إيجاز البيان عن
معاني القرآن إِنَّ فِرْعَوْنَ
عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ
طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي
نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ
أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ
(6) وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ
فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا
تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ
وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)
ومن سورة/ القصص
[73/ أ]
4 شِيَعاً: فرقا، أي: فرّق بني إسرائيل فجعلهم خولا للقبط.
5 وَنُرِيدُ: واو الحال «1» ، أي: يريد فرعون أمرا في حال
إرادتنا لضده. وفيه بيان أن سنتنا فيك وفي قومك كهي في موسى
وفرعون.
7 وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى: ألهمناها «2» ، ويجوز رؤيا
منام «3» .
فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ: أن يسمع جيرانك صوته «4» ، وكان موسى
ولد في عام القتل، وهارون في عام الاستحياء إذ بنو إسرائيل
تفانوا بالقتل «5» ،
__________
(1) قال أبو حيان في البحر المحيط: 7/ 104: وَنُرِيدُ: حكاية
حال ماضية، والجملة معطوفة على قوله: إِنَّ فِرْعَوْنَ، لأن
كلتيهما تفسير للبناء، ويضعف أن يكون حالا من الضمير في
يَسْتَضْعِفُ لاحتياجه إلى إضمار مبتدأ، أي: ونحن نريد، وهو
ضعيف.
وإذا كانت حالا فكيف يجتمع استضعاف فرعون وإرادة المنة من
الله، ولا يمكن الاقتران» . [.....]
(2) ذكره الزجاج في معانيه: 4/ 133، ونقله الماوردي في تفسيره:
3/ 216 عن ابن عباس، وقتادة.
(3) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 216، وقال: «حكاه أبو عيسى» ،
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 202 عن الماوردي.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: 11/ 262: «وجملة أمر أم موسى
أنها علمت أن الذي وقع في نفسها هو من عند الله ووعد منه،
يقتضي ذلك قوله تعالى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ
عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ
حَقٌّ.
(4) الكشاف: 3/ 165، وزاد المسير: 6/ 202.
(5) في اللسان: 15/ 164 (فنى) : «تفانى القوم قتلا: أفنى بعضهم
بعضا، وتفانوا أي أفنى بعضهم بعضا في الحرب» .
(2/638)
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ
أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا
أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
(10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ
جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ
الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى
أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
(12)
فقالت القبط: خولنا منهم، وقد فنيت شيوخهم
موتا وأولادهم قتلا «1» .
10 فارِغاً: أي: من كلّ شيء إلّا من ذكر موسى «2» ، أو من موسى
أيضا لأنّ الله أنساها ذكره، أو ربط على قلبها وآنسه.
والربط على القلب تقويته بإلهام الصّبر «3» .
إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ: لما رأت الأمواج تلعب بالتابوت
كادت تصيح وتقول: يا ابناه «4» .
11 قُصِّيهِ: اتبعي أثره لتعلمي خبره «5» .
عَنْ جُنُبٍ: عن بعد وجنابة «6» . وقيل: عن جانب كأنها ليست
تريده.
12 وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ: تحريم منع لا شرع «7» .
مِنْ قَبْلُ: من قبل أن تجيء أخته»
. ومن أمر الله أن استخدم لموسى- عليه السلام- عدوّه في كفالته
وهو يقتل العالم لأجله.
__________
(1) تفسير ابن كثير: (6/ 231، 232) ، والدر المنثور: (6/ 389،
390) .
(2) ذكره اليزيدي في غريب القرآن: 289، وأخرجه الطبري في
تفسيره: (20/ 35، 36) عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك.
ورجحه الطبري، وذكره البغوي في تفسيره: 3/ 437، وقال: «هذا قول
أكثر المفسرين» .
(3) عن الزجاج في معاني القرآن: 4/ 134، وزاد المسير: 6/ 205.
(4) نص هذا القول في تفسير البغوي: 3/ 437 عن مقاتل.
وانظر معاني القرآن للفراء: 2/ 303، وتفسير الطبري: 20/ 37،
وزاد المسير: 6/ 205.
