إيجاز البيان عن معاني القرآن

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)

ومن سورة سبأ
1 وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ: حمد أهل الجنّة سرورا بالنعيم من غير تكلف «1» وذلك قولهم: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ «2» .
2 يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ: من المطر، وَما يَخْرُجُ مِنْها: من النبات، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ: من الأقضية والأقدار، وَما يَعْرُجُ فِيها:
من الأعمال «3» .
7 إِذا مُزِّقْتُمْ: بليتم بتقطيع أجسامكم.
10 أَوِّبِي مَعَهُ: رجّعي بالتسبيح «4» ، وَالطَّيْرَ: نصبه بالعطف على موضع المنادى «5» .
__________
(1) في تفسير الماوردي: 3/ 345: «من غير تكلف» ، ويبدو أنه مصدر المؤلف في هذا النص. [.....]
(2) سورة الزمر: آية: 74.
(3) ينظر ما سبق في تفسير الماوردي: 3/ 345، وتفسير البغوي: 3/ 548، وزاد المسير:
6/ 532.
(4) معاني القرآن للفراء: 2/ 355، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 353، وتفسير الطبري:
22/ 65، والمفردات للراغب: 30.
(5) هذا قول سيبويه في الكتاب: (2/ 186، 187) .
وقال الزجاج في معانيه: 4/ 243: «والنصب من ثلاث جهات: أن يكون عطفا على قوله: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا ... وَالطَّيْرَ، أي: وسخرنا له الطير.
حكى ذلك أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء، ويجوز أن يكون نصبا على النداء، المعنى:
يا جبال أوّبي معه والطير، كأنه قال: دعونا الجبال والطير، فالطير معطوف على موضع «الجبال» في الأصل، وكل منادى- عند البصريين كلهم- في موضع نصب ... ويجوز أن يكون «والطير» نصب على معنى «مع» ، كما تقول: قمت وزيدا، أي: قمت مع زيد، فالمعنى: أوّبي معه ومع الطير» .

(2/677)


وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)

و «السّرد» «1» : دفع المسمار في ثقب الحلقة، والتقدير فيه: أن يجعل [79/ أ] المسمار على قدر/ الثقب «2» .
12 وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ: سالت له عين القطر، وهو النحاس، من عين فيما وراء أندلس بمسيرة أربعة أشهر، فبنى منه قصرا، وحصر فيها مردة الشياطين، ولا باب لهذا القصر. ذكر ذلك في حكاية طويلة من أخبار عبد الملك بن مروان وأنّ من جرّده لذلك تسورها من أصحابه عدد فاختطفوا فكرّ راجعا «3» .
13 كَالْجَوابِ: كالحياض يجمع فيها الماء «4» .
وَقُدُورٍ راسِياتٍ: لا تزول عن أماكنها.
اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً: اعملوا لأجل شكر الله «5» . مفعول له.
14 مِنْسَأَتَهُ: عصاه. أنسأت الغنم: سقتها «6» .
16 سَيْلَ الْعَرِمِ: المسنيات واحدها عرمة «7» .
ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ: ثمر خمط، والخمط: شجر الأراك «8» ، عطف
__________
(1) من قوله تعالى: أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ... [آية: 11] .
(2) معاني القرآن للفراء: 2/ 356، وتفسير الطبري: (22/ 67، 68) ، وتفسير القرطبي:
14/ 267.
(3) لم أقف على أصل هذه الحكاية ولعلها من الخرافات الشائعة في ذلك العصر.
(4) معاني القرآن للفراء: 2/ 356، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 144، وتفسير الطبري:
22/ 71.
(5) في «ك» : «لأجل الشكر لله» .
(6) اللسان: 1/ 169 (نسأ) .
(7) معاني القرآن للفراء: 2/ 358، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 146، وغريب القرآن لليزيدي: 307.
و «المسناة» : الجسر، أو السد يقام فوق الوادي، والتقدير هنا: فأرسلنا سيل السد العرم.
(تفسير القرطبي: 14/ 285) ، والبحر المحيط: 7/ 370.
(8) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 22/ 81 عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد.
وذكره الفراء في معانيه: 2/ 359، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 356.

(2/678)


ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)

بيان، أي: الأكل ثمر هذا الشجر.
وقيل «1» : الخمط صفة حمل الشجر وهو المرّ الذي فيه حموضة.
والأثل: شبيه بالطرفاء «2» ، والسّدر: النّبق.
17 هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ: أي: بمثل هذا الجزاء.
وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى: كانت بينهم وبين بيت المقدس «3» .
قُرىً ظاهِرَةً: إذا قاموا في واحدة ظهرت لهم الثانية.
وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ: للمبيت والمقيل من قرية إلى قرية.
19 باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا: قالوا: ليتها كانت بعيدة فنسير على نجائبنا.
فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ: حتى قيل في المثل: تفرقوا أيدي سبأ «4» .
وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ: ف «غسّان» لحقوا بالشّام [والأنصار] «5» بيثرب وخزاعة بتهامة، والأزد بعمان «6» .
__________
(1) هذا قول الزجاج في معانيه: 4/ 249، ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 356 عن الزجاج.
وكذا ابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 446، والقرطبي في تفسيره: 14/ 286.
(2) في اللسان عن أبي حنيفة الدينوري: «الطرفاء من العضاه وهدبه مثل هدب الأثل، وليس له خشب وإنما يخرج عصيا سمحة في السماء» .
اللسان: 9/ 220 (طرف) . [.....]
(3) ذكره الزجاج في معانيه: 4/ 250، ونقله الماوردي في تفسيره: 3/ 356 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(4) مجمع الأمثال: 2/ 4، والمستقصى: 2/ 88، واللسان: 15/ 426 (يدي) عن ابن بري:
قولهم أيادي سبأ يراد به نعمهم، واليد: النعمة لأن نعمهم وأموالهم تفرقت بتفرقهم.
(5) في الأصل: «الأنمار» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» ، وعن المصادر التي أوردت هذا القول.
(6) أخرجه الطبري في تفسيره: 22/ 86 عن عامر الشعبي. ونقله الماوردي في تفسيره:
3/ 358، والبغوي في تفسيره: 3/ 556 عن الشعبي. وأورده السيوطي في الدر المنثور:
6/ 693، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الشعبي.

