إيجاز البيان عن
معاني القرآن سورة الواقعة
في الحديث «4» : «من أراد نبأ الأولين والآخرين، ونبأ أهل
الجنّة والنّار، ونبأ الدنيا والآخرة فليقرأ سورة «الواقعة» ،
والواقعة: القيامة.
وقيل «5» : الصيحة.
2 كاذِبَةٌ: تكذيب. أو نفس كاذبة «6» لإخبار الله بها ودلالة
العقل عليها.
3 خافِضَةٌ: لأهل المعاصي، رافِعَةٌ: لأهل الطاعات.
4 رُجَّتِ: زلزلت «7» ، وإِذا في موضع نصب، أي: إذا وقعت في
ذلك الوقت.
__________
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 246، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 444، والمفردات للراغب: 199.
(2) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 120، وابن قتيبة في تفسير غريب
القرآن: 443، وأخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 163 عن سعيد بن
جبير.
ونقله القرطبي في تفسيره: 17/ 190 عن ابن عباس، وسعيد بن جبير.
(3) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 162 عن الحسن رحمه
الله تعالى.
والطنافس: البسط التي لها خمل رقيق.
ينظر النهاية لابن الأثير: 3/ 140، واللسان: 6/ 127 (طنفس) .
(4) هذا الأثر مقطوع، وهو من قول مسروق كما في تفسير القرطبي:
7/ 194، ولم أقف عليه مسندا.
(5) أخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 166 عن الضحاك، ونقله
الماوردي في تفسيره: 4/ 163 عن الضحاك أيضا.
(6) ذكره القرطبي في تفسيره: 17/ 195.
(7) معاني القرآن للفراء: 3/ 121، ومعاني الزجاج: 5/ 108،
والمفردات للراغب: 187.
(2/792)
وَبُسَّتِ الْجِبَالُ
بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ
أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)
5 بُسَّتِ: هدّت أو دقّت، والبسيسة: [بل]
«1» السّويق.
7 أَزْواجاً ثَلاثَةً: أصنافا متشاكلة «2» ، وفسّر بما في سورة
«الملائكة» من الظالم والمقتصد والسّابق «3» .
وروى النّعمان «4» بن بشير أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ
وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً إلى وَالسَّابِقُونَ، فقال «5»
: «هم السّابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم
بإحسان.
وروي «6» أيضا: «السّابقون يوم القيامة أربعة: فأنا سابق
العرب، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق
الروم» .
وفي حديث «7» آخر: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» .
__________
(1) في الأصل و «ج» : «زاد» ، والمثبت في النص عن «ك» .
وانظر معاني القرآن للفراء: 3/ 122، ومجاز القرآن لأبي عبيدة:
2/ 247، وتفسير الطبري: 27/ 167، والمفردات للراغب: 45،
واللسان: 6/ 26 (بسس) .
(2) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 445، ومعاني الزجاج:
5/ 108، وتفسير القرطبي:
17/ 198، والبحر المحيط: 8/ 204.
(3) يريد قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ
اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ آية:
32.
وقد ورد هذا التفسير الذي أشار إليه المؤلف في أثر أخرجه ابن
المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما كما في الدر المنثور: 8/ 6. [.....]
(4) هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس الأنصاري
الخزرجي. صحابي جليل.
ترجمته في الاستيعاب: 4/ 1496، وأسد الغابة: 5/ 326، والإصابة:
6/ 440.
(5) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وأورد الحافظ ابن كثير في تفسيره:
7/ 490 رواية ابن أبي حاتم عن النعمان بن بشير عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: «هم الضرباء» .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 7، وزاد نسبته إلى ابن
مردويه عن النعمان ورفعه.
(6) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: 8/ 131 حديث رقم (7526)
عن أبي أمامة مرفوعا، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد: 9/ 308،
وحسّن إسناده.
(7) هذا جزء من حديث طويل أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: (1/
211، 212) ، كتاب الجمعة، باب «فرض الجمعة» ، والإمام مسلم في
صحيحه: (2/ 585، 586) ، كتاب الجمعة، باب «هداية هذه الأمة
ليوم الجمعة» عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
(2/793)
فَأَصْحَابُ
الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ
الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ
(11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ
(13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ
مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)
8 ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ: أيّ شيء هم؟
اللّفظ في العربية على التعجب، وهو من الله تعظيم الشأن «1» .
