باهر البرهان فى
معانى مشكلات القرآن سورة الأحقاف
(أو أثارة من علم)
هي الخط.
قال ابن عباس: هو شيء يخط في الأرض يستدل منه على الكوائن.
(وشهد شاهد من بني إسرائيل)
(3/1312)
عبد الله بن سلام عن الحسن، وأنكره الشعبي،
لأن السورة مكية.
(3/1313)
ولكنه يجوز أن يكون بعض آياتها مدنية.
ويجوز أن يكون إخبار الرسول بشهاد [ة] عبد الله قبل شهادته من
آياته ومعجزاته.
(ووصينا الإنسان بوالديه حسناً)
لا بد من إضمار، فإما أن تضمر: [ليأتي] أمراً ذا حسن، أو تضمر:
[ليأتي] في أمره حسناً.
وإنما لم يكن بد من الإضمار، لأن وصينا قد استوفى مفعوليه:
(الإنسان) و (بوالديه)، فلا يبقى له عمل، فاحتيج إلى إضمار.
(حملته [أمه] كرهاً)
ثقل الحمل وأمراضه وأعراضه، وشدة الخوف على النفس وعلى الجنين.
(وعد الصدق)
(3/1314)
أي: وعدناهم ذلك وعداً صدقاً، لكنه أضاف
الوعد إلى نفسه، كقوله:
(حق اليقين).
(قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك)
أي: كذلك ينبغي أن يقول ويفعل.
(والذي قال لوالديه)
جوابه (أولئك الذين حق عليهم القول)، أي: كل من قال كذا حق
عليه القول.
(أذهبتم طيباتكم)
إذهابها في الدنيا من الذهاب بالشيء على معنى الفوز به، هذا
ظاهر الآية.
ويحتمل أن ذلك في الآخرة بما فعلوه في الدنيا، فيكون من الذهاب
بالشيء على معنى الفوت.
(بالأحقاف)
(3/1315)
الحقف نقاً من الرمل يعوج ويدق.
(عارض)
سحاب في ناحية السماء.
(فيما إن مكناكم فيه)
أي: في الذي ما مكناكم، فيكون "إن" بمنزلة "ما" في الجحد،
فيكون في "إن" إصلاح اللفظ من وجهين:
-أحدهما: سقوط تكرير "ما".
-والثاني: الحجاز بين الميمين في "ما" و"مكناكم"، لأن الألف
حاجز غير [حصين]، هذا، مع ما أحدثت من الغنة التي يزداد [بها]
اللفظ
(3/1316)
حسن ترنم يربي على حروف المد واللين، ولذلك
يستعمل "ما" بعد "النون" لغير عوض قوي [إ] لا لتحسين اللفظ.
كما قال:
1089 - وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من
الفم.
(أولوا العزم من الرسل)
يجوز من لتبيين الجنس، ويجوز للتبعيض، لأنه ليس كل الأنبياء
غلظت عليه المحنة والتكليف فبان عزمهم وظهر صبرهم.
[تمت سورة الأحقاف]
(3/1317)
سورة محمد عليه
السلام
(أضل أعمالهم)
أبطلها.
وقيل: ضلت أعمالهم، كما قال الشاعر:
1090 - هبوني امرءاً منكم أضل بعيره ... له حرمة إن الذمام
كبير.
(حتى تضع الحرب أوزارها)
أي: أهل [الحرب] آثامها، فلا يبقى إلا مسلم أو مسالم.
(3/1318)
وقيل: أوزارها: أثقالها من الكراع والسلاح،
كما فصلها الأعشى [بقوله]:
1091 - [و] أعددت للحرب أوزارها ... رماحاً طوالاً وخيلاً
ذكورا
1092 - ومن نسج داود يحدى بها ... على أثر الخيل عيراً فعيرا.
(عرفها)
إذا دخلوها عرف كل منزله فسبق إليه.
وقيل: عرفها: طيبها. قال الشاعر:
(3/1319)
1093 - فتدخل أيد في حناجر أقنعت ...
لعادتها من الخزير المعرف.
