باهر البرهان فى معانى مشكلات القرآن

سورة المنافقون
(كأنهم خشب مسندة)
أي: في طول قوامهم كخشب أسندت إلى الجدار.
وقيل: بل في سكوتهم عن الحق [وجمودهم] عن الهدى.
قال الثعالبي في تفسيره: "أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام". وفي معناه:

(3/1504)


1276 - أضحت قبورهم من بعد عزهم ... تسفي عليها الصبا والحرجف الشمل
1277 - لا يدفعون هواماً عن وجوههم ... كأنهم خشب بالقاع منجدل.
(يحسبون كل صيحة عليهم)
أي: لجبنهم وخوفهم.
[و] قول جرير فيه لما سمعـ[ـه] الأخطل:
1278 - حملت عليك حماة قيس خيلها ... شعثاً عوابس تحمل الأبطالا
1279 - ما زلت تحسب كل شيء بعدهم ... خيلاً تكر عليكم ورجالا.
فقال: أخذها من كتابهم: (يحسبون كل صيحة عليهم).

(3/1505)


وقريب من هذا قول [متمم] بن نويرة في أخيه:
1280 - وقالوا أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى [فالدكادك]
1281 - فقلت لهم: إن الأسى يبعث الأسى ... دعوني فهذا كله قبر مالك.
(فأصدق وأكن)

(3/1506)


وأكن عطف على موضع "فأصدق"، وهو مجزوم لولا الفاء، لأن قوله: (لولا أخرتني) بمنزلة الأمر، لأن "لولا": للتحضيض، فتضمن معنى الشرط، أي: [فأخرني] إلى أجل قريب أصدق. [تمت سورة المنافقون]

(3/1507)


سورة التغابن
(فمنكم كافر)
بأنه خلقه.
(ذلك يوم التغابن)
سمي [بالتغابن]، لأن الله أخفاه.
والغبن: الإخفاء، ومغابن الجسد: ما يخفى عن العين، والغبن: في البيع، لخفائه على صاحبه.
ويجوز أن يكون التغابن في يوم القيامة، لا من إخفاء الله إياه، بل من [إخفاء] أمر المؤمن على الكافر في الدنيا، فكأن الكافر والظالم يظنان أنهما غبنا المؤمن بنعيم الدنيا، والمظلوم بما نقصه من حقه وتلمه من ماله، وقد غبنهما المؤمن والمظلوم على الحقيقة بنعيم الآخرة وجزائهما، فلما صار الغبن من وجهين أحدهما ظن والآخر حق، جرى على باب التفاعل.

(3/1508)


(وأولادكم عدواً لكم)
كانوا يمنعونهم من الهجرة.
(وإن تعفوا وتصفحوا)
كان من المهاجرين من قال: إذا رجعت إلى مكة لا ينال أهلي مني خيراً، لصدهم إياي عن الهجرة، فأمروا بالصفح.
ويكون العفو بإذهاب آثار الحقد عن القلوب، كما تعفوا الريح الأثر.
والصفح: الإعراض عن المعاتبة.
[تمت سورة التغابن]

(3/1509)


سورة الطلاق
(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء)
أي: قل لأمتك إذا طلقتم النساء، لأن الطلاق نسخ [منه] حكم النبي بقوله (ولا أن تبدل بهن).
فطلقوهن لعدتهن).
أي: عند عدتهن، كقوله: (لا يجليها لوقتها إلا هو)، أي: عند وقتها.
وتؤيده القراءة المروية عن النبي عليه السلام وابن عباس وعثمان،

(3/1510)


وأبي، و [جابر] بن عبد الله، ومجاهد، وعلي بن [الحسين]، وزيد بن علي، وجعفر بن محمد: "لقبل عدتهن".
(بفاحشة مبينة)
بزنى فيخرجن لإقامة الحد.

(3/1511)


وقيل: الفاحشة أن [تبذوا] على أحمائها وتفحش في القول. (فإذا بلغن أجلهن)
قاربن انقضاء العدة.
(وأشهدوا ذوى عدل)
أي: على الرجعة.
(إن ارتبتم فعدتهن)
لما نزلت عدة ذوات الأقراء في البقرة ارتابوا في غيرهن.
(وإن تعاسرتم)
تضايقتم، وهو إذا امتنعت المرأة من إرضاع الولد يستأجر الزوج أخرى ولا يجبرها.

(3/1512)


(قد أنزل الله إليكم ذكراً* رسولاً)
أي: رسولاً ذكركم به وهداكم على لسانه.
(ومن الأرض مثلهن)
أي: سبع طباق أو سبعة أقاليم، وهي سبع قطع من الأرض بخطوط متوازية، حاصرة لبلدان كثيرة، [تمر] على بسيط الأرض فيما بين المشرق والمغرب طولاً، وما بين [الشمال] والجنوب عرضاً، ويزداد النهار الأطول الصيفي، في الخط المجتاز بالطول -على وسط كل واحد منها- على مقداره في خط وسط الذي هو عنه أجنب بنصف ساعة.
(يتنزل الأمر بينهن)
أي: يترتب القضاء والقدر بينهن منازل من شتاء وصيف، ونهار وليل، ومطر ونبات، ومحيا وممات، وملك ودول، ومحبوب ومحذور، واختلاف وائتلاف، كما في شعر الأعشى:

(3/1513)


1282 - شباب وشيب وافتقار وثروة ... فلله هذا الدهر كيف [ترددا]
[تمت سورة الطلاق]

(3/1514)