تفسير ابن فورك

سورة الشعراء
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه -: {طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9) وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) }
[الآيات من 1 إلى 21]
فقال: لم عد طسم ولم يعد طس؟ ، ولم جازت الإشارة بتلك إلى
ما ليس بحاضر؟ ، وما البيان؟ ، وما معنى: باخع نفسك؟ ، ولم قيل
خاضعين في جمع الأعناق، وهي مما لا يعقل؟ ، ولم خص المكذب
في الذكر بإثبات الأنباء؛ مع أنها تأتي المصدق والمكذب جميعاً؟ ،
وما الاستهزاء؟ ، وهل في إنبات الأرض من كل زوج كريم ما
يوجب أنه لا يقدر عليه إلا الله؟ ، ولم صار الأكثر على ترك
الإيمان؟ ، وما التقوى؟ ، وما الخوف؟ ، وما التكذيب؟ ،
وما ضيق الصدر؟ ، وما انطلاق اللسان؟ ، ولم جاز إنا رسول رب العالمين
على التوحيد؟ ، وما الإرسال؟ ، وما التربية؟ ، وما معنى: وأنا من
الضالين؟ ، وما معنى: وأنت من الكافرين؟ .
الجواب:
إنما لم يعد (طس) ؛ لأنه يشبه الاسم المفرد نحو قابيل، وهابيل
، وليس كذلك (طسم) .
ووجه الشبه بالزنة أن أوله لا يشبه حروف
الزوائد؛ التي هي حروف المد واللين، نحو.
(يس) ، وليس شيء على زنة المفرد بعد إلا (يس) ؛ لأن الياء تشبه حروف الزيادة فقد رجع إلى أنه ليس على زنة المفرد
جازت الإشارة بتلك إلى ما ليس بحاضر؛ لأنه على التوقع، فهو
كالحاضر بحضور المعنى للنفس.
وتقديره تلك الآيات آيات الكتاب

(1/214)


البيان: إظهار المعنى للنفس بما يتميز به من غيره؛ لأنه من
البينونة وهي مفارقة الشيء غيره.
وقيل للكتاب فرقان: لأنه يفرق بين الحق والباطل.
معنى {باخع نفسك} : قاتل عن ابن عباس.
والبخع: القتل.
وذكر الأعناق هاهنا يحتمل: السادات الرؤساء.
وقيل: إن المعنى فيه؛ لأنه لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية.
عن قتادة.
وقيل: خاضعين في جمع الأعناق، وفيه أربعة أقوال:
الأول: فظل أصحاب الأعناق لها خاضعين؛ إلا أنه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه؛ لدلالة الكلام عليه.

(1/215)


الثاني: أن تكون الأعناق بمعنى الرؤساء.
الثالث: الأعناق على الإقحام.
الرابع: أنها ذكرت بصيغة ما يعقل
كما قال الشاعر:
إذَا مَا بَنُو نَعْشٍ دَنُوا فَتَصَوَّبُوا
والذكر هاهنا: القرآن؛ كقوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) } .
ويراد به التلاوة.
خص المكذب بالذكر بإتيان الأنباء؛ لأن المكذب يعلم بالأنباء
بعد أن كان جاهلاً، والمصدق يعلم بالأنباء ما كان به عالماً؛ فلذلك
حسن وعيد المكذب به؛ لأن حاله يتغير إلى الحسرة والندم.

(1/216)


الاستهزاء: طلب اللهو بمن هو عند الطالب صغير.
والاستهزاء والسخرية من النظائر
في إنبات الأرض {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}
دليل على الله من جهة فعله، وبهذا ذكره في {زَوْجٍ كَرِيمٍ}
إنما صار الأكثر على ترك الإيمان للمشقة؛ التي تلحق في
الاستدلال مع سهولة الميل إلى تقليد الرؤساء، ومع الإمراج في الأهواء
وقيل {زَوْجٍ كَرِيمٍ} .
مما يأكل الناس، والأنعام. عن مجاهد.
وقيل من الشيء وشكله.
وقيل {زَوْجٍ كَرِيمٍ}
من كل نوع يكرم على أهله.
وقيل: كانوا ظالمين لأنفسهم؛ بكفرهم، ولبني إسرائيل باستعبادهم.

(1/217)


وقيل {زَوْجٍ كَرِيمٍ}
أي: نوع معه قرينه من أبيض، وأصفر، ومن حلو وحامض، ورائحة مسكية، وكافورية.
التقوى: مجانبة القبائح بالمحاسن.
وأصله صرف الأمر بحاجز بين الصارف وبينه.
الخوف: انزعاج النفس بتوقع الضر، ونقيضه الأمن، وهو
سكون النفس إلى خلوص النفع..
الخوف، والذعر، والفزع، والجزع، نظائر.
التكذيب: تصيير المخبر كاذباً؛ بإضافة الكذب إليه.
ضيق الصدر: غَمٌّ يمنع؛ كما يمنع ضيق الطريق السلوك فيه.

(1/218)


وقيل: هو على الحكاية وتقديره فقل لهم {أَلَا يَتَّقُونَ} .
ولو جاء بالتاء جاز
وقيل: {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ}
لمعاونتي؛ كما يقال إذا نزلت بنا نازلة أرسلنا إليك أي: لتعيننا
وقيل: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} هو قتل النفس؛ التي قتل منهم. عن مجاهد، وقتادة.
وقيل {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} مجاز من وجهين:
أحدهما: الجمع.
والآخر: مستمع موضع سامع، لأن الاستماع طلب السمع

(1/219)


بالإصغاء.
وجاز ذلك؛ لأنه أبلغ في الصفة، وأشد في التعظيم؛
فذكر مستمع لينبئ عن هذا المعنى.
ووصفه بسامع قد أغنى عن ذلك.
وقيل: إنما طلب المعاونة حرصاً على القيام بالطاعة.
{وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي} للعقدة التي كانت فيه انطلاق اللسان انبعاثه بالكلام، وقد يتعذر ذلك؛ لآفة في اللسان.
وقد يتعذر لضيق المعنى؛ الذي يطلب للكلام.
{إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
جاز على التوحيد في الاثنين؛ لأنه على معنى كل واحد منهما رسول رب العالمين.
وقد يكون الرسول في معنى الجمع.
وقيل إنه في موضع رسالة؛ كما يجوز: أن يقع المصدر موقع
الصفة، فكذلك تقع الصفة موقع المصدر

(1/220)


الإرسال: جعل الشيء ماضياً في أمر.
والإرسال، والإطلاق، والبعث، نظائر
التربية: تنشئة الشيء حالاً بعد حال، ونظيره نماه ينميه نماء.
معنى {وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}
هاهنا: أي: من الضالين عن طريق الصواب؛ من غير تعمد، وذلك كالقاصد إلى أن يرمي طائراً فيصيب إنساناً
معنى {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}
: فيه قولان: الأول وأنت من الكافرين لنعمتنا. عن ابن زيد
وقيل {وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}
عن العلم بأن ذلك يؤدي إلى قتله؛ فدل أنه لم يتعمده.
وقيل: {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} لحق تربيتي.
وقال الحسن {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} : أي: بإلهك.
وقال: {وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}
أي: الجاهلين أنها تبلغ القتل.

