تفسير ابن فورك سورة إذا الشمس كورت
مسألة: إن سئل عن قوله سبحانه {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
(1) }
إلى آخرها فقال:
ما التكوير؟ وما النجم؟ وما الانكدار؟ وما العشار؟
وما الموؤدة؟ ولم سئلت الموؤدة بأي ذنب قتلت؟ وما الكشط؟
وما التسيير؟ وما الإزلاف؟ وما النشر؟ وما الخنّس؟ وما
الجواري؟ وما الكنّس؟ وما التنفس؟ وما المجنون؟ وما الأفق؟ وما
الأمين؟
. وما الذكر؟
الجواب:
(3/156)
التكّوير: تلفيف على جهة الاستدارة، ومنه
كورة العمامة، ومنه الكّارة
فالشّمس تكور بأن يجمع نورها حتى يصير كالكارة الملقاة فيذهب
ضوئها ويجدد الله للعباد ضياءاً غيرها.
النّجم: الشخص الطالع على صورة الذّرة في السّماء، وجمعه نجوم
الانكدار: انقلاب الشيء حتى يصير الأعلى لأسفل بما لو كان ماء
لتكدر، وقيل: أصل الانكدار الانصباب.
وقيل: انكدرت تناثرت. عن مجاهد والرّبيع بن خُثَيم.
العشار: النوق التي أتى عليها عشرة أشهر من حملها واحدها
عُشَرَاء.
وكانوا يتنافسون فيها وقد أهملت.
{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}
أي: تغيّرت الأمور حتى صارت الوحوش التي تشرد تجتمع مع النّاس.
{وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}
ذهب نورها. عن ابن عباس وأبي ابن كعب.
وقيل وقال الربيع بن خثيم: رمى بها.
وقيل: تسيّر الجبال: تصييرها هباءاً وسراباً.
(3/157)
وقيل {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}
ماتت حشرها موتها. عن ابن عباس.
معنى: سجرت: ملئت ناراً كما تسجّر التنّور.
الموؤودة: المقتولة بدفنها حية، وكانت العرب تئد البنات خوف
الإملاق، يقال: وأدها يأدها وأداً، وهي موؤدةٌ أي: مدفونة حية.
سئلت {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}
وذلك سؤال توبيخ لقاتلها، وهو أبلغ من سؤاله لأن هذا مما لا
يصلح إلاّ بذنب بأي ذنب كان فإذا ظهر أنه لا ذنب لها رجع الأمر
إلى قاتلها.
النشر: بسط المطوي.
وقيل: سجرت أوقدت فصارت ناراً. عن ابن عباس.
وقيل: ملئت حتى فاضت على الأرضيين فنسفها حتى تكون لجج البحار
ورؤوس الجبال بمنزلة واحدة عن الحسن والضحّاك.
(3/158)
{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}
قَرْنُ كل إنسان بشكله من أهل الجنّة أو أهل النّار عن عمر بن
الخطّاب، وابن عباس.
وقيل: زوّجت رُدّت الأرواح إلى الأجساد. عن عكرمة والشعبي.
وقيل: سألت قتلتها بأي ذنب قتلت، فالكناية عنها أظهر
وقيل: زوّجت أي: يُقْرَنُ الغاوي عن إغوائه من شيطان أو إنسان
وقيل: سجرت جعل ماؤها شراباً يعذب به أهل النّار.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {سُجِرَت} . خفيفة.
وقرأ الباقون {سُجِّرَتْ} مشددة.
وقرأ {نُشّرَت} مشددة.
(3/159)
الكشط: القلع عن شدة الفراق كَشَطَ جلدة
الرأس يكشطها كشطاً إذا قلعها، فقلع السّماء عن مكانها على شدة
وثاقاها في اعتمادها كقلع جلدة الرأس عن مكانها.
التسعير: تهييج النّار حتى تتأجج.
الإزلاف: إدناء ما تحب، ومنه الزلفة القربة مما تحب.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}
أي: عند ظهور الجزاء عليه، وقد كان غافلاً عنه.
وهو كقوله عز وجل {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}
الخنّس: جمع خانس، وهو الغائب على طلوع، خُنِست الوحشية في
الكنّاس، إذا غابت فيه بعد طلوع.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} جواب {فَلَا أُقْسِمُ
بِالْخُنَّسِ} وما بعده.
