تفسير مقاتل بن سليمان

سورة الحاقّة

(4/413)


[سورة الحاقة (69) : الآيات 1 الى 52]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (4)
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (6) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (8) وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (9)
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (12) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (14)
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (19)
إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (22) قُطُوفُها دانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (24)
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ (26) يَا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (27) مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (29)
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (34)
فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (37) فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (38) وَما لا تُبْصِرُونَ (39)
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44)
لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)

(4/415)


[سورة الحاقة «1» ] سورة الحاقة مكية عددها «اثنتان «2» » وخمسون آية «كوفى «3» » .
__________
(1) معظم مقصود السورة:
الخبر عن صعوبة القيامة، وو الإشارة إلى هلاك القرون الماضية، وذكر نفخة الصور، وانشقاق السموات، وحال السعداء والأشقياء، وقت قراءة الكتب، وذل الكفار مقهورين فى أيدى الزبانية، ووصف القرآن بأنه كهانة وشعر، وبيان أن القرآن تذكرة المؤمنين وحسرة للكافرين، والأمر بتسبيح الركوع فى قوله: «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» سورة الحاقة: 52
(2) فى أ: «اثنان» ، والصواب «اثنتان» .
(3) فى المصحف: (69) سورة الحاقة مكية وآياتها 52 نزلت بعد سورة الملك.

(4/419)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى: الْحَاقَّةُ- 1- مَا الْحَاقَّةُ- 2- ثم بين ما الحاقة يعني الساعة التي فيها حقائق الأعمال، يقول يحق للمؤمنين عملهم، ويحق للكافرين عملهم، ثم قال للنبي- صلى الله عليه وسلم-: وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ- 3- تعظيما لها لشدتها، ثم قال: هي القارعة، والساعة التي كَذَّبَتْ بها ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ- 4-، نظيرها فى سورة القارعة «1» وإنما سميت القارعة لأن الله- عز وجل- يقرع أعداءه بالعذاب، ثم أخبر الله- تعالى- عن عاد وثمود فقال: فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ- 5- يقول عذبوا بطغيانهم، والطغيان حملهم على تكذيب صالح النبي- صلى الله عليه «2» - وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا يعني عذبوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ يعني باردة عاتِيَةٍ- 6- شديدة عتت على خزانها بغير رأفة ولا رحمة سَخَّرَها يعني سلطها عَلَيْهِمْ الرب- تبارك وتعالى- سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فهي كاملة دائمة لا تفتر عنهم فيهن، يعذبهم بالريح كل يوم حتى «أفنت «3» » أرواحهم يوم الثامن فَتَرَى يا محمد الْقَوْمَ فِيها يعنى فى تلك
__________
(1) يشير إلى الآيات الأولى من سورة القارعة، فى قوله تعالى: «الْقارِعَةُ، مَا الْقارِعَةُ، وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ» . [.....]
(2) فى الجلالين: «بالطاغية» بالصيحة المجاوزة للحد فى الشدة.
(3) فى أ: «أعزبت» ، وفى ف: «أفنت» .

(4/421)


