إيجاز البيان عن معاني القرآن

سورة التحريم
1 لِمَ تُحَرِّمُ: أصاب النّبيّ- عليه السّلام- من مارية في بيت حفصة
__________
(1) في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ... [آية: 228] .
(2) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 471، ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 256 عن ابن قتيبة، وانظر تفسير القرطبي: 18/ 169.
(3) في الأصل: «مسبعة» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(4) ينظر تفسير الفخر الرازي: 30/ 40.
(5) في «ج» : يترتب.

(2/821)


وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)

وقد خرجت إلى أبيها، فلمّا علمت عتبت، فقال: «حرّمتها عليّ» .
وقيل «1» : إنه كان في يوم عائشة وكانت وحفصة متصافيتين فأخبرت عائشة، وكان قال لها: لا تخبريها، فطلّق حفصة، واعتزل النساء شهرا وحرّم مارية.
وقيل «2» : حرّم شراب عسل كان يشربه عند زينب بنت جحش، فأنكرت ذلك عائشة وحفصة وقالتا: إنا نشمّ منك ريح المغافير «3» - وهي بقلة متغيرة- فحرّم ذلك الشّراب.
3 عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ: أعلمها بعض الأمر أنه وقف عليه.
وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ: حياء وإبقاء. و «عرف» بالتخفيف «4» : جازى
__________
(1) أخرج نحوه الطبري في تفسيره: 28/ 258 عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا الواحدي في أسباب النزول: 504، وذكره البغوي في تفسيره: 4/ 363 بغير سند.
وأورد الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 186 نحو هذا القول من رواية الهيثم بن كليب في مسنده عن عمر رضي الله عنه، وعقب عليه بقوله: «وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج.
(2) صحح الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 187 هذا القول في نزول هذه الآية.
وقد ثبت هذا في صحيح البخاري: 6/ 68، كتاب التفسير «تفسير سورة التحريم» .
وصحيح مسلم: 2/ 1100، كتاب الطلاق، باب «وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق» .
وعقب الحافظ في الفتح: 9/ 289 على الروايات المختلفة في سبب نزول هذه الآية بقوله: «وطريق الجمع بين هذا الاختلاف الحمل على التعدد، فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد..» .
(3) جاء في هامش الأصل: «المغفور مثل الصمغ يخرج من الرّمث: ضرب من الشجر مما ينبت في السهل، وهو من الحمض.
وفي الدستور: المغفور شيء ينضحه العرفط حلو ... ، والعرفط من شجر العضاة» اه.
ينظر النهاية لابن الأثير: 3/ 218، واللسان: 7/ 350 (عرفط) .
(4) هذه قراءة الكسائي كما في السبعة لابن مجاهد: 640، والتبصرة لمكي: 354، والتيسير للداني: 212.

(2/822)


عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)

عليه وغضب منه، كقولك لمن تهدده: عرفت ما عملت ولأعرفنّك ما فعلت، أي: أجازيك.
وقيل «1» : لمّا حرّم مارية أخبر حفصة أنّه يملك من بعده أبو بكر وعمر، فعرّفها بعض ما أفشت، وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ: عن خلافتهما.
5 قانِتاتٍ: دائمات على الطاعة «2» .
سائِحاتٍ: ماضيات «3» فيها. وقيل «4» : صائمات، لأنّ السّائح لا مأوى له ولا زاد، وإنّما يأكل ما وجد إذا آواه اللّيل، كالصّائم يأكل ما وجد إذا أدركه اللّيل «5» .
6 قُوا أَنْفُسَكُمْ يقال: ق، وقيا، وقوا، وقى، وقيا، وقين، وبالنون الثقيلة قينّ يا رجل «6» .
8 تَوْبَةً نَصُوحاً كلّ «فعول» بمعنى الفاعل يستوي فيه المذكّر،
__________
(1) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: 12/ 117 حديث رقم (12640) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 261 عن الضحاك.
وأورد الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 192 رواية الطبراني، ثم قال: إسناده فيه نظر.
وأورد الحافظ ابن حجر في الفتح: رواية الطبراني وزاد نسبتها إلى ابن مردويه، ثم قال وفي كل منهما ضعف.
(2) ينظر تفسير الطبري: 28/ 164، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 193، والمفردات للراغب:
413، واللسان: 2/ 73 (قنت) .
(3) تفسير القرطبي: 18/ 194، والبحر المحيط: 8/ 292.
(4) أخرجه الطبري في تفسيره: (28/ 164، 165) عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك..
وانظر مجاز القرآن لابن عبيدة: 2/ 261، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 472، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 194. [.....]
(5) عن معاني القرآن للفراء: 3/ 167.
(6) في «ك» : «يا امرأة قيان وقينان يا نسوة» .
وانظر اللسان: 15/ 405 (وقي) .

