تفسير الجلالين = 52 سُورَة الطور
(1/696)
وَالطُّورِ (1)
{وَالطُّور} أَيْ الْجَبَل الَّذِي كَلَّمَ
اللَّه عَلَيْهِ موسى
(1/696)
وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ
(2)
{وكتاب مسطور
(1/696)
فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ
(3)
{فِي رَقّ مَنْشُور} أَيْ التَّوْرَاة أَوْ
الْقُرْآن
(1/697)
وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ (4)
{وَالْبَيْت الْمَعْمُور} هُوَ فِي
السَّمَاء الثَّالِثَة أَوْ السَّادِسَة أَوْ السَّابِعَة
بِحِيَالِ الْكَعْبَة يَزُورهُ كُلّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْف
مَلَك بِالطَّوَافِ وَالصَّلَاة لَا يَعُودُونَ إلَيْهِ
أَبَدًا
(1/697)
وَالسَّقْفِ
الْمَرْفُوعِ (5)
{وَالسَّقْف الْمَرْفُوع} أَيْ السَّمَاء
(1/697)
وَالْبَحْرِ
الْمَسْجُورِ (6)
{وَالْبَحْر الْمَسْجُور} أَيْ الْمَمْلُوء
(1/697)
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ
لَوَاقِعٌ (7)
{إنَّ عَذَاب رَبّك لَوَاقِع} لَنَازِل
بِمُسْتَحِقِّهِ
(1/697)
مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ
(8)
{مَا لَهُ مِنْ دَافِع} عَنْهُ
(1/697)
يَوْمَ تَمُورُ
السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
{يَوْم} مَعْمُول لَوَاقِع {تَمُور
السَّمَاء مَوْرًا} تَتَحَرَّك وتدور
1 -
(1/697)
وَتَسِيرُ الْجِبَالُ
سَيْرًا (10)
{وَتَسِير الْجِبَال سَيْرًا} تَصِير
هَبَاء مَنْثُورًا وَذَلِكَ فِي يَوْم الْقِيَامَة
1 -
(1/697)
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ (11)
{فويل} شدة عذاب {يومئذ للمكذبين} للرسل
1 -
(1/697)
الَّذِينَ هُمْ فِي
خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12)
{الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْض} بَاطِل
{يَلْعَبُونَ} أَيْ يَتَشَاغَلُونَ بِكُفْرِهِمْ
1 -
(1/697)
يَوْمَ يُدَعُّونَ
إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)
{يَوْم يُدَعُّونَ إلَى نَار جَهَنَّم
دَعًّا} يُدْفَعُونَ بِعُنْفٍ بَدَل مِنْ يَوْم تَمُور
وَيُقَال لَهُمْ تَبْكِيتًا
1 -
(1/697)
هَذِهِ النَّارُ
الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)
{هذه النار التي كنتم بها تكذبون}
1 -
(1/697)
أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ
أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15)
{أَفَسِحْر هَذَا} الْعَذَاب الَّذِي
تَرَوْنَ كَمَا كُنْتُمْ تقولون في الوحي هذا سحر {أم أنتم لا
تبصرون}
1 -
(1/697)
اصْلَوْهَا
فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا
تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)
{اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا} عَلَيْهَا {أَوْ
لَا تَصْبِرُوا} صَبْركُمْ وَجَزَعكُمْ {سَوَاء عَلَيْكُمْ}
لِأَنَّ صَبْركُمْ لَا يَنْفَعكُمْ {إنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ جَزَاءَهُ
1 -
(1/697)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17)
{إن المتقين في جنات ونعيم}
1 -
(1/697)
فَاكِهِينَ بِمَا
آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ
(18)
{فَاكِهِينَ} مُتَلَذِّذِينَ {بِمَا}
مَصْدَرِيَّة {آتَاهُمْ} أَعْطَاهُمْ {رَبّهمْ وَوَقَاهُمْ
رَبّهمْ عَذَاب الْجَحِيم} عَطْفًا عَلَى آتَاهُمْ أَيْ
بِإِتْيَانِهِمْ وَوِقَايَتهمْ وَيُقَال لَهُمْ
1 -
(1/697)
كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} حَال أَيْ
مُهَنَّئِينَ {بِمَا} الباء سببية {كنتم تعملون}
2 -
(1/697)
مُتَّكِئِينَ عَلَى
سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)
{مُتَّكِئِينَ} حَال مِنْ الضَّمِير
الْمُسْتَكِن فِي قَوْله {في جنات} {عَلَى سُرَر مَصْفُوفَة}
بَعْضهَا إلَى جَنْب بَعْض {وَزَوَّجْنَاهُمْ} عُطِفَ عَلَى
جَنَّات أَيْ قَرَنَّاهُمْ {بِحُورٍ عِين} عِظَام الْأَعْيُن
حِسَانهَا
(1/697)
2 -
(1/698)
وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا
بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)
{والذين آمنوا} مبتدأ {وَأَتْبَعْنَاهُمْ}
