إيجاز البيان عن معاني القرآن

ومن سورة الجن
3 تَعالى جَدُّ رَبِّنا: عظمته «2» . عن أنس «3» رضي الله عنه: «كان الرّجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا» ، أي: عظم.
4 سَفِيهُنا: إبليس «4» .
شَطَطاً: كفرا لبعده عن الحق.
6 يَعُوذُونَ: كان الرجل في الجاهلية إذا نزل بواد، نادى: أعوذ بسيّد هذا الوادي من سفهائه «5» .
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره: 4/ 400 دون عزو، وكذا الفخر الرازي في تفسيره: 30/ 147، والقرطبي في تفسيره: 18/ 314، وأبو حيان في البحر المحيط: 8/ 343.
وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 375، وقال: «حكاه الثعلبي» ، وذكره الكرماني في غرائب التفسير: 2/ 1258 دون عزو.
(2) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 489، وتفسير الطبري: 29/ 104، ومعاني الزجاج:
5/ 234، والمفردات للراغب: 89.
وهو رأي الجمهور كما في البحر المحيط: 8/ 347. [.....]
(3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده: 3/ 120، وأورده الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف:
5، وقال: «هذا طرف من حديث أخرجه أحمد وابن أبي شيبة» .
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 1/ 49 وعزا إخراجه إلى أحمد، ومسلم، وأبي نعيم في «الدلائل» عن أنس رضي الله تعالى عنه. ولم أقف عليه في صحيح مسلم ولا في الدلائل لأبي نعيم.
(4) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 107، عن مجاهد، وقتادة. وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 298، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
وانظر تفسيره الماوردي: 4/ 320، وتفسير البغوي: 4/ 401.
(5) تفسير الطبري: 29/ 108، وتفسير الماوردي: 4/ 320، وتفسير البغوي: 4/ 402.

(2/842)


وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)

رَهَقاً: فسادا وإثما «1» .
8 لَمَسْنَا السَّماءَ: طلبنا، أي: التمسنا «2» .
مُلِئَتْ حَرَساً: ملائكة، وَشُهُباً: كواكب الرجم «3» .
9 رَصَداً: أي: إرصادا، إرهاصا، أي: إعظاما للنبوة من قولهم رهصه الله: إذا أهله للخير.
11 طَرائِقَ قِدَداً: فرقا شتّى. جمع «قدّة» «4» . وقيل «5» : أهواء مختلفة.
14 الْقاسِطُونَ: الجائرون.
تَحَرَّوْا: تعمّدوا الصّواب.
16 وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ: أي: على طريقة الكفر لزدنا في نعمتهم وأموالهم فتنة «6» ، قال عمر «7» رضي الله عنه: «حيث الماء كان المال وحيث المال كانت الفتنة» .
وقيل على عكسه «8» ، أي: على طريقة الحق لوسّعنا عليهم.
__________
(1) تفسير الطبري: 29/ 109، وتفسير الماوردي: 4/ 320، وتفسير القرطبي: 19/ 10.
(2) تفسير الطبري: 29/ 110، وتفسير الماوردي: 4/ 321، واللسان: 6/ 209 (لمس) .
(3) ينظر تفسير الطبري: 29/ 110، وتفسير البغوي: 4/ 402، وزاد المسير: 8/ 380.
(4) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 272، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 490، وتفسير الطبري: 29/ 112، والمفردات للراغب: 394.
(5) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 193، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 490، وأخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 111 عن قتادة، وعكرمة.
(6) هذا قول الفراء في معانيه: 3/ 193، وأخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 115 عن أبي مجلز.
(7) ذكره القرطبي في تفسيره: 19/ 18، بلفظ: «أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة» .
(8) اختاره الطبري في تفسيره: 29/ 114، والزجاج في معانيه: 5/ 236، وقال: «والذي يختار وهو أكثر التفسير أن يكون يعنى بالطريقة طريق الهدى لأن «الطريقة» معرّفة بالألف واللام، والأوجب أن يكون طريقة الهدى والله أعلم» .

