إيجاز البيان عن معاني القرآن

قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)

و «المهيمن» مفيعل منه، وقيل: الشهيد على خلقه بما يفعلون «1» .
الْعَزِيزُ: الممتنع المنتقم.
الْجَبَّارُ العالي العظيم الذي يذل له من دونه الْمُتَكَبِّرُ: المستحق لصفات الكبر والتعظيم.

سورة الممتحنة
4 أُسْوَةٌ: قدوة «2» . وقيل «3» : عبرة، تأسّى به وأتسى: اتبع فعله.
وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ: بالفعال وَالْبَغْضاءُ بالقلوب.
إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ أي: تأسّوا به إلّا في استغفاره لأبيه المشرك «4» .
5 لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا: لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على حق «5» ، وهذا من دعاء إبراهيم ولهذا تكررت «الأسوة» «6» إذ كان من إبراهيم فعل حسن تبرّؤه من الكافرين وقول حسن هذا الدعاء.
7 عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ في أبي سفيان، وكان استعمله النّبيّ صلى الله عليه وسلم
__________
(1) تفسير الطبري: 28/ 55، وتفسير الماوردي: 4/ 219، وتفسير البغوي: 4/ 326.
(2) تفسير الطبري: 28/ 62، والمفردات للراغب: 18، وتفسير القرطبي: 18/ 56.
(3) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 461، ومكي في تفسير المشكل: 343، ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 22 عن ابن قتيبة.
(4) أخرج الحاكم في المستدرك: 2/ 485، كتاب التفسير، تفسير سورة الممتحنة، عن ابن عباس في هذه الآية قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قال: في صنع إبراهيم كله إلا في الاستغفار لأبيه لا يستغفر له وهو مشرك.
وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 28/ 63 عن قتادة، ومجاهد.
(5) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 157، وذكر نحوه الفراء في معانيه:
3/ 150، والطبري في تفسيره: 28/ 64، والبغوي في تفسيره: 4/ 330. [.....]
(6) في الآيتين 4، 6 من السورة نفسها.

(2/813)


لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)

على بعض اليمن فلما قبض عليه السّلام أقبل فلقى ذا الحمار «1» مرتدا فقاتله فكان أول من قاتل على الردة فتلك المودة بعد المعاداة «2» .
8 عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ: خزاعة «3» .
9 والَّذِينَ قاتَلُوكُمْ: أهل مكة «4» .
10 فَامْتَحِنُوهُنَّ استحلفوهن ما خرجن إلّا للإسلام دون بغض الأزواج.
فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ حين جاءت سبيعة «5» الأسلمّية مسلمة بعد الحديبية فجاء زوجها مسافر «6» فقال: يا محمد قد شرطت لنا ردّ النساء [98/ ب] وطين/ الكتاب لم يجف «7» .
__________
(1) هو الأسود العنسي المتنبي واسمه: عبهلة بن كعب بن غوث بن صعب بن مالك بن عنس.
كذا نسبه ابن حزم في الجمهرة: 405، ويعرف بذي الحمار من أجل حمار كان له.
ينظر خبر ردته في السيرة لابن هشام: 2/ 599، والطبقات لابن سعد: 5/ 534، وتاريخ الطبري: (3/ 184- 187) .
(2) ورد هذا المعنى في أثر أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 115، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن ابن هشام الزهري.
وانظر تفسير الماوردي: 4/ 222، والدر المنثور: 8/ 130.
(3) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 223 عن مقاتل، ونقله البغوي في تفسيره: 4/ 331 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(4) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 28/ 67 عن مجاهد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 131، وعزا إخراجه إلى ابن المنذر عن مجاهد.
(5) هي سبيعة بنت الحارث الأسلمية، صحابية جليلة.
ترجمتها في الاستيعاب: 4/ 1859، والإصابة: 7/ 692.
(6) هو مسافر المخزومي، وقيل إن زوجها كان صيفي بن الراهب.
ينظر الكشاف: 4/ 92، والكافي الشاف: 168، وتفسير القرطبي: 18/ 61، ومفحمات الأقران: 196.
(7) ذكر الماوردي هذا القول في سبب نزول هذه الآية وقال: «حكاه الكلبي» .
(تفسيره: 4/ 224) ، ونقله البغوي في تفسيره: 4/ 332 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأورده الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف: 168، وقال: «هكذا ذكره البغوي عن ابن عباس بغير سند» .

