تفسير مقاتل بن سليمان

سورة الفيل

(4/841)


[سورة الفيل (105) : الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)

(4/843)


[سورة الفيل «1» ] سورة الفيل مكية عددها خمس آيات كوفى «2» .
__________
(1) معظم مقصود السورة:
بيان جزاء الأجانب ومكرهم، ورد كيدهم فى نحرهم، وتسليط أنواع العقوبة على العصاة والمجرمين، وسوء عاقبتهم بعد حين فى قوله: «فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ» سورة الفيل: 5. [.....]
(2) فى المصحف: (105) سورة الفيل مكية وآياتها (5) نزلت بعد سورة الكافرين.

(4/845)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ ألم تعلم يا محمد كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ- 1- يعني أبرهة بن الأشرم اليماني، وأصحابه، وذلك أنه كان بعث أبا يكسوم بن أبرهة اليماني الحبشي وهو ابنه، في جيش كثيف إلى مكة ومعهم الفيل ليخرب البيت الحرام، ويجعل الفيل مكان البيت بمكة، ليعظم ويعبد كتعظيم الكعبة، وأمره أن يقتل من حال بينه وبين ذلك، فسار أبو يكسوم بمن معه حتى نزل «بالمعمس «1» » وهو واد دون الحرم بشيء يسير، فلما أرادوا أن يسوقوا الفيل إلى مكة لم يدخل الفيل الحرم، وبرك، فأمر أبو يكسوم أن يسقوه الخمر، فسقوه الخمر «ويردونه «2» » [251 ب] في سياقه، فلما أرادوا أن يسوقوه برك الثانية، ولم يقم، وكلما خلوا سبيله ولى راجعا إلى الوجه الذي جاء منه يهرول، ففزعوا من ذلك وانصرفوا عامهم ذلك، فلما أن كان بعده بسنة أو «بسنتين «3» » خرج قوم من قريش في تجارة إلى أرض النجاشي، حتى دنوا من ساحل البحر في «سند «4» » حقف من أحقافها ببيعة النصارى وتسميها قريش الهيكل، ويسميها النجاشي وأهله أرضة «ما سر حسان «5» »
__________
(1) فى أ: «بالمعميس» ، وفى ف: «بالمعمص» .
(2) فى أ: «ويودوا أنه» ، وفى ف: «ويردونه» .
(3) فى أ: «سنتين» ، وفى ف: «بسنتين» .
(4) فى أ: «سند» ، وفى ف: «سد» .
(5) فى أ: «مايس» ، وفى ف: «ناصر حسان» ، وفى ل: «ماسرحسان» .

(4/847)


«فنزل «1» » القوم فى سندها فجمعوا حطبا فأوقدوا نارا، وشووا لحما، فلما أرادوا أن يرتحلوا تركوا النار، كما هي في يوم عاصف، فعجبت الريح «واضطرم الهيكل نارا «2» » فانطلق الصريخ إلى النجاشي وجاءه الخبر «فأسف «3» » عند ذلك غضبا للبيعة وسمعت بذلك ملوك العرب الذين هم بحضرته، فأتوا النجاشي منهم حجر بن شرحبيل، وأبو يكسوم الكنديان، وأبرهة بن الصباح الكندي، فقالوا: أيها الملك، لا تكاد ولا تغلب نحن مؤازرون لك على كعبة قريش التي بمكة، فإنها فخرهم ومعتزهم على من بحضرتهم من العرب فننسف بناءها. ونبيح دماءها، وننتهب أموالها، «وتمنح «4» » حفائرها من شئت من سوامك، ونحن لك على ذلك مؤازرون فاعزم إذا شئت أو أحببت، أيها الملك. فأرسل الملك الأسود بن مقصود، فأمر عند ذلك بجنوده «من «5» » «مزارعي «6» » الأرض، فأخرج كتائبه جماهير معهم الفيل، واسمه محمود، فسار بهم وبمن معه من ملوك العرب تلقاء مكة في جحافل تضيق عليهم الطرق، فلما ساروا مروا بخيل لعبد المطلب، جد النبي- صلى الله عليه وسلم-، مسومة وإبل، فاستاقها، فركب الراعي فرسا له أعوجيا «7» كان يعده لعبد المطلب فأمعن في السير حتى دخل مكة، فصعد إلى الصفا فوقى عليه، ثم نادى بصوت رفيع: يا صباحاه، يا صباحاه أتتكم السودان معها فيلها، يريدون أن يهدموا كعبتكم، ويدعوا عزكم، ويبيحوا
__________
(1) فى أ: «فساروا فتزل» ، وفى ل، ف: «فتزل» .
(2) «واضطرم الهيكل نارا» : من أ، وفى ف: «واضطرمت الهيكل نار» .
(3) فى أ: «فأشعف» ، وفى ف: «فأسف» .
(4) فى أ: «ويمنح» ، وفى ف: «ويمح» .
(5) فى أ: «من» ، وفى ف «ومن» .
(6) فى أ، ف: «مزارع» ، والأنسب: «مزارعى» .
(7) فى أ: «أعواجا» ، وفى ف: «أعوجيا» .