(1/221)


مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) }
[الآيات من 21 إلى 41]
فقال ما الفرار؟ ، وما الهبة؟ ، وما الحكم؟ ، وما معنى: وتلك
نعمة تمنها على أن عبدت بني إسرائيل؟ ، وما التعبيد؟ ، وما القول
؟ ، وما معنى: الصفة إذا أطلقت برب؟ ، وما الأول؟ ، وما الجنون؟ ،
وما الشروق؟ ، وما الثعبان؟ ، وكم في قلب العصا حية من دلالة؟ ، وما
النزع؟ ، وما الساحر؟ ، وما الثعبان؟ ، وما معنى: مبين؟ ، وما معنى
يريد أن يخرجكم من أرضكم؟ ، وكيف يجوز أن يشاور الإله عند
نفسه فيما يريد من عمله؟ وما الإرجاء؟ ، ولم أشاروا بإرجائه ولم
يشيروا بقتله والراحة منه؟ ، وما الحشر؟ ، وما السحر؟ ، وما الغلبة؟ .
الجواب:.
الفرار: الذهاب على وجه التحرز من الإدراك.
الفرار والهرب من النظائر.
الهبة: الصلة
الحكم: [العلم] : على ما يدعوا إليه الحق، والخبر عما يدعوا

(1/222)


إليه الحق حكم أيضاً.
وقيل: الحكم النبوة.
{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) }
فيه أوجه:
الأول: اتخاذك بني إسرائيل عبيداً؛ قد أحبط ذلك.
الثاني: أنك لما ظلمت بني إسرائيل، ولم تظلمني اعتدت بها نعمة
عليَّ.
الثالث: أنه لا يوثق بأنها نعمة منك؛ مع ظلمك بني إسرائيل في
تعبيدهم.
وفي ذلك حجة عليهم، وتقريع له.
التعبيد: اتخاذ الإنسان، أو غيره عبداً.
تقول: عبدته وأعبدته بمعنى واحد.
وقيل: إنه بَيَّنَ أنه ليس لفرعون عليه نعمة؛ لأن الذي تولى
تربيته أمه، وغيرها؛ من بني إسرائيل بأمر فرعون لما استعبدهم.
وقد دل سؤال فرعون على أن موسى دعاه إلى طاعة الله وعبادته.

(1/223)


وقيل: عجب فرعون، ومن حوله من جواب موسى؛ لأنه طلب.
منه أي جنس الأجسام هو؟ جهلاً منه مما ينبغي أن يسأل عنه.
قال الحسن: أخذت أموال بني إسرائيل، واتخذتهم عبيداً،
وأنفقت علي من أموالهم؛ حتى رفعه الله بما وهب له من الحكم،
وجعله من المرسلين إلى الخلق؛ فأراد أن لا يسوغه ما امتن به
عليه.
القول: هو الكلام، وقد يكون القول مضمناً بالحكاية فيقال:
فلان على معنى الحكاية.
ومعنى الصفة إذا أطلقت برب: أنه مالك جميع الخلق؛ فإذا
أضيفت اختصت بالمضاف كقولهم: رب المال، ورب الدار
الأول: الكائن على صيغة أولى في كونه على تلك الصفة نحو:
الأول في دخول الدار.
الجنون: داء يعتري النفس يغطي على العقل.
وأصله الستر.

(1/224)


المشرق: الموضع التي تطلع منه الشمس
يقال شرقت الشمس شروقاً إذا طلعت، وأشرقت إشراقاً إذا:
أضاءت وصفت.
الثعبان: حية عظيمة.
في قلب العصا حية دلالتان: دلالة على الله - عزَّ وجلَّ -؛ لأنه
مما لا يقدر عليه إلا هو، وليس هو مما يلتبس بإيجاب الطبائع؛ لأنه
اختراع للانقلاب في الحال.
الثاني: دلالة على النبوة بموافقة الدعوة مع رجوعها إلى حالها بقبضه عليها
النزع: إخراج الشيء مما كان متصلاً، وملابسا له.
ويجوز أن يكون حسر عن ذراعه، ويجوز أن يكون أخرجها من

(1/225)


جيبه؛ إلا أنه نزعها عن اللباس الذي كان عليها.
الساحر: المحتال بما يوهم الإعجاز.
السحر: حيلة يخفى سببه حتى يوهم المعجزة.
وأصله الخفاء.
وقيل الثعبان: الحية الذكر.
وقيل: (مبين) أنه ثعبان عن ابن عباس.
وقيل مبين وجه الحجة به.
وقيل: يريد أن يخرج عبيدكم من بني إسرائيل قهراً، ويجوز:
يخرجكم ويتغلب على دياركم.
وقيل: بيضاء بياضاً نورياً كالشمس في إشراقها
جاز أن يشاور الإله عند نفسه؛ لأنه يذهب عليه، وعلى قومه؛
أن الإله لا يكون جسماً محتاجاً، واعتقدوا الإلهية لما دعاهم إليها مع

(1/226)


ظهور الحاجة التي لا إشكال فيها
الإرجاء: التأخير.
أشاروا بإرجائه، ولم يشيروا بقتله؛ لأنهم
رأوا أن الناس يفتنون.
وأن السحرة إذا قاومته زال ذلك الإفتتنان.
وكان له حينئذ عذر في قتله، أو حبسه؛ بحسب ما يراه فيه.
الحشر: السوق من الجهات المختلفة إلى المكان الواحد.
السحر: لطف الحيلة حتى يتوهم المموه عليه أنه حقيقة.
الغلبة: الاستعلاء بالقوة
يقال غلبه يغلبه غلبة إذا قهره.

(1/227)


مسألة:
وإن سأل عن قوله سبحانه {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَا الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68) }
[الآيات من 41 إلى 69]
فقال ما الأجر؟ ، وما الغالب؟ ، وما المقرب؟ ، وما العزة؟ ، وما
التلقف؟ ، وما الإفك؟ ، وما السحر؟ ، ولم قيل رب موسى وهارون
على الخصوص بعد العموم؟ ، وما الذي ألقاهم ساجدين؟ ، ولم جاز
فسوف تعلمون على الوعيد؟ ، وما قطع الأيدي والأرجل من خلاف
؟ ، وما الطمع؟ ، وما الغفران؟ ، وما الخطيئة؟ ، وما الإيمان؟ ،
وما الشرذمة؟ ، وما الحذر؟ ، وما الكنز؟ ، وما الكريم؟ ، وما
الإرث؟ ، وما معنى: مشرقين؟ ، وما معنى: تراءى الجمعان؟ ، ولم
جاز تثنية الجمع؟ ، وما معنى: لمدركون؟ ، وما الهداية؟ ، وما الطود؟ ، وما معنى: وأزلفنا ثم الآخرين؟ ، وما الإغراق؟ ، وما الآخِر؟ ، وما وجه دلالة الآية فيما كان من النجاة والإغراق؟ ، وما معنى: (وما كان أكثرهم مؤمنين) ؟ ، وما العزيز؟ .
الجواب:
الأجر: الجزاء على العمل بالخير.
أما الجزاء بالشر فعقاب ليس بأجر.
وإنما المعنى إن لنا لأجراً عند الملك.
الغالب: العالي على غيره المانع في نفسه بما يصير في
قبضته.
والله عزَّ وجلَّ غالب كل شيء بمعنى أنه عالي عليه
بدخوله في مقدوره.

