أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)

بِإِثْكَالِ «1» النَّخْلِ «2»

«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْقَضَايَا وَالشَّهَادَاتِ»
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً) : أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ:
أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «3» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ «4» ، فَتَبَيَّنُوا: أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ، نادِمِينَ: 49- 6) وَقَالَ: (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: فَتَبَيَّنُوا، وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ: لَسْتَ مُؤْمِناً «5» : 4- 94) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَمَرَ «6» اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) مَنْ يُمْضِي أَمْرَهُ عَلَى أَحَدٍ «7»
__________
(1) لُغَة (بالإبدال) : فى «عثكال» وَهُوَ والعثكول (بِالضَّمِّ) مثل شِمْرَاخ وشمروخ:
وزنا وَمعنى.
(2) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَهَذَا شىء مَجْمُوع غير أَنه إِذا ضربه بهَا: ماسته» .
وَذكر نَحوه فى الْمُخْتَصر. وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 64) .
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 86) .
(4) نزلت فى الْوَلِيد بن عقبَة: حينما أخبر النَّبِي: أَن بنى المصطلق قد منعُوا الصَّدَقَة. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 9 ص 54- 55) .
(5) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 9 ص 115) : حَدِيث ابْن عَبَّاس فى سَبَب نزُول ذَلِك لفائدته. [.....]
(6) فى الْأُم: «فَأمر» ، وَهُوَ أحسن.
(7) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «على عباده أحد من» وَهُوَ من عَبث النَّاسِخ.

(2/118)


-: مِنْ عِبَادِهِ.-: أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْبِتًا «1» ، قَبْلَ أَنْ يُمْضِيَهُ.» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «2» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «3» : «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ «4» : 3- 159) «5» و: (أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ: 42- 38) . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
قَالَ الْحَسَنُ: إنْ كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ، لَغَنِيًّا «6»
__________
(1) فى الأَصْل «مستثنيا» وَهُوَ مصحف عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن عبارَة الْأُم: «مستبينا» .
(2) حَيْثُ قَالَ: «ثمَّ أَمر الله- فى الحكم خَاصَّة-: أَن لَا يحكم الْحَاكِم: وَهُوَ غَضْبَان.
لِأَن الغضبان مخوف على أَمريْن: (أَحدهمَا) : قلَّة التثبت (وَالْآخر) : أَن الْغَضَب قد يتَغَيَّر مَعَه الْعقل، ويتقدم بِهِ صَاحبه على مَا لم يكن يتَقَدَّم عَلَيْهِ: لَو لم يكن يغْضب.» . ثمَّ ذكر مَا يدل لأصل الدَّعْوَى-: من السّنة.- وَشَرحه: بِمَا هُوَ فى غَايَة الْجَوْدَة. فَرَاجعه وراجع الْمُخْتَصر (ج 5 ص 241) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 103- 106) ، وَشرح مُسلم (ج 12 ص 15) ، وَالْفَتْح (ج 13 ص 111- 112) .
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 86) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ص 241) .
(4) قَالَ- كَمَا فى الْأُم (ج 5 ص 151) -: « ... فَإِنَّمَا افْترض عَلَيْهِم طَاعَته فِيمَا أَحبُّوا وكرهوا وَإِنَّمَا أَمر بمشاورتهم (وَالله أعلم) : لجمع الألفة، وَأَن يستن بالاستشارة بعده من لَيْسَ لَهُ من الْأَمر مَاله و: على أَن أعظم لرغبتهم وسرورهم أَن يشاوروا. لَا: على أَن لأحد من الأدميين، مَعَ رَسُول الله، أَن يردهُ: إِذا عزم رَسُول الله على الْأَمر بِهِ، والنهى عَنهُ.» إِلَخ فَرَاجعه. وَانْظُر كَلَامه: فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 184) ، وَالأُم (ج 6 ص 206) .
(5) ذكر بعد ذَلِك- فى الْأُم- حَدِيث أَبى هُرَيْرَة. «مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة لأَصْحَابه، من رَسُول الله» ثمَّ قَالَ: «وَقَالَ الله عز وَجل: (وَأَمْرُهُمْ) » إِلَخ. وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 45- 46 وَج 10- 110) ، وَالْفَتْح (ج 13 ص 260- 264) : فستقف على فَوَائِد جمة.
(6) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 7) : تَقْدِيم وَتَأْخِير.

(2/119)


يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)

وَلَكِنَّهُ أَرَادَ: أَنْ يَسْتَنَّ «1» بِذَلِكَ الْحُكَّامُ بَعْدَهُ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «2» : وَإِذَا «3» نَزَلَ بِالْحَاكِمِ أَمْرٌ «4» : يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَوْ مُشْكِلٌ-: انْبَغَى «5» لَهُ أَنْ يُشَاوِرَ «6» : مَنْ جَمَعَ الْعِلْمَ وَالْأَمَانَةَ.» .
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «7» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (قِرَاءَةً عَلَيْهِ) : نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ «8» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (يَا داوُدُ: إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) الْآيَةَ: (38- 26) وَقَالَ «9» فِي أَهْلِ الْكِتَابِ: (وَإِنْ «10» حَكَمْتَ: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ: 5- 42)
__________
(1) كَذَلِك بِالْأُمِّ والمختصر وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «يستعن» . وَهُوَ تَحْرِيف.
(2) كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى أَيْضا (ج 10 ص 110- 111) . وراجع فِيهَا: كتاب عمر إِلَى شريخ، وَكَلَام الْبَيْهَقِيّ الْمُتَعَلّق بِهِ.
(3) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «إِذا ... الْأَمر» .
(4) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «إِذا ... الْأَمر» .
(5) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «ينبغى» .
(6) فى الْأُم زِيَادَة مفيدة، وهى: «وَلَا ينبغى لَهُ أَن يشاور جَاهِلا: لِأَنَّهُ لَا معنى لمشاورته وَلَا عَالما غير أَمِين: فَإِنَّهُ رُبمَا أضلّ من يشاوره. وَلكنه يشاور» إِلَخ. [.....]
(7) فَقَالَ: «وفى الْمُشَاورَة: رضَا الْخصم وَالْحجّة عَلَيْهِ» . وينبغى أَن تراجع كَلَامه عَن هَذَا، فى الْأُم (ج 7 ص 207) : فَهُوَ نَفِيس جيد. وَأَن تراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 111- 113) : مَا ورد فى هَذَا الْمقَام.
(8) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 84) .
(9) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: بِدُونِ الْوَاو وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(10) ذكر فى الْأُم من قَوْله: (فَإِنْ جاؤُكَ) إِلَى آخر الْآيَة.

(2/120)


وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)

وَقَالَ لِنَبِيِّهِ «1» صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَأَنِ «2» احْكُمْ بَيْنَهُمْ: بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) الْآيَةَ «3» : (5- 49) وَقَالَ: (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ: أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ: 4- 58) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ قَبْلَهُ، وَالنَّاسِ-: إذَا حَكَمُوا.-: أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ «4» وَالْعَدْلُ:
اتِّبَاعُ حُكْمِهِ الْمُنْزَلِ «5» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «6» - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ: 5- 48 وَ 49) .
-: «يَحْتَمِلُ: تَسَاهُلَهُمْ «7» فِي أَحْكَامِهِمْ وَيَحْتَمِلُ: مَا يَهْوَوْنَ وَأَيُّهُمَا كَانَ
__________
(1) هَذَا قد ذكر فى الْأُم، قبل قَوْله: فى أهل الْكتاب. وَهُوَ أحسن.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وَقد ورد فى الأَصْل: مَضْرُوبا عَلَيْهِ بمداد آخر، ومضافا حرف الْفَاء إِلَى قَوْله: (احكم) . وَهُوَ ناشىء عَن ظن أَن المُرَاد آيَة الْمَائِدَة: (48) .
(3) ذكر فى الْأُم إِلَى: (إِلَيْك) .
(4) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 86- 89) ، حَدِيث على، وَغَيره: مِمَّا يتَعَلَّق بالْمقَام. وَيحسن: أَن تراجع فى الْفَتْح (ج 13 ص 118 و121) كَلَام عمر بن عبد الْعَزِيز، وأبى على الْكَرَابِيسِي، وَابْن حبيب الْمَالِكِي عَن الْآدَاب الَّتِي يجب أَن تتوفر فِيمَن يتَوَلَّى الْقَضَاء. فَهُوَ جليل الْفَائِدَة.
(5) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك: فَهُوَ مُفِيد فى مَوْضُوع حجية السّنة ذَلِك الْمَوْضُوع الخطير:
الَّذِي يجب الاهتمام بِهِ، والإلمام بتفاصيله. من أجل الْقَضَاء على الْحَرْب الحقيرة الَّتِي يثيرها ضد الدَّين: جمَاعَة الْمُلْحِدِينَ، وَطَائِفَة المتنطعين، وحثالة المأجورين. وَقد وَضعنَا مؤلفا جَامعا فِيهِ: نرجو أَن نتمكن قَرِيبا من نشره إِن شَاءَ الله.
(6) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 28) .
(7) أَي: تسامحهم، وَعدم تطبيقهم أحكامهم على أنفسهم. فَيكون الْمَعْنى الثَّانِي:
خَاصّا بقوانينهم الوضعية. وَعبارَة الأَصْل: «تسهلهم» وهى محرفة عَمَّا ذكرنَا. أَو عَن عبارَة الْأُم- هُنَا، وفى (ج 5 ص 225) -: «سبيلهم» أَي: شرائعهم المنسوخة. وَإِنَّمَا سميت أهواء: لتمسكهم بهَا، بعد نسخهَا وإبطالها.

(2/121)


وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)

فَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ وَأُمِرَ: أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ: بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» .» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «2» . «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ: إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ: إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ «3» ، وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً: 21- 78- 79) .»
«قَالَ «4» الشَّافِعِيُّ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: لَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ، لَرَأَيْتُ: أَنَّ الْحُكَّامَ قَدْ هَلَكُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) : حَمِدَ هَذَا:
بِصَوَابِهِ «5» وَأَثْنَى عَلَى هَذَا: بِاجْتِهَادِهِ «6» .» .
__________
(1) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك لارتباطه بِكَلَامِهِ الْآتِي قَرِيبا عَن شَهَادَة الذِّمِّيّ.
(2) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 85) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 242) .
(3) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 118) : مَا روى فى ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود ومسروق وَمُجاهد وَحكم النَّبِي: فى حَادِثَة نَاقَة الْبَراء بن عَازِب. ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج 13 ص 110- 121) . [.....]
(4) فى الأَصْل: «وَقَالَ» وَالظَّاهِر أَن الزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الْأُم والمختصر: «لصوابه» .
(6) ثمَّ ذكر حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ وأبى هُرَيْرَة: «إِذا حكم الْحَاكِم، فاجتهد، فَأصَاب:
فَلهُ أَجْرَانِ. وَإِذا حكم، فاجتهد، فَأَخْطَأَ: فَلهُ أجر.» . قَالَ (كَمَا فِي الْمُخْتَصر) : «فَأخْبر:
أَنه يُثَاب على أَحدهمَا أَكثر مِمَّا يُثَاب على الآخر فَلَا يكون الثَّوَاب: فِيمَا لَا يسع وَلَا:
فى الْخَطَإِ الْمَوْضُوع.» . قَالَ الْمُزنِيّ: «أَنا أعرف أَن الشَّافِعِي قَالَ: لَا يُؤجر على الْخَطَإِ- وَإِنَّمَا يُؤجر: على قصد الصَّوَاب. وَهَذَا عندى هُوَ الْحق» . وراجع الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث، وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من البحوث: فى إبِْطَال الِاسْتِحْسَان (الملحق بِالْأُمِّ: ج 7 ص 274- 275) ، والرسالة (ص 494- 498) ، وجماع الْعلم (ص 44- 46 و101- 102) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 118- 119) ، ومعالم السّنَن (ج 4 ص 160) ، وَشرح مُسلم (ج 12 ص 13- 14) وراجع الْكَلَام عَنهُ وَعَن أثر الْحسن: فِي الْفَتْح (ج 13 ص 119- 120 و247- 248) .