(4/848)


دماءكم، وينتهبوا أموالكم، ويستأصلوا بيضتكم، فالنجاء النجاء. ثم قصد إلى عبد المطلب، فأخبره بالأمر كله، فركب عبد المطلب فرسه، ثم أمعن جادا في السير حتى هجم على عسكر القوم، فاستفتح له أبرهة بن الصباح، وحجر بن شراحيل، وكانا خلين فقالا:
لعبد المطلب ارجع إلى قومك، فأخبرهم وأنذرهم أن هذا قد جاءكم «حميا آتيا «1» » فقال عبد المطلب: واللات، والعزى، لا أرجع حتى أرجع معي بخيلي، ولقاحي، فلما عرفا أنه غير راجع [252 أ] ونازع عن قوله قصدا به إلى النجاشي، فقالا: كهيئة المستهزئين يستهزئان به: أيها الملك، اردد عليه إبله وخيله فإنما هو وقومه لك بالغداة، فأمر بردها. فقال عبد المطلب للنجاشي: «هل لك «2» » إلى أن أعطيك أهلي ومالي، وأهل قومي، وأموالهم، «ولقاحهم «3» » على أن تنصرف عن كعبة الله؟ قال: لا.
فسار عبد المطلب بإبله وخيله حتى أحرزها، ونزل النجاشي ذا المجاز، «موضع «4» » سوق الجاهلية، ومعه من العدد والعدة كثير، وانذعرت قريش وأعروا مكة «فلحقوا «5» » بجبل حراء وثبير وما بينها من الجبال، وقال عبد المطلب لقريش: واللات، والعزى، لا أبرح البيت حتى يقضي الله قضاءه، فقد نبأني أجدادي أن للكعبة ربا يمنعها، ولن تغلب النصرانية، وهذه الجنود جنود الله، وبمكة يومئذ أبو مسعود الثقفي جد المختار، وكان مكفوف البصر، «يقيظ «6» » بالطائف، ويشتو بمكة، وكان
__________
(1) «حميا أتيا» : كذا فى أ، ف، ل. والمراد: «شجاعا قويا» . [.....]
(2) فى أ: «هلك» .
(3) فى أ: «وأباحهم» ، وفى ف: «ولقاحهم» .
(4) «موضع» : من ف، وليست فى أ.
(5) فى أ: «ونحفوا» ، وفى ف: «فلحقوا» .
(6) فى أ: «يقبض» ، وفى ف: «يقيظ» ، والمعنى: يقضى فصل الصيف والقيظ.
تفسير مقاتل بن سليمان ج 4- م 54

(4/849)