(1/228)


لا يمكنه الخروج منه.
المقرب: المدني من مجلس الكرامة يتعمده بها.
العزة: القوة التي يمتنع بها من لحاق ضيم، لعلو منزلتها.
وقولهم {بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ}
: قسم غير مبرور.
التلقف: تناول الشيء بالفم بسرعة.
{ما يأفكون} ما يوهمون به الانقلاب زورا وبطلاناً
وقيل كان عدة السحرة اثني عشرة ألف ساحر، وكلهم أقرَّ بالحق

(1/229)


عند آيته.
والسجود: الخضوع بإلقاء الوجه إلى الأرض
قيل: رب موسى وهارون على الخصوص؛ للبيان عن المعنى
الذي دعا إلى ربوبيته موسى، وهارون؛ إذ كان الجهال يعتقدون
ربوبية فرعون، وكان إخلاصهم لله على خلاف ما يقول
الذي ألقاهم ساجدين فيه قولان:.
الأول: الحق الذي عرفوه ألقاهم ساجدين.
الثاني: خلق الله إلقاءهم، وسجودهم؛ فاكتسبوا إلقاء أنفسهم.
ساجدين؛ لما عرفوه من صحة الدعاء إلى الدين.
جاز: فسوف تعلمون؛ في الوعيد على معنى أنكم تجهلون ما تؤدي إليه هذه الحالة من الشر، وسوف تعلمون ذاك.

(1/230)


قطع الأيدي والأرجل من خلاف؛ أن يقطع اليد من جانب؛ ثم
الرجل من الجانب الآخر وفي الآية دلالة على أن للإنسان أن يظهر الحق وإن خاف القتل.
وقال الحسن: لم يصل إلى قتل أحد منهم، ولا إلى قطعه
الطمع: طلب النفس للخير الذي تُقوَّمُ به، الطمع، والأمل.
والرجاء، نظائر.
الغفران: ستر الذنب؛ بما يصير به كأنه لم يكن.
الخطيئة: الزوال عن الاستقامة المؤدية إلى البغية.
الإيمان: التصديق عن ثقة تؤمن الفساد في الاعتقاد.
الشرذمة: العصبة الباقية من عصب كثيرة.

(1/231)


وقيل كان الشرذمة الذين قللهم فرعون من بني إسرائيل
(ستمائة ألف، وسبعين ألفاً عن عبد الله.
وقيل: حشر جنوده من المدائن التي حوله ليقبضُوا على موسى،
وقومه؛ لما ساروا.
وقيل: كان غيظه منهم بمخالفتهم له.
الحذر: اجتناب الشيء خوفاً منه.
الكنز: المال الذي يخبأ بعضه على بعض؛ في غامض الأرض.
ومنه كناز الثمر وغيره.
الكريم: الحقيق بإعطاء الخير الجزيل، وذلك بأنه أهل الكرم،
وهي صفة تعظيم في المدح.
الإرث: تركة الماضي للباقي
فأهلك الله آل فرعون، فصارت أملاكهم وذرياتهم لبني

(1/232)


إسرائيل.
والجنة إرث المؤمنين؛ لأن عاقبة أمرهم إليها تصير.
وقيل الحاذر المستعد؛ للخوف من عدوه
معنى (مشرقين) : داخلين في وقت إشراق الشمس، وهو
ظهور ضوئها.
وقيل مصبحين.
وقيل: المقام الكريم المنابر
وقيل: مجالس الأمراء، والرؤساء التي كان يحف بها الأتباع..
وقيل {لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} أي: كما وصفنا
وقيل: صار ذلك في أيدي بني إسرائيل؛ في أيام داود.
وغيره وقال الحسن: رجع بنو إسرائيل؛ إلى مصر بعد إهلاك.
فرعون.
قرأ. (حَذِرُونَ) ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو.

(1/233)


وقرأ الباقون: (حَاذِرُونَ) .
{تراءى الجمعان}
تقابلا؛ بحيث يرى كل فريق صاحبه.
وإنما جاز تثنية الجمع؛ لأنه يقع عليه صفة التوحيد.
فتقول: هذا جمع واحد؛ كقولك: جملة واحدة، ولا يجوز تثنية مسلمين؛
لأنه لا يقع عليه صفة التوحيد من أجل أنه على خلاف صيغة
الواحد
لمدركون: لملحقون.
وأصل الإدراك: اللحاق.
أدركته ببصرى: أي: رأيته بلحاق بصري إياه.
الهداية: الدلالة على طريق النجاة.
فقوله {سَيَهْدِينِ}
: سيدلني على طريق النجاة من فرعون، وقومه؛
كما وعدني.
الطود: الجبل.
{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ}
قربنا إلى البحر فرعون، وقومه؛ عن ابن عباس.

(1/234)


وقال أبو عبيدة: أزلفنا: جمعنا
وقيل هذا البحر: بحر القلزم؛ الذي يسلك الناس فيه من اليمن، ومكة إلى مصر، وأنه صار فيه اثنا عشر طريقاً؛ لكل سبط طريق.
وقيل {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} : قربناهم إلى المنية بمجيء وقت هلاكهم.
ومعنى {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي}
أي: ينصرني،
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}
وفيه محذوف؛ فضربه فانفلق.
الإغراق: الإهلاك بالماء الغامر
الآخَرُ: الثاني من قسمي أحد؛ كقولك نجى الله أحدهما، وغرق
الآخَر؛ فأما الآخِر بكسر الخاء؛ فهو الثاني من قسمي الأول.
تقول: نجى الأول، وهلك الآخِر

(1/235)


وجه دلالة الآية؛ فيما كان من النجاة، والإغراق؛ أنه دل على
تدبير مدبر؛ أوقع الأمر فيه على ما تدعوا إليه الحكمة والصواب؛
من نجاة الولي، وهلاك العدو؛ بالأمر الذي يقرب الحياة معه، ولا يكون إلا
ممن يقدر على المعجزة.
معنى {وما كان أكثرهم مؤمنين} .
أن الناس مع هذا البرهان الظاهر،
والسلطان القاهر، والأمر المعجز؛ ما آمن أكثرهم؛ فلا تستنكر أيها
المحق استنكار استيحاش من قعودهم عن الحق؛ الذي تأتيهم به،
وتدلهم عليه؛ فقد جرو على عادة أسلافهم في إنكار الحق، وقبول
الباطل.
العزيز: القادر الذي لا يمكن معارضته في أمره، وهو مع ذلك
الرحيم بخلقه فما أحسن ما جمع بين هاتين الصفتين في الحث على طلب الخير
من جهة الموصوف بهما.

(1/236)


مسألة:
وإن سأل عن قوله سبحانه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (103) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (104) }
[الآيات من 69 إلى 104]
فقال ما وجه الشبه في عبادة الأصنام؟ وما العبادة؟ وما العكوف؟
ولم قيل هل يسمعونكم؟ وما الأقدم؟ ولم جاز:....
على التوحيد في موضع الجمع؟ وإلى ماذا يعود الضمير في: (فإنهم) ؟
وما وجه الدليل في {الَّذِي خَلَقَنِي} وما معنى {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي} هاهنا؟
وما الحكم؟ وما معنى {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ؟ ولم جاز {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} وهو متيقن لغفرانها؟
وما المغفرة؟ ولم جاز أن يدعوا لأبيه وهو كافر؟ وما الضلال؟ وما الخزي؟ وما القلب السليم؟ وما التبريز؟ وما الغاوي؟ وكيف صار التوبيخ يقع بصيغة الاستفهام؟ وما النصرة؟ وما معنى: كبكبوا؟ وما الاختصام؟ وما
اللام في {لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ؟ وما التسوية؟
وما معنى {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} ؟ وما الشافع؟ وما الصديق؟
وما الحميم؟ وما الكرَّة؟
ولم جاز أن يخبروا بأنهم يكونون من المؤمنين لو كان لهم كرة؟
الجواب:
وجه الشبهة في عبادة الأصنام من وجوه منها: توهمهم أنها
تقرب إلى الله زلفى؛ كتقبيل بساط الملك؛ للتقرب منه، ومنها
اتخاذ هياكل النجوم؛ لتحظى بتوجيه العبادة إلى هياكلها؛ كفعل
الهند في هذا الوقت، ومنها ارتباط عبادة الله بصورة يُرى منها،
ومنها توهم خاصية في عبادة الصنم؛ كالخاصية في حجر
المغناطيس، وأكثر العامة على تقليد الذين دخلت عليهم الشبهة.