وتكرير «السّابقين» «2» لأنّ التقدير: السّابقون إلى الطّاعة
هم السّابقون إلى الرحمة «3» .
13 ثُلَّةٌ: جماعة «4» .
14 وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ: لأنّ الذين سبقوا إلى الإيمان
بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم قليل من كثير ممن سبق إلى الإيمان
بالأنبياء قبله.
15 مَوْضُونَةٍ: مضفورة متداخلة.
17 وِلْدانٌ: وصفاؤهم أطفال الكفار «5» .
__________
(1) هذا نص قول الزجاج في معانيه (5/ 108، 109) . وانظر تفسير
غريب القرآن لابن قتيبة:
445، وتفسير الطبري: 27/ 170، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 324،
وزاد المسير:
8/ 133.
(2) في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ آية: 10.
(3) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 109، وانظر إعراب القرآن
للنحاس: 4/ 324، وزاد المسير: 8/ 134.
(4) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 248، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 446، وتفسير الطبري: 27/ 172، والمفردات للراغب: 81.
(5) الوصيف: الخادم، أو العبد كما في اللسان: 9/ 357 (وصف) .
وأورد الزمخشري في الكشاف: 4/ 53 حديث: «أولاد الكفار خدّام
أهل الجنة» .
وذكر الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف: 162 أن البزار والطبراني
في «الأوسط» أخرجاه من رواية عباد بن منصور عن أبي رجاء
العطاردي عن سمرة بن جندب مرفوعا.
وقال أيضا: «رواه البزار من رواية علي بن زيد بن جدعان،
والطيالسي، والطبراني، وأبو يعلى من رواية يزيد الرقاشي كلاهما
عن أنس بهذا وأتم منه» .
قال الحافظ: «قلت: قد يعارضه حديث سمرة في صحيح البخاري، ففيه
أنه رأى أولاد الناس تحت شجرة يكفلهم إبراهيم عليه السلام،
قال: فقلنا: وأولاد المشركين؟ قال:
وأولاد المشركين» أخرجه بهذا اللفظ ويمكن الجمع بينهما بأن لا
منافاة بينهما لاحتمال أن يكونوا في البرزخ كذلك، ثم بعد
الاستقرار يستقرون في الجنة خدما لأهلها» اه.
(2/794)
إِلَّا قِيلًا
سَلَامًا سَلَامًا (26) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ
الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
(29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)
مُخَلَّدُونَ: مسوّرون «1» . وفي تاج
المعاني «2» : روحانيون لم يتجسموا، من قولك: وقع في خلدي، أي:
نفسي وروحي.
26 إِلَّا قِيلًا سَلاماً: بدل من «قيل» ، أي: لا يسمعون إلّا
سلاما، أو نعت/ ل «قيل» ، أي: قيلا يسلم من اللّغو «3» . [95/
ب]
28 سِدْرٍ مَخْضُودٍ: ليّن لا شوك ولا عجم «4» .
29 وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ: قنو الموز: نضد بعضه على بعض «5» .
30 وَظِلٍّ مَمْدُودٍ: في الزمان والمكان في الزمان لأنّه غير
متغيّر بضحّ يجيء بدله، وفي المكان لأنّه غير متناه إلى حد
يفنى فيه «6» ، ولكنه ظل
__________
(1) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 123، وابن قتيبة في تفسير غريب
القرآن: 446، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 136 عن
الفراء، وابن قتيبة.
وأورد الطبري في تفسيره: 27/ 174 هذا القول وغيره من الأقوال،
ثم عقّب عليها بقوله:
«والذي هو أولى بالصواب في ذلك قول من قال معناه أنهم لا
يتغيرون، ولا يموتون، لأن ذلك أظهر معنييه، والعرب تقول للرجل
إذا كبر ولم يشمط: إنه لمخلد ... » .
(2) في كشف الظنون: 270: «تاج المعاني في تفسير السبع المثاني
للشيخ الإمام أبي نصر منصور بن سعيد بن أحمد بن الحسن. وهو
كبير في مجلدات.. ألفه سنه ثلاث وخمسين وثلاثمائة» .
(3) ينظر تفسير الطبري: 27/ 178، ومعاني القرآن للزجاج: 5/
112، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 303، والتبيان للعكبري: 2/
1204.