(2/843)


لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27)

وقيل «1» : هو إدرار مواد الهوى، فتكون «الفتنة» بمعنى التخليص «2» كقوله «3» : فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً.
و «الغدق» : الغمر الغزير «4» .
17 صَعَداً: شديدا شاقا «5» .
18 وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ: ما يسجد من جسد المصلى «6» .
19 لِبَداً: جمع «لبدة» ، و «لبدا» «7» جمع «لبدة» ، أي: ازدحم الجنّ على النّبيّ عليه السلام حتى تراكب بعضهم بعضا تراكب اللّبد.
27 رَصَداً: طريقا إلى علم بعض ما قبله وما يكون بعده، والرسول:
النبي عليه السلام، والرّصد: الملائكة يحفظونه، ليعلم النّبيّ أنّ الرّسل المتقدمين أبلغوا «8» ، أو ليعلم النّاس ذلك، أو ليعلم الله «9» . لام
__________
(1) ينظر هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 326، وتفسير الفخر الرازي: 30/ 162.
(2) يقال: فتنت الذهب بالنار: خلصته.
اللسان: 13/ 317 (فتن) .
(3) سورة طه: آية: 40. [.....]
(4) معاني القرآن للزجاج: 5/ 236، والمفردات للراغب: 358، وتفسير القرطبي: 19/ 18.
(5) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 272، ومعاني الزجاج: 5/ 236، وتفسير الطبري:
29/ 116، والمفردات للراغب: 280.
(6) ذكره الفراء في معاني القرآن: 3/ 194، والزجاج في معانيه: 5/ 236، ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 327 عن الربيع بن أنس. وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 382، إلى سعيد بن جبير، وابن الأنباري.
(7) بضم اللام قراءة ابن عامر كما في السبعة لابن مجاهد: 656، والتبصرة لمكي: 362 والمعنى على القراءتين واحد كما في معاني الزجاج: 5/ 237، والكشف لمكي: 2/ 342.
(8) أخرج عبد الرازق هذا القول في تفسيره: 2/ 323 عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 210، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة أيضا، وهو اختيار الطبري في تفسيره: (29/ 122، 123) .
(9) هذا قول الزجاج في معانيه: 5/ 238، وقال: «وما بعده يدل على هذا، وهو قوله:
وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً اه-.
وانظر هذا القول عن الزجاج في تفسير الماوردي: 4/ 330، وتفسير القرطبي: 19/ 30.

(2/844)


قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)

الصيرورة، أي: ليتبين علم الله.

ومن سورة المزمل
تزمّل وتدثر: تلفف بغطاء.
2 قُمِ اللَّيْلَ اسم الجنس، أي: كل ليلة، إِلَّا قَلِيلًا: من اللّيالي، فقاموا على ذلك سنة «1» ثمّ خفّف بقوله: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ.
4 وَرَتِّلِ: بيّن وفصل، من الثغر: الرّتل «2» . ابن مسعود رضي الله عنه: «اقرءوا القرآن ولا تهذوه هذّ الشعر ولا تنثروه نثر الدّقل «3» ، وقفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكونن همّ أحدكم/ آخر السّورة» «4» . [103/ أ]
5 قَوْلًا ثَقِيلًا: راجحا ليس بسخيف مهلهل.
6 ناشِئَةَ اللَّيْلِ: ساعته التي تنشأ «5» .
__________
(1) في مدة فرضه اختلاف، والقول الذي ذكره المؤلف- رحمه الله- مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في تفسير الطبري: 29/ 124، وتفسير الماوردي: 4/ 332.
(2) اللسان: 11/ 265 (رتل) ، وفيه أيضا: «وثغر رتل ورتل: حسن التنضيد مستوى النبات ... وكلام رتل ورتل، أي: مرتّل حسن على تؤدة» .
(3) الدقل: رديء التمر كما في النهاية: 2/ 127.
قال ابن الجوزي في غريب الحديث: 1/ 344: «وذلك أن الدّقل من التمر لا يكاد يلصق بعضه ببعض فإذا نثر يفرق سريعا» .
(4) أخرجه البغوي في تفسيره: 4/ 407، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره: 8/ 277، وعزا إخراجه إلى البغوي.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده: 1/ 417، وأبو داود في سننه: 2/ 117، كتاب الصلاة، باب «تحزيب القرآن» عن علقمة والأسود قالا: أتى ابن مسعود رجل فقال: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذا كهذ الشعر ونثرا كنثر الدقل؟؟! ... » .
(5) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 333 عن عطاء وعكرمة.
وقال الراغب في المفردات: 493: «يريد القيام والانتصاب للصلاة» .
وأكثر العلماء على أن ناشِئَةَ اللَّيْلِ أوقاته وساعاته.
ذكره القرطبي في تفسيره: 19/ 39، وقال: «لأن أوقاته تنشأ أولا فأولا يقال: نشأ الشيء ينشأ: إذا ابتدأ وأقبل شيئا بعد شيء، فهو ناشئ، وأنشأه الله فنشأ» .

