقرأ باقي السبعة بالتخفيف.
السبعة لابن مجاهد: 479، والتيسير للداني: 167.
(3) ينظر تفسير الطبري: 19/ 147، ومعاني القرآن للزجاج: 4/
114، والتبيان للعكبري:
2/ 1007، والبحر المحيط: 7/ 66.
(4) ورد هذا التوجيه على قراءة التخفيف، وهي للكسائي من
السبعة، وهي أيضا قراءة أبي جعفر، ويعقوب في رواية رويس عنه،
وهما من العشرة.
قال الزجاج في معانيه: 4/ 115: «من قرأ بالتخفيف ف «ألا»
لابتداء الكلام والتنبيه، والوقوف عليه «ألايا» ، ثم يستأنف
فيقول: اسجدوا لله» .
وانظر السبعة لابن مجاهد: 480، والغاية في القراءات العشر لابن
مهران: 226، والكشف لمكي: 2/ 156، والنشر: 3/ 226.
(5) ما بين معقوفين عن نسخة «ج» ، والبيت في البحر: 7/ 68 غير
منسوب، وفي اللسان:
2/ 276 (دمج) : الدملجة تسوية الشيء كما يدملج السوار. دملج
الشّيء: إذا سوّاه وأحسن صنعته.
(6) في الأصل: «أن لا» ، وأثبت رسم المصحف، والتوجيه الذي ذكره
المؤلف ورد لقراءة التشديد، وعلى هذه القراءة القراء السبعة
إلا الكسائي.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 480، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 115،
وحجة القراءات:
527، والكشف لمكي: 2/ 157، والبحر المحيط: 7/ 68.
(2/632)
أَلَّا تَعْلُوا
عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا
الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً
أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو
قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ
فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ
إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ
أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي
مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ
الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ
أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا
آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ
لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ
صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ
يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
(38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ
أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ
أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ
أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ
رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي
غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)
31 أَلَّا «1» تَعْلُوا: موضع «أن» رفع على
البدل من [كِتابٌ، أو نصب، بمعنى: بأن لا تعلوا «2» .
25 يُخْرِجُ الْخَبْءَ: غيب السّماوات والأرض «3» .
وقيل «4» : خبء السماوات المطر، وخبء الأرض النبات.
فِي السَّماواتِ: أي: منها، لأنّ ما أخرج من شيء فهو فيه قبله.
40 الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ: رجل من الإنس عنده
علم اسم الله الأعظم الذي هو: يا إلهنا وإله الخلق جميعا إلها
واحدا لا إله إلّا «5» أنت. وكان يجاب دعوته معجزة لسليمان.
قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ: أي: تديم النّظر حتى
يرتدّ الطّرف كليلا «6» .
__________
(1) في الأصل: «أن لا» ، والمثبت موافق لرسم المصحف.
(2) إعراب القرآن للنحاس: 3/ 209، والبيان لابن الأنباري: (2/
221، 222) ، والتبيان للعكبري: 2/ 1008.
(3) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 291.
(4) معاني القرآن للفراء: 2/ 291، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 324، وتفسير الطبري:
19/ 150.
(5) أخرجه الطبري في تفسيره: 13/ 163 عن الزهري، وكذا ابن أبي
حاتم في تفسيره: 247 (سورة النمل) ، وفي إسناديهما عثمان بن
مطر الشيباني، وهو ضعيف كما في التقريب:
386.
(6) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 19/ 164 عن مجاهد، وكذا
ابن أبي حاتم بإسناد صحيح، ينظر تفسيره: 253 (سورة النمل) .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 361، وزاد نسبته إلى
الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد.
(2/633)
وَصَدَّهَا مَا
كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ
قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ
فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ
سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ
قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا
قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ
الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ
قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ
تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ
يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا
تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ
لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ
وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)
وقيل «1» : هو على المبالغة في السرعة.
و «العفريت» «2» : النافذ في الأمر مع خبث ونكر «3» .
وفي الحديث «4» : «إنّ الله يبغض العفرية «5» النّفرية» ، أي:
الداهي الخبيث.
43 وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ: عن أن تهتدي للحق «6» . وقيل
«7» : صدها سليمان عما كانت تعبد.
47 تُفْتَنُونَ: تمتحنون بطاعة الله ومعصيته.
49 تَقاسَمُوا: تحالفوا.
51 إنا دمرناهم: على الاستئناف «8» ، أو معناه بيان العاقبة،
أي: انظر أيّ شيء كان عاقبة مكرهم، ثم يفسّره إنا دمرناهم.
ويقرأ أَنَّا «9» بمعنى لأنا دمّرناهم، أو على البدل من
كَيْفَ.
