تفسير ابن المنذر إِنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ
الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ}
955 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} ، قَالَ " جراح
وقتل "
956 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن
محمد الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الوهاب، عَنْ سعيد،
عَنْ قتادة: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} بنصب القاف " الجراحة
والألم " {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} يعني: "
الجراحات والألم "
957 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
حَدَّثَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ} أي " جراح " {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ}
أي: " جراح مثله
(1/394)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَقَدْ مَسَّ
الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ}
958 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر
الصغاني، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي مَرْيَمَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا المفضل، عَنْ أبي صخر، فِي قوله الله عَزَّ
وَجَلَّ: {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} " جراح
مثله، وَهُوَ يَوْم أحد
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ
النَّاسِ}
959 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا المعتمر، عَنْ ليث، عَنْ عطاء، أَوْ عَنْ
أبي جعفر، قَالَ: إن للحق دولة، وإن للباطل دولة، من دولة الحق
أن إبليس أمر بالسجود لآدم، فأديل أدم عَلَى إبليس، وابتلى آدم
بالشجرة، فأكل مِنْهَا، فأديل إبليس عَلَى آدم فَقَالَ إبليس:
يَا رب أعني عَلَى آدم، فَقَالَ " قَدْ فعلت، تجري منهم مجرى
الدم "، قَالَ: يَا رب زدني قَالَ: " قَدْ فعلت، فد جعلت
قلوبهم لك أوطانا " قَالَ: رب زدني، قَالَ: " قَدْ فعلت،
شاركهم فِي الأموال والأولاد " قَالَ أدم: يَا رب أعني عَلَى
إبليس، قَالَ: " قَدْ فعلت، وكلت بكل عَبْد منكم ملكين "،
قَالَ: رب زدني، قَالَ: " قَدْ فعلت، الحسنة بعشر أمثالها "،
قَالَ: رب زدني قَالَ: " قَدْ فعلت، السيئة واحدة أَوْ أمحاها
"
(1/395)
960 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد،
قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن إِسْحَاق: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} أي " نصرفها بين النَّاس
بالبلاء والتمحيص "
961 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {وَتِلْكَ الأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} قَالَ: مَا تَدَاوَلَ
الْمُشْرِكُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ
الْمُشْرِكِينَ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ
بِضْعَةً وَسَبْعِينَ رَجُلا، عَدَدُ الأُسَارَى الَّذِينَ
أُسِرُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ عَدَدُ
الأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ ثَلاثَةٌ وَسَبْعِينَ رَجُلا "
962 - حَدَّثَنَا محمد بْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد
اللهِ بْن عَبْد الوهاب، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَنْ
ابْن عون، عَنْ محمد: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا
بَيْنَ النَّاسِ} قَالَ " الأمراء
(1/396)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلِيَعْلَمَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}
963 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا وهب بْن جرير، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي،
عَنْ علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك: {وَلِيَعْلَمَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ، قَالَ "
من لم يشهد بدرا كَانَ يقول: ليتنا لقينا قتالا فقاتلنا
وأبلينا، لما رأوا من الفضل الَّذِي فضل الله بِهِ أَهْل بدر،
فَأَنْزَلَ اللهُ فِي الذين قتلوا: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ
يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ
لا تَشْعُرُونَ} "
964 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بْن زريع، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة: {وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} الآيَة "
وليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه، ويعلم الصادق من الكاذب "
965 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ
شُهَدَاءَ} ، قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَسْأَلُونَ
رَبَّهُمُ: اللهُمَّ رَبَّنَا أَرِنَا يَوْمًا كَيَوْمِ
بَدْرٍ، نُقَاتِلُ فِيهِ
(1/397)
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)
الْمُشْرِكِينَ، وَنَبْتَلِيكَ أَوْ
نُبْلِيكَ فِيهِ خَيْرًا، وَنَسْأَلُكَ فِيهِ الشَّهَادَةَ،
فَلَقُوا يَوْمَ أُحُدٍ فَاتُّخِذُوا شُهَدَاءَ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا}
الآيَة
966 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {وَلِيُمَحِّصَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا} بِنَفَقَاتِهِمْ {وَيَمْحَقَ
الْكَافِرِينَ} بِنَقْصِهِمْ "
967 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
نافع، قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنَا ورقاء، عَنْ
ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد
968 - قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنَا
روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد،
فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ
آمَنُوا} أي " يبتلي "
969 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَلِيُمَحِّصَ
اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي " يختبر الذين آمنوا، حَتَّى
يخلصهم من البلاء الَّذِي نزل بهم، وكيف صبرهم ويقينهم
(1/398)
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ
جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ
كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ
فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)
{وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} أي: " يبطل أمر
المنافقين، قولهم بألسنتهم مَا لَيْسَ فِي قلوبهم، حَتَّى يظهر
منهم كفرهم الَّذِي يستترون بِهِ منكم "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ}
970 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {أَمْ حَسِبْتُمْ
أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ
جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} ، أي تدخلوا
الْجَنَّة " حسبتم أن تدخلوا الْجَنَّة، وتصيبوا من ثوابي
الكرامة، ولم أختبركم بالشدة، وأبتليكم بالمكاره، حَتَّى أعلم
صدق ذَلِكَ منكم، الإيمان بي والصبر عَلَى مَا أصابكم فِي
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ
الْمَوْتَ} الآيَة
971 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْحَمَّالُ، وَابْنُ بِنْتِ مَنِيعٍ، قَالا: حَدَّثَنَا
الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ
الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:
" أَي خَالُ، أَخْبَرَنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ؟
قَالَ: " اقْرَأْ {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ
الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قوله: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ
الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ
(1/399)
رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}
قَالَ: هُوَ تَمَنِّي الْمُؤْمِنِينَ لِقَاءَ الْعَدُوِّ "،
اللفظ لابن بنت منيع
972 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ
تَنْظُرُونَ} يقول: " غاب رجال عَنْ بدر، فكانوا يتمنون مثل
بدر، أن يلقوه فيصيبون من الأجر والخير مَا أصاب أَهْل بدر،
فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد ولى من ولى منهم، فعاتبهم الله عَزَّ
وَجَلَّ، عَلَى ذَلِكَ "
973 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد
بْن إِسْحَاق: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ
قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ
تَنْظُرُونَ} أي " لقد كنتم تمنون الشهادة عَلَى الَّذِي أنتم
عَلَيْهِ من الحق، قبل أن تلقوا
عدوكم، يعني: الذين استأذنوا رَسُول اللهِ إِلَى خروجه بهم
إِلَى عدوهم، لما فاتهم من حضور الْيَوْم، الَّذِي كَانَ قبله
ببدر فِي الشهادة الَّتِي فاتتهم بِهِ "
(1/400)
974 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدِ
بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
قَتَادَةَ، وَالْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ
عُلَمَائِنَا، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ بَعْضَ الْحَدِيثِ عَنْ
يَوْمِ أُحُدٍ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ كُلُّهُمْ،
فِيمَا سُقْتُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: اجْتَمَعَتْ
قُرَيْشٌ لِحَرْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَخَرَجَتْ بِحَدِّهَا وَحَدِيدِهَا،
وَأَحَابِيشِهَا، وَمَنِ اتَّبَعَها مِنْ بَنِي كِنَانَةَ،
وَأَهْلِ تِهَامَةَ، حَتَّى نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ: جَبَلٌ
بِبَطْنِ السَّبْخَةِ، مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي،
مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُسْلِمُونَ
قَدْ نَزَلُوا حَيْثُ نَزَلُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ: " إِنِّي
قَدْ رَأَيْتُ بَقَرًا تُنْحَرُ، وَرَأَيْتُ فِي ذُبَابِ
سَيْفِي ثَلْمًا، وَرَأَيْتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي
دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ فَإِنْ
رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدَعُوهُمْ
حَيْثُ نَزَلُوا، فَإِنْ أَقَامُوا بِشَّرِ مَقَامٍ، وَإِنْ
هُمْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا "، فَقَالَ
رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِمَّنْ أَكْرَمَ اللهُ
بِالشَّهَادَةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ كَانَ
فَاتَهُ بَدْرٌ وَحُضُورُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اخْرُجْ بِنَا
إِلَى أَعْدَائِنَا، لا يَرَوْنَ أَنَّا جَبُنَّا عَنْهُمْ،
وَضَعُفْنَا، فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ بِرَسُولِ اللهِ حُبُّ
لِقَاءِ الْقَوْمِ، حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبِسَ لأَمْتَهُ
(1/401)
{فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ
تَنْظُرُونَ} أَيِ: " الْمَوْتُ بِالسُّيُوفِ فِي أَيْدِي
الرِّجَالِ، قَدْ خَلَّى بَيْنَكُمْ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
إِلَيْهِمْ، ثُمَّ صَدَدْتُمْ عَنْهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ
تَنْظُرُونَ} " تَوْكِيدًا، كَمَا يَقُولُ: قَدْ واللهِ
رَأَيْتُهُ عِيَانًا "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}
975 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: " خَطَبَنَا عُمَرُ، وَعَلَيْهِ قطرِيٌّ أَوْ
ثَوْبٌ أَبْيَضُ، فِيهِ رُقْعَةٌ، إِذَا رَأَيْتَهَا
كَأَنَّهَا مِنْ أَدَمٍ، فَخَطَبَنَا فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى
الْمِنْبَرِ آلَ عِمْرَانَ وَيَقُولُ: إِنَّهَا أُحُدِيَّةٌ،
ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّقْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ
فَصَعِدْتُ الْجَبَلَ، يَهُودِيًّا يَقُولُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ،
فَقُلْتُ: لا أَسْمَعُ أَحَدٌ يَقُولُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ إِلا
ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَتَرَاجَعُونَ
إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} "
(1/402)
976 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ
بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
الْحَكَمِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، وَأَمَّا قوله: " {وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}
عَنَى بِذَلِكَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الارْتِيَابِ وَالْمَرَضِ
وَالنِّفَاقِ، قَالُوا ذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ انْهَزَمَ
النَّاسُ، وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشُجَّ فَوْقَ حَاجِبِهِ،
فَفَقَدُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَتَنَاعَوْهُ وَقَالُوا: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولا، مَا
مَاتَ وَلا قُتِلَ، فَالْحَقُوا بِدِينِكُمُ الأَوَّلُ "
977 - حدثنا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عمرو بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا فضيل بْن مرزوق،
عَنْ عطية العوفي، قَالَ: " لما كَانَ يَوْم أحد انهزم
إخوانكم، قَالَ بعض النَّاس: إن كَانَ محمد قَدْ أصيب، فأعطوهم
بأيديكم فإنما هم إخوانكم، وَقَالَ بعضهم: إن كَانَ محمد قَدْ
أصيب، أَلا تمضون عَلَى مَا مضى عَلَيْهِ نبيكم حَتَّى تلحقوا
بِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} الآيَة
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ بقتل
نبيهم إِلَى قوله: فَآتَاهُمُ اللهُ} "
978 - حَدَّثَنَا ابْنُ بِنْتِ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ
بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ:
(1/403)
قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:
" أَي خَالُ أَخْبَرَنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ
قَالَ: " اقْرَأْ {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ
إِلَى قوله: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ، قَالَ: هُوَ صِيَاحُ الشَّيْطَانِ
يَوْمَ أُحُدٍ قُتِلَ مُحَمَّدٌ "
979 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: " قَفَلَ رَسُولُ اللهِ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ،
فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمِ،
وَصَفَرٍ، وَصَوَّبَ عَلَى النَّاسِ بِفِنَاءٍ "
980 - كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، [قَالَ: حَدَّثَنَا]
أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ
بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: " أَمَّرَ عَلَيْهِمْ
أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلاهُ، فَبَيْنَا
النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ، ابْتُدِئَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَكْوَاهُ الَّذِي قَبَضَهُ
اللهُ فِيهِ، إِلَى مَا أَرَادَ بِهِ مِنْ رَحْمَتِهِ
وَكَرَامَتِهِ، فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، أَوْ فِي
أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ " قَالَ ابْن إِسْحَاق: "
فَكَانَ أول مَا ابتدئ بِهِ من ذَلِكَ، فيما ذكر لي، أَنَّهُ
خَرَجَ إِلَى البقيع، بقيع الغرقد، من جوف اللَّيْل، فاستغفر
لَهُمْ، ثُمَّ رجع عَلَى أهله، فَلَمَّا أصبح ابتدئ بوجعه من
يومه ذَلِكَ "
(1/404)
981 - كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبْلِيُّ، عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ جَبْرٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي
مُوَيْهِبَةَ، قَالَ: " لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: فَقَالَ:
يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ
لأهَلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلَقْ مَعِي "، فَانْطَلَقْتُ
مَعَهُ، فَلَمَّا وَفَدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قَالَ: "
السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ "، ثُمَّ
أَقْبَلَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ قَدْ
عَلِمْتَ أَنِّي قَدْ أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ
الدُّنْيَا، وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ، خُيِّرْتُ
بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ "، قَالَ:
قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ
الدُّنْيَا، وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ قَالَ: " لا
وَاللهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءِ
رَبِّي وَالْجَنَّةَ " قَالَ: ثُمَّ اسْتَغَفَرَ لأهَلِ
الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَبُدِئَ رَسُولُ اللهِ فِي
وَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللهُ فِيهِ حِينَ أَصْبَحَ "
982 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا
أَسْمَعُهُ يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيًّا
حَتَّى يُخَيِّرَهُ " قَالَتْ: فَلَمَّا حُضِرَ رَسُولُ
(1/405)
اللهِ كَانَ آخِرَ مَا سَمِعْتُهَا مِنْهُ
وَهُوَ يَقُولُ: " بَلِ الرَّفِيقَ الأَعْلَى فِي الْجَنَّةِ
"، قَالَتْ: فَقُلْتُ: إِذًا وَاللهِ لا يَخْتَارُنَا،
وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الَّذِي كَانَ يَقُولُ لَنَا: " إِنَّ
نَبِيًّا لا يُقْبَضُ حَتَّى يُخَيَّرَ "
983 - فَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ
بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَتْ
عَائِشَةُ: بُدِئَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِشَكْوَاهُ الَّذِي تُوُفِّيَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي
بَيْتِ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، حَتَّى
دَخَلَ عَلِيٌّ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَارَأْسَاهُ، قَالَ: "
وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ وَأَنَا حَيٌّ، فَأُصَلِّي
عَلَيْكَ وَأَدْفِنُكَ، بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، ادَّعَي
أَبَاكِ وَأَخَاكِ أَعْهَدْ إِلَيْهِمَا، فَإِنِّي أَخَافُ
أَنْ يَتَمَنَّ مُتَمَنٍّ، أَوْ يَقُولَ: أَنَا، وَيَأْبَى
اللهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ " ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ مَيْمُونَةَ،
فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: قُومُوا فَصَلُّوا
قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللهِ نِسَاءَهُ
أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، وَيُقَالُ: إِنَّمَا
قَالَتْ ذَلِكَ لَهُنَّ فَاطِمَةُ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ يَشُقُّ
عَلَى رَسُولِ اللهِ الاخْتِلافُ، فَأُذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ
مِنْ بَيْتِ مَيْمُونَةَ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ، تَخُطُّ
رِجْلاهُ بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ، حَتَّى دَخَلَ
بَيْتَ عَائِشَةَ
(1/406)
984 - فَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
أَنَّهُ قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ الإِثْنَيْنِ الَّذِي
قَبَضَ اللهُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، خَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ
الصُّبْحَ، فَرَفَعَ السِّتْرَ وَفَتَحَ الْبَابَ، فَخَرَجَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ
عَلَى بَابِ عَائِشَةَ، فَكَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ
يُفْتَنُوا فِي صَلاتِهِمْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فَرَحَا بِهِ فَأَشَارَ
عَلَيْهِمْ أَنِ اثْبُتُوا عَلَى صَلاتِكُمْ، ثُمَّ رَجَعَ
رَسُولُ اللهِ، وَانْصَرَفَ النَّاسُ، وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
أَفْرَقَ مِنْ وَجَعِهِ، فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى أَهْلِهِ
بِالسُّنْحِ "
985 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ
بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "
خَرَجَ يَوْمَئِذٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ عَلَى النَّاسِ، مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: يَا أَبَا
حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ: أَصْبَحَ
بِحَمْدِ اللهِ بَارِئًا، قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ
بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: احْلِفْ بِاللهِ، لَقَدْ عَرَفْتُ
الْمَوْتَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، كَمَا كُنْتُ
(1/407)
أَعْرِفُهُ فِي وُجُوهِ بَنِي عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ حِينَ اشْتَدَّ
الضُّحَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ "
986 - قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ " لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ
اللهِ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّ رِجَالا
مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ
وَاللهِ مَا مَاتَ، وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ كَمَا
ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، فَقَدْ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ
قِيلَ: مَاتَ، وَاللهِ لَيَرْجِعَنَّ رَسُولُ اللهِ كَمَا
رَجَعَ مُوسَى، فَلَيُقَطِّعَنَّ أَيْدِي رِجَالٍ
وَأَرْجُلَهُمْ، زَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ قَالَ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ
حَتَّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ بَلَغَهُ
الْخَبَرُ، وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ
إِلَى شَيْءٍ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ فِي بَيْتِ
عَائِشَةَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ مُسْجًّى، عَلَيْهِ بُرْدٌ حِبَرَةٍ،
فَأَقْبَلَ حَتَّى كَشَفَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ،
فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَمَّا
الْمَوْتَةُ الَّتِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْكَ فَقَدْ ذُقْتَهَا،
ثُمَّ لَنْ تُصِيبَكَ بَعْدَهَا مَوْتَةٌ أَبَدًا قَالَ: ثُمَّ
رَدَّ الْبُرْدَ عَلَى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ، ثُمَّ خَرَجَ
وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا
عُمَرُ، أَنْصِتْ قَالَ: فَأَبَى إِلا أَنْ يَتَكَلَّمَ،
قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ لا يَصْمُتُ، أَقْبَلَ
عَلَى النَّاسِ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ كَلامَهُ،
أَقْبَلُوا عَلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَحَمِدَ اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ
(1/408)
ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ
مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا، فِإَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ
مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فإِنَّ
اللهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَالَ: ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ
الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ}
قَالَ: فَوَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ
هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ حَتَّى تَلاهَا أَبُو بَكْرٍ
يَوْمَئِذٍ، قَالَ: وَأَخَذَهَا النَّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
فَإِنَّمَا: هِيَ فِي أَفْوَاهِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: قَالَ عُمَرُ: وَاللهِ مَا هِيَ إِلا أَنْ
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاهَا، فَعَقِرْتُ حَتَّى وَقَعْتُ
إِلَى الأَرْضِ، وَمَا تَحْمِلُنِي رِجْلايَ، وَعَرَفْتُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ "
987 - قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ
عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لأَمْشِي مَعَ عُمَرَ فِي
خِلافَتِهِ وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى حَاجَةٍ لَهُ، وَفِي يَدِهِ
الدِّرَّةُ، وَمَا مَعَهُ غَيْرِي، قَالَ: وَهُوَ يُحَدِّثُ
نَفْسَهُ، وَيَضْرِبُ جِهَةَ قَدَمِهِ بِدِرَّتِهِ، إِذِ
الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَابْنَ عَبَّاسٍ: " هَلْ تَرَى
مَا كَانَ حَمَلَنِي عَلَى مَقَالَتِي الَّتِي قُلْتُ حِينَ
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ: قُلْتُ: لا أَدْرِي يَا أِمَيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ
أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّهُ وَاللهِ إِنَّ الَّذِي حَمَلَنِي
عَلَى ذَلِكَ، إِلا أَنِّي كُنْتُ أَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ
(1/409)
وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}
فَوَاللهِ إِنِّي كُنْتُ لأَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَبْقَى فِي أُمَّتِهِ، حَتَّى
يَشْهَدَ عَلَيْهَا بِآخِرِ أَعْمَالِهَا، فَإِنَّهُ لِلَّذِي
حَمَلَنِي عَلَى أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ "
988 - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ
أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ
أَبَا بَكْرٍ: " إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّ الأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا بِأَشْرَافِهِمْ فِي سَقِيفَةِ
بَنِي سَاعِدَةَ، فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ حَتَّى
جِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ،
فَلَمَّا جَلَسْنَا نَشْهَدُ خَطِيبَهُمْ، فَلَمَّا سَكَتَ
قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَكَلَّمَ فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ،
فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ
فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَهُ
الأَنْصَارُ "
989 - قَالَ ابْن إِسْحَاق: " فبلغني أن النَّاس بكوا عَلَى
رَسُولِ اللهِ حين توفاه الله "، وَقَالُوا: " والله لوددنا
أنا متنا قبله، إنا نخشى أن نفتتن بعده، فَقَالَ معن بْن عدي:
