إيجاز البيان عن
معاني القرآن اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)
فسئل عن البرطمة، فقال: الإعراض «1» .
سورة [القمر] «2»
1 وَانْشَقَّ الْقَمَرُ: قال الحسن «3» : أي ينشق، فجاء/
المستقبل على [93/ أ] صيغة الماضي لوجوب وقوعه. أو لتقارب
وقته. أو لأنّ المعنى مفهوم أنّه في المستقبل.
وقيل: إنه على الاستعارة والمثل لوضوح الأمر كما يقال في
المثل:
اللّيل طويل وأنت مقمر.
والمنقول المقبول «4» أنه على الحقيقة، انشق القمر نصفين حين
سأله حمزة «5» بن عبد المطلب فرآه جلة الصّحابة.....
__________
(1) نص هذه الرواية عن مجاهد في تفسير البغوي: 4/ 257.
وأخرج- نحوه- الطبري في تفسيره: 27/ 83 عن مجاهد، وأورده
السيوطي في الدر المنثور: 7/ 667، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد،
وابن المنذر عن مجاهد أيضا.
(2) في الأصل «الساعة» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(3) نقله الماوردي في تفسيره: 4/ 135، والقرطبي في تفسيره: 17/
126.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 88 دون عزو، وعقّب عليه
بقوله: «وهذا القول الشاذ لا يقاوم الإجماع، ولأن قوله:
وَانْشَقَّ لفظ ماض. وحمل لفظ الماضي على المستقبل يفتقر إلى
قرينة تنقله ودليل، وليس ذلك موجودا.
وفي قوله: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا دليل على أنه قد
كان ذلك» . اه-.
وانظر رد أبي حيان في البحر المحيط: 8/ 173 لقول الحسن.
(4) ورد في ذلك أخبار صحيحة كثيرة.
ينظر ذلك في صحيح البخاري: (6/ 52، 53) ، كتاب التفسير، تفسير
سورة اقتربت الساعة.
وصحيح مسلم: 4/ 2158 كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب
«انشقاق القمر» .
وأسباب النزول للواحدي: 462، وتفسير ابن كثير: (7/ 447- 450) .
(5) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 135، والقرطبي في تفسيره: 17/
126.
والذي ورد في الصحيح أن أهل مكة هم الذين سألوا وطلبوا أن
يريهم آية، فكانت هذه المعجزة العظيمة.
(2/777)
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا
وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)
وقال ابن مسعود «1» : رأيت شقة من القمر
على أبي قبيس «2» وشقة على السّويداء «3» . فقالوا: سحر القمر.
ولا يقال: لو انشق لما خفي على أهل الأقطار لجواز أن يحجبه
الله عنهم بغيم.
2 سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ: من السّماء إلى الأرض «4» . وقيل «5» :
شديد محكم.
استمرّ الأمر: استحكم، وأمّره: أحكمه «6» .
3 وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ: أي للجزاء «7» .
__________
(1) أخرج الحاكم هذا القول عن ابن مسعود في المستدرك: 2/ 471،
كتاب التفسير: «سورة القمر» وقال: «هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه ... » ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه- أيضا- البيهقي في الدلائل: 2/ 265.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 670، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود أنه قال: «انشق القمر على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل
وفرقة دونه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا» .
صحيح البخاري: 6/ 52، كتاب التفسير، «تفسير سورة اقتربت
الساعة» .
وصحيح مسلم: 4/ 2158، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب
«انشقاق القمر» .
(2) أبو قبيس: جبل معروف بمكة المكرمة.
معجم البلدان: (1/ 80، 81) .
(3) السّويداء: موضع بمكة المكرمة تلى الخندمة، والخندمة: بفتح
الخاء المعجمة- أحد جبال مكة يطل على أبي قبيس من جهة الشرق.
ينظر أخبار مكة للفاكهي: 4/ 47، والروض المعطار: (222، 223) .
[.....]
(4) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 135 عن مجاهد.
وذكره القرطبي في تفسيره: 17/ 128، وأبو حيان في البحر المحيط:
8/ 174 دون عزو.
(5) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 2/ 240، وابن قتيبة في
تفسير غريب القرآن: 431، ونقله القرطبي في تفسيره: 17/ 127 عن
أبي العالية، والضحاك.