(4) العجم- بالتحريك-: نوى التمر والنبق، الواحدة عجمة، ولغة
العوام إسكان الجيم.
اللسان: 12/ 291 (عجم) .
وانظر القول الذي ذكره المؤلف في معاني القرآن للفراء: 3/ 124،
ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 250، وتفسير الطبري: 27/ 179،
ومعاني الزجاج: 5/ 112.
(5) أي وضع وجمع. ذكره المؤلف- رحمه الله- في وضح البرهان: 2/
374. [.....]
(6) وفي هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ في
الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، واقرؤا إن
شئتم (وظل ممدود) اه-.
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 6/ 57، كتاب التفسير، تفسير
سورة الواقعة.
وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 4/ 2175، كتاب الجنة وصفة نعيمها
وأهلها، باب «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام
لا يقطعها» .
(2/795)
وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ
(31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا
مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا
أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا
(36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37)
ظليل لا شمس تنسخه، ولا حرور ينغّصه، ولا
برد يفسده.
ولفظ ابن الأنباري «1» : ظل الجنة الكينونة في ذراها. تقول: لا
أزال الله عنا ظلك، أي: الكينونة في ناحيتك والاستذراء بك.
31 وَماءٍ مَسْكُوبٍ: جار في غير أخدود يجري في منازلهم «2» .
34 وَفُرُشٍ: العرب تكني عن المرأة بالفراش «3» .
مَرْفُوعَةٍ: أي: على السّرر. أو مرتفعات الأقدار أدبا وحسنا.
35 أَنْشَأْناهُنَّ: أي: نساء أهل الدّنيا أعددناهنّ صبايا «4»
.
36 أَبْكاراً: أو الحور أنشأناهنّ من غير ولادة.
37 عُرُباً العروب: الحسنة التبعل، الفطنة بمراد الزّوج كفطنة
العرب «5» وفي الحديث «6» : «جهاد المرأة حسن التبعّل» .
__________
(1) ابن الأنباري: (271- 328 هـ-) .
هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري البغدادي، أبو بكر
الإمام المقرئ النحوي.
صنف كتاب الزاهر، والوقف والابتداء ... وغير ذلك.
أخباره في طبقات النحويين للزبيدي: 153، ووفيات الأعيان: 4/
341، وبغية الوعاة: 1/ 212.
ونص قول ابن الأنباري في الزاهر: 2/ 74: «والظل معناه في
اللّغة: الستر، يقال: لا أزال الله عنا ظلّ فلان، أي: ستره
لنا. ويقال: هذا ظل الشجرة، أي: سترها وتغطيتها» اه.
(2) تفسير الطبري: 27/ 184، وتفسير الماوردي: 4/ 170، وتفسير
البغوي: 4/ 282، وتفسير الفخر الرازي: 29/ 165، وتفسير
القرطبي: 17/ 209.
قال القرطبي: «وكانت العرب أصحاب بادية وبلاد حارة، وكانت
الأنهار في بلادهم عزيزة لا يصلون إلى الماء إلا بالدلو
والرشاء فوعدوا في الجنة خلاف ذلك، ووصف لهم أسباب النزهة
المعروفة في الدنيا، وهي الأشجار وظلالها، والمياه والأنهار
واطرادها» اه.
(3) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 449، وتفسير البغوي:
4/ 283، والكشاف:
4/ 54، وزاد المسير: 8/ 141.
(4) ذكره البغوي في تفسيره: 4/ 283، والقرطبي في تفسيره: 17/
210.
(5) المفردات: 328، واللسان: 1/ 591 (عرب) .
(6) ذكره ابن الجوزي في غريب الحديث: 1/ 79 بلفظ: «جهادكن حسن
التبعل» .
(2/796)
ثُلَّةٌ مِنَ
الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)
وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي
سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا
بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ
الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا
وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47)
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ
وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ
مَعْلُومٍ (50) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ
الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ
(52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53)
والأتراب: اللّواتي نشأن معا في حال الصّبا
«1» ، أخذ من لعب الصّبيان بالتراب.
39، 40 ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ
الْآخِرِينَ: لما نزلت في السّابقين ثُلَّةٌ مِنَ
الْأَوَّلِينَ، وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ «2» عسر ذلك على
الصّحابة فنزلت هذه «3» ، وفسّرها عليه السّلام فقال: «من آدم
إلينا ثلّة ومنا إلى يوم القيامة ثلّة.