لكني والله مَا أحب أَنِّي مت قبله، حَتَّى أصدقه ميتا كَمَا
صدقته حيا، فقتل معن يَوْم اليمامة شهيدا فَلَمَّا بويع أبو
بكر أقبل النَّاس عَلَى جهاز رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الثلاثاء "
(1/410)
990 - فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ،
وَحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرِهِمَا، " أَنَّ عَلِيَّ
بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
وَالْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَقُثَمَ بْنَ عَبَّاسٍ،
وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَشُقْرَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ،
هُمُ الَّذِينَ وَلُوا غُسْلَهُ، وَأَنَّ أَوْسَ بْنَ
خَوْلِيٍّ، أَحَدُ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَ
لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنْشُدُكَ
اللهَ يَا عَلِيُّ، وَحَظَّنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ، وَكَانَ
أَوْسٌ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ
فَجَلَسَ، وَحَضَرَ غُسْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسْنَدَهُ عَلِيٌّ إِلَى صَدْرِهِ،
وَكَانَ الْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ يُغَسِّلُونَهُ
مَعَهُ، وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَشُقْرَانُ
مَوْلَيَاهُ، هُمَا اللَّذَانِ يَصُبَّانِ عَلَيْهِ الْمَاءَ،
وَعَلِيٌّ يُغَسِّلُهُ، قَدْ أَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِهِ،
وَعَلَيْهِ قَمِيصَهُ يُدَلِّكُهُ بِهِ مِنْ وَرَائِهِ، لا
يُفْضِي بِيَدِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلِيٌّ يَقُولُ:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طَبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَلَمْ
يَرْ مِنْ رَسُولِ اللهِ شَيْئًا، مِمَّا يُرَى مِنَ
الْمَيِّتِ "
991 - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: [لَمَّا أَرَادُوا] غُسْلَ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِيهِ،
فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللهَ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ،
حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلا ذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ
كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، لا يَدْرُونَ
مَنْ هُوَ: أَنْ
(1/411)
غَسِّلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، قَالَتْ: فَقَامُوا
إِلَى رَسُولِ اللهِ، فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ،
يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَيُدَلِّكُونَهُ
وَالْقَمِيصُ دُونَ أَيْدِيهِمْ "
992 - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفُرُوا
لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
أَبُو عُبَيْدَةَ يَضُرِّحُ كَحُفَرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ
أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ هُوَ الَّذِي يَحْفُرُ
لأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ يُلَحِّدُ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ
رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لأَحَدِهِمَا: اذْهَبْ إِلَى أَبِي
عُبَيْدَةَ، وَلِلآخَرِ اذْهَبْ إِلَى أَبِي طَلْحَةََ،
اللهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ، قَالَ: فَوَجَدَ صَاحِبَ أَبِي
طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ، فَجَاءَ بِهِ، فَلَحَّدَ لِرَسُولِ
اللهِ وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلا دُفِنَ
حَيْثُ يُقْبَضُ "، فَرُفِعَ فِرَاشُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِ
فَحُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جِهَازِ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ،
وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ
عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَرْسَالا، الرِّجَالُ حَتَّى إِذَا
فَرَغُوا أُدْخِلَ النِّسَاءُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ
النِّسَاءُ، أُدْخِلَ الصَّبْيَانُ، ثُمَّ الْعَبِيدُ وَلَمْ
يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللهِ أَحَدٌ ثُمَّ دُفِنَ
رَسُولُ اللهِ مِنْ أَوْسَطِ اللَّيْلِ، لَيْلَةَ
الأَرْبِعَاءِ "
(1/412)
993 - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ حَزْمٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطَمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ
بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: " مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا
صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، مِنْ لَيْلَةِ
الأَرْبِعَاءِ "
994 - قَالَ محمد: وقد حَدَّثَنِي فاطمة هَذَا الحديث وَكَانَ
الذين نزلوا فِي قبر رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، علي بْن أبي طالب، والفضل بْن العباس، وقثم بْن
العباس، وشقران مولى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَقَالَ أوس بْن خولي لعلي بْن أبي طالب: أنشدنا
الله وحظنا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: انزل، فنزل مع الْقَوْم "
995 - قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ،
عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي
خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُرَحَّبٍ،
قَالَ: " نَزَلَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهُمْ: عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ "
996 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ
فحَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ،
(1/413)
عَنْ مِقْسَمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ مَوْلاهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الْحَارِثِ، قَالَ: " اعْتَمَرْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ، فِي زَمَنِ عُمَرَ، أَوْ زَمَنِ عُثْمَانَ، فَنَزَلَ
عَلَى أُخْتِهِ أُمِّ هَانِئٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ
أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا حَسَنٍ، جِئْنَاكَ
نَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ، نُحِبُّ أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ،
قَالَ: أَظُنُّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُخْبِرُكُمْ،
أَنَّهُ كَانَ أَحْدَثَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ،
قَالُوا: أَجَلْ عَنْ ذَاكَ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ قَالَ:
أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ "
997 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي صَالِحُ
بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ
آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: " لا يَتْرُكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ
دِينَانِ " وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ
رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ
الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، قَالَتْ: كَمُلَ فِي هِجْرَةٍ عَشْرُ
سِنِينَ كَوَامِلَ " قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَلَمَّا توفي
رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظمت بِهِ
مصيبة المسلمين، فكانت عائشة فيما بلغني تقول: لما توفي رَسُول
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
(1/414)
ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية،
وغمر النفاق، فصار المسلمون كالغنم المطيرة الْمُغِيرَة، فِي
الليلة الشاتية، لفقد نبيهم، صلوات الله عَلَيْهِ، حَتَّى
جمعهم الله عَلَى أبي بكر وبكى المسلمون رَسُول اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أبو بكر فيما بلغني والله
أعلم: أجدك مَا لعينك لا تنام كأن جفونها فِيهَا كَلام لأمر
مصيبة عظمت وجلت فدمع العين أهونه السمام فجعنا بالنَّبِيّ
وَكَانَ فينا إمام كرامة نعم الإمام وَكَانَ قوامنا والرأس منا
فنحن الْيَوْم لَيْسَ لَنَا قوام قوله جَلَّ وَعَزَّ:
{أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ} الآيَة
998 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ
طَلْحَةَ الْعَبَّادُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ
سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ
عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ} وَاللهِ لا نَنْقَلِبُ عَلَى
(1/415)
أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللهُ،
وَاللهِ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، لأُقَاتِلَنَّ مَا قَاتَلَ
عَلَيْهِ، حَتَّى أَمُوتَ، وَاللهِ إِنِّي لأَخُوهُ
وَوَلِيُّهُ وَوَارِثُهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَمَنْ أَحَقُّ بِهِ
مِنِّي؟ "
999 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
نَصْرٍ، عَنْ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ
هَذِهِ الآيَةُ: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الإِيمَانَ
يَزْدَادُ، فَهَلْ يَنْقُصُ؟ قَالَ: " إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي
بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَيَنْقُصُ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ
فَهَلْ فِي ذَلِكَ دِلالَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ؟ فَقَالَ: "
نَعَمْ، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ، فَالانْقِلابُ
نُقْصَانٌ، وَلا كُفْرٌ "
1000 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ
إِدْرِيسَ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ
حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ
بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ تَلا {وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}
، لَمْ يَعْلَمِ النَّاسُ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي
كِتَابِ اللهِ، حَتَّى قَرَأَهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهِمْ "
(1/416)
1001 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ:
حَدَّثَنَا سعيد بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا عثمان، عَنْ
خصيف، عَنْ سعيد بْن جبير، أَنَّهُ كَانَ يقول: " مَا سمعنا أن
نبيا قط قتل فِي القتال "
1002 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة:
{أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ} يقول: " إن مات نبيكم أَوْ قتل، ارتددتم كفارا
بعد إيمانكم "
1003 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}
" كُلّ من رجع عما كَانَ عَلَيْهِ، قَدْ رجع عَلَى عقبيه "
1004 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن محمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد
بْن إِسْحَاق: {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} أي " يرجع
عَنْ دينه " {فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا} ، أي: " لن
ينقص ذَلِكَ عَنِ الله، وَلا ملكه، وَلا سلطانه، وَلا قدرته "
{وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} أي: " من أطاعه، وعمل بأمره
"
(1/417)
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ
أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا
وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ
يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي
الشَّاكِرِينَ (145)
قوله: جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا كَانَ
لِنَفْسٍ} إِلَى {مُؤَجَّلا}
1005 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَمَا كَانَ
لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا
مُؤَجَّلا} أي " إن لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أجلا هُوَ بالغه، إذا أذن الله عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ،
كَانَ "
1006 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ}
معناه " مَا كانت نفس لتموت
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا}
الآيَة
1007 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {وَمَنْ يُرِدْ
ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ
الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} أي "
فمن كَانَ منكم يريد الدنيا، لَيْسَ لَهُ رغبة فِي الآخرة،
نؤته مِنْهَا من قسم لَهُ فِيهَا من رزق، وَلا حظ لَهُ فِي
الآخرة، {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ} منكم، {نُؤْتِهِ
مِنْهَا} مَا وعده، مع مَا يجري عَلَيْهِ من رزقه فِي دنياه،
وذلك جزاء الشاكرين أي: المتقين
(1/418)
وَكَأَيِّنْ مِنْ
نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا
لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا
اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {مَعَهُ رِبِّيُّونَ
كَثِيرٌ}
1008 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: " {وَكَأَيِّنْ مِنْ
نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قَالَ: أُلُوفٌ "
1009 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو إِسْحَاق،
عَنْ الضحاك بْن مزاحم، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {قَاتَلَ
مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قَالَ " الربيون: الربوة الواحدة
ألف "
1010 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
أحمد بْن نصر، قَالَ: حَدَّثَنَا يوسف بْن عدي، قَالَ:
حَدَّثَنَا رشدين، عَنْ يونس بْن يزيد، عَنْ عطاء الخرساني،
قَالَ " الربوة عشر آلاف فِي العدد "
1011 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: أَبُو صَالِحٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قوله: " {قَاتَلَ مَعَهُ
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} يَقُولُ: جُمُوعٌ " وكذلك قَالَ عكرمة،
والضحاك، وقتادة: وعطاء الخرساني
(1/419)
1012 - حَدَّثَنَا موسى بْن هارون، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن
أبي نجيح، عَنْ مجاهد: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}
قَالَ " جموع كثيرة "
1013 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: " الربيون: الجماعة الكثيرة،
الواحد: ربي "
1014 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو الأشهب، عَنْ الحسن، فِي هَذِهِ الآيَة:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ
كَثِيرٌ} قَالَ " علماء صبر "
1015 - حَدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شجاع، قَالَ:
حَدَّثَنَا هشيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا عوف، عَنْ الحسن:
{قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قَالَ " فقهاء علماء
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللهِ}
1016 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيٍر،
(1/420)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {فَمَا وَهَنُوا
لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} ، قَالَ: لِقَتْلِ
أَنْبِيَائِهِمْ "
1017 - وحدثنا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن سعيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا وهب بْن جرير، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، عَنْ
علي بْن الحكم، عَنْ الضحاك: {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} قَالَ "
فالربيون: الجموع، قتل نبيهم فِي قتالهم، فلم يهنوا لذلك، ولم
يضعفوا لإيمانهم "
1018 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد، قَالَ:
حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق " {فَمَا
وَهَنُوا} لفقد نبيهم، {وَمَا ضَعُفُوا} عَنْ عدوهم، {وَمَا
اسْتَكَانُوا} لما أصابهم فِي الجهاد، عَنِ الله وعن دينهم،
وذلك الصبر {وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا ضَعُفُوا}
1019 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، فِي
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} يقول: " مَا
عجزوا وَمَا تضعضعوا لقتل نبيهم "
(1/421)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا اسْتَكَانُوا
وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
1020 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: " {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ: فَبَلَغَنِي
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: فِي قوله: {وَمَا
اسْتَكَانُوا} : تَخَشَّعُوا "
1021 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة: {وَمَا اسْتَكَانُوا} يقول: " مَا ارتدوا عَنْ بصيرتهم،
وَلا عَنْ دينهم، أن قاتلوا عَلَى مَا قاتل عَلَيْهِ نبي الله،
حَتَّى لحقوا بالله
قوله جَلَّ وَعَزَّ {وَمَا كَانَ قولهمْ إِلا أَنْ قَالُوا
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}
1022 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، فِي قوله عَزَّ
وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ قولهمْ إِلا أَنْ قَالُوا} " كذا وكذا،
فلا تقولوا مثل مَا قَالُوا، يعني: أفلا تقولون مثل مَا
قَالُوا "؟
(1/422)
وَمَا كَانَ
قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ
أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
(147)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِسْرَافَنَا فِي
أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}
1023 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن
رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا شبابة، قَالَ: حَدَّثَنِي ورقاء، عَنْ
ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد ح قَالَ زَكَرِيَّا وحدثنا محمد بْن
يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: وحدثنا ورقاء،
عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ:
{وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} قَالَ " خطايانا " وكذلك قَالَ
الضحاك
1024 - حَدَّثَنَا عَلَى بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا
وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} قَالَ: " تفريطنا "
1025 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن
إِسْحَاق: {وَمَا كَانَ قولهمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} الآيَة، أي " فقولوا مثل مَا
قَالُوا: واعلموا أنما ذَلِكَ بذنوب منكم، واستغفروا كَمَا
استغفروا، وامضوا عَلَى دينكم كَمَا مضوا عَلَى دينهم، وَلا
ترتدوا عَلَى أعقابكم راجعين، وسلوه كَمَا سألوه أن
(1/423)
فَآتَاهُمُ اللَّهُ
ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)
يثبت أقدامكم، واستنصروه كَمَا استنصروه
عَلَى الْقَوْم الْكَافِرِينَ، قيل: هَذَا من قولهم، قَدْ
كَانَ وقد قتل نبيهم، فلم يفعلوا كَمَا فعلتم: {فَآتَاهُمُ
اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} الظهور عَلَى عدوهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا}
1026 - حَدَّثَنَا محمد بْن علي الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد بْن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة: {فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} أي " والله،
لآتاهم الله الفلح، والظهور، والتمكن، والنصر عَلَى عدوهم فِي
الدنيا، وحسن ثواب الآخرة "
1027 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: قرأت عَلَى أبي قرة، فِي تفسيره عَنْ ابْن جريج:
{فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} قَالَ " النصر والغنيمة
(1/424)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَحُسْنَ ثَوَابِ
الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
1028 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة:
{وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} " فِي الْجَنَّة "
1029 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق،
قَالَ: قرأت عَلَى أبي قرة، فِي تفسيره عَنْ ابْن جريج:
{وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} قَالَ " رضوان الله ورحمته "
1030 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن
إِسْحَاق: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} " الْجَنَّة وَمَا وعد
فِيهَا " {وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيَة
1031 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن سعد، عَنْ محمد بْن
إِسْحَاق [ح]
(1/425)
بَلِ اللَّهُ
مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)
-وحدثنا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا
عمرو، قَالَ: أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق:
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ
كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا
خَاسِرِينَ} أي " عَنْ دينكم، فتذهب دنياكم وأخراكم "
1032 - حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج: {يَأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا
يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}
" فلا تنتصحوا اليهود والنصارى عَلَى دينكم، وَلا تصدقوهم بشيء
فِي دينكم "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ
النَّاصِرِينَ}
1033 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {بَلِ اللهُ
مَوْلاكُمْ} " إن كَانَ مَا تقولون بألسنتكم، صدقا فِي قلوبكم
" {وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} أي: " واعتصموا بِهِ، وَلا
تستنصروا بغيره، وَلا ترجعوا مرتدين عَنْ دينه "
(1/426)
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ
الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا
لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ
وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {سَنُلْقِي فِي
قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} الآيَة
1034 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ محمد بْن إِسْحَاق: {سَنُلْقِي فِي
قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} الآيَة، أي " سألقي فِي
قلوب الذين كفروا العرب الَّذِي بِهِ كتب نصركم عَلَيْهِمْ،
بما أشركوا بي مَا لم أجعل لَهُمْ بِهِ حجة، أي: فلا تظنوا أن
لَهُمْ عاقبة نصر، وَلا ظهور عَلَيْكُمْ، بما أعتصمتم بي،
واتبعتم أمري، المصيبة الَّتِي أصابتكم مِنْهُ بذنوب قدمتموها
لأنفسكم، خالفتم فيما أمري، وعصيتم فِيهَا نبي "
1035 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}
أي: " بيانا "
(1/427)
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ
اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا
فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ
بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ
الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ
صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ
وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)
يتلوه فِي السادس عشر من قوله عَزَّ
وَجَلَّ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إلى فَزَادَهُمْ
إِيمَانًا}
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ}
1036 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
جُمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ: يَا خَالُ أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّتَكُمْ يَوْمَ
أُحُدٍ، قَالَ: " اقْرَأْ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، مِنْ
آلِ عِمْرَانَ، تَجِدْ قِصَّتَنَا {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ
أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ
إِلَى قوله: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ
تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ
(2/428)
1037 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي حَدِيثِهِ
عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: كَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ فِي شَوَّالٍ،
عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَنِي
النَّضِيرِ، وَكَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ عَلَى رَأْسٍ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ
1038 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ
بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: " رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ،
وَرَأَيْتُ بَقَرًا مُنَحَّرَةً، فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ
الْمَدِينَةُ، وَأَنَّ الْبَقَرَ بَقَرٌ، وَاللهُ خَيْرٌ
فَلَوْ أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا،
قَاتَلْنَاهُمْ " فَقَالُوا: وَاللهِ مَا دَخَلَتْ عَلَيْنَا
فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَفَتَدْخُلُ عَلَيْنَا فِي الإِسْلامِ؟
قَالَ: " فَشَأْنُكُمْ إِذًا " فَقَالَتِ الأَنْصَارُ
بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: رَدَدْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْيَهُ، فَجَاءُوا، فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللهِ، شَأْنُكَ فَقَالَ: " الآنَ إِنَّهُ لَيْسَ
لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا، حَتَّى
يُقَاتِلَ "
1039 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ،
وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَالْحُصَيْنِ بْنِ
عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ
كُلِّهِمْ فِيمَا سُقْتُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ يَوْمِ
أُحُدٍ،
(2/429)
قَالَ: " خَرَجَتُ قُرَيْشٌ حَتَّى
نَزَلُوا الْعَيْنَيْنِ، جَبَلٌ بِبَطْنِ السَّبِخَةِ مِنْ
قَنَاةٍ، عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ،
وَنَزَلَتْ قُرَيْشٌ مَنْزِلَهَا أُحُدًا يَوْمَ
الأَرْبِعَاءِ، فَأَقَامُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَيَوْمَ
الْخَمِيسِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَضَى رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ بِالشِّعْبِ