(2/122)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «1» : «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ: أَنْ يُتْرَكَ سُدىً.؟!: 75- 36) فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ- فِيمَا عَلِمْتُ-: أَنَّ (السُّدَى) هُوَ «2» : الَّذِي لَا يُؤْمَرُ «3» ، وَلَا يُنْهَى» .
وَمِمَّا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً) : أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «4» : «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ: 2- 282) .»
«فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ: بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَمْرَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) : أَنْ
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 271) : فى بَيَان أَنه لَا يجوز الحكم وَلَا الْإِفْتَاء بِمَا لم يُؤمر بِهِ. وَقد ذكر فِيمَا سبق (ج ص 36) ، وَذكره فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 113) ، وروى نَحوه عَن مُجَاهِد. وراجع فِيهَا (ص 114- 116) مَا ورد فى ذَلِك: من الْأَحَادِيث والْآثَار وَانْظُر الرسَالَة (ص 25) ، وطبقات السبكى (ج 1 ص 261) ، وَالْفَتْح (ج 11 ص 404) .
(2) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ والرسالة وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(3) كَذَا بِالْأُمِّ والرسالة وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «يَأْمر» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(4) كَمَا فى الْأُم (ج 3 ص 76- 77) . وَقد ذكر بعضه بِتَصَرُّف: فى الْمُخْتَصر (ج 5 ص 246) .

(2/123)


يَكُونَ «1» دَلَالَةً: عَلَى مَا فِيهِ الْحَظُّ بِالشَّهَادَةِ «2» وَمُبَاحٌ «3» تَرْكُهَا. لَا:
حَتْمًا يَكُونُ مَنْ تَرَكَهُ عَاصِيًا: بِتَرْكِهِ. (وَاحْتَمَلَ «4» ) : أَنْ يَكُونَ حَتْمًا مِنْهُ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ: بِتَرْكِهِ.»
«وَاَلَّذِي أَخْتَارُ: أَنْ لَا يَدَعَ الْمُتَبَايِعَانِ الْإِشْهَادَ وَذَلِكَ: أَنَّهُمَا إذَا أَشْهَدَا: لَمْ يَبْقَ فِي أَنْفُسِهِمَا شَيْءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ: إنْ كَانَ حَتْمًا: فَقَدْ أَدَّيَاهُ وَإِنْ كَانَ دَلَالَةً: فَقَدْ أَخَذَا «5» بِالْحَظِّ فِيهَا.»
«قَالَ: وَكُلُّ مَا نَدَبَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) إلَيْهِ-: مِنْ فَرْضٍ، أَوْ دَلَالَةٍ.-:
فَهُوَ بَرَكَةٌ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ. أَلَا تَرَى: أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْبَيْعِ، إذَا «6» كَانَ دَلَالَةً: كَانَ فِيهِ «7» : [أَنَّ] الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا: إنْ أَرَادَ ظُلْمًا: قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَيُمْنَعُ مِنْ الظُّلْمِ الَّذِي يَأْثَمُ بِهِ. وَإِنْ كَانَ تَارِكًا «8» : لَا يُمْنَعُ مِنْهُ. وَلَوْ
__________
(1) عبارَة الْأُم: «تكون الدّلَالَة» وَلَعَلَّ فِيهَا بعض التحريف. وَعبارَة الْمُخْتَصر:
«يكون مُبَاحا تَركه» .
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بالشهاد» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(3) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم وَهُوَ خبر مقدم. وَلَو قَالَ: «وَيُبَاح، أَو فَيُبَاح» ، لَكَانَ أولى وَأظْهر.
(4) هَذَا شُرُوع فى بَيَان الْأَمر الثَّانِي. وَلَو قَالَ: «وَثَانِيهمَا» أَو: «وَالْآخر» كَمَا فى الْمُخْتَصر لَكَانَ أحسن.
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَخذنَا لحط» ، وَهُوَ تَصْحِيف.
(6) عبارَة الْأُم: «إِن كَانَ فِيهِ» أَي فى البيع. وَمَا فى الأَصْل أولى.
(7) فى الأَصْل: «قيمَة» وَهُوَ محرف عَمَّا ذكرنَا والتصحيح وَالزِّيَادَة من الْأُم.
أَو محرف عَن: «قِيمَته» مرَادا مِنْهُ: الْفَائِدَة. وَهُوَ بعيد من حَيْثُ الِاسْتِعْمَال. [.....]
(8) أَي: للاشهاد لَا يمْنَع من الظُّلم. وفى الأَصْل: «كَارِهًا» وَهُوَ تَحْرِيف.
لتصحيح عَن الْأُم.

(2/124)


نَسِيَ، أَوْ وَهِمَ-: فَجَحَدَ.-: مُنِعَ مِنْ الْمَأْثَمِ عَلَى ذَلِكَ: بِالْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ:
وَرَثَتُهُمَا بَعْدَهُمَا.؟!.»
«أَوْ لَا تَرَى: أَنَّهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا «1» : لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا: [أَنْ «2» ] يَبِيعَ فَبَاعَ هُوَ «3» رَجُلًا، وَبَاعَ وَكِيلُهُ آخَرَ-: وَلَمْ يُعْرَفْ: أَيُّ الْبَيْعَيْنِ أَوَّلُ «4» ؟ -: لَمْ يُعْطَ الْأَوَّلُ: مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ «5» بِقَوْلِ الْبَائِعِ. وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ، فَأَثْبَتَتْ «6» : أَيُّهُمَا أَوَّلُ؟ -: أُعْطِيَ الْأَوَّلُ.؟!.»
«فَالشَّهَادَةُ: سَبَبُ قَطْعِ الْمَظَالِمِ، وَتَثْبِيتِ «7» الْحُقُوقِ. وَكُلُّ أَمْرِ اللَّهِ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) ، ثُمَّ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الْخَيْرُ «8» الَّذِي لَا يُعْتَاضُ مِنْهُ مَنْ تَرَكَهُ «9» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «10» : وَاَلَّذِي «11» يُشْبِهُ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَو إِحْدَاهمَا» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(2) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم.
(3) فى الْأُم: «هَذَا» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(4) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَوله» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الْمُشْتَرى» وَالظَّاهِر: أَنه محرف عَمَّا ذكرنَا فَتَأمل
(6) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَأثْبت» وَلَعَلَّ النَّقْص من النَّاسِخ.
(7) فى الْأُم: «وَتثبت» وَعبارَة الأَصْل أحسن.
(8) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الحير» ، وَهُوَ تَصْحِيف.
(9) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بركَة» ، وَهُوَ تَصْحِيف.
(10) فى بَيَان: أَي المعينين: من الْوُجُوب وَالنَّدْب أولى بِالْآيَةِ؟. وَقد ذكر مَا سيأتى إِلَى آخر الْكَلَام- بِاخْتِصَار وَتصرف-: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 145) .
(11) فى السّنَن الْكُبْرَى: بِدُونِ الْوَاو. وَعبارَة الْأُم: «فَإِن الَّذِي» وهى وَاقعَة فى جَوَاب سُؤال، كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ.

(2/125)


التَّوْفِيقَ-: أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ «1» : بِالْإِشْهَادِ فِي الْبَيْعِ دَلَالَةً لَا: حَتْمًا لَهُ «2» . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ، وَحَرَّمَ الرِّبا: 2- 275) فَذَكَرَ: أَنَّ الْبَيْعَ حَلَالٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ بَيِّنَةً.»
«وَقَالَ فِي آيَةِ الدَّيْنِ: [إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ «3» : 2- 282] وَالدَّيْنُ: تَبَايُعٌ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ «4» فِيهِ: بِالْإِشْهَادِ فَبَيَّنَ «5» الْمَعْنَى: الَّذِي أَمَرَ لَهُ: بِهِ. فَدَلَّ مَا بَيَّنَ اللَّهُ فِي الدَّيْنِ، عَلَى «6» أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ: عَلَى النَّظَرِ وَالِاخْتِيَارِ «7» لَا: عَلَى الْحَتْمِ «8» قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى: فَاكْتُبُوهُ «9» ) ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ: (وَإِنْ)
__________
(1) هَذَا إِلَى قَوْله: البيع لَيْسَ بِالْأُمِّ، وموجود بالسنن الْكُبْرَى.
(2) هَذَا لَيْسَ بالسنن الْكُبْرَى. وَعبارَة الْأُم: «يحرج من ترك الْإِشْهَاد. فَإِن قَالَ [قَائِل] : مَا دلّ على مَا وصفت؟ قيل: قَالَ الله» إِلَخ. [.....]
(3) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم، ونجوز: أَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ.
(4) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ.
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَتبين» ، وَهُوَ تَحْرِيف: بِقَرِينَة مَا سيأتى.
(6) هَذَا فى الأَصْل قد ورد بعد قَوْله: فَدلَّ. وَهُوَ من عَبث النَّاسِخ. والتصحيح من الْأُم.
(7) فى الْأُم: «وَالِاحْتِيَاط» ، أَي: بِالنِّسْبَةِ للمستقبل، وكل من اللَّفْظَيْنِ لَهُ وَجه أحسنية كَمَا لَا يخفى.
(8) فى الْأُم زِيَادَة: «قلت» . وَالظَّاهِر: أَنَّهَا جَوَاب جملَة شَرْطِيَّة قد سَقَطت من نسخ الْأُم، تقديرها: فَإِن قيل: مَا وَجه ذَلِك من الْآيَة (مثلا) ؟ وَمَا فى الأَصْل سليم مُخْتَصر.
(9) ينبغى: أَن تراجع فى السّنَن الْكُبْرَى، آثَار أَبى سعيد الْخُدْرِيّ، وعامر الشّعبِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ: فى ذَلِك. لعَظيم فائدتها.

(2/126)


وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)

(كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ، وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً: فَرِهانٌ «1» مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً: فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ، أَمانَتَهُ: 2- 283) فَلَمَّا أَمَرَ-:
إذَا لَمْ يَجِدُوا «2» كَاتِبًا.-: بِالرَّهْنِ ثُمَّ أَبَاحَ: تَرْكَ الرَّهْنِ وَقَالَ:
( [فَإِنْ «3» ] أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً: فَلْيُؤَدِّ الَّذِي) -: فَدَلَّ «4» :
عَلَى [أَنَّ «5» ] الْأَمْرَ الْأَوَّلَ: دَلَالَةٌ عَلَى الْحَظِّ لَا: فَرْضٌ «6» مِنْهُ، يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «7» .» .
ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ: بِالْخَبَرِ «8» وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «9» : «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَابْتَلُوا الْيَتامى، حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً: فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ)
__________
(1) فى الْأُم: (فرهن) .
(2) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل. «يجد» ، وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(3) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(4) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «دلّ» وَهُوَ أحسن.
(5) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(6) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل وَالسّنَن الْكُبْرَى: «فرضا» وَهُوَ تَحْرِيف.
(7) وَقد تعرض لهَذَا الْمَعْنى (أَيْضا) : فى أول السّلم (ص 78- 79) : بتوسع وتوضيح، فَرَاجعه، وَانْظُر المناقب للفخر (ص 73) . [.....]
(8) أَي: خبر خُزَيْمَة الْمَشْهُور، وَقد ذكر مَحل الشَّاهِد مِنْهُ، وَبَينه، حَيْثُ قَالَ:
«وَقد حفظ عَن النَّبِي: أَنه بَايع أَعْرَابِيًا فى فرس. فَجحد الأعرابى: بِأَمْر بعض الْمُنَافِقين وَلم يكن بَينهمَا بَيِّنَة، فَلَو كَانَ حتما: لم يُبَايع رَسُول الله بِلَا بَيِّنَة.» . وراجع مَا قَالَه بعد ذَلِك ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 145- 146) .
(9) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 74) .

