تفسير مقاتل بن
سليمان سورة العاديات
(4/795)
[سورة العاديات (100) : الآيات 1 الى 11]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (2)
فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (5) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ
لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ
لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا
بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
(4/797)
[سورة العاديات «1» ] سورة العاديات مكية
عددها «إحدى عشرة «2» » آية كوفى «3» :
__________
(1) معظم مقصود السورة:
بيان شرف الغزاة فى سبيل الرحمن، وذكر كفران الإنسان، والخبر
عن اطلاع الملك الديان، على الإسرار والإعلان، وذم محبة ما هو
فان، والخبر عن إحياء الأموات بالأجساد والأبدان، وأنه- تعالى-
خبير بما للخلق من الطاعة والعصيان.
(2) فى أ: «أحد عشرة» .
(3) فى المصحف: (100) سورة العاديات مكية وآياتها (11) نزلت
بعد سورة العصر.
(4/799)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً- 1- وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم-
بعث سرية إلى «حنين «1» » من كنانة، واستعمل عليهم المنذر بن
عمرو الأنصاري أحد النقباء، فغابت فلم يأت النبي- صلى الله
عليه وسلم- خبرها، فأخبره الله- عز وجل- عنها فقال:
«وَالْعادِياتِ ضَبْحاً» يعني الخيل، «وقيل «2» » إن رسول
الله- صلى الله عليه وسلم- بعث سرية إلى أرض تهامة، وأبطأ عليه
الحبر فجعلت اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلا من الأنصار أو من
المهاجرين تناجوا يأمره، فكان الرجل يظن أنه قد مات، أو قتل
أخوه، أو أبوه، أو عمه، وكان يجد من ذلك أمرا عظيما، فجاءه
جبريل- عليه السلام- يوم الجمعة عند وقت الضحى، فقال:
«وَالْعادِياتِ ضَبْحاً» يقول غدت الخيل إلى الغزوة حتى أصبحت
فعلت أنفاسها بأفواهها، فكان لها ضباح كضباح الثعلب، ثم قال:
فَالْمُورِياتِ قَدْحاً- 2- يقول يقدحن بحوافرهن في الحجارة
نارا كنار «أبي حباحب «3» » ، وكان «شيخا «4» »
__________
(1) فى أ: «جبر» ، وفى ف: «حنين» ، وفى ل: «حين» .
(2) فى أ، ف، ل: «وذلك» ، وهو تكرير لما سبق فعدلته إلى:
«وقيل» ، ليفهم أنه رواية أخرى فى سبب النزول، ولعل النبي كان
قد بعث سريتين وأبطأ عليه خيرهما.
أخرج البزار وابن أبى حاتم، والحاكم عن ابن عباس، قال: بعث
رسول الله (ص) خيلا ولبث شهرا لا يأتيه خيرها، فنزلت
«وَالْعادِياتِ ضَبْحاً» (لباب النقول للسيوطي: 241) .
(3) فى ف: «أبى حباحب» ، وفى أ: «أبى صاحب» .
(4) فى أ، ف: «شيخ» .
تفسير مقاتل بن سليمان ج 4- م 51
(4/801)
من مصر فى الجاهلية له نويرة نقدح مرة
وتخمد مرة لكيلا يمر به ضيف فشبه الله- عز وجل- ضوء وقع
حوافرهن في أرض حصباء بنويرة أبي حباحب، وأيضا «فَالْمُورِياتِ
قَدْحاً» قال كانت تصيب حوافرهن الحجارة فتقدح منهن النار، ثم
قال: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً- 3- وذلك أن الحيل صبحت العدو
بغارة يقول غارت عليهم صبحا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً- 4- يقول
فأثرن بجريهن يعني بحوافرهن «نقعا «1» » في التراب.