__________
(1) تفسير الفخر الرازي: 24/ 198.
(2) من قوله تعالى: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ [آية: 39] .
(3) ينظر معاني القرآن للفراء: 2/ 294، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 324، وغريب الحديث للخطابي: 1/ 249، واللسان: 4/
586 (عفر) . [.....]
(4) أورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية: 2/ 341، كتاب
الطب، باب «كفارات المرض وثواب المريض» بلفظ: «إن الله يبغض
العفريت النفريت ... » ، وهو من مسند الحارث بن أبي أسامة،
رواه مرسلا.
والحديث باللفظ الذي أورده المؤلف- رحمه الله- في الفائق: 1/
414، وغريب الحديث لابن الجوزي: 2/ 107، والنهاية: 3/ 262.
(5) في «ج» : العفريت النفرية.
(6) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 19/ 167 عن مجاهد، وذكره
الماوردي في تفسيره:
3/ 203 دون عزو.
(7) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 295، والطبري في تفسيره: 19/
168، والماوردي في تفسيره:
3/ 203.
(8) على قراءة كسر الهمزة، وهي لنافع، وابن كثير، وأبي عمرو،
وابن عامر.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 484، والتبصرة لمكي: 282، والتيسير
للداني: 168.
(9) وهي قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي كما في السبعة: 484.
وانظر توجيه هذه القراءة في حجة القراءات: 532، والكشف لمكي:
2/ 163، والبحر المحيط: 7/ 86.
(2/634)
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ
خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا
يَتَّقُونَ (53) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ
أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ
قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا
مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا
فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ
أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ
أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ
قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا
وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ
وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي
ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ
الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا
بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا
يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا
اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ
ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ
مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)
52 خاوِيَةً: خالية، وهي حال، أي: انظر
إليها خاوية.
وهذه البيوت بواد القرى بين المدينة والشّام «1» .
54 تُبْصِرُونَ: تعلمون أنها فاحشة فهي أعظم لذنوبكم.
وقيل: يرى ذلك بعضهم من بعض/ عتوا وتمرّدا.
56 فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا: نصب جَوابَ
خبرا ل «كان» لأنّ النفي أحق بالخبر «2» .
يَتَطَهَّرُونَ: قالوه هزءا.
والحاجز بين البحرين «3» : المانع أن يختلطا، وفيه دليل على
إمكان كف النّار عن الحطب حتى لا تحرقه ولا تسخّنه.
66 بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ [تدارك] «4»
أدغمت التاء في الدال واجتلبت ألف الوصل «5» ، والمعنى إحاطة
علمهم في الآخرة بها عند مشاهدتهم وكانوا في [شك] «6» منها. أو
هو تلاحق علمهم وتساويه بالآخرة بما في العقول من وجوب جزاء
الأعمال.
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ من وقت ورودها، بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ:
تاركون مع ذلك التأمل.
__________
(1) في تاريخ الطبري: 1/ 204: «وكانت ثمود بالحجر بين الحجاز
والشام إلى وادي القرى وما حوله» .
وانظر هذا الموضع في معجم البلدان: 5/ 345، والروض المعطار:
602.
(2) معاني القرآن للزجاج: 4/ 126.
(3) من قوله تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً ...
[آية: 61] .
(4) ما بين معقوفين عن هامش الأصل، وعن نسخة «ك» و «ج» .
(5) جاء بعده في إعراب القرآن للنحاس: 3/ 218: «لأنه لا يبتدأ
بساكن، فإذا وصلت سقطت ألف الوصل وكسرت اللّام لالتقاء
الساكنين» .
وانظر معاني القرآن للزجاج: 4/ 128، والكشف لمكي: 2/ 165.
(6) في الأصل: «شد» ، والمثبت في النص من «ك» .
(2/635)
قُلْ عَسَى أَنْ
يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ
مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ
غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ (75) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي
إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ
رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى
الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى
وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا
مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ
ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا
فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)
72 رَدِفَ لَكُمْ: تبعكم ودنا منكم «1» ،
واللام تقتضي زيادة تتابع واتصال مع الدنوّ حتى فسّر ب «عجل
لكم» «2» .
82 وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ: وجب الغضب [عليهم] «3»
- أو حق القول بأنهم لا يؤمنون- أخذوا بمبادئ العقاب بإخراج
الدابّة.
وسئل- عليّ رضي الله عنه- عن دابّة الأرض فقال: والله ما لها
ذنب وإنّ لها للحية «4» . وقال ابن عباس «5» - رضي الله
عنهما-: هي دابّة ذات زغب «6» وريش تخرج من وادي تهامة «7» .
