إيجاز البيان عن
معاني القرآن ومن سورة القيامة
1 لا أُقْسِمُ: دخول/ لا لتأكيد القسم، والإثبات من طريق
النّفي [103/ ب]
__________
(1) بمعنى واحد كما في معاني القرآن للفراء: 3/ 204، وتفسير
الطبري: 29/ 162، ومعاني الزجاج: 5/ 248.
(2) أخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 165، وأورده السيوطي في الدر
المنثور: 8/ 418، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد عن قتادة.
(3) سورة الأنعام: آية: 69.
(4) بالفتح قراءة نافع، وابن عامر كما في السبعة لابن مجاهد:
660، والتبصرة لمكي: 364، والتيسير للداني: 216.
وانظر توجيه القراءتين في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 498،
والكشف لمكي:
2/ 347، وتفسير القرطبي: 19/ 89، والبحر المحيط: 8/ 380.
(5) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 206، وابن قتيبة في تفسير غريب
القرآن: 498، وأخرجه الطبري في تفسيره: (29/ 168، 169) عن ابن
عباس، ومجاهد، وقتادة، وعكرمة.
(6) بلسان الحبشة، وقيل: بلغة قريش.
ينظر: كتاب اللغات الواردة في القرآن لأبي عبيدة: 302.
ومعاني القرآن للفراء: 3/ 276، والبحر المحيط: 8/ 380،
واللسان: 5/ 92 (قسر) .
وروى هذا القول عن أبي هريرة، وابن عباس، وزيد بن أسلم رضي
الله تعالى عنهم.
ينظر تفسير الطبري: 29/ 170، وتفسير ابن كثير: 8/ 298، والدر
المنثور:
8/ 339.
(2/849)
وَلَا أُقْسِمُ
بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ
أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ
نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ
أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)
آكد، كأنه ردّ على المنكر أولا، ثم إثبات
بالقسم ثانيا «1» .
وقيل «2» : المراد نفي القسم لوضوح الأمر. وقيل «3» : هو
«لأقسم» ، لام الابتداء.
2 بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ: كل يلومه نفسه على الشر لم عمل،
وعلى الخير لم لم تستكثر «4» ؟.
4 نُسَوِّيَ بَنانَهُ: نجعلها مستوية كخف البعير، فيعدم
الارتفاق بالأعمال اللّطيفة «5» .
5 لِيَفْجُرَ أَمامَهُ: يمضي راكبا رأسه في هواه «6» . وقيل
«7» : يتمنى العمر ليفجر.
7 بَرِقَ الْبَصَرُ: بالكسر: دهش، وبالفتح «8» : شخص.
8 وَخَسَفَ الْقَمَرُ: ذهب ضوؤه كأنه ذهب في خسيف وهي البئر
__________
(1) ينظر تفسير الطبري: 29/ 173، وتفسير الماوردي: 4/ 355،
والكشاف: 4/ 189، والبحر المحيط: 8/ 384.
(2) ذكره الفخر الرازي في تفسيره: 30/ 215. [.....]
(3) ورد هذا القول توجيها لقراءة ابن كثير كما في السبعة لابن
مجاهد: 661، والتبصرة لمكي: 365، والبحر المحيط: 8/ 384.
(4) ذكره الزجاج في معانيه: 5/ 251، ونقله الماوردي في تفسيره:
4/ 356 عن مجاهد، وكذا القرطبي في تفسيره: 19/ 93.
(5) معاني القرآن للفراء: 3/ 208، وتفسير الطبري: 29/ 175.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: 8/ 417: «هذا قول الجمهور» .
(6) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 29/ 177 عن مجاهد.
ونقله البغوي في تفسيره: 4/ 421 عن مجاهد، والحسن، وعكرمة،
والسدي.
(7) تفسير الماوردي: 4/ 357، وتفسير القرطبي: 19/ 95.
(8) بفتح الراء قراءة نافع، وأبي عمرو كما في السبعة لابن
مجاهد: 661، والتيسير للداني:
216.
