أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا
لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا
فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ،
وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ»
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَاصِمِيِّ:
« (أَخْبَرَنَا) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ
الشَّافِعِيُّ- قَرَأْتُ عَلَيْهِ بِمِصْرَ- قَالَ: سَمِعْت
يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، يَقُولُ: قَرَأَ عَلَيَّ يُونُسُ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ-: فِي الرَّجُلِ: يَحْلِفُ بِطَلَاقِ
الْمَرْأَةِ، قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا «1» .- قَالَ: «لَا
شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ)
ذَكَر الطَّلَاقَ بَعْدَ النِّكَاحِ.» وَقَرَأَ: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا: إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ، ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ: 33- 49 «2»
) .» .
__________
(1) رَاجع شَيْئا من تَفْصِيل ذَلِك، فى كتاب: (اخْتِلَاف أَبى
حنيفَة وَابْن أَبى ليلى) الملحق بِالْأُمِّ (ج 7 ص 147 و149)
. وَمن الْغَرِيب المؤسف: أَن يطبع هَذَا الْكتاب
بِالْقَاهِرَةِ: خَالِيا من تعقيبات الشَّافِعِي النفيسة وَلَا
يشار إِلَى أَنه قد طبع مَعَ الْأُم. وَمثل هَذَا قد حدث فى
كتاب: (سير الأوزاعى) .
(2) قَالَ الشَّافِعِي (كَمَا فى الْمُخْتَصر: ج 4 ص 56) :
«وَلَو قَالَ: كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا طَالِق، أَو امْرَأَة
بِعَينهَا أَو لعبد: إِن مَلكتك فَأَنت حر.- فَتزَوج، أَو
ملك-: لم يلْزمه شىء لِأَن الْكَلَام- الَّذِي لَهُ الحكم-
كَانَ: وَهُوَ غير مَالك فَبَطل.» . وَقَالَ الْمُزنِيّ:
«وَلَو قَالَ لامْرَأَة لَا يملكهَا: أَنْت طَالِق السَّاعَة
لم تطلق. فهى- بعد مُدَّة-: أبعد فَإِذا لم يعْمل القوى:
فالضعيف أولى أَن لَا يعْمل.» ثمَّ قَالَ (ص 57) :
«وَأَجْمعُوا:
أَنه لَا سَبِيل إِلَى طَلَاق من لم يملك للسّنة الْمجمع
عَلَيْهَا. فهى- من أَن تطلق ببدعة، أَو على صفة-: أبعد.» اهـ.
هَذَا وَقد ذكر الشَّافِعِي فى بحث من يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق
من النِّسَاء (كَمَا فى الْأُم: ج 5 ص 232) : أَنه لَا يعلم
مُخَالفا فى أَن أَحْكَام الله تَعَالَى- فى الطَّلَاق
وَالظِّهَار وَالْإِيلَاء- لَا تقع إِلَّا على زَوْجَة:
ثَابِتَة النِّكَاح، يحل للزَّوْج جِمَاعهَا. وَمرَاده:
إِمْكَان ثُبُوت نِكَاحهَا، وَصِحَّة العقد عَلَيْهَا. ليَكُون
كَلَامه مُتَّفقا مَعَ اعترافه بِخِلَاف أَبى حنيفَة وَابْن
أَبى ليلى فى أصل الْمَسْأَلَة، فتامل.
(1/219)
يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ
رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا
يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ
فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)
قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ
(أَيْضًا) :
بِهَذِهِ الْآيَةِ «1» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «2» : «قَالَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ:
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: 65- 1) . قَالَ:
وَقُرِئَتْ «3» : (لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ «4» ) وَهُمَا لَا
يَخْتَلِفَانِ فِي مَعْنَى «5» .» . وَرُوِيَ [ذَلِكَ «6» ]
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : « «7» وَطَلَاقُ
السُّنَّةِ- فِي الْمَرْأَةِ: الْمَدْخُولِ
__________
(1) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 320- 321) : أثر ابْن
عَبَّاس، وَغَيره:
من الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي تؤيد ذَلِك. وَانْظُر مَا
علق بِهِ صَاحب الْجَوْهَر النقي، على أثر ابْن عَبَّاس
وتأمله.
(2) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 162) .
(3) فى الْمُخْتَصر (ج 4 ص 68) : «وَقد قُرِئت» . [.....]
(4) أَو: (فى قبل عدتهن) على شكّ الشَّافِعِي فى الرِّوَايَة.
كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 162 و191) .
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص
323) . وَعبارَة الْمُخْتَصر:
«وَالْمعْنَى وَاحِد» .
(6) الظَّاهِر تعين مثل هَذِه الزِّيَادَة أَي: روى
الشَّافِعِي الْقِرَاءَة بِهَذَا الْحَرْف عَنهُ.
وَقد روى أَيْضا: عَن النَّبِي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) ، وَابْن عَبَّاس، وَمُجاهد. انْظُر الْأُم،
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 323 و327 و331- 332 و337) .
(7) قَالَ فى الْأُم (ج 5 ص 162- 163) : «فَبين (وَالله أعلم)
فى كتاب الله (عز وَجل) - بِدلَالَة سنة النَّبِي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَن طَلَاق السّنة [مَا فى الْأُم: أَن
الْقُرْآن وَالسّنة. وَهُوَ محرف قطعا]- فى الْمَرْأَة
الْمَدْخُول بهَا الَّتِي تحيض، دون من سواهَا:
من المطلقات.-: أَن تطلق لقبل عدتهَا وَذَلِكَ: أَن حكم الله
(تَعَالَى) : أَن الْعدة على الْمَدْخُول بهَا وَأَن النَّبِي
إِنَّمَا يَأْمر بِطَلَاق طَاهِر من حَيْضهَا: الَّتِي يكون
لَهَا طهر وحيض.»
ثمَّ قَالَ (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى أَيْضا: ج 7 ص 325) :
«وَبَين: أَن الطَّلَاق يَقع على الْحَائِض لِأَنَّهُ إِنَّمَا
يُؤمر بالمراجعة: من لزمَه الطَّلَاق فَأَما من لم يلْزمه
الطَّلَاق: فَهُوَ بِحَالهِ قبل الطَّلَاق. وَقد أَمر الله»
إِلَى آخر مَا سَيذكرُ بعد.
(1/220)
بِهَا، الَّتِي تَحِيضُ «1» .-: أَنْ
يُطَلِّقَهَا: طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ «2» ، فِي
الطُّهْرِ الَّذِي خَرَجَتْ [إلَيْهِ «3» ] مِنْ حَيْضَةٍ،
أَوْ نِفَاسٍ «4» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «5» : «وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ (عَزَّ
وَجَلَّ) : بِالْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالتَّسْرِيحِ
بِالْإِحْسَانِ. وَنَهَى عَنْ الضَّرَرِ.»
«وَطَلَاقُ الْحَائِضِ: ضَرَرٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا: لَا
زَوْجَةٌ، وَلَا فِي أَيَّامِ تَعْتَدُّ فِيهَا مِنْ زَوْجٍ-:
مَا كَانَتْ فِي الْحَيْضَةِ. وَهِيَ: إذَا طَلُقَتْ-: وَهِيَ
تَحِيضُ.-
بَعْد جِمَاعٍ: لَمْ تَدْرِ، وَلَا زَوْجُهَا: عِدَّتُهَا:
الْحَمْلُ، أَوْ الْحَيْضُ؟.»
«وَيُشْبِهُ: أَنْ يَكُون أَرَادَ: أَنْ يَعْلَمَا مَعًا
الْعِدَّةَ لِيَرْغَبَ الزَّوْجُ، وَتُقْصَرُ الْمَرْأَةُ عَنْ
الطَّلَاقِ: إذَا «6» طَلَبَتْهُ.» .