«حدثنا عبد الله بن ثابت، قال الفراء «2» » : النقع: الغبار،
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً- 5- يعني بعدوهن، يقول حين تعدو الخيل
جمع القوم يعني العدو، فأقسم الله- عز وجل- «بالعاديات ضبحا
«3» » وحدها: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ- 6- وأيضا
«فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً» يقول فوسطن بذلك «الغبار «4» »
جمعا، يقول حمل المسلمون عليهم، فهزموهم، فضرب بعضهم بعضا، حتى
ارتفع الوهج «الذي كان ارتفع «5» » من حوافر الحيل إلى السماء،
فهزم الله المشركين وقتلهم، فأخبره الله- عز وجل- بعلامات
الخيل، والغبار، وكيف فعل بهم؟
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يا جبريل، ومتى كان هذا؟
قال:
اليوم. فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخبر المسلمين
بذلك، وقرأ عليهم كتاب الله- عز وجل- ففرحوا واستبشروا، وأخرى
الله- عز وجل-
__________
(1) فى أ، ف: «نقع» .
(2) حدثنا عبد الله بن ثابت، «قال الفراء» : من أ، وفى ف: «قال
أبو محمد، قال الفراء» ، أقول: «وأبو محمد هو عبد الله بن
ثابت» .
(3) فى أ، ف: «بو العاديات» .
(4) فى أ: «المغار» ، وفى ف: «الغبار» .
(5) «الذي كان ارتفع» : كذا فى أ، ف، والأنسب: «الذي يرتفع» .
(4/802)
اليهود والمنافقين
«إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» يعني لكفور نزلت في
قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي، وهو الرجل الذي أكل
وحده، وأشبع بطنه وأجاع عبده، ومنع رفده، ولم يعط قومه شيئا،
يسمى بلسان بني مالك بن كنانة «الكنود» ثم قال: وَإِنَّهُ عَلى
ذلِكَ لَشَهِيدٌ- 7- يقول إن الله- عز وجل- على كفر قرط لشهيد،
ثم أخبر عنه فقال: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ- 8-
يعني المال، ثم خوفه فقال: أَفَلا يَعْلَمُ يعني فهلا يعلم
إِذا بُعْثِرَ يعني «بعث «1» » ما فِي الْقُبُورِ- 9- من
الموتى وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ- 10- من الخير والشر، يعني
تميز ما في القلوب إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ يعني يوم
القيامة لَخَبِيرٌ- 11- بالصالح منهم والطالح.
__________
(1) فى أ، ف: «بحث» ، والأنسب: «بعث» ، وفى الجلالين: (بعثر)
أثير وأخرج» .
(4/803)
سورة القارعة
(4/805)
[سورة القارعة (101) : الآيات 1 الى 11]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا
الْقارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ
الْمَبْثُوثِ (4)
وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا
مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ
(7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ
(9)
وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (10) نارٌ حامِيَةٌ (11)
(4/807)
[سورة القارعة «1» ] سورة القارعة مكية
عددها «إحدى عشرة «2» » آية كوفى «3»
__________
(1) معظم مقصود السورة:
بيان هيبة العرصات، ومواقف القيامة وتأثيرها فى الجمادات
والحيوانات، وذكر وزن الحسنات والسيئات، وشرح عيش أهل الدرجات،
وبيان حال أصحاب الدركات، فى قوله: «نارٌ حامِيَةٌ» سورة
القارعة: 11. [.....]
(2) فى أ: «أحد عشر» ، والصواب ما أثبت.
(3) فى المصحف: (101) سورة القارعة مكية وآياتها (11) نزلت بعد
سورة قريش.
