تفسير الجلالين = 44 سورة الدخان
(1/656)
حم (1)
{حم} اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ
(1/656)
وَالْكِتَابِ
الْمُبِينِ (2)
{وَالْكِتَاب} الْقُرْآن {الْمُبِين}
الْمُظْهِر الْحَلَال مِنْ الْحَرَام
(1/656)
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ
فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)
{إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة
مُبَارَكَة} هِيَ لَيْلَة الْقَدْر أَوْ لَيْلَة النِّصْف مِنْ
شَعْبَان نَزَلَ فِيهَا مِنْ أُمّ الْكِتَاب مِنْ السَّمَاء
السَّابِعَة إلَى سَمَاء الدُّنْيَا {إنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ} مُخَوِّفِينَ به
(1/656)
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)
{فِيهَا} أَيْ فِي لَيْلَة الْقَدْر أَوْ
لَيْلَة النِّصْف مِنْ شَعْبَان {يُفْرَق} يُفْصَل {كُلّ أَمْر
حَكِيم} مُحَكَّم مِنْ الْأَرْزَاق وَالْآجَال وَغَيْرهمَا
الَّتِي تَكُون فِي السَّنَة إلَى مِثْل تِلْكَ اللَّيْلَة
(1/656)
أَمْرًا مِنْ
عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)
{أَمْرًا} فَرْقًا {مِنْ عِنْدنَا إنَّا
كُنَّا مُرْسِلِينَ} الرُّسُل مُحَمَّدًا وَمَنْ قَبْله
(1/657)
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)
{رَحْمَة} رَأْفَة بِالْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ
{مِنْ رَبّك إنَّهُ هو السميع} لأقوالهم {العليم} بأفعالهم
(1/657)
رَبِّ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)
{رب السماوات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا}
بِرَفْعِ رَبّ خَبَر ثَالِث وَبِجَرِّهِ بَدَل مِنْ رَبّك {إنْ
كُنْتُمْ} يَا أَهْل مَكَّة {مُوقِنِينَ} بِأَنَّهُ تَعَالَى
رَبّ السَّمَاوَات والأرض فأيقنوا بأن محمدا رسوله
(1/657)
لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ
الْأَوَّلِينَ (8)
{لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم
الأولين}
(1/657)
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ
يَلْعَبُونَ (9)
{بَلْ هُمْ فِي شَكّ} مِنْ الْبَعْث
{يَلْعَبُونَ} اسْتِهْزَاء بِك يَا مُحَمَّد فَقَالَ
اللَّهُمَّ أَعِنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف
1 -
(1/657)
فَارْتَقِبْ يَوْمَ
تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)
قال تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأْتِي
السَّمَاء بِدُخَانٍ مُبِين} فَأَجْدَبَتْ الْأَرْض وَاشْتَدَّ
بِهِمْ الْجُوع إلَى أَنْ رَأَوْا مِنْ شِدَّته كَهَيْئَةِ
الدُّخَان بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض
1 -
(1/657)
يَغْشَى النَّاسَ
هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)
{يَغْشَى النَّاس} فَقَالُوا {هَذَا عَذَاب
أَلِيم}
1 -
(1/657)
رَبَّنَا اكْشِفْ
عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
{رَبّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَاب إنَّا
مُؤْمِنُونَ} مُصَدِّقُونَ نَبِيّك
1 -
(1/657)
أَنَّى لَهُمُ
الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13)
قال تعالى {أَنَّى لَهُمْ الذِّكْرَى} أَيْ
لَا يَنْفَعهُمْ الْإِيمَان عِنْد نُزُول الْعَذَاب {وَقَدْ
جَاءَهُمْ رَسُول مُبِين} بين الرسالة
1 -
(1/657)
ثُمَّ تَوَلَّوْا
عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
{ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا
مُعَلَّم} أَيْ يُعَلِّمهُ القرآن بشر {مجنون}
1 -
(1/657)
إِنَّا كَاشِفُو
الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)
{إنَّا كَاشِفُوا الْعَذَاب} أَيْ الْجُوع
عَنْكُمْ زَمَنًا {قَلِيلًا} فَكَشَفَ عَنْهُمْ {إنَّكُمْ
عَائِدُونَ} إلَى كُفْركُمْ فعادوا إليه
1 -
(1/657)
يَوْمَ نَبْطِشُ
الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
اُذْكُرْ {يَوْم نَبْطِش الْبَطْشَة
الْكُبْرَى} هُوَ يَوْم بدر {إنا منتقمون} منهم والبطش الأخذ
بقوة
1 -
(1/657)
وَلَقَدْ فَتَنَّا
قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ
(17)
{وَلَقَدْ فَتَنَّا} بَلَوْنَا {قَبْلهمْ
قَوْم فِرْعَوْن} مَعَهُ {وَجَاءَهُمْ رَسُول} هُوَ مُوسَى
عَلَيْهِ السَّلَام {كَرِيم} عَلَى اللَّه تَعَالَى
(1/657)
1 -
(1/658)
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ
عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)
{أَنْ} أَيْ بِأَنْ {أَدُّوا إلَيَّ} مَا
أَدْعُوكُمْ إلَيْهِ مِنْ الْإِيمَان أَيْ أَظْهِرُوا
إيمَانكُمْ لِي يَا {عِبَاد اللَّه إنِّي لَكُمْ رَسُول
أَمِين} عَلَى مَا أُرْسِلْت بِهِ
1 -
(1/658)
وَأَنْ لَا تَعْلُوا
عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)
{وَأَنْ لَا تَعْلُوا} تَتَجَبَّرُوا
{عَلَى اللَّه} بِتَرْكِ طَاعَته {إنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ}
بُرْهَان {مُبِين} بَيِّن على رسالتي فتوعدوه بالرجم
2 -
(1/658)
وَإِنِّي عُذْتُ
بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)
فقال {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون}
بالحجارة
2 -
(1/658)
وَإِنْ لَمْ
تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
{وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي}
تُصَدِّقُونِي {فَاعْتَزِلُونِ} فَاتْرُكُوا أَذَايَ فَلَمْ
يَتْرُكُوهُ
2 -
(1/658)
فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ
هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
{فَدَعَا رَبّه أَنَّ} أَيْ بِأَنَّ
{هَؤُلَاءِ قَوْم مجرمون} مشركون
2 -
(1/658)
فَأَسْرِ بِعِبَادِي
لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23)
فقال تعالى {فَأَسْرِ} بِقَطْعِ الْهَمْزَة
وَوَصْلهَا {بِعِبَادِي} بَنِي إسْرَائِيل {لَيْلًا إنَّكُمْ
مُتَّبِعُونَ} يَتَّبِعكُمْ فِرْعَوْن وَقَوْمه
2 -
(1/658)
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ
رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)
{وَاتْرُكِ الْبَحْر} إذَا قَطَعْته أَنْتَ
وَأَصْحَابك {رَهْوًا} سَاكِنًا مُنْفَرِجًا حَتَّى يَدْخُلهُ
الْقِبْط {إنَّهُمْ جُنْد مُغْرَقُونَ} فَاطْمَأَنَّ بِذَلِكَ
فَأُغْرِقُوا
2 -
(1/658)
كَمْ تَرَكُوا مِنْ
جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)
{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات} بَسَاتِين
{وَعُيُون} تَجْرِي
2 -
(1/658)
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ
كَرِيمٍ (26)
{وَزُرُوع وَمَقَام كَرِيم} مَجْلِس حَسَن
2 -
(1/658)
وَنَعْمَةٍ كَانُوا
فِيهَا فَاكِهِينَ (27)
{وَنِعْمَة} مُتْعَة {كَانُوا فِيهَا
فَاكِهِينَ} نَاعِمِينَ
2 -
(1/658)
كَذَلِكَ
وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
{كَذَلِكَ} خَبَر مُبْتَدَأ أَيْ الْأَمْر
{وَأَوْرَثْنَاهَا} أَيْ أَمْوَالهمْ {قَوْمًا آخَرِينَ} أَيْ
بَنِي إسْرَائِيل
2 -
(1/658)
فَمَا بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ
(29)
{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء
وَالْأَرْض} بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ يَبْكِي عَلَيْهِمْ
بِمَوْتِهِمْ مُصَلَّاهُمْ مِنْ الْأَرْض وَمُصْعَد عَمَلهمْ
مِنْ السَّمَاء {وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} مُؤَخِّرِينَ
للتوبة
3 -
(1/658)
وَلَقَدْ نَجَّيْنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30)
{وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إسْرَائِيل
مِنَ الْعَذَاب الْمُهِين} قَتْل الْأَبْنَاء وَاسْتِخْدَام
النِّسَاء
3 -
(1/658)
مِنْ فِرْعَوْنَ
إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31)
{مِنْ فِرْعَوْن} قِيلَ بَدَل مِنْ
الْعَذَاب بِتَقْدِيرِ مُضَاف أَيْ عَذَاب وَقِيلَ حَال مِنْ
الْعَذَاب {إنه كان عاليا من المسرفين}
3 -
(1/658)
وَلَقَدِ
اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)
{وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ} أَيْ بَنِي
إسْرَائِيل {عَلَى عِلْم} مِنَّا بِحَالِهِمْ {عَلَى
الْعَالَمِينَ} أَيْ عَالِمِي زَمَانهمْ أي العقلاء