مِنْ إِحْدَى عُدْوَتَيِ الْوَادِي إِلَى الْجَبَلِ، فَجَعَلَ
ظَهْرَهُ وَعَسْكَرَهُ إِلَى أُحُدٍ، وَأَمَّرَ عَلَى
الرُّمَاةِ عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخَا بَنِي عَمْرِو
بْنِ عَوْفٍ، وَالرُّمَاةُ خَمْسُونَ رَجُلا فَقَالَ: انْضَحْ
عَنَّا الْخَيْلَ بِالنَّبْلِ، لا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا،
إِنْ كَانَتْ عَلَيْنَا أَوْ لَنَا فَاثْبُتْ مَكَانَكَ، لا
نُؤْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكَ وَظَاهَرَ رَسُولُ اللهِ بَيْنَ
دِرْعَيْنِ، وَقَالَ: مَنْ يَأْخُذْ هَذَا السَّيْفَ
بِحَقِّهِ؟ فَقَامَ أُبَو دُجَانَةَ فَقَالَ: أَنَا آخُذُهُ
بِحَقِّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ
رَجُلا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ إِذَا كَانَتْ،
وَكَانَ إِذَا عُلِمَ بِعِصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، يَتَعَصَّبُ
بِهَا عَلَى رَأْسِهِ، عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ سَيِقَاتِلُ،
فَلَمَّا أَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَ عِصَابَتَهُ، فَعَصَبَهَا
بِرَأْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ،
وَأَقْبَلَ الْقَوْمُ حَتَّى حَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَقَاتَلَ
أَبُو دُجَانَةَ حَتَّى أَمْعَنَ
(2/430)
فِي النَّاسِ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فِي رِجَالٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَصْرَهُ،
وَصَدَقَهُمْ وَعْدَهُ، فَحَسُّوهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى
كَشَفُوهُمْ عَنِ الْعَسْكَرِ، وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ لا
شَكَّ فِيهَا
1040 - قَالَ أحمد: فحدثنا إبراهيم، عن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق،
عن يحيى بْن عباد بْن عَبْدِ اللهِ بْن الزبير، عن أبيه عباد،
عن الزبير، قَالَ " وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى
خَدَمٍ هِنْدٍ وَصَوَاحِبَاتِهَا، مُشَمِّرَاتٌ هَوَارِبٌ، مَا
دُونَ إِحْدَاهُنَّ قَلِيلٌ، وَلا كَثِيرٌ " قَالَ مُحَمَّد
بْن إِسْحَاق، عن بعض أهل العلم: إن اللواء مرتفع، حَتَّى
أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية، فدفعته لقريش، فلاذوا بها،
وَكَانَ اللواء مَعَ صواب غلام لبني طلحة، حبشي، وَكَانَ آخر
من أخذه منهم، فقاتل بها حَتَّى قطعت يداه، ثم برك عَلَيْهِ
فأخذ اللواء بصدره وعنقه حَتَّى قتل عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُول:
اللهُمَّ هل أعزرت؟ يَقُول: هل أعذرت قَالَ أحمد: فحدثنا
إبراهيم، عن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عن عاصم بْن عمر، قَالَ:
وقاتل حَمْزَة بْن عَبْدِ المطلب حَتَّى قتل أرطأة بْن شرحبيل
بْن
(2/431)
هاشم بْن عبد مناف بْن قصي، وَكَانَ أحد
النفر الَّذِينَ يحملون اللواء، ثم مر به سباع بْن عَبْدِ
العزى الغبشاني، وَكَانَ يكنى بأبي نيار، فَقَالَ له حَمْزَة:
هلم إِلَى يابن مقطعة البظور وكانت أمه أم أنمار، مولاة شريق
بْن عمرو بْن وهب الثقفي، وكانت ختانة بمكة، فلما التقيا ضربه
حَمْزَة فقتله قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: فَقَالَ حسان بْن
ثابت فِي قطع يدي صؤاب حين تقاذعوا الشعر: فخرتم باللواء وشر
فخر لواء حين رد إِلَى صؤاب جعلتم فخركم فِيهَا لعبد من الأم
من وطى غفر التراب ظننتم والسفيه له ظنون وما إن
ذاك من أمر الصواب بأن جلادنا يوم التقينا بمكة بيعكم حمر
العياب أقر العين أن عصبت يداه وما إن تعصبان عَلَى خضاب
1041 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن أيوب، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عن يحيى بْن
عباد بْن عَبْدِ اللهِ بْن الزبير، عن أبيه عباد بْن عَبْدِ
اللهِ بْن الزبير، عن الزبير، قَالَ " مالت الرماة إِلَى
العسكر، حَتَّى كشفنا القوم عنه يريدون النهب،
(2/432)
وخلوا ظهورنا للجبل، يعني: يوم أحد، وصرخ
صارخ أَلا إن مُحَمَّدا قد قتل، فانكشفنا، وانكفأ علينا القوم
بعد أن أصبنا أصحاب اللواء، حَتَّى مَا يدنو منه أحد من القوم
قَالَ وحشي غلام جبير بْن مطعم: والله إني لأنظر إِلَى
حَمْزَة، يهد الناس بسيفه مَا يليق شيئا مثل الجمل الأورق إذ
تقدمني إِلَيْهِ سباع، فَقَالَ له حَمْزَة: هلم إِلَى يَا ابْن
مقطعة البظور، فضربه، فكأنما أخطأ رأسه، وهززت حربتي حَتَّى
إذا رضيت منها، دفعتها عَلَيْهِ، فوقعت فِي ثنته حَتَّى خرجت
من بين رجليه، فأقبل نحوي، فغلب فوقع، فأهملته حَتَّى إذا مات
جئت، فأخذت حربتي، ثم تنحيت إِلَى العسكر، ولم يكن لي بشيء
حاجة غيره
1042 - فوقفت هند بنت عتبة كما حَدَّثَنَا علي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عن
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عن صالح بْن كيسان، قَالَ: وقفت
(2/433)
هند بنت عتبة، والنسوة اللاتي معها يمثلن
بالقتلى من
أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يجدعن
الآذان والآنف، حَتَّى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما
وقلائد، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا، غلام جبير بْن
مطعم، وبقرت عن كبد حَمْزَة، ولاكتها فلم تستطع أن تسيغها
فلفظتها، ثم علت عَلَى صخرة مشرفة، فصرخت بأعلى صوتها
1043 - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ
أَنَّهُ حَدَّثَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ
لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ: " يَابْنَ الْفُرَيْعَةَ لَوْ
سَمِعْتَ هِنْدًا وَرَأَيْتَ أَشَرَهَا، قَائِمَةً عَلَى
صَخْرَةٍ، تَرْتَجِزُ بِنَا، وَتَذْكُرُ مَا صَنَعَتْ
بِحَمْزَةَ؟ "، وَقَدْ كَانَ الْحُلَيْسُ بْنُ زَبَانٍ، أَخُو
بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ
سَيِّدُ الأَحَابِيشِ، قَدْ مَرَّ بِأَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ
يَضْرِبُ فِي شِدْقِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
بِزُجِّ الرُّمْحِ، وَيَقُولُ: ذُقْ عُقَقُ فَقَالَ
الْحُلَيْسُ: يَا بَنِي عَبْدِ كِنَانَةَ، هَذَا سَيِّدُ
قُرَيْشٍ يَصْنَعُ بِابْنِ عَمِّهِ كَمَا تَرَوْنَ، فَقَالَ:
وَيْحَكَ اكْتُمْهَا عَلَيَّ، فَإِنَّهَا زَلَّةٌ كَانَتْ
(2/434)
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ،
قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَلْتَمِسُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
فَوَجَدَهُ بِبَطْنِ الْوَادِي، قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ عَنْ
كَبِدِهِ، وَمُثِّلَ بِهِ، فَجُدِعَ أَنْفُهُ وَأُذُنَاهُ
1044 - فَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ،
أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
حِينَ رَأَى بِهِ مَا رَأَى: " لَوْلا أَنْ تَحْزَنَ
صَفِيَّةُ، أَوْ تَكُونَ سُنَّةً بَعْدِي، لَتَرَكْتُهُ حَتَّى
يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ "،
فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حُزْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْظَهُ عَلَى مَا فُعِلَ
بِعَمِّهِ، قَالُوا: وَاللهِ لَئِنْ أَظْهَرَنَا اللهُ
عَلَيْهِمْ، لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعْدٍ: وَبَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ
يَوْمَئِذٍ، وَبِهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ جِرَاحَةٌ وَهَتْمٌ،
وَجَرْحٌ فِي رِجْلِهِ، فَعَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَقَدْ
أَقْبَلَتْ، فِيمَا بَلَغَنِي، صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، لِتَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَخَاهَا
لأُمِّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لابْنِهَا الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: الْقَهَا
(2/435)
فَأَرْجِعْهَا، لا تَرَى مَا بِأَخِيهَا "،
فَلَقِيَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَ لَهَا: يَا
أُمَّهُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ؟
وَقَدْ بَلَغَنِي أَنْ قَدْ مُثِّلَ بِأَخِي، وَذَلِكَ فِي
ذَاتِ اللهِ، فَمَا أَرْضَانَا بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ،
لأَصْبِرَنَّ وَلأَحْتَسِبَنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ فَلَمَّا
جَاءَ الزُّبَيْرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قَالَ: " خَلِّ
سَبِيلَهَا "، فَأَتَتْهُ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ، فَصَلَّتْ
عَلَيْهِ، وَاسْتَرْجَعَتْ، وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ، ثُمَّ
أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَدُفِنَ فَزَعَمَ آلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ، وَكَانَ
لأُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَمْزَةُ خَالُهُ،
وَكَانَ قَدْ مُثِّلَ بِهِ كَمَا مُثِّلَ بِحَمْزَةَ، إِلا
أَنَّهُ لَمْ يُبْقَرْ عَنْ كَبِدِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَنَهُ مَعْ حَمْزَةَ فِي
قَبْرِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ إِلا عَنْ أَهْلِهِ قَالَ:
وَقَدِ احْتَمَلَ أُنَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتْلاهُمْ
إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَفَنُوهُمْ بِهَا، ثُمَّ نَهَى رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ،
وَقَالَ: ادْفِنُوهُمْ حَيْثُ صُرِعُوا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
وَمَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِدَارٍ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ، مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ
وَظُفَرَ، فَسَمِعَ الْبُكَاءَ وَالنَّوَائِحَ عَلَى
قَتْلاهُمْ، فَذَرَفَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: " لَكِنَّ حَمْزَةَ
لا بَوَاكِيَ لَهُ، فَلَمَّا رَجِعَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ
وَأُسَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ إِلَى دَارِ بَنِي عَبْدِ
الأَشْهَلِ، أَمَرَا نِسَاءَهُمْ أَنْ يَتَحَزَّمْنَ ثُمَّ
يَذْهَبْنَ فَيَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(2/436)
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي
حَكِيمُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَنِيفٍ، عَنْ بَعْضِ
رِجَالِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، قَالَ: لَمَّا سَمِعَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُكَاءَهُنَّ
عَلَى حَمْزَةَ، خَرَجَ إِلَيْهِنَّ، هُنَّ عَلَى بَابِ
الْمَسْجِدِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " ارْجِعْنَ
يَرْحَمْكُنَّ اللهُ فَقَدْ آسَيْتُنَّ بِأَنْفُسِكُنَّ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}
1045 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
جَمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:
يَا خَالُ أَخْبِرْنِي عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قَالَ: " اقْرَأْ
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ إِلَى قوله عَزَّ وَجَلَّ:
إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} قَالَ الْحَسَنُ: الْقَتْلُ "
(2/437)
1046 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ
الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ
بِإِذْنِهِ} ، يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْحَسُّ الْقَتْلُ "
1047 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الأعلى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد:
{إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} قَالَ " إِذْ
تَقْتُلُونَهُمْ " وممن قَالَ بهذا القول: سعيد بْن عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْن أبزي، وقتادة
1048 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، {إِذْ
تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} " إِذْ تَحُسُّونَهُمْ
بِالسُّيُوفِ، أَيِ: الْقَتْلُ بِإِذْنِي وَتَسْلِيطِي
أَيْدِيَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَفِّي أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ "
1049 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ
(2/438)
أبي عبيدة: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ
بِإِذْنِهِ} " تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلا، يُقَالُ:
أَحْسَسْنَاهُمْ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ، أَيِ:
اسْتَأْصَلْنَاهُمْ "
1050 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ
الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرُّمَاةِ
يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلا، عَبْدَ اللهِ بْنَ
جُبَيْرٍ، وَوَضَعَهُمْ مَكَانًا، وَقَالَ لَهُمْ: " إِنْ
رَأَيْتُمُونَا تَتَخَطَّفُنَا الطَّيْرُ، فَلا تَبْرَحُوا
مَكَانَكُمْ هَذَا، حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ
رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلا
تَبْرَحُوا، حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ " وَسَارَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ قَالَ: مَضَى
فِي مَنْ مَعَهُ، فَهَزَمَهُمْ، فَأَنَا وَاللهِ رَأَيْتُ
النِّسَاءَ يَشْدُدْنَ عَلَى الْجَبَلِ، قَدْ بَدَتْ
خَلاخِلُهُنَّ، وَأَسْوُقُهُنَّ، رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ
فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةُ
أَيْ قَوْمُ الْغَنِيمَةِ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ، فَمَاذَا
تَنْتَظِرُونَ؟ "
1051 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نُصِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْطِنٍ كَمَا نُصِرَ فِي أُحُدٍ،
قَالَ: فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ
(2/439)
كِتَابُ اللهِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ
وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} يَقُولُ ابْنُ
عَبَّاسٍ: وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ
إِلَى قوله: وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ} وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا: الرُّمَاةَ
وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ قَالَ: " احْمُوا ظُهُورَنَا،
فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ
رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا، فَلا تَشْرَكُونَا " فَلَمَّا
غَنِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جَمِيعًا، فَدَخَلُوا الْعَسْكَرُ يَنْتَهِبُونَ، وَقَدِ
الْتَفَّتْ صُفُوفٌ فَهُمْ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ
أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَالْتَبَسُوا فَلَمَّا أَخْلَى
الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخُلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا،
دَخَلَتِ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا، وَقُتِلَ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحِابِهِ أَوَّلُ
النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ اللِّوَاءِ
الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ، وَجَالَ
الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ وَلَمْ يَبْلَغُوا
حَيْثُ يَقُولُ النَّاسُ الْغَارَ، إِنَّمَا كَانُوا تَحْتَ
الْمِهْرَاسِ، وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَلَمْ
يَشُكَّ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُ حَقٌّ فَمَا زِلْنَا كَذَلِكَ لا
يُشَكُّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ، حَتَّى طَلَعَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ السَّعْدَيْنِ
نَعْرِفُهُ بِتَكَفُّئِهِ إِذَا مَشَى، قَالَ: فَفَرِحْنَا
حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْنَا مَا أَصَابَنَا قَالَ:
فَرَقَى نَحْوَنَا وَهُوَ يَقُولُ: " اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ
عَلَى قَوْمٍ أَدْمَوْا وَجْهَ رَسُولِهِ "، قَالَ: وَيَقُولُ
مَرَّةً: " اللهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا
حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا " قَالَ: فَمَكَثَ سَاعَةً، فَإِذَا
أَبُو سُفْيَانَ يَصِيحُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ: أُعْلُ
هُبَلْ
(2/440)
أُعْلُ هُبَلْ يَعْنِي آلِهَتَهُ أَيْنَ
ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَيْنَ
ابْنُ أَبِي الْخَطَّابِ؟ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ
اللهِ، أَلا أُجِيبَهُ؟ قَالَ: بَلَى، فَلَمَّا قَالَ: أُعْلُ
هُبَلْ، قَالَ عُمَرُ: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ قَالَ: فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ قَدْ
أَنْعَمْتَ فَعَادَ عَنْهَا، أَوْ فَقَالَ عَنْهَا، قَالَ:
فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ أَبِي
قُحَافَةَ؟ أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ:
هَذَا رَسُولُ اللهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهَأَنَا ذَا
عُمَرُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ كَيَوْمِ بَدْرٍ،
إِنَّ الأَيَّامَ دُوَلٌ وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ قَالَ:
فَقَالَ عُمَرُ: لا سَوَاءَ، قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ،
وَقَتْلاكُمْ فِي النَّارِ، قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ
ذَلِكَ، لَقَدْ خِبْنَا إِذَا وَخَسِرْنَا، ثُمَّ قَالَ أَبُو
سُفْيَانَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَوْفَ تَجِدُونَ فِي قَتْلاكُمْ
مَثَلٌ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا قَالَ:
ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: أَمَا
إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَاكَ لَمْ نَكْرَهْهُ
(2/441)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِذَا فَشِلْتُمْ
وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ}
1052 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَتَّى إِذَا
فَشِلْتُمْ} قَالَ " الْفَشَلُ: الْجُبْنُ "
1053 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو،
قَالَ: أَخْبَرَنَا زِيَادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ:
{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} أَيْ " تَخَاذَلْتُمْ
وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ، أَيِ: اخْتَلَفْتُمْ فِي
أَمْرِي وَقَالَ قَتَادَةُ: {إِذَا فَشِلْتُمْ} تَقُولُ:
جَبِنْتُمْ " قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ
مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ}
1054 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ
بْنَ عَازِبٍ، وَذَكَرَ شَأْنَ أُحُدٍ، وَخَبَرَ الرُّمَاةِ،
وَهَزِيمَةَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ الْبَرَاءُ: " فَأَنَا،
وَاللهِ، رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْدُدْنَ عَلَى الْجَبَلِ قَدْ
بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ، رَافِعَاتٍ
ثِيَابَهُنَّ "، فَقَالَ أصحاب عَبْد اللهِ بْن جبير، يعني:
الرماة: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فماذا تنتظرون؟
فَقَالَ عَبْد اللهِ بْن جبير: " أنسيتم مَا قَالَ لكم
(2/442)
رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؟ " قَالُوا: أما والله، لنأتين الناس فلنصيبن من
الغنيمة، فلما أتوهم، صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين
1055 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي
الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا
تُحِبُّونَ} فَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ، وَذَلِكَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ قَالَ: " احْمُوا ظُهُورَنَا،
فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ، فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ
رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلا تَشْرَكُونَا " فَلَمَّا
غَنِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَبَاحُوا عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ، انْكَفَتِ الرُّمَاةُ
جَمِيعًا، فَدَخَلُوا الْعَسْكَرَ يَنْتَهِبُونَ، وَقَدِ
الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ
أَصَابِعِ يَدَيْهِ، الْتَبَسُوا، فَلَمَّا أَخْلَى الرُّمَاةُ
تِلْكَ الْخُلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَتِ الْخَيْلُ
مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
1056 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ
بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزِيٍّ، فِي
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} قَالَ "
وَكَانَ وَضَعَ خَمْسِينَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ، عَلَيْهِمْ
عَبْدُ اللهِ، فَجَعَلَهُمْ بِإِزَاءِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ
عَلَى جَبَلِ الْمُشْرِكِينَ
(2/443)
فَلَمَّا هَزَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، قَالَ نِصْفُ أُولَئِكَ:
نَذْهَبُ حَتَّى نَلْحَقَ بِالنَّاسِ، وَلا يَفُوتُنَا
بِالْغَنَائِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَهِدَ إِلَيْنَا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا
نُرِيمَ حَتَّى يُحَدَّثَ إِلَيْنَا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رِقَّتَهُمْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ،
فَقَاتَلُوا حَتَّى مَاتُوا، فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ
فِيهِمْ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِلَى قوله:
وَعَصَيْتُمْ} فَجَعَلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ انْصَرَفُوا
عُصَاةً "
1057 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْن زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق:
{وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ} أي " اختلفتم فِي أمري،
وعصيتم، أي: تركتم مَا أمر نبيكم، وما عهد إليكم، يعني: الرماة
{مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} أي: الفتح، لا شك
فيه "
1058 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
جُمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قلت لعَبْد الرَّحْمَنِ بْن
عوف: يَا خال، أَخْبِرْنِي عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قَالَ "
اقْرَأْ إِلَى قوله: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ
مَا تُحِبُّونَ} قَالَ: مَعْصِيَةُ الرُّمَاةِ مَا أُمِرُوا
بِهِ أَنْ لا يَبْرَحُوا مَصَافَّهُمْ "
(2/444)
1059 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ هُوَ ابْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: {مِنْ بَعْدِ مَا
أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} " الْغَنَائِمَ، وَهَزِيمَةَ
الْقَوْمِ " قوله جل ذكره: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}
1060 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَوْمَ
أُحُدٍ خَلْفَ الرِّجَالِ، يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى
الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: وَلَوْ حَلَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
مِنَّا أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ يُرِيدُ الدُّنْيَا، لَرَجَوْتُ أَنْ
أَبَرَّ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْكُمْ مَنْ
يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}
فَلَمَّا خَالَفَ الْقَوْمُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ
وَعَصَوْا أَمْرَهُ، أَفْرَدَ رَسُولُ اللهِ فِي تِسْعَةٍ،
سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ "
1061 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {مِنْكُمْ مَنْ
يُرِيدُ الدُّنْيَا} أي " الَّذِينَ أرادوا النهب، رغبة فِي
الدنيا، وترك مَا أمروا به من الطاعة الَّتِي عليها ثواب
الآخرة: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} أي: الَّذِينَ
جاهدوا فِي الله، ولم يخالفوا إِلَى مَا نهوا عنه
(2/445)
لغرض من الدنيا رغبة فيه، رجاء مَا عند
الله من حسن ثوابه، فِي الآخرة "
قوله جعل وعز {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}
1062 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ
لِيَبْتَلِيَكُمْ} ، أي " ليبلوكم: ليختبركم، ويكون ليبتليكم
بالبلاء "
1063 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {ثُمَّ
صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} أي " ليختبركم، وذلك
ببعض ذنوبكم {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}
1064 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ،
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ
السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي
قِصَّةِ أُحُدٍ، قَالَ: " فَلَمَّا خَالَفَ الْقَوْمُ مَا
أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَصَوْا أَمْرَهُ، أَفْرَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِسْعَةٍ، سَبْعَةٍ مِنَ
الأَنْصَارِ، وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا
زَهَقُوهُمْ قَالَ: يَرْحَمُ اللهُ رَجُلا رَدَّهُمْ عَنَّا،
فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
(2/446)
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا
زَهَقُوهُ أَيْضًا، قَالَ: يَرْحَمُ اللهُ رَجُلا رَدَّهُمْ
عَنَّا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى
قُتِلَ، حَتَّى قَتَلُوا السَّبْعَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبَيْهِ: مَا
أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا "
1065 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ،
قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَفِدَ عَلَى حَمْزَةَ حِينَ اسْتُشْهِدَ، فَنَظَرَ
إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ أَوْجَعُ