(ويأكلون كما تأكل الأنعام)
قاله وضعاً منهم، وتخسيساً لهم، كما قيل في معناه:
1094 - نهارك يا مغرور أكل وراحة ... وليلك نوم والردى لك لازم
1095 - تكدح فيما سوف تكره غبة ... كذلك في الدنيا تعيش
البهائم.
(مثل الجنة)
صفتها.
أي: الصفة التي مثلت الجنة بها، فصارت مثلاً لها.
(3/1320)
(غير ءاسن)
أسن الماء يأسن أسناً وأسوناً فهو آسن إذا تغير.
ومعنى الآية على وجهين:
صفة الحال: أي: من ماء غير متغير.
وصفة الاستقبال: أي: غير صائر إلى التغير، وإن طال [جمامه]،
ومقامه، بخلاف مياه الدنيا.
(من لبن لم يتغير طعمه)
لأن أحب الألبان عند [هم] الحليب الصريح المحض، وهو الأنفع
والأمرأ.
(من خمر لذة للشاربين)
يسوغ كما يسوغ ماء العسل في حلاوته، والماء النمير في عذوبته.
ولذة: معناه: لذيذة، كما قال مزرد:
(3/1321)
1096 - إذ ألهو بليلى وهي لذ حديثها
لطالبها مسئول خير فباذل.
(ماذا قال ءانفاً)
إما أنهم لم يعوا ولم يفهموا لقلة اعتنائهم به.
أو أظهروا أنهم لم يفهموا تغافلاً عن الدين وتهاوناً به.
([و] ءاتاهم تقواهم)
أي: ثواب تقواهم.
وقيل: ألهمهم.
(فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم)
أي: من أين لهم، بمعنى: من أين الانتفاع بها في ذلك الوقت.
(فاعلم أنه لا إله إلا الله)
(3/1322)
دم عليه اعتقاداً وقولاً.
(طاعة وقول معروف)
أي: هذا قولهم في الأمن.
(فإذا عزم الأمر)
كرهوه.
(إن توليتم)
أي: وليتم أمور الناس، أن تصيروا إلى أمركم الأول في قطيعة
الرحم والفساد.
(وجوههم وأدبارهم)
ما دبر منهم، وذلك أن الكافر عند موته يضرب وجهه وظهره. (لحن
القول)
فحواه وكنايته.
(يتركم)
يسلبكم، والوتر: السلب.
(3/1323)
([فـ]ـيحفكم)
يجهدكم في المسألة.
[تمت سورة محمد عليه الصلاة والسلام]
(3/1324)
سورة الفتح
(إنا فتحنا)
صلح الحديبية، وعده الله فتح مكة عند انكفائه منها.
وقال ابن بحر: هو فتح المشكلات عليه في الدين، كقوله: (وعنده
مفاتح الغيب).
(ليغفر لك الله)
ليس الفتح [كان] ليغفر له، بل لينصره نصراً عزيزاً، ولكنه لما
عد عليه هذه النعمة وصله بما هو أعظم النعم.
(3/1325)
(ما تقدم من ذنبك)
ما كان قبل الفتح.
وقيل: قبل البعثة.
وقيل: ما تقدم قبل نزول هذه الآية، (وما تأخر) بعدها.
وقيل: إن المراد بما تأخر: ذنوب أمته، كما تقول: وهبت لك هذه
جرائم، وهي جرائم عشيرته.
(أنزل السكينة)
قيل: هي الثقة بوعد الله، والصبر على أمر الله.
(ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم)
يقيناً مع يقينهم.
وقيل: عملاً مع تصديقهم.
(ولله جنود السموات والأرض)
(3/1326)
أي: لو شاء نصركم بها عاجلاً، ودمر على من
منعكم الحرم، لكنه أنزل السكينة عليكم، ليكون ظهور كلمته
بجهادكم، وثوابه لكم.
(وتسبحوه)
تنزهوه من كل ذم وعيب.
وقيل: تصلوا عليه.
وقيل: توقروا الرسول وتسبحوا الله.
