تفسير الإمام
الشافعي سورة مريم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ
بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ
سَمِيًّا (7)
أحكام القرآن: ما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - في التفسير في آيات
متفرقة سوى ما نص)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأخبر اللَّه جل ثناؤه: أن كل آدمى
مخلوق من ذكر
وأنثى؛ وسمى الذكر، أباً، والأنثى: أمًّا، ونبَّه أن ما نسب من
الولد إلى أبيه نِعمة من نعمه، وقال: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا
نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى) الآية.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ
ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ
الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً
وَعَشِيًّا (11)
مختصر المزنى: باب (جامع الأيمان الثاني) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولو حلف لا يكلم رجلاً، ثم سلم على
قوم
والمحلوف عليه فيهم، لم يحنث إلا أن ينويه، ولو كتب إليه
كتاباً، أو أرسل إليه رسولاً، فالورع أن يحنث، ولا يبين ذلك؛
لأن الرسول والكتاب غير الكلام.
(3/1060)
قال المزني رحمه اللَّه: هذا عندي به،
وبالحق أولى، قال اللَّه جل ثناؤه:
(آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا
(10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى
إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) .
فأفهمهم ما يقوم مقام الكلام، ولم يتكلم.
وقد احتج الشَّافِعِي رحمه الله، بأن الهجرة محرمة فوق ثلاث،
فلو كتب أو
أرسل إليه، وهو يقدر على كلامه، لم يخرجه هذا من الهجرة التي
يأثم بها.
قال المزني رحمه اللَّه: فلو كان الكتاب كلاماً لخرج به من
الهجرة، فتفَهَّم.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ
إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ
يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ
وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)
الأم: باب (الولاء والحِلْف)
أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
أخبرنا محمد بن إدريس الشَّافِعِي رحمه الله قال: أمر اللَّه
تبارك وتعالى أن
يُنسب من كان له نسب من الناس نسبين: من كان له أب أن ينسب إلى
أبيه، ومن لم يكن له أب فلينسب إلى مواليه، وقد يكون ذا أب وله
موالٍ، فينسب إلى أبيه ومواليه، وأولى نسَبَيه أن يبدأ به
أبوه، وأمر أن ينسبوا إلى الإخوة في الدين مع الولاء، وكذلك
ينسبون إليها مع النسب.
والإخوة في الدين ليست بنسب، إنما هي صفة تفع على المرء بدخوله
في
الدين، ويخرج منها بخروجه منه.
(3/1061)
والنسب إلى الولاء والآباء إذا ثبت لم
يُزِلْه المولى من فوق، ولا من أسفل.
ولا أب، ولا الولد.
والنسب: اسم جامع لمعان مختلفة فينسب الرجل إلى العلم، وإلى
الجهل.
وإلى الصناعة، وإلى التجارة، وهذا كله نسب مستحدث من فعل
صاحبه، وتركه الفعل، وكان منهم صنف ثالث لا آباء لهم يعرفون،
ولا ولاء فنسبوا إلى عبودية اللَّه وإلى أديانهم وصناعاتهم،
وأصل ما قلت من هذا في كتاب الله - عزَّ وجلَّ، وسنة نبيه -
صلى الله عليه وسلم -، وما أجمع عليه عوام أهل العلم،. ..
وقال اللَّه - عز وجل -: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ
إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ
قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ
وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) .
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ
إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا
(54)
الأم: كتاب الجزية:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وذكَرَ - اللَّه تعالى - إسماعيل
بن إبراهيم فقال عز
ذكره: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ
صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) .
(3/1062)
|