لِقَلْبِهِ مِنْهُ، وَنَظَرَ إِلَيْهِ قَدْ مُثِّلَ بِهِ،
قَالَ: فَقَالَ: " رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْكَ، كُنْتَ، مَا
عَلِمْتُكَ، وَصُولا لِلرَّحِمِ، فَعُولا لِلْخَيْرَاتِ،
وَلَوْلا حُزْنُ مَنْ بَعْدَكَ عَلَيْكَ، لَسَرَّنِي أَنْ
أَدَعَكَ حَتَّى تُحْشَرَ مِنْ أَفْوَاجٍ شَتَّى، أَمَا
وَاللهِ، مَعَ ذَاكَ، لأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ
مَكَانَكَ " قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ
وَاقِفًا بَعْدُ، بِخَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ، قَالَ:
{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ
بِهِ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ: فَصَبِرَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ،
وَأَمْسَكَ عَمَّا أَرَادَ قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ
عَفَا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}
1066 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {وَلَقَدْ عَفَا
عَنْكُمْ} " عَنْ عظيم ذَلِكَ، أي: لا أهلككم
(2/447)
إِذْ تُصْعِدُونَ
وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي
أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا
تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)
بما أتيتم من معصية نبيكم عَلَيْهِ السلام،
ولكني عدت بفضلي عليكم وكذلك من الله عَلَى المؤمنين، إن عاقبت
ببعض الذنب فِي عاجل الدنيا أدبا وموعظة، فإني غير مستأصل لكم
مَا فيه الحق لي عليهم بما أصابوا من معصيتي، رحمة لهم، وعائدة
عليهم، لما فيهم من الإيمان
"
1067 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} إذ لم يستأصلكم "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِذْ تُصْعِدُونَ}
1068 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، قَالَ:
" لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ صَعَدُوا
فِي الْجَبَلِ، وَالرَّسُولُ يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ،
فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا
تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي
أُخْرَاكُمْ} "
1069 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زيد قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ: {إِذْ تُصْعِدُونَ} قَالَ " صعدوا فِي أحد فرارا "
1070 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
(2/448)
شَبَابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ زَكَرِيَّا
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَالَ: " فَجَعَلُوا يَصْعَدُونَ فِي الْجَبَلِ، وَالرَّسُولُ
يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ "
1071 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ،
يُحَدِّثُ قَالَ: " جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانُوا
خَمْسِينَ رَجُلا، عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَوَضَعَهُمْ
مَكَانًا، وَقَالَ لَهُمْ: " إِنْ رَأَيْتُمُونَا
يَتَخَطَّفُنَا الطَّيْرُ، فَلا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا،
حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا
الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلا تَبْرَحُوا، حَتَّى
أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ " وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ: مَضَى فِيمَنْ مَعَهُ،
فَهَزَمَهُمْ، فَأَنَا، وَاللهِ، رَأَيْتُ النِّسَاءَ
يَشْتَدِدْنَ عَلَى الْجَبَلِ، قَدْ بَدَتْ خَلاخِلُهُنَّ
وَأَسْوَاقُهُنَّ، رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ جُبَيْرٍ، الْغَنِيمَةُ أَيْ قَوْمُ
الْغَنِيمَةِ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ، فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟
فَقَالَ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: إِنَّا، وَاللهِ،
لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ،
فَلَمَّا أَتَوْهُمْ، صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ، فَأَقْبَلُوا
مُنْهَزِمِينَ، وَذَلِكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي
أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللهِ غَيْرُ اثْنَي
عَشَرَ رَجُلا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَقَدْ كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ
قَتِيلا
(2/449)
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ
مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ
مُحَمَّدٌ؟ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ، فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ
أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي
الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَدْ قُتِلُوا،
فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ: كَذَبْتَ، وَاللهِ، يَا
عَدُوَّ اللهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ
وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمٍ
بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي
الْقَوْمِ مِثْلَهُ، لَمْ آمُرْ بِهَا، وَلَمْ تَسُؤْنِي ثُمَّ
أَخَذَ يَرْتَجِزُ، أَعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، فَقَالَ
لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
أَلا تُجِيبُوهُ؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا
نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: " اللهُ مَوْلانَا وَلا مَوْلًى
لَكُمْ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ}
1072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ
عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ
تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} " ذَاكُمْ يَوْمُ
أُحُدٍ صَعَدُوا فِي الْوَادِي فِرَارًا، وَنَبِيُّ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُمْ إِلَيَّ
عِبَادَ اللهِ "
(2/450)
1073 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {إِذْ تُصْعِدُونَ}
" فِي الأَرْض "، قَالَ الحادي: قد كنت تبكين عَلَى الإصعاد
فاليوم سرحت وصاح الحادي وأصل الإصعاد: الصعود فِي الجبل، ثم
جعلوه فِي الدرج، ثم جعلوه فِي الارتفاع فِي الأرض، أصعد
فِيهَا أي: تباعد وَقَالَ بعضهم فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ
تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} لأنك تقول: أصعد أي:
مضى وسار، وأصعد فِي الوادي انحدر فيه، وأما صعد، فارتقى قوله
عَزَّ وَجَلَّ {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}
1074 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} "
أي عباد الله ارجعوا، أي عباد الله ارجعوا "
(2/451)
1075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُُ شَبِيبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ:
{وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} قَالَ " صَعَدُوا
فِي الْوَادِي فِرَارًا، وَنَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُمْ: إِلَيَّ عِبَادَ اللهِ "
1076 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {أُخْرَاكُمْ} " آخركم "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}
1077 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {غَمًّا
بِغَمٍّ} قَالَ " الغم الأول: الجراح والقتل، والغم الآخر: حين
سمعوا أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قتل:
فأنساهم الغم الآخر مَا أصابهم من الجراح والقتل، وما كَانُوا
يرجون من الغنيمة، وذلك حين يَقُول: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا
عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ} "
1078 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} ، " كَانُوا يحدثون أن
نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصيب، وَكَانَ
الغم الآخر قتل أصحابهم، والجراحات الَّتِي أصابتهم ذكر لنا
أنه قتل يومئذ سبعون رجلا "
(2/452)
1079 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا روح، قَالَ:
حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد:
{فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} قَالَ " فرة بعد الفرة الأولى،
حين سمعوا الصوت أن مُحَمَّدا قد قتل، فرجعوا الكفار فضربوهم
مدبرين، حَتَّى قتلوا منهم سبعين رجلا، ثم انحازوا إِلَى
النَّبِيّ، فجلوا يصعدون فِي الجبل، والرسول يدعوهم فِي أخراهم
" وَقَالَ بعضهم فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَثَابَكُمْ
غَمًّا بِغَمٍّ} أي: " عَلَى غم "، كما قَالَ: فِي
جُذُوعِ النَّخْلِ، أي: " عَلَى جذوع النخل "، كما قَالَ: "
ضربني فِي السيف، يريد: السيف "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا
فَاتَكُمْ}
1080 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَقَالَ غير مجاهد {فَأَثَابَكُمْ
غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} من
غنائم القوم {وَلا مَا أَصَابَكُمْ} فِي أنفسكم {فَأَثَابَكُمْ
غَمًّا بِغَمٍّ} لما انهزم المسلمون كَانُوا فِي هم وحزن،
حَتَّى إذا جاء أَبُو سُفْيَانَ فوقف هُوَ وأصحابه بباب الشعب،
فظنوا أنهم سيميلون عليهم، فيقتلونهم، فأصابهم غم وهم، وأنساهم
غمهم الأول "
(2/453)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا مَا
أَصَابَكُمْ} الآية
1081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة " {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} من غنيمة
القوم {وَلا مَا أَصَابَكُمْ} فِي أنفسكم من القتل والجراحات "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ
الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}
1082 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ،
عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ عَبْد اللهِ: " النُّعَاسُ
فِي الْقِتَالِ أَمَنَةً، وَالنُّعَاسُ فِي الصَّلاةِ مِنَ
الشَّيْطَانِ "
1083 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، وَابْنُ بِنْتِ
مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ
أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} قَالَ " أُلْقِيَ
عَلَيْهِمُ النَّوْمُ "
1084 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ
(2/454)
أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: " لَقَدْ رَأَيْتُنِي
مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ
اشْتَدَّ عَلَيْنَا الْخَوْفُ، أَرْسَلَ اللهُ عَلَيْنَا
النَّوْمَ، فَمَا مِنَّا رَجُلٌ إِلا ذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ،
فَوَاللهِ إِنِّي لأَسْمَعُ كَالْحُلْمِ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ
قُشَيْرٍ: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا
قُتِلْنَا هَاهُنَا "
1085 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق:
{فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} أي " كربا بعد كرب، بقتل من
قتل من إخوانكم، وغلو عدوكم عليكم، وما وقع فِي أنفسكم
من قول من قَالَ: قد قتل نبيكم، فكان ذَلِكَ هما تتابع عليكم،
غما بغم، {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} من ظهوركم
عَلَى عدوكم، بما رأيتموهم بأعينكم {وَلا مَا أَصَابَكُمْ} من
قبل إخوانكم، حَتَّى فرجت ذَلِكَ الكرب عنكم {وَاللهُ خَبِيرٌ
بِمَا تَعْمَلُونَ} ، وَكَانَ الَّذِي فرج عنهم مَا كَانُوا
فيه من الكرب والغم الَّذِي أصابهم أن الله جَلَّ وَعَزَّ رد
عليهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم، فلما رأوا رَسُول اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيا بين أظهرهم، هان عليهم مَا
فاتهم من القوم، بعد الظهور عليهم، والمصيبة الَّتِي أصابتهم
فِي إخوانهم حين صرف القتل عَنْ نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ "
(2/455)
ثُمَّ أَنْزَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى
طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ
أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ
الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ
شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي
أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ
لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ
كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ
عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ
اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي
قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَغْشَى طَائِفَةً
مِنْكُمْ}
1086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شَبَابُ بْنُ خَلِيفَةَ الْعُصْفُرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ،
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: "
كُنْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِمُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ،
سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا، يَسْقُطُ وَآخُذُهُ،
وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ "
1087 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ
أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} " وذاكم يوم أحد، كَانُوا يومئذ
فريقين، فأما المؤمنون: يغشاهم الله بالنعاس، أمنة منه ورحمة "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ
أَنْفُسُهُمْ}
1088 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ
أَنْفُسُهُمْ} " وذلك أن المنافقين قَالُوا لعَبْد الله بْن
أبي، وَكَانَ سيد المنافقين فِي أنفسهم: قتل اليوم بنو الخزرج،
فَقَالَ: وهل لنا من الأمر شَيْء؟ أما والله لئن رجعنا إِلَى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وَقَالَ: لو كنتم فِي بيوتكم
لبرز الَّذِينَ كتب عليهم القتل "
(2/456)
1089 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ خارجة، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة:
{يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ
أَنْفُسُهُمْ} " كَانُوا يومئذ فريقين، فأما المؤمنون: فغشاهم
النعاس أمنة ورحمة، وأما الطائفة الأخرى: المنافقون، ليس لهم
هم إِلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه، وأخذله للحق، يظنون بِاللهِ
غير الحق "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ
ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ
مِنْ شَيْءٍ}
1090 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، عَنْ سعيد،
عَنْ قتادة: {يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ} " ظنونا
كاذبة، إنما هم أهل شرك وريبة فِي أمر الله "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ
مِنْ شَيْءٍ} الآية
1091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يوسف بْن البهلول، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إدريس،
عَنْ ابْن إِسْحَاقَ، قَالَ: حدثني يحيى بْن عباد بْن عَبْدِ
اللهِ بْن الزبير، عَنْ أبيه، عَنْ عَبْد اللهِ بْن الزبير،
قَالَ: قَالَ الزبير " أرسل الله علينا النوم يعني يوم أحد
فوالله إني لأسمع كالحلم "
(2/457)
قول معتب بْن قشير: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ
الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَهُنَا} فحفظتها منه، وفي
ذَلِكَ أنزل الله جَلَّ وَعَزَّ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ
مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} إِلَى قوله: {مَا
قُتِلْنَا هَهُنَا} ، لقول معتب بْن قشير
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ}
1092 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد،
عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي
بُيُوتِكُمْ} لم تحضروا هَذَا الموطن الَّذِي أظهر الله فيه
منكم مَا أظهر من سرائركم، لأخرج الَّذِينَ كتب عليهم القتل
إِلَى موطن غيره، يصرعون فيه، حَتَّى يبتلي به مَا فِي صدورهم،
ويمحص به مَا فِي قلوبهم {وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
أي: لا يخفى عَلَيْهِ مَا فِي صدورهم، مما استخفوا به منكم
وَقَالَ بعضهم: {وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ}
أي: كي يبتلي الله مَا فِي صدوركم "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ
يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}
1093 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى
الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ
مَخْرَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(2/458)
بْنِ عَوْفٍ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا
مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} قَالَ " هُمْ
ثَلاثَةٌ: وَاحِدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَاثْنَانِ مِنَ
الأَنْصَارِ "
1094 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ
حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ، عَنْ مولى ابْن العباس، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعَانِ} قَالَ " عُثْمَان، والوليد بْن عتبة، وخارجة بْن
زيد، ورفاعة بْن معلى "
1095 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {إِنَّ
الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}
والذين استزلهم الشيطان: فلان، وسعد بْن عُثْمَان، وعقبة بْن
عُثْمَان، الأنصاريان، الزرقيان، وقد كَانَ الناس انهزموا عن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انتهى
بعضهم إِلَى المنقى، دون الأعوص، وفر عقبة بْن عُثْمَان، وسعد
بْن عُثْمَان، حَتَّى بلغوا الجلعب: جبل، بناحية المدينة،
(2/459)
مما يلي الأعوص فأقاموا به ثلاثا، ثم رجعوا
إِلَى رَسُول اللهِ، فزعموا أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لقد ذهبتم فِيهَا عريضة "
1096 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو،
قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ،
قَالَ: لَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْوَلِيدَ بْنَ
عُتْبَةَ، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ: مَا لِي أَرَاكَ جَفَوْتَ
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عُثْمَانَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
" أَبْلِغْهُ أَنِّي لَمْ أَفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ " قَالَ
عَاصِمٌ: هُوَ يَوْمُ أُحُدٍ وَلَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ بَدْرٍ،
وَلَمْ أَتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ " قَالَ: فَانْطَلَقَ
فَخَبَّرَ بِذَلِكَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: " أَمَّا قوله: إِنِّي
لَمْ أَفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ فَكِيَفْ يُعَيِّرُنِي
بِذَنْبٍ، قَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ
تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا
اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ
عَفَا اللهُ عَنْهُمْ} ؟ وَأَمَّا قوله: إِنِّي تَخَلَّفْتُ
يَوْمَ بَدْرٍ فَإِنِّي كُنْتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بِنْتَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى
مَاتَتْ، وَضَرَبَ لِي رَسُولُ اللهِ بِسَهْمِهِ، وَمَنْ
ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِسَهْمِهِ، فَقَدْ شَهِدَ وَأَمَّا قوله: إِنِّي لَمْ
أَتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ، فَإِنِّي لا أُطِيقُهَا وَلا هُوَ
فَأْتِهِ فَحَدِّثْهُ بِذَلِكَ "
(2/460)
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا
وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ
كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا
قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ
وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ (156)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا
لإِخْوَانِهِمْ} الآية
1097 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا عمرو،
قَالَ: أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {إِذَا
ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ} الضرب فِي الأرض: فِي طاعة الله، وطاعة
رسوله "
1098 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة، {إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ} تقول:
ضربت فِي الأرض، أي: تباعدت "
1099 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا شبل، عَنْ ابْن أبي نجيح،
عَنْ مجاهد: {أَوْ كَانُوا غُزًّى} ، قَالَ " هُوَ قول
المنافق: عَبْد اللهِ بْن أبي بْن سلول "
1100 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ ابْن إِسْحَاقَ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا
لإِخْوَانِهِمْ} الآية أي " لا تكونوا كالمنافقين، الَّذِينَ
ينهون إخوانهم، عَنِ الجهاد فِي سبيل الله، والضرب فِي الأرض،
فِي طاعة الله وطاعة رسوله، ويقولون إذا ماتوا
(2/461)
أو قتلوا: لو أطاعونا مَا ماتوا وما قتلوا
{لِيَجْعَلَ اللهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} ، لقلة
يقينهم "
1101 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {أَوْ كَانُوا غُزًّى} لا يدخلها
رفع، ولا جر، ذَلِكَ لأن
واحدها غاز، فخرجت مخرج قائل وقول فعل " وَقَالَ رؤبة: وقول:
إلاده فلاده يَقُول: إن لم يكن هَذَا فلاذا وَهَذَا مثل قولهم:
إن لم تترك هَذَا اليوم فلا تتركه أبدا، وإن لم يكن ذاك الآن،
لم يكن أبدا
(2/462)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَوْ كَانُوا
عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا}
1102 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: {مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} قَالَ " فتراد
عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلثمائة
وبضعة عشر "
1103 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {لَوْ كَانُوا
عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} ويقولون إذا ماتوا أو
قتلوا: لو أطاعونا مَا ماتوا وما قتلوا {لِيَجْعَلَ اللهُ
ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} لقلة يقينهم "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
1104 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {وَاللهُ
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} " والله
يحيي ويميت أي: يعجل من يشاء، ويؤخر من يشاء فِي ذَلِكَ من
آجالهم بقدرته "
(2/463)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ
فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ} الآية
1105 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {وَلَئِنْ
قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ
اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ، أي " إن الموت
لكائن لا بد منه، فموت فِي سبيل الله أو قتل، خير، لو علموا
وأيقنوا، مما يجمعون فِي الدنيا، أي: يتأخرون عَنِ الجهاد،
لخوف الموت أو القتل، لما جمعوا من زهيد الدنيا، زهادة فِي
الآخرة " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ
قُتِلْتُمْ} الآية
1106 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
أَخْبَرَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: {وَلَئِنْ
مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ} " أي ذَلِكَ كائن، إذ إِلَى الله
المرجع، فلا تغرنكم الدنيا، ولا تغتروا بها، وليكن الجهاد وما
رغبكم الله فيه منه، آثر عندكم منها "
(2/464)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ}
1107 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} ،
قَالَ: يَقُول " من رحمة الله لنت لهم "
1108 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} أعملت
الباء فِيهَا فجررتها بها، كما نصبت هذه الآية: {إِنَّ اللهَ
لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً} " قوله
جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ}
1109 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة: {وَلَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ،
قَالَ قتادة " طهره الله من الفظاظة والغلظة، وجعله قريبا
رحيما رءوفا بالمؤمنين "
(2/465)
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ
لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ (159)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لانْفَضُّوا}
1110 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله: {وَلَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
أَيْ " لانْصَرَفُوا عَنْكَ "
1111 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ، أي: "
تفرقوا عَلَى كل وجه "
1112 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق:
{لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} أي: لتركوك " قوله جَلَّ وَعَزَّ:
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}
1113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة قوله " {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ذكر لنا
أن نعت نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد
فِي التوراة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فِي الأسواق، ولا يجزي
بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح "
(2/466)
1114 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ
مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {فَاعْفُ عَنْهُمْ} أي: تجاوز عنهم
{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ذنوبهم، من قارف من أهل الإيمان منهم "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}
1115 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أبي عمر،
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْن شبرمة، عَنْ الحسن،
فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} : قد
علم الله عَزَّ وَجَلَّ أنه ليس به إليهم حاجة، ولكن أراد أن
يستن به من بعده "
1116 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو داود، قَالَ: حَدَّثَنَا عمران،
قَالَ: سمعت الحسن، يَقُول فِي قول الله تبارك وتعالي "