(2/127)


(أَمْوالَهُمْ) «1» وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً: 4- 6) .»
«فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ، مَعْنَيَانِ «2» : (أَحَدُهُمَا) : الْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ. وَهُوَ «3» مِثْلُ مَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : مِنْ أَنْ [يَكُونَ الْأَمْرُ] بِالْإِشْهَادِ «4» :
دَلَالَةً لَا: حَتْمًا. وَفِي قَوْلِ اللَّهِ: (وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً) كَالدَّلِيلِ: عَلَى الْإِرْخَاصِ فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ. لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) يَقُولُ: (وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً) أَيْ: إنْ لَمْ يُشْهِدُوا «5» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.»
« (وَالْمَعْنَى الثَّانِي) «6» : أَنْ يَكُونَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ-: الْمَأْمُورُ: بِالدَّفْعِ إلَيْهِ مَالُهُ، وَالْإِشْهَادِ «7» عَلَيْهِ.-: يَبْرَأُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ: إنْ جَحَدَهُ الْيَتِيمُ وَلَا يَبْرَأُ
__________
(1) ذكر فى الْأُم إِلَى: (عَلَيْهِم) ثمَّ قَالَ: «الْآيَة» . وَلَعَلَّ مَا فى الأَصْل قصد بِهِ التَّنْبِيه على الْحكمَيْنِ.
(2) أَي: أَنَّهَا تدل على كل مِنْهُمَا لَا: أَنَّهَا تَتَرَدَّد بَينهمَا.
(3) عبارَة الْأُم: «وَهُوَ فى مثل معنى الْآيَة قبله» ، أَي: آيَة الاشهاد بِالْبيعِ السَّابِقَة.
انْظُر هَامِش الْأُم.
(4) فى الأَصْل: «الْإِشْهَاد» . وَالظَّاهِر: أَنه محرف عَمَّا ذكرنَا. والتصحيح وَالزِّيَادَة المتعينة عَن الْأُم. وَإِلَّا: كَانَ قَوْله: حتما محرفا.
(5) فى الْأُم: «تشهدوا» وَهُوَ أنسب.
(6) مُرَاد الشَّافِعِي بِهَذَا: أَن يبين: أَن فَائِدَة الْإِشْهَاد قد تكون دنيوية وأخروية مَعًا وَذَلِكَ: فى حَالَة جحد الْيَتِيم. وَقد تكون أخروية فَقَط وَذَلِكَ: فى حَالَة تَصْدِيقه.
فَتنبه، وَلَا تتوهمن: أَن فى كَلَامه تَكْرَارا، أَو اضطرابا. وَيحسن: أَن تراجع تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ (ص 103) : لتقف على أصل هَذَا الْكَلَام.
(7) فى الْأُم زِيَادَة: «بِهِ» أَي: بِالدفع.

(2/128)


وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)

بِغَيْرِهِ أَوْ يَكُونُ مَأْمُورًا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ-: عَلَى الدَّلَالَةِ.-: وَقَدْ يَبْرَأُ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ: إذَا صَدَّقَهُ الْيَتِيمُ. وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا «1» .»
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ عَنْهُ: فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ «2» .-: بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْوَكِيلِ: إذَا ادَّعَى دَفْعَ الْمَالِ إلَى مَنْ أَمْرِهِ الْمُوَكِّلُ: بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْ [مِنْهُ «3» ] إلَّا بِبَيِّنَةٍ: «فَإِنَّ «4» الَّذِي زَعَمَ:
أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَيْسَ هُوَ: الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَى الْمَالِ كَمَا أَنَّ الْيَتَامَى لَيْسُوا:
الَّذِينَ ائْتَمَنُوهُ عَلَى الْمَالِ. فَأَمَرَ «5» بِالْإِشْهَادِ.»
«وَبِهَذَا: فَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِمَنْ ائْتَمَنَهُ: قَدْ دَفَعْتُهُ إلَيْكَ فَيَقْبَلُ «6» :
لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ.» .
وَذَكَرَ (أَيْضًا) فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ «7» - فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ-: بِمَعْنَاهُ.
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: أَنَا الرَّبِيعُ،
__________
(1) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك: فى تَسْمِيَة الشُّهُود، وَحكم الشَّهَادَات. لفائدته.
(2) من الْمُخْتَصر (ج 3 ص 6- 7) .
(3) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْمُخْتَصر.
(4) فى الْمُخْتَصر: «وَبِأَن» ، وَكِلَاهُمَا صَحِيح: وَإِن كَانَ مَا فى الأَصْل أحسن.
(5) عبارَة الْمُخْتَصر: «وَقَالَ الله..: (فَإِذا دَفَعْتُمْ ... ) ، وَبِهَذَا فرق بَين قَوْله» إِلَخ «وَبَين قَوْله لمن لم يأتمنه عَلَيْهِ: قد دَفعته إِلَيْك، فَلَا يقبل: لِأَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي ائتمنه.» . [.....]
(6) فى الْمُخْتَصر: «يقبل» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(7) من الْأُم (ج 4 ص 61) . وَقد تقدم ذكره (ج 1 ص 151- 152) .

(2/129)


فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)

قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «1» : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ-: مِنْ نِسائِكُمْ.-: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ»
: 4- 15) .»
«فَسَمَّى اللَّهُ فِي الشَّهَادَةِ: فى الْفَاحِشَة- والفاحشة هَاهُنَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) :
الزِّنَا «3» .-: أَرْبَعَةَ شُهُودٍ. فَلَا «4» تَتِمُّ الشَّهَادَةُ: فِي الزِّنَا إلَّا: بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، لَا امْرَأَةَ فِيهِمْ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الشُّهَدَاءِ «5» : الرِّجَالُ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ «6» .» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْحُجَّةِ عَلَى هَذَا «7» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «8» : «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ: 65- 2) .»
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 75) .
(2) فى الْأُم زِيَادَة: «فَإِن شهدُوا، الْآيَة» .
(3) فى الْأُم زِيَادَة: «وفى الزِّنَا» ، أَي: وفى الْقَذْف بِهِ، كَمَا فى آيَة النُّور: (4) الْآتِيَة قَرِيبا.
(4) فى الْأُم: «وَلَا» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(5) كَذَا فى الْأُم. وفى الأَصْل «الشهد» ، وَهُوَ تَحْرِيف.
(6) قَالَ فى شرح مُسلم (ج 11 ص 192) : «وَأَجْمعُوا: على أَن الْبَيِّنَة أَرْبَعَة شُهَدَاء ذُكُور عدُول. هَذَا إِذا شهدُوا على نفس الزِّنَا. وَلَا يقبل دون الْأَرْبَعَة: وَإِن اخْتلفُوا فى صفاتهم،» .
(7) حَيْثُ اسْتدلَّ: بآيتى النُّور: (4 و13) ، وَحَدِيث أَبى هُرَيْرَة، وأثرى على وَعمر، وَالْإِجْمَاع. فراجع كَلَامه، وراجع الْمُخْتَصر (ج 5 ص 246) ، وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص 349) وَشرح مُسلم (ج 10 ص 131) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 8 ص 230 و234 وَج 10 ص 147- 148) .
(8) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 76) وَانْظُر الْمُخْتَصر.

(2/130)


«فَأَمَرَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: بِالشَّهَادَةِ وَسَمَّى فِيهَا:
عَدَدَ الشَّهَادَةِ فَانْتَهَى: إلَى شَاهِدَيْنِ.»
«فَدَلَّ ذَلِكَ: عَلَى أَنَّ كَمَالَ الشَّهَادَةِ فِي «1» الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: شَاهِدَانِ «2» لَا نِسَاءَ فِيهِمَا «3» . لِأَنَّ شَاهِدَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ بِحَالٍ «4» ، أَنْ يَكُونَا إلَّا رَجُلَيْنِ «5» .»
«وَدَلَّ «6» أَنِّي لَمْ أَلْقَ مُخَالِفًا: حَفِظْتُ عَنْهُ-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.-
أَنَّ «7» حَرَامًا أَنْ يُطَلِّقَ: بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى: أَنَّهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : دَلَالَةُ اخْتِيَارٍ «8» . وَاحْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الرَّجْعَةِ-: مِنْ هَذَا.- مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقُ.» .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إلَى أَنْ قَالَ: «وَالِاخْتِيَارُ «9» فِي هَذَا، وَفِي غَيْرِهِ-:
مِمَّا أَمَرَ فِيهِ [بِالشَّهَادَةِ «10» ] .-: الْإِشْهَادُ «11» .» .
__________
(1) فى الْأُم: «على» وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
(2) انْظُر مَا قَالَه بعد ذَلِك.
(3) فى الْأُم: «فيهم» وَهُوَ ملائم لسابق مَا فِيهَا: مِمَّا لم يذكر هُنَا.
(4) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «محَال» وَهُوَ تَصْحِيف. [.....]
(5) فى الْأُم بعد ذَلِك: «فَاحْتمل أَمر الله: بِالْإِشْهَادِ فى الطَّلَاق وَالرَّجْعَة مَا احْتمل أمره: بِالْإِشْهَادِ فى الْبيُوع. وَدلّ» إِلَى آخر مَا سيأتى.
(6) فى الأَصْل: «وَذَاكَ» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(7) هَذَا مفعول لقَوْله: حفظت فَتنبه.
(8) فى الْأُم زِيَادَة: «لَا فرض: يعْصى بِهِ من تَركه، وَيكون عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ: إِن فَاتَ فى مَوْضِعه.» .
(9) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَاخْتِيَار» وَهُوَ محرف عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن:
«واختياري» .
(10) زِيَادَة متعينة عَن الْأُم ذكر بعْدهَا: «وَالَّذِي لَيْسَ فى النَّفس مِنْهُ شىء» .
(11) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بِالْإِشْهَادِ» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.

(2/131)


وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ «1» : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ: (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى: فَاكْتُبُوهُ) الْآيَةَ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا: (2- 282- 283) وَقَالَ فِي سِيَاقِهَا: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ: مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ: فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ «2» -: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ.-: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما، فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) «3» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) شُهُودَ الزِّنَا وَذَكَرَ شُهُودَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ «4» وَذَكَرَ شُهُودَ الْوَصِيَّةِ» - يَعْنِي «5» : [فِي] قَوْله تَعَالَى: (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ: 5- 106) .- «: فَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُمْ امْرَأَةً.»
«فَوَجَدْنَا شُهُود الزّنا: يشْهدُونَ عَلَى حَدٍّ، لَا: مَالٍ وَشُهُودَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: يَشْهَدُونَ عَلَى تَحْرِيمٍ بَعْدَ تَحْلِيلٍ، وَتَثْبِيتِ تَحْلِيلٍ لَا مَالَ: فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا.»
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 77) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 247) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 148) .
(2) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 148 و151) ، وَشرح مُسلم للنووى (ج 2 ص 65- 68) : حَدِيث ابْن عمر وَغَيره، الْخَاص: بِنُقْصَان عقل النِّسَاء ودينهن، وَسَببه. وَانْظُر الْفَتْح (ج 5 ص 168) .
(3) فى الْأُم زِيَادَة: «الْآيَة» .
(4) يحسن: أَن تراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 7 ص 373) ، أثرى ابْن عمر وَعمْرَان بن الْحصين.
(5) فى الأَصْل: «بِمَعْنى» والتصحيف وَالنَّقْص من النَّاسِخ. وَهَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.

(2/132)


«وَذَكَرَ شُهُودَ الْوَصِيَّةِ: وَلَا مَالَ لِلْمَشْهُودِ: أَنَّهُ وَصِيٌّ.»
«ثُمَّ: لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.- خَالَفَ: فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الزِّنَا، إلَّا: الرِّجَالُ. وَعَلِمْتُ أَكْثَرَهُمْ «1» قَالَ: وَلَا فِي طَلَاقٍ «2» وَلَا رَجْعَةٍ «3» : إذَا تَنَاكَرَ الزَّوْجَانِ. وَقَالُوا ذَلِكَ: فِي الْوَصِيَّةِ. فَكَانَ «4» مَا حَكَيْتُ «5» -: مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ.- دَلَالَةً: عَلَى مُوَافَقَةِ ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) وَكَانَ أَوْلَى الْأُمُورِ: أَنْ «6» يُقَاسَ عَلَيْهِ، وَيُصَارَ إلَيْهِ.»
«وَذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) شُهُودَ الدَّيْنِ: فَذَكَرَ فِيهِمْ النِّسَاءَ وَكَانَ الدَّيْنُ: أَخْذَ مَالٍ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.»
«فَالْأَمْرُ «7» -: عَلَى مَا فَرَّقَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) بَيْنَهُ «8» : مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الشَّهَادَاتِ.-: أَنْ يُنْظَرَ: كُلُّ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، فَكَانَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالشَّهَادَةِ نَفْسِهَا مَالٌ وَكَانَ: إنَّمَا يَلْزَمُ بِهَا حَقٌّ غَيْرِ مَالٍ أَوْ شَهِدَ بِهِ لِرَجُلٍ:
__________
(1) أخرج فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 148) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ: عدم إجَازَة شَهَادَة النِّسَاء على الطَّلَاق وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: عدم إجازتها أَيْضا على الْحُدُود.
(2) فى الْأُم: «الطَّلَاق» . [.....]
(3) فى الْأُم: «الرّجْعَة» .
(4) فى الْأُم: «وَكَانَ» . وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «حكمت» . وَهُوَ تَصْحِيف.
(6) فى الْأُم: «أَن يُصَار ... وَيُقَاس» وَكَذَلِكَ فى الْمُخْتَصر: بِزِيَادَة حرف الْبَاء.
وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(7) فى الْأُم: «وَالْأَمر» وَعبارَة الأَصْل أظهر.
(8) كَذَا بِالْأُمِّ. وَهُوَ الظَّاهِر. وَعبارَة الأَصْل: «بَينهم» ولعلها محرفة، أَو نقص بعْدهَا كلمة: «فِيهِ» .