3 -
(1/658)
وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ
الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)
{وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَات مَا فِيهِ
بَلَاء مُبِين} نِعْمَة ظَاهِرَة مِنْ فَلْق الْبَحْر
وَالْمَنّ وَالسَّلْوَى وغيرها
3 -
(1/658)
إِنَّ هَؤُلَاءِ
لَيَقُولُونَ (34)
{إن هؤلاء} أي كفار مكة {ليقولون}
3 -
(1/658)
إِنْ هِيَ إِلَّا
مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35)
{إنْ هِيَ} مَا الْمَوْتَة الَّتِي
بَعْدهَا الْحَيَاة {إلَّا مَوْتَتنَا الْأُولَى} أَيْ وَهُمْ
نُطَف {وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} بِمَبْعُوثِينَ أَحْيَاء
بَعْد الثَّانِيَة
(1/658)
3 -
(1/659)
فَأْتُوا بِآبَائِنَا
إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36)
{فَأْتُوا بِآبَائِنَا} أَحْيَاء {إنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أَنَّا نبعث بعد موتنا أي نحيا
3 -
(1/659)
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ
قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ
إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)
قال تعالى {أهم خَيْر أَمْ قَوْم تُبَّع}
هُوَ نَبِيّ أَوْ رَجُل صَالِح {وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ}
مِنْ الْأُمَم {أَهْلَكْنَاهُمْ} بِكُفْرِهِمْ وَالْمَعْنَى
لَيْسُوا أَقْوَى مِنْهُمْ وَأُهْلِكُوا {إنهم كانوا مجرمين}
3 -
(1/659)
وَمَا خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38)
{وما خلقنا السماوات وَالْأَرْض وَمَا
بَيْنهمَا لَاعِبِينَ} بِخَلْقِ ذَلِكَ حَال
3 -
(1/659)
مَا خَلَقْنَاهُمَا
إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
(39)
{مَا خَلَقْنَاهُمَا} وَمَا بَيْنهمَا
{إلَّا بِالْحَقِّ} أَيْ مُحِقِّينَ فِي ذَلِكَ لِيُسْتَدَلّ
بِهِ عَلَى قُدْرَتنَا وَوَحْدَانِيّتنَا وَغَيْر ذَلِكَ
{وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ} أَيْ كُفَّار مكة {لا يعلمون}
4 -
(1/659)
إِنَّ يَوْمَ
الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)
{إنَّ يَوْم الْفَصْل} يَوْم الْقِيَامَة
يَفْصِل اللَّه فِيهِ بَيْن الْعِبَاد {مِيقَاتهمْ
أَجْمَعِينَ} لِلْعَذَابِ الدَّائِم
4 -
(1/659)
يَوْمَ لَا يُغْنِي
مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41)
{يَوْم لَا يُغْنِي مَوْلَى عَنْ مَوْلَى}
بِقَرَابَةٍ أو صداقة أي لا يدفع عنه {شَيْئًا} مِنْ الْعَذَاب
{وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} يُمْنَعُونَ منه ويوم بدل من يوم
الفصل
4 -
(1/659)
إِلَّا مَنْ رَحِمَ
اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)
{إلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّه} وَهُمْ
الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّهُ يَشْفَع بَعْضهمْ لِبَعْضٍ بِإِذْنِ
اللَّه {إنَّهُ هُوَ الْعَزِيز} الْغَالِب فِي انْتِقَامه مِنْ
الْكُفَّار {الرَّحِيم} بالمؤمنين
4 -
(1/659)
إِنَّ شَجَرَتَ
الزَّقُّومِ (43)
{إنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم} هِيَ مِنْ
أَخْبَث الشَّجَر الْمُرّ بِتُهَامَة يُنْبِتهَا اللَّه
تَعَالَى فِي الْجَحِيم
4 -
(1/659)
طَعَامُ الْأَثِيمِ
(44)
{طَعَام الْأَثِيم} أَبِي جَهْل
وَأَصْحَابه ذَوِي الْإِثْم الكبير
4 -
(1/659)
كَالْمُهْلِ يَغْلِي
فِي الْبُطُونِ (45)
{كَالْمُهْلِ} أَيْ كَدُرْدِيِّ الزَّيْت
الْأَسْوَد خَبَر ثَانٍ {تغلي فِي الْبُطُون} بالْفَوْقانية
خَبَر ثَالِث وبالتَّحْتَانِيّة حَال من المهل
4 -
(1/659)
كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
(46)
{كَغَلْيِ الْحَمِيم} الْمَاء الشَّدِيد
الْحَرَارَة
4 -
(1/659)
خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ
إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47)
{خُذُوهُ} يُقَال لِلزَّبَانِيَةِ خُذُوا
الْأَثِيم {فَاعْتِلُوهُ} بِكَسْرِ التَّاء وَضَمّهَا جُرُّوهُ
بِغِلْظَةٍ وَشِدَّة {إلَى سَوَاء الْجَحِيم} وَسَط النَّار