(6) تفسير البغوي: 4/ 258، واللسان: 5/ 169 (مرر) .
(7) معاني القرآن للزجاج: 5/ 85، وتفسير الماوردي: 4/ 136،
وتفسير البغوي: 4/ 258، وزاد المسير: 8/ 89.
(2/778)
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ
فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ
الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ
يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ
(7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا
يَوْمٌ عَسِرٌ (8) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى
أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)
5 حِكْمَةٌ بالِغَةٌ: نهاية الصّواب.
4 مُزْدَجَرٌ: منتهى «1» ، مفتعل من «الزّجر» ، أبدلت التاء
دالا لتؤاخي الزاي بالجهر «2» .
و «النكر» : «3» ما تنكره النّفس. صفة ك «جنب» .
7 خاشعا «4» أبصارهم: لم يجمع خاشعا وأجرى مجرى الفعل أن «5»
تخشع «6» أبصارهم، ووصف الأبصار بالخشوع لأنّ ذلة الذليل وعزّة
العزيز في نظره.
8 مُهْطِعِينَ: مسرعين «7» ، وقيل «8» : ناظرين لا يقلعون
البصر.
12 فَالْتَقَى الْماءُ: التقى المياه، إذ الجنس كالجمع. أو
التقى ماء السماء، وماء الأرض «9» .
وكانت السّفينة تجري بينهما.
عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ: في أمّ الكتاب، وهو إهلاكهم.
__________
(1) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 104، وتفسير الطبري: 27/ 89،
ومعاني الزجاج: 5/ 85.
(2) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 85، وانظر إعراب القرآن
للنحاس: 4/ 286، وتفسير القرطبي: 17/ 128.
(3) من قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ
إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ: آية: 6.
(4) ينظر التبيان للعكبري: 2/ 1192، والبحر المحيط: 8/ 175.
(5) هذه قراءة حمزة، والكسائي، وأبي عمرو، كما السبعة لابن
مجاهد: 618، والتبصرة لمكي: 340، والتيسير للداني: 205.
(6) في «ك» و «ج» : أي تخشع.
(7) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 2/ 240، واختاره ابن
قتيبة في تفسير غريب القرآن:
233، وذكره مكي في تفسير المشكل: 329.
(8) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 86. وانظر معاني
الفراء: 3/ 106، وتفسير الطبري: 27/ 91.
(9) ينظر هذا القول في معاني القرآن للفراء: 3/ 106، ومجاز
القرآن لأبي عبيدة: 2/ 240، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة:
432، وتفسير الطبري: 27/ 92، ومعاني الزجاج:
5/ 87، وتفسير البغوي: 4/ 260.
(2/779)
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى
ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً
لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ
مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ
مُدَّكِرٍ (17) كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي
وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا
فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ النَّاسَ
كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)
وفي الحديث «1» : «خلقت الأقوات قبل
الأجساد وخلق القدر قبل البلاء» .
13 وَدُسُرٍ: المسامير التي تدسر بها السّفن وتشدّ، واحدها
دسار «2» .
14 تَجْرِي بِأَعْيُنِنا: بمرأى منا «3» . أو بوحينا وأمرنا
«4» .
جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ: جزاء لهم لكفرهم بنوح عليه السلام.
أو فعلنا ذلك جزاء لنوح فنجيناه ومن معه وأغرقنا المكذّبين
جزاء لما صنع به.
15 فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ: طالب علم فيعان عليه، وهو «مذتكر»
مفتعل من الذكر فأدغم «5» .
19 يَوْمِ نَحْسٍ: يوم ريح النحس الدّبور.
مُسْتَمِرٍّ: دائم الهبوب.
[39/ ب] 20 تَنْزِعُ النَّاسَ: تقلعهم من حفر حفروها للامتناع/
من الريح، ثم ترمي بهم على رؤوسهم فيدقّ رقابهم.
كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ: أصولها التي قطعت فروعها «6» .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 93 عن محمد بن كعب القرظي
بلفظ: «كانت الأقوات قبل الأجساد، وكان القدر قبل البلاء» .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 675، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد، وابن المنذر عن محمد بن كعب رحمه الله تعالى. [.....]
