إيجاز البيان عن
معاني القرآن وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا
وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي
أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ
النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ
رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ
دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا
فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ
فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ
الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11) وَلَقَدْ آتَيْنَا
لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)
سورة لقمان
6 لَهْوَ الْحَدِيثِ: الغناء «1» . نزلت في قرشي اشترى مغنية
«2» .
وقيل «3» : الأسمار الكسروية اشتراها النّضر بن الحارث المقتول
في أسرى بدر.
12 وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ: قال طاوس:
الْحِكْمَةَ: العقل، فقال له مجاهد: ما العقل؟ قال: [يؤتيها]
«4» من يطيع الله، وإن كان أسود
__________
(1) ثبت هذا المعنى في عدة آثار وردت عن ابن عباس، وابن مسعود،
وغيرهما من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.
راجع ذلك في الأدب المفرد: 275، وتفسير الطبري: (21/ 61- 63) ،
والمستدرك للحاكم: 2/ 411، كتاب التفسير، «تفسير سورة لقمان» ،
والسنن الكبرى للبيهقي:
10/ 225، كتاب الشهادات، باب «الرجل يتخذ الغلام والجارية
المغنيين ويجمع عليهما ويغنيان» .
وانظر تفسير ابن كثير: (6/ 333، 334) ، والدر المنثور: (6/
504، 505) .
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 21/ 63 عن ابن عباس رضي
الله عنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 504، وزاد نسبته إلى
الفريابي، وابن مردويه عن ابن عباس أيضا.
وانظر أسباب النزول للواحدي: 400، وتفسير الماوردي: 3/ 277.
(3) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 326، ونقله الماوردي في تفسيره:
3/ 276 عن الفراء والكلبي.
ونقله الواحدي في أسباب النزول: 400 عن الكلبي، ومقاتل.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان: 4/ 305، حديث رقم (5194) عن
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
والمراد ب «الأسمار الكسروية» كتب الأعاجم وحكاياتهم وأساطيرهم
القديمة.
(4) عن نسخة «ج» .
(2/658)
وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى
وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ
عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا
تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا
وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ
مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)
يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ
خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ
فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ
خَبِيرٌ (16)
اللّون، منتن الريح، قبيح المنظر، صغير
الخطر «1» .
14 وَهْناً عَلى وَهْنٍ: نطفة وجنينا «2» . أو ضعف الحمل على
ضعف الأنوثة «3» .
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ: اشكر لي حق النعمة، ولهما حق
التربية «4» .
15 وَإِنْ جاهَداكَ: جهدا في قبولك الشرك وجهدت في الامتناع.
وسئل الحسن: أرأيت إن قالا له: لا تصل في المسجد. قال:
فليطعهما، فإنّما يأمرانه به شفقة أن يصيبه شيء «5» .
16 إِنَّها إِنْ تَكُ: الهاء كناية عن الخطيئة، أو عائدة إلى
الحسنة «6» .
ويجوز رفع مِثْقالَ «7» مع هذا التأنيث لأنّ مِثْقالَ حَبَّةٍ
مِنْ/ خَرْدَلٍ: معناه خردلة. و «المثقال» مقدار يوازن غيره ف
«مثقال حبة» :
مقدار وزنها، وقد كثر المثقال على مقدار الدينار، فإذا قيل:
مثقال كافور فمعناه: مقدار الدينار الوازن، وعلى هذا قول أبي
حنيفة «8» في استثناء
__________
(1) لم أقف على تخريج هذا الخبر.
(2) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره: 3/ 280.
(3) انظر هذا القول في تفسير الطبري: 21/ 69، وتفسير الماوردي:
3/ 280، والمحرر الوجيز: 11/ 494، وزاد المسير: 6/ 319.
(4) ذكره الماوردي في تفسيره: 3/ 280، والقرطبي في تفسيره: 14/
65.
(5) لم أقف على تخريج هذا الخبر.
(6) تفسير الطبري: 21/ 71، وتفسير البغوي: 3/ 492، والمحرر
الوجيز: 11/ 499، والبحر المحيط: 7/ 187. [.....]
(7) وهي قراءة نافع كما في السبعة لابن مجاهد: 513.
وانظر توجيه هذه القراءة في معاني القرآن للفراء: 2/ 328،
ومعاني القرآن للزجاج:
(4/ 197، 198) ، وحجة القراءات: 565، والكشف لمكي: 2/ 188،
والبحر المحيط:
7/ 187.
(8) وهو قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، كما في تحفة الفقهاء
للسمرقندي: (3/ 327- 328) .
وانظر أقوال العلماء في هذه المسألة في الاستغناء للقرافي:
(723- 724) .
(2/659)
وَلَا تُصَعِّرْ
خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ
فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ
الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ
اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً
وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ
بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا
بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ
كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ
عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ
كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا
عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ
غَلِيظٍ (24) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ
أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ
أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا
كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ
وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ
اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ
اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ
الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ
اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ
كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
(32)
المقدر من المقدور وإن لم يكن جنسا.
18 وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ: لا تكثر إمالته كبرا وإعراضا «1» .
ولا تصاعر «2» : لا تلزم خدك الصّعر.
19 لَصَوْتُ الْحَمِيرِ: إذ أوّله زفير وآخره شهيق «3» .
28 كَنَفْسٍ واحِدَةٍ: كخلق نفس واحد «4» .
27 وَالْبَحْرُ: بالرفع على الابتداء، والخبر يَمُدُّهُ وحسن
الابتداء في أثناء الكلام لأنّ قوله: وَلَوْ أَنَّما فِي
الْأَرْضِ قد فرغ فيها «أن» من عملها.
وقيل: واو وَالْبَحْرُ واو حال وليس للعطف، أي: والبحر هذه
حاله «5» .
31 لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ: كل معتبر مفكّر في الخلق.
32 مَوْجٌ كَالظُّلَلِ: في ارتفاعه وتغطيته ما تحته.
فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ: عدل وفيّ بما عاهد الله عليه في
__________
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 127، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 344، ومعاني الزجاج: 4/ 198، والمفردات للراغب: 281.
(2) هذه قراءة نافع، والكسائي وحمزة، وأبي عمرو، كما في السبعة
لابن مجاهد: 513، والتبصرة لمكي: 295، والتيسير للداني: 176.
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 21/ 77 عن قتادة، ونقله
الماوردي في تفسيره:
3/ 284 عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 6/ 524، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة أيضا.
(4) ينظر هذا القول في مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 128، وتفسير
الطبري: 21/ 82، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 200، وتفسير
الماوردي: 3/ 286.
(5) عن معاني القرآن للزجاج: 4/ 200، وانظر إعراب القرآن
للنحاس: (3/ 287، 288) ، والبيان لابن الأنباري: 2/ 256،
والتبيان للعكبري: 2/ 1045.
(2/660)
البحر «1» .
كُلُّ خَتَّارٍ: غدّار «2» ، وختره الشراب: أفسد مزاجه «3» .
__________
(1) نقله الماوردي في تفسيره: 3/ 288 عن النقاش، ونص كلامه:
معناه: عدل في العهد، يفي في البر بما عاهد الله عليه في
البحر» .
(2) غريب القرآن لليزيدي: 299، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة:
345، وتفسير الطبري:
21/ 85، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 201، والمفردات للراغب: 142.
(3) اللسان: 4/ 229 (ختر) .
(2/661)
|