4 -
(1/659)
ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ
رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)
{ثُمَّ صُبُّوا فَوْق رَأْسه مِنْ عَذَاب
الْحَمِيم} أَيْ مِنْ الْحَمِيم الَّذِي لَا يُفَارِقهُ
الْعَذَاب فَهُوَ أَبْلَغ مِمَّا فِي آيَة {يُصَبّ مِنْ فوق
رؤوسهم الحميم}
4 -
(1/659)
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)
وَيُقَال لَهُ {ذُقْ} أَيْ الْعَذَاب
{إنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم} بِزَعْمِك وَقَوْلك مَا
بَيْن جَبَلَيْهَا أعز وأكرم مني
5 -
(1/659)
إِنَّ هَذَا مَا
كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)
ويقال لهم {إنَّ هَذَا} الَّذِي تَرَوْنَ
مِنْ الْعَذَاب {مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} فِيهِ
تَشُكُّونَ
5 -
(1/659)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
{إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَام} مَجْلِس
{أَمِين} يُؤْمَن فيه الخوف
(1/659)
5 -
(1/660)
فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ (52)
{في جنات} بساتين {وعيون}
5 -
(1/660)
يَلْبَسُونَ مِنْ
سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53)
{يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُس وَإِسْتَبْرَق}
أَيْ مَا رَقَّ مِنْ الدِّيبَاج وَمَا غَلُظَ مِنْهُ
{مُتَقَابِلِينَ} حَال أَيْ لَا يَنْظُر بَعْضهمْ إلَى قَفَا
بَعْض لِدَوَرَانِ الْأَسِرَّة بِهِمْ
5 -
(1/660)
كَذَلِكَ
وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)
{كَذَلِكَ} يُقَدَّر قَبْله الْأَمْر
{وَزَوَّجْنَاهُمْ} مِنْ التَّزْوِيج أَوْ قَرَنَّاهُمْ
{بِحُورٍ عِين} بِنِسَاءٍ بِيض وَاسِعَات الأعين حسانها
5 -
(1/660)
يَدْعُونَ فِيهَا
بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)
{يَدْعُونَ} يَطْلُبُونَ الْخَدَم {فِيهَا}
أَيْ الْجَنَّة أَنْ يَأْتُوا {بِكُلِّ فَاكِهَة} مِنْهَا
{آمِنِينَ} مِنْ انْقِطَاعهَا وَمَضَرَّتهَا وَمِنْ كُلّ
مَخُوف حَال
5 -
(1/660)
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا
الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ
الْجَحِيمِ (56)
{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْت إلَّا
الْمَوْتَة الْأُولَى} أَيْ الَّتِي فِي الدُّنْيَا بَعْد
حَيَاتهمْ فِيهَا قال بعضهم إلا بمعنى بعد {ووقاهم عذاب
الجحيم}
5 -
(1/660)
فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ
ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
{فَضْلًا} مَصْدَر بِمَعْنَى تَفَضُّلًا
مَنْصُوب بِتَفَضُّلٍ مُقَدَّرًا {من ربك ذلك هو الفوز العظيم}
5 -
(1/660)
فَإِنَّمَا
يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ} سَهَّلْنَا
الْقُرْآن {بِلِسَانِك} بِلُغَتِك لِتَفْهَمهُ الْعَرَب مِنْك
{لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يَتَّعِظُونَ فَيُؤْمِنُونَ
لَكِنَّهُمْ لا يؤمنون
5 -
(1/660)
فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ
مُرْتَقِبُونَ (59)
{فَارْتَقِبْ} انْتَظِرْ هَلَاكهمْ
{إنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} هَلَاكك وَهَذَا قبل نزول الأمر
بجهادهم = 45 سورة الجاثية
(1/660)
حم (1)
{حم} اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ
(1/660)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ
مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)
{تنزيل الكتاب} القرآن مبتدأ {من الله}
خبره {الْعَزِيز} فِي مُلْكه {الْحَكِيم} فِي صُنْعه
(1/660)
إِنَّ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3)
{إنَّ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} أَيْ
فِي خَلْقهمَا {لَآيَات} دَالَّة عَلَى قُدْرَة اللَّه
وَوَحْدَانِيّته تَعَالَى {للمؤمنين
(1/660)
وَفِي خَلْقِكُمْ
وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)
{وَفِي خَلْقكُمْ} أَيْ فِي خَلْق كُلّ