رجلا نبيلا، «تستقيم «1» » الأمور برأيه، وهو أول فاتق، وأول راتق، وكان خلا لعبد المطلب، فقال له عبد المطلب: يا أبا مسعود، ماذا عندك هذا يوم لا يستغنى عن رأيك، قال له أبو مسعود: اصعد بنا الجبل حتى نتمكن فيه، فصعدا الجبل فتمكنا فيه، فقال أبو مسعود لعبد المطلب: اعمد إلى ما ترى من إبلك فاجعلها حرما لله، وقلدها نعالا، ثم أرسلها في حرم الله، فلعل بعض هؤلاء السودان أن «يعقروها «2» » ، فيغضب رب هذا البيت، فيأخذهم عند غضبه. ففعل ذلك عبد المطلب فعمد القوم إلى تلك الإبل فحملوا عليها وعقروا بعضها، فقال عبد المطلب عند ذلك- وهو يبكي-:
يا رب إن العبد يمنع رح ... له فامنع حلالك
«لا يغلبن «3» » صليبهم ومحا ... لهم عدوا محالك
«فإن كنت «4» تاركهم» وكع ... بتنا فأمر ما بدا لك
«فلم أسمع بأرجس من رجال ... أرادوا «5» ، العز فانتهكوا حرامك
ثم دعا عليهم فقال:
اللهم أخز الأسود بن مقصود.
الآخذ الهجمة بعد التقليد.
قبلها إلى طماطم سود.
__________
(1) فى أ: «تستقسم» ، وفى ف: «تستقيم» .
(2) فى أ، ف: «يعقرها» .
(3) فى أ: «لا تجعلن» ، وفى ف، ل: «لا يغلبن» .
(4) «فإن كنت تاركهم» : من ل، وفى أ، ف: «فإن تتركهم» .
(5) من ف، ل، وفى أ: «فلم أسمع بأرجس من رجال أرادوا» .

(4/850)


بين ثبير فالبيد.
والمروتين والمشاعر السود.
ويهدم البيت الحرام «المصمود «1» » .
قد أجمعوا ألا يكون لك عمود «2» «اخفرهم «3» » ربى فأنت محمود [253 أ] فقال أبو مسعود: إن لهذا البيت ربا يمنعه منعة عظيمة ونحن له «فلا ندري «4» » ما منعه، فقد «نزل «5» » تبع ملك انيمن بصحن هذا البيت، وأراد هدمه، فمنعه الله عن ذلك، وابتلاه «وأظلم «6» » عليهم ثلاثة أيام، فلما رأى ذلك تبع كساء الثياب البيض من «الشطرين «7» » وعظمه، «ونحر له جزرا «8» » ثم قال أبو مسعود لعبد المطلب: انظر نحو البحر ما ترى؟ فقال: أرى طيرا بيضا قد انساب مع شاطى البحر. فقال: ارمقها ببصرك أين قرارها؟ قال: أراها قد «أزرت «9» » على رءوسنا. فقال: هل تعرفها؟ قال: لا، والله، ما أعرفها
__________
(1) المصمود: بمعنى المقصود من كل فج. قال الله- تعالى-: «اللَّهُ الصَّمَدُ» :
سورة الإخلاص: 2، أى المقصود فى الحوائج.
(2) أى ألا يكون لك بيت تعبد فيه، يرتفع على أعمدة. قال- تعالى-: «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها» ... سورة الرعد: 2.
(3) فى أ: «أحقرهم: أى اجعلهم حقراء» ، وفى ل: «أخفرهم أى خذهم يظلمهم، يقال فلان لا يخفر ذمامه أى لا يعتدى على من أجاره، فمعنى اخفرهم أى أزل أماتهم وأهلكهم» .
(4) فى أ: «فلا أدرى» ، وفى ف: «فلا ندري» . [.....]
(5) فى أ: «نزل به» ، وفى ف: «نزل» .
(6) فى أ: «فأظلم» ، وفى ف: «وأظلم» .
(7) فى أ: «من الشطرين» ، وفى ف: «من القنطوت» ، وفى ل: «القباطي» .
(8) فى ف: «ونحر جزرا» ، وفى أ: «ونحر له جرزا» ، أقول وهي مصحفة عن «جزرا» .
(9) فى أ: «أيدرت» ، وفى ف، ل: «أزرت» ، والمعنى ارتفعت.