الأيام صَرْعى يعني موتى يعني أمواتا وكان طول كُلّ رَجُل منهم اثنى عشر ذراعا، ثم شبههم بالنخل فقال: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ فذكر النخل لطولهم خاوِيَةٍ- 7- «يعني أصول نخل بالية «1» » التي ليست لها رءوس، «وبقيت «2» » أصولها وذهبت أعناقها فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ- 8- يقول لم تبق منهم أحدا وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ يعني ومن معه وَالْمُؤْتَفِكاتُ يعني والمكذبات بِالْخاطِئَةِ- 9- يعني قريات لوط الأربعة، واسمها سدوم وعامورا وصابورا ودامورا، فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ يعني لوطا فَأَخَذَهُمْ الله أَخْذَةً رابِيَةً- 10- يعني شديدة ربت عليهم [207 أ] في الشدة أشد من معاصيهم التي عملوها إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ وارتفع فوق كل شيء أربعين ذراعا حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ- 11- يعني السفينة يقول حملنا الآباء وأنتم في أصلابهم في السفينة لِنَجْعَلَها لَكُمْ
يعني لكي نجعلها لكم يعني، في هلاك قوم نوح لكم يا معشر الأبناء تَذْكِرَةً
يعني عظة وتذكرة يعني وعبرة لكم ولمن بعدكم من الناس وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ
- 12- يعني حافظة لما سمعت فانتفعت بما سمعت من الموعظة فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ- 13- لا تثنى يعني نفخة الآخرة وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ يقول حمل ما على الأرض من ماء أو شجر أو شيء وَحملت الْجِبالُ من أماكنها فضربت على الأرض فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً- 14- يعني فكسرتا كسرة واحدة فاستوت بما عليها مثل الأديم الممدود فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ- 15- وقعت الصيحة الآخرة يعني النفخة الآخرة وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ
__________
(1) فى أ: «يعنى نخل خاوية» والمثبت من ف.
(2) فى أ: «ونبتت» ، وفى ف: «وبقيت» .

(4/422)


- 16- وَالْمَلَكُ يقول انفجرت السماء لنزول الرب «1» - تبارك وتعالى- وما فيها من الملائكة عَلى أَرْجائِها يعني نواحيها وأطرافها وهي السماء الدنيا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ على رءوسهم «يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ» «2» - 17- «أجزاء «3» » من الكروبيين لا يعلم كثرتهم أحد إلا الله- عز وجل- يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ على الله فيحاسبكم بأعمالكم لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ- 18- يقول لا يخفى الصالح منكم، ولا الطالح إذا عرضتم فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ يقول يعطيه ملكه الذي كان يكتب عمله في صحيفة بيضاء منشورة، نزلت هذه الآية في أبي سلمة بن عبد الأسود المخزومي، وكان اسم أم أبي سلمة برة بنت عبد المطلب فَيَقُولُ هاؤُمُ يعنى هاكم اقْرَؤُا كِتابِيَهْ- 19- إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ- 20- فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ- 21- يقول في عيش يرضاه في الجنة فهو فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ- 22- يعني رفيعة في الغرف قُطُوفُها دانِيَةٌ- 23- يعني ثمرتها قريبة بعضها من بعض يأخذ منها إن شاء جالسا، وإن شاء متكئا كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ بما عملتم فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ- 24- في الدنيا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ يقول يعطيه ملكه الذي كان يكتب عمله في الدنيا نزلت هذه الآية في الأسود بن عبد الأسود المخزومي قتله حمزة بن عبد المطلب على الحوض ببدر فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي فيتمنى فى الآخرة «يَا لَيْتَنِي» لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ- 25- وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ
__________
(1) هذا يشعر بالتجسيم الذي روى عن مقاتل هنا وفى أماكن أخرى من تفسيره، وانظر الموضوع كاملا فى دراسة هذا التفسير، تحت عنوان، مقاتل وعلم الكلام.
(2) فى الجلالين: «ثمانية» من الملائكة أو صفوفهم.
(3) «أجزاء» كذا فى أ، ف، ولعلها محرفة عن «أملاك» .

(4/423)