(2/823)


يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)

[100/ أ] والمؤنث «1» ، ف «توبة نصوح» : ناصحة/ صادقة لا يهمّ معها بالمعاودة.
وقيل «2» : هي التي يناصح المرء فيها نفسه فيعلم بعدها مالها وما عليها.
9 جاهِدِ الْكُفَّارَ: بالسّيف، وَالْمُنافِقِينَ: بالقول الغليظ والوعظ البليغ.
وقيل «3» : بإقامة الحدود، وكانوا أكثر الناس مواقعة للكبائر.
10 فَخانَتاهُما: امرأة نوح كانت تقول: إنه مجنون، وامرأة لوط كانت تدل على الضّيف «4» .
12 فَنَفَخْنا فِيهِ نفخ جبريل في جيبها بأمر الله.

سورة الملك
2 خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ الحياة لنختبركم فيها، والموت للبعث والجزاء. أو تعبّد بالصّبر على الموت والشكر في الحياة «5» .
3 طِباقاً: جمع «طبق» جمل وجمال، أي: بعضها فوق بعض «6» . أو
__________
(1) ينظر معاني القرآن للزجاج: 5/ 194، وزاد المسير: 8/ 313، وتفسير القرطبي:
18/ 199.
(2) ذكر نحوه أبو حيان في البحر المحيط: 8/ 293.
(3) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 267، وكذا في تفسير القرطبي: 18/ 201.
(4) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: (28/ 169، 170) ، والحاكم في المستدرك: 2/ 496، كتاب التفسير- كلاهما عن ابن عباس رضي الله عنهما- قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 228، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(5) تفسير القرطبي: 18/ 207.
(6) ينظر تفسير الطبري: 29/ 2، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 198، وتفسير البغوي:
4/ 370، وتفسير القرطبي: 18/ 208.

(2/824)


إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)

من التطابق والتشابه «1» .
مِنْ تَفاوُتٍ، وتفوّت «2» مثل: تعاهد وتعهّد، وتجاوز وتجوّز «3» .
وقيل: التفوّت مخالفة الجملة ما سواها، والتفاوت مخالفة بعض [الجملة] «4» . بعضا كأنه الشّيء المختلف لا على نظام. ومن لطائف المعاني أنّ الفوت الفرجة بين الإصبعين، والفوت والتفوّت واحد «5» ، فمعنى: «من تفوّت» معنى هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ، أي: صدوع.
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ارجع البصر وكرّر النّظر أبدا قد أمرناك بذلك كرّتين.
خاسِئاً: صاغرا ذليلا «6» .
وَهُوَ حَسِيرٌ: معيى كليل «7» .
«شهيق» «8» : زفرة من زفرات جهنّم «9» .
7 تَفُورُ: تغلي.
__________
(1) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 271 عن ابن بحر.
(2) بتشديد الواو من غير ألف، وهي قراءة حمزة، والكسائي.
السبعة لابن مجاهد: 644، والتبصرة لمكي: 355، والتيسير للداني: 212.
(3) تفسير الطبري: 29/ 2، وتفسير القرطبي: 18/ 208.
(4) في الأصل: الحكمة والمثبت في النص عن «ج» .
(5) معاني القرآن للفراء: 3/ 170، وتفسير القرطبي: 18/ 208.
(6) تفسير الطبري: 29/ 3، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 198، وتفسير الماوردي: 4/ 272، والمفردات للراغب: 148. [.....]
(7) الكليل: الذي ضعف عن إدراك مرآه.
ينظر هذا المعنى في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 474، وتفسير الطبري: 29/ 3، ومعاني الزجاج: 5/ 198، وتفسير الماوردي: 4/ 272.
(8) من قوله تعالى: إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ [آية: 7] .
(9) تفسير الفخر الرازي: 30/ 63، وتفسير القرطبي: 18/ 211.