(4/809)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله: الْقارِعَةُ- 1- ثم بين لهم: مَا الْقارِعَةُ- 2- فقال
يقرع الله- عز وجل- أعداءه بالعذاب، ثم قال للنبي- صلى الله
عليه وسلم- وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ- 3- تعظيما لها
لشدتها، وكل شيء [249 أ] في القرآن «وَما أَدْراكَ» فقد أخبر
به النبي- صلى الله عليه وسلم-، وكل شيء فى القرآن، «وَما
يُدْرِيكَ» فما لم يخبر به، وفي الأحزاب « ... وَما يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً «1» » وقال فى هذه السورة
«وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ» ، ثم أخبر عنها فقال: يَوْمَ
يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ- 4- يقول إذا خرجوا
من قبورهم «تجول «2» » بعضهم في بعض، فشبههم بالفراش المبثوث،
وشبههم في الكثرة بالجراد المنتشر، فقال: « ... كَأَنَّهُمْ
جَرادٌ مُنْتَشِرٌ «3» » ، ثم قال: وَتَكُونُ الْجِبالُ
كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ- 5- يقول تكون الجبال يومئذ بعد
القوة والشدة كالصوف المندوف عرقها في الأرض السفلى، ورأسها في
السماء، يقول هو جبل فإذا مسسته فهو لا شيء من شدة الهول: فما
حالك يومئذ يا بن آدم، قال: كالصوف المنفوش في الوهن، أوهن ما
يكون الصوف إذا نفش فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ- 6-
يقول من رجحت موازينه بحسناته فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ- 7-
ولا يثقل الميزان إلا قول: لا إله إلا الله بقلوب المخلصين في
الأعمال وهم «الموحدون «4» » يعنى فى عيش فى
__________
(1) سورة الأحزاب: 63.
(2) فى ف: «تجول» ، وفى ل: «تحول» ، وفى أ:
«يخرجون» .
(3) سورة القمر: 7.
(4) فى ف، أ: «الموحدين» .
(4/811)
الجنة برضاه وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ
مَوازِينُهُ- 8- «بسيئاته «1» » وهو الشرك لأنه لا يرى شيئا
مما كسب إلا صار كالرماد، فاشتدت به الريح في يوم شديد الريح
«2» ، وكما أنه ليس في الأرض شيء «أخبث «3» » من الشرك فهكذا
ليس شيء أخف من الشرك في الميزان، ولا إله إلا الله «ثقيلة «4»
» «وصاحبها «5» » ثقيل كريم رزين عند الله- عز وجل- فيأتي صاحب
التوحيد بأعماله الصالحة فيثقل ميزانه، ويأتي صاحب الشرك
بأعماله الطالحة فلا تكون له حسنة توزن معه فهو خفيف «6»
«فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ
راضِيَةٍ» وهي الجنة، يعني براضية أنه لا يسخط بعد دخولها
أبدا، «وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ» وهو الشرك
فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ- 9- يقول لا تحمله الأرض، ولا تظله السماء،
ولا شيء إلا النار، فذلك قوله: «فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ» يعنى أصله
هاوية، كقوله: « ... أُمَّ الْقُرى «7» ... » يعني أصل القرى
يعني مكة، ثم قال: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ- 10- نارٌ
حامِيَةٌ- 11- يقول نار حامية تحمي ستة أبواب من جهنم،
«وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ» يقول خفت موازينه
«بسيئاته «8» » وحق لميزان لا يقع فيه الحق أن يخف لأن الحق
ثقيل مرئ، والباطل خفيف «وبيء «9» » «وَما أَدْراكَ مَا
هِيَهْ» تعظيما لشدتها، ثم أخبر عنها، فقال هي: «نارٌ
حامِيَةٌ» يقول انتهى حرها.
__________
(1) فى أ: «سيئاته» ، وفى ف: «بسيئاته» .
(2) ورد هذا المعنى فى تفسير الآية (18) من سورة إبراهيم.
(3) فى أ: «أخف» ، وفى ف: «أخبث» .
(4) فى أ: «ثقيلة» ، وفى ل: «ثقيل» ، وفى ف: «ثقيل» .
(5) فى أ، ف، ل: «وصاحبه» .
(6) تفسير الآية (8) ناقص فى أ، وهو من ف، ل.
(7) سورة الأنعام: 92.
(8) فى أ: «سيئاته» ، وفى ف: «بسيئاته» . [.....]
(9) فى أ: «ورى» ، وفى ف: «وبيء» .
(4/812)
سورة التّكاثر
(4/813)
[سورة التكاثر (102) : الآيات 1 الى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2)
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ
تَعْلَمُونَ (4)
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ
الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)
(4/815)
[سورة التكاثر «1» ] سورة التكاثر مكية
عددها «ثمان «2» » آيات.