وفي الحديث «8» : «يخرج..........
__________
(1) انظر غريب القرآن لليزيدي: 288، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 326، والمفردات للراغب: 193.
(2) أخرجه الطبري في تفسيره: 20/ 10 عن مجاهد، وأورده السيوطي
في الدر المنثور:
6/ 375، وزاد نسبته إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم
عن مجاهد.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 4/ 128، وتفسير الماوردي: 3/ 209.
[.....]
(3) المثبت عن «ك» ، وانظر هذا القول في معاني القرآن للفراء:
2/ 300، وتفسير الطبري: 20/ 13.
(4) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: 397 (تفسير سورة النمل) ،
وإسناده ضعيف لأن فيه يونس بن بكير، وهو صدوق يخطئ، ولعنعنة
ابن إسحاق عمن روى عنه دون تصريحه بالسماع، وهو معروف
بالتدليس.
ينظر ترجمة يونس بن بكير في الجرح والتعديل: 9/ 236، والتقريب:
613.
وترجمة ابن إسحاق في التقريب: 467.
(5) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: 404 (تفسير سورة النمل) -
بلفظ: «هي دابة ذات زغب وريش لها أربع قوائم ثم تخرج في بعض
أودية تهامة» .
وإسناده صحيح ورجاله ثقات.
وأورد السيوطي هذا الأثر في الدر المنثور: 6/ 381، وزاد نسبته
إلى سعيد بن منصور، ونعيم بن حماد، وعبد بن حميد، وابن المنذر
عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(6) الزّغب: صغار الريش ولينه، وقيل: هو دقاق الريش الذي لا
يطول ولا يجود.
النهاية: 2/ 304، واللسان: 1/ 450 (زغب) .
(7) تهامة- بالكسر-: سهول ممتدة تساير البحر الأحمر من الجنوب
إلى الشمال.
انظر معجم ما استعجم: 1/ 13، ومعجم البلدان: 2/ 63، والروض
المعطار: 141.
(8) هذا جزء من حديث طويل أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: 396،
(تفسير سورة النمل) عن علي رضي الله عنه واللفظ عنده: «لتخرج
حضر الفرس ثلاثا، وما خرج ثلثاها» .
وفي إسناده الليث بن أبي سليم بن زنيم. قال عنه الحافظ ابن حجر
في التقريب: 464:
«صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك» .
(2/636)
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي
الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ
دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً
وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي
أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)
حضر «1» الفرس الجواد ثلاثا وما خرج ثلثها
بعد» .
87 فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ: أسرع الإجابة «2» ، إِلَّا
مَنْ شاءَ اللَّهُ:
من البهائم ومن لا ثواب له ولا عقاب.
ومن [حمله] «3» على الفزع بمعنى الخوف كان الاستثناء للملائكة
والشهداء.
وفي الحديث «4» : «الشهداء ثنيّة الله في الخلق» : أي:
استثناؤه فلا يصعقون وهم الأحياء المرزوقون.
89 مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ: أي: قال: لا إله إلّا الله «5» ،
فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها:
أي: خيره كله منها، لا أنّ الجنّة خير من كلمة التوحيد.
88 وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً: أي: في يوم القيامة
تجمع وتسيّر، وكلّ شيء عظم حتى غصّ به الهواء يكون في العين
[واقفا وهو سائر] «6» .
صُنْعَ اللَّهِ: مصدر، وعامله معنى وَتَرَى الْجِبالَ: أي: صنع
ذلك صنعا «7» .
__________
(1) في النهاية: 1/ 398: «الحضر- بالضم-: العدو، وأحضر يحضر
فهو محضر إذا عدا» .
(2) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 212، ونقله القرطبي في
تفسيره: 13/ 240 عن الماوردي.
(3) في الأصل: «حمل» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(4) ذكره البغوي في تفسيره: 3/ 431، وهو من قول كعب الأحبار
كما في غريب الحديث لابن الجوزي: 1/ 130، والنهاية لابن
الأثير: 1/ 225.
ونسب أيضا إلى سعيد بن جبير.
(5) تفسير الطبري: 20/ 22، وتفسير الماوردي: 3/ 213، وتفسير
البغوي: 3/ 432.
(6) في الأصل و «ج» : «واقفة وهي سائرة» ، وأثبت ما أشار إليه
الناسخ في نسخة أخرى.
وانظر هذا المعنى في تأويل مشكل القرآن: 4، وتفسير البغوي: 3/
432، وتفسير القرطبي: 13/ 242.
(7) ينظر معاني القرآن للزجاج: 4/ 130، وإعراب القرآن للنحاس:
3/ 224، والبيان لابن الأنباري: 2/ 227.
(2/637)
|