وقيل: الخنّس: النجوم. عن علي والحسن.
(3/160)
وقيل: تخنس بالنّهار وتبدوا بالّليل.
قيل: تخنس في مغيبها بعد طلوعها.
وقيل: هي بقر الوحش. عن ابن مسعود وإبراهيم.
وقيل: هي الظباء. عن ابن عباس وسعيد بن جبير.
وقيل {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ}
قُرّبت من أهلها يوم القيامة.
وقيل: القسم بالنّجوم الخمسة بهرام وزحل والمشتري وعطارد
والزهرة.
قرأ {سُعِّرَتْ} مشددة نافع وابن عامر وحفص عن عاصم.
وقرأ الباقون {سُعِرَتْ} خفيفة.
(3/161)
الجواري: النّجوم التي تجري في مسيرها ثم
تغيب في مغاربها على ما دبّر الله فيها.
الكنّس: جمع كانس، وهي الغيب في مثل الكنّاس، وهو كنّاس
الوحشية، وهو بيت تتخذه من الشجرة تختفي فيه.
معنى {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}
قيل: أدبر بظلامه عن عليٍّ وابن عباس.
وقيل: أقبل بظلامه عن الحسن ومجاهد.
وقيل {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}
دنى من أوله وأظلم، والعسّ: طلب الشّيء بالّليل.
التنفس: امتداد هواء الجوف بالخروج من الفم والأنف يقال: تنفّس
الصعداء. تنفس الصّبح امتد ضوءه وتنفّس النّهار إذا امتد
بطوله.
قال الحسن {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} أظلم.
{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}
إذا أسفر.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}
جبريل. عن الحسن وقتادة.
ويجوز أن يعني به محمد - صلى الله عليه وسلم - أتى به من عند
الله.
و {ذي قوة} على أمر الله.
(3/162)
وقيل: ذي قوة في نفسه فمن قوته قَلبه قريات
لوط بقوام جناحه عليهما السّلام.
الأمين: الحقيق بأن يؤتمن من حيث لا يكذب، ولا يجور ويعمل
بالحق
في الأمور، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -
قبل المبعث يدعى الأمين المطاع إن من إطاعة أهل الحق كان فيه
إجلالاً من وجهين:
أحدهما: أنهم أطاعوه لأنه هداهم إلى الرّشد.
والآخر: أن الآمر أجل من المأمور وأيضاً فإنه يرجى ويتقى لكثرة
المطيعين.
المجنون: المغطى على عقله حتى لا يدرك الأمور على ما هي به
للآفة الغامرة له.
الأفق: ناحية من السّماء يقال: هو كالنجم في الأفق، وفلان ينظر
في أفق السّماء.
معنى {بِظَنِينٍ}
بمتهم أي: ليس ممن ينبغي أن تظن به الرّيبة لأن أحواله ناطقة
بالصدّق.
ومن قرأ {بِضَنِينٍ} بالضاد فالمعنى ما هو على الغيب ببخيل.
(3/163)
وقيل: مطاع ثَمَّ أمين: على وحي الله.
وقيل: الأفق المبين من حيث تطلع الشّمس ويجيء النّهار.
عن الحسن وقتادة.
رجيم رجمه الله باللعنة. عن الحسن.
وقيل: رُجِم بالشهب طُرِد من السّماء
قرأ {بِظَنِينٍ} ابن كثير وأبو عمرو والكسائي، وقرأ الباقون
{بِضَنِينٍ}
بالضاد.
معنى {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}
عن الحق الذي قد ظهر أمره وبدت أعلامه إلى الضّلال
الذي فيه البوار والهلاك، وهو استبطاءاً لهم في القعود عن
اتباع النَّبي - صلى الله عليه وسلم - والعمل بما يوجبه
القرآن.
معنى {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ
الْعَالَمِينَ}
مشيئته على قدرته وأنّه لا تجري الأمور في ملكه إلا على حسب
مشيئته، فمن شاء الخير فقد شاء إلاّ أن يشاءه، ومن شاء الشر
فقد شاء أن يشاءه، وعموم ذلك يقتضي دخول الخير والشر.