ينظر توجيه القراءتين في معاني القرآن للفراء: 3/ 209، والكشف
لمكي: 2/ 350، وتفسير القرطبي: 19/ 95.
(2/850)
وَجُمِعَ الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ
الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ
يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ
يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ
عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ
(15)
القديمة «1» .
9 وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ: في طلوعهما من المغرب «2» ،
أو في ذهاب ضوئهما «3» ، أو في التسخير بهما.
10 أَيْنَ الْمَفَرُّ: الفرار: مصدر، والمفرّ- بكسر الفاء «4»
- الموضع، والمفرّ «5» : الجيّد الفرار، أي: الإنسان الجيد
الفرار لا ينفعه الفرار «6» .
11 لا وَزَرَ: لا ملجأ «7» .
13 بِما قَدَّمَ
: من عمل وَأَخَّرَ
: من سنّة.
14 بَصِيرَةٌ
: شاهد، والهاء للمبالغة «8» ، أو عين بصيرة «9» .
وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
: ألقى ثيابه وأرخى ستوره «10» ، أي: ولو خلا
__________
(1) اللسان: 9/ 68 (خسف) .
(2) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 358، دون عزو، وكذا البغوي في
تفسيره: 4/ 422.
ونقله القرطبي في تفسيره: 19/ 97 عن ابن مسعود، وابن عباس رضي
الله تعالى عنهم.
(3) ينظر هذا القول في معاني القرآن للفراء: 3/ 209، وتفسير
الطبري: 29/ 180، ومعاني الزجاج: 5/ 252، وتفسير الماوردي: 4/
358، وتفسير البغوي: 4/ 422.
(4) وهي- أيضا- قراءة تنسب إلى ابن عباس، والحسن، ومجاهد،
وعكرمة ... وغيرهم.
ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 210، وإعراب القرآن للنحاس: 5/
81، والمحتسب:
2/ 341، والبحر المحيط: 8/ 386، وإتحاف فضلاء البشر: 2/ 574.
(5) بكسر الميم وفتح الفاء، وتنسب هذه القراءة إلى الحسن،
والزهري.
وهي شاذة كما في المحتسب: 2/ 341، والبحر المحيط: 8/ 386.
(6) راجع الوجوه السابقة في معاني القرآن للزجاج: 5/ 252،
والكشاف: 4/ 191، وزاد المسير: 8/ 420، وتفسير القرطبي: (19/
97، 98) ، والبحر المحيط: 8/ 386.
(7) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 210، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 499، والمفردات للراغب: 521.
(8) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/ 277، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 500، وتفسير الطبري: 29/ 184، وتفسير الماوردي: 4/
359. [.....]
(9) ذكر البغوي هذا القول في تفسيره: 4/ 423 دون عزو، وكذا
القرطبي في تفسيره:
19/ 100.
(10) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 211، وأخرجه الطبري في تفسيره:
29/ 186 عن السدي.
(2/851)
إِنَّ عَلَيْنَا
جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ
قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) كَلَّا
بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ
(21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا
نَاظِرَةٌ (23)
بنفسه، والمعذار: الستر «1» .
17 إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ
: أي: في صدرك «2» ، وإعادة قرآنه عليك، أي:
قراءته حتى تحفظ ثمّ إنّا نبيّن لك معانيه إذا حفظته.
22 ناضِرَةٌ: حسنة مستبشرة «3» ، وجه نضر وناضر، ونضر الله
وجهه فهو منضور.
23 إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ: تنظر ما يأتيها من ثواب ربها. عن
مجاهد «4» وأبي صالح «5» وعكرمة «6» .
وقيل «7» : إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ: لا تنظر إلى غيره ولا ترجو
الحق إلّا
__________
(1) بلغة اليمن.
ينظر تفسير الماوردي: 4/ 360، وتفسير البغوي: 4/ 423.
(2) ينظر صحيح البخاري: 6/ 76، كتاب التفسير، تفسير سورة
القيامة.
وتفسير الطبري: (29/ 188، 189) ، وتفسير الماوردي: 4/ 461،
وتفسير البغوي: 4/ 423.