وَفِي قِرَاءَة وَاتَّبَعَتْهُمْ مَعْطُوف عَلَى آمَنُوا
{ذرياتهم} وَفِي قِرَاءَة ذُرِّيَّتهمْ الصِّغَار وَالْكِبَار
{بِإِيمَانٍ} مِنْ الكبار ومن أولادهم الصغار والخبر {ألحقنا
بهم ذرياتهم} الْمَذْكُورِينَ فِي الْجَنَّة فَيَكُونُونَ فِي
دَرَجَتهمْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا تَكْرِمَة لِلْآبَاءِ
بِاجْتِمَاعِ الْأَوْلَاد إلَيْهِمْ {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ}
بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْرهَا نَقَصْنَاهُمْ {مِنْ عَمَلهمْ
مِنْ} زَائِدَة {شَيْء} يُزَاد فِي عَمَل الْأَوْلَاد {كُلّ
امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ} مِنْ عَمَلٍ خَيْر أَوْ شَرّ {رَهِين}
مَرْهُون يُؤَاخَذ بِالشَّرِّ ويجازي بالخير
2 -
(1/698)
وَأَمْدَدْنَاهُمْ
بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)
{وَأَمْدَدْنَاهُمْ} زِدْنَاهُمْ فِي وَقْت
بَعْد وَقْت {بِفَاكِهَةٍ وَلَحْم مِمَّا يَشْتَهُونَ} وَإِنْ
لَمْ يُصَرِّحُوا بِطَلَبِهِ
2 -
(1/698)
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا
كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)
{يَتَنَازَعُونَ} يَتَعَاطَوْنَ بَيْنهمْ
{فِيهَا} أَيْ الْجَنَّة {كَأْسًا} خَمْرًا {لَا لَغْو فِيهَا}
أَيْ بِسَبَبِ شُرْبهَا يَقَع بَيْنهمْ {وَلَا تَأْثِيم} بِهِ
يَلْحَقهُمْ بِخِلَافِ خمر الدنيا
2 -
(1/698)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ
غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)
{وَيَطُوف عَلَيْهِمْ} لِلْخِدْمَةِ
{غِلْمَان} أَرِقَّاء {لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} حُسْنًا وَلَطَافَة
{لُؤْلُؤ مَكْنُون} مَصُون فِي الصَّدَف لِأَنَّهُ فِيهَا
أَحْسَن مِنْهُ فِي غَيْرهَا
2 -
(1/698)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25)
{وَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض
يَتَسَاءَلُونَ} يَسْأَل بَعْضهمْ بَعْضًا عَمَّا كَانُوا
عَلَيْهِ وَمَا وَصَلُوا إلَيْهِ تَلَذُّذًا وَاعْتِرَافًا
بِالنِّعْمَةِ
2 -
(1/698)
قَالُوا إِنَّا كُنَّا
قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)
{قَالُوا} إيمَاء إلَى عِلَّة الْوُصُول
{إنَّا كُنَّا قَبْل فِي أَهْلنَا} فِي الدُّنْيَا
{مُشْفِقِينَ} خَائِفِينَ مِنْ عَذَاب اللَّه
2 -
(1/698)
فَمَنَّ اللَّهُ
عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)
{فَمَنَّ اللَّه عَلَيْنَا}
بِالْمَغْفِرَةِ {وَوَقَانَا عَذَاب السَّمُوم} النَّار
لِدُخُولِهَا فِي الْمَسَامّ وَقَالُوا إيمَاء أَيْضًا
2 -
(1/698)
إِنَّا كُنَّا مِنْ
قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)
{إنَّا كُنَّا مِنْ قَبْل} أَيْ فِي
الدُّنْيَا {نَدْعُوهُ} نَعْبُدهُ مُوَحِّدِينَ {إنَّهُ}
بِالْكَسْرِ اسْتِئْنَافًا وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلًا مَعْنَى
وَبِالْفَتْحِ تَعْلِيلًا لَفْظًا {هُوَ الْبَرّ} الْمُحْسِن
الصَّادِق فِي وَعْده {الرَّحِيم} الْعَظِيم الرحمة
2 -
(1/698)
فَذَكِّرْ فَمَا
أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)
{فَذَكِّرْ} دُمْ عَلَى تَذْكِير
الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَرْجِع عَنْهُ لِقَوْلِهِمْ لَك كَاهِن
مَجْنُون {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبّك} بِإِنْعَامِهِ
عَلَيْك {بِكَاهِنٍ} خَبَر مَا {وَلَا مَجْنُون} مَعْطُوف
عَلَيْهِ
3 -
(1/698)
أَمْ يَقُولُونَ
شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)
{أَمْ} بَلْ {يَقُولُونَ} هُوَ {شَاعِر
نَتَرَبَّص بِهِ رَيْب الْمَنُون} حَوَادِث الدَّهْر فَيَهْلَك
كَغَيْرِهِ مِنْ الشعراء
3 -
(1/698)
قُلْ تَرَبَّصُوا
فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)
{قُلْ تَرَبَّصُوا} هَلَاكِي {فَإِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} هَلَاككُمْ فَعُذِّبُوا
بِالسَّيْفِ يَوْم بَدْر وَالتَّرَبُّص الِانْتِظَار
(1/698)
3 -
(1/699)
أَمْ تَأْمُرُهُمْ
أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)
{أَمْ تَأْمُرهُمْ أَحْلَامهمْ} عُقُولهمْ
{بِهَذَا} قَوْلهمْ لَهُ سَاحِر كَاهِن مَجْنُون أَيْ لَا
تَأْمُرهُمْ بِذَلِكَ {أَمْ} بَلْ {هُمْ قَوْم طَاغُونَ}
بِعِنَادِهِمْ
3 -
(1/699)
أَمْ يَقُولُونَ
تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)
{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} اخْتَلَقَ
الْقُرْآن لَمْ يَخْتَلِقهُ {بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ}
اسْتِكْبَارًا فَإِنْ قَالُوا اخْتَلَقَهُ
3 -
(1/699)
فَلْيَأْتُوا
بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)
{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ} مُخْتَلَق
{مِثْله إنْ كَانُوا صَادِقِينَ} في قولهم
3 -
(1/699)
أَمْ خُلِقُوا مِنْ
غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْر شَيْء} مِنْ
غَيْر خَالِق {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} أَنْفُسهمْ وَلَا
يُعْقَل مَخْلُوق بِغَيْرِ خَالِق وَلَا مَعْدُوم يَخْلُق
فَلَا بُدّ لَهُمْ مِنْ خَالِق هُوَ اللَّه الْوَاحِد فَلِمَ
لَا يُوَحِّدُونَهُ وَيُؤْمِنُونَ بِرَسُولِهِ وَكِتَابه
3 -
(1/699)
أَمْ خَلَقُوا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)
{أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَات وَالْأَرْض}
وَلَا يَقْدِر عَلَى خَلْقهمَا إلَّا اللَّه الْخَالِق فَلِمَ
لَا يَعْبُدُونَهُ {بَلْ لَا يُوقِنُونَ} بِهِ وَإِلَّا
لَآمَنُوا بِنَبِيِّهِ
3 -
(1/699)
أَمْ عِنْدَهُمْ
خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)
{أَمْ عِنْدهمْ خَزَائِن رَبّك} مِنْ
النُّبُوَّة وَالرِّزْق وَغَيْرهمَا فَيَخُصُّوا مَنْ شَاءُوا
بِمَا شَاءُوا {أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} الْمُتَسَلِّطُونَ
الْجَبَّارُونَ وَفِعْله سَيْطَرَ وَمِثْله بيطر وبيقر
3 -
(1/699)
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ
يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ
مُبِينٍ (38)
{أَمْ لَهُمْ سُلَّم} مَرْقَى إلَى
السَّمَاء {يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أَيْ عَلَيْهِ كَلَام
الْمَلَائِكَة حَتَّى يُمْكِنهُمْ مُنَازَعَة النَّبِيّ
بِزَعْمِهِمْ إِنِ ادَّعَوْا ذَلِكَ {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعهمْ}
مُدَّعِي الِاسْتِمَاع عَلَيْهِ {بِسُلْطَانٍ مُبِين}
بِحُجَّةٍ بَيِّنَة وَاضِحَة وَلِشِبْهِ هَذَا الزَّعْم
بِزَعْمِهِمْ أَنَّ الملائكة بنات الله قال تعالى
3 -
(1/699)
أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ
وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)
{أَمْ لَهُ الْبَنَات} بِزَعْمِكُمْ
{وَلَكُمْ الْبَنُونَ} تَعَالَى اللَّه عَمَّا زَعَمْتُمُوهُ
4 -
(1/699)
أَمْ تَسْأَلُهُمْ
أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)
{أم تسألهم أجرا} على ما جئتهم بِهِ مِنْ
الدِّين {فَهُمْ مِنْ مَغْرَم} غُرْم ذَلِكَ {مُثْقَلُونَ}
فَلَا يُسْلِمُونَ
4 -
(1/699)
أَمْ عِنْدَهُمُ
الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)
{أَمْ عِنْدهمْ الْغَيْب} أَيْ عِلْمه
{فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ذَلِكَ حَتَّى يُمْكِنهُمْ مُنَازَعَة
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَعْث
وَأُمُور الْآخِرَة بِزَعْمِهِمْ
4 -
(1/699)
أَمْ يُرِيدُونَ
كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} بِك
لِيُهْلِكُوك فِي دَار النَّدْوَة {فَاَلَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ
الْمَكِيدُونَ} الْمَغْلُوبُونَ الْمُهْلَكُونَ فَحَفِظَهُ
اللَّه مِنْهُمْ ثُمَّ أَهْلَكَهُمْ بِبَدْرٍ
4 -
(1/699)
أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ
غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)
{أَمْ لَهُمْ إلَه غَيْر اللَّه سُبْحَان
اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ} بِهِ مِنْ الْآلِهَة
وَالِاسْتِفْهَام بِأَمْ فِي مَوَاضِعهَا لِلتَّقْبِيحِ
وَالتَّوْبِيخ
(1/699)
4 -