(2) ينظر معاني الفراء: 3/ 106، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
240، والمفردات: 169، واللسان: 4/ 285 (دسر) .
(3) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 432، واختاره الطبري
في تفسيره: 27/ 94، وانظر تفسير البغوي: 4/ 260، وزاد المسير:
8/ 93، والبحر المحيط: 8/ 178.
(4) نقله الماوردي في تفسيره: 4/ 137 عن الضحاك، وعزاه البغوي
في تفسيره: 4/ 260 إلى سفيان.
(5) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 240، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 432، وتفسير الطبري: (27/ 95، 96) ، ومعاني
الزجاج: 5/ 88.
(6) معاني القرآن للفراء: 3/ 108، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
241، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 433، وتفسير الطبري: 27/
99.
(2/780)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) كَذَّبَتْ
ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا
نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ
كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ
الْأَشِرُ (26) إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ
فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ
الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28)
فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29)
مُنْقَعِرٍ: منقلع عن مكانه، و «كأنّ» في
موضع الحال، أي: تنزعهم مشبهين بالنخل المقلوع من أصله «1» .
22 وَلَقَدْ يَسَّرْنَا: أعيد ذكر [التيسير] «2» ليتبين عن أنه
يسّر بهذا الوجه من الوعظ كما يسّر بالوجه الأول. أو يسّر بحسن
التأليف للحفظ كما يسّر بحسن البيان للفهم.
24 ضَلالٍ وَسُعُرٍ: أي تركنا دين آبائنا. أو التغير به كدخول
النّار التي تنذرنا بها «3» . وقيل «سعر» : جنون ناقة مسعورة
«4» .
29 فَنادَوْا صاحِبَهُمْ: نادى مصدع بن زهير «5» قدار «6» بن
سالف بعد ما رماه مصدع سهمه «7» [فعقرها قدار] «8» .
__________
(1) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 89.
وانظر إعراب القرآن للنحاس: (4/ 291، 292) ، والتبيان للعكبري:
2/ 1194، وتفسير القرطبي: 17/ 137.
(2) في الأصل: «اليسير» ، والمثبت في النص عن هامش الأصل الذي
أشار ناسخه إلى وروده في نسخة أخرى.
(3) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 139.
(4) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 433، ومعاني القرآن
للزجاج: 5/ 89، والبحر المحيط: 8/ 180، واللسان: 4/ 366 (سعر)
.
(5) في المحبّر لابن حبيب: 357 «مصدع بن دهر» ، وفي المعارف
لابن قتيبة: 29، والبداية والنهاية: 1/ 127: «مصرع بن مهرج» .
قال ابن قتيبة: «كان رجلا نحيفا طويلا أهوج مضطربا» .
(6) قدار بن سالف: هو عاقر الناقة في ثمود، وكان رجلا قويا في
قومه.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 437: «كان هذا الرجل عزيزا
فيهم، شريفا في قومه، نسيبا رئيسا مطاعا.
وانظر المعارف لابن قتيبة: 29، والبداية والنهاية: 1/ 127.
(7) في «ك» : بسهمه.
(8) ما بين معقوفين عن نسخة «ج» .
(2/781)
إِنَّا أَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ
الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ
بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا
إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ
عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ
أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36)
وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ
فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ
بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي
وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40) وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ
النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا
فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42)
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ
فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ
(44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)
31 الْمُحْتَظِرِ: المبتني الحظيرة التي
يجمع فيها الهشيم «1» ، و «الهشيم» : حطام العشب إذا يبس «2» ،
ومثله الدّرين والثّنّ «3» .
الحاصب «4» : السحاب حصبهم بالحجارة «5» .
وآل لوط: ابنتاه زعورا وريثا «6» .
37 وَنُذُرِ: هو الإنذار. ك [النكر] «7» . أو جمع «نذير» «8» .
44 أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ: أي: يدلّون بكثرتهم «9» .
45 سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ: أي: يوم بدر «10» ، وهذا من آياته
صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) تفسير غريب القرآن: 434. [.....]
(2) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 241، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 434، وتفسير المشكل لمكي: 330، والمفردات للراغب:
543، واللسان: 12/ 612 (هشم) .
(3) الدّرين: يبيس الحشيش وكل حطام من حمض أو شجر.
والتّنّ: اليابس من العيدان.