(5) معاني القرآن للفراء: 2/ 202، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
98، والمفردات للراغب:
404.
(6) ورد هذا المعنى، وكذلك القول الذي بعده في أثر ذكره الإمام
البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما معلقا. انظر صحيح البخاري:
6/ 18، كتاب التفسير، سورة القصص، الباب الأول.
(7) ينظر تفسير الطبري: 20/ 40، وتفسير القرطبي: 13/ 257.
(8) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 219، وقال: «وفي قوله: مِنْ
قَبْلُ وجهان أحدهما: ما ذكرناه (أي من قبل مجيء أخته) ،
الثاني: من قبل رده إلى أمه» .
(2/639)
وَلَمَّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى
حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ
يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ
فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ
عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا
مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ
(15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي
فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ
رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا
لِلْمُجْرِمِينَ (17)
14 وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ: بلغ نهاية
القوة وهي ثلاث وثلاثون سنة «1» .
ويجوز واحد الأشدّ «شدّة» «2» ك «نعمة» و «أنعم» ، وشد ك «فلس»
و «أفلس» وشدّ يقال: هو «ودّي» والجمع أودّ «3» .
وَاسْتَوى: استحكم وانتهى شبابه، وذلك إذا تم له أربعون «4» .
15 عَلى حِينِ غَفْلَةٍ: نصف النهار وقت القائلة.
هذا مِنْ شِيعَتِهِ: إسرائيلي.
فَوَكَزَهُ مُوسى: دفعه بجمع «5» كفه.
فَقَضى عَلَيْهِ: قتله.
هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ: لأنّ الغضب من نفخ الشّيطان.
17 فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً: دخلت الفاء لأنه يدل أنه لا يكون
ظهيرا لهم لما أنعم الله عليه، فهو كجواب الجزاء في أن الثاني
لأجل الأول «6» .
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 20/ 42 عن قتادة، ونقله
الماوردي في تفسيره:
3/ 220 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) قال المؤلف- رحمه الله- في كتابه وضح البرهان: 2/ 148:
«والأشد لا واحد له من لفظه، وقيل: واحده شدة ... » .
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 99، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 215، واللسان: (3/ 235، 236) (شدد) . [.....]
(3) اللسان: 3/ 445 (ودد) .
(4) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 20/ 42 عن مجاهد،
وقتادة، وابن زيد.
وانظر هذا المعنى في معاني القرآن للفراء: 3/ 52، والمحرر
الوجيز: 11/ 273.
(5) عن مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 99، وجمع الكفّ: حين
تقبضها، يقال: ضربوه بإجماعهم إذا ضربوا بأيديهم. وضربته بجمع
كفي- بضم الجيم-» .
وانظر الصحاح: 3/ 1198، واللسان: 8/ 56 (جمع) .
(6) ينظر إعراب القرآن للنحاس: 3/ 232، وتفسير القرطبي: 13/
263، والبحر المحيط:
7/ 110.
(2/640)
فَأَصْبَحَ فِي
الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي
اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى
إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ
يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى
أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا
بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي
الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ
(19) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ
يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ
مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ
الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ
مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ
السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ
عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ
دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا
قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا
شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)
18 فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ
بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ: أي: الإسرائيلي الذي خلصه موسى
استغاث به ثانيا، فقال له/ موسى: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ، أي:
للقبطي «1» ، فظنّ الإسرائيليّ أنّه عناه، فقال: تريد أن
تقتلني كما قتلت [نفسا بالأمس] «2» وسمعه القبطيّ فسعى به «3»
.
20 وَجاءَ رَجُلٌ: كان نجارا مؤمنا من آل فرعون اسمه حزبيل «4»
.
20 يَأْتَمِرُونَ بِكَ: يتشاورون في قتلك، أي: يأمر بعضهم
بعضا.
21 خائِفاً يَتَرَقَّبُ: أن يلحقه من يطلبه.
تَذُودانِ: غنمهما أن تقرب الماء «5» .