(1/237)


العبادة: خضوع القلب.
العكوف: الإقامة على المداومة عليه
قيل {هل يسمعونكم إذ تدعون} لأنه محذوف، وتقديره هل يسمعون دعاءكم إذ تدعون.
وفي الآية بي ان أن الدين إنما يثبت بالحجة؛ لأنه لولا ذلك لم
يحاجهم إبراهيم - عليه السلام - هذا الحجاج.
الأقدم: الموجود قبل غيره.
والأقدم، والأسبق، والأول نظائر في اللغة
جاز: بأنهم عدو لي على التوحيد في موضع الجمع؛ لأنه في
موضع المصدر؛ كأنه قيل: فإنهم عدو لي عداوة لي فوقعت الصفة

(1/238)


موقع المصدر، كما يقع المصدر موقع الصفة، في: رجل عدل.
وأيضاً فإن كل واحد منهم عدو
الضمير في قوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي}
يعود إلى ما تقدم ذكره من عبادة الأصنام.
وجاء على تغليب ما يعقل، وإنما الأصنام كالعدو في
الضرر به من جهة عبادتها، ولذلك قيل: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}
؛ لأنه استثناء من جميع المعبودين
وجه الدليل في: {الَّذِي خَلَقَنِي}
أنه أمر يجل عن أن يكون إلا ممن خلق الإنسان؛ كأنه قيل من يهديك؟
ومن يسد خلتك؟ ومن يطعمك ويسقيك؟ ومن إذا مرضت فهو يشفيك؟ فقال: دالاً بالمعلوم على المجهول.
ومعنى {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي} أي: يرزقني، ويوصل إلى ما فيه صلاحي.
وعافية يومي، وحفظ صحتي.
الحكم: بيان عن الشيء على ما تدعوا إليه الحكمة
معنى {وألحقني بالصالحين} أي: ألطف بي بلطف كالذي
يؤدي إلى الاجتماع؛ مع النبيين في التواب، وصلاح العبد.
والاستقامة على أمر ما أمر الله به، ودعا إليه
وقيل {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}
ثناء حسناً فاليهود تقر بنبوته، وكذلك النصارى، وأكثر الأمم.

(1/239)


جاز {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}
وهو متيقن لغفرانها؛ لأنه خرج مخرج التلطف في ذكر ماهو كائن لا محالة؛ كما أنه إذا جاء بالعلم على المظاهرة في الحجاج، وذكر بالظن أي يكتفي في
هذه القوة في النفس، وكما دعا بما يعلم أنه سيفعله به من الإلحاق بالصالحين؛ لما فيه من الخضوع لله.
وقيل: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}
أي اجعل من ولدي من يقوم بالحق.
ويدعو إليه، وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون به
المغفرة: تغطية الذنب بتصييره بمنزلة ما لم يقع في الحكم برفع
التبعة عليه
جاز: أن يدعو لأبيه، وهو كافر؛ لأنه لا يعلم أنه يموت على
كفر {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) } .
الضلال: الذهاب عن الصواب إلى طريق الهلاك، ووصفه
بأنه ضلال ضال: يدل على أنه كافر كفر جهل؛ لا كفر عناد.
الخزي: فضيحة الذنب بالتعيير الذي يروع النفس.
خَزَى يَخْزَى خِزْياً

(1/240)


القلب السليم: الذي لا شرك فيه، ولا كفر.
وخص القلب بالسلامة؛ لأن سلامته سلامة الجوارح؛ لأن الفساد بجَارِحَة لا تكون إلا عن قصد بالقلب الفاسد.
وقيل: إنما دعا لأبيه لموعدة، وعده بها؛ لأنه كان يطمعه سراً
في الإيمان فوعده الاستغفار فلما تبين له أنه عن نفاق تبرأ منه.
قيل: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} قربت أي: ليدخلوها.
التبريز: تمكين الظهور بالخروج من الحجب.
الغاوي: العامل بما يوجب الخيبة من الخير
التوبيخ: يقع بصيغة الاستفهام؛ لأنه سؤال العبد عن باطله بما

(1/241)


لا يمكنه جواب إلا بما فيه فضيحة عليه؛ كقولهم: أينما كنتَ تعبد من دون الله؟ لا يخلصك من عذاب الله.
النصرة: المعونة من دفع البلية
معنى (كبكبوا) أي: كبوا؛ إلا أنه ضوعف؛ كما قيل: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) .
وقيل: جمعوا فطرح بعضهم على بعض عن ابن عباس.
وقيل: جنود إبليس متبعوه من ولده، ومن ولد آدم
الاختصام: منازعة كل واحد صاحبه؛ بما فيه إنكار عليه،
وإغلاظ له.
اختَصَمَا في الأمرِ اختصاماً وَتَخَاصَمَا تَخَاصُمًا.
اللام في: {لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
لام الابتداء التي تدخل في خبر إن.
التسوية: هاهنا شركة في العبادة، ومعناها إعطاء أحد الشيئين

(1/242)


مثل ما يعطي الآخر.
التسوية، والمعادلة، والموازنة نظائر في اللغة
معنى {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} أي: ما أضلنا بالدعاء إلى الضلال.
في الدين إلا المجرمون
الشافع: السائل من صاحبه للصفح عن جرمه، أو الرفع.
لمنزلته، والكافرون لا شافع لهم.
الصديق: الصاحب الذي يصدق المودة
وصدق المودة إخلاصها من شائب الفساد..
الحميم: القريب الذي يحمي الغضب صاحبه.
الكرة: الرجعة والعودة
جاز أن يخبروا بأنهم يكونون من المؤمنين لو كان لهم كرة؛
لأنهم أخبروا عن عزمهم إذا كان الله قد دل على أنهم.
{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) } .
ولا يجوز أن يكونوا مع رفع التكليف،

(1/243)


وتكميل العقول، ويجوز أن يكون ذلك قبل دخول النار
وقيل {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}
وقوم مذكر؛ لأنه بمعنى جماعة قوم نوح.
وقال الحسن: هم بتكذيبهم لنوح مكذبون لمن جاء بعده من
المرسلين، ولم يكن نبي مرسل قبله.