(2/845)


إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14) إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16)

وطاء «1» : مصدر كالمواطأة مثل: الوفاق والموافقة، أي: اللّيل أبلغ في مواطأة قلبك لعملك ولسانك وكذا تفسير وَطْئاً «2» .
7 سَبْحاً: فراغا للعمل «3» ، والاستراحة والسّبح: سهولة الحركة «4» .
8 وَتَبَتَّلْ: انقطع إلى عبادته عن كل شيء.
9 وَكِيلًا: وليا معينا «5» .
12 أَنْكالًا: قيودا «6» .
13 غُصَّةٍ: يأخذ الحلق فلا يسوغ.
14 كَثِيباً مَهِيلًا: رملا سائلا «7» ، هلت الرّمل: حرّكت أسفله فانهار أعلاه «8» .
16 وَبِيلًا: ثقيلا شديدا «9» .
__________
(1) هذه قراءة أبي عمرو، وابن عامر، وهي بكسر الواو وفتح الطاء والمد.
السبعة لابن مجاهد: 608، والتبصرة لمكي: 363، والتيسير للداني: 216.
(2) ينظر توجيه القراءتين في معاني القرآن للفراء: 3/ 197، ومعاني الزجاج: 5/ 240، والكشف لمكي: 2/ 344، والبحر المحيط: 8/ 363.
(3) تفسير الطبري: 29/ 131، ومعاني القرآن للزجاج: 5/ 240، واللسان: 2/ 470 (سبح) . [.....]
(4) المفردات للراغب: 221.
(5) تفسير الماوردي: 4/ 335، والمفردات للراغب: 531.
(6) مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 273، وتفسير الطبري: 29/ 134، ومعاني القرآن للزجاج:
5/ 241، والمفردات للراغب: 506.
(7) تفسير الطبري: 29/ 136، ومعاني الزجاج: 5/ 242، والمفردات: 426.
(8) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 198، وتفسير الطبري: 29/ 136، واللسان: 11/ 633 (مهل) .
(9) تفسير الطبري: 29/ 137، وتفسير الماوردي: 4/ 336، وتفسير القرطبي: 19/ 48.

(2/846)


وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)

