تفسير ابن المنذر إِنَّ أَوْلَى
النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا
النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ
الْمُؤْمِنِينَ (68)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ أَوْلَى
النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ}
581 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة:
{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ} يقول: " الذين اتبعوه عَلَى ملته، وسنته،
ومنهاجه، وفطرته
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}
582 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
أَبِي الضُّحَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَرَاهُ، قَالَ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "
لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاةً مِنَ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ وَلِيِّي
مِنْهُمْ، وَخَلِيلِي أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ
أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ
وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ
الْمُؤْمِنِينَ} "
583 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن
إبراهيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان،
عَنْ أبيه، عَنْ أبي الضحى، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن لكل
نبي "، فذكر مثله
(1/247)
وَدَّتْ طَائِفَةٌ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ
إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ
تَشْهَدُونَ (70)
584 - وحدثنا علي بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج،
عَنْ مجاهد، قَالَ " ألحق الله بِهِ، يعني إبراهيم،
الْمُؤْمِنِينَ، كانوا مِنْ أَهْلِ الحنيفية
قوله جَلَّ وَعَزَّ {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ} الآيَة
585 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي عمر،
قَالَ: قَالَ سفيان " كُلّ شَيْء فِي آل عمران من ذكر أَهْل
الْكِتَابِ، فَهُوَ من النصارى "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ
بِآيَاتِ اللهِ} الآيَة
586 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: حَدَّثَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة،
قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنَا روح، قَالَ:
حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة، فِي قوله: {يَأَهْلَ الْكِتَابِ
لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} ،
قَالَ " تشهدون أن نعت نبي الله محمد فِي كِتَابِِهِم، ثُمَّ
تكفرون بِهِ، وتنكرون وَلا تؤمنون بِهِ، وأنتم تجدونه مكتوبا
عندكم فِي التوارة والإنجيل: النَّبِيّ الأمي "
(1/248)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ
الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)
587 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج،
فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} " عَلَى
أن الدين الإسلام لَيْسَ لله دين غيره "
588 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ}
بكتاب الله {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} أي: " تعرفون "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ
الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}
589 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، قَالَ: وَقَالَ
عَبْد اللهِ بْن صيف، وعدي بْن زيد، والحارث بْن عوف بعضهم
لبعض " تعالوا نؤمن بما أنزل عَلَى محمد، وأصحابه بكرة، ونكفر
بِهِ عشية، حَتَّى نلبس عَلَيْهِمْ دينهم لعلهم أن يصنعوا
كَمَا نصنع فيرجعوا، عَنْ دينهم، فَأَنْزَلَ اللهُ جل ثناؤه
فِي ذَلِكَ من قولهم: {يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ
الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ إِلَى قوله: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ
مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} "
(1/249)
590 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج،
فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ
بِالْبَاطِلِ} {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ} الحق الإسلام
{بِالْبَاطِلِ} : باليهودية والنصرانية "
591 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ
بِالْبَاطِلِ} أي: " تخلطون يقال: لبست علي أمرك "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ}
592 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {وَتَكْتُمُونَ
الْحَقَّ} قَالَ " الإسلام، وأمر محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وأنتم تعلمون أحمد، محمدا رَسُول اللهِ، وأن الدين
الإسلام "
593 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة،
قوله: {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} "
كتموا شأن محمد، وهم يجدونه مكتوبا عندهم فِي التوراة والإنجيل
يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عَنِ المنكر "
(1/250)
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} الآيَة
594 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} الآيَةُ
قَالَ: كَانُوا يَكُونُونَ مَعَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ،
وَيُجَالِسُونَهُمْ، وَيُكَلِّمُونَهُمْ، فَإِذَا أَمْسَوْا
وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ كَفَرُوا بِهِ وَكَفَّرُوهُ "
595 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} قَالَ " يهود
تقوله صلت مع محمد صلاة الصبح، وكفروا آخر النَّهَار، مكرا
منهم، ليروا النَّاس أن قَدْ بدت مِنْهُ الضلالة بعد إذ كانوا
اتبعوه "
596 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد، فذكر
مثله
597 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة، والكلبي، فِي قوله {آمِنُوا بِالَّذِي
أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ
وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} قَالَ بعضهم لبعض " أعطوهم الرضا بدين
نبيهم أول النَّهَار
(1/251)
واكفروه آخره، فإنه أجدر أن يصدقوكم،
ويعلموا أنكم قَدْ رأيتم فيهم مَا تكرهون، وَهُوَ أجدر أن
يرجعوا عَنْ دينهم "
598 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن عَبْد اللهِ، عَنْ حصين،
عَنْ أبي مالك، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {آمِنُوا بِالَّذِي
أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ
وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} قَالَ " قالت اليهود: آمنوا معهم بما
يقولون أول النَّهَار، وارتدوا آخره لعلهم يرجعون معكم "
599 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَجْهَ النَّهَارِ} " أوله قَالَ
ربيع بْن زياد: من كَانَ مسرورا بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه
نهار كقولك: بصدر نهار "
(1/252)
وَلَا تُؤْمِنُوا
إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى
اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ
يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ
اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
(73)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا تُؤْمِنُوا إِلا
لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ}
600 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد بْن قتادة: {وَلا
تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} " هَذَا قول بعضهم
لبعض "
601 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ تَبِعَ
دِينَكُمْ} " لا تقرو، وَلا تصدقوا "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا
أُوتِيتُمْ}
602 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بْن موسى، عَنْ
إِسْرَائِيل، عَنْ السدي، عَنْ أبي مالك، وسعيد بْن جبير {أَنْ
يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} قالا: " أمة محمد "
603 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، عَنْ أبي عبيدة، عَنْ
الكسائي، والفراء، قالا فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَنْ يُؤْتَى
أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ
رَبِّكُمْ} قالا: " عَلَى معنى " أَوْ أن يحاجوكم "
(1/253)
وكذلك فِي قراءة عَبْد اللهِ كأنه أراد لا
تؤمنوا أن يحاجوكم عِنْد ربك، وإن شئت بمعنى لا تؤمنوا بذلك
إِلا أن يحاجوكم ردا عَلَى قوله: {إِلا لِمَنْ تَبِعَ
دِينَكُمْ} قَالَ الكسائي: وهذا أعجبهما إلي قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ}
604 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن نصر،
قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بْن موسى، عَنْ إِسْرَائِيل، عَنْ
السدي، عَنْ أبي مالك، قَالَ: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا} قَالَ " كانت اليهود تقول أحبارها للذين دونهم: ائتوا
محمدا وأصحابه، فقولوا لَهُمْ: أول النَّهَار إنا عَلَى دينكم،
فَإِذَا كَانَ العشي فائتوهم، فقولوا: إنا كفرنا بدينكم، ونحن
عَلَى ديننا الأول، إنا قَدْ سألنا علماءنا
، فأخبرونا أنكم لستم عَلَى شَيْء لعل المسلمين يرجعون إِلَى
دينكم، ويكفرون بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ}
"
605 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد، فِي
قوله: {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} "
(1/254)
حسدا من يهود أن تكون النبوة فِي غيرهم،
وأرادو أن يتابعوا عَلَى دينهم "
606 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن شبيب،
قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {قُلْ إِنَّ
الْهُدَى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا
أُوتِيتُمْ} يقول: " لما أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ كتابا مثل
كتابكم، وبعث نبيا كنبيكم حسدتموهم عَلَى ذَلِكَ {قُلْ إِنَّ
الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ}
607 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {أَوْ
يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ} قَالَ " بعضهم لبعض لا
تخبرونهم بما بين الله لَكُمْ فِي كِتَابِِهِ، فيخاصموكم عِنْد
ربكم، فتكون لَهُمْ حجة عَلَيْكُمْ "
(1/255)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ
بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}
608 - حَدَّثَنَا أبو سعد قَالَ: حَدَّثَنَا سويد، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ، عَنْ ابْن جريج، قراءة، فِي قوله:
{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} ،
قَالَ " الإسلام "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ
وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
609 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد:
{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} قَالَ " النبوة يختص
بِهَا من يشاء "
610 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {يَخْتَصُّ
بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} قَالَ " قَالَ آخرون: الْقُرْآن
والإسلام "
(1/256)
وَمِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ
إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا
يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي
الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ} الآيَة
611 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم، عَنْ أبيه،
عَنْ عكرمة: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ
بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} قَالَ " هَذَا من النصارى
{وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ
إِلَيْكَ} قَالَ: هَذَا من اليهود "
612 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ،
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: "
الْقِنْطَارُ أَلْفُ وَمِائَتَا أُوقِيَّةً "
613 - وَقَالَ أبو هريرة: " القنطار ألف ومائتا أوقية "
614 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ
بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: " الْقِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ أُوقِيَّةً، كُلُّ
أُوقِيَّةٍ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ "
(1/257)
615 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا
نصر، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا يزيد بْن
هارون، قَالَ: أَخْبَرَنَا هشام، قَالَ " كَانَ الحسن يقول:
القنطار ألف ومائتا دينار، وهي دية الرَّجُل "
616 - حَدَّثَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَطَاءٍ
الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ " كَمِ
الْقِنْطَارُ؟ قَالَ: سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ "
617 - وكذلك روى عَنْ مجاهد
618 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا هشيم، عَنْ عوف، عَنْ الحسن، قَالَ " القنطار ألف
دينار، وهي دية أحدكم "
619 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة: {الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ
بِقِنْطَارٍ} قَالَ " القنطار مائة رطل من ذهب، أَوْ ثمانون
ألف درهم من ورق "
620 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا وكيع، عَنْ سفيان، عَنْ إسماعيل، عَنْ أبي صالح،
قَالَ " القنطار مائة رطل "
(1/258)
621 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أحمد بْن شبيب، قَالَ: أَخْبَرَنَا يزيد، عَنْ عوف
بْن أبي جميلة، عَنْ الحسن، قَالَ " اثنا عشر ألفا القنطار
622 - " حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا وكيع، عَنْ أبي الأشهب، قَالَ: سمعت أبا نضرة،
يقول: " القنطار ملء مسك ثور ذهبا "، وكذلك قَالَ الكلبي
623 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا هشيم، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك، فِي القنطار، قَالَ
" ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألفا "
(1/259)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ
تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}
624 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، عَنْ أبي عبيد، قَالَ:
حَدَّثَنَا حجاج، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد، فِي قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} قَالَ " مواظبا
"
625 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم، عَنْ أبيه،
عَنْ عكرمة: {إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} قَالَ " إِلا
مَا طلبته واتبعته "
626 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة، فِي قوله: {مَا دُمْتَ عَلَيْهِ
قَائِمًا} قَالَ " تقتضيه إياه "
627 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}
يقول: " لم تفارقه "
(1/260)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}
628 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، فِي قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} قَالَ
" بايعهم ناس من المسلمين فِي الجاهلية، فأسلموا فتقاضوا،
فَقَالُوا: لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْنَا أمانة وَلا قضاء لَكُمْ
عندنا، لأنكم تركتم دينكم الَّذِي كنتم عَلَيْهِ، قَالَ: وادعو
ذَلِكَ فِي كِتَابِِهِم "
629 - حَدَّثَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ
سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّا نُصِيبُ فِي الْغَزْوِ
مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ،
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَقُولُونَ مَاذَا؟ قَالَ: نَقُولُ:
لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَأْسٍ، قَالَ: هَذَا كَمَا
قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ
سَبِيلٌ} إِنَّهُمْ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ لَمْ تَحِلَّ
لَكُمْ أَمْوَالُهُمْ إِلا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ "
(1/261)
630 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا
نَزَلَتْ " {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي
الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَذَبَ أَعْدَاءُ اللهِ مَا مِنْ شَيْءٍ
كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلا وَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ
هَاتَيْنِ، إِلا الأَمَانَةَ، فَإِنَّهَا مُؤَدَّاةٌ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
631 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، فِي قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ
وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قَالَ
" بايعهم ناس من المسلمين فِي الجاهلية فأسلموا فتقاضوا،
فَقَالُوا: لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْنَا أمانة وَلا قضاء، لأنكم
تركتم دينكم، وادعوا ذَلِكَ فِي كِتَابِِهِم، فَقَالَ:
{وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ثُمَّ
تلا: بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى}
(1/262)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ الَّذِينَ
يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا}
632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّجَّارُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ
مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ
عَبْدُ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " لا يَحْلِفُ رَجُلٌ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ،
يَقْتَطِعُ بِهَا مَا لا هُوَ فِيهَا فَاجِرًا، إِلا لَقِيَ
اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ "، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ
جَلَّ وَعَزَّ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ
وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} الآيَةَ، فَجَاءَ الأَشْعَثُ
بْنُ قَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ يُحَدِّثُهُمْ، فَقَالَ: فِيَّ
نَزَلَتْ، وَفِي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَكَ
بَيِّنَةٌ "؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لا، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَيَحْلِفُ "، قَالَ:
قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ، وَأَنْزَلَ اللهُ {إِنَّ الَّذِينَ
يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا}
الآيَةَ، فَفِيَّ نَزَلَتْ "
633 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنْ
رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَالْعَرْسِ بْنِ عُمَيْرَةَ، عَنْ
أَخِيهِ عَدِيٍّ، قَالَ: " اختصم إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرؤ القيس الكندي، ورجل من حضرموت
فِي أرض، فسأل الحضرمي البينة، وقضى عَلَى امرئ القيس باليمين،
فَقَالَ الحضرمي: أمكنته باليمين ذهب والله بأرضي، فَقَالَ
رَسُولُُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ
حَلَف عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ كَاذِبًا
(1/263)
لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ أَخِيهِ، لِقَيَ
اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ "،
قَالَ: فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: فَمَا لِمَنْ تَرَكَهَا يَا
رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " الْجَنَّةُ "، قَالَ: فَإِنِّي
أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُهَا "
634 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّد يَزِيد الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ السَّكْسَكِيِّ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى " أَنَّ رَجُلا أَقَامَ
سِلْعَةً لَهُ، فَحَلَفَ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا مَا لَمْ
يُعْطَ، فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ
اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} وَقَالَ ابْنُ أَبِي
أَوْفَى: الْبَاخِسُ آكِلُ الرِّبَا الْخَائِنُ "
635 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ الزهري، عَنْ ابْن المسيب، فِي قوله: {إِنَّ
الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا
قَلِيلا} قَالَ: هي
" اليمين الفاجرة يقتطع الرَّجُل مال أخيه، واليمين الفاجرة من
الكبائر، قَالَ: ثُمَّ قرأ سعيد: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ
بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} الآيَة
(1/264)
إِنَّ الَّذِينَ
يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا
قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(77) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ
بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ
الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ
مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أُولَئِكَ لا خَلاقَ
لَهُمْ فِي الآخِرَةِ}
636 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لا خَلاقَ لَهُمْ} " لا نصيب لَهُمْ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ}
637 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَلا يُزَكِّيهِمْ} " وَلا يكونون
عِنْده كالمؤمنين
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا} الآيَة
638 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ
أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} " يحرفونه "
639 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو موسى محمد
بْن المثنى، قَالَ: حَدَّثَنَا عثمان بْن عمر، قَالَ:
حَدَّثَنَا مالك بْن مغول، عَنْ الشعبي، قَالَ فِي هَذِهِ
الآيَة: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} قَالَ "
يحرفون عَنْ مواضعه "
(1/265)
مَا كَانَ لِبَشَرٍ
أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا
كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ
تَدْرُسُونَ (79)
640 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا محمد بْن رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَبْد الصمد، أَنَّهُ سمع وهبا، يقول: " إن