__________
(1) رَاجع فى الْأُم (ج 5 ص 163) كَلَامه فى طَلاقهَا إِذا
كَانَ الزَّوْج غَائِبا وراجع أَيْضا فى الْأُم (ج 5 ص 193)
كَلَامه فى طَلَاق السّنة فى الْمُسْتَحَاضَة. فكلاهما مُفِيد
جدا.
(2) انْظُر كَلَامه فى الْأُم (ج 5 ص 165) قبيل آخر الْبَحْث.
(3) لَعَلَّ هَذِه الزِّيَادَة متعينة: لِأَن شَرط الْحَذف لم
يتَحَقَّق فتامل.
(4) انْظُر كَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج 4 ص 70) . وراجع بَاب
طَلَاق الْحَائِض، فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 316- 318) .
(5) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 163) .
(6) فى الْأُم: «إِن» وراجع بَقِيَّة كَلَامه فِيهَا.
(1/221)
(نَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ،
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو- قَالَا: نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ
«1» : «ذَكَر اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) الطَّلَاقُ، فِي
كِتَابِهِ، بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: الطَّلَاقِ، وَالْفِرَاقِ،
وَالسَّرَاحِ «2» . فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (إِذا
طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ «3» :
65- 1) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ.
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ:
65- 2) وَقَالَ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
فِي أَزْوَاجِهِ «4» : (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ
الدُّنْيا وَزِينَتَها: فَتَعالَيْنَ: أُمَتِّعْكُنَّ،
وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا: 33- 28) .» .
زَادَ أَبُو سَعِيدٍ- فِي رِوَايَتِهِ-: قَالَ الشَّافِعِيُّ
«5» : «فَمَنْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ، فَأَفْرَدَ لَهَا اسْمًا
مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ. «6» -: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ
يُنَوَّ «7» فِي الْحُكْمِ، وَنَوَّيْنَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «8» .» .
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 240) .
(2) انْظُر الْمُخْتَصر (ج 4 ص 73) .
(3) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 321- 322) .
(4) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 37- 38) : حَدِيث
عَائِشَة فى تَخْيِير النَّبِي أَزوَاجه. [.....]
(5) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 240) وَقد ذكره إِلَى قَوْله:
الطَّلَاق فى السّنَن الكبري (ج 7 ص 340) .
(6) فى الْأُم زِيَادَة مبينَة، وهى: «فَقَالَ: أَنْت طَالِق،
أَو قد طَلقتك، أَو قد فارقتك أَو قد سرحتك.» .
(7) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر وفى الأَصْل: «وَإِن
لم يُنَوّه» . وَلَعَلَّ التحريف وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(8) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «ويسعه- إِن لم يرد بشىء
مِنْهُ طَلَاقا-: أَن يمْسِكهَا.
وَلَا يَسعهَا: أَن تقيم مَعَه، لِأَنَّهَا لَا تعرف: من صدقه،
مَا يعرف: من صدق نَفسه.» .
(1/222)
الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ
فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا
يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ
شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا
جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بن أَبى إِسْحَق
(فِي آخَرِينَ) ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «1» : «ثَنَا مَالِكٌ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ «2» عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ «3» ، قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ [امْرَأَتَهُ، ثُمَّ
ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا-: كَانَ
ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ. فَعَمَد رَجُلٌ
إلَى «4» ] امْرَأَةٍ لَهُ:
فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إذَا شَارَفَتْ
انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا: ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا
وَقَالَ:
وَاَللَّهِ لَا آوِيكَ «5» إلَيَّ، وَلَا تَحِلِّينَ «6»
أَبَدًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (الطَّلاقُ
مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ:
2- 229) فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا- مِنْ
يَوْمئِذٍ-: مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ، أَوْ «7» لَمْ
يُطَلِّقْ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «8» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «وَذَكَرَ
بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ هَذَا» .
__________
(1) كَمَا فِي اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 312- 313) وَقد ذكره فى
الْأُم (ج 5 ص 124) .
(2) فى الأَصْل: «عَن» وَهُوَ تَحْرِيف.
(3) قد أخرجه أَيْضا- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 333)
مَوْصُولا، عَن عَائِشَة.
وَكَذَلِكَ أخرجه عَنْهَا التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم، كَمَا فى
شرح الْمُوَطَّأ للزرقانى (ج 3 ص 218) .
فَلَا يضر إرْسَاله هُنَا بل نَص البُخَارِيّ وَغَيره (كَمَا
فى السّنَن الْكُبْرَى) على أَنه الصَّحِيح.
(4) الزِّيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث، وَالأُم، والموطأ،
وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(5) فى السّنَن الْكُبْرَى: «أؤويك» .
(6) أَي: لغيرى. وفى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «تخلين»
فَلَا فرق. ويؤكد ذَلِك قَوْله فى رِوَايَة عَائِشَة: «لَا
أطلقك: فتبينى منى، وَلَا أؤويك إِلَى» إِلَخ. وَقَوله فى
رِوَايَة أُخْرَى عَن عُرْوَة- كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج
7 ص 444) -: «لَا آويك إِلَى أبدا، وَلَا تحلين لغيرى» إِلَخ
(7) فى الْأُم: «وَلم» وَهُوَ أحسن.
(8) كَمَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 313) وَانْظُر مَا ذكره
هَذَا الْبَعْض فى الْأُم.
(1/223)
مَا نَنْسَخْ مِنْ
آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(106)
قَالَ الشَّيْخُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : قَدْ
رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي مَعْنَاهُ «1»
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «2» : «قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ: وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ
بِالْإِيمانِ: 16- 106) .»
«قَالَ: وَلِلْكُفْرِ أَحْكَامٌ: كَفِرَاقِ «3» الزَّوْجَةِ،
وَأَنْ «4» يُقْتَلَ الْكَافِرُ، وَيُغْنَمَ مَالُهُ.»
«فَلَمَّا وَضَعَ [اللَّهُ «5» ] عَنْهُ: سَقَطَتْ [عَنْهُ «6»
] أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ عَلَى «7» الْقَوْلِ كُلِّهِ لِأَنَّ
الْأَعْظَمَ إذَا سَقَطَ عَنْ النَّاسِ: سَقَطَ مَا هُوَ
أَصْغَرُ مِنْهُ، وَمَا يَكُونُ حُكْمَهُ: بِثُبُوتِهِ
عَلَيْهِ.» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «8» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ
«9» : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (الطَّلاقُ
مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ)
__________
(1) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 337) .
(2) كَمَا فى الْأُم (ج 3 ص 209) . وَقد ذكر بعضه فى السّنَن
الْكُبْرَى (ج 7 ص 356) على مَا ستعرف. [.....]
(3) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «لفراق» ، وَهُوَ خطأ
وتحريف.
(4) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «فان» ،
وَلَعَلَّه محرف.
(5) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(6) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(7) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْأَظْهر. وفى الأَصْل
وَالسّنَن الْكُبْرَى: «عَن» .
(8) انْظُر الْأُم (ج 2 ص 210) . وراجع أَيْضا الْأُم (ج 7 ص
69- 70) ، والمختصر (ج 5 ص 233) . وراجع الْخلاف فى طَلَاق
الْمُكْره، فى الام (ج 7 ص 160) .
(9) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 225) .
(1/224)
(تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ: 2- 229) وَقَالَ
تَعَالَى: (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ: أَنْ يَكْتُمْنَ مَا
خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ
بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ: إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً
«1» : 2- 228) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ-[فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «2» ]
: (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) .-:
يُقَالُ «3» : إصْلَاحُ الطَّلَاقِ: بِالرَّجْعَةِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ «4» .»
