إيجاز البيان عن معاني القرآن

سورة الفتح
1 إِنَّا فَتَحْنا: صلح الحديبية «6» . «الحديبية» بوزن «تريقية» تصغير «ترقوة» .
__________
(1) في تفسير الطبري: 26/ 55: «فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بفرض ذلك كرهتموه» .
(2) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 215، والمفردات للراغب: 449، والبحر المحيط:
8/ 71، واللسان: 13/ 380 (لحن) .
(3) اللسان: 5/ 274 (وتر) .
(4) من قوله تعالى: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ [آية: 37] .
(5) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 411، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 17، وتفسير المشكل لمكي: 316، والمفردات للراغب: 125.
(6) قال الزجاج في معاني القرآن: 5/ 19: «وأكثر ما جاء في التفسير أنه فتح الحديبية» .
وقال البغوي في تفسيره: 4/ 188: «الأكثرون على أنه صلح الحديبية» .
ويدل على هذا القول ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 6/ 44، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً عن أنس رضي الله عنه قال: «الحديبية» ، وأخرج البخاري أيضا في صحيحه: 5/ 62، كتاب المغازي، باب «غزو الحديبية» عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ... » .

(2/748)


لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)

وعد الله فتح مكة عند اللفاية «1» منها، وهي بئر وفيها تمضمض صلى الله عليه وسلم وقد غارت ففارت بالعذب للرواء، وعندها «2» بويع بيعة الرضوان، وأطعموا نخل خيبر، وظهرت الرّوم على فارس «3» ، فيكون معنى «الفتح المبين» القضاء الفصل في مهادنة أهل مكة. وقيل «4» : هو فتح المشكلات عليه في الدين، كقوله «5» : وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ فيكون معنى لِيَغْفِرَ لتهتدي أنت والمسلمون وعلى المعنى الظاهر لم يكن الفتح ليغفر له بل لينصره نصرا عزيزا، ولكنه لما عدّ عليه هذه النعمة وصله بما هو أعظم النعم.
2 ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ: ما كان قبل الفتح، أو قبل البعثة «6» .
وغفران/ الصّغيرة مع أنها مكفّرة: سترها سترا دائما ودفع الضّرر [89/ أ] عليها «7» .
4 أَنْزَلَ السَّكِينَةَ: الثقة بوعد الله والصّبر على حكم الله «8» .
لِيَزْدادُوا إِيماناً: يقينا «9» .
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ: أي: لو شاء نصركم بها عاجلا ودمّر على
__________
(1) كذا في الأصل، ولم أتبين معنى هذه الكلمة، وفي «ك» و «ج» : الكفاية منها، وفي وضح البرهان: 2/ 303: عند انكفائه منها.
(2) في الأصل: «وعندهما» ، والمثبت في النص عن نسخة «ك» .
(3) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 26/ 71 عن الشعبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 509، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر، والبيهقي في «البعث» .
وانظر معجزات هذه الغزوة في السيرة لابن هشام: 2/ 310، وفتح الباري: 7/ 507.
(4) ذكر الماوردي نحو هذا القول في تفسيره: 4/ 56، ونقله المؤلف- رحمه الله- في وضح البرهان: 342 عن ابن بحر.
(5) سورة الأنعام: آية: 59. [.....]
(6) ينظر تفسير الماوردي: 4/ 57، وتفسير القرطبي: 16/ 263.
(7) في «ك» : «وغفران الصغيرة على قول من يقول إنها تقع مكفرة ... » .
(8) عن تفسير الماوردي: 4/ 57.
(9) في «ك» : إيقانا.

(2/749)


لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)

من منعكم الحرم، لكنه أنزل السكينة عليكم ليكون ظهور كلمته بجهادكم وثوابه لكم.
9 تُعَزِّرُوهُ: تنصروه «1» ، وَتُسَبِّحُوهُ: تنزهوه من كلّ ذمّ وعيب، أو تصلّوا عليه «2» .
10 إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ: هي بيعة الرضوان على أن تنصروا ولا تفروا.
وسمّيت بيعة لقوله تعالى «3» : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ولأنها في تواجب الجنة بالشّهادة كالبيع.
10 يَدُ اللَّهِ: أي: في الثواب، فَوْقَ أَيْدِيهِمْ: في النّصر. أو منّة الله عليهم بالهداية فوق طاعتهم، أو عقد الله في هذه البيعة فوق عقدهم، لأنّهم بايعوا الله ببيعة نبيّه «4» .
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ: لما أراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة عام الحديبية استنفر من حول المدينة.
مِنَ الْأَعْرابِ: جهينة ومزينة «5» .
شَغَلَتْنا أَمْوالُنا: ليس لنا من يقوم بأموالنا [ومن] «6» يخلفنا في أهلينا.
__________
(1) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 412 عن أبي صالح، وأخرجه الطبري في تفسيره:
26/ 74 عن قتادة.
وهو قول الزجاج في معانيه: 5/ 21، والبغوي في تفسيره: 4/ 190.
(2) كذا في «ك» ، وفي تفسير البغوي: 4/ 190: «تصلوا له» ، قال أبو حيان في البحر المحيط:
8/ 91: «والظاهر أن الضمائر عائدة على الله تعالى» .
واختاره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 427، والفخر الرازي في تفسيره: 28/ 86.
(3) سورة التوبة: آية: 111.
(4) ينظر ما سبق في معاني القرآن للزجاج: 5/ 22، وتفسير الماوردي: (4/ 59، 60) ، وزاد المسير: (7/ 427، 428) ، وتفسير القرطبي: 16/ 267.
(5) ينظر خبرهم في السيرة لابن هشام: 1/ 308، وتفسير الطبري: 26/ 77، وزاد المسير:
7/ 429، وتفسير القرطبي: 16/ 268.
(6) ما بين معقوفين عن «ك» .