(2/133)


كَانَ «1» لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ مَالًا «2» لِنَفْسِهِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ غَيْرَ مَالٍ-: مِثْلُ الْوَصِيَّةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْقِصَاصِ، وَالْحُدُودِ «3» ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.-: فَلَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ الرِّجَالِ «4» .»
«وَيُنْظَرُ: كُلُّ «5» مَا شُهِدَ بِهِ-: مِمَّا أَخَذَ بِهِ الْمَشْهُودُ لَهُ، مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، مَالًا.-: فَتُجَازَ «6» فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَجَازَهُنَّ اللَّهُ فِيهِ: فَيَجُوزُ قِيَاسًا لَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْقَوْلُ، وَلَا «7» يَجُوزُ غَيْرُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «8» .» .
__________
(1) فى الْأُم: «وَكَانَ» وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «مَال» وَالظَّاهِر: أَنه محرف.
(3) عبارَة الْأُم: «وَالْحَد وَمَا أشبهه» .
(4) فى الْأُم زِيَادَة: «لَا يجوز فِيهِ امْرَأَة» وراجع الْأُم (43- 44 وَج 6 ص 267) .
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «كلما» وَلَعَلَّه جرى على رسم بعض الْمُتَقَدِّمين.
(6) فى الأَصْل: بِالْحَاء الْمُهْملَة وَهُوَ تَصْحِيف. وفى الْأُم: «فَتجوز» .
(7) فى الْأُم: «فَلَا» ، وَهُوَ أحسن.
(8) ثمَّ قَالَ: «وَمن خَالف هَذَا الأَصْل، ترك عندى مَا ينبغى أَن يلْزمه: من معنى الْقُرْآن. وَلَا أعلم لأحد خَالفه، حجَّة فِيهِ: بِقِيَاس، وَلَا خبر لَازم.» . ثمَّ بَين: أَنه لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء منفردات، وَذكر الْخلاف فِي ذَلِك وَمَا يتَّصل بِهِ. فراجع كَلَامه (ص 77 و79- 80) . وَانْظُر كَلَامه (ص 10) ، والمختصر (ج 5 ص 247- 248) .
ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى والجوهر النقي (ج 10 ص 150- 151) ، وَالْفَتْح (ج 5 ص 168- 170) . وَيحسن أَن تراجع كَلَام الشَّافِعِي فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 349 و352 و354- 356) ، وفى الرسَالَة (ص 385- 390) : فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع عَامَّة. [.....]

(2/134)


وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «1» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ-: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا: 24- 4- 5) .»
«فَأَمَرَ «2» اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : بِضَرْبِهِ «3» وَأَمَرَ: أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ وَسَمَّاهُ: فَاسِقًا. ثُمَّ اسْتَثْنَى [لَهُ «4» ] : إلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَالثُّنْيَا «5» -: فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ.-: عَلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ إلَّا: أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرٌ «6» .»
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ «7» قَبُولَ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ: إذَا تَابَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ، وَعَنْ «8» ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ثُمَّ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ «9» . قَالَ «10» : «وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ: عَنْ الْقَاذِفِ فَقَالَ:
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 81) . وَانْظُر (ص 41) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 248) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 152) .
(2) عبارَة الْأُم (ص 41) هى: «وَالْحجّة فى قبُول شَهَادَة الْقَاذِف: أَن الله (عز وَجل) أَمر بضربه» إِلَى آخر مَا فى الأَصْل. وراجع كَلَام الْفَخر فى المناقب (ص 76) : لفائدته.
(3) عبارَة الْأُم (ص 81) هى: «أَن يضْرب الْقَاذِف ثَمَانِينَ، وَلَا تقبل لَهُ شَهَادَة أبدا» .
(4) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم (ص 41) . وَقَوله: ثمَّ اسْتثْنى، غير مَوْجُود فى الْأُم (ص 81) .
(5) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى. وَهُوَ اسْم من «الِاسْتِثْنَاء» . وفى الأَصْل: «وأتينا» ، وَهُوَ تَحْرِيف عَمَّا ذكرنَا. وفى الام (ص 41) : «وَالِاسْتِثْنَاء» . وَهَذَا إِلَخ غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ص 81) .
(6) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «خير» وَهُوَ تَصْحِيف.
(7) كَمَا فى الْأُم (ص 41 و81- 82) وفى الأَصْل زِيَادَة: «فى» وهى من النَّاسِخ.
وَانْظُر الْمُخْتَصر.
(8) فى الأَصْل: بِدُونِ الْوَاو، وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(9) كَمَا نَقله ابْن أَبى نجيح، وَقَالَ بِهِ.
(10) كَمَا فى الْأُم (ص 41) .

(2/135)


وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)

يَقْبَلُ «1» اللَّهُ تَوْبَتَهُ: وَلَا تَقْبَلُونَ شَهَادَتَهُ.؟! «2» .» .
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «3» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ، كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا: 17- 36) وَقَالَ تَعَالَى: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ: 43- 86) وَحُكِيَ «4» : أَنَّ إخْوَةَ يُوسُفَ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) وَصَفُوا: أَنَّ شَهَادَتَهُمْ كَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ فَحُكِيَ: أَنَّ كَبِيرَهُمْ قَالَ: (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ، فَقُولُوا: يَا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا: بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ: 12- 89) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَسَعُ شَاهِدًا «5» ، أَنْ يَشْهَدَ إلَّا: بِمَا عَلِمَ «6» .
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص 153) ، والمختصر. وفى الْأُم: «أيقبل» ؟.
وَالزِّيَادَة مقدرَة فِيمَا ذكرنَا.
(2) ثمَّ رد على من خَالف فى الْمَسْأَلَة-: كالعراقيين.- بِمَا هُوَ الْغَايَة فى الْجَوْدَة وَالْقُوَّة. فراجع كَلَامه (ص 41- 42 و81- 82) وَالسّنَن الْكُبْرَى والجوهر النقي (ص 152- 155) . ثمَّ رَاجع حَقِيقَة مَذْهَب الشّعبِيّ، وَالْخلاف مفصلا: فى الْفَتْح (ج 5 ص 160- 163) . وَانْظُر الْأُم (ج 6 ص 214) .
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 82) . وَقد ذكر مُتَفَرقًا فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 156- 157) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 249) .
(4) هَذَا إِلَى قَوْله: بِمَا علم لَيْسَ بالمختصر. وَعبارَة السّنَن الْكُبْرَى- وهى مقتبسة-:
«وَقَالَ فِي قصَّة إخْوَة يُوسُف ... : (وَما شَهِدْنا) » إِلَخ. [.....]
(5) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «شَاهد» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(6) رَاجع حديثى أنس وأبى بكرَة فى شَهَادَة الزُّور فى شرح مُسلم للنووى (ج 2 ص 81- 82 و87- 88) ، وَالْفَتْح (ج 5 ص 165- 166) . وراجع أثر ابْن عمر الْمُتَعَلّق بالْمقَام: فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 156) .

(2/136)


وَالْعِلْمُ: مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ (مِنْهَا) : مَا عاينه الشَّاهِدُ «1» فَيَشْهَدُ:
بِالْمُعَايَنَةِ «2» . (وَمِنْهَا) : مَا سَمعه «3» فَيشْهد: بِمَا «4» أَثْبَتَ سَمْعًا مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ «5» . (وَمِنْهَا) : مَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ-: مِمَّا «6» لَا يُمكن فى أَكْثَره الْعِيَانِ «7» .- وَثَبَتَتْ «8» مَعْرِفَتُهُ: فِي الْقُلُوبِ فَيَشْهَدُ «9» عَلَيْهِ:
بِهَذَا الْوَجْهِ «10» .» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «11» .
__________
(1) عبارَة الْمُخْتَصر: «مَا عاينه فَيشْهد بِهِ» .
(2) قَالَ فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 157) : «وهى: الْأَفْعَال الَّتِي تعاينها فَتشهد عَلَيْهَا بالمعاينة» . ثمَّ ذكر حَدِيث أَبى هُرَيْرَة: فى سُؤال عِيسَى الرجل الَّذِي رَآهُ [عَلَيْهِ السَّلَام] يسرق. وراجع طرح التثريب (ج 8 ص 285) .
(3) عبارَة الْمُخْتَصر: «مَا أثْبته سمعا- مَعَ إِثْبَات بصر- من الْمَشْهُود عَلَيْهِ» .
(4) فى الْأُم: «مَا» وَمَا هُنَا أولى.
(5) فى السّنَن الْكُبْرَى زِيَادَة: «مَعَ إِثْبَات بصر» . وهى زِيَادَة تضمنها كَلَام الْأُم فِيمَا بعد: مِمَّا لم يذكر فى الأَصْل. وراجع فى السّنَن، حَدِيث أَبى سعيد: فى النهى عَن بيع الْوَرق بالورق وَكَلَام الْبَيْهَقِيّ عقبه.
(6) هَذَا إِلَى قَوْله: العيان، لَيْسَ بالمختصر.
(7) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «القان» ، وَهُوَ تَصْحِيف.
(8) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَتثبت» . وَعبارَة الأَصْل والمختصر أحسن.
(9) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، والمختصر وَلم يذكر فِيهِ قَوْله: بِهَذَا الْوَجْه.
وفى الأَصْل: «فَشهد» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(10) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى، حَدِيث ابْن عَبَّاس: فى الْأَمر بِمَعْرِِفَة الْأَنْسَاب وَكَلَام الْبَيْهَقِيّ عَنهُ.
(11) ففصل القَوْل فِي شَهَادَة الْأَعْمَى، وَبَين حَقِيقَة مذْهبه، ورد على من خَالفه.
فراجع كَلَامه (ص 82- 84 و114 و42) ، والمختصر، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص 157- 158) . ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج 5 ص 167- 168) .

(2/137)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «1» (رَحِمَهُ اللَّهُ) -: فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ: مِنْ الْقِيَامِ بِشَهَادَتِهِ إذَا شَهِدَ.-: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ، شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) الْآيَة «2» : (5- 8) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (كُونُوا «3» قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ، شُهَداءَ لِلَّهِ: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ، أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) الْآيَةَ «4» : (4- 135) وَقَالَ: (وَإِذا قُلْتُمْ، فَاعْدِلُوا: وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى: 6- 152)
وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ «5» : 70- 33) وَقَالَ: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها: فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) الْآيَةَ: (2- 283) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ: 65- 2) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: الَّذِي «6» أَحْفَظُ عَنْ كُلِّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ: مِنْ أَهْلِ
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 84) ، والمختصر (ج 5 ص 249) : وَلم يذكر فِيهِ إِلَّا آيَة الْبَقَرَة. وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 158) . [.....]
(2) ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (للتقوى) .
(3) ذكر فى الْأُم من أول الْآيَة إِلَى قَوْله: (شُهَداءَ لِلَّهِ) ، ثمَّ قَالَ: «إِلَى آخر الْآيَة» .
وَذكر فى السّنَن الْكُبْرَى نَحْو ذَلِك، ثمَّ ذكر آيَة الْبَقَرَة فَقَط.
(4) قد ورد فى الأَصْل: مَضْرُوبا عَلَيْهِ وَالظَّاهِر أَنه من عَبث النَّاسِخ: بِقَرِينَة مَا فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى. وراجع فِيهَا أثرى ابْن عَبَّاس وَمُجاهد: فى تَفْسِيرهَا. ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج 5 ص 165) .
(5) رَاجع فى معالم السّنَن (ج 4 ص 168) ، وَشرح مُسلم (ج 2 ص 17) :
حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ: فى خير الشُّهُود. وراجع أَيْضا فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 159) :
أثرى ابْن عَبَّاس وَعمر. وَانْظُر الْجَوْهَر النقي.
(6) هَذَا إِلَى قَوْله: الشَّهَادَة ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى. وفى الْأُم والمختصر:
«وَالَّذِي» . وَقَوله: مِنْهُ لَيْسَ بالمختصر.