وقد تضمنت أنه ليس هذا لجميع الأولين ولجميع الآخرين بل لجماعة
منهم، فاجتهد أن تكون من أولئك.
41 وَأَصْحابُ الشِّمالِ: تتشاءم العرب بالشمال وتعبّر به عن
الشّيء الأخس والحظ الأنقص. وقيل «4» : هم الذين يؤخذ بهم ذات
الشمال.
وقيل «5» : الذين يأخذون كتبهم بشمالهم.
43 مِنْ يَحْمُومٍ: الدخان الأسود «6» ، وسمّي فرس النّعمان بن
المنذر «اليحموم» لسواده «7» . ولما كان فائدة الظل التروّح
فمتى كان من الدخان كان غير بارد ولا كريم.
53 فَمالِؤُنَ مِنْهَا: من الشّجر على الجنس «8» .
__________
(1) المفردات للراغب: 74، واللسان: 1/ 231 (ترب) .
(2) الآيتان: 13، 14 من سورة الواقعة.
(3) انظر أسباب النزول للواحدي: 466، وتفسير البغوي: 4/ 284،
وتفسير ابن كثير:
8/ 14، والدر المنثور: 8/ 7.
(4) ذكره الطبري في تفسيره: 27/ 191، والنحاس في إعراب القرآن:
4/ 333.
(5) ذكره النحاس في إعراب القرآن: 4/ 333، والقرطبي في تفسيره:
17/ 213.
(6) معاني القرآن للفراء: 3/ 126، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 449، وتفسير الطبري:
27/ 191، والمفردات للراغب: 130، واللسان: 12/ 157 (حمم) .
(7) ينظر كتاب أسماء خيل العرب للغندجاني: 270، والحلبة في
أسماء الخيل المشهورة للصاحبي التاجي: 71، وكتاب الخيل لعبد
الله بن جزي: 40. [.....]
(8) معاني الفراء: 3/ 127، وتفسير القرطبي: 17/ 214، والبحر
المحيط: 8/ 210.
(2/797)
فَشَارِبُونَ شُرْبَ
الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) نَحْنُ
خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا
تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ
الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ
وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ
أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا
تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63)
أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ
نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ
أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ
(69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ
(70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)
55 شُرْبَ الْهِيمِ: الإبل العطاش «1» .
والهيام: داء تشرب معه الإبل فلا تروى «2» .
[96/ أ] 58 تُمْنُونَ منى و/ أمنى: أراق «3» ، و «منى» لإراقة
الدّماء بها.
60 نَحْنُ قَدَّرْنا: كتبنا الموت على مقدار «4» .
61 وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ
: نخلقكم في أيّ خلق شئنا من ذكورة أو أنوثة أو حسن أو قبح.
65 حُطاماً: هشيما يابسا لا حبّ فيه «5» .
تَفَكَّهُونَ: تندّمون في لغة تميم «6» . وقيل «7» : تعجبون.
71 تُورُونَ: الإيراء استخراج النّار من الزّند «8» . وفي حديث
علي «9» رضي الله عنه على ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم:
«أورى قبسا لقابس» أي: أظهر نورا من الحق.
__________
(1) ينظر تفسير الطبري: 27/ 195، ومعاني القرآن للزجاج: 5/
113، وتفسير الماوردي:
4/ 173، والمفردات للراغب: 547.
(2) معاني القرآن للفراء: 3/ 128، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 450، واللسان:
12/ 626 (هيم) .
(3) تفسير الماوردي: 4/ 174، واللسان: 12/ 293 (منى) .
(4) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 174 عن ابن عيسى.
(5) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 251، وتفسير الطبري: 27/ 198،
والمفردات للراغب:
123.
(6) التفكه: التندم، وتميم تقول يتفكنون أي: يتندمون، اللسان
13/ 524 (فكه) .
(7) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 128، وابن قتيبة في تفسير غريب
القرآن: 450، والطبري في تفسيره: 27/ 198، والماوردي في
تفسيره: 4/ 176.
(8) الزّند: خشب يحك بعضه على بعض فيخرج منه النار.
معاني القرآن للزجاج: 5/ 115، واللسان: 3/ 195 (زند) .