(3/164)
{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}
قيل: فأي طريق تسلكون أبين من الطريق الذي بينه الله لكم.
(3/165)
سورة الانفطار
مسألة: إن سئل عن قوله سبحانه {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ
(1) }
إلى آخرها فقال: ما الانفطار؟ وما الانتثار؟ وما التفّجير؟ وما
الغرور؟
وما الكريم؟ وما التسوية؟ وما الصورة؟
وبأي شيء يعلم الملك ما يفعله الإنسان في قلبه؟ وما الأبرار؟
ولم سمي الإسلام ديناً؟ ولم عظّم يوم الدّين بطريق الاستفهام
عمّا وقع به الإعلام؟.
وبأي شيء عظّم يوم الدّين؟
ولم قيل {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} والأمر في كل وقت؟.
الجواب: الانفطار: انقطاع الشيء من الجهات.
الانتثار: تساقط الشيء من الجهات.
التفّجير: خرق بعض مواضع الماء إلى بعض على التكثير.
(3/166)
معنى {بُعْثِرَتْ}
بحثرت إذا جعل أسفله أعلاه، وقلب باطنه إلى ظاهره.
وقيل: بعثرت بحثت. عن ابن عباس.
معنى {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) }
ما أخذت وتركت مما يستحق به الجزاء.
وقيل: كلّما يستحق به الجزاء ما كان في أوله أو آخره
وقيل: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}
فُجّر عذبها في مالحها ومالحها في عذبها. عن قتادة.
وقيل: ما قدمت من عملها، وما أخرّت من سنة سنتها.
وقيل: ما قدمت من طاعة أو تركت. عن ابن عباس.
وقيل: ما قدمت وأخرت من إحسان أو إساءة
إذا قرئ كتابه وجوزي بعمله.
الغرور: ظهور أمر يتوهّم به جهلاً الأمان من المحذور.
الكريم: القادر على التكّرم من غير مانع.
التسوية: جعل الشيء على مقدار غيره.
الصورة: البنية التي تميل بالتأليف إلى مماثلة الحكاية، وهي من
صاره
يَصَوره صوراً إذا أماله، ومنه {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} أي:
أملهن إليك.
وقيل: غر الشيطان غروراً. عن قتادة.
وقيل: غره بجهله الوجه في طول الإمهال.
(3/167)
وقيل {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ
رَكَّبَكَ}
من شبه أب أو أم أو خال أو عم. عن مجاهد.
وقيل {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}
بالجزاء والحساب عن مجاهد وقتادة.
وقيل {فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ}
من ذكر وأنثى مستحسن الصورة أو مستقبحاً في الصورة طويلاً أو
قصيراً جسيماً أو نحيفاً.
وقيل {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} الذي جاء به محمد - صلى
الله عليه وسلم - وهو الإسلام.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي {فَعَدَلَكَ} خفيفة.
وقرأ الباقون {فَعَدَّلَكَ} مشددة.
(3/168)
المَلَكُ يعلم ما يفعل الإنسان في قلبه منه
ما يفعله بالاضطرار كما يعلم أنه
يقصد إلى كلامنا وأمرنا ونهينا وإخبارنا ومنه ما يعلمه
بالاستدلال إذا رآه، وقد ظهر منه الأمور التي لا تكون إلاّ عن
علم وقصد نحو التحرّي في الوزن والكيل ورد الوديعة وقضاء
الدين.
الأبرار: عُمّال الإحسان الذين يكونون به محسنين.
الفجّار: عُمّال الإساءة التي يكونون بها مسيئين.
سمي الإسلام ديناً لأنه يستحق الجزاء
معنى {يَصْلَوْنَهَا}
يلزمونها بكونهم فيها.
قال الحسن {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}
من الظاهر دون الباطن.
وقيل: هو على الكل والله تعالى يعلمهم ذلك.
عظّم أمر يوم الدّين بطريق الاستفهام لأنه نبّه عليه بطريق
الطلب له الذي
يوجد معه وتحضر النفس فكان ذلك أبلغ من طريق الخبر عنه.
عظّم أمر يوم الدين بشدة الحاجة إلى نعيم الجنّة الذي فيه لأهل
الطّاعة النجاة من أهل المعصية الذي أعلمنا بيوم الدين.