(2/138)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)

الْعِلْمِ فِي «1» هَذِهِ الْآيَاتِ-: أَنَّهُ فِي الشَّاهِدِ: قَدْ «2» لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ وَأَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ: أَنْ يَقُومَ بِهَا: عَلَى وَالِدَيْهِ «3» وَوَلَدِهِ، والقريب والبعيد و:
للبغيض «4» : [الْبعيد] والقريب و «5» : لَا يَكْتُمَ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يُحَابِيَ بِهَا «6» ، وَلَا يَمْنَعَهَا أَحَدًا «7» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ «8» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ: 2- 282) يَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ حَتْمًا عَلَى مَنْ دُعِيَ لِكِتَابٍ «9» فَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ: كَانَ عَاصِيًا.»
__________
(1) فى السّنَن الْكُبْرَى: «فى هَذِه الْآيَة» ، وَعبارَة الْمُخْتَصر: «أَن ذَلِك» .
(2) فِي الْأُم: «وَقد» . وَمَا هُنَا أحسن.
(3) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الْمُخْتَصر: «وَالِده» . وَعبارَة الأَصْل: «والدته ووالده» ، وهى- مَعَ صِحَة مَعْنَاهَا- مصحفة عَمَّا فى الْأُم.
(4) هَذَا إِلَى قَوْله: والقريب، لَيْسَ بالمختصر. وفى الأَصْل: «والبغيض» ، وَهُوَ تَصْحِيف. والتصحيح وَالزِّيَادَة من عبارَة الْأُم: «وللبغيض الْقَرِيب والبعيد» .
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الْمُخْتَصر: «لَا تكْتم» ، أَي: الشَّهَادَة. وَعبارَة الأَصْل:
«لَا يكتم عَن وَاحِد» ، وَالظَّاهِر- مَعَ صِحَّتهَا وموافقتها فى الْجُمْلَة لعبارة الْمُخْتَصر-:
أَن تَأْخِير الْوَاو من النَّاسِخ.
(6) فى الْمُخْتَصر زِيَادَة: «أحد» .
(7) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل والمختصر: «أحد» . وهى- بِالنّظرِ لما فى الأَصْل- محرفة.
(8) كَمَا فى الْأُم (ج 3 ص 79- 80) وَهُوَ مُرْتَبِط أَيْضا بِمَا تقدم (ص 127) .
(9) فى الْأُم: «الْكتاب» وَهُوَ مصدر أَيْضا: كالكتابة. [.....]

(2/139)


«وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ [عَلَى «1» ] مَنْ حَضَرَ-: مِنْ الْكُتَّابِ.-:
أَنْ لَا يُعَطِّلُوا كِتَابَ حَقٍّ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَإِذَا قَامَ بِهِ وَاحِدٌ: أَجْزَأَ عَنْهُمْ.
كَمَا حُقَّ عَلَيْهِمْ: أَنْ يُصَلُّوا عَلَى الْجَنَائِزِ وَيَدْفِنُوهَا فَإِذَا قَامَ بِهَا مَنْ يَكْفِيهَا:
أَخْرَجَ ذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا، مِنْ الْمَأْثَمِ «2» . وَهَذَا: أَشْبَهُ مَعَانِيهِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.»
«قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ: إِذا مَا دُعُوا «3» : 2- 282) يَحْتَمِلُ مَا وَصَفْتُ: مِنْ أَنْ لَا يَأْبَى «4» كُلُّ شَاهِدٍ: اُبْتُدِئَ «5» ، فَيُدْعَى: لِيَشْهَدَ.»
«وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ فَرْضًا عَلَى من حضر الحقّ: أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِلشَّهَادَةِ «6» فَإِذَا شَهِدُوا: أَخْرَجُوا غَيْرَهُمْ مِنْ الْمَأْثَمِ وَإِنْ تَرَكَ مَنْ حَضَرَ، الشَّهَادَةَ: خِفْتُ حَرَجَهُمْ بل: لَا أشكّ فِيهِ وَاَللَّهُ «7» أَعْلَمُ.
__________
(1) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم ذكر قبلهَا: «كَمَا وَصفنَا فى كتاب: جماع الْعلم.» .
(2) فِي الْأُم بعد ذَلِك: «وَلَو ترك كل من حضر الْكتاب: خفت أَن يأثموا بل:
كأنى لَا أَرَاهُم يخرجُون من المأثم. وأيهم قَامَ بِهِ: أَجْزَأَ عَنْهُم.» .
(3) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 460) . أثرى ابْن عَبَّاس وَالْحسن، وَمَا لقله الْبَيْهَقِيّ عَن جمَاعَة من الْمُفَسّرين فى هَذِه الْآيَة وَمَا عقب بِهِ عَلَيْهِ. لفائدته الْكَبِيرَة.
(4) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يأتى» . وَهُوَ تَصْحِيف.
(5) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «ابسدى» وَهُوَ تَصْحِيف. وَلَو قَالَ بعد ذَلِك:
فدعى لَكَانَ أحسن.
(6) قَالَ- كَمَا فى الْمُخْتَصر (ج 5 ص 249) -: «وَفرض الْقيام بهَا فى الِابْتِدَاء، على الْكِفَايَة: كالجهاد، والجنائز، ورد السَّلَام. وَلم أحفظ خلاف مَا قلت، عَن أحد» .
(7) هَذِه الْجُمْلَة لَيست بِالْأُمِّ وَلَا يبعد أَن تكون مزيدة من النَّاسِخ.

(2/140)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)

وَهَذَا: أَشْبَهُ «1» مَعَانِيهِ [بِهِ] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.»
«قَالَ: فَأَمَّا مَنْ سَبَقَتْ شَهَادَتُهُ: بِأَنْ شَهِدَ «2» أَوْ عَلِمَ حَقًّا: لِمُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهِدٍ-: فَلَا يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ تَأْدِيَةِ الشَّهَادَة: مَتى طلبت مِنْهُ فِي مَوْضِعِ مَقْطَعِ الْحَقِّ.» .
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ «3» (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ: مِنْكُمْ: 5- 106) وَقَالَ «4» اللَّهُ تَعَالَى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ: فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ: 2- 282) .»
«فَكَانَ»
الَّذِي يَعْرِفُ «6» مَنْ خُوطِبَ «7» بِهَذَا، أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ «8» :
__________
(1) عبارَة الأَصْل: «شبه مَعَانِيه» وَهُوَ تَحْرِيف والتصحيح وَالزِّيَادَة من الْأُم.
(2) أَي: بِالْفِعْلِ من قبل. وفى الْأُم: «أشهد» أَي: طلبت شَهَادَته من قبل، وَقَامَ بهَا: فى قَضِيَّة لم يتم الْفَصْل فِيهَا، بل يتَوَقَّف على شَهَادَته مرّة أُخْرَى. وَيُرِيد الشَّافِعِي بذلك: أَن يبين: أَن الشَّهَادَة قد تكون فرضا عينيا بِالنّظرِ لبَعض الْأَفْرَاد.
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 80- 81) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 249- 250) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 161 و166) .
(4) كَذَا بِالْأُمِّ وَغَيرهَا. وفى الأَصْل: «قَالَ» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(5) كَذَا بِالْأَصْلِ والمختصر. وفى الْأُم: بِالْوَاو.
(6) فى الأَصْل زِيَادَة: «أَن» ، وهى من النَّاسِخ.
(7) يعْنى: من نزل عَلَيْهِ الْخطاب: من بلغاء الْعَرَب. [.....]
(8) فى الْمُخْتَصر: «بذلك الْأَحْرَار البالغون الْمُسلمُونَ المرضيون» . ثمَّ ذكر بعض مَا سيأتى بِتَصَرُّف كَبِير.

(2/141)


الْأَحْرَارُ، الْمَرْضِيُّونَ، الْمُسْلِمُونَ. مِنْ قِبَلِ: أَنَّ «1» رِجَالَنَا وَمَنْ نَرْضَى:
مِنْ «2» أَهْلِ دِينِنَا لَا: الْمُشْرِكُونَ لِقَطْعِ اللَّهِ الْوِلَايَةَ بَيْنَنَا وَبينهمْ: بالدّين.
و «3» : رجالنا: أَحْرَارُنَا «4» لَا: مَمَالِيكُنَا الَّذِينَ «5» : يَغْلِبُهُمْ «6» مَنْ تَمَلَّكَهُمْ «7» ، عَلَى كَثِيرٍ: من أُمُورهم. و «8» : أنّا لَا نَرْضَى أَهْلَ الْفسق منا و: أنّ الرِّضَا «9» إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْعُدُولِ «10» مِنَّا وَلَا يَقَعُ إلَّا: عَلَى الْبَالِغِينَ
__________
(1) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص 162) . وفى الأَصْل: «لَا حَالنَا» وَهُوَ تَحْرِيف عَجِيب.
(2) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى أَي: بَعضهم. وَلم يذكر فى الْأُم وَعدم ذكره أولى.
(3) هَذَا إِلَى قَوْله: أُمُورهم، ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 161) بِزِيَادَة: «فَلَا يجوز شَهَادَة مَمْلُوك فى شىء: وَإِن قل.» ، وَقد ذكر نَحْوهَا فى الْأُم (ص 81) .
(4) فى الْأُم زِيَادَة: «وَالَّذين نرضى: أحرارنا» .
(5) فى السّنَن الْكُبْرَى: «الَّذِي» وَلَعَلَّه محرف.
(6) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «نعيلهم» وَهُوَ تَصْحِيف.
(7) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «يملكهم» . وراجع فِيهَا أثر مُجَاهِد فى ذَلِك، وَمَا نَقله عَن بعض الْمُخَالفين فى الْمَسْأَلَة. ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج 5 ص 169) .
(8) هَذَا إِلَى قَوْله: الْعُدُول منا، ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 166) . وراجع فِيهَا: أثرى عمر وَشُرَيْح.
(9) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «الرضى» وَهُوَ محرف عَمَّا ذكرنَا أَو عَن: «المرضى» ومعناهما وَاحِد. انْظُر الأساس.
(10) فى الْأُم: «الْعدْل» . وراجع كَلَام الشَّافِعِي عَن الْعَدَالَة: فى الرسَالَة (ص 25 و38 و493) ، وجماع الْعلم (ص 40- 41) . ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج 5 ص 157 و159) . وَيحسن: أَن تراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 185- 191) : من تجوز شَهَادَته وَمن ترد. وَانْظُر الْأُم (ج 6 ص 208- 216) ، والمختصر (ج 5 ص 256) .

(2/142)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)

لِأَنَّهُ «1» إنَّمَا خُوطِبَ «2» بِالْفَرَائِضِ: الْبَالِغُونَ دُونَ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ «3» .» .
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ «4» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «5» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : «فِي «6» قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ: مِنْ رِجالِكُمْ) إلَى: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ: مِنَ الشُّهَداءِ «7» ) ، وقَوْله تَعَالَى:
(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ: مِنْكُمْ: 65- 2) دَلَالَةٌ «8» : عَلَى أَنَّ اللَّهَ
__________
(1) عبارَة السّنَن الْكُبْرَى (ص 161) هى: «وَقَول الله: (مِنْ رِجالِكُمْ) يدل:
على أَنه لَا تجوز شَهَادَة الصّبيان (وَالله أعلم) فى شىء. وَلِأَنَّهُ» إِلَخ.
(2) أَي: كلف بهَا.
(3) فى السّنَن الْكُبْرَى زِيَادَة: «وَلِأَنَّهُم لَيْسُوا مِمَّن يرضى: من الشُّهَدَاء وَإِنَّمَا أَمر الله: أَن نقبل شَهَادَة من نرضى.» . [.....]
(4) حَيْثُ رد على من أجَاز شَهَادَة الصّبيان فى الْجراح: مَا لم يتفرقوا. فراجع كَلَامه (ص 81 و44) . وراجع الْفَتْح (ج 5 ص 175) ، وَشرح الْمُوَطَّأ (ج 3 ص 396) .
(5) كَمَا فى الْأُم (ج 6 ص 127) وَقد ذكر بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 162) .
(6) عبارَة الْأُم: «قلت» وهى جَوَاب عَن سُؤال. وَعبارَة السّنَن الْكُبْرَى:
«قَالَ الله» .
(7) ذكر فى الْأُم (ج 7 ص 116) أَن مُجَاهدًا قَالَ فى ذَلِك: «عَدْلَانِ، حران، مسلمان» . ثمَّ قَالَ: «لم أعلم: من أهل الْعلم مُخَالفا: فى أَن هَذَا معنى الْآيَة.» إِلَخ فَرَاجعه. وراجع كَلَامه (ص 97 وَج 6 ص 246) : لفائدته فى الْمقَام كُله. وَانْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث (ص 352) وَالسّنَن الْكُبْرَى ص 163.
(8) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «ففى هَاتين الْآيَتَيْنِ (وَالله أعلم) دلَالَة» إِلَخ.

