باهر البرهان فى
معانى مشكلات القرآن سورة الدخان
(إنا أنزلناه في ليلة مباركة)
أي: ابتداء إنزاله فيها.
(بدخان مبين)
كان النبي صلى الله عليه قال: اللهم اشدد وطأتك على مضر،
فأجدبوا وصاروا يرون بالجوع بينهم وبين السماء دخاناً.
(أنى لهم الذكرى)
أي: أنى لهم التذكر.
(وقد جاءهم رسول)
فكذبوه.
(البطشة الكبرى)
(3/1303)
يوم القيامة عن ابن عباس.
ويوم بدر عن ابن مسعود.
(وأن لا تعلوا على الله)
لا تستكبروا عن أمره.
(فما بكت عليهم السماء والأرض)
أي: لم يلحق -بفقدهم- شيئاً من ذلك خلل ولا نقص، كما قال
النابغة في ضده:
1082 - بكى حارث الجولان من هلك ربه ... وجولان منه خاشع
متضائل
1083 - وآب مضلوه بعين سخينة ... وغودر بالجولان حزم ونائل.
(3/1304)
(ما فيه بلاء مبين)
إحسان ونعمة، كما قال أوس بن حجر:
1084 - لعمرك ما ملت ثواء ثويها ... حليمة إذ ألقي مراسي مقعد
1085 - وقد غبرت شهري ربيع كليهما ... بحمل البلايا والخباء
الممدد.
(فأتوا بآبائنا)
لم يجابوا فيه، لأن النشأة الآخرة للجزاء لا لإعادة التكليف.
(وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين)
أي: لو بطل الجزاء على الأعمال، لكان الخلق أشبه شيء باللهو
واللعب.
(3/1305)
([فـ]ـاعتلوه)
ادفعوه بشدة وعنف.
والعتل: أن يأخذ بمجامع ثوب الإنسان عند صدره حتى يميل من شدة
الجذب، وعنف الأخذ عنقه يجره على ذلك.
وضم التاء فيه لغة إلا أن الكسر أشهر.
[تمت سورة الدخان]
(3/1306)
سورة الجاثية
(وفي خلقكم وما يبث من دابة ءايات)
رفع آيات بالعطف على موضع "إن" لا على لفظه، كما تقول: إن
زيداً قائم، وعمرو قاعد.
وقال الكوفيون: الرفع في مثل هذا يكون معنى الفاعل، وكذلك ما
ارتفع بعد الظروف، مثل قولك: في الدار زيد.
وتقريبه من الفاعل تقديره: استقر في الدار زيد، وثبت في خلقكم
آيات.
وأما جرها فللعطف على الآيات الأولى، إما بالعامل الأول [أو]
بتقدير عامل آخر، أي: وإن في خلقكم آيات.
(3/1307)
(وسخر لكم ما في السموات)
أي: من الشمس والقمر والنجوم والأمطار وغيرها، فكلها يجري على
منافع العباد.
(لا يرجون أيام الله)
لا يطمعون في نصره في الدنيا، ولا في ثوابه في الآخرة.
(سواء محيهم ومماتهم)
الضمير في الكناية يجوز للمؤمنين وحدهم، وللذين اجترحوا
السيئات وحدهم.
ولو نظرت إلى قوله (ساء ما يحكمون) ترجح ضمير المجترحين. ولو
قلت: إنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم سواء محياهم ومماتهم، ترجح
ضمير المؤمنين، لأنه يكون كالنص على استئناف ذكرهم للتشريف.
(اتخذ إلهه هواه)
أي: لا يعصيه، ولا يمنعه منه خوف الله.
(إلى كتابها)
(3/1308)
أي: كتابها الذي أنزل على رسولها، ويجوز أن
يكون الكتاب اسم الجنس، أي: [تدعى] إلى صحائف أعمالها.
(نستنسخ)
ننسخ كقوله: (وإذا رأوا ءاية يستسخرون) أي: يسخرون. وقيل:
نستدعي ذلك، أي: نأمر الملائكة بكتابته وحفظه، ليحتج عليهم
بأعمالهم، كقوله: (بلى ورسلنا لديهم يكتبون). (فيدخلهم ربهم في
رحمته)
استعارة ومجاز، لتجليل الرحمة لهم ودخولهم فيها.
وللمجاز ثلاثة أوصاف: الاتساع، والتأكيد، والتشبيه. وقد انتظم
جميعها هذا اللفظ.
أما الاتساع: فكأنه زيد في أسماء الجهات والمحال [اسم] هو
الرحمة
(3/1309)
وأما التشبيه، فلأنه شبه الرحمة -وإن لم
يصح دخولها- بما يجري [مجرى] دخولها ووضعها موضعه.
وأما التوكيد فلأنه [أخبر] عن المعنى بما يخبر به عن الجوهر
المتصور المحسوس، ومثل هذا الموضع [في] انتظام/المعاني
الثلاثة، قول الشاعر:
1086 - قرعت ظنابيب الهوى يوم عالج ... ويوم النقا [حتى] قسرت
الهوى قسرا.
وقول الآخر:
1087 - غمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً ... غلقت لضحكته رقاب
المال.
(3/1310)
وقول الآخر:
1088 - تغلغل حب عثمة في فؤادي ... فباديه مع الخافي يسير.
فوصف الحب بالتغلغل من مجاوزة مكان إلى آخر، فيكون ذلك بتفريغ
الأول، وشغل الثاني، وهو من أوصاف الأعيان لا الأحداث.
[تمت سورة الجاثية]
(3/1311)
|