(1/700)
وَإِنْ يَرَوْا
كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ
(44)
{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا} بَعْضًا {مِنْ
السَّمَاء سَاقِطًا} عَلَيْهِمْ كَمَا قَالُوا {فَأَسْقِطْ
عَلَيْنَا كِسْفًا مِنَ السَّمَاء} أَيْ تَعْذِيبًا لَهُمْ
{يَقُولُوا} هَذَا {سَحَاب مَرْكُوم} مُتَرَاكِب نُرْوَى بِهِ
وَلَا يُؤْمِنُونَ
4 -
(1/700)
فَذَرْهُمْ حَتَّى
يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)
{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ
الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} يموتون
4 -
(1/700)
يَوْمَ لَا يُغْنِي
عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)
{يَوْم لَا يُغْنِي} بَدَل مِنْ يَوْمَهُمُ
{عَنْهُمْ كَيْدهمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}
يُمْنَعُونَ مِنْ الْعَذَاب فِي الْآخِرَة
4 -
(1/700)
وَإِنَّ لِلَّذِينَ
ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ (47)
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا}
بِكُفْرِهِمْ {عَذَابًا دُون ذَلِكَ} فِي الدُّنْيَا قَبْل
مَوْتهمْ فَعُذِّبُوا بِالْجُوعِ وَالْقَحْط سَبْع سِنِينَ
وَبِالْقَتْلِ يَوْم بَدْر {وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لَا
يَعْلَمُونَ} أَنَّ الْعَذَاب يَنْزِل بِهِمْ
4 -
(1/700)
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
حِينَ تَقُومُ (48)
{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك}
بِإِمْهَالِهِمْ وَلَا يَضِقْ صَدْرك {فَإِنَّك بِأَعْيُنِنَا}
بِمَرْأًى مِنَّا نَرَاك وَنَحْفَظك {وَسَبِّحْ} مُتَلَبِّسًا
{بِحَمْدِ رَبّك} أَيْ قُلْ سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ
{حِين تَقُوم} مِنْ مَنَامك أَوْ مِنْ مجلسك
4 -
(1/700)
وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
{وَمِنَ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ} حَقِيقَة
أَيْضًا {وَإِدْبَار النُّجُوم} مَصْدَر أَيْ عَقِب غُرُوبهَا
سَبِّحْهُ أَيْضًا أَوْ صَلِّ فِي الْأَوَّل الْعِشَاءَيْنِ
وَفِي الثَّانِي الْفَجْر وقيل الصبح = 53 سورة النجم
(1/700)
وَالنَّجْمِ إِذَا
هَوَى (1)
{وَالنَّجْم} الثُّرَيَّا {إذَا هَوَى}
غَابَ
(1/700)
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ
وَمَا غَوَى (2)
{مَا ضَلَّ صَاحِبكُمْ} مُحَمَّد عَلَيْهِ
الصَّلَاة وَالسَّلَام عَنْ طَرِيق الْهِدَايَة {وَمَا غَوَى}
مَا لَابَسَ الْغَيّ وَهُوَ جَهْل مِنْ اعْتِقَاد فَاسِد
(1/700)
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوَى (3)
{وَمَا يَنْطِق} بِمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ
{عَنِ الْهَوَى} هوى نفسه
(1/700)
إِنْ هُوَ إِلَّا
وَحْيٌ يُوحَى (4)
{إنْ} مَا {هُوَ إلَّا وَحْي يُوحَى}
إلَيْهِ
(1/700)
عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوَى (5)
{علمه} إياه ملك {شديد القوى}
(1/700)
ذُو مِرَّةٍ
فَاسْتَوَى (6)
{ذُو مِرَّة} قُوَّة وَشِدَّة أَوْ مَنْظَر
حَسَن أَيْ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {فَاسْتَوَى}
اسْتَقَرَّ
(1/700)
وَهُوَ بِالْأُفُقِ
الْأَعْلَى (7)
{وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} أُفُق
الشَّمْس أَيْ عِنْد مَطْلَعهَا عَلَى صُورَته الَّتِي خُلِقَ
عَلَيْهَا فَرَآهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَانَ بِحِرَاءٍ قَدْ سَدَّ الْأُفُق إلَى الْمَغْرِب
فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ سَأَلَهُ أَنْ
يُرِيه نَفْسه عَلَى صُورَته الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا
فَوَاعَدَهُ بِحِرَاءٍ فَنَزَلَ جِبْرِيل لَهُ فِي صُورَة
الْآدَمِيِّينَ
(1/701)
ثُمَّ دَنَا
فَتَدَلَّى (8)
{ثُمَّ دَنَا} قَرُبَ مِنْهُ {فَتَدَلَّى}
زَادَ فِي القرب
(1/701)
فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)
{فَكَانَ} مِنْهُ {قَاب} قَدْر {قَوْسَيْنِ
أَوْ أَدْنَى} مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أَفَاقَ وَسَكَنَ رَوْعَهُ