(إنما يبايعون الله)
هذه بيعة الرضوان بالحديبية، بايعوه على أن ينصروه ولا يفروا،
وسميت بيعة، لقوله: (إن الله اشترى من المؤمنين)، ولأنها في
التواجب كالبيع.
(يد الله)
أي: في الثواب، (فوق أيديهم) في النصر.
(3/1327)
(سيقول لك المخلفون من الأعراب)
لما أراد النبي عليه السلام المسير إلى مكة عام الحديبية،
استنفر من حول المدينة من الأعراب احتراساً من قريش.
(ستدعون إلى قوم)
يدعوكم المؤمنون بعد النبي.
(أولي بأس شديد)
الروم وفارس عن الحسن، وبنو حنيفة مع مسيلمة عن الزهري.
(3/1328)
(لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت
الشجرة)
كان المبايعون يومئذ ألفاً وأربعمائة رجل.
وهم المهاجرون مطلقاً.
وطبقة أخرى المهاجرون منهم إلى الحبشة.
وطبقة أخرى منهم الذين بايعوا عند العقبة الأولى، يقال للواحد
عقبي.
وأخرى المهاجرون الذين وصلوا إلى النبي عليه السلام، وهو بقباء
قبل أن يدخل المدينة، وهم المهاجرون الأولون.
وأخرى المهاجرون منهم بين بدر والحديبية.
وأخرى المهاجرون بين الحديبية والفتح.
فذلكم خمس طبقات بعد الأولى، أي: المهاجرين مطلقاً.
(3/1329)
والشجرة التي بايعوا تحتها سمرة، ولذلك قال
العباس يوم حنين: يا أهل السمرة.
(وأثابهم فتحاً قريباً)
هو فتح خيبر.
ويقال: فتح مكة.
(وأخرى لم تقدروا عليها)
فارس والروم.
(3/1330)
(قد أحاط الله بها)
قدر عليها.
(ولن تجد لسنة الله تبديلا)
في نصرة كل نبي يأمره بالقتال.
(والهدي معكوفاً)
مجموعاً موقوفاً، عكف بعضه على بعض.
(فتصيبكم منهم معرة)
إثم.
وقيل: شدة.
(لو تزيلوا)
تميزوا وتفرقوا حتى لا يختلط بمشركي مكة مسلم.
(ولولا رجال مؤمنون)
(3/1331)
أي: ولولا [وطؤكم] رجالاً مؤمنين، ونساء
مؤمنات (لعذبنا الذين كفروا) بالسيف.
(فأنزل الله سكينته)
لما طالبهم سهيل بن عمرو أن يكتبوا باسمك اللهم.
(كلمة التقوى)
سمعنا وأطعنا.
(إن شاء الله ءامنين)
الاستثناء للتأديب على مقتضى [الدين]، أي: ليدخلنه بمشيئة
الله. وقيل: إن الاستثناء في دخول جميعهم، [إذ] علم أن بعضهم
يموت.
(3/1332)
وقيل: إن (لتدخلن) من قول رسول الله
لأصحابه، حكاية عن رؤياه، فيكون الاستثناء في الرؤيا لا في خبر
الله.
وقال أبو عبيدة:-"إن" [بمعنى] "إذ"، أي: [إذ] شاء الله.
(والذين معه)
رفع [بـ]ـالابتداء، والواو واو الاستئناف.
(سيماهم في وجوههم)
صفرة السهر و [غضاضة] النظر.
(3/1333)
وقال ابن عباس: نور الصلاة.
وقال الحسن: السمت الحسن.
(مثلهم)
صفتهم.
(شطئه)
الشطأ والسفا والبهمى: شوك السنبل.
(3/1334)
وقيل: فراخه [الذي] يخرج في جوانبه.
وهو من شاطئ النهر جانبه، [وأشطأ] الزرع: أفرخ.
وفي الشطأ لغات أخر: الشطأ: بفتح الطاء والهمز.
والشطا: مقصوراً، والشط بلا همز ولا ألف.