يُصْدِرَ «6» الرِّعاءُ: ينصرف الرعاة، ويُصْدِرَ: قريب من
يصدر لأنّ الرعاة إذا صدروا فقد أصدروا، إلّا أنّ المفعول في
يُصْدِرَ
__________
(1) وقيل: بل قال ذلك للإسرائيلي. ذكره الماوردي في تفسيره: 3/
222، والبغوي في تفسيره: 3/ 440. ووصفه البغوي بأنه أصوب وعليه
الأكثرون.
(2) ما بين معقوفين عن «ك» .
(3) أخرج الطبري نحو هذه الرواية في تفسيره: 20/ 48 عن ابن
عباس رضي الله عنهما.
وانظر تفسير الماوردي: 3/ 222، وتفسير ابن كثير: (6/ 235، 236)
.
(4) كذا في «ك» ، والذي ورد في التفاسير: «حزقيل» .
ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 223 عن الضحاك، والكلبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 402 وعزا إخراجه إلى ابن
المنذر عن ابن جريج.
قال القرطبي في تفسيره: 13/ 266: «قال أكثر أهل التفسير: هذا
الرجل هو حزقيل بن صورا مؤمن آل فرعون، وكان ابن عم فرعون.
ذكره الثعلبي» .
(5) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 332: «أي تكفان
غنمهما» . وحذف «الغنم اختصارا» .
(6) بفتح الياء وضم الدال، وهي قراءة ابن عامر، وأبي عمرو.
وقرأ باقي السبعة بضم الياء وكسر الدال.
السبعة لابن مجاهد: 492، والتبصرة لمكي: 286، والتيسير للداني:
171.
وانظر توجيه القراءتين في معاني الزجاج: 4/ 139، وحجة
القراءات: 543، والكشف لمكي: 2/ 173.
(2/641)
فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ
تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا
أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ
إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي
يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا
جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ
مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا
أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ
الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ
أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ
تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا
فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ
ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ
فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
(28) فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ
آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ
امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا
بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ
(29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ
الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ
أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
(30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ
كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا
مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31)
اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ
سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ
بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32)
محذوف كما هو محذوف في [قوله] «1» : لا
نَسْقِي، وتَذُودانِ.
24 رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ: كان أدركه جوع شديد «2» .
25 نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ: ليس لفرعون سلطان
بأرضنا. وكان بين مصر ومدين «3» ثماني ليال نحو ما بين الكوفة
والبصرة.
26 الْقَوِيُّ الْأَمِينُ: قوّته سقية الماشية بدلو واحدة
وحده.
وأمانته غضّ طرفه وأمره لها أن تمشي خلفه.
27 عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي: تأجر لي، أي: تكون أجيرا لي «4» ،
وإن كان الصداق لها، إذ مال الولد في الإضافة للوالد، ولأنّ
القبض إليه.
28 وَكِيلٌ: شاهد على عقدنا.
29 جَذْوَةٍ: قطعة من النار «5» . جذوت: قطعت.
31 تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ: انقلاب العصا حيّة دليل أن
الجواهر جنس واحد، إذ لا حال أبعد إلى الحيوان من الخشب.
32 وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ: اضمم يدك إلى
صدرك يذهب الله ما بك من فرق «6» ، أي: لأجل الحيّة. أو هو على
التوطين والتسكين
__________
(1) عن نسخة «ج» .
(2) ينظر تفسير الطبري: (20/ 58، 59) ، وتفسير الماوردي: 3/
225، وتفسير البغوي:
3/ 441.
(3) مدين: بفتح أوله وسكون ثانيه، وفتح الياء المثناة من تحت،
وآخره نون مدينة على البحر الأحمر محاذية لتبوك، وهي مدينة
شعيب عليه السلام.
معجم البلدان: 5/ 77، والروض المعطار: 525.
(4) هذا قول الزجاج في معانيه: 4/ 141، وانظر تفسير البغوي: 3/
442، وزاد المسير:
6/ 215، واللسان: 4/ 11 (أجر) . [.....]
(5) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 332، وتفسير الطبري:
20/ 69، والمفردات: 90، واللسان: 14/ 138 (جذا) .
(6) الفرق- بالتحريك-: الخوف والفزع.