(4/851)


ما هي بنجدية، ولا تهامية، ولا غربية، ولا شرقية، ولا يمانية، ولا شامية، وإنها تطير بأرضنا غير مؤنسة. قال: ما قدرها؟ قال: أشباه اليعاسيب في مناقيرها الحصى «كأنها «1» » حصى الخذف قد أقلبت، وهي طيرا أبابيل «2» يتبع بعضها بعضا أمام كل «رفقة «3» » منها طائر يقودها أحمر المنقار، أسود الرأس، طويل العنق، حتى إذا جازت بعسكر القوم ركدن فوق رءوسهم فلما توافتها «الرعال كلها «4» » هالت الطير ما في مناقيرها من الحجارة على من تحتها، يقال إنه كان مكتوبا على كل حجر اسم صاحبه، ثم إنها عادت راجعة من حيث جاءت. فقال أبو مسعود: لأمر ما هو كائن، فلما أصبحا انحطا من ذروة الجبل إلى الأرض فمشيا ربوة أو ربوتين فلم يؤنسا أحدا، ثم دنوا فمشيا ربوة أو ربوتين أيضا، فلم يسمعا همسا. فقالا: عند ذلك بات القوم سامدين فأصبحوا نياما لا يسمع لهم ركزا، وكانا قبل ذلك يسمعان صياحهم، وجلبة في أسواقهم، فلما دنيا من عسكرهم، فإذا هم خامدون، يقع الحجر في بيضة الرجل فيخرقها حتى يقع في دماغه، ويخرق الفيل والدابة حتى يغيب في الأرض من شدة وقعه فعمد عبد المطلب فأخذ فأسا من فئوسهم فخفر حتى عمق في الأرض وملأه من الذهب الأحمر والجوهر الجيد، وحفر أيضا لصاحبه فملأه من الذهب والجوهر، ثم قال لأبي مسعود: هات خاتمك، واختر أيهما شئت، خذ إن شئت حفرتي، وإن شئت حفرتك، وإن شئت فهما لك، فقال أبو مسعود: اختر لي. فقال عبد المطلب: إنى لم أعل أجود المتاع فى حفرتي
__________
(1) «كأنها» كذا فى أ، ف، ل: والأنسب «كأنه» .
(2) أى جماعات متتابعة.
(3) «رفقة» : فى ف: «رقة» ، وفى أ: «رفقة» ، والمعنى جماعة مترافقة.
(4) «الرعال» : كذا فى أ، ف، ل: والمعنى فلما تجمعت الطير فوق رءوس الرجال ولعل الرعال محرفة عن الرجال.

(4/852)


وهي لك، وجلس كل واحد منهما على حفرة صاحبه، ونادى عبد المطلب في الناس، فتراجعوا فأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به ذرعا، وساد عبد المطلب بذلك قريشا وأعطوه «المقادة «1» » فلم يزل عبد المطلب وأبو مسعود [253 ب] وأهلوهما في غنى من ذلك المال. ودفع الله- عز وجل- عن كعبته وقبلته وسلط عليهم جنودا لا قبل لهم بها، وكان لهم بالمرصاد والأخذة الرابية، وأنزل فيهم «أَلَمْ تَرَ» يعني يخبر نبيه- صلى الله عليه وسلم- «كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ» يعني الأسود بن مقصود، ومن معه من الجيش وملوك العرب، ثم أخبر عنهم فقال: أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ- 2- «الذي «2» » أرادوا، من خراب الكعبة «واستباحة «3» » أهلها، «فِي تَضْلِيلٍ» يعني خسار وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ- 3- يعني متتابعة كلها تترى بعضها على إثر بعض تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ- 4- يعني بحجارة خلطها الطين فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ- 5- فشبههم بورق الزرع المأكول يعني البالي، وكان أصحاب الفيل قبل مولد النبي- صلى الله عليه وسلم- بأربعين سنة، وهلكوا عند أدنى الحرم، ولم يدخلوه قط.
قال عكرمة بن خالد:
«حبست «4» » رب الجيش والأفيال ... «وقد رعوا بمكة الأجبال «5» »
«قد خشينا منهم القتال «6» » ... كل كريم ما جد بطال
__________
(1) أى أصبح قائدا وزعيما لهم.
(2) فى أ: «الذين» ، وفى ف: «الذي» .
(3) فى أ: «واستباح» ، وفى ف: «واستباحة» .
(4) «حبست» : من ف، وفى أ: «خشعت» .
(5) «وقد وعوا بمكة الأجبال» من ف، وفى أ: «وقد وعن لمكة الأجبال» . [.....]
(6) «قد خشينا منهم القتال» : من ف، وفى أ: «قد خشبت لهمتهم القتال» .