(1/244)


مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122) كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) } .
[الآيات من 106 إلى 141]
فقيل: لم قيل أخوهم وهم كفار؟ ، ولم جاء الإنكار بحرف
الاستفهام في ألا تتقون؟ ، وما الأمين؟ ، ولم كرر فاتقوا الله وأطيعون؟
، وما الطاعة؟ ، وما الاتباع؟ ، وما الرذل؟ ، ولم لا يقبل قول
الجماعة فيهم؟ وما الطرد؟ ، وما الانتهاء؟ ، وما الرجم؟ ، وما
معنى: إن قومي كذبون والله عالم بمعنى الخبر؟ ، وما معنى: فافتح
بيني وبينهم فتحاً؟ ، وما المشحون؟ ، ولم كرر: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} ؟ ،
ولم كرر {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} ؟ ، وكيف تركوا الإيمان مع حسنه إلى الكفر مع قبحه؟ ، وما الفرق بين صفة عزيز وقدير؟ ، ولم لا تصح صفة العزيز على التعريف والإطلاق إلا على الله؟ ، وهل يجب على الداعي أن يمتنع من أخذ الأجر على الدعاء إلى الله؟ ، وما الريع؟ ، وما المصانع؟ ، وما الجبار؟ ، وما الإنذار؟ ، وما الإنعام؟ ، وما العيون؟ ، وما العظيم؟ ، وما الوعظ؟ ، وما السواء؟ ، وما الاختلاف؟ ، ولم قيل أم لم تكن من الواعظين؟
ولم يقل لِمَ لَمْ تعظ للتقابل في التسمية؟
الجواب:
قيل: أخوهم، وهم كفار؛ لأن المعنى من هو منهم في النسب،
وذكر ذلك؛ لأنهم به آنس، وإلى جانبه أقرب فيما ينبغي أن يكونوا
عليه، وهم قد صرفوا عنه
جاء الإنكار بحرف الاستفهام في {ألا تتقون} ؛ لأنه لا جواب لهم عنه إلا بما فيه فضيحتهم؛ لأنهم إن قالوا لا نتقي ما يؤدينا
إلى الهلاك هتكوا أنفسهم، وإن قالوا بلى نتقيه: لزمهم أن يتركوا عبادة
غير ربهم.

(1/245)


الأمين: نقيض الخائن، وهو المختص بأن من شأنه أن يؤدي.
الأمانة
كرر {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}
لاختلاف المعنى فيه؛ إذ) تقديره: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)
لأني أسألكم أجراً عليه فتخافوا تلف أموالكم به.
الطاعة: موافقة الأمر.
الإتباع: طلب اللحاق بالأول
الرذل: الوضيع المحقر من القبيح) .
وذلك أنه قد يحقر ما ليس بقبيح في الفعل؛ كنحو سيلان اللعاب، وسلس الضراط.
الرذيلة: نقيض الفضيلة، وجمعها رذائل
لم يَقْبَل قول الجماعة فيهم؛ لأنهم كفار يعادونهم فلا تقبل شهادتهم
، ويجوز أن يكونوا لما آمنوا تابوا من قبيح ما عملوا؛ إذ الإيمان

(1/246)


يجب الخطايا ويوجب الإقلاع عنها.
الطرد: إبعاد الشيء على جهة التنفير..
{واتبعك الأرذلون}
نسبوهم إلى الصناعات الدنية من نحو: الحياكة.
والحجامة، وأنهم مع ذلك أهل نفاق ورياء.
الانتهاء: بلوغ الحد من غير مجاوزة إلى ما وقع عنه النهي
الرجم: الرمي بالحجارة، ولا يقال للرمي عن القوس رجم.
وقيل: المرجوم المشتوم؛ كأنه رمي بما يذم به
معنى: {إن قومي كذبون}
والله عالم بمعنى الخبر معناه العلة؛
كأنه قال {إن قومي كذبون} ؛ لأنهم كذبون إلا أنه على صيغة الخبر لا
على صيغة العلة، وإذا كان على معنى العلة حسن أن يأتي بما يعلمه.
المتكلم، والمخاطب.
معنى {فافتح بيني وبينهم فتحا}
أحكم بيننا بالفصل الذي فيه نجاتنا، وهلاك عدونا.

(1/247)


المشحون: المملوء بما يسد الخلل.
الفلك: السفن تكون للواحد، والجمع.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122) }
ليس بتكرير، وإنما ذكر آية في قصة نوح، وما كان من شأنه مع قومه بعد ذكر آية [مما كان في قصة إبراهيم] فلما كان في قصة موسى، وفرعون مما تقدم النبأ به بين أنه إنما ذكر؛ لما فيه من الآية [الباهرة]
وقوله بعد ذلك {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}
ليس بتكرير، وإنما المعنى: العزيز في الانتقام من فرعون وقومه، الرحيم في نجاته موسى ومن معه؛ من بني إسرائيل، ثم ذكر هنا بمعنى العزيز في إهلاكه قوم نوح بالغرق الذي طبق الأرض.
الرحيم في نجاته نوحاً، ومن معه في الفلك.
تركوا الإيمان مع حسنه إلى الكفر مع قبحه؛ للشبهة المزينة له

(1/248)


له من ثقل استقصاء الحجج، ولولا ذلك لكان تزيين الدليل للحق أوكد.
من تزيين الشبهة للباطل.
الفرق بين صفة عزيز وقدير؛ أن العزيز القدير الذي تتعذر
ممانعته؛ لعظم مقدوره، وصفة عزيز، وإن رجع إلى معنى قادر.
فمن هذا الوجه ترجع العزيز بالألف واللام على الإطلاق لا يليق إلا بالله؛ لأنها تنبئ عن معنى قادر لا يتهيأ لأحد أن يمنع عن الشيء الذي يقدر عليه وهو يقدر أن يمنع كل قادر سواه وذلك أنها صفة مبالغة في التعظيم جرت
على الإطلاق، والتعريف، والمبالغة فيها من ثلاثة أوجه: زنة فعيل في
الصفات، والإطلاق يقتضي الجريان في وجوه المقدور، والتعريف
يقتضي أنه لا يشاركه غيره في الصفة.
قال الحسن: هو أخوهم في النسب دون الدين
يجب على الداعي أن يمتنع من أخذ الأجر على الدعاء إلى الله؛
لئلا يكون في ذلك تنفير عن الحق الذي يدعو إليه، ولكن يجوز أن
يقبل الهدية ممن لا يكون في قبولها منه صفة.

(1/249)


البناء: وضع ساق على ساق إلى حيث انتهى.
ومن ذلك أخذ بناء الفرع على الأصل في القياس؛ لأنه مركب عليه على طريقه إذا صح الأول صح الثاني، والأول موضوع،
والثاني مبني، وهو قابل له.
الريع: الارتفاع من الأرض، والجمع أرياع وريعة..
وقال قتادة: بكل طريق.
وفيه لغتان: فتح الراء وكسرها..
وآية: علامة.
تعبثون: تلعبون عن ابن عباس.
المصانع: حصون مشيدة عن جهة الماء.
وقيل مآخذ الماء عن قتادة
الجبار: العالي على غيره بعظيم سلطانه، وهو في صفة الله

(1/250)


مدح، وفي صفة غيره ذم.
فإذا قيل للعبد جبار، فإنه بمعنى أنه يتكلف الجبرية.
وقيل البطش العسف قتلا بالسيف وضربا بالسوط عن ابن عباس.
وقيل: كانوا يبنون المكان المرتفع بالبناء العالي؛ ليدلوا بذلك
على أنفسهم، وزيادة قدرهم، وكانوا جاوزوا في اتخاذ المصانع إلى الإسراف فنهوا عن ذلك.
وقيل المصانع: المباني.
قوله {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} ليس بتكرير؛ لأنه منعقد بغير ما انعقد
الأول؛ إذ الأول بمعنى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}
في ترك تكذيب الرسل.
وأطيعون فيما أدعوكم إليه من إخلاص عبادته
وقيل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}
في ترك معاصيه في بطش الجبارين، وعمل اللاهين العابثين، وأطيعون فيما أدعوكم إليه من هذه الأمور.
الإمداد: اتباع الثاني ما قبله شيئاً بعد شيء على انتظام
وهؤلاء أُمدُّوا بالبنين، والأنعام، والعيون، والجنان؛ فأتاهم

(1/251)


رزقهم على إدرار واتساع.
والأنعام: الماشية
العيون: ينابيع الماء تجري من باطن الأرض، ثم تجري على ظاهرها
العظيم: المحتقِر بتصغير مقدار غيره عنه في شخصه، أو.
شأنه.
الوعظ: حث بما فيه تليين القلب؛ للانقياد إلى الحق.
والوعظ زجر عما لا يجوز فعله بالخير.
السواء: كون كل أحد الشيئين مساوياً للآخر في الصحة؛ أو
الفساد.
الاختلاق: افتعال الكذب على التقدير الذي يوهم الحق
وقيل {أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} لأنه أتم في الفائدة مع التقابل في المعنى، والتشاكل في رؤوس الآي؛ الذي هو الأولى؛ مع الأصل أنه لا ينوب عنهم معنى كما ينوب في القسمة
قرأ {خَلْقُ} بفتح الخاء وتسكين اللام ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي.
وقرأ الباقون بضم الخاء، واللام {خُلُقُ} .