«فَأَيُّمَا زَوْجٍ حُرٍّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ- بَعْدَ مَا
يُصِيبُهَا- وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ، فَهُوَ: أَحَقُّ
بِرَجْعَتِهَا: مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا. بِدَلَالَةِ
كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «5» .»
وَقَالَ «6» - فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذا
طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ:
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ سَرِّحُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ. [وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً «7» ] :)
__________
(1) قَالَ فى الْأُم (ج 7 ص 20) : «فَظَاهر هَاتين
الْآيَتَيْنِ، يدل: على أَن كل مُطلق:
فَلهُ الرّجْعَة على امْرَأَته: مَا لم تنقض عدتهَا. لِأَن
الْآيَتَيْنِ فى كل مُطلق عَامَّة، لَا خَاصَّة على بعض
المطلقين دون بعض. وَكَذَلِكَ قُلْنَا: كل طَلَاق ابتدأه
الزَّوْج، فَهُوَ يملك فِيهِ الرّجْعَة فى الْعدة.» إِلَخ
فَرَاجعه: فَهُوَ مُفِيد.
(2) الزِّيَادَة عَن الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 367)
. ولعلها متعينة: بِدَلِيل أَن عبارَة السّنَن الْكُبْرَى:
«أَنا الشَّافِعِي إِلَخ» .
(3) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ
الظَّاهِر. وفى الْأُم: «فَقَالَ» وَلَعَلَّه محرف.
(4) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فَمن أَرَادَ الرّجْعَة فهى
لَهُ: لِأَن الله (تبَارك وَتَعَالَى) جعلهَا لَهُ.» . وراجع-
فى السّنَن الْكُبْرَى- مَا روى عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد، فى
هَذِه الْآيَة.
(5) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «ثمَّ سنة رَسُول الله
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : فَإِن ركَانَة طلق
امْرَأَته الْبَتَّةَ، وَلم يرد إِلَّا وَاحِدَة. فَردهَا
إِلَيْهِ رَسُول الله. وَذَلِكَ عندنَا: فى الْعدة.»
إِلَخ فَرَاجعه.
(6) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 229) .
(7) زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 368) وَقد
تنَاولهَا الشَّرْح. [.....]
(1/225)
(2- 231) .-: إذَا شَارَفْنَ بُلُوغَ
أَجَلِهِنَّ: فراجعوهن بِمَعْرُوف، [أ «1» ] وَدَعَوْهُنَّ
تَنْقَضِيَ «2» عِدَدُهُنَّ بِمَعْرُوفٍ. وَنَهَاهُمْ: أَنْ
يُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا:
لِيَعْتَدُوا فَلَا يَحِلُّ إمْسَاكُهُنَّ: ضِرَارًا «3» .» .
زَادَ عَلَى هَذَا، فِي مَوْضِعِ آخَرَ «4» - هُوَ عِنْدِي:
بِالْإِجَازَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ
الشَّافِعِيِّ.-:
« [وَالْعَرَبُ «5» ] تَقُولُ لِلرَّجُلِ «6» -: إذَا قَارَبَ
الْبَلَدَ: يُرِيدُهُ أَوْ الْأَمْرَ:
يُرِيدُهُ.-: قَدْ بَلَغْته وَتَقُولُهُ»
: إذَا بَلَغَهُ.»
«فَقَوْلُهُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ: (فَإِذا بَلَغْنَ
أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ [بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ «8» ] : 65- 2) : إذَا قَارَبْنَ [بُلُوغَ «9» ]
أَجَلِهِنَّ.
__________
(1) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الأَصْل:
«تقضى» .
(3) رَاجع- فى السّنَن الْكُبْرَى- مَا روى فى ذَلِك، عَن
مُجَاهِد، وَالْحسن، ومسروق ابْن الأجدع.
(4) من الْأُم (ج 5 ص 105- 106) : فى خلال مناقشة قيمَة.
(5) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر (ج 4 ص 87) وَهِي تُؤْخَذ من
الْأُم أَيْضا. وَعبارَته فى الْمُخْتَصر هى: «فَدلَّ سِيَاق
الْكَلَام: على افْتِرَاق البلوغين فأحدهما: مقاربة بُلُوغ
الْأَجَل، فَلهُ إِِمْسَاكهَا أَو تَركهَا: فتسرح بِالطَّلَاق
الْمُتَقَدّم. وَالْعرب تَقول..... وَالْبُلُوغ الآخر:
انْقِضَاء الْأَجَل.» . وَقد ذكر نَحْوهَا فى الْأُم.
(6) فى الأَصْل: «يَقُول الرجل» والتصحيح عَن الْأُم والمختصر.
(7) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر وفى الأَصْل: «وَبِقَوْلِهِ»
وَهُوَ محرف.
(8) الزِّيَادَة عَن الْأُم (أثْنَاء مناقشة ص 105)
(9) الزِّيَادَة عَن الْأُم (أثْنَاء مناقشة ص 105)
(1/226)
فَإِنْ طَلَّقَهَا
فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا
غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ
يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
(230)
فَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِمْسَاكِ، إلَّا «1»
: مَنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ فِي الْعِدَّةِ.»
وَقَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا
زَوْجُهَا: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَلا جُناحَ
عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
«2» : 2- 234) هَذَا: إذَا قَضَيْنَ أَجَلَهُنَّ.»
«وَهَذَا «3» : كَلَام عربى والآيتان يَدُلَّانِ «4» : عَلَى
افْتِرَاقِهِمَا بَيِّنًا وَالْكَلَامُ فِيهِمَا: مِثْلُ
قَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا: (وَلا
تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ
أَجَلَهُ: 2- 235) : حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَيَحِلُّ
نِكَاحُهَا «5» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «6» - فِي
__________
(1) فى الْأُم: «إِلَّا من يجوز لَهُ» .
(2) فى الْأُم: «من مَعْرُوف» . وَهُوَ خطأ نشا عَن التباس
هَذِه الْآيَة، بِآيَة الْبَقَرَة الْأُخْرَى: (240) عِنْد
النَّاسِخ أَو الطابع.
(3) عبارَة الْأُم (ص 106) : «وَهُوَ كَلَام عربى: هَذَا من
أبينه وَأقله خَفَاء لِأَن الْآيَتَيْنِ تدلان على افتراقهما:
بسياق الْكَلَام فيهمَا وَمثل قَول الله فى المتوفي، فى
قَوْله» إِلَخ:
فَكَلَام الأَصْل فِيهِ تصرف واختصار.
(4) فى الأَصْل: «والإتيان بدلات» وَهُوَ تَحْرِيف.
(5) من الْوَاجِب: أَن تراجع المناقشة الْمَذْكُورَة فى الْأُم
(ج 5 ص 105- 106) .
ليتأتى فهم هَذَا الْكَلَام حق الْفَهم. [.....]
(6) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 229- 230) وَأول كَلَامه هُوَ:
«أَي امْرَأَة حل ابْتِدَاء نِكَاحهَا. فنكاحها حَلَال، مَتى
شَاءَ من كَانَت تحل لَهُ، وشاءت. إِلَّا امْرَأتَيْنِ:
الْمُلَاعنَة-: فَإِن الزَّوْج إِذا التعن لم تحل لَهُ أبدا
بِحَال.- وَالثَّانيَِة: الْمَرْأَة يطلقهَا الْحر ثَلَاثًا»
إِلَى آخر مَا فى الأَصْل.