ينظر اللسان (13/ 83، 153) (ثنن، درن) .
(4) من قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً
إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ آية: 34.
(5) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 141 دون عزو.
(6) جاء في هامش الأصل: «الصحيح «ربثا» بالباء المنقوط بواحدة
من تحت» ونقل ابن الجوزي في زاد المسير: 4/ 141 عن مقاتل أن
اسميهما: ريثا وزعرثا، وعن السدي: رية وعروبة.
(7) في الأصل: النكير، والمثبت في النص عن «ج» .
(8) ينظر المفردات للراغب: 487، وتفسير القرطبي: 17/ 129،
والبحر المحيط: 8/ 182.
(9) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 91.
(10) يدل عليه ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر: اللهم
إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم، فأخذ
أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك وهو يثب
في الدرع فخرج وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدّبر) اه-.
صحيح البخاري: 6/ 54، كتاب التفسير، تفسير سورة اقتربت الساعة.
وعدّ المؤلف- رحمه الله- هذه الآية من معجزات النبي صلى الله
عليه وسلم لأن هذه السورة مكية ونزلت قبل وقعة بدر بسنين
عديدة.
(2/782)
يَوْمَ يُسْحَبُونَ
فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48)
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا
أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
(51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ
صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي
جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)
48 ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ: هو كقولك: وجدت
مسّ الحمّى «1» .
49 خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ: قدّر الله لكل خلق قدره الذي ينبغي
له.
50 وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ: مرة واحدة. أو كلمة واحدة.
أو إرادة واحدة «2» .
54 وَنَهَرٍ: سعة العيش «3» . أو وضع موضع «أنهار» على مذهب
الجنس.
سورة الرحمن
1 الرَّحْمنُ: أي الله الرّحمن ولذلك عدّ آية «4» .
3 خَلَقَ الْإِنْسانَ: خلقه غير عالم فجعله عالما «5» . وقيل
«6» : الإنسان آدم.
وقيل «7» : النبي عليه السّلام، و «البيان» : القرآن «8» .
__________
(1) تفسير الطبري: 27/ 110.
(2) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 110، وزاد المسير: 8/ 102،
وتفسير القرطبي: 17/ 149.
(3) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 143 عن قطرب.
وذكر نحوه البغوي في تفسيره: 4/ 266 عن الضحاك.
(4) البحر المحيط: 8/ 188.
(5) المصدر السابق. [.....]
(6) أخرجه الطبريّ في تفسيره: 27/ 114 عن قتادة، ونقله
الماوردي في تفسيره: 4/ 145 عن الحسن، وقتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 691، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد، وابن المنذر عن قتادة.
(7) نقله ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 106 عن ابن كيسان، وكذا
القرطبي في تفسيره:
17/ 152، وأبو حيان في البحر المحيط: 8/ 188.
(8) هذا قول الزجاج في معانيه: 5/ 95.
(2/783)
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)
وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)
5 الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ:
يجريان بحساب «1» ، أو يدلان على عدد الشّهور والسّنين «2» .
6 وَالنَّجْمُ: النّبات الذي نجم في الأرض وانبسط ليس له ساق،
والشّجر ما قام على ساق «3» . وسجودهما دوران الظّل معهما «4»
، أو ما فيهما من آثار الصّنعة الخاضعة لصانعهما، أو إمكانهما
من الجني والرّيع وتذليل [94/ أ] الله إياهما للانتفاع/ بهما.
7 وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ أي: العدل،
والمعادلة: موازنة الأشياء «5» .
__________
(1) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 112، وأبو عبيدة في مجاز
القرآن: 2/ 242، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 436.
وأخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: 27/ 115 عن ابن عباس
رضي الله عنهما، وكذا الحاكم في المستدرك: 2/ 474، كتاب
التفسير، «سورة الرحمن» ، وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ،
ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 691، وزاد نسبته إلى
الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن
عباس.
(2) ذكره الزجاج في معانيه: 5/ 95.
(3) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 116،
والحاكم في المستدرك:
2/ 474، كتاب التفسير، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 692، وزاد نسبته إلى ابن
المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ في «العظمة» عن ابن عباس
أيضا.