(3) تفسير الطبري: 29/ 191، وتفسير البغوي: 4/ 424، والمفردات
للراغب: 496، واللسان: 5/ 213 (نضر) .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 192.
(5) أورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 360، وعزا إخراجه إلى
ابن جرير، وابن أبي شيبة عن أبي صالح.
(6) لم أقف على هذا القول منسوبا إلى عكرمة، وأخرج الطبري في
تفسيره: 29/ 192 عن عكرمة قال: «تنظر إلى ربها نظرا» .
وعقب القرطبي على نسبة هذا القول إلى عكرمة بقوله: «وليس
معروفا إلا عن مجاهد وحده» (تفسير القرطبي: 19/ 108) .
وهذا القول الذي ذكره المؤلف رحمه الله عن مجاهد وأبي صالح،
وعكرمة، هو أحد تأويلات المعتزلة في نفي رؤية الله سبحانه
وتعالى في الآخرة.
وقد خطّأ النحاس هذا القول في إعراب القرآن: 5/ 84، وقال:
«لأنه لا يجوز عندهم (عند النحويين) ولا عند أحد علمته: نظرت
زيدا، أي: نظرت ثوابه» .
ورد الأزهري هذا القول- أيضا- في تهذيب اللغة: 14/ 371، والفخر
الرازي في تفسيره: 30/ 227.
(7) هذا نص قول الزمخشري في الكشاف: 4/ 192، وهو أحد تأويلات
المعتزلة كما في البحر المحيط: 8/ 389.
(2/852)
تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ
بِهَا فَاقِرَةٌ (25) كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27)
من عنده.
وعن أبي سعيد الخدري «1» رضي الله عنه: قلنا للنّبي صلى الله
عليه وسلم أنرى ربّنا؟
فقال: «أتضارون في رؤية الشّمس في الظّهيرة في غير سحابة؟
أفتضارون في [رؤية] «2» القمر ليلة البدر في غير سحاب؟ فإنكم
لا تضارّون في رؤيته إلّا كما تضارون في رؤيتهما» أي: لا
تنازعون ولا تخالفون.
ويروى «3» : «لا تضامون» أي: لا ينضمّ بعضكم إلى بعض في وقت
النظر لخفائه كما تفعلون بالهلال.
25 فاقِرَةٌ: داهية تكسر/ الفقار «4» .
27 مَنْ راقٍ
: من يرقى بروحه أملائكة الرّحمة أم العذاب «5» ؟ أو هو قول
أهله: هل من راق يرقيه «6» .
__________
(1) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 8/ 181، كتاب التوحيد، باب
قول الله تعالى:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، والإمام
مسلم في صحيحه: 1/ 164 رقم (302) .
كتاب الإيمان، باب «معرفة طريق الرؤية» باختلاف في بعض ألفاظه.
(2) في الأصل: «ليله» ، والمثبت في النص عن «ك» و «ج» .
(3) ينظر صحيح البخاري: 8/ 179، كتاب التوحيد، باب قول الله
تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ.
وصحيح مسلم: 1/ 164 حديث رقم (299) ، كتاب الإيمان، باب:
«معرفة طريق الرؤية» .
(4) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: 500، وقال أيضا:
«تقول: فقرت الرجل، إذا كسرت فقاره. كما تقول: رأسته، إذا ضربت
رأسه، وبطنته، إذا ضربت بطنه» .
وانظر معاني القرآن للفراء: 3/ 212، والمفردات للراغب: 383،
واللسان: 5/ 62 (فقر) .
(5) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 29/ 195 عن ابن عباس رضي
الله عنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 361، وزاد نسبته إلى ابن
أبي الدنيا، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
وانظر هذا القول في معاني الزجاج: 5/ 254، وتفسير الماوردي: 4/
362، وتفسير البغوي: 4/ 424. [.....]
(6) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 212، وأخرجه الطبري في تفسيره:
(29/ 194، 195) عن قتادة، وابن زيد.