(1/227)
الْمَرْأَةِ: يُطَلِّقُهَا الْحُرُّ
ثَلَاثًا.-[قَالَ «1» ] : «فَلَا تَحِلُّ لَهُ: حَتَّى
يُجَامِعَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي
الْمُطَلَّقَةِ «2» الثَّالِثَةَ: (فَإِنْ طَلَّقَها: فَلا
تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ:
2- 230) «3» .»
«قَالَ: فَاحْتَمَلَتْ «4» الْآيَةُ: حَتَّى يُجَامِعَهَا
زَوْجٌ غَيْرُهُ [وَ «5» ] دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ
«6» . فَكَانَ أَوْلَى الْمَعَانِي- بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ-: مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «7» .»
«قَالَ: فَإِذَا «8» تَزَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا،
بِزَوْجٍ «9» : صَحِيحِ النِّكَاحِ
__________
(1) الزِّيَادَة: للتّنْبِيه والإيضاح.
(2) فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 373) : «الطَّلقَة» وَلَا
خلاف فى الْمَعْنى المُرَاد.
(3) قَالَ الشَّافِعِي- كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 165) ،
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 333) -.
«فالقرآن يدل (وَالله أعلم) : على أَن من طلق زَوْجَة لَهُ-.
دخل بهَا، أَو لم يدْخل.-:
لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره.» . وراجع مَا قَالَه بعد
ذَلِك فى الْأُم (ص 165- 166) :
الْفَائِدَة الْكَبِيرَة.
(4) قَالَ فى الرسَالَة (ص 159) : «فَاحْتمل (هَذَا القَوْل) :
أَن يَتَزَوَّجهَا زوج غَيره وَكَانَ هَذَا الْمَعْنى الَّذِي
يسْبق إِلَى من خُوطِبَ بِهِ: أَنَّهَا إِذا عقدت عَلَيْهَا
عقدَة النِّكَاح، فقد نكحت. وَاحْتمل: حَتَّى يُصِيبهَا زوج
غَيره لَان اسْم: (النِّكَاح) ، يَقع بالإصابة، وَيَقَع
بِالْعقدِ.» . ثمَّ ذكر حَدِيث امْرَأَة رِفَاعَة،
الْمَشْهُور: الَّذِي يرجح الِاحْتِمَال الثَّانِي الَّذِي
اقْتصر عَلَيْهِ فى الأَصْل.
(5) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 373)
.
(6) رَاجع فِي الْأُم (ج 7 ص 26) : مناقشة جَيِّدَة حول هَذَا
الْمَوْضُوع.
(7) انْظُر مَا رَوَاهُ من السّنة فى ذَلِك، فى الْأُم (ج 5 ص
229) والمختصر (ج 4 ص 92) . وَانْظُر أَيْضا السّنَن
الْكُبْرَى (ج 7 ص 373- 375) .
(8) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل. «إِذا»
.
(9) فى الْأُم: «زوجا» .
(1/228)
فَأَصَابَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا
وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا-: حَلَّ «1» لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ:
ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(فَإِنْ طَلَّقَها: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ، حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ «2» ) .» .
وَقَالَ «3» فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِنْ
طَلَّقَها «4» : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا: إِنْ
ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ: 2- 230) .-: «وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ فَأَمَّا «5» الْآيَةُ فَتَحْتَمِلُ:
إنْ أَقَامَا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ.»
«وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ: إِنْ
أَرادُوا إِصْلاحاً: 2- 228) «6» : إصْلَاحَ مَا أَفْسَدُوا
بِالطَّلَاقِ-:
بِالرَّجْعَةِ.» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامُ، إلَى أَنْ قَالَ: «فَأُحِبُّ «7»
لَهُمَا: أَنْ يَنْوِيَا إقَامَةَ حُدُودِ اللَّهِ فِيمَا
بَيْنَهُمَا، وَغَيْرِهِ: مِنْ حُدُودِهِ «8» .» .
قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَلَّقَها: فَلا جُناحَ
عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) إنْ
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ. وَفِي الأَصْل. «حلت» وَالظَّاهِر أَنه
محرف، فتامل.
(2) ذكر فى الْأُم الْآيَة كلهَا، ثمَّ اسْتدلَّ أَيْضا
بِحَدِيث امْرَأَة رِفَاعَة. وَانْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى ج
(ج 7 ص 376) : مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى ذَلِك، فَهُوَ
مُفِيد.
(3) فى الْأُم. «وفى» إِلَخ. ثمَّ إِنَّه قد وَقع فى الأَصْل-
قبل ذَلِك- زِيَادَة مثل هَذِه الْجُمْلَة كلهَا تتلوها نفس
الْآيَة السَّابِقَة. وهى زِيَادَة من النَّاسِخ بِلَا شكّ
فَلذَلِك لم نثبتها.
(4) هَذَا لم يذكر فى الْأُم: اكْتِفَاء بِذكرِهِ فِيهَا من
قبل، واقتصارا على مَوضِع الشَّرْح. [.....]
(5) فى الْأُم. «أما» .
(6) فى الْأُم، زِيَادَة. «أَي»
(7) فى الْأُم. «وَأحب» .
(8) فى الْأُم: «حُدُود الله» .
(1/229)
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ
مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ
فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)
أَرَادَ [بِهِ «1» ] : الزَّوْجَ
الثَّانِي: إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا-: فَإِقَامَةُ
الرَّجْعَةِ، مِثْلُ: أَنْ يُرَاجِعُهَا فِي الْعِدَّةِ. ثُمَّ
تَكُونُ الْحُجَّةُ- فِي رُجُوعِهَا إلَى الْأَوَّلِ:
بِنِكَاحٍ مُبْتَدَإٍ.-: تَعْلِيقَهُ التَّحْرِيمَ بِغَايَتِهِ
«2» .
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ: الزَّوْجَ الْأَوَّلَ فَالْمُرَادُ
بِالتَّرَاجُعِ: النِّكَاحُ الَّذِي يَكُونُ بِتَرَاجُعِهِمَا
وَبِرِضَاهُمَا جَمِيعًا، بَعْدَ الْعِدَّةِ «3» . وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ
«4» : «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ
مِنْ نِسائِهِمْ «5» : تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ
فاؤُ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا
الطَّلاقَ: فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: 2- 226- 227) .»
«فَقَالَ الْأَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ-: مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ «6» صلّى الله عَلَيْهِ
__________
(1) زِيَادَة حَسَنَة أَي: بالمراجع.
(2) أَي: فى قَوْله تَعَالَى: (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ
حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) . فَيكون لرجوعها إِلَى
الاول دَلِيل وَاحِد. هَذَا وفى الأَصْل: «فغاية» ، وَهُوَ خطأ
وتحريف.
(3) فَيكون لرجوعها إِلَى الاول دليلان.
(4) كَمَا فى الرسَالَة (ص 577- 584) وَكَلَام الأَصْل فِيهِ
اخْتِصَار كَبِير، وَتصرف يسير.
(5) انْظُر فى الْأُم (ج 5 ص 248- 252) كَلَامه فى الْيَمين
الَّتِي يكون بهَا الرجل موليا: فَفِيهِ فَوَائِد لَا تُوجد فى
غَيره. وَانْظُر فى الْأُم (ج 7 ص 21) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى
(ج 7 ص 380) مَذْهَب ابْن عَبَّاس فى ذَلِك.
(6) كعلى، وَعُثْمَان، وَعَائِشَة، وَابْن عمر، وَزيد بن
ثَابت، وأبى الدَّرْدَاء، وأبى ذَر وَابْن عَبَّاس فى رِوَايَة
ضَعِيفَة عَنهُ. انْظُر الْأُم (ج 5 ص 247- 248) ، والمختصر (ج
4 ص 94) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 376- 378 و380) ، وَفتح
الْبَارِي (ج 9 ص 346- 347) .
