تفسير الإمام
الشافعي سورة التحريم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ
مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ
تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)
الأم: الحجة في ألبتة وما أشبهها:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي
مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ
فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)
فلما لم يُرد الزوج بتحريم امرأته طلاقاً كان أوقع التحريم على
فرج
مباح له، لم يحرم بتحريمه، فلزمته كفارة فيه، كما لزم من حرّم
أمته كفارة فيها، ولم تحرم عليه لتحريمه؛ لأنهما معاً تحريم
لفرجين لم يقع بواحد منهما طلاق.
ولو قال: كل ما أملك علي حرام يعني امرأته وجواريه وماله،
كفَّر عن
امرأته والجواري كفَّارة كفَّارة إذا لم يرد طلاق المرأة.
ولو قال: مالي على حرام لا يريد امرأته ولا جواريه لم يكن عليه
كفَّارة.
ولم يحرم عليه ماله.
(3/1395)
الأم (أيضاً) : باب (الطلاق) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإذا قال الرجل لامرأته أنت على
حرام، فإن نوى
طلاقاً فهو طلاق، وهو ما أراد من عدد الطلاق، والقول في ذلك
قوله مع يمينه، وإن لم يرد طلاقاً فليس بطلاق، ويكفر كفارة
يمين قياساً على الذي يُحرّم أمته، فيكون عليه فيها الكفارة؛
لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم أمته فأنزل اللَّه -
عز وجل -: (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي
مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) الآية.
وجعلها اللَّه - عز وجل - يميناً فقال: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ
لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) الآية.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)
الرسالة: باب (بيان ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله
خاص) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال الله جل ثناؤه: (وَقُودُهَا
النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)
فدلَّ كتاب اللَّه على أنه: إنما وَقُودها بعض الناس، لقول
الله: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى
أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) .
(3/1396)
سورة الملك
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ. . .)
مناقب الشَّافِعِي: باب (ما يستدل به على معرفة الشَّافِعِي
بأصول الكلام
وصحة اعتقاده فيها) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وروي عن عون بن عبد اللَّه بن
عتبة، عن أبيه.
واختلف عليه في إسناده ومتنه، وهو إن صح فكان النبي - صلى الله
عليه وسلم - خاطبها على قَدرِ معرفتها، فإنها وأمثالها قبل
الإسلام - كانوا يعتقدون في الأوثان أنها آلهة في الأرض، فأراد
أن يعرف إيمانها، فقال لها: أين اللَّه؟ حتى إذا أشارت إلى
الأصنام عرف أنها غير مؤمنة، فلما قالت: في السماء، عرف أنها
برئت من الأوثان، وأنها مؤمنة بالله الذي في السماء إله وفي
الأرض إله، أو أشار، وأشارت إلى ظاهر ما ورد به الكتاب.
ثم معنى قوله في الكتاب: (مَنْ فِي السَّمَاءِ) الآية، أي: من
فوق
السماء على العرش.
(3/1397)
سورة القلم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا
يَعْلَمُونَ (44)
الأم: الخلاف (أي: (الفيء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا من أهل العلم أنه لما قدم
على عمر بن
الخطاب رضي اللَّه عنه بما أصيب بالعراق، قال له صاحب بيت
المال: ألا أدخِلُه بيت المال؛ قال: لا ورب الكعبة لا يؤوى تحت
سقف بيت حتى أقسمه، فأمر به فوضع بالمسجد، ووضعت عليه الأنطاع
وحرسه رجال المهاجرين والأنصار.
فلما أصبح غدا مع العباس بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عوف
رضي اللَّه عنهما، أخذ بيد أحدهما، أو أحدهما أخذ بيده، فلما
رأوه قشطوا الأنطاع عن الأموال، فرأى منظراً لم يُرَ مثله، رأى
الذهب فيه، والياقوت، والزبرجد، واللؤلؤ يتلألأ، فبكى عمر بن
الخطاب - رضي الله عنه -، فقال له أحدهما: - إنه - والله ما هو
بيوم بكاء، ولكنه يوم شكر وسرور. فقال: إني واللَّه ما ذهبتُ
حيث ذهبتَ.
ولكنه واللَّه ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم، ثم
أقبل على القبلة،
(3/1398)
ورفع يديه إلى السماء وقال: "اللهم إني
أعوذ بك أن أكون مستدرَجاً
فإني أسمعك تقول: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا
يَعْلَمُونَ) الآية.
(3/1399)
|