(2/825)


تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)

8 تَمَيَّزُ: تتقطع وتتفرّق «1» .
15 ذَلُولًا: سهلة «2» ذات أنهار وأشجار ومساكن مطمئنّة.
فِي مَناكِبِها: أطرافها [وأقطارها] «3» . وقيل «4» : جبالها وإذا أمكن سلوك جبالها فهو أبلغ في التذليل.
16 أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ من الملائكة «5» . أو من في السّماء عرشه أو سلطانه «6» أو «في» [بمعنى] «7» «فوق» ، كقوله «8» : فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ، فيكون المراد العلوّ والظهور. أو المعنى: من هو المعبود في السّماء وخصّ السّماء للعبادة برفع [الأيدي في] «9» الأدعية إليها ونزول الأقضية منها.
19 صافَّاتٍ أي: أجنحتها في الطيران وبقبضها عند الهبوط. أو «يقبضن» يسرعن، من «القبيض» : شدّة العدو «10» .
__________
(1) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 170، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 474، وتفسير الطبري: 29/ 5، والمفردات للراغب: 478.
(2) المفردات للراغب: 181، وزاد المسير: 6/ 321، وتفسير القرطبي: 18/ 214.
(3) في الأصل: وإظهارها، وفي «ك» : وأطوارها، والمثبت في النص عن «ج» .
واختار الطبري هذا القول في تفسيره: 29/ 7، ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 274 عن مجاهد، والسدي.
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 262، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 475، ومعاني الزجاج: 5/ 199.
(4) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 199، واختاره.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (29/ 6، 7) عن ابن عباس، وبشير بن كعب، وقتادة.
(5) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 274 عن ابن بحر وذكره القرطبي في تفسيره:
18/ 215، وأبو حيان في البحر المحيط: 8/ 302.
(6) ينظر تفسير الفخر الرازي: 30/ 70، وتفسير القرطبي: 18/ 215.
(7) في الأصل: «معنى» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(8) سورة التوبة: آية: 2.
(9) ما بين معقوفين عن نسخة «ج» .
(10) اللسان: 7/ 215 (قبض) .

(2/826)


أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)

ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ لو غيّر الهواء والأجنحة/ عن الهيئة التي [100/ ب] تصلح لطيرانهن لسقطن، وكذلك العالم كله فلو أمسك حفظه وتدبيره عنها طرفة عين لتهافتت الأفلاك وتداعت الجبال.
21 لَجُّوا: تقحّموا في المعاصي «1» ، و «اللّجاج» : تقحّم الأمر مع [كثرة] «2» الصّوارف عنه.
و «العتوّ» : الخروج إلى فاحش الفساد «3» .
22 مُكِبًّا: ساقطا «4» . كببته على وجهه فأكبّ، ومثله: نزفت ماء البئر، وأنزفت البئر: نضب ماؤها «5» ، ومريت النّاقة وأمرت: درّ لبنها «6» .
27 زُلْفَةً: قريبا «7» .
سِيئَتْ: ظهر السّوء في وجوههم «8» .
تَدَّعُونَ تتداعون بوقوعه بمعنى الدعوى التي هي الدعاء «9» ،
__________
(1) المفردات للراغب: 447. [.....]
(2) في الأصل: «كثر» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(3) اللسان: 15/ 27 (عثا) .
(4) المفردات: 420.
(5) اللسان: 9/ 325 (نزف) عن ابن جني قال: «نزفت البئر وأنزفت هي، فإنه جاء مخالفا للعادة، وذلك أنك تجد فيها «فعل» متعديا، و «أفعل» غير متعد» .
وهذه الأفعال التي ذكرها المؤلف تتعدى إن جردت عن الألف، وتلزم إذا اتصلت بها.
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 475، وتفسير القرطبي: 18/ 219.
(6) اللسان: 15/ 278 (مرا) .
(7) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 262، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 475، وتفسير الطبري: 29/ 11، وزاد المسير: 8/ 324.
(8) نص هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 276، وانظر معاني القرآن للزجاج: 5/ 201، وزاد المسير: 8/ 324.
(9) عن معاني القرآن للزجاج: 5/ 201، وأورده القرطبي في تفسيره: 18/ 220، وقال: «وهو قول أكثر العلماء» .
وانظر هذا القول في تفسير المشكل لمكي: 349، وتفسير الماوردي: 4/ 276، وتفسير البغوي: 4/ 373.