(1/230)
وَسلم. عِنْدَنَا: إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ
أَشْهُرٍ: وُقِفَ الْمُولِي فَإِمَّا: أَنْ يَفِيءَ، وَإِمَّا:
أَنْ يُطَلِّقَ.»
« [وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمْ-: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ «1»
.-: عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ:
انْقِضَاءُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ «2» ] » «قَالَ: وَالظَّاهِرُ
«3» فِي الْآيَةِ أَنَّ مَنْ أَنْظَرَهُ اللَّهُ أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ، فِي شَيْءٍ-: لَمْ يَكُنْ «4» عَلَيْهِ سَبِيلٌ،
حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. لِأَنَّهُ «5» [إنَّمَا
«6» ] جَعَلَ عَلَيْهِ: الْفَيْئَةَ أَوْ الطَّلَاقَ «7» -
وَالْفَيْئَةُ: الْجِمَاعُ: إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ «8»
.- وَجَعَلَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِمَا: فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ
فَلَا «9» يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ
__________
(1) كَابْن عَبَّاس فى الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَنهُ، وَعمر
فِي رِوَايَة ضَعِيفَة، وَابْن مَسْعُود فى رِوَايَة مُرْسلَة،
وَعُثْمَان وَزيد فى رِوَايَة أُخْرَى عَنْهُمَا مَرْدُودَة.
انْظُر الْأُم (ج 7 ص 21) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 378-
380) .
(2) زِيَادَة مفيدة عَن الرسَالَة، ونجوز أَنَّهَا سَقَطت من
الأَصْل.
(3) عبارَة الرسَالَة (ص 579) هى: «لما قَالَ الله:
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ... ) كَانَ الظَّاهِر» إِلَخ.
(4) فى نُسْخَة الرّبيع زِيَادَة: «لَهُ» . [.....]
(5) كَذَا بالرسالة (ص 581) . وفى الأَصْل: «وَلِأَنَّهُ»
وللزيادة من النَّاسِخ.
(6) الزِّيَادَة عَن الرسَالَة.
(7) كَذَا بالرسالة، وَهُوَ الأولى. وفى الأَصْل:
«وَالطَّلَاق» .
(8) قد ذكر هَذَا التَّفْسِير بِدُونِ الشَّرْط، فى الرسَالَة
(ص 578) . وَقد ذكر بِلَفْظ:
«إِلَّا لعذر» فى الْأُم (ج 5 ص 256) ، والمختصر (ج 4 ص 106) .
وَانْظُر الْخلاف فى تَفْسِير ذَلِك ومنشأه، فى السّنَن
الْكُبْرَى (ج 7 ص 380) وَفتح الْبَارِي (ج 9 ص 344) .
(9) فى بعض نسخ الرسَالَة: «لَا» ، وَالْمعْنَى عَلَيْهَا
صَحِيح أَيْضا.
(1/231)
مِنْهُمَا صَاحِبَهُ: وَقَدْ ذُكِرَا «1»
فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. كَمَا «2» يُقَالُ لَهُ: افْدِهِ، أَوْ
نَبِيعَهُ عَلَيْكَ. بِلَا «3» فَصْلٌ.» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ، وَبَيَانُ «4»
الِاعْتِبَارِ بِالْعَزْمِ. وَقَالَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ:
«وَكَيْفَ «5» يَكُونُ عَازِمًا عَلَى أَنْ يَفِيءَ فِي كُلِّ
يَوْمٍ، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، لَزِمَهُ
الطَّلَاقُ: وَهُوَ لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِ، وَلَمْ
يَتَكَلَّمْ بِهِ.؟ أَتُرَى هَذَا قَوْلًا يَصِحُّ فِي
الْعُقُولِ «6» [لِأَحَدٍ «7» ] ؟!.» .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «8» - هُوَ لِي مَسْمُوعٌ مِنْ
أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ.-:
«وَلِمَ زَعَمْتُمْ «9» : أَنَّ «10» الْفَيْئَةَ لَا تَكُونُ
إلَّا بِشَيْءٍ يُحْدِثَهُ-: مِنْ
__________
(1) فى الأَصْل: «ذكرُوا» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن
الرسَالَة (ص 581) .
(2) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «فَيُقَال» وَهُوَ خطأ
وتحريف.
(3) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «فَلَا» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(4) عبارَة الأَصْل: «مَكَان» أَو «مظان» . وَلَعَلَّ
الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ ونسخة الرسَالَة المطبوعة ببولاق. وفى
سَائِر النّسخ: «فَكيف» .
(6) كَذَا بِالْأَصْلِ ونسخة الرّبيع (ص 584) . وفى سَائِر
النّسخ: «الْمَعْقُول» .
(7) الزِّيَادَة عَن الرسَالَة. وراجع بَقِيَّة الْكَلَام
فِيهَا (ص 584- 586) لفائدته.
(8) من الْأُم (ج 7 ص 21) : فى خلال مناظرة أخري مَعَ بعض
الْحَنَفِيَّة: من تِلْكَ المناظرات المفيدة الَّتِي مَلأ بهَا
كِتَابه الَّذِي أَلفه للرَّدّ على من خَالفه فى مسئلة:
الْأَخْذ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد وَالَّذِي أتحفنا بفصل
كَبِير مِنْهُ فى الْجُزْء السَّابِع من الْأُم (ج 7 ص 6- 31
و79) ، وفى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 352- 360) . وَالَّذِي
نرجوا: أَن يهتم بِهِ، وَيرجع إِلَيْهِ كل من عَنى بالدقائق
الْفِقْهِيَّة، والموازنات المذهبية، والمناقشات القوية
البريئة، والآراء الجلية السليمة الَّتِي تصدر عَن دقة فى
الْفَهم، وسعة فى الْعلم.
(9) رَاجع كَلَامه فى الْمُخْتَصر (ج 4 ص 113) : فَهُوَ يزِيد
مَا هُنَا وضوحا وَقُوَّة. [.....]
(10) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «بِأَن» . وَالظَّاهِر:
أَن زِيَادَة الْبَاء من النَّاسِخ لِأَن التَّعْدِيَة بهَا
هُنَا إِنَّمَا تكون إِذا كَانَ الزَّعْم بِمَعْنى الْكفَالَة:
على مَا أَظن.
(1/232)
وَالَّذِينَ
يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ
تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3)
جِمَاعٍ، أَوْ فَيْءٍ بِلِسَانٍ: إنْ لَمْ
يَقْدِرْ على الْجِمَاع.- و: أنّ عَزِيمَةَ الطَّلَاقِ هُوَ
«1» : مُضِيّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا: شَيْءٌ يُحْدِثُهُ
هُوَ بِلِسَانِ «2» ، وَلَا فِعْلٍ.؟»
أَرَأَيْتَ «3» الْإِيلَاءَ: طَلَاقٌ «4» هُوَ؟ قَالَ: لَا.
قُلْنَا «5» : أَفَرَأَيْتَ كَلَامًا قَطُّ-: لَيْسَ
بِطَلَاقٍ.-: جَاءَتْ عَلَيْهِ «6» مُدَّةٌ، فَجَعَلَتْهُ
طَلَاقًا.؟!» .