(4/853)


يمشي يجر المجد والأذيال ... ولا يبالي «حيلة «1» » المحتال
تركتهم ربي بشر حال ... وقد لقوا أمرا له فعال
وقال صفوان بن أمية المخزومي:
يا واهب الحي الحلال الأحمس ... وما لهم من «طارف «2» » ومنفس
أنت العزيز ربنا لا تدنس ... أنت حبست الفيل بالمعمس
حبست فإنه «هكروس «3» » «وقال ابن أبي الصلت «4» :
إن آيات ربنا بينات ... لا يماري بهن إلا الكفور
حابس الفيل بالمعمس حتى ... ظل يحبو كأنه معقور
وأسقى حلقه الحراب كما ... قطر من ضحر كبكب محدور
حوله من ملوك كندة فتيا ... ن «ملاويث «5» » في الهياج صقور
حالفوه ثم «انذعروا «6» » عنه ... عظمه خلف ساقه مكسور
كل دين يوم القيامة عند الل ... هـ إلا دين الحنيفة بور
__________
(1) فى أ: «حيلة» ، وفى ف: «جفة» .
(2) فى أ، ف: «طارق» ، والأنسب ما أثبت. وهذا البيت من ف، وأما فى أ: فقد ذكرته فى آخر كلام صفوان، بينما أوردته ف فى أول شعره.
(3) فى أ: «هكروس» ، وفى ف: «مكروس» .
(4) «وقال ابن أبى الصلت» : من أ، وفى ف: «وقال أبو الصلت» .
(5) «ملاويث» : كذا فى ف، ل، والأبيات قد سقط معظمها فى أ.
(6) فى أ: «انذعروا» ، وفى ف، ل: «اندعروا» .

(4/854)


سورة قريش

(4/855)


[سورة قريش (106) : الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)

(4/857)


[سورة قريش «1» ] سورة قريش مكية عددها أربع آيات «2» :
__________
(1) معظم مقصود السورة:
ذكر المنة على قريش، وتحضيضهم على العبادة، وشكر الإحسان، ومعرفة قدر النعمة والعافية والأمان فى قوله «وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» سورة قريش: 4.
(2) فى المصحف: (106) سورة قريش مكية وآياتها (4) نزلت بعد سورة التين.

(4/859)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ- 1- وذلك أن قريشا كانوا تجارا يختلفون إلى الأرض ثم سميت «قريش «1» » ، وكانوا يمتارون «2» في الشتاء من الأردن وفلسطين لأن ساحل البحر «أدفأ «3» » ، فإذا كان الصيف تركوا طريق الشتاء والبحر من أجل الحر، وأخذوا إلى اليمن للميرة فشق عليهم الاختلاف، فأنزل الله- تعالى- «لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» يقول لا اختلاف لهم «ولا تجارة «4» » قد قطعناها عنهم فذلك: «إِيلافِهِمْ «5» » رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ- 2- فقذف الله- عز وجل- في قلوب الحبشة أن «يحملوا «6» » الطعام في السفن إلى مكة للبيع، فحملوا إليهم فجعل أهل مكة يخرجون إليهم بالإبل والحمير، فيشترون الطعام على مسيرة يومين من مكة، «وتتابع «7» » ذلك عليهم سنين، فكفاهم الله مؤنة الشتاء والصيف، ثم قال: لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
- 3- لأن رب هذا البيت كفاهم مؤنة الخوف والجوع، فليألفوا العبادة له، كما ألفوا الحبشة ولم يكونوا يرجونهم،
__________
(1) فى أف: «قريشا» ، وفى ل: «قريش» .
(2) يمتارون: يحضرون الميرة والطعام.
(3) «أدفا» : من ل، وفى ف: «أدنى» ، وفى أ: «من الأردن وفلسطين إلى ساحل البحر» ، أقول والمعروف أن سفرهم كان فى الشتاء إلى اليمن.
(4) «ولا تجارة» : من ف، وفى ل: «ولا عاد» .
(5) «إيلافهم» : من ل، وفى أ، ف: «الفهم» . [.....]
(6) فى ف: «يحملوا» ، وفى أ: «يجعلوا» .
(7) فى أ، ف: «فتتابع» .