الصحاح: 4/ 1541، واللسان: 10/ 304 (فرق) ، والنهاية: 3/ 438.
(2/642)
وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا
يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا
لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ
(42)
كما يقال: ليسكن جأشك وليفرخ روعك «1» .
والحكمة في تكرر هذه القصص أنّ المواعظ تكرر على الأسماع
ليتقرر في الطباع. أو هو التحدي إلى الإتيان بمثله، ولو بترديد
بعض هذه القصص، أو تسلية للنّبيّ وتحسيرا للكافرين حالا بعد
حال.
41 وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً: من الجعل بمعنى «الوصف» ، كقوله:
جعلته رجل سوء «2» . أو ذلك في الحشر حيث يقدمون أتباعهم إلى
النار.
42 مِنَ الْمَقْبُوحِينَ: الممقوتين، قبحه الله وقبّحه «3» .
قال عمّار لمن تناول عائشة: اسكت مقبوحا منبوحا «4» .
__________
(1) ينظر ما سبق في تفسير البغوي: 3/ 445، والكشاف: 3/ 175،
والمحرر الوجيز:
11/ 298، وزاد المسير: 6/ 219، وتفسير القرطبي: 13/ 284.
(2) ذكر نحوه الزمخشري في الكشاف: 3/ 180، فقال: «معناه:
ودعوناهم أئمة دعاة إلى النار، وقلنا: إنهم أئمة دعاة إلى
النار كما يدعى خلفاء الحق أئمة دعاة إلى الجنة، وهو من قولك:
جعله بخيلا وفاسقا إذا دعاه وقال إنه بخيل وفاسق. ويقول أهل
اللغة في تفسير فسقه وبخله جعله بخيلا وفاسقا، ومنه قوله
تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ
الرَّحْمنِ إِناثاً اه.
وأورد الفخر الرازي نحو هذا القول في تفسيره: 24/ 254 عن
الجبائي، من أئمة المعتزلة.
وقال الفخر الرازي: «تمسك به الأصحاب في كونه- تعالى- خالقا
للخير والشر» .
وأورد أبو حيان في البحر: 7/ 120 نص كلام الزمخشري، وعقّب عليه
بقوله: «وإنما فسر «جعلناهم» بمعنى: دعوناهم لا بمعنى صيّرناهم
جريا على مذهبه من الاعتزال لأن في تصييرهم أئمة خلق ذلك لهم،
وعلى مذهب المعتزلة لا يجوزون ذلك من الله ولا ينسبونه إليه» .
(3) إذا جعله قبيحا.
انظر تفسير البغوي: 3/ 447، والمفردات للراغب: 390، وتفسير
القرطبي:
13/ 290.
(4) أي: مبعدا، وانظر قول عمار رضي الله عنه في الفائق: 3/
402، وغريب الحديث لابن الجوزي: 2/ 215، والنهاية: 4/ 3.
(2/643)
فَلَمَّا جَاءَهُمُ
الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا
أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ
قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ
كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا
يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ
هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا
لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ
(52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ
الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ
مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ
بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا
اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ (56) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى
مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ
حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ
رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
(57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا
فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا
قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ
رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا
رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي
الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ
مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا
وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ
كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)
[74/ ب] ساحران «1» تظاهرا/: هما موسى
ومحمد «2» عليهما السلام، وذلك حين بعث أهل مكة إلى يهود مدينة
فأخبروه بنعته وأوان مبعثه من كتابهم، وسِحْرانِ: التوراة
والقرآن «3» .
49 هُوَ أَهْدى مِنْهُما: من كتابي موسى ومحمد عليهما السلام.
51 وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ: في الخبر عن أمر
الدنيا والآخرة «4» .
وقيل «5» : بما أهلكنا من القرون قبلهم ليتذكروا.
52 بِهِ يُؤْمِنُونَ: بالقرآن «6» .
54 مَرَّتَيْنِ: أي: بإيمانهم بالكتاب قبل محمد وبالإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم.
55 سَلامٌ عَلَيْكُمْ: بيننا وبينكم المتاركة والتسليم.