- 26- يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ- 27- فيتمنى الموت ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ- 28- من النار هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ- 29- يقول ضلت عنى يومئذ حجتي حين شهدت عليه الجوارح بالشرك يقول الله لخزنة جهنم خُذُوهُ فَغُلُّوهُ- 30- يعني غلوا يديه إلى عنقه ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ- 31- يعنى الباب السادس من جهنم [207 ب] فصلوه ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً بالذراع الأول فَاسْلُكُوهُ- 32- فأدخلوه «فيه «1» » .
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كل ذراع منها بذراع الرجل الطويل من الخلق الأول، ولو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص فكيف يا بن آدم وهي عليك وحدك. اهـ.
قوله- تعالى-: إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ يعني لا يصدق بالله الْعَظِيمِ- 33- بأنه واحد لا شريك له وَلا يَحُضُّ نفسه عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ- 34- يقول كان لا يطعم المسكين في الدنيا «2» وفي قوله، في قولة ابن مسعود «3» فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ فى الآخرة هاهُنا حَمِيمٌ- 35- يعني قريب يشفع له وَلا وليس له طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ- 36- يعني الذي يسيل من القيح والدم من أهل النار يعني فليس له شراب إلا من حميم من عين من أصل الجحيم لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ- 37- يعنى المجرمين فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ- 38- من الخلق وَما لا تُبْصِرُونَ- 39- «من الخلق «4» »
__________
(1) كذا فى أ، ف، والضمير عائد على الجحيم.
(2) تفسير آيتي 33، 34 من ف، وليس فى أ.
(3) المعنى أن ابن مسعود يقول. إن تفسير الآية: «أنه كان لا يحض الناس ولا يدعوهم إلى إطعام بقوله» .
(4) فى أ: «الحلق» ، بالحاء.

(4/424)


وذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمدا ساحر. فقال أبو جهل بن هشام: بل هو مجنون. فقال عقبة بن أبي معيط: بل هو شاعر. وقال النضر: كاهن وقال أبى: كذاب. فبرأه الله من قولهم فأقسم الله- تعالى- بالخلق «إِنَّهُ» «1» إن هذا القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ- 40- على الله يعني جبريل- عليه السلام- عن قول الله- تعالى- وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ لقول عتبة، وقول أبي جهل، قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ- 41- يعني قليلا ما تصدقون بالقرآن، يعني بالقليل أنهم لا يؤمنون، ثم قال: وَلا هو يعني القرآن بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ- 42- فتعتبرون فأكذبهم الله فقال: بل القرآن تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ- 43- وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا محمد شيئا منه بَعْضَ الْأَقاوِيلِ- 44- يعني من تلقاء نفسه ما لم نقل لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ- 45- يقول لانتقمنا منه بالحق كقوله: « ... تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ «2» ... »
يعني من قبل الحق، «بأنكم «3» » على الحق، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ- 46- يعني عرق يكون في القلب وهو نياط القلب، وإذا انقطع مات صاحبه فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ- 47- ليس أحد منكم يحجز الرب- عز وجل- عن ذلك «وَإِنَّهُ» «4» وإن هذا القرآن لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ- 48- وَإِنَّا لَنَعْلَمُ يا أهل مكة أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ- 49- وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ
__________
(1) «إنه» : ساقطة من أ.
(2) سورة الصافات: 28 وهي: «قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ» .
(3) فى أ: «بأنكم» ، وفى ف: «فإنكم» . [.....]
(4) «وَإِنَّهُ» : ساقطة من أ.

(4/425)


- 50- يوم القيامة وَإِنَّهُ وإن هذا القرآن لَحَقُّ الْيَقِينِ- 51- أنه من الله- تعالى- فَسَبِّحْ يا محمد يعنى التوحيد بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ- 52- يقول اذكر اسم ربك يعني التوحيد. ثم قال «الْعَظِيمِ» يعني الرب العظيم فلا أكبر منه» .
__________
(1) انتهى تفسير السورة فى ف، وفى أذكر قصة من خرافات بنى إسرائيل فى أعقاب السورة، ضربنا عنها صفحا، وتابعنا ف، فى ذلك التحقيق.