(2/827)


قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)

وجاء في التفسير: تكذبون، وتأويله: تدّعون الأكاذيب «1» .
30 غَوْراً: غائرا «2» ، وصف الفاعل بالمصدر، كقولهم: رجل عدل، [أي: عادل] «3» .

سورة ن
2 ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ أي: انتفى عنك الجنون بنعمته «4» .
وقيل «5» : هو كقولك: ما أنت بحمد الله مجنون.
3 غَيْرَ مَمْنُونٍ: غير مقطوع، مننت الحبل: قطعته «6» .
4 خُلُقٍ عَظِيمٍ: سئلت عائشة عن خلقه فقالت «7» : «اقرأ الآي العشر
__________
(1) ذكره الزجاج في معانيه: 5/ 201، وابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 324، ونقله القرطبي في تفسيره: 18/ 221 عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(2) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 262، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 476، وتفسير الطبري: 29/ 13، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 201.
(3) ما بين معقوفين عن «ك» ، وانظر معاني القرآن للفراء: 3/ 172، ومعاني الزجاج:
5/ 201، وتفسير القرطبي: 18/ 222.
(4) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 204، وانظر هذا القول في تفسير الماوردي:
4/ 278، وتفسير البغوي: 4/ 375.
(5) ذكره البغوي في تفسيره: 4/ 375.
(6) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 477، وتفسير الطبري: 29/ 18، ومعاني الزجاج:
5/ 204، وتفسير المشكل لمكي: 350. [.....]
(7) لم أقف على نص هذا القول المنسوب إلى عائشة رضي الله عنها، وأورده القرطبي في تفسيره: 18/ 227 بلفظ: «وسئلت (عائشة) أيضا عن خلقه عليه السلام، فقرأت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلى عشر آيات، وقال: ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... » .
وفي صحيح مسلم: 1/ 513، كتاب صلاة المسافرين، باب «جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض» أن سعد بن هشام سأل عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: «ألست تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن ... » .

(2/828)


بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)

في سورة المؤمنين فذلك خلقه» .
6 بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ: مصدر، مثل: الفتون وهو الجنون بلغة قريش «1» ، كما يقال: ما به معقول وليس له مجلود «2» .
10 مَهِينٍ: وضيع بإكثاره من الفساد «3» .
13 عُتُلٍّ: قويّ في خلقه، فاحش في فعله «4» . وسئل عنه النّبي صلى الله عليه وسلم فقال «5» : «الشّديد الخلق، الرحيب الجوف، الأكول، الشّروب، الظّلوم للنّاس» .
والوقف على «عتل» «6» ، ثم بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ، أي: مع ذلك كلّه زنيم «7» معروف بالشر كما يعرف التيس بزنمته «8» .
__________
(1) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 477، وتفسير الطبري: 29/ 20.
(2) ذكره البغوي في تفسيره: 4/ 377، وقال: أي: جلادة وعقل» .
وفي تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 478: «ليس له معقول- أي عقل- ولا معقود، أي رأي» .
وانظر تفسير الطبري: 29/ 20، والكشاف: 4/ 141، وتفسير القرطبي: 18/ 229.
(3) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 478، وتفسير الماوردي: 4/ 280، وتفسير البغوي:
4/ 377، وتفسير القرطبي: 18/ 231.
(4) تفسير الطبري: 29/ 24، وتفسير القرطبي: 18/ 233.
(5) أخرج- نحوه- الإمام أحمد في مسنده: 4/ 227 عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 247، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم مرفوعا.
(6) الوصل أولى من الوقف في هذا الموضع. وذكر العلماء أن الوقف التام على زَنِيمٍ آخر الآية، ويبتدأ بقوله تعالى: أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ.
ينظر إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري: 2/ 943، والقطع والائتناف للنحاس: 736، والمكتفي للداني: (581، 582) .
(7) قال الفراء في معانيه: 3/ 173: «والزنيم: الملصق بالقوم، وليس منهم، وهو الدعي» .
(8) قال ابن الأثير في النهاية: 2/ 316: «هي شيء يقطع من أذن الشاة ويترك معلقا بها، وهي أيضا هنة مدلّاة في حلق الشّاة كالملحقة بها» .