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} ، قَالَ: مَا تشاور قوم قط إِلا
هدوا لأرشد أمورهم "
1117 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
الخليل، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النضر، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأشجعي، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ الضحاك " مَا أمر الله
(2/467)
عَزَّ وَجَلَّ نبيه بالمشورة، إِلا لما علم
مَا فِيهَا من البركة قَالَ سُفْيَان: وبلغني أنها نصف العقل
قَالَ: وَكَانَ عمر بْن الخطاب يشاور حَتَّى المرأة "
1118 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة "
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي
الأَمْرِ} ، أمر الله نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن يشاور أصحابه فِي الأمور، وَهُوَ يأتيه وحي السماء، لأنه
أطيب لأنفس القوم، إذا شاور بعضهم بعضا، وأرادوا بِذَلِكَ وجه
الله عَزَّ وَجَلَّ، عزم الله لهم عَلَى أرشده
"
1119 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
رَجُلٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: "
وَشَاوِرْهُمْ فِي بَعْضِ الأُمُورِ "
1120 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد،
عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، قَالَ: ذكر لنبيه لينه ثم قَالَ "
{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي
الأَمْرِ} ، أي: لتريهم أنك تسمع منهم، وتستعين بهم، وإن كنت
غنيا عنهم، تألفا لهم بِذَلِكَ عَلَى دينهم "
(2/468)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَإِذَا عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} الآية
1121 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق "
{فَإِذَا عَزَمْتَ} أي: عَلَى أمر جاءك مني، وأمر من دينك فِي
جهاد عدوك ولا يصلحك ولا يصلحهم إِلا ذَلِكَ، فامض عَلَى مَا
أمرت به، عَلَى خلاف من خالفك وموافقة من وافقك، وتوكل عَلَى
الله أي: ارض به من العباد {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ} "
1122 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق، قَالَ:
حَدَّثَنَا روح، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد، عَنْ قتادة "
{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} ، أمر الله نبيه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عزم عَلَى أمر أن يمضي
فيه ويستقيم عَلَى أمر الله ويتوكل عَلَى الله " قوله جَلَّ
وَعَزَّ: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ
فَلا غَالِبَ لَكُمْ
1123 - حَدَّثَنَا زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ:
حَدَّثَنَا زياد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " إِنْ
يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ الآية أي: إن ينصرك
الله فلا غالب لك من الناس، لن يضرك خذلان من خذلك، وإن
(2/469)
يخذلك فلن ينصرك الناس فَمَنْ ذَا الَّذِي
يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ، أي لا تترك أمري للناس، وارفض
الناس لأمري وَعَلَى اللهِ لا عَلَى الناس، فَلْيَتَوَكِّلِ
الْمُؤْمِنُونَ "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}
1124 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ
كَانَ يَقْرَأُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}
1125 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " فُقِدَتْ قَطِيفَةٌ
حَمْرَاءُ يَوْمَ بَدْرٍ مِمَّا أُصِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ،
فَقَالَ النَّاسُ: لَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَخَذَهَا فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا
كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ
(2/470)
يَغُلَّ} ، قَالَ خصيف: فقلت لسعيد بْن
جبير: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ يَقُول يخان، قَالَ:
بل يغل ويقتل أَيْضًا "
1126 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم، عَنْ جويبر، عَنْ
الضحاك " {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ، قَالَ: يقسم
لبعض، ويترك بعضا "
1127 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي
ابْنُ جُرَيْجٍ: " {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ،
قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْ يَقْسِمَ لِطَائِفَةٍ، وَلا
يَقْسِمُ لِطَائِفَةٍ، وَأَنْ يَجُورَ فِي الْحُكْمِ وَفِي
الْقَسْمِ "
1128 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد،
عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ
يَغُلَّ} الآية، أي: مَا كَانَ لنبي أن يكتم الناس مَا بعثه
الله به إليهم، عَنْ رهبة من الناس
(2/471)
ولا رغبة {وَمَنْ يَغْلُلْ} أي: من يفعل
ذَلِكَ {يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} "
1129 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو النضر، عَنْ شعبة، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن
الأصبهاني، قَالَ " مر بنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي
فقلت له: كيف تقرأ هَذَا الحرف: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ
يَغُلَّ} أو {يَغُلَّ} ؟ فَقَالَ: {أَنْ يَغُلَّ} "
1130 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حجاج، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد، عَنْ عاصم، عَنْ أبي
وائل قَالَ: " وَمَا كَانَ
لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ "
1131 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: حدثت عَنْ عمران
بْن حدير، قَالَ: سمعت عكرمة يَقُول: " إنكم تقرءون هَذَا
الحرف: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ولو كَانَ هَذَا
مَا استطاع أحدنا أن يغل "
1132 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، عَنْ الكسائي، فِي قوله
" وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ قَالَ: يقرأ بفتح الياء
وضمها، فمن فتح الياء أراد: أن لا يغل هُوَ نفسه ومن قرأ: "
يغل " أن يتهم بالغلول، ويكون بمعنى: أن يخان، وَكَانَ الكسائي
يختار فِيهَا ضم الياء، وبذلك قرأ "
(2/472)
1133 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حجاج بْن منهال، قَالَ:
حَدَّثَنَا حماد، عَنْ حميد، عَنْ الحسن قَالَ " أَنْ يَغُلَّ
"
1134 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أبي عبيد، قَالَ: حَدَّثَنَا
هشيم، قَالَ: حَدَّثَنَا مغيرة، عَنْ إبراهيم أنه قرأها: " يغل
" قَالَ هشيم: وأخبرنا عوف، عَنِ الحسن، أنه قرأها: " يغل "،
وَقَالَ: أن يخان
1135 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد " وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ
يَغُلَّ، قَالَ: أن يخون "
1136 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة " وَمَا كَانَ
لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ قَالَ: أن يغله أصحابه وَقَالَ بعضهم:
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَقَالَ بعضهم: " يغل "
وكل صواب، لأن معناه إن شاء الله أن يخان، أو يخون
(2/473)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: وَمَنْ يَغْلُلْ
يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
1137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ
بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " ذكر
لنا أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَبْعَثُ مُنَادِيهِ عِنْدَ الْغَنَائِمِ فَيَقُولُ: أَلا لا
يَغُلَّنَّ رَجُلٌ مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ، أَلا لا
أَعْرِفَنَّ رَجُلا يَغُلُّ بَعِيرًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، حَامِلَهُ عَلَى عُنُقِهِ لَهُ رُغَاءٌ، أَلا لا
أَعْرِفَنَّ رَجُلا يَغُلُّ فَرَسًا يَأْتِيِ بِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، حَامِلَهُ عَلَى عُنُقِهِ لَهُ حَمْحَمَةٌ، أَلا
لا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا يَغُلُّ شَاةً، يَأْتِي بِهَا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، حَامِلَهَا عَلَى عُنُقِهِ، لَهَا ثُغَاءٌ،
فَيَسْمَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْمَعَ "
ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " اجْتَنِبُوا الْغَلُولَ فَإِنَّهُ
عَارٌ، وَشَنَارٌ، وَنَارٌ " قوله جَلَّ وَعَزَّ: ثُمَّ
تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ
1138 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " ثُمَّ
تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ثم
يجزى بكسبه غير
مظلوم، ولا معتدى عَلَيْهِ "
(2/474)
قوله جَلَّ وَعَزَّ {أَفَمَنِ اتَّبَعَ
رِضْوَانَ اللهِ} الآية
1139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إبراهيم الدبري، عَنْ عَبْد
الرزاق، عَنْ ابْن عيينة، عَنْ مطرف، عَنْ الضحاك بْن مزاحم،
فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللهِ}
، قَالَ: من لم يغل {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ} قَالَ:
من غل "
1140 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ " {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللهِ} ،
قَالَ: أمر الله أداء الخمس {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ
اللهِ} فاستوجب سخط الله "
1141 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {أَفَمَنِ
اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللهِ} عَلَى مَا أحب الناس وسخطوا،
{كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ} عَزَّ وَجَلَّ لرضى الناس
أو سخطهم، يَقُول: فمن كَانَ عَلَى طاعتي وثوابه الجنه ورضوان
ربه، كمن باء بسخط من الله فاستوجب غضبه، وَكَانَ مأواه جهنم،
وبئس المصير أسواء المثلان؟ أي: فاعرفوا "
(2/475)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {هُمْ دَرَجَاتٌ
عِنْدَ اللهِ}
1142 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد " هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ
سورة آل عمران
آية قَالَ: هي مثل قوله: لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ "
1143 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " هُمْ
دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ أي: لكل درجات مما عملوا فِي الجنة
والنار "
1144 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نعيم الفضل بْن دكين، عَنْ سلمة بْن نبيط بْن
شريط الأشجعي، عَنْ الضحاك بْن مزاحم " هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ
اللهِ، قَالَ: أهل الجنة، بعضهم فوق بعض قَالَ: فيرى الَّذِي
فوق فضله عَلَى الَّذِي أسفل منه، ولا يرى الَّذِي أسفل منه
أنه فضل عَلَيْهِ أحد "
1145 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ هم
منازل، فمعناها: لهم درجات كقولك: هم طبقات "
(2/476)
قَالَ ابْنُ هرمة: أرجما للمنون يكون قومي
لريب الدهر أم درج السيول تفسيرها: أي: هم عَلَى درج السيول
يقال للدرجة الَّتِي يصعد عليها: درجة، وتقديرها: قصبة ويقال
لها أَيْضًا: درجة
1146 - حَدَّثَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، عَنْ أبي عبيد،
قَالَ: قَالَ أَبُو عبيدة والكسائي " هُمْ دَرَجَاتٌ قالا:
منازل " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ}
1147 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ
بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى
الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قوله: " {لَقَدْ
مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا
مِنْ أَنْفُسِهِمْ} قَالَتْ: هَذَا لِلْعَرَبِ خَاصَّةً "
(2/477)
قوله: جَلَّ وَعَزَّ: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ}
1148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قوله " {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} مننا من الله
عظيمة، من غير دعوة، ولا رغبة من هذه الأمة، جعله الله رحمة
لهم، ليخرجهم من الظلمات إِلَى النور، ويهديهم إِلَى صراط
مستقيم "
1149 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {لَقَدْ
مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا
مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ} الآية، أي: لقد من الله عليكم، يَا أهل
الإيمان، إذ بعث فيكم رسولا من أنفسكم، يتلو عليكم آياتي، فيما
أحدثتم وفيما عملتم، فيعلمكم الخير والشر، لتعرفوا الخير
فتعملوا به، والشر فتتقوه، ويخبركم برضائه به عنكم، إذا
أطعتموه، لتستكثروا من طاعته، وتجتنبوا مَا
يسخطه منكم من معصيته، فتخلصوا بِذَلِكَ من نقمته، وتدركوا
بِذَلِكَ ثوابه من جنته "
(2/478)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ
قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}
1150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قوله عَزَّ وَجَلَّ " {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ
يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} السنة {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ
لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ليس والله كما يَقُول أهل حروراء محنة
غالبة، من أخطاها أهريق دمه، ولكن الله بعث نبيه إِلَى قوم لا
يعلمون فعلمهم، وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم " قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ
مِثْلَيْهَا}
1151 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، حَدَّثَنَا أحمد بْن
شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة، قوله
عَزَّ وَجَلَّ " {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ
أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} الآية، أصبتموها يوم أحد قتل سبعون
رجلا، وأصابوا مثليها يوم بدر قتلوا سبعين، وأسروا سبعين "
(2/479)
1152 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يحيى ابْن المقرئ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مروان، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ
وَجَلَّ " {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ
أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} قَالَ: أصاب أصحاب النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر من المشركين، أن قتلوا
سبعين، وأسروا
سبعين، وأصيب يوم أحد من الْمُسْلِمِينَ سبعون رجلا " قوله
جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} الآية
1153 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {قُلْتُمْ أَنَّى
هَذَا} وَنَحْنُ مُسْلِمُونُ، نُقَاتِلُ غَضَبًا لِلَّهِ،
وَهَؤُلاءِ مُشْرِكُونَ؟ فَقَالَ: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ
أَنْفُسِكُمْ} "
1154 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو يحيى بْن المقري، قَالَ: حَدَّثَنَا مروان
بْن معاوية، عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك، " {قُلْتُمْ أَنَّى
هَذَا} بأي ذنب هَذَا؟ "
1155 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ
أَنْفُسِكُمْ} عُقُوبَةٌ بِمَعْصِيَتِكُمُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: لا تَتَّبِعُوهُمْ "
(2/480)
1156 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قِصَّةِ أُحُدٍ، قَالَ: " فَلَمَّا
خَالَفَ الْقَوْمُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: الرُّمَاةَ، وَعَصَوْا
أَمْرَهُ أَفْرَدَ رَسُولُ اللهِ فِي تِسْعَةٍ "
1157 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق "
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ
مِثْلَيْهَا
أي: إن يكن قد أصابتكم مصيبة فِي إخوانكم، فبذنوبكم فقد أصبتم
مثليها قبل من عدوكم، فِي اليوم الَّذِي كَانَ قبله ببدر، قتلى
وأسرى، ونسيتم معصيتكم وخلافكم عما أمركم به نبيكم، أنتم
أحللتم ذَلِكَ بأنفسكم " قوله جَلَّ وَعَزَّ: وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ نَافَقُوا إِلَى قوله: أَوِ ادْفَعُوا
1158 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق "
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا، أي: ليطهر مَا فيكم،
وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ
ادْفَعُوا يعني: عَبْد اللهِ بْن أبي وأصحابه، الَّذِينَ رجعوا
عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سار
رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عدوه من
المشركين بأحد "
(2/481)
1159 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الطَّائِفِيُّ، عَنْ
أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ:
" لَوْ بِعْتُ دَارِي فَلَحِقْتُ بِثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ
الْمُسْلِمِينَ، فَكُنْتُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ
عَدُوِّهِمْ، قُلْتُ: كَيْفَ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُكَ؟ قَالَ:
أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: تَعَالَوْا
قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا، أُسَوِّدُ مَعَ
النَّاسِ، فَفَعَلَ "
1160 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ
شِنْظِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ: " {تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
أَوِ ادْفَعُوا} قَالَ: تَكْثُرُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ لَمْ
تُقَاتِلُوا "
1161 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ الْقُمِّيَّ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ
الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ "
{تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا}
قَالَ: كُونُوا سَوَادًا أَوْ كَثِّرُوا "
1162 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {ادْفَعُوا} بكثرتكم
العدو، وإن لم يكن قتال "
(2/482)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {قَالُوا لَوْ
نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ}
1163 - قَالَ أَبُو بكر وجدت فِي كتابي، عَنْ زكريا، قَالَ:
حَدَّثَنَا الحسن بْن مُحَمَّد الزعفراني، قَالَ: حَدَّثَنَا
حجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أخبرني ابْن كثير أن مجاهدا،
ابتدأه فأخبره عَنْ قوله عز وجل " {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ
قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ} لو نعلم أن واجدون معكم مكان قتال،
لأتبعناكم "
1164 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق
" {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ} ، يعني:
عَبْد اللهِ بْن أبي وأصحابه، الَّذِينَ رجعوا عَنْ رَسُول
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حين سار إِلَى عدوه
من المشركين بأحد وقولهم: لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم،
ولدافعنا عنكم، ولكنا لا نظن أن يكون قتال فأظهر منهم مَا
كَانُوا يخفون فِي أنفسهم، يَقُول الله جل ذكره: {لِلْكُفْرِ
يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ} "
1165 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا} ، لو نعرف
قتالا "
(2/483)
1166 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى
بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ،
وَالْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ
عُلَمَائِنَا وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ كُلِّهِمْ فِيمَا
سُقْتُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ:
خَرَجَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ: جَبَلٍ
بِبَطْنِ السَّبَخَةِ مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي
مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ
تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ حَيْثُ نَزَلُوا،
فَإِنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرِّ مَقَامٍ، وَإِنْ هُمْ
دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا " وَقَالَ عَبْد
اللهِ بْن أبي: يَا رَسُولَ اللهِ أقم بالمدينة، ولا نخرج
إليهم، فوالله مَا خرجنا منها إِلَى عدو لنا قط إِلا أصاب منا،
ولا دخلها علينا إِلا أصبنا منهم، فدعهم يَا رَسُولَ اللهِ،
فإن أقاموا أقاموا بشر مجلس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال فِي
وجوههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا
رجعوا خائبين كما جاءوا فلم يزل الناس برسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانَ من أمرهم حب لقاء
القوم، حَتَّى دخل رَسُول اللهِ فلبس لأمته، فخرج رَسُول اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ألف رجل، من أصحابه
حَتَّى إذا كَانُوا بالشوط بين المدينة وأحد تحول عنه عَبْد
اللهِ بْن أبي بْن سلول بثلث الناس، وَقَالَ: أطاعهم وعصاني،
والله مَا ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟ فرجع بمن
اتبعه من أهل النفاق، وأهل الريب، واتبعهم عَبْد اللهِ بْن عمر
بْن حرام، أخو بني سلمة، يَقُول: يَا قوم
(2/484)
أذكرهم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عند
مَا حضرهم عدوهم قَالُوا: لو نعلم أنكم تقاتلون مَا أسلمناكم،
ولكن لا نرى أن يكون قتال فلما استعصوا عَلَيْهِ، وَأَبُو إِلا
الانصراف عنهم، قَالَ: أبعدكم الله، أي أعداء الله فيستغني
الله عنكم ومضى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْد اللهِ بْن أبي
بْن سلول، كما حدثني ابْن شهاب الزهري، له مقام يقومه فِي كل
جمعة، لا يتركه شرفا له فِي نفسه وفي قومه، وَكَانَ فيهم
شريفا، إذا جلس رَسُول اللهِ يوم الجمعة، ليخطب الناس، قَالَ:
فَقَالَ: أيها الناس هَذَا رَسُول اللهِ بين أظهركم، أكرمكم
الله به وأعزكم به، فانصروه وعزروه واسمعوا وأطيعوا ثم يجلس،
حَتَّى إذا صنع يوم أحد مَا صنع، ورجع الناس قام يفعل كما
كَانَ يفعل، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا: اجلس يَا
عدو الله لست لذلك بأهل قد صنعت مَا صنعت فخرج يتخطى رقاب
الناس، ويقول: والله لكأنما قلت بجرا إن قمت أسدد أمره، فلقيه
رجل عند باب المسجد، فَقَالَ: ما لك؟ فَقَالَ قمت أسدد أمره،
فوثب عَلَي أصحابه يجذبونني ويعنفونني كأني قلت بجرا، قَالَ:
ويلك، ارجع يستغفر لك رَسُول اللهِ، فَقَالَ: والله مَا أبتغي
أن يستغفر لي وَكَانَ يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، اختبر الله به
المؤمنين، ومحص به المنافقين، ممن يظهر الإيمان بلسانه، وَهُوَ
مستخف بالكفر فِي قلبه
(2/485)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لِلْكُفْرِ
يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ}
1167 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ ابْن إسحاق " {يَقُولُونَ
بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} أي: يظهر لكم
الإيمان، وليس فِي قلوبهم {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا
يَكْتُمُونَ} أي: مَا يخفون " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {الَّذِينَ
قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا
قُتِلُوا}
1168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قوله " {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا
لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ} الآية
ذكر لنا أنها نزلت فِي عدو الله عَبْد اللهِ بْن أبي "
1169 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن
جريج: " {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} قول
المنافق: عَبْد اللهِ بْن أبي بْن سلول، وإخوانهم الَّذِينَ
خرجوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(2/486)
الَّذِينَ قَالُوا
لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا
قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ (168)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ فَادْرَءُوا
عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} الآية
1170 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ ابْن إِسْحَاقَ " {قُلْ
فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ} ، أي: إنه لابد من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوا
عَنْ أنفسكم فافعلوا وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد فِي
سبيل الله حرصا عَلَى البقاء فِي الدنيا، وفرارا من الموت "
1171 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ
الْمَوْتَ} أي: ادفعوا عَنْ أنفسكم الموت " قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللهِ أَمْوَاتًا إِلَى قوله: مِنْ فَضْلِهِ}
1172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ
بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي
طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ فِي
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَامِرُ بْنُ
الطُّفَيْلِ، قَالَ: " كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ: بَلِّغُوا قَوْمَنَا عَنَّا أَنَّا قَدْ
لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ، قَالَ:
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
(2/487)
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وَنَزَلَتْ {مَا
نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا
أَوْ مِثْلِهَا} "
1173 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْمُغِيرَةِ عَلانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ
بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقْيَةُ بْنُ الْوَلِيدِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنِي
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: " لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ
وَأَصْحَابُهُ يَوْمَ أُحُدٌ قَالُوا: يَا لَيْتَ لَنَا
مُخْبِرًا يُخْبِرُ إِخْوَانَنَا بِالَّذِي صِرْنَا إِلَيْهِ
مِنْ كَرَامَةِ اللهِ لَنَا، فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ،
أَنَا رَسُولُكُمْ إِلَى إِخْوَانِكُمْ قَالَ: فَأَنْزَلَ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللهِ} إِلَى قوله: {وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ
أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} "
1174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،
قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أَعَلِمْتَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحْيَا
أَبَاكَ، فَقَالَ لَهُ: " تَمَنَّ "، فَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ
إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: "
إِنِّي قَضَيْتُ أَنْ لا تَرْجِعُونَ؟ "
(2/488)
1175 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ
اللهِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ،
أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَحْمِي
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُتِلَ آخِرَ
مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ أَخٌ
لَهُ فَقَالَ: قُتِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَغَ، فَقَاتِلُوا
عَنْ دِينِكُمْ، وَنَهَضَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ
يَعْبُرُ فِي الْمَوْتِ، حَتَّى مَاتَ فِي آخِرِهِنَّ،
فَلَمَّا لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَأَى أَصْحَابَهُ،
اغْتَبَطَ بِمَا أُبْدِلَ، قَالَ: رَبِّ أَلا رَسُولٌ لَنَا
يُخْبِرُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنَّا بِمَا اغْتَبَطْنَا؟ قَالَ رَبُّهُ: " أَنَا
رَسُولُكُمْ، فَأَمَرَ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الآيَةِ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} الآيَةِ كُلِّهَا "
1176 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن أيوب، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق،
قَالَ الله جَلَّ وَعَزَّ لنبيه يرغب المؤمنين فِي ثواب
الجهاد، ويهون عليهم القتل " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ أي: لا تظن الَّذِينَ قتلوا فِي سبيل
الله أمواتا أي: قد أحييتهم، فهم عندي يرزقون، فِي روح الجنة
وفضلها، مسرورين بما آتاهم الله من ثوابه، عَلَى جهادهم عنه
"
(2/489)
1177 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ
الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عَبْد اللهِ عَنْ
هَذِهِ الآيَاتِ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي
سَبِيلِ اللهِ إِلَى قوله: يُرْزَقُونَ} ، قَالَ: أَرْوَاحُ
الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ كَطَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ
مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ فِي أَيِّ الْجَنَّةِ
شَاءَتْ، قَالَ: فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلاعَهُ
فَقَالَ " هَلْ تَشْتَهُونَ مِنْ شَيْءٍ فَأَزِيدُكُمُوهُ؟ "
قَالُوا: أَلَسْنَا نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا
شِئْنَا؟ قَالَ: ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَيْهِمُ الثَّالِثَةَ
فَقَالَ: " هَلْ تَشْتَهُونَ مِنْ شَيْءٍ فَأَزِيدُكُمُوهُ؟ "
قَالُوا: تُعِيدُ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا، فَنُقَاتِلُ
فِي سَبِيلِكَ، فَنُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: فَسَكَتَ
عَنْهُمْ
1178 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
الْمَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا أُصِيبَ
إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي
أَجْوَافِ طُيُورٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةَ،
وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ
ذَهَبٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ فَلَمَّا وَجَدُوا طَيِّبَ
مَشْرَبِهِمْ وَمَأْكَلِهِمْ وَحُسْنَ مُنْقَلَبِهِمْ،
قَالُوا: يَا لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ بِمَا صَنَعَ
اللهُ لَنَا، لِئَلا يَزْهَدُوا فِي
(2/490)
الْجِهَادِ، وَلِئَلا يَنْكِلُوا فِي
الْحَرْبِ فَقَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: " أَنَا أُبْلِغُهُمْ
عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَى رَسُولِهِ
هَذِهِ الآيَاتِ: {وَلا تَحْسَبَنَّ} "
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ
الأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيِّ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقٍ "،
نَهْرٌ بِبَابِ الْجَنَّةِ، فِي قُبَّةٌ خَضْرَاءُ، يَخْرُجُ
عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً "
1179 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يحيى الحماني، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المبارك، عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ فيما قرأ عَلَيْهِ، عَنْ مجاهد، قَالَ " ليس هم فِي
الجنة، ولكن يأكلون من ثمارها، ويجدون ريحها، يعني: أرواح
الشهداء "
1180 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} أي: هم
أحياء "
(2/491)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَيَسْتَبْشِرُونَ
بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}
1181 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق
" {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ
خَلْفِهِمْ} ، أي: ويستبشرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم، عَلَى
مَا مضوا عَلَيْهِ من جهادهم ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب
الله الَّذِي أعطاهم، قد أذهب عنهم الخوف والحزن، بقول الله جل
ثناءه {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ} "
1182 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة " {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا
بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ} يَقُول: لإخوانهم الَّذِينَ فارقوهم عَلَى دينهم
وأمرهم، لما قدموا عَلَيْهِ من الكرامة والفضل والنعيم الَّذِي
أعطاهم الله إياه " وَقَالَ ابْنُ جريج يقولون: إخواننا
الَّذِينَ يقتلون كما قتلنا، ويلحقون بنا، ويصيبون مَا أصبنا
من الكرامة
(2/492)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَسْتَبْشِرُونَ
بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ}
1183 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق
" {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ
اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} لما عاينوا من وفاء
الموعود، وعظيم الثواب " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {الَّذِينَ
اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية
1184 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ
مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} ، أُخْبِرْتُ أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا رَاحَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَوْمَ
أُحُدٍ مُنْقَلِبِينَ، قَالَ الْمُسْلِمُونَ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ عَائِدُونَ
إِلَى الْمَدِينَةِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: " إِنْ
رَكِبُوا الْخَيْلَ، وَتَرَكُوا الأَثْقَالَ، فَهُمْ
عَامِدُوهَا، وَإِنْ جَلَسُوا عَلَى الأَثْقَالِ، وَتَرَكُوا
الْخَيْلَ، فَقَدْ أَرْعَبَهُمُ اللهُ، فَلَيْسُوا
بِعَامِدِيهَا " فَرَكِبُوا الأَثْقَالَ، ثُمَّ نَدَبَ نَاسًا
يَتْبَعُونَهُمْ، لِيَرَوْا أَنَّ بِهِمْ قُوَّةٌ
فَاتَّبَعُوهُمْ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ ثَلاثًا، وَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ: إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَلَمْ يُقَاتِلُوهُمْ إِلا
عَلَى إِثْرِهِمْ، فَنَزَلَ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ
وَالرَّسُولِ حَتَّى أَجْرٌ عَظِيمٌ} هُمْ أَيْضًا، {الَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}
الآيَةُ
(2/493)
1185 - حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ مَنْصُورٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: " يَا ابْنَ أُخْتِي،
إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَمِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ
وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ: أَبُو
بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ "
1186 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى، قَالَ:
حَدَّثَنَا يعقوب، عَنْ جعفر، عَنْ سعيد بْن جبير " {الَّذِينَ
اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا
أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} قَالَ: الجراحات "
1187 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ، نَادَى:
إِنَّ مَوْعِدَكُمْ بَدْرًا لِلْعَامِ الْقَابِلِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ:
نَعَمْ، هِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدٌ " ثُمَّ بَعَثَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ
أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَدْ
بَلَغَنِي مِنْ غَيْرِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَعْدُ بْنُ
أَبِي وَقَّاصٍ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ:
" اخْرُج فِي آثَارِ الْقَوْمِ، فَانْظُرْ مَا يَصْنَعُونَ؟
وَمَاذَا يُرِيدُونَ؟ فَإِنْ كَانُوا قَدِ اجْتَنَبُوا
الْخَيْلَ، وَامْتَطَوُا الإِبِلَ، فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ
مَكَّةَ، وَإِنْ رَكِبُوا الْخَيْلَ، وَسَاقُوا الإِبِلَ،
فَإِنَّهُمْ
(2/494)
يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ، لَئِنْ أَرَادُوهَا لأَسِيرَنَّ إِلَيْهِمْ فِيهَا،
ثُمَّ لأُنَاجِزَنَّهُمْ " قَالَ عَلِيٌّ: فَخَرَجْتُ فِي
آثَارِهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، فَلَمَّا اجْتَنَبُوا
الْخَيْلَ، وَامْتَطَوُا الإِبِلَ، وَوَجَّهُوا إِلَى مَكَّةَ،
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَيُّ ذَلِكَ كَانَ، فَأَخَفُّهُ حَتَّى
تَأْتِيَنِي " قَالَ عَلِيٌّ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ قَدْ
وَجَّهُوا إِلَى مَكَّةَ، أَقْبَلْتُ أَصِيحُ، مَا أَسْتَطِيعُ
أَنْ أَكْتُمَ الَّذِي أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَا بِي مِنَ الْفَرَحِ، إِذْ
رَأَيْتُهُمُ انْصَرَفُوا عَنِ الْمَدِينَةِ وَفَرَغَ النَّاسُ
لِقَتْلاهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: كما حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ ابْن إِسْحَاقَ،
عَنْ مُحَمَّد ابْن عَبْد اللهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن
أبي صعصعة المازني، أخو بني النجار " من رجل ينظر إِلَى مَا
فعل سعد بْن الربيع، وسعد أخو بني الحارب بْن الخزرج، فِي
الأحياء هُوَ أو فِي الأموات؟ " قَالَ: فَقَالَ رجل من
الأنصار: أنا أنظر لك يَا رَسُولَ اللهِ مَا فعل، فنظر فوجده
جريحا فِي القتلى، به رمق، قَالَ: فقلت: إن رَسُول اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرني أن أنظر له فِي
الأحياء أنت، أم فِي الأموات؟ فَقَالَ: بل فِي الأموات، أبلغ
رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عني السلام،
وقل: إن سعد بْن الربيع يَقُول: جزاك الله عنا خير مَا جزي نبي
عَنْ أمته، وأبلغ قومك عني السلام، وقل لهم: إن سعد بْن الربيع
يَقُول لكم:
(2/495)
إنه لا عذر لكم عند الله، إن خلص إِلَى
نبيكم، ومنكم عين تطرف قَالَ: ثم لم يزل حَتَّى مات قَالَ:
فجئت إِلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فأخبرته خبره
1188 - قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: وَكَانَ يوم أحد يوم
السبت، النصف من شوال، فلما كَانَ الغد، من غد يوم أحد، وذلك
يوم الأحد، لست عشرة ليلة مضت من شوال، أذن مؤذن رَسُول اللهِ
فِي الناس، لطلب العدو، وأذن مؤذنه: " أن لا يخرجن معنا أحد،
إِلا أحد حضرنا يومنا بالأمس "، فكلمه جابر بْن عَبْدِ اللهِ
بْن عمرو بْن حرام، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إن أبي كَانَ
خلفني عَلَى أخوات لي، سبع، وَقَالَ لي: يَا بني إنه لا ينبغي
لي ولا لك أن نترك هَؤُلاءِ النسوة، لا رجل فيهن، ولست بالذي
أوثرك بالجهاد مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى نفسي، فتخلف عَلَى أخواتك، فتخلفت عليهن، فأذن
له رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج معه
وإنما خرج رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مرهبا للعدو، وليبلغهم أنه قد خرج فِي طلبهم، ليظنوا به قوة،
وأن الَّذِي أصابهم لم يوهنهم عَنْ عدوهم
1189 - فَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ خَارِجَةَ
بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى
عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ، أَنَّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ بَنِي
عَبْدِ الأَشْهَلِ، كَانَ شَهِدَ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللهِ،
قَالَ: " شَهِدْتُ
(2/496)
[أُحُدًا] مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَخٌ لِي، فَرَجَعْنَا
جَرِيحَيْنِ، فَلَمَّا أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللهِ
بِالْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ، قُلْتُ لأَخِي، أَوْ
قَالَ لِي: أَتَفُوتُنَا غَزْوَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ؟ وَاللهِ
مَا لَنَا مِنْ دَابَّةٍ نَرْكَبُهَا، وَمَا مِنَّا إِلا
جَرِيحٌ ثَقِيلٌ، فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ أَيْسَرَ جِرَاحًا
مِنْهُ، فَكَانَ إِذَا غُلِبَ حَمَلْتُهُ عَقَبَةً، وَمَشَى
عَقَبَةً، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى مَا انْتَهَى إِلَى
حَمْرَاءِ الأَسَدِ، وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى
ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثًا، الاثْنَيْنَ
وَالثُّلاثَاءَ وَالأَرْبَعَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَكَانَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا
أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} أَيِ: الْجِرَاحُ وَهُمُ
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ يَوْمَ
أُحُدٍ إِلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ
الْجِرَاحِ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا
أَجْرٌ عَظِيمٌ} " قوله عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ قَالَ
لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ}
1190 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ الْغَدُ، مِنْ غَدِ يَوْمِ
أُحُدٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حَمْرَاءِ
(2/497)
الأَسَدِ وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى
ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ، فَأَقَامَ بِهَا، الاثْنَيْنَ
وَالثُّلاثَاءَ وَالأَرْبَعَاءَ وَمَرَّ بِهِ، كَمَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، مَعْبَدٌ الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَتْ
خُزَاعَةُ مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ عَيْبَةُ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِهَامَةَ، صَفْقَتُهُمْ
مَعَهُ، لا يُخْفُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا بِهَا، وَمَعْبَدٌ
يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا وَاللهِ
لَقَدْ عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ
وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللهَ أَعْفَاكَ مِنْهُمْ ثُمَّ خَرَجَ
مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ حَتَّى لَقِيَ
أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ، وَقَدْ
أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَقَالُوا: أَصَبْنَا حَدَّ
أَصْحَابِهِ، وَقَادَتِهِمْ، وَأَشْرَافِهِمْ، ثُمَّ رَجَعْنَا
قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ، لَنَكُرَّنَّ عَلَى
بَقِيَّتِهِمْ، فَلَنَفْرُغَنَّ مِنْهُمْ فَلَمَّا رَأَى أَبُو
سُفْيَانَ مَعْبَدًا، قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا مَعْبَدُ؟
قَالَ: مُحَمَّدٌ، خَرَجَ فِي أَصْحَابِهِ يَطْلُبُكُمْ فِي
جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ
تَحَرُّقًا، قَدِ
(2/498)
اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ
عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا،
فِيهِمْ مِنَ الْحَنَقِ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ
قَطُّ، قَالَ: وَيْحَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللهِ مَا أَرَى
أَنْ تَرْتَحِلَ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ قَالَ:
فَوَاللهِ لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ،
لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْ
ذَلِكَ، فَوَاللهِ لَقَدْ حَمَّلَنِي مَا رَأَيْتُ عَلَى أَنْ
قُلْتَ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنَ الشِّعْرِ، قَالَ: وَمَاذَا
قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأَصْوَاتِ
رَاحِلَتِي إِذْ سَالَتِ الأَرْضُ بِالْجُرْدِ الأَبَابِيلِ
تُرْدِي بِأُسْدٍ كِرَامٍ لا تَنَابِلَةٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ
وَلا خُرْقٍ مَعَازِيلِ فَظَلت عَدْوًا أَظُنُّ الأَرْضَ
مَائِلَةً لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ فَقُلْتُ
وَيْلُ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمُ إِذَا تَغَطَّمَطَتِ
الْبَطْحَاءُ بِالْخَيْلِ إِنِّي نَذِيرٌ لأَهْلِ الْبُسْلِ
ضَاحِيَةً لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ مِنْ
جَيْشِ أَحْمَدَ لا وَخْشٌ قَنَابِلُهُ وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا
أَنْذَرْتُ بِالْقِيلِ
(2/499)
فَثَنَّى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ
مَعَهُ، وَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالَ:
أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالَ: وَلِمَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ
الْمِيَرَةَ، قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُبْلِغُونَ عَنِّي
مُحَمَّدًا رِسَالَةً أُرْسِلُكُمْ بِهَا إِلَيْهِ، وَأَحْمِلُ
لَكُمْ إِبِلَكُمْ هَذِهِ زَبِيبًا غَدًا بِعُكَاظَ، إِذَا
وَافَيْتُمُونَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا
جِئْتُمُوهُ، فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا السَّيْرَ
إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ أَنْ نَسْتَأْصِلَ
بَقِيَّتَهُمْ، فَمَرَّ الرَّكْبُ بِرَسُولِ اللهِ، وَهُوَ
بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ، فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو
سُفْيَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " فَكَانَ
مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ} وَالنَّاسُ الَّذِينَ قَالُوا لَهُمْ قَالَ
النَّفْرُ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ أَبُو سُفْيَانَ مَا قَالَ
إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ رَاجِعُونَ إِلَيْكُمْ
يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا
رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} لِمَا صَرَفَ
عَنْهُمْ مِنْ لِقَاءِ عَدُوِّهِمْ {إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ} أَيْ: لأُولَئِكَ الرَّهْطِ وَمَا أَلْقَى
الشَّيْطَانُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}
أَيْ: يُرْهِبَكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ {فَلا تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
(2/500)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {الَّذِينَ قَالَ
لَهُمُ النَّاسُ}
1191 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ}
وقع المعنى عَلَى رجل واحد، والعرب تفعل ذَلِكَ، يَقُول الرجل:
فعلنا كذا، وفعلنا كذا، وإنما يعني نفسه، وفي القرآن {إِنَّا
كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} والله هُوَ الخالق "
وَقَالَ فِي موضع آخر: ومن مجاز مَا جاء لفظه لفظ الجمع
الَّذِي له واحد منه، ووقع معنى هَذَا الجمع عَلَى الواحد،
قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} والناس جمع، وَكَانَ
الَّذِي قَالَ هم رجل واحد، وَقَالَ: {إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ}
، وَقَالَ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} والخالق
الله وحده
1192 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق
" {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} ، والناس الَّذِينَ
قَالُوا لهم مَا قَالُوا: النفر من عَبْد القيس، الَّذِينَ
قَالَ لهم أَبُو سُفْيَانَ مَا قَالَ "
(2/501)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ
جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}
1193 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ " {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ
النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} ، قَالَ: هَذَا
أَبُو سُفْيَانَ قَالَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: مَوْعِدُكُمْ بَدْرًا، حَيْثُ
قَتَلْتُمْ أَصْحَابَنَا، فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَسَى، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَوْعِدِهِ، حَتَّى نَزَلُوا
بَدْرًا، فَوَافَوُا السُّوقَ، فَابْتَاعُوا قَالَ فَذَلِكَ
قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} "
1194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
قَالَ: كَانَتْ بَدْرٌ مَتْجَرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاعَدَ
أَبَا سُفْيَانَ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا "، فَلَقِيَهُمْ رَجُلٌ،
فَقَالَ: إِنَّ بِهَا جَمْعًا عَظِيمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ،
فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
النَّاسَ، فَأَتَوْا بَدْرًا فَلَمْ يَلْقَوْا بِهَا أَحَدًا،
فَرَجَعَ الْجَبَانُ، وَمَضَى الْجَرِيءُ، فَتَسَوَّقُوا بِهَا
وَلَمْ يَلْقَوْا أَحَدًا، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ قَالَ
لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ إِلَى قوله: بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللهِ وَفَضْلٍ}
(2/502)
1195 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وذكر قصة الَّذِينَ
استجابوا لِلَّهِ، قَالَ: " فهم أَيْضًا الَّذِينَ قَالَ لهم
الناس: إن الناس قد
جمعوا لكم، قَالَ: لما تولى أَبُو سُفْيَانَ يوم أحد معقبا،
قَالَ: موعدكم بدرا العام القابل، فلما كَانَ ذَلِكَ الموعد،
عهد النَّبِيّ عَلَيْهِ السلام وأصحابه بدرا فجعلوا يلقون
المشركين، فيسألونهم عَنْ قريش، فيقولون قد امتلأت بدر أناسا
قد جمعوا لكم فكذبوهم، يريدون يرعبونهم بِذَلِكَ، ويرهبونهم
بِذَلِكَ، فيقول المؤمنون: حسبنا الله ونعم الوكيل، حَتَّى قدم
النَّبِيّ عَلَيْهِ السلام بدرا، فوجدوا أسواقها عافية ليس
ينازعهم، وبها أحدا وكانت لها أسواق، كأسواق مجنة وذي الجاز "
يتلوه فِي السابع عشر قوله جَلَّ وَعَزَّ {فَزَادَهُمْ
إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
والحمد لِلَّهِ كثيرا وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وآله وسلم
(2/503)
الَّذِينَ قَالَ
لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا
اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
آل عمران من {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} إِلَى
آخرها وعشر آيات من أول النساء بسم الله الرحمن الرحيم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
1196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْد اللهِ:
هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ حَيْثُ
أُلْقِيَ فِي النَّارِ " حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
" وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا نَبِيُّكُمْ
وَأَصْحَابُهُ إِذْ قِيلَ لَهُمْ: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ
جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
1197 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ،
عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ آخِرُ
كَلامِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ " حَسْبِيَ
اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " قَالَ: قَالَ نَبِيُّكُمْ
بِمِثْلِهَا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ
قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
(2/504)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَانْقَلَبُوا
بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}
1198 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى الحماني،
قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب، عَنْ جعفر، عَنْ ابْن أبزي "
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} ، قَالَ: لم يلقوا أحدا منا من الله
وفضلا، قَالَ: مَا أصابوا من البيع فِي عفوه وعزته، لا ينازعهم
فيه أحد "
1199 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن جريج: " {لَمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} قتال وقدم رجل من المشركين من بدر، فأخبر
أهل مكة بخيل مُحَمَّد، فرعبوا فجلسوا، فَقَالَ: نفرت قلوصي من
خيول مُحَمَّد وعجوة منثورة كالعنجد واتخذت ماء قديدي موعدي
زعموا أنه الأكدر بْن الحمام "
(2/505)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَاتَّبَعُوا
رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}
1200 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد، قوله " {وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ
اللهِ} الآية، قَالَ الفضل: مَا أصابوا من التجارة، والأجر،
قَالَ: وهي غزوة بدر الصغرى قَالَ ابْنُ جريج: وَقَالَ آخرون:
طاعة الله، يعني الفضل " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّمَا
ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} الآية
1201 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبي
عبيد، قَالَ: حدثني حجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد "
{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} ،
قَالَ: الشيطان يخوف المؤمنين، يعني بالكفار "