(2/750)


بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)

12 ظَنَّ السَّوْءِ: أنّ الرسول لا يرجع «1» .
15 يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ: وعده أهل الحديبية أنّ غنيمة خيبر لهم خاصة «2» .
16 سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ: الرّوم وفارس «3» . وقيل «4» : بني حنيفة مع مسيلمة.
18 إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ: وهي سمرة «5» ، وكانوا ألفا وخمسمائة «6»
__________
(1) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 60 عن مجاهد، وقتادة.
وانظر تفسير البغوي: 4/ 191، وتفسير القرطبي: 16/ 269.
(2) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 26/ 80 عن قتادة.
واختار الطبري هذا القول، وكذا البغوي في تفسيره: 4/ 192.
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (26/ 82، 83) عن الحسن، وقتادة، وابن زيد، وابن أبي ليلى.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 431 عن الحسن، ومجاهد.
(4) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 66 عن الكلبي، وأخرجه الطبري في تفسيره: 26/ 83 عن الزهري، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 431 عن الزهري، وابن السائب الكلبي، ومقاتل.
وعقب الطبري- رحمه الله- على الأقوال التي قيلت في «القوم» فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولى بأس في القتال، ونجدة في الحروب، ولم يوضع لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم، ولا أعيان بأعيانهم، وجائز أن يكون عنى بذلك بعض هذه الأجناس، وجائز أن يكون عني بهم غيرهم، ولا قول فيه أصح من أن يقال كما قال الله جل ثناؤه: إنهم سيدعون إلى قوم أولى بأس شديد اه-. [.....]
(5) السّمرة: ضرب من شجر الطلح، وهي نوع من شجر العضاة، والعضاة: كل شجر يعظم وله شوك.
النهاية: 2/ 399، واللسان: 4/ 379 (سمر) .
وقد ورد القول الذي ذكره المؤلف في معاني القرآن: 3/ 67، وتفسير الطبري: 26/ 86، ومعاني الزجاج: 5/ 25.
(6) ورد هذا القول في أثر أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 5/ 63، كتاب المغازي، باب «غزوة الحديبية» عن قتادة عن سعيد بن المسيب.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (26/ 85، 87) عن قتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 61 عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

(2/751)


وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)

وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً: فتح خيبر «1» .
21 وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها: فارس وروم «2» .
قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها: قدر عليها «3» ، أو علمها «4» ، بل المعنى: جعلهم بمنزلة ما قد أدير حولهم فيمنع أن يفلت أحد منهم، وهذه غاية في البلاغة ليس وراءها.
24 وَهُوَ الَّذِي كَفَّ: بعث المشركون أربعين رجلا [ليصيبوا] «5» من المسلمين، فأتي بهم النّبي صلى الله عليه وسلم أسرى فخلّاهم «6» .
25 وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً: مجموعا موقوفا «7» ، وكان ساق
__________
(1) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 26/ 91 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقتادة.
وذكره الزجاج في معانيه: 5/ 25، والماوردي في تفسيره: 4/ 62، وابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 435.
وفي معنى هذه الآية قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: 7/ 322: «وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة ... » .
(2) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 26/ 91 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرجه- أيضا- عن قتادة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
(3) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 63 عن ابن بحر.
(4) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 436، والقرطبي في تفسيره: 16/ 279.
(5) في الأصل: «ليصبو» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(6) ينظر صحيح مسلم: 3/ 1442، كتاب الجهاد، باب قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ.
وتفسير الطبري: 26/ 94، وأسباب النزول للواحدي: 443، وتفسير ابن كثير: 7/ 323.
(7) تفسير الماوردي: 4/ 64، عن أبي عمرو بن العلاء.
وانظر معاني الفراء: 3/ 67، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 27، والمفردات للراغب:
343، واللسان: 9/ 255 (عكف) .

