تفسير مقاتل بن
سليمان التفسير فى عهد
تابعي التابعين
فى هذا العهد اتجهت الهمم إلى جمع ما أثر من التفسير عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن صحابته
وعن التابعين بدون تفرقة بين المدارس الثلاث التي امتازت فى
عصر التابعين بروايات مخصوصة.
فدونوا علم التفسير فى الكتب الصغار والكبار، وصارت كتبهم أجمع
للعلم من الكتب السابقة.
واشتهر من بينهم: شعبة بن الحجاج المتوفى سنة 160 هـ، وسفيان
بن سعيد الثوري المتوفى سنة 161 هـ، ووكيع بن الجراح والمتوفى
سنة 197 هـ، وسفيان ابن عيينة المتوفى سنة 198 هـ، ويزيد بن
هارون المتوفى سنة 206 هـ، وروح ابن عبادة القيسي المتوفى سنة
207 هـ، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني شيخ الامام البخاري فى
الحديث، المتوفى سنة 211 هـ، وتفسيره مخطوط محفوظ بدار الكتب
المصرية، وهي نسخة وحيدة فى العالم، واسحق بن راهويه المتوفى
سنة 238 هـ، وآدم بن أبى إياس العسقلاني المتوفى سنة 220 هـ.
وقد ضاع أكثر هذه التفاسير فلم يبق منها، فى علمي، الا تفسير
سفيان الثوري، وقد طبع حديثا بالهند. وتفسير عبد الرزاق بن
همام الصنعاني.
وإذا كانت معظم التفاسير فى عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم لم
تصل إلينا، فان مضمون ما فيها قد نقله إلينا محمد بن جرير
الطبري صاحب التفسير الكبير المتداول بين الناس الآن.
__________
(30) انظر تهذيب التهذيب: 10/ 109- 111.
(5/14)
قال السيوطي: (وكتابه أجل التفاسير وأعظمها، فان يتعرض لتوجيه
الأقوال، وترجيح بعضها على بعض. والإعراب والاستنباط، فهو يفوق
بذلك على تفاسير الأقدمين) .
وقال النووي: أجمعت الأمة على أنه لم يصنف فى التفسير مثل
تفسير الطبري.
ويقع تفسير ابن جرير فى ثلاثين جزءا من الحجم الكبير، وقد كان
هذا الكتاب من عهد قريب يكاد يعتبر مفقودا لا وجود له ثم قدر
الله له الظهور والتداول، فكانت مفاجأة سارة للأوساط الاسلامية
والعلمية «أن وجدت فى حيازة أمير حائل: الأمير حمود ابن الأمير
عبد الرشيد من أمراء نجد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب.
طبع عليها التفسير فى مطبعة بولاق بالقاهرة، فأصبحت فى يدنا
دائرة معارف غنية فى التفسير المأثور» «31» .
قال ابن تيمية: «وأما التفاسير التي بأيدى الناس، فأصحها تفسير
محمد ابن جرير الطبري، فانه يذكر مقالات السلف بالأسانيد
الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير
«32» والكلبي «33» » .
وقد ظهر بعد ابن جرير عدة تفاسير بالمأثور منها تفسير أبى بكر
بن المنذر النيشابوري المتوفى سنة 318 هـ. وابن أبى حاتم
المتوفى سنة 327 هـ، وأبو الشيخ ابن حيان المتوفى سنة 369 هـ،
والحاكم المتوفى سنة 405 هـ، وابن مردويه المتوفى سنة 410
وغيرهم. |