1 -
(1/701)
فَأَوْحَى إِلَى
عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)
{فَأَوْحَى} تَعَالَى {إلَى عَبْده}
جِبْرِيل {مَا أَوْحَى} جِبْرِيل إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُر الْمُوحَى تَفْخِيمًا
لِشَأْنِهِ
1 -
(1/701)
مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ
مَا رَأَى (11)
{مَا كَذَبَ} بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد
أَنْكَرَ {الْفُؤَاد} فُؤَاد النَّبِيّ {مَا رَأَى} بِبَصَرِهِ
مِنْ صُورَة جِبْرِيل
1 -
(1/701)
أَفَتُمَارُونَهُ
عَلَى مَا يَرَى (12)
{أَفَتُمَارُونَهُ} تُجَادِلُونَهُ
وَتَغْلِبُونَهُ {عَلَى مَا يَرَى} خِطَاب لِلْمُشْرِكِينَ
الْمُنْكِرِينَ رُؤْيَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم
لجبريل
1 -
(1/701)
وَلَقَدْ رَآهُ
نَزْلَةً أُخْرَى (13)
{ولقد رآه} على صورته {نزلة} مرة {أخرى}
1 -
(1/701)
عِنْدَ سِدْرَةِ
الْمُنْتَهَى (14)
{عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهَى} لَمَّا
أُسْرِيَ بِهِ فِي السَّمَاوَات وَهِيَ شَجَرَة نَبْق عَنْ
يَمِين الْعَرْش لَا يَتَجَاوَزهَا أَحَد مِنْ الْمَلَائِكَة
وَغَيْرهمْ
1 -
(1/701)
عِنْدَهَا جَنَّةُ
الْمَأْوَى (15)
{عِنْدهَا جَنَّة الْمَأْوَى} تَأْوِي
إلَيْهَا الْمَلَائِكَة وَأَرْوَاح الشهداء والمتقين
1 -
(1/701)
إِذْ يَغْشَى
السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)
{إذ} حين {يَغْشَى السِّدْرَة مَا يَغْشَى}
مِنْ طَيْر وَغَيْره وإذ معمولة لرآه
1 -
(1/701)
مَا زَاغَ الْبَصَرُ
وَمَا طَغَى (17)
{مَا زَاغَ الْبَصَر} مِنْ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا طَغَى} أَيْ مَا
مَالَ بَصَره عَنْ مَرْئِيّه الْمَقْصُود لَهُ وَلَا جَاوَزَهُ
تلك الليلة
1 -
(1/701)
لَقَدْ رَأَى مِنْ
آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)
{لقد رأى} فيها {مِنْ آيَات رَبّه
الْكُبْرَى} الْعِظَام أَيْ بَعْضهَا فَرَأَى مِنْ عَجَائِب
الْمَلَكُوت رَفْرَفًا أَخْضَر سَدَّ أفق السماء وجبريل له
ستمائة جناح
1 -
(1/701)
أَفَرَأَيْتُمُ
اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)
{أفرأيتم اللات والعزى}
2 -
(1/701)
وَمَنَاةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)
{وَمَنَاة الثَّالِثَة} لِلَّتَيْنِ
قَبْلهَا {الْأُخْرَى} صِفَة ذَمّ لِلثَّالِثَةِ وَهِيَ
أَصْنَام مِنْ حِجَارَة كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَهَا
وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَشْفَع لَهُمْ عِنْد اللَّه ومفعول
أفرأيتم الأول اللات وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي
مَحْذُوف وَالْمَعْنَى أَخْبِرُونِي أَلِهَذِهِ الْأَصْنَام
قُدْرَة عَلَى شَيْء مَا فَتَعْبُدُونَهَا دُون اللَّه
الْقَادِر عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْره وَلَمَّا زَعَمُوا
أَيْضًا أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه مع كراهتهم البنات
نزلت
2 -
(1/701)
أَلَكُمُ الذَّكَرُ
وَلَهُ الْأُنْثَى (21)
{ألكم الذكر وله الأنثى}
2 -
(1/701)
تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ
ضِيزَى (22)
{تلك إذا قسمة ضِيزَى} جَائِرَة مِنْ
ضَازَهُ يَضِيزهُ إذَا ظَلَمَهُ وجار عليه
(1/701)
2 -
(1/702)
إِنْ هِيَ إِلَّا
أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا
الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ
رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)
{إنْ هِيَ} أَيْ مَا الْمَذْكُورَات {إلَّا
أَسْمَاء سميتموها} أي سميتم بها {أنتم وآباؤكم} أَصْنَامًا
تَعْبُدُونَهَا {مَا أَنْزَلَ اللَّه بِهَا} أَيْ
بِعِبَادَتِهَا {مِنْ سُلْطَان} حُجَّة وَبُرْهَان {إنْ} مَا
{يَتَّبِعُونَ} فِي عِبَادَتهَا {إلَّا الظَّنّ وَمَا تَهْوَى
الْأَنْفُس} مِمَّا زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان مِنْ أَنَّهَا
تَشْفَع لَهُمْ عِنْد اللَّه تَعَالَى {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ
مِنْ رَبِّهُمُ الْهُدَى} عَلَى لِسَان النَّبِيّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُرْهَانِ الْقَاطِع فَلَمْ
يَرْجِعُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ
2 -
(1/702)
أَمْ لِلْإِنْسَانِ
مَا تَمَنَّى (24)
{أَمْ لِلْإِنْسَانِ} أَيْ لِكُلِّ إنْسَان
مِنْهُمْ {مَا تَمَنَّى} مِنْ أَنَّ الْأَصْنَام تَشْفَع
لَهُمْ لَيْسَ الأمر كذلك
2 -
(1/702)
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ
وَالْأُولَى (25)
{فَلِلَّهِ الْآخِرَة وَالْأُولَى} أَيْ
الدُّنْيَا فَلَا يَقَع فيها إلَّا مَا يُرِيدهُ تَعَالَى
2 -
(1/702)
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ
فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا
مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى
(26)
{وَكَمْ مِنْ مَلَك} أَيْ وَكَثِير مِنْ
الْمَلَائِكَة {في السماوات} وَمَا أَكْرَمهمْ عِنْد اللَّه
{لَا تُغْنِي شَفَاعَتهمْ شَيْئًا إلَّا مِنْ بَعْد أَنْ
يَأْذَن اللَّه} لَهُمْ فِيهَا {لِمَنْ يَشَاء} مِنْ عِبَاده
{وَيَرْضَى} عَنْهُ لِقَوْلِهِ وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ
ارْتَضَى وَمَعْلُوم أَنَّهَا لَا تُوجَد مِنْهُمْ إلَّا بَعْد
الْإِذْن فِيهَا مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَع عِنْده إلا بإذنه
2 -
(1/702)
إِنَّ الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ
تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)
{إنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَة تَسْمِيَة
الْأُنْثَى} حَيْثُ قَالُوا هُمْ بَنَات اللَّه
2 -
(1/702)
وَمَا لَهُمْ بِهِ
مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ
الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)
{وَمَا لَهُمْ بِهِ} بِهَذَا الْقَوْل
{مِنْ عِلْم إنْ} مَا {يَتَّبِعُونَ} فِيهِ {إلَّا الظَّنّ}
الَّذِي تَخَيَّلُوهُ {وَإِنَّ الظَّنّ لَا يُغْنِي مِنَ
الْحَقّ شَيْئًا} أَيْ عَنْ الْعِلْم فِيمَا الْمَطْلُوب فِيهِ
العلم
2 -
(1/702)
فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ
تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا (29)
{فأعرض عن من تَوَلَّى عَنْ ذِكْرنَا} أَيْ
الْقُرْآن {وَلَمْ يُرِدْ إلَّا الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَهَذَا
قَبْل الْأَمْر بِالْجِهَادِ
3 -
(1/702)
ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ
مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ
سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)
{ذَلِكَ} أَيْ طَلَب الدُّنْيَا
{مَبْلَغهمْ مِنَ الْعِلْم} أَيْ نِهَايَة عِلْمهمْ أَنْ
آثَرُوا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة {إنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم
بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَم بِمَنِ اهْتَدَى}
عَالِم بهما فيجازيهما
3 -
(1/702)
وَلِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى (31)
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي
الْأَرْض} هُوَ مَالِك لِذَلِكَ وَمِنْهُ الضَّالّ
وَالْمُهْتَدِي يُضِلّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء
{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أساؤوا بِمَا عَمِلُوا} مِنْ الشِّرْك
وَغَيْره {وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا} بِالتَّوْحِيدِ
وَغَيْره مِنْ الطَّاعَات {بِالْحُسْنَى} الْجَنَّة وَبَيَّنَ
الْمُحْسِنِينَ بِقَوْلِهِ
(1/702)
3 -
(1/703)
الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا
اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ
بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ
أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا
أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)
{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر
الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إلَّا اللَّمَم} هُوَ صِغَار الذُّنُوب
كَالنَّظْرَةِ وَالْقُبْلَة وَاللَّمْسَة فَهُوَ اسْتِثْنَاء