وهو قول الفراء في معانيه: 3/ 112، وأبي عبيدة في مجاز القرآن:
2/ 242، والزجاج في معانيه: 5/ 69.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 107، وقال: «وهو مذهب ابن
عباس، والسدي، ومقاتل، واللغويين» .
(4) هذا قول الزجاج في معاني القرآن: 5/ 96، وذكره الماوردي في
تفسيره: 4/ 146 عن الزجاج، وكذا القرطبي في تفسيره: 17/ 154.
(5) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 96.
وانظر هذا المعنى في معاني القرآن للفراء: 3/ 113، وتفسير
الطبري: 27/ 118، وتفسير الماوردي: 4/ 147، وزاد المسير: 8/
107.
(2/784)
أَلَّا تَطْغَوْا فِي
الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا
تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ
(10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11)
وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)
8 أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ: في هذا
الميزان الذي يتزن بها الأشياء.
9 وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ: ميزان الأعمال يوم القيامة «1»
، فتلك ثلاثة موازين.
و «الأنام» : «2» الثّقلان «3» ، وقيل: «4» كلّ شيء فيه روح،
وأصله «ونام» ك «وناة» من ونم الذباب: صوت «5» .
11 ذاتُ الْأَكْمامِ: الطّلع متكمّم قبل أن ينفتق بالتمر «6» .
12 وَالرَّيْحانُ: الحبّ المأكول هنا «7» ، والعصف: ورقه
[الذي] «8» ينفي عنه ويذرّى في الريح كالتبن لأن الرّيح تعصفه،
ويقال لما يسقط منه:
العصافة «9» .
__________
(1) تفسير القرطبي: 17/ 155.
(2) في قوله تعالى: وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ آية: 10.
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 27/ 119 عن الحسن.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 693، وزاد نسبته إلى ابن
المنذر عن الحسن رحمه الله تعالى.
(4) أخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 119 عن ابن عباس رضي الله
عنهما عن طريق محمد بن سعد عن أبيه.... وهو إسناد مسلسل
بالضعفاء، تقدم بيان ذلك ص 135.
ونقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 147 عن مجاهد، والسدي.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: (8/ 107، 108) ، وقال: «رواه
العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والشعبي، وقتادة، والسدي،
والفراء» .
(5) اللسان: 12/ 643 (ونم) .
(6) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 27/ 120 عن ابن زيد.
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 436، ومعاني الزجاج: 5/
97، والمفردات للراغب: 441، وتفسير القرطبي: 17/ 156. [.....]
(7) معاني القرآن للفراء: 3/ 113، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
243، وتفسير الطبري:
27/ 122، والمفردات للراغب: 336.
(8) ما بين معقوفين ساقط من الأصل، والمثبت عن «ك» .
(9) اللسان: 9/ 247 (عصف) .
(2/785)
فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ
صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ
مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(16) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ
الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا
يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)
13 تُكَذِّبانِ: خطاب الجن والإنس «1» . أو
خطاب الإنسان بلفظ التثنية على عادتهم «2» .
17 رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ: مشرق الشتاء والصّيف «3» . أو مطلع
الفجر والشّمس «4» .
والْمَغْرِبَيْنِ: مغرب الشّمس والشّفق، والنعمة فيهما
تدبيرهما على نفع العباد ضياء وظلمة على حاجاتهم إلى الحركة
والسكون.
19 مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: بحر فارس والرّوم «5» .
20 لا يَبْغِيانِ: لا يبغي الملح على العذب. أو لا يبغيان: لا
يفيضان على الأرض فيغرقانها «6» .
22 يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ إنّما قيل: مِنْهُمَا لأنّه
جمعهما وذكرهما فإذا
__________
(1) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 114، وأبو عبيدة في مجاز
القرآن: 2/ 243، والقرطبي في تفسيره: 17/ 158، وقال: «وهذا قول
الجمهور» .
(2) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 114، وتفسير البغوي: 4/ 268،
وتفسير القرطبي:
17/ 158.
(3) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 115، وأبو عبيدة في مجاز
القرآن: 2/ 243، وأخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 127 عن ابن
أبزى، ومجاهد، وقتادة.
ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 150 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(4) تفسير الماوردي: 4/ 150، والبحر المحيط: 8/ 191.