__________
(1) معظم مقصود السورة:
ذم المقبلين على الدنيا، والمفتخرين بالمال، وبيان أن عاقبة
الكل الموت والزوال، وأن نصيب الغافلين العقوبة والنكال، وأعد
للمشمولين المذلة والسؤال والحساب والوبال، فى قوله:
«ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» سورة
التكاثر: 8.
(2) فى المصحف: (102) سورة التكاثر مكية وآياتها (8) نزلت بعد
سورة الكوثر.
تفسير مقاتل بن سليمان ج 4- م 52
(4/817)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ يعني شغلكم التكاثر، وذلك أن حيين من
قريش من بني عبد مناف بن قصي، وبني سهم بن عمرو بن مرة بن كعب
كان بينهم لحاء فافتخروا، «فتعادى «1» » السادة والأشراف فقال
بنو عبد مناف: نحن أكثر سيدا، وأعز عزيزا، وأعظم شرفا، وأمنع
جانبا، وأكثر عددا، فقال بنو سهم لبني عبد مناف:
مثل ذلك، «فكاثرهم «2» » بنو عبد مناف بالأحياء، ثم قالوا:
تعالوا نعد أمواتنا حتى أتوا المقابر «يعدونهم «3» » فقالوا:
هذا قبر فلان، وهذا قبر فلان «فعد «4» » هؤلاء وهؤلاء موتاهم،
«فكاثرهم «5» » بنو سهم بثلاثة أبيات، لأنهم كانوا أكثر عددا
«6» في الجاهلية من بني عبد مناف، فأنزل الله في الحيين
«أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ» يقول شغلكم التكاثر عن ذكر الآخرة،
فلم تزالوا كذلك، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ- 2- كلكم يقول
إلى أن أتيتم المقابر، ثم أوعدهم الله- عز وجل- فقال: كَلَّا
سَوْفَ تَعْلَمُونَ- 3- هذا وعيد: «ما نحن «7» » فاعلون بذلك
إذا نزل بكم الموت، ثم قال: ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ-
4-
__________
(1) «فتعادوا» : فى أ، ف، ل.
(2) «فكاثروهم» : فى أ، ف، ل،.
(3) فى أ، ف، ل: «يعدوهم» .
(4) فى أ، ف: «فعدوا» .
(5) فى أ، ف، ل: «فكاثروهم» .
(6) فى أ، ف، ل: زيادة: «سهم» ، والأنسب حذفها.
(7) فى أ: «ما يجوز» وفى ف: «ما نحن» .
(4/819)
وهو وعيد: إذا دخلتم قبوركم، ثم قال:
كَلَّا لا يؤمنون بالوعيد، ثم استأنف فقال: لَوْ تَعْلَمُونَ
عِلْمَ الْيَقِينِ- 5- لا شك فيه «لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ» «1»
- 6- لعلمتم أنكم سترون الجحيم في الآخرة ثُمَّ لَتَرَوُنَّها
عَيْنَ الْيَقِينِ- 7- لا شك فيه، يقول لترون الجحيم في الآخرة
معاينة، «والجحيم «2» » ما عظم من النار، يقينها رؤية العين،:
سنعذبهم مرتين «مرة عند الموت، ومرة عند القبر «3» » ثم يردون
إلى عذاب عظيم ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ فى الآخرة يَوْمَئِذٍ عَنِ
النَّعِيمِ- 8- يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير
والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، وأيضا فذلك
قوله: « ... أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ
الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها.. «4» » وقال: «ثُمَّ
لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» وذلك أن الله- عز
وجل- إذا جمع الكفار فى النار صرخوا: يا مالك، أنضجت لحومنا
وأحرقت جلودنا، «وجاعت «5» » وأعطشت أفواهنا، وأهلكت أبداننا،
فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار، فيرد عليهم مالك
فيقول: لا، قالوا: ساعة من النهار. «قال «6» » :
لا. قالوا: فردنا إلى الدنيا، فنعمل غير الذي كنا نعمل، قال
فينادي مالك- خازن النار-[250 أ] بصوت غليظ جهير، قال: فإذا
نادى حسرت النار من فرقه، وسكن أهلها، فيقول: أبشروا فيرجون أن
تكون عافية قد أتتهم، ثم
__________
(1) «لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ» ، ساقطة من أ، ف.