مُنْقَطِع وَالْمَعْنَى لَكِنَّ اللَّمَم يُغْفَر بِاجْتِنَابِ
الْكَبَائِر {إنَّ رَبّك وَاسِع الْمَغْفِرَة} بِذَلِكَ
وَبِقَبُولِ التَّوْبَة وَنَزَلَ فِيمَنْ كَانَ يَقُول
صَلَاتنَا صِيَامنَا حَجّنَا {هُوَ أَعْلَم} أَيْ عَالِم
{بِكُمْ إذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْض} أَيْ خَلَقَ
أَبَاكُمْ آدَم مِنْ التُّرَاب {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّة}
جَمْع جَنِين {في بطون أمهاتكم فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسكُمْ}
لَا تَمْدَحُوهَا عَلَى سَبِيل الْإِعْجَاب أَمَّا عَلَى
سَبِيل الِاعْتِرَاف بِالنِّعْمَةِ فَحَسَن {هو أعلم} أي عالم
{بمن اتقى}
3 -
(1/703)
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي
تَوَلَّى (33)
{أَفَرَأَيْت الَّذِي تَوَلَّى} عَنْ
الْإِيمَان ارْتَدَّ لَمَّا عُيِّرَ بِهِ وَقَالَ إنِّي خَشِيت
عِقَاب اللَّه فَضَمِنَ لَهُ الْمُعِير لَهُ أَنْ يَحْمِل
عَنْهُ عَذَاب اللَّه إنْ رَجَعَ إلَى شِرْكه وَأَعْطَاهُ مِنْ
مَاله كَذَا فَرَجَعَ
3 -
(1/703)
وَأَعْطَى قَلِيلًا
وَأَكْدَى (34)
{وَأَعْطَى قَلِيلًا} مِنْ الْمَال
الْمُسَمَّى {وَأَكْدَى} مَنَعَ الْبَاقِي مَأْخُوذ مِنْ
الْكَدِيَّة وَهِيَ أَرْض صُلْبَة كَالصَّخْرَةِ تَمْنَع
حَافِر الْبِئْر إذَا وَصَلَ إلَيْهَا من الحفر
3 -
(1/703)
أَعِنْدَهُ عِلْمُ
الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)
{أَعِنْده عِلْم الْغَيْب فَهُوَ يَرَى}
يَعْلَم مِنْ جُمْلَته أَنَّ غَيْره يَتَحَمَّل عَنْهُ عَذَاب
الْآخِرَة لَا وَهُوَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة أَوْ غَيْره
وَجُمْلَة أَعِنْده الْمَفْعُول الثَّانِي لِرَأَيْت بِمَعْنَى
أَخْبِرْنِي
3 -
(1/703)
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ
بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36)
{أَمْ} بَلْ {لَمْ يُنَبَّأ بِمَا فِي
صُحُف مُوسَى} أَسْفَار التَّوْرَاة أَوْ صُحُف قَبْلهَا
3 -
(1/703)
وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى (37)
{و} صُحُف {إبْرَاهِيم الَّذِي وَفَّى}
تَمَّمَ مَا أُمِرَ بِهِ نَحْو وَإِذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيم
رَبّه بكلمات فأتمهن وبيان ما
3 -
(1/703)
أَلَّا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)
{أ} ن {لَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى}
إلَخْ وَأَنْ مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة أَيْ لَا تَحْمِل
نَفْس ذنب غيرها
3 -
(1/703)
وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)
{وَأَنْ} أَيْ أَنَّهُ {لَيْسَ
لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى} مِنْ خَيْر فَلَيْسَ لَهُ مِنْ
سَعْي غيره للخير شيء
4 -
(1/703)
وَأَنَّ سَعْيَهُ
سَوْفَ يُرَى (40)
{وَأَنَّ سَعْيه سَوْف يُرَى} يُبْصَر فِي
الْآخِرَة
4 -
(1/703)
ثُمَّ يُجْزَاهُ
الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)
{ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى}
الْأَكْمَل يُقَال جَزَيْته سعيه وبسعيه
4 -
(1/703)
وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ
الْمُنْتَهَى (42)
{وَأَنَّ} بِالْفَتْحِ عَطْفًا وَقُرِئَ
بِالْكَسْرِ اسْتِئْنَافًا وَكَذَا مَا بَعْدهَا فَلَا يَكُون
مَضْمُون الْجُمَل فِي الصُّحُف عَلَى الثَّانِي {إلَى رَبّك
الْمُنْتَهَى} الْمَرْجِع وَالْمَصِير بَعْد الْمَوْت
فَيُجَازِيهِمْ
4 -
(1/703)
وَأَنَّهُ هُوَ
أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ} مَنْ شَاءَ
أَفْرَحَهُ {وَأَبْكَى} مَنْ شَاءَ أَحْزَنَهُ
4 -
(1/703)
وَأَنَّهُ هُوَ
أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
{وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ} فِي الدُّنْيَا
{وَأَحْيَا} لِلْبَعْثِ
4 -
(1/703)
وَأَنَّهُ خَلَقَ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45)
{وأنه خلق الزوجين} الصنفين {الذكر
والأنثى}
4 -
(1/703)
مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا
تُمْنَى (46)
{مِنْ نُطْفَة} مَنِيّ {إذَا تُمْنَى}
تُصَبّ فِي الرحم
4 -
(1/703)
وَأَنَّ عَلَيْهِ
النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47)
{وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَة} بِالْمَدِّ
وَالْقَصْر {الْأُخْرَى} الْخَلْقَة الْأُخْرَى لِلْبَعْثِ
بَعْد الْخَلْقَة الْأُولَى
4 -
(1/703)
وَأَنَّهُ هُوَ
أَغْنَى وَأَقْنَى (48)
{وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى} النَّاس
بِالْكِفَايَةِ بِالْأَمْوَالِ {وَأَقْنَى} أَعْطَى الْمَال
الْمُتَّخَذ قِنْيَة
(1/703)
4 -
(1/704)
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ
الشِّعْرَى (49)
{وَأَنَّهُ هُوَ رَبّ الشِّعْرَى} هُوَ
كَوْكَب خَلْف الْجَوْزَاء كَانَتْ تُعْبَد فِي الْجَاهِلِيَّة
5 -
(1/704)
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ
عَادًا الْأُولَى (50)
{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى}
وَفِي قِرَاءَة بِإِدْغَامِ التَّنْوِين فِي اللَّام وَضَمّهَا
بِلَا هَمْزَة وَهِيَ قوم عاد والأخرى قوم صالح
5 -
(1/704)
وَثَمُودَ فَمَا
أَبْقَى (51)
{وثمودا} بِالصَّرْفِ اسْم لِلْأَبِ
وَبِلَا صَرْف لِلْقَبِيلَةِ وَهُوَ مَعْطُوف عَلَى عَادًا
{فَمَا أَبْقَى} مِنْهُمْ أَحَدًا
5 -
(1/704)
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ
قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52)
{وَقَوْم نُوح مِنْ قَبْل} أَيْ قَبْل
عَادٍ وَثَمُود أَهْلَكْنَاهُمْ {إنَّهُمْ كَانُوا هُمْ
أَظْلَم وَأَطْغَى} مِنْ عَادٍ وَثَمُود لِطُولِ لُبْث نُوح
فِيهِمْ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْف سَنَة إلَّا خَمْسِينَ عَامًا
وَهُمْ مَعَ عَدَم إيمَانهمْ بِهِ يُؤْذُونَهُ وَيَضْرِبُونَهُ
5 -
(1/704)
وَالْمُؤْتَفِكَةَ
أَهْوَى (53)
{وَالْمُؤْتَفِكَة} وَهِيَ قُرَى قَوْم
لُوط {أَهْوَى} أَسْقَطَهَا بَعْد رَفْعهَا إلَى السَّمَاء
مَقْلُوبَة إلَى الْأَرْض بِأَمْرِهِ جِبْرِيل بِذَلِكَ
5 -
(1/704)
فَغَشَّاهَا مَا
غَشَّى (54)
{فَغَشَّاهَا} مِنْ الْحِجَارَة بَعْد
ذَلِكَ {مَا غَشَّى} أُبْهِمَ تَهْوِيلًا وَفِي هُود جَعَلْنَا
عَالِيهَا سَافِلهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَة مِنْ
سِجِّيل
5 -
(1/704)
فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)
{فَبِأَيِّ آلَاء رَبّك} أَنْعُمه
الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيّته وَقُدْرَته {تَتَمَارَى}
تَتَشَكَّك أَيّهَا الْإِنْسَان أَوْ تَكْذِب
5 -
(1/704)
هَذَا نَذِيرٌ مِنَ
النُّذُرِ الْأُولَى (56)
{هَذَا} مُحَمَّد {نَذِير مِنْ النُّذُر
الْأُولَى} مِنْ جِنْسهمْ أَيْ رَسُول كَالرُّسُلِ قَبْله
أَرْسَلَ إلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلُوا إلَى أَقْوَامهمْ
5 -
(1/704)
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ
(57)
{أَزِفَتِ الْآزِفَة} قَرُبَتْ الْقِيَامَة
5 -
(1/704)
لَيْسَ لَهَا مِنْ
دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58)
{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُون اللَّه} نَفْس
{كَاشِفَة} أَيْ لَا يَكْشِفهَا وَيُظْهِرهَا إلَّا هُوَ
كَقَوْلِهِ {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ}
5 -
(1/704)
أَفَمِنْ هَذَا
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)
{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيث} أَيْ الْقُرْآن
{تَعْجَبُونَ} تَكْذِيبًا
6 -
(1/704)
وَتَضْحَكُونَ وَلَا
تَبْكُونَ (60)
{وَتَضْحَكُونَ} اسْتِهْزَاء {وَلَا
تَبْكُونَ} لِسَمَاعِ وَعْده وَوَعِيده
6 -
(1/704)
وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ
(61)
{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} لَاهُونَ
غَافِلُونَ عَمَّا يُطْلَب مِنْكُمْ
6 -
(1/704)
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ
وَاعْبُدُوا (62)
{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ} الَّذِي خَلَقَكُمْ {وَاعْبُدُوا} وَلَا
تَسْجُدُوا للأصنام ولا تعبدوها |