(5) أخرج عبد الرزاق هذا القول في تفسيره: 2/ 263 عن الحسن
وقتادة وأخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 128 عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 696، وزاد نسبته إلى عبد
بن حميد، وابن المنذر عن الحسن رحمه الله تعالى.
(6) ينظر هذا القول في تفسير القرطبي: 17/ 162، والبحر المحيط:
8/ 191.
وقال الطبري- رحمه الله- في تفسيره: 27/ 130: «وأولى الأقوال
في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف «البحرين» اللذين ذكرهما
في هذه الآية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شيء دون
شيء، بل عم الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يعمّ كما عمّ جل
ثناؤه، فيقال: إنهما لا يبغيان على شيء، ولا يبغى أحدهما على
صاحبه، ولا يتجاوزان حدّ الله الذي حدّه لهما» .
(2/786)
وَلَهُ الْجَوَارِ
الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ
آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا
فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ (27)
خرج من أحدهما فقد خرج منهما «1» ، كقوله
«2» سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ
نُوراً والقمر في السّماء الدنيا.
وقيل «3» : الملح والعذب يلتقيان فيكون العذب كاللقاح للملح.
وَالْمَرْجانُ: اللؤلؤ المختلط صغاره بكباره «4» . مرجت الشيء:
خلطته، والمارج: ذؤابة لهب النّار التي تعلوها فيرى أخضر وأصفر
مختلطا «5» .
24 الْمُنْشَآتُ: المرسلات في البحر المرفوعات الشرع «6» ، و
«المنشئات» «7» : الحاملات الرافعات الشرع.
كَالْأَعْلامِ: كالجبال «8» .
27 وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ: يبقى ربّك الظاهر أدلته ظهور
الإنسان بوجهه.
__________
(1) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 100، وانظر تفسير البغوي: 4/
269، وزاد المسير:
8/ 113، وتفسير القرطبي: 17/ 163، والبحر المحيط: 8/ 192.
(2) سورة نوح: الآيتان: 15، 16.
(3) نص هذا القول في تفسير المارودي: 4/ 152، وتتمته: «فنسب
إليهما كما نسب الولد إلى الذكر والأنثى، وإن ولدته الأنثى،
ولذلك قيل إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من موضع يلتقي فيه العذب
والمالح» .
وانظر هذا القول في تفسير القرطبي: 17/ 153، والبحر المحيط: 8/
191.
(4) عن تفسير الماوردي: 4/ 151.
(5) المفردات للراغب: 465، واللسان: 2/ 365 (مرج) . [.....]
(6) تفسير الطبري: 27/ 133، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 100،
والكشف لمكي:
2/ 301.
(7) بكسر الشين قراءة حمزة كما في السّبعة لابن مجاهد: 620،
والتبصرة لمكي: 341، والتيسير للداني: 206.
وانظر توجيه هذه القراءة في معاني القرآن للزجاج: 5/ 100،
والكشف لمكي: 2/ 301، والبحر المحيط: 8/ 192.
(8) معاني القرآن للفراء: 3/ 115، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
244، والمفردات للراغب:
344.
(2/787)
يَسْأَلُهُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ
لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ
اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ
(33)
29 كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ في الحديث
«1» : «يجيب داعيا، ويفك عانيا، ويتوب على قوم ويغفر لقوم» .
وقال سويد «2» بن جبلة- وكان من التابعين-: يعتق رقابا، ويفحم
[94/ ب] عقابا/ ويعطي رغابا «3» .
31 سَنَفْرُغُ لَكُمْ: نقصدكم ونعمد إليكم «4» ، وهذا اللّفظ
من أبلغ التهديد والوعيد نعمة من الله للانزجار عن المعاصي،
وفي إقامة الجزاء أعظم النعمة «5» ، ولو ترك لفسدت الدنيا
والآخرة، ووصف الجن والإنس ب «الثقلين» لعظم شأنهما، كأن ما
عداهما لا وزن له بالإضافة إليهما.
33 لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أي: حيث ما كنتم شاهدتم
حجّة لله وسلطانا يدل على أنّه واحد «6» .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 135 عن مجاهد، وعبيد بن عمير
باختلاف في بعض ألفاظه.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: (7/ 699، 700) ، وزاد نسبته
إلى سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر،
والبيهقي عن عبيد بن عمير.