(4/426)


سورة المعارج

(4/427)


[سورة المعارج (70) : الآيات 1 الى 44]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (1) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)
فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَراهُ قَرِيباً (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (9)
وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (14)
كَلاَّ إِنَّها لَظى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعى (18) إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19)
إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24)
لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (29)
إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (34)
أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)
فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (40) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (44)

(4/429)


[سورة المعارج «1» ] سورة المعارج مكية عددها «أربع «2» » وأربعون آية «3» كوفى.
__________
(1) مقصود السورة:
بيان جرأة الكافر فى استعجال العذاب، وطول القيامة وهو لها وشغل الخلائق فى ذلك اليوم المهيب، واختلاف حال الناس فى الخير والشر، ومحافظة المؤمنين على خصال الخير، وطمع الكفار فى غير مطمع، وذل الكافرين فى يوم القيامة فى قوله: « ... تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ... » سورة المعارج: 44
(2) فى أ: «أربعة» ، والصواب ما أثبت.
(3) فى المصحف: (70) سورة المعارج مكية وآياتها 44 نزلت بعد سورة الحافة.
تفسير مقاتل بن سليمان ج 4- م 28.

(4/433)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ- 1- نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة ابن كلدة القرشي من بني عبد الدار بن قصي، وذلك أنه قال: اللهم إن كان ما يقول محمد هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فأمطر علينا حجارة السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
فقتل يوم بدر فقال الله- عز وجل-: هذا العذاب الذي سأل النضر ابن الحارث في الدنيا «هو «1» » لِلْكافِرينَ في الآخرة لَيْسَ لَهُ دافِعٌ- 2- مِنَ اللَّهِ يقول لا يدفع عنهم أحد «حين «2» » يقع بهم العذاب «3» .
ثم عظم الرب- تبارك وتعالى- نفسه فقال: «مِنَ اللَّهِ» ذِي الْمَعارِجِ- 3- يعني ذا الدرجات يعني السموات والعرش فوقهم والله- تعالى- على العرش «4» . كقوله: « ... وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ «5» » تَعْرُجُ يعني تصعد الْمَلائِكَةُ من سماء إلى سماء العرش وَالرُّوحُ يعني جبريل- عليه السلام- إِلَيْهِ في الدنيا برزق السموات السبع. «ثم أخير «6» » الله- عز وجل- عن ذلك العذاب متى يقع بها فقال: فِي يَوْمٍ «7» كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
__________
(1) فى أ: «فهو» .
(2) فى أ: «حتى» .
(3) فى أ: فسر أول الآية (3) ، ثم فسر «فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» من آية 4، ثم عاد فأكمل تفسير الآية (3) ، وقد صوبت هذا الخطأ.
(4) وهذا من تجسيم مقاتل، وانظر مقدمتي فى باب: مقاتل وعلم الكلام.
(5) سورة الزخرف: 34.
(6) فى أ: «فأخبر» .
(7) قال فى الجلالين: (فى يوم) متعلق بمحذوف أى يقع العذاب بهم فى يوم القيامة.

(4/435)


- 4- فيها تقديم، وطول ذلك اليوم كأدنى صلاتهم يقول لو ولى حساب الخلائق وعرضهم غيري لم يفرغ منه إلا في مقدار خمسين ألف سنة فإذا أخذ الله- تعالى- في عرضهم يفرغ الله منه على مقدار نصف يوم من أيام الدنيا فلا ينتصف النهار حتى يستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وهذه الآية نزلت فيهم «أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا «1» » يقول ليس مقيلهم «كمقيل» أهل النار فَاصْبِرْ يا محمد صَبْراً جَمِيلًا- 5- يعزي نبيه- صلى الله عليه وسلم- صبرا لا جزع فيه تكذيبهم إياك بأن العذاب غير كائن، ثم قال: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ يعني كفار مكة بَعِيداً- 6- يعني العذاب أنه غير كائن وَنَراهُ قَرِيباً- 7- أنه كائن، ثم أخبر متى يقع بهم العذاب؟ فقال: يقع بهم العذاب يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ- 8- من الخوف، يعني أسود غليظا كدردى الزيت بعد الشدة والقوة وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ- 9- فشبهها في اللين والوهن «بالصوف «2» » المنفوش بعد القوة [209 أ] وذلك أوهن ما يكون من الصوف «وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً» «3» - 10- «يعني قريب قريبا «4» » ، يقول لا يسأل الرجل قرابته، ولا «يكلمه «5» » من شدة الأهوال يُبَصَّرُونَهُمْ يقول يعرفونهم ولا يكلمونهم، وذلك قوله:
فهم لا يتساءلون «خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ «6» ... » خافضة أبصارهم ذليلة عند معاينة النار
__________
(1) سورة الفرقان: 24.
(2) فى أ: «كالصوف» . [.....]
(3) «وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً» : ساقطة من أ.
(4) فى أ: «يعنى قريب قريبا» ، وفى ف: «يعنى قريبا قريبا» .
(5) «بكلمة» : كذا فى أ، ف.
(6) سورة القلم: 43.