(2/814)


وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)

وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا أي: من المهور ووجب بالشّرط «1» ، ثم نسخ.
11 فَعاقَبْتُمْ: غزوتم بعقب ما يغزونكم فغنمتم «2» ، له معنيان وفيه لغتان «3» : عاقب وعقّب وأحد المعنيين من المعاقبة المناوبة، والثاني من الإصابة في العاقبة سبيا واغتناما «4» .
12 يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ ما تلقطه المرأة بيدها من لقيط فتلحقه بالزوج «5» .
وَأَرْجُلِهِنَّ ما تلحقه به من الزنا «6» .
__________
(1) أي بشرط إرجاع من يفد من الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد شروط صلح الحديبية.
قال الماوردي في تفسيره: 4/ 224: «فنسخ الله ردهن من العقد ومنع منه، وأبقاه من الرجال على ما كان، وهذا يدل على أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجتهد برأيه في الأحكام، ولكن لا يقره الله تعالى على خطأ.
وقالت طائفة من أهل العلم: لم يشترط ردهن في العقد لفظا، وإنما أطلق العقد في رد من أسلم، فكان ظاهر العموم اشتماله عليهن مع الرجال، فبين الله خروجهن عن العموم، وفرّق بينهن وبين الرجال لأمرين:
أحدهما: أنهن ذوات فروج يحرمن عليهم.
الثاني: أنهن أرأف قلوبا وأسرع تقلبا منهم» اه-.
(2) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 160، وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 462.
(3) وهما قراءتان، فَعاقَبْتُمْ وعليها القراء السبعة، و «عقبتم» بتشديد القاف بغير ألف وتنسب هذه القراءة إلى علقمة، والنخعي، والأعرج، والحسن، ومجاهد، وعكرمة.
ينظر إعراب القرآن للنحاس: 4/ 416، وتفسير القرطبي: 18/ 69، والبحر المحيط:
8/ 257.
(4) ينظر ما سبق في تفسير الطبري: (28/ 75، 76) ، ومعاني الزجاج: 5/ 160، وتفسير الماوردي: 4/ 227، والمفردات للراغب: 340، واللسان: (1/ 619 (عقب) .
(5) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 28/ 77 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 141، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس.
(6) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 228. [.....]

(2/815)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)

13 لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي: اليهود «1» .
قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ ممن مات كافرا وصار إلى القبر.

سورة الصف
4 مَرْصُوصٌ: مكتنز ملتصق بعضه ببعض كأنها رصّ بالرصاص «2» .
12 وَأُخْرى تُحِبُّونَها جرّ الموضع عطفا على تِجارَةٍ «3» أو رفع بتقدير: ولكم تجارة أخرى «4» .

سورة الجمعة
2 بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ليوافق ما تقدمت به البشارة، ولئلا يتوهّم الاستعانة بالكتب وليشاكل حال الأمة التي بعث فيها وذلك أقرب إلى مساواته لو أمكنهم.
__________
(1) تفسير الطبري: 28/ 81، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 161، وتفسير الماوردي: 4/ 229، وتفسير البغوي: 4/ 336.
(2) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 464، وتفسير الطبري: 28/ 86، ومعاني الزجاج:
5/ 164، والمفردات للراغب: 196.
(3) من قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [آية: 10] ، وهذا الوجه في إعراب (وأخرى) قول الأخفش في معانيه: 2/ 708، وإعراب القرآن للنحاس:
(4/ 422، 423) .
(4) هذا قول الفراء في معانيه: 3/ 154، ووصفه النحاس في إعراب القرآن: 4/ 423 بأنه أصح من قول الأخفش، فقال: «يدل على ذلك: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ بالرفع ولم يخفضا، وعلى قول الأخفش الرفع بإضمار مبتدأ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، أي: بالنصر والفتح» .
وانظر تفسير الطبري: 28/ 90، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 166، والتبيان للعكبري:
2/ 1221.

(2/816)


وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)

3 وَآخَرِينَ مِنْهُمْ أي: ويعلم آخرين. أو ويزكي آخرين، وهم العجم «1» .
لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ: لم يدركوهم. قال عليه السّلام «2» : «رأيت غنما سودا تتبعها غنم عفر «3» فقال أبو بكر: تلك العجم تتبع العرب فقال: كذلك عبّرها لي الملك» .
5 أَسْفاراً: كتبا. واحدها «سفر» «4» .
11 انْفَضُّوا: أقبل عير ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة. فذهبوا نحوها «5» .
و «اللهو» : طبل يضرب إذا وردت العير.
وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لا يفوتهم رزق الله بترك البيع.
__________
(1) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 28/ 95 عن مجاهد.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا وفينا سلمان الفارسي- وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال، أو رجل من هؤلاء» .
صحيح البخاري: 6/ 63، كتاب التفسير، تفسير سورة الجمعة.
وصحيح مسلم: (4/ 1972، 1973) كتاب فضائل الصحابة، باب «فضل فارس» .
(2) أخرجه الحاكم في المستدرك: 4/ 395 كتاب تعبير الرؤية، وسكت عنه الحاكم، وكذا الذهبي، وأورده الماوردي في تفسيره: 4/ 235، والقرطبي في تفسيره: 18/ 93.
(3) العفرة: البياض غير الناصع.
النهاية: 3/ 261، واللسان: 4/ 585 (عفر) .
(4) معاني القرآن للفراء: 3/ 155، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 258، وتفسير الطبري:
28/ 97، والمفردات للراغب: 233.
(5) ينظر سبب نزول هذه الآية في صحيح البخاري: 6/ 63، كتاب التفسير، تفسير سورة الجمعة» .
وصحيح مسلم: 2/ 590، كتاب الجمعة، باب في قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً.
وتفسير الطبري: (28/ 103، 104) ، وأسباب النزول للواحدي: 493.

(2/817)