(2) هو سويد بن جبلة الفزاري.
يروى عن العرباض بن سارية وعمرو بن عنبسة، روى عنه لقمان بن
عامر الوصابي وأبو المصبح، المقرئ ترجمته في التاريخ الكبير
للبخاري: 4/ 146، والجرح والتعديل:
4/ 236، والثقات لابن حبان: 4/ 325.
(3) نقل الماوردي هذا الأثر في تفسيره: 4/ 153 عن سويد بن
جبلة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 7/ 700، وعزا إخراجه إلى عبد
بن حميد عن سويد.
(4) ذكره الزجاج في معانيه: 5/ 99 وقال: «والفراغ في اللّغة
على ضربين، أحدهما: الفراغ من شغل، والآخر: القصد للشيء، تقول:
قد فرغت مما كنت فيه، أي: قد زال شغلي به، ويقال: سأتفرغ
لفلان، أي: سأجعل قصدي له» .
وانظر تفسير الماوردي: 4/ 154، وتفسير البغوي: 4/ 270، وتفسير
القرطبي:
17/ 168.
(5) في «ك» : النعم.
(6) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 99، وانظر تفسير
البغوي: 4/ 271، وتفسير القرطبي: 17/ 170.
(2/788)
يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا
شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا
انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ
لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي
وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ
(43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44)
35 شُواظٌ: لهب، وَنُحاسٌ: دخان النّار «1»
.
37 فَكانَتْ وَرْدَةً: حمراء مشرقة «2» ، وقيل «3» : متغيرة
مختلفة الألوان كما تختلف ألوان الفرس الورد في فصول السّنة.
كَالدِّهانِ: صافية كالدهن «4» ، وقيل «5» : الدهان والدهين:
الأديم الأحمر وأنّ لون السّماء أبدا أحمر، إلّا أنّ الزرقة
بسبب اعتراض الهواء بينهما كما يرى الدم في العروق أزرق، وفي
القيامة يشتعل الهواء نارا فيرى السّماء على لونها «6» .
39 لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ: لا يسأل أحد عن ذنب أحد «7» .
أو لا يسألون سؤال استعلام «8» .
41 فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي: تضمّ الأقدام إلى النّواصي وتلقى
في النّار «9» .
44 آنٍ: بالغ أناه وغايته في حرارته «10» .
__________
(1) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 117، ومجاز القرآن لأبي
عبيدة: 2/ 244، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 438، والمفردات
للراغب: (270، 485) .
(2) تفسير الطبري (27/ 141، 142) ، وتفسير المشكل لمكي: 334،
وتفسير القرطبي:
17/ 173.
(3) هذا قول الفراء في معانيه: 3/ 117، ونقله الماوردي في
تفسيره: 4/ 156 عن الكلبي، والفراء.
(4) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 156 عن الأخفش.
(5) ينظر هذا القول في تفسير الطبري: 27/ 142، وتفسير
الماوردي: 4/ 156، وزاد المسير:
8/ 118. [.....]
(6) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 156، والقرطبي في تفسيره: 17/
173 عن الماوردي.
(7) تفسير الطبري: 27/ 142، وتفسير القرطبي: 17/ 174.
(8) أورد نحوه الماوردي في تفسيره: 4/ 156، والبغوي في تفسيره:
4/ 272، والقرطبي في تفسيره: 17/ 174.
وذكر قائلو هذا القول إنهم يسألون سؤال توبيخ.
(9) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 102.
(10) معاني القرآن للزجاج: 5/ 102، وتفسير الماوردي: 4/ 157،
والمفردات للراغب: 29.
(2/789)
وَلِمَنْ خَافَ
مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ
(50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا
مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ
بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
(54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ
قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ
وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ
آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ
الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ
(62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63)
مُدْهَامَّتَانِ (64)
وقيل «1» . حاضر، ومنه سمّي الحال ب «الآن»
لأنه الحاضر الموجود فإنّ الماضي لا تدارك له، والمستقبل أمل،
وليس لنا إلّا الآن، ثم ليس للآن ثبات طرفة عين.
46 مَقامَ رَبِّهِ: الموقف الذي يقف «2» فيه للمسألة «3» .