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «7» وَقَدْ نَقَلْتُهُ إلَى
(الْمَبْسُوطِ) .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ «8» : «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ، ثُمَّ يَعُودُونَ
لِما قالُوا-: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) الْآيَة «9» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : سَمِعْتُ مَنْ
أَرْضَى-: [مِنْ «10» ] أَهْلِ الْعِلْمِ
__________
(1) فى الْأُم: «هى» وَلَا فرق فى الْمَعْنى. وارجع إِلَى مَا
روى أَيْضا فى ذَلِك، عَن ابْن الْمسيب وأبى بكر بن عبد
الرَّحْمَن، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 378) ..
(2) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْأَنْسَب. وفى الأَصْل:
«بِلِسَانِهِ» .
(3) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَو رَأَيْت» ،
وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ كَمَا هُوَ ظَاهر.
(4) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «طَلَاقا» ، وَهُوَ
تَحْرِيف.
(5) فى الْأُم: «قلت» .
(6) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «عَلَيْك» وَهُوَ خطأ
وتحريف.
(7) رَاجعه كُله فى (ص 21) لفوائده الجليلة.
(8) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 262) .
(9) ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (سِتِّينَ مِسْكينا) .
وَتَمام الْآيَة: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ
تُوعَظُونَ بِهِ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ: 58- 3)
.
(10) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(1/233)
بِالْقُرْآنِ.- يَذْكُرُ: أَنَّ أهل
الْجَاهِلِيَّة [كانو «1» ] يُطَلِّقُونَ بِثَلَاثٍ:
الظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالطَّلَاقِ. فَأَقَرَّ «2»
اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) الطَّلَاقَ: طَلَاقًا وَحَكَمَ فِي
الْإِيلَاءِ: بِأَنَّ أَمْهَلَ «3» الْمُولِي أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهِ: أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ
وَحَكَمَ فِي الظِّهَارِ: بِالْكَفَّارَةِ، وَ [أَنْ «4» ] لَا
يَقَعَ بِهِ طَلَاقٌ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «5» «وَاَلَّذِي «6» حَفِظْتُ «7» -
مِمَّا سَمِعْتُ فِي: (يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا «8» ) .-:
أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ «9» حَرَّمَ [مَسَّ «10» ] امْرَأَتِهِ
بِالظِّهَارِ فَإِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ بَعْدَ
الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ، لَمْ يُحْرِمْهَا: بِالطَّلَاقِ
الَّذِي يُحَرَّمُ «11» بِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ «12» يَكُونُ
لَهُ مَخْرَجٌ «13» مِنْ أَنْ تَحْرُمَ «14» [عَلَيْهِ «15» ]
بِهِ-: فَقَدْ وَجَبَتْ «16» عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.»
__________
(1) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَأمر» وَهُوَ خطأ
وتحريف.
(3) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الْمُنَاسب لما بعد. وفى
الأَصْل: «يُمْهل» . [.....]
(4) زِيَادَة حَسَنَة. وَعبارَة الْأُم هى: «فَإِذا تظاهر
الرجل من امْرَأَته يُرِيد طَلاقهَا، أَو يُرِيد تَحْرِيمهَا
بِلَا طَلَاق-: فَلَا يَقع بِهِ طَلَاق بِحَال وَهُوَ متظاهر»
إِلَخ فَرَاجعه: فَإِنَّهُ مُفِيد.
(5) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 265) . وَقد ذكر فى السّنَن
الْكُبْرَى (ج 7 ص 384) .
وَذكر مُخْتَصرا فى الْمُخْتَصر (ج 4 ص 123)
(6) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: بِدُونِ الْوَاو.
(7) فى الْأُم: «علقت» . وفى الْمُخْتَصر: «عقلت» .
(8) فى الْمُخْتَصر زِيَادَة «الْآيَة» . وَعبارَته بعد ذَلِك
هى: «أَنه إِذا أَتَت على المتظاهر مُدَّة بعد القَوْل
بالظهار، لم يحرمها بِالطَّلَاق الَّذِي تحرم بِهِ-: وَجَبت
عَلَيْهِ الْكَفَّارَة.» .
(9) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «الْمظَاهر» .
(10) زِيَادَة حسنه، عَن الْأُم.
(11) أَي: يَقع تَحْرِيم الزَّوْجَة بِهِ. وفى السّنَن
الْكُبْرَى: «تحرم» أَي: الزَّوْجَة.
(12) كاللعان. وفى الْأُم: «شىء» .
(13) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل:
«فَخرج» ، وَهُوَ تَحْرِيف.
(14) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ
الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «يحرم» .
(15) زِيَادَة حسنه، عَن الْأُم.
(16) فى الْأُم: «وَجب» .
(1/234)
«كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ: إلَى أَنَّهُ
إذَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ «1» حَلَالٌ: فَقَدْ
عَادَ لِمَا قَالَ، فَخَالَفَهُ «2» : فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ
«3» .» .
قَالَ: «وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مَعْنَى أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا
وَلَمْ «4» أَعْلَم مُخَالِفًا: فِي أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ
الظِّهَارِ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ «5» بِتَظَاهُرٍ آخَرَ.»
فَلَمْ يَجُزْ «6» : أَنْ يُقَالُ مَا «7» لَمْ أَعْلَمْ
مُخَالِفًا: فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْآيَةِ «8» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «9» : «وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) :
وَقْتٌ لِأَنَّ يُؤَدِّيَ مَا «10» أَوْجَبَ اللَّهُ (عَزَّ
وَجَلَّ) عَلَيْهِ: مِنْ الْكَفَّارَةِ [فِيهَا «11» قَبْلَ
الْمُمَاسَّةِ «12» . فَإِذَا كَانَتْ الْمُمَاسَّةُ قَبْلَ
الْكَفَّارَةِ «13» ] فَذَهَبَ الْوَقْتُ:
__________
(1) قَوْله: أَنه حَلَال غير مَوْجُود بالمختصر. [.....]
(2) فى السّنَن الْكُبْرَى: «مُخَالفَة» .
(3) رَاجع فى الْأُم (ج 5 ص 244) كَلَامه فى شرح وتفصيل قَول
الرجل لامراته:
أَنْت على حرَام. فَهُوَ قريب من هَذَا الْبَحْث، ومفيد جدا.
(4) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «لَا» .
(5) فى الأَصْل: «يعْتد بمتظاهر» . وَهُوَ خطأ وتحريف.
والتصحيح عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(6) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وَهُوَ الظَّاهِر.
وفى الأَصْل: «أخر» . وَلَعَلَّه محرف عَن: «أجز» .
(7) فى الْأُم: «لما» على تضمين «يُقَال» معنى «يذهب» .
(8) رَاجع مَا كتبه على هَذَا صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج 7 ص
384) : فَفِيهِ فَوَائِد كَثِيرَة
(9) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 265) . وَقد ذكر بعضه فى
الْمُخْتَصر (ج 4 ص 124) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 385) .
(10) فى الْمُخْتَصر: «مَا وَجب عَلَيْهِ قبل المماسة، حَتَّى
يكفر» .
(11) أَي: فى الْوَقْت بِمَعْنى الْمدَّة.
(12) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(13) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(1/235)
لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَّارَةُ، [وَلَمْ
يُزَدْ عَلَيْهِ فِيهَا «1» ] .» . وَجَعَلَهَا قِيَاسًا عَلَى
الصَّلَاةِ «2» قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) قَالَ «3» : «لَا [يُجْزِيهِ
«4» ] تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ:
لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) يَقُولُ فِي الْقَتْلِ:
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ: 4- 92) .»
«وَكَانَ»
شَرْطُ اللَّهِ فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ [إذَا كَانَتْ «6» ]
كَفَّارَةً، كَالدَّلِيلِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : عَلَى أَنْ
لَا تُجْزِيَ «7» رَقَبَةٌ فِي كَفَّارَةٍ، إلَّا مُؤْمِنَةٌ.»