(4/860)


«الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» «1» حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ- 4- يعني القتل والسبي، وذلك أن العرب في الجاهلية كان يقتل بعضهم بعضا، ويغير بعضهم على بعض: فكان الله- عز وجل- يدفع عن أهل الحرم، ولا يسلط عليهم عدوا، فذلك قوله:
«وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» .
وأيضا «لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» يقول لا ميرة لقريش، ولا اختلاف، وذلك أن قريشا «كانت «2» » لا تأتيهم التجار، ولا يهتدون إليهم، فكانت قريش تمتار «لأهلها»
» الطعام من الشام في الشتاء، «ومن اليمن في الصيف «4» » وذلك أنهم كانوا في الشتاء ينطلقون إلى الشام ليتماروا الطعام لأهلهم، فإذا جاء «الصيف «5» » انطلقوا إلى اليمن فكانت لهم «رحلتان «6» » في الشتاء والصيف فرحمهم الله- عز وجل- فقذف في قلوب الحبش أن يحملوا إليهم الطعام في السفن فكانوا يخرجون على مسيرة ليلة إلى جدة، فيشترون الطعام وكفاهم الله مؤنة الشتاء والصيف، فأنزل الله
__________
(1) «الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» : ساقطة من أ، ومتأخرة عن مكانها فى ف، فأعدتها إلى مكانها حسب ترتيب المصحف.
(2) «كانت» : زيادة اقتضاها السباق، ليست فى النسخ.
(3) فى أ، ف: «لأهلهم» .
(4) «ومن اليمن فى الصيف» : زيادة اقتضاها السياق.
(5) فى أ، ف، ل: «الشتاء» ، ونلاحظ أن القرطبي والجلالين وغيرهما من كتب التفسير ذكروا أن رحلة الشتاء كانت اليمن، ورحلة الصيف كانت الشام، ولكن مقاتل سار على العكس ولعله سهو من الناسخ، ثم ذكرها أن رحلة الشتاء كانت للشام ورحلة الشتاء كانت اليمن فلا بد أن كلمة «الشتاء» الثانية محرفة عن الصيف حسب ما ورد فى أول السورة.
(6) فى ف. «رحلتين» ، وفى أ: «مرحلتين» .

(4/862)


- عز وجل- يذكرهم النعم فقال: «لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ، رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ» والإيلاف من المؤنة والاختلاف، ثم قال: َلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ»
يقول أخلصوا العبادة له «الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن، ثم قال: «وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» يعني القتل والسبي «لأن العرب «1» » «كانت «2» » يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا، وهم «آمنون «3» » فى الحرم.
__________
(1) فى أ: «والعذاب» ، وفى ف: «لأن العرب» .
(2) فى أ: «كان» ، وفى ف: «كانت» .
(3) فى أ: «آمن» ، وفى ف: «آمنون» .

(4/863)


سورة الماعون

(4/865)


[سورة الماعون (107) : الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)

(4/867)


[سورة الماعون «1» ] سورة الماعون مكية عددها سبع آيات «2» .
__________
(1) معظم مقصود الصورة:
الشكاية من الجافين على الأيتام والمساكين، وذم المقصرين، والمرائين، ومانعي نفع المعونة عن الخيرات والمساكين فى قوله: «وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ» سورة الماعون: 8.
(2) فى المصحف: (107) سورة الماعون مكية ثلاث الآيات الأولى، مدنية الباقي، وآياتها (7) نزلت بعد سورة التكاثر.

