باهر البرهان فى
معانى مشكلات القرآن سورة النور
(سورة)
أي: هذه سورة، لأنه لا يبتدأ بالنكرة.
والسورة: المنزلة المتضمنة [لآيات] متصلة.
(فرضناها)
فرضنا العمل بها، فحذف.
وفرضناها: فصلناها.
(الزانية)
(2/989)
رفع على تقدير: فيما فرض، وإلا كان نصباً
على الأمر. والابتداء بالزانية بخلاف آية السارق، لأن المراة
هي الأصل في الزنا، وزناهن أفحش وأقبح.
(والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك)
لتغليظ الأمر على المسلمين في التزوج بالبغايا المشهرات في
الجاهلية.
وقيل: إنه نكاح وطء لا عقد، فإن غير الزاني يستقذر الزانية ولا
يشتهيها.
(2/990)
(إلا الذين تابوا)
الاستثناء من الفسق فحسب، لأن ما قبله ليس من جنسه، لأنه اسم
وخبر، وما قبله فعل وأمر.
(فشهادة أحدهم أربع شهادات)
(2/991)
نصبه لوقوعه موقع المصدر، أو يكون مفعولاً
به للمصدر الذي هو الشهادة، كأنه يشهد أحدهم الشهادات الأربع،
وتكون الجملة مبتدأ، والخبر: (إنه لمن الصادقين).
أو تكون الآية كلها خبراً، والمبتدأ محذوف، أي: فالحكم أو
الفرض شهادة أحدهم أربع شهادات [ ... ] لوقوع.
(بالإفك)
بالكذب، لأنه صرف عن الحق.
(بل هو خير لكم)
لأن الله برأها عنه وأثابها عليه.
(والذي تولى كبره)
عبد الله بن أبي بن سلول، جمعهم في بيته.
(2/992)
ومن عد حسان بن ثابت معه، عد حده [و] ذهاب
بصره من عذابه العظيم.
(لولا إذ سمعتموه)
أي: هلا.
(إذ تلقونه بألسنتكم)
كلما سمعه سامع منهم نشره كأنه تقبله.
وقراءة عائشة "إذ تلقونه"، والولق: [خفة] اللسان واستمراره
بالكذب، من ولق يلق إذا أسرع [في الكذب].
(2/993)
[والأولق]: فوعل من هذا على أنه كان وولق.
(ولا يأتل أولوا الفضل)
لا يحلف على حرمان أولي القربى.
(أن يؤتوا)
أن لا يؤتوا، في أبي بكر حين حرم مسطح ابن أثاثة -ابن خالته-
(2/994)
بسبب دخوله في الإفك.
وقيل: لا يأتل: لا يقصر. من قولهم ما [ألوت] جهداً.
قال العجاج:
836 - يذري بإرعاش يمين المؤتلي
837 - خضمة [الذراع] هذ [المختلي].
أي: المقصر الذي لا يبلغ الجهد.
(يوفيهم الله دينهم)
جزاءهم.
(تستأنسوا)
(2/995)
تستعملوا من في الدار.
وقيل: تستبصروا، أي: تطلبون من يبصركم، فيستأذنوه. والإيناس:
الإبصار.
(بيوتاً غير مسكونة)
حوانيت التجار، ومناخات الرحال للسابلة.
وقيل: إنها مثل الخرابات والخانات والأرحية.
(2/996)
(وليضربن بخمرهن على جيوبهن)
أمر لهن بالاختمار على أيسر ما يكون، دون التطوق بالخمار،
وإرسالها بحيث [يغطي] [نحورهن].
(أو ما ملكت أيمانهن)
أي: من الإماء.
(أو التابعين غير أولي الإربة)
ابن عباس: التابع الذي يتبعك ليصيب من طعامك، ولا حاجة له في
النساء.
وقيل: إنه العنين.
(2/997)
وقيل: هو الأبله الذي لا يستحي منه النساء.
وإنما جاز وصف "التابعين" بـ"غير" نكرة،/لأن التابعين في حكم
النكرة، إذ لا يخص قوماً بأعيانهم.
(وأنكحوا الأيامى)
الأيم: من أم عن الزوج، ذكراً كان أو أنثى، قال:
838 - [كل] امرئ ستئيم منـ ... ـه العرس، أو منها يئيم. وقيل:
الأيم من النساء خاصة، كالعزب من الرجال.
