باهر البرهان فى معانى مشكلات القرآن

سورة الحاقة
(الحاقة)
فاعلة من الحق، وهي القيامة التي يحق فيها الوعد والوعيد.
(وما أدراك ما الحاقة)
[إذ] لم يكن هذا الاسم في لسانهم.
أو معناه: إنك لا تدري ما يكون في الحاقة.
(بالقارعة)
بالقيامة، لأنها تقرع القلوب بالمخافة.
(بالطاغية)
بالصيحة العظيمة، كقوله تعالى: (طغا الماء)، أي: عظم ارتفاعه، وجاوز حده، ومنه الطغيان في مجاوزة الحد.

(3/1538)


(حسوماً)
متتابعة، من حسم الكي: إذا تابعت عليه [بالمكواة].
وعن مقاتل: قاطعة أدبارهم، فيكون التقدير: تحسمهم حسوماً. (خاوية)
ساقطة.
خوى النجم سقط في المغرب.
(من باقية)
مصدر، أي: من بقاء.

(3/1539)


وقيل: تقديره: من نفس باقية.
(ومن قبله)
ومن يليه من أهل دينه.
قال سيبويه: هو لما ولي الشيء. تقول: ذهب قبل السوق، ولي قبله حق.
ونصبه على ظرف المكان.
(والمؤتفكات)
المنقلبات بالخسف.
(رابية)
زائدة.
(وتعيها أذن واعية)
أي: حملناكم في السفينة، لأن نجعلها لكم تذكرة، ولأن تعيها.

(3/1540)


فلما توالت الحركات، اختلست حركة العين، وجعلت بين الحركة والإسكان.
(ثمانية)
أي: ثمانية صفوف، أو ثمانية أصناف.
(فأما من أوتي كتابه بيمينه)
العرب تجعل اليمين [للمحبات] والمسار، والشمال بخلاف ذلك. قال:
1313 - [أبيني] أفي يمنى يديك جعلتني ... فأفرح أم صيرتني في شمالك

(3/1541)


وقال ابن ميادة:
1314 - ألم [تك] في يمنى يديك جعلتني ... فلا تجعلني بعدها في شمالكا.
(هاؤم اقرءوا كتابيه)
أي: خذوا، تقول للمذكر: هاء بفتح الهمزة، وفي التثنية: هاؤما، وفي الجميع: هاؤم، وللمرأة: هاء بكسر الهمزة، وهاؤما كالمذكرين، وللنسوة: هاؤن، وفيه لغات أخر يلطف عنها هذا الكتاب.
(ظننت أني ملاق حسابيه)
ظننت أن الله يؤاخذني بذنوبي فعفا عني.
(عيشة راضية)
ذات رضى، كقولهم: ليل دائم، وماء دافق، وامرأة طامث وطالق.

(3/1542)


(يا ليتها كانت القاضية)
أي: موتة لا بعث بعدها.
(هلك عني سلطانيه)
ما كان من تسليط على نفسه.
[و] مثل هذه الهاءات لبيان الحركة، قول عبد الله بن قيس الرقيات:
1315 - إن الحوادث بالمدينة قد ... أوجعنني وقرعن مروتيه
1316 - وجببنني جب السنام فلم ... يتركن ريشاً في مناكبيه.
(حميم)
صديق، وهو الذي إذا أصابك مكروه احترق لك.
(غسلين)

(3/1543)


على وزن فعلين، غسالة جروحهم وأجوافهم.
وقيل: إنه العرق والصديد. وفي معناه قال الطرماح:
1317 - [يبل] بمعصوم جناحي ضئيلة ... [أفاويق] منها هلة ونقوع.
وقال آخر:
1318 - وليس بها ريح ولكن وديقة ... يظل لها الساري يهل وينقع.
(إنه لقول رسول)
أي: تلاوته، أي: محمد صلى الله عليه.
(لأخذنا منه باليمين)

(3/1544)


أي: لقطعنا منه يمينه.
وقيل: لأخذنا منه بالقوة القاهرة.
وقيل: لأخذنا منه بالحق، وبذلك يفسر بيت الشماخ:
1319 - إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين
1320 - إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين.
أي: بالاستحقاق.
والوتين: عرق بين العلباء والحلقوم، كما في شعر الشماخ.
[تمت سورة الحاقة]

(3/1545)


سورة المعارج
(سأل سائل)
دعا داعٍ، وهو النبي عليه السلام، دعا عليهم.
وقيل: النضر بن الحارث، قال: (إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء)، فقتل يوم بدر.
(ذي المعارج)
ذي المعالي والدرجات لأوليائه.