(4/869)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ- 1- يعنى بالحساب، نزلت فى العاص ابن وائل السهمي، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي، زوج أم هاني «بنت عبد المطلب «1» عمة النبي» - صلى الله عليه وسلم- ثم أخبر عن المكذب بالدين فقال: فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ- 2- يعني يدفعه عن حقه، فلا يعطيه، نظيرها: «يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ «2» » ، ثم قال: وَلا يَحُضُّ نفسه عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ- 3- يقول لا يطعم المسكين فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ- 4- يعني المنافقين في هذه الآية، ثم نعتهم فقال: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ- 5- يعني لاهون عنها حتى يذهب وقتها، وإن كانوا في خلال ذلك يصلونها الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ- 6- الناس في الصلاة، يقول إذا أبصرهم الناس صلوا، يراءون الناس بذلك ولا يريدون الله- عز وجل- بها وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ- 7- يعني الزكاة المفروضة والماعون بلغة قريش الماء.
قَالَ أَبُو صالح، وذكره عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمَاعُونُ» الإِبْرَةُ وَالْمَاءُ وَالنَّارُ وَمَا يَكُونُ فِي الْبَيْتِ مِنْ نحو هذا فيمنع.
__________
(1) فى أ: «بنت أبى طالب بن عبد المطلب عمة النبي» والمثبت من ف وهو الصواب، لأنها إذا كانت بنت أبى طالب تكون ابنة عمه لا عمته، وأما إذا كانت بنت عبد المطلب فتكون عمته. [.....]
(2) سورة الطور: 13.

(4/871)


سورة الكوثر

(4/873)


[سورة الكوثر (108) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

(4/875)


[سورة الكوثر «1» ] سورة الكوثر مكية عددها ثلاث آيات كوفى «2» .
__________
(1) معظم مقصود السورة:
بيان المنة على سيد المرسلين، وأمره بالصلاة والقربان، وإخباره بهلاك أعدائه أهل الخيبة والخذلان.
(2) فى المصحف: (108) سورة الكوثر مكية وآياتها (3) نزلت بعد سورة العاديات.

(4/877)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ- 1- لأنه أكثر أنهار الجنة خيرا، وذلك النهر عجاج يطرد مثل السهم طينه المسك «الأذفر «1» » ورضراضه الياقوت، والزبرجد، واللؤلؤ، أشد بياضا من الثلج وألين من الزبد، وأحلى من العسل، حافتاه قباب الدر المجوف، كل قبة طولها فرسخ في فرسخ، «وعرضها فرسخ في فرسخ «2» » عليها أربعة آلاف مصراع من ذهب، في كل قبة زوجة من الحور العين، لها سبعون خادما،
«فقال «3» » رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يا جبريل، ما هذه الخيام؟ «قال «4» » جبريل- عليه السلام- هذه «مساكن «5» » أزواجك في الجنة، يتفجر من الكوثر أربعة أنهار لأهل الجنان
التي «ذكر «6» الله» - عز وجل- فى سورة محمد «7» - صلى الله عليه وسلم-: الماء، والحمر،
__________
(1) فى أ: «الأدفر» ، وفى ف: «الأذفر» بإعجام الذال.
(2) فى أ: «وفى عرضها فرسخ فى فرسخ» ، والأنسب ما أثبت والجملة كلها ساقطة من ف.
(3) فى أ، ف: «فقال» ، والأنسب: «قال» .
(4) فى أ، ف: «فقال» .
(5) فى أ: «مسكن» ، وفى ف: «مساكن» .
(6) فى أ، ف: «ذكر» والمألوف: «ذكرها» .
(7) يشير إلى الآية 15 من سورة محمد، وتمامها: «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ... » .

(4/879)