1202 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ولم أجد
عَلَيْهِ الإجازة، قَالَ: حَدَّثَنَا عارم، قَالَ: حَدَّثَنَا
حماد بْن زيد، عَنْ زيد بْن حازم، عَنْ عكرمة " {إِنَّمَا
ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} ، قَالَ:
تفسيرها: يخوفكم بأوليائه "
1203 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى الحماني،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو معاوية، عَنْ إبراهيم بْن
طهمان، عَنْ مغيرة، عَنْ إبراهيم، قَالَ " {إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} "قال: يخوف الناس
أولياءه
(2/506)
1204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا
يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ قتادة قوله " {إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} ، يَقُول: يخوف الله
المؤمن بالكافر، ويرهب المؤمن بالكافر "
1205 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {إِنَّمَا
ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} لأولئك الرهط، وما ألقى الشيطان عَلَى
أفواههم {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} ، أي: يرهبكم بأوليائه "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ
فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا}
1206 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد " {وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ
يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} المنافقين " وكذلك قَالَ مُحَمَّد
بْن إِسْحَاق
(2/507)
إِنَّ الَّذِينَ
اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ
شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يُرِيدُ اللهُ أَلَّا
يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ}
1207 - حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق "
{يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ}
أي: يحبط أعمالهم، ولهم عذاب عظيم "
1208 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ
لَهُمْ حَظًّا أي: نصيبا "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ
بِالإِيمَانِ}
1209 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " إِنَّ
الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ، أي المنافقين،
لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "
(2/508)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ
لأَنْفُسِهِمْ إِلَى إِثْمًا
1210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ
فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " مَا مِنْ كَافِرٍ إِلا الْمَوْتُ
خَيْرٌ لَهُ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْنِي فَإِنَّ اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ يَقُولُ: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا
نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ
مُهِينٌ وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ "
1211 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاوِيَةَ،
عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ
عَبْد اللهِ، قَالَ: " مَا مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ، وَلا
فَاجِرَةٍ إِلا الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهَا، لَئِنْ كَانَ بَرًّا
لَقَدْ قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ
لِلأَبْرَارِ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا لَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا
نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ "
1212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ:
حَدَّثَنَا سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو معشر، عَنْ مُحَمَّد
بْن كعب، قَالَ " الموت خير للمؤمن والكافر، ثم تلا: {وَلا
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ
خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا
إِثْمًا} ، ثم قَالَ: إن الكافر مَا عاش كَانَ أشد لعذابه يوم
القيامة "
(2/509)
وَلَا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ
لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا
وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَهْمُ عَذَابٌ
مُهِينٌ}
1213 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {عَذَابٌ مُهِينٌ} فذلك من الهوان "
1214 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد " {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ
الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ
الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ، قَالَ: ميز بينهم يوم أحد،
المنافق من المؤمن "
1215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قوله " {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى
مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} من الضلالة {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ
مِنَ الطَّيِّبِ} ، فميز بينهم فِي الجهاد والهجرة "
1216 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي النجار، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ قتادة، فِي قوله
عَزَّ وَجَلَّ " {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}
، قَالَ: حَتَّى يميز الكافر من المؤمن "
(2/510)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا كَانَ اللهُ
لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} الآية
1217 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد " {وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ
رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} ، قَالَ: يجتبي: يخلص لنفسه "
1218 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ
: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن أيوب، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن سعد، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق
" {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} ، أي:
فيما يريد أن يبتليكم به، لتحذروا مَا يدخل عليكم فيه
{وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} لعلمه
ذَلِكَ "
1219 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة: {يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ
يَشَاءُ} يختار " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَآمِنُوا بِاللهِ
وَرُسُلِهِ} الآية
1220 - حَدَّثَنَا علي، عَنْ أحمد، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق " {فَآمِنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا} أي: ترجعوا
{فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} "
(2/511)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}
الآية
1221 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ
بْنُ أَعْيَنَ: سَمِعَا أَبَا وَائِلٍ، يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، يَقُول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ رَجُلٍ لا
يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ، إِلا مَثُلَ لَهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ،
شُجَاعٌ أَقْرَعُ، يَفِرُّ مِنْهُ وَهُوَ يَتْبَعُهُ، حَتَّى
يُطَوَّقَ بِهِ فِي عُنُقِهِ "، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} "
1222 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا خلف بْن خليفة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
هاشم، عَنْ أبي وائل، عَنْ مسروق: {يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ
اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، قَالَ: هُوَ الرجل يرزقه الله المال،
فيمنع قرابته الحق الَّذِي جعله الله لهم فِي ماله، فيجعل حية
فيطوقها، فيقول للحية: مَا لي ولك؟ فيقول أنا مالك "
(2/512)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا
بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
1223 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ أَبُو بَكْرَةَ
الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: سُئِلَ عَبْد اللهِ عَنْ قوله عَزَّ
وَجَلَّ " {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ} قَالَ: يَجِيءُ مَالُهُ ثُعْبَانًا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، يَنْقُرُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ
الَّذِي بَخِلْتَ بِهِ، فَيَنْطَوِي عَلَيْهِ "
1224 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
سلمة، يحيى بْن خلف البصري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم،
عَنْ عيسى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أبي نجيح، عَنْ مجاهد "
{سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} قَالَ: سيكلفون أن يأتوا
بمثل مَا بخلوا به من أموالهم يوم القيامة "
1225 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ قتادة " {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، قَالَ: يطوقونه فِي أعناقهم "
(2/513)
1226 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسن،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ العدني، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
منصور، عَنْ إبراهيم، فِي هذه الآية " {سَيُطَوَّقُونَ مَا
بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قَالَ: هُوَ طوق من نار "
1227 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {سَيُطَوَّقُونَ} يلزمون، كقولك:
طوقته الطوق " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَقَدْ سَمِعَ اللهُ
قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ
أَغْنِيَاءُ}
1228 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: "
{لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ
فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ إِلَى
فِنْحَاصَ الْيَهُودِيِّ يَسْتَمِدُّهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ،
وَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: لا تَفْتَتْ
(2/514)
عَلَيَّ بِشَيْءٍ، حَتَّى تَرْجِعَ
إِلَيَّ، فَلَمَّا قَرَأَ فِنْحَاصُ الْكِتَابَ، قَالَ: قَدِ
احْتَاجَ رَبُّكُمْ، فَسَنَفْعَلُ، وَسَنُمِدُّهُ قَالَ أَبُو
بَكْرٍ: فَهَمَمْتُ أَنْ أُمِدَّهُ بِالسَّيْفُ، وَهُوَ
مُتَوَشِّحُهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَفْتَتْ عَلَيَّ بِشَيْءٍ "
فَنَزَلَتْ: {لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا
إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ، وَقوله:
{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ، وَمَا
بَيْنَ ذَلِكَ فِي يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ
1229 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: {لَقَدْ سَمِعَ
اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} ، قَالَ مُحَمَّد بْن
إِسْحَاق: دخل أَبُو بكر الصديق بيت المدراس عَلَى يهود، فوجد
منهم ناس كثير قد اجتمعوا إِلَى رجل منهم، يقال له: فنحاص،
كَانَ من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر من أحبارهم يقال له:
أشيع، فَقَالَ أَبُو بكر لفنحاص: ويحك يَا فنحاص، اتق الله
وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن مُحَمَّدا لرسول الله، جاءكم بالحق
من عنده تجدونه مكتوبا عندكم فِي التوراة والإنجيل، فَقَالَ
فنحاص لأبي بكر: والله يَا أبا بكر مَا بنا إِلَى الله من فقر،
وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إِلَيْهِ كما يتضرع إلينا، وإنا
عنه لأغنياء،
(2/515)
وما هُوَ بغني مَا استقرضنا أموالنا، كما
يزعم صاحبكم، وينهاكم عَنِ الربا ويعطيناه، ولو كَانَ عنا غنيا
مَا أعطانا الربا قَالَ: فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَضَرَبَ
وَجْهَ فِنْحَاصَ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: " وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلا الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا
وَبَيْنَكَ لَضَرَبْتُ رَأْسَكَ، أَيْ عَدُوَّ اللهِ،
فَأَكْذِبُونَا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فَذَهَبَ فِنْحَاصُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: انْظُرْ يَا مُحَمَّدُ مَا
صَنَعَ صَاحِبُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لأَبِي بَكْرٍ: " مَا
حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا
رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَدُوَّ اللهِ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا،
إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللهَ فَقِيرٌ، وَأَنَّهُمْ عَنْهُ
أَغْنِيَاءُ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ غَضِبْتُ لِلَّهِ، قَالَ:
فَجَحَدَ ذَلِكَ فِنْحَاصُ، وَقَالَ: وَاللهِ مَا قُلْتُ
ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا قَالَ
فِنْحَاصُ، رَدًّا عَلَيْهِ، وَتَصْدِيقًا لأَبِي بَكْرٍ:
{لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ
فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ، إِلَى قوله: {ذُوقُوا عَذَابَ
الْحَرِيقِ} ، وَنَزَلَ فِي أَبِي بَكْرٍ، وَمَا بَلَغَهُ فِي
ذَلِكَ مِنَ الْغَضَبِ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ
أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا
فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}
(2/516)
الَّذِينَ قَالُوا
إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ
حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ
جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي
قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(183)
1230 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد، قَالَ " صك
أَبُو بكر رجلا منهم {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ
وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ، قَالَ: لم يستقرضنا وَهُوَ غني؟ وهم
يهود "
1231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ
سعيد، عَنْ قتادة، قوله: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ
فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ، ذكر لنا أنها نزلت فِي حيي
بْن أخطب، لما أنزل الله جَلَّ وَعَزَّ: {مَنْ ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا
كَثِيرَةً} قَالَ: يستقرضنا ربنا، وإنما يستقرض الفقير الغني "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ
الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}
1232 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} سنحفظ
عليهم " أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ
الْحَرِيقِ} ، عذاب الحريق: النار، اسم جامع يكون نارا، ويكون
حريقا وغير حريق، فإذا التهب فهي حريق " قوله جَلَّ وَعَزَّ:
{الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا
نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ}
1233 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ
(2/517)
أبي عبيدة (ونقول ذوقوا عذاب الحريق) ،
عذاب الحريق:
النار: اسم جامع يكون نارا، ويكون حريقا، وغير حريق، فإذا
التهب فهو حريق
قوله عز وجل: (الذين قالوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا
أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُول)
1234 - أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال حدثنا الأثرم، عن أبي
عبيدة " إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ
لِرَسُولٍ أي: لا ندين له فنقر به "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: (حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ
تَأْكُلُهُ النَّارُ)
1235 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن
جريج: " قربان تأكله النار، قَالَ: كَانَ من قبلنا من الأمم
يقرب أحدهم القربان، فتخرج النار، فينظرون أيتقبل منهم أم لا؟
فإن يقبل منهم جاءت نار من السماء بيضاء، فأكلت مَا قرب، وإن
لم يقبل لم تأت تلك النار، فعرف الناس أن لم يتقبل منهم، وإن
لم يكن كل القوم يتقرب مخافة أن لا يتقبل منه،
(2/518)
1236 - فلما بعث الله مُحَمَّد صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله أهل الكتاب أن يأتيهم بقربان:
قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ
وَبِالَّذِي قُلْتُمْ القربان، فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ يعيرهم،
بكفرهم قبل اليوم " فلما بعث الله مُحَمَّد سأله أهل الكتاب أن
يأتيهم بقربان قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي
بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ القربان، فَلِمَ
قَتَلْتُمُوهُمْ يعيرهم بكفرهم قبل اليوم "
1237 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو يحيى بْن المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مروان،
عَنْ جويبر، عَنْ الضحاك، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِينَ
قَالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ
لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ
النَّارُ، قَالَ: هم اليهود، قَالُوا لمُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك، وإلا فلست بنبي " قوله
جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي
بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ}
1238 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو يحيى ابْن المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا مروان،
حَدَّثَنَا جويبر، عَنْ الضحاك، قَالَ " هم اليهود، قَالُوا
لمُحَمَّد: إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك، وإلا فلست
بنبي، قَالَ الله جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ
مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} ، أي:
جاءتكم بالقربان الَّذِي تأكله النار فلما قتلتموهم وكذبتموهم
إن كنتم صادقين؟ "
(2/519)
فَإِنْ كَذَّبُوكَ
فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ
وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَلِمَ
قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
1239 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن
أحمد بْن الجنيد أَبُو جعفر الدقاق، قَالَ: حَدَّثَنَا جرير
بْن عَبْدِ الحميد، عَنْ أبي يزيد المرادي: قَالَ: قلت للعلاء
بْن بدر " أرأيت قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ
إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ولم يدركوهم، ولم يروهم، قَالَ:
لموالاتهم لمن قتل أولياءه "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ} الآية
1240 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ " {فَإِنْ كَذَّبُوكَ} يعني: نبيه صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}
1241 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}
، أي: ميتة قَالَ: الموت كأس فالمرء ذائقها فِي هَذَا الموضع
شاربها "
(2/520)
لَتُبْلَوُنَّ فِي
أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ
أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا
فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَتُبْلَوُنَّ فِي
أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}
1242 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن
جريج: " {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} ،
قَالَ: يوصي المؤمنين أنه سيبتليهم، فينظر كيف صبرهم عَلَى
دينهم " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِلَى قوله: أَذًى
كَثِيرًا}
1243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ،
عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ
الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى
حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ، عَلَى قَطِيفَةٍ مِنْ تَحْتِهِ،
وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ
بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ
وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللهِ
بْنُ أُبِيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ
عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلاطٌ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَعَبَدَةِ
الأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ
(2/521)
وَفِي الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةَ
الدَّابَّةِ، خَمَرَ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ،
ثُمَّ قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَاهُمْ
إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لأَحْسَنُ
مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلا تُؤْذِينَا بِهِ فِي
مَجَالِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ
فَاقْصَصَّ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى
يَا رَسُولَ اللهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا،
فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ
وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ،
فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ
عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ
مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ يُرِيدُ: عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ،
قَالَ: كَذَا وَكَذَا "، قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ،
اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ،
لَقَدْ جَاءَكَ اللهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكَ،
وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْحَرَّةِ عَلَى
(2/522)
أَنْ يُتَوِّجُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ اللهُ
ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ، شرق بِذَلِكَ،
فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ،
وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ:
{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ
تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}
، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ
كُفَّارًا حَسَدًا إِلَى: إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ} وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ مَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ،
حَتَّى أَذِنَ اللهُ فِيهِمْ فَلَمَّا غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللهُ مِنْ
صَنَادِيدِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ أُبَيُّ بْنُ سَلُولٍ
وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ:
هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَّجَهُ، فَتَتَابَعُوا إِلَى رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا
1244 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ معمر، عَنْ الزهري، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن كعب بْن
مالك، فِي قوله " {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى
كَثِيرًا} ، قَالَ: هُوَ
(2/523)
كعب بْن الأشرف، وَكَانَ يحرض المشركين
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه،
فِي شعره، ويهجو النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأصحابه، فانطلق إِلَيْهِ خمسة نفر من الأنصار فيهم مُحَمَّد
بْن مسلمة ورجل يقال له: أَبُو عبس بْن جير، فأتوه وَهُوَ فِي
مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم ذعر منهم وأنكر شأنهم، قَالُوا:
جئناك لحاجة قَالَ: فليأذن لي بعضكم فليحدثني، فجاءه رجل منهم،
فَقَالَ: جئناك لنبيعك أدراعنا، لنستنفق بها قَالَ: والله لئن
فعلتم لقد جهدتم منذ نزل بكم هَذَا الرجل، فواعدوه أن يأتوه
عشاء، حين يهدأ عنه الناس، فأتوه، فنادوا، فقالت امرأته: مَا
طرقك هَؤُلاءِ ساعتهم هذه لشيء مما تحب، قَالَ: إنهم قد حدثوني
بحديثهم، وشأنهم "
1245 - قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ
أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا تَرْهَنُونَنِي؟
أَتَرْهَنُونَنِي أَبْنَاءَكُمْ؟ وَأَرَادُوا أَنْ
يُسْلِفَهُمْ تَمْرًا، فَقَالُوا: إِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ
يُعَيَّرَ أَبْنَاؤُنَا، فَيُقَالُ: هَذَا رَهِينَةُ وَسْقٍ،
وَهَذَا رَهِينَةُ وَسْقَيْنِ، قَالَ: أَتَرْهَنُونَنِي
نِسَاءَكُمْ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَجْمَلُ النَّاسِ، وَلا
نَأْمَنُكَ، وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ بِجَمَالِكَ؟
وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلاحَنَا، فَقَدْ عَلِمْتَ حَاجَتَنَا
إِلَى السِّلاحِ الْيَوْمَ، قَالَ: نَعَمِ، ائْتُونِي
بِسِلاحِكُمْ، وَاحْتَمِلُوا مَا شِئْتُمْ
(2/524)
قَالُوا: فَانْزِلْ إِلَيْنَا نَأْخُذْ
عَلَيْكَ، وَتَأْخُذْ عَلَيْنَا، فَذَهَبَ يَنْزِلُ،
فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: أَرْسِلْ إِلَى
أَمْثَالِهِمْ مِنْ قَوْمِكَ، يَكُونُوا مَعَكَ قَالَ: لَوْ
وَجَدُونِي هَؤُلاءِ نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي، قَالَتْ:
فَكَلِّمْهُمْ مِنْ فَوْقٍ، إِشْفَاقًا عَلَيْهِ، فَنَزَلَ
عَلَيْهِمْ يَفُوحُ رِيحُهُ، فَقَالُوا: مَا هَذَا الرِّيحُ
يَا أَبَا فُلانٍ؟ قَالَ: هَذَا عِطْرُ أُمِّ فُلانٍ، فَدَنَا
إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، فَشَمَّ رِيحَهُ، ثُمَّ اعْتَنَقَهُ،
ثُمَّ قَالَ: اقْتُلُوا عَدُوَّ اللهِ، وَطَعَنَهُ أَبُو
عَبْسٍ فِي خَاصِرَتِهِ، وَعَلاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ
بِالسَّيْفِ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ رَجِعُوا فَأَصْبَحَتِ
الْيَهُودُ مَذْعُورِينَ، فَجَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: قُتِلَ سَيِّدُنَا
غِيلَةً، فَذَكَّرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَنِيعَهُ، وَمَا كَانَ يُخْبِرُ عَلَيْهِمْ،
وَيُحَرِّضُ فِي قِتَالِهِمْ، وَيُؤْذِيهِمْ، ثُمَّ دَعَاهُمُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا، وَكَانَ ذَلِكَ الصُّلْحُ مَعَ
