تفسير الإمام
الشافعي سورة إبراهيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)
الرسالة: المقدمة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فليست تنزل بأحدٍ من أهل دين الله
نازلة، إلا وفي
كتاب اللَّه الدليل على سبيل الهدى فيها، قال الله تبارك
وتعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ
مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى
صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) .
مناقب الشَّافِعِي: باب (ما يستدل به على معرفة الشَّافِعِي
بأصول الفقه)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه جل ثناؤه: (كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ
الْحَمِيدِ) الآية، وذكر آيتين غيرها من سورة النحل / 44 و 89.
(2/991)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فجماع ما أبان
الله - عزَّ وجلَّ، لخلقه في كتابه مما تعبدهم به لما مضى في
حكمه جل ثناؤه، من وجوه:
1 - فمنها: ما أبانه لخلقه نصاً، مثل جُمَل فرائضه في أن عليهم
صلاة
وزكاة وحجاً وصوماً، وأنه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن،
ونص على الزنا والخمر وأكل الميئة والدم ولحم الخنزير، وبين
لهم كيف فَرضُ الوضوء، مع غير ذلك مما بيَّن نصاً.
2 - ومنه: ما أحكم فرضه بكتابه، وبين كيف هو على لسان نبيه -
صلى الله عليه وسلم - مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها، وغير ذلك
من فرائضه التي أنزل في كتابه.
3 - ومنه: ما سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما ليس
لله فيه نصُّ حكمٍ.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا
بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)
الرسالة: باب (البيان الخامس) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قال قائل. ما الحجة في أن كتاب
اللَّه محضن
بلسان العرب، لا يخلطه فيه غيره.
فالحجة فيه كتاب اللَّه، قال اللَّه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) .
(2/992)
قال الله عزَّ وجلَّ: (خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)
الرسالة: باب (بيان ما نزل من الكتاب عامًّا يريد به العام
ويدخله الخصوص) : قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال اللَّه
تبارك وتعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فكل شيء من سماء وأرض وذي روح وشجر
وغير ذلك، فالله خلقه.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ
تَهْوِي إِلَيْهِمْ)
الأم: باب (دخول مكة لغير إرادة حج ولا عمرة)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فسمعت بعض من أرضى من أهل العلم،
يذكر:
أن اللَّه تبارك وتعالى لما أمر بهذا إبراهيم عليه السلام، وقف
على المقام فصاح
صيحة: (عباد اللَّه أجيبوا داعي الله) فاستجاب له حتى من في
أصلاب الرجال وأرحام النساء، فمن حج البيت بعد دعوته، فهو ممن
أجاب دعوته ووافاه من
(2/993)
وافاه يقولون: (لبيك داعي ربنا لبيك) وقال
اللَّه - عز وجل -:
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلًا) .
فكان ذلك دلالة كتاب اللَّه - عز وجل - فينا وفي الأمم، على أن
الناس مندوبون إلى إتيان البيت بإحرام، وقال اللَّه
(وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا
بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ
السُّجُودِ (125) .
وقال: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي
إِلَيْهِمْ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فكان مما ندبوا به إلى إتيان الحرم
بالإحرام.
(2/994)
|