(4/436)


يَوَدُّ الْمُجْرِمُ يعني الكافر لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ يوم القيامة بِبَنِيهِ- 11- وَصاحِبَتِهِ يعني امرأته وَأَخِيهِ- 12- وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ- 13- يعني رهطه وفخذه الأدنى الذي يساوى إليهم وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً من شيء ثُمَّ يُنْجِيهِ- 14- يقول الله- تعالى-: كَلَّا لا ينجيه ذلك لو افتدى بهذا كله، ثم استأنف فقال: إِنَّها لَظى - 15- يعني بلظى استطالتها وقدرتها عليهم يعني النار نَزَّاعَةً لِلشَّوى - 16- يقول تنزع النار الهامة، والأطراف فلا تبقى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ يعني تدعو النار يوم القيامة تقول:
إلى أهلي فهذا دعاؤها لمن أدبر عن الإيمان وَتَوَلَّى- 17- يقول وأعرض عنه إلى الكفر، قوله: «وَجَمَعَ «1» » فَأَوْعى - 18- يعني فأكثر من المال وأمسك فلم يؤد حق الله فيه إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً- 19- يعني ضجرا فهو أمية بن خلف الجمحي، ثم نعته فقال: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ يقول إذا أصابه جَزُوعاً- 20- وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ يعني المال مَنُوعاً- 21- فمنع وبخل بحق الله- تعالى-، ثم استأنف فقال: إِلَّا الْمُصَلِّينَ- 22- فليسوا كذلك، ثم نعتهم الله- تعالى- فقال: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يعني الصلوات الخمس دائِمُونَ- 23- بالليل والنهار لا يدعونها وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ- 24- يعني مفروض لِلسَّائِلِ يعني المسكين وَالْمَحْرُومِ- 25- يعني الفقير الذي لا سهم له في الخمس ولا الفيء وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ- 26- يعني به الحساب بأنه كائن وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ- 27- يعني وجلين أن يصيبهم إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ- 28-
__________
(1) «جمع» : ساقطة من أ.

(4/437)


يقول لا يأمنون العذاب من الشفقة والخوف وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ- 29- عن الفواحش، ثم استثنى فقال: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ يعنى به الولائد فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ- 30- يعني لا يلامون على الحلال فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ بعد أزواجه وولائده ما لا يحل له وهو الزنا فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ- 31- يعني المعتدين في دينهم وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ- 32- يعني يؤدون الأمانة ويوفون بالعهد، ثم قال: «راعون» يرعونه ويتعاهدونه كما يرعى الراعي الشفيق غنمه عن مواقع [209 ب] الهلكة وَالَّذِينَ هُمْ «بِشَهاداتِهِمْ «1» » قائِمُونَ- 33- يعني يقومون بها بالحق لا يمنعونها ولا يكتمونها إذا دعوا إليها وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ الخمس يُحافِظُونَ- 34- عليها في مواقيتها أُولئِكَ الذين هذه أعمالهم فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ- 35- يعني يكرمون فيها فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ- 36- يعني مقبلين، نزلت هذه الآية في المستهزئين من قريش، والمطعمين في غزوة بدر مقبلين: ينظرون عن يمين النبي- صلى الله عليه وسلم- «عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ «2» » عِزِينَ- 37- يعني حلقا حلقا جلوسا لا يدنون من النبي- صلى الله عليه وسلم- فينتفعون بمجلسه، ثم قال: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يعنى قريشا أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ- 38- كل واحد منهم يقول إن لي في الجنة حقا، يقول ذلك استهزاء يقول أعطى منها ما يعطى المؤمنون يقول الله- تعالى- كَلَّا
__________
(1) فى أ: بشهادتهم، وهي كذلك فى رسم المصحف بزيادة علامة المد بعد الدال.
(2) «عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ» : ساقطة من أ، ف.