(1/252)


فالأول: بمعنى اختلاق الأولين عن ابن مسعود.
والثاني: عادة الأولين؛ في أنهم كان يحيون، ويموتون.
قال بعضهم: المعنى في {خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} خلق أجسامهم.
التكذيب: الرد للخبر؛ بأنه كذب.
فتكذيب النبي كفر؛ لأنه جحد لنعمة الله في إرساله المرسل.
الأخ: الراجع معهم إلى أب واحد قريب من الأب الأدنى
الأجر: الجزاء على العمل بالخير آجرك الله أجراً أي جزاك
خيراً.
الأمين: المستودع الذي تؤمن منه الخيانة
فالرسول أمين، لأنه استودع الرسالة على أمن منه في الخيانة
الخيانة؛ لأنه يؤديها كما حملها من غير تغيير لها عن وجهها.

(1/253)


مسألة:
وإن سأل عن قوله سبحانه: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (175) كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) }
[الآيات من 146 إلى 227]
فقال: ما معنى الترك؟ ، وما الأمن؟ ، وما الزرع؟ ، وما
الفاره؟ ، وما الهضيم؟ ، وما الإسراف؟ ، وما الصلاح؟ ، وما
المسحر؟ ، وما الشرب؟ ، وما المس؟ ، وما السوء؟ ، وما أخذ
العذاب؟ ، وما العقر؟ ، ولم جاء الدعاء إلى التقوى على صورة
العرض؟ ، وهل وصفه بنفسه بأنه أمين على جهة المدح وإن كانت
دعوة الأنبياء فيما حكى الله عنهم على صيغة واحدة؟ ، ولم كنى عن
الفاحشة في حال التقريع بها في أتأتون الذكران من العالمين؟ ، وما
الزوجة؟ ، وما العادي؟ ، وما معنى {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ} ؟
ومن العالين؟ ، وما الغابرين؟ ، وما التدمير؟ ، وما الأجر؟ ، وما
الإمطار؟ ، وكيف كانت قصة امرأة ل وط؟ ، وكيف قرن الرحيم
بالعزيز؟ ، وما الصاحب؟ ، وما الأيكة؟ ، ولم قيل إذ قال لهم
شعيب ولم يقل أخوهم؟ ، ولم صارت الشبهة أغلب من الحجة حتى
كذب أكثر الأمم بالشبهة؟ ، وهل يدل توافي الرسل على الامتناع من
أخذ الأجر على الدعاء إلى الحق على أنه واجب؟ ، وما الوفاء؟ ،
وما المخسر؟ ، وما الوزن؟ ، وما القسطاس؟ ، وما الجبلة؟ ، وما الفرق بين البشر والإنسان؟ ، وما الظن؟ ، ولم جاز الكذب كذباً؟ ، وما معنى: قوله: {ربي أعلم بما تعملون} ؟ وما الظلة؟ ، ولم كرر: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} مرات كثيرة؟ ، وما وجه التشريف بأنه {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} ؟ ، وما الروح الأمين؟ ، وما الزبر؟ ، وما في علم بني إسرائيل
به من الدليل على حجة أمره؟ ، وما معنى: كذلك سلكناهُ في قلوب
المجرمين؟ ، وكيف قيل من علماء بني إسرائيل؟ ، وما معنى: ولو
نزلناه على بعض الأعجمين؟ ، وما معنى: يروا العذاب؟ ،
وما البغتة؟ ، وما الفرق بين الشعور والإدراك؟ ، وما الإيعاد؟ ، وما الإغناء
عن الشيء؟ ، وما الإمتاع؟ ، وما الهلاك؟ ، وما الذكرى؟ ، وما
معنى ينبغي لك كذا؟ ، وما الاستطاعة؟ ، وما العزل؟ ، ولم خص

(1/254)


في الذكر إنذار عشيرته الأقربين؟ ، وما العصيان؟ ، وما البراءة؟ ،
وما العمل؟ ، وما التوكل؟ ، وما معنى {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} ؟ ،
وما الفرق بين الإنباء والإخبار؟ ، ولم صار الأغلب على الشعراء الغي باتباع الهوى؟ ، وما معنى: ألم تر أنهم في كل واد يهيمون؟ .
الجواب:
التكذيب: الرد للخبر؛ بأنه كذب
وتكذيب النبي كفر، لأنه جحد لنعمة الله في إرساله.
والأصل في الأخ الرجوع إلى الولد الأدنى من أب وأم.
والمرسل: المبعوث بأداء الرسالة.
الأمين: المستودع الذي يؤديها كما تجب من غير خيانة.
[الجواب] :.
الترك: فعل ضد المتروك، وهو نقيض الأخذ.
الأمن: سكون النفس إلى السلامة، وتارة يكون ذلك بعلم بها.
وتارة يكون بغالب الظن.
الزرع: نبات الحب الذي يبذر في الأرض.

(1/255)


الفاره: الناقذ في الصنعة؛ كقولك حاذق
الهضيم: اللطيف في جسمه، ومنه هضيم الحشا أي: لطيف
الحشا، ومنه هضم الطعام؛ إذا لطف واستحال إلى شكله.
وقيل (هضيم) أي أينع وبلغ.
وقيل رطب لين. عن عكرمة.
وقيل: (فرهين) أشرين بطرين عن ابن عباس.
وقيل كيسين.
عن الضحاك.
وقيل الفره المرح.
وقيل الفره القوي.
وقيل: فاره، وفره بمعنى واحد؛ كما يقال حاذق، وحذق.
وقيل: الهضيم الضامر بدخول بعضه في بعض.

(1/256)


قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو.
(فَرِهِينَ) .
وقرأ الباقون (فَارِهِينَ) .
الإسراف: مجاوزة الحد بالبعد عن الحق.
أسرف إسرافاً، وهو مسرف، ونقيضه التقصير، وكلاهما صفتا ذم، وإنما الصواب في العدل..
الصلاح: الاستقامة
المسحر: الذي قد سحر مرة بعد أخرى حتى يختل عقله،
ويضطرب رأيه.
والسحر حيلة توهم قلب الحقيقة.
المثل: المختص؛ بأنه سد مسد غيره لو شوهد بدلاً منه
وأما النظير فهو المختص بمعنى يقربه من غيره حتى لو شوهد
عليه لقام مقامه.
الشرب: الحظ من الماء، والشرب هو التجرع

(1/257)


وقيل: عنى بالمسرفين تسعة رهط من ثمود كانوا يفسدون في الأرض، ولا يصلحون.
وقيل: من المسحرين: أي من المخلوقين عن ابن عباس.
كأنه يذهب إلى أنه يخترع إلى أمر يخفى كخفاء السحر، وقيل: ممن له
سحر منهم.
قوله انتفخ سحره ومعناه المعلل بالطعام والشراب.
الشرب، والشرب، والشرب كلها مصادر.
وكانوا سألوا أن يخرج لهم من الجبل ناقة عشراء؛ فأخرجها الله
حاملاً كما سألوا، ووضعت بعد فصيلاً، وكانت عظيم الخلق جداً.
المس: التقاء الشيئين من غير فصل.