الدليل المؤدي إلى العلم بالحق في صفته وما يكون فيه من قوم
يؤمر بهم
إلى الجنة، ومن قوم يؤمر بهم إلى النّار.
(3/169)
وقيل {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}
لأنه في ذلك اليوم لم يُمَلّك الله فيه أحداً شيئاً، كما
ملّكهم في دار الدّنيا، ووجه آخر وهو أنه لا يملك في ذلك اليوم
أن يجازي أحداً إلا بالحق بأمر الله.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {يَوْمُ لَا تَمْلِكُ} برفع الميم.
وقرأ الباقون {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ} بالنصب.
(3/170)
سورة ويل للمطففين
مسألة: إن سئل عن قوله سبحانه {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
(1) }
إلى آخرها فقال:
ما التطفيف؟ وما الاكتيال؟ وما الاستيفاء؟ ولم ذكر في الذّم
{إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}
ولم جاز {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} وإنّما يكال
الطّعام ويوزن المتاع والأثمان؟ وما القيام؟ وما سجّين؟ وما
معنى: جعل الفجّار في سجين؟ وما الرقم؟ وما أصل وما المتعدي؟
وما الأثيم؟ وما الشهادة؟ وما التنافس؟
وما الأرائك؟ وما الرّحيق؟ وما الفاكهة؟ وما التسنيم؟
وما وجه ضحك أهل الجنّة من أهل النّار؟ ولم قيل {ثُوِّبَ
الْكُفَّارُ} ؟ .
(3/171)
الجواب: التطّفيف: تنقيص يجور به صاحبه من
كيل أو وزن.
الاكتيال: الأمر بالكيل ونظيره الاتزان، وهو الأخذ بالوزن.
الاستيفاء: الأخذ بالوفاء، وهو طلب الوفاء، والوفاء تمام مقدار
الحق
ذكر {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} في الذّم
ليبين منزلتهم في تعدّي الحق.
جاز {كَالُوهُمْ} لأنه محذوف من كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذف
لما دلّ الكلام عليه للإيجاز.
المطفف: المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن.
وعن ابن عباس قال: كان أهل المدينة من أخبث النّاس كيلاً إلى
أن أنزل الله - عز وجل - {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) }
فاجتنبوا الكيل، يقال: اكتالوا عليهم واكتالوا بينهم
فالأول: أخذوا ما عليهم، والثّاني: استوفوا منهم.
سجّين: السجّين على التخليد، وهو فعيل من سجنته أسجنه سجناً،
وفيه مبالغة كما تقول شِرّيب من الشرب وسكير من السكر.
(3/172)
معنى جعل كتاب الفجّار في سجّين أي: تخليده
فيه يقوم مقام إقامة التقريع به، وإنّ عقابهم لا يفنى ولا يبيد
كما لا يفنى كتاب سيئاتهم.
الرقم: طبع الخط بما فيه علامةٌ لأمر.
أصل {كَلَّا}
فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون كلمة واحدة من غير تركيب وضعت للردع والزّجر.
وجرت مجرى الأصوات من نحو صَهْ ومَهْ.
والآخر: أن تكون كاف التشبيه دخلت على (لا) وشددت للمبالغة في
الزجر مع الأبدان بتركيب اللفظ.
و {يوم يقوم} يحتمل ثلاثة أوجه:
النصب على ذالك اليوم ويصلح مبعوثون
يوم يقوم.
والرفع على الاستئناف، والجر على البدل من {ليوم عظيم}
وقيل: يقومون مقدار ثلاثمائة سنة، وتقصر على المؤمن حتى تكون
كإحدى صلواته المكتوبة. عن قتادة.
وقيل: إن أحدهم ليغيب في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
في حديث مرفوع.
(3/173)
وقيل: في سجين: في الأرض السابعة السّفلى.
عن ابن عباس.
وقيل: سجّين: جب في جهنّم.
وقيل: سجّين صخرة في الأرض السابعة السّفلى.
عن مجاهد.
وقيل: سجّين بمعنى شديد.
المعتدي: المتجاوز الحق إلى الباطل.
الأثيم: مكتسب القبيح
{رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}
غلب على قلوبهم يقال منه رانت الخمر على عقله إذا سكر فَعَلَتْ
على عقله فالرين عليه السكر على القلب.