(2/752)


إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)

أربعين «1» بدنة.
مَعَرَّةٌ: إثم «2» ، أو شدّة «3» .
تَزَيَّلُوا: تميّزوا «4» حتى لا يختلط بمشركي مكة مسلم/. [89/ ب]
26 فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ: لما أرادهم سهيل «5» بن عمرو أن يكتبوا:
باسمك اللهم «6» .
كَلِمَةَ التَّقْوى: سمعنا وأطعنا «7» . وقيل «8» : شهادة أن لا إله إلّا الله.
__________
(1) في «ك» : سبعين بدنة، وقد ورد كلا العددين.
ينظر مسند الإمام أحمد: 4/ 323، والسيرة لابن هشام: (2/ 308، 309) ، وتفسير الطبري: (26/ 95، 96) ، وتفسير ابن كثير: 7/ 327.
(2) تفسير الطبري: 6/ 102، وتفسير الماوردي: 4/ 64 عن ابن زيد.
(3) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 64 عن قطرب.
(4) معاني القرآن للفراء: 3/ 68، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 217، وتفسير الطبري:
26/ 102، والمفردات للراغب: 218.
(5) هو سهيل بن عمرو بن شمس بن عبد ود القرشي العامري، أبو زيد.
صحابي جليل، وكان أحد الأشراف من قريش وساداتهم في الجاهلية.
ترجمته في الاستيعاب: 2/ 669، وأسد الغابة: 2/ 480، والإصابة: 3/ 212. [.....]
(6) ينظر خبر سهيل رضي الله عنه في صحيح البخاري: 3/ 181، كتاب الشروط، باب «الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب وكتابة الشروط» .
والسيرة لابن هشام: 2/ 317، وتفسير الطبري: 26/ 99، وتفسير ابن كثير: 7/ 327.
(7) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 65، وقال: «وسميت «كلمة التقوى» لأنهم يتقون بها غضب الله» .
(8) ورد هذا القول في أثر أخرجه الإمام أحمد في مسنده: 5/ 138 عن الطفيل بن أبيّ بن كعب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه- أيضا- الترمذي في سننه: 5/ 386، كتاب التفسير، تفسير سورة الفتح عن الطفيل من طريق الحسن بن قزعة ثم قال: «هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة، وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فلم يعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه» .
وأخرجه الطبري في تفسيره: (26/ 104، 105) عن الطفيل ورفعه.
وأخرجه- أيضا- عن علي، وابن عباس، وعمرو بن ميمون، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، والضحاك، وعكرمة.

(2/753)


لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)

27 إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ: الاستثناء للتأديب على مقتضى الدين، يعني:
لتدخلنه بمشيئة الله. أو الاستثناء في دخول جميعهم، إذ ربّما يموت بعضهم، أو إن] بمعنى: إذ شاء الله «1» .
29 مَثَلُهُمْ: صفتهم «2» .
شَطْأَهُ: الشّطأ والشّفاء والبهمى: شوك السّنبل «3» . وقيل «4» : فراخه الذي يخرج في جوانبه من شاطئ النّهر.
فَآزَرَهُ: قوّاه وشدّ أزره «5» ، أي: شدّ فراخ الزّرع أصوله.
فَاسْتَغْلَظَ: قوي باجتماع الفراخ مع الأصول «6» .
عَلى سُوقِهِ: السّاق: قصبه الذي يقوم عليه.
لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ: أهل مكة، وهذا مثل المؤمنين إذ كانوا أقلاء فكثروا وأذلاء فعزوا «7» .
__________
(1) هذا قول أبي عبيدة كما في تفسير البغوي: 4/ 205، وتفسير القرطبي: 16/ 290، والبحر المحيط: 8/ 101 وردّه النحاس في إعراب القرآن: 4/ 204 بقوله: «وهذا قول لا يعرج عليه، ولا يعرف أحد من النحويين «إن» بمعنى «إذ» ، وإنما تلك «أن» فغلط، وبينهما فصل في اللغة والأحكام عند الفقهاء والنحويين» .
(2) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 413، وتفسير الطبري: 26/ 112، ومعاني الزجاج: 5/ 29.
(3) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 66 عن قطرب.
وانظر اللسان: 1/ 100، وتاج العروس: 1/ 281 (شطأ) .
(4) نقله الماوردي في تفسيره: 4/ 67 عن الأخفش، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة:
2/ 218، وتفسير المشكل لمكي: 317، والمفردات للراغب: 261.
(5) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 69، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 413، وتفسير المشكل لمكي: 317، والمفردات للراغب: 17.
(6) عن تفسير الماوردي: 4/ 67.
(7) ينظر تفسير الطبري: 26/ 15، وتفسير الماوردي: 4/ 67.