عَلِيٍّ بَعْدُ "
1246 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ
: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن جريج: "
{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} ،
قَالَ: يعني اليهود والنصارى، فكان المسلمون يسمعون من اليهود
قولهم: عزير ابْن الله، ومن النصارى: المسيح ابْن الله،
وَكَانَ المسلمون ينصبون لهم الحرب، ويسمعون إشراكهم بِاللهِ "
(2/525)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}
1247 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ " {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ
ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} قَالَ: من القوة، مما عزم الله
عَلَيْهِ وأمركم به " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِذْ أَخَذَ
اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَى
تَكْتُمُونَهُ}
1248 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي
ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ،
أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِرَافِعٍ بَوَّابِهِ:
اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ حَدِيثًا
قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ " {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ
لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} ، قَالَ: {لَتُبَيِّنُنَّهُ}
فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ قَالَ: الإِسْلامُ دِينُ اللهِ
الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدً
رَسُولُ اللهِ، يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ، فِي
التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، فَنَبَذُوهُ "
(2/526)
1249 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَنْ
الثوري، عَنْ أبي الحجاف، عَنْ مسلم البطين، قَالَ " سأل
الحجاج جلساءه عَنْ هذه الآية {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} فقام رجل إِلَى سعيد بْن جبير،
فسأله، فَقَالَ: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} مُحَمَّد
{وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ} "
1250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ
سعيد، عَنْ قتادة " {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا
تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ} الآية: هَذَا ميثاق، أخذه الله
عَلَى أهل العلم، فمن علم علما، فليعلمه الناس، وإياكم وكتمان
العلم، فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن رجل مَا لا علم له
به، فيخرج من دين الله، فيكون من المتكلفين " كَانَ يقال: مثل
علم لا يقال به كمثل كنز لا ينتفع به، ومثل حكمة لا تخرج كمثل
صنم قائم لا يأكل ولا يشرب وَكَانَ يقال فِي الحكمة: طوبى
لعالم ناطق، وطوبى لمستمع واع هَذَا رجل علم علما فبذله ودعا
إِلَيْهِ، ورجل سمع خيرا، فحفظه، ووعاه، وانتفع به
(2/527)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ
ظُهُورِهِمْ}
1251 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبي
عبيد، قَالَ: حَدَّثَنَا الأشجعي، عَنْ مالك بْن مغول، عَنِ
الشَّعْبِيِّ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ
ظُهُورِهِمْ} ، قَالَ
: أما إنه كَانَ بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به " قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا
يَشْتَرُونَ}
1252 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سلمة
يحيى بْن خلف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم، عَنْ ابْن مجاهد
" {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} ، قَالَ: تبديل يهود التوراة "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ
بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ
يَفْعَلُوا}
1253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ أَبُو
مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ
أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عَوْفٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ:
اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ: لَئِنْ
كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحٌ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ
أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ
أَجْمَعُونَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " مَا لَكُمْ
(2/528)
وَلِهَذِهِ؟ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ
فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ تَلا ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ
أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} ، وَتَلا
ابْنُ عَبَّاس إِلَى قوله: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا
بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَهُمُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْء،
فَكَتَمُوهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَخَرَجُوا، وَقَدْ
أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ،
وَاسْتُحْمِدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ مِمَّا سَأَلَهُمْ عَنْهُ "
1254 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أخبرني ابْن أبي مليكة، أن علقمة
بْن أبي وقاص أخبره، أن مروان قَالَ لرافع: اذهب يَا رافع
إِلَى ابْن عَبَّاس، وذكر الحديث
1255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي النجار، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق، عَنْ الثوري، عَنْ أبي الحجاف، عَنْ
مسلم البطين، قَالَ " سأل الحجاج جلساءه عَنْ هذه الآية
{وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ} الآية قَالَ: فقام رجل
إِلَى سعيد بْن جبير، فسأله، فَقَالَ: {لا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} ، قَالَ: بكتمانهم
مُحَمَّدا، {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ
يَفْعَلُوا} ، قَالَ: قولهم نحن عَلَى دين إبراهيم "
(2/529)
1256 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مجاهد، فِي قول الله
جل ثناؤه " {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا
أَتَوْا} ، قَالَ: يهود، فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب،
وحمدهم إياه عَلَيْهِ، ولا تملك يهود ذَلِكَ، ولن تفعله "
1257 - حَدَّثَنَا عَلانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
أَبِي مَرْيَمَ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ
بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، " أَنَّ رِجَالا مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فِي
عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كَانَ إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى الْغَزْوِ، تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا
بِمِقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ،
وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ
يَفْعَلُوا فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا
لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ
الْعَذَابِ} "
(2/530)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ
بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
1258 - قَالَ زكريا حَدَّثَنَا إِسْحَاق، عَنْ مُحَمَّد بْن
يزيد، عَنْ جويبر
، عَنْ الضحاك " {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ
الْعَذَابِ} قَالَ: بمنحاة من العذاب "
1259 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} أي:
يزحزح زحزح بعيد " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}
1260 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْحَمَّالُ، أَبُو عِمْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
الصَّائِغُ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي
الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَتَتْ قُرَيْشٌ الْيَهُودَ، فَقَالُوا:
مَا جَاءَكُمْ بِهِ مُوسَى مِنَ الآيَاتِ؟ قَالُوا: عَصَاهُ،
وَيَدِهِ بَيْضَاءَ لِلنَّاظِرِينَ وَأَتَوُا النَّصَارَى،
فَقَالُوا: كَيْفَ كَانَ عِيسَى فِيكُمْ؟ قَالُوا: كَانَ
يُبْرِئُ الأَكْمَهَ، وَالأَبْرَصَ، وَيُحْيِي الْمَوْتَى
(2/531)
فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ
يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا، فَدَعَا رَبَّهُ،
فَنَزَلَتْ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ} الآيَةُ،
فَلْيَتَفَكَّرُوا فِيهَا "
1261 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَنَابٍ
الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، قَالَ: دَخَلْتُ
أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ
عَلَى عَائِشَةَ، وَهِيَ فِي خِدْرِهَا، فَسَلَّمْنَا
عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: قُلْتُ: هَذَا
عَبْد اللهِ بْن عمر، وعبيد بْن عمير، فقالت: يَا عبيد، مَا
يمنعك من زيارتنا؟ قَالَ: مَا قَالَ الأول: زر غبا تزدد حبا
قالت: إنا لنحب زيارتك وغشيانك فَقَالَ عَبْد اللهِ بْن عمر:
دعونا من رطانتكم هذه، حدثيني مَا أعجب مَا رأيت من رَسُول
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فبكت، ثم قالت: كل
أمره كَانَ عجبا، أتاني فِي ليلتي، فدخل معي فِي لحافي، وألزق
جلده بجلدي، ثم قَالَ: " يَا عائشة، ائْذَنِي لِي فِي أَنْ
أَتَعَبَّدَ لِرَبِّي "، فَقُلْتُ: إِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَكَ
وَأُحِبُّ هَوَاكَ قَالَتْ: فَقَامَ إِلَى قِرْبَةٍ فِي
الْبَيْتِ فَمَا أَكْثَرَ صَبَّ الْمَاءِ، ثُمَّ قَامَ
فَصَلَّى، فَقَرَأَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى رَأَيْتُ
أَنَّ دُمَوعَهُ قَدْ بَلَغَتْ حِقْوَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ
(2/532)
جَلَسَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى
عَلَيْهِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّ دُمَوعَهُ قَدْ
بَلَغَتْ حِجْرَهُ، ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ،
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ بِلالٌ،
فَآذَنَهُ لِصَلاةِ الْفَجْرِ، قَالَ: الصَّلاةُ، يَا رَسُولَ
اللهِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،
تَبْكِي، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: " يَا بِلالُ، أَفَلا
أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ وَمَا لِي لا أَبْكِي، وَقَدْ
نَزَلَ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، قَرَأَ إِلَى
سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ؟ ثُمَّ قَالَ: وَيْلٌ
لِمَنْ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}
1262 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلَى الصائغ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ
سعيد، عَنْ قتادة " {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} ، وهذه حالاتك يَا ابْن آدم،
اذكر الله وأنت قائم، فإن لم تستطع فاذكره جالسا، فإن لم تستطع
فاذكره وأنت عَلَى جنبك، يسر من الله وتخفيف "
(2/533)
1263 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا يحيى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خالد الأحمر، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، قَالَ " لا يكون
العبد ذاكرا له حَتَّى يذكر الله قائما، وقاعدا، وعلى جنبه "
1264 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثور عَنِ ابْنِ
جُرَيْجٍ " {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا
وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} ، قَالَ: وَهُوَ ذكر الله فِي الصلاة،
وغير الصلاة، وقراءة القرآن " قوله جَلَّ وَعَزَّ:
{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}
1265 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ،
قَالَ: سَمِعْتُ عَوْنًا قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ،
أَوْ سُئِلَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ " مَا كَانَ أَفْضَلُ
عِبَادَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَتِ: التَّفَكُّرُ،
وَالاعْتِبَارُ " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ
هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
1266 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز
، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة "
{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا
(2/534)
رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ
تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ
مِنْ أَنْصَارٍ (192)
بَاطِلا سُبْحَانَكَ} العرب تختصر الكلام،
ليخففوه، لعلم المستمع بتمامه، فكأنه فِي تمام القول، ويقولون:
ربنا مَا خلقت هَذَا باطلا "
قوله عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ
فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}
قَالَ: هَذَا خاصة لمن لم يخرج منها
1267 - حَدَّثَنَا النجار، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرزاق،
عَنْ الثوري، عَنْ رجل، عَنْ ابْن المسيب، فِي قوله عَزَّ
وَجَلَّ: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ
أَخْزَيْتَهُ} قَالَ: هَذَا خاصة لمن لم يخرج منها "
1268 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو هلال، قَالَ: حَدَّثَنَا قتادة " {إِنَّكَ
مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} ، قَالَ: إنك من
تخلد فِي النار فقد أخزيته "
1269 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، فِي قوله " {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ}
، قَالَ: من تخلده فِيهَا "
(2/535)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {رَبَّنَا إِنَّنَا
سَمِعْنَا مُنَادِيًا} الآية
1270 - حَدَّثَنَا أبو عمران: مُوسَى بْن هارون بْن عَبْدِ
اللهِ الحمال، قَالَ: حَدَّثَنَا شجاع بْن مخلد، قَالَ: حدثني
يحيى، قَالَ: أخبرني مُوسَى بْن عبيدة، عَنْ مُحَمَّد بْن كعب
القرظي، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {رَبَّنَا إِنَّنَا
سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ} ، قَالَ: المنادي:
القرآن "
1271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ شبيب، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، عَنْ سعيد، عَنْ
قتادة، قوله " رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا
يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا
بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا: سمعوا دعوة من الله عَزَّ وَجَلَّ،
فأجابوها، واحتسبوا فِيهَا، وصبروا، ينبئكم الله عَنْ مؤمني
الإنس، كيف قَالَ؟ وعن مؤمني الجن، كيف قَالَ؟ قَالَ: فأما
مؤمن الجن فَقَالَ: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ
بِرَبِّنَا أَحَدًا - وأما مؤمن الإنس، فَقَالَ: إِنَّنَا
سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا
بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا
وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ
"
1272 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " يُنَادِي لِلإِيمَانِ، أي: ينادي
إِلَى الإيمان ويجوز: إنا سمعنا
(2/536)
مناديا ينادي للإيمان "
1273 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن
جريج: " مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ، قَالَ: هُوَ
مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قوله جَلَّ
وَعَزَّ: رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا الآية
1274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عبد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن الحكم،
عَنْ أبيه، عَنْ عكرمة " {وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لا تفضحنا يوم القيامة،
{إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} أي: من وحدك، وصدق بنبيك،
لا تخزه قَالَ: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا
أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} ، قَالَ: أهل لا إله إِلا
الله، أهل التوحيد، والإخلاص، لا أخزيهم يوم القيامة "
1275 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن
جريج: " {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} ،
فيستنجزون موعد الله عَلَى رسله "
(2/537)
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ}
1276 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} فتحت
الألف، لأنك أعملت استجاب لهم بِذَلِكَ، ولوكان مختصرا عَلَى
قولك: وَقَالَ: إنى لا أضيع أجر العاملين، لكسرت الألف
{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ} أي: أجابهم " تقول العرب: استجبتك فِي
معنى: استجبت لك، قَالَ الغنوي: وداع دعا يَا من يجيب إِلَى
الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب قوله جَلَّ وَعَزَّ: {أَنِّي لا
أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} إِلَى قوله: {فِي سَبِيلِي}
1277 - حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بْن أحمد بْن الحارث بْن أبي
مسرة، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بْن الزبير، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو بْن دينار، قَال
َ " أخبرني سلمة، رجل من ولد أم سلمة، عَنْ أم سلمة أنها قالت:
قلت: يَا رَسُولَ اللهِ لا أسمع الله جَلَّ وَعَزَّ ذكر النساء
فِي الهجرة بشيء فأنزل
(2/538)
الله جل ثناؤه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}
1278 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حدثني العباس، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الفتح، قَالَ: قَالَ سُفْيَان " قالت امرأة،
أو نسوة: هاجرنا، ولا تذكر الهجرة والجهاد إِلا فيكم؟ فأنزل
الله جل ثناؤه: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} ، قَالَ
سُفْيَان: وفيه يهلك الخوارج " قوله جَلَّ وَعَزَّ:
{لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ} الآية
1279 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ أي: لأذهبنا عنهم، أي: لأمحونها عنهم " قوله
جَلَّ وَعَزَّ: {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ}
1280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عبد، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْن الحكم،
عَنْ أبيه، عَنْ عكرمة
" {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ
(2/539)
كَفَرُوا فِي الْبِلادِ} : تقلب ليلهم
ونهارهم، وما يجري عليهم من النعم، متاع قليل " قوله جَلَّ
وَعَزَّ: {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} الآية
1281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرٌ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، " {ثُمَّ
مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ، قَالَ
عِكْرِمَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ، بِئْسَ الْمَنْزِلُ "
1282 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْد الأعلى، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح،
عَنْ مجاهد " {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ، قَالَ: بئس مَا مهدوا
لأنفسهم " قوله جَلَّ وَعَزَّ: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا
رَبَّهُمْ} الآية
1283 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا
الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {نُزُلا مِنْ عِنْدِ اللهِ} أي:
ثوابا، ويجوز: منزلا من عند الله، من قولك: أنزلته منزلا "
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ}
1284 - حَدَّثَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ
خَيْثَمَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: " مَا
مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ،
(2/540)
وَلا فَاجِرَةٍ إِلا وَالْمَوْتُ خَيْرٌ
لَهَا، وَقَرَأَ: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ}
وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ}
الآيَةَ "
1285 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ
فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلا الْمَوْتُ
خَيْرٌ لَهُ، وَمَا مِنْ كَافِرٍ إِلا الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ،
فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْنِي، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَمَا
عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ} ، {وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} الآيَةَ "
1286 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو معشر، عَنْ مُحَمَّد بْن كعب، قَالَ "
الموت خير للمؤمن والكافر، ثم تلا: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ
لِلأَبْرَارِ} وذكر بقية الحديث " قوله جَلَّ وَعَزَّ:
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ}
1287 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْمُغِيرَةِ عَلانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
مِهْرَانَ الْخَبَّازُ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ،
(2/541)
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ " لَمَّا جَاءَ نَعْيُ
النَّجَاشِيِّ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: صَلُّوا عَلَيْهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ،
نُصَلِّي عَلَى عَبْدٍ حَبَشِيٍّ؟ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ
جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ
يُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ
إِلَيْهِمْ} "
1288 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ،
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فِي قوله " {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ} ، زَعَمُوا لَمَّا صَلَّى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى
النَّجَاشِيِّ طَعَنَ فِي ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ، فَقَالُوا:
صَلَّى عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ عَلَى دِينِهِ فَنَزَلَتْ:
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ} ،
قَالُوا: مَا كَانَ يَسْتَقْبِلُ قِبْلَتَهُ، وَإِنَّ
بَيْنَهُمَا لَلْبِحَارُ فَنَزَلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} "
1289 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ ابْن
جريج: " {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ
بِاللهِ} الآية، قَالَ: قَالَ آخرون: نزلت فِي النفر الَّذِينَ
كَانُوا من يهود، فأسلموا، عَبْد اللهِ بْن سلام ومن معه "
(2/542)
قوله: {إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}
1290 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد
، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد بْن حميد،
قَالَ: حَدَّثَنَا الضحاك بْن مخلد، عَنْ عيسى، عَنْ ابْن أبي
نجيح، عَنْ مجاهد " {سَرِيعُ الْحِسَابِ} ، قَالَ: أحصاه عليهم
" قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآية
1291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا نصر، قَالَ:
حَدَّثَنَا عبد، قَالَ: حَدَّثَنَا مسلم بْن إبراهيم، قَالَ:
حَدَّثَنَا جرير، عَنْ الحسن " {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} ،
قَالَ: الصبر عَنِ المصيبة، {وَصَابِرُوا} عَلَى الصلوات،
{وَرَابِطُوا} ، قَالَ: جاهدوا فِي سبيل الله "
1292 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بْن عَبْدِ
اللهِ بْن عَبْدِ الحكم، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ:
أخبرني أَبُو صخر المديني، عَنْ مُحَمَّد بْن كعب القرظي، إنه
كَانَ " يَقُول فِي هذه الآية {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا
وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ،
يَقُول: {اصْبِرُوا} عَلَى دينكم، {وَصَابِرُوا} الوعد الَّذِي
وعدتكم عَلَيْهِ، {وَرَابِطُوا} عدوي وعدوكم حَتَّى يترك دينه
لدينكم "
(2/543)
1293 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} عَلَى طَاعَةِ اللهِ
{وَصَابِرُوا} أَعْدَاءَ اللهِ {وَرَابِطُوا} فِي سَبِيلِ
اللهِ "
1294 - حَدَّثَنَا إبراهيم بْن منقذ، قَالَ: حَدَّثَنَا أيوب
بْن سويد، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، فِي قوله "
{اصْبِرُوا} ، قَالَ: اصبروا عَلَى الفرائض، {وَصَابِرُوا}
قَالَ: صابروا عَلَى العدو، فلا تكونوا أجزع منهم "
1295 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن ثابت، عَنْ سعيد،
عَنْ قتادة، فِي قوله {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}
قَالَ: {اصْبِرُوا} عَلَى دينكم {وَصَابِرُوا} فِي سبيلي لعلكم
تفلحون "
1296 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا داود بْن عمرو،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بْن المبارك، عَنْ مصعب بْن
ثابت، عَنْ داود بْن صالح، قَالَ: قَالَ أَبُو سلمة بْن عَبْدِ
الرَّحْمَنِ " تدري ابْن أخي، فِي أي شَيْء نزلت هذه الآية
{اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ؟ قلت: لا، قَالَ: قَالَ:
إنه لم يكن فِي زمن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غزو يرابط فيه، ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة "
(2/544)
1297 - أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز،
قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " وَرَابِطُوا
أي: اثبتوا ودوموا " قَالَ الأخطل: مَا زال فينا رباط الخيل
معلمة وفي كليب رباط اللؤم والعار قوله عَزَّ وَجَلَّ:
وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
1298 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ
الحكم، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن وهب، قَالَ: حدثني أَبُو صخر
المديني، عَنْ مُحَمَّد بْن كعب القرظي، أنه كَانَ يَقُول فِي
هذه الآية: " اصْبِرُوا حَتَّى بلغ وَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ واتقوا الله فيما بيني وبينكم لعلكم
تفلحون غدا إذا لقيتموني فذلك حين يَقُول: اصبروا، وصابروا "
(2/545)
|