التوارة، والإنجيل كَمَا أنزلهما الله لم يغير منهما حرف،
ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل، وكتب كانوا يكتبونها من عِنْد
أنفسهم، ويقولون: هُوَ من عِنْد اللهِ، وَمَا هُوَ من عِنْد
اللهِ، فَأَمَّا كتب الله فإنها محفوظة لا تحول "
641 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَلْوُونَ
أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} وعز: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ
بِالْكِتَابِ} " يقبلونه ويحرفونه
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} الآيَة
642 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو،
قَالَ: أَخْبَرَنَا زِيَادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ، أَوْ رَافِعٌ الْقَرَظِيُّ: "
حِينَ اجْتَمَعَتِ الأَحْبَارُ مِنَ الْيَهِودِ وَالنَّصَارَى
مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ عِنْد رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، قَالَ:
أَتُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ أَنْ نَعْبُدَكَ كَمَا
يَعْبُدُ النَّصَارَى الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَقَالَ
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ يُقَالُ لَهُ الرِّئَيسُ
نَصْرَانِيٌّ: أَوَ ذَاكَ تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ، وَإِلَيْهِ
تَدْعُو؟ أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَعْبُدَ
غَيْرَ اللهِ، أَوْ أَنْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، مَا
بِذَلِكَ بَعَثَنِي، وَلا أَمَرَنِي "، أَوْ كَمَا قَالَ،
(1/266)
فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي ذَلِكَ
مِنْ قولهمَا: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ
الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ
لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ
كُونُوا إِلَى قوله: بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}
643 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ: " {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} قَالَ:
الْفُقَهَاءُ الْمُعَلَّمُونَ "، وكذلك روي عَنْ سعيد بْن جبير
644 - حَدَّثَنَا علي بْن الحسن الهلالي، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْد اللهِ بْن عثمان، قَالَ: أَخْبَرَنَا عباد بْن العوام،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عوف، عَنْ الحسن: {وَلَكِنْ كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ} قَالَ " علماء وفقهاء " وكذلك روي عَنْ أبي
رزين وقتادة
(1/267)
645 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن سليمان،
قَالَ: حَدَّثَنَا حفص، قَالَ: حَدَّثَنَا ميمون أبو عَبْد
اللهِ، عَنْ الضحاك، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} قَالَ
" حق عَلَى كُلّ من تعلم الْقُرْآن أن يكون فقيها "
646 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ
جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ زِرًّا، عَنْ عَبْدِ اللهِ قوله جَلَّ وَعَزَّ: "
{كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} قَالَ: حُكَمَاءَ عُلَمَاءَ "
647 - حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بْن عَبْد الوهاب، وعلي بْن
الحسن الهلالي، وعلي بْن عَبْد العزيز، قَالُوا: حَدَّثَنَا
أبو نعيم، قَالَ أبو أحمد أَخْبَرَنَا سفيان، عَنْ منصور، عَنْ
أبي رزين: قَالَ: كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ " حكماء علماء
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ
وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}
648 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، عَنْ أبي عبيد، قَالَ
بلغني، عَنْ أبي عوانة، عَنْ أبي المعلى العطار، عَنْ سعيد بْن
جبير، عَنْ ابْن عباس، وعن غيره، عَنْ إِبْرَاهِيم " أنهما
كانا يقرآن تعلمون "
(1/268)
وَلَا يَأْمُرَكُمْ
أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا
أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
(80)
649 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ:
حَدَّثَنَا سعيد بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ
مجاهد " أَنَّهُ كَانَ يقرأ بما كنتم تعلمون "
650 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: أما أبو عمرو بْن
العلاء، فَكَانَ يقرؤها: تعلمون يحتج بقوله: وَبِمَا كُنْتُمْ
تَدْرُسُونَ يقول: " أَلا تراه لم يقل: " تدرسون
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا
الْمَلائِكَةَ وَالنِّبِيِّينَ أَرْبَابًا}
651 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {وَلا
يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا} " وَلا يأمرهم النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يتخذوا الملائكة
والنَّبِيّين أربابا "
(1/269)
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ
مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ
وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ
وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا
قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)
652 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد،
قَالَ: " قَدْ قرأها غير واحد بالفتح عَلَى ما قبله {ثُمَّ
يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا} فينصب عَلَى هَذَا، ومن رفع جعله
كلاما مبتدأ، وقرأها الكسائي بالرفع والثانية كذلك، وكذلك
قرأها أَهْل المدينة أبو جعفر ونافع وشيبة
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ
النَّبِيِّينَ}
653 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ:
إِنَّ
(1/270)
الضَّحَّاكَ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: "
وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ
لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ، وَنَحْنُ
نَقْرَأُ: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا
آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ:
{مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَ اللهُ
مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ عَلَى قَوْمِهِمْ "
654 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن
محمد الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا حجاج، عَنْ ابْن جريج،
قَالَ: أخبرني ابْن طاووس، عَنْ أبيه: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ} قَالَ " أخذ ميثاق
الأول من الأنبياء لتصدقن، ولتومنن بما جَاءَ بِهِ الآخر منهم
"
655 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ ابْن طاووس، عَنْ أبيه، فِي قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} " أن
يصدق بعضهم بعضا، ثُمَّ قَالَ: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ
مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنْصُرُنَّهُ} قَالَ: " فهذه الآيَة لأهَلِ الْكِتَاب أخذ
الله ميثاقهم أن يؤمنوا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ويصدقوا بِهِ "
656 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، قَالَ
" بعث الله عَزَّ وَجَلَّ محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رحمة للعالمين، وكافة للناس، وقد كَانَ الله عَزَّ
وَجَلَّ أخذ لَهُ الميثاق عَلَى كُلّ نبي بعثه قبله
(1/271)
بالإيمان بِهِ والتصديق لَهُ، وأخذ
عَلَيْهِمْ أن يؤدوا ذَلِكَ إِلَى كُلّ من آمن بهم وصدقهم،
فأدوا من ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ من الحق فِيهِ، يقول
الله عَزَّ وَجَلَّ لمحمد عَلَيْهِ السلام: {وَإِذْ أَخَذَ
اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ
وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ
قرأ إِلَى الشَّاهِدِينَ} ، فأخذ الله لَهُ ميثاق النَّبِيّين
جميعا بالتصديق لَهُ، والنصر لَهُ ممن خالفه، وأدوا ذَلِكَ
إِلَى من آمن منهم وصدقهم، فبعثه الله بعد بنيان الكعبة بخمس
سنين، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ
ابْن أربعين سنة "
657 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عُبيد، قَالَ: حَدَّثَنَا
حجاج، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} قَالَ " هَذَا خطأ من الكاتب، هي فِي
قراءة عَبْد اللهِ: وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ "
658 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: "
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمِيثَاقُ
يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ " وَقَالَ الْكِسَائِيُّ:
قَدْ يَكُونُ فِي الْكَلامِ
(1/272)
مِيثَاقُ النَّبِيّين بِمَعْنَى مِيثَاقِ
الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُمُ النَّبِيُّونَ، وَالَّذِينَ
اتَّبَعُوا النَّبِيِّينَ، فَهَذَا مَخْرَجٌ لِقِرَاءَةِ
عَبْدِ اللهِ، وَأَصْحَابِهِ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ
وَحِكْمَةٍ} الآيَة
659 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ الكسائي وأما
قوله: {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ} " فإن معناه، والله
أعلم، لمهما آتيتكم، يريد مذهب الجزاء، قَالَ: {ثُمَّ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ} فَكَانَ هَذَا
جوابا لقوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ
لَمَا آتَيْتُكُمْ} قَالَ الكسائي: وهذا قول من فتح اللام
{لَمَا} ، وكذلك يقرؤهما هُوَ، وهي فِي قراءة أبي عمرو أيضا،
وكذلك قرأها أَهْل المدينة، إِلا أنهم قرأوا {آتَيْتُكُمْ}
بالنون قَالَ الكسائي: وقد ذكر عَنْ يَحْيَى بْن وثاب، أَنَّهُ
كَانَ يكسر اللام فِي قوله: {لَمَا آتَيْتُكُمْ} ، {ثُمَّ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ} يعني: أَنَّهُ إن
أتاكم ذكر محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التوارة
لتؤمنن بِهِ أي: ليكونن إيمانكم للذي عندكم فِي التوراة من
ذكره "
(1/273)
660 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، عَنْ
الفراء نحو ذَلِكَ كله، إِلا أَنَّهُ قَالَ: " من قرأها
{لَمَا} بكسر أراد بما أخذ ميثاقكم بهذا الْكَلام، يعني بقوله:
{لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ} الآيَة
661 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنِي ورقاء، عَنْ
ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد: {إِصْرِي} قَالَ " عهدي "، وكذلك
قَالَ الضحاك، ومحمد بْن إِسْحَاق، وقتادة، وأبو عبيد
662 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: قَالَ أبو عبيدة
" الإصر فِي الْكَلام: الثقل، أَلا تسمع إِلَى قوله: {وَلا
تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِنَا}
(1/274)
فَمَنْ تَوَلَّى
بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَنْ تَوَلَّى
بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
663 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة
قوله {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ} يقول: بعد العهد،
والميثاق الَّذِي أخذ الله عَلَيْهِمْ {فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ} قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ
يَبْغُونَ} الآيَة
664 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ
سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْزُبَانَ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ: " {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ} قَالَ:
هَذِهِ مَفْصُولَةٌ {وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} "
665 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا العدني، قَالَ: قَالَ
سفيان: سمعنا فِي هَذِهِ الآيَة {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا} قَالَ " {أَسْلَمَ مَنْ فِي
السَّمَوَاتِ} الملائكة {وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}
النَّاس
(1/275)
أَفَغَيْرَ دِينِ
اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {طَوْعًا وَكَرْهًا
وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}
666 - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قوله: " {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ
يُرْجَعُونَ} قَالَ: عِبَادَتُهُمْ لِي أَجْمَعِينَ طَوْعًا
وَكَرْهًا، وَهُوَ قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ
مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} "
667 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد:
{طَوْعًا وَكَرْهًا} قَالَ " سجود المؤمن كله وحمده طائعا،
قَالَ: وسجود ظل الكافر وَهُوَ كاره
668 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا وكيع، عَنْ سفيان، عَنْ الأعمش، عَنْ مجاهد:
{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا
وَكَرْهًا} قَالَ " أما المؤمن فأسلم طائعا، وأما الكافر فما
أسلم حَتَّى يأتي بأس الله {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ
إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}
(1/276)
قُلْ آمَنَّا
بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ
مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ
لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ
دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ (85)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا أُنْزِلَ
الآيَة حَتَّى بلغ وَالأَسْبَاطِ}
669 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عمرو، عَنْ أسباط، عَنْ
السدي، قوله: {آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ الآيَة، حَتَّى
بلغ وَالأَسْبَاطِ} قَالَ " الأسباط ولد يعقوب يوسف، وروبيل،
ويهوذا، وشمعون، وبنيامين، ولاوى، ودان، وقهاث "
670 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بْن عمران، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد بْن
سليمان، عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالأَسْبَاطِ}
الآيَة، قَالَ " أما الأسباط فهم بنو يعقوب، كانوا اثني عشر
سبطا كُلّ واحد منهم سبط ولد سبطا مِنَ النَّاسِ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ
دِينًا}
671 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي
عمرو، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ ابْن نجيح، عَنْ عكرمة
مولى ابْن عباس، قَالَ " لما نزلت {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ
الإِسْلامِ دِينًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قالت اليهود: نحن
المسلمون، فَقَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ لنبيه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحجهم، يقول: اخصمهم، فإِنَّ اللهَ فرض
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
(1/277)
كَيْفَ يَهْدِي
اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا
أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)
الحج، فَقَالَ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ إِلَى وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ
عَنِ الْعَالَمِينَ} قَالَ: فأبوا، وَقَالُوا: لَيْسَ
عَلَيْنَا "
672 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ "
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} جَمَعَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الْمِلَلِ،
فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ الْحَجَّ،
فَلَمْ يَقْبِلْهُ إِلا الْمُسْلِمُونَ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا} الآيَة
673 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد:
{كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ
إِلَى قوله: الْبَيِّنَاتُ} قَالَ " نزلت فِي رَجُل من بني
عمرو بْن عوف كفر بعد إيمانه، فجاء الشام "
674 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد، فذكر
مثله، قَالَ " فجاء الشام، فتنصر،
(1/278)
ثُمَّ كتب إِلَى أهله أن سلو لي، هَلْ لي
من توبة؟ فنزلت {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} "
675 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ: " كَانَ مِمَّنْ أَضَافَ إِلَى الْيَهُودِ
مِمَّنْ سُمِّيَ لَنَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنَ الأَوْسِ،
ثُمَّ مِنْ بَنِي خَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْحَارِثِ
بْنِ سُوَيْدٍ الَّذِي قَتَلَ الْمُجَدَّرَ بْنَ زِيَادٍ،
وَقَيْسَ بْنَ زَيْدٍ أَحَدَ بَنِي ضُبْعَةَ يَوْمَ أُحُدٍ،
خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مُنَافِقًا، فَلَمَّا
الْتَقَى النَّاسُ عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا، ثُمَّ
لَحِقَ بِقُرَيْشٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَذْكُرُونَ قَدْ أَمَرَ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ بِقَتْلِهِ إِنْ هُوَ ظَفِرَ بِهِ،
فَفَاتَهُ، فَكَانَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى أَخِيهِ
الْجَلاسَ يَطْلُبُ التَّوْبَةَ لِيَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ،
فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهِ، فِيمَا بَلَغَنِي
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا
بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} إِلَى
آخِرِ الْقِصَّةِ "
(1/279)
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ
أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)
676 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ
ابْن جريج: {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} قَالَ "
كَانَ عكرمة يقول: هم أحد عشر رجلا من قريش لحقوا ورجعوا عَنِ
الإسلام، منهم الحارث "
677 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قَالَ " كَانَ الحسن يقول: هم أَهْل الْكِتَابِ من
اليهود والنصارى، رأوا
بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقروا بِهِ،
وشهدوا أَنَّهُ حق، فَلَمَّا بعث من غيرهم حسدوا العرب عَلَى
ذَلِكَ، فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من
غيرهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ
لَعْنَةَ اللهِ} الآيَة
678 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا} إِلَى
قوله: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ
(1/280)
وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} ،
ثُمَّ اسْتَثْنَى، فَقَالَ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ
بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
679 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
إِسْحَاق الصغاني، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي مَرْيَمَ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن سويد، قَالَ: حَدَّثَنَا
حميد بْن زياد، عَنْ محمد بْن كعب القرظي: {أُولَئِكَ
جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ إِلَى قوله: وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} ،
" ثُمَّ تعطف الله عَلَيْهِمْ برحمته، فَقَالَ: {إِلا
الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} لأولئك
الْقَوْم، يعني: النَّاس الذين خرجوا من مَكَّة إِلَى رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، فبايعوه،
ثُمَّ خرجوا من المدينة وارتدوا، ولحقوا بمكة {فَإِنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ} فبلغني أنهم دخلوا فِي الإسلام جمعيا "
680 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ جعفر بْن سليمان، عَنْ حميد الأعرج، عَنْ مجاهد، قَالَ:
جاءت الحارث بْن سويد، فأسلم، ثُمَّ كفر فرجع إِلَى قومه،
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
: {كَيْفَ يَهْدِي اللهُ إِلَى قوله: إِلا الَّذِينَ تَابُوا
إِلَى فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ " فحملها إِلَيْهِ
رَجُل من قومه، فقرأها عَلَيْهِ، فَقَالَ الحارث: والله
إِنَّكَ مَا علمت لصدوق،
(1/281)
إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ
تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)
وإن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لأصدق منك، وإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى لأصدق
الثلاثة، فرجع الحارث، فأسلم فحسن إسلامه
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ}
681 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
حيوية، قَالَ: حَدَّثَنَا مسدد، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
زريع، عَنْ داود، عَنْ أبي العالية، قَالَ: إِنَّمَا أنزلت فِي
اليهود والنصارى، أَلا ترى لقول: {كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} بذنوب أذنبوها، وكانت
زيادة فِي كفرهم، ثُمَّ ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب، فَقَالَ
اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ
هُمُ الضَّالُّونَ} قَالَ " لو كانوا عَلَى هدى قبل توبتهم،
ولكنهم عَلَى ضلالة "
682 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ
ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} " أعداء الله اليهود الذين كفروا
بالإنجيل، وبعِيسَى، ثُمَّ ازدادوا كفرا بمحمد، والفرقان "
(1/282)
683 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ:
حَدَّثَنَا الثوري، عَنْ داود بْن أبي هند، عَنْ أبي العالية،
فِي قوله جل ثناؤه: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} قَالَ "
تابوا من الذنوب، ولم يتوبوا من الأصل
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} الآيَة
684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ
سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: " {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ
مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا} فأخبرنا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قَالَ: حَدَّثَنَا أنس بْن مالك، أن نبي الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقول: " يجاء بالكافر يَوْم
الْقِيَامَةِ، فيقال لَهُ: أرأيت لو كَانَ لك ملء الأرض ذهبا
أكنت مفتديا بِهِ؟ فيقول: نعم، فيقال: فلقد سئلت مَا أيسر من