مِنْكُمْ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ عَلَقَة ثُمَّ مُضْغَة إلَى أن
صار إنسانا {و} خلق {ما يَبُثّ} يُفَرَّق فِي الْأَرْض {مِنْ
دَابَّة} هِيَ مَا يَدِبّ عَلَى الْأَرْض مِنْ النَّاس
وَغَيْرهمْ {آيَات لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} بِالْبَعْثِ
(1/661)
وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ
السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
(5)
{وَ} فِي {اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار}
ذَهَابهمَا وَمَجِيئُهُمَا {وَمَا أَنْزَلَ اللَّه مِنَ
السَّمَاء مِنْ رِزْق} مطر لأنه سبب الرزق {فأحيا به الْأَرْض
بَعْد مَوْتهَا وَتَصْرِيف الرِّيَاح} تَقْلِيبهَا مَرَّة
جَنُوبًا وَمَرَّة شِمَالًا وَبَارِدَة وَحَارَّة {آيَات
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} الدَّلِيل فَيُؤْمِنُونَ
(1/661)
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ
نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ
اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)
{تِلْكَ} الْآيَات الْمَذْكُورَة {آيَات
اللَّه} حُجَجه الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيّته {نَتْلُوهَا}
نَقُصّهَا {عَلَيْك بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّق بِنَتْلُو
{فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْد اللَّه} أَيْ حَدِيثه وَهُوَ
الْقُرْآن {وَآيَاته} حُجَجه {يُؤْمِنُونَ} أَيْ كُفَّار
مَكَّة أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ وَفِي قِرَاءَة بِالتَّاءِ
(1/661)
وَيْلٌ لِكُلِّ
أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)
{وَيْل} كَلِمَة عَذَاب {لِكُلِّ أَفَّاك}
كَذَّاب {أَثِيم} كثير الإثم
(1/661)
يَسْمَعُ آيَاتِ
اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ
لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)
{يَسْمَع آيَات اللَّه} الْقُرْآن {تُتْلَى
عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرّ} عَلَى كُفْره {مُسْتَكْبِرًا}
مُتَكَبِّرًا عَنْ الْإِيمَان {كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا
فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم} مُؤْلِم
(1/661)
وَإِذَا عَلِمَ مِنْ
آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ مُهِينٌ (9)
{وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتنَا} أَيْ
الْقُرْآن {شَيْئًا اتخذها هزؤا} أَيْ مَهْزُوءًا بِهَا
{أُولَئِكَ} أَيْ الْأَفَّاكُونَ {لَهُمْ عَذَاب مُهِين} ذُو
إهَانَة
1 -
(1/661)
مِنْ وَرَائِهِمْ
جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا
مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)
{مِنْ وَرَائِهِمْ} أَيْ أَمَامهمْ
لِأَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا {جَهَنَّم وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ
مَا كَسَبُوا} مِنْ المال والفعال {شيئا ولا ما اتخذوا من دون
الله} أي الأصنام {أولياء ولهم عذاب عظيم}
1 -
(1/661)
هَذَا هُدًى
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ
رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)
{هَذَا} أَيْ الْقُرْآن {هُدًى} مِنْ
الضَّلَالَة {وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَهُمْ
عَذَاب} حَظّ {مِنْ رِجْز} أَيْ عَذَاب {أَلِيم} مُوجِع
1 -
(1/661)
اللَّهُ الَّذِي
سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ
بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ (12)
{اللَّه الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْر
لِتَجْرِيَ الْفُلْك} السُّفُن {فِيهِ بِأَمْرِهِ} بِإِذْنِهِ
{وَلِتَبْتَغُوا} تَطْلُبُوا بِالتِّجَارَةِ {من فضله ولعلكم
تشكرون
(1/661)
1 -
(1/662)
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات}
مِنْ شَمْس وَقَمَر وَنُجُوم وَمَاء وَغَيْره {وَمَا فِي
الْأَرْض} مِنْ دَابَّة وَشَجَر وَنَبَات وَأَنْهَار
وَغَيْرهَا أَيْ خَلَقَ ذَلِكَ لِمَنَافِعِكُمْ {جَمِيعًا}
