إيجاز البيان عن معاني القرآن

أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)

ومن سورة العنكبوت
2 أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا: موضع أَنْ نصب بمعنى: لأن يقولوا، أو على البدل من أَنْ الأولى فيعمل فيه «حسب» «1» .
وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ: بالأوامر والنواهي «2» ، أو في أموالهم وأنفسهم «3» .
3 فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ: يظهرنّه ويميّزنّه، أو يعلمه كائنا واقعا.
[75/ أ] 4 أَنْ يَسْبِقُونا: يفوتونا فوت السابق لغيره «4» /.
5 مَنْ كانَ يَرْجُوا: ... مَنْ رفع بالابتداء، وكانَ خبره، وجواب الجزاء فَإِنَّ، كقولك: إن كان زيد في الدار فقد صدق الوعد.
7 وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ: هو طاعتهم لله فلا شيء أحسن منه.
10 جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ: في قوم من مكة أسلموا، فلما فتنوا وأوذوا ارتدّوا «5» .
__________
(1) عن معاني القرآن للزجاج: (4/ 159، 160) ، وانظر معاني القرآن للفراء: 2/ 314، وتفسير الطبري: 20/ 128، وإعراب القرآن للنحاس: 3/ 247، والبحر المحيط:
7/ 139.
(2) ذكره البغوي في تفسيره: 3/ 460، وابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 255 دون عزو.
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 20/ 128 عن مجاهد. ونقله الماوردي في تفسيره:
3/ 243، عن مجاهد أيضا. وانظر معاني القرآن للزجاج: 4/ 159.
(4) تفسير الطبري: 20/ 130، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 160، وزاد المسير: 6/ 256.
(5) أخرجه الطبري في تفسيره: 20/ 133 عن الضحاك، ونقله الواحدي في أسباب النزول:
396 عن الضحاك أيضا.
وانظر الدر المنثور: 6/ 453.

(2/648)


وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22)

12 وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ: أي: اكفروا، فإن كان عليكم شيء فهو علينا.
13 وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ: أي: أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم «1» ، أو هي أوزار السنن الجائرة «2» .
20 يُنْشِئُ النَّشْأَةَ: أي: ينشئ الخلق فينشئون. وقريء (النشاءة) «3» .
21 يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ: بالانقطاع إلى الدنيا «4» . وقيل «5» : بسوء الخلق.
22 وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ: لو كنتم فيها «6» ،
__________
(1) ذكره الطبري في تفسيره: 20/ 135، وأخرج نحو هذا القول عن ابن زيد.
وقال البغوي في تفسيره: 3/ 463: «نظيره قوله عز وجل: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ [النحل: 25] .
(2) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 3/ 245، ويدل عليه الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 2674، كتاب العلم، باب «من سن سنة حسنة أو سيئة» عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» .
(3) هذه قراءة أبي عمرو، وابن كثير كما في السبعة لابن مجاهد: 498، والتبصرة لمكي:
289، والتيسير للداني: 173.
وقال مكي في الكشف: 2/ 178: «والنشاءة- بالمد- هو المصدر كالإعطاء، يدل على المدّة الثانية في الخلق كالكرة الثانية، فهو مصدر صدر من غير لفظ (ينشئ) ، ولو صدر عن لفظ (ينشى) لقال: الإنشاءة الآخرة، والتقدير فيه: ثم الله ينشئ الأموات، فينشئون النشأة الآخرة، فهو مثل قوله: وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً [آل عمران: 37] ... » .
(4) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 246.
(5) المصدر السابق.
(6) ذكره الطبري في تفسيره: 20/ 140، والزجاج في معانيه: 4/ 165.
وانظر تفسير البغوي: 3/ 464، والمحرر الوجيز: 11/ 375. [.....]

(2/649)


فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32)

أو هو على تقدير: ولا من في السماء «1» .
26 مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي: خارج عن جملة الظالمين على جهة الهجر لهم إلى حيث أمرني ربي، وقد كان هاجر من «كوثى» «2» قرية بسواد الكوفة إلى الشّام.
25 مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ: أي: الآلهة التي اتخذتموها من دونه تتوادّون بها في الدنيا وتتبرأون منها يوم القيامة، فتكون مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ مبتدأ «3» ، والخبر فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، أي: مودّة بينكم بسببها كائنة في الدنيا ثم ينقطع يوم القيامة.
29 وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ: أي: سبيل الولد برفض النساء «4» .
32 مِنَ الْغابِرِينَ: الباقين في العذاب.
__________
(1) ذكره الفراء في معاني القرآن: 2/ 315، ثم قال: «وهو من غامض العربية، للضمير الذي لم يظهر في الثاني» .
قال أبو حيان في البحر: 7/ 247: «وهذا عند البصريين لا يكون إلا في الشعر لأن فيه حذف الموصول وإبقاء صلته» .
وانظر القول الذي أورده المؤلف- رحمه الله- في تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة: 217، وتفسير الطبري: 20/ 139، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 165، والمحرر الوجيز:
11/ 375.
(2) كوثى- بالضم ثم السكون، والثاء مثلثة، وألف مقصورة.
كذا ضبطه ياقوت في معجم البلدان: 4/ 487.
وانظر هذا الموضع في معجم ما استعجم: 4/ 1138، والروض المعطار: 503.
أما السواد فسمي بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار.
معجم البلدان: 3/ 272.
(3) على قراءة أبي عمرو، والكسائي، وابن كثير برفع «مودة» .
انظر السبعة لابن مجاهد: 499، والتيسير للداني: 173، والكشف لمكي: 2/ 178، وحجة القراءات: 550، والتبيان للعكبري: 2/ 1031.
(4) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 316، وانظر معاني القرآن للزجاج: 2/ 168، وتفسير الماوردي: 2/ 247، والمحرر الوجيز: 11/ 383، وزاد المسير: 6/ 268.