وانظر القول الذي أورده المؤلف في تفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 451، وتفسير الطبري: 27/ 201، والمفردات للراغب: 521.
(9) النهاية لابن الأثير: 4/ 4.
(2/798)
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا
تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74) فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ
النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
(76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ
(78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ
مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ
أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)
73 تَذْكِرَةً: تذكركم النّار الكبرى «1» ،
وَمَتاعاً: في الاستضاءة، والاصطلاء. والإنضاج، والتحليل ...
وغيرها من الإذابة والتعقيد والتكليس «2» .
وأقوى «3» من الأضداد «4» أغنى وافتقر ولذلك اختلف في تفسيره
بالمسافرين وبالمستمتعين «5» .
75 بِمَواقِعِ النُّجُومِ: مطالعها ومساقطها «6» . أو انتثارها
يوم القيامة «7» .
أو هو نجوم القرآن «8» ، نجّمه جبريل على النّبيّ صلى الله
عليه وسلم.
76 وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ: اعتراض،
ولَوْ تَعْلَمُونَ اعتراض آخر في هذا الاعتراض «9» .
81 مُدْهِنُونَ: منافقون، أدهن وداهن، ويقال: داهنت: داريت،
__________
(1) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 451، وتفسير الطبري: 27/
201، وتفسير القرطبي:
17/ 221.
(2) في اللسان: 6/ 197 (كلس) : «التكليس: التمليس» .
(3) من قوله تعالى: وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ آية: 73.
(4) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 252، واللسان: 15/ 210
(قوا) . [.....]
(5) ينظر هذه الأقوال في تفسير الطبري: (27/ 201، 202) ، وعقّب
عليها الطبري بقوله:
«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: عني بذلك
للمسافر الذي لا زاد معه، ولا شيء له، وأصله من قولهم: أقوت
الدار: إذا خلت من أهلها وسكانها ... » .
(6) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن: 2/ 252، وأخرجه الطبري
في تفسيره: 27/ 204 عن مجاهد، وقتادة.
ورجحه الطبري لأن «المواقع جمع «موقع» ، والموقع المفعل، من
وقع يقع موقعا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا
في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به» .
(7) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 27/ 204 عن الحسن رحمه
الله تعالى.
ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 178 عن الحسن، وكذا البغوي في
تفسيره: 4/ 289، وابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 151، والقرطبي
في تفسيره: 17/ 223.
(8) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 451، وأخرجه الطبري
في تفسيره: 27/ 203 عن ابن عباس، وعكرمة.
(9) ينظر الكشاف: 4/ 58، والتبيان للعكبري: 2/ 1206، والبحر
المحيط: 8/ 214.
(2/799)
وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلَا إِذَا
بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ
(84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا
تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ
(86)
وأدهنت: غششت «1» .
82 وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ أي:
تجعلون جزاء رزقكم التكذيب، فيدخل فيه قول العرب: مطرنا بنوء
كذا «2» .
وقيل «3» : تجعلون حظكم من القرآن الذي رزقتم التكذيب به.
83 فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ أي: هلا إذا بلغت هذه النّفس التي
زعمتم أنها لا تبعث.
86 غَيْرَ مَدِينِينَ: الدّين هنا: الطاعة والعبادة لا الجزاء
«4» ، أي: فهلّا أن كنتم غير مملوكين مطيعين مدبّرين، وكنتم
كما قلتم مالكين حلتم بيننا وبين قبض الأرواح ورجعتموها في
الأبدان، وإلّا فلا معنى للعجز عن ردّ الرّوح في الإلزام على
إنكار الجزاء.
و «ترجعون» «5» جواب ل «لولا» الأولى والثانية «6» لأنّ المعنى
__________
(1) تفسير القرطبي: 17/ 228، واللسان: 13/ 162 (دهن) .
(2) يدل عليه الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أصبح من الناس شاكر،
ومنهم كافر» قالوا: هذه رحمة الله.
وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت هذه الآية: فَلا
أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ حتى بلغ وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ اه-.
صحيح مسلم: 1/ 84، كتاب الإيمان، باب «بيان كفر من قال مطرنا
بالنوء» .
وانظر تفسير الطبري: 27/ 208، وأسباب النزول للواحدي: 467.
(3) ذكره الزجاج في معانيه: 5/ 116، والماوردي في تفسيره: 4/
180.