(2/143)


(عَزَّ وَجَلَّ) إنَّمَا عَنَى: الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ «1» .»
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ «2» ، إلَى أَنْ قَالَ: «وَمَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَأَعْدَلُهُمْ عِنْدَهُ «3» : أَعْظَمُهُمْ بِاَللَّهِ شِرْكًا: أَسْجَدُهُمْ لِلصَّلِيبِ، وَأَلْزَمُهُمْ لِلْكَنِيسَةِ «4» .»
«فَإِنْ «5» قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) يَقُولُ: (حِينَ الْوَصِيَّةِ:)
__________
(1) فى السّنَن زِيَادَة تقدّمت، وهى: «من قبل أَن» إِلَى: «بِالدّينِ» . وراجع مَا كتبه صَاحب الْجَوْهَر النقي على ذَلِك، وتأمله. ثمَّ رَاجع الْمذَاهب فى هَذِه الْمَسْأَلَة: فى معالم السّنَن (ج 4 ص 171- 172) ، وَالْفَتْح (ج 5 ص 185) .
(2) حَيْثُ قَالَ: «وَلم أر الْمُسلمين اخْتلفُوا: فى أَنَّهَا على الْأَحْرَار الْعُدُول: من الْمُسلمين خَاصَّة دون: المماليك الْعُدُول، والأحرار غير الْعُدُول. وَإِذا زعم الْمُسلمُونَ: أَنَّهَا على الْأَحْرَار الْمُسلمين الْعُدُول، دون المماليك-: فالمماليك الْعُدُول، والمسلمون الْأَحْرَار-:
وَإِن لم يَكُونُوا عُدُولًا.-: فهم خير من الْمُشْركين: كَيْفَمَا كَانَ الْمُشْركُونَ فى ديانتهم.
فَكيف أُجِيز شَهَادَة الَّذِي هُوَ شَرّ، وأرد شَهَادَة الَّذِي هُوَ خير بِلَا كتاب، وَلَا سنة، وَلَا أثر، وَلَا أَمر: اجْتمعت عَلَيْهِ عوام الْفُقَهَاء.؟!» . وَقد تعرض لهَذَا الْمَعْنى-:
بتوضيح وَزِيَادَة.- فى الْأُم (ج 7 ص 14 و39- 40) فَرَاجعه. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 250) . وَقد ذكر بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ص 162) ، وعقبه: بأثر ابْن عَبَّاس الْمُتَقَدّم (ص 74) ، وَحَدِيث أَبى هُرَيْرَة: «لَا تصدقوا أهل الْكتاب، وَلَا تكذبوهم» وَغَيره: مِمَّا يُفِيد فى الْبَحْث.
(3) كَذَا بِالْأُمِّ. وَقد ورد بِالْأَصْلِ: مَضْرُوبا عَلَيْهِ ثمَّ ذكر بعده: «عِنْدهم» وَالظَّاهِر أَنه من صنع النَّاسِخ. وَمَا فى الْأُم أولى: فى مثل هَذَا التَّرْكِيب.
(4) لَعَلَّك بعد هَذَا الْكَلَام الصَّرِيح الْبَين، من ذَلِك الإِمَام الْأَجَل، يقوى يقينك:
بِأَن من أفحش الأخطاء، وأحقر الآراء- مَا يُجَاهر بِهِ بعض المتفيقهين المتبجحين: من أَن بعض أهل الْكتاب الَّذين لم يسلمُوا، سيدخلون الْجنَّة قبل الْمُسلمين.
(5) عبارَة الْأُم: «فَقَالَ قَائِل» وهى أفيد.

(2/144)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)

(اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ: مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ: مِنْ غَيْرِكُمْ: 5- 106) أَيْ «1» مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِكُمْ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: [فَقَدْ «2» ] سَمِعْت مَنْ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ، عَلَى: مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ «3» : مِنْ الْمُسْلِمِينَ «4» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ «5» : «وَالتَّنْزِيلُ «6» (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ: 5- 106) وَالصَّلَاةُ الْمُوَقَّتَةُ «7» :
لِلْمُسْلِمِينَ. وَلِقَوْلِ «8» اللَّهِ تَعَالَى: (فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ: إِنِ ارْتَبْتُمْ، لَا نَشْتَرِي)
__________
(1) هَذَا إِلَى: دينكُمْ لَيْسَ بِالْأُمِّ. وَلَا يبعد أَن يكون من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(2) زِيَادَة جَيِّدَة، عَن الْأُم، ذكر قبلهَا كَلَام يحسن مُرَاجعَته. وفى السّنَن الْكُبْرَى (ص 164) : «وَقد» . وَعبارَة الْمُخْتَصر (ص 253) : «سَمِعت من أرْضى يَقُول:
من غير» إِلَخ.
(3) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «قبيلكم» . وَقد أخرج فِيهَا نَحْو هَذَا التَّفْسِير- بِزِيَادَة جَيِّدَة-: عَن الْحسن وَعِكْرِمَة. وراجع النَّاسِخ والمنسوخ للنحاس (ص 132- 133) ، ثمَّ الْفَتْح (ج 5 ص 268) : ففائدتهما قيمَة. وَانْظُر تَفْسِير الْفَخر (ج 3 ص 460) .
(4) ثمَّ ذكر نَحْو مَا سيأتى عقبه. [.....]
(5) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 29) : بعد أَن ذكر نَحْو مَا تقدم، فى خلال مناظرة أُخْرَى فى الْمَوْضُوع.
(6) عبارَة السّنَن الْكُبْرَى: «ويحتج فِيهَا بقول الله» - وهى عبارَة الْمُخْتَصر، وَالأُم (ج 6 ص 127) - وَذكر فِيهَا إِلَى قَوْله: (ثمنا) .
(7) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الْأُم: «المؤقتة» .
(8) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَبقول» وَذكر فِيهَا من أول قَوْله: (وَلَو كَانَ) .

(2/145)


فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)

(بِهِ ثَمَناً: وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى: 5- 106) وَإِنَّمَا الْقَرَابَةُ: بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مِنْ الْعَرَبِ أَوْ: بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ. لَا: بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَقَوْلُ «1» [اللَّهِ] : (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ: 5- 106) فَإِنَّمَا يَتَأَثَّمُ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ [لِلْمُسْلِمِينَ «2» ] : الْمُسْلِمُونَ لَا: أَهْلُ الذِّمَّةِ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «3» : «وَقَدْ سَمِعْت مَنْ يَذْكُرُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ: مِنْكُمْ: 65- 2) «4» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «5» .»
ثُمَّ جَرَى فِي سِيَاقِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) أَنَّهُ قَالَ: «قُلْت لَهُ: إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ «6» : فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ «7» أَفَتُجِيزُهَا: فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ
__________
(1) فى الأَصْل: «وَقَالُوا» وَالظَّاهِر: أَنه محرف. والتصحيح وَالزِّيَادَة من الْأُم.
وفى السّنَن: «وَيَقُول الله» ، وَفِيه تَصْحِيف.
(2) زِيَادَة جَيِّدَة أَو متعينة، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(3) كَمَا فى الْأُم (ج 6 ص 128) .
(4) نسب النّحاس، القَوْل بالنسخ، إِلَى زيد بن أَرقم، وَمَالك، وأبى حنيفَة: (وَإِن خَالف غَيره، فَقَالَ: بِجَوَاز شَهَادَة أهل الذِّمَّة بَعضهم على بعض.) وَالشَّافِعِيّ: وَهُوَ يُعَارض مَا سيصرح بِهِ آخر الْبَحْث. وَذكر فى الْفَتْح: أَن النَّاسِخ آيَة الْبَقَرَة: (282) - وَلَا تعَارض- وَأَن الْقَائِلين بالنسخ احْتَجُّوا: بِالْإِجْمَاع على رد شَهَادَة الْفَاسِق وَالْكَافِر شَرّ مِنْهُ. ثمَّ رد عَلَيْهِ:
بِمَا ينبغى مُرَاجعَته. وَانْظُر النَّاسِخ والمنسوخ، وتفسيرى الْقُرْطُبِيّ (ج 6 ص 350) والشوكانى (ج 2 ص 82) .
(5) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى، زِيَادَة: «وَرَأَيْت مفتى أهل دَار الْهِجْرَة وَالسّنة، يفتون: أَن لَا تجوز شَهَادَة غير الْمُسلمين الْعُدُول.» . وراجع فى السّنَن: تَحْقِيق مَذْهَب ابْن الْمسيب.
(6) أَي: آيَة: (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) الَّتِي احْتج بهَا الْخصم.
(7) فى الْأُم زِيَادَة: «فى السّفر» .

(2/146)


فِي «1» السَّفَرِ؟. قَالَ: لَا. قُلْتُ: أَوْ تُحَلِّفُهُمْ: إذَا شَهِدُوا.؟. قَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَلِمَ: وَقَدْ تَأَوَّلْت: أَنَّهَا فِي وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ.؟!. قَالَ: لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ قُلْتُ: فَإِنْ نُسِخَتْ فِيمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ-: فَلِمَ «2» تُثْبِتُهَا فِيمَا لَمْ تُنْزَلْ فِيهِ؟! «3» .» .
وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - عَنْ الْآيَةِ-: بِجَوَابٍ آخَرَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ «4» ، وَغَيْرِهِ: فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ.
وَذَلِكَ: فِيمَا أَخْبَرَنَا «5» أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «6» : «أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ «7» : مُعَاذُ بْنُ مُوسَى
__________
(1) عبارَة الْأُم: «بِالسَّفرِ» . وراجع بَيَان من قَالَ بجوازها حِينَئِذٍ-:
كَانَ عَبَّاس وأبى مُوسَى وَعبد الله بن قيس، وَشُرَيْح وَابْن جُبَير، وَالثَّوْري وأبى عبيد، وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد-: فى النَّاسِخ والمنسوخ (ص 131- 132) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص 165- 166) ، وَالْفَتْح. لفائدته فى شرح الْمذَاهب كلهَا.
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «ثمَّ نثبتها» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(3) أَي: فَتَقول: بِجَوَاز شَهَادَة بَعضهم على بعض. مَعَ أَنه لَا يكون- حِينَئِذٍ- إِلَّا:
من طَرِيق الْقيَاس: الَّذِي يتَوَقَّف على ثُبُوت حكم الأَصْل وَهُوَ قد نسخ باعترافك.؟!.
والطريقية مناظرته. ثمَّ رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ج 7 ص 14- 15 و29) : فَهُوَ يزِيد مَا هُنَا قُوَّة ووضوحا. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ص 253) . [.....]
(4) فى الأَصْل وَالأُم- هُنَا وَفِيمَا سيأتى-: «حبَان» وَهُوَ تَصْحِيف. انْظُر الْخُلَاصَة (ص 330) ، والتاج (مَادَّة: قتل) .
(5) ورد فى الأَصْل بِصِيغَة الِاخْتِصَار: «أَنا» والأليق مَا ذكرنَا.
(6) كَمَا فى الْأُم (ج 4 ص 128- 129) . وَقد ذكر فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 7 ص 76) وَذكر بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 165) : بعد أَن أخرجه كَامِلا بِزِيَادَة (ص 164) ، من طَرِيق الْحَاكِم بِإِسْنَاد آخر، عَن مقَاتل.
(7) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وَهُوَ الصَّحِيح. وفى الأَصْل: «أَبُو سعد ... بكر» وَعبارَة الطَّبَرِيّ: «سعيد بن معَاذ ... بكر» . وَكِلَاهُمَا تَحْرِيف. انْظُر الْخُلَاصَة (ص 45) ، وَمَا تقدم (ج 1 ص 275- 276) .

