تفسير الإمام الشافعي

سورة البروج
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)
الأم: إيجاب الجمعة:
أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
أخبرنا محمد بن إدريس الشَّافِعِي رحمه الله قال: قال اللَّه تبارك وتعالى:
(إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) الآية.
وقال اللَّه - عز وجل -: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه اللَّه: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني صفوان بن
سليم، عن نافع بن جبير، وعطاء بن يسار، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "شاهد: يوم الجمعة. ومشهود: يوم عرفة " الحديث.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني شريك
ابن عبد اللَّه بن أبي نمِر، عن عطاء بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، الحديث.

(3/1434)


أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: وحدثني
عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه
كتاب اللَّه تبارك وتعالى.

(3/1435)


سورة الطارق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)
الأم: اختلاف نية الإمام والمأموم:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان أنه سمع عمرو بن دينار يقول:
سمعت جابر بن عبد الله يقول: كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء أو العتمة، ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سلمة، قال: فأخَّرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ذات ليلة، قال: فصلى معه معاذ، قال: فرجع فأمَّ قومه، فقرأ بسورة البقرة، فتنحى
رجل من خلفه فصلى وحده، فقالوا له: أنافقت؟
قال: لا، ولكني آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فقال: يا رسول الله إنك أخَّرت العشاء، وإن معاذاً صلى معك، ثم
رجع فأمَّنا، فافتتح بسورة البقرة، فلما رأيت ذلك تأخرت وصليت، وإنَّما نحن أصحاب نواضح، نعمل بأيدينا، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على معاذ فقال: "أفتَّانٌ أنت يا معاذ؟ أفتَّانٌ أنت يا معاذ؛ اقرأ بسورة كذا وسورة كذا" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا أبو الزبير بن
جابر مثله، وزاد فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"اقرأ: بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) ، (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) ، ونحوها" الحديث.

(3/1436)


قال سفيان: فقلت لعمرو: إن أبا الزبير يقول: قال له اقرأ: بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) ، (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) .
قال عمرو: هو هذا أو نحوه الحديث.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)
الأم: باب (ما لا يجب عليه أرش معلوم)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأما الولد فشيء ليس من الذَّكَرَِ، إنما هو بمنيٍّ يخرج
من الصُّلْبِ، قال اللَّه - عز وجل -: (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) الآية، ويخرج فيكون ولا يكون.
أحكام القرآن: ما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - في التفسير في آيات متفرقة:
قرأت في كتاب السنن - رواية حرملة -
عن الشَّافِعِي رحمه الله قال: قال اللَّه تبارك وتعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) .. الآيات، فقيل: يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة.

(3/1437)


سورة الأعلى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)
الأم: باب (في الوتر) :
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا هشيم، عن عبد الملك بن أبي
سليمان، عن عبد الرحيم، عن زاذان أن علياً - رضي الله عنه - كان يوتر بثلاث، يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل، وهم يقولون: نقرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)
والثانية: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) والثالثة: نقرأ بفاتحة الكتاب.
و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
وأما نحن فنقول: يقرأ فيها ب: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)
ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم، ومنها في اختلاف الحديث في باب الوئر.
الأم (أيضاً) : اختلاف نية الإمام والمأموم:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا أبو الزبير، عن
جابر مثله، وزاد فيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)

(3/1438)


(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) ونحرها"
قال سفيان فقلت لعمرو إن أبا الزبير يقول: قال له: اقرأ: "بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، والسماء والطارق". فقال عمرو: "هو هذا أو نحوه"، الحديث.
الأم (أيضاً) : القراءة في صلاة الجمعة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني مسعر بن
كدام، عن معبد بن خالد، عن سمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ بالجمعة بـ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) .
و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) . الحديث.
الأم (أيضاً) : تخفيف القراءة في صلاة الخوف:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ويقرأ الإمام "في صلاة الخوف بأم القرآن، وسورةٍ
قَدْرَ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وما أشبهها في الطول للتخفيف في الحرب
وثِقَلِ السلاح.
الأم (أيضاً) أبواب الصلاة:
أخبرنا الربيع قال:

(3/1439)


أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا ابن، مهدي، عن سفيان، عن
السُّدي، عن عبد خير، أن علياً - رضي الله عنه - قرأ في الصبح بـ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)
فقال: سبحان ربي الأعلى، وهم يكرهون هذا، ونحن نستحبه.
وروي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيء يشبهه.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
الأم: كتاب (صلاة الكسوف)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فيُصَلَّى عند كسوف الشمس والقمر صلاة جماعة
ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرها.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي قال: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار.
عن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما قال:
"كُسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه، فقام قياماً طويلاً، قال: نحواً من قراءة سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع، فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع، ثم قام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف، وقد تجلت

(3/1440)


الشمس، فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله"
قالوا: يا رسول الله رأيناك قد تناولت في مقامك هذا شيئاً، ثم رأيناك كأنك تكعكت فقال: "أني رأيت أو أريت الجنة فتناولت منها عنقوداً، ولو أخدته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت أو أريت النار فلم أرى كاليوم منظراً، وأريت كثر أهلها النساء"
فقالوا: لم يا رسول الله؛ قال: "يكفرن" قيل: أيكفرن بالله؟
قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فذكرُ ابن عباس رضي الله عنهما ما قال رسول اللَّه
- صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة دليل على أنه خطب بعدها، وكان في ذلك دليل على أنه فرق بين الخطبة للسنة، والخطبة للفرض، فقدم خطبة الجمعة؛ لأنها مكتوبة قبل الصلاة، وأخر خطبة الكسوف؛ لأنها ليست من الصلوات الخمس، وكذلك صنع في العيدين؛ لأنهما ليستا من الصلوات - أي المكتوبة - وهكذا يتبقى أن يكون في صلاة الاستسقاء.
وذكر أنه أمر في كسوف الشمس والقمر بالفزع إلى ذكر الله، وكان ذكر
الله - عزَّ وجلَّ الذي فزع إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم التذكير، فوافق ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) الآيتان.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فكان في قول ابن عباس رضي الله عنهما عن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفاية من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر في خسوف القمر بما أمر به في

(3/1441)


كسوف الشمس، والذي أمر به في كسوف الشمس فعله، من الصلاة والذكر، ثم ذكر سفيان ما يوافق ذلك.

(3/1442)


سورة الغاشية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله عزَّ وجلَّ: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)
الأم: القراءة في صلاة الجمعة:
انظر تفسير قول اللَّه تبارك وتعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الآية.
الأم (أيضاً) : باب (القراءة في العيدين والجمعة) :
انظر تفسير قول اللَّه تبارك وتعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الآية، -
وزاد عليها الحديث التالي -:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأخبرنا مالك، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن
عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير - رضي الله عنه - ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ يوم الجمعة على أثر (سورة الجمعة) فقال: كان يقرأ ب:
(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) الحديث.

(3/1443)