لك "
685 - حَدَّثَنَا موسى بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن
عمرو الأشعثي، قَالَ: سمعت يونس بْن بكير، يقول: سمعت أبا
جعفر، يعني الخليفة يخطب يَوْم الجمعة، فَقَالَ " الحمد لله
الَّذِي جعلنا مِنْ أَهْلِ دينه الذين يقبل منهم مثاقيل الذر،
وَلا يقبل ممن خالفهم ملء الأرض ذهبا، ولو افتدى بِهِ "
(1/283)
لَنْ تَنَالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا
تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَنْ تَنَالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
686 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ
مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: " {لَنْ تَنَالُوا
الْبِرَّ} قَالَ: الْجَنَّةَ "
687 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الوليد، قَالَ: سئل شريك، عَنْ قوله عز
وجل: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ} فحدثنا ابْن إِسْحَاق عَنْ مسروق، قَالَ " البر
الْجَنَّة "،
688 - وكذلك قَالَ عمرو بْن ميمون
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
689 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
اللهِ السَّعْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ " {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَ
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} قَالَ
أَبُو طَلْحَةَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، حَائِطِي الَّذِي
بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلَّهِ، وَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ
أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلْهُ فِي قَرَابَتِكَ "
(1/284)
690 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ
سُلَيْمَانُ الْمَكِّيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ
سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو طَلْحَةَ
الأَنْصَارِيُّ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالا
مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ
بِيَرُحَاءٍ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهُ
وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهِ طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: لَمَّا
نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ} قَالَ: قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ
اللهِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِِهِ:
{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بِيرُحَاءٍ،
وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، وَأَرْجُو بِرَّهَا، وَذُخْرَهَا عِنْدَ
اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللهُ،
فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَرَى أَنْ
تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ "، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ
أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي
أَقَارِبِهِ، وَبَنِي عَمِّهِ
(1/285)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الرابع عشر) آل عمران
من {تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} إِلَى {وَإِذْ غَدَوْتَ
مِنْ أَهْلِكَ}
691 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: "
{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ} قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي
أُسَامَةَ بِفَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: سَبَلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ
مَالٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا، فَقَالَ: هِيَ صَدَقَةٌ،
فَقَبِلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْهُ، وَحَمَلَ عَلْيَهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَرَأَى
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاك فِي
وَجْهِ زَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ: " إِنَّ اللهَ قَدْ قَبِلَهَا
مِنْكَ "
692 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، " عَنْ رَجُلٍ
مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ،
فَقُلْتُ: إِنِّي جِئْتُكَ تُعَلِّمُنِي، قَالَ: إِنَّمَا
صَاحِبِي مَنْ يُطيعني، قَالَ: وَمَا تَسْأَلُنِي مِنَ
الطَّاعَةِ، قَالَ: إِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَأْتِيَنِي
بِخَيْرِ إِبِلِي أَتَيْتَنِي بِهِ، قَالَ: فَبَلَغَهُ
خَصَاصَةٌ فِي أَهْلِ الْمَاءِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ
بِخَيْرِ إِبِلِهِ، قَالَ: فَوَجَدْتُ خَيْرَ الإِبِلِ
فَحْلَهَا، فَذَكَرْتُ حَاجَتَهُمْ
(1/286)
إِلَيْهِ، فَأَخَذْتُ الَّذِي يَلِيهِ
فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَقَالَ: يَا أَخَا بَنِي سُلَيْمٍ
خُنْتَنِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ ذَكَرْتُ حَاجَتَكُمْ
إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِيَوْمِ حَاجَتِي؟ إِنَّ
فِي الْمَالِ ثَلاثَةُ شُرَكَاءَ: الْوَارِثُ يَنْظُرُ أَنْ
تَضَعَ رَأْسَكَ فَيَسْبِقُهَا، وَأَنْتَ ذَمِيمٌ، وَالْقَدَرُ
يَذْهَبُ بِخَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَأَنْتَ الثَّالِثُ، فَإِنِ
اسْتَطَعْتَ أَنْ لا تَكُونَ أَعْجَزَ الثَّلاثَةِ، فَافْعَلْ
إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ
حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} "
693 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فِي
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى
تُنْفِقُوا} قَالَ: سمعت مجاهدا، يقول: " كَتَبَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنْ يَبْتَاعَ
لَهُ جَارِيَةً مِنْ سَبْيِ جَلُولاءِ يَوْمَ افْتَتَحَ سَعْدٌ
مَدَائِنَ كِسْرَى، قَالَ: فَدَعَاهَا عُمَرُ، قَالَ: فَقَالَ
إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ
حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فَأَعْتَقَهَا عُمَرُ،
قَالَ: وَهِيَ مِثْلُ قوله {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى
حُبِّهِ مِسْكِينًا} ، وَمِثْلُ قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى
أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} "
(1/287)
694 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ
خُنَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ
يَشْتَرِي السَّكَّرَ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، فَنَقُولُ لَهُ:
يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوِ اشْتَرَيْتَ لَهُمْ
بِثَمَنِهِ طَعَامًا كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ مِنْ هَذَا،
فَيَقُولُ: إِنِّي أَعْرِفُ الَّذِي تَقُولُونَ: وَلَكِنِّي
سَمِعْتُ اللهَ، يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى
تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ يُحِبُّ
السُّكَّرَ "
695 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ
وَهُوَ يُصَلَّي، فَأَتَى هَذِهِ الآيَةَ: {لَنْ تَنَالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَالَ:
فَأَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ، وَهُوَ يُصَلَّي أَشَارَ بِيَدِهِ
إِلَيْهَا "
696 - حَدَّثَنَا محمد بْن الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، قَالَ: حَدَّثَنَا
سعيد، عَنْ قتادة، قوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى
تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} " حَتَّى تنفقوا مِمَّا يعجبكم،
وَمَا تهوونه من أموالكم
(1/288)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا تُنْفِقُوا
مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ}
697 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ
عَلِيمٌ} يقول: " محفوظ ذَلِكَ لَكُمْ {اللهَ بِهِ عَلِيمٌ}
شاكر لَهُ تَعَالى وتبارك
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي
إِسْرَائِيلَ}
698 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ
أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: وَإِسْرَائِيلُ يَعْقُوبُ
699 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ، قَالَ: " إِسْرَائِيلُ هُوَ: يَعْقُوبُ "
700 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: حَدَّثَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا عمران بْن حدير،
عَنْ أبي مجلز، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ إن: {إِسْرَائِيلَ}
هُوَ " يعقوب، وَكَانَ رجلا بطيشا، فلقي ملكا، فعالجه فصرعه
الملك، ثُمَّ
(1/289)
كُلُّ الطَّعَامِ
كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ
إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ
التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)
ضرب عَلَى فخذيه، فَلَمَّا رأى يعقوب مَا
صنع بِهِ، قَالَ: أبطش، قَالَ: مَا أنا بتاركك تسمني اسما،
فسماه إِسْرَائِيل يقول أبو مجلز: أَلا ترى أَنَّهُ كَانَ من
أسماء الملائكة إِسْرَائِيل، وجبريل، وميكائيل، وإسرافيل
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى
نَفْسِهِ}
701 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ
أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ إِسْرَائِيلُ أَخَذَهُ عِرْقُ
النَّسَا، وَكَانَ يَبِيتُ لَهُ زُقَاءٌ، فَجَعَلَ لِلَّهِ
عَلَيْهِ إِنْ شَفَاهُ أَنْ لا يَأْكُلَهُ، يَعْنِي
الْعُرُوقَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا مَا
حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} " قَالَ سفيان: " لَهُ
زُقَاءٌ، يَعْنِي: الصِّيَاحَ "
702 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى
نَفْسِهِ} قَالَ " العروق اشتكى عرق النسا فحرم العروق "
(1/290)
703 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد،
عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى
نَفْسِهِ} الآيَة " ذكر لَنَا أن الَّذِي حرم إِسْرَائِيل
عَلَى نفسه أن الأنساء أخذته ذات ليلة فأسهرته فتألى لئن الله
شفاه لا يطعم نسا أبدا، فتتبعت بنوه العروق بعد ذَلِكَ
يخرجونها من اللحم "
704 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، أَظُنُّهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ
كَانَ يَقُولُ: " الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ
زِيَادَةُ الْكَبِدِ، وَالْكُلْيَتَانِ، وَالشَّحْمُ إِلا مَا
عَلَى الظَّهْرِ، فِإَنَّ ذَلِكَ كَانَ يُقَرَّبُ
لِلْقُرْبَانِ، فَتَأْكُلُهُ النَّارُ "
705 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعِجْلِيُّ،
وَمَنْزِلُهُ فِي بَنِي عِجْلٍ، وَكَانَ يُجَالِسُ الْحَسَنَ
بْنَ حُيَيٍّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَقْبَلَتْ يَهُودٌ
إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ نَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ،
إِنْ أَجَبْتَنَا فِيهَا اتَّبَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ
وَآمَنَّا بِكَ، قَالَ: وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ
إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ، إِذْ قَالَ اللهُ عَلَى مَا
نَقُولُ
(1/291)
وَكِيلٌ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ
إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: كَانَ يَسْكُنُ
الْبَدْوَ، فَاشْتَكَى عِرْقَ النَّسَاءِ فَلَمْ يَجِدْ
شَيْئًا يُلائِمُهُ إِلا لُحُومَ الإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا،
فَذَلِكَ حَرَّمَهَا، قَالَ: صَدَقْتَ "، وذكر بقية الحديث
706 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الزعفراني،
قَالَ: حَدَّثَنَا حجاج، عَنْ ابْن جريج، عَنْ عطاء: {إِلا مَا
حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} قَالَ " لحوم الإبل
وألبانها "
707 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وكيع، عَنْ
إِسْرَائِيل، عَنْ مجاهد، قَالَ " حرم لحوم الأنعام
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ
فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
708 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَتِ
الْيَهُودُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ، فَقَالَ
اللهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ
فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ} وَكَذَبُوا لَيْسَ فِي التَّوْرَاةِ كَانَ حَلالا
وإَنِّمَا لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ إِلا تَغْلِيظًا لِمَعْصِيَةِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وَقَالَتِ الْيَهُودُ لِمُحَمَّدٍ
عَلَيْهِ السَّلامُ: كَانَ
(1/292)
فَمَنِ افْتَرَى عَلَى
اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)
مُوسَى يَهُودِيًّا عَلَى دِينِنَا،
وَجَاءَنَا فِي التَّوْرَاةِ بِتَحْرِيمِ الشُّحُومِ، وَذِي
الظُّفْرِ، وَالسَّبْتِ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ مُوسَى
يَهُودِيًّا، وَلَيْسَ فِي التَّوْرَاةِ إِلا الإِسْلامُ
يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ
فَاتْلُوهَا} أَفِيهِ ذَلِكَ؟ وَمَا جَاءَهُمْ بِهَا
أَنْبِيَاؤُهُمْ بَعْدَ مُوسَى، وَنَزَلَتْ فِي الأَلْوَاحِ
جُمْلَةً "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ}
709 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ
الْكَذِبَ} أي: " اختلق
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ صَدَقَ اللهُ}
710 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ: " يَا رَسُولَ
اللهِ أَيُّ الأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ، قَالَ: "
الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ "
(1/293)
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى
لِلْعَالَمِينَ (96)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ}
711 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ،
وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "
إِنَّ الْكَعْبَةَ خُلِقَتْ قَبْلَ الأَرْضِ بِأَلْفَيْ
سَنَةٍ، وَهِيَ قَرَارُ الأَرْضِ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ
خَشَفَةً أَوْ حَشَفَةً عَلَى الْمَاءِ عَلَيْهَا مَلَكَانِ
مِنَ الْمَلائِكَةِ يُسَبِّحَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ،
أَلْفَيْ سَنَةٍ، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ
يَخْلُقَ الأَرْضَ دَحَاهَا مِنْهَا، فَجَعَلَهَا فِي وَسَطِ
الأَرْضِ "
712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،
عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " خُلِقَتِ الْكَعْبَةُ قَبْلَ
الأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةً، وَدُحِيَتِ الأَرْضُ مِنْ
تَحْتِهَا "
713 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سليمان بْن حرب، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَنْ أيوب،
عَنْ أبي قلابة، قَالَ: قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ لآدم "
إِنِّي مهبط معك بيتا تطوف حوله كَمَا يطاف حول عرشي، ويصلي
عِنْده كَمَا يُصَلَّي عِنْد عرشي "، قَالَ: فلم يزل كذلك
حَتَّى كَانَ زمان الطوفان، فرفع حَتَّى بوئ لإبراهيم مكانه،
فبناه من خمسة أجبل من حراء،
(1/294)
وثبير، ولبنان، والطور، وجبل الخمر، قَالَ:
قَالَ عَبْد اللهِ بْن عمرو: وأيم الله لتهدمنه أيتها الأمه
مرار يرفع عِنْد الثالثة، فاستمتعوا مِنْهُ مَا استطعتم
714 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ
لِلنَّاسِ} قَالَ " أول بيت وضعه الله، فطاف بِهِ آدم، ومن
بعده "
715 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إسماعيل بْن عَبْد الكريم الصنعاني، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد
الصمد بْن معقل، عَنْ وهب بْن منبه، قَالَ " لما تاب الله
عَزَّ وَجَلَّ عَلَى آدم أمره أن يسافر إِلَى مَكَّة، فطوى
لَهُ الأرض والمفاوز، فصار كُلّ مفازة يمر بِهَا خطوة، وقبض
لَهُ مَا كَانَ فِيهَا من مخاض أَوْ بحر، فجعله لَهُ خطوة، فلم
يضع قدمه فِي شَيْء من الأرض إِلا صار عمرانا وبركة حَتَّى
انتهى إِلَى مَكَّة، وَكَانَ قبل ذَلِكَ قَدِ اشتد بكاؤه وحزنه
لما كَانَ بِهِ من عظم المصيبة، حَتَّى إن كانت الملائكة
(1/295)
لتبكي لبكائه، وتحزن لحزنه، فعزاه الله
عَزَّ وَجَلَّ بخيمة من خيام الْجَنَّة وضعها لَهُ بمكة فِي
موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من
ياقوت الْجَنَّة، فِيهَا ثلاثة قناديل من ذهب نور تلتهب من نور
الْجَنَّة، ونزل معها يومئذ الركن، وَهُوَ يومئذ ياقوتة بيضاء
من ربض الْجَنَّة، وَكَانَ كرسيا لآدم يجلس عَلَيْهِ، فَلَمَّا
صار آدم بمكة حرسه الله، وحرس لَهُ تلك الخيمة بالملائكة كانوا
يحرسونها، ويذودون عنها سكان الأرض، وسكانها يومئذ الجن
والشياطين، فلا ينبغي لَهُمْ أن ينظروا إِلَى شَيْء من
الْجَنَّة، لأنه من نظر إِلَى شَيْء من الْجَنَّة، وجبت لَهُ،
والأرض يومئذ طاهرة نقية لم تنجس، ولم يسفك فِيهَا الدماء، ولم
يعمل فِيهَا بالخطايا، فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة، وجعلهم
فِيهَا كَمَا كانوا فِي السَّمَاء يسبحون اللَّيْل والنهار لا
يفترون، وَكَانَ وقوفهم عَلَى أعلام الحرم صفا واحدا مستديرين،
فالحرم كله من خلفهم، والحرم كله من أمامهم، فلا يجوزهم جني
وَلا شيطان، ومن أجل مقلم الملائكة حرم الحرم حَتَّى الْيَوْم،
ووضعت أعلامه حيث كَانَ مقام الملائكة، وحرم عَلَى حواء دخول
الحرم، والنظر إِلَى خيمة آدم من أجل خطيئتها الَّتِي أخطأت
فِي الْجَنَّة، فلم تنظر إِلَى شَيْء من ذَلِكَ، حَتَّى قبضت،
(1/296)
وإن آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إذا أراد لقاءها ليلم بِهَا للولد خَرَجَ من الحرم كله حَتَّى
يلقاها، فلم تزل خيمة آدم مكانها حَتَّى قبض الله عَزَّ
وَجَلَّ آدم، ورفعها إِلَيْهِ، وبنى بنو آدم بِهَا من بعدها
مكانا: بيتا بالطين والحجارة، فلم يزل معمورا يعمرونه، ومن
بعدهم حَتَّى كَانَ زمن نوح، فنسمه الغرق وخفي مكانه فَلَمَّا
بعث الله عَزَّ وَجَلَّ إِبْرَاهِيم خليله، طلب الأساس،
فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ ظلل الله مكان الْبَيْت بغمامة، فكانت
حفاف الْبَيْت الأول، ثُمَّ لم تزل راكدة عَلَى حفافة تظل
إِبْرَاهِيم وتهديه مكان القواعد، حَتَّى رفع القواعد وأقام،
ثُمَّ تكشف الغمامة، قَالَ: فذلك قول الله جَلَّ وَعَزَّ:
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} الغمامة
الَّتِي ركدت على الحفاف لتهديه مكان القواعد " قَالَ وهب بْن
منبه: وقرأت فِي كِتَابِ من الكتب الأول، ذكر
فِيهِ أمر الكعبة، فوجد فِيهِ أن لَيْسَ من ملك بعثه الله
إِلَى الأرض، إِلا أمره بزيارة الْبَيْت، فينقض من عِنْد العرش
محرما ملبيا حَتَّى يستلم الحجر، ثُمَّ يطوف سبعا بالبيت،
ويصلي فِي جوفه ركعتين
716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ،
عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ:
(1/297)
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} قَالَ:
هُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبَادَةِ اللهِ، وَقَدْ
بُنِيَتِ الْبُيُوتُ قَبْلَهُ "
717 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " أَقْبَلَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ،
وَمَعَهُ السَّكِينَةُ فَدَلَّهُ، حَتَّى بَنَوُا الْبَيْتَ
كَمَا بَنَوُا الْعَنْكَبُوتَ بَيْتًا، فَكَانَ يَحْمِلُ
أَحْجَارَ الْحَجَرِ يُطِيقُهُ أَوْ لا يُطِيقُهُ ثَلاثُونَ
رَجُلا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ يَقُولُ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ
مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} قَالَ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدُ "
718 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا عفان،
قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن الحارث، قَالَ: حَدَّثَنَا أشعث،
عَنْ الحسن، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} قَالَ " أول قبلة أعملت
للناس المسجد الحرام "
719 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، قَالَ: وَقَالَ
آخرون فِي قوله " {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ}
قَالَ آخرون: قالت اليهود: بيت المقدس أعظم، لأنها مهاجر
الأنبياء،
(1/298)
ولأنه فِي الأرض المقدسة، فَقَالَ
المسلمون: بل الكعبة أعظم، فبلغ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزلت {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى
لِلْعَالَمِينَ} فذلك حَتَّى قوله: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ
مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ، وليس ذَلِكَ فِي بيت المقدس {وَمَنْ
دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، وليس ذَلِكَ فِي بيت المقدس،
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} وليس ذَلِكَ لبيت
المقدس
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا}
720 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن عَبْد
الحميد، قَالَ: حَدَّثَنَا وكيع، عَنْ سفيان، عَنْ الأسود بْن
قيس، عَنْ أخيه، عَنْ ابْن الزبير، قَالَ " إِنَّمَا سميت بكة
موضع الْبَيْت، ومكة مَا حوله "، وكذلك روي عَنِ النخعي، وأبي
مالك، وأبي صالح، وسلمة بْن كهيل
721 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
زَكَرِيَّا، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
" إِنَّ مَكَّةَ بَكَت
(1/299)
بكاءِ الذَّكَرُ فِيهَا كُالأُنْثَى،
فَقُلْتُ: كَأَّنَ هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ:
بَلْ هُوَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ "
722 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا حجاج، قَالَ:
حَدَّثَنَا حماد، عَنْ حماد الكوفي، عَنْ سعيد بْن جبير،
أَنَّهُ قَالَ: " بكت الرجال بالنساء، والنساء بالرجال فِي
الطواف بعضهم ببعض "
723 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرحمن بْن زياد، عَنْ سعيد، قَالَ:
أخبرني سلمة بْن كهيل، قَالَ: سمعت مجاهدا، يقول: " إِنَّمَا
سميت بكة، لأن النَّاس يبك بعضهم بعضا "
- وكذلك قال قتادة.