(2/147)


الْجَعْفَرِيُّ «1» عَنْ بُكَيْر بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ (قَالَ بُكَيْر: قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ، عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ.) -: فِي قَوْلِ «2» اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ: مِنْكُمْ «3» أَوْ آخَرانِ: مِنْ غَيْرِكُمْ) الْآيَةَ.-: أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ: مِنْ أَهْلِ دَارِينَ «4» أَحَدُهُمَا: تَمِيمِيٌّ وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ (وَقَالَ «5» غَيْرُهُ: مِنْ أَهْلِ دَارِينَ أَحَدُهُمَا «6» . تَمِيمٌ وَالْآخَرُ: عَدِيٌّ.) -: صَحِبَهُمَا
__________
(1) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى. «الْجعْفِيّ» .
(2) عبارَة الْأُم: «قَوْله تبَارك وَتَعَالَى» .
(3) فى الْأُم بعد ذَلِك: «الْآيَة» وَلم يذكر فى الطَّبَرِيّ. وَذكر فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ الْأُخْرَى:
إِلَى هُنَا ثمَّ قَالَ: «يَقُول: شَاهِدَانِ ذَوا عدل مِنْكُم: من أهل دينكُمْ (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) يَقُول: يهوديين أَو نَصْرَانِيين قَوْله: (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) وَذَلِكَ: أَن رجلَيْنِ ... » .
(4) هى: قَرْيَة فى بِلَاد فَارس، على شاطىء الْبَحْر. أَو: فرضة بِالْبَحْرَيْنِ يجلب إِلَيْهَا الْمسك من الْهِنْد. انْظُر معجمى الْبكْرِيّ وَيَاقُوت.
(5) مَا بَين القوسين لَيْسَ بِالْأُمِّ وَلَا الطَّبَرِيّ وَهُوَ من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(6) عبارَة الأَصْل: «أَحدهمَا تميمى، وَالْآخر يمانى» وهى محرفة قطعا. والتصحيح عَن رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وَالْبُخَارِيّ وأبى دَاوُد وَغَيرهم. وهما: تَمِيم بن أَوْس، وعدى بن بداء (بِفَتْح الْبَاء وَالدَّال الْمُشَدّدَة. وَذكر مُصحفا: بِالذَّالِ، فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ) أَو ابْن زيد.
انْظُر أَيْضا تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج 6 ص 346) ، وكتابى النَّاسِخ والمنسوخ للنحاس (ص 133) وَابْن سَلامَة (ص 157) ، وَأَسْبَاب النُّزُول للواحدى [ص 159] ، وَتَفْسِير الْفَخر (ج 3 ص 460) .

(2/148)


مَوْلًى «1» لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ، فَرَكِبُوا «2» الْبَحْرَ: وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ، قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ- مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ، وَبَزٍّ، وَرِقَةٍ «3» .- فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ: فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إلَى الدَّارِيَيْنِ فَمَاتَ، وَقَبَضَ «4» الدَّارِيَانِ الْمَالَ «5» وَالْوَصِيَّةَ:
فَدَفَعَاهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ. فَأَنْكَرَ «6» الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ، فَقَالُوا لِلدَّاريِّينَ: إنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ: وَمَعَهُ «7» مَالٌ أَكْثَرُ «8» مِمَّا أَتَيْتُمُونَا «9» بِهِ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا، أَوْ اشْتَرَى [شَيْئًا «10» ] : فَوَضَعَ فِيهِ أَوْ «11» هَلْ طَالَ مَرَضُهُ: فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟. قَالَا: لَا. قَالُوا «12» : فَإِنَّكُمَا خُنْتُمُونَا «13» .
فَقَبَضُوا الْمَالَ، وَرَفَعُوا أَمْرَهُمَا إلَى النَّبِيِّ «14» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : فَأَنْزَلَ
__________
(1) هُوَ رجل من بنى سهم كَمَا فى رِوَايَة البُخَارِيّ وأبى دَاوُد وَغَيرهمَا.
(2) رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: بِالْوَاو.
(3) كَذَا بِالْأُمِّ وَغَيرهَا. وفى الأَصْل: «من بَين ابْنه وبن ورقه» ثمَّ ضرب على الْكَلِمَة الْأَخِيرَة، وَذكر بعْدهَا: «ورق» بِدُونِ وَاو أُخْرَى. وَهُوَ تَصْحِيف وعبث من النَّاسِخ. والبز: الثِّيَاب والرقة وَالْوَرق: الدَّرَاهِم المضروبة
(4) رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: بِالْفَاءِ [.....]
(5) فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ بعد ذَلِك: «فَلَمَّا رجعا من تجارتهما: جَاءَا بِالْمَالِ وَالْوَصِيَّة» إِلَخ
(6) فى الْأُم والطبري: بِالْوَاو. وَرِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: «فاستنكر» .
(7) كَذَا بِالْأُمِّ وَعبارَة الأَصْل والطبري وَالْبَيْهَقِيّ: «مَعَه بِمَال» وَالظَّاهِر- بِقَرِينَة مَا قبل وَمَا بعد- أَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن: «مَعَكُمَا بِمَال» . فَتَأمل.
(8) عبارَة الْبَيْهَقِيّ: «كثير» وَمَا هُنَا أحسن.
(9) عبارَة الْأُم: «أتيتمانا» وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «أتيتما» وَالْكل صَحِيح.
(10) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم وَغَيرهَا.
(11) عبارَة الْبَيْهَقِيّ: «أم» .
(12) فى الأَصْل: «قَالَ» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم وَغَيرهَا.
(13) فى الْأُم والطبري: «خنتمانا» . وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «خنتما لنا» وهى محرفة عَن: «خنتما مالنا» .
(14) عبارَة الْأُم: «رَسُول الله» .

(2/149)


اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) «1» إلَى آخِرِ الْآيَةِ «2» .
فَلَمَّا نَزَلَتْ «3» : (تَحْبِسُونَهُما «4» مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) : أَمَرَ «5» النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الدَّارِيَيْنِ فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ: فَحَلَفَا بِاَللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ: مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ: مِنْ الْمَالِ، إلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا «6» :
مِنْ الدُّنْيَا (وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) . فَلَمَّا حَلَفَا: خَلَّى سَبِيلَهُمَا. ثُمَّ: إنَّهُمْ وَجَدُوا- بَعْدَ ذَلِكَ- إنَاءً «7» : مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ فَأَخَذَ «8» الدَّارِيَانِ، فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَبَا فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ: فَلَمْ يَقْدِرَا «9» عَلَيْهَا «10» . فَرُفِعَ «11» ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ «12» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِنْ عُثِرَ) يَقُولُ:
__________
(1) فى رِوَايَة الْأُم وَالْبَيْهَقِيّ، زِيَادَة: «إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت» . وَحكى الْقُرْطُبِيّ إِجْمَاع أهل التَّفْسِير: على أَن هَذِه الْقِصَّة هى السَّبَب فى نزُول هَذِه الْآيَة. انْظُر تفسيرى الشوكانى (ج 2 ص 84) وَالْفَخْر (ص 495- 460) .
(2) قَالَ الْخطابِيّ فى معالم السّنَن (ج 4 ص 172) : «فِيهِ حجَّة لمن رأى: رد الْيَمين على الْمُدعى.» .
(3) عبارَة الطَّبَرِيّ: «نزل» .
(4) عبارَة غير الأَصْل: «أَن يحبسا من بعد الصَّلَاة» أَي: مَا دلّ على ذَلِك. [.....]
(5) عبارَة الْأُم والطبري: «أَمر ...
فقاما» . وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «أَمرهمَا ... فقاما» .
(6) هَذَا لَيْسَ فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ.
(7) هَذِه عبارَة الْأُم والطبري وَالْبَيْهَقِيّ. وفى الأَصْل «انا» وَهُوَ تَحْرِيف إِلَّا: إِن كَانَ يَصح تسهيله. وَانْظُر الْمِصْبَاح.
(8) عبارَة الْأُم: «فَأخذُوا الداريين» وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «وَأخذُوا الداريين» .
(9) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «يقدروا» .
(10) هَذِه عبارَة الْأُم والطبري وَالْبَيْهَقِيّ. وفى الأَصْل: «عَلَيْهِ» وَلَعَلَّه محرف.
(11) فى غير الأَصْل: «فَرفعُوا» .
(12) فى الْأُم: «رَسُول الله» .

(2/150)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)

فَإِنْ اُطُّلِعَ (عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْمًا) يَعْنِي: الدَّارِيَيْنِ [أَيْ «1» ] : كَتَمَا حَقًّا (فَآخَرَانِ) : مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ (يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا-: مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْأَوْلَيَانِ «2» .-: فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ) «3» : فَيَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ: إنَّ مَالَ صَاحِبِنَا «4» كَانَ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّ الَّذِي نَطْلُبُ-: قِبَلَ الدَّارِيَيْنِ.-
لَحَقٌّ (وَمَا اعْتَدَيْنا: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ: 5- 107) . فَهَذَا «5» : قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ «6» : (ذلِكَ أَدْنى: أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها: 5- 108) يَعْنِي: الدَّارِيَيْنِ وَالنَّاسَ [أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ «7» ] .»
« [قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي: مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِ الدَّارِيَيْنِ «8» ] : مِنْ
__________
(1) زِيَادَة جَيِّدَة عَن الْأُم، وَعبارَة الطَّبَرِيّ: «أَن» ، وَالْمعْنَى وَاحِد. وَعبارَة الْبَيْهَقِيّ: «يَقُول: إِن كَانَا كتما» إِلَخ.
(2) رَاجع الْكَلَام: عَن معنى هَذَا وَإِعْرَابه، ووجوه الْقرَاءَات فِيهِ فى القرطين (ج 1 ص 149) ، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص 135) وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ص 73- 79) ، وَالْفَخْر (ص 463) ، والقرطبي (ص 358- 359) وَالْفَتْح (ج 5 ص 266) ، والتاج. وَالْمقَام لَا يسمح لنا بِأَكْثَرَ من الإحالة على أجل المصادر.
(3) فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ، زِيَادَة: «يَقُول» . وَقَوله: فيحلفان بِاللَّه لَيْسَ فى الطَّبَرِيّ
(4) كَذَا بِغَيْر الأَصْل وَهُوَ الظَّاهِر الملائم لما بعد. وفى الأَصْل: «صَاحبهمَا» وَلَعَلَّه محرف.
(5) عبارَة الْأُم والطبري: بِدُونِ الْفَاء.
(6) فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ، زِيَادَة: «حِين اطلع على خِيَانَة الداريين يَقُول الله تَعَالَى» . [.....]
(7) زِيَادَة عَن الْأُم، نقطع: بِأَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ وَقد ذكر الْجُزْء الأول مِنْهَا فى رِوَايَة الطَّبَرِيّ وَالْبَيْهَقِيّ.
(8) زِيَادَة عَن الْأُم، نقطع: بِأَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ وَقد ذكر الْجُزْء الأول مِنْهَا فى رِوَايَة الطَّبَرِيّ وَالْبَيْهَقِيّ.