(2) فى أ: «الجحيم» ، وفى ف: «فالجحيم» ، والأنسب ما أثبت.
(3) «مرة عند الموت ومرة عند القبر» : من ف، وليست فى أ.
(4) سورة الأحقاف: 20. [.....]
(5) فى أ، ف: «وأجاعت» .
(6) فى أ: «قالوا» ، وفى ف: «قال» .
(4/820)
يناديهم: يا أهل النار، فيقولون: لبيك،
فيقول: يا أهل البلاء، فيقولون:
لبيك. فيقول: « ... أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ
الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها، (فَالْيَوْمَ «1» )
تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ...
«2» » يا أهل الفرش والوسائد والنعمة في دار الدنيا، كيف تجدون
مس سقر؟ قالوا: يأتينا العذاب من كل مكان، فهل إلى أن نموت
ونستريح، قال فيقول: وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذابا، قال فذلك
قوله: «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» يعني
الشكر للنعيم الذي أعطاه الله- عز وجل-، فلم يهتد ولم يشكر،
يعني الكافر.
__________
(1) فى أ، ف: (اليوم) ، وفى المصحف: (فاليوم) .
(2) سورة الأحقاف: 20.
(4/821)
سورة العصر
(4/823)
[سورة العصر (103) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
(4/825)
[سورة العصر «1» ] سورة العصر مكية عددها
ثلاث آيات كوفى «2» .
__________
(1) مقصود السورة:
بيان خسران الكفار والفجار، وذكر سعادة المؤمنين الأبرار، وشرح
حال المسلم الشكور الصبار فى قوله: «وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ»
سورة العصر: 3.
(2) فى المصحف: (103) سورة العصر مكية وآياتها (3) نزلت بعد
سورة الشرح.
(4/827)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ- 1- قسم، أقسم الله- عز وجل- بعصر النهار، وهو آخر
ساعة من النهار، وأيضا «العصر» سميت العصر حين «تصوبت «1» »
الشمس للغروب وهو عصر النهار، فأقسم الله- عز وجل- بصلاة
العصر.
إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ- 2- نزلت في أبي لهب اسمه عبد
العزى بن عبد المطلب يعني أنه لفي ضلال أبدا حتى يدخل النار،
ثم استثنى فقال:
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فليسوا في
خسران، ثم نعتهم فقال:
وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ يعني بتوحيد الله- عز وجل- وَتَواصَوْا
بِالصَّبْرِ- 3- يعني «على «2» » أمر الله- عز وجل- فمن فعل
هذين كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فليسوا من الخسران
في شيء، ولكنهم فى الجنان مخلدون.
__________
(1) فى أ: «تصوب» ، وفى ف: «تصوبت» .
(2) فى أ: «عن» ، وفى ف: «على» .
(4/829)
سورة الهمزة
(4/831)
[سورة الهمزة (104) : الآيات 1 الى 9]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالا
وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ
لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ
(6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها
عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
(4/833)
[سورة الهمزة «1» ] سورة الهمزة مكية عددها
«تسع «2» » آيات كوفى «3»
__________
(1) معظم مقصود السورة:
عقوبة العياب المغتاب، وذم جمع الدنيا ومنعها، وبيان صعوبة
العقوبة فى قوله: «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» سورة الهمزة: 9.
(2) فى أ: «سبع» .
(3) فى المصحف: (104) سورة الهمزة مكية وآياتها: 9، نزلت بعد
سورة القيامة.