(2/853)
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ
بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)
فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
(32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى
لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)
أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)
29 وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ: من
كرب الموت وهول المطلع. وقال الضحاك «1» : اجتمع عليه أمران:
أهله يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه.
33 يَتَمَطَّى: يتبختر «2» ، والمطيطاء: مشية يهتزّ فيها المطا
وهو الظهر «3» .
34 أَوْلى لَكَ فَأَوْلى: قاربك ما تكره، و «وليك» من الوليّ:
القرب «4» .
36 سُدىً: مهملا لا يؤمر ولا ينهى.
37 تمنى «5» : تراق. وقيل: تقدّر وتخلق، والمنا القدر «6» .
ومن سورة الإنسان
2 أَمْشاجٍ: المشج: الخلط «7» ، وهي ماء الرّجل والمرأة.
قال عليه السّلام «8» : «أيّ الماءين سبق فمنه الشّبه» .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره: 29/ 196، وأورده السيوطي في الدر
المنثور: 8/ 362، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد عن الضحاك.
(2) ينظر معاني القرآن للفراء: 3/ 212، وتفسير غريب القرآن
لابن قتيبة: 501، وتفسير الطبري: 29/ 199، ومعاني القرآن
للزجاج: 5/ 254.
(3) المفردات للراغب: 470، واللسان: 7/ 404 (مطط) .
(4) اللسان: 15/ 411 (ولي) .
(5) كذا في الأصل، و «ك» بالتاء، وهي قراءة نافع، وابن عامر،
وابن كثير.
السبعة لابن مجاهد: 662، والتبصرة لمكي: 365، والتيسير للداني:
217.
(6) المفردات للراغب: 475، واللسان: 15/ 293 (مني) .
(7) معاني القرآن للفراء: 3/ 214، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 502، وتفسير الطبري:
29/ 203، والمفردات للراغب: 469.
(8) هذا جزء من حديث طويل أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 5/
149، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا
لِجِبْرِيلَ، وأخرجه- أيضا- الإمام مسلم في صحيحه:
1/ 250، حديث رقم (311) كتاب الحيض، باب «جواز نوم الجنب ... »
.
(2/854)
إِنَّا هَدَيْنَاهُ
السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا
أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا
(4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ
مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا
وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا
نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ
مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)
3 إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً: ال
«فعول» للمبالغة والكثرة «1» ، وشكر الإنسان قليل وكفرانه
كثير.
4 سلاسلا: بالتنوين «2» لتشاكل أَغْلالًا وَسَعِيراً أو أجرى
«السّلاسل» مجرى الواحد «3» والجمع «السّلاسلات» ، وفي الحديث
«4» :
«إنكنّ صواحبات يوسف» .
5 كانَ مِزاجُها كافُوراً: مزج بالكافور وختم بالمسك «5» .
6 يُفَجِّرُونَها: يجرونها كيف شاؤوا «6» .
7 مُسْتَطِيراً: منتشرا «7» .
10 قَمْطَرِيراً: شديدا طويلا «8» .
__________
(1) تفسير الماوردي: 4/ 368، والبحر المحيط: 8/ 394.
(2) قراءة نافع، والكسائي، وشعبة بن عاصم.
السبعة لابن مجاهد: 663، والتبصرة لمكي: 366، والتيسير للداني:
217.
(3) ينظر معاني القرآن للزجاج: 5/ 258، والكشف لمكي: 2/ 352،
والبحر المحيط:
8/ 394.
(4) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: 4/ 122، كتاب الأنبياء،
باب قول الله تعالى: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ
آياتٌ لِلسَّائِلِينَ عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا. وأخرجه-
أيضا- الإمام مسلم في صحيحه: 1/ 313 حديث رقم (418) كتاب
الصلاة، باب «استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر ... »
.
(5) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 29/ 207 عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 369، وعزا إخراجه إلى ابن
المنذر، وعبد بن حميد عن قتادة. [.....]
(6) ينظر تفسير الطبري: (29/ 207، 208) ، وتفسير الماوردي: 4/
369، وتفسير البغوي:
4/ 428، وتفسير ابن كثير: 8/ 312.