(فئازره)
قواه وشد أزره، أي: شد فراخ الزرع أصوله. قال الأسود بن يعفر:
1097 - ولقد غدوت [لعازب متناذر] ... أحوى المذانب مؤنق الرواد
(3/1335)
1098 - جادت [سواريه] وآزر نبته ... نفأ من
الصفراء والزباد.
(فاستغلظ)
غلظ، أي: باجتماع الفراخ مع الأصول.
(فاستوى على سوقه)
جمع ساق، وهي قصبه الذي يقوم عليه، ويكون ساقاً له.
(ليغيظ بهم الكفار)
أهل مكة.
وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين، إذ كانوا أقلاء فكثروا، وأذلاء
فعزوا.
(3/1336)
ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة بعد الحديبية عشرين يوماً ثم خرج إلى خيبر فنصره
الله، وفتح عليه خيبر. والحديبية بوزن تريقية تصغير ترقوة، ولا
يجوز غيره.
[تمت سورة الفتح]
(3/1337)
سورة الحجرات
(لا تقدموا)
لا تتقدموا، كما يقال: عجل في الأمر [وتعجل].
وقيل: معناه لا تقدموا أمراً على ما أمركم الله به فحذف
المفعول.
(أن تحبط أعمالكم)
بمعنى فتحبط أعمالكم، أو معناه: أن لا تحبط، أي: لئلا تحبط.
الإحباط في الحسنات في مقابلة الغفران للسيئات، فكما أن
المغفرة تستر الذنوب، حتى كأنه لم يكن، فكذلك يعمل الإحباط
بالطاعات.
(امتحن الله قلوبهم للتقوى)
(3/1338)
أخلصها.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أذهب الشهوات عنها".
(الحجرات)
والحجرات كلاهما جمع حجرة.
ويجوز أن تجمع حجرة على حجر، ثم الحجرات جمعها.
(3/1339)
وذكر الفرزدق هذه الحجرات في شعره، وعنى به
بني هاشم فقال:
1099 - أما كان عباداً كفياً لدرام ... بلى ولأبيات بها
الحجرات.
(لعنتم)
للقيتم مشقة، هذا أصله.
ثم لفظ المفسرين مختلف: أثمتم، عن مقاتل.
(3/1340)
وهلكتم، عن مجاهد.
وحرجتم، عن الكلبي.
(حتى تفيء إلى أمر الله)
ترجع إلى الصلح الذي أمر الله به.
وقيل: ترجع إلى كتاب الله.
(فأصلحوا بين أخويكم)
لفظها التثنية، ومعناها الجماعة.
أي: كل اثنين فصاعداً من المسلمين، إذا اقتتلا فأصلحوا بينهما،
ففيه [شيئان:] لفظ التثنية يراد به الجماعة، ولفظ الإضافة
بمعنى الجنس، وكلاهما جاء، نحو: لبيك وسعديك، فليس المراد
إجابتين، ولا إسعادين، ولكن معناه كما قال الخليل: أي: كلما
كنت في أمر فدعوتني له أجبتك إليه، وساعدتك
(3/1341)
عليه، ومنه قول جرير:
1100 - وما أنت إن قرما تميم تساميا ... أخا [التيم] إلا
كالوشيظة في العظم
1101 - ولو كنت مولى العز أو في [ظلاله] ... ظلمت ولكن لا يدي
لك بالظلم.
ومعلوم أنه لا ينفي قوتين اثنتين، وإنما ينفي جميع قواه.
وكذلك قوله عز وجل: (بل يداه مبسوطتان) فإن نعم الله أكثر من
أن تحصى. وفي شعر الهذليين:
(3/1342)
1102 - إذا شق برد شق بالبرد مثله ...
دواليك حتى ليس للبرد لابس.
أي: مداولة، كما قال العجاج:
1103 - ضرباً هذاذيك وطعناً [وخضا]
أي: هذا بعد هذ، لا هذين اثنين.
وأما إفادة المضاف لمعنى الجنس فكقولهم: "منعت العراق قفيزها
ودرهمها"، أي: قفزانها ودراهمها، وكذلك قوله: (بل يداه).
