تفسير الإمام الشافعي

سورة يونس
قال الله عزَّ وجلَّ: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ)
أحكام القرآن: ما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - في آيات متفرقة سوى ما مضى:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: واستنبطت البارحة آيتين - فما أشتهي
باستنباطهما الدنيا وما فيها -: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ)
وفي كتاب اللَّه، هذا كثير: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) فَتُعَطَّلُ الشفعاء إلا بإذن اللَّه.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ)
الأم: باب (الصوم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: إن اللَّه - عز وجل - وضع نبيه - صلى الله عليه وسلم - من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه، فالفرض على خلقه أن يكونوا عالمين بأنه لا يقول فيما أنزل

(2/966)


الله عليه إلا بما أنزل عليه، وأنه لا يخالف كتاب اللَّه، وأنه بيَّن عن اللَّه عز وعلا معنى ما أراد الله، وبيان ذلك في كتاب اللَّه - عز وجل -: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن
المطلب بن حنطب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئاً مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه" الحديث.
الرسالة: ابتداء الناسخ والمنسوخ:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأبان اللَّه لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب
بالكتاب، وأن السنة لا ناسخة للكتاب، وإنَّما هي للكتاب بمثل ما نزل نصاً، ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جملاً، قال الله - عز وجل -:
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) .
فأخبر اللَّه أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه، ولم يجعل له تبديله من تلقاء نفسه.
وفي قوله تعالى: (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي) الآية.
بيان ما وصفت، من أنه لا ينسخ كتاب اللَّه إلا كتابه، كما كان المبتدئ لفرضه، فهو المزيل المثبت لما شاء منه - جل ثناؤه - ولا يكون ذلك لأحد من خلقه.

(2/967)


قال الله عزَّ وجلَّ: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)
مناقب الشَّافِعِي: المقدمة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأنزل الله تعالى معه الكتاب المستبين، وبين على
لسانه الدين القويم، ودعا إليه من جعله من أهل التكليف أجمعين، وهدى من
أنعم عليه بالتوفيق الصراط المستقيم، فقال فيما أنزل عليه: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
فتركه - صلى الله عليه وسلم - في أمته حتى بلَّغ الرسالة، وأدَّى النصيحة، وعلَّمهم الكتاب والحكمة، ثم قبضه إلى رحمته.
مناقب الشَّافِعِي (أيضاً) : باب (ما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - في إثبات المشميئة لله - عز وجل - وهي من صفات الذات. .) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فهدى الله تعالى بكتابه، ثم على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، من أنعم عليه، يعني: من أنعم عليه بالسعادة والتوفيق للطاعة دون من حُرمِها، فبين بهذا أن الدعوة عامة، والهداية التي هي: التوفيق للطاعة، والعصمة عن المعصية خاصة، كما قال الله عزَّ وجلَّ: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .

(2/968)


قال الله عزَّ وجلَّ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا)
الأم: تفريع القَسْم والعدل بينهن:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: عماد القَسنم الليل، لأنه سكن، قال اللَّه تبارك
وتعالى: (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإذا كان عند الرجل أزواج حرائر مسلمات أو
كتابيات، أو مسلمات وكتابيات، فهن في القَسم سواء، وعليه أن يبيت عند كل واحدة منهن ليلة، وإذا كان فيهن أمَة قَسَمَ للحرة ليلتين وللأمة ليلة، ولا يكون له أن يدخل في الليل على التي لم يقسم لها؛ لأن الليل هو القَسم.

(2/969)