(2/998)
(من بعد إكراههن غفور رحيم)
أي: لهن.
(ومثلاً من الذين خلوا)
مثالاً وعبرة.
(الله نور السموات والأرض)
هاديهما.
وقيل: [منورهما] كما يقال: فلان رحمة، وإنما منه الرحمة.
(كمشكاة)
[كوة] لا منفذ لها.
وقيل: هو موضع الفتيلة المشتعلة من الزجاجة.
(2/999)
(كوكب دري)
يجوز منسوباً إلى الدر في حسنه وصفائه.
ويجوز أن تكون دروءاً على وزن فعول من الدرء، وهو الدفع
للشياطين، فخففت الهمزة، وقلبت الواو الأخيرة ياء، لكونها على
الطرف، وقلبت الواو الأولى لها ياء، فأدغمت، وكسر ما قبل الياء
للاتباع.
(توقد من شجرة مباركة زيتونة)
لأن الله بارك في زيتون الشام.
وقيل: تخصيصها، لأن دهنها أضوأ وأصفى، وأنه يسيل من غير
اعتصار.
(2/1000)
(لا شرقية ولا غربية)
ليست من [شجر] الشرق دون الغرب، أو الغرب دون الشرق، ولكنها من
شجر الشام واسطة البلاد بين المشرق والمغرب، فيكون أوسط
الأشجار منبتاً وأكرمها مغرساً.
وقيل: إنها ليست بشرقية في جبل يدوم إشراق الشمس عليها، ولا
غربية نابتة في [وهاد] لا تطلع عليها الشمس. كما يقال: لا خير
في المقناة والمضحاة.
وقال الحسن: المراد أنها ليست من [شجر] الدنيا التي تكون شرقية
أو
(2/1001)
غربية، ولكنها من شجر الجنة بدليل قوله:
(يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار).
وعلى القول الأول: يكاد صفاء زيتها يلمع كضوء النار، وإن لم
تمسسه نار.
وعن [أبي بن] كعب: أن هذا لا [يؤول] على ظاهره، ولكنه كما قال
الله، (مثل)، فنور الله: الإسلام، والمشكاة: صدر المؤمن،
والزجاجة: قلبه، والمصباح فيه: الإيمان، والشجرة المباركة:
شجرة البنوة.
(2/1002)
(في بيوت أذن الله أن ترفع)
يعني المساجد، أي: هذه المشكاة فيها.
والبيع: قد يكون [لغير] التجارة، لما يبيع الرجل غلة ضيعته،
فلذلك جمع بينهما.
وكذلك التجار: هم أصحاب الجلب والتجهيز، والباعة: هم المقيمون
في البلدة.
(تتقلب فيه القلوب)
[بـ]ـلوغها إلى الحناجر.
(والأبصار)
(2/1003)
بالشخوص والزرقة والرد على الأدبار.
(وإقام الصلاة)
أي: إقامتها، لكن الإضافة كالعوض من الهاء، لما كانت الهاء في
الإقامة عوضاً من الواو.
(كسراب بقيعة)
جمع قاع، مثل جار وجيرة.
(في بحر لجي)
مضاف إلى اللجة، وهو معظم البحر.
(إذا أخرج يده لم يكد يراها)
أي: لم يرها إلا بعد جهد.
وقال الزجاج: معناه لم يرها ولم يكد.
وذكر غيلان البختري: كنت واقفاً بكناسة الكوفة، وذو الرمة
ينشد:
(2/1004)
839 - إذا غير النأ [ي] المحبين لم يكد ...
رسيس الهوى من حب مية يبرح.
فقال له ابن [شبرمة]: أراه قد برح يا غيلان، فغيره وقال: ...
... ... ... لم أجد
رسيس الهوى ... ... ...
قال: وبادرت إلى أبي بما جرى، فقال: يابني، أخطأ ابن شبرمة في
رده، وأخطأ ذو الرمة في قبوله.
والمعنى: لم يبرح، ولم يكد، كما قال الله تعالى: (إذا أخرج يده
لم يكد يراها)، والمعنى: لم يرها ولم يكد.
(2/1005)
(والطير صافات)
مصطفة الأجنحة في الهواء.