(2/679)


وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)

20 وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ: أصاب في ظنّه، وظنّه أنّ آدم لما نسي قال: لا يكون ذريته إلّا ضعافا عصاة «1» .
21 وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ: لولا التخلية [بينهم وبين وساوسه] «2» للمحنة.
إِلَّا لِنَعْلَمَ: لنظهر المعلوم.
23 فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ: أزيل عنها الفزع، أفزعته: ذعّرته، وفزّعته:
نفّست عنه «3» ، مثل: أقذيت وقذّيت، وأمرضت، ومرّضت، والمعنى: أنّ الملائكة يلحقهم فزع عند نزول جبريل- عليه السلام- بالوحي ظنا [منهم] «4» أنه ينزل بالعذاب، فكشف عن قلوبهم الفزع فقالوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ:
أي: لأيّ شيء نزل جبريل «5» .
وقيل «6» : حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين قالت
__________
(1) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه ابن أبي حاتم (كما في الدر المنثور: 6/ 695) عن الحسن رحمه الله تعالى.
وانظر تفسير ابن كثير: 6/ 500.
(2) ما بين معقوفين عن نسخة «ج» .
(3) فهو من الأضداد كما في اللسان: 8/ 253 (فزع) .
(4) في الأصل: «منه» ، والمثبت في النص عن «ج» .
(5) عن معاني القرآن للزجاج: 4/ 252، وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: (12/ 180، 181) : «وتظاهرت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية- أعني قوله تعالى:: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ إنما هي في الملائكة إذا سمعت الوحي إلى جبريل بالأمر يأمر الله به سمعت كجرّ سلسلة الحديد على الصفوان، فتفزع عند ذلك تعظيما وهيبة» .
وانظر الأحاديث التي أشار إليها ابن عطية- رحمه الله- في صحيح البخاري: 6/ 28، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ... الآية.
وتفسير ابن كثير: 6/ 503، والدر المنثور: 6/ 697.
(6) نقله البغوي في تفسيره: 3/ 557، وابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 453 عن الحسن، وابن زيد.
واستبعده ابن عطية في المحرر الوجيز: 12/ 182.

(2/680)


قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45) قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)

الملائكة/: ماذا قال ربكم في الدنيا؟ قالوا: الحق.
24 وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ: أي: أنا وأنتم لسنا على أمر واحد، فيكون أحدنا على هدى والآخر في ضلال، فأضلهم بأحسن تعريض، كما يقول الصادق [للكاذب] «1» إنّ أحدنا لكاذب «2» .
28 إِلَّا كَافَّةً: رحمة «3» شاملة جامعة.
33 بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ: مكرهم فيها، أو كأنّهما يمكران بطول السّلامة فيهما، أو بمرّهما واختلافهما، فقالوا: إنّهما لا إلى نهاية «4» .
45 وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ: ما بلغ أهل مكة معشار ما أوتي الأولون من القوى والقدر، أو الأولون ما بلغوا معشار ما أوتوا، فلا أنتم أعلم منا، ولا كتاب أهدى من كتابنا.
46 أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى: تناظرون مثنى، وتفكرون في أنفسكم فرادى. فهل تجدون في أفعاله وأحواله ومنشأه ومبعثه ما يتهمه؟! «5» .
49 وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ: لا يثبت إذا [بدا] «6» وَما يُعِيدُ: لا يعود إذا زال. أو لا يأتي بخير في البدء والإعادة، أي: الدنيا والآخرة.
52 وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ: التناول «7» ، ناوشته: أخذته من بعيد، والمراد
__________
(1) في الأصل: «الكاذب» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» ، ووضح البرهان للمؤلف.
(2) راجع هذا المعنى في معاني القرآن للفراء: 2/ 362، وتأويل مشكل القرآن: 269، وتفسير الطبري: 22/ 95، ومعاني الزجاج: 4/ 253.
(3) في «ج» : نعمة.
(4) تفسير غريب القرآن: 357، وتفسير الطبري: 22/ 98، ومعاني القرآن للزجاج: 4/ 354، وتفسير الماوردي: 3/ 360. [.....]
(5) ذكره الفراء في معانيه: 2/ 364. وأخرج نحوه الطبري في تفسيره: (22/ 104، 105) عن قتادة.
(6) في الأصل: «أبدا» ، والمثبت في النص عن «ج» ، و «ك» وكتاب وضح البرهان: 2/ 208، وتفسير الماوردي: 3/ 365.
(7) معاني القرآن للفراء: 2/ 365، وغريب القرآن لليزيدي: 308، وتفسير غريب القرآن:
358، والمفردات للراغب: 509.

(2/681)


وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)

الإيمان والتوبة، أي: كيف التناول من بعيد لما كان قريبا فلم يتناولوه.
53 وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ: يقولون: لا بعث ولا حساب «1» .
مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ: أي: يقذفون من قلوبهم، وهي بعيدة عن الصدق والصّواب.
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 22/ 112 عن قتادة، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 6/ 470 عن الحسن، وقتادة.

(2/682)