(2/754)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ: قاموا على الإيمان.
مِنْهُمْ مَغْفِرَةً: ومنهم لتخليص الجنس، كقولك: أنفق من الدراهم لا من الدنانير «1» .

سورة الحجرات
1 لا تُقَدِّمُوا: لا تقدّموا، عجّل في الأمر وتعجل، ويقال: قدّم وأقدم، وتقدّم واستقدم، أو معنا: لا تقدّموا أمرا على ما أمركم الله به، فحذف المفعول «2» .
2 أَنْ تَحْبَطَ: فتحبط، أو لأن تحبط، لام الصّيرورة «3» .
3 امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى: أخلصها «4» ، قال عمر «5» رضي الله
__________
(1) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 29، وتتمة كلامه: «المعنى: اجعل نفقتك من هذا الجنس، وكما قال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ، لا يريد أن بعضها رجس وبعضها غير رجس، ولكن المعنى: اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان» .
وانظر إعراب القرآن للنحاس: 4/ 206، وتفسير القرطبي: 16/ 296، والبحر المحيط:
8/ 103.
(2) قال أبو حيان في البحر المحيط: 8/ 105: «وحذف مفعوله ليتناول كل ما يقع في النفس مما تقدم فلم يقصد لشيء معين، بل النهي متعلق بنفس الفعل دون تعرض لمفعول معين، كقولهم: فلان يعطي ويمنع ... » .
(3) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 32، وانظر معاني القرآن للفراء: 3/ 70، وتفسير الطبري:
26/ 120، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 209.
(4) هذا قول الفراء في معانيه: 3/ 70، ونص كلامه: «أخلصها للتقوى كما يمتحن الذهب بالنار، فيخرج جيده، ويسقط خبثه» .
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 415، وتفسير الطبري: 26/ 120، ومعاني الزجاج: 5/ 33، واللسان: 13/ 401 (محن) . [.....]
(5) نص قوله في الكشاف: 3/ 557، ولم يعلق عليه الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف وورد في تفسير القرطبي: 16/ 309 بلفظ: «أذهب عن قلوبهم الشهوات» .

(2/755)


إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)

عنه: «أذهب الشّبهات عنها» .
4 الْحُجُراتِ: والحجرات جمع «حجرة» .
7 لَعَنِتُّمْ: أثمتم «1» أو حرجتم «2» .
11 لا يَسْخَرْ قَوْمٌ: رجال.
وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ: لا تعيبوا إخوانكم. واللّمز باللّسان، والهمز بالإشارة، والنّبز: اللّقب الثابت إذا ثلم العرض «3» .
12 إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ: الذي لصاحبه طريق إلى العلم.
وَلا تَجَسَّسُوا: لا تتبعوا عثرات النّاس، ولا تبحثوا عما خفي «4» .
والتجسس: التبحّث في الشر، وبالحاء في الخير «5» .
فَكَرِهْتُمُوهُ: أي: يكره لحم الميّت طبعا فأولى أن يكره الغيبة المحرمة عقلا لأنّ داعي العقل بصير وعالم و [داعي] «6» الطّبع أعمى جاهل.
[90/ أ] 13 لِتَعارَفُوا: نبّه أنّ اختلاف/ القبائل للتعارف لا للتفاخر.
والشّعب اسم الجنس لأنواع الأحياء، ثم أخص منه القبائل، ثم العمائر، ثم البطون، ثم الأفخاذ، ثم الفضائل، ثم
__________
(1) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 71 عن مقاتل. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 7/ 461، والقرطبي في تفسيره: 16/ 314.
(2) ينظر هذا القول في تفسير الطبري: 26/ 125، وتفسير المشكل لمكي: 318، وتفسير الماوردي: 4/ 71.
(3) هذا قول المبرد كما في إعراب القرآن للنحاس: 4/ 213، وتفسير الماوردي: 4/ 73.
(4) عن تفسير الماوردي: 4/ 75، وانظر تفسير البغوي: 4/ 215.
(5) ينظر اللسان: 6/ 50 (حسس) ، وفيه أيضا عن ابن الأعرابي: تجسست الخبر وتحسسته بمعنى واحد.
(6) في الأصل: «دواعي» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» لأنه أنسب للسياق.

(2/756)


قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)

العشائر «1» .
14 قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا: أي: وإن صاروا سلما بالشّهادتين فإنهم لم يصدقوا ولم يثقوا بما دخلوا فيه.
لا يَلِتْكُمْ: و «لا يألتكم» «2» : لا ينقصكم «3» . ألت يألت ألتا، وولت يلت ولتا، ولات يليت ليتا، وألت يولت إيلاتا «4» ، [كلها بمعنى النقصان] «5» .