(4) هذا معنى قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 452، ونقله
عنه ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 156.
(5) من قوله تعالى: تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
آية: 87.
(6) في قوله تعالى: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ [آية:
83] ، وقوله: فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ [آية:
86] .
وانظر إعراب هذه الآية في معاني القرآن للفراء: 3/ 130، وتفسير
الطبري: 27/ 211، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 345، والتبيان
للعكبري: 2/ 1206.
(2/800)
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ
وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)
متفق، ووجه الإلزام أنّ إنكار أن يكون
القادر على النّشأة الأولى قادرا على الثانية كادعاء أنّ
القادر على الثانية إنّما هو من لم يقدر على الأولى لأن إنكار
الأولى يقتضي إيجاب الثاني كإنكار أن يكون زيد المتحرك، حرّك
[96/ ب] نفسه في اقتضاء أنّ غيره حرّكه.
89 فَرَوْحٌ: راحة وبرد «1» . وفي قراءة النّبيّ صلى الله عليه
وسلم برواية عائشة «2» ، وقراءة ابن العباس، والحسن، وقتادة،
والضحاك، والأشهب»
، ونوح القاري «4» ، وبديل «5» ، وشعيب بن الحربي «6» ،
وسليمان التيمي «7» ،
__________
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 253، وتفسير الطبري: 27/ 211،
ومعاني القرآن للزجاج:
5/ 117.
(2) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ فَرَوْحٌ بضم
الراء، وقد أخرج هذا الأثر الإمام أحمد في مسنده: 6/ 64 من
طريق هارون الأعور، وكذا البخاري في التاريخ الكبير: 8/ 223،
وأبو داود في سننه 4/ 290 حديث رقم (3991) كتاب الحروف
والقراءات، والترمذي في سننه: 5/ 190 رقم (2937) كتاب
القراءات، باب «ومن سورة الواقعة» ، وقال: هذا حديث حسن غريب
لا نعرفه إلا من حديث هارون الأعور، وأخرجه- أيضا- النسائي في
التفسير: 2/ 382 رقم (586) ، والحاكم في المستدرك: 2/ 236،
كتاب التفسير، وقال:
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(3) هو الأشهب العقيلي. [.....]
(4) ترجم له ابن الجزري في غاية النهاية: 2/ 343، وقال: «ذكره
الحافظ أبو عمرو، وقال:
قال محمد بن الحسن النقاش: ثم كان بعد أبي عمرو بن العلاء-
يعني من رواة الحروف المتصدرين- نوح القاري. وذكر جماعة» .
(5) هو بديل- بضم الباء الموحدة- بن ميسرة العقيلي، روى عن
أنس، وعبد الله بن شفيق وشهر، وروى عنه شعبة وهشام، وحماد بن
زيد ... وغيرهم.
ترجمته في الجرح والتعديل: 2/ 428، والمؤتلف والمختلف
للدارقطني: 1/ 165.
(6) كذا في «ك» ، وفي المحتسب: 2/ 310: «شعيب بن الحارث» ، وفي
البحر المحيط:
8/ 215: «شعيب بن الحبحاب» .
ولعله شعيب بن حرب بن بسام بن يزيد المدائني البغدادي والمترجم
في غاية النهاية:
1/ 327.
(7) هو سليمان بن قتّة- بفتح القاف ومثناة من فوق مشددة- كذا
ضبطه ابن الجزري في غاية النهاية: 1/ 314، وقال: وقته أمه-
ثقة، عرض على ابن عباس ثلاث عرضات، وعرض عليه عاصم الجحدري» .
(2/801)
والربيع «1» بن خثيم، وأبي عمران «2»
الجوني وأبي جعفر محمد بن علي، والفيّاض «3» فَرَوْحٌ بضم
الراء «4» ، أي: حياة لا موت بعدها «5» .
وَرَيْحانٌ: استراحة «6» . أو رحمة. وقيل «7» : رزق.
وفي الحديث «8» : «إنّ المؤمن إذا نزل به الموت يلقّى
__________
(1) هو الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري الكوفي، أبو
يزيد. الإمام التابعي الثقة.
ترجمته في غاية النهاية: 1/ 283، وتقريب التهذيب: 206.
(2) هو عبد الملك بن حبيب البصري، أبو عمران الجوني.