(2/829)


أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)

14 أَنْ كانَ ذا مالٍ فيه حذف وإضمار، أي: ألأن كان ذا مال تطيعه أو يطاع «1» ؟!.
16 سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ نقبّح ذكره بخزي يبقى عليه. في الوليد «2» بن المغيرة.
19 فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ طارق «3» . خرجت عنق من النّار في واديهم «4» .
20 كَالصَّرِيمِ كالرّماد الأسود «5» .
23 يَتَخافَتُونَ يسارّ بعضهم بعضا لئلا يسمع المساكين.
25 عَلى حَرْدٍ: منع وغضب «6» .
26 إِنَّا لَضَالُّونَ: ظللنا الطّريق فما هذه جنّتنا.
[101/ أ] 28 لَوْلا تُسَبِّحُونَ: تستثنون «7» إذ كلّ/ تعظيم لله تسبيح «8» .
__________
(1) ورد هذا المعنى على قراءة حمزة، وعاصم في رواية شعبة: أأن كان ذا مال بالاستفهام بهمزتين.
ينظر السبعة لابن مجاهد: 646، وتفسير الطبري: 29/ 27، ومعاني الزجاج: 5/ 206، وإعراب القرآن للنحاس: 5/ 10.
(2) تفسير الماوردي: 4/ 280، وغرائب التفسير للكرماني: 2/ 1237، وزاد المسير:
8/ 331.
(3) تفسير الطبري: 29/ 30.
(4) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 284 عن ابن جريج.
(5) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 284 عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وكذا البغوي في تفسيره: 4/ 379، وابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 336. [.....]
(6) مجاز القرآن: 2/ 265، وتفسير غريب القرآن: 479، ومعاني الزجاج: 5/ 207، والمفردات للراغب: 113.
(7) أي تقولوا: إن شاء الله، كما في تفسير الطبري: 29/ 35، ومعاني القرآن للزجاج:
5/ 209، وزاد المسير: 8/ 335.
قال ابن الجوزي: «قاله الأكثرون» .
(8) معاني الزجاج: 5/ 209، وزاد المسير: 8/ 338.

(2/830)


قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)

31 فقالوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ قال عمرو «1» بن عبيد: ما أدري أكان هذا إيمانا منهم أو على حدّ ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشّدائد.
40 زَعِيمٌ: كفيل «2» .
42 يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ: غطاء «3» . وقيل «4» : عن شدة وعناء. وفي الحديث «5» : «يخرّ المؤمنون سجّدا ويبقى الكافرون كأنّ في ظهورهم السّفافيد» «6» .
__________
(1) لم أقف على هذا القول منسوبا إلى عمرو بن عبيد، ونقله القرطبي في تفسيره: 18/ 345، وأبو حيان في البحر المحيط: 8/ 313 عن الحسن رحمه الله.
قال الفخر الرازي في تفسيره: 30/ 91: واختلف العلماء هاهنا، فمنهم من قال إن ذلك كان توبة منهم، وتوقف بعضهم في ذلك، قالوا: لأن هذا الكلام يحتمل أنهم إنما قالوه رغبة منهم في الدنيا» .
(2) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 177، وتفسير الطبري: 29/ 37، ومعاني الزجاج:
5/ 210، والمفردات للراغب: 213، واللسان: 12/ 266 (زعم) .
(3) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 286 عن الربيع بن أنس.
(4) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 481، وأخرجه الطبري في تفسيره (29/ 38، 39) عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: 3/ 27: «فسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث «الساق» هنا بالشدة، أي: يكشف عن شدة وأمر مهول» .
(5) هذا جزء من حديث طويل أخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 40 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه أيضا الطبراني في المعجم الكبير: 9/ 414 حديث رقم (9761) ، والحاكم في المستدرك: 4/ 598، كتاب الأهوال، وفي إسناده أبو الزعراء، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: ما احتجا بأبي الزعراء.
والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 259 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث والنشور» كلهم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
(6) جمع «سفود» : حديدة ذات شعب معقفة يشوى بها اللحم.
اللسان: 3/ 218 (سفد) .

(2/831)


خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)

43 وَهُمْ سالِمُونَ يسمعون النّداء فلا يأتونه «1» .
44 سَنَسْتَدْرِجُهُمْ نستدرجهم أعمارهم وإن أطلنا [ها] «2» إلى عقابهم.
والاستدراج: الأخذ على غرّة «3» .
48 وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ في العجلة والمغاضبة «4» .
و «المكظوم» : المحبوس على الحزن فلا ينطق ولا يشكو «5» ، من «كظم القربة» .
51 لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ: يعينوك بها حتى تزلق قدمك.