61 مِنَ الْمُحْضَرِينَ: للجزاء أو إلى النار «7» .
__________
(1) هذه قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وقرأ
عاصم، وحمزة، والكسائي سِحْرانِ بدون ألف قبل الحاء.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 495، والتبصرة لمكي: 287، والتيسير
للداني: 172.
(2) معاني القرآن للفراء: 2/ 306، وتفسير الطبري: (20/ 83، 84)
، ومعاني الزجاج:
4/ 148، والكشف لمكي: 2/ 175.
(3) معاني القرآن للفراء: 2/ 306، وتفسير الطبري: 20/ 84،
وتفسير الماوردي: 3/ 231، وحجة القراءات: 547.
(4) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: 20/ 88 عن ابن زيد.
ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 231، والبغوي في تفسيره: 3/ 449
عن ابن زيد أيضا.
(5) أخرجه الطبري في تفسيره: 20/ 88 عن قتادة، وانظر هذا القول
في معاني القرآن للزجاج:
4/ 148، وتفسير الماوردي: 3/ 231، وتفسير القرطبي: 13/ 296.
(6) ذكره الطبري في تفسيره: 20/ 88، ونقله الماوردي في تفسيره:
3/ 232 عن يحيى بن سلام.
وانظر تفسير البغوي: 3/ 449.
(7) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 334، وأخرجه الطبري
في تفسيره: 20/ 97 عن قتادة، ومجاهد.
وانظر تفسير الماوردي: 3/ 235، وتفسير البغوي: 3/ 451.
(2/644)
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ
مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)
وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
(69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ
فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ (70) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ
عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا
تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ
عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ
فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ
لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ
وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ
كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ
الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
(75) إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى
عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ
مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ
قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْفَرِحِينَ (76)
68 وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ:
أي: الذي هو خير «1» لهم.
ويجوز نفيا «2» ، أي: ما كان لهم الخيرة على الله وله الخيرة
عليهم.
76 إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى: كان ابن أخته «3» .
بغى عليه «4» : طلب العلو بغير حق.
لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ: يثقلها حتى تمليها كأنه لتميل «5»
بالعصبة من الثقل.
ناء: مال، والنّوء: الكوكب، مال عن العين عند الغروب «6» .
لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ: البطرين «7» .
__________
(1) تكون «ما» على هذا المعنى موصولة.
ذكره الزجاج في معانيه: 4/ 125، والنحاس في إعراب القرآن: 3/
241، والزمخشري في الكشاف: 3/ 188، وأبو حيان في البحر المحيط:
7/ 129، وهو اختيار الطبري في تفسيره: 20/ 100. [.....]
(2) رجحه الزجاج في معانيه: (4/ 151، 152) ، وانظر هذا القول
في البيان لابن الأنباري:
2/ 235، والتبيان للعكبري: 2/ 1024، والبحر المحيط: 7/ 129.
(3) كذا في «ك» ، ولم أقف على هذا القول، والذي ورد في
التفاسير أنه ابن أخيه، فلعله تصحف هنا.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: 11/ 329: «واختلف الناس في
قرابة قارون لموسى عليه السلام، فقال ابن إسحاق: هو عمه. وقال
ابن جريج، وإبراهيم النخعي: هو ابن عمه، وهذا أشهر، وقيل: ابن
خالته، فهو بإجماع رجل من بني إسرائيل، كان ممن آمن بموسى،
وحفظ التوراة، وكان من أقرأ الناس لها، وكان عند موسى عليه
السلام من عبّاد المؤمنين، ثم لحقه الزهو والإعجاب ... » .
وانظر الاختلاف في قرابته لموسى عليه السلام في تفسير الطبري:
20/ 105، وتفسير البغوي: 3/ 454، وتفسير ابن كثير: 6/ 263.
(4) يريد قوله تعالى: فَبَغى عَلَيْهِمْ [آية: 76] .
(5) في «ج» : تميل.
(6) الصحاح: 1/ 79، واللسان: 1/ 176 (نوا) .
(7) غريب القرآن لليزيدي: 293، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة:
335، وتفسير الطبري:
20/ 111، وتفسير القرطبي: 13/ 313.