وقيل: الرين: الذنب على الذنب حتى يموت القلب. عن الحسن.
{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}
لمحجوبون عن رؤيته فإنّ الكافرين لا يرون الله.
واحد أساطير أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث.
وقيل: أباطيل الأولين.
معنى {صَالُو الْجَحِيمِ} لازموا الجحيم.
(3/174)
معنى {عِلِّيُّونَ}
مراتب عالية محفوظة بإجلال عظم الله شأنها، وجمعت بالواو
والنّون تشبيهاً بمن يعقل في الفضل وعظم الشّأن.
{مَرْقُومٌ}
أي: مرقوم بما تقر به أعينهم وتوجب سرورهم بما فيه من إثبات
حسناتهم المتعيّنة منهم، وذلك بالضدّ من رقم كتاب الفجّار لأنه
بما يسوؤهم ويسخن أعينهم.
وقيل: عِلِّيُّونَ: للسّماء السابعة، وفيها أرواح المؤمنين.
عن قتادة ومجاهد والضحاك.
وقيل: عِلِّيُّونَ: الجنة. عن ابن عباس، وقيل: عِلِّيُّونَ: س
رة
المنتهى، وهي التي إليها ينتهي كل شيء من أمر الله وهي في
السّماء السابعة.
عن الضحاك.
وقيل: عِلِّيُّونَ: علو على علو مضاعف، ولهذا جمع بالواو
والنّون تفخيماً لشأنه، وقيل: عِلِّيُّونَ: أعلى الأمكنة.
الشهادة: الإدراك بحاسّة.
معنى {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}
هنا المقربون إلى كرامة الله في أجلّ المراتب وهم الملائكة.
وقيل: هم المؤمنون كأنهم أقرب العباد إلى كرامة الله.
الأرائك: السرر في الحجال عن ابن عباس.
ينظرون إلى الله تعالى كما قال {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ
(22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) } .
الرّحيق: الخمر. عن ابن عباس.
(3/175)
قال الخليل: هي أفضل الخمر وأجودها.
وقيل: هذا الخمر مختوم في الآنية بالمسك، وهو غير الذي يجري في
الأنهار.
{خِتَامُهُ مِسْكٌ}
فيه قولان:
الأول: مقطعه مسك بأن يوجد ريح المسك عند خاتمة شربه.
عن ابن عباس والحسن.
الثاني: أنّه ختم إناؤه بالمسك بدلاً من الطين الذي يختم بمثله
الشراب في الدنيا. عن مجاهد وابن زيد.
التنافس أي: تمني كل واحد من النفسين مثل الشيء النفيس، أن
يكون له تسنيم عين ماء يجري من علو إلى أسفل.
المزج: خلط مائع بمائع كما يمزج الحار بالبارد.
الختام: مصدر والخاتم صفة، ونظيره فلان كريم الطَابِع
والطِبَاع والطَابَعْ.
قرأ الكسائي وحده {خاتمه} مسك بألف قبل التاء.
وقرأ الباقون {خِتَامُهُ مِسْكٌ} .
(3/176)
وقيل في نصب عين وجوه:
الأول: إن {تَسْنِيمٍ} معرّفة و {عيناً} قطع منها أو حال.
الثاني: أن يكون {تَسْنِيمٍ} مصدراً فجرى مجرى {أَوْ إِطْعَامٌ
فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) } .
الثالث: على أعني عيناً.
الرابع: يسقون عيناً.
الفاكه: الطالب ما تنفك به من نوادر الأمور.
وقيل: الفاكه اللاهي
وقيل: الفاكه: الناعم المعجب بحاله.
وجه ضحك أهل الجنة من أهل النار أنهم لما كانوا أعداء الله
وأعداءهم
جعل الله لهم سروراً في تعذيبهم ولو كان العفو قد وقع عنهم لم
يجز أن يجعل السرور في ذلك.
معنى {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}
الذم لهم بعيب المؤمنين بالضلال من غير أن كلفوا منعهم من
المراد وأن ينطقوا في ذلك بالصواب.
معنى {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ}
فيه قولان:
(3/177)
الأول: هل جوزي الكفار إذا فعل بهم هذا
الذي ذكر بما كانوا يفعلون.