قال الحافظ في التقريب: 362: «مشهور بكنيته، ثقة، من كبار
الرابعة، مات سنة ثمان وعشرين، وقيل بعدها» .
وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء: 5/ 255، وشذرات الذهب: 2/
123.
(3) هو فياض بن غزوان الضبي الكوفي.
قال ابن الجزري في غاية النهاية: 2/ 13: «مقرئ موثق، أخذ
القراءة عرضا عن طلحة بن مصرف ... » .
(4) ينظر هذه القراءة المنسوبة إلى هؤلاء في تفسير الطبري: 27/
211، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 346، والكشاف: 4/ 60، والبحر
المحيط: 8/ 215، والنشر: (3/ 325، 326) ، وإتحاف فضلاء البشر:
2/ 517.
(5) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 117، وانظر هذا
المعنى في معاني الفراء:
3/ 131، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 452، وزاد المسير: 8/
157.
(6) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 27/ 212 عن
الضحاك، وذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 181، والبغوي في تفسيره:
4/ 291.
(7) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 131، وابن قتيبة في تفسير غريب
القرآن: 452، وأخرجه الطبري في تفسيره: (27/ 211، 212) عن
مجاهد، وسعيد بن جبير، وذكره الراغب في المفردات: 206.
وعقّب الطبري- رحمه الله- على الأقوال التي قيلت في «الروح» ،
و «الريحان» بقوله:
«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: عني بالروح:
الفرح والرحمة والمغفرة، وأصله من قولهم: وجدت روحا: إذا وجد
نسيما يستروح إليه من كرب الحر وأما «الريحان» ، فإنه عندي
الريحان الذي يتلقى به عند الموت ... لأن ذلك الأغلب والأظهر
من معانيه» اه-.
(8) أورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 38، وعزا إخراجه إلى
عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في «ذكر الموت» وعبد الله بن
أحمد في «زوائد الزهد» عن أبي عمران الجوني.
(2/802)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ
مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ
مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى
اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي
النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ
بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ
فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ
كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ
أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ
الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ
لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ
اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا
تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ
أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ
دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
(11) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى
نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ
الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ
آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ
ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ
بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ
وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)
بضبائر «1» الرّيحان من الجنّة فيجعل روحه
فيها» .
سورة الحديد
1 سَبَّحَ لِلَّهِ تسبيح ما لا يعقل تنزيه الله بما فيه من
الآيات «2» .
3 هُوَ الْأَوَّلُ قبل كل شيء، وَالْآخِرُ بعد كل شيء، الظاهر
بأدلته، الباطن عن إحساس خلقه.
4 ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بالاستيلاء على التدبير «3»
من جهته ليتصوّر العبد منشأ التدبير من أعلى مكان.
10 وَلِلَّهِ مِيراثُ: أي فيم «4» لا تنفقون وأنتم ميّتون
وتاركون «5» ؟!.
لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ:
لما نالهم من كثرة المشاق، ولأنّ بصائرهم كانت أنفذ، وما
أنفقوا كان أعظم غناء وأنفع.
12 يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ: نور أعمالهم المقبولة
«6» ، أو نور الإيمان.
وَبِأَيْمانِهِمْ: وهو نور آخر بما أنفقته أيمانهم «7» .
13 قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ إذ لم يتقدّم بكم الإيمان.
__________
(1) الضبائر: الجماعات في تفرقة، واحدتها ضبارة.
النهاية: 3/ 71.
(2) في «ك» : لما فيه من الآيات، والأولى إجراء الآية على
ظاهرها وإثبات التسبيح للجمادات الذي أثبته القرآن، وقد تقدم
بيان ذلك ص 453. [.....]
(3) تقدم التعليق على تأويل المؤلف لمثل هذه ص 79.
(4) في «ك» : «ففيم لا تنفقون» .
(5) ينظر تفسير البغوي: 4/ 294، وزاد المسير: 4/ 163، وتفسير
القرطبي: 17/ 239.
(6) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره: 4/ 187.
(7) المصدر السابق.
(2/803)
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ
نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ
أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ
الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ
بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ
فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ
هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ
اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ
عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ
وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ
وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ
عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ
كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ
فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ
الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا
ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ
وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ
مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا
فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرٌ (22)
فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ وهو الأعراف
«1» .
14 فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ: أهلكتم وأضللتم «2» .