(2/645)
فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ
إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ
وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ
(80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ
مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ
مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا
مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ
لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا
وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ
الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ
عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ
مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ
عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84)
إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى
مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ
هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)
79 فِي زِينَتِهِ: في موكبه على بغلة شهباء
بمركب ذهب في لباس أرجواني «1» .
81 فَخَسَفْنا بِهِ: قال موسى: يا أرض خذيه فابتلعته، فقيل:
أهلكه ليرثه، فخسف بداره «2» .
82 وَيْكَأَنَّ اللَّهَ: قيل: «وي» مفصول، وهو اسم سمّي به
الفعل، أي:
أعجب، ثم ابتدأ وقال: «كأن الله يبسط» «3» .
وقيل «4» : بأنه «ويك بأنّ الله» فحذفت الباء، ومعناه: ألم تر؟
أو ألم تعلم؟ أو معناه: «ويح» أو «ويلك» «5» ، ومعنى الجميع
التنبيه.
85 فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ: أنزل على لسانك فرائضه «6» ،
أو فرض العمل به «7» أو حملك تبليغه «8» .
__________
(1) أخرج نحوه الطبري في تفسيره: 20/ 115، عن ابن جريج،
والحسن.
ونقله البغوي في تفسيره: 3/ 455 عن مقاتل، وعزاه ابن الجوزي في
زاد المسير:
6/ 243 إلى وهب بن منبه.
قال الزجاج في معاني القرآن: 4/ 156: «الأرجوان في اللغة صبغ
أحمر» .
(2) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 3/ 240 عن مقاتل، وكذا
ابن الجوزي في زاد المسير: 3/ 245، والقرطبي في تفسيره: 13/
317.
(3) هذا قول الخليل في كتابه: العين 8/ 443، وهو عن الخليل
أيضا في الكتاب لسيبويه:
2/ 154، وتأويل مشكل القرآن: 526، ومعاني القرآن للزجاج: 4/
157، وصحح الزجاج هذا القول.
(4) انظر هذا القول في الكتاب لسيبويه: 2/ 154، ومعاني الأخفش:
2/ 654، وتفسير الطبري: 20/ 120، ومعاني القرآن للزجاج: 4/
156، والبحر المحيط: 7/ 135.
(5) ذكره الخليل في العين: 8/ 442. وانظر معاني القرآن للفراء:
2/ 312، ومعاني الزجاج:
4/ 156، وإعراب القرآن للنحاس: 3/ 244.
(6) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 241 عن ابن بحر.
(7) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 336، والزجاج في
معانيه: 4/ 157، وأورده الماوردي في تفسيره: 3/ 241، وقال:
«حكاه النقاش» .
ونقله البغوي في تفسيره: 3/ 458 عن عطاء.
(8) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 241، وقال: «حكاه ابن شجرة» .
[.....]
(2/646)
وَلَا تَدْعُ مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ
هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ (88)
لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ: مكة «1» . نزلت ب
«الجحفة» حين عسف «2» به الطريق إليها فحنّ.
88 إِلَّا وَجْهَهُ: إلّا ما أريد به وجهه «3» .
__________
(1) ورد هذا القول في أثر أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 6/
18، كتاب التفسير، باب إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ
الْقُرْآنَ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وانظر هذا القول في تفسير الطبري: 20/ 125، وتفسير الماوردي:
3/ 241، وتفسير ابن كثير: 6/ 270.
(2) قال ابن الأثير في النهاية: 3/ 237: «العسف في الأصل: أن
يؤخذ المسافر على غير طريق ولا جادة ولا علم» .
وفي الصحاح: 4/ 1403 (عسف) : «العسف: الأخذ على غير الطريق» .
(3) ذكره الإمام البخاري في صحيحه: 6/ 17، كتاب التفسير، تفسير
سورة القصص.
وذكره الطبري في تفسيره: 3/ 127، ونقله الماوردي في تفسيره: 3/
242 عن سفيان الثوري، وأورده ابن الجوزي في تفسيره: 6/ 252،
وقال: «رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال الثوري» .
(2/647)
|