(4/438)


لا يدخلها، ثم استأنف فقال: لما كذبوا بالغيب إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ- 39- خلقوا مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ مِنْ مضغة، ثم قال:
فَلا أُقْسِمُ يقول أقسم بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ وهو مائة وثمانون مشرقا، ومائة وثمانون مغربا فى كل منزلة تطلع يومين فى السنة، تطلع يومين فى السنة، تطلع فيها الشمس وتغرب فيها، فأقسم الله- تعالى- بالمشارق والمغارب فقال: إِنَّا لَقادِرُونَ- 40- عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ يعنى على أن نأتى بحلق أمثل منهم، وأطوع لله منهم، وأرضى منهم، ثم قال وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ- 41- يعنى وما نحن بمعجزين إن أردنا ذلك فَذَرْهُمْ خل عنهم يا محمد يَخُوضُوا في الباطل وَيَلْعَبُوا يعني ويلهوا في دنياهم حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ في الآخرة الَّذِي يُوعَدُونَ- 42- العذاب، ثم أخبر عن ذلك اليوم الذي «يعذب «1» » فيه كفار مكة فقال- تبارك اسمه-: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ يعني القبور سِراعاً إلى الصوت كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ- 43- يقول كأنهم إلى علم يسعون إليه قد نصب لهم خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ يعني خافضة أبصارهم ذليلة عند معاينة النار تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ يعني تغشاهم مذلة، يقول ذلِكَ الذي ذكر من أمر القيامة الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ- 44- فيه في الدنيا العذاب، وذلك أن الله أوعدهم في الدنيا على ألسنة الرسل أن العذاب كائن، «لما كذب «2» » كفار مكة النبي-
__________
(1) فى أ: «يعذبون» :
(2) فى ف: «لما كذب به» .

(4/439)


صلى الله عليه «وسلم «1» -» ، فقال الله- عز وجل-: «فذرهم» يعنى قريشا يعنى فخل «2» عنهم «يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ» العذاب فيه.
__________
(1) فى أ، ف: «وسلم- بالعذاب» .
(2) اللفظ من ف والعبارة قلقة فى جميع النسخ.

(4/440)


سورة نوح

(4/441)


[سورة نوح (71) : الآيات 1 الى 28]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (1) قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)
قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (6) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (9)
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (12) مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (14)
أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (19)
لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (20) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (21) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (24)
مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (25) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (28)

(4/443)


[سورة نوح «1» ] سورة نوح مكية عددها «ثمان وعشرون» آية كوفى «2» .
__________
(1) معظم مقصود السورة:
أمر نوح بالدعوة، وشكاية نوح من قومه، وبيان أن الاستغفار يزيد النعمة، وتحويل حال وإظهار العجائب على سقف السماء، وظهور دلائل القدرة على بساط الأرض، وغرق قوم نوح، ودعاؤه عليهم بالهلاك، والمؤمنين بالرحمة، وللظالمين بالنار والخسارة فى قوله: « ... وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً» سورة نوح: 28.
(2) فى المصحف: (71) سورة نوح مكية وآياتها (28) نزلت بعد سورة النحل.