وَتَرَبَّصْتُمْ: قلتم: نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ
«3» .
15 هِيَ مَوْلاكُمْ: أولى بكم.
16 أَلَمْ يَأْنِ أنى يأني وآن يئين: حان «4» .
18 إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا
اللَّهَ: أي الذين تصدقوا وأقرضوا بتلك الصدقة.
20 أَعْجَبَ الْكُفَّارَ: الزّراع «5» ، ويجوز الكافرين لأنّ
الدنيا أمسّ «6» لهم وأعجب عندهم «7» .
22 مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها: نخلقها «8» . ولما حمل سعيد
بن جبير إلى الحجاج بكى بعض أصحابه فسلّاه سعيد بهذه الآية «9»
.
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 27/ 225 عن مجاهد، وابن
زيد.
ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 166 عن ابن عباس رضي الله
عنهما.
واختاره الطبري في تفسيره: 12/ 449، وصححه الحافظ ابن كثير في
تفسيره: 8/ 43.
(2) تفسير البغوي: 4/ 296، وتفسير القرطبي: 17/ 246.
(3) من آية: 30 سورة الطور.
(4) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 453، ومعاني القرآن
للزجاج: 5/ 125، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 359.
(5) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 454، وقال أيضا:
«يقال للزارع: كافر لأنه إذا ألقى البذر في الأرض: كفره، أي:
غطاه» .
وانظر هذا القول في إعراب القرآن للنحاس: 4/ 362، وتفسير
البغوي: 4/ 298، وزاد المسير: 8/ 171.
(6) في «ج» : أفتن بهم.
(7) ذكره الزجاج في معانيه: 5/ 127.
(8) معاني القرآن للفراء: 3/ 136، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
254، وتفسير الطبري:
27/ 233، ومعاني الزجاج: 5/ 128، واللسان: 1/ 31 (برأ) .
(9) ورد هذا المعنى في أثر أورده السيوطي في الدر المنثور: 8/
63، وعزا إخراجه إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر
عن أبي صالح.
وانظر تفسير القرطبي: (17/ 257، 258) . [.....]
(2/804)
لِكَيْلَا تَأْسَوْا
عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ
يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ
يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا
مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ
بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ
وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي
ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ
مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا
عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً
ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ
رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا
فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ
مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ
مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا
يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ
مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
(29)
23 لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ
أي: أعلمناكم بذلك لتتسلّوا عن الدنيا إذا علمتم/ أن ما ينالكم
في كتاب قد سبق لا سبيل إلى تغييره. [97/ أ] قال ابن مسعود «1»
: «لجمرة على لساني تحرقه جزءا جزءا أحبّ إليّ من أن أقول لشيء
كتبه الله: ليته لم يكن» .
27 وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها: رفض النساء، واتخاذ الصوامع
«2» . وقيل «3» :
الانقطاع عن النّاس.
ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ أي: ما كتبنا عليهم غير ابتغاء رضوان
الله، فيكون بدلا من «ها» «4» الذي يشتمل عليه المعنى.
28 كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ: نصيبين «5» لإيمانهم بالرسل
الأولين، ثم لإيمانهم بخاتم النّبيّين.
29 لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ: لئلا يظن، كما جاء
الظن في مواضع بمعنى العلم «6» .
__________
(1) لم أقف على هذا القول، وذكره المؤلف- رحمه الله- في كتابه
وضح البرهان:
2/ 385. وانظر نحوه في المعجم الكبير للطبراني: 9/ 273.
(2) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 195 عن قتادة، وكذا في
تفسير القرطبي:
17/ 263.
(3) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 195 دون عزو.
(4) في قوله تعالى: كَتَبْناها، ينظر إعراب هذه الآية في معاني
الزجاج: 5/ 130، وإعراب القرآن للنحاس: 4/ 368، ومشكل إعراب
القرآن لمكي: 2/ 720.
(5) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 254، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 455، ومعاني الزجاج: 5/ 131.
قال الزجاج: «وإنما اشتقاقه من اللغة من «الكفل» ، وهو كساء
يجعله الراكب تحته إذا ارتدف لئلا يسقط، فتأويله: يؤتكم نصيبين
يحفظانكم من هلكة المعاصي» .
(6) مثّل الدامغاني له في كتابه الوجوه والنظائر: 311 بقوله
تعالى: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ.
(2/805)
|