(1/258)


السوء: الضر الذي يشعر به صاحبه؛ لأنه يسوؤه وقوعه به.
أخذ العذاب: تناوله لصاحبه بحلوله به؛ كقولهم أخذه النعاس،
وأخذه الصداع العقر: قطع شيء من بدن الحي مما ينتقص به شيء من بنيته،
وقد يكون مما لا تقع معه الحياة.
وقيل: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} في انتقامه
{الرَّحِيمُ} بمن آمن به من خلقه.
وقيل: عقروها؛ لأنها كانت تضيق المرعى على مواشيهم.
وقيل: تضيق المياه عليهم.
وقيل: لما عقروها رأوا آيات العذاب فندموا، ولم يتوبوا منعقرهم، وطلبوا صالحاً ليقتلوه، فنجاه الله ومن معه من المؤمنين.

(1/259)


ثم جاءتهم الصيحة بالعذاب فوقع بجميعهم الإهلاك
الدعاء على التقوى جاء على صيغة العرض للتلطف من
الاستدعاء؛ كما تقول ألا تنزل تأكل.
وأما طلب الأجر من المدعو إلى الحق فمما نهينا عنه
وقيل: إيهام إلى الدعاء إنما وقع للتكسب، والتأكل.
كانت دعوة الأنبياء فيما حكى الله عنهم على صيغة واحدة؛
للإشعار بأن الحق الذين يدعون إليه واحد من اتقاء الله تعالى في
إخلاص عبادته، والتعريف لأمانة النبي على وحي الله، وامتناع أخذ الأجر على الدعاء إلى الله تعالى.
كنى عن الفاحشة بقوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ}
؛ لأنه يكفي في تفحيشها الكناية عنها، وفي قولك على هذا الوجه تغليظ لأمرها مع (التنفير) .
عن الإفصاح بذكرها.
العادي: الخارج عن الحق ببعد عنه.
{رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ}
أي من عاقبة ما يعملون فنجاه، وأهله من

(1/260)


العذاب الواقع بهم، ويجوز أن يكون دعا بالنجاة من نفس عملهم،
وتكون النجاة من العذاب الذي نزل بهم تبعاً له.
القالي: المبغض.
وقيل: أهله أمته المؤمنون به.
وقيل بناته.
الغابر: الباقي في قلة؛ كالتراب الذي يذهب بالكنس، ويبقى
غباره، وغُبَّرُ الحيض بقيته..
التدمير: الإهلاك بأهول الأمور.
الأجر: أي أخذ الشيء
الامطار: الإتيان بالقطر العام من السماء، ثم يشبه به إمطار الحجارة.
والإهلاك بالإمطار من عقاب إتيان الذكران من العالمين

(1/261)


وقيل: العجوز امرأة لوط، وكانت تدل أهل الفساد على الأضياف.
وقيل {فِي الْغَابِرِينَ}
الباقين فيمن هلك من قوم لوط.
وقيل: بل هلكت فيما بعد مع من خرج من القرية بما أمطر عليهم
من الحجارة، وقيل: أهلكوا بالخسف، وقيل: بالائتفاك، ثم أمطر
على من كان غائباً منهم عن القرية حجارة من السماء.
الصاحب: الكائن مع الشيء في غالب أمره
فإذا قيل صحبك الله فالمعنى أنه كان معك بنصرته..
الأيكة: الغيضة ذات الشجر الملتف والجمع أيك.
وأصحاب الأيكة هم أهل مدين عن ابن عباس.
ولم يقل في شعيب إنه أخوهم؛ لأنه لم يكن منهم في النسب، وما
نبي من الأنبياء الذين ذكروا قبله إلا كانوا إخوة قومهم في النسب إلا

(1/262)


موسى؛ فإنه لم يكن من القبط وإنما صارت الشبهة أغلب من الحجة حتى كذب أكثر الأمم بالشبهة؛ لأجل المشقة في النظر حتى تظهر الحجة، وليس كذلك الشبهة؛ لأنها ليس فيها كبير كلفة إذ كانت تسبق إلى النفس بغالب
أحوال الناس؛ لأن المعرفة بالله معرفة بما لا يشاهد، ولا يتصور،
ولا له مثل، وإنما يجب العلم به بإنعام النظر في الدليل عليه
قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر {لَيْكَةَ} على اسم المدينة لا ينصرف.
وقرأ الباقون {الأَيْكَةِ} .
الوفاء: إعطاء الواجب على المقدار من غير نقصان، وذلك
في الكيل، والوزن، والذرع، والعدد.
أوفى يوفي إيفاء ووفاء..
المخسر: المعرض للخسران في رأس المال بالنقصان.
الوزن: وضع الشيء بإزاء المعيار ما به تظهر منزلته في ثقل
المقدار، وذلك أنه لا يخلوا من أن يكون أثقل، أو أخف، أو يكون

(1/263)


مساوياً.
القسطاس: العدل في التقويم على المقدار.
ونظيره في الزنة قرطاط، وجمعه قراطيط
الجبلة: الخلقة التي خل ق عليها الشيء، ويقولون جِبِل،
ويسقطون الهاء فيخففون..
[ومنه {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} .
القسطاس [هو القبان] عن الحسن.
وقيل القسطاس: الميزان.
من المسحرين [أي] : من المسحورين عن الحسن.
وقيل: ذو السحر أي ذو الجوف الذي يجري فيه الطعام والشراب.
الفرق بين البشر والإنسان: أن الإنسان من الإنس فوزنه فعليان

(1/264)


على إنسِيَان إلا أنه حذف منه الياء ولما صغر رد إلى الأصل فقيل: أنسيان..
والبشر من البشرة الظاهرة وحدهما واحد.
الكذب: كان كذباً؛ لأن مخبره على خلاف خبره.
{ربي أعلم بما تعملون}
أي: أنه كان في معلومه إن بقاكم، وتبتم لم يقتطعكم بالعذاب كما أخبر به.
وكسفا: قطعاً عن ابن عباس
الظلة: سحابة رفعت لهم فلما خرجوا إليها؛ طلباً لبردها من شدة
حر أَظلهم؛ أمطرت عليهم ناراً فأحرقتهم.
وهؤلاء أصحاب الأيكة وهم أهل مدين عن قتادة.
قال: أرسل شعيب إلى أمتين
كرر: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} مرات كثيرة؛ للبيان عن أنه في
جميع العقاب الذي أنزله بمن تقدم من أهل الضلال؛ إنما كان على
أنه العزيز في انتقامه ممن أصر على الكفر به.
الرحيم: في إسباغ نعمه على من آمن به يمكن هذا المعنى في

(1/265)


النفوس بأتم ما يمكن مثله.
وجه التشريف بأنه تنزيل من رب العالمين؛ فإنما هو لتعظيم
شأنه؛ فإن كان خيراً فهو عظيم الشأن في الخير وإن كان شراً فهو
عظيم الشأن في الشر.
الروح الأمين: جبريل.
وصف بأنه روح من ثلاثة أوجه:
أنه تحيا به الأرواح بما ينزل من البركات.
الثاني: أن جسمه رقيق روحاني..
الثالث: أن الحياة أغلب عليه؛ فكأنه روح كله.
الهاء في {وإنه} تعود على القرآن عن قتادة.
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}
جبريل عن ابن عباس والحسن وقتادة.
قرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر
{نَزَّلَ بِهِ الرُّوحَ الأمِينَ} .
مشددة الزاي منصوب {الروحَ الأمينَ} .
قرأ الباقون {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} رفعا.