ومن سورة المدثر
4 وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ: لا تلبسها «1» على غدر ولا إثم «2» . [وقيل: قلبك طهّر] «3» .
5 وَالرُّجْزَ بالكسر «4» : العذاب، وبالضمّ: الأوثان.
6 وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ: لا تعط شيئا لتصيب أكثر منه «5» . وقيل «6» : لا تمنن لعملك تستكثر على ربك. وقيل «7» : لا تنقص من الخير تستكثر الثّواب.
8 النَّاقُورِ: أول النّفختين، فاعول من «النّقر» .
11 ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ: الوليد بن المغيرة «8» ، وَحِيداً: لا مال ولا بنين.
__________
(1) في «ج» : أي الثياب الملبوسة، فَطَهِّرْ: نقها مما يفسد الصلاة. وقيل: لا تلبسها على غدر ولا إثم.
(2) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 200، ونقله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 495 عن سفيان ابن عيينة.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (29/ 144، 145) عن ابن عباس، وعكرمة.
(3) ما بين معقوفين عن «ك» ، وذكر الماوردي هذا القول في تفسيره: 4/ 341، ونقله البغوي في تفسيره: 4/ 413 عن سعيد بن جبير، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 401.
(4) هذه قراءة السبعة إلّا عاصما كما في السبعة لابن مجاهد: 659، والتبصرة لمكي: 364 وانظر معنى القراءتين في معاني الفراء: 3/ 201، وتفسير الطبري: 29/ 147، والكشف لمكي: 2/ 347.
(5) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 201، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 496، وأخرجه الطبري في تفسيره: (29/ 148، 149) عن ابن عباس، وعكرمة، والضحاك، ومجاهد، وقتادة.
قال البغوي في تفسيره: 4/ 414: «هذا قول أكثر المفسرين» .
(6) أخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 149 عن الحسن، والربيع بن أنس.
(7) نقله الماوردي في تفسيره: 4/ 343 عن مجاهد، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير:
8/ 402.
(8) كما في تفسير الطبري: 29/ 12، وتفسير الماوردي: 4/ 344، وأسباب النزول للواحدي:
514، وتفسير ابن كثير: 8/ 292، ومفحمات الأقران: 202. [.....]

(2/847)


وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)

13 وَبَنِينَ شُهُوداً: كانوا عشرة بنين لا يغيبون عن عينه.
17 سَأُرْهِقُهُ: أعجله بعنف، صَعُوداً: عقبة في النار «1» .
29 لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ: مسوّدة للجلود «2» . وقيل «3» : معطشة للنّاس.
30 عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ: هكذا ذكره في الكتب المتقدمة، فذكره كذا في القرآن ليستيقنوا.
وقيل: التسعة نهاية الآحاد، والعشرة بداية العشرات، وتسعة عشر جامعة لهما لأكثر القليل وأقل الكثير فكان أجمع الأعداد فجعلت بحسابها خزنة النّار «4» .
31 وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ: من كثرتهم «5» .
وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى: أي: هذه النّار «6» .
__________
(1) قال الفخر الرازي في تفسيره: 30/ 200: «وفي الصعود» قولان:
الأول: أنه مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعب الذي لا يطاق مثل قوله: يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً، و «صعود» من قولهم: عقبة صعود وكدود: شاقه المصعد.
والثاني: أن صَعُوداً اسم لعقبة في النار كلما وضع يده عليها ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت وإذا رفعها عادت، وعنه عليه الصلاة والسلام: «الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه أبدا» اه-.
ينظر الحديث عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في مسند الإمام أحمد: 3/ 75، وسنن الترمذي: 5/ 429، كتاب التفسير، تفسير سورة الأنبياء، حديث رقم (3326) ، وتفسير الطبري: 29/ 155، والمستدرك للحاكم: 2/ 507، كتاب التفسير، سورة المدثر.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(2) معاني القرآن للفراء: 3/ 203، وتفسير الطبري: 29/ 159، ومعاني الزجاج: 5/ 247، وتفسير البغوي: 4/ 416، وتفسير القرطبي: 19/ 77.
(3) نقله الماوردي في تفسيره: 4/ 348 عن الأخفش.
واللّوح: العطش كما في المفردات للراغب: 456، واللسان: 2/ 585 (لوح) .
(4) ينظر ما سبق في تفسير الماوردي: 4/ 349.
(5) تفسير الطبري: 29/ 162.
(6) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 29/ 162 عن قتادة، ومجاهد.
ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 350 عن قتادة.
وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج: 5/ 248، وتفسير البغوي: 4/ 417.

(2/848)


وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)

33 إِذْ أَدْبَرَ: جاء بعد النّهار. دبر الشّيء وأدبر. وقبل وأقبل «1» .
38 كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ. قال قتادة»
: غلق النّاس إلّا أصحاب اليمين، ثم قرأ: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ «3» .
50 مُسْتَنْفِرَةٌ: بكسر الفاء نافرة، وبفتحها «4» منفّرة.
و «القسورة» : الرماة «5» . وقيل «6» : الأسد، فعولة من «القسر» .
56 هُوَ أَهْلُ التَّقْوى: أهل أن يتقى.