(4/447)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله: إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ونوح بالسريانية الساكن الذي سكنت إليه الأرض، وهو نوح بن لمك- صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ العذاب مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- 1- يعني وجيعا في الدنيا وهو الغرق ف قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ من العذاب مُبِينٌ- 2- يعني بين أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ يقول أن وحدوا الله وَاتَّقُوهُ أن تشركوا به شيئا وَأَطِيعُونِ- 3- فيما آمركم به من النصيحة بأنه ليس له شريك، فإذا فعلتم يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ «والمن «1» » هاهنا صلة يقول يغفر لكم ذنوبكم وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يعني إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم بالسنين ولا بغيره إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ في العذاب في الدنيا وهو الغرق إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ- 4- ولكنكم لا تعلمون قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً- 5- ليسمعوا دعائي فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً- 6- يعني تباعدا من الإيمان وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ إلى الإيمان يعني إلى الاستغفار لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ لئلا يسمعوا دعائي وَأَصَرُّوا وأقاموا على الكذب وَاسْتَكْبَرُوا يعني وتكبروا عن الإيمان اسْتِكْباراً- 7- يعني وتكبرا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً- 8-
__________
(1) تعود أن يدخل «ال» على حرف الجر، مع أنها من خصائص الأسماء.
تفسير مقاتل بن سليمان ج 4- م 29. [.....]

(4/449)


يعني مجاهرة وعلانية ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ «يعني صحت إليهم علانية «1» » وَأَسْرَرْتُ «لَهُمْ» «2» في بيوتهم إِسْراراً- 9- فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ من الشرك إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً- 10- للذنوب يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- 11- يعني المطر عليكم يجيء به متتابعا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وذلك أن قوم نوح كذبوا نوحا زمانا طويلا، ثم حبس الله عليهم المطر وعقم «3» أرحام نسائهم أربعين سنة، فهلكت جناتهم ومواشيهم، فصاحوا إلى نوح فقال لهم:
«اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ» من الشرك «إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً» للذنوب، كان ولم يزل غفارا للذنوب «يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ» يعني المطر يجيء به «مِدْرَارًا» يعني متتابعا «وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ» وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ يعنى البساتين وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً- 12- فدعاهم نوح إلى توحيد الله- تعالى- قال: إنكم إذا وحدتم تصيبون الدنيا والآخرة جميعا، ثم قال: مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً- 13- يقول ما لكم لا تخشون لله عظمة، وقال ما لكم لا تخافون يعني تفرقون لله عظمة فى التوحيد، فتوحدونه فإن لم توحدوه لم تعظموه [120 ب] ، ثم قال:
وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً- 14- يعني مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ مِنْ مضغة، ثم لحما، ثم عظما، وهي الأطوار، ثم وعظهم ليعتبروا في صنعه، فقال:
أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً- 15- بعضها فوق بعض ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وعظمها مسيرة خمسمائة عام وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً يعني معهن نورا يعني خلق الشمس والقمر مع خلق
__________
(1) كذا فى أ، ف: «يعنى دعوتهم علنا» .
(2) فى أ: «إليهم» وفي حاشية أ: الآية «لهم» .
(3) من العقم وهو عدم الولادة، قال تعالى: « ... وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ» سورة الذاريات: 29.

(4/450)