(2/650)


وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)

38 وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ: عقلاء ذوي بصائر «1» ، أو مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها «2» .
41 لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ: إذ لا يكنّ «3» من حرّ أو برد ولا يحصّن عن طالب.
45 وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ: أي: ذكر الله لكم بالرحمة أكبر من ذكركم له بالثناء «4» ، أو ذكركم الله أفضل من جميع عملكم.
46 إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ: أي: في إيراد الحجة من غير سباب واضطراب.
إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ: أي: منع الجزية وقاتل «5» ، أو أقام على الكفر بعد أن حجّ وألزم «6» .
49 بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ: أي: حفظ القرآن وحفظ الكتاب
__________
(1) هذا قول الفراء في معانيه: 2/ 317، ونقله البغوي في تفسيره: 3/ 467 عن الفراء أيضا، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 272، والقرطبي في تفسيره: 13/ 344.
(2) نص هذا القول في تفسير القرطبي: 20/ 150، ونقله البغوي في تفسيره: 3/ 467 عن قتادة، ومقاتل، والكلبي.
(3) أي: لا يفي ولا يصون.
الصحاح: 6/ 2188، واللسان: 13/ 361 (كنن) .
(4) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (20/ 156، 157) عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 466، وعزا إخراجه إلى ابن السّني، وابن مردويه، والديلمي عن ابن عمر مرفوعا.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: 6/ 292: «روي هذا من غير وجه عن ابن عباس، وروي أيضا عن ابن مسعود، وأبي الدرداء، وسلمان الفارسي وغيرهم» .
(5) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 21/ 1 عن مجاهد، وأورده السيوطي في الدر المنثور: (6/ 468، 469) ، وزاد نسبته إلى الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد أيضا.
(6) ذكره الطبري في تفسيره: 21/ 2، ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 249 عن ابن زيد.

(2/651)


يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)

بتمامه لهذه الأمّة «1» .
[75/ ب] وفي الحديث «2» : «أنا جيلهم في/ صدورهم وقرابينهم من نفوسهم» .
56 فَإِيَّايَ
: الفاء للجزاء، بتقدير: إن ضاق بكم موضع فإيّاي فاعبدون، لأنّ أرضي واسعة «3» .
60 وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ: لما أمروا بالهجرة قالوا: ليس لنا بالمدينة منازل ولا أموال «4» .
لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا: لا تدّخر «5» .
66 لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ: على الوعيد، كقوله «6» : فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ.
__________
(1) ذكره الطبري في تفسيره: 21/ 6، ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 250، والبغوي في تفسيره: 3/ 471 عن الحسن.
(2) ورد نحو هذا القول في حديث طويل أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة: 1/ 77- 79 عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا وفي إسناده سهيل بن أبي صالح.
قال أبو نعيم: «وهذا الحديث من غرائب حديث سهيل، لا أعلم أحدا رواه مرفوعا إلا من هذا الوجه، تفرد به الربيع بن النعمان وبغيره من الأحاديث عن سهيل، وفيه لين» .
والحديث بلفظ: «أناجيلهم في صدورهم يصفون للصلاة كما يصفون للقتال، قربانهم الذي يتقربون به إليّ دماؤهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار» .
في معجم الطبراني: 10/ 110 حديث رقم (10046) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد: 8/ 274 وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
(3) ينظر معاني القرآن للزجاج: (4/ 172، 173) ، والكشاف: 3/ 210، والبحر المحيط:
7/ 157.
(4) نقله الماوردي في تفسيره: 3/ 253 عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا القرطبي في تفسيره: 13/ 360. [.....]
(5) معاني القرآن للفراء: 2/ 318، وتفسير الطبري: 21/ 11، ومعاني الزجاج: 4/ 173، وتفسير القرطبي: 13/ 359.
(6) سورة الكهف: آية: 29.

(2/652)