جَنَّتانِ: جنّة في قصره، وجنة خارج قصره على طبع العباد في
شهوة ذلك.
أو هو جنّة للجنّ وجنّة للإنس «4» .
50 فِيهِما عَيْنانِ: التسنيم والسلسبيل «5» .
52 زَوْجانِ: ضربان متشاكلان تشاكل الذكر والأنثى.
54 بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ: ليستدل بالبطانة على شرف
الظهارة.
56 لَمْ يَطْمِثْهُنَّ: لم يجامع الإنسية إنس ولا الجنيّة جنيّ
«6» .
62 وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ: أقرب منهما فجعل لمن خاف مقام
ربّه- وهو الرّجل يهمّ بالمعصية ثم يدعها من خوف الله- أربع
جنان ليتضاعف سروره بالتنقل.
64 مُدْهامَّتانِ: مرتويتان من النضرة والخضرة ارتواء يضرب إلى
__________
(1) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 157 عن محمد بن كعب
القرظي، وكذا القرطبي في تفسيره: 17/ 176.
(2) في «ج» : يقوم.
(3) ينظر تفسير الطبري: 27/ 145، وتفسير الماوردي: 4/ 157،
وزاد المسير: 8/ 119، وتفسير الفخر الرازي: 29/ 123.
(4) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 157 دون عزو، وكذا الفخر
الرازي في تفسيره:
29/ 124.
(5) نقل البغوي هذا القول في تفسيره: 4/ 274 عن الحسن، ونقله
ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 120 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(6) تفسير الطبري: 27/ 150، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 103،
وتفسير البغوي: 4/ 181.
(2/790)
فِيهِمَا عَيْنَانِ
نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ
آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ
حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71)
حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)
السّواد «1» /.
66ضَّاخَتانِ
: فوّارتان «2» .
68 وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ: فصلا بالواو لفضلهما، كقوله «3» :
مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ
وَجِبْرِيلَ.
70 خَيْراتٌ: خيرات الأخلاق حسان الوجوه «4» ، وكانت [خيّرات]
«5» فخففت.
72 مَقْصُوراتٌ: مخدرات قصرن على أزواجهن «6» . أو محبوسات
صيانة عن التبذل.
فِي الْخِيامِ: وهي من درر جوف «7» .
__________
(1) معاني القرآن للفراء: 3/ 119، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
246، والمفردات للراغب:
173.
(2) مجاز القرآن: 2/ 246، وتفسير غريب القرآن: 443، وتفسير
الطبري: 27/ 156، واللسان: 3/ 62 (نضخ) .
(3) سورة البقرة: آية: 98، وانظر هذا القول في معاني القرآن
للزجاج: 5/ 103، وتفسير القرطبي: (17/ 185، 186) ، والبحر
المحيط: 8/ 198. [.....]
(4) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 27/ 158 عن قتادة.
(5) في الأصل: «خيّرة» ، والمثبت في النص من «ك» ، وهي قراءة
تنسب إلى قتادة، وأبي رجاء العطاردي، وبكر بن حبيب ينظر تفسير
القرطبي: 17/ 187، والبحر المحيط: 8/ 198.
(6) أورد الطبري- رحمه الله- هذا القول والذي بعده، وعقّب
عليهما بقوله: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن
الله تبارك وتعالى وصفهن بأنهن مقصورات في الخيام، والقصر: هو
الحبس ولم يخصص وصفهن بأنهن محبوسات على معنى من المعنيين
اللذين ذكرنا دون الآخر، بل عم وصفهن بذلك. والصواب أن يعمّ
الخبر عنهن بأنهن مقصورات في الخيام على أزواجهن، فلا يرون
غيرهم، كما عم ذلك» .
(7) أخرج الإمام البخاري عن عبد الله بن قيس الأشعري أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: «الخيمة درة مجوّفة طولها في السماء
ثلاثون ميلا في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون» .
صحيح البخاري: 6/ 88، كتاب بدء الخلق، باب «ما جاء في صفة
الجنة وأنها مخلوقة» .
(2/791)
مُتَّكِئِينَ عَلَى
رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)
76 رَفْرَفٍ: مجلس مفروش يرفّ بالبسط «1» . وقيل «2» :
«الرفرف» :
رياض الجنة، و «العبقريّ» : الطّنافس المخملة «3» . |