(7) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 502، وتفسير الطبري: 29/
209، واللسان: 4/ 513 (طير) .
(8) معاني القرآن للفراء: 3/ 216، وتفسير الطبري: 29/ 211،
والمفردات للراغب: 413، واللسان: 5/ 116 (قمطر) .
(2/855)
قَوَارِيرَ مِنْ
فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا
كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا
تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ
مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا
مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا
وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ
وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ
رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ
جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22) إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ
لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا
(24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ
اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)
إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ
وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ
وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا
أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)
16 قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ: أي: كأنها في
بياضها من فضة على التشبيه من غير أداة أراد به.
قال ابن عبّاس «1» : «قوارير كلّ أرض من تربتها وأرض الجنة
فضة» .
17 مِزاجُها زَنْجَبِيلًا: أي: في لذاذة المقاطع، والزّنجبيل
يحذى اللّسان، وهو عند العرب من أجود أوصاف الخمر «2» .
21 عالِيَهُمْ: نصبه على أنه صفة جعلت ظرفا «3» ، كقوله»
: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ.
28 أَسْرَهُمْ: خلقهم «5» . قال المبرد «6» : الأسر القوى
كلها، وأصله القدّ يشدّ به الأقتاب. وقيل: أسير لأنّه مشدود
بالقدّ.
ومن سورة المرسلات
1 وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً: الملائكة ترسل بالمعروف «7» .
__________
(1) أورده الماوردي في تفسيره: 4/ 372.
(2) قال ابن دحية في تنبيه البصائر: 53/ ب: العرب تضرب المثل
بالخمر إذا مزجت بالزنجبيل، وكانوا يستطيبون ذلك، فخاطبهم
الله- تعالى- على ما يعرفون.
وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 503، واللسان: 11/ 312
(زنجبيل) .
(3) معاني القرآن للفراء: 3/ 218، ومعاني الزجاج: 5/ 262،
وإعراب القرآن للنحاس:
5/ 104، والبحر المحيط: 8/ 399.
(4) سورة الأنفال: آية: 42.
(5) معاني الفراء: 3/ 220، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة:
504، وتفسير الطبري:
29/ 226، ومعاني الزجاج: 5/ 263، والمفردات للراغب: 18.
(6) الكامل: (964، 965) .
(7) هذا قول الفراء في معانيه: 3/ 221، وأخرجه الطبري في
تفسيره: 29/ 229 عن مسروق.
وأخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 511 عن أبي هريرة رضي الله عنه
موقوفا، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: 8/ 381، وزاد نسبته إلى ابن
أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2/856)
وَالنَّاشِرَاتِ
نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ
ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ
لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا
السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9)
وقيل «1» : السّحائب والرياح.
عُرْفاً: متتابعة كعرف الفرس «2» .
3 وَالنَّاشِراتِ: المطر لنشرها النّبات «3» .
4 فَالْفارِقاتِ: الملائكة تفرّق بين الحقّ والباطل «4» .
5 فَالْمُلْقِياتِ: / الملائكة تلقي الرّوح «5» . [104/ ب]
6 عُذْراً: نصب على الحال أو على المفعول له «6» ، أي: عذرا من
الله إلى عباده ونذرا لهم من عذابه.
8 طُمِسَتْ: محيت «7» .
9 فُرِجَتْ: شقّت «8» .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره: (29/ 228، 229) عن ابن مسعود،
وابن عباس، وأبي صالح، ومجاهد، وقتادة.
(2) معاني القرآن للفراء: 3/ 221، وتفسير غريب القرآن لابن
قتيبة: 505، وتفسير الطبري:
29/ 229، ومعاني الزجاج: 5/ 265.
(3) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: 29/ 331 عن أبي صالح،
وانظر هذا القول في تفسير الماوردي: 4/ 378، وزاد المسير: 8/
445.
(4) ذكره الفراء في معانيه: 3/ 222، وابن قتيبة في تفسير غريب
القرآن: 505، والطبري في تفسيره: 29/ 232، والزجاج في معانيه:
5/ 265، ونقله الماوردي في تفسيره: 4/ 378 عن ابن عباس رضي
الله عنهما. [.....]
(5) في «ج» و «ك» : الوحي.
وانظر معاني الفراء: 3/ 222، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة:
505، وتفسير الماوردي: 4/ 378.
(6) معاني القرآن للزجاج: 5/ 266، والتبيان للعكبري: 2/ 1262،
والبحر المحيط:
8/ 405.
(7) ينظر تفسير الماوردي: 4/ 379، وتفسير البغوي: 4/ 433،
والمفردات للراغب: 307.
(8) معاني القرآن للزجاج: 5/ 266، وتفسير الماوردي: 4/ 379،
وزاد المسير: 8/ 447، وتفسير الفخر الرازي: 30/ 269.
(2/857)
وَإِذَا الْجِبَالُ
نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ
يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا
أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16)
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ
بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
(19) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ
مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمْ نَجْعَلِ
الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ
مَاءً فُرَاتًا (27) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28)
انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)
انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ
وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ
كَالْقَصْرِ (32)
10 نُسِفَتْ: قلعت «1» .
11 أُقِّتَتْ: جمعت لوقت «2» .
25 كِفاتاً: كنّا ووعاء «3» ، وأصلها الضمّ «4» . يقال للرطب:
كفت وكفيت لضمّه ما يحويه.
30 ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ: اللهب والشّرر والدخان «5» .
وقيل: إنّ الشّكل الحسكيّ يلقّب ب «النّاري» ، فليس لها فوق
ووراء وتحت يدرك.
32 بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ: بمعنى القصور «6» ، وهي بيوت من أدم
«7» .
33 جمالت «8» جمع «جمالة» : قلوس....
__________
(1) نقل القرطبي هذا القول في تفسيره: 19/ 57 عن المبرد.
وانظر المفردات للراغب: 490، وتفسير البغوي: 4/ 433، واللسان:
9/ 327 (نسف) .
(2) أي: لوقت القيامة.
ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 506، وتفسير البغوي: 4/
433، وتفسير القرطبي:
19/ 157.
(3) معاني القرآن للفراء: 3/ 224، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: 2/
281، وتفسير الطبري:
29/ 236، ومعاني الزجاج: 5/ 267.
(4) ينظر المفردات للراغب: 433، واللسان: 2/ 79 (كفت) .
(5) ذكره الماوردي في تفسيره: 4/ 380، والقرطبي في تفسيره: 19/
163.
(6) قال الطبري رحمه الله في تفسيره: 29/ 241: ولم يقل
«كالقصور» و «الشرر» جماع، كما قيل: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ
وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ولم يقل: الأدبار، لأن الدبر بمعنى
الأدبار، وفعل ذلك توفيقا بين رؤوس الآيات ومقاطع الكلام لأن
العرب تفعل ذلك كذلك، وبلسانها نزل القرآن» .
وانظر معاني القرآن للفراء: 3/ 224، وتفسير القرطبي: 19/ 163.
(7) أخرج الإمام البخاري في صحيحه: 6/ 78، كتاب التفسير، تفسير
سورة «المرسلات» عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كنا نرفع
الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل فنرفعه للشتاء فنسميه القصر» .
(8) بضم الجيم وصيغة الجمع، وتنسب هذه القراءة إلى ابن عباس،
وقتادة، وسعيد بن جبير، والحسن، ومجاهد، ويعقوب.
ينظر تفسير الطبري: 29/ 243، وإعراب القرآن للنحاس: 15/ 121،
والبحر المحيط:
8/ 407، ومعجم القراءات: 8/ 39.
(2/858)
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ
بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)
السّفن «1» . وقريء: جمالات «2» جمال وجمالات ك «رجال» و
«رجالات» «3» .
و «الصفر» : السّود «4» لأنّ سود الإبل فيها شكلة من صفرة.
50 فَبِأَيِّ حَدِيثٍ: أي: إذا كفروا بالقرآن فبأيّ حديث
يؤمنون؟!. |