(4/835)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ يعني الطعان المغتاب الذي إذا غاب عنه
الرجل اعتابه من خلفه لُمَزَةٍ- 1- يعني الطاغي إذا رآه طغى
عليه في وجهه، نزلت في الوليد ابن المغيرة المخزومي، كان يغتاب
النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا غاب، وإذا رآه «طغى فى «1» »
وجهه، ثم نعته فقال: الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ- 2-
يقول الذي «استعد «2» » مالا [250 ب] ليشتري به الخدم
والحيوان، يقول: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ- 3- من
الموت، فلا يموت حتى يفنى ماله، يقول الله- عز وجل- كَلَّا لا
يخلده ماله وولده، ثم استأنف فقال: لَيُنْبَذَنَّ فِي
الْحُطَمَةِ- 4- يقول ليتركن في الحطمة وَما أَدْراكَ مَا
الْحُطَمَةُ- 5- تعظيما لشدتها، تحطم العظام، وتأكل اللحم حتى
«تهجم «3» » على القلب، ثم أخبر عنها فقال: نارُ اللَّهِ
الْمُوقَدَةُ- 6- على أهلها لا تخمد، ثم نعتها فقال: الَّتِي
تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ- 7- يقول تأكل اللحم والجلود
حتى يخلص حرها إلى القلوب، ثم تكسى لحما جديدا، ثم تقبل عليه
وتأكله حتى يصير إلى منزلته الأولى، إِنَّها عَلَيْهِمْ
مُؤْصَدَةٌ- 8- يعنى مطبقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ- 9- يقول
طبقت الأبواب ثم «شدت «4» » بأوتاد
__________
(1) «طغى فى» : كذا فى أ، ف، والمألوف: «طغى عليه» .
(2) «استعد» : كذا فى أ، ف، والمألوف «أعد» ، ومعنى استعد: طلب
الأعداد.
(3) فى أ: «تلحم» ، وفى ف: «تهجم» . [.....]
(4) فى أ: «شددت» ، وفى ف: «شدت» .
(4/837)
من حديد من نار حتى يرجع عليهم غمها وحرها،
فلا يفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح، ولا يخرج منها غم آخر
الأبد، وأيضا «لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» فأما «الهمزة» فالذي
ينم الكلام إلى الناس وهو النمام، وأما «اللمزة» فهو الذي يلقب
الرجل بما يكره، وهو الوليد بن المغيرة، كان رجلا «نماما «1» »
وكان يلقب الناس «2» من التجبر «3» والعظمة وكان يستهزئ
بالناس، وذلك أنه أنزل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
«ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا
مَمْدُوداً «4» » وكان له حديقتان، حديقة بمكة وحديقة بالطائف،
وكان لا ينقطع خيره شتاء ولا صيفا، فذلك قوله « ... مالًا
مَمْدُوداً، وَبَنِينَ شُهُوداً «5» » يعني أرباب البيوت، وكان
له سبعة بنين قال: «وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً
«6» » يقول بسطت له في المال كل البسط «ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ
أَزِيدَ، كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً «7» » قال:
والله، لو قسمت مالي يمينا وشمالا على قريش ما دمت حيا ما فنى،
فكيف «تعدني «8» » الفقر؟ قال أما والله، إن الذي أعطاك، قادر
على أن يأخذه منك، فوقع في قلبه من ذلك شيء ثم عمد إلى ماله
فعده، ما كان من ذهب أو فضة أو أرض أو حديقة أو رقيق فعده
وأحصاه،
__________
(1) «تماما» : كذا فى أ، ف. وفى حاشية أ، فى الأصل «تاما» .
(2) أى بالألقاب السيئة: وهو التنابز بالألقاب.
(3) فى أ: «التحير» ، وفى ف: «التجبر» .
(4) سورة المدثر: 11- 12.
(5) سورة المدثر: 12- 13.
(6) سورة المدثر: 14.
(7) سورة المدثر: 15- 16.
(8) فى أ، ف: «توعدني» .