(كل قد علم صلاته)
أي: الإنسان (وتسبيحه) أي: ما سواه.
(يزجي سحاباً)
يسيرها ويسوقها. قال [عمرو بن قميئة]
840 - [وملمومة لا يخرق] الطرف عرضها ... لها كوكب فخم [شديد]
وضوحها
841 - تسير وتوجي السم تحت لبانها ... كريه إلى من فاجأته
صبوحها.
(2/1006)
(ركاما)
متراكباً بعضه فوق بعض. قال ذو الرمة:
842 - تستن أعداء قريان [تسنمها] ... ركام غيم ومرتجاته السود.
والودق: المطر.
وقيل: البرق. قال:
843 - أثرن عجاجة وخرجن منها ... خروج الودق من خلل السحاب.
(وينزل من السماء من جبال)
(2/1007)
قيل: المراد به الكثرة والمبالغة، كما قال
ابن مقبل:
844 - إذا مت عن ذكر القوافي فلن ترى ... لها قائلاً مثلي أطب
وأشعرا
845 - وأكثر بيتاً شاعراً ضربت به ... حزون جبال الشعر حتى
تيسرا.
(يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار)
في معناه قال الشماخ:
846 - وما كادت إذا رفعت سناها ... ليبصر ضوءها الرجل البصير.
(2/1008)
(فمنهم من يمشي على بطنه)
دخل فيه ما ينساح ويعوم، فكان لفظه [المشي] أعم لاشتماله على
النوعين.
ومن قال: لا يسمى الانسياح على البطن مشياً، فإنه لم يسمع من
العرب شيئاً، وما أكثر ما شبهت مشية النساء بمشي الحيات. قال:
847 - يمشين مشي الأيم أخضره الندى ... قب البطون رواجح
الأكفال.
وقال آخر:
848 - أتذهب ليلى في اللمام ولا ترى ... وبالليل أيم حيث شاء
يسيب.
(قل لا تقسموا طاعة معروفة)
(2/1009)
أي: طاعة أمثل من أن تقسموا.
أو طاعة معروفة أولى من طاعتكم هذه المدخولة المنحولة.
أو طاعتكم معروفة أنها كاذبة بالقول.
[ليستخلفنهم)
[يجعلهم] خلفاء من الماضيين.
(والذين لم يبلغوا الحلم)
وهو ممن يميز ويصف.
(ثلاث عورات)
أي: أوقات عورة.
وخص الأوقات الثلاثة بالاستئذان، لأنها أوقات تكشف وتبذل.
(والقواعد)
[هن] اللاتي قعدن بالكبر عن الحيض [والحبل].
(2/1010)
(غير متبرجات بزينة)
غير مظهرات [زينتهن] للنظر إليها.
(ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم)
أي: من أموال عيالكم.
وقيل: أراد بيوت أولادكم، بدليل أنه لم يذكر في الآية بيوت
أولادكم.
(أو ما ملكتم مفاتحه)
أي: ما يتولاه وكيل الرجل في ماله وضياعه، فيأكل مما يقوم
عليه.
وقيل: إنه [فيما] يتولاه القيم من أموال اليتامى.
وقيل: إنه أكل الرجل من مال عبد [هـ].
(2/1011)
(أو صديقكم)
أي: إذا [كان] الطعام حاضراً غير محرز، وكان الصديق بحيث لا
يحتجب بعضهم عن بعض في مال ونفس.
(فسلموا على أنفسكم)
أي: [إذا دخلتم] بيوتاً فارغة.
فقولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
(على أمر جامع)
أي: للجهاد، نزلت في يوم الأحزاب.
وقيل: إنه عام حتى في يوم الجمعة والعيدين.
(2/1012)
و (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم)
أي: تحاموا عن سخطته، فإن [دعاءه] مسموع.
وقيل: لا تدعوا باسمه، ولكن يا رسول الله في لين وتواضع.
(يتسللون منكم لواذا)
يلوذ بعضهم ببعض، ويستتر به، حتى ينسل من بين القوم فراراً من
الجهاد.
وقيل: عن الجمعة والخطبة.
(يخالفون عن أمره)
يتخلفون عنه.
(أن تصيبهم فتنة)
محنة ومكروه.
[تمت سورة النور]
(2/1013)
|