السموات والأرض فجعلهن نورا لأهل الأرض فجعل القمر نوره بالليل وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً- 16- مضيئة بالنهار لأهل الأرض فينتشرون فيه وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً- 17- أول خلقكم من تراب الأرض، نباتا- يعني خلقا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها إذا متم وَيُخْرِجُكُمْ منها عند النفخة الآخرة إِخْراجاً- 18- أحياء وإليه ترجعون وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً- 19- مسيرة خمسائة سنة من تحت الكعبة لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً- 20- يعني طرقا فجاجا بين الجبال والرمال قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً- 21- يقول إن قومي وفقراءهم اتبعوا كبراءهم وأشرافهم لكثرة أموالهم وأولادهم فلم يزدهم كثرة المال والولد إلا خسارا وَمَكَرُوا مكر الكبراء والقادة مَكْراً كُبَّاراً- 22- يقول قالوا قولا عظيما «وَقالُوا» «1» وقولهم العظيم أنهم قالوا للضعفاء:
لا تَذَرُنَّ عبادة آلِهَتَكُمْ «وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً»
» وَلا تذرن عبادة يَغُوثَ وَلا تذرن عبادة يَعُوقَ وَلا تذرن عبادة نَسْراً- 23- فهذه أسماء الآلهة وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً من الناس وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا- 24- يعنى إلا خسارا مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا يعني فبخطيئاتهم وكفرهم «أغرقوا» في الماء فَأُدْخِلُوا في الآخرة «نَارًا «3» » فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً- 25- يعني فلم يجدوا لهم مانعا يمنعهم من الغرق
__________
(1) «قالوا» : ساقطة من أ.
(2) فى أ: «وَلا تَذَرُنَّ» عبادة «وَدًّا وَلا سُواعاً» . وقد منع منه أن «ودا» يكون مضافا إليه والمضاف إليه يكون مخفوضا لا منصوبا.
(3) فى أ: «النار» ، وفى حاشية أ: الآية: «نارا» .

(4/451)


ودخول النار في الآخرة وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً- 26- يعني أحدا، وذلك أن الله- تبارك وتعالى- «وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ» - صلى الله عليه وسلم- «أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ «1» » وذلك أن الله- تعالى- كان أخرج كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم، فلما أخبر بذلك دعا عليهم قال: «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ على الحال التي أخبرت عنهم، أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن، يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً- 27- وكان الرجل منهم ينطلق بولده إلى نوح- عليه السلام- فيقول لولده احذر هذا فإنه كذاب «وإن «2» » [211 أ] والدي قد حذرنيه فيموت الكبير على الكفر، وينشأ الصغير على وصية أبيه، فذلك قوله: «يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً» «فعم «3» » الدعاء بعد دعائه على الكفار فقال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وكانا مسلمين وكان اسم أبيه لمك بن متوشلخ، واسم أمه هيجل بنت لا موش بن متشلوخ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً- 28- يعني العذاب مثل قوله: « ... وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً «4» » يعنى دمرنا تدميرا فأفرقهم الله- تعالى- وحمل معه في السفينة ثمانين نفسا أربعين رجلا وأربعين امرأة، وفيهم ثلاثة أولاد لنوح منهم سام وحام ويافث، فولد سام العرب، وأهل السواد، وأهل فارس، وأهل الأهواز، وأهل الحيرة، وأهل
__________
(1) ورد ذلك فى الآية 36 من سورة هود وتمامها: «وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ» .
(2) فى أ: «فإن» .
(3) «نعم» : كذا فى أ، ف، والأنسب «ثم هم» .
(4) سورة الفرقان الآية 39 وتمامها وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً.

(4/452)


الموصل، وأهل العال، وولد حام السودان كلها، والقبط، والأندلس، وبربر، والسند، والهند، وولد يافث الترك، والروم، ويأجوج، ومأجوج، والصين، وأهل خراسان إلى حلوان.
وأما أسماء الآلهة فأما ود فلكلب بدومة الجندل، وأما سواع فلهذيل بساحل البحر، وأما يغوث فلبني غطيف وهم حي من مراد، وأما يعوق فلهمذان، وأما نسر فلحمير لذي كلاع من حمير. فكانت هذه الآلهة يعبدها قوم نوح حتى حتى عبدتها العرب بعد ذلك، وأما اللات فلثقيف وأما العزى فلسليم وغطفان وغشم ونصر بن معاوية وسعد بن بكر، وأما مناة فكانت لقديد منزل بين مكة والمدينة، وأما يساف ونائلة وهبل «فلأهل «1» » مكة، فكان يساف حيال الحجر الأسود، ونائلة حيال الركن اليماني، وهيل في جوف الكعبة وكان طوله ثمانية عشر ذراعا.
__________
(1) فى أ: «لأهل» ، والأنسب ما أثبت.

(4/453)