الثاني: ينظرون هل جوزي الكفار فيكون موضعه نصباً بـ ينظرون
والأول استئناف لا موضع له.
وقيل: {ثُوِّبَ الْكُفَّارُ} لأن الثواب وإن كان الجزاء
بالنعيم على الأعمال فإن
أصله الجزاء الذي يرجع على العامل في عمله، ثاب الماء يثوب
ثوباً إذا رجع
وثاب إليه عقله إذا رجع.
وقيل: يقول المؤمنون بعضهم لبعض هل جوزي الكفار ما كانوا
يفعلون سروراً بما أنزل بهم.
قرأ {انقلبوا فكهين} عاصم في رواية حفص، وقرأ الباقون {فاكهين}
بألف.
قرأ {هَلْ ثُوِّبَ} مدغم أبو عمر وفي رواية هارون وحمزة
والكسائي مدغم
أيضاً، وقرأ الباقون واليزيدي عن أبي عمرو بالإظهار.
(3/178)
سورة إذا السماء
انشقت
مسألة: إن سئل عن قوله سبحانه {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ
(1) }
إلى آخرها فقال:
ما الانشقاق؟ وما الكدح؟ ولم قيل فملاقيه؟
وما حساب المؤمن الذي يؤتي كتابه بيمينه؟ وما الحساب؟ وما
اليسير؟
وما السّرور؟ وما الثبور؟ وما معنى
وما وجه اتصال {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا} ؟.
وما الاتساق؟ وما الشّفق؟ وما الجمع الذي يخصّ اللّيل؟ وما
الإيعاء؟
وما وما القراءة؟ وما معنى: القرآن؟
وما معتمد الأسباب التي تعلوا بها طبقة الكلام؟
الجواب:
(3/179)
الانشقاق: افتراق امتداد عن التئام وكل
انشقاق افتراق وليس كل افتراق انشقاقا.
والانفطار والانصداع والانفراج أمثال.
معنى {أَذِنَتْ لِرَبِّهَا}
قيل: سمعت وأطاعت. عن ابن عباس وسعيد بن جبير
أي: كأنها سمعت بأذن فطاعة بانقيادها لتدبير الله، والعرب تقول
أذن هذا الأمر إذنا بمعنى استمع لك.
معنى {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ}
بسطت باندكاك جبالها وأكمامها حتى تصير كالصفيحة الملسى، وهذا
من أشراط السّاعة وجلائل الأمور التي تكون فيها.
معنى {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}
ألقت ما فيها من المعادن وغيرها وتخلّت منها كما تلقي الحامل
ما في بطنها عند الشّدة.
معنى {وَحُقَّتْ}
حق له أن يكون على هذا الأمر بمعنى جعل ذلك حقاً.
وقيل: تمدد الأرض يوم القيامة مدّ الأديم.
في حديث مرفوع.
(3/180)
وقيل {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ}
ما فيها من الموتى عن قتادة ومجاهد.
وقيل في جواب {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
أنه محذوف، وتقديره رأى الإنسان ما قدّم من خير أو شر
وقيل: جوابه في {إِنَّكَ كَادِحٌ}
وقيل: هو على الذّكر {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} .
الثاني: في صفة الأرض، والأول: في صفة السّماء وليس بتكرير في
المعنى. الكدح: سعي شديد في الأمر.
معنى {كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}
ساعٍ في أمرك بشدة ومشقة إلى أن تلقى جزاء عملك من ربّك،
فالغني والفقير كل واحد منهما يكدح ما يقتضيه حاله.
وقيل: فملاقيه: تفخيماً لشأن الأمر الذي يلقى من جهته فجعل
لذلك لقاء جزائه لقاءه وهذا من الحكم البالغة.
(3/181)
حساب المؤمن موافقته على ما عمل من
الحسنات، وماله عليها من الثّواب، وما حطّ عنه من الأوزار.
السّرور: لذة في القلب بنيل المشتهى من الأمر.
الحساب اليسير: التجاوز عن السيئات والاحتساب بالحسنات.
وقيل: في الهاء قولان: فملاق ربك وملاقي كدح وهو عملك.