(1/266)


الزبر: الكتب واحدها زبور
وفي علم [علماء] بني إسرائيل به دليل على صحة أمره - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن مجيئه على ما تقدمت البشارة بجميع أوصافه لا يكون إلا من
علام الغيوب
معنى {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}
أي: أمررناه في قلوبهم بإخطاره ببالهم لتقوم الحجة عليهم، ولله لطف يوصل به معنى الدليل إلى القلب فمن فكر فيه أدرك الحق به، ومن أعرض عنه كان كمن عرف الحق.
وترك العمل به في لزوم الحجة له.
وتأويله عندنا أنا خلقنا ذلك في قلوبهم
وقيل: من علماء بني إسرائيل عبد الله بن سلام. عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
معنى: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ}
قيل: على أعجم من البهائم ما آمنوا به.

(1/267)


ونقيض الأعجم الفصيح.
والأعجم الذي يمتنع لسانه من العربية، والعجمي نقيض العربي، وإذا قيل أعجمي؛ فإنه منسوب إلى أنه من الأعجمين الذي لا يفصحون.
وقيل: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ}
الهاء ترج إلى الكفر عن الحسن وابن جريج وابن زيد.
وقيل: إن الهاء ترجع إلى القرآن؛ لأنه لم يجر للكفر ذكر.
{وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ}
أي: ذكر القرآن على جهة البشارة به لا أن الله
عز وجل أنزله على غير محمد.
وقيل: (لو نزلناه) على رجل أعجم اللسان ما آمنوا به،
ولتكبروا عليه؛ لأنه من غيرهم.

(1/268)


نزول العذاب نزول أسبابه نيران تتأجج لا يردهم عنها شيء
البغتة: لحاق الأمر العظيم الشأن من غير توقع بتقديم الأسباب،
ومعناها معنى الفجأة.
الشعور: إدراك المعنى بما يلطف.
والإدراك ظهور الشيء للنفس.
الإيعاد: الاختبار بالعذاب على سيء الأعمال.
الإغناء: عن الشيء صرف المكروه عنه بما يكفي من غيره..
الإمتاع: إحضار النفس ما فيه اللذة بإدراك الحاسة
أمتعه بالرياحين، والطيب، وأمتعه بالمال والبنين، والحديث
الطريف.
الإهلاك: إذهاب الشيء بحيث لا يقع عليه إحساس.
الذكرى: إظهار المعنى للنفس.

(1/269)


وتقديره ذاك ذكرى
أي: ما قصصناه من إنزال العذاب بالأمم الخالية.
{ذكرى} لعلكم تتعظون بها ثم بين أنه عدل فهو أشد في الزجر
وقيل {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}
من الآثام واكتسابهم من الإجرام
وموضع {ذِكْرَى}
يص لح فيه النصب بالإنذار ويصلح الرفع
بالاستئناف على ذلك {ذِكْرَى} .
معنى: ينبغي لك كذا أي يطلب منك فعله.
الاستطاعة: القوة.

(1/270)


وقيل: هي القوة التي تنطاع بها الجارحة للفعل، وليس في القدرة
تضمين جارحة، ولذلك جازت في صفة الله دون الاستطاعة، ولا غيره
عندنا بذلك وإنما لم يصفه بأنه مستطيع؛ لأنه لم يرد به توقيف منه.
العزل: تنحية الشيء عن الموضع إلى خلافه، وهو إزالته عن
أمر إلى نقيضه.
فإن قال: ولم {وما يستطيعون} ؟
قيل: لحراسة المعجزة عن أن يموه بها المبطل، وذلك أن الله أراد أن يدل بها على صدق الصادق؛ فأخلصها بمثل هذه الحراسة حتى تصح الدلالة بها
خص في الذكر إنذار عشيرته الأقربين حتى يبدأ بهم، ثم الذين
يلونهم؛ كما قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} .
لأن هذا هو الذي يقتضيه حسن الترتيب منه، ويجوز أن يكون
أنذرهم بالإيضاح عن قبح ما هم عليه، وعظيم ما يؤدي إليه من غير
تليين بالقول يقتضي تسهيل الأمر بما تدعوا إليه مقاربة العشيرة.
وقيل: عن استراق السمع من السماء.
وقيل: سمع القرآن عن قتادة.

(1/271)


وقيل {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}
أي عرفهم أنك لا تغني عنهم من الله شيئاً إن عصوه
وقيل: إنما خص عشيرته الأقربين؛ لأنه يمكنه أن يجمعهم، ثم ينذرهم.
{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}
أي لن لهم.
العصيان: مخالفة الأمر.
البراءة: المباعدة من المضرة عليه.
العمل: وجود الشيء بقادر عليه.
التوكل: تفويض الأمر إلى مدبره.
لا يجوز أن يكون يراك هاهنا بمعنى: يعلمك؛ لأن رأيت الذي

(1/272)


بمعنى العلم يقتضي مفعولين، فدل على أنه من رؤية البصر لا من
رؤية القلب مع أن الأظهر فيه إذا أطلق أن يكون من رؤية العين فإذا
وصف به الله تعالى فهو بمعنى المدرك.
قيل: فإن عصاك الأقربون فقل: {إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}
من عبادة الأصنام، ومعصية بارئ الأنام.
وقيل {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}
أي تصرفك في المصلين بالركوع.
والسجود، والقيام، والقعود عن ابن عباس، وقتادة.
وقيل {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} السميع لما تتلوا في صلاتك.
العليم بما تضمر فيها
وقيل {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}
ليكفيك كيد أعدائك الذين عصوك

(1/273)


فيما أمرتهم به.
الفرق بين الإنباء والإخبار: أن الإنباء الإخبار بِما فيه عظيم
الشأن، ومنه لهذا الأمر نبأ، ومنه أخذت صفة النبي؛ لقطع شأن ما يأتي به من الوحي عن الله.
الأفاك: الكثير الإفك.
والإفك: الكذب.
الأثيم: مرتكب الإثم
صار الأغلب على الشعراء الغي باتباع الهوى؛ لأن الذي يثير
الشعر في الأكثر العشق، ولهذا يصدر بالتشبيب؛ مع أن الشاعر
يمدح للصلة، ويهجوا على حمية الجاهلية؛ فيدعوه ذلك إلى الكذب،
ووصف الإنسان بما لا يكون فيه من الفضائل، أو الرذائل؛ حتى قال
في وصفهم إنه كالهائم على وجهه في كل واد يعرض له، وليس ذلك من صفة

(1/274)


من غلبته السكينة والوقار، ومن هو موصوف بالحلم والعقل.
الأفاك: الكذاب عن مجاهد
وقال: (يلقون السمع)
بما يسمعون باستراق السمع إلى كل أفاك.
عن مجاهد.
وقيل {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}
في كل لغو يخوضون يمدحون، ويذمون يعنون الأباطيل. عن ابن عباس.
وقيل: يصغون إلى ما يلقيه الشيطان إليهم على وجه جهة الوسوسة بما يدعوهم إليهم من الكفر والضلال.
قال الحسن: هم الذين يسترقون السمع ينزلون على الكهنة.
وقال: إنما يأخذون أخباراً عن الوحي.
{يُلْقُونَ السَّمْعَ}
أي سمع الوحي.

(1/275)


صفحة فارغة

(1/276)