(4/838)
فقال: يا محمد «تعدني «1» » الفقر والله
«لو كان «2» » هذا «خبزا «3» » ما فني فأنزل الله- عز وجل-
«وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ، الَّذِي جَمَعَ مَالا
وَعَدَّدَهُ، يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ، كَلَّا» لا
يخلده، ثم استأنف فقال: «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ، وَما
أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ» تعظيما لها، فقال: «إِنَّها
عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» وذلك أن الشقي
إذا دخل النار «طاف «4» » به الملك في أبوابها في ألوان العذاب
«وفتح «5» » له باب الحطمة وهي باب من أبواب جهنم، وهي نار
تأكل النار من شدة حرها، وما خمدت من يوم خلقها الله- عز وجل-
إلى يوم يدخلها، فإذا فتح ذلك الباب «وقعت «6» » [251 أ] النار
عليه فأحرقته، فتحرق الجلد واللحم والعصب والعظم ولا تحرق
القلب «ولا العين «7» » وهو ما يعقل به ويبصر، فذلك قوله-
تعالى-: «الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ «8» » «ثم تلا
«9» » وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَمَا هُوَ
بميت، يقول ليس في جسده موضع شعرة إلا والموت يأتيه من ذلك
المكان، ثم قال: «إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، فِي عَمَدٍ
مُمَدَّدَةٍ» وذلك أنه إذا خرج الموحدون من الباب الأعلى وهي
__________
(1) فى أ، ف: «توعدني» .
(2) فى أ: «أن لو كان» ، وفى ف: «لو كان» .
(3) فى أ: «خبز» ، وفى ف: «خبزا» .
(4) فى أ: «أطاف» ، وفى ف: «طاف» .
(5) فى أ، ف: «فتح» ، والأنسب: «وفتح» . [.....]
(6) فى أ: «وقعدت» ، وفى ف: «وقعت» .
(7) فى أ: «ولا العقل» ، وفى ف: «ولا العين» .
(8) فى أ: «تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» ، وفى ف: «الَّتِي
تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» .
(9) فى أ: «ثم قال» ، وفى ف: «ثم تلا» ، والمعنى: ثم قرأ
الملك.
(4/839)
جهنم، قال أهل «تلك «1» » السبعة الأبواب
وهي أسفل درك من النار لأهل الباب السادس، «ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ» يقول ما أدخلكم في سقر، «قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ
الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ... «2» »
إلى آخر الآيات، ثم يقولون تعالوا حتى نجزع، فيجزعون حقبا من
الدهر فلا ينفعهم شيئا، ثم يقولون تعالوا حتى نصرخ فيصرخون
حقبا من الدهر فلا يغني عنهم شيئا، ثم يقولون تعالوا حتى نصبر
فلعل الله الله- عز وجل- إذا صبرنا «وسكتنا «3» » أن يرحمنا
فيصبرون حقبا من الدهر فلا يغني عنهم شيئا فيقولون: « ...
سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ
مَحِيصٍ «4» » ثم ينادون «أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا
فَإِنَّا ظالِمُونَ «5» » فينادى رب العزة من فوق العرش « ...
اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ «6» » فتصم آذانهم ويختم على
قلوبهم وتغلق عليهم أبوابها «فيطبق كل واحدة على صاحبه «7» » .
بمسامير من حديد من نار كأمثال الجبال، فلا يلج فيها روح، «ولا
يخرج منها حر النار»
» ، ويأكلون من النار ولا يسمع فيها إلا الزفير والشهيق. «نسأل
الله المعافاة منها بفضله وجوده ورحمته «9» » .
__________
(1) فى أ: «تلك» ، وفى ف: «ذلك» .
(2) سورة المدثر: 42- 44.
(3) فى أ: «شيئا» ، وفى ف: «وسكتنا» .
(4) سورة إبراهيم: 21.
(5) سورة المؤمنون: 107.
(6) سورة المؤمنون: 108.
(7) من ف، وفى أ: «فيطبق كل باب صاحبه» .
(8) من أ، وفى ف: «ولا يخرج منها» .
(9) «نسأل الله المعافاة منها بفضله وجوده ورحمته» : من أ،
وليس فى ف.
(4/840)
|