(لا يسخر قوم من قوم)
(3/1343)
القوم: الرجال خاصة، كما قال زهير:
1104 - وما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء.
(ولا تلمزوا أنفسكم)
لا تعيبوا إخوانكم.
قال المبرد: اللمز باللسان وبالإشارة، والهمز بالإشارة لا
باللسان.
وقال ثعلب: الهمز في الوجه، واللمز في القفا، وأنشد:
1105 - إذا لقيتم عن شحط تكاشرني ... وإن تغيبت كنت الهامز
اللمزة.
(3/1344)
(ولا تنابزوا بالألقاب)
قيل: إن النبز هو اللقب الثابت.
وقيل: [القرف] بالقبيح الذي يثلم العرض.
وهذا أصح، لأن النهي عن التنابز، لا عن الألقاب، مثل: [ألقاب]
الملوك، وهذا كالقول: "لا تراموا بالحجارة" لا يكون نهياً عن
البناء بالحجارة.
(إن بعض الظن إثم)
قيل: إنه ظن السوء، لما يوقع صاحبه فيه من الاهتمام في نفسه،
وإلحاق الضرر بغيره.
كما قيل: الحسن الظن مستريح، يغتم من ظنه قبيح.
(3/1345)
وقيل: إنه الظن في موضع إمكان العلم، وإلا
فالظن في موضع [الظن] كالعلم في موضع العلم، ولهذا قال: (إن
بعض الظن) وقال بلعاء بن قيس في الظن الصائب:
1106 - وأبغي صواب الظن أعلم أنه ... إذا طاش ظن المرء طاشت
مقادر [هـ].
وقال أبو الفضة:
1107 - فإن لا يأتكم خبر يقين ... فإن الظن ينقص أو يزيد.
(3/1346)
وقال البرجمي:
1108 - وفي الشك تفريط وفي الحزم قوة ... ويخطئ في الظن الفتى
ويصيب.
(ولا تجسسوا)
لا تتبعوا عثرات الناس.
وقيل: لا تبحثوا عما خفي، كما قال الشاعر:
1109 - تجنبت سعدى أن يشيد بذكرها ... إذا زرت سعدى الكاشح
المتجسس.
(أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا)
(3/1347)
أي: كما يكره لحم أخيه الميت بطبعه، ينبغي
أن يكره اغتيابه بعقله، بل أولى، لأن داعية الطبع عمياء جاهلة،
وداعية العقل بصيرة عالمة.
وفي معناه للمقنع الكندي:
1110 - إذا ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ... وإن هم هووا غيي هويت
لهم رشدا
1111 - وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت
لهم مجدا.
(وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)
نبه تعالى على علة اختلاف القبائل أنها للتعارف لا للتفاخر.
(3/1348)
والشعوب: جمع شعب، وهو اسم الجنس لأنواع
الأحياء، ثم أخص منها القبائل، ثم العمائر، ثم البطون، ثم
الأفخاذ، ثم الفصائل، ثم العشائر.
فالشعب: مثل مضر، والقبيلة: مثل كنانة، والعمارة: [مثل قريش]،
والبطن: مثل هاشم، والفخذ: مثل بني المطلب، والفصيلة: مثل
العلوية والعباسية، والعشيرة: مثل الحسنية والحسينية.
(قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا)
معناه: أنهم وإن صاروا ذوي سلم، وخرجوا من أن يكونوا حرباً
بإظهار الشهادتين، فإنهم لم يصدقوا، ولم يثقوا بما دخلوا فيه،
فكأن الإسلام من السلم، والإيمان من الثقة والتصديق.
(لا يلتكم)
ولا يألتكم، يقال: ألت يألت ألتاً، وولت يلت ولتاً، ولات يليت
ليتاً، وألت
(3/1349)
يؤلت إيلاتاً، ومنه "ليت" للمتمني، لأنها
[تقال عند انتقاص] المراد، فمعناها: لا ينقصكم ولا يظلمكم من
أعمالكم شيئاً. [تمت سورة الحجرات]
(3/1350)
|