تَأْكِيد {مِنْهُ} حَال أَيْ سَخَّرَهَا كَائِنَة مِنْهُ
تَعَالَى {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
فِيهَا فَيُؤْمِنُونَ
1 -
(1/662)
قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ
لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا
لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ} يَخَافُونَ {أَيَّام اللَّه}
وَقَائِعه أَيْ اغْفِرُوا لِلْكُفَّارِ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ
مِنْ الْأَذَى لَكُمْ وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِجِهَادِهِمْ
{لِيَجْزِيَ} أَيْ اللَّه وَفِي قِرَاءَة بِالنُّونِ {قَوْمًا
بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} مِنْ الْغَفْر لِلْكُفَّارِ
أَذَاهُمْ
1 -
(1/662)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى
رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)
{من عمل صالحا فلنفسه} عمل {ومن أساء
فَعَلَيْهَا} أَسَاءَ {ثُمَّ إلَى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ}
تَصِيرُونَ فَيُجَازِي الْمُصْلِح وَالْمُسِيء
1 -
(1/662)
وَلَقَدْ آتَيْنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
الْعَالَمِينَ (16)
{وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إسْرَائِيل
الْكِتَاب} التَّوْرَاة {وَالْحُكْم} بِهِ بَيْن النَّاس
{وَالنُّبُوَّة} لِمُوسَى وَهَارُونَ مِنْهُمْ
{وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَات} الْحَلَالَاتِ كَالْمَنِّ
وَالسَّلْوَى {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} عَالِمِي
زَمَانهمْ الْعُقَلَاء
1 -
(1/662)
وَآتَيْنَاهُمْ
بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ
بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ
رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا
كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17)
{وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَات مِنَ الْأَمْر}
أَمْر الدِّين مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام وَبَعْثَة مُحَمَّد
عَلَيْهِ أَفَضْل الصَّلَاة وَالسَّلَام {فَمَا اخْتَلَفُوا}
فِي بَعَثْته {إلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ الْعِلْم
بَغْيًا بَيْنهمْ} أَيْ لبغي حدث بينهم حسدا له {إنَّ رَبّك
يَقْضِي بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ}
1 -
(1/662)
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ
عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)
{ثُمَّ جَعَلْنَاك} يَا مُحَمَّد {عَلَى
شَرِيعَة} طَرِيقَة {مِنَ الْأَمْر} أَمْر الدِّين
{فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِع أَهْوَاء الَّذِينَ لَا
يَعْلَمُونَ} فِي عِبَادَة غَيْر الله
1 -
(1/662)
إِنَّهُمْ لَنْ
يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ
الْمُتَّقِينَ (19)
{إنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا} يَدْفَعُوا
{عَنْك مِنَ اللَّه} من عذابه {شيئا وإن الظالمين} الكافرين
{بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين
(1/662)
2 -
(1/663)
هَذَا بَصَائِرُ
لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)
{هَذَا} الْقُرْآن {بَصَائِر لِلنَّاسِ}
مَعَالِم يَتَبَصَّرُونَ بِهَا فِي الْأَحْكَام وَالْحُدُود
{وَهُدًى وَرَحْمَة لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} بالبعث
2 -
(1/663)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ
وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)
{أَمْ} بِمَعْنَى هَمْزَة الْإِنْكَار
{حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا} اكْتَسَبُوا {السَّيِّئَات}
الْكُفْر وَالْمَعَاصِي {أَنْ نَجْعَلهُمْ كَاَلَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاء} خَبَر {مَحْيَاهُمْ
وَمَمَاتهمْ} مُبْتَدَأ وَمَعْطُوف وَالْجُمْلَة بَدَل مِنْ
الْكَاف وَالضَّمِيرَانِ لِلْكُفَّارِ الْمَعْنَى أَحَسِبُوا