724 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ} قَالَ: " للذي
ببكة هُوَ اسم لبطن مَكَّة، وذلك لأنهم يتباكون فِيهَا
ويزدحمون "
(1/300)
725 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ،
قَالَ: حَدَّثَنَا
حسين المروزي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو صالح، قَالَ: حَدَّثَنِي
يعقوب بْن عَبْد الرحمن، أَنَّهُ سأل محمد بْن زيد بْن
المهاجر، أن يكتب لَهُ فِي منزل فِي داره بمكة، فكتب إِلَى
ابْن فروخ، " إياك أن تكريها، أَوْ تأكل كراها، فإنها،
إِنَّمَا سميت بكة، لأنها تبك الظلمة "
726 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن آدم، عَنْ عَبْد السلام بْن
حرب، عَنْ عطاء بْن السائب، عَنْ وبرة، قَالَ: صليت إِلَى جنب
أبي جعفر بمكة، فمرت امرأة فرددتها، فضرب بيدي، فَلَمَّا
صَلَّى، قَالَ " أتدري لم سميت بكة؟ قلت: لا، قَالَ: لأن
النَّاس تبك فِيهَا بعضهم بعضا، ولها سنة ليست لسائر البلدان "
727 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة، قَالَ " وبكة بك النَّاس بعضهم بعضا،
الرجال والنساء، جميعا يُصَلَّي بعضهم بين يدي بعض، ويمر بعضهم
بين يدي بعض، وَلا يصلح ذَلِكَ إِلا بمكة
(1/301)
فِيهِ آيَاتٌ
بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ
الْعَالَمِينَ (97)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فِيهِ آيَاتٌ
بَيِّنَاتٌ}
728 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا
الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَتْنِي رُقَيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
أُمِّهَا حَجَّةَ بِنْتِ قُرْطٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "
أُلْقِيَ الْمَقَامُ مِنَ السَّمَاءِ "
729 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ ابْنَ
عَبَّاسٍ، قَالَ: " {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} قَالَ: لا،
وَلَكِنْ فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ لأَنَّهُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي
ذَكَرَهَا هِيَ مَقَامَهُ هَذَا الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ، وَمَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، يُعَدُّ كَبِيرًا،
مَقَامَهُ الْحَجَّ ُكلُهُّ "
730 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل،
عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، قَالَ: وحدثنا محمد ابْن
رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنِي ورقاء، عَنْ
ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} قَالَ:
كَانَ مجاهد، يقول: " أثر قدميه فِي المقام آية بينة {وَمَنْ
دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} قَالَ: هَذَا شَيْء آخر "
731 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد
بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم بْن خالد، عَنْ ابْن أبي
نحيج، عَنْ مجاهد، وعطاء، قالا: " مقام إبراهيم المسجد
الحرام، ومنى، وعرفة، والمزدلفة "
(1/302)
732 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا الحسن بْن محمد الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد
الوهاب، عَنْ الكلبي، قَالَ: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} قَالَ
" الكعبة، والصفا والمروة، ومقام إِبْرَاهِيم الحرم كله هُوَ
مقام إِبْرَاهِيم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}
733 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبِي، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ
خَثْيَمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ
عَبْدِ الْعُزَّى، قَالَ: " أَدْرَكْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
فِي الْكَعْبَةِ حِلَقًا أَمْثَالَ لُجُمِ الْبَهْمِ، لا
يُدْخِلُ خَائِفٌ يَدَهُ فِيهَا إِلا لَمْ يُهَيِّجْهُ أَحَدٌ،
فَجَاءَ خَائِفٌ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ،
فَجَاءَهُ آخَرُ مِنْ وَرَائِهِ، فَاجْتَذَبَهُ، فَشُلَّتْ
يَدَاهُ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَإِنَّهُ
لأَشَلُّ "
734 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة، وابن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} قَالَ " كَانَ
ذَلِكَ فِي الجاهلية، فَأَمَّا الْيَوْم، فإن سرق أحد قطع "
(1/303)
735 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْن صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة،
قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح،
قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة، فِي قوله: {وَمَنْ
دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} قَالَ " كَانَ فِي الجاهلية، كَانَ
الرَّجُل لو جر كُلّ جريرة عَلَى نفسه، ثُمَّ لجأ إِلَى حرم
الله لم يتناول، ولم يطلب، فَأَمَّا الإسلام، فإنه لا يمنع من
حدود الله "
736 - أَخْبَرَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ،
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي
حُسَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ:
" لَوْ وَجَدْتُ فِيهِ قَاتِلَ الْخَطَّابِ مَا مَسَسْتُهُ
حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ "
737 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
قبيصة، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ إسماعيل بْن عَبْد الملك،
عَنْ عطاء، قَالَ " من مات فِي الحرم بعث آمنا، يقول: {وَمَنْ
دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} "
738 - حَدَّثَنَا موسى بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو جعفر
محمد بْن أحمد بْن الجنيد الدقاق، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم،
عَنْ زريق مولى بني محزوم، عَنْ زياد بْن أبي عياش، عَنْ
يَحْيَى بْن جعدة: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} قَالَ: "
آمنا من النَّار "
(1/304)
739 - حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ
طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله جَلَّ
وَعَزَّ: " {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} قَالَ: مَنْ
قَتَلَ، أَوْ سَرَقَ فِي الْحِلَّ، ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ،
فَإِنَّهُ لا يُجَالَسُ، وَلا يُكَلَّمُ، وَلا يُؤْوَى،
وَلَكِنَّهُ يُنَاشَدُ حَتَّى يَخْرُجَ، فَيُؤْخَذَ فَيُقَامَ
عَلَيْهِ مَا جَرَّ، فَإِنْ قَتَلَ أَوْ سَرَقَ فِي الْحِلِّ
فَأُدْخِلَ الْحَرَمَ، فأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ مَا
أَصَابَ أَخْرَجُوهُ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ، فَأُقِيمَ
عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ سَرَق أُقِيمَ
عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ "
740 - حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " عَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ
عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي رَجُلٍ أَخَذَ فِي الْحِلِّ،
ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَم، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى الْحِلِّ،
فَقَتَلَهُ، قَالَ: أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ،
يَقُولُ: أَدْخَلَهُ بِأَمَانٍ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ
اتَّهَمَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي بَعْضِ الأَمْرِ، وَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَتْلا "
(1/305)
741 - حَدَّثَنَا أبو سعد، قَالَ:
حَدَّثَنَا عمرو بْن زرارة، قَالَ: أَخْبَرَنَا هشيم، عَنْ
مطرف، عَنْ الشعبي، قَالَ " من أحدث حدثا، ثُمَّ لجأ إِلَى
الحرم، فقد أمن، وَلا يعرض لَهُ، وإن أحدث فِي الحرم أقيم
عَلَيْهِ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ
الْبَيْتِ}
742 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلالِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ " {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ
الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: فَقَالَ: " حُجَّ
حَجَّةَ الإِسْلامِ الَّتِي عَلَيْكَ، وَلْوَ قُلْتُ: نَعَمْ،
وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}
743 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو
حذيفة، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ إِبْرَاهِيم الخوزي، عن
محمد بن عباد، عن ابن عمر، قال سئل النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {مَنِ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَقَالَ " مَا السبيل؟ قَالَ:
الزاد، والراحلة "
(1/306)
744 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَرِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ حَجَّاجُ بْنُ
مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ
وحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ، " أَنَّ رَجُلا، قَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ مَا السَبِيلُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: " الزَّادُ
وَالرَّاحِلَةُ "
745 - حَدَّثَنَا أبو أحمد، قَالَ: أَخْبَرَنَا يعلي، قَالَ:
حَدَّثَنَا محمد بْن سوقة، قَالَ: سمعت رجلا يسأل سعيد بْن
جبير، قَالَ: سمعت الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى
النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}
فما هَذَا السبيل؟ قَالَ " من كَانَ لَهُ ثمن راحلة، وزاد: فقد
وجب عَلَيْهِ الحج
746 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن نجيح، عَنْ مجاهد، قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ " البلاغ، والراحلة،
والزاد
[قوله جَلَّ وَعَزَّ] : {وَمَنْ كَفَرَ}
747 - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله:
" {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلا} وَالسَّبِيلُ: أَنْ يَصِحَّ نَذْرُ
الْعَبْد، وَيَكُونَ لَهُ ثَمَنُ زَادٍ، وَرَاحِلَةٌ، مِنْ
غَيْرِ أَنْ يُجْحِفَ بِهِ "
(1/307)
748 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا
يوسف القطان، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم النَّبِيّل، عَنْ
المثنى بْن الصباح، عَنْ عطاء: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ "
الزاد، والراحلة، وأن تخلف لأهلك من النفقة مَا يكفيهم "
749 - حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى عَبْد اللهِ بْن أحمد بْن أبي
ميسرة، بمكة وأبو محمد سليمان بْن شعيب الكسائي، بمصر، قالا:
حَدَّثَنَا المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا حيوة بْن شريح، وابن
لهيعة، قالا: أَخْبَرَنَا شرحبيل بْن شريك المعافري، أَنَّهُ
سمع عكرمة، يقول فِي هَذِهِ الآيَة: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: "
السبيل: الصحة "
750 - حَدَّثَنَا علي بْن الحسن، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد
اللهِ، عَنْ سفيان، قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن أبي كريمة،
عَنْ رَجُل، عَنْ ابْن الزبير، قَالَ " السبيل عَلَى قدر القوة
"
(1/308)
751 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا
شجاع، قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا
جويبر، عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ " الزاد، والراحلة، فإن كَانَ رجلا
شابا، فليؤجر نفسه بأكله وعقبه حَتَّى يقضي نسكه، فقيل للضحاك:
أكلف الله العباد مَا لا يطيقون، قَالَ: فَقَالَ: لو كَانَ
لأحدهم هناك مال لأتاه، ولو حبوا " وَقَالَ الضحاك: الزاد
والراحلة
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ
عَنِ الْعَالَمِينَ}
752 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: " لَمَّا
نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} جَمَعَ
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ
الْمِلَلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَالنَّصَارَى، وَالْيَهُودَ،
وَالْمَجُوسَ، وَالصَّابِئِينَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ،
(1/309)
فَحُجُّوا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ
إِلا الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ كَفَرُوا بِالْبَيْتِ، فَذَلِكَ
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ} يَعْنِي: وَمَنْ جَحَدَ
{فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} "
753 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: حدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قول الله جَلَّ وَعَزَّ:
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ إِلَى قوله: وَمَنْ
كَفَرَ} يقول: " من أنكر الحج، وكفر بِهِ، ولم يره عَلَيْهِ
حقا، مِنْ أَهْلِ الأديان كلهم {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ
الْعَالَمِينَ} وكفرت اليهود، والنصارى، وسائر أَهْل الأديان
بالحج، وآمن بِهِ المسلمون، ولم يكفروا بِهِ "
754 - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "
{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}
يَقُولُ: مَنْ كَفَرَ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَرَ حَجَّهُ بِرًّا،
وَلا تَرْكَهُ مَأْثَمًا "
755 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ
مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْعَلاءُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، قَالَ: قَالَ
عَبْدُ اللهِ: " {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: {وَمَنْ كَفَرَ}
فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَهُوَ الْكَافِرُ "
(1/310)
قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ
شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98)
756 - حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بْن عَبْد
الوهاب، وعلي بْن عَبْد العزيز، قالا: حَدَّثَنَا أبو نعيم،
قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ منصور، عَنْ مجاهد: {وَمَنْ
كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} قَالَ " من
كفر بالله واليوم الآخر "
757 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو الناقد، قَالَ:
حَدَّثَنَا هشيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا حجاج، عَنْ عطاء، وجويبر،
عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ} قَالَ "
من جحد بالحج، وكفر بِهِ "
758 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن محمد بْن يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو الربيع، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد، عَنْ هشام،
عَنْ الحسن {وَمَنْ كَفَرَ} قَالَ " ومن كفر بالحج
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا
تَعْمَلُونَ}
759 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو،
قَالَ: أَخْبَرَنَا زِيَادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: " مَرَّ شَاسُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسَا
عَظِيمِ
(1/311)
الْكُفْرِ شَدِيدَ الضِّغْنِ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ شَدِيدَ الْحَسَدِ لَهُمْ، عَلَى نَفِيرٍ مِنَ
الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي مَجْلِسٍ قَدْ جَمَعَهُمْ
يَتَحَدَّثُونَ فِِيهِِ، فَغَاظَهُ مَا رَأَى مِنْ
أُلْفَتِهِمْ، وَجَمَاعَتِهِمْ، وَصَلاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ
عَلَى الإِسْلامِ بَعْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهْمُ مِنَ
الْعَدَاوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ
مَلأُ بَنِي قَيْلَةَ بِهَذِهِ الْبِلادِ، لا وَاللهِ مَا
لَنَا مَعَهُمْ إِذَا اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ بِهَا مِنْ
قَرَارٍ، فَأَمَرَ فَتًى شَابًّا مَعَهُ مِنْ يَهُودَ،
فَقَالَ: اعْمِدْ إِلَيْهِمْ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ، ثُمَّ
ذَكِّرْهُمْ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَمَا كَانَ قَبْلَهُ،
وَأَنْشَدَهُمْ بَعْضَ مَا كَانُوا تَقَاوَلُوا فِيهِ مِنَ
الأَشْعَارِ، وَكَانَ يَوْمَ بُعَاثٍ يَوْمَ اقْتَتَلَتْ فِيهِ
الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، فَكَانَ الظَّفَرُ فِيهِ لِلأَوْسِ
عَلَى الْخَزْرَجِ، فَفَعَلَ فَتَكَلَّمَ الْقَوْمُ عِنْدَ
ذَلِكَ، وَتَنَازَعُوا، وَتَفَاخَرُوا حَتَّى تَوَاثَبَ
رَجُلانِ مِنَ الْحَيَّيْنِ عَلَى الرَّكْبِ: أَوْسُ بْنُ
قَيْظِيٍّ، أَحَدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بْنِ
الْحَارِثِ مِنَ الأَوْسِ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ أَخُو بْنِي
سَلَمَةَ مِنَ الْخَزْرَجِ، فَتَقَاوَلا، ثُمَّ قَالَ
أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنْ شِئْتْمُ وَاللهِ رَدَدْنَاهَا
الآنَ جَذِعَةً وَغَضِبَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا، وَقَالُوا:
قَدْ فَعَلْنَا السِّلاحَ، السِّلاحَ مَوْعِدُكُمُ
الظَّاهِرَةُ، وَالظَّاهِرَةُ الْحَرَّةُ، فَخَرَجُوا
إِلَيْهَا، وَانْضَمَّتِ الأَوْسُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ،
وَالْخَزْرَجُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ عَلَى كَلِمَةٍ،
قَالَهَا الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
(1/312)
قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ
تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)
وَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فِيمَنْ
مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى
جَاءَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ " اللهَ،
اللهَ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ
بَعْدَ إِذْ هَدَاكُمُ اللهُ لِلإِسْلامِ، وَأَكَرْمَكُمْ
بِهِ، وَقَطَعَ بِهِ عَنْكُمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ،
وَاسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَأَلَّفَ بِهِ
بَيْنَكُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ كُفَّارًا "، فَعَرَفَ
الْقَوْمُ أَنَّهَا نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَكَيْدٌ مِنْ
عَدُوِّهِمْ لَهُمْ، فَأَلْقَوُا السِّلاحَ مِنْ أَيْدِيهِمْ
وبَكَوْا، وَعَانَقَ الرِّجَالُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ
الأَوْسِ، وَالْخَزْرَجِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَعَ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَامِعِينَ
مُطِيعِينَ، قَدْ أْطَفَأَ اللهُ عَنْهُمْ كَيْدَ عَدُوِّ
اللهِ شَاسٍ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فِي شَأْنِ
شَاسِ بْنِ قَيْسٍ، وَمَا صَنَعَ: قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ
لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا
تَعْمَلُونَ إِلَى قوله: {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللهُ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ}
760 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قَالَ زَكَرِيَّا
وحدثنا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا
سعيد، عَنْ قتادة، قوله: {قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللهِ}
(1/313)
الآيَة يقول: " لم تصدون عَنِ الإسلام، وعن
نبي الله شهداء من آمن بِهِ، وأنتم على ذلك بما تقرءون من
كِتَابِ اللهِ، أن محمدا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وأن الإسلام دين الله الَّذِي لا يقبل غيره، وَلا
يجزي إِلا بِهِ و {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ
شُهَدَاءُ} الآيَة
761 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة، قوله جَلَّ وَعَزَّ: {تَبْغُونَهَا
عِوَجًا} " مكسورة الأول، لأنه فِي الدين وكذلك فِي الْكَلام
والعمل، فَإِذَا كَانَ فِي شَيْء قائم نحو الحائط، والجذع
فَهُوَ عوج مفتوح الأول {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} أي: علماء بِهِ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}
762 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُؤَمِّلُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ
الْحَيَّيْنِ مِنَ الأَوْسِ، وَالْخَزْرَجِ قِتَالٌ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ اصْطَلَحُوا،
وَأَلَّفَ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، فَحَبَسَ أَوْ فَجَلَسَ
يَهُودِيٌّ
(1/314)
فِي مَجْلِسٍ فِيهِ نَفَرٌ مِنَ الأَوْسِ
وَالْخَزْرَجِ، فَأَنْشَدَ شِعْرًا قَالَهُ أَحَدُ
الْحَيَّيْنِ فِي حَرْبِهِ، فَكَأَنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ
ذَلِكَ، فَقَالَ الْحَيُّ الآخَرُونَ: قَدْ قَالَ شَاعِرُنَا
فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَاجْتَمَعُوا، وَأَخَذُوا
السِّلاَح، وَاصْطَفُّوا لِلْقَتَالِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ
الآيَةُ {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا
فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَى قوله:
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ،
فَقَرَأَهُنَّ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ
أَنْصَتُوا لَهُ، وَجَعَلُوا يَسْتَمِعُونَ، فَلَمَّا فَرَغَ
أَلْقَوُا السِّلاحَ، وَعَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَجَثَوْا
يَبْكُونَ "
763 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة:
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ
إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} " قَدْ تقدم فيهم كَمَا تسمعون
وحذركموهم، فنبأكم بضلالتهم، فلا تأمنوهم عَلَى دينكم، وَلا
تنتصحوهم عَلَى أنفسكم،
فإنهم الأعداء الحسدة الضلال، كيف تأمنون قوما كفرا بكتابهم،
وقتلوا رسلهم، وتخيروا فِي دينهم، وعجزوا عَنْ أنفسهم أولئك،
والله أَهْل التهمة والعدواة
(1/315)
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ
وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ
رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ
وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ
رَسُولُهُ}
764 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنِ الأَغَرِّ بْنِ
الصَّبَّاحِ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي
نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ " كَانَ بَيْنَ الأَوْسِ
وَالْخَزْرَجِ حَرْبٌ، فَذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ، فَقَامَ
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالسِّلاحِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ،
فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَ قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَكَيْفَ
تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ
وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ
إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
765 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {وَمَنْ
يَعْتَصِمْ} قَالَ " يؤمن بالله " حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا،
قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن الخليل، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو
النصر، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو جعفر، عَنْ الربيع بْن أنس، عَنْ
أبي العالية قال: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ} " الاعتصام بِهِ الثقة
بِهِ
(1/316)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ}
الآيَة
766 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، قَالَ: حَدَّثَنَا
سعيد، عَنْ قتادة: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ} " فحق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثُمَّ أنزل
التخفيف، والتيسير، وعاد بعائدته، ورحمته عَلَى مَا يعلم من
ضعف خلقه، فَقَالَ: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
فجاءت هَذِهِ الآيَة فِيهَا تخفيف، وعافية، ويسر "
767 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
حجاج بْن المنهال، قَالَ: حَدَّثَنَا همام، عَنْ قتادة:
{اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} قَالَ " نسختها الآيَة
{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} "
768 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، وَمَطَرٌ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُرَّةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ: " وَ {اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}
قَالَ: أَنْ يُطَاعَ فَلا يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلا يُنْسَى،
وَيُشْكَرَ فَلا يُكْفَرَ "
(1/317)
اللفظ لمسعر، وَقَالَ مطر: أخبرني زبيد
769 - حَدَّثَنَا علي بْن الحسن بْن أبي عِيسَى الهلالي،
قَالَ: حَدَّثَنَا أبو جابر محمد بْن عَبْد الملك، قَالَ:
حَدَّثَنَا شعبة، قَالَ: أخبرني عمرو بْن مرة، قَالَ: سمعت مرة
الهمداني، يحدث
عَنْ ربيع بْن خثيم، فِي قول الله جَلَّ وَعَزَّ: {اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} قَالَ " أن يطع فلا يعصى، وأن يذكر فلا
ينسى، وأن يشكر فلا يكفر "
770 - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله:
" {اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فَإِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ،
وَلَكِنْ حَقَّ تُقَاتِهِ أَنْ يُجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ
جِهَادِهِ، فَلا يَأْخُذْهُمْ فِي اللهِ لَوْمَةَ لائِمٍ،
وَيَقُومُوا لِلِّهِ بِالْقِسْطِ، وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَآبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ "
771 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَنْ أيوب، عَنْ عكرمة {اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} قَالَ " نزلت فِي الأوس، والخزرج كَانَ
فيهم قتال يَوْم بعاث
(1/318)
وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا
نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ
فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا}
772 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
عُمَرَ الْمَكِّيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
وَمَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: "
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا} قَالَ: حَبْلُ اللهِ
الْقُرْآنُ "
773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ، قَالَ: " حَبْلُ اللهِ هُوَ الْجَمَاعَةُ "
774 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ
جَمِيعًا} قَالَ: بعهد الله وأمره "
775 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: وحدثت، عَنْ ابْن حيان، قوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللهِ جَمِيعًا} يقول: " اعتصموا بأمر الله وطاعته جميعا، وَلا
تفرقوا
(1/319)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا تَفَرَّقُوا}
776 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة،
قوله: {وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ
عَلَيْكُمْ} " قَدْ كره إليكم الفرقة، وقدم إليكم فِيهَا،
وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لَكُمُ السمع، والطاعة، والألفة،
والجماعة، فارضوا لأنفسكم مَا رضي لَكُمْ إن استطعتم وَلا قوة
إِلا بالله
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ}
777 - أَخْبَرَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
قَالَ: " لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَفَرًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ،
وَأَرَدُوا أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ
اللهِ، إِنَّ بَيْنَ قَوْمِنَا حَرْبٌ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ
جِئْتَ عَلَى حَالِكَ هَذِهِ أَنْ لا يَتَهَيَّأَ الَّذِي
تُرِيدُ، فَوَاعَدُوهُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، فَقَالُوا:
نَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ
تِلْكَ الْحَرْبَ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا لا تَصْلُحُ،
وَهِيَ يَوْمَ بُعَاثٍ فَلَقُوهُ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ
سَبْعِينَ رَجُلا قَدْ آمَنُوا بِهِ، فَأَخَذَ مِنْهُمُ
النُّقَبَاءَ: اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا، فَذَلِكَ
(1/320)
حِينَ يَقُولُ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ} "
778 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: وحدثت، عَنْ ابْن حيان
فِي قوله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنْتُمْ أَعْدَاءً} فِي الجاهلية، {فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ} فِي الإسلام {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ}
برحمته يعني بالإسلام {إِخْوَانًا} ، والمؤمنون إخوة
{وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ} يقول: " كنتم
مشركين فِي جاهليتكم، الميت فِي النَّار، والحي عَلَى شفا حفرة
من النَّار {فَأَنْقَذَكُمْ} الله من الشرك إِلَى الإيمان "
بلغني، والله أعلم، أن هَذِهِ الآيَة أنزلت فِي قبيلتين من
قبائل الأنصار فِي رجلين أحدهما من الخزرج، والأخر من الأوس
اقتتلوا فِي الجاهلية زمانا طويلا، فقدم النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، فأصلح بينهم فجرى الحديث
بينهما فِي المجلس فتفاخروا، فَقَالَ بعضهم: أما والله لو تأخر
الإسلام قليلا لقتلنا سادتكم، ونكحنا نساءكم، قَالَ الآخرون:
قَدْ كَانَ الإسلام مستأخرا زمانا طويلا، فهلا فعلتم ذَلِكَ،
فنادوا عِنْد ذَلِكَ بالأشعار، وذكروا القتل، فتفاخروا،
واستبوا حَتَّى كَانَ بينهم فضبت الأوس والخزرج إِلَى الخزرج،
ودنا بعضهم من بعض، فبلغ ذَلِكَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فركب إليهم، وقد أشرع بعضهم ارحما إِلَى
بعض، فنادى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأعلى
صوته، واطلع عَلَيْهِمْ وتلا: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ
(1/321)
آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}
حَتَّى بلغ إِلَى آخِرِ الآيات يقول: {حَقَّ تُقَاتِهِ} أن
تطيعوه فلا تعصوه فِي شَيْء، فذلك حق الله عَلَى العباد،
فَلَمَّا سمعوا ذَلِكَ كف بعضهم، عَنْ بعض، وتناول بعضهم خدود
بعض بالتقبيل "
779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ
سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاذْكُرُوا
نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ
بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} إذ كنتم تذابحون فِيهِ، يأكل شديدكم
ضعيفكم، حَتَّى جَاءَ الله بالإسلام، فآخى بِهِ بينكم، وألف
بِهِ بينكم، أما والله لا إله إِلا هُوَ إن الألفة لرحمة، وإن
الفرقة لعذاب، ذكر لَنَا أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يقول: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
لا يَتَوَادَّ رَجُلانِ فِي الإِسْلامِ، فَيُفَرِّقُ
بَيْنَهُمَا مِنْ أَوَّلِ ذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا،
وَإِنَّ أَرَدَاهُمَا الْمُحْدِثُ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}
780 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ
سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قوله: " {فَأَصْبَحْتُمْ
بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلا قَالَ
لابْنِ مَسْعُودٍ: كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: أَصْبَحْنَا
بِنِعْمَةِ اللهِ إِخْوَانًا "
(1/322)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَكُنْتُمْ عَلَى
شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ} الآيَة
781 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة:
{وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ
فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} الآيَة " كَانَ هَذَا الحي من العرب
أذل النَّاس ذلا، وأشقاه عيشا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودا،
وأجوعه بطونا، معكوفين عَلَى رأس حجر بين الأسدين: فارس
والروم، لا والله مَا فِي بلادهم يومئذ شَيْء يحسدون عَلَيْهِ،
من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات ردي فِي النَّار، يؤكلون وَلا
يأكلون، والله مَا نعلم قبيلا يومئذ من حاضر الأرض كانوا أصغر
فِيهَا خطرا، وأرق فِيهَا شأنا منهم، حَتَّى جَاءَ الله
بالإسلام فورثكم بِهِ الْكِتَاب، وأحل لَكُمْ بِهِ دار الجهاد،
ووسع لَكُمْ بِهِ الرزق، وجعلكم ملوكا عَلَى رقاب النَّاس،
وبالإسلام أعطى الله مَا رأيتم، فاشكروا نعمة الله، فإن ربكم
منعم يحب الشاكرين، وإن أَهْل الشكر فِي مزيد مِنَ اللهِ تبارك
وتعالى "
782 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ} أي: "
حرف مثل شفى الركية
(1/323)
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)
حروفها {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} : ترك
شفا، ووقع التأنيث عَلَى {حُفْرَةٍ} وتصنع العرب مثل هَذَا
كثيرا " قَالَ جرير رأت مر السنين أخذن مني كَمَا أخذا السرار
من الهلال وَقَالَ العجاج طول الليالي أسرعت
فِي نقضي طوين طولي وطوين عرضي
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} الآيَة
783 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: قَالَ أبو عبيدة،
فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ} قَالَ " الأمة هاهنا الجماعة، والأمة فِي أشياء سوى
هاهنا: الإمام الَّذِي يؤتم بِهِ " وقوله {وَادَّكَرَ بَعْدَ
أُمَّةٍ} معناه: " بعد قرن " قَالَ: " ومن قرأها بعد أمة أراد
نسيان "
(1/324)
وَلَا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
(105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا
الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ
إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ
(106)
784 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا الحسن بْن أبي الربيع، قَالَ: حَدَّثَنَا زياد،
عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} قَالَ " هم
أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة
وهم الرواة "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}
الآيَة
785 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: وحدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} " يقول
للمؤمنين: لا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا يعني اليهود "
{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} يقول: " تفرقوا
واختلفوا من بعد موسى، فنهى الله الْمُؤْمِنِينَ أن يتفرقوا
بعد نبيهم كفعل اليهود
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ
وُجُوهٌ}
786 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عمرو، عَنْ أسباط، عَنْ السدي {يَوْمَ
تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} قَالَ " بالأعمال
والأحداث "
(1/325)
يَوْمَ تَبْيَضُّ
وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ
وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا
الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا الَّذِينَ
اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ}
787 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنَا
قيس، عَنْ يونس بْن أبي مسلم، قَالَ: قدم عَلَيْنَا عكرمة،
فأمرني رَجُل أن أسأله، عَنْ هَذِهِ الآيَة {فَأَمَّا
الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ
إِيمَانِكُمْ} قَالَ " لو فسرتها لم أفرغ من تفسيرها ثلاثة
أيام، ولكن سأجمل لك، هي فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، كانوا مصدقين
بأنبيائهم مؤمنين بهم، مصدقين بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مؤمنين بِهِ، فَلَمَّا بعث الله محمدا كفروا، فذلك
قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} "
فأتيت الَّذِي أرسلني فأخبره بذلك، فَقَالَ: صدق
788 - حَدَّثَنِي الدَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: "
لَمَّا أُتِيَ بِرَءُوسِ الأَزَارِقَةِ، فَنُصِبَتْ عَلَى
دَرَجِ دِمَشْقَ، جَاءَ أَبُو أُمَامَةَ، فَلَمَّا رَآهُمْ
دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: كِلابُ النَّارِ كِلابُ
النَّارِ هَؤُلاءِ شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ،
وَخَيْرُ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ
الَّذِينَ قَتَلَهُمْ هَؤُلاءِ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا شَأْنُكَ
دَمَعَتْ عَيْنَاكَ؟ قَالَ: رَحْمَةً لَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا
مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ، قَالَ: قُلْتُ: أَبِرَأْيِكَ قُلْتَ
كِلابُ النَّارِ، أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ؟
(1/326)
قَالَ: إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ، بَلْ
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلا اثْنَتَيْنِ وَلا ثَلاثَ
مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَلا {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ
وُجُوهٌ حَتَّى بَلَغَ فِيهَا خَالِدُونَ} وَتَلا {هُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ
مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ حَتَّى بَلَغَ إِلا أُولُو
الأَلْبَابِ} ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ
بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ، فَأَعَاذَكَ اللهُ مِنْهُمْ "
وقوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}
789 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، عَنْ أبي عبيد، عَنْ
الكسائي، والفراء، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ {فَأَمَّا الَّذِينَ
اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}
معناه والله أعلم فيقال " أكفرتم لأن أما لابد لها من فاء تكون
جوابها، كقولك: أما عَبْد اللهِ فقائم وَلا يتكلم بهذا "
790 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ
وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} " العرب تختصر لعلم
(1/327)
المخاطب بما أريد بِهِ، فكأنه خَرَجَ مخرج
قولك {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} فيقول لَهُمْ: " أكفرتم "
فحذف هَذَا فاختصر الْكَلام قَالَ الأسدي: كذبتم وبيت الله لا
تنكحونها بْن شاب قرناها تصر وتحلب ويروى: لا تهتدونها، أراد
ببني الَّتِي شاب قرناها، فاختصر قَالَ النابغي الذبياني: كأنك
من جمال بْن أقيش يقعقع خلف رجليه بشن بني أقيش: حي من الجن،
أراد: كأنك جمل، فألقى الجمل، ففهم عنه مَا أراد
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}
791 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ
بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ
إِيمَانِكُمْ} هَذَا الإِيمَانُ الَّذِي كَانَ فِي صُلْبِ
آدَمَ "
(1/328)
وَأَمَّا الَّذِينَ
ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ
بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ
(108)
792 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج:
{أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} قَالَ " إيمانهم إذ أخذ
عَلَيْهِمُ العهد فِي ظهر آدم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ
وُجُوهُهُمْ} الآيَة
793 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قوله:
{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ
اللهِ} " هؤلاء أَهْل طاعة الله، والوفاء بعهد الله " قَالَ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ
بِالْحَقِّ}
794 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {تِلْكَ آيَاتُ اللهِ} " أي: عجائب
الله {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} نتلوها: نقصها "
(1/329)
كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ
آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ
الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {كُنْتُمْ}
795 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الدارمي،
قَالَ: حَدَّثَنَا حبان، قَالَ: حَدَّثَنَا مبارك، عَنْ الحسن،
قَالَ " قَالَ رَجُل: أعوذ بالله أن أكون كنتيا، قيل لَهُ: مَا
الكنتي؟ قَالَ: تقول: لقد كنت مرة وكنت، وقرأ الحسن: {كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} "
796 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، قَالَ: قَالَ الكلبي " أنتم، يعني فِي قوله:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {خَيْرَ أُمَّةٍ}
797 - حَدَّثَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ بَهْزِ بْنِ
حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ،
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ
أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ "
(1/330)
798 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ} أي: " جماعة
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
799 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
مَسْعُودٍ الْجَرَّارُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قوله جَلَّ وَعَزَّ: " {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ} قَالَ: كُنْتُمْ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ "
800 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} " كنتم خير
النَّاس للناس " وكذلك قَالَ سيد بْن جبير
801 - حَدَّثَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله: "
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: هُمُ
الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ "
(1/331)
802 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} قَالَ: قَالَ مولى ابْن عباس " فِي
عَبْد اللهِ بْن مسعود، وعمار بْن ياسر، ومعاذ بْن جبل، وأبي
بْن كعب "
803 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَيْسَرَةَ
الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ:
تَجِيئُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ تُدْخِلُونَهُمْ فِي
الإِسْلامِ "
804 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، عَنْ محمد بْن سيرين، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يقول: " لمن أنتم
بين ظهرانيه، كقوله {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ
عَلَى الْعَالَمِينَ} "
805 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد بْن حميد، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بْن
موسى، عَنْ عِيسَى بْن موسى، عَنْ عطية: {كُنْتُمْ
(1/332)
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
قَالَ " خير النَّاس للناس، شهدتم للنبيين الذين كفر بهم قومهم
بالبلاغ "
806 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا بشار بْن موسى
الخفاف، قَالَ: أَخْبَرَنَا عباد بْن العوام، قَالَ:
حَدَّثَنَا سفيان بْن حسين، قَالَ: سمعت الحسن، قرأ {كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: فَقَالَ الحسن "
هم الذين مضوا من صدر هَذِهِ الأمة، يعني أصحاب النَّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ كَانَ الرَّجُل منهم
يلقى أخاه، فيقول: أبشر أليس أنت كنتيا " قَالَ جَلَّ وَعَزَّ:
تأمرون بالمعروف وتنهون عَنِ المنكر وتؤمنون بالله
807 - حَدَّثَنَا عَلانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله: "
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يَقُولُ:
تَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ،
وَالإِقْرَارَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ، وَتُقَاتِلُونَهُمْ
عَلَيْهِ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ هُوَ أَعْظَمُ الْمَعْرُوفِ،
وَتَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْمُنْكَرُ
التَّكْذِيبُ وَهُوَ أَنْكَرُ الْمُنْكَرِ "
808 - حَدَّثَنَا أبو سعد، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو سلمة، قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو عاصم، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي
(1/333)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ " عَلَى هَذَا الشرط أن
{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} تقول: لمن أنتم بْن ظهرانيه، كقوله:
{وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ} الآيَة
809 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة،
قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا يزيد بْن صالح، عَنْ خارجة، عَنْ
سعيد، عَنْ قتادة، قوله: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى} يقول:
" لن يضروكم إِلا أذى تسمعونه منهم "
810 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {لَنْ
يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى} قَالَ " إشراكهم فِي عزير وعِيسَى
والصليب
(1/334)
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ
الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ
وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ
الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا
يَعْتَدُونَ (112)
قوله جَلَّ وَعَزَّ {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ
الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا}
811 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد بْن حميد، قَالَ: حَدَّثَنَا هوذة، عَنْ عوف،
عَنْ الحسن: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا
ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ} الآيَة، قَالَ " أدركتهم
هَذِهِ الأمة، وإن المجوس لتجبيهم الجزية "
812 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أيوب،
قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يزيد، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك،
فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} "
الجزية
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ
النَّاسِ}
813 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ
اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} إِلا بِعَهْدٍ مِنَ النَّاسِ "
(1/335)
814 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مرزوق،
قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم، عَنْ عِيسَى، عَنْ ابْن أبي نجيح،
عَنْ مجاهد: {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ} قَالَ " بعهد مِنَ
اللهِ " {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} قَالَ: " وبعهد مِنَ
النَّاسِ " وكذلك قَالَ الضحاك وقتادة
815 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ} " إِلا
بعهد مِنَ اللهِ "
816 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: قَالَ الفراء فِي
قوله: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا
إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} أي " إِلا
أن يعتصموا بحبل مِنَ اللهِ، فأضمر ذَلِكَ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ}
817 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن يزيد، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك:
{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ} قَالَ الضحاك " استحقوا الغضب
مِنَ اللهِ "
(1/336)
818 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَبَاءُوا
بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ} " أن أحرزوه وباءوا بِهِ "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}
819 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا محمد بْن يزيد، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك، فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ
وَالْمَسْكَنَةُ} قَالَ " الذلة والمسكنة: الجزية "
820 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ
الْمَسْكَنَةُ} " ألزموا المسكنة
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ
بِآيَاتِ اللهِ}
821 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {ذَلِكَ بِمَا
عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} " اجتنبوا المعصية والعدوان،
فإن بهما هلك من هلك قبلكم مِنَ النَّاسِ
(1/337)
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ
آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَيْسُوا سَوَاءً}
822 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ،
قَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عِشَاءَ الآخِرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ،
فَإِذَا النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ الصَّلاةَ، قَالَ: " أَمَا
إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الأَدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللهَ
هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرَكُمْ " قَالَ: وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ:
{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى قوله وَاللهُ
عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} "
823 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي
يَزِيدَ الْعِجْلِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ زَكَرِيَّا
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
شَبَابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْعِجْلِيِّ،
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {لَيْسُوا
سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} قَالَ: لا
يَسْتَوِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ {يَتْلُونَ
آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} قَالَ: " صَلاةُ الْعَتَمَةِ،
هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
لا يُصَلُّونَهَا "
(1/338)
824 - حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد بْن عَبْد
الوهاب، وعلي بْن عَبْد العزيز، قالا: حَدَّثَنَا أبو نعيم،
قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ منصور، قَالَ " بلغني أَنَّهُ
نزلت فيما بين المغرب
والعشاء {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ
قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ
يَسْجُدُونَ} "
825 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد
بْن إِسْحَاق، قَالَ " لما أسلم عَبْد اللهِ بْن سلام، وثعلبة
بْن سعيد، وأسيد بْن ثعلبة، وأسد بْن عبيد، ومن أسلم من يهود
معهم، فآمنوا وصدقوا ورغبوا فِي الإسلام وتنخوا فِيهِ، قالت
أحبار اليهود وأهَلِ الكفر منهم: مَا آمن لمحمد وَلا اتبعه
إِلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا مَا تركوا دين آبائهم،
وذهبوا إِلَى غيره، فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي ذَلِكَ
من قولهم: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ
قَائِمَةٌ إِلَى قوله: وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ
قَائِمَةٌ}
826 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح بْن عبادة، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل،
عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد
(1/339)
قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا محمد بْن رافع،
قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنِي ورقاء، عَنْ ابْن
أبي نجيح، عَنْ مجاهد: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} قَالَ " عادلة "
827 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قوله عَزَّ وَجَلَّ
{قَائِمَةٌ} " عَلَى كِتَابِ اللهِ، وحدود الله، وفرائض الله،
وطاعة الله، يؤمنون بالله "
828 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} " العرب تجوز فِي كلامهم مثل ذا
أن يقول: أكلوني البراغيث " قَالَ أبو عبيدة: سمعتها من أبي
عمرو الهذلي فِي منطقه، وَكَانَ وجه الْكَلام أن يقول: أكلني
البراغيث، وفي الْقُرْآن: {عَمُوا وَصَمُّوا} وقد يجوز أن
يجعله كلامين، وكأنك قلت: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ
(1/340)
أَهْلِ الْكِتَابِ} ثُمَّ قلت: {أُمَّةٌ
قَائِمَةٌ} ومعنى قائمة: مستقيمة {آنَاءَ اللَّيْلِ} : ساعات
اللَّيْل "
829 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو الأشهب، قَالَ: وتلا
الحسن هَذِهِ الآيَة: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} " هؤلاء أَهْل الهدى، لَيْسَ
كُلّ الْقَوْم هلك، فقرأ حَتَّى بلغ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ: فزعوا إِلَى أنفسهم حين
تفرقت أمتهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ
وَهُمْ يَسْجُدُونَ}
830 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ
قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "
{آنَاءَ اللَّيْلِ} : جَوْفَ اللَّيْلِ "
831 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {آنَاءَ اللَّيْلِ}
قَالَ " ساعات اللَّيْل "
832 - وكذلك قَالَ ابْن جريج
833 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ
(1/341)
وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ
(115)
أبي عبيدة: {آنَاءَ اللَّيْلِ} " ساعات
اللَّيْل " واحده: إِنِّي، تقديرها جثي، والجميع أجثاء، قَالَ
أبو أثيلة: حلو ومر كعطف القدح شيمته فِي كُلِّ إِنِّي قضاة
اللَّيْل ينتعل وَقَالَ غير أبي عبيدة: " آناء اللَّيْل، وواحد
الآناء، أنى مقصور، وَقَالَ بعضهم: الأنى والأنوه، وَهُوَ
ساعات اللَّيْل قَالَ الشاعر: السالك الثغر غشيانا موارده فِي
كُلِّ أَنِّي قضاه الله ينتعل
قوله جَلَّ وَعَزَّ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ}
834 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو الأشهب، قَالَ: تلا الحسن: {لَيْسُوا سَوَاءً
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى بلغ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ " فزعوا إِلَى أنفسهم حين
تفرقت أمتهم "
835 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {وَمَا يَفْعَلُوا
مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ " لن يضل عنكم
(1/342)
إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا
أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ
فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ
أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ
وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
(117)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا
أَوْلادُهُمْ إِلَى قوله مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}
836 - حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مرزوق، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو
عاصم، عَنْ عِيسَى، عَنْ أن أبي نجيح، عَنْ مجاهد: {مَثَلُ مَا
يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} " مثل نفقة
الكافر فِي الدنيا
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {كَمَثَلِ رِيحٍ}
837 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هَارُونَ
بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي
قوله: " {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} قَالَ: الصِّرُّ: الْبَرْدُ "
838 - حَدَّثَنَا حاتم بْن يونس الجرجاني، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْن عَبْد الحميد، قَالَ: حَدَّثَنَا شريك، عَنْ سالم،
عَنْ سعيد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} قَالَ
" فِيهَا برد " وكذلك قَالَ الضحاك وقتادة "
(1/343)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ
أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْقِلُونَ (118)
839 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا عبيد الله بْن المنادى، قَالَ: حَدَّثَنَا يونس بْن
محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا الحكم بْن الصلت، قَالَ: سألت شرحبيل
أبا سعد، عَنْ قوله عز وجل {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} قلت: مَا الصر
يَا أبا سعد؟ قَالَ " هي الريح تجئ ببرد شديد تهلك الزرع "
840 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ
أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ} " الصر: شدة البرد، وعصوف من الريح "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ}
841 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ
الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ الأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ،
قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ،
فَإِذَا حَدَّثَهُمْ بِحَدِيثٍ لا يَدْرُونَ مَا هُوَ، أَتَوُا
الْحَسَنَ فَيُفَسِّرُ لَهُمْ، فَحَدَّثَهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " لا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ "
فَأَتَوُا الْحَسَنَ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَمَّا
قوله: " لا تَسِتضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ "، فَإِنَّهُ
يَقُولُ: لا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ
أُمُورِكُمْ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ {لا تَتَّخِذُوا
(1/344)
بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ
خَبَالا}
842 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنِي ورقاء، عَنْ
ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ
دُونِكُمْ حَتَّى بلغ إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}
" للمنافقين مِنْ أَهْلِ المدينة، نهى الله الْمُؤْمِنِينَ أن
يتولوهم "
843 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، قَالَ " كَانَ رجال
من المسلمين يواصلون رجالا من يهود، لما بينهم من الجوار
والحلف فِي الجاهلية، فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فيهم،
ينهاهم عَنْ مباطنتهم تخوف الفتنة عَلَيْهِمْ منهم: يَأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
إِلَى قوله
وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ - "
844 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: يَأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
قَالَ " نهى الله الْمُؤْمِنِينَ أن يستدخلوا المنافقين، أَوْ
يؤاخوهم، أَوْ يتولوهم دون الْمُؤْمِنِينَ
(1/345)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لا يَأْلُونَكُمْ
خَبَالا}
845 - حَدَّثَنَا محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد، قَالَ: حَدَّثَنَا روح، عَنْ المبارك، عَنْ
الحسن: لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا قَالَ " هم المنافقون "
846 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ " البطانة: الدخلاء من
غيركم لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا أي: شر
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}
847 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {وَدُّوا مَا
عَنِتُّمْ} قَالَ " فِي دينكم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ
أَفْوَاهِهِمْ}
848 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} تقول " قَدْ بدت
(1/346)
البغضاء من أفواه المنافقين إِلَى إخوانهم
من الكفار، من غشهم للإسلام وأهله، وبغضهم إياه
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}
849 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن صالح،
عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {وَمَا تُخْفِي
صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} تقول " وَمَا تكن صدورهم أكبر مِمَّا
قَدْ أبدوه بألسنتهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}
850 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ} أي:
" الأعلام
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ}
851 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {هَأَنْتُمْ
أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ} قَالَ " المؤمن
(1/347)
هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ
تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ
بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا
وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ
الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)
خير للمنافق من المنافق للمؤمن، يرحمه فِي
الدنيا، لو يقدر المنافق من المؤمن عَلَى مثل يقدر عَلَيْهِ
مِنْهُ، لأباد خضراءه
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}
852 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سعد، عَنْ
محمد بْن إِسْحَاق: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}
قَالَ " أي بكتابهم وكتابكم، وبما مضى من الكتب قبل ذَلِكَ،
وهم يكفرون بكتابكم، وأنتم كنتم أحق بالبغضاء لَهُمْ "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا}
853 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، وَإِسْرَائِيلَ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ
اللهِ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا
عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} قَالَ: هَكَذَا وَضَعَ
أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ فِي فِيهِ "
854 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، قَالَ: حَدَّثَنَا
(1/348)
خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة: {وَإِذَا
لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ
الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} " والأنامل: أطراف الأصابع
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} لَيْسَ
بهم إِلا مخافة عَلَى دمائهم وأموالهم، يصانعوهم بذلك {وَإِذَا
خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}
والكراهية للذي هم عَلَيْهِ، لو يجدون ريحا لكانوا عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ، فهم كَمَا نعتهم الله "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
855 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ} " بما فِي الصدور "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ}
856 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {إِنْ
تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} قَالَ " إذا رأوا من
الْمُؤْمِنِينَ جماعة وألفة غاظهم ذَلِكَ، وإذا رأوا منهم فرقة
واختلافا فرحوا بذلك "
857 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ:
(1/349)
إِنْ تَمْسَسْكُمْ
حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا
بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ
كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
(120)
حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة، قوله: {إِنْ
تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ
يَفْرَحُوا بِهَا} قَالَ " إذا رأوا مِنْ أَهْلِ الإسلام ألفة
وجماعة وظهورا عَلَى عدوهم ساءهم، وإذا رأوا مِنْ أَهْلِ
الإسلام فرقة أَوِ اختلافا، أَوْ أصيب طرف من أطراف المسلمين،
سرهم ذَلِكَ وأعجبوا بِهِ وابتهجوا بِهِ، فهم كَمَا رأيتم كلما
خَرَجَ منهم قرن كذب الله أحدوثته، أَوْ طاعته، وأبطل حجته،
وأظهر عورته، فذلك قضاء الله فيمن مضى، وفيمن بقى إِلَى يَوْم
الْقِيَامَةِ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِلَى
قوله وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ}
858 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، وَابْنُ بِنْتِ
مَنِيعٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ
أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ:
قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: " أَي خَالُ،
أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: اقْرَأِ
الْعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ تَجِدْ قِصَّتَنَا
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ
مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} "
859 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: " لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ بَدْرٍ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ فَرَاغُهُ مِنْ
بَدْرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي شَوَّالٍ، لَمْ يُقِمْ
(1/350)
بِالْمَدِينَةِ إِلا سَبْعَ لَيَالٍ حَتَّى
غَزَا بِنَفْسِهِ يُرِيدَ بَنِي سُلَيْمٍ، حَتَّى بَلَغَ
الْكُدْرَ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدا، فَأَقَامَ
بَقِيَّةَ شَوَّالٍ وَذَا الْقِعْدَةِ، ثُمَّ غَزَاهُ أَبُو
سُفْيَان غَزْوَةَ السَّوِيقِ فِي ذِي الْحِجَّةِ قَالَ ابْنُ
إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ: فَأَتَوْا نَاحِيَةَ الْمَدِينَةِ
فَحَرَقُوا فِي أَصْوَارٍ عَلَيْهَا، وَوَجَدُوا رَجُلا مِنَ
الأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ، قَتَلُوهُمَا ثُمَّ انْصَرَفُوا
رَاجِعِينَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ
انْصَرَفَ وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ،
فَأَقَامَ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ أَوْ
قَرِيبًا مِنْهُ، ثُمَّ غَزَا نَجْدا يُرِيدَ غَطَفَانَ،
وَهِيَ غَزْوَةُ ذِي أَمْرٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ
كَيْدًا، ثُمَّ غَزَا يُرِيدُ قُرَيْشًا وَبَنِي سُلَيْمٍ،
حَتَّى بَلَغَ بِحَرَّانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرْعِ، فَأَقَامَ
بِهَا شَهْرَ رَبِيعٍ وَجُمَادَى الأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ
وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، وَقَدْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ
مِنْ غَزْوِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَسَرِيَّةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ
سَرِيَّةِ الْقِرَدَةِ الَّتِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، حِينَ أَصَابَتْ عِيرَ
قُرَيْشٍ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الْقِرَدَةِ مِنْ
مِيَاهِ عَدُوٍّ، كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ خَافَتْ طَرِيقَهَا
إِلَى الشَّامِ، حِينَ كَانَ مِنْ
(1/351)
وَقْعَةِ بَدْرٍ مَا كَانَ، فَسَلَكُوا
طَرِيقَ الْعِرَاقِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَلَقِيَهُمْ عَلَى
الْمَاءِ، فَأَصَابَ تِلْكَ الْعِيرَ وَمَا فِيهَا،
وَأَعْجَزَهُ الرِّجَالُ، وَكَانَتْ إِقَامَةُ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ
قُدُومِهِ مِنْ بَحْرَانَ، جُمَادَى أَيِ الأُخْرَى وَرَجَبٍ
وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ، وَغَزَتْهُ قُرَيْشٌ غَزَوْةَ أُحُدٍ
فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاثٍ، وَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ
السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ "
(1/352)
861 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم
بْن سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، عَنْ محمد بْن مسلم بْن عبيد
الله بْن شهاب الزهري، ومحمد بْن يَحْيَى بْن حبان، وعاصم بْن
عمر بْن قتادة، والحصين بْن عَبْد الرحمن بْن عمرو بْن سعد بْن
معاذ، وغيرهم من علمائنا، كُلّ قَدْ حدث بعض الحديث عَنْ يَوْم
أحد آل عمران من {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ إِلَى
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ}
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ
شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
حِبَّانَ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ،
وَالْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَائِنَا، كُلٌّ
قَدْ حَدَّثَ بَعْضَ الْحَدِيثِ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ، وَقَدِ
اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ كُلِّهِمْ فِيمَا سُقْتُ مِنْ هَذَا
الْحَدِيثِ عَنْ يَوْم أُحُدٍ، قَالَ " لَمَّا أَصَابَتْ
قُرَيْشٌ أَوْ مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ
كُفَّارِ قُرَيْشٍ أَصْحَابَ الْقَلِيبِ وَرَجَعَ فَلُّهُمْ
إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بِعِيرِهِ، مَشَى
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي
جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، فِي رِجَالٍ مِنْ
قُرَيْشٍ، مِمَّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ
وَإِخْوَانُهُمْ بِبَدْرٍ، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ
حَرْبٍ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ مِنْ
قُرَيْشٍ تِجَارَةٌ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ
مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكُمْ، وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ،
فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ، لَعَلَّنَا
أَنْ نُدْرِكَ مِنْهُ ثَأْرَنَا بِمَنْ أَصَابَ، فَفَعَلُوا،
(1/353)
فَأَجْمَعَتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ
أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُ الْعِيرِ بِأَحَابِيشِهَا وَمَنْ
أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ بَنِي كِنَانَةَ وَأَهْلِ
تِهَامَةَ، كُلٌّ قَدِ اسْتَعَدُّوا عَلَى حَرْبِ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ
بِحَدِّهَا وَحَدِيدِهَا وَأَحَابِيشِهَا، وَمَنِ اتَّبَعَهَا
مِنْ بَنِي كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ، وَخَرَجُوا مَعَهُمْ
بِالظَّعَنِ الْتِمَاسَ الْحَفِيظَةِ وَلِئَلا يَفِرُّوا،
فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَهُوَ قَائِدُ
النَّاسِ، مَعَهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ
عَبْدِ شَمْسٍ، وَخَرَجَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بِأُمِّ
حَكِيمٍ، وَخَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ
بِفَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ، وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ
الْعَاصِ بِرَيْطَةَ بِنْتِ مُنَبِّهٍ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى
نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ: جَبَلٌ بِبَطْنِ السَّبَخَةِ، مِنْ
قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي، مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ،
فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ قَدْ نَزَلُوا، قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي قَدْ
رَأَيْتُ بَقَرًا تُنْحَرُ، وَأُرِيتَ فِي ذُبَابِ سَيْفِي
ثَلْمًا، وَأُرِيتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ
حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ، فِإَنْ رَأَيْتُمْ
أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدَعُوهُمْ حَيْثُ نَزَلُوا،
فِإَنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرِّ مَقَامٍ، وَإِنْ هُمْ
دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا "،
(1/354)
وَنَزَلَتْ قُرَيْشٌ مَنْزِلَهَا بِأُحُدٍ
يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، فَأَقَامُوا ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيْوَمَ
الْخَمِيسِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَاحَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى الْجُمُعَةَ،
فَأَصْبَحَ بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ، وَالْتَقَوْا يَوْمَ
السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاثٍ، وَكَانَ
رَأْيُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ مَعَ رَأْيِ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَرَى رَأْيَهُ فِي
ذَلِكَ أَنْ لا يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الْخُرُوجَ مِنَ
الْمَدِينَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ
أَكْرَمَ اللهُ بِالشَّهَادَةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَغَيْرِهِ،
مِمَّنْ كَانَ فَاتَهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَحَضَرُوهُ: يَا رَسُولَ
اللهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا، لا يَرَوْنَ أَنَّا
جَبُنَّا عَنْهُمْ وَضَعُفْنَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْن أبي:
يَا رَسُولَ اللهِ أَقِمْ بِالْمَدِينَةِ وَلا تَخْرُجْ
إِلَيْهِمْ، فَوَاللهِ مَا خَرَجْنَا مِنْهَا إِلَى عَدُوٍّ
لَنَا قَطُّ إِلا أَصَابَ مِنَّا، وَلا دَخَلَهَا عَلَيْنَا
إِلا أَصَبْنَا مِنْهُ، فَدَعْهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ
أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرٍّ، وَإِنْ دَخَلُوا قَاتَلَهُمُ
الرِّجَالُ وَالصِّبْيَانُ بِالْحِجَارَةِ مِنْ فَوْقِهِمْ،
وَإِنْ رَجَعُوا رَجَعُوا خَائِبِينَ كَمَا جَاءُوا، فَلَمْ
يَزَلِ النَّاسُ بِرَسُولِ اللهِ، الَّذِينَ كَانَ مِنْ
أَمْرِهِمْ حُبُّ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ
اللهِ فَلَبِسَ لأْمَتَهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ
فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ نَدِمَ
النَّاسُ، وَقَالُوا: اسْتَكْرَهَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكن ذَلِكَ لَنَا، فَلَمَّا
خَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَكْرَهْنَاكَ
وَلَمْ يَكُنْ لَنَا ذَلِكَ، فَإِنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ، فَقَالَ
رَسُولُُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا
يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لأَمْتَهُ أَنْ يَضَعَهَا
حَتَّى يُقَاتِلَ "
(1/355)
فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَلْفِ رَجُلٍ مِنَ أَصْحَابِهِ،
حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالشَّوْطِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ
وَأُحُدٍ، عَدَلَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ
النَّاسِ، وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى سَلَكَ فِي حَرَّةِ بَنِي حَارِثَةِ، فَذَبَّ
فَرَسٌ بِذَنَبِهِ، فَأَصَابَ ذُبَابَ سَيْفِهِ فَاسْتَلَّهُ،
فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَكَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ، وَلا يَعْتَافُ لِصَاحِبِ
السَّيْفِ: " شِمْ سَيْفَكَ فَأَرَى أَنَّ السُّيُوفَ
سَتُسَلُّ الْيَوْمَ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: " مَنْ رَجُلٌ
يَخْرُجُ بِنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ " أَيْ: مِنْ
قَرِيبٍ، مِنْ طَرِيقٍ لا تَمُرُّ بِنَا عَلَيْهِمْ؟، فَقَالَ
أَبُو خَيْثَمَةَ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ بْنُ حَارِثِ بْنِ
الْخَزْرَجِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَتَقَدَّمَهُ فِي
حَرَّةِ بَنِي حَارِثَةَ وَبَيْنَ أَمْوَالِهِمْ، حَتَّى
سَلَكَ بِهِ فِي مَالٍ لِمِرْبَعِ بْنِ قَيْظِيٍّ، وَمَضَى
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
وَجْهِهِ، حَتَّى نَزَلَ بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٌ مِنْ
عُدْوَةِ الْوَادِي إِلَى الْجَبَلِ، فَجَعَلَ ظَهْرَهُ
وَعَسْكَرُهُ إِلَى أُحُدٍ وَقَالَ: " لا يُقَاتِلَنَّ أَحَدٌ
حَتَّى نَأْمُرَهُ بِالْقِتَالِ "، وَقَدْ سَرَّحَتْ قُرَيْشٌ
الظَّهْرَ وَالْكُرَاعَ، فِي زُرُوعٍ كَانَتْ بِالصَّمْغَةِ
مِنْ قَنَاةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ
الأَنْصَارِ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِتَالِ: أَتَرْعَى زُرُوعَ بَنِي
قَيْلَةَ وَلَمَّا نُضَارِبْ، وَتَعَبَّأ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقِتَالِ،
(1/356)
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ
أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ
وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)
أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ
يَوْمَئِذٍ مُعَلَّمٌ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَالرُّمَاةُ خَمْسُونَ
رَجُلا فَقَالَ: " انْضَحْ عَنَّا الْخَيَّلَ بِالنَّبْلِ، لا
يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، إِنْ كَانَتْ عَلَيْنَا أَوْ
لَنَا، فَاثْبُتْ مَكَانَكَ لا نُؤْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكَ "
وَظَاهِرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَقَالَ: " مَنْ يَأْخُذْ هَذَا السَّيْفَ
بِحَقِّهِ؟ " فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ فَأَبَى أَنْ
يُعْطِيَهُمْ، حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ
بْنُ خَرَشَةَ أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ، قَالَ: وَمَا حَقُّهُ
يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَنْ يُضْرَبَ بِهِ فِي
الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْثَنِيَ " فَقَالَ: أَنَا آخُذُهُ
بِحَقِّهِ فَأَعْطَاهُ، فَكَانَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ
يَوْمَ أُحُدٍ سِتُّونَ آيَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ، فِيهَا
صِفَةُ مَا كَانَ فِي يَوْمِهِمْ ذَلِكَ، وَمُعَاتَبَةٌ مِنْ
عَاتِبٍ مِنْهُمْ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ لِنَبِيِّهِ
عَلَيْهِ السَّلامُ: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ
الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ} أَيْ: سَمِيعٌ لِمَا تَقُولُونَ عَلِيمٌ بِمَا
تُخْفُونَ "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ}
862 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ
الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} قَالَ " يَوْم أحد، غدا
نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهله
(1/357)
إِذْ هَمَّتْ
طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)
إِلَى أحد يبوئ الْمُؤْمِنِينَ مقاعد
للقتال وأحد بناحية المدينة "
863 - حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مرزوق، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو
عاصم، عَنْ عِيسَى، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد: {وَإِذْ
غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ
لِلْقِتَالِ} قَالَ " مشى يومئذ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبوئ الْمُؤْمِنِينَ
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ}
864 - حَدَّثَنَا مُوسَى، وَابْنُ بِنْتِ مَنِيعٍ، قَالا:
حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: " {إِذْ
هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} قَالَ: هُمُ
الَّذِينَ طَلَبُوا الأَمَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
865 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {إِذْ هَمَّتْ
طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} " الطائفتان: كانتا
(1/358)
بني سلمة من جشم بْن الخزرج، وبني حارثة من
النَّبِيّت من الأوس، وهما الجناحان "
866 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ} " بنو
حارثة كانوا نحو أحد، وبنو سلمة من نحو سلع
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَنْ تَفْشَلا}
867 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {إِذْ هَمَّتْ
طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} أي " أن تخاذلا "
868 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {أَنْ تَفْشَلا}
، قَالَ آخرون " الفشل: الجبن
(1/359)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاللهُ
وَلِيُّهُمَا}
869 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ
بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: " فَينَا نَزَلَتْ بَنِي
حَارِثَةَ وَبَنِي سَلَمَةَ: {أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ
وَلِيُّهُمَا} ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ لِقوله:
{وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} "
870 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَاللهُ
وَلِيُّهُمَا} " أي: الدافع عنهما مَا أهما بِهِ من فشلهما،
وذلك أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ منهما، عَنْ ضعف ووهن
أصابهما، من غير شك فِي دينهما، فتولى دفع ذَلِكَ عنهما
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ}
871 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {إِذْ هَمَّتْ
طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} حَتَّى قوله {وَاللهُ
وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
قَالَ " وذلك عَنْ غير شك فِي دينهما، فتولى دفع ذَلِكَ عنهما
برحمته وعائدته حَتَّى سلما " أظنه قَالَ: " من وهنهما وضعفهما
ولحقتا بنبيهما صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، يقول
الله: {وَعَلَى
(1/360)
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ
اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)
اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي:
" من كَانَ بِهِ ضعف من الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ وهن فليتوكل علي،
وليستعن بي أعنه عَلَى أمره، وأدفع عنه حَتَّى أبلغ بِهِ،
وأثوبه عَلَى نيته
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ
وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}
872 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا
الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " بَدْرٌ: بِئْرٌ "
873 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو
نعيم الفضل بْن دكين، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن أبي
زائدة، قَالَ: سمعت عامرا، يقول: " إِنَّمَا بدر كانت لرجل
يدعى بدر "
874 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي عمر،
قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ عمرو، عَنْ عكرمة، قَالَ " كانت
بدر متجرا فِي الجاهلية "
(1/361)
875 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ: حَدَّثَنَا زياد، عَنْ محمد بْن
إِسْحَاق، " وَكَانَ بدر موسما من مواسم العرب، يجتمع لها سوق
كُلّ عام، فيقيم ثلاثا "
876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَامِرِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: " كَانَ بَدْرٌ يَوْمَ
الإِثْنَيْنِ، صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ "
877 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " صَبِيحَةُ تِسْعَ
عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ صَبِيحَةُ بَدْرٍ "
878 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {وَأَنْتُمْ
أَذِلَّةٌ} قَالَ " قليل عددكم فِي عدد الكفار يَوْم بدر "
879 - حَدَّثَنَا الدبري، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ الزهري، قَالَ " التقوا ببدر، أصحاب رَسُول
اللهِ يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، والمشركون بين الألف
والتسع مائة، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْم الفرقان "
880 - حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، " أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَقْبَلَ مِنَ
الشَّامِ، فِي عِيرِ قُرَيْشٍ، وَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ
مُغَوِّثِينَ لِعِيرِهِمْ
(1/362)
وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ،
فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَيْنًا
طَلِيعَةً، يَنْظُرَانِ بِأَيِّ مَاءٍ هُوَ؟ فَانْطَلَقَا
حَتَّى إِذَا عَلِمَا عِلْمَهُ، وَأُخْبِرَا خَبَرَهُ، جَاءَا
سَرِيعَيْنِ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِخَبَرِهِ، وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ
عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ بِهِ الرَّجُلانِ، فَقَالَ
لأهَلِ الْمَاءِ: هَلْ أَحْسَسْتُمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ
يَثْرِبَ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَهْلَ مَرَّ بِكُمْ أَحَدٌ؟
قَالُوا: مَا رَأَيْنَا إِلا رَجُلَيْنِ، مِنْ أَهْلِ كَذَا
وَكَذَا، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَأَيْنَ كَانَ مَنَاخَهُمَا؟
فَدَلُّوهُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى بَعْرَ
إِبِلِهِمَا فَفَتَّهُ، فَإِذَا فِيهِ نَوَى، فَقَالَ: أَنَّى
لِبَنِي فُلانٍ النَّوَى؟ هَذِهِ نَوَاضِحُ أَهْلِ يَثْرِبَ
فَتَرَكَ الطَّرِيقَ، وَأَخَذَ ْسيَفْ َالْبَحْرِ، وَجَاءَ
الرَّجُلانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ: " أَيُّكُمْ
أَخَذَ هَذَا الطَّرِيقَ "؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا هُوَ
بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا، وَنَحْنُ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا،
فَنَرْتَحِلُ فَنَنَزَلَ مَاءَ كَذَاَ وَكَذا، وَنَرْتَحِلُ
فَيَنْزِلُ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ نَلْتَقِي بِمَاءِ
كَذَا وَكَذَا، كَفَرَسَيْ رِهَانٍ فَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ بَدْرًا، فَوَجَدَ
عَلَى مَاءِ بَدْرٍ بَعْضَ رَقِيقٍ مِنْ قُرَيْشٍ، مِمَّنْ
خَرَجَ يُغِيثُ أَبَا سُفْيَانَ، فَأَخَذَهُمْ أَصْحَابُهُ،
فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُمْ، فَإِذَا صَدَقُوهُمْ ضَرَبُوهُمْ،
وَإِذَا كَذَبُوهُمْ تَرَكُوهُمْ، فَمَرَّ بِهِمُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ،
فَقَالَ: " إِنْ صَدَقُوكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ، وَإِنْ
كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ "،
(1/363)
ثُمَّ دَعا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَالَ: "
مَنْ يُطْعِمُ الْقَوْمَ "؟ فَقَالَ: فُلانٌ وَفُلانٌ،
فَعَدَّدَ رِجَالا يُطْعِمُهُمْ كُلُّ رَجُلٍ يَوْمًا فَقَالَ:
" فَكَمْ يَنْحَرُ لَهُمْ "؟ قَالَ: عَشْرًا مِنَ الْجَزَائِرِ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
الْجَزُورُ لِمِائَةٍ، وَهُمْ بَيْنَ الأَلْفِ وَالتِّسْعِ
مِائَةِ " فَلَمَّا جَاءَ الْمُشْرِكُونَ وَصَافُّوهُمْ،
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ
اسْتَشَارَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قِتَالِهِمْ، فَقَامَ أَبُو
بَكْرٍ يُشِيرُ عَلَيْهِ، فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ،
فَقَامَ عُمَرُ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ
اسْتَشَارَهُمْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: يَا
نَبِيَّ اللهِ وَاللهِ لَكَأَنَّكَ تَعْرِضُ بِنَا الْيَوْمَ
لِتَعْلَمَ مَا فِي نُفُوسِنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَوْ ضَرَبْتَ أَكْبَادَهَا حَتَّى تَبْلُغَ الْغِمَادَ مِنْ
ذِي يَمَنٍ، لَكُنَّا مَعَكَ فَوَطَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَى الصَّبْرِ
وَالْقِتَالِ، وَسُرَّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ فَلَمَّا الْتَقَوْا
سَارَ فِي قُرَيْشٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَالَ: أَيْ
قَوْمِ أَطِيعُونِي الْيَوْمَ، فَلا تُقَاتِلُوا مُحَمَّدًا
وَأَصْحَابَهُ، فَإِنَّكُمْ إِنْ قَاتَلْتُمُوهُمْ لَمْ تَزَلْ
بَيْنَكُمْ إِحْنَةٌ مَا بَقِيتُمْ وَفَسَادٌ، لا يَزَالُ
الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ وَقَاتِلِ
ابْنِ عَمِّهِ، فَإِنْ يَكُنْ مَلِكًا أَكَلْتُمْ فِي مُلْكِ
أَخِيكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَأَنْتُمْ أَسْعَدُ
النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا كَفَاكُمُوهُ ذُؤْبَانُ
الْعَرَبِ، فَأَبَوْا أَنْ يَسْمَعُوا مَقَالَتَهُ، وَأَبَوْا
أَنْ يُطِيعُوهُ، فَقَالَ: أَنْشَدْتُكُمُ اللهَ فِي هَذِهِ
الْوُجُوهِ الَّتِي كَأَنَّهَا الْمَصَابِيحُ أَنْ
تَجْعَلُوهَا أَنْدَادًا لِهَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي
كَأَنَّهَا عُيُونُ الْحَيَّاتِ
(1/364)
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَقَدْ مَلأْتَ
سِحْرَكَ رُعْبًا، ثُمَّ سَارَ فِي قُرَيْشٍ، فَقَالَ: إِنَّ
عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ إِنَّمَا يُشِيرُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا،
لأَنَّ ابْنَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدٌ ابْنُ عَمِّهِ،
وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَهُ وَابْنَ عَمِّهِ
فَغَضِبَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَالَ: أَيْ مُصَفَّرَ
اسْتِهِ، سَتَعْلَمُ أَيُّنَا أَجْبَنُ وَأَلأَمُ وَأَفْسَدُ
لِقَوْمِهِ الْيَوْمَ ثُمَّ نَزَلَ وَنَزَلَ مَعَهُ أَخُو
شَيْبَةَ بْنُ رَبِيعَةَ، وَابْنُهُ الْوَلِيدِ بْنُ عُتْبَةَ
فَقَالُوا: أَبْرِزْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا، فَثَارَ نَاسٌ
مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ الْخَزْرَجِ، فَأَجْلَسَهُمُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عَلِيٌّ،
وَحَمْزَةَُ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَاخْتَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ وَقَرِينُهُ ضَرْبَتَيْنِ، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَأَعَانَ حَمْزَةُ عَلِيًّا فِي
صَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ، وَقُطِعَتْ رِجْلُ عُبَيْدَةُ، فَمَاتَ
بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ
نَصْرَهُ، وَهَزَمَ عَدُوَّهُ، وَقُتِلَ أَبُو جَهْلِ بْنِ
هِشَامٍ، فَأُخْبِرَ بِقَتْلِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَفَعَلْتُمْ "؟ فَقَالُوا:
نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللهِ فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَقَالَ: " إِنَّ
عَهْدِي بِهِ فِي رُكْبَتَيْهِ حَوَرٌ، فَاذْهَبُوا
فَانْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ ذَلِكَ "؟ فَنَظَرُوا فَرَأَوْهُ
قَالَ: فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ أَمَرَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَتْلَى
فَجُرُّوا حَتَّى أُلْقُوا فِي قَلِيبٍ، ثُمَّ أَشْرَفَ
عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَيْ عُتْبَةُ أَيْ أُمَيَّةُ بْنُ
خَلَفٍ، فَجَعَلَ يُسَمِّيهِمْ رَجُلا رَجُلا: " هَلْ
وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا "؟ قَالُوا: يَا
نَبِيَّ اللهِ أَوَ يَسْمَعُونَ مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَنْتُمْ
بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ وَأَسْمَعُ مِنْهُمْ " أي: أَنَّهُمْ
قَدْ رَأَوْا أَعْمَالَهُمْ
(1/365)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
881 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {فَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، أي " فاتقوني، فإنه شكر نعمتي
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} الآيَة
882 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد
بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، قَالَ: حَدَّثَنَا
سعيد، عَنْ قتادة: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ
يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ
مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} " أمدوا بألف، ثُمَّ صاروا
آلاف، ثُمَّ صاروا خمسة آلاف
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}
883 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
سعيد، قَالَ: أَخْبَرَنَا وهب بْن جرير، قَالَ: حَدَّثَنَا
أبي، عَنْ علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ
وَجَلَّ: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} ، يقول: " إن
صبرتم واتقيتم، أمدوكم بخمسة آلاف، وإنما ذَلِكَ موعود مِنَ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إن صبروا واتقوا،
(1/366)
بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ
(125)
ولم يفعلوا، وذلك يَوْم أحد، فلم يأتهم
المدد، فهزموا وقتلوا، وذلك استزلال الشيطان إياهم "
884 - حَدَّثَنَا عَلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {بَلَى
إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ
هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ
الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} ، أي " تصبروا لعدوي، وتطيعوا
أمري "
885 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي عمر،
قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ عمرو، عَنْ عكرمة، قَالَ " لم
يمد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد
وَلا بملك واحد لقول الله جَلَّ وَعَزَّ: {بَلَى إِنْ
تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} " الآيَة
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَيَأْتُوكُمْ}
886 - حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عفان، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد، عَنْ داود، عَنْ الشعبي، " أن
كرز بْن جابر، قَالَ أيام بدر لمشركي أَهْل مَكَّة: إِنِّي
ممدكم بقوم، فاشتد ذَلِكَ عَلَى أصحاب النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ جل ثناؤه:
{أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ إِلَى قوله: وَيَأْتُوكُمْ مِنْ
فَوْرِهِمْ هَذَا} يعني: كرز بْن جابر "
(1/367)
887 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد،
عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ} "
وجههم هَذَا مددا لَهُمْ، أمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ}
888 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا وهب بْن جرير، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي،
عَنْ علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك، أما قوله: {وَيَأْتُوكُمْ
مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} تقول " من غضبهم، ووجههم هَذَا "
889 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، عَنْ مالك بْن مغول، قَالَ: سمعت أبا
صالح، يقول: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} قَالَ " من
غضبهم "
890 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ
فَوْرِهِمْ هَذَا} قَالَ " من وجههم هَذَا "
(1/368)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {بِخَمْسَةِ آلافٍ
مِنَ الْمَلائِكَةِ}
891 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا محمد بْن رافع،
قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنِي ورقاء، عَنْ ابْن
أبي نجيح، عَنْ مجاهد، قَالَ " لم يقاتلوا معهم يومئذ
الملائكة، وَلا قبله وَلا بعده، إِلا يَوْم بدر "
892 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، قَالَ: قَالَ خارجة، قَالَ داود عَنْ الشعبي، قَالَ "
بلغ كرز بْن جابر هزيمة المشركين، يعني ببدر، فلم يمددهم، ولم
يمدهم الله بخمسة آلاف
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {مُسَوِّمِينَ}
893 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ
مُسَوِّمِينَ} ، قَالَ " معلمين، مجززة أذناب خيلهم ونواصيها،
فِيهَا كالصوف العهن، وذلك التسويم "
(1/369)
894 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ،
قَالَ: " سِيمَا الْمَلائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ الصُّوفُ
الأَبْيَضُ، فِي أَذْنَابِ الْخَيْلِ وَنَوَاصِيهَا "
895 - حَدَّثَنَا ابْنُ بِنْتِ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: "
{مُسَوِّمِينَ} قَالَ: بِالْعِهْنِ الأَحْمَرِ "
896 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: "
كَانَ عَلَى الزَّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ رَيْطَةٌ صَفْرَاءُ
مُعْتَجِرًا بِهَا، وَنَزَلَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَيْهَا
عَمَائِمُ صُفْرٌ، مِثْلُ سِيمَا الزُّبَيْرِ "
897 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ
مُسَوِّمِينَ} أي: " معلمين، المسوم: الَّذِي لَهُ سيما بعمامة
أَوْ بصوفة، أَوْ بما كَانَ
(1/370)
وَمَا جَعَلَهُ
اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ
بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا جَعَلَهُ اللهُ
إِلا بُشْرَى لَكُمْ} الآيَة
898 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد:
{إِلا بُشْرَى لَكُمْ} يقول: " إِنَّمَا جعلناهم لتستبشروا
بهم، وتطمئنوا إليهم، قَالَ: ولم يقاتلوا معهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}
899 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق " {إِلا بُشْرَى
لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} لما عرف من ضعفكم
{وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ} سلطاني وقدرتي، وذلك
أن الفوز والحكم إلي، لا إِلَى أحد من خلقي
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا}
900 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قَالَ زَكَرِيَّا
وحدثنا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا
سعيد، عَنْ قتادة، قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا
مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}
(1/371)
لِيَقْطَعَ طَرَفًا
مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا
خَائِبِينَ (127)
قَالَ " قطع يَوْم بدر طرفا من الكفار،
وقتل صناديدهم، ورؤساءهم، وقادتهم فِي الشر "
901 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {لِيَقْطَعَ
طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي " ليقطع طرفا من
المشركين، بقتل ينتقم بِهِ منهم "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا
خَائِبِينَ}
902 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، عَنْ مجاهد:
{أَوْ يَكْبِتَهُمْ} ، قَالَ " يخزيهم " وكذلك قَالَ قتادة
903 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {لِيَقْطَعَ
طَرَفًا} إِلَى {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ}
أي " ليقطع طرفا من المشركين، بقتل ينتقم بِهِ منهم، أَوْ
يردهم خائبين، أي: ويرجع من بقي منهم خائبين، ولن ينالوا شيئا،
مِمَّا كانوا يأملون "
(1/372)
لَيْسَ لَكَ مِنَ
الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ
فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)
904 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لِيَقْطَعَ
طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ} ، " تقول
العرب: كبته الله لوجهه، أي: صرعه الله "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}
905 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ
الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُرِبَتْ رُبَاعِيَّتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ
وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ
وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: " كَيْفَ يَصْلُحُ أَوْ يُفْلِحُ
قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ، وَهُوَ يَدْعُو
إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ
عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} "
906 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ
الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُسِرَتْ
رُبَاعِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَوْمَ أُحُدٍ وَشُجَّ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى
وَجْهِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ، وَيَقُولُ: " كَيْفَ
يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ،
(1/373)
وَهُوَ يَدْعُو إِلَى رَبِّهِمْ "؟
فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي ذَلِكَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ
الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ
فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} "
907 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ
الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: " مَرَّ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ
مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا
وَأَبُوهَا، مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِأُحُدٍ، فَلَمَّا نَعَوْا لَهَا قَالَتْ: فَمَا
فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالُوا: خَيْرًا يَا أُمَّ فُلانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللهِ كَمَا
تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ،
قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ
قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ " فَلَمَّا انْتَهَى
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
أَهْلِهِ نَاوَلَ سَيْفَهُ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: "
اغْسِلِي هَذَا مِنْ دَمِهِ يَا بُنَيَّةُ " وَنَاوَلَهَا
عَلِيٌّ سَيْفَهُ، وَقَالَ: وَهَذَا، فَاغْسِلِي عَنْهُ،
فَوَاللهِ لَقَدْ صَدَقَنِي الْيَوْمَ، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ
الْقِتَالَ، لَقَدْ صَدَقَ مَعَكَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ
وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ " قَالَ ابْن
إِسْحَاق: وَكَانَ أبو دجانة حين أخذ السيف من يد رَسُول اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ قاتل بِهِ قتالا
شديدا، وَقَالَ أبو دجانة:
(1/374)
إِنِّي امرؤ عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدي
النخيل أن لا أقوم الدهر فِي الكيول أضرب بسيف الله والرسول
قَالَ ابْن إِسْحَاق: قَالَ اللهُ جل ثناؤه لمحمد صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ
شَيْءٌ} أي: " لَيْسَ لك من الحكم شَيْء فِي عبادتي، إِلا مَا
أمرتك بِهِ فيهم، {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} برحمتي، فإن شئت