«كَمَا شَرَطَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ،
فِي مَوْضِعَيْنِ، وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ فِي ثَلَاثَةِ
مَوَاضِعَ «8» .»
__________
(1) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن والكبرى.
(2) قَالَ فى الْأُم: «كَمَا يُقَال لَهُ: أد الصَّلَاة فى
وَقت كَذَا، وَقبل وَقت كَذَا. فَيذْهب الْوَقْت، فيؤديها:
لِأَنَّهَا فرض عَلَيْهِ فَإِذا لم يؤدها فى الْوَقْت:
أَدَّاهَا قَضَاء بعده وَلَا يُقَال لَهُ: زد فِيهَا لذهاب
الْوَقْت قبل أَن تؤديها.» . وَانْظُر الْمُخْتَصر وَالسّنَن
الْكُبْرَى. [.....]
(3) كَمَا ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 5 ص 387) . وَعبارَة
الْأُم (ج 5 ص 266) هى: (فَإِذا وَجَبت كَفَّارَة الظِّهَار
على الرجل-: وَهُوَ وَاجِد لرقبة، أَو ثمنهَا.-: لم يجزه
فِيهَا إِلَّا تَحْرِير رَقَبَة وَلَا تُجزئه رَقَبَة على غير
دين الْإِسْلَام» إِلَى آخر مَا فى الأَصْل.
(4) زِيَادَة حَسَنَة، عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(5) فى السّنَن الْكُبْرَى: «فَكَانَ» .
(6) هَذِه الزِّيَادَة مَوْجُودَة فى الْأُم وَقد وَقعت فى
الأَصْل مُتَقَدّمَة عَن موضعهَا، عقب قَوْله: فى الْقَتْل.
وَهُوَ من عَبث النَّاسِخ. ووردت فى السّنَن الْكُبْرَى،
بِلَفْظ: «إِذا كَانَ» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(7) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى، وَهُوَ الْأَحْسَن. وفى الْأُم:
«يجزىء» . وفى الأَصْل:
«تَحْرِير» .
(8) رَاجع تَفْصِيل هَذَا الْمقَام، فى مناقشة قيمَة ذكرت فى
الْأُم (ج 7 ص 21- 22) .
(1/236)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ
شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)
«فَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةً كُلُّهَا:
اكْتَفَيْنَا «1» بِشَرْطِ اللَّهِ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ
وَاسْتَدْلَلْنَا: عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَقَ: مِنْ
الشَّهَادَاتِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) : عَلَى
مِثْلِ مَعْنَى مَا شَرَطَ «2» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ «3» : «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا
بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً «4»
) الْآيَةُ «5» .»
«قَالَ: فَلَمْ «6» أَعْلَمْ خِلَافًا: [فِي «7» ] أَنَّ
ذَلِكَ إذَا طَلَبَتْ الْمَقْذُوفَةُ
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم. وفى السّنَن الْكُبْرَى:
«استدللنا» إِلَى آخر مَا سيأتى.
(2) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك، فى الْأُم (ص 266- 267) .
وَانْظُر أَيْضا الْمُخْتَصر (ج 4 ص 127- 128) ، وَالسّنَن
الْكُبْرَى (ج 7 ص 387) ، وَمَا رد بِهِ صَاحب الْجَوْهَر
النقي قِيَاس الشَّافِعِي فى هَذِه الْمَسْأَلَة، وتأمله.
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 273) .
(4) رَاجع فى الْأُم (ج 6 ص 256- 257) كَلَامه عَن حَقِيقَة
الْمَأْمُور بجلده:
لفائدته. وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 408) مَا روى فى
سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وَغَيره. فَهُوَ مُفِيد فى
الْمَوْضُوع.
(5) تَمامهَا: (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً
وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ: 24- 4) .
(6) فى الْأُم: «ثمَّ لم» .
(7) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(1/237)
الْحَدَّ «1» ، وَلَمْ «2» يَأْتِ
الْقَاذِفُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ: يُخْرِجُونَهُ «3» مِنْ
الْحَدِّ «4» .»
«وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ،
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ:
فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ: أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ
لَمِنَ الصَّادِقِينَ) إلَى آخِرِهَا «5» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ
(عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّهُ «6» أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ
الْمَرْأَةِ (يَعْنِي «7» : بِاللِّعَانِ.) : كَمَا أَخْرَجَ
قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ «8» الزَّوْجَةِ: بِأَرْبَعَةِ
شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا، بِمَا «9» قَذَفَهَا بِهِ:
مِنْ الزِّنَا.»
__________
(1) عبارَة الْأُم هى: «إِذا طلبت ذَلِك المقذوفة الْحرَّة» .
وَالتَّقْيِيد بِالْحُرِّيَّةِ فَقَط، قد يُوهم أَن لَا قيد
غَيرهَا. مَعَ أَن الْإِسْلَام أَيْضا مُعْتَبر عِنْد
الشَّافِعِي: كَمَا صرح بِهِ فى الْأُم (ج 5 ص 110 و285 و288)
. وَلَعَلَّ هَذَا سَبَب الْإِطْلَاق فى الأَصْل: اتكالا على
التَّقْيِيد فى مَوضِع آخر. [.....]
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لم» وَهُوَ خطأ.
وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(3) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يحرمونه» . وَهُوَ
تَحْرِيف. وراجع كَلَامه فى الْأُم (ج 7 ص 78) : فَهُوَ مُفِيد
هُنَا.
(4) فى الأَصْل بعد ذَلِك وَقبل الْآتِي زِيَادَة هى: «وَقَالَ
تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُمْ شُهَداءُ) يحرمونه من الْحَد» . وهى من النَّاسِخ على
مَا نعتقد.
(5) أَي: آيَات اللّعان. وفى الْأُم: «إِلَى قَوْله: (إِن
كَانَ من الصَّادِقين) » . وَتَمام الْمَتْرُوك:
(وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ
مِنَ الْكاذِبِينَ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ: أَنْ
تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ
الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها
إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ: 24- 6- 9) .
(6) فى الْأُم: «أَن الله» .
(7) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ. وفى الْمُخْتَصر (ج 4 ص
143) : «بالتعانه» . وفى الْأُم:
«بِشَهَادَتِهِ أَربع شَهَادَات» إِلَى: «من الْكَاذِبين» .
(8) كَذَا فى الْأُم والمختصر. وفى الأَصْل: «عَن
الزَّوْجِيَّة» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(9) فى الْمُخْتَصر: «مِمَّا» . وَلَعَلَّه محرف عَمَّا هُنَا.
(1/238)
«وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ، دَلَالَةُ: أَنْ
لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ «1» ، حَتَّى تَطْلُبَ
الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ حَدّهَا.» . وَقَاسَهَا (أَيْضًا)
: عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ «2» .
قَالَ «3» : «وَلِمَا «4» ذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)
اللِّعَانَ عَلَى الْأَزْوَاجِ مُطْلَقًا-:
كَانَ اللِّعَانُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ: جَازَ طَلَاقُهُ،
وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ «5» وَعَلَى «6» كُلِّ زَوْجَةٍ:
لَزِمَهَا الْفَرْضُ «7» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «8» : «فَإِنْ قَالَ «9» : لَا أَلْتَعِنُ
وَطَلَبَتْ أَنْ يُحَدَّ لَهَا-:
حُدَّ «10» .» .
قَالَ «11» : «وَمَتَى الْتَعَنَ الزَّوْجُ: فَعَلَيْهَا أَنْ
تَلْتَعِنَ. فَإِنْ أَبَتْ: حُدَّتْ 1»
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «يتلعن» .