أَنْ نَجْعَلهُمْ فِي الْآخِرَة فِي خَيْر كَالْمُؤْمِنِينَ
فِي رَغَد مِنْ الْعَيْش مُسَاوٍ لِعَيْشِهِمْ فِي الدُّنْيَا
حَيْثُ قَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ لَئِنْ بُعِثْنَا لَنُعْطَى
مِنْ الْخَيْر مِثْل مَا تُعْطُونَ قَالَ تَعَالَى عَلَى وَفْق
إنْكَاره بِالْهَمْزَةِ {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أَيْ لَيْسَ
الْأَمْر كَذَلِكَ فَهُمْ فِي الْآخِرَة فِي الْعَذَاب عَلَى
خِلَاف عَيْشهمْ فِي الدُّنْيَا وَالْمُؤْمِنُونَ فِي
الْآخِرَة فِي الثَّوَاب بِعَمَلِهِمْ الصَّالِحَات فِي
الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام وَغَيْر
ذَلِكَ وَمَا مَصْدَرِيَّة أَيْ بئس حكما حكمهم هذا
2 -
(1/663)
وَخَلَقَ اللَّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ
نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)
{وخلق الله السماوات و} خلق {الأرض
بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّق بِخَلَقَ لِيَدُلّ عَلَى قُدْرَته
وَوَحْدَانِيّته {وَلِتُجْزَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ} مِنْ
الْمَعَاصِي والطاعات فلا يساوي الكافر المؤمن {وهم لا يظلمون}
2 -
(1/663)
أَفَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ
غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا
تَذَكَّرُونَ (23)
{أَفَرَأَيْت} أَخْبِرْنِي {مَنِ اتَّخَذَ
إلَهه هَوَاهُ} مَا يَهْوَاهُ مِنْ حَجَر بَعْد حَجَر يَرَاهُ
أَحْسَن {وَأَضَلَّهُ اللَّه عَلَى عِلْم} مِنْهُ تَعَالَى
أَيْ عَالِمًا بِأَنَّهُ مِنْ أَهْل الضَّلَالَة قَبْل خَلْقه
{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعه وَقَلْبه} فَلَمْ يَسْمَع الْهُدَى
وَلَمْ يَعْقِلهُ {وَجَعَلَ عَلَى بَصَره غِشَاوَة} ظُلْمَة
فَلَمْ يُبْصِر الْهُدَى وَيُقَدَّر هُنَا الْمَفْعُول
الثَّانِي لِرَأَيْت أَيَهْتَدِي {فَمَنْ يَهْدِيه مِنْ بَعْد
اللَّه} أَيْ بَعْد إضْلَاله إيَّاهُ أَيْ لَا يَهْتَدِي
{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} تَتَّعِظُونَ فِيهِ إدْغَام إحْدَى
التَّاءَيْنِ في الذال
2 -
(1/663)
وَقَالُوا مَا هِيَ
إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا
يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ
عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)
{وَقَالُوا} أَيْ مُنْكِرُو الْبَعْث {مَا
هِيَ} أَيْ الْحَيَاة {إلَّا حَيَاتنَا} الَّتِي فِي
{الدُّنْيَا نَمُوت وَنَحْيَا} أَيْ يَمُوت بَعْض وَيَحْيَا
بَعْض بِأَنْ يُولَدُوا {وَمَا يُهْلِكنَا إلَّا الدَّهْر}
أَيْ مُرُور الزمان قال تعالى {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ}
الْمَقُول {مِنْ عِلْم إنْ} ما {هم إلا يظنون
(1/663)
2 -
(1/664)
وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا
أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(25)
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا}
مِنْ الْقُرْآن الدَّالَّة عَلَى قُدْرَتنَا عَلَى الْبَعْث
{بَيِّنَات} وَاضِحَات حَال {مَا كَانَ حُجَّتهمْ إلَّا أَنْ
قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا} أَحْيَاء {إنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ} أَنَّا نُبْعَث
2 -
(1/664)
قُلِ اللَّهُ
يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26)
{قُلِ اللَّه يُحْيِيكُمْ} حِين كُنْتُمْ
نُطَفًا {ثُمَّ يُمِيتكُمْ ثُمَّ يَجْمَعكُمْ} أَحْيَاء {إلَى
يَوْم الْقِيَامَة لَا رَيْب} شَكّ {فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَر
النَّاس} وهم القائلون ما ذكر {لا يعلمون}
2 -
(1/664)
وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ
يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27)
{ولله ملك السماوات وَالْأَرْض وَيَوْم
تَقُوم السَّاعَة} يُبْدَل مِنْهُ {يَوْمئِذٍ يَخْسَر
الْمُبْطِلُونَ} الْكَافِرُونَ أَيْ يَظْهَر خُسْرَانهمْ
بِأَنْ يَصِيرُوا إلَى النَّار
2 -
(1/664)
وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ
جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)
{وَتَرَى كُلّ أُمَّة} أَيْ أَهْل دِين
{جَاثِيَة} عَلَى الرُّكَب أَوْ مُجْتَمِعَة {كُلّ أُمَّة
تُدْعَى إلَى كِتَابهَا} كِتَاب أَعْمَالهَا وَيُقَال لَهُمْ
{الْيَوْم تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ
جَزَاءَهُ
2 -
(1/664)
هَذَا كِتَابُنَا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ
مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
{هَذَا كِتَابنَا} دِيوَان الْحَفَظَة
{يَنْطِق عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إنا كنا نستنسخ} نثبت ونحفظ
{ما كنتم تعملون}
3 -
(1/664)
فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ
فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَات فَيُدْخِلهُمْ رَبّهمْ فِي رَحْمَته} جَنَّته
{ذَلِكَ هُوَ الْفَوْز الْمُبِين} البين الظاهر
3 -
(1/664)
وَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ
فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31)
{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} فَيُقَال
لَهُمْ {أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي} الْقُرْآن {تُتْلَى
عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ} تَكَبَّرْتُمْ {وَكُنْتُمْ
قَوْمًا مُجْرِمِينَ} كَافِرِينَ
3 -
(1/664)
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ
وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ
مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا
نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)
{وَإِذَا قِيلَ} لَكُمْ أَيّهَا الْكُفَّار
{إنَّ وَعْد اللَّه} بِالْبَعْثِ {حَقّ وَالسَّاعَة}
بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب {لَا رَيْب} شَكّ {فِيهَا قُلْتُمْ مَا
نَدْرِي مَا السَّاعَة إنْ} مَا {نَظُنّ إلَّا ظَنًّا} قَالَ
الْمُبَرِّد أَصْله إنْ نَحْنُ إلَّا نَظُنّ ظَنًّا {وَمَا
نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} أَنَّهَا آتِيَة
(1/664)
3 -
(1/665)
وَبَدَا لَهُمْ
سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ (33)
{وَبَدَا} ظَهَرَ {لَهُمْ} فِي الْآخِرَة
{سَيِّئَات مَا عَمِلُوا} فِي الدُّنْيَا أَيْ جَزَاؤُهَا
{وَحَاقَ} نَزَلَ {بِهِمْ مَا كَانُوا به يستهزءون} أي العذاب
3 -
(1/665)
وَقِيلَ الْيَوْمَ
نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34)
{وَقِيلَ الْيَوْم نَنْسَاكُمْ}
نَتْرُككُمْ فِي النَّار {كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ
هَذَا} أَيْ تَرَكْتُمْ الْعَمَل لِلِقَائِهِ {وَمَأْوَاكُمْ
النَّار وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} مانعين منه
3 -
(1/665)
ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ
اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ
يُسْتَعْتَبُونَ (35)
{ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله} القرآن
{هزؤا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاة الدُّنْيَا} حَتَّى قُلْتُمْ
لَا بَعْث وَلَا حِسَاب {فَالْيَوْم لَا يُخْرَجُونَ}
بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَلِلْمَفْعُولِ {مِنْهَا} مِنَ
النَّار {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} لَا يُطْلَب مِنْهُمْ
أَنْ يُرْضُوا رَبّهمْ بِالتَّوْبَةِ وَالطَّاعَة لِأَنَّهَا
لَا تَنْفَع يَوْمئِذٍ
3 -
(1/665)
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(36)
{فَلِلَّهِ الْحَمْد} الْوَصْف
بِالْجَمِيلِ عَلَى وَفَاء وَعْده فِي الْمُكَذِّبِينَ {رَبّ
السَّمَاوَات وَرَبّ الْأَرْض رَبّ الْعَالَمِينَ} خَالِق مَا
ذُكِرَ وَالْعَالَم مَا سِوَى اللَّه وَجُمِعَ لِاخْتِلَافِ
أَنْوَاعه وَرَبّ بَدَل
3 -
(1/665)
وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(37)
{وَلَهُ الْكِبْرِيَاء} الْعَظَمَة {فِي السَّمَاوَات
وَالْأَرْض} حَال أَيْ كَائِنَة فِيهِمَا {وَهُوَ الْعَزِيز
الْحَكِيم} تَقَدَّمَ |