فعلت، أَوْ أعذبهم بذنوبهم، فبحقي {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} "
908 - حَدَّثَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، " أَنَّ
رُبَاعِيَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أُصِيبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ، أَصَابَهَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي
وَقَّاصٍ، وَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ، فَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى
أَبِي حُذَيْفَةَ، يَغْسِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّمَ، والنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ
صَنَعُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ؟ " فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ إِلَى قوله:
ظَالِمُونَ} "
909 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ،
يَقُولُ: " كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ يَفْرَغُ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ، مِنَ
الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، يَقُولُ: "
سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ "،
ثُمَّ يَقُولُ
(1/375)
وَهُوَ قَائِمٌ: " اللهُمَّ أَنْجِ
الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ،
وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،
اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا
عَلَيْهِمْ كَسِنِيِّ يُوسُفَ، اللهُمَّ الْعَنْ لَحْيَانَ،
وَرِعْلا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةُ عَصِتِ اللهَ وَرَسُولَهُ
" ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ، لَمَّا نَزَلَتْ
هَذِهِ الآيَةُ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ
يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ
ظَالِمُونَ} "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
يُعَذِّبَهُمْ}
910 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، قَالَ: قَالَ اللهُ
لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ
الأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَة أي " لَيْسَ لك من الحكم شَيْء فِي
عبادي، إِلا مَا أمرتك بِهِ فيهم {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ
أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} برحمتي، فإن شئت فعلت: أَوْ أعذبهم
بذنوبهم، فبحقي {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} أي: قَدِ استحلوا
ذَلِكَ بمعصيتهم إياي "
(1/376)
وَلِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا
أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ (130)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} الآيَة
911 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَلِلَّهِ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي " يغفر
الذنوب، ويرحم العباد عَلَى مَا فيهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}
912 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، عَنْ سفيان، عَنْ ابْن جريج، عَنْ
مجاهد، قَالَ " كانوا يتبايعون إِلَى الأجل، فَإِذَا حل الأجل
باعوا إِلَى أجل آخر، فنزلت: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}
913 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
المثنى، قَالَ: حَدَّثَنَا المؤمل، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن جريج، عَنْ عطاء، قَالَ "
(1/377)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا
مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)
كانت ثقيف تداين بني الْمُغِيرَة فِي
الجاهلية، فَإِذَا جَاءَ الأجل قَالُوا: نربيكم وتؤخرون عنا،
فنزلت: {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ}
914 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، {وَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي " أطيعوا الله لعلكم أن تنجوا
مِمَّا حذركم من عذابه، وتدركوا مَا رغبكم فِيهِ من ثوابه "
قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ}
915 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن
محمد الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو قطن، قَالَ: حَدَّثَنَا
الهيثم بْن الفضل، عَنْ معاوية بْن قرة، قَالَ: كَانَ النَّاس
يتناولون هَذِهِ الآيَة: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا
(1/378)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ
وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ
وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ} يقول: " لا أعذبكم فِي النَّار الَّتِي أعدت
للكافرين
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
916 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَأَطِيعُوا اللهَ
وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} " معاتبة للذين عصوا
رسوله، حين أمرهم بما أمرهم بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْم، وفي
غيره "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ} الآيات
917 - عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
عَطَاءٍ: " {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} ،
قَالَ الْمُسْلِمُونَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ أَبَنُو
إِسْرَائِيلَ كَانُوا أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَّا؟ قَالَ: "
كَانُوا إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ ذَنْبًا، أَصْبَحَ
كَفَّارَةُ ذَنْبِهِ مَكْتُوبَةً فِي عَتَبَةِ بَابِهِ:
اجْدَعْ أَنْفَكَ، اجْدَعْ أُذُنَكَ، افْعَلْ كَذَا وَكَذَا "،
فَلَمَّا نَزَلَتْ هَؤُلاءِ الآيَاتُ الأَرْبَعُ،
أَوَّلُهُنَّ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلا
أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ " ثُمَّ تَلا هَذِهِ
الآيَاتِ عَلَيْهِمْ "
(1/379)
وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ
وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
918 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: "
جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: {وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَالَ:
أَرَأَيْتُمْ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ أَيْنَ يَكُونُ
النَّهَارُ؟ قَالُوا: انْتَزَعَهَا مِنْ مِثْلِهَا مِنَ
التَّوْرَاةِ "
919 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ
شِهَابٍ، قَالَ: " جَاءَ ثَلاثَةٌ مِنْ رَهَابِنَةِ نَجْرَانَ
إِلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتُمْ قَوْلَكُمْ: {وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} فَأَيْنَ النَّارُ
يَوْمَئِذٍ؟ فَكَانَ مَنْ حَوْلَ عُمَرَ فَحَمُوا، فَلَمْ
يَدْرُوا مَا يُجِيبُونَهُمْ بِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: "
أَرَأَيْتُمْ اللَّيْلَ إِذَا جَاءَ فَأَيْنَ النَّهَارُ "؟
قَالُوا: نُزِعَتْ مِثْلُهَا مِنَ التَّوْرَاةِ
920 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ
حُمَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ الْقَاسِمِ، أَوْ
هِشَامُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ
الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بُسَيْسَةَ عَيْنًا، يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ
(1/380)
عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَ وَمَا فِي
الْمَسْجِدِ غَيْرِي، وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا أَدْرِي هَلِ اسْتَثْنَى بَعْضَ
نِسَائِهِ، قَالَ: فَحَدَّثَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَخَرَجَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "
إِنَّ لَنَا طَلَبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا
فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا " فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ
فِي ظُهُورٍ لَهُمْ، فِي عُلُوِّ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " لا
وَقَالَ: إِلا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا " فَانْطَلَقَ
رَسُولُ اللهِ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ
إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يُقْدِمَنَّ أَحَدٌ
مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُؤْذِنُهُ "،
فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدِمُوا إِلَى جَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ "، قَالَ: يَقُولُ
عُمَيْرُ بْنُ الْحَمَامِ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ
جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ؟ قَالَ: نَعَمْ،
قَالَ: بَخٍ بَخٍ فَقَالَ رَسُولُُ اللهِ: " مَا حَمَلَكَ
عَلَى قَوْلِكَ: بَخٍ بَخٍ "؟ قَالَ: لا وَاللهِ يَا رَسُولَ
اللهِ إِلا رَجَاءً أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: "
فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا " قَالَ: فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ
قَرْنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ
أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا
لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ
التَّمْرِ: ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ "
(1/381)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(134)
921 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ الشَّيْبَانِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، فِي قوله جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} قَالَ: التَّكْبِيرَةُ الأُولَى "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
922 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ:
حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق:
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
، أي " دار لمن أطاعني، وأطاع رسولي
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ}
923 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة
قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا يزيد بْن صالح، عَنْ خارجة، عَنْ
سعيد، عَنْ قتادة، فِي قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} الآيَة، قَالَ "
هؤلاء قَوْم أنفقوا فِي العسر، واليسر، والجهد، والرخاء، فمن
استطاع أن يغلب الشر بالخير، فليفعل، وَلا قوة إِلا بالله "
(1/382)
924 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: حدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ} ، قَالَ " فِي اليسر والعسر
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}
925 - أَخْبَرَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ،
يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الْجَلِيلِ، عَنْ عَمٍّ لَهُ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ} أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَظَمَ غَيْظًا، وَهُوَ يَقْدِرُ
عَلَى إِنْفَاذِهِ، مَلأَهُ اللهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا "
926 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة
قَالَ زَكَرِيَّا، وحدثا يزيد بْن صالح، عَنْ خارجة، عَنْ
سعيد، عَنْ قتادة: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ
عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قَالَ " فمن
استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل، وَلا قوة إِلا بالله،
فنعمت والله الجرعة، يتجرعها ابْن آدم من صبر، وأنت مغيظ، وأنت
مظلوم "
927 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: وحدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ:
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} قَالَ " يغيظون فِي
(1/383)
الأمر، لو دفعوا بِهِ، لكانت معصية لله،
فيغفرون ذَلِكَ، ويعفون عَنِ النَّاس، ومن يفعل ذَلِكَ، فَهُوَ
محسن
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}
928 - حَدَّثَنَا حامد بْن أبي حامد، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِسْحَاق بْن سليمان الرازي، عَنْ أبي جعفر، عَنْ ربيع بْن
أنس، فِي قول الله جل ثناؤه: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}
قَالَ " المملوكين "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
929 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ:
حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ ابْن إِسْحَاق: {الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ} أي " وذلك الإحسان، وأنا أحب من عمل بِهِ "
930 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: وحدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ:
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ} قرأ حَتَّى {وَاللهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ} قَالَ " يغيظون فِي الأمر، فيغفرون، ويعفون
عَنِ النَّاس، ومن يفعل ذَلِكَ فَهُوَ محسن، والله يحب
المحسنين "
(1/384)
وَالَّذِينَ إِذَا
فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا
اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا
فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)
بلغنا أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِنْد ذَلِكَ: " إن فِي أمتي هؤلاء
قليل، إِلا من عصمه الله، وكانوا فِي الأمم الَّتِي مضت كثير "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً
أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}
931 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ:
حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق، قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} أي "
أتوا فاحشة، {أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} ، بمعصية "
932 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد بْن الحباب، قَالَ: أَخْبَرَنَا
حماد بْن سلمة، عَنْ ثابت البناني، عَنْ جابر بْن زيد:
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} " زنا الْقَوْم، ورب
الكعبة "
933 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا وكيع، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ
منصور، عَنْ إبراهيم، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} قَالَ "
الظلم: الفاحشة، والفاحشة: الظلم "
(1/385)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {ذَكَرُوا اللهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلا اللهُ}
934 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ
عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ، أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَمَا
فَضَلَّهُمُ اللهُ بِهِ، فَقَالَ: " كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ
إِذَا أَذْنَبَ أَحَدُهُمْ ذَنْبًا، أَصْبَحَ وَقَدْ كُتِبَ
كَفَّارَةُ ذَنْبِهِ عَلَى أُسْكُفَّةِ بَابِهِ، وَجَعَلَ
اللهُ كَفَّارَةَ ذُنُوبِكُمْ قَوْلا تَقُولُونَهُ،
تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ، فَيَغْفِرُ لَكُمْ، وَقَدْ فَضَّلَكُمُ
اللهُ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ إِذَا أَصَابَ جَسَدَ أَحَدِهِمْ
مِنْ بَوْلِهِ شَيْءٌ، قَرَضَهُ بِالْمِقْرَاضِ، وَجَعَلَ
لَكُمُ الأَرْضَ طَهُورا، فَقَدْ فَضَّلَكُمُ اللهُ
عَلَيْهِمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ أَعْطَا اللهُ
هَذِهِ الأُمَّةَ آيَةً لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ لَهُمْ مِنَ
الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} " إِلَى آخِرِ الآيَةِ
935 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ أَبُو الْحَسَنِ الشَّرْمَكِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ
الأَسَدِيِّ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ،
قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلا إِذَا
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ حَدِيثًا نَفَعَنِي اللهُ بِهِ
بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وَإِذَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ مِنْ
أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ،
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ،
أَنَّهُ قَالَ: سمعت رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: " مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا
فَيُحْسِنُ الطَّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي
(1/386)
رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتِغْفُرُ اللهَ،
إِلا غُفِرَ لَهُ "، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ:
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ
936 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، قَالا:
قَالَ عَبْدُ اللهِ " إِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
لآيَتَيْنِ، مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَرَأَهُمَا:
فَاسْتَغَفَرَ اللهَ إِلا غَفَرَ اللهُ لَهُ {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا
اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلا اللهُ} ، وَقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا
أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ
غَفُورًا رَحِيمًا}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا
وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
937 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى، قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو معاوية، عَنْ سفيان، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ
مجاهد: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} ، قَالَ " لم
يقيموا عَلَى ذنب "
(1/387)
938 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ:
حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا يزيد بْن
صالح، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قوله: {إِذَا
فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} الآيَة قَالَ
" إياكم والإصرار، فإنما هلك المصرون الماضون قدما، لا ينهاهم
مخافة الله عَنْ حرام حرمه الله عَلَيْهِمْ، وَلا يتوبون من
ذَلِكَ حَتَّى أتاهم الموت وهم عَلَى ذَلِكَ "
939 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق " {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} ،
بمعصية {ذَكَرُوا} مَا نهى الله عَزَّ وَجَلَّ عنها، وَمَا
حرمت عَلَيْهِمْ مِنْهَا، فاستغفروه بِهَا، وعرفوا أَنَّهُ لا
يغفر الذنوب إِلا هُوَ، {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا}
، أي: لم يقيموا عَلَى معصيتهم، كفعل من أشرك بي، فيما عملوا
بِهِ من كفري، {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} مَا حرمت عَلَيْهِمْ من
عبادة غيري {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ}
" الآيَة
(1/388)
قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أُولَئِكَ
جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} الآيَة
940 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: حدثت عَنْ ابْن حيان، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ:
{أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} قَالَ "
جَعَلَ جزاءهم " {وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
، يقول: " أجر العاملين بطاعة الله "
941 - حَدَّثَنَا علي بْن أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن
سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
أي " ثواب المطيعين
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}
942 - حَدَّثَنَا موسى بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد
الأعلى، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ
مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ
سُنَنٌ} ، قَالَ " تداول من الكفار والمؤمنين، والخير والشر "
943 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {قَدْ خَلَتْ} : " قَدْ مضت "
{سُنَنٌ} أي: " أعلام
(1/389)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَسِيرُوا فِي
الأَرْضِ}
944 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة:
{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ
فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ، يقول:
" بما متعهم فِي الدنيا قليلا، ثُمَّ صيرهم إِلَى النَّار
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ}
945 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن عَبْد اللهِ، عَنْ بيان، عَنْ
الشعبي عامر، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {هَذَا بَيَانٌ
لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} ، قَالَ "
بيان من العمى، وهدى من الضلالة، وموعظة من الجهل "
946 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ:
حَدَّثَنَا أزهر بْن سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {هَذَا
بَيَانٌ لِلنَّاسِ} " هَذَا تفسير للناس إن قبلوه "
947 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة،
فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} " وَهُوَ
هَذَا الْقُرْآن، جعله الله بيانا للناس عامة، وهدى وموعظة
للمتقين خاصة "
(1/390)
948 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن
إِسْحَاق: {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} ، أي " نور
وأدب للمتقين "، {لِلْمُتَّقِينَ} " لمن أطاعني، وعرف أمري "
949 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد
بْن إِسْحَاق، قَالَ " ذكر المصيبة الَّتِي نزلت بهم، والبلاء
الَّذِي أصابهم، والتمحيص لما كَانَ فيهم، واتخاذه الشهداء
منهم، فَقَالَ تعزية لَهُمْ، وتعريفا فيما صنعوا،
وَمَا هُوَ صانع بهم: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ
فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ} أي: قَدْ مضت مني وقائع نقمة، فِي أَهْلِ
التكذيب لرسلي والشرك بي، فِي عاد، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب
مدين، فرأوا مثلات قَدْ مضت مني فيهم، ولمن كَانَ عَلَى مثل
مَا هم عَلَيْهِ، مثل ذَلِكَ مني، وإن أمليت لَهُمْ، أي: لا
تظنوا أن نقمتي انقطعت عَنْ عدوكم وعدوي، للدولة الَّتِي
أدلتهم بِهَا عَلَيْكُمْ، لأبتليكم بذلك، لأعلم مَا عندكم،
ثُمَّ قَالَ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} إن قبلوه
(1/391)
وَلَا تَهِنُوا وَلَا
تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ (139)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا تَهِنُوا}
950 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {وَلا تَهِنُوا} ، قَالَ " لا تضعفوا "
951 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَلا تَهِنُوا} أي: " لا تضعفوا،
هُوَ من الوهن "
952 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة:
{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، قَالَ " يعزي أصحاب محمد صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تسمعون، ويحثهم عَلَى قتال
عدوهم، وينهاهم عَنِ العجز والوهن فِي طلب عدوهم، وفي سبيل
الله "
953 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد
بْن إِسْحَاق: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا} أي " لا
تضعفوا، وَلا تأسوا عَلَى مَا أصابكم "، {وَأَنْتُمُ
الأَعْلَوْنَ} أي: " لَكُمُ العاقبة والظهور "، {إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ} ، أي: " كنتم صدقتم بما جاءكم بِهِ عني
(1/392)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا تَحْزَنُوا
وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
954 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: {وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}
قَالَ: انْهَزَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ يَوْمَ أُحُدٍ فَسَأَلُوا:
مَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
وَقَالُوا: وَمَا فَعَلَ فُلانٌ وَفُلانٌ؟ فَنُعِيَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ، وَتَحَدَّثُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ، فَكَانُوا فِي هَمٍّ وَحَزَنٍ
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، عَلا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ،
بِخَيْلِ الْمُشْرِكِينَ فَوْقَهُمْ عَلَى الْجَبَلِ، وَكَانَ
عَلَى أَحَدِ مُجَنِّبَتِيِ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَسْفَلُ
مِنَ الشِّعْبِ، الْمُؤْمِنُونَ، فَلَمَّا رَأَوُا النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِحُوا، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ لا
قُوَّةَ لَنَا إِلا بِكَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْبُدُكَ بِهَذَا
الْبَلَدِ غَيْرُ هَؤُلاءِ، فَلا تُهْلِكْهُمْ فَلا يَعْبْدَكَ
أَحَدٌ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ "، وَنَدَبَ نَفَرًا مِنَ
الْمُسْلِمِينَ رَمَاة، فَصَعِدُوا فَرَمَوْا خَيْلَ
الْمُشْرِكِينَ، حَتَّى هَزَمَ اللهُ خَيْلَ الْمُشْرِكِينَ،
وَعَلا الْمُسْلِمُونَ الْجَبَلَ فَذَلِكَ قوله عَزَّ وَجَلَّ:
{وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
(1/393)
|