وَلَعَلَّه محرف عَن: «يتلاعن» وَإِن كَانَ خَاصّا بِمَا إِذا
تحقق من الْجَانِبَيْنِ.
(2) قَالَ فى الْمُخْتَصر وَالأُم: «كَمَا لَيْسَ على قَاذف
الْأَجْنَبِيَّة حد، حَتَّى تطلب حَدهَا» .
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 273) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7
ص 395) .
(4) فى السّنَن الْكُبْرَى: «لما» . وَقَالَ فى الْمُخْتَصر (ج
4 ص 143) : «وَلما لم يخص الله أحدا من الْأزْوَاج دون غَيره،
وَلم يدل على ذَلِك سنة وَلَا إِجْمَاع-: كَانَ على كل زوج»
إِلَى آخر مَا هُنَا. وَقد ذكر أوضح مِنْهُ وأوسع، فى الْأُم
(ج 7 ص 22) فَرَاجعه، وَانْظُر رده على من زعم: أَنه لَا
يُلَاعن إِلَّا حران مسلمان، لَيْسَ مِنْهُمَا مَحْدُود فى
قذف.
وراجع أَيْضا، كَلَامه فى الْأُم (ج 5 ص 110- 111 و118- 122) .
(5) رَاجع مَا كتبه على هَذَا، صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج 7 ص
395- 396) .
(6) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَكَذَلِكَ على» . وفى
الْمُخْتَصر: «وَكَذَلِكَ كل» . [.....]
(7) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك، فى الْأُم.
(8) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 281) .
(9) فى الْأُم زِيَادَة: «هُوَ» .
(10) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «وَهُوَ زَوجهَا، وَالْولد
وَلَده» .
(11) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 281) .
(12) انْظُر مَا ذكره فى الْأُم، بعد ذَلِك. وَانْظُر
الْمُخْتَصر (ج 4 ص 146) . وراجع كَلَامه الْمُتَعَلّق
بِهَذَا، ورده على من خَالف فِيهِ- فى الْأُم (ج 5 ص 177 وَج 7
ص 22 و36) .
(1/239)
الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ
جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ
اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ (2)
لِقَوْلِ اللَّهِ عز وَجل: (وَيَدْرَؤُا
عَنْهَا الْعَذابَ: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ
بِاللَّهِ) الْآيَةُ. وَالْعَذَابُ: الْحَدُّ «1» .» .
(وَأَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ
«2» : «وَلِمَا حَكَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، شُهُودَ
الْمُتَلَاعِنَيْنِ مَعَ حَدَاثَتِهِ «3» ، وَحَكَاهُ ابْنُ
عُمَرَ «4» -: اسْتَدْلَلْنَا: [عَلَى «5» ] أَنَّ اللِّعَانَ
لَا يَكُونُ. إلَّا بِمَحْضَرٍ «6» مِنْ طَائِفَةٍ: مِنْ
الْمُؤْمِنِينَ «7» .»
«وَكَذَلِكَ جَمِيعُ حُدُودِ اللَّهِ: يَشْهَدُهَا طَائِفَةٌ
مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، أَقَلُّهَا «8» :
أَرْبَعَة. لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا،
أَقَلُّ مِنْهُمْ «9» .»
__________
(1) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فَكَانَ عَلَيْهَا أَن تحد:
إِذا التعن الزَّوْج، وَلم تدرأ عَن نَفسهَا بالالتعان» .
(2) كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 115) ، والمختصر (ج 4 ص 153- 154)
.
(3) انْظُر حَدِيث سهل هَذَا، فى الْأُم (ج 5 ص 111- 112 و277-
278) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 398- 401 و404- 405) .
(4) انْظُر حَدِيثه فى الْأُم (ج 5 ص 112- 113 و279) ،
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 401- 402 و404 و409) . وَيحسن أَن
تراجع كَلَام الشَّافِعِي فِي حكم النَّبِي بِالنِّسْبَةِ
لمسئلة اللّعان، فى الْأُم (ج 5 ص 113- 114) : فَهُوَ جيد
مُفِيد، خُصُوصا فى حجية السّنة، وَبَيَان أَنْوَاعهَا. وَقد
نَقله الشَّيْخ شَاكر فى تَعْلِيقه على الرسَالَة (ص 150- 156)
.
(5) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم والمختصر.
(6) أَي: بمَكَان الْحُضُور. وفى الْأُم: «بِمحضر طَائِفَة»
أَي: بحضورها.
(7) قَالَ فى الْأُم والمختصر، بعد ذَلِك: «لِأَنَّهُ لَا يحضر
أمرا: يُرِيد رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
ستره وَلَا يحضرهُ إِلَّا: وَغَيره حَاضر لَهُ.» .
(8) فى الْأُم والمختصر: «أقلهم» وَكِلَاهُمَا صَحِيح. [.....]
(9) رَاجع الْأُم (ج 6 ص 122- 123) .
(1/240)
«وَهَذَا: يُشْبِهُ قَوْلَ اللَّهِ (عَزَّ
وَجَلَّ) فِي الزَّانِيَيْنِ: (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما
طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: 24- 2) «1» .» .
وَقَالَ «2» - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَلْتَقُمْ
طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ: 4- 102) .-: «الطَّائِفَةُ:
ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ.» .
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ صَلَاةِ
النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِهِمْ: حُصُولُ
فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ «3» لَهُمْ. وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ
إقَامَةً: ثَلَاثَةٌ «4» .
فَاسْتُحِبَّ «5» : أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا.
وَذَكَرَ «6» جِهَةَ اسْتِحْبَابِهِ: أَنْ يَكُونُوا
أَرْبَعَةً فِي الْحُدُودِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ:
بِتَوْقِيفٍ «7» ، فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا.
__________
(1) انْظُر مَا قَالَه- فى الْأُم والمختصر- بعد ذَلِك:
لفائدته الْكَبِيرَة.
(2) كَمَا فى الْمُخْتَصر وَالأُم (ج 1 ص 143 و194) .
(3) أَي: صلَاتهَا.
(4) أَي: أقل الْجمع تقوما وتحققا ذَلِك على الْمَذْهَب
الرَّاجِح الْمَشْهُور. فَلَيْسَ المُرَاد بِالْجَمَاعَة
الصَّلَاة: لِأَن انْعِقَادهَا لَا يتَوَقَّف على أَكثر من
اثْنَيْنِ وَلِأَنَّهُ كَانَ الأولى حِينَئِذٍ أَن يَقُول:
وأقلها. وَلَا يُقَال: إِن «ثَلَاثَة» محرف عَن «اثْنَان»
لِأَن التَّعْلِيل حِينَئِذٍ لَا يتَّفق مَعَ أصل الدعوي.
كَمَا لَا يُقَال: إِن «إِقَامَة» محرف عَن «إثابة» لِأَن
ثَوَاب الْجَمَاعَة يتَحَقَّق بانعقادها كَمَا هُوَ مَعْرُوف.
ويقوى ذَلِك: أَن الشَّافِعِي فسر الطَّائِفَة فى الْآيَة
(أَيْضا) - فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 244) -: بِأَنَّهَا
الْجَمَاعَة، لَا: الإِمَام الْوَاحِد. وَالْمرَاد: الْجمع،
قطعا. فَتدبر.
(5) أَي: الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ.
(6) بل عَن اجْتِهَاد مِنْهُ. وفى الأَصْل: «بتوقيت» . وَهُوَ
تَحْرِيف.
(7) بل عَن اجْتِهَاد مِنْهُ. وفى الأَصْل: «بتوقيت» . وَهُوَ
تَحْرِيف.
(1/241)
|