(2/151)


ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)

النَّاسِ. وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ مَعْنًى: غَيْرَ جُمْلَةِ «1» مَا قَالَ «2» .»
«وَإِنَّمَا مَعْنَى (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ) : أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ «3» كَمَا «4» سُمِّيَتْ أَيْمَانُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ: شَهَادَةً، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.» .
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ: «وَلَيْسَ فِي هَذَا: رَدُّ الْيَمِينِ، إنَّمَا كَانَتْ يَمِينُ الدَّارِيَيْنِ: عَلَى مَا ادَّعَى «5» الْوَرَثَةُ: مِنْ الْخِيَانَةِ وَيَمِينُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ: عَلَى مَا ادَّعَى الدَّارِيَانِ: أَنَّهُ «6» صَارَ لَهُمَا مِنْ قِبَلِهِ «7» .»
«وَقَوْلُهُ «8» عَزَّ وَجَلَّ: (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ: 5- 108) ،
__________
(1) عبارَة الْأُم: «غير حمله على مَا قَالَ» وَلَا يبعد أَن يكون مَا فى الأَصْل: محرفا، أَو زَائِدا من النَّاسِخ.
(2) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَإِن كَانَ لم يُوضح بعضه: لِأَن الرجلَيْن-:
اللَّذين كشاهدى الْوَصِيَّة.- كَانَا أمينى الْمَيِّت فَيُشبه أَن يكون: إِذا كَانَ شَاهِدَانِ-: مِنْكُم، أَو من غَيْركُمْ.-: أمينين على مَا شَهدا عَلَيْهِ، فَطلب وَرَثَة الْمَيِّت أيمانهما: أحلفا بِأَنَّهُمَا أمينان، لَا: فى معنى الشُّهُود.» . ثمَّ ذكر اعتراضا أجَاب عَنهُ بِمَا سيأتى: مَعَ تَقْدِيم زِيَادَة سننبه عَلَيْهَا.
(3) وَهَذَا: مَذْهَب الْكَرَابِيسِي والطبري والقفال. رَاجع أدلهم وَمَا ورد عَلَيْهِم:
فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ، والقرطبي (ص 348) وَالْفَتْح (ص 269) .
(4) هَذَا إِلَى قَوْله: شَهَادَة مُتَقَدم فى عبارَة الْأُم وَذكر فِيهَا عقب قَوْله بَيْنكُم:
«إِذا كَانَ هَذَا الْمَعْنى» . وَذكر هَذِه الزِّيَادَة فى السّنَن الْكُبْرَى، مَعَ أول الْكَلَام هُنَا. وراجع فى مَنَاقِب ابْن أَبى حَاتِم (ص 102) مَا رَوَاهُ يُونُس عَن الشَّافِعِي.
(5) عبارَة الْأُم: «على ادِّعَاء» .
(6) عبارَة الْأُم: «مِمَّا وجد فى أَيْدِيهِمَا، وأقرا: أَنه للْمَيت، وَأَنه» إِلَخ.
(7) فى الْأُم بعد ذَلِك: «وَإِنَّمَا أجزنا رد الْيَمين، من غير هَذِه الْآيَة» . وراجع كَلَامه عَن هَذَا، ورده على من خَالفه: فى الْأُم (ج 7 ص 34- 36 و217) فَهُوَ مُنْقَطع النظير. وَانْظُر الْأُم (ج 6 ص 78- 79) ، والمختصر (ج 5 ص 255- 256) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 182- 184) .
(8) عبارَة الْأُم: «فَإِن قَالَ قَائِل: فَإِن الله. يَقُول: (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ ... ) .
فَذَلِك» إِلَخ.

(2/152)


فَذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنَّ الْأَيْمَانَ كَانَتْ عَلَيْهِمْ: بِدَعْوَى الْوَرَثَةِ: أَنَّهُمْ اخْتَانُوا ثُمَّ صَارَ الْوَرَثَةُ حَالِفِينَ: بِإِقْرَارِهِمْ: أَنَّ هَذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ، وَادِّعَائِهِمْ شِرَاءَهُ مِنْهُ.
فَجَازَ: أَنْ يُقَالَ: (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) : [تُثَنَّى «1» عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ.
بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إنْ صَارَتْ لَهُمْ الْأَيْمَانُ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَفَ لَهُمْ] . وَذَلِكَ قَوْلُهُ «2» - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-: (يَقُومانِ مَقامَهُما) . فَيَحْلِفَانِ «3» كَمَا أُحْلِفَا.»
«وَإِذَا كَانَ هَذَا كَمَا وَصَفْتُ: فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: نَاسِخَةً «4» ، وَلَا مَنْسُوخَةً «5» .» .
قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «6» ، مَا دَلَّ: عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ «7» .
__________
(1) أَي: تُعَاد عَلَيْهِم مرّة ثَانِيَة. وَهَذِه الزِّيَادَة: عَن الْأُم ونجوز: أَن بَعْضهَا سقط من النَّاسِخ. وَلم يذكر فى الْأُم قَوْله: (بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) .
(2) فى الْأُم: «قَول لله» .
(3) فى الْأُم: بِدُونِ الْفَاء. وَانْظُر الْمُخْتَار.
(4) فى الْأُم: «بناسخة» . [.....]
(5) فى الْأُم زِيَادَة: «لأمر الله (عز وَجل) : بإشهاد ذوى عدل مِنْكُم، وَمن نرضى من الشُّهَدَاء.» . قَالَ الْخطابِيّ: «وَالْآيَة: محكمَة لم تنسخ فى قَول عَائِشَة، وَالْحسن، وَعَمْرو بن شُرَحْبِيل. وَقَالُوا: الْمَائِدَة آخر مَا نزل-: من الْقُرْآن.-: لم ينْسَخ مِنْهَا شىء.»
وَلم يرتض فى آخر كَلَامه (ص 173) القَوْل بالنسخ. وَانْظُر تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ص 350) وَالْفَتْح (ص 268- 269) .
(6) أَي: (فى السّنَن الْكُبْرَى ص 165) . وَكَذَلِكَ: رَوَاهُ عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّار قطنى (على مَا فى تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ: ص 346) والطبري (ص 75) ، والنحاس (ص 133) ، والواحدي فى أَسبَاب النُّزُول (ص 159) .
(7) قَالَ فى السّنَن الْكُبْرَى- بعد أَن ذكر نَحْو ذَلِك-: «إِلَّا أَنه لم يحفظ فِيهِ دَعْوَى تَمِيم وعدى: أَنَّهُمَا اشترياه وَحفظه مقَاتل» .

(2/153)


وَيُحْتَمَلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ-: إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ، حِينَ الْوَصِيَّةِ.-: اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ: مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ) -: الشَّهَادَةَ نَفْسَهَا «1» . وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ-: مِنْ الْمُسْلِمِينَ.- يَشْهَدَانِ «2» لَهُمْ بِمَا ادَّعُوا عَلَى الدَّارِيَيْنِ.
مِنْ الْخِيَانَةِ. ثُمَّ قَالَ: (أَوْ «3» آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) يَعْنِي: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِينَ:
مِنْكُمْ بَيِّنَةٌ-: فَآخَرَانِ: مِنْ غَيْرِكُمْ يَعْنِي: فَالدَّارِيَّانِ-. اللَّذَانِ اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا.- يُحْبَسَانِ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ. (فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ) يَعْنِي. يَحْلِفَانِ عَلَى إنْكَارِ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا حَكَاهُ مُقَاتِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «4» .
__________
(1) وَهُوَ: اخْتِيَار ابْن عَطِيَّة كَمَا فى تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ: (ص 348) .
(2) فى الأَصْل زِيَادَة: «ان» وهى من النَّاسِخ.
(3) فى الأَصْل: بِالْوَاو فَقَط وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(4) وَذكر الْخطابِيّ: أَن بعض من قَالَ: بِعَدَمِ النّسخ، وبعدم جَوَاز شَهَادَة الذِّمِّيّ مُطلقًا ذهب: إِلَى أَن المُرَاد بِالشَّهَادَةِ- فى الْآيَة-: الْوَصِيَّة «لِأَن نزُول الْآيَة إِنَّمَا كَانَ: فى الْوَصِيَّة وَتَمِيم وعدى إِنَّمَا كَانَا: وصيين لَا: شَاهِدين وَالشُّهُود لَا يحلفُونَ وَقد حلفهما رَسُول الله. وَإِنَّمَا عبر بِالشَّهَادَةِ: عَن الْأَمَانَة الَّتِي تجملاها وَهُوَ معنى قَوْله:
(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ) أَي: أَمَانَة الله. وَقَوله: (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) مَعْنَاهُ: من غير قبيلتكم وَذَلِكَ: أَن الْغَالِب فى الْوَصِيَّة: أَن الْمُوصى يشْهد: أقرباءه وعشيرتة دون الْأَجَانِب والأباعد.» انْتهى بِبَعْض تصرف واختصار. وَهُوَ مَذْهَب الْحسن وَغَيره كَمَا ذكرنَا (ص 145) . وَقيل: إِن المُرَاد بِالشَّهَادَةِ: الْحُضُور للْوَصِيَّة. انْظُر النَّاسِخ الْمَنْسُوخ للنحاس (ص 132) ، وَتَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ص 348) . وراجع الطَّبَقَات (ج 2 ص 93) .

(2/154)


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)

(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «1» :
«وَالْحُجَّةُ فِيمَا وَصَفْتُ-: مِنْ أَنْ يَسْتَحْلِفَ النَّاسُ: فِيمَا بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ، وَعَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ.-: قَوْلُهُ «2» تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ، فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ: 5- 106) وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: [هِيَ «3» ] صَلَاةُ الْعَصْرِ «4» .» . ثُمَّ ذَكَرَ. شَهَادَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَغَيْرَهَا «5» .
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 7 ص 32) . وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 254) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 177) .
(2) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لقَوْله» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(3) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم.
(4) كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فى قصَّة الْوَصِيَّة. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى، ومعالم السّنَن (ج 4 ص 171) . وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى، وَالْفَتْح (ج 5 ص 180) حَدِيث أَبى هُرَيْرَة: فى ذَلِك. وراجع الْمذَاهب فى تَفْسِيرهَا: فى النَّاسِخ والمنسوخ للنحاس (ص 134- 135) ، وَتَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج 6 ص 353) .
(5) حَيْثُ ذكر آيتي النُّور: (5- 6) ثمَّ قَالَ: «فاستدللنا: بِكِتَاب الله (عز وَجل) على تَأْكِيد الْيَمين على الْحَالِف: فى الْوَقْت الَّذِي تعظم فِيهِ الْيَمين بعد الصَّلَاة وعَلى الْحَالِف فِي اللّعان: بتكرير الْيَمين، وَقَوله: (أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) . وَسنة رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فى الدَّم: بِخَمْسِينَ يَمِينا وبسنة رَسُول الله: بِالْيَمِينِ عَليّ الْمِنْبَر، وَفعل أَصْحَابه، وَأهل الْعلم ببلدنا» . ثمَّ ذكر: من السّنة والْآثَار مَا يدل عَليّ ذَلِك. ورد على من خَالفه: فى مَسْأَلَة الْيَمين على الْمِنْبَر. فراجع كَلَامه (ص 33- 34) . وَانْظُر كَلَامه (ص 183) ، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص 176- 178) ، والمختصر. وراجع الْفَتْح (ج 5 ص 180- 181) ، وَشرح الْمُوَطَّأ (ج 4 ص 4) .

(2/155)


مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)

وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ «1» : «زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
(مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ: مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ: 33- 4) -: مَا جَعَلَ «2» لِرَجُلٍ: مِنْ أَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاسْتَدَلَّ «3» بِسِيَاقِ الْآيَةِ: قَوْله تَعَالَى: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ: أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ: 33- 5) «4» .» .
قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ رَوَيْنَا هَذَا «5» عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ «6» .
__________
(1) كَمَا فى الْأُم (ج 6 ص 265) : فى أَوَاخِر مناقشة قيمَة يرد فِيهَا على من خَالفه:
فى إِثْبَات دَعْوَى الْوَلَد بِشَهَادَة الْقَافة. وَمن الْوَاجِب: أَن تراجعها كلّها (ص 263- 266) وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج 5 ص 265) وراجع فى ذَلِك وَبَعض مَا يتَّصل بِهِ، السّنَن الْكُبْرَى (ج 10 ص 262- 267) ، ومعالم السّنَن (ج 3 ص 275- 276) ، وَالْفَتْح (ج 6 ص 369- 370 وَج 12 ص 25- 26 و44- 45) . وفى شرح عُمْدَة الْأَحْكَام (ج 4 ص 72- 73) ، كَلَام جيد: فى تَحْقِيق مَذْهَب الشَّافِعِي.
(2) فى الْأُم زِيَادَة: «الله» . [.....]
(3) أَي: هَذَا الْبَعْض.
(4) انْظُر مَا سيأتى فى بحث الْوَلَاء.
(5) فى كتاب آخر غير السّنَن الْكُبْرَى: كالمعرفة، والمبسوط.
(6) بِمَعْنَاهُ: كَمَا فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج 21 ص 75) ، وَتَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج 4 ص 117) .
وَرَوَاهُ الْقُرْطُبِيّ عَن مقَاتل أَيْضا. وَقد ضعفه الطَّبَرِيّ وَكَذَلِكَ النّحاس كَمَا فى تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ.
وَانْظُر تَفْسِير الْفَخر (ج 6 ص 517) . وراجع فِيهِ وفى غَيره، آراء الْأَئِمَّة الْأُخْرَى فى ذَلِك، وَانْظُر طَبَقَات الشَّافِعِيَّة (ج 1 ص 251) .

(2/156)