قال الشاعر:
وما الدّهر إلاّ تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش
أكدح
الثّبور: الهلاك، يدعوا ثبوراً يقول بإهلاكها، وآثبوراه
أصل الثّبور الهلاك ثبر البحر إذا جزر لهلاكه بانقطاع مائه
معنى {يَحُورَ}
يرجع حار يحور حوراً إذا رجع، والمعنى ظن أن لن يرجع إلى حال
الحياة في الآخرة.
معنى {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا}
أي: اقتطعه السّرور بأهله عمّا يمكنه أن يقوم به فهو ذم له.
وجه اتصال {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا}
أي: فهو يخبر عن ظنه أن لن يحور..
، ويقطع عليه على أنّه بصير به ويجمع أموره.
وقيل: ظن أن لن يحور فلذلك
(3/182)
كان يرتكب المآثم وينتهك المحارم.
وقيل: إنه كان في أهله مسروراً بمعاصي الله.
قرأ {ويَصْلى}
بفتح الياء خفيفة أبو عمرو وعاصم وحمزة، وقرأ {يُصلّى}
بضم الياء مشددة ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي.
وروي {ويُصلَى} بضم الياء خفيفة عن نافع وعاصم.
الشّفق: الحمرة الرقيقة في المغرب بعد غروب الشّمس ووجه
الاعتبار بالشّفق علامة الوقت بعينه يقتضي توقيت عالم به.
وسق: جمع إلى مسكنه ما كان منتشراً بالنّهار في تصرفه، وسقته
أسقه وسقاً إذا جمعته.
والوسق: الطعام المجتمع الكثير مما يكال أو يوزن، ومقداره ستون
صاعاً.
(3/183)
الاتساق: الاجتماع على تمام، وهو افتعال من
الوسق فإذا تم نور القمر واستمر في ضيائه فذلك الاتساق له.
معنى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}
منزلة عن منزلة وطبقة عن طبقة، وذلك أن من كان
على صلاح دعاه إلى صلاح فوقه، ومن كان على فساد دعاه إلى فساد
فوقه، لأن كل شيء يجيء إلى شكله.
وقيل: طبقاً عن طبق جزاء عن عمل.
وقيل: لتصيرن إلى الآخرة عن الدنيا.
وقيل: شدة عن شدة.
وقيل {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} حالاً عن حالاً من إحياء وإماتة ثم
إحياء.
{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}
إذا استنار عن الحسن.
الجمع الذي يخصُّ الليل جمع الحيوانات الإنسية إلى مساكنها
والعرب تقول: إذا جاء الليل استوحش كل إنسي واستأنس كل وحشي.
قرأ {لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا} بفتح الباء ابن كثير وحمزة
والكسائي أي لتركبَن أنت يا محمد، وقرأ الباقون {لَتَرْكَبُنَّ
طَبَقًا} بضم الباء.
(3/184)
القراءة: ضم الحروف بعضها إلى بعض بالتأليف
على سياقه.
قرأت أقرأ قراءة، والقراءة والتلاوة من النظائر.
معنى قرآن: تلاوة في أعلى طبقات حسن النظام في المعاني
والألطاف
والأسباب التي يعلو بها في حسن النظام ستة تعديل الحروف وتشاكل
المقاطع، وغيرها بحسن البيان والإيجاز من غير إخلال والوعظ
الذي يلين القلب للعمل بالحق والحجة التي تؤدي إلى المعرفة
بتمييز الحق من الباطل وهذه جمل لها تفضيل كثير.
معنى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}
هنا أي: الذي يمنعهم من السجود عند تلاوة القرآن تكذيبهم به
جهلاً بما عليهم فيه، وفي ذلك التحذير من الجهل والحث على طلب
العلم
الإيعاء: جعل الشيء في وعاء والقلوب أوعيةٌ لما يجعل فيها من
معرفة
أو جهالة وعزم على خير أو شر.
وقيل {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}
أي: ما وجه الارتياب الذي يصرفهم عن الإيمان.
(3/185)
{غَيْرُ مَمْنُونٍ}
غير منقوص. عن ابن عباس.
وقيل: غير مقطوع.
وقيل: غير منغص بالمنِّ الذي يؤذي وإنما قيل له منٌّ لأنه قطع
عن شكر
النعمة.
(3/186)
|