واللبن، والعسل، ثم قال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ يعني الصلوات الخمس وَانْحَرْ- 2- البدن يوم النحر فإن المشركين لا يصلون ولا يذبحون لله- عز وجل-[254] إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ- 3- وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد الحرام من باب بني سهم بن عمرو بن هصيص، وأناس من قريش جلوس في المسجد فمضى النبي- صلى الله عليه وسلم-، ولم يجلس حتى خرج من باب الصفا، فنظروا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- حين خرج ولم يروه حين دخل، ولم يعرفوه، فتلقاه العاص بن وائل السهمي بن هشام ابن سعد بن سهم على باب الصفا، وهو «1» يدخل، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- «قد «2» » توفي ابنه عبد الله، وكان الرجل إذا مات ولم يكن له من بعده ابن يرثه سمي الأبتر فلما انتهى العاص إلى المقام، قالوا: من الذي تلقاك؟ قال:
الأبتر فنزلت «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» يعني إن مبغضك هو الأبتر يعني العاص ابن وائل السهمي «هو الذي «3» » أبتر من الخير، وأنت يا محمد ستذكر معي إذا ذكرت فرفع الله- عز وجل- له ذكره في الناس عامة، فيذكر النبي- صلى الله عليه وسلم- في كل عيد للمسلمين «في صلواتهم «4» » ، وفي الأذان، والإقامة، وفي كل موطن حتى خطبة النساء، وخطبة الكلام، وفى الحاجات.
__________
(1) الضمير يعود على العاص، والمعنى بينما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- خارجا من باب الصفا، كان العاص داخلا.
(2) «قد» : زيادة اقتضاها السياق.
(3) فى ف: «الذي هو» .
(4) فى أ: «وفى صلاتهم» ، وفى ف: «فى صلواتهم» . [.....]

(4/880)


سورة الكافرون

(4/881)


[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ (4)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)

(4/883)


[سورة الكافرون «1» ] سورة الكافرون «2» مكية عددها ست آيات «3» .
__________
(1) معظم مقصود السورة:
يأس الكافرين من موافقة النبي- صلى الله عليه وسلم- بالإسلام والأعمال، فى الماضي والمستقبل والحال، وبيان أن كل أحد مأخوذ بماله عليه أقبال واشتغال.
(2) فى أ: «الكافرون» ، وأما ف ففيها سورة: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» .
(3) فى المصحف: (109) سورة الكافرون مكية وآياتها (6) نزلت بعد سورة الماعون.

(4/885)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ- 1- نزلت في المستهزئين من قريش، وذلك
أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قرأ بمكة «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى «1» » فلما قرأ «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى «2» » ألقى الشيطان على لسانه، في وسنه، فقال: تلك الغرانيق العلا، عندها الشفاعة ترتجى «3» ، فقال أبو جهل ابن هشام، وشيبة وعتبة ابنا ربيعة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، «والمستهزءون «4» » من قريش «عشيا «5» » في دبر الكعبة لا تفارقنا يا محمد إلا على أحد الأمرين تدخل معك في بعض دينك ونعبد إلهك، «وتدخل «6» » معنا في بعض ديننا وتعبد آلهتنا، أو تتبرأ من آلهتنا ونتبرأ من إلهك، فأنزل الله- عز وجل- فيهم تلك الساعة «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» إلى آخر السورة
فأتاهم النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد فقال: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» قالوا: مالك يا محمد؟ «قال «7» » : لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ- 2- يقول لا أعبد آلهتكم التي
__________
(1) سورة النجم: 1.
(2) سورة النجم: 19- 20.
(3) رفض المحققون- هذه الشبه كما سبق أن وضحنا ذلك فى تفسير سورة النجم: 4/ 162، وقد حققت الموضوع عند تفسير الآية 52 من سورة الحج: 3/ 132- 133.
(4) فى أ: «والمستهزئين» ، وفى ف: «والمستهزءون» .
(5) فى ل: «عشيا» ، وفى ف: «غنتا» ، وهي ساقطة من أ.
(6) فى أ: «أو تدخل» ، وفى ف: «وتدخل» .
(7) «قال» : من ف، وليست فى أ.

(4/887)


تعبدون اليوم وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ إلهي الذي أعبده اليوم: «مَا أَعْبُدُ» «1» - 3- ثم قال: وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ- 4- فيما بعد اليوم وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ- 5- فيما بعد اليوم لَكُمْ دِينُكُمْ الذي أنتم عليه وَلِيَ دِينِ- 6- الذي أنا عليه، ثم انصرف عنهم، فقال بعضهم تبرأ هذا منكم فشتموه وآذوه، ثم نسختها آية السيف فى براءة، « ... فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «2» ... » .
__________
(1) «ما أعبد» : ساقطة من أ، ف.
(2) سورة التوبة: 5.

(4/888)