(3/1546)


وقيل: إنها معارج السماء للملائكة.
(تعرج الملائكة والروح إليه)
هو روح المؤمن حين يقبض، رواه قبيصة بن ذؤيب عن النبي عليه السلام.
(في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)
أي: لو صعده غير الملائكة، وقد مر ذكره.
(كالمهل)

(3/1547)


كذائب الصفر، ويكون أحمر.
وقيل: إنه دردي الزيت.
والعهن: الصوف المصبوغ، والمراد: لين الجبال بعد شدتها واجتماعها.
(وفصيلته)
عشيرته، وتكون من العشيرة كالفخذ.
(تئويه)
يلجأ إليها فتلجئه، ويشكو فتشكيه.
وقيل: إن الفصيلة هي أمه التي أرضعته وفصلته، فعيلة بمعنى فاعلة، وفي معنى الآية قال الشاعر:

(3/1548)


1321 - سائل مجاور [جرم] هل جنيت لهم ... حرباً تزيل بين [الجيرة] الخلط.
(كلا)
ليس كذلك، أي: لا [ينجيه] شيء.
(إنها لظى)
لا ينصرف [للتأنيث والتعريف]، وهي من الالتظاء، أي: الاتقاد:
1322 - هم ردوا النقائد يوم حسي ... يقودون الجياد على وجاها
1323 - وبيضة طيء نضواً وكانت ... قديماً تلتظي [بـ]ـمن اصطلاها.

(3/1549)


(نزاعة للشوى)
لجلدة الرأس.
والضمير في (إنها) اسم "إن"، و (لظى) خبره، و (نزاعة) خبر بعد خبر، من باب [إنه] حلو حامض.
(تدعوا من أدبر)
لما كان مصيره إليها، كانت كأنها دعته.
(وجمع فأوعى)
أي: جعله في وعاء، فلم يفعل زكاة، ولم يصل [رحماً].

(3/1550)


(خلق هلوعاً)
سأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلباً: عن الهلوع؟
فقال: ما فسره الله، ولا يكون تفسيراً أحسن منه:
(إذا مسه الشر جزوعاً* وإذا مسه الخير منوعاً).
(والذين هم على صلاتهم يحافظون)
أي: النافلة، لتقدم قوله:
(على صلاتهم دائمون)
وهي: الفريضة.
(مهطعين)
مسرعين، ذم إسراعهم، لأن قصدهم تسمع الحديث، ليتفرقوا بالتكذيب.
(عزين)

(3/1551)


جماعات في تفاريق، واحدها عزة.
قال الشاعر:
1324 - ترانا عنده والليل داج ... على أبوابه حلقاً عزينا. (إلى نصب)
إلى شيء منصوب، مصدر بمعنى المفعول، مثل نسج بغداد، وضرب الأمير.
(يوفضون)
يسرعون.
[تمت سورة المعارج]

(3/1552)


سورة نوح
(يغفر لكم من ذنوبكم)
ما سلف منها، أو ما استغفرتموه عنها.
(ويؤخركم إلى أجل مسمى)
في الدنيا.
(إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر)
أي: يوم القيامة.
وقيل: إن الأجل الأول الموت، والثاني: العذاب.
(واستغشوا ثيابهم)
تغطوا بها، وقالوا لا ننظر إليك ولا نسمع منك.
(ثم إني دعوتهم جهاراً)

(3/1553)


دعاهم على ضروب من الدعاء، دعاهم فوضى متفرقين بدداً، ودعاهم سراً فرادى، ودعاهم جهراً مجتمعين في المحافل، والمقامات المشهودة.
(أطواراً)
تارات: نطفة ثم علقة، ثم مضغة، ثم رضيعاً، ثم طفلاً، ثم يافعاً مترعرعاً، ثم شاباً، ثم سوياً قوياً، ثم شيخاً كبيراً، ثم هماً فانياً، ثم هدماً بالياً.

(3/1554)


(وجعل القمر فيهن نوراً)
قال ابن عباس: أحد وجهيه يضيء لأهل الأرض، والثاني لأهل السماء.

(3/1555)


(وجعل الشمس سراجاً)
فيه إشارة إلى أن نور القمر من الشمس مكتسب، حيث جعل الشمس بمنزلة نفس السراج، والقمر بمنزلة ضوئه ونوره.
(والله أنبتكم من الأرض)
جعل أصلكم من الطين، وغذاكم بما ينبته الأرض.

(3/1556)


(دياراً)
أي: أحداً يدور في الأرض، فيعال من الدوران.
[تمت سورة نوح]

(3/1557)