باهر البرهان فى معانى مشكلات القرآن

سورة الرعد
(بغير عمد ترونها)
أي: بعمد لا ترونها، كما قال ابن هرمة:
614 - إن سليمى والله يكلؤها ... ضنت بشيء ما كان يرزؤها
615 - فلا أراها تزال ظالمة ... تحدث بي قرحة وتنكؤها.
أي: أراها لا تزال ظالمة.

(2/739)


وقال قتادة: معناه بل رفعها بغير عمد وترونها كذلك.
[و] هذا القول أدل على القدرة، وأثبت عند النظر والمشاهدة. (كل يجري لأجل مسمى)
في أدوارها وأكوارها.
([و] من كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين)
أي: نوعين اثنين من الحلو والحامض، والرطب واليابس، والنافع والضار.

(2/740)


فهو من مشاكلة النقيض للنقيض، لأن الأشكال تقابل بالنقائض أكثر مما [تقابل] بالنظائر.
(صنوان)
مجتمعة متشاكلة.
قال ابن عباس: هي النخلات أصلها واحد.
(المثلات)
العقوبات التي يمثل بها المعاقب.
واحد [ها] مثلة [كـ]ـصدقة وصدقات.
(ولكل قوم هاد)
أي: سابق يؤديهم إلى الهدى.

(2/741)


(وما تغيض الأرحام)
ما تنقص من مدة الولادة (وما تزداد) عليها.
[و] قيل: ما تغيض الأرحام من استواء الخلق، (وما تزداد) من الحسن وسلامة النية، والطول والعرض في الجثة.

(2/742)


(ومن هو مستخف بالليل)

(2/743)


مخف عمله في ظلمة الليل.
قال:
616 - فإنكما يا [ا] بني حباب وجدتما ... كمن دب يستخفي وفي العنق جلجل.
(وسارب)

(2/744)


ذاهب سارح. قال:
617 - أنت وهبت الفتية السلاهب
618 - وهجمة يحار فيها الحالب
619 - وغنماً مثل الجراد السارب
620 - متاع أيام وكل ذاهب.
(معقبات)
أي: الملائكة الذين يتعاقبون بأمر الله وحكمه في العالم. يقال: عقب وعاقب وتعاقب.
(يحفظونه من أمر الله)

(2/745)


قال إبراهيم: فيه تقديم وتأخير، أي: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.
(من وال)
من ولي يليهم.
وقيل: من ملجأ.
(شديد المحال)
شديد الحول والقوة، عن مجاهد.
والمكر: عن ثعلب، وأنشد:

(2/746)


621 - مصاد بن عمرو والخطوب كثيرة ... ألم تر أن الله يمحل بالألف
622 - فلا غرو ألا نوزهم من نبالنا ... كما اصعنفرت معزى الحجاز من الشعف.
(كباسط كفيه إلى الماء)
العرب تضرب المثل لما لا يدرك، أو يفوت عن سريع بالقبض على الماء.
قال:
623 - فأصبحت من ليلى الغداة كقابض ... على الماء [خانته] فروج الأصابع.

(2/747)


[و] قال آخر:
624 - وأصبحت مما كان بيني وبينها ... [من الولد مثل القابض الماء باليد.
وقال آخر:
625 - وإي وإياكم وشوقاً إليكم ... كقابض ماء لم [تسقه] أنامله.
(أنزل من السماء ماء فسالت أودية)

(2/748)


يعني القرآن، فإنه في عموم نفعه كالمطر، نفع حيث وقع، كما قيل:
626 - ليهنك أني لم أجدلك عائباً ... سوى حاسد والحاسدون كثير
627 - وأنك مثل الغيث أما وقوعه ... فخصب وأما ماؤه فطهور.
وأيضاً فإن نفع المطر يختلف باختلاف الأودية، كذلك نفع القرآن [يختلف] باختلاف المتدبرين.
وجفاء السيل وخبث ما يذاب من الجوهر، مثل الباطل وذهابه، وصفو الماء مثل الحق في بقائه ونقائه.

(2/749)


(طوبى لهم)
نعمى لهم.
وقيل: حسنى.
و [قيل:] هو فعلى من الطيب.
(ولو أن قرءاناً سيرت به الجبال)
نزلت حين سألت قريش هذه الأشياء، وإنما حذف جوابه، ليكون أبلغ في

(2/750)


العبارة، وأعم في الفائدة. كما قال امرؤ القيس:
628 - فلو أنها نفس تموت كريمة ... ولكنها نفس تساقط أنفسا.
(أفلم يايئس الذين ءامنوا)
أي: لم يعلم، ولم يتبين، في لغة جرهم. قال سحيم:
629 - أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ... ألم [تيأسوا] أني ابن فارس زهدم.

(2/751)


ييسرونني: يقتسمونني بالميسر.
وإنما سمي العلم يأساً، لأن العالم يعلم ما لا يكون، أنه لا يكون فييأس منه، بخلاف الجاهل.
وقال الكسائي والفراء: هو اليأس المعروف، أي: القنوط.
وفي الآية حذف، وهو عند الفراء: أفلم ييأسوا، لأنهم يعلمون أن آيات الله تجري على المصالح، لا الاقتراح العنادي.
وعند الكسائي: ألم ييأسوا من [إيمان الكافرين].

(2/752)


(وجعلوا لله شركاء قل سموهم)
أي: آلهة كما تزعمون.
وقيل: معناه صفوهم بما فيهم، لتعلموا أنها لا تكون آلهة.
(أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض)
بالشريك، فلا يعلم شريكاً لنفسه فيها، كقوله: (قل أتنبئون الله بما لا يعلم).
(أم بظاهر من القول)
أي: بباطل زائل. كما قال:
630 - أعيرتنا ألبانها ولحومها ... وذلك عار يا [ا] بن ريطة ظاهر.

(2/753)


وقال الهذلي:
631 - وعيرها الواشون أني أحبها ... وتلك شكاة ظاهر [عنك] عارها
632 - فلا تهنئ الو [ا] شين أني هجرتها ... وأظلم دوني ليلها ونهارها.
قال أبو القاسم بن حبيب: تضمنت الآية إلزاماً [تقسيمياً]
أي: أتنبئون الله بباطن لا يعلمه، أم بظاهر يعلمه، [فإن قالوا: بباطن لا يعلمه، أحالوا، وإن قالوا: بظاهر يعلمه،] قل: سموهم، فإنه لا يعلم لنفسه سمياً ولا شريكاً.

(2/754)


(مثل الجنة)
صفتها، كقوله: (ولله المثل الأعلى).
(يمحو الله ما يشاء ويثبت)
أي: من الأعمال التي رفعها الحفظة، فلا يثبت منها إلا ما له ثواب أو عليه عقاب.
وعن ابن عباس: أن الله يمحو ويثبت ما في الكتب من أمور [العباد] على حسب اختلاف المصالح، إلا [أ] صل السعادة والشقاوة/فإنه في أم الكتاب لا تغيير له.

(2/755)


(لا معقب لحكمه)
لا راد [لقضائه]، من قولهم: عقب الحاكم [حكم] من قبله، إذا رده.
(ومن عنده علم الكتاب)
قيل: إنه جبريل.
وقيل: إنه مثل عبد الله